You are on page 1of 27

‫الباب الثاني‪ :‬عقود المنفعة و العمل‬

‫الفصل األول‪:‬عقد اإليجار‬


‫المبحث األول‪ :‬مفهوم عقد اإليجار و أركانه‬

‫يعد عقد اإليجار من العقود المسماة التي تولى المشرع تنظيمه ضمن العقود الواردة على اإلنتفاع ‪..‬و قد‬
‫عرف العقد تعديال جذريا بموجب تعديل القانون المدني ل ‪2007‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف العقد و خصائصه‬

‫لعقد اإليجار مفهوما و خصائص تمكن من اإلحاطة به و إخراجه من زمرة العقود المشابهة له‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف عقد اإليجار‪.‬‬

‫قبل صدور القانون ‪ 05-07‬المؤرخ في ‪ 13‬مايو ‪ 2007‬المعدل و المتمم لألمر ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪26‬‬
‫يعط المشرع الجزائري تعريفا ً لعقد اإليجار و اكتفى باإلشارة‬
‫سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن القانون المدني‪،‬لم ِ‬
‫بموجب المادة ‪ 467‬قانون مدني على أن اإليجار ينعقد بمقتضى عقد بين المؤجر و المستأجر‪،‬غير أنه بعد‬
‫عرفه المشرع الجزائري بموجب ذات المادة المعدلة أنه" عقد يمكن المؤجر بمقتضاه المستأجر‬ ‫التعديل َّ‬
‫من االنتفاع بشيء لمدة محددة مقابل بدل إيجار معلوم‪،‬و يكون هذا البدل في األصل نقودا ً إال أنه يجوز أن‬
‫يكون تقديم عمل"‪،‬يستفاد من نص المادة ‪ 467‬المعدلة أن عناصر عقد اإليجار هي‪ :‬التمكين من‬
‫االنتفاع‪،‬األجرة و المدة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص عقد اإليجار‪.‬‬

‫قررها األمر ‪ 58-75‬يتبيّن أن‬


‫‪)1‬وجوب كتابة العقد المتضمن اإليجار‪ :‬من خالل أحكام عقد اإليجار التي ّ‬
‫عقد اإليجار هو من العقود الرضائية التي ال يشترط النعقادها شكل خاص‪،‬كما أن إثباته ال يتطلب بأن يتم‬
‫في شكل خاص أيضاً‪،‬و هذا ما يستفاد من نص المادة ‪ 467‬قانون مدني قبل التعديل‪،‬غير أنه إثر التعديل‬
‫بموجب القانون ‪ 05-07‬جعل المشرع كتابة عقد اإليجار ركنا ً النعقاده‪،‬فهو عقد شكلي بنص المادة ‪467‬‬
‫مكرر ‪،‬إذ يجب أن يفرغ العقد في ورقة عرفية أو قالب رسمي و إال كان باطالً‪،‬فإذا أفرغ في ورقة عرفية‬
‫كان حجة بين طرفيه ‪ ،‬في حين يجب أن يكون ثابت التاريخ ليكون نافذا في مواجهة الغير الذي لحقه‬
‫عالقة بعقد اإليجار‪،‬و قد نصت المادة ‪ 328‬قانون مدني‪،‬أنه ال يكون العقد العرفي حجة على الغير في‬
‫تاريخه إال مذ أن يكون له تاريخ ثابت ابتداءا ً من يوم تسجيله‪،‬من يوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره‬
‫موظف عام‪،‬أو من يوم التأشير عليه على يد ضابط عام مختص‪،‬أو من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد‬
‫خط أو إمضاء‪.‬‬

‫و عليه في حالة تخلف عنصر الكتابة يقع عقد اإليجار تحت طائلة البطالن‪،‬و هنا تجدر اإلشارة إلى أن‬
‫أحكام عقد اإليجار المعدلة في القانون ‪ 05-07‬ال تسري إال على الوقائع التي نشأت في ظله تطبيقا ً للمادة‬
‫‪ 2‬فقرة ‪ 1‬قانون مدني" ال يسري القانون إال على ما يقع على المستقبل و ال يكون له أثر رجعي‪،"...‬و‬
‫تؤكد ذلك المادة ‪ 507‬مكرر من القانون المدني‪،‬فالكتابة في عقود اإليجار ال تسري إال بالنسبة للتصرفات‬
‫التي انعقدت بعد صدور القانون ‪.05-07‬‬

‫‪1‬‬
‫بتاريخ ‪ 01‬مارس ‪ 1993‬صدر المرسوم التشريعي ‪ 03-93‬المتعلق بالنشاط العقاري (المعدل و المتمم‬
‫بالقانون ‪ 05-07‬و الملغى بالقانون ‪ 04-11‬لـ‪ 17‬فبراير ‪ 2011‬المتعلق بالترقية العقارية)‪،‬و بموجبه كانت‬
‫قد المادة ‪ 21‬منه أن تتجسد العالقة بين المؤجر و المستأجر وجوبا ً طبقا ً للنموذج الكتابي الذي حدده‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 69-94‬المؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1994‬المتضمن المصادقة على نموذج عقد اإليجار‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪، 21‬غير أن المشرع أورد استثناء على هذه القاعدة في الفقرة ‪ 2‬من نفس‬
‫المادة يتمثل في أنه إذا لم يكن بيد المستأجر عقد إيجار مكتوب روعي فيه شكله المقرر و قام هذا‬
‫المستأجر باستظهار أي محرر يثبت وجود رابطة بينه و بين مرقي عقاري يأخذ مركز المؤجر‪،‬فإن ذلك‬
‫يخول له الحق في شغل األمكنة لمدة سنة كاملة تسري ابتداءا ً من تاريخ معاينة مخالفة أحكام اإليجار‪ ،‬و‬‫ِّ‬
‫بعد نهاية السنة يتقرر له مغادرة األمكنة‪.‬‬

‫إالَّ أن المادة ‪ 8‬من التعديل ‪ 05-07‬ألغت الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 21‬للمرسوم التشريعي ‪،03-93‬أي ألغت هذا‬
‫االستثناء‪.‬‬

‫وقد قرر المرسوم ‪ 147/76‬لـ‪ 1976/10/23‬المتعلق بتنظيم العالقات بين المؤجر و المستأجر لمحل معد‬
‫للسكن تابع لديوان الترقية و التسيير العقاري بموجب المادة ‪ 1‬و ‪ ، 2‬أن شغل المحالت المعدة للسكن يتم‬
‫بموجب عقد إيجار مفرغ في نموذج معد لذلك و يحرر محضر معاينة حالة األمكنة محل اإليجار سواء‬
‫عند بدء االنتفاع بها أو عند إخالءها‪ ،‬و من ثم فإن عقد اإليجار المكتوب هو ركن في العقد ومن ثم دليل‬
‫إثبات‪ .‬و بالتالي فإن عدم استظهار عقد اإليجار المفرغ في نموذجه المقرر في حالة النزاع القضائي يؤدي‬
‫‪1‬‬
‫إلى رفض الدعوى لعدم التأسيس‬

‫‪)2‬عقد اإليجار من عقود المعاوضة‪:‬يأخذ كل من المؤجر و المستأجر مقابالً لما يعطيه‪.‬‬

‫‪)3‬عقد اإليجار من العقود الملزمة لجانبين‪ :‬فيلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين‬
‫المؤجرة‪،‬و يلتزم المستأجر بدفع بدل اإليجار‪.‬‬

‫‪) 4‬عقد اإليجار هو من العقود الواردة على االنتفاع بالشيء‪ :‬و بالتالي يعتبر من أعمال اإلدارة ال من‬
‫أعمال التصرف‪،‬فيقتصر على إنشاء التزامات شخصية‪.‬فحق اإليجار هو حق شخصي ‪ ،‬ذلك أن حق‬
‫المستأجر ال يرد على العين مبا شرة‪.‬وينتج عن ذلك أن تصرف المستأجر في حق اإليجار هو تصرف‬
‫وارد على منقول‪ ،‬رغم ذلك جعل المشرع الجزائري اإلختصاص في قضايا إيجار السكنات و المحالت‬
‫المهنية و اإليجارات الفالحية ينعقد للقسم العقاري طبقا للمادة ‪ 512‬من قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارية‪ ،‬كما أن المادة ‪ 40‬من نفس القانون جعلت اإلختصاص في دعاوى إيجار العقارات ينعقد للمحكمة‬
‫التي يقع في دائرة اختصاصها العقار‪.‬‬

‫‪)5‬عقد اإليجار عقد زمني‪ :‬أي من عقود المدة‪،‬و تعتبر مدة عقد اإليجار ركنا ً في العقد خاصة بعد تعديل‬
‫القانون ‪،05-07‬حيث جعل المشرع قيام اإليجار مرتبطا ً با لمدة الزمنية المحددة له‪،‬و في حالة عدم تحديدها‬
‫كان العقد باطالً بطالن مطلقاً‪،‬المادة ‪ 469‬مكرر‪ 1‬قانون مدني "ينتهي اإليجار بانقضاء المدة المتفق عليها‬
‫دون حاجة إلى تنبيه باإلخالء"‪،‬فالمستأجر لن يستفيد من تمديد لعقد اإليجار و بشروطه األولى و لمدة غير‬

‫‪- 1‬قرار المحكمة العليا لـ‪" : 1995/03/14‬إن عقد اإليجار المبرم بين المستأجر و ديوان الترقية و التسيير العقاري ال يثبت‬
‫إال بموجب عقد مكتوب محرر حسب نموذج معين عمال بما جاء في المادة ‪ 2‬من القانون‪ ،147/76‬و أن االحتجاج‬
‫بوصوالت اإليجار في هذا المجال ممكن في غياب عقد اإليجار‪"...‬‬
‫‪2‬‬
‫محدودة‪،‬في حا لة انتهاء المدة (التجديد الضمني) كما هو الحال بالنسبة لعقود اإليجار المبرمة في ظل‬
‫القانون المدني لـ‪ 1975‬في المادة ‪ 474‬فقرة ‪،2‬و المادة ‪( 509‬ملغاتان)‪،‬و من ثم استبعد المشرع العقود‬
‫غير محددة المدة و العقود األبدية ألنه على أساس هذه المدة يتعين مقدار المنفعة التي يستحقها المستأجر و‬
‫مقدار األجرة أو بدل اإليجار التي يستحقها المؤجر‪.‬‬

‫و من ثم األشخاص الذين لهم حق اإلدارة هم‪ :‬الولي‪،‬الوصي‪،‬الوكيل وكالة عامة‪،‬الدائن المرتهن رهن‬
‫حيازي‪،‬الحارس القضائي‪،‬الوكيل المتصرف القضائي‪...‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬أركان عقد اإليجار‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬األهلية في عقد اإليجار‪.‬‬

‫يشترط النعقاد اإليجار أهلية طرفي العقد بإتمام ‪ 19‬سنة‪،‬و إذا كان أحد الطرفين مميزا ً أي أكمل ‪ 13‬سنة‬
‫(السفيه أو من في حكمه) كان العقد موقوفا ً على إجازة الولي أو إجازة القاصر بعد اكتمال أهليته‪،‬ألن‬
‫اإليجار من العقود الدائرة بين النفع و الضرر؛‬

‫في هذا اإلطار فإن األشخاص الذين لهم حق اإليجار‪:‬‬

‫‪-1‬من يملك حق التصرف‪( :‬أي المالك)‪ .‬و في هذا اإلطار‪ ،‬أشار المشرع الجزائري إلى الحالة التي يقوم‬
‫فيها المؤجر المالك بنقل ملكيته بأي تصرف ناقل للملكية كالبيع‪،‬الهبة‪،‬المقايضة في المادة ‪ 469‬مكرر ‪3‬‬
‫من القانون المدني‪،‬بحيث تقضي أنه" إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة إراديا ً أو جبرا ً يكون اإليجار نافذا ً في‬
‫حق من انتقلت إليه الملكية"‪،‬فال يمكن للمتصرف إليه (صاحب الحق الموالي أو الالحق لعقد اإليجار) أن‬
‫يطالب المستأجر باإلخالء إذا كان مسكنا ً إلى حين انتهاء مدة اإليجار‪،‬فإذا كان عقد اإليجار عرفيا ً فال‬
‫يكون له حجية على المتصرف إليه إال إذا كان ثابت التاريخ و سابق على ثبوت حق المتصرف إليه ما دام‬
‫المتصرف إليه حسن النية‪،‬‬

‫و في هذه الحالة يلتزم المستأجر بدفع األجرة إلى المتصرف إليه و ليس إلى المالك السابق‪،‬أما إذا قام‬
‫المستأجر بالوفاء مقدما ً ببدل اإليجار إلى المؤجر فإنه يمكنه أن يحتج إزاء من انتقلت إليه الملكية بهذا‬
‫الوفاء المعجل‪،‬و ما على المتصرف إليه إال الرجوع على المؤجر (بدعوى اإلثراء بال سبب)‪،‬إال أنه في‬
‫حالة ثبوت علم المستأجر بانتقال الملكية وقت الوفاء ببدل اإليجار فال يجوز له االحتجاج بهذا الوفاء في‬
‫مواجهة المتصرف إليه؛‬

‫‪-2‬إيجار المال الشائع من قبل األغلبية ‪ ،‬إذ يكون إيجارا صحيحا و ملزما لألقلية‪.‬فإن صدر اإليجار عن‬
‫أحد المالكين على الشيوع دون أن يعتبر وكيال عنهم‪ ،‬ال يكون نافذا في حقهم‪،‬فأن تعرض أحد أو بعض‬
‫الشركاء للمستأجر‪ ،‬عاد هذا األ خير بالضمان على المؤجر‪ ،‬فإذ لم يتعرض له الشركاء وتمت القسمة ‪ ،‬نفذ‬
‫االيجار في حق من انتقلت إليه الملكية طبقا للمادة ‪ 469‬مكرر ‪ 3‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪-3‬اإليجار الصادر من مشتري العقار قبل انتقال الملكية‪ :‬إذا قام مشتري العقار بتأجيره قبل الشهر‪،‬‬
‫سلمه إلى المستأجر‪ ،‬إذا كان حائزا له‪،‬أما إذا كان العقار في حيازة البائع‪ ،‬طالبه المشتري بتنفيذ التزامه‬
‫بالتسليم‪ ،‬كما يجوز للمستأجر أن يطالبه بالتسليم عن طريق الدعوى غير المباشرة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪-4‬المستأجر‪ :‬حيث يجوز له أن يؤجر العين المؤجرة باطنيا ً بعد الحصول على إذن كتابي من المؤجر‬
‫طبقا ً للمادة ‪ 505‬قانون مدني المعدلة‪،‬نفس الحكم بالنسبة للتنازل عن اإليجار‪ .‬أما بالنسبة لديوان الترقية و‬
‫التسيير العقاري ‪ ،‬فقد اعترف المرسوم التنفيذي‪ 310-16‬المؤرخ في ‪ 2016-11-30‬الذي يحدد شروط‬
‫نقل حق اإليجار المتعلق بالسكن العمومي اإليجاري الذي تسيره دواوين الترقية و التسيير العقاري و‬
‫كيفياته‪ ،‬للشاغلين للعين المؤجرة من غير المستأجرين بالحق في اإلستفادة من نقل حق اإليجار‪ ،‬و ذلك‬
‫بالنسبة للسكنات التي وضعت حيز اإلستغالل قبل يناير‪. 2004‬و قد بقي حق االستفادة قائما إلى غاية‬
‫‪2019/12/31‬و هذا بموجب المرسوم التنفيذي ‪ 01/18‬لـ‪20181/01/04‬؛‬

‫‪-5‬إيجار المالك تحت شرط فاسخ‪:‬إذا أبرم المالك عقد إيجار‪ ،‬و زالت ملكيته بأثر رجعي لتحقق الشرط‬
‫الفاسخ فبل انتهاء مدة اإليجار‪ ،‬فإن اإليجار باعتباره من أعمال اإلدارة يبقى نافذا في حق المالك في حدود‬
‫‪ 3‬سنوات طبقا للمادة ‪ 2/207‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪-6‬األشخاص الذي لهم حق القيام بأعمال اإلدارة‪ :‬نص المشرع في المادة ‪ 468‬من تعديل ‪ 05-07‬على‬
‫أنه "يجوز للشخص الذي ال يملك إال القيام بأعمال اإلدارة أن يبرم عقود اإليجار‪،‬غير أنه ال يجوز له أن‬
‫يبرم عقد إيجار لمدة تزيد عن ثالث (‪ )3‬سنوات ما لم يوجد نص يقضي بخالف ذلك‪،‬و في حالة ما إذا‬
‫أبرم عقد اإليجار لمدة تزيد عن ثالث (‪ )3‬سنوات فإن مدة سريان اإليجار تقتصر على ثالث (‪ )3‬سنوات‬
‫فقط‪،‬و ال يعتد بالمدة الزائدة‪،.".‬و منهم‪ :‬الولي‪،‬الوصي‪،‬الوكيل وكالة عامة ‪ ،‬الحارس القضائي‪،‬الوكيل‬
‫المتصرف القضائي‪ ...‬و هذا مالم يوجد نص مخالف للمادة ‪ ، 468‬مثاله نص المادة ‪ 3/731‬من قا‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬
‫التي تسمح للمحجوز عليه إيجار العقارات بإذن من القاضي مادام ال يضر ذلك بالدائنين ‪ ،‬دون تقييده بمدة‬
‫الثالث سنوات‪ ،‬مادام أنه مرخص له بذلك قضاء ؛‬
‫‪-7‬المنتفع‪ :‬ألن له حق أو سلطة االستعمال و االستغالل باعتبار أن حق المنتفع يعطي لصاحبه حقا ً عينيا ً‬
‫متفرع عن حق الملكية (المادة ‪ 469‬قانون مدني) ‪ .‬فيكون للمنتفع حقوق المؤجر و التزاماته اتجاه‬
‫المستأجر‪ ،‬و بالتالي له الصفة لمطالبة المستأجر أمام القضاء في حالة نزاع حول عقد اإليجار‪ ،‬و هو‬
‫ماذهبت إليه المحكمة العليا بتاريخ ‪.1993/02/1‬؛‬

‫‪-5‬إيجار من له حق االستعمال و السكن‪:‬إذ بموجب المادة ‪ 856‬قانون مدني‪،‬ال يجوز التنازل للغير عن‬
‫حق االستعمال و السكن إال بناءا ً على شرط صريح أو مبرر قوي‪،‬و قد جاء في المادة ‪ 469‬مكرر من‬
‫التعديل ‪ 05-07‬للقانون المدني عبارة "إيجار" عوض "تنازل"‪،‬فأجازت لصاحب حق االستعمال و السكن‬
‫أن يبرم عقد إيجار و لكن إذا ورد في المحرر المنشئ للحق بند صريح يرخص له بذلك؛‬

‫‪-6‬إيجار ملك الغير‪ :‬قد يؤجر الشخص ملك الغير‪،‬أي يكون المؤجر ال يملك العين المؤجرة و ليس له ال‬
‫حق االنتفاع بها و ال حق إ دارتها‪،‬بما أن بيع ملك الغير نصوصه استثنائية و ال وجود لها في إيجار ملك‬
‫الغير‪،‬فيعتبر هذا اإليجار صحيحا ً و من ثم ليس للمستأجر طلب اإلبطال أو الفسخ ما لم يتعرض له‬
‫المالك‪،‬أما المالك األصلي فيمكنه الرجوع بالتعويض على المؤجر‪،‬أو منعه من االنتفاع بالعين‪،‬كما يمكن‬
‫ل لمالك طلب استحقاق العين من المستأجر ألن العقد غير نافذ في حقه‪،‬أو تأجير العين للغير‪،‬و هنا يجوز‬
‫أقر المالك اإليجار ح ّل محل‬
‫للمستأجر الرجوع بضمان االستحقاق على المؤجر و المطالبة بالفسخ‪،‬أما إذا ّ‬
‫المؤجر في الحقوق و االلتزامات‪.‬‬

‫‪- 1‬ج‪.‬ر عدد‪ 1‬لـ‪2008/01/07‬‬


‫‪4‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬محل عقد اإليجار‪.‬‬

‫يقو م محل عقد اإليجار على عنصري المنفعة و بدل اإليجار‪:‬‬

‫أ‪-‬المنفعة‪.‬‬

‫حيث يمكن المؤجر المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة عن طريق تسليمها له‪،‬و يشترط في المنفعة‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تكون موجودة وقت إبرام العقد أو قابلة للوجود‪ :‬فإن كانت غير موجودة وقت التعاقد أو هلكت قبل‬
‫العقد‪ ،‬كان العقد باطال‪-‬المادة‪ 93‬قا‪.‬م‪.‬ج‪.‬وإذا هلك الشيء محل المنفعة بعد العقد و قبل التسليم فإن العقد‬
‫صحيح لكنه ينفسخ بقوة القانون لتعذر شرط المنفعة‪،‬و كذلك الحكم إذا هلكت العين المؤجرة خالل مدة‬
‫اإليجار (المادة ‪ 481‬قانون مدني)‪ ،‬فإن كان الهالك جزئيا ‪ ،‬كان للمستأجر أن يختار بين الفسخ و إنقاص‬
‫بدل اإليجار إذا كان جسيما‪ ،‬أما إذا كان يسيرا كان له إنقاص بدل اإليجار ‪.‬المادة ‪ 481‬قا‪.‬م‪.‬ج‪.‬و إذا ورد‬
‫اإليجار على منفعة ممكنة في المستقبل‪ ،‬كالمساكن قيد اإلنجاز‪ ،‬بدأ سريان العقد من تاريخ إتمام البناء‪ ،‬و‬
‫حينها يتم تعيين العين‪ ،‬بتحديد المكان الذي سيقام فيه المسن و ذكر المواصفات في العقد؛‬

‫‪-2‬أن يعلم المستأجر بالمنفعة علما ً كافياً‪ :‬فيجب أن توصف العين المؤجرة وصفا ً كافياً‪،‬لذلك بالنسبة‬
‫لإليجارات المتعلقة باألماكن استوجب المشرع أن تتم معاينتها وجاهياً‪،‬و يلحق بعقد اإليجار محضر‬
‫وصفي يبين بأن العي ن المؤجرة استلمت في حالة صالحة لالستعمال‪،‬و في حالة تخلف تحرير المحضر‬
‫يفترض أن المستأجر قد تسلمها في حالة سليمة (المادة ‪ 476‬معدلة)؛‬

‫‪-3‬يجب أن ترد المنفعة على محل أو شيء صالح للتعامل فيها‪ :‬من عقارات ‪،‬و منقوالت غير قابل‬
‫لإلستهالك‪ ،‬و تكون منفعة مشروعة‪.‬‬

‫‪ -4‬يجب أن تحدد مدة المنفعة اتفاقا ‪ ،‬و ذلك باعتبارها ركنا في عقد اإليجار بمقتضى القانون ‪.05-07‬‬

‫ب‪-‬بدل اإليجار‪.‬‬

‫هو لقاء اإليجار الذي يلتزم المستأجر بدفعه للمؤجر و الذي ينبغي أن يكون محدد في عقد اإليجار‪ ،‬و قد‬
‫يكون بثمن نقدي أو بتقديم عمل (المادة ‪ 467‬فقرة ‪ 2‬قانون م دني)‪،‬و يجب أن تكون األجرة حقيقية و‬
‫جدية‪.‬كجزء من المحصول أو أداء خدمة‪ .‬و يتحدد بدل اإليجار وفق رغبة المتعاقدان بتحديد ماهيته و‬
‫مقداره و طريقة الفاء به‪.‬مع امكانية اإلكتفاء بتعيين األساس المعتمد عليه لتحديد مقدار البدل‪ .‬ويؤدي عدم‬
‫االتفاق على بدل اإليجار إلى بطالن العقد بطالنا مطلقا‪ ،‬بمقتضى المادة ‪ 467‬من القانون المدني‪.‬‬

‫قرر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 506-97‬المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 1997‬الذي يحدد القواعد المنظمة إليجار‬
‫السكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري و الموضوعة لالستغالل ابتداءا ً من ‪ 1‬جانفي ‪1998‬‬
‫‪،‬على أنه يجب أن يذكر مبلغ اإليجار األصلي في عقد اإليجار و تتم بموجبه فاتورة شهرية‪،‬وفقا ً لشكل‬
‫الوصل النموذجي المصادق عليه بموجب قرار من قبل وزير السكن في ‪.1996/01/27‬كما أن األجرة‬
‫تكون نقدا طبقا للمادة ‪ 3‬من نموذج عقد اإليجار الملحق بالمرسزم ‪ 147-76‬و المادة ‪ 10‬من النموذج‬
‫الملحق بالمرسوم ‪142-08‬‬

‫ثالثاً‪ :‬المدة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫هي من العناصر الجوهرية في عقد اإليجار حيث تسري مدة اإليجار من التاريخ المتفق عليه في العقد‪،‬فإذا‬
‫لم يحدد فمن تاريخ إبرام العقد‪،‬و قد ألغى القانون ‪ 05-07‬نظام التجديد الضمني الذي كان معموالً به في‬
‫ظل القانون القديم‪،‬حيث كان يجيز بعد انتهاء مدة العقد و عدم قيام المؤجر بالتنبيه باإلخالء أن يتجدد العقد‬
‫و لمدة غير محدودة‪.‬‬

‫أما بموجب المرسوم التشريعي ‪ 03-93‬في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪( 20‬الملغاة حالياً) قضت بأنه في حال بقاء‬
‫المستأجر في العين المؤجرة دون اعتراض من المؤجر تجدد العقد ضمنيا ً تطبيقا ً للقانون ‪،58-75‬أما في‬
‫حالة اعتراض المؤجر على التجديد تنتهي عالقة اإليجار دون الحاجة إلى التنبيه باإلخالء عمالً بقاعدة‬
‫األثر الفوري للقانون الجديد‪،‬إذ كان المؤجر وفقا ً للقانون ‪ 58-75‬ملزما ً إذا أراد استرجاع األمكنة أن يوجه‬
‫إنذارا ً للمستأجر بالتخلي عن العين المؤجرة وفقا ً لآلجال المحددة في المادة (‪ 475‬ملغاة من القانون‬
‫القديم‪،‬و اآلجال هي‪ 15 :‬يناير‪ 15،‬أفريل‪ 15،‬جويلية و ‪ 15‬أكتوبر‪)...‬؛‬

‫رابعاً‪ :‬الشكل‪( .‬وفق ما سبق التعرض إليه)‪،‬و إذا تخلف الشكل فالعقد باطل بطالن مطلق‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬أحكام عقد اإليجار ‪.‬‬

‫تتمثل آثار العقد في اإللتزامات التي ينشئها اإليجار‪ ،‬سواء في ذمة المؤجر‪،‬أ و في ذمة المستأجر‪ ،‬باعتبار‬
‫اإليجار من العقود الملزمة لجانبين‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬التزامات المؤجر‪.‬‬

‫تقع عل المؤجر التزامات تصب كلها في اإللتزام بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة في المدة‬
‫المتفق عليها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االلتزام بتسليم العين المؤجرة‪.‬‬

‫حيث يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة المتفق عليها دون غيرها‪،‬كما يلتزم بتسليم ملحقاتها و هي‬
‫المستلزمات التي ال يكتمل االنتفاع بالعين المؤجرة إال بها (حق االرتفاق‪،‬تصريف المياه‪...‬إلخ)‪،‬كما يجب‬
‫أن يسلم العين في حالة حسنة‪،‬معنى ذلك أنه إذا كانت العين المؤجرة تحتاج إلى ترميمات و إصالحات و‬
‫إزالة للعيوب التي تعيق االنتفاع بالعين‪.‬فعليه القيام بها قبل تسليمها (المادة ‪ 476‬قانون مدني)‪،‬و اشترط‬
‫المشرع أن تتم معاينة األماكن وجاهيا ً بحضور طرفي العقد و تحرير محضر وصفي يلحق بعقد اإليجار‪-،‬‬
‫و هو ما نص عليه أيضا المادة ‪ 3‬من المرسوم ‪. 147-76‬هذا المحضر يبين حالة العين المؤجرة عند‬
‫التسليم و أوصافها و محتوياتها‪،‬و في حالة تسليم العين المؤجرة دون هذا اإلجراء اعتبر ذلك قرينة على‬
‫تسلم العين في حالة حسنة‪،1‬و إن كانت قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ‪ 2020/02/13‬ملف رقم ‪": 1358472‬يعتبر المستأجر قد استلم العين المؤجرة في حالة‬
‫جيدة تصلح لالستعمال المعد لها‪-:‬إذا استلم األمكنة بدون إجراء أي محضر أو بيان وصفي لها‪-".....‬بوابة القانون‬
‫الجزائري‪https://droit.mjustice.dz/sites/default/files/portail/nouv_arrets_c_s_2020/1358472.pdf:‬‬

‫‪6‬‬
‫إذا قام المؤجر بتسليم العين المؤجرة بحالة غير صالحة لالستعمال المقصود فإنه يجوز للمستأجر أن‬
‫يطلب فسخ عقد اإليجار أو إنقاص بدل اإليجار بقدر ما نقص من االستعمال مع التعويض (المادة ‪477‬‬
‫قانون مدني)‪،‬و قد أحال المشرع فيما يخص االلتزام بالتسليم إلى أحكامه في عقد البيع بموجب المادة ‪478‬‬
‫قانون مدني‪،‬و عليه يكون زمن التسليم بمقتضى المادة ‪ 281‬قانون مدني بمجرد انعقاد العقد إال إذا قضى‬
‫العرف أو االتفاق على تأجيل التسليم‪،‬فإن تأخر المؤجر عن التسليم امتنع المستأجر عن دفع بدل اإليجار‪،‬‬
‫و له أن يطالب المؤجر بالتنفيذ العيني أو الفسخ‪ ،‬كما له المطالبة بإنقاص بدل اإليجار‪..‬‬

‫أما مكان التسليم فهو مكان تواجد العين المؤجرة‪ ،‬فإذا امتنع المؤجر عن تنفيذ التزامه بالتسليم جاز‬
‫للمستأجر بعد إعذار المؤجر المطالبة بالتنفيذ العيني‪،‬أو المطالبة بالفسخ مع التعويض‪.‬‬

‫و إذا كان عدم التسليم بسبب الهالك الكلي لسبب أجنبي انفسخ العقد بقوة القانون‪،‬استرد المستأجر بدل‬
‫اإليجار الذي دفعه مقدماً‪،‬أما إذا كان الهالك جزئيا ً فللمستأجر إما طلب الفسخ أو إنقاص بدل اإليجار إذا‬
‫كان جسيما أو إنقاص بدل اإليجار إذا كان يسيرا طبقا للمادة ‪ 481‬من القانون المدني‪،.‬و إذا كان الهالك‬
‫بسبب المؤجر كان للمستأجر طلب التعويض إضافة لذلك‪.‬‬

‫و قد أكدت المادة ‪ 16‬من المرسوم ‪ 147-76‬على ضرورة تسليم ديوان الترقية و التسيير العقاري العين‬
‫المؤجرة في حالة جيدة‪ ،‬و إال كان للمستأجر طلب الفسخ إذا كان النقص جسيماً‪.‬‬

‫و يجوز للمؤجر االمتن اع عن التسليم إذا كانت األجرة واجبة الدفع مقدما و لم يقم المستأجر بدفعها ‪،‬‬
‫مستعمال حقه في الحبس‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التزام المؤجر بالصيانة‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 479‬فقرة ‪ 1‬قانون مدني فإن المؤجر ملزم بصيانة العين المؤجرة لتبقى على الحالة التي‬
‫سلمت بها‪،‬فيقوم بجميع الترميمات الضرورية أثناء مدة اإليجار‪،‬باعتباره من عقود المدة؛‬

‫و الترميمات الضرورية لحفظ العين المؤجرة من الهالك أو التلف‪،‬مثل‪ :‬إصالح الجدران اآليلة‬
‫للسقوط‪،‬ترميم األسقف‪،‬ترميم األرضيات المهترئة بفعل المياه‪،‬و الترميمات الضرورية النتفاع المستأجر‬
‫بالعين المؤجرة‪،‬م ثل صيانة قنوات الصرف‪،‬تبييض األسطح‪،‬و هو ما يستنبط من المادة ‪ 479‬قانون مدني‬
‫و المادة ‪ 18‬من المرسوم ‪ 147-76‬المتضمن تنظيم إيجار المحالت المعدة للسكن التابعة لديوان الترقيةو‬
‫التسيير العقاري‪،‬كما يتحمل المؤجر التكاليف المثقلة للعين المؤجرة كالضرائب‪.‬‬

‫أما الترميمات التأجيرية التي تحتاجها العين نتيجة استعمالها استعمال عادي فيتحملها المستأجر‪،‬و في حالة‬
‫وجود خالف بين ما هو ملزم للمؤجر أو المستأجر فيعود التقدير لقاضي الموضوع‪.‬‬

‫و في حالة تقاعس المؤجر عن تنفيذ التزاماته بعد إعذاره بعقد غير قضائي بالتنفيذ العيني‪،‬يجوز للمستأجر‬
‫المطالبة بالفسخ أو بإنقاص بدل اإليجار مع المطالبة بالتعويض إذا كان له محل (المادة ‪ 480‬قانون‬
‫مدني)‪،‬غير أنه في حالة الضرورة و االستعجال يجوز للمستأجر القيام بالترميمات الضرورية على حساب‬
‫المؤجر طبقا ً للمادة ‪ 480‬فقرة أخيرة و ذلك بعد إعذار المؤجر بموجب محرر غير قضائي‪،‬إذ يجب توافر‬
‫‪7‬‬
‫شرطي اإلعذار و االستعجال حتى يتمكن المستأجر من الرجوع بالنفقات على المؤجر‪ .‬و في حالة ما إذا‬
‫ترتب عن إجراء الترميمات إخالل كلي أو جزئي في االنتفاع بالعين المؤجرة جاز للمستأجر حسب الحالة‬
‫طلب الفسخ أو اإلنقاص من بدل اإليجار‪،‬غير أنه إذا بقي المستأجر في العين المؤجرة بعد إجراء‬
‫الترميمات فإن بقاءه يخول له فقط طلب إنقاص بدل اإليجار دون الفسخ‪.‬‬

‫و في إطار إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري ألزم المشرع المصلحة أو الديوان في‬
‫حالة استرجاعه للمسكن من أجل القيام بترميمات للتحسين تتطلب اإلخالء المسبق أن يوفر للمستأجر حق‬
‫شغل سكن آخر صالح للسكن إلى غاية انتهاء الترميمات (المادة ‪ 14‬من المرسوم ‪.)147-76‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التزام المؤجر بضمان التعرض‪.‬‬

‫يترتب على إبرام عقد اإليجار التزام المؤجر باالمتناع عن كل تعرض للمستأجر خالل فترة اإليجار‬
‫صادر منه أو من تابعيه أو مأموريه‪،‬يحول دون تمكينه من االنتفاع بالعين المؤجرة انتفاعا ً ماديا ً ‪،‬مثاله‬
‫التغيير في العين و ملحقاتها ‪ ،‬كهدم جزء من العين المؤجرة‪،‬أو التغيير في عين مجاورة يؤدي إلى‬
‫اإلخالل بانتفاع المستأجر (المادة ‪ 483‬قانون مدني)‪،‬‬

‫كما يضمن كل تعرض مادي صادر من المؤجر و القائم على تصرف قانوني صادر من المؤجر إلى‬
‫الغير‪-‬المادة ‪ 483‬فقرة أخيرة من القانون المدني‪-‬كأن يقوم المؤجر برهن الشيء المؤجر رهنا ً حيازيا ً و‬
‫حينئ ٍذ يفترض انتقال حيازته للدائن المرتهن الذي استمد حقه من المؤجر‪.‬‬

‫كما يضمن المؤجر تعرضه الشخصي القائم بسبب قانوني كأن يؤجر شخص ملك الغير و تؤول ملكية‬
‫العين المؤجرة إليه بالشراء‪،‬الميراث‪...‬إلخ‪،‬فيطالب المستأجر باإلخالء على أساس أنه أصبح مالكا فال‬
‫يجوز له هذا التعرض ألنه يجب عليه الضمان‪.‬‬

‫و عند إخالل المؤجر بالتزامه ‪ ،‬بأن يتعرض للمستأجر فلهذا األخير طلب التنفيذ العيني (وقف‬
‫التعرض)‪،‬و له حبس األجرة طيلة مدة التعرض‪،‬كما له طلب الفسخ إذا كان التعرض جسيما ً أو لم يكن‬
‫جسيما ً لكن المؤجر لم يوقف تعرضه‪،‬كما له طلب إنقاص األجرة بقدر ما نقص من انتفاعه بالعين مع‬
‫المطالبة بالتعويض عن الضرر‪.‬‬

‫كما على المؤجر أن يضمن التعرض القانوني الصادر من الغير الذي يدعي حقا ً على العين المؤجرة سواء‬
‫كان الحق الذي يدعيه الغير سابقا ً في نشوئه على عقد اإليجار أو الحقا ً له دون التعرضات المادية‬
‫الصادرة من الغير (المادة ‪ 487‬قانون مدني)‪ ،‬شرط أن يدعي الغير حقا على العين يتعارض مع حق‬
‫المستأجر‪.‬‬
‫إال أنه في حالة التعرض المادي الصادر من الغير يمكن للمستأجر أن يستعمل دعاوى الحيازة‪،1‬مثالً‬
‫دعوى منع التعرض (المادة ‪ 820‬قانون مدني)‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪-2005-01-18‬مجلة المحكمة العليا عدد ‪-2005-2‬ص ‪".337‬دعوى عدم التعرض‬
‫للمرور هي دعوى حيازية‪ ،‬يتمتع فيها المستأجر بصفة التقاضي‪".‬‬
‫‪8‬‬
‫و في حالة التعرض القانوني على المستأجر أن يبادر إلى إخطار المؤجر بالدعوى المرفوعة عليه من‬
‫الغير و على المؤجر أن يتدخل في الدعوى إلى جانب المستأجر (المادة ‪ 484‬قانون مدني)‪،‬و إذا لم ينجح‬
‫المؤجر في دفع التعرض وجب عليه ضمان االستحقاق و جاز للمستأجر طلب فسخ اإليجار أو اإلنقاص‬
‫من بدل اإليجار في حدود ما نقص من منفعة العين مع حقه في المطالبة بالتعويض طبق المادة ‪ 484‬فقرة‬
‫أخيرة من القانون المدني‪.‬‬

‫و من جهة أخرى فإنه ال يجوز االتفاق على إسقاط أو التخفيف من ضمان المؤجر للتعرض القانوني‬
‫الصادر من الغير أو الصادر منه شخصياً‪،‬إال أنه بالمقابل يمكن االتفاق على أن يضمن المؤجر تعرض‬
‫الغير المادي فيكون ذلك بمثابة تشديد لضمانه (المادة ‪ 490‬فقرة ‪ 1‬قانون مدني)‪.‬‬

‫و قد نص المشرع الجزائري على صورتين للتعرض الصادر من الغير‪:‬‬

‫‪-1‬حالة تعدد المستأجرين لعين واحدة‪ :‬مما يؤدي إلى التزاحم‪،‬إعطاء األولوية لمن كان له عقد سابق في‬
‫ثبوت التاريخ على العقود األخرى (المادة ‪ 485‬قانون مدني)‪،‬و في حالة ما إذا كان للعقود نفس التاريخ‬
‫كانت األولوية لمن حاز المكان أوالً‪،‬حينئ ٍذ يتوجب ضمان االستحقاق للباقين حسني النية (المادة ‪485‬‬
‫قانون مدني)‪،‬فيتمكنون من الرجوع على المؤجر بالتعويض‪.‬‬
‫‪-2‬التعرض الصادر من السلطات اإلدارية‪ :‬طبقا ً للمادة ‪ 486‬قانون مدني فقد تقوم السلطات اإلدارية طبقا ً‬
‫للقانون بأفعال تعتبر تعرضا ً للمستأجر صادر عن الغير كونها تنقص من االنتفاع بالعين المؤجرة و حينئ ٍذ‬
‫يكون للمستأجر طلب الفسخ أو إنقاص بدل اإليجار‪،‬و ال يمكنه المطالبة بالتعويض ‪ ،‬إال إذا كان عمل‬
‫السلطة اإلدارية أو قرارها بسبب يكون المؤجر مسؤوالً عنه‪،‬إال أن المادة ‪ 486‬قانون مدني ليست من‬
‫النظام العام‪،‬حيث يجوز االتفاق على عدم رجوع المستأجر في مثل هذا التعرض على المؤجر ال بإنقاص‬
‫بدل اإليجار و ال بالفسخ و ال بطلب التعويض‪.‬‬

‫الفرع الرابغ‪ :‬التزام المؤجر بضمان العيوب الخفية‪.‬‬

‫حيث يلتزم المؤجر بضمان العيوب الخفية في العين المؤجرة التي تحول دون إمكان استعمالها أو تنقص‬
‫من هذا االستعمال غير أنه ال يضمن العيوب التي أعلم بها المستأجر أو ثبت بأن المستأجر على علم بها‬
‫وقت التعاقد (المادة ‪ 488‬قانون مدني)‪،‬و يأخذ حكم العيب الخفي تخلف الصفة التي اشترط المستأجر‬
‫وجودها أو تعهد بوجودها المؤجر‪.‬‬

‫و يشترط في العيب الموجب للضمان‪:‬‬

‫‪-1‬أن يكون العيب مؤثراً‪،‬أي ينقص من االنتفاع بقدر محسوس‪،‬أما إذا تعلق األمر بغياب صفة تعهد بها‬
‫المؤجر فإن مجرد غيابها يكون عيبا ً مؤثراً؛‬

‫‪-2‬يضمن المؤجر العيوب الخفية القديمة التي تكون في العين المؤجرة قبل التسليم ‪ ،‬أما العيوب التي تطرأ‬
‫خالل مدة اإليجار نتيجة االستخدام المستمر فتكون تلفا وجب ترميمه؛‬

‫‪-3‬أن يكون العيب خفياً‪،‬أي لم يتمكن المستأجر من كشفه عند تفحص العين عند التسليم تفحص الرجل‬
‫العادي؛‬

‫‪9‬‬
‫غير أن المؤجر يضمن العيب الذي يخفيه ِغشا ً منه و حينئ ٍذ ال يستفيد من شرط إسقاط الضمان‪،‬إذ أن‬
‫القاعد ة العامة أنه يمكن االتفاق على التخفيف أو إسقاط الضمان في غير هذه الحالة (المادة ‪ 490‬فقرة ‪2‬‬
‫قانون مدني)‪،‬و يسقط حق المستأجر في رفع دعوى الضمان بمرور ‪ 15‬سنة تحسب من وقت ظهور‬
‫العيب الموجب للضمان (طبقا ً للقواعد العامة لعدم وجود نص خاص)؛‬

‫‪-4‬أن يكون العيب غير معلوم للمستأجر قبل التسليم؛‬

‫و في حالة وجود العيب الموجب للضمان يجوز للمستأجر حسب الحالة طلب الفسخ أو إنقاص بدل‬
‫اإليجار‪،‬كما له طلب إصالح العيب أو أن يقوم بإصالحه على نفقة المؤجر إذا كان اإلصالح ال يشكل نفقة‬
‫باهظة على المؤجر (المادة ‪ 489‬قانون مدني)‪،‬زيادة على كل هذا يجوز للمستأجر طلب التعويض إذا كان‬
‫المؤجر عالما ً بالعيبـ المادة ‪ 489‬فقرة أخيرة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪-‬التزامات المستأجر‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دفع بدل اإليجار‪.‬‬

‫فيكون الدائن بدفع بدل اإليجار ‪ ،‬كل ذي صفة في إبرام العقد‪ ،‬ورثة المؤجر بحسب نصيبهم الشرعي‪.‬و‬
‫يكون المدين بالبدل المستأجر‪ ،‬فإن تعددوا أو تعدد الورثة التزموا بالوفاء كل بقدر نصيبه ‪ ،‬فال تضامن إال‬
‫باالتفاق‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 498‬قانون مدني على التزام المستأجر بالوفاء ببدل اإليجار في المواعيد المتفق عليها‪ ،‬و‬
‫يكون مكان دفع بدل اإليجار في موطن المستأجر باعتباره المدين ما لم يوجد اتفاق بخالف ذلك (المادة‬
‫‪ 498‬قانون مدني)‪.‬‬

‫و في حالة حدوث نزاع حول بدل اإليجار فإن الوفاء بالقسط األخير منه يعتبر قرينة على الوفاء باألقساط‬
‫السابقة حتى يقوم الدليل على عكس ذلك (المادة ‪ 499‬قانون مدني)‪.‬‬

‫و قد حدد المرسوم التنفيذي ‪ 147-76‬ميعاد دفع األجرة في المادة ‪ 8‬في أجل أقصاه اليوم الخامس من‬
‫الشهر‪،‬و طبقا ً للمادة ‪ 14‬من المرسوم ‪ 506-97‬فإنه في حالة تخلف المستأجر من الوفاء بمخلفات مؤجره‬
‫(ديوان الترقية و التسيير العقاري) لمدة شهرين من حلول أجل استحقاقها ترفع مبالغ اإليجار بنسبة ‪% 5‬‬
‫عن كل شهرين (‪ )2‬من التأخير‪،‬أما إذا تقاعس المستأجر من أداء التزامه لمدة ستة (‪ )6‬أشهر مع سبق‬
‫توجيه ثالث (‪ )3‬إنذارات انفسخ العقد بقوة القانون‪.‬‬

‫طبقا ً للقواعد العامة فإذا لم يقم المستأجر بدفع بدل اإليجار فللمؤجر المطالبة بالتنفيذ العيني أو الفسخ مع‬
‫طلب التعويض في الحالتين‪.‬‬

‫وما دام أن بدل اإليجار يُستحق قانونا باستيفاء المنفعة‪،‬أو القدرة على ذلك‪،‬فإن تحقق المانع القهري الذي‬
‫يحول دون استيفاء هذه المنفعة لمدة زمنية مؤقتة‪ ،‬لسبب ال ينسب إلى إرادة المستأجر و خارجا عن‬
‫محيطه‪ ،‬فال يكون ملزما بدفع البدل‪ .‬و هو ما حدث مع انتشار فيروس كوفيد‪ 19‬و صدور قرارت الحجر‬
‫و من ثم تعذر استيفاء المنفعة ‪ ،‬ومن ثم اعتبار الوباء و فعل السلطة المتمثل في هذه التدابير‪ ،‬قوة قاهرة‪،‬‬
‫تجعل تنفيذ االلتزام مستحيال على المدين استحالة مؤقتة‪.‬و األكيد هو عدم تطبيق أحكام القوة القاهرة على‬
‫‪10‬‬
‫عقد اإليجار المبرم لغاية السكن‪ ،‬حيث يلتزم ال مستأجر بالوفاء بالبدل لقدرته على استيفاء المنفعة‪.‬اللهم إال‬
‫إذا منع الحجر بسبب الوباء‪ ،‬المستأجر من تسلم العين ‪ ،‬فيعفى من أدائه حتى يصبح قادرا على التسلم‬
‫بزوال القوة القاهرة‪.‬‬

‫و يبقى اإلشكال بالنسبة لتحديد الوقت الذي يُعتمد في اعتبار فيروس كورونا ‪ ،‬وما قد يترتب عليه من‬
‫إجراءات احترازية‪ ،‬حادثا ً متوقعا ً أو ممكن التوقع‪،‬وبالتالي ال يجوز التمسك بنظرية الظروف الطارئة‬
‫بالنسبة للعقود المبرمة بعده‪.‬‬

‫من جانب آخر منح المشرع للمؤجر ضمانات الستيفاء بدل اإليجار‪ ،‬تتمثل في‪:‬‬

‫أ‪-‬تقديم المستأجر لكفالة‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 500‬من القانون المدني ضمانا للبدل و التكاليف الملقاة على عاتق‬
‫المستأجر‪.‬‬

‫ب‪ -‬حقوق المؤجر على منقوالت العين المؤجرة ‪:‬‬

‫‪ -1‬حق امتياز المؤجر على منقوالت العين المؤجرة القابلة للحجز المملوكة للمستأجر أوزوجته أو‬
‫الغير‪،‬و التي ال يعلم المؤجر وقت وضعها بحق الغير عليها‪،‬طبقا للمادة ‪995‬من القانون المدني‪ ،‬و ذلك‬
‫الستيفاء بدل إيجار لمدة سنتين أو بدل إيجار كل المدة إذا كانت أقل من سنتين و استيفاء الحق في‬
‫التعويض عن إخالل المستأجر بالتزاماته‪.‬‬

‫‪-2‬حبس المؤجر لمنقوالت العين المؤجرة القابلة للحجز طبقا للمادة ‪ 501‬من القانون المدني و لو لم‬
‫تكن مملوكة له شرط عدم تجاوز الحبس حدود االمتياز المقررة قانونا بموجب المادة ‪ 995‬من‬
‫القانون المدني‪ ،‬فيعترض على إخراجها من العين و له حق استردادها إذا اخرجت بعد اعتراضه‪ ،‬و‬
‫على الحائز حسن النية المطالبة بحقوقه‪ .‬على أن تتم المطالبة باستردادها خالل ‪ 30‬يوما من تاريخ‬
‫علمه‪ ،‬و يسقط حقه في االسترداد بمضي سنة من تاريخ إخراج المنقوالت –المادة ‪ 2/202‬من القانون‬
‫المدني‪.‬‬

‫إال أن المادة ‪ 501‬تستثني من ذلك نقل الموجودات التي تتطلبها حرفة المستأجر أو شؤون حياته‪ ،‬أو أن ما‬
‫بقي في العين أو تلك التي سبق استردادها تفي بالبدل و التكاليف‪.‬‬

‫‪-3‬الحجز التحفظي على منقوالت العين المؤجرة التي له عليها حق امتياز‪ ،‬و هذا طبقا للمادة ‪ 654‬من‬
‫قانون االجراءات المدنية و اإلدارية التي تجيز الحجز على التحفظي على المزروعات و الثمار في‬
‫األراضي المؤجرة‪ ،‬و المادة ‪ 655‬التي تجيز الحجز التحفظي على المنقوالت الموجودة بالعين المؤجرة أو‬
‫التي تم إخراجها دون رضا المؤجر خالل ‪ 60‬يوما من إخراجها‪.‬‬

‫يسقط حق المؤجر في البدل بمرور ‪ 5‬سنوات حسب المادة ‪ 1/309‬من القانون المدني‪ ،‬تحسب من تاريخ‬
‫استحقاقه‪،‬إذا كان يدفع مرة واحدة‪ ،‬فإن كان مقسطا كانت مدة التقادم ‪ 5‬سنوات بالنسبة لكل قسط تحسب‬
‫من تاريخ استحقاقه‪ .‬أما التعويضات التي يلتزم بها المستأجر ‪ ،‬فتتقادم بمرور ‪ 15‬سنة حسب المادة ‪308‬‬

‫‪11‬‬
‫من القانون المدني ‪.‬و إذا حاز المؤجر على سند يثبت حقه في بدل اإليجار‪ ،‬فيسقط الحق بمرور ‪ 15‬سنة‪-‬‬
‫المادة ‪ 313‬من القانون المدني‪.-‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التزام المستأجر باستعمال العين المؤجرة‪.‬‬

‫يلتزم المستأجر باستعمال العين المؤجرة كما هومبين في العقد صراحة‪ ،‬فإذا لم يتم النص على ذلك فعليه‬
‫استعمالها بحسب ما أعدت له –المادة ‪ 491‬من القانون المدني‪.-‬و في حالة االخالل بهذا االلتزام ‪ ،‬جاز‬
‫للمؤجر مطالبته بالتنفيذ العيني‪ ،‬كما له المطالبة بالفسخ‪ ،‬مع المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج‪.‬‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 492‬قانون مدني فإنه ال يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة أي تغيير بدون أن يحصل‬
‫على إذن كتابي من المؤجر‪ ،‬و في حالة عدم الحصول على اإلذن يلتزم المستأجر بإزالة التغييرات و‬
‫إرجاع العين إلى الحالة التي كانت عليها‪،‬و تعويض المؤجر عن الضرر إذا اقتضى الحال‪.1‬‬

‫و إذا كانت هذه التغييرات بموجب إذن كتابي و زادت في قيمة العين المؤجرة وجب على المؤجر رد قيمة‬
‫هذه التحسينات عند نهاية اإليجار ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك‪.‬‬

‫و قد أجازت المادة ‪ 493‬قانون مدني للمستأجر وضع أجهزة لتوصيل المياه ‪ ،‬الكهرباء ‪ ،‬الغاز و أسالك‬
‫الهاتف و ما يشبه ذلك‪،‬إال إذا أثبت المؤجر أن وضع مثل هذه األجهزة يهدد سالمة العقار‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة أثناء مدة اإليجار‪.‬‬

‫من شأن انتقال حيازة العين إلى المستأجر أن يضع على هذا األخير التزاما ً بالمحافظة عليها‪،‬و القيام‬
‫عد َّ مسؤوالً عما يصيبها من هالك أو تلف‪.2‬‬
‫بالترميمات الالزمة و إال ُ‬

‫فطبقا ً للمادة ‪ 172‬قانون مدني‪،‬في االلتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء أو‬
‫يقوم بإدارته ‪،‬أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه‪،‬فإن المدين يكون قد وفى بااللتزام إذا بذل في تنفيذه‬
‫من العناية ما يبذله الشخص العادي و هو ما أكدته المادة ‪ 495‬فقرة ‪ 1‬قانون مدني‪،‬بأن ألزمت المستأجر‬
‫أن يبذل في العناية بالعين المؤجرة عناية الرجل العادي‪،‬فيستعملها استعماالً مألوفاً‪،‬و يرجع تقدير ذلك إلى‬
‫قاضي الموضوع‪،‬و عند إخالل المستأجر بالتزامه وجب عليه التنفيذ العيني باإلصالح أو الفسخ إذا كان‬
‫التنفيذ العيني غير ممكن أو كان اإلخالل جسيما ً مع التعويض عن الضرر‪،‬إال أنه خروجا ً عن القواعد‬
‫العامة جعل المشرع خطأ المستأجر مفترضا ً إذا لحق بالعين المؤجرة تلف أو هالك‪،‬بحيث يلتزم المستأجر‬
‫بإثبات بأنه بذل عناية الرجل العادي في المحافظة على العين و عدم صدور خطأ منه ليدرأ عن نفسه‬

‫‪ - 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪- 1985/10/28‬المجلة القضائية عدد ‪-1989-1‬ص ‪":200‬متى كان المقرر قانونا أنه ال‬
‫يترتب عن التغييرات التي يحدثها المستأجر في العين المؤجرة إيجارا شفويا ودون موافقة المؤجر فسخ العقد‪ ،‬فإنه من‬
‫المتعين على المستأجر إعادة العين المؤجرة إلى الحالة التي كان عليها قبل إجراء هذا التغيير مع حق المؤجر في التعويض‬
‫إن اقتضى الحال ذلك‪ .‬ال يجوز طرد المستأجر من العين المؤجرة تأسيسا على إحداث تغييرات ضرت بحقوق المؤجر‪".‬‬

‫‪- 2‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪ -2019/10/17‬ملف رقم ‪ -1273991‬مجلة المحكمة العليا – العدد‪-2019-2‬‬
‫ص‪": 27‬يتحمل مستأجر المركبة المؤجرة بموجب عقد كراء‪ ،‬مسؤولية التعويض عن األضرار المادية الالحقة بالسيارة‬
‫بسبب حادث مرور‪"...‬‬
‫‪12‬‬
‫المسؤولية‪،‬و ال تقتصر مسؤولية المستأجر على األفعال التي تصدر منه و إنما حتى تلك الصادرة من‬
‫تابعيه‪.‬‬

‫و قد جاء المشرع الجزائري بحك م خاص في حالة حريق العقارات بمقتضى المادة ‪ 496‬قانون مدني‪،‬فإذا‬
‫كان شغل العقار من طرف مستأجر واحد و تلف أو هلك بسبب الحريق فإن أساس مسؤولية المستأجر‬
‫المسؤولية المفترضة‪،‬أي أن التزامه في هذه الحالة هو التزام بتحقيق نتيجة‪،‬بحيث ال يمكن أن يدحض‬
‫المستأجر عن نفسه المسؤولية إال بإثبات السبب األجنبي كالقوة القاهرة‪،‬خطأ المؤجر أو خطأ الغير‪.‬‬

‫أما إذا كان العقار مشغوالً من عدة مستأجرين و شب فيه حريق دون أن يعرف المتسبب فيه‪،‬فهم مسؤولون‬
‫جميعا ً في مواجهة المؤجر عن األضرار التي يسببها الحريق بحيث يُسأل كل واحد عن الجزء الذي يشغله‬
‫العقار وفقا ً لقيمته‪.‬‬

‫و يكون لكل مستأجر أن يدرأ عن نفسه المسؤولية بإثباته أن النار أو الحريق كان سببها أجنبي ‪،‬أي أن‬
‫الحريق بدأ نشوبه في جزء يشغله مستأجر آخر فيكون هذا المستأجر وحده مسؤوالً ‪،‬أو يثبت بأن الحريق‬
‫كان بسبب القوة القاهرة فيتحمل المؤجر التبعة ‪،‬أو يثبت أن النار أو الحريق نشب في الجزء الذي يشغله‬
‫المؤجر مما يعفي المستأجرين من المسؤولية‪.‬‬

‫و من أجل المحافظة على العين أيضا ً يلتزم المستأجر بالقيام بالترميمات التأجيرية‪،‬طبقا ً للمادة ‪ 494‬قانون‬
‫مدني و التي يعود مصدرها إلى استعمال المستأجر أو تابعيه للعين المؤجرة و كل ما جرى العرف على‬
‫أن المستأجر هو من يقوم بها‪،‬إال أن التزام المستأجر هذا ليس من النظام العام إذ يمكن االتفاق على إعفائه‬
‫منها‪،‬أو تقاسم نفقاتها مع المؤجر أو حتى التشديد فيها‪،‬و إذا أخ ّل المستأجر بالتزامه بالقيام بالترميمات جاز‬
‫للمؤجر مطالبته بالتنفي ذ العيني‪،‬أو استئذان القاضي للقيام بها على نفقة المستأجر كما له المطالبة بالفسخ‪.‬‬

‫كما تستدعي المحافظة على العين إخطار المؤجر بكل ما يستوجب تدخله حسب المادة ‪ 497‬من القانون‬
‫المدني‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التزام المستأجر برد العين المؤجرة و ملحقاتها‪.‬‬

‫يجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة للمؤجر عند نهاية عقد اإليجار بالحالة التي كانت عليها وقت‬
‫التسلم و بما اشتملت عليه من ملحقات من دون عجز (المادة ‪ 503‬قانون مدني)‪،‬فإذا اختلف المستأجر و‬
‫المؤجر عند الرد حول حالة العين يرجع إلى المحضر الوصفي المحرر عند التسليم‪،‬فإن لم يكن قد تم‬
‫تحريره فيفترض أن المستأجر قد تسلمها في حالة حسنة‪،‬و إن كانت القرينة بسيطة يجوز للمستأجر إثبات‬
‫عكسها‪.‬‬
‫و يكون الرد بنفس كيفية التسليم أي قانونيا ً بوضع العين تحت تصرف المؤجر مع إعالمه بذلك‪،‬أو حكميا ً‬
‫بتغير صفة المستأجر إلى مالك أو مستعير إلى غير ذلك‪،‬و عند الرد يقوم المستأجر و المؤجر بتحرير‬
‫محضر وصفي يبين حالة العين و يحصر محتوياتها و إال في حالة عدم تحريره يفترض أن المؤجر استرد‬
‫العين في حالة حسنة‪،‬و كان ذلك أيضا ً بمثابة قرينة قانونية بسيطة‪.‬‬

‫و إذا أخ َّل المستأجر بالتزامه بالرد عند انقضاء اإليجار أو رد العين المؤجرة على غير حالتها أو تأخر في‬
‫ذلك طالبه المؤجر بالتنفيذ العيني إضافة إلى التعويض عن الضرر‪،‬يراعى فيه القيمة اإليجارية للعين عند‬
‫انتهاء اإليجار و ما لحق المؤجر من خسارة و ما فاته من كسب‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التنازل عن اإليجار‪ ،‬اإليجار من الباطن و انتهاء العقد‬

‫ال مطلب األول‪ :‬التنازل عن اإليجار و اإليجار من الباطن‬

‫باعتبار حق المستأجر في االنتفاع بالعين المؤجرة حقا ً شخصيا ً فيجوز للمستأجر التنازل عنه إما بمقابل‬
‫أو دون مقابل‪ ،‬كما يجوز للمستأجر أن يقوم بتأجير حقه في االنتفاع بالعين المؤجرة إلى مستأجر آخر‬
‫فيكون إيجارا ً من الباطن أو إيجارا ً فرعياً‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬التنازل عن اإليجار‬

‫ُعرف التنازل عن اإليجار بأنه عقد يتم فيه نقل جميع حقوق المستأجر و التزاماته الناشئة عن عقد‬ ‫ي َّ‬
‫اإليجار إلى شخص آخر يحل محله فيها فيكون بمثابة بيع أو هبة‪ ،‬فيكون تنازال عن مركز قانوني في‬
‫رابطة عقدية موجودة من قبل‪ ،‬فتنشأ عالقة مباشرة و متبادلة بين المتنازل لديه و المتنازل له‪ .‬فيعد التنازل‬
‫ق بالنسبة لما يحيله المستأجر (الدائن) إلى المحال له من حقوق‪،‬و حوالة دين بالنسبة لما عليه من‬ ‫حوالة ح ٍ‬
‫التزامات‪،‬فينشئ التنازل عن اإليجار عالقة مباشرة بين المؤجر و المتنازل له‪،‬و باعتبار التنازل عن‬
‫اإليجار حوالة حق (قد يرد على كامل مدة اإليجار أو على جزء منها‪،‬و قد يشتمل االنتفاع بكل العين أو‬
‫بجزء منها)‪،‬فإنه ال يحتج على المؤجر (المدين) بالحقوق التي للمستأجر في مواجهة المتنازل له إال إذا‬
‫رضي بها‪ (،‬أو على األقل علم بها لحل إشكالية تعدد المتنازل إليهم بحق اإليجار‪،‬فتكون األولوية لمن قام‬
‫أوالً بإعالم الم ؤجر بالتنازل و ذلك بموجب عقد غير قضائي)‪.‬و ال يحتج بها في مواجهة الغير المتصرف‬
‫لهم إال إذا كان قبول المؤجر بالحوالة ثابت التاريخ (المادة ‪ 241‬فقرة ‪ 2‬قانون مدني)‪.‬‬

‫أما من حيث كونها حوالة دين‪،‬فإنه ال يحتج بها بما على المستأجر من ديون و التزامات في مواجهة‬
‫أقرها باعتباره دائنا ً (المادة ‪ 252‬قانون مدني)‪.‬‬
‫المؤجر إال إذا ّ‬
‫يؤدي التنازل عن اإليجار إلى نشوء عالقات ثالث‪:‬‬

‫أ‪-‬عالقة المستأجر بالمتنازل له‪.‬‬

‫حيث يرتبطان بعقد التنازل و ينظم العالقة أحكام الحوالة‪،‬فيحدد هذا العقد حقوق و التزامات كل طرف مع‬
‫تحديد لمقابل التنازل و فيما إذا كان يستغرق كل مدة اإليجار أو جزءا ً منها‪،‬فيكون المتنازل له خلفا ً خاصا ً‬
‫للمستأجر تنتقل إليه كل حقوق المستأجر و التزاماته‪،‬و بموجب حوالة الدين يكون المتنازل له مدينا ً‬
‫للمؤجر مباشرة بدفع بدل اإليجار و المحافظة على العين و ردها بعد انتهاء مدة اإليجار‪،‬و هنا جاءت‬
‫المادة ‪ 506‬قانون مدني بحكم خاص تبقي فيه المستأجر ضامنا ً للمتنازل له في تنفيذ التزاماته‪.‬‬

‫ب‪-‬عالقة المستأجر بالمؤجر‪.‬‬

‫بهذه الحوالة يفقد المستأجر حقوقه حيث يكون للمتنازل له فقط مطالبة المؤجر بهذه الحقوق و بالمقابل‬
‫يلتزم المتنازل له بااللتزامات الناشئة عن عقد اإليجار‪.‬فلم يعد المستأجر دائنا للمؤجر و ال مدينا له‪،‬‬
‫فاختفت بذلك وساطته بين المؤجر و المتنازل له‪.‬وضمانه للمؤجر تنفيذ اإللتزامات التي انتقلت للمتنازل له‬
‫‪ ،‬هو ضمان بحكم القانون (المادة ‪ 506‬قا‪.‬م‪.‬ج‪).‬‬

‫‪14‬‬
‫ج‪-‬عالقة المؤجر بالمتنازل له‪.‬‬

‫بقبول التنازل يصبح نافذا ً في حق المؤجر و يكون للمتنازل له مطالبة المؤجر مباشرة بكل حقوقه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬اإليجار من الباطن‬

‫هو قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة إلى شخص آخر و هو المستأجر الفرعي لمدة معينة ال تزيد عن‬
‫مدة اإليجار األصلي مقابل بدل إيجار معلوم‪.‬‬

‫فإذا كان طرفا عقد اإليج ار األصلي هما المستأجر األصلي و المؤجر األصلي فإن عقد اإليجار الفرعي‬
‫يبرم بين المستأجر األصلي الذي أصبح مؤجرا ً من الباطن و المستأجر الفرعي‪،‬فاإليجار الفرعي ال‬
‫ينشىء عالقة مباشرة بين المؤجر األصلي و المستأجر الفرعي‪،‬و إنما تبقى العالقتان مستقلتان فيخضع‬
‫العقد األول ألحكام العقد األصلي‪،‬أما الثاني فيخضع ألحكام عقد اإليجار الفرعي‪،‬و التنازل عن اإليجار‬
‫من الباطن قد نظمه المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 505‬قانون مدني التي نصت على عدم جواز‬
‫التنازل على اإليجار من الباطن إال بالموافقة الكتابية للمؤجر‪،‬و تكون الكتابة التي يفرغ فيها المؤجر قبوله‬
‫باإليجار الفرعي أو التنازل عن اإليجار من أجل اإلثبات‪،‬يحدد فيها نوع التصرف الذي وافق عليه المؤجر‬
‫إما تنازل أو إيجار من الباطن‪،‬و الذي يجب أن يتقيد به المستأجر‪،‬كما أن موافقة المؤجر تسري على‬
‫المالك الجديد‪.‬‬

‫و وفقا ً للقواعد العامة إذا خالف ا لمستأجر المنع و قام بالتنازل أو اإليجار من الباطن كان للمؤجر أن‬
‫يطالب بالتنفيذ العيني‪،‬أي المطالبة باإلخالء على نفقة المستأجر (المادة ‪ 173‬قانون مدني)‪،‬كما للمؤجر‬
‫المطالبة بالفسخ فيحكم به القاضي إذا ثبت عدم إخالء العين من قِبل المتنازل له أو المستأجر الفرعي‪،‬كما‬
‫يمكنه إضافة إلى ذلك المطالبة بالتعويض عما لحقه من خسارة و ما فاته من كسب‪..‬‬

‫يولد اإليجار من الباطن العالقات التالية‪:‬‬

‫أ‪-‬عالقة المستأجر األصلي بالمستأجر الفرعي‪.‬‬

‫هي عالقة ينظمها عقد اإليجار الفرعي فيلتزم المستأجر الفرعي بكل االلتزامات الناجمة عن عقد اإليجار‬
‫الفرعي بما فيها مدة اإليجار و بدل اإليجار المتفق عليه في عقد اإليجار من الباطن‪،‬و هنا ال يجوز أن‬
‫تتجاوز مدة اإليجار الفرعي مدة اإليجار األصلي‪،‬إال إذا أقرها المؤجر األصلي حينئ ٍذ تكون نافذة في حقه‪.‬‬

‫ب‪-‬العالقة بين المستأجر األصلي و المؤجر‪.‬‬

‫هي عالقة خاضعة لعقد اإليجار األصلي‪،‬فيكون لكل طرف مطالبة الطرف اآلخر بتنفيذ التزاماته الناجمة‬
‫عن العقد األصلي‪.‬‬

‫ج‪-‬عالقة المؤجر بالمستأجر من الباطن‪.‬‬

‫ال عقد يربط بين المؤجر بالمستأجر من الباطن ‪ ،‬لذا فالعالقة بينهما غير مباشرة يتوسطها المستأجر‬
‫األصلي الذي يتحمل االلتزامات الناتجة عن عقد اإليجار األصلي‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وطبقا ً للمادة ‪ 507‬قانون مدني‪ ،‬و قبل توجيه المؤجر إنذارا ً للمستأجر من الباطن و بالتالي ليس للمؤجر‬
‫إال استعمال حقوق مدينه –المستأجر األصلي‪ -‬برفع دعوى غير مباشرة باسم مدينه وعندئذ يدخل البدل في‬
‫الضمان العام ويزاحمه فيه باقي الدائنين اآلخرين للمستأجر األصلي واقتسامه قسمة الغرماء‪.‬‬
‫أما بعد أن يوجه المؤجر األصلي إنذارا ً للمستأجر الفرعي تنشأ عالقة بينهما و يكون لكل منهما الرجوع‬
‫على اآلخر بدعوى مباشرة كضمان خاص يرفعها باسمه ولحسابه ضد المستأجر الفرعي ويطالبه بالبدل‬
‫الذي في ذمته‪ ،‬دون أن يزاحمه باقي الدائنين اآلخرين للمستأجر األصلي‪ ،‬فيكون المستأجر الفرعي ملتزما ً‬
‫في مواجهة المؤجر األصلي بالقدر الذي ينشأ في ذمته من التزامات ناشئة عن اإليجار الفرعي‪،‬فإذا قام‬
‫المستأجر الفرعي بدفع معجل لبدل اإليجار للمستأجر األصلي فال تبرأ ذمته إال إذا كان هذا التعجيل قد تم‬
‫قبل توجيه المؤجر إنذارا ً له‪،‬و أن يكون هذا التعجيل قد تم وفق العرف المعمول به أو وفق اتفاق ثابت‬
‫التاريخ وقت إبرام اإليجار الفرعي (المادة ‪ 507‬فقرة ‪ 2‬قانون مدني)‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬إنتهاء حق اإليجار‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬حق البقاء في األمكنة و انتهاء العمل به‪.‬‬

‫أورد المشرع الجزائري بموجب التشريع الخاص بإيجار المحالت ذات االستعمال السكني و المهني‬
‫المنظم وفقا ً لألمر ‪ 58-75‬حكما ً خاصا ً بحق البقاء في األمكنة‪،‬فنصت المادة ‪( 514‬ملغاة) من األمر ‪-75‬‬
‫‪ 58‬على أن الشاغلين بحسن نية لألماكن المعدة للسكن و المهن و المنتفع به عن طريق اإليجار‪،‬لهم الحق‬
‫أن يتمسكوا بالبقاء في األماكن و يمنع على المؤجرين إخراج المستأجرين من العين المؤجرة و لو بعد‬
‫انقضاء مدة اإليجار‪،‬و سمحت للمستأجر بالبقاء شاغالً له ما دام يوفي بالتزاماته على النحو الذي قرره‬
‫القانون و بنود عقد اإليجار‪،‬و من ثم فإن حق البقاء هنا مصدره القانون‪،‬و من خصائصه أنه‪:‬‬

‫‪-1‬يسري بحكم القانون و دون إخبار المؤجر‪،‬فتكون للمستأجر المنتهي عقده صفة الشاغل بحسن نية و‬
‫يستفيد من حق البقاء بقوة القانون؛‬

‫‪-2‬أنه غير محدد المدة إذ يستفيد الشاغل من البقاء لمدة غير محدودة؛‬

‫‪-3‬يطبق على األشخاص الطبيعية و المعنوية (المادة ‪ 516‬ملغاة من األمر ‪)58-75‬؛‬

‫‪-4‬يطبق حق البقاء على الشاغلين حسني النية ‪،‬أي الشاغل الحائز لسند اإليجار و الذييوفي التزاماته‬
‫اإليجارية؛‬

‫‪ -5‬حق البقاء هو حق شخصي لكنه غير قابل للتنازل و االنتقال بأي وجه من أوجه التصرف‪،‬و هذا طبق‬
‫المادة ‪( 525‬ملغاة)‪،‬باستثناء الحالة التي نصت عليها المادة ‪( 515‬ملغاة) و هي حق الورثة‪.‬‬

‫*منح القانون ‪ 58-75‬لفئة محددة حق البقاء بالمحل السكني دون إمكانية طلب إخالئهم للمكان من طرف‬
‫المؤجر‪،‬و ذلك بمقتضى المواد ‪( 516 ،515 ،514‬ملغاة)‪.‬‬

‫أ)‪-‬الفئات التي كان لها حق البقاء‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪-1‬المستأجر األصلي‪( :‬حسن النية)‪،‬أي الذي يشغل المسكن بسند إيجار كتابي أو شفوي؛‬

‫‪-2‬المستأجر الفرعي‪ :‬و هو الذي يشغل المسكن عن طريق اإليجار من الباطن بعلم و الموافقة الصريحة‬
‫للمؤجر صاحب المسكن‪،‬و يشترط فيه هو اآلخر حسن النية؛‬

‫‪-3‬المتنازل له حسن النية؛‬

‫‪-4‬المستأجر الذي كان قد استأجر هذا المسكن من إدارة عمومية‪ :‬و ظل يستعمله بعد تنازل اإلدارة عن‬
‫حقها‪،‬إذا أثبت أنه سدد بدل اإليجار خاصةً إذا تم ذلك عن طريق االقتطاع من راتبه الشهري؛‬

‫‪-5‬ورثة المستأجر المتوفي أو الشاغل المتوفي‪(:‬المادة ‪ 515‬ملغاة)‪،‬و هم الورثة الذين كانوا يعيشون معه‬
‫و تحت نفقته لمدة ال تقل عن ستة (‪ )6‬أشهر طبقا ً للمادة ‪( 515‬ملغاة)‪،‬و كذلك أعضاء أسرة المستأجر‬
‫الذي هجر المنزل بطريقة مفاجئة؛‬

‫‪-6‬الشخص المعنوي الذي يشغل محالً لمزاولة نشاطه‪( :‬المادة ‪ 516‬ملغاة)‪،‬و إن كان يسقط عنه حق‬
‫البقاء إذا أراد المالك أن يسكن المحل بنفسه أو يسكن زوجه أو أصوله أو فروعه‪.‬‬

‫ب)‪-‬حاالت سقوط حق البقاء‪.‬‬

‫حيث ال يمكن للشاغل حسن النية االستفادة من حق البقاء‪،‬و هم‪:‬‬

‫‪-1‬الذين صدر بحقهم حكم نهائي باإلخالء‪ :‬بمقتضى نصوص سابقة تعطي لمالك المسكن الحق في‬
‫استرداد األمكنة؛‬

‫‪-2‬إذا لم يشغلوا األمكنة فعالً بأنفسهم‪ :‬أو من طرف األشخاص الذين تجب عليهم نفقتهم‪،‬إذ البد أن يكون‬
‫شغل األمكنة قد استمر ‪ 8‬أشهر خالل السنة اإليجارية إال إذا كانت مهنة أو وظيفة الشاغل أو سبب‬
‫مشروع آخر يبرر شغل المكان لمدة أقل؛‬

‫‪-3‬إذا كانت لهم عدة مساكن‪ :‬ما لم يثبتوا أن وظيفتهم تؤدي إلى شغل عدة مساكن؛‬

‫‪-4‬الذين يشغلون أماكن محظورة‪ :‬أو فيها خطورة تستوجب الترميم أو الهدم‪،‬غير أنه إذا كان الحظر‬
‫مؤقت أو تم التراجع عن قرار الهدم فيمكن االحتجاج بحق البقاء بالرجوع إلى األمكنة؛‬

‫‪-5‬الذ ين يشغلون مساكن تم شراؤها أو نزع ملكيتها للمنفعة العامة‪ :‬شرط تعويضهم بسكن؛‬

‫‪-6‬الذين يشغلون مساكن بصفة مؤقتة للمتعة؛‬

‫‪-7‬الذين يشغلون مساكن بموجب عالقة العمل و انتهت هذه العالقة؛‬

‫‪ -8‬الذين لهم إمكانية الحصول على مسكن يفي بحاجياتهم و حاجيات أسرهم‪.‬‬

‫ج)حق االسترجاع‪.‬‬

‫م َّكن القانون ‪ 58-75‬المؤجرين من استرجاع األمكنة في حاالت معينة‪،‬و هي‪:‬‬

‫‪)1‬االسترجاع لغرض القيام بأشغال في العين المؤجرة‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫أ‪-‬االسترجاع للقيام بالبناء‪( :‬المواد ‪ 519 ،518‬ملغاة)‪،‬مع وجوب أن يسبق عملية الخروج تنبيه باإلخالء‬
‫ستة (‪ )6‬أشهر مسبقاً‪ ،‬و وضع سكن صالح للشاغل‪،‬و الشروع في البناء ثالث (‪ )3‬أشهر من يوم اإلخالء؛‬

‫ب‪-‬استرجاع المساحات و األراضي الفضاء التابعة للسكن‪( :‬المادة ‪ 522‬ملغاة)‪،‬و ذلك من أجل البناء‬
‫عليها شرط أال يجعل البناء الجديد االنتفاع بالسكن المشغول مستحيالً‪،‬مع التخفيض من بدل اإليجار و‬
‫التنبيه المسبق بستة (‪ )6‬أشهر‪،‬و الشروع في البناء خالل ثالث (‪ )3‬أشهر‪.‬‬

‫‪)2‬االسترجاع بغرض اإلسكان‪.‬‬

‫إذ من حق المالك استرجاع ملكه لكن بغرض السكن هو أو فروعه أو بعض أصوله (المواد ‪،527 ،526‬‬
‫‪ 528‬ملغاة)‪،‬شرط أن يكون المالك جزائريا ً مع إعادة إسكان الشاغل للمكان في محل صالح للسكن موجود‬
‫في نفس البلدة‪،‬و للشاغل أجل شهر من تاريخ تبليغه للموافقة على السكن البديل‪،‬فإذا رفض يلجأ إلى‬
‫الخبرة‪.‬‬

‫و قد يكون االسترجاع مع اإلسكان االختياري (المواد من ‪ 529‬إلى ‪ 532‬ملغاة)‪،‬هنا ال يجبر المؤجر على‬
‫إعادة إسك ان الشاغل شرط أنه إذا كان المالك قد اكتسب العقار بعوض يشترط أنه اكتسبه لـعشر (‪)10‬‬
‫سنوات سابقة لممارسة حق االسترجاع‪،‬و إن كان يمكن الترخيص لمن هو في حاجة ملحة للسكن (هو و‬
‫عائلته) أن يسترجعه شرط أال يقل امتالكه للعقار عن أربع (‪ )4‬سنوات‪.‬‬

‫‪)3‬حق االسترجاع الممتاز‪.‬‬

‫حيث مكنت المادة ‪ 533‬ملغاة عددا ً من المالكين الممتازين استرجاع ملكيتهم‪،‬و هم‪:‬‬

‫أ‪-‬األشخاص المطرودين‪ :‬ألن المالك استعمل حقه في االسترجاع؛‬

‫ب‪-‬األشخاص المطرودين من محالت ُمنع السكن فيها بموجب قرار حظر أو قرار نزع الملكية للمنفعة‬
‫العامة‪.‬‬

‫*في مرحلة أخرى و بموجب المرسوم التشريعي ‪ 03-93‬نصت المادة ‪ 20‬منه على عدم تطبيق المواد‬
‫المتعلقة بحق البقاء (المواد من ‪ 514‬إلى ‪ 537‬من القانون ‪ 58-75‬ملغاة) على عدم تطبيقها على الحق في‬
‫البقاء‪،‬فألغت أحكامه و جعلت أحكامه غير منطبقة على المعامالت اإليجارية المبرمة في إطار الترقية‬
‫العقارية ‪،‬لكن هذا المرسوم ال يطبق على ما تم من بقاء المؤجر بالمكان بعد انتهاء المدة (عدم رجعية‬
‫القانون للماضي)‪،‬و إنما يسري على عقود اإليجار المبرمة في ظل القانون ‪ 58-75‬ما دام أن آثار‬
‫العقد‪،‬أي انتهاؤه قد تم في ظل المرسوم‪،‬و كذلك على عقود اإليجار المبرمة في ظل المرسوم‪.1‬‬

‫‪- 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪-2009/11/05‬الغرفة االجتماعية‪-‬مجلة المحكمة العليا –عدد‪-2009-2‬ص ‪ ":413‬اإليجار‬
‫المبرم ف ظل مقتضيات المرسوم التشريعي رقم ‪ 03-93‬الذي ألغى حق البقاء في األمكنة ال يخضع للقانون المدني و ال‬
‫لزوم بالتالي لتوجيه تنبيه باإلخالء للمستأجر"‬
‫‪18‬‬
‫*و في مرحلة ثالثة و بصدور القانون ‪ 05-07‬و الذي ألغى المادة ‪ 20‬و الفقرتان ‪ 2‬و ‪ 3‬من المادة ‪ 21‬و‬
‫المادة ‪ 22‬من المرسوم التشريعي ‪.03-93‬‬

‫و القاعدة أن نصوص القانون ‪ 05-07‬ال تسري بأثر رجعي على ما ترتب من آثار لعقد اإليجار قبل‬
‫نفاذه‪،‬كما أن لها أثر مباشر على ما ينشأ في ظلها من آثار‪،‬إال أنها جاءت باستثناء عن األثر الفوري‬
‫للقانون ‪ 05-07‬بموجب المادة ‪ 507‬مكرر قانون مدني في حاالت معينة‪،‬و المادة ‪ 507‬مكرر‪ 1‬في حاالت‬
‫أخرى‪،‬و قرر االستمرار بالعمل في هذه الحاالت بحق البقاء‪.‬‬

‫و تتمثل هذه الحاالت فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬عقود اإليجار المبرم ة في ظل التشريع السابق تظل خاضعة له لمدة عشر (‪ )10‬سنوات إلى غاية ‪13‬‬
‫ينقض‬
‫ِ‬ ‫ماي ‪ :2017‬حيث يبقى المستأجر خالل هذه المدة متمسك بحق البقاء طبقا ً للمادة ‪( 514‬ملغاة)‪،‬و ال‬
‫إال بسبب حالة من حاالت استرجاع السكن؛‬

‫‪-2‬مقررة لفائدة األشخاص الطبيعيين البالغين ستين (‪ )60‬سنة‪ :‬منذ نشر هذا القانون‪،‬إذ يبق لهم الحق في‬
‫التمسك بالبقاء إلى حين وفاتهم‪،‬دون ورثتهم‪.‬‬

‫‪ -3‬المادة ‪ 507‬مكرر‪: 1‬و نصت أن أحكام القانون ‪ 05-07‬ال تمتد إلى مستأجري المحالت السكنية التابعة‬
‫لديوان الترقية و التسيير العقاري التي تبقى خاضعة ألحكام المرسوم ‪ 147-76‬الذي ينص على حق‬
‫البقاء‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬انقضاء اإليجار بالنسبة لحق المنتفع‪.‬‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 469‬من القانون ‪ 05-07‬ينتهي اإليجار الصادر من المنتفع بانقضاء االنتفاع بقوة القانون دون‬
‫أي إجراء آخر‪(،‬انتهاء اإليجار يثبت بانتهاء االنتفاع)‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬انتهاء اإليجار بالنسبة لصاحب حق االستعمال و السكن‪.‬‬

‫حيث ينتهي بانقضاء حق االستعمال و السكن بقوة القانون‪،‬المادة ‪ 469‬مكرر فقرة ‪ 2‬من القانون ‪. 05-07‬‬

‫الفرع الرابع‪:‬انتهاء اإليجار بالنسبة للمستأجر و ورثته‪.‬‬

‫بمقتضى المادة ‪ 469‬مكرر ‪ 1‬من القانون ‪ 05-07‬ينقضي اإليجار بانقضاء المدة المتفق عليها دون الحاجة‬
‫إلى تنبيه باإلخالء‪،‬و على سبيل االستثناء للمستأجر بمقتضى نفس المادة الحق في إنهاء العقد قبل انتهاء‬
‫مدته لسبب عائلي أو مهني‪،‬مع وجوب إخطار المؤجر بمقتضى عقد غير قضائي يتضمن إشعارا ً برغبته‬
‫في اإلنهاء لمدة شهرين (‪،)2‬أي قبل شهرين (‪ )2‬على األقل من موعد إنهائه‪،‬و في حالة وفاة المستأجر‬
‫طبق المادة ‪ 469‬مكرر ‪ 2‬فقرة ‪ 2‬قانون ‪ 05-07‬ال ينتقل اإليجار إلى الورثة إال طوال قيام مدة العقد‪،‬أي‬
‫أن عدم انقضاء مدة اإليجار هو الذي يبرر بقاء الورثة في العين‪،‬و هم الورثة الذين كانوا يعيشون عادة مع‬
‫المستأجر مدة ستة (‪ )6‬أ شهر‪،‬في حالة ما إذا وجد الورثة ضرورة إلنهاء العقد قبل انتهاء مدته يجوز لهم‬

‫‪19‬‬
‫ذلك على أن يقرروا إرادتهم في إنهاء العقد خالل الستة (‪ )6‬أشهر من وفاة المستأجر‪،‬مع وجوب إخطار‬
‫المؤجر بمحرر غير قضائي يتضمن إشعارا ً باإلنهاء لمدة شهرين فقط‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عقد الوكالة‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم عقد الوكالة‬

‫تعد الوكالة أداة أساسية في الحياة القانونية تساهم في تطوير النشاط القانوني‪،‬من خاللها يستطيع‬
‫الشخص القيام بالتصرفات القانونية دون أن يضطر لحضور حقيقي من جانبه‪،‬فيكون حاضرا ً حكما ً‬
‫بواسطة وكيل‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف العقد و طبيعته القانونية‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الوكالة‪.‬‬

‫شخص هو الموكل شخصا ً آخر هو الوكيل‬ ‫ٍ‬ ‫الوكالة عقد طرفاه الموكل و الوكيل‪،‬الغرض منه تفويض‬
‫للقيام بعمل شيء لحساب الموكل و باسمه‪،‬و هذا طبقا ً للمادة ‪ 571‬قانون مدني‪،‬فتحل إرادة النائب االتفاقي‬
‫محل إرادة األصيل في إنشاء تصرف قانوني‪،‬مع إضافة هذا التصرف إلى األصيل‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للوكالة‪.‬‬


‫ً‬ ‫الفرع‬

‫نظم المشرع الجزائري عقد الوكالة بنصوص خاصة في القانون المدني‪،‬و فصله عن موضوع النيابة‬
‫بوجه عام‪،‬معتبرا ً إياه من العقود الواردة على عمل‪،‬في الباب التاسع من القانون المدني‪،‬كما افترض‬
‫المشرع الجزائري العمل التبرعي في عقد الوكالة من خالل المادة ‪ 581‬قانون مدني‪،‬ما لم يتم االتفاق‬
‫صراحة بين الموكل و الوكيل أو يستخلص ضمنيا ً من ظاهر الشروط لتنفيذ الوكالة أن تكون بمقابل‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬شروط انعقاد و صحة الوكالة‪.‬‬

‫يجب النعقاد الو كالة أن يتوافق اإليجاب و القبول على عناصر الوكالة‪،‬فيتم التراضي بين الموكل و‬
‫الوكيل على ماهية العقد و التصرف القانوني الذي يقوم به الوكيل و األجر الذي يتقاضاه هذا األخير إذا‬
‫كان هناك اتفاق على تنفيذ الوكالة مقابل أجر معين‪،‬و من ثم فال تكون وكالة إال إذا تراضى الموكل و‬
‫الوكيل تراضيا ً فعليا ً قبل أن يقوم الوكيل بالتصرف القانوني محل الوكالة‪،‬من جانب آخر لم يضع المشرع‬
‫نصا ً خاصا ً باألهلية إلبرام عقد الوكالة سواء بالنسبة للموكل أو الوكيل‪،‬بل ترك ذلك للقواعد العامة بحيث‬
‫يتعين كمبدأ عام أن تتوافر في الموكل األهلية الكاملة لمباشرة الحقوق المدنية المحددة وفقا ً للمادة ‪40‬‬
‫قانون مدني (أي تسعة عشر (‪ )19‬سنة) ما دام أن العمل أو التصرف القانوني محل الوكالة إنما يعقده‬
‫الوكيل باسم األصيل و أن جميع اآلثار تنصرف إليه‪،‬في حين يكفي في الوكيل سن التمييز طالما ال‬
‫تنصرف آثار الوكالة إليه‪،‬و عليه وجب أن يكون الموكل متمتعا ً باألهلية الكاملة وقت الوكالة و إال كانت‬

‫‪20‬‬
‫الوكالة باطلة‪،‬كما ال تصح الوكالة إذا كان الموكل أه ً‬
‫ال وقت التوكيل و فقد األهلية وقت تنفيذ العقد بأن‬
‫صدر حكم بالحجر عليه‪،‬فإذا نفذ الوكيل حينئ ٍذ الوكالة فال ينصرف أثر العقد الذي أبرمه الوكيل إلى‬
‫الموكل‪.‬‬

‫و إذا كان الوكيل ناقص األهلية جاز له وحده إبطال عقد الوكالة‪،‬فإذا لم يطلب اإلبطال و تعاقد مع الغير‬
‫كان تعاقده صحيحا ً و نفذ في حق الموكل دون أن يستطيع الموكل أن يتمسك بإبطال عقد الوكالة‪،‬و ال‬
‫الغير الذي تعامل معه الوكيل إبطال الوكالة‪.‬‬

‫يعتبر عقد الوكالة من العقود الرضائية و هذا بالرجوع للمادة ‪ 571‬قانون مدني التي لم تحدد طبيعة و‬
‫شكل هذا العقد‪،‬و باستقراء المادة ‪ 572‬قانون مدني و التي تنص على أنه "يجب أن يتوفر في الوكالة‬
‫يكون محل الوكالة ما لم يوجد نص يقضي بخالف‬ ‫الشكل الواجب توافره في العمل القانوني الذي ّ ِ‬
‫ذلك"‪،‬فأقرن المشرع الجزائري شكل الوكالة بالعمل القانوني محل الوكالة‪،‬كما قد يتحدد بموجب نص‬
‫خاص يشترط أن يفرغ عقد الوكالة في شكل معين‪،‬و من ثم فإن هناك عالقة تبعية بين الوكالة و العمل‬
‫القانوني تؤدي إلى اتخاذ شكل واحد‪،‬مثالً الوكالة في بيع العقار هي وكالة رسمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الوكالة‪.‬‬

‫تصنف الوكالة بالنظر إلى التصرفات القانونية التي تكون محالً لها إلى نوعين‪ :‬وكالة عامة و وكالة‬
‫خاصة‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬الوكالة العامة‪.‬‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 573‬قانون مدني ‪ :‬الوكالة العامة هي تلك التي ترد بألفاظ عامة‪،‬فال يعين فيها نوع التصرف‬
‫القانوني‪،‬فحينئ ٍذ ال ّ ِ‬
‫تخول هذه الوكالة للوكيل إال القدرة على تنفيذ العقود أو األعمال اإلدارية‪ 1‬دون القيام‬
‫بعمل من أعمال التصرف ‪،‬و من أمثلة أعمال اإلدارة الواردة في المادة ‪ 573‬قانون مدني اإليجار لمدة ال‬
‫تزيد عن ثالث سنوات‪،‬أعمال الحفظ و الصيانة‪،‬إيداع المحصول و البضائع بالمخازن المعدة‪،‬كذلك استيفاء‬
‫حقوق الموكل‪،‬و الوفاء بديون الموكل من األموال التي تكون بين يدي الوكيل‪.‬‬
‫كما تمتد الوكالة العامة إلى أعمال التصرف إذا كانت أعمال اإلدارة تقتضيها‪،‬مث ً‬
‫ال‪ :‬بيع البضائع سريعة‬
‫التلف‪،‬شراء ما يستلزم الشيء محل الوكالة من أدوات لحفظه كشراء آالت و أسمدة و بذور بغرض حفظ‬
‫أرض زراعية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪-‬الوكالة الخاصة‪.‬‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 574‬قانون مدني البد من وكالة خاصة لكل عمل من أعمال التصرف فتكون الوكالة خاصة‬
‫في البيع‪ 2‬أو الشراء أو الهبة‪،‬إيداع حصة في شركة‪،‬اإلقرار‪،‬الصلح ‪ ،‬الرهن و ترتيب حق انتفاع و ما إلى‬

‫‪ - 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ‪- 1990/12/16‬المجلة القضائية عدد ‪-1994-4‬ص‪":102‬الوكالة الواردة بألفاظ عامة‬
‫والتي ال تخصيص فيها لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل ال تخول للوكيل إال القدرة على تنفيذ العقود اإلدارية‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون ‪".‬‬

‫‪- 2‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪- 1993/12/22‬المجلة القضائية العدد ‪-1994-3‬ص‪ ".29‬يتوجب قانونا‪ ،‬الحصول على‬
‫وكالة خاصة‪ ،‬في كل عمل يتعلق بالبيع أو المرافعة أمام القضاء‪ ،‬في حق الغير‪".‬‬

‫‪21‬‬
‫ذلك‪،‬و هنا يجوز أن تكون الوكالة الخاصة بنوع واحد من التصرفات أو تشمل طائفة منها‪.‬وفيما يتعلق‬
‫بالمعاوضات كالبيع‪ ،‬يصح أن ترد الوكالة دون تحديد للمحل الذي يقع عليه البيع‪،‬فيوكل شخص لشخص‬
‫آخر بيع أمواله و حينئ ٍذ ال يمكن له إبرام أي تصرف آخر غير البيع‪.‬‬

‫كما يجوز أن يوكله في بيع عقار أو مال معين ‪،‬أما بالنسبة للتبرعات (الهبة‪،‬اإلبراء من الدين‪ )...‬فيجب أن‬
‫تكون الوكالة خاصة في نوع التصرف و محله‪،‬فيعين الموكل للوكيل المال الذي وكله بهبته أو الدين الذي‬
‫وكله في اإلبراء منه‪،‬و الوكالة الخاصة سواء بالمعاوضة أو التبرعات يجب عدم التوسع في تفسيرها طبقا ً‬
‫للمادة ‪ 574‬فقرة ‪ 3‬قانون مدني‪،‬التوكيل في اإلبراء من دين ال يخول للوكيل حوالة ذلك الدين‪،‬إال أن‬
‫الوكالة سواء كانت عامة أو خاصة تشمل ما تقتضيه من توابع ضرورية‪،‬فالوكالة في اإليجار مثالً تشمل‬
‫تسليم العين المؤجرة‪،‬و ترجع هذه التوابع إلى طبيعة التصرف و إلى ما جرى عليه العرف و إلى إرادة‬
‫الطرفين‪.‬‬

‫*المبحث الثاني‪:‬أحكام الوكالة‪.‬‬

‫ترتب الوكالة آثارا ً بين المتعاقدين‪،‬الوكيل و الموكل‪،‬و آثارا ً بالنسبة للغير المتعاقد مع الوكيل‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬آثار عقد الوكالة بين طرفيه‬

‫الفرع األول‪ :‬التزامات الوكيل‪.‬‬

‫يلتزم بعدة التزامات هي‪:‬‬

‫‪-1‬تنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة‪.‬‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 575‬قانون مدني‪،‬ال يجوز للوكيل أن يتجاوز حدود وكالته‪،‬ال من ناحية التصرفات التي‬
‫تضمنتها‪،‬و ال من ناحية التنفيذ التي رامها الموكل‪،‬فالوكالة في ألفاظ عامة ال تجيز للوكيل القيام بأعمال‬
‫التصرف‪،‬فتبقى في حدود أعمال اإلدارة‪،‬و ال يجوز للوكيل تجاوزها‪،‬و مع ذلك فإن العمل ذاته قد يعتبر‬
‫أحيانا ً من قبيل أعمال التصرف الممنوعة على الوكيل وكالة عامة‪،‬و في ظروف أخرى يعد من أعمال‬
‫اإلدارة‪،‬أو أعمال الحفظ التي تدخل في حدود ما يجوز له القيام به (المادة ‪ 573‬فقرة ‪ 2‬قانون‬
‫مدني)‪،‬كأعمال التصرف‪:‬كبيع المحصول في إدارة األرض الزراعية‪،‬و شراء ما يلزم من أدوات لحفظ و‬
‫استغالل المزرعة‪،‬و هذا من أجل إدارة حسنة‪(،‬ألنه إذا لم يقم بها يعد مسؤوالً عن إخالله بتنفيذ الوكالة)‪،‬و‬
‫من ناحية أخرى إذا كان يدخل في سلطة الوكيل وكالة عامة‪،‬االقتراض لسداد دين على الموكل أو شراء‬
‫أدوات ضرورية‪،‬إال أنه يعتبر تجاوزا ً لحدود وكالته أن يرهن أموال الموكل ضمانا ً للقرض‪.‬‬

‫و األمر يبدو أكثر وضوحا ً في الوكالة الخاصة‪،‬فيكون التزام الوكيل مزدوجاً‪،‬التزام إيجابي يتمثل في القيام‬
‫باألعمال المحددة في وكالته‪،‬كالمحامي‪،‬أما االلتزام السلبي فهو االمتناع عن القيام بما لم يُوكل فيه من‬
‫تصرفات‪،‬فيبقى دائما ً داخل اإلطار المرسوم له من قِبل موكله‪،‬طبقا ً للمبدأ "التفسير الضيق للوكالة"‪،‬و‬

‫‪-‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪ -2005/07/06‬مجلة المحكمة العليا عدد ‪-2005-2‬ص ‪". 283‬بيع حصة قي شركة ‪،‬‬
‫يستوجب وكالة خاصة ‪ ،‬مادام ال يندرج في أعمال اإلدارة‪".‬‬

‫‪22‬‬
‫الذي يقتضي عدم التوسع في تفسيرها‪،‬فال يمكن للوكيل بالبيع أن ينوب موكله في دعوى إبطال البيع التي‬
‫رفعها المشتري ضد هذا األخير‪،‬ال يمكنه أيضا ً منح أجل للوفاء بثمن البيع‪،‬و ال يمكن للوكيل في بيع أن‬
‫يشتري لنفسه دون ترخيص من الموكل‪،‬و إال عد متجاوزا ً حدود وكالته‪ ،‬في الوكالة باستيفاء الدين ال‬
‫يجوز للوكيل مقاضاة المدين المتناعه عن الوفاء‪،‬إال أن المشرع الجزائري في المادة ‪ 575‬فقرة ‪ 3‬قانون‬
‫مدني‪،‬خفف من التفسير الضيق‪،‬و وضع له حدودا ً معقولة تتمثل في مراعاة التوابع الضرورية‬
‫للوكالة‪،‬كالوسيلة الالزمة لتنفيذها‪.‬الوكالة باإليجار تشمل التسليم‪،‬الوكالة بقبض الدين تشمل شطب الرهن‬
‫الذي يضمنه أو إعطاء مخالصة‪،‬إذا خالف الوكيل تعليمات الموكل بشأن حدود وكالته أو سعتها فإنه يفقد‬
‫صفته كوكيل و مؤدى ذلك عدم التزام الموكل بالتصرف الذي أبرمه الوكيل خارج حدود وكالته‪،‬و هنا‬
‫الوكيل ال يعبر أو ال ينقل إرادة األصيل و إنما يعبر عن إرادته هو‪،‬فتكون إرادة الوكيل محل اعتبار عند‬
‫تقدير سالمة اإلرادة من العيوب‪.‬‬

‫و عليه ال يجوز للغير المتعاقد مع الوكيل مطالبة الموكل بتنفيذ التصرف الذي أبرمه مع الوكيل المتجاوز‬
‫حدود وكالته‪،‬كما أن عدم نفاذ التصرف المخالف لتعليمات الموكل ينصرف إلى العالقة بين الوكيل و‬
‫الغير‪،‬ألن إرادة الطرفين لم تتجه إلى إضافة آثار هذا التصرف إلى ذمة الوكيل و إنما إلى ذمة الموكل‪،‬و‬
‫يزول عدم النفاذ بمقتضى إقرار الموكل فينفذ التصرف في حقه منذ إبرامها بأثر رجعي‪".‬اإلقرار الالحق‬
‫ينزل منزلة التوكيل السابق"‪.‬‬

‫فيكون اإلقرار صريحا ً أو ضمنيا ً بتنفيذ االلتزامات التي عقدها الوكيل باسمه‪.‬‬

‫أوردت المادة ‪ 575‬فقرة ‪ 2‬استثناءا ً ينصرف فيه أثر تصرف الوكيل رغم تجاوز حدود الوكالة إلى‬
‫موكله‪،‬و ذلك عند توافر شرطين معاً‪:‬‬

‫‪-1‬افتراض أن الظروف يغلب معها الظن أنه ليس في وسع الموكل‪،‬إال الموافقة على تصرف الوكيل؛‬

‫‪-2‬أنه كان من المستحيل على الوكيل أن يخطر الموكل سلفا ً بخروجه عن حدود الوكالة‪،‬فإذا تراخى عن‬
‫إبرام العقد حتى يخطر الموكل تضيع عليه الصفقة‪،‬و رغم ذلك عليه أن يبادر بعدها بإخطار الموكل‪،‬حتى‬
‫ال يقوم الموكل بتصرف يتعارض مع تصرف الوكيل‪،‬و يرجع للقاضي تقدير مدى توافر الشرطين‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك قد نجد االستثناء في تطبيق آخر يمكن معه تنفيذ التصرف في حق الموكل في حالة‬
‫التجاوز‪،‬و هو حالة الوكالة الظاهرة حيث يظهر شخص بمظهر الوكيل تجاه الغير دون أن يكون كذلك في‬
‫الحقيقة‪،‬فإذا تعاقد هذا الغير مع الوكيل الظاهر عن حسن نية استنادا ً إلى ظروف خارجية ولدت لدى الغير‬
‫اعتقادا ً بأنه يتعامل مع وكيل يعمل باسم و لحساب الموكل ثبت التصرف بين الطرفين و انصرفت آثاره‬
‫إلى الموكل‪،‬خاصة إذا كان الموكل قد أسهم بخطئه اإليجابي أو السلبي في إيجاد مظهر خارجي دفع الغير‬
‫لالعتقاد بأن الوكيل الظاهر يمثله‪(،‬انتهاء الوكالة بعزل الوكيل دون أن يعلن الموكل ذلك)؛‬

‫‪ -2‬بذل الوكيل العناية الالزمة في تنفيذ الوكالة‪.‬‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 576‬قانون مدني العناية هذه هي عناية الرجل العادي‪،‬فالتزام الوكيل هو التزام ببذل عناية‬
‫(المادة ‪ 172‬قانون مدني‪،‬القواعد العامة)‪،‬و هو التزام باليقظة في السعي نحو تنفيذ المهمة المكلف‬
‫بها‪،‬فأحيانا ً يكون عمل الوكيل محاطا ً باالحتمال أي ال يرتبط بمهمة الوكيل و يقظته وحدها‪،‬إنما يرتبط‬
‫بعوامل خارجية كأن يكون سمسار التأمين وكيالً عن المؤمن في البحث عن شركة تأمين تقبل تغطية خطر‬

‫‪23‬‬
‫معين‪،‬فهنا لن يكون الوكيل متأكدا ً في البداية من إتمام العمل محل الوكالة ألنها ترتبط بظروف خارجة عن‬
‫قدرته‪،‬في سبيل إنجاز المهمة‪،‬فيكون التزامه إذا ببذل الهمة في سعيه إلتمام مهمته و عمله‪،‬و عند إخالله‬
‫بااللتزام عند عدم التمكن من أداء مهمته‪،‬ليس عدم التقيد بتعليمات الموكل‪،‬و إنما عدم التقيد باليقظة‬
‫الالزمة في السعي نحو تنفيذ مهمته‪،‬كما ال يجوز للوكيل أن يستعمل األموال التي تلقاها من الموكل‬
‫لغرض تنفيذ الوكالة أو تلقاها عند تنفيذ الوكالة لفائدة الموكل لصالح نفسه‪،‬و لشؤونه الخاصة‪،‬و إال كان‬
‫مسؤوالً مسؤولية مدنية توجب التعويض (المادة ‪ 578‬قانون مدني)‪.‬‬

‫قد يقوم الوكيل بتنفيذ الوكالة بنفسه أو ينوب فيها لشخص آخر ‪ ،‬فيحكم العالقة بين الوكيل ونائب الوكيل‬
‫عقد اإلنابة‪ .‬ويمكن أن يتم ذلك دون حاجة إلى موافقة الموكل‪ ،‬فمتى لم يرخص له الموكل إقامة‬
‫النائب‪،‬كان الوكيل مسؤوالً عن عمل النائب بالتضامن معه –المادة ‪ 580‬قانون مدني‪، -‬أما إذا رخص له‬
‫ذلك فيكون مسؤوالً مسؤولية شخصية فقط عن سوء اختيار النائب و عن خطئه في التعليمات التي‬
‫أصدرها له‪.‬و قد منح المشرع بموجب المادة ‪580‬فقرة ‪ 2‬من القانون المدني الجزائري لكل من الموكل‬
‫ونائب الوكيل الحق في ممارسة دعوى مباشرة ضد اآلخر‪.‬و عليه‪ ،‬يجوز للموكل الرجوع بدعوى مباشرة‬
‫على نائب الوكيل يطالبه بالتزاماته الناشئة عن عقد اإلنابة‪ .‬كما يجوز لنائب الوكيل هو أيضا أن يرجع‬
‫على الموكل ومطالبته بما في ذمته للوكيل باعتباره دائنا له‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬طبقا ً للمادة ‪ 579‬قانون مدني قد يقوم الموكل بتعيين وكالء في عقد واحد‪،‬أو تعيين‬
‫وكالء متعددين في عقود متفرقة‪.‬‬

‫فإذا عُين كل الوكالء في عقد واحد كان ذلك قرينة على أن الموكل أرادهم أن يعملوا مجتمعين‪،‬فإذا باشر‬
‫أحدهم العمل دون الباقي انعدمت فيه الصفة‪،‬إال أن هذه القرينة التي جاءت بها المادة هي قرينة بسيطة إذ‬
‫بإمكان الموكل أن يرخص لهم باالنفراد بالقيام بالعمل‪،‬أما إذا عُين الوكالء في عقود متفرقة جاز ألي وكيل‬
‫االنفراد بالعمل ما لم يشترط عليهم الموكل العمل مجتمعين‪،‬و عمالً بذات المادة يكون الوكالء متضامنين‬
‫في المسؤولية في حالتين‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إذا كانت الوكالة غير قابلة لالنقسام (كصفقة بيع غير قابلة للتجزئة)‪،‬تلزم على الوكالء‬
‫العمل مجتمعين‪،‬هنا هم مسؤولين بالتضامن في الوكالة؛‬

‫الحالة الثانية‪ :‬إذا كانت الوكالة قابلة لالنقسام‪،‬و ارتكب الوكالء خطأ مشتركاً‪،‬ترتب عنه ضرر‬
‫للموكل‪،‬كانوا متضامنين في تعويض الموكل عن الضرر الالحق به‪.‬‬

‫‪-3‬موافاة الموكل بالمعلومات الضرورية و تقديم حساب عن الوكالة‪.‬‬

‫حيث أنه و طبقا ً للمادة ‪ 577‬قانون مدني‪،‬يجب أن يوافي الوكيل الموكل بالمعلومات الضرورية‪ ،‬و‬
‫الخطوات التي اتخذها في تنفيذ الوكالة‪ ،‬فمثالً إذا قبض الوكيل دينا ً للموكل وجب إخطاره بذلك‪.‬و يخطره‬
‫بالصعوبات في تنفيذ الوكالة حتى يتلقى تعليمات من الموكل بشأنها‪،‬و هذا كله ناشئ عن التزامه‬
‫باإلعالم‪،‬و األمر يتجاوز ذلك إلى حد نصحه للموكل من خالل توجيه قراراته‪،‬و تحذيره من المخاطر‬
‫المحتملة على نحو يحقق مصالح الموكل‪.‬‬

‫فإذا أتم الوكيل تنفيذ الوكالة قدم حسابا ً مفصالً بجميع ما قام به مدعما ً بمستندات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إلتزامات الموكل‪.‬‬

‫‪-1‬دفع األجرة‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫متى كانت الوكالة مأجورة‪،‬إما باتفاق صريح أو ضمني‪،‬و يتضح ذلك من مهنة الوكيل‪،‬و بالتالي يلتزم بهذه‬
‫األجرة و لو لم ينجح في أداء مهمته (كالمحامي)؛‬

‫‪-2‬التزام الموكل برد المصروفات‪.‬‬

‫نصت عليها المادة ‪ 582‬قانون مدني‪،‬و هي المصروفات التي أنفقها الوكيل من أجل تنفيذ الوكالة‪،‬فإذا‬
‫كان هناك اتفاق على دفع النفقات من أجل التنفيذ كان للوكيل إيقاف تنفيذ الوكالة إلى حين تقاضي‬
‫المصاريف‪،‬أو إلى درجة إمكانية المطالبة بالفسخ‬

‫‪-3‬التزام الموكل بتعويض الوكيل عما أصابه من ضرر‪.‬‬

‫إذ يلتزم الموكل بتعويض الوكيل عن كل ضرر يصيبه نتيجة تنفيذه للوكالة تنفيذا ً عاديا ً‪،‬و نصت عليها‬
‫المادة ‪ 583‬قانون مدني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬آثار الوكالة بالنسبة للغير‪.‬‬

‫في العالقة بين الموكل و الغير أحالت المادة ‪ 585‬إلى المادة ‪ 74‬المتعلقة باألحكام العامة في النيابة‪،‬فإذا‬
‫لم يتجاوز الوكيل حدود وكالته‪،‬قامت العالقة المباشرة بين الموكل و الغير‪،‬تمكن الموكل من الرجوع على‬
‫الغير مباشرة بجميع ما ينشىء في ذمة الغير من التزامات‪،‬كما يحق للغير الرجوع على الموكل‪،‬بحقوقه‬
‫المتولدة عن العقد المبرم مع الوكيل‪.1‬‬

‫أما في عالقة الوكيل بالغير فإنه بالرغم من أن الوكيل يتصرف باسم و لحساب موكله فإنه يعبر عن إرادته‬
‫هو‪،‬طبقا ً للمادة ‪ 73‬قانون مدني‪،‬و يكون العقد قابالً لإلبطال إذا كانت إرادته معيبة و لو كانت إرادة الموكل‬
‫سليمة‪،‬كما أن شخصية الوكيل محل اعتبار عند النظر في أثر العلم ببعض الظروف الخاصة بالعقد (فإذا‬
‫كان مثالً في عقد شراء عقار عيب خفي في العقار نفسه‪،‬ال يجوز الرجوع بالضمان على البائع إذا كان‬
‫الوكيل يعلم بالعيب‪،‬و لو كان الموكل ال يعلم‪،‬و لكن إذا كان الوكيل ال يعلم بالعيب يجب أن يكون الموكل‬
‫أيضا ً غير عالم للرجوع بالضمان‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬انتهاء الوكـــــالة‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬األسباب العامة النتهاء الوكالة‬

‫طبقا ً للمادة ‪ 586‬قانون مدني تنتهي الوكالة بإتمام العمل الذي أُبرمت ألجله‪،‬أو بانتهاء األجل المعين‬
‫كمه لة لتنفيذ العمل محل الوكالة‪،‬فإذا استمر الوكيل بممارسة العمل بعد انتهاء المهلة بعلم الموكل و دون‬
‫معارضته كان التجديد ضمنياً‪،‬و قد يكون األجل غير محدد‪،‬مثالً الوكالة طيلة مدة السفر تنتهي بالرجوع‬
‫من السفر‪،‬كما تنتهي الوكالة أيضا ً الستحالة التنفيذ الراجع للقوة القاهرة أو لحدث مفاجئ‪،‬سواء كانت‬
‫االستحالة مادية أو قانونية‪.‬‬

‫‪- 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪- 1992/06/27‬المجلة القضائية عدد ‪-1992-1‬ص‪":16‬من المقرر قانونا أن النائب إذا أبرم‬
‫في حدود نيابته عقدا باسم األصيل فان ما ي نشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات يضاف إلى األصيل ومن ثم فإن القضاء‬
‫بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون‪".‬‬

‫‪25‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬األسباب الخاصة النتهاء الوكالة‬

‫‪-1‬انتهاء الوكالة بوفاة الوكيل‪ :1‬فإذا تعدد الوكالء‪،‬و توفي أحدهم‪،‬انتهت الوكالة بالنسبة للوكيل‬
‫المتوفي‪،‬إال إذا كانوا يعملون مجتمعين فتنتهي الوكالة بالنسبة لهم جميعاً‪،‬و حينئ ٍذ يلتزم الورثة أن يبادروا‬
‫بإخطار الموكل بالوفاة‪،‬و أن يتخذوا التدابير الالزمة لصالح الموكل (المادة ‪ 589‬فقرة ‪ 2‬قانون مدني)‪.‬‬

‫‪-2‬انتهاء الوكالة بوفاة الموكل‪ :‬حينئ ٍذ ال تنته الوكالة إال بعد علم الوكيل بالوفاة‪،‬فإذا تعاقد مع الغير قبل‬
‫علمه بذلك ا نصرف أثر العقد إلى الورثة‪،‬و حتى بعد علمه فعليه أن يكمل ما بدأه من أعمال حتى ال‬
‫تتعرض األعمال للتلف‪.‬‬

‫‪-3‬انتهاء الوكالة بعزل الوكيل‪ :‬حيث يجوز طبق المادة ‪ 587‬قانون مدني‪،‬للموكل عزل الوكيل‪،‬في أي‬
‫وقت قبل انتهاء العمل محل الوكالة‪،‬و ذلك بإرادته المنفردة‪،‬فتنتهي الوكالة بعد علم الوكيل‪،2‬وينصرف أثر‬
‫التصرف الذي أبرمه الوكيل قبل العلم إلى الموكل تطبيقا ً "للوكالة الظاهرة"‪،‬و هنا يبقى جواز عزل‬
‫الموكل للوكيل من النظام العام‪،‬فإذا اشترط غير ذلك كان الشرط باطالً‪،‬فإذا كانت الوكالة بأجر و تم عزل‬
‫الوكيل في وقت غير مناسب‪،‬التزم الموكل بتعويض الوكيل عما أصابه من ضرر‪.‬‬

‫‪-4‬انتهاء الوكالة بتنحي الوكيل‪ :‬من جانبه يجوز للوكيل التنحي عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل‬
‫على أن يحدث أثره بعد علم الموكل بالتنحي‪،‬و حتى بعد العلم‪،‬يجب أن يصل بأعمال الوكالة إلى حالة ال‬
‫تتعرض معها للتلف‪(،‬المادة ‪ 588‬قانون مدني)‪،‬فإذا كانت الوكالة بأجر و كان التنحي بعذر أو بال عذر‬
‫مقبول كان التنحي صحيح‪،‬و التزم الوكيل بالتعويض عن تعسفه‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪ – 1990/06/27‬المجلة القضائية عدد ‪ 1992-2‬ص ‪ ":31‬من المقرر قانونا أن الوكالة‬
‫تنتهي بموت الموكل أو الوكيل ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون‪" .‬‬

‫‪- 2‬قرار المحكمة العليا‪ -‬الغرفة العقارية بتاريخ ‪-2018/05/17‬مجلة المحكمة العليا عدد‪-2017-2‬ص ‪ ":70‬لئن كان عزل‬
‫الوكيل يؤدي إلى انتهاء الوكالة‪ ،‬فإن عدم ثبوت علم الوكيل بعزله‪ ،‬يجعل تصرفاته القانونية المبرمة بموجب الوكالة‪،‬‬
‫تنصرف إلى األصيل‪ ،‬بقوة القانون‪".‬‬
‫‪26‬‬
27

You might also like