You are on page 1of 21

‫الحفاظ على المبانى التراثية‬

‫للدكتور‪/‬محمود طارق محمد أحمد حماد‬

‫‪-4‬التراث المعماري‬
‫‪ -1-4‬الموروث والتراث‬
‫الموروث ھو كل ﻣا يتركه األجداد ليصل إلى األبناء واألحفاد‪ ،‬ويقترب ﻣعنى التراث في اللغة ﻣن المعنى‬
‫السابق إذ ھو كل ﻣا يخلفه اإلنسان لورثته وأصله ورث أو وارث فأبدلت الواو ﺗاء فالتراث واإلرث والورث ‪.‬‬
‫كلھا ﻣترادفات لمعنى واحد وقد جاء في القرآن الكريم ﻣا يفيد ھذا المعنى وقد ظھر ﻣصطلح التراث الحضاري‬
‫لكي يطلق على ﻣا ورثناه ﻣن األجداد واآلباء في صورة ﻣنجزات ثقافية وحضارية‪ ) ,‬رفعت الجادرجى‪,‬‬
‫‪.(1981‬‬
‫)‪ (Architectural Heritage‬ويندرج التراث المعماري ﺗحت التراث الثقافي وھو يعنى ﻣجموعة المباني‬
‫التي أثبتت قيمتھا وأصالتھا في ﻣواجھة قوى التغيير‪.‬‬
‫)‪ (Heritage Zones‬ويرﺗبط التراث بمصطلح المناطق التراثية وھى المواضع التي ﺗعبر عن ذاكرة المكان‬
‫وﺗحوى الجانب الجمالي والثقافي‪ ،‬وﺗشتمل على أكبر حشد ﻣن المباني ذات القيمة الحضارية أو التاريخية‪.‬‬
‫كما يرﺗبط التراث ارﺗباطا واضحً ا باألصالة إذ أن التراث ھو الذي يكون األصالة واألصالة ﻣشتقة ﻣن أصل‬
‫الشيء وجذوره وھى ﺗعنى الھوية الثقافية التي ﺗميزنا عن اآلخرين ويرﺗبط التراث أيضًا بالمعاصرة والمعاصرة‬
‫ﺗعنى " التفاعل اإليجابي ﻣع الحضارة الراھنة وﻣنجزاﺗھا وﻣعاييرھا العلمية والفكرية والتكنولوجية والفلسفية‬
‫واألخالقية والسياسية‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -2-4‬أھمية التراث المعماري والعمراني‬


‫يلعب التراث دورا ھاﻣا في صياغة ذاكرة األﻣم وعمقھا الحضاري وﺗمايز ثقافتھا المحلية وقد أشار العديد‬
‫ﻣن المعماريين إلى أھميته‪ ،‬فيشير المعماري العراقي رفعت الجادرجي إلى أن التراث ھو الرصيد والمخزون‬
‫المتميز الذي يتميز بالثبات واالستمرارية ﻣعا ويجمع بين القيمة الروحية والجمالية باإلضافة إلى كونه حقيقة‬
‫ﻣادية ﻣلموسة فرضت قبولھا واحتراﻣھا لكونھا ﺗسجيال صادقا لثقافة المجتمع ووحدة ﻣنھجه وﻣالﻣحه اإلنسانية‬
‫والفكرية عبر العصور فھو ﺗعبير عن أسلوب وﻣنھج التعاﻣل ﻣع المحيط وضواغط الماديات خالل فترات‬
‫ﻣتباينة الظروف وبالتالي ھو ضرورة اجتماعية حضارية‪ ،‬والثبات واالستمرارية ھنا ﺗعنى أن الوجود المادي‬
‫المتمثل في العمارة والعمران قد ارﺗقى ﻣن خالل ﻣا يجمع ﻣن ﻣالﻣح وقدرات وإﻣكانات ﺗمكنه ﻣن االستجابة‬
‫الحتياجات األفراد والجماعات وﺗجسد قيمھم ورﻣوزھم إلى أن يصبح ﺗعبيرا ﻣتجددا بالرغم ﻣن ثباﺗه عن‬
‫المجتمع والبيئة بمعنى آخر أن يصبح التراث واقعا وﺗسجيال حيا لثقافة المجتمع وركنا ﻣن أركانھا ‪.‬‬

‫وتكمن أھمية التراث المعماري والمناطق التاريخية في النقاط التالية ‪:‬‬


‫‪ -‬يمثل التراث المعماري والمناطق التاريخية جزءا أساسيا ﻣن ﻣالﻣح المدن والقرى ويعطيھا األصالة والجمال‬
‫بين المدن والمناطق األخرى وﻣا لذلك ﻣن أھمية ﺗاريخية وثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل التراث المعماري والمناطق التاريخية بكل ﻣا فيھا ﻣدرسة ﺗخطيطية و ﻣعمارية يمكن االستلھام ﻣنھا‬
‫لتميز طرزھا المعمارية وكفاءة استغالل الفضاء فيھا وظيفيا وجماليا إضافة إلى حسن ﺗوظيف استعمال ﻣواد‬
‫البناء المحلية‪ ،‬كما ﺗقدم نماذج لالنسجام بين اإلنسان والبيئة المحيطة به‪.‬‬
‫‪ -‬الدور الوظيفي الذي يقدﻣه التراث المعماري والمناطق التاريخية بسبب ﻣواقعھا في المدن والقرى وإﻣكانية‬
‫العمل على ﺗكييف أجزاء كبيرة ﻣنھا لتقديم وظائف جديدة ﺗتناسب ﻣع العصر الحالي‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل التراث المعماري والمناطق التاريخية الحيز الذي يعيش فيه الزﻣن القديم ﻣما يجعل لھذا التراث قيمة‬
‫رﻣزية وروحية عالية باإلضافة إلى القيمة األثرية التاريخية والقيمة التوثيقية العلمية وأحيانا قيمة دينية ﻣما لذلك‬
‫كله ﻣن أھمية كبيرة في نواحي كثيرة ﻣنھا األھمية السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬األھمية السياحية للتراث المعماري النابعة ﻣن أصالته وندرﺗه إضافة إلى ﻣا يتبعھا ﻣن أھمية اقتصادية‬
‫واجتماعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ويعتبر التراث المعماري والعمراني رﻣزا للتطور اإلنساني عبر التاريخ وﺗعبيرا عن القدرات التي وصل‬
‫إليھا اإلنسان في التغلب على ﻣشاكل البيئة المحيطة‪ ،‬وكلمة التراث ﺗعنى الشيء الموروث عبر األجيال وھى‬
‫ﺗعنى األھمية االجتماعية أو الحضارية أو السياسية أو الدينية للشيء المتوارث‪ ،‬والتراث المعماري ﻣرﺗبط‬
‫بتجربة عمرانية قد ﻣر بھا اإلنسان وﺗولدت عن ھذه التجربة ﻣعان وقيم وھوية عمرانية ارﺗبط بھا اإلنسان وقد‬
‫خلصت الدراسات إلى أن التراث العمراني ھو ﺗتابع لتجربة وقيم حضارية واجتماعية ودينية بين األجيال ‪.‬‬
‫وبتحليل ھذه الرؤى نجد أن التراث المعماري والعمراني ﺗعبير صادق عن ثقافة المجتمعات وركن ﻣن أركانھا‪،‬‬
‫كما يمثل ﺗجسيدا لھويتھا وﺗمايزھا وبالتالي فالمحافظة عليه ﺗعنى في واقع األﻣر المحافظة على الھوية والثقافة‬
‫المحلية‪ ،‬كما يمكن إسھاﻣه بصورة إيجابية في حركة البناء والتطور المجتمعي والتنمية لما له ﻣن أبعاد ﻣتجددة‬
‫واستمرارية ناﺗجة ﻣن قدرﺗه على الرد على احتياجات الجماعة ‪.‬‬
‫ﺗجدر اإلشارة أن التراث قد يكون عالمي وذلك حين ﺗصنف اليونسكو ﻣوقع أو ﻣبنى أو ﻣدينة كموقع ﺗراث‬
‫عالمي‪ ،‬أو عندﻣا يرﺗبط بإرث عالمي له قيمة عبر التاريخ ﻣثل سور الصين العظيم وأھراﻣات ﻣصر على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬وقد يكون التراث وطني عندﻣا ﺗحدد ﻣثال الحكوﻣة ﻣوقع أو ﻣبنى بأنه جزء ﻣن ﺗاريخ ھذه الدولة‬
‫وﺗراثھا‪ ،‬وقد يكون التراث إقليمي أو ﻣحلي عندﻣا ﺗحدد بلدية ﻣثال أن ﻣوقع أو ﻣكان له قيمة وﻣعنى للسكان‬
‫المحليين‪ ،‬كذلك قد يكون التراث عائلي أي ﻣرﺗبط بعائلة ﺗوارثته ﻣن جيل إلى جيل وبذلك يكون له‬
‫أھميه وﻣعنى خاص لھذه العائلة‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪(2010 ,‬‬

‫‪-3-4‬األسس النظرية لسياسات التعامل مع التراث العمراني‬


‫بالرغم ﻣن المجال الواسع والمتنوع لسياسات التعاﻣل ﻣع التراث العمراني إال أنه يمكن ﺗأطيرھا‬
‫ﻣن خالل التعرف على ﻣرﺗكزاﺗھا الفكرية‪ ،‬والتي ﺗتحدد في اﺗجاھات ثالث‪:‬‬
‫االتجاه األول ‪:‬ينظر إلى المدينة القديمة بنوع ﻣن الصنمية والتقديس‪ ،‬ويدعو للمحافظة على ﻣعالمھا األثرية‬
‫باعتبارھا شواھد على حضارة كانت‪ ،‬ويرفض أي ﺗغيير أو ﺗحديث ولو في أضيق الحدود‪.‬‬
‫االتجاه الثاني ‪:‬يتبنى نزعة التطور والتقدم‪ ،‬ويرى أن المدينة القديمة ھي جزء ﻣن المدينة المعاصرة ككل‪،‬‬
‫وبالتالي الب ّد أن يطالھا آثار ھذا التطور‪ ،‬ولذلك يجب إفساح المجال أﻣام ﺗطبيق المخططات التنظيمية عليھا‬
‫لدﻣجھا في المجال العمراني واالجتماعي الحديث‪ ،‬حيث إنھا جزء ﻣن الماضي لم يعد يؤدي دوره الوظيفي في‬
‫ضوء التطورات الحالية‪ ،‬بل إنه أيضً ا يُشكل حجر عثرة أﻣام التطورات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ﻣتميزا يجب المحافظة عليه‪ ،‬إنما أيضً ا‬ ‫ً‬ ‫االتجاه الثالث ‪:‬ينظر إلى المدينة القديمة باعتبارھا كيانًا حيًا‪ ،‬وإرثًا ثقافيًا‬
‫عدم إغفال ضرورة ﺗالؤﻣه ﻣع التطورات الحالية‪ ،‬األﻣر الذي يستدعي التعاﻣل ﻣع ھذا الكيان‪ ،‬بكافة أبعاده‬
‫العمرانية والمعمارية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بكثير ﻣن الشفافية‪ ،‬باعتباره ﻣوجود ﻣوضوعيًا‪ ،‬وھو العنصر‬
‫المؤشر األھم على التمايز الحضاري والثقافي بين الشعوب‪.‬‬
‫وعليه فالب ّد ﻣن ﺗنمية ﻣكوناﺗه‪ ،‬والنظر إلى ﻣشاكله بشمولية‪ ،‬ووضع الخطط واالستراﺗيجيات التي ﺗكفل ﺗطوره‬
‫عبر ﻣراعاة ﻣجموعة العالقات المتعددة والمكونات الحضارية المتنوعة‪ ،‬والتي يساھم في نھاية األﻣر في إبرازه‬
‫والمحافظة عليه نابضً ا بالحياة‪.‬‬
‫وھنا الب ّد ﻣن التنويه إلى ارﺗباط االﺗجاھات الثالثة المذكورة‪ ،‬بتطور النظرة إلى التراث بشكل خاص وفكر‬
‫التنمية بشكل عام‪ ،‬وقد جسدت ﻣفاھيمھا وﻣرﺗكزاﺗھا النظرية في الواقع عبر سياسات يمكن حصرھا بما يلي‪:‬‬
‫أ – سياسة الترﻣيم‪ ،‬سياسة الحماية‪ ،‬سياسة الحفاظ وﺗعكس القيمة الرﻣزية والمعنوية للمدينة القديمة‬
‫ب – سياسة اإلزالة واإلحالل‪ ،‬سياسة التجديد الحضري‪ ،‬سياسة إعادة البناء والتعمير‪ ،‬وﺗعكس ھذه السياسات‬
‫القيمة النفعية للمدينة القديمة‪.‬‬
‫ج ‪-‬سياسة إعادة التأھيل واالرﺗقاء‪ ،‬وﺗعكس القيمتين النفعية والمعنوية للمدينة القديمة‪.‬‬
‫طا بزﻣن ﻣحدد‪ ،‬بينما ﺗتعاﻣل‬ ‫ﺗتعاﻣل السياسة األولى ﻣع المدينة القديمة على أنھا ﺗراث ثقافي يُمثل عمرانًا ﻣرﺗب ً‬
‫الثانية ﻣعھا على أنھا جزء ﻣن نسيج المدينة الحديث وثقافتھا المعاصرة‪ ،‬وﺗشتركان في أنھما ﺗعكسان البعد‬
‫الثابت للزﻣن‪ ،‬سوا ًء كان الماضي أو الحاضر وأيضًا في النظر إلى المدينة القديمة على أنھا كيان ﻣادي فقط‪،‬‬
‫فاألولى ﺗجمدھا وﺗحيلھا ﻣتحفً وشاھ ًدا على أحداث ﻣضت‪ ،‬والثانية ﺗكتسحھا بدعوى ﻣجاراة التطور والتقدم‪.‬‬
‫أﻣا السياسة الثالثة فتتعاﻣل ﻣع المدينة القديمة باعتبارھا جز ًءا ﻣن الماضي والحاضر والمستقبل‪ ،‬فھي بھذا‬
‫المعنى ﺗعكس البعد المتغير للزﻣن‪ ،‬والمتمثل في النظر إليھا كإرث ثقافي‪ ،‬إنما أيضًا ال ﺗغفل أھمية العمل على‬
‫ﺗالؤم ﻣكوناﺗھا ﻣع المستجدات والتطورات الحالية‪ .‬لقد أثبتت التجارب العديدة في ﻣسألة الحفاظ على التراث‬
‫العمراني‪ ،‬أنه ال يمكن االكتفاء فقط بالمحافظة على ﻣجموعة ﻣن المباني األثرية‪ ،‬بل أيضً ا يجب أن ﺗتعداھا إلى‬
‫ضرورة االرﺗقاء بالبنية الھيكلية للمدينة القديمة ككل‪ ،‬كذلك ال يمكن االكتفاء بحل ﻣشكلة بعينھا‪ ،‬بل أيضً ا الب ّد‬
‫ﻣن النظر إليھا ﻣن خالل انعكاساﺗھا وﺗأثيراﺗھا المتبادلة ﻣع المشاكل األخرى التي ﺗعاني ﻣنھا المدينة القديمة‪،‬‬
‫فجدوى عمليات الحفاظ على التراث العمراني ال يمكن أن يكون ﻣقتصرً ا على ﺗرﻣيم ھنا وشق شارع ھناك‪ ،‬بل‬

‫‪2‬‬
‫في إحداث ﺗغير إيجابي في ﺗناول الموضوع ضمن إطار عملية ﺗنطوي على إعادة التأھيل واإلحياء‪ ،‬وﺗخطي‬
‫الرؤية المحدودة في ﺗناول األبنية والفراغات العمرانية بمعزل عن ﻣحيطھا العمراني واالجتماعي‪.‬‬

‫‪-4-4‬األخطار التي تھدد التراث الطبيعي والمعماري‬


‫أوال ‪:‬األضرار التي تسببھا الطبيعة ومن بين تلك األضرار‬
‫أ‪ -‬الزالزل والصواعق‪:‬‬
‫ال يمكن لإلنسان التنبؤ بحدوث الزالزل كيف وﻣتى إال قبل وقت قصير ﻣن حدوثھا وذلك لدرء أخطارھا‪،‬‬
‫وﺗسبب الزالزل أضرارًا بالغة للمباني التاريخية واألثرية ﻣثل الخلخلة والتشقق وأحيانًا االنھيار وغيرھا ﻣن‬
‫األخطار وﺗتناسب ھذه العملية ﻣع شدة الزالزل وﻣدﺗھا ‪.‬أﻣا في حالة الصواعق فأﻣكن عن طريق ﺗركيب ﻣانعات‬
‫الصواعق درء أخطارھا وفي ھذه الحالة الب ّد ﻣن دراسة المبنى التاريخي ودراسة ﺗوزيع ﺗركيب ﻣانعات‬
‫الصواعق وإجراء فحص دوري لھا رغبة في إبقائھا جاھزة الفعالية‪.‬‬
‫ب‪ -‬األﻣطار والسيول‪:‬‬
‫وﻣن المخاطر الطبيعية التي ﺗتعرض لھا المواقع األثرية والمعالم التاريخية ھطول األﻣطار بغزارة ولمدة طويلة‬
‫أحيانًا ﻣما يسبب انجراف التربة التي ﺗقوم فوقھا المخلفات الحضارية أو زيادة نسبة الرطوبة النسبية فيھا‬
‫‪ Relative humidity‬التي ﺗلحق أضرارًا كبيرة إضافة إلى ارﺗفاع ﻣنسوب المياه الجوفية أو ارﺗفاع ﻣنسوب‬
‫ﻣياه البحار خاصًة في الجزر أو المدن الواقعة على شاطئ البحر أو على شاطئ األنھار الكبيرة‪ ،‬أﻣا السيول‬
‫فتتسبب بانجراف التربة وﺗخلخلھا‪.‬‬
‫ج ‪ -‬العواﻣل الجوية‪:‬‬
‫وﺗظھر ھذه العواﻣل في التقلبات الطقسية كارﺗفاع درجات الحرارة أو انخفاضھا وشدة الرياح التي ﺗسبب النحت‬
‫الذي ألحق أضرارًا كثيرة بالمعالم التاريخية واألثرية وبالمخلفات الفنية‪.‬‬

‫ثانيًا ‪:‬األضرار الناتجة عن سلوك اإلنسان‬


‫قد يتسبب اإلنسان عن قصد أو غير قصد في إشعال النيران في المساكن الخاصة والعاﻣة وﺗتطور ﺗلك‬ ‫أ‪-‬‬
‫النيران لتأكل األخضر واليابس فتسبب حرق السقوف الخشبية الملونة الجميلة والتي قد ﺗحمل زخارف نادرة‪،‬‬
‫وﺗسبب إلحاق الضرر بالحجارة التي ﺗضعف ﻣقاوﻣتھا بعد الحريق‪ ،‬ولدينا كثير ﻣن األﻣثلة في الوطن العربي‬
‫التي ﺗسببت فيه الحرائق بتدﻣير كثير ﻣن المباني التاريخية واألعمال الفنية سواء كان ذلك في القصور أو‬
‫المساجد أو المدارس كحريق المسجد األقصى المتع ّمد وحريق المسجد األﻣوي في أواخر العھد العثماني‪.‬‬
‫أعمال الھدم والتخريب ‪:‬يُشجع ضعف المراقبة أحيانًا كثيرً ا ﻣن المؤسسات أو األفراد على القيام‬ ‫ب‪-‬‬
‫بأعمال ﺗؤدي إلى ھدم المباني التاريخية رغبة في ﺗجديدھا أو إزالتھا لتقيم ﻣكانھا بنا ًء جديدًا نتيجة للجھل بالقيمة‬
‫التاريخية للبناء أو عن عمد في بعض األحيان ‪.‬وقد يلجأ بعض ﻣتصيدي التحف واآلثار الطاﻣعين في الكسب‬
‫المادي غير المشروع إلى ھدم المباني التاريخية وأخذ عناصرھا الزخرفية التاريخية أو أحد األعمدة أو التيجان‬
‫أو المخلفات األخرى قصد بيعھا لھواة اقتناء اآلثار‪ ،‬وھناك خطر ﻣنظم ناﺗج عن حركة النمو والتطور في‬
‫ﻣشاريع ﺗنظيم المدن والقرى وإقاﻣة المشاريع اإلنشائية الكبيرة كالسدود والسكك الحديدية وشق الطرق وﻣد‬
‫أنابيب النفط والغاز وإنشاء المطارات والموانئ البحرية‪ ،‬ويدخل في ھذا السياق الترﻣيم العشوائي أو الترﻣيم‬
‫الذي يقوم به أناس قليلو الخبرة والمھارة أو الذين ال يسترشدون برأي األخصائيين والمھرة في الترﻣيم‪ )،‬ايزيس‬
‫ﻣحى الدين‪. (2010 .‬‬

‫‪ -5-4‬كيف تكون حماية المباني األثرية والتراثية‬


‫الب ّد ﻣن اﺗخاذ ع ّدة إجراءات لحماية المباني األثرية حتى ﺗكون بمأﻣن عن التخريب والتھديم و أولى ھذه‬
‫اإلجراءات ھي‪ ) :‬عطية‪ .،‬أحمد إبراھيم‪.(2003 ,‬‬
‫إجراء ﻣسح أثري أو ﺗراثي للمنطقة المراد حمايتھا للتعرف على أھمية المباني األثرية والتراثية‬ ‫‪-1‬‬
‫التاريخية والفنية واألثرية وعمل ﻣخططات أولية لھا وﺗوثيقھا وﺗصويرھا‪.‬‬
‫إعداد قوائم بالمباني األثرية أو التراثية المراد حمايتھا ﺗوطئه إلصدار قرارات ﻣن السلطة التي ھي‬ ‫‪-2‬‬
‫سلطة إصدار القرارات وبذلك ﺗكون المباني األثرية أو التراثية قد أصبحت ﺗحت ﻣظلة الحماية القانونية التي‬
‫ﺗشملھا الحماية القانونية أي يمكن ﺗطبيق العقوبات التي ﺗنص عليھا القوانين الوضعية‪.‬‬
‫المراقبة المكثفة ‪:‬قد ال ﺗكون الدراسات والتشريعات التي أﺗينا على ذكرھا كافية لحماية المباني‬ ‫‪-3‬‬
‫التاريخية‪ ،‬فكم ﻣن بناء أثري ُﻣسجّ ل ھدﻣه أصحابه ليقيموا بنا ًء حديثًا ﻣكانه ﺗوخيًا لكسب ﻣادي لھم أو أقاﻣوا‬
‫ﻣنشأة حديثة أو أجروا ﺗعديالت أو إصالحات ﺗسيء إلى أصالته وقيمته التاريخية والمعمارية والفنية‪ ،‬كأن‬
‫يُستخدم المبنى األثري استخدا ًﻣا سيئًا يلحق الضرر به‪ ،‬وأحيانًا يُھدم البناء األثري وﺗؤخذ حجارﺗه لالستفادة ﻣنھا‬

‫‪3‬‬
‫في إقاﻣة ﻣبنى حكوﻣي أو خاص أو ﺗسرق عناصره الفنية المعمارية والزخرفية لالﺗجار بھا وﺗھريبھا إلى‬
‫الخارج واألﻣر ھنا يحتاج إلى ردع‪.‬‬
‫التوعية ‪:‬وﺗتلخص بتعريف المواطن على أھمية اآلثار الثقافية واالقتصادية له ولغيره وانتھاز الفرص‬ ‫‪-4‬‬
‫إلثارة اھتماﻣه بالتراث الحضاري وإشعاره بالمسؤولية‪.‬‬
‫إشراك المواطنين في ﺗحمل ﻣسؤولية حماية التراث الحضاري األثري والتراثي إلشعارھم بالمسؤولية‬ ‫‪-5‬‬
‫وذلك بإدخالھم وﻣشاركتھم في اللجان والمؤسسات الحكوﻣية واألھلية الراعية لذلك األﻣر وﻣن الضروري‬
‫إحداث ﻣؤسسات حكوﻣية أو أھلية لتساعد على ﺗوعية المواطنين وشاغلي األبنية األثرية والتراثية واالﺗصال‬
‫بالجھات الفاعلة في ھذا المجال كالمجالس المحلية وسلطات الحكم المحلي أو سلطات الحكم المركزي‬
‫كالوزارات المختلفة وﻣجلس النواب وشرح أبعاد قضية التراث وفائدﺗھا للشعب والھوية وبالتالي ﻣطالبتھا‬
‫بتخصيص األﻣوال الالزﻣة لصيانة ﺗلك المباني وﺗرشيد استخداﻣاﺗھا وإصدار التشريعات الناظمة لذلك‪.‬‬

‫‪-6-4‬صيانة وترميم المدن التاريخية واالرتقاء بھا )المراكز التاريخية (‬


‫في ﻣطلع االھتمام بالتراث الثقافي كان االھتمام ﻣنصبًا على المباني بصورة فردية دون النظر إلى المحيط‬
‫وﻣا يحتاج ﻣن صيانة أو ﺗرﻣيم‪ ،‬وﺗطور األﻣر إلى االھتمام باألحياء التاريخية أو المراكز التاريخية بالمدن‬
‫وﺗحوّ ل األﻣر لالھتمام بالمباني وﻣحيطھا وبالتالي المحافظة على البيئة التاريخية للحي وعلى النسيج العمراني‬
‫التي يتكون ﻣنه الحي التاريخي أو المركز التاريخي‪ ،‬وعليه أصبحت عملية الصيانة أكثر شموال وﺗعقيدًا حيث‬
‫أصبح األﻣر يشمل التاريخ واآلثار والفن واالقتصاد واالجتماع والطرق وﺗمديدات المياه والھاﺗف والمجاري‬
‫والسكان‪ ،‬ألن الغرض ﻣن الصيانة في المدينة القديمة يرﻣي إلى المحافظة على المدينة بسكانھا وﻣساكنھا‬
‫واقتصادياﺗھا وعلى ﺗقديم الخدﻣات لھم أي أننا نھدف إلى حماية وصيانة كل ﻣا يساعد على أن ﺗبقى المدينة حية‬
‫ﺗنبض بالحركة والخلق واإلبداع‪ ،‬ولضمان استمرار ھذه الحياة البد ﻣن ربط األحياء التاريخية بالمدينة الحديثة‬
‫حتى ﺗستمر الحياة إضافة إلى المحافظة على ﻣكوناﺗھا والسھر على ﺗرﻣيمھا وﺗوظيف ﻣا يمكن ﺗوظيفه‪.‬‬
‫وال ﺗزال ﺗوجد كثير ﻣن المدن التاريخية أو األحياء التاريخية بالمدن ﺗؤدي وظيفتھا على وجه حسن وقد يعود‬
‫بعضھا إلى عصور سابقة لدخول اإلسالم إليھا‪ ،‬وبعد دخول اإلسالم حافظ المسلمون عليھا ألنھم ﻣع الحضارة‬
‫وﻣع حركة التاريخ وساعدوا ﺗلك المدن على ﺗرﺗيب نفسھا لتلبي المطالب المستج ّدة ﻣع دخول اإلسالم إليھا‪،‬‬
‫فھناك ﻣدن كدﻣشق وحلب وفاس والموصل والقدس وغيرھا ال ﺗزال حية وﺗلبي ﻣطالب وحاجات سكانھا بكفاءة‬
‫ظلت ﻣھملة فترة طويلة ﻣن الزﻣن بسبب الفقر والجھل واالستعمار وعواﻣل أخرى كثيرة‪ ،‬لكن‬ ‫واقتدار ﻣع أنھا ّ‬
‫ً‬
‫بعد أن ﺗحسن الوضع االقتصادي لبعض البالد العربيّة وأخذت البالد حريتھا قسطا وافرًا ﻣن العلم والثقافة ﺗبيّن‬
‫لھا أھمية الحفاظ على ﺗلك المدن التي ﺗدل على ثقافة وحضارة الساكنين وبالتالي شعر الناس بضرورة حماية‬
‫ﺗلك المدن وصيانتھا وﺗرﻣيمھا‪) ,‬شاھين‪ ،‬عبد المعز‪.(1994 ,‬‬
‫وﺗتباين ﻣواقف الناس ﻣن المدن التاريخية‪ ،‬خاصة المثقفون ﻣنھم‪ ،‬فمنھم ﻣن يرى أنھا عبء عليھم وعلى‬
‫حياﺗھم وعلى التاريخ وأنھا رﻣز التخلف لذلك سعوا بشتى الطرق في ﻣرحلة ﻣن المراحل للتخلص ﻣنھا فبدأت‬
‫ﺗتعرض ﺗلك المدن التاريخية إلى خطر الزوال أﻣام التوسع العمراني والمعماري الحديث خاصة أﻣام حضارة‬
‫اإلسمنت األسود المسّلح‪ ،‬وأخذت ﻣشاريع التنظيم الحديثة ﺗزيل كل قديم لتحل ﻣحله الجديد‪ ،‬ويساعد ھذا العمل‬
‫دون شك على خلخلة وإرباك حياة الناس وانقطاع الصلة بين الماضي والحاضر في المدن العربية‪ ،‬وفي المقابل‬
‫يوجد طرف ثان يعتبر الحاضر اﻣتدادًا للماضي وإن ﺗخريب الماضي يؤدي بالضرورة إلى ﺗخريب الحاضر‬
‫والمستقبل ويولد ثقافة ھجينة وحضارة وليدة ﻣشوّ ھة ال ﺗرقى إلى ﺗحديات العصر وﻣشكالﺗه المعقدة‪ ،‬وأخذ ھذا‬
‫وﻣخلفاﺗه في المدن التاريخية على الصعيدين المحّ لي‬ ‫ّ‬ ‫الطرف يبذل جھودًا ﻣكثفة للحفاظ على ﺗراث الماضي‬
‫والدولي‪ ،‬كما عقدت المؤﺗمرات والندوات العلمية التي وضعت قواعد وضوابط وﻣناھج لصيانة وحفظ التراث‬
‫الوطني وأقرّت بالتالي ضرورة صيانة المدن التاريخية وﺗرﻣيمھا دون المساس بقيمتھا التاريخية والفنية‪ ،‬كما‬
‫أثرت في الوقت نفسه إقاﻣة المراكز التدريبية لتوفير خبراء وعمال ﻣھرة للعمل في صيانة وﺗرﻣيم ﻣا يحتاج إلى‬
‫صيانة وﺗرﻣيم ﻣن ﻣكونات المراكز التاريخية‪.‬‬
‫وللتدليل على األھمية التي نالتھا المدن التاريخية أو األحياء القديمة في العالم‪ ،‬بعد أن ﺗھدم الكثير ﻣنھا إبّان‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬خاصة في أوروبا الشرقية‪ ،‬بذلت جھود كبيرة إلعادة بناء المراكز التاريخية التي‬
‫انتھازا لفرصة ﺗدﻣيرھا وإقاﻣة ﻣدن حديثة ﻣكانھا قاوم‬ ‫ً‬ ‫دﻣرت ﻣثل وارسو وبراغ وغيرھا‪ ،‬فبدال ﻣن إزالتھا‬
‫المسئولون ذلك بعناد وإصرار على إعادة بناء المراكز التاريخية إلى حالتھا التي كانت عليھا قبل الحرب‪ .‬وفي‬
‫العالم العربي وضعت خطط وﻣشاريع حديثة لالھتمام بالمدن التاريخية ﻣثل‪:‬‬
‫ﻣدن دﻣشق وحلب وفاس والقاھرة والقدس وبغداد وصنعاء وغيرھا‪ ،‬والشك أن المخططات والدراسات واجھت‬
‫ﻣعارضة شرسة ﺗعبر عن الصراع بين دعاة المحافظة على القديم ودعاة التخلص ﻣنه وبسبب ذلك الصراع‬
‫فقدت المدن كثيرً ا ﻣن ﻣبانيھا التاريخية ونسيجھا العمراني‪ ) ,‬ايزيس ﻣحى الدين‪.(2010 .‬‬

‫‪4‬‬
‫‪-7-4‬المواثيق والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالحفاظ على التراث الثقافي‬
‫ﺗم بعد الحرب العالمية الثانية عقد عدد ﻣن المؤﺗمرات الدولية التي صدر عنھا ﻣا عرف بالمواثيق الدولية‬
‫الخاصة بالحفاظ على التراث الثقافي‪ ،‬وھذه المؤﺗمرات والمواثيق ﺗشمل التالية‪.‬‬
‫المؤﺗمر الخاﻣس لتاريخ العمارة – بيروجيا ‪-‬إيطاليا‪ ،‬عام‪1948‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ﻣؤﺗمر ﻣيالنو ‪-‬إيطاليا‪ ،‬عام‪1957‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ﻣيثاق البندقية‪ ،‬عام‪(The Character of Venice ) 1964e‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االﺗفاقية الدولية لحماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي‪ ،‬باريس عام ‪1972‬‬ ‫‪-3‬‬
‫إعالن أﻣستردام‪ ،‬عام‪1975‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وثيقة الحفاظ على الحدائق التاريخية‪ ،‬فلورنسا – إيطاليا‪ ،‬عام‪1981‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ﻣيثاق بورا‪ ،‬عام ‪(The Burra Charter ) 1981‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وثيقة أبيلتون‪ ،‬كندا‪ ،‬عام ‪The Appleton Charter for the Protection and1983‬‬ ‫‪-7‬‬
‫‪.(of the Built Environment Enhancement‬‬
‫ﻣيثاق واشنطن للحفاظ على المدن والمناطق التاريخية عام‪1987‬‬ ‫‪-8‬‬
‫‪.(Urban Areas Charter for the Conservation of Historic Towns and‬صدر ھذا الميثاق عن‬
‫المجلس الدولي لآلثار والمواقع )‪ (ICOMOS‬واﺗفق ﻣع جميع ﻣفاھيم الحفاظ في المواثيق السابقة‪ ،‬وأكد على‬
‫ضرورة التسجيل الدقيق قبل إجراء الحفاظ‪ ،‬كما أضاف إلى ﺗدابير الحفاظ‪ ،‬ﻣخاطر سير المركبات داخل المدن‬
‫والمناطق التاريخية وعمل االحتياط الالزﻣة للحماية ﻣن الكوارث الطبيعية ﻣثل الزالزل والبراكين والفيضانات‬
‫وغيرھا‪.‬‬
‫وثيقة الحفاظ على األﻣاكن ذات التميز و القيمة الحضارية‪ ،‬أستراليا‪1988،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫وثيقة الحماية و الحفاظ على اآلثار و التراث‪ ،‬لوزان – سويسرا‪1989،‬‬ ‫‪-10‬‬

‫الميثاق الدولي إلدارة التراث األثري‪،‬عام‪International Charter for) 1990‬‬ ‫‪-11‬‬


‫‪(Archeological Heritage Management‬‬
‫ﻣيثاق نيوزيلندا‪ ،‬عام‪(Places New Zeland Charter for the Conservation of ) 1992‬‬ ‫‪-12‬‬
‫‪of Cultural Heritage Value‬‬
‫ﻣيثاق نارا لألصالة‪ ،‬اليابان‪1994‬‬ ‫‪-13‬‬
‫وثيقة الحفاظ على المباني و المواقع التاريخية‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬عام‪1995‬‬ ‫‪-14‬‬
‫وثيقة دبي للحفاظ و الصيانة على المباني والمناطق التاريخية‪ ،‬عام‪2004‬‬ ‫‪-15‬‬
‫)‪Conservation and preservation of Historical Buildings and Sites‬‬

‫‪ -1‬الحفاظ على التراث المعماري‬


‫‪ -1-5‬مفھوم الحفاظ على التراث ‪Preservation‬‬
‫الحفاظ على التراث ھو العمل الذي يتخذ لصيانة و ﻣنع ﺗلف أو ﺗالشي جزء أو كل عناصر المبنى ذات‬
‫القيمة و التأثير في المجموع سواء ﻣن الناحية التاريخية‪ ،‬الفنية أو األثرية و يشمل المفھوم كافة األساليب التي‬
‫ﺗتيح صيانة و إطالة أﻣد حياة ھذه األعمال و استمرارھا ھذا المفھوم ليس وليد العصر الحديث و لكنه ﻣوجود ﻣنذ‬
‫القدم ‪.‬ﺗحت ﻣظلة ھذا المفھوم ﺗوجد ﻣستويات و درجات ﺗشكل ﻣنظوﻣة ﻣتكاﻣلة بأساليب التعاﻣل و المعالجة‬
‫للمبنى ذو القيمة ﺗحتوي على اثنتي و ثالثين إجراء بداية ﻣن اإلصالح والترﻣيم‪... ،‬إلى إعادة التوظيف و‬
‫التأھيل‪.. ،‬و ﺗنتھي بإعادة البناء ‪.‬يعتبر الحفاظ على التراث ﻣن الجراحات المتشابكة والمتكاﻣلة وھي ﻣحصلة‬
‫ﺗكاﺗف ﻣن الجھات المسئولة‪ ،‬المعماريين والمجتمع وﺗعمل في ظل التشريعات الخاصة بالدولة والمواثيق الدولية‬
‫للحفاظ على التراث‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -2-5‬أھمية الحفاظ ودوره‬


‫ﺗعتبر أعمال الصيانة والحفاظ والترﻣيم أحد أھم المداخل إلصالح المباني واالرﺗقاء بھا وﻣا يطرأ عليھا ﻣن‬
‫خلل أو عيب نتيجة العواﻣل الطبيعية عوضً ا عن إعادة بنائھا‪ ،‬إن عمليات الحفاظ المختلفة ﺗؤثر بصورة أو‬
‫بأخرى على عمارة وعمران المدينة حيث ﺗعتبر وسيلة اإلصالح التي ﺗعيد المباني والثروات العمرانية ذات‬
‫القيمة إلى أصلھا‪ ،‬ھذا ألن أعمال الحفاظ والترﻣيم ﺗكون قادرة بصورة كبيرة على إعادة المبنى صالح لالستخدام‬
‫بقدر اإلﻣكان والحصول على أفضل النتائج ﻣن ﺗلك العملية‪.‬‬
‫لقد ظلت أعمال الصيانة والترﻣيم ﻣھملة لفترة طويلة حتى القت العناية ﻣن المشتغلين بصناعة البناء والمھتمين‬
‫باآلثار‪ ،‬ﻣع ﺗناﻣي الوعي بأھمية النطاق األثري والمخزون التراثي الموروث ﻣن الحقب السابقة‪ ،‬وھو ﻣا أوجد‬
‫قدر كبير ﻣن المباني ذات القيمة التي ﺗتطلب عمليات ﺗدخل على ﻣختلف المستويات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -3-5‬األھداف المنشودة من الحفاظ‬
‫يعتبر التراث المعماري ثروة حضارية ﺗھتم بھا الشعوب واألﻣم على اختالفھا ألنھا ﺗجد فيھا ھويتھا‬
‫وأصالتھا فتسعى إلى العناية بھا وحمايتھا وﺗعمل على إكمال ﻣسيرة ﺗطورھا فالعمارة ﺗاريخا وﺗواصال‪ ،‬وﻣن‬
‫المھم إدراك ذلك ونحن ندعو إلى الحفاظ على التراث المعماري والعمراني‪ ،‬أي عدم الجمود والتقوقع أﻣام ھذا‬
‫الموروث بل ﻣحاولة االستفادة ﻣن إسھاﻣات اآلخرين‪ ،‬وﻣن األفكار واآلراء التي كانت سائدة بما يخدم عصرنا‬
‫ويعظم ﻣن ﻣنجزات عمارﺗنا الموروثة لتكون خالدة بنتاجھا وبتطور أفكارھا‪ ) ,‬عالء الدين ﻣحمد‪.(1985 ,‬‬
‫فيما يلي عدد من أھداف الحفاظ ‪:‬‬
‫إعادة أو حماية الشخصية البصرية ‪:‬إضافة إلى حماية الجانب المادي أو المبني في ﻣشاريع الحفاظ‬ ‫‪-1‬‬
‫يجب حماية وإعادة الشخصية البصرية التي ﺗميز المكان عن غيره‪ ،‬أي يجب التحكم بلوحات اإلعالنات وكوابل‬
‫الكھرباء والھاﺗف ولواقط ﻣحطات التلفزة باإلضافة إلى العناية بطرق اإلضاءة‪ ،‬وغير ذلك ﻣن األﻣور التي‬
‫ﺗحافظ على االنطباع الحقيقي للمكان‪.‬‬
‫التكييف إلعادة االستخدام ‪:‬إعادة استخدام المباني أو المجاورات التاريخية ھي ﻣسالة حساسة‬ ‫‪-2‬‬
‫اقتصاديا‪ ،‬ولكنھا سياسة فعّالة لحماية الموروث المعماري‪ ،‬ﻣثل ھذا األﻣر يميز بين الحفاظ كعمل ﻣثالي وبين‬
‫إطالة العمر استخدام المبنى ﻣن حيث االحتفاظ بشواھد حية ﻣقابل آثار ﻣحتجزة‪ ،‬باإلضافة أيضا أن إعادة‬
‫االستخدام ﺗعمل على إطالة عمر المبنى حيث أن وجود سكان أو أشخاص فيه يقوﻣون بأعمال الصيانة‬
‫باستمرار‪ ،‬إعادة االستخدام ھذه يجب أن ﺗراعي عدد ﻣن األﻣور ﻣنھا‪:‬‬
‫‪-‬األولوية ﺗعطى إلعادة الوظيفة األصلية للمبنى‪ ،‬وأي استخدام آخر يطرح يجب أن يدرس ﺗأثيره‪.‬‬
‫‪-‬أي ﺗغيرات على النسيج األصلي يجب أن ﺗسبق وﺗتبع بتوثيق شاﻣل‪ ،‬وھذه التغيرات يجب أن ﺗتالءم ﻣع المواد‬
‫والمحتوى األصلي‪.‬‬
‫‪-‬يجب إعالم المجتمع المحلي بھذه التغيرات وأسباب طرحھا والفوائد المجنيه ﻣن خاللھا‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام المواد المحلية والتقنيات التقليدية ‪:‬يجب بشكل أساسي ﺗفضيل استخدام المواد المحلية والتقنيات‬
‫التقليدية‪ ،‬البدائل الحديثة ﺗستخدم للضرورة وعندﻣا ﺗثبت حكمتھا وفاعليتھا وعدم ﺗأثيرھا على ﺗكاﻣل المبنى‬
‫التقليدي‪.‬‬
‫‪ -3‬الحفاظ المتكاﻣل ‪:‬بمعنى أن الحفاظ على الموروث المعماري والعمراني يجب أن يتكاﻣل ﻣع طموحات‬
‫المجتمع االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬أي أن الحفاظ الموجه للتنمية ھو اإلستراﺗيجية المفضلة للنمو االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬االستداﻣة ‪:‬أي أن الھدف ﻣن الحفاظ يجب أن يكون بھدف ﺗحقيق االستداﻣة للمبنى والمھارات التقليدية‬
‫أيضا‪،‬وھذه االستمرارية ﻣتطورة ﻣع الزﻣن واختبار ذلك يكون بمساھمتھا االيجابية لنوعية الحياة للمجتمع‬
‫المحلي‪.‬‬

‫‪ -4-5‬المشاكل الرئيسة التي تواجه الحفاظ على التراث العمراني‬


‫يواجه الحفاظ المعماري ﻣجموعة ﻣن المشاكل يمكن إيعاز أسبابھا إلى التطور االجتماعي واالقتصادي‬
‫وغياب الوعي بأھمية التراث العمراني وعدم وجود التمويل الالزم لتحقيق الحفاظ وغياب الحماية القانونية‬
‫وغياب ﻣشاركة المجتمع المحلي والقطاع الخاص‪ ،‬وعدم وضع آليات ﻣالئمة ﺗساھم في زيادة ﻣشاركة المجتمع‬
‫المحلي والقطاع الخاص في عملية الحفاظ‪.‬‬
‫يمكن إجمال المشاكل التي ﺗواجه األبنية التراثية المشكلة للتراث العمراني بما يلي‪:‬‬
‫ھدم العديد ﻣن األبنية التراثية لمصلحة التطوير واالستثمار االقتصادي والتخطيط الحضري وبالتالي‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺗفكيك النسيج الحضري الممثل لثقافة األﻣة وحضارﺗھا‪.‬‬
‫عدم وجود حصر للمباني التراثية في العديد ﻣن الدول وخاصة الدول العربية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫غياب الوعي بأھمية ھذا التراث‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الترﻣيم العشوائي غير المدروس لألبنية ﻣن قبل أصحابھا أو المستثمرين لعدم وجود قواعد أساسية‬ ‫‪-4‬‬
‫للترﻣيم‪) ,‬شاھين‪ ،‬عبد المعز‪.(1994 ,‬‬

‫‪ -5-5‬التحديات الرئيسة التي تواجه التراث المعماري‬


‫عدم وجود التراث في ﻣكان ﻣرﻣوق‪ ،‬على األجندة الوطنية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫عدم ﺗوافر إطار قانوني ﻣالئم لحمايته‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫عدم وضوح األطر واالختصاصات ‪ ،‬فيما بين المؤسسات العاﻣلة في ھذا المجال ويشمل ذلك‬ ‫‪-3‬‬
‫المؤسسات الحكوﻣية‪ ،‬وﻣؤسسات القطاع الخاص‪ ،‬وﻣنظمات المجتمع المدني‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫التوسع الحضري غير ا لمخطط‪ ،‬أو غير المسيطر عليه‪ ،‬الذي يؤدي إلى ﺗدﻣير المراكز والمباني‬ ‫‪-4‬‬
‫التاريخية وﻣواقع وﻣعالم ﺗراث ثقافي أخرى‪.‬‬
‫التخريب والنھب المستمران للمواقع والمعالم الثرية‪ ،‬وللمراكز والمباني التاريخية كذلك‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ﺗدنى الوعي االجتماعي والثقافي ألھمية وقيمة التراث الثقافي كمصدر للتنمية‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫إرشادات ﻣحدودة لالستثمار في ھذا المجال‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ﺗنفيذ جائر للمشاريع‪ ،‬بسبب حقوق الملكية العائلية المعقدة‪ ،‬وﻣا يتصل بھا ﻣن ﻣسائل ﻣالية‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫االفتقار إلى المصادر البشرية‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫االفتقار إلى المصادر المالية المناسبة‪.‬‬ ‫‪-10‬‬

‫‪ -6-5‬مستويات الحفاظ على التراث العمراني‬


‫ﺗتعدد ﻣستويات الحفاظ على التراث العمراني ﺗبعا لحجم ونوع التراث وأھميته‪ ،‬ويمكن ﺗصنيفھا كما يلي‪:‬‬
‫الحفاظ على العناصر التراثية ‪:‬وھو عادة ﻣا يتم ﻣن خالل المتاحف للحفاظ على القطع والعناصر‬ ‫‪-1‬‬
‫األثرية بعد ﺗرﻣيمھا وﻣعالجتھا بأسلوب علمي يضمن بقائھا و سالﻣتھا‪.‬‬
‫الحفاظ على المبنى الواحد ‪:‬ﻣثل عمليات الترﻣيم و التجديد للمباني التراثية و ﺗحويلھا إلى ﻣتاحف أو‬ ‫‪-2‬‬
‫ﻣزارات سياحية‪.‬‬
‫الحفاظ على ﻣجموعة ﻣن المباني ‪:‬في حالة وجود ﻣجموعة ﻣن المباني التراثية المتجاورة يتم الحفاظ‬ ‫‪-3‬‬
‫عليھا كمجموعة وﺗظھر القيمة التراثية للمجموعة أھمية كل واحدة‪.‬‬
‫الحفاظ على ﻣمر ﺗراثي ‪:‬في حالة وجود ﻣجموعات ﻣن المباني التراثية ﺗمثل اﺗصال بين ﻣنطقة و‬ ‫‪-4‬‬
‫أخرى على جانبي ﻣمر أو طريق‪.‬‬
‫الحفاظ على ﻣنطقة ﺗراثية كاﻣلة ‪:‬ويشمل ذلك المباني والممرات التراثية‪ ،‬وقد استخدﻣت الدول وسائل‬ ‫‪-5‬‬
‫واليات ﺗنفيذ ﺗشريعات الحماية ﻣن خالل ﻣخططات وأنظمة حيث اﺗبعت الدول أساليب ﺗسلسلت في ﺗدابيرھا‬
‫التنظيمية والفنية لضمان ﺗنفيذ المخططات‪.‬‬
‫الحفاظ على المستوى اإلقليمي ويتم التخطيط له على ﻣستوى اإلقليم ويضم ﻣستويات الحفاظ السابقة‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وقد استخدﻣت الدول المتطورة في ﻣجال حماية التراث وﻣنھا الدول األوروبية أساليب ﺗنظيم عمليات الحماية‬
‫ﻣن خالل ﺗحديد المستويات والمسؤوليات والصالحيات فظھر المستوى الوطني والذي جاء ﻣن خالل القوانين‬
‫والتشريعات العاﻣة ليعزز ﻣفھوم الحماية ويتحكم بمسارھا ويوجه أساليبھا‪.‬‬
‫الحفاظ على المستوى الدولي ‪:‬و يتضمن الحفاظ على نماذج ﻣن التراث العمراني كمثال على التطور‬ ‫‪-7‬‬
‫اإلنساني عاﻣة و عادة ﻣا ﺗشارك فيه الھيئات العالمية ﻣثل اليونسكو‪ ،‬وقد بدأت اليونسكو في ﻣنتصف القرن‬
‫العشرين بتجديد الحماية على المستوى الدولي وذلك باعتبار التراث المعماري للدول ھو ﺗراث عالمي وليس‬
‫حكرا على احد وقد صيغت المفاھيم العاﻣة لحماية التراث وعقدت المؤﺗمرات ووضعت االﺗفاقيات والتوصيات‪.‬‬

‫‪ -7-5‬مراحل وآليات عملية الحفاظ‬


‫خطوات الحفاظ على المباني والمناطق التاريخية‪ ) :‬أﻣير‪ ،‬صالح‪.(199,8‬‬
‫أوال ‪ :‬مرحلة تسجيل المباني وتحديد المناطق التي يجب الحفاظ عليھا ‪:‬بناء على المعايير التي يتم على أساسھا‬
‫اختيار األبنية لموضوع الحفاظ وﺗحديد قيمتھا وأھميتھا يتم ﺗسجيل وﺗصنيف المباني والمواقع التراثية‬
‫والتاريخية بحسب قيمتھا وأھميتھا وأولويتھا في إجراء عمليات الحفاظ لھا وﺗعتبر عملية التسجيل والتصنيف‬
‫ھذه الخطوة األولى في عمليات الحفاظ‬
‫ثانيا ‪:‬التوثيق ‪:‬يعتبر التوثيق ﻣن أقدم ﻣناھج البحث العلمي‪ ،‬وبذلك التوثيق المعماري ھو إحدى عمليات البحث‬
‫العلمي ﻣن حيث انه عملية ﺗسجيل الحقائق والمعلوﻣات عن طريق وصف كل عنصر ﻣن العناصر التي يتكون‬
‫ﻣنھا المبنى‪،‬‬
‫والتوثيق ھو ﻣرحلة ﻣھمة في عملية الحفاظ وإعادة التأھيل للنماذج التراثية ﻣن خالل ﺗسجيلھا ووصفھا‬
‫وﺗصويرھا وذلك بإجراء ﻣسح ﻣيداني شاﻣل ﻣع ﻣقابالت للمختصين واألشخاص ذوي العالقة‪ ،‬إلى جانب‬
‫االستناد إلى األدبيات‪ ،‬ﺗثبت نتائج التوثيق ھذه في جداول وسجالت وخرائط لتسھيل ﻣھمة الرجوع إليھا سواء‬
‫في ﻣشروع الحفاظ أو لألبحاث والدراسات المستقبلية‪ ،‬يضاف إلى السابق انه في عملية التوثيق ﺗحدد أيضا‬
‫المواد األصلية للمبنى والمواد المضافة في ﻣراحل الحقة وﻣراحل ﺗطوره واستخداﻣه عبر الزﻣن‪ ،‬والتي‬
‫ﺗساعدنا في ﺗحديد واخذ القرارات المناسبة‬
‫وﺗتم عملية التوثيق وجمع البيانات ﻣن خالل الخطوات التالية ‪:‬‬
‫‪-‬إجراء ﻣسح ﻣيداني شاﻣل للموروث المعماري والعمراني في ﻣختلف المجاالت المعمارية واإلنشائية‬
‫والتاريخية واألثرية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪-‬إجراء ﻣقابالت ﻣع المختصين )المسئولين اإلداريين عن المنطقة والبلديات أو المجالس المحلية فيھا أو‬
‫الباحثين فيھا أو المؤرخين لھا والعاﻣلين والمتخصصين في ﻣجال الترﻣيم والحفاظ( واألشخاص ذوي العالقة‬
‫بالموروث المعماري أو العمراني( السكان المستخدﻣون للمبنى أو المنطقة أو الموروث إن وجدوا وﻣالك‬
‫الموروث والناس المحيطون والمتأثرون به‪.‬‬
‫‪ -‬جمع المعلوﻣات استنادا إلى األدبيات والمصادر التي يمكن أن ﺗزودنا بالبيانات والوثائق والمعلوﻣات عن‬
‫الموروث المعماري أو العمراني‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬مخطط عمل أو تصميم تبعا لمعايير الحفاظ ‪:‬أي يجب أن ينجز المخطط أو التصميم بما يتماشى ﻣع ﻣعايير‬
‫الحفاظ ﻣثل ﻣبادئ الحفاظ األساسية وأخالقيات الحفاظ التي ﺗحدثنا عنھا سابقا والمعايير والقوانين الدولية‬
‫والمحلية‬
‫رابعا ‪ :‬مرحلة التحليل واتخاذ القرارات ‪:‬بحيث ﺗكون الدراسة علمية ﺗحليلية لكافة المعلوﻣات النتائج للعملية‬
‫السابقة ويسھم في ھذه المرحلة فريق ﻣن المتخصصين في العمارة والتاريخ والتراث والتصميم الداخلي‬
‫والسياحة والترﻣيم والحرف واالجتماع واالقتصاد والقانون بحيث ﺗتضافر الجھود لتحقيق ﻣصداقية عملية‬
‫الحفاظ ‪.‬‬
‫سا‪ :‬اتخاذ إجراءات للصيانة ‪:‬وذلك لمتابعة المبنى والتأكد ﻣن بقاء المبنى في وضع جيد‪ ،‬وھو نھج‬ ‫خام ً‬
‫وإحساس اقتصادي بنفس الوقت حيث أن الصيانة ﺗكلف اقل ﻣن االستبدال‪ ،‬كذلك إجراءات لألﻣن واألﻣان يجب‬
‫أن ﺗؤخذ بعين االعتبار‪.‬‬

‫‪ -8-5‬األساليب المتبعة في سياسة الحفاظ‬


‫إن سياسة الحفاظ ﺗنطوي على ﻣجموعة ﻣن األساليب المتخصصة المتداخلة والمكملة لبعضھا البعض‪،‬‬
‫والتي ﺗتماشى ﻣع واقع وخصوصية األبنية األثرية والمعالم التاريخية التي ﻣسھا التلف أو التصدع والتشقق‬
‫بسبب فعل العواﻣل الطبيعية والنشاطات االقتصادية وحركة اإلنسان وكثافته والتي جعلت ﻣثل ﺗلك األبنية‬
‫ﻣتخلفة ﻣعماريا‪ ،‬وھو بذلك يحاول كل أسلوب ﻣعين ﻣنھا أن ينطبق ويتماشى ﻣع درجة إصابة األبنية األثرية‬
‫والمعالم التاريخية القديمة والتي يمكن عرضھا فيما يلي‪:‬‬

‫أسلوب الترميم‬ ‫‪-1‬‬


‫يعد عمل الترﻣيم ﻣن إحدى األساليب األساسية المتبعة في سياسة المحافظة ﻣن أجل التعاﻣل ﻣع األبنية‬
‫األثرية والتاريخية القديمة التي أصابھا التصدع أو التشقق أو التعرية أو التآكل‪ ،‬حيث ألحق بھا الضرر المادي‬
‫لحالتھا اإلنشائية‪ ،‬ويعد الترﻣيم في ﻣثل ھذه الحاالت‪ ،‬بمثابة ﻣطلب ضروري لفرض الصيانة الالزﻣة عن‬
‫طريق الترﻣيم دون المساس بالجوھر والعمق التاريخي والفني لمثل ﺗلك األبنية وھذا ﻣن خالل عملية الترﻣيم‪.‬‬
‫أسلوب إعادة البناء لألبنية األثرية التاريخية القديمة‬ ‫‪-2‬‬
‫ﺗشكل عملية إعادة البناء األسلوب الثاني المتبع في سياسة المحافظة ألنھا ﺗمتلك أداة فعالة في فرض‬
‫الحماية على األبنية ذات قيمة ﺗاريخية وفنية فريدة ﻣن نوعھا ﻣن خالل إعادة بناء األجزاء التالفة والمتآكلة وھذا‬
‫ﻣن أجل إﺗماﻣھا والتي ال يمكن فرض عملية الترﻣيم عليھا ﻣن أجل إعادﺗھا إلى حالتھا الطبيعية‪.‬‬
‫أسلوب صيانة األبنية األثرية والمعالم التاريخية القديمة‬ ‫‪-3‬‬
‫على الرغم ﻣن أن طبيعة ووظيفة الصيانة للحالة المعمارية للمدينة ھي عاﻣة‪ ،‬إال أن لھا خصوصية في‬
‫ﺗعاﻣلھا ﻣع األبنية األثرية و المعالم التاريخية القديمة بصورة خاصة ﻣنھا ﺗلك التي ﺗحتاج ألتجديد ﻣن خالل‬
‫الصيانة الجزئية أو الشاﻣلة‪.‬‬
‫ولذا فإن المتفحص لھذه األساليب المتنوعة في سياسة المحافظة يجد بأن جميعھا ﺗسعى إلى ﺗحسين وﺗرقية‬
‫األبنية األثرية والتاريخية ضمن ﻣناخ ﻣناسب لھا داخل المدينة وإن إدراك التلف والتآكل والتشقق والتصدع‬
‫الذي يصيب األبنية القديمة والتاريخية ھو الذي كان وراء ﺗبني الصيانة لوحدھا والتي ﺗنطوي على األساليب‬
‫التالية‬
‫أ ‪ -‬أسلوب الصيانة‬
‫إن أسلوب الصيانة يھدف إلى غاية واحدة ھو فرض المحافظة على األبنية األثرية والمعالم التاريخية‬
‫القديمة ذات السمات والقيم الفنية العالية‪ ،‬وھذا يعد أدنى حد ﺗتطلبه حماية األبنية والمعالم‪ ،‬شريطة اإلبقاء على‬
‫كل ﻣا ھو أصيل وطبيعي دون إحداث أي ﺗغيير أو ﺗحويل أو ﺗبديل في الجوھر والشكل لألبنية األثرية والمعالم‬
‫التاريخية‪ ،‬ويكون بذلك قد طبق أسلوب الصيانة والحماية في آن واحد‪.‬‬
‫ب ‪-‬أسلوب الصيانة التطويرية‬
‫يعمل أسلوب الصيانة التطويرية ﻣن أجل إزالة كل ﺗخلف عالق وﻣتراكم لمدة طويلة بسبب الضرر الذي‬
‫أصاب ﻣباشرة الحالة اإلنشائية لألبنية األثرية والمعالم التاريخية القديمة‪ ،‬وھذا بإرجاعھا إلى نشأﺗھا األولى التي‬
‫كانت عليھا دون زيادة أو نقصان‪ ،‬وھذا ﻣن خالل ﺗطبيق أسلوب الصيانة التطويرية‪ ،‬لكي ﺗصبح ﻣؤھلة وﻣكيفة‬

‫‪8‬‬
‫وفق ﻣعايير عصرية وھذا بإدخال كافة النواقص المتعلقة بالحالة اإلنشائية والخدﻣات االجتماعية وھذا ﻣا يؤكد‬
‫إلى حد ﻣا بأن أسلوب الصيانة التطويرية له دور ھام في التعاﻣل ﻣع جميع األبنية التي ﻣسھا التخلف داخل‬
‫المدينة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬أسلوب الصيانة لتقوية األبنية‬
‫يسعى أسلوب الصيانة ﻣن أجل ﺗقوية األبنية األثرية إلى وضع أسس قوية وركائز لتثبيت األبنية األثرية‬
‫اآليلة للسقوط‪ ،‬وھذا ﺗحسبا للمخاطر التي ﺗشكلھا على السالﻣة العاﻣة وكذلك على الخسارة التي ﺗمس ﻣباشرة‬
‫باالحتياط الخاص بالمعالم التاريخية الرفيعة‪.‬‬
‫د ‪-‬أسلوب الصيانة من أجل التنظيف‬
‫يسعى أسلوب الصيانة ﻣن أجل التنظيف القضاء على المخلفات والتخلص ﻣن الشوائب والنواقص العالقة‬
‫باألبنية األثرية والمعالم التاريخية القديمة‪ ،‬وھذا برفع جميع أنواع األنقاض العالقة بھا وﺗأھيلھا لتصبح نظيفة‬
‫وفي حالة ﻣمتازة ضمن وضعھا الطبيعي‪ ،‬دون نقلھا إلى أﻣاكن أخرى‪.‬‬
‫ھ ‪ -‬أسلوب الصيانة التكميلية‬
‫يھدف أسلوب الصيانة التكميلية إلى إﺗمام األجزاء التالفة والناقصة ﻣن األبنية التاريخية القديمة وھذا‬
‫باالعتماد على ﻣواد البناء الخاصة في أثناء إﺗمام أجزاءھا التالفة على ﻣا كانت عليه في أول نشأة لھا دون زيادة‬
‫أو نقصان‪.‬‬
‫و ‪ -‬أسلوب الصيانة من أجل التشييد‬
‫إن أسلوب الصيانة ﻣن أجل التشييد يھدف إلى إقاﻣة أبنية جديدة ذات صلة باألبنية والمعالم األثرية القديمة‬
‫والتي اندثرت نھائيا‪ ،‬ولم يبقى لھا ھياكل ﺗذكر على سطح األرض‪ ،‬إال أن أشكالھا كانت ﻣعروفة ﻣن خالل‬
‫الصور المحفوظة لھا في األرشيف‪ ،‬وفي ﻣثل ھذه الحالة يبرز دور أسلوب التشييد في ﺗبنيه إقاﻣة ھيكل جديد‬
‫لتلك األبنية التي اندثرت‪ ،‬والتي يحاول إعادة بناؤھا وفق المواصفات والمقاييس التي ﺗنطبق عليھا ويكون ذلك‬
‫حسب ﻣواد بناء أصلية قدر المستطاع‪ ،‬ثم نقلھا إلى ﻣوقعھا األول وھذه غاية كبيرة كان ﻣن الصعب الوصول‬
‫إليھا لوال االعتماد على أسلوب الصيانة ﻣن أجل التشييد‪.‬‬
‫وﻣن ثم نجد بأن سياسة المحافظة ﺗحاول دائما ﻣراعاة ثالثة أسس ھاﻣة في أثناء التعاﻣل ﻣع األبنية األثرية‬
‫والمعالم التاريخية القديمة ھي‪:‬‬
‫‪ -1‬احترام القيم التاريخية والفنية التي ﺗحملھا األبنية األثرية والمعالم التاريخية القديمة على الرغم ﻣما ﺗحمله‬
‫ﻣن أفكار وفلسفات قد ﺗكون ﻣناقضة للقيم والعقائد للمجتمع المحلي‪ ،‬وھذا بإبقائھا على حالتھا دون ﺗحوير‬
‫واجتھادات ﻣن اجل إﺗمام األجزاء التالفة خاصة في حالة عدم ﺗوفير الشكل أو الصورة الحقيقة لھا‪.‬‬
‫‪ -2‬التأكد ﻣن ﻣواد البناء التي ﺗستخدم في التشييد التي ﺗتطلبھا األبنية األثرية والمعالم التاريخية القديمة‬
‫المندثرة‪ ،‬واالبتعاد عن جميع اإلضافات الشاذة والغريبة وھذا ال يتم إال في الحاالت القصوى التي ﺗحتاجھا‬
‫الحالة اإلنشائية لألبنية وال يوجد بديال لھا خاصة في ظل غياب ﻣواد البناء األصلية‪.‬‬
‫التفحص ﻣن نوعية المواد المخصصة الستعمال الصيانة خاصة فيما يتعلق بتقوية األبنية األثرية‬ ‫‪-3‬‬
‫والمعالم التاريخية القديمة خاصة ﻣنھا اآليلة للسقوط في أثناء إعادة بنائھا على أنھا ﺗوثق وﺗسجل بعد االنتھاء‬
‫ﻣن العمل ‪.‬‬

‫‪ -9-5‬الھيئات العالمية العاملة والفاعلة في الحفاظ على التراث‬


‫‪:(UNESCO) -1‬اليونسكو‬
‫ھي اختصار لترجمة " ﻣنظمة األﻣم المتحدة للتربية والعلم‬
‫والثقافة "أنشأت( اليونسكو )يوم ‪ 16‬ﻣن ﺗشرين الثاني ‪ 1945‬م‪.‬‬
‫‪:(ICOMOS) -2‬االكوﻣوس وھي اختصار لترجمة" المجلس الدولي لآلثار والمتاحف "وھي‬
‫ﻣنظمة دولية حكوﻣية يقع ﻣركزھا في باريس – فرنسا‪ ،‬أنشئ المجلس في العام ‪ 1965‬م‬
‫‪:(ICCROM) -3‬االيكروم‬
‫وھي اختصار لترجمة" المركز الدولي لدراسة صون الممتلكات‬
‫الثقافية وﺗرﻣيمھا"‪ ،‬وھي ﻣنظمة دولية حكوﻣية يقع ﻣركزھا في روﻣا ‪-‬ايطاليا‪ ،‬أنشأﺗھا‬
‫اليونسكو في عام ‪ 1956‬م‪،‬‬
‫‪(WHC) -4‬ﻣركز التراث العالمي‬
‫)‪:(World Heritage Center‬اختصار ل وھي لجنة ﻣنبثقة عن اليونسكو‬
‫‪:(CHWB) -5‬التراث الثقافي بال حدود وھي ﻣنظمة إغاثة دولية ﺗأسست في العام ‪ 1995‬م‪،‬‬

‫على صعيد العالم اإلسالمي‪:‬‬


‫ﻣؤسسة األغا خان للثقافة ‪:‬وھي الوكالة الثقافية لشبكة األغا خان للتنمية‪ ،‬وقد أنشئت‬

‫‪9‬‬
‫رسميا في العام ‪ 1988‬م في جنيف كمؤسسة خيرية خاصة إلدﻣاج وﺗنسيق المبادرات المختلفة‬
‫لسمو األﻣير األغا خان فيما يتعلق بتحسين الحياة الثقافية وبصفة خاصة البيئة المبنية‪.‬‬

‫‪ -6‬علوم ترميم وصيانة اآلثار‪:‬‬


‫ﻣن المعروف أن المادة األثرية والمباني التاريخية ﺗحمل قيما فنية وجمالية وﺗاريخية وحضارية‪ ،‬وقد ﺗكون‬
‫المادة األثرية خالية ﻣن أي زخارف أو نقوش أو كتابات ولكنھا ﺗمثل قيمة علمية‪ ،‬والھدف ﻣن ﺗرﻣيم اآلثار ھو‬
‫كشف القيم الجمالية والفنية والتاريخية لھذا اآلثار وكذلك حمايتھا طبقًا لما أقره القانون وأوصت به المواثيق‬
‫الدولية لحماية اآلثار ﻣثل ﻣيثاق فينيسيا ‪1966‬والذي اعتبر عملية الترﻣيم ﻣن العمليات عالية التخصص‪ ،‬وھذا‬
‫كله يوضح أن أعمال الترﻣيم لآلثار ھي إجراءات ﺗتصل بمادة األثر والحاﻣلة لعناصر فنية وجمالية ينبغي فھمھا‬
‫وإدراك أسلوب ﺗصميمھا وﺗحليل ﺗلك العناصر‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪(2010 ,‬‬

‫‪ -1-6‬الترميم و الحفاظ والصيانة‬


‫‪ -1-1-6‬مفھوم الترميم و الحفاظ والصيانة‬
‫أوال ‪ :‬الترميم ‪Restoration‬‬
‫لقد حظي ﻣصطلح‪ " Restoration‬باھتمام العديد ﻣن الباحثين األوروبيين في ﻣيدان ﺗرﻣيم اآلثار في‬
‫العصر الحديث ‪.‬وقد اﺗفق الكثير ﻣنھم على المعنى الذي يدل عليه ‪".Restoration‬ﻣصطلح" ﺗرﻣيم حيث يطلق‬
‫على األعمال التطبيقية التي يقوم بھا المرﻣمون ﻣن أجل حماية المبنى األثري ﻣن االنھيار أو التلف وباإلضافة‬
‫إلى إصالح ﻣا ﺗلف ﻣن المقتنيات الفنية المختلفة‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الحفاظ ‪Preservation‬‬
‫فيطلق على األعمال التطبيقية والبحثية التي يقوم بھا‬ ‫أﻣا ﻣصطلح " الحفاظ ‪Preservation‬‬
‫المختصون في صيانة اآلثار في سبيل المحافظة على اآلثار بشتى أنواعھا وصيانتھا ﻣن التلف في الحاضر‬
‫والمستقبل ﻣستعينين في سبيل ﺗحقيق ھذا الھدف بما وفرﺗه لھم علوم الكيمياء والفيزياء وغيرھا ﻣن العلوم‬
‫التجريبية ﻣن نتائج علمية وأجھزة حديثة يستخدﻣھا المختصون في صيانة اآلثار‪ ،‬وكذلك في فحص ﻣكونات‬
‫اآلثار المختلفة وﺗعيين خصائصھا الفيزيائية والكيميائية وﺗحديد خطورة التلف الذي ألم بھا وﻣظاھره المختلفة‬
‫على أسس علمية واختيار أفضل المواد الكيميائية وأنسب طرق عالج وصيانة اآلثار وحمايتھا ﻣن التلف‬
‫حاضرا وﻣستقبال‪.‬‬
‫وھكذا نجد أن ﻣصطلح الحفاظ في ﻣدلوله أعم وأشمل ﻣن ﻣصطلح الترﻣيم وإن كان ﻣصطلح الترﻣيم يعتبر أقدم‬
‫استخداﻣا ﻣن ﻣصطلح الصيانة في ﻣيدان ﺗرﻣيم وصيانة اآلثار‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬الصيانة ‪Conservation‬‬
‫ﻣن المعروف أن ھناك عالقة وطيدة بين ﻣصطلح صيانة وﻣصطلح يعالج والذي يعني " يحفظ‬
‫ويصون فكالھما ﻣرﺗبطين بالفعل الالﺗيني ‪ Preservation‬وﻣن كل ﻣا سبق يمكن القول أن ﻣصطلح‬
‫صيانة ‪ Conservation‬يعبر عن ﺗطور ﻣيدان ﺗرﻣيم وصيانة اآلثار‪ ،‬وبعد أن أصبح ھذا المصطلح‬
‫في الوقت الحاضر يربط بين ﻣصطلح حفظ‪ ،‬وأن عمليات صيانة اآلثار بشمولھا و ارﺗكازھا على‬
‫‪ Restoration‬وﺗرﻣيم ‪ Preservation‬أسس علمية وفنية ﻣتطورة أصبحت ﺗشتمل على كل العمليات‬
‫التي يقوم بھا المتخصصون في سبيل المحافظة على التراث اإلنساني المادي ﻣن الفناء والتدھور‪ ،‬كما‬
‫أصبح المتخصص في صيانة اآلثار ‪ Conservator‬يمثل حلقة االﺗصال بين علماء اآلثار وعلماء‬
‫العلوم التجريبية التي ﺗخدم ﻣيدان صيانة اآلثار وحفظھا ﻣن التلف‪.‬‬

‫‪ -2-6‬نشأة وتطور الترميم والصيانة‬


‫ليس ﻣن السھل ﺗتبع المراحل التاريخية التي ﺗكشف عن نشأة عمليات ﺗرﻣيم وصيانة اآلثار وﺗميط‬
‫اللثام عن ﺗطور ھذه العمليات وﺗلك الفنون بكل دقة وذلك لعدم وجود وثائق كافية يمكن االستناد إليھا‬
‫لتوضيح ھذه الحقائق‪.‬ولكن يمكن القول استنادا إلى ﻣضمون ﻣصطلح ‪ Restoration‬الذي يعني‬
‫إصالح وعالج ﻣا قد ﺗلف ﻣن األشياء المادية التي لھا قيمة نفعية أو جمالية أو ﺗراثية بالنسبة لإلنسان‪،‬‬
‫فإن عمليات ﺗرﻣيم وإصالح ﻣا قد ﺗلف ﻣن المباني والمقتنيات المختلفة قد عرفھا اإلنسان القديم ﻣنذ أن‬

‫‪10‬‬
‫عرف حياة االستقرار واﺗخذ له ﻣسكنا سواء شيده ﻣن جذوع النخيل أو األشجار وقام بتسقيفه بسعف‬
‫النخيل والنباﺗات الجافة المختلفة وغطى سطحه الخارجي في بعض المراحل التاريخية بطبقات ﻣن‬
‫الطين لسد الفراغات التي قد ﺗوجد بين جذوع األشجار والنخيل‪ ،‬كما ﺗوصل اإلنسان بعد ذلك إلى ﺗشييد‬
‫ﻣنزل أكثر قوة وصالبة ﻣن ھذا المنزل البسيط حيث قام بتشييده بالطوب اللبن المخلوط بالتبن ‪.‬‬
‫وعندﻣا كانت ﺗتعرض ھذه المنازل لالنھيار بفعل الزالزل أو األﻣطار أو العواصف الرعدية أو‬
‫الحرائق وغيرھا ﻣن العواﻣل الطبيعية المختلفة كان اإلنسان القديم يعيد بناء ھذه المنازل أو إصالح ﻣا‬
‫قد ﺗلف ﻣن أجزائھا‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -3-6‬مناھج وأساليب الترميم‬


‫‪ -1-3-6‬األسلوب التحليلي )األثري(‬
‫وقد عرف ھذا األسلوب في بداية القرن العشرين‪ ،‬وﺗبلور في ﻣؤﺗمر أثينا عام ‪ 1931‬م‪ ،‬وعبر عنھا الميثاق‬
‫اإليطالي للترﻣيم عام ‪ 1932‬م‪ ،‬وقد ﺗم وضع المبادئ األساسية لألسلوب التحليلي في ﻣؤﺗمر فينيسيا الثاني‬
‫لخبراء اآلثار عام ‪ 1964‬م‪ ،‬ويعتمد األسلوب على السماح باألعمال التكميلية البسيطة فقط والتي ﺗضمن سالﻣة‬
‫األثر وال غنى عنھا‪ ،‬وكذلك يھدف ھذا األسلوب إلى الحفاظ على كل الفترات التي ﻣرت بإنشاء األثر وعدم‬
‫ﺗشويھه بإضافات خاطئة‪ ،‬وﻣن المبادئ األساسية لألسلوب التحليلي للترﻣيم أنه يجب أن ﺗقف أعمال الترﻣيم‬
‫حيث يبدأ التخمين‪ ،‬وأن أي إضافات جديدة ضرورية لألثر يجب أن ﺗرﺗبط بالتكوين األثري وأن ﺗحمل طابعا‬
‫ﻣعاصرا‪ ،‬وأن إضافات العصور األخرى المختلفة يجب الحفاظ عليھا‪ ،‬حيث أن وحدة الطراز ليست ﻣن ھدف‬
‫الترﻣيم‪ ،‬وان األجزاء التي يتم ﺗرﻣيمھا يجب أن ﺗتوافق ﻣع األثر‪ ،‬ولكن يجب ﺗمييزھا عنه حتى ال يعمل الترﻣيم‬
‫على ﺗزييف المظھر التاريخي واألثري للمبنى‪) ,‬عبد الھادي‪ ،‬ﻣحمد‪.(1997 ,‬‬

‫‪ -2-3-6‬األسلوب التكاملي للترميم الشامل‪:‬‬


‫يھدف ھذا األسلوب إلى إعادة أبراز المظھر الكاﻣل للمبنى في فترة إنشائه األولى أو في فترات أخرى ﻣن‬
‫ﺗاريخه‪ ،‬وعلى ھذا فإنه ال يمكن أن نتجنب إعادة إقاﻣة بعض العناصر على أساس االفتراض والمقارنة‪.‬‬
‫‪ -3-3-6‬نظرية الترميم النقدي‪:‬‬
‫يتدخل في ھذا األسلوب ﻣن العمل اإلبداعي الفني للمعماري والفنان وﺗتحول األعمال إلى عملية إبداعية‬
‫ﺗنتج إبداعا فنيا‪ ،‬وبالتالي فإنه السمة الواضحة لنظرية الترﻣيم النقدي‪ ،‬وھي االنتقال ﻣن ﻣوقف االحترام الكاﻣل‬
‫لألثر المعماري كوثيقة ﺗاريخية وھو ﻣا يميز األسلوب التحليلي إلى ﻣوقف التقييم النقدي له كإنتاج ﻣتغير أو‬
‫ﻣشوه‪ .‬وعلى ھذا فإن األسلوب التحليلي األثري للترﻣيم ھو الذي يحظى باستخدام واسع النطاق عند ﺗرﻣيم أثمن‬
‫المباني األثرية الموجودة بالعالم‪.‬‬

‫‪ -4-6‬نوعيات مشاريع الترميم‬


‫‪ -1-4-6‬تنقسم مشروعات الترميم وصيانتھا إلى النوعيات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ترميم جزئي‪:‬‬
‫وھذه النوعية ﻣن الترﻣيم ﺗختص بدراسة أعمال ﻣعينة كتأثير المياه الجوفية أو السطحية أو الرطوبة على‬
‫األثر‪ ،‬كذلك دراسة الحالة اإلنشائية لعناصر المبنى وأعمال اإلضاءة وبقية األعمال التي يحتاجھا األثر‪.‬‬
‫وھذه الدراسات ﺗھدف بدورھا إلى ﺗحديد الحلول العلمية والھندسية لمعالجة األضرار الحالية والمتوقعة‪،‬‬
‫وﻣقترحات جديدة ألعمال ﺗكميلية قد يتطلبھا األثر فيما بعد‪.‬‬
‫‪ -2‬ترميم ﺷامل‪:‬‬
‫ويتطلب الترﻣيم الشاﻣل اشتراك العديد ﻣن التخصصات في المجاالت المطلوبة‪ ،‬حيث أنه يحتاج إلى أكثر‬
‫ﻣن دراسة ألكثر ﻣن ﻣجال ﺗرﻣيمي‪.‬‬
‫‪ -3‬فك وإعادة البناء‪:‬‬
‫يتعذر في بعض الحاالت ﺗنفيذ الحلول الھندسية للترﻣيم‪ ،‬وقد يضطر المرﻣم إلى الفك وإعادة البناء‪ ،‬ويتم‬
‫اللجوء إلى ھذا الحل في حاالت الضرورة القصوى‪ ،‬وفي حالة عدم وجود أي حل آخ وﻣن أﻣثلة ھذه األعمال‬
‫فك وإعادة ﺗركيب المعابد الفرعونية التي غمرﺗھا المياه بعد إنشاء السد العالي بجمھورية ﻣصر العربية‪ .‬ويمكن‬
‫اللجوء إلى الفك وإعادة التركيب في أعمال التطوير كشق الشوارع وﺗوسيع الميادين ‪.‬وال بد ﻣن إﺗباع الخطوات‬
‫اآلﺗية في حالة الفك وإعادة البناء‪:‬‬
‫أ‪ -‬عمل دراسة ﻣتكاﻣلة عن الوضع الراھن لألثر ﻣن رفع ﻣعماري وﺗسجيل فوﺗوغرافي‬

‫‪11‬‬
‫ب‪ -‬عمل نظام ﺗرقيم لقطع المبنى بحيث ﺗحدد أﻣاكنھا بدقة‪ ،‬و ﺗوقع على الرسوﻣات‪.‬‬
‫ت‪ -‬ﻣراعاة عدم التشويه أو اإلضرار بالقطع المرقمة والمحافظة عليھا‪ ،‬والبد أيضا ﻣن ﺗوقيع‬
‫القطع على كافة الرسوﻣات بحيث يظھر رقم القطعة الواحدة في رسمين ﻣختلفين ﻣثل المساقط والواجھات‪.‬‬
‫ث‪ -‬يتم عمل جدولة لتوصيف القطع المرقمة قبل عملية الفك‪ ،‬يتم ﺗحديد رقم القطعة وﻣواصفاﺗھا‬
‫وﺗوصيفھا ﻣن ناحية الخصائص الھندسية )الشكل‪ ،‬االﺗجاه‪ ،‬المقاسات( والطبيعية و الكيميائية‪.‬‬
‫ج‪ -‬يفضل ﺗقسيم األجزاء المراد فكھا إلى ﻣناطق لتسھيل الحصر‬
‫ح‪. -‬ال بد ﻣن ﺗخزين القطع ﺗخزينا صحيحا بعيدا عن أية ﺗأثيرات ضارة ﻣثل الرطوبة أو االنھيار أو التلوث‪.‬‬
‫خ‪ -‬قبل عملية فك الزخارف أو المقرنصات أو الحليات ال بد ﻣن عمل قوالب لكافة القطع بحيث يراعى أن‬
‫ﺗكون ﻣن ﻣادة قوية وحساسة‪ ،‬ويجب ﺗسليح القوالب وﺗقويتھا‪.‬‬
‫د‪ -‬ال بد ﻣن اختبار القطع المفكوكة أوال بأول وذلك الستبدال التالف ﻣنھا بنفس المواصفات‬
‫ذ‪ -‬ﺗبدأ إجراءات عملية الفك ﻣن أعلى أفقيا ﻣدﻣاك فمدﻣاك‪ ،‬ھذا باإلضافة إلى أنه يجب ﺗغليف القطع أثناء‬
‫ﺗنزيلھا وحتى ﺗخزينھا‪ ،‬ويراعى ذلك أيضا أثناء إعادة التركيب‪.‬‬
‫يراعى ﺗوصيف القطع ﺗوصيفا دقيقا بحيث ﺗوضح عالقة التجاور للقطعة المرقمة ﻣن على يمينھا‬
‫ويسارھا وفوقھا وﺗحتھا‪ ،‬وﺗحديد سمك المونة وﻣواصفاﺗھا‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -5-6‬االعتبارات الواجب مراعاتھا في عمليات صيانة وترميم المباني األثرية والتاريخية‪:‬‬


‫إن عملية ﺗرﻣيم المباني التاريخية يجب أن ﺗخضع ألصول وقواعد ﻣعينة‪ ،‬كما أن عاﻣل الخبرة يلعب دورً ا‬
‫ﻣھ ًما في أعمال الترﻣيم التي طالما نسعى للوصول بھا إلى الھدف المنشود في اإلبقاء على المبنى األثري‬
‫واستحداث طرق جديدة في الصيانة والترﻣيم‪ .‬ولذلك يجب أن ﺗتم أعمال الترﻣيم والصيانة في إطار‬
‫القواعد اآلﺗية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ﺗحديد المواد الداخلة في ﺗركيب المبنى األثري المراد صيانته وﺗرﻣيمه‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺗحديد عواﻣل التلف السائدة كبداية لدراسة ﺗأثيراﺗھا وكيفية ﺗالفي أخطارھا‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺗحديد نوع التلف ودراسة الظروف التي ﺗواجد فيھا أو ﺗأثر بھا المبنى األثري‪.‬‬
‫‪ -4‬دراسة األساليب المتبعة في الصيانة والترﻣيم الستبعاد المتلف ﻣنھا وإيقاف العمل به‪.‬‬
‫‪ -5‬استحداث والتوصية باستخدام ﻣواد أكثر ﻣقاوﻣة لعواﻣل التلف والترﻣيم ‪.‬في عمليات الصيانة‬
‫‪ -6‬ﺗحديد ﻣواصفات المواد الواجب استخداﻣھا في عمليات الصيانة والترﻣيم واستحداث األساليب‬
‫المناسبة‪.‬‬
‫‪ -7‬دراسة وفحص المنتجات التجارية المستخدﻣة في الصيانة والترﻣيم للوقوف على ﻣدى ﻣالءﻣتھا‬
‫للمواد الداخلة في ﺗركيب المبنى‪.‬‬

‫‪ -6-6‬مبادئ عامة تحكم عمليات صيانة وترميم المباني األثرية ال بد وأن يضعھا العاملون في ھذا الحقل‬
‫نصب أعينھم وتتلخص فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم القيام بأعمال الصيانة والترﻣيم التي يترﺗب عليھا ﻣحو أو ﺗغيير أو ﺗشويه أو طمس‬
‫الخصائص المادية والمعنوية للمبنى األثري ﻣن حيث الشكل والمظھر والسمات والخصائص المعمارية‬
‫والفنية‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم القيام بأعمال الصيانة والترﻣيم التي قد ﺗؤدي إلى إضعاف أو اإلضرار بالمواد الداخلة في‬
‫ﺗركيب المبنى األثري‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلفراط في عمليات الترﻣيم واالكتفاء بالقدر الضروري ﻣنھا لضمان بقاء المبنى األثري‪.‬‬
‫‪ -4‬القيام بأعمال الترﻣيم بالكيفية والطريقة التي ﺗسھل ﻣعھا التفريق بين األجزاء المرﻣمة واألجزاء‬
‫غير المرﻣمة ﻣن المبنى األثري‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -5‬ال بد ﻣن استخدام ﻣواد الصيانة والترﻣيم التي ﺗسھل إزالتھا دون اإلضرار بعناصر المبنى‬
‫األثري‪ ،‬وذلك عندﻣا يراد ﺗعديل أسلوب وطريقة الصيانة والترﻣيم‪.‬‬
‫‪ -6‬عدم البدء في عمليات الصيانة والترﻣيم إال بعد الدراسة المستفيضة والمعرفة الكافية بخواص‬
‫وﺗأثير المواد التي سيجري استخداﻣھا في الصيانة والترﻣيم على المواد الداخلة في ﺗركيب المبنى األثر‬
‫‪ -7‬يجب أن ﺗتم عمليات صيانة وﺗرﻣيم المباني األثرية الھاﻣة باشتراك المسئول عنھا والمتخصص في‬
‫ﻣادﺗھا العلمية‪.‬‬
‫‪ -8‬ﻣن الضروري ﻣداوﻣة الرقابة والتفتيش على المباني األثرية حتى يمكن القيام بعمليات الصيانة‬
‫والترﻣيم في الوقت المناسب‪.‬‬
‫‪ -9‬لما كانت األھداف المنشودة ﻣن جميع عمليات الصيانة والترﻣيم ھي اإلبقاء على المباني األثرية‬
‫فلسوف يكون ﻣن الضروري اختيار ﻣواد الصيانة والترﻣيم التي ﺗكفل ھذا االستمرار وبحيث ال ﺗتفاعل‬
‫كيميائيا ﻣع المواد الداخلة في ﺗركيب المبنى األثري بطريقة ﺗؤدي إلى اإلضرار بھا‪.‬‬
‫‪ -10‬إن سوء االستعمال يعتبر ﻣن أكثر األسباب فتكا بالمباني األثرية‪ ،‬لذلك فإنه ﻣن الضروري ﻣنع‬
‫ﺗشويھھا بالكتابة على الجدران واألخذ في االعتبار األضرار التي قد ﺗنجم عن ﺗوصيالت الكھرباء‬
‫والمياه والصرف الصحي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬تجارب في المنطقة العربية‬
‫‪ -1-7‬التجربة األولى ‪:‬‬
‫تجربة مدين حلب التاريخية‬
‫‪ -1-1-7‬موقع مدين حلب‬
‫ﺗقع ﻣدينة حلب على خط الطول ‪36,12‬‬
‫درجة و خط العرض ‪ 37,93‬درجة‪ ،‬و ﺗرﺗفع‬
‫‪379‬ﻣترا عن سطح البحر ﻣما يجعلھا ﺗتمتع‬
‫بالمناخ المتوسط المعتدل وقد أحيطت حلب ﻣنذ‬
‫القديم بأسوار قوية وأبراج وﺗقوم أسوارھا‬
‫الحالية فوق أنقاض أسوار أقدم ﻣنھا ﺗعود إلى‬
‫شكل ) ‪ ( 1‬ﻣدينة حلب والقلعة التاريخية‪.‬‬
‫العھود اليونانية والروﻣانية والبيزنطية وﻣن‬
‫المصدر‪www. syriantime.com :‬‬ ‫اشھر ﻣعالمھا السياحية أبوابھا المنتشرة‬
‫باألسوار وﻣنھا باب انطاكية وكذلك قلعة حلب‬
‫التي ﺗقع فوق ﻣرﺗفع طبيعي ويحيط بھا خندق‬
‫عميق كان يمأل بالماء خالل الحرب كما يشكل‬
‫)‪, (1‬كما ينتشر بالمدينة العديد ﻣن الحماﻣات و‬
‫األسواق القديمة و الخانات و يقع بھا أيضا‬
‫المسجد االﻣوى الكبير كما بشكل )‪ (2‬و )‪.(3‬‬

‫شكل )‪ ( 2‬المسجد االﻣوى الكبير‬


‫المصدر‪www.isesco.org.ma/.../Alep2006/p3.php :‬‬
‫‪ -2-1-7‬مشروع إحياء المدينة القديمة‬
‫)التاريخية(‬
‫ﻣدينة حلب ھي النموذج األھم للمدن القديمة التاريخية ‪ ،‬وھي صورة ﻣاض عريق‪ ،‬جذابة‪ ،‬ﺗتمتع بعمارة‬
‫ﻣشھورة ﺗشترك ﻣع كل ﻣراكز المدن القديمة‪ ،‬في ﻣشكالت ﻣتشابھة وﻣتعددة‪ ،‬فضال عن البنية التحتية‬
‫المتدھورة‪ ،‬وفي أواخر القرن التاسع عشر بدا السكان في ھجرﺗھا وﺗرك بيوﺗھم القديمة اعتقادا بأنھا غير قادرة‬
‫على التكيف ﻣع المتطلبات العصرية وھذا أدى إلى ﺗراجع الظروف المعيشية في أحياء بكاﻣلھا وﺗمزقت الروابط‬
‫االجتماعية وﺗراجعت الخدﻣات داخل المدينة القديمة ألن اإلعتمادات المخصصة للصيانة اليوﻣية كانت ﻣحدودة‪،‬‬
‫ولھذا فإن وجود النسيج التاريخي وأسلوب حياﺗه‬
‫أضحى في خطر‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬
‫بدأت الدولة ﺗدرك خطورة الوضع داخل ﻣدينة حلب‬
‫وﻣن ھنا بدأت فكرة ﻣشروع إعادة إحياء المدينة‬
‫القديمة ‪ ,‬وكان ھدفه حفظ النسيج الفريد للمدينة‬
‫القديمة ‪ ,‬إبطاء وﺗقليل ھجر المناطق السكنية‪،‬‬
‫ﺗوجيه وﺗحسين التطور االجتماعي واالقتصادي‪ ,‬و‬
‫ﺗطوير اإلسكان والظروف المعيشية‪.‬‬
‫كان ھناك ﺗأكيد واضح على ﺗطبيق البنود التي‬
‫جاءت في اﺗفاقيات وﻣعاھدات ﻣنظمة اليونسكو‬
‫إضافة إلى ذلك فقد كان ھناك ﺗأكيد على اعتماد‬
‫شكل ) ‪ (3‬أسواق حلب‬ ‫ﻣعايير الحماية الدولية التي نصّ ت عليھا اﺗفاقية‬
‫المصدر ‪www. rb100.com :‬‬ ‫فينيسيا وﻣؤﺗمر التراث العالمي في أعمال الترﻣيم‬
‫التي ﺗتم في المدينة‬

‫‪14‬‬
‫‪ -3-1-7‬السياسات المتبعة في تنفيذ المشروع‬
‫إن الحلول والمعايير المنفصلة والجزئية ال ﺗستطيع أن ﺗتماشى ﻣع حجم وﺗعقيد المشكالت الموجودة‪،‬‬
‫فالمدن التاريخية العربية اإلسالﻣية حيث ﺗعتبر ﻣدينة حلب نموذجا ﻣثاليًا لھا‪ ،‬نشأت عبر قرون عديدة وﺗشمل‬
‫خليطا غنيًا ﻣن الوظائف العمرانية والقيم االجتماعية والمالﻣح المعمارية‪ ،‬وقد أدرك المخططون في العديد ﻣن‬
‫ھذه المدن ھذا األﻣر وقاﻣوا بتبني سياسة ﻣتكاﻣلة لعملية اإلحياء‪ ،‬وﺗربط ھذه السياسة المؤثرات االقتصادية‬
‫واالجتماعية والفنية واإلدارية ضمن عملية شاﻣلة‪) ،‬الصالح‪ ،‬عماد ‪.(2003 ,‬‬

‫‪ -4-1-7‬المراحل و االنجازات التي مرت بھا عملية الحفاظ على مدينة حلب‬
‫قاﻣت وزارة الثقافة‬ ‫‪-‬‬
‫بتسجيل األحياء داخل األسوار‬
‫كمناطق أثرية يمنع فيھا الھدم‬
‫والبناء ويسمح فقط بالترﻣيم‪.‬‬
‫ﺗم ﺗكليف اليونسكو‬ ‫‪-‬‬
‫بوضع فريقًا ﻣن الخبراء للحفاظ‬
‫على حلب القديمة وﺗطويرھا‪،‬‬
‫ﺗم إدراج حلب في سجل‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣواقع التراث العالمي‪ .‬كما ﺗم‬
‫ﺗسجيل األحياء التاريخية الواقعة خارج‬
‫شكل )‪ (4‬احد المساكن بمدينة حلب القديم قبل الترﻣيم و بعدة‬
‫المصدر‪ :‬ﻣجد نجدي‪2010 ,‬‬ ‫األسوار كمناطق أثرية‪.‬‬
‫إلغاء المخطط التنظيمي‬ ‫‪-‬‬
‫لمدينة حلب القديمة رسميًا‪ .‬و ﺗشكيل‬
‫ﻣكتب خاص بالمدينة القديمة في إدارة ﻣدينة حلب‪.‬‬
‫ﺗم ﺗوقيع اﺗفاقيتي ﺗعاون ﻣع الصندوق العربي ووزارة التعاون التقني األلمانية )‪ (GTZ‬للمساھمة في‬ ‫‪-‬‬
‫دعم المشروع‪.‬‬
‫ﺗم إعداد ﻣخطط ارﺗقاء طويل األﻣد لبعض المناطق ﻣن قبل المخططين و المعماريين ﻣثل ﻣخططات‬ ‫‪-‬‬
‫المواصالت‪ ،‬المياه والصرف الصحي‪ ،‬المخططات االقتصادية و البيئية‪ .‬و ﺗم انجاز جزء كبير ﻣن ھذه‬
‫المخططات ‪.‬‬
‫ﺗم وضع نظام للتمويل له اعتمادات ﻣن جھات ﻣختلف يھَدَف إلى ﺗنشيط الجھود وفق أھداف التخطيط‬ ‫‪-‬‬
‫التي ﺗناولت إ صالح البيوت الخاصة المھددة باالنھيار و ﺗحديث الشبكة التحتية‬
‫ﺗم وضع خطط لمشاريع غرضھا إصالح المنطقة على كافة األصعدة وجعلھا أكثر جاذبية كمشروع‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗرﻣيم نموذجي لمنطقة ذات طابع ﺗجاري وﺗحتوي على ﻣباني ﺗاريخية ھاﻣة ﻣثل الخانات والبيمارستان‪ .‬وكذلك‬
‫ﺗرﻣيم نموذجي ذو طبيعة سكنية كما بشكل )‪ (4‬و )‪ ، (5‬ويھدف إلى ﻣساعدة سكان الدور ورفع ﻣستوى سكنھم‬
‫‪ -‬ﺗم انجاز دراسات لعدة ﻣباني ﺗاريخية ويتم إعداد دراسات ﺗرﻣيمية وﺗوثيقية لھذه المباني‬
‫‪ -‬ﺗم وضع ﻣعايير للتصميم العمراني لنقاط التقاء الشوارع لتنظيم الفراغات العمرانية‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗم ﺗحديد ﻣسار سياحي يصل بين جميع المعالم السياحية‬

‫‪ -5-1-7‬القيم المستفادة من تجربة مدينة حلب‬


‫ﺗعتبر ﺗجربة حلب ﻣن التجارب الناجحة عالميًا حيث حصلت على جائزة األغا خان للعمارة اإلسالﻣية‬ ‫‪-1‬‬
‫ظھر ﻣفھوم المشاركة الشعبية بشكل واضح في عمليات التأھيل‪ ،‬ﻣن خالل برناﻣج القروض الذي‬ ‫‪-2‬‬
‫أعطي للسكان لترﻣيم ﻣبانيھم‪ ،‬األﻣر الذي يعزز انتماء السكان وارﺗباطھم بمبانيھم‬
‫قام المشروع بتطوير براﻣج للصيانة‪ ،‬باإلضافة إلى ﺗدريب المعماريين والمھندسين والحرفيين‬ ‫‪-3‬‬
‫المختصين في ﺗقنيات الترﻣيم وذلك وفق براﻣج ﺗدريب خاصة ﻣترافقة ﻣع أعمال إحياء المناطق التاريخية‬
‫والمباني السكنية‪.‬‬
‫ﺗميز المشروع بتحقيق االستداﻣة التي ھي ﻣن أھم ﻣبادئ عملية إعادة التأھيل واستمرارية المشروع‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ 2-7‬التجربة الثانية‬
‫ترميم مدينة ﺷبام التاريخية في الجمھورية اليمنية‬

‫‪15‬‬
‫احد أھم المدن األثرية في حضرﻣوت ﻣدينة المدن اليمنية وأكثرھا شموخا )ﻣدينة شبام( ‪،‬عنوان‬
‫لقدرة اليمني على اإلبداع وعبقرية البناء الذي ﻣازال حتى وقتنا الحاضر ﻣميزا‪ ),‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -1-2-7‬موقع و مميزات مدينة ﺷبام الطينية‬


‫ﺗقع على ﻣساحة ارض ﻣحدودة بين أوديه وﺗحيط بھا ﻣياه السيول والنخيل ‪ -‬يحيط بالمدينة سور ﻣتصل له‬
‫ﻣدخل واحد ويسمى )سدة شبام ( ﺗرﺗفع بيوت وﻣنازل المدينة المختلفة المبنية ﻣن اللبن بشكل ﻣثير لإلعجاب‪،‬‬
‫كما بشكل )‪.(6‬‬
‫وضعت ﻣدينة شبام القديمة ﻣنذ عام ‪ 1982‬على قائمة ﻣنظمة اليونسكو للتراث الحضاري العالمي وذلك بسبب‬
‫احتوائھا على ‪ 430‬ﻣبنى ﻣن المباني الطينية المأھولة التي يصل عدد طوابقھا إلى ﺗسعة طوابق‪ .‬وبسبب‬
‫التحوالت التكنولوجية والسياسية واالقتصادية التي ﺗخللت القرن العشرين ﻣا لبثت المدينة أن فقدت أھميتھا و‬
‫ﺗدھورت األوضاع في المدينة وبدأت باالنھيار ‪.‬وھو ﻣا ھدد في نھاية األﻣر ھذا التراث الحضاري العالمي‬
‫وعرضه لخطر االندثار‪.‬‬

‫‪ -2-2-7‬التخطيط المعماري للمدينة‬


‫يمكن القول أن ﻣدينة شبام ﻣن حيث المساحة ورقعة المباني كانت ﻣتسعة أكثر ﻣما ھي عليه اآلن إذ ھدﻣتھا‬
‫السيول وجارت عليھا الحروب بالويل والخراب والﺗقاء الخطر األول ﺗوصل ﻣھندسو شبام إلى فكره بناء سد‬
‫)الموزع( غرب شبام عند ﻣلتقى ﻣياه السيول وقد ﺗم بناؤه ﻣن الحجر والطين ولبس سطحه بمالط الرﻣاد والزال‬
‫صاﻣدًا حتى الوقت الراھن آية ﻣن آيات العمارة اليمنية والتخطيط الحكيم‪ ،‬فھو ﻣن ناحية يحمي المدينة ﻣن‬
‫السيول وينظم في نفس الوقت عملية الري الزراعي ويحيط بشبام سور قديم ﻣن الطوب الطيني ولھذا يطلق‬
‫عليھا بالمدينة المسورة حيث يعتبر ھذا السور الخارجي وسيلة ﻣھمة للدفاع عن المدينة ويوجد بھذا السور‬
‫ﻣدخل واحد فقط للمدينة يسمى )السدة( أي البوابة الكبيرة وھي ﺗتصل ﻣباشره بفناء داخلي كبير يعتبر ﻣن‬
‫المساحات الرئيسية في ﻣدينة شبام وھذا السور القديم يعتبر ﻣن العناصر المميزة لشبام حيث يتراوح ارﺗفاعه ﻣن‬
‫‪7.5‬ﻣتر إلى ‪9‬‬

‫شكل )‪ ( 6‬ﻣدينة شبام‬


‫المصدر‪http://www.shibamonline.net :‬‬

‫‪16‬‬
‫ونظرا لضيق المساحة فقد ﺗم ﺗخطيط المدينة بطريقة‬
‫دقيقة وﻣنتظمة وكان التوسع الرأسي نتيجة ضرورية‬
‫لذلك وانحصرت المباني العاﻣة فيھا في المساجد‬
‫والجواﻣع واألسواق كما ﺗوجد آثار لمستشفى شبام‬
‫القديم على ﻣقربة ﻣن زاوية السور الشمالي والشرقي‬
‫للمدينة ونالحظ بأن التالصق الشديد للمباني أدى إلى‬
‫عمل دھاليز وﻣمرات ﺗسمح بمرور الساكنين والھدف‬
‫ﻣن ذلك ضمان الناحية األﻣنية والدفاعية للمدينة كما‬
‫بشكل )‪.(7‬‬
‫و ﺗتميز العمارة الطينية في ﻣدينة شبام بالبساطة‬
‫والفخاﻣة‪ ،‬وﺗتجلى ھذه البساطة في استخدام المواد‬
‫المحلية في البناء ﻣثل الحجر والطين والخشب‬
‫وببساطة ﻣرﺗبطة بالذوق الفن كما ﺗتميز عن بقية ﻣدن‬
‫الوادي بعلو ﻣبانيھا والتي ﺗصل إلى ﺗسع طوابق ﻣن‬
‫شكل )‪ (7‬ﻣخطط لمدينة شيام القديمة‬ ‫الطين وھذا فيه نوع ﻣن الجرأة الھندسية حيث وفرت‬
‫المصدر‪http://www.alshibami.net :‬‬
‫الواجھات المرﺗفعة ذات النتؤات البارزة ﻣساحات ﻣن‬
‫الظل والمعكوس على ساحات ﺗلك المباني‪ ،‬و التي كانت‬
‫ﻣعظمھا ﺗطلى بالنورة البيضاء) الجير الكلسي( وذلك‬
‫لعكس أشعة الشمس الحارة كما بشكل)‪.(8‬‬

‫‪ -3-2-7‬مشروع التنمية الحضرية لمدينة ﺷبام‬


‫يھدف المشرو ُ‬
‫ع إلى إيجاد آلي ٍة ﺗكف ُل الصيانة‬
‫المستمرة للمنازل التاريخية في ھذه المدينة األثرية‬
‫ذت عملية ﻣسح وﺗوثيق شاﻣلة لكل‬ ‫الھاﻣة‪ ،‬وقد نفﱟ ْ‬
‫ْ‬ ‫ﱠ‬
‫ﻣن ھذه المنازل‪َ ،‬ﻣكنت ﻣن إشراك ﻣالكي‬ ‫ﻣنزل ْ‬
‫َو ُس ﱠكان المنازل في البرناﻣج‪ ،‬وﺗحديد األولويات‬
‫ض ْع جدول زﻣني ﻣرن‬ ‫المتعلقة بالتدخالت ‪ ,‬و َو َ‬
‫للتنفيذ‪» .‬والمشروع يُنفﱠذ بالتعا ُون بين الصندوق‬
‫االجتماعي‪ ،‬وﻣشروع التنمية الحضرية بشبام و‬
‫ﻣنظمة التعا ُون الفنﱢي األلماني ‪ GTZ‬وحتى اآلن‪،‬‬
‫شكل )‪ ( 8‬ﻣنظر عام لمدينة شبام‪.‬‬ ‫استكملت التدخالت في أكثر ﻣن ‪130‬ﻣنزل ‪,‬حوالي‬
‫المصدر‪http://www.archnet.orgt :‬‬ ‫‪%30‬ﻣن إجمالي المنازل القائمة‬

‫يمكن تلخيص الجھود التي بذلت للحفاظ على ﺷبام التاريخية على النحو التالي‪:‬‬
‫الحفاظ على المدينة التاريخية ﺗم باستخدام ﻣواد البناء القديمة واألصلية التي ﺗ ﱠم بھا إعادة النظام القديم‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗرﻣيم المباني التي ﺗم ھجرھا ﻣن قبل األھالي في السبعينات وھي ﻣعرضة للخراب حاليا واالستفادة‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣنھا ‪ -‬كونھا ﺗمثل ﻣنع البناء باالسمنت والبلوك )الباردين( إال في الحاالت التي ﺗبرر ذلك وﻣن خالل وضع‬
‫جزءا أساسيًا ﻣن المخزون العمراني‬
‫ﻣنع البناء باالسمنت والبلوك )الباردين( إال في الحاالت التي ﺗبرر ذلك وﻣن خالل وضع رخص للبناء‬ ‫‪-‬‬
‫لتفادي البناء العشوائي والعفوي على أن يتم ذلك بشكل ھادئ وﻣقنع ﻣع لفت انتباه األھالي وﺗعميم بعض‬
‫المالحظات المتعلقة بالتصميم الخارجي والداخلي والبناء وھذا يؤدي إلى وضع ضوابط وﺗوعية األھالي‬
‫وأصحاب البناء إلى المبادئ والعناصر المستخدﻣة‬
‫‪ -‬إن إعادة ﺗأھيل أكثر ﻣن ) ‪ ( 200‬ﻣنزل وﺗطوير األنشطة االجتماعية وﻣشروع التطوير الحضري ساھم‬
‫في جعل ھذه المدينة أحد أحياء المجتمع بدال ﻣن كونھا ﺗحفة ﻣعمارية فقط‪ ،‬فمن خالل ﺗضافر الجھود المختلفة‬
‫للجمعيات والفنانين المعماريين استطاعت ﻣدينة شبام أن ﺗتحاشى اإلھمال الذي أوشك أن يھدﻣھا‪ ،‬و بذلك يمكن‬

‫‪17‬‬
‫القول إن ﻣن أھم القيم المرﺗبطة بھذا المشروع إن ﻣدينة شبام حضرﻣوت نجحت في الحفاظ على العمارة الطينية‬
‫وعلى الحياة داخل المدينة‪ ،‬ولھذا حازت شبام على جائزة األغا خان الدولية‪.‬‬
‫إن ﻣشروع بشبام ليس فقط للحفاظ على المباني وإنما ﺗركز على ﺗأھيل اإلنسان الشباﻣي نفسه‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣن حيث التأھيل والتدريب وإدارة ﻣثل ھذه األعمال المتعلقة بفن الترﻣيم وﺗنمية الموروث الحرفي‬
‫وإعادة إحيائه وإبرازه على الوجود‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -3-7‬التجربة الثالثة‬
‫مشروع تھيئة ساحة الجرابة في القيروان – تونس‬
‫ﺗكوّ ن بطحاء الجرابة فضاء ﺗاريخيًا يقوم‬
‫بدور المركز التجاري‪ ،‬فھو يحتوي على عدد‬
‫ﻣن دكاكين النساجين وغازلي الصوف‬
‫والصباغين كما بشكل )‪, (9‬وقد أشرفت‬
‫ﻣؤسسة ريھابيماد بالتعاون ﻣع اإلﺗحاد‬
‫األوروبي على ﺗھيئتھا في بداية القرن‬
‫العشرين وھ ّدﻣت بعض دكاكينھا ووقعت‬
‫ﺗوسعتھا وﻣنذ ذلك التاريخ ﺗحولت إلى حلقة‬
‫وصل بين الطرق الرئيسية في قلب المدينة ‪.‬‬
‫)وﺗبلغ ﻣساحة ھذه المنطقة ألف ﻣتر ﻣربع‬
‫وﺗجمع ﻣباني ﻣھمة ﻣن زوايا وﻣستوصف‬
‫وأسواق وﻣسجد األبواب الثالثة‪ ,‬وﻣقام‬
‫ﻣوالي الطيب‪,‬‬
‫شكل )‪ ( 9‬ساحة الجرابة‬ ‫وفى سنة ‪ 1995‬ﺗم ﺗھيئة كاﻣل المسلك الرابط‬
‫المصدر‪www.rehabimed.net :‬‬ ‫وھو‬ ‫بين باب المدينة الجنوبي والجاﻣع األعظم‪،‬‬
‫ﻣن أھم المسالك السياحية في المدينة إن لم يكن‬
‫أھمھا على اإلطالق‪ ،‬فقد ر ّﻣمت كل الواجھات وﺗ ّم إخفاء الشبكة الكھربائية وشبكة االﺗصاالت و ﱡبلطت األرضية‬
‫ور ّﻣمت بعض الدور ووضعت عالﻣات التوجيه ولم ﺗبق سوى بطحاء الجرابة التي ﺗحتل ﻣوقعا ﻣركزيا ضمن‬
‫المسلك ‪ ) ,‬ﻣجد نجدي‪.(2010 ,‬‬

‫‪ -1-3-7‬استراتيجيات مشروع تھيئة ساحة الجرابة‬


‫ﻣن اجل ﺗھيئة ساحة الجرابة ﺗم وضع برناﻣج عملي يقصد إلى إبراز أھميتھا وأھمية ﻣحيطھا المباشر‬
‫كانت ﻣن أھم استراﺗيجياﺗه األﻣور التالية ‪:‬‬
‫ﺗحديد ألولويات المشاكل المؤثرة في الساحة و ﻣدى خطورﺗھا‬ ‫‪-‬‬
‫إن أساس عملية إحياء النسيج العمراني للبطحاء يتمثل في ﺗحسين قابلية النفاذ إليھا ﻣع المحافظة على ﻣنطقة‬
‫للمشاة وذلك بتوفير ﻣسالك خاصة بالسيارات‪،‬‬
‫ﻣراقبة األنشطة االقتصادية وﺗوجيھھا حتى ﺗحافظ البطحاء على األنشطة المالئمة لطبيعتھا‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗحسين الخدﻣات العاﻣة والمحيطة و الماء الصالح للشراب والتطھير والتنوير وجمع الفضالت المنزلية‬ ‫‪-‬‬
‫المحافظة على المعالم األثرية والعناصر التراثية خاصّة عن طريق الترﻣيم وإعادة استعمال المواد وﺗثمين‬ ‫‪-‬‬
‫المعالم وإعادة ﺗوظيفھا‪.‬‬
‫ﺗنفيذ لعدد ﻣن عمليات التھيئة كالتالي ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعزز أھمية المسلك المؤدي إلى المقھى وإلى األسواق المغطاة ‪.‬‬ ‫إقاﻣة" سباط )ﻣمر ﻣسقوف( ّ‬ ‫‪-‬‬
‫إزالة المحوّ ل الكھربائي لتوسعة البطحاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫غرس ست نخالت لترسيخ ھويّة البطحاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إعادة ﺗھيئة واجھة المستوصف الذي يحتل ﻣوقعا ُﻣھ ّما ويفتح ﻣباشرة على البطحاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫البحث عن ﺗبليط ﻣالئم يُذكر بمربعات الخزف التي ﺗزين ﻣحراب الجاﻣع األعظم‬ ‫‪-‬‬
‫وضع لوحات ﺗوجيھية و خارطة لمدينة القيروان ﺗبرز نقاط الزيارة األساسية وﺗقدم ﻣعلوﻣات حول أھ ّم‬ ‫‪-‬‬
‫المعالم في الموقع‪.‬‬
‫ﺗثبيت ﻣنحوﺗة أو عنصر ﻣن المعدن يذكر بماضي ﻣدينة القيروان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الغربي للبطحاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ﻣ ّد رصيف حول الجزء الجنوبي الشرقي والجزء الجنوبي‬ ‫‪-‬‬
‫اقتراح إقاﻣة عناصر عمودية ﺗصلح في اآلن نفسه حاﻣالت فوانيس إنارة ﻣالئمة‬ ‫‪-‬‬

‫‪18‬‬
‫غربي البطحاء‪ ،‬ﺗستدعي اھتماﻣا خاصا ويمكن للبلدية أو المعھد الوطني للتراث‬
‫ّ‬ ‫البناية المقاﻣة في شمال‬ ‫‪-‬‬
‫أن ﺗقترح لھا ﺗوظيفا يالئم االختيارات التي ﺗؤدي إلى ﺗنشيط السياحة‪.‬‬
‫ﻣن الجدير بالذكر اسُتكمل العمل في‬
‫ﺗجديد ھذه الساحة التاريخية التي ﺗعتبر‬
‫شريانا رئيسيا في القيروان القديمة التي‬
‫ﺗعيش داخل األسوار‪ ،‬وذلك باالعتماد‬
‫على ﺗمويل ﻣن البنك الدولي وصناديق‬
‫" )‪.(Europe Heritage‬إسالﻣية‬
‫وبرناﻣج" التراث األوروبي المتوسطي‬
‫وقد حرص األوروبيون على المحافظة‬
‫على الطابع التاريخي للساحة وإبراز‬
‫قيمتھا الثقافية في إطار االندﻣاج ﻣع‬
‫المعالم العمرانية المحيطة بھا ‪.‬وبھذا‬
‫المعنى عززت الترﻣيمات ﻣوقع الساحة‬
‫بوصفھا شريانا رئيسيا في المسار‬
‫السياحي الثقافي‬
‫بعد االنتھاء ﻣن أشغال التھيئة والتھذيب‬
‫شكل )‪ ( 10‬ساحة الجرابة بعد التھيئة‪.‬‬ ‫أصبحت بطحاء الجرابة والتي ﺗسمى‬
‫المصدر‪www.eurajar.org/ar/euromed-articles :‬‬ ‫أيضا بطحاء زروق‪ ،‬الممر المحبذ داخل‬
‫ﻣدينة القيروان العتيقة وعنصرا أساسيا‬
‫في المسلك السياحي الواصل بين األسواق والجاﻣع الكبير كما بشكل )‪, (10‬ولقد بدأت ﻣالﻣح انتعاش البطحاء‬
‫في الظھور‪ ،‬ذلك أن بعض الدكاكين التي كانت ﻣھملة وﻣقفلة فتحت أبوابھا ودبّت فيھا الحياة ﻣن جديد‪ ،‬أﻣا‬
‫السياح فقد أصبحوا يتوقفون طويال لالستمتاع بجمال المشھد المعماري الذي يوفره المكان‪ .‬لقد كان أساس‬
‫ﻣشروع ﺗھيئة البطحاء وإحيائھا ھو التوفيق بين الخصوصية الثقافية المتمثلة في حيويّة بطحاء الجرابة ﻣن ناحية‬
‫وبين وجوب ﺗوفير فضاء عمراني قادر على المنافسة وعلى ﺗقديم ﻣنافع لمستعمليه ﺗضاھي المنافع التي‬
‫يحصلون عليھا في فضاء آخر ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -5-7‬التجربة الرابعة‬
‫تجربة المملكة العربية السعودية‬
‫في إطار اھتمام المملكة العربية‬
‫السعودية بالحفاظ على ﺗراث وآثار المملكة‬
‫فقد قاﻣت األﻣانة العاﻣة بترﻣيم وإعادة بناء‬
‫جسور المدينة المنورة بوادي العقيق و ﺗرجع‬
‫أھمية ﺗلك الجسور بوادي العقيق إلى كونھا‬
‫وصلة ربط في الماضي بين دﻣشق والمدينة‬
‫المنورة والذي كان يعتبر في ھذا الوقت حدث‬
‫ھام جدا انظر شكل )‪ ,(14‬ولذا ﺗعتبر ھذه‬
‫الجسور ﻣن ﻣعالم ﺗراث المدينة المنورة حيث‬
‫أنھا ﺗمثل قيمة ﺗاريخية وﻣعمارية كبيرة ‪ ،‬و‬
‫انه يمكن االستفادة ﻣنھا كمزار وﻣتنزه سياحي‬
‫شكل رقم )‪ ( 1 4‬قطار الحجاز الذي يمر على جسور وأدى‬ ‫عالمي‬
‫العقيق بالمدينة المنورة ‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬حسن السيد ‪ ,‬يوسف الرافعى‪.2008 ,‬‬
‫‪ -1-5-7‬وصف عام للجسور ‪:‬‬
‫بنيت ھذه الجسور في عھد السلطان عبد‬
‫الحميد الثاني )‪1909 – 1876‬م( وذلك في‬
‫الفترة ﻣابين )‪1908 – 1900‬م( ‪ .‬و ﺗتكون ﻣن‬
‫أربعة جسور ﻣختلفة األطوال ‪ ،‬وﻣن المالحظ‬
‫بالشكل رقم )‪ (15‬إنھم على ﻣسافات ﻣختلفة‬
‫فنجد أن جسر ‪ A‬وجسر ‪ B‬ﻣتجاورين ‪ ،‬وأن‬
‫جسر ‪ C‬وجسر ‪ D‬ﻣتجاورين ويمر يھما ﻣجرى‬
‫السيل ‪ .‬أﻣا جسر ‪ D‬ھو الجسر األكبر والذي‬
‫كان أكثر عرضة للسيل فقد ﺗم إزالته نظرا‬
‫لسقوط عقدﺗين ﻣنه بعد السيول التي اجتاحت‬
‫المدينة في ذي الحجة عام ‪ 1426‬ھـ باإلضافة‬
‫إلى حوادث السقوط التي ﺗضرر ﻣنھا المشاة الذين‬
‫شكل رقم ) ‪ ( 15‬يوضح الجسور األربعة بوادي العقيق‬
‫يعبرون الجسر ‪ ،‬وقد ﺗم رفع األحجار وﺗخزينھا‬
‫بالمدينة المنورة‬
‫بإدارة الصيانة باألﻣانة وحفظھا ﻣن الضياع‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬حسن السيد ‪ ,‬يوسف الرافعى‪.2008,‬‬
‫‪ -2-5-7‬مشروع الحفاظ على موقع الجسور ‪:‬‬
‫اعتمدت فكرة الحفاظ على ﻣوقع الجسور التراثي على جعلھا ﻣزار سياحي ھام لكونھا ذات قيمة ﺗاريخية‬
‫وﻣعمارية حيث أنھا ﻣن المعالم التراثية بالمدينة المنورة ‪.‬فمنطقة الجسر ﺗتوفر بھا عدة عناصر ھاﻣة ھي وجود‬
‫الجسور األربعة ووجود ﻣجرى السيل وكذلك ﺗقع على شبكة طرق رئيسية ھاﻣة ‪.‬‬
‫ولھذا الغرض ﺗم ﺗرﻣيم الجسور الموجودة بالموقع وإعادة بناء الجسر المتھدم انظر شكل )‪, (16‬وربطه بالجسر‬
‫بمنطقة ﻣجرى السيل ﻣع إضافة ھاندريل ﻣن الحديد له حتى يحقق اآلﻣان للمشاة‬
‫‪ ،‬كما روعي في ھذا المشروع ﺗوفير آﻣاكن النتظار السيارات بمساحة كافية ‪ ،‬وكافيتريا ﺗخدم رواد المكان لھا‬
‫شكل دائري ﺗطل بمنظر بانو راﻣا على ﻣنطقة الجسور التي ﺗقع بمجرى السيل ﻣن خالل برجوالت دائرية ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عمل ﻣدرجات يمكن استغاللھا كمحكي يطل على الجسور ويتم إضاءﺗھا ليال على طريقة‬
‫"الصوت والضوء" انظر شكل )‪.(17‬‬
‫كما روعي ﺗنسيق الموقع بعمل ﻣمرات ﻣشاه يتخللھا ﻣسطحات خضراء وأشجار ﻣختلفة األنواع واألحجام‬
‫وﺗوفير أﻣاكن للجلوس بالمتنزه باإلضافة إلى عمل اإلضاءة المناسبة للمكان سواء المباشرة والغير ﻣباشرة ‪ .‬وقد‬
‫راعى ھذا الحل االحتفاظ بمكان بئر المياه الموجود بالمنطقة حيث يمكن االستفادة ﻣنه لخدﻣة ﻣنطقة الورش‬
‫وقاطني المنطقة ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫أيضا حقق ھذا الحل ﺗوفير ﻣحالت صغيرة لبيع الصور والكتيبات التذكارية الخاصة بمنطقة الجسور واألﻣاكن‬
‫الھاﻣة المحيطة ‪ ،‬وھذه المحالت ﺗحقق الھدف المرجو وھو اإلرشاد السياحي ‪.‬‬

‫شكل رقم ) ‪ ( 16‬اقتراح إعادة بناء الجسر الكبير الذي يقع في ﻣخر السيل بأسلوب إنشائي‬
‫يتحمل ويقاوم قوة دفع ﻣياه السيول وكذلك ﺗجنبا لحدوث انھيارات به ﻣرة أخرى ‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬حسن السيد ‪ ,‬يوسف الرافعى‪2008,‬‬

‫شكل رقم )‪ (17‬الحل المقترح لمشروع الحفاظ على ﻣنطقة الجسور بوادي العقيق بالمدينة المنورة‬
‫المصدر ‪ :‬حسن السيد ‪ ,‬يوسف الرافعى‪2008,‬‬

‫ﻣع ﺗمنياﺗى بالتوفيق‬


‫د‪ /‬ﻣحمود طارق‬

‫‪21‬‬

You might also like