Professional Documents
Culture Documents
Bibliographie
3-Cote .M (1987) Les milieux et les hommes dans les pays Méditerranéens Etudes
Méditerranéennes Fascicule 11
4- Derruau. M (1974) Précis de Géomorphologie 6ème/ édition Masson
et Cie. Editeur
مقدمة عامة عن الجيومرفولوجية املناخية
تدرس الجيومرفلوجية املناخية التضاريس في عالقتها باملناخ ،لهذا فهي تعتبر استمرارية للجيومرفولوجية
الدينامي التي تهتم بمختلف العالقات التي تتحكم في رسم معالم السطح (سواء كانت هذه العالقات بنيوية أو
مناخية) فتضاريس السطح ال يمكن دراستها بمعزل عن البنية أي الصخارة والتكتونية وال عن املناخ الذي
يترجم تنوع األنظمة املورفوتشكالية باستغالل املناخ للهندسة البنائية (التكتونية ،Tectonique
( ،)Morphogénitiqueوهذا على خالف املورفولوجية البنيوية التي تهتم بالتكتونية من جهة أي اإللتواءات
الحظ املتخصصون في ميدان املورفلوجية منذ بداية القرن املاض ي تنوعا في األشكال التضاريسية
وتباينها بتباين األوساط البيو -مناخية ،وقد لجأ الباحثون إلى إبراز هذا التباين باالعتماد على مجموعة من
العلوم األخرى (كعلم املناخ والبيولوجية والبنائية والترابة والجيو -كمياء والجيولوجية والهيدرولوجية) وذلك
يظهر أثار املناخ على التضاريس ( )Reliefأوال في استغالله للبنية الجيولوجية ،فهو يتعامل مع الصخور
بانتقائية ( ،)sélectivitéويظهر هذا فيما يعرف بالتعرية التباينية ( ،)Erosion sélectiveفاملناخ ينتقي كل
الصخور الهشة والسهلة لإلزالة فيكشطها ( )dénudationويزيحها ويترك على كلما هو صلب ومقاوم على شكل
تضاريس شاهدة.
كما يظهر تأثير املناخ ثانيا في الطرق املتباينة للتشكيل ،فاستغالله للتكتونية يتمثل في رسمه لألشكال
املورفوبنية ) ،(Morpho-structuraleلكن كل األشكال عامة تخضع لعاملي الصخارة والتكتونية .إال أن تأثير
الصخارة يظهر في مقاومتها وفي نسيجها ( )textureوتركيبها املعدني والبلوري ،ينضاف إلى كل هذا طبيعة لون
بين كرانيت اندساس ي والذي يدخل ضمن الصخور الباطنية وبين الصخور الرسوبية ( Roches
لعوامل املناخل املعتدل رغم وفرة املياه وغزارتها .فغياب عامل الحرارة يجعل منه صخرا صلبا ومقاوما ،في
املقابل يبدي نفس الصخر مقاومة أقل تحت املناخات املتوسطية النصف الجافة والجافة .فرغم ندرة املياه
فارتفاع الحرارة خالل فصل الصيف وغياب تربة أو فسخة تغطي الظهورات الكرانيتية تجعلها عرضة للتفكك
اآللي تحت وطأة التباين في لون البلورات بين امليكا السوداء التي تتمدد بفعل الحرارة في النهار ويتقلص حجمها في
نفس الصخر ،أي الكرانيت ،تغطيه في املناطق االستوائية ( )Zones équatorialesفسخات سميكة
تجعله من بين الصخور األكثر عرضة للتفسخ الكيماوي .يبدو أن الصخور الرسوبية كالرمال والطباشير تظهر
مقاومة أكبر في العروض الوسطى املعتدلة ،علما أنها صخور هشة وفتوتة ،هاتان الخاصيتان تمنحان لها
مقاومة أكبر فتصبح التضاريس املكونة منها أكثر ارتفاعا ،ويظهر الطباشير مقاومة أكبر من الرمال ،لكن هذه
الوضعية يمكن أن تصبح معكوسة تماما .إن األشكال التي تظهر مقاومة نوعية أمام املناخ املعتدل ،هي ليست
يظهر الطباشير والكلس مقاومة أقل في الدوائر القرب قطبية ،فالنفاذية الحالية لهذا الصخر وضعف
لحام الطباشير تجعله أكثر تأثيرا بالتصدع الجمدي حينما تنخفض الحرارة إلى ما دون الصفر بعدة درجات
مئوية فتمنح عملية التصدع هاته مواد دقيقة .وعلى العكس من ذلك تتصرف الرمال ارتباطا بحجمها الخشن،
فهي ال تحافظ على املياه كما أن السيل املرتبط بذوبان الجليد ال ينقل إال القليل منها .على عكس الحالتين
السابقتين ،ففي املناطق القاحلة والجافة تبدو الطبقات الرملية أكثر سهولة في الكشط والنقل عن طريق
الرياح.
يظهر أن تأثير املناخ على التضاريس يختلف باختالف النطاقات املناخية ،وهذا ما يفسر تباينا في
آليات التشكيل ،فامليدان البارد (الجليدي ،والقرب جليدي) يحتل العروض العليا أي كل املجاالت التي تمتد
شمال خط عرض ،°60وهذا امليدان تطبع تضاريسه سمات خاصة لها ارتباط بدينامية الجليد ،والحرارات
تحتل امليادين املدارية الرطبة املجاالت املكونة من الغابات االستوائية ومناطق السافانا (الخريطة
رقم )1:حيث تمتد من خط االستواء °0في اتجاه املناطق البي -مدارية الى حدود .°15
على خالف امليدانين السابقين فامليدان الجاف ينقسم الى ثالث نطاقات (النطاق النصف جاف،
النطاق الجاف ،والنطاق القاحل جدا) فاذا استثنينا الصحاري النطاقية (املرتبطة باملدارين) ،نجد امليدان
الجاف يحتل غرب القارات التي تضربها التيارات الباردة ،واملجاالت الخلف جبلية ،أوتلك املرتبطة برسم
السواحل ،يشهد النطاق الجاف بشكل عام ديناميات ترتبط بغياب املاء والحرارة املرتفعة والدينامية الريحية.
يمتد امليدان املعتدل على طول العروض الوسطى (خط )°40إال ان امتداده يتحكم فيه توزيع
اليابسة والبحار وأهم دينامية فيه ترتبط بآليات التترب في حضور الغابات النافضة ،لكن هذه القاعد تختل مع
امتداد القارات كما هو الحال بآسيا الوسطى التي تعتبر نطاق جاف بارد بالرغم من وجودها في العروض
الوسطى.
يبدو أن تأثير املناخ على التضاريس يترجم بتشكيل محدد ارتباطا بالبنية أي بدرجة ميل الطبقات
ونوعية الصخور وأشكال السفوح .فاملالحظة الدقيقة لألشكال البنيوية تظهر ذلك التنوع حسب النطاقات التي
تبذو الكويسطات التي نحتت في الصخور الكريطاسية في الصحراء ،أن جبهاتها نحتت ضمن صخور
كلسية صلبة تغلف طبقات صلصالية وجبسيه هشة تعود إلى نفس النظام ،لكن جبهاتها ترسم سفوح قوية
االنحدار تشرف على منخفضات مرافقة ضعيفة االنحدار ،تتقدم أقدام سفوح هذه الجبهات مهيالت للجاذبية
نحتت كلس حشافي جوراسية ،الحافات مقعرة شكلت سفوحها ضمن صلصال وطين بانحدار ضعيف ال يتعدى
بضع درجات ،على خالف الكويسطا الصحراوية التي يصل انحدار جبهتها إلى أكثر من .°25
تبدو أصالة التشكيل في منطقة ما بوجود أشكال نوعية مستقلة هذه املرة عن البنية الجيولوجية،
وترجع أصالة هذه األشكال املورفولوجية إلى نوعية التعرية املحلية ،وهنا يمكننا الحديث عن أشكال تضاريسية
مناخية .لهذا وحتى ال نغوص في العموميات سنركز على بعض األمثلة فقط ،وأن خير مثال على التضاريس
املناخية يأتي من املقارنة بين األودية الجليدية واألودية النهرية ،فالقطاع املستعرض للحالة األولى يبذو فيها قعر
الوادي متسعا يشرف عليه من الهوامش سفحان شبه عموديان ،بينما في الثانية أي الوادي النهري فقطاعه
املستعرض يظهر سفحان أقل عنفا في انحدارهما يشرفان على مجرى ينقسم إلى قسمين :مجرى فيض ي متسع
يتخذ في بعض الحاالت شكل سهل غريني ضيق ومجرى اعتيادي تجري فيه املياه العادية ،أما القطاع الطولي
لألول فهو غير منتظم تتوالى فيه املنخفضات واملغاليق ) (des verrousبينما الثاني فقطاعه الطولي منتظم إال
في املجاالت التي تعرف انقطاعا في االنحدار نتيجة لحوادث بنائية فتعطي بذلك شالالت صخرية.
إلى جانب االختالف على مستوى الشكل التضاريس ي ،هناك اختالف ثان متعلق بالجريان
(.)écoulement
تبدو االودية في املناطق الجافة والحارة جد متسعة علما أن الجريان فيها ال يتعدى بضع دقائق في السنة
أو بعد مرور عدة سنوات متتالية من الجفاف يرجع اتساع االودية هنا الى طبيعة املناخ الدي يؤثر بشكل مباشر
على الجريان وقوته فاتساع القطاع املستعرض خاصية تطبع النطاق الجاف.
يترتب التطور املورفولوجي الناتج عن تدخل املناخ في االتصال بين الغالف الصخري ()Lithosphère
والغالف الجوي ( )Atmosphèreنتيجة لعدة عوامل متداخلة معقدة تشتغل في ان واحد على نفس السطح،
ومن أسباب هذا هو تنوع تدخل اآلليات املناخية من حرارة ورطوبة وجريان وغطاء نباتي أو عشبي ،ينضاف
تتعد أشكال تدخل املناخ في آليات ( )mécanismesالتشكيل املورفولوجي إن على مستوى تجزيئ
الصخور عبر اآلليات امليكانيكية والكيماوية أو من حيث تنوع أشكال التدخل حسب النطاقات وحسب طبيعة
الغطاء النباتي والتربة ،وهكذا يمكننا حصر تدخل املناخ في التشكيل في عنصرين:
-1-1التأثير املباشرللمناخ
يأتي التدخل املباشر للمناخ في املناطق التي تعرف غطاء إحيائي فقيرا أو منعدما ،حيث تبدو الظهورات
الصخرية عارية على مساحات شاسعة ارتباطا بتطرف املناخ (صحراء لوط إيران) ،أو بفعل أمالح سامة
ومتوفرة بكثرة كما هو الحال في الشطوط (املغربية ،والجزائرية ،والتونسية) والسبخات .هذا االتصال املباشر
بين الغالفين الصخري والجوي يطبع املناطق القاحلة عامة إما بفعل الجفاف أو البرودة املفرطة ،فحتى
التكوينات السطحية ( )superficielles formationsفي هذه امليادين تكون ضعيفة السمك وال تصل مرحلة
تطورها إلى درجة التترب الحقيقي ،لهذا فأغلبية األتربة في هذه امليادين تكون هيكلية أو معدنية خام.
تشتغل آليات التجوية ( )météorisationفي هذه األوساط ارتباطا بالظروف املناخية ،وهي في الغالب
آليات التفكيك الحبيبي ) (Désagrégation granulaireتزيد سرعتها أو تتناقص حسب املعطيات الحرارية
تشكل ظاهرة التصدع الجمدي ( )gélifraction, cryoclastieأحد أهم اآلليات التي تسجل في الصحاري
الباردة كصحراء آسيا الوسطى ،وأهمية هذه اآللية يتحكم فيها التواتر بين فترات الجمد والذوبان واملدة الزمنية
التي يستمرها هذا الجمد ،ينضاف إلى كل هذا سمك الكتلة الصخرية املتأثرة بالبرودة ،وهذا العنصر يرتبط
بطبيعة الصخر ومساميته ونفاذيته وطبيعة تركيبته البلورية ،لهذا يجب الفصل حسب نوعية الصخر بين
تصدع جمدي خشن يسجل في الصخور ذات املسام الكبرى انطالقا من °0وبين تصدع جمدي مجهري يهم
ترتبط باملدى الحراري اليومي املرتفع .فتتعرض بذلك الظهورات الصخرية آلليات التقشير الوريقي ارتباطا بتغير
حجم الجزء السطحي من الصخر بين التسخين والتمدد ( )dilatationنهارا بفعل التشميس املباشر .والتقلص
( )Rétractionالذي تتعرض له الكتل الصخرية كذلك بفعل االنخفاض السريع للحرارة والتبريد ليال ،تنضاف
إلى آلية التقشير آلية أخرى وهي املعروفة بالتصدع امللحي ،خاصة على ضفاف الشطوط والسبخات وعلى طول
تلعب األمطار في املناطق الجافة دورا رئيسيا في التشكيل ( ،)Modeléنظرا لعنف الزخات املطرية
وتركزها زمانيا ومكانيا ،فاملياه الجارية تعمل على نقل كل املواد املهيئة الفتوتة الخشنة منها والدقيقة ،وذلك
كلما توفر االنحدار وزاد عنف التساقطات .لهذا فدينامية السيل بكل أنواعه تعتبر من الدينامية الرئيسية في
التشكيل ،إال أن تواترها خاضع لنظام التساقطات .عكس ذلك ففي الصحاري الباردة يتحكم النظام الحراري
في نظام الجريان ،وتعتبر الحرارة املسؤولة عن حركية املياه وجريانها وتوقفها .فنظام التساقطات الثلجية
يساهم في تراكم الثلج والجليد ،هذا األخير ال يساهم في عملية السيل إال خالل مراحل الذوبان ،أي بعد ارتفاع
الحرارة فيعطي ما يعرف بفيضان الذوبان ،لكن تأثير هذا األخير يختلف عما ينتج في الصحاري الحارة،
فالذوبان يكون تدريجيا والسيل يكون ضعيف السرعة ،فيكون تأثيره ضعيفا إذا قورن بسيل الصحاري الحارة.
تلعب الدينامية الريحية إلى جانب اآلليات األخرى املرتبطة بعناصر املناخ دورا هاما في املناطق الجافة،
وذلك في غياب غطاء إحيائي يحمي السطح ،لهذا تعتبر هذه النطاقات الجافة مجاالت كشف
خالل عملية التذرية أو التراكم ( )accumulationاملرافقة لنشاطها ،فالرياح ال تتعامل إال مع العناصر الفتوتة
والدقيقة .كما يعتبر عنصر الرياح من آليات التعرية عن طريق صقله للصخور بواسطة املواد التي يحملها بما