Professional Documents
Culture Documents
خلافة النبوة الثانية لا تكون الا للمهدي نسخة مزيدة5
خلافة النبوة الثانية لا تكون الا للمهدي نسخة مزيدة5
محمد الشويكي
بيت املقدس
محمد الشويكي
بيت المقدس
1
بسم هللا الرحمن الرحيم
مسبوقة بخالفة لغيره ،وأتوا على ذلك بأُمور عقلية ونقلية ال ترقى
لالستدالل على هذا الموضوع ،وإليكم بيان ذلك والرد عليه في
الباب األول :ال يمكن إثبات وقطعية عودة الخالفة إلى معترك
دراية ورواية.
الباب الثالث :أدلة وموانع على وجود خالفة قبل خالفة المهدي.
2
أما الباب األول :فال يمكن االستدالل على عودة الخالفة بدون
3
ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ،ثم تكون ملكا ً عاضا ً ،تكون ما
شاء هللا أن تكون ،ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ،ثم تكون ملكا ً
جبرية ،فتكون ما شاء هللا أن تكون ،ثم يرفعها إذا شاء أن
يرفعها ،ثم تكون خالفةٌ على منهاج النبوة ،ثم سكت}.
4
لذا فإنه بدون ذكر األحاديث في خليفة آخر الزمان المهدي ،لن
يستطيع أحد الجزم بعودة الخالفة اإلسالمية ،ولن يبعث األمل في
نفوس المسلمين في خالصهم من ربقة الكفار وأنه سيكون لهم
صولة وجولة ودولة من جديد ،إال بأخبار خليفة آخر الزمان
المهدي الموعود في األحاديث المتواترة ،وقد اخترت لكم في هذه
العجالة جملة من هذه األحاديث تدلل على ما ذكرته لكم:
فقد روى اإلمام أحمد في مسنده وابن ماجة وابن أبي شيبة
وأبو يعلى وغيرهم عن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال:
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم{ :المهدي منا أهل البيت
يُصلحه هللا في ليلة} هذا حديث حسنه السيوطي في الجامع
الصغير والبستوي في المهدي المنتظر وصححه األلباني في
صحيح الجامع الصغير وأحمد شاكر في شرح مسند أحمد.
وروى ابن أبي شيبة وأبو داود وأحمد بن حنبل وغيرهم عن
علي بن أبي طالب قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم{ :لو
لم يبق من الدهر إال يوم لبعث هللا عز وجل رجال من أهل بيتي
ورواه الضياء المقدسي في يملؤها عدال كما ملئت جورا}
األحاديث المختارة وقال :إسناده حسن ،وصححه األرنؤوط في
تخريجه لحديث أبي داود.
5
وروى الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي هللا
عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال{ :يخرج في آخر أُمتي
المهدددي يس دهللايه هللا الويددث وتُخددرج األرض نباتهددا ويُع ددي المددال
صحاحا ً ،وتكثدر الماشدية ،وتع دم األُمدة ،يعدي سدبعا ً أو ثمانيداً}
قااال الحاااكم فااي المسااتدرك :هااذا حااديث صااحيح اإلسااناد ،ووافقااه
الذهبي ،وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة.
6
فيهللاول :خذ} قاال الهيثماي فاي مجماع الزوائاد :رواه الطبراناي فاي
األوسط ورجاله ثقات.
7
كنـزكم ثالثة كلهم ابن خليفة ثدم ال يصدير إلدى واحدد مدنهم} وفاي
روايااة أبااي عماارو الااداني {ثددم ال يصددير الملددك ألحددد مددنهم} وفااي
رواية ابن أبي خيثمة {ثم ال يصير األمر إلى واحد منهم} ثم قاال:
{ثددم ت لددع الرايددات السددود مددن قبددل المشددر فيهللادداتلونكم قتدداال لددم
يهللااتلدده قددوم ،ثددم ذكددر شدديئا ً فهللاددال :إذا رأيتمددوح فبددايعوح ولددو حبددوا ً
على الثلج فإنه خليفة هللا المهدي} هذه رواية الحاكم ،وفي دالئل
النبوة للبيهقي {ثم تجيء الرايدات السدود فيهللاتلدونكم قدتالً لدم يهللاتلده
قوم ،ثم يجيء خليفة هللا المهدي} قال الحاكم :هذا حديث صحيح
علاااى شااارط الشااايخين ،ووافقاااه الاااذهبي ،وقاااال البوصااايري فاااي
الزوائد :هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات.
وروى أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد رضي هللا عنه قال :قال
رسااول هللا صاالى هللا عليااه وساالم{ :أ ُبشددركم بالمهدددي يبعددث علددى
وزالزل فيمأل األرض قس ا ً وعددالً كمدا ُملئدت اختالف من النا
8
جددورا ً والمداً ،يرضددى عندده سدداكن السددماء وسدداكن األرض} قااال
الهيثمي في المجمع :رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثيار
ورجالهما ثقات ،وقال السايوطي فاي الحااوي :أخرجاه أحماد وأباو
يعلى بسند جيد.
9
وروى أحمااد وأبااو داود والترمااذي وغياارهم عاان عبااد هللا باان
مسعود رضي هللا عنه قال :قال رساول هللا صالى هللا علياه وسالم:
{ال تددذها الدددنيا حتددى يملددك العددرب رجددل مددن أهددل بيتددي يددوا س
اسمه اسمي} قال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح.
ورواه اباان حبااان فااي صااحيحه بلفااظ{ :ال تهللاددوم السدداعة حتددى
رجل من أهل بيتي ،يوا س اسدمه اسدمي واسدم أبيده يملك النا
اسم أبي}.
ورواه أبو عمرو الداني وأبو نعيم والمخلص بلفظ{ :لن تذها
الدنيا حتى يملك الدنيا رجل من أهل بيتي يوا س اسمه اسمي}.
10
يستوحشددون إلددى أحددد وال يفرحددون ب حددد يدددخل فدديهم علددى عدددة
أصددحاب بدددر ،لددم يس دبهللاهم األولددون وال يدددركهم ا خددرون وعلددى
عدد أصحاب الوت الذين جاوزوا معده النهدر ،قدال أبدو ال فيدل:
قدال ابدن الحنفيدة :أتريددح ت قلدت :نعددم ،قدال :إنده يخدرج مدن بددين
هاذين الخشبتين ،قال :ال جرم ال أريمهما حتى أموت ،فمدات بهدا
يعني مكة حرسها هللا} فهاذا الحاديث وإن كاان موقوفاا علاى علاي
رضي هللا عنه فإنه يأخاذ حكام المرفاوع إلاى رساول هللا صالى هللا
عليه وسلم ألنه في أمر غيبي على ما تقرر عند أهل هذا الشأن.
ورواه أبو نعيم األصفهاني في صفة المهدي عان عباد هللا ابان
عمر بن الخطاب مرفوعا نحوه.
وروى أبو داود في سننه عان علاي بان أباي طالاب رضاي هللا
عنه موقوفا ،وقد نظار إلاى ابناه الحسان فقاال( :إن إبندي هدذا سديد
11
كما سماح النبي صلى هللا عليه وسلم ،وسيخرج مدن صدلبه رجدل
باسم نبيكم ،يشبهه في ال ُخلق وال يشبهه في الخلدق يمدأل األرض
عدال).
12
باااال معظمهاااام إن لاااام يكاااان جماااايعهم قااااد تااااأثر بالثقافااااة الغربيااااة
وبالمستشرقين ،وال عبرة بهم وبإنكارهم وتشاكيكهم ،فهام فاشالون
ال يعملون شيئا سوى التشاكيك بالسانة وبرواتهاا وكاأنهم موظفاون
لااذلك ،فااالعبرة عناادنا بمااا قالااه أهاال الجاارح والتعااديل فااي تصااحيح
الروايااات وتضااعيفهما فهاام أهاال هااذا العلاام ،وال عباارة بمااا قالااه
غيرهم كائنين من كانوا.
13
ادعاائهم ،وكال ماا قاالوه إماا عقلاي تخميناي ،أو ضاعيف ظناي فااي
الثبوت والداللة ،ال يرقى لالستدالل ،كما ستعرفه تاليا.
أما كالمهم العهللالي :فكقولهم( :هل يعني ذلك أن نقعاد وننتظاره فاي
البيوت وال نعمل) وقولهم ( :هل نضع أيدينا على خدنا وال نعمل)
وقولهم( :هذا يدعو إلى التواكل) إلى غير ذلك من األقوال.
والجددواب علددى هددذا التن ددع وهددذا اإلرجدداف :إن ماان يساامع هااذا
الكالم منهم يظن أنهم قد أقاموا الدين ،ويظن أن فكرة كاون خالفاة
النبوة هي للمهدي تمنع إقامة الدين أو تهدمه!!! ،علما أن أصحاب
هااذه المقااوالت لاام يقاادموا شاايئا ال لالُمااة وال لفكاارة الخالفااة سااوى
ال ُخطب والمواعظ والتحليالت ،ناهيك عن فشالهم وقاد أ ُتيحات لهام
سمي بالربيع والخريف العربي ولم يغتنموهاا ،أو قال
الفرص فيما ُ
ليسااوا كفئااا لهااا ،باال واألدهااى ماان ذلااك واألماار أنهاام يرياادون ماان
الجيوش الموالية للكفار ولنواطيرهم أن يقيماوا لهام دولاة الخالفاة،
وهذه قاصمة ت ُبين لك أنه ليسوا هم من يقيم دولة الخالفة ،فعلى ما
هذه الضجة وهذا اإلنكار؟!! ثام قاد مضاى علاى األماة قراباة قارن
وهي في ذلة وقتل وضياع ومساكنة دون فائادة مان هاذه الجياوش،
أليس من معتبر؟!! فالسعيد من اتعظ بغيره.
14
إن الاااذين يحااااولون إثباااات أن المهااادي مسااابو بخالفاااة ،إماااا
للدفاع عن أنفسهم وعن فشلهم طيلة قرن من الزمن ،وإما لشك في
قلاااوبهم مااان فكااارة ظهاااور المهااادي ،وإماااا خوفاااا علاااى ألمعياااتهم
وأحاازابهم ماان الاازوال واالناادثار ،فاسااتخدموا هااذا األساالوب دون
التصريح باإلنكار والتشكيك تمويها ،سيما وأنه ال يوجد لاديهم فاي
ذلك دليل صريح صحيح متواتر ،بل كل ما جااووا باه هاو تخماين
وظن ال يغني من الحق شيئا ،كما ستعرفه بعد قليل.
15
ال يعطله عدل عادل وال جاور جاائر وال انتظاار المهادي ،فاذهاب
وادخل به الجنة ،أم أنك تعتبر العمل لإلسالم هو فقاط باالنتمااءات
الحزبية والحركية؟!!!.
16
يمكن أن يكون خليفة بعد عصر الفتن ودعاة الضاللة التاي نعيشاه
إال خليفة هللا المهدي.
17
اسمه الجيوش المتربصة باألمة لتقيم لهم دولة الخالفة اإلساالمية،
وستعلم سببا لعبثيتها وفشلها غير هذا بعد قليل.
سااني بأوصااافه
وفااي الحقيقااة إن الاادعوة إلااى خالفااة المهاادي ال ُّ
التي وردت فاي األحادياث هاي بحاد ذاتهاا عمال ،وتوطئاة وتمهياد
وتنبيه لالمة من الوقوع في حبائل من يدعي المهدوية كذبا ،وتنبيه
18
لالمة ممان ال يصالح لخالفاة النباوة وال يساتحقها ،فياودي بهاا إلاى
الفشل واليأس والقنوط ،كما حصل فيما يسمى (خالفة الدواعل).
19
ثم إنني لم أقل في كتابي "المهددي المنت در والخالفدة الثانيدة
علدددى منهددداج النبدددوة" إال أن خالفاااة النباااوة الثانياااة ال تكاااون إال
للمهدي ،فعلى الاذين يعملاون لخالفاة علاى منهااج النباوة أن يكاون
عملهم توطئاة وتمهيادا لاه ،ال ألي شاخص آخار ،علاى اعتباار أناه
الخليفااة الموعااود آخاار الزمااان كمااا جاااءت بااه األخبااار الصااحيحة
آنفا ،وهذا موافق لكون خالفاة النباوة الثانياة هاي آخار خالفاة ،وال
يكون بعادها مباشارة إال عيساى بان ماريم علياه الساالم علاى نفاس
المنهاج ،كما جاء في حاديث الطباري والطبراناي وغيرهماا{ :أندا
بعيسى بن مريم ألنه لم يكدن بيندي وبينده نبدي ،وإنده أولى النا
خليفتددي علددى أُمتددي بعدددي} وفااي حااديث عبااد الاارزا والبخاااري
وغيرهمااا{ :ينددزل فدديكم ابددن مددريم حكم دا ً عدددالً وإمام دا ً مهللاس د ا ً}
وموافق أيضا لكونها على منهاج النبوة أن يكون قائدها من قريل
كماااا كانااات خالفاااة النباااوة األُولاااى وكماااا فاااي الحاااديث الصاااحيح
المتواتر{ :األئمة مدن قدري } وموافاق أيضاا التصااف أصاحاب
خالفااة النبااوة األُولااى بالمهدويااة كمااا جاااء فااي حااديث أبااي داود
والترمااذي وغيرهمااا{ :علدديكم بسددنتي وسددنة الخلفدداء الراشدددين
المهددددديين عضددددوا عليهددددا بالنواجددددذ} وموافااااق لكااااون أتباعهااااا
كالسااابقين األولااين ،كمااا فااي حااديث الحاااكم عاان علااي آنفااا {لددم
20
يسدبهللاهم األولددون وال يدددركهم ا خددرون} ،وموافااق لكونهااا تكااون
كماا فاي خالفاة النباوة بإجماع أهل الحق مان األماة دون معاار
األولى ،وما حديث{ :فديمأل األرض قسد ا ً وعددالً} وحاديث{ :فدال
والعدددرب يدددرا بسدددببه محجمدددة دم} وأحادياااث{ :يملدددك الندددا
عيشدا ً لدم واألرض والدنيا} وحديث{ :أن األمة في زمانده تعدي
تعشه من قبل} إال أكبر دليل على إجماعهم عليه ،ما عادا ماا ورد
في العمالء والمنافقين من الشام والعارا الاذين سيخساف بهام فاي
البيداء ،على ما جاء في الحديث المتواتر.
لذا فإن العمل لغير خالفة المهدي هاو عمال لغيار موعاود هللا
المهدي وهو عبث ال فائدة منه سوى ليقال أننا نعمل ،فالواقع أثبت
فشل ذلك طيلة قرن من الزمن ،فال نهتم بوجاود خالفاة علاى غيار
منهاج النبوة وال نتباكى عليها.
21
وأنه بعد دعاة الضاللة ال يكون إال خليفة هللا المهدي كما في
حديث أحمد ،وال يقيم جهاد الطلب بعد تعطيله إال المهدي كما في
والدنيا والناس ،كما عند ابن حبان والداني أحاديث ملكه لالر
وأبي نعيم ،وأن الذي يعيد لالمة وحدتها وألفتها بعد اختالف
وفرقة هو المهدي كما في حديث الحاكم عن علي موقوفا (ثم
ألفتهم ونعمتهم ،فيكونون ي هر الهاشمي فيرد هللا إلى النا
على ذلك حتى يخرج الدجال) ،وأن الذي يفتح مدائن الشرك
وخصوصا رومية ،هو خليفة هللا المهدي كما جاء في الحديث
الذي رواه خيثمة اإلطرابلسي في أحاديثه ،والخطيب البغدادي في
موضح األوهام ،والبيهقي في البعث والنشور عن كثير بن عمرو
بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا{ :ال تهللاوم الساعة حتى يفتح
رجل من أهل بيتي رومية وجبل الديلم} وأن الذي سيجعل بيت
المقدس عاصمة خالفته هو المهدي ،كما جاء في حديث
الطبراني{ :يعمل على هذح األمة سبع سنين وينزل بيت
المهللاد } وحديث نزول نبي هللا عيسى عليه السالم من السماء
على المهدي في بيت المقدس يوم حصار الدجال لها ،وقتالهما
لليهود ودجالهم ،كما عند ابن ماجة وأبي نعيم وغيرهما ،وأن
22
الذي سيبرم الصلح مع بني األصفر الروم ويقاتلهم في الملحمة
الكبرى هو المهدي كما عند الطبراني وأبي نعيم وغيرهما.
أضف إلى ذلاك أن العمال لغيار موعاود هللا المهادي هاو عمال
عبثي ،فإن خالفة ولو على غير منهاج النبوة قبل المهدي ال يمكن
إثباتهااا إال بخباار صااحيح متااواتر ألنهااا ماان الغيبيااات ،ف اال تثباات
بأخبار اآلحاد أو باالستنتاج ،بل باالقطع ،ولام يثبات لهاا شايء مان
ذلك أبدا ،إال خالفة السفياني الجائر كما جاء في فتن نعيم بن حماد
وغيره.
23
ومددن اسددتداللهم بددالعهللالي أيضددا ً :قااولهمِ :لاام لاام ينتظاار الصااحابة
طالاب الياوم
ُ والتابعون وأهل اإلسالم األوائل ظهور المهدي ،كما يُ
بانتظاره ،بل استمروا فاي تطبياق الشاريعة وفاي الفتوحاات ونشار
اإلسالم حتى وصلوا إلى الصين شرقا وإلى األندلس غربا.
األول :لاام يكاان حااالهم كحالنااا المشاارذم المفاار ال كيااان وال دولااة
لاادينا ،وال عاازة وال كرامااة تااذكر لاادينا ،رغاام كثاارة عااددنا وكثاارة
المشايخ والجماعات واألحزاب والجيوش ،بل كان لهم دولة تطبق
الشرع وتحمله جهادا في سبيل هللا ،وتادفع عانهم الظلام والعادوان،
كما حصل معهم في رد عادوان التتاار والمغاول والقضااء علايهم،
فلم يكونوا بحاجة إلى المهدي حينها.
الوجه الثاني :كانوا يعلمون جيدا أن ظهور المهدي إنما يكون فاي
آخر الزمان ال فاي أولاه ،كماا فاي حاديث ابان ماجاة والحاارث بان
أبااي أسااامة فااي صااالة عيسااى باان مااريم خلفااه فااي بياات المقاادس،
وقتلهما لدجال اليهود في فلسطين ،وذلك في آخار الزماان حتماا ال
في زمانهم ،وكما في حديث علاي بان أباي طالاب ماع أباي الطفيال
آنفا( :ذاك رجل يخرج في آخدر الزمدان) ،وحاديث أباي ساعيد عناد
24
الحاااكم آنفااا (يخددرج فددي آخددر أمتددي المهدددي) وهااذا مااا أثبتااه أئمااة
المسلمين في مصنفاتهم منذ ذلك الزمان كما علمتاه آنفاا فاي البااب
الثاني من ذكرهم ألحاديثه ،ومانهم مان عناون ألحاديثاه (بالمهادي
المنتظااار) أو (باااالمنتظر) أي أن فكااارة انتظااااره كانااات متصاااورة
عندهم ال يمكن إنكارها ،ألنهم يعلمون أن ظهوره ال يكون إال فاي
آخر الزمان.
وأمددا مددا انددوح وتخيلددوح دلدديالً مددن النهللاددل ولدديل بدددليل :فإمااا أنااه
ماع الصاحيح ،كاساتداللهم ضعيف أو لايس بصاريح ،أو يتعاار
بحااديث االقتتااال عنااد الكنااز{ :يهللاتتددل عنددد كنددزكم ثالثددة كلهددم ابددن
خليفة} ثم قال في آخره {ثم يجيء خليفة هللا المهددي} معتبارين
أن االقتتال بين أبناء خليفاة قبال مجايء المهادي دليال علاى وجاود
خالفة قبله.
الجددواب عليدده :إن هااذا الحااديث ال ياادل علااى وجااود خالفااة علااى
منهاااج النبااوة قباال المهاادي ال ماان قريااب وال ماان بعيااد ،وال حتااى
خالفة على غير المنهاج ،فقوله{ :ثالثة كلهم أبن خليفة} ال يعناي
بالضرورة أنها خالفة بالمعنى الشرعي وذلك لآلتي:
25
أوال :إن لفظ {خليفة} هنا نكرة ،والنكرات تفيد العموم ،عناد أهال
المعاني ،أي أنها تحتمل أكثر مان معناى ،إال إذا دخلات علياه (أل)
التعريف ،كقوله{ :أ ُوصي الخليفة بعدي} أو أُضيف إليهاا إضاافة
تخصاايص ،كقولااه{ :خليفددة هللا المهدددي} وكقولااه{ :خليفتددي مددن
بعدي} فما دامت منفرده ،ولم يدخل عليها (أل) فإنها تحتمل خليفة
ب االمعنيين االصااطالحي واللغااوي ،كااأمير وإمااام وملااك وساالطان
وحاااكم ،ماان باااب أنااه يخلااف بعضااهم بعضااا ،وباالحتمااال يسااقط
االساااتدالل ،وال يمكااان حملاااه علاااى معناااى دون آخااار أال ببيناااة أو
قرينة.
26
وكذلك حديث{ :خالفة النبدوة ثالثدون عامدا ً ثدم تكدون ُملكدا ً} وفاي
رواية{ :ثم يؤتي هللا ملكه من يشاء}.
27
ثانيا ً :إن الخالفة التي يقتتل أبناوها عليهاا ال يمكان أن تكاون علاى
منهااااج النباااوة ،فلااام يحصااال اقتتاااال علاااى ال ُملاااك إال فاااي الملاااك
العضاااو ،أماااا فاااي عهاااد خالفاااة النباااوة األ ُولاااى عهاااد الخلفااااء
الراشدين فلم يحصل بينهم وال باين أبناائهم اقتتاال علاى الملاك ،إال
مان غيارهم ،ثاام خاروج الرايااات الساود التاي تقتاال المسالمين دلياال
آخر على خلو الزمان قبل المهدي من خالفة تدفع عن الناس القتل
والظلم.
ومما انوح وتخيلوح دلديال ولديل بددليل :أنهام جااووا بحاديث مان
الصااالحين أو ماان غيااره{ :يكددون خليفددة مددن خلفددائكم فددي ريااا
آخر الزمان يحثو المال وال يعدح} قالوا :رواه مسلم.
الجواب عليه:
أوالً :فتشت عنه في صحيح مسلم وفي غيره فلم أجاده بهاذا اللفاظ،
وإنما بلفظ{ :يكون في آخر الزمدان خليفدة يهللاسدم المدال وال يعددح}
وكفى هللا المؤمنين القتال.
وجااود الحااديث مكاابرة ماانهم ،فااإن قولااه{ :مددن ثانيدا ً :علااى فاار
خلفددائكم} لبيااان الجاانس ال للتبعاايض أو التعاادد ،فلااو كااان اللفااظ:
28
{يكون خليفة مدن خلفداء آخدر الزمدان} لكاان المعناى الاذي ذهباوا
إليه صحيحا.
ومما يؤيد أنه لبيان الجنس ال للتبعيض أنه ثبت في رواية مسالم
وغياره بلفااظ{ :مددن خلفددائكم خليفددة يحثدوا المددال حثيداً} يعنااي ماان
خلفاء المسلمين ال من غيرهم.
ثالثدا ً :لااو ساالمنا جاادال بوجااود هااذا اللفااظ ،وبااالمعنى الااذي ادععااوه،
فليس فيه أنهم قبل المهدي مباشرة على الترتيب ،فايمكن أن نعتبار
خلفاااء الخالفااة العثمانيااة قبلااه ،فلاايس فااي لفظااه ترتيبااا وال تعقيبااا،
ساايما وأن خالفااتهم ت ُعتباار ماان ال ُملاااك الجبااري فااي آخاار أطاااوار
الخالفة ،الذي يعقبه خالفة على منهاج النبوة كما في حديث حذيفة
آنفااا ،فهاام قااد أخااذوها عنااوة وجباارا عاان العاارب قااريل فااي عهااد
السلطان سليم األول بعد غزوه لمصر وأجبر الخليقة العباسي فيها
علااى بيعتااه للخالفااة ،فكااان الساالطان سااليم األول هااو أول خليفااة
عثماااني ،ال كم اا يتوهمااه الاابعض ماان أننااا اآلن نعاايل فااي العهااد
الجبري.
ثم إن مان يملاك ولاو شايئا بسايطا مان علام النحاو يعارف ذلاك،
فقوله في الحديث{ :ثم تكون ملكا ً جبرية} فإن {ملكا ُ} خبر لكان،
29
وأما اسمها فضمير مساتتر تقاديره هاي {الخالفدة} أي {ثدم تكدون
الخالفة ملكا ً جبرية} كماا كانات ملكاا عاضاا فاي العصار األُماوي
والعباسي ،كما وإن جميع المصنفين فاي الفقاه والحاديث والتفساير
والجباري فاإنهم والتاريخ حينماا يتكلماون عان دول الملاك العاا
متفقاااون علاااى وصااافها بالخالفاااة األموياااة ،والخالفاااة العباساااية،
والخالفااة العثمانيااة ،أمااا عصاارنا فهااو عصاار الرفااع بااين الحااالتين
األخياارتين فااي الحااديث ،وهااو عصاار الطواغياات ،وعصاار إمااارة
السفهاء ،التي يعقبها خالفة على منهااج النباوة إن شااء هللا تعاالى،
فقد جاء في ذلك آثار تدلل عليه ،ففي السنن الواردة في الفتن ألبي
عمرو الداني عن أنس بان مالاك رضاي هللا عناه قاال( :إنهدا نبدوة
ورحمددة ،ثددم خالفددة ورحمددة ،ثددم ملددك عضددوض ،ثددم جبريددة ،ثددم
واغيت) وفي مصنف ابان أباي شايبة عناه رضاي هللا عناه أيضاا
بلفااظ( :إنهددا سددتكون ملددوك ثددم جبددابرة ثددم واغيددت) وكم اا فااي
حديث كعب بن عجرة عند أحمد وغياره {أعداذك هللا يدا كعدا مدن
إمارة السفهاء ،قال :وما إمارة السفهاءت قال :أُمدراء ال يهتددون
بهديي وال يسدتنون بسدنتي} ومان المقطاوع باه أن أُماراء وملاوك
اليااوم ال يهتاادون بهاادي النبااي صاالى هللا عليااه وساالم وال يسااتنون
بسنته.
30
وممددا انددوح وتخيلددوح دلدديال علددى دعددواهم ولدديل بدددليل أيض داً:
اسااتداللهم بحااديث أُم ساالمة رضااي هللا عنهااا الااذي رواه أبااو داوود
وأحمد وغيرهما{ :يكون اختالف عندد مدوت خليفدة فيخدرج رجدل
مددن أهدددل مكدددة مددن أهدددل المدينددة هاربدددا ً إلدددى مكددة في تيددده ندددا
فيخرجونه وهو كارح فيبايعونه بين الركن والمهللاام}.
الجددواب عليدده :إن هااذا الحااديث ال يصاالح دلاايال فااي الغيبيااات عنااد
جمهاور العلمااء ،ألناه فاو كوناه خبار آحااد ال يفياد العلام واليقااين
عند العلماء كافة ما عدا ابن حزم والكرابيسي ،كما حققته لك فاي
كتااابي "خبددر الواحددد ال يفيددد العلددم وال يؤخددذ فددي العهللاائددد" ،فإنااه
حديث مضطرب اإلسناد مداره على قتادة وهو مادلس مان الطبقاة
الثالثة على ماا ذكاره ابان حجار العساقالني فاي طبقاات المدلساين،
وماان المعااروف عنااد أئمااة الحااديث والروايااة أن الماادلس ال تقباال
روايتااه إن لاام يصاارح بالسااماع ،وقتااادة رحمااه هللا قااد عنعنااه ولاام
يصرح بالسماع في كل رواياته ،فرواه مارة منقطعاا عان أم سالمة
من غير واسطة كما في علل الدارقطني ،وهو لام يلتاق باأُم سالمة،
ومرة يرويه موقوفا على أُم سلمة كما في سنن أبي عمرو الاداني،
وماارة يرفعااه مرسااال كمااا عنااد عبااد الاارزا ،وماارة يرويااه عاان
مجهول كما فاي سانن أباي داود ،ومارة يروياه عان مجاهاد عان أُم
31
سلمة وهو لم يلتق بمجاهد ،وبالجملة فقد قال األلباني عنه كما فاي
تحقيقااه لمشااكاة المصااابيح :إسااناده ضااعيف ،وكااذلك البسااتوي فااي
المهدي المنتظر ،وحسنه آخارون ،وأكثار ماا يمكان أن يقاال عناه
أنه حديث مختلف فيه ،وما كان هذا حاله فال يرقى حتى إلى الظن
وال يصح االحتجاج به في الغيبيات.
32
ثم إن الحديث على ما فيه مان الكاالم كماا قاد علمات ،يباين أن
اختالفااا يحصاال بعااد مااوت خليفااة ،فخااروج الرجاال يكااون بساابب
االخااتالف ،ال بمجاارد المااوت ،فاايمكن حملااه علااى الساالطان عبااد
الحميد ،فنحن نعايل ألام الفرقاة واالخاتالف مناذ موتاه رحماه هللا،
حيث لم يحدد الحديث مادة زمنياة لهاذا االخاتالف ،والساؤال :مااذا
على األُمة فعله في هذه المدة ،سواء كاان السالطان عباد الحمياد أو
غيره ،هل تنتظر ظهور المهدي أم تعمل لخالفة قبال المهادي؟!!!
فإن قيل :بل تعمل! فمعناه مخالفاة لهاذا الحاديث الاذي يحتجاون باه
ألنه لم ينص على ذلك ،بل نص على أن الذي يكون بعاد ذلاك هاو
المهااادي حساااب اساااتداللهم ،وإن قيااال :ننتظااار ،فمعنااااه عااادنا إلاااى
االنتظار وإلى نفس الدائرة.
ثم يضاف إلى ذلك كله أن الحديث لم يصرح بأن الرجل الذي
يخرج هو خليفة هللا المهدي ،وإنما قال{ :رجدل مدن أهدل المديندة}
مما يُضعف االستدالل به زيادة ،فيجعله خاضعا لالجتهاد فمصيب
ومخطئ ،وما كان هذا حاله فال يصلح في األمور الغيبية والعقدية
أيضا.
33
ومما انوح وتخيلوح دليالً وليل بددليل :حاديث حذيفاة بان اليماان
رضي هللا عنه{ :ثدم تكدون خالفدة علدى منهداج النبدوة} معتبريناه
على العموم دون تخصيص بالمهدي.
الجددواب عليدده :هااو كااذلك خباار آحاااد وإن صااح إسااناده ،فااال يفيااد
القطع واليقين ،ألن مداره على رجل واحد ،هاو حذيفاة بان اليماان
رضي هللا عنه ،بينما أخبار خالفة المهدي فقاد ثبتات باالتواتر عان
بسدنة نبديهم} أكثر من عشرين صحابيا ،ككونه {يعمل في الندا
وكونه خليفة آخر الزمان {يكون في آخر أُمتي المهدي} وكونه {
الددذي يحثددو المددال حثيددا} وكونااه {يهللاسددم المددال وال يعدددح} وكونااه
يظهر {بعد الجبدابرة} وكوناه الاذي {يفدتح روميدة وجميدع مددائن
الشددرك} وكونااه الااذي {يمددأل األرض قسد ا وعدددال} وكونااه الااذي
{يملدددك األرض والددددنيا جميعدددا} وكوناااه {يندددزل بيدددت المهللادددد
ويجعلها مهللار خالفته} وكونه { يُختم به هذا األمر} إلى غيار ذلاك
المتاواتر ماع كما حققناه في كتاب المهادي المنتظار ،فاإذا تعاار
اآلحاد ولم يمكن الجماع بينهماا قُادم المتاواتر علياه اتفاقاا ولاو كاان
تواترا معنويا ألنه يفيد القطع واليقين كالتواتر اللفظي سواء بسواء
عند العلماء قاطبة ،وإذا تعار عموم خالفة النبوة مع خصوص
خالفة المهادي حمال العماوم علاى الخصاوص أُصاوال ،أي حملات
34
خالفاااة النباااوة فاااي آخااار الزماااان فاااي حاااديث حذيفاااة علاااى خالفاااة
المهدي ،وكال الحالتين تدلل قطعا على أن خالفة النباوة الموعاودة
والمنتظاارة ،إنمااا هااي خالفااة المهاادي محمااد باان عبااد هللا الحسااني
سني ال غيره ،لمجيء األخبار أنه يكاون فاي آخار الزماان ،وأناه
ال ُّ
بعاد عصار الجباابرة ،وبااه يخاتم هللا هاذا األمار ،إلااى آخار ماا تقاادم
ذكره.
ثم إن هذا الحاديث هاو أحاد ابارز األدلاة علاى أن خالفاة النباوة
الثانية ال تكون إال للمهدي ،كماا ساتراه بعاد قليال عناد المواناع مان
وجود خالفة على المنهاج غير خالفة المهدي.
وممددا انددوح وتخيلددوح دلدديال ولدديل بدددليل أيض داً :حااديث{ :يكددون
وكلهددم يجتمددع عليدده بعدددي اثن دا عشددر خليفددة كلهددم مددن قددري
النا } معتبرين مجيء المهدي بعدهم وأنهم لم يأتوا بعد.
الجددواب عليدده :هااذا كااالم لاايس عليااه دلياال سااوى التخمااين والظاان
الذي ال يرقى لالحتجاج به ،سيما وأن حاديثنا فاي األُماور الغيبياة،
والرد على هذا الظن وهذا التخمين من عدة جوانب:
الجانا األول :أنه لام يارد فاي الحاديث أن هاؤالء الخلفااء يكوناون
في آخار الزماان ،ولام يارد فياه أيضاا أنهام قبال المهادي وال بعاده،
35
وهذا أمر غيبي ال يصلح له أخبار اآلحاد عند جمهور العلماء ولو
صح إسناده ،فمن باب أولى ال يصلح فيه الرأي والقياس.
الجانا الثاني :يكفاي للارد علياه أناه جااء فاي بعاض رواياتاه عناد
أحمد وغيره ما يدل على أن عصرهم قاد مضاى ،فجااء فيهاا{ :ثدم
يخرج كذابون بين يدي الساعة} أي ليس خالفة على المنهاج وال
علااى غياار المنهاااج ،ثاام بعاادهم أيضااا{ :ثددم يخددرج عصددابة مددن
المسددلمين فيسددتخرجون كنددز األبدديض كسددرى وآل كسددرى} وفااي
رواية عند أبي داود وأحمد وغيرهما{ :قالوا :ثم ماذا يكونت قال:
ثددم يكددون الهددرج} أي كثاارة القتاال بااين المساالمين ،وهااذا كلااه قااد
حصل.
الجانددا الثالددث :ويكفااي لاارد هااذه الاادعوى أيضااا بمااا روي عاان
الصاااحابة ماااان جعلهاااام لهااااؤالء الخلفااااء فااااي العصااااور األولااااى
للمساالمين ،فقااد روى نعاايم باان حماااد بإسااناد جيااد عاان اباان عباااس
رضااي هللا عنااه وقااد ذكااروا عنااده أنااه يكااون اثنااي عشاار خليفااة ثاام
األمير ،فقال( :وهللا إن منا بعد ذلك السفاح والمنصدور والمهددي
يدفعها إلى عيسى بن مدريم) وكالماه هاذا يعناي صاراحة أنهام قاد
مضوا ،ألن من المعلاوم تاريخياا أن السافاح والمنصاور كاانوا فاي
العصاار العباسااي ولاام يبااق إال مجاايء المهاادي ،وهااذا يأخااذ حكاام
36
المرفوع إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ألنه كالم في غيب ال
يخضااع لالجتهاااد ،وروى اباان أبااي شاايبة واباان أبااي عاصاام بسااند
صحيح عن عبد هللا بن عمرو بن العاص أنه قال( :يكون في هدذح
األُمة اثنا عشر خليفة) ثم عد الخلفاء الراشدين من ضمنهم.
ومما انوح وتخيلوح دليال وليل بدليل :ما جاء في حديث حذيفاة:
{ثم تكون خالفة على منهاج النبدوة} مان أن كونهاا خالفاة ينبغاي
أن يكون فيها أكثر من خليفة على اعتبار معناهاا اللغاوي الماأخوذ
من االساتخالف ،أي يخلاف بعضاهم بعضاا ،قاالوا :وبماا أناه لايس
بعد المهدي أحد يخلفه بالخالفة ،يتحتم وجاوده قبلاه مماا يادل علاى
أنه مسبو بخليفة.
37
ويكفي لرد هذا التخيل وهذا الاوهم إضاافة إلاى كوناه عان رأي
وليس بنص ،من جهتين:
الجهة األولى :أنه ثبت فاي أكثار مان حاديث عان النباي صالى هللا
عليه وسلم أن عيسى بن مريم سيكون اإلمام والخليفة بعاد المهادي
عليهمااا السااالم ،ففااي معجاام الطبرانااي الصااغير والبعااث والنشااور
للبيهقااي بإسااناد جيااد عاان عبااد هللا باان مغفاال قااال ،قااال رسااول هللا
صلى هللا عليه وسالم{ :ثدم يندزل عيسدى بدن مدريم مصددقا ً بمحمدد
وعلدى ملتدده إمامدا ً مهددديا ً وحكمدا ً عدددالً} وروى اباان ماجااة وأحمااد
والحاكم وغيرهم من حديث أبي هريارة عان رساول هللا صالى هللا
عليه وسلم أنه قال{ :ينزل ابدن مدريم حكمدا ً عددالً وإمامدا ً مهللاسد اً}
وروى ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة رضاي هللا عنهاا مرفوعاا:
{ثددم يمكددث عيسددى فددي األرض أربعددين عامدا ً إمامدا ً عددادالً وحكمدا ً
مهللاس د اً} وروى أبااو داود وأحمااد وغيرهمااا عاان أبااي هرياارة فااي
علددى اإلسددالم، عيسااى باان مااريم مرفوعااا أيضااا{ :فيهللااتددل النددا
فيددد الصددليا ويهللاتددل الخنزيددر ويضددع الجزيددة} وروى الطبااري
والطبراني وغيرهما بإساناد حسان عان أباي هريارة مرفوعاا{ :أال
إن ابددن مددريم لدديل بينددي وبيندده نبددي ،إال أندده خليفتددي فددي أُمتددي
بعدي} وروى أبو الشيخ بن حيان من حديث أباي هريارة مرفوعاا
38
أيضا{ :ينزل عيسى بن مريم فيهللاتل الدجال ،ويمكث أربعين عامدا ً
يعمل فيهم بكتداب هللا وسدنتي ويمدوت ،فيسدتخلفون بد مر عيسدى
رجالً من بني تميم} فهذه األ ُمور التي ذكرتها هاذه األحادياث عناه
عليه السالم ال يقوم بها إال أمير سلطان خليفة.
الجهة الثالثة :يمكن أن يكون هنالك خلفاء أيضا بعاد عيساى علياه
السااالم كمااا جاااء فااي روايااة أبااي الشاايخ آنفااا {فيسددتخلفون ب د مر
عيسى رجال من بني تمديم} وكماا جااء فاي فاتن نعايم وغياره عان
جابر الصدفي مرفوعا{ :سيكون من أهل بيتي رجل يمدأل األرض
عدالً كما ملئت جوراً ،ثم من بعدح الهللاح اني والذي بعثني بدالحق
ما هو بدونه}.
39
فااإن قياال هااذه روايااات ضااعيفة! الجااواب :إن الضااعيف عنااد
األئمة األربعة أحب وأفضل من الرأي والقياس إذا تعارضا ،على
ما نقله عنهم ابن حزم في المحلى ،وابن القيم فاي إعاالم الماوقعين
وغيرهماا ،أضااف إليااه أن المعمااول بااه عنااد الغالبيااة العظمااى ماان
العلماااء أن الضااعيف إذا تعااددت طرقااه ارتقااى إلااى رتبااة الحااديث
الحسن.
هااذه هااي أهاام اعتراضاااتهم فيمااا وقااع لااي علااى كااون خالفااة
النباااوة الثانياااة ال تكاااون إال لإلماااام المهااادي ،وكماااا رأيااات فهاااي
اعتراضات ضعيفة ،ليس فيها دليل واحد صاحيح صاريح ،وأكثار
ما يقال فيها أنها ظن ال يغني من الحق شايئا ،فلام تقاو علاى األخاذ
والااارد ،ولااان تقاااوى علاااى رد األدلاااة الصاااحيحة الصاااريحة كماااا
ستعرفها تاليا.
40
{إن يكن هو فلست صداحبه ،إنمدا صداحبه عيسدى بدن مدريم} فلام
يقل أحد بأن هذا قعود عن العمل أو اتكالية أو قدرية غيبية ،مع أن
!!! قتل الدجال فر
فهنالك أدلة وموانع شرعية غيار ماا تقادم مناقشاته ورده ،تمناع
وجود خالفة على المنهاج غير خالفة المهدي.
فماان هااذه األدلااة والموانااع حااديث حذيفااة باان اليمااان عنااد أحمااد
وغيااره الااذي جاااء فيااه {ثددم تكددون خالفددة علددى منهدداج النبددوة ثددم
سدددكت} فخالفاااة النباااوة الثانياااة ال تنطباااق إال علاااى خالفاااة اإلماااام
المهدي وذلك لسببين:
41
فإن قيل ب ن الحديث يُحمل على عمومه!.
42
باإللهام ال عن طريق العلم البشري ،فلن يقلد أحدا من العلمااء فاي
نظامه بل {يعمل في هذح األمة بسنتي} كما في حديث أباي ساعيد
عند البيهقي والخطيب وغيرهما ،وكما أن أخال المهدي كأخال
النبي محمد صلى هللا علياه وسالم ،كماا فاي حاديث أباي داود وابان
حبان وغيرهما مرفوعا وموقوفاا {يشدبهه فدي ال ُخلدق وال يشدبهه
فددي الخلددق} ،وكمااا أن هللا عااز وجاال ترضااى عاان الصااحابة فإنااه
ترضااى عاان خليفااة هللا المهاادي حيااث جاااء فااي حااديث أبااي سااعيد
الخدري عند أحمد وأبي يعلى {يرضى عنه ساكن السماء وساكن
األرض} وكما أن الصحابة رضاي هللا عانهم قاد كاانوا فاي عصار
النبوة ،فكذلك المهدي ومن معه سيدركون نبوة المسيح عيساى بان
مريم عليه السالم ،كما في حديث جابر عند الحارث بن أبي أسامة
وأبي عمرو الاداني فاي صاالة المسايح علياه الساالم ماع المسالمين
خلااف المهاادي ،فكاال مااا تقاادم ذكااره ماان المقارنااة لياادلل ويؤكااد أن
خالفاااة النباااوة الثانياااة ال تنطباااق إال علاااى خليفاااة هللا المهااادي دون
غيره.
ثم الذي يدلل أيضا على أن خالفة النبوة الثانية فاي الحاديث ال
تكااون إال للمهاادي قااول هللا تعااالى{ :وعددد هللا الددذين آمنددوا مددنكم
وعملدوا الصددالحات ليسددتخلفنهم فدي األرض كمددا اسددتخلف الددذين
43
من قبلهم} فإذا سلمنا باأن قولاه {مدنكم} للبياان ،فاإن االساتخالف
الثاني يكون كاالساتخالف األول بقولاه {كمدا اسدتخلف الدذين مدن
قددبلهم} ماان حيااث الصاافة والهيئااة واألشااخاص والاادين والتقااوى
والمهدوية لوجود كاف التشبيه في اآلية على عمومها.
ولتقريب المعنى أكثر فإن الخليفة العاادل عمار بان عباد العزياز
رغاام مااا قياال عاان كثاارة عدلااه فإنااه لاام يثباات أنااه يشاابه الخلفاااء
الراشدين وال أن خالفته على منهاج النبوة ،فقد كانت ضمن الملك
،وفي فتن نعايم بإساناد صاحيح عان التاابعي طااووس وقاد العا
سئل عن عمر بن عبد العزيز هل هاو المهادي؟ فقاال( :ال ،إنده لدم
يستكمل العدل كله).
44
وزياااادة فاااي صااافاء المهااادي ونقائاااه إضاااافة إلاااى ديناااه وتقاااواه
وعدله ،أنه لم يختلط بالفتن ،فقد روى ابن أبي شيبة والبيهقي وأبو
عمرو الداني بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي هللا عنه أنه قال
في وصفه (لم تلبسه الفتن ولم يلبسها).
فهذا كله دليل ساطع قاطع على أن خالفة النبوة الثانية واألخيرة
ال تكون إال لخليفة هللا المهدي.
45
ومن هذح الموانع :أنه يظهر في عصر دعاة الضااللة والكفار ،ال
فااي عصاار خالفااة تطب اق اإلسااالم ،فقااد روى اإلمااام أحمااد وغيااره
واللفظ ألحمد عن حذيفة بن اليمان رضي هللا عناه كماا تقادم ذكاره
في الحديث المطول عن سوآله عن الخير والشر جااء فياه{ :قلدت:
ثم ماذات قال :تكون دعاة الضاللة ،قال :فدإن رأيدت يومئدذ خليفدة
هللا في األرض فالزمه وإن نهك جسمك وأخدذ مالدك ،فدإن لدم تدرح
فدداهرب فددي األرض ولددو أن تمددوت وأنددت عدداض بجددذل شددجرة،
قلت :ثم ماذات قال :ثم الدجال} وعند ابن عساكر{ :قلت :وما بعدد
الدجالت قال :عيسى بن مريم} .فالشاهد في هذا الحديث أن خليفاة
هللا لاام يطلااق فااي اإلسااالم إال علااى اإلمااام المهاادي كمااا فااي حااديث
االقتتال عند الكنز {ثدم يجديء خليفدة هللا المهددي} ثام ذكار بعاده
الدجال وعيسى بن مريم ،ومعلوم فاي السانن والمساانيد الصاحيحة
الثابتة أن الدجال وعيسى يكونان في زمن المهدي ،ثم الترتيب في
الحاااديث ،دعااااة الضااااللة ،ثااام إن رأيااات خليفاااة هللا فاااي األر
فالزمه ،يعني أناه يتواجاد فاي عصار دعااة الضااللة ال فاي عصار
خالفة على المنهاج وال على غير المنهاج.
وفي مساتدرك الحااكم وصاححه عان علاي بان أباي طالاب وقاد
سئل عن وقات ظهاور المهادي ،فقاال( :ذاك رجدل يخدرج فدي آخدر
46
الزمددان إذا قددال الرجددل هللا هللا قُتددل) فااأي دولااة وأي خالفااة وأي
حكومة وأي سالطنة هاذه قبال المهادي التاي تقتال مان يقاول هللا هللا
؟!! إال أن يكون حكامها طواغيت على غير اإلسالم قطعا.
وفي الفتن لنعيم بن حماد عان مطار الاورا مان التاابعين قاال:
(ال يخرج المهدي حتى يُكفر باهلل جهرة) وفي سنده ضاعف ،لكان
الضعيف أحب من الرأي كما قرره أئمة الفقه األربعة ،فكيف وهو
يوافق الصحيح من حديث علي وحذيفة آنفا ،فينجبار بهماا والحماد
هلل رب العالمين.
ومن هذح الموانع أيضا ً :أن المهدي يظهر في عصر الفاتن ال فاي
عصر خالفة وتمكين ،فقد روى ابن أبي شيبة وأبو نعيم وغيرهما
بإسناد جيد عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال :قال رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم{ :يخرج رجل من أهل بيتدي عندد انهللا داع
من الزمان واهور من الفتن يكون ع اؤح حثيثاً}.
فهل هنالك فتنة أكبار مان غيااب سالطان اإلساالم ،فعان اإلماام
أحمد بن حنبل رحمه هللا قال( :الفتنة إذا لدم يكدن إمدام يهللادوم بد مر
النا ).
47
وروى ابن أبي شيبة عن علي بن أباي طالاب موقوفاا ماا يؤياد
قااول اإلمااام أحمااد ماان كااالم مطااول عنااه جاااء فيااه( :فتنددة ف يعددة
جاهليدددة ،لددديل فيهدددا إمدددام هددددى ،قيدددل :ومدددا بعدددد ذلدددك يدددا أميدددر
المددؤمنينت قددال :يُفددرج هللا الددبالء برجددل مددن أهددل البيددت تفددريج
األديم) وهذا يعتبر نصا في أن المهدي حاين يظهار ال يكاون علاى
الناس إمام هدى.
ومن هذا األدلة والموانع :أن خالفاة النباوة ال تكاون فاي الادنيا إال
مرتين ،فمرة في عهد الصحابة الخلفاء الراشدين رضي هللا عنهم،
ومرة في آخر الزمان في عهاد المهادي وعيساى بان ماريم عليهماا
السالم ،كما في حاديث حذيفاة آنفاا {ثدم تكدون خالفدة علدى منهداج
النبددوة} فااإن قلنااا بأنااه يمكاان أن تكااون خالفااة علااى المنهاااج قباال
المهاادي ،فمعناااه أنهااا ثااالث ماارات ولاايس ماارتين ،وهااذا مخااالف
للنص ،وذلك أنه قبال المهادي كماا فاي حاديث أباي ساعيد الخادري
وغيره{ :أن األرض ت ُمأل قبلده المدا ً وجدوراً} فماال ُ األر ظلماا
وجورا بعد خالفة على منهاج النبوة ،يستغر عقاودا مان الازمن،
وهذا يعني إنقطاعا بعيد األمد بينهما ،مماا يادل علاى جعلهاا ثاالث
مارات وهااذا مخااالف لاانص الحاديث قااوال واحاادا ،ومخااالف للانص
القرآني في أن االستخالف الموعود مرتاان ال أكثار {ليسدتخلفنهم
48
في األرض كما استخلف الذين من قبلهم} ومخالف أيضا لما جاء
فااي معجاام الطبرانااي عاان علااي مرفوعااا ،وفااي ساانن أبااي عماارو
الداني ودالئل النبوة للبيهقي عن ابن عباس موقوفا بإسناد صاحيح
جاء فيه{ :وهللا لو لم يبق من الدنيا إال يوم ،لختم هللا بنا هذا األمار
كما قتحه} وقال{ :بنا فتح هذا األمر وبنا ختم} وبما أن النبوة قاد
انقطعت فلم يبق إال أن خالفة النباوة ال تكاون إال مارتين ،مارة فاي
العصر األول ،وختامها آخرهاا فاي عصار رجال مان أهال البيات،
وهذا يعتبر نصا في المسألة.
49
الجبددارين والمندددافهللاين وأشدددياعهم وأتبدداعهم ،ووالكدددم خيدددر أُمدددة
محمد صلى هللا عليه وسلم ،فالحهللاوا به في مكة فإنه المهدي}.
ومددن هددذح الموانددع أيضددا :إن الااذي ساايقيم الخالفااة ساايكون مجااددا
ألماار دُرس واناادثر منااذ قرابااة مائااة عااام وهااو ساالطان اإلسااالم،
وعلى رأس كل مائاة عاام يبعاث هللا مجاددا لهاذه األماة ،فقاد روى
أبااو داود فااي سااننه والحاااكم فااي مسااتدركه والبيهقااي فااي المعرفااة
وغيرهم بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي هللا عناه عان النباي
صلى هللا عليه وسلم أنه قال{ :إن هللا يبعث لهذح األمة على رأ
كددل مائددة سددنة مددن يجدددد لهددا دينهددا} وال يوجااد فااي المنظااور أي
شااخص يمكااان أن يكااون مجاااددا لهااذا األمااار ِلتلتااف األماااة حولاااه
وتجتماااع علياااه ،سااايما وأن المجااادد هاااذه المااارة فاااي خضااام هاااذه
التكنلوجياااااا الهائلاااااة ،وكثااااارة الكفاااااار والمناااااافقين والمشاااااككين
المستحوذين على األمة ،الباد وأن يكاون ذو علام ممياز عان علاوم
سائر البشر مسلمين وغير مسلمين حتى يتمكن من إقناعهم وإزالة
الريب والشك من نفوسهم ،وأن يكون ذو شخصية مميزة عن بقياة
البشااار أيضاااا ،مااان حياااث التأيياااد اإللهاااي لياااتمكن مااان قياااادتهم
وتخليصاااهم مااان الظلااام والجاااور الواقاااع بهااام ،ولااايس عنااادنا بهاااذه
الصاافات وهااذه المقومااات أحااد بعااد الخلفاااء الراشاادين المهااديين
50
أصااحاب خالفااة النبااوة األولااى إال خليفااة هللا المهاادي الااذي يتلقااى
العلم باإللهام ال عان طرياق الجامعاات والجماعاات{ ،يصدلحه هللا
في ليلة واحدة} وهو الذي {يشبه النبي صلى هللا عليه وسلم في
أخالقه} وهو الذي {لم تلبسه الفتن ولم يلبسها} وهو المؤيد مان
هللا تعااالى ،فيمااده بجبرياال عليااه السااالم ليعاقااب الااذين يخرجااون
لحربه من المنافقين {فيخسف بهم في بيداء مكة والمدينة} وهاو
الذي ينزل له عيسى عليه السالم من الساماء لنصارته فاي القضااء
على اليهود وعلى دجالهم في فلسطين ،وهو الاذي {يخدرج هللا لده
كنوز األرض} ويمكن له فتح رومية وكال مادائن الشارك ،ويمكان
والدنيا. له كل األر
ومن هذح الموانع أيضا ً :أن الخالفة لن ترجع ألي بلد خرجت منه
فتسااتقر فيااه ،وإنمااا اسااتقرارها األخياار يكااون ببياات المقاادس كمااا
جاءت بذلك اآلثار عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،ففي تاريخ
دمشق وفتن نعيم بإسناد رجاله موثقون عان ياونس بان ميسارة بان
51
حلبس ُمرسال عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال{ :هذا األمر-
يعني الخالفة -كائن بعدي بالمدينة ،ثم بالشدام ،ثدم بدالجزيرة ،ثدم
بالعرا ،ثم بالمدينة ،ثم ببيت المهللاد ،فإذا كانت ببيت المهللادد
فثم عهللار دارها ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدا ً}.
فهذا الحديث وإن كان مرسال فهو حجاة بإجمااع التاابعين علاى
ما ذكره الطبري وغيره ،ثم هو أفضل من الرأي كماا هاو معماول
ماع الصاحيح، به عند األئمة كما قد علمت ،سيما وأنه ال يتعار
أضف أنه غيب طابق الواقع ،فلان تعاود هاذه البلادان كماا فاي هاذا
الحديث دار خالفة أبدا ،وال نعلم أثرا يادل علاى أن صااحبها الاذي
يناازل بهااا بياات المقاادس غياار المهاادي ،باال الااوارد كمااا فااي أخبااار
المهدي ألبي نعيم وغيره أن الحرب مع اليهود ودجاالهم والقضااء
علاايهم يااوم ينطااق الحجاار والشااجر إنمااا تكااون فااي بياات المقاادس
وأكنافه ،ويكون قائدها المهدي وبصاحبة عيساى بان ماريم عليهماا
الساالم ،وكماا فاي حاديث أباي عمارو الاداني فاي ساننه أن المهادي
يناازل بياات المقاادس ،وكمااا فااي حااديث الااداني والحااارث باان أبااي
أسامة من نزول عيسى علياه الساالم علاى المهادي والصاالة خلفاه
ببيت المقدس ،وفي فتن نعيم عان علاي بان أباي طالاب وكعاب بان
52
مالك ومحمد بن الحنفية وأرطاأة بان المناذر أن المهادي يساير إلاى
بيت المقدس وينزلها.
53
والقسااطنطينية والااديلم وسااائر ماادائن الشاارك ،وال تملااك الاادنيا وال
حتى العرب؟!.
فاااالنبي صااالى هللا علياااه وسااالم أخبرناااا فاااي عااادة رواياااات أن
صاااحب هااذا الشاارف العظاايم هااو اإلمااام المهاادي ال غيااره ،وقااد
خرجتها في كتابي "المهدي المنت ر والخالفة الثانية على منهاج
النبددوة" علااى نحااو حااديث أبااي عماارو الااداني فااي نزولااه بياات
المقاادس ،وعلااى نحااو حااديث اباان ماجااة وغيااره فااي قتالااه لليهااود
بصاحبة عيساى عليهماا الساالم ببيات المقادس ،وعلاى نحاو حااديث
الطبرانااي وغيااره فااي فتحااه لماادائن الشاارك واسااتخراجه للكنااوز،
وعلى نحو حديث خيثمة والبغدادي وأباي عمارو الاداني فاي فتحاه
لروميااة وجباال الااديلم ،وعلااى نحااو حااديث اباان ماجااة فااي فتحااه
للقسااطنطينية ثانيااة ،وعلااى نحااو حااديث الطبرانااي فااي الصاالح مااع
الروم الذي يعقبه الملحمة الكبرى يكون على يد المهدي ،إلى غير
ذلك مما قد علمت عنه آنفا.
لاااذا فاااال تساااتحق خالفاااة غيااار خالفاااة المهااادي مااان أحاااد مااان
المساالمين أن يتباااكى عليهااا ،باال ال بااد ماان االسااتعاذة منهااا وماان
شرورها.
54
وإنك لتعجب من جرأة البعض في إنكار كون المهدي هاو مان
ساايكون أمياار المساالمين يااوم الملحمااة الكباارى مااع بنااي األصاافر
الااروم ،وهااو ماان ساايفتح روميااة وسااائر بااالد الشاارك ،وهااو ماان
سيحرر بيات المقادس ،وهاو مان سايقاتل الادجال واليهاود ويقضاي
عليهم بصحبة عيساى علياه الساالم ،ومان أناه سايملك كال األر
والااادنيا ،فاااإن كاااان ال ُمنكااار لاااذلك ال يعااارف هاااذه الرواياااات فإنهاااا
مصاايبة ،ألنااه قااال بغياار علاام وتااألى علااى هللا وعلااى رسااوله ،وإن
كااان يعرفهااا فالمصاايبة أعظاام ،ألنااه يكااون بااذلك أشاابه بالاادجال
والمموه.
55
تجتمع عليها ولم ت ُعلن بمشورتها ،وليس فقط أنه ال تكون فاي هاذه
البلاادان دولااة خالفااة كمااا فااي حااديث اباان حلاابس آنفااا ،باال ألن هللا
تعااالى لاام يتكفاال بتأييااد خالفااة وقااوم بعااد خالفااة النبااوة األُولااى إال
خالفة وقوم المهدي ،كتأييده بجبريال علياه الساالم لخساف الجايل
الذي يجايء لغازو الكعباة فاي عصاره ،وتأيياده باإنزال عيساى بان
مريم عليه السالم من السماء لقتال الادجال ،وتأيياده باإخراج كناوز
له ،ومن تأييده أن هللا هو الاذي يصالحه ال الجماعاات وال األر
الجامعات ،ومان تأيياده أن أتباعاه كالساابقين األولاين ،ومان تأيياده
عناه ،إلاى غيار ذلاك مماا تقادم ذكاره، رضا أهل الساماء واألر
وقد بينته وحققته لك في كتابي "المهدي المنت ر والخالفة الثانية
على منهاج النبوة".
إن مما يغلب على الظن وربما يصل إلى حد القطع من أن
عصرنا هو عصر خليفة هللا المهدي المؤيد من هللا كي يتمكن من
تطبيق دينه وحمله للعالم أجمع ،فال يمكن التخلص من دول الكفر
المتقدمة تكنلوجيا ومن استعمارهم ،بل وال يمكن التخلص من
المنافقين والمضبوعين بالكفار وبأفكارهم ،إال بقائد رضي ٍ مؤيد
من هللا تعالى ،فالواقع خير دليل على ذلك فمنذ قرابة مائة عام
واألُمة ترزح تحت وطأت الكافر المستعمر وعمالئه رغم كثرة
56
جيشها وتعداد دولها وقادتها وأحزابها ومشايخها ،ورغم عمل
العاملين ،فكل المؤشرات والعالمات التي ذُكرت في شأن
المهدي ،الصحيحة منها والضعيفة تنص على أنه ال ُمؤيد الوحيد
من هللا تعالى في هذا العصر وله.
ثم أقول في ختام رسالتي هذح :لقد بقيت عالمة واحدة تسبق
مجيء المهدي أو إيذانا لبعثه ،وهي فتنة اقتتال في بالد الحجاز
على ال ُملك ،كما في حديث االقتتال عند الكنز آنفا ،تبدأ بعد موت
مليكهم ،بين أبناء األسرة المالكة هناك ،ال كما يتوهم البعض من
أنه اقتتال على الكنز ،فالرواية تقول{ :يهللاتتل عند كنزكم} ولم تقل:
(على كنزكم) وهذا يتفق مع رواية أبي عمرو الداني التي تقول:
{ثم ال يصير الملك واألمر إلى واحد منهم} ولم تقل( :ثم ال يصير
الكنز) وأما كونها في بالد الحجاز فلرواية عبد الرزا { :يهللاتتل
عند حرتكم هذح} ورواية ابن عساكر{ :يهللاتتل عند داركم} وفي
رواية البيهقي{ :عند كنزكم هذح} ولما رواه نعيم في الفتن بإسناد
حسن عن أبي هريرة قال( :تكون بالمدينة وقعة تور لها أحجار
الزيت ،ما الحرة عندها إال كضربة سو ،فيتنحى عن المدينة
قدر بريدين ثم يبايع المهدي) وبوادرها في هذه األيام قد بدت
للعيان في تصرفات ابن الملك سلمان مع أعمامه وأبناء عمومته
57
وإخوته وسائر األُسرة الملكية هناك ،من مالحقة وسجن واغتيال،
فإذا حصلت فتنة االقتتال هذه ووقعت ،أتتهم الرايات السود من
شيعة ومن غير شيعة لت ُمعن فيهم قتال لم يقتله قوم من قبل ،كما
جاء في حديث الكنز ،ثم يجيء على إثرها المجدد الموعود خليفة
هللا المهدي فيرفع هللا به القتل والذل والظلم والعدوان عن
المسلمين ،ويُ ع
طهر به بالدهم من المستعمرين ومن عمالئهم،
فاسألوا هللا العظيم أن يكون هذا عصره وأوانه وأن يكون هو
المجدد الموعود والغياثي المنتظر لهذا الزمان -آمين -وصلى هللا
وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
58
الوياثي المنت ر:
هجم بعض الناس ممن ال علم لهم بحديث رسول هللا -صلى هللا
عليه وسلم -وال بمصطلحه على المهدي المنتظر ،فأنكروه
واعتبروا أن األحاديث التي ذكرته ضعيفة ،وأحسنهم قوال فيه أن
أحاديثه أخبار آحاد ،وكال الفريقين مخطئ قطعا ،فال أحاديثه
ضعيفة وال هي أخبار آحاد ،بل هي صحيحة ومتواترة ،فقد رواها
جملة من األئمة والحفاظ كأبي داوود والترمذي وأحمد وأبي يعلى
وابن أبي شيبة والحاكم وابن حبان وابن ماجة والبزار والطبراني
وغيرهم عن أكثر من عشرين صحابيا وأكثر من ثالثين حديثا
صحيحا ،وقد قال غير واحد من األئمة بتواتر أحاديث المهدي،
كاألُبري والسخاوي وابن حجر العسقالني وابن حجر الهيتمي
والقرطبي والشوكاني والكتاني وغيرهم.
59
في موضوع خالفة النبوة ،فكيف يخوضون والدجال ،وكالخو
في موضوع المهدي؟!! في مثل هذه الغيبيات ويمنعون الخو
إال أن يكون أحد أمرين:
60
ع
أن الموطئين والممهدين له على قلتهم هم خير الناس( ،لم يسبقهم
أن ُخلُقه ك ُخلق جده
األولون وال يدركهم اآلخرون) وعلى نحو :ع
محمد -صلى هللا عليه وسلم ،-وعلى نحو :أنه من قريل من
أفضل القبائل عند هللا تعالى ومن أُسرة شريفة من عترة رسول
هللا-صلى هللا عليه وسلم ،-وعلى نحو :أنه ليس في عمله ُ
ظلم وال
عيب ،وعلى نحو :أنه ال عالقة له باألحزاب وال بالجماعات،
(فلم تلبسه الفتن ولم يلبسها) وعلى نحو :ع
أن عيسى عليه السالم
حينما ينـزل من السماء سيصلي خلفه مأموما ،وعلى نحو :أنه
ال ُمحرر لبيت المقدس والفاتح لرومية وسائر مدائن الشرك ،وعلى
نحو :أن هللا يخسف له أعداءه بالبيداء ،إلى غير ذلك.
61
غيره يستحق أن يكون صاحب الخالفة الثانية على منهاج النبوة،
هذا المقام أننا على استعداد تام بحول هللا وقوته على إثبات ذلك
الذي يريد.
62
ال ُمجدد الموعود:
يكثُر الحديث عن المجددين انطالقا من الحديث الاذي رواه أباو
داود والحاااكم والطبرانااي بإسااناد صااحيح عاان أبااي هرياارة عاان
رسااول هللا -صاالى هللا عليااه وساالم -قااال( :إن هللا عددز وجددل يبعددث
لهذح األُمة على رأ كل مئة سنة من يُجدد لها دينهدا) وانطالقاا
أيضااا ماان تخاااذل مااا يُس ا عمى بالقااادة واألُمااراء والزعماااء فااي هااذا
الوقاات ،فكاال حاازب وكاال جماعااة تعتباار شاايخها ومؤسسااها هااو
المجدد الموعود ،حتى أُصيبت األ ُمة بتخمة المجاددين ،وماع ذلاك
فإن اإلسالم والمسلمين (مكاندك سدر) مناذ أكثار مان ثماانين عاماا،
ذلة ومهانة واعتداء على العقيدة في كل مكاان يوجاد فياه مسالمون
دون تغيير أو تجديد ،والصاحيح أن األُماة اإلساالمية بكال أطيافهاا
وانتماءاتهااا تنتظاار ُمجااددا موعااودا ،ولكاان هااذه الماارة لاايس مجاارد
شيخ أو عالم ،وإنما هذه المرة تنتظر قائدا يُجدد لهاا دينهاا ،فيُحياي
فيهااا األماال ،يملؤهااا عاادال وقسااطا كمااا ُملئاات ظلمااا وجااورا ،هااذه
المرة تنتظر ُمجددا قائدا وليس مجرد شيخ أو أمير حازب أو أميار
جماعة ،هذه المرة تنتظر ُمجاددا قائادا ال عالقاة لاه بااألحزاب وال
بالجماعات المنتشارة فاي عاالم المسالمين المختلفاة المتنازعاة فيماا
63
بينهااا ،هااذه الماارة تنتظاار ُمجااددا ال عالقااة لااه ال بالجماعااات وال
بالجامعات (يُصلحه هللا في ليلة واحدة) ،هذه المرة تنتظار ُمجاددا
شر به رسولنا األكرم محمد-صلى هللا عليه وسالم -فاي األحادياث ب ع
الصااحيحة المتااواترة ،تثااق بااه األ ُ عمااة ،لاام تلبسااه الفااتن ولاام يلبسااها،
تنتظر قائدا ال تكون دولته دولاة حزبياة ،يكاون قاادرا علاى توحياد
األ ُ عمة بجميع طوائفها وأحزابها في وقت غابت فيه الوحادة واألُلفاة
س عمي بالمجاددين ،هاذه المارة تنتظار
من بين أبنائها رغم وجود ما ُ
ُمجااددا مؤي ادا ماان هللا رب العااالمين ،قائاادا ُمجااددا ال يعتمااد علااى
األسباب المادية بل يعتمد على التأييد والادعم اإللهاي كاي يساتطيع
مواجهة أمريكا وأُوروبا ويهود وسائر أئمة الكفر ،كما في حديث:
(الخسف بالبيداء) وحديث( :جبريل على مهللادمتده وميكائيدل علدى
سدداقته) وحااديث( :يرضددى عندده سدداكن السددماء وسدداكن األرض)
وحديث( :يُنـزل هللا له الهللا ر من السماء).
أيهددا المسددلمون فددي كددل مكددان :لاام يبااق لاارأس المائااة إال بضااعة
أعااوام ،ألن رأس المائااة آخرهااا ،فاألُمااة منااذ ثمااانين عامااا ونيعااف
وهي من غير قائد يقودها إلى العزة والنصر والتمكين رغم وجود
64
سبحانه أن يكون ُمجدد رأس المائة هذه هو المهدي محمد بن عباد
بن علي بن أبي طالب-رضي هللا عنهم أجمعاين -ذلاك الاذي أخبار
عنااه رسااول هللا -صاالى هللا عليااه وساالم -انااه يُبعااث غيعاثااا ،ويفااتح
روما ،وينشر العدل ،ويعيد لبيت المقدس كنوزه التي سرقت مناه،
وانااه يقتاال دجااال اليهااود بصااحبة عيسااى عليااه السااالم ،وانااه الااذي
يصاالي عيسااى عليااه السااالم خلفااه ،وأنااه خليفااة آخاار الزمااان الااذي
يحثي المال حثيا وال يعده عدا ،وانه صااحب الخالفاة الثانياة علاى
ال محالاااة إن شااااء هللا (فدددإن كدددل مدددا هدددو آت قريدددا) وان القائاااد
65
بذلك األحاديث المتواترة ،وسيُلقي بالخوناة والمناافقين إلاى مزابال
التاااريخ ،وس ايُنقض كاال مااا أبرمااوه ماان معاهاادات واتفاقيااات مااع
والتمكدين :ابتهلاوا إلاى هللا تعاالى أن يكاون هاذا هاو زمان المهادي
الموعود كي يُخلعص األُماة مماا هاي فياه مان العنات والاذل والظلام
ع
الماوطئين لاه، والفرقة والشتات ،ثم ابتهلوا أن تكونوا من أنصااره
66
ال ـائفـة ال ـاهرة
قال عليه الصالة والسالم{ :ال تزال ائفة من أُمتي يهللااتلون
على الحق ااهرين إلى يوم الهللايامة}.
67
الهللارينة األُولى :أن قوله{ :ال تزال ائفة مدن أُمتدي يهللاداتلون علدى
الحق} دليل على استمرارية جهاد هذه الطائفة دون انقطااع وأنهاا
ال تشتغل غيره ،ال مجرد استمرارية وجودها من غير جهاد ،فهذه
الحالة ال تنطبق على أحد من الموجودين ،فدإن قيدل :إنهام يقااتلون
إذا كانت لهم دولة ،أ عما وهم من غير دولة فال ،بادليل أناه ورد فاي
بعااض نصااوص الطائفااة{ :ال تددزال ائفددة مددن أُمتددي علددى الحددق
ااهرين} على اإلطال بدون ذكر القتال.
68
الهللاريندة الثالثددة :جااء فااي نصوصاها أن آخاار هاذه الطائفااة ساايقاتل
الدجال{ :حتى يهللااتل آخرهم المسيح الدجال} ومعلوم علاى ظااهر
الكف عند أهل العلم بالحاديث أن الاذين سايقاتلون الادجال هام جناد
المهدي بصحبة عيسى عليه السالم ،فكيف يمكن أن تكون الطائفة
غيرهم ؟!!.
69
أُسامة وأبو نعيم وأبو عمرو الداني بإسناد صحيح{ :ينـزل عيسدى
بدن مددريم فيهللادول أميددرهم المهددي :تعددال صدل بنددا ،فيهللاددول :ال ،إن
بعضكم على بعض أُمراء تكرمة هللا هذح األُمة}.
ثم ليس المهم أن يدعي المرء أنه وأنه ،بل المهم أن يعمل وفق
الشرع وبإخالص ،فعمله هذا دليال علاى صادقه وإخالصاه ولايس
ادعاوه أنه كذا.
وللعلم ع
فإن البعض يخلط بين الطائفة الظااهرة والفرقاة الناجياة،
فالطائفة الظاهرة عرفناها آنفا ،أما ال ِفرقة الناجية :فهي في حاديث
رسااول هللا صاالى هللا عليااه وساالم{ :وسددتفتر أُمتددي إلددى بضددع
وسددبعين شددعبة ،اثنتددان وسددبعون فددي النددار وواحدددة فددي الجنددة،
قيل :ومن هيت قال :هي الجماعة} وفاي رواياة أُخارى{ :هدي مدا
أنا عليه وأصحابي} فالجماعاة المقصاودة :هاي جماعاة المسالمين
وإماااامهم ،أي دولاااة الخالفاااة اإلساااالمية ،وهاااذه كانااات علاااى مااار
العصور إلى ما قبل تسعين عاماا تقريباا ،وأماا قولاه{ :هدي مدا أندا
70
عليدده وأصددحابي} فإنهااا تنطبااق علااى كاال ماان اتبااع الساانة واتبااع
الصحابة ،سواء كان فردا أو حزبا أو جماعة ،لذا فاال يصاح ألحاد
ادعاء ذلك لنفسه دون غيره وإال كان ُمتأ ٍل على هللا تعالى.
أيها المسلمون :إن فاي حاديث الطائفاة الظااهرة بشاارة ببقااء أُماة
اإلسااالم إلااى يااوم الاادين ،وببقاااء الجهاااد فااي ساابيل هللا كااذلك حتااى
ينـزل عيساى بان ماريم علياه الساالم مان الساماء ،ويظهار الادجال
لعناااه هللا للقضااااء علياااه وعلاااى جناااده اليهاااود ،وعساااى أن يكاااون
ظهورها وظهور أميرها قريبا جدا إن شاء هللا تعالى ،فثقاوا بوعاد
هللا ونصره ،وأبشروا بما بشر به رسول هللا صلى هللا عليه وسالم،
واحرصااوا أن تكونااوا مماان آماان وتااابع ،ال مماان تااولى عصاابية
وحزبية مان غيار علام وال هادى وال كتااب منيار{ ،يدا أيهدا الدذين
آمنوا اتهللاوا هللا وقولوا قوالً سديدا ً}.
71
ال خالص من اليهود واألمريك إال بدولة المهدي:
كثرت الفتن وكثارت الماوآمرات علاى األُماة واإلساالم فاي كال
مكااان حتااى وصاالت إلااى حااد التخمااة ،وال أحااد ماان المتاازعمين
يتحاارك علااى المسااتوى المطلااوب ،فااي حااين أن كاال شااعب ماان
شعوب األُمة يزعم أن زعيماه هاو المنقاذ والمخلاص مان الضااللة
والهااالك ،لكاان الواقااع ك اذعب هااذا الاازعم وأبااان عااواره وأبااان أن
هؤالء المتزعمين ليسوا منعا وال مان هللا فاي شايء ،فمانهم مان هاو
منشغل في الدنيا وجمعها بالقمار والبورصة ،أو باالساتحواذ علاى
خيرات األمة من بترول وغيره ،ومنهم من هو منشاغل بالرياضاة
شااعر والفاان ،وماانهم ماان هااو منشااغل بأفكاااروركااوب الخياال وبال ِ ع
الكفار مان علمانياة وديمقراطياة وغيرهاا ويحارص علاى تطبيقهاا
ولو بالحديد والنار ،ومنهم مان هاو منشاغل بالسالطة يناافس عليهاا
يقتل هذا وياذبح ذاك فاي سابيلها ،ومانهم مان هاو منشاغل بمالحقاة
المسااالمين تحااات مسااامى محارباااة اإلرهااااب تزلفاااا مناااه لليهاااود
ولالمريكان وغيرهم من أُمم الكفر ،وهكذا.
وأما بالنسبة للمشايخ وأُمراء األحزاب والجماعاات فهام أيضاا
مشاغولون بأنفساهم وأحازابهم وجماعاااتهم ،كال مانهم يعتبار حزبااه
وجماعته هي األفضل وهي الحجة على األخرى وهي أمل األُمة،
في حين أنهم متنازعون مختلفون متباينون ،فليسوا على شيء مما
يزعمون ،فقاد مضاى علاى هاذا الواقاع قراباة مائاة عاام لام يُقادموا
لالُمة على مستوى مبادئها ودينهاا وقضااياها المصايرية أي شايء
يُذكر ،رغم ثورة الثائرين منهم ومن غيارهم ،واستشاهاد المقااتلين
72
هنااا وهناااك ،فلاام يتغياار أي شاايء ماان واقااع األُمااة الملاايء بالفرقااة
والفتن والمؤآمرات إال سوءا زيادة فو زيادة.
الخضم إال بعث ال ُمجدد الموعود أيها المسلمون :ال ينقذنا من هذا ِ
صااااحب فساااطاط اإليماااان وصااااحب الطائفاااة الظااااهرة الغيااااثي
المنتظر مجيؤه في هذا العصر ،سيما وقد جربت األُمة الكثير مان
القيادات غيره طيلة قرن من الزمان دون جدوى ،فهو القائد ال ُملهم
والمؤيد من هللا تعالى القادر على لملمة األُمة وتوحيدها وإيصاالها
إلااى التمكااين والنصاار علااى الملاال كلهااا ،مصااداقا لقااول هللا تعااالى:
(لي هددرح علددى الدددين كلدده ولددو كددرح المشددركون) فإنااه ال يختلااف
اثنان ذوا عدل من المسلمين أناه ال أحاد غيار اإلماام المهادي قاادر
علااى توحيااد األُمااة كلهااا عربااا وعجمااا علااى المسااتوى اإلقليمااي
والقبلي والحزبي في أُمة واحدة ،وال أحد غيره قادر على الوقوف
فااي وجااه األمريكااان واليهااود ،وال أحااد غيااره قااادر علااى تطبيااق
الشااااريعة اإلسااااالمية علااااى منهاااااج النبااااوة كمااااا طبقهااااا الخلفاااااء
الراشاادون ،وال أحااد غياااره قااادر علااى إساااكات الشاايعة اإلمامياااة
الرافضة وإفحامهم ورد كيادهم ،وال أحاد غياره سايفتح روماا ،وال
أحد غيره سيفتح القسطنطينية ثانية ،ولن تنعم األُماة وتزدهار كماا
فااي العصااور األُولااى وتملااك األر إال فااي عهااده ،ولاان تااتخلص
األُمة من الخونة والمرتزقة وممن ال يحكم بما أنازل هللا تعاالى إال
في عهده ،ولن تحرر القدس ومكة والمدينة وسائر باالد المسالمين
المسااتعمرة إال علااى يديااه ،فتأييااد هللا تعااالى لااه ساايمكنه ماان هااذا
وغيره ،فجبريال علياه الساالم علاى مقدماة جيشاه ،وميكائيال علاى
ساقته ،وكما ثبت بالتواتر عن حادثة الخسف بالبيداء ،فإن جبريال
73
عليااه السااالم يخااو تلااك المعركااة وحااده فيخسااف األر بااذلك
الجاايل ،وماان تأييااد هللا تعااالى للمهاادي أن هللا تعااالى يُنااـزل عليااه
عيسى علياه الساالم مان الساماء لمسااعدته فاي قتال دجاال اليهاود،
ومن تأييد هللا له أنه يُخرج له كل كنوز األر .
أيها المسلمون :إن اليهود وبحبل من األمريك واإلنجليز والروس
وغياارهم ماان الصااليبيين ساايراوحون مكااانهم فااي أر فلسااطين
حتااى يظهاار المهاادي والاادجال والمساايح ،وربمااا فااي هااذه األثناااء
ينصبون هيكلهم المزعوم ،فكما أنه لم يمنعهم أحد مان المتازعمين
ماان أخااذ فلسااطين وجعلهااا إساارائيل ،ولاام يماانعهم أحااد ماان ضاارب
غزة وتجويع أهلها ،فلن يمنعهم أحد منهم من نصب وثانهم ،ثام إن
كاال مااا يفعلونااه ويخططونااه إلفشااال مااا يساامى السااالم معهاام ،هااو
بتخطاايط ماان هللا تعااالى لتااأخير انهاااء هااذه القضااية ،والواقااع خياار
دليل ،فمنذ ستين عاما خلت بما فيها من نضال لابعض المخلصاين
لها ،لم يتغير شيء فيها إال لالسوأ ،قتال وذل وتشاريد ونفاي وفقار
وحصار وضياع لالر والمقدسات ،فاليهود دوما يبحثون عمان
يتنازل لهم عن فلساطين ،وقاد حظاوا باذلك ،وياا حباذا عنادهم هاذه
المرة لو كان شيخا ليأخذ التنازل الصفة الشرعية اإلسالمية كي ال
يطالب أحد من المسلمين فيما بعد بهذه الاديار ،فيغادوا مان يطالاب
بها إرهابياا منباوذا ،ولاذلك نجادهم أحياناا يغاازلون حركاة حمااس
علااى حساااب حركااة فااتح ،كمااا حصاال بااإخراج بعااض المساااجين
مقابل روية أو سماع صوت جنديهم شاليط المخطوف لدى حركاة
حماس ،وكما في قولهم إن السلطة الفلسطينية طلبت مانهم ضارب
غااازة والقضااااء علاااى حمااااس (ويمكدددرون ويمكدددر هللا وهللا خيدددر
74
المدداكرين) فسااواء أرادوا ماان ذلااك اإلطاحااة بحركااة فااتح ومنظمااة
التحرير لتحل حماس محلهاا أو لرفاع أساهمها لتعاود إلاى مشااركة
فتح في السلطة لتأخذ المفاوضات الطابع اإلسالمي ،أو أرادوا من
ذلك اإلطاحة بمحمود عباس ليحل محلاه شاخص غياره أقاوى مناه
فإن هذا وذاك لن يغير مان يستطيع فر الموآمرات على شعبه ،ع
واقاااع قضاااية فلساااطين إقليمياااا وإساااالميا أي شااايء ،فساااتظل هاااذه
القضاية عالقااة تااراوح مكانهااا شااوكة فااي أعنااا الكفااار والمنااافقين
مهماااا صااانعوا مااان ماااؤآمرات ،إلاااى أن ياااأتي المهااادي الموعاااود
والدجال والمسيح عليه الساالم ،ففاي عصارهم ياتم القضااء المبارم
على اليهودية والصليبية جميعا ،وليس أدل على ذلاك مان الحاديث
الصحيح عن رساول هللا محماد صالى هللا علياه وسالم الاذي يروياه
ابن ماجاة فاي ساننه والحااكم فاي المساتدرك وغيرهماا مان حاديث
مطول مشهور في أحوال الدجال وفتنه جاء فيه( :قالت أُم شريك:
يارسددول هللا ف د ين العددرب يومئددذت قددال :هددم يومئددذ قليددل ،وجلهددم
ببيت المهللاد وإمامهم رجل صالح ،فبينما إمامهم قد تهللادم يصلي
بهم الصبح إذ نزل علديهم عيسدى بدن مدريم الصدبح فرجدع اإلمدام
يددنكي يمشددي الهللاههللاددرى ليتهللادددم عيسددى يُصددلي بالنددا ،فيضددع
عيسى يدح بين كتفيه ثدم يهللادول لده :تهللاددم فصدل فإنهدا لدك أُقيمدت،
فيصددلي بهددم إمددامهم ،فددإذا انصددرف قددال عيسددى عليدده السددالم:
افتحوا الباب ،فيفدتح ووراءح الددجال ،معده سدبعون ألدف يهدودي
كلهم ذو سيف ُمحلى وساج ،فإذا ن ر إليه الدجال ذاب كما يذوب
الملح في الماء وين لدق هاربداً ،ويهللادول عيسدى عليده السدالم :إن
لي فيدك ضدربة لدن تسدبهللاني بهدا ،فيدركده عندد بداب اللدد الشدرقي
75
فيهللاتله ،فيهزم هللا اليهود ،فدال يبهللادى شديء ممدا خلدق هللا يتدوارى
به اليهود إال أن ق هللا ذلك الشديء ،ال حجدر وال شدجر وال حدائ
وال دابة ،إال الورقد فإنها مدن شدجرهم ال تن دق ،إال قدال :يدا عبدد
هللا المسددلم ،هددذا يهددودي فتعددال فاقتلدده) ثاام قااد جاااء ذكاار المهاادي
صريحا في رواية أبي نعايم الحاافظ فاي أخباار المهادي( :قالدت أُم
شددريك :ف د ين العددرب يارسددول هللا يومئددذت قددال :هددم يومئددذ قليددل
وجلهدددم ببيدددت المهللادددد وإمدددامهم المهددددي رجدددل صدددالح ،فبينمدددا
إمامهم قد تهللادم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيل بدن مدريم )......
ثم من المعلوم باألدلة الصريحة الصحيحة أن الذي يصالي عيساى
خلفه هو اإلمام المهدي ،وال مجال لذكرها في هاذه العجالاة ،فإنهاا
معروفة عند أهل العلم على ظااهر الكاف ،فباات واضاحا مان هاذا
الحديث أن المعركة الفاصالة باين اليهاود والمسالمين والتاي ينطاق
فيها الحجر والشجر هي في فلسطين ببيت المقدس واللد ،وواضاح
أيضااا أن قادتهااا همااا المهاادي وعيسااى عليهمااا السااالم ماان جهااة،
والدجال واليهود من جهة ثانية ،فعساى أن يكاون ذلاك قريباا جادا،
فاليهود وألول مرة بعد مجيء اإلسالم يصاير لهام دولاة فاي بيات
المقدس وفلسطين ،وهااهم يعيثاون فاي األر فساادا وعلاوا مارة
ثانية في التاريخ ،وهاي المارة اآلخارة التاي ذكرهاا القارآن الكاريم
عنهم في سورة اإلسراء على الرأي الاراجح ،وهااهم يُكثارون مان
زراعاااة شاااجر الغرقاااد فاااي فلساااطين ،وأصااابحت مديناااة اللعاااد فاااي
عصرهم أر المطاارات التاي سايربط الادجال حمااره فيهاا -أي
طائرته -وخصوصا شرقيها ،كما وأن اليهود اليوم ُمسلطون علاى
المسلمين وعلى ديارهم ومقدساتهم ال عكس.
76
أمااا تسااليط المساالمين علاايهم وقااتلهم والقضاااء علاايهم وعلااى
أعوانهم وتحرير كامال فلساطين ،فواضاح مان الحاديث آنفاا أناه ال
يكون إال في عهد المهدي وعيسى بان ماريم عليهماا الساالم (إنهدم
يرونه بعيدا ً ونراح قريبا ً) فأبشروا أيهاا المسالمون وثقاوا بوعاد هللا
ونصره ،فالمسألة مسألة وقت ،فكل ما هو آ ٍ
ت قريب ،هللا أكبر هللا
أكبر هللا أكبر.
77