Professional Documents
Culture Documents
االستاذه الدكتوره
الفصل األول
علم االجتماع العائلي
موضوعه وأهم مجاالت الدراسة فيه
2
3
3
4
4
5
هذا وقد حدث تطور منهجي خالل النصف األول من القرن العشرين
اتجه بدراسات وبحوث األسرة وجهة أمبيريقية وصفية اعتمدت علي المادة
الميدانية المدعمة بأساليب التحليل اإلحصائي وقد ابتعد هذا االتجاه
األمبريقي بشكل واضح عن استخدام المنهج التاريخي الذي اتبع فى
الدراسات السابقة والذي اهتم فى المقام األول بالبحث عن أصل وتطور
أشكال األسرة والزواج عبر الزمن والمكان ،فعلي العكس تماماً من ذلك
حيث االتجاه األمبريقي اهتمامه الرئيسي علي دراسة األسرة فى المجتمعات
الصناعية الرأسمالية ،وبالتحديد المشكالت االجتماعية التي عانت منها
األسرة من جراء عمليات التصنيع والتحضر وباتت تشكل خطراً يهدد البناء
االجتماعي للمجتمع الرأسمالي ككل ،خاصة مع تزايد حدة التفاوت الطبقي
بين أبناء األسرة الغنية (الطبقة البرجوازية) وابناء األسرة الفقيرة من
الطبقة العاملة.
5
6
حلول لها ،ولكين أيضاً بهدف الحفاظ علي النظام االجتماعي القام وحمايته
من أي خلل أو تصدع يمكن أن يهدد بناءه الكامل ويعتبر فردريك لوبالي
رائد هذا االتجاه الذي تأثر إل يحد كبير فى دراسته عن األسرة بأوجست
كونت ونزعته الوضعية فى تفسير المجتمع بظواهره االجتماعية المختلفة ،
وقد سار عل ينهج كونت ولوبالي العديد من الباحثين والعلماء من أمثل
بيرجسن وكولي وتوماس وبارك من بين علماء االجتماع ،كما أثرت
دراسات فرويد وأدلر ويونج فى مجال التحليل النفسي فى تدعيم وتثبيت
أركان هذا االتجاه ذات النزعة الفردية اإلصالحية المعتمدة عل يالمناهج
الكمية فى مجال بحوث ودراسات األسرة.
6
7
-5االشتراكية. -4الرأسمالية.
لقد استطاع كارل ماركس فى إطار نقده للمجتمع الرأسمالي وكشف وفضح
تنقضاته االجتماعية واألخالقية ،أن يكشف عن الجوهر والطبيعة الطبقية
لنظام األسرة والزواج تحت النظام الرأسمالي ،مؤكدأً أ ،األسرة بتكوينها
البورجوازي هي أحد الدعائم التي يرتكز عليها ذلك النظام فهي أحد وسائله
الفعالة فى تكوين عالقات االستغالل والتمييز ،كما أنه مصدر هام لتدعيم
األوضاع الطبقية فى المجتمع وقد أوضح ماركس أيضاً كيف أنه من خالل
نظام األسرة والزواج فى المجتمع الرأسمالي يتم تكديس وتراكم الثروة
والنفوذ بين أبناء الطبقة البرجوازية.
أما االتجاه الثاني الذي أشرنا إليه سالفاً فى تفسير وتناول نظام
األسرة والزواج وهو االتجاه األمبريقي الوضعي الذي يتبني األيدولوجية
الرأسمالية فستقوم افتراضاته النظرية علي أساس أن المجتمع بناء متكامل
يتكون من مجموعة من األنساق يؤدي كل منها وظيفة من أجل تساند
واستقرار هذا البناء أن علماء هذا االتجاه يرون أن األسرة تمثل الخلية
األساسية للمجتمع ،وأن اي تصدع أو تفكك يطرأ عليها من شأنه أن يؤثر
علي بقية أجزاء البناء االجتماعي ،وعليه فإن دراسة مشكالت األسرة
ومحاولة إيجاد حلول للتوترات التي تنشأ فيها وعنها هي أحد المهام العلمية
السوسيولوجية التي يجب إعطاؤها أولوية فى البحث والدراسة ،من أجل
تثبيت دعائم النظام االجتماعي وتحقيق االستقرار له.
7
8
إن هذا االتجاه المحافظ فى علم االجتماع وعلم االجتماع العائلي قد
تنشأ كما سبق وإ ن ذكرنا علي أيدي أوجست كونت ،ولوبالي وتطور علي
أيدي سبنسر ودور كايم وفيبر ،وفيوال إلي المدرسة البنائية والوظيفية
الحديثة بعلمائها من أمثال بارسونز وميرتون وكولي وبيرجس
وكوماروفسكي ووليام جود وغيرهم .وسوف نعود مرة أخري إلي هذه
النقطة بشئ من التفصيل عند الحديث عن االتجاهات النظرية فى تفسير
نظام األسرة والزواج.
8
9
الفصل الثاني
األســـــــرة
تعريفها وأنواعها ووظائفها
9
10
هناك أيضاً إشكالية أخري تظهر عند التصدي لتحديد مفهوم األسرة
والزواج ،حتي أن البعض يري أن األسرة ما هي إال الزواج مضافاً عليه
االنجاب ،أي ان الزواج شرطاً أولياً لقيام األسرة – لذا يعتبر بعض العلماء
األسرة نتاجاً لتفاعل العالقات الزواجية Conjagal Realationshipوهؤالء
العلماء هم العلماء المحافظون ،بينما يري عدد أخر من العلماء
الراديكاليين أن األسرة ينظم الزواج التي تنشأ عنها ،ما هي إال نتاجاً
لعالقات االنتاج السائدة فى المجتمع التي يحددها شكل الملكية القائم سواء
كانت ملكية عامة أو مشاعية ،أو ملكية خاصة.
وبرغم التعريفات الكثيرة التي قدمها العلماء لمفهوم السرة إال أنه
ومع هذا فسوف نحاول أن نعرض ألهم أنواع األسرة كما حددها علماء
االجتماع سواء المحافظين أو الراديكاليين.
10
11
لو تأملنا الترعيفات السابقة لوجدنا أنها تركز علي عدة نقاط هي
بمثابة الشروط فى نظر هؤالء العلماء لقيام األسرة وأدائها لوظائفها .
هذه الشروط أهمها.
11
12
يتميز أفراد السرة بإنتسابهم إلي أصل عائلي واحد ،يحملون -8
إسمه ويرتبطون بروابط القرابة.
12
13
وقد توصال إلي أن عالقات االنتاج والتطور الذي طرأ عليها يعد
هو المسئول األساسي عن تحديد شكل األسرة وأنماط الزواج المترتبة
عليها ن وهذا ما سنعرض له بالتفصيل فى الفصل الثالث.
13
14
السائد ز كما ترتبط األسرة بشكل أو بأخر بنمط من الزواج يقوم عل
ياتحاد ودي بين رجل وإ مرأة ينظم بشكل معين العالقات المتبادلة
واالهتمامات المشتركة والتقارب الزوجي بين الزوج والزوجة .واألسرة
عند تأديتها لوظائفها الهامة تتصل بشكل وثيق بالعالقات االجتماعية
القائمة فى النظام االجتماعي ككل ،أي أن األسرة فى مجتمع طبقي
بالرغم من تمتعها بدرجة من االستقالل النسبي ن إال أنها تمثل الخلية
االقتصادية األولي باعتبارها جزء من العالقات االقتصادية لنظام المجتمع
،الذي ينظمها وفقاً لمعاييره القانونية واألخالقية واأليدولوجية
والروحية.
تنظيم العالقات بين الجنسين ،ذلك الذي يقوم علي أساس -1
سيادة النظام االقتصادي القائم بقواعده القانونية واألخالقية.
14
15
فإذا نظرنا إلي التعريفات المادية الرايكالية لوجدنا أنها قد راعت كل
هذه الجوانب مؤكدة علي اهمية البعد الطبقي والبعد التاريخي والبعد
االقتصادي فى تحديد مفهوم األسرة.
15
16
16
17
وحدة متالزمة ومستمرة تقوم علي رابطة الدم ،ويتبادلون معاً للخدمات
وتقسيم العمل ومن الممكن تصنيف هذه التعريفات إلي نوعين ،تعريفات
مثالية محافظة ،وتعريفات مادية راديكالية.
17
18
18
19
أما من حيث السلطة فهناك نمط األسرة األمومية التي تسيطر عليها األم
Matriarchyوتتميز مكانة المرأة فى هذا النمط باالرتفاع وتحظي سلطة
ووضع يمكنها من السيادة والحكم.
ويري أصحاب االتجاه المادي أنه باإلضافة إلي هذين النوعين ،فقد
سبقهما نمط السرة العشائرية ،فالعشيرة Clanالبدائية فى المجتمعات
القديمة بعالقاتها وتكوينها ونمط االنتاج الذي اعتمد عليها اقتصادها
البسيط ،قد شكل من جميع أفرادها أسرة واحدة تقوم علي عالقات
التعاون والتضامن ،كما لم يكن هناك تخصيص فى عالقات الزواج ،
19
20
أوالً :أنه بالرغم أن نمط األسرة األموية وهو أحد أقدم أشكال األسرة قد
أختفي من معظم المجتمعات الحديثة والمعاصرة إال أنه ال زالت
هناك قبائل ينتشر بينها هذا النمط كبعض قبائل الهنود الحمر
وبعض القبائل فى الهند وفى أفريقيا.
ثانياً :أن هذا النمط ظهر وساد فى ظل النظم المشاعية اي قبل نشأة
الملكية الخاصة وظهور الطبقات التي أحدثت علي حد قول
ماركس انقالباً فى تاريخ األسرة وبالذات فى مكانة المرأة حيث
عانت تحت األنظمة العبودية واالقطاعية والرأسمالية اضطهاداً
مزدوجاً :إضطهاد ضمن إطار المجتمع ،وإ ضطهاد ضمن إطار
األسرة ( .أنظر الفصل الخاص بتغير أدوار المرأة وتطور
المجتمع).
1راجع الفصل الذي يتناول نشأة األسرة وتطورها من التفصيالت حول هذا الموضوع.
20
21
21
22
22
23
23
24
24
25
ويصور انجلز هذا التحرر العائلي بقوله " :أن تحويل وسائل االنتاج
إل يالملكية العامة يؤدي إلي أن تكف العائلة القائمة علي نظام الزواج
عن أن تكون هي الوحدة االقتصادية للمجتمع ،وأن يتحول االقتصاد
المنزلي الخاص إلي ناعة اجتماعية وأن تصبح تربية األطفال سواء كانوا
شرعيين أو طبيعيين وتعليمهم من المور العامة حيث يرعي المجتمع
كافة األطفال ...وسيختفي فى نفس الوقت السبب االجتماعي سواء فى
25
26
ويؤكد جان فريفيل ذلك المعني بقوله أن حرية الحب الحقيقية :وحرية
الزواج ورفاهية األسرة ،مشروطة بنهاية النظام الرأسمالي .ذلك أن
حرية الزواج وبالتالي حرية اختيار شريط الحياة لن تتحقق إال يوم أن
تلقي الملكية الخاصة وتلغي معها االعتبارات االقتصادية التي ما تزال
تلعب إلي اليوم دوراً حاسماً فى اختيار ذلك الشريك.
26
27
الفصل الثالث
تطور المجتمع وتغير أشكال األسرة
والزواج
27
28
28
29
أشكال الزراعة البدائية والتي اعتمدت إلي فترات طويلة من الزمن علي
وسائل وأدوات بدائية بسيطة.
29
30
الجماعة ووصل إلي عدة مئات من األفراد ونمت عادة العيش الجماعية
وأمنحت مزايا العمل الجماعي إلي القاء سوياً .
فى نطاق العشيرة كان االنسان البدائي لم تكن لديه غير أدوات
بدائية بسيطة للعمل والذي كانت تهاجمه األخطار الحقيقية :وتؤثر فيه
معتقدات خيالية ،ال يستطيع العيش منفصالً عن غيره لذلك كانت مجرد
فكرة أبعاده عن عشيرته وإ نصاله عن ذويه ترهقه وتثبت الذعر فى
نفسه كما كان أفنانه عن جماعته يبدو فى نظره بمثابة الحكم عليه
باإلعدام.
وقد ظلت فكرة ارتباط الفرد بعشيرته واعتقاده بفنائه إذا بعد
عنها ظلت موجودة لدي مجتمعات أكثر تطوراً من مجتمعات االنسان
األول .فقد كان اليونانيون القدماء كما كان البرابرة جميعاً يعاقبون
القائل بعقوبة "النفي" وقد كانت عالقات االنتاج فى داخل العشيرة تحددها
حالة القوي االنتاجية وطابعها لذلك كان األفراد نتيجة لتأخر وتخلف
أدوات اإلنتاج يعيشون فى وحدة كاملة تقوم أساساً علي التعاون المتبادل
بينهم كما لو لم يكن بينهم تناقض بين أي فرد وبين الملكية.
30
31
31
32
32
33
33
34
34
35
ومن الخطأ القول بأن الزواج الفردي قد دخل إلي هذه المجتمعات
بهدف جنسي فالواقع أنه كان بعيد كل البعد عن كونه وسيلة إلشباع
الغرائز الجنسية وقد أصبح فيما بعد الزواج الفردي أحد القيود الرئيسية
35
36
التي فرضت علي مزاولة هذه الغريزة ،فاإلناث غير المتزوجات فى ذلك
المجتمع كن مطلقات الحرية فى عالقتهن الجنسية ،وعندما فقدت النساء
نتيجة لنمو الزراعة فى أشكالها المتطورة ولزيادة الثروة وتراكمها فى
أيدي فئات قليلة – فقدت النساء صفتهن وقيمتهن باعتبارهن منتجات
رئيسيات ،فاتجهن إلي إبراز مفاتنهن ،وبمرور الوقت أصبح العنصر
الجنسي هو العامل الرئيسي للزواج .وقد ظل هذا واضحاً جلياً فى
المجتمعات العبودية واالقطاعية والرأسمالية فى ظل عالقات االستغالل
عندما استخدم جسد المرأة كأحد عناصر االمتاع للرجل" .وهكذا فقد
تميزت المرحلة األولي للنظام العشائري بأن المرأة فيها كانت تحتل
منزله مرتفعة "المجتمع األموي" نبعت من الظروف االقتصادية
واالجتماعية السائدة وذلك عندما كانت مهنة الرجل فى ذلك الوقت هي
الصيد باألدوات البدائية البسيطة وكان نتاج الصيد نتاجاً جماعياً ومن ثم
لم يكن كافياً كلياً إال من خالل توزيعه توزيعاً جماعياً علي كل أفراد
الجماعية .وكان األشكال الوليدة لفالحة األرض وتربية الماشية بعد
استئناسها ذات أهمية اقتصادية كبيرة فى ذلك الوقت إذ كانت مصدراً
أكثر ضماناً وانتظاماً للمعيشة من الصيد وكانت الفالحة وتربية الماشية
البدائيين من نصيب النساء لذلك لعبت المرأة خالل عصر طويل الدور
الرئيسي فى المجتمع العشائري حتي أن هذه المرحلة سميت بالمرحلة
"األمومية" :وكانت النساء البدائيات فى ظل هذه العالقات هن القادرات فقط
علي التعرف علي أطفالهن كما كان من الطبيعي نتيجة لقيام النساء علي
التنظيم المعيشي للعشيرة أن لتلف األطفال حول أمهاتهم ومن ثم ظهر
االنتساب إلي األم وهو ما وضح فى كل المجتمعات البشرية القديمة ومن
بينها العشائر المصرية القديمة.
36
37
أم القول بأن قيمة المرأة كانت تنحصر دائماً فى انجاب األطفال
وأنها كانت عبدة للرجل من أول ظهور المجتمع فهو قول خاطئ ال يستند
علي األدلة العلمية ألن هذا الوضع قد نشأة واستمد أصوله من عصر
العبودية ونشأة الملكية الخاصة وتحكم :الطبقات.
وق ذكر "أثورايت" الذي قضي عدة سنين فى بعثة لدراسة قبائل
"األروكوار" أنه فى حالة االختالف بين الرجل والمرأة كان الرجل ينسحب
إلي عشيرته .كما استندت أيضاً السيدة "زي اشتريش" فى تدليلها علي
ما كانت عليها المرأة من قيمة كبيرة بأنها كانت بداية الحضارات ممثلة
بشكل بارز فى اآللهة وكان عدد النساء من اآللهة مساوياً لعدد الذكور
منها ،وفى بعض األحيان كان يعلو عليها.
37
38
والدتها باالضافة إلي أنها ترث كل أموال وممتكالت العائلة ،كانت أيضاً
لها السيادة علي أخوتها وأخواتها األصغر منها وكان الرجل لديهم يظل
خاضعاً طوال حياته للمرأة كأبن أو كأخ أو كزوج.
وقد بقيت أثار هذه المرحلة فى اليونان تحت عهد أرسطوا إذ كان
خمس أراضي "إسبارطا" مملوكة للنساء ،وبنمو القوي وعالقات االنتاج
من خالل التطور الذي حدث فى عملية الزراعة واحالل األبوية محل
العشيرة األمومية انتقلت السيادة من األم إلي الرجل وتولي رئاسة
الجماعة وتوطدت من هذا الوقت البنوة والنسب عن طريق األب ،كما
اصبحت الثروة تنتقل عن طريقه إلي ورثته من الذكور .فقد لوحظ أن
ثروة األب فى المجتمعات اليونانية القديمة ال تنتقل إلي ابنته بعد وفاته
وإ نما تنتقل إل يزوجها فى حالة إذا لم يكن للمورث وارث ذكر.
38
39
39
40
40
41
41
42
يقوم بعمله زوج من البقر مثالً فكانت وحدة التقسيم فى الهندي مثالً هو
ما يمكن أن يقوم بحرثه زوج من المحارث وفى "زوجاً" ما يقوم بعمله
زوج من الثيران .أي أن تقسيم األراضي علي حسب الجهد الذي يقوم
به األفراد وكان جزء من األرض يبقي دائماً للزيادة المحتملة فى عدد
السكان والمصروفات العامة واألجور لموظفي القرية .وكان هذا الجزء
يزرع مشاعاً كما بقيت المراعي ومنافع الحياة دون تقسيم وبقي التمتع
بها شائعاً لكل السكان .وبظهور الملكية ونظام المبادلة حدث انقالب
عريض لكل المجتمع البدائي حيث اوجد ظهور الملكية الخاصة عدم
تساوي األموال المنقولة لدي الجماعات المختلفة فأدي هذا إلي وجود
مصالح متباينة واشتغل :األفراد الذين كانوا يزاولون مهام رؤساء ومهام
القادة الحاميين ورجال الدين مركزهم لكي يحصلوا علي مزيد من الثروة
فامتلكوا جزء من الملكية المشاعية وأخذوا ينفصلون شيئاً فشيئاً عن
أعضاء جماعاتهم ليكونوا طبقة جديدة سميت بالطبقة االرستقراطية كما
أصبح الملك والسلطان ينتقل فى ظل هذه المجتمعات وبالذات فى هذه
الطبقة بالوراثة وأخذت تزداد ثراء بينما كان بقية أعضاء الجماعة
يسقطون شيئاً فشيئاً تحت تبعياتهم االقتصادية واالجتماعية والسياسية
وبفضل تطور االنتاج أصبح فى إمكان الفرد أن ينال فى تربية الماشية
والزراعة من وسال المعيشة ما يزيد عما يلزمه كي يحافظ علي حياته
ويحقق احتياجاته فأصبح من الممكن أيضاً أن يملك الفرد العمل الذي
يزيد حاجاته والمنتج الذي يزيد عن حاجاته.
42
43
الفصل الرابع
تطور الدراسة العلمية لألسرة
43
44
44
45
45
46
ومما يؤكد ذلك وجود بعض القبائل الفقيرة التي تقع جنوب الهند
وتبيح تعدد األزواج وليس الزوجات .إذ أن عدداً من الرجال أو الشقاء
يتزوجون امرأة واحدة ،فهذا باإلضافة إلي توفير النفقات ،فإنه يقلل
عدد األطفال ،وقد حدث تعدد األزواج فى عهود كثير ألسباب اقتصادية
مختلفة .عند العرب قبل االسالم .وفى اليونان القديمة حيث كان
القانون يبيح تعدد األزواج وكان األطفال الزائدون عن حاجة الدولة
يقتلون بأن يلقوا بهم فى مقبرة سميت بمقبرة "تاجبيتوس" كما كان
اليونان القدماء يسمحون بجميع العالقات الجنسية خارج الزواج بشرط
أال يؤثر علي ثروة الزوج أو تنتقل ميراثه إلي طبقة أدني أو أطفال رجل
أخر.
-1السيادة االبوية.
-2التربية األخالقية.
46
47
ففي مصر القديمة بعد أن كانت الديانات تؤكد علي الحياة وتحترم
الوالدة وترفع من شأن المرأة عالياً وتجعلها مثل "إيزيس" ألهه الخلق
والخير والحياة تغير األمر بعد سيطرة نظم الملكية الخاصة حيث سيطر
الرجل علي األسرة والمجتمع وتغيرت الديانات وأصبحت ترتكز علي
الموت والدمار ،وسيطرت علي المجتمع عالقات جديدة تقوم علي الجشع
47
48
والصراع والتقاتل علي توسيع األمالك وما حدث فى مصر القديمة حدث
أيضاً فى المجتمع اإلغريقي القديم وفى الهند والصين.
األسرة والمرأة فى الصين القديمة "كونفوشيوس" :
يعد كونفوشيوس أشهر وأبرز حكماء الصين وقد كانت له
تعاليمه فى مختلف أمور الحياة ،إال أنه كان من أول من اهتموا قديماً
ببحث شئون األسرة .وقد أوضح أهمية األسرة فى النظام االجتماعي
بالحرص علي مقوماتها ومدي تأديتها لوظيفتها.
48
49
أما أرسطو فقد ذهب إلي أن األسرة هي أول اجتماع تدعو غليه
الطبيعة ،وتتألف األسرة عند أرسطو من الزوج والزوجة واألبناء
والعبيد .وقد رأي أن الطبيعة هي التي حددت المراكز االجتماعية ألفراد
األسرة فجعلت الرجل فى مركز السيد والنساء والعبيد فى أدني مرتبة
إجتماعية .ومن المعروف أن أرسطو مع غيره من فالسفة اليونان
القدماء قد حقروا من شأن ومكانة المرأة وجردوها من كل األدوار حتي
49
50
دور االنجاب .فقد ذهب أرسطو إلي أن العامل األساسي اإليجابي فى
التناسل هو الحيوان المنوي الذكري الذي يحتوي عل يالجنين االنساني
الكامل وال يحتاج فقط إال تجويف داخلي (الرحم) من أجل أن ينمو
ويتغذي .وظن أرسطو أن المرأة إذا ساهمت فى صنع الجنين فهي
تساهم بمادة خام غير حية .أم الرجل وحده فهو الذي يمنح الطفل
الحياة.
50
51
وبالرغم من تحديد أرسطوا لنمط سلطة الزوج علي زوجته بأنها ذات
طابع جمهوري أي ديمقراطي ،إال أن هذا التصنيف يتناقض مع جملة
أرائه عن المرأة خاصة عندما خصها بصفة الطاعة .لذلك فالسلكة
الزوج علي زوجته فى ضوء مجمل أفكاره هي أقرب للسلطة
الديكتاتورية.
هذا وقد تطرق أرسطوا ايضاً ألمور أخري فى األسرة والزواج عندما
تكلم عن سن الزواج بالنسبة للفتاة وبالنسبة للرجل ،كما تناول أيضاً
مسألة انحالل األسرة والخيانة الزوجية ،.وتطرق أيضاً لشئون الطفول
فأيد سياسة تحديد النسل وتكلم عن مراحل نمو الطفل وحددها فى مراحل
ثالث متتالية:
51
52
المرأة والتحقير من شأنها .فيثاغورس علي سبيل المثال يميز بين "مبدأ
الخير الذي خلق النظام والنور والرجل ،ومبدأ الشر الذي خلق الفوضي
والظلمات والمرأة ويعلن أبقراط أن المرأة هي فى خدمة البطن" 1ويعرج
أرسط أن "األنثي خلقت أنثي بسبب نقص معين لديها فى الصفات حدث
نتيجة خطأ وقع للحيوان المنوي للرجل" إال أن الحقيقة :التي تكشفها
الحفريات والديانات القديمة فى اليونان قبل نشأة الملكية الخاصة
وانتشارها وظهور المجتمع العبودي الطبقي األبوي ،تؤكد أن هذه
المجمتعات قد شهدت العصور األمومية ويستدل مع ذلك بأن معظم اآلله
القديمة كانت إناثاً يرمزون بها إلي المطر والخضرة والخير والجمال مثل
اآلله "باليزم" وأآلله أستريت" وأالله "ماجنا" وأالله "فينوس".
1والمقصود هنا بخدمة البطن أنها خلقت لطهو الطعام ولتقديم الشراب.
52
53
وقد ظهر فى ظل هذا الشكل للعائلة الزواج األحادي رجل محل الزواج
الثنائي أو التعددي ألجل ضمان ابوة األبناء الذي سيورثهم األب خيراته
من بعده .ولتحقيق هذا وضعت الزوجة تحت سلطة زوجها المطلق فإذا
قتلها فإنه ال يفعل غير أن يمارس حقه.
كما أن حق الطالق كان حكراً علي الزوج فقط فهو وحده الذي يتمتع
بحق فسخ الزواج .ويمكن تحديد أهم مالمح العائلة فى المجتمع الرواني
فى االتي :
2ويقصد بالعصر البطولي المرحلة التي سادت فيها لحروب من أجل توسيع األمالك وجلب الغنيمة
53
54
وقد رأوا فيها مفسدة االنسان ومسخ الشيطان وهالك الروح ،
وقد قال ترتوليان فى هذا المعني أن رأس حواء هي المسئولة عن االثم
كله ولهذا يجب أن نعطي رأسها احتقاراً لهذا الرأس المدنس األثم
ووصفها القديس يوحنا بقوله "ليس هناك بين كل وحوش األرض
المفترسة من هو أشد أذي وضرراً من المرأة" أم القديس أوجستين فقد
أكد علي عالقة العبودية بين الرجل والمرأة بإعطائها شرعية دينية بقوله
"أن الرجل هو الروح السامية ،وأن األنثي هي األدني ذات الجسد
والشهوة الجنسي ،أن الرجل فى صورة أدم هو الزوج الذي هو صورة
من صور اهلل .وأن حواء حين جاءت فقد جاءت فقط لتكون زوجة أدم
ولتلد أطفاله" أي أن المرأة دورها هو دور األم المنجبة فقط أما فيما عدا
ذلك من أدوار فهي مرفوضة تماماً.
54
55
الحروب .كما لم يكن لألم أي سيطرة علي أبنها منذ بلوغه السابعة من
عمره ،وكان من حقه أن يعلن نفسه راشداً ووصياً علي أمه بالذات إذا
توفي والده .وهذا فى ظل طبقة المحاربين النبالء (االقطاعيين) أما فى
طبقة االقنان (الفالحين) فم لتكن زوجة القنن أكثر من دابة تعيش بائسة
محتقرة ،جاهلة مسحوقة تحت وطأة اإلقطاع والزوج.
55
56
56
57
أما البائدة:
فيري أنهم الذين بادوا ،وجاء الحديث عن بعض قبائلهم فى
القرأن الكريم مثل "عاد وثمود" "وادي القري" ويرجح الغزالي أن تكون
دولة حمواربي من العرب البائدة نظراً لعراقتهم فى القدم ،ورجوعها إلي
القرن الثالث والعشرين قبل الميالد ،وهو القرن الذي كانت فيه هذه
الدولة تحكم بابل وسائر بالد العراق حكماً يشهد للعرب بأنهم من اسبق
األمم إل يالمدنية والعلم ،كما نتطلق بذلك "شريعة حمورابي" التي عثروا
عليها فى بالد "البسوس" منقوشة بالحرف المسماري علي مسلة الحجر
السود الصلب قبل ظهور شريعة موسي والتوراه المنزلة عليه بثمانية
قرون أو أكثر .وقد كفلت هذه الشريعة المؤلفة من " "281مادة للمرأة
حقها فى تولي منصب القضاء والحكم ،وفى مقاضات الرجل مقاضاة الند
للند ،وفى ان تخلفه فى ملكية األرض والوصاية علي األوالد .وفى
حضانة أوالدها إذا طلقها الرجل وفى مزاولة المهن واألعمال كالرجل
سواء بسواء.
57
58
58
59
59
60
60
61
ثانياً :أن هذا الوضع لم يستمر فقد تطورت عالقات االنتاج والملكية فى
هذه المجتمعات بشكل أدي إلي نشأة المجتمع العبودي واالقطاع
والبورجوازي التجاري ،وفى ظل هذا التطور بدأت الفجوة بين
األغنياء من الملوك واألمراء واإلشراف تزداد ،كما بدأت الملكية
ونظم التبادل تلعب دورها الحاسم فى تطور شكل األسرة ،فتبدلت
العالقات القائمة علي السيادة األمومية بعالقات األسرة ذات
السلطة األبوية ،وبدأ نظام النسب والتوريث عن طريق األب
يسيطر علي نمط العالقات داخل األسرة والمجتمع فأصبح
61
62
ثالثاً :لقد خلق هذا الوضع نسقاً من القيم ينظر إل يالمرأة عل يا،ها عار
ونذير بالشر ال بشيراً بالخير ،وهذا مما ساعد مع انتشار الفقر
غلي ظهور عادة وأد البنات التي لم تكن أصيلة فى هذه
المجتمعات.
وجدير بالذكر أن هذه العادة لم تقتصر علي وأد البنات فقط كما
هو شائع بل كانت بين االناث والذكور معاً .ففي الطبقات الفقيرة مع
ازدياد الفقر كان يلجأ رب األسرة إلي وأد أبنائه من الذكور واالناث ،أما
عادة وأد البنات فقد انتشرت بين بعض قبائل اإلشراف التي اعتبرهن
عاراً ورجساً من عمل الشيطان ،والحقيقة :أنها كانت تتلخص منهن
رغبة منها فى أن يؤول االرث إلي البناء الذكور فقط ،وال ننسي أن وأد
األبناء كان منتشراً أيضاً فى مراحل التدهور والفقر فى مجتمعات اليونان
والرومان القديمة كما سبق وأن رأينا.
62
63
63
64
64
65
65
66
الظروف ويؤكد هذا ا ،اآلية التي أشارت إلى التعدد جاءت في
معرض الحديث عن اليتامى بقوله " وإ ن خفتم أال تقسطوا في اليتامى
فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع فإن خفتم أال
تعدلوا فواحدة ".
وفي موضوع العدل بين النساء جاء القول قاطعا ًفي آية أخرى "
ولن تستطيعوا :أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم "(.النساء)129:
-3أما موضوع الطالق فقد أعطى اإلسالم للمرأة الحق في طلب الطالق
واالنفصال عن زوجها إذا أساء عشرتها ،بل ذهب إلى حد اعطاء
المرأة العصمة بيدها فيعقد الزواج فان لم تكن فعليها أن تفتدي
حريتها وكرامتها بما تدفعه لزوجها من مال بإسم " ال ُخلع" مادام
هناك سبب مقبول من األسباب المفصلة في الفقه اإلسالمي ،الغيبة
الطويلة أو العجز عن مباشرة الحقوق الجنسية ،أو سوء المعاملة
،أو استحالة التجاوب والتعاون بينها وبين زوجها على إسعاد األسرة
.
كما أن هناك أمثلة عديدة على االستجابة لطلب المرأة للطالق
البغض " فهذه السيدة الخنساء بنت خزام األنصاري ،
لمجرد " ُ
تشكوا إلى الرسول أن أباها لم يأذن لها في الرجل الذي اختاره قلبها
،وأرغمها على الزواج من ٍ
رجل آخر فقال لها الرسول :انكحي من
ِ
شئت ،وردت نكاح ابيها وأذن لها في الزواج ممن اختارته هي على
الرغم من أبيها وهناك مثآٌل خر معروف عن احدى الجاريات
التيأعتقتهن السيدة عائشة وتسمى " بريرة " وقد أراد زوجها أن
يرغمها على البقاء معه ،وكانت ال تطيقه ،فلما شفع الرسول له
66
67
عندها سألته في صراحة وقوة :يا رسول اهلل :أهي شفاعة من
عندك أم أنت تأمرني بذلك ؟ فأجابها الرسول إنما أشفع ،فقالت ال
أريده زوجاً لي ،فأجابها الرسول لطلبها .
67
68
68
69
69
70
70
71
71
72
72
73
ومع هذا فإن عصر النهضة لم يعدل من الحقوق القانونية للمرأة ،
ولكنه أدى إلى تطورات كبيرة في نسق القيم واألخالق ،فقد تراجعت
التقاليد اإلقطاعية واألفكار الخرافية أما روح البحث واالختراع والنزعة
الفردية واإلنسانية ،فاكتسبت المرأة نوعاً من االستقالق وشاركت في
الحياة الفكرية ووجدت من يدافع عنها .
ومع قيام الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر وظهور
المجتمعات الرأسمالية ،أتيح لعدد متزايد من النساء إمكانية العمل ،
ولكن اآللت الجديدة قضت في الوقت نفسه على األشغال اليدوية التي
كانت وقفاً على النساء ،كالغزل والحياكة ،وبذلك اشتدت حمى المزاحمة
في سوق العمل وشاعت البطالة وتدنت أجور العمالة النسائية.
وبالرغم من الدور البارز والحاسم الذي لعبته النساء في الثورة
الفرنسية ،عندما اقتحمت عامالت الضواحي وبائعات سوق الخضار
وفي الخامس والسادس من أكتوبر 1789أبواب المجلس البلدي
مطالبالت بالخبز ،ثم زحفن على قصر فرساي بأعداد قدرت بحوالي
8000امرأة مما دعا ميشلية أن يقول " :كان الرجال قد استولوا علي
الباستيل ,فإن النساء قد استولين على المملكة " بالرغم من هذا فإن
الثورة بعد نجاحها رفضت أن تمنح المرأة حقوقها المدنية واقتصرت في
إصدار قانون يبيح الطالق ،وذلك في عام . 1792
وعندما استتبت أقدام النظام الراسمالي ،أزاح من أمامه كل
العراقيل اإلقطاعية ،االستغالل اليد العاملة الحرة ،ولخفض األجور عن
طريق استخدام النساء واألطفال ، :ثبتت الدولة البرجوازية نظام األسرة ،
ركيزة العهد البورجوازي ،وجاء قانون نابليون المدني يعبر عن ذلك ،
فقد جعل المرأة المتزوجة تحت وصاية زوجها ،انطالقاً من أنها ملك
73
74
لزوجها الذيتنجب له أوالده ،وقد صرح نابليون أمام مجلس الدولة " :
أن الطبيعة قد جعلت في نسائنا عبدات لنا " ومن حق الزوج أن يقول
لزوجته :سيدتي لن تخرجي اليوم ،لن تذهبي إلى المسرح ،لن تري
هذا الشخص أو ذلك ،وبعبارة أخرى سيدتي :انت ملكاً ليروحاً وجسداً
.
ُجراء من العمال والنساء أن تضحياتهم من أجل
لقد اكتشف األ َ
هباء ،وأنهم
انجاح الثورات االجتماعية البورجوازية ،قد ضاعت ً
تحولوا تحت قبضة الراسمالية إلى ٍ
شكل جديد من العبودية .
وقد عكست كتابات األدباء والمفكرين في ذلك الوقت خيبة األمال
التي كانت معقودة على المجتمع الجديد الذي بشر به فالسفة عصر
التنوير ،من أمثال هؤالء كتابات االشتراكيين الطوبائيين كسان سيمون
وفروبيه في فرنسا ،وأويب في انجلترا ،حينم أدانوا المجتمع الرأسمالي
ووصفوه بأنه فوضوي وغاشم ،حلت فيه سيطرة طبقة محل سيطرة
طبقة أخرى ،وتمت فيه التناحرات االجتماعية ،وفوضى االنتاج وذاع
فيه بؤس الشعب وافترس فيه البشر بعضهم بعضا ،وتأبدت عبودية
المرأة .
وقد حاول سيمونيين بوجه خاص من أن يحرروا المرأة من الذي
ترزخ تحته ،فنادوا بإعادة اإلعتبار للمتع الجنسية ،انطالقاً من فكرة أن
ما خلقه اهلل لم يكن رجساً ،وأن الجسد شأنه شأن الروح ،من خلق اهلل ،
إال أن مايعيب انسان سيمونية يكمن فيعدم اعتمادها على تحليل طبقي،
فكانت نظرتهم للمرأة ال من خالل دورها االجتماعي ،وإ نما من خالل
وظيفتها الجنسية وبوصفها رمزاً للجسد الذي كانت هذه المدرسة قضيبه
74
75
،فارادت بذلك تجديد المجتمع بواسطة مذهب صوفي شهواني ،ومن هنا
كانت الخيبة العميقة التي انتهى إليها أعضاؤها .
أما فوربيه ،بما عرف عنه من خيال ولذاعة هجاءوحس رفيع
بالعدالة ،فقد طالب بانعتاق المرأة والمساواة القانونية بين الجنسين
وبحرية العواطف ، :وقد رأى أن خير األمم هي تلك التي تمنح النساء
القدر األكبر من الحرية .
ذلك هو المعيار الحقيقي للتقدم االجتماعي ،وقد قال في كتابه
نظرية الكتاب األربع " :أن التقدم االجتماعي والتغيرات المرحلية تتم
حسب تقدم النساء نحو الحرية ،وانحطاط النظام االجتماعي تابع
لنقصان حرية النساء ...ان توسيع امتيازات النساءهو المبدأ العام لكل
تقدم اجتماعي " .كما قرر أن النساء قادرات ،شأن الرجال تماماً على
القيام بشتى أنواع األعمال ،وعندما تتاح لهن إمكانية اظهار طاقتهن
ويتجاوزونهن .
َ الطبيعية ،فإنهن يعادلن الرجال
وفي نقد فوربيه للحضارة ،أدان بشدة التجارة والزواج اللذين
يقومان على الكذب والرياء ،والكذب في العالقات االقتصادية ،والرياء
في العالقات الجنسية والزواج القائم على " مضاربات شرهة " ينمي
األنانية ويذل المرأة ،حتى قبل الزواج ،ألنه يوجب على الفتاة أن
البد لها من ٍ
شار مهما كان الثمن ،وهكذا تتسم تعرض نفسها كبضاعة ُ
تجارة األجساد تحت ستار القانون .
وبرغم هذه األفكار المتقدمة لفوربيه فقد وقع – ِانه شأن غيره من
الطوبائيين – فيخطأ الخلط بين تحرر المرأة واإلباحة الجنسية ،وهو
مالم يدرك أن تحرر المرأة رهن بالتطور االجتماعي والتاريخي ،بل كان
75
76
76
77
الفصل الخامس
77
78
78
79
االقتصادية واالجتماعية التي اثرت فيهما وفي تحديد أشكالها ،ويمثل هذا
االتجاه كارل ماركس ،وفريدريك انجلز .
أوالً :االتجاه المحافظ في تفسير األسرة والزواج :
-1أوجست كونت ( : )1857- 1798
ُيعد كونت أحد رواد الفكر والفلسفة :االجتماعية بفرنسا وينسبإليه -1
الفضل في نشأة علم االجتماع
-اعتمدنا في هذا الفصل على د /إجالل حلمي ،محاضرات في علم
االجتماع العائلي.
-ارجع للفصل األول الخاص باألسرة ،موضوعاتها ومجاالتها بفرنسا
وينسب إليه
ُ
الفضل فيعلم االجتماع .
رأى كونت أن المجتمع يتكون من ثالث عناصر :الفرد ،العائلة ،الدولة
،غير أن الفرد في ذاته ال يعتبر عنصراً اجتماعياً فالقوة االجتماعية
مستمدة من تضامن األفراد .
79
80
80
81
يعيش على الفطرة وال يحتاج لآلخرين فهو يعد طعامه بنفسه ،ويبني
مسكنه ويدافع عن نفسه مثله مثل األنواع الدنيا من الحيوان ،ثم تطورت
ارتقاءمن مرحلة الفطرة وهنا
ً الحياة االجتماعية وانتقلت إلى مرحلة أكثر
اتخذت الفروق واالختالفات في الظهور شيئاً فشيئاً ،فأصبح للفردزوجة
وأوالد ،ولم يعد يقومبشئون المعيشة وحده ،بل تقاسمت بين الزوج
والزوجة وأوالده في أعمال الصيد والرعي ،ثم مالبث أن ازداد التخصص
في مجال الحياة االجتماعية فاصبح ثمة أفراد يقومون بالزراعة وأخرون
يقومون بالصناعة ومنهم من يقوم بوظيفة الدفاع وغيرهم يقومون
بوظائف إدارية وأخرين يقومون بوظائف تربوية وهكذا ،وقد اشار
سبنسر إلى ان األسر Familyتخضع ايضاً لمبدأ التطور .فبعد أن كان
رباألسرة هو حاكمها وقاضيها ومربيها وهو الذي يدبر اقتصادياتها
انتقلت هذه الوظائف إلى هيئات اجتماعية متعددة موجودة في المجتمع ،
وأصبح لكل فرد في األسرة وظيفة ومركز اجتماعي يشغله ،وقد قسم
سبنسر المجتمعات إلى نوعين :مجتمعات حربية :وتكون فيهالقوة
مصدر السيطرة للرجل ،وهو الذييحكم ويقضى وتكون له السلطة وكل
شئ وهو عصب السرة وسيدها ،ومجتمعات صناعية :وفيها تحتل
المرأة مركزاًمعادالً للرجل وتسود بينهما روح المشاركة والتعاون
والتضامن كما تمتاز بقسط كبير من التكافل االجتماعي ومن رعاية
الدولة ،ومن خصائص المجتمعات الصناعية أيضاًأن تسود روح
المشاركة ،حرية الرأي العام والديمقراطية في العالقات االجتماعية .
خالصة القول يعتبر Spencerاألسرة Familyبصفة عامة
خالصة الجنس وأن المرأة هي التي تعكس قدراته وخصائصه الموروثة
81
82
82
83
األسرة األبوية الكبيرة التي كانت معروفة لدي اليونان والرومان ،ثم
ضاق نطاق األسرة شيئاً فشيئاً حتي وصل إلي الحد الذي كانت عليه
األسرة الرومانية في عصورها التاريخية المعروفة باألسرة األبوية
المغيرة ( ) Famille Partiarcaleثم اقتصرت األسرة علي شكلها
الحالي السائد في معظم الشعوب المتمدنة وهي األسرة الزواجية (
)Famille Conjugaleوكان لهذا التطور أثره في وظائف األسرة .
فلقد تطورت هذه الوظائف من األوسع إلي الواسع ثم إلي الضيق
فاألضيق .ومن أهم الظواهر التي درسها دوركايم ظاهرة اإلنتحار وذلك
في ثنايا دراسته في اإلجتماع األخالقي ،ومحاولته تطبيق المنهج
اإلحصائي علي الظواهر اإلجتماعية .واعتمد دوركايم في دراسته هذه
علي اإلحصائيات التي عملت في مختلف البالد األوروبية لالنتحار بين
عامي ( 1890 ،1840في فرنسا وإ نجلتراوإ يطاليا وألمانيا) وبحث
العوامل :اإلجتماعية الكامنة في طبيعتها ،وهي األسباب الخارجة عن
زوائد األفراد والتي تنشأ من طبيعة الظروف المحيطة بالمجتمع فهي قد
تكون مرتبطة باألزمات اإلقتصادية والدينية والسياسية أو بانهيار
الروابط األسرية أو بقيام الحروب والثورات ،ووصل دوركايم من وراء
دراسته إلي قانون اجتماعي خالصته :أن الميل إلي االنتحار يتناسب
تناسباً عكسياً مع درجة التكامل في البيئة الدينية ودرجة التماسك في
األسرة ،ودرجة التوحد في الهيئة السياسية – فكلما قويت الهيئات
الثالث ( الدين واألسرة والدولة ) اشتدت سلطتها علي األفراد الذين
ينتمون إليها ،كلما قل عدد المنتحرين وبالعكس .
-4لستروارد (:Laster Ward )1913 -1841
83
84
يطلق عليه أحياناً "مؤسس علم اإلجتماع األمريكي " وقد بدأت
شهرته في هذا العلم عندما نشر كتابه عام 1903عن الديناميكية
اإلجتماعية Sociale dynamicsأهم الموضوعات التي تناولها
بنظرياته وآرائه في الديناميكا اإلجتماعية وشئون األسرة وأصل الحياة
اإلجتماعية وتطورها وسوف نعرض فيما يلي آرائه في شئون األسرة
وأصل الحياة .
اهتم وارد بدراسة المشاعر واألحاسيس اإلنسانية ,فهي في
نظره قوة هامة مؤثرة في سلوك اإلنسان ونشاطه اإلجتماعي .وقد رتب
علي ذلك نظرته في الحب -فهناك ثمة استعداد طبيعي مزود به الجنس
اإلنساني ,وهو سر بقائه ,وهذا اإلستعداد :هو "الحب الطبيعي" ولقد
تطور هذا الحب منذ فجر اإلنسانية وتشعب لفروع كثيرة أهمها :الحب
العاطفي بين الرجل والمرأة والحب الزواجي بين الزوج والزوجة ,
والحب األبوي بين األب واألبناء والحب األموي بين األم والرضيع ,
والحب القائم علي صالت الدم بين العصبيات وذوي القربي واألرحام ,
وحب الجنس القائم علي الصالت العنصرية واألثنولوجية .وبالرغم من
هذه الشعبات فإن الحب الطبيعي ما زال هو الدعامة األساسية لدوام بقاء
الجنس اإلنساني .
ويعتبر وارد "الحب العاطفي" أول خطوة في ظهور نظام الزواج
وهو يدل علي مركب النقص في الجنسين علي السواء بمعني أن كالً
منهما تنقصه صفات يريد أن يكملها من اآلخر .ولذلك فهو يطالب بأن
المجتمع يجب أن يتيح الفرص لظهور مثل هذا الحب وعندما ينتهي هذا
الحب بالزواج ,ينتقل إلي عاطفة زوجية ويري وارد -أن مرحلة
الشيوعية الجنسية Promis cuity -مرت بها قبل أن ينتشر الحب
84
85
العاطفي بين الجنسين وهو يذهب للقول بأن اإلضطرابات التي يعانيها
النظام الثنائي أي نظام وحدانية الزوج والزوجة Monogamyلعلها
ترجع ترجع في معظمها إلي بقايا الشيوعية الجنسية ,ولكنه يعتقد مع
ذلك أن هذا الزواج الثنائي هو النظام الذييجب ان يدعم في المجتمعات
المعاصرة ،كما يقرر وارد أن أقدم مظهر للحصول على زوجات هو
النظام القائم على االستيالء على المرأة بالقوة وكان هذا النظام أساس
احتكار األقوى للنساء ،اما الضعيف فقد كتبت عليه العزوبة ،والزواج
كان مرتبطاً في البداية بالضرورة االقتصادية ،ثم مالبثت اشكاله أن
تطورت من الشيوعية الجنسية إلى نظام تعدد الزوجات ()Poygyny
إلى الوحدانية بهذه النظم تشترك فيمبدأ واحد وهو ملكية الزوج للزوجة.
وقد عرض وارد كذلك إلى حقوق المرأة ومبدأ المساواة بينها
وبين الرجل ،فقرر أن أنانية الرجل حالت وقتاً طويالً دون المساواة
الحقة ،هذا إلى جانب العادات والقاليد والقوانين التي كانت بمثابة حجر
عثرة في سبيل االعتراف بمركزها االجتماعي وتقرير مساواتها بالرجل
بيد أنها استطاعت رغم ذلك أن تشق طريقها حتى وصلت للمساواة
المنشودة.
85
86
86
87
87
88
88
89
89
90
المقدرة على إنجاز وظائف األسرة الضرورية ،ولم يعد بإمكانها ارضاء
المتطلبات المتزايدة للفردية .
وقد انتهى زيمومان من تحليله لتطور نماذج السرة خالل تاريخ
المجتمع الغربي منذ عام 1500ق.م حتى اآلنلى التغير االجتماعيعامة
وتغير النسق األسري يتفاعالن بصورة حتمية حيث يتبادالن موقع السب
والنتيجة ،أما التغير االجتماعي في الوقت الحاضر فإنه يسير في طريق
غير واضح ،ويتنبأ كما يتنبأ الكثيرون بأن الحضارة الحديثة سوف
تنهار كما انهارت الحضارات القديمة .
ويرى زيمومان أن دورة التغير مستمرة ،ألن أسرة الوصاية
تحمل في داخلها بذور انهيارها وتفككها ، :فبينما يتيح قانونها البدائي
للعدالة قيام مجتمع منظم ،ويزيد من تراكم الثروة ويؤكد على العمل
االنتاجي ،إال ان سلطتها المطلقة على أفرادها تؤدي إلى سوء االستعمال
،فقد تظلم الزوجات وقد يتعرض األوالد للخطر أو يصبحون عرضة
للطغيان والظلم ،كما أن حقوق الفراد قد تقمع بوجه عام ،وهذا يؤدي
إلى نشأة المنازعات بين األسرة ،بتطورالمجتمع تتناقص قوة الجماعة
القرابية الممتدة وتبدأ األسرة العائلية في الظهور.
وتعتبر األسرة العائلية أكثر انماط السرة شيوعاً في المجتمعات
األكثر تحضراً ،وقد اصبحت النمط السائد في المجتمع نتيجة لقوى
وعوامل داخل األسرة وخارجها ،وقد كان السبب في ظهورها الرغبة
في معاملة أكثر عدالً من جانب اعضاء األسرة إلى جانب تأثيرات
الحكومة والدين ،وهي لذلك التشبه اسرة الوصاية حيث أنها التحمل
بداخلها بذور انهيارها ،ولكن التغيرات مالبثت أن دقت بابها من الخارج
،حيث بدات نظم أخرى غيرها تحدد سلطاتها ،كما زادت القوانين التي
90
91
تمنح الحقوق لألفراد في الوقت في الوقت الذي خلقت فيه الثقافة مناخاً
عاماً شجع على مقاومة السرة العائلية وبالتالي أتيحت الفرصة لظهور
األسرة النواة .
وأخيراً يعتقد زيمرمان أن ظهور األسرة النواة كان عامالً أو
مصاحباً لتصدع اركان الحياة االجتماعية ،والذي يتمثل فياختالل
االنسجام والتوافق فيالزواج وانتشار الزنا وسوء استعمال الجنس
وسهولة الطالق ،وانتشار ظاهرة األوالد غير الشرعيين والجناج ،في
الوقت الذي تندثر فيه مفهومات الوالء واالنتماء والتضحية ،وتزايد
ظهور النزعة الفردية .ويرى زيمرمان أنه نظراً لالنهيار الواضح
المستمر في السرة النواة فليس بعيد أن تظهر من جديد أسرة الوصاية ،
وهكذا يعيد التاريخ نفسه .
-7النظرية البنائية الوظيفية عند تالكوت بارسونز : T . Parsons
يعتبر االتجاه البنائي الوظيفي في تحليل النسق األسري من
أحدث التحليالت في هذا المجال ،وهو يتناول بالبحث " التكامل بين السرة
والنظم األخرى ،كما يحلل الوظائف التي تقوم بها هذه الوحدة البنائية
( األسرة ) في المجتمع الصناعي الحديث .
وتعتبر دراسة تالكوت بارسونز " Talcott Parsons
للبناءالوظيفيلألسرة من أكبر وأشمل تطبيقات تلك النظرية .
يبدأ تحليل بارسونز بالتأكيد على الحقيقة القائلة بأن نسق
األسرة األمريكية نسق مفتوح يقوم فقط على العالقة الزوجية ،واألسرة
النواة منعزلة عن الجماعات القرابية الواسعة ،أي أن العزلة كائنة في
بناء األسرة ،فليس هناك قبيلة أو عشيرة أو أي جماعة قرابة أخرى
يرتبط بها الفرد أو ينتمي إليها ،كما أن أعضاء األسرة ال يرتبطون معا
91
92
ًبعالقات متعددة .وإ نما يغلب عليهم طابع العالقات الثنائية والشكل التالي
يوضح هذه الفكرة .
األب األم االم االب
األخ
األخ األنا الزوج األخت
األخت (الزوجة)
االبن االبنة
الزوجة الزوج
الحفيدة الحفيدة
الحفيد اشكال متداخلة من األسرة النواة )
( خمسةالحفيد
92
93
عطلة نهاية األسبوع مع أسرة الزوجة وهكذا ،ومن وجهة نظر األباء
يجب أيضاً أن اليكون هناك تحيزاً في معاملة أبنائهم .
ويصف بارسونز الزواج بأنه حجر األساس فيالنسق القرابي
لألسرة ( األمريكية ) وعندما يتم الزواج يفترق الزوجين عن اسرتي
التوجيه ،أما األبناء فإنهم يمنحون والءهم ألبويهم واخوتهم :الذين
يضمهم جميعاً مسكن واحد خاص بهم دون غيرهم واتفاقاً مع العزلة
البنائية والجغرافية للوحدة األسرية الزوجية اليتدخل الوالدان أو اليكون
لهما دور هام في عملية اختبارات أبنائهما عند الزواج ،على عكس
ماهو قائم في المجتمعات ذات االنساق األسرية حيث يشترك الباءفي
عملية االختيار ألن الزوج أو الزوجة الجديدة سيصبحان شركاء في
المسكن وفي الوحدة القرابية .ويترتب على ذلك أن يقوم الزواج في
األسرة النواة على أساس الحب الرومانتيكي أما في الجماعات القرابية
الواسعة :فإنها التشجع الحب الرومانتيكي ألن استمرار العاطفة العميقة
بين الزوجين قد يهدد والءهما لوالديهما وللجماعة .
وهناك حقيقة هامة يجب أن نؤكد عليها ،وهي أن األسرة نسق
من الناحية البنائية الوظيفية اليمكن فهمها إال بإدراك ارتباطاتها بالنسق
المهني .وإ ذا أخضعنا هذه العالقات المتبادلة للتحليل فسوف نتبين ان
كثيراً مما أشار إليه بعض الباحثين كعالمات على التفكك األسري وليست
كذلك على اإلطالق ألن التفكك ماهو في واقع األمر سوى تكيف لمتطلبات
االقتصاد الصناعي .ألن مكانة األسرة في المجتمع األمريكي متصلة
اتصاالً وثيقاً باهتمامات الزوج من خالل دخله ومكانته ومستوى الحياه
المعيشية الذي ينتمي إليه ،والدليل على ذلك أنه في اقتصاديات ما قبل
التصنيع كان هناك تكامل مباشر بين السرة والنسق الوظيفي ،فاألب كان
93
94
94
95
حيث يكتفي الذكر باالتصال جنسياً بأنثى واحدة يدافع عنها ويظل مخلصاً
لها ...وعلى ذلك ذهب وسترمارك إلى أن الزواج المونوجامي ليس هو
الشكل األول للزواج فحسب بل والشكل الطبيعي أيضاً بينما صور الزواج
األخرى ليست سوى تطورات استثنائية في تاريخ البشرية .ففي كل
المجتمعات التي تعترف بنظام العقود بنوعيه نجد هناك ميالً ولو رمزياً
إلى وحدانية الزواج ،فحيث يوجد تعدد الزوجات يكون في األغلب هناك
زوجة كبيرة مفضلة ،بينما تنزل الزوجات األخريات منزلة ثانوية
بالنسبة إليها ،كما أنه حيث ....تعدد األزواج فإنه يوجد غالباً زوج
رئيسي هو في العادة األخ األكبر الذي ينسب األوالد إليه كما هو الحال
عند التوداء .
95
96
ولقد كان لهذه التغيرات أثر كبير على األسرة حيث أصبح جميع
األفراد يعملون في المصانع جنباً إلى جنب وبأجور زهيدة وساعات
طويلة قد تصل غلى أربعة عشر ساعة يومياً ،مما أدى إلى سوءاألحوال:
االقتصادية لألسر العمالية ،وارتفاع معدالت الوفيات بين العاملين
وبخاصة بالنسبة لألحداث الذين يعملون في الصناعة .
وقد اعتمد ماركس في كتاباته عن اسرة على نتائج عدة بحوث
اختيارية قامت بها لجان االستقصاء التي كانت موجودة فيأيامه ،لقد كان
النساء واألطفال :مكلفون بالعمل ويفرق بين األم وطفلها كما كانت تهمل
األطفال مما أدى إلى ارتفاع نسبة وفيات الرضع واألطفال .
واضطر األباء إلى بيع قوة عمل أبنائهم في سن مبكرة وبشروط
قاسية ،بل باعوا في الواقع األطفال أنفسهم. :
أما الفتيات الصغيرات فلم يتيسر لهن الفرصة ليتعلمن فنون
التدبير المنزلي ،فقد جرفهن تيار الثورة الصناعية فنظام المصنع القائم
على التوسيع في المكاسب إلى الحد األقصى بهدف تراكم رأس المال قد
هم النظام التقليدي لألسرة في الطبقة الدنيا.
أما بالنسبة لسلطة األباء في األسرة فقد ظلت كما هيإذا كان الباء
في المراحل األولى لنظام المصنع يعملون جنباً إلى حنب مع أبنائهم ،
واحياناً كثيرة مع زوجاتهم مما مكنهم من مالحظة أوالدهم داخل المصنع
وبالتاليالمحافظة على سلطتهم األبوية .وإ ن كانت هذه السلطة قد
تضاءلت فيما بعد بدخول أنواع جديدة من اآلالت وزيادة التخصص
وتقسيم العمل ،رغم محاوالت ماركس Marksفي تفسير ظاهرة
التصنيع والسرة إال أنه لم يكن يهدف – كما سبق أن ذكرنا – إلى صياغة
نظرية عامة للتغيير األسري ،فكان فكرة الفلسفي المستمد من هيجل
96
97
97
98
98
99
99
100
100
101
101
102
102
103
الفصل السادس
103
104
104
105
105
106
االجتماعية األخري قبيل بزوغ حركات تحرير المرأة ،فقد يلقي الضوء
علي العوامل التي ساعدت علي بزوغ مثل هذه الحركات .
أن أغلب الدراسات اإلجتماعية التي كانت سائدة في النصف
األول من هذاالقرن والتي تناولت موضوع التمييز بين أدوار الجنسين
وتقسيم العمل بينهما ،يمكن تصنيفها إلي أربعة أنماط من الدراسات
تختلف بحسب المفاهيم والجوانب التي ترتكز عليها الدراسة .هذه
األنماط هي :
-1نمط يهتم بتحديد الفروق بين الجنسين .
-2نمط يهتم بالمعايير واألدوار التي تحكم كالً منهما .
-3نمط يهتم بالنساء كإحدي جماعات األقلية .
-4نمط يهتم بالنساء كإحدي الجماعات السياسية .
وبينما يهتم النمط األول بتحليل الخصائص اإلنفعاليةواإلدراكية:
بين الجنسين ،يهتم النمط الثاني بعطاء نماذج لألدوار التي يلعبها كل
منهما والصراعات التي قد تنشأ بين هذه األدوار ،أما النمط الثالث فيهتم
بدراسة الحياة الهامشية للنساء واألضرار التي تلحق بهن والتماثل الذي
قد يتحقق لهن .أما النمط الرابع واألخير فيهتم بدراسة اهتمامات كل من
المرأة والرجل وتوزيع القوة بينهما .
أن هذه األنماط األربعة من الدراسات اإلجتماعية تنظر إلي التغير
اإلجتماعي باعتباره العملية التي ستحقق التوازن بين الجنسين ففي
ضوء التغير اإلجتماعي سوف تخفي اإلختالفات بين الجنسين ,
واإلنحراف سيصبح طبيعياً ,وتتماثل جماعات األقلية ,وتصبح عالقات
القوة متكافئة .
106
107
107
108
108
109
109
110
تكون أدوار المرأة منحصرة داخل األسرة ،بينما يترك للرجل عالم العمل
واالنتاج ،إن هذا التصور البارسونزي يعكس في حقيقة األمر الخلفية
اليديولوجية لبارسونز وحرصه على تحقيق التكامل والتوازن داخل
النسق االجتماعي للمجتمعات الرأسمالية والحفاظ على عالقات القوة
السائدة فيها .
أما علماءالنفس الذين وجهوا نقداًشديداً :آلراءفرويد ونظريته في
التحليل النفسي بوجه عام ،وفي رأيه حول تأكيد دونية المرأة بوجه
خاص ،فيمثلهم كل من كارين هورني وكالرا طومسون ،فقد رفضت
هاتان العالمتان اعتبار أن الصدمة التناسلية Genital traumaالتي
تصيب المرأة نتيجة لفقدانها العضو التناسليالذكري والحسد الذيتشعر به
تجاه الجنس الخر المتالكه هذا العضو أمراُ محتوماً واكدت كل منهما
على أن الخصائص األنثوية للمرأة اليمكن ردها إال للجذور االجتماعية
وليست للجذور البيولوجية ،وقد تساءلت هورني" إذا كانت الخصائص
البيولوجية تعتبر هي األساس في التمييز بين الجنسين ،فلماذا يفترض
دائماً أن المرأة هي األدنى وهي التي تشعر بالحسد من الرجل وليس
العكس ؟ أليس التفوق البيولوجي للمرأة في قدرتها على حمل األطفال
واإلنجاب قد يكون حقاً سبباً في إحساس الرجل بأنه األدنى ،ذلك
اإلحساس الذي يستحثه على الخلق الحضاري لتغيير عقمه البيولوجي ؟
لعل ذلك السياق النظري والمناخ الفكريالذيكان سائداً في الدراسات
االجتماعية التي تناولت موضوع التمييز بين الجنسين وتقسيم العمل
بينهما ،لعله كان مسئوالً إلى حد بعيد عن نشأة وبزوغ التيار النسوي
في علم االجتماع وغيره من العلوم االجتماعية األخرى .
110
111
111
112
112
113
113
114
114
115
هذه أهم االنتقادات التي وجهت إلى التيار النسوي الليبرالي والأريد
أن أذهب إلى أبعد من ذلك مع بعض المتشددين الذين يرون أن انتشار
الحركة النسوية على هذا النطاق الواسع فيأوروبا الغربية والواليات
حد ما عن ارتفاع معدالت الطالق ،
المتحدة األمريكية يعد مسئوالً إلى ً
وانتشار ظاهرة الجنسية المثلية Homosexualityوانتشار جريمة
االغتصاب Rapeوغيرها من الممارسات العنيفة ضد المرأة .
أما عن التيار الماركسي النسوي فهناك سؤال ممكن أن يثار حول
أهم االسهامات التي يقدمها ويختلف فيها مع الماركسيين الكالسيكيين .
يتفق التيار الماركسي النسوي الجديدمع النظرية الماركسية في
تفسيرها المادي الجدلي والمادي التاريخي لقضية التمييز واالضطهاد
التي تميزوضع المرأة وعالقتها بالرجل داخل األسرة وخارجها .
ويسلمون بأن حل التناقضات الطبقية ونجاح الثورات االشتراكية هو أمر
حتمي في إلغاء كافة أشكال التمييز بالمجتمع .ولكنهم مع هذا يختلفون
مع مؤسسي الماركسية في أن حل التناقض الجنسي وغيره من أشكال
التناقضات القائمة على اللون ،العمر ...الخ ،سيتم بشكل ميكانيكي
بمجرد حل التناقض الطبقي ،وهذا مادعاهم إلى تبني فكرة ما تسمى بـ
" Raiding – consciousnessتنمية الوعي" ،ويقصدون بهذه الفكرة
ضرورة وجود نظرية للمرأة تسير بالتوازي مع الدعوة إلى الثورة
115
116
116
117
علم اإلجتماع في المنطقة العربية وموقفه أوالً :من ذلك التراث النظري
الذي عرضنا له سالفاً ،ثانياً :من قضايا المرأة العربية .
117
118
وطبيعة قوي وعالقات اإلنتاج السائدة فيها وما يرتبط بها من النساق
ثقافية وقيمية .ومع هذا فقد بدأت في اآلونة األخيرة مالمح تيار نقدي
تظهر علي الساحة العربية شجع علي ظهورها نمو التيار الراديكالي في
علم اإلجتماع الغربي واألمريكي ,ثم ظهور نظرية التبعية التي حاولت
أن تفسر العالقات اإلقتصادية والسياسية التي تربط مجتمعات العالم
الثالث بالنظام الرأسمالي العالمي.
إال أن الوضع لم يكن كذلك فيما يختص بدراسة أوضاع المرأة
العربية مما يجعلنا نؤكد أن لم يكن هناك اهتمام كاف بقضايا المرأة
العربية يسمح بإيجاد تياريولي هذه القضية اهتماماً خاصاً في البحث
والدراسة سواء علي المستوي النظري أو التطبيقي فالتأثر بالمدرسة
الوضعية والوظيفية :الذي شكل اإلطار النظري والمرجعي لمعظم الباحثين
والباحثات في هذا المجال ,قد وجه معظمهم لدراسة أوضاع المرأة
كمتغير تابع في مجاالت كاألسرة وعالقتها ومشكالتها والتصنيع,
واإلنحراف ومشكالت الخصومة واإلنفجار السكاني ..إلي غير ذلك من
المجاالت .
وبنظرة سريعة عيل معظم الدراسات والبحوث التي اهتمت
بدراسة المرأة العربية أمكن تصنيفها إلي ثالثة إتجاهات أساسية :
-1المرأة واألسرة .
-2المرأة والمشكالت .
-3المرأة والتنمية.
وتتركز معظم بحوث ودراسات اإلتجاه األول حول موضوعات
مثل :األسرة والطفولة ,التنشئة اإلجتماعيةمشكالت الطالق اإلنحراف,
118
119
119
120
120
121
من اضطهاد وقهرمركب واقع عليها .فهناك اضطهاد يقع بحكم انتمائها
إلي عالم كان والزال مطمعاً لإلستنزاف واإلستغالل والسيطرة من قبل
اإلستعمار في شكله القديم والحديث ،وهناك اضطهاد تخضع له بحكم
انتماء غالبية النساء في المجتمعات العربية بل في مجتمعات العالم
الثالث كله إلي الطبقات الكادحة الفقيرة سواء في الريف أو الحضر ،
وإ ضطهاد ثالث تخضع له بحكم أنها امرأة في ظل مجتمعات أبوية تمنح
القوة والسيادة للرجل وتسلب المرأة كثيراً من حقوقها اإلجتماعية
وتختزل طاقاتها اإلنتاجية واإلنسانية إلي مجرد كونها كائناً بيولوجياً
(التأكيد علي وظيفة اإلنجاب واإلجتماعيةوالسياسية) ،واضطهاد رابع
تخضع له بحكم الثقافة التقليدية والقيم الدينية المرتبطة بها والتي التري
في المرأة إال جسداً يجب تغطيته وعزله وأحكام الرقابة عليه .
أال تستحق هذه األوضاع وهذا اإلضطهاد المركب الذي تعاني منه
المرأة العربية من الباحثين والدارسين العرب أن يولوا اهتماماًخاصاً
لدراسة قضايا المرأة في المجتمعات العربية ،خاصة إذا مانشأت نية
صادقة نحو فهم وتفسير واقع مجتمعاتنا ،فالدراسة والفهم هما المدخل
الحقيقي نحو تغيير أعمق يسد ويفي باحتياجات جميع األفراد
ونسء بال أي تمييز بينهم
ً رجاالً
121
122
الفصل السابع
122
123
123
124
124
125
125
126
126
127
127
128
128
129
جاءت متأثرة إلى حد كبير بالفكر الليبرالي .ويؤكد ذلك النقد الذي وجهه
معظمهم :لتفسير انجلز لموضوع التمييز بين أدوار الجنسين وعالقة ذلك
في التقدم االقتصادي للمجتمع .وهو التفسير الذي ورد في دراسته
الشهيرة عن أصل األسرة والملكية الخاصة والدولة والذي يعتبر من
االنجازات القيمة .فقد أدى إلى إعادة النظر في العديد من المفاهيم
واالفتراضات والمسلمات التي كانت سائدة وساعد أيضاً على تركيز
االنتباه على العوامل الرئيسية وراء عمليات االستغالل ( في أشكاله
المختلفة كما تعكسها أنماط وعالقات االنتاج الموجودة في المجتمعات
الطبقية ) فقد بين انجلز في دراسته هذه كيف أن أوضاع المرأة وظروف
القهر واالستغالل التي تعرضت لها قد ظهرت كنتيجة لتطورات معينة
حدثت مع نشأة الملكية الخاصة والدولة واألسرة ولكي نوضح هذه
النقطة البد أن نعرض بإيجاز ألهم النقط التي يمكن أن نستخلصها من
دراسة انجلز :
-1في النظام العشائري -وهو النظام الذي شهد أول تاريخ اإلنسانية –
كانت المرأة تقف جنباً إلى جنب مع الرجل في السعي من أجل القوت
،وقد اكتسبت بفضل الدور الحاسم الذي كانت تلعبه في الحياة من
المزايا والحقوق مالم تشهده في كافة المراحل التاريخية الالحقة .
ومن هنا فقد أطلق على هذه المجتمعات " األموية " نظراً لسيادة
النظام األموي الذي يمنح المرأة حق الوراثة ونسب األبناء .
-2مع نمو وزيادة االنتاج نشأ أول شكل لتقسيم العمل ،وظهر نظام
التبادل الذي أدى إلى نشأة الملكية الخاصة ،فشهد التاريخ اإلنساني
بذلك أول شكل من اشكال المجتمعات الطبقية ومع نشأة نظام تقسيم
العمل بدأ دور الرجل يزداد أهمية ،فتولى الرجل الحكم :سواء في
129
130
130
131
131
132
132
133
133
134
134
135
135
136
136
137
137
138
138
139
139
140
140