Professional Documents
Culture Documents
هي فاختة بنت ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف و قيل بل اسمها عاتكة او هند كما خاطبها زوجها
في احدى اشعاره ،الى ان اسمها االشهر بقي هو خافتة و الذي لم تكن تنادى به كثيرًا و لم يستخدم لداللة عنها في
كتب التراجم و السيرة ،فقد غلبت كنيتها أم هانئ على اسمها الحقيقي ،أمها هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد
.مناف
ُخ ِطبت أم هانئ في الجاهلية من ابن عمها محمد بن عبد هللا صلى هللا عليها و سلم ومن هبيرة بن عمرو بن عائد
المخزومي الى أن أبي طالب زو ّجها من هبيرة ،و كان محمدًا صلى هللا عليه و سلم يرغب بالزواج بها فعاتب عمه
قائاًل ( :يا عم زوجت هبيرة و تركتني ) ،فقال أبي طالب ( :يا ابن أخي إنا قد صاهرنا إليهم و الكريم يُكافئ الكريم )،
و أنجبت أم هانئ لزوجها هبيرة ثالث بنين وهم :هانئ و به كانت تكنى ،و عمرو ،و يوسف ،الى جانب ابنة واحدة و
.سمتها َجعدة
و عندما بزغ نور االسالم بنزول الوحي على الرسول صلى هللا عليه و سلم وهو يتأمل في غار حراء ثم تكليفه
بالنبوة ،ثم أسلمت ام هانئ مع من اسلم من بيت أهله الكرام رضي هللا عنهم ،إلى ان ام هانئ فُ ِجعت بزوجها هبيره
الذي أعرض عن رسالة الحق و اصر على بقاءه في الشرك ،وهاجر الى نجران في جنوب الجزيرة العربية و بقي
.فيها و مات كاف ًرا ،و عكفت أم هانئ على تربية اوالدها وحيدة بعد ان حال الشرك بينها و بين زوجها حتى توفي
و أراد رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ان يعوضها عن فقد زوجها و هي بنت عم له ،فتقدم لخطبتها مرة ثانية ،و
خطبها لنفسه ،فردته برفق و أدب قائلة ( :يا رسول هللا و هللا ان كنت الحبك في الجاهلية فكيف في االسالم؟ ،ألنت
احب ال ّي من سمعي و بصري ،و حق الزوج عظيم فاخشى ان اقبلت على زوجي ،ان اضيع بعد شأني و ولدي ،و
ان اقبلت على ولدي ان اضيع حق الزوج) ،فقال الرسول صلى هللا عليه و سلم و قد اعجبه عظيم التزامها و صدق
ركبن االبل نساء قريش ،احناه على ولد في صغره و ارعاه على بعل في ذاتّ احساسها بمسوؤليتها ( :ان خير نساء
.يده )
كانت ام هانئ بنت ابي طالب رضي هللا عنها قريبة من الرسول صلى هللا عليه وسلم عندما أُسري به ،و كانت لها
سري برسول هللا صلى
َ رواية عن االسراء ،أوردها ابن هاشم في السيرة النبوية فقالت ام هانئ رضي هللا عنها ( :ما أُ
هللا عليه و سلم اال وهو في بيتي ،نام تلك الليلة في بيتي ،فصلى العشاء اآلخرة ،ثم نام و نمنا فلما كان قبيل الفجر
ت بهذا
أهبنا رسول هللا ،فلما صلى الصبح و صلينا معه ،قال " :يا أم هانئ ،لقد صليت معكم العشاء االخرة كما رأي ِ
الوادي ،ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ،ثم قد صليت صالة الغداة معكم االن كما ترين" ،ثم قام ليخرج فقلت له" :
".يا نبي هللا ال تحدث بهذا الناس فيكذبوك و يؤذوك" ،قال " :و هللا الحدثموه
و تمضي ام هانئ في روايتها الموثقة عن حادثة االسراء و تصور دهشة القوم بعدما تحققو من العالمات التي
اخبرهم النبي عليه الصالة و السالم في الطريق الى بيت المقدس .و كانت رواية ام هانئ رضي هللا عنها احد اهم
الروايات التي حفظتها كتب السيرة في حادثة االسراء و المعراج و كيف ال وقد تشرفت باستضافت رسول هللا صلى
هللا عليه و سلم في بيتها في تلك الليلة المباركة التي ذكرها هللا في كتابه العظيم ( :بسم هللا رحمن الرحيم ،سبحان
الذي أسرى بعبده ليال من المسجد الحرام الى المسجد االقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع
.البصير) ،صدق هللا العظيم
فقد كان هللا تعالى أنزل قوله ( :أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ،يا أيها النبي انا احللنا اليك ازواجك الالتي اتيت
ّ
هاجرن اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء هللا عليك وبنات عمك و بنات عماتك و بنات خالك و بنات خاالتك الالتي
معك ) ،صدق هللا العظيم ،قالت أم هانئ ( :لم أكن أحل له ،ولم أهاجر معه ،كنت من الطلقاء) ،ولم تشهد ام هانئ
رضي هللا عنها حدث الهجرة الى المدينة المنورة ،فقد عاشت في مكة لم تبرحها حتى كان يوم فتح مكة في العام ال8
للهجرة فشهدت راية االسالم تُرفرف و تعلو ،و عرفت عن ابن عمها النبي صلى هللا عليه و سلم الذي آمنت برسالته
.من قبل ،عرفت فيه اكبر الفاتحين و انبل المتسامحين
وفي يوم مكة استجار بأم هانئ بنت ابي طالب رضي هللا عنها رجالن من بني مخزوم اقارب زوجها فاجارتهما و
مضت هي بعد ذلك تمضي فتقول ( :لما نزل النبي صلى هللا عليه و سلم ألعالي مكة فر الي من أحماءي من بني
مخزوم فدخل عل ّي علي بن ابي طالب أخي فقال " :و هللا ألقتُلنّهما " ،فأغلقت عليهما باب بيتي ثم جئت رسول هللا
صلى هللا عليه و سلم و هو في أعالي مكة فوجدته يغتسل من جفنه و ابنته فاطمة تستره بثوب ،فلما اغتسل اخذ ثوبه
بك؟ " ،فأخبرته فتوشح به ثم صلى 8ركعات من الضحى ثم انصرف ال ّي فقال " :مرحبًا و أهاًل بأم هانئ ،ما جاء ِ
ت ،فال يقتلهما" )
ت ،و أمنَ من أمن ِ
.بأمر الرجلين و أمر علي فقال صلى هللا عليه و سلم " :لقد أجرنا من أجر ِ
و هكذا كانت ام هانئ رضي هللا عنها مثال عن المرأة الممتلئة باالصالة تُجاه أهل زوجها الذي كان ،أما النبي صلى
هللا عليه و سلم فقد كان اعتماده إلجارة ام هانئ إعال ًء لمروءة حسن ُخلق المسلم و تطبيقًا للمبدأ القائل بإن ذمة
.المسلمين واحدة يسعى بها ادناهم و يجير عليهم أضعفهم
و عاشت ام هانئ رضي هللا عنها بعد الفتح تتابع ايات الوحي و تحفظ حديث رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ،و قد
روت عن النبي عشرات االحاديث بعضها يوضح أحكا ًما شرعية ،كقول الرسول صلى هللا عليه و سلم في توضيح
صيام التطوع ( :المتطوع بالخيار ان شاء صام و ان شاء فطر ) ،أو حديثها الذي يوضح كيفية االغتسال فعن أم
هانئ قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ( :اذا اغتسل أحدكم فليغسل كل عضو منه ثالث مرات) ،و بعض
االحاديث التي روتها ام هانئ يبرز فضل العلم و مكانته في الرساالت السماوية كقوله عليه الصالة و السالم ( :العلم
ضا أنها كانت تحادث الرسول صلى هللا عليه و سلم ( :يا ميراثي و ميراث النبيين من قبلي ) ،و تروي ام هانئ أي ً
رسول هللا دلني على عمل فإني كبرت و ضعفت و بدنت ،فقال صلى هللا عليه و سلم " :قولي هللا أكبر مئة مرة فهو
خير لك من مئة مجللة مقل ّدة ،و قولي الحمد هللا مئة مرة فهو خير لك من مئة فرس مسرجة مرجمة حملتها في سبيل
ّ
تعتقيهن هلل عزوجل ،و قولي ال إله اال هللا ،و قول يسبحان هللا مئة مرة فهو خير لك من مئة رقبة من ابني اسماعيل
.هللا ال يدركك ذنب وال يسبقه العمل )
و شهدت أم هانئ رضي هللا عنها وفاة الرسول صلى هللا عليه و سلم في السنة ال 11للهجرة ،ثم عاشت حتى ادركت
عصر الخلفاء الراشدين فرأت رقعة االسالم تتسع خارج الجزيرة العربية ،الى ان بعد ذلك فجعت باستشهاد أخيها
علي بان ابي طالب كرم هللا وجهه رابع الخلفاء الراشدين ،وقد رحلت أم هانئ بعد ذلك بقليل على ارجح الروايات
.لتكون واحدة من سيدات عصر النبوة الالواتي تشرفن بالدين القويم و االيمان الصميم و النسب الكريم