You are on page 1of 13

‫دروس من السيرة النبوية‬

‫أمهات المؤمنين‬
‫(أم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة)‬

‫فرع عنه أصفياه‪ ،‬وختم به أنبياه‪ ،‬وتولى‬


‫الحمد هلل مكرمنا بمصطفاه‪ ،‬الذي َّ‬
‫به أولياه‪ ،‬اللهم صلى و سلم و بارك و كرم على عبدك الهادي إليك‪،‬‬
‫والدال بإذنك عليك ‪ ،‬سيدنا محمد ‪ ،‬وعلى أهل السير في سبيله‪ ،‬والشرب‬
‫من سلسبيله‪ ،‬وعلى آله وصحبه وجيله ‪،‬وعلى أتباعه بإحسان في فعله‬
‫وقيله‪ ،‬وعلى أنبيائك ورسلك المبشرين به‪ ،‬وآلهم وصحبهم‪ ،‬وعلى مالئكتك‬
‫المقربين ‪،‬وعلى جميع عبادك الصالحين ‪،‬وعلينا معهم و فيهم برحمتك يا‬
‫أرحم الراحمين ‪.‬‬

‫وبعد‪:‬‬
‫فإننا في متابعة أخبار النبي األمين جينا الى ذكر أزواجه الطاهرات‪،‬‬
‫أمهات المؤمنين ‪،‬ومررنا على ذكر بعض أخبار السيدة خديجة بنت خويلد‬
‫‪،‬وسودة بنت زمعة ‪،‬وعائشة بنت أبي بكر ‪،‬وحفصة بنت عمر‪ ،‬وهانحن‬
‫على ذكر أم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة ( رضي هللا عنها )‪ ،‬التي‬
‫توفيت في حياته صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬اثنتان من أزواجه توفيتا في حياته‪،‬‬
‫خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة ‪.‬‬

‫نسبها‪:‬‬
‫زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد هللا بن عمرو بن عبد مناف بن‬
‫هالل‪ ،‬فهي هاللية ليست من قريش تتفق مع النبي في النسب عند مضر‬
‫بن نزار بن معد بن عدنان ‪.‬‬
‫وأمها هند بنت عوف بن زهير بن حماطة ترجع إلى عبد شمس‪ ،‬أمها هذه‬
‫يقال عنها أكرم عجوز في االرض أصهارا ‪٠‬‬
‫أكرم عجوز في االرض أصهارا لما ؟‬
‫هي أم زينب صهر النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهي أم ميمونة وميمونة‬
‫بنت الحارث أخت زينب من األم‪ ،‬وهي أيضا أم أسماء بنت عميس‪،‬‬
‫فمن أصهارها؟‬
‫أسماء بنت عميس تزوجت سيدنا جعفر بن أبي طالب‪ ،‬وتوفي فتزوجت أبا‬
‫بكر الصديق‪ ،‬وتوفي فتزوجت علي بن أبي طالب‪ ،‬فهؤالء أصهار هند‬
‫بنت عوف هذه‪:‬‬
‫سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫سيدنا ابو بكر الصديق‬
‫سيدنا علي بن ابي طالب‬
‫سيدنا جعفربن ابي طالب‬
‫فهي أكرم أهل األرض أصهارا‪ ،‬و لها بنت أخرى أروى بنت عميس‬
‫زوجة حمزة بن عبد المطلب أسد هللا و أسد رسوله‪ ،‬فصهرها حمزة بن‬
‫عبد المطلب مع هؤالء رضي هللا عنهم‪،‬‬
‫وهي أيضا أم(أم الفضل) لبابة الكبرى بنت الحارث الهاللية‪ ،‬وهي زوجة‬
‫العباس بن عبد المطلب‪ ،‬وهي والدة الفضل بن العباس‪ ،‬وعبدهللا بن العباس‬
‫حبر األمة ‪،‬وعبيد هللا بن العباس‪ ،‬وقثم بن العباس ‪،‬ومعبد بن العباس‬
‫‪،‬وعبد الرحمن بن العباس ‪،‬وأم حبيب بنت العباس ‪،‬هؤالء كلهم أسباطها‪،‬‬
‫وهي ايضا أم لبابة الصغرى بنت الحارث الهاللية‪ ،‬لبابة الصغرى هي أم‬
‫سيدنا خالد بن الوليد سيف هللا‪ ،‬فهل رأيت أصهارا ألحد كمثل هؤالء مع‬
‫هذه‪ ،‬فهي أكرم أهل األرض أصهارا‪،‬‬
‫أولهم محمد صلى هللا عليه وسلم و كان صهرها على اثنتين من بناتها‬
‫‪،‬األولى هذه زينب بنت خزيمة ‪،‬والثانية آخر من تزوجها صلى هللا عليه‬
‫وسلم في مكة المكرمة ميمونة بنت الحارث هذه أمها ‪،‬ثم كان صهرها‬
‫أيضا جعفر بن أبي طالب‪ ،‬وأبو بكر الصديق ‪،‬وعلي بن أبي طالب‪،‬‬
‫وحمزة بن عبد المطلب‪ ،‬والعباس بن عبد المطلب ‪،‬وسبطها خالد بن الوليد‬
‫( رضي هللا عنهم )‪.‬‬
‫_ اشتهرت سيدتنا زينب بأم المساكين‪ ،‬فكان هذا كنيتها فاشتهرت بأم‬
‫المساكين‪ ،‬لكثرة إطعامها للمساكين وصدقتها على المساكين وإحسانها إلى‬
‫المحتاجين سموها أم المساكين‪ ،‬ومثل زينب الثانية ستأتي معنا زينب بنت‬
‫جحش أيضا تسمى أم المساكين لكثرة صدقتها على المساكين‪ ،‬كما أن‬
‫إحدى زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم التي طلقها ثم تزوجت قبل أن‬
‫ُحرم هللا تَزَ ُّوج أزواج النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كانت تُدعى بأم‬
‫ي ِّ‬
‫المساكين ويقال لها العالية بنت الظبيان‪ ،‬فهؤالء ثالث من أزواج النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم كل واحدة كانت تلقب بأم المساكين لكثرة صداقتهن‬
‫وتفقدهن لذوي الحاجة رضي هللا عنهن ‪.‬‬

‫_ أرادت سيدتنا زينت أن تعتق جارية لها وقال صلى هللا عليه وسلم أال‬
‫وأختك من رعاية الغنم‪ ،‬فتعطيها لهم بدل ما يباشرون هذا‬
‫ِّ‬ ‫أخاك‬
‫ِّ‬ ‫تفدي‬
‫العمل‪ ،‬ويتفرغون وتقوم به هذه الجارية‪.‬‬

‫_ وكانت قد تزوجت قبل النبي صلى هللا عليه وسلم الطفيل ابن الحارث‬
‫ي عنها فخلفها عليها أخوه عبيدة بن الحارث من‬ ‫بن عبد المطلب فتُوف َّ‬
‫شهداء بدر مع رجوع النبي صلى هللا عليه وسلم من بدر مات‪.‬‬
‫قصة عبيدة بن الحارث في بدر‪:‬‬
‫وكان أحد الثالثة الذين قامت بهم أول مبارزة في بدر فخرج عتبة بن‬
‫ربيعة وشيبة بن الربيعة والوليد بن عتبة من الكفار فقالوا من يبارزنا؟ في‬
‫بداية المعركة قد بدأت بالتبارز ثم يتالحمون‪ ،‬فأخرج الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم ثالثة من األنصار‪ ،‬خرجوا هم من يريدون المبارزة قالوا من‬
‫أنتم قال فالن وفالن فخرجوا‪ ،‬فقالوا أنتم رجال أكفاء لكن نريد من أخواننا‬
‫ابناء عمنا‪ ،‬قال الرسول صلى هللا عليه وسلم قم ياحمزة قم ياعلي قم يا‬
‫عبيدة‪ ،‬فقام عبيدة بن الحارث فقابل حمزة شيبة بن الربيعة‪ ،‬وقابل عبيدة‬
‫عتبة بن الربيعة‪ ،‬وقابل سيدنا علي الوليد بن عتبة‪ ،‬فكان هؤالء صغار في‬
‫السن فتقابلوا‪ ،‬فأما سيدنا حمزة فقتل صاحبه مباشرة‪ ،‬وسيدنا علي قتل‬
‫صاحبه مباشرة ‪ ،‬واختلف عبيدة بن الحارث مع صاحبه بضربتين كل‬
‫ضرب اآلخر وأوقعه‪ ،‬فقتل سيدنا حمزة عتبة بن الربيعة هذا‪ ،‬وأخذوا‬
‫عبيدة بن الحارث وأدخلوه إلى خيمة النبي صلى هللا عليه وسلم فوضعه‬
‫على فخذ رجله فوضع رأسه على فخذ النبي صلى هللا عليه وسلم ويقول‪:‬‬
‫صرع‬‫يا رسول هللا لو رآنا أبو طالب ل َع ِّلم أنا أحق بقوله (ونسلمه حتى نُ َّ‬
‫حوله ونذهل عن أبنائنا والحالئ ِّل) يعني ما نبغى نُ ِّ‬
‫سلم النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم للكفار حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحالئل‪ ،‬في قصيدة له‬
‫يمدح فيها النبي صلى هللا عليه وسلم يقول فيها‪:‬‬
‫وأبيض يستسقى الغمام بوجهه‬
‫ثمال اليتامى عصمة لألرامل‬
‫وهكذا رد على الكفار الذين يريدون أن يسلموه لهم‪ ،‬وحلف أن اليسلمه‬
‫لهم ‪ ،‬وقال والنسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن ابنائنا والحالئل ‪.‬‬
‫فكان عبيدة بن الحارث يقول للنبي وهو على رجله نحن أحق بقول أبو‬
‫طالب هذا لو رآنا لعلم أنا أحق بقوله يا رسول هللا‪.‬‬

‫ثم يقول يا رسول هللا إذا أنا ِّمت من جراحتي هذه‪ ،‬هل أنا شهيد‪ ،‬قال أشهد‬
‫أنك شهيد‪ ،‬و نال الشهادة مع رجوعهم من بدر بالطريق مات في مكان‬
‫يقال له الصفرة فدفنه هناك صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فتأيمت زوجته سيدتنا‬
‫زينب بنت خزيمة‪ ،‬من رمضان هذا في السنة الثانية من الهجرة إلى‬
‫رمضان السنة التي بعدها تزوجها صلى هللا عليه وآله سلم‪.‬‬
‫ولما جاءها الخاطب يذكر لها رسول صلى هللا عليه وسلم قالت أمري اليه‬
‫فزو َجهُ إياها قبيصة بن عمرو‬
‫وهو أولى بي من نفسي ومن كل شيء ‪َّ ،‬‬
‫الهاللي من بني عمه فأصدقها صلى هللا عليه وسلم اثنتا عشر أوقية ونش‬
‫وكساء يساوي كالهما أربع مئة درهم كما هي عادته في أكثر نسائه‬
‫يصدقهن أربع مئة درهم صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فكانت بعد حفصة بنت عمر و كان اذا استحدث زوجة بنى لها حجرة فكان‬
‫يبني هذه الحجر‪ ،‬فتوفيت سيدتنا زينب فتزوج بعدها بأم سلمة كما سيأتي‬
‫معنا فأنزلها في حجرتها فصارت هذه الحجرة التي كانت تسكن فيها‬
‫زينب‪ ،‬فإنَّها لم تطل إقامتها مع النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬بل تزوجها في‬
‫رمضان في السنة الثالثة من الهجرة فبقيت معه شوال و القعدة و الحجة و‬
‫محرم و صفر و ربيع االول‪ ،‬فلما كان جمادى توفيت عليها رضوان هللا‬
‫تبارك و تعالى ‪.‬‬

‫_قالت السيدة أم سلمة كما سيأتي معنا أدْخلَني بيت زينب بنت خزيمة‪ ،‬فاذا‬
‫جرة فيها وعاء فيه شيء من شعير فأخ ْذته فطحنته‪ ،‬قامت تطحن سمعت؟!‬
‫‪ ،‬فهكذا يتزوجن و يقومن يطحن في أيام زفافهم زواجهن ‪ ،‬مافي عندهم‬
‫دلع‪.‬‬
‫وهكذا كان المتأخرين يذكر أبي أحمد بن حسن العطاس تزوج إمرأة‪ ،‬يقول‬
‫فكان من مناقبها‪ ،‬أن أيام زفافها َو َرد عليه ضيوف‪ ،‬فقامت بنفسها فخبزت‬
‫كمية من الطعام والخبز وهي قائمة على رجل واحدة تخبز لهؤالء‬
‫الضيوف كلهم‪ ،‬مقدار أكثر من اثناعشر ُمد خبزتها وقدمتها لهم في أيام‬
‫زفافها وهي قائمة على النار تقدم الخبز إلكرام الضيوف‪ ،‬فهؤالء كنن‬
‫نساء الخدمة والتربية‪ ،‬واالٓن جئن نساء الدلع والتمشية‪ ،‬والخير باق في‬
‫األمة‪،‬‬
‫يقول تقول أخذت الشعير‪،‬أخذته طحنته ثم عصدته في البرمة ثم أخذت‬
‫شيء من هذا أدمته‪ ،‬اإلدام بعض الدهن قالت فكان ذلك طعام رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أيام زفافه كان يأكل هذا‪.‬‬

‫_وتقول امرأة من بني أسد كنت يوما عند زينب امرأة رسول هللا صلى هللا‬
‫الصبغة" أحمر أو بني كذا‬‫عليه وسلم نصنع لها بمغرة "حجر يستخرج من ِّ‬
‫أصفر يقال له مغري‪ ،‬قالت فبينما نحن كذلك اذ طلع علينا رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم فل َّما رأى المغرة رجع‪ ،‬فعرفت زينب لما رأت رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم علمت أنه ك َِّره ما فعلت فأخذت ماء غسلت ثيابها‬
‫ووارت كل حمرة‪ ،‬من وعيها وفهمها وذكاءها ومعرفتها لمراد النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬ثم جاء صلى هللا عليه وسلم فا َّ‬
‫طلع فلم يرى شيئا فدخل‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ال اله اال هللا‪ ،‬هذه سيدتنا زينب بنت خزيمة ولم تطل‬
‫أيامها فعلى األصح جلست هذه األشهر وقيل لم تجلس إال ثالثة أشهر معه‬
‫وقبرها في البقيع في المحل‬
‫ْ‬ ‫ثم توفيت فصلَّى عليها صلى هللا عليه وسلم‬
‫الذي فيه قبور أمهات المؤمنين اآلن‪ ،‬فكانت أول من قُبر في البقيع من‬
‫أمهات المؤمنين ‪.‬‬
‫زينب بنت خزيمة عليها رضوان هللا تبارك وتعالى فماتت في ربيع‬
‫االخرسنة أربع وتزوجت في رمضان سنة ثالث‪ ،‬كان عمرها عند وفاتها‬
‫ثالثين سنة‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬ونزل في قبرها أخوان ثالثة لها كانوا‪ ،‬فهي أول من‬
‫دُفن بالبقيع الطاهر من سيداتنا الطاهرات أمهات المؤمنين‪ ،‬ولم يمت في‬
‫حياته من أمهات المؤمنين إال هذه وقبلها السيدة الكريمة الكبيرة خديجة‬
‫بنت خويلد عليهن رضوان هللا تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وحديث( أطولكن يدا اسرعكن لحوقا بي) ‪:‬‬
‫بعضهم يذكره في زينب هذه‪ ،‬وإنِّما هو في زينب بنت جحش اآلتي ذكره‪،‬‬
‫وهذه ماتت في حياة النبي وإنما كان الكالم عن أسرعكن لحوقا بي يعني‬
‫بعد موتي‪ ،‬أول وحدة تصل‪،‬‬
‫فمر عليهن يوم وهن متجمعات هوذال التسع الذين متنَ بعده فقال‬
‫َّ‬
‫(أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا) يقصد زينب بنت جحش ألنها كثيرة‬
‫أن أطولهن " يدا" فأصبحن‬ ‫اإلنفاق أم المساكين‪ ،‬فذهب بعضهن إلى َّ‬
‫يتطاولن بااليدي‪ ،‬كل واحدة تقول وين مين أطول يد تلحق بالنبي أكثر‪،‬‬
‫وما أراد النبي هذه األيدي اللحمية إنما أراد اإلنفاق ‪،‬فكانت زينب بنت‬
‫جحش أول من لحق به من أمهات المؤمنين بعد وفاته صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪،‬‬
‫بعد سيدتنا زينب هذه كان زواج النبي صلى هللا عليه وسلم بالسيدة أم‬
‫سلمة‪.‬‬

‫أم المؤمنين أم سلمة رضي هللا عنها ‪:‬‬


‫أم سلمة هند بنت أبي أمية ويقال له حذيفة بن المغيرة بن عبد هللا بن عمر‬
‫بن مخزوم ‪ ،‬من بني مخزوم قرشية‪ ،‬كنيتها اشتهرت بها أم سلمة‪ ،‬أبوها‬
‫كان من أهل الكرم ولهذا كان يُلقَّب "زاد الراكب" كان كثير االنفاق‪ ،‬كان‬
‫إذا سافر فكل الرفقة الذين معه يسافرون يُقال لهم مادمتم أنتم مع حذيفة بن‬
‫المغيرة هذا والد سيدتنا أم سلمة ال تأخذوا زاد امشوا معه فقط ما دمتم مع‬
‫هذا اإلنسان فال تشيل الزاد‪ ،‬فكان معاد أحد من رفقته يحتاج إلى أخذ‬
‫الزاد‪ ،‬فكان يكفيهم المؤنة والنفقة عليهم هكذا من إكرامه وإحسانه‪،‬‬

‫وأمها يقال لها عاتكة بنت عامر الكنانية من بني فراس‪ ،‬لها عامر أخو أم‬
‫سلمة أسلم يوم الفتح وعبد هللا بن المغيرة هذا أسلم وهاجر قبل فتح مكة‬
‫‪،‬والثالث المهاجر كذلك أسلم قبل الفتح وكان من قادة المسلمين في حروب‬
‫الردة‪ ،‬المهاجر بن المغيرة أخو سيدتنا أم سلمة هند يقال لها‪ ،‬وتكون ابنة‬
‫عم سيدنا خالد بن الوليد بن المغيرة‪ ،‬الوليد بن المغيرة عمها فخالد بن‬
‫الوليد ابن عمها‪ ،‬ومن الرضاع هي أخت لسيدنا ع َّمار بن ياسر عليه‬
‫رضوان هللا تبارك وتعالى‪ ،‬أبوه ياسر أول شهيد في اإلسالم‪ ،‬فهو ابن أول‬
‫شهيد في االسالم‪،‬‬
‫بعد أن قُتلت زوجته أُم عمار قُتل هو أبو عمار" سيدنا ياسر" ‪ ،‬رضي هللا‬
‫عنهم ‪ ،‬هم من السابقين إلى االسالم ‪.‬‬

‫هجرتها مع زوجها إلى الحبشة‪:‬‬


‫سيدتنا أم سلمة كانت متزوجة من أبو سلمة بن عبد األسد ابن عمها‬
‫تزوجته من قبل اإلسالم‪ ،‬وهاجرت معه إلى الحبشة قبل هجرة النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم إلى المدينة‪ ،‬ثم رجعت من الحبشة إلى المدينة‪ ،‬وحتى يقال‬
‫أنها أول امرأة وصلت المدينة مهاجرة‪ ،‬جاءت مع زوجها هذا أبي سلمة‬
‫‪،‬وكان من أول من هاجر إلى أرض الحبشة من مكة‪ ،‬وخرج وكان من‬
‫أول من هاجر أبوسلمة مع زوجته أم سلمة‪،‬‬
‫عندما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين كانت هذه الهجرة ‪ ،‬قال صلى هللا عليه‬
‫وسلم إلحقوا بأرض الحبشة‪َّ ،‬‬
‫فإن بها ملك اليظلم عنده أحد‪ ،‬فهاجرو إلى‬
‫هناك‪َ ،‬وفِّي إنما تطيب الحياة بالناس حيث يرفع الظلم حيث ال يكون ظلم‬
‫ويستطيع الناس أن يقوموا بما يتعلق بأديانهم وقيمهم حيث اليوجد ظلم‪،‬‬
‫أن قريش أسلمت‪ ،‬فكان ممن رجع هذا‬ ‫وجاء خبر كاذب إلى الحبشة َّ‬
‫صلوا قريشا ال زالوا كفار‪ ،‬ثم سافر بها‬
‫وزوجته أم سلمة إلى مكة‪ ،‬وح َّ‬
‫إلى المدينة المنورة فلهذا قلنا كانت أول ظعينة مهاجرة وصلت إلى المدينة‬
‫المنورة‪.‬‬

‫_ وكانت قد َولدت ألبي سلمة‪ ،‬ولدت سلمة وعمر ودُرة وزينب‪ ،‬فسلمة‬
‫ولدته سابقا‪ ،‬والباقين كلهم ولدتهم بالمدينة المنورة من قبل هجرة النبي‬
‫فكانت في المدينة مقيمة إلى أن هاجر صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫هجرتهم إلى المدينة المنورة ‪:‬‬


‫ل َّما أجمع أبو سلمة على الخروج إلى المدينة رحل بعيرا له‪ ،‬تقول أم سلمة‬
‫وحملني وحمل معي ابنه سلمة‪ ،‬ثم خرج يقود بعيره‪ ،‬فلما رآه رجال بني‬
‫المغيرة بن عبد هللا بن عمرو بن مخزوم قاموا إليه‪ ،‬قالوا هذي نفسك غلَبْتنا‬
‫يكفي قد‬ ‫عالم ت ُ ْ‬
‫ترك تسير بها في البالد‪ِّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫عليها‪ ،‬أرأيت صاحبتنا هذه‬
‫سافرت بها للحبشة ورجعت بها‪ ،‬عادك تبغى تسافر بها ثاني مرة‪ ،‬ونزعوا‬
‫خطام البعير من يديه وأخذوه منه ‪،‬وغضبت بنو عبد األسد جماعة زوجها‪،‬‬
‫سلم سلمة‪ ،‬وقالوا وهللا النترك ابننا عندها سلمة ولدنا‪ ،‬فهذوال‬‫وهو إلى أن ِّ‬
‫أخذوها من زوجها وأخذوها هي وولدها‪ ،‬فجاء قوم زوجها بنو عبد األسد‬
‫وقالوا هذا ولدنا ما هو بولدكم‪،‬أنتم جماعة المغيرة وهذا ولدنا ما هو‬
‫بولدكم‪ ،‬الحول وال قوة اال باهلل‪ ،‬ال نترك ابننا عندها اذ نزعتموها من‬
‫صاحبنا‪ ،‬فتقول فتجاذبوا ابني سلمة‪ ،‬هذا يأخذه وهذا يأخذه حتى خلعوا يده‪،‬‬
‫وانطلق به بنو عبد األسد رهط أبي سلمة‪ ،‬وحبسني بني المغيرة عندهم‬
‫قبيلتها هؤالء الكافرة ما خلتها تهاجر الى المدينة مسكينة عانت ‪ ،‬فانطلق‬
‫زوجي ابي سلمة حتى لحق بالمدينة ‪،‬ففُ ِّرق بيني و بين زوجي و بيني و‬
‫بين ابني ‪ ،‬زوجها في المدينة و ولدها مع بني أسد في مكة‪ ،‬و هي عند‬
‫جماعتها حابسينها بني المغيرة‪ ،‬قالت ‪:‬‬
‫فكنت أخرج كل غداة الصبح كل يوم‪ ،‬مسكينة‪ ،‬فأجْلس في األبطح فما‬
‫أزال أبكي حتى أمسي فأرجع‪ ،‬أول يوم ‪،‬ثاني يوم ‪،‬ثالث يوم ‪،‬شهر‬
‫‪،‬شهرين ‪ ،‬ثالثة أشهر ‪ ،‬أربع أشهر ‪ ،‬كل يوم تغدو الى البطحة و تعود في‬
‫المساء‪ ،‬تعبد هللا تعالى و تتذكر زوجها فين و ولدها فين و النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم فين‪ ،‬عاده عندها في مكة ما تقدر على مجالسته‪.‬‬
‫مر‬
‫قريب من سنة و هي كل يوم تخرج تبكي و ترجع مسكينة‪ ،‬تقول حتى َّ‬
‫فر َّق قلبه و‬‫بي رجل من بني عمي‪ ،‬من بني المغيرة‪ ،‬فرأى ما بي َ‬
‫فرقت ُم بينها و بين‬
‫رحمني‪ ،‬فقال لبني المغيرة أال تخرجون هذه المسكينة؟ َّ‬
‫زوجها‪ ،‬و بينها و بين ابنها‪ ،‬عيب عليكم كلمهم فرقَّوا‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬إن شئتي إلحقي بزوجك تبغي تروحين عند زوجك‪ ،‬بعد أن صلحتم‬
‫المشاكل ما خليتوها مسكينة و خلعتم يد ابنها ؟!‬
‫قالت ‪ :‬و ر َّد عل َّ‬
‫ي بنوا عبد األسد عند ذلك ابني‪ ،‬جاءهم الخبر أن بنو‬
‫المغيرة سمحوا ألم سلمة ترجع الى أبي سلمة‪ ،‬جابوا الولد و قالوا‪ :‬خذي‬
‫ولدك معك‪.‬‬

‫خروجها مع ابنها إلى المدينة ‪:‬‬


‫قالت فرح َّْلتُ بعيري‪ ،‬رتَّبت نفسها للسفر وقالت وضعتُ ابني في حجري‬
‫ثم خرجتُ أُري ُد زوجي بالمدينة و ما معي أحد من خلق هللا‪ ،‬األوضاع‬
‫كانت صعبة و دولة كفر‪ ،‬فقلتُ أتبلَّغ بمن لقيتُ حتى أقد ُم على زوجي بسم‬
‫هللا‪ ،‬حتى إذا كنتُ بالتنعيم بعد أن خرجتُ من مكة في أول الحل‪ ،‬لقيني‬
‫عثمان بن طلحة بن ابي طلحة أخا بني عبد الدار عرفها قال لها إلى أين يا‬
‫بنت أبي أمية قالت ‪ :‬أريد زوجي بالمدينة ‪،‬قال‪ :‬فهل معك احد؟‬
‫قالت ‪ :‬ال وهللا إالَّ أنا و ابني هذا ‪ ،‬هي والولد‬
‫قال ‪ :‬وهللا ما لك من مترك‪ ،‬ما تتركين هكذا تروحين وحدك في الفيافي و‬
‫الصحاري الطويلة‪ ،‬مسيرة اثناعشر يوم فأخذ بخطام البعير‪ ،‬فانطلق معي‬
‫يقودني فوهللا ما صحبتُ رجال من العرب أراه اكرم منه‪ ،‬اذا بلغ المنزل‬
‫يصل الى اي مكان بالطريق أناخ بي‪ ،‬ينيخ البعير ثم يتنحَّى إلى الشجره‬
‫يروح‪ ،‬فيضطجع تحتها ‪ ،‬ينام هناك تحت الشجرة‪ ،‬و هي تخرج و تجلس‬
‫مع ابنها و ترتب نفسها قالت فاذا دنى الرواح‪ ،‬قام الى بعيره فرحَّله‪ ،‬ثم‬
‫استأخر عني يروح عند الشجرة‪ ،‬حتى أركب‪ ،‬يقول اركبي و هو يبعد‬
‫بعيد‪ ،‬مروءة وفطرة‪ ،‬مع أنه غير مسلم قبل اإلسالم لكن مروءة و فطرة‪،‬‬
‫هذه ضيَّعها كثير من الناس تبجَّحوا ضيعوا االنسانية في عصرنا الى حدود‬
‫تافه من السقاطة و يتبجحون بها وويل لهم في الدنيا ثم ويل لهم في‬
‫اآلخرة‪ ،‬يجدون عاقبة هذا في دنياهم تمزق وتفرق وشتاتُ نفوس وشتات‬
‫أسر‪ ،‬وفي اآلخرة بعدين شأن شنيع والعياذ باهلل ‪ ،‬شوفوا المكارم كل‬
‫ماوصلوا إلى منزل أناخ البعير ويروح بعيد هناك قالت حتى أنزل فإذا‬
‫جاء وقت الرحيل يُنيخ البعير ويُرحله‪ ،‬يحط الرحل عليه و يرتبه و يقول‬
‫اركبي و يروح بعيد و يقول اركبي‪ ،‬فاذا استووا راكبين يجي يمسك به و‬
‫يمشي‪ ،‬هللا اكبر‪ ،‬هكذا فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة‪،‬‬
‫فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء‪ ،‬قال اسمعي زوجك في هذه‬
‫القرية‪ ،‬كان ابو سلمة نازال بها‪ ،‬قالت فدخلتها على بركة هللا ثم انصرف‬
‫الى مكة و ما له حاجة والغرض‪ ،‬سافر اثناعشر يوم في الطريق حتى‬
‫يوصل هذه المسكينة و يوديها لمحلها‪ ،‬جاءته األنفة و الغيرة و االنسانية‬
‫وصلها و رجع‪،‬‬
‫نعم رجع و كانت تقول ما أعلم أهل بيت أصابهم باالسالم ما أصاب أبي‬
‫سلمة‪ ،‬و ما رأيت صاحبا قط أكرم من عثمان بن طلحة هذا الذي حملني‪،‬‬
‫ال اله اال هللا‪.‬‬

‫_يقول محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت أول من قدم علينا في الهجرة‬


‫من مكة إلى المدينة أبو سلمة بن عبد االسد قدم لعشر خلونَ من المحرم‪ ،‬و‬
‫قدم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المدينة في عشرة ليلة خلون من ربيع‬
‫االول‪ ،‬هللا‪ ،‬فنزل سيدنا أبو سلمة لما وصل المدينة إلى قباء نزل على‬
‫مبشر بن عبد المنذر فكان جالسا عنده‪.‬‬
‫و لما قَ ِّد َم ْ‬
‫ت المدينة أخبرتهم إنها ابنة أبي أمية بن المغيرة كذبوها‪ ،‬يقولون‬
‫ما أكذب الغرائب‪ ،‬حتى أنشأ ناس منهم الى الحج قالوا ماتكتبين إلى أهلك؟‬
‫فكتبتُ معهم فرجعوا إلى المدينة يُصدِّقونها فازدادت كرامة عليهم‪ ،‬علموا‬
‫مكانتها‪ ،‬وانما الكفار أشداء على االسالم و هي ما شاء هللا إمراه‪ ،‬وهكذا ال‬
‫اله اال هللا ‪.‬‬

‫قصة وفاة سيدنا أبو سلمة ‪:‬‬


‫وزوجها أبو سلمة يقا ُل أنه كان من شهداء أُحد‪ ،‬و يُقال أنه توفي في ذلك‬
‫الزمان‪ ،‬في المدينة المنورة‪ ،‬حتى يذكر ابن سعد قصة وفاة سيدنا أبي سلمة‬
‫ضره النبي صلى هللا عليه وسلم فدخل عليه‪ ،‬و‬ ‫أنه لما حضرته الوفاة‪َ ،‬ح َ‬
‫بينه و بين أهله و النساء ستر‪ ،‬بكين ‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم َّ‬
‫إن الميت‬
‫إن البصر ليشخص بالروح حين‬ ‫يأمن على ما يقول أهله و َّ‬‫يُحضر و ِّ‬
‫يُعرج بها‪ ،‬فلما فاضت نفسه بسط النبي صلى هللا عليه وسلم كفيه عليه‬
‫على عينيه فأغمضهما‪ ،‬كما هي السنة‪.‬‬
‫وألنَّه جاء النبي يعوده‪ ،‬فوافق خروج روحه‪ ،‬فتواله صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فإن المالئكة تحضر‬ ‫وقال للنساء مه التدعون على أنفسكن إال بخير َّ‬
‫فيؤمنون على دعائهم فال تدعون على أنفسكن إال بخير‪ ،‬ثم قال(‬ ‫ِّ‬ ‫الميت‪،‬‬
‫عظم نوره واغفر ذنبه) هذا دعاء‬ ‫اللهم افسح له في قبره وأضئ له فيه و ِّ‬
‫النبي له وقال( اللهم ارفع درجته في المهديين واخلفه في تركته في‬
‫الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين) كان هذا دعاء النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم عند وفاته‪ ،‬ثم قال إن الروح اذا خرجت تبعها البصر‪ ،‬فما رأيتم‬
‫شخوص عينيه‪ ،‬وجاء و غمض عينيه‪ ،‬وهكذا السنة إذا مات الميت‪ ،‬فإن‬
‫الميت تجد عينيه مفتوحتين شاخصتين تتبع روحه‪ ،‬ال اله اال هللا‪.‬‬
‫أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عندما دخل‬‫وجاء عن سيدنا محمد الباقر َّ‬
‫على أم سلمة حين توفي ابو سلمة‪ ،‬ذكر ما أعطاه هللا‪ ،‬وما قسم له‪ ،‬وما‬
‫أثر الحصير في يده‬
‫فضله‪ ،‬وما زال يذكر ذلك ويتحامل على يده حتى َّ‬
‫وهو يحدثها‪ ،‬تأنيسا لها وتصبيرا على فراق زوجها وهكذا ‪.‬‬

‫إن هللا أكرمها بخطبة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم وكانت تقول‬‫ثم َّ‬
‫بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة ثم لم تتزوج بعده‪،‬‬
‫إال جمع هللا بينهما في الجنة‪ ،‬وكذا إذا ماتت امرأة وبقي الرجل بعدها‪،‬‬
‫قالت ألبي سلمة هذا الكالم في حياته (تعال أُعاهدك بأن ال أتزوج بعدك‬
‫وال تتزوج بعدي فإن أنا متت قبلك ال تتزوج بعدي‪ ،‬وإن انت مت قبلي فأنا‬
‫لن اتزوج بعدك) قال أتطيعيني قالت ما استأمرتك إال ألني أريد أن‬
‫أطيعك‪ ،‬قال فإذا مت فتزوجي ثم قال ‪ :‬اللهم أرزق أم سلمة رجال بعدي‬
‫خيرا مني ال يخزيها و ال يؤذيها‪ ،‬استجاب هللا دعائه‪.‬‬
‫قالت فلما مات قلت من هذا الذي هو خير من أبي سلمة كان صاحب خلق‬
‫أحصل أحسن منه قالت‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫صاحب معاملة حسنة‪ ،‬وصاحب رحمة فما رح‬
‫فتزوجني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خير من أبي سلمة ومن ملء‬
‫األرض من مثل أبي سلمة‪ ،‬وكان لما يذكرونه من شهداء أحد وكان‬
‫استشهاده بسبب جراحهُ مما أصابه في أُحد ثم توفي في المدينة‪ ،‬فلهذا‬
‫عدَّوه في شهداء أحد‪،‬‬

‫قالت أم سلمة‪ :‬فلما خطبني النبي صلى هللا عليه وسلم قلتُ له‪:‬في خالل‬
‫ثالث فيكون في بالك‪ ،‬أ َّما أنا فكبيرة السن‪ ،‬وأنا امرأة معيل عندي عيال‬
‫عندي أوالد‪ ،‬وبعدين امرأة شديدة الغيرة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أنا أكبر منك سنا أما العيال فإلى هللا وأما الغيرة فأدعو هللا فيذهبها‬
‫عنك‪.‬‬
‫قالت خالص فتزوجها صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ال إله اال هللا‪.‬‬
‫وتقول‪ :‬إنها سمعت من النبي صلى هللا عليه وسلم قوال فسررتُ به‪ :‬ال‬
‫يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته يعني يقول ( إنا‬
‫هلل وانا اليه راجعون) ثم يقول(اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا‬
‫منها) إال فع ُل ذلك به‪.‬‬
‫قالت‪ :‬حفظتُ ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت إنا هلل وإنا اليه‬
‫راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا لي من مصيبتي‬
‫واخلفني خيرا منها‪ ،‬ثم رجعتُ ففكرتُ في نفسي وقلت من خير لي من أبي‬
‫وماباأحصل منه مثله في الرجال‪ ،‬كان رحيما شفيقا عنده أخالق‬
‫ِّ‬ ‫سلمة‬
‫فاضلة أخالق طيبة فلما انقضت استأذن علي رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم وأنا أدبر إيهابا جلدا فغسلت يدي من القرظ و أذنت له ووضعت له‬
‫وسادة حشوها ليف فقعد عليها (صلى هللا عليه وسلم) قالت ‪ :‬فخطبني فلما‬
‫انتهى من مقولته قلت يا رسول هللا ما بي أال تكون بك الرغبة بي ولكني‬
‫امرأة فيه غيرة شديدة فأخاف ترى مني شيء يعذبنا هللا به وانا امرأة قد‬
‫دخلت في السن وأنا ذات عيال قال أما ما ذكرتي من الغيرة فسوف يذهبها‬
‫أصابك‬
‫ِّ‬ ‫منك وأما ما ذكرتي من السن فقد أصابني مثل الذي‬‫هللا عزوجل ِّ‬
‫فعيالك عيالي صلى هللا عليه وسلم قالت فقد‬
‫ِّ‬ ‫وأما ما ذكرتي من العيال‬
‫سلَّمتُ لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم فتزوجها عليه الصالة والسالم‪ ،‬ال‬
‫إله اال هللا‪ ،‬وهكذا جاء في صحيح مسلم ذكر الرواية هذه في ذكر الدعاء‪:‬‬
‫ما من مسلم يصيبه مصيبة فيقول ما أمره هللا به إنا هلل وإنا اليه راجعون‬
‫اللهم اخلف لي خيرا منها إال أخلف هللا له خيرا منها‪ ،‬تقول أم سلمة لما‬
‫مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خيرا من أبو سلمة أول بيت هاجر إلى‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ثم إني قلتها‪ ،‬فأخلف هللا لي رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬فقالت قد أبدلني هللا بأبي سلمة خيرا منه‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعلى إله وصحبه وسلم‪ ،‬أ ْن ِّعم وأكرم وهكذا‬
‫يأتي معنا خبرها فيما يأتي‪.‬‬

‫جعلنا هللا وإياكم من أهل اليقين واإليمان والتمكين‪ ،‬وأهل االتباع للحبيب‬
‫األمين‪ ،‬واعمر ديارنا ومنازلنا وأهالينا بما عمر به منازل وديار المحبوبين‬
‫والمقربين‪ ،‬ومن أراد لهم وبهم الخير والمنافع الكبرى للعالمين‪ ،‬في لطف‬
‫وعافية بسر الفاتحة إلى حضرة النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

You might also like