You are on page 1of 33

‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫المحورالرابع تطبيقات الدبلوماسية‬

‫المبحث األول‪ :‬قضية سد النهضة األثيوبي‬

‫الدبلوماسية المائية‬

‫يعتبر سد النهضة من بين القضايا التي اثارت جدال واسعا في الوسط حيث تحمل هاته القضية‬
‫عدة الجوانب اجتماعية اقتصادية وسياسية وان كانت جميع الجوانب والنواحي متشابكة مع‬
‫بعضها البعض وال يمكن فصلها بشكل تام سواء على الصعيد النظري أو الواقع وعليه في فإن‬
‫دراستنا في هذا المبحث نسعى إلى اإللمام بعدة جوانب لخلفيات هذه القضية والسير الدبلوماسي‬
‫لها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خلفية النزاع الدولي حول سد النهضة‬

‫الفرع األول‪ :‬نبذة عن سد النهضة‬

‫لقد وضعت اثيوبيا خططا الستثمار اكثر من ‪ 12‬مليار دوالر فى اقامة سدود على االنهار‬
‫التى تمر عبر اراضيها المرتفعة‪ ،‬لتوليد اكثر من ‪ 40‬الف ميجاوات من الكهرباء بطاقة المياه‬
‫بحلول ‪، 2035‬لتصبح بذلك اكبر مصدر للطاقة الكهربائية في القارة االفريقية ” بهذه الكلمات‬
‫استهل وزير الطاقة االثيوبى المايو تيجينو حديثة الى مؤتمر للطاقة عقد فى العاصمة اديس‬
‫ابابا خالل النصف االول من شهر نوفمبر ‪، 2012‬واستطرد الوزير ان المشروع الرئيسى فى‬
‫الخطة هو سد النهضة العظيم‪،‬الذى سيقام على النيل االزرق "احدى المغذيات الرئيسية لنهر‬
‫النيل في منطقة بنى شنقول – جوموز‪ ،‬والذى سيكون االكبر على مستوى القارة االفريقية‪،‬حيث‬
‫سيولد ستة االلف م يجاوات‪،‬وأشار الوزير الى ان البالد تمكنت من جمع خمسة مليارات بر (‬
‫نحو ‪ 277‬مليون دوالر ) عن طريق بيع سندات حكومية من تكاليف اجمالية للسد تصل الى‬
‫‪ 4,1‬مليار دوالر‪ ،‬سيتم تمويلها جميعا عن طريق السندات الحكومية التى ستطرح على‬

‫‪74‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫الشعب‪،‬والباقى عن طريق مرفق الكهرباء‪،‬واالستثمارات الكهربائية‪ ،‬وقال الوزير ان ‪ %13‬من‬


‫االنشاءات قد اكتملت بالفعل وان كل شئ يسير وفقا للخطة وان البالد تسير وفقا لخطى حثيثة‬
‫الستكمال السد فى الموعد المحدد بحلول عام ‪.2015‬‬

‫أوال‪-‬الخصائص الفنية لسد النهضة‪:‬‬


‫أعلنت إثيوبيا في فبراير ‪ 2011‬عن مشروع بناء سد علي النيل األزرق‪ ،‬يحمل اسم‬
‫مشروع سد النهضة أو األلفية‪ ،‬لتوليد الطاقة الكهرومائية (بقدرة ‪ 5.250‬ميجاوات) علي النيل‬
‫األزرق بمنطقة بني شنقول جوموز علي بعد نحو ‪ 40-20‬كيلومت ار من حدود إثيوبيا مع‬
‫السودان‪ ،‬بتكلفة تبلغ نحو ‪ 4.8‬مليار دوالر‪.‬‬
‫ويتكون المشروع باألساس من سد رئيسي من الخرسانة المضغوطة – ‪ rcc‬أحد طرق بناء‬
‫السدود‪ ،‬وتم استخدامها في سد التنور باألردن‪ ،‬وسد فرعى على المناطق المنخفضة المجاورة‬
‫للخزان لمنع غمرها بالمياه‪ ،‬ومحطتين لتوليد الطاقة الكهربائية‪ ،‬ومنطقة تحويل بطاقة ‪500‬‬
‫كيلو فولت‪ ،‬باإل ضافة الى المفيض قناة تصريف فائض المياه‪ .‬وتم تصميم المشروع بسعة‬
‫تخزين ‪ 74‬مليار متر مكعب عند مستوى االمداد الكامل‪،‬ويغطى مساحة ‪ 1680‬كيلو متر‬
‫مربعا سيتم استخدامها بشكل اساسى فى توليد الطاقة الكهربائية‪،‬ويبلغ عدد العاملين بالمشروع‬
‫نحو حوالى ‪ 4225‬شخص منهم ‪ 131‬من االجانب و ‪ 2905‬عمال محليين و ‪ 1189‬مقاولين‬
‫من الباطن‪ ،‬وتبلغ االالت والمعدات المستخدمه فيه نحو ‪ 991‬وحدة منها ‪ 893‬تابعة للمقاولين‬
‫و ‪ 81‬تابعة لمقاولين من الباطن‪،‬باإلضافة الى ‪ 17‬وحدة مؤجرة‪،‬وذلك وفقا للتقرير الصادر‬
‫عن ادارة المشروع والمجلس الوطنى لتنسيق المشاركة العامة فى سد النهضة‪،‬تشييد وعند‬
‫اكتمال انشائه يصبح المشروع اكبر سد كهرومائى فى القارة االفريقية‪،‬والعاشر عالميا فى قائمة‬
‫اكبر السدود انتاجا للكهرباء‪،‬وهو واحد من ثالث سدود تشيد من اجل توليد الطاقة الكهرومائية‬
‫فى اثيوبيا‪،‬ويبلغ ارتفاع السد ‪ 145‬متر‪،‬فى حين يبلغ طوله الذى يعترض مجرى النيل االزرق‬
‫نحو ‪ 1800‬متر‬

‫‪75‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫مع قدوم عام ‪ 1995‬حدثت قطيعة تامة في العالقات بين القـاهرة وأديـس أبابـا بعـد‬
‫محاولـة االغتيـال التـي تعـرض لهـا الـرئيس األسـبق “حسـني مبـارك” فـي العاصـمة اإلثيوبيــة‬
‫خــالل حضــور مــؤتمر منظمــة الوحــدة اإلفريقيــة‪ ،‬األمــر الــذي أدى إلــى بعــد تصــاعد لهجــة‬
‫التص ـريحات الرســمية واإلعالميــة العدائيــة المتبادلــة بــين البلــدين‪ ،‬واستمرت هذه القطيعة حتى‬
‫قيام ثورة ‪25‬يناير ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأثير سد النهضة على دول الجوار‬

‫اوال‪-‬التأثر على السودان ومصر‪:‬‬

‫التأثير الدقيق للسد على دول المصب غير معروف‪ .‬مصر تخشى من انخفاض مؤقت من‬
‫توافر المياه نظ ار لفترة ملء الخزان وانخفاض دائم بسبب التبخر من خزان المياه‪ .‬يبلغ حجم‬
‫الخزان حوالي ما يعادل التدفق السنوي لنهر النيل على الحدود السودانية المصرية (‪65,5‬‬
‫مليار متر مكعب)‪ .‬من المرجح أن تنتشر هذه الخسارة إلى دول المصب على مدى عدة‬
‫سنوات‪ .‬وقد ورد أنه بخالل ملء الخزان يمكن أن ُيفقد من ‪ 11‬إلى ‪ 19‬مليار متر مكعب من‬
‫المياه سنويا‪ ،‬مما سيتسبب في خسارة مليوني مزارع دخلهم خالل الفترة من ملء الخزان‪ .‬ويزعم‬
‫أيضا‪ ،‬بأنها ستؤثر على امدادات الكهرباء في مصر بنسبة ‪ % 25‬إلى ‪ ،% 40‬في حين يجري‬
‫بناء السد حاليا حسابات الطاقة الكهرومائية في الواقع أقل من ‪ 12‬في المئة من إجمالي‬
‫إنتاج الكهرباء في مصر في عام ‪ 14( 2010‬من أصل ‪ 121‬مليار كيلو وات في الساعة)‬
‫وسيترجم إلى‬
‫حتى أنه سيحدث انخفاض مؤقت بنسبة ‪ %25‬من إنتاج الطاقة الكهرومائية ُ‬
‫انخفاض مؤقت في إنتاج الكهرباء اإلجمالي المصري لما هو أقل من ‪ .%3‬سد النهضة‬
‫اإلثيوبي الكبير يمكن أن يؤدي أيضا إلى خفض دائم في منسوب المياه في بحيرة ناصر‪ ،‬إذا‬
‫تم تخزين الفيضانات بدال من ذلك في إثيوبيا‪ .‬وهذا من شأنه تقليل التبخر الحالي ألكثر من‬

‫‪76‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫‪ 10‬مليارات متر مكعب سنويا‪ ،‬ولكن سيكون من شأنه أيضا أن يقلل من قدرة السد العالي في‬
‫أسوان إلنتاج الطاقة الكهرومائية لتصل قيمة الخسارة لـ ‪ 100‬ميغاوات بسبب انخفاض مستوى‬
‫المياه بالسد بمقدار ‪3‬م‪.‬‬

‫السد سيحتفظ بالطمي‪ .‬وبالتالي فإنه سيتم زيادة فترة الحياة واالستفادة من السدود في السودان‬
‫‪-‬مثل سد الروصيرص والسد سنارو سد مروي ‪-‬والسد العالي في أسوان بمصر‪ .‬ان اآلثار‬
‫المفيدة والضارة للسيطرة على الفيضانات ستؤثر على الجزء السوداني من النيل األزرق ‪ ،‬تماما‬
‫كما سيؤثر على الجزء اإلثيوبي من النيل األزرق مصب السد ووفقا للتقرير الدولى فإن بناء‬
‫السد سيتسبب فى تقليل معدالت تدفق المياه إلى دول المصب (مصر والسودان)‪ ،‬وهو ما لم‬
‫يمكن اللجنة من تقيم األثر الحقيقي للسد لتدفق المياه إلى مصر والسودان‪،‬كذلك عدم دراسة‬
‫التأثير المحتمل للتغيرات المناخية على نظام تدفق المياه‪،‬كما حذر التقرير من أنه فى بداية‬
‫ملء خزان المياه خلف سد النهضة فى سنوات الجفاف حيث يصل السد العالى فى مصر إلى‬
‫أقل مستويات التشغيل على األقل خالل السنوات األربع األولى من بدء الملء‪،‬فضالَ عن وجود‬
‫تأثير قوى على إمدادات المياه إلى مصر ويتسبب فى مزيد من خسارة الطاقة‪.‬‬
‫وأوضح التقرير الدولى أن هناك توقعات بآثار سلبية على قلة الزراعات في المنطقة والغابات‬
‫المقابلة للنيل األزرق‪ ،‬وكذلك التأثير على إمدادات المياه الجوفية على طول هدا النهر‪.‬‬

‫وخالل التشغيل سيكون هناك تأثير على مياه الرى فى مصر فى سنوات الجفاف‪.‬‬
‫ويرى الكثير من الخبراء أن إنشاء سد النهضة سيؤدي إلى مجموعة من اآلثار السلبية على‬
‫مصر والسودان‪ ،‬وذلك بفقدان مساحات كبيرة من األراضي الزراعية‪ ،‬وانخفاض كهرباء السد‬
‫العالي وخزان أسوان وقناطر إسنا ونجع حمادي‪ ،‬وتوقف العديد من محطات مياه الشرب‬
‫الموجودة على نهر النيل‪ ،‬وتوقف الكثير من الصناعات‪ ،‬فضال عن تأثر محطات الكهرباء‬
‫‪77‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫التي تعمل بالغاز وتعتمد على التبريد من مياه النيل‪ ،‬وتدهور نوعية المياه في الترع والمصارف‪،‬‬
‫وتداخل مياه البحر في المنطقة الشمالية‪ .‬باإلضافة إلى عجز مصر عن الوفاء باحتياجاتها‬
‫من المياه‪ ،‬ومن ثم تأثيره االجتماعي البالغ على ماليين األسر من الفالحين‪ ،‬ويمكن تفصيل‬
‫ذلك في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪-1‬اآلثار الكارثية الناجمة عن احتمالية انهيار السد‪ :‬حيث تشير مصادر مصرية مطلعة‬
‫إلى أن إصرار الجانب اإلثيوبي على المضي في بناء مشروع سد األلفية بالمواصفات الحالية‬
‫سيقود حتما إلى نتائج خطيرة تمس األمن القومي لكل من السودان ومصر‪.‬‬

‫وتؤكد هذه المعلومات والدراسات المتوفرة لدي جهات مصرية عدم قدرة السد علي تحمل ضغط‬
‫المياه الضخمة التي سوف تحتجز خلفه‪ ،‬والتي تصل إلى نحو ‪ 74‬مليار متر مكعب من‬
‫المياه‪ ،‬كما أنه مشيد من اإلسمنت‪ ،‬ومن ثم فقد ينهار في أية وقت‪ ،‬وعندها ستحدث الكارثة‪،‬‬
‫حيث سيغرق شمال السودان وجنوب مصر ويحدث تشريد لماليين األسر الذين سوف يتم‬
‫تدمير منازلهم وزراعاتهم‪ .‬وتشير الدراسات أن انهيار السد لن يمثل خط ار على إثيوبيا؛ ألنه‬
‫سيبنى على أطراف حدودها مع السودان‪ ،‬ولكن أض ارره ستلحق السودان ومصر‪ ،‬فمن المتوقع‬
‫أن تغرق الخرطوم بكاملها‪ ،‬بينما ستغرق مساحات شاسعة من أسوان إلى الجيزة‪.‬‬
‫‪-2‬تأثير السد على حصة مصر والسودان من المياه‪ :‬حيث يؤكد الدكتور ضياء الدين‬
‫القوصي‪ ،‬خبير المياه الدولي‪" ،‬أن بناء إثيوبيا لسد النهضة وحده سيؤدي إلى نقص حصة‬
‫مصر من المياه بنسبة ‪ 9‬إلى ‪ 12‬مليار متر مكعب في العام‪ ،‬أما إذا قررت إثيوبيا بناء‬
‫حزمة السدود كاملة فإن ذلك سيؤدي لنقص ما ال يقل عن ‪ 15‬مليار متر مكعب من المياه‬
‫سنويا"‪ .‬ومن ثم سيتسبب ذلك في بوار من‪ 4‬إلى‪ 5‬مليون فدان‪ ،‬وتشريد من ‪ 5‬إلى ‪ 6‬مليون‬
‫ّ‬
‫فالح‪ ،‬وقد ينجم عن ذلك مجاعات ومشكالت اجتماعية يستحيل السيطرة عليها‪ .‬كل ذلك في‬
‫ظل ما يتوقعه الخبراء من أنه بحلول عام ‪ 2050‬م ستحتاج مصر إلى ‪ 21‬مليار متر مكعب‬
‫فوق حصتها الحالية لسد احتياجات سكانها الذي يتوقع أن يصل إلى ‪ 150‬مليون نسمة من‬

‫‪78‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫المياه‬
‫‪-3‬تحمل مصر تكلفة باهظة لتحلية المياه‪ :‬حيث يرى الدكتور ضياء الدين القوصي‪ ،‬خبير‬
‫سنويا نحو ‪ 50‬مليار جنيه لتحلية مياه البحر لتعويض النقص الذي‬
‫المياه‪ ،‬أن مصر ستتكلف ّ‬
‫سيسببه سد النهضة بأثيوبيا في حصة مصر من مياه النيل خصوصا وأن تحلية المتر الواحد‬
‫سنويا‪ ،‬أي ما‬
‫من مياه البحر تتكلف ‪ 5‬جنيهات‪ ،‬مما يعني أن مصر ستتحمل ‪ 50‬مليار جنيه ّ‬
‫يعادل ‪ % 12‬من ميزانيتها لتغطية االحتياجات المائية للبالد‪ ،‬ناهيك عما تعانيه مصر حاليا‬
‫من أزمة اقتصادية شديدة‪.‬‬

‫‪-4‬شعال الصراعات والتوترات السياسية في المنطقة‪ :‬فمن ضمن أضرار إنشاء هذا السد‪،‬أن‬
‫من شأنه إحداث توتر سياسي بين مصر والسودان واثيوبيا‪،‬ألن المشروع يشكل تهديدا وخصما‬
‫من الحصة المائية الواردة لمصر والسودان‪،‬فيقلل منها بصورة واضحة‪،‬ومن ثم فمن المحتمل‬
‫أن تدخل المنطقة كلها في حروب وصراعات مسلحة‪.‬الحكومة اإلثيوبية أعلنت أن هذا السد‬
‫مخصص ألغراض توليد الكهرباء‪ ،‬ولكن لكى تنتج الكهرباء ستخزن وراء السد ‪ 74‬مليار متر‬
‫مكعب من المياه‪ ،‬ونفترض أن الفيضان جاء منخفضا جدا‪،‬عندها ستمأل إثيوبيا البحيرة مرة‬
‫أخرى حتى تستطيع أن تولّد كهرباء‪،‬وهذا بالطبع سيؤدى إلى نقص حصة مصر من المياه‬
‫ال محالة‪ ،‬والمسئول عن النواحى الفنية وتقدير الخسائر التى ستتكبدها مصر جراء هذا النهر‬
‫هى و ازرة الرى والموارد المائية وهى مطالبة بأن تصارح المصريين وتضعهم أمام المسئولية‬
‫بعيدا عن التهوين مما يحدث والتصريحات الزائفة بأن سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر‬
‫من المياه‪ ،‬وهو كالم غير حقيقىي ستهدف تهدئة الرأى العام‪.‬‬

‫إن إثيوبيا منذ اإلمبراطور منليك الذي تولى الحكم فيها قبل أكثر من ‪ 100‬عام‪ ،‬وهي تعارض‬
‫تدفق مياه نهر النيل إلى مصر‪ ،‬مشي ار إلى أن الشعب اإلثيوبى لديه عقيدة راسخة بأن النيل‬
‫األزرق ملك لهم‪ ،‬وليس من حق أحد أن يحصل على مياهه ويطلقون عليه نهر (آباي)ما‬
‫حدث أزمة كبيرة ترجع إلى عشرات السنين وليس فقط في السنوات األخيرة‪ ..‬فمنذ الخديوي‬
‫إسماعيل وامبراطور إثيوبيا «منليك»‪ ،‬كان ُيعارض تدفُّق النهر لمصر والسودان‪ ،‬وتفاقمت‬

‫‪79‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫األزمة في السنوات األخيرة‪ ،‬وهناك برنام ج طموح لحكومة أديس أبابا إلنشاء عدد كبير من‬
‫السدود على النيل األزرق الذي يأتي منه ‪ %85‬من مياه مصر والسودان‪ ،‬وهذا البرنامج سيؤثر‬
‫قطعا بالسلب على حصة مصر‪ ،‬رغم ما يقال عن أن السدود مخصصة للكهرباء‪ ،‬ولن تضر‬
‫بحصة مصر والسودان‪ ،‬لكنه بال شك ستكون له عواقب وخيمة على مصر وآثار جانبية‬
‫خطيرة وسينقص تدفق المياه لكال البلدين‪.‬‬

‫الحكومة اإلثيوبية لديها خطة إلنشاء سدود عديدة فى أنحاء إثيوبيا تصل إلى ‪ 26‬سدا‪ 4،‬منها‬
‫على النيل األزرق أثار قرار أثيوبيا بتحويل مجري النيل األزرق وذلك تمهيد إلقامة سد النهضة‬
‫العديد من ردود األفعال والمخاوف لدي غالبية الشعب المصري وأثر ذلك علي كل من مصر‬
‫والسودان وكما يقول خبراء المياه والسدود والهيدروليكا سوف يسبب نقصا يقدر ب ـ ‪% 34‬‬
‫من حصة مصر من مياه النيل وانخفاضا قدره ‪ %30‬من إنتاج السد العالي من الكهرباء وكل‬
‫اآلراء والتوقعات تشير إلي أن السد سوف يحتجز ‪ 74‬مليار متر مكعب سنويا من مياه النيل‬
‫مما يؤثر مستقبليا علي حصة مصر من المياه ويؤثر علي االنتاج الزراعي بصورة كارثية‪.‬‬
‫نظ ار لوجود خالفات سياسية بين السلطة والمعارضة حتى اآلن وانقسام الشعب المصري‬
‫علي نفسه‪ ،‬دفع أثيوبيا في التجرؤ علي مصر وتهديد أمنها المائي القومي وذلك بالشروع في‬
‫بناء سد أثيوبيا بسعة تخزينية كبيرة ‪ 47‬مليار م‪ 3‬وهذا ليس بهدف أنتاج الكهرباء فقط كما‬
‫يزعمون بل للزراعة أيضا (ألن السعة التخزينية إلنتاج الكهرباء في حدود ‪ 6‬إلي ‪ 12‬مليار‬
‫م‪ ،)3‬ويمكن نقل هذه المياه إلي أحواض أخري واألضرار بحصة مصر‪،‬وتقدر التأثيرات السلبية‬
‫علي نقص حصة مصر من ‪ 15 - 12‬مليار م‪ 3‬في السنة وتقليل كهرباء السد العالي بنسبة‬
‫‪،% 30‬والكارثة الكبري إذا حدثت فترات جفاف لفيضان النيل لمدة ‪ 7‬سنوات كما حدث في‬
‫الثمانينيات فأن جميع توربينات السد العالي سوف تتوقف تماما عن التشغيل وانتاج الكهرباء‬
‫ويتم تبوير مساحات شاسعة من األراضي الزراعية بمصر‪،‬هذا باإلضافة إلي أن أثيوبيا‬
‫قامت بإسناد بناء السد إلي شركة إيطالية واحتمالية حدوث انهيار السد بقصد أو غير قصد‬
‫بنسبة كبيرة مستقبال واردة‪ ،‬ألن معامل اآلمان للزالزل في السد األثيوبي هو ‪ 1.2‬ألن األرض‬
‫منحدرة انحدا ار شديدا وغير مستقرة وتقع بالقرب من منطقة الفوالق األرضية واحتمالية حدوث‬
‫‪80‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫زالزل واردة وهذا عكس معامل اآلمان للزالزل للسد العالي وهو في حدود ‪ 8.6‬ريختر‪.‬‬
‫إن بناء السد سيتسبب فى تقليل معدالت تدفق المياه إلى دول المصب (مصر والسودان)‪،‬‬
‫وهو ما لم يمكن اللجنة من تقييم األثر الحقيقى للسد لتدفق المياه إلى مصر والسودان‪،‬كذلك‬
‫عدم دراسة التأثير المحتمل للتغيرات المناخية على نظام تدفق المياه‪،‬كما حذر التقرير من أنه‬
‫فى بداية ملء خزان المياه خلف سد النهضة فى سنوات الجفاف حيث يصل السد العالى فى‬
‫مصر إلى أقل مستويات التشغيل على األقل خالل السنوات األربع األولى من بدء الملء‪،‬فضالَ‬
‫عن وجود تأثير قوى على امدادات المياه إلى مصر ويتسبب فى مزيد من خسارة الطاقة‪.‬وأوضح‬
‫التقرير الدولى أن هناك توقعات بآثار سلبية على قلة الزراعات فى المنطقة والغابات‬
‫المتشاطئة على النيل األزرق‪،‬وكذلك التأثير على امدادات المياه الجوفية على طول النيل‬
‫األزرق‪ .‬وخالل التشغيل سيكون هناك تأثير على مياه الرى فى مصر فى سنوات الجفاف‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مواجهة الدبلوماسية للنزاع الدولي حول سد النهضة‬

‫الفرع األول‪-‬االتفاقيات الدولية الحاكمة لنهر النيل‬

‫أوال‪-‬برتوكول روما ‪ 15‬أبريل ‪1891‬‬

‫وقعته كل من بريطانيا وايطاليا‪ ،‬التي كانت تحتـل إريتريـا فـي ذلـك الوقـت ـ ـ بشـأن تحديد مناطق‬
‫نفوذ كل من الدولتين في أفريقيا الشـرقية‪ ،‬وقـد تعهـدت إيطاليـا فــي المــادة الثالثــة مــن االتفاقيــة‬
‫بعــدم إقامــة أيــة منشــآت ألغ ـراض الــري علــى نهــر عطبرة يمكن أن تؤثر على تدفقات مياه‬
‫نهر النيل إلى الدول األخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬اتفاقية أديس أبابا ‪ 15‬مايو ‪1906‬‬

‫‪81‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫وقعتها بريطانيا نيابة عن مصر واثيوبيـا‪ ،‬وأهـم مـا فيهـا المـادة الثالثـة التـي تـنص على‪:‬‬
‫إن اإلمبراطور اإلثيوبي منليك الثاني يعد بـأن ال يبنـي أو يسـمح ببنـاء أي أعمـال على النيل‬
‫األزرق وبحيرة تانا أو السوباط مـن شـأنها أن تعتـرض سـريان ميـاه النيـل إال بموافقة الحكومة‬
‫البريطانية والحكومة السودانية مقدما‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬اتفاقية لندن ‪13‬ديسمبر ‪1906‬‬

‫وجرى التوقيع عليهـا بـين كـل مـن بريطانيـا ‪-‬نيابـة عـن مصـر والكونغـو‪-‬وفرنسـا وايطاليا‪.‬‬
‫وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معا على تـأمين دخـول مياه النيل األزرق‬
‫واألبيض وروافدهما وتتعهد بعدم إجراء أية إشغاالت عليهما مـن شأنها أن تنقص من كمية‬
‫المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي‪.‬‬

‫رابعا‪-‬اتفاقية روما ‪1925‬‬

‫وهي عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وايطاليـا فـي‪ 1925،‬وتعتـرف‬
‫فيهـا إيطاليـا بـالحقوق المائيـة المكتسـبة لمصـر والسـودان فـي ميـاه النيـل األزرق واألبيض‬
‫وروافدهما‪ ،‬وتتعهد بعدم إجراء أي إشغاالت عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه‬
‫المتجهة نحو النيل الرئيسي‪.‬‬

‫خامسا‪-‬إطار تعاون يوليو ‪1993‬‬

‫ُوِّقـع فـي القـاهرة فـي أول يوليـو ‪ 1993‬بـين كـل مـن الـرئيس المصـري آنـذاك محمـد‬
‫حسنى مبارك ورئيس الوزراء اإلثيـوبي ـ ـ فـي هـذا التوقيـت ـ ـ ميلـيس زينـاوي‪ ،‬وكـان لهذا اإلطار‬
‫دور كبيـر فـي تحسـين العالقـات المصـرية اإلثيوبيـة‪ ،‬وتضـمن هـذا اإلطـار التعاون بين مصر‬
‫واثيوبيا فيما يتعلق بمياه النيل في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫‪-‬عدم قيام أى من الـدولتين بعمـل أى نشـاط يتعلـق بميـاه النيـل قـد يسـبب ضـر ار بمصالح الدولة‬
‫األخرى‪.‬‬
‫‪-‬ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها‪.‬‬

‫‪-‬احترام القوانين الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬التشـاور والتعـاون بـين الـدولتين بغـرض إقامـة مشـروعات تزيـد مـن حجـم تـدفق المياه وتقليل‬
‫الفواقد‪.‬‬

‫سادسا‪-‬اتفاقيتان بين مصر والسودان‬

‫‪/1‬اتفاقية ‪1925‬‬

‫وقد جاءت االتفاقية بين مصر وبريطانيـا ‪ -‬التـي كانـت تنـوب عـن السـودان وأوغنـدا‬
‫وتنزانيـا ‪ -‬متناغمـة مـع جميـع االتفاقيـات السـابقة‪،‬فقـد نصـت علـى أن ال تقـام بغيـر اتفاق مسبق‬
‫مع الحكومة المصرية أية أعمال ري أو كهرومائيـة أو أيـة إجـراءات أخـرى على النيل وفروعه‬
‫أو على البحيرات التي ينبع منها‪.‬‬

‫‪/2‬اتفاقية‪1959‬‬
‫وقعــت هــذه االتفاقيــة فــي ‪5‬نــوفمبر ‪ 1959‬بــين مصــر والســودان‪،‬وجــاءت مكملــة‬
‫وليســت الغي ـه لهــا‪،‬حيــث تشــمل الضــبط الكامــل لميــاه النيــل‬ ‫التفاقيــة عــام ‪1929‬‬
‫الواصلة لكل مـن مصـر والسـودان فـي ظـل المتغيـرات الجديـدة التـي ظهـرت علـى الساحة آنذاك‬
‫وهو الرغبة فـي إنشـاء السـد العـالي ومشـروعات أعـالى النيـل لزيـادة إيراد النهر واقامة عدد من‬
‫الخزانات في أسوان‪ .‬وقد حددت ألول مرة اتفاقية نوفمبر ‪ 1959‬بـين مصـر والسـودان كميـة‬
‫الميـاه ب ـ ‪ 55.5‬مليار متر مكعب سنويا لمصر و‪ 18.5‬مليا ار للسودان ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫أهــم االتفاقيــات بــين مصــر ودول حــوض النيــل "كينيــا تنزانيــا‪ ،‬أوغنــدا‪ ،‬الكونغــو الديمقراطية‪،‬‬
‫رواندا وبوروندي‪.‬‬

‫‪/3‬اتفاقية لندن مايو ‪1906‬‬

‫وقعــت بــين كــل مــن بريطانيــا والكونغــو‪ ،‬وهــي تعــديل التفاقيــة كــان قــد ســبق ووقعــت بــين ذات‬
‫الطــرفين فــي ‪12‬مــايو ‪ ،1894‬ويــنص البنــد الثالــث منهــا علــى أن تتعه ــد حكوم ــة الكونغ ــو‬
‫ب ــأال تق ــيم أو تس ــمح بقي ــام أي إش ــغاالت عل ــى نه ــر السمليكي أو نهر أسانجو أو بجوارهما‬
‫يكـون مـن شـأنها خفـض حجـم الميـاه التـي تتدفق في بحيرة ألبرت ما لم يتم االتفاق مع حكومة‬
‫السودان‪.‬‬

‫‪/4‬اتفاقية ‪1953‬‬

‫الموقعـة بـين مصـر وبريطانيـا نيابـة عـن أوغنـدا بخصـوص إنشـاء خـزان أويـن عنـد مخرج‬
‫بحيرة فيكتوريا وهي عبارة عن مجموعة من الخطابات المتبادلة خـالل عـامي ‪1949‬و ‪1953‬‬
‫بين الحكومتين المصرية والبريطانيـة‪ ،‬ومـن أهـم نقـاط تلـك االتفاقيـة‪ :‬أشارت االتفاقيات المتبادلة‬
‫إلى اتفاقية ‪ 1929‬وتعهدت بااللتزام بها ونصت علـى أن االتفاق على بناء خزان أوين سيتم‬
‫وفقا لروح اتفاقية ‪.1929‬‬

‫تعهدت بريطانيا في تلك االتفاقية نيابـة عـن أوغنـدا بـأن إنشـاء وتشـغيل محطـة توليد‬
‫الكهربـاء لـن يكـون مـن شـأنها خفـض كميـة الميـاه التـي تصـل إلـى مصـر أو تعـديل تـاريخ‬
‫وصـولها إليهـا أو تخفـيض منسـوبها بمـا يسـبب أى إضـرار بمصـلحة مصر‪.‬‬

‫‪/5‬اتفاقية ‪1991‬‬

‫بين كل من مصر وأوغندا التـي وقعهـا الـرئيس السـابق مبـارك والـرئيس األوغنـدي موسيفيني‬
‫بها‪:‬‬ ‫ورد‬ ‫ما‬ ‫بين‬ ‫ومن‬

‫‪84‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫أ‪ -‬أكدت أوغندا في تلك االتفاقية احترامها لمـا ورد فـي اتفاقيـة ‪ 1953‬التـي وقعتهـا بريطانيا‬
‫‪.1929‬‬ ‫باتفاقية‬ ‫ضمنيا‬ ‫اعترافا‬ ‫يعد‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫عنها‬ ‫نيابة‬
‫ب‪ -‬نصـت االتفاقيـة علـى أن السياسـة التنظيميـة المائيـة لبحيـرة فيكتوريـا يجـب أنتنـاقش وت ارجـع‬
‫بـين كـل مـن مصـر وأوغنـدا داخـل الحـدود اآلمنـة بمـا ال يـؤثر علـى احتياجات مصر المائية‪.‬‬

‫‪/6‬اتفاق الخرطوم ‪2015‬‬

‫وقعــت كــال مــن مصــر والســودان واثيوبيــا ‪ ،‬اتفــاق إعــالن المبــادئ حــول ســد النهضة‬
‫اإلثيوبي وحماية مياه نهر النيل‪ ،‬ونصت الوثيقة على‪:‬‬

‫‪ ‬احترام اتفـاق المبـادئ الموقعـة مـن الرؤسـاء ودفـع مسـار الد ارسـات‪ ،‬بقيـام شـركة‬
‫"أرتيليا" الفرنسية بتنفيذ الد ارسـات الفنيـة مـع شـركة "بي‪ .‬أر‪ .‬إل" لتنفيـذ الد ارسـات‬
‫الفنية لسد النهضة اإلثيوبي‪.‬‬
‫‪ ‬تعلن أثيوبيا التزامها الكامل بما تضمنته االتفاقية في البنـد الخـامس فـي إعـالن‬
‫المبادئ والخاص ــة بالم ــلء األول والتش ــغيل‪ ،‬بن ــاء عل ــى نت ــائج الد ارس ــات‪ ،‬وفق ــا‬
‫لالتفاقية الكبرى التي وقعها الرؤساء في مارس الماضي بالخرطوم‪.‬‬
‫‪ ‬تشـكيل لجنـة فنيـة لبحـث إمكانيـة زيـادة عـدد الفتحـات اإلضـافية التـي طلبتهـا‬
‫مصــر‪ ،‬واذا مــا انتهــت اللجنــة أن هــذه الفتحــات حيويــة ســيتم االلت ـزام بهــا‪،‬‬
‫وهــذه اللجنة ستشكل من "فنيين" الدول الثالثة خالل أسبوع وسيجتمعون في أول‬
‫يناير بــأديس أبابــا‪ ،‬وســيقدم تقري ـره لالجتمــاع السداســي المقبــل‪ ،‬واذا مــا كانــت‬
‫هــذه الفتحات حيوية وضرورية من الناحيـة الفنيـة سـيتم تطبيقهـا‪ ،‬لتـؤمن األمـن‬
‫المـائي المصري‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫‪ ‬استمرار عمل اللجنة السداسية على مستوى وزراء الخارجية والري‪ ،‬وبحـث‬
‫الطلـب المصري بزيادة فتحات سد النهضة لزيادة التدفقات المائيـة إلـى النيـل‬
‫األزرق‪ ،‬خاصـة في فترة انخفاض المناسيب‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫أزمة انخفاض أسعار النفط ‪ :2016‬إقتصادية برية‬

‫منذ االزمة المالية ‪ 2008‬وسوق النفط يشهد انخفاض في أسعاره‪ ،‬ومع تدهور الحالة‬
‫االقتصادية لعديد الدول المصدرة للبترول‪ ،‬وزيادة العرض وقلة الطلب انخفضت مداخيل‬
‫البترول لعدة عوامل سياسية واقتصادية‪ ،‬وهو ما نجم عنه تحركات دبلوماسية واقتصادية في‬
‫محاولة إلنعاش سوق النفط والتثبيت على مستوى معين للنفط والخروج من دائرة الخطر‪ ،‬ولعلى‬
‫اهم اجتماع حاول الخروج بقرار لتثبت سوق النفط هو اجتماع الجزائر الغير رسمي للطاقة‬
‫سبتمبر ‪ 2016‬والذي دعى الى تثبيت اإلنتاج ومواجهة واقع انخفاض أسعار النفط ‪ ،‬وشهد‬
‫قبل واثناء االجتماع تحركات دبلوماسية على مستوى رفيع خاصة الدبلوماسية الجزائرية لتقريب‬
‫وجهات الفرقاء داخل وخارج منظمات األوبك‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬انعقاد قمة الجزائر ‪2016‬‬

‫الفرع األول‪-‬العوامل المساهمة في انخفاض أسعار النفط العالمي‪:‬‬

‫‪.1‬ظهور إنتاج النفط الصخري‪ :‬الذي أتاحته تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي والحفر األفقي‪،‬‬
‫وقد أضاف هذا المصدر الجديد حوالي ‪ 4.2‬م ليون برميل يوميا إلى سوق النفط الخام‪ ،‬مما‬
‫تخمة من المعروض العالمي‪.‬‬
‫ساهم في حدوث ُ‬

‫‪86‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫‪ . 2‬التغير في السلوك االستراتيجي لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)‪ :‬تعد منظمة البلدان‬
‫المصدرة للنفط( أوبك )أكبر األطراف الفاعلة في سوق النفط الخام العالمية‪ ،‬وقد شهدت الفترة‬
‫األخيرة تغي ار في السلوك االستراتيجي للمنظمة من خالل تركيزها على الحفاظ على حصتها‬
‫السوقية على حساب األسعار‪ ,‬فقد فاجأت المنظمة ‪-‬في اجتماعها األخيرة ‪ -‬الجميع باتخاذها‬
‫ق ار ار بزيادة اإلنتاج بالرغم من فائض العرض العالمي وهو ما أدى إلى انخفاض جديد في‬
‫األسعار ‪.‬وهذا القرار جاء على العكس تماما قامت به المنظمة خالل فترة األزمة المالية‬
‫العالمية (‪ )2009-2008‬عقب انهيار أسعار النفط‪ ,‬حيث خفضت من اإلنتاج مما ساعد‬
‫على انتعاشها مجددا‪.‬‬

‫‪ .3‬الزيادة المتوقعة في الصادرات اإليرانية‪ :‬وهذا بعد رفع العقوبات االقتصادية المفروضة‬
‫عليها من الغرب بعد التوصل إلى االتفاق النووي بينهما‪ .‬حيث تستعد إيران لتصدير ‪1.26‬‬
‫مليون برميل نفط يوميا بداية من ‪ ،2016‬وهو ما يعني زيادة في تخمة المعروض العالمي‪.‬‬

‫‪ .4‬تراجع الطلب العالمي وخاصة في األسواق الصاعدة‪ ،‬كالصين التي تستهلك لوحدها ثلثي‬
‫االرتفاع الحاصل في االستهالك العالمي من البترول‪ ،‬فقد شهدت الصين في اآلونة األخيرة‬
‫صعوبات اقتصادية تمثلت في انهيار كبير في صادراتها واستثماراتها التي تمثل ثلثي(‪)3/2‬‬
‫ناتجها المحلي اإلجمالي‪ ،‬وهذا راجع أساسا الى ت ارجع قدرتها التنافسية في األسواق الدولية‬
‫بسبب االرتفاع الكبير في معدالت األجور المحلية فيها في السنوات األخيرة‪.‬‬

‫‪. 5‬الهبوط المتواصل في استهالك النفط في الواليات المتحدة‪ ،‬وخاصة في ظل االستعاضة‬


‫عنه ببدائل أخرى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪-‬األسباب الحقيقية النهيار أسعار النفط‪:‬‬

‫‪87‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫ال شك أن العرض والطلب هو القاعدة األساسية التي تحكم أسعار أي سلعة تجارية‪ ،‬لكن‬
‫وبغض النظر عن أسباب تدني الطلب على النفط وهو ما سيتم التطرق إليه‪ ،‬يبقى السؤال‬
‫الملح هو لماذا هذا االنهيار الكبير في األسعار؟ ولماذا ال يتدخل كبار المنتجين إلنقاذ سلعتهم‬
‫االستراتيجية؟‬
‫أوال‪ :‬العامل السياسي‬

‫لعل أحد أهم أسباب انهيار النفط هو الصراع الذي سببته الثورات المضادة التي خلفت‬
‫الفوضى والخراب وأبعدت الشعوب العربية عن هدفها‪ ،‬وهو ما أدخل المنطقة في دوامة من‬
‫صراع األجندات وتضارب المصالح‪ ،‬األمر الذي وظفته الواليات المتحدة األمريكية لخدمة‬
‫أهدافها بعيدة المدى وذلك باستنزاف الجميع وبشكل ال أخالقي‪.‬‬

‫لقد أثر التدخل اإليراني في العراق وسورية واليمن في تأجيج الصراع وتوسيع رقعته وبالتالي‬
‫رفع كلفته البشرية والمادية‪ ،‬وهو ما هدد أمن دول الخليج العربي والسعودية التي وجدت نفسها‬
‫مضطرة للتعامل مع الخطر المحدق بها والتدخل المباشر في اليمن من خالل تحالف عربي‬
‫إسالمي‪.‬‬

‫دخول روسيا المباشر على خط المواجهة في سورية منع إسقاط األسد وأجهض أي فرص‬
‫إليجاد تسوية لألزمة وأعاد الصراع إلى نقطة الصفر‪ ،‬ففصائل المعارضة السورية أصبحت‬
‫في مواجهة نظام األسد وايران وميليشياتها الطائفية إضافة لدولة تصنف على أنها عظمى‪،‬‬
‫وهو ما أحرج المحور الداعم لهذه الفصائل‪ ،‬خاصة مع وجود موقف روسي متعنت يحاول‬
‫فرض رؤيته للحل‪ ،‬ويعمل على إيجاد موطئ قدم له في المنطقة‪ ،‬سيما بعد خروجه خالي‬
‫الوفاض من اتفاق إيران النووي مع الغرب‪ ،‬هذا االتفاق الذي تضررت منه السعودية بدورها‪،‬‬
‫حيث اعتبرته إطالقا ليد إيران في المنطقة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم في السعودية أسهم في تغيير واضح في سياسات المملكة‬
‫التي بدأت سباقا مع الزمن إلعادة تصويب سياساتها الخارجية ومن ضمنها عالقاتها مع محور‬
‫تركيا – قطر‪ ،‬بعد أن كانت في حالة شبه قطيعة معهما‪ ،‬أما ما ساعد في هذا التوجه فهو‬
‫طعنة السيسي للعهد السعودي الجديد والتي تمثلت برفضه المشاركة في عاصفة الحزم‪ ،‬بل‬
‫واستقباله وفدا للحوثي في مصر‪ ،‬والحقا وفدا من حزب اهلل اللبناني‪.‬‬

‫روسيا الهائجة بهيجان رئيسها بوتين والمندفعة في أوكرانيا وسوريا‪ ،‬تعاني من ركود اقتصادي‬
‫وتضخم مالي جعل عملتها تخسر أكثر من ‪ %200‬من قيمتها أمام الدوالر وخالل أربعة‬
‫أعوام‪ ،‬في حين أن اقتصادها منكمش بنسبة ‪ ،%5‬لكنها ومع ذلك تمارس سياسة جعلتها تدخل‬
‫في صدام غير معلن مع السعودية التي بدا أنها ليست في وارد التراجع عن القيام بدور يصوب‬
‫المسار الذي انحرف كثي ار خالل الفترة الماضية ما سمح إليران أن تمسك بخيوط اللعبة ومقاليد‬
‫الحكم في أكثر من بلد عربي وأن تنشر خالياها في بلدان أخرى‪.‬‬

‫السعودية تحتفظ باحتياطي نقدي يقدر بحوالي ‪ 3‬تريليونات دوالر (‪ 3000‬مليار دوالر) وهو‬
‫ما يؤهلها للصمود والتعايش مع أسعار ما دون ‪ 20‬دوالر للبرميل وألكثر من عام‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإنها وعلى ما يبدو قد حسمت أمرها لجهة المضي قدما في حرب كسر العظام مع كل من‬
‫روسيا وايران التي لن تستفيد كثي ار من رفع العقوبات بسبب تدني أسعار النفط‪ ،‬في حين أنها‬
‫عززت خزينتها عن طريق رفعها ألسعار المحروقات داخل إيران‪ ،‬األمر الذي أسهم في مزيد‬
‫اهتمام‪.‬‬ ‫كبير‬ ‫اإليرانية‬ ‫الحكومات‬ ‫تعيره‬ ‫ال‬ ‫الذي‬ ‫التضخم‬ ‫من‬
‫روسيا تدرك جيدا أن استمرار السعر الحالي للنفط ليس في صالحها وهو ما دفعها‬
‫لحضور اجتماع الدوحة الرباعي الذي ضم "السعودية وقطر وروسيا وفنزويال" ونتج عنه اتفاق‬

‫‪89‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫على تثبيت معدالت إنتاج الشهر األول من هذا العام‪ ،‬لكن حضورها هذا ربما يكون متأخ ار‬
‫بعد التعنت الذي أبدته في بداية األزمة ‪.‬‬

‫بحسب خبراء ومحليين في مجال النفط والطاقة فإن تعافي أسعار النفط والوصول إلى سعر‬
‫‪ 40‬دوالر للبرميل سيحتاج إلى خفض المعروض بحدود ‪ 2‬مليون برميل‪ ،‬حيث يبدو هذا‬
‫السعر مقبوال لمعظم المنتجين‪ ،‬طبعا باستثناء منتجي النفط الصخري‪ .‬تستطيع السعودية لوحدها‬
‫خفض إنتاجها من النفط بمقدار ‪ 2‬مليون برميل لو أرادت وتعويض الخفض بفرق األسعار‪،‬‬
‫لكنها إن فعلت فستخسر زبائن مهمين لصالح منافسيها‪ ،‬إضافة إلى أن ارتفاع أسعار النفط‬
‫سيعيد المنتجين الذين أخرجتهم األزمة إلى السوق‪ ،‬وهذا ما لن تقدم عليه السعودية لوحدها وال‬
‫يبدو أنها ستفعله بالتعاون مع روسيا قريبا حيث الثقة معدومة بين الطرفين ما لم يتم التوصل‬
‫إلى اتفاق حول سورية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العامل االقتصادي والتجاري‬

‫استنادا لما تم ذكره أنفا فإن من أسباب انخفاض أسعار النفط‪:‬‬

‫‪ -1‬زيادة كمية المعروض نتيجة االكتشافات الجديدة ودخول مصادر النفط الصخري الذي‬
‫أصبح إنتاجه مجديا‪.‬‬
‫‪ -2‬انخفاض الطلب على النفط نتيجة الركود االقتصادي في كل من الصين وأوروبا‪.‬‬
‫‪ -3‬حرب اإلنتاج واألسعار بين المنتجين داخل وخارج منظمة أوبك التي ما عادت المتحكم‬
‫الرئيس بسوق النفط العالمي‪.-‬‬
‫‪ -4‬ارتفاع سعر صرف الدوالر وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للدول النامية‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫‪ -5‬التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أتاح مصادر شبه بديلة للنفط إضافة إلى إنتاج سيارات‬
‫وآالت موفرة في استهالك الوقود‪.‬‬

‫‪-6‬تخزين النفط االستراتيجي الذي بلغ أعلى مستوياته في الواليات المتحدة والصين التي أعلنت‬
‫عن نيتها التوسع في عمليات التخزين لتصبح كافية لمدة ‪ 90‬يوما بدل ‪ 60‬رغم استهالكها‬
‫يوميا‪.‬‬ ‫برميل‬ ‫ماليين‬ ‫‪10‬‬ ‫من‬ ‫بأكثر‬ ‫يقدر‬ ‫والذي‬ ‫الكبير‬
‫‪-7‬عمليات إنتاج وتصدير النفط من كردستان العراق والتي ال يعرف حجم ما تنتجه وتصدره‬
‫بدقة‪.‬‬
‫‪ -8‬سيطرة تنظيم الدولة اإلسالمية وباقي الفصائل المسلحة كجبهة النصرة ووحدات الحماية‬
‫الكردية والجيش الحر على العديد من حقول النفط في سورية والعراق واحتكارها لعمليات إنتاج‬
‫وبيع النفط في مناطق سيطرتها وان كان ذلك بطرق بدائية‪.‬‬

‫‪-9‬أما األهم فه و توقف عجلة العديد من نواحي الحياة االقتصادية والصناعية في عدد من‬
‫دول المنطقة كالعراق وسورية واليمن وليبيا‪ ،‬وهو ما أدى لضعف استهالك النفط في هذه الدولة‬
‫التي باتت تصنف على أنها فاشلة‪ ،‬وهذا واحد من أهم األسباب التي لم يتطرق إليه الكثيرون‬
‫في تعاطيهم مع أزمة األسعار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬انهيار دول المنطقة وخروجها من دورة االقتصاد العالمي‬

‫الركود االقتصادي هو مصطلح يعبر عن هبوط في النمو لمنطقة أو سوق ما‪ ،‬حيث يعزى‬
‫سبب هذا الركود إلى أن اإلنتاج في دولة ما يفوق االستهالك‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى كساد‬
‫البضاعة وهو ما يصعب على المنتجين بيع مخزونهم من المواد التجارية والمصنعة‪ ،‬فينخفض‬
‫معدل اإلنتاج‪ ،‬ما يعني االستغناء عن األيدي العاملة وارتفاع في نسبة البطالة‪ ،‬وبالتالي‬

‫‪91‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫الدولة‪.‬‬ ‫أو‬ ‫للمجتمع‬ ‫الشرائية‬ ‫القدرة‬ ‫انخفاض‬


‫جميع المحللين االقتصاديين ومراكز البحث المتخصصة يقدمون دراساتهم التي تتصدى‬
‫لألرقام والوقائع في هذه الدولة أو تلك‪ ،‬لكن أيا منها لم يتطرق ألحد أهم أسباب الركود‬
‫االقتصادي العالمي أال وهو أن دوال مثل العراق وسورية وليبيا واليمن لم تعد حتى دول عالم‬
‫ثالث مستهلك‪ ،‬بل أصبح يطلق عليها دوال فاشلة‪ ،‬تشرد سكانها حول العالم‪ ،‬أما من تبقى منهم‬
‫فيكافحون للبقاء على قيد الحياة‪ ،‬في حين أن دوال كمصر وتونس ولبنان وغيرها تعاني من‬
‫ضعف القدرة الشرائية‪ ،‬ومن يدري فربما نراها قريبا قد انضمت لنادي الدول الفاشلة‪ ،‬خاصة‬
‫بعد الدعوات التي أطلقها حاكم مصر لمواطنيه بالتبرع للدولة يوميا ولو بجنيه واحد‪.‬‬
‫عندما نتحدث عن دول كالعراق وسورية ولبنان ومصر وليبيا وتونس واليمن فنحن‬
‫نتحدث عما مجموعه ‪ 170‬مليون نسمة يتوزعون على ‪ 7‬دول كانت تعتبر مستهلكا كبي ار‬
‫للمنتجات التي يتم تصديرها من الشرق والغرب على حد سواء‪ ،‬وهذا بدوره أحد أهم أسباب‬
‫الركود االقتصادي العالمي‪.‬‬

‫من المهم للدول العربية التي تحتفظ بأرصدة مالية واستثمارات في الخارج أن تبدأ بالتفكير جديا‬
‫في استعادتها وان بشكل تدريجي ال يسبب لها صداما مع الدول الكبرى‪ ،‬فالفوضى ومجموعة‬
‫األزمات التي نشبت في المنطقة معقدة جدا وال يبدو أنها في طريقها إلى الحل قريبا‪ ،‬البل إن‬
‫الطريقة التي تتم بها معالجة هذه األزمات ال تبشر بخير‪ ،‬وتسير بها من سيء إلى أسوأ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪-‬تداعيات انخفاض سعر النفط على االقتصاد الجزائري‪:‬‬

‫نظ ار لوجود هوامش احتياطية وقائية في مالية الجزائر العامة أو ما يعرف "بصندوق‬
‫ضبط اإليرادات" الذي أنشأته عام ‪ 2000‬مع انطالق فترة طفرة أسعار النفط‪ ،‬لم تؤثر أسعار‬
‫النفط المنخفضة على النمو االقتصادي في الجزائر‪ ،‬وقد بدأت اآلن تستخدم هذه االحتياطيات‬

‫‪92‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫لدعم النشاط االقتصادي‪ ،‬ورغم ذلك كانت هنالك تأثيرات غير مرغوبة لتراجع أسعار النفط‬
‫على االقتصاد الوطني أهمها‪:‬‬

‫‪.1‬انخفاض فادح في إيرادات تصدير النفط‪ :‬فقد تراجعت مداخيل صادرات النفط في الجزائر‬
‫بحوالي النصف تقريبا‪ ،‬حيث لم تسجل سنة (‪ )2015‬سوى ‪ 14.91‬مليار دوالر مقابل ‪27.35‬‬
‫مليار دوالر العام الماضي‪ ،‬أي بانخفاض قدره ‪ 45.47‬بالمائة‪.‬‬

‫‪ .2‬خسائر كبيرة في أرصدة المالية العامة‪ :‬حيث تضاعف عجز المالية العامة تقريبا ليصل‬
‫إلى ‪ 16 %‬من إجمالي الناتج المحلي في ‪ ,2015‬ومن المتوقع اتساع هذا العجز في عام‬
‫‪ 2016‬حيث ان تعادل موازنة ‪ 2016‬يتطلب سعر بترول عند مستوى ‪ 110‬دوالر‪.‬‬

‫‪.3‬لمواجهة االنخفاض في المداخيل النفطية والوفاء بالنفقات العامة لجأت الحكومة إلى صندوق‬
‫ضبط اإليرادات‪ ،‬الذي انخفضت موارده بشكل حاد‪ ،‬حيث تراجع ب ‪ 1.714,6‬مليار دج في‬
‫الفترة الممتدة بين نهاية يونيو ‪ 2014‬ونهاية يونيو ‪ 2015‬أي انخفاض ب ‪ 33,3‬بالمائة على‬
‫مدى ‪ 12‬شهرا‪.‬‬

‫‪ . 4‬عجز في الحسابات الخارجية‪ :‬حدث اتساع حاد في عجز الحساب الجاري بلغ ‪7.78‬‬
‫مليار دوالر في النصف األول من ‪ ،2015‬وهذا بسبب تراجع الصادرات وارتفاع الواردات‪،‬‬
‫وتبعا لذلك انخفضت نسبة تغطية الصادرات للواردات إلى ‪ 71‬بالمائة عوض ‪ 111‬بالمائة‬
‫في النصف األول لعام ‪.2014‬‬

‫‪ .5‬انخفضت احتياطيات الصرف بمقدار ‪ 35‬مليار دوالر في ‪ 2015‬لتبلغ ‪ 143‬مليار دوالر‬


‫مقارنة بمستوى الذروة الذي بلغ ‪ 194‬مليار دوالر في ‪.2013‬‬

‫الفرع الرابع‪-‬التوجه الدبلوماسي الجزائري لمواجهة انخفاض أسعار النفط‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫رمت الجزائر خالل األشهر الماضية‪ ،‬بكل ثقلها الدبلوماسي من اجل البحث عن توافق‬
‫بين الدول المنتجة للنفط‪ ،‬يفضي إلى قرار بتسقيف اإلنتاج المتصاص الفائض في العرض‪،‬‬
‫الذي أدى إلى انهيار األسعار في السوق الدولية منذ منتصف عام ‪.2014‬‬

‫وكان المهمة تبدو شبه مستحيلة في البداية‪ ،‬خاصة بعد فشل عقد قمة ألوبك عام ‪2015‬‬
‫والتي بادرت فنزويال بالدعوة إليها‪ ،‬كما فشل اجتماع الدوحة في أفريل ‪ 2016‬في الوصول‬
‫إلى اتفاق إلعادة التوازن إلى السوق‪ ،‬بسبب ما قيل عن خالفات بين إيران والسعودية حول‬
‫مسألة الحصص في المنظمة‪.‬‬

‫وبحكم اعتمادها شبه الكلي على عائدات الطاقة في اقتصادها‪ ،‬وضعت السلطات‬
‫الجزائرية مسألة بحث توافق لتثبيت اإلنتاج وحتى خفضه على رأس أولوياتها منذ مطلع عام‬
‫‪.2015‬‬

‫وقال الوزير األول عبد المالك سالل‪ ،‬في عدة مناسبات أن تراجع األسعار منذ منتصف‬
‫‪ 2014‬كان وراء فقدان الجزائر ألكثر من نصف مداخيلها‪ ،‬بشكل جعل الحكومة تراهن على‬
‫أي تحسن لمستوى األسعار لمواجهة هذا الوضع‪.‬‬

‫وبدأت التحركات الدبلوماسية الجزائرية باتجاه دول من منظمة أوبك وخارجها‪ ،‬مطلع عام‬
‫‪ 2015‬عندما أوفد رئيس الجمهورية شهر فيفري وزير العدل السابق الطيب بلعيز للمملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬أين سلم رسالة للملك سلمان بن عبد العزيز لم يكشف عن محتواها‪ ،‬لكنها‬
‫حسب وسائل إعالم سعودية تضمنت تنسيق المواقف لمواجهة انهيار سوق النفط‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫كما التقى بلعيز خالل الزيارة بوزير البترول والثروة المعدنية السعودي السابق‪ ،‬علي بن‬
‫ابراهيم النعيمي‪ ،‬لبحث نفس الملف حيث تعد السعودية أكبر دولة منتجة داخل أوبك ولها نفوذ‬
‫كبير على ق ارراتها‪.‬‬

‫من جهة أخرى أوفد رئيس الجمهورية وزير الطاقة السابق يوسف يوسفي‪ ،‬إلى رئيس‬
‫أذربيجان التي تعد قوة بترولية جهوية هامة في القوقاز الذي سلمه رسالة حول نفس الملف‪.‬‬

‫وتطرق مضمون رسالة الرئيس بوتفليقة حسب وكالة األنباء الجزائرية إلى "ضرورة التشاور‬
‫بين الدول المنتجة للنفط سواء أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك أو الدول غير‬
‫األعضاء حول وضع السوق الدولية‪".‬‬

‫من جهته بحث الوزير األول عبد المالك سالل‪ ،‬خالل مشاركته في قمة االتحاد اإلفريقي‬
‫بأديس بابا مطلع عام ‪ 2015‬مع رؤساء البلدان األعضاء في جمعية منتجي البترول األفارقة‬
‫)‪(APPA‬ملف أسعار النفط‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من نيجيريا والغابون وأنغوال والكونغو وغينيا‬
‫االستوائية‪.‬‬

‫وكانت تلك التحركات بعد فشل كل محاوالت جمع أعضاء منظمة أوبك في عقد اجتماع‬
‫لبحث وقف انهيار أسعار النفط والتي كانت آنذاك في مسار تنازلي بدأ في منتصف عام‬
‫‪.2014‬‬

‫وفي تلك الفترة زار الرئيس الفنزويلي نيكوالس مادورو‪ ،‬الجزائر في ‪ 13‬يناير ‪2015‬‬
‫ضمن جولة لدول نفطية في المنطقة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫وأعلن الرئيس الفنزويلي نيكوالس مادورو خالل تلك الزيارة‪ ،‬إنه فشل في الحصول على‬
‫إجماع بين الدول األعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لعقد اجتماع طارئ‬
‫للمنظمة‪.‬‬

‫وكان مادورو الذي تواجه سلطته موجة احتجاجات بفعل تأثر االقتصاد باألزمة النفطية‪،‬‬
‫يروج في جولته تلك لمبادرة لعقد قمة ألوبك تبحث إعادة التوازن للسوق‪.‬‬

‫وبعد تلك االنتكاسة عقدت أوبك اجتماعا لها في الدوحة‪ ،‬في أبريل ‪ 2016‬لكنه فشل في‬
‫إيجاد توافق حول تثبيت اإلنتاج‪ ،‬بسبب إصرار إيران الخارجة لتوها من حصار اقتصادي‪،‬‬
‫على استثنائها من القرار بشكل أثار حفيظة السعودية‪ ،‬في ظل خالفات سياسية حادة بين‬
‫البلدين حول ملفات عدة في المنطقة‪.‬‬

‫وبعد فشل اجتماع الدوحة‪ ،‬استأنفت الجزائر تحركاتها الدبلوماسية الستضافة اجتماع غير‬
‫رسمي لمنظمة أوبك‪ ،‬على هامش المنتدى الدولي للطاقة الذي تقرر عقده بالجزائر‪.‬‬

‫وكانت هذه التحركات في كل االتجاهات‪ ،‬وكان أهمها جوالت لوزير الطاقة نور الدين‬
‫بوطرفة مطلع شهر سبتمبر إلى دول مثل إيران وقطر وروسيا‪ ،‬كما التقى خاللها وزير النفط‬
‫السعودي في باريس في لقاء ثالثي ضم أمين عام منظمة أوبك محمد باركيندو والذي زار‬
‫الجزائر بعدها وأعلن تفاؤله بنتائج االجتماع‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪-‬منتدى الطاقة الدولي بالجزائر ‪:2016‬‬

‫اجتمع أعضاء أوبك بالجزائر في ‪ 28‬سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 2016‬والذي أقر اتفاقا بضرورة‬


‫بتحديد سقف إنتاج النفط اليومي بين ‪ 32.5‬مليونا و‪ 33‬مليون برميل‪ ،‬مع تكليف فريق من‬

‫‪96‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫الخبراء يتولى تحديد حصة كل دولة على حدة‪ ،‬مع مراعاة خصوصية ثالث دول‪،‬‬
‫هي إيران وليبيا ونيجيريا‪.‬‬

‫وسيتولى هذا الفريق تنسيق االتصاالت مع روسيا كأحد أكبر المنتجين خارج إطار أوبك‪،‬‬
‫على أن يعرض كل شيء على األعضاء أثناء اجتماع أوبك بفيينا في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني‬
‫المقبل من نفس السنة‪.‬‬

‫ويقول أستاذ االقتصاد في جامعة البليدة الجزائرية فارس مسدور إن القرار مرهون بالوضع‬
‫السياسي في سوريا واليمن وليبيا وبكل ما يحدث في المنطقة‪.‬‬

‫ويعتقد مسدور في حديث للجزيرة نت أن القرار إنجاز عظيم لو ثبتت عليه الدول األعضاء‬
‫في أوبك‪ ،‬لكنه يرى أن القرار يحمل بعض الضبابية لغياب آليات التنفيذ وعدم تحديد حصة‬
‫كل دولة‪ ،‬مشي ار إلى أن "رميها" إلى اجتماع فيينا سيجعل من الصعب الثبات على قرار اجتماع‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫ويعتقد أستاذ االقتصاد بجامعة تيبازة الجزائرية كمال ديب أن االجتماع "أظهر القوة‬
‫التفاوضية للجزائر"‪ ،‬حيث استطاعت أن تجمع فرقاء لم تجمعهم طاولة المفاوضات‬
‫في جنيف بشأن القضايا السياسية‪ ،‬ويضيف أن االجتماع "يعد بادرة خير من الناحية السياسية‬
‫في حل المشكلة السورية لكن من الناحية االقتصادية لن يكون أقوى من اجتماع أوبك القادم‬
‫بفيينا"‪ ،‬ألن اجتماع الجزائر مجرد منتدى خارج اإلطار الرسمي‪ ،‬وفق تقديره‪.‬‬

‫ويرى في تشكيل فريق خبراء يتولى توزيع الحصص بين الدول "مؤش ار إيجابيا"‪ .‬كما يتوقع‬
‫أن تتحرك أسواق النفط في اتجاهات إيجابية خالل الثلث األول من ‪ 2017‬نتيجة تخفيض‬
‫اإلنتاج "لكن ذلك سيظل مرتبطا بمدى احترام كل من إي ارن والسعودية لتعهداتهما"‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫أما وزير التخطيط واالستشراف السابق بشير مصيطفى فيصف القرار باإليجابي والجريء‪،‬‬
‫ويرجح أن يتفق األعضاء في فيينا على تبني قرار الجزائر على أساس أن األسواق ستشهد‬
‫بدءا من ديسمبر‪/‬كانون األول من ‪ 2016‬تراجعا في الطلب على النفط وبالتالي انخفاض‬
‫األسعار‪ ،‬وهذا ما يشكل حاف از ألوبك كي تخفض اإلنتاج وتلتزم باتفاق الجزائر‪.‬‬

‫ويستند في تفاؤله إلى سببين‪" :‬األول نجاح الدبلوماسية الجزائرية في المحادثات الثنائية‪،‬‬
‫والثاني يتعلق بمستقبل النفط في حد ذاته وتراجعه أمام صعود النفط الصخري‪ ،‬حيث سيتم‬
‫التخلي عن الكربون في الصناعة مع اقتراب ‪ 2020‬تطبيقا التفاقية باريس ‪."2016‬‬

‫وبالنسبة لتوزيع الحصص على الدول األعضاء‪ ،‬يؤكد على مراعاة عاملين اثنين‪ :‬أوال‬
‫القدرة اإلنتاجية لكل دولة‪ ،‬وثانيا حاجة الميزانيات الداخلية للدول األعضاء الى اإلنفاق‪.‬‬

‫ويضيف أن هناك حكومات لديها قيود على اإلنفاق كإيران ونيجيريا والسعودية وليبيا‬
‫والعراق وستحظى بمعاملة خاصة بسبب المشاكل في الموازنات الداخلية لبلدانها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحلول الدبلوماسية لمعالجة أزمة انخفاض أسعار النفط‬

‫الفرع األول‪-‬دول مجلس التعاون الخليجي‬

‫اوال‪-‬السعودية‬

‫‪-‬رفعت السعودية مطلع عام ‪ 2016‬الدعم عن عديد السلع والخدمات (الوقود بأنواعه‪ ،‬والمياه‬
‫والكهرباء)‪ ،‬لتوفير النفقات الجارية في موازنتها التي يقدر عجزها بنحو ‪ 87‬مليار دوالر‪.‬‬

‫‪-‬أعلنت في ‪ 25‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 2016‬عن رؤية اقتصادية لعام ‪ 2030‬تهدف إلى خفض‬


‫اعتمادها على النفط الذي يشكل المصدر الرئيس للدخل‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫وتضمنت الرؤية تأسيس صندوق استثماري بقيمة تريليوني دوالر‪ ،‬وطرح أقل من ‪ %5‬من‬
‫أكبر شركة نفط في العالم التي تملكها الدولة (أرامكو)‪ ،‬وزيادة إيراداتها غير النفطية إلى ‪267‬‬
‫مليار دوالر سنويا بحلول ‪.2030‬‬

‫‪-‬أوامر ملكية في مايو‪/‬أيار ‪ 2016‬تضمنت هيكلة ودمج وتعديل عدد من و ازرات ومؤسسات‬
‫الدولة‪ ،‬أبرزها إعفاء وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي من منصبه وتعيين‬
‫المهندس خالد الفالح وزي ار للطاقة والصناعة والثروة المعدنية‪.‬‬

‫‪-‬في سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 2016‬صدرت ق اررات بخفض رواتب ومزايا الوزراء وأعضاء مجلس‬
‫الشورى‪ ،‬وخفض مكافآت الموظفين في القطاع الحكومي ضمن جهود ضبط اإلنفاق بعد تراجع‬
‫عائدات النفط‪.‬‬

‫‪-‬قررت السعودية في أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ 2016‬ربط صرف رواتب موظفي الدولة بناء‬
‫على التقويم الميالدي بدال من الهجري‪ ،‬مما سيوفر على المملكة ‪ 14.9‬مليار لاير (قرابة أربعة‬
‫مليارات دوالر) ‪.‬‬

‫‪-‬في األول من نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 2016‬عين محمد الجدعان وزي ار للمالية في السعودية‬
‫خلفا إلبراهيم العساف الذي كان يشغل هذا المنصب لفترة ‪ 22‬عاما‪.‬‬

‫‪-‬خصصت الحكومة السعودية في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 2016‬مئة مليار لاير (‪ 26.7‬مليار‬


‫دوالر) لسداد ديون مستحقة عليها لشركات القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪-‬أعلنت الحكومة السعودية في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 2016‬عن إلغاء مشاريع مقترحة بقيمة‬
‫تريليون لاير (‪ 267‬مليار دوالر)‪ ،‬لعدم وجود جدوى اقتصادية لها في المرحلة الحالية وتحقيق‬
‫وفورات في ميزانية الدولة‬

‫‪99‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫ثانيا‪-‬االمارات المتحدة‬

‫‪-‬حكومة دبي أعلنت في مارس‪/‬آذار ‪ 2016‬عن فرض رسم جديد نظير استخدام مرافق‬
‫المطارات بدءا من األول من يوليو‪/‬تموز ‪ 2016‬قدره ‪ 35‬درهما (‪ 9.54‬دوالرات) على كل‬
‫مسافر‪ ،‬ولحقتها الشارقة (ثالث أكبر إمارة في دولة اإلمارات العربية المتحدة) في أبريل‪/‬نيسان‬
‫من السنة نفسها وفرضت رسما بنفس القيمة‪ ،‬وكذلك أبوظبي (العاصمة) في يونيو‪/‬حزيران‬
‫الماضي‪.‬‬

‫‪-‬مجلس الوزراء اإلماراتي وافق في مايو‪/‬أيار ‪ 2016‬على إنشاء هيئة شرعية عليا موحدة‬
‫تتولى اإلشراف على قطاع التمويل اإلسالمي ووضع المعايير الخاصة به بهدف تعزيز نمو‬
‫القطاع وذلك بعد أكثر من عامين من المناقشات‪.‬‬

‫‪-‬أقرت الحكومة اإلماراتية في سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 2016‬قانون اإلفالس الذي طال انتظاره لسنوات‬
‫طويلة‪ ،‬والذي يهدف إلى معالجة أوضاع الشركات المتعثرة وحماية أموال الدائنين‪ ،‬ومن المتوقع‬
‫أن يصبح ساريا في مطلع ‪.2017‬‬

‫‪-‬إقرار الالئحة التنفيذية للقانون االتحادي رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 2014‬بشأن المشاريع والمنشآت‬
‫الصغيرة والمتوسطة في أواخر أكتوبر‪/‬تشرين األول الماضي‪ ،‬في خطوة تستهدف استكمال‬
‫المنظومة التشريعية والمؤسسية للقطاع الذي يمثل ‪ %90‬من إجمالي الشركات في الدولة‪،‬‬
‫و‪ %60‬من الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬

‫‪-‬اعتمد مجلس الوزراء اإلماراتي في أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ 2016‬مشروع الميزانية العامة‬


‫لالتحاد عن السنة المالية ‪ 2021-2017‬بنفقات تقديرية ‪ 67.6‬مليار دوالر‪ ،‬لتصبح اإلمارات‬
‫أول دولة عربية تقوم بإعداد ميزانية دورية لخمس سنوات‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫ثالثا‪-‬الكويت‬

‫‪-‬أقرت الحكومة الكويتية في مارس‪/‬آذار ‪ 2016‬وثيقة لإلصالح المالي واالقتصادي تتضمن‬


‫تعديل أسعار الطاقة للسيطرة على الهدر وتنمية اإليرادات غير النفطية من خالل تطوير النظام‬
‫الضريبي‪.‬‬

‫‪ -‬تضمنت وثيقة اإلصالح إعادة تسعير الخدمات والمنتجات‪ ،‬وترشيد اإلنفاق العام‪ ،‬وزيادة‬
‫مساهمة القطاع الخاص في االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪-‬وافق مجلس األمة الكويتي (البرلمان) في أبريل‪/‬نيسان ‪ 2016‬على قانون يسمح للحكومة‬
‫برفع أسعار المياه والكهرباء على المستهلكين المقيمين والشركات‪ ،‬وتعد هذه الزيادة ‪-‬التي لن‬
‫تطال المواطنين‪ -‬األولى في هذا المجال منذ خمسين عاما‪ ،‬وسيبدأ تطبيقها في سبتمبر‪/‬أيلول‬
‫‪.2017‬‬

‫‪-‬في يوليو‪/‬تموز ‪ 2016‬أعلنت المالية الكويتية عزمها اقتراض عشرة مليارات دوالر من‬
‫األسواق الخارجية عبر سندات خزينة وصكوك إسالمية‪ ،‬و‪ 6.6‬مليارات دوالر من السوق‬
‫المحلي من األسواق الخارجية لتغطية العجز في الموازنة‪.‬‬

‫‪-‬أعلنت الكويت في أغسطس‪/‬آب ‪ 2016‬تسجيل عجز في ميزانيتها للسنة المالية ‪-2015‬‬


‫‪ ،2016‬وذلك للمرة األولى منذ ‪ 16‬عاما متأثرة بتراجع أسعار النفط عالميا‪ ،‬وبلغ عجز الميزانية‬
‫‪ 4.6‬مليارات دينار (‪ 15.3‬مليار دوالر) خالل السنة المالية‪.‬‬

‫‪-‬قررت حكومة الكويت في أغسطس‪/‬آب ‪ 2016‬رفع أسعار البنزين ألول مرة منذ تسعينيات‬
‫القرن الماضي ابتداء من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 2017‬بنسب متفاوتة حسب درجة األوكتان تتراوح‬

‫‪101‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫بين ‪ %41‬و‪ %83.3‬على أن تتم مراجعة األسعار كل ثالثة أشهر لتتواءم مع أسعار النفط‬
‫العالمية‪.‬‬

‫‪ -‬في مطلع أكتوبر‪/‬تشرين األول الماضي أقرت الحكومة تعويض مواطنيها عن رفع أسعار‬
‫الوقود من خالل منح كل كويتي يحمل رخصة قيادة (يقدر عددهم بنحو ‪ 563‬ألفا) ‪ 75‬لت ار‬
‫من ا‬

‫رابعا‪-‬قطر‬

‫‪-‬قامت قطر (أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم ومن أغنى دول الخليج) برفع‬
‫أسعار البنزين اعتبا ار من يناير‪/‬كانون الثاني ‪ 2016‬بنسب تتراوح بين ‪ %30‬و‪%.35‬‬

‫‪-‬فرضت قطر ضريبة مطار على المسافرين على التذاكر ابتداء من ‪ 30‬أغسطس‪/‬آب ‪2016‬‬
‫والصالحة للسفر ابتداء من أول ديسمبر‪/‬كانون األول ‪ 2016‬بقيمة ‪ 35‬رياال قطريا (‪9.61‬‬
‫دوالرات)‪.‬‬

‫خامسا‪-‬البحرين‬

‫‪-‬أعلنت البحرين عن رفع أسعار البنزين المحلية في يناير‪/‬كانون الثاني ‪ 2016‬بنسب تجاوزت‬
‫‪ %50‬في أول تغيير في أسعار المحروقات بالبالد منذ ‪ 33‬عاما‪.‬‬

‫‪-‬بدء تطبيق التعرفة الجديدة ألسعار الكهرباء والمياه اعتبا ار من مطلع فبراير‪/‬شباط‬
‫‪ ،2016‬ووفقا لخطة لرفع الدعم عن الكهرباء والمياه سيتم زيادة السعر على شكل قفزات‬
‫متتالية خالل األعوام األربعة القادمة‬

‫سادسا‪-‬سلطنة عمان‬

‫‪102‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫‪ -‬بدأت سلطنة عمان بتحرير أسعار الوقود اعتبا ار من مطلع يناير‪/‬كانون الثاني ‪،2016‬‬
‫واعتماد آلية للتسعير شهريا بحسب تغييرات األسعار في السوق العالمية‪.‬‬

‫‪-‬صوت البرلمان العماني في مايو‪/‬أيار ‪ 2016‬لصالح زيادة كبيرة في الضرائب على قطاع‬
‫البتروكيميائيات والموارد الطبيعية غير النفطية وشركات الغاز الطبيعي المسال‪ ،‬ويرفع التشريع‬
‫(ال يزال إلى حدود نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 2016‬بحاجة إلى تصديق السلطان) الضرائب على‬
‫شركات الغاز إلى ‪ %55‬بدال من ‪ ،%15‬كما سيتم رفعها على شركات البتروكيميائيات‬
‫وصادرات الموارد الطبيعية إلى ‪ %35‬من ‪.%.12‬‬

‫الفرع الثاني‪-‬الدول االخرى في منظمة االوبك‬

‫اوال‪-‬ايران‬

‫ُي َع ُّد االتفاق النووي خطوة هامة تصب في صالح االقتصاد اإليراني‪ ،‬حيث أعيد ‪ 30‬مليار‬
‫دوالر من أرصدة إيران المجمدة‪ ،‬والتي تتراوح بين ‪ 100‬و‪ 182‬مليار دوالر‪ ،‬كما يمكن إليران‬
‫أن ترفع منسوب إنتاجها النفطي إلى ‪ 500‬ألف برميل ًّ‬
‫يوميا‪.‬‬

‫وعلى ما يبدو فإن إيران بدأت بالفعل في إيجاد حلول غير نفطية للخروج من األزمة‪ ،‬من‬
‫ضمنها بيع الماء الثقيل‪ ،‬حيث يقول نائب رئيس البرنامج النووي اإليراني إن بالده تأمل في‬
‫إعادة تصدير المياه الثقيلة التي تفيض عن حاجة المفاعل‪ .‬ويؤكد الخبراء قدرة إيران على‬
‫سنويا عن ‪ًّ 22‬‬
‫طنا من مفاعل آراك‪ .‬وتقول إيران إنها ال تستهلك‬ ‫إنتاج المياه الثقيلة بما ال يقل ًّ‬
‫منها سوى ‪ 6‬أطنان فقط‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫وبخالف بيع الماء الثقيل‪ ،‬فإن االستثمارات الغربية بدأت تشق طريقها نحو طهران‪ ،‬حيث‬
‫سبقت الشركات الغربية الضخمة االتفاق النووي إلى إيران‪ ،‬وجهزت منذ عدة أشهر صفقات‬
‫ضخمة‪ ،‬تنتظر البدء في التحرك؛ لتنفيذ هذه الصفقات‪.‬‬

‫العقوبات االقتصادية على إيران كان لها جانب إيجابي من حيث االعتماد على الذات‬
‫في توسيع القاعدة اإلنتاجية بالبالد‪ ،‬من خالل االعتماد على التكنولوجيا المحلية‪ ،‬والتي سيتم‬
‫جني ثمارها بعد رفع العقوبات بصورة كلية‪ ،‬كما أن إيران استطاعت تطوير صناعات عسكرية‬
‫ًّ‬
‫عالميا‪.‬‬ ‫زودتها بترسانة حربية كبيرة يمكن تسويقها‬

‫ثانيا‪-‬فنزويال‬

‫طالب وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”‬
‫باعتماد سعر متوازن للنفط‪ ،‬قائال‪ :‬ال نريد مثل هذا النمط من دورة تراجع السعر وارتفاعه؛‬
‫فهي ضارة بالمستهلكين والمنتجين ع لى حد سواء‪ .‬نحتاج إلى أن نرسل إشارة استقرار إلى‬
‫السوق‪ .‬واشارة االستقرار هذه ليست ما نقوم به ًّ‬
‫حاليا‪ .‬نحن ندمر سعر النفط الخام‪ ،‬والمضاربة‬
‫هي المسيطرة على السوق‪ .‬وتابع‪ :‬نحن ال نتفق مع الموقف السعودي‪.‬‬

‫وأصدرت الحكومة الفنزويلية مرسوما ر ًّ‬


‫ئاسيا ‪ 15‬يناير الحالي‪ ،‬تعلن فيه حالة طوارئ‬
‫اقتصادية لمدة شهرين في فنزويال‪ ،‬ولم يتضمن المرسوم الذي سيناقشه البرلمان األسبوع القادم‬
‫أي تغييرات رئيسية في السياسة‪ ،‬مثل تخفيض قيمة العملة‪ ،‬أو زيادة في أسعار الوقود‬
‫المدعومة‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬نيجيريا‬

‫‪104‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫تحاول نيجيريا البحث في قطاعات أخرى غير النفطية؛ في محاولة إليجاد حلول للخروج‬
‫من أزمتها االقتصادية الراهنة‪ ،‬حيث تعمل خالل العام الحالي على تحقيق نسبة نمو تتجاوز‬
‫‪ ،٪4.7‬عبر التركيز على قطاعات الطاقة واإلسكان والنقل‪.‬‬

‫توجهت الحكومة النيجيرية إلى حلول خارجية‪ ،‬ففي أعقاب اجتماع مديرة صندوق النقد‬
‫الدولي كريستين الغارد مع الرئيس النيجيري محمد بخاري في أبوجا ‪ 5‬يناير الحالي‪ ،‬قالت‬
‫الغارد‪ :‬إن صندوق النقد الدولي جاهز لمساعدة الحكومة النيجيرية؛ لتنفيذ انضباط مالي واتباع‬
‫سياسة نقدية ناجحة‪ .‬لكنها في الوقت نفسه نفت أن يكون سبب زيارتها لنيجيريا مناقشة أية‬
‫قروض تطلبها البالد من صندوق النقد‪ .‬وتوقعت أن يصل فريق خبراء الصندوق إلى العاصمة‬
‫النيجيرية الشهر الجاري؛ بهدف مناقشة المادة‬

‫الرابعة‪ ،‬التي تنص على دراسة الخبراء القتصاد البالد ووضعه المالي‪ ،‬وتقديم النصائح الالزمة‬
‫للنهوض باالقتصاد‪ ،‬وتخفيض نسب الدين العام‪ ،‬ورفع أرقام الناتج المحلي‪.‬‬

‫رابعا‪-‬الجزائر‪:‬‬

‫تحركت الحكومة الجزائرية لمواجهة انهيار أسعار النفط في اتجاهين‪ ،‬األول هو العمل‬
‫الدبلوماسي‪ ،‬الهادف إلى إقناع البلدان المنتجة للنفط بالعمل سويا‪ ،‬من أجل الوصول إلى توافق‬
‫يسمح بتوازن في السوق وانتعاش في األسعار‪ .‬والثاني هو إعادة النظر في السياسة االقتصادية‬
‫المنتهجة‪ ،‬عبر العمل على تسريع وتيرة اإلصالحات‪ ،‬وخلق المناخ الذي يؤدي إلى تحسين‬
‫أداء االقتصاد ونمو االستثمارات خارج قطاع المحروقات‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫محاضرات مقياس العالقات الدولية " الدبلوماسية " السنة الثالثة قانون عام‬

‫األستاذة‪ :‬بن جيمة هدى‬

‫وأشار وزير التخطيط واالستشراف السابق بشير مصيطفى الى حل وهو التدخل‬
‫االستراتيجي‪ ،‬المبني على العودة لمفهوم االستشراف والتخطيط للمدى البعيد‪ ،‬حيث يقوم على‬
‫أساس تصميم ورقة الطريق المؤدية في المدى المتوسط إلى بداية تنويع االقتصاد وفك االرتباط‬
‫الحالي بسعر المحروقات‪ ،‬وتحقيق مستوى نمو بين ‪ 5‬و‪ 7‬بالمائة‪ ،‬وتحسين القدرة الشرائية‬
‫للعائالت من خالل التحكم في أسعار المواد واسعة االستهالك‪ ،‬واطالق نظام وطني للحوكمة‬
‫االقتصادية من شأنه متابعة االستثمار ووصف الحلول الذكية لتحقيق اإلقالع االقتصادي‪.‬‬

‫ويؤكد الخبير عبد الرحمن مبتول على تجميد المشاريع التي ال تحظى باألولوية‪ ،‬والتي‬
‫ليس لها أثر اقتصادي واجتماعي‪ ،‬على غرار مشاريع الترامواي في المناطق قليلة الكثافة‬
‫السكانية‪ ،‬وكذلك الطريق السيار للهضاب‪.‬‬

‫وبحسب مبتول‪ ،‬فإنه من الضروري جدا إعادة النظر في طريقة استثمار سوناطراك‪ ،‬والتي‬
‫ال يجب أن تبقى من تمويلها الذاتي فقط‪ ،‬معتب ار أن أي قرار استراتيجي يخص الطاقة يجب‬
‫أن ال يتخذ من طرف سوناطراك وو ازرة الطاقة وحدهما‪ ،‬بل برعاية من المجلس الوطني األعلى‬
‫للطاقة‪.‬‬

‫‪106‬‬

You might also like