You are on page 1of 263

‫الحكاية الخراغية‬

‫نشاتها ‪ ،‬مناهج دراستها ‪ ،‬فنيتها‬


‫‪MARCHEN 0٨5‬‬ ‫هذه ترجمة كتاب‬

‫‪FRIEDRICH‬‬ ‫‪ LEYEN 018‬ال‪٧0‬‬ ‫تأليف‬

‫الطيعة االولى‬

‫نيسان‪-‬ابريل‪١٩٧٣-‬‬
‫« فريدريش فون دير البن » استاذ ألماني كرس حياته لدراسة‬
‫االدب الشعبي عنى أسس علمية دقيقة للمغاية ‪ ،‬ولهفى ذلك أبحاثكثيرة‬
‫على جانب كبير من االهمية ‪ ٠‬وقد أستحوذت الحكاية الخرافية على‬
‫أكبر قدر من جهوده ‪ ،‬فله فى ذلك أبحاث عدة نخص بالذكر منها هذا‬
‫الكتاب لذي قمنا بترجمته وكتاب آخر ظهر في مجلدن عام ‪، ١٩٥٣‬‬
‫‪ ١٩٥٤‬تحت عنوان ‪ « :‬عالم اخكاية الخرافية» ‪ ٠‬كما أنه قامباالشراف‬
‫على موسوعة ضخمة بلغت االربعين جزءاتحت عنوان ‪ « :‬الحكابة‬
‫الخرافية فى االدب العالي» ‪ ٠‬وقد خصص كل جزء منها لعرض أهم‬
‫الحكايات الخرأفية لدى كل شعب من شعوب العالم على وجه التقريب‬
‫كما قدم فى نهاية كل جزء بيانا وافيا عن هذه الحكايات وطريقة جمعها ء‬
‫وأهم خصائصها ألتي تعد انعكابا لخصائص شعبها ‪٠‬‬

‫وأهم ما يلفت اننظر في هذا الكتاب ‪ ،‬ان المؤلف استطاع ‪ ٠‬عن‬


‫طريق البحث العلمي الدقيق ‪ ٠‬ان ينقل االدب الشعبي بصفة عامة ‪،‬‬
‫والحكاية الخرافية بصفة خاصة ‪ ،‬من المفهوم الضيق لالدب الشعبي‬
‫انذي سيطر على العقول زمنا طويال الى المفهوم الواسع العميق ‪٠‬‬
‫فاسنضاع بذتك أن يسمو باالدب الشعبي من حيث القيمة الفنية‬
‫الى مسنوى االدب الرسمي ‪٠‬‬
‫أما منهج إلكتاب فيمكننا أن نلخصه فيما يلي ‪:‬‬
‫اوال ‪ :‬عرض شامل الهم االبحاث الخاصة بالحكاية الخرافية منها ‪:‬‬
‫االتثروبولوجي والنفسي والتاريخي واالدبي ‪ ٠‬وقد نوه الباحثبجهود‬
‫أفراد من العلماء الذين اهتموا بدراسة الحكاية الخرافية دراسة‬
‫طمي—ة دقيقة ♦‬
‫ثانيا ‪ :‬دراسة اصول الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وقد دفع بهذا الكاتب‬
‫الى أن يغوص في معتقدات البدائيينودياناتهم وتصوداتهم ومعتقداتهم‪،‬‬
‫فالحكاية الخرافية‪ ،‬قدم االنسان‪ ،‬واذا شاء الباحث أن يصل الى‬
‫الصورة االولى للحكاية الخرافية ‪،‬البدله من أن يمسك بأواللخيط‪،‬‬
‫فينقب عنها بين جوانب الحياة البدائية ‪ ٠‬وقد استطأع الباحث ان‬
‫يشلعنامن خالل هذا الفصل على نماذج متعددة لالشكال االولى للحكاية‬
‫الخرافية‪ ،‬التي تطورت عنها الحكاية الخرافية الفنية ذات الشكل‬
‫المحدد ‪ ٠‬وليس من شأن هذا الفصل ان يبتعد بالدارس عن ألحكأيه‬
‫الخرافية بوصفها أتاجا ادييا ‪ ،‬بل هو على العكس « يبين لنا أل‬
‫الحكاية الخرافية ال تنفصل عن االثكال االخرى من اشكال التعبير‬
‫عن الروح االنساني ‪ ،‬وانها تضع االساس الذي يستمد منه االدباء‬
‫ابذاعهم»‪(٠‬لترجمةص‪٠)١١‬‬
‫ثاخا ‪ :‬البحثف شكل الحكاية الخرافية وروايتها ‪٠‬‬
‫لما كانت الحكاية الخرافية فى صورتها االولى مجرد خبر أومجموعة‬
‫من االخبار التي تتصل بتجارب روحية ونفسية عاشتها الناس منذ‬
‫انقدم ‪ ،‬فقد حرص اتاس على االحختفاظ بها وعلى نقلها عبر االجيال‬
‫عن طريق الرواية الشفوية ‪ ٠‬وليس فىوسع كل شخص أن يقوم بعملية‬
‫ألرواة ‪ ،‬وانما هو الشخص الذي يجمع بين موهبة الحفظ ومتعة‬
‫الرواية فى آن واحد ‪ ،‬أي أنه الشخص الذي يمتلك طاقة فنية تعادل‬
‫تلك الطاقة التي يمتلكها كاتب القصة على سبيل المثال ‪ ٠‬ومن هنا‬
‫ندرك أن الرواية لها أثرهااثكيير فى خلق الحكاية الخرافية ‪ ،‬بل فى‬
‫خلق اي نوع ادبي شعبي آخر ‪ ٠‬وليس هذا معناه ان القاص حر فى‬
‫تأنيف الحكايةوفقا الهوائه ‪،‬وانما هو مقيد بقوانين شكلية وموضوعية‬
‫خصعت نها الحكاية الخرافية منذ القدم وما تزال تخضع لها حتى اليوم‪٠‬‬
‫وبعد ذلك نتعرض المؤلف لدراسة هذه القوانين انشكلية‬
‫والموضوعية دراسة تفصيلية ‪ ٠‬ولما كانت الحكاية الخرافية ذات صلة‬
‫_من حيث الشكل والموضوع باالسطورة والحكاية وحكاية البطولة‪،‬‬
‫فقدوجد المؤلف المجال مناسبا لعقد مقارنات طريفة يين الحكاية‬
‫الخرافية وبينكلنوعمن االنواع االخرى ‪ ٠‬وبذلك استطاع المؤلف‬
‫ان‪ .‬يميز كل نوع وأن يحدد مجاثه النفسي والغني من فاحية ‪ ،‬وائ‬
‫يطلمنا على الصلة الجوهرية بين هذه االنواع من فاحية أخرى ‪٠‬‬

‫رابعا ‪ :‬الحكاية الخرافية عند شعوب الحضارات المختلفة ‪٠‬‬


‫اذا كانت الحكاية الخرافية قد تطورت واكتمل شكلها الفني عن‬
‫علريق الرواية ‪ ،‬فاذ هذا التطور تمثل فى اقوى صورة لدى شعوب‬
‫الحضارات المختلفة ‪ ٠‬وقد بدأ المؤلف بتقديم نماذج لهذا الخلق الفني‬
‫المكتمل عند شعوب البحر االبيض المتوسط ‪ ٠‬فاستهل ذلك ببابل‬
‫ومصر وروما ‪ ،‬وبالد االغريق ‪ ٠‬ثم أفرد فصال كبيرا لدراسة الحكاية‬
‫الخرافية الهندية والصينية ‪ ،‬وبالمثل للحكاية الخرافية العربية مقارنا‬
‫بينها وين الحكاية الخرافية الهندية بصفة خاصة ‪ ٠‬ثم ختم المؤلف بحثه‬
‫بدراسة للحكاية الخرافية االوروبية ثم الحكاية الخرافية االلمانية ‪٠‬‬

‫واى هنا تنتهي فصول هذا الكتاب الذي يعده مؤلفه ليس سوى‬
‫مدخن لدراسة االدب الشعبي عامة ‪ ،‬والحكاية الخرافية بصفة خاصة‪.‬‬
‫وقذ طبع هذا إلكتاب عدة طبعات ‪ ،‬فقد ظهمرت الطبعة االولى عام‬
‫‪ ،‬والثالثة عام‬ ‫‪ ، ١٩١٢‬والثانية عام ‪١٩١٧‬‬
‫‪ ، ١٩٢٥‬أما الطبعة الرابعة واالخيرة التي قمنا بترجمتها فقد ظهرت‬
‫عام ‪ ٠١٩٥٩‬ولما كان الكاتب يعمل فى هذه االثناء فى نشر موسوعته‬
‫الفخمة « الحكاية اثخرافية فى االدب العالمي » ‪ ،‬فقد أتاحت هذه‬
‫الفرصة للكاتب أن يغير فى طبعات كتابه تغييرا جوهريا ‪٠‬‬

‫هذا وقد أضفنا الى الكتاب عدة ه هوامش » من شأنها أن تقدم‬


‫ملخصا جوهربا للغاية لبعض الحكايات الخرافية وان تفسر بعض‬
‫االصطالحات ‪٠‬‬

‫وأذا كنا نقدم اليوم للقاريء العربي هذا البحث العلمي العميق ‪،‬‬
‫فنحن فأمل ان يحوز رضاء ه ‪ ،‬وأن يهتدي بمنهجم العلمي فى دراسة‬
‫االدب الشعبي حتى تكون دراستنا الدبنا الشعبي ذات اصل راسخ‬
‫تصل الى اعمق اعماق تعبيرنا االدبي •‬
‫نييلةا^راهيم‬
‫ممر^ل‬
‫يهتم عصرنا أكثر من ‪،‬ى قبل بالحضارأت القدمة ‪ ،‬فحياة ما قبل‬
‫انتأريخ وعلم اآلثار القديمة يقدمان لنا شواهد رائعة لعصور سحيقة‬
‫فى ‪:‬لقدم ‪ ٠‬فنحن نعرف آثارا بابلية ومصرية جديرة باالعجاب ‪ ،‬كما‬
‫نملنث شواهد ذات قيمة القصى ما وصلت اليه حضارة كريت ‪ ،‬هذا‬
‫الى جانب البحوث الجديدة التي اكتشفت تصاوير كاملة للعصراحجري‬
‫يرجع تأريخها الى عشرات االالف من السنين ‪ ٠‬كل هذه اآلثار نعجب‬
‫لها وندهش لنضوج فنها واشكالها وبنائها ‪ ٠‬حقا ان الزمن يفصلنا عن‬
‫ددءات انروح االنساني المبكرة إلتي تبرز أمامنا ‪ ،‬اذ اصبح الكثي‬
‫منها ع يا' علينا ء كما ظل الكثير منها بعيدا فى مغزاه عن ادراكنا ‪٠‬‬

‫ولدننا سنرى هنا أن انكلمة أقوى من الحجر ‪ ،‬وان اعمال‬


‫نشعراء المجهولين فى وسعها ان تصمد أمام مائت بل ألوف من السنين ‪،‬‬
‫وما نزان فى عصرنا تنبض بالحياة ‪ ٠‬فما حكاه االنسان ذات يوم عن‬
‫اآللهة واالبطال واالنسان فى بالد دجلة والفرات والنيل ‪ ،‬ما يزال‬
‫بعضه يعيش حتى اليوم فى حكايتنا الخرافية ‪ ٠‬أما بالنسبة للعصر‬
‫الحجري فنحن ال نعرف ما اذا كان صيادو هذا العصر — الذين نقف‬
‫أمام نصاورهم مبهوتين — قد حكوا حكايات خرافية ‪ ٠‬ومع ذنك‬
‫فنحن عرف شيائ عن تصوراتهم العقيدية الساذجة ‪ ٠‬وقد انعكستبعض‬
‫هذه ألتصورات مرة أخرى فى الحكاات الخرافية ‪ ٠‬ومثال ذلك‬
‫االعتقاد فى القوى التى نستكن فى الصورة ‪٠‬‬

‫ان الحكاية الخرافية ترجع بنا الى عصور تسبق كل تاريخ مدون ‪،‬‬
‫دما أنها ترجع بنا الى بداية الفن الثعري‪ ،‬والى عاثم آخر من الفكر‬
‫واالعتقاد والحق والدين ‪ ٠‬وطييعي أنه ال يحقنا ان نعمم هذهالدعوى‬
‫على انحكايات الخرافية جميعها ‪ ،‬بل انها ال تنطبق على الكثير منها ‪٠‬‬
‫والذي يحق لنأ ان نقبله هو أن قدرا ضئيالمن الحكايات الخرافية يرجع‬
‫فى صورته الخالية الى العصور البالغة فى القدم وسوف نألف ‪ -‬أكثر‬
‫من هذا أن نرى التصورات القديمة تنعكس فى اجزاء من الحكاية‬
‫الخرافية وفي بعض موضوعاتها ‪٠‬او اننا سوف نرى ان التصور الكامل‬
‫للعالم عنى نحو ما تعبر عنه الحكايات الخرافية ينطق فى كثير من‬
‫جوانبه برأي الشعوب في طبيعة هذا العالم ‪٠‬‬
‫على أن الحكاية الخرافية ال ترجع بنا اى االزمنة الماضية فقط‪،‬‬
‫فما نعده اليوم قديما موغال في القدم ما يزال يكون حتى اليوم في‬
‫بعض الحضارات البدائية مضمون الفكر والعقيدة ‪ ٠‬فاذا تحدثنا هنا‬
‫عن « البدائيين» ‪ ،‬فال يصح أن يحمل هذا اللفظ فى طياته معنى معينا ‪٠‬‬
‫فنحن نعرف اليوم من خالل الدراسات الثعيية المقارنة ‪ ،‬ومن خالل‬
‫أبحاث علم االديان ‪ ،‬ان ما يبدو غير منطقي من أفكار الشعوبالفطرية‪،‬‬
‫وما يبدو سخفا وخرافة من آرائهم ‪ ،‬كثيرا ما يكون شاهدا على وجهة‬
‫نظر عميقة فى طبيعة االشياء ‪ ،‬وفى اثطبيعة والعالم ‪ ٠‬وال يغيب عنا‬
‫أنا‪-‬فى عصرنا الحاضر ‪-‬كثيرا ما نشكومن ضياع االفكار المنطقية‬
‫فيما يختص بالتأمل الحقيقي للكون ‪٠‬‬

‫على انه يجب ان نحذر انفسنا من ان نرى في الحكاية الخرافية‬


‫شاهدا على حكمة عميقة ‪ ،‬وعلى ادراك خفي لجوهر الحياة ‪ ٠‬كما يجب‬
‫ان نحذر انفسنا من القول ان الحكايات الخرافية جميعها ترجع الى‬
‫عصر قديم يسوده الغموض ‪ ،‬فبعض هذه الحكايات لم تتخذ صورتما‬
‫التي تبدو عنيها ائيوم اال فى عصور متأخرة ‪ ،‬اذ ان الخيال اليقظ‬
‫الذي يمتلكه القصاصون الموهوبون ‪ ،‬والمتعة فى التشكيل والتزبين‬
‫بل القصد الى التعلم احيانا ‪ ،‬كل هذا غير من شكل الحكاية الخرافية ‪٠‬‬
‫ومع ذلك فان أقدم الحكايات الخرافية التي وصلت الينا مكتوبة‪،‬‬
‫تدل بحق « عند مقارتتها بعضها ببعض ‪ ٠‬داللة تثير الدهشة على‬
‫ان الكثير منها قد احتفظ بشكله من غير تغيير كبير عبر االف السنين‪٠‬‬
‫فنحن نملك حكايات خرافية لبابل ومصريرجع تاريخها الى ما قبل‬
‫ثالثه ان ف سنة قبل المسيح ‪ ،‬كما ان اقدم حكايأت الهند والصين‬
‫نشات فى االلفي سنة ق‪٠‬م‪ ٠‬ثم نبعذلك فلهور بوادر للحكايأتلخرافيه‬
‫عند اليهود وف بالد االغريق ‪ ٠‬وكثير من هذه الحكايات تتعرف‬
‫عليه دون مشقة فى الحكايات الخرافية المعاصرة ‪٠‬‬

‫ولقد كانت انحكاة الخرافية فرتبط داثما باالساطير وحكايات‬


‫انبطولة ‪ ،‬كما انها اقتحمت عالم الشعر الرسمي وعالم القصص والمالحم‬
‫والرواأت فاضفت عليها كلها حيوية خاصة وجدة ‪٠‬‬
‫ومن السهل ان نعثر على بذور الحكاية الخرافية فى جيع أنحاء‬
‫االرض ‪ ،‬فنحن نعثر عليها عند شعوبالحضارات القديمة ‪ ،‬كما نعشر‬
‫عليها عند البدائيين في عصرنا الحاض ‪ ٠‬وفد كانت بعض الشعوب‬
‫تمتلك موهبة خاصة فى خلق الحكاية الخرافية مثل الهنود والعرب‬
‫و^لكلتيين ‪ ،‬اذ صاغوها فى أكمل صورة فنية لها ‪ ،‬كما غذوها بخيالهم‬
‫وئسوها بالبهاء والروعة ‪ ٠‬وفى وسعنا ‪ -‬من خالل حكايات هذه‬
‫الشعوب ‪ -‬ان نستخلص كثيرا من خصائص هذه الشعوب وطبائعها‬
‫وأفكارها الخاصة وتامالتها ‪ ٠‬ومهما ظلت الحكاية الخرافية واحدة فى‬
‫عمومها فان كل شعب يحكيها — على انرغم من ذلك _| بطريقة مختلفة‪،‬‬
‫بل اننا فى عصرنا الحاضر نحكيها كدلك بطريقة مختلفة ‪ ،‬وربما أدت‬
‫محولة استنباط وجوه االختالف البارزة فى حكايات شعبين من‬
‫الشموب ‪ ،‬الفرنسي وااللماني مثال ‪ ،‬تمهيدا البراز المعالم المختلفة‬
‫لشخصية كل شعب — — ربما أدت هذه المحاولة الى نتائج مثمرة ‪٠‬‬

‫ولقد اكتسبت الحكايات الخرافية الهندية والعرية والكلتية فى‬


‫انععور الوسطى وما تال ذلك من مائت السنين شهرة واسعة فى جميع‬
‫انحاء لعالم فامتزجت بمجموعات الحكايات الخرافية عند الشعوب‬
‫االخرى ‪ ،‬تكاملت على أخصاب شعرها وادبها ‪ ٠‬وطبيعي اننا ال‬
‫نستطيع ان نعد هذه الشعوب مصدرا للحكايات الخرافية باسرها ‪،‬‬
‫فكما اله ليس هناك شعب من الشعوب — فى حدود ما نعرف اهمل‬
‫الحكاية الخرافية اهماال تاما ‪ ،‬كذلك نشات عند معظم الشعو ب بعض‬
‫احكأثأت الخرافية الغنية بفنيتها ‪ ٠‬وقد اتتشرت هذه الحكابات عبر‬
‫حدود امكان الذي نشات فيه ‪ ٠‬وكل من يتتبع اتتقال الحكايات‬
‫الخرافية تفصيال من بلد آلخر يلمس شيائ من طريقة التاثير االدبي‬
‫للحكًاية الخرافية ‪ ٠‬وهذه الوسيلة بعينها هي انتي تمكن الباحث من‬
‫ان يستخلص مجموعة من القوانين االدبية ‪ ،‬وعددا وفيرأ من الخصائص‬
‫القومية ‪ ،‬وذلك عن طريق دراسته لكلتطورأت المختلفة التي تعتري المادة‬
‫االدبية نفسها عند بعض الشعوب ‪ ،‬وكذتك عن طريق ادراكه لمدى‬
‫قوة لشعوب المانحة وعجز الشعوب المستقبلة أو مقدرتها على‬
‫التحوير ‪٠‬‬
‫ن المشكالت العديدة التي نواجهها فى دراسة الحكايات الخرافية‬
‫ليست يسيرة ‪ ،‬ولم يحل منها حتى االن سوى قدر ضئيل ‪ ٠‬ومنذ‬
‫عشرأت السنين وأبحاث الحكايات الخرافية فى حركة دائبة موفقة فى‬
‫كثير من المبلدان‪ ،‬على أن ثروة الءي‪١‬تالخرافه‪ ٠‬هائلة للغاية الى‬
‫درجة أن فردا واحدا ال يمكنه ان ينقب عنها ‪ ،‬ومن ثم ينفردبدراستها‪.‬‬
‫ونذلك فان الباحث بحسن صنعا اذا توجه الى أعمال اآلخرين ‪ ،‬والى‬
‫دليل الحكايات الخرافية فى البالد االخرى ‪ ٠‬والى مختصراتها ثم‬
‫الى مضمونها ‪ ،‬وان يكن ذلك عن طريق الترجمات ‪ ،‬اذ انه من انسهل‬
‫كل السهولة أن تضيع همزة الوصل بين الحكايات القديمة وتلك‬
‫التي ما تزال تعيش يننا اليوم ‪٠‬‬
‫وبمرور الزمن التوت وسائل البحث كثيرا وتشتتت ‪ ٠‬وقد تبين‬
‫خطأ بعض هذه الوسائل ‪ ،‬فى حين قدمت لنا الوسائل االخرى دفعة‬
‫واحدة مالحظات عميقة تثير اتدهشة ‪ ٠‬وكذلك المسائل التي طرقها‬
‫البحث العلمي لم تبق كما هي ‪ ٠‬وفىرأينا انكل مسألة من هذه المسائل‬
‫ب وال يحق لنا أن نتغافل عن الموضوعات االساسية المطروحة للبحث‬
‫فى هذه المسائل ‪ -‬تنتهي بنا الى البحث فى مقوم من مقومات الحكاية‬
‫الخرافية وحول شكلها وطريقة اتتشارها وغير ذلك ‪،‬فال بد ان نضعها‬
‫فى طليعة المسائل كلها ‪٠‬‬

‫‪-:١٢٠‬‬
‫ونود أن نسير فى كتابنا هذا وفق المنهج التالي ‪:‬‬

‫أن نبدأ بفصل تمهيدي من شأنه ان يوضح لنا تاريخ البحث فى‬
‫الحكايات اتخرافية والمشكالت التي تعرض لها هذا البحث ‪ ٠‬ثم نحاول‬
‫فى النسصل التالي أن تتبين إصول موضوعات الحكايات الخرافية ‪،‬‬
‫وذلك من خالل تصورات كل عصر ومعتقداته وتقاليده ونظمه ‪،‬بخاصة‬
‫عصور الشعوب االولى ‪ ٠‬ثم نحاول أن تتبين هذه الموضوعات منخالل‬
‫نماذج قليلة للحكايات الخرافية وطريقة التغيير ‪ ٠‬ثم نلحق هذا بفصل‬
‫من شانه ان يهتم بشكل الحكاية الخرافية وطريقة اتشارها ‪ ٠‬وسوف‬
‫نجد فى ذلك فرصة سانحة الن نميز بين اثحكاية الخرافية وين قريباتها‬
‫من االنماط الشعبية االخرى ‪ ،‬مثاللحكاية الشعبية وحكاية البطولة‬
‫وحكاية االلهة واالسطورة وحكاية الحيوان ‪٠‬‬

‫وبعد هذا الفصل الواسع الشامل ‪ ،‬نود أن ندرس الحكايةالخرافية‬


‫عند بعض الشعوب ‪ ،‬وبالتالي فنحن تجه الى الحضارات القديمةلنبحث‬
‫عن آثار انحكاياتالخرافية عند البابليين والمصرين وعندالهنود واالغريق‬
‫والرومان ‪ ٠‬ولما كان الهنود قد استحوذوا على مكانة خاصة فى العمل‬
‫على نشر حكاياتهم الخرافية فقد شئنا ان نفرد لذلك فصال خاصا ‪٠‬‬
‫وهناك سببآخر أفسحنا من اجله فصال كبيرا للحكاية الخرافية جميعها‬
‫فى بالد الهند ‪ ٠‬وما تزال مناقشة هذه المسأتة حتى اليوم ذات اهمية‬
‫كبيرة ‪ ،‬ذلك الن الهند تعد بحق مصدرا كبيرا تدفق منه الكثير من‬
‫الحتدايات الخرافية ‪ ،‬ولن لم تكن المصدر الوحيد ‪ ٠‬والى جانب‬
‫انحكايات الهندية نود ان ندرس الحكايات الخرافية الصينية ‪٠‬‬

‫والطريق قودنا بطييعة الحال من اثهند عبر الفرس الى العرب ‪٠‬‬
‫أما كيف تألفت المجموعة الكبيرة لحكايات اف ليلة وليلة ‪ ،‬ومن أي‬
‫انحضارات استمدت حكاياتها الخرافية ‪ ،‬وكيف مزجمت يين ال مادة العريية‬
‫والمادة الغرية ‪ ،‬ثم صنعت بعد ذلك فنا جديدا ممتازا ‪ -‬فهذا ما وجدناه‬
‫محال للنقاش وفقا للبحث السليم ‪٠‬‬
‫وبعد ذلك ود أن نعرض بايجان لخصائص الحكايات الخرافيقعند‬

‫‪-١٣‬‬
‫انشعوب االوروبية ‪ ،‬ونختتم ذلك بنبذة مختصرة عن تاريخ الحكايات‬
‫انخرافية االلمانية ‪ ٠‬وبعض الحكايات الخرافية االورويية يرجع الى‬
‫العصر الجرماني‪ ،‬او هي ترجع كلية الى العصر ا لهندوجرما ني البالغ في‬
‫القدم ‪ ٠‬وكذلك تركت الحروب الصليبية وفروسية العصور الوسطى‬
‫آتأرها فى الحكايات الخرافية االوروية ‪ ٠‬ثم كان للطبقة البرجوازية‬
‫انتي عاشت فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر اثر له داللته ‪٠‬‬
‫وتبع دلك أثر آخر ادبي كبير تركته حكايات الجن الفرنسية ‪٠‬‬
‫وفى العموم فنحن نهدف الى عرض اثحكايات الخرافية عند بعض‬
‫الشعوب والحضارات عرضا سريعا شامال ‪ ،‬ومنهجنا فى ذلك االيجاز ال‬
‫االسهاب ‪ ،‬اذ انه من الميسر _ من خالل المجموعة الهائلة التي تحمل‬
‫عنوان « الحكايات الخرافية فى االدب العالمي» والتي اكتملت فى واحد‬
‫واربعين جزءا س معاناة تلك التجربة ‪ ،‬تجربة التعرف على الحكايات‬
‫الخرافية فى خصائصها المميزة لها عند بعض اثشعوب ‪ ،‬االمر الذي لم‬
‫تتعرض له فى هذا الكتاب اال بالوصف ‪٠‬‬
‫وعلى ذلك فان طريقنا يبدأ بتاريخ البحث في الحكايات الخرافية ‪،‬‬
‫بم يتجه فيسيرفى خط مستقيم مبتدائ من بداية التاريخ والشعوب‬
‫انبدائية ‪ ،‬ومتجها الى حضارات الشرق القديمة ‪ ،‬ثم يعود الى أوروبا‬
‫حيث ينتهى عند اثحكايات الخرافية االلمانية م ونحن نشعر بالنقص‬
‫المعيب فى بحثنا هذا من حيث اننا اضطررنا الى اغفال الحكايات‬
‫الخرافية فى بالد كثيرة أو اننا كتفينا باالشارة اليها فقط ‪ ٠‬على اننا‬
‫نامل خلى االقل أن نعرض — من خالل بعض االمثلة س بعضاالسس ‪،‬‬
‫وان نبرز خصائص الحكاية الخرافية وأن نشير الى اهم الشعوبالتي‬
‫كانت لها قيمة كبيرة فى تراث الحكابات الخرافية ‪٠‬‬
‫وبعد ‪ ٠٠‬فهذا الكتاب يصح ان يعد مدخال فحسب ‪ ،‬االمر الذي‬
‫من أجله أهملنا كل التعليقات ‪ ٠‬حقا اتا التزمنا الىحد كبير بالتنوية‬
‫بنتائج االبحاث القيمة ‪ ،‬بل اننا اشرنا يين الحين واآلخر الى النتائج‬

‫~)‪١‬ا‬
‫أل ل [‬
‫التي نم تدون فى صراحة ‪ ٠‬ولقد جمعنا كل االعمال التي ندين‬
‫باشارأت هامة فى فهرس مختصر على أننا ال ندعي بهذا كمال عمل‬
‫وانما قصدنا بذلك أن نحيل القاري ء المستمتع الى االعمال التي‬
‫فرصة االستمرار فى البحث فى كل سهولة وبكل ثقة ‪٠‬‬
‫الفصل الدول‬

‫دست اهاج اراب‬

‫اهدافيا‬
‫فيما يختص بالبحث الجاد فى الحكايات الخرافية يمكننا أن نرجع‬
‫الى الوراء ما يقرب منقرن ونصف قرن حينما اهتم « االخوان جرم»‬
‫في تعليقهما على مجموعتهما « حكايات االطفال والبيوت » وبالبحث‬
‫عن أصل الحكايات الخرافية نفسها ومجموعاتها فهي معروفة لدينا قبل‬
‫هذا التاريخ بزمن طويل ‪ ٠‬وعلى اثرغم من أن الحكايات الخرافية‬
‫كوفحت بما فيه الكفاية بوصفها حكايات العجائز ‪،‬فانها مع ذلك ظلت‬
‫محتفظة بحيوتها وجدتها عبر االف السنين ‪٠‬‬
‫ويبدو أن الحكاية الخرافية عاشت عصر ازدهار فى القرن السادس‬
‫قبل لمسيح فىكل من بالد االغريق والهند ‪ ٠‬أماعصراالزدهار الثاني‬
‫‪ -‬وهو يعد بحق أروع عصور ازدهارها س فهو الذي عاشته الحكاية‬
‫الخرافية فى عصر الحروب الصليبية فى انقرن الحادي عشر وما تال ذلك‬
‫من القرون ‪ ،‬ففي هدا الوقت ظهرت المجموعات الكبيرة للحكايات‬
‫انخرإفية فى الشرق ونخص بالذكر منها مجموعة « ملتقى التيارات‬
‫سو مادي وا» ‪ ،‬كماتطورت‬ ‫لمختلف الحكايات» للشاعر الكشميري‬
‫فى هذا العصر فى مصر مجموعة حكايات ألف ثيلة وليلة حتى استقرت‬
‫عنى لصورة التي هي عليها االن ‪ ٠‬أما فى الغرب فان مجموعاتالاناشيد‬
‫اندنية الكييرة قد تضمنت الكثير من الحكاات الخرافية واالساطير‬
‫والحتكايات الشعبية ‪ ،‬ونخص بالذكر منها االناشيد الشهيرة التيترجع‬
‫‪»Gesta‬‬ ‫انى اقرن الثالث عشر تحت عنواف « أعمال الرومان»‬
‫<(‪»٨urea Lege da‬‬ ‫« واالساطير المذهبة»‬ ‫«‪Romanorum‬‬

‫وسرعان ما ظهرت — الى جانب هذه المجموعات التي ذاعت باللغة‬


‫انالتينية__أعمال باللغات الشعيية م ومنذ بداية القرن الثالث عشر‬
‫اخادت تظهر فى ايطاليا مجموعات عدة من القصص والحكايات الخرافية‪،‬‬
‫كما احتوت مجموعة « دى كاميروذ» ‪ Decamerone‬لبوكاشيو‬

‫على مادة وفيرة من الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وقد ظل‬ ‫‪loccasio‬‬


‫قأثير المجموعات االيطالية الشهيرة قويا فيما بعد زمنا طويال‪ ،‬بل ان‬
‫« االخوين جرم» تاثرا بها بعد ذلك كذلك ‪ ،‬باالخص بمجموعة‬

‫‪-١٩‬‬
‫«ثاالثعشرة ليلة ممتعة» ل « استراباروال ‪ » straparola‬الذي‬
‫كان يعيش في « كارافاجيو» بانقرب من « كريمونا» ‪ ٠‬وقد ظهرت‬
‫هذه المجموعة فيما بين ‪ ١٥٥٤ - ١٥٥٠‬م محتوية على عدد هائل من‬
‫الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وكذلك تأثر االخوين بمجموعة « بنتاميروني »‬
‫التي احتوت على خمسين حكاية خرافية لشاعر نابولى‬ ‫‪Pentameone‬‬
‫« جحيامباتستا بازيل» الذي توفيعام ‪ ١٦٣٤‬م (‪ ٠ )١‬وتتميز مجموعة‬
‫« بازيل» بأنها كتبت باللغة العامية كما انها تحتوي علمى اضافات قليلة‬
‫على النقيض من مجموعة « ستراباروال » ‪ ٠‬على أن لغتها كثيرا ما‬
‫تكون سوقية شاذة ‪٠‬‬
‫وبعد ذلك بسنوات قليلة__قبل أن تظهر مجموعات « االخوين‬
‫جرم» ظهرت في فرنسا احدى مجموعات الحكايات الخرافية الشهيرة‬
‫‪Charles Perrault‬‬ ‫واسمها « حكايات أمى لوى»ل« شارل يرو‬
‫وقد استمد « بيرو» حكاياته من الشعب وككنه أضفى عليها طابعا فنيا‬
‫غنيا بالرشاقة ورهافة الحس ‪ ٠‬وهذا وقد تركت حكاياته هذه مرة‬
‫أخرى أثرها في الشعب ‪ ٠‬بل ان عددا هائال من الحكايات الخرافية‬
‫االلمانية قد تأثر بمجموعة « يرو » ‪ ،‬نذكر من ذلك على سبيل المثال‬
‫حكاية « ذات الرداء االحمر» وحكاية « الوردة الشائكة» ثم حكاية‬
‫« الذئب والنعاج السبع» ‪ ٠‬وعلى أثر ذلك ظلت الحكايات الخرافيه‬
‫نظهر حلى اتدوام في فرنسا ‪ ،‬تؤلفها السيدات بصفة خاصة ‪ ٠‬وقد‬
‫ضمت هذه الحكايات بعضها الى بعض في مجموعة رائعة تكون في‬
‫النهاية واحدا وأربعين جزءا ‪ ،‬وأطلق عليها اسم « مجمع الجان » ‪٠‬‬
‫على ان الكثير من هذه الحكايات لم يكن حكايات خرافية شعبية‬
‫بالمعنى الصحيح‪ ،‬وانما هي حكايات مخترعة أو حكايات قديمة صيغت‬
‫صياغة جديدة ‪ ٠‬على أنها تحكى بطريقة شائقة مشبعة في الغالب‬
‫بأسلوب فن « الروكوكو» اى المبالغة في التصوير ‪ ،‬الى درجة أنها‬
‫تركت أثرها في حكايات الشعب الخرافية اترائجة حينذاك ‪٠‬‬

‫(‪1‬لمترجمة‬ ‫ا ‪ -‬لعرت د‪1‬ترة معارف (( بروكهاوس» انه توغى عام ‪ ١٦٣٢‬م ‪٠‬‬
‫ثم كان القرذ الثامن عشر ‪ ،‬عصر العقل واالستتارة ‪ ،‬وان يكن‬
‫كذلك عصر السحر والذوقالمرهف ‪ ٠‬وام تكن الحكاية الخرافية تتالءم‬
‫كلية مع مزاج هذا اثعصر ‪ ،‬على الرغم مما ظهر فيه من مجموعات كثيرة‪،‬‬
‫ذلك الن الحكاية الخرافية ليست منطقية وانما هي خيالية ‪ ،‬وهي غير‬
‫غنية بالمغزى وال يسودها نظام ‪ ،‬وانما هي فيما تبدو خلط ال شكل له‬
‫وال بنية ‪ ٠‬ومن هنا كانت الحكاية الخرافية التي حكاها الصبية في‬
‫مصانع االعمال اليدوية ‪ ،‬وبالمثل حكايات االمسيات في مغازل القرى‪،‬‬
‫ذات بنية تختلف عن بنية الحكايات التي ظمرت في مجموعات هذا‬
‫العصر ‪ ٠‬واذا كان ال بد للحكاية اتخرافية من أن تصمد أمام ذوق‬
‫بمالعصر ‪ ،‬فال بد من ان تحتوي على مغزى ‪ ،‬وال بد من أن يصبح‬
‫الال معقول فيها معقوال ‪ ،‬كما ال بد أن نتظم الخلط في شكل شائق‬
‫منظم ‪٠‬‬
‫وقد سار البحث حينذاك في طريقين ‪ ٠‬وقد اختار « موزويس‬
‫» ‪ -‬االستاذ بجامعة فيمر (‪ - )١‬أحدهما ‪ ٠‬فقد جع‬ ‫•ال‪2‬ا‪4‬‬
‫الحكايات الخرافية من الشعب وحكاها ثانية بطريقة ساخرة متروية ‪،‬‬
‫ثم جعل ما فيها من عناصر خيالية وأمور خارقة للطبيعة تظهر بوصفها‬
‫مجرد شيء عرضى ‪ ،‬كما حاول بعد ذلك أن يضمنها مغزى بأذ أضاف‬
‫اليها مثال اخالقية يقتدى بها ‪ ،‬تماما كما صنع « بيرو » من قبل ‪ ٠‬ومع‬
‫ذنك فيمكننا أن نقرأ اليوم حكايات « موزويس» ‪ ،‬ذنك الن جوهرها‬
‫صادق دما ان االنسان يحس في وضوح ما فيها من نغمة شعبية ‪ ،‬الى‬
‫درجة أن االسلوب الساخر والحكمة المقحمة ال يسيائن اليها اال قليال ‪٠‬‬
‫وعلى العكس من ذلك حاول « فيالند » أن شق طريقا اخر ‪ ٠‬فقد‬
‫أخضع مادة الحكاية الخرافية للصياغة الشعرية وأكسبها رشاقة وسهولة‬
‫وسحرا ‪ ٠‬ومع ذلك فان أشعاره ال تعيش بيننا اليوم اال نادرا ‪ ،‬كما‬
‫آتنا لم نعد تقريبا نلمس فيها اثرا للحكايات الخرافية القديمة ‪٠‬‬

‫!‪-‬م^ينةخيمر الههية التى كانت زمنا طريال مركز! للعلوم و اآلداب وعاث نيها جوله‬
‫معظم حياته وتوفى بها ‪( ٠‬المترجمة )‬

‫ا‪-٢‬‬
‫اما استخدام جوثه للحكاية الخرافية فقلما يخرج بها عن حدودها ‪٠‬‬
‫فكم أثبتفي هذا المجال أنه وريث عصر الروكوكو وأنه في نفسا‬
‫احد اتباع « هيردر» (‪ )١‬ومرهص بظهور الرومنتيكية ‪٠‬‬
‫نقد استمع جوته الى امه وهي تحكى له كثيرا من الحكايات‬
‫الخرافية ‪ ،‬مثل حكاية الحائك الذي تزوج باالميرة ‪ ،‬وحكاية حدائق‬
‫الجان التي تختال روعة ‪ ،‬والتي سمح لطفل مفضل ان يراها مرة ‪،‬‬
‫مرة واحدة فحب ‪ ،‬ثم ضل طريقه بعد ذنك اليها ♦ كما عرف حكاية‬
‫الجبل الممغنط الذي كان يجتذب السفن اليه ‪،‬كما كان يجتذب الحديد‬
‫والمسامير ‪ ،‬وكذلك حكاية االميرة التي كانت تخدمها أياد بال‬
‫شخوص ‪٠‬‬
‫كل هذه الحكايات كون جزءا من مادة الحكايات الخرافية القديمة‬
‫وهي ما تزال تروى وتنتشر حتى اليوم ‪ ٠‬ولكن حينما رسم جوته‬
‫الحكاية الخرافية ‪ ،‬كان يتبع في أغلب االحيان منهج عصره ‪ ،‬أى منهج‬
‫فيالند من قبل ‪ ٠‬فقد حكى حكاية أماديس انجديدة شعرا ‪ ،‬كما‬
‫اخترع غير ذلك من الحكايات وأطلق عليها اسم الحكايات الخرافية ‪،‬‬
‫ومثال ذلك حكاية « ميلوزين » الجديدة ‪ ،‬وحكاية « باريس‪»:‬‬
‫الجديدة ‪ ٠‬وهذه إلحكايات تنبض فناورقة ‪ ،‬كما أنها تفيض بالسحر‬
‫واد شاع فيها جو الحزن القاتم ‪ ،‬ومع ذلك فهي بالتكيد صور غنية‬
‫بالفن ‪ ،‬وتخلو من العبارات التقليدية ‪ ،‬كما تخلو من الجو الطفولى ‪٠‬‬
‫ولم يكتب جوته هذه الحكايات من أجل الحكاية الخرافية ذاتها ‪،‬‬
‫وانما لمغزى عميق تخفيه بين سطورها ‪ ٠‬وفي هذا نجد جوته أقرب‬
‫الى لرومنتيكية من القرن الثامن عشر ‪ ٠‬وأكثر ما يتضح هذا في‬

‫‪ - ١‬هيمدر ‪ :‬هاعر ومنكر الماني ‪ ،‬ولد عام ))‪ . ١٧‬تقابل مع جوته وهو صغيي في‬
‫ثتراسبورجنترة قصعة استطاع نيها ان يوقظ ي ثفس جوته أالحساس بمقزى‬
‫االسب الشعبى ‪ ٠‬ولم ضمن اعماله الكبيمة مجموعة من ‪1‬الغنياع الثعييسة‬
‫التي جمعما من اخوا‪ ،‬الثسبه ‪1( ٠‬لمترجمة»‬
‫‪ - ٢‬غيالند اديب الماني ولد عام ‪ ١٧٣٣‬وقوغى عام ‪ ٠ ١٨١٣‬ومن بين ‪1‬عماله االدبية‬
‫مجموعة من الحكايات ‪ ،‬احتذى جوته حلوها‪1 5 ٠ :‬لمترجمة )‬

‫‪-٢٢-‬‬
‫حكايته االفعى الخضراء ‪ ،‬وحكاية زهرة السوسن الجميلة ‪ ،‬وهى‬
‫ضمنمجموعة « ألوان من حكايات الترفيه عند الماجرين االلمان» ‪.‬‬

‫واذا كان « موزويس» ومعاصروه فى القرن الثامن عشر ينظرون‬


‫انى الحكاية الخرافية بوصفها عبثا غير معقول فان «جوته » كان على‬
‫العكس من ذلك تماما ‪ :‬اذ أن الحكاية الخرافية عنده هي بعينها الحكمة‬
‫واذا كنا نحن ال نعرف مصدر هذه الحكمة ‪ ،‬فان هذا ال يرجع الى‬
‫بالهة في الحكاية الخرافية ‪ ،‬وانما يرجع الى احساسنا البليد ‪ ٠‬هذا‬
‫انعمق بعينه الذي تتسم به الحكاية الخرافية ‪ ،‬والذي ال يدرك بالعقل‬
‫وانما بالحدس فحسب ‪ ،‬هو الذي أثر في العصر الرومنتيكي بأسره ‪،‬‬
‫كما اثر بطريق غير مباشر في شعر القرن التاسع عشر ‪ ،‬بل انه يبدو لنا‬
‫أن الجزء االكبر من الحكايات الخرافية الفنية ما بزال متأثرا بهذا‬
‫انوفع الجديد للحكاية ائخرافية ‪٠‬‬

‫وقد نمى « نوفانيس» فكرة « جوته» هذه عن الحكاية الخرافية‪،‬‬


‫اذ كان يرى أن الحكاية الخرافية تعد أسمى صورة لالدب بوجه عام ‪٠‬‬
‫وتمثن هذا في ادق صورة في حكاية « البصيلة والدم الوردى» وهي‬
‫احدى حكايات ( تعاليم سايس ) (‪ ٠ )١‬ولما كان العلم كله ‪ ،‬ومتاعب‬
‫الحياة بصورها المختلفة ‪ ،‬تنتهي بنا كلها الى حكمة طفولية والى‬
‫ادراك سخف الحياة‪،‬ولما كانت الحكاية الخرافية تحكى عن هذاالحكم‬
‫فانها لذلك تعد أسمى صورة شعرية وأقدمها ‪٠‬‬

‫ومن جمة اخرى فان هذا الرأي الذي لمر في القرن الثامن عشر‬
‫تغابت عليه آراء أخرى كان لها أكبر االثر ‪ ٠‬واول من امسك بخيط‬
‫هذه اآلراء ‪ ،‬كما امسك به في مجاالت أخرى ‪ ،‬هو ( هردر ) ‪ ٠‬قال ‪:‬‬
‫« ان الحكايات الشعبية بأسرها ‪ ،‬ومثلها الحكايات الخرافية واالساطير‬ ‫إ‬
‫هي بكن قكيد بقايا المعتقدات الشعبية ‪ ،‬كما انها بقايا تأمالت الشعب‬

‫‪ - ١‬سيس سينة سرية تيمه عانه لفع و الوجه التيب ‪ .‬ولشري هس نيه تعء‬
‫‪ ( ٠‬الرتمجة )‬ ‫‪1‬‬ ‫منوان « صورة مدينة سايس املقنعة‬

‫‪--٢٣‬‬
‫الحسية وبقايا قواه وخبرائه‪ ،‬حيثما كان االنسان يحلم النه لم يكن‬
‫يعرف ‪ ،‬وحينما كان يعتقد النهلم يكن يرى ‪ ،‬وحينما كان يؤثر فيما‬
‫حوله بروح ساذجة غير منقسمة على فهاغ♦ ومعنى هذا أن الحكاية‬
‫الخرافية ليست بثرثرة عجائز ال منطق لها ‪ ،‬وال هي اختراع صرف ‪،‬‬
‫وانما هي ملك لكشعب وتاج قواه الشاعرية ‪٠‬‬
‫وقد تحول « هيردر » نفسه فيما بعد عن انحكاية الخرافية ‪ ٠‬ذلك‬
‫الن الحكاية الخرافية شر ‪ ،‬ولم يكن يجذبه في قوة آنذاك سوى‬
‫الشعر الذي كان يرى فيه اللغة االم للجنس البشري ‪٠‬‬
‫على أن « جوته » الشاب كان الوريث االول « لهردر » ‪ ،‬فلقد‬
‫‪Urfaust‬‬ ‫أضفى على قصة فاوست وهي بعد في صورتها القديمة‬
‫(‪ )١‬االنفعاالت التي تفيض بها الحكاية الخرافية من مرح وجنون‬
‫غريب وحزن عميق بالغ‪ ،‬يردد اصداء احساسات اشعب القديمة كلها‪،‬‬
‫المظلمة والقاسية على السواء ‪ ٠‬ونحن شير هنا الى ما اقتبسه جوته‬
‫من فاوست القديم من حكايات خرافية ‪ ،‬كحكاية البرغوث الذي‬
‫» (‪ )٢‬ثم الى هذه‬ ‫‪Thule‬‬ ‫أعسبح أميرا وحكاية ملك بالد « التولى‬
‫‪Machandel boom‬‬‫االشعار انتي استمدها من حكاية « مخا ند لبوم»‬
‫أما اشد من تحمس لمحاربة فكرة القرن الثامن عشر عن الحكاية‬
‫الخرافية فهو « تودفج تيك » ‪ ٠ Ludwig Tieck‬على أنه كان يجهل‬
‫انحكايات الخرافية التي يرويهاالشعب ‪ ٠‬وتشير حكاياته التي كتبها‬
‫الى ضعف إلقوة االنسانية أمام المصير المحتم ‪ ٠‬وكثيرا ما يبدو هذا‬
‫المصير في شكل قوة قاسية مفاجئة في غير رحمة تأتي بالشر من حيث‬

‫ا — كب خاوصت الشمم لم يرش عله سرة واحد« ‪ ،‬وق أطعى عي اس ‪Urfaust‬‬


‫في صورته االولى المرلغة من عدة مقطوعات متنوعة ‪( ٠‬المراجع‬
‫‪ («- ٢‬تولمى»»‪ :‬كانت في المزمن القديم بالدا اسطورية تقع في اقسى الشمل ‪ ٠‬لمعرضت‬
‫بعدذلكبوصفهاجزيرة السعادة النائية ‪ ( ٠‬المترجمة )‬

‫‪ - ٢‬حكاية ضمن مجموعة «^جرم» و ص تحكى عن زوجة االب القاسية التي تتلت‬
‫لنل زوجها ثم قدمته له غذاء ‪ ٠‬وقد عوقبت يعد قلك بحبسها داخل اهزل حيث‬
‫قتلت قيه ثى قتله م ( ‪1‬لمترجمة ) ‪٠‬‬

‫‪٠٠٢٢٠‬‬
‫ال يدري االنسان ‪ ،‬فالعالقة بين المصير والذنب والضرورة الكامنة في‬
‫االحداث ‪ ،‬لم يكن من المكن التعرف عليها اال نادرا ‪ ،‬بل ان هذا‬
‫بعينه هو ما كان « تيك» ينكره في الحكاية الخرافية ‪ ٠‬على أن‬
‫« موزويس » نفسه صاحب االفتراء الكثير على الحكاية الخرافية ‪،‬‬
‫كنن لديه ادراك أقوى وأصدق من ادراك « تيك » ‪ ٠‬وظل « تيك »‬
‫مع ذلك صاحب الفضل في لفت االنظار الى حكايات ذات الرداء‬
‫االحمر ‪ ،‬والقط المنتعل حذاء ‪ ،‬وذى الذقن الزرقاء ‪ ،‬وهي حكايات‬
‫ترجع كلها الى مجموعة « ييرو» ‪٠‬‬
‫وكمأ أن « نوفاليس » اهتدى عن طريق حكاية « البصيلة واندم‬
‫الوردي » الى الحكايات الفطرية البسيطة ‪ ،‬كذلك تشوق « كليمنس‬
‫برينتانو » الى فهم حكايات الشعوب وأغانيها التي تترك ببساطتها وقعا‬
‫في النفوس ‪ ٠‬وقد نشر باالشتراك مع « أخيم فوذ أرنيم » حكاية‬
‫« بوق انصبى السحري » ‪ ،‬كما انه استمد الشيء الكثبر من مجموعة‬
‫االغاني ‪',‬شعبية الهائلة ‪ ٠‬وعلى الرغم مما يشيع في هذه المجموعة من‬
‫قوة وعنف فانها استقبلت بحماس بالغ ‪ ،‬بل ان اثرها قد استمر فيما‬
‫بعد تى عصرنا الحاضر ‪ ٠‬على انه لم يوفق بحكاياته الخرافية هذه في‬
‫ان يترك اثرا عميقا متسلطا يماثل ما تركته حكايات غيره من أثر ‪ ٠‬ولما‬
‫لم يكن يميل الى ابتكار الحكايات فقد اتخذ من الكتب الشعبية‬
‫االلمانية التي كتبت في القرنين السادس عشر والسابع عشر ومن كتب‬
‫التقويم ثم من حكايات الجان الفرنسية ومجموعة « بنتاميرون » _‬
‫لبازيل — نموذجا لعمله ‪ ٠‬وقد حور « برينتانو » كل حكايات هذه‬
‫المجموعات ونجح حقا في تشكيلها ‪ ٠‬ومثال ذلك حكاية الحيوان البليد‬
‫التي احنذى فيها احدى « حكايات مجمع الجان » ‪ ،‬وفي العموم كان‬
‫« يرنتتانو » مولعا بالنكات وبالتالعب اللفظى والتوريات ال ادية ‪،‬‬
‫كما ائن مولعابالمزج بين أكثرالمبدعات اختالطا ‪ .‬وقدرجع عذافي‬
‫الحقيقة ‪ -‬كما رأى رتشرد بينز ‪ -‬الى ابتداعه للحكاية الخرافية فى‬
‫ارتجال متسرع وهو يحكيها لالطفال ‪ .‬وربما تسسرب بعض هذا‬

‫*‪-٢٥‬‬
‫االسلوب االرتجالي الى حكاياته المدونة ‪ ،‬ولقد كان « برينتانو »‬
‫يرى أن حكايات « جرم » فضفاضة للغاية وخالية تماما من الع‪،‬صر‬
‫الفنية ‪ ٠‬أما هو فقد طالما بذل جهده لكي يجد لحكايته شكال فيا‬
‫متماسكا ‪ ،‬االمر الذي فشل في تحقيقه ‪ ،‬حيث انه كاد كذنك يكثر‬
‫من االضافة اليها ‪ ٠‬ان حكايات « بريتتانو‪ .».‬تفشى قنقه واضطرابه ‪،‬‬
‫ويرجع أجمل ما فيها الى تلك ‪،‬االغنيات واالشعاد المتناثرة خاللها ‪٠‬‬

‫ولم يتمكن أحد من الباحثين منأن يحقق ماكان يصبو « برينتانو»‬


‫الى تحقيقه سوى االخوين « جرم»‪ « -‬يعقوب ووليم» وذلك من‬
‫خالل مجموعة حكاياتهما اخرافية ‪ ،‬فقد قدما بهذه المجموعة كتابا‬
‫حقيقيا للبيت االلماني ولالطفال االلمان ‪ ٠‬ففي عام ‪ ١٨١٢‬م ظهر أول‬
‫جزء من كتابهما في عيد ميالد المسيح عام‪ ١٨١٢.‬م ‪ ٠‬تحت عنوان‬
‫« حكايات االطفال والبيوت » ‪ ٠‬وفي نهاية عام ‪ ١٨١٤‬م ‪ ،‬في فترة‬
‫سادها !الضطراب واالزمات ‪ ،‬ظهر الجزء الثاني من كتابهما ‪ ٠‬ثم‬
‫اقتضت الحاجة ظهور طبعة ثانية‪ .‬للكتاب ‪ ٠‬وتالحق بعد ذلك ظهور‬
‫طبعات أخرى ‪ ٠‬وما تزال حكاياتهما تحمل حتى اليوم الحيوية وانجدة‬
‫اللتين كاتتا عليها في عهد ظهورها ‪ ،‬بل انها لم تزدد في خالل المائة‬
‫والخمسين عاما الماضية اال تأثيرا ‪ ،‬فما تزال فنون الموسيقى وانشعر‬
‫وانفن النشكيلي تستمد منها موضوعات االرتها ‪٠‬‬

‫وأهم ما تتميز به هذه المجموعة هي أنها دونت ألحكايات الخرافية‬


‫كما كان يحكيها الشعب من غير اضافات تشوهها ودون ايداعها‪ .‬رمزا‬
‫مستترا او حكمة خفية ‪ ٠‬ولم يهدف االخوان بذلك سوى أن يكونا‬
‫وسيطين امينين في تقل ما سبق أن نقله االخروذ‪ ،‬وفي نقل ما سمعاه‬
‫من افواه رواة إلحكايات الخرافية من الرجال والنساء على السواء ‪،‬‬
‫أو نقلته آداب العصور الوسطى ‪ ،‬وما طلع به القرنان السادس عشر‬
‫والسابع عشر من كنب النوادر وحكايات الحيوان ‪٠‬‬
‫على ان الرغبة الجادة في االشتغال بالحكايات الخرافية تولدت‬
‫لدى االخوين ه جرم» قبل ذلك بسنوات عن طريق « برينتانو‪٠.‬‬

‫‪--٢٦‬‬
‫فقد فلهر الجزء االول من حكايات « البوق العجيب » عام ه‪ ١٨٠‬م ‪٠‬‬
‫ولم نان الناشران « برينتانو» « وأخيم فون أرنيم» في حاجة لعون‬
‫مالي جديد ‪ ،‬فقد التمسا كذنك مزيدا من الحكايات الخرافية والقصص‬
‫الشعبية ‪ ٠‬وقد أرسلت اليهما آنذاك بعض الحكايات الخرافية‪،‬فنشرت‬
‫حكاية ( ماخال بوم ) عام ‪ ١٨٠٨‬م في مجلة النساك التي كان « أخيم‬
‫فون أرنيم » يتولى اصدارها ‪ ٠‬وهذه الحكاية كان الرسام « فيليب‬
‫أوتو » قد بعث بها ثم أدمجها االخوان بعد ذلك في مجموعتهما ‪،‬‬
‫وهي تنتمي الى أعظم الحكايات فنية في مجموعة االخوين وأصدقها ‪٠‬‬
‫وما ان تم نشر هذه الحكاية حتى استيقظت الرغبة اقديمة عنبد‬
‫« برينتاو » في جمع الحكاة الخرافية ونشرها ‪ ٠‬وهنا قدم لهاالخوان‬
‫« جرم » كل ما جمعاه من حكايات منذ سنة ‪ ١٨٠٦‬م حتى يكون في‬
‫متناول يده ‪ ٠‬ومع ذلك فان « برينتانو» لم تبع الطريق السليم ‪ ،‬وثار‬
‫انشك فيما اذا كان قد يصل بعملية النشر الى تتيجة مجدية ‪ ٠‬ولذلك‬
‫قرر االخوان « جرم» ‪ ،‬بايعاز من « أخيم فون ارنيم» ان يقوما بنشر‬
‫ما جمعأه من حكايات خرافية حتى ذلك الوقت ‪ ،‬وفي هذة اثسنة نفسها‬
‫فنهر الجزء االول من عملهما ‪٠‬‬

‫وتذ قام « يعقوب ووليم » بالعناية بالطبعة االولى التي ظهرت‬


‫عام ‪ ١٨١٢‬م‪ ،‬وعام ‪ ١٨١٤‬م ‪ ٠‬وقد كان يعقوب أكثر تمسكا نصوص‬
‫العكايات الخرافية ‪ ،‬اذ كان يرى في هذه الحكايات سجالللشعر‬
‫الفطري في الحقيقة الذي ال يحق النسان ان يغيره ‪ ٠‬اما ويم فكان‬
‫من جهة اخرى يدرس في ادب غة الحكايات الخرافية وشكلها‬
‫وأسلوبها ‪ ٠‬وبعد أن ظهرت الطبعة الثانية للكتاب عام ‪ ، ١٨١٩‬انفرد‬
‫« وليم » بالعناية بالكتاب ‪ ،‬في حين انصرف « يعقوب» الى المدرسة‬
‫اإلجرومية االلمانية قبلكل شيء ‪٠‬‬
‫‪ .‬وقد إستمد الباحثان بعض نصوص مجموعتهمامن مصادر مخطوطة‬
‫بعيدة فيالقدم‪ ،‬فيحين استمدا‪.‬إلجزء االكبر منها من الرواية الشفوية‬
‫ونحن ندين بصفة خاصة الثنين‪-‬من القصاصين في رواية حكايات‬

‫‪-٢٧‬‬
‫د جرم» الجميلة والثرية وهما ‪ :‬ابنة صيدلي تدعى ‪ « :‬دورتشن» ‪،‬‬
‫فيلد » وكانت تعيش في مدينة « كاسل » ثم أصبحت فيما بعد زوجة‬
‫« وليم » ‪ ،‬ثم سيدة الحكايات الخرافية « فيهمانين» وهي فالحة‬
‫ألنت تسكن « تسفيهرن» بالقرب من « كاسل » ‪ ٠‬وقد ذكر االخوان‬
‫فى الجزء الثاني من كتابهما كلمة عن المرأة الثانية « فيهمانين» قاال ‪:‬‬
‫« لقد كائت هذه السيدة تحتفظ في ذاكرتها بحكايات كثيرة ‪ ،‬وهي‬
‫موهبة دما تقول ال تمنح لكالنسان‪ ،‬بل ان بعض االفراد ال يمتلكونها‬
‫على االطالق ‪ ٠‬ومن ثم تقص « فيهمانين» حكاياتها في حذر وثقة‬
‫وحيوية صادقة ‪ ،‬بل ا نها تستمتع بما تقصه ‪ ٠‬وطريقتها أن تسترسل‬
‫في نحكماية في حرية ثم تحكيها ببطء مرة أخرى اذا شاء المستمع ذلك‬
‫حتى يتمكن مع شيء من المران من ان يستملي منها الحكاية ‪ ٠‬وبهذه‬
‫الوسيلة دون االخوان عنها بعض الحكايات بحرفيتها وبصدقها الذي‬
‫اليمكن أن يخطه احد ‪ ٠‬وكل من يؤمن بقانون استحالة دوام‬
‫الحكايات الخرافية مدة طويلة بسبب االخطاء اليسيرة التي تاتي من‬
‫اتتقال الحكاية من جيل الخر‪ ،‬وبسبب عدم اهتمام االجيال باالحتفاظ‬
‫بها ‪ ،‬عليه أن يستمع الى هذه السيدة ليعرف كم هي تتمسك دائما‬
‫بنص الحكاية‪ ،‬و كمهي حريصة على صحتها ‪ ،‬فمي ال تغير شيائ من‬
‫نص الحكاية مطلقا عند روايتها مرة أخرى ‪ ،‬فاذا ما أدركت انها‬
‫اخطأت في السرد ‪ ،‬أعادت على التو الرواية الصحيحة ‪ ٠‬ان التمسك‬
‫بالتراث المنقول يعيش بين أناس رسموا لحياتهم نظاما معينا ال‬
‫يحيدون عنه‪ ،‬وهم في تمسكهم بهذا النظام أقوى من ميلنا نحن انى‬
‫التغيير » ‪٠‬‬

‫وليس من اليسير على االطالق أن نقدر مالمجموعة االخوين‬


‫« جرم» من اهمية ‪ ،‬فهما على عكس ما يظهر في مجموعات الحكايات‬
‫الخرافية في القرن الثامن عشر‪ ،‬بل على العكس كذلك من « يك‪،‬‬
‫وبرينتانو ونوفاليس وجوته » لم يعيرا من نص الحكاية الخرافية ‪،‬‬
‫بل عداها تراثا خالدا ‪ ،‬كما انها لديهما ليست صورا وليدة الخيال‬

‫‪-٢٨٠‬‬
‫المهوش ‪ ،‬وانما هي نموذج لشعر الشعوب التي شاءت أن تقدمه‬
‫نالجيان التالية ‪ ،‬وان نم نقلها في صورة أكثر نقاء ‪ ٠‬وتختوي مجموعة‬
‫االخوين « جرم » على مادة من الحكايات تمتد في تاريخ المانيا منذ‬
‫بدايته حتى القرن التاسع عشر ‪ ،‬كما انها في الوقت نفسه غنية كل‬
‫الغنى بصيغ جيدة الشهر الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وبعض هذه الحكايات‬
‫ال نعثر عليه اال في مجموعة االخون ‪ ،‬فهذه المجموعة تقدم لتا بحق‬
‫عددا وفيرا مختارا من الحكايات الخرافية كما انها تحكى بنصوصها‬
‫الموثوق بها ‪ ،‬تلك النصوص التي تتميز ببساطتها وغناها الفني ‪٠‬‬

‫وبهذا صارت مجموعة االخوين « جرم » نموذجا لغيرها من‬


‫المجموعات التي شاءت أن تقلدها في أوروبا بل في اجزاء اخرى من‬
‫العالم ‪ ٠‬وبعض هذه المجموعات تنحصر حكاياتها داخل حدود بالدها‬
‫الجغرافية ‪ ،‬كما أن بعضها االخر تميز كذلك بطابعه العامي الدقيق ‪٠‬‬
‫ولسنا نذكر فيما ظهر من مجموعات القرن التاسع عشر سوى مجموعة‬
‫‪ Evaldtang Kristensen‬في « جتالندا»‬ ‫أيفالدتانج كريستنسن‬
‫في« اللورين»‬ ‫ومجموعة ايمانويل كوسكن ‪Emanuel 2059030‬‬
‫ومجموعة « أفاناسيف» ‪ Avanasjev‬في روسياثم مجموعة « جوسي‬
‫ترى» ^‪ Guiseppe Pitr‬في صقلية‪ ،‬هذا الىجانب مجموعات القرن‬
‫العشرين التي ال حصر لها ‪ ٠‬على أنه من النادر أن نجد مجموعة من‬
‫هذه المجموعات تحمل الطابع العلمي اتدقيق وتكون في الوقت تفسه‬
‫كنابا لالطفال والشعب ‪ ٠‬واذا كان لمجوعة ان تصمد امام مجموعة‬
‫الخوين « جرم» عند مقارتتها بها فهى مجموعة « سفند جرو نتفيج»‬
‫في الدانمرك‪،‬ومجموعة « ب‪٠‬س أسبيورنسن»‬ ‫‪Svend Grundtweg‬‬
‫‪ » Jogn Moe‬التي ظهرت‬ ‫‪ « p.c. Asbjomsen‬يورجن ميو»‬
‫في النرويج ‪٠‬‬
‫والذي يستحق أن ننصح به بصفة عامة في عصرنا الحاضر بالنسبة‬
‫لجمع الحكايات الخرافية هو التزام سماتها الصادقة ‪ ٠‬حقا انا نعترف‬
‫بعدم كماية القصاصين ‪ ٠‬كما نعترف باالخطاء التي تعتري االصول‬

‫‪٢٩-‬‬
‫وتؤكدها رواية القصاصين االرتجاية ‪ ،‬ولكننا نعتقد في العموم اننا‬
‫نحصل عن لريق هؤالء القصاصين على صورة أكثر‪ .‬دقة للحكاية‬
‫الخرانية من تلك التي نحصل عليها عن طريق النقل الواسع ‪ -‬وان‬
‫يدن سذا النقل تميز بالحرص الشديد ‪ ٠‬على أن هذه االفكاركذلك‬
‫لم تغب عن بال "الخوين « جرم» ‪ ،‬فقد كان « يعقوب» يطلب دائما‬
‫لحكايته الخرافية أن تكون قدر االمكان ذات معالم كاملة ‪ ٠‬وكم كان‬
‫يود لو أنه استطاع أن ينشر الحكايات الخرافية في صورتها االصلية‬
‫لو كان ذلك ميسرًا ‪ ٠‬ذلك النه كثيرا ماكان يجمع بين أجزاء كثيرة من‬
‫الحكاية الخرافية ثم يقارنها بعضها ببعض ويؤلف بينها في شكل حكاية‬
‫مكتملة بعد أن يسقط كل ما هو بعيد عن بنيتها العضوية ‪ ٠‬وبذلك‬
‫يخلق من الصيغ العديدة غير الكاملة حكاية مكتملة ‪ ٠‬أما عن الصيغة‬
‫اللغوية للحكايات الخرافية التي نثق بها تقة كاملة فمصدرها « وليم‬
‫جرم » ‪ ،‬فقد كان « وليم » يقوم بتهذيب لغة حكايته من حلبعة الخرى‬
‫ومن المتع حقا أن تتتبع تعييراته من خالل الطبعات ‪ ،‬فنجدها دائما‬
‫تزداد سحرا وعمقا كما تزداد متعة وبساطة ‪ ٠‬وهو اذا فعل ذلك لم‬
‫تكلف تغيير الحكايات الخرافية لكي يضعها في صورة صحيحة كما‬
‫سبق ان‪ .‬فعل « برينتانو» و « نيك»‪ ،‬وانما كان يهدف الى أن يحكي‬
‫الحكأية الخرافية وفقا الحكامها ‪ ،‬اذ كان‪ .‬يشعر حقا بمشقة كبيرة في‬
‫نقل الحكاية من بنيتها الروائية ااشفوية الى صيغة مكتوبة تظل‬
‫تحتفظ للحكاية الخرافية بحيوتها وشكلها الخالص ‪ ٠‬وهكذا نجد أن‬
‫« وليم جرم » يختفي كلية وراء عمله ‪ ،‬فكثيرا ما تبدو لنا حكاياته‬
‫وكأنها لم تجد االديب الذي طبعها بطابعه والءم بين أجزائها ‪ ،‬وانما‬
‫تبدو لنا وكأنها تخرج من افواه الشعب مباشرة ‪ ٠‬ولعل هذا هو السر‬
‫في النجاح الفريد الذي أحرزه االخوان « جرم» من حيث انحكاتهما‬
‫الخرافية نمتلىء بالعناصر الفنية ويكتمل فنها ‪ ،‬هذا باالضافة الى ما‬
‫تميز به من بساطة وقرب من روح الشعب ‪٠‬‬
‫وليست االبحاث النظرية التي قام بها االخوان «جرم» أقل أهمية‬
‫من عمليه الجمع ‪ ،‬فلقد اضافا الى الطبغة االولى لمجموعتها تذييال‬
‫يحتوي على مالحظات كثيرة من بينها يانات عن أصل اللحكاية‬
‫الخرافية وأبحاث مختلفة ‪ ،‬واشارات الى مافي مجموعات الحكاية‬
‫الخرأفية االخرى وما عند الشعوب االخرى من حكايات قريبة او‬
‫مشابهة لحكايتهما ‪ ٠‬ولم تكد الطبعة الثانية لمجموعتهما تظهر ‪ ،‬حتى‬
‫جمع االخوان هذه التعليقات في كتاب منفرد بعد ان أضافا اليها‬
‫شواهد الصل الحكايات الخرافية‪ ،‬ودراسة عامة الدب الحكايات‬
‫اخرأفية المهمة والهم المجموعات التي ظهرت حتى عصرهما ‪٠‬وباالضافة‬
‫الى ذلك فقد أعلنا رأيهما في اصل الحكاية الخرافية ‪ ٠‬في عام‬
‫‪ ١٨٥٦‬خلهرت الطبعة الثالثة لهذا الجزء الذي تضمن تعليقاتهما ‪،‬‬
‫ولدلك أصبحت هذه الطبعة حجة لما ظهر من بعدها من طبعات ‪٠‬‬

‫عذا وقد سيطرت بعض آراء االخوين في مصدر الحكايات‬


‫انخرافية وأصلها على أبحاث الباحثين بعد ذلك عشرات السنين ‪ ٠‬وهذا‬
‫نص كالمهما في هذا الصدد ‪ » :‬ان التشابه بين الحكايات الخرافية‬
‫رغم مايفصل بعضها غن بعض من مسافات زمنية ومكانية بعيدة ‪ ،‬ليس‬
‫أقل مما يين الشعوب المختلفة من أمور متشابهة رغم انفصالها ‪ ٠‬وييرجع‬
‫بعض هذا التشابه الى تماثل االفكار االساسية عند هذه الشعوب ‪،‬‬
‫والى وسيلتهم في عرض شخصيات بعينها ‪ ٠‬كما ان البعض اآلخر‬
‫يرجع الى مالديهم من وقائع متشابهة‪ ،‬والى طريقتهم في ا لوصول الى‬
‫حل لها ‪ ٠‬ذلك أن هناك احواال هي من البساطة والطبيعية بمكان ‪،‬‬
‫الى درجة أنها تتكرر بصفة عامة في جميع أنحاء العالم ‪ ،‬مثلها مثل‬
‫االفكار المتشابهة الني تبدو كأنها تظهر من تلقاء نفسها ‪ ٠‬وبناء عليه‬
‫فانه من الممكن أن تظهر حكايات خرافية بعينها في البلدان المختلفة أو‬
‫تنشابه تشابها كييرا رغم ما بينها من استقالل تام ‪ ٠‬حتى االلفاظ المفردة‬
‫سهل مقارنة بعضها ببعض على الرغم من انعدام صلة القربى بينها ‪،‬‬
‫وذلك عن طريق تقليدها الصوات الطبيعة ‪ ،‬وذلك التقليد الذي قد‬
‫يكؤد مختلفا بعض االختالف أو متفقا كل االتفاق ويصادف االنسان‬

‫‪-٣١-‬‬
‫أمثال هذه الحكايات الخرافية ويرى ما بينها من التشابه واالتفاق ‪،‬‬
‫فيرجع هذا التشابه بينهما الى محض الصدفة ‪ ٠‬غير أن هذا التشابه‬
‫اما يرجع في معظم االحوال الى هذه االفكار االساسية التي تعرض‬
‫عرض نفصيليا غريبا غير متوقع وله طابع االصرار ‪ ،‬ومن هذه االفكار‬
‫تشج بنية الحكاية الخرافية مما يجعل التسليم بهذه القرابة التي ال‬
‫نبدو اال في انظاهر‪ :‬أمرا غير مباح ‪٠٠٠‬‬

‫اننا ال ننكر احتمال اتتقال الحكاية الخرافية من شعب الى آخر‬


‫في بعض االحيان ‪ ،‬ومن ثم تستقر هذه الحكاية وتتتشر جذورها في‬
‫االرف الغريبة ‪ ٠‬ومثال ذلك اغنية « سيجفريد » التي اقتحمت منذ‬
‫زمن مبكر أقصى بالد الشمال وأخذت هناك الطابع الوطني لهذه‬
‫البالد ‪ ٠‬على ان االمثلة فردية ‪ ،‬وال نستطيع أن نعممها على الثروة‬
‫الهائلة من الحكايات المخرافية ‪ ،‬وأن نفسر بها هذا االتشار الواسع‬
‫لهذه الملكية المشتركة من الحصيلة الشعيية ‪ ٠‬ألم تظهر حكايات‬
‫خرافية بعينها فى بقاع ينأى بعضها عن البعض االخر نماما ‪ ،‬كما تفجر‬
‫نبع مرة اخرى فى مكان يناىعن مكان تفجره االول؛ أم يريداالنسان‬
‫أن يمثل الظهور المفأجيء لحكاية خرافية فى مكان ما بتيار من المهاجرين‬
‫تدفق فى بقاع غير مأهولة من االرض بقعة وراء االخرى ختى يغمرها؟‬
‫أم كيف يتسنى لالنسان ان يفسر اتفاق حكاية تحكمى في قرية جبلية‬
‫« منعزاة» فى والية ( هسن ) فى اسسها مع حكاية هندية او اغريقية‬
‫أو صريية ? ‪٠‬‬
‫ان الحكايات الخرافية تتفق جميعها في كونها بقايا معتقدات تصل‬
‫فى تاريخها الى أقدم العصور‪ ،‬وتتاح ها الفرصة للظهور من خالل تلك‬
‫انتألينات التي تصور مدركات غير حسية ‪ ٠‬وهذه المعتقداتاالسطورية‬
‫شبيهة بقطع صغيرة من أحجار متناثرة بين زهور تنبت فى أرض خصبة‬
‫ال يكتشفها اال ذو بصر حاد ‪ ٠‬وقد فقد مغزى هذه المعتقدات منذ‬
‫زمن بعيد ‪ ،‬ولكننا ما نزال نحس أثرها ‪ ،‬بل هي تكون بنية الحكاية‬
‫الخرافية التي تهتم فى الوقت نفسه بالمتعة الفطرية فى تصوير االمور‬

‫‪-٣٢-‬‬
‫الخارقة للعادة ‪-‬تلك التي ال يمكننا على االطالق أن نعدها تصويرا‬
‫ال مغزى له مصدره الخيال فحسب ‪ ٠‬وتتد هذه المعتقدات االسطورية‬
‫كنما رجعنا بالزمن الى اوراء ‪ ،‬بل انها فيما يبدو كانت دكوز‪،‬المضرن‬
‫الوحيد القدم صور التأليف االدبي ‪ ٠‬ونحن نرى كيف ان هذه‬
‫انتاينات االدبية قد تكونت ارتجاال من السمو عن االشياء المادية‬
‫لكي تخلق حالة من االنسجام مع‪.‬الواقع ‪ ،‬وذلك حينما تهدف الى‬
‫نصوير قوى الطبيعة المروعة ‪ ، ،‬المليئة باالسرار ‪ ،‬كما أنها ال تحيدعن‬
‫تصوي ما هو بعيد عن االدراك ‪ ،‬وكذلك الشيء المزعج والشيء‬
‫البشع وهذه اآلداب القدييمة ال تكون اكثر مرونة اال حينما تناول‬
‫موضوع مشاهداتها أحواال غير معقدة من حياة الرعاة والصيادين‬
‫والمزارءين ‪ ،‬وكذلك حينما تصور أثر العادات االصيلة فى الشعوب ‪٠‬‬
‫ح‪:‬ى ادا ما تطورت هذه التقاليد البسيطة ‪ ،‬ونمت قوة االحساس‬
‫باالدب فحينئذ تتراجع المعتقدات االسطورية الى الوراء حاملة معها‬
‫عبير الزمن البعيد الذي يضعف من وضوح معالمها ‪ ،‬وان كان يسمو‬
‫بروعة الشعر ‪٠٠‬‬

‫وقد تساءل االنسان ‪ :‬من أين تبدأ الحدود الخارجية للعناصر‬


‫الشتركة بين الحكايات الخرافية ‪ ،‬ثم كيف تتطور درجات القرابة‬
‫بينها ?‪ ٠‬أما عن هذه الحدود فانها تتضح من خالل االصل الشعبي‬
‫الكجبر انذي حرص االنسان على تسميته بالهندوجرماني ‪ ٠‬وأما هذه‬
‫القرابة فانها تنحصر دائما فى نطاق أضيق فأضيق حول موطن الشعب‬
‫اللماني ‪ ٠‬وشبيه بذلك ما نكتشعه فى لغات بعض الشعوب والشعوب‬
‫القريبة من بعضها البعض من صالت خاصة مشتركة ‪ ٠‬فاذا ما عثر‬
‫ال انساز لدى العرب على حكايات خرافية شبيهة بما عند االلمان ‪ ،‬فال‬
‫بد ‪ ,‬كي نفسر ذلك — من الرجوع الى أصل حكايات ألف ليلة‬
‫وليلة ‪ ،‬اي الى اصلها الهندي ‪ ،‬كما ادعى « شليجل » بحق ‪ ٠‬فاذا‬
‫صحت هذه الحدود بوصفها شيائ مؤكدا فاننا ربما سلمنا بضرورة‬
‫االتتشار ‪ ،‬حتى وان تبين لنا وجود مصادر اخرى ‪ ٠‬فكم يدهش‬

‫‪-٣٣‬‬
‫االنسان حينما يرى حكايات خرافية عند زنوج « بورنو و بيتشاونن »‬
‫وهما شعب جوال عرف فى جنوب أفريقيا ‪ ،‬ترتبط ارتباطا ال يمكن‬
‫انكاره بالحكايات االلمانية ‪ ،‬فى الوقت الذي تستقل فيه هاتان‬
‫القبيلتان بخصائص مميزة فى حكاياتهما الخرافية ‪٠‬‬

‫وكان البحث كلما امتد بعدذلكفى خالل عشرات السنين منذ عهد‬
‫االخوين «جرم» اتضح أن االخوين أدركا على وجه التقريب كل‬
‫المسائل المهمة التي تختص بالحكايات الخرافية من خالل ابحاثهما ‪،‬بل‬
‫انهما حاوال االجابة عن بعضها ‪ ٠‬والواقع اتا ما نزال نلمس في غصرنا‬
‫الحاضر أثراء االخوين «جرم» فى ابحاث الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ونحن‬
‫نود أن نلخص اهم آرائهما فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ ٠ ١‬ان الحكايات اثخرافية ‪ ،‬وان احاط بها الغموض أو اصابها‬


‫التحوير ‪ ،‬اال انها تعد بقايا حكايات بالغة فى القدم تتحدث عن قدماء‬
‫اآللهة و!البظال ‪٠‬‬
‫‪ ٢‬س‪ ٠‬ترجع لحكايات الخرافية الى العصر الهندوجرماني ‪ ،‬كما انها‬
‫تفتصر بصفة أساسيةعلى الشعوب الهندوجرمانية‪ .‬فاذا كانت الحكايات‬
‫الخرافية وذلك وفقا للتعريف الذي حدده لها االخوان «جرم» في‬
‫كتابهما « االطفال وحكايات اليوت » قد ظهر عند الشعوب غير‬
‫الهندوجرمانيه ‪ ،‬فيتحتم علينا أن نبحث بعد ذلك عما اذا كانت هذه‬
‫الحكايات قد هاجرت الى الشعوب بعد أن ظهرت لدى الشعوب‬
‫•‬ ‫الهثدوجرما نية ‪٠‬‬

‫‪ - ٣‬هناك بعض االحوال التي هاجرت فيها الحكاية الخرافية بحق‬


‫من شعب آلخر ‪ ،‬غير أن هذه الظاهرة ليست قاعدة ‪٠‬‬

‫‪ — ٤‬اذا كان من الممكن أن تظهر اطوار الحياة البسيطة فى جميع‬


‫االزمنة ولدى كل الشعوب ‪ ،‬كذلك يمكن ان تتطور الحكايات‬
‫الخرافية بطريقة مماثلة لدى كل الشعوب ‪٠‬‬

‫‪-٣٤-‬‬
‫وقد كان لكل رأي من هذه اآلراء النظرية أثره البالغ فى السنوات‬
‫التالية لظهورها ‪ ٠‬بل ان اثر هذه اآلراء ما نزال نلمسه حتى اليوم ‪٠‬‬
‫على ان بعض الباحثين قد تعقب هذه اآلراء فيما بعد ‪ ،‬فتبين له خطأ‬
‫بعضها ‪ ،‬فى حين أنه اعترف بان بعضها اآلخر قد احتفظ بجدة ال نظير‬
‫لها عبر السنين ‪ ،‬فكثيرا ما يحاول االنسان حتى اليوم ان نقب في‬
‫ابحاثهما عن رد لبعض المسائل المهمة ‪٠‬‬

‫ونود اآلن أن نفحص عن قرب كل هذه االتجاهات المختلفة فى‬


‫البحث ‪ ٠‬وأساس االختالف بين هذهاالتجاهات واتجاه االخوين«جرم»‬
‫هو أن االخون كانابؤمنان بأن الحكاية الخرافية دمكن تفسيرها عن‬
‫لريق نظرة خاصة واسعة بوصفها وحدة شاملة ‪ ،‬فى حين أن اتجاهات‬
‫البحث الحدشة تقف بعيدا جدا عن هذا االعتقاد ‪ ،‬الى درجة انها تبدو‬
‫فى بعض االحيان انها تتغافل عن تفسير حكايات الخرافة بعينها أو‬
‫تفسيي بعض اجزائها ‪ ،‬او تتغافل عن تفسير موضوع من موضوعاتها‬
‫او مجموعة من الموضوعات التي تكون المحكاية الخرافية ذاتها ‪٠‬‬
‫فالحكاية الخرافية صورة ال تقبل التحدد وليس من السهل تحديد‬
‫معااها ‪ ،‬فى حين انها من وجهة نظر االخوين تثير تصورا واضحا محددا‪،‬‬
‫بل انها ‪ -‬ونحن نقرر هذا فى اطمئنان — تترك فى نفوسنا احساساكامال‬
‫معددا ‪ ،‬وان شق علينا التعبير عنه ‪٠‬‬

‫والول مرة أصيبت أعمال « جرم » بهزة تتيجة لما كتبه دارس‬
‫االدب السنسكريتي « تيودوربنفى >) ‪Theodor Benfey‬تحت عنوان‬
‫« بنتشاتنترا» ‪ ٠‬ففيعام ‪ ١٨٥٩‬قام «بنفى» بنشر ترجمة كتاب هندي‬
‫تضمن حكايات خرافية وحكايات عن الحيوان ‪ ،‬كما قدم فى جزء‬
‫خاص أفرده للتعليقات ‪ ،‬بيانا دقيقا عن طبعات هذا الكتاب وترجماته‬
‫كما فدم معلومات عن أصل الحكايات التي تضمنها الكتاب ومصيرها‬
‫بعد أن اعيدت رواتها ‪٠‬‬
‫لقد كان «بنفى» يرى ان الموطن االصلي للحكايات الخرافية جيعها‬

‫‪٣٥‬‬
‫« فيما عدا الفابوال(‪ )١‬التي اتخذت من بالد االغريق موطنا لها »‬
‫هو بالد المند ‪ ٠‬هذه الحكايات الخرافية كانت فى االصل حكايات‬
‫بوذية تحكى الغراض تعليمية ‪ ،‬ثم اتتشرت فى أوريا فى شكل روايات‬
‫مدونة قبل كل شيء ‪ ،‬اما بواسطة العرب عنطريق البيزنطيين ‪ ،‬واما‬
‫فى شكل روايات شفوية مباشرة عن طريق المغول وشعوب شرق‬
‫اوربا ‪ ٠‬وربما إتخذت فى قصص «بوكاشيو» وحكايات «ستراباروال»‬
‫الخرافية فى أوربا مستقرا لها ‪٠‬‬

‫وهكذا ذرى أن ما عده االخوان «جرم» أمرا شاذا من اتتقال‬


‫إلحكايات الخرافية من شعب آلخر ‪ ،‬صح عند «بنفى» على انه القاعدة‬
‫واكثر من هذا فان الحكايات الخرافية التي عدها االخوان « جرم »‬
‫منبعثة من عالم حكايات اآللهة واالبطال لم نكن عند « بنفى » سوى‬
‫مجرد رواية أديية خالصة م ولقد خلق البوذيون من شواهد المعتقدات‬
‫القديمة ماذج وفابوالت ذات غرض تعليمي وذلك على سبيلتوجيه‬
‫النصح واالرشاد للملوك ‪ ٠‬وقد بذل « بنفى » فى هذا البحث جهدا‬
‫بالنا فى سبيل تدعيم هذا الرأي معتمدا على علمه ودقة فممه ومقدرته‬
‫على الربط ‪ ،‬اذ أخذ ييحث الحكاية اثر الىحكاية ‪ ،‬والقصة اثر‬
‫القصة فى صورتها االصلية ثم فى صورها التي اتشرت بها ‪ ٠‬وفى هذا‬
‫الوقت عرفت حكايات هندية اخرى وحكايات من المناطق الشرقية‬
‫للبحث العلمي وكلها فيما يبدو كانت تدعم‬ ‫البعيدة وصارت مو■'‪. -‬‬
‫نغلريه « بنفى» ‪٠‬‬
‫وقد ظلت نا‪.‬ة «‪::‬ف» التي ادعت ان الحكايات الخرافية اصلها‬
‫بالد الهند وانها ‪ .‬أت ‪ ..‬طريق البوذيين الغراض تعليمية ‪ ٠‬مسيطرة‬
‫بعد ذلك عشرات السنين ‪ ،‬وقد بدا حينئذ أن البحث قد أوشك على‬
‫الوصون الى هدفه ‪ ،‬وذلك بامكان ارجاع كل حكاية خرافية المانية‬
‫او اورية الى صورتها الهندية القديمة ‪ ٠‬ومع صحة هذا فانه يبدو ان‬

‫‪ - ١‬الغابوال هى الحكاية ‪1‬لتي تخلع على اسنات الطبيعية وبخاصة الحيوان خصائص‬
‫بشرية ‪ ٠‬راعزبهع)‬

‫م ‪-٣٦‬‬
‫هدف البحث العلمي لم تحقق اال فى نطأق ضيق ‪٠‬‬

‫على أنه ال ينبغي لنا من جهة اخرى ان نقلل من قيمة مجهودات‬


‫« بنفى » ‪ ،‬فاذا كان قد تيين بعد ذلكانه قد وصل بنظرته الى حد‬
‫المبذنغة ‪ ٠‬فمما ال شك فيه أن هذه النظرة قد ارشدت الباحثين الى ان‬
‫بالد الهند بصفة خاصة بالد غنية بحكاياتها الخرافية ‪ ٠‬وفضال عن هذا‬
‫فقد أرشدت هذه النظرية الى طريقة البحث فى اتتشار الحكايات‬
‫الخرافية‪ ،‬والى قيمة كل من الرواية الشفوة والرواية المكتوبة ‪٠‬ورأى‬
‫«بنغى» فى ذلك أن البوذين قد صنعوا هذه الحكايات ولكنها اعتراها‬
‫التزيف بعد ذنك ‪ ٠‬بل ان الهند فى رأيه كانت تستحوز قبل البوذين‬
‫على مجموعة كبيرة من الحكايات الخرافية استخدمت فيما بعد فى‬
‫أغراض تعليمية ‪ ،‬تماما كما حدث لدينا فى العصور الوسطى حينما اتخذ‬
‫الوعاظ من الحكاية الخرافية نموذجا للوعظ ‪ ٠‬على ان آراء « بنفى »‬
‫فى اتتشأر الحكايات الخرافية كانت أهم من آرائه فى أصل الحكايات‬
‫الخرافيه ‪ ٠‬ولوال جهوده فى ذلك لما اصبح لجهود المدرسة الفنلنديية‬
‫المتأخرة فى محاولة ارجاع الحكايات الخرافية الى شكلها االصلي ائر‬
‫يذكر ‪ ٠‬ومع هذا فقد حاولت المدرسة الفنلندية فيما بعد اذ تصل بكل‬
‫حكاية خرافية الى أصلها وطريقة اتشارها ‪ ٠‬ولكنها لم تتبع فى ذلك‬
‫طريقة «بنفى» الخاطئة ‪ ،‬اذ لم تحاول أن تعمم هذه الطريقة على‬
‫انحكايات الخرافية جميعها ‪٠‬‬

‫وفى الوقت الذي كاذ «بنفى» يقومفيه بجهوده هذه ‪ ،‬قامتمحاولة‬


‫اخرى لتفسير الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وقد أفادت هذه المحاولة من آراء‬
‫االخوين « جرم » فائدة مادية ‪ ،‬وان لم يقدر لها بحال من االحوال‬
‫نجاح قوي كالذي احرزه االخوان ‪ ٠‬وقد رأت هذه المحاولة اذ‬
‫الحكايات الخرافية ‪ -‬بوصفها ميراثا من العصر الهندوجرماني ‪ -‬تعد‬
‫روموزا للظواهر الطبيعية ‪ :‬للشمس والقمر والنجوم‪ ،‬لكهار والليل‬
‫والظالم ‪ ،‬وللصباح والشفق ‪ ،‬وللعواصف وغير ذلك ‪ ٠٠‬وقد مثل‬
‫« ماكس مولر»و« انجلودي جويرناتس» و « ادلبرت كوى» ثم‬
‫ه سير جورج كوكس» وغيرهم هذا الراي بصفة خاصة ‪٠‬‬

‫ولم بكن لهذه اللريقة فى التفسي سوى طابع وقتي ‪ ،‬وهي مد‬
‫تعد بحق ملغاة منذ عشرات السنين ‪ ٠‬حقا انا نعرف من خالل طقوس‬
‫الشعوب البدائية الكثيرة كيف كانت المقدرة قوية على التجريد وعلى‬
‫التفكير الرمزي لدى االنسان القديم ‪ ،‬بل ربما كانت هذه المقدرة‬
‫اقوى من ان يتصورها عصر التفكير المنطقي ‪ ،‬ومع هذا فاتا كثيرا ما‬
‫نعجز عن استكشاف معنى الرمز ومحتواه الخاص فى شعائر انشعوب‬
‫القديمة ‪ ٠‬وبمقدار ما تاح لنا فى هذا المجال من المقارنة يين التصورات‬
‫واالساطير والعقائد لدى ما يسمى بالشعوب البدائية ‪ ،‬تبين تا ان‬
‫مغزى اسكابان الخرافية ال قتصر مطلقا على الشفق وشروق الشمس‬
‫وغروبها ‪ ،‬والليل والظالم ‪٠‬‬
‫على أن السؤال ما يرال قائما ‪ ،‬عما اذا كانت االشياء المتشابهة فى‬
‫الحنارات المختلفة ‪ ،‬يتحتم أن ترتبط بحت بعضها ببعض ‪ ،‬او الى اي‬
‫حد يكون التشابه بين التصورات أو بين االساطير دون ان تكون بينها‬
‫صنة تاريخية مباشرة تذكر ‪ ٠‬وقد اشار بعض الباحثين االنجليز اسى‬
‫هذا االحتمال‪ ،‬فى مقدمتمم « أ‪ ٠‬ب تيلور» *‪ 1000‬و «أندروالنج»‬
‫االسكتلندي ‪٠‬‬
‫اما « تيلور » فقد بحث فى مؤلفه الرئيسي « الحضارة البدائية »‬
‫أصول انحضارة واللغة والعادات والعقيدة فى العالم أجمع ‪ ٠‬ويقدم‬
‫كتابه هذا باالخص فى مجال علم تأرخ االديان وعلم االجناس البشرية‬
‫وكذلك فى نواحي علمية أخرى مادة وفيرة ال نظير لها ‪ ٠‬وقد استطاع‬
‫«تيلور» ان يبين أن هناك تشابها شير الدهشة ين التصورات الدنية‬
‫القديمة عند مكان أفريقيا واستراليا وسكان آسيا القدماء وسكان‬
‫االمريكتين وعند !السكيمو وسكان الجزر الجنوبية ‪٠‬وليس من الممكن‬
‫بأي حال من االحوال أن تكون هذه الشعوب قد أثر بعضها فى بعض‬
‫نأثيرا متبادال ‪ ،‬ومع ذلك فان آرائهم تتفق تماما أو تتشابه فيما يختص‬
‫بطبيعة المرض والصحة ‪ ،‬والنوم والحلم ‪ ،‬وفيما يختص بالحياةالخالدة‬

‫‪٣٨-‬‬
‫بعد الموت ‪ ،‬ثم فيما يختص بألحيوافات والطبيعة الصامتة ‪ .‬واكثر من‬
‫هدا اثارة للدهشة أن الكثير من معتقدات شعوب الحضارة يرجع الى‬
‫التع‪.‬ورات القديمة والتصورات البدائية ‪ ،‬بل ان هذه التصورات‬
‫البداثية ما تزال تعيش بكل تفصيالتها فى العقيدة الشعبية المعأصرة ‪،‬‬
‫وفى !لوساوس والتقاليد وفيما « يحدث تلقائيا » أو فيما هو‬
‫باعث على الخوف كذلك ‪٠‬‬
‫ثم سار العالمالفرنسي « بيدييه» ‪ Bedier‬بالبحث فى هذا االتجاه‬
‫فدما ‪ ،‬وذلك فى كتابه عن « الفابوال» ‪ Le Fabliaux‬الذي يعرض فيه‬
‫نظرية تعدد أنواع الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وملخص هذه النظية انه كما‬
‫نمو نبات متماثل فى جميع انحاء العالم فى االحوال الجغرافية والجوية‬
‫التشابهة كذلك تظهر فى الظروف الروحية المتماثلة صور متماثلة للنشاط‬
‫الروحي ‪ ٠‬وعلى ذلك فمن الممكن ان تظهر الحكايات الخرافية في‬
‫شكل متال ف جيع أنحاء العاله ‪.‬‬

‫‪Hans Naumann‬‬ ‫هذأ الرأي وجد من يمثله فى ألمانيا وهو «هانز ناو من»‬
‫وقد اعتمد «هانز» على ابحاث « تايلور » و بيديه » ‪ ،‬كما اعتمد‬
‫على أبحاث آل وليم فوندتس» فى سيكلوجية الشعوب ‪ ٠‬على انه تأثر‬
‫أكثر من كل ذلك بدراسة الباحث الفرنسي « ليفى برول» التي تحمل‬
‫عنوان آل تفكير الشعوب الفطرية » ولسنا فى حاجة الن نخوض فى‬
‫أبحاث آل ناومن » فيما يختص بالنتاج الشعبي بوصفه‬
‫« تتاجا حضاريا مغمورا» ‪ ،‬وفيما يختص بحضارة الجماعات البدائية‬
‫بوصفها حضارة معارضة للحضارات الراقية‪ ،‬تلك الحضارات التي‬
‫تطورت الى الفردية والى االحساس تفاوت االفراد ‪٠‬أما فيما يختص‬
‫بالحكاية الخرافية فقد عبر عن رأيه فيها فيما يلي ‪:‬‬

‫ا « من الواضح أن وجوه التجانس بينالشعوب ال تقوم كلها على‬


‫االخذ من بعضها البعض ‪ ،‬وانما المؤكد أنه من الممكن أيضا وفقا‬
‫للقوانين الطبيعية ان تنشأمن االفكاراالنسانية االساسية لدى الشعوب‬
‫المنتمية الى أجناس مختلفة ومناطق مختلفة يستقل بعضها تماما عن‬

‫‪-٣٩‬‬
‫البعض األخر _أن تنشا صور متشاهة فى المجالين المادي والروحي‬
‫على السواء ‪ ٠‬ان االنسان اليوم لم يعد يتمسك باحد االحتمالين دون‬
‫األخر بوصفه المبدأ االساسي ‪ ،‬اعني مبدأي هجرة االداب الشعبية‬
‫واعتماد بعضها على بعض ‪ ،‬او استقاللها ‪ ،‬اذ انه من الممكن نكال‬
‫االختمالين أن يقفا بصفة أساسية جنبا الى جنب مع اآلخر ‪ ،‬بل انه‬
‫فى بعض االحيان قد يتفاعل اثرهما معا ‪ ٠٠‬ثم ان االفكار الدينية ال‬
‫تجد مجاال للظهور فى الطقوس فحسب ‪،‬بلفى الحكايات الخرافية‬
‫والشعبية كذلك ‪ ٠‬فاذا تضمنت الحكايات الخرافية والشعبية هذا‬
‫الموفوع الديني‪ ،‬فاتنا نميل الن نطلق عليها بكل ارتياح « أساطير‬
‫األلهة » ‪ ٠‬حقا ان أسطورة اآللهة والحكايات الخرافية والحكاية‬
‫الشعيية والحكاية البطولية يقترب بعضها من البعض االخر بحيث‬
‫تداخل كلها ضمن اطار واحد ‪ ٠‬وهي وأن لم تكن دائما بالغة في القدم‬
‫اال انها فى أخص مالمحها كثيرا ما تمثل تتاجا من حكايات االنان‬
‫البدائي غاية فى البدائية ‪ ،‬ويتميز بعضها عن بعض بصفة أساسية فى‬
‫أسنوب تحديدها للزمان او المكان وكذلك للشخصيات االنسانية او‬
‫التاريخية أو االلهية ‪ ،‬وف طريقة هذا التحديد » ‪١٠‬يحخ‬

‫واذا شئنا أن نصوغ رأي ه ناومن» صياغة اخرى فانتا نقول ‪:‬‬
‫انه ليس من السهل المحتم ان تكون الحكايات الخرافية ممثلة لعصر‬
‫قديم بن نغ فى القدم ‪ ،‬وانما يكفي أن تكون موضوعاتها قديمة ‪ ٠‬ذلك‬
‫النه من الممكن للموضوع القديم ان يتسرب الى حكاية خرافية فى‬
‫عصر مناخر نسييا ‪ ٠‬فالبدائية ليست مرحلة زمنية قابلة للتحديدالزمني‬
‫كمأ انها ليست خاصية لهذه الحضارة او تلك ‪،‬وانما من الممكن فهمها‬
‫بوصفها حالة عقلية أو روحية‪ ،‬تتمثل فى صورة ما فى كل مكان وزمان‪٠‬‬
‫ومن هذا المجال الفكري تستمد الحكاية الخرافية تصوراتها دائما‬
‫أبدا ‪٠‬‬
‫ونود اآل أن نسوق مثاال نوضح به اهم التصورات البدائية فى‬
‫الحكاية الخرافية وفقا لكل من أبحاث « جرم» وأبحاث علماء االساطير‬
‫ومؤرخي االديان واالجناس البشرية ‪ ٠‬وقد اخترنا لذلك حكاية‬
‫« الوردة انشائكة » ‪ ،‬ذلك الن هذه الحكاية بالذات قامت حولها‬
‫بصفة حاصة محاوالت مختلفة لتفسيرها ‪٠‬‬

‫اد الوردة الشائكة(‪ )١‬راحت فى سبات سحري حينما وخز يدها‬


‫معزل ‪ ٠‬نم نماحول قصرها سور شائك كان يمزق كل دخيل ‪ ٠‬وأخيرا‬
‫فتحت االشواك أبوابها للبطل الذي كان يرغب فى الزواج من الوردة‬
‫الشائكة ثم اقتحم البطل السور الشائك وأيقظ الوردة‬
‫اشا^كة من سباتها السحري ‪ ٠‬هذه الحكاة ذكرت االخوين «جرم»‬
‫بحكاية « برون هيلد» ‪ Brunhild‬التي راحت في سبان عميق بعد أن‬
‫وخزها (ر أدين » ‪ 00100‬باالشواك المنومة ‪ ٠‬وهناك عند خلية السل‬
‫انتي نامت خلفها « برون هيلد» استطاع « سيجفريد » أن يقتحم‬
‫الطريق اليها ‪ ٠‬على انه يحق لنا بهذه المناسبة ان نشير الى وجوه تشابه‬
‫اخرى ين حكاية «الوردة الشائكة» و ين االساطير الشمالية ‪ ٠‬فكما أن‬
‫الجنيات رغبن فى « اوردة الشائكة » التفسهن كذلك نجد‬
‫«اننورنات»(‪ )١‬يرغبن فى « نورفاجست» فى انحكاية الشمالية ‪ ٠‬وكما‬
‫أن «الوردةالشائكة» قد وخز يدها مغزل كان قد ترك سهوا بعد أن‬
‫كان بوها قد تاكد من انه جمع كل المغازل وحطمها ‪ ،‬كذلك كاننبات‬
‫الدبق أرذي ترك سهوا ‪ ،‬قذيفة اودت باالله « بالدر » الى الهالك ‪٠‬‬
‫على أن اوجه التشابه هذه بين حكايات « جرم» وحكايات بالد الشمال‬
‫ال نقتضر بحال من االحوال على حكايات «الوردة الشائكة» ‪ ،‬فهناك‬
‫حكم^يات أخرى فى مجموعة االخوين اها ما يقابلها فى االساطير الشماتية‪،‬‬
‫ومثال ذلك حكاية «اخاندلبو» (‪ Machandelboom )٢‬التي تقابل‬

‫(المترجمة)‬ ‫ا ‪ -‬اسم البطلة في الحكاية ‪٠‬‬

‫ا ‪ -‬نورنات ‪ Nomen‬اخوات شالث يمثلن المصع االنسانى في ألعقيدة الجرمائية ‪٠‬‬


‫فاورد ‪10‬الًتمثل ‪1‬لمأضى ‪ ،‬وسكولد ‪ Skuld‬تمثل العاشر ‪ ،‬ونردائدي‬
‫تمثل المستقبل ‪ ،‬والثالث معا يمثلن ‪1‬لمصي االتسان الذي ال يمكن‬ ‫‪Werdandi‬‬
‫الحد ان يمرب منه ‪( ٠‬المترجمة)‬
‫‪-٢‬انظرهامشي م ‪٠٦٢‬‬
‫احدى حكايات كتاب « االدا»(‪ )٣‬وكذلك حكاية آل مربية االوز»‬
‫التي ربط « وليم جرم» بينها وبين اسطورة « برتا» (‪)٤‬‬
‫زوجة « بيبين » ‪ ،‬مبيناكيف أن بعض الصيغ اللغوية‬
‫فى ‪:‬لحكايات الخرافية وبخاصة المقطوعات الشعرية يمكن تفسيرها فى‬
‫ضوء الحكايات الشمالية انقديمة ‪٠‬‬
‫أما علماء االساطير فانهم يفسرون حكاية «الوردةالشائكة» كما‬
‫يلى على وجه إلتقريب ‪ :‬فالسور الشائك فى حكاية ونالوردة! لثا دكة))‬
‫ومثه « خية العسل» يرمزان الى الغسق ‪ .‬أما «الوردةالشائكة»‬
‫نفسها أو « برون هيلد » فهي ترمز الى افليل ثم ان االمير او‬
‫<؛ذ سيجفريد» يرمز الى النهار المشرق ‪٠‬‬
‫أما « بنفى» فلم يصرح — فيما نعرف — باصل حكاية‬
‫هذ الوردة إلشائكة» ‪ ٠‬ويتلخص ما قاله حول هذه الحكاية فيما يلي ‪:‬‬
‫ان الحكاية فى شكلها الذي حكاها فيه االخوان «جرم» شعبية حقا ‪،‬‬
‫ولكنها لم نستمد رأسا من الشعب‪ ،‬فهي ذات طابع أدبي ‪ ،‬اتتقلتعن‬
‫طريق التدوين من فرنسان الى المانيا ‪ ٠‬وفى المانيا لم ترد لها سوى‬
‫روايات قليلة ‪ ،‬فى حين أن الحكايات الخرافية التي تنبع اصال من‬
‫الشعب تتخذ فى أغلب االحيان اشكاال عديدة فى مجال الرواية ‪ ٠‬ان‬
‫حكاية (‪3‬الوردةالشا*ك» الجرمانية ترجع فى الغالب الى حكاية‬
‫« البنت النائمة فى االحراج» لييروه ‪ Perrault‬فهي تتفق معها فى‬
‫كثير من تفصيالتها ‪ ٠‬حقا ان الحكاية الخرافية الفرنسنية اكثر مادية ‪،‬‬
‫فهي تسبح بين مطابخ القصور‪ ،‬كما أن خاتمة الحكاية الفرنسية تبتعد‬
‫عن خاتمة الحكاية االلمانية ‪ ٠‬فنحن نجد أم االمير فى الحكاية الفرنسية‬

‫‪ :‬كاب آيسلندة القيمة وقد عفر عليه مخطوطا ‪ .‬وهو يرجع الى‬ ‫‪ - ٢‬أدا ‪Edda‬‬
‫القرنين الثالث عشروالرابع عشرويتضمن اساطي وحكايات خرانية لسعان‬
‫بالد الشمل والثعوب المجرمانية ‪( ٠‬المترجمة»‬

‫‪« - ٤‬برت»» ‪32‬ل‪1811‬نوجة ‪1 13030‬لصغيوام ثرلمن الكبي ‪.‬وفي اسعورة‬


‫مارلمان اختلط اسمها باسم االعه ‪ ٠ Berchta‬رالمترجمه‬

‫‪>٢-‬‬
‫هي التي حاولت القضاء على (الوردداكاتكة) التي كانت قد استيقظت‬
‫ونزوجت ‪ ٠‬على ان هذه الخاتمة نجدها فى مجموعة « بنتاميروني»‬
‫« لبرزيلس » ‪ ٠‬ولما كانت حكايات هذا الكتاب تعتمد فى أغلبها عدى‬
‫الحكايأت الخرافية الهندية‪ ،‬فان حكاية « الوردة الشائكة» تعتمد‬
‫بالتالي على أصل هندي ‪ ٠‬واذا كان هناك من ترجيح أكبر الفتراض‬
‫االصن الهندي للحكايات الخرافية اكثر مما تدلنا عليه ة حكاية الوردة‬
‫الشاثكة » عند « بازيلس » ( وتسمى البطلة فى حكاته «تاليا»)‬
‫فمن الممكن انتدلنا عليه حكاية فرنسية اتشرت فى القرن الرابععشر ‪،‬‬
‫نذكرنا فى كثير من تفصيالتها بحكاية خرافية هندية ما تزال تحكى‬
‫حتى اليوم ‪٠‬‬
‫ثم أشار أحد اتباع المدرسة االتروبولوجية التي ابسها « نيلور»‬
‫و «النج» وكذلك « هانزناومن » الى ان الموضوعات فى مثل حكاية‬
‫« الوردة الشائكة » تظهر في حكايات العالم اجمع ‪ :‬فائجنية الحقود‬
‫أو المرأة الحقود وتشترك معها فى ذلك زوجة االب الشريرة التي‬
‫وهبت القدرة على انزال اللعنة باالخرين — موضوع كثير االتتشار ‪٠‬‬
‫وبألمث فان موضوع النوم السحري‪ ،‬قد اتشر فى الحكايات االغريقية‬
‫القديمة وفى حكايات بلدان الشرق كما اتشر فى الحكاات البدائية ‪٠‬‬
‫وكذلك يمكن مقارنة االشياء التي تترك سهوا والمغزل الملعون باالشياء‬
‫التي تترك سهو‪ ١‬وتكوذ مؤدية الى الهالك ‪ ٠‬وفى هذا المعنى قدم‬
‫ه جيمس فريزر » ‪( James Frazer‬الذي يقترب من دراساته من تيلور‬
‫والنجم) في عمله الكبي « الغصن الذهبي» عددا وفيرا من االمثلة‬
‫وفي العموم فان هذا يعني ان موضوعات « حكاية الوردة‬
‫الشائكة » واسعة االتشار ‪ ،‬بل ربما كانت تنتشر فى جميع أنحاء‬
‫العالم‪ ،‬كما يعني ان الحكاية الخرافية ربما نشات فى جميع انحاء العالم‬
‫او على االقل فى كثير من البقاع ‪ ،‬وليس من المحتم ان تنشا‬
‫فى مكبان واحد بعينه ‪٠‬‬
‫واذا نحن اجلنا االن كل فظرية من نظريات « جرم» و‬

‫‪- )٣ -‬‬
‫و بنفى » وعلماء االنثروبولوجيا فاننا نجدها موضع جدال ‪ ٠‬حقا ان‬
‫العالقة بين الحكاية الخرافية واالسطورة بما فى ذلك اساطير البالد‬
‫الشمالية ‪ ،‬ال يمكن انكارها ‪ ،‬وكل ما فى االمر ان هذه العالقة من‬
‫الصعب نحديدها ‪ ،‬وربما كانت ابعد من نحديد االخوين « جرم » لها‪،‬‬
‫حينما اعتبرا الحكاية الخرافية وليدة االسطورة ‪ ،‬وهذا ما سنبحثه‬
‫بعمق فى فصل آخر ‪ ٠‬ولم يعد هناك مجال النكار أن الهند كانت منذ‬
‫زمن بعيد موطنا لكثير من هذه الحكايات قد اتتقل حقا الى الغرب ‪،‬‬
‫ولكمن تتيجة هذا إنبحث ال يمكن ان تمثل ما كان «بنفى» يطمح اليه‪٠‬‬
‫ويتتم علينا اليوم أن تنظر الى الهند بوصفها بالد ندين لها بالكثيرمن‬
‫ثروة حكايتنا الخرافية ‪ ،‬ولكنها لم تكن سوى مركز تطوير لها‪ ،‬فى‬
‫وسعنا أن تتعرف سواه ‪ ٠‬فال يمكننا اليوم على سبيل المثال انتتجاهل‬
‫باي حال من االحوال ما للحكايات الخرافية الكلتية من أهمية حتى‬
‫اليوم ‪٠‬ثم اتنا نعرف كذلك ان ثروة العرب من الحكايات الخرافية‬
‫و وة المصرين وشعوب الحضارات القديمة فى منطقة البحر االييض‬
‫كان لها أثرها فى تزاثنا من الحكايات الخرافية ‪٠‬‬
‫وأخيرا فانه يتحتم علينا حقا فيما يختص با راء إلباحثين‬
‫االتثروبولوجيين أن نسلم كذلك بان الكثير من موضوعات الحكايات‬
‫الخرافية ترجع الى تصورات دينية ‪ ،‬وان هذه الموضوعات اتتشرت فى‬
‫جميع أنحاء العالم على وجه التقرمب ‪ ٠‬على انه من جهة اخرى يجب‬
‫ان نضع فى اعتبارنا ان حكاياتنا الخرافية ال تتالف اعتباطا من مجموعة‬
‫من الموضوعات رصت بجانب بعضها البعض ‪ ،‬وانما تقف وراء هذه‬
‫الموضوعات قوة قادرة على التشكيل ‪ ،‬استطاعت ان كون الحكاية‬
‫الحرانية وفقا لقوانين محددة بحيث ال يكون فى وسع االنسان أنيحل‬
‫موضوعا عن عمد محل آخر ‪ ٠‬وهذا ال يعني انا ننكر قيام بعض‬
‫الموضوعات فى البلدان المختلفة مستقال بعضها عن بعض تماماالستقالل‪،‬‬
‫كمأ أننا ال ننكر أن مجموعة من الموضوعات البسيطة قد تنشا عن تلك‬
‫« الموضوعات القديمة » ‪ ،‬ولكنه يندر ان تألف من مجموعة مثن‬

‫‪- ٤٤ -‬‬
‫هذه الموضوعات شكل معقد كما هو الحال فى القدر االكبر من‬
‫حكاياتنا ‪ ٠‬حقا ان هناك بعض الحكايات إلتي ترتكز على تصور مفرد‬
‫ألمن التصورات القديمة مثن « الضفدع » عن االخوين « جرم »‬
‫( انظر مجموعة االطفال وحكايات البيوت رقم ‪ ٠ ) ١٥٠‬وتحكى هذه‬
‫الحكاية ان الطفل الذي كان قد اعتاد أن يطعم ضفدعا كان البد له أن‬
‫يموت بمجرد ان يموت الضفدع ‪ ٠‬ذلك الن عذا الضفدع تتقصمهروح‬
‫الففل !لذي كان يقدم له الطعام ‪ ،‬فحينما مات الضفدع الذي نتمي‬
‫اليه الطفل بصلة روحية كان ال بد للطفل من أن يموت كذلك ‪ ٠‬وهذا‬
‫نوع من تصور مذهب الروحانيين ‪ Animism‬الذي ينتثر بين شعوب‬
‫عديدة والذي قد يؤدي الى ظهور حكايات متشابهة ‪ ٠‬فما ان تتالف‬
‫الحكابة الخرافية من أجزاء أكثر تعقيدا ينتظم بعضها بجانب بعض‬
‫حتى تضاءل احتمال نشاتها المستقلة ‪ ٠‬على انه كثيرا ما يحدث حتى‬
‫اليوم انتا ال فلتفت بثكل كاف الى حقيقةان الحكاية الخرافية يست‬
‫شينا بسيطا ‪ ،‬بل صورة مركبة من كثي من التفصيالت نًا‬

‫ج‪ :‬ان الحكاة الخرافية تتكون وفقا للقاعدة من مجموعة الموضوعات‬


‫المختلفة يجتمع بعضها الى بعض مرة اخرى مكونا سالسل صغيرة من‬
‫الموضوعات ‪ ٠‬ويمكننا أن نطلق على هذه السالسل لفظ الحوادث ‪٦٠٠‬‬
‫ومن مجموعة الحوادث تتكون الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ونود هنا أن‬
‫نقدم مثاال يوضح ذلك ‪:‬‬

‫ان حكاية « يوحنا المخلص » ( االطفال وحكايات البيوت رقم ‪) ٦‬‬


‫تحتوي على موضوع الملك الذي كان له ابن وحيد سلمه لخادمه‬
‫ليربيه لثقته فيه ‪ ٠‬ويتبع هذا موضوع الحجرة المحرمة التي رأى فيها‬
‫ابن الملك صورة عروس المستقبل ‪ ٠‬ويتصل هذا بموضوع رحلة‬
‫انعروس وتديير المؤامرة للتغرير بها ‪ ٠‬هذه السلسلة من الموضوعات ‪:‬‬
‫الحجرة المحرمة التي احتوت على صورة العروس ‪ ،‬ثم رحلة العروس‬
‫وتدير المؤامرة للتغرير بها ‪ ،‬يحق لنا ان نعدها حادثة فى هذه الحكاية ‪٠‬‬
‫أما انحادثة الثانية فى الحكاية فتتضمن موضوع الطيور الرقيبة التي‬
‫اخبرت ابن الملك بالخطر الذي يتهدده ثم سماع الخادم المخلص لما‬
‫اخبرت به الطيور ‪ ،‬وما يتبع هذا من موضوع زوال الخطر ‪ ،‬واخيرا‬
‫تحول الخادم الى حجر النه افشى السر ثم يلي ذلك خالص الخادم‬
‫وتخلصه بعد أن قدم الملك ولديه كليهما ضحية لكي ينقذ خادمه‬
‫المخلص ‪٠‬‬
‫ان «بنفى» وعدد من قالميذه لم يولوا الفرق بين انحكاية‬
‫اتخرافية وموضوعها اهتماما كبيرا ‪ ٠‬فالحكاية الخرافية عنده شبت‬
‫أصلها الهندي اذا كانت تحتوي على موضوع هندي واحد ‪ ٠‬ولكن ماذا‬
‫يقول حينما تكون حكاية خرافية أو مجموعة من الحكايات محتويةعلى‬
‫أجزاء من حكاية خرافية بعينها ‪ ٠‬ات الشجرة التي تمنح بسخاء فىحكاية‬
‫« وعاء الرماد ج(‪ )١‬نقابلها فى حكاية « صاحب العين الواحدة وصاحب‬
‫العينين وصاحب العيون الثالث » م كما أن هاتين الحكاتين تتضمنان‬
‫موضوع زوجة االب الحقود واالخوات الحاقدات ‪ ٠‬وقد أشارت‬
‫الباحثة االنجليزية « مس كوكس » منذ حمسين عاما الى أن هناك ما‬
‫قرب من ثالثمائة رواية لحكاية « وعاء الرماد » كما ان حوادث هذه‬

‫الحكاية تتكرر فى كثير غيرها من الحكايات وكذلك تمكنت انباحثة‬


‫السويدية « انا بريجينا روث » فى بحث جديد ها من أن تتوسع فى‬
‫مادة المقارنة توسعا جوهريا م فاذا كانت هناك حكاية خرافية ظهرت‬
‫لها مائت الروايات المختلفة ‪ ،‬وظلت هذه الروايات متميزة عن غيرهامن‬
‫الحكايات االخرى ‪ ،‬فكيف تظل الحكاية الخرافية اذن ذات شكل‬
‫ثابت ‪ ،‬بلكيف يكون لها طابع محدد كل التحديد ?‪ ٠‬وباالضافة الى‬
‫ذلك فان اموضوعات المفردة ال يمكن باي حال مناالحوال ان تظل‬
‫فابتة ‪ ،‬وانما يعتريها بعض ال تغيي على مر الزمن وفى البلدان المختلفة‪.‬‬

‫ا ‪ -‬تحكسى عذه الحكاية عن زوجة اب حقود عذبت هي وبنتاها ابنة زوجما واطلق عليها‬
‫اسم ( وعام الرماد ) لقذارتها ‪ ٠‬وكثم! ما كانت عذه النتاة البائسة قبعي على‬
‫قبر امهها الذي نبتت عنده شجرة تسكنها طيور رقيقة القلب ‪ ٠‬وكثيرا ما كائت‬
‫الشجرة والطيور تعطغع على ألبنت حتى تزوجت لي النهاية يابن الملك ‪ ٠‬ثم كان‬
‫ان تترت الطيور عيون االختين الحقودينجزاء ما ارتكبتاه من قسوة ‪! ( ٠‬لمترجمة )‬

‫‪-٤٦‬‬
‫وهذا مثال لذلك‪:‬‬

‫روىفىحكايةهندية أنشابا تقابل مع فتاة فىحديقة فاحبها حباعميقا‪.‬‬


‫أمافى النص التركيللحكاية لفسها‪ ،‬فقد كان المحب بستانيا وأراد اذيطلع‬
‫فتاته على حديقته مرة أخرى قبل أن يتم زواجها من رجل آخر ‪ ٠‬ومرة‬
‫اخرى جدف حكاية مشابهة لدى « بوكاشيو » ان الفتاة وعدتحييبها‬
‫بنحقيف رغباته اذا استطاع أن يجعل حديقتها تزدهر فى فصل الشتاء‬
‫ازدهسارها فى فصل الصيف ‪ ٠‬وفي الحكاية‬
‫الخرافية الشهيرة « الحب والروح » ‪ 9٩oXsd pun 1000٧‬للكاتب‬
‫« أبوليوس » هالزهاسامه ‪ ،‬اضاء « الروح » الشمعة لحبيبها‬
‫« الحب » الذي كان مستعرقا فى النوم ‪ ٠‬ثم استيقظ الحب حينما‬
‫نساقطت عليه الدموع الساخنة من الشمعة ‪ ٠‬عندئذ تحتم على «الحب»‬
‫أن يهجر « الروح» ‪ ٠‬هذا الموضوع نفسه ظهر فى حكاية للكاتب‬
‫الدانمركي « ساكسو جراماتيكوس» ‪ Saxo Grammaticus‬الذي عاش‬
‫فى القرن الثالث عشر الميالدي ‪ ٠‬وملخص هذه الحكاية ان فتاة خجوال‬
‫تحتم علميها ‪ ٠‬فى حفل زواج حبيبها ب أن تمسك له ولعروسه بالشمعة‬
‫انتي نساقطت قطراتها الساخنة على يدها عندما اخترقت ‪ ،‬وعند ذاك‬
‫نفلرت بعين المشتاق الى حبيبها المشرق في حفلة عرسه ‪٠‬وفي الحاالتهى‬
‫الحفل ‪ ٠‬وأحيا المحبان حفلة العرس الحقيقية ‪ ٠‬ويحكى فيحكاية المارد‬
‫الذي لم يكن يحمل روحه بين جنبيه‪ ،‬ان هذا المارد توفى حينما هشم‬
‫البطل يضة كانت تختفي فيها روح المارد ‪ ٠‬هذه اللحكاية تحكى بعينها‬
‫فى أغنية من كتاب « االدا» ‪ ،‬اذ كانت قوة المارد تستقر فى وعاء ‪ ،‬ثم‬
‫فقد لمارد قوته حينما قذف « تور» ‪ Thor‬رأس المارد بالوعاء — الذي‬
‫سقط مهشما ‪٠‬‬
‫فاذا كانت الموضوعات نفسها لم يعد لها فيما يبدو معنى محدد ء‬
‫وفضال عن ذلك اذا كان الموضوع أو مجموعة موضوعات الحكايات‬
‫المختلفة تداخل بعضها فى البعض االخر‪ ،‬فكيف يمكن اذن للبحث فى‬
‫الحكايات الخرافية ان يستقر على أرض ثابتة ؟‪ ٠‬وربما استطعنا ان‬

‫‪-٤٧-‬‬
‫نجد مخرجا من هذا اذا قلنا ان للموضوع مالمح أولية رئيسية ومالمح‬
‫ثانوية او فرعية ‪ ٠‬وربما كان الملمح االساسي يتمثل فى أن روح المارد‬
‫نختفي فى شيء ما ‪ ،‬وفى حتمية موته اذا ما حطم هذا الشيء الذي‬
‫تختفي فيه روحه ‪ ٠‬أما الملمح الثانوي فيتمثل فى كون هذا اشيء‬
‫بيضة أو وعاء او آنية ‪ ،‬وكذلك فى كون الييضة تهشم او فى ان يقذف‬
‫رأس المارد بوعاء فيتحطم ‪٠‬‬
‫هنا تبدو اذن ضرورة تجريد الموضوع تفسه ‪ ،‬فنستبعد اوال‬
‫التفريعات العارضة ‪ ،‬ومن ثم يمكن للبحث ان يسير قدما ‪٠‬‬
‫انا لم نعن نقبل ان مجموعة من الموضوعات قد نشات او ألفت فى‬
‫عص من العصور ثم أضيف بعضها الى بعض فيما بعد عن قصد ‪ ٠‬حقا‬
‫ان بعض الموضوعات كثيرا ما تبدومختلطة بموضوعات اخرى محددة‪،‬‬
‫ويجوز لنا ان نعقب على ذلك ‪ ٠‬بأنها كانت‬
‫دائما مرتبطة بعضها بالبعض االخر ‪ ،‬وأنها كانت حقا هكذا‬
‫متزاحمة في الحكاية القديمة ‪ ٠‬فكيف يمكننا اذن ان تتصور ان هذه‬
‫الموضوعات قد نشأت ذات مرة « لذاتها » ان هذا يمكن ان يحدث‬
‫في شكل حكاية قصيرة ذات موضوع واحد ‪ ٠‬على انه يمكنناان نالحظ‬
‫ان التصورات الدينية تنعكس فى الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ومثال ذلك ان‬
‫الروح ألخذ شكل افعى او فأر يسكن في جسد انسان ‪ ٠‬وكثيرا ما‬
‫يكون في هذا اشارة الى مذهب العقيدة الروحاية ‪ ٠‬اما ان تزحف‬
‫الروح في شكلهأ هذامن فم الهائم على وجهه حينما ينام ثم تعيش‬
‫تجارب غريبة ‪ ،‬ويعتقد النائم حينما يستيقظ انهكان يرى رؤيا ‪ ،‬فهذا‬
‫ليس من قبيل تصورات هذا المذهب ‪ ،‬وانما هي عندئذ حكاية مقفلة‬
‫على ذاتها ‪ ٠‬ونود بذلك ان تقول ‪ :‬انه من الممكن انتجد عامةالتصورات‬
‫وكذلك الحقائق الدينية االساسية فى كل العصور مستقرا لها في‬
‫انحكاية الخرافية ‪ ،‬على انه ال تكون تتيجة ذلك موضوع واحد مجرد‬
‫وانما تتكون حكاية مكتملة في ذاتها ‪ ٠‬وبناء على ذلك تحتم علينا‬
‫منذ لبداية اال ننظر الى الموضوع منفصال ‪ ،‬وانما يحتم علينا اذ ننظر‬
‫إلى الحكاية الخرافية في صورتها االصلية ‪ ،‬اذ من الممكن لمثل هذه‬

‫‪-٤٨-‬‬
‫الموضوعات ان تنفصل عن الحكاية االصلية وتتصل بحكايات اخرى‬
‫اتصاال جديدا ‪٠‬‬
‫من الضروري اذن لدراسة حكاية خرافية العثور على الحكاية‬
‫في شكلها االصلي ‪ ٠‬ولكي نصل الى ذلك ال بد للبحث من ان تشعب‬
‫في طرق مختلفة ‪٠‬‬
‫اما الباحث الفرنمي « بيديه» ‪ Bedier‬الذي سبق أن عرضنا‬
‫رأيه في تعدد اصول الحكاية الخرافية‪ ،‬فقد حاول ان يصل الى الشكل‬
‫لالصلي للحكاية الخرافية عن طريق مقارنة جميع رواياتها المختلفة ‪،‬‬
‫مستخلصا من ذلك المالمح المشتركة بين هذه الروايات ‪٠‬‬
‫وهذه المالمح في مجموعها تكون من وجهة نظره الصورة العامة‬
‫للحكاية ‪ ،‬ولكنها في عمومها ال تكون موضوعا محددا ‪ ،‬وال يتكون‬
‫هذا الموضوع اال فيما بعد بواسطة قاص نضفي عليه صبغة خاصة ‪،‬‬
‫وربما اخطأ هذا القاص الطريق الى االصل بأنوانه الخاصة ‪ ٠‬واذا‬
‫كانت هذه المالمح ‪ ,‬في نظر « بيدييه » ‪ -‬مجردة جوفاء غير حية‪،‬‬
‫فان الحكاية الخرافية بوصفها كال هي الشىء الحي ‪ ٠‬انها ترتبطدائما‬
‫بالقاص ‪ ،‬والقاص ال يروي شكال جامدا وانما يحاول ان يروي حكاية‬
‫كاملة ذات بداية ونهاية ‪٠‬‬
‫أما الباحث « فردريك بانسر ))‪ Fredrich Panzer‬فيقف الى حد كيي‬
‫على طرف النقيض من منهج«بيديه»‪ ،‬فقد حاولبدوره ان يجمع الروايات‬
‫المخنلفة للحكاية إلواحدة ‪ ،‬ثم اجتهد بعد ذلك فى أن يستخلص منها‬
‫قدر االمكان شكال متكامال تضمن كل الموضوعات المهمة فى مختلف‬
‫هذه ااروايات ‪ ٠‬وبعد ذلك تكون الروايات المتاخرة فى كثير او قليل‬
‫صورا هزيلة من الصورة االولى لالصل القديم ‪ ٠‬و فيما يلي الطريق‬
‫الذي اتبعه «بانسر» للحصول على هذه الصورة القديمة‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫« ستبعد فى مثل هذه المحاولة وفقا لالمور الطبيعية ما يبدوللعيان‬
‫انه دخيل على االص من ذكريات ال تناسب زمنها ‪ ٠‬وكل ما شبت بعد‬
‫هذه النظرة المقارنة منطقيا ( فى حدود مفهوم الحرية الخرافية ومنطقها‬
‫بطبيعة انحال ) وما تثبت جودته‪ ،‬أما ما تبقى بعد ذلك متفقا فىجميع‬

‫‪--٩‬‬
‫الروايان فانه يكون محل بحث الباحث بوصفه أصل الحكاية‬
‫الخرافية‬
‫اما اكثر امناهج اصالة فقد اختطه عدد من العلماء الفنلديين ‪،‬‬
‫ونخ بالذكر منهم « كارل كرون» ‪« ، Kaarle Krohn‬وأتى‬
‫اللذين انضم اليهما فيما بعد علماء من بلدان‬ ‫آرااي» ‪٢٧‬م‪!71‬‬
‫اعالم أجمع ‪ ٠‬حقا لقد توصل علماء من البلدان االخرى مثل « أكسل‬
‫اولريك» ‪ Axel Olrik‬فى الدانمرك ‪،‬و« جستوز بساريس »‬
‫‪ ، Gaston Paris‬و «ايمانويل كوسكين» ‪ Emmanuel Cosquin‬في‬
‫فرنسا ‪،‬و« ارنست كون»مطكم ‪ ،Ernst‬و « وليم هرتى»سس‪..‬‬
‫‪ Hertz‬و « راين هولد كولر» ‪ Kohler‬ه‪8310001‬و « يوهانز‬
‫بولته» ‪Bolte 5‬ء‪50*8200‬فيالمانيا‪،‬توصلواخالل فترةطويلةمن التفكير‬
‫المستأني‪ ،‬الى طرق متشابهة في البحث كتلك التي اختطها العلماء‬
‫الفنكنديون ‪٠‬‬
‫وقد عمل هذا المنهج بدوره قدر االمكان على نشر النصوص‬
‫المختلفة للحكاية الواحدة التي تحكى في مختلف بالد العالم ‪ ٠‬وقد‬
‫استعان العلماء فى ذلك بالمصادر المطبوعة والمخطوطة كما استعانوا‬
‫بالفهارس التي دونت موضوعات الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وعليه فقد‬
‫عرضوا بعد مقارنات طويلة شاقة للغاية ‪ ،‬الروايات المختلفة للحكاية‬
‫الواحدة‪ ،‬كما بينوا العالقة يين الروايات المختلفة التي تقف مستقلة‬
‫او تلك التي تنضم مع غيرها في مجموعة من الحكايات ‪ ٠‬ثم حاولوا‬
‫عن طريق تحديد البقاع التي نشأت فيها الروايات المختلفة ان يهتدوا‬
‫الى الطريق الذي سارت فيه الحكاية الخرافية في طريق اتتشارها ‪،‬‬
‫كما حاولوا أن يهتدوا ‪ -‬بمعاونة االبحاث الجغرافية الموثوق بها‬
‫الى أصل الحكاية الخرافية عن طريق مقارنة االشكال المحورة عن‬
‫االصل م وبهذا يكون قد تحدد هذا االصل جغرافيا‪ ،‬وبقدر االمكان‬
‫تاريخيا والصعوبة انتي يواجهها هذا المنهج هي ضرورة استخدامه‬
‫للمأدة المكتوبة الى جانب ضرورة استخدامه للمادة الشفوية المميزة ‪٠‬‬
‫أما التراث الذي ينتقل شفاها فيخضع لقوانين اخرى غير تلك التي‬
‫تخضع لها المادة المكتوبة ‪ ٠‬وفضال عن هذا فان البحث طبقا لنهج‬
‫المدرسة الفلندية ليس من الميسر تحقيقه اال اذا كان في متناول ايدي‬
‫الباحثين أكبر عدد ممكن الروايات المختلفة للحكاية الخرافية ‪ ٠‬وقد‬
‫سلم للباحثين جمع الحكايات انخرافية جمعا دقيقا قدر المستطاع في‬
‫جميع أحاء ائبالد وجعلوها فى متناول العلم ‪ ٠‬ومع ذلك فليس في‬
‫استالعة أي باحث فى هذا الميدان أذ يفحع كل دليل وكل مجموعةمن‬
‫مجموعات الحكايات الخرافية بما فيها من مائت االالف من الحكايات‬
‫انخ افية برواياتها المختلفة ‪ ،‬اذ يكفي أن تحول الصعوبات اللغوية‬
‫دون ذأك ‪ ٠‬ولذلك فقد اتضحت ضرورة تصنيف ثروة الحكايات‬
‫الحرافية فى البلد الواحد والعمل على نشر هذا التصنيف فى لغة يسه‬
‫قرأءتها ‪ ٠‬وقد افترض الباحثون لذلك نظاما أساسيا تخضع لهحكايات‬
‫الشعوب جميعها ‪ ،‬أي انهم وضعوا خطة واحدة لتصنيف ‪ ٠‬والوصول‬
‫الى هدا الهدف اكتشف « اتي ارني » نظاما للتدوين توسع فيه‬
‫« ومسون» ‪ Thompson 110310‬فيما بعد ‪ ٠‬وفى هذا النظام من‬
‫انتدوين رتبت انماط الحكايات الشعبية الممثلة الوربا وفقا لمنهجقوم‪،‬‬
‫على ان هذا التدوين تبين عدم صالحيته في تحقيق اغراض اخرى‬
‫باالخص فى البحث الدقيق عن موضوعات الحكاات الخرافية ‪ ٠‬ولذلك‬
‫فقد ونع العالم االمريكي « تومسون» بعد عمل شاق مضن دليال‬
‫لموخرعات الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وقد ظهرت الطبعة الثانية فى صورة‬
‫غاية فى الشمول واالكتمال ‪ ٠‬وقد رتبت فيه الموضوعات وفقالالغراض‬
‫انتي امكن الوصول اليها تتيجة فحص مادة هائلة من الحكايات‬
‫نلخرافية واالساطير وحكايات اآللهة والفابوالت ‪ ٠‬وبذلك سهل نظام‬
‫التدوين الذي وضعه «اتي ارني» ودليل الموضوعات الذي وضعه‬
‫« ست تومسون» سهل كالهما العمل المقارن التطبيقي فى الحكايات‬
‫الخرافية تسهيال حقيقيا ‪ ،‬وان لم يمكنا من استخدام هذه المقارنة فى‬
‫نطاق واسع ‪ ٠‬ثم ان فهارس حكايات بعض البلدان مثل رومانياواسلندا‬
‫واسبايا ولتوانيا وهولندة التي صنفت وفقا لمنهجهما قد تبين انها اداة‬
‫نافعة غاية فى القيمة ‪٠‬‬

‫‪- ٥١ ٠‬‬
‫انظار الباحثين ‪ ،‬إذ بنا نجد بلدا آخر لم يصل الى مثل هذا المستوى من‬
‫النشاط فى التجمع او فى مجرد التصنيف ‪ ٠‬على ان هذا المنهج لميذكر‬
‫بدوره شيائ عن قيمة الروايات المختلفة وكميتها ‪ ٠‬فاذا ادركنا الى‬
‫جان مذا ان نسبة ضئيلة من الروايات المختلفة فى منطقة ما من الممكن‬
‫ان تغير صورة هذا البحث تغييرا كامال ‪ ،‬يكون من السهل ادراك انه‬
‫ليس فى وسع هذه المدرسة الجغرافية التاريخية ان تقدم تتيجة مؤكدة‬
‫بحال من االحوال في جميع الظروف ‪٠‬‬
‫وعلى هذا ففي الوقت الذي يرى فيه « الوتس ماكينسن »‬
‫‪ Lutz Mackensen‬ان منطقة الفالندر هي الوطن االول لحكاية‬
‫« العظام الموسيقية» الخرافة الشهيرة يرى « كارل كرون » ‪Kaarhe‬‬
‫‪ Krohn‬ان هذه الحكاية نفسها لها صورة اخرى قديمة ومن ثم‬
‫فان لها وطنا آخر هو الهند م‬
‫ان الصورة االصلية ال يمكن الوصول اليها اال اذا كانت هذه‬
‫الصورة اصيلة ترتكز فى تكوينها على قوانين معينة واسس منطقية ‪،‬‬
‫االمر انذي لم يحدث بالنسبة للحكايات الخرافية البدائية التي يتمثل‬
‫ومع هذا فان المنهج الجغرافى التاريخي قد اثار بعض االعتراض ‪٠‬‬
‫وقد سبق ان ذكرنا ان البحث ال يكون ميسرا اال حينما نكون هناك‬
‫روايأت عدة انماذج الحكايات الخرافية ‪ ٠‬ولكن لما كانت مجموعات‬
‫الحكايات الخرافية للبلدان المختلفة غاية في االختالف ‪ ،‬فان البحث‬
‫حيننذ يواجه مشكلة عدم التكافؤ ‪ ٠‬قفي حين نجد منطقة نشطت فيها‬
‫عملية التجمع بحيث اصبحت تستحوذ على روايات مدونة غنية تلفت‬
‫فيها الموفوع اثر االخر دون تطور كما سنبين فيما بعد ‪ ٠‬وعلى هذا‬
‫فان المنهج الفلندي ال يمكن االستفادة منه في دراسة الحكايات‬
‫انخرافية البدائية اال بعد تعديله ‪٠‬‬
‫وهناكصعوبات اخرىتواجهها المدرسة الفنلندية فى اختمال ان الحكاية‬
‫الخرافية ليست ممتدة كالموجة في اتشارها من شعب الخر ‪ ٠‬فقد‬
‫تجتأز الحكاة الخرافية مسافات شاسعة فى اتتقالها وتستقر فى منالق‬
‫تتفصل عن بعضها البعض تماما ‪ ،‬وال تجد غير ذلك مستقرلها فيما‬

‫‪-٥٢‬‬
‫بين هذه المناطق ‪ ٠‬على أن مثل هذا القفز من جانب الحكاية الخرافيه‬
‫محتمل ‪.‬بكل تأكيد ‪ ٠‬والمدرسة الفنلندية ‪ -‬فيما يبدو لنا‪ -‬لم تلتفت‬
‫الى اهمية قاصي الحكايات الخرافية االقليال فالرواية الشفوية للحكايات‬
‫الخرافية ال تتآثر بالكتلة الشعبية غير المعروفة اال بمدار ضئيل ‪ ،‬وانما‬
‫الغالب انها تتأثر بافراد القصاصين الموهوبين ‪ ،‬ففي وسع انحكاية‬
‫انخرافية ان تنتشر فى بالد كثيرة حتى فى تلك انتي تتكلم لغه غير غة‬
‫الحكاية االصيلة وذلك عنطريق القصاصين والصبية المتجولة من العمال‬
‫وعن طريق المغنين الشعييين والجنود والبحارة ‪٠‬‬

‫‪c.w. Syd‬‬ ‫وقد رفض الباحث السويدي « فون سيدوف»‬


‫السباب أخرى فكرة تفسير اتتشار الحكاية الخرافية المتماثلة عنطريق‬
‫انهجرة ‪ ٠‬وقد قدم لذلك مثاال فى اتتشار تقاليد شمر مايواالسكندفافية‬
‫فى جهات كثيرة‪ ،‬وذكر كيف ان اتتشار مثل هذه التقاليد ضئيل للغاية‬
‫حتى عندما ال تكوذ هناك حواجز لغوة ‪ ٠‬فكيف تظل الحكاة‬
‫الخرافية ‪ -‬من وجهة نظر «سيدوف» ‪ -‬محتفظة بشكلها الثابت خالل‬
‫مائت لسنين فى الوقت الذي يتحتم عليها فيه أن تجتاز اآلف الكيلو‬
‫مترات كما تجتاز الحدود اللغوة والحضارية ‪٠‬‬

‫واذنك فقد قصر «سيدوف» بحثه على « حكايات اثسحر» ‪٠‬‬


‫وهي ‪,‬الحكايات التي ال تتضمن فى أساسها اشارات جغرافية حقيقية ‪،‬‬
‫كم انها ال تحتوي على اسماء حقيقية ‪ ،‬وانما تلعب دورها فى عالم‬
‫خيالي ‪ ،‬وتميل الن تكون حوادث جزئية اتتظمت فى وحدة مثيرة ‪٠‬‬
‫ومن أمثنة هذه الحكايات حكاية « الوردة الشائكة» وحكاية ة وعاء‬
‫الرماد » وما شابه ذلك مما نبرفه من حكايات «جرم» ‪ ٠‬ونقيض‬
‫حكايأت السحر هذه ما يطلق عليه سيدوف» القصص السامية‬
‫الخرافية ‪ ،‬وهي اكثر واقعية من حكايات السحر وحكايات االلغاز‬
‫وحكايات الحكم والحكايات المزلية وما شابه ذلك مما ال نود التعرض‬
‫له هذ؛ ‪ ٠‬وتقتصر حكايات البحر —‪ ٠‬من وجمة نظر سيدوف» — على‬
‫المنطقة الهندوجرمانية‪ ،‬االمر الذي سبقأن أشار اليه االخوان «جرم» ‪٠‬‬

‫‪-٥٣-‬‬
‫اما الحك‪:‬ات العربية الخرافية فيتمثل فيها على االغلب طابع البناء‬
‫‪ ،‬وأما ما تتضمنه مجموعة الف ليلة وليلة أو المجموعات‬ ‫|س‬
‫العرية االخرى من حكايات السحر‪ ،‬فإما ان يكون من اصل فارسي‪،‬‬
‫ومن ثم هندوجرماني‪ ،‬واما أن يكون قد اتتقل اليها عن طريق الفرس‪.‬‬
‫فاذا استبعدنا مسألة هجرة الحكايات الخرافية ( أو لم نسلم بها اا‬
‫بصفة ا‪.‬تثنائية‪ ،‬حيث ان سيدوف نفسه لم ينكرها كل االنكار ) فان‬
‫اتشابه الكبير بين الحكايات الخرافية عند الشعوب الهندوجرماية‬
‫المختلفة يرجع الى القرابة الورائية بين هذه الشعوب ‪ ٠‬فكل من‬
‫هذه الحكاياتالخرافية نشات فى عصرلم تكن فيه شعوبالهندوجرمانية‬
‫قد انفصل بعضها عن البعض اآلخر بعد ‪ ،‬كما اتخذت فى كل بلد على‬
‫حدة شكال خاصا وطابعا اقليميا ‪ ٠‬فاذا امعنا النظر فى روايات الحكايات‬
‫الخرافية المختلفة عند كل من الشعوب االوربية واآلسيوية المتجاورة‬
‫ذات االصل الهندوجرماني‪ ،‬فربما وجدنا االختالف حاد بصفة خاصة‪.‬‬
‫ولكن كيف تبرز الحكاية الخرافية هذا التغير الكبير في اجتيازها مثل‬
‫هذه الحدود اللغوية كما حدث فى هجرة الحكايات الخرافية الرومانية‬
‫الى المنطقة الجرمانية أو العكس ‪ ٠ 7‬ان تفسير ذلك يمكن ان يرجععلى‬
‫االغلب الى ان الثعوب انهندوجرمانية االسيوية كانت فى سالف‬
‫الزمن منفصلة عن انشعوب الهندوجرمانية االورية ‪ ،‬اكثر من اتفصال‬
‫الشعوب الهندوجرمانية االوريية بعضها عن بعض ‪٠‬‬
‫على أن هذا البحث يحتوي فى حد ذاته على قيمة كبيرة‪ ،‬وقدنوقش‬
‫منذ زمن نقاشا مليائ بالحيوية‪ ،‬وان لم يتمكن من دحض كل وجوه‬
‫االعتراض التي ثارت ضده ‪ ٠‬فبمقارنة الحكايات الهندوجرمانية عند‬
‫شعبي الهند والكلت مثال تبين ان وجوه االختالف اكبر مما هي عليه‬
‫بين الحكايات الهندية والعربية ‪ -‬اي السامية ‪ ٠‬وترتب على ذلك انه‬
‫اذا كانت الحكايات الخرافية تصل الى ماضي الشعوب ا لهندوجرما نية‬
‫المثترك ‪ ،‬فمن المحتم اذن انها قد ظهرت فى العصر الحجري الجديد ‪٠‬‬
‫على اننا ال نعرف الشكل الذي كانت عليه الحكاية الخرافية فى هذا‬
‫العصر ‪ ،‬كما ال نعرف ما اذا كانت قد وجدت أصال فىهذا العصر ‪،‬‬

‫‪٤-‬ح‪-‬‬
‫فاننا ال نستطيع ان نقطع بكلمة في هذا االمر ‪ ٠‬ونحن نعرف ان أمثال‬
‫حكايان السحر هذه ظهرت فى صور مستقلة كذلك خارج نطاق‬
‫الشعوب الهندوجرمانية ‪ ٠‬وأشهر هذه الحكايات التي نعرفها اخكاية‬
‫المصرية القديمة التي تحمل عنواذ « االخوين» وهي قرجع الى حوالى‬
‫سنه ‪ ١٢٥٠‬ق‪٠‬م‪ ،‬كما أنها تشبه الحكايات التي كانت تروى قبل ذلك‬
‫بقليل فى منطقة البحر االسود شبها شير الدهشة ‪ ٠‬ويرى « سيدوف»‬
‫ان الحكاية المصرية تألفتمن مزيج من حكايتين اقليميتين ‪ ٠‬ومن ال محتمل‬
‫أن تكون هذه الصورة انجديدة التي نتجت من اندماج الحكايتين‬
‫االخرين قد اتتقلت الى مصر عن طريق سورا ‪٠‬‬
‫ومن هذا تبرز مشكلة جوهرية ‪ ٠‬فاذا كانت حكاية السحر‬
‫الخرافية ‪ ٠‬كما ادعى «سيدوف» ‪ -‬ملكا للهندوجرمانيين ‪ ،‬فان ذلك‬
‫يعني انها تعبر عن اهم خصائصهم ‪ ٠‬ومع ذلك فقد اتقلت الحكايات‬
‫الهندوجرماية الى العرب عن طرق الفرس ‪ ،‬كما اتتقلت الحكاة فى‬
‫عصر مبكر الى المصين القدماء ‪ ،‬الذين تقبلوها بطريقة جعلتهميربطون‬
‫فى اتحقيقة بينها وبين آلهتهم ‪ ٠‬وهنا نرى ان الحكاية الخرافية‬
‫الهندوجرمانية لم تتغلب على الحدود اللغوية فحسب ‪ ،‬وانما تغلبت‬
‫د كما يبدو لنا ‪ -‬على حدود حضارية لها طايعها المميز القوي ‪ ٠‬فاذا‬
‫كان قد حدث ان تمكنت الحكاية الخرافية على هذا النحو من اجتياز‬
‫مثل هذه الحدود ‪ ،‬فكيف ال يحق لها أن تنتقل كذلك من شعب‬
‫هندوجرماني الى آخر ‪٠1‬‬
‫أما الشيء الصحيح فى بحث «سيدوف» فهو نظرته فى ائخصائص‬
‫المحلية لنمط الحكاية الخرافية ‪ ،‬أي نظرية االنماط االقليمية ‪ ،‬وكذلك‬
‫رأيه فى أن الحكاية الخرافية ال تهاجر عبر الحدود الواسعة‪ ،‬وانما يقوم‬
‫بنقنها القاصون ذوو المواهب العالية الذين يحتفظون بشكلها وان‬
‫ضتعوا لهاكذلك أشكاال أخرى عن طريق اكمالها او اضافة اشياء‬
‫لها او تغيير بنيتها ‪ ٠‬فاذا كانت وساطة افراد معدودين من القاصين‬
‫قد نجحت فى نقل الحكاية الخرافية كما نجحت فى نقلها الروايات‬
‫المدونة‪ ،‬التي لعبت ‪-‬رغمكل وجوه االعتراض ‪ -‬دورا مهمافي نقل‬
‫الحدايات منذ مائت السنين ‪ -‬ففي وسع الحكاية الخرافية بحق أنى‬
‫تجتر الحدود اللغويه والحضارية وتظل مع ذئك فى جوهرها هينفسءا‪٠‬‬
‫وبناء غليه فانهاال تتعرض ‪ -‬رغم هجرتها عبر المناطق الشاسعة —‬
‫انى شعف أو ذبول أو ما يعطل نموها ‪٠‬‬

‫وهناك وجهة نظر اخرى يمثلها «فل‪ -‬اريك يوكيرت » الذي‬


‫يمين لى ان يرى أن الموطن االصلي للحكايات الخرافية — بوصفها‬
‫صورا مكتملة ترجع حقا الى عصور باغة في ألقدم — هو منطقة‬
‫الحفارات القديمة فى شرق البحر االييض المتوسط ‪ ٠‬وهذا نص قوله‬
‫فى هذا الشأن ‪ 5 :‬ان الصور االولى المكتملة للحكايات الخرافية‬
‫وسابقاتها نقابلها فيمانعرف عن منطقة شرق البحر االيض المتوسط ‪،‬‬
‫فعالم الحكايات الخرافية هو عالم المزارعين ‪ ،‬اذ ان المواضعات الخاصة‬
‫عن العمل والتفكير لدى المزارعين ال بد أن تخلق لها كيانا روحيا ‪٠‬‬
‫وهذا الكيان الروحي يتفق فى أسسه فى جميع انحاء العالم حيثما كان ‪٠‬‬
‫ثم تجمدت التجربة لدى اغالحين الذين أعقبوا المزارعين ‪ ،‬عند‬
‫ألعرر االولية « للحكايات » ‪ ٠‬ولما كانت شعوب بالد الشمال ‪ -‬وفقا‬
‫لوجهة ننلر علماء ما قبل التاريخ — حطابين قبل أن يعيشوا حياةالزراعة‪،‬‬
‫فاهم لم يمروا بمرحلة المزارعين ‪ ٠‬ولذلك فليس فى وسع االنساذ أن‬
‫قبل — بناء على ذلك ‪ -‬أن تكون هذه الشعوب الشمالية قد عاشت‬
‫عالم الحكايات الخرافية » ‪٠‬‬

‫حقا ان حكايات نعوب البلقان تشير الى نوع من االتفاق بينهاوبين‬


‫موضوعات بابلية فى محلمة « جلجامش » واخرى مصرية فى حكاية‬
‫« االخوين » ‪ ٠‬ومن المختمل أن تكون هذه الحكايات البلقانية قد‬
‫احتفظت بالنراث الشرقي عبر آالف السنين ‪ ٠‬ولكن المادة التي تقدمها‬
‫ملحمة « جلجا مش » فى عمومها أضأل من ان تؤدي الى مثلهذهالنتائج‪.‬‬
‫على انه بيس هناك ما يبعث على العجب فى أن تنشأ اقدم وثائق الحكاية‬
‫الخرافية من حضارة خلفت وراء ها أقدم شواهد مكتوبة ‪٠‬‬
‫ودبما تسرب الى ثروة حكاياتنا الخرافية شيء من التراث المصري‬

‫‪-٥٦-‬‬
‫أو ابابلي ‪ ٠‬اما ان ئرى فى منطقة شرق البحر االبيض المتوسط مصدر‬
‫للحكايات الخرافية أو حكايات السحر فهذا غير معقول ‪ ٠‬ثم الذا ترجع‬
‫الحداية الخرافية فى أصل فلهورها الى المرحلة اازراعية وحدها ? ‪٠‬‬
‫فهناك مالمح آ كثر قدما بل واكثر تبكيرا بكثير من مالمح حياة الزراعة‬
‫تظهر فى الحكايات الخرافية مثل مالمح المذهب الروحي أو المدهب‬
‫نطولمي التي نصادفها فى تصورات اعصور الوسطى ‪ ٠‬واذا كانت‬
‫الحكأده الخرافية قد عرفت حقوق االم كما عرفت االحتفال بمرحلة‬
‫المراهقة والنضوج وتقاليد الزواج عند المزارعين فانه ليسمن الضروري‬
‫— من أجل هدا السبب — أن تتتمي بأي حال من االحوال الى‬
‫عصر المزارعين ‪٠‬‬
‫ولدلك يظل رأي « بويكارت » محختفظا بوجاهته ‪ ٠‬ذلك النه لم‬
‫يحاول ان يفر اتشار الحكاية اخرافية فحسب ‪ ،‬كما فعلت المدرسة‬
‫الفنكندية‪ :‬ولكنه بحث كذلك عن أصلها ‪ ٠‬وقد رأى فى هذا ان‬
‫الحكايأت الخرافية مرتبطة بالحياة الدينية بجميع صورها ‪،‬ومرتبطة‬
‫با لعقيدة ‪٠‬‬

‫وقد سبق «بويكارت» فى هذا الرأي الباحث الفرنسي «سنتييف»‬


‫كلها‬ ‫‪ Sa'ntyves‬إذا حاول أن فر حكايات «بيروه» ‪Perrault‬‬
‫بوصفها روايات تثرية لموضوعات العقيدة ‪ ٠‬ومثال ذلك حكايات ذات‬
‫الرداء االحمر » ‪« ،‬واوئردة الشائكة»‪،‬و« وعاء الرماد» التي‬
‫رأى فيها أصداء لطقوس فصول السنة ‪ ٠‬فذات الرداء االحمر ‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال رمز لعروس شهر مايو ‪ ٠‬كما ان حكاية « القط المنتعل‬
‫حذاء»(‪ ،)١‬وحكاية « ذى اللحية الزرقاء » تشيران الى طقوس البلوغ‪.‬‬
‫على أن هذا الراي الذي ربط بين الحكايات الخرافية او موضوعاتها‬
‫وبين موضوعات العقيدة ليس مضلال بحال من االحوال ‪ ٠‬فائحكاية‬
‫الخرافية ‘نرتبط بحكايات اآللة بصلة القربى ف حدود ضيقة ‪٠‬وحكايات‬

‫ا ‪ -‬تحكى عذه الحكاية عن قط انتعل حذاه طوله سبعة اميل ستطاع ان يعبر‬
‫به مساغات بعيدة لكي يوصل محبا الى محيويته ‪( ٠‬المترجمة)‬

‫‪-٥٧-‬‬
‫اآللهة تكاد ال تنفصل عن العقيدة ‪ ٠‬أما من فاحية المنهج فاذ عمل‬
‫« سنيتيف » يعد سطحيا وذلك النه ال تضمن قيمة استداللية‬
‫وفى السنوات االخيرة اهتم فرع من العلوم بالحكاية الخرافية‬
‫اهتماما بالغا ‪ ،‬وحاول أن يفسرها من وجوه عدة ‪ ٠‬ذلك هو علم‬
‫النفس •‬
‫فقد حاول كثير من علماء مدرسة آل سيجموند فرويد » أذ يفسروا‬
‫انحكاية الخرافية من وجهة نظر التحليل النفسي ‪ ٠‬ولمنا نعرف لهذه‬
‫المدرسةمال تضمن أية قيمة بالنسبة للبحث فى الحكايات الخرافية ‪،‬‬
‫ذلك ان كل الحكايات الخرافية تفسر من خالل التجارب الجنسية‬
‫وحدها ‪ ٠‬فالحكاية _ من وجهة نظرهم _ تعكس صورة الفزع من‬
‫الحيض أو من فض البكارة ‪ ،‬أو هي نعكس عقدة اوديب ‪ -‬تلك‬
‫الرغبة الالثعورية عند الشباب التي تدفعهم لقتل االب والزواج من‬
‫االم ‪ ٠‬فمن المعتاد تفسير الحكاية الخرافية بوصفها اداة الخفاء نجارب‬
‫سن المراهقة وخبراته م ‪٠‬‬
‫ولكن كيف يمكن أن ننشأ الحكاية الخرافية من هذه الموضوعات?‬
‫فى حكاية ‪ 8‬الموت المشكور » يقف المساعد المخلص الى جانب البطل‬
‫فى ليلة انزفاف‪ ،‬يحفظه من االفاعي انتي تسكن جسم العروس ‪٠‬ونحن‬
‫وان كنا نجزم بأن هذه الحكاية تعكس االعتقاد فى خطورة فض‬
‫البكارة ‪ ٠‬اال أن هذه العقيدة لم تتسبب عن خوف شخصي أو عن‬
‫تجربة روحية ‪ ،‬وانما االرجح انها تتيجة تصور ان قوى االنسانتنطلق‬
‫مع أول اتصال للرجل بالمرأة ‪ ،‬ويتحتم على االنسان ان يمنعما من‬
‫االنطالق ‪ ٠‬ومن ثم فاذالكاهن او أي شخص غريب عند كثير من‬
‫شعوب الحضارات البدائية يأخذ على عاتقه عملية فض البكارة الخطرة ‪٠‬‬
‫ان الخوف الشخصي من عملية فض البكارة ‪ ،‬وكذلك تجارب فترة‬
‫الحلم التي كثيرا ما نرى المدرسة الفرويدوية ضرورة االعتماد عليها فى‬
‫قفسير الحكاية !لخرافية ‪ ،‬ليس من الممكن أن قتشكل هذه االشياه‬
‫في الحكاية الخرافية اال حينما يكون القاص مرأة ‪ ٠‬ذلك الن مثلهذه‬

‫‪- ٥٨ -‬‬
‫التجربة ال يمكن ان تتحقق اطالقا لدى الرجل ‪ ٠‬ولكن الثابت ان‬
‫القصاصين فى الشعوب البدائية بالذات كانوا غاببا من الرجال ‪٠‬‬
‫ثم اهتم «ذارل جوستاف يونج » وتالميذه زمنا طويال االساحير‬
‫والحكايات الخرافية ‪ ٠‬واليهم يرجع الفضل فى أنهم تجاوزوا بالتفسير‬
‫انفسي للحكايات "لخرأفية نطاق االبحاث الفرويدوية ذات ألجانب‬
‫انواحد ‪ ٠‬وقد اتهى «يونج» الى ان صور االمراض اتفسية انتيتفلهر‬
‫في انالثعور وفي االحالم او في الخياالت تبدو كانهأ تقابل االسالير‬
‫العديمة ‪ ٠‬وقد سمى «يونج» هذه االساطير الصور القدييمة او االنماط‬
‫الساسية ‪ ٠‬على أن «يونج» لم يفرق بين االساطير والحكاياتألخراعيه‪،‬‬
‫وان تاد هذا ال يضير البحث فى شيء ‪ ،‬الن كال اننمطين قرسب من‬
‫االخر ‪ ،‬وهما نطلقان معا من نفس البواعث ‪٠‬‬

‫وقد عبر «يونج» عن آرائه فى الحكايات الخرافية واألساطير فى‬


‫أبحاث كثيرة له ‪ ٠‬ويبدو لنا أن اهم هذه االبحاث ما كتبه تحت عنوانى‬
‫« مدخل الى طبيعة الميثولوجيا » الذي نشره باالشتراك مع عالم‬
‫‪ ٠ Keh&iyi‬قال فى هذا البحث ‪:‬‬ ‫تاريخ االديان « كيرني»‬
‫منبين تائج النشاط الخيالي الالشعوري توجد خياالت ( أحالم‬
‫شاملة ) ذات طابع غير شخصي ‪ ٠‬على أن هذه الخياالت ال يمكن‬
‫ارجاعها الى تجارب االفراد فيما قبل التاريخ‪ ،‬كما ال يمكن فى مقايل‬
‫ذلك نفسيرها فى ضوء ما حصله االفراد من خبرات ‪٠‬‬
‫‪-‬ص‬
‫هذه الصورة الخيالية ظهر لها فيما بعد بدون شك ما شبهها فى‬
‫االنماط الميثولوجية‪ ،‬ولذلك فنحن زى أنها تمثل بصفة عامة عناص‬
‫تركيبية جمعية مؤكد ( وليست شخصية ) للروح االنساني وهذه‬
‫العناصر تورثشأنها شأذ العناصر المورفولوجية فى جسم االنسان ‪٠‬‬
‫وعلى الرغم من أن التراث االنساني واالتتشار عن طريق الهجرة مسلم‬
‫تهما ‪ ،‬فهناك حاالت ب كما ببق أن ذكرنا ‪ -‬تتجاوز الحصر ال يمكن‬
‫تفسيرها على أساس هذا االصل ‪ ،‬وانما تطلب االمر قبول مبدأ‬
‫« قيام انسكان» مرة اخرى ‪ ٠‬وتكثر هذه االحوال الى درجة ان‬

‫‪٠ ٥٩ ٠‬‬
‫االنسان ال يستطيع اال أن يقبل قيام اصل روحي جمعى ها ‪ ٠‬وقد‬
‫اطلقت عنى هذه االمور الالشعورية عبارة آل االشعور الجمعي » ‪٠‬‬

‫ومعنى هذا أنالتكوين االسطوري فى االساطير والحكاياتالخرافية‬


‫‪ - -‬شأنه نأن الصور التي تظهر فى االحالم ‪ —I‬نشأ من نفس المستوى‬
‫الروحي أي من « الالشعور الجمعي» ‪ ٠‬أما فى حاالت الصور التي‬
‫تظهر فى االحالم ومثلها فى الخياالت الناتجة عن االمراض النفسية ‪،‬‬
‫‪9‬فانها ال تختص إطالقا ( او هي على أقل تقدير نادرا ما تختص )‬
‫باالساطير كاملة انتكوين ‪ ،‬وانما هي تختص بالعناصر المكونة لها ج ‪٠‬‬
‫وتتاج هذا النشاط الخيالي الالشعوري هو « عرض تلقائي لحوادث‬
‫تستكن في الالشعور ‪ ،‬او هو كشف للجانب الالشعوري من‬
‫النفس دون رادة منها » ‪٠‬‬

‫وقد حاول يونج أن يدعم تظريته بمثال من النمط االصلي للطفل‬


‫االله ‪ ٠‬فنحن نعرف عن كثير من االلهة أمثال زيوس وهرمس‬
‫وديونيسوس تصورات الفعال خاصة من سن الطفولة ‪ ٠‬وهذا النموذج‬
‫للطفل االلهي ‪ ،‬الذي قد يبدو كذلك فى صورة المسيح للطفل يحمله‬
‫كريستوفورس (‪ ، )١‬وفي صورة االقزام وانصاف االلهة ‪،‬‬
‫له ما يشبهه من أشكال فى علم االمراض النفسية‪ ،‬وربما كاذمنالمألوف‬
‫لدى النسوة المريضات بعقولهن ان نظرن الى الطفل المنتظر على انه‬
‫المسيح ‪ ٠‬وربما ظهر هذا بخاصة عند معالجة االمراض العصبية فيعملية‬
‫نضوج الشخصية إلتي تنتثار عن طريق تلحيل الالشعور ‪ ،‬أي عن‬
‫طريق عملية التفرد ‪ ٠‬ففي بداية مرحلة الشفاء النفسي فى سييل التطور‬
‫الى الشعور بالذات ‪ ،‬تبدو صورة الطفل مستكئة تماما فى الالشعور ‪٠‬‬

‫ا ‪ -‬لنط اغريقي معشاه حامل المسيح ‪ ٠‬وهو لبقا لالسطورة ملرد حمل المسيع اللنل‬
‫عبر بحر واسع ‪٤‬ثم عمده المسيح الطل ‪ ٠‬وتحتل اسبة الكانوليكية يذكرى‬
‫حذا في الخامس والعشرين من دهر يرليه ‪ ٠‬عدا وقد تركمت عدم االسطوررة اثرها‬
‫في اعمل النهعت والتصرير ‪( ٠‬المترجمم‬
‫ثم يحدث بعد ذلك للطفل نوع من « التحضيض والتوضيح »‬
‫يصحبه ظهور مالمح عريقة في القدم على نطاق و‪١‬سعجد‪٧‬ئءا‪٠‬‬
‫اما مرحلة العالج التي تتبع ذلك فمي تقابل مرحلة االسطورة البطولية‪.‬‬

‫ووفقا للقاعدة غيب الباعث على االعمااللكبيرة ‪ ،‬وتقوم عوامل التهديد‬


‫االسطوربة فى مقابل ذلك بدور كيير للغاة ‪٠‬‬

‫أما مقارنة عوارض االمراض النفسية بطفولة االله االسطورية ‪،‬‬


‫فهي فيما يظهرباعتة وغير محددة ‪ ،‬ويبدو لنا أن افعال االلهة االطفال‬
‫االسطورين اكثر تحديدا من عوامن التهديد االسطورية ‪ ٠‬ويكفي‬
‫أن نذكر لهذه المناسبة هرقل ‪ ٠‬أما وجوه االتفاق في التفصيالت فمي‬
‫وان لم تتمثل فى أغلب االحيان بين التفصيالت الجوهرية ‪ ،‬فهي ال‬
‫تتلفي فى راينا لتفسير أسطورة اآللهة ‪ ٠‬اننا ال نميل بادىء ذى بدء‬
‫الى أن ننكر ان مالمح الالشعور يمكن ان تنعكس فى اسطورة االلهة‬
‫ذات "لشكل المحدد ‪ ٠‬ان ألوهية االم الكبرى التي تعرف فى كثير من‬
‫الحضارات تنتشر بصورة اكثر من مجرد عملية االسقاط في التجارب‬
‫انالشعورية لكل ما تصل باالمومة فى عالم االسطورة ‪ ٠‬وهذا هو‬
‫الشأن كذلك باننسبة لكل اآللهة ‪ ٠‬يحملون بكل قأكيد طابعا‬
‫رمزيا ‪ ،‬ولكنهم ليسوا فى المكان االول رموزا لوقائع روحية ‪ ،‬وانما‬
‫هم شواهد على عالم أسطوري واقعي يمكن أن يعيش فيه البدائيون♦‬
‫وعلى ذلك فانه من االهمية بمكان ان تفكر فى وسيلة اخرى تتساند مع‬
‫النظريت النفسية التحليلية ‪ ،‬أعني أن الالشعور ال تضمن اال ما يعاش‬
‫فى الثعور بوصفه حقيقة اسطورية ‪٠‬‬

‫وقد استخدمت ال باحنة «هدفج فون يايته ف عاها الكبي الذي‬


‫يقع فى ثالثة أجزاء تحت عنوان «رمزية الحكاية الخرافية » نظريات‬
‫«يونج» بقصد التقدم فى بحث الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ونود أن تتبين‬
‫طريقة تفسيرها متخذين مثاال لذلك مرة أخرى حكاة « الوردة‬

‫ج ‪-٦١‬‬
‫الشائكة(‪• » )١‬‬
‫‪ 7‬ان بداية الموقف تعرض فى صورة غامضة شيائ ما ميالد البطلة‬
‫الخارق للعادة ‪ ،‬تلمك التي جاءت منحة من ضفدع ‪ ٠‬وقد ذكرت أنئى‬
‫جراد البحر في نص قديم بدال من الضفدع ‪٠‬هذا يمثل االم الكبرىفي‬
‫ثتكل حيواني ‪ ٠‬وهي تطابق (كذلك) الجنيات الثالث عشرة ‪ ٠‬ويينما‬
‫كان الطعام معدا الثتتي عشرةجنية فحسب فيوليمة التضحية التقليدية‪،‬‬
‫اذا بصحن ينقص الجنية الثالثة عشرة حل أي انه كان ينقص الجنية التي‬
‫لم يحسب لها حساب ‪ -‬تلكالشخصية الخارقة للعادة التي حرص‬
‫الشيء الجوهري على أن يكوذ متضمنا فيها كما هو فى ائالشعور ‪»٠‬‬
‫أن الجنية الثالثة عشرة « تتلخص فيها االثنتا عشرة جنية االخرى ‪ ،‬فمي‬
‫بمثابة االساس الخاص والمبدأ االول لها‪ ،‬أعني انها فى هذه الحالة‬
‫تمثل النموذج االصلي لالم ‪ ٠‬غير أن االوضاع انقلبت فصارت الجنية‬
‫انشاشةءشرة هي بعينها مبدأ الشر ‪ ٠٠٠٠‬وقد كان االب يعتقد انه من‬
‫الممكن المحافظة على ابنته بمحاولته االحتفاظ بها فى مرحلة الطفولة عن‬
‫طريق تحريمه المغازل ‪ ،‬أي العنصر المالزملالم الكبرى الذي ربماكان‬
‫بالنسبة للزوجة الناضجة رمزا لمصيرها م ولذلك فقد عاثت الفتاة‬
‫مستغرقة فى]لخإالت الالشعورية التي تبدو محلقة فى ائسماء ‪ ،‬وان‬
‫كانت هذه الخياالت فى الواقع قد اتتقلت بها الى العالم االخر‪ ،‬الى‬
‫عالم السبات والنوم ‪ ،‬أي الى عالم الالشعور » ‪٠‬‬
‫هذه المحاولة فىتفسيرالحكايات الخرافية واالساطير اثارت بدورها بعض‬

‫‪ ٠ 1‬تحكى هذه لحكاية ان ‪1‬لملك والملكة كانا يتمنيان ان يرزقا يابنة ‪٠‬غلما رزقا يها بوعد‬
‫من ففدع اقام الملك حال كبير! دعا اليه ثالث عثرة جنية ‪ ٠‬غلما جلسن للطعاموجدت‬
‫الجئية الثالثة مثرة ان محنا ينتصها‪ ،‬ال لم يكن الملك قد حسب حسابها‪ ،‬لما‬
‫فرعن من الطعامتمنت كل منهن امنية طيية للتاة اال الثالثة عشرة التي تنبات لها‬
‫بانها مستموت نقيجة وخزة مغزل ‪ ٠‬ولما ‪1‬كتاب !لملك لهد ه النبرءة جاءته المجنيات‬
‫االخريات واخيرته بانها سوغ تروح ي سبات عميق ولكنها لن تموت ‪ ٠‬وحرم‬
‫الملك بعد للك عدى ان يحطم كل مغزل فيالبلدة ع ولكن مغزال ترك سموا ‪ ،‬هو‬
‫المغزل الذي وخز الشتاة التي راحت بسببه في سبات عميق حقى ايقظها االمع‬
‫الذي تزوجته بعد للك ‪« ٠‬المترجمة)‬

‫‪-٦٢-‬‬
‫المالحظات ‪ ٠‬فهذا العملفي راينايتفقمعتفسيرعلماءاالساطير الطييعيين‬
‫فى أن كليهما الشير االهتام اال للوهلة االولى ‪ ٠‬ان تطرفهم فىالتركيز‬
‫في جانب واحد من البحث ‪ ،‬ومنهجهم انذي يثير كثيرامن التساؤل‪،‬‬
‫وما تبع هذا من تائج ‪ ،‬كل هذا تضح من خالل أمثلة وفيرة ‪ ٠‬ونود‬
‫أن نقدم الى جانب هذا بعض المالحظات المهمة ‪٠‬‬

‫فالمؤلفة تقوالن الصورة او الموضوع قد يفسر تفسيرا صحيحاعندما‬


‫لمتد التفسير الى كل اجزاءالحكاية الخرافية ‪ ٠‬ومعنى هذا ان الموضوع‬
‫المفرد لبس وحده ذا طابع رمزي وانما تشترك معه الحكاية الخرافية فى‬
‫ذلك من حيث هي كل‪ ٠‬ولكن ماذا يحدث اذن لو أن الحكايةالخرافية‬
‫اعتراها بعض التغيير ‪ ،‬او لو انها فقدت موضوعات او حوادث بكاملها‬
‫او اضيف اليها شيء من هذا أو أعيد تشكيلها ? ايمكن بعد ذلك ان‬
‫بقى هذأ التكوين الكلي طابعه الرمزي؟‪ ٠‬اليس من المحتم بعد ذلك‬
‫أن تفسر كل رواية من روايات الحكاية الخرافية تفسيرا مختلفا وانتكن‬
‫هذه الروايات جميعما ترجع الى أصل واحد ?‪٠‬‬

‫ونود ان نعبر عن هذا بشكل آخرفنقول ‪ :‬ان المعنى االجمالي‬


‫الموحد للحكاية الخرافية ‪ ،‬سواء تبع فى ذلك منهج تاريخ االديان أو‬
‫منهج المذهب الروحاني ‪ ،‬أو منهج النظيات االساسية لعلم النفس ‪،‬‬
‫ال يكوز ميسرا اال اذا كانت الحكاية الخرافية فى ذاتها تمثل وحدة ‪،‬‬
‫أي عندما تخلق من عنصر فردي أو جمعي‪ ،‬بطريقة شعورية او ال‬
‫شعورية ‪ ،‬فكرة تقوم مقام الصورة االجمالية ‪ ٠‬ومثل هذا التفسير‬
‫االجمالي ال بمكن أن يستخدم اال مع الشكل االصلي‪ ،‬أي معالصورة‬
‫االولية انتي ظهرت فيها الحكاية الخرافية‪ ٠‬وكل تحوير متأخر ال بد‬
‫ان يبتعد بالحكاية الخرافية عنهذا االصل ‪ ،‬وليس فى وسع التفسير‬
‫بعد ذلك اال أن يمتد الى الموضوع المفرد ‪ ٠‬وف مقابل هذا يمكن‬
‫االغتراض بأن الحكاية الخرافية بالنسبة للنظيات االساسية لعلم‬
‫النفس ‪ ٤‬فالهر بنموذجية اليتحتم لتفسيرها الرجوع الى صور التغير‬
‫التي تحدث لها بمحض الصدفة ‪ ،‬أي الى الروايات المختلفة ‪ ٠‬علىان‬

‫‪-٦٣-‬‬
‫هذا االعتراض ؛غفل ان الحكاية الخرافية وان تكن تتألف من أجزاء‬
‫نموذجية ‪ ،‬اال ان كل رواية للحكاية الخرافية فى الصورة التي تظهر‬
‫فيها تعد شيائ فريدا يكسبه القاص دائما أبدا شكال جديدا ‪٠‬‬

‫أما فيما يختص باالبحاث الفلسفية ‪ ،‬فلم تقم فيها فى حدود ما نعلم‬
‫سوى محاوالت ضئيلة فى سبيل فهم طييعة الحكاية ائخرافية ‪ ،‬وأدق‬
‫)‪Arnulf‬‬ ‫ما ظهر من أبحاث فى هذا المجال ما كتبه ( أرنولف انسورجي‬
‫‪ Ansorge‬فى بحثين له لم ينشرا بعد ‪ ،‬احدهما عن ( الصورة العالمية‬
‫للحكاية الخرافية ) واالخر عن ( عالم الحكاية وعصر الزراعة ) ‪٠‬‬
‫لفد حاول ‪ -‬فيما يبدو لنا ‪ ٠‬أن يفهم بطريقة مجدة عالم الحكاية‬
‫انخ افبة فى تميزه ‪ ،‬كما حاول ان بربطه بأشياء سهلة االدراك من‬
‫أنناحية الفلسفية م‬

‫وفبيه بهذا الفهم ما قام به من بع ( ارنولف ) من الباحثين الذين‬


‫درسوا الحكاية الخرافية من وجهة نظر التاريخ االدبي ‪ ،‬فالحكاية‬
‫الخرافية وان كانت تخضع لقوانين خاصة فى اتتشارها ‪ ،‬وترجع فى‬
‫أصرلها انى تطورات دينية قديمة‪ ،‬اال انها كذلك عمل فني له شكله‬
‫المحدد ‪ ،‬ومن الممكن لمناهج البحث فى نظرية االدب ان تدرس هذه‬
‫القوا زين الشكلية ‪٠‬‬

‫وقد اشتغل ( اندريه يولن ) فى باديء االمر بالشكل االدبي‬


‫نلحكاية الخرافية وذلك فى بحثه ( اشكال بسيطة ) ‪ ٠‬وقد عنىباالشكال‬
‫البسيطة « تلك الصور التي ال يدرك معناها من خالل علم االسلوب‬
‫او من خالل علم ابالغة أو من خالل فن انشعر ‪ ،‬بل ربما ال تفهم على‬
‫االطالق من «النص المكتوب» ‪ ،‬والتي لم تصبح فى الحقيقة عمال فنيا‬
‫رغم اتتمائها الى الفن» ‪ ٠‬وينطبق هذا على االسطورة والحكايه*الثعبية‬
‫وااللغاز وااهثالتمأسطورة‪1‬الهةوالحكا‪,‬ةالخراية‪٠‬اماالحكأيةالخرافية‬
‫فانها تشترك مع القصة فى بعض االمور ‪ ،‬فكالهما تضمن مجموعة‬
‫متنوعة من الحوادث تجمع بينها طريقة معينة فى العرض ‪ ٠‬ولكن فى‬

‫‪-٦٤-‬‬
‫حين تمثل القصة جانبا من جوانب الحياة ‪ ،‬فان حوادث الحكاية‬
‫‪:‬لخرافية ال تعيش اال فى اطارها ‪ ،‬فهي لها عالم خاص وهي تعيش فى‬
‫مجال خاص بها ‪٠‬‬
‫ولقد حاول يولس أن يفسر خصيصة الشكل المسمى « بالحكاة‬
‫الخرافية » فالحكاية الخرافية تمثل « مضمونا ساذجا » ‪ ،‬وهي توضح‬
‫(المور دما يجب أن تكون فى الحياة ‪ ٠‬انها تصور كل ما هو عجيب‬
‫ال بوعفه امرا عجيبا ولكن بوصفه امرا طبيعيا ‪ ٠‬وهي‬
‫ال تعتمد في شكلها الخالص على التاريخ ‪ ،‬كما ان‬
‫شخوصها لها ذلك الوجود غير المحدود ‪ « ،‬الذي تتحطم لدييه‬
‫الحتيقة غير االخالقية » ‪٠‬‬

‫وبهذه الطريقة تمكن «يوشر» من أن عرض الحكاة الخرافية فى‬


‫خصائعها الشكلية عرضا وافيا ‪ ٠‬وهو وان كان قد ادرك ان الحكاية‬
‫الخرافية تعيش فى عالم خاص بها ‪ ،‬اال أنه لم يتمكن من أن يوضح كل‬
‫‪6‬‬ ‫اتوضبح أوجه االختالف بين عالم الحكاية الخرافية وين « عالمنا‬
‫انواقعي ادراكه ‪ ٠‬وقد بحث «ماكس لوتي» هذه المسائل فى عملين له ‪،‬‬
‫االول تحت عنوان « الموهبة فى الحكاية الخرافية وائحكاة الشعبية» ‪،‬‬
‫والثاني تحت عنوان « الحكاية الخرافية االوربية» ‪٠‬‬

‫اآل لقد رأى «لوتي» ان الشخصية الميزة للحكاية الخرافية تتمثل فى‬
‫كونها ذات بعد وأحد وانها مسطحة ذات اسلوب تجريدي ‪ ،‬وانالباعئ‬
‫منعزل عنها‪،‬كما انها ا تتضمن اي موضوع نفسي ‪ ٠‬ويعبارة اوضح‬
‫فان الحكاية الخرافية ال ترتبط باآللهة أو االرواح العلوية يا'طريقة‬
‫انني ترتبذ بها الحكاية الشعبية ‪)٠‬ان الحكاية الشعيية تعرف كائنات‬
‫العالم اآلخر من شياطين ومردة وسحرة الى غير ذلك ‪ ٠‬وفى استطاعة‬
‫االنسأن فيها أن يتصل بشخوص العالم اآلخر ‪ ،‬فى حين أن االمر فى‬
‫انحكاية انخرافية على خالف ذلك ‪ ،‬فهي وان كانت تحكى كذلك عن‬
‫المردة والسحرة واالقزام‪ ،‬فانها ا تنشيء عالقة مع عالمنا الممكن ادراكه‪،‬‬
‫اذ انها ذان بعد واحد ‪ .‬وهي كذلك(ال تمرف التركيب المنطقيالدقيت)‬

‫‪-٥‬‬
‫كما أن شخوصما غير مجسمة ‪ ،‬بال عالم داخلي أو خارجي ‪ ،‬بلينقصها‬
‫كذلك عالم المشاءر ‪ ٠‬وتظل المشاعر والروابط وصلة القربى ذات مغزى‬
‫اذا كانت ضرورة الستخدامها فى سياق الحكاية ‪ ٠‬حتى العنصر الزمني‬
‫ال تعرفه الحكاية إلخرافية م وحكاية الوردة ائشائكة مثال لذلك ‪٠‬كما‬
‫أن الحكاية الخرافية ال تحتمل أي تصوير وزخرفة او تعليق ينتشر فى‬
‫اننائها ‪ ٠‬وكلما ازداد سرد الحكاية الخرافية وضوحا‪ ،‬كان ذلكضمانا‬
‫لوصولها الى هدفها وتأكيدا الصالتها ‪٠‬‬
‫على أن لوتي لم يستخدم فى تعريفه لخصائص الحكاية الخرافية‬
‫سوى الحكايات الخرافية االوربية ‪ ،‬وبصفة خاصة الحكايات التي‬
‫سبق االهتمام بها وبنشرها ‪ ٠‬وهوكذلك لم يوجه اهتمامه الى أفراد‬
‫انقصاصين ‪ ،‬وكيفان قصاصي الشرق يميلون كثيرا الىزخرفة الحكاية‬
‫الخرافية وتصويرها ‪ ،‬وكذلك يصنع بعض القصاصين االلمان فى العصر‬
‫الحاضر ‪ ٠‬وهذا الميل بعينه هو ما أنكره لوتي على الحكاية‬
‫الخرافية ‪ ٠‬ولكن على الرغم منكلهذا‪ ،‬ينبغي ان نشكر للوتي‬
‫جهوده ‪ ،‬فلقد توصل الى كثير من وجهات النظر الصحيحة ‪ ،‬كما أنه‬
‫لفتنا الى بعض خصائص اسلوب الحكاية الخرافية ‪٠‬‬
‫وقد سبق أن أشرنا الى اهمية نشاط القاص فى عملية الخلت‬
‫والتنقيح وتحديده تحديدا كامال ‪ ،‬والى الطريقة التي تعيش بهاالحكاية‬
‫الخرافية فى عالمها الخارجي ‪ ،‬والى كيفية تاثيرها فى السامعين ‪،‬وخضوعها‬
‫تماما عند رواتها لعوامل التأثير المفاجئة م هذه المسائل التفت اليها‬
‫الباحثون فى السنوات االخيرة منذ أن كتب « مارك أزاد وفسكي »‬
‫سنة ‪ ١٩٢٦‬عن قصاصة سيبيريةللحكايات الخرافية ‪ ٠‬ومن قبل التفت‬
‫الخوان جرم » ‪ -‬كما سبق أن أشرنا — الى الخاصة المميزة لبعض‬
‫القصاصين ‪ ٠‬كما ان الباحث النرويجي « اسبيورنز » أشار عند كل‬
‫حكاية فى مجموعاته الى راويها والى الصورة التي احتفظ بها لها ‪٠‬‬
‫وفي عصرنا الحاضر يسير الباحثون االيرلنديون والسويديونبصفة‬
‫خاصة فى هذا االتجاه ‪ ،‬كما يسير فيه الباحث االلماني جو تفرد هنسن‬

‫‪٠٦٦-‬‬
‫الذي صور لنا فى وضوح كيف تحكى الحكاية الخرافية ‪ ،‬ثم كيف‬
‫يعيش راويها ‪ ٠‬وتمتاز مجموعة « هنسن » « الرواية والشخصية »‬
‫بالنتائج الوافرة التي توصل اليها ‪ ٠‬ذلك الن عمله هذا تضمن أغنيات‬
‫وحكايات خرافية هزلية لراو واحد هو الراوي الشيخ آل اجبرت‬
‫جيرتس > ‪ ٠ Egbert Gerrits‬ولما كانت الحكاية الخرافية ما تزال‬
‫نشطة فى محيطها ‪،‬فانهاال تعد شاهدا أديا فحسب ‪ ،‬بل جزءا من‬
‫شخصية راويها ‪ ٠‬ونحن نأمل أن يسير البحث فى مشكلة القاصخطوان‬
‫أبعد من ذلك ‪ ٠‬فطريقة الرواية ال تقدم لنا مجرد تائج نهتدي بها الى‬
‫طريتة رواية القاص للحكاية‪ ،‬وانما هي تطلعنا بصفة عامة على اسلوب‬
‫فن الرواية من إلناحية الشعبية وخاصيته ‪٠‬‬

‫وقد يبدو أننا س فى تعميقنا لالتجاهات المختلفة فى بحث الحكاية‬


‫الخرافية ‪ -‬نبتعد أحياا عن الحكاية الخرافية نفسها ‪ ٠‬وقد يكون‬
‫هذا صحيحا ‪ ،‬فليس كل الباحثين على وجه العموم ‪ ،‬أولئك الذين‬
‫اشتغلوا بالحكاية الخرافية قد اهتموا بالسؤالعن طبيعتها ‪ ٠‬واذ نحن‬
‫ألقينا نظرة عابرة على اتجاهات البحث المختلفة‪ ،‬فاننا نجد عددا‬
‫من المسائل الفرعية أكثر بروزا م‬

‫وفى البداية نواجه « االخوين جرم » ‪ ،‬اللذين حاوال فهم‬


‫الحكايات انخرافية فى صورتها االجمالية ‪٠‬‬

‫وبعد ذلك يمكننا أن نفرق بين هذه المائل المختلفة ‪٠‬‬

‫‪١‬م أوال ‪ :‬البحث ف معنى امحكاة الخرافية ‪:‬‬

‫يرى علماء االساطير الطبيعيون وعلماء االساطير الفلكيوذ فى‬


‫الحكاية الخرافية محاكاة للظواهر الطبيعية أو الجوية أو لفصول السنة‬
‫او السماء االفالك ‪ ٠‬ويؤكد االتثروبولوجيون مثل آل كانور » و‬
‫«النج» أن موضوعات الحكاية الخرافية تصدر عن تصورات دينية من‬
‫الممكن أن تنشأ منفصلة بعضها عن بعض ‪ ٠‬وقد بنى على هذا االساس‬

‫‪٠٦٧٠‬‬
‫« وليم ثوندت و ليفي برول و هانزناومن» آراءهم فى الحكاية‬
‫الخرافية م‬
‫ويرى الباحث الفرنسي «سانت يف» فى الحكاية الخرافية بقايا‬
‫طقوس قديمة ‪٠‬‬
‫أما « فرويد» ومدرسته ققد فسروا الحكاية الخرافية بوصفهارمزا‬
‫نلظواهر الجنسية ‪٠‬‬
‫وحاول «يونج» أن يقارن بين الحكايتين الخرافية ويين نجارب‬
‫الالشعور وباالخص نلك انتجارب التي يخوضها االنسان للوصول‬
‫الى ادراك ذاته‪٠‬‬

‫ثانيا ت البحث فى اصل الحكاية الخرافية واتتشارها ‪:‬‬

‫أراد «بنفى» أن يرجع الحكايات الخرافية كلها الى بوذية الهند ‪٠‬‬
‫وقد اشتغل « امانويل كوسكين »و« راين هولد كوهلر » و‬
‫« يوهانز بولته » وغيرهم بمنهج يرجع الحكايات الخرافية الى موطنها‬
‫االهلي عن طريق مقارنة الروايا المختلفة ‪٠‬‬
‫اما المدرسة انفنلندية وعلى راسها «اتتي آرني» ‪ ،‬و «كارلهكرون»‪،‬‬
‫و زح فالتر اندرسن » فقد حاولت عن طريق مقارئة كل الروايات مع‬
‫مراعاة االحوال التاريخية والجغرافية‪ ،‬ان تنتهي الى الشكل االصلي‬
‫لكل‪ .‬حتدًا ية خرافية على حدة ‪٠‬‬

‫ويرى الباحث السويدي « س‪ ٠‬ف‪ .‬فون سيدوف » إن الحكاية‬


‫الخرافية وباالخص حكايات « السحر » تعد ميراثا من العصر‬
‫انهندوجرماني ‪ ٠‬وقد عاشت الحكاية الخرافية ذات الطابع االقليمي فى‬
‫بعض البلدان ‪ ٠‬وهذا يفسرتشابه الحكايات الخرافية ‪ ،‬أما مسألة‬
‫اتتقال ألحكاية الخرافية فال يؤخذ بها ال فى أحوال استثنائية ‪٠‬‬

‫ويرى «فل اريك بويكارت ‪Erich Peuchert 1‬لز‪ »٦٣٧‬أن الحكايات‬

‫‪1٨--‬‬
‫الخرافية نشأت فى أحضاذ الحياة الزراعية االولى فى بلدانالحضارات‬
‫القديمة في منطقة شرق البحر االبيض المتوسط ‪٠‬‬

‫ثانثا ‪ :‬البحث في الشكل االدبي للحكاية انخرافية ‪:‬‬

‫وقد اجتهد « اندريه يولس» و « ماكس لوتى» أن يضعا حدودا‬


‫لتكل انحكاية الخرافية مقابل أشكال اخرى من االداب الملحمية‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬البحث فى أثر رواة الحكايات الخرافية ‪:‬‬

‫أما اثر الراوي واثر عالمه فى بنية الحكاية الخرافية وفى رواداله ب'‬
‫فهذا ما ينبغي أن نهتم به فى هذه االبحاث المختلفة ‪ ٠‬وقد اتجه أكثر من‬
‫باحث بخاصة فى العصور المتأخرة هذا االتجاه ‪ ،‬ونخص بانذكر منهم‬
‫البأحث االلماني « جوتفرد هنسن» ‪٠‬‬

‫حقا ان البحث عن التفصيالت ومحاولة الوصول الى حل لبعض‬


‫المسائل ‪ ،‬يعرض االنسان لخطر نسيان الكل ‪ ،‬أعني البحث فى طبيعة‬
‫الحكاية الخرافية ‪ ،‬مع أن هذا البحث يجب أن يقف خلف كل بحث من‬
‫هده االبحاث ‪ ٠‬ان الحكاية الخرافية صورة معقدة مركبة ‪ ،‬ترجع انى‬
‫أقدم العصور االنسانية وما تزال نشطة كذلك فى عصرنا ‪ ،‬مستمدة‬
‫منه دواعي حياتها ‪ ٠‬وهي كذلك كل ذو شكل متماسك ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فانه يتحتم علينا أن نبحث عن موضوعاتها وعن اصل هذه الموضوعات‬
‫ومعناها ‪ ٠‬واذا نحن تأملنا شكل الحكاية الخرافية ‪ ،‬فاننا نالحظ اذ‬
‫هذه الحكايات الهندوجرمانية ذات الشكل المحدد قد سبقتها حكايات‬
‫متداخلة ‪ ٠‬وقد كون هذه الحكايات مختلطة قنعكس فيها المعتقدات‬
‫القديمة عن الحياة والموت وعن الحياة الدنيا واآلخرة ‪ ،‬عن االنسان‬
‫والحيوان ‪ ،‬وماله صلة خفية بكل الكائنات ‪ ،‬وعن القوى الغريبة ‪،‬‬
‫وعن السحر واالحالم ‪ ٠‬ومن خالل هذا الخلط تكوذ تدريجيا عمل‬
‫ذو بنية موحدة ‪ ٠‬وفى النهاية تكون العمل الفني المسمى بالحكاية‬

‫‪|٦٩‬‬
‫‪:‬لحرافية عن طريق فنان هو القصاص االول ‪ ٠‬ومندئذ ظلت الحكاية‬
‫نشطة حتى سمت الى مرتبة االدب الراقي ‪ ،‬واعترف بما الكمنة بوصفها‬
‫مادة تعليمية ‪ ،‬ولكنها تسربت الى الشعب مرة أخرى ‪ ٠‬ثم احتفظ بها‬
‫قصاصو الشعب بعد ذلك واستمروا يقصونها عليه مغيرين فى ذلك‬
‫شكلها دائما وأبدا ‪ ،‬الى أن وجدت طرقها مرة اخرى الى مجال‬
‫االدب ‪ ٠‬وهكذا لم تكن الحكاية الخرافية قط جامدة ‪ ٠‬انها تعيش فى‬
‫أعمال الشعراء بقدر ما نعيش لدى القصاصين والذين ما زالوا يحكونها‬
‫حتى اليوم ‪ ٠‬كماتعيش على السنة االطفال ‪٠‬‬

‫‪-٧٠,‬‬
‫الفعل النى‬

‫امول األج اوان;‬


‫سبق ان اشرنا مرارا الى ان الحكاية الخرافية بنية مركبة بحيث‬
‫ال يمكن تفسيرها بطريقة موحدة ‪ ،‬فهي تستمد تصوراتها من مراحل‬
‫حضارية مختلفة أشد االختالف ومن مجاالت حياة متميزة غايه التميز‪،‬‬
‫ثم هي نعيد تشكيلها ‪ ٠‬ومن ثم فان السؤال عن آصل الحكاية انخرافية‬
‫او اصولها من الصعوبة بمكان االجابة عنه ‪ ،‬او هي تستحيل على‬
‫األطالق ‪ ،‬فلن نجد اجابة واحدة تصدق بالنسبة لكل الحدايات‬
‫الخرافية ‪ ٠‬فاذا ألقينا نظرة على اخكاية الخرافية فى عصرنا الحاضر ‪،‬‬
‫أو على تلك التي تختص يبلد من البلدان ‪ ،‬بل تلك التي تنسب الى‬
‫قاص واحد ‪ ،‬فأننا نجد هذه الحكأيات تجمع بين انقديم والجديد ‪:‬‬
‫وبين الحكمة العميقة والخيال الصرف ‪ ،‬ويين الجد والهزل والتدين‬
‫واالنحاد ‪ ،‬وعندئذ تحتم علينا أن تتساءل ‪ :‬من اين تبدأ الحكاية‬
‫الخرافية ‪ ،‬وما االشياء التي ينبغي ان نعرفها عنها ?‪٠‬‬
‫ونود ان تتحدث عن هذا بشيء من التفصيل في الفصل الخاص‬
‫بشكل الحكاية الخرافية وعالقتها باالسطورة والحكاية الشعبية ‪،‬حيث‬
‫يكون البحث عن حدود الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ونحن نعرف أن مجموعة‬
‫« االطفال وحكايات البيوت » لالخوينجرم تتضمن لى جانبالحكايات‬
‫انخرافية الصرف ‪ ،‬أساطير وحكايات هزلية وألغازا من السهل تمييزها‬
‫عن الحكايةانخرافية ‪ ٠‬وتتميز حكاياتنا الخرافية ببنائهاالمتماسك ونموها‬
‫المنطقي الذي يحدث التاثير عن طريق وسائل اسلوبية معينة ‪ ،‬كوسيلة‬
‫تكرار الشيء ثالث مرات ‪ ٠‬أما الحكايات الشرقية فالغالب انها تتبع‬
‫طريقة أخرى فى البناء مغايرة لتلك المغايرة ‪ ٠‬وحسبنا أن نذكرحكايات‬
‫الف ليلة وليلة ‪ ٠‬اما الحكايات الخرافية لدى الشعوب البدائية فتتتظم‬
‫فيها الموضوعات موضوعا تلو االخر ‪ ،‬كما ان الوقائع المفردة ال ترد‬
‫فيها وفقا للنظام المالوف لنا ‪ ،‬وكذلك نقصها النمو بالتجربة من خالل‬
‫التكوين الفني ‪ ٠‬ان الوقائع فيهاتتلو احداها االخرى ‪ ،‬وكثيرا ما‬
‫نحس أن القاص تفسه مسوق بخياله ومعرفته ‪ ،‬وأنه ثذلك ال يصل‬
‫الى نهاية ‪ ،‬بل ان مثل هذه الحكاية على العكس قد تتوقف عند‬

‫‪-٧٢-‬‬
‫موقف يتحتم االستماع الى ما قد يليه ‪٠‬‬
‫ويقى االن أن نتساءل عما اذا كنا نطلق على هذا انتكوين ‪ ،‬وعلى‬
‫هده ‪:‬لسلسلة من الموضوعات المصفوف بعضها بجا نب االخر ‪ ،‬ا‬
‫الحكأية أخرافية ‪ ٠‬ان الكثيرمن االبحاث يقتصر على حكابة السحر‬
‫بوصفها الحكاية الخرافية بمعنى الكلمة‪ ،‬أما الحكاية ارحماية‪٠‬ابد‪١‬ية‪،‬‬
‫نلك انتي ال تتميز فى أساسها عن الحكاة الشعبية واالسطورة ‪ ،‬فال‬
‫نظفر باالهتمام ‪ ،‬والواقع أنها تستخدم نفس الموضوعأت انتيتستخدمها‬
‫حكاية السحر عندنا ‪ ،‬ولكن تشابه الموضوعات وحده ال يعني شيائ‬
‫أكثر من هذا التشابه ‪ ٠‬ثم ان أساطير الشعوب الحضارية وحكااتهم‬
‫الشعيية وكذلك حكأياتهم المرتبطة باآلنهة تستخدم نفس الموضوعات‬
‫التي ستخدمها حكاية السحر ‪ ،‬ولها بالتاكيد شكل خاص وهدف آخر‪،‬‬
‫وربا تأنت لها كذلك وظيفة أخرى ‪٠‬‬

‫ومع ذلك فنحن نود ان تنظر الى الحكاية الخرافية لدى البدائيين‬
‫بوصنها حكاية خرافية بحق ‪ ،‬وأن تناولها بابحث على هذا االساس ‪،‬‬
‫ذلك الن الفرق بينها ويين حكاية السحر االوريية ليس فيما يدو لنا‬
‫فرقا جوهرا ‪ ،‬وانما هو أقرب الى ان يكون فرقا فى طريقة التشكيل‬
‫والتكوين والسرد ‪٠‬‬
‫وعلى ذلك فانه تحتم علينا عند السؤال عن اصول الحكايات‬
‫الخرافية ان نميز بين مسالتين ‪ :‬اوالهما ‪ :‬من اين تنطلق موضوعات‬
‫الحكايات ائخرافية ‪ ،‬وفى اي مستوات التجارب االنسانية تكون‬
‫مختفية ‪ ٠‬ثانيهما ‪ :‬كيف يمكن ان بكون شكل حكاية السحر قد نشأ‬
‫وكيف تمت مرحلة !تتقال مجموعة من الموضوعات ال متساوية فى قيمتها‬
‫لكي تاخذ شكل موضوعات متعارضة يرجح بعضها البعض اآلخر في‬
‫القيمة ‪ ،‬وما اذا كانت مرحلة االتتقال هذه قد وجدت أصال ؟ أما‬
‫بالنسبة للسؤال الثاني‪ ،‬فليس من اليسير أن نظفر بجواب عنه شباف‬
‫فى عمومه ‪ ٠‬ولذلك فانه يتحتم علينا ان نكتفي بتقديم االشاراتالصول‬
‫بعض الحكايات الخرافية واتتشارها ‪٠‬‬

‫‪-٧٣-‬‬
‫وعلىذلكفانا لود أن نهتم اوألبمصدر موضوعات الحكاياتالخرافية‪.‬‬
‫وكثيراماحاول البحث فىألحكأية الخرافيةان ع‪٠‬جعها‪1‬لى؛ثض‪|٠‬آللهأذ|وان‬
‫يفسرها من خالل ديانات معينة ‪ ،‬وقد نكون هذه الديانات راقية مثل‬
‫الديائة البوذية‪ ،‬وقد تكون كذلك ذات شكل ديني بدائي مثل العقيدة‬
‫الروحانية ‪٠‬‬
‫اما الديانات الشرقيه وهي البوذية واالسالم والمسيحية فانها شواهد‬
‫خاصة على ماهو ديني بمعنى الكلمة ‪ ٠‬ومعنى هذا انها تفترض وجود‬
‫حاجة الى الدين‪ ،‬والى تفكير ديني‪ ،‬ثم الى شعور ديني‪،‬كما انها لم‬
‫تكتسب شكلها الخاص اال عن طريق انكشف ‪ ٠‬ولم يحاول احد أن‬
‫يرجع لحكاية الخرافية إلى احدى هذه الديانات سوى « بنفي » ‪٠‬‬
‫ووجوه االعتراض التي توجه انى هذه النظرية تصح بالنسبة لكل‬
‫محاولة رجع بالحكاية الخرافية الى احدى هذه الديانات الراقية ‪ ،‬ذنك‬
‫آن الحتداية الخرافية عاشت قبل الديانة البوذية ‪ ،‬كما أنها عاشت في‬
‫مناطق لم تتأثر بالحكايات البوذية ‪ ٠‬ولذلك فانه يتحتم علينا أن نرجع‬
‫الى تصورات الديانة االصلية وذلك لكي تبين عالقتها بموضوعات‬
‫الحكاية الخرافية ‪٠‬‬

‫كثير ما حاول علم قاريخ االديان ان يصل الى الديانة االولى التي‬
‫ربما نشأت عنها كل الديانات االخرى ‪ ٠‬وقد رأى البعض مثال أن‬
‫ديانة المذهب الروحي هي تلك الديانة االصلية ‪٠‬او انها هي الديانة‬
‫الفتيشية أو الطوطمية أو الديناميكية او الطبيعية وفقا لما اطلقه االنسان‬
‫على هذه االشكال جميعا من اسماء ‪ ٠‬على ان علم االديان في اثعصر‬
‫انحديث ثبت أن هذه االشكال الدينية لم يسبق أحدها االخر تاريخا‬
‫فهي جميعا على االرجح بنيات دينية مختلفة وأساليب مختلفة الدراك‬
‫ما هو ديني وممارستم ‪٠‬‬
‫ولذلك فانه من المحتمل كل االحتمال أن تظهر على سبيل المثال‬
‫مالمح تصورات طوطمية أو فتيشية في الديانات الراقية بل في عادات‬
‫العصر احاضر وخزعبالته ‪ ٠‬فسائق السيارة مثال‪ ،‬ذلك الذي يحتفظ‬

‫‪-٧-‬‬
‫معه في سيارته بأسد من قماش القطيفة بوصفه شيائ يجلب له المصير‬
‫انسعيد انما شير بذلك الى وضع فتيشى صرف ‪٠‬‬

‫وقد احتفظت الحكاية الخرافية بعدد هائل من هذه الموضوعان‬


‫التي تنحو هذا النحو ‪ ،‬وما تزال تستخدمها حتى اليوم ‪ ،‬ونود أن‬
‫نحاون بر از قدر من الموضوعات في صلتها بالناحية الدنية ‪٠‬‬
‫ومن ثم تيين لنا ان تقسيم الموسوعات الى موضوعات ترجع انى الدانه‬
‫الروحيهوالطوطمية وغيرهمايعدتفسيماضيقا للذايهفبعضحكاي'تالحبو‪١‬ن‬
‫كالحكاية التي توضح شكل ائحيوان وطبيعته وصفاته وتتضمن اصال‬
‫دينيا ‪ ،‬هي جزء من اساطير اآللهة وان لم نسلكها في عداد انتصوران‬
‫الدينية التي سبق» ذكرها ‪٠‬‬
‫وعلى ذلك فاننا نود كذلك ان نضيق حدود ما هو ديني ‪ ٠‬ذلك‬
‫ان االشياء التي يحتوها الكون ‪ ،‬هى الى درجة كبيرة بالنسبة لالنساد‬
‫البدائي صور من انتعبير عن القوى أو رموز لها ‪ ٠‬وكثير منالحضارات‬
‫فيمأ يبدو لناال تميز كثيرا كما نفعل نحن اآلن ‪ -‬بين ما هو «ديني»‬
‫وما هو « عادي»يين« االيمان»و« االلحاد» ‪٠‬‬
‫وقد سيطرت على العالم منذ زمن حلويل فكرة مؤداها ان اقدم‬
‫ضكل عرفه االنسان من اشكال الدين هو المذهب الروحي ‪ ٠‬ومصدر‬
‫هذه الديانة هو التصور العقيدي الواسع االتشار الذي يؤمن بأذ‬
‫شيائ غريبا أشبه بالخيال يعيش في االنسان هو الروح ‪ ،‬فهو حييس‬
‫الجسد مادمنا مستيقظين ‪ ،‬حتى اذا نمنا ترك الجسد وهوم طليقا وطار‬
‫وعاش تجأرب غريبة هي االحالم ‪ ٠‬وفي النهاية ينفصل الروح عن‬
‫الجسد انى االبد لكي يهيم في العالم أو لكي تقمص جسما اخر ‪٠‬‬
‫وفي حذه االلة يعد االنسان ميتا ‪ ٠‬هذا هو اصل نظرية المذهب‬
‫الروحاني كما صورها ا‪٠‬ب‪ ٠‬تايلور بصفة خاصة ‪ ٠‬وهذا التعور‬
‫العقيدي لطييعة الروح يقره العلم كذلك حتى اليوم ‪ ٠‬والشيء اآلخر‬
‫الذي لم يلق معارضة هو أن البدائيين أدركوا تقمص الروح للطبيعة ‪،‬‬
‫الذي تصير فيه قوى الطبيعة شخوصا ‪ ٠‬على أن نظرية المذهب‬
‫— ‪٠٧٥‬‬
‫الروحاني تميل الى أن تبتعد بفكرة تقمص الروح للطبيعة وتقديس‬
‫الموتى‪ ،‬عن تصور طبيعة اردح وتضعهما في المحن االول من الدين‪.‬‬
‫على ان هذا األستنتاج ال يقوى على الصمود ‪٠‬‬

‫وفي كثير من انحكايات الخرافية يترك الروح جسد االنساذ في‬


‫أثناء نومه متخذا صورة حيوان ‪ ٠‬أما التجارب انتي يعيشها هذاالحتوا ل‬
‫بعد ذلك ‪ ،‬فهذا ما يعتقد االنسان انه يراه في منامه ‪ ٠‬واشهر مثال‬
‫لذلك حكاية الرؤيا التي رآها ملك االفرنج جوتترام ‪ ٠‬تقول‬
‫الحكاية ‪:‬‬
‫« بينما كان الملك نائما نسرب من فمه حيوان صغير وجرى الى‬
‫جدول ماء ‪ ،‬وأبصر خادم الملك هذا ‪ ،‬فوضع سيفه فوق الماء ‪ ٠‬ولكن‬
‫الحيوان اثصغير جرى مبتعدا واختفى في جحر ‪ ،‬ثم رجع بعد فترة‬
‫وتسرب الى فم الملك مرة اخرى ‪ ٠‬ثم استيقظ الملك وحكى لخادمه‬
‫أنه رأى في منامه وكأنه يعبر جسرا من حديد فوق نهر كبير حتى وصل‬
‫إلى كهف في جبل حيث وجد كنزا ثمينا ‪ ٠‬عندئذ حكى له الخادم ما‬
‫شاهده ‪ ،‬فاسرع الملك مع خادمه الى مكان الكهف حيث وجدا الكثير‬
‫من الذهب والفضة ‪٠‬‬
‫هذه الحكاية ترك في نفوسنا من التأثير ما تتركه الرواسب‬
‫لشعبية والشعرية لفلسفة المذهب الروحي ‪ ٠‬فالروح يظهر في كل هذه‬
‫انحكايات في صورة فأر أو عرس او حية او طائر ‪ ،‬ولكنه تخذ كذلك‬
‫أشكاال اخرى ‪ ٠‬ويظهر الروح متقمصا في الحكاية الشعبية صورة فأر‬
‫أكثر من ظهوره في الحكاية الخرافية التي كثيرا ما تظهر فيها الحية‬
‫بوصفها الحيوان الروح ‪ ٠‬وربما يرجع هذا الى ان الحية تخرج من‬
‫باطن االرض ‪ ،‬وتزحف الى سطحها ‪ ،‬وان اجساد الموتى مالها الى‬
‫االرض ‪٠‬‬
‫وأغلب تصور للروح شيوعا هو بحق تصوره وهو يطير في‬
‫صورة طائر ‪ ٠‬وربما يرجع هذا الى اعتقاد االنسان أن الروح شيء‬

‫‪-٧٦‬‬
‫خفيف الوزن ‪ ،‬اذ انه يقدر على الطيران في االحالم ‪ ٠‬وربما يرجع‬
‫هذا كذلك الى أن صوت بعض الطيور كثيرا ما تشابه بعض الشىء‬
‫مع صوت االنسان ‪ ،‬اال انه اجمل وارق ‪ ٠‬وفي الحكاية الخرافية‬
‫االلمانية « ماخاندل بوم » تحولت روح االخ الصغير المقتول الى‬
‫طائر ‪ ،‬وأخذ تغنى بالشر الذي قدر له ان يقاسيه ‪ ٠‬وكثيرا ما بطير‬
‫‪:‬النسان الممسوخ في الحكاية الخرافية فيصورة طائر قد يكون بجعة‬
‫أو غرابا ‪ ،‬وقد خلهرت الملكة المقتولة في شكل بطة خرجت من‬
‫النهر ‪٠‬‬

‫وتحكى الحكاية الخرافية الهندية « ساكتفجا » ‪ Saktewega‬ان‬


‫فتاة عاشت على وعى بأن جسدها وحده يعيش في عزلة على سطح‬
‫هذه االرض ‪ ٠‬اما هي نفسها فتسكن في هدوء في اعماق البحر في‬
‫مدينة مسحورة من الذهب ‪ ٠‬وقد قدر لمن تمكن من التوغل الى هذه‬
‫المدينة ويخلصها من سجنها أن نفوز بها ‪ ٠‬وهذه فكرة رائعة حقا ‪:‬‬
‫ان ما يعيش مني على هذه االرض فالهر لالخرين‪ ،‬ليس سوى جسدي‬
‫أما نفسي الحقة فهي تستريح في بالد عجيبة بعيدة ‪ ٠‬وال يحق لي ان‬
‫اتبع سوى الشخص الذي يعثر على روحى ‪٠‬‬
‫ان االعتقاد في تقمص الروح للطييعة اتتشر اتتشارا مذهال‪ ،‬وهو ‪,‬‬
‫مايزال يعيش حتى اليوم ‪ ٠‬وتقابلنا أمثلة وفيرة له في حياة االطفال‬
‫وصهة خاىة م فاالشياء بالنسبة لتصورهم تتقمصها أرواح في وسع‬
‫االنسان أن تحدث معها ‪ ٠‬وهي اما خيرة واما شريرة ‪ ،‬فاذا ما سقط‬
‫الطفل فوق حجر‪ ،‬فان هذا من فعل الحجر ‪ ٠‬ولذلك فان الطفل يعاقب‬
‫انحجر بالضرب ‪٠‬‬
‫ومن وجهة نظر علم االديان تعد االلهة كذلك ‪ ،‬تلك التي يرجع‬
‫أصلها الى قوى الطبيعة وكذلك الهة الرح والجبال واالنهار واالشجار‬
‫نعد كائنات روحانية ‪ ٠‬وكذلك عرفت الحكاية الخرافية اشياء تتقمصها‬
‫ارواح هي القوى المتجسدة ‪ ٠‬فقد حللبت شجرة التفاح من جولد ماري‬
‫أن تمزها حتى ينضج التفاح ‪ ٠‬وجاء البطل الى السيدة الشمس او الى‬

‫‪--٧٧-‬‬
‫الريح ذي الصوت المدوي منذ القدم ‪ ٠‬ويحكى في حكاية هزلية اذ‬
‫اندعكة تدحرجت وتحدثت مع الحيواذ ‪ ٠‬وكل هذه شواهد على‬
‫المذهب الروحي بمعناه الواسع ‪٠‬‬
‫أما الشواهد التي نجدها في الحكاية الخرافية تشير الى االعتقاد‬
‫في قوة بعض االشياء » اي الى عقيدة الفتيشية ‪ ,‬فهي شواهد اخرى‬
‫وهي اكثر وضوحا ‪ ٠‬فمن الممكن لالشياء جميعا أن تمتلك « القوة » ‪،‬‬
‫وهي االشياء ذات الصلة الوثيقة باالنسان ‪ ٠‬وهي كذلك تتضمن‬
‫قوة هذا االنسان وقدرته ‪،‬بل تتضمن كذلك جزءا من كيانه ‪ ،‬ومن‬
‫ثم تكمن قوة االنسان ‪ -‬طبقا للعقيدة القديمة ذات الشواهد العديدة‬
‫في شعره ‪ ،‬وعلى هذا نجد « شمشون » في حكاية تورائية تؤيدها‬
‫حكاية نخرى هندية يفقد شعره ‪ ،‬فيفقد في الوقت تفسه قدرته ‪٠‬‬
‫وال تعني القدرة هنا مجرد القوة الجسدية‪ .‬ولذلك يظهر الجن _ وهذا‬
‫يختص غالبا بالحكايات الشرقية — بمجرد أن يحرق االنسان شعره ‪٠‬‬
‫وفي كثير من الحكايات الخرافية تمنح الحيوانات الخيرة البطل شعرة‬
‫وما أن يحرق البطل هذه الشعرة او يمسح عليها بيديه حتى تسرع‬
‫الحيوانات من حوله المساعدته ‪ ٠‬ولذلك تحتم على الشاب كذلك ان‬
‫يحمل ثالث شعرات ذهبية من عند الشيطان ‪ ،‬وهذا يعني انه يشارك‬
‫الشيطان قوته‪،‬فالشيطان هنا ليس رمزا للشر بالمعنى الديني‪.‬ويحكىفي‬
‫الحكايات الروسية وحكايات بالد الشمال انه في وسع االنسان ان‬
‫يقيد اخربشعرهقدااقوى مناكثر االغالل سمكا ‪٠‬وفي حكاية «تريستان‬
‫وايزولدة » (‪ )١‬تطايرت شعرة ذهبية في وجه الملك « مارك » ‪ ،‬ويقال‬

‫‪ - 1‬تريستان ‪ :‬بطل الملحمة الكلتية الي عاجرت الى ‪1‬النجلو رومانيسين والى‬
‫ألفرنسيين ‪ ٤‬ومنهم المى االلمان ‪ ٠‬اما اصل هذه الملحمة فيتلخص في ان تريستان‬
‫اسرته جنية في مملكتها ‪ ٠‬وقد اوهمته انها وحدها تستطيع ان تضمد جرأحه ‪٠‬‬
‫غلما تمكنت امراة من علمم االرض ان تخلص تريستان رجعت الجنية فاسرته مرة‬
‫آخرى ‪ ٠ ٠‬هذه القصة تحورت كعيمًا بعد هجرتها حتى لونها عصر الفروسبة غي‬
‫العصور الوسطى بقكرته عسن البطل القارس الذي يتغانى في سبيل نروسيته‬
‫وحبه معا ‪ ٠‬غقد نزح تريستان مع خاله لكى يبحثا عن ماحبة الشعر المذهبى‬
‫حتى يفوز بها الخال مارك ‪ ٠‬فلما وجداعا ‪ -‬وكانت ايزولدة ‪ -‬وقع حب عنيف بين‬
‫تريستان وايزولده انتهى بمصرع تريستان ‪( ٠‬المترجمة )‬

‫ح‪-٧‬‬
‫ثم هربت الفتيات منهم بمجرد ان استطعن ان يسترددن قسرا أردتهن‬
‫ونجد كذلك لدى شعوب اخرى حيواائت اخرى نصف انسانية هي‬
‫في مجال القوة االنسانية ‪ ٠‬وتحكى‬ ‫التي تدخل ‪ -‬بهذه الطريقة‬
‫حكاية فرنسية ان رجال أستطاع ان يسلخ جلد اتثى كلب البحر التي‬
‫كانت قد خرجت الى البر وتحولت هناك الى امرأة ‪ ،‬فقد كان البد‬
‫لها أن تظل بجانبه الى تتمكن من ارتداء جلدها مرة اخرى ‪ ٠‬فاذا‬
‫حكت حكاية مصرية اغريقية ان نسرا ( أو هو في االصل حقا الريح )‬
‫قد غرر ففتاة حتى سلب منها حذاء ها ثم قذف بالحذاء في حجر ملك‬
‫وان هذا الملك لم يهدأ له بال حتى أصبحت الفتاة صاحبة الحذاء‬
‫زوجة له ‪ -‬فانه ربمأ كانت هذه النظرية مرة اخرى هنا هي االساس‬
‫لكون الفتاة لم تستطع ان تهرب من الملك‪ ،‬حيث انه كان يمتلك‬
‫حذاءها ‪ ،‬فكان بذلك يمتلك جزءا من ذاتها ‪ ٠‬وربما تسرب موضوع‬
‫الحذاء هذا الى حكاية « وعاء الرماد » ‪ ٠‬وينبغى اال ننسى في هذا‬
‫الصدد ان الحذاء والقدم استحوذا منذ اقدم العصور على قوة لها اثرها‬
‫على الحب ‪٠‬‬
‫كما قد‬ ‫واكثر االعتقادات الشعبية اتتشارا عند معظم الشعوب‬
‫أثبت اابحث ذلك ‪ -‬باللتي ما تزال تعيش في نفس الدرجة منالحيوية‬
‫التي يتحكم بها في ذاته ‪ ٠‬وحسبنا ان نذكر التقارير الكثيرة التي‬
‫يعيش في صورته ‪ ،‬وان من يمتلك صورة شخص بمتلك كذلك القدرة‬
‫التي تحكم بها في ذاته ‪ ٠‬وحسبنا ان نذكر التقارير الكثيرة التي‬
‫تقول ان البدائيين توارون حينما يود احد تصويرهم ‪ ،‬وان االنسان‬
‫حتى في عصرنا الحاضر يتهم العجائز الساحرات المزعومات في انهن‬
‫ربما تسببن ايذاء انسان بأن الحقن االذى تفسه بصورته ‪ ٠‬ونحن‬
‫نعرف من طقوس الصيد عند القبائل البدائية ‪ ،‬ومن شواهد اثعصر‬
‫الحجري ‪ ،‬ان االنسان في وسعه ان يقتل الحيوان بأن يطعن صورته‬
‫بالرمح مي موضع معين ‪ ،‬فعند الصيد يصيب الرمح الهدف المحدد ‪٠‬‬
‫وتتضح هذه العقيدة نفسها في ان الشعوب البدائية حينما تريد ان‬

‫‪-٧٩‬‬
‫تستجلب سحبا دكناء فانها تضحي بجدي اسود ‪ ٠‬فاذا ارادت ان تهب‬
‫عاصفة ‪،‬فانها تضرب بمطارق على وعاء ‪ ،‬ثم تلطم شعلتين من النار‬
‫احداهما باخرى ‪ ،‬وترش المياه في كل مكان بفرع شجرة ‪ ،‬او هم‬
‫يشيرون الماء في بركة اللقاء حجارة فيها ‪ ،‬او بلطمها بفروع االشجار‬
‫لكي تثير العاصفة والرياح البركة بالمثل فيما بعد ‪ ٠‬ويبدو ان هذا‬
‫الدافع نفسه عرف عن اسطورة الملك « ارطس» (‪ ٠ )١‬ولكن هذا‬
‫الموضوع عن مثل هذا الطقب المسحور يتمثل دائما في حكايات‬
‫العصر الحاضر الشعبية والخرافية ‪ ،‬فاتبطل يصل الى نافورة او الى‬
‫بحر ويلقي فيه بحجر فيعقب ذلك فجاة هبوب عاصفة مروعة ‪ ٠‬بل‬
‫أن االسطورة االغريقية القديمة عن نبع كاستاليا (‪ )١‬ذات صلة بهذه‬
‫انتصورات ‪ ٠‬ونحن نعرف مغزي الصورة في تزايد مفرط على وجه‬
‫اتقريب في الحكايات الخرافية الشرقية العديدة بل كذلك في بعض‬
‫الحكا بات االلمانية ‪ ( ،‬حكاية يوحنا المخلص — االطفال وحكايات‬
‫البيوت لالخوين جرم حكاية رقم ‪ ) ٦‬لتى يرى فيها البطل صورة‬
‫أميرة ‪ ،‬وال يهدأ له بال حتى يفوز بها ‪ ٠‬اما االميرة التي نرفض كل‬
‫خطابها ‪ ،‬فهي تسلم نفسها له ‪ ،‬النها كذلك قد رأت صورته في رؤياعا‬
‫ومن ثم فقد احبته ‪٠‬‬

‫ووراء ذلك ال يتمثل تصور لقوة الصورة فحسب ‪ ،‬وانما تمثل‬


‫كذنن االحساس بالرابطة العميقة غير المرئية بين االفراد ‪ ،‬والتي تكون‬
‫مقدرة من قبل وتحتم بعد ذلك تحققها ‪ ٠‬على ان هذا يبدو لنا‬

‫‪ - ١‬ارطس او ارئر ملك كلتى نشعات عنه ‪1‬سطورة اشتهر بها ‪ ٠‬حارب سنة ‪ ٥٠٠‬ق‪.‬م ضد‬
‫السكسون المتوغلين في بالده ‪ ٠‬ثم اصيب يجراح خطعة في معركة ضد أحد‬
‫اقربائه كان يناغسه لي مملكته وزوجته ‪ ٠‬وحيشما اصيب بقلك الجراح ‪1 ،‬لتمس‪،‬‬
‫الشفاء في جزيرة ألجن ‪ ٠‬هذه القصة وجدت طريقها الى الحكايات ألخرأفية‬
‫المكلتية ونمت بعد ذلك وانتقلت السى شعوب اخرى ‪ ( ٠‬المترجمة )‬

‫‪ - ٢‬كاستاليا ‪ :‬نبع مقدس في دلغى ‪ ٠‬وقد كان رمز‪ 1‬في العصر الهليني لاللهام‬
‫(المترجمة)‬ ‫الشعري ‪٠‬‬
‫ان غرابين اسقطاهما ‪ ٠‬وكان كل هم الملك ان تخذ من صاحبة الشعرة‬
‫قرينة له ‪ ٠‬وهذا يعنى أن الشعر كان يجذب الملك بقوة الى صاحبته ‪،‬‬
‫اذ أن الشعرة تعد جزءًا من كيانها ‪ ٠‬وفضال عن هذا فان فكرة قرابة‬
‫االرواح تختفي وراء عذا بحق ‪ ،‬فاذا مانظر انسان الى خصلة من‬
‫شعر انسان اخر ‪ ،‬او الى صورته ‪ ،‬فانه ال يهدأله بال حتى فوز بهذا‬
‫الشخص تفسه ‪ ٠‬وكذنك كان كل هم فرعون في حكاية االخوين‬
‫ألخرابة المصرية أن يفوز بالمرأة التي حمل التيار اليه خصلة من‬
‫شعرها ‪ ٠‬وهذا !لموضوع نفسه نجده في الحكايات الهندية والمنغولية‬
‫واالرمينية ‪٠‬‬

‫والعظام قوة مماثلة ‪ ٠‬ففي حكاية « العظام المغنية » احدى‬


‫حكأبات « االخوين جرم » التي اتتشرت اتشارا كبيرا ‪ ،‬تغنت عظام‬
‫ألميت ب التي صنع منها احد الرعاة نايا _ بالشرور نفسها التي كنب‬
‫على ليت ان يعيشها ‪ ،‬فحياة المقتول اتقلت ائىعظامه ‪ ٠‬وفي بعض‬
‫الره ايات ‪ ،‬وهي الروايات القديمة نسبيا ‪ ،‬عاش الروح تجارب ابعد‬
‫من ذلك ‪ ٠‬ففي المكان الذي دفن فيه المقتول نبتت شجرة صنع من‬
‫خشبها ناي او قيثارة ‪ ٠‬وفي النهاية خرج القتيل من االلة اموسيقية ‪،‬‬
‫ذلك ان االنسان يظل هو نفسه ‪ ،‬خالل كل صور التحول ‪ ٠‬وفي حكاية‬
‫« االخوين » المصرية ‪،‬تحول باتا الى ثور فتكت بهامرأته ‪ ٠‬ثم تساقطت‬
‫من الثوز نقطتان من الدم نبتت منهما شجرتا لوز مر ‪ ٠‬ولكن الزوجة‬
‫قطعتهما ‪ ٠‬غير أن شظية تطايرت منهما الى فم المرأة فحملت عن حلريق‬
‫هذه الشغلية وولدت ولدا هو « باتا » نفسه الذي عاد مرة اخرى‬
‫الى الحياة ‪٠‬‬
‫وكذلك قد نسكن قوة االنسان الحقيقية في ردائه ‪ ٠‬وكل من‬
‫خلفر برداء ثخص اخ ذانه ستحوذ كذتك على صاحب الرداء نفسه ‪٠‬‬
‫هذا هو ألمغزى يشيع في حكاية فيالند الشمالية ‪ ،‬وكذلك في حكاية‬
‫« سومادوا » الهندة ‪ ،‬وحكايات جزيرة ميالنيزيا ‪ ،‬وفي خالف ذلك‬
‫من الموضوعات الثابتة عن الفتيات البجعات الالنى سلب الناس ارديتهن‬

‫سا‪--٨‬‬
‫بوصفه احد المالمح االساسية في الحكاية الخرافية بصفة عامة ‪،‬‬
‫ولذلك فهي قديمة في خصائصها ‪ ٠‬انها تنتمي الى عالم كان فيه‬
‫التفكير الرمزي قويا للغاية ‪ ،‬ووراء هذا التفكير يقف االحساس‬
‫بنظام هائل يشمل عالم االنسان وينعكس في الحكاية الخرافية مرة‬
‫اخرى ‪ ٠‬وقد ببدو لنا مثل هذا التفكير الرمزي بدوره غريبا للغاية ‪٠‬‬
‫غير ان عصرظ ما يزال يعرف نماذج من التفكير االصلي الرمزي‬
‫العميق ‪ ٠‬وحسبنا ان نذكر معنى التيجان وغير ذلك من شارات‬
‫الساطان ‪ ،‬وان نذكر انقيمة الرمزية لالشياء التي كانت تنتمى الى‬
‫المشاهير من الناس او الى اقربائهم المقربين ‪ ،‬والتي لم تقدر هذا التقدير‬
‫البالغ تتبجة تقدير عاطفي فقط ‪٠‬‬

‫والمرآة مثل الصورة نمتلك كذلك قوة سحرية ‪ ،‬النها تحتوي‬


‫على صورة إالنسان ‪ ،‬وان لم تحتو عليها في الحقيقة ‪ ،‬النها مسطحة‬
‫وينعكس عليها العالم السره ‪ ٠‬ويحق لنا ان تتصور أنها كانت تجربة‬
‫غرببة حينما رأى االنسان البدائي نفسه في المرآة الول مرة أو على‬
‫مسطح مائي مثال وهو يخطو بنفسه متجها نحوه ‪ ٠‬وهكذا كانت‬
‫صورة المرآة بحق اول االمر صورة روحية كذثك لالنسان ‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك اصبحت شيائ يستطيع ان يخفي العالم باسره بداخله ‪ ،‬ولذلك‬
‫فهي تستطيع كذلك ان تعرف خفايا االمور ‪ ٠‬وبهذا تكونت من‬
‫المرآة البسيطة مراة الحكاية الخرافية السحرية ‪ ٠‬وكذلك تضمن‬
‫اسم النسان كيانه وقوته ‪ ٠‬وعند الجرمانيين يعد الطفل معترفا به‬
‫حينما يمنحه الوالد اسما ‪ ،‬أما قبل ذلك فمن الممكن اتبروء منه ‪،‬‬
‫وقد يقتل تتيجة لذلك وال يعد قتله جرما ‪ ٠‬وعلى ذلك فان الطفل‬
‫ال يكتسب روحا اال عن طريق االسم ‪ ٠‬وكل من يعرف إسم كائن‬
‫يكون له سلطان عليه كذلك ‪ ٠‬فما ان علمت ( الزا ) اسم البطل‬

‫‪-٨٢‬‬
‫« لوهنجرن » (‪ )١‬حتى تحطمت قوته الخارقة ‪ ٠‬ويقول المثل ‪ :‬اذا‬
‫ما نطق االنسان باسم الذئب جاء يمدو (‪ )١‬فمع النطق باسم المدعو‬
‫ستكين لقوة انسان ‪ ،‬وكل حكايات جبل االرواح (‪ )٢‬تنتمي الى‬
‫هذه انتصورات‪ .‬ويحكى في حكابة من منطقة التيرول (‪ )٣‬أن فالحا‬
‫شأهد « البرشتا » (‪ )٤‬وهي تمر امامه ‪ ٠‬وكان يسير بجانب الفالح‬
‫عدد من االطفال ‪ ،‬ثم وطىء الطفل االخير في الصف طرف قميصه‬
‫المنسدل ‪ ٠‬حينئذ نادى الفالح ‪ :‬ايها الفرخ البري الذي يقف في‬
‫الصغير » وهنا اجاب‬ ‫الخلف‪ ،‬أقدم‪ ،‬فاذااريد ان احزم لك ثوبك‬
‫الطفل « االن اشكرك‪ ،‬اآلن أصبحت أمتلك اسما» ‪ ٠‬ثم اختفى‬
‫الطنل ‪ ٠‬وهكذا ما يكاد الطفل يسمى باسم حتى يخرج من زمرة غير‬
‫المعمدبن وانفاقدين لكيانهم ‪ ٠‬وقد تحولت هذه العقيدة القديمة عن‬
‫قوة السم الى ما يشبه الحيلة في حكاية الشيطان الخير‪ ،‬هذا الكائن‬
‫المهون الذي قدم المساعدة الحدى الملكات ‪ ،‬واراد أن يأخذ طفلها‬
‫جزاء ما قدمه لها من مساعدة ‪ ،‬اذا لم تستطع الملكة أن تحدس باسمه‬

‫‪ - ١‬لوهنجرن ابن البطل بارسيقال ‪ ،‬بطل االسطورة المسماة باسمه التي نشات ني‬
‫اوروبا في العمور الوسطى ‪ ٠‬وقد كان بارسيفال بطال مات في سبيل الدين‬
‫‪5‬ل‪10‬ه‬ ‫المسيحي ‪ ٠‬وقد ارتبطت اسطورة بارسيفال باسطورة ارطوس‬
‫فيما بعد ‪ ٠‬ذلك ان بارسيفال حينما شب عسن الطوق خرج لييحث عن فمم ر‬
‫الملك ارطوس ‪ ،‬فوجده ودخله وامبح من ثدمائه ‪ ٠‬وكذلك استدعى الملك ارطوس‬
‫«( لوهنجرن» بن الملك بارسيفال لمواساة االمية (( المزا» ‪ ٠‬ولكنه اضطر الى‬
‫طالقها ‪ -‬رغم زواجهما السعيد س النها افشت سر اصله ‪ ،‬وقد كان اخذ عليها‬
‫العهد اال تغشيه ‪ ٠‬ومن هذه المادة االسطورية لقمة ‪1‬لملك «( ارطوس )) و(‪٠‬لوهذجرن))‬
‫الف وتشرد غاجنر اوبراه «( بارسيفال» عام ‪( ٠ ١٨٥٠‬المترجمة )‬

‫‪ - ١‬يقول المثل الشسبي في هذا المعنى ‪ :‬جبنا سية القطجه ينط ‪1( ٠‬المترجمة)‬
‫‪ - ٢‬كثيما مايظهرفي المحكايات الخرافية متجسدا في شكل راهب او مارد او حبوان‪،‬‬
‫وكل من يقصده يماب بأذى ‪ ( ٠‬المترجمة )‬
‫‪ - ٣‬منطقة جبال االلب الثاهقة التي تقع بين ايطاليا والنمسا ‪ ٠‬وقد اثارت‬
‫طبيعة المنطقة الممولة خيال الشعب هناك ‪ ،‬غالنو! حولها الكثع من الحكايات‬
‫الغرافية والشعبية ‪ ( ٠‬المترجمة)‬
‫) ‪ « -‬البرشتا» احدى فساء جهنم كما صورها المخيال المشعبي ‪ ٠‬ويظل الشسب غي‬
‫انتظارعا احدى عشرة ليلة‪ ،‬ثم تظهر الليلة الثأنية عشرة ممسكة بعصى من‬
‫الخيزران تضرب يها في المواء ‪ ٠‬وهي اما طيبة مساعدة او شريرة مؤذية ‪( ٠‬المترجمة)‬

‫‪٨٣-‬‬
‫فلمة عرفت اسمه تمزقت اعضاء الشيطان منفصلة من بعضها البعض ‪٠‬‬
‫فمعرفة االسم الحقيفي تعد غالبا في الحكاية الخرافية المفتاح ااسحري‬
‫الذي ينتح االبواب ويبين الطريق الى الكنوز المدفونة ‪٠‬‬
‫وفي بعض الحيان تعيش في صميم الكلمة المنطوقة قوة سحرية ‪،‬‬
‫والحكاية الشعبية والخرافية في ايسلنده تعرفان فكرة « الكرافت‬
‫" » ‪ ،‬فاالنسان يستطيع أن يقود شيائ الى‬ ‫آسكلد (‪)٥‬‬
‫مسافة بعيدة اذا ما نطق ببيت واحد من الشعر ‪ ٠‬والكلمة لها مث‬
‫هذه ‪:‬لةوة من حيث انها تزيل الشر كذلك ‪ ،‬وذلك عند االبتهان‬
‫بذكر احد االسماء ‪ ٠‬فاالنسان في مصر يضيف عند ذكر اسم المللت‬
‫عبارة « الحياة والخير والصحة » ‪ ٠‬وتزداد قوة الكامة اذا ما طق‬
‫بصيغة معينة ‪ ٠‬وتكون الكلمة ممتلكة السمى قوتها اذا كان القول‬
‫شعرا ‪ ٠‬وكثيرا ما يحكى في الحكايات الروسية عن منزل صغير قد‬
‫بني عند حافة غابة « على اقدام افراخ وأرجل الكالب ) ‪ ٠‬وباب‬
‫هذا المنزل تجه جهة الغابة ‪ ،‬فما أن ينطق االنسان ببيت معين من‬
‫الشعر حتى تجه مدخل المنزل الى الجهة االخرى ‪ ،‬وحينئذ تمكهن‬
‫البطل من دخوله ‪ ٠‬لقد أصبح للبطل سلطان على البيت وقاطنته ‪ ،‬بل‬
‫انه برعن عن طريق نطقه ببيتالشعر الصحيح انه هو الشخص المفضل‬
‫وتبدا حكاية « الملك الضفدع » لالخوين جرم بما يلى ‪ « :‬في قديم‬
‫الزمأن حينما كان هذا يساعد على تحقيق الرغبات » ‪ ٠‬حقا ان هذه‬
‫الصيغة مصدرها يراع « وليم جرم » ‪ ،‬اال انه نطق في ذلك بشيء‬
‫بالغ في القدم ‪ ،‬فلقد كانت الكلمة من القوة بحيث كانت تستطيع ان‬
‫تدخل في احداث انعالم ‪٠‬‬
‫ان االنسان الذي يكون متصال باشياء من عالم اخر ‪ ،‬يتحتم عليه‬
‫ان يكون منتميا كذلك الى ذلك العالم ‪ ٠‬واحياائ تسبب عن اللمس‬

‫ه‪-‬لم نستطع ان نستدل على معنى هذه الكلمة ‪ ٠‬وربما كان لفظ « أسكلد » يدل على‬
‫الكلمة‪،‬فيكوناللفظمعناهقوة الكلمة ( المترجمة)‬

‫‪-٨٤‬‬
‫بأشياء بعينها بروز الطبيعة الخاصة لكائن ما ‪ ٠‬ففي حكاية بوهيميه‬
‫نتحتم على برج الدلو ان يفيض على نحو قوي ‪،‬اذا ما لمسته قطرة‬
‫صغيرة من الماء ‪ ٠‬وفي حكاية خرافية امريكية ‪ ،‬تشبه تماما ما تحكيه‬
‫أن كلب البحر الذي‬ ‫الملحمة الهندية القديمة « ماهابهاراتا » (‪)١‬‬
‫تحول الى امرأة تحتم ان ستعيد شكله االول بمجرد ان مسته قطرة‬
‫من الماء ‪ ٠‬وكذلك صارت « بروسايينا » تنتمي الى العالم السفلي‬
‫بمجرد أن أكلت تفاحة واحدة يقال انها ثمرة من ثمار العالم السفلي ‪٠‬‬
‫وتحكى حكاات العروس المنسية كيف ان فتاة خلصت‪ .‬البطل من‬
‫فوة العالم السفلي ‪ ،‬ثم توسلت اليه اال يدع احدا يقبله عندما يخرج‬
‫الى العالم االرضي ‪ ٠‬ولكنه تجاوز المحظور وقبل والدته ‪ ،‬او انه‬
‫سمح لفسه بتناول جرعة من شراب ‪ ٠‬ومعنى ذلك انه قبل شيائ من‬
‫العالم االرضى ‪ ٠‬وفي الحال نسى منقذته ‪٠‬‬

‫وفي وسع االشياء نفسها ان تحتوي على جزء من الحياة ‪ .‬ففي‬


‫حكاية الهروب من مسكن الشيطان نطق الدم او نطق البصاق الذي‬
‫خلفه ‪.‬لهاربون وراءهم بمكان الماريين انفسمم ‪ ٠‬وتؤكد كثير من‬
‫انعادات هذه العقيدة من حيث ان جزءا من قوتنا ومن كياننا عيش‬
‫في الدم وفي البصاق ‪ ٠‬وهناك كذلك اشياء اخرى تشارك في حياثنا‬
‫فاذا افترق اخوان ‪ ،‬فان احدهما يدفع بسكين في بطن شجرة ‪ ،‬وبهذه‬
‫السكين يستطيع احدهما ان يعرف ما يحدث الخيه االخر ‪ ٠‬كذلك‬
‫بثير الزهور التي تذبل الى مرض انسان او موته في غربته ‪ ٠‬وقذ‬
‫دلت بكرة خيط الصوف البطل الى الطريق ‪ ،‬وظلت تتدحرج على‬
‫اندوام يوما بعد يوم حتى وصل البطل الى هدفه ‪ ٠‬وفي الحكايات‬

‫‪ - ١‬تقع هذه الملحمة في اكثر من ثمانين للف سطر من المشعر ‪ ٠‬ويعدها المنود ملحمتهم‬
‫الوطنية ‪ ٠‬وهى تهكى عسن صراع حدث بين قزمين من اجل الومول آلى‬
‫الحكم ‪ ٠‬وقد ظهرت هذه الملحمة في ‪1‬لترن الرابع قبل الميالد ‪ ،‬وأقخئت هكلها‬
‫النهائى في القرن الرابع بعد الميالد ‪ ٠‬ومنذ للك الوت اصيحت « المهانماراتا ‪4‬‬
‫‪٠‬كتابادينيايتلىفي المعابد في االعياد (المترجمة‬

‫— ‪— ٨٠‬‬
‫الخرافية البدائية ارشدت حربة او سهم البطل الى الطريق ‪٠‬‬
‫وهناك احوال اخرى تتضح من خاللها العقيدة الفتيشية في‬
‫الحكايات ااخرافية ‪ ٠‬فغالبا ما يستعصي القضاء على الشيطان مثال اال‬
‫عن طريق اصابته بسالح معين ومعنى هذا ان السالح ال بد ان تسكنه‬
‫قوة هي قوة خيرة تفوق قوة الشيطان ‪ ٠‬أما القوة انشخصية لبطل‬
‫‪:‬لحكنيأت الخرافية فال تؤدي دورها اال في المرتبة الثانية ‪٠‬‬
‫وللحيوان فى الحكاية الخرافية وظيفة ذات صور متعددة ‪ ٠‬فمرة‬
‫ينهر بوصفه حيوانا روحانيا ومرة أخرى يكون غدوا لألنسان ‪ ،‬كأر‬
‫يكون أفعى شريرة او تنينا أو دودة شجرة الزيزفون ‪ ،‬او تجسيدا‬
‫للش بسفة عامة ‪ ٠‬وفي فلروف أخرى يظهر الحيوان بوصفه مساعدا‬
‫النسان ‪ ٠‬وليس انحيوان االليف وحده هو انذي يقدم معوتته‬
‫لالنسان ‪ ،‬وانما تقف بجانبه كذلك االسود والدببة والنمل والنحل ‪٠‬‬
‫وفي كثير من الحكايات البدائية يكون الحيوان هو صاحب القوة‬
‫التي تفوق قوة االنسان ‪ ،‬ومع ذلك فان االنسان يستطيع في النهاية‬
‫أن يغدر به ثماخيرا يعود احيوان الى نطاق السحر ‪ ،‬فغالبا ما يكون‬
‫مجرد انسان ممسوخ يتحتم فك سحره ‪ ٠‬ويرجع كثيرمن االساطير‬
‫أصل االجناس الشهيرة الى الحيوان ‪ ،‬فقد احتفظ عدد كبير من‬
‫انفبائل البدائية وكذلك بعض االجناس في الحضارات الراقية بصلتها‬
‫بالحيوان ‪ ٠‬وعند الجرمانيين يرتبط جنس « اليلفنج »‪٥‬ء‪110‬الالشهير‬
‫بالذئأب ‪ ٠‬وفي اسم « يولف » (‪ )١‬اشارة الى الدببة ‪ ٠‬وعند المصرين‬
‫اتقدماء تصور اآللهة والفراعنة في صور نحمل رسوما حيوانية ‪ ٠‬وقد‬
‫عرفت الحكاية الخرافية االصل الحيواني في اشكال عديدة ‪ ،‬فاحيانا‬
‫يكون البطل « ايفان » فيالحكايات الروسية ابنا لبقرة ‪ ،‬وكثير من‬
‫أبطال الحكايات الخرافية رضعوا في الغابات من ديبة او اناث الذائب‬

‫ا ‪ -‬بلل الملحمة االنجليزية الشهيمة التي نشات في العرن الثامن او التاسع‬


‫‪٤‬لميسالدي‪1(٠‬لمقرجمة‬

‫‪-٨٦-‬‬
‫او االسود ‪ ٠‬وقد تعتاب بعض الملكات بأنهن ولدن كلبا او حيوانا اخر‬
‫بدال من انسان ‪٠‬‬

‫وربما كانت بعض هذه التصورات ذات صلة شكل العقيدة‬


‫الطوطمية ‪ ٠‬ومن الممكن حقا ان يكون الطوطم نباتا او اية ظاهرة‬
‫طبيعية أخرى ‪ ،‬وثكن الحيوان الطواطم يفوقها كثيرا ‪ ،‬الى درجة انه‬
‫بحق لنا دون كثير تدبر أن نقرن عقيدة طوطمية ‪ ،‬ولذا فلسنا نود هنا‬
‫ان نخوض فيها ‪ ٠‬وتتفق االديان الطوطمية كلها في ان مصير مجموعة‬
‫من الناس يرتبط بالطوطم ‪ ( ،‬غالبا ما يعد الحيوان الطوطم الجد‬
‫‪ Tabu‬له صلة بالطوطم‪٠‬‬ ‫االول ) وان عددا من المحرمات « تابو»‬
‫ومثال ذلك انهال يحل اكل لحم الحيوان ‪ ،‬واكثر من هذا لحم كل‬
‫حيوان شبهه ‪ ٠‬وفي الحضارات ائطوطمية نتخذ المحاربون المنتمون‬
‫الى طوطم اسم الحيوان الطوطم شعارا في اغلب االحيان ‪ ٠‬وقد تركت‬
‫هذه العقيدة أثرها كذلك في الحكايات الخرافية والشعيية ‪ ،‬فكما‬
‫ذكرنا كان « بيولف» يحمل اسم دب ‪ ٠‬على ان هذه الصيغة هي في‬
‫الوقت نفسه كدمة بديلة من اسم الحيوان نفسه الذي يعد محرما ‪،‬‬
‫وهي كذلك ظاهرة عظيمة االتتشار في الطوطمية ‪ ٠‬وكذلك ما تزال‬
‫الحكاية الخرافية عن ابن الذئب او ابن الحصان أو ابن البقرة شواهد‬
‫واضحة على هذه العقيدة القديمة ‪٠‬‬
‫وتتضح قوة الحيوان كذلك في ‪١‬ن كثيرا من االلمة يتخذ شكال‬
‫‪Physiologus‬‬‫حيوانيا ‪ ٠‬وكذلك ارتفع كتاب « الفسيولوجوس»‬
‫الكتاب انذي اكنسب شهرة واسعة في العصور الوسطى س ارتفع‬
‫بالحيوان الى مستوى روحى ‪ ،‬وربط بينه وبين الحكايات الدينية ‪٠‬‬
‫وعلى هذا النحو اقتفى الكتاب بحق آثار النماذج القديمة فهو الصدى‬
‫االخير لعقيدة الحيوان القديسة ‪ ٠‬على انه ال يحق لنا ان نرجع حكايات‬
‫الحيوان كلها الى التصورات الطوطمية‪ ،‬فلقد راقب االنسان الحيوان‬
‫واستكشف الكثير من غرائبه ‪ ٠‬وأمثلة حكايات الحيوان التعليلية‬
‫المفسرة معروفة في الرواية المتناقلة لدى الشعوب جميعا ‪٠‬‬

‫‪-- ٨٧ -‬‬
‫والناس الذين رايل حياتهم بالحيوان ارتباطا قويا ‪ ،‬وفي مقدمتهم‬
‫انصيادون ‪ ،‬يبجلون الحيوان او يخشونه لثقته بنفسه ‪ ،‬ولقوة عضالته‬
‫وقوة غريزته ‪ ٠‬وكثيرا مايتتمى الحيوان الى عالم اخر ‪ ٠‬فالحيوان‬
‫المساعد في حكاياتنا الخرافية كذلك ‪ ،‬يقدم عونا للبطل يفوق طاقة‬
‫االضان ‪ ٠‬وهكذا نجد ان الكثير من حكايات الحيوان التعليلية ليس‬
‫مجرد شروح صرف للصفات الحيوانية ‪ ،‬وانما كثيرا ما يرتبط بالتفسير‬
‫معرفة أسطورية ‪ ،‬أي‪ .‬تغلغل فى العالم االخر ‪ ٠‬وانا لنميل كل الميل‬
‫الى ان نعد الحكايات التي تشرح خصائص الحيوان مجرد ادب وعلم‬
‫بدائينن يعتمدان على المالحظة ‪ ٠‬على حضارة الصيادين ‪ ،‬وهم مجموعة‬
‫الناس الذين يرتبط مصيرهم ويسر أحوالهم بالحيوان ‪ ،‬يرون فى مثل‬
‫هذه الحتدايات ما هو أكثر من ذلك ‪ ،‬فهي غالبا ما تكون بالنسبة ايه‪:‬‬
‫تغلغال فى المراحل االولى الصلهم ‪ ٠‬على أن هذا يعني كذلك التغلغل فى‬
‫بداية العالم ‪ ٠‬وتحكى حكاية خرافية لدى الهنود االمريكيين عن‬
‫المعلم الرباني ‪ -‬كية انه صعد الى السماء ووعد‬ ‫أوالن اهال‪0‬‬
‫أن يهبط الى االرض مرة اخرى بوصفه ابنا للشمس ‪ ،‬وعند ذكيصير‬
‫الحيوان حاميا له م فلما ولدأوالل بالفعل مرة ثانية‪ ،‬ساعدته الفئران‬
‫وانوطاويط وغير ذلك من انواع الحيوان ‪ ٠‬وهذه وال شك اسطورة‬
‫قديمة اصيلة ‪ ،‬على انها تشرح لنا فى الوقت تفسه خصائص كثير من‬
‫‪:‬نحيواز وفقا لسلوكه من خالل عملية انقاذه ا «أوالل» ‪٠‬‬
‫ان الحيوان مخلوق قوي ‪ ،‬وال بد لالنسان ان يخشى غضبه ‪ ،‬فاذا‬
‫قطع انسان لسان حيوان مقتول فربما أراد بذلك ان يمنعه من افشاء‬
‫أسم فاتنه واال عوقب القاتل ‪ ٠‬وربما يرجع الى ذلك أيضا ‪ ،‬الموضوع‬
‫الذي يكشر تناقله فى كثير من الحكايات الخرافية الكثيرة ‪ ،‬وهو أن‬
‫البطل تحتم عليه ان يقدم لسان حيوان مهول دليال على اتتصاره‬
‫عليه ‪ ٠‬وكذلك يحرم أكل نخاع عظام بعينها من عظام الحيوان ‪ ،‬حتى‬
‫ال يكون ذلك عائقا للحيوان عند بعثه ‪ ٠‬وكثيرا مايرد في الحكايات‬
‫الخرافية انه يحق النسان أن يأكل حيوانا فيما عدا عظمة واحدة بعينها‬

‫‪-٨٨‬‬
‫منه ‪ ٠‬فهذه العظمة اذا مأ هشمت اصيب الحيوان بالعرج بعد ان‬
‫ذ جع اليه الحياة ‪٠‬‬

‫ان انحيوان يعتش ف ءالم قائم بذاته ‪ ،‬وهذا المالم اما أن يكون‬
‫صم رة شييهة بعالم االنسبان واما معارضة له كذلك ‪ ٠‬وترتبط افراد‬
‫لحيوان على نحو غاية في الغرابة ‪ ،‬فالضفدع في الحكا ت ألهندة‬
‫مثال أب للنمر االرقط ‪ ،‬وكذلك نجد النسر قد زوج ابنته من ذكر‬
‫لبط او من ذكر البوم أو من الضب او من ذكر الحمام ‪ ٠‬وكذلك‬
‫يدبر بعض افراد الحيوان ‪ ٠‬كما هو الشأن في عالم االنسان ‪-‬‬
‫المكائد للبعض االخر ‪ ،‬كما انها تتصارع ويخدع بعضها االخر ‪ ٠‬وغالبا‬
‫ما يكون الحيوان الضعيف اشد كيدا من الكبير والقوي ‪ ،‬فيتغلب‬
‫عنيه بذكائه ‪ ٠‬وكثيرا ما بمتلك الحيوان فى الحكايات الخرافية السلطان‬
‫على العناصر الثالثة ‪ :‬الماء والنار والنور ‪ ،‬وهو تحكم فى !النهار وغير‬
‫ذلك ‪ ٠‬وغالبا ما تحتم على االنسان أن يلجا اليه نكي يسترد منه‬
‫متلكاته ‪ ٠‬وكذلك تضع الطيور الذهب أو البيض الذهبي ‪ ٠‬وما‬
‫اكثر ما تحكى حكاياتنا الخرافية عن هذا!وكذلك تمتلك الحيةوسائل‬
‫عجيبة للعالج ‪ ،‬كما تمتلك العشب ذا القوة السحرية ‪ ٠‬وتعد االفعى‬
‫بصفة عامة حيوانا قريبا من العائم االرضي ‪ ،‬ولذلك فان قوى هذا‬
‫العالم تقع في حوزتها ‪ ،‬وعلى هذا فهي تستطيع عن طريق عشبعجيب‬
‫اذ تهب االخرين الحياة االبدية ‪ ٠‬وفى الحكايات البدائية التي بدو‬
‫فيها الحيوان السيد الحقيقي للعالم‪ ،‬يميل الحيوان الى اذ تخذشكل‬
‫االنسان أو االشباح او الشياطين‪ .‬وفى حكاياتنا الخرافية يمتلك االنسان‬
‫كذلك أحيافا “ عن طريق مواهب خاصة س المقدرة على تحويل تفسه‬
‫الى حيوان فاذا ظهر الحيوان فى الحكاات البدائية فى هيئة أشباح ‪،‬‬
‫وان هذا معناه أنه _كهذه االشباح ‪ ٠‬ينتمي الى العالم غير االنساني‪.‬‬
‫وكثيرا ما تحول الموتى كذلك الى أشكال حيوانية ‪ ٠‬وتحكى كثيرمن‬
‫الحكايات الصينية عن هذا‪ ،‬حيث تحول الموتى الى كائنات شيطانية‬
‫على هيئة ثعلب ‪٠‬‬

‫‪-٨٩-‬‬
‫انحكاياتالحيوانتنتشرفىجميع أنحاء العالم‪،‬وقد احتفظتبمقدرتها‬
‫على الحياة عبر مائت السنين ‪ ،‬اتداء من ملحمة جلجامش البالية ‪ ،‬ومن‬
‫االغريق حتى عصرنا الحاضر ‪ ٠‬ولقد اعتقد بنفى» ان فابوال الحيوان‬
‫نشأت فى بالد االغريق ‪ ،‬ولكننا نجد حكايات إلحيوان تعيش فىجميع‬
‫أنحاء العالم ‪ :‬نجدها لدى الحضارات البدائية ‪ ،‬كما نجدها علىالسواء‬
‫لدى إلحضارات الراقية ‪ ٠‬وليست فابوال انحيوان التي صيغتصياغة‬
‫فنيةفى العصر القديم الكالسيكيسوى شكل من أشكالهذهالحكايات‪.‬‬
‫كما تطورت حكايات الحيوان القديمة التعليلية الى حكايات من نوع‬
‫آخر تماما هي الحكايات الخرافية ‪٠‬‬

‫وحكايات الحيوان تشرح وتحكى وتسلى وتعلم مازجة كل هذه‬


‫االغراض مزجا بديعا ‪ ٠‬انه مزج عجيب ‪ ،‬بل وهو فى بعض االحيان ‪،‬‬
‫محير ‪ ،‬ولكنه دائما حي ومثير تلنشاط ‪ ٠‬وهذه الحكايات تفوقالحصر‪،‬‬
‫وقد كان لها أهمية كبيرة في اتتشار فن الحكاية وتطوره ‪ ٠‬فهي نحكي‬
‫عن سبب تسلق القرود االشجار هنا وهناك ‪ ،‬وعما جعل لالرنب!لبري‬
‫شفرتين ‪ ،‬وللسمك المفلطح فما منبعجا ‪ ،‬وللسلحفاة ظمرا مفصصا ‪،‬‬
‫وللغراب لونه االسود ‪ ،‬والبن آوى لونا مخططا ‪ ،‬وللدب ذنبا اتر ‪،‬‬
‫ثم هي تعلل لماذا تمتلك الزواحف عينين حمراوين‪،‬ولماذا تزحف السلحفاة‬
‫ببطء وتجر معها بيتها ‪ ،‬ومن اين أتت الطيور برشها المزخرف ‪ ،‬واللقلق‬
‫بمنقاره االحمر ‪ ،‬ولماذا ينوحالحمام ‪ ،‬ويصيح الوقواق ه وق وق » ‪،‬‬
‫ولماذا ينعق الغراب ‪ ٠‬ولماذا تغني البالبل وعصافير الجنة ‪ ،‬ولماذا كان‬
‫العقعق محبا لالستطالع ‪ ،‬ولماذا تتجنب الوطاويط والبوم الضوء ‪،‬‬
‫ولماذا تلتهم القطة الطعام أوال ثم تغسل فمها بعد ذلك ‪٠‬‬
‫ومما يذكر على سبيل التفسير أن السلحفاة طاربها النسسر فى‬
‫السماء فسقطت‪ ،‬ولم يكن يسمح لها بالكالم ولكنها فعلت ‪ ،‬وان ابن‬
‫آوى أراد أن يسرق الشمس ‪ ،‬وان الغراب االسود حلت به اللعنة بسبب‬
‫ثرثرته ‪ ،‬وان القمر صفع االرنب على وجهه ‪ ،‬النه ابلغ رسالة خطأ ‪،‬‬
‫او ان االرنب ظل يضحك حتى تمزق فىمه ‪ ،‬وان اللقلق حمن النار من‬
‫السماء فاحرق بذلك منقاره‪ ،‬وان الغراب ثاثر الن صديقا أهوج‬
‫اغضبه ‪ ،‬وان للجمل اذنين صغيرتين للغاية النه ‪ ٠‬فيماقال االغريق —‬
‫لم يكن قنوعا وتوسل الى زيوس أن يمنحه قروا ‪ ٠‬وان سمك موسى‬
‫انشق اى جزئين واصبح مفلطحا عقابا له كذلك ‪٠‬‬
‫ولقد ظهر فى الرواية القديمة عدد هائل من هذه القصص ‪،‬فملحمة‬
‫جلجامش تحكى عن طير مهيض الجناحين كان يصيح شاكيا «كابي»‬
‫أي «واجناحاه» ‪ ٠‬وقد كان هذا الطير من قبل راعيا ‪٠‬‬ ‫‪Kappi‬‬
‫فيما يشرحه‪ ،‬السبب الذي من اجله‬ ‫‪Edda‬‬ ‫ويشرح كتاب االدا‬
‫كان ذنب الحوت رقيقا ‪٠‬‬
‫وهذه الحكايات تعد بحق أصل الفابوالت وحكايات العلم التي‬
‫تطورت فيما بعد الى فن رفيع للغاية ‪ ٠‬وقد سبق أن أشرنا الى ان‬
‫كتاب « افسيولوجوس » ال يمكننا فهمه اال اذا كان لدينا ميل كيير‬
‫الى هذه الحكايات فى العصور الوسطى ‪ ٠‬اما اذا كانت اقدم‬
‫حكايات الحيوان هي تلك الحكايات المرحة القصيرة ألمفسرة ‪ ،‬اوتلك‬
‫الحكايات التي تصور الحيوان بوصفه كائنا من كائنات عالم آخر ‪،‬‬
‫وتدفع به الى مجال اسطوري فهذا ما ال نجرؤ على تحديده ‪٠‬‬

‫ولما كانت الشعوب جميعها تجد دائما ابدا متعة فى الحكابات‬


‫التعليلية‪،‬فانها كثير ما تزج بها فى حكايات أخرى ‪ ٠‬طبيعي ان تضطرب‬
‫الحكايات بهذا فى بعض االحيان‪ ،‬فائسرد نقطع مثال فى بعض انحكايات‬
‫الجميلة _مثل حكاية االخ الصغير واالخت الصغرى‪ ،‬وحكالةال‪٠‬احر‬
‫الماهر وتلميذه ‪ ،‬وحكاية الموت الذي خدع فيه الناس — عن طريت‬
‫اقحام هذه الحكايات التعليلية عليها ‪٠‬‬

‫على أن التفسير ال يقتصر على خصائص الحيوان ‪ ،‬فلقد كانت‬


‫السحب في ازمنة سالفة اجنحة للجبال‪ ،‬وقد توزعت الجبال بمساعدتها‬
‫فى كل مكان محدثة اضطرابا فى جميع أناء االرض‪ ،‬وعند ذاكانفصلت‬
‫السحب عن الجبال ‪ ٠‬على انها لمتستطع ان تنسى نسبتها اليها‪ ،‬كما‬
‫كان الحنين يجذبها دائما الى القمم ‪ ٠‬هذا ما ترويه حكاية هندية ‪ ٠‬كما‬

‫ا‪-- ٩‬‬
‫قيل عن الكتل الحجرية الضخمة انها اناس متحجرون عوقبوا بسبب‬
‫شر كبير ارتكبوه ‪ ٠‬او ان المردة والشياطين قذفت الصخور فيما حولها‬
‫فى سورة غضبها ‪ ٠‬أما الصل(‪ )١‬فكان البدله من أن يرتجف ‪ ،‬النه نم‬
‫تأثر بموت المسيح‪ .‬ومن اجل هذا السبب نفسه تركت اشجار الصفاف‬
‫فروعها فى انحناء نحو االرض ‪٠‬‬
‫وربما نشأت هذه التفسيرات معتمدة على حكايات الحيوان انتى‬
‫ترى أنها أقدم منها ‪ ،‬وهي ‪ -‬فيمًا نعلم ‪ -‬اكثر غلهورا كذلك ف حكاية‬
‫اآللهة وفى الحكاية الشعبية واالسطورة منها فى الحكاية الخرافية ‪٠‬‬
‫وقد ادرك االنسان االصل االدبي المكتوب لبعض هذه الحكايات‬
‫التعليلية‪ ،‬كما هو الحال في الحكاية الهزلية التي تعلل شم الكالب‬
‫بعضها لبعض ‪ ،‬والحكايات اثخرافية التي من نوع حكاية « بريمر باد‬
‫الموسيقيين »‪ ،‬أو حكاية ه السلطان المخلص » التي تصور الصراع‬
‫بين حيوان البيوت وحيوان الغابات ‪ ٠‬أما الفابوالت االخرى ‪ ،‬فهي‬
‫تدين بوجودها مرة أخرى الى نكاتها المرحة ‪ ،‬مثل حكاية الكعكة‬
‫السميكة الدسمة التي ذهبت اوال الى االم واالطفال‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫اخذت تنتقل من حيوان نهم الى آخر حتى خدعها الخنزير والتهمهما‪،‬‬
‫أو هو سحقها فى االرض‪ ،‬وما يزال هذا الخنزير الثائر يبحث عنها فيها ‪٠‬‬
‫واذا كثا قد أ تينا بحكايةهروب الكعكة بوصفها تجسيدا روحياتفق‬
‫والمذهبالروحاني ‪ ،‬فان هذا ال يعني اسبتبعاد أصلها االدبي المكتوب ‪٠‬‬
‫على أن نظرة الشعوب البدائية لم ترتبط على الدوام بايعالم‬
‫االرضي ‪ ،‬فهي تحكى كثيرا من الحكايات الوقتية القصيرة عن الشمس‬
‫والقمر والنجوم والنهار والليل ‪ ٠‬وطبيعي أن هذه الحكايات ليست‬
‫كلها أصيلة وبالغة فى القدم ‪ ،‬وانما تصف بذلك القليل منها ‪ ،‬مثل‬
‫الحكايات التي تحكى عن الحيوان واالشجار والصخور والجبال ‪٠‬‬
‫وقد اتتقلت بعض هذه الحكايات بحق عن طريق المبشرين او غيرهم من‬

‫ا ‪ -‬الحية االسامة ‪ ( ٠‬المترجمة >‬

‫‪-٩٢-‬‬
‫االوربيين الى الزنوج‪ ،‬او الى سكان جزر بحر الجنوب‪ ،‬او الى‬
‫الهنود الحمر ‪ ٠‬وبعض الفابوالت الجميلة بصفة خاصة تدين بوجودها‬
‫الى زوجات المبشرين الالتي كن يسلين بها أطفال البدائيين ‪ ٠‬ومنالمحتمل‬
‫ان يكون كثير من الحكايات قد احختفظ به فيما بعد واعيدتصياغته ‪٠‬‬
‫على انه اذا كانت هذه الحكايات تخلو تماما من العنصر الفني ‪ ،‬فانها‬
‫مع ذلك قد احكمت الربط بين الموضوع واالخر ‪ ٠‬واذا كان مثل ‪.‬‬
‫هذه الحكايات قد ظهر عند شعوب الحضارات القديمة ‪،‬فاننا نجد فى‬
‫ذلك بعض الشواهد على أصالة هذه الحكايات ‪٠‬‬

‫و كثرا ما تقع النجوم تحت سيطرة الحيوان ‪ .‬فالحيوان يأمروالنجوم‬


‫تطيع ‪ ،‬ثم هي تدين للحيوان بقوة نورها ونظام مدارها ‪ ٠‬وفى بعض‬
‫االحيان يتوهم االنسان ان النجوم تتخذ شكل حيوان ‪ ،‬واذالحيوان‬
‫يحدد لها متى يمكن ان تظهر ‪ ،‬و متى يتحتم عليها اذ تختفي ‪٠‬‬

‫ويحكى كذلك أن الشمس كانت تود بصفة اساسية ان شرق‬


‫على الدوام ‪ ٠‬عند ذاك كان على االنسان أن يطلب من الليلمساعدته‪،‬‬
‫او كان عليه أن يحجب المشمس بالليل ‪ ٠‬كذلك يحكى اذ انشمسكانت‬
‫نسير دائما فى السماء فى طريق متعرج حتى ارغمها الخالق على أن‬
‫تتخذ طريقا منتظما فى شروقها وغروبها ‪ ٠‬وكثير من الحكايات تحكى‬
‫عن مصير القمر الذي كان بصفة خاصة يثير الخيال دائما ‪ ،‬فيقال ان‬
‫القمر علريان النه ال تالءم معه اي لباس تتيجة لتقلبه يين النيادة‬
‫والنقصان ‪ ،‬كما يحكى انه تحطم في كل شمر ‪ ،‬وان النجوم تصنع من‬
‫من حطام القمر القديم ‪ ٠‬وكان القمر يالحق الشمس فى غير انقطاع‬
‫بمطارحات الحب حتى غضبت الشمس فى النهاية ‪ ،‬فلطخت وجهه‬
‫المستدير بالرماد لكي يدعها فى هدوء ‪ ٠‬ومنذ ذلك الحين والقمر يحتفظ‬
‫بتلك البقع السوداء ‪ ٠‬وعلى العموم فان البقع السوداء التي تظهر فى‬
‫القمر لها تفسيرها لدى الشعوب المختلفة ‪ ٠‬ومن الغرب أن الشعوب‬
‫الستقلة تماما عن بعضما البعض تكاد تتفق فيما تحكيه من أن شريرا‬
‫نفي الى القمر بسبب حمق ارتكبه ‪ ٠‬وفي بعض االحيان يفسر هذا‬

‫‪-٩٣‬‬
‫السواد على أنه أرنب او اطفال ‪ ٠‬وفى حكاية افريقية تتفق الشمس‬
‫والقمر على ان يطرحا باوالدهما فى الماء ‪ ،‬وتكن القمر يخدع الشبمس‬
‫ويلقي بجوال مملوء حجارة فى الماء ‪ ٠‬ولذلك كانت الشمس وحيدة فى‬
‫السماء ‪ ،‬اما القمر فانه يسير في صحبة أطفاله النجوم في اثناء الليلتحت‬
‫القبة الزرقاء ‪ ٠‬ومنذئذ والقمر والشمس عدوان ‪ ٠‬أما صور النجوم‬
‫إلتي تتساقط بسبب شكلها أو بسببموقعها ‪ ،‬فان الحكايات اشعبية‬
‫والخرافية تشرحها بطريقتها الخاصة ‪ ٠‬فالنجوم السبعة « بليادن »(‪)١‬‬
‫تظهر فى شكل حمامات او شكل نسوة يالحقن صائد ‪ ،‬أو فى شكل‬
‫دجاجة تصطحب ستة من افراخها الذهبية ‪ ،‬وتحكى في بعض انحكايات‬
‫إلخرافية ان النجوم السبعة اخوة نفوا الى السماء ‪٠‬‬

‫فاذاحدثكسوفللشمسأو خسوف للقمر ‪،‬فان هذا يعني لدى كثير‬


‫من انشعوب أن كائنات هائلة قالحقهما وتريد أن تبتلعهما ‪ ،‬وانهما‬
‫يحاوالن عن طريق‪ .‬الصياح والضجيج اوطريق اطالق السهام وما شابه‬
‫ذلك من االعمال ان يطرداها ‪ ٠‬وتعبر بصفة خاصة الروايات الشرقية‬
‫ذات الطابع الخرافي بصفة خاصة عن خشية الشمس والقمر من الحيوان‬
‫المهول الذي يقتفي أثرهما‪ ٠‬وغالبا ما يكون هذا الحيوان المهول كاب'‬
‫أو ذئبا أو تنينا او ماردا ‪ ،‬كان من قبل مكبال او كان مقيدا عند جبل ء‬
‫ولكنه يجاهد مع قيده ويتخلصمنه فى نهاية الزمن ‪ ،‬وعند ذك يبتلع‬
‫النجوم ‪ ٠‬وبهذا نكون نهاية العالم قد شارفت ‪٠‬‬
‫وكذلك الليل كثيرا ما يراء االنسان كائنا مهوال يبتلعكلشيء‪٠‬‬
‫والليل فى الحكايات التترية والببترية وحش مهول يستقر فكهالسفلي‬
‫فى االرض ‪ ،‬فى حين يصطدم فكه العلوي بالسماء ‪ ٠‬ويحكى شعب‬
‫زولوس(‪ )١‬حكايات عن وحث مفترس مهول ابتلع كل الكائنات‬

‫ا ‪ --‬هن في !السطورة االغريقية ينات اطلس وبليوني السبع ‪ ٠‬وقد جعلهن زيوس‬
‫نجوما في السماء ‪( ٠‬المترجمة)‬
‫ا ‪ -‬شعب زولوالند يسكن مقاطعة ناتال في جنوب افريقية ‪ ،‬وعو ينتسب في االصل‬
‫( المترجمة )‬ ‫الى االثيوبيين ‪ ،‬وتنتشر لغته حتى تثجانيقا ‪٠‬‬

‫‪--٤‬‬
‫التي قابلها حتى اشجر في النهاية‪ ،‬وخرجت كل الكائنات التي كان قد‬
‫ابتلعها وسارت وهي فى اتم سعادة ‪ ٠‬وتتفق هذه الحكاية تقريبا مع‬
‫حكاية بوهيمية عن « بومبرلسك» ‪ ، Bumberlisk‬مؤداها ان وحشا‬
‫مهوال كان يعترض طريق كل من يقابله ويصيح ‪« :‬ال بد ان افترسك» ‪،‬‬
‫ومن ثم ابتلع االطفال والحيوان والرجال وفالحا مع عربته واربعة من‬
‫االحصنة على التوالي ‪ ،‬ولكنه انفجر فى النهاية وخرج كلما فى جوفه‬
‫فى سعادة مرة اخرى الى النور ‪ ٠‬ويحتفظكتاب ^االدا» كذلك بصدى‬
‫السطورة االبتالع هذه التي تتفق مع ما تحكيه الرواية السيبيرية‬
‫والتتريةلى حد بعيد ‪ ،‬وان تكن الحكايات التترية والسيبيرة اقدم‬
‫بحق منها ‪٠‬‬

‫ويحكى كثير من الهنود كيف أن الوحش الهائل أو سمكة كبيرة‬


‫نبتلع افاسا يخرجون مرة اخرى سالمين من جسدها ‪ ٠‬افليست اذن‬
‫حكاة الحوت الذي لم يبتلع سوى انسان واحد مصدرها هذه‬
‫االسطورة؛‪ ٠‬ثم اليس من المحتمل كذلك ان تكون كل الحكايات التي‬
‫تحكى عن كائن حي يبتلعه كائن آخر‪ ،‬ثم يخرج مرة اخرى فى حالة‬
‫حليبة الى وضحالنهار‪،‬كماهو الشأنفيحكاية«ذاتالرداء االحمر» وحكاية‬
‫«الذئب والنعاج السبع» وحكاية «عقلةالصباع»وماشابه ذلك منالحكايات‬
‫هي جميعا من نفس المصدر ؟‪ ٠‬على ان هذه الحكايات بعينها حدثة‬
‫العهد للغاية ‪ ٠‬وعلى ذلك فانا ال نقبل ان تعد هذه الحكايات تفرعا‬
‫عن اساطير االبتالع القديمة هذه ‪ ٠‬فموضوعات االبتالع نات االساس‬
‫الديني اصحيح قد احتفظ بها حقا كثير من الشعوب زمنا طويال حتى‬
‫فقدت فى النهاية مغزاها الديني ‪،‬وظلت تعيش بوصفها موضوعاتروائية‬
‫ذات طابع الحادي صرف ‪ ٠‬وترجع غرابة مثل هذا التصور الذي نتمثل‬
‫فى أن االنسان الذي كان قد ابتلعه حيوان مهول يظهر مرة اخرى حيا‪،‬‬
‫ترجع الى أن هذا الموضوع كان يستخدم دائما ابدا فيما بعد على‬
‫الرغم من انه لم تعد له ايقعالقة مباشرة باالساطير القديمة ‪٠‬‬

‫ان االنسان الذي استطاع أن يسلي نفسه بما يختويه العالم من‬

‫‪-٩٥‬‬
‫أشياء كما استطاع ان يسلي نفسه يالسماء واالرض وائشمس والليل ‪،‬‬
‫وان سعد بها جميعا ويخشاها ‪ ،‬هذا االنسان قد تساءل كذلك عن‬
‫االشياء التي يعيش عليها ويستمد منها غذاءه ‪ ٠‬فمن أين يمكن ان يأتي‬
‫الماء ‪ ،‬ومن اين يأتيه النوم وغذاءه وسالحه وعدده ؛ ذلك ان الحياة‬
‫بالنسبة لالنسان البدائي تتصل اتصاال وثيقا بسيطرة النار او بامتالك‬
‫عدد بعينها ‪٠‬‬

‫ويحكى كثير من شعوب الجزر عن بطل او عن اله كان اول من‬


‫علمهم بناء السفن ‪ ٠‬وكذلك تحكى حكايات اآللهة دائما ابدا عن‬
‫اعمال ابطال الحضارات وهم اكائنات التي غالبا ما تمثل فيها االنسان‬
‫اشخاصا حقيقيين هم مع ذلك اما ان يكونوا إصحاب رسالة سماوية‬
‫واما ان يرتفعوا الى السماء فيما بعد ‪٠‬‬

‫‪ .‬ويعتقد االنسان انه اكتسب بعض الخصال والقدرات عن الحيوان‪٠‬‬


‫ويحكى فى امريكا الجنوبية ان االنسان سرق النوم من الضب الذي‬
‫ينام دائما ‪ ،‬كما اخذ من حيوانات اخرى عظامها وجلدها ‪ ٠‬واالنسان‬
‫انما يصنع هذا دائما عن طريق الدسيسة او الخيانة أو عن طريق‬
‫القوة ‪ ٤‬الن الحيوان ال يعطى على االطالق ما تديه من ثروة عن‬
‫ولواعية ‪٠‬‬

‫واكثر االجابات تنوعا ‪ --‬في حدود ما نعلم — هي تلك التي تجيب‬


‫عن السؤال التالي‪:‬‬

‫من اين تاتي المياه؟‪ ٠‬فبعض الحكايات تدعى ان الحيوان كان فيما‬
‫مضى يستحوذ عليها ‪ ،‬وهو ذلك الحيوان الذي ما يزال يعتمد فى ‪.‬حياته‬
‫على المياه مثل الطيور المائية وفصيلة الزواحف ‪ ،‬فلقد شربت المياه‬
‫جميعها ‪ ،‬وعندئذ اغضبها اانسان أو أغاظها او دغدغها حتى لمتستطع‬
‫االختفاظ بالمياه فى جوفها ‪ ،‬فلفظتها فى كل مكان ‪ ٠‬وتحكى حكايات‬
‫اخرى مرة ثانية ان رجال قويا احتفظ بالمياه فى صثاديق او فى أوعية ‪،‬‬
‫وان صييا ماكرا سرقها منه ‪ ٠‬كما نذهب حكايات اخرى الى ان المياء‬

‫‪-٩٦‬‬
‫كانت مختفية فى الجبال ثم جاء بطل شجاع وشق اجبال فأخذت‬
‫المياه تتدفق من الشقوق ويحكى كذلك أن المياه كانت فى السماء ثم‬
‫تجرأ غالم ‪ -‬كان قدضل طريقه ‪ -‬فى الذهاب الى هناك وهبط بالمياه‬
‫الى االرض ‪ ٠‬فاذا كان نبغي على البطل الجريء فى حكاياتنا الخرافية‬
‫ان نسلب ماء الحياة من اسر الشياطين و من الحيوان ‪ ،‬خانه ربما يحت‬
‫لنا ان ندرك هذه الحكايات صدى متاخرا واخيرا لهذه ثحكايات‬
‫ألتعليلية ‪٠‬‬
‫واذا نحن استطعنا ان نرى فيحكايات البدائيين على نحو مانرىفي‬
‫حكاياتنا الخرافية شواهد اخرى الشكال دينية مختلفة قديمة ) فانه‬
‫يتحتم علينا مع ذلك أن نحذر من تفسير ها جميعا من خالل وجهة النظر‬
‫الدينية وحدها ‪ ٠‬حقا ان الكثير من الحكايات التعليلية ذات اساس‬
‫اسطوري ‪ ،‬وهي اكثر من ان تكوذ خياال ‪ ،‬ولكن الخيال الحر التكون‬
‫« اتذي ال ضابط له » قد لعب حقا دوره فى كثير من هذه الحكايات ‪٠‬‬

‫ونحن نميل اليوم من خالل االبحاث التغسية‪١‬لى ان نرى فىتجارب‬


‫الحلم كذلك حقيقة معينة ‪ ،‬حتى انه ال داعي منذ البداية ان يكون‬
‫الحلم والحقيقة متعارضين كل التعارض ‪٠‬‬
‫ولقد كان شعوب الحضارات القديمة ‪ ،‬البابليون والمصرون‬
‫والهنود واليهود كما تدلنا على ذلك شواهد عدة ‪ -‬ترى فى الحلم‬
‫حقيقة ‪ ،‬بل حقيقة تنبؤية ‪ ،‬فقد حصل بوسف ‪ ٠‬وفقا لما جاء فى العهد‬
‫القديم ‪ -1 -‬على منصب في بالط فرعون لسبب واحد ‪ ،‬هو أنه فسر‬
‫لفرءون رؤياه تفسيرا صحيحا ‪ ٠‬وتشهد كتب االحالم التي ينتشر‬
‫مائت االالف منها في البالد‪ ،‬ان االعتقاد في حقيقة الحلم لم يختف اال‬
‫قليال ‪ ٠‬وكثير من البدائيين يضفون على حقائق الحلم وقوة البرهان‬
‫نفسها التي يضفونها على العالم « الواقعي» ‪ ٠‬ولهذا فانه يحكى‬
‫عن ال « كامتادالين»(‪ Kamtschadalen )١‬انهم اخبروا فتاة كانوا‬

‫‪ - ١‬سكان جزسرة كمشتكا ‪ Kamehatka‬الواقمة في اقمى الشرق من قارة اسي‪،‬‬


‫شملجزر اليابن‪ ( .‬المقرجمة م‬

‫‪-٩٧‬‬
‫يرغبون فى الحصولعليها ‪ ،‬بانهم قد سبق لهم أذ‪.‬حصلوا عليها فى‬
‫الحلم ‪ ٠‬وبناء على هذا عدلت الفتاة عن رفضها االول ‪ ٠‬وتعد خيانة‬
‫المرأة في االحالم _عند بعضالبدائيين__شاهدا على خياتهاالحقتقية‪٠‬‬
‫كما أن الحلم عند بعضهم اقوى حجة من اقوال الشهود ‪٠‬‬
‫‪ Van‬بن الحلم‬ ‫‪der Leeuw‬‬ ‫ويفرق مؤرخ االديان « فان دير ليوف»‬
‫والشعور ائيقظ فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬يختفي فى الحلم العنصر االساسي فى الشعور اليقظ ‪ ٠‬اي‬
‫التوت بين الذات والموضوع ‪٠‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تنتظم االحداث فى الحلم ‪ -‬عند مقارتتها بالشعور اليقظ ‪-‬‬
‫بمعزل عن التركيب المنطقي‪ ،‬فالحلم تركيبة مهوشة‪ ،‬وتنتظم صورهوفقا‬
‫لنزوات الحالمين ورغباتهم ومخاوفهم ‪٠‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ان عالم اكحلم منفصل عن الحقيقة الواقعية انفصاال كليا ‪،‬‬
‫فهو اسطوري الطابع‪ ،‬وهو ال يعرف الماضي او المستقبل ‪٠‬‬
‫واذا نحن فحصنا هذه الوحدة الثالثية عن قرب ‪ ،‬جازلنا ان‬
‫نصطنعها بحق‪ ،‬فكما أن التوتر بين الذات والموضوع يختفي فى الحلم‪،‬‬
‫فهو يختفي كذلك فى حالة الشوة ت كما سنتحدث عن ذلك فيما بعد‬
‫وفى حالة االستغراق الروحي‪ ،‬وان تكن حالة اثنشوة وحالةاالستغراق‬
‫الروحيحالتين عاطفيتين‪ ،‬وتخلصا اراديا من هذا التوتر ‪ ٠‬أما الحلم فانه‬
‫يحدث دون ندخل من االنسان ‪ ٠‬وعلى هذا فنحن نفرق كذلك بين‬
‫أحالم الرغبة واالحالم ذات الطابع الخيالي الصرف ‪ ،‬والتعرف حالتا‬
‫النشوة واالستغراق الروحي هذه التفرقة ‪٠‬‬

‫ان الحالم يستطيع أن يشارك فى أحداث الطمبطريقة مباشرة ‪ ،‬بل‬


‫انه يستطيع ان يتدخل فى االشياء ‪ ٠‬فمن الجائز على سبيل المثال ان‬
‫يحلم االنسان بأنه انسان آخر كلية‪ ،‬وفى الوقت نفسه يراقب نفسه فى‬
‫هذا « الدود» بوصفه انساا آخر ‪ ٠‬وال يتعارض هذا مع الجلم كما ال‬
‫يتعارض مع التفكي البدائي كذلك‪،‬كما ين ذلك العالم االثنولوجي‬

‫‪٩٨ -٠‬‬
‫‪ ٠‬وعلى هذا فان هذ‪١‬التغكتراال‪,‬ق‬ ‫« ليفي برول» ‪Levy Bruhl‬‬
‫للمنطق هو تفكير البدائيين‪ ،‬وهو فى الوقت نفسه تفكير االحالم بل‬
‫كذلك تفكيرالحكاية الخرافية‪ .‬ان علم الشعوب نتحدث عن«المشاركة»‪،‬‬
‫وهو يعني بذلك العالقة ين االشياء ‪ ،‬أي مشاركة شيء ما فيما يحدث‬
‫لشيء آخر ‪ ٠‬على أن هذه المشاركة ال تحدث اال ين اشياء معينة‬
‫بذاتها‪ ،‬ال بين االشياء جميعها ‪ ٠‬ففي الحكاية الخرافية يقترب الشخص‬
‫المفضل ‪ ،‬وهو ائبطل ‪ ،‬من البوابة المغلقة‪ ،‬فاذا بها تنفتح من تلقاء‬
‫نفسها ‪ ،‬ينما تظل مغلقة أمام غيره من الناس ‪ ٠‬وهناتتمثل عالقة ليس‬
‫من السهل تبينها ‪ ،‬وهي عالقة قائمة فى وضوح ‪ -‬وان لم يكن من‬
‫السهل ادراكها — بين الشيء وبطل الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وفى هذا يبدو‬
‫لنا اتفاق واضح للغاية بين الحكاية الخرافية والحلم ‪٠‬‬

‫فاذا كان الحلم نظم الحادث بطرقة مهوشة‪ ،‬فان جذا يطا‪.‬ق‪.‬امل‬
‫نظام الحكاية الخرافية لدى الشعوب البدائية التي ال تفعل شيائ سوى‬
‫ان تجعل الصور والموضوعات والحوادث بجانب بعضها البعض ‪٠‬‬
‫أما حكايات شعوب الحضارات فهي على العكس تنظم الموضوعات وفقا‬
‫لخطة شكلية محددة‪ ،‬سواء أكانت هذه الخطة هي التكوين النموذجي‬
‫لحكاية السحر الهندوجرمانية ‪ ،‬أم لحكاية الحلم وحكاية االلغاز‬
‫اتامية‪ ،‬اذ انه قتمثل خلف نكوين مثل هذه الحكاية ارادة للتشكيل‬
‫ليس لها مقابل فى الحلم ‪ ٠‬حقا قد تكوذ االحالم معقدة كل التعقيد‪،‬‬
‫ولكن صورتها ال تطابق قوانين شكلية ثاتة تظمر دائما ابدا ‪ ٠‬أما‬
‫حكايات السحر الخرافية فمن الالزم ان يكون لها ناء ثابت وفقا‬
‫لقوانين ثاتة ‪ ٠‬فاذا ما اضطرب هذا البناء فاننا نشعر بالحكاية الخرافية‬
‫كأنها قد اضطربت وأنها ليستبنية عضوية حقا قد يكون الحلم‬
‫فى بعض االحيان ذا بنية للحكاة الخرافية‪،‬ولكن هذا عد حالة شاذة‪،‬‬
‫وعندئذ يتحتم علينا ان نتساءل عما اذا كان عالم الحلم ال يتاثر باحساس‬
‫بالشكل متميز فى وضوح ومصدره الشعور اليقظ ‪٠‬‬

‫على أنه من االفضل أنتترك تفصيالت هذه المسائل النفسية ‪٠‬ويممنا‬

‫‪-٠٩٩‬‬
‫أن نشير الى (تنا حقا نستطيع فى اطمئنان ان نستخلص بعض ال موضوعات‬
‫من االحالم ‪ ،‬ولكننا نستطيع على أحسن تقدير فى حاالت شاذة ان‬
‫نستخلص حكاية خرافية ذات شكل مكتمل ‪ ٠‬ويكون االمر أهون‬
‫بالنسبة للحكايات الخرافية التي تنشأ منحاالت شعورية شبيهة بالحلم‪،‬‬
‫مثل حالة النشوة العليا التي تستخدم فى أعمال السحرة او محضري‬
‫االرواح ‪ ،‬على أن الحكاية الخرافيةتطبع التجارب الالشعورية واالشكال‬
‫الشعورية بطابعها ‪ ،‬وال يحق لنا أن نهمل هذه او تلك م‬
‫وقد بين « فان دير ليوف » فيما بعد ان من خصائص الحلمانفصال‬
‫عالمم اشعاال تاما عن عالم الواقع ‪ ،‬وعن الماضي والمستقبل ‪ ٠‬وكذلك‬
‫تعيش الحكاية الخرافية في عالم الزماني ‪ ٠‬وما دام عالم الحلم منفصال‬
‫تماما عن الحقيقة اليومية ‪ ،‬فال يحق لنا ان نفهم من هذا أن تجارب‬
‫الحلم تعكس التجارب اليومية بوصفها حقيقة ‪ ٠‬وقد سبق ان ضرنا‬
‫لهذا امثلة متعارضة ‪٠‬‬

‫فاذا نحن استخدمنا تجارب الحلم فى تفسير الحكاية الخرافية ‪،‬فانما‬


‫يعين على ذلك أن عالم الحلم يتفق مع عاتم الحكاية الخرافية فى عدة‬
‫امور ‪ :‬فهو تفق معها فى الزمانيته ‪ ،‬وفى التفكير السابق للمنطق ‪ ،‬ئم‬
‫هوتفق على االقل مع الحكاية الخرافية البدائية ‪ -‬فى التكوين‬
‫المهوش ‪ ٠‬على انه يتحتم علينا — فيما يبدو لنا‪ -‬ان نبدأ من حقيقة‬
‫الحلم ‪ ،‬وكيف يعيش الحالم هذه الحقيقة ‪ ،‬ال من تفسير نفسي او‬
‫طبي لمحتوى الحلم ‪٠‬‬
‫وهنا يجب انتسليم بوجود نماذج معينة ومؤكدة من االحالم‬
‫تتراءى دائما أبدا ‪ ٠‬ومثل ذلك ان نحلم باننا نجري وراء شخص ما‬
‫دون ان تتمكن من اللحاق به ‪ ،‬او انا نود ان نطير ‪ ،‬فاذا بنا نهوي‬
‫فى اعماق هوة ‪ ٠‬فمثلهذه االحالم التي ننكر رؤتها ‪ ،‬سرعان ما تتخذ‬
‫مكانها فى الحكاية الخرافية بوصفها صورا فريدة من احالم الخيال ‪٠‬‬
‫على انه من المحتمل كذلك ان تقوم موضوعات الحلم هذه بعينها بدور‬
‫معين فى االحوال الشبيهة بالحلم التي تحدث بارادة االنسان ‪ ،‬مثل‬
‫احوال النشوة العليا ‪ ،‬وفى احوال الغيبوبة السحرية ‪ ٠‬ومثال ذلك‬
‫موضوع ائطيران فى تحضير االرواح ‪٠‬‬
‫ومن الممكن الحالم االدباء ان تكون عنصرا مكمال‬
‫للبحث له قيمته ‪ ،‬فلقد قدم العرض المسهب للحلم‬
‫فى حكاية هينريش االخضر ‪ 8‬لجود تفرد كيلر» (‪ )١‬لباحث‬
‫الحكاية الخرافية شروح جميلة ‪ ٠‬وقدقال « دوستويفسكي » في روأته‬
‫« االخوة كرامازوف» ‪:‬‬
‫« اننا نقولحينما نرى حلما ‪ ٠‬بخاصة اذا كان كابوسا ل‪ ٠‬ان هذا‬
‫ربما كاذ تتيجة تعب فى المعدة ‪ ٠‬فاذا ما راى االنسان فى بعضاالحيان‬
‫احالما قظة على هذا النحو ‪،‬فانها تكون حقيقة صادقة وغاية فى‬
‫التعقيد ‪ ٠‬ومثل هذه الحوادث ‪ ،‬بل ربما عالم مكتمل من الحوادث ‪،‬‬
‫يرتبط على نحو ما هو فى الحلم ب بالخفايا الدقيقة وانتفصيالت غير‬
‫المتوقعة ‪ ،‬مبتدئة بارقى صور خياالتنا حتى ادناها ‪ ،‬الى درجة ان‬
‫ليوتولستوى نفسه — وانا اقسم على هذا ‪ -‬لم يكن لينجح في‬
‫تصورها ‪ ٠‬والى جانب هذا فان مثل هذه االحالم ال يراها الكتاب‬
‫وحدهم بصفة خاصة ‪ ،‬وانما يراها فى بعض االحيان اكثر الناس بساطة‬
‫وكذلك طبقة الموظفين ورجال الدين» ‪٠‬‬
‫أما عن قيمة االحالم بالنسبة لنشأة حكايات اآللهة وانحكاييات‬
‫الخرافية‪ ،‬والحكاية الشعبية واالساطير فقد اشار اول االمر الى ذلك‬
‫« لودفج لستنر» فى عمله الكبير « لغز امي الهول» الذي ظهر عام‬
‫( ‪ ، ) ١١٨٩‬والذي يبدو انه ما يزال شيرنا حتى اليوم ‪ ٠‬على أن ائخطأ‬
‫الرئيسي فى هذا الكتاب هو أنه يفسر الحلم فى العموم بوصفة اول‬
‫الحكايات واقدمها ‪ ،‬مع أن الحلم الذي ظهر قبل الميالد بألفي عام ‪،‬‬
‫قد يظهر هو تفسه فى القرن العشرين بعد الميالد ‪ ٠‬ولم تقرر اآلثار‬

‫‪ - ١‬شاعر سويسري ألمانى ولد في زيورخ ‪ ٠١٨٦٩‬دكأن يتميز باستقالل شخميتسسه‬


‫واحساسه الكبع بالمسؤولية ‪ ٠‬وقد ‪1‬نعكس للك في نقاجه االدبى ‪ ٠‬الشسرى‬
‫( المترجمة )‬ ‫والنثري ‪٠‬‬
‫القديمة كما بينا ذلك منقبل ‪ -‬شيائ عن قدم الحلم ‪ ،‬أو قدم موضوع‬
‫بذاته من موضوعاته ‪ ٠‬وليس فى وسعناان نفهم الصورة الخارجية‬
‫الحقيقية للحكاية الخرافية عن هذا الطريق‪ ،‬بل انه مع التسليم بان‬
‫الحلم قديم حقا ‪ ،‬فانه ليس هناك ما يدعو الى اتتمائه الى الحكاية‬
‫الخرافية فى االصل ‪ ،‬ثم عودته الى الظهور فيها اليوم ‪٠‬‬
‫وقبل ان نقدم امثلة أقرب مناال لموضوع الحلم فى الحكايةالخرافية‬
‫نود أن نشير الى أن تصورات الشعور اليقظ وتجاربه يمكن ان يكون‬
‫لها طابع يشبه طابع الحلم بمعناه الدقيق ‪ ٠‬وليس يقدر بحق علىمعرفة‬
‫االشكال التي يبدعها خيال االنسان فى الصحراء وفى الغابة وفى حقول‬
‫البراكين والبقاع الثلجية المنعزلةسوى ذلك الذي عرف الواقع الخاص‬
‫بهذه المناطق ‪ ٠‬وتقدم لنا الحكايات الشعبية والخرافية فى النرويج‬
‫وأيسكنده نماذج عدة نستطيع من خاللها ان ندرك كيف ان االشكال‬
‫والتجارب تنشأ من تأثير الطبيعة الهائلة ‪ ،‬كما ان وقت الظهيرة بحرارته‬
‫‪ ٠‬الخانقة يجعل رعاة منطقة البحر االبيض يعيشون الفزع من آلهة الرعاة‬
‫الكبار ‪ ٠‬وهنا تختم علينا أن نذكر كذلك أن هذه االشكال منعفاريت‬
‫ومردة وشياطين وجن تلك التي يعرفها العرب ‪ ٠‬ليس مردها‬
‫إلخيال الطليق كما هو الحال بعض الشيء فى االحالم ‪ ،‬وانما هي‬
‫تضمن واقعا خاصا ومعاشا ‪٠‬‬

‫ويحكى فى الحكايات الخرافية ان البطل يجلس على مقعد او‬


‫سرير يأخذ فى الدوران به فى الحجرة أو على السلم ‪ ٠‬وهذا موضوع‬
‫واضح من موضوعات الحلم ‪ ٠‬أما حكاية «الرجلذو اللحيةالزرقاء»(‪)١‬‬
‫او غير ذلك من الحكايات التي تتضمنموضوع الحجرة المحرمة ‪،‬فتحكى‬

‫‪ - ١‬كان رجال ذا لحية زرقاء ‪ ،‬تزوج من كثع من النساء ‪ ،‬وكانت كل منهن تلقى طفها‬
‫فيظروغغريبة‪ .‬ذلك انه كان يمتلك حجرة محرمة وكان يحرم هلى زوجته اال قدخلهسا‬
‫بعد ان يسلمها مفتاح هذه الحجرة ‪ ٠‬وبداغع أسفف وحب االسقطالع قدخل الزوجة‬
‫الحجرة الخامة وهى قمتلك منتاحها ‪ ،‬ولكسن المنتاح الذي نطبع عليه لي العال‬
‫يقعة لدم ‪ ٤‬يفعي سرها وخديعتما ‪( ٠‬المترجمة)‪.‬‬
‫كيف أن البطلة تمسح البقعة جيدا وتغسلها ‪ ،‬ولكن البقعة ال تزول ‪٠‬‬
‫ويذكرنا هذا الخوف وتلك المحاوالت الدائبة المتكررة الزاةالبفعة‬
‫بما يشبه ذلك من تجارب الحلم التي ييكاد ييكون كل انسان فى‪.‬عصرن ا‬
‫الحاضر كذلك قدلمسها بحق ‪ ٠‬وشبيهة بهذاكذلك تلك الجكايات التي‬
‫تشير الى اعمال ال يمكن تحقيقها ففي ألروايات االلمانية والشمالية‬
‫لحكأية « العروس المنسية » كلفت اهتاة بعض خطابها الذين لم تقبل‬
‫ودهم القيام يبعض المهمات التي تبدو فى ظاهرها سهلة التحقيق ‪ ،‬فقد‬
‫كاذ ينبغي على االول ان يغلق الباب‪ ،‬ولكنه كان دائما ينفتح في الحال‬
‫وكان ينبغي على الخطيب الثاني أن يطفيء نورا ‪ ،‬ولكنه كان يضيء‬
‫دائما من جديد ‪ ،‬أما الثالث فكان ينبغى عليه ان يمسك بذيل عجل ‪،‬‬
‫ولكن‪١‬لعجلكانيجرييين‪١‬لجبل والوادي‪.‬ولميستطعالخطيب اذ يترك‬
‫العجل ‪ ،‬بل كان عليه أن يجري معه دائما ‪ ٠‬وهذا‬
‫الموضوع االخير بعينه ‪ ،‬من حيث إن االنسان‬
‫ال يستطيع ان ترك الشيء ‪ ،‬وان كل ما ينسك يه يظل ملتصقا يده ‪،‬‬
‫هذا الموضوع كثيرا ماكان يضايق شخوص الحكاية الخرافية ويغيظهم‪،‬‬
‫وهو شبيه كذلك بالموضوع الذي نجد فيه الساحر يقيد انسان ا فى‬
‫كرسى أو فى منضدة ‪ ٠‬ولسنا نعرف مرة أخرى تفسيرا الصل هذا‬
‫الموضوع ايسر من ارجاعه الى الحلم لذي ينتاب نا فيهمنل هذا االحساس‬
‫بالحيرة ‪ ،‬فى الوقت انذي نشعر فيه بسخرية من موقفنا ‪٠‬‬

‫ومن أقدم هذه الحكايات حكاية ه الدنائيات(‪ » )١‬وما كان عيهن‬


‫من واجب ملء وعاء مثقوب بماء يمر من خالل مصفاة ‪ ٠‬ونحن نعرف‬
‫اعماال شبيهة بهذا فى كثير من حكايات الشعوب احدث من هذه‬
‫الحكاية ‪ ٠‬فالشخص يتحتم عليه ‪ -‬لكي يفوذ بسحبوبته أو هيء ذي‬

‫‪ ، Danaos‬كأن له موه سا‬ ‫‪ - ,‬يحكى في‪ .‬اسدرة الخريفية ان المه داناذس‬

‫‪ -٠:‬ء اطلق عليفن أخم ر دانياد ) وتد حدث ن قتلت البنات الخمسون ازوآجمن ‪ ٤‬شم تحتم‬
‫يليهن ‪ -‬مقابا لهن على جرائمهن — أن يمغين في مل وغاء مثتوب جماه‬ ‫‪.:‬‬
‫ا‪■'•* .‬ا ت‪..‬‬ ‫يمرمن خالل مصغاة ‪( ٠‬المترجمة م مم' ‪٠ .‬‬

‫‪١٠٣٠‬‬
‫قيمة ‪ ،‬أو كي ينجح فى اجتياز امتحان ما ‪ ،‬ان يصرف عجينة من خالل‬
‫مصفاة ‪ ،‬او يتحتم عليه — كما فعل الروح فى حكاية « ابوليوس » أو‬
‫كما فعلت وعاء الرماد فى حكاياتنا االلمانية ‪ ٠٠‬ان يفصل االنواء المختلخه‬
‫من الحبوب بعضها عن بعض من اكوام غير متناهية ‪ ،‬أو يتحتم عليهان‬
‫يطيح اشجار غابة باكملما فى عصر يوم واحد بفأس خشبي ‪ ،‬واذا ما‬
‫حاول ذلك التوى الهأس عند اول ضربة له ‪ ٠‬وهذا موضوع أصيل من‬
‫موضوعات الطم‪.‬‬

‫ويواجه االشخاص الذين يجدون فى البحث فيما وراء عالمنا ‪ ،‬أي‬


‫فى العالم االخر ‪ ،‬كثيرا من هذه التجارب ‪ ٠‬ويصل االنسان الى السماء‪،‬‬
‫أي الى العالم االخر‪ .‬عن طريق حيلة او عن طريق نبات ينمو الى اعلى‬
‫في سرعة ‪ ،‬او مجموعة من السهام ينلطق احدها وراء االخر ‪ ٠‬ويهبط‬
‫االنسان الى االرض مرة اخرى على خيط مغزول ‪ ٠‬وعليه ان بسير على‬
‫صخور مدببة‪ ،‬وان يصارع االشكال الهائلة‪ ،‬واالرواح الشريرةوالحيوان‬
‫المفترس ‪ ،‬وعليه ان يعبر تيارات مائية جارفة ‪ ،‬او عليه أن يعبر هوة‬
‫سحيقة على طريق ال تجاوز فى العرض أنملة ‪٠‬‬

‫ويحكى فى حكاية بولونية ان سكان الجزر يمضون فى رحكتهمالى‬


‫العالم السفلي خالل حيطان المنازل وحفيف االشجار وخالل المواء ‪٠‬‬
‫وهم كلما ارادوا القبض على الفاكمة ‪ ،‬فرت من ايديهم ‪ ٠‬ويذكرا هذا‬
‫باالم «تنتاوئس»(‪ ، )١‬ففي العالم السفلي حيث كان كل شيء يصحب‬
‫أودسيوس كالخيال ‪ ،‬وقف تنتالوس فى الماء ختى ركبيته وكانت الفاكهة‬
‫تتدلى أمامه فى اغراء ‪ ،‬ولكنه كان كلما انحنى لكي يتتاول جرعة من‬
‫الماء ‪ ،‬جف الماء ‪ ،‬فاذا حاول أن قبض على الفاكهة فرت من ده ‪٠‬‬

‫‪ - ١‬لشتالوم هداكانملكاقويابفع به ال العالم اسسظى لينال عالبه‪ ،‬هندما‬


‫أساء الى االلهة‪ .‬وقد فرب المل يعداب تقتالوس ‪ ٠‬ال انه كان يشقمى اهياء‬
‫ل فيحاول يده ‪ ،‬وسه مغ نلك لم يكسن يتمكن من الحمول عليها ‪( ٠‬ا‪4‬رجمق‬
‫‪ ٠ r‬او ه « كورى» في االسطورة ‪1‬ل‪41‬ريتية‪ ،‬وتد عوتب في العالم السظي بهدا‬
‫!األر‪1’ 1,‬اال ععزحا‪٦‬د ‪1( ٠‬لمترجمة‬
‫وشبيهة بهذا ما تحكيه الحكاة الخرافية االلمانية عن صاحب العين‬
‫وصاحب العينين ‪ ،‬وصاحب العيون الثالث ‪ ،‬فئمار الشجرة السحرية‬
‫تدنو من الفتاة انطيبة ‪ ،‬ولكن أخواتها الحاقدات كن ينزعن انفروع‬
‫لمثمرة أوال بأول ‪ ٠‬ويرد فى حكاية هندية ‪ ،‬أنه كان ينبغي على انسان‬
‫ان يمسك بطائر ميت ‪ ،‬فما ان يمد يده حتى يعود الطائر الى الحياة‬
‫ويفر منه ‪ ٠‬وفى حكاية مكسيكية نجد الطيور على العكس من ذنك‬
‫ال نسقط من فوق الشجرة ‪ ٠‬وفى االودييسا تظل النسور فى العالم‬
‫السفلي تنهش «يتوس» ‪ ٠‬ولم يتطع «تيتوس» أن يبتعد عنها ‪ ٠‬أما‬
‫« اكسيون » فتوئق يدام ورجالء فى عجلة‪ ،‬ويتحتم عليه ان يدورمعها‬
‫فى حركة سرعة دائبة ‪ ٠‬وفى حكاة امريكية عن العالم السفلي يخشى‬
‫البدائيون عجلة زلقة كالثلج تدور في هوة وتذكر الرواية الهندية التي‬
‫تعتمد على شواهد ترجع الى مائت السنين قبل الميالد عجلة تدور فوق‬
‫راس انسان عقابا لم على ما أبداه فى حياته من طمع ‪ ٠‬وقد استخدم‬
‫داتي مثل هذه الموضوعات فى الكوميديا االلهية ‪ ،‬فقد كان مفروضا‬
‫على «سينف»(‪ )٢‬آن يرفع صخرة الى اعلى الجبل‪ ،‬ولكنه كان كلما‬
‫اقترب من القمة بعد جمد شاق فقد قوته‪ .‬واتفلتت منه الصخرة ‪ ٠‬وفى‬
‫كثر من حكايات الغرب‪..‬تحتم على البطل ان تسلت جبال من الزجاج‬
‫أو يصعد اليه وهو فى كامل سالحه والجميع يفشلون فى القيام بذلك‪،‬‬
‫وال يقدر عليه اال البطل إلمفضل ‪٠‬‬
‫ان االسفار الى عالم اخر تنتمي الى اقدم االجزاء الرئيسية في‬
‫الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وقد تغنى بها هوميروس كما تغنت بها‬
‫ملحفة جلجامش البابلية ‪ ٠‬وقد حكت عنها‬
‫كجارب االسكندد العجيبة‪ ،‬بل حكى عنها كذلك االدب الجرماني‬
‫القديم ومالحم الفروسية فى العصور الوسطى تلكالتي تدين بالكثير‬
‫الى الخيال الكلتي ‪ ٠‬وقد احتفظت بهذا الملمح كذلك حكاية الشخص‬
‫الذي رحل لكي يعرف ما الخوف ‪ ،‬اذ كثيرا ما تحول االسفار الى‬
‫العالم‪ .‬السفلي أو الى ما وراء عالمنا الى الحصون المهجورة التي تسكنها‬
‫االشباح ‪ ٠‬وهذا نفسه هو ما يحكي كذلك عن « جونجالين » فىاالدب‬
‫الفرنسي ‪ ،‬حيث يتضح بصفة خاصة عالقته بالحلم ‪ ٠‬فيحكى ان‬
‫«جونجالين» حرمت عليه رؤية النساء ‪ ،‬ولكنه لم يلتزم بهذا التحريم ‪٠‬‬
‫وفجأة وجد نفسه واقفا على شريحة خثب فوق نمر ‪ ،‬ولم يجرؤ أن‬
‫يتحرك الى االمام أو الى الوراء ‪ ٠‬ثم طواه التيار فسقط وتعلقبشريحة‬
‫الخشب ‪ ٠‬وشعر كما و أن قواه قد خارت ‪ ،‬فىطلب النجدة وهو ما‬
‫زال متعلقا بلوح الخثشب ‪ ٠‬ولكنه غرق ‪ ،‬أذ لم يستطع أن يستمر فى‬
‫المقاومة ‪ ٠‬ثم جاء شخص فأبصر « جونجالين » يحتضن اذ ذاك فرع‬
‫شجرة كان يجلس عليه طائر الباشق ‪ ٠‬وفى رواية اخرى اعتقدجونجالين‬
‫أنه كان عليهان يحمل قبة بهو بأكمله فوق راسه‪ .‬وكتفيه ‪ ٠‬وطلب النجدة‬
‫مرة اخرى ‪ ،‬ووجده شخص وهو يضغط بالوسادة على رأسه الى درجة‬
‫انه لم يكن فى استطاعته أن يتنفس ‪٠‬‬
‫هذا يبدو لنا نموذجا يصور كيف ان الحلم يتحول بطريقة مباشرة‬
‫الىحكاية خرافية‪٠‬وهناك خالفذلكمن اخطارهذهالحصونالتىتحكى‬
‫عنها الحكايات الخرافية الفرنسية ‪ ،‬النورج الحديدي الذي يحرس‬
‫مدخل الحصن ‪ ،‬وال يسمح السرع الطيوب بالدخول ‪ ٠‬وهناك كذلك‬
‫العجالت التي تدور دائما وتغلق البوابة ‪ ،‬ثم االبواب االيلة للبقوط‪،‬‬
‫التي تهوي على البطل‪ ،‬واالسرة التي تأخذ فى الدورإن عندما يستلقي‬
‫عليها البطل ‪ ،‬ثم أجزاء جسم االنسان التي تتساقط‪ .‬وتتجمع مكونة‬
‫انسانا كامال ‪ ٠‬ويتحتم عندئذ أن يتساءل االنسان ‪ :‬لماذا تقدم الحكايات‬
‫الفرنسية بالذات مثل هذا العدد المائل من موضوعات االحالم ؟ وقد‬
‫يرجع السبب فى ذلك الى أنها فى معظمها وقعت تحت تأثير الحكايات‬
‫الكلتية ‪ ،‬وأن الكلتيين يمتلكوذ بصفة خاصة خياال خصبا وغريبا‬
‫‪......‬‬ ‫بحق كما يتضح لنا داائ ‪٠‬‬
‫ويخيل الينا ان الحكايات الخرافية التيتجينب غن االسئلة التي ال‬
‫حل لها ‪ ،‬ذات تجرابة وثيقة بحكايات االعمال التي ال‪ .‬يمكن تحقيقها ‪،‬‬
‫فغالبا ما يهدد‪ .‬المبيء بالموت البشع اذا هو لم يستطع االجابة عن‬
‫االسئلة ‪ ٠‬ويذكرنا هذا بحكاية اودب وابي المول ‪ ،‬كما ذكرنا باالميرة‬
‫القاسية «توراندوت»(‪ ٠ )١‬وفى مجموعة من الحكايات الهندية انه‬
‫طرح أمام ملك أربعة وعثرون سؤاال ‪ ،‬وانه كان كلما عجز عن‬
‫االجابة عن سؤال هدد بالموت ‪٠‬‬
‫ومما يميز الحلم ازدحامه كذلك بالتجارب ‪ ٠‬ونحن نذكر الحلم‬
‫الشهير الذي رآه رجل عاشت في عهد الثورة الفرنسية ‪ ،‬وكان ينتمي‬
‫الى الفدائيين من اتباع روبسبير ‪،‬فقد رأى ان المقتفين الثره لحقوا‬
‫به وجذبوه من فراشه وجروه فوق الطريق ‪ ،‬تتبعه نظرات مستطلعة‬
‫مضطربة مشفقة عليه ‪ ،‬وبدأ الجالد عمله وهوت المقصلة على رقبته ‪٠‬‬
‫وعند ذاك استيقظ الحالم فراى أن الجزء االعلى من سريره قد هوى‬
‫فوق رقبته ‪ ٠‬لقد عاش الحالم اذذ فى هذه اللحظة الفريدة كل هذا فى‬
‫الحلم ‪ ٠‬ويحكى فى حكاية عريية أن احد السالطين ترك رأسه مغمورا‬
‫فى حوض ماء لمدة لحظة واحدة ‪ ،‬فلما رفع راسه مرة اخرى ‪ ،‬خيل‬
‫اليه انه مكث برهة فى منطقة مهجورة من شاطيء الحر ‪ ،‬وأنه كان فى‬
‫بلدة وتزوج بامرأة ولدت له سبعة من االطفال ‪ ،‬وانه اصابه الفقر بعد‬
‫ذلك فعمل حماال‪ ،‬ثم قدم الى نفس الشاطيء ‪ ،‬وبعدها استيقظ ‪٠‬وربما‬
‫تسببت هذه الرؤيا عن انغماس رأسه فى الماء ‪ ،‬فالذين ينقذون فى‬
‫اللحظات االخيرة غالبا ما بحكون مثل هذه الرؤى الغريبة ‪ ٠‬ونحننذكر‬
‫‪Grill Parzers‬‬ ‫كذلك مسرحية حلم حياة ل « جرل ارسرز »(‪)٢‬‬
‫التي اتخذ فيها موضوع حلم الحياة التي يعيشها االنسان طابعا دراميا ‪٠‬‬

‫‪ - ١ .‬توراندوت او توراندوخت باللغة الفارسية هي بطلة حكاية من حكايات ‪٠‬جموعة‬


‫الحكايات الخراغية الشرقية « المغ يوم ويوم» ‪ ٠‬وقد كائت تطرح امام كل خطيب‬
‫من خطابما لغزا لكي يحله ‪ ،‬غاذا عجز تتلته ‪ ٠‬وانج ا استجابت لخطيب‬
‫‪.‬وتزوجته ‪ (٠‬المترجمة)‪.‬‬
‫‪-٢‬عو الشاعر النمسوي االكير ‪ ٠‬ولد في غيينا سنة ‪ ٠٦٧٩١‬وقد ادى به الشك والنزوع‬
‫الى الثهرة والى الحب الناجع‪ ،‬الى ان اصيع منشقا على نفسه ‪.‬‬
‫وقد اجتمع في شنه الدرامي تراث المثمسا من عشاصر عم الباروك الى عشامر‬
‫‪ ٠‬الدراما االببانية الكاثوليكية‪ ٤.‬باالضاغة الفعناصر تر^ث الكالسيكية مع آلبداية‬
‫‪ ٠٠ ٠١‬النغسية للمذعبالواقعى ‪1(.٠‬لمترجمة )‬

‫‪-١٠٧‬‬ ‫ا‬
‫فاذا القينا نظرة على الحكايات الخرافية البدائية ‪ ،‬رأينا‬
‫فيها اشياء كثيرة من عالم االحالم تصور المخاطر والمواقف المفزعة ‪٠‬‬
‫على انه من النادر لن تمثل فيها شيء من االحالم التي يرى‬
‫فيها الحالم جمال عالم آخر وبهاءه ‪ ٠‬ومن المحتمل كل االحتمال ان‬
‫نكون هذه التصورات راجعة الى عصور متأخرة أو انى مرحلة من‬
‫النتطور اكثر رقيا ‪٠‬‬
‫اما الحكايات التي تحكي عن الجنة فمعروفة فى الحضاراتالمختلنة‬
‫في أشكال غاية في التنوع ‪ ٠‬فتحكي الحكاية الشعبية االغريقيةعن‬
‫حديقة حاميات التفاح الذهبي «الهسبريدين »(‪ )١‬انتي تفيض بالهامخ‬
‫والروعة ‪.،‬والتي كانت تنمو بها شجرة تفاح لذيذ الطعم يحرسها تنين‪،‬‬
‫بعد أن تجاوزت الحاميات المحظور وأكلن من التفاح ‪ ٠‬ويذكرنا هذا فى‬
‫قفصيالته بحكاية الجنة فى االنجيل ‪ ،‬ففيها بحكى كذلك عن حدقة‬
‫يشيع فيها السالم والجمال ‪ ،‬ويحرس شجرة التفاح فيها مالك ‪ ،‬اذكان‬
‫من المحظور أكل تفاح هذه الشجرة ‪ ٠‬وفى الروايات االغريقية يكون‬
‫أطلس هو حامي العجرة والحديقة ‪ ٠‬اما الروايات الفارسية فتقترب‬
‫مرة اخرى من الروايات اليهودية ‪٠‬‬
‫ان موضوع الحديقة الرائعة يرتبط بتحذير ‪٦‬كل فاكهة معينة منها‪.‬‬
‫وتبع هذا موضوع الطرد من الجنة ‪ ٠‬ونحن ما نزال نجد مثل هذا‬
‫الترابط فين هذه الموضوعات فى كثير من حكايات عصرنا ‪ ٠‬ونذكر من‬
‫ذلك على سبيل المثال حكاية ‪ 8‬مريم والطفل » عند االخوين جرم ‪،‬فقد‬
‫أطلعت أم المسيح طفال على روائع السماء كلها فيما عدا حجرة لم يكن‬
‫ليسمح له برؤتما ‪ ٠‬ولكن الطفل — رغم ‪ ٠‬ذلك دخل الحجرة بمجرد‬
‫ان نركته ام المسيح وحده ‪ ٠‬وعوقب الطفل النه لم يشأ أن يعترف‬
‫بذنبه ‪ ،‬وطرد من السماء ‪ ٠‬وصحا الطفل فوجد نفسه عاريا وحيدا على‬

‫ا ‪ -‬مق حامياع الكفاح الدعيس في!السطورة االغريقية ‪ ٠‬وقد كان احد االعمل‬
‫االتفاعهى الدي كلل بهاعرلل ان يحلرتناحة‪.‬من لناح الهعبرين ‪( ٠‬ا^ترجمم»‬
‫سطح ارض ‪ ٠‬ويبدو لنا أن الحلم تمثل فى وضوح وراء هذه الحكاية‬
‫الخرافيةكذلك‬

‫حين قصون حكاية‬ ‫ويؤكد قصاصو الحكاية الخرافية الهندة‬


‫خرافية عن الجنة س التناقض يين فقر الحياة االرضية والحياة السماوية‬
‫الذي ال حد له ‪ ٠‬وهم يزيدون من حدة هذا التناقض بأن يصوروا‬
‫البطل وقد تحتم عليه ان تجول تجواال طويال شاقا حتى يصل الى‬
‫أجواز السماء ‪ ٠‬وهو ملمح عرفناه فى حكايات خرافية اخرى لها‬
‫طابع الحلم ‪ ٠‬وفى لحظة يهبط القصاصون بالبطل الى االرض ‪ ٠‬وفى‬
‫أحد قصور العالم االرضي توجد حجرة ال يحق للبطل أن يدخلها ‪،‬‬
‫وبداخل الحجرة توجد بركة يقفز اليها البطل ‪ ،‬وفى الحال يجد نفسه‬
‫مرة اخرى فى وطنه القديم المهجور ‪٠‬‬
‫وف العموم فان العالم االرضي يبدو غالبا قريبا من العالم اآلخر ‪،‬‬
‫اذا ما عرف االنسان الطريق اثصحيح الموصل اليه ‪ ،‬اذ انه ال يؤدي فى‬
‫أغلب االحيان الى العالم االخر سوى طريق واحد ال يستطيع تبينه‬
‫اال المفضلون ‪ ٠‬وقد يكون هذا الطريق نافورة أو كهفا ‪ ،‬ففي حكاية‬
‫« السيدة هوللى » كانت النافورة هي الطريق الذي يؤدي‬
‫الى العالم االخر ‪٠‬‬

‫ويبدو فى حكايات الجنة الخرافية جميعا التعارضن المفاجيء بين‬


‫حالة النشوة الرائعة واليقظة الخادعة المفاجئة‪ ،‬كما يبدو االتتقال‬
‫المفاجيء من الحظ السعيد الى الحظ العاثر ‪ ٠‬ونحن نعتقد ان كل‬
‫هذه التجارب انما يعيشها االنسان فى الحلم ‪٠‬‬
‫وكثير ما تقودنا الحكاية الخرافية كذلك الى موضوع الليل ‪٠‬‬
‫ويتكرر فى كثير من حكايات « الحيوان الزوج» ‪ ،‬أن تتزوج فتاة‬
‫بحيوان ‪ ٠‬ولكمن الزوج يتحول فى اثناء الليل الى انساذ ال يحق‬
‫للزوجة ان تلقي عليه ضوءا ‪ ،‬فان هي ألقت عليه الضوء رغم ذلك‬
‫اختفى الزوج ‪ ٠‬وفى حكاية «الحب والروح البوليوس» القت ‪9‬الروح»‬
‫الضوء على «ائحب» النائم ئ نقتل «الحب» ‪ ،‬اذ ان قطرة من الشمع‬
‫الساخن سقطت عليه ‪ ٠‬ويروي في حكاية هندية انه لم يكن يحق‬
‫« لبورورفاسى» ان يرى « او رفاتشى» المقدسة وهي عارية ‪٠‬‬
‫‪ )١( -‬ارسلوا البرق فى الليل ‪،‬‬ ‫غير ان « الجندارفيين»‬
‫فرأى « بورور فاسى» محبوته على غي رغبة منه وفقدها ‪ ٠‬وكثير من‬
‫الحكايات تحكي عن الزواج الذي يتم بين شخصية انسانية واخرى‬
‫اي ذات طبيعة شيطانية ‪ -‬وهو زواج شبيه بزواج‬ ‫غير انسانية‬
‫«مارتن»(‪ )٢‬وتنتمي حكاية « مليوزين »(‪ )٣‬الى هذا النوع ‪ ٠‬وفى‬
‫اسكندنافيا تكون هذه الطبيعة الشيطانية فى صورة امرأة او رجل‬
‫شيطان ‪ ،‬وهي كذلك الغول فى انحكايات الكلتية ‪ ،‬والجن فىالحكايات‬
‫العربية ‪ ،‬وهكذا ‪ ٠‬ويكون هذا زواجا فى الحلم تم فى الليل ‪ ،‬ففي‬
‫الحلم ينال االنسان صورة محبوبته ‪ ،‬فاذا استيقظ فى النهار عاد فقدها‪٠‬‬
‫ويتضح طابع الحلم كذلك فى أشكال الكابوس ‪ ٠‬ومثال ذلك كابوس‬
‫«ا وح الشرير»‬

‫وال تخذ الكابوس طابع حلم الخوف فحسب ‪ ،‬ولكنه قد تخذ‬


‫كذلك طابع حلم الرغبة ‪ ،‬التي غالبا ما تكون شهواية ‪ ٠‬على أنهيجب‬
‫أن نحذر — ونحن نود أن نؤكد هذا مرة اخرى — من الفصل بين‬
‫موضوعات الحلم وموضوعات « الحياة الواقعية » فصال تاما ‪ ٠‬وقد‬
‫قدم العالم السويدي « جون جرانبرج» فى عمل له عن أشباح العابة‬
‫فى التراث الشعبي المتاخر مثاالً لذلك ‪ ،‬فقد ذكر أن المناطق ال تي يسيطر‬
‫فيها سيطرة قوية على اقتصاديات الغابات التي ال يعيش فيها احدسوى‬
‫قاطعي االخشاب وحارقي الفحم والصيادين ‪ ،‬ال يظهر شبح الغابة‬
‫اال متخذا صورة امرأة جميلة شابة ‪،‬وان تكن تبدو قبيحة من الخلف‪.‬‬

‫‪ -- ١‬لم تستطع ان تستدل على مستى الملنظ ‪( ٠‬المترجمتم»‬


‫‪ - ٢‬عي أمراة د ونقا للمعتقدات الشعيية ينغصل روحما عن جسدها في اثناء الليل ‪٠‬‬
‫(‪1‬لمترجمة‬
‫‪-٣‬هىجنية البحر في الحكاية الخراغية المنرفسية المسماة باسمها ‪ ( ٠‬المترجمة )‬
‫وفى مناطق الغابات التي يحلب فيها الحيواذكذلك‪ ،‬أي التي تعمل فيها‬
‫فى الغالب النسوة الحالبات ‪،‬غالبا ما يظمرشبح الغابة فى شكل كائن‬
‫ذكر ‪ ٠‬ويفسر « جرانبرج» هذا بان الوحدة واالفكار الشهوانية التي‬
‫طال كبتهاترتاح الى هذه التصورات ‪ ٠‬ولذلك فنحن نعتقد أذ مثل هذه‬
‫التجارب تتفق بعض الشيء مع االحالم ‪ ،‬فتصور امرأة الغابة مثال فى‬
‫شكل شجرة غريبة التكوين او تصورها مختفية من ورائها ‪ ،‬يقترب‬
‫كثيرا من تجربة الحلم ‪٠‬‬

‫ولم تحدث حتى اآلذ اال عن الحلم الطبيعي‪ ،‬وبقى ان تحدث‬


‫عن االخالم التي تثار بطريقة مصطنعة عنطريق المخدرات مثاللحشيش‪،‬‬
‫وعن رؤى السحرة التي تستدعى بطرق شتى الغراض دينية في‬
‫'‪-‬ر‬ ‫الغالب♦‬

‫ويحكي طبيب ألماني أقام طويال فى بالد الفرس عن غرائب الحشيش‬


‫فيقول ‪ « :‬من التأثير الخاص بالحشيش تنتج الرؤى وخداع الحواس‪،‬‬
‫فعين المخدر ترى شيائ وتسمع آذنه صوت شيء آخر ‪ ،‬وقد يبدو له‬
‫الحجر الصغير على الطريق صخرة هائلة فيحاول أن يمر من فوقها‬
‫رافعا قدمه الى أعلى ‪٠‬كما قد يبدو له طرق السباق الضيق نهرا عربضا‬
‫يود لو أن مركبا حمله الى شاطئه االخر ‪ ٠‬وقد يرذ الصوت االنساني‬
‫فى أذنيه كأنه قصف الرعد ‪ ٠‬وقد يعتقد ان لديه اجنحة واذ في‬
‫وسعه ان يطير فوق االرض ‪٠‬‬
‫وف وسعاالنسان أن يقارن هذه الخياالت بفنون السحر التي‬
‫نقلتالينا منذ اقدم االزمنة فى الحكاية‪ .‬الخرافية والحكاية الشعبية فى‬
‫بقاعكثيرة ‪ ٠‬فقد أدركتفتاة^على سبيل المثال‪ -‬اذاحد السحرة‬
‫كان يحفل فى يده'عودا من القش ال لوخاتقيال منالخشب كما كان‬
‫وهم الناس ‪ ٠‬ولكن الساخراتقم منها لتفسه ‪ ،‬فجعل أمامها نمرا‬
‫سحرا متدفقا ‪ ٠‬وما كادت الفتاةترفع ثيابها لكي تغوص فى الماء حتى‬
‫بطل السحروابصرت الفتاة شها وهي خجلى‪ -‬بين ضحكات‬
‫‪٠١١١٠‬‬
‫الواقفين ‪ ٠‬أمام نهر صغير او امام ممر ضيق في عرض الذراع ‪٠‬‬
‫ونحن نذكر بهذه المناسبة سلسلة من موضوعات تنتشر بكثرة ال‬
‫مثيل لها فى جميع انحاء العالم تقريبا ‪ ٠‬ونشير بمذا الى حكاية‬
‫« الهروب السحري» التي تتلخص في أن شخصين — كأن احدهما في‬
‫انغالب عارفا بفنون السحر — هربا من ييت شيطان فاقتفى الثيطاى‬
‫أثرهما ‪ ،‬وعند ذاك رمى احدهما وراءه قطعة من الخشب نبتت منها‬
‫غابة ‪ ٠‬ثم رمى بحجر فشمخ جبل مكانه ‪ ٠‬وفي النهاية اسقط قطرة من‬
‫الماءفاذا بها تتحول الى بحرغرق فيه الشيطان‪ :‬وفي بعن االحياذيكوذ‬
‫الشيء المقذوف مثطا يطرح من خلف الكتفين فتنبت منه فى الحالغابة‬
‫من االمشاط ‪ ،‬ثم يقذف بفرجون فتنشأ عنه غابة من الفراجين ‪ ،‬وهذا‬
‫كله تفرع من الموضوع القديم ‪٠‬‬
‫وبمثل هذه الطريقة قد نشأ بحق تحت تاثير االحالم او المخدرات‬
‫أو تحت تأثيرأحد السحرة ‪ -‬اذ يجب ان نضع هذا فى حسابنا كذلك ‪-‬‬
‫موضوع حبة الفاصوليا التي تنمو حتى تصل الى عنان السماء فى وقت‬
‫قصير ‪ ٠‬وما تزال بعض أديرة الرهبان تحكي عن هذا ‪٠‬‬
‫وهناك صورة اخرى لتأثير الحشيش تعيننا على توضيح بعض‬
‫االمور ‪ ،‬يقدمها لنا « تيوفيل جوتييه » ‪ ٠‬يقول لقد رأى ( أى متعاطى‬
‫الحشيش ) عددا ال نهاية لم من فراشات ذات اجنحة تتماوج مثل‬
‫المراوح ‪ ،‬كما رأى كذلك اغرب انواع الحيوان ‪ ،‬منها الكاسرة ومنها‬
‫وحيد القرن ومنها الطيور المائية الى غير ذلك ‪ ٠٠٠‬لقد حسب انه‬
‫يسمع وقع االلوان ‪ ٠‬ثم انه لم يكن كذلك يرغب في الحديث النه‬
‫اعتقد ان الحيطان ال بد أن تتصدع من ضجيج صوته ‪ ٠‬ولقد سبح‬
‫في محيط من السعادة والروحانية غير المتناهية ‪ ،‬وشعر كانه روح‬
‫هاربة من اسر الجسد ‪ ،‬وخيل اليه انهذم الحالة قد دامت ‪ -‬تتيجة‬
‫لهذه االنطباعات الفنية ‪ -‬ثالثة مائة عام ‪ ،‬في حين انه في الحقيقة‬
‫لم يمكث سوى ربع ساعة ‪ ٠‬وقد شعر كذلك كيف انه قد تضخم في‬
‫لحظة فصار في طول المارد ‪،‬ثمما لبث ان انكمش مرة اخرى حتى‬
‫صار شيائ ضئيال للغاية بحيث يمكن وضعه في سهولة في زجاجة ‪٠‬‬
‫وهنا نيجد مرة اخرى طرقا يوصلنا الى الحكاية الخرافية ‪٠‬ويذكرا‬
‫هذا بحكاية منألف ليلة وليلة اطلق فيها صياد سراح عفريست من‬
‫داخل زجاجة ‪ ٠‬وفي لحظة تضخم العفريت حتى اصبح طويال للغاية‬
‫وهدد الصياد بالخنق وعند ذاك اخبره الصياد انه لم تعجب من‬
‫شيء كما تعجب من كون هذا العفريت الضخم بمكن ان يدخل في مثل‬
‫هذه الزجاجة الصغيرة ‪ ٠‬وعند ذاك انكمش العفريت في الحال واختفى‬
‫في الزجاجة فعاد اسيرا مرة اخرى ‪٠‬‬
‫ومد حاوننا حتى االن ان نرجع عددا من موضوعات الحكايية‬
‫الخرافية انى الحلم واشرنا الى ان المخدرات مثل الحشيش يمكن ان‬
‫ينتج عنها شكال خاصة من ألحلم ‪ ٠‬ويبدو لنا انه من المحتم علينا ان‬
‫نبسط القول في هذه االراء ‪ ٠‬ذلك انه وان كان من الممكن حمبا ان‬
‫تستمد كثير من الموضوعات من االحالم العفوية اال انه من الممكن‬
‫كذلك ان تنشأ عن احالم تار بطريقة ارادية الغراض دينية وفي هذه‬
‫الحالة يمكن ان تتخذ هذه الموضوعات اشكال االحالم « الطبيعية )) ؛‬
‫وان تكن هذه الموضوعات تعنى بالنسبة للحالمين انفسهم وللسحرة‬
‫وللطبيب ولمحضر االرواح والونثك المرتبطين به ‪ ،‬الذين يشتركون‬
‫معه فيحالة استغراقه ‪ ،‬نعنى حقيقة ءامة اكبر بكثير من تلك التي‬
‫تتضمنها االحالم « البسيطة » ‪ ٠‬وقد سبق ان ذكرنا انه ليس من‬
‫الضرورى ان يكون الحلم والحقيقة دائما متعارضين ‪ ٠‬اما بالنسبة‬
‫للساحر ومن يشترك معه في حالة نثوته فال بد ان تظهر التجارب في‬
‫اثناء غيبوته بوصفها حقيقة اسمى من غيرها ‪ ،‬اى بوصفها معرضا‬
‫لعانم آخر ‪ ٠‬ومن ثم فقد اتيح لهذه الصورة ان تقتحم الحكايات ذات‬
‫الطابع االسطوري والحكايات الشعبية والخرافية ‪ ٠‬على انه من‬
‫الطبيعي جدا ان يكون من الممكن اتماء نفس الصور اما الى االحالم‬
‫الطبيعية او البى الرؤى الشبيهة باالحالم ‪ ،‬التي تنجم عن النشوة‬
‫الروحية فقد سبت اذ ذكرائ موضوع « العبود الشاق » على جسر‬
‫ال تجاوز عرضه انملة وما اشبه ذلك من الصور بوصفه موضوعا من‬

‫‪— ٦٦٣ -‬‬


‫موضوعات الحلم ‪ ٠‬وهذا الموضوع بذاته يتكرر دائما في تصوير‬
‫االسفار الى العالم السفلي لدى محضري االرواح ‪٠‬‬

‫وتعرف كل الحضارات السحرة واحوال النشوة التي تثار بطريقة‬


‫ارادية مع اختالف كبير في طقوس االعمال السحرية ‪ ٠‬وعلى هذا‬
‫تكون مهمة الطبيب في معالجة ألمريض عن طريق القسم على االرواح‬
‫او استخدام وسائل اخرى للعالج هي بدورها ذات طابع سحري في‬
‫ذاتها ‪ ٠‬فالساحر يستطيع ان يفصل روحه عن جسده ‪ ،‬وهو يستطيع‬
‫ان يرسل هذا الروح انى كائن حي‪ ،‬وان يستحضر االرواح االخرى‬
‫والشياطين ويقسم عليها ‪ ،‬وان يصرفها ويطردها ‪ ٠‬والسحرة يستطيعون‬
‫ان يحولوا اتفسهم الى حيوان ‪ -‬كما تحكى الحكاية الخرافية ‪-‬‬
‫ويتبارون في اختبار فنونهم في هذا التحول ‪ ٠‬وليس هذا بحال من‬
‫االحوال موضوعا وليد الخيال الصرف ‪ ،‬فأخبار السحرة ثدى‬
‫الشعوب الفطرية تحكى نفس اكيء ‪ ،‬فالساحر يصطنع لنفسه نوبة‬
‫ويتقمص من االشكال الحيوانية ما شاء ‪ ،‬ويقتفى الناس اثره ويهرب‬
‫هو منهم بأن يتحول دائما الى اشكال اخرى ‪ ،‬واخيرا يوضع القيد‬
‫في يده ويرغم على ان يقول ما يعرف ‪ ٠‬وال يختلف هذا في شيء عن‬
‫حكاية « بروتيوس » الشهيرة في ملحمة االوديسا ‪ ،‬وهي الحكاية‬
‫التي نصادفها في الروايات الشعبية الشرقية والجرمانية ‪ ،‬وروايات‬
‫العصور الوسطى والعصر الحاضر ‪ ،‬فالفتاة و الرجل الممسوخ في شكل‬
‫حيواني وشيطاني يفزع ‪ -‬في الحكاية الخرافية والشعبية — مخلصه‬
‫االخير من السحر بأن يظهر له في اشكال متغيرة دائما و مخيفة للغاية ‪٠‬‬
‫على ان الساحر ال يستطيع ان يحول تفسه فحسب ‪ ،‬ولكنه يستطيع‬
‫كذلك ان يحول غيره من الناس • فالحكايات الخرافية االفريقية تحكى‬
‫عن فنون الساحرة كيرك ‪ )١( ٠‬وقد عاش الخوف من مثل هؤالء‬

‫‪ - ١‬هى ساحرة في لعمة اآلوديا تعيش في جزيرة نتية ء وكانت قسحر المسانرين ‪1‬لى‬
‫خنازير ‪ ٠‬ولكن هؤالء تقلبو! عليها بوسعل من السحرة شبيهة بوساتلما ‪ ( ٠‬لمترجمة )‬
‫انسحرة في عقائد كثير من الشعوب وحكاياتما قبل الرواة االغريقية‬
‫وبعدها بزمن طويل ‪ ٠‬وتحكى حكاية هندية عن الحظ العاثر الذيكان‬
‫دائما يالزم رجال عن طريق النساء الساحرات ‪ ،‬فكل النسوة الالتي‬
‫تزوج بمن كن بمسخن انفسهن بعد وقت في صور عجائز ساحرات ‪،‬‬
‫حتى سحرته زوجة اخيه ‪ -‬من قبيل الشفقة عليه فيما بدالها ‪ ٠‬في‬
‫ثكل جاموسة ‪ ٠‬ثم فكت عنه السحر مرة اخرى فوقع في يد عجوز‬
‫هادئة الطبع ‪ ،‬ارادت ان تفترسه مع رفقائه ‪ ٠‬واخيرا وصل الى بلدة‬
‫مهجورة ال يعيش بها سوى عجوز مع بعض الفتيات احسان ‪ ٠‬ولكنه‬
‫تبينانهن كن كذلك من العجائز ساحرات ‪ ٠‬وفي هذه الحكاية الخرافية‬
‫تتضح بصفة خاصة قوة السحر في صورها المتعددة ‪٠‬‬

‫ويعرف علم االثنولوجيا وعلم االديان شكال متميزا كل التميز‬


‫لعقيدة السحر يرتبط بطقوس ذات طابع متميز واهدأف محددة بكل‬
‫دقة ‪ ،‬هي عقيدة االتصال باالرواح ( الشامانية ) ‪ ٠‬وقد كان المعتقد فيما‬
‫مضى ان الشامانية تقتصر على شمال آسيا‪،‬حيث انه قد عثرعلى شواهد‬
‫لذلك عند القبائل السيبيرية بصفة خاصة ‪ ٠‬ولكن الشامانية تتتشر حقا‬
‫في مجال اوسع من ذلك بكثير‪ ،‬فهي تمارس في االمريكتين جميعا‬
‫وعند االحبول في جرينالند وفي االسكا ‪ ،‬كما انها تمارس في شمال‬
‫اوروبا ‪ ،‬بل كذلك في وسط اسيا وفي جنوب ثرقها وفي الجزر‬
‫الهندية وجزر المحيط الهادي ونحن نمتلك شواهد على ممارسة العقيدة‬
‫انشامانية عند الهندوجرمانيين انفسهم ‪ ،‬ولى االغريق والمنود الحمر‬
‫والكلت والجرمانيين ولدى االيرانيين بصفة خاصة ‪ ( ٠‬في تناوأنا‬
‫للعقيدة الشامانية نعتمد بصفة خاصة على ذلك المؤلف الضخم الذي‬
‫الفته « مرسيا الياد» ‪ ،‬حيث يجد االنسان مادة وافرة واسعة ) ‪٠‬‬
‫لقد كانت تقوم مرة في عصر قديم بالغ في القدم ‪ ،‬صلة واضحة بين‬
‫السماء واالرض وقد شاء الناس ان يصلوا عبر هذا الطريق من االرض‬
‫الى السماء ‪ ٠‬ولهمذا التصور مغزى محدد في كثير من االدياذ ‪ ٠‬ثم‬
‫حدت ان ضاعت هذه الصلة ‪ ،‬ولكن ظل في امكان الشاماني ان يسير‬

‫ه‬
‫في هذا الطريق ‪ ،‬فالصلة بين السماء واالرض تتمثل بطريقة رمزية ‪،‬‬
‫غالبا ما تكون في صورة شجرة او جبل كذلك او هرم ‪ ٠‬فالشجرة ذات‬
‫الجذورانسبعة او التسعة رمز لشجرة العالم او للعالم نفسه ‪ ٠‬وفي‬
‫طقوس العقيدة الشامانية يصعد الشاماني هذه الشجرة ‪ ،‬وهو بهذه‬
‫الطرقة يمارس الصعود الى السماء ‪ ٠‬وعند قبول شخص ‪ ،‬اى عند‬
‫تدريب الشاماني ‪ ،‬تحتم التعاليم كما هو الحال في كثير من الطقوس‬
‫المثابهة _ قتل االنسان انهرم وقيام شخص جديد مكانه ويحدث هذا‬
‫بطريقة رمزية ‪ ٠‬فجسد المنتمى يقطع ويطرق وتفصل عظامه عن لحمه‬
‫ومن هذه العظام تكون االنسان الجديد ‪ ٠‬كل هذا يعيشه الشاماي‬
‫الجديد في حالة غيبوبة ‪ ٠‬ونحن نذكر على سبيل المثال موضوعات‬
‫التقطيع في الحكايات الهندية وكذلك في حكاية « االخ المرح » عن‬
‫االخوين جرم ‪ ،‬ففيها كذلك طرق جسد ابنة الملك ثم وضعت العظام‬
‫ابيضاء بجانب بعضها البعض بالطريقة الصحيحة ‪ ،‬وبذلك استردن‬
‫االبنة الحياة مرة اخرى ‪ ٠‬وربما ترجع حكاية « الشاب المتوهج » في‬
‫اصلها الى ذلك ‪ :‬فقد طرق بترس شحاذا كهال ضامرا في كور حداد‬
‫فجعل منه شابا ‪ ٠‬ويتفق هذا تماما مع تدريبات العقيدة الشامانية ألتي‬
‫يطرق فيها المجرب في نار حداد فيصير شابا ‪ ،‬ثم يبرد جسمه بعد ذلك‬
‫في وعاء به ماء ‪٠‬‬
‫واوضح من هذا كله مهمة الشاماني بوصفه محررا لالرواح ‪٠‬فروح‬
‫المريض يسكن العالم انسفلي ‪ ،‬وفي وسع الشاماني ان يشفى هذا‬
‫المريض عن طريق تحرير روحه ‪ ٠‬وهو يحرر ارواح الموتى في العالم‬
‫السفلي ولكنه يستطيع كذلك ان يعيدها ‪ ٠‬ويذكرنا هذا « با رفيوس »‬
‫(‪ )١‬وهو في الحقيقة ذو مالمح شامانية كثيرة ‪ ٠‬ففي رواية من روايات‬

‫ا — مغن مشهور في االسطورة ‪1‬الغريتية وهو ابن «( كالييو »» و «« ابولو »» وقد كان‬
‫ارنيوس يماردالسحر ‪ ،‬وكان في وسعه ان يسحر المحيوان المتوحثى واألحجار‬
‫واالشجار ‪ ٠‬كما انه استطاع ان يخلص زوجته من‪ .‬العالم اسي وتدقدر له ان‬
‫ينتد زوجته مرة اخرى حيثما تعدى ‪1‬لمحظور بان نظر الى زوجته قيل أن‬
‫يستقبل الضوء ‪ ٠‬وبدك عادت زوجته الى العالم السفلي ‪ ( .‬المترجمة ) ‪٠‬‬

‫‪-١١٦-‬‬
‫حكايته ‪ ،‬نجح ارفيوس كذلك في تخليص زوجته « اوريدك »‬
‫من العالم السفلي ‪ ٠‬وقد كان ارفيوس عالما بوسائل‬ ‫‪Eurydike‬‬
‫العالج ‪ ،‬كما ان حبه للموسيقى وللحيوان وادوات سحره ومقدرته‬
‫على انتنبؤ ‪ ،‬كل هذا يعد من خصائص الشاماني الكبير ‪٠‬‬
‫ونقدم االن من امثلة االلياذة هذا المثال ‪ :‬فيحكى لدى التتار ان‬
‫« كوبايكو » وهي فتاة تتسم بالشجاعة ‪ ،‬هبطت الى العالم السفلي‬
‫لكي تسترجع راس اخيها الذي كان قد قطعه حيوان مهول ‪ ٠‬وبعد ان‬
‫مرت الفتاة بمغامرات كثيرة ‪ ،‬وشاهدن ما يال قيه مختلف المذنيين من‬
‫عذاب ‪ ،‬وفدت على ( ايرلي خان ) نفسه ملك العالم السفلي ‪ ،‬فسمح‬
‫لها تسترد راس اخيها اذا ما اجتازت أمتحانا بعينه بنجاح ‪ ٠‬فقد‬
‫تحتم عليها ان تجتذب شاة من باطن االرض كانت قد دفنت في اعماقها‬
‫بشرط ان يرى االنسان على اقل تقدير قرنيها ونجحت « كوبايكو »‬
‫في هذا العمل البطولي ‪ ،‬ورجعت الى االرض مرة اخرى براس اخيها‬
‫وبالماء السحري الذي قدمه االله لها عندما استيقظ ‪٠‬‬
‫وقد قدمت بحق شجرة الكون التي تتفرغ في جهات كثيرة ‪،‬‬
‫والتي تسلقها الشاماني ‪ ،‬نموذجا للجكاية الخرافية التي تحكى عن‬
‫الكون متمثال في شكل شجرة ‪ ٠‬فهناك حكاية خرافية تحكى كيف ان‬
‫شابا ظل فترة طويلة تسلق شجرة ضخمة حتى وصل الى قرية‪،‬‬
‫بلغ بعدها حصنا كانت تسكنه اميرة سحرها ساحر يتخذ شكل غرأب‬
‫(والساحر الذي تخذ شكل غراب معروف تماما في العقيدة الشامانية)‬
‫وبعد صعوبات كثيرة نجح الشاب بمساعدة حصان سحري ذي ثالثة‬
‫ارجل ان يخلص االميرة ‪ ٠‬والحصان ذي االرجل الثالثة غالبا ما يظمر‬
‫في الطقوس الشامانية وكذلك في غيرها من الطقوس بوصفه حصانا‬
‫روحيا ‪٠‬‬

‫وكثيرا ما يرد موضوع عبور الجر فى رحالت العالم ائسفليالذي‬


‫سبق ذكره ضمن موضوعات االحالم ‪ ،‬كثير‪ ١‬ما يرد فى الحكايات‬
‫الشامانية ‪ ٠‬ونحن نعرف هذا الموضوع لدى االيرانيين قبل غيرهم ‪،‬‬
‫فأشكال الديانات االيرانية بصفة خاصة تشير الى بعض وجوه القرابة‬

‫‪-١١٧-‬‬
‫يينهما وبين الرياضات الشامانية ‪ ٠‬ثم ان استعمال الحشيش ثابت‬
‫ثبوتا قاطعا فى ايران ‪ ٠‬وقد صارت الكلمة االيرانية للحشيش فيما بعد‬
‫فى كثير من اللغات االسيوية اائرة الى انتبات المخدر الذي‬
‫يتعاطاه محضر االرواح ‪٠‬‬
‫على أن رمز التحليق وموضوع الطيران انسحري شه هما فى‬
‫الحقيقة أقدم بحق من العقيدة الشامانية ‪٠‬‬

‫وتقع االسفار الى العالم السفلي فى نطاق امكانيات االنسان ‪،‬‬


‫وقد صور كثير من االدباء هذه االسفار بطرق مثيرة للغاية ‪ ٠‬وقد سبق‬
‫لملهة جلجامث أن حكت عن سفر من مثل أسفار العالم السفلي هذه‪،‬‬
‫كما تحكي عنها االوديسابل انروايات المسيحية كذلك ‪ ٠‬فيروي ان‬
‫المسيح صعد الى جهنم وطرق بوابة الظالم وخلص اهل‬
‫العدالة من الشيطان ‪ ٠‬وكذلك يحكى ان االسكندر الذي ما يزالحتى‬
‫اليوم فى بعض البلدان بطال خرافيا ‪ ،‬قد توغل حتى وصل ‪١‬يال‪٠‬ماء‪٠‬‬
‫كما أن داتتي قد صور فى ملحمته العظيمة احد هذه االسفار الى‬
‫العالم االخر ‪ ٠‬وفى أساطير بالد الشمال كان «تور » يصل فى بعض‬
‫االحيان انى العالم اآلخر ‪ ،‬فالرواية تذكر عن «تور» أسطورة ذات‬
‫طابع شاماني صرف ‪ ،‬حيث ذبح « تور » تيسين كانا له وطبخهماوأكلهما‬
‫مع رفاقه ‪ ،‬تم جمع عظاممما مرة اخرى ‪ ٠‬على ان أحد رفقائه هشم‬
‫عظمة من العظام وامتص نخاعها ‪ ٠‬وفى اليوم التالي أعاد «تور» الحياة‬
‫الى التيسين مرة اخرى ‪ ،‬ولكن أحدهما اصيب بعرج فى قدمه الخلفية‪.‬‬
‫وقد سبق ان اشرنا الى االصل الشاماني لهذا الموضوع ‪٠‬‬
‫على أنم من الصعوبة بمكان ان نفرق بين المادة البالغة فى انقدم فى‬
‫هذه االساطير والحكايات الخرافية‪ ،‬واالعمال السحرية المتتشرة‬
‫بصفة عامة‪ ،‬أو االعمال التي تشكلت خالل الطقوس الشامانية‬
‫الخاصة ‪ ،‬وبين ما تسرب الى الحكاية الخرافية من عناصر جديدة ‪٠‬‬
‫على ان الشيء الذي نبدو لنا مهما هو ان حكاياتنا ال تتضمن بقايا‬
‫االساطير المروية فحسب ‪ ،‬وانما تشن كذلك بقايا موضوع ديني ‪،‬‬

‫‪-٨‬‬
‫وان هذه البقايا تربط بين العقيدة والحياة بطرقة خاصة ‪٠‬‬

‫وتحتم علينا ان نضيف الى ذلك أن مرضى العقول والمصابين‬


‫بالصرع ينظر اليهم كذلك فى بعض االحيان بوصفمم اناسا يرون امورا‬
‫خارقة ‪ ،‬أو بوصفهم اناسا يخثى امرهم ‪ ٠‬على انا نعتقد انه نادرا ما‬
‫تسرب الى الحكاية الخرافية موضوعات مستقلة نشأت عن هذه‬
‫التصورات المرضية ‪ ٠‬وحيثما ظهر شيء من هذا القبيل فى الحكاياب‬
‫الخرافية ‪ ،‬فان صور االحالم اتي تنشأ عن هذه التصورات ال‬
‫تتميز عن تلك التي تنشأ عن أحوال النشوة أو المخدرات تميزا‬
‫جوهريا ‪٠‬‬
‫ومرة اخرى تتصل باعراض هذه االمراض جالة اتتشرت اتتشارا‬
‫واسعا ‪ ،‬وثبت وجودها عند شعوب الحضارات القديمة في البرق‬
‫والغرب ‪ ،‬فنحن نعرف أمثلة لها فى المانيا وفرنسا وروسيا واسكندنافيا‬
‫استمرت حتى القرنين السابع عشر والثامن عشر ‪ ٠‬ونعني بذلك مرض‬
‫االستذائب(‪ ٠ )١‬وهو المرض الذي يصيب الناس فجاة من خالل‬
‫التصور اذي هيء لهم انهم ذائب أو دببة أو نمور اوكالب ‪،‬‬
‫وانهم من ثم يسلكون مسلك هذا الحيوان فى حالة جنونه المفزع ‪،‬‬
‫فيجوبون الليل وهم ينبحوذ نباحا مروعا ويهاجمون المارة ‪ ٠‬وقديصيب‬
‫هذا المرض فى بعض االحيان منطقة بأكملها ويؤدي الى االعتقاد بان‬
‫المصاين به يسسخون بين الحين واالخر فى شكل حيوان ‪ ٠‬ومن ثم‬
‫تضح لنا من هذه الناحية كذلك موضوع المسخ فى الحكايات‬
‫الخرافية والشعبية ‪٠‬‬
‫ونحن نرى ان هناك حكايتين خرافيتين مشهورتين ترجعان‪ .‬في‬
‫أصلهما الى عقيدة االستذائب هذه ‪ ،‬وهما حكاية « صاحبة االالم‬

‫‪- ١‬مرغى عقلى يرجع الم المعتقدات اصبية عند الكلت والجرماتيين والرومان ‪،‬‬
‫ومؤداه ان االكسلن يخيل اليه في بعفى االحيان انه يتقمص جسد نئي ‪ ،‬سعر‬
‫حينئد انه يرغب في نيش القبور المتخراج الجشث ‪1‬و يشمعر انه متعطشى للدماء ‪ ،‬نيتل‬
‫(‪1‬لمترجمة‬ ‫الميران واالسن ‪٠‬‬

‫‪١١٩ -‬‬
‫المتعددة » والحكاية التي تقابلها عن الرجال الممسوخين وهي حكاية‬
‫صائغ الذهب ( او حكاية « الراس المصاب بجرب» او « ايزنها نز» )‬
‫التي تحكي عن ابن الملك الذي حكم عليه بالنفي ‪،‬والذي عاش حيا‬
‫بوصفه صبي بستاني ‪ ،‬واتصر على الخطاب االخرين عن طريق قوته‬
‫غير العادية وظفر بيد ابنة الملك ‪٠‬‬
‫وفى بعض روايات حكاية « صائغ الذهب » يحكى ان الشابكان‬
‫في الحقيقة حيوانا ‪ ،‬او انه كان يكتسي جلد الحيوان وانه كثيرا ما‬
‫كان يقول بعد ذلك انه ال يحب ان يخلع عنه قبعته النه مصاب‬
‫بجرب خطير فى راسه ‪ ٠‬ويحق لنا أن نذكر بهذه المناسبة انه من‪ .‬بين‬
‫العالمات التي تظهر فى بداية مرض االستذائب ان الشخص الذي‬
‫يصاب بمذا المرض يشعر بحكة شديدة فى راسه ‪ ،‬ويعاني من تصور‬
‫قبيح هوأن رأسه مغطى بطبقة كثيفة من الجرب ‪ ٠‬ويظهر موضوع‬
‫الجرب فى معظم روايات هذه الحكاية الخرافية ‪ ،‬أي انه ينتمي بحق‬
‫الى اقدم االصول ‪ ٠‬وفي النصوص القديمة نسبيا لهذه الحكايات‬
‫الخرافية يبدو البطلمصابا بالجنون ‪ ،‬كما يبدو كذلك انه استولتعليه‬
‫قوة وحثية عاتيةوغضبشيطاني‪ ،‬قبل انيقوم باعماله البطوليةوفى اثناء‬
‫الفيامبها كذلك ‪ ٠‬ومثالذلكايضا حكاية روبرت الشيطان انتي تنتمي‬
‫الى موضوعنا‪ ،‬واالسطورة الشمالية القديمة « أورفارأود » اما فى‬
‫روايات حكاية « صائغ الذهب » التي ال يصاب فيها البطل تفسه بمذه‬
‫الوحشية ‪،‬فانه يبدو كما لو ان روحا حاميا ومساعدا قف بجاتبه‬
‫بوصفه منقذا له منكل المخاطر ‪ ٠‬وهو رجل متوحش يفزع كل من‬
‫راه بمظمره ‪ ،‬وهو بسكن الغابة بوصفه ساحرا ‪ ،‬وكثيرا ما يبندو‬
‫كانه ممسوخ ‪ ٠‬ويبدو لنا ان هذه المالمح كلها تشي الى ان حكاية‬
‫« صائغ الذهب » نشأت من حكاية المسخ واالستذائب ‪ ،‬اي انها‬
‫نشات عن حكاية خرافية تحكي عنبطل شجاع مسخ فى شكل حيوان‬
‫وحشي ‪ ،‬ولكنه عن طريق اعمال بطولية خاصة أو عن طريق حبهالمتفاني‬
‫المرأة ‪ ،‬يتخلص من هذا المسخ ‪ ٠‬وكثير من امراء انحكاية الخرافية‬
‫يتحتم عليمم ان يتجولوا فى الحياة بوصفهم ذائبا او دببة أو ثعالبحتى‬
‫يستردوا آخر االمر اشكالهم الحقيقية عنطريق القيام باعمال طيبة او‬
‫ر‬ ‫اعمال اخرى تخلصهم من هذا المسخ ‪٠‬‬

‫وقد افلهر «البرسركيون» ‪ ،‬وهم ابطال االله اودين فى حكاياتالد‬


‫الشمال ‪ ،‬قوة خارقة وهم متقمصون اجساد دببة ‪ ،‬وكذلك عاش‬
‫والد « سيجورد » — بطل بالد الشبمال ‪ -‬وكذلك اخو زوجته حياة‬
‫وحثية ‪ ،‬متقصمين جسد ذثب ‪ ٠‬على ان حكاية الصائغ نفسها ابتعدت‬
‫عن اصلها وصارت معالمها تبدو كانها اضافات غريبة مصتوعة ‪ ٠‬وقد‬
‫كانت هذه الحكاية اكثر غنى واكثر تنوعا فى رواياتها عما هي عليه‬
‫االن ‪ ،‬فالشعوب انرومانية والجرمانية كانت تستمتع بها ‪ ،‬وقدتحولت‬
‫لديهم الى حكاية خرافية عن الفروسية ‪ ٠‬ففيها يصعد البطل دائما‬
‫فى ابمى سالحه « جبل الزجاج»‪ ،‬ثم يغنم حب االميرة بوصفه صبيا‬
‫حقيرا ثم يخلص الملك فيما بعد من أعدائه ‪٠‬‬

‫أما صاحبة اآلالم المتعددة « فتحمل معطفا من جلد الحيوان‬


‫الخالص ‪ ،‬ومعنى هذا ان قوى كل انواع الحيوان — بهذه الطريقة —‬
‫تنتقل اليها ‪ ٠‬وقد لبس انجيدو ‪ ,‬فى ملحمة جلجامش ‪ -‬جلد حيوان‬
‫من أجل هذا الغرض ‪ ٠‬ويلف السحرة والشامانيون افسهم بثوب من‬
‫الزش عندما يودون ان يقوموا بجولة سحرية ‪ ٠‬وقد كانت« صاحبة‬
‫اآلالم المتعددة » تمتلك قوة سحرية ‪ ٠‬ففي رواية ايطالية قدييمة يحكى‬
‫انها استطاعت ان تحول نفسها الى دب ‪ ٠‬وفى رواية اخرى نجدها فى‬
‫الغابة ويخالها االنسان حيوانا متوحشا ‪ ٠‬وهي تكتسب فى الغابة‬
‫المعرفة باالعشاب السحرية فتصنع منها حساء سحريا ‪ ٠‬وحينماارتدت‬
‫ثيابها الفاخرة ‪ ،‬كانت تتخلص دائما من كل من يقتفي اثرها ‪ ،‬مثلها‬
‫مثل « وعاء الرماد » و « صائغ الذهب » ‪ ،‬حتى اتهى االمر بالقبض‬
‫عليها ‪ ٠‬وقد عملت مثل « صائغ الذهب » فى مطبخ بوصفها شخصا‬
‫حتيراء ثم حولت نفسها بعد ذلك الى امرأة مشرقة الجمال ‪ :‬ويحت‬
‫لالنسان ان تساءل عما اذا كانت هذه الحكايات التي تحكى عن‬
‫التحوالت وعن هروب الشخص من المقتفين الشره شبيهة بتلكالحكايات‬

‫‪ -‬ا‪ ١٢‬ا‬
‫الخرافية التي تحكي عن الهروب السحري‪ ،‬والتي يحاول فيها الساحر‬
‫أن يهرب من المقتفين الثره عن طريق التحول الدائم ‪ ٠‬ان بداية‬
‫حكاية « صاحبة اآلالم المتعددة » يمكن ان تشير الىاللعنة السحرية‬
‫إلتي حلت بالفتاة ‪ ،‬فقد هربت الفتأة الن اباها نفسه ارأد ان تخذ منها‬
‫زوجا له ‪ ٠‬ولم يخلصها من هذه اللعنة سوى معاناتها النفسية ‪٠‬‬

‫وقد فسر «أوتوهوفلر» حكاية « صائغ الذهب » بطريقة اخرى‪.‬‬


‫فالتجارب الغريبة التي عاشها الصبي الذي كأن يرتدي جلد حيوان‬
‫ويقوم باعمال الخدم وتلعق برجل مسن تعلقا غريا ‪ ،‬هذا الصبي‬
‫الذي كان يحمل مالمح نصف حيوانية ‪ ،‬والذي اقام زمنا فى الغابة ‪،‬‬
‫وتلك اتنجارب المختلفة التي تحتم على الصبي أن يخوضها حنى‬
‫إصبح بطال حرا ‪ ،‬واخيرا تحول فى المواقف االخيرة الى حصان ذي‬
‫ثالثة ارجل ‪ ٠‬كل هذا تركيبه للموضوع ال يمكن بحال من االحوال‬
‫الفصل بين عناصرها ‪ ٠‬وكل هذا ظواهر نموذجية تقابل العمليه‬
‫االولى التماء الشاب الى عصابة فدائية فال بد للمريد ان يفضي‬
‫زمنا مرتديا جلد حيوان ‪ ،‬ثم يفقد اسمه ‪ ( ،‬وفى هذا اشارة الى انه‬
‫يغير شخصه ) ‪ ٠‬كما انه يقف فى حماية شخص مسن له دور مهج‬
‫بوصفه مساعدا فى أطوار التدريب ‪ ٠‬وفى بعض االحيان بكون هذا‬
‫الرجل المسن هو اودين تفسه ‪ ٠‬وربما يعني الشعر لذهبي ابيضاض‬
‫إلشعر وفقا تلطقوس فى أثناء التدريب ‪ ٠‬اما الحصان ذو االرجاللثالثة‬
‫فهو حصان سحري ينتمي الى جيش االموات ‪ ٠‬وهذا النوع من‬
‫الرياضات له أمثلة عديدة ‪ ٠‬ويالئهما كذلك نفكير على نحو رمزي‬
‫لهطابع مميز كل التمييز ‪ ٠‬وبناء على هذا فان الحكاية يمكن انتفسر‬
‫من خالل عقيدة عصابة من الناس ‪ ،‬أي من خالل تقاليدها ‪ ٠‬فتقاليد‬
‫مثل هذه العصابات كما ظهر ذلك فيما بعد ين مجموعات الفرسان‬
‫وروابط اثعمال ‪ ،‬كانت لها فى الحقيقة اشكال مميزة ‪ ،‬كما كانت فى‬
‫بعض االحيان تخمل مالمح قديمة للغاية ‪ ،‬وكل هذا يرتبط فى‬
‫الغالب بالتصورات االسطورية ‪٠‬‬

‫‪-- ١٢٢ -‬‬


‫اما ان اغنية « جريمز » فى كتاب «االدا» تنتمي الى هذا النمطمن‬
‫الحكايات الخرافية ‪ ،‬فهذا ما ال نستطيع أن نجزم به ‪ ٠‬ففي هده‬
‫الحكايه وفد اودين الى الملك « جارود» دون ان عرفه أحد ‪ ٠‬وكان‬
‫عليه ان يجلس ثمانيه ايام بلياليها ين فاريين ‪ ٠‬ولم يحض له الطعام‬
‫سوى ابن الملك الدي تولى الملك بعد ان قتل واده بسيفه الخأص ‪٠‬‬
‫وكثيرا ما كان يعتقد االنسان أن االمراض ارواح شريرة سكنت‬
‫جسم االنسان‪ ٠‬وكما كان الساحر سيد االرواح ‪ ،‬دان كذلك سيد‬
‫االمراض ‪ ٠‬فهو يقسم على االرواح ويصرفها او يطردها ‪ ٠‬وهذه‬
‫العقيدة استخدمتها حكاية خرافيه هندية بطريقه تثير الضحك ‪٠‬‬
‫ففيها يحكى أن رجال لم يستطع ان يحتمل زوجته ‪ ،‬ووافقه على هذا‬
‫روح كان يقيم بجوار منزله ‪ ٠‬عند ذلك وعد الروح الرجل التعس‬
‫ار خلصه من متاعبه ‪ ،‬كما وعده بأن سافر ألى اميرة فيصيبها بمرض ‪،‬‬
‫ويكوذ على الرجل بعد ذلك ان يذهب اليها وشفيها عن طربق‬
‫طرده ‪4‬ذا الروح ثم نتزوج منها ‪ ٠‬على أنه لم يسمح له ان فعل هدا‬
‫سوى مرة واحدة ‪ ٠‬ولكن الرجل فشل فى هده المحاولة ‪ ٠‬ثم حدث‬
‫ان اتتقل الروح الى أميرة ثانية ‪ ٠‬وهنا ظهر الرجل مرة اخرى لكي‬
‫يطرد الروح ‪ ٠‬حينئذ ذكره الروح بوعده ‪ ٠‬فاجاب الرجل بأن زوجته‬
‫تعرف مكانه وهي تسعى فى مطاردته ‪ ٠‬وحينئذ صاح الروح ‪ « :‬افعل‬
‫ما بدا لك‪ ،‬ال شأذ لي بك» ‪ ٠‬ثمترك الروح هذه االميرة كذلك ‪٠‬وفى‬
‫احكايات الخرافية الغربية غالبا يحل الموت محل شيطان المرض ‪٠‬على‬
‫أن الرجل المبارك يستطيع كذلك ان يطرد هذا الموت ‪ ٠‬وعن مثلهذا‬
‫الشفاء السحري نشأ بحق موضوع الشخص الذي يستطيع ان‬
‫شفي االميرة التي اصيبت بداء عضال ‪ ،‬بان يسلك معها مسلكا غراميا‪،‬‬
‫وفى الغالب شهوانيا ‪ ،‬وأن يضحكها عن طريق توسالت تثير الضحك‬
‫او عن طريق القيام بحركات غريبة ‪٠‬‬
‫ولقد عرفنا حتى االن الحقائق العقيدية القديمة واالعمال السحرة‬
‫واالحالم ‪ ،‬والرياضات الروحية واالمراض بوصفها جميعا أصوال‬

‫‪- ١٢٣ -‬‬


‫لموضوعات الحكاية الخرافية ‪ ٠‬على اننا بذلك لم نستنفذ بعد كل‬
‫االمكانيات ‪ ٠‬فقد تركت العادات فى الحضارات وفى كل االزمنة‬
‫آثارها فى الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وقد سبق لنا أن ناقشنا بعضها ‪ ،‬وما‬
‫زال بعضها اآلخريحتاج الى دراسة ‪ ٠‬وال ينبغي أذيعنى اتمييز بين‬
‫الموضوعات الدينية والموضوعات التي تنشأ عن العادات ‪ ،‬بحال من‬
‫االحوال ‪ ،‬أذ العادات ال تحتوي على أي اصل ديني ‪ ٠‬على ان العادة‬
‫غالبا ما تعيش باهتة فى مغزاها الديني زمنا طويال ‪ ،‬فى حين أنها تظل‬
‫تعيش فى شكلها الخارجي ‪ ،‬وبعد ذلك يستحب استخدامها فىالحكاية‬
‫الخرافية بطريقة مازحة ‪٠‬‬

‫ويحكى فى حكاية الحب الفرنسية القديمة الرائعة « أوكاسا‬


‫ونيكوليت » التي ترجع الى حوالي ‪ ١٢٠٠‬ق‪٠‬م‪ ،‬ان « اوكساسا »‬
‫وصل الى الملك «تورلور» ‪ ٠‬وقد كانت هناك آنذاك معركة يوزع‬
‫فيها تفاح مشوي وبيض وجبن طازج ‪ ٠‬ولم يكن من المألوف اذتدور‬
‫رحى المعركة ‪ ،‬وأن يبقى الملك بجانب سربر طفله ‪ ،‬فى حين أن زوجته‬
‫‪ -‬التي ولدت له الطفل ‪ -‬تنزح الى القتال شأنها شأذ الناس جميعا ‪٠‬‬
‫ونحن نفهم بالتالي أذ بقاء الرجال الى جانب سرير المولود وكذنك‬
‫معارك ارض االطفال فى هذه الحكاية الخرافية‪ ،‬على انها دعابة مصدرها‬
‫الحياة التي ال تأخذ فيها االمور مجراها الطبيعي ‪ ،‬وانها تؤيد موقف‬
‫أوكاسا الذي كثيرا ما ألح على الملك حتى وعده بأن يحرم على كل‬
‫رجل فى بالده ان يرقد الى جانب سرير طفله ‪ ٠‬على أن عادة رقود‬
‫‪، )١( Couvade‬هي فى‬ ‫الرجال الى جانب المولود بدال من االم‬
‫الحقيقة عادة تنتشر اتتشارا هائال وتمسك بها الناس تمسكا شديدا‬
‫وما تزال تمارس حتى اليوم عند بعض الشعوب الفطرية ‪ ٠‬وهكذانجد‬
‫ان الحكاية الخرافية قد حورت الحقيقة فى العصور القديمة الى‬
‫دعابة ذات طابع هستيري ‪٠‬‬

‫‪ -- 1‬اللنط الزم لهذه ‪1‬لعادة ‪ < ٠‬المترجمة )‬

‫‪- ١٢٤ -‬‬


‫وكثيرا ماتحكي الحكا‪,‬ةالخراتجهن‪1‬طغالدفعبهم الىغا‪,‬ةاولموللموت‬
‫بطرق اخرى‪ .‬ثم يأخذ احد الخدم على عاتقه ان ينتزع قلوب االطفال‬
‫عن أجسادها ‪ ،‬وان يحض معه االلسنة شاهدا على فعل القتل ‪ ٠‬أو ان‬
‫يوضعون فى صندوق يلقي به فى الماء ‪ ،‬لكي يحملهم التيار معه ‪ ٠‬وهذا‬
‫النوع من التخلص من االطفال كثيرا ما كان يحدث فى الواقع كذلك‬
‫وله سببه ‪ ٠‬فيحكى فى نبوءة على سبيل المثال أن خطرا كبيرا تهدد الملك‬
‫ومملكته بوالدة الطفل الجديد ‪ ٠‬ومثل هذه النبوءات التي تختص‬
‫بالملوك يهتم بها الناس اهتماما بالغا ‪ ،‬اذ أن رخاء الشعب كله يعتمد‬
‫على الملك ‪٠‬على أن هذا التخلص من االطفال ال نصادفه فى االسر‬
‫الملكية فحسب ‪ ،‬فقد سبق أن ذكرنا انه فى ايسلندا ولدى جميع‬
‫الشعوب الجرمانية بحق ‪ ،‬يحق ‪ ،‬لالب ان تخلص من الطفل الرضيع اذأ‬
‫كان يبدو على سبيل المثال هزيال ‪ ،‬ولكنه ال يصنع هذا قبل ان يكوذ‬
‫طفال قد عمد او قبل ان يمنح اسما في سلسلة انساب االسرة ‪ ٠٠‬وال‬
‫يعد هذا التخلص عمال ستوجب العقاب على االطالق ‪ ،‬او عمال مخزيأ ‪٠‬‬

‫وتجلب الفتيات فى سن البلوغ ‪ -‬وفقا لتصور البدائيين ‪-‬النجاسه‬


‫لكل ما تمسهايديمن ‪ ٠‬أما الدم الذي ندفع فجأة من أجسامهن فغير‬
‫نقي ولذلك فان الفتيات فى هذه السنوات يحجزن او يسقن الى حجرة‬
‫نتحت االرض ‪ ،‬ال يتسرب اليهن أي شعاع للشمس ‪ ،‬وال يسمح‬
‫اال المرأة عجوز أن تجول معهن ‪ ٠‬وتنصح الحكاية الخرافية االبون‬
‫بضرورة حجز ابنتهما اثر والدتها داخل قلعة حتى ال يراها اي انسان‬
‫وال يصل اليها شعاع شمس ‪ ٠‬وهناك ينبغي على الفتاة ان تظل بداخل‬
‫هذه القلعة آلى أن تتزوج ‪ ٠‬ونحن نصادف أقدم مثال لموضوع الحجز‬
‫فى حكاية خرافية مصرية ‪ ٠‬على أن الحكاية االغريقية « برسيوس‬
‫وداناي »(‪ )١‬وحكاية الوردة الشائكة ‪ ،‬وعلى نحو ممائل لهما حكاية‬
‫« رابونسيل » تنتمي جميعا الى هذا الموضوع ‪ ،‬هذا الى جانب عدد‬

‫( المترجمة )‬ ‫‪ - ٦‬برسيرس هو ابن زيوس وداناي في االسطورة ا الغريبة م‬

‫‪* ١٢٥ -‬‬


‫هائل من الحكايات المماثلة لدى الشعوب البدائية ‪٠‬‬
‫ويبدو انهذاالموضوعقد اختلط بغيره فىحكاية انفتاةالعذراء ((مالين لم) ‪٠‬‬
‫وسصرطهالحكاةاش تحكيعنالفتاة العذراءالتيعاشتفىسرداب‪،‬على‬
‫المنطقة االسكندنافية ومنطقة شمال المانيا ‪ ٠‬وقد كانب هذهالسراديبفى‬
‫بالد الشمال مناطق هروب لالفراد فى بعض االحيان ‪٠‬‬
‫وفى الحكاية اخرافية تلتهم المردة ‪ -‬الذكور منهم واالناث — لحم‬
‫االنسان فى نهم وبخاصة لحم االطفال ‪ ٠‬ويعرف الذين يؤمنون‬
‫بالساحرات العجائز فيائ يشبه هذا كل الشبه ‪ ٠‬فالساحرات فى تصورهم‬
‫يطلبن كذلك لحم االطفال ‪ ٠‬الن االطفال ما زال امامهم طويل من‬
‫العمر ‪ ٠‬وتريد الساحرات ان يستأثرن النفسهن بقوة الحياة هذه ‪٠‬‬
‫ويرجع اقبال الشعوب المتوحشة على اكل اللحوم البشرية الى هذا‬
‫االساس ‪ ،‬فاالنسان يريد ان يستاثر ثتفسهعن طريق اكل اللحوم‬
‫البشرية بما لدى غيره من القدرة السحرية و « القوة » و «الخير» ‪٠‬‬
‫وكثيرا ما يختطف ابطال الحكاية الشعبية والخرافية الفتيات الالتي‬
‫تزوجون منهن ‪ ،‬ويقودونهن بعيدا عن اسراتهن ‪ ٠‬ولهذا يخفي اآلباء‬
‫بناتهم او يكلفون خطابهن الذين يرغبون فى الزواج منهن بواجبات‬
‫تبدو غير ممكنة التحقيق ‪ ٠‬وليس هذا مجرد خيال ‪ ،‬فعادة اختطاف‬
‫أ ائعروس ترجع فى الحقيقة الى عصر مبكر‪ ،‬وان يكن كثير من تقاليد‬
‫العرس فى الوقت الحاضر يحتفظ بشيء من هذه العادة ‪ ٠‬والى جانب‬
‫عادة اختطاف العروس هناك عادة شرائها ‪ ،‬تلك العادة المنتشرة التي ما‬
‫تزال تنعكس بحق فى الواجبات إلشاقة او التي يصعبب تحقيقما ‪،‬فالبطن‬
‫يتحتم عليه أن يجتث غابة له أو لوالدي العروس ‪ ،‬او يتحتم عليه ان‬
‫‪٠‬بهيىء ارضا خصبة للزراعة ‪٠‬‬
‫لسأ‬
‫ومما يزعجنا فى الحكاية الخرافية تلك العقوبات القاسية ‪ ،‬ففاعل‬
‫الشر تربط يداه وساقاه في اربعة من االحصنة ‪ ،‬ثم يساق كل حصان‬
‫فى اتجاه أو هو يحبس فى برميل احكم اغالقه بالمسامير ثم تدحرج‬
‫البرميل الى اسفل الجبل‪ ،‬أو هو يسلق ويشوى ويحرق‪ .‬وكا هذه‬

‫‪-١٢٦-‬‬
‫العقوبات ليست عقوبات من صنع الحكاية الخرافية ‪ ،‬وانما هي مأخوذة‬
‫عن قانون العقوبات الحقيقي ‪٠‬‬
‫وينتمي الحب المتبادل يين االم واطفالها الذي يشتعل طويال بعد‬
‫موت أحد الطرفين الى اكثر المالمح تاثيرا فى الحكاية الخرافية وليس‬
‫هذا كذلك مجرد ملمح عاطفي مخترع ‪ ،‬وانما هو في الحقيقة من بقايا‬
‫العصور التي كانت فيها عقيدة االسرة واالجداد تكون جزءا أساسيامن‬
‫الدين ‪ ،‬أو على االحرى اهم شكل من اشكاله ‪ ٠‬ونحن نذكر كذلك‬
‫اذ االخت فى الحكايات الخرافية تظل ممتنعة عن الكالموقتا طويال ‪،‬‬
‫وهي تقاسي وتجاهد لكي تخلص اخاها من صورة الحيوان التي‬
‫مسخ فيها ويرتبط مصير االخوين التوأمين احدهما باالخر ارتباطا‬
‫وثيقا الى درجة انه يتحتم على أحدهما أن ينقذ االخر اذا ما تهدده‬
‫خطر ‪ ،‬كما يتحتم عليه الثأر له اذا ما قتل ‪ ٠‬ويتحد االطفال االشقاء‬
‫بطريقة خاصة ‪ ،‬وهم غالبا ما يمثلون ثخصا واحدا ويعرف علم‬
‫الشعوب قبائل نظر فيها االخ الى زوجة اخيه بوصفها زوجته الخاصة‬
‫كذلك ‪ ٠‬وقد تصل تقاليد الدم خالل انتضحية الى حد تحدي‬
‫الطبيحة ‪٠‬‬

‫ومن المختمل أن تكون االفكار التي تختص بصلة الدم هذه قد‬
‫سادت بوجه خاص عند الشعوب الجرمانية ‪٠‬‬
‫على أذ هذه القوة بعينهاال تي قالزم االخوة االشقاء هي التي تثير‬
‫الحسد في نفوس اخوتهم غير االشقاء ‪ ،‬وتدفعهم الى تعقبهم ‪ ٠‬ولذلك‬
‫فان االخوة واالخوات الذين تصورهم الحكاية الخخرافية ممتكئين حسدا‬
‫وغيظا وضغينة يبحثون عن االخ أو االخت االخرى لكي يدفعوا بما‬
‫او به الى الهالك ‪ ٠‬ثم ظهرت بعد ذلك زوجة االب التي تشارك هؤالء‬
‫االخوة غيظهم ‪ ٠‬وتمثل حكايات زوجة االب هذه نوعا خاصا من‬
‫الحكايات ااسلندة ‪ ،‬وان ظهر الى جانبها حكايات اخرى عن‬
‫زوجة االب الطيبة ‪ ٠‬وربما يرجع هذا الى ان الفالح فى ايسلندا كثيراما‬
‫كان يسلم أوالده الىمن يرعاهم ‪ ،‬وفى الغالب يكون هذا مقابل أجر ‪٠‬‬

‫‪-١٢٧-‬‬
‫وقد كان المزارعون الذين يقومون بالرعاية يعدون هذا تمييزا لهم عن‬
‫غيرهم ‪ ٠‬وقد كثر فى القرون االخيرة _ فيما يبدو لنا ‪ ,‬موضوع كره‬
‫زوجة االب فى حكاياتنا الخرافية ‪ ،‬فربما نقل الشعب خوفه من‬
‫الساحرات العجائز الى زوجة االب ‪ ٠‬على انه من إلنادر ان تسيء زوجة‬
‫االب وحدها معاملة الطفل الوديع من االم االولى ‪ ،‬وانما يشاركها فى‬
‫ذلك االخوة غير األشقاء ‪٠‬‬
‫وانه ليمتعنا جميعا ان تتخيل كيف ان الجدة واالميرات في الحكاية‬
‫الخرافية لسن وحدهن هن اآلآتي يبحثن عن القمل في رأس الشيطان‪،‬‬
‫بل ان االميرات والعفريت كذلك بحثون عنه فى رأسالفارس ‪ .‬فقد‬
‫كانت عادة البحث عن القمل ضروريه حقا ومستحبة ‪ ،‬ولم تكن باي‬
‫حال من االحوال عادة كريهة ‪ ٠‬وما تزال هذه العادة تعيش لدى بعض‬
‫الشعوب الشرقية ‪ ٠‬ونحن نرجح ان هذا يؤكد ما يعتقده سكان جزر‬
‫بحر الجنوب من أن القمل طعام حلو الطعم للغاية ‪ ،‬فليس فى وسع‬
‫االنسان اال أن يسلم بهذا ‪ ٠‬ويحكى ان الحالقين كا نوا يضعون ا نقمل‬
‫فى ايدي زبائنهم الذين كانوا يأكلونه بدورهم ‪٠‬‬
‫ان جميع الشعوب وكذلك الشعوب الجرماية كانت ذات يومتقدم‬
‫الناس ضحية لاللهة ‪ ،‬لكي تسالمها وتنشد مساعدتها ‪ ٠‬وليس منالسهل‬
‫ها من اسباب ‪ ،‬فكثيرا‬‫اليوم ان نفهم مغزى هذه التضحية وما وراءاءها‬
‫‪ .‬ما كان الملك ذاته يقدم تفسه ضحية ‪ ٠‬وقد احتفظت كثير منالحكايات‬
‫الخرافية باثار عذه التضحية باالنسان ‪ ،‬فيحكى على سبيل المثال انه‬
‫كان يتحتم فى كل عام تقديم انسان ضحية لكائن مهول ‪ ،‬وان االختيار‬
‫وقع فى النهاية على ابنة املك كذلك ‪ ٠‬ونحن نعرف التضحية التي‬
‫تتكرر فى كل عام كذلك لدى البلدان المختلفة ‪ ٠‬وفى الحقيقة كان‬
‫التنين او الكائن المهول فى االصل اله النهر الذي كان االنسان يود‬
‫استرضاءه لكيال يخرج الى ألشاطيء ويفسد البراري والحقول ‪٠‬‬
‫ولقد الحظ « يعقوب بوركهارد » ذات مرة ان اتتقال نظام حياة‬
‫الرعاة والصيادين البدوية الجبلية الى نظام حياة المدن الحضرىالمستقر‪،‬‬

‫‪- 1٢٨ --‬‬


‫نادرإ ما كان يحدث فى هدوء ‪ ٠‬لقد كان هذا االتقال ببدو لالنسان‬
‫البدائي معارضا لنظم الطبيعة ‪ ،‬وقد سفكت من اجله فى الحقيقة بعض‬
‫اندماء وارتكبت بعض الجرائم ‪ ٠‬وقد احتفظت الحكاية الخرافية‬
‫والحكاية الشعبية بشىء من هذا ‪،‬بل اننا نحن كذلك قد سمعنا عن‬
‫شيء من هذا القبيل ‪ ،‬فقد كانت االبنية الضخمة تعد عمال شريرا كماهو‬
‫انحال فى برج بابل وفقا للرواية اليهودية ‪ ٠‬وليس فى وسع احد ان‬
‫يشيد هذه االبنية سوى االشباح الشيطأنيه ‪ ،‬هؤالء الذين كانت صفات‬
‫الننلم والخيانة والخديعة تالزمهم ‪ ٠‬وقد حدث هذا عند بناء «طروادة»‬
‫‪ ،‬وكذلك فى‬ ‫‪Laomedon‬‬ ‫وفق أالسطورة االغريقية «الوميدون»‬
‫رواية من روايات كتاب «االدا» فى حكاية « رئيس البنائين» ‪ ٠‬وقد‬
‫كان كل بناء تطلب التضحية بانسان ‪ ،‬ويهدد السكان بالفزع وسوء‬
‫المصي اذا لم تقدم له الضحية المطلوبة ‪ ٠‬وكذلك كل االرواح التي‬
‫كانت نسكن ذات يوم الحصون والقالع وتقاسي فيها ‪ ،‬والتي كانت‬
‫تاتي الشرور او تزاولها ‪ ،‬هذه االرواح تستمر فى سكناها الحصون‬
‫والقالع مسببة ائرعب ‪ ،‬كما تظهر شاكية أو محذرة من شر ‪ ،‬وتخيف‬
‫أو تقبض على كل من يحاول ان يخطو الى مسكنها دون استدعاء ‪،‬‬
‫وتجعل من اقامته هناك اقامة مفزعة ‪ ٠‬وهي نشتاق وتتلهف الى الخالت‬
‫الذي يمنحها اياه فى النهاية الشخص الجرىء ‪ ٠‬ولما كانت االشباح فى‬
‫مثل هذهاالبنية نسلط طبيعتها الشيطانية على الذين قضى عليهم بذلك‬
‫وعلى الملعونين ‪ ،‬ولما كان ما يشيرونه من فزع شبيه بفزع الجحيم ‪،‬فقد‬
‫استطاعت هذه الحكايات لخرافية عن طريق الحصون والبيوت التيحلت‬
‫بها اللعنة‪ ،‬ان تتالقى مع حكايأت عالم ما تحت االرض ‪٠‬‬
‫وال نبتعد ارواح الموتى رأضية عن المناطق التي كانت تسكنها ‪٠‬‬
‫وهي تقدم العون الطفال الموتى وترعاهم فى عطف‪ ،‬وذلك اذا لم يخب‬
‫حب االطفال لموتاهم واذا نزحوا لزيارة قبور والديهم ‪ ،‬وسهروا على‬
‫قر الوالد لكي يطردوا عنه االرواح التي تهدده ‪ ٠‬وتظهر االم المتوفاة‬
‫الطفانهافى الحلم‪ ،‬فتقدم اليهم النصيحة الطيبة‪ ،‬وتذهب عن نفوسهم‬
‫الحزن وتعلمهم كيفيجتازون التجارب بنجاح ‪ ،‬وتقودهم الى الشهرة‬

‫‪- ١٢٩ ،‬‬


‫والمصير الطيب ‪ ٠‬وتنمو عند قبر االم شجرة تحمل ثمارا ذهبية أو فضية‬
‫تدنو من االبنة المخلصة‪ ،‬وتتمنع على االبنة غير المخلصة‪ ،‬وقدتسلمت‬
‫« وعاء الر ماد » ثيابها الرائعة من شجرة مثل هذه نبتت عند قبر امها ‪٠‬‬
‫ويحاول االنسان ان يحول دون عودة االشرار والسحرة ‪ ،‬ولذلك فان‬
‫الميت ال يحمل خارج بيته ‪ ،‬وانما تحفر له حفرة تحت عتبة الباب يدفن‬
‫فيها حتى ال تتاح لم فرصة العودة ‪٠‬‬

‫وقد ذاعت فى الحكاية الخرافية شهرة اقضاة الذسن اصدروا‬


‫أحكاما تتسم بالذكاء والعدل ‪ ،‬والذين كثيرا ما حكى االنسان عن‬
‫ذكائهم وفطنتهم ‪ ٠‬وأول هؤالء القضاة بحق هو سليمان ‪ ٠‬وفى كثير‬
‫من الحكايات الخرافية المتأخرة كان القضاة‪.‬يستلهمونه عند اصدار‬
‫بعض االحكام الخاصة ‪ ٠‬وكذلك اتتشر في الحكاية الخرافية الهنديةغير‬
‫ذلك من االحكام القضائية انتي هي قمة فى الدقة والذكاء ‪٠‬‬

‫وقد احتفظت الرواية ال متتاقلة واالدب بغرائب الحياة اليومية ‪،‬‬


‫وغرائب االنسان العادي ‪ ٠‬وما يزال بعض هذا يعيش في الحكاية‬
‫الخرافية حتى اليوم ‪ ٠‬فاذا ما تميز شخص بذكاء نأدر وحس دقيق‬
‫ومالحظة صائبة ‪ ،‬أو اذا ما اشتهر بغباء غير عادي ‪ ،‬واذا ما أصابته‬
‫بلية غريبة نادرة ‪ ،‬فان الحكاية فى العصور المتأخرة كثيرا ما تتوسع فى‬
‫هذا كله وتنميه ‪ ،‬وقد رويت عن مثل هؤالء االشخاص حكايات عدة‪.‬‬
‫سواء ‪٦‬كا نت تنسب اليهم اصال أم ال ‪ ٠‬فيحكى عن فريدريك االكبر(‪)١‬‬
‫مثال الكثير من الحكايات والنكات التي غالبا ما نرجع فى قدمها الى‬
‫مائت السنين ‪ ٠‬اما الحكاية الخرافية التي تحكي عن نماذج من دقة‬
‫الفهم ستحب االستماع اليها ‪ ،‬فترجع في اصلها الى موهبة لدى‬
‫م‬
‫ا — فردريك الثاني االكير حكم من ‪ ١٧٤٠‬الى ‪ ٠٣١٧٨٦‬ولد في برلين ‪ ١٧١٢‬وتوغى‬
‫في قس ذذ سان سوسي » واثقمر باعماله ألملغية والعربية كما كانت له آراء‬
‫لي ألعقيدة والسياسة ‪ ٠‬ولما استتر لي اخر ايأمه غى « رايزنبورج» جمع‬
‫حوله النالسغة والمشهورين من العلماء النرنسيين وكتابمم ومن يينهم ذرفولتير »‬
‫وقد كلن يميل الى الموسيقى‪ ،‬والف غيها بعض المقطوعات ‪( ٠‬المترجمة )‬

‫‪- ١٣٠ -‬‬


‫انشعوب الفطرية ‪ ،‬كما يرجع الى هذه الشعوب انكشف عن ادنى أثر‬
‫القدام االنسان والحيوان‪ ،‬يمكن ان يهتدي به الى الطرق الذي سارت‬
‫فيه هده الكائنات والزمن الذي عاثته وهكذا ‪ ٠‬ومن جهة اخرى‬
‫فان موضوعات «االخوين جرم» فى بعض الحكايات قد ظهرت من‬
‫قبل لدى االغريق ‪ ،‬وما تزال تظمر دائما لدى الشعوب البدائية حتى‬
‫اليوم ‪ ٠‬وبالمثل كان الهنود يستمتعون بتكرار هذه الحكايات ‪ ،‬فهم‬
‫يحكون مثال عن شاب كان نبغي عليه أذ يحمل وعاء مملوءا زتا ‪،‬‬
‫وان بحمله فى حذر ‪ ،‬اذ كان به ثقب ‪ ٠‬فلما حاول الشاب ان يبحث‬
‫عن الثقب‪ ،‬انقلب االناء وسال الزيت كله ‪ ٠‬أو تحكي عن آخر فى‬
‫درجة ذكاء االول ‪ ،‬انه اكل سبع كعكات ‪ ،‬ولكنه لم يحس بالشبع‬
‫اال بعد أن تناول الكعكة السابعة ‪ ٠‬ثم ادعى أثر ذلك انه لو كان قد‬
‫قد تناول هذه الكعكة السابعة اوال لربما شبع فى اخال ‪ ٠‬او تحكي‬
‫عن االبن الذي ضرب أباه بفأسه فى جبهته لكي يصيب ذبابة كانتتقف‬
‫على جبهة االب‪ ،‬وبذلك قتل االب ‪ ٠‬أو تحكي عن القرود التي تحتم‬
‫عليها أن‪،‬تسقى الشجرات من جذورها ‪ ،‬فخلعت بدورها الشجرات‬
‫لكي تعشر على الجذور‪ .‬او عن الصبي الذي كلف بحراسة‬
‫الباب ‪ ،‬فخلع الباب وهرب ‪ ٠‬وال سعنا اال تصفح فى عناية صحفنا‬
‫المعاصرة ‪ ،‬بخاصة صفحات االثارة الرخيصة ‪ ،‬حتى نصادف دائما ابدا‬
‫مثل هذه الحكايات ‪ ٠‬فالحياة تقدم دائما مثل هذه الحوادث ‪ ،‬وبهذه‬
‫الطريقة تجد هذه الحوادث طرقها دائما أبدا الى الحكاية‬
‫اخرافية والحكاية الهزلية ‪٠‬‬
‫ونود أخيرا اال يفوتا ان نذكر انه قد سبق القدم الشعوب بحق‬
‫ان حققت رغباتها فى حكاياتها الخرافية ‪ ،‬وهي تلك الرغيات التي لم‬
‫تظفر بتحقيقها قط فى الحياة ‪ ٠‬فكما ان االطفال ختى اليوم برسمون‬
‫بخيالهم أرض االحالم حيث كل شىء جميل ومشرق ولطيف ‪ ،‬وحيث‬
‫تؤدي االعمال وتقدم االطعمة من تلقاء ذاتها ‪ ،‬كذلك كان يفع‬
‫االنسان دائما من قبل ‪ ،‬وليس االطفال وخدهم ‪ ٠‬فالموائد التي تمتليء‬
‫‪--‬‬ ‫‪١٣١‬‬ ‫‪-‬‬
‫دائما من تلقاء تنفسها بالمأكوالت ‪ ،‬واللحوم المشوية التي ال تنفد قط‪،‬‬
‫واالسلحة التي تصيب دائما ‪ ،‬والحيوان الذي يضع بيضا من الذهب ‪،‬‬
‫والخواتم التي يستطيع االنسان أن يطير بها في كل مكان ‪ ،‬كل هذا‬
‫وغيره يرجع فى أصله الى مثل هذه الغياالت التي تمليها الرغبة ‪٠‬‬
‫وتنتمي الى هذا كذلك الحكاية التي تحكي عن « جنة التنابلة »‬
‫التي كان االغريق انفسهم من قبل يستمتعون بها ‪٠‬‬
‫لقد أشرنا حتى االن الى عدد كبير من االمثلة التي استطاعت أن‬
‫تطلعنا على مجاالت الحياة االنساية والمعتقدات التي نشات منها‬
‫موضوعات الحكاية ائخرافية ‪ ،‬وفى بعض االحيان كانت تقودنا هذه‬
‫االمثلة عبر الحكاية الخرافية الى مراحل الدين االولى ‪ ،‬كما انها‬
‫تعرضت الى كيفية تغير فن الحكاية وتطوره ‪ ،‬ومن ثم لنشأة حكاياتنا‬
‫الخرافية ذات الشكل المحدد ‪٠‬‬

‫وقد سبق أن رأينا عن طريق فحص الحكايات الخرافية البدائية ‪،‬‬


‫ان اقدم الحكايات الخرافية هي قبل كل شيء كانت هي انحكايات‬
‫التعليلية ‪ ،‬سواء أكانت عرضا قصيرا مركزا ‪ ،‬أي اجابة مفاجئة عن‬
‫نؤال مفاجيء ‪ ،‬او حكايات طويلة تجمع كثيرا من مثل هذه الحكايات‬
‫التعليلية القصيرة ‪ ،‬وتمزج بين كل الحوادث فى غير توقف دون ان‬
‫بكون لها بداية او نهاية سليمة ‪ ٠‬وهذه الحكايات االخيرة‬
‫تتميزبالزخرفة والتنوع وبالحيوية والوضوح ‪ ،‬كما انها مليئة‬
‫بالمفاجات والصور الجديدة دائما ‪ ٠‬على انها ال تعرف في العموم اي‬
‫نظام ‪ ،‬وانما تقفز من موضوع الخر ‪ ،‬كماتصرف اقارىء عن الموضوع‬
‫الرئيسي دائما ابدا بانطباعات جديدة واثارات جديدة ‪ ٠‬اما االنطباع‬
‫السائد في الحكاية فيظل هو ذلك االنطباع الناشيء عن الخلط المسلي‬
‫او المثير للفزع ‪ ،‬وان يكن في الغالب خلطا مجهدا للنفس ‪٠‬‬
‫على انه ال يصح لنا ان نخدع كثيرا بهذا الشكل الذي بدو خلوا‬
‫من القاعدة ‪ ،‬فنحن نميل الن نعزو هذا الخلط والخلو من الشكل الى‬
‫القاص الذي يرتب دائما حوادث جديدة _هي وليدة لحظتها ‪ ,‬بعضها‬

‫س ‪١٣٢‬‬
‫الىجانب بعض كمايمزج بعضها ببعض ‪٠‬على ان كثيرا من الروايات‬
‫التي تتحدث عن فن الحكاية لدى الشعوب البدائية تذكر ان القصاصين‬
‫كان يحتم عليهم ان يعيدوا رواية الحكايات في دقة متتاهية ‪ ،‬وانه م‬
‫يكن يحق لهم ان يغيروا شيائ فيها حتى اليسيوئا الى االجداد او انى‬
‫االرواح ‪ ٠‬وعلى ذلك فالحكايات الخرافية تعد جزءا اساسيا من ترات‬
‫ديني قديم ‪ ،‬وليس من المعقول ان يرجع ما يبدو فيها من فقدان للشكل‬
‫الى عجز القاص ‪ ٠‬ويبدو انه يتحتم علينا ان نقبل فكرة ان بناء هذه‬
‫الحكايات ال يعكس سوى احساس آخر بالشكل ‪ ،‬وال يرجع الى‬
‫عجز في التشكيل ‪ ٠‬ويحق نتا ان نذكر بهذه المناسبة ان الموسبيقى‬
‫الشرقيه او اآلسيوة او موسيقى سكان افريقيأ االصليين كثيرأ ما نبدو‬
‫لنا مجرد الحان مضطربة تنقبض لها النفس ‪ ،‬او باالحرى نغمات‬
‫ناشزة ‪ ،‬ومع ذلك فان سلم النغم لدى هذه الشعوب ذو تكوين‬
‫ثابت وان اختلف عن سلم موسيقا ا كل االختالف ‪ ٠‬فنحن نعيش‬
‫مرتبطين الى حد بعيد بتقاليدنا الشكلية الى درجة اننا ال نستطيع ان‬
‫نفهم اى نظام شكلى اخر اال في صعوبة بالغة ‪٠‬‬
‫ان حكايا تنا انسحرية ذات بنية محددة كل التحديد ‪ ،‬تختلف عن‬
‫بنية الحكايات البدائية كل االختالف ‪ ٠‬وربما استطعنا ان تتصور ال‬
‫هذا الشكل فيحكاياتنا كان تطويرا طبيعيا نشأ عن مثل هده الحكايات‬
‫التعليلية القصيرة المفسرة ذات الموضوع الواحد ‪ ٠‬ففي هذه الحكايادت‬
‫االخيرة سلسلة من االجابات عن مسألة تجري على سييل المثال على‬
‫النحو التالي ‪ )١( :‬اختزن بطل الماء في برميل (‪ )٢‬وأخفاه في جوف‬
‫جبل (‪ )٣‬وسرق بطل اخر تخذ صورة طائر الماء وشربه (‪ )٤‬وطار البطل‬
‫والماء وبعد ذلك افرغه من جوفه ‪ ٠‬او تجرى كذلك على انتحو التالي ‪:‬‬
‫(‪ )١‬ان روح االنسان تتمثل في قطرة من الدم (‪ )٢‬ثم في دب‬
‫(‪ )٣‬ثم في ثور (‪ )٤‬ثم في قطرة من دم هذا الثور (‪ )٥‬ثم في شجرة‪،‬‬
‫وهكذا وهذا الذي ننسقه هنا يمثل في الحقيقة مجرى االحداث في‬
‫جزء من حكاية هي اكثر الحكايات التي نمتلكها قيمة ‪ ،‬اال وهي حكاية‬
‫« االخودن » المصرية ‪ ،‬كما يمش مضمون الحكابات الخرافية التى‬

‫‪- 1٣٣ -‬‬


‫ما تزال سناقل شفاها حتى اليوم بين افراد انثعب ‪ ٠‬وعلى هذا فاذ‬
‫هذه التصورات التي تالزمت في الصل قد حورت تحويرا بعد اخر‬
‫في هذه الحالة وفي غيرها من الحاالت ‪ ،‬وهي تزداد عمقا وحيوية في‬
‫تأثيرها عن طريق التكرار ‪٠‬‬
‫ان عملية نقل التصورات والتجارب المختلفة الى بطل من االبطال‬
‫او تصوير الصراع يين بطلين من اجل ثروة ذات قيمة‪ ،‬قد افضى مباشرة‬
‫اى الوحدة والى تناقض في الموضوع والشخوص ‪٠‬‬
‫وبذلك تمت امراحل االولى في سبيل تكوين الحكايه الخرافية ‪ ٠‬اما‬
‫التناقض في الشخوص فقد اكتسب قوة وحيوية في زمن مبكر فنحن‬
‫تعرف في المراحل االولى للحكاية الخرافية التتاقص بين االخيار‬
‫واالشرار ويين االخوة المخلصين وغيرهم من المنافقين ‪ ،‬كما نعرف ان‬
‫رعاعة الوالدين ورابطة الدم القوية تحمى االخيار من سوء المصير ‪٠‬‬

‫ثم نمت الحكاية بعد ذلك عن طريق تكرار الموضوع ثالث مرات‬
‫او اكثر من ذلك ومعنى هذا على وجه التقريب ان اثنين او اكدر من‬
‫شخوص الحكاية يجهدون اتفسهم دون جدوى في سبب الوصول الى‬
‫هدف ‪ ،‬واخيرا ال يصل الى هذا الهدف اال الشخص االلث واالخير ‪٠‬‬
‫وسوف تتوسع في الفصل التالى في موضوع اقواعد الملحمية للحكاية‬
‫الخرافية وفي شكلها وصتها بأنواع الحكايات الشعبية اخرى ‪٠‬‬

‫ولقدعالجنا بشيء من التفصيل اصول موضوعات الحكاية الخرافية‬


‫وكنا نود ان نقوم بنفس العمل بالنسبة للحكايات الخرافية المعقدة‬
‫ذات اشكل المحدد ‪ ،‬مستشهدين بعدد من النماذج ‪ ،‬ولكن هذا االمر‬
‫كاد يكون مستحيال ‪ ،‬فالحكاية كما ذكرنا عمل فني مكوز وفقا‬
‫لقواعد شكلية محددة يتحتم علينا اذا ما رجعنا الى اصله ان نفكر في‬
‫الراوي االول‪ ،‬اي المؤلف ‪ ٠‬ومن الممكن البحثعن الشكل االول‬
‫الحدى الحكايات الخرافية في رواية مدونة ‪ ،‬او في صورة نقية في‬
‫الحكاية المنقولة شفاها كذلك ‪ ٠‬وال بد ان هناك شخصا مجهوال جمع‬
‫اجزاء احدى الحكايات الخرافية ذات مرة بعضها الى بعض وفق‬

‫‪١٣٤ -‬‬
‫للقواعد العامة لشكل الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وبعد ذلك اخذت الحكاية‬
‫الخرافية تنتشر بين الشعب او في االعمال االديية ‪ ٠‬وعلى ذلك فنحن‬
‫ال نستطيع ان نحدد بصفة عامه اصول الحكاية الخرافية ذات ألشكل‬
‫المحدد ‪ ،‬فهذا ال يمكن حصوله — على احسن الفروض ‪ -‬اال في بعص‬
‫الحكايات ‪ ٠‬وحتى في هذه الحالة ‪ ،‬ال تكون النتائج مؤكدة للغاية ‪٠‬‬
‫ولقد سبق ان اشرنا في الفصل ائسابق ‪ ،‬عند ذكرنا للمنهج انتاريخي‬
‫الجغرافي الذي يسمى بمنهج المدرسة الفنلندة ‪ ،‬الى الصعوبات التي‬
‫واجهتها هذه المدرسة عندها كانت شت الطريق للبحث عن الشكل‬
‫االول ‪٠‬على انا نود مع ذلك ان نقدم بعض االشارات الموجزة عن اصل‬
‫بعض الحكايات الخرافية ‪ ،‬مقتفين في ذلك رأى انباحث االمربكي‬
‫« ستيت تومسون » ‪٠‬‬
‫شتمل المصادر البوذية القديمة نسبيا ‪ -‬ضمن ما شتمل عليه ‪٠‬‬
‫على حكاية الثخوص الستة الذبن طافوا انحاء العالم ( وهي الحكاية‬
‫التي ال نود ان نرجعها كلية ألى االصل الكلتي مهما تكن االحوال)‬
‫ثم حكاية « الطبيب العالم بكل االمور » ‪ ٠‬وتتضمن المجموعة‬
‫السنسكرتية « ملتقى التيارات لمختلف الحكايات » آل لسوماديوا »‬
‫التي ترجع الى القرن الثاني عشر‪ ،‬حكاية « يوحنا المخلص»‪٠‬وتتضمن‬
‫مجموعة هندية اخرى حكاية « االخوة االربعة الممرة » ‪ ٠‬ومن بين‬
‫حكايات الف ليلة وليلة اتتي ذاعت بصفة خاصة حكاة « عالء الدين »‬
‫وحكاية « افتح يا سمسم» وحكاية االربعين حرامي وترجع حكاية‬
‫او ديب في اصلها الى المصادر االغريقية وكذلك حكاية « الذئب‬
‫والحمل » ‪ ٠‬اما حكاية «الفتاة الناصعة البياض ذات الخدود المحمرة »‬
‫فترجع الى مجموعة المانية مدونة ظهرت في سنة ‪ ١٨١٨‬م ‪٠‬‬
‫ويرجح « تومسون » بالنسبة لهذه الحكاييات السابق ذكرها‬
‫ان لدينا فرصة عظيمة الن نصادف اصل هذه الحكايات في احدى‬
‫الشواهد المدونة ‪ ٠‬اما خالف ذلك من الحكايات الخرافية فانه عتقد‬
‫انما ترجع في نشأتها الى الرواية الشفوية ‪ ٠‬ومن الممكن ان نجد فيما‬
‫يلي من الحكايات امثلة لهذا ‪ ،‬كالحكاية التي تتناول موضوع الهروب‬

‫" ‪١٣٥‬‬
‫السحري وتقوم فيها الفتاة بدور المساعد ‪ ،‬والحكاية التي تتناول‬
‫موضوع انحيوان الذي يحفظ الصنيع ‪ ،‬وكذلك الحكاية انتي تتناون‬
‫موضوع « العفريت في حجرة العروس » ‪ ،‬تلك انحكاية اتي وان‬
‫نكن قد ظهرت بحق في انجيل توبياس المزيف‪ ،‬اال انها ترجع في اصلها‬
‫الى روايات شفوية اقدم من ذلك ‪٠‬‬
‫وربما كان من الممكن حقا ‪ ،‬وفقأ البحاث المدرسة الفنلندية ‪ ،‬ان‬
‫تمتد هذه السلسلة ‪ ٠‬غير انه نتختم علينا ان لؤكد يين الحين واالخر ‪،‬‬
‫وهذ ما فعله تومسون نفسه ‪ ،‬اتا لم نعثر منذ زمن طويل على اصن‬
‫حكاية خرافية واحدة ‪ ،‬وان كنا قد كشفنا عن صورة مدونة لبعضها ‪،‬‬
‫ربما رجعت الى عصر مبكر ‪ ٠‬وربما وصلنا حقا بذلك في بعض الحاالت‬
‫لى الشكل االخير الحدى الحكايات الخرافية ‪ ،‬اال انه غانبا ما تكون‬
‫االصول المدونة نفسها مستقاة هي بدورها من اثرواية الشعبية‬
‫وحدها ‪٠‬‬
‫اننالن تتمكن بهذه الطريقة من ان تتعرفعلى اصل احدى الحكايات‬
‫الخرافية اال في احوال نادرة‪ ،‬ولن تصدق النتائج عندئذ ‪-‬كماقلنا‬
‫اال صدقا نسبيا ‪ ٠‬ومع ذلك فما يزال هناك في الحقيقة احتمال اخر‬
‫قربنا من اصول حكاياتنا الخرافية ‪٠‬‬
‫ولقد سبق ان رأينا ان حكايات البدائيين تختلف في بنيتها عن‬
‫حكاياتنا انسحرية بما لها من بنية اخرى تخفى وراءها احساسا آخر‬
‫بالشكل م وال بد ان يكون هذا االحساس بالشكل قد تطور ذات‬
‫مرة م وبحق لنا ان ناخذ بفكرة انهذا االحساس بالشكل قدتكون على‬
‫ابعد تقديرفي زمن كانفيهالهندوجرمايونما يزالون يمثلونمجتمعاضيقا‬
‫مرتبطا بعضه ببعض ‪ ٠‬فنحن ال نعتقد ان مثل هذا االحساس الواضح‬
‫كل الوضوح بالشكل يرجع الى تطور عرضي ‪ ٠‬اما عن سبب نكون‬
‫االحساس بالشكل بهذه الصورة فهذا ما نستطيع ان نبينه ‪٠‬‬
‫هذا االحساس بالشكل ‪ ،‬اي السعي وراء نظام محدد في‬
‫التفصيالت يخضع لقواعد محددة وال يشمل الحكاية الخرافية وحدها‬

‫‪-‬د ‪٠١٣٦‬‬
‫وانما يشمل كل االنماط الشعبية االخرى ‪ ،‬هو الذي حدد شكل‬
‫الحكايه ااخرافية‪ ،‬وارغم ادبأءهم المشهورين في عالم االدب و غيرهم‬
‫من المجهولين في االوساط الشعيية ‪. ٤‬كما ارغم القصاص جميعا ‪ ،‬عنى‬
‫ان يخضعوا لهده القواعد ‪ ٠‬واذا نحن اخذنا تفسير مصدر هذه الرغبه‬
‫فى الشكل بارجاعها الى مجاالت نفسية او اجتماعية او دنية ‪ ،‬امكنا‬
‫فهم اخكاية الخرافية بطريقة اوسع واعم ‪ ٠‬كما يسمح بذلك تفسير‬
‫بعض الحكايات ‪ ،‬هدا التفسير الذي يرجع الحكاية ‪ -‬وهذا‪.‬ضروري‬
‫للغاية ى الى شكلها االصلي الفريد اندييمكن ادراكه تاريخيا ‪.٠‬‬
‫اننا نؤكد مرة اخرى اذ هناك مسبأله لم نستطع ان نقول عنهبيا‬
‫شيائ ‪ ٠‬وهذه المسألة تختص بما هو ابعد من الشنكل في إلحكاي ة الخرافية‬
‫فحكاية البطونة واالسطورة واالغنية الشعبية تخضع جميعا ‪.‬لنفسن‬
‫القواين كذلك ‪ ٠‬ومن ثم فان السؤال عن إصل‪ .‬شكل الحكاة الخرافي‪،‬‬
‫ال ينفصل عن السؤال عن اص ادبنا بصفة عامه ‪،‬وعن عناصره‪ .‬الشكلية‬
‫التي جعلت لكل االنواع الدرامية منها والملحمية والغنائية طابعهنا‬
‫د‬ ‫‪٠‬م ‪ ٠‬ح‬ ‫الخاص ‪٠‬‬
‫ان هذا من شأنه ان يبتعد بنا عن الحكايات إلخرافية ‪،‬ونكنه يبين‬
‫لنا كذلك إن الحكايات الخرافية ال تنفصل عن‪.‬االشكالي االخرى‪:‬من‬
‫اشكال التعبير عن الروح االنساني وانها تمثل دائما أبدا االساس‪ .‬لذي‬
‫يستمد منه االدباء ابداعهم ‪ ٠‬وانه ليبدو لنا انه من الحقان تعذ‬
‫الحكاة الخرافية ضمن االداب العالمية ‪ ٠‬فقد استمدت موضوعاتها من‬
‫تصورات كل االزمنة واحضارات ‪ ،‬وهاجرت بثكلها الفني المكتمل‪،‬‬
‫وهى تمثل االن بحق الحصيلة المشتركة لدى كل الشعوب ‪٠‬‬

‫‪٠١٣٧-‬‬
‫الفصل االلث‬

‫شكل الحكاة الخرافية ورواتها‬

‫قدمنافياالجزاء أالولى*ناستعراشنالدوضرع موضوعاتمنالحكايات‬


‫الخرافية والحكايات الشعبية ومن حكايات البطونة وحكايات االلهة ‪٠‬‬
‫ويبدو لنا ان االلغاز والحكاية المضحكة والفابوال والقصة تقترب‬
‫كثيرا من الحكاية الخرافية على ان الشعوب تفسها لم تفرق كثيرا ‪-‬‬
‫مثانا ‪ -‬بين هذه االنواع المختلفة فنحن نجد في المجموعات القديمة‬
‫االئكال المختلفة بعضها الى جانب بعض فحكاياتالف ليلة وليله‬
‫على سييل المثال تتضمن حكايات خرافية واساطير وفابوالت بل‬
‫روايات وحكايات بطولة كذلك ‪ ٠‬وشبيه بهذا ما نصادفه في مجموعان‬
‫الحكايات الهندية الكبيرة ‪ ٠‬وكذلك كانت االمثلة التي يضربها الوعاظ‬
‫في العصور الوسطى مستمدة من انواع الحكايات الشعبية المختلفة‬
‫تم ان االخوين جرم قد جمعا كذلك في مجموعتيهما بعض االساطي‬
‫والفابوالت وبعض االلغاز والحكايات الشعبية ‪٠‬‬
‫واذا قارفا مجموعة من الحكايات الخرافية االلمانية بمجموعة من‬
‫الحكايات الشعبية االلمانية ‪،‬فاتنا ندرك على التو ان موضوعات‬
‫الحكايات الشعيية نمت من تربة واحدة بعينها ‪٠‬بل اننا نستطيع ان‬
‫نذهب الى ابعد من هذا فنقول ان حكاية البطولة وحكاية اآللهة‬
‫تتكونان كذلك من نفس الموضوعات التي تتكون منها الحكاية الخرافية‬
‫واالمثلة التالية توضح ذلك ‪٠‬‬
‫اتا نعرف االيمان بالنوم السحري في حكاية « الوردة الشائكة»‬
‫كما نعرفه في حكاية البطولة عن ( سيجفريد )‪ ،‬بل انانعرفه كذلك‬
‫في الحكايات الشعبية االلمانية مثل حكاية القيصر النائم في الجبل ‪٠‬‬
‫ثم ان اسفار الكائنات ذات القوة الخارقة الى ما وراءهذا العالم‪،‬‬

‫‪- ١٣٨ -‬‬


‫والصراع مع المردة والكائنات الممولة ‪ ،‬والسلب واخفاء الممتلكات‬
‫التي تتعلق بها حياتنا ‪ ،‬كل هذا تحكى عنه اسطورة اآللهة كما تحكى‬
‫عنه انحكاية انخرافية ‪ ٠‬وقاتل التنين نعرفهم بحق في عدد ال حصر له‬
‫من الحكايات الخرافية ‪ ،‬ونعرفه كذك في حكاية البطولة ‪ ،‬فأهم عمل‬
‫بطوني قوم به البطل هو القضاء على التتين او على كاثن مهول شبهه‬
‫على ان اسطورة اآللهة تحكى كذلك عن انصراع مع التتين‪ ،‬بل ان هذا‬
‫الصراع لثيرا ما ظهر في صلب العقيدة ‪ ٠‬وربما دانت لدغة التنين التي‬
‫يحكى عنها بعض الحكايات اخرافية في منطقه ( فورت ) في الغابة‬
‫البافاريه آخر صدى لحكايات التنين ‪٠‬‬
‫وعلى هذا فان الحكاية الشعبية والخرافية واسطورة اآللهة وحكاية‬
‫البطولة تتألف في عمومها من نفس الموضوعات ‪ ٠‬ومن ثم فان الفرق‬
‫بين االنواع المختلفة للرواية الشعبية ال تمثل في الموضوع ذاته ‪ ،‬فال‬
‫يحق لنا ان تتحدث عن موضوعات الحكاية اتشعيية وموضوعات‬
‫الجكاية الخرافية وكذا ‪ ،‬وانا يجب ان تتو؟ التغرقة على اس‬

‫ولنذك الحكاة البيلة التي ياال يحدثنا عتها ‪ ،‬يله الحكايات‬


‫التي تتحدث عن خصائص االنسان والحيوان واالرواح واالشجار‬
‫واالرض والسماء ‪ ،‬ولنذكرها ال في مجموعها بل منفصله منها كلحكاية‬
‫عن االخرى ‪ ٠ ٠‬وعند ذاك يبدو لنا انهما تفسر اكثر مما تحكى ‪ ،‬فمي‬
‫ال تشير الى اشخوص التي تعيش التجارب ‪ ،‬اي الى االبطال ‪ ،‬كما‬
‫هو الحال في الحكاية الشعبية تنمو دائما ابدا من تفس التصورات‬
‫العقيدية ‪ ٠‬ولكنها تتميز بشكلها البسيط ‪ ،‬وهي لذلك لم تتعرض عبر‬
‫مائت السنين اال لصور ضئيلة من التغيير ‪ ،‬فكثيرا ما نجد الحكايان‬
‫الشعبية المتشابهة تعيش في اماكن مختلفة تماما وترتبط بشخوص‬
‫مختلفة ‪ ٠‬ونيس هذا من قييل الصدفة ‪ ،‬فان ما تحكيه الحكايات‬
‫الشعبية الكثيرة يمكن ان يصادف كل شخص فيها ‪ ٠‬فاالنسان يحلم‬
‫‪.‬الكابوس وبعد ان يستيقظ يجد يده تقبض على عود من القش ‪ ٠‬وقد‬
‫يرى االشباح المخيفه تفزعه وتضا مقه وتضلله بينما هو يبحث ‪ -‬ربما‬

‫‪1‬‬‫‪٣٩‬‬ ‫م‬
‫كانثمال بعض الشيء ب يبحث عن اطريق لى مسكنه في الليل ‪٠‬‬
‫وقد يسمع اصواتا هأمسة في الظالم ‪ ،‬ال يستطيع ان يطردها سوى‬
‫روح معين ‪ ٠‬وقد يرى شخصا يستذئب فجاة وهكدا ‪ ٠٠٠‬وان الدخان‬
‫الذي ينبعث من المهمالت الزراعية المحترقة يعنى ان دخانا ينبعث من‬
‫مطبخ العالم السفلي ‪٠‬ومن خالل احرارة المتلظية التى نصطليهاالحقول‬
‫في الظهيزة يعتقد االنسان انه يرى الماعن تقفن ومن ورائها يطاردها روح‬
‫مرئي وقد يرى في الضباب الذي ينتشر على المرأعي مناديل بيضاء‬
‫تمتلكها االزواح ‪ ٠‬اما الرياح التي تهب كالعاصفه فوق االشجار وهي‬
‫تصفر فهي افراس او ثيران اله البحر ‪ ٠‬والسحب التي تسرع في‬
‫السماءء يطاردها ألريح العاصف ‪ ،‬فجيش من ارواح الذين فارقوا الحياة‬
‫تلك االرواح ألتي تزأر في الهواء •‬
‫وقد ظلت الحكايات الشعيية في البالد الجرمانية وفي ايرلندة‬
‫محتفظة بصفة خاصة بطبيعتها القديمة ‪ ٠‬وهي في هذه البالد تزدهر‬
‫وتنمو في غنى ال حد له حتى يومنا هذا ‪ ،‬وترتبط باالمكنة التي نشات‬
‫فيها من انهار وجبال وبحار وغابات وحقول ‪ ٠‬كما انها ليست بحال‬
‫من االحوال ننوى مبتكرات ترجع الى زمن بعيد ‪ ،‬فنحن ال يسعنا اال‬
‫ان نذكر الحكايات الكثيرة التي شأت في القرن الماضي في اثناء‬
‫تشييد خطوط السكك الحديدية ‪ ،‬او تلك اتي خلقت خلقا جديدا‬
‫خالل حوادث الحرب االخيرة التي طرد في اثنائها كثير من الناس من‬
‫موطنهم ‪ ٠‬وهي تشبهما يقابلها من الحكايات التي نشأت في االزمات‬
‫السالفة حتى في تفصيالتها ‪٠‬‬
‫فالحكاية الشعبية اذن بنية بسيطة ‪ ،‬اما الحكاية الخرافية فهي مركبه‬
‫ذات شكل معين ‪ ٠‬وسوف تتحدث عن قوانينها الشكلية وشيكا ‪٠‬‬
‫فالحكاية في العموم ال تؤخذ مأخذ الحقيقة ‪ ،‬في حين ان الحكابة‬
‫الشعبية تؤخذ هذا المأخذ ‪ ،‬وهي تستدل بشواهد تؤيد ما فيها من‬
‫حقيقة ‪' ٠‬‬
‫ولقد بحث « ماكس لوتي » وجه االختالف بين الحكاية الشعبية‬
‫والحكاية الخرافية من جهة االختالف في استخدام الموهبة التي هي‬
‫منحة سماوية لالنسان ‪ ٠‬ونود هنا ان نقدم بعضا من أهم وجوه‬
‫أالختالف عنده ‪٠‬‬
‫ان الحكاية الخرافية بكل ما فيها من عناصر تعد ادبا ‪ ،‬اما الحكاية‬
‫الشعبية فهي تمتزج بالواقع الحقيقي في اعمت اعماقه ‪ ،‬وبى لها‬
‫طابع ادبي صرف ‪ ٠‬انها تود ان تحكى عن غرائب عالم الواقع وغرائب‬
‫العالم االخر‪،‬اذا ماحكت عن االقزام والمردة وعن االرواح الشريرة‬
‫والشياطين ‪ ٠‬وهي في الوقت تفسه تود ان تفسر الحقيقة الدنيوية ‪،‬‬
‫اي حقيقة عالمنا ‪ ،‬حينما تتساءلعن السبسب الذي من اجله اتخذ جبل‬
‫من الجبال شكال خاصا ‪ ،‬وعن السبب الذي من اجله شيد جسر شامخ‬
‫غاية في الشموخ ‪ ،‬وغير ذلك من االشياء ‪٠‬‬
‫ان الحكاية الثعبية تصور االنسان الوحيد ‪ ،‬الذي تصل بالعالم‬
‫االخر وكثيرا ما يخضع له اما االنسان في‪.‬الحكاية الخرافية فيتصل‬
‫بمحض اختياره بقوى العاتم االخر ‪ ٠‬والحكاية الخرافية ذات طريقة‬
‫تجريديه في العرض ‪ ،‬كما انها تسمو بالموضوع والصور انى درجة‬
‫المثالية ‪ ،‬اما الحكاية الشعبية فحسية ‪ ،‬تصور فيها العوالم االخرى‬
‫في دقة وتفصيل ‪ ،‬كمالبساالقزام مثال ‪،‬ومظهرهم واعمارهم واجناسهم‬
‫ومتزج كل هذا بوصفها للطبيعة ‪ ٠‬وتحاول الح نكاية الشعبية ان تعرض‬
‫خصائصها وطبيعتها ‪ ،‬حينما تتناول مخلوقات العالم االخر فتتحدث عن‬
‫ماضيهم وعاداتهم اليومية ‪ ٠‬وال تعرف الحكاية اثخرافية مثل هذا ‪،‬‬
‫فهي تحكى عن العفاريت والمردة والجن ولكنها ال تصفهم ‪ ٠‬وهي ال‬
‫تحكى عن العالم االخر من اجل ان تثير في نفوسنا تصورا لهكماهو‬
‫الحال في الحكاية الشعبية ‪ ،‬وانما نجد في هذا العالم القوى التي تكون‬
‫مساعدة او معادية للبطل ‪ ،‬وان تكن لها وظيفة محددة دائما ‪ ،‬وهى‬
‫ان تقود البطل الى الهدف المحدد من قبل ‪ ٠‬فالمواهب التي سستقبلها‬
‫بطل الحكاية الخرافية على سبيل المثال تتحدد تبعاته ‪ ،‬تلك التبعات‬
‫التي ال يمكن ان تنحقق اال بمساعدة هذه المواهب ‪ ٠‬اما المواهب في‬
‫الحكاية الشعيية فهي جزاء على الوفاء بتبعات ‪٠‬‬
‫ان الحكاية الشعيية جادة في طابعها ‪ ،‬اما الحكاية البخرافية فهي‬

‫‪١٤‬‬
‫تتحرك بين ما هو جاد وما هو هزني ‪ ،‬اذغالبا تتالزم فيها االشياء‬
‫المفزعة الغريبة والصور واالفكار التي تفيض باذقة' ودقة االحساس‬
‫فهذه اشياء وتلك ضرورية فيها على السواء ‪٠‬‬

‫وأكثر من هذ فان االتقال المباشر من الجدية العميقة الى اروع‬


‫صور العبث هو اسلوب مميز لالداب الشعبية حتى في عصرنا الحاض‬
‫وربما تذكرنا التعزيمة السحرية القديمة وقسمها المقدس من جهة ‪،‬‬
‫ثم ازدحامها باالصوات العالية الجنونية الغريبة من جهه اخرى ‪ ٠‬ربما‬
‫تذكرنا كذلك المراحل االولى للدراما وكذلك التراجيديا االغرنقية‪،‬‬
‫التي كان ال بد ان تبعما مسرحية ساتيرية ‪ ٠‬وربما تذكرنا الماظر‬
‫العنيفة والساخرة في احتفاالت العصور بليلة عيد الميالد وليلة عيد‬
‫الفصح تلك المناظر التي ما تزال تظهر بطريقة مشابهة في بعض المناطق‬
‫حتى يومنا هذا ‪ ٠‬ثم تذكر هذا الخليط من االستخفاف بالموت‬
‫والسخرية الالذعة والفكاهة التي تتضمنها اغنيات الجنود كما تضمنها‬
‫تماما االسطورة االيكندية ‪٠‬‬

‫ومن الطبيعي ان تختلف درجة المزج بين الجد والهزل في الحياة‬


‫الخرافية وفقا الختالف طابع االزمان والشعوب ‪ ،‬فالحدود ين الحام‬
‫والحياة ‪ ،‬وبين الخيال والواقع في الشرق تختلف عنها في الغرب ‪٠‬‬
‫ذلك ان كثيرا من نواحي الجد والصدق في الشرق يبدو لالوربي‬
‫اختراعا وهزال ‪ ٠‬على ان الحكاية الخرافية خضعت في العصور القديمة‬
‫وكذلك اليوم عند الشعوب الرومانية والكلتية بصهه خاصة الروع‬
‫المبالغات كما تالعبت باالكاذيب المسلية ‪ ٠‬فلقد كانت حكايات «اننفج»‬
‫(‪ )١‬اتخرافية في قديم الزمان تعيش في البيوت ‪ ،‬ويتقبنها الناس الى‬
‫درجة ان افالطون سماها ثرثرة العجائز ‪ ،‬وان محمد (ص) دعا الى‬
‫نبذها ‪ ،‬وان بابوات الكنيسة في الزمن القديم هاجموها في عنف‬
‫وكذلك وعاظ القرن الثامن عشر ‪٠‬‬

‫‪ - ١‬عى العكايات ‪ ٦tI‬ي قعرف لدى ألدعب باسم حكايات النشر ‪ ( ٠‬المترجمة )‬

‫‪- ١٤٢٠‬‬
‫االمور المستحيلة‬ ‫‪Otto Crusius‬‬ ‫وقد جمع ( اوتوكروسيوس )‬
‫في بعض الحكايات الخرافية االغريقية القدييمة فيما يلي ‪:‬‬
‫( ان االرنب او الغزال يستخدم في الركوب ‪ ٠‬والرجل نفلت‬
‫من بوابة فيضيق ثقب االبرة او الخاتم ‪ ٠‬والبحر تعلوه سحب من‬
‫االتربة وماؤه حلو يصب في نمر ‪ ،‬واالنهار تجري الى اعلى الجبل‪٠‬‬
‫والجبال تتمخض فتلد فأرا ‪ ٠‬وتطير الذائب والحمير في الهواء ‪ ،‬كما‬
‫ان الحمار يعزف على العود والعربة تجر الثيران ‪ ٠‬والذئب يحي‬
‫الغنم ‪ ،‬والغزال نتصرعلى االسد‪ ،‬والبقرة تسبق االرنب ‪٠‬‬ ‫قطيع‬
‫واالسد حيوان اليف يحلق شعره ‪ ٠‬واالرفب حيوان لص يأكل‬
‫اللحوم ‪ ٠‬والضفدعة تعلمت شرب اتخمر‪ ،‬والناس يجدلون الحبال من‬
‫الرمل او من الواح الخشب ‪ ٠‬وهم يقيدون الدرفبل ‪ ،‬ويحلقوذ شعر‬
‫الحمار ‪ ،‬ويحلبوذ التيس ‪ ،‬ويحضرون الماء في مصفاة ‪ ،‬ويطهوذ‬
‫الحساء قبل صيد السمك ‪ ٠ ٠‬وهكذا ‪٠‬‬
‫وما زال االنسان حتى اليوم يحكى بعض حكأيات النفج هذه ‪٠‬‬
‫على ان الكثير منها قد تحول الى شكل مختصر جامد ال يستخدم اال‬
‫مقدمة لحكاية خرافية اخرى او خاتمة لها ‪٠‬‬
‫وترد في احدى ائحكايات االلمانية امثال هذه المبالغات ‪ ٠‬ومثال‬
‫ذلك ‪ :‬كان غطاءرأسي من الزبد ثم سرت في الشمس فذاب ‪ ٠‬وردائي‬
‫مصنوع من نسيج العنكبوت ثم اخترقت به االشواك فتمزق ‪ ٠‬وخخي‬
‫مصنوع من الزجاج فلما تعثرت في حجر تهشم ‪ ٠‬وغاليا ما ترد حكاية‬
‫النفج في مطلع الحكاية التركية والهنغارية الخرافية المعاصرة ‪ ٠‬فيحكى‬
‫انه كان حناك ذات مرة سبعة ممالك‪ ،‬وال اعرف ابن ‪ ٠‬لقد كان ذلك‬
‫فيما وراء عالمنا على مسافة بعد مقدار ما بين عالمنا والعالم اآلخر سبع‬
‫مرات او اكثر ‪ ٠‬وقد كان ذلك عند بحر من البحار في العالم اآلخر‬
‫كذلك ‪ ،‬عند الجانب الممدم من فرن ممدم ‪ ،‬كان هناك برغوث ابيض‬
‫في الثنية السابعة والسبعين من رداء امرأة عجوز ‪ ٠‬وفي المكان االوسط‬
‫من هذا البرغوث كانت هناك بلدة مزدهرة يحكمها ملك ‪ ٠‬وقد كان‬
‫عيش بها ملك كهل ‪ ٠‬لقد حدث ذات مرة او لم يحدث ‪ ٠‬وكان ذلك‬

‫‪- ١٤٣ -‬‬


‫في عصور بالعة في القدم حينما كان االنسان ما يزال يصفي الهشيم‬
‫بمصناة ‪ ،‬وحينما كان الجمل تاجر خيول‪ .،.‬والفأر حالقا ‪ ،‬والكتكوت‬
‫خياطا والحمار سيدا وائسلحفاة خبازا ‪ ٠‬فيهذا الزمن لم اكن بلغ‬
‫من العمر سوى خمسين عاما ‪ ،‬وكنت اهز والدي في المهد ‪ ٠‬وقد حدث‬
‫حينذاك ‪ ،‬وسوا ء حدث هذا ام لم بحدث ‪ ،‬وبايجاز كان هناك رجل‬
‫طحان وكان يملك قطة سوداء ‪٠‬‬
‫ونحن ال نود ان نسمح النفسنا بان نعد الحكاة الخرافية تفرعا عن‬
‫مثل هذه االقاويل التي تروي في صيغة مؤكدة ‪ ،‬وهي ليست كلها‬
‫سوى كذب واختالق ‪ ٠‬واذا كنا قد ذكرفا ان الحكاية الخرافية نعارض‬
‫الحكايه أشعبية من حيث انها اختراع وكذب ‪ ،‬فانه يتحتم عليناحقا‬
‫ان نشير مرة اخرى ان كثيرا مما نرويه الحكاية الخرافية الشرقية بصفة‬
‫خاصة يؤمن الناس به ويعدونه صدقا االمر الذي يبدو لنا مستحيال ‪٠‬‬
‫ولذلك فال يمكننا ان نقول من غير جدال ان الحكاية الشعبية تؤخذ‬
‫وقائعها مأخذ الصدق وان هذا‪ .‬ال يحدث بالنسبة للحكاية الخرافية *‬
‫فأحياناي تميل الحكاية الشعبية الى رواية ما ال مغزى له ‪ ،‬كما انه ال‬
‫ينتفى من الحكاية الخرافية على االطالق الجدية وانغرض التعليمي ‪٠‬‬
‫فالتجربة تقع _ونحن نود ان تكرر ذلك _في بؤرة الحكاية الشعبية‬
‫في حين اف الشخص الذي يعيش التجربة هو الذي يعيش في بؤرة‬
‫الحكاية الخرافية ‪ ١٠‬ويمتد تنلسل الحكاية الشعبية بائحدث ‪ ،‬في حين‬
‫ان مصير الشخوص الذين يعيشون التجارب في الحكاة الخرافية ‪,‬‬
‫إي االبطال ب هو الذييفرض عليها االمتداد بالموضوع‪٠‬ثم ان ألحكاية‬
‫الشعبية تعنين موضوعي ‪ ،‬اما الحكاية الخرافية فتعبير ذاتي ‪ ٠‬وتقابل‬
‫الحكية الشعبية في االنواع االدبية الرأقية القصة‪ ،‬اما الحكاية انخرافية‬
‫فتقابلهاالرواية‪٠.‬‬
‫وتتصل بحكايات النفج الخرافية مجموعة من الحكايات الخرافية‬
‫الهزلية ‪٠‬فهي مثلها ذات اصل قديم‪ ،‬وقد ظهرت في العصور الوسطى‬
‫االوروبية في القرن العاشر الميالدي واوالها المغنوذ الشعبيوذ بصفة‬
‫خاصة عنايتهم ‪ ٠‬ويشارك هذين النمطين حكاات يرجع اصلها الى‬

‫‪— ١٤٤ -‬‬


‫اكرق غنية بتاثيرها وفنيتها ‪ ٠‬ومن هذه الحكايات « عجل الفالح‬
‫الوحيد » ( ويقابلها حكاية كالوس الصغير وكالوس الكبير عند‬
‫اندرسن كما تقابلها حكاية « بورلى » عند جرم ) التي نعرف لها نصا‬
‫ال تينيا في منطقة اللورين يرجع الى القرن العاشر ‪ ٠‬وكذلك حكاة‬
‫« جنة التنابلة » وحكاية الصراع بين الصدق والكذب ‪ ،‬هذا‬
‫باالضافة ائى الحكايتين الهنديتين « الطبيب العالم بكل شيء »‬
‫و « الحائك الشجاع » ‪٠‬‬
‫اما المجموعة االخرى من الحكايات الخرافية المزلية فهي تكديس‬
‫لبعض حكايات العصر القديم ونكاته التي اشرنا اليها في الفصل السابق‬
‫وهي تتشكل ‪ ٠‬مثل اقدم الحكايات الخرافية ‪ ٠‬عن طريق اتسلسل‬
‫والنمو ‪ ٠‬وقد يميل االنسان الى ان يسمى بعضها كتبا مختصرة في‬
‫الحكايات الهزلية ‪ ٠‬وليست هذه الكتب سوى مقتطفات من هذه‬
‫المجموعات التي تسربت الى الشعب ‪ ٠‬ونحن نعد ضمن هذه الحكايات‬
‫حكاية الحمار الذكي ‪ ،‬وحكاية « فريدر واقط » ‪ ،‬وكذلك‬
‫الحكايات التي تحكى في متعة بالغة عن الذكاء المفرط والفطنة‬
‫واالحساس الدقيق ‪٠‬‬
‫وترتبط الحكاية المزلية بالحكاية الخرافية ارتباطا وثيقا‪ ،‬فهما‬
‫تتوازيان في تطورهما في كثير من االمور ‪ ٠‬فالحكاية الهزلية تختار‬
‫موضوعات بعينها هي الموضوعات لمرحة ‪ ،‬وهي نادرا ما تستخدم‬
‫موضوعات يظهر فيها العالم االخر ‪ ٠‬فاذا هي صنعت ذلك فانما تصنعه‬
‫بطرقة فكاهية ‪ ٠‬فعالمها اذن عالم منطقي ‪ ،‬وليس هو عالم السحر في‬
‫الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ويرى البعض ان الحكاية المزلية تتقدم‪ ،‬هذا‬
‫السبب ‪ ،‬على الحكاية الخرافية حتى اليوم ‪ ٠‬ذلك النها تعيش في‬
‫عصر المنطق والعقل كذلك ‪ ،‬في حين ان الحكاية الخرافية تتصل على‬
‫العكس من ذلك نماما بتصورات اكثر قدما ‪ ٠‬وربما كان هذا القول‬
‫صادقا حقا م‬
‫وقد اشرنا في الفصل السابق الى الحكاية الخرافية تتبع قواعد في‬
‫البناء محددة وثابتة وذريد مرة اخرى ان نشير الى هذم القواعد في‬

‫‪- ١٤٥ -‬‬


‫صورة اكثر وضوحا مقتفين في ذلك اراء العالم « اكسل اولريك »‬
‫الباحث الدانمركي المشهور الذي اهتدى اى هذه‬ ‫‪Axel Olrik‬‬
‫« القوانين الملحمية لالدب الشعبي (‪٠ » )١‬‬

‫ان الحكاية الخرافية ال تبدأ فجأة بالحركة كما انها ال تنتهي‬


‫فجأة ‪ ٠‬وقد الفنا تماما « قانون البداية» هذا « وقانون النهاية» الى‬
‫درجة اننا قلما تتصور غيرهما ‪ ٠‬فالحكاية الخرافية نادرا ما تنتهي فجاة‬
‫بخطبة و زواج البطل ‪ ،‬فهي اما ان تتبع هذا بصيغة ختامية ‪ ،‬او اننا‬
‫نسمع شيائ عن مصير الشخوص غير الرئيسية ‪ ،‬او على االقل يصل‬
‫الى علمنا ان البطل واميرته عاشا سعيدين راضيين حتى نهاية‬
‫حياتهما (‪٠ )٢‬‬
‫فاذا ارادت الحكاية الخرافية ان تبرز حادثا‪،‬فانها تكرره‪ ،‬واالدب‬
‫الحديث يحقق هذا الغرض عن طريق نصويره التفصيالت تصويرا‬
‫دقيقا او عن طريق استخدامه لوسائل اخرى ‪ ٠‬على ان الحكاية الخرافيه‬
‫تصور الموضوع مرة اخرى بطريقة اكثر اقتصادا ‪ ٠‬وتصل بذلن‬
‫« قانون العدد ثالثة ) ‪٠‬‬
‫اذ يتحتم على االنسان ان يكرر المحاولة ثالث مرات حتى يصل انى‬
‫ماء الحياة‪ ،‬وان يظل يقظا ثالث ليال ‪ ٠‬ونتكرر الحدث نفسه ويعاد‬
‫بنفس العبارة ‪ ٠‬حتى في المرة االخيرة حينما تتم المحاولة الشاقة للبطل‬
‫))‪vorder gewicht‬‬ ‫بنجاح ‪ ٠‬وينتمي الى هذا قانون « القوة االمامية‬
‫وقانون « القوة ذات االعتبار» ‪ ٠ Achtergewicht‬فمن بين مجموعة‬
‫الشخوص او االشياء يحتل المكانة االولى اسماها منزلة ‪ ،‬ولكنه في‬
‫النهاية يكون ادناها ‪ ٠‬وفي هذا تتمثل اهمية ملحمية خاصة ‪ ،‬فالمحاولة‬
‫االخيرة هي التي تتم بنجاح ‪ ،‬واالخ االصغر واالخير بين االخوة‬
‫الثالثة هو الذي يصل الى ما حاول ان يصل اتيه اخواه االخران‬

‫‪- 1‬هذا اسم المقال الذي نشرهفي مجلة «( العالم القديم»» ج ‪ ٥1‬عام ‪( ٠ ١٩٠٩‬المترجمة»‬
‫‪ - ٢‬يقايل هذا الصيغة الختامية التي تنتهى بها حكاياتنا الخرانية حيث يقال «لوعاشو!‬
‫في تبات ونبات وخلفو صبيانا وبنات )) ‪ ( ٠‬المترجمةر‪0‬‬

‫سس‬ ‫‪١٤٦‬‬ ‫ا‬


‫دود جدوى ‪ ٠‬وهذا القانوذ ذو طابع ملحمي صرف وهو نتفي اذا ما‬
‫تناولت الحكاية انخرافية ‪ -‬على سبيل المثال ‪ ,‬موضوعات دينية ‪،‬‬
‫فاول اآللهة هو في الوقت نفسه اقواها ‪٠‬‬
‫وفي العموم ال يظهر في الموقف الواحد اكثر من شخصين في‬
‫وقت واحد وليس من الممكن ان يؤدي فيها ثالثة اشخاص او اكثر‬
‫دورا مشتركا كما هو الحال في الدراما ‪ ٠‬ويعد « اولريك » كل‬
‫كائن من كائنات الحكاة الخرافية « شخصا » له سلوكه الخاص‬
‫ووظيفته الخاصة في الموضوع فاذا تصارع البطل مع التنين ‪ ،‬فان‬
‫االميرة في هذه االثناء ال تلعب اي دور يتطلبه موضوع الحكاية ‪٠‬‬
‫وهى ال تشترك في الصراع اال بوصفها انساا ابكم ‪ ،‬وال تساهم مرة‬
‫اخرى في الموضوع اال بمجرد ان يقتل التنين ‪ ،‬ويرتبط بهذا ( القانون‬
‫العام للمشهد ) قانون التناقض ‪ ،‬فالحكاية الخرافية تصور دائما‬
‫النقيضين ‪ :‬الكبير والصغير ‪ ،‬والغني والفقير ‪ ،‬والشاب والكهل‪،‬‬
‫واشيطان واالنسان ‪٠‬‬
‫والى جانب هذه القوانين الشكلية الملحمية « وغيرها » التي عرضها‬
‫« اولريك » ‪ ،‬توجد هناك بعض القوانين التي تختص بالمضمون ‪٠‬‬
‫ومن الخواص المميزة لالدب الشعبي تسلسل الحوادث فيه تسلسال‬
‫متصال ‪ ٠‬ويحاول ادبنا الفني الحديث ان يجعل الموضوع متشابكا ‪،‬‬
‫واال ترك الحديث نساب في خط مستقيم وانما هو يربط مصير عدة‬
‫شخوص او مجرى عدة حوادث بعضها بالبعض االخر ‪ ٠‬اما الحكايان‬
‫انشعبية فتميل الى تسلسل الموضوع في خط مستقيم فاذا كان البد من‬
‫مقدمة للحكاية يأخذ الموضوع بعدها مجراه ‪ ،‬فهذا يحدث في افضل‬
‫صورة له عن طرق الحوار ‪ ٠‬ذلك الن الذي يمثل حدث الحكاية‬
‫الخرافية انما هو بطلها ‪ ،‬وكل ما جربه من احداث‪،‬وكل افعاله ومغامراته‬
‫ليس لها اهمية في ذاتها ‪ ،‬وانما تنحصر مهمتها في انها تقود البطل الى‬
‫هدفه ‪ ٠‬وهكذا فنحن نعيش حوادث الحكاية الخرافية كذلك من وجهة‬
‫نظر بطلها فحسب ‪ ٠‬اما الحوادث الفرعية فال تستخدم اال اذا كانت لما‬
‫عالقة مباشرة بالبطل ‪ ٠‬فقد سمع البطل مثال عن التنين ‪ ،‬وعن ضرورة‬

‫ا‪- ١٤٧‬‬
‫التضحية له بفتاة كل عام ‪ ،‬ولكن هذا ال يصور تصويرا موضوعيا ‪،‬‬
‫وال يصور البداية بوصفه حادثا خاصا ‪ ٠‬خلى ان هذا القانون ال بخلو‬
‫من عواذ ‪ ،‬فنحن نعرف عددا من الحكايات الخرافية مثل الحكايات‬
‫التركية وحكايات النور على سبيل المشال ب تتشابك فيها عناصر‬
‫الموضوع تشابكا حقيقيا ‪٠‬‬
‫وتمئل الحكاية الخرافية وحدة ملحمية ‪ ،‬فمن خواصها المحددة‬
‫انها ال بد ان تخلق نوعا من التاثير يرتبط بهذه الوحدة الملحمية ‪ ٠‬وال‬
‫يحدث قط انتغيب عنعيوننا هذه العالقة بينهذا التأثير وهذه الوحدة‬
‫على ان الحكاية الخرافية تعرف كذلك الوحدة الملحمية المثالية ‪،‬‬
‫فذلحوادث الكثيرة فيها يرتبط بعضها ببعض لكي تلقي على شخصية‬
‫البطل مزدا من االضواء ‪٠‬‬
‫ويتمثل اهم قانون ملحمي نلحكاية الخرافية ‪ -‬كما سبق ان‬
‫ذكرنا __ في تركيز الموضوع حول شخصية رئيسية ‪ ٠‬على انه عندئذ‬
‫يتحتم علينا في بعض االحيان ان نفرق بين الشخصية الرئيسية الصورية‬
‫والشخصية الرئيسية الحقيقية ‪٠‬فابن الملك في الحكايات التي تحكى‬
‫عن الحبيبة المنسية هو بصفة خاصة الشخصية الرئيسية ‪ ،‬على ان‬
‫اهتمامنا تجه اكثر من ذلك الى مصير الفتاة التي تهدف الى ان تفوز‬
‫بابن الملك مرة اخرى ‪٠‬‬
‫ومن خاللهذه القوانين التي تختص بالحكاية الخرافية يتضح‬
‫لنا كذلك شكلها الخارجي الذي يتمثل في استخدامها لصيغ بعينها او‬
‫ما يشابهها ‪ ٠‬وقد مر بنا جميعا كيف ان الحكاية الخرافية اتي نستمع‬
‫اليها للمرة االولى ‪ ،‬تبدو معروفة لنا ‪ ،‬الى درجة انا نحزر من قبل ‪،‬‬
‫الحظ الذي سيسير فيه الموضوع ‪ ٠‬ويرجع السبب في هذا إلى بناء‬
‫الحكاية الخرافية المحدد ‪٠‬‬
‫وكل هذه القوانين الملحمية ال تصح بالنسبة للحكاية الخرافية‬
‫فحسب ‪ ،‬وانما تصح كذلك بالنسبة لحكاية البطولة واالسطورة‬
‫الكونتة ‪ Myth‬واطورة االخبار ‪ Lege de‬والقصة القعيرة‬
‫الشعرية واالغنية الشعبية القصصية‪ ،‬كما انها تنطبق جزئيا على الحكاية‬

‫ا ‪- 1٤٨‬‬
‫الشعبية ‪ ٠‬ومن الممكن حقا لهده القوانين ان تطلعنا على خصائص‬
‫االدب الشعبي ‪ ،‬ولكنها مع ذلك ال تمكننا من التفرقة بين االنواء‬
‫المختلفة له م‬
‫وقد سبق ان رأينا كيف ان حكاية البطولة ترتبط ارتباطا وئيقا‬
‫بالحكاية الخرافية فقد شب سيجفريد في عزلة لدى ساحر فتعلم منه‬
‫كيف تغلب على التنين واكتسب بذلك الحصانة ضد اجروح ‪ ،‬تم‬
‫خلص المرأة الشابة من سحر االشواك المنومة ‪ ٠‬وكل هذا يقابل تماما‬
‫حياة البطل في حكايات خرافية عدة ‪ ٠‬فاذا شئنا ان نرد تاريخ حياة‬
‫كنير من ابطال الحكايات الخرافية الى شكل صورى مركز عام ‪ ،‬فانا‬
‫نرى ان البطل ينشأ مجهوال ثم تغلب على كائن ضخم وهائل في شكل‬
‫تنين او مارد ‪ ،‬ويفوز في النهاية باالميرة — وهي المرأة الشابة ‪ ,‬بعد‬
‫ان يخلصها من اسر القوى الشريرة ‪ ٠‬على ان هذا يمثل كذلك خطة‬
‫حياة البطل في حكاية البطولة الشعبية ‪٠‬ويحق لنا ان نؤكد هذاالنعميم‬
‫فنقول ان التغلب على الكائن الممول غالبا ما يمثل العمل البطولي‬
‫الحقيقي في حكاية البطولة في االتصار على الوحش الممول ‪ ٠‬وييحق‬
‫لنا ان نضيف الى ذلك ان اساطير االلهة والطقوس تعرف هذا العمل‬
‫بوصفه اكثر االعمال قوة ‪ ٠‬فالذئب الشيطان في االساطير الشمالية‬
‫والتنين الذي شير الفوضى في العهد القديم وتيامات (‪ )١‬في االسطورة‬
‫البابلية‪ ،‬واالفعى في االساطير المصرية القدييمة‪ ،‬كل هذه االشكال‬
‫قهرتها القوى االلمية ‪ ٠‬وهذه االشكال االلهية تتفق مع ابطال حكابة‬
‫البطولة والحكاية الخرافية في بعض االمور ‪٠‬‬
‫ولكن ما عالقة اساطير اآللهة هذه بالحكاية الخرافية وحكاية‬
‫البطولة؛ ان حكاية البطولة في كل العصور ‪ -‬في حدود ما نعرف ‪-‬‬
‫ذات بعد تراجيدي ‪ ٠‬فالبطل فيها يقضي نحبه في النهاية‪،‬وترتبطالحكاية‬
‫كلها منذ البداة بهذه النهاية التراجيدية‪ ،‬وال تبدأ الطييعة البطولية‬

‫‪ - ١‬ياسع هى االم االودى لجبع العون و المقيدة اإلبلية ‪ ،‬وض طريفهايني االله‬
‫مردوك السماء ‪( ٠‬المرجمة )‬

‫‪-‬‬ ‫ا‪1٤٩‬‬
‫على االطالق في الظهور اال من خالل هذه النهاية التراجيدية ‪ ٠‬اما‬
‫بطل الحكاية اخرافية الذي تتتهي حياته دائما الى نهاية طيبة ‪ ،‬فاسم‬
‫يكن من‪’.‬تكن ان نال التقدير ئما هو انشأن غالبا بالنسبة البطال‬
‫حكايات البطولية ‪٠‬‬
‫ومع تشابه الموضوعات جميعا الى حد ان تكون حياة بطل انحكاية‬
‫الخرافية واعماله متفقة في كثير من االمور مع حياة بطل حكايات‬
‫البطولة واعماله فان حكاية ابطوله تتتمي حقا الى سلوك روحي آخر‬
‫غير الذي تنتمي اليه الحكاية الخرافية ‪ ٠‬فالبطل فيها يعد صورة مثاليه‬
‫لما هو انساني ‪ ،‬ويحق لنا لذلك ان تتوقع ان تلقي حكاية البطولة عناية‬
‫في كل مكان ‪،‬حيث يسعى االنسان لتحقيق هذه الصورة المثاية بخاصة‬
‫في االوساط االرستقراطية او الدينية ‪ ٠‬فالبطل في حكاية البطوله‬
‫نموذج يسعى االنسان للوصول اليه في همة ‪ ،‬اما بطل الحكاية الخرافية‬
‫فليس من الممكن بحال من االحوال ان يكون نموذجا ‪ ٠‬وال رجع‬
‫السبب في هذا _كما قد يظن االنسان — الى اختالف مستوى السامع‬
‫االجتماعي‪ ،‬فالحكاية الخرافية كانت تحكى كذلك في االوساط‬
‫االرستقراطية ( ومن اطبيعي انها لم تكن تحكى في هذه االوساط‬
‫وحدها ) بل امام الملك نفسه ‪ ٠‬اما اتتماؤها الى الطبقات الدنيا من‬
‫الشعب فليس في الحقيقة سوى تطور متأخر لها ‪٠‬‬

‫ان صورة البطل تتفق في كال النوعين‪ ،‬ولكن في حين نجد بطل‬
‫الحكاية الخرافية تحرر من العالقات التاريخية ‪،‬نجد جكاية البطولة‬
‫تضم شخوصا تاريخية تقترب حياتهم من صورة البطل ‪ ،‬اي من‬
‫البطولة النموذجية ‪ ٠‬وهي بذلك تحور االشكال التاريخية ‪ ،‬ذلك‬
‫انشخوص حكايةالبطولة تبتعدكثيراعن النموذج التاريخي^واليسعناال‬

‫‪ - ١‬ولد عام ‪٥٦‬أم وتولي عام ‪ ٠ ٥٢٦‬كانسيد ايطاليا وسيد اصوب المجرمانية في زمن‬
‫هجرتها ‪ ٠‬وقد حاول ان يربط العصر المقديم يعصر !لسيحية والمجرمانية ‪ ٠‬وقد‬
‫عاشى تيودير‪1‬ك فيما بعد في االسطورة تحت اسم (( ليتريش ضون برن»‪.‬‬
‫ان تفكر في شخصية «تيوديراك» (‪ )١‬والصورة التي تقابلما في الحكاية‬
‫الشعبية وهي « دترش فون برن » ‪ ٠‬فقد نحول تيودراك الملك‬
‫الظافر في حكاية البطولة الى شخصية تراجيدية بحق ‪ ،‬عاشت في‬
‫المنفى ثالثين عاما ‪ ٠‬فالشخوص التأريخية ال تخدم حكاية البطولة أال‬
‫بوصفها حلقة صلة ‪ ،‬وهي ليست سوى اتجيد ازمني للبطولة في‬
‫عصرها ‪ ٠‬وفي وسع الحكاية الخرافية ان تهمل هده القيود الزمنيه‬
‫والشخوص التاريخيه بوصفها نواة للبطولة ‪ ،‬فهي تعيش حقا خارج‬
‫الزمن ‪ ٠‬ولهذا السبب بمكن ان نال بطل حكايه البطولة التقدير ‪،‬‬
‫فقد ظلت الشعوب تنظر الى االسكندر وتيوديراك بعد موتهما بزمن‬
‫طويل بوصفهما كائنين الهيين ‪ ،‬ولم تحقق هدا اطالقا بالنسبة لبطل‬
‫الحكاة الخرافية ‪٠‬‬

‫وكثيرا ماتكون البطال حكاات البطولة مالمح اسطورية ‪ ،‬وهم‬


‫قد يصلوذ كذلك الى عالم االلهة ‪ ،‬ومثال ذلك هرقل وكدلك سيجفريد‬
‫على ان حكاية البطونة تختلف عن اسطورة االلهة كما تختلف عن‬
‫الحكاية الخرافية بنهاتها التراجيدية ‪ ٠‬ومن ثم نجد ان اسطورة اآللهه‬
‫اقرب الى الحكاة الخرافية ب فيما يبدو لنا ‪ -‬منها الى حكاية‬
‫البطولة ‪٠‬‬

‫وال بد ان نفترض ان الحدود بين الحكاية الخرافية واسطورةاآلنهة‬


‫ليست دائما مؤكدة ‪ ٠‬وال يسعنا اال نمعن لنظر في انحكاية الخرافية‬
‫البدائية ‪ ،‬فعند ذاك لظهر لنا في وضوح بالغ ان الحكاية الخرافية نيس‬
‫لها طابع انحكاية المسلية وحسب ‪ ٠‬ونحن نذكر على سبيل المثال ما‬
‫حكاه قصاص من هنود امريكا الجنوبية الى جامعي الحكايات الخرافيه‬
‫قال ‪ « :‬ان كل ما يعشر عليه االنسان حتى اليوم من اخبار آبائنا المتناقلة‬
‫لهو اكبر قيمة من الكنوز والاللىء ‪ ،‬ومن الذهب االحمر‪ ،‬تلك االشياء‬
‫التي يسعى اليها الييض الى درجة انهم يقومون بانفسمم بنبش انقبور‬
‫من اجل هذا الغرض ‪ ٠‬والذي نعرفه عن آبائنا انهم كانوا يلزمون‬
‫انفسهم باخفاء هذه الكنوز عن المتطفلين ‪ ،‬تماما كما يتحتم علينا نحن‬

‫‪٠١‬‬
‫االن ان نقوم بحماية حكايأت وطننا التي ثبدو مبعثرة ‪ ،‬من قبل ان‬
‫تذروها الرياح المتغيرة وتطرح بها هنا وهناك في البيائت غير‬
‫الصالحة*‬

‫ويؤكد هؤالء الهنود انفسهم دائما ابدا انه ال يحق النسان ان يغير‬
‫من هذه الحكايات بحال من االحوال حتى ال يغضب اجداده ‪ ٠‬وقد‬
‫كان في استطاعة قصاص من قبيلة «االروكانر» ان يهبط الجبل في‬
‫ساعة متأخرة من اليل ‪ ،‬لكي ينقل كلمة في حكاية من الحكايات حتى‬
‫ال تشوب الرواية االصلية شائبة ‪٠‬‬

‫وهذا الذي يحكيه « االروكانيون » ( وما تحكيه كل الشعوب‬


‫البدائية تقريبا بنفس الطريقة ) من الممكن ان يكون اساطير آلهة او‬
‫حكايات خرافية ‪ ٠‬فليس هناك حد مؤكد ين النوعين ‪ ٠‬فاذا كنا نفرق‬
‫بين اسطورة االلهة والحكاية الخرافية من حيث ان الشعب يعتقد في‬
‫حوادث اسطورة اآللهة ومن حيث انها ما تزال في وسعها ان تلعب‬
‫دورا في العقيدة ‪ ،‬في حين ان الحكاية اخرافية ليست لها هذه ااعالقه‬
‫بالواقع وبالماضي ‪ ،‬اذا فرقنا بين النمطين على هذا االساس ‪ ،‬فاذ كال‬
‫النوعين يتساوى في حكايات الهنود الحمر ‪ ٠‬وال بد ان نضع في‬
‫اعتبارنا بحق في هذا المجال ان التفرقة الصارمة بين الديني والدنيوى‬
‫انماهي ثمرة عصرنا الحاضر ‪ ،‬وان العالم باسره لدى البدائيين ملىء‬
‫بالقوى والقدرات التي يعني الحديث عنها كذلك في الوقت تفسه‬
‫التفكير فيها واالعتراف بها واحترامها ‪٠‬‬
‫ويبدوا لنا انه يتحتم علينا ان تظر الى الحكايات الخرافية واساطير‬
‫اآلنهة عند الشعوب المتحضرة على اساس هذا الفرض ? فليس هناك بين‬
‫النوعين فرق جوهري في الشكل والمضمون ‪ ٠‬وتشير اسطورة اآللهة‬
‫الى عصر ما قبل التاريخ ‪ in ills Tempore‬على حد تعبير علم‬
‫االديان ‪ ٠‬وبالمثل الحكاية الخرافية ‪ ،‬فالمطلع التقليدي فيها « كان‬
‫يا مكان » تعبير عن هذا الظرف الزمني تفسه ‪ ٠‬وكثيرا ما تحكى‬

‫‪٥٢‬‬
‫اسطورة اآللهة عن اعمال مجانسة او مشابهة تماما لتلك االعمال التي‬
‫ينتحتم على ابطال الحكاية الخرافية انقيام بها ‪ ٠‬وننذكر الصراع مع‬
‫الكائن المهول البالغ في القدم ‪ ،‬الذي يقايل بصفة خاصة الصراع مع‬
‫التنين في الحكاية الخرافية ‪ ٠‬او لنذكر اساطير اآللهة التي انجب فيها‬
‫زيوس طفال وهو متقمص شكل حيوان او متخذ شكل قطرات ذهيية‬
‫في يد فتاة ‪ :‬فكل هذا تشل كدلك على نحو مثابه في الحكاية‬
‫الخرافية ‪ ٠‬وفي وسع االنساذ ان يقدم امثلة اخرى عدة لهدا التشابه ‪،‬‬
‫وسوف تشير الى بعضها في الفصل التالي ‪٠‬‬
‫ولكن اين يقع االختالف ين الحكاية الخرافية واسطورة اآللهة ?‬
‫قد يقال على سبيل المثال ان اسطورة اآللهة في عمومها تعكس نظاما‬
‫دينيا ‪ ،‬في حين ان الحكاية الخرافية ترجع بعض اجزائها فحسب الى‬
‫العقيدة ‪ ،‬ويرجع البعض االخر الى خيال القاص ‪ ٠‬وقد يقال كذلك اذ‬
‫الحكاية الخرافية هي االقدم وانها اتقلت فيما بعد الى شخوص الميه‬
‫او نصف الهيه ‪ ،‬وبذلك اصبحت اسطورة آلهة ‪ ٠‬على اذ العكس‬
‫كذلك يمكن ان يطرأ على الذهن ‪ ،‬ويمثل هذا الرأي بعينه « االخوان‬
‫جرم » ? فاسطورة اآللهة في رأيها هي االصل ‪ ،‬ومع فقدان العقيدة‬
‫خلعت اسطورة اآللهة عنها مضمونها الديني وصارت حكاية‬
‫خرافية ‪٠‬‬
‫على اذ هناك اختماال رابعا فحواه اذ اسطورة اآللمة وانحكاية‬
‫الخرافية لم تكونا في االصل منفصلتين احداهما عن االخرى انفصاال‬
‫تاما ‪ ٠‬ونحن نود اذ نستخدم هذا الرأي في مقارنة اسطورة اآللمة‬
‫بالحكاية الخرافية البدائية بصفة خاصة ‪ ٠‬ولسنا نود بذلك أن نقول‬
‫اذ الحكاية الخرافية لم تكن في اصلها سوى اسطورة آلهة ؟ فكالهما‬
‫عاش في عالم مثابه هو العانم السحري ‪ ،‬او هو‪-‬كما يحلو ننا ان‬
‫نقول ‪ -‬عالم ديني مقدس ‪ ٠‬لقد قضى البطل االول ذات يوم على‬
‫الكائن الممول القدييم ‪ ،‬و بهذا اخرج العالم من الفوضى الى النظام‪،‬‬
‫اي انه حقق نظام العالم ‪ ٠‬وهذا العمل العظيم من جانب البطل االئهي‬

‫‪- ١٥٣ -‬‬


‫ومن جانب اآلله ‪ ،‬تعيد الطقوس الدينية ذكراه في اوقات محددة في‬
‫عيد راس كل سنة على وجه التقريب ‪ ٠‬وال يحدت هذا في صبورة‬
‫تقليدية ‪،‬وانما يأخذ دائما شكال جديدا ‪ ،‬فالكائن المهول رمز الفوضى‬
‫يقتن مرة اخرى بطريقة رمنية ‪ ،‬وبذلك يعود انظام مرة اخرى ‪ ،‬او‬
‫هو يخلق من جديد على ان هذا التهديد للنظا م واءادته عن طريق‬
‫البطل يجب اال يقتصر على الطقوس ‪ ،‬فقد مكن اتداخل القوي بين‬
‫الديني والدنيوي ‪ ،‬وبين االفكار الدينية واالفكار انعادية ‪ ،‬من تكرار‬
‫مثل هذا الموقف كذلك في الحكاية الخرافية بعينها في صورة اكثر‬
‫خفة واكثر رشاقة ‪ ٠‬وكذلك يقضي قتل التنين في الطقوس على عنصر‬
‫التهديد حيث يعاد النظام المطلوب مرة اخرى ‪ ٠‬وحالة الرضاء اتي‬
‫نحسها في نهاية الحكاية الخرافية انما ترجع الى ان الحكاية الخرافيه‬
‫كذلك تعكس نظاما ال يقود حياة البطل وحدها رغم كل االخطار ‪-‬‬
‫الى نهاية منظمة خالصة من المشكالت ‪ ،‬وانما يتحقق هذا مع عالم‬
‫الحكاية الخرافية بأسره ‪ ،‬انذي يبين لالقوياء واالشرار ومثلهم االخيار‬
‫مكانهم المحدد وفقا لخطة ثابتة ‪ ٠‬وربماكان من االيسر علينا ادراك‬
‫هذا االمر اذا نحن وضعنا نصب اعيننا ان االطفال كذلك في عصرنا‬
‫على سبيل المثال يمثلون مواقف لها طابع ديني جاد ‪ .‬فمم يلعبون مع‬
‫الحيوان والعرائس لعبة « الموت والدفن » مثال ‪ ٠‬واالطفال اذ يقومون‬
‫بذلك انما هم يلعبون ‪ ،‬وهذ اللعب في الوقت تفسه حادث جدي‬
‫بالنسبة لهم ال يحتفل فيه بانرموز الظاهرية فحسب من اضاءة الشموع‬
‫وغير ذلك ‪ ،‬وانما يحتفل به كذلك في حزذ حقيقي ‪٠‬‬
‫ان اسطورة اآللهة والحكاية الخرافية — فيما يبدو لنا ‪ ,‬قدعاشتا‬
‫احداهما بجانب االخرى ‪ ،‬فكالهما قديم وكالهما نبع من اصول‬
‫واحدة ‪ ٠‬وبهذا تكون الحكاية الخرافية « شكال غير جدى » السطورة‬
‫اآللهة ‪ ٠‬ولم يحدث االنفصال التام بين النوعين اال في عصور متأخرة‪:‬‬
‫حينما امكن تمييز الديني بوصفه نقيضا للدنيوى ‪ ٠‬ولم يحدث هذا‬
‫بكل تأكيد في وقت واحد لدى جميع الشعوب ‪ ،‬بل انه لم يحدث‬
‫لدى جميع طبقات الشعب الواحد دفعة واحدة ‪٠‬‬

‫‪- ١٥٤ -‬‬


‫ونحن ال نريد على االالالق ان ئرجع الحكايات انخرافية كلها الى‬
‫عصر مبكر جدا ‪ ،‬وان نربطها باسطورة اآلنهة بصالت وثيقة للغايه ‪،‬‬
‫فنحن نعتقد اننا اكدنا هذا من قبل بما فيه الكفايه ‪ ٠‬وقد حدث فى‬
‫العصور المتاخرة ان أثرت الحكايات الخرافية واجزأؤها اتي انفصلت‬
‫عن اسطورة االلهة في اسطورة االلهة مرة اخرى ‪ ،‬فنجد على سبيل‬
‫المثال في اساطير االلهه في بالد الشمال مجموعه من المالمح «الدنيويه»‬
‫في الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وليس من الممكن ابحث عن « حقيقة »‬
‫الحكايات الخرافية اا اذ تم الفصل بين اسطورة االلهة والحكايات‬
‫الخرافية ‪ ،‬ما قبن ذلك فليس هناك سوى مسوغات ضئيلة لبحث هذه‬
‫المسألة م‬
‫ولقد تحتم علينا ان نعرض هذه المسألة في كثي من االجاز ‪،‬‬
‫ونخثى اذ نكون قد اكدنا بعض نواحيها اكثر ممأ نبغي ‪ ٠‬على اننا‬
‫سوف نعود لبحثها في مكان اخر بشىء من التفصيل ‪٠‬‬
‫على انه يبقى بعد ذنك سؤال آخر نباغ من االهمية شأوا بعيدا ‪-‬‬
‫هو السؤال الذي تعرض له ابحث في الحكايات الخرافية بوصفه لغزا‬
‫هذا السؤال هو ‪ :‬كيف امكن االحتفاظ بالحكايات الخرافية دون‬
‫تغيير جوهري عبر مائت بل الوف من السنين ؛ وما الطريقة التي اتبعتها‬
‫رواية الحكايات الخرافية ؟ واي القدرات اكتسبتها هذه الرواية ‪٠‬‬

‫وقد قدم « البرث فسلسكي » لمذا تفسيرا سهال فيما يبدو ‪ ،‬وذنك‬
‫في كتابه « محاولة لوضع نظرية في الحكاية الخرافية » فقد رأى ان‬
‫الحكايات القصيرة البسيطة ‪،‬او االخبار التيتروي عن االفعال انبسيطة‬
‫هي بداية الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ومثنل هذا ‪ :‬ان سيدة طردت الخادم من‬
‫خدمتها ‪ ،‬وثار الخادم معترضا عليها فاغتاته لدى سيده فعاقبه ‪٠‬‬
‫وهذا « الموضوع االجتماعي » انضم انيه فيما بعد الموضوع الخيالي‪،‬‬
‫اي غير الحقيقي ‪ ٠‬وهكذا تألفت الحكاية الخرافية من هذه االخبار‬
‫البسيطة ‪ ٠‬على ان رواية الحكاية الكاملة التكوين قد تطلبت راوي‬
‫للحكاية يعني بها ‪ ٠‬الن الشعب لم يكن في وضع يجعله بحيث يحتفظ‬

‫‪3٥‬‬
‫حقا بالحكايات الخرافية عن طريق الرواية الشفوية ‪ « ٠‬فهذا الذي‬
‫يسمى « انشعب » باالجماع كان يعمل مضطرا على هدم الحكاية‬
‫الخرافية على الدوام ‪ ،‬وثم يكن يجد من حين الخر اناسا يتمتعون بمئل‬
‫هذا االحساس بالجمال كما كان يعل القصاصون االول‪ ،‬هؤالء الذين‬
‫كانوا قادرين اما على رواية الحكاية الخرافية مرةاخرى او على تحويرها‬
‫الىحكاية جديدة ‪ ٠‬ولذلك فانه من الضروري ان نستهلك الحكاية‬
‫الخرافية وان تفقد محتواها وان تموت » ‪ ٠‬واهم شيء يحدث للحكاية‬
‫انخرافية بعد ذلك هو اتتشارها عن طريق النص المكتوب مخطوطأ‬
‫كان ام مطبوعا ‪ ٠‬فمن هذا النص اوال تنتشر الحكاية الخرافية مرة‬
‫اخرى بين الشعب ثم ال تلبث ان تمسخ بحق ‪ ٠‬وعلى هذا فان الحكاية‬
‫الخرافية ربما اتتشرت من جديد يين افراد الشعب من خالل النص‬
‫المدون ‪ ،‬الى درجة انها تتأثر دائما ابدا بهذه النماذج المكتوبة وتشكلها‬
‫بشكل جديد ‪٠‬‬
‫وقد وجه الى هذه النظرية اعتراض قوي من جوانب عدة ‪ ٠‬فلقد‬
‫بالغ « فيسلسكي» دون شك في تقدير اهمية الرواية المكتوبة‪ ،‬ونم‬
‫يعط سوى اهتمام ضئيل للغاية لصدق القصاصين الشعبيين في‬
‫االحتفاط بالحكاية الخرافية ‪ ٠‬فما تتمسك به الرواية المكتوبة ‪ ،‬اي‬
‫االدب ‪ ،‬ليس في الغالب سوى اجزاء مما نقلته الينا الرواية الشفوية ‪٠‬‬
‫وهناك احوال عدة تكون فيها الروايات الشفوية مكتملة الى حد‬
‫بعيد ‪ ،‬واكثر اختفاظا باالصل من الروايات المكتوبة ‪ ٠‬وعلى العكس‬
‫من ذلك غاليبعض علماء المدرسة الفلندية زمنا طويال في قيمة الرواية‬
‫الشفوية على حساب الرواية المكتوبة اي االديية ‪ ٠‬على ان هناك اخرين‬
‫مثل « فالتر اندرسن» اشاروا منذ زمن الى انه تحتم على الدارس‬
‫ان يهتم بالنص المكتوب بمقدار اهتمامه بالرواية الشفوية ‪٠‬‬
‫وال بد ان نقر بان الرواية المكتوبة قد لعبت بحق دورا له قيمتة ‪،‬‬
‫على ان الرواية الشفويةلها علىالاقل نفس االهمية ‪ ٠‬واذا كنا النسلممع‬
‫« فيسلسكي» بان الروايات الشفوية ال تتمثل دائما اال في بقايا‬

‫‪- ١٥٦‬‬
‫اشكال هي في االصل تقليد لشواهد مكتوبة ‪ ،‬فكيف يمكننا ان‬
‫نفسر هذا الثبات العظيم لالقاصيص الشعبية ؛ وقد وضع « فالتر‬
‫اندرسن » لذلك قانون « الحق الذاتي للحكاية الخرافية » وهو يعني‬
‫بهذا ان ااقاص لم يستمع الى الحكاية مرة واحدة فحسب ‪ ،‬كما لم‬
‫يستمع اليها من قاص واحد ‪،‬وانما استمع اليها عدة مرات ومن قصاصين‬
‫كثيرين ‪ ٠‬وفي ذلك يشير كل شكل من هذه االشكال الى صور مؤكدة‬
‫من االنحراف عن االصل ‪ ،‬ضئيلة كانت ام عظيمة ‪ ٠‬وتتأرجح كل‬
‫هذه الروايات المختلفة الى درجة كييرة حول نقطة ارتكاز ال تتغير في‬
‫ذاتها ‪ ،‬وتكتفي الروايات المفردة بذاتها بما فيها من وجوه اختالف ‪،‬‬
‫ولكن الحكاية تظل في عمومها كما هي غير متغيرة‪ ،‬بل هي تظل هكذا‬
‫أحقابا زمنية طولة ‪٠‬‬
‫ونعتقد ان اندرسون على حق في هذه الدعوى من حيث ال‬
‫الحكاية الخرافية وان اتتشرت اتتشارا بعيدا عن طريق مختلف‬
‫القصاصين تحتفظ بحقها الذاتي ‪ ،‬وتظل كما هي في صورتها العامة‬
‫في الروايات المتعددة ‪٠‬على ان طريقة االتشار هذه ال يصح قبولها‬
‫بالنسبة لكل الحاالت ‪ ٠‬حقاانه من المحتمل انه كثيرا مايكون القاص‬
‫قد استمع اكثر من مرة الى الحكايات التي يقوم بروايتها ‪ ،‬على انه‬
‫قد يحدث العكس في احوال فردية ‪ ٠‬ومع ذلك ققليال ما يحدث ان‬
‫يأخذ نفس الرواية من قصاصين مختلفين ‪ ٠‬وما تزال تعيش حتى اليوم‬
‫نخبة من القصاصين يقدمون لنا بعض المعلومات عن اتتشار الحكاية‬
‫الخرافية وغير ذلك من الحكاات الشعبية ‪ ٠‬ومن الممكن ان تتناقل‬
‫الحكايات داخل نطاق االسرة او في مجال اوسع خارج نطاقها ‪ ،‬قد‬
‫شمل قرية بأكملها او جزءا منها ‪ ٠‬وقد تقتصر على مجموعة من المهتمين‬
‫بصفة خاصة بالحكايات ‪ ٠‬واذا كانت الحكايات ‪ -‬وفقا لتقاليد االسرة‬
‫تروى في الواقع دائما ابدا‪ ،‬فائقاعدة هي ان يحكيها قاص واحد بعينه‬
‫على ان تراث االسرة بحتفظ بالحكايات الشعبية وحوادث من تاريخ‬
‫االسرة اكثر من احتفاظه بالحكايات الخرافية والحكايات الهزلية ‪٠‬‬
‫ومن الطبيعي ان يكون هناك شذوذ لهذه القاعدة ‪ ٠‬على ان الحكاية‬

‫‪-‬‬ ‫‪١٥٧‬‬ ‫‪-‬‬


‫في مجتمع‬ ‫الخرافية وبالمثل الجكاية الهزنية ‪ ،‬لم تكن تعد بالمثل‬
‫القاصين الذين ال يتتمون الى اسرة واحدة ‪ ،‬وانما ينتمون انى اسرات‬
‫متعددة ‪ -‬لم تكن تعد مادة حرة يحق لكل ان يرويها وفقا لمزاجه ‪٠‬‬
‫واكثر من هذا فانه يوجد بين اغلب جماعة القصإصين قاص خاص يروي‬
‫حكايات بعينها‪ ،‬بل انه من الممكن في اخص االحوال النظر الى بعض‬
‫الحكايات بوصفها نوعا من الملكية الخاصة لقاص بعينه ‪ ٠‬وتضح‬
‫هذا بصفة خاصة فيما روته سيدة من « كامبفورفينر » عن اقصاصين‬
‫االتراك ? فقد ذكرت ان الحكايات الخرافية ملك لبعض االسر‪ ،‬فاذا‬
‫حكى شخص حكاية تنتمي الى اسرة اخرى فان هذا يعد سرقة كبيرة‪،‬‬
‫وينظر اليها على انها عمل دنىء كما ينظر الى سرقة الحصان وعند ذاك‬
‫يحرم على سارق الحكاية تناول الخبز والماء ‪ ،‬كما انه ال يكون في‬
‫وسعه ان يهاجر اال الى حيث يكون مجهول الشخصية ‪٠‬فمن المالوف‬
‫اذن في مجتمع القصاصين ‪ ،‬ان قلة من افرادهم الذين يقومون فعال‬
‫بالرواية الحقيقية وبصفة خاصة رواية الحكايات المعقدة مثل الحكاية‬
‫الخرافية ‪ ٠‬ولقاص بعينهان يروي حكايات شخض آخر كان يكون‬
‫جده مثال ‪ ،‬ومنذئذ يصبح هو الوسيط في نقل هذه الحكايات ‪٠‬ولكي‬
‫نعبر عن هذا في وضوح اكثر نقول ان اتقال الحكاية الخرافية ال تم‬
‫عن طريق مجموعة كبيرة من الرواة‪ ،‬وانما تم اكثر من ذلك عن طريق‬
‫افراد من قصاصي الحكايات الخرافية الموهوبين ‪ ٠‬ويحق لنا اذ توقع‬
‫ان يجمع هؤالء القصاصون ين متعة السرد وموهبة خلقالحكاية ‪٠‬‬
‫فاذا لم يكن االمر كذلك فان جمهور المستمعين يرفض القاص رفضا‬
‫تاما ‪ ٠‬وفي العموم يحق لنا ان ننظر الى المتلقين بوصفهم عنصرا مصححا‬
‫للرواية وضابطا لها على الدوام ‪ ٠‬فكما ان االطفال ال يمحون بتحريف‬
‫في نص حكاية حكيت لهممن قبل ‪ ٠‬فكذلك تحتم على القاص ‪-‬‬
‫عند اعادته لرواية الحكاية الخرافية نفسها امام نفس المجموعة من‬
‫المتلقين ‪ ،‬أن يعيد رواية الحكاية بالطريقة تفسها ‪ ٠‬هذا باالضافة الى‬
‫ان مثل هؤالء القصاصين كثيرا ما يمتلكون ذاكرة قوية تثير الدهشة‪،.‬‬
‫وما نزال نعرف امثلة لذلك من عصرنا الحاضر ‪ ،‬حيث نجد القاص‬ ‫‪.‬‬

‫— ‪١٥٨‬‬
‫الذي لم يستمع الى الحكاية سوى مرة واحدة ‪ ،‬في وسعه ان بحكيها‬
‫مرة اخرى بعد سنين بنفس الطريقة ‪ ٠‬ويحق لنا ان تتصور الى أي‬
‫مدى كان من الضرورى اتتشار هذه المقدرة على الحفظ الدقيق فى‬
‫عصر لم تكن فيه الذاكرة قد ضعفت عن طريق القراءة الواسعة مثلما‬
‫يحدث في عصرنا الحاضر ‪٠‬‬
‫وهناك مسألة تختلف تماما عما سبقها من مسائل هي ما اذا كان‬
‫القاص — مع استطاعته كذلك ان يحتفظ بالحكاية زمنا طويال في‬
‫ذاكراته دون تحريف — يرى من « الواجب» عليه ان يعيد رواية ما‬
‫سمعه دون تعيير ‪ ٠‬ونحن نستشهد هنا مرة اخرى بالسيدة « فيهمان »‬
‫سيدة احكاية الخرافية التي اخذ عنها االخوان جرم ‪ ،‬بوصفها مثاال‬
‫للصدق الكبير في نقل التراث الشعبي ‪ ٠‬على ان هناك من القصاصين‬
‫من يحور الحكايات التي وصلت اليه بطريقته الخاصة ‪ ٠‬وهذا ال‬
‫يحدث اال في بعض االحاين واليكوذ دائما بأي حال من االحوال‬
‫بقصد اتالف الحكاية م‬
‫وعلى هذا فانه بحق لنا ان نتمسك بقانون اندرسون « الحف‬
‫الذاتي للحكاية » في تفسير ثبات الحكاية الخرافية العظيم ‪ ٠‬على انه‬
‫تحتم علينا كذلك ان ننظر بصفة خاصة بعين االعتبار الى وظيفة بعض‬
‫القصاصين وقدراتهم وان نقدرها فبعض القصاصين ستطيعون تماما‬
‫االحتفاظ في صدق تام بالحكاية التي استمعوا اليها مرة واحدة ‪ ،‬كما‬
‫بستطبعون رواتها ‪ ٠‬وقد سبق ان اشرفا كثيرا الى ان اتتشار الحكاية‬
‫الخرافية في المكان ‪ ،‬وكذلك اتتشارها عبر االزمنة ‪ ،‬اليمكن تفسيره‬
‫عن طريق هجرتها الواسعة او عن طريق دوام البقاء الطبيعي لمادتها ين‬
‫الشعوب ‪ ،‬وانما هو عمل افراد من القصاصين الموهوبين ‪٠‬‬
‫وباالضافة الى ‪ D‬قانون الحق الذاتي » الذي نحسب له حسابه في‬
‫الروايات المتعددة ‪ ،‬هناك كذلك بكل تأكيد االحساس بالشكل عند‬
‫القصاصين المجيدين ‪ ٠‬وقد سبق ان اشرائ الى أن ما تبدو عليه القوانين‬
‫الشكلية للحكابة الخرافية من صالبة ‪ ،‬وما يبدو عليه اطارها من ضيق‬
‫هو سر قوتها ‪ ٠‬ومن ثم فان الحكاية الخرافية الهزيلة المهلهلة البنية ال‬

‫ا‬ ‫‪ ٥٩‬ا‬ ‫‪-‬‬


‫تعد متمشية مع هذه القوانين الشكلية ‪ ٠‬على ان القصاصين المجيدين‬
‫من احساس متميز بالشكل يردون مثل هذه الحكاية الضعيفة‬ ‫دما‬

‫‪٠٢٩٢٩٠‬‬
‫طريق تحويرها واستكمالها مرة اخرى الى شكلها المكتمل ‪ ٠‬وربما‬
‫عن هذا في بعض االحيان شكل شبيه وقريب حتى في تفصيالته‬
‫انشكل االصلي ‪ ،‬وقد تنشأ في بعض االحيان كذلك حكاية خرافية‬
‫يدة ‪ ،‬على انه ال ينشأ عن ذلك شىء غريب عن الحكاة الخرافية‪.‬‬

‫•‬
‫وكل هذا — فيما يبدو لنا ‪ -‬تضافر على االحتفاظ بطبيعة الحكاية‬
‫الخرافية عبر مائت بل الوف من السنين دون تغيير حقا ‪ ٠‬انه من الممكن‬
‫اذ ننظر في بعضاالحيان الى النصوص المدونة للحكاية الخرافية‬
‫بوصفها االصل الثابت الذي يرجع اليه قصاصو الحكاية الخرافية مرة‬
‫اخرى ‪ ٠‬على ان هذه االشكال المدونة كثيرا ما كانت دليال مضلال ‪،‬‬
‫ومع ذلك فان الحكاية الخرافية ظلت في عمومها هي نفسها ‪٠‬‬
‫وتعد الفابوال واالسطورة والقصة تطورا متاخرا للفن االدبي‪ ،‬ومن‬
‫السهل التمييز بينها وين الحكاية الخرافية ‪ ٠‬ولسنا نود ان نقرر هنا‬
‫هذه المسائل ‪ ،‬وانما نود ان ندرس بحث القوانين الشكلية واالنواع‬
‫االدبية المتقاربة وتاريخ الموضوعات ‪ ،‬وان نشير الى خصائص الحكاية‬
‫الخرافية عند بعض الشعوب ‪ ،‬وان نقدم بعض االمثلة النقلية لما سبق‬
‫ان ذكرناه ‪٠‬‬

‫‪-‬ا‪- ٦٦٠‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫الحكاية الخرافية‬

‫عند شعوب حضارات البحر االبيض المتوسط‬

‫بابل‬

‫تعد ملحة حلجاشى البابلية (‪ )١‬اقدم االياد واجدرها بالتقدير ‪،‬‬


‫االمر اذييدعو الى التعرض لها عن قرب بالبحث ‪ ٠‬ونحن ما نزال‬
‫نحتفظ بجزء من هذه الملحمة يرجع في التاريخ الى الفي عام قبل الميالد‬
‫ومن ثم فاذ هذا يعود بنا الى الوراء ما يقرب من اربعة الف عام ‪٠‬‬
‫ويرجع االصل االول للملحمة الى السومريين ‪ ،‬اقدم سكاذ بابل ‪،‬‬
‫اما نص الملحمة الرئيسي الذي وصل الينا فهو كذلك ليس كامال ‪،‬‬
‫وهو يرجع على وجه التقرب الى القرن السابع قبل الميالد ‪ ،‬اي انه‬
‫يرجع الى العصر االشوري ‪ ٠‬هذا باالضافة الى اجزاء منها مكتوبة‬
‫باللغات الحيثية واالكادية والمورية ‪ ،‬الى جانب مجموعة من اللوحات‬
‫التصويرية التي عدت تكرارا لمشاهد من الملحمة ‪٠‬‬

‫والملحمة شعر بطولي نسج من موضوعات السحر والعجائب ‪٠‬‬


‫وفيها كذلك مجموعة من التأمالت ذات الطابع القديم ‪ ،‬شييهة بتلك‬
‫التي سبق التعرف عليها في الحكاية الخرافية البدائية ‪٠‬‬
‫كاذ جلجامش يستعبد سكاذ « ورقا» ( وقد اشتهرت هذه المدينة‬

‫‪ - ١‬انظر مقالة « الملحمة البابلية جلجامهى ‪1‬للمترجمة فيمجلة« المجلة» مايو عشة ‪١٩٦٢‬‬

‫‪ -‬ا‪- ١٦‬‬
‫من جديد عن طريق الحفريات التي ترجع الى عصور متأخرة ) ‪ ٠‬وقد‬
‫خلقت الهة الخلق ‪ ،‬رغبة منها في معاندة جلجامش ‪ ،‬بطال مناوائ له‬
‫هو انجيدو ‪ ٠‬وكانت قوة انجيدو تعادل قوة فرقة من الجيش تسندها‬
‫قوة السماء ‪ ٠‬وكل جسده بأكمله مغطى بالشعر ‪ ،‬كما كان شعر رأسه‬
‫غزيرا كشعر النساء ‪ ٠‬وكانت ثيابه من جلد الحيوان وكاذ يأكل العشب‬
‫مع الغزالن ويرتوى عند مورد الما ء مع القطيع ‪ ،‬وكان قلبه يسعد‬
‫بمرأى المياه النزيرة ‪٠‬‬
‫لقد كان انجيدو صديقا للحيوان ‪ ،‬وكان يكتسي جلدها ‪ ٠‬ويذكرنا‬
‫هذا بحكاية « صاحب اآلالم المتعددة» ‪ ٠‬اذ كاذ شعره الطويل ‪-‬كما‬
‫هو الحال في قصة شمشوم في االنجيل‪ .‬تاكيدا لقوة خاصة ‪٠‬‬
‫ثم اوقع جلجامش انجيدو في حبال امرأة سرعان ما تالف معها ‪،‬‬
‫ولكنه صار بذلك غريبا عن عالم الحيوان ‪ ،‬حتى ان الحيوان كان يهرب‬
‫منه ‪ ٠‬وعند ذاك اخذ الشوق الى االنسان يأكل روح انجيدو ‪٠‬‬
‫وهنا نصادف مرة اخرى عقيدة البدائيين ‪ ،‬حيث نجد الكائن الذي‬
‫اتصل ذات مرة بعالم اخر يظل كذلك اسيرا له •‬
‫وفي جزء متأخر من الملحمة ‪ ،‬عرضت االلهة عشتروت حبها على‬
‫جلجامش ‪ ٠‬وكان انجيدو وجلجامش اذ ذاك قد صارا صديقين ‪ ،‬لكن‬
‫جلجامش رفض حب االلهة عشتروت النها جلبت من قبل سوء المصير‬
‫الى محبيها اثستة ‪ ٠‬فلقد ظل زوج شبابها تموز يبكي تعاسته سنين‬
‫طويلة ‪ ،‬كما ان حبيبها الثاني الذي كان راعيا اصبح طائرا مكسور‬
‫الجناحين يصيح شاكيا في الغابة «كابي»‪ ،‬اي واجناحاه ‪ ٠‬اما‬
‫الثالث فقد مسخ في صورة اسد يقتفي الناس اثره ‪ ،‬والرابع مسخ‬
‫في صورة فرس يضربه الناس بالسياط ويستثيرون غضبه ويخزونه ‪٠‬‬
‫وكان عليه ان يركض سبع ساعات مضاعفة ‪ ،‬وان شير المياه قبل ان‬
‫يتمكن من االرتواء ‪ ٠‬اما الخامس فقد كاذ راعيا ‪ ،‬وربما تحول الى‬
‫ذثب يقتفي الشبان من الرعاة اثره وتعضه كالبهم ‪ ٠‬اما السادس فقد‬
‫كاذ صبي بستاني يزين مائدتها ‪ ،‬ثم تمكن من التخلص منها فمسخته‬
‫كذلك عقابا له ‪٠‬‬

‫‪- ١٦٢ -‬‬


‫وهنا نجد اذ االلهة عشتروت — شأنها شأن الساحرات والعجائز في‬
‫الجكاية الخرافية — كات لديها مقدرة على مسخ االنسان في صورة‬
‫حيوان ‪ ٠‬بل ان مسخ االنسان في صورة جواد تمتطي صهوته قد اصبح‬
‫عمال رائعا من اعمال العجائز ما يزال يحكي عنه حتى اليوم ‪ ٠‬و كذلك‬
‫تذكرفا عثتروت بنخصية كرك فهمن في ملحمة االوديسا ‪ ،‬التي‬
‫كانت تسحر الناس في صورة حمير وخنازير واسود وذائب ‪ ٠‬اما‬
‫ان الحصان كان يتحتم عليه ان شير المياه ‪ ،‬فربما كان هذا صدى‬
‫للحكايات الشعبية الخرافية ‪ ،‬حيث نجد حافر الحصان نفجر المياه من‬
‫باطن االرض كما هو الحال في حكاة « المتجولين » عند‬
‫ه جزم ه ‪٠‬‬
‫ثم رأى انجيدو رؤى مخيفة نبأته بنهايته الوشيكة ‪ ٠‬وتوفي‬
‫انجيدو ‪ ٠‬وعند ذاك هم جلجامش بالرحيل الىجده االكبر «اوتنابستى» ‪.‬‬
‫االنسان الوحيد الذي نجا من الطوفان سب لكي يحصل منه على سر‬
‫الحياة الخالدة ‪ ٠‬ووصل جلجامش الى نهاية العانم حيث قلتقي اجواز‬
‫السماء بالعالم االرضي عند بوابة تشرق منها الشمس وتغرب كل‬
‫يوم ‪ ،‬وحيث يسهر على حراستها انسان عقرب مع زوجته ‪ ٠‬وقد حذر‬
‫هذان جلجامش من المضي في رحلته الى جده االكبر‪ ،‬ولكن جلجامش‬
‫لم يقلع عن عزمه ‪ ٠‬عند ذاك قدما اليه نصيحة طيبة ‪ ٠‬وبعد هذا ظل‬
‫جلجامش اثنتا عشرة ساعة مضاعفة تجول دائما في الظالم‪ ،‬حتى وصل‬
‫في النهاية الى حديقة اللهة حيث تتدلى من اشجارها احجار كربمة بدال‬
‫من الفاكهة ‪ ٠‬وكان خلف الحدقة بحر تستوي على عرضه االلهة‬
‫« سابوتي » التي فزعت عندما عرفت ما اتتواه جلجامش ‪ ،‬وحاولت ان‬
‫تجنبه ذاك الطريق ‪ ٠‬ولكمن جلجامش هددها ‪ ،‬فاذعنت ‪ ،‬وان هي‬
‫حذرته مرة اخرى ‪ ٠‬وكانت الرحلة عبر بحار الموت اشد ما تكون‬
‫خطورة ‪ ٠‬ولم يكن في وسع احد اذ يقدم المساعدة لجلجامش فيها‬
‫سوى نوتي جده اكبر ‪ ٠‬وعثر جلجامش على النوتي الذي عبر به‬
‫كذلك الماء وتحكى الملحمة عن ذلك بتفصيل ‪ ٠‬ومع ذلك ال تبدو‬
‫التفصيالت الشائقة ذات طابع خرافي ‪ ٠‬وصرح « او تنابستي» الجد‬

‫‪-- 1٦٣ -‬‬


‫االكبر لجلجامش اذ انساا لم يمنح الخلود قط ‪ ،‬ولكن اذا استطاع‬
‫جلجامش ان يقاوم النوم ستة ايام وسبع ليال فانه ربما منح الخلود ‪٠‬‬
‫وانبثقت الرحمة في قلب زوجة الجد االكبر وتوسلت الى زوجها ان‬
‫يصنع شيائ من اجل جلجامش الذي لم يستطع ان يظل يقظا ‪ ٠‬فأمرها‬
‫انجد االكبر ان تخبز سبعة من االرغفة ففعلت ‪ ،‬وشاءت ان تضعها على‬
‫راس البطل ‪ ٠‬وهنا طلب اليه او (تنابستي) ان يعجن الرغيف السابع ‪،‬‬
‫وان يشكل السادس ‪ ،‬ويبلل الخامس وترك الرابع يختمر‪ ،‬ويحمر‬
‫الثالث ‪ ،‬ويشوى الثاني وان يحد االول لالكل ويحمله على قمة راسه‪.‬‬
‫وأثار هذا ثائرة جلجامش ‪١ ٠‬ذ ام كان هناك وقت لمثل هذا العبث ‪٠‬‬
‫ثم دفعة التعب المضني الى ان يسترخي لحظة ‪ ٠‬وتوسلت الزوجة الى‬
‫زوجها مرة اخرى ان يصنع شيائ من اجل جلجامش ‪ ٠‬ولعن اثجد االكبر‬
‫النوتي الذي جاءه بذلك االنسان ‪ ،‬ولكنه افشى الى جلجامش سر‬
‫الخلود ‪ ،‬فهناك في قاع البحر ينبت نوع من الحشائش يمنح االنسان‬
‫الخلود ‪ ٠‬وربط جلجامش الحجارة على جسمه ونزل الى قاع ابحر‬
‫واتتزع الحشائش واحتفل بامتالكه لها واراد يعود بها الى ورقا حتى‬
‫بفوز شعبه كذلك الخلود ‪ ٠‬ولكنه ينما نزل ذات مرة فى اثناء رحلته‬
‫لكي يستحم اثناء سيره اقتربت حية من الحثائش كانت قد اجتذبتها‬
‫رائحتها ‪ ،‬والتهمتها وحرمت جلجامش منها ‪ ،‬وبهذا تحتم على جلجامش‬
‫حينما رجع الى العالم االرضي مرة اخرى ‪ ،‬ان يموت رغم كل‬
‫ذلك ‪٠‬‬
‫ويحتوى الجزء البابلي للملحمة ‪ ،‬الذي يعد اقدم من النص‬
‫االشوري الرئيسي الكامل لها بحو الف وخمسمائة سنة ‪ ،‬والذي‬
‫عرضنا محتواه هنا بطريقة مختصرة ‪ ،‬على بعض المشاهد المهمة من‬
‫رحلة العالم اآلخر مع قدر ضئيل نسبيا من التحوير ‪٠‬ويبدو لنا ان‬
‫هذه الرحلة بعينها الى العالم االخر من اجن اكتساب الحياة الخالدة‪،‬‬
‫هي اقرب أجزائما الى الحكايات الخرافية المعاصرة ‪ ٠‬ونحن نعرف من‬
‫ملحمة جلجامش سلسلة من الموضوعات ما نزال نصادفها حتى اليوم‬
‫في مجموعها بالملحمة ‪ ٠‬ففي نهاية العالم تصطدم السماء باالرض ‪،‬‬

‫‪1٦٤ -‬‬
‫وهناك تقوم بوابة تشرق منها الشمس وتغرب ويحرسها كاثن هئل‬
‫والطريق الى انعالم االخر محفوف دائما يالمخاطر ‪ ،‬وندن المكاد‬
‫يسوده سحر رائع ‪ ٠‬وقد عرفنا منقبلكل هذه التصورات في‬
‫احكايات الخرافيه البدائية‪ ،‬وما نزال تتعرف عليها 'نذلك في خكايانا‬
‫الخرافية‪.‬‬

‫فأبطال الحكاية الخرافية وبطالتها يحاولون القيام بأسفارهم انى‬


‫اعالم اآلخر اما للغرض الذي من اجله سافر جلجامش‪ ،‬وهو انحصون‬
‫على الخلود ‪ ،‬او الحصول على ماء انحياة ‪ ،‬او رغبة منهم في الوصول‬
‫اى كائن مرغوب فيهزج به في العالم اآلخر‪ ،‬او النهم يودوذ مثل‬
‫ارفيوس تخليص ميت من العالم السفلي وربما اراد جلجامش من‬
‫رحلته الى الجد االكبر ان يعيد صديقه الى العالم الدنيوى ‪ ٠‬وقد‬
‫تحتم عليه ‪ -‬كما هو الحال في حكاياتنا الخرافية ‪ -‬ان يسأل جاهدا‬
‫عن الطريق ‪ ،‬حتى ظفر في النهاية بالمساعدة والعون ‪ ٠‬ومن المألوف ان‬
‫يجرؤ االبطال على السير في الطريق الى العالم اآلخر لكي ينتزعوا سرا‬
‫من سيد ذلك العالم ‪ ٠‬ثم تعطف عليهم سيدة شفوق ‪ ،‬قد تكوذ جدة‬
‫نلشيطان او ام العفريت او كيف ما تكون ‪ ٠‬وكذلك كان االمر في‬
‫ملحمة جلجامش ‪ ،‬فلم يفش او تنابستي سر الخلود اال تليية لتوسالت‬
‫زوجته ‪ ٠‬وتحكى كثير من الحكايات الخرافية عن البحث عن ماء الحياة‬
‫او عشب الخلود ‪ ٠‬وفي كثير من االقاصيص تكوذ الحية مالكة للنبات‬
‫الذي يمنح الخلود ‪ ٠‬وكذلك يتحتم على بطل الحكاية الخرافية الذي‬
‫يطلب منه القيام بعمل معين ‪ ،‬ان يكون قادرا على مقاومة النوم ‪ ٠‬وغالبا‬
‫ما يعجز االخوان الكبيران عن القيام بهذه التجربة ‪ ،‬وال يتمكن من‬
‫البقاء يقظا طوال المدة المحددة سوى االخ االصغر ‪ ٠‬وقد فشل‬
‫جلجامش في هذه التجربة ‪ ٠‬ونحن نعتقد اذ المساعدة التي تقدم‬
‫للبطل عن طريقاعداد الخبز تخفي وراءها حيلة تحكى عنها اتاشيد‬
‫اآللهة والحكايات الخرافية ‪ ٠‬فالشخص الذي يقتفى اثره عفرمت او‬
‫يتهدده ‪ ،‬يستطيع ان يسطله بأذ يحكي لمعن آالمه وعن انتصاره ‪٤‬‬

‫‪- ١٦٥ ٠‬‬


‫ويحكي له عن عمليه انغزل او عن أعداد الخبز وينجح ابطل بهده‬
‫الوسيله ‪ ،‬او عن طريق اشغال المارد بااللغاز ‪ ،‬باد يجعل المارد يعصي‬
‫افترة اتتي ال تظهر قوته اال في اننانها ‪ ،‬دون اد يضهر منه بتي‪، ،‬‬

‫وفي وسعنا ان نقبل احتمال ان تكون أالحكابات الخرافيه انتي‬


‫تشات في العصور المتاخرة قد استمدت من ملحمه جلجامش ‪ ،‬وبهده‬
‫الطريقه يمكن تفسير اتفاقها مع الملحمه في كثير من الموضوعات ‪٠‬‬
‫ولكن ايمكن ان يكون العكس صحيحا ؛ اعني ادان في بابل القديمه‬
‫ثروة هاثلة من الحكايات الخرافية استمد منها مؤف الملحمة مادته نم'‬
‫على انه ليس في وسعنا ان نقول شيائ عن اشكل الدي كانت عليه‬
‫هذه الحكايات الخرافية ‪ ،‬ولكننا نميل كل الميل الن نقبن فكرة ان‬
‫تكون الروايات الشعبية قد عاشت قبل الملحمه ‪ ٤‬فهده الظاهرة نفسها‬
‫تصادفنا في ملحمه هومير وفي ادب ابوذين وفي كتأب « االدا » ‪،‬‬
‫وكذلك في مالحم البالط في العصور الوسطى ‪ ٠‬فنجد ان اغنيات‬
‫ابطال وحكايات اآلهة واالساطير واالعمال االديه الملحمية تتضمن‬
‫الكتير من موضوعات الحكاية الخرافية ‪٠‬وهكذا يحق لنا ان نقبل ان‬
‫ملحمة جلجامش كذلك قد استمدت من مستوى معين من اتصورات‬
‫انشعبية واالقاصيص ‪٠‬‬

‫وتشير حكاات الشعوب البلقانية والرومانية والمجرة حتى اليوم‬


‫الى اتفاق عجيب يينها وبين هذه الملحمة القديمة ‪ ،‬بل بينها وبين حكايه‬
‫« االخوين » المصرية ‪ ٠‬ولسنا نعرف ما اذا كانت المادة الشعبية القديمة‬
‫قد أحتفظت بها الرواية الشقوية عبر آالف السنين فالشواهد على ذلك‬
‫ضئيلة للغاية ‪ ،‬وانكنا نعرف على وجه التحديد ان بعض العادات وبعض‬
‫الطقوس قد اتتقلت من آسيا الى أوروبا ‪ ٠‬وربما فكرنا في شيء من‬
‫هذا القبيل بالنسبة للحكاية الخرافية التي ترجع الى عصر قديم ‪ ٠‬على‬
‫انه من المحتمل كذلك ان تكون هناك للملحمة رواية مكتوبة متداولة ‪،‬‬
‫فلقد تركت ملحمة جلجامش أثرها فى بعض اآلداب التى ظهرت بعد‬

‫‪- ١٦٦٠‬‬
‫ذلك بمائت السنين ‪ ٠‬ومن المحتمل حقا ان تكون القصة القدية‬
‫المتأخرة عن رحلة االسكندر الى نبع الخلود قد تأثرت بها ‪ ٠‬ثم ان‬
‫قصة االسكندر عاشت بدورها في روايات متعددة وفي صور ادبية‬
‫محورة ظهرت في العصور الوسطى وكذلك في اوروبا ‪ ،‬حيث اتتقلت‬
‫اليها هذه القصة عن طريق بيزنطة ‪٠‬‬

‫‪- ١٦٧ ،‬‬


‫لم يعرف الغرب الحكاية الخرافية والحكايات ذات الطابع الخرافي‬
‫في ادب مصر القديمة ‪ ،‬وهي غالبا مجرد مقتطفات ‪ ،‬اال في زمن‬
‫متأخر ‪ ٠‬وقد عرف القدر االكبر منها في النصف انثاني من القرن‬
‫التاسع عشر ‪ ٠‬على ان هذا ال يمثل نهاية ما وصلنا عن المصريين‬
‫القدماء ‪ ،‬فما زلنا تتوقع بعض المفاجات ؛ ذلك ان ما وصلنا ال يمئل‬
‫بحق سوى قدر يسير من الثروة التي عرفتها مصر ذات يوم ‪٠‬‬
‫وليست الحكايات الخرافية المصيية والحكايات ذات ألطابع‬
‫انحرافي بحال من االحوال حكايأت خرافية شعبية خالصة ‪،‬وانما هي‬
‫فن من الحديث والحكاة كانت العناية به شديدة ‪ ،‬فكان القصاص‬
‫يعرف أسلوب التكرار وطريقة التطور بالحكاية ‪ ،‬ويستخدمهما في‬
‫أغلب االحيان استخداما مؤثرا ‪ ٠‬وكذلك كان ينظر الى الكتابه والعلم‬
‫بوصفهما فنا ملكيا ذا قوة سحرية ‪ ٠‬وقد قأكدت لدى المصريين‬
‫القدماء اهية الساحر ‪ ،‬واليه نسبت اعمق الوان المعرفة واكثرها‬
‫شموال ‪ ،‬وما يزال كثير من التصورات الدينية التي عرفناهأ لدى‬
‫الشعوب البدائية يلعب هتا كذلك دورا مهما ‪ ٠‬ومثال ذلك اايمان‬
‫بقوة االسم وبحياة الروح في الصورة وفي الظل وفي أحد الطيور‬
‫وفي االشجار ‪ ٠‬فالذي يسمي بوابة مثال باسمها الحقيقي تنفتح له ‪:‬‬
‫كما هو في حكاية الف ليلة وليلة الشهيرة ‪ ،‬اذ انفتح الباب من تلقاء‬
‫تفسه بمجرد ان ذكرت عبارة « افتح يا سمسم » ‪ ٠‬ومن المحتمل ان‬
‫تكون حكايات انف ليلة وليلة تخفي في ثناياها بعض الحكايات‬
‫المصرية القديمة ‪ ٠‬على انالشواهد التي وصكتنا عن مصر القديمة ليست‬
‫من الوفرة بحيث نستطيع ان نقرر ما بين الحكاات المصرية وبين غيرها‬
‫من الحكايات من صالت قوية ‪٠‬‬
‫ولقد وسعت مقدرة السحر فى هذه الحكايات فنونا كثيرة ‪ ،‬فكان‬
‫‪-١٦٨-‬‬
‫في وسع احدهم ان يشطر البحر شطرين وينقل الماء من احد الشطرين‬
‫الى االخر بحيث يصبح قاع البحر باديا للعيان ‪ ،‬فيستطيع االنسان ان‬
‫بقاربها ‪ ٠‬وقد بعث ساحر آخر الحياة في تمساح من الشمع أبتلع‬
‫شابا زانيا ثم عاد يعد ذلك متخذا صورته الشمعية االولى وقد كان‬
‫كبير السحرة يلتهم كل يوم خمسمائة رغيف وعجال ‪ ،‬ويشرب مائة قدح‬
‫من الجمعة ‪ ،‬وقد عاش هذا الساحر حتى بلغ من العمر مائه سنة وعشرا‬
‫ولقد قتل هذا الباحر اوزة ‪ ،‬ومالكها الحزين وثورا ثم احياها جميع‬
‫مرة اخرى ‪ ٠‬وقد اشتهر في الحكاية الخرافية االلمية عن الرسل‬
‫وافديسين مثل هذا الفن في الشفاء ‪٠‬‬
‫ويحكى في حكاية مصريةئدي‪٠‬ه عن مباراة بين ساحر نوبي وآخر‬
‫مصري ‪ ،‬فقد قيدا ملكيهما اثناء انليل ونقاال الملك النوبي الى مصر‬
‫والمصري الى النوبة ‪ ،‬واخذا يضربان كال منمما بالعصى خمسمائه‬
‫ضربة ‪ ،‬ثم اعاد كل منهما ملكه الى بالده في الليلة نفسها ‪ ٠‬وفي الصباح‬
‫أطلع كل من الملكين رجال بالطه — الذين اصابهم الفزع ‪ -‬على‬
‫ظهره الذي ادماء الضرب ‪ ٠‬ويشبه هذين الساحرين قوة حماة عالء‬
‫الدين في الف ليلة وليلة ‪ ،‬وكذلك الحماة في حكاية اندرسون الشميره‬
‫« الضوء االزرق » ‪ ٠‬وتمضي الحكايات المصرية نحكى عن التنافس‬
‫ييل السحرة فتقول ان احد السحرة اشعل شعلة قوية فاطفاها اآلخر‬
‫عن طريق اسقاط المطر ‪ ،‬وان احدهما سير سحابة دكنأء فمحاها االخر‬
‫ثم شيد احدهما بناء صلدا من إلحجر فحمله االخر في مركب وسار به‬
‫في عرض البحر ‪ ٠‬واراد الساحر الممزوم ان مرب متقمصا شكل اوزة‬
‫فهاجمه المتتصر في صورة طائر آخر اقوى منه لكي يطعنه ‪ ٠‬ونحن‬
‫نعرف هذا التنافس بين السحرة في عدد كبير من الحكايات الخرافية‬
‫بخاصة في الحكاية الشرقية ‪ ٠‬وهناك كتاب في السحر يصف فنون‬
‫هؤالء السحرة ‪ ٠‬ويقع هذا الكتاب في عرض البحر داخل صندوق من‬
‫الحديد ‪ ،‬وضع داخل صندوق من البرن ‪ ،‬وهذا بدوره في صندوق‬
‫من خشب الصندل ثم في صندوق من العاج وهذا في صندوق من‬
‫خشب االبنوس ثم في صندوق من الفضة‪ ،‬واخيرا وضع هذا في‬
‫‪--‬‬ ‫‪١٦٩‬‬ ‫'‬
‫صندوق من الذهب ‪ ٠‬وقد كانت تلتف حول هذه الصناديق افعى ‪،‬‬
‫كما عج البحر بالتنيين والعقارب وافاعي فيدائرة حول الصندوق قطرها‬
‫ميل ‪ ٠‬ونحن نعرف هذا الموضوع نفسه في حكايات الشيطان الذي‬
‫كان قلبه خارج جسده ‪ ٠‬فيحكى مثال ان ارنبا كان يسكن كنيسة ‪،‬‬
‫وبداخا‪ ،‬هذا االرنب كانت تعيش بطة بداخلها بيضة ‪ ،‬فاذا حصن‬
‫انان على البيضة وهشمها استطاع ان نتغلب على الشيطان‬
‫وقتله ♦‬

‫وقد حكى المصريون عن مغامرات السفر الرائعة الجريئة كذلك ‪،‬‬


‫وهذه الحكايات بعينها كثيرا ما يكون لها طابع خرافي قوي ‪ ٠‬فقد‬
‫تمكن صاحب سفينة محطمة من ان يتعلق بلوح خشبي طرح به في‬
‫جزيرة ‪ ٠‬وهناك اخذ تقلب في حياة النعمة ‪ ،‬فقد كان سيد هذه‬
‫الجزيرة تنينا يبلغ طوله ثالثينذراعا وذقنه ذراعين ‪ ٠‬ثم تنبأ هذالصاحب‬
‫السنفينة المحطمة بأن سفينة ستفد عليه بعد اربعة شهور مع مجموعة من‬
‫الحراس وانها سوف تحمله الى بالده ‪ ٠‬وكان هذا التتين يعيش فيما‬
‫مضى فيهذه الجزيرة مع خمس و سبعين من االوالد واالخوة‪ ،‬ولكن‬
‫نجما هوى من السماء فقتلهم جميعا فيما عداه ‪ ٠‬وبعد شهور اربعة‬
‫ترك صاحب السفينة المحطمة الجزيرة محمال ألهدايا الثمينة ‪ ،‬وما ان‬
‫غادرها حتى غمر البحر الجنيرة وابتلعها ‪٠‬‬
‫ونحن نختفظللمصريين بعدد هائل مناتفابوالت وحكايات الحيوان‬
‫كما نحتفظ لهم كذلك بيبعض الحكايات الخرافية التي تحكى عن عالم‬
‫انقلبت فيه االوضاع ‪ ٠‬فالقط يصور في احدى الرسوم بوصفة حاميا‬
‫لالوز ‪ ،‬واالرنب بوصفه راعيا للماعز ‪ ،‬والفئران وهي تستوطن بلدة‬
‫تسكنها القطط واالسود والغزالن وهي تجلس لتشاهد جولة في لعب‬
‫الكرة ‪٠‬‬
‫ويحق لنا ان نعد حكاية « الصدق » النذي سملت عيناه‬
‫وحكاية « االخوين » التي سبق ان اشرفا اليها مرارا ‪ ،‬اهم تلك‬
‫النماذج التي سبق ذكرها ‪٠‬‬

‫‪- ١٧٠ -‬‬


‫ففي عام ‪ ١٩٣٠‬على وجه التقريب اكتشفت حكاية مصرية بين‬
‫ثنايا اوراق البردي ترجع الى انقرن الثاني عشر قبل الميالد ‪ ٠‬وهذه‬
‫الحكاية الخرافية الحدئة بطرقة تثير الدهشة تقول ‪:‬‬

‫يعثر على قطعة من المحلى كانت فتاة قد فقدتها وهي تجوب النهر‬
‫كان الصدق س‪ ٠‬والكذب ‪ ,‬اخوين ننازعا فيما بينهما ‪ ،‬وربما كان‬
‫سبب ذلك ادعاء كل منهما انه اقوى من االخر ‪ ٠‬وقد اقسم ‪ -‬الكذب‬
‫مامالمحكمة انهاليوجدسالحكبير مهول حدهمثل الجبل ضخامةوقبضته‬
‫مثل الشجرة وهكذا ‪ ٠‬ولم يشا الصدق ان يصدق هذا القول ‪ ،‬فحوكم‬
‫وسلمت عيناه بناء على قسم من ‪ ٠‬انكدب ‪ ٠ -‬ثم عمل االخ االعمى‬
‫فيما بعد بوابا ‪ ،‬واحبته امرأة ووشدت منه ولذا فاق اقرانه الذدن‬
‫يكمبرونه ذكاء وقوة ‪ ٠‬ثم علم االبن بقصة مولده فأراد أن نتقم اليه‬
‫لما لحق بهمنظلم‪ ،‬فأتى بشور غاية في الروعة وأحضره الى رعاة االخ‬
‫« انكذب » وجعله يرعى في مراعي عمه ‪ ٠‬ورأى « الكذب » الثور‬
‫فحرض رعاته على سرقته من الصبي ‪ ٠‬وحق للصبي في مقابل هذا ن‬
‫يختار من بين قطيعه ثورا آخر‪ ،‬ولكن الصبي أخبر الراعي بأته ليس‬
‫هناك ثور مثلثوره ضخامة‪ .‬فهو حينما يقف عند بحرآمون يصلذنبهالى‬
‫اعلى سيقان البردي ‪ ،‬كما ان أحد قرنيه يصل الى الجبل الغربي واآلخر‬
‫يصن الى المجبل الشرقي ‪ ٠‬اما مستقره ففي النهر الكبير وهو يلد كل‬
‫يوم ستين عجال ‪ ٠‬ولم يصدق الراعي هذا القول ‪ ٠‬حينئذ قيده الصبي‬
‫وحمله الى االخ « الكذب » وطلب منه ان يحضر امام محكمة اآللهة ‪٠‬‬
‫فادعى « الكذب » ان مثل هذا الثور لم يخلق بعد ‪ ،‬وعندئذ سأل‬
‫الصبي اآللهة عما اذا كان هناك سيف كالذي ادعى « الكذب» انه‬
‫كان قد رآه ‪ ٠‬وعلى هذا تحتم على االلهة ان تعيد النظر في الحكم‬
‫ين الصدق والكذب ‪ ،‬فاصدرت حكمها بأن يرأ الصدق ‪٠‬‬

‫وقد قوبكت هذه الحكاية بدهثة من الباحثين في الحكايات الخرافية ‪.‬‬


‫ذلك ان موضوعها الذي وان كان قد عرف خالف ذلك في كثير من‬
‫الحكايات الهزلية وحكايات الكذب ‪ ،‬اال انه يصور هنا في اطار جدى‬

‫‪ ٠‬ا‪- ٦٧‬‬
‫وجديدة كل الجدة ‪ ٠‬وتتمثل الفكرة هنا في ان احد الشيئين مستحيل‬
‫كاالخر ‪ ،‬فمن المستحيل ان يلد الثور عددا هائال من العجول ‪ ،‬كما‬
‫يستحيل ان بصيد السمك من المناطق الجافة ‪ ٠‬هده افكرة تعد فيمأ‬
‫بعد من االفكار الرئيسية في الحكايات الخرافية عن الجنية الدكية ‪٠‬‬
‫ثم اننا نرى ان محكمة االلهة هي التي استدعيت في الحكاية المصريه‬
‫فربما كان السيف والثور ذات يوم من ممتلكات اآلهة ‪ ،‬وان االخوين‬
‫المتنازعين ربما كانا في االصل الهين هما اله الشر واله الخير ‪ ٠‬هذا —‬
‫على االقل ‪ ٠٠‬ما يراه ناشر الحكاية المصية ‪ ٠‬ثم ان الدي حسم الخالف‬
‫هو ابن صبي الحد االلهين ‪ ٠‬وربما تيين لنا هنأ االتفاق الواضح كز‪،‬‬
‫الوضوح بين عالم اسطورة االلهة وعائم الحكاية الخرافية ‪ ٠‬وقد اشرن‬
‫الى انه ليس هناك — في رأينا ‪ -‬اختالف جوهري بين هذين النوعين‬
‫في‪ .‬المرحلة االولى ‪٠‬‬
‫هذا ماتحكيه حكاية خرافية اتتشرت في العالم في مائت الروايات‬
‫عن الصراع بين االخوين « الصدق والكذب» ختى يومنا هذا ‪ ٠‬وقذ‬
‫تسربت هذه الحكاية المصرية الى الحكاات الهندية وحكايات الف‬
‫ليلة وليلة‪ ،‬كما انها رويتفيجنوب اوروبا وجنوب شرقها عدة روايات‬
‫شديدة الشبه بهذه الحكاية المصرية ‪ ٠‬ومن هذه المنطقة اتشرت هذه‬
‫الحكاية في الوقت نفسه في اوروبا وربما انتقلت‬
‫من مخطوط الى آخر‪ ،‬على انه غالبا ما كان يشار اليها فى مجال انوعظ‬
‫فقد فقدت الحكاية اصلها االسطوري وبقيت منها فكرة اتتصار الخير‬
‫على الشر او الصدق على الكذب ‪ ٠‬كما ان حكاية ال المتجولين » عند‬
‫االخوين « جرم » ‪ ،‬تلك التي سمل فيها الشرير عين الخياط الخير ‪،‬‬
‫هي بحق امتداد للحكاية الخرافية المصرية ‪ ،‬ففيها كذلك اتتصر اخير‬
‫في النهاية رغم كل االخطار وكل المكائد ‪ ٠‬ونحن نعتقد ان العالقة‬
‫بين هذه الجكاية الخرافية واسطورة االلمة اوضح منها في معظم‬
‫الحكايات الخرافية االخرى‪ ،‬وان حكايات الكذب واالدط; الخرافية‬
‫لتي تبدو مجرد اداة للتسلية تتضمن مثل هذا االساس الجدي‪ ،‬االمر‬
‫الذي يبدو بالغا في االهمية ‪٠‬‬

‫‪ ١٧٢ -‬ص‬
‫اما اشهر الحكايات الخرافية المصرية في حكاية االخوين ‪ ٠‬ه ازب »‬
‫( ويسمى كذلك انوبو ) ‪ ،‬وباتو ( ويسمى كذلك يتيو ) التي دونت‬
‫قبل الميالد بحوالي الف وثالئمائة سنة ‪ ،‬وعرفت في اوروباعام‬

‫‪٠١٨٥٢‬‬
‫انوب يعيش مع اخيه االصغر باتو ‪ ،‬الذي كان يفهم اصوات‬
‫الحيوان ‪ ،‬حياة وائم على الدوام ‪ ٠‬ثم اشتهت زوجة انوب االخ باتو ‪،‬‬
‫الذي رفضها رغم إغرائها ‪ ٠‬عند ذاك اوقعت الزوجة يباتو لدى اخيه‬
‫ادوب ‪ ،‬وادعت انه اراد ان يعتدي عليها ‪ ،‬ولم تستطع ان ترده عنها‬
‫اال بعد جهد جهيد ‪ ٠‬وصدق انوب هذا القول واراد ان قتل باتو ‪،‬‬
‫غير ان بقرة ذات صوت انساني حذرت باتو من هذا االمر ‪ ٠‬وهرب‬
‫باتو من اخيه وطلب العون من اله الشمس الذي خلق نهرا مليائ بالتماسيح‬
‫يفرق يين االخوين ‪ ٠‬وفي اليوم التالي اخبر باتو اخاه بما حدث في‬
‫الحقيقة ‪ ٠‬وندم أنوب على فعلته وقتل زوجته ‪ ٠‬وذهب باتو الى وادي‬
‫‪٠‬اشجار المدر وأراد ان يطرح قلبه بين براعمها ‪ ،‬وتوسل الى اخيه‬
‫ان يأتي الى وادي السدر اذا اتتابه حادث ‪ ،‬وعليه اال يخلد الى الراحة‬
‫حتى عثر على قلبه ‪ ٠‬وكانت هناك امارة تدله على ان اخاه في خطر‪،‬‬
‫فاذا ما عال الزبد الجعة فى البراميل فعليه حينئذان يرحل الى وادي‬
‫السدر ‪ .‬وعاش باتو فى وادي السدر ‪ ،‬ومنحته اآللهة اجمل امرأة‬
‫وحدث ان حمل النمر خصلة من شعرها والقاها في المكان الذي تغسل‬
‫فيه مالبس فرعون ‪ ٠‬ولم يهدأ بال فرعون حتى تزوج من المرأة صاحبة‬
‫الخصلة ‪ ٠‬وحين خانت الزوجة باتو ‪ ،‬تساقطت اشجار السدر ومات‬
‫باتو ‪ ٠‬وعال الزبد جعة انوب فنزح ‪ ،‬وظل يبحث مدة اربع سنين حتى‬
‫عثر على قلب اخيه باتو داخل ثمرة ‪ ،‬فالقى الثمرة في وعاء فيه ماء‬
‫فعاد باتو الى الحياة ‪ ٠‬ثم حول باتو نفسه الى صورة ثور حمله أنوب‬
‫الى فرعون ‪ ،‬وهناك كشف باتو لزوجته عن تفسه فأمرت الزوجة بقتل‬
‫الثور ‪ ٠‬وتساقطت قطرتان من الدم على االرض نبتتء منهما شجرتان‬
‫من اللوز المر ‪ ٠‬وكشفت احدى الشجرتين عن نفسها للمرأة الخائنة‬

‫‪-‬‬ ‫‪١٧٣‬‬ ‫‪-‬‬


‫معلنة انها هي باتو‪ ،‬وامرت الزوجة بقطع الشجرة ‪ ٠‬فتطايرت شظية من‬
‫خشبها الى فمها فحملت عن طرقها وانجبت ولدا هو باتو نفسه وشب‬
‫الطفل عن الطوق وعال عرش فرعون ‪ ،‬وامر بشنق الزوجة الخائنة ‪٠‬‬
‫وحكم باتو فترة طويلة ‪ ،‬وبعد موته خلفه اخوه االكبر ‪٠‬‬

‫ونحن نلمس مرة اخرى في هذا العمل المتضافر الفني كثيرا من‬
‫التصورات الدينية ‪ ،‬المدى الشعوب البدائية ‪،‬هي اسس للعقيدة منتشرة‬
‫بصفة عامة ‪ ٠‬من ذلك الميالد السحري ‪ ،‬وقوة الشعر ‪ ،‬وبعث المقتول‬
‫والروح الذي يستقر في بقعه من الدم ‪ ،‬والعالقة يين االنسان والحيوان‬
‫والشجر والنهر ‪ ٠‬وقد سبق ان اشرنا الى ما يوازي كل موضوع من‬
‫هذه الموضوعات ‪ ٠‬على ان الحكاة في عمومها تحتوي حقا على‬
‫نواحي غموض كثيرة ‪ ٠‬وهي الى ذلك غنية بالمفاجات وبالمزج بين‬
‫الحوادث المفردة ‪ ٠‬على انه ليس في وسعنا ان نقرر ما اذا كان هذا‬
‫الشكل هو االصل حقا ‪٠‬‬
‫وتتفق حكاية االخوين المصرية في كثير من خصائصها مع اوثق حكاياتنا‬
‫الخرافية‪ ،‬باالخص حكاية « االخوين» لالخوين جرم ‪ ٠‬ويرجع بعض‬
‫الباحثين حكاية جرم الى العصر الهندوجرماني القديم ‪ ،‬ويعتقدون‬
‫ان الحكاية المصرة قد تطورت عنها او انها تطورت عن شكلين‬
‫متقاربين ‪ ٠‬وهذا ما نراه بعيد االحتمال ‪ ،‬وال لقدم الحكاية المصرية‬
‫فحسب ‪ ،‬ولكن لصلتها الوثيقة بأساطير االلهة المصرية ‪ ٠‬ويميل بعض‬
‫العلماء الى اال يعد حكابة االخوين المصرة حكاية خرافية على االطالق‬
‫وانما عدونها اسطورة آلهة صرف ‪ ،‬على انهال بد لالنسان من از‬
‫يسلم بأن هذه الحكاية تتضمن مالمح اسطوربة كثيرة ‪ ،‬فهي تحكى‬
‫عن فرعون‪ ،‬وفرعون نفسه كائن المي ‪٠‬‬
‫ومن الممكن على سبيل المثال ان تكون هذه العقيدة قد اتتشرت‬
‫عن طريق فرعون الذي ادعى انه هو باتو الذي ولد مرة اخرى ‪ ٠‬حقا‬
‫ان االمر ببدو كما لو ان كل موضوعات الحكاية كانت توخذ مأخذ‬
‫الصدق ‪ ،‬فقد لعبت االلهة دورا رئيسيا في الموضوع فأنوب يقترب‬

‫‪- ١٧٤ -‬‬


‫اسمهمن اسم االله انويس ‪،‬كما ان باتو يعني « ثور االله » وقد‬
‫وقاه اله الشمس من اخيه‪ ،‬كما انه خلق له المرأة ‪٠‬‬

‫انا نعتقد حقا ان هذه الحكاية تتصل بأسطورة اآللهة اتصاال‬


‫وثيقا ‪ ،‬ولكننا لن نغالي في هذا كثيرا بأي حال من االحوال فندعي‬
‫انها ليست حكاية خرافية على االطالق ‪ ٠‬وفأمل ان نكون قد وضحنا‬
‫كيف ان الحدود بين اسطورة اآلهة والحكاية الخرافية لدى الحضارات‬
‫البدائية‪ ،‬وفي اغلب االحيان لدى الحضارات الراقية القديمة كذلك‬
‫كانت متداخلة الى درجة ان كال الشكلين لم يكن ينفصل احدهما عن‬
‫االخر انفعاال تاما ‪ ٠‬ويبدو لنا ان امامنا االن شاهدا واضحا على ذلك‬
‫ونود ان نعبرعنهذابصورة اقوى فنقول اننا نفترض ان حكاية االخوين‬
‫المصرة كذلك صورة مسرحية كثكل اسطوري جاد من الممكن ان‬
‫نعثر على مالمحه االساسية في الطقوس كذلك ‪ ٠‬فميالد فرعون انجديد‬
‫من تلقاء تفسه بوصفه كائنا آلهيا امر يمكن ان تستدل عليه كذلك من‬
‫الطقوس المصرية ‪ ٠‬فاذا شئنا ان نقبل كذلك فكرة ان بداة الحكاية‬
‫التي تمثل تجربة انوب مع المرأة واغتيابها له اضافة متأخرة ‪ ،‬حيث‬
‫نعرفها في بداية حكاية يوسف وزوجة فرعون « بوتيفار » فاننا نكوذ‬
‫بذلك قد وصلنا الى شكل ذي مغزى محدد يرتبط بعضه ببعض ارتباطا‬
‫قويا ربما اقترب من اسطورة االلهة ‪ ٠‬على ان هذه المسألة ليست من‬
‫اختصاصنا لكي نقطع فيها برأي ‪ ،‬وانما يجمب ان تترك لعلماء الحضارة‬
‫المصرة القديمة ولعلماء االديان ‪٠‬‬
‫وهذه الحكاية وان لم تحتفظ بها روايات كثيرة كما عو‬
‫في حكاية الصدق والكذب ‪ ،‬يكتتفها غموض اشد مما في الحكاية‬
‫االولى ‪ ،‬كما انها تخفي حكايات خرافية وموضوعات ماتزال حية ‪٠‬‬
‫ومثال ذلك حكاية االخوين ‪ ،‬وحكاة الزوجة الخوئن ‪ ،‬وحكاية المارن‬
‫بال روح ‪ ،‬وخصالت الشعر المغرنية ‪ ،‬وتحول الموتى ‪ ،‬والعالمات‬
‫الصادقة التي تشير الى الخطر‪ ،‬فهذه كلها موضوعات االتتشار ‪٠‬‬
‫وقد روى هيرودوت — المؤرخ االغريقي — حكاية اللص الماهر‬

‫‪- ١٧٥ -‬‬


‫نقال عن ممر ‪ ٠‬اما ان تكون حكاية هروب اللم الجريء بلريقة‬
‫ماهرة قد تشأت حقا في معر ‪ ،‬فهذا موضوع نزاع ‪ ٠‬على ان اكثر‬
‫االشياء احتماال هو ان يكون احد القعاصين المعرين قد اخترعها ‪٠‬‬
‫وتحكى الشعوب كلها بحق عن حيل اللص الماهر ‪ ،‬كما نجد لدى‬
‫البدائيين مجموعة من الروايات التي تظهر في أشكال محورة دائما لهذا‬
‫الموضوع ‪ ،‬كتلك التي وجدت في ايطاليا في القرن الرابع عشر وفي‬
‫قبرص والمند وسيبيريا ‪ ،‬وكذلك فاننا نعادف موضوع اللص الماهر‬
‫في حكاية شعبية اخرى ال حصر لها ‪ ٠‬وتذكر الحكاية المصرية ان االب‬
‫وابنه اللصين سرقا حجرة كنوز الملك التي كان االب قد شيدها بنفسه‪،‬‬
‫اذ كان قد وضع في سورها قالبا من الحجارة في وضع مخلخل ‪ ٠‬وكان‬
‫في كن مرة يريد السرقة ينتزع هذا القالب ثم يعيده الى مكانه مرة‬
‫اخرى ‪ ٠‬وحينما وقع االثناذ في الفخ قطع االبن رأس ابيه ‪ -‬بناء‬
‫على رغبة هذا االخير ‪ ٠‬ثم علق جسد االب ‪ ٠‬على ان اللص الذي كان‬
‫عليه ان يقدم واجب االعتذار لجسد ابنه بناء على أمر من امه ‪ ،‬سرق‬
‫جسد أييه من الحراس بعد ان اسكرهم وجز رؤوسهم وحدث بعد‬
‫ذلك ان عرض الملك ابنته للزواج العلني‪ ،‬وامر كل من يريد ان يتزوج‬
‫بها ان يحكي لها — قبل ان يضاجعها — عن اروع حيلة واكثرها‬
‫جراة ‪ ٠‬وحكى لها اللص عن فعلته ‪ ٠‬ولما همت ان تمسك به ترك في‬
‫يدها يد ابيه المقتول ‪ ٠‬وعند ذلك وعد الملك اللص الزواج من االميرة‬
‫وقد غنمها بعد ذلك حقا واصبح أميرا ‪٠‬‬
‫وتتفق كثير من روايات هذه الحكايات التي ماتزال تنتشر ختى‬
‫اليوم في كثير من تفميالتها مع حكاية هيرودوت ‪ ،‬ولكنها ال تعتمد‬
‫على روايته ‪ ،‬النها تقدم في بعض االحيان موضوعات قيمة ال تعرفها‬
‫حكاية هيرودوت ‪ ،‬وان تكن تتتمي بحق الى روايات قديمة لهذه‬
‫الحكايات ‪ ،‬فهمي قد اكسبت الموضوع حيوية ‪ ،‬كما انها ربطت‬
‫أجزاء الحكاية بعضما ببعض ربطا اكثر وضوحا واكثر عضوية ‪٠‬‬

‫ويحكى في حكايات اخرى عن اللص الماهر ان الملك تعجب من‬

‫‪- ١٧٦٠‬‬
‫انختفاء كنوزه‪ ٠‬ففصحه لص سن حذو ‪-‬خبزة لذ يشعل النارفياسفل‬
‫بيت اتكنز‪ ٠-‬فامتثل الملك اللنصيخة وتسرب الدخان من‪-‬صدع؛الحجر‬
‫المخلخل ‪' ٠‬عندئذل ‪٠١‬ر لللك بوضع وعاء‪.‬مملوء بالقاراسفل هذا الحجر‬
‫فسنقطفيه اللص "المرم ‪ ٠-‬شم اشارفاصح" الملكبأنهيننبغي انيعرف‬
‫فاعل الشر من اآلالم التييبديها‪.‬حيننا يرى جسند لليتت‪ ٠،‬ولذلك فان‬
‫جثة الميت في الثصوص؛للغربية تجر على طول‪.‬الظنيق‪،‬فيحين انها‬
‫تغلقفيالثصوص الثرقية‪ ٠‬ثم يتخلص‪:‬المقتول(او‪.‬ارمكته منإآلالم‬
‫عن طريق تدلجي ل *كده 'جديدة فيصيبان‪ :‬نفسيهما بالمجراح إو يكسران‬
‫وعاء وينزفان فيه الدموع ‪.٠‬وقد حاولقصلصونلخزون ‪،‬يرجغون‬
‫بحق الى زمن متأخر ان بحكوا عن فن اللص بطريقة اكثر عنفا واثارة‪،‬‬
‫كما حاولوا ان يبالغوا في تصوير المغريات التي من شأنها ان تكشف‬
‫القناع عن اللص فمرة عن طريق الذهب الذي ينثر اسفل جسد الميت‬
‫ومرة اخرى يستخدمون اللحم الشهي وسيلة لالغراء ثم تكون محاولة‬
‫خداعه اخيرا عن طريت ابنة الملك ‪ ٠‬ومع ذلك فان اللص يظل اذكى من‬
‫الكائدين له ‪ ٠‬وقد توسع ائهنود في حيل اللص الماهر ونموها بطريقة‬
‫تتميز عن الطرق السابقة بحذقما وفنيتها ‪ ٠‬ويرجع كثير من حكايات‬
‫اللص الماهر الشرقية والغريية الى الروايات الهندية ‪٠‬‬

‫وقد كان المصريون يتلكون كذلك ثروة من الحكاات االخرى ‪،‬‬


‫فنحن نعرف عنهم مجموعة من النماذج التى تدل على حدة الذكاء ‪،‬‬
‫بل اذ حكم سليمان تفسه ترجع الى حكم وتعاليم مصربة‪ ،‬ظهرت في‬
‫القرن الثامن قبل الميالد ‪ ٠‬ونجد في مخطوط قبطي حكاية عن سليماذ‬
‫وملكة سبأ ذات طابع خرافي ‪ ٠‬تقول الحكاية المصرية ان سليمان حاول‬
‫دون جدوى ان يحقق لنفسه سطوة ‪ I‬عن طريت خاتمه السحري ‪-‬‬
‫على الملكة الذكية ‪ ٠‬وقد وعدته الملكة بأن تمنحه عمود المعرفة ‪ ،‬اذا ما‬
‫استطاعت شياطينه ان تحملها اليه في سرعة فائقة ‪ ٠‬وقد عرض الشيطان‬
‫االول ان يحضرها في يوم كامل حتى المساء ‪ ،‬اما الثاني فقد عرض‬
‫ان يحضرها في ساءة من الزمن ‪ ،‬واما الثالث الذي كان نصفه انسافا‬

‫‪-‬‬ ‫‪١٧٧٠-‬‬
‫ونصفه طائرا فقد عرض ان يحملها اليه في الزمن مبا يين شهيق سليمان‬
‫وزفيره ‪ ٠‬وقد حقق هذا الشيطان هذه االمجوبة فتملثت حقا كل‬
‫معرفة االرض مكتوبة على عمود ‪ ،‬حتى أسرار الشبمس والقمر ‪٠‬‬
‫ويحق لنا في العموم ان نقول ان مصر ‪ ,‬رغم ما اصاب كنوزها‬
‫من ضياع حتى في مجال الحكاية الخرافية ‪ -‬ماتزال بالنسبة الينا البالد‬
‫المليئة بالعجائب ‪ ٠‬فحكاياتها الخرافية التي وصلت الينا قد دونت في‬
‫اسمى اسلوب فني ‪ ،‬وهي الى ذلك تعد نبوعا للتراث الشعبي والعقائد‬
‫القديمة البائغة في القدم ‪ ٠‬وما يزال بعض هذه الحكايات يعيش في‬
‫االحكايات الشعبية لدى كثير من الشعوب ‪٠‬‬

‫‪٠١٧٨‬‬
‫بالد االغريق‬

‫لقد اتتقل من االغريق الى الرومان كثير من الفابوالت والقصص‪،‬‬


‫والحكايات الهزلية والمسرحيات الكوميدية ‪ ٠‬ثم اتتقلت هذه مرة اخرى‬
‫عن طريق الرومان في العصور الوسطى الى البالد الغريية كذلك ‪ ،‬على‬
‫انه لم يصن الينا عن االغريق سوى قدر ضئيل من الحكاات الخرافية‬
‫الحقيقية المكتملة وفقا للمفهوم ائذي اصطلحنا عليه ‪ ٠‬حقا اننا نصادف‬
‫كثيرا من آثار الحكاية الخرافية في مالحمهم وفي االوديسا قبل كل‬
‫شيء ‪ ،‬اال ان الحكاية الخرافية في العموم لم تكن لتفى بمطالب شعرهم‬
‫الملحمي الراقي ‪ ٠‬وقد اتتشر لدى االغريقي االدمانى بالقوة السحرية للدم‬
‫وللبصاق واالظافر واتثعر ‪ ،‬ولكننا رأنا كيف ان هذه العقيدة تعيش‬
‫بحق ‪ ،‬او كيف انهاكانت تعيش بالفعل‪،‬على نحو ما لدى جميع الشعوب‬
‫كما ان الحكاية الخرافية االخرى واالشكال ذات الطابع الخرافي التي‬
‫سبق ان قدمتاها يرتد معظمها في اصله الى التصورات العامة المنتشرة‬
‫على نطاق واسع ‪ ٠‬وقد سبق ان رأينا أن حكايات تنتالوس واكسيون‬
‫(‪ )١‬وسينف (‪ )٢‬والدانائيات هي حكايات خرافية لها طابع الحلم ‪٠‬‬
‫وكذثك تقابل أخبار « بروتيوس » « وكيرك » االيمان بقوة السحر‬
‫المعروف في كل مكان عن قوة السحرة ‪ ٠‬ثم ان رحلة اودسيوس في‬
‫العالم السفلي بل كذلك‪.‬رحلته الى الحورية « كاليبسو» التي تفق‬

‫‪ - ١‬مك ‪ Lopithen‬في ‪1‬السطورة االغريقية‪ .‬احب االلهة هيرا واشتهر عنطريق هدا‬
‫الحب ‪ ٠‬وقد اراد االله زيوس لنلك ان يعليه بلنقدر له ان يظل موثقا فيعجلة‬
‫متوهجة تظل تدور به ‪( ٠‬المترجمة» ‪٠‬‬

‫‪ - ٢‬ملك كورنثة في االسطورة ‪1‬الغريقية ‪٠‬وقدزج به في العالم السنلي بسبب هزيمقه‪٠‬‬


‫وكان عليه ان يحمل صخرة يمعد بها المسى قمة الجيل ‪ ٠‬ولكفه كان كلما صعسد‬
‫بضعخطوات‪٦‬تزلت يهالمخرة المى امل الجبل‪( ..‬اب)‬

‫‪١٧٩ -‬‬
‫اسمها في معناه مع االسم الجرماني هل (‪ )٣‬اي المقنعة ‪ ،‬وربما كانت‬
‫‪ ،‬كل هذا ينتمي‬ ‫‪PMaken‬‬ ‫كذلك رحلته الى شعب آل فيكن» (‪)١‬‬
‫الى موضوع أسفار البطل الىما وراء عالمنا‪ ،‬اي الى اغالم السفلي ‪٠‬‬

‫أمامغامرات او دسيوس مع « بوليفيم» ‪ )٢ ( 901008200‬فيحق‬


‫لنا ان نعدها اقرب الى الحكاية الشعبية منها الى الحكاية الخرافية ‪٠‬‬
‫وما تزال غالبية الشعوب االوروبية تعرف هذه الحكاية حتى‬
‫لليوم ♦ على ان هذه االقاصيص ال ترتبطبملحمةهومير ‪ ٠‬ويبدو انها‬
‫على االرجح تعكمس صورا اكثر قدما من الملحمة نفسها‪ ،‬فهي تفصلبين‬
‫حكايتينهمااالوديسا جكاية واحدة ‪ ٠‬وتحكي احدى هاتين الحكايتين‬
‫عن صبي خدع مازدا ذا عين واحدة و سمل عينه ‪ ،‬ثم افلت من اتتقأم‬
‫للمارد بأن اختفى فيجلد عنكبوت ‪ ■- ٠‬أل‪٠‬‬
‫اما الحكاة‪ ,‬االخرى فتحكى اذ رجال الصق عفرتا في ساق شجرة‬
‫او انه آلمه بطريقة اخرى بعدان كذب عليه واخبره انه يدعى «نفسى»‬
‫ولما صاح العفريت الذي كان متلهفا لمعرفة من عذبه وشكى ما لحق به‬
‫من اذى‪ ،‬اسرع اليهاترابه وسألوه عمن فعل به مثل هذا ‪ ٠‬وعند ذلك‬
‫ماح ‪ « :‬نغسى» ‪ ٠‬ققال هؤالء انك حيشذ ال تلوم اال قسك ‪٠‬‬

‫وكان االغريق مولعين بأن يحكوا غن خصائص الحيوان وغرائبه‬


‫وقد نمت خكاية الحيوانفي وفرة وتنوع الىدرجة ان ادعى « بنفي»‬
‫اذ الفابوال‪ ،‬على العكس من الخكاية ائخرافية ‪،‬ليس مصدرها بالد‬
‫الهند وانمامصدرها بالد االغريق ‪ ٠‬ونحن نعرف اذ هذا الرأي فيه‬
‫كثير منالمبالغة‪،‬فكثير من حكاياتالحيوان االغريقية يتصل بالتصورات‬
‫التي عرفها البدائيون كذلك عن طبائع الحيوان ‪ ٠‬فاالغريق يحكون‬
‫ك^ذلعنا لقوة النرية التي تتلكما االفى الى شرجة الما تمم لغة‬

‫‪ - ٣‬احدى بالد الموتى في االسطورة ألجرمانية ‪ ٠‬واحيانا تكون «هل» هذه الهة تتحكم‬
‫" ‪٠‬‬ ‫زه‬ ‫ر‬ ‫‪٠ ٠‬لي‪٤‬لقالمالسظى ‪( ٠‬الترجمة‪):‬‬
‫‪ - ١‬عوشعب بحار‪ .‬في ملحمة أالوديسا يعيشيال هموم ‪1( ٠٠‬لمترجمة ) ‪-‬‬
‫‪ ٠ ٢‬هو السيكلوبش‪1‬لدي عرر به اودسيوس وسملعينه ‪1-(: ٠‬لمترجمة ) ' ؛'م ح‬
‫الحيوان ‪ ،‬وانها عرفت العشب الذي يمنح الخلود ‪٠‬‬
‫ونود ان نسوق بعض النماذج االخرى للحكايات الخرافية االزب ‪،‬‬
‫واذ كان معظمها يستمد بحق من الحكايات الشعبية ومن االدب اراقي‬
‫ذلك انها ‪ -‬كماقلنا ‪ -‬ال تكوذ جكاية خرافية مكتملة ‪٠‬‬

‫ان عقله الصابع المخادع استبدل بتيجان بنات‪ .‬المارد طاقيات اخوته‬
‫حتى ان المارد آكل ائلحوم البشرية قتل بناته عندما دخلن عليه المسكن‬
‫وقد صورت هذه الحكاية على كأس ترجع الىالقرذ الخامسقب الميالد‬
‫ونحن نصادف مثل هذا التبديل‪.‬في حكاية« أيدونايا » الخرافية‬
‫االغريقية ‪ ٠‬فقد اغتابت الملكة « بلروفون (‪ ، Pellerophon)١‬واربلت‬
‫(‪:)٢‬تطلب موته ‪ ٠‬وهناك قضى «بلروفوذ»‬ ‫معه خطابا الى « ال يكن‬
‫على الكائن المهول الخطير وتزوج‪-‬بعد اتصارهعلى‪.‬كل االعداء‪-‬‬
‫من ابنة الملك التي كان ابوها قد احتفظ له بها‪٠.‬وتحكى حكاية اخرى‬
‫ان هرقل كان يدوس االفاعي وهوفي سربز المهد‪ ،‬وقد القى عليم‬
‫ملك جبان تبعات اعمال يبدو انها ال تتحقق‪.،‬ولكن هرش سحق‪:‬كل‬
‫شيء بقدمه ‪ ،‬فأخضع االسود واالفاعي وأحضر التفاحة‪ .‬من حاميات‬
‫شجرة التفاح ائذهبي ‪ ،‬ثم رجع سالما من العالم االخر ‪ ٠‬وكل هذا‬
‫بذكرنا بحكاية «هانز القوي » الخرافية ‪ ٠‬وتنتمي حكاية آل شعر‬
‫الغنم الذهبي » الذي كان ينبغيعلى « جاسوذ» ان يحضره ‪ ،‬الى‬
‫حكايات الكنوز المهولة التي تقام حولها الحراسة‪ ،‬والتي لم يكن يصل‬
‫اليها سوى البطل المفضل من العام اآلخر ‪ ٠‬وقد ساعدت جاسون هذه‬
‫المهمة امرأة لطيفة شابة ‪ ،‬ومع ذلك فقد عاد فنسيها ‪ ٠‬وتشبه هذه‬
‫الحكاية فى فكرتهاالحكاة الخرافية المألوفة‪ ،‬عن العروس المنسية ‪٠‬‬
‫ونحن نعرف حكاية الصبي الذي حقق النبوءة على لرغم من المقتفين‪.‬‬

‫‪ - ,‬ع ر‪١‬بط‪.‬اجنحة اسان سحر ببجاسوس في االسطورة اسدة و‪ 4‬دإل;سه‬


‫م وكل احدام ‪ ٠ •): ٠٠٠‬خ‪٦٠١٠ ٠■ ٠١٦٠٠٩٠٠٠”..٠‬‬

‫ت ‪٠١٨١‬‬
‫الثره ‪ ،‬في حكايات برسيون (‪ )٣‬التي نجد فيها خالف ذلك موضوعات‬
‫من حكاية المرأة الشابة انتي هددها التنين ثم تخلصت منه ‪ ٠‬ونجد‬
‫فيها بعد ذلك موضوعات تتضمنها حكاية الفتاة التي اسرها الشيطان‬
‫داخل حصن ‪٠‬‬

‫كما ان حكايات « قمبيز» (‪ «)١‬وسيجيس» (‪ )٢‬والخاتم الدي‬


‫كان يجعله غير مرئي‪ ،‬وكذلك حكاية « كروسس» (‪ )٣‬الذي كان‬
‫يستطيع ان يسبر عن نفسه في أخطر المواقم والتي نجد فيها المطر يسقط‬
‫ويطفىء شعالت النار كما هو الحال في حكاية طفل ماريا ‪ ،‬ثم حكاية‬
‫بوليكراتس وأريون ومليجر وبروميثيوس وغيرها مما حكاه لنا‬
‫شعراء االغريق وفالسفتهم ومؤرخوهم — كل هذا يتضمن حوادث‬
‫عجيبة ذات طابع خرافي ‪ ٠‬على ان هذه انحكايات بعينها التي وصلت‬
‫الينا في االخبار المنقولة ‪ ،‬ال تصح بوصفها حكايات خرافية ‪ ،‬وانما هي‬
‫على العكس تعمق عن وعي المضموذ االنساني المرتبط بالتقاليد في‬
‫الحكايات القديمة ‪ ،‬ثم تسمو به الى شكل فني ناضج ولكنها ليست‬
‫شكال شعبيا ‪٠‬‬

‫اتنا نعرف ان االغريق كانوا مغرمين بالحكايات التي تتناول‬


‫االشخاص الذين يتميزوذ بأحاسيسهم المرهفة وتفكيرهم الدقيق ‪ ،‬وقد‬
‫مالؤها بالسخرية حتى انهم عملوا على نشر التجارب الغريبة المشينة‬
‫عن االزواج الخونة والمحبين الذين يدبرون المكائد ‪ ٠‬وقد سبق اد‬
‫سمعنا عن استمتاعمم بالمبالغات وحكايات النفج المزلية ‪ ٠‬ومما اكسب‬

‫‪ - ١‬ملك النرس العد الذي حكم بعدو^لده كموس عام ‪ ٢٥٩‬ق‪٠‬م توفي عام ‪٥٢٢‬ق‪٠‬مجعد‬
‫ان اخفع مصر وليييا عام ‪ ٥٢٥‬ق‪.‬م‪٠‬‬
‫‪ - ٢‬احد الملوك لنين حكمو! منطقة « ليديًا » التى كاتت تقع في غرب اسياالصغرى‬
‫وكانت تمتع يثهرة في الزمن ‪1‬لقديم ‪ ٠‬وتد حكم « سيجيس» غيما بين ‪- ٦٨٥‬‬
‫‪ ٦٥٢‬ق‪٠‬م وقتل سيجيس ونقا لالسطورة أالغريقية ‪ -‬الملك كاندالوس عن طريق‬
‫خاتمه السحري ‪ ٠‬وقد استغل « هييل » هذه االسطورة والف حولما تراجيديقه‬
‫جيمس وخاتمه عام ‪٠۴١٨٥٦‬‬
‫‪ —٣‬م أبن زيوس في السطورة ‪٤‬العريقية ‪ ٠‬انتذ^ندروميدامن لول البحروتزوج بما‬
‫ثم ‪1‬نتذ امه من يولينكتيسالذي حوله الى حجر ‪ ( ٠‬المترجمة ‪٤‬‬

‫‪١٨٢٠‬‬
‫حكاياتهم هذه جاذبية على الدوام ‪ ،‬ما اتسمت به من شكل مصقول‬
‫وعناصر غنية بالفكر ‪ ٠‬على انه يبدو لنا ان النكتة الدقيقة والسخربة‬
‫الالذعة كاتا أهم من االنساذ فيهذه الحكاية ‪ ٠‬وقد قلنا ان القصة‬
‫وانحكاية الهزلية والمسرحية الكوميدية ما تزال تستمد حتى اليوم من‬
‫هذه الحكايات التي ترجع الى العالم القديم ‪ ،‬وان يكن شكلها —‬
‫بالقياس الى الحكاية الخرافية ‪ -‬واضح كل الوضوح ومحدد كن‬
‫التحديد ‪ ،‬وغني كل الغنى بفنيته ‪ ٠‬فهذه الصور االغريقية خالية من‬
‫انخيال الطفولي المندفق غير الواعي‪ ،‬كما انها تخلو من االيمان االعمى‬
‫ثم هي تمزج مزجا طبيعيا بين عالم الحقيقة والعالم الذي يحلم به‬
‫االنسان ‪٠‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬‫‪٨٣‬‬ ‫‪٠‬‬


‫‪.‬‬ ‫رومل‬ ‫‪٠١٠‬‬ ‫ة‬

‫وأشهر يا يان‪,‬الزمن السيمي يب حذ الحب والروح ‪,‬‬

‫‪ Amor .un٠d Psyche‬وس رواها لنا ابوليوس الروماني في القرن‬


‫الثاني بعد الميالد مكونة جزءا من مجموعة « حكايلت التحول »‬
‫التي كتبها ‪ ،‬وهي مجموعة من الحكايات النادرة التي اعتمد ابوليوس‬
‫في صياغتهاعلى اصول اغريقية ‪ ٠‬تقول حكاية « الخب والروح» ‪:‬‬

‫انه كان لملك وملكة بنات ثالث ‪ ،‬وكانت الصغرى التي تدعى‬
‫الروح تمتاز بجمال رائع جذب اليها الشعب بأسرء ‪ ،‬الى درجة اذ‬
‫دبت الغيرة في قلب فينوس منها فامرت ابنها الحب ان يصيبها بسهمه‬
‫وان يجعلها تقع في حب ادنى مخلوق بشري وعلم هذا لم تشأ الروحفي‬
‫الحصول على خطيب لها ‪ ٠‬ثم قضت نبوءة ابولو‪ ،‬الذي التمس‬
‫الوالدان عنده النصيحة‪ ،‬بأن تنقل الفتاة الى قمة جبل حيث ال يحصل‬
‫عليها اى خطيب من ابناء العالم االرضي‪ ،‬وانما تصبح زوجا لعفريت‬
‫يجول انحاء العالم بحثا عن مأوى‪ ،‬مثيرا بذلك الخوف في تفوس الناس‬
‫وااللة‪ ،‬بل في جوبيتر وستيكس نفسيهما ‪ ٠‬واصطحب الوالدان‬
‫واشعب كله « الروح» الى الجبل في حزذ عميق ‪ ،‬وتركوها هناك‬
‫وحيدة ‪ ٠‬وبعد ذلك حملتها انفاس الرياح الغريبة الرقيقة الى اكثر‬
‫الغابات اشراقا ‪ ،‬ورأت قصرا ساحر الجمال فدخلت حجراته العجيبة‪،‬‬
‫وهناك حقق لها الجن كل رغباتها ‪ ،‬فأصبحت زوجا لصاحب هذا‬
‫القصر ‪ ٠‬على أن هذا لم يكن يضمها اليه سوى في الليل‪ ،‬ثم يفر هاربا‬
‫عند طلوع الصباح ‪ ٠‬ولذلك فان « الروح» لم يقع بصرها عليه مطلقا‬
‫واشتاقت الروح في وحدتها الى االشان ‪ ،‬فاغرت زوجها المقاوم لها‬
‫بان يأذن لها في ان تحمل اليها الرياح الغربية اخواتها ولكن هؤالء كن‬
‫يحسدن الروح» على مصيرها ولذلك فقد اوعزذ اليها بأن زوجها‬

‫‪١٨٤٠‬‬
‫تنينه وانه سوف يبتلعها ‪ ،‬ومن ثم فانه ينبغي انى تلقي عليه الضوء حيثمًا‬
‫ينام وتقطع رأسه ‪ ٠‬وعلى الرغم من ان زوجها استحلفها مخذرأ اال‬
‫ترى‪ .‬وجهه ‪ ،‬فان « الروح» اقت الضوء على زوجها ‪ ،‬وأدركت واعية‬
‫لتوها ‪ -‬وهي‪،‬ترتعد من الجو الروحاني “ ان حييبهأ هو اله الحب‬
‫نفسه ‪ ٠‬وسقطت قطرة من ذبت ألمصباح على االله فجرحته ‪،‬وكان ال‬
‫بد حينئذ من ان يفارقها ‪ ٠‬ثم اندفعت االخوات الحاقدات من قمة‬
‫الجبل ادي كانت « الروح» قد نقلت انيه‪ ،‬نكي يتزوجن من والحب»‬
‫بدال من اختهن‪ ٠‬علىل الرياح الغريةه نم نحملهن وتركتهن يهوين‬
‫حطاما ‪ ٠‬اما الروح فقد اخذت تطوف هنا وهناك باحثه عن زوجها ‪٠‬‬
‫ورفضت كل االلهات ان يمدن لها العون ‪ ٠‬واخيرأ سلمت نفسها لخدمة‬
‫فينوس ‪ ٠‬وهناك لقيت العذاب من اآللهة ‪ ،‬كما سقتها خادماتها جام‬
‫االلم‪.‬والمم‪ :،‬فلقد فرضي عليها ان تفضل يين الشعير والقمح والعدس‬
‫والفول وكان ائنمل سباعدها في انجاز ذلك ‪ ٠‬والى جانب هذا فرض‬
‫عليها ان تحضن صوف أغنام وحشية شريرة ذات خصالت ذهبية ‪ ٠‬وقد‬
‫أسرت اليها‪ .‬اعواد البوص ان تتظر حتى تنفض الغنم صوفها عن تفسها‬
‫وبعد ذلك فرض عليها ان‪.‬تحض الماء من نبع يحرسه تنين ‪ ،‬ولكن‬
‫نسرا‪ .‬مأل لها وعاءها واخيرا فرض عليها ان تهبط الى العالم السفلي‬
‫وانتجضردهان‪ .‬الجمال‪ .‬منآلهة‪ .‬لموت ‪ ٠‬وكانت الروح في انوقت‬
‫نفسه تجمن في كنا‪ ,‬يديها كعكة مصنوعة من الشعير وعسل النحل ‪.،‬‬
‫كما كانت تحمل من فمها قطعتين‪ .‬من النقود النحاسية ‪ ٠‬وحاولت قوى‬
‫غين مرئية اذ تبقط منها هذه االشياء ثالث مرات ‪ ٠‬ثم كان اول من‬
‫قابلما حيار أعرج جمل حمال ثقال من الخشب ‪ ،‬وتوسل اليها ان ترفع‪،‬‬
‫عنه االخشاب‪ ٠ .‬نم اخذ رجل مسن يسبح خلف مركبهما حتى ليود‬
‫االنسان ان يحمله معه ‪ ٠‬ثم شاءت نسوة عجائز ان يأسرنها ‪ ،‬ولكنما‬
‫تغلبت على كل هذه المجاوالت ‪ ،‬وأعطت الكعك لكلب جهنم واننقود‬
‫للنوتيولمتناول هي من وجباتها سوى كسرة خبز أكلتها وهي جالسة‬
‫علي االرضي ثم تناولكتوعاء الدهان وفتحته فيائناء الطيق‪ ،‬وعندئذ‬
‫تصاعدافامما دخان يفقد االنان وعيه‪ ،‬ولكن الحب جاء فخلصها منه‬

‫‪١٨٥ -‬‬
‫وبعد كثير من المحاوالت أصبحت « الروح» زوجة « الحب» من‬
‫جديد ‪ ،‬واصبحت في زمرة الخالدين ‪٠‬‬
‫فهل تعد الحكايه مع كل هذا ‪ ،‬حكاية خرافيه أم هي اسطورة‬
‫آلهة ‪2‬أما عالم فقه اللغات القديمة « رتشارد رتسنشتاين » فيمثل‬
‫الرأي الذي يقول ان هذه الحكاية ذات اصل شرقي ‪ ،‬وانها مركبه‬
‫تركيبا يحمل معنى هلينستيا ‪ ،‬ومطعمة بعناصر زخرفيه خرافية ‪ ٠‬على‬
‫ان ريتسنشتاين لم يستطع ان يقدم برهانا قاطعا على رأيه هدا ‪ ٠‬حقا‬
‫انه يعتقد ان آثارا لمثل هذا الغموض في النصوص السحرية بأوراق‬
‫ألبردي المصرية ‪ ،‬وفي الكونيات الشرقية ‪ ،‬وفي عادات التعميد في‬
‫العقيدة الغنوصية ‪ ،‬وفي الحكايات ‪ ،‬بل انه من الممكن استكشاف‬
‫هذه اآلثار في عادات السحر عند المصرين المحدثين ‪ ٠‬على ان المادة‬
‫التي اتى بها الباحث ليست على أالطالق من تفس نوع مادة هذهالحكأية‬
‫كما انه لم يستطع ان يقدم اي شاهد على قيام مثل هذا الغموض في‬
‫عمومه ‪ ٠‬فليس هناك أثر من هذه اآلثار المذكورة يوضح لنا جوهر‬
‫الحكاية ‪ ،‬كما يوضح تحذير « الحب » « ظروح » أال نتلقى عليه‬
‫الضوء ‪ ،‬وتجاوز « الروح» لهذا الحظر ‪ ٠‬على ان جوهر هذه الحكاية‬
‫بعينه قديم كل القدم ‪ ،‬وقد تطورت عنه كثير من الحكايات الخرافية ‪٠‬‬
‫وقد نقلت الينا « الراجفيدا » اقدم شاهد على هذه الحكاية التي‬
‫تختص باختفاء الحب وظهوره مرة أخرى‪ ،‬ففيه لم يسمح تبورورا فاس‬
‫‪Urvasi‬‬ ‫‪ Pururvas‬ان يرى الحورية السماوية « اور فاسى»‬
‫عارية ولكن « الجندرافيين » ارسلوا البرق في أثناء اللين فرأى‬
‫بورورافاس الحورية رغم اتفه وبذلك فقدها ‪ :‬وفي اعتقادنا انموضوع‬
‫تجاوز المحظور هذا يمكن ان يكون مستمدا من االحالم ونحن‬
‫نصادف في حكاية « الحب والروح» موضوعات اخرى كذلك من‬
‫الممكن ان ترجع بنا الى عاتم االحالم‪ ،‬ومثال ذلك التهديد الذي‬
‫يصاحب الزواج من عفريت ‪ ،‬والتعلق بأجنحة الرياح الغربية حتى‬
‫تصل بالكائن الى اعماق االرض ‪ ،‬وحياة الليل ذات االتفاس الساهرة‬
‫في القصر‪ ،‬واآلالم التي تتسبب عن فقد حبيب ثم هذا التجول الذي‬

‫‪١٨٦ -‬‬
‫يبعث في النفس االنم ‪ ٠‬اما ان ومتى اتخذت هذه الحكاة شكلما‬
‫المكتمل فهذا ماال نستطيع أن نقول عنه شيائ ‪ ٠‬ذلك ان مالمحها تشير‬
‫الى أصل هندي ‪ ،‬ثم ان وصف التنين والجن‪ ،‬والتصرد للحياة في‬
‫القصر السحري ‪ ،‬يظهران كذلك في صور متشابهة في حكايات الف‬
‫ليلة وليلة ‪ ٠‬وكذلك شاركت مصر في هذا انتيار من الحكايات ‪ ،‬بل‬
‫انه من المحتمل ان يكون المصريون قد حكوا هذه الحكايات ‪ ،‬وكذلك‬
‫ربما ظهر هذا الموضوع او غيره في اسطورة اآللهة‪ ،‬فقد سبق ان‬
‫اشرنا الى الطابع االسطوري او الديني لرحالت العالم انسفلي ‪ ٠‬وربما‬
‫قرب العصر الهليني مادة هذه الحكاية من منهج الغموض المالوف ‪٠‬‬
‫على ان كل هذا ليس سوى فروض ‪٠‬‬

‫وفي حكاية ابوليوس هذه يظهر اثر السهو بين الحين واآلخر ‪،‬‬
‫كما انها في بعض االحيان تكون غير واضحة ‪٠‬‬

‫فلماذا لم تحقق مطلب فينوس من ضرورة ارتباط انروح‬


‫مخلوق بشري ? ولماذا اسلمت الروح نفسها ‪ —.‬بعد ان فقدت «الحب»‬
‫لخدم اآللهة الحقود اكريرة ‪ ٤‬لقد كنا توقع ما هو طبيعي ‪ ،‬وهو ان‬
‫تسلم نفسها توا الى التجول حتى تعشر مرة اخرى على الزوج المفقود‪،‬‬
‫وان تتحمل اآلالم والمحن تكفيرا عن عصيانها ‪ ٠‬على ان هذا ما تحكيه‬
‫معظم الحكايات الخرافية التي تتصل بحكاية الحب والروح ‪ ،‬فهي‬
‫شير بحت الى رواية اقدم وأجود عرفها ابو ليوس نفسه وحورها او‬
‫كانت معروفة في النموذج الذي اعتمد عليه ‪ ٠‬وكثيرا ما تتصل هذه‬
‫الحكايات التي تحكى عن زوجة الكائن الذي يظهر في صورة عفريت‬
‫بحكايات االخوات الحاقدات ‪ ،‬التي نصادف فيها مرة اخرى االعمال‬
‫التي صعب تحقيقها او المحاوالت التي تقوم بها االخت الخيرة‪.‬وييكفي‬
‫ان نشير هنا الى حكاية « وعاء الرماد» او حكاية « السيدة هوللي»‬
‫وعلى ذلك فمن المحتمل ان كون حكاية ابوليوس مزيجا من الحكاية‬
‫التي لها طابع ألحلم ‪ ،‬والتي تحكي عن الحبيب المفقود وعالم احالمه ‪،‬‬
‫ومن حكاية االخوات الحاقدات ‪٠‬‬

‫‪- 1٨٧ -‬‬


‫لقد عاشت حكاية « الروح » االصلية هذه مائت من السنينلدى‬
‫الشعوب المختلفة ‪ ،‬كما انها كثيرا ما كانت موضوع االعمال االدبية ‪٠‬‬
‫وأحد هذه االعمال هو ما صنعه ابوليوس ‪ ،‬أالديب الذي عاش في‬
‫عصر النضوجوالحساسية المرهفة ‪،‬وتميز بدماثة االسلوب ‪ ٠‬واليه ترجع‬
‫المور الرمزية التي اقحمت شيائ ما على الحكاية ‪ ٠‬وربما كان أبوليوس‬
‫"الول من نقل الموضوع الى حكايات اوليمبوس‪ ٠ )١( .‬ويبدو لنا اذ‬
‫وسائل التعبير تزدحم بصفة خاصة في الجزء االول من الحكاية ‪ ،‬في‬
‫حين‪ .‬تنتشر امامنا قرب نهايتها موضوعات الحكاية الخرافية على نحو‬
‫أكثر وفرة وأكثر بساطة ‪٠‬‬
‫ر وقد تحور موضوع هذه الحكاية بطريقة غرينة على يد المؤرخ‬
‫ابدانمركي ساكسو جراماتيكوس في القرن الثالث عشر ( وقد سبق‬
‫أن أشرفا الى ذلك ) وتذكر حكايته ان فتاة عنيدة ردت جميع خطابما ‪،‬‬
‫ثم تحتم عليها بعد ذلك اذ تشهد حفل زواج حبيبها ‪ ،‬وان تحل‬
‫الشموع للزوج ‪ ٠‬ثم احترقت الشموع وسقطت منها قطرات ساخنة على‬
‫يد الفتاة ‪ ،‬وعند ذاك نظرت الى حبيبها الزوج نظرة أشتياق ومن ثم‬
‫اتمى هذا العرس وتم االحتفال بالزوج الحقيقي ‪ ٠‬وهذا ألموضوع‬
‫تحكيه حكاية‪ .‬اخرى من الماليو بطريقة مثابهة كل المشابهة ‪٠‬‬

‫ولقد أستطعنا حتى االن ان تعرف على مجسوعة الحكايات‬


‫الثنهيرة لدى شعوب الحضارات القديمة في منطقة البحر االيض ‪،‬‬
‫وان لم‪.‬يكن تتاج هذه الشعوب في هذا المجال متكافائ تماما ‪ ٠‬ولنسنا‬
‫ندري مقدار ما فقد من كمية هذه الحكايات القديمة ‪ ،‬ومقدار ما كان‬
‫يحكى كذلك لدى البابليين والمصرين وكذلك لدى االغريق من‬
‫الحتكايات التي ما تزال تعيش حتى اليوم ‪٠‬‬
‫ونحن نعتقذ ان الحكايات انتي سبق ذكرها كانت ثروةمتبادلة بين‬
‫التسرب ‪ ،‬وأنما تجست في المصر االيوني القديم ‪ ٠‬واذا نحن قارفا‬

‫أ ‪ -‬سسة الجبال اليونانية ‪ ،‬وكان تعرف الى االغريق بوصنها معقا‪.‬سهع‪( ..‬المترجمع‬

‫‪- ١٨٨ -‬‬


‫هذه الحكايات بالحكايات البدائية ‪ -‬رغم ما يينها من تشابه في‬
‫الموضوعات والبواعث ‪ -‬رأنا كيف ان شكل الحكاية الخرافية قد‬
‫صار اكثر اتقانا وتحديدا ‪ ،‬كما نرى في الوقت نفسه كيف ان تكون‬
‫المركز المحدد للحكاية الخرافية قد نما على يد القصاص الشعبي‬
‫وأكثر من هذا كيف ان هذا القصاص استطاع ان يدخل في الحكاية‬
‫الخرافية موضوعات من الحياة ‪ ،‬حتى تكونت من الحكاية الخرافية في‬
‫النهاية حكايات ذات طابع قصصي ‪٠‬‬

‫‪- ١٨٩٠‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫الحكاية الخرافية الهندية‬

‫سبق ان اشرفا مرارا الى تلك الشروة الهائلة من الحكايات الخرافية‬


‫التي احتفظ بها االدب الهندي طيلة قرون عدة ‪ ٠‬فمن الثابت ان الهند‬
‫كانت تملك حكايات خرافية في عصور الرجفيدا ‪ ،‬وان انديانة البوذيه‬
‫وغيرها من الديانات قد بشت فيها تعاليمها ‪ ٠‬وكذلك نشأت في الهند‬
‫منذ زمن مبكر مجموعات كبيرة من الفابوالت على نحو لم يعرفه اي‬
‫بلد اخر وسوف نقتصر هنا على ذكر نماذج منها ‪٠‬‬

‫فالبراهمانا مثال ‪ ،‬وهي مؤلفات دينية شاملة ‪ ،‬تنتمي الى ادب‬


‫الفيدا (‪ ، )١‬وهي تتضمن كذلك على سبيل المثال خبرا عن الطوفاذ ‪٠‬‬
‫وكذلك تضمن « المها بهاراتا » ‪ -‬وهي الملحمة ائبرهماية الضخمة ‪-‬‬
‫عددا وافرا من الحكايات المختلفة التي تسرد مواقف واحداثا جزئية ‪،‬‬
‫ويغلب عليها الطابع الخرافي ‪ ٠‬وفي حوالي القرن الخامس قبل الميالد‬
‫استولت مدرسة بوذية على عدد من الحكايات الخرافية وما شابهها من‬
‫الحكايات وضمتها الى مجموعاتها ‪ ،‬وحورتها الى نماذج ذات هدف‬
‫ديني ‪ ٠‬وقد كانت اقدم صيغة نهذه المجموعات التي كان يطلق عليها‬
‫اسم « الدجاتاكا » (‪ )٢‬صيغة شعرية ثم صيغ حولها فيما بعد نسيج‬
‫تثري مفصل ‪ ٠‬و لغة هذه الحكايات هي اللغة الفالية ‪ ،‬وهي اخت‬

‫‪ - 1‬النيدا او الويدا عو اتدم مخطوط هندي ليني يرجع ‪1‬لى سنة ‪ ١٢٥٠‬قم‪ ٠‬وينقسم‬
‫هذا المخطوط الى اربعة اقسام ‪ -1 ٠‬المرجنيد! وهى تراتيل ديفية ‪- ٢ ،‬‬
‫صامانيدا وعى غنيات طقوس التضحية ‪ - ٣ ،‬يادشورغيد! ‪ ،‬وهي الكلمات ألتي‬
‫تتلى في أثناء التضحية ‪ -٤‬االثاروفيد! وهي اغنيات تتلى مع طقوس‬
‫‪1‬لسحر ‪ ٠‬وتنتمي البراهمانا الى هذه ‪1‬لمجموعات االربع ‪ ( ٠‬المترجمة )‬
‫‪ - ٢‬مجموعة ساطع بوذية تحكي عن بوذا مفذ ‪1‬ول وجوده ‪ ( ٠‬المترجمة ‪،‬‬

‫‪- ١٩٠ ٠‬‬


‫صغرى للغة السنسكرتية ‪ ٠‬وقد وصلت الصورة النثرية لهذه‬
‫المجموعات الى سيالذ ‪ ،‬ل^ترجمت الى اثلغة السنغالية ‪ ،‬ثم ترجمت مرة‬
‫اخرى الى اللغة الفالية في القرن الخامس قبل الميالد ‪ ،‬اي بعد الف‬
‫سنة من بدء ظمورها ‪ ٠‬على ان النص الشعري االصلى لهذه المجموعات‬
‫ظل كما هو دون ان تمسه د ‪٠‬‬
‫وقد عادت مجموعة من الحكايات البوذية انى الظهور مرة اخرى‬
‫في مجموعة ال « باتتشاتنترا » الشهيرة المدونة باللغة السنسكريتية‬
‫ويرجع اقدم نص لهذه المجموعة الى حوالي القرن اشالث بعد الميالد ‪٠‬‬
‫وفي هذا الزمن على وجه التقريب ظهرت مجموعة « برهاتكاتها » التي‬
‫تكاد تكون اكثر شموال من المجموعة البوذية « دجاتاكا » ‪ ٠‬وقد صاغ‬
‫الثاعر الكشميري « سوماديوا » هذه المجموعة في القرن الحادي‬
‫عشر في اجمل صيغة واغناها ‪ ،‬واطلق على عمله اسم «كاثاسا تساجارا»‬
‫ومعناه « ملتقى التيارات لمختلف الحكايات » ‪٠‬‬

‫ومن خصائص المجموعات الهندية انها غالبا ما تدخل في االر‬


‫الحكاية الواحدة عددا وفيرا من الحكايات االخرى ‪ ،‬وهى وسيلة فنية‬
‫ممائلة لتلك التي عرفها االدب المصري ‪ .‬وبهذه الطريقة نشأت بحق‬
‫المجموعات المتأخرة ‪ ٠‬وهذه المجموعات هي ‪ « :‬خمس وعشرون‬
‫حكاية عن االشباح » و« سبعون حكاية عن الببغاوات »‪،‬و« اثنتان‬
‫وثالثون حكاية عن العرش » ‪ ،‬ثم مجموعة « حكاية السبعة الحكماء‬
‫المهرة » ‪ ٠‬ومن الممكن ان تكون هذه المجموعة االخيرة بذاتها مثاال‬
‫ال ستخدام هذه الوسيلة الفنية ‪ ،‬فهي تتضمن حكايات تهدف اما الى‬
‫ابراز سوءات اثرجل او سوءات المرأة ‪ ٠‬وقد نشات هذه الحكايات‬
‫بحق عن حكاية واحدة تدور حول سؤال جوهري وهو ‪ :‬أيها اسوأ‬
‫في طبيعته‪ ،‬الرجل أم المرأة؛‬
‫وتستخدم معظم الحكايات الخرافية مواد تعود الى الظهور كذلك‬
‫فى مجموعات أخرى على نحو مشابه ‪ ٠‬فمجموعة « ملتقى التيارات‬
‫لمختلف الحكايات » تتضمن كذلك « خمسا وعشرين حكاية عن‬

‫‪- ١٩١ -‬‬


‫الشبح » كما تتضمن صورة باتتشاتترا ‪ ٠‬وبعض المجموعات تحكى‬
‫كذلك الحكاية نفسها مرتين او ثالث مرات‪ ، .‬اال انه اذا استثينا‪:‬ذلك‪،‬‬
‫فان ماتبقى بعد ذلك من ثروة قد سيطرت عليه اشكال مختلفة ‪ ٠‬ولمنا‬
‫نود هنا أن تتعمق الصلة بين المجموعات المختلفة ‪ ،‬وانما نحن أميل‬
‫الى محاولة ابرازخصائص الحكاية الخرافية الهندية ‪،‬وخصائص فن‬
‫القعص الهندية ‪ ،‬وان نوضح هذا ببعض االمثلة ‪ ٠‬اما ان نقدم‬
‫الفعاثص الشاملة للحكاية الخرافية الهندية ‪ ،‬وأن نقتفي اثر كل حكاية‬
‫على حدة عبر االزمنة وفي كل البلدان فهذا ما تجاوز حدود "هتنا‬
‫الكتاب وغرضه ‪٠‬‬
‫ونحن نصادف في اقدم الحكايات الهندية ذات الطابع الخرافي ‪،‬‬
‫كما هو الشان فى حكايات المصرين والبابليين ‪ ،‬تصورات اعتقادية‬
‫بالغة في القدم ‪ ،‬يصعب التفريق بينها ويين معتقذات الشعوب البدائية‪.‬‬
‫ومثال ذلك ‪ :‬االيمان بقوة الكلمة التي سلى في انصالة او تقال بقصد‬
‫اللعنة ‪ ،‬ثم االيمان بقوة الشعر وااليقاع ‪ ،‬وبمقدرة االلهة على تحويل‬
‫اشكالها الى حيوان ‪ ٠‬وتشبه بعض هذه االضافات في الحنكاينات‬
‫الخزافية المتأخرة على نحو شير الدهشة بعض حكايات امريكا الشمالية‬
‫وان كان هذا ال يحملنا " رغم ذلك — على افتراض‪-‬وجود تأثير‬
‫مباشر بينها وكذلك نشير اقدم الشواهد الهندية الى ميل الهنودالى‬
‫دقة الفهم والى نوع معين من الدهاء ‪ ٠‬وسوف نتبينهذا من اامثلثة‬
‫التالية ‪٠‬‬
‫وليس من شأن المثال سوى ان يوضح لنا طريقة استخدام‬
‫الموضوعات المتشابهة بطرق مختلفة في الحكاين البوذية وفي تلك التي‬
‫عاشت قبل عصر البوذية ‪٠‬‬
‫فيحكى فى حكاية خرافية هندية رويت فى مجموعة متأخرة من‬
‫الحكايات الخرافية ان برهميا انقذ نمرا وقردا وافعى وانسانا‪ .‬من نبع‬
‫رماء ‪ ،‬فنفحه القرد بعض الفاكهة ‪ ،‬واهداه النمر سلسنلة ذهبية‪.‬كان‬
‫قد سلبها من ابن احد الملوك اتذي كانقد وقع في اسرنه ‪،‬عندذاك‬

‫‪- 1٩٢ -‬‬


‫قدم البرهمي السلسلة الى االنسان الذي كان قد انقذه كذلك‪،‬‬
‫وكان هذا صائغ ذهب ‪ ٠‬على ان صائغ الذهب هذاادرك انه قد‬
‫سبق له اذ صاغ هذه السلسلة البن الملك ‪ ،‬فاعلن ان البرهمي هو‬
‫قتل ابن الملك ‪ ٠‬وزج بالبرهمي في السجن‪ ،‬وعندئذ طلب‬
‫البرهمي من الحية مساعدته ‪ ،‬فلدغت الحية الملكة وتركت سمومما‬
‫تسري في جسدها ‪ ٠‬ولم يكن في وسع احد ان يشفي الملكة سوى‬
‫البرهمي ‪ ٠‬وهكذا حدث ان كشف الشر الذي دبره صائغ الذهب‬
‫فقتل ‪ ،‬اما البرهمي فقد كوفىء بسخاء ‪٠‬‬
‫هذه الحكاية التي تحكى عن اخالص الحيوان وخيانة االنسان‬
‫تعد صورة متطورة تتسم بالدقة والغنى الفني لحكاية اخرى اكثر قدما‬
‫وبساطة ‪ ٠‬وفيما يلي مضمون هذه الحكاية القديمة‪:‬‬
‫كان قرد وانسان يجلسان في اعلى شجرة ‪.،‬فراقبهما نمر من بين‬
‫االشجار ‪ ٠‬ثم استغرق االنسان في النوموقام القرد بحماته ولم يقذف‬
‫به الى النمر رغم توسل هذ االخير اليه ثم جاء دور القرد فنام واستيقظ‬
‫االنسان ‪ ٠‬وعاد النمر فتوسل الى االنسان ‪ ،‬الذي شاء ان يضحي‬
‫بالقرد ‪٠‬‬
‫ولنمعن النظر هنا‪-‬في معرض المقارنة ‪ ٠‬في حكاية بوذيةتتضمن‬
‫الموضوع نفسه ‪ ٠‬تقول الحكاية ‪:‬‬
‫اأقى عبد متشرد بابن الملك الشرير في الماء ‪ ،‬فاستطاع ابن الملك‬
‫ان نقذ نفسه بان تعلق بجذع شجرة كان تعلق به كذلك فأر ‪ ،‬وافعى‬
‫كانا في سالف الزمان تاجرين مولجين بجمع الذهب ‪ ،‬وكانا قد جمعا‬
‫منه ثروة هائلة كان عليهما القيام بحراستها بعد ان تحوال الى شكل‬
‫حيواني ‪ ٠‬واخيرا تعلق ببغاء بجذع الشجرة ‪ ٠‬وجاء بوذا الناسك‬
‫فأنقذ هذه الحيوانات وادخل عليها البهجة ‪ ،‬ثم انقذ االنسان اخيرا ‪٠‬‬
‫عند ذاك قدمت االفعى والفأر ثروتهما للناسك جزاء فعله ‪ ،‬كما قدم‬
‫له الببغاء ارزا شهيا ‪ ٠‬اما االمير فقد اغتاظ الن الناسك قدم عليه هذه‬
‫الحيوانات ‪ ٠‬فوعده _ منافقا —‪ I‬بأن يمنحه العناصر االربعة الثي‬
‫يحتاج اليها االنسان في حياته بمجرد توليه الحكم ‪ ٠‬وبرت الحيوانات‬
‫‪-‬‬ ‫‪١٩٣‬‬ ‫‪-‬‬
‫بوعدها ‪ ،‬في‪-‬حين ان االميب الذي اصبح في هذه االثناء ملكا ‪ ٠‬امر‬
‫بضرب منقذه بالسياط ‪ ٠‬وكان الناسك في كل مرة ينزل عليه بالسوط‬
‫يهتف بييت من الشعر شين‪ .‬الى التجربة التى مر بها ‪ ٠‬وعن طريق‬
‫االسنلة واالجوبة ابتبان ما حدث ‪ ،‬فخلع الملك الشرير عن العرش ‪٠‬‬
‫وتولى مكانه الناسك ‪ ٠‬فكافأ كل الحيوانات التي قدمت اليه ثرونها‬
‫مكافأة سخية ‪٠‬‬
‫لقدحورالقاص البوذي ‪ -‬فيما يبدو لنا ‪ ٠‬الحكاية القديمة عن‬
‫الحيوان الذي يحفظ الصنيع ‪ ،‬واالنسان الذي ينكره ‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق اقحامها ضمن تعاليمه ‪ ٠‬فالحيوان هنا لم يعد حيوانا ‪ ٤‬وانما هو‬
‫انسان اتخذ صورة حيوان ‪ ،‬سبق ان ارتكب هو نفسه الذنوب نفسها‬
‫وكذلك لم يكن امنقذ مجرد االنسان‪ ،‬وانما كان االنسان املهم‪ ،‬اي‬
‫بوذا نفسه ‪ ٠‬وهكذا نالحظ ان مغزى الحكاية القديمة قد اسىء فهمه‬
‫تماما ‪ ،‬وان ما كسبناه منها ضئيل ‪٠‬‬
‫وتحكى حكاية اخرى من مجموعة « دجاكاتا » ان عفريتا يدعى‬
‫« ركها‪-‬ا » وقع بصره على امرأة رائعة الجمال فوقع في حبها ‪ ٠‬وهو‬
‫للي يتأكد كل التأكد من انها ستصير له وحدم ‪ ،‬راح فأخفاها في‬
‫صندوق ثم ابتلع الصندوق ‪ ٠‬وذات مرة استحم العفرت ‪ ،‬واطلت‬
‫في اثناء ذلك سراح المرأة ‪٠‬ثم مر ابن اله الريح طائرا ‪،‬فدعته المرأة‬
‫اليها ودلفت معه الى داخل الصندوق دون ان يالحظ ذلك الركماسا‬
‫الذي ابتلع الصندوق مرة اخرى ‪ ٠‬وحدث ان زار الركهاسا رجال‬
‫من رجال الدين التوابين كان يسكن بالقرب منه ‪ ٠‬وكان هذا هو بوذأ‬
‫نفسه ‪ ،‬فحياه بوذا وطلب فنه ان يزوره ثالث مرات ‪ ٠‬وتساءل الركهاسا‬
‫متعجبا عما يعنيه بهذا ‪ ٠‬عندذاك عرف الرجل حقيقة ما حدث ‪ ٠‬ولما‬
‫خشى الركهاسا من قوة ابن اله الريح االلمية ‪ ،‬اطلق سراخه مع‬
‫زوجته من الصندوق ‪ ،‬وصعد ابن اله الريح في الهواء ‪ ٠‬وتألم‬
‫الركهاسا لخيانة زوجته ‪ ،‬ولكنه تركها وشأنها وفقا لما نصحه به بوذا ‪،‬‬
‫فأنى له بصياتها بعد ان فشل في تجنب هذه الخدعة ?‬
‫وجوهر هذه الحكاية ومغزاها طبيعي ة وهو انه ليس في وسع‬

‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬‫‪٩٤‬‬ ‫‪-‬‬


‫انسان ان يصون امرأة كما انه ليس في وسعه ان يرغمها على االخالص‬
‫وقد اتاحت هذه الفكرة وهذا التسامح مع المرأة الخاطئة والعمريت‬
‫آكن اللحوم البشرية — اتاحت الفرصة للقاص البوذي الن يمتد بها‬
‫الى بوذا ‪ ٠‬اما في الحكاية االصلية فان المرأة ال يكشف امرها ‪،‬وانما‬
‫هي تنجح في خدعتها ‪ ٠‬ويتفق مع هذا حكاية من حكايات الف ليلة‬
‫وليلة ‪ ،‬تتلخص في أن ملكين كانا قد هجرا زوجتيهما اسفا على حثتا تهما‬
‫ثم تقابال مع عفريت في الغابة كان يحمل فوق رأسه صندوقا حبست‬
‫بداخله امراة ‪ ٠‬واخرج العفريت المرأة وقضى معها وقتا طيبا‬
‫ثم نام بعدها ‪ ٠‬وأبصرت المرأة الملكين ودعتهما اليما وقالت‬
‫لهما ‪ :‬ان هذا العفريت يتوهم انه زوجي بكل قأكيد ‪ ،‬ولكنني خنته‬
‫مائه مرة بل مائت المرات ‪ ،‬وعالمة كل خيانة عندي خاتم‪ .‬ثم أطلعت‬
‫الملكين على مائت الخواتم واضافت خاتميهما الى مجموعتها تذكارا‬
‫‪ .‬لخيا نه جديدة ‪٠‬‬
‫ونحن نعتقد ان هذه الحكاية العربية ترجع الى اصل هندي تنقصه‬
‫التهاويل البوذية ‪ ٠‬ويحكى سوماديوا مثل هذه الحكاية في مجموعة‬
‫« ملتقى التيارات لمختلف ااحكايات » ‪ ٠‬وفي وسعنا ان تتبع في بعض‬
‫حكايات اخرى تحور المناهج والموضوعات من خالل اكنظرة البوذية ‪٠‬‬
‫على ان هذه التغيرات ال تخدم الحكايات اال في النادر ‪ ،‬فغاال ما‬
‫‪.‬تفقد هذه الحكاات سحرها ونضارتها ‪٠‬‬
‫وربما كانت هذه االمثلة كافية ‪ ،‬فربما اشارت الى الصورة التي‬
‫كانت عليها الحكاة الخرافية الهندية قبل الميالد بزمن طويل ‪ ٠‬وانه من‬
‫حسن حظ البحث في الحكايات اتخرافية ‪،‬ان القصاصين البوذيين قد‬
‫جمعوا الكثي من الحكايات الخرافية والغابوالت وغير ذلك من‬
‫الحكاات ونقلوها الينا ‪٠‬‬
‫غلى انه من جهة اخرى ينبغي علينا ان نقر باتنا عرفنا كذلك‬
‫كثيرا من الحكايات عن رواات غير بوذية‪ ،‬او على االقل نقر بمعرفتنا‬
‫لتلك الحكايات التي تهدي الى االصل غير البوذي ‪٠‬‬
‫ومن مميزات فن الحكايات‪ .‬الخرافية‪ .‬لهندية الميل الى مزج حكاية‬
‫‪-‬‬ ‫‪١٩٥‬‬
‫بأخرى اوضم مجموعة كبيرة من الحكايات في اطار واحد ‪ ٠‬وقد‬
‫أتقلت هذه الخاصية الى حكايات الف ليلة وليلة بصفة خاصة ‪ ،‬وكذلك‬
‫استخدمها فيما بعد بوكاشيو وبازيل ‪ ،‬كما انما اثرت من قبل في تتاج‬
‫االغرومانيين (‪ )١‬وفي فنهم ‪٠‬‬
‫وقد ضمت مجموعة باتتشاتنترا الشهيرة كثيرا من الحكايات‬
‫البوذية ‪ ،‬وهي غالبا ما تأخذ شكال اكثر تهذيبا وجودة من تلك‬
‫الحكايات التي نعرفها في مجموعة الدجاكا ‪ ٠‬وقد وجدت مجموعة‬
‫حكايات الباتتشاتتترافي بالد الهند نفسها من يعنون بها دائما ابدا م‬
‫وثكنها ترجمتبعدذلك الى لغات كثيرة ‪ ،‬اما مباشرة عن لغتها ااصلية‪،‬‬
‫او عن طريق لغات اخرى ‪ ،‬فقد ترجمت الى الفارسية والسريانية‬
‫والعريية والعبرية والالتينية وكذلك الى االلمانية ‪ ٠‬وكذلك وصلت‬
‫الى اوروبا مجموعات هندية اخرى ‪ ،‬فقد ترجمت حكايات آل السبعة‬
‫الحكماء الممرة » الى اللغة الالتينية ‪ ،‬وظهرت مرتين شعرا بالغة االلمانية‬
‫في القرن الخامس عشر ‪ ،‬كما انها اتتشرت فضال عن ذلك في روايات‬
‫نثرية المانية باللغة الفصحى والعامية بوصفها كتابا شعبيا ظل باقيا حتى‬
‫القرن التاسع عشر ‪ ٠‬وكذلك وصلت بعض حكايات «كتاب الببغاوات»‬
‫الىتركياعبر بالد الفرس ‪٠‬‬
‫على ان الشغف بالحكايات الهندية لم يقتصر على الشرق االدنى‬
‫واوربا وانما ظهر الشغفبها كذلك في الشرقين االوسط واالقصى ‪،‬‬
‫اي بالد المغول والتبت والصين واليابان ‪ ،‬بن انه قد اكتشفت حكايات‬
‫هندية لدى شعوب سبيريا نفسها ‪ ،‬وان تكن في صورة فجة كما هو‬
‫المنتظر ‪ ٠‬و كذلك وصلت الحكاية الخرافية الهندية الى افريقيا‪ ،‬كما‬
‫اننا ال نجهل وصولما عن طريق الزنوج الى امربكا ‪٠‬‬
‫ولكن اين في الحقيقة تتمثل الفنية الخاصة بالحكاية الهندية ?‬
‫لقد سبق ان اثرفا الى ان حكايات الحيوان الهندية ‪ ،‬والنماذج التي‬

‫ا ‪-‬عذ كلمة مزجية تعنى الرومان االغريقيين ‪( ٠‬اب»‪٠‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪١٩٦‬‬
‫تحكى عن قوة االدراك‪ ،‬وعن الحكايات الخرافية انتي ال تأخذ فيها‬
‫االمور مجراها الطييعي ‪ ،‬والحكايات التي تحكى عن قوة السحر ‪،‬‬
‫وغيرها من الحكايات ‪ ٠‬وكل ذلك يعد ثروة عامة‪ ،‬ظمرت لدى شعوب‬
‫الحضارات ‪ ،‬كما ظمرت لدى الشعوب البدائية التي ينفصل بعضما‬
‫عن اآلخر اتفصاال قاما ‪ ٠‬فما الرسائل الفنية التي عملت على خلق‬
‫احكاية الخرافية الهندية من هذه المواد االولية ?‬

‫لقد سبق اذ بينا كيف طور اتجنود الحكايات التي لها طابع الحلم‬
‫تلك التي تحكي عن الجنة والخروج منها ‪ ،‬وكيف انمم وصفوا مقدار‬
‫ما يعانيه االنسان وما يبذله من جهد في سبيل الوءصول لى الجنة ‪،‬ثم‬
‫اذابه بعد ذلك يفقدها في غمضة عين ‪ ٠‬ويمكننا ان تتبع هدا االختالف‬
‫في ايقاع السرد خالل الحكايات الخرافية الهندية كلما على وجهالتقرب‬
‫فحوادث المروب السحري تتحقق في انحكاية الهندية بدرجة من‬
‫التوتر ينقطع معها النفس ‪ ،‬كما انها تفاجئنا في سرعة مذهلة ‪ ٠‬وكذلك‬
‫تستخدم الحكاية الخرافية الهندية اسلوب التكرار بطيقة فنية تتسم‬
‫بالتروي ‪ ٠‬فالمضمون القديم للحكاية التي تمثل حلم الخوف ‪ ،‬الذي‬
‫اتشر في اشرق والغرب هو اذ من يعجز عنحل لغز فقد حياته‪.‬‬
‫اما الحكاية المندة فتكرر هذا اربعا وعثرين مرة ‪ ،‬واحدة تلو‬
‫االخرى‪ ،‬وتضم هذا كله في اطار موضوعي مثير ‪ ٠‬ثم ان الهنود‬
‫يشغفون على نحو خاص بالحكايات التي تحكى عن نوع بعينه من‬
‫الممارة أو عن دقة في االدراك غير مألوفة‪ ،‬كما انهم يهتمون بها‬
‫بطريقة خاصة ‪ ٠‬ومن تم فانهم كثيرا ما يحكون كيف ان االنسان قد‬
‫يحصل من شخص ذكي او شخص يلتزم الصمت على اجابة صحيحة ‪،‬‬
‫وفي اغلب االحيان على قرار حاسم يتسم بالذكاء وذلك عن لريت‬
‫النطق عمدا بكلمة خاطئة او حمقاء ‪ ٠‬ويحكى على سبيل المثال ‪:‬‬

‫ان شخصا نحت نسثاال لفتاة من شجرة‪ ،‬ثم جاء الثاني فندن التمثال‬
‫وجعل له الثالك مالمح مميزة ‪ ،‬كما بعث فيه الرابع الحياة ‪ ٠‬فمن‬
‫نصيب من من هؤالء تكوذ الفتاة ؟ هكذا سأل الملك اميرة لم يسبق‬
‫‪-‬‬ ‫‪١٩٧٠‬‬
‫وهناك تكملة لهذا القرار حكاها الهنود ‪ ،‬وظلت محفوظة اوال في‬
‫كتاب فارسي‪.‬للحكاياتالخرافية ثمفيكتاب تركي بعد ذك ‪ :‬وتذكر‬
‫هذه التكنلة ان الرجال االربعة الذين اشتركوا فيخلق الفتاة لم‬
‫يتفقوا على رأي في المطالبة بحقهم وتوسلوا الى درويش والى رئيس‬
‫الحد أن جعلها تنطق بالكالم ‪ ٠‬وقد سبق لهذا الملك ان حول اتباعه‬
‫الى صورة جماد النهم عجزوا عن االجابة ‪ ٠‬فقد تلمس احدهم العذر‬
‫وقرر اذ المسألة في نظره ليست هينة ‪ ،‬فضال عن انه من الغباءبحيث‬
‫ال يسبتطيع االجابةعنهذا ائسؤال‪ ،‬وأكن الفتاة في رأيه ال بدان‬
‫تكوذ من نصيب ذلك الرجل الذي نحتها من الشجرة ‪ ٠‬عند ذاك‬
‫انطلقت االميرة قائلة ‪ :‬ان الشخص الذي نحتها هو ابوها ‪ ،‬وان الذي‬
‫زينها هو امها وان الذي ميز شخصيتها هو معلمها ‪ ،‬واذ الذي نفخ‬
‫فيها الروح هوزوجها ‪ ٠‬وهكذا نطقت االميرة وكان نطقها اعالنا عن‬
‫استسالمما للملك ‪٠‬‬

‫شرطة ثم الى قاض كي يفصلوا ينمم‪.‬على ان كل واحد منهمكان‬


‫يريد الفتاة لنفسه‪ .‬لسبب ما من االسباب ‪ ،‬فاختلقوا لذنك شتى‬
‫األكاذيب ‪ ٠‬وفي النهاية — حين جاء دور الحكم االلهي لكي يحسم‬
‫االمر ‪ -‬انفلقت الشجرة التي كانت الفتاة تستنداليها وابتلعت الفتاة‬
‫مرة اخرى وهذا معناه ان االنساذ اذا ادعى لنفسه عمال ال ينتمي اال‬
‫الى الخالق ‪ ،‬فانه حينئذينشأ الكذب وينشب النزاع ‪ ٠‬واليعود‬
‫النظام الى الحياة اال حينما يختفي هذا المخلوق غير الشرعي ‪٠‬‬

‫وقد حكت اساطير بعضالشعوب ان الناسخلقوا من االشجار‬


‫بل ان اوائل البشرقد خرجوا من االشجار ‪ .‬وكذلك يحكي في كتاب‬
‫االدا ان ثالثة من االلمة خلقوا زوجا من البشر من شجرتين ‪ ٠‬وقد‬
‫منحمما « أودين» النفس‪ « ،‬وهوينر» الروح «ولو دور» دفء‬
‫الحياة واالثوان‪ .‬الزاهية ‪ ٠‬ومن هذه الحكاية وما شابهها من اخبار‬
‫يتمثن فعل الخلق في بؤرة الحكاية ‪ ،‬فال توصف الحوادث المفردة ‪،‬‬
‫وانيدنتوحف معجزة الخلق نفسها ‪ ٠‬وتستغل الحكاية الهمندية مثل‬

‫‪-١٩٨-‬‬
‫هذه االقاصيص في ابراز مانيها من دقة االدراك والعراك‪ .‬لذي يتنم‬
‫بالغنى الفني ‪ ٠‬ومع ذلك فاذ الحكاية الهندية تظل ‪ -‬رغم ‪ -‬مافيها‬
‫منحيل ‪ -‬طبيعية وواقعية ‪٠‬‬
‫اما كون العفريت او التنين يسلب فتاة تتحرز من اسره بسد ذك‪،‬‬
‫فهذا يمثل مضمون حكايات كثيرة عادت الى االتشار مرة اخنرى ‪٠‬‬
‫فيحكى في حكاية هندية ان االب واالم واالخ كانوا يبحثون ت كل‬
‫منهم علىانفراد — عن عريس للفتاة ‪٠‬ثم عثركل منهم على عريس‬
‫يمتلك ممارة فنية بارعة او شيائ له خصائض عجيبة ‪ ،‬ووعد كل منهم‬
‫الخطيب الذي وجده ان يزوجه الفتاة ‪ ٠‬ثم اجتمع الخطاب في‬
‫واحد فيالوقت نفسه ‪ ٠‬وفي مثل هذا األزق عزت النصيحة ‪ ٠‬عند‬
‫ذاك اشفق تنين على هؤالء الذين كانوا في حيرة من امرهم واختطف‬
‫الفتاة ‪ ٠‬وهنالك اخذ كل خطيب يبرز مافي مقدوره ‪ ٠‬اما االول‬
‫فكان عالما بكل شيء ‪ ،‬ومن ثم اخبر عن المكان الذي تختبى* فيه‬
‫الفتاة ‪ ٠‬واما اشاني فكان يمتلك عربة تسنير في الفضاء فحملت الرجال‬
‫الثالثة الى ذلك المكان ‪ ٠‬اما الثالث فكان يملك سيفا صارما قضى به‬
‫على التنين ‪ ٠‬فمن حت من اذن تكون الفتاة ? اما الجواب الصحيح عن‬
‫ذلك فيقول انها تكون من حق الشخص الذي قضى على التنين ‪٠‬‬
‫ان موضوع تغرر التنين بالفتاة الذي قد يبدو رئيسيا ‪ ،‬يشغل‬
‫مركز القصة ‪ ،‬ولكنه من حيث المعنى يبتعد كثيرا عن هذا المركز ‪٠‬‬
‫فالنزاع حول الفتاة نما وتضاعف ‪ ،‬الن الخطاب في المرة الثانية قدموا‬
‫دليالعلى مقدرتهم ‪٠‬‬
‫وهذه الحكاية معروفة على وجه التقريب في جميع انحاء العالم ‪،‬‬
‫ومع ذلك فاليتمثل هذا البناء الدقيق في توازنه في اية حكاية اخرى‬
‫غير ائحكاة الهندية ‪ ٠‬فالسؤال النمائي غالبا ما يجتذب القصاصين‬
‫في الحكايات االخرى فيقترحون دائما حلوال جديدة‪ ،‬كأن يتزايد‬
‫عدد الخطاب وتختلغ انواع مواهبهم ومهاراتهم ‪ ٠‬على ان مقدمة‬
‫الحكاية والنراع االول اليظمران اال في الرواية الهندية‪ ،‬وهذان ‪.‬‬
‫‪--‬‬ ‫‪١٩٩‬‬
‫الجزآن بعينهما يصنعان التوازن الفني في الحكاية ‪ ٠‬وفي مقابل هذا‬
‫تصور الشعوب االخرى استرداد الحق تصويرا اكثر تنوعا واكثر‬
‫حيوية وتلونا •‬
‫وتضح كذلك ميل الحكاية الخرافية الهندية اى االيقاع السريع‬
‫للغاية في موضوع تنافس السحرة ‪ ،‬وهو موضوع يظهر في االدب‬
‫( لخرافي لدى جميع الشعوب وقد سبق ان عرفنا هذا النمط في‬
‫الحكاية المصرية ‪ ٠‬والمثال التالي من شأنه ان يشير الى هذا االيقاع‬
‫المفاجىء في فن الحكاية الهندية ‪:‬‬
‫عثر صياد على عسل تساقطت منه قطرتان على االرض عند دكاق‬
‫خباز ‪ ،‬فاستقرتاتبراغيث على النحناخذت قطة الخباز تتصيد البراغيث‬
‫ولكن كلب الصياد هاجم القطة وقتلها‪ ،‬عند ذاك امسك الخبازبكلب‬
‫الصياد وضربه ‪ ٠‬فتشاجر الصياد مع الخباز واشترك اصدقاء االثنين‬
‫في المعركة‪ ،‬وفي النهاية اشتركت القرية كلها في النزاع ‪٠‬‬
‫وتحكى ثعرب مختلفة منذ قديم الزمان حتى عصرنا هذا ‪ ،‬أن‬
‫رجال ادعى االلوهية لكي يستحوذ على رضاء فتاة ‪ ،‬ثم اوعز اليها هذا‬
‫المضال بانها بستلد منه المسيح ‪ ٠‬ولكن الفتاة وتدت بنتا ‪ ،‬ولم تجن‬
‫بذلك سوى السخرية والخزى بدال من الشرف الذي كانت‬
‫تتتظره ‪ ٠‬وتحكي حكاية هندية ما يماثل هذه الحكاية فتقول ‪:‬‬
‫أن نساجا امر بأن يصنع له طائر صناعي طار فوقه حتى وصل انى‬
‫احدى االميرات ‪ ٠‬وهناك ادعى انه االله ‪ 8‬وشنو» فمنحته االميرة‬
‫حبها ‪ ٠‬فما ان سمع ابوها الملك ان الها زار ابنته حتى اتخذ على التو‬
‫موقفا غير الئق من جاره الملك ‪ ،‬واشعل ضده الحرب واوقعه في ورطة‬
‫كبيرة ‪ ٠‬وعند ذاك لميكن في وسع االله ائحقيقي « وشنو »لكي‬
‫نقذ سمعته ‪ ،‬سوى ان يقدم المساعدة للنساج والملك ‪ ٠‬وبذلك تزوج‬
‫النساج من االميرة ‪٠‬‬
‫ان جنون إلملك واضطرار االله‪.‬لتقدييم المساعدة أضفى على‪.‬الحكاية‬
‫دقة‪ .‬متناهية فزضت فسها على اشكال الخكايات الغريبة واستخدمتها‬
‫في حكاية هزلية عليها مسجة من الرقة والخفة ‪ ٠‬على ان هذا بعينه‬
‫يرجع الى أبتكار المنود ‪٠‬‬
‫وقد وصلنا عن االغريق حكايات تتحدث عن اناس الذين تعفون‬
‫برهافة الحس ‪ ٠‬فيحكى مثال ان احد سكان سيبارس (‪ )١‬رأى عامال‬
‫في مزرعة يدق االرض‪ ،‬فأصيب بانهيار عصبي من مجرد رؤية المنظر ‪٠‬‬
‫وحين سمع شخص آخر هذه الحكاية من الشخص االول زعم انه‬
‫اصيب بوخز في جوانبه ‪٠‬‬
‫وتكرر الحكاية الخرافية الهندية تصوير هذه الرهافة الحسية‬
‫مرات ثالثا ‪ ،‬وبذلك تصل بها الى انقمة ‪ ،‬الىدرجة ان هذا التصوير‬
‫يتخذ شكل مباراة من اجل الوصول برهافة الحس انى اقصى درجة ‪،‬‬
‫فيحكى مثال ‪:‬‬
‫اذ زهرة اللوتس سقطت في حجر ملكة رقيقة فجرحتها وسببت‬
‫لها االغماء ‪ ٠‬وكذلك اصابت اشعة القمر جسم ملكة اخرى بالقروح ‪٠‬‬
‫وسمعت ثالثة صوت مدفع فاصيبت بدمامل ‪ ٠‬وقد حازت الملكة‬
‫االخيرة غعلى الجائزة بوصفهااكثرهن حساسية ‪ ،‬فقد اتضحت حساسيتها‬
‫عن طريت السمع‪ ،‬في حين ان الملكتين االخرين فلهرت حساسيتهما عن‬
‫طريت اللمس ‪٠‬‬
‫وتعرف الحكاية الخرافية كثيرا من هذه المبالغات التي تبلغ قمة‬
‫المرح والغنى الفني ‪ ٠‬وربما اتتشرت هذه المبالغات من قبل بطيقةاكئر‬
‫بساطة لدى شعوب اخرى مثل الشعب االغريقي ‪ ،‬اال انها أكتسبتدقتها‬
‫المتتاهية عن طريق المنود ‪ ،‬كما انها اتشرت حقا في اغلب االحيان من‬
‫الهند الى غيرها من البالد‪،‬فقدعرفت حكايات ألف ليلة وليلة والحكايات‬
‫التركستانية نماذج من دقة الحس ‪ ،‬كما حكى المؤرخ الدانمركي‬
‫« ساكسوجراماتيكس » في القرن الثالث عشر امثال هذه الحكايات‬
‫عن هاملت ‪٠‬‬

‫‪ -- ١‬مستعمرة وداعا الدادا االغريق في جنوب إيطاليا حوالمى سئ ‪ ٧٠٠‬ق‪.‬مم وقد‬


‫اشقمرت يحيلتها الرغدة ‪1( ٠‬لمترجمة)‬
‫هذه الحكايات تمتعنا بوصفها نسخة مطابقة للنماذج التي تدل على‬
‫مصدرها الرواية الشفوية بمقدار ما تضم من الحكايات التي ترجع الى‬
‫سوماديوا حكاها في مجموعة « ملتقي التيارات لمختلف الحكايات »‬
‫فحسب ‪ ،‬وانما تتضمنان الى جانب ذلك حكايات شعبية وفابوالت‬
‫وهذه هي حكاية سوماديوا ‪٠‬‬

‫اغفل برهمي ان يدعو رجال فقيرا غبيا احمق يدعى هاريسارمان‬


‫لحفل ‪ ٠‬ولما غضب هذا الرجل لهذه االساءة اوعز الى زوجته ان نذيع‬
‫عنه انه رجل ذو حيل ‪ ٠‬وسرق انرجل حصان البرهمي وبعد ذلك اخبر‬
‫بالمكان الذي يختبيء فيه الحصان ‪ ،‬وزعم انه قد عرف مكانه عن طريق‬
‫البصيرة النافذة ‪ ٠‬ثمحدث ان سرقتجواهر الملك وكانعلى هاريسامان‬
‫أن يعثر على اللص‪ ،‬فنادى في حيرته بكلمة « اللسان» ‪ ،‬وكان‬
‫يلقي في ذلك الذنب على لسانه الثرثار الذي اوقعه في مثل هذا االدعاء‬
‫السخيف ‪ ٠‬واستمعت اللصة الى مانطق به هاريسارمان وكانت تدعى‬
‫حقا ‪ 5‬اللسان » ‪ ٠‬فلما سمعت اسمها اضطربت واعترفت لهاريسارمان‬
‫وكان على الناس بعد ذلك ان ان يختبروا علمه الواسع ‪ ٠‬فكان عليه‬
‫ان يحدس بما تخفيه جرة ‪ ٠‬ولم يكن يعرف ما تخفيه فصاح بكلمة‬
‫« ضفدع » ‪ ،‬فقد كان والده يوجه اليه دائما هذه السبة ‪ ٠‬وقد كان‬
‫في الجرة حقا ضفدع ‪٠‬‬

‫ان فكرة االحمق الذي يخاطر بأن يجلب لنفسه سمعة العالم بكل‬
‫ثم يحدس في شكه وحيرته مرتين باالجابة الصحيحة لمي فكرة‬ ‫شيء‬
‫ممتعة ورائعة ‪ ٠‬وكذلك ازدهرت في بالد اهند حكايات عن احكام‬
‫اآللمة الخاطئة ‪ ،‬وعن النبوءات الخادعة والشعوذات الكثيرة ‪ ٠‬وبناء‬
‫على ذلك تكون الحكاية المزلية قد نشأت في ارض هندية ‪ ٠‬وليست‬
‫حكاية و الخياط الجرىء » غريبة عن حكاية « الطبيب العاتم بكل‬
‫شىء » ‪ ،‬فلم نبرز بطولة هذا الخياط اال من خالل خوفه وجبنه ‪ ٠‬حقا‬
‫لقد ابتعدت الحكاية الخرافية عند االخوين جرم في هذا المجال عن‬
‫االشكال القديمة ‪ ،‬اذا لم يكن البطل فيها جبانا ‪،‬وانما ينتصرغن‬
‫طيق الصدفة وحدها وعن طريق حيله الخاصة ‪ ٠‬ونحن نجد في‬
‫الحكايات ابوذة هذه الفكرة الهندية القديمة ‪٠‬‬
‫وربما كانت هذه االمثلة كافية لتمثل فن الحكاة الهمندة ‪ ،‬فمي‬
‫تشي جبيعا الى ففس المنهج الفني ‪ ،‬حيث انه عرفت لدى المنو‬
‫موضوعات المعتقدات القديمة او الحوادث اليومية بمضمونها القصصي‬
‫او الخيالي‪ ،‬كما ان الحكاية اخرافية تنوعت لديمم ونمت ونسقت في‬
‫شكل متعارض ‪ ،‬ووصلت الى قمة التصودر مع وفرة في المفاجائت‬
‫والنكات ‪ ،‬ومع ترو هادىء ومقدرة على االبتكار ال تكل ‪ ٠‬وتشير‬
‫الحكايات الخرافية والفابوالت التي استولى عليها البوذيون وحوروها‬
‫الغراضهم الخاصة الى هذا الفن نفسه والى الخصائص الشكلية‬
‫نفسما ‪٠‬‬

‫على ان هذا الثراء كثيرا ما ادى بالهنود الى افساد حكاياتهم‬


‫واالسراف فيها ‪ ٠‬فلم تكن االبتكارات والموضوعات تكفيهم من‬
‫الناحية الفنية ‪ ،‬وانما كانوا يرون عرضها عرضا أكثر رقة واثارة ‪٠‬‬
‫فالمزاج المستمر المبالغ فيه بين الحكايات المنفردة بعضها ببعض‬
‫‪ -‬كل هذا يوقظ في نفوسنا في بعض االحيان االحساس باننا نقرا‬
‫حكاية خرافية تخلو من الطابع الخرافي ‪ ٠‬ففيها نفتقد االحماض‬
‫بالبساطة كما نفتقد التواضع وطابع الطفولة ‪ ،‬هذا االحساس الذي‬
‫يحبب الينا حكايات االخوين جرم ‪ ،‬كما انا نفتقد فيها الراحة والهدوء‬
‫والتصوير الذي تركاثرا باقيا ‪ ،‬بل انبعض الحكايات الهندية تشوهها‬
‫المبالغة او يشوهها‪ ،‬العمن على تحسينها ‪٠‬‬
‫على ان هذه الخصائص التي تتسم بها الحكاية الخرافية المندية‬
‫ليست سوى خصائص المنود انفسهم ‪ ،‬فالمزج بين دقة الحس التي‬
‫ال مثيل لما والتفكير المرهف و ين التكرار الذي ال نماية له‪ ،‬والتنسيق‬
‫الموضوعي‪ ،‬والنمو المتزايد المستمر والخيال الذي ال يشبع من فاحية‬
‫اخرى ‪ ،‬وين الحكمة العميقة وادراك الحياة منجهة‪ ،‬والجنون الطائش‬
‫من جهة اخرى‪ ،‬ثم بين الثبع الدنيوي والزهد في الحياة زهدا شير‬

‫‪-٢٠٣٠‬‬
‫االلم‪ ،‬كل هذا يمثل خصائص اهنود انتي تنعكس مرة اخرى في الفن‬
‫أهندي والديانة الهندية ‪٠‬‬
‫وكثير ماائر الشك حول تأثير الحكاية الخرافية اهندية في حكايات‬
‫العالم الخرافية وحكايات الغرب ‪ ،‬االمر اذي يبدو لنا موغال في الخنا‬
‫ذلك اتا لم نعد نرجعالحكايات الخرافية كلها او معظمها ‪٠‬لىالهندكما‬
‫فعل الباحثون منذ عشرات ألسنين ‪ ٠‬وانما كانت الهند مردزا من المراكز‬
‫الكبيرة التي تدفقت منها الحكايات الخرافية الى الشعوب االخرى ‪،‬‬
‫وربما كانت اهم هذه المراكز ‪ ٠‬وطييعي ان الهنود لم يصنعوا هدا كله‬
‫من عند انفسهم ‪ ،‬فلقد استمدوا كدلك من بعض الحكأيات االغريقية‬
‫او الروايات اليهودية التي يرجع بعضها بدوره الى الحكايات المصريه‬
‫ويبدو لنا آن حكاية « اللص الماهر» ‪ ،‬وحكاية « التائهين» تعدان‬
‫ملكا للمصرين القدماء ‪ ٠‬ولم يترك الهنود هذه الحكات دوذ تغيير ‪،‬‬
‫كما حوروا الفابوالت التي أخذوها عن االغريق ‪٠‬‬
‫انتتبعآثار الحكاية الخرافية الهندية في ميراث لعالم من‬
‫الحكايات ليس عمال هينا ‪ ٠‬ونحن نود هنا ان نيين ذلك مكتفين يبعض‬
‫االشارات ‪٠‬‬

‫لقد اتتقلت الحكايات الهندية االولى ‪ -‬فيما نعتقد ‪ -‬في القرون‬


‫االولى بعد الميالد الى الصين واليابان ‪ ٠‬وربما حدث قبل هذا بقليل ‪،‬‬
‫ان تأثر المتأخرون من االغرومانيين في بناء حكاياتهم وهندستها تأثرا‬
‫عظيما بفن الحكاية الهندي ‪ ٠‬وبعد ذلك استمد الفرس والعرب كثيرا‬
‫من تراث اهند ‪ ٠‬ثمفتح عصر الحروب الصليبية ‪١‬اليرابللعالم الشرفي‬
‫ومن ثم فتح االبواب للحكاية الخرافية‪ ،‬وكانت يزنطة االكبر في عملية‬
‫النقل ‪ ،‬كما كان هناك وسيلة اخرى لالتتقال وذلك عن طريق العرب‬
‫في صقلية او اسبايا ‪ ،‬وفي العصور الوسطى تدفقت حكايات خرافية‬
‫هندية عن طريق شمال اسيا وشمال شرق اوروبا الى بالد الغرب ‪٠‬‬
‫ونحن ال نستطيع ان تعرف على اثر أية حكاية خرافية هندية في‬
‫اوروبا قبل القرذ الثاني غشر‪،‬على انه بعد ذلك اخذت تتدفق الى‬
‫اوروبا مادة هندية هائلة حتى القرن السادس عشر ‪ ٠‬وقد اثرت هذه‬
‫المادة في اتقصة االيطالية والفابوال الفرنسية وحكاية الوعظ ‪،‬بلفى‬
‫الكتب الشعبية تفسها ‪ ،‬كما عمكت على اثرائما ‪.‬‬

‫ونود قبل ان تتحدث عن قرب عن الحكاية الخرافية عند العرب‬


‫واالوربيين ان نمعن النظر اوال في الحكاية الخرافية الصينية ‪،‬‬
‫مستشهدين ببعض االمثلة القليلة ‪ ٠‬وفي هذاالمجال تقدم الينا الحكاية‬
‫الهندية نقطة انطالق طيبة ‪ ٠‬وقد كان اول من مهد الطريق للتعرف على‬
‫الثروة ائصينية من الحكايات الخرافية هو ريتشرد وليم ‪ ،‬ثم تبعه فيما‬
‫بعد « فولفرام ابرهارد » وتضم مجموعتاهما من الحكايات التى‬
‫مصدرها الرواية الشفوية بمقدار ما تضم من الحكايات التي ترجع الى‬
‫االصول المدونة ‪ ٠‬وال تتضمن هاتان المجموعتان حكايات خرافيةفحسب‬
‫وانما تضمنان الى جانب ذلك حكايات شعبية وفابوالت‬
‫وأساطير وحكايات هزلية ونكات واساطير عن خلق العالم ‪ ،‬وصور‬
‫للخير وللقوة الحامية ‪ ،‬والقوى الكبيرة المخلصة ‪ ،‬الى جانب حكاات‬
‫عن االشباح واالرواح ‪٠‬تختلط حدود االنواع المنفردة بعضها ببعض‪،‬‬
‫فما تزال االمور العجيبه تنتمي فيها الى مجرى الحياة الطبيعية ‪٠‬‬
‫وتتفمن الحكاية الخرافية الفنية الى حد بعيد ‪ ،‬بوصفها وحدة ارقى‬
‫من غيرها بعض مجاميع الحكايات االخرى ‪٠‬‬
‫ونحن تفاجىء‪،‬على التو في الحكايات الصينية بعدد من الموضوعات‬
‫الهنديةومثالذلك الحكايةالتيتحكيعنلغةاالشارة‪،‬والحكايةالتي تحكي‬
‫عن الحيواذ الذكي ‪ ،‬وعن الحيوان حافظ الصنيع ‪ ،‬واالنسان الناكر‬
‫للجميل‪ ،‬وعن المباراة في التحول الى اشكال اخرى ‪ ٠‬وكثيرا ما تصنع‬
‫الحكاية الصينية من المقتطفات التي تقتبسها حكاية مترابطة ترابطا شير‬
‫الدهشة ‪ ،‬فحكايات الحيوان الحافظ للصنيع ترتبط بطريقة مشابهة في‬
‫الروايات الهندية القدييمة بحكاية الطوفان ‪ ٠‬والى جانب الحكايات‬
‫الخرافية الهندية هناك كذلك مادة استعارهاالصينيون من االغريق ‪٠‬‬
‫فقد وصلت الى الصين كذلك حكاية اندروكليس واالسد ‪ ،‬كما ان‬

‫‪-٢٠•-‬‬ ‫ا‬
‫حكاية الثعلب الذي خدع االرنب بأسلوبه اللمين المخادع وجدت‬
‫مستقرا لها في الحكم اثميتية ‪ ( ٠‬وكال الحكايتين يرجع في النهاية‬
‫كذلك الى اصل هندي ) ‪ ٠‬اما تفاح « الهسبريدن » فقد تحول الى‬
‫ؤ الخوخ» التي تمنح الخلود ‪ ٠‬كماان حكاية االرملة الخوئن عجوز‬
‫افسيوس المزواج‪ ،‬فقد تصرف فيها قصاص صيني في زمن مبكر تصرفا‬
‫سيائ ‪ ٠‬ويبدو ان الحكايات الصينية قد استولت منذ زمن قريسب على‬
‫عدد غير معروف منمقتطفات من الحكاية الخرافية فيمجموعة االخوين‬
‫جرم ‪ :‬من حكاية ‪9‬هنزيل وجرتل» على سبيل المثال‪ ،‬ومن حكاية‬
‫االخ العغير واالخت الصغرى‪ ،‬وحكاية االخ القنوع واالخ غير‬
‫القنوع ‪ ،‬وحكاية الطفل الطيب الشفوق ‪ ،‬وحكاية الهروب من مسكن‬
‫العفريت ‪ ٠‬ثم تعود بعض اجزاء هذه الحكايات فتترابط في اشكال‬
‫اكثر ما تكون روعة ‪ ،‬فحكاية ذات الرداء االحمر ترتبط بحكاية النعاج‬
‫السبع ‪ ،‬وكالهما يصب في حكاية رفيق السوء ‪ ٠‬وقد عوقب الذئب‬
‫الشرير ‪ -‬وهو في الحكاية الصينية نمر ‪ ٠‬بأن جلس على ابرة وخزته‪٠‬‬
‫اما كيف تتشكن الموضوعات اثصينية المعروفة في انحاء العالم في اصالة‬
‫وتماسك وعمقي في الوقت نفسه ‪ ،‬فهذا ما يوضحه لنا هذا المثال ‪:‬‬

‫عشر رجل على « وعاء » فنظفته زوجته بفرجون ‪ ٠‬وفي الحال‬


‫تكاثرت الفراجين ‪ ٠‬ثم باعت المرأة الفراجين بقطعة نقود جميلة ‪ ٠‬ثم‬
‫سقطت في الوعاء قطعة النقود الذهبية فتكاثرت وتتج عنها ثراء االسرة‬
‫ثم كان على الجد المسن ان يحفر االرض ‪ ،‬فانهو لم يفعل هذا في‬
‫حماس بالغ تعرض للعقاب ‪ ٠‬وأجهد الجد تفسه حتى سقط في الوعاء‬
‫من فرط اعيائه ‪ ،‬ومات ‪ ٠‬وعندئذ تكاثر الجد اميت في الوعاء ‪ ٠‬وكان‬
‫على صاحب اتوعاء ان يخرج االجداد‪.‬المتوفين من الوعاء ويدفنهم ‪٠‬‬
‫وقد استنفذ في هذه العملية نقوده كلها التي غنمها ‪ :‬وحينما فرغ من‬
‫عمله كس الوءاء وءاد بعد ذلك فقيرا كما كان ‪٠‬‬

‫أما الحكايات التعليلية فقلما تظهر عند الصينيين ‪ ٠‬هذا وان كانت‬
‫الحكاية العسينية تبحث عن سبب العداء بين القطط والكالب ‪ ،‬كما‬

‫‪--٢٠٦‬‬
‫تفسر الطريق اللبني بوصفه خطا في السماء جذبته الهة مع خصالت‬
‫شعرها ‪ ،‬اما السحب فتبدو شياها يحرسها راع سماوي ‪ ٠‬وكذلك‬
‫تمتعنا الفابوالت القصيرة بما تحكيه عن الشمس والقمر والنجوم ‪،‬‬
‫وكثير ما حاول الصينيون تفسير قوة االفالك وتكونها ‪ ٠‬وتحمل‬
‫الحكايات التي تتناول هذه الكائنات صورا مجازية عجيبة ‪ ،‬كما انها‬
‫تخفي معنى عميقا ‪ ٠‬فيحكى ان عشرة شموس كن يسكن السماء يوما ‪،‬‬
‫فجاء اودالنج الذي ولد من ام الهة واب انسان ‪ ،‬وضرب تسعا منهن‬
‫« فسيطر على تسعة شخوص ممسوخة ‪ ٠‬ولقد كان في وسعه ان يجع‬
‫نفسه غير مرئي ‪ ،‬وان يأسر كل ما يعجبه كما كان في وسعه ان يجعل‬
‫البحر فيض ‪ ،‬وان نقل الجبال ‪» ٠‬‬

‫اما الشمس العاشرة فكانت تحتمى في شجرة الفاكهة التي لم تعد‬


‫بعد ذلك حثى الشمس ‪ ٠‬وانما تنمو في غير عناء ‪ ،‬وما يزال االنسان‬
‫حتى اليوم يرى على وريقاتها حبات صغيرة من اللؤلؤ ‪ ٠‬اما دودة المطر‬
‫اتي اشت سر الشمس ‪ ،‬فقد اقتفت الشمس اثرها وكانت تجففها‬
‫كلما طلعت من باطن االرض ‪٠‬‬
‫ويميل الشعب الصيني الى الحكاية الشعبية بالمعنى الذي‬
‫اصطلحنا عليه ‪ ٠‬وبعض هذه الحكايات يخلو من النغمة الحزنة ‪٠‬‬
‫فيحكى ان شخصين اعتقد انمما قد مكثا لدى االشباح التي‬
‫نسكن الجبال بضعة ايام قليلة ‪ ،‬ولكنهما في الحقيقة مكثا سنين طويلة ‪،‬‬
‫ثم عادا من هناكوقد بلغا من العمر ارذله ‪ ٠‬اما االول فقد وجد زوجته‬
‫ما تزال علىقيد الحياة ‪ ،‬كما وجد نسال كثيرا من االوالد واالحفاد‬
‫وابناء االحفاد فعاش معهم سعيدا ‪ ٠‬اماالثاني فلم يكن سعيدا بخروجه‬
‫ولذلك فقد عاد مرة اخرى الى الجبل ‪ ٠‬وهناك تبعه صديقه االول‬
‫مع زوجته بعد فترة من الزمن ‪٠‬‬
‫اما الزواج الذي تم بين االنسان والمرأة الثيطاذ فال تصوره‬
‫الحكاية الصينية على انهيؤدي دائما الى الفشل تتيجةلخلوقلب االنسان‬
‫من الحب وانكاره للجميل انكارا تسم بالغباء ‪ ،‬كما هو الحال في‬

‫‪-٢٠٧-‬‬
‫الحكاية االلمانية والنرويجية ‪ ٠‬حقا ان الزوج يختفي فيالحكاية الصينية‬
‫اكثر من مرة ولكنه في النهاية ينال الصفح بعد ان يكوذ قد ندم بحق‬
‫كما ان المرأة الممسوخة في شكل بجعة ال تختفي الى االبد عن االنسان‬
‫الذي اعاد لها ثيابها ‪ ،‬فهما يجتمعان في كل عام مرة ‪٠‬‬

‫وتحتبس اتفاسنا عتد قراءة حكاية الفالح الثمل الذي ازعجه‬


‫وحش عند عودته الى المنزل ‪ ،‬ثم امتطىصهوة جواده وهرب ‪ ٠‬كما‬
‫تحتبس بالمثل عند قراءة حكاية الجسد الذي يعود الى الحياة في الليل‬
‫ويجري في سرعة ويفاجى‪ ،‬االنساذ الهارب ‪ ٠‬ويذكرنا هذا بالحكايتين‬
‫االلمانيتين ‪ « :‬هوك كوب »و« شبح الكنيسة» ‪ ٠‬وينطبق هذا على‬
‫حكاية اآلالم المفزعة التي قدر نشخص ان يتحملها النه يرغب في خالص‬
‫آخر ‪ ،‬كما ينطبق على الحكاية التي تحكى تجارب االنسان الذي رأى‬
‫الجحيم باالمه وفزعه ‪٠‬‬
‫اذ أشباح النهر االصفر الذي كثيرا ما تسبب فيضاناته اضرارا‬
‫بالغة ‪ ،‬تتطلب بصغة خاصة عبادة شاقة وتضحية تلو التضحية ‪ ،‬فهي ال‬
‫ت*رفالرحمةوهيتظهرفيشككلحيواذس‪٠‬يطرعىالم‪*1‬وفقا لالعتقادالقديم‪.‬‬
‫وكذلك تستطيع االفاعي الصغيرة الذهبية اذ تتحول فجأة الى تنين‬
‫ضخم ‪ ،‬وهي تستمتع برؤية المناظر التمثيلية ‪ ،‬وتهدأ نفوسها بهذا اتفن‬
‫ويرجع منشأ الدراما عند الصينيين كذلك الى تجميد االلهة واالحتفال‬
‫بها ‪ ٠‬ويستقر بعض التنين في قاع البحر لحراسة الاللى الثمينة ‪،‬‬
‫ويخثىزيتبذر الكتانوشمعاالشجار شأذالشبحين االلما نيين «دوستن»‬
‫و « روالند » كما انه تغذى بالعصافير المشوية ‪٠‬‬
‫وقد قامت حكايات السحر وحكايات االعمال المحيرة متعة خاصة‬
‫للقصاصين ‪ ،‬وهي تتغير امامنا متنقلة في جميع المراحل ‪ :‬من اغوار‬
‫الحكايات الهندية العميقة الخالصة ‪ ،‬الى اعمال الخداع التي نعرفما‬
‫في العصر الحاضر‪ ،‬الى الصور المفزعة عن االشباح التي تحدث‬
‫الغجيج عند ظمورها ‪٠‬‬
‫ويفزع الصينيوذ ‪ -‬كما تفزع الشعوب كلها ‪ -‬من تحركات‬

‫‪-٢٠٨٠‬‬
‫الموتى وافعالهم الشريرة ‪ ،‬كما تحاول كثير من المعتقدات التطيريية‬
‫تجنبها ‪ ٠‬وتعد ارواح موتى حرب الثالثين (‪ )١‬اسوا هذه االرواح ‪٠‬‬
‫اما نبش القبور فيعد اكبر جريمة تستحق اللعنة ‪ ،‬وتتطلب اقسى‬
‫العقوبات ‪ ٠‬وكذلك تخذ الغول ‪٢‬كل اللحوم البشرية شكل امراة‬
‫جميلة ناعمة ‪ ،‬كما تحول غيره من الغيالن الى صورة شبان فاتنين‬
‫يغررون بالفتيات الحسناوات ‪ ،‬وبعد ذلك يكشفون عن طييعتهم‬
‫الوحشية ‪ ٠‬وتتفق الحكاية الخرافية الصينيةفي هذا معكثير منحكايات‬
‫الشرق والغرب والشمال والجنوب ‪ ٠‬ويعد سكان سيالن االصليين في‬
‫االسطورة الصينية اناسا نفترسون الحيوان ونفوقون الغول قوة ‪،‬‬
‫ويقودون اعداء الصينيين الى النصر ‪ ٠‬وكذلك تثير اعمااللسحر المخيفة‬
‫وكذلك االغمال التي من شأنها ان تعيد الحياة ‪ ،‬الفزع في نفوسنا ‪٠‬‬
‫ثم ان االخالص والحب الملىء بالتضحية شفيا فتاة من الجذام فاصبحت‬
‫زوجة ثانية للرجل الذي احبته ‪ ٠‬وهذه الحكاية الصينية تقابل حكاية‬
‫« هينرش الفقير » وحكاية امير جليخن» ‪٠‬‬
‫ويحس االنسان في كل هذه الفابوالت القصيرة باقبال اصيل‬
‫قوي على عملية القص ‪ ،‬كما يحس باصالة في التاليف ومتعة في تصوير‬
‫المفاجات ‪ ٠‬ويفوق الهنود الصينيين الى حد بعيد في بناء الحكاة وربط‬
‫اجزائها ‪ ،‬وفي النمو بالموضوعات ومقابلة بعضها بالبعض اآلخر ‪ ٠‬على‬
‫ان الصينيين بدورهم فوقونهم في فن التصوير ‪،‬‬
‫فالصور المفزعة في حكاياتهم الخرافية ‪ ،‬كصور الشياطين والتنين ‪،‬‬
‫نيفلهر امامنا بنفس الدرجة من غنى االلوان وقوتها التعبيرية التي ال‬
‫ينتمي اعجاب نا بهافي فن التصوير والفن التشكيلي الصيني ‪ ٠‬كما أن‬
‫صور الجو والرعد وصور الروعة السماوية والجمال تلك الصور التي‬
‫ال يألو الشعراء جهدا في تقديمها الينا ‪ ،‬تقدم لنا كذلك نماذج تفيض‬
‫بالروعة ‪ ٠‬وهذا شاهد على ذلك ‪:‬‬

‫‪ - ١‬هى ارواح ضحايا الحرب التيقامت يين اتباع المذهب الكاثوليكى واتياع المذهب‬
‫البروقستنتى و‪1‬لشي دامت تالثين عاما ‪٠‬‬

‫‪٢٠٩-‬‬
‫لقد ابصر حينذاك من حوله غابات من العقيق االصفر واشجارا من‬
‫معدن النفريت ‪ ٠‬وكانت الحشائث من حجر اليشب الكريم واالزهار‬
‫من المرجاذ ‪ ٠‬وفي وسط هذا انبهاء كان يقع بحر مستطيل يفوق في‬
‫طوله مائة نهر ‪٠‬وكانت المياه تتأرجح وهي مختزنة ‪ ،‬وفي قاعها تسبح‬
‫االسماك ذات القشور الذهبية ‪ ٠‬والى جانب هذا المكان كان هناك‬
‫عدد ال حصر له من الطيور السحرية التي كانت تغني‪.‬وهي تطير صاعدة‬
‫هابطة ‪٠‬‬
‫و مثال آخر ‪:‬‬
‫لقد اشرف على حصن التنين مائت من البوابات المغلقة على ما بها‬
‫كما اتتثرت في‪.‬جنباته االزهار العجيبة والحشائش النادرة في وفرة‬
‫ممتعة ‪ ٠‬وكانت االحجار الكريمة التي يمتلكها اهل هذا انعالم مبعثرة‬
‫في بهاء لتكون في متناول اليد ‪ ٠‬اما االعمدة فكانت من صخر‬
‫« الكوارتز » االبيض ‪ ،‬تزينها احجار اليشب الخضراء ‪ ٠‬اما المقاعد‬
‫فكانت من المرجان ‪ ،‬والستائر من زجاج في شفافية المياه والنوافذ من‬
‫الزجاج المثطوف ‪ ،‬ومزينة بكثير من خثب الخرط ‪ ،‬ثم كانت قباب‬
‫السقف تتموج تموجات عريضة وهي مزادنة بالكهرمان ‪ ٠‬وامتالً‬
‫المكان بعبير غريب ضاع في الظالم الملىء باالسرار ‪٠‬‬
‫و مثال ثالث ‪:‬‬

‫وطلع تتين احمر يبلغ من الطول اتف قدم ‪ ،‬وله عينان تبرقاذ ولسان‬
‫في لون الدم القاني ذو اشعاعات قرمزية ‪ ،‬ولحية نارية ‪ ،‬وجذب‬
‫العمود الذي كان مثدودا اليه بسلسلة ‪ ٠‬ثم قصف من حول جسد‬
‫التنين رعد وخطف برق ‪ ،‬واختلط الثلج بالمطر والبرد في شبه دوامة ‪٠‬‬
‫ثم كانت صرخة راعدة ارتفع عندها التنين الى السماء واختفى ‪٠‬‬
‫على ان اصالة السرد وغنى الخيال ووضوحه ال يستنفدان قيم‬
‫الحكاية الخرافية الصينية ‪ ٠‬فأثمن ما فيها وابقاه هو ما تحمله لكل من‬
‫يود معرفة شىء عن الحياة الصينية وتاريخهاوحكمتها وفلسفتها ودياتها‬
‫فمي فيكل مجال من هذه المجاالت تفتح امامنا باب المعرفة ومن ذلك‬
‫ان اقدم لشكال الدانات الصينية واكثرها بدائية ما بزال تمثل فى‬
‫ديانة غريبة تؤمن بالوهية الثعلب ‪،‬وكذلك في عبادة االجداد وما‬
‫ترتب عليها من الصالت القوة في حياة العائلة ‪٠‬‬

‫وقد وصلت عقيدة الوهية الثعلب الى الصينين بحق‬


‫عن طريق إقليم منشوريا‪ ،‬مما كان في وسع الثعالب المسحورة فيشكل‬
‫انسان ان تخفي وجهها المدبب الماكر ‪ .‬وربما نشأت عقيدة الوهية‬
‫العلب تتيجة التشابه يين وجوه بعض الناس ووجوه الثعانب ‪ ،‬تلك‬
‫العقيدة التي اضفت مزيدا من السحر على الحكايات الخرافية الفنية‬
‫الجميلة ‪٠‬‬

‫وقد افترض « فولفرام ابرهارد» ان الحكايات الصينية مجموعة‬


‫من االساطير الكونية التي تم تغير جعضها عبر آالف السنين مثل حكاية‬
‫انطوفان ‪ ،‬في حين تغير بعضها اآلخر الى درجة انه فقد اصله تماما ‪٠‬‬
‫وتعد حكايات الطوفان والخليقة من حكايات الصين الجنويية ‪ ،‬وكذلك‬
‫حكاية الكلب الذي احضر االرز للناس وفقد الكثير منه ‪ ٠‬وكم تشيع‬
‫انشكوى في الحكايات البدائية ‪ ،‬مثل الحكايات االمربكية من نقص‬
‫في الحبوب مثل القمح وغير ذلك من الحبوب التي ال غنى لالنسان‬
‫عنها ويعد هذا الفعل عقابا من اآللهة او شرا تريده باالنسان ‪٠،‬او قد‬
‫بعد ذلك اهماال منها ‪ :‬فالمقادير المخترئة تتناقص دائما لسؤ الحظ‬
‫حتى ترسل بها السماء اثى االرض ‪٠‬‬
‫ويمكننا ان نميز في جنوب الصين — وفقا لرأي « ابرهارد » بين‬
‫اربع طبقات حضارية ‪ ٠‬واقدم هذه الطبقات طبقة الفالحين الذين ربما‬
‫كانوا ال يألفون حياة الغابات ‪ ،‬ثم الطبقة الثانية وهي طبقة الملوك‬
‫الغرباء ‪ ،‬ويلى ذلك الطبقة الثالثة وهي طبقة البوذين ‪ ٠‬اما الطبقة‬
‫الرابعة فهي لبقة العلماء واالساتذة والموظفين ‪ .‬وفي هذه الطبقة تحكى‬
‫انحكايات المزلية عن االنسان الذكي ‪ ٠‬اما حكايات الثعالب فتنتمي‬
‫الى الحضارة الشرقية الشمالية القديمة ‪ ٠‬وتتضح هذه االشارة الى‬
‫التقسيم الحضاري والى تغير المستوى الحضاري في الصين من خالل‬
‫الحكايات الخرافية التي نمتلك منها تتاجا ال يتناسب مع عدد هذه‬
‫الطبقات ‪ ٠‬على انه اذا ما ازداد هذا النتاج وفرة فان معلوماتنا عن‬
‫تاريخ الصين وعن الصلة بين طبقاتها الحضارية سوف تتسع وتصبح‬
‫أكثر تحديدا ‪٠‬ونحن نعرف اليوم اتكثير عن صلة الحكاية الخرافية‬
‫واالنواع االخرى التي تشبهها ‪ ،‬بالطبيعة الصينية وبالصين المتطورة من‬
‫الناحية الدينية والدنيوية ‪ ٠‬وفي هذا وثيقة جديدة مؤكدة للمغزى‬
‫الذي تحمله الحكاية الخرافية يين ثناياها بالنسبة لبداية االنسانية‬
‫وتطورها ‪٠‬‬

‫‪٢١٢‬‬
‫الفهل الساد‬

‫اف بذوبدح‬
‫تعد مجموعة حكايات الف ليلة وليلة الشهيرة شاهدا آخر يستحق‬
‫اتقدير والتأمل على قوة الحكاية الهندية الخرافية ومدى تلك القوة ‪٠‬‬
‫ونحن تتحدث هنا عن أعظم كتب الحكايات الخرافية معتمدين على‬
‫نص « كارل ديروف » وعلى نص « انوليتمان » بصفة خاصة ‪ ،‬ذلكت‬
‫المترجم الممتاز لتلك الليالي التي تتضمن ‪-‬كماسبق ان ذكرنا‪ -‬الى‬
‫جانب الحكايات الخرافية ‪ ،‬اساطير عن االخيار واالشرار ‪ ،‬ومغامرات‬
‫وحكايات عن اسفار البحار ‪ ،‬وروايات وقصصا وحكايات هزلية‬
‫وفابوالت ونوادر ‪٠‬‬
‫وتدين اوروبا في معرفتها ياف ليلة وليلة للمستشرق الفرنسي‬
‫انشهير « اتتوان جاالن » الذي اخذ منذ عام‪ ١٧٠٤‬في ترجمة الحكايات‬
‫العربية الى افرنسية ‪ ،‬مغيرا فيها مرات عدة ‪ ،‬ومرتبا لها وفق تقديره‬
‫الخاص ‪ ،‬كما اجتهد في ان يالئم بين االصل الشرقي وبين ذوق عصره‬
‫قدر االمكان ‪ ،‬وذلك بنجاح مذهل بل ربما يصعب تصديقه ‪ ،‬كما هو‬
‫معروف ‪ ٠‬وقد نشأ في عشرات السنين التالية ‪ ،‬وذلك فيفرنسا والمانيا‬
‫عدد ال حصر له منحكايات الجان الشرقية التي اتخذت ترجمه‬
‫« جاالن » للياني نموذجا لها في مجموعها ‪٠‬‬
‫أما المخطوط العربي الذي اعتمد عليه جأالن بصفة اساسية فيرجع‬
‫انى انقرن الرابع عشر ‪ ٠‬ونحن نملك ثالثة اجزاء من هذا ألمخطوط ‪،‬أما‬
‫الرابع فال اثر له ويحتوي هذا الجزء ضمن مايحتوي عليهمعلىحكايتي‬
‫عالء الدين وعلىباباالجميلتين ‪ ،‬على ان الشك تطرق الينا من وجهة‬
‫النظر الموضوعية فيما اذا كان « جاالن » قد استمد حكايات الجزء‬
‫الرابع من مخطوط عري‪ ،‬فالمترجم اتفرنسي كان يستمع الى كثير من‬
‫الحكايات من مسيحي « سورى » هو حنا الماروني ‪٠‬‬
‫على اذ مجموعة الحكايات نفسها اقدم من القرذ الرابع عشر ‪،‬‬
‫فشواهدها االولى ترجع الى القرن العاشر ‪ ٠‬وفي حوالي القرن اثامن‬
‫ترجم الى العربية في بغداد كتاب حكاياتفارسى هو كتاب االلفحكاية‬
‫الدي يتضمن حكايات هنديةوفارسية ويحمل عنوان «كتاب االنفليلة»‬
‫ثم نمت هذه المجموعة في بغداد مرة اخرى متخذة من الحكاييات‬
‫اهنديه والفارسية مادة لها ‪ ٠‬ثم اتتقل هذأ الكتاب الفني الى مصر ‪،‬‬
‫وهناك عرف في حوالي القرن الثاني عشر باسم كتاب «ألف ليلة ونيلة»‬
‫وفي القرن الثالث عشر اخذت هذه المجموعة تتزايد فىمصر وسوريا ‪،‬‬
‫كما انها اكتملت وغيرت واختصرت وكذلك غير نظامها ‪ ٠‬ولم تكف‬
‫هذه المجموعة بعد ذلك عن التطور ‪ ،‬فقد اكسب جامع هذه الحكايات‬
‫في القرن لرابع عشر ‪ ،‬هذا العمل صيغة التأيف الغني بالمغزى ‪ ٠‬بل‬
‫انه ادخل فى هذه المجموعة الكبيرة بعد ذلك نوادر اخرى واساطير‬
‫ومغامرات عجيبة ‪٠‬‬

‫ويعني لفظ االلف على وجه التقريب عند العرب ‪ ،‬كما هو الحال‬
‫عند الشعوب االخرى ‪ ،‬العدد الكبير الذي ال حصر له ‪ ،‬وكثيرا ما يقول‬
‫االتراك ‪ ،‬نقال عن « اينو ليتمان » ‪ ،‬الف وواحد ‪ ،‬حينما يريدون‬
‫التعبير عن العدد الكبير ‪ ٠‬ومن هنا تضح من خالل التأثير التركي معنى‬
‫العنوان « الف ليلة وليلة » ‪ ٠‬وقد اختلف المشتغلون بهذه الحكايات‬
‫طبقا الختالف تجاربهم ‪ ،‬كل حسب ذوقه ومقصده ‪ ،‬ولكنهم اتخذوا‬
‫الحكاية االصلية التي كانت في متناول ايديمم نموذجا لهم ‪:‬‬
‫ولقد ساهم في خلق مجموعة حكايات الف ليلة وليلة كل من‬
‫الهند ويالد الغرس وارض الجزارة وسودا وممر وبالد االتراك ‪٠‬‬
‫فمن خالل هذا انعمل اذن تحدث الينا الشرق االدنى باسره ‪ ،‬وكذلك‬
‫بالد الهند وكثير ما امكن تحديد اثر كل بلدفي هذه المجموعة وتتبعه‪،‬‬
‫كما امكن تتبع تطوره واذذ فهذه المجسوعة تمثل لنا اثرا لالدب الشرقي‬
‫المثيل له ‪٠‬‬
‫وعلى هذا فقد‪.‬كانت حكايات الف ليلة وليلة التي ترجع الى‬

‫‪٢١٥-‬‬
‫القرنين التاسع والعاشر هندية في اطارها وفي معظم اجزائها ‪،‬فالفن‬
‫الهندي يتمثل في فنها الذي يمزج حكاية باخرى ثم يمزجهما معا في‬
‫حكاية ثاشة ‪ ،‬وفي اسلوبها الذي يتوقف بالحكاية مرة ثم يصلها مرة‬
‫اخرى ‪ ،‬وفي مطالع حكاياتها ثم في اطار حكاياتها الطويلة ‪ ،‬وفي قصة‬
‫الملك الذي ساءته خيانة زوجته ثم تعزى حينما رأى زوجة اخية تخون‬
‫زوجها اكبر منخيانة زوجته له ‪ ،‬وفي حكاية العفريت‪ .‬الذي حمل‬
‫على رأسه امرأة اغقلها داخل صندوق مغلق ‪ ،‬تلك المراة التي خاتته‬
‫خمسمائة وسبعين مرة ( وقد وصلت هذه الحكاية الى شمال روسيا )‬
‫وفي قصة الرواية االلمعية للحكايات ‪ ،‬وفي حكايات الحيوان ‪ ،‬وكذلك‬
‫في حكاية الجالد والشماش والوزراء العشرة ‪ ،‬واخيرا حكاية المرأة‬
‫االرستقراطية عدوة الرجال التي اهتدت اخيرا الى الطريق الصحيح ‪٠‬‬
‫اما الفن الفارسي في الحكايات فيتمثل في اسماء الحكايات داخل‬
‫اطارها الهندي ‪ ،‬وفي تصوير عالم االرواح والجان الذين يسيطرون‬
‫وحدهم علىا^حياة معتمدين في ذلك على المساومة‪،‬وغير هذه الشخوص‬
‫مثل شياطين الفيافي العربية التي تثير الخوف ‪ ،‬وفي السحرة االشرار‬
‫عباد النار الذين يقدمون االنسان ضحية الله النار ‪ ،‬حتى اذا ما اهتدى‬
‫هؤالء الى االسالم اخذ العرب يروون ذلك في زهو كبير ‪ ٠‬وكذلك‬
‫تتضح المعالم الفارسية في حكاية االمير احمد والجنية يري بانوي ‪،‬‬
‫وفي حكاية االخت الحقود ‪ ٠‬وتنتمي هذه الحكاية الى الطبقة االولى‬
‫منحكايات الفليلة وليلة ‪٠‬‬

‫اما اثر بابل في المجموعة فيتمثل — وفقا لرأي ليتمان ‪ -‬في‬


‫الشياطين التي يكوذ نصفها انساا ونصفها اآلخر حيوافا ‪ ٠‬وكذلك‬
‫موضوع الحصول على ماء الحياة يبدو ان اصله يرجع الى الملحمة‬
‫البابليةجلجامش ‪ ،‬وان كانت عملية النقل قد تمت بطريق غير مباشر‬
‫عن طريق حكاية االسكندر ‪ ٠‬ومن المؤكد ‪ -‬وفقا لرأي ليتمان ‪ -‬ان‬
‫حكاية هيكار الحكيم التي تذكر في بعض مخطوطات الف ليلة وليلة‪،‬‬
‫ذات اصل بابلي ‪ ٠‬ونحن نعرف هيكار عند البابليين تحت اسم هيكار‬

‫‪-٢1٦-‬‬
‫أما شمرة سليمان وخاتمه السحري وبساطه الطائر وسيطرته على‬
‫الناس وصنوف الحيوان والشياطين فقد اكدها العرب بعد ان اتقلت‬
‫اليهم عن اتراك وسط آسيا ‪٠‬‬

‫والقصاصون العرب مدينون للمصرين بأعمال اللصوص الماكرة وبالحيل‬


‫واعمال السحر ‪ ،‬كما هو الحال في حكاية عالء الدين ‪ ،‬كما يدينوذ لهمم‬
‫بتجارب الطيران التي تظهر في المنام ‪ ٠‬ويبدو ان اسطورة الولية‬
‫المقدسة ‪ ،‬اي حكاية الحب التي تحكى عن اميرة اعتنقت االسالم من‬
‫اجل حبها ‪ ،‬يبدو انها ذات اصل مصري ‪ ٠‬كما يرى االستاذ « شبيجل‬
‫برج »‪،‬عالم اآلثار المصرية ‪ ،‬ان الراهب انشحاذ الذي تحول الى‬
‫صورة قرد ( ويرد ذلك في حكاية الشيال ونسوةبغداد الثالث ) والذي‬
‫اشتهر بخطة الجميل ‪ ،‬يرى فيه مالمح توت المصري ‪ ،‬كاتب اآللمة ‪،‬‬
‫الذي كثيرًا ما يظهر في صورة قرد ‪٠‬‬

‫وربما سمع العرب من المصرين في العصر الهلينستي عن حكاية‬


‫‪9^88‬ل‪ ، 12‬وحكاية االسكندر االكبر‪ ،‬وعن‬ ‫«بوليفيم» (‪)١‬‬
‫كتاب الحيوان الشهير « فسيلوجوس » ‪ ٠‬ومن المحتمل ان يكون في‬
‫قصة الفروسية الطويلة التي تحكى عنعمر بن النعمان آثار من عصر‬
‫الحروب الصلييية ‪ ٠‬اما مالمح العصور الوسطى التي مصدرها بالد‬
‫الغرب ‪ ،‬فما زالت غير محددة ‪ ٠‬اما خدعة « االربعين حرامي» الذين‬
‫احضروا في براميل زيت الى بالط على بابا فهي الخدعة الحرية القديمة‬
‫التي عرفها المصريوذ من قبل‪ ،‬كما عرفتها شعوب كثيرة ‪٠‬وبهذه الخدعة‬
‫كان رجال الحرب االذكياء وانلمصوص الممرة يقعون في الفخ ‪ ٠‬على‬
‫انهليس من الضروري انتكوذ هذهالروايات ذات عالقة بعضها بالبعض‬
‫اآلخر ‪٠‬‬
‫وعلى ذلك فقد بذل كثير من القصاصين جهدهم في العمل في‬

‫‪ - 1‬المرد نو العيد ‪٢‬واحدة الذيخدهه اولسيوس في ملحمة االرنيسا وانتصر عليه ‪٠‬‬
‫(المثرجمة‬

‫‪-٢١٧-‬‬
‫حكايات ألف ليلة وليلة ‪ ،‬االمر الذي ادى الى اتتقالها داائ ابدا من‬
‫ييئة الى أخرى ‪ ٠‬فماذا اذن في هذه المجموعة حقا من أصول عربية ?‬
‫عد ا تثفنا في عصر ظهور االسالم بعض آثار اشعراء اقدامى‬
‫الذين تغنوا بالخالفات والمعارك اقبليه وبالبطوالت والحب ‪ ٠‬وتنتمي‬
‫الى هذا العصر ‪ ،‬عصر ألفرسان البدو ‪ ،‬حكأيات الصحراء انخرأفيه‬
‫عن حاتم الطائي ‪ ٠‬ولعل هذه الحكأية تقدم نموذجا نلقدر اضئيل من‬
‫الحكايات العربية الصرفة في حكايات الف ليلة وليلة ‪ ٠‬وهذا مثال من‬
‫حكاياتحاتم لطائي‪:‬‬
‫يروي انه بعد ان مات حاتم الطائي ‪ -‬ذلك البدوي الذي اشتهر‬
‫بسبب ك‪ ٠‬مه ‪ -‬دفن عند قمة آحد الجبال ‪ ٠‬وذات يوم جلس احد‬
‫الملوك ئيرتاح في سفح هذا الجبل ‪ ،‬ثم صاح على سبيل التندر قاتال ‪:‬‬
‫« يا حاتم اتنا اليوم في ضيافتك ‪ ،‬فلقد أسقمنا الجوع » ‪ ٠‬ثم ظهر‬
‫حاتم للملك في أثناء نومه ‪ ،‬وضرب ناقة الملك التي كان يستخدمها‬
‫في الركوب بسيفه وقال للملك ‪ « :‬لقد نزلت في ضيافتي ‪ ،‬وللنني‬
‫ال املكهنا شيائ» ‪ ٠‬فلماذا استيقظ الملك وجد ناقته تتمرغ فيالتراب‬
‫وتحتم عليه ان ينحرها ويأكلها ‪ ٠‬وفي اليوم التالي جاء ابن حاتم ‪:‬لى‬
‫الملك ومعه عدد من الجمال ‪ ،‬فقد امره والده في المنام ان يفعل هدا‪،‬‬
‫النه اضطر الى استضافة الملك بناقته الخاصة ‪ ٠‬وهكدا جاوز كرم‬
‫حاتم حياته الى مابعد موته ‪٠‬‬
‫ولقد كان حاتم الطائي في الحقيقة شاعرا عرييا قديما عاش في‬
‫النصف الثاني من القرن السادس بعد الميالد‪ ،‬وكان يتمتع وقتئذ‬
‫بشهرة واسعة في الكرم ‪ ٠‬وهناك كتاب فارسي شعبي حور صورته‬
‫الى صورة ‪:‬يطل يفوق هرقل وتسيوس االغريقيين في أعمالهما‬
‫البطولية ‪٠‬‬

‫ثم اتقل فن الرواية المربي من الصحراء الى بالد االمون في‬


‫دمشق ‪ ٠‬وتنتمي الى هذه الفترة حكايات البهجة الشهيرة عن المدينة‬
‫المشهورة ‪ ٠‬ومن دمشق تزحزح مزكز تلك الثروة الروائية الى بغداد‬

‫‪,٢١٨٠‬‬
‫في بالط الخليفة ‪ ٠‬وقد ظهمر صدى هذا العصر في حكايات الف ليلة‬
‫وليلة التي حكت عن هروذ انرشيد وضخمت شخصيته التي ربما لم‬
‫تكن تبلغ من االهمية مثل هذا الحد ‪ ،‬كما انتعد بها عن الحقيقة‬
‫الواقعية ‪ ٠‬اما فيما يختص ببلدان الدولة االسالمية اإلخرى بالنسبة‬
‫لمجموعة حكاياتنا الخرافية ‪ ،‬فأنًا ننوه قبل كل شيء بمدينة القاهرة‬
‫‪ .‬ذات انتراث المصري الغني ‪ ٠‬فالحكايات ألتي فلهرت في الروايات‬
‫المتا خرة اللف ليلة وليلة تتفق مع صور شلل اناس الذين كانواينشدون‬
‫التسلية في مقاهي القاهرة وفي غيرها من البالد المصرية ‪٠‬‬
‫ولما كانبت هذه الحكايات تحلى أوال عن انلصوص واالبطال ‪ ،‬ثم‬
‫عن الحكام واالمراء ‪ ،‬ثمعن الصناع والطبقة البرجوازية ‪ ،‬ثم عن‬
‫التجار والعبيد ‪ ،‬فانها استطاعت بدلك ان توافق هوى لدى جميع‬
‫طبقات هذه اندولة اكبيرة ‪ ،‬طبقة بعد االخرى ‪ ٠‬وفي ألعموم فأد‬
‫االتقال في هذه الحكايات ‪ -‬كما هو الحال في أداب الغرب في‬
‫العصور الوسطى ‪ -‬من االدب البطولي الى ادب البالط منه الى ادب‬
‫الطبقة البرجوازية واالدب الشعبي ‪ ،‬لمما يستحق اننظر ‪٠‬‬

‫وتميل لغة اف ليلة وليلة انى النثر المسجوع ‪ ٠‬وهي كثيرا ما‬
‫تالئم بحق أناشيد الحب العاطفية التيكاذ عصر ازدهارها فيما يين القرذ‬
‫الثاني عشر حتى القرذ الرابع عشر ‪ ،‬وهو نفس العصر الذي ازدهر‬
‫فيه التروبادور في الغرب وتعراء الحب واالغنيأت الشعية ازدهار‬
‫كبيرا ‪ ٠‬وربما تأثر كذلك االدب االوروبي الذي تغنى يانحب ‪ ،‬يفن‬
‫االدب عند االسبان العرب حينداك ‪ ،‬وان يكن هذا االدب االسباني‬
‫قد ابتعد بحق عن االدب العربي القديم الدي تغني به البدو وشعراء‬
‫الصحراء ‪٠‬‬
‫وكل من ينتقل من قراءة الحكايات الخرافية الهندية الى قراءة الف‬
‫ليلة وليلة يفاجأ دائما أبدا بالتشابه بين انحكايات ألعرية والهندية ‪٠‬‬
‫وال يقتصر هذا على كثرة تشابه موضوعات الحكايات ونظامها ‪ ٠‬او‬
‫أكثر من ذلك على كثرة تداخل االنماط بعضها في بعض ‪ ،‬بل كاى‬

‫‪-٢١٩‬‬
‫انغرام بهذه الحكايات وااليمان بها شيائ مؤكدا كما هو الحال بالنسبة‬
‫للحكايات الهندية كذلك ‪٠‬فقدكان في وسع الحكايات ان تدفع‬
‫االذى عن الشخص الذي يستمع اليها ‪ ،‬وعن طريقها كان في وسع‬
‫المحكوم عليهم باالعدام ان يطيلوا حياتهم ‪ ،‬او ينفذوها ‪ ٠‬ثم انها كانت‬
‫اعظم صديق للملوك واخلصه ‪ ،‬من حيث انها كانت تخفف عنهم اعباء‬
‫العمل ‪ ٠‬وقد يؤثر ادنى حمال ان يحرم من كل سعادة في الحياة ‪ ،‬على‬
‫أن تفوته حكاية من هذه الحكايات فيروى في حكاية هندية ان االشباح‬
‫الثائرة تهددت القاص الذي كانت تستمع اليه ثبالث عقوبات‬
‫مفزعة مهددة لحياته ‪ ،‬النه توقف عن رواية الحكاية ولم يروها‬
‫حتى نهاينتها ‪ ٠‬وبالمثل يروي لدى العرب ان الشخص قد يقوم بسفر‬
‫ينفق فيه امواال تفوق أثماذ االحجار الكريمة الغالية في سبيل ان‬
‫يستمع الى حكاية خرافية ‪ ٠‬فاذا ما كانت ساعة رواية الحكاية فانه‬
‫ال يحق الحد ينوي أذ ينسل فيما بعد من الجمع ان يشهد روايتها ‪٠‬‬
‫وكذلك كانت االرواح تهتز طربا اذا ما سمح لها باالستماع الى احدى‬
‫الحكايات وكذلك كان ينبغي ان تضمن كل حكاية نادرة عجيبة ‪ ٠‬وفي‬
‫ذلك تقول عبارة شهيرة « حكايتيتكتب على آماق البصر ‪ ،‬لتكون عبرة‬
‫لمن اعتبر » ‪ ٠‬وكم يكون الموقف حرجا ومهددا بالخطر ‪ ،‬داعيا الى‬
‫عالج سريع‪ ،‬حينما ينسى العربي من اجل حكايته كل الحياة االخرى ‪،‬‬
‫وكل ما يهدده من خطر‪ ،‬وكل مكاتته ‪٠‬‬
‫وكلما توغل االنسان في حكايات الف ليلة وليلة ازداد احساسا ياتفاس‬
‫الروح العربي ‪ ٠‬فالطبيعة العريية كلها تأسرنا حينئذ الى درجة اننا‬
‫نستسلم راغبين لها وحدها عن طواعية وتفضل اال نشعر بغيرها ‪ ٠‬وفي‬
‫بالد الهند تعيش بعض الديانات جنبا الى جنب بحيث ال تزاحم ديانة‬
‫ديانة اخرى ‪ ٠‬وهذا الورع نفسه الذي تقابل به الديانة يصح كذلك‬
‫بالنسبة للفلسفة وحكمة الحياة ‪٠‬اوهذا‪-‬على اقل تقدير ‪ -‬هو‬
‫االنطباع الذي تتركه في تفوسنا الحكايات المندية ‪ ٠‬اما الحكايات‬
‫العرية فال تعرف في النهاية سوى اله واحد هو « الله( ال اله ال‬
‫الله‪ ،‬وال حول وال قوة اال بالله العلي العظيم ) وهذا اله ليس له سوى‬

‫‪٢٢٠-‬‬
‫رسول واحد هو محمد ‪ ،‬وهذا الرسول لم ينزل عليه سوى كتاب‬
‫واحد هو انقرآذ ‪ ٠‬وال يعترف هذا الكتاب سوى بفكرة واحدة هي‬
‫االيمان بالقضاء والقدر وفي هذا االيمان بالقضاء والقدر ‪ ،‬الذي مثل‬
‫الخضوع المطلق لله‪،‬قوة صلبة ‪ ،‬كما انه يؤدي بصفة خاصة في مجموعة‬
‫سلسلة الحكايات الخرافية النجيبة الى معرفة عقيدية خالصة بالطبائع‬
‫الغريبة لالشياء ‪ ٠‬وقد تتج عن هذا االعتقاه اطمئنان نفسي عجيب‬
‫ليس من السهل ان يصاب بهزة ‪ ،‬وفي هذا المزاج ذابت الحكاية الخرافية‬
‫ذوبانا طبيعيا جميال ‪٠‬‬
‫ولقد كان العرب اصدقاء للحكايات الخرافية اكثر منهم مبتكرين‬
‫لها ‪ ،‬فلم يكونوا خالقين لها على طريقة الهنود ‪ ،‬ولكنهم في مقايل هذا‬
‫مستقبلين نها بطريقة نادرة ‪ ٠‬ولقد جعلت منهم موهبتهم في المالحظة‬
‫والتصوير رواة للحكايات الخرافية ال مثيل لهم ‪ ،‬وذلك بمجرد ان‬
‫تقع موضوعات الحكايات الخرافية في حوزتهم ‪ ٠‬وطبيعي ان يخضع‬
‫تصويرهم لمقدرة الملوك والوزراء والبهاء والغنى والقصور والعروش‬
‫والمعارك الحربية وجمال النساء واالعياد والوالئم ‪ ،‬طييعي ان يخضع‬
‫لوصغ معين ‪٠‬‬

‫ان الهندي يحكي ويبالغ ويكدس ما يحكيه حتى يصل بهذا‬


‫التكديس الى حد النهاية له ‪٠‬ا ما العربي فيرسم وتأنى واليستطيع‬
‫ان ينفصل بنفسه عن حكاته الخرافية ‪ ،‬و لذلك فهو شكل حكاته‬
‫بحيث تكون دائما اكثر جماال واغراء فاذا ما توقف عن الحكاية فان‬
‫هذا ال بحدث اال النه يريد ان يحكياكثر جماال ‪ ٠‬والحكاية الهندية‬
‫ال بشيع فيها الضوء دائما ‪ ،‬ولذلك فنحن نختنق احيانا تحت زحمة‬
‫مافيها من االبتكارات ‪ ٠‬اما عند العرب فالحكايات الخرافية تنتشر مثل‬
‫االزهار وهى تقف فى خفة وحرية بعضها اججانب بعض ‪٠‬‬
‫ولقد نما العرب بفن الحكايات الخاص بمم الى حد االكتمال‬
‫الفريد ‪ ٠‬فاذاهم عرضوا لنا جمال نسائهم ‪ ،‬واذا هم عثروا على تشبيه‬
‫جديد لكل مفاجأة مثيرة او عثروا على نداء جديد للسحر‪ ،‬فاتا نشعر‬

‫‪٠٢٢١٠‬‬
‫معهم كأتا في نشوة ‪ ،‬اذ يشع هذا كله ويتالال ويغشى ابصارا ‪ ،‬فاذا‬
‫ما اصطحبنا الحكاية العربية الخرافية الى قصور الحكام ‪ ،‬فحينئذ‬
‫ينبثق أمامنا كذلك مشهد خرافي مكتمل البهاء ‪ ،‬فنبصر اعمدتها الرشيقة‬
‫التي ال حصر لها ‪ ،‬ونبصر القباء والكوى التي يسطع منها النور في‬
‫هدوء وعمق في آن واحد كذلك نبصر زخارف الحيطان والسقوف‬
‫المتشابكة على نحو غاية في التنوع بألوانها المنسابة في روعة ورقة ‪:‬‬
‫والمشبعة غاية في التنوع بألوانها المنسابة في روعة ورقة ‪ ،‬والمشبعة‬
‫غاية التشبع ‪،‬كانها منبعثة من اعماق مجهولة ‪ ٠‬وفي االمسيات الرطبة‬
‫تتجول مع الشاعر فى حدائق الخلفاء ‪ ،‬حيث تندفع المياه من النافورات‬
‫في خفوت وايقاع‪ ،‬وحيث يغني البلبل في ضوء القمر الهادىء ‪ ،‬وتأتي‬
‫الريح بعبير متنوع آلالف االزهار والثمار ‪ ٠‬وكذلك يجلب هدوء‬
‫الشرق العميق الذي ينبع من حياة البذخ ‪ ،‬والذي تتماوج فيه االصدا‪،‬‬
‫الخفية ‪ ،‬يجلب كذلك الطمأنينة الى نفوسنا ‪ ،‬فنستسلم راغبين ‪-‬‬
‫النوم يداعب جفونا ‪ ١‬الى االحالم الجميلة ‪ ،‬ونصغي الى انغام هذه‬
‫الحكايات الخرافية المداعبة ‪ ٠‬ففي حكاية نور الدين علي وانيس‬
‫الجليس ‪ ،‬جلس الحبيبان بعد رحلة بحرية على مقعد وغسال وجهيهما‬
‫وايديهما ‪ ،‬ثم هب عليهما نسيم بارد فاستغرقا في النوم ‪ « ٠‬تعالى‬
‫الله الذي ال ينام ابدا » هكذا يقول القاص ‪ ٠‬لهذه العبارة اهتزت‬
‫مشاءر « هوجوفون هو فمانزتال ه ‪٠‬‬
‫هذه المجموعة من الحكايات الخرافية تربسم صورة للحياة خالل‬
‫قرون ستة ‪ ٠‬وكثيرا ما يتصور االنسان ان هذه الحكايات ربما كانت‬
‫اكثر غنى ووفرة مما يمكن ان تكون عليه هذه القرون مجتمعة ‪٠‬‬
‫فالخليفة الذي يتصف بالعدل ‪ ،‬وذلك الحاكم المستبد الذي يطاع طاعة‬
‫عمياء ‪ ،‬والوزير الوفي واالخرالمزيف‪ ،‬ورجل البالط لذي يقف وراء‬
‫الدسائس ويدبرها ‪ ،‬وحكم السلطان بوصفهرجل القضاء االعلى ‪،‬‬
‫وقراراتهوأحكامه العادلة بيناالحزاب‪ ،‬ثم المعارك حول العقائد وخروج‬
‫الشعب الى االسواق عند االتجار في الرقيق وعند تبادل التجارة في‬

‫‪٠٢٢٢٠‬‬
‫صخب ‪ ،‬وعند المساومة في االشياء النفسية وفي مستلزمات الحياة ‪،‬‬
‫وحياة الحريم ويوت البغاء ‪ ،‬ومالمح القوافل عبر الصحراء ‪ ،‬ومغامرات‬
‫االسفار الخطيرة في البحار‪،‬وهذا المزيج المختلط من المسيحيين واليهود‬
‫وعباد النار والمؤمنين وشاط اصحاب الحرف والخبازين والجزارين‬
‫واالسكافية والخياطين والسماكين وعمال السفن والشيالين والعبيد س‬
‫كل هذا يصور في صور جديدة دائما غنية بألوانها ‪ ،‬وفي حكايات‬
‫هزلية مثيرة ‪ ،‬وفي صدق ال مثيل له ‪ ،‬وطبيعية قوية محيرة وما تكاد‬
‫تبدو الخطوط الرئيسية الواضحة القليلة البارزة ‪ ،‬حتى تتسع وتفرغ‬
‫شحنتها وسط كثر امور الحياة اثارة ‪٠‬‬

‫ولما كان تيار هذه الحياة اكثر اتساعا وقوة واوفر شحنة في‬
‫تدفقه من تيار الحياة الهندة فقد انبعث منه تأثير مفاجىء جديد كل‬
‫الجدة ‪ ،‬وان دفعنا هذا التيار وسط ثراء الحكاية الخرافية العجيب ‪،‬‬
‫وان لعبت امور السحر والمسخ والمغامرات التي لم يسمع عنها قط ‪،‬‬
‫واالشباح واشياطين والشخوص المهولة التي لم تر قط دورها المحم‬
‫المسلي مع االنسان ‪٠‬‬

‫اما اكثر مايقدمه العرب من حكايات ناجحة فهو حينما بحكون من‬
‫وحي اتكارهم الخاص الصرف ‪ ،‬فأي شعب من الشعوب قدم من‬
‫عنده مثل هذا التصوير الممتع الرائع الذي قدمه العرب في حكايية‬
‫الحالق الثرثار واخوته السبعة ‪ ،‬وفي حكاية ذلك الذي كان يباشر‬
‫القتل دائما ابدا وال يستطيع مع ذلك ان يقتل انسانا احدب ‪ ٠‬وفي‬
‫الحكاية التي تروي ان الشياطين تنازعوا فيما بينهم وتباروا للفوز بهذا‬
‫الجمال ‪ ،‬وحكاية ساكن االرض الذي زار ساكن البحر وأخذ بكنوز‬
‫البحر وعمقه الغريب ثم طرد في النهاية من هذه المملكة النه اشتكى‬
‫من الموت ولم يحتف به ‪ ٠‬أما غير ذلك من حكايات الف ليلة وليلة التي‬
‫نعدها ممثلة لفن الحكاية الخرافية عند العرب ‪ ،‬بل التي تسربت الى‬
‫حكاياتنا الخرافية‪ ،‬فهي تلك التي استمدها العرب من شعوب اخرى‪،‬‬
‫وان اشبعوها بروحهم وفنهم ‪ ٠‬ويكفي ان نشير مرة اخرى الى حكاية‬

‫‪-٢٢٣‬‬
‫عالء الدين ومصباحه السحري ‪ ،‬وحكاية علي بابا واالربعين حرامي ‪،‬‬
‫وحكاية الصياد والشبح ‪ ،‬وحكاية الشجرة المتكلمة ‪ ،‬وحكاية الطير‬
‫المغني ‪ ،‬وحكاية االخوات الحاقدات ‪ ،‬ثم حكاية االمير احمد والغول‬
‫برييا نو‬
‫ويبقى بعد ذلك قيمة العرب الخالدة من حيث انهم خلقوا عن طريق‬
‫فنهم في الرواية صورا جديدة كل الجدة ‪ ،‬سواء من خالل تلك‬
‫الحكايات التي نشأت عندهم ‪ ،‬او تلك التي اخذوها من الشعوب‬
‫االخرى ‪ ،‬تلك الصور التي تأسرنا دائما أبدا عن طريق روعتها التيتنبع‬
‫من حياة البذخ ‪ ،‬وطراوتها المستسلمة الباقية وفنها الملىء بالمغزى ‪،‬‬
‫وفكاهتها المثيرة ‪ ٠‬وال نود ان نعد االمر من قبيل الصدفة ان ابرز‬
‫الفرنسيون انفسهم هذا الفن لغيرهم من شعوب اوروبا ‪ ،‬فقد ادركوا‬
‫ما في تلك الحكايات من سحر ورقة ودقة مشاعر ورهافة مغزى ‪،‬‬
‫وكذلك ما فيها من تصاوير غريبة ‪٠‬‬

‫‪-٢٢٤.‬‬
‫الفعل السابع‬

‫الى^يالىرافبةالرورويبة‬
‫كنا نود كذلك محاولة تحديد خصائص الحكاية الخرافية االوريية‬
‫في اشكالها العديدة وتكوينها المتباين عند كل شعب على انفراد ‪،‬‬
‫وان نوضح هذا عن طريق اكبر عدد من النماذج ‪ ٠‬ولكن العقبات التي‬
‫ال يمكن التغلب عليها في هذا الفصل‪ .‬القصير ‪ ،‬تحول دون هذه المحاولة‬
‫ومثلنا في هذا مثل المتجول الذي يبصر الجبل من بعيد كتلة صماء ‪،‬‬
‫فاذا ما اقترب منه تحللت سلسلة الجبال الى خليط من الجال الملساء‬
‫المنحدرة ‪ ،‬ومن التالل والمروج والقرى والفضاء الشاسع ‪ ٠‬ولقد كان‬
‫لزاما علينا ان نمر مرورا عابرا خالل الماضي البعيد بزمانه ومكانه ‪،‬‬
‫بالحكايات الخرافية القديمة ‪ ،‬وحكايات الهنود والعرب والصينيين ‪،‬‬
‫ون نحاول تفهم خصائصها ‪ ٠‬فاذا شئنا ان نضع هذا بالنسبة للحكايات‬
‫انخرافة االوربية فانا تفتقر حينئذ الى تحديد االبعاد وكذلك الى‬
‫المقياس ‪٠‬‬
‫ولقد جمعت آالف وآالف من الحكايات الخرافية في جميع بلدان‬
‫اوروبا في النصف الثاني من القرذ االخير ‪،‬هذا باالضافة الى الحكايات‬
‫الخرافية التي قامت بدور مهم للغاية في االدب منذ العصور الوسطى ‪،‬‬
‫وتتمثل لنا هذه الحكايات في شعر االساطير وشعر البطولة وشعر‬
‫البالط ‪ ،‬وفي مجموعات الحكايات المتنوعة التي جمع بعضها الى بعض‬
‫مرات عدة منذ العصور الوسطى القديمة ‪ ٠‬وفي وسعنا ان نقتفي‬
‫اثرها كذلك في معارض الفنون التشكيلية ‪ ٠‬واخيرا اتخذت هذه‬
‫الحكايات شكال جديدا في اعمال الشعراء ‪ ٠‬ويكفي ان نذكر منهم‬
‫بوكاشيو وستراباروال وبازيل وبيروه وموزوي وفيالند وجوته‬
‫والروائين الروماتتيكيين •‬
‫وعلى ذلك فان رصيد الحكايات الخرافية االوروبية يبدو مكدسا‬

‫‪-٢٢٦‬‬
‫ولن يكون من السهل مطلقا دراسة الحكايات الخرافية االورويية دراسة‬
‫مستفيضة ‪ ،‬دون ان يتاح لنا تصنيفها بحسب انماطها وموضوعاتهما ‪،‬‬
‫ومقارتتها تبعا لذلك بعضها بالبعض اآلخر ‪ ،‬متجاوزين في هذا كل‬
‫الحدود اللغوة ‪٠‬‬
‫وقد سبق ان اشرنا الى اننا ندين ترتيب الحكايات الخرافية‬
‫وتصنيفها قبل كل شي الى االعمال التمهيدية التي قام بها علماء المدرسة‬
‫الفنلندية ‪ ٠‬وقد مكن هذا الترتيب كذلك من جمع الحكايات الخرافية‬
‫جمعا منهجيا منظما ‪ ٠‬وحتى اليوم لم تظفر الثروة الهائلة من الحكايات‬
‫الخرافية في اوروبا بالدراسة المستفيضة ‪ ٠‬واذا كانت بعض البلداذ‬
‫فقيرة في ثروتها من الحكايات الخرافية ‪ ،‬فان غيرها على العكس من‬
‫ذلكغنىكل الغنى‪ .‬وفي سنوات االتتقال من القرذ الماضي الى القرن‬
‫الحاضر قام بعملية جمع الحكايات الخرافية كل من « فسر » في‬
‫« هولشتين » و « فو سيدلو» في «ميكلنبورج» و « كريستنسن»‬
‫في « جوتلندا و « بتري» في صقلية‪ ،‬وما يزال الجامعوذ والباحثوذ‬
‫حتى اليوم في معظم البلدان يقوموذ بهذا العمل ففي السويد تعمل‬
‫اكثر من جماعة من العلماء مستخدمين احدث وسائل التسجيل في جع‬
‫الحكايات وترتيبها وتقييمها ‪ ٠‬وهناك مجموعة مهمة من الحكايات على‬
‫وشك الظهور‪ ،‬كما تظهر معها مجموعة تماثلها قيمة من االلعاب وااللغاز‬
‫واالغنيات ‪ ٠‬وقد اهتم « جوتفردهسن» اكثر من غيره في المانيا بعملية‬
‫الجمع ‪ ،‬كماقام « دويليرجا » مع مجموعة تسانده من الباحثين بنفس‬
‫العمل في ايرلندا ‪ ٠‬وما تزال تظهر حتى اليوم في أيسلندا مجموعات‬
‫صغيرة تتضمن حكايات شعبية ‪ ،‬كما تتضمن ين الحين واآلخرحكايات‬
‫خرافية جمعت حدشا ‪ ٠‬ونفس الشيء يحدث في البلدان االخرى ‪ ،‬وال‬
‫تشذ شعوب شرق اوروبا عن هذا كذلك ‪٠‬‬
‫وتتفق هذه المجموعات الجديدة وكذلك احدث ما ظهر منها ‪ ،‬في‬
‫أنها نادرا ما تطلعنا على مادة جديدة وانماط جديدة للحكايات الخرافية‪،‬‬
‫والشىء الذي نجده فيها هو مجرد روايات مختلفة تتفاوت في اصالتها‬
‫قلة وكثرة لمادة الحكايات الخرافية القديمة المعروفة ‪ ٠‬ومن الطبيعي ان‬
‫تكون هذه الروايات بعينها مهمة في البحث عن اتشار الحكاية الخرافية‬

‫‪-٢٢٧-‬‬
‫وعن اصلها ‪ ٠‬اما المغرم بالحكايات الخرافية‪ ،‬الذي اليهتم في الوقت‬
‫نفسه بدراستها ‪ ،‬فكثيرا ما تخدعه هذه الروايات ‪٠‬‬
‫وقد رأينا في الفصل السابق كيف ان الكثير من ثروة الحكايات‬
‫الخرافية االوروبية يرجع الى الحضارات القديمة والى شعوب اخرى‬
‫بعيدة كل البعد عن الشعوب االورويية مثل الشعب المصري والبابلي‬
‫واليهودي والهندي والعربي واالغريقي ‪ ٠‬فاذا ما تساءلنا بعد ذلك عن‬
‫حصيلة الحكايات االوربية االصيلة ‪ ،‬لم يكن الجواب عن ذلك يسيرا ‪٠‬‬
‫ولن يمكن الوصول الى تائج مؤكدة الىحد ما اال عن طريق البحث‬
‫العميق الدقيق ‪0‬كل حكاية على حدة ‪٠‬‬
‫وقد كان من الممكن اتباع طريقة اخرى هي استخدام هذا االتفاق‬
‫الهائل في مادة الحكايات الخرافية لدى البلدان االوروبية المختلفة في‬
‫يان فن الحكاية عند كل شعب على حدة ‪ ٠‬وقد قام الباحثوذ بهذه‬
‫المحاولة فيما نطم مرتين بنجاح كاف ‪ ٠‬اما في المرة االولى فقد قارن‬
‫« لويس اف ميثار » الحكايات الروسية والحكايات االلمانية بعضها‬
‫بالبعض االخر ‪ ،‬موليا في ذلك اهتماما خاصا لشخص بطل الحكاية‬
‫الخرافية ‪ ٠‬وكذلك حاولت « اليزاييث كوخالين » منذ عهد قريب ان‬
‫تكتشف في دراسة لها غاية في الدقة اهم مالمح الحكاية الخرافية‬
‫االلمانية والفرنسية ‪ ،‬مستخدمة امثلة لنماذج من الحكاية الخرافية ‪،‬‬
‫مثل حكاية « الحب والروح» وحكاية « العريس في شكل حيوان» ‪٠‬‬
‫وسرعان ما استبانت الصعوبات في كلتا المحاولتين ‪ ،‬ولكنها استبانت‬
‫في الوقت نفسه كذلك القيمة الكبيرة لمثل هذا العمل‪ ،‬اذ ال يمكن‬
‫ان تقتصر المقارنة على المالمح الجمالية للحكاية الخرافية ‪،‬بلما تلبث‬
‫ان تتعداها الى خصائص الشعب ‪ ٠‬وبهذا تجاوز العمل مجال‬
‫البحث في الحكاية الخرافية ‪ ٠‬على انه في وسع هذا المنهج ‪ -‬فيما‬
‫نعتقد _آذيساعد كثيرا على فهم الحكاية الخرافية عند كل شعب على‬
‫حدة ‪ ،‬ودراسه اليزايث كوخاليين مثال صالح لذلك ‪٠‬‬
‫و نود كذلك قبل ان تتفهم الحكايات الخرافية االوروبية عن طريق‬
‫بعض االمثلة القليلة ‪ ،‬وآن تقابل الحكايات بعضها بالبعض االخر ‪ ،‬ان‬
‫نلقي نظرة على تراث الحكاية الخرافية االوروبية المتناقل ‪٠‬‬
‫‪-٢٢٨‬‬
‫ففى جنوب اوروبا‪ ،‬وجنوب شرقها قبل كل شىء ‪ ،‬اتتشرت بعض‬
‫الحكايات الخرافية والحكايات المزلية انتي مصدرها العصر القديم ‪،‬‬
‫من جيل الخر على نطاق واسع ‪ ٠‬ولكننا نرى هنا كذلك — وهو ما‬
‫تحتم عليناان نالحظه كثيرا من قبل ‪ -‬اتا نسنتكشم في سر موضوعات‬
‫بعض الحكايات الخرافية القديمة ‪ ،‬تلك الموضوعات التي نشأت بينها‬
‫على مر الزمن ويين بعض الحكايات الخرافية االخرى اواجزاء من هذه‬
‫الحكايات ‪ ،‬عالقات جديدة ‪ ،‬بوصفها حكايات خرافية قديمة كاملة‬
‫التكوين ‪ ٠‬ثم نالحظ بعد ذلك غناية المغنين الشعبيين عن قصد بالتراث‬
‫القديم المتناقل ‪ ،‬وان لم تكن في بعض االحيان عناية سامية للغاية ‪٠‬‬
‫ومنذ عصر شرلمان ظهر هؤالء المغنون في المجالين الديني وألدنيوي في‬
‫اوروبا ‪ ،‬وينتمي الى فنونهم رواية حكاات الكذب وألحكاياتالهزلية‬
‫والفابوالت ‪ ،‬وان لم تكن هذه االنواع اقل االنوأع التي رووها قيمة‪٠‬‬
‫‪ .‬وفي القرن العاشر اتتشرت مادة الحكايات القديمة في البالد الرومانية‬
‫والجرمانية ‪ ،‬متفقة في بادىء االمر مع اهداف االوساط الدينية وقد‬
‫ظل ادب الحكاية يروى باللغة الالتينية زمنا طويال ‪ ،‬وان لم يحتفظ ‪٠‬ن‬
‫هذا اال بالقليل‪ ٠‬واهم مثال لهذا النوع حكاية « حب رود» التي ترجع‬
‫الى القرن الحادي عشر ‪ ،‬وهي مليئة بالحوادث ذات الطابع الخرأفي ‪،‬‬
‫والى جانب المادة الكلتية الوفيرة _ التي يكفي ان نذكر منها مجموعة‬
‫الحكايات التي تدور حول الملك ارطوس ‪ -‬توغلت هذه المادة الالتينية‬
‫في ادب البالط ‪ ٠‬ومنذ القرن العاشر بدأ تأثير المادة اليهودية والبيزنطية‬
‫نتضح كذلك ‪ ٠‬وكذلك عرفت هجرة الفابوالت الهندية منذ عصرالحروب‬
‫الصليبية ‪ ٠‬وفي حوالي منتصف القرن ألثاني عشر ظهرت في بلدان‬
‫مختلفة في اوروبا في وقت واحد على وجه التقرب حكايات خرافية‬
‫ومجموعات منها ذات اصل هندي ‪ ٠‬وقد جاءت المادة الهندية الى اوروبا‬
‫عن طريق البيزنطيين ‪ ،‬ولكنها جاءت كذلك عن طريق العرب عبر صقلية‬
‫واسبانيا ‪ ٠‬وقد كان هناك كذلك طريق ثالث يمر عبر شمال آسيا الى‬
‫شمال أوروبا ‪،‬كما سبق ان ذكرائ ‪٠‬‬
‫وفي القرن الثالث عشر‪ ،‬عصر المرآة الكييرة التي شاءت ان تلتقط‬
‫وان تجمع صود الحياة الدينية والدفيوية جميعما ‪ ٤‬بدأت كذلك اعمال‬

‫‪-٢٢٩-‬‬
‫الجمع الكبيرة لالساطير والفا بوالت وحكايات الوعظ كما جمعت معها‬
‫كذلك الحكايات الشعبية والخرافية ‪ ٠‬وترقد معظم هذه المجموعات‬
‫مع غيرها من المخطوطات في بعض المكتبات ‪ ٠‬وال يقاس ما تم نشره‬
‫وطبعه منها بالكنوز التي اختزنها االنسان في ذلك الوقت وحمل اليها‬
‫ثروات جديدة من الشرق ‪ ٠‬ولسنا نستطيع ان تتصور القدر الهائل‬
‫الذي وصل اليه هذا الحماس الجدي في الجمع في القرن انثالث عشر‪،‬‬
‫وأي ثروة مناالقاصيص ومادةالحكأيات ألخرافيةوالفابوالت وحكايات‬
‫الحكم والحكايات الهزلية تدفقت الى الشعب عن طريق هذا الحماس ‪٠‬‬
‫وهنا بدأ عصر ازدهار االدب الشعبي ألذي استمر في ازدياد ال مثيل له‬
‫حتى القرنالسادس عشر ‪ ،‬فلقد تكاثرت في عنف االساطير واالغاني‬
‫الشعبية ‪ ،‬والتمثيليات الشعبية ‪ ،‬والكتب الشعبية ‪ ،‬وألحكايات ألخرافية‬
‫والشعبية ‪ ،‬وااللغاز ‪ ،‬والمغامرات ‪ ،‬والحكايات الدنية والدنيوية ‪٠‬‬
‫وقد كان في وسع القرنين الثاني عشر والثالث عشر ان يجتهدا دئما‬
‫في حصر متعة الحكاية في قوانين االدب الرسمي واشكاله الصارمة ‪،‬‬
‫ولكن هذه المتعة تجاوزت كل الحدود ‪ ٠‬وقد برزت معالم الفن الشعبي‬
‫اوضح واعمق مما كانت عليه في اى عصر آخر ‪ ،‬اال وهي االتساع‬
‫واالمتالء والتشبع بالتجارب والصور ‪ ،‬والثراء الدافق الذي يتحور‬
‫دائما في اشكال جديدة ‪ ٠‬اما الشكل فقد اهمل‪ ،‬وكذلك التكوين في‬
‫معظمه ‪ ،‬ولكن الشعور صار دائما مباشرا ‪ ،‬اذ اصدح اكثر رقة وعمقامن‬
‫ناحية ‪ ،‬كما اصبح اكثر صالبة وعنفا من ناحية اخرى ‪ ٠‬وكثيرا ما يعاب‬
‫على هذا العصر صالته وجالفته ‪ ،‬ولكن هذا ال يصدق دائما ‪ ،‬فقد‬
‫حطمت ثروة المادة الهائلة التي تم جمعها طوال قرون محتفظة من ناحية‬
‫الشكل بالتراث كل االحتفاظ ‪ -‬حطمت القواعد الصارمة للقوانين‬
‫الشكلية البالية ‪ ٠‬ولم يحل الوزن االسكندري الصارم محل ما آل‬
‫اليه االدب الشعبي من فقدان للشكل الباعث على االضراب اال في‬
‫بداية القرن السابع عشر ‪ ٠‬ثم سيطر الشكل والقاعدة مرة اخرى طيلة‬
‫قرن ونصف قرئ ‪ ،‬حتى كان العصر الذي لم تعد فيه قوة التجارب‬
‫المباشرة تعبأ من جديد بالقواعد مرة اخرى ‪ ٠‬وذلك في زحمة العواصف‬
‫واالزمات والعصبز الروماتيكي ‪ ٠‬على ان هذا يغد مرة اخرى عصر‬
‫س‪.-٢٣٠‬‬
‫ازدهار االدب الشعبي ‪٠‬‬
‫ومنذالقرن الثالث عشر ‪ ،‬اي العصر الذي حلت فيه حياة‬
‫البرجوازين محل الحياة الدينية وحياة الفروسية ‪ ،‬اكتسبت الحكايات‬
‫واالساطير والحكايات المزلية وحكايات المغامرات قوة الى جانب‬
‫الموضوعات التورائية والروحية الخالدة ‪ ٠‬والى جانب الفن التشكيلي‪،‬‬
‫فقد ظهرت صور من عالم االدب الشعبي في مداخل االبنية وفي الفنوذ‬
‫التشكيلية وفي كراسي ألكورس وزجاج نوافذ الكنائس وفي السجاد‬
‫واوعية المنازل ‪ ٠‬وقبل هذا ظهرت في االشكال التي كانت تصنع من‬
‫الخوص ‪ ،‬وفي الحروف االولى من المخطوطاتالرائعة التي تتعلق بالحياة‬
‫الدينية والدنيوية ‪ ٠‬وقد سبق اذ وضع وليم جرم ولودفج اورالندهذه‬
‫المخطوطات موضع البحث ‪ ٠‬ففيها نرى مزيجا من التصوير النادر لحياة‬
‫االنسان والحيوان والحياة الفوضوة خالل تصودر الحياة الرفية‬
‫وحياة الفروسية بشخوصها االسطورية الثابتة التي يحكى عنها في كتب‬
‫االسفار والمغامرات كما تشير هذه الصور الى اساطير طولة شائقة‬
‫والى حكايات المواعظوحكايات هزلية ‪ ٠‬اما عنداللة الحكايات^لخرافية‬
‫والشعبية والحكايات المزلية واالساطير‪ ،‬وداللة الخيال والواقعوالفن‬
‫والعمل بالنسبة للعصور الوسطى ‪ ،‬فنادرا ما تكون اوضح مما هي‬
‫عليه في المنمنمات والحروف االولى من المخطوطات ذات التصاوير‪.‬‬
‫وبعد العصور الوسطى نشطت ثروة الحكايات الخرافية المحببة لدى‬
‫الشعب في‪.‬اوروبا مرات عدة‪ ،‬عن طرس فن الحكاية الخرافية‪ ،‬ونحن‬
‫نذكر القارىء هنا مرة اخرى بالقصاصين االيطاليين والفرنسيين ‪ ،‬كما‬
‫نذكره يالذات بحكايات الف ليلة وليلة ‪ ،‬فلكم تالءمت هذه الحكايات‬
‫الخرافية مع غيرها في طواعية ‪ ،‬كما انها اختفت في تلك الحصيلة التي‬
‫اتت بها العصور الوسطى مجتمعة وعملت على نشرها ‪ ٠‬ومع العصر‬
‫الروماتيكي بدأ ‪ -‬كما نعرف ‪ -‬عصر الجمع العلمي ‪ ٠‬ثم اتشرت‬
‫المادة مرة اخرى بينافراد الشعب عن طريق حكايات االخوبن جرم‬
‫واتخذت لديمم أشكاال جديدة ‪ ٠‬واليوم نجدها في تفسها تعيش بين‬
‫الحكايات الشعبية االفريقية والصينية ‪ ٠‬وفيما عدا ذلك فانه يبدو ان‬
‫عصر الجمع العلمي وعصر احياء الحكاية الخرافية كان في الوقت تفسه‬

‫‪-‬ا‪٢٣‬‬
‫نذيرا بأيام فنائها ‪ ،‬وفي وسع االنساذ اذ يلمس هذا في مزيد ‪٠‬ن‬
‫الوضوح في كتب الحكايات الشعبية ‪ ٠‬ذلك انه على الرغم من استمتاع‬
‫الشعوب بحكاياتهم الخرافية ‪ ،‬فنادرا ما وجدت حكاية من حكايات‬
‫الفرن التاسع عشر التي كانت بكل تأكيد جميلة وغنية بفنيتها ‪ ،‬نادرا‬ ‫‪،‬‬
‫ما وجدت طرقها الى الشعب ‪٠‬‬
‫ولقد امتلك الشعب الهندي من بين جميع الشعوب الهندوجرمانية التي‬
‫نعرفها حتى اليوم اضخم ثروة من الحكايات الخرافية ‪ ،‬كما كان لديه‬
‫اعظم استعداد لخلقها ‪ ٠‬اما عن مصدر هذا الميل الفطري عند اكثر قبائل‬
‫الشعوب الهندوجرمانية ايغاال في الشرق االوسط فهذا ماال نعرفه ‪٠‬‬
‫على انه مما يبدو غريبا ان اكثر مجموعات الشعوب الهندوجرماية‬
‫ايغاال في الغرب وهم الكتيون قد اثبتوا كذلك ان لديهم كذلك موهبة‬
‫فائقة للغاية في خلق الحكاية الخرافية‪ ،‬وقد أثروا في االدب االوربي‬
‫بالميل تأثيرا مثمرا للغاية ‪ ٠‬ولسنا ندري هنا كذلك كيف طور الكلتيون‬
‫في الواقع هذا المياللى الحكاية والتخيل والتراصيع وهذا الخيال‬
‫والتزويق والمبالغة في التجسيم ‪ ٠‬يفترض « يوليوس بوكورني» ‪،‬‬
‫وهو من احسن العارفين باللغة الكلتية واالسلوب الككتي ان هذه‬
‫الخصائص تتجت عن امتزاج سكان المنطقة الذين سبقوا الكلتيين‬
‫والذين كانوا ينتسبون الى الجنس المستوطن وسط اوروبا ‪ ،‬والى حد‬
‫ما بالجرمانيين • ولسنا نود هناان نصدر حكماعلى هذا الفرض ‪ ،‬ولكن‬
‫الشيء الذي يظل مؤكدا هو ان جزءا كبيرًا من المادة الكلتية قدتسرب‬
‫الى ادب بلدان أوروبا االخرى في العصور الوسطى ‪ ٠‬وباالخص الى‬
‫ادب الفروسية ‪ ٠‬وان منهج الكلتيين القصصي والمتعة في المبالغة الغريبة‬
‫وفي حشد المغامرات النادرة كل هذا ترك اثرا بعيد المدى في ادب‬
‫الغرب ‪٠‬كما الر ي االدب الفرنسي قبل كل شيء ‪ ٠‬ويكفي ان نذكر‬
‫هنا جارجاتوا (‪ )١‬لرابيليه او ان نذكر حكايات اماديس (‪٠ )٢‬‬

‫(‪ )١‬اسم مارد اطلقه رابيليه على رواية له ‪ ( ٠‬المترجمة )‬

‫(‪ )٢‬عو بطل رواية النروسية ألمحبوبة في القرن السادس مشر ويبدو ان االصل االول‬
‫لهذه الرواية يرتغالي ‪ ،‬ثم اضينت اليما اضافات عدة فيكلمن اسبانيا ونرنسا ‪ ٤‬تحكى عن‬

‫‪-٢٣٢‬‬
‫وكذلك استخدمت الحكايات الكلتية عددا وافرا من الموضوعاث‬
‫والحكايات الخرافية الكاملة ‪ ،‬التي ترجع الى العصر القديم او الى الهند‬
‫ومع ذلك فاتا نجد لدى الكلتيين عددا وافرا حقا من حكاياتهم الخرافية‬
‫الخاصة بهم ‪ ،‬وان تكن هذه الحكاياتتقف عند حدود حكايات البطولة‬
‫في اغلب االحيان ‪ ٠‬وتصعب التفرقة بين االنماط المختلفة في الحكايات‬
‫االيرلندية على وجه الخصوص ‪ ٠‬على ان القاص ال تهمه هذه التفرقة ‪،‬‬
‫فحصيلة القاص االيرلندي نمتد ‪ —.‬كما يقول بوكورني الى حكاية‬
‫انبطولة القديمة ‪ ،‬والمغامرات الخيالية ‪ ،‬وتتضمن كل ضروب الحكايه‬
‫الشعبية العالمية والحكاية الخرافية وحكايات السحر واالشباح ‪ ٠‬هذا‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة اخرى فان القاص ال يهمل تلك الحكايات التي نميل‬
‫الى التفاهة‪.‬اما عن مدى ما قد نصل اليه ثروة الحكايات عند مثل‬
‫هؤالء القصاصين االيرلندين في بعض االحيان فربما اتضح بصفة‬
‫خاصة من ان مجموعة ايرلندية حدثة تقع في اربعمائة صحيفة تتضمن‬
‫حكايات خرافية وروايات شعبية اخرى لقاص واحد ‪٠‬‬

‫واكثر ما يفاجىء االنسان في الحكايات االيرلندية وفي غيرها من‬


‫الحكايات ا لكلتية النزعة الى المبالغة ‪ ٠‬فيحكى مثال ‪:‬‬

‫ان بطال افزع بطال اخر الى درجة ان غاص هذا االخير في االرض‬
‫الى وسطه ‪ ٠‬وان اجساد الموتى تطرح في البحر الى مسافة اميال ‪ ٠‬وان‬
‫بطال عبر عن رغبته فقال ‪ « :‬ارغب في مصارعة سبعمائة بطل عن‬
‫اليمين ‪ ،‬وسبعمائة بطل عن اليسار ‪ ،‬وسبعمائة بطل من امام‪ ،‬وسبعمائة‬
‫من خلف ‪ ،‬وسبعمائة ازاء كل عظمة من عظام جسي » ‪ ٠‬وفي‬
‫اليوم انتالي طلب مضاعفة هذا العدد‪ ،‬وفي اليوم التالي لذلك اليوم‬
‫طلب كذلك مضاعفة العدد االخير لهذا االخير لهذا اليوم ‪ ٠‬وان بطال‬
‫التهم سبعة ثيران وسبعة خنازير وسبعة خراف ‪ ٠‬وان اخر التهم قدر‬
‫هذا العدد سبع مرات وان جزارا رمى بطال بتفاحة مسمومة فأخترقت‬

‫أبطال ساللة اماديس ‪ ٠‬وقد ترجمت رواية اماديس الى لفات عدة ‪ ٠‬و ص غالبا ما تكون‬
‫(‪1‬لمترجمة)‬ ‫تتليدا لما ‪.‬‬

‫‪-٢٣٣-‬‬
‫جبهته حختى استقرت في مؤخر راسه ولكن البطل استخرجها من راته‬
‫وداوى جرحه بابهامه ثم رمى بالتفاحة نفسها فانطلقت من خالل رأس‬
‫القصاب واخترقت مصراعي الباب الحديدي وتوغلت في باطن االرض‬
‫مسافة اربعين قدم ‪٠‬‬
‫على ان الخيال الكلتي ال تضح من خالل هذه الصور الغريبة‬
‫وحدها فنادرا ما تصور تجارب االبطال في رحلتهم الى العالم السفلي‬
‫بطرقة مفزعة ومجسمة مثلما تصورها الحكايات الخرافية الكلتية ‪،‬‬
‫فالمغامرات المتنوعة ‪،‬وعمق التفكير المغلف بالغموض‪،‬والسخرية المضحكة‬
‫والصور ذات االلوان الغريبة ‪ ،‬كل هذا يمتزج بعضه بالبعض االخر‬
‫ليصنع نسيجًا موحدا ‪ ٠‬ومن ثم تظهر الحصون المنعزلة التي حلت بها‬
‫اللعنة في كتفالغابات العجيبة المظلمة‪،‬كما تظهر اآلبار العميقة المسحورة‬
‫التي تثير جوا عاصفا بمجرد ان يسقط فيها حجر ‪ ٠‬ويقوم الرجال‬
‫المتوحشون على حراسة قطيعهم في غابات مسحورة ‪ ٠‬وتختفي الفتيات‬
‫في اوراق الشجر او في وبر الحيوان ويمتنعن عن الكالم في اصرار‬
‫ستين طولة ‪٠‬‬

‫ويخضع عالم الفروسية لملكة الجانالسحرية التي صورها الكلتيون‬


‫تصويرا خياليا مثيرا ‪ ٠‬فالفتاة التي تجلس في القلعة وقد سجنتها العجوز‬
‫الساحرة في عزلة الغابة ‪ ،‬ترسل شعرة من شعرها الى اسفل القلعة‬
‫ليتخذ منها حبيبها سلما اليها ‪،‬وكذلك الفتاة النائمة التي حلت بها‬
‫اللعنة في الحصن المنعزل ‪ ،‬والتي يوقظها ابن الملك ‪-‬كل هذا من صنع‬
‫الخيال الكلتي‪ .‬على ان هذا ال يعني مطلقا ان هذه الموضوعات قد‬
‫نشبأت عند الكلتيين وحدهم ‪ ،‬فقد سبق ان عرفنا كيف ان المنود قد‬
‫خلقوا من الموضوعات البسيطة التي يعرفها العالم اجمع ‪ ،‬صورا غنية‬
‫بالفن‪ ،.‬وذلك عن طريق فنهم الروائي ‪ ٠‬وهذا ما نصادفه بعينه لدى‬
‫الكلتيين ‪ ٠‬غير ان االدراك الدقيق المصقول والكتة الالذعة ليسا من‬
‫خصائص الفن الكلتي‪ ،‬وانما تغلب على خصائص هذا الفن المقدرة على‬
‫التفكير التصويري والخيال المستفيض ‪ ٠‬وقد قيل ان لدى االيرلندي‬
‫من الخيال مثل ما يملكه خمسون شخصا ‪ ،‬في حين ان خمسين ايرلنديا‬

‫|ع‪٠٠٦٢‬‬
‫ال يمتلكون ادراك شخص واحد ‪ ٠‬وليس هذا صحيحا ‪ ،‬بل‬
‫هو خطا ‪٠‬وكلمافيهذا القول من صدق هو ان الصور الخيالية تشمل‬
‫كذلك الحياة اليومية ‪ ،‬ومن ثم يحكي سكان احدى الجزر الصغيرة‬
‫التي تقع مواجهة للشاطيء الجنوبي الغربي اليرلندا‪ ،‬انهم سمعوا في‬
‫الليل لحنا ساحرا يعزف على « الكمنجة » لم يسبق لهم ان سمعوه ‪،‬‬
‫فاخذوا يعزفون هذا اللحن وما زالوا يعزفرنه حتى اليوم ‪٠‬‬
‫واغنى حكايات آلفروسية الخرافية لكلتية هي حكابة صائغ‬
‫الذهب ‪ ٠‬وليس هناك من حكاية في العصور الوسطى رويت بطريقه‬
‫تفيض بالعاطفة مثلما كانت تروى هذه الحكاية‪ .‬وقد عرفنا هذه الحكاية‬
‫في مجموعة جرم تحت عنوان « ايزنهانز» وهي تحكي عن الرجل‬
‫الوحشي الذي حبس في قفص حتى استطاع ابن الملك ان يخرجه من‬
‫الحبس ‪ ،‬كما تحكىعن الغابة التي حلت بها اللعنة ‪ ٠‬وعن بركة الماء‬
‫الهادئة ذات التأثير السحري وعن سيطرة االنسان الوحثي على عالم‬
‫الوحوش ‪ ،‬ثم تحكي اخيرا عن روعة ابن الملك الفارس الذي يصطحب‬
‫معه دائما افراسه الغالية واسلحته ال نفيسة ‪ ٠‬ونحن نعتقد ان هذه‬
‫الحكاية ذات طابع كلتي ‪ ،‬على ااقل في طريقتها الروائية‪ ،‬وربما كانت‬
‫أذنك في موضوعاتها ‪٠‬‬
‫ان الثروة الروائية الكلتية هي التي اضفت على عالمالادب الفروسي‬
‫رونقه ‪ ،‬فما كان اعجب ان يقوم هذا االدب من غير حكاية ابطال‬
‫« المائدة المستديرة » التي نزحت كذلك الى بالد الشمال ‪ ٠‬ويفترض‬
‫بعض الباحثين ان الموهبة الخاصة بااليسلندين في فن الشعر ‪ ،‬والتي‬
‫ادت الى خلق الملحمة االيسلندية الفريدة في شكلها الفني‪ ،‬سكن‬
‫ارجاعها في معظمها الى امتزاج االسلندين بالككتيين ‪ ٠‬وربما كان هذا‬
‫صحيحا ‪ ،‬وان كنا ال نستطيع ان نقطع به ‪ ٠‬على ان الشيء المىكد فيما‬
‫يبدو لنا ‪ ،‬هو ان الشحر الخاص الذي تتميز به الحكايات الخرافية‬
‫الفرنسية يرجع الى قوة الروح الرومانية والى تفكيرهم‪ ،‬كما يرجع‬
‫الى الخيال الكلتي الذي نزع الى التصور ‪ ٠‬وقد عملت الحكايية‬
‫الخرافية الفرنسية ‪ -‬كماسبق ان ذكرناعلى اثمار الحكايات الخرافية‬
‫عند الشعوب االوروبية االخرى ‪٠‬‬

‫‪-٢٣-‬‬
‫وليس هناك شعب من شعوب اوربا كان له من التأثير على ثروة‬
‫الحكايات الخرافية في الغرب ‪ ،‬وعلى طريقهتم الروائية ‪ ،‬مثلمًا كان‬
‫للكلتيين ‪ ٠‬فاذا تأملنا على سييل المشال الحكايات الخرافية االلمانية‪،‬فمن‬
‫السهل نسبيا القول بأن هذه الحكاية او تلك ‪ ،‬او موضوعا بعينه او‬
‫صورة بذاتها يتختم رجوعها الى اصل كلتي ‪ ٠‬اي ان نرجع حكايات‬
‫او موضوعات بمثل هذه الطريقة الى أصل روسي او ايطالي او بلقاني‬
‫او اسكندنافي ‪ ،‬فهذا ما اليتيسر لنا على االطالق ‪ ٠‬ولن يتيسر لنا‬
‫تمييز بعض الحكايات او اجزاء بعض الحكايات من حيث هي اتكار‬
‫شعب اوروبي اخر‪ ،‬او القول على االقل بان هذه الحكاية تروى‬
‫بالطريقة المميزة لشعب اخر ‪ ،‬اال عن طريق البحث البالغ في ألدقه ‪ ٠‬وفي‬
‫حدود الوضع العلمي الراهن ال يسعنا ازاء هذه المسألة سوى أن تتقدم‬
‫تقرير موجز للغاية ‪ ٠‬فبعض الباحثين يعد شمال اوربا موطنا لبعض‬
‫الحكايات التي تحكى عن الدب والثعلب على سبيل ألمثال‪ .‬وفي الحت‬
‫ان حكايات الفنلندين وبلدان بحر البلطيق غنية بصفة خاصة بحكايات‬
‫الحيوان ‪ ،‬فحكاية الطاحون التي تفسر السبب في ملوحة مياه ألبحر‬
‫( بأن هناك طاحونا عجيبا في قاع البحر يطحن الملح دائما ) يبدو انها‬
‫اتتقلت الى االلمان عن طريق بالد الشمال ‪ ٠‬كما ان الحكاية االلمانيةالتي‬
‫تحكى عن المرأة الشابة « مالين» قد نشأت حوالي‪١٣..‬في شمال‬
‫جوتالندا ‪ ٠‬وال تعرف هذه الحكاية اليوم سوى في اسكندنافيا وفي‬
‫مناطق المانية الشمالية ‪ ٠‬اما حكاية الفالح الذي استلقى متعبا ‪ ،‬والذي‬
‫ما كان يتنهد قائال «أخ» ‪ ،‬حتى ظهر له مارد يسمى «أخ» ‪ ،‬فقد نشأت‬
‫بحق في روسيا‪ ،‬وهي تعيش بصفة خاصة في شرق اوربا وجنوب‬
‫شرقها ‪٠‬‬
‫اما في اوربا فقد نشأت كذلك حكاية الملك «دوسلبارت» (‪)١‬التي‬
‫يحتمل ان يكون موطنها فرنسا ‪ ،‬وان يكن‬
‫االحتمال األكبر ان يكوذ موطنها المانيا ‪ ٠‬كما نشأت في اوربا حكاية‬

‫'(‪ )١‬انظر الغصل االخي عن الحكاية )الخرافية اللمانية ‪٠‬‬

‫‪٠٢٣٦-‬‬
‫« ماخاندلبوم » (‪ )٢‬التي نعدها صدى لحكاية بطولة جرمانيه ‪ ،‬وان‬
‫كان من المحتمل انها تأثرت ببعض الحكايات الكلتية ‪ ٠‬اما حكاية‬
‫« جينزماجد » وحكايات قهر النساء الالتي يمتلكن قوة بالغة ‪ ،‬تلك‬
‫الحكايات التي نعرفها في ملحمة سيجفريد ‪ ،‬فنعدها في شكلها هذا من‬
‫اصل جرماني ‪ ٠‬اما الحكايات التي تحكى عن معارك اله الرعد ‪ ،‬وتلك‬
‫االخبار االسطورية عن زوال العالم ‪ ،‬فقد هاجرت الى الشرق عن‬
‫طريق الجرمانيين‪ ،‬وهي تعيش اليوم لدى الروس وسكان منطقة بحر‬
‫البلطيق ‪ ٠‬والفنلندين ‪٠‬‬
‫و تبدو هذه النتيجة التي توصلنا اليها ضئيلة ‪ ،‬ولكن يجب اذ‬
‫نعترف بأنها ليست كل شيء ‪ ،‬وان هناك خالف ذلك عددا هائال من‬
‫الحكايات الخرافية لم يبحث عن تاريخه واصله بحثا دقيقا ‪ ،‬فعدد‬
‫الروايات الالزمة لمثل هذا العمل ‪ ،‬تزايد دائما مع تزايد النشاط في‬
‫جميع الحكايات في كل جلد من البلدان ‪ ٠‬اما محاولة تحديد اصل‬
‫حكاية خرافية عن طريق مقارنة الخصائص االسلوبية ودون االستعانة‬
‫بالروايات المتعددة ‪ ،‬فهذا ال تحقق اال في بعض الحاالت المالئمة بصفة‬
‫خاصة ‪ ٠‬وقد سبق ان آشرنا الى ان ‪0‬كل شعب عاداته الخاصة في‬
‫الرواية‪،‬كما انكل شعبيعرف أشكاال مميزة مردها خياله‪ ،‬ولكن‬
‫حينما تنتقل الحكاة الخرافية مجتازة الحدود اللغوة والحضارة ‪ ،‬فاذ‬
‫هذا يتغير بصفة خاصة في سرعة مذهلة ‪ ٠‬وقد اشار « بول كريتشمر »‬
‫ذات مرة الى ذلك‪ ،‬فذكر ان انصاف االلهة والشياطين واالشكال التي‬
‫تظهر فى الميتولوجيا البدائية‪ ،‬تنخذ اشكاال خاصة اخرى عند كل‬
‫الشعوب ‪ ٠‬فالمردة واالقزام في الحكاية الخرافية االلمانية يختلفاذ تماما‬
‫عن « الترول» في الحكاية النرويجية‪ ،‬او عن « اللييريخاونز» في‬
‫الحكاية االيرلندية ♦ كما ان « البايا ايجا » ال تعرفه سوى الحكاية‬
‫الروسية ‪ ( ،‬البابا ايجا تعيش في بيت صغير شيد على ارجل دجاجة‬
‫على حافة الغابة) ‪ ٠‬والتنين في الحكاية الخرافية االغريقية الحديثة‬

‫(‪ )٢‬نفس الفصل ‪٠‬‬

‫‪-٢٣٧‬‬
‫صدى للمارد ‪ ،‬وال يصح ان نخلط على االطالق بينه وبين التنين في‬
‫الحكاية الخرافية االلمانية او في الحكايات الصينية ‪ ٠‬كما ان الركهاسا‬
‫والفيتالوس ال يظهران اال الحكايات الهندية ‪ ٠‬و بالمثل ال يظهر الجن اال‬
‫في الحكايات العربية ‪٠‬والغول فيالحكاياتالعربية يختلف كالالختالف‬
‫عن الغول في الحكايات الكلتية ‪ ،‬وهذان ينفصالذ اشعاال تاما عن‬
‫« االلين » في الحكايات االسكندنافية ‪ ٠‬وليس هناك ‪ -‬فيما نعلم ‪-‬‬
‫بحث عميق مقارن درس اوجه االتفاق او االختالف بين هذه االشكال‬
‫االديية الشعبية ‪ ٠‬ويبدو لنا ان تحقيق هذا العمل من الصعوبة بمكان ‪،‬‬
‫ولكنه بالغ االهميةفي تحديد عالقة مادة حكاية بذاتها والتكوين الخاص‬
‫بها ‪ ،‬بطبيعة الشعب الذي يحكيها ‪٠‬‬
‫ومما يزيد من صعوبة تحقيق هذا العمل ‪ ،‬هذا امتزاج البالغ ين‬
‫الشعوب االوروبية ‪ ،‬فمع هجرة كل شعب تهاجر حكاياته ‪ ٠‬وتتقبل‬
‫الشعوب المتخلفة حضاريا حكايات الشعوب المتفوقة عليها لنفسها ‪،‬‬
‫فالحكايات الخرافية الفنلندية نادرا ما تكون ذات طابع مستقل ‪،‬‬
‫وانما هي متأثرة الى حد كبير بالحكايات الروسية او السويدية ‪ ٠‬وعلى‬
‫العكس من ذلك ا غانيهم التي تجمعت في ملحمتهم الشهيرة « كاليفاال »‬
‫فهي لم تستمد على االطالق من البالد الشرقية او الغريية المجاورة ‪٠‬اما‬
‫الحجكاية الخرافية االلمانية فلم قأخذ من الحكايات الروسية اال القليل‪٠‬‬
‫وفيمقابلذلك اخذتالحكايةالخرافية الروسية الكثير من الحكايات االلمانبة‬
‫وفي بالد اليونان امتزحت التأثيرات الهلينية وااليطالية والتركية بعضها‬
‫ببعض ‪ ٠‬ويعيش في مقدونيا ‪-‬كما وضح ذلك « البرت ليسكين» —‬
‫البلغار والصرب وااللبان وبكان رومانيا الجنوبيين واليونان واالتراك‬
‫متجاورين وممتزجين ‪ ٠٠‬اما المسلمون الذين عيشون بينهذه الشعوب‬
‫فيرتبطون بغيرهم من الشعوب االسالمية االخرى ارتباطا وثيقا ‪ ٠‬وقد‬
‫اتصل الصرب السالفيون وسكان شواطيء يوغوسالفيا على بحر‬
‫االدرياتيك والعناصر السالفية الجنويية بااليطاليين طيلة قرون ‪ ،‬وفوق‬
‫ذلك فان تأثير االلمان واضح فيهم ‪٠‬‬
‫وربما كانت تتيجة هذه التأثيرات المتشعبة ‪ ،‬وهذا التداخل بين‬
‫الشعوب ‪ ،‬ان اتفصلت الحكايات الصريية والبلغارية واليونانية الحدثة‬
‫‪-٢٣٨-‬‬
‫عن غيرها منحكايات الشعوب االوربية االخرى‪،‬وارتبط بعضمابالبعض‬
‫االخر ارتباطا قويا مباشرا ‪٠‬‬
‫وتضح خمائص الشعوب في الحكاية الخرافية في استخدام صغ‬
‫البداية والنهاية ‪ ،‬وفي بنية ابيات الشعر واالمائل المتناثرة في الحكاية ‪،‬‬
‫ووظيفتها ‪ ٠‬وقد سبق ان قدمنا عددا من هذه الصيغ المحددة ‪ ،‬اما بقية‬
‫هذه الصيغفهي عديدة ‪ ٠‬وترجع هذه الصيغ الى القصاصين الذين كانت‬
‫مهمتهم رواية الحكاية ‪ ،‬والذين ربما اشبهوا في طريقتهم المغنين الشعبيين‬
‫في العصور الوسطى ‪٠‬‬
‫وقد بدو من الوهلة االولى انه من السهل تحديد خصائص اسلوب‬
‫الحكايات الخرافية عند كل شعب من الشعوب ‪ ،‬ولكننا سرعان ماندرك‬
‫ان خصائص اللغة وخصائص التكوين ‪ ،‬وان تفضيل موضوعات بعينها‪،‬‬
‫عناصر عميقة الجذور ‪ ،‬وانها ترجع الى الخصيصة المميزة بطبيعة الشعب‬
‫وهنا نعود الى المسألة التي اثرناها في بداية هذا الفصل ‪ ٠‬فقد ذكرنا‬
‫من خالل مثال ان « اليزابيث كوخلين » استطاعت ان تبين العالقةين‬
‫انماط الحكايات الخرافية لدى شعبين ‪ ،‬كما استطاعت في الوقت نفسه‬
‫ان تبرز نواحي االختالف بينها ‪ ٠‬ونود هنا ‪٢‬ن نوجز ما توصلت اليه‬
‫من تتائج ‪ « ٠‬التعرف فرنسا الشياطين ‪ ،‬كما ان السحر بالنسبة اليهم‬
‫لحة ما بكاد شيع فيهااالشراق ‪ ،‬حتى يشيع فيها الجزت♦ اما ما يمكن‬
‫اذ تهدد توازذ الوجود ‪ ،‬فهذا ما رفضه الفرنسي عن وعي ‪ ٠‬وعلى‬
‫العكس من ذلك الحكاية الخرافية‪ ،‬االلمانية‪ ،‬فالسحر فيهاطيقمظلم‬
‫هيأته القوى الغريبة لشخص وقع اختيارها عليه ‪ ٠‬وهذا الطريق يقوده‬
‫من خالل الكفاح وااللم ‪ ،‬وخالل مضايقاته اليومية الى المصير السعيد‪.‬‬
‫ولذلك فليس من قبيل المصادفة‪ ،‬انكل الموضوعات التي تحدد كل ما‬
‫تعلت بالمصير في الحكاية الخرافية المدروسة ه الحب والروح» ‪ ،‬انما‬
‫هي مميزة للحكاية الخرافية االلمانية والحكاية الشمالية على السواء ‪٠‬‬
‫على ان هذه االشكال اندثرت في المناطق الجنوبية ‪ ،‬فيحين ائها اتخذت‬
‫طابعا عالميا في الحكاية الفرنسية وان صورت في بعض االحيان بطريقة‬
‫غريبة حقا ‪ ،‬وذلك حينما يؤدي النزاع التقليدي بين الزوجين الى‬

‫‪٢٣٩-‬‬
‫االنفصال االول بين الحبيبين ‪٠‬‬
‫وقد يلوح لالنسان من هذا المثال ان علم النفس ونظرية االدب‬
‫والدراسات الثعبية والتاريخ تمكن مجتمعة من القيام بهذه التفرقة‬
‫الدقيقة ‪ ٠‬وهذا ما يرال مجاال مثمرا للبحث فيما يبدو لنا ‪٠‬‬

‫‪-٢٤٠-‬‬
‫الفصل التام‬

‫الىهيةال^رافبةلدالنية‬
‫واذا نحن القينا نظرة على ذلك العدد الهائل من الجكايات الخرافية‬
‫والموضوعات التي تظهر في الثروة الروائية لدي الشعوب االخرى‪ ،‬ثم‬
‫وضعنا ذلك جنبا الى جنب مع الحكايات الخرافية االلمانية التي ظهرت‬
‫اجمل رواية لها في مجموعة االخوين جرم «االطفال وحكايات البيوت»‬
‫فعندئد يمكننا ان نطرح السؤال التالي ‪ :‬اتوجذ حقا حكاية خرافية‬
‫لمانية ؟ ‪ ٠‬وهل تساوي حكايات جرم وما ظهر بعدها منمجموعات تراث‬
‫الحكايات القدمة لدى الهنود والعرب والكلتيين في القيمة ?‬
‫نقد ذكر باحث امريكي شهير منذ عهد قريسب ان المانيا تعد في الجكان‬
‫االول ناقلة للحكايات الشعبية ‪ ،‬اما جهدها من حيث االتكار فادنى من‬
‫ذنك كثيرا ‪ ٠‬فالعالم السالفي يحدها من الشرق‪ ،‬كما ان المالم الروماني‬
‫يحدها من الغرب‪ ،‬وهما العالمان اللذان قدما لاللمان ثروة من التراث‬
‫الذي طبعه الشعب االلماني بطابعه ‪٠‬‬
‫حقاان الحكاية الخرافية االلمانية _ شأنها شأن االنواع الشعبية‬
‫االخرى — قد أستقبلت كثيرا من التراث ‪ ،‬االمر الذي يحدث بالنسبة‬
‫للحكايات الشعبية التي يمتلكها كل بلد ‪ ٠‬وقد سبق ان رأينا ان قدرا‬
‫كبيرا من الحكايات الخرافية قد نما تصورات عقيدية ساذجة ‪ ٠‬على‬
‫ان هذه التصورات ال تمثل سوى االساس الذي قامت عليه الحكاية‬
‫لخرافية ‪ ٠‬ولم تتجول هذه التصورات الساذجة عن طييعة االشياء الى‬
‫شكل حكاية خرافية اال عن طريق الفن الروائي ‪ ٠‬وقد سبق ان نوهنا‬
‫في هذا المجال بالحكايات الخرافية الهندية‪ ،‬وحكايات الحيواذ‪،‬ونماذج‬
‫الحكايات التي قدل على االدراك الدقيق ‪٠‬‬
‫ونستطيع بعد ذلكان تتساءل ‪ :‬ما الشعوب التي تمتلك حقا موهبة‬
‫خلق الحكاية الخرافية ? ‪ ٠‬انهم في الواقع الهنود والكلتيون ‪ ٠‬واما‬
‫العرب الذين يدين لهم العالم الغربي بحكاياته الخرافية فلم يكونوا‬

‫‪.-٢٤٣-‬‬
‫سوى ناقلين لها ‪ ،‬فقد سبق ان رأينا كيف ان الثروة العربية االصيلة في‬
‫الف ليلة وليلة قليلة ‪ ٠‬وعلى هذا فانه يحق لنا ‪ -‬فيما بدو ‪ -‬ان تتحدث‬
‫عن الحكاية الخرافية االلما نية سواء أكانت مادة الحكايات المانية ومستقلة‬
‫بذاتها ‪ ٠‬وهذا ينطبق على قدر صئيل نسبيا من حكايات االلمان ‪ ٠٠‬ام‬
‫كانت المادة غريبة ثم اعاد االلمان روايتها بحيث اصبحت تتفق مع الطابع‬
‫االلمانى الخاص ‪ ،‬وذلك عندما ظهرت الحياة االلمانية خالل هذه المادة‬
‫الغريبة ‪ ٠‬وينطبق هذا في وضوح على اهم الحكايات االلمانية فيما يبدو‬
‫وهي حكايات الوردة الشائكة وحكاية ذات الرداء االحمر ‪ ،‬وحكاية‬
‫الفتاة الناصعة البياض ‪ ،‬وحكاية هنزيل وجرنتل ( وان تكن نصوص‬
‫هذه الحكاية ترجع الى اصل جرماني بالغ في القدم ) ‪ ٠‬وهذه الحكايات‬
‫بعينها لم تصاللى االلمان عن طريق الفرنسيين االفي زمن متأخر‪٠‬‬
‫اما حكاية «النعاج السبع الصغار » فقد الفت الحياة االلم نية‬
‫وسلكت طريقها الى االطفال االلمان ‪ ٠‬واما تلك المتعة االلمانية الغريبة‬
‫التي تسود جو حكاية الوردة الشائكة ‪ ،‬وهذا الوعي الذي عاش فيه‬
‫الخدم والحيوان االليف بل الحشرت التي كات مستقرة على الجدران‪،‬‬
‫بعد نوم دام مائت السنين ‪ -‬فكل هذا فيما نعتقد يرجع الى الطبيعة‬
‫االلمانية ‪ ٠‬وال نود ان يسيء بذلك احد فهمنا ‪ ،‬فلسنا نعني بهذا ان‬
‫الطابع االلماني يسود غيره ‪ ،‬وانما نرمي فحسب الى ابراز الطابع االلماني‬
‫في هذه الحكايات ‪٠‬‬
‫وعملية الرواية في الحكاية الخرافية هي في الغالب اهم من عملية‬
‫الخلق ‪ ،‬فعدد انماط الحكايات الخرافية وموضوعاتها محدود ‪ ٠‬وكثير‬
‫من الحكايات الخرافية الفنية المبتكرة في عصرنا الحاضر ال يعد لهذا‬
‫حكايات خرافية ‪،‬وذلك النها مغرقة في الجدة ويكثر فيها االختراع ‪،‬‬
‫والنها تبدو متناقضة ‪ ٠‬والمؤكد ان التأثير الكبير لحكايات االخوين‬
‫جرم يرجع بعضه الى مادة الحكايات الخرافية ‪ ،‬اما معظمه فيرجع الى‬
‫لغتها وصورها وتكوينها ‪ ،‬وباختصار يرجع الى الطريقة التي حكى بها‬
‫« فهلهم » حكاياته ‪ ٠‬ولهذا فان مجموعة «االطفال وحكايات الييوت»‬
‫قد سلكت طريقها من جديد بين الشعوب ‪ ،‬ال في المانيا فحسب ‪ ،‬وانما‬
‫بين شعوب العالم اجمع على وجه التقرب ‪٠‬‬

‫‪-٢٤٤‬‬
‫ولكن اي الحكايات يحق لنا ان نعده بحق حكايات المانية صرفا ‪،‬‬
‫بمعنى انه عرض مادة المانية او جرمانية ؟‬
‫لقد وصل البحث في الحكايات الخرافية في القرن التاسع عشر الى‬
‫حد التأكد من ان الحكايات الخرافية في المانيا اصداء الدب البطولة‬
‫وحكايات االلهة ‪ ٠‬ونحن نعرف ان هذا الرأي خطأ في جوهره ‪،‬وانكنا‬
‫نعتقد انه تحقق بالنسبة الى قدر ضئيل من الحكايات الخرافية‬
‫االلمانية ‪٠‬‬
‫واالدب الجرماني الذي نعتقد اننا بدأنا نرى فيه مادة الحكاية‬
‫الخرافية وموضوعاتها ‪ ،‬قد عرف لدى االلمان منذ القرون التي تمت‬
‫فيها هجرة الشعوب ‪ ،‬وان لم تظهر خصائصه بوفرة وبصورة واضحة اال‬
‫بعد ذلك ‪ ٠‬وقد وصلت الى االلمان التعاويذ السحرية وبعض مقتطفات‬
‫من اغنيات االبطال مثل اغنية « هيلديبراند » واغنية ل ييولف »‬
‫واغنيات االلهة واالبطال في كتاب « االدا » التي دونت بحق في القرن‬
‫الثالث عشر ‪،‬وان كانت ترجع في شكلها الحالي الى مابين القرن التاسع‬
‫والثالث عشر ‪ ،‬اما مادتها فترجع الى زمن ابعد من ذلك ‪ ،‬مثل اغنية‬
‫مذبحة شعب الهون (‪ ٠ )١‬وكذلك تتضمن الملحمة االيسلندية بعض‬
‫شواهد الحكاية الخرافية ‪ ،‬وأن لم تكن هذه الشواهد كثيرة ‪٠‬‬

‫ونجد في كتاب « االدا » اخبارا عن بداية االشياء كلها ‪ ،‬عن‬


‫الخلق وعن السماء واالرض ‪ ،‬وعن سرقة النار والماء من االلهة ‪ ،‬وعن‬
‫نظام القبائل واالجناس ‪ ،‬تلك االمور التي تذكرائ بصفة خاصة بما‬
‫قابلها من حكايات لدى الشعوب البدائية ‪٠‬وقد تحولت هذه الحكاات‬
‫كما هو الحال في حكايات الشعوب البدائية ‪ ،‬الى حكايات خرافية‬
‫وشعبية واساطير في الوقت نفسه ‪ ٠‬فااللهة سيدة الجو والرعد ‪ ،‬واالله‬
‫ثور__وهو عند االلمان دونار ‪ ,‬يخرج دائما ابدا لكي يصارع المردة‪،‬‬
‫كما ان الظروف التي يعيشها في اسفاره تحمل في الغالب طابع الحكاية‬

‫(‪ )١‬الهون عم شعب بدوي في شرق آسيًا وقد أقاموا مملكة في *نفويا منة ‪ ٢٠٠‬ق‪٠‬م‬
‫ووصلوا الى اوج مجدهم في عهد ملكمم «اتيال» ‪( ٠‬المترجمة)‬

‫‪-٢٤٥‬‬
‫الخرافية بصفة خاصة ‪ ٠‬والدببة والذائب هي جدود لالجناس البشرية‬
‫انكبرى ‪ ٠‬ثم ان االبطال وااللهة تنزح الى العالم السفلي ‪٠‬كما اتنا نعثر‬
‫في اغنيات االبطال على موضوعات من الحكايات الخرافية ‪ ،‬وان تكن‬
‫هذه الموضوعات في الغالب عميقة من الناحية التراجيدية ‪ ،‬االمر الذي‬
‫يناسب طييعة أالدب البطولي ‪ ٠‬فقد رفض أحد الملوك ان تحمل اليه‬
‫اي رسالة تحمل خبرا سيائ ‪ ،‬ولكن مهرج البالط أختال حتى جعل‬
‫الملك نفسه ينطق بالخبر السيء ‪ ٠‬وقد اصطدم حأملوا الدرع بحقل‬
‫كتان مزهر ‪،‬اذحسبوه بحرا ازرق ‪ ٠‬وهذان العنصران الهزلياناستخدمًا‬
‫استخداما تراجيديا في القرن الثامن ‪ ،‬وذلك في اغنية «هزيمة هيرولر»‬
‫التي نقلها « باولوس وياكونس » ‪ ،‬فهما ينبائن بهزيمة الملك والشعب‬
‫ويحققانها كاملة ‪٠‬‬
‫ولم يعرف االدب االلماني الحكاية الخرافية بوصفها صوره فنية‬
‫مكتملة قبل القرن العاشر الميالدي ‪ ٠‬ففي هذا القرذ اتخذت حكايات‬
‫صراع اآللهة واالنسان ضد المردة واالشكال المهولة ‪ ،‬وكذلك الحكايات‬
‫انخرافية التي تخكى عن القوى ‪ ،‬اتخذت شكلها الذي نعرفه لها اليوم‪،‬‬
‫وذلك مثل حكاية « ابن الدب » وحكاية « هانز القوى » ‪ ٠‬وربما‬
‫كان يحكى في الوقت نفنه عن سيجريد القوى ‪ ٠‬واالبطال من امثال‬
‫هانز القوى ‪ ،‬الذين كانوا يقتلعون شجرة البلوط الضخمة ‪،‬‬
‫ويستخدمونها عصاة يتوكأون عليها في سيرهم ‪ ،‬والذين‬
‫كانوا يحطمون كل سيفختى صنع لهم في النهاية السالح المناسب‬
‫الذي لم يكن يقوى على حمله اربعون شخصا غيرهم ‪ ،‬والدين كانوا‬
‫يستطيعون جر أكثر العربات ثقال ‪ ،‬وكانت شهوتهم انى الطعام عارمة‬
‫‪ -‬كل هذا تمثل وجهه االسطورى في شخصية االله ثور صارع‬
‫المردة ‪٠‬‬
‫وفي الوقت نفسه طامنت المسيحية بعض الشيء من غلواء القوة‬
‫والجدية الصارمة وحورتها الى ليونة ورقة ‪ ،‬بل انها حولتها في بعض‬
‫االحيان الى روحانية رائعة ‪ ٠‬فشخصية المرأة كانت في الحكايات‬
‫القديمة تتسم بالعناد المسيطر ‪ ٠‬ولقد كان من الضرورى استخدام‬
‫القوة والخداع لكسر شوكة المرأة « برون هيلد » والمرأة « رند » ‪٠‬‬

‫‪-٢٤٦-‬‬
‫وكذلك كسرتشوكة « جيرد » عن طريق تهديد السحرة االشرار لها ‪٠‬‬
‫اما في االزمنة المتأخرة فقد حلت محاولة الرجل الدائبة لخطب ود المرأة‬
‫محل هذا العناد‪٠‬ومذا يذكرنابالمالمح االساسية لحكاية الملكدوسلب‪1‬رت‬
‫ويرى بعض الباحثين ان هذه الحكاية رومانية االصل ‪ ٠‬ونحن ذرى‬
‫عكس ذلك ‪ ،‬مسايرينفي هذا رأى « ارنست فيليبسون » الذي درس‬
‫هذه الحكاية وارجعها الى تصور جرماني قد تم لعناد المرأة ‪ ،‬كما رأى‬
‫انها امتزجت بحكاية رومانية تحكى عن أبنة الملك التي سخرت من‬
‫فارس النه لم يراع آداب المائذة ‪ ٠‬على آن الحكاية في االصل الروماني‬
‫تبدو حكاية هزلية متماسكة كل التماسك ‪ ،‬ولم تنخذ شكلها الحالي‬
‫اال بعد ان استخدمت الموضوعات االلمانية استخداما اكثر ليونة ‪٠‬‬
‫وبهذا نصل غير مخطئين من االدب االلماني الشعبي الى الحكابة‬
‫الخرافية االلمأنية مرة اخرى ‪ ٠‬على ان حكاية « ألملك دوسارت » ليست‬
‫النموذج الفريد للحكاية الخرافية التي ترجع في اصلها الى العصر‬
‫انجرماني ‪ ،‬فيبدو كذلك ان حكاية « الفتاة واالوزة » تنتمي الى هذه‬
‫المرحلة القديمة للح^كايةالخرافية ‪ ٠‬وقد انحصرت هذه الحكاية في نطاق‬
‫المنطقة الجزمانية‪ ،‬كما انها نشأت كذلك بحق من موضوع العناد ألقديم‬
‫وتحكى هذه الحكلية عن ابنة الملك التي لم تفقد ‪ ،‬حتى مع هذا القناع‬
‫الفقير التي بدت فيه في صورة اوزة‪ ،‬لم تفقد كبرياءها وعزتها ‪ ،‬رغم‬
‫كل العواملىلمسيئه لها‪ ،‬ورغم االالمالتي اتابتها ‪ ٠‬فقد كانت على وعي‬
‫بسموها عن المادة بفضل قؤتها السحزية‪ ،‬حتى حصنلت على حرتها ‪٠‬‬
‫ويذكرا‪ :‬هذا بموضوع اغنيات « جودرون » ‪ ،‬وجام العذأب التي سقته‬
‫« جيرلند حال له ♦‬
‫اما حكاية‪.‬ه ماخاند لبوم » فهي تذكرنا في كثير من عناصرها‬
‫باالغنية الشمالية ه فيالند الحداد» التي نشأت لدى االلمان‬
‫والفرنجة القدماء ‪ ٠‬لقد قتل «فيالند» طفل ألملك بالطريقة القاسيةالتي‬
‫تقتل بها‪ .‬زوجاتاالباء االبناء الصغار في الحكايات الخرافية ‪ ٠‬وكما‬
‫ان الصغيريسمو الى السماء في شكل طائر تغنى بشعره منعل‪ ،‬الى‬
‫درجة ان االم تود ‪ ،‬من االلم ‪ ،‬لو ان االرض ابتلعتها ودفنتها بداخلها‬
‫الى عمقاالف االقدام‪ ،‬كذلك اخبر فيالند الذي سما الى السماء في‬

‫‪-٢٠٤٧-‬‬
‫رداء من الريش وعلى لوح من الصفيح ‪ ،‬اخبر الملك بافعاله ‪ ،‬واخذ‬
‫يتغذى باالم نيدونج ‪٠‬‬
‫ويرى االخوان جرم ان حكاية « االخوين» ترجع كذلك الى اصل‬
‫جرمانى‪ .‬وهما في ذلك مخطائن حسبما ندرك اليوم ‪ ،‬فقد عشرنا على‬
‫حكاية االخوين لدى المصريين القدماء ‪ ٠‬ونحن نرى انه من المهم كل‬
‫االهمية ان نتظر الى هذه الحكاية يوصفهاخبرا عن اخوين الهيين ‪ ،‬وان‬
‫الهندوجرمانيين قد عرفوها كذلك ‪ ٠‬فمثل هذين االخوين ليسا بغرييين‬
‫على التراث الجرماني المتناقل ‪ ،‬كما ان « الديوسكوريين (‪ )١‬ليسا‬
‫بغريبين على التراث اليوفاني ‪ ٠‬وهناك بعض الشواهد التي تشير الى‬
‫ذلك ‪ ،‬منها اسماء قواد قبائل « االنجلن » االسطورين ‪ ،‬امثال‬
‫« هينجست» و « هورسا» ‪ ٠‬وعلى ذلك فمن الممكن ان تعد حكاية‬
‫االخوين بصفة اساسية صورة محوره السطورة االخوين هذه ‪ ،‬وانها‬
‫فللت كذلك الى ان امتزجت بالموضوعات الفرعية االخرى ‪٠‬‬
‫هذه الحكاية الخرافية بعينها ‪ ،‬التي نعتقد بصفة خاصة في قدمها واصلها‬
‫الجرماي ‪ ،‬تحتوي على ايات تتفق مع الشعر الجرماني في ايقاعاته ‪٠‬‬
‫وفي القرن العاشر والحادي عشر عاشت فابوالت الحيوان االلمانية‬
‫وحكاية الحيوان الخرافية اول فترة من فترات ازدهارها ‪ ٠ ٠‬وكثيرا‬
‫ما تذكرنا هذه الحكايات بالحكايات البدائية التي احتفظت بها العصور‬
‫الوسطى ثم عاشت من جديد في عصر ازدهار االدب الشعبي ‪ ،‬ونخص‬
‫بالذكر منها حكاية « الثعلب ونئك » وحكاية الدب وحكاية الذئب ‪٠‬‬
‫وقد انطوت اساطير االخبار االلمانية في القرن الثاني عشر على قوة‬
‫عقيدية فامتدحت هذه االساطير المعااة في هدوء وصبر ‪ ،‬كما‬
‫انها امتدحت في النهاية اتتصار البرىء الذي اوقعتبهالوشاية‪.‬وحكاية‬
‫«الفتاة باليدين» التي وشى بها الشيطان^والتي قدمت لها المالثكة طعاما‬
‫واتتصرتفي النهاية بسبب براءتها شبيهة بهذه االساطير ‪ ٠‬وقد اصبحت‬
‫هذه الرقة التي احتفظت بها اساطير االخبار كذلكطابعا للحكاية الخرافية‬

‫(‪1‬لمترجمة)‬ ‫(‪ )١‬توآما االله زيوس ‪٠‬‬

‫‪-٢٤٨‬‬
‫كنا أنها اضفت عليها نبال جديدا رائعا ‪٠‬‬
‫وفي هذا العصر نفسه عرفت المانيا اول انطالقه لحياة الفروسية ‪٠‬‬
‫وقد تدفقت اليها في ذاتالوقت عنطريق فرنسا مأدة غزيرة من الحكايات‬
‫انخرافية التي تتصل كل االتصال بالفروسية ‪ ،‬ونخص بالذكر منها‬
‫حكايات الفروسية الكلتية عن الملك ومائدته المستديرة ‪ ٠‬اما االدب‬
‫الفرنسي الذي احتوى فضال عن العناصر الكلتية والعناصر القديمة‬
‫عناصر ثرقية ويهودية فقد اخذ ينتشر كذلك منذ القرن الثالث عشس‬
‫في المانيا ‪ ،‬ثم تحول الى مجموعات من االخبار ال حصر لها ‪ ،‬او تحلل‬
‫في عمومه وامتزج مرة اخرى بالحكاية‪ .‬ألشعبية والقصة والحكاية‬
‫الهزلية واالسطورة والحكاية الخرافية ‪ ،‬فتزايد بذلك زيادة هائلة ‪ ٠‬وفي‬
‫عصر انحروب الصليبية تدفقت الى المانيا كذلك ‪ ،‬بطريق مباشر من‬
‫غير الواطة االيطالية والفرنسية ‪ ،‬مادة غزيرة من الحكايات الهندية‬
‫والشرقية ‪ ،‬كما وصلت اليها نماذجمن حكايات الذكاء مثل حكاية‬
‫« ابنة الفالح الذكية » وحكاية« الطبيب العالم بكل شيء » ‪،‬وخكاية‬
‫« االخوة االربعة االذكياء » ‪ ،‬وكذلك حكاية تنافس السحرة فيتحويل‬
‫انفسهم الى اشكال حيوانية ‪ ٠‬وكذلك وصلت االلمان اجزاء منحكايات‬
‫وحنا المخلص ‪ ،‬وحكاية الشيطان ذي الشعرات الثالث الذهبية ‪ ،‬ثم‬
‫حكايات النزاع حول االمور الغريبة التي نعرفها في حكاية « تشالين‬
‫ديكدش» (‪٠ )١‬‬
‫وتعد الفترة فيما القرنين الثالث عشروالساد عشر في المانيا اكثر‬
‫فترات االدب الشعبي ازدهارا ‪ ،‬فقد حلت فيها الطبقة البرجوازية محل‬
‫طبقة الفروسية ‪ ٠‬وليس هناك عصر او من بلد اخر صورت فيهالحكاية‬
‫الخرافية عالقة االنسان باالله الرحيم وبالقديسين والرسل مثل هذا‬
‫العصر في المانيا ‪ ٠‬فكثير ما يظهر في الحكايات واصحاب الحرف‬
‫المختلفة وخدام االرض والفالحون في صور متماسكة قوية ‪ ،‬كما ان‬
‫الموك والسادة يشمرون وصفمم شراسرقن في البثرين' ‪ ،‬ولم يعد‬

‫() منى عنوان هذه الحكاية ‪ :‬اعدى نفسك بنغسس ايتما االئدة الصغية ! وفي هذا‬
‫(ألمترجمة)‬ ‫‪1‬شارة الى العمل الذي يتممن تلقاء ذاته عن طريق السحر ‪٠‬‬

‫س‪-٢٤٩‬‬
‫االنساذ يكن للوءأظ تلك الخثية البالغة ‪ ٠‬وعلى العموم فاذ الطابع‬
‫الخرافي في هذه الحكأيات قليل ‪ ،‬وانما هي في الغالب مزيج من أشياء‬
‫تافهة ‪ ،‬ومن الحكايات الهزلية ‪ ،‬والحكايات التعليمية ‪ ،‬والحكايأت‬
‫القصيرة ‪ ،‬وكذلك الحكايات الشعبية ‪ ٠‬ولقد نشأت الحكايات ذات‬
‫الطابع التعليمي حقا في العصور الوسطىالمتأخرة ‪،‬ومثال ذلكمجموعات‬
‫من حكايات الوعظ المحببة الى الناس‪ ،‬وحكاية « اعمار البشر » وكذلك‬
‫اسطورة االخيار عن « تاليرذ » ‪ ٠‬ومن الحكايات ذات الطابع الفكاهي‬
‫حكاية « االخ المرح » وحكاية تجوال هيالند مع بطرس في انحاء‬
‫االرض ‪ ،‬وحكاية الشيطان الذي خدع واسر واسيئت معاملته ‪،‬وحكاية‬
‫« اوالد حواء المختلفين > ‪ ،‬وحكاة «هانز السعيد» ‪ ٠‬وقد ضمت كل‬
‫هذه الحكايات في هذا الوقت الى ثروة الحكايات الشعبية ‪ ٠‬وادرج‬
‫االخوان جرم كذلكفي عملهما بعض حكايات المجموعات التي ظهرت في‬
‫القرئين السادس عشر والساتغ عشر ‪ ،‬والتي بدت لهم شعبية وذات طابع‬
‫رما خالف ف من الحكبات الخرافية الي ستلي ان تنبينها‬

‫في حكايات االخوين جرم ‪ ،‬كما تتبينها في غير ذلك من مجموعات‬


‫الحكايات الخرافية االلمانية ‪ ،‬فمي تلك ألحكايات التي تجاوزت االدب‬
‫المكتوب ألى الرواية الشفوية في القرنين السابع عشر والثامن عشر ‪٠‬‬
‫وقد كانت حكايات الف ليلة وليلة قد ترجمت الى الفرنسية ‪ ،‬فاتقلت‬
‫تتيجة لذلك بعض الحكايات الشرقية الى المانيا عن طزيق فرنسا ‪٠‬‬
‫ومثال الحكايات التي تأثرت بألف ليلة وليلة حكاية « جبل سملي»‬
‫وحكاية « التبح في الكوب»« وحكاية اللغز»‪ ٠‬اما فيما يختص‬
‫بالحكايات التي يميل اليها االطفال فقد نشأت من حكايات « شارلز‬
‫ييروه » وهي حكايات تشبعت بروح المبالغة في التصوير ومثال ذلك‬
‫حكاية « الوردة الشائكة» ‪ ،‬وحكاية «ذات الرداء االحمر» ‪ ،‬وحكاية‬
‫« القط المنتعل حذاء » وحكاية‪ «.‬صاحب الذقن الزرقناء »‪.‬وحكاية‬
‫« الذئب والنعاج السبع » وعلى الرغم من االصل الفرنتي لمذه‬
‫الحكايات فاذ االخوين جرم استطاءا اذ يضفيا عليها طابعا المانيا ‪٠‬‬
‫فحكاية « ذات الرداء االحمر» ‪ ،‬اكثر طفولة وال تمثل فيها الزهو‬
‫‪-‬‬ ‫‪٢.‬‬ ‫‪-‬‬
‫والشعور بالذات كما هو الحال في الحكاة الفرنسية ‪٠‬‬
‫وال تتساوى المناطق االلمانية ذأت الطبيعة المختلفة فيموفبتها ذي‬
‫خلق الحكايه الخرافية ‪ ٠‬فاجمل حكايات االخوين جرم مصدرها المانيا‬
‫الجنويية ‪ ٠‬وما تزأل الحكاية الخرافية تعيش حتى اليوم فيأوجها واجمل‬
‫بهائها في مناطق « ميكلن بورج» و « بومرن» و» هولشتين» ‪ ٠‬كما‬
‫ان الميل الى رواية الحكأيات الخالدة ‪ ،‬تلك التي تسم بصدق ‪ I‬زهاحنغه‬
‫والتي تحكي عن الخدعة الذكية وألفكاهة المتماسكة‪ ،‬وما تزال تتمثل‬
‫بين شعوب منطقة « تل أويلن شبيجل » ‪ ٠‬وبألمثل تعدثروة ألحكاي‪.‬‬
‫الخرافية في منطقة « هسن » وافرة ‪ ،‬في الوقت الذي تعيش فيه‬
‫الحكاية الخرافية في النمسا والمنطقة البافارة متخفية في الغنيه‬
‫واالنشودة والمسرح الشعبي واساطير االخبار ‪ ٠‬وفي ألسنوات االخيرة‬
‫ظهرت شعبية غنية مصدر ها منطقة اللورين وسوسرا ‪٠‬‬

‫وفي وسعنا ان تتتبع تيار الحكاية الخرأفية االلمانية في تأريخ االدب‬


‫االلمانى مند المراحل االولى للعقيدة الدينية ‪ ٠‬وتعد بعض هذه الحكايات‬
‫من اخص تاج الشعب االلماني ‪ ،‬كما ن الكثير منها يحمل طأيعأامأب‪٦‬ا‬
‫خاصا ‪ ٠‬اما مااكتسبته الحكاية الخرافية االلمانية من الخيال الكلتي او‬
‫من حكأيات الهنود او من اساطير االخبار المسيحية فقد حافظت عليه ‪،‬‬
‫وتعهدته برعايتها ‪ ،‬ثم مزجته بطبيعتها كما لم يفعل شعب اخر ‪٠‬كماان‬
‫الحكايه الخرافية االلمانية تختلف في نواح كثيرة عن حكايات الشعوب‬
‫االخرى انجرمانية ‪ ٠‬فالحكاية الخرافية النرويجية اكثر أصألة ‪ ،‬واغنى‬
‫فى عناصر صورها ألخيالية الكئيبة ‪ ٠‬أما الحكاية ألسويديية فمي اكثر‬
‫غنى واكتماال في ايقاعها ‪ .‬واما الحكاية الدانمركية فهي اكثر رخاوة‬
‫ولطفا ‪ ،‬كما ان ثروة الحكاة انخرأفية االسكندنافية اكثر غنى من‬
‫االلمانية ‪ ،‬وتشيع في عمومها الفكاهة الصادقة وان كانت تنقصها ثروة‬
‫أدب العصور الوسطى التي تدين لها الحكاية الخرافية االلمانية باروع‬
‫نماذجها ‪٠‬‬
‫اما الحكاية الخرافية الفنلندية ‪ ،‬وكذلك االبحاث التي تدور حولها ‪،‬‬
‫وبالمثل حكايات بالد البلطيق وايرلندا وقطالونيا ‪ ،‬فشاهد رائع على وعي‬

‫‪٢٥‬‬
‫الشعب الذاتي وادراكه ‪ ٠‬واما في ايرلندا فما زال الصراع القائم بها‬
‫حتى اليوم حول االستقالل او الحرية مرتبطاكالالرتباط بالصراع حول‬
‫لغتهم الخاصة التي اشرفت على النسيان ‪ ٠‬ولذلك فان جميع الحكايات‬
‫بها كان وما يزال واجبا وطنيا مقدسا ‪٠‬‬
‫ومن هنا يتضح ان ظهور مجموعات بالخرين جرم في وقت من‬
‫االوقات العصيبة للغاية في المانيا‪،‬حينما كانت الدولة االلمانية قد‬
‫تحطمت وسقطت على االرض هاوية وبدأ الشك يساور امرها — هذا‬
‫الظهور لم يكن بمحض الصدفة‪ .‬وعندما تنشط ابحاث الحكاية الخرافية‬
‫نشاطا بالغا ‪ ،‬وعندما تجمع الحكايات الخرافية في جميع انحاء العالم‬
‫لكي تقرأ او تحكى مرة اخرى‪ ،‬فسوف تكون مجموعة االخوين جرم‬
‫« االطفال وحكايات البيوت » الشرارة االولى التي ينطلق منها الحماس‬
‫اننا غالبا مانعد فن هومير وسوفوكليس وشكسبير وجوته الفن‬
‫الخالد‪ ،‬والثروة الخالدة التيهيملك لكل العصور وكل الشعوب‬
‫ولكن هومير عاش في نسيان حقبة من الزمن تبلغ االلف عام ‪ ،‬كما‬
‫عاش شكسبير في نسيان بضع مائت من السنين ‪ ،‬بل ان الشعوب‬
‫الرومانية ما تزال تعد عمل شكسبير حتى اليوم غريبا ‪ ٠‬وبالمشل لم يجد‬
‫ادبنا الكالسيكي صدى عند شعوب الشرق حتى غير البدائية منها ‪ ٠‬ثم‬
‫اجتهدت االجيال وعملت وتعلمت حتى تمكن ادب شكسبير وجوته في‬
‫النهاية من غزو عقول بعض الشعوب ‪٠‬‬
‫اما الحكاية الخرافية فقد عاشت على العكس منذلك‪،‬بينجميع‬
‫الشعوب في جميع االزمنة ‪ ،‬محتفظة على الدوام بطبيعتها ‪ ٠‬فحكاية‬
‫« االخوين» المصرية‪ ،‬وحكاية« اللص الماهر» التي رواها هيرودوت‪،‬‬
‫وحكاية « الحب والروح » االصيلة ‪ ،‬ال تلك التي بالغ ابوليوس في‬
‫رواياتها ‪ ،‬ما تزال تشبه كذلك حكاياتنا الخرافية ألشعبية المعاصرة ‪٠‬‬
‫وقد رأينا ان الحكاية الخرافية في استراليا وامريكا والهند والصين‬
‫ولدى الفرس والعرب والشعوب االوربية ‪ ،‬تعد تعبيرا ادبيا يميل اليه‬
‫كل شعب ‪ ،‬ولم يحدث ان انفصل كل االنفصال عنه الشعب فالحكاية‬
‫الخرافية تلقى اضواء ساطعة على االداب الرسمية فيكل العصور ‪ ،‬كما‬

‫‪-٢٠٢-‬‬
‫تلقى ضوءا على قوانينها وصورها المتعيرة ‪٠‬‬
‫ان الحكاية الخرافية في مراحلها االولى ال يمكن فصلها عن بداية‬
‫المراحل االولى للدين والقانون والتقاليد‪،‬فميعوذ الغنى عنه في‬
‫علم الفولكلور وعلم حضارات الشعوب ‪ ،‬اذ انها تكشف لنا عن تطور‬
‫حياة االنسان الروحية واالجتماعية والدينية ‪ ،‬كما أنها تنتقل من شعب‬
‫الخر فتساعدنا على استكشافبعض العالقات يين لشعوب التيلوالها‬
‫لظلت هذه العالقات محتحسة ‪٠‬‬

‫واذا كنا قد ذكرنا ان الحكاية الخرافية واالدب الشعبي يمثالن‬


‫االدب الخالد في الحقيقة في حين نتمي االدب الرسمي وألكالسيكي‬
‫الى دائرة محدودة ‪ ،‬فان هذا ال عني انا نهدف الى ان نرفع من قيمه‬
‫فن الحكاية ألخرافية ونضعها فوق قيمة فن االدب الرسمي ‪ ٠‬وانما نحن‬
‫تؤمن بان االدب الشعبي يؤدي الى ادراك اسس االدب بصفة عامة ‪٠‬‬
‫فتاريخ االدب ما زال حتى اليوم يبالغ فيحصر مجال تخصصه في جانب‬
‫واحد هو االدب انرسمي ‪ ،‬اللهم اال في بعض حاالتاستثنائية ‪ ،‬على‬
‫انعكس تماما من علم اللغة ‪ ٠‬فاذا حإول تاريخ االدب ان يتجاوز حدود‬
‫االدب الرسمي ليشمل اسس االدب وطييعته بصفة عامة ‪،‬فانه تحرك‬
‫خالل تصورات مضطربة وتعسفية للغاية م وكل من ارأد ادراك طييعة‬
‫االدب حقا فعليه ان يوسع دائرة مجاله ‪ ،‬كما ينبغي عليه اذيدخلفي‬
‫هذا المجال الشعر المحفور على القبور وفي اقدم الكتب ‪ ،‬وكذلك‬
‫نقوش البيوت ‪ ،‬والحكايات التي تتضمنها كتب التقوبم والمجالت‬
‫واقصص السطحية التي تعبر عن العواطف الرخيصة ‪٠‬‬

‫ان االدب جميعه يندو لنا كيانا قائما تتحرك على الدوام ‪ :‬يخرج‬
‫منه االدب الرسمي ثم يعود ليصب فيه‪.‬لكي يمتزج به من جديد‪ ،‬حتى‬
‫يخرج من ذلك ادب جديد مرة اخرى ‪ ٠‬فالنظرة الى التراث الشعبي‬
‫بأسره‪ ،‬بما في ذلك الحكايات انخرافية والشعبية واالساطير والموسيقى‬
‫الشعبية والفن الشعبي بصفة عامة ‪ ،‬بوصفه نفايات الحضارات الراقية‬
‫ومادة حضارية متخلفة‪ ،‬نظرة مغرقة في الخطأ فيما ذى ‪ ٠‬ذلكان‬
‫االمر على خالف ذلك ‪ ،‬فقد انبثقت من الحصيلة الفنية الهائلة لالدب‬

‫‪٢٥٣-‬‬
‫البدائي اعمال بعض االدباء الكبار ‪ ٠‬ثم عاشت هذه االعمال في نطاق‬
‫قوانينها الخاصة ‪ ٠‬ولكنها ارتدت جميعها بعدذلك الى الملكية الجماعية‪.‬‬
‫ومعظم حكاياتنا الخرافية المعاصرة تتهي بنا الى الحكايات الخرافية التي‬
‫اتكرها ذات مرة ادباء معروفون او مجهولون ‪ ٠‬ومن اجل هذا السبب‬
‫وحده يمكننا ان نلتمس طريقنا خالل العالقات المتنوعة والمعقدة ‪ ،‬وان‬
‫نستخلص في بعض الحاالت الصورة االولى لحكاية خرافية ‪٠‬‬
‫ان االدب الشعبي لخالد يبدو لنا المصدر االصلي لكل أدب ‪ ٠‬أما‬
‫تلك الدعاوي التي تنكر هذا القول او ال نود ادراكهفال سند لها‪٠‬وهي‬
‫ال تدرك مع التفاؤل البعيد ‪ -‬سوى جانب من جوانب الحياة الفنية‬
‫وقد كانت الحكاية الخرافية فى طليعة االداب الشعبية الى درجة انها‬
‫سمت الى مرتبة االدب الخالص لدى الشعوب المختلفة وفي االزمنة‬
‫المختلفة ‪،‬بالتنا نستطيع ان نستخلص عن طريق الحكاية بعض قوانين‬
‫االدب المتطور على الدوام ‪ ،‬وان كنا نستطيع كذلك ان نعرف عن طريقها‬
‫كثيرا من قوانين االدب المكتمل المستقر ‪ ٠‬وقد عرفنا مثل هذه القواين‬
‫في بنية الحكايات الشعبية وتكوينها وطريقة عرضها لدى الشعنوب‬
‫المختلفة‪ ، .‬سواء منها الشعوب البدائية وانهندوجرمانية ‪ ٠‬واخيرا فان‬
‫حركة االيقاع الهائلة‪ ،‬المتمثلة في صعود االدب الراقي وهبوطه‪ ،‬تشيي‬
‫في وضوح الى ما يصل اليه هذا االدب من سمو‪ ،‬كمأ تشير الى اعماقه‬
‫ومعالمه واحتياجاته م‬
‫وبعد ‪،‬فاننا نعتقد ان كثيرا من مسائل البحث في الحكاية الخرافية‬
‫ما يزال فى حاجة الى حل ‪ ٠‬وينبغى علينا از ال ننسىفى زحمة المسؤوليات‬
‫العلمية ان نسعد بنفنية الحكاية الخرافية ‪ ،‬فمي تطلعنا على عالم شرق‬
‫بروعة االعاجيب ‪ ،‬عالم عميق االدراك تشيع فيه البهجة والسعادة ‪ ،‬وهو‬
‫في الوقت تفسه عالم النظام االسمي ‪٠‬‬

‫‪- ٢٥٤ -‬‬


‫فهرس الكتاب‬

‫تقديم بقلم المترجم ‪٧ - ٥:‬‬

‫مدخل ‪١٥ - ٩:‬‬

‫الفصل االول ‪ :‬طرق بحث الحكاية الخرافية واهدافها ‪٧٠ — ١٩‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬اصول الحكاية الخرافية ‪١٢٣ —٧١١‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬شكل الحكاية الخرافية وروايتها ‪١٦٠ — ١٢٤‬‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬الحكاية الخرافية عند شعوب حضارات البحر االبيض‬


‫الوسط‬

‫(‪ )١‬بابل ‪١٦٧-١٦١‬‬

‫(ب) مصر ‪١٧٨ — ١٦٨‬‬

‫(ج) بالد االغريق ‪١٨٣, ١٦٩‬‬

‫(د) روما ‪١٨٩-١٨٤‬‬

‫الفصل الخامس ‪ :‬الحكاية الخرافية الهندية ‪٢١٢١٩٠‬‬

‫الفصل السادس ‪ :‬الف ليلة وليلة ‪٢٢٤ -٢١٣‬‬


‫الفصل السابن ‪ :‬الحكاية الخرافية االوروبية ه‪٢،. - ٢٢‬‬

‫الفصل الثامن ‪ :‬الحكاية الخرافية االلمانية ‪٢٥٦ - ٢٤١‬‬

‫‪-٢٥٧-‬‬
‫ا‬

‫ل‪٠‬‬
‫المراجع‬
‫هذا الجدول يقتص على اهم االعمال ‪ ٠‬اماالمراجع التفصيليه فقد‬
‫دونها الكاتب فوندير الينفي كتابه عالم الخكاية الخرافية الجزءالثاني‬
‫ص ‪ ٢٧٧٠‬الى ‪٢٨٥‬‬
‫‪-١‬لمراجع‪:‬‬

‫‪ : Anmerkungen ZU 4911‬ه*‪ 161101‬عع]‪0‬ت ‪Johannes Bolte und — 1‬‬


‫‪. 4 000 5,‬ل‪11000,.8‬ت ‪Kinder-und Hausmarchen der Briider‬‬
‫‪Leipzig 1930 und 1932.‬‬

‫‪Will-Erich Peuckert und OttoLaufer, Volkskunde. Quellen — 2‬‬


‫‪und Forschungen seit 1930, Bern 1951٠‬‬

‫‪ — Lutz-ROhrh: die,Mfirchenforshug seit dem Jahr 1945.‬و‬

‫وقد‪.‬ظهر هذا البحث‪ ،‬فني مجلة الدراسات الشعبية‪ :‬االلمانية^ الجرء‬


‫االول ‪ ١٩٥٥‬ص ‪ ٢٧٩‬الى ‪ ٠٢٩٦‬والجةء الثاني ‪ ١٩٥٦‬ض ‪٢٧٤‬‬
‫الى ‪٠٠٣١٩‬‬
‫‪ - ٢‬المجموعات ‪ :‬من بين المجوعات العدييدة نكتفي بذكر‬
‫مجموعتلين • ‪.‬‬
‫ا ‪ ,‬مجموعة الحكاية‪ .‬الخرإفية في ادب‪ ،‬العالم التيبلغعدد‬
‫اجزائها منذعام‪ ١٩١٢‬حتى عام ‪ ٤١ — ١٩٥٩‬جزءا ‪ ٠‬وهذه المجموعة‬
‫تقدم‪.‬مختارات شاملة للحكايات ا لخزاقية لدى البدائيين ولذى اهم‬
‫شعوب الحضارات ‪٠‬‬
‫وتحتوي معظم االجزاء على ثبت بمجموعات الحكاية الخرافية لدى‬
‫كل شعب على حدة ‪ ٠‬وهذهالمجموعة‪ .‬ما‪ .‬تزال في طريقها الى االكتمال‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ما المجموعة التيتستحقإلذكرمنباحية‪.‬المنهج فهيمجموعة‬
‫‪Svenska sagor <och. signer‬‬
‫تحت عنوان ‪ :‬حكايات خرافية وشعبية من السونيد ‪٠‬‬

‫‪٠٢٥٩‬‬
: ‫ مراجع عامه‬- ٣

1 — Johannes Bolte und George Polivka : Anmerkungen 2‫ با‬den


Kinder-und Hausmarchen der Brtlder Grimm, 5 Bde.,
Leipzig 1913-1932.
2 — Mircea Eliade: 1012 Religionen und das 112111‫ع‬2‫ و‬Salzburg
1954.
3 — Mircea Eliade ٠ Schamanismus und archiasche Ekstase-
technik, urich — Stuttgart 1957.
4 — Folklore Fellows Communications (F.F.C.)
a — Antti Aame: Verzeichnis der Marchentypen
(F.F.C. 31910 ‫)و‬
b — Stith Thompson : 112 10025 0 the 101* tale
(F.F.C. 741928 ‫)و‬
c — 511‫ ل‬Thompson : Motiv-index of 1011‫ ؟‬Literature
(F.F.C. 106-109 und 116-117(1936-1932 ‫و‬

‫وقد اضاف تومسون الكثير الى عمله هذا وظهر في طبعة جديدة‬
٠ ‫ في ستة اجزاء‬، ١٩٥٦ ١٩٥٥ ‫عام‬
5 — Johannes Bolte und Lutz Mackensen ٠ Handwdrterbuch
25‫ ل‬deutshen Marchens, 182113 und Leipzig 1930 FF
6 - G. van der Leeuw, Phanomenlogie der Religion, Tdbingen
11956.

7 — Friedrich 0011 der Leyen, 101 Welt der Marchen. 2 Bde.,


Dusseldorf 1953.
8 — 5111 Thompson, 112 101** tale, New-York 1951.

: ‫ ابحاث في الحكاية الخرافية‬٠ ٤


1 — Antti Aame: Leitfaden der vergleichenden Marchen —
Forschung (F.F.C. 13, 1913).
2 — Walter 0021501 : Kaiser und Abt (F.F.C. 42, 1923).
3 — 005201 Bedier: 195 Fabliaux, Paris 1893.
4 — Hedwig von Beit: 5010011* des MSrchens, 3 Bde, 182111
1952 und 1957.
-٢٦
5 — Theodor Benfey: Pantschatantra, 2 Bde, Leipzig 1859.
6 — Andr٥ Jolies ٠ Einfache Formen. 1111 1956.
7 — Carl Gustav Jung und 1٠ Kenyi: Ein ftihrung in das
Wesen ‫ هل‬Mythologie, Zurich 1951٠
8 — Elisabeth Koechlin: Wesenzuge des deutschen und 495
Franzttsischen Volksmarchen, Basil 1945.
9 — Kaarle Krohn: Die Folkloristische Arbeitsmethode, 0510
1926.
10 — 1. Levy-Bruhl: 025 Denken der Naturvker, Wien und
Leipzig 1926.
11 — Max Luthi: Die Gabe 110 Marchen und 11 der Sage» Diss.
Bern 1943.
12 — Max Luthi: Das europaische Volksmarchen, Bern 1947.

13 — Hans 11111:. 214‫ل‬٦, Primitive Gemeinscheftskultur, Jena


1921.
14 — Axel 011*: Epische Gesetge der Volksdichtung Leits-
chrift ‫ ملم‬deutschen Alternum 51 (1909)٠
15 — Will-Erich Peuchert ٠ Deutsches Volktum ‫ ة‬MSrchen und
Sage, Schwank 114 Ratsel, Berlin 1938.
16 — p. Saintyves: Les contes des Perrault et les r6cits ‫هم‬-
rallies, Paris 1923٠
17 — E. 8. 1010[: Primitive Culture, London 1913.
18 — Jan de Vries: Betrachtungen zum MSrchen
(F.F.C. 150, 1954).

‫— ابحاث حول!إقعاص‬-٥
1 — Mark Asadowsk: Eine sibirische Marchenerzahlerin
(F.F.C. 681926 ‫)و‬.
2 — Gottfried 1121055211: Ueberlieferung und Personlichkeit.
Die Erzahlungen und Lieder des Egbert Gerrits, Munster
1951.
3 - Elsa Sophia von Kamphoevener: An Nachtfeuem der
Karawan-Serail. Marchen und Geschichten altturkischer

- ٢٦‫ا‬
‫من منشورات دار القلم‬

‫* كتب الدكتور امين رويحه الطبية‬

‫* فن الحرب ‪ -‬من الحرب العالمية الثانية الى االستراتيجية النووية‬

‫* مذكرات مو تتغمري‬

‫* المذاهب الكبرى في التاريخ * من كونفوشيوس الى تونبي‬

‫** العقد االجتماعي ‪ -‬جان جاك روسو‬

‫* كافة روايات وقصص _ نجيب محفوظ‬

‫* كافة روايات وقصص — احسان عبد القدوس‬

‫* المبادى‪ ،‬االساسية في طرق التدريس العامة‬

‫* معالم الفلسفة االسالمية ‪ -‬محمد جواد مغنية‬

‫* القادة االلمان تكلمون‪ ،‬اكرم ديري والهيثم االيوبي‬

‫‪-٢٦٣‬‬

You might also like