Professional Documents
Culture Documents
الطيعة االولى
نيسان-ابريل١٩٧٣-
« فريدريش فون دير البن » استاذ ألماني كرس حياته لدراسة
االدب الشعبي عنى أسس علمية دقيقة للمغاية ،ولهفى ذلك أبحاثكثيرة
على جانب كبير من االهمية ٠وقد أستحوذت الحكاية الخرافية على
أكبر قدر من جهوده ،فله فى ذلك أبحاث عدة نخص بالذكر منها هذا
الكتاب لذي قمنا بترجمته وكتاب آخر ظهر في مجلدن عام ، ١٩٥٣
١٩٥٤تحت عنوان « :عالم اخكاية الخرافية» ٠كما أنه قامباالشراف
على موسوعة ضخمة بلغت االربعين جزءاتحت عنوان « :الحكابة
الخرافية فى االدب العالي» ٠وقد خصص كل جزء منها لعرض أهم
الحكايات الخرأفية لدى كل شعب من شعوب العالم على وجه التقريب
كما قدم فى نهاية كل جزء بيانا وافيا عن هذه الحكايات وطريقة جمعها ء
وأهم خصائصها ألتي تعد انعكابا لخصائص شعبها ٠
واى هنا تنتهي فصول هذا الكتاب الذي يعده مؤلفه ليس سوى
مدخن لدراسة االدب الشعبي عامة ،والحكاية الخرافية بصفة خاصة.
وقذ طبع هذا إلكتاب عدة طبعات ،فقد ظهمرت الطبعة االولى عام
،والثالثة عام ، ١٩١٢والثانية عام ١٩١٧
، ١٩٢٥أما الطبعة الرابعة واالخيرة التي قمنا بترجمتها فقد ظهرت
عام ٠١٩٥٩ولما كان الكاتب يعمل فى هذه االثناء فى نشر موسوعته
الفخمة « الحكاية اثخرافية فى االدب العالمي » ،فقد أتاحت هذه
الفرصة للكاتب أن يغير فى طبعات كتابه تغييرا جوهريا ٠
وأذا كنا نقدم اليوم للقاريء العربي هذا البحث العلمي العميق ،
فنحن فأمل ان يحوز رضاء ه ،وأن يهتدي بمنهجم العلمي فى دراسة
االدب الشعبي حتى تكون دراستنا الدبنا الشعبي ذات اصل راسخ
تصل الى اعمق اعماق تعبيرنا االدبي •
نييلةا^راهيم
ممر^ل
يهتم عصرنا أكثر من ،ى قبل بالحضارأت القدمة ،فحياة ما قبل
انتأريخ وعلم اآلثار القديمة يقدمان لنا شواهد رائعة لعصور سحيقة
فى :لقدم ٠فنحن نعرف آثارا بابلية ومصرية جديرة باالعجاب ،كما
نملنث شواهد ذات قيمة القصى ما وصلت اليه حضارة كريت ،هذا
الى جانب البحوث الجديدة التي اكتشفت تصاوير كاملة للعصراحجري
يرجع تأريخها الى عشرات االالف من السنين ٠كل هذه اآلثار نعجب
لها وندهش لنضوج فنها واشكالها وبنائها ٠حقا ان الزمن يفصلنا عن
ددءات انروح االنساني المبكرة إلتي تبرز أمامنا ،اذ اصبح الكثي
منها ع يا' علينا ء كما ظل الكثير منها بعيدا فى مغزاه عن ادراكنا ٠
ان الحكاية الخرافية ترجع بنا الى عصور تسبق كل تاريخ مدون ،
دما أنها ترجع بنا الى بداية الفن الثعري ،والى عاثم آخر من الفكر
واالعتقاد والحق والدين ٠وطييعي أنه ال يحقنا ان نعمم هذهالدعوى
على انحكايات الخرافية جميعها ،بل انها ال تنطبق على الكثير منها ٠
والذي يحق لنأ ان نقبله هو أن قدرا ضئيالمن الحكايات الخرافية يرجع
فى صورته الخالية الى العصور البالغة فى القدم وسوف نألف -أكثر
من هذا أن نرى التصورات القديمة تنعكس فى اجزاء من الحكاية
الخرافية وفي بعض موضوعاتها ٠او اننا سوف نرى ان التصور الكامل
للعالم عنى نحو ما تعبر عنه الحكايات الخرافية ينطق فى كثير من
جوانبه برأي الشعوب في طبيعة هذا العالم ٠
على أن الحكاية الخرافية ال ترجع بنا اى االزمنة الماضية فقط،
فما نعده اليوم قديما موغال في القدم ما يزال يكون حتى اليوم في
بعض الحضارات البدائية مضمون الفكر والعقيدة ٠فاذا تحدثنا هنا
عن « البدائيين» ،فال يصح أن يحمل هذا اللفظ فى طياته معنى معينا ٠
فنحن نعرف اليوم من خالل الدراسات الثعيية المقارنة ،ومن خالل
أبحاث علم االديان ،ان ما يبدو غير منطقي من أفكار الشعوبالفطرية،
وما يبدو سخفا وخرافة من آرائهم ،كثيرا ما يكون شاهدا على وجهة
نظر عميقة فى طبيعة االشياء ،وفى اثطبيعة والعالم ٠وال يغيب عنا
أنا-فى عصرنا الحاضر -كثيرا ما نشكومن ضياع االفكار المنطقية
فيما يختص بالتأمل الحقيقي للكون ٠
-:١٢٠
ونود أن نسير فى كتابنا هذا وفق المنهج التالي :
أن نبدأ بفصل تمهيدي من شأنه ان يوضح لنا تاريخ البحث فى
الحكايات اتخرافية والمشكالت التي تعرض لها هذا البحث ٠ثم نحاول
فى النسصل التالي أن تتبين إصول موضوعات الحكايات الخرافية ،
وذلك من خالل تصورات كل عصر ومعتقداته وتقاليده ونظمه ،بخاصة
عصور الشعوب االولى ٠ثم نحاول أن تتبين هذه الموضوعات منخالل
نماذج قليلة للحكايات الخرافية وطريقة التغيير ٠ثم نلحق هذا بفصل
من شانه ان يهتم بشكل الحكاية الخرافية وطريقة اتشارها ٠وسوف
نجد فى ذلك فرصة سانحة الن نميز بين اثحكاية الخرافية وين قريباتها
من االنماط الشعبية االخرى ،مثاللحكاية الشعبية وحكاية البطولة
وحكاية االلهة واالسطورة وحكاية الحيوان ٠
والطريق قودنا بطييعة الحال من اثهند عبر الفرس الى العرب ٠
أما كيف تألفت المجموعة الكبيرة لحكايات اف ليلة وليلة ،ومن أي
انحضارات استمدت حكاياتها الخرافية ،وكيف مزجمت يين ال مادة العريية
والمادة الغرية ،ثم صنعت بعد ذلك فنا جديدا ممتازا -فهذا ما وجدناه
محال للنقاش وفقا للبحث السليم ٠
وبعد ذلك ود أن نعرض بايجان لخصائص الحكايات الخرافيقعند
-١٣
انشعوب االوروبية ،ونختتم ذلك بنبذة مختصرة عن تاريخ الحكايات
انخرافية االلمانية ٠وبعض الحكايات الخرافية االورويية يرجع الى
العصر الجرماني ،او هي ترجع كلية الى العصر ا لهندوجرما ني البالغ في
القدم ٠وكذلك تركت الحروب الصليبية وفروسية العصور الوسطى
آتأرها فى الحكايات الخرافية االوروية ٠ثم كان للطبقة البرجوازية
انتي عاشت فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر اثر له داللته ٠
وتبع دلك أثر آخر ادبي كبير تركته حكايات الجن الفرنسية ٠
وفى العموم فنحن نهدف الى عرض اثحكايات الخرافية عند بعض
الشعوب والحضارات عرضا سريعا شامال ،ومنهجنا فى ذلك االيجاز ال
االسهاب ،اذ انه من الميسر _ من خالل المجموعة الهائلة التي تحمل
عنوان « الحكايات الخرافية فى االدب العالمي» والتي اكتملت فى واحد
واربعين جزءا س معاناة تلك التجربة ،تجربة التعرف على الحكايات
الخرافية فى خصائصها المميزة لها عند بعض اثشعوب ،االمر الذي لم
تتعرض له فى هذا الكتاب اال بالوصف ٠
وعلى ذلك فان طريقنا يبدأ بتاريخ البحث في الحكايات الخرافية ،
بم يتجه فيسيرفى خط مستقيم مبتدائ من بداية التاريخ والشعوب
انبدائية ،ومتجها الى حضارات الشرق القديمة ،ثم يعود الى أوروبا
حيث ينتهى عند اثحكايات الخرافية االلمانية م ونحن نشعر بالنقص
المعيب فى بحثنا هذا من حيث اننا اضطررنا الى اغفال الحكايات
الخرافية فى بالد كثيرة أو اننا كتفينا باالشارة اليها فقط ٠على اننا
نامل خلى االقل أن نعرض — من خالل بعض االمثلة س بعضاالسس ،
وان نبرز خصائص الحكاية الخرافية وأن نشير الى اهم الشعوبالتي
كانت لها قيمة كبيرة فى تراث الحكابات الخرافية ٠
وبعد ٠٠فهذا الكتاب يصح ان يعد مدخال فحسب ،االمر الذي
من أجله أهملنا كل التعليقات ٠حقا اتا التزمنا الىحد كبير بالتنوية
بنتائج االبحاث القيمة ،بل اننا اشرنا يين الحين واآلخر الى النتائج
~)١ا
أل ل [
التي نم تدون فى صراحة ٠ولقد جمعنا كل االعمال التي ندين
باشارأت هامة فى فهرس مختصر على أننا ال ندعي بهذا كمال عمل
وانما قصدنا بذلك أن نحيل القاري ء المستمتع الى االعمال التي
فرصة االستمرار فى البحث فى كل سهولة وبكل ثقة ٠
الفصل الدول
اهدافيا
فيما يختص بالبحث الجاد فى الحكايات الخرافية يمكننا أن نرجع
الى الوراء ما يقرب منقرن ونصف قرن حينما اهتم « االخوان جرم»
في تعليقهما على مجموعتهما « حكايات االطفال والبيوت » وبالبحث
عن أصل الحكايات الخرافية نفسها ومجموعاتها فهي معروفة لدينا قبل
هذا التاريخ بزمن طويل ٠وعلى اثرغم من أن الحكايات الخرافية
كوفحت بما فيه الكفاية بوصفها حكايات العجائز ،فانها مع ذلك ظلت
محتفظة بحيوتها وجدتها عبر االف السنين ٠
ويبدو أن الحكاية الخرافية عاشت عصر ازدهار فى القرن السادس
قبل لمسيح فىكل من بالد االغريق والهند ٠أماعصراالزدهار الثاني
-وهو يعد بحق أروع عصور ازدهارها س فهو الذي عاشته الحكاية
الخرافية فى عصر الحروب الصليبية فى انقرن الحادي عشر وما تال ذلك
من القرون ،ففي هدا الوقت ظهرت المجموعات الكبيرة للحكايات
انخرإفية فى الشرق ونخص بالذكر منها مجموعة « ملتقى التيارات
سو مادي وا» ،كماتطورت لمختلف الحكايات» للشاعر الكشميري
فى هذا العصر فى مصر مجموعة حكايات ألف ثيلة وليلة حتى استقرت
عنى لصورة التي هي عليها االن ٠أما فى الغرب فان مجموعاتالاناشيد
اندنية الكييرة قد تضمنت الكثير من الحكاات الخرافية واالساطير
والحتكايات الشعبية ،ونخص بالذكر منها االناشيد الشهيرة التيترجع
»Gesta انى اقرن الثالث عشر تحت عنواف « أعمال الرومان»
<(»٨urea Lege da « واالساطير المذهبة» «Romanorum
-١٩
«ثاالثعشرة ليلة ممتعة» ل « استراباروال » straparolaالذي
كان يعيش في « كارافاجيو» بانقرب من « كريمونا» ٠وقد ظهرت
هذه المجموعة فيما بين ١٥٥٤ - ١٥٥٠م محتوية على عدد هائل من
الحكايات الخرافية ٠وكذلك تأثر االخوين بمجموعة « بنتاميروني »
التي احتوت على خمسين حكاية خرافية لشاعر نابولى Pentameone
« جحيامباتستا بازيل» الذي توفيعام ١٦٣٤م ( ٠ )١وتتميز مجموعة
« بازيل» بأنها كتبت باللغة العامية كما انها تحتوي علمى اضافات قليلة
على النقيض من مجموعة « ستراباروال » ٠على أن لغتها كثيرا ما
تكون سوقية شاذة ٠
وبعد ذلك بسنوات قليلة__قبل أن تظهر مجموعات « االخوين
جرم» ظهرت في فرنسا احدى مجموعات الحكايات الخرافية الشهيرة
Charles Perrault واسمها « حكايات أمى لوى»ل« شارل يرو
وقد استمد « بيرو» حكاياته من الشعب وككنه أضفى عليها طابعا فنيا
غنيا بالرشاقة ورهافة الحس ٠وهذا وقد تركت حكاياته هذه مرة
أخرى أثرها في الشعب ٠بل ان عددا هائال من الحكايات الخرافية
االلمانية قد تأثر بمجموعة « يرو » ،نذكر من ذلك على سبيل المثال
حكاية « ذات الرداء االحمر» وحكاية « الوردة الشائكة» ثم حكاية
« الذئب والنعاج السبع» ٠وعلى أثر ذلك ظلت الحكايات الخرافيه
نظهر حلى اتدوام في فرنسا ،تؤلفها السيدات بصفة خاصة ٠وقد
ضمت هذه الحكايات بعضها الى بعض في مجموعة رائعة تكون في
النهاية واحدا وأربعين جزءا ،وأطلق عليها اسم « مجمع الجان » ٠
على ان الكثير من هذه الحكايات لم يكن حكايات خرافية شعبية
بالمعنى الصحيح ،وانما هي حكايات مخترعة أو حكايات قديمة صيغت
صياغة جديدة ٠على أنها تحكى بطريقة شائقة مشبعة في الغالب
بأسلوب فن « الروكوكو» اى المبالغة في التصوير ،الى درجة أنها
تركت أثرها في حكايات الشعب الخرافية اترائجة حينذاك ٠
(1لمترجمة ا -لعرت د1ترة معارف (( بروكهاوس» انه توغى عام ١٦٣٢م ٠
ثم كان القرذ الثامن عشر ،عصر العقل واالستتارة ،وان يكن
كذلك عصر السحر والذوقالمرهف ٠وام تكن الحكاية الخرافية تتالءم
كلية مع مزاج هذا اثعصر ،على الرغم مما ظهر فيه من مجموعات كثيرة،
ذلك الن الحكاية الخرافية ليست منطقية وانما هي خيالية ،وهي غير
غنية بالمغزى وال يسودها نظام ،وانما هي فيما تبدو خلط ال شكل له
وال بنية ٠ومن هنا كانت الحكاية الخرافية التي حكاها الصبية في
مصانع االعمال اليدوية ،وبالمثل حكايات االمسيات في مغازل القرى،
ذات بنية تختلف عن بنية الحكايات التي ظمرت في مجموعات هذا
العصر ٠واذا كان ال بد للحكاية اتخرافية من أن تصمد أمام ذوق
بمالعصر ،فال بد من ان تحتوي على مغزى ،وال بد من أن يصبح
الال معقول فيها معقوال ،كما ال بد أن نتظم الخلط في شكل شائق
منظم ٠
وقد سار البحث حينذاك في طريقين ٠وقد اختار « موزويس
» -االستاذ بجامعة فيمر ( - )١أحدهما ٠فقد جع •ال2ا4
الحكايات الخرافية من الشعب وحكاها ثانية بطريقة ساخرة متروية ،
ثم جعل ما فيها من عناصر خيالية وأمور خارقة للطبيعة تظهر بوصفها
مجرد شيء عرضى ،كما حاول بعد ذلك أن يضمنها مغزى بأذ أضاف
اليها مثال اخالقية يقتدى بها ،تماما كما صنع « بيرو » من قبل ٠ومع
ذنك فيمكننا أن نقرأ اليوم حكايات « موزويس» ،ذنك الن جوهرها
صادق دما ان االنسان يحس في وضوح ما فيها من نغمة شعبية ،الى
درجة أن االسلوب الساخر والحكمة المقحمة ال يسيائن اليها اال قليال ٠
وعلى العكس من ذلك حاول « فيالند » أن شق طريقا اخر ٠فقد
أخضع مادة الحكاية الخرافية للصياغة الشعرية وأكسبها رشاقة وسهولة
وسحرا ٠ومع ذلك فان أشعاره ال تعيش بيننا اليوم اال نادرا ،كما
آتنا لم نعد تقريبا نلمس فيها اثرا للحكايات الخرافية القديمة ٠
!-م^ينةخيمر الههية التى كانت زمنا طريال مركز! للعلوم و اآلداب وعاث نيها جوله
معظم حياته وتوفى بها ( ٠المترجمة )
ا-٢
اما استخدام جوثه للحكاية الخرافية فقلما يخرج بها عن حدودها ٠
فكم أثبتفي هذا المجال أنه وريث عصر الروكوكو وأنه في نفسا
احد اتباع « هيردر» ( )١ومرهص بظهور الرومنتيكية ٠
نقد استمع جوته الى امه وهي تحكى له كثيرا من الحكايات
الخرافية ،مثل حكاية الحائك الذي تزوج باالميرة ،وحكاية حدائق
الجان التي تختال روعة ،والتي سمح لطفل مفضل ان يراها مرة ،
مرة واحدة فحب ،ثم ضل طريقه بعد ذنك اليها ♦ كما عرف حكاية
الجبل الممغنط الذي كان يجتذب السفن اليه ،كما كان يجتذب الحديد
والمسامير ،وكذلك حكاية االميرة التي كانت تخدمها أياد بال
شخوص ٠
كل هذه الحكايات كون جزءا من مادة الحكايات الخرافية القديمة
وهي ما تزال تروى وتنتشر حتى اليوم ٠ولكن حينما رسم جوته
الحكاية الخرافية ،كان يتبع في أغلب االحيان منهج عصره ،أى منهج
فيالند من قبل ٠فقد حكى حكاية أماديس انجديدة شعرا ،كما
اخترع غير ذلك من الحكايات وأطلق عليها اسم الحكايات الخرافية ،
ومثال ذلك حكاية « ميلوزين » الجديدة ،وحكاية « باريس»:
الجديدة ٠وهذه إلحكايات تنبض فناورقة ،كما أنها تفيض بالسحر
واد شاع فيها جو الحزن القاتم ،ومع ذلك فهي بالتكيد صور غنية
بالفن ،وتخلو من العبارات التقليدية ،كما تخلو من الجو الطفولى ٠
ولم يكتب جوته هذه الحكايات من أجل الحكاية الخرافية ذاتها ،
وانما لمغزى عميق تخفيه بين سطورها ٠وفي هذا نجد جوته أقرب
الى لرومنتيكية من القرن الثامن عشر ٠وأكثر ما يتضح هذا في
- ١هيمدر :هاعر ومنكر الماني ،ولد عام )) . ١٧تقابل مع جوته وهو صغيي في
ثتراسبورجنترة قصعة استطاع نيها ان يوقظ ي ثفس جوته أالحساس بمقزى
االسب الشعبى ٠ولم ضمن اعماله الكبيمة مجموعة من 1الغنياع الثعييسة
التي جمعما من اخوا ،الثسبه 1( ٠لمترجمة»
- ٢غيالند اديب الماني ولد عام ١٧٣٣وقوغى عام ٠ ١٨١٣ومن بين 1عماله االدبية
مجموعة من الحكايات ،احتذى جوته حلوها1 5 ٠ :لمترجمة )
-٢٢-
حكايته االفعى الخضراء ،وحكاية زهرة السوسن الجميلة ،وهى
ضمنمجموعة « ألوان من حكايات الترفيه عند الماجرين االلمان» .
ومن جمة اخرى فان هذا الرأي الذي لمر في القرن الثامن عشر
تغابت عليه آراء أخرى كان لها أكبر االثر ٠واول من امسك بخيط
هذه اآلراء ،كما امسك به في مجاالت أخرى ،هو ( هردر ) ٠قال :
« ان الحكايات الشعبية بأسرها ،ومثلها الحكايات الخرافية واالساطير إ
هي بكن قكيد بقايا المعتقدات الشعبية ،كما انها بقايا تأمالت الشعب
- ١سيس سينة سرية تيمه عانه لفع و الوجه التيب .ولشري هس نيه تعء
( ٠الرتمجة ) 1 منوان « صورة مدينة سايس املقنعة
--٢٣
الحسية وبقايا قواه وخبرائه ،حيثما كان االنسان يحلم النه لم يكن
يعرف ،وحينما كان يعتقد النهلم يكن يرى ،وحينما كان يؤثر فيما
حوله بروح ساذجة غير منقسمة على فهاغ♦ ومعنى هذا أن الحكاية
الخرافية ليست بثرثرة عجائز ال منطق لها ،وال هي اختراع صرف ،
وانما هي ملك لكشعب وتاج قواه الشاعرية ٠
وقد تحول « هيردر » نفسه فيما بعد عن انحكاية الخرافية ٠ذلك
الن الحكاية الخرافية شر ،ولم يكن يجذبه في قوة آنذاك سوى
الشعر الذي كان يرى فيه اللغة االم للجنس البشري ٠
على أن « جوته » الشاب كان الوريث االول « لهردر » ،فلقد
Urfaust أضفى على قصة فاوست وهي بعد في صورتها القديمة
( )١االنفعاالت التي تفيض بها الحكاية الخرافية من مرح وجنون
غريب وحزن عميق بالغ ،يردد اصداء احساسات اشعب القديمة كلها،
المظلمة والقاسية على السواء ٠ونحن شير هنا الى ما اقتبسه جوته
من فاوست القديم من حكايات خرافية ،كحكاية البرغوث الذي
» ( )٢ثم الى هذه Thule أعسبح أميرا وحكاية ملك بالد « التولى
Machandel boomاالشعار انتي استمدها من حكاية « مخا ند لبوم»
أما اشد من تحمس لمحاربة فكرة القرن الثامن عشر عن الحكاية
الخرافية فهو « تودفج تيك » ٠ Ludwig Tieckعلى أنه كان يجهل
انحكايات الخرافية التي يرويهاالشعب ٠وتشير حكاياته التي كتبها
الى ضعف إلقوة االنسانية أمام المصير المحتم ٠وكثيرا ما يبدو هذا
المصير في شكل قوة قاسية مفاجئة في غير رحمة تأتي بالشر من حيث
- ٢حكاية ضمن مجموعة «^جرم» و ص تحكى عن زوجة االب القاسية التي تتلت
لنل زوجها ثم قدمته له غذاء ٠وقد عوقبت يعد قلك بحبسها داخل اهزل حيث
قتلت قيه ثى قتله م ( 1لمترجمة ) ٠
٠٠٢٢٠
ال يدري االنسان ،فالعالقة بين المصير والذنب والضرورة الكامنة في
االحداث ،لم يكن من المكن التعرف عليها اال نادرا ،بل ان هذا
بعينه هو ما كان « تيك» ينكره في الحكاية الخرافية ٠على أن
« موزويس » نفسه صاحب االفتراء الكثير على الحكاية الخرافية ،
كنن لديه ادراك أقوى وأصدق من ادراك « تيك » ٠وظل « تيك »
مع ذلك صاحب الفضل في لفت االنظار الى حكايات ذات الرداء
االحمر ،والقط المنتعل حذاء ،وذى الذقن الزرقاء ،وهي حكايات
ترجع كلها الى مجموعة « ييرو» ٠
وكمأ أن « نوفاليس » اهتدى عن طريق حكاية « البصيلة واندم
الوردي » الى الحكايات الفطرية البسيطة ،كذلك تشوق « كليمنس
برينتانو » الى فهم حكايات الشعوب وأغانيها التي تترك ببساطتها وقعا
في النفوس ٠وقد نشر باالشتراك مع « أخيم فوذ أرنيم » حكاية
« بوق انصبى السحري » ،كما انه استمد الشيء الكثبر من مجموعة
االغاني ',شعبية الهائلة ٠وعلى الرغم مما يشيع في هذه المجموعة من
قوة وعنف فانها استقبلت بحماس بالغ ،بل ان اثرها قد استمر فيما
بعد تى عصرنا الحاضر ٠على انه لم يوفق بحكاياته الخرافية هذه في
ان يترك اثرا عميقا متسلطا يماثل ما تركته حكايات غيره من أثر ٠ولما
لم يكن يميل الى ابتكار الحكايات فقد اتخذ من الكتب الشعبية
االلمانية التي كتبت في القرنين السادس عشر والسابع عشر ومن كتب
التقويم ثم من حكايات الجان الفرنسية ومجموعة « بنتاميرون » _
لبازيل — نموذجا لعمله ٠وقد حور « برينتانو » كل حكايات هذه
المجموعات ونجح حقا في تشكيلها ٠ومثال ذلك حكاية الحيوان البليد
التي احنذى فيها احدى « حكايات مجمع الجان » ،وفي العموم كان
« يرنتتانو » مولعا بالنكات وبالتالعب اللفظى والتوريات ال ادية ،
كما ائن مولعابالمزج بين أكثرالمبدعات اختالطا .وقدرجع عذافي
الحقيقة -كما رأى رتشرد بينز -الى ابتداعه للحكاية الخرافية فى
ارتجال متسرع وهو يحكيها لالطفال .وربما تسسرب بعض هذا
*-٢٥
االسلوب االرتجالي الى حكاياته المدونة ،ولقد كان « برينتانو »
يرى أن حكايات « جرم » فضفاضة للغاية وخالية تماما من الع،صر
الفنية ٠أما هو فقد طالما بذل جهده لكي يجد لحكايته شكال فيا
متماسكا ،االمر الذي فشل في تحقيقه ،حيث انه كاد كذنك يكثر
من االضافة اليها ٠ان حكايات « بريتتانو .».تفشى قنقه واضطرابه ،
ويرجع أجمل ما فيها الى تلك ،االغنيات واالشعاد المتناثرة خاللها ٠
--٢٦
فقد فلهر الجزء االول من حكايات « البوق العجيب » عام ه ١٨٠م ٠
ولم نان الناشران « برينتانو» « وأخيم فون أرنيم» في حاجة لعون
مالي جديد ،فقد التمسا كذنك مزيدا من الحكايات الخرافية والقصص
الشعبية ٠وقد أرسلت اليهما آنذاك بعض الحكايات الخرافية،فنشرت
حكاية ( ماخال بوم ) عام ١٨٠٨م في مجلة النساك التي كان « أخيم
فون أرنيم » يتولى اصدارها ٠وهذه الحكاية كان الرسام « فيليب
أوتو » قد بعث بها ثم أدمجها االخوان بعد ذلك في مجموعتهما ،
وهي تنتمي الى أعظم الحكايات فنية في مجموعة االخوين وأصدقها ٠
وما ان تم نشر هذه الحكاية حتى استيقظت الرغبة اقديمة عنبد
« برينتاو » في جمع الحكاة الخرافية ونشرها ٠وهنا قدم لهاالخوان
« جرم » كل ما جمعاه من حكايات منذ سنة ١٨٠٦م حتى يكون في
متناول يده ٠ومع ذلك فان « برينتانو» لم تبع الطريق السليم ،وثار
انشك فيما اذا كان قد يصل بعملية النشر الى تتيجة مجدية ٠ولذلك
قرر االخوان « جرم» ،بايعاز من « أخيم فون ارنيم» ان يقوما بنشر
ما جمعأه من حكايات خرافية حتى ذلك الوقت ،وفي هذة اثسنة نفسها
فنهر الجزء االول من عملهما ٠
-٢٧
د جرم» الجميلة والثرية وهما :ابنة صيدلي تدعى « :دورتشن» ،
فيلد » وكانت تعيش في مدينة « كاسل » ثم أصبحت فيما بعد زوجة
« وليم » ،ثم سيدة الحكايات الخرافية « فيهمانين» وهي فالحة
ألنت تسكن « تسفيهرن» بالقرب من « كاسل » ٠وقد ذكر االخوان
فى الجزء الثاني من كتابهما كلمة عن المرأة الثانية « فيهمانين» قاال :
« لقد كائت هذه السيدة تحتفظ في ذاكرتها بحكايات كثيرة ،وهي
موهبة دما تقول ال تمنح لكالنسان ،بل ان بعض االفراد ال يمتلكونها
على االطالق ٠ومن ثم تقص « فيهمانين» حكاياتها في حذر وثقة
وحيوية صادقة ،بل ا نها تستمتع بما تقصه ٠وطريقتها أن تسترسل
في نحكماية في حرية ثم تحكيها ببطء مرة أخرى اذا شاء المستمع ذلك
حتى يتمكن مع شيء من المران من ان يستملي منها الحكاية ٠وبهذه
الوسيلة دون االخوان عنها بعض الحكايات بحرفيتها وبصدقها الذي
اليمكن أن يخطه احد ٠وكل من يؤمن بقانون استحالة دوام
الحكايات الخرافية مدة طويلة بسبب االخطاء اليسيرة التي تاتي من
اتتقال الحكاية من جيل الخر ،وبسبب عدم اهتمام االجيال باالحتفاظ
بها ،عليه أن يستمع الى هذه السيدة ليعرف كم هي تتمسك دائما
بنص الحكاية ،و كمهي حريصة على صحتها ،فمي ال تغير شيائ من
نص الحكاية مطلقا عند روايتها مرة أخرى ،فاذا ما أدركت انها
اخطأت في السرد ،أعادت على التو الرواية الصحيحة ٠ان التمسك
بالتراث المنقول يعيش بين أناس رسموا لحياتهم نظاما معينا ال
يحيدون عنه ،وهم في تمسكهم بهذا النظام أقوى من ميلنا نحن انى
التغيير » ٠
-٢٨٠
المهوش ،وانما هي نموذج لشعر الشعوب التي شاءت أن تقدمه
نالجيان التالية ،وان نم نقلها في صورة أكثر نقاء ٠وتختوي مجموعة
االخوين « جرم » على مادة من الحكايات تمتد في تاريخ المانيا منذ
بدايته حتى القرن التاسع عشر ،كما انها في الوقت نفسه غنية كل
الغنى بصيغ جيدة الشهر الحكايات الخرافية ٠وبعض هذه الحكايات
ال نعثر عليه اال في مجموعة االخون ،فهذه المجموعة تقدم لتا بحق
عددا وفيرا مختارا من الحكايات الخرافية كما انها تحكى بنصوصها
الموثوق بها ،تلك النصوص التي تتميز ببساطتها وغناها الفني ٠
٢٩-
وتؤكدها رواية القصاصين االرتجاية ،ولكننا نعتقد في العموم اننا
نحصل عن لريق هؤالء القصاصين على صورة أكثر .دقة للحكاية
الخرانية من تلك التي نحصل عليها عن طريق النقل الواسع -وان
يدن سذا النقل تميز بالحرص الشديد ٠على أن هذه االفكاركذلك
لم تغب عن بال "الخوين « جرم» ،فقد كان « يعقوب» يطلب دائما
لحكايته الخرافية أن تكون قدر االمكان ذات معالم كاملة ٠وكم كان
يود لو أنه استطاع أن ينشر الحكايات الخرافية في صورتها االصلية
لو كان ذلك ميسرًا ٠ذلك النه كثيرا ماكان يجمع بين أجزاء كثيرة من
الحكاية الخرافية ثم يقارنها بعضها ببعض ويؤلف بينها في شكل حكاية
مكتملة بعد أن يسقط كل ما هو بعيد عن بنيتها العضوية ٠وبذلك
يخلق من الصيغ العديدة غير الكاملة حكاية مكتملة ٠أما عن الصيغة
اللغوية للحكايات الخرافية التي نثق بها تقة كاملة فمصدرها « وليم
جرم » ،فقد كان « وليم » يقوم بتهذيب لغة حكايته من حلبعة الخرى
ومن المتع حقا أن تتتبع تعييراته من خالل الطبعات ،فنجدها دائما
تزداد سحرا وعمقا كما تزداد متعة وبساطة ٠وهو اذا فعل ذلك لم
تكلف تغيير الحكايات الخرافية لكي يضعها في صورة صحيحة كما
سبق ان .فعل « برينتانو» و « نيك» ،وانما كان يهدف الى أن يحكي
الحكأية الخرافية وفقا الحكامها ،اذ كان .يشعر حقا بمشقة كبيرة في
نقل الحكاية من بنيتها الروائية ااشفوية الى صيغة مكتوبة تظل
تحتفظ للحكاية الخرافية بحيوتها وشكلها الخالص ٠وهكذا نجد أن
« وليم جرم » يختفي كلية وراء عمله ،فكثيرا ما تبدو لنا حكاياته
وكأنها لم تجد االديب الذي طبعها بطابعه والءم بين أجزائها ،وانما
تبدو لنا وكأنها تخرج من افواه الشعب مباشرة ٠ولعل هذا هو السر
في النجاح الفريد الذي أحرزه االخوان « جرم» من حيث انحكاتهما
الخرافية نمتلىء بالعناصر الفنية ويكتمل فنها ،هذا باالضافة الى ما
تميز به من بساطة وقرب من روح الشعب ٠
وليست االبحاث النظرية التي قام بها االخوان «جرم» أقل أهمية
من عمليه الجمع ،فلقد اضافا الى الطبغة االولى لمجموعتها تذييال
يحتوي على مالحظات كثيرة من بينها يانات عن أصل اللحكاية
الخرافية وأبحاث مختلفة ،واشارات الى مافي مجموعات الحكاية
الخرأفية االخرى وما عند الشعوب االخرى من حكايات قريبة او
مشابهة لحكايتهما ٠ولم تكد الطبعة الثانية لمجموعتهما تظهر ،حتى
جمع االخوان هذه التعليقات في كتاب منفرد بعد ان أضافا اليها
شواهد الصل الحكايات الخرافية ،ودراسة عامة الدب الحكايات
اخرأفية المهمة والهم المجموعات التي ظهرت حتى عصرهما ٠وباالضافة
الى ذلك فقد أعلنا رأيهما في اصل الحكاية الخرافية ٠في عام
١٨٥٦خلهرت الطبعة الثالثة لهذا الجزء الذي تضمن تعليقاتهما ،
ولدلك أصبحت هذه الطبعة حجة لما ظهر من بعدها من طبعات ٠
-٣١-
أمثال هذه الحكايات الخرافية ويرى ما بينها من التشابه واالتفاق ،
فيرجع هذا التشابه بينهما الى محض الصدفة ٠غير أن هذا التشابه
اما يرجع في معظم االحوال الى هذه االفكار االساسية التي تعرض
عرض نفصيليا غريبا غير متوقع وله طابع االصرار ،ومن هذه االفكار
تشج بنية الحكاية الخرافية مما يجعل التسليم بهذه القرابة التي ال
نبدو اال في انظاهر :أمرا غير مباح ٠٠٠
-٣٢-
الخارقة للعادة -تلك التي ال يمكننا على االطالق أن نعدها تصويرا
ال مغزى له مصدره الخيال فحسب ٠وتتد هذه المعتقدات االسطورية
كنما رجعنا بالزمن الى اوراء ،بل انها فيما يبدو كانت دكوز،المضرن
الوحيد القدم صور التأليف االدبي ٠ونحن نرى كيف ان هذه
انتاينات االدبية قد تكونت ارتجاال من السمو عن االشياء المادية
لكي تخلق حالة من االنسجام مع.الواقع ،وذلك حينما تهدف الى
نصوير قوى الطبيعة المروعة ، ،المليئة باالسرار ،كما أنها ال تحيدعن
تصوي ما هو بعيد عن االدراك ،وكذلك الشيء المزعج والشيء
البشع وهذه اآلداب القدييمة ال تكون اكثر مرونة اال حينما تناول
موضوع مشاهداتها أحواال غير معقدة من حياة الرعاة والصيادين
والمزارءين ،وكذلك حينما تصور أثر العادات االصيلة فى الشعوب ٠
ح:ى ادا ما تطورت هذه التقاليد البسيطة ،ونمت قوة االحساس
باالدب فحينئذ تتراجع المعتقدات االسطورية الى الوراء حاملة معها
عبير الزمن البعيد الذي يضعف من وضوح معالمها ،وان كان يسمو
بروعة الشعر ٠٠
-٣٣
االنسان حينما يرى حكايات خرافية عند زنوج « بورنو و بيتشاونن »
وهما شعب جوال عرف فى جنوب أفريقيا ،ترتبط ارتباطا ال يمكن
انكاره بالحكايات االلمانية ،فى الوقت الذي تستقل فيه هاتان
القبيلتان بخصائص مميزة فى حكاياتهما الخرافية ٠
وكان البحث كلما امتد بعدذلكفى خالل عشرات السنين منذ عهد
االخوين «جرم» اتضح أن االخوين أدركا على وجه التقريب كل
المسائل المهمة التي تختص بالحكايات الخرافية من خالل ابحاثهما ،بل
انهما حاوال االجابة عن بعضها ٠والواقع اتا ما نزال نلمس في غصرنا
الحاضر أثراء االخوين «جرم» فى ابحاث الحكاية الخرافية ٠ونحن
نود أن نلخص اهم آرائهما فيما يلي :
-٣٤-
وقد كان لكل رأي من هذه اآلراء النظرية أثره البالغ فى السنوات
التالية لظهورها ٠بل ان اثر هذه اآلراء ما نزال نلمسه حتى اليوم ٠
على ان بعض الباحثين قد تعقب هذه اآلراء فيما بعد ،فتبين له خطأ
بعضها ،فى حين أنه اعترف بان بعضها اآلخر قد احتفظ بجدة ال نظير
لها عبر السنين ،فكثيرا ما يحاول االنسان حتى اليوم ان نقب في
ابحاثهما عن رد لبعض المسائل المهمة ٠
والول مرة أصيبت أعمال « جرم » بهزة تتيجة لما كتبه دارس
االدب السنسكريتي « تيودوربنفى >) Theodor Benfeyتحت عنوان
« بنتشاتنترا» ٠ففيعام ١٨٥٩قام «بنفى» بنشر ترجمة كتاب هندي
تضمن حكايات خرافية وحكايات عن الحيوان ،كما قدم فى جزء
خاص أفرده للتعليقات ،بيانا دقيقا عن طبعات هذا الكتاب وترجماته
كما فدم معلومات عن أصل الحكايات التي تضمنها الكتاب ومصيرها
بعد أن اعيدت رواتها ٠
لقد كان «بنفى» يرى ان الموطن االصلي للحكايات الخرافية جيعها
٣٥
« فيما عدا الفابوال( )١التي اتخذت من بالد االغريق موطنا لها »
هو بالد المند ٠هذه الحكايات الخرافية كانت فى االصل حكايات
بوذية تحكى الغراض تعليمية ،ثم اتتشرت فى أوريا فى شكل روايات
مدونة قبل كل شيء ،اما بواسطة العرب عنطريق البيزنطيين ،واما
فى شكل روايات شفوية مباشرة عن طريق المغول وشعوب شرق
اوربا ٠وربما إتخذت فى قصص «بوكاشيو» وحكايات «ستراباروال»
الخرافية فى أوربا مستقرا لها ٠
- ١الغابوال هى الحكاية 1لتي تخلع على اسنات الطبيعية وبخاصة الحيوان خصائص
بشرية ٠راعزبهع)
م -٣٦
هدف البحث العلمي لم تحقق اال فى نطأق ضيق ٠
ولم بكن لهذه اللريقة فى التفسي سوى طابع وقتي ،وهي مد
تعد بحق ملغاة منذ عشرات السنين ٠حقا انا نعرف من خالل طقوس
الشعوب البدائية الكثيرة كيف كانت المقدرة قوية على التجريد وعلى
التفكير الرمزي لدى االنسان القديم ،بل ربما كانت هذه المقدرة
اقوى من ان يتصورها عصر التفكير المنطقي ،ومع هذا فاتا كثيرا ما
نعجز عن استكشاف معنى الرمز ومحتواه الخاص فى شعائر انشعوب
القديمة ٠وبمقدار ما تاح لنا فى هذا المجال من المقارنة يين التصورات
واالساطير والعقائد لدى ما يسمى بالشعوب البدائية ،تبين تا ان
مغزى اسكابان الخرافية ال قتصر مطلقا على الشفق وشروق الشمس
وغروبها ،والليل والظالم ٠
على أن السؤال ما يرال قائما ،عما اذا كانت االشياء المتشابهة فى
الحنارات المختلفة ،يتحتم أن ترتبط بحت بعضها ببعض ،او الى اي
حد يكون التشابه بين التصورات أو بين االساطير دون ان تكون بينها
صنة تاريخية مباشرة تذكر ٠وقد اشار بعض الباحثين االنجليز اسى
هذا االحتمال ،فى مقدمتمم « أ ٠ب تيلور» * 1000و «أندروالنج»
االسكتلندي ٠
اما « تيلور » فقد بحث فى مؤلفه الرئيسي « الحضارة البدائية »
أصول انحضارة واللغة والعادات والعقيدة فى العالم أجمع ٠ويقدم
كتابه هذا باالخص فى مجال علم تأرخ االديان وعلم االجناس البشرية
وكذلك فى نواحي علمية أخرى مادة وفيرة ال نظير لها ٠وقد استطاع
«تيلور» ان يبين أن هناك تشابها شير الدهشة ين التصورات الدنية
القديمة عند مكان أفريقيا واستراليا وسكان آسيا القدماء وسكان
االمريكتين وعند !السكيمو وسكان الجزر الجنوبية ٠وليس من الممكن
بأي حال من االحوال أن تكون هذه الشعوب قد أثر بعضها فى بعض
نأثيرا متبادال ،ومع ذلك فان آرائهم تتفق تماما أو تتشابه فيما يختص
بطبيعة المرض والصحة ،والنوم والحلم ،وفيما يختص بالحياةالخالدة
٣٨-
بعد الموت ،ثم فيما يختص بألحيوافات والطبيعة الصامتة .واكثر من
هدا اثارة للدهشة أن الكثير من معتقدات شعوب الحضارة يرجع الى
التع.ورات القديمة والتصورات البدائية ،بل ان هذه التصورات
البداثية ما تزال تعيش بكل تفصيالتها فى العقيدة الشعبية المعأصرة ،
وفى !لوساوس والتقاليد وفيما « يحدث تلقائيا » أو فيما هو
باعث على الخوف كذلك ٠
ثم سار العالمالفرنسي « بيدييه» Bedierبالبحث فى هذا االتجاه
فدما ،وذلك فى كتابه عن « الفابوال» Le Fabliauxالذي يعرض فيه
نظرية تعدد أنواع الحكاية الخرافية ٠وملخص هذه النظية انه كما
نمو نبات متماثل فى جميع انحاء العالم فى االحوال الجغرافية والجوية
التشابهة كذلك تظهر فى الظروف الروحية المتماثلة صور متماثلة للنشاط
الروحي ٠وعلى ذلك فمن الممكن ان تظهر الحكايات الخرافية في
شكل متال ف جيع أنحاء العاله .
Hans Naumann هذأ الرأي وجد من يمثله فى ألمانيا وهو «هانز ناو من»
وقد اعتمد «هانز» على ابحاث « تايلور » و بيديه » ،كما اعتمد
على أبحاث آل وليم فوندتس» فى سيكلوجية الشعوب ٠على انه تأثر
أكثر من كل ذلك بدراسة الباحث الفرنسي « ليفى برول» التي تحمل
عنوان آل تفكير الشعوب الفطرية » ولسنا فى حاجة الن نخوض فى
أبحاث آل ناومن » فيما يختص بالنتاج الشعبي بوصفه
« تتاجا حضاريا مغمورا» ،وفيما يختص بحضارة الجماعات البدائية
بوصفها حضارة معارضة للحضارات الراقية ،تلك الحضارات التي
تطورت الى الفردية والى االحساس تفاوت االفراد ٠أما فيما يختص
بالحكاية الخرافية فقد عبر عن رأيه فيها فيما يلي :
-٣٩
البعض األخر _أن تنشا صور متشاهة فى المجالين المادي والروحي
على السواء ٠ان االنسان اليوم لم يعد يتمسك باحد االحتمالين دون
األخر بوصفه المبدأ االساسي ،اعني مبدأي هجرة االداب الشعبية
واعتماد بعضها على بعض ،او استقاللها ،اذ انه من الممكن نكال
االختمالين أن يقفا بصفة أساسية جنبا الى جنب مع اآلخر ،بل انه
فى بعض االحيان قد يتفاعل اثرهما معا ٠٠ثم ان االفكار الدينية ال
تجد مجاال للظهور فى الطقوس فحسب ،بلفى الحكايات الخرافية
والشعبية كذلك ٠فاذا تضمنت الحكايات الخرافية والشعبية هذا
الموفوع الديني ،فاتنا نميل الن نطلق عليها بكل ارتياح « أساطير
األلهة » ٠حقا ان أسطورة اآللهة والحكايات الخرافية والحكاية
الشعيية والحكاية البطولية يقترب بعضها من البعض االخر بحيث
تداخل كلها ضمن اطار واحد ٠وهي وأن لم تكن دائما بالغة في القدم
اال انها فى أخص مالمحها كثيرا ما تمثل تتاجا من حكايات االنان
البدائي غاية فى البدائية ،ويتميز بعضها عن بعض بصفة أساسية فى
أسنوب تحديدها للزمان او المكان وكذلك للشخصيات االنسانية او
التاريخية أو االلهية ،وف طريقة هذا التحديد » ١٠يحخ
واذا شئنا أن نصوغ رأي ه ناومن» صياغة اخرى فانتا نقول :
انه ليس من السهل المحتم ان تكون الحكايات الخرافية ممثلة لعصر
قديم بن نغ فى القدم ،وانما يكفي أن تكون موضوعاتها قديمة ٠ذلك
النه من الممكن للموضوع القديم ان يتسرب الى حكاية خرافية فى
عصر مناخر نسييا ٠فالبدائية ليست مرحلة زمنية قابلة للتحديدالزمني
كمأ انها ليست خاصية لهذه الحضارة او تلك ،وانما من الممكن فهمها
بوصفها حالة عقلية أو روحية ،تتمثل فى صورة ما فى كل مكان وزمان٠
ومن هذا المجال الفكري تستمد الحكاية الخرافية تصوراتها دائما
أبدا ٠
ونود اآل أن نسوق مثاال نوضح به اهم التصورات البدائية فى
الحكاية الخرافية وفقا لكل من أبحاث « جرم» وأبحاث علماء االساطير
ومؤرخي االديان واالجناس البشرية ٠وقد اخترنا لذلك حكاية
« الوردة انشائكة » ،ذلك الن هذه الحكاية بالذات قامت حولها
بصفة حاصة محاوالت مختلفة لتفسيرها ٠
:كاب آيسلندة القيمة وقد عفر عليه مخطوطا .وهو يرجع الى - ٢أدا Edda
القرنين الثالث عشروالرابع عشرويتضمن اساطي وحكايات خرانية لسعان
بالد الشمل والثعوب المجرمانية ( ٠المترجمة»
>٢-
هي التي حاولت القضاء على (الوردداكاتكة) التي كانت قد استيقظت
ونزوجت ٠على ان هذه الخاتمة نجدها فى مجموعة « بنتاميروني»
« لبرزيلس » ٠ولما كانت حكايات هذا الكتاب تعتمد فى أغلبها عدى
الحكايأت الخرافية الهندية ،فان حكاية « الوردة الشائكة» تعتمد
بالتالي على أصل هندي ٠واذا كان هناك من ترجيح أكبر الفتراض
االصن الهندي للحكايات الخرافية اكثر مما تدلنا عليه ة حكاية الوردة
الشاثكة » عند « بازيلس » ( وتسمى البطلة فى حكاته «تاليا»)
فمن الممكن انتدلنا عليه حكاية فرنسية اتشرت فى القرن الرابععشر ،
نذكرنا فى كثير من تفصيالتها بحكاية خرافية هندية ما تزال تحكى
حتى اليوم ٠
ثم أشار أحد اتباع المدرسة االتروبولوجية التي ابسها « نيلور»
و «النج» وكذلك « هانزناومن » الى ان الموضوعات فى مثل حكاية
« الوردة الشائكة » تظهر في حكايات العالم اجمع :فائجنية الحقود
أو المرأة الحقود وتشترك معها فى ذلك زوجة االب الشريرة التي
وهبت القدرة على انزال اللعنة باالخرين — موضوع كثير االتتشار ٠
وبألمث فان موضوع النوم السحري ،قد اتشر فى الحكايات االغريقية
القديمة وفى حكايات بلدان الشرق كما اتشر فى الحكاات البدائية ٠
وكذلك يمكن مقارنة االشياء التي تترك سهوا والمغزل الملعون باالشياء
التي تترك سهو ١وتكوذ مؤدية الى الهالك ٠وفى هذا المعنى قدم
ه جيمس فريزر » ( James Frazerالذي يقترب من دراساته من تيلور
والنجم) في عمله الكبي « الغصن الذهبي» عددا وفيرا من االمثلة
وفي العموم فان هذا يعني ان موضوعات « حكاية الوردة
الشائكة » واسعة االتشار ،بل ربما كانت تنتشر فى جميع أنحاء
العالم ،كما يعني ان الحكاية الخرافية ربما نشات فى جميع انحاء العالم
او على االقل فى كثير من البقاع ،وليس من المحتم ان تنشا
فى مكبان واحد بعينه ٠
واذا نحن اجلنا االن كل فظرية من نظريات « جرم» و
- )٣ -
و بنفى » وعلماء االنثروبولوجيا فاننا نجدها موضع جدال ٠حقا ان
العالقة بين الحكاية الخرافية واالسطورة بما فى ذلك اساطير البالد
الشمالية ،ال يمكن انكارها ،وكل ما فى االمر ان هذه العالقة من
الصعب نحديدها ،وربما كانت ابعد من نحديد االخوين « جرم » لها،
حينما اعتبرا الحكاية الخرافية وليدة االسطورة ،وهذا ما سنبحثه
بعمق فى فصل آخر ٠ولم يعد هناك مجال النكار أن الهند كانت منذ
زمن بعيد موطنا لكثير من هذه الحكايات قد اتتقل حقا الى الغرب ،
ولكمن تتيجة هذا إنبحث ال يمكن ان تمثل ما كان «بنفى» يطمح اليه٠
ويتتم علينا اليوم أن تنظر الى الهند بوصفها بالد ندين لها بالكثيرمن
ثروة حكايتنا الخرافية ،ولكنها لم تكن سوى مركز تطوير لها ،فى
وسعنا أن تتعرف سواه ٠فال يمكننا اليوم على سبيل المثال انتتجاهل
باي حال من االحوال ما للحكايات الخرافية الكلتية من أهمية حتى
اليوم ٠ثم اتنا نعرف كذلك ان ثروة العرب من الحكايات الخرافية
و وة المصرين وشعوب الحضارات القديمة فى منطقة البحر االييض
كان لها أثرها فى تزاثنا من الحكايات الخرافية ٠
وأخيرا فانه يتحتم علينا حقا فيما يختص با راء إلباحثين
االتثروبولوجيين أن نسلم كذلك بان الكثير من موضوعات الحكايات
الخرافية ترجع الى تصورات دينية ،وان هذه الموضوعات اتتشرت فى
جميع أنحاء العالم على وجه التقرمب ٠على انه من جهة اخرى يجب
ان نضع فى اعتبارنا ان حكاياتنا الخرافية ال تتالف اعتباطا من مجموعة
من الموضوعات رصت بجانب بعضها البعض ،وانما تقف وراء هذه
الموضوعات قوة قادرة على التشكيل ،استطاعت ان كون الحكاية
الحرانية وفقا لقوانين محددة بحيث ال يكون فى وسع االنسان أنيحل
موضوعا عن عمد محل آخر ٠وهذا ال يعني انا ننكر قيام بعض
الموضوعات فى البلدان المختلفة مستقال بعضها عن بعض تماماالستقالل،
كمأ أننا ال ننكر أن مجموعة من الموضوعات البسيطة قد تنشا عن تلك
« الموضوعات القديمة » ،ولكنه يندر ان تألف من مجموعة مثن
- ٤٤ -
هذه الموضوعات شكل معقد كما هو الحال فى القدر االكبر من
حكاياتنا ٠حقا ان هناك بعض الحكايات إلتي ترتكز على تصور مفرد
ألمن التصورات القديمة مثن « الضفدع » عن االخوين « جرم »
( انظر مجموعة االطفال وحكايات البيوت رقم ٠ ) ١٥٠وتحكى هذه
الحكاية ان الطفل الذي كان قد اعتاد أن يطعم ضفدعا كان البد له أن
يموت بمجرد ان يموت الضفدع ٠ذلك الن عذا الضفدع تتقصمهروح
الففل !لذي كان يقدم له الطعام ،فحينما مات الضفدع الذي نتمي
اليه الطفل بصلة روحية كان ال بد للطفل من أن يموت كذلك ٠وهذا
نوع من تصور مذهب الروحانيين Animismالذي ينتثر بين شعوب
عديدة والذي قد يؤدي الى ظهور حكايات متشابهة ٠فما ان تتالف
الحكابة الخرافية من أجزاء أكثر تعقيدا ينتظم بعضها بجانب بعض
حتى تضاءل احتمال نشاتها المستقلة ٠على انه كثيرا ما يحدث حتى
اليوم انتا ال فلتفت بثكل كاف الى حقيقةان الحكاية الخرافية يست
شينا بسيطا ،بل صورة مركبة من كثي من التفصيالت نًا
ا -تحكسى عذه الحكاية عن زوجة اب حقود عذبت هي وبنتاها ابنة زوجما واطلق عليها
اسم ( وعام الرماد ) لقذارتها ٠وكثم! ما كانت عذه النتاة البائسة قبعي على
قبر امهها الذي نبتت عنده شجرة تسكنها طيور رقيقة القلب ٠وكثيرا ما كائت
الشجرة والطيور تعطغع على ألبنت حتى تزوجت لي النهاية يابن الملك ٠ثم كان
ان تترت الطيور عيون االختين الحقودينجزاء ما ارتكبتاه من قسوة ! ( ٠لمترجمة )
-٤٦
وهذا مثال لذلك:
-٤٧-
نجد مخرجا من هذا اذا قلنا ان للموضوع مالمح أولية رئيسية ومالمح
ثانوية او فرعية ٠وربما كان الملمح االساسي يتمثل فى أن روح المارد
نختفي فى شيء ما ،وفى حتمية موته اذا ما حطم هذا الشيء الذي
تختفي فيه روحه ٠أما الملمح الثانوي فيتمثل فى كون هذا اشيء
بيضة أو وعاء او آنية ،وكذلك فى كون الييضة تهشم او فى ان يقذف
رأس المارد بوعاء فيتحطم ٠
هنا تبدو اذن ضرورة تجريد الموضوع تفسه ،فنستبعد اوال
التفريعات العارضة ،ومن ثم يمكن للبحث ان يسير قدما ٠
انا لم نعن نقبل ان مجموعة من الموضوعات قد نشات او ألفت فى
عص من العصور ثم أضيف بعضها الى بعض فيما بعد عن قصد ٠حقا
ان بعض الموضوعات كثيرا ما تبدومختلطة بموضوعات اخرى محددة،
ويجوز لنا ان نعقب على ذلك ٠بأنها كانت
دائما مرتبطة بعضها بالبعض االخر ،وأنها كانت حقا هكذا
متزاحمة في الحكاية القديمة ٠فكيف يمكننا اذن ان تتصور ان هذه
الموضوعات قد نشأت ذات مرة « لذاتها » ان هذا يمكن ان يحدث
في شكل حكاية قصيرة ذات موضوع واحد ٠على انه يمكنناان نالحظ
ان التصورات الدينية تنعكس فى الحكاية الخرافية ٠ومثال ذلك ان
الروح ألخذ شكل افعى او فأر يسكن في جسد انسان ٠وكثيرا ما
يكون في هذا اشارة الى مذهب العقيدة الروحاية ٠اما ان تزحف
الروح في شكلهأ هذامن فم الهائم على وجهه حينما ينام ثم تعيش
تجارب غريبة ،ويعتقد النائم حينما يستيقظ انهكان يرى رؤيا ،فهذا
ليس من قبيل تصورات هذا المذهب ،وانما هي عندئذ حكاية مقفلة
على ذاتها ٠ونود بذلك ان تقول :انه من الممكن انتجد عامةالتصورات
وكذلك الحقائق الدينية االساسية فى كل العصور مستقرا لها في
انحكاية الخرافية ،على انه ال تكون تتيجة ذلك موضوع واحد مجرد
وانما تتكون حكاية مكتملة في ذاتها ٠وبناء على ذلك تحتم علينا
منذ لبداية اال ننظر الى الموضوع منفصال ،وانما يحتم علينا اذ ننظر
إلى الحكاية الخرافية في صورتها االصلية ،اذ من الممكن لمثل هذه
-٤٨-
الموضوعات ان تنفصل عن الحكاية االصلية وتتصل بحكايات اخرى
اتصاال جديدا ٠
من الضروري اذن لدراسة حكاية خرافية العثور على الحكاية
في شكلها االصلي ٠ولكي نصل الى ذلك ال بد للبحث من ان تشعب
في طرق مختلفة ٠
اما الباحث الفرنمي « بيديه» Bedierالذي سبق أن عرضنا
رأيه في تعدد اصول الحكاية الخرافية ،فقد حاول ان يصل الى الشكل
لالصلي للحكاية الخرافية عن طريق مقارنة جميع رواياتها المختلفة ،
مستخلصا من ذلك المالمح المشتركة بين هذه الروايات ٠
وهذه المالمح في مجموعها تكون من وجهة نظره الصورة العامة
للحكاية ،ولكنها في عمومها ال تكون موضوعا محددا ،وال يتكون
هذا الموضوع اال فيما بعد بواسطة قاص نضفي عليه صبغة خاصة ،
وربما اخطأ هذا القاص الطريق الى االصل بأنوانه الخاصة ٠واذا
كانت هذه المالمح ,في نظر « بيدييه » -مجردة جوفاء غير حية،
فان الحكاية الخرافية بوصفها كال هي الشىء الحي ٠انها ترتبطدائما
بالقاص ،والقاص ال يروي شكال جامدا وانما يحاول ان يروي حكاية
كاملة ذات بداية ونهاية ٠
أما الباحث « فردريك بانسر )) Fredrich Panzerفيقف الى حد كيي
على طرف النقيض من منهج«بيديه» ،فقد حاولبدوره ان يجمع الروايات
المخنلفة للحكاية إلواحدة ،ثم اجتهد بعد ذلك فى أن يستخلص منها
قدر االمكان شكال متكامال تضمن كل الموضوعات المهمة فى مختلف
هذه ااروايات ٠وبعد ذلك تكون الروايات المتاخرة فى كثير او قليل
صورا هزيلة من الصورة االولى لالصل القديم ٠و فيما يلي الطريق
الذي اتبعه «بانسر» للحصول على هذه الصورة القديمة ،يقول :
« ستبعد فى مثل هذه المحاولة وفقا لالمور الطبيعية ما يبدوللعيان
انه دخيل على االص من ذكريات ال تناسب زمنها ٠وكل ما شبت بعد
هذه النظرة المقارنة منطقيا ( فى حدود مفهوم الحرية الخرافية ومنطقها
بطبيعة انحال ) وما تثبت جودته ،أما ما تبقى بعد ذلك متفقا فىجميع
--٩
الروايان فانه يكون محل بحث الباحث بوصفه أصل الحكاية
الخرافية
اما اكثر امناهج اصالة فقد اختطه عدد من العلماء الفنلديين ،
ونخ بالذكر منهم « كارل كرون» « ، Kaarle Krohnوأتى
اللذين انضم اليهما فيما بعد علماء من بلدان آرااي» ٢٧م!71
اعالم أجمع ٠حقا لقد توصل علماء من البلدان االخرى مثل « أكسل
اولريك» Axel Olrikفى الدانمرك ،و« جستوز بساريس »
، Gaston Parisو «ايمانويل كوسكين» Emmanuel Cosquinفي
فرنسا ،و« ارنست كون»مطكم ،Ernstو « وليم هرتى»سس..
Hertzو « راين هولد كولر» Kohlerه8310001و « يوهانز
بولته» Bolte 5ء50*8200فيالمانيا،توصلواخالل فترةطويلةمن التفكير
المستأني ،الى طرق متشابهة في البحث كتلك التي اختطها العلماء
الفنكنديون ٠
وقد عمل هذا المنهج بدوره قدر االمكان على نشر النصوص
المختلفة للحكاية الواحدة التي تحكى في مختلف بالد العالم ٠وقد
استعان العلماء فى ذلك بالمصادر المطبوعة والمخطوطة كما استعانوا
بالفهارس التي دونت موضوعات الحكايات الخرافية ٠وعليه فقد
عرضوا بعد مقارنات طويلة شاقة للغاية ،الروايات المختلفة للحكاية
الواحدة ،كما بينوا العالقة يين الروايات المختلفة التي تقف مستقلة
او تلك التي تنضم مع غيرها في مجموعة من الحكايات ٠ثم حاولوا
عن طريق تحديد البقاع التي نشأت فيها الروايات المختلفة ان يهتدوا
الى الطريق الذي سارت فيه الحكاية الخرافية في طريق اتتشارها ،
كما حاولوا أن يهتدوا -بمعاونة االبحاث الجغرافية الموثوق بها
الى أصل الحكاية الخرافية عن طريق مقارنة االشكال المحورة عن
االصل م وبهذا يكون قد تحدد هذا االصل جغرافيا ،وبقدر االمكان
تاريخيا والصعوبة انتي يواجهها هذا المنهج هي ضرورة استخدامه
للمأدة المكتوبة الى جانب ضرورة استخدامه للمادة الشفوية المميزة ٠
أما التراث الذي ينتقل شفاها فيخضع لقوانين اخرى غير تلك التي
تخضع لها المادة المكتوبة ٠وفضال عن هذا فان البحث طبقا لنهج
المدرسة الفلندية ليس من الميسر تحقيقه اال اذا كان في متناول ايدي
الباحثين أكبر عدد ممكن الروايات المختلفة للحكاية الخرافية ٠وقد
سلم للباحثين جمع الحكايات انخرافية جمعا دقيقا قدر المستطاع في
جميع أحاء ائبالد وجعلوها فى متناول العلم ٠ومع ذلك فليس في
استالعة أي باحث فى هذا الميدان أذ يفحع كل دليل وكل مجموعةمن
مجموعات الحكايات الخرافية بما فيها من مائت االالف من الحكايات
انخ افية برواياتها المختلفة ،اذ يكفي أن تحول الصعوبات اللغوية
دون ذأك ٠ولذلك فقد اتضحت ضرورة تصنيف ثروة الحكايات
الحرافية فى البلد الواحد والعمل على نشر هذا التصنيف فى لغة يسه
قرأءتها ٠وقد افترض الباحثون لذلك نظاما أساسيا تخضع لهحكايات
الشعوب جميعها ،أي انهم وضعوا خطة واحدة لتصنيف ٠والوصول
الى هدا الهدف اكتشف « اتي ارني » نظاما للتدوين توسع فيه
« ومسون» Thompson 110310فيما بعد ٠وفى هذا النظام من
انتدوين رتبت انماط الحكايات الشعبية الممثلة الوربا وفقا لمنهجقوم،
على ان هذا التدوين تبين عدم صالحيته في تحقيق اغراض اخرى
باالخص فى البحث الدقيق عن موضوعات الحكاات الخرافية ٠ولذلك
فقد ونع العالم االمريكي « تومسون» بعد عمل شاق مضن دليال
لموخرعات الحكايات الخرافية ٠وقد ظهرت الطبعة الثانية فى صورة
غاية فى الشمول واالكتمال ٠وقد رتبت فيه الموضوعات وفقالالغراض
انتي امكن الوصول اليها تتيجة فحص مادة هائلة من الحكايات
نلخرافية واالساطير وحكايات اآللهة والفابوالت ٠وبذلك سهل نظام
التدوين الذي وضعه «اتي ارني» ودليل الموضوعات الذي وضعه
« ست تومسون» سهل كالهما العمل المقارن التطبيقي فى الحكايات
الخرافية تسهيال حقيقيا ،وان لم يمكنا من استخدام هذه المقارنة فى
نطاق واسع ٠ثم ان فهارس حكايات بعض البلدان مثل رومانياواسلندا
واسبايا ولتوانيا وهولندة التي صنفت وفقا لمنهجهما قد تبين انها اداة
نافعة غاية فى القيمة ٠
- ٥١ ٠
انظار الباحثين ،إذ بنا نجد بلدا آخر لم يصل الى مثل هذا المستوى من
النشاط فى التجمع او فى مجرد التصنيف ٠على ان هذا المنهج لميذكر
بدوره شيائ عن قيمة الروايات المختلفة وكميتها ٠فاذا ادركنا الى
جان مذا ان نسبة ضئيلة من الروايات المختلفة فى منطقة ما من الممكن
ان تغير صورة هذا البحث تغييرا كامال ،يكون من السهل ادراك انه
ليس فى وسع هذه المدرسة الجغرافية التاريخية ان تقدم تتيجة مؤكدة
بحال من االحوال في جميع الظروف ٠
وعلى هذا ففي الوقت الذي يرى فيه « الوتس ماكينسن »
Lutz Mackensenان منطقة الفالندر هي الوطن االول لحكاية
« العظام الموسيقية» الخرافة الشهيرة يرى « كارل كرون » Kaarhe
Krohnان هذه الحكاية نفسها لها صورة اخرى قديمة ومن ثم
فان لها وطنا آخر هو الهند م
ان الصورة االصلية ال يمكن الوصول اليها اال اذا كانت هذه
الصورة اصيلة ترتكز فى تكوينها على قوانين معينة واسس منطقية ،
االمر انذي لم يحدث بالنسبة للحكايات الخرافية البدائية التي يتمثل
ومع هذا فان المنهج الجغرافى التاريخي قد اثار بعض االعتراض ٠
وقد سبق ان ذكرنا ان البحث ال يكون ميسرا اال حينما نكون هناك
روايأت عدة انماذج الحكايات الخرافية ٠ولكن لما كانت مجموعات
الحكايات الخرافية للبلدان المختلفة غاية في االختالف ،فان البحث
حيننذ يواجه مشكلة عدم التكافؤ ٠قفي حين نجد منطقة نشطت فيها
عملية التجمع بحيث اصبحت تستحوذ على روايات مدونة غنية تلفت
فيها الموفوع اثر االخر دون تطور كما سنبين فيما بعد ٠وعلى هذا
فان المنهج الفلندي ال يمكن االستفادة منه في دراسة الحكايات
انخرافية البدائية اال بعد تعديله ٠
وهناكصعوبات اخرىتواجهها المدرسة الفنلندية فى اختمال ان الحكاية
الخرافية ليست ممتدة كالموجة في اتشارها من شعب الخر ٠فقد
تجتأز الحكاة الخرافية مسافات شاسعة فى اتتقالها وتستقر فى منالق
تتفصل عن بعضها البعض تماما ،وال تجد غير ذلك مستقرلها فيما
-٥٢
بين هذه المناطق ٠على أن مثل هذا القفز من جانب الحكاية الخرافيه
محتمل .بكل تأكيد ٠والمدرسة الفنلندية -فيما يبدو لنا -لم تلتفت
الى اهمية قاصي الحكايات الخرافية االقليال فالرواية الشفوية للحكايات
الخرافية ال تتآثر بالكتلة الشعبية غير المعروفة اال بمدار ضئيل ،وانما
الغالب انها تتأثر بافراد القصاصين الموهوبين ،ففي وسع انحكاية
انخرافية ان تنتشر فى بالد كثيرة حتى فى تلك انتي تتكلم لغه غير غة
الحكاية االصيلة وذلك عنطريق القصاصين والصبية المتجولة من العمال
وعن طريق المغنين الشعييين والجنود والبحارة ٠
-٥٣-
اما الحك:ات العربية الخرافية فيتمثل فيها على االغلب طابع البناء
،وأما ما تتضمنه مجموعة الف ليلة وليلة أو المجموعات |س
العرية االخرى من حكايات السحر ،فإما ان يكون من اصل فارسي،
ومن ثم هندوجرماني ،واما أن يكون قد اتتقل اليها عن طريق الفرس.
فاذا استبعدنا مسألة هجرة الحكايات الخرافية ( أو لم نسلم بها اا
بصفة ا.تثنائية ،حيث ان سيدوف نفسه لم ينكرها كل االنكار ) فان
اتشابه الكبير بين الحكايات الخرافية عند الشعوب الهندوجرماية
المختلفة يرجع الى القرابة الورائية بين هذه الشعوب ٠فكل من
هذه الحكاياتالخرافية نشات فى عصرلم تكن فيه شعوبالهندوجرمانية
قد انفصل بعضها عن البعض اآلخر بعد ،كما اتخذت فى كل بلد على
حدة شكال خاصا وطابعا اقليميا ٠فاذا امعنا النظر فى روايات الحكايات
الخرافية المختلفة عند كل من الشعوب االوربية واآلسيوية المتجاورة
ذات االصل الهندوجرماني ،فربما وجدنا االختالف حاد بصفة خاصة.
ولكن كيف تبرز الحكاية الخرافية هذا التغير الكبير في اجتيازها مثل
هذه الحدود اللغوية كما حدث فى هجرة الحكايات الخرافية الرومانية
الى المنطقة الجرمانية أو العكس ٠ 7ان تفسير ذلك يمكن ان يرجععلى
االغلب الى ان الثعوب انهندوجرمانية االسيوية كانت فى سالف
الزمن منفصلة عن انشعوب الهندوجرمانية االورية ،اكثر من اتفصال
الشعوب الهندوجرمانية االوريية بعضها عن بعض ٠
على أن هذا البحث يحتوي فى حد ذاته على قيمة كبيرة ،وقدنوقش
منذ زمن نقاشا مليائ بالحيوية ،وان لم يتمكن من دحض كل وجوه
االعتراض التي ثارت ضده ٠فبمقارنة الحكايات الهندوجرمانية عند
شعبي الهند والكلت مثال تبين ان وجوه االختالف اكبر مما هي عليه
بين الحكايات الهندية والعربية -اي السامية ٠وترتب على ذلك انه
اذا كانت الحكايات الخرافية تصل الى ماضي الشعوب ا لهندوجرما نية
المثترك ،فمن المحتم اذن انها قد ظهرت فى العصر الحجري الجديد ٠
على اننا ال نعرف الشكل الذي كانت عليه الحكاية الخرافية فى هذا
العصر ،كما ال نعرف ما اذا كانت قد وجدت أصال فىهذا العصر ،
٤-ح-
فاننا ال نستطيع ان نقطع بكلمة في هذا االمر ٠ونحن نعرف ان أمثال
حكايان السحر هذه ظهرت فى صور مستقلة كذلك خارج نطاق
الشعوب الهندوجرمانية ٠وأشهر هذه الحكايات التي نعرفها اخكاية
المصرية القديمة التي تحمل عنواذ « االخوين» وهي قرجع الى حوالى
سنه ١٢٥٠ق٠م ،كما أنها تشبه الحكايات التي كانت تروى قبل ذلك
بقليل فى منطقة البحر االسود شبها شير الدهشة ٠ويرى « سيدوف»
ان الحكاية المصرية تألفتمن مزيج من حكايتين اقليميتين ٠ومن ال محتمل
أن تكون هذه الصورة انجديدة التي نتجت من اندماج الحكايتين
االخرين قد اتتقلت الى مصر عن طريق سورا ٠
ومن هذا تبرز مشكلة جوهرية ٠فاذا كانت حكاية السحر
الخرافية ٠كما ادعى «سيدوف» -ملكا للهندوجرمانيين ،فان ذلك
يعني انها تعبر عن اهم خصائصهم ٠ومع ذلك فقد اتقلت الحكايات
الهندوجرماية الى العرب عن طرق الفرس ،كما اتتقلت الحكاة فى
عصر مبكر الى المصين القدماء ،الذين تقبلوها بطريقة جعلتهميربطون
فى اتحقيقة بينها وبين آلهتهم ٠وهنا نرى ان الحكاية الخرافية
الهندوجرمانية لم تتغلب على الحدود اللغوية فحسب ،وانما تغلبت
د كما يبدو لنا -على حدود حضارية لها طايعها المميز القوي ٠فاذا
كان قد حدث ان تمكنت الحكاية الخرافية على هذا النحو من اجتياز
مثل هذه الحدود ،فكيف ال يحق لها أن تنتقل كذلك من شعب
هندوجرماني الى آخر ٠1
أما الشيء الصحيح فى بحث «سيدوف» فهو نظرته فى ائخصائص
المحلية لنمط الحكاية الخرافية ،أي نظرية االنماط االقليمية ،وكذلك
رأيه فى أن الحكاية الخرافية ال تهاجر عبر الحدود الواسعة ،وانما يقوم
بنقنها القاصون ذوو المواهب العالية الذين يحتفظون بشكلها وان
ضتعوا لهاكذلك أشكاال أخرى عن طريق اكمالها او اضافة اشياء
لها او تغيير بنيتها ٠فاذا كانت وساطة افراد معدودين من القاصين
قد نجحت فى نقل الحكاية الخرافية كما نجحت فى نقلها الروايات
المدونة ،التي لعبت -رغمكل وجوه االعتراض -دورا مهمافي نقل
الحدايات منذ مائت السنين -ففي وسع الحكاية الخرافية بحق أنى
تجتر الحدود اللغويه والحضارية وتظل مع ذئك فى جوهرها هينفسءا٠
وبناء غليه فانهاال تتعرض -رغم هجرتها عبر المناطق الشاسعة —
انى شعف أو ذبول أو ما يعطل نموها ٠
-٥٦-
أو ابابلي ٠اما ان ئرى فى منطقة شرق البحر االبيض المتوسط مصدر
للحكايات الخرافية أو حكايات السحر فهذا غير معقول ٠ثم الذا ترجع
الحداية الخرافية فى أصل فلهورها الى المرحلة اازراعية وحدها ? ٠
فهناك مالمح آ كثر قدما بل واكثر تبكيرا بكثير من مالمح حياة الزراعة
تظهر فى الحكايات الخرافية مثل مالمح المذهب الروحي أو المدهب
نطولمي التي نصادفها فى تصورات اعصور الوسطى ٠واذا كانت
الحكأده الخرافية قد عرفت حقوق االم كما عرفت االحتفال بمرحلة
المراهقة والنضوج وتقاليد الزواج عند المزارعين فانه ليسمن الضروري
— من أجل هدا السبب — أن تتتمي بأي حال من االحوال الى
عصر المزارعين ٠
ولدلك يظل رأي « بويكارت » محختفظا بوجاهته ٠ذلك النه لم
يحاول ان يفر اتشار الحكاية اخرافية فحسب ،كما فعلت المدرسة
الفنكندية :ولكنه بحث كذلك عن أصلها ٠وقد رأى فى هذا ان
الحكايأت الخرافية مرتبطة بالحياة الدينية بجميع صورها ،ومرتبطة
با لعقيدة ٠
ا -تحكى عذه الحكاية عن قط انتعل حذاه طوله سبعة اميل ستطاع ان يعبر
به مساغات بعيدة لكي يوصل محبا الى محيويته ( ٠المترجمة)
-٥٧-
اآللهة تكاد ال تنفصل عن العقيدة ٠أما من فاحية المنهج فاذ عمل
« سنيتيف » يعد سطحيا وذلك النه ال تضمن قيمة استداللية
وفى السنوات االخيرة اهتم فرع من العلوم بالحكاية الخرافية
اهتماما بالغا ،وحاول أن يفسرها من وجوه عدة ٠ذلك هو علم
النفس •
فقد حاول كثير من علماء مدرسة آل سيجموند فرويد » أذ يفسروا
انحكاية الخرافية من وجهة نظر التحليل النفسي ٠ولمنا نعرف لهذه
المدرسةمال تضمن أية قيمة بالنسبة للبحث فى الحكايات الخرافية ،
ذلك ان كل الحكايات الخرافية تفسر من خالل التجارب الجنسية
وحدها ٠فالحكاية _ من وجهة نظرهم _ تعكس صورة الفزع من
الحيض أو من فض البكارة ،أو هي نعكس عقدة اوديب -تلك
الرغبة الالثعورية عند الشباب التي تدفعهم لقتل االب والزواج من
االم ٠فمن المعتاد تفسير الحكاية الخرافية بوصفها اداة الخفاء نجارب
سن المراهقة وخبراته م ٠
ولكن كيف يمكن أن ننشأ الحكاية الخرافية من هذه الموضوعات?
فى حكاية 8الموت المشكور » يقف المساعد المخلص الى جانب البطل
فى ليلة انزفاف ،يحفظه من االفاعي انتي تسكن جسم العروس ٠ونحن
وان كنا نجزم بأن هذه الحكاية تعكس االعتقاد فى خطورة فض
البكارة ٠اال أن هذه العقيدة لم تتسبب عن خوف شخصي أو عن
تجربة روحية ،وانما االرجح انها تتيجة تصور ان قوى االنسانتنطلق
مع أول اتصال للرجل بالمرأة ،ويتحتم على االنسان ان يمنعما من
االنطالق ٠ومن ثم فاذالكاهن او أي شخص غريب عند كثير من
شعوب الحضارات البدائية يأخذ على عاتقه عملية فض البكارة الخطرة ٠
ان الخوف الشخصي من عملية فض البكارة ،وكذلك تجارب فترة
الحلم التي كثيرا ما نرى المدرسة الفرويدوية ضرورة االعتماد عليها فى
قفسير الحكاية !لخرافية ،ليس من الممكن أن قتشكل هذه االشياه
في الحكاية الخرافية اال حينما يكون القاص مرأة ٠ذلك الن مثلهذه
- ٥٨ -
التجربة ال يمكن ان تتحقق اطالقا لدى الرجل ٠ولكن الثابت ان
القصاصين فى الشعوب البدائية بالذات كانوا غاببا من الرجال ٠
ثم اهتم «ذارل جوستاف يونج » وتالميذه زمنا طويال االساحير
والحكايات الخرافية ٠واليهم يرجع الفضل فى أنهم تجاوزوا بالتفسير
انفسي للحكايات "لخرأفية نطاق االبحاث الفرويدوية ذات ألجانب
انواحد ٠وقد اتهى «يونج» الى ان صور االمراض اتفسية انتيتفلهر
في انالثعور وفي االحالم او في الخياالت تبدو كانهأ تقابل االسالير
العديمة ٠وقد سمى «يونج» هذه االساطير الصور القدييمة او االنماط
الساسية ٠على أن «يونج» لم يفرق بين االساطير والحكاياتألخراعيه،
وان تاد هذا ال يضير البحث فى شيء ،الن كال اننمطين قرسب من
االخر ،وهما نطلقان معا من نفس البواعث ٠
٠ ٥٩ ٠
االنسان ال يستطيع اال أن يقبل قيام اصل روحي جمعى ها ٠وقد
اطلقت عنى هذه االمور الالشعورية عبارة آل االشعور الجمعي » ٠
ا -لنط اغريقي معشاه حامل المسيح ٠وهو لبقا لالسطورة ملرد حمل المسيع اللنل
عبر بحر واسع ٤ثم عمده المسيح الطل ٠وتحتل اسبة الكانوليكية يذكرى
حذا في الخامس والعشرين من دهر يرليه ٠عدا وقد تركمت عدم االسطوررة اثرها
في اعمل النهعت والتصرير ( ٠المترجمم
ثم يحدث بعد ذلك للطفل نوع من « التحضيض والتوضيح »
يصحبه ظهور مالمح عريقة في القدم على نطاق و١سعجد٧ئءا٠
اما مرحلة العالج التي تتبع ذلك فمي تقابل مرحلة االسطورة البطولية.
ج -٦١
الشائكة(• » )١
7ان بداية الموقف تعرض فى صورة غامضة شيائ ما ميالد البطلة
الخارق للعادة ،تلمك التي جاءت منحة من ضفدع ٠وقد ذكرت أنئى
جراد البحر في نص قديم بدال من الضفدع ٠هذا يمثل االم الكبرىفي
ثتكل حيواني ٠وهي تطابق (كذلك) الجنيات الثالث عشرة ٠ويينما
كان الطعام معدا الثتتي عشرةجنية فحسب فيوليمة التضحية التقليدية،
اذا بصحن ينقص الجنية الثالثة عشرة حل أي انه كان ينقص الجنية التي
لم يحسب لها حساب -تلكالشخصية الخارقة للعادة التي حرص
الشيء الجوهري على أن يكوذ متضمنا فيها كما هو فى ائالشعور »٠
أن الجنية الثالثة عشرة « تتلخص فيها االثنتا عشرة جنية االخرى ،فمي
بمثابة االساس الخاص والمبدأ االول لها ،أعني انها فى هذه الحالة
تمثل النموذج االصلي لالم ٠غير أن االوضاع انقلبت فصارت الجنية
انشاشةءشرة هي بعينها مبدأ الشر ٠٠٠٠وقد كان االب يعتقد انه من
الممكن المحافظة على ابنته بمحاولته االحتفاظ بها فى مرحلة الطفولة عن
طريق تحريمه المغازل ،أي العنصر المالزملالم الكبرى الذي ربماكان
بالنسبة للزوجة الناضجة رمزا لمصيرها م ولذلك فقد عاثت الفتاة
مستغرقة فى]لخإالت الالشعورية التي تبدو محلقة فى ائسماء ،وان
كانت هذه الخياالت فى الواقع قد اتتقلت بها الى العالم االخر ،الى
عالم السبات والنوم ،أي الى عالم الالشعور » ٠
هذه المحاولة فىتفسيرالحكايات الخرافية واالساطير اثارت بدورها بعض
٠ 1تحكى هذه لحكاية ان 1لملك والملكة كانا يتمنيان ان يرزقا يابنة ٠غلما رزقا يها بوعد
من ففدع اقام الملك حال كبير! دعا اليه ثالث عثرة جنية ٠غلما جلسن للطعاموجدت
الجئية الثالثة مثرة ان محنا ينتصها ،ال لم يكن الملك قد حسب حسابها ،لما
فرعن من الطعامتمنت كل منهن امنية طيية للتاة اال الثالثة عشرة التي تنبات لها
بانها مستموت نقيجة وخزة مغزل ٠ولما 1كتاب !لملك لهد ه النبرءة جاءته المجنيات
االخريات واخيرته بانها سوغ تروح ي سبات عميق ولكنها لن تموت ٠وحرم
الملك بعد للك عدى ان يحطم كل مغزل فيالبلدة ع ولكن مغزال ترك سموا ،هو
المغزل الذي وخز الشتاة التي راحت بسببه في سبات عميق حقى ايقظها االمع
الذي تزوجته بعد للك « ٠المترجمة)
-٦٢-
المالحظات ٠فهذا العملفي راينايتفقمعتفسيرعلماءاالساطير الطييعيين
فى أن كليهما الشير االهتام اال للوهلة االولى ٠ان تطرفهم فىالتركيز
في جانب واحد من البحث ،ومنهجهم انذي يثير كثيرامن التساؤل،
وما تبع هذا من تائج ،كل هذا تضح من خالل أمثلة وفيرة ٠ونود
أن نقدم الى جانب هذا بعض المالحظات المهمة ٠
-٦٣-
هذا االعتراض ؛غفل ان الحكاية الخرافية وان تكن تتألف من أجزاء
نموذجية ،اال ان كل رواية للحكاية الخرافية فى الصورة التي تظهر
فيها تعد شيائ فريدا يكسبه القاص دائما أبدا شكال جديدا ٠
أما فيما يختص باالبحاث الفلسفية ،فلم تقم فيها فى حدود ما نعلم
سوى محاوالت ضئيلة فى سبيل فهم طييعة الحكاية ائخرافية ،وأدق
)Arnulf ما ظهر من أبحاث فى هذا المجال ما كتبه ( أرنولف انسورجي
Ansorgeفى بحثين له لم ينشرا بعد ،احدهما عن ( الصورة العالمية
للحكاية الخرافية ) واالخر عن ( عالم الحكاية وعصر الزراعة ) ٠
لفد حاول -فيما يبدو لنا ٠أن يفهم بطريقة مجدة عالم الحكاية
انخ افبة فى تميزه ،كما حاول ان بربطه بأشياء سهلة االدراك من
أنناحية الفلسفية م
-٦٤-
حين تمثل القصة جانبا من جوانب الحياة ،فان حوادث الحكاية
:لخرافية ال تعيش اال فى اطارها ،فهي لها عالم خاص وهي تعيش فى
مجال خاص بها ٠
ولقد حاول يولس أن يفسر خصيصة الشكل المسمى « بالحكاة
الخرافية » فالحكاية الخرافية تمثل « مضمونا ساذجا » ،وهي توضح
(المور دما يجب أن تكون فى الحياة ٠انها تصور كل ما هو عجيب
ال بوعفه امرا عجيبا ولكن بوصفه امرا طبيعيا ٠وهي
ال تعتمد في شكلها الخالص على التاريخ ،كما ان
شخوصها لها ذلك الوجود غير المحدود « ،الذي تتحطم لدييه
الحتيقة غير االخالقية » ٠
اآل لقد رأى «لوتي» ان الشخصية الميزة للحكاية الخرافية تتمثل فى
كونها ذات بعد وأحد وانها مسطحة ذات اسلوب تجريدي ،وانالباعئ
منعزل عنها،كما انها ا تتضمن اي موضوع نفسي ٠ويعبارة اوضح
فان الحكاية الخرافية ال ترتبط باآللهة أو االرواح العلوية يا'طريقة
انني ترتبذ بها الحكاية الشعبية )٠ان الحكاية الشعيية تعرف كائنات
العالم اآلخر من شياطين ومردة وسحرة الى غير ذلك ٠وفى استطاعة
االنسأن فيها أن يتصل بشخوص العالم اآلخر ،فى حين أن االمر فى
انحكاية انخرافية على خالف ذلك ،فهي وان كانت تحكى كذلك عن
المردة والسحرة واالقزام ،فانها ا تنشيء عالقة مع عالمنا الممكن ادراكه،
اذ انها ذان بعد واحد .وهي كذلك(ال تمرف التركيب المنطقيالدقيت)
-٥
كما أن شخوصما غير مجسمة ،بال عالم داخلي أو خارجي ،بلينقصها
كذلك عالم المشاءر ٠وتظل المشاعر والروابط وصلة القربى ذات مغزى
اذا كانت ضرورة الستخدامها فى سياق الحكاية ٠حتى العنصر الزمني
ال تعرفه الحكاية إلخرافية م وحكاية الوردة ائشائكة مثال لذلك ٠كما
أن الحكاية الخرافية ال تحتمل أي تصوير وزخرفة او تعليق ينتشر فى
اننائها ٠وكلما ازداد سرد الحكاية الخرافية وضوحا ،كان ذلكضمانا
لوصولها الى هدفها وتأكيدا الصالتها ٠
على أن لوتي لم يستخدم فى تعريفه لخصائص الحكاية الخرافية
سوى الحكايات الخرافية االوربية ،وبصفة خاصة الحكايات التي
سبق االهتمام بها وبنشرها ٠وهوكذلك لم يوجه اهتمامه الى أفراد
انقصاصين ،وكيفان قصاصي الشرق يميلون كثيرا الىزخرفة الحكاية
الخرافية وتصويرها ،وكذلك يصنع بعض القصاصين االلمان فى العصر
الحاضر ٠وهذا الميل بعينه هو ما أنكره لوتي على الحكاية
الخرافية ٠ولكن على الرغم منكلهذا ،ينبغي ان نشكر للوتي
جهوده ،فلقد توصل الى كثير من وجهات النظر الصحيحة ،كما أنه
لفتنا الى بعض خصائص اسلوب الحكاية الخرافية ٠
وقد سبق أن أشرنا الى اهمية نشاط القاص فى عملية الخلت
والتنقيح وتحديده تحديدا كامال ،والى الطريقة التي تعيش بهاالحكاية
الخرافية فى عالمها الخارجي ،والى كيفية تاثيرها فى السامعين ،وخضوعها
تماما عند رواتها لعوامل التأثير المفاجئة م هذه المسائل التفت اليها
الباحثون فى السنوات االخيرة منذ أن كتب « مارك أزاد وفسكي »
سنة ١٩٢٦عن قصاصة سيبيريةللحكايات الخرافية ٠ومن قبل التفت
الخوان جرم » -كما سبق أن أشرنا — الى الخاصة المميزة لبعض
القصاصين ٠كما ان الباحث النرويجي « اسبيورنز » أشار عند كل
حكاية فى مجموعاته الى راويها والى الصورة التي احتفظ بها لها ٠
وفي عصرنا الحاضر يسير الباحثون االيرلنديون والسويديونبصفة
خاصة فى هذا االتجاه ،كما يسير فيه الباحث االلماني جو تفرد هنسن
٠٦٦-
الذي صور لنا فى وضوح كيف تحكى الحكاية الخرافية ،ثم كيف
يعيش راويها ٠وتمتاز مجموعة « هنسن » « الرواية والشخصية »
بالنتائج الوافرة التي توصل اليها ٠ذلك الن عمله هذا تضمن أغنيات
وحكايات خرافية هزلية لراو واحد هو الراوي الشيخ آل اجبرت
جيرتس > ٠ Egbert Gerritsولما كانت الحكاية الخرافية ما تزال
نشطة فى محيطها ،فانهاال تعد شاهدا أديا فحسب ،بل جزءا من
شخصية راويها ٠ونحن نأمل أن يسير البحث فى مشكلة القاصخطوان
أبعد من ذلك ٠فطريقة الرواية ال تقدم لنا مجرد تائج نهتدي بها الى
طريتة رواية القاص للحكاية ،وانما هي تطلعنا بصفة عامة على اسلوب
فن الرواية من إلناحية الشعبية وخاصيته ٠
٠٦٧٠
« وليم ثوندت و ليفي برول و هانزناومن» آراءهم فى الحكاية
الخرافية م
ويرى الباحث الفرنسي «سانت يف» فى الحكاية الخرافية بقايا
طقوس قديمة ٠
أما « فرويد» ومدرسته ققد فسروا الحكاية الخرافية بوصفهارمزا
نلظواهر الجنسية ٠
وحاول «يونج» أن يقارن بين الحكايتين الخرافية ويين نجارب
الالشعور وباالخص نلك انتجارب التي يخوضها االنسان للوصول
الى ادراك ذاته٠
أراد «بنفى» أن يرجع الحكايات الخرافية كلها الى بوذية الهند ٠
وقد اشتغل « امانويل كوسكين »و« راين هولد كوهلر » و
« يوهانز بولته » وغيرهم بمنهج يرجع الحكايات الخرافية الى موطنها
االهلي عن طريق مقارنة الروايا المختلفة ٠
اما المدرسة انفنلندية وعلى راسها «اتتي آرني» ،و «كارلهكرون»،
و زح فالتر اندرسن » فقد حاولت عن طريق مقارئة كل الروايات مع
مراعاة االحوال التاريخية والجغرافية ،ان تنتهي الى الشكل االصلي
لكل .حتدًا ية خرافية على حدة ٠
1٨--
الخرافية نشأت فى أحضاذ الحياة الزراعية االولى فى بلدانالحضارات
القديمة في منطقة شرق البحر االبيض المتوسط ٠
أما اثر الراوي واثر عالمه فى بنية الحكاية الخرافية وفى رواداله ب'
فهذا ما ينبغي أن نهتم به فى هذه االبحاث المختلفة ٠وقد اتجه أكثر من
باحث بخاصة فى العصور المتأخرة هذا االتجاه ،ونخص بانذكر منهم
البأحث االلماني « جوتفرد هنسن» ٠
|٦٩
:لحرافية عن طريق فنان هو القصاص االول ٠ومندئذ ظلت الحكاية
نشطة حتى سمت الى مرتبة االدب الراقي ،واعترف بما الكمنة بوصفها
مادة تعليمية ،ولكنها تسربت الى الشعب مرة أخرى ٠ثم احتفظ بها
قصاصو الشعب بعد ذلك واستمروا يقصونها عليه مغيرين فى ذلك
شكلها دائما وأبدا ،الى أن وجدت طرقها مرة اخرى الى مجال
االدب ٠وهكذا لم تكن الحكاية الخرافية قط جامدة ٠انها تعيش فى
أعمال الشعراء بقدر ما نعيش لدى القصاصين والذين ما زالوا يحكونها
حتى اليوم ٠كماتعيش على السنة االطفال ٠
-٧٠,
الفعل النى
-٧٢-
موقف يتحتم االستماع الى ما قد يليه ٠
ويقى االن أن نتساءل عما اذا كنا نطلق على هذا انتكوين ،وعلى
هده :لسلسلة من الموضوعات المصفوف بعضها بجا نب االخر ،ا
الحكأية أخرافية ٠ان الكثيرمن االبحاث يقتصر على حكابة السحر
بوصفها الحكاية الخرافية بمعنى الكلمة ،أما الحكاية ارحماية٠ابد١ية،
نلك انتي ال تتميز فى أساسها عن الحكاة الشعبية واالسطورة ،فال
نظفر باالهتمام ،والواقع أنها تستخدم نفس الموضوعأت انتيتستخدمها
حكاية السحر عندنا ،ولكن تشابه الموضوعات وحده ال يعني شيائ
أكثر من هذا التشابه ٠ثم ان أساطير الشعوب الحضارية وحكااتهم
الشعيية وكذلك حكأياتهم المرتبطة باآلنهة تستخدم نفس الموضوعات
التي ستخدمها حكاية السحر ،ولها بالتاكيد شكل خاص وهدف آخر،
وربا تأنت لها كذلك وظيفة أخرى ٠
ومع ذلك فنحن نود ان تنظر الى الحكاية الخرافية لدى البدائيين
بوصنها حكاية خرافية بحق ،وأن تناولها بابحث على هذا االساس ،
ذلك الن الفرق بينها ويين حكاية السحر االوريية ليس فيما يدو لنا
فرقا جوهرا ،وانما هو أقرب الى ان يكون فرقا فى طريقة التشكيل
والتكوين والسرد ٠
وعلى ذلك فانه تحتم علينا عند السؤال عن اصول الحكايات
الخرافية ان نميز بين مسالتين :اوالهما :من اين تنطلق موضوعات
الحكايات ائخرافية ،وفى اي مستوات التجارب االنسانية تكون
مختفية ٠ثانيهما :كيف يمكن ان بكون شكل حكاية السحر قد نشأ
وكيف تمت مرحلة !تتقال مجموعة من الموضوعات ال متساوية فى قيمتها
لكي تاخذ شكل موضوعات متعارضة يرجح بعضها البعض اآلخر في
القيمة ،وما اذا كانت مرحلة االتتقال هذه قد وجدت أصال ؟ أما
بالنسبة للسؤال الثاني ،فليس من اليسير أن نظفر بجواب عنه شباف
فى عمومه ٠ولذلك فانه يتحتم علينا ان نكتفي بتقديم االشاراتالصول
بعض الحكايات الخرافية واتتشارها ٠
-٧٣-
وعلىذلكفانا لود أن نهتم اوألبمصدر موضوعات الحكاياتالخرافية.
وكثيراماحاول البحث فىألحكأية الخرافيةان ع٠جعها1لى؛ثض|٠آللهأذ|وان
يفسرها من خالل ديانات معينة ،وقد نكون هذه الديانات راقية مثل
الديائة البوذية ،وقد تكون كذلك ذات شكل ديني بدائي مثل العقيدة
الروحانية ٠
اما الديانات الشرقيه وهي البوذية واالسالم والمسيحية فانها شواهد
خاصة على ماهو ديني بمعنى الكلمة ٠ومعنى هذا انها تفترض وجود
حاجة الى الدين ،والى تفكير ديني ،ثم الى شعور ديني،كما انها لم
تكتسب شكلها الخاص اال عن طريق انكشف ٠ولم يحاول احد أن
يرجع لحكاية الخرافية إلى احدى هذه الديانات سوى « بنفي » ٠
ووجوه االعتراض التي توجه انى هذه النظرية تصح بالنسبة لكل
محاولة رجع بالحكاية الخرافية الى احدى هذه الديانات الراقية ،ذنك
آن الحتداية الخرافية عاشت قبل الديانة البوذية ،كما أنها عاشت في
مناطق لم تتأثر بالحكايات البوذية ٠ولذلك فانه يتحتم علينا أن نرجع
الى تصورات الديانة االصلية وذلك لكي تبين عالقتها بموضوعات
الحكاية الخرافية ٠
كثير ما حاول علم قاريخ االديان ان يصل الى الديانة االولى التي
ربما نشأت عنها كل الديانات االخرى ٠وقد رأى البعض مثال أن
ديانة المذهب الروحي هي تلك الديانة االصلية ٠او انها هي الديانة
الفتيشية أو الطوطمية أو الديناميكية او الطبيعية وفقا لما اطلقه االنسان
على هذه االشكال جميعا من اسماء ٠على ان علم االديان في اثعصر
انحديث ثبت أن هذه االشكال الدينية لم يسبق أحدها االخر تاريخا
فهي جميعا على االرجح بنيات دينية مختلفة وأساليب مختلفة الدراك
ما هو ديني وممارستم ٠
ولذلك فانه من المحتمل كل االحتمال أن تظهر على سبيل المثال
مالمح تصورات طوطمية أو فتيشية في الديانات الراقية بل في عادات
العصر احاضر وخزعبالته ٠فسائق السيارة مثال ،ذلك الذي يحتفظ
-٧-
معه في سيارته بأسد من قماش القطيفة بوصفه شيائ يجلب له المصير
انسعيد انما شير بذلك الى وضع فتيشى صرف ٠
-٧٦
خفيف الوزن ،اذ انه يقدر على الطيران في االحالم ٠وربما يرجع
هذا كذلك الى أن صوت بعض الطيور كثيرا ما تشابه بعض الشىء
مع صوت االنسان ،اال انه اجمل وارق ٠وفي الحكاية الخرافية
االلمانية « ماخاندل بوم » تحولت روح االخ الصغير المقتول الى
طائر ،وأخذ تغنى بالشر الذي قدر له ان يقاسيه ٠وكثيرا ما بطير
:النسان الممسوخ في الحكاية الخرافية فيصورة طائر قد يكون بجعة
أو غرابا ،وقد خلهرت الملكة المقتولة في شكل بطة خرجت من
النهر ٠
--٧٧-
الريح ذي الصوت المدوي منذ القدم ٠ويحكى في حكاية هزلية اذ
اندعكة تدحرجت وتحدثت مع الحيواذ ٠وكل هذه شواهد على
المذهب الروحي بمعناه الواسع ٠
أما الشواهد التي نجدها في الحكاية الخرافية تشير الى االعتقاد
في قوة بعض االشياء » اي الى عقيدة الفتيشية ,فهي شواهد اخرى
وهي اكثر وضوحا ٠فمن الممكن لالشياء جميعا أن تمتلك « القوة » ،
وهي االشياء ذات الصلة الوثيقة باالنسان ٠وهي كذلك تتضمن
قوة هذا االنسان وقدرته ،بل تتضمن كذلك جزءا من كيانه ،ومن
ثم تكمن قوة االنسان -طبقا للعقيدة القديمة ذات الشواهد العديدة
في شعره ،وعلى هذا نجد « شمشون » في حكاية تورائية تؤيدها
حكاية نخرى هندية يفقد شعره ،فيفقد في الوقت تفسه قدرته ٠
وال تعني القدرة هنا مجرد القوة الجسدية .ولذلك يظهر الجن _ وهذا
يختص غالبا بالحكايات الشرقية — بمجرد أن يحرق االنسان شعره ٠
وفي كثير من الحكايات الخرافية تمنح الحيوانات الخيرة البطل شعرة
وما أن يحرق البطل هذه الشعرة او يمسح عليها بيديه حتى تسرع
الحيوانات من حوله المساعدته ٠ولذلك تحتم على الشاب كذلك ان
يحمل ثالث شعرات ذهبية من عند الشيطان ،وهذا يعني انه يشارك
الشيطان قوته،فالشيطان هنا ليس رمزا للشر بالمعنى الديني.ويحكىفي
الحكايات الروسية وحكايات بالد الشمال انه في وسع االنسان ان
يقيد اخربشعرهقدااقوى مناكثر االغالل سمكا ٠وفي حكاية «تريستان
وايزولدة » ( )١تطايرت شعرة ذهبية في وجه الملك « مارك » ،ويقال
- 1تريستان :بطل الملحمة الكلتية الي عاجرت الى 1النجلو رومانيسين والى
ألفرنسيين ٤ومنهم المى االلمان ٠اما اصل هذه الملحمة فيتلخص في ان تريستان
اسرته جنية في مملكتها ٠وقد اوهمته انها وحدها تستطيع ان تضمد جرأحه ٠
غلما تمكنت امراة من علمم االرض ان تخلص تريستان رجعت الجنية فاسرته مرة
آخرى ٠ ٠هذه القصة تحورت كعيمًا بعد هجرتها حتى لونها عصر الفروسبة غي
العصور الوسطى بقكرته عسن البطل القارس الذي يتغانى في سبيل نروسيته
وحبه معا ٠غقد نزح تريستان مع خاله لكى يبحثا عن ماحبة الشعر المذهبى
حتى يفوز بها الخال مارك ٠فلما وجداعا -وكانت ايزولدة -وقع حب عنيف بين
تريستان وايزولده انتهى بمصرع تريستان ( ٠المترجمة )
ح-٧
ثم هربت الفتيات منهم بمجرد ان استطعن ان يسترددن قسرا أردتهن
ونجد كذلك لدى شعوب اخرى حيواائت اخرى نصف انسانية هي
في مجال القوة االنسانية ٠وتحكى التي تدخل -بهذه الطريقة
حكاية فرنسية ان رجال أستطاع ان يسلخ جلد اتثى كلب البحر التي
كانت قد خرجت الى البر وتحولت هناك الى امرأة ،فقد كان البد
لها أن تظل بجانبه الى تتمكن من ارتداء جلدها مرة اخرى ٠فاذا
حكت حكاية مصرية اغريقية ان نسرا ( أو هو في االصل حقا الريح )
قد غرر ففتاة حتى سلب منها حذاء ها ثم قذف بالحذاء في حجر ملك
وان هذا الملك لم يهدأ له بال حتى أصبحت الفتاة صاحبة الحذاء
زوجة له -فانه ربمأ كانت هذه النظرية مرة اخرى هنا هي االساس
لكون الفتاة لم تستطع ان تهرب من الملك ،حيث انه كان يمتلك
حذاءها ،فكان بذلك يمتلك جزءا من ذاتها ٠وربما تسرب موضوع
الحذاء هذا الى حكاية « وعاء الرماد » ٠وينبغى اال ننسى في هذا
الصدد ان الحذاء والقدم استحوذا منذ اقدم العصور على قوة لها اثرها
على الحب ٠
كما قد واكثر االعتقادات الشعبية اتتشارا عند معظم الشعوب
أثبت اابحث ذلك -باللتي ما تزال تعيش في نفس الدرجة منالحيوية
التي يتحكم بها في ذاته ٠وحسبنا ان نذكر التقارير الكثيرة التي
يعيش في صورته ،وان من يمتلك صورة شخص بمتلك كذلك القدرة
التي تحكم بها في ذاته ٠وحسبنا ان نذكر التقارير الكثيرة التي
تقول ان البدائيين توارون حينما يود احد تصويرهم ،وان االنسان
حتى في عصرنا الحاضر يتهم العجائز الساحرات المزعومات في انهن
ربما تسببن ايذاء انسان بأن الحقن االذى تفسه بصورته ٠ونحن
نعرف من طقوس الصيد عند القبائل البدائية ،ومن شواهد اثعصر
الحجري ،ان االنسان في وسعه ان يقتل الحيوان بأن يطعن صورته
بالرمح مي موضع معين ،فعند الصيد يصيب الرمح الهدف المحدد ٠
وتتضح هذه العقيدة نفسها في ان الشعوب البدائية حينما تريد ان
-٧٩
تستجلب سحبا دكناء فانها تضحي بجدي اسود ٠فاذا ارادت ان تهب
عاصفة ،فانها تضرب بمطارق على وعاء ،ثم تلطم شعلتين من النار
احداهما باخرى ،وترش المياه في كل مكان بفرع شجرة ،او هم
يشيرون الماء في بركة اللقاء حجارة فيها ،او بلطمها بفروع االشجار
لكي تثير العاصفة والرياح البركة بالمثل فيما بعد ٠ويبدو ان هذا
الدافع نفسه عرف عن اسطورة الملك « ارطس» ( ٠ )١ولكن هذا
الموضوع عن مثل هذا الطقب المسحور يتمثل دائما في حكايات
العصر الحاضر الشعبية والخرافية ،فاتبطل يصل الى نافورة او الى
بحر ويلقي فيه بحجر فيعقب ذلك فجاة هبوب عاصفة مروعة ٠بل
أن االسطورة االغريقية القديمة عن نبع كاستاليا ( )١ذات صلة بهذه
انتصورات ٠ونحن نعرف مغزي الصورة في تزايد مفرط على وجه
اتقريب في الحكايات الخرافية الشرقية العديدة بل كذلك في بعض
الحكا بات االلمانية ( ،حكاية يوحنا المخلص — االطفال وحكايات
البيوت لالخوين جرم حكاية رقم ) ٦لتى يرى فيها البطل صورة
أميرة ،وال يهدأ له بال حتى يفوز بها ٠اما االميرة التي نرفض كل
خطابها ،فهي تسلم نفسها له ،النها كذلك قد رأت صورته في رؤياعا
ومن ثم فقد احبته ٠
- ١ارطس او ارئر ملك كلتى نشعات عنه 1سطورة اشتهر بها ٠حارب سنة ٥٠٠ق.م ضد
السكسون المتوغلين في بالده ٠ثم اصيب يجراح خطعة في معركة ضد أحد
اقربائه كان يناغسه لي مملكته وزوجته ٠وحيشما اصيب بقلك الجراح 1 ،لتمس،
الشفاء في جزيرة ألجن ٠هذه القصة وجدت طريقها الى الحكايات ألخرأفية
المكلتية ونمت بعد ذلك وانتقلت السى شعوب اخرى ( ٠المترجمة )
- ٢كاستاليا :نبع مقدس في دلغى ٠وقد كان رمز 1في العصر الهليني لاللهام
(المترجمة) الشعري ٠
ان غرابين اسقطاهما ٠وكان كل هم الملك ان تخذ من صاحبة الشعرة
قرينة له ٠وهذا يعنى أن الشعر كان يجذب الملك بقوة الى صاحبته ،
اذ أن الشعرة تعد جزءًا من كيانها ٠وفضال عن هذا فان فكرة قرابة
االرواح تختفي وراء عذا بحق ،فاذا مانظر انسان الى خصلة من
شعر انسان اخر ،او الى صورته ،فانه ال يهدأله بال حتى فوز بهذا
الشخص تفسه ٠وكذنك كان كل هم فرعون في حكاية االخوين
ألخرابة المصرية أن يفوز بالمرأة التي حمل التيار اليه خصلة من
شعرها ٠وهذا !لموضوع نفسه نجده في الحكايات الهندية والمنغولية
واالرمينية ٠
سا--٨
بوصفه احد المالمح االساسية في الحكاية الخرافية بصفة عامة ،
ولذلك فهي قديمة في خصائصها ٠انها تنتمي الى عالم كان فيه
التفكير الرمزي قويا للغاية ،ووراء هذا التفكير يقف االحساس
بنظام هائل يشمل عالم االنسان وينعكس في الحكاية الخرافية مرة
اخرى ٠وقد ببدو لنا مثل هذا التفكير الرمزي بدوره غريبا للغاية ٠
غير ان عصرظ ما يزال يعرف نماذج من التفكير االصلي الرمزي
العميق ٠وحسبنا ان نذكر معنى التيجان وغير ذلك من شارات
الساطان ،وان نذكر انقيمة الرمزية لالشياء التي كانت تنتمى الى
المشاهير من الناس او الى اقربائهم المقربين ،والتي لم تقدر هذا التقدير
البالغ تتبجة تقدير عاطفي فقط ٠
-٨٢
« لوهنجرن » ( )١حتى تحطمت قوته الخارقة ٠ويقول المثل :اذا
ما نطق االنسان باسم الذئب جاء يمدو ( )١فمع النطق باسم المدعو
ستكين لقوة انسان ،وكل حكايات جبل االرواح ( )٢تنتمي الى
هذه انتصورات .ويحكى في حكابة من منطقة التيرول ( )٣أن فالحا
شأهد « البرشتا » ( )٤وهي تمر امامه ٠وكان يسير بجانب الفالح
عدد من االطفال ،ثم وطىء الطفل االخير في الصف طرف قميصه
المنسدل ٠حينئذ نادى الفالح :ايها الفرخ البري الذي يقف في
الصغير » وهنا اجاب الخلف ،أقدم ،فاذااريد ان احزم لك ثوبك
الطفل « االن اشكرك ،اآلن أصبحت أمتلك اسما» ٠ثم اختفى
الطنل ٠وهكذا ما يكاد الطفل يسمى باسم حتى يخرج من زمرة غير
المعمدبن وانفاقدين لكيانهم ٠وقد تحولت هذه العقيدة القديمة عن
قوة السم الى ما يشبه الحيلة في حكاية الشيطان الخير ،هذا الكائن
المهون الذي قدم المساعدة الحدى الملكات ،واراد أن يأخذ طفلها
جزاء ما قدمه لها من مساعدة ،اذا لم تستطع الملكة أن تحدس باسمه
- ١لوهنجرن ابن البطل بارسيقال ،بطل االسطورة المسماة باسمه التي نشات ني
اوروبا في العمور الوسطى ٠وقد كان بارسيفال بطال مات في سبيل الدين
5ل10ه المسيحي ٠وقد ارتبطت اسطورة بارسيفال باسطورة ارطوس
فيما بعد ٠ذلك ان بارسيفال حينما شب عسن الطوق خرج لييحث عن فمم ر
الملك ارطوس ،فوجده ودخله وامبح من ثدمائه ٠وكذلك استدعى الملك ارطوس
«( لوهنجرن» بن الملك بارسيفال لمواساة االمية (( المزا» ٠ولكنه اضطر الى
طالقها -رغم زواجهما السعيد س النها افشت سر اصله ،وقد كان اخذ عليها
العهد اال تغشيه ٠ومن هذه المادة االسطورية لقمة 1لملك «( ارطوس )) و(٠لوهذجرن))
الف وتشرد غاجنر اوبراه «( بارسيفال» عام ( ٠ ١٨٥٠المترجمة )
- ١يقول المثل الشسبي في هذا المعنى :جبنا سية القطجه ينط 1( ٠المترجمة)
- ٢كثيما مايظهرفي المحكايات الخرافية متجسدا في شكل راهب او مارد او حبوان،
وكل من يقصده يماب بأذى ( ٠المترجمة )
- ٣منطقة جبال االلب الثاهقة التي تقع بين ايطاليا والنمسا ٠وقد اثارت
طبيعة المنطقة الممولة خيال الشعب هناك ،غالنو! حولها الكثع من الحكايات
الغرافية والشعبية ( ٠المترجمة)
) « -البرشتا» احدى فساء جهنم كما صورها المخيال المشعبي ٠ويظل الشسب غي
انتظارعا احدى عشرة ليلة ،ثم تظهر الليلة الثأنية عشرة ممسكة بعصى من
الخيزران تضرب يها في المواء ٠وهي اما طيبة مساعدة او شريرة مؤذية ( ٠المترجمة)
٨٣-
فلمة عرفت اسمه تمزقت اعضاء الشيطان منفصلة من بعضها البعض ٠
فمعرفة االسم الحقيفي تعد غالبا في الحكاية الخرافية المفتاح ااسحري
الذي ينتح االبواب ويبين الطريق الى الكنوز المدفونة ٠
وفي بعض الحيان تعيش في صميم الكلمة المنطوقة قوة سحرية ،
والحكاية الشعبية والخرافية في ايسلنده تعرفان فكرة « الكرافت
" » ،فاالنسان يستطيع أن يقود شيائ الى آسكلد ()٥
مسافة بعيدة اذا ما نطق ببيت واحد من الشعر ٠والكلمة لها مث
هذه :لةوة من حيث انها تزيل الشر كذلك ،وذلك عند االبتهان
بذكر احد االسماء ٠فاالنسان في مصر يضيف عند ذكر اسم المللت
عبارة « الحياة والخير والصحة » ٠وتزداد قوة الكامة اذا ما طق
بصيغة معينة ٠وتكون الكلمة ممتلكة السمى قوتها اذا كان القول
شعرا ٠وكثيرا ما يحكى في الحكايات الروسية عن منزل صغير قد
بني عند حافة غابة « على اقدام افراخ وأرجل الكالب ) ٠وباب
هذا المنزل تجه جهة الغابة ،فما أن ينطق االنسان ببيت معين من
الشعر حتى تجه مدخل المنزل الى الجهة االخرى ،وحينئذ تمكهن
البطل من دخوله ٠لقد أصبح للبطل سلطان على البيت وقاطنته ،بل
انه برعن عن طريق نطقه ببيتالشعر الصحيح انه هو الشخص المفضل
وتبدا حكاية « الملك الضفدع » لالخوين جرم بما يلى « :في قديم
الزمأن حينما كان هذا يساعد على تحقيق الرغبات » ٠حقا ان هذه
الصيغة مصدرها يراع « وليم جرم » ،اال انه نطق في ذلك بشيء
بالغ في القدم ،فلقد كانت الكلمة من القوة بحيث كانت تستطيع ان
تدخل في احداث انعالم ٠
ان االنسان الذي يكون متصال باشياء من عالم اخر ،يتحتم عليه
ان يكون منتميا كذلك الى ذلك العالم ٠واحياائ تسبب عن اللمس
ه-لم نستطع ان نستدل على معنى هذه الكلمة ٠وربما كان لفظ « أسكلد » يدل على
الكلمة،فيكوناللفظمعناهقوة الكلمة ( المترجمة)
-٨٤
بأشياء بعينها بروز الطبيعة الخاصة لكائن ما ٠ففي حكاية بوهيميه
نتحتم على برج الدلو ان يفيض على نحو قوي ،اذا ما لمسته قطرة
صغيرة من الماء ٠وفي حكاية خرافية امريكية ،تشبه تماما ما تحكيه
أن كلب البحر الذي الملحمة الهندية القديمة « ماهابهاراتا » ()١
تحول الى امرأة تحتم ان ستعيد شكله االول بمجرد ان مسته قطرة
من الماء ٠وكذلك صارت « بروسايينا » تنتمي الى العالم السفلي
بمجرد أن أكلت تفاحة واحدة يقال انها ثمرة من ثمار العالم السفلي ٠
وتحكى حكاات العروس المنسية كيف ان فتاة خلصت .البطل من
فوة العالم السفلي ،ثم توسلت اليه اال يدع احدا يقبله عندما يخرج
الى العالم االرضي ٠ولكنه تجاوز المحظور وقبل والدته ،او انه
سمح لفسه بتناول جرعة من شراب ٠ومعنى ذلك انه قبل شيائ من
العالم االرضى ٠وفي الحال نسى منقذته ٠
- ١تقع هذه الملحمة في اكثر من ثمانين للف سطر من المشعر ٠ويعدها المنود ملحمتهم
الوطنية ٠وهى تهكى عسن صراع حدث بين قزمين من اجل الومول آلى
الحكم ٠وقد ظهرت هذه الملحمة في 1لترن الرابع قبل الميالد ،وأقخئت هكلها
النهائى في القرن الرابع بعد الميالد ٠ومنذ للك الوت اصيحت « المهانماراتا 4
٠كتابادينيايتلىفي المعابد في االعياد (المترجمة
— — ٨٠
الخرافية البدائية ارشدت حربة او سهم البطل الى الطريق ٠
وهناك احوال اخرى تتضح من خاللها العقيدة الفتيشية في
الحكايات ااخرافية ٠فغالبا ما يستعصي القضاء على الشيطان مثال اال
عن طريق اصابته بسالح معين ومعنى هذا ان السالح ال بد ان تسكنه
قوة هي قوة خيرة تفوق قوة الشيطان ٠أما القوة انشخصية لبطل
:لحكنيأت الخرافية فال تؤدي دورها اال في المرتبة الثانية ٠
وللحيوان فى الحكاية الخرافية وظيفة ذات صور متعددة ٠فمرة
ينهر بوصفه حيوانا روحانيا ومرة أخرى يكون غدوا لألنسان ،كأر
يكون أفعى شريرة او تنينا أو دودة شجرة الزيزفون ،او تجسيدا
للش بسفة عامة ٠وفي فلروف أخرى يظهر الحيوان بوصفه مساعدا
النسان ٠وليس انحيوان االليف وحده هو انذي يقدم معوتته
لالنسان ،وانما تقف بجانبه كذلك االسود والدببة والنمل والنحل ٠
وفي كثير من الحكايات البدائية يكون الحيوان هو صاحب القوة
التي تفوق قوة االنسان ،ومع ذلك فان االنسان يستطيع في النهاية
أن يغدر به ثماخيرا يعود احيوان الى نطاق السحر ،فغالبا ما يكون
مجرد انسان ممسوخ يتحتم فك سحره ٠ويرجع كثيرمن االساطير
أصل االجناس الشهيرة الى الحيوان ،فقد احتفظ عدد كبير من
انفبائل البدائية وكذلك بعض االجناس في الحضارات الراقية بصلتها
بالحيوان ٠وعند الجرمانيين يرتبط جنس « اليلفنج »٥ء110الالشهير
بالذئأب ٠وفي اسم « يولف » ( )١اشارة الى الدببة ٠وعند المصرين
اتقدماء تصور اآللهة والفراعنة في صور نحمل رسوما حيوانية ٠وقد
عرفت الحكاية الخرافية االصل الحيواني في اشكال عديدة ،فاحيانا
يكون البطل « ايفان » فيالحكايات الروسية ابنا لبقرة ،وكثير من
أبطال الحكايات الخرافية رضعوا في الغابات من ديبة او اناث الذائب
-٨٦-
او االسود ٠وقد تعتاب بعض الملكات بأنهن ولدن كلبا او حيوانا اخر
بدال من انسان ٠
-- ٨٧ -
والناس الذين رايل حياتهم بالحيوان ارتباطا قويا ،وفي مقدمتهم
انصيادون ،يبجلون الحيوان او يخشونه لثقته بنفسه ،ولقوة عضالته
وقوة غريزته ٠وكثيرا مايتتمى الحيوان الى عالم اخر ٠فالحيوان
المساعد في حكاياتنا الخرافية كذلك ،يقدم عونا للبطل يفوق طاقة
االضان ٠وهكذا نجد ان الكثير من حكايات الحيوان التعليلية ليس
مجرد شروح صرف للصفات الحيوانية ،وانما كثيرا ما يرتبط بالتفسير
معرفة أسطورية ،أي .تغلغل فى العالم االخر ٠وانا لنميل كل الميل
الى ان نعد الحكايات التي تشرح خصائص الحيوان مجرد ادب وعلم
بدائينن يعتمدان على المالحظة ٠على حضارة الصيادين ،وهم مجموعة
الناس الذين يرتبط مصيرهم ويسر أحوالهم بالحيوان ،يرون فى مثل
هذه الحتدايات ما هو أكثر من ذلك ،فهي غالبا ما تكون بالنسبة ايه:
تغلغال فى المراحل االولى الصلهم ٠على أن هذا يعني كذلك التغلغل فى
بداية العالم ٠وتحكى حكاية خرافية لدى الهنود االمريكيين عن
المعلم الرباني -كية انه صعد الى السماء ووعد أوالن اهال0
أن يهبط الى االرض مرة اخرى بوصفه ابنا للشمس ،وعند ذكيصير
الحيوان حاميا له م فلما ولدأوالل بالفعل مرة ثانية ،ساعدته الفئران
وانوطاويط وغير ذلك من انواع الحيوان ٠وهذه وال شك اسطورة
قديمة اصيلة ،على انها تشرح لنا فى الوقت تفسه خصائص كثير من
:نحيواز وفقا لسلوكه من خالل عملية انقاذه ا «أوالل» ٠
ان الحيوان مخلوق قوي ،وال بد لالنسان ان يخشى غضبه ،فاذا
قطع انسان لسان حيوان مقتول فربما أراد بذلك ان يمنعه من افشاء
أسم فاتنه واال عوقب القاتل ٠وربما يرجع الى ذلك أيضا ،الموضوع
الذي يكشر تناقله فى كثير من الحكايات الخرافية الكثيرة ،وهو أن
البطل تحتم عليه ان يقدم لسان حيوان مهول دليال على اتتصاره
عليه ٠وكذلك يحرم أكل نخاع عظام بعينها من عظام الحيوان ،حتى
ال يكون ذلك عائقا للحيوان عند بعثه ٠وكثيرا مايرد في الحكايات
الخرافية انه يحق النسان أن يأكل حيوانا فيما عدا عظمة واحدة بعينها
-٨٨
منه ٠فهذه العظمة اذا مأ هشمت اصيب الحيوان بالعرج بعد ان
ذ جع اليه الحياة ٠
ان انحيوان يعتش ف ءالم قائم بذاته ،وهذا المالم اما أن يكون
صم رة شييهة بعالم االنسبان واما معارضة له كذلك ٠وترتبط افراد
لحيوان على نحو غاية في الغرابة ،فالضفدع في الحكا ت ألهندة
مثال أب للنمر االرقط ،وكذلك نجد النسر قد زوج ابنته من ذكر
لبط او من ذكر البوم أو من الضب او من ذكر الحمام ٠وكذلك
يدبر بعض افراد الحيوان ٠كما هو الشأن في عالم االنسان -
المكائد للبعض االخر ،كما انها تتصارع ويخدع بعضها االخر ٠وغالبا
ما يكون الحيوان الضعيف اشد كيدا من الكبير والقوي ،فيتغلب
عنيه بذكائه ٠وكثيرا ما بمتلك الحيوان فى الحكايات الخرافية السلطان
على العناصر الثالثة :الماء والنار والنور ،وهو تحكم فى !النهار وغير
ذلك ٠وغالبا ما تحتم على االنسان أن يلجا اليه نكي يسترد منه
متلكاته ٠وكذلك تضع الطيور الذهب أو البيض الذهبي ٠وما
اكثر ما تحكى حكاياتنا الخرافية عن هذا!وكذلك تمتلك الحيةوسائل
عجيبة للعالج ،كما تمتلك العشب ذا القوة السحرية ٠وتعد االفعى
بصفة عامة حيوانا قريبا من العائم االرضي ،ولذلك فان قوى هذا
العالم تقع في حوزتها ،وعلى هذا فهي تستطيع عن طريق عشبعجيب
اذ تهب االخرين الحياة االبدية ٠وفى الحكايات البدائية التي بدو
فيها الحيوان السيد الحقيقي للعالم ،يميل الحيوان الى اذ تخذشكل
االنسان أو االشباح او الشياطين .وفى حكاياتنا الخرافية يمتلك االنسان
كذلك أحيافا “ عن طريق مواهب خاصة س المقدرة على تحويل تفسه
الى حيوان فاذا ظهر الحيوان فى الحكاات البدائية فى هيئة أشباح ،
وان هذا معناه أنه _كهذه االشباح ٠ينتمي الى العالم غير االنساني.
وكثيرا ما تحول الموتى كذلك الى أشكال حيوانية ٠وتحكى كثيرمن
الحكايات الصينية عن هذا ،حيث تحول الموتى الى كائنات شيطانية
على هيئة ثعلب ٠
-٨٩-
انحكاياتالحيوانتنتشرفىجميع أنحاء العالم،وقد احتفظتبمقدرتها
على الحياة عبر مائت السنين ،اتداء من ملحمة جلجامش البالية ،ومن
االغريق حتى عصرنا الحاضر ٠ولقد اعتقد بنفى» ان فابوال الحيوان
نشأت فى بالد االغريق ،ولكننا نجد حكايات إلحيوان تعيش فىجميع
أنحاء العالم :نجدها لدى الحضارات البدائية ،كما نجدها علىالسواء
لدى إلحضارات الراقية ٠وليست فابوال انحيوان التي صيغتصياغة
فنيةفى العصر القديم الكالسيكيسوى شكل من أشكالهذهالحكايات.
كما تطورت حكايات الحيوان القديمة التعليلية الى حكايات من نوع
آخر تماما هي الحكايات الخرافية ٠
ا-- ٩
قيل عن الكتل الحجرية الضخمة انها اناس متحجرون عوقبوا بسبب
شر كبير ارتكبوه ٠او ان المردة والشياطين قذفت الصخور فيما حولها
فى سورة غضبها ٠أما الصل( )١فكان البدله من أن يرتجف ،النه نم
تأثر بموت المسيح .ومن اجل هذا السبب نفسه تركت اشجار الصفاف
فروعها فى انحناء نحو االرض ٠
وربما نشأت هذه التفسيرات معتمدة على حكايات الحيوان انتى
ترى أنها أقدم منها ،وهي -فيمًا نعلم -اكثر غلهورا كذلك ف حكاية
اآللهة وفى الحكاية الشعبية واالسطورة منها فى الحكاية الخرافية ٠
وقد ادرك االنسان االصل االدبي المكتوب لبعض هذه الحكايات
التعليلية ،كما هو الحال في الحكاية الهزلية التي تعلل شم الكالب
بعضها لبعض ،والحكايات اثخرافية التي من نوع حكاية « بريمر باد
الموسيقيين » ،أو حكاية ه السلطان المخلص » التي تصور الصراع
بين حيوان البيوت وحيوان الغابات ٠أما الفابوالت االخرى ،فهي
تدين بوجودها مرة أخرى الى نكاتها المرحة ،مثل حكاية الكعكة
السميكة الدسمة التي ذهبت اوال الى االم واالطفال ،وبعد ذلك
اخذت تنتقل من حيوان نهم الى آخر حتى خدعها الخنزير والتهمهما،
أو هو سحقها فى االرض ،وما يزال هذا الخنزير الثائر يبحث عنها فيها ٠
واذا كثا قد أ تينا بحكايةهروب الكعكة بوصفها تجسيدا روحياتفق
والمذهبالروحاني ،فان هذا ال يعني اسبتبعاد أصلها االدبي المكتوب ٠
على أن نظرة الشعوب البدائية لم ترتبط على الدوام بايعالم
االرضي ،فهي تحكى كثيرا من الحكايات الوقتية القصيرة عن الشمس
والقمر والنجوم والنهار والليل ٠وطبيعي أن هذه الحكايات ليست
كلها أصيلة وبالغة فى القدم ،وانما تصف بذلك القليل منها ،مثل
الحكايات التي تحكى عن الحيوان واالشجار والصخور والجبال ٠
وقد اتتقلت بعض هذه الحكايات بحق عن طريق المبشرين او غيرهم من
-٩٢-
االوربيين الى الزنوج ،او الى سكان جزر بحر الجنوب ،او الى
الهنود الحمر ٠وبعض الفابوالت الجميلة بصفة خاصة تدين بوجودها
الى زوجات المبشرين الالتي كن يسلين بها أطفال البدائيين ٠ومنالمحتمل
ان يكون كثير من الحكايات قد احختفظ به فيما بعد واعيدتصياغته ٠
على انه اذا كانت هذه الحكايات تخلو تماما من العنصر الفني ،فانها
مع ذلك قد احكمت الربط بين الموضوع واالخر ٠واذا كان مثل .
هذه الحكايات قد ظهر عند شعوب الحضارات القديمة ،فاننا نجد فى
ذلك بعض الشواهد على أصالة هذه الحكايات ٠
-٩٣
السواد على أنه أرنب او اطفال ٠وفى حكاية افريقية تتفق الشمس
والقمر على ان يطرحا باوالدهما فى الماء ،وتكن القمر يخدع الشبمس
ويلقي بجوال مملوء حجارة فى الماء ٠ولذلك كانت الشمس وحيدة فى
السماء ،اما القمر فانه يسير في صحبة أطفاله النجوم في اثناء الليلتحت
القبة الزرقاء ٠ومنذئذ والقمر والشمس عدوان ٠أما صور النجوم
إلتي تتساقط بسبب شكلها أو بسببموقعها ،فان الحكايات اشعبية
والخرافية تشرحها بطريقتها الخاصة ٠فالنجوم السبعة « بليادن »()١
تظهر فى شكل حمامات او شكل نسوة يالحقن صائد ،أو فى شكل
دجاجة تصطحب ستة من افراخها الذهبية ،وتحكى في بعض انحكايات
إلخرافية ان النجوم السبعة اخوة نفوا الى السماء ٠
ا --هن في !السطورة االغريقية ينات اطلس وبليوني السبع ٠وقد جعلهن زيوس
نجوما في السماء ( ٠المترجمة)
ا -شعب زولوالند يسكن مقاطعة ناتال في جنوب افريقية ،وعو ينتسب في االصل
( المترجمة ) الى االثيوبيين ،وتنتشر لغته حتى تثجانيقا ٠
--٤
التي قابلها حتى اشجر في النهاية ،وخرجت كل الكائنات التي كان قد
ابتلعها وسارت وهي فى اتم سعادة ٠وتتفق هذه الحكاية تقريبا مع
حكاية بوهيمية عن « بومبرلسك» ، Bumberliskمؤداها ان وحشا
مهوال كان يعترض طريق كل من يقابله ويصيح « :ال بد ان افترسك» ،
ومن ثم ابتلع االطفال والحيوان والرجال وفالحا مع عربته واربعة من
االحصنة على التوالي ،ولكنه انفجر فى النهاية وخرج كلما فى جوفه
فى سعادة مرة اخرى الى النور ٠ويحتفظكتاب ^االدا» كذلك بصدى
السطورة االبتالع هذه التي تتفق مع ما تحكيه الرواية السيبيرية
والتتريةلى حد بعيد ،وان تكن الحكايات التترية والسيبيرة اقدم
بحق منها ٠
ان االنسان الذي استطاع أن يسلي نفسه بما يختويه العالم من
-٩٥
أشياء كما استطاع ان يسلي نفسه يالسماء واالرض وائشمس والليل ،
وان سعد بها جميعا ويخشاها ،هذا االنسان قد تساءل كذلك عن
االشياء التي يعيش عليها ويستمد منها غذاءه ٠فمن أين يمكن ان يأتي
الماء ،ومن اين يأتيه النوم وغذاءه وسالحه وعدده ؛ ذلك ان الحياة
بالنسبة لالنسان البدائي تتصل اتصاال وثيقا بسيطرة النار او بامتالك
عدد بعينها ٠
من اين تاتي المياه؟ ٠فبعض الحكايات تدعى ان الحيوان كان فيما
مضى يستحوذ عليها ،وهو ذلك الحيوان الذي ما يزال يعتمد فى .حياته
على المياه مثل الطيور المائية وفصيلة الزواحف ،فلقد شربت المياه
جميعها ،وعندئذ اغضبها اانسان أو أغاظها او دغدغها حتى لمتستطع
االختفاظ بالمياه فى جوفها ،فلفظتها فى كل مكان ٠وتحكى حكايات
اخرى مرة ثانية ان رجال قويا احتفظ بالمياه فى صثاديق او فى أوعية ،
وان صييا ماكرا سرقها منه ٠كما نذهب حكايات اخرى الى ان المياء
-٩٦
كانت مختفية فى الجبال ثم جاء بطل شجاع وشق اجبال فأخذت
المياه تتدفق من الشقوق ويحكى كذلك أن المياه كانت فى السماء ثم
تجرأ غالم -كان قدضل طريقه -فى الذهاب الى هناك وهبط بالمياه
الى االرض ٠فاذا كان نبغي على البطل الجريء فى حكاياتنا الخرافية
ان نسلب ماء الحياة من اسر الشياطين و من الحيوان ،خانه ربما يحت
لنا ان ندرك هذه الحكايات صدى متاخرا واخيرا لهذه ثحكايات
ألتعليلية ٠
واذا نحن استطعنا ان نرى فيحكايات البدائيين على نحو مانرىفي
حكاياتنا الخرافية شواهد اخرى الشكال دينية مختلفة قديمة ) فانه
يتحتم علينا مع ذلك أن نحذر من تفسير ها جميعا من خالل وجهة النظر
الدينية وحدها ٠حقا ان الكثير من الحكايات التعليلية ذات اساس
اسطوري ،وهي اكثر من ان تكوذ خياال ،ولكن الخيال الحر التكون
« اتذي ال ضابط له » قد لعب حقا دوره فى كثير من هذه الحكايات ٠
-٩٧
يرغبون فى الحصولعليها ،بانهم قد سبق لهم أذ.حصلوا عليها فى
الحلم ٠وبناء على هذا عدلت الفتاة عن رفضها االول ٠وتعد خيانة
المرأة في االحالم _عند بعضالبدائيين__شاهدا على خياتهاالحقتقية٠
كما أن الحلم عند بعضهم اقوى حجة من اقوال الشهود ٠
Vanبن الحلم der Leeuw ويفرق مؤرخ االديان « فان دير ليوف»
والشعور ائيقظ فيما يلي :
أوال :يختفي فى الحلم العنصر االساسي فى الشعور اليقظ ٠اي
التوت بين الذات والموضوع ٠
ثانيا :تنتظم االحداث فى الحلم -عند مقارتتها بالشعور اليقظ -
بمعزل عن التركيب المنطقي ،فالحلم تركيبة مهوشة ،وتنتظم صورهوفقا
لنزوات الحالمين ورغباتهم ومخاوفهم ٠
ثالثا :ان عالم اكحلم منفصل عن الحقيقة الواقعية انفصاال كليا ،
فهو اسطوري الطابع ،وهو ال يعرف الماضي او المستقبل ٠
واذا نحن فحصنا هذه الوحدة الثالثية عن قرب ،جازلنا ان
نصطنعها بحق ،فكما أن التوتر بين الذات والموضوع يختفي فى الحلم،
فهو يختفي كذلك فى حالة الشوة ت كما سنتحدث عن ذلك فيما بعد
وفى حالة االستغراق الروحي ،وان تكن حالة اثنشوة وحالةاالستغراق
الروحيحالتين عاطفيتين ،وتخلصا اراديا من هذا التوتر ٠أما الحلم فانه
يحدث دون ندخل من االنسان ٠وعلى هذا فنحن نفرق كذلك بين
أحالم الرغبة واالحالم ذات الطابع الخيالي الصرف ،والتعرف حالتا
النشوة واالستغراق الروحي هذه التفرقة ٠
٩٨ -٠
٠وعلى هذا فان هذ١التغكتراال,ق « ليفي برول» Levy Bruhl
للمنطق هو تفكير البدائيين ،وهو فى الوقت نفسه تفكير االحالم بل
كذلك تفكيرالحكاية الخرافية .ان علم الشعوب نتحدث عن«المشاركة»،
وهو يعني بذلك العالقة ين االشياء ،أي مشاركة شيء ما فيما يحدث
لشيء آخر ٠على أن هذه المشاركة ال تحدث اال ين اشياء معينة
بذاتها ،ال بين االشياء جميعها ٠ففي الحكاية الخرافية يقترب الشخص
المفضل ،وهو ائبطل ،من البوابة المغلقة ،فاذا بها تنفتح من تلقاء
نفسها ،ينما تظل مغلقة أمام غيره من الناس ٠وهناتتمثل عالقة ليس
من السهل تبينها ،وهي عالقة قائمة فى وضوح -وان لم يكن من
السهل ادراكها — بين الشيء وبطل الحكاية الخرافية ٠وفى هذا يبدو
لنا اتفاق واضح للغاية بين الحكاية الخرافية والحلم ٠
فاذا كان الحلم نظم الحادث بطرقة مهوشة ،فان جذا يطا.ق.امل
نظام الحكاية الخرافية لدى الشعوب البدائية التي ال تفعل شيائ سوى
ان تجعل الصور والموضوعات والحوادث بجانب بعضها البعض ٠
أما حكايات شعوب الحضارات فهي على العكس تنظم الموضوعات وفقا
لخطة شكلية محددة ،سواء أكانت هذه الخطة هي التكوين النموذجي
لحكاية السحر الهندوجرمانية ،أم لحكاية الحلم وحكاية االلغاز
اتامية ،اذ انه قتمثل خلف نكوين مثل هذه الحكاية ارادة للتشكيل
ليس لها مقابل فى الحلم ٠حقا قد تكوذ االحالم معقدة كل التعقيد،
ولكن صورتها ال تطابق قوانين شكلية ثاتة تظمر دائما ابدا ٠أما
حكايات السحر الخرافية فمن الالزم ان يكون لها ناء ثابت وفقا
لقوانين ثاتة ٠فاذا ما اضطرب هذا البناء فاننا نشعر بالحكاية الخرافية
كأنها قد اضطربت وأنها ليستبنية عضوية حقا قد يكون الحلم
فى بعض االحيان ذا بنية للحكاة الخرافية،ولكن هذا عد حالة شاذة،
وعندئذ يتحتم علينا ان نتساءل عما اذا كان عالم الحلم ال يتاثر باحساس
بالشكل متميز فى وضوح ومصدره الشعور اليقظ ٠
-٠٩٩
أن نشير الى (تنا حقا نستطيع فى اطمئنان ان نستخلص بعض ال موضوعات
من االحالم ،ولكننا نستطيع على أحسن تقدير فى حاالت شاذة ان
نستخلص حكاية خرافية ذات شكل مكتمل ٠ويكون االمر أهون
بالنسبة للحكايات الخرافية التي تنشأ منحاالت شعورية شبيهة بالحلم،
مثل حالة النشوة العليا التي تستخدم فى أعمال السحرة او محضري
االرواح ،على أن الحكاية الخرافيةتطبع التجارب الالشعورية واالشكال
الشعورية بطابعها ،وال يحق لنا أن نهمل هذه او تلك م
وقد بين « فان دير ليوف » فيما بعد ان من خصائص الحلمانفصال
عالمم اشعاال تاما عن عالم الواقع ،وعن الماضي والمستقبل ٠وكذلك
تعيش الحكاية الخرافية في عالم الزماني ٠وما دام عالم الحلم منفصال
تماما عن الحقيقة اليومية ،فال يحق لنا ان نفهم من هذا أن تجارب
الحلم تعكس التجارب اليومية بوصفها حقيقة ٠وقد سبق ان ضرنا
لهذا امثلة متعارضة ٠
- ١كان رجال ذا لحية زرقاء ،تزوج من كثع من النساء ،وكانت كل منهن تلقى طفها
فيظروغغريبة .ذلك انه كان يمتلك حجرة محرمة وكان يحرم هلى زوجته اال قدخلهسا
بعد ان يسلمها مفتاح هذه الحجرة ٠وبداغع أسفف وحب االسقطالع قدخل الزوجة
الحجرة الخامة وهى قمتلك منتاحها ،ولكسن المنتاح الذي نطبع عليه لي العال
يقعة لدم ٤يفعي سرها وخديعتما ( ٠المترجمة).
كيف أن البطلة تمسح البقعة جيدا وتغسلها ،ولكن البقعة ال تزول ٠
ويذكرنا هذا الخوف وتلك المحاوالت الدائبة المتكررة الزاةالبفعة
بما يشبه ذلك من تجارب الحلم التي ييكاد ييكون كل انسان فى.عصرن ا
الحاضر كذلك قدلمسها بحق ٠وشبيهة بهذاكذلك تلك الجكايات التي
تشير الى اعمال ال يمكن تحقيقها ففي ألروايات االلمانية والشمالية
لحكأية « العروس المنسية » كلفت اهتاة بعض خطابها الذين لم تقبل
ودهم القيام يبعض المهمات التي تبدو فى ظاهرها سهلة التحقيق ،فقد
كاذ ينبغي على االول ان يغلق الباب ،ولكنه كان دائما ينفتح في الحال
وكان ينبغي على الخطيب الثاني أن يطفيء نورا ،ولكنه كان يضيء
دائما من جديد ،أما الثالث فكان ينبغى عليه ان يمسك بذيل عجل ،
ولكن١لعجلكانيجرييين١لجبل والوادي.ولميستطعالخطيب اذ يترك
العجل ،بل كان عليه أن يجري معه دائما ٠وهذا
الموضوع االخير بعينه ،من حيث إن االنسان
ال يستطيع ان ترك الشيء ،وان كل ما ينسك يه يظل ملتصقا يده ،
هذا الموضوع كثيرا ماكان يضايق شخوص الحكاية الخرافية ويغيظهم،
وهو شبيه كذلك بالموضوع الذي نجد فيه الساحر يقيد انسان ا فى
كرسى أو فى منضدة ٠ولسنا نعرف مرة أخرى تفسيرا الصل هذا
الموضوع ايسر من ارجاعه الى الحلم لذي ينتاب نا فيهمنل هذا االحساس
بالحيرة ،فى الوقت انذي نشعر فيه بسخرية من موقفنا ٠
-٠:ء اطلق عليفن أخم ر دانياد ) وتد حدث ن قتلت البنات الخمسون ازوآجمن ٤شم تحتم
يليهن -مقابا لهن على جرائمهن — أن يمغين في مل وغاء مثتوب جماه .:
ا■'•* .ا ت.. يمرمن خالل مصغاة ( ٠المترجمة م مم' ٠ .
١٠٣٠
قيمة ،أو كي ينجح فى اجتياز امتحان ما ،ان يصرف عجينة من خالل
مصفاة ،او يتحتم عليه — كما فعل الروح فى حكاية « ابوليوس » أو
كما فعلت وعاء الرماد فى حكاياتنا االلمانية ٠٠ان يفصل االنواء المختلخه
من الحبوب بعضها عن بعض من اكوام غير متناهية ،أو يتحتم عليهان
يطيح اشجار غابة باكملما فى عصر يوم واحد بفأس خشبي ،واذا ما
حاول ذلك التوى الهأس عند اول ضربة له ٠وهذا موضوع أصيل من
موضوعات الطم.
-١٠٧ ا
فاذا القينا نظرة على الحكايات الخرافية البدائية ،رأينا
فيها اشياء كثيرة من عالم االحالم تصور المخاطر والمواقف المفزعة ٠
على انه من النادر لن تمثل فيها شيء من االحالم التي يرى
فيها الحالم جمال عالم آخر وبهاءه ٠ومن المحتمل كل االحتمال ان
نكون هذه التصورات راجعة الى عصور متأخرة أو انى مرحلة من
النتطور اكثر رقيا ٠
اما الحكايات التي تحكي عن الجنة فمعروفة فى الحضاراتالمختلنة
في أشكال غاية في التنوع ٠فتحكي الحكاية الشعبية االغريقيةعن
حديقة حاميات التفاح الذهبي «الهسبريدين »( )١انتي تفيض بالهامخ
والروعة .،والتي كانت تنمو بها شجرة تفاح لذيذ الطعم يحرسها تنين،
بعد أن تجاوزت الحاميات المحظور وأكلن من التفاح ٠ويذكرنا هذا فى
قفصيالته بحكاية الجنة فى االنجيل ،ففيها بحكى كذلك عن حدقة
يشيع فيها السالم والجمال ،ويحرس شجرة التفاح فيها مالك ،اذكان
من المحظور أكل تفاح هذه الشجرة ٠وفى الروايات االغريقية يكون
أطلس هو حامي العجرة والحديقة ٠اما الروايات الفارسية فتقترب
مرة اخرى من الروايات اليهودية ٠
ان موضوع الحديقة الرائعة يرتبط بتحذير ٦كل فاكهة معينة منها.
وتبع هذا موضوع الطرد من الجنة ٠ونحن ما نزال نجد مثل هذا
الترابط فين هذه الموضوعات فى كثير من حكايات عصرنا ٠ونذكر من
ذلك على سبيل المثال حكاية 8مريم والطفل » عند االخوين جرم ،فقد
أطلعت أم المسيح طفال على روائع السماء كلها فيما عدا حجرة لم يكن
ليسمح له برؤتما ٠ولكن الطفل — رغم ٠ذلك دخل الحجرة بمجرد
ان نركته ام المسيح وحده ٠وعوقب الطفل النه لم يشأ أن يعترف
بذنبه ،وطرد من السماء ٠وصحا الطفل فوجد نفسه عاريا وحيدا على
ا -مق حامياع الكفاح الدعيس في!السطورة االغريقية ٠وقد كان احد االعمل
االتفاعهى الدي كلل بهاعرلل ان يحلرتناحة.من لناح الهعبرين ( ٠ا^ترجمم»
سطح ارض ٠ويبدو لنا أن الحلم تمثل فى وضوح وراء هذه الحكاية
الخرافيةكذلك
- ١هى ساحرة في لعمة اآلوديا تعيش في جزيرة نتية ء وكانت قسحر المسانرين 1لى
خنازير ٠ولكن هؤالء تقلبو! عليها بوسعل من السحرة شبيهة بوساتلما ( ٠لمترجمة )
انسحرة في عقائد كثير من الشعوب وحكاياتما قبل الرواة االغريقية
وبعدها بزمن طويل ٠وتحكى حكاية هندية عن الحظ العاثر الذيكان
دائما يالزم رجال عن طريق النساء الساحرات ،فكل النسوة الالتي
تزوج بمن كن بمسخن انفسهن بعد وقت في صور عجائز ساحرات ،
حتى سحرته زوجة اخيه -من قبيل الشفقة عليه فيما بدالها ٠في
ثكل جاموسة ٠ثم فكت عنه السحر مرة اخرى فوقع في يد عجوز
هادئة الطبع ،ارادت ان تفترسه مع رفقائه ٠واخيرا وصل الى بلدة
مهجورة ال يعيش بها سوى عجوز مع بعض الفتيات احسان ٠ولكنه
تبينانهن كن كذلك من العجائز ساحرات ٠وفي هذه الحكاية الخرافية
تتضح بصفة خاصة قوة السحر في صورها المتعددة ٠
ه
في هذا الطريق ،فالصلة بين السماء واالرض تتمثل بطريقة رمزية ،
غالبا ما تكون في صورة شجرة او جبل كذلك او هرم ٠فالشجرة ذات
الجذورانسبعة او التسعة رمز لشجرة العالم او للعالم نفسه ٠وفي
طقوس العقيدة الشامانية يصعد الشاماني هذه الشجرة ،وهو بهذه
الطرقة يمارس الصعود الى السماء ٠وعند قبول شخص ،اى عند
تدريب الشاماني ،تحتم التعاليم كما هو الحال في كثير من الطقوس
المثابهة _ قتل االنسان انهرم وقيام شخص جديد مكانه ويحدث هذا
بطريقة رمزية ٠فجسد المنتمى يقطع ويطرق وتفصل عظامه عن لحمه
ومن هذه العظام تكون االنسان الجديد ٠كل هذا يعيشه الشاماي
الجديد في حالة غيبوبة ٠ونحن نذكر على سبيل المثال موضوعات
التقطيع في الحكايات الهندية وكذلك في حكاية « االخ المرح » عن
االخوين جرم ،ففيها كذلك طرق جسد ابنة الملك ثم وضعت العظام
ابيضاء بجانب بعضها البعض بالطريقة الصحيحة ،وبذلك استردن
االبنة الحياة مرة اخرى ٠وربما ترجع حكاية « الشاب المتوهج » في
اصلها الى ذلك :فقد طرق بترس شحاذا كهال ضامرا في كور حداد
فجعل منه شابا ٠ويتفق هذا تماما مع تدريبات العقيدة الشامانية ألتي
يطرق فيها المجرب في نار حداد فيصير شابا ،ثم يبرد جسمه بعد ذلك
في وعاء به ماء ٠
واوضح من هذا كله مهمة الشاماني بوصفه محررا لالرواح ٠فروح
المريض يسكن العالم انسفلي ،وفي وسع الشاماني ان يشفى هذا
المريض عن طريق تحرير روحه ٠وهو يحرر ارواح الموتى في العالم
السفلي ولكنه يستطيع كذلك ان يعيدها ٠ويذكرنا هذا « با رفيوس »
( )١وهو في الحقيقة ذو مالمح شامانية كثيرة ٠ففي رواية من روايات
ا — مغن مشهور في االسطورة 1الغريتية وهو ابن «( كالييو »» و «« ابولو »» وقد كان
ارنيوس يماردالسحر ،وكان في وسعه ان يسحر المحيوان المتوحثى واألحجار
واالشجار ٠كما انه استطاع ان يخلص زوجته من .العالم اسي وتدقدر له ان
ينتد زوجته مرة اخرى حيثما تعدى 1لمحظور بان نظر الى زوجته قيل أن
يستقبل الضوء ٠وبدك عادت زوجته الى العالم السفلي ( .المترجمة ) ٠
-١١٦-
حكايته ،نجح ارفيوس كذلك في تخليص زوجته « اوريدك »
من العالم السفلي ٠وقد كان ارفيوس عالما بوسائل Eurydike
العالج ،كما ان حبه للموسيقى وللحيوان وادوات سحره ومقدرته
على انتنبؤ ،كل هذا يعد من خصائص الشاماني الكبير ٠
ونقدم االن من امثلة االلياذة هذا المثال :فيحكى لدى التتار ان
« كوبايكو » وهي فتاة تتسم بالشجاعة ،هبطت الى العالم السفلي
لكي تسترجع راس اخيها الذي كان قد قطعه حيوان مهول ٠وبعد ان
مرت الفتاة بمغامرات كثيرة ،وشاهدن ما يال قيه مختلف المذنيين من
عذاب ،وفدت على ( ايرلي خان ) نفسه ملك العالم السفلي ،فسمح
لها تسترد راس اخيها اذا ما اجتازت أمتحانا بعينه بنجاح ٠فقد
تحتم عليها ان تجتذب شاة من باطن االرض كانت قد دفنت في اعماقها
بشرط ان يرى االنسان على اقل تقدير قرنيها ونجحت « كوبايكو »
في هذا العمل البطولي ،ورجعت الى االرض مرة اخرى براس اخيها
وبالماء السحري الذي قدمه االله لها عندما استيقظ ٠
وقد قدمت بحق شجرة الكون التي تتفرغ في جهات كثيرة ،
والتي تسلقها الشاماني ،نموذجا للجكاية الخرافية التي تحكى عن
الكون متمثال في شكل شجرة ٠فهناك حكاية خرافية تحكى كيف ان
شابا ظل فترة طويلة تسلق شجرة ضخمة حتى وصل الى قرية،
بلغ بعدها حصنا كانت تسكنه اميرة سحرها ساحر يتخذ شكل غرأب
(والساحر الذي تخذ شكل غراب معروف تماما في العقيدة الشامانية)
وبعد صعوبات كثيرة نجح الشاب بمساعدة حصان سحري ذي ثالثة
ارجل ان يخلص االميرة ٠والحصان ذي االرجل الثالثة غالبا ما يظمر
في الطقوس الشامانية وكذلك في غيرها من الطقوس بوصفه حصانا
روحيا ٠
-١١٧-
يينهما وبين الرياضات الشامانية ٠ثم ان استعمال الحشيش ثابت
ثبوتا قاطعا فى ايران ٠وقد صارت الكلمة االيرانية للحشيش فيما بعد
فى كثير من اللغات االسيوية اائرة الى انتبات المخدر الذي
يتعاطاه محضر االرواح ٠
على أن رمز التحليق وموضوع الطيران انسحري شه هما فى
الحقيقة أقدم بحق من العقيدة الشامانية ٠
-٨
وان هذه البقايا تربط بين العقيدة والحياة بطرقة خاصة ٠
- ١مرغى عقلى يرجع الم المعتقدات اصبية عند الكلت والجرماتيين والرومان ،
ومؤداه ان االكسلن يخيل اليه في بعفى االحيان انه يتقمص جسد نئي ،سعر
حينئد انه يرغب في نيش القبور المتخراج الجشث 1و يشمعر انه متعطشى للدماء ،نيتل
(1لمترجمة الميران واالسن ٠
١١٩ -
المتعددة » والحكاية التي تقابلها عن الرجال الممسوخين وهي حكاية
صائغ الذهب ( او حكاية « الراس المصاب بجرب» او « ايزنها نز» )
التي تحكي عن ابن الملك الذي حكم عليه بالنفي ،والذي عاش حيا
بوصفه صبي بستاني ،واتصر على الخطاب االخرين عن طريق قوته
غير العادية وظفر بيد ابنة الملك ٠
وفى بعض روايات حكاية « صائغ الذهب » يحكى ان الشابكان
في الحقيقة حيوانا ،او انه كان يكتسي جلد الحيوان وانه كثيرا ما
كان يقول بعد ذلك انه ال يحب ان يخلع عنه قبعته النه مصاب
بجرب خطير فى راسه ٠ويحق لنا أن نذكر بهذه المناسبة انه من .بين
العالمات التي تظهر فى بداية مرض االستذائب ان الشخص الذي
يصاب بمذا المرض يشعر بحكة شديدة فى راسه ،ويعاني من تصور
قبيح هوأن رأسه مغطى بطبقة كثيفة من الجرب ٠ويظهر موضوع
الجرب فى معظم روايات هذه الحكاية الخرافية ،أي انه ينتمي بحق
الى اقدم االصول ٠وفي النصوص القديمة نسبيا لهذه الحكايات
الخرافية يبدو البطلمصابا بالجنون ،كما يبدو كذلك انه استولتعليه
قوة وحثية عاتيةوغضبشيطاني ،قبل انيقوم باعماله البطوليةوفى اثناء
الفيامبها كذلك ٠ومثالذلكايضا حكاية روبرت الشيطان انتي تنتمي
الى موضوعنا ،واالسطورة الشمالية القديمة « أورفارأود » اما فى
روايات حكاية « صائغ الذهب » التي ال يصاب فيها البطل تفسه بمذه
الوحشية ،فانه يبدو كما لو ان روحا حاميا ومساعدا قف بجاتبه
بوصفه منقذا له منكل المخاطر ٠وهو رجل متوحش يفزع كل من
راه بمظمره ،وهو بسكن الغابة بوصفه ساحرا ،وكثيرا ما يبندو
كانه ممسوخ ٠ويبدو لنا ان هذه المالمح كلها تشي الى ان حكاية
« صائغ الذهب » نشأت من حكاية المسخ واالستذائب ،اي انها
نشات عن حكاية خرافية تحكي عنبطل شجاع مسخ فى شكل حيوان
وحشي ،ولكنه عن طريق اعمال بطولية خاصة أو عن طريق حبهالمتفاني
المرأة ،يتخلص من هذا المسخ ٠وكثير من امراء انحكاية الخرافية
يتحتم عليمم ان يتجولوا فى الحياة بوصفهم ذائبا او دببة أو ثعالبحتى
يستردوا آخر االمر اشكالهم الحقيقية عنطريق القيام باعمال طيبة او
ر اعمال اخرى تخلصهم من هذا المسخ ٠
-ا ١٢ا
الخرافية التي تحكي عن الهروب السحري ،والتي يحاول فيها الساحر
أن يهرب من المقتفين الثره عن طريق التحول الدائم ٠ان بداية
حكاية « صاحبة اآلالم المتعددة » يمكن ان تشير الىاللعنة السحرية
إلتي حلت بالفتاة ،فقد هربت الفتأة الن اباها نفسه ارأد ان تخذ منها
زوجا له ٠ولم يخلصها من هذه اللعنة سوى معاناتها النفسية ٠
-١٢٦-
العقوبات ليست عقوبات من صنع الحكاية الخرافية ،وانما هي مأخوذة
عن قانون العقوبات الحقيقي ٠
وينتمي الحب المتبادل يين االم واطفالها الذي يشتعل طويال بعد
موت أحد الطرفين الى اكثر المالمح تاثيرا فى الحكاية الخرافية وليس
هذا كذلك مجرد ملمح عاطفي مخترع ،وانما هو في الحقيقة من بقايا
العصور التي كانت فيها عقيدة االسرة واالجداد تكون جزءا أساسيامن
الدين ،أو على االحرى اهم شكل من اشكاله ٠ونحن نذكر كذلك
اذ االخت فى الحكايات الخرافية تظل ممتنعة عن الكالموقتا طويال ،
وهي تقاسي وتجاهد لكي تخلص اخاها من صورة الحيوان التي
مسخ فيها ويرتبط مصير االخوين التوأمين احدهما باالخر ارتباطا
وثيقا الى درجة انه يتحتم على أحدهما أن ينقذ االخر اذا ما تهدده
خطر ،كما يتحتم عليه الثأر له اذا ما قتل ٠ويتحد االطفال االشقاء
بطريقة خاصة ،وهم غالبا ما يمثلون ثخصا واحدا ويعرف علم
الشعوب قبائل نظر فيها االخ الى زوجة اخيه بوصفها زوجته الخاصة
كذلك ٠وقد تصل تقاليد الدم خالل انتضحية الى حد تحدي
الطبيحة ٠
ومن المختمل أن تكون االفكار التي تختص بصلة الدم هذه قد
سادت بوجه خاص عند الشعوب الجرمانية ٠
على أذ هذه القوة بعينهاال تي قالزم االخوة االشقاء هي التي تثير
الحسد في نفوس اخوتهم غير االشقاء ،وتدفعهم الى تعقبهم ٠ولذلك
فان االخوة واالخوات الذين تصورهم الحكاية الخخرافية ممتكئين حسدا
وغيظا وضغينة يبحثون عن االخ أو االخت االخرى لكي يدفعوا بما
او به الى الهالك ٠ثم ظهرت بعد ذلك زوجة االب التي تشارك هؤالء
االخوة غيظهم ٠وتمثل حكايات زوجة االب هذه نوعا خاصا من
الحكايات ااسلندة ،وان ظهر الى جانبها حكايات اخرى عن
زوجة االب الطيبة ٠وربما يرجع هذا الى ان الفالح فى ايسلندا كثيراما
كان يسلم أوالده الىمن يرعاهم ،وفى الغالب يكون هذا مقابل أجر ٠
-١٢٧-
وقد كان المزارعون الذين يقومون بالرعاية يعدون هذا تمييزا لهم عن
غيرهم ٠وقد كثر فى القرون االخيرة _ فيما يبدو لنا ,موضوع كره
زوجة االب فى حكاياتنا الخرافية ،فربما نقل الشعب خوفه من
الساحرات العجائز الى زوجة االب ٠على انه من إلنادر ان تسيء زوجة
االب وحدها معاملة الطفل الوديع من االم االولى ،وانما يشاركها فى
ذلك االخوة غير األشقاء ٠
وانه ليمتعنا جميعا ان تتخيل كيف ان الجدة واالميرات في الحكاية
الخرافية لسن وحدهن هن اآلآتي يبحثن عن القمل في رأس الشيطان،
بل ان االميرات والعفريت كذلك بحثون عنه فى رأسالفارس .فقد
كانت عادة البحث عن القمل ضروريه حقا ومستحبة ،ولم تكن باي
حال من االحوال عادة كريهة ٠وما تزال هذه العادة تعيش لدى بعض
الشعوب الشرقية ٠ونحن نرجح ان هذا يؤكد ما يعتقده سكان جزر
بحر الجنوب من أن القمل طعام حلو الطعم للغاية ،فليس فى وسع
االنسان اال أن يسلم بهذا ٠ويحكى ان الحالقين كا نوا يضعون ا نقمل
فى ايدي زبائنهم الذين كانوا يأكلونه بدورهم ٠
ان جميع الشعوب وكذلك الشعوب الجرماية كانت ذات يومتقدم
الناس ضحية لاللهة ،لكي تسالمها وتنشد مساعدتها ٠وليس منالسهل
ها من اسباب ،فكثيرااليوم ان نفهم مغزى هذه التضحية وما وراءاءها
.ما كان الملك ذاته يقدم تفسه ضحية ٠وقد احتفظت كثير منالحكايات
الخرافية باثار عذه التضحية باالنسان ،فيحكى على سبيل المثال انه
كان يتحتم فى كل عام تقديم انسان ضحية لكائن مهول ،وان االختيار
وقع فى النهاية على ابنة املك كذلك ٠ونحن نعرف التضحية التي
تتكرر فى كل عام كذلك لدى البلدان المختلفة ٠وفى الحقيقة كان
التنين او الكائن المهول فى االصل اله النهر الذي كان االنسان يود
استرضاءه لكيال يخرج الى ألشاطيء ويفسد البراري والحقول ٠
ولقد الحظ « يعقوب بوركهارد » ذات مرة ان اتتقال نظام حياة
الرعاة والصيادين البدوية الجبلية الى نظام حياة المدن الحضرىالمستقر،
س ١٣٢
الىجانب بعض كمايمزج بعضها ببعض ٠على ان كثيرا من الروايات
التي تتحدث عن فن الحكاية لدى الشعوب البدائية تذكر ان القصاصين
كان يحتم عليهم ان يعيدوا رواية الحكايات في دقة متتاهية ،وانه م
يكن يحق لهم ان يغيروا شيائ فيها حتى اليسيوئا الى االجداد او انى
االرواح ٠وعلى ذلك فالحكايات الخرافية تعد جزءا اساسيا من ترات
ديني قديم ،وليس من المعقول ان يرجع ما يبدو فيها من فقدان للشكل
الى عجز القاص ٠ويبدو انه يتحتم علينا ان نقبل فكرة ان بناء هذه
الحكايات ال يعكس سوى احساس آخر بالشكل ،وال يرجع الى
عجز في التشكيل ٠ويحق نتا ان نذكر بهذه المناسبة ان الموسبيقى
الشرقيه او اآلسيوة او موسيقى سكان افريقيأ االصليين كثيرأ ما نبدو
لنا مجرد الحان مضطربة تنقبض لها النفس ،او باالحرى نغمات
ناشزة ،ومع ذلك فان سلم النغم لدى هذه الشعوب ذو تكوين
ثابت وان اختلف عن سلم موسيقا ا كل االختالف ٠فنحن نعيش
مرتبطين الى حد بعيد بتقاليدنا الشكلية الى درجة اننا ال نستطيع ان
نفهم اى نظام شكلى اخر اال في صعوبة بالغة ٠
ان حكايا تنا انسحرية ذات بنية محددة كل التحديد ،تختلف عن
بنية الحكايات البدائية كل االختالف ٠وربما استطعنا ان تتصور ال
هذا الشكل فيحكاياتنا كان تطويرا طبيعيا نشأ عن مثل هده الحكايات
التعليلية القصيرة المفسرة ذات الموضوع الواحد ٠ففي هذه الحكايادت
االخيرة سلسلة من االجابات عن مسألة تجري على سييل المثال على
النحو التالي )١( :اختزن بطل الماء في برميل ( )٢وأخفاه في جوف
جبل ( )٣وسرق بطل اخر تخذ صورة طائر الماء وشربه ( )٤وطار البطل
والماء وبعد ذلك افرغه من جوفه ٠او تجرى كذلك على انتحو التالي :
( )١ان روح االنسان تتمثل في قطرة من الدم ( )٢ثم في دب
( )٣ثم في ثور ( )٤ثم في قطرة من دم هذا الثور ( )٥ثم في شجرة،
وهكذا وهذا الذي ننسقه هنا يمثل في الحقيقة مجرى االحداث في
جزء من حكاية هي اكثر الحكايات التي نمتلكها قيمة ،اال وهي حكاية
« االخودن » المصرية ،كما يمش مضمون الحكابات الخرافية التى
ثم نمت الحكاية بعد ذلك عن طريق تكرار الموضوع ثالث مرات
او اكثر من ذلك ومعنى هذا على وجه التقريب ان اثنين او اكدر من
شخوص الحكاية يجهدون اتفسهم دون جدوى في سبب الوصول الى
هدف ،واخيرا ال يصل الى هذا الهدف اال الشخص االلث واالخير ٠
وسوف تتوسع في الفصل التالى في موضوع اقواعد الملحمية للحكاية
الخرافية وفي شكلها وصتها بأنواع الحكايات الشعبية اخرى ٠
١٣٤ -
للقواعد العامة لشكل الحكاية الخرافية ٠وبعد ذلك اخذت الحكاية
الخرافية تنتشر بين الشعب او في االعمال االديية ٠وعلى ذلك فنحن
ال نستطيع ان نحدد بصفة عامه اصول الحكاية الخرافية ذات ألشكل
المحدد ،فهذا ال يمكن حصوله — على احسن الفروض -اال في بعص
الحكايات ٠وحتى في هذه الحالة ،ال تكون النتائج مؤكدة للغاية ٠
ولقد سبق ان اشرنا في الفصل ائسابق ،عند ذكرنا للمنهج انتاريخي
الجغرافي الذي يسمى بمنهج المدرسة الفنلندة ،الى الصعوبات التي
واجهتها هذه المدرسة عندها كانت شت الطريق للبحث عن الشكل
االول ٠على انا نود مع ذلك ان نقدم بعض االشارات الموجزة عن اصل
بعض الحكايات الخرافية ،مقتفين في ذلك رأى انباحث االمربكي
« ستيت تومسون » ٠
شتمل المصادر البوذية القديمة نسبيا -ضمن ما شتمل عليه ٠
على حكاية الثخوص الستة الذبن طافوا انحاء العالم ( وهي الحكاية
التي ال نود ان نرجعها كلية ألى االصل الكلتي مهما تكن االحوال)
ثم حكاية « الطبيب العالم بكل االمور » ٠وتتضمن المجموعة
السنسكرتية « ملتقى التيارات لمختلف الحكايات » آل لسوماديوا »
التي ترجع الى القرن الثاني عشر ،حكاية « يوحنا المخلص»٠وتتضمن
مجموعة هندية اخرى حكاية « االخوة االربعة الممرة » ٠ومن بين
حكايات الف ليلة وليلة اتتي ذاعت بصفة خاصة حكاة « عالء الدين »
وحكاية « افتح يا سمسم» وحكاية االربعين حرامي وترجع حكاية
او ديب في اصلها الى المصادر االغريقية وكذلك حكاية « الذئب
والحمل » ٠اما حكاية «الفتاة الناصعة البياض ذات الخدود المحمرة »
فترجع الى مجموعة المانية مدونة ظهرت في سنة ١٨١٨م ٠
ويرجح « تومسون » بالنسبة لهذه الحكاييات السابق ذكرها
ان لدينا فرصة عظيمة الن نصادف اصل هذه الحكايات في احدى
الشواهد المدونة ٠اما خالف ذلك من الحكايات الخرافية فانه عتقد
انما ترجع في نشأتها الى الرواية الشفوية ٠ومن الممكن ان نجد فيما
يلي من الحكايات امثلة لهذا ،كالحكاية التي تتناول موضوع الهروب
" ١٣٥
السحري وتقوم فيها الفتاة بدور المساعد ،والحكاية التي تتناول
موضوع انحيوان الذي يحفظ الصنيع ،وكذلك الحكاية انتي تتناون
موضوع « العفريت في حجرة العروس » ،تلك انحكاية اتي وان
نكن قد ظهرت بحق في انجيل توبياس المزيف ،اال انها ترجع في اصلها
الى روايات شفوية اقدم من ذلك ٠
وربما كان من الممكن حقا ،وفقأ البحاث المدرسة الفنلندية ،ان
تمتد هذه السلسلة ٠غير انه نتختم علينا ان لؤكد يين الحين واالخر ،
وهذ ما فعله تومسون نفسه ،اتا لم نعثر منذ زمن طويل على اصن
حكاية خرافية واحدة ،وان كنا قد كشفنا عن صورة مدونة لبعضها ،
ربما رجعت الى عصر مبكر ٠وربما وصلنا حقا بذلك في بعض الحاالت
لى الشكل االخير الحدى الحكايات الخرافية ،اال انه غانبا ما تكون
االصول المدونة نفسها مستقاة هي بدورها من اثرواية الشعبية
وحدها ٠
اننالن تتمكن بهذه الطريقة من ان تتعرفعلى اصل احدى الحكايات
الخرافية اال في احوال نادرة ،ولن تصدق النتائج عندئذ -كماقلنا
اال صدقا نسبيا ٠ومع ذلك فما يزال هناك في الحقيقة احتمال اخر
قربنا من اصول حكاياتنا الخرافية ٠
ولقد سبق ان رأينا ان حكايات البدائيين تختلف في بنيتها عن
حكاياتنا انسحرية بما لها من بنية اخرى تخفى وراءها احساسا آخر
بالشكل م وال بد ان يكون هذا االحساس بالشكل قد تطور ذات
مرة م وبحق لنا ان ناخذ بفكرة انهذا االحساس بالشكل قدتكون على
ابعد تقديرفي زمن كانفيهالهندوجرمايونما يزالون يمثلونمجتمعاضيقا
مرتبطا بعضه ببعض ٠فنحن ال نعتقد ان مثل هذا االحساس الواضح
كل الوضوح بالشكل يرجع الى تطور عرضي ٠اما عن سبب نكون
االحساس بالشكل بهذه الصورة فهذا ما نستطيع ان نبينه ٠
هذا االحساس بالشكل ،اي السعي وراء نظام محدد في
التفصيالت يخضع لقواعد محددة وال يشمل الحكاية الخرافية وحدها
-د ٠١٣٦
وانما يشمل كل االنماط الشعبية االخرى ،هو الذي حدد شكل
الحكايه ااخرافية ،وارغم ادبأءهم المشهورين في عالم االدب و غيرهم
من المجهولين في االوساط الشعيية . ٤كما ارغم القصاص جميعا ،عنى
ان يخضعوا لهده القواعد ٠واذا نحن اخذنا تفسير مصدر هذه الرغبه
فى الشكل بارجاعها الى مجاالت نفسية او اجتماعية او دنية ،امكنا
فهم اخكاية الخرافية بطريقة اوسع واعم ٠كما يسمح بذلك تفسير
بعض الحكايات ،هدا التفسير الذي يرجع الحكاية -وهذا.ضروري
للغاية ى الى شكلها االصلي الفريد اندييمكن ادراكه تاريخيا .٠
اننا نؤكد مرة اخرى اذ هناك مسبأله لم نستطع ان نقول عنهبيا
شيائ ٠وهذه المسألة تختص بما هو ابعد من الشنكل في إلحكاي ة الخرافية
فحكاية البطونة واالسطورة واالغنية الشعبية تخضع جميعا .لنفسن
القواين كذلك ٠ومن ثم فان السؤال عن إصل .شكل الحكاة الخرافي،
ال ينفصل عن السؤال عن اص ادبنا بصفة عامه ،وعن عناصره .الشكلية
التي جعلت لكل االنواع الدرامية منها والملحمية والغنائية طابعهنا
د ٠م ٠ح الخاص ٠
ان هذا من شأنه ان يبتعد بنا عن الحكايات إلخرافية ،ونكنه يبين
لنا كذلك إن الحكايات الخرافية ال تنفصل عن.االشكالي االخرى:من
اشكال التعبير عن الروح االنساني وانها تمثل دائما أبدا االساس .لذي
يستمد منه االدباء ابداعهم ٠وانه ليبدو لنا انه من الحقان تعذ
الحكاة الخرافية ضمن االداب العالمية ٠فقد استمدت موضوعاتها من
تصورات كل االزمنة واحضارات ،وهاجرت بثكلها الفني المكتمل،
وهى تمثل االن بحق الحصيلة المشتركة لدى كل الشعوب ٠
٠١٣٧-
الفصل االلث
1٣٩ م
كانثمال بعض الشيء ب يبحث عن اطريق لى مسكنه في الليل ٠
وقد يسمع اصواتا هأمسة في الظالم ،ال يستطيع ان يطردها سوى
روح معين ٠وقد يرى شخصا يستذئب فجاة وهكدا ٠٠٠وان الدخان
الذي ينبعث من المهمالت الزراعية المحترقة يعنى ان دخانا ينبعث من
مطبخ العالم السفلي ٠ومن خالل احرارة المتلظية التى نصطليهاالحقول
في الظهيزة يعتقد االنسان انه يرى الماعن تقفن ومن ورائها يطاردها روح
مرئي وقد يرى في الضباب الذي ينتشر على المرأعي مناديل بيضاء
تمتلكها االزواح ٠اما الرياح التي تهب كالعاصفه فوق االشجار وهي
تصفر فهي افراس او ثيران اله البحر ٠والسحب التي تسرع في
السماءء يطاردها ألريح العاصف ،فجيش من ارواح الذين فارقوا الحياة
تلك االرواح ألتي تزأر في الهواء •
وقد ظلت الحكايات الشعيية في البالد الجرمانية وفي ايرلندة
محتفظة بصفة خاصة بطبيعتها القديمة ٠وهي في هذه البالد تزدهر
وتنمو في غنى ال حد له حتى يومنا هذا ،وترتبط باالمكنة التي نشات
فيها من انهار وجبال وبحار وغابات وحقول ٠كما انها ليست بحال
من االحوال ننوى مبتكرات ترجع الى زمن بعيد ،فنحن ال يسعنا اال
ان نذكر الحكايات الكثيرة التي شأت في القرن الماضي في اثناء
تشييد خطوط السكك الحديدية ،او تلك اتي خلقت خلقا جديدا
خالل حوادث الحرب االخيرة التي طرد في اثنائها كثير من الناس من
موطنهم ٠وهي تشبهما يقابلها من الحكايات التي نشأت في االزمات
السالفة حتى في تفصيالتها ٠
فالحكاية الشعبية اذن بنية بسيطة ،اما الحكاية الخرافية فهي مركبه
ذات شكل معين ٠وسوف تتحدث عن قوانينها الشكلية وشيكا ٠
فالحكاية في العموم ال تؤخذ مأخذ الحقيقة ،في حين ان الحكابة
الشعبية تؤخذ هذا المأخذ ،وهي تستدل بشواهد تؤيد ما فيها من
حقيقة ' ٠
ولقد بحث « ماكس لوتي » وجه االختالف بين الحكاية الشعبية
والحكاية الخرافية من جهة االختالف في استخدام الموهبة التي هي
منحة سماوية لالنسان ٠ونود هنا ان نقدم بعضا من أهم وجوه
أالختالف عنده ٠
ان الحكاية الخرافية بكل ما فيها من عناصر تعد ادبا ،اما الحكاية
الشعبية فهي تمتزج بالواقع الحقيقي في اعمت اعماقه ،وبى لها
طابع ادبي صرف ٠انها تود ان تحكى عن غرائب عالم الواقع وغرائب
العالم االخر،اذا ماحكت عن االقزام والمردة وعن االرواح الشريرة
والشياطين ٠وهي في الوقت تفسه تود ان تفسر الحقيقة الدنيوية ،
اي حقيقة عالمنا ،حينما تتساءلعن السبسب الذي من اجله اتخذ جبل
من الجبال شكال خاصا ،وعن السبب الذي من اجله شيد جسر شامخ
غاية في الشموخ ،وغير ذلك من االشياء ٠
ان الحكاية الثعبية تصور االنسان الوحيد ،الذي تصل بالعالم
االخر وكثيرا ما يخضع له اما االنسان في.الحكاية الخرافية فيتصل
بمحض اختياره بقوى العاتم االخر ٠والحكاية الخرافية ذات طريقة
تجريديه في العرض ،كما انها تسمو بالموضوع والصور انى درجة
المثالية ،اما الحكاية الشعبية فحسية ،تصور فيها العوالم االخرى
في دقة وتفصيل ،كمالبساالقزام مثال ،ومظهرهم واعمارهم واجناسهم
ومتزج كل هذا بوصفها للطبيعة ٠وتحاول الح نكاية الشعبية ان تعرض
خصائصها وطبيعتها ،حينما تتناول مخلوقات العالم االخر فتتحدث عن
ماضيهم وعاداتهم اليومية ٠وال تعرف الحكاية اثخرافية مثل هذا ،
فهي تحكى عن العفاريت والمردة والجن ولكنها ال تصفهم ٠وهي ال
تحكى عن العالم االخر من اجل ان تثير في نفوسنا تصورا لهكماهو
الحال في الحكاية الشعبية ،وانما نجد في هذا العالم القوى التي تكون
مساعدة او معادية للبطل ،وان تكن لها وظيفة محددة دائما ،وهى
ان تقود البطل الى الهدف المحدد من قبل ٠فالمواهب التي سستقبلها
بطل الحكاية الخرافية على سبيل المثال تتحدد تبعاته ،تلك التبعات
التي ال يمكن ان تنحقق اال بمساعدة هذه المواهب ٠اما المواهب في
الحكاية الشعيية فهي جزاء على الوفاء بتبعات ٠
ان الحكاية الشعيية جادة في طابعها ،اما الحكاية البخرافية فهي
١٤
تتحرك بين ما هو جاد وما هو هزني ،اذغالبا تتالزم فيها االشياء
المفزعة الغريبة والصور واالفكار التي تفيض باذقة' ودقة االحساس
فهذه اشياء وتلك ضرورية فيها على السواء ٠
- ١عى العكايات ٦tIي قعرف لدى ألدعب باسم حكايات النشر ( ٠المترجمة )
- ١٤٢٠
االمور المستحيلة Otto Crusius وقد جمع ( اوتوكروسيوس )
في بعض الحكايات الخرافية االغريقية القدييمة فيما يلي :
( ان االرنب او الغزال يستخدم في الركوب ٠والرجل نفلت
من بوابة فيضيق ثقب االبرة او الخاتم ٠والبحر تعلوه سحب من
االتربة وماؤه حلو يصب في نمر ،واالنهار تجري الى اعلى الجبل٠
والجبال تتمخض فتلد فأرا ٠وتطير الذائب والحمير في الهواء ،كما
ان الحمار يعزف على العود والعربة تجر الثيران ٠والذئب يحي
الغنم ،والغزال نتصرعلى االسد ،والبقرة تسبق االرنب ٠ قطيع
واالسد حيوان اليف يحلق شعره ٠واالرفب حيوان لص يأكل
اللحوم ٠والضفدعة تعلمت شرب اتخمر ،والناس يجدلون الحبال من
الرمل او من الواح الخشب ٠وهم يقيدون الدرفبل ،ويحلقوذ شعر
الحمار ،ويحلبوذ التيس ،ويحضرون الماء في مصفاة ،ويطهوذ
الحساء قبل صيد السمك ٠ ٠وهكذا ٠
وما زال االنسان حتى اليوم يحكى بعض حكأيات النفج هذه ٠
على ان الكثير منها قد تحول الى شكل مختصر جامد ال يستخدم اال
مقدمة لحكاية خرافية اخرى او خاتمة لها ٠
وترد في احدى ائحكايات االلمانية امثال هذه المبالغات ٠ومثال
ذلك :كان غطاءرأسي من الزبد ثم سرت في الشمس فذاب ٠وردائي
مصنوع من نسيج العنكبوت ثم اخترقت به االشواك فتمزق ٠وخخي
مصنوع من الزجاج فلما تعثرت في حجر تهشم ٠وغاليا ما ترد حكاية
النفج في مطلع الحكاية التركية والهنغارية الخرافية المعاصرة ٠فيحكى
انه كان حناك ذات مرة سبعة ممالك ،وال اعرف ابن ٠لقد كان ذلك
فيما وراء عالمنا على مسافة بعد مقدار ما بين عالمنا والعالم اآلخر سبع
مرات او اكثر ٠وقد كان ذلك عند بحر من البحار في العالم اآلخر
كذلك ،عند الجانب الممدم من فرن ممدم ،كان هناك برغوث ابيض
في الثنية السابعة والسبعين من رداء امرأة عجوز ٠وفي المكان االوسط
من هذا البرغوث كانت هناك بلدة مزدهرة يحكمها ملك ٠وقد كان
عيش بها ملك كهل ٠لقد حدث ذات مرة او لم يحدث ٠وكان ذلك
- 1هذا اسم المقال الذي نشرهفي مجلة «( العالم القديم»» ج ٥1عام ( ٠ ١٩٠٩المترجمة»
- ٢يقايل هذا الصيغة الختامية التي تنتهى بها حكاياتنا الخرانية حيث يقال «لوعاشو!
في تبات ونبات وخلفو صبيانا وبنات )) ( ٠المترجمةر0
ا- ١٤٧
التضحية له بفتاة كل عام ،ولكن هذا ال يصور تصويرا موضوعيا ،
وال يصور البداية بوصفه حادثا خاصا ٠خلى ان هذا القانون ال بخلو
من عواذ ،فنحن نعرف عددا من الحكايات الخرافية مثل الحكايات
التركية وحكايات النور على سبيل المشال ب تتشابك فيها عناصر
الموضوع تشابكا حقيقيا ٠
وتمئل الحكاية الخرافية وحدة ملحمية ،فمن خواصها المحددة
انها ال بد ان تخلق نوعا من التاثير يرتبط بهذه الوحدة الملحمية ٠وال
يحدث قط انتغيب عنعيوننا هذه العالقة بينهذا التأثير وهذه الوحدة
على ان الحكاية الخرافية تعرف كذلك الوحدة الملحمية المثالية ،
فذلحوادث الكثيرة فيها يرتبط بعضها ببعض لكي تلقي على شخصية
البطل مزدا من االضواء ٠
ويتمثل اهم قانون ملحمي نلحكاية الخرافية -كما سبق ان
ذكرنا __ في تركيز الموضوع حول شخصية رئيسية ٠على انه عندئذ
يتحتم علينا في بعض االحيان ان نفرق بين الشخصية الرئيسية الصورية
والشخصية الرئيسية الحقيقية ٠فابن الملك في الحكايات التي تحكى
عن الحبيبة المنسية هو بصفة خاصة الشخصية الرئيسية ،على ان
اهتمامنا تجه اكثر من ذلك الى مصير الفتاة التي تهدف الى ان تفوز
بابن الملك مرة اخرى ٠
ومن خاللهذه القوانين التي تختص بالحكاية الخرافية يتضح
لنا كذلك شكلها الخارجي الذي يتمثل في استخدامها لصيغ بعينها او
ما يشابهها ٠وقد مر بنا جميعا كيف ان الحكاية الخرافية اتي نستمع
اليها للمرة االولى ،تبدو معروفة لنا ،الى درجة انا نحزر من قبل ،
الحظ الذي سيسير فيه الموضوع ٠ويرجع السبب في هذا إلى بناء
الحكاية الخرافية المحدد ٠
وكل هذه القوانين الملحمية ال تصح بالنسبة للحكاية الخرافية
فحسب ،وانما تصح كذلك بالنسبة لحكاية البطولة واالسطورة
الكونتة Mythواطورة االخبار Lege deوالقصة القعيرة
الشعرية واالغنية الشعبية القصصية ،كما انها تنطبق جزئيا على الحكاية
ا - 1٤٨
الشعبية ٠ومن الممكن حقا لهده القوانين ان تطلعنا على خصائص
االدب الشعبي ،ولكنها مع ذلك ال تمكننا من التفرقة بين االنواء
المختلفة له م
وقد سبق ان رأينا كيف ان حكاية البطولة ترتبط ارتباطا وئيقا
بالحكاية الخرافية فقد شب سيجفريد في عزلة لدى ساحر فتعلم منه
كيف تغلب على التنين واكتسب بذلك الحصانة ضد اجروح ،تم
خلص المرأة الشابة من سحر االشواك المنومة ٠وكل هذا يقابل تماما
حياة البطل في حكايات خرافية عدة ٠فاذا شئنا ان نرد تاريخ حياة
كنير من ابطال الحكايات الخرافية الى شكل صورى مركز عام ،فانا
نرى ان البطل ينشأ مجهوال ثم تغلب على كائن ضخم وهائل في شكل
تنين او مارد ،ويفوز في النهاية باالميرة — وهي المرأة الشابة ,بعد
ان يخلصها من اسر القوى الشريرة ٠على ان هذا يمثل كذلك خطة
حياة البطل في حكاية البطولة الشعبية ٠ويحق لنا ان نؤكد هذاالنعميم
فنقول ان التغلب على الكائن الممول غالبا ما يمثل العمل البطولي
الحقيقي في حكاية البطولة في االتصار على الوحش الممول ٠وييحق
لنا ان نضيف الى ذلك ان اساطير االلهة والطقوس تعرف هذا العمل
بوصفه اكثر االعمال قوة ٠فالذئب الشيطان في االساطير الشمالية
والتنين الذي شير الفوضى في العهد القديم وتيامات ( )١في االسطورة
البابلية ،واالفعى في االساطير المصرية القدييمة ،كل هذه االشكال
قهرتها القوى االلمية ٠وهذه االشكال االلهية تتفق مع ابطال حكابة
البطولة والحكاية الخرافية في بعض االمور ٠
ولكن ما عالقة اساطير اآللهة هذه بالحكاية الخرافية وحكاية
البطولة؛ ان حكاية البطولة في كل العصور -في حدود ما نعرف -
ذات بعد تراجيدي ٠فالبطل فيها يقضي نحبه في النهاية،وترتبطالحكاية
كلها منذ البداة بهذه النهاية التراجيدية ،وال تبدأ الطييعة البطولية
- ١ياسع هى االم االودى لجبع العون و المقيدة اإلبلية ،وض طريفهايني االله
مردوك السماء ( ٠المرجمة )
- ا1٤٩
على االطالق في الظهور اال من خالل هذه النهاية التراجيدية ٠اما
بطل الحكاية اخرافية الذي تتتهي حياته دائما الى نهاية طيبة ،فاسم
يكن من’.تكن ان نال التقدير ئما هو انشأن غالبا بالنسبة البطال
حكايات البطولية ٠
ومع تشابه الموضوعات جميعا الى حد ان تكون حياة بطل انحكاية
الخرافية واعماله متفقة في كثير من االمور مع حياة بطل حكايات
البطولة واعماله فان حكاية ابطوله تتتمي حقا الى سلوك روحي آخر
غير الذي تنتمي اليه الحكاية الخرافية ٠فالبطل فيها يعد صورة مثاليه
لما هو انساني ،ويحق لنا لذلك ان تتوقع ان تلقي حكاية البطولة عناية
في كل مكان ،حيث يسعى االنسان لتحقيق هذه الصورة المثاية بخاصة
في االوساط االرستقراطية او الدينية ٠فالبطل في حكاية البطوله
نموذج يسعى االنسان للوصول اليه في همة ،اما بطل الحكاية الخرافية
فليس من الممكن بحال من االحوال ان يكون نموذجا ٠وال رجع
السبب في هذا _كما قد يظن االنسان — الى اختالف مستوى السامع
االجتماعي ،فالحكاية الخرافية كانت تحكى كذلك في االوساط
االرستقراطية ( ومن اطبيعي انها لم تكن تحكى في هذه االوساط
وحدها ) بل امام الملك نفسه ٠اما اتتماؤها الى الطبقات الدنيا من
الشعب فليس في الحقيقة سوى تطور متأخر لها ٠
ان صورة البطل تتفق في كال النوعين ،ولكن في حين نجد بطل
الحكاية الخرافية تحرر من العالقات التاريخية ،نجد جكاية البطولة
تضم شخوصا تاريخية تقترب حياتهم من صورة البطل ،اي من
البطولة النموذجية ٠وهي بذلك تحور االشكال التاريخية ،ذلك
انشخوص حكايةالبطولة تبتعدكثيراعن النموذج التاريخي^واليسعناال
- ١ولد عام ٥٦أم وتولي عام ٠ ٥٢٦كانسيد ايطاليا وسيد اصوب المجرمانية في زمن
هجرتها ٠وقد حاول ان يربط العصر المقديم يعصر !لسيحية والمجرمانية ٠وقد
عاشى تيودير1ك فيما بعد في االسطورة تحت اسم (( ليتريش ضون برن».
ان تفكر في شخصية «تيوديراك» ( )١والصورة التي تقابلما في الحكاية
الشعبية وهي « دترش فون برن » ٠فقد نحول تيودراك الملك
الظافر في حكاية البطولة الى شخصية تراجيدية بحق ،عاشت في
المنفى ثالثين عاما ٠فالشخوص التأريخية ال تخدم حكاية البطولة أال
بوصفها حلقة صلة ،وهي ليست سوى اتجيد ازمني للبطولة في
عصرها ٠وفي وسع الحكاية الخرافية ان تهمل هده القيود الزمنيه
والشخوص التاريخيه بوصفها نواة للبطولة ،فهي تعيش حقا خارج
الزمن ٠ولهذا السبب بمكن ان نال بطل حكايه البطولة التقدير ،
فقد ظلت الشعوب تنظر الى االسكندر وتيوديراك بعد موتهما بزمن
طويل بوصفهما كائنين الهيين ،ولم تحقق هدا اطالقا بالنسبة لبطل
الحكاة الخرافية ٠
٠١
االن ان نقوم بحماية حكايأت وطننا التي ثبدو مبعثرة ،من قبل ان
تذروها الرياح المتغيرة وتطرح بها هنا وهناك في البيائت غير
الصالحة*
ويؤكد هؤالء الهنود انفسهم دائما ابدا انه ال يحق النسان ان يغير
من هذه الحكايات بحال من االحوال حتى ال يغضب اجداده ٠وقد
كان في استطاعة قصاص من قبيلة «االروكانر» ان يهبط الجبل في
ساعة متأخرة من اليل ،لكي ينقل كلمة في حكاية من الحكايات حتى
ال تشوب الرواية االصلية شائبة ٠
٥٢
اسطورة اآللهة عن اعمال مجانسة او مشابهة تماما لتلك االعمال التي
ينتحتم على ابطال الحكاية الخرافية انقيام بها ٠وننذكر الصراع مع
الكائن المهول البالغ في القدم ،الذي يقايل بصفة خاصة الصراع مع
التنين في الحكاية الخرافية ٠او لنذكر اساطير اآللهة التي انجب فيها
زيوس طفال وهو متقمص شكل حيوان او متخذ شكل قطرات ذهيية
في يد فتاة :فكل هذا تشل كدلك على نحو مثابه في الحكاية
الخرافية ٠وفي وسع االنساذ ان يقدم امثلة اخرى عدة لهدا التشابه ،
وسوف تشير الى بعضها في الفصل التالي ٠
ولكن اين يقع االختالف ين الحكاية الخرافية واسطورة اآللهة ?
قد يقال على سبيل المثال ان اسطورة اآللهة في عمومها تعكس نظاما
دينيا ،في حين ان الحكاية الخرافية ترجع بعض اجزائها فحسب الى
العقيدة ،ويرجع البعض االخر الى خيال القاص ٠وقد يقال كذلك اذ
الحكاية الخرافية هي االقدم وانها اتقلت فيما بعد الى شخوص الميه
او نصف الهيه ،وبذلك اصبحت اسطورة آلهة ٠على اذ العكس
كذلك يمكن ان يطرأ على الذهن ،ويمثل هذا الرأي بعينه « االخوان
جرم » ? فاسطورة اآللهة في رأيها هي االصل ،ومع فقدان العقيدة
خلعت اسطورة اآللهة عنها مضمونها الديني وصارت حكاية
خرافية ٠
على اذ هناك اختماال رابعا فحواه اذ اسطورة اآللمة وانحكاية
الخرافية لم تكونا في االصل منفصلتين احداهما عن االخرى انفصاال
تاما ٠ونحن نود اذ نستخدم هذا الرأي في مقارنة اسطورة اآللمة
بالحكاية الخرافية البدائية بصفة خاصة ٠ولسنا نود بذلك أن نقول
اذ الحكاية الخرافية لم تكن في اصلها سوى اسطورة آلهة ؟ فكالهما
عاش في عالم مثابه هو العانم السحري ،او هو-كما يحلو ننا ان
نقول -عالم ديني مقدس ٠لقد قضى البطل االول ذات يوم على
الكائن الممول القدييم ،و بهذا اخرج العالم من الفوضى الى النظام،
اي انه حقق نظام العالم ٠وهذا العمل العظيم من جانب البطل االئهي
وقد قدم « البرث فسلسكي » لمذا تفسيرا سهال فيما يبدو ،وذنك
في كتابه « محاولة لوضع نظرية في الحكاية الخرافية » فقد رأى ان
الحكايات القصيرة البسيطة ،او االخبار التيتروي عن االفعال انبسيطة
هي بداية الحكاية الخرافية ٠ومثنل هذا :ان سيدة طردت الخادم من
خدمتها ،وثار الخادم معترضا عليها فاغتاته لدى سيده فعاقبه ٠
وهذا « الموضوع االجتماعي » انضم انيه فيما بعد الموضوع الخيالي،
اي غير الحقيقي ٠وهكذا تألفت الحكاية الخرافية من هذه االخبار
البسيطة ٠على ان رواية الحكاية الكاملة التكوين قد تطلبت راوي
للحكاية يعني بها ٠الن الشعب لم يكن في وضع يجعله بحيث يحتفظ
3٥
حقا بالحكايات الخرافية عن طريق الرواية الشفوية « ٠فهذا الذي
يسمى « انشعب » باالجماع كان يعمل مضطرا على هدم الحكاية
الخرافية على الدوام ،وثم يكن يجد من حين الخر اناسا يتمتعون بمئل
هذا االحساس بالجمال كما كان يعل القصاصون االول ،هؤالء الذين
كانوا قادرين اما على رواية الحكاية الخرافية مرةاخرى او على تحويرها
الىحكاية جديدة ٠ولذلك فانه من الضروري ان نستهلك الحكاية
الخرافية وان تفقد محتواها وان تموت » ٠واهم شيء يحدث للحكاية
انخرافية بعد ذلك هو اتتشارها عن طريق النص المكتوب مخطوطأ
كان ام مطبوعا ٠فمن هذا النص اوال تنتشر الحكاية الخرافية مرة
اخرى بين الشعب ثم ال تلبث ان تمسخ بحق ٠وعلى هذا فان الحكاية
الخرافية ربما اتتشرت من جديد يين افراد الشعب من خالل النص
المدون ،الى درجة انها تتأثر دائما ابدا بهذه النماذج المكتوبة وتشكلها
بشكل جديد ٠
وقد وجه الى هذه النظرية اعتراض قوي من جوانب عدة ٠فلقد
بالغ « فيسلسكي» دون شك في تقدير اهمية الرواية المكتوبة ،ونم
يعط سوى اهتمام ضئيل للغاية لصدق القصاصين الشعبيين في
االحتفاط بالحكاية الخرافية ٠فما تتمسك به الرواية المكتوبة ،اي
االدب ،ليس في الغالب سوى اجزاء مما نقلته الينا الرواية الشفوية ٠
وهناك احوال عدة تكون فيها الروايات الشفوية مكتملة الى حد
بعيد ،واكثر اختفاظا باالصل من الروايات المكتوبة ٠وعلى العكس
من ذلك غاليبعض علماء المدرسة الفلندية زمنا طويال في قيمة الرواية
الشفوية على حساب الرواية المكتوبة اي االديية ٠على ان هناك اخرين
مثل « فالتر اندرسن» اشاروا منذ زمن الى انه تحتم على الدارس
ان يهتم بالنص المكتوب بمقدار اهتمامه بالرواية الشفوية ٠
وال بد ان نقر بان الرواية المكتوبة قد لعبت بحق دورا له قيمتة ،
على ان الرواية الشفويةلها علىالاقل نفس االهمية ٠واذا كنا النسلممع
« فيسلسكي» بان الروايات الشفوية ال تتمثل دائما اال في بقايا
- ١٥٦
اشكال هي في االصل تقليد لشواهد مكتوبة ،فكيف يمكننا ان
نفسر هذا الثبات العظيم لالقاصيص الشعبية ؛ وقد وضع « فالتر
اندرسن » لذلك قانون « الحق الذاتي للحكاية الخرافية » وهو يعني
بهذا ان ااقاص لم يستمع الى الحكاية مرة واحدة فحسب ،كما لم
يستمع اليها من قاص واحد ،وانما استمع اليها عدة مرات ومن قصاصين
كثيرين ٠وفي ذلك يشير كل شكل من هذه االشكال الى صور مؤكدة
من االنحراف عن االصل ،ضئيلة كانت ام عظيمة ٠وتتأرجح كل
هذه الروايات المختلفة الى درجة كييرة حول نقطة ارتكاز ال تتغير في
ذاتها ،وتكتفي الروايات المفردة بذاتها بما فيها من وجوه اختالف ،
ولكن الحكاية تظل في عمومها كما هي غير متغيرة ،بل هي تظل هكذا
أحقابا زمنية طولة ٠
ونعتقد ان اندرسون على حق في هذه الدعوى من حيث ال
الحكاية الخرافية وان اتتشرت اتتشارا بعيدا عن طريق مختلف
القصاصين تحتفظ بحقها الذاتي ،وتظل كما هي في صورتها العامة
في الروايات المتعددة ٠على ان طريقة االتشار هذه ال يصح قبولها
بالنسبة لكل الحاالت ٠حقاانه من المحتمل انه كثيرا مايكون القاص
قد استمع اكثر من مرة الى الحكايات التي يقوم بروايتها ،على انه
قد يحدث العكس في احوال فردية ٠ومع ذلك ققليال ما يحدث ان
يأخذ نفس الرواية من قصاصين مختلفين ٠وما تزال تعيش حتى اليوم
نخبة من القصاصين يقدمون لنا بعض المعلومات عن اتتشار الحكاية
الخرافية وغير ذلك من الحكاات الشعبية ٠ومن الممكن ان تتناقل
الحكايات داخل نطاق االسرة او في مجال اوسع خارج نطاقها ،قد
شمل قرية بأكملها او جزءا منها ٠وقد تقتصر على مجموعة من المهتمين
بصفة خاصة بالحكايات ٠واذا كانت الحكايات -وفقا لتقاليد االسرة
تروى في الواقع دائما ابدا ،فائقاعدة هي ان يحكيها قاص واحد بعينه
على ان تراث االسرة بحتفظ بالحكايات الشعبية وحوادث من تاريخ
االسرة اكثر من احتفاظه بالحكايات الخرافية والحكايات الهزلية ٠
ومن الطبيعي ان يكون هناك شذوذ لهذه القاعدة ٠على ان الحكاية
— ١٥٨
الذي لم يستمع الى الحكاية سوى مرة واحدة ،في وسعه ان بحكيها
مرة اخرى بعد سنين بنفس الطريقة ٠ويحق لنا ان تتصور الى أي
مدى كان من الضرورى اتتشار هذه المقدرة على الحفظ الدقيق فى
عصر لم تكن فيه الذاكرة قد ضعفت عن طريق القراءة الواسعة مثلما
يحدث في عصرنا الحاضر ٠
وهناك مسألة تختلف تماما عما سبقها من مسائل هي ما اذا كان
القاص — مع استطاعته كذلك ان يحتفظ بالحكاية زمنا طويال في
ذاكراته دون تحريف — يرى من « الواجب» عليه ان يعيد رواية ما
سمعه دون تعيير ٠ونحن نستشهد هنا مرة اخرى بالسيدة « فيهمان »
سيدة احكاية الخرافية التي اخذ عنها االخوان جرم ،بوصفها مثاال
للصدق الكبير في نقل التراث الشعبي ٠على ان هناك من القصاصين
من يحور الحكايات التي وصلت اليه بطريقته الخاصة ٠وهذا ال
يحدث اال في بعض االحاين واليكوذ دائما بأي حال من االحوال
بقصد اتالف الحكاية م
وعلى هذا فانه بحق لنا ان نتمسك بقانون اندرسون « الحف
الذاتي للحكاية » في تفسير ثبات الحكاية الخرافية العظيم ٠على انه
تحتم علينا كذلك ان ننظر بصفة خاصة بعين االعتبار الى وظيفة بعض
القصاصين وقدراتهم وان نقدرها فبعض القصاصين ستطيعون تماما
االحتفاظ في صدق تام بالحكاية التي استمعوا اليها مرة واحدة ،كما
بستطبعون رواتها ٠وقد سبق ان اشرفا كثيرا الى ان اتتشار الحكاية
الخرافية في المكان ،وكذلك اتتشارها عبر االزمنة ،اليمكن تفسيره
عن طريق هجرتها الواسعة او عن طريق دوام البقاء الطبيعي لمادتها ين
الشعوب ،وانما هو عمل افراد من القصاصين الموهوبين ٠
وباالضافة الى Dقانون الحق الذاتي » الذي نحسب له حسابه في
الروايات المتعددة ،هناك كذلك بكل تأكيد االحساس بالشكل عند
القصاصين المجيدين ٠وقد سبق ان اشرائ الى أن ما تبدو عليه القوانين
الشكلية للحكابة الخرافية من صالبة ،وما يبدو عليه اطارها من ضيق
هو سر قوتها ٠ومن ثم فان الحكاية الخرافية الهزيلة المهلهلة البنية ال
٠٢٩٢٩٠
طريق تحويرها واستكمالها مرة اخرى الى شكلها المكتمل ٠وربما
عن هذا في بعض االحيان شكل شبيه وقريب حتى في تفصيالته
انشكل االصلي ،وقد تنشأ في بعض االحيان كذلك حكاية خرافية
يدة ،على انه ال ينشأ عن ذلك شىء غريب عن الحكاة الخرافية.
•
وكل هذا — فيما يبدو لنا -تضافر على االحتفاظ بطبيعة الحكاية
الخرافية عبر مائت بل الوف من السنين دون تغيير حقا ٠انه من الممكن
اذ ننظر في بعضاالحيان الى النصوص المدونة للحكاية الخرافية
بوصفها االصل الثابت الذي يرجع اليه قصاصو الحكاية الخرافية مرة
اخرى ٠على ان هذه االشكال المدونة كثيرا ما كانت دليال مضلال ،
ومع ذلك فان الحكاية الخرافية ظلت في عمومها هي نفسها ٠
وتعد الفابوال واالسطورة والقصة تطورا متاخرا للفن االدبي ،ومن
السهل التمييز بينها وين الحكاية الخرافية ٠ولسنا نود ان نقرر هنا
هذه المسائل ،وانما نود ان ندرس بحث القوانين الشكلية واالنواع
االدبية المتقاربة وتاريخ الموضوعات ،وان نشير الى خصائص الحكاية
الخرافية عند بعض الشعوب ،وان نقدم بعض االمثلة النقلية لما سبق
ان ذكرناه ٠
-ا- ٦٦٠
الفصل الرابع
الحكاية الخرافية
بابل
- ١انظر مقالة « الملحمة البابلية جلجامهى 1للمترجمة فيمجلة« المجلة» مايو عشة ١٩٦٢
-ا- ١٦
من جديد عن طريق الحفريات التي ترجع الى عصور متأخرة ) ٠وقد
خلقت الهة الخلق ،رغبة منها في معاندة جلجامش ،بطال مناوائ له
هو انجيدو ٠وكانت قوة انجيدو تعادل قوة فرقة من الجيش تسندها
قوة السماء ٠وكل جسده بأكمله مغطى بالشعر ،كما كان شعر رأسه
غزيرا كشعر النساء ٠وكانت ثيابه من جلد الحيوان وكاذ يأكل العشب
مع الغزالن ويرتوى عند مورد الما ء مع القطيع ،وكان قلبه يسعد
بمرأى المياه النزيرة ٠
لقد كان انجيدو صديقا للحيوان ،وكان يكتسي جلدها ٠ويذكرنا
هذا بحكاية « صاحب اآلالم المتعددة» ٠اذ كاذ شعره الطويل -كما
هو الحال في قصة شمشوم في االنجيل .تاكيدا لقوة خاصة ٠
ثم اوقع جلجامش انجيدو في حبال امرأة سرعان ما تالف معها ،
ولكنه صار بذلك غريبا عن عالم الحيوان ،حتى ان الحيوان كان يهرب
منه ٠وعند ذاك اخذ الشوق الى االنسان يأكل روح انجيدو ٠
وهنا نصادف مرة اخرى عقيدة البدائيين ،حيث نجد الكائن الذي
اتصل ذات مرة بعالم اخر يظل كذلك اسيرا له •
وفي جزء متأخر من الملحمة ،عرضت االلهة عشتروت حبها على
جلجامش ٠وكان انجيدو وجلجامش اذ ذاك قد صارا صديقين ،لكن
جلجامش رفض حب االلهة عشتروت النها جلبت من قبل سوء المصير
الى محبيها اثستة ٠فلقد ظل زوج شبابها تموز يبكي تعاسته سنين
طويلة ،كما ان حبيبها الثاني الذي كان راعيا اصبح طائرا مكسور
الجناحين يصيح شاكيا في الغابة «كابي» ،اي واجناحاه ٠اما
الثالث فقد مسخ في صورة اسد يقتفي الناس اثره ،والرابع مسخ
في صورة فرس يضربه الناس بالسياط ويستثيرون غضبه ويخزونه ٠
وكان عليه ان يركض سبع ساعات مضاعفة ،وان شير المياه قبل ان
يتمكن من االرتواء ٠اما الخامس فقد كاذ راعيا ،وربما تحول الى
ذثب يقتفي الشبان من الرعاة اثره وتعضه كالبهم ٠اما السادس فقد
كاذ صبي بستاني يزين مائدتها ،ثم تمكن من التخلص منها فمسخته
كذلك عقابا له ٠
1٦٤ -
وهناك تقوم بوابة تشرق منها الشمس وتغرب ويحرسها كاثن هئل
والطريق الى انعالم االخر محفوف دائما يالمخاطر ،وندن المكاد
يسوده سحر رائع ٠وقد عرفنا منقبلكل هذه التصورات في
احكايات الخرافيه البدائية ،وما نزال تتعرف عليها 'نذلك في خكايانا
الخرافية.
- ١٦٦٠
ذلك بمائت السنين ٠ومن المحتمل حقا ان تكون القصة القدية
المتأخرة عن رحلة االسكندر الى نبع الخلود قد تأثرت بها ٠ثم ان
قصة االسكندر عاشت بدورها في روايات متعددة وفي صور ادبية
محورة ظهرت في العصور الوسطى وكذلك في اوروبا ،حيث اتتقلت
اليها هذه القصة عن طريق بيزنطة ٠
يعثر على قطعة من المحلى كانت فتاة قد فقدتها وهي تجوب النهر
كان الصدق س ٠والكذب ,اخوين ننازعا فيما بينهما ،وربما كان
سبب ذلك ادعاء كل منهما انه اقوى من االخر ٠وقد اقسم -الكذب
مامالمحكمة انهاليوجدسالحكبير مهول حدهمثل الجبل ضخامةوقبضته
مثل الشجرة وهكذا ٠ولم يشا الصدق ان يصدق هذا القول ،فحوكم
وسلمت عيناه بناء على قسم من ٠انكدب ٠ -ثم عمل االخ االعمى
فيما بعد بوابا ،واحبته امرأة ووشدت منه ولذا فاق اقرانه الذدن
يكمبرونه ذكاء وقوة ٠ثم علم االبن بقصة مولده فأراد أن نتقم اليه
لما لحق بهمنظلم ،فأتى بشور غاية في الروعة وأحضره الى رعاة االخ
« انكذب » وجعله يرعى في مراعي عمه ٠ورأى « الكذب » الثور
فحرض رعاته على سرقته من الصبي ٠وحق للصبي في مقابل هذا ن
يختار من بين قطيعه ثورا آخر ،ولكن الصبي أخبر الراعي بأته ليس
هناك ثور مثلثوره ضخامة .فهو حينما يقف عند بحرآمون يصلذنبهالى
اعلى سيقان البردي ،كما ان أحد قرنيه يصل الى الجبل الغربي واآلخر
يصن الى المجبل الشرقي ٠اما مستقره ففي النهر الكبير وهو يلد كل
يوم ستين عجال ٠ولم يصدق الراعي هذا القول ٠حينئذ قيده الصبي
وحمله الى االخ « الكذب » وطلب منه ان يحضر امام محكمة اآللهة ٠
فادعى « الكذب » ان مثل هذا الثور لم يخلق بعد ،وعندئذ سأل
الصبي اآللهة عما اذا كان هناك سيف كالذي ادعى « الكذب» انه
كان قد رآه ٠وعلى هذا تحتم على االلهة ان تعيد النظر في الحكم
ين الصدق والكذب ،فاصدرت حكمها بأن يرأ الصدق ٠
٠ا- ٦٧
وجديدة كل الجدة ٠وتتمثل الفكرة هنا في ان احد الشيئين مستحيل
كاالخر ،فمن المستحيل ان يلد الثور عددا هائال من العجول ،كما
يستحيل ان بصيد السمك من المناطق الجافة ٠هده افكرة تعد فيمأ
بعد من االفكار الرئيسية في الحكايات الخرافية عن الجنية الدكية ٠
ثم اننا نرى ان محكمة االلهة هي التي استدعيت في الحكاية المصريه
فربما كان السيف والثور ذات يوم من ممتلكات اآلهة ،وان االخوين
المتنازعين ربما كانا في االصل الهين هما اله الشر واله الخير ٠هذا —
على االقل ٠٠ما يراه ناشر الحكاية المصية ٠ثم ان الدي حسم الخالف
هو ابن صبي الحد االلهين ٠وربما تيين لنا هنأ االتفاق الواضح كز،
الوضوح بين عالم اسطورة االلهة وعائم الحكاية الخرافية ٠وقد اشرن
الى انه ليس هناك — في رأينا -اختالف جوهري بين هذين النوعين
في .المرحلة االولى ٠
هذا ماتحكيه حكاية خرافية اتتشرت في العالم في مائت الروايات
عن الصراع بين االخوين « الصدق والكذب» ختى يومنا هذا ٠وقذ
تسربت هذه الحكاية المصرية الى الحكاات الهندية وحكايات الف
ليلة وليلة ،كما انها رويتفيجنوب اوروبا وجنوب شرقها عدة روايات
شديدة الشبه بهذه الحكاية المصرية ٠ومن هذه المنطقة اتشرت هذه
الحكاية في الوقت نفسه في اوروبا وربما انتقلت
من مخطوط الى آخر ،على انه غالبا ما كان يشار اليها فى مجال انوعظ
فقد فقدت الحكاية اصلها االسطوري وبقيت منها فكرة اتتصار الخير
على الشر او الصدق على الكذب ٠كما ان حكاية ال المتجولين » عند
االخوين « جرم » ،تلك التي سمل فيها الشرير عين الخياط الخير ،
هي بحق امتداد للحكاية الخرافية المصرية ،ففيها كذلك اتتصر اخير
في النهاية رغم كل االخطار وكل المكائد ٠ونحن نعتقد ان العالقة
بين هذه الجكاية الخرافية واسطورة االلمة اوضح منها في معظم
الحكايات الخرافية االخرى ،وان حكايات الكذب واالدط; الخرافية
لتي تبدو مجرد اداة للتسلية تتضمن مثل هذا االساس الجدي ،االمر
الذي يبدو بالغا في االهمية ٠
١٧٢ -ص
اما اشهر الحكايات الخرافية المصرية في حكاية االخوين ٠ه ازب »
( ويسمى كذلك انوبو ) ،وباتو ( ويسمى كذلك يتيو ) التي دونت
قبل الميالد بحوالي الف وثالئمائة سنة ،وعرفت في اوروباعام
٠١٨٥٢
انوب يعيش مع اخيه االصغر باتو ،الذي كان يفهم اصوات
الحيوان ،حياة وائم على الدوام ٠ثم اشتهت زوجة انوب االخ باتو ،
الذي رفضها رغم إغرائها ٠عند ذاك اوقعت الزوجة يباتو لدى اخيه
ادوب ،وادعت انه اراد ان يعتدي عليها ،ولم تستطع ان ترده عنها
اال بعد جهد جهيد ٠وصدق انوب هذا القول واراد ان قتل باتو ،
غير ان بقرة ذات صوت انساني حذرت باتو من هذا االمر ٠وهرب
باتو من اخيه وطلب العون من اله الشمس الذي خلق نهرا مليائ بالتماسيح
يفرق يين االخوين ٠وفي اليوم التالي اخبر باتو اخاه بما حدث في
الحقيقة ٠وندم أنوب على فعلته وقتل زوجته ٠وذهب باتو الى وادي
٠اشجار المدر وأراد ان يطرح قلبه بين براعمها ،وتوسل الى اخيه
ان يأتي الى وادي السدر اذا اتتابه حادث ،وعليه اال يخلد الى الراحة
حتى عثر على قلبه ٠وكانت هناك امارة تدله على ان اخاه في خطر،
فاذا ما عال الزبد الجعة فى البراميل فعليه حينئذان يرحل الى وادي
السدر .وعاش باتو فى وادي السدر ،ومنحته اآللهة اجمل امرأة
وحدث ان حمل النمر خصلة من شعرها والقاها في المكان الذي تغسل
فيه مالبس فرعون ٠ولم يهدأ بال فرعون حتى تزوج من المرأة صاحبة
الخصلة ٠وحين خانت الزوجة باتو ،تساقطت اشجار السدر ومات
باتو ٠وعال الزبد جعة انوب فنزح ،وظل يبحث مدة اربع سنين حتى
عثر على قلب اخيه باتو داخل ثمرة ،فالقى الثمرة في وعاء فيه ماء
فعاد باتو الى الحياة ٠ثم حول باتو نفسه الى صورة ثور حمله أنوب
الى فرعون ،وهناك كشف باتو لزوجته عن تفسه فأمرت الزوجة بقتل
الثور ٠وتساقطت قطرتان من الدم على االرض نبتتء منهما شجرتان
من اللوز المر ٠وكشفت احدى الشجرتين عن نفسها للمرأة الخائنة
ونحن نلمس مرة اخرى في هذا العمل المتضافر الفني كثيرا من
التصورات الدينية ،المدى الشعوب البدائية ،هي اسس للعقيدة منتشرة
بصفة عامة ٠من ذلك الميالد السحري ،وقوة الشعر ،وبعث المقتول
والروح الذي يستقر في بقعه من الدم ،والعالقة يين االنسان والحيوان
والشجر والنهر ٠وقد سبق ان اشرنا الى ما يوازي كل موضوع من
هذه الموضوعات ٠على ان الحكاة في عمومها تحتوي حقا على
نواحي غموض كثيرة ٠وهي الى ذلك غنية بالمفاجات وبالمزج بين
الحوادث المفردة ٠على انه ليس في وسعنا ان نقرر ما اذا كان هذا
الشكل هو االصل حقا ٠
وتتفق حكاية االخوين المصرية في كثير من خصائصها مع اوثق حكاياتنا
الخرافية ،باالخص حكاية « االخوين» لالخوين جرم ٠ويرجع بعض
الباحثين حكاية جرم الى العصر الهندوجرماني القديم ،ويعتقدون
ان الحكاية المصرة قد تطورت عنها او انها تطورت عن شكلين
متقاربين ٠وهذا ما نراه بعيد االحتمال ،وال لقدم الحكاية المصرية
فحسب ،ولكن لصلتها الوثيقة بأساطير االلهة المصرية ٠ويميل بعض
العلماء الى اال يعد حكابة االخوين المصرة حكاية خرافية على االطالق
وانما عدونها اسطورة آلهة صرف ،على انهال بد لالنسان من از
يسلم بأن هذه الحكاية تتضمن مالمح اسطوربة كثيرة ،فهي تحكى
عن فرعون ،وفرعون نفسه كائن المي ٠
ومن الممكن على سبيل المثال ان تكون هذه العقيدة قد اتتشرت
عن طريق فرعون الذي ادعى انه هو باتو الذي ولد مرة اخرى ٠حقا
ان االمر ببدو كما لو ان كل موضوعات الحكاية كانت توخذ مأخذ
الصدق ،فقد لعبت االلهة دورا رئيسيا في الموضوع فأنوب يقترب
- ١٧٦٠
انختفاء كنوزه ٠ففصحه لص سن حذو -خبزة لذ يشعل النارفياسفل
بيت اتكنز ٠-فامتثل الملك اللنصيخة وتسرب الدخان من-صدع؛الحجر
المخلخل ' ٠عندئذل ٠١ر لللك بوضع وعاء.مملوء بالقاراسفل هذا الحجر
فسنقطفيه اللص "المرم ٠-شم اشارفاصح" الملكبأنهيننبغي انيعرف
فاعل الشر من اآلالم التييبديها.حيننا يرى جسند لليتت ٠،ولذلك فان
جثة الميت في الثصوص؛للغربية تجر على طول.الظنيق،فيحين انها
تغلقفيالثصوص الثرقية ٠ثم يتخلص:المقتول(او.ارمكته منإآلالم
عن طريق تدلجي ل *كده 'جديدة فيصيبان :نفسيهما بالمجراح إو يكسران
وعاء وينزفان فيه الدموع .٠وقد حاولقصلصونلخزون ،يرجغون
بحق الى زمن متأخر ان بحكوا عن فن اللص بطريقة اكثر عنفا واثارة،
كما حاولوا ان يبالغوا في تصوير المغريات التي من شأنها ان تكشف
القناع عن اللص فمرة عن طريق الذهب الذي ينثر اسفل جسد الميت
ومرة اخرى يستخدمون اللحم الشهي وسيلة لالغراء ثم تكون محاولة
خداعه اخيرا عن طريت ابنة الملك ٠ومع ذلك فان اللص يظل اذكى من
الكائدين له ٠وقد توسع ائهنود في حيل اللص الماهر ونموها بطريقة
تتميز عن الطرق السابقة بحذقما وفنيتها ٠ويرجع كثير من حكايات
اللص الماهر الشرقية والغريية الى الروايات الهندية ٠
- ١٧٧٠-
ونصفه طائرا فقد عرض ان يحملها اليه في الزمن مبا يين شهيق سليمان
وزفيره ٠وقد حقق هذا الشيطان هذه االمجوبة فتملثت حقا كل
معرفة االرض مكتوبة على عمود ،حتى أسرار الشبمس والقمر ٠
ويحق لنا في العموم ان نقول ان مصر ,رغم ما اصاب كنوزها
من ضياع حتى في مجال الحكاية الخرافية -ماتزال بالنسبة الينا البالد
المليئة بالعجائب ٠فحكاياتها الخرافية التي وصلت الينا قد دونت في
اسمى اسلوب فني ،وهي الى ذلك تعد نبوعا للتراث الشعبي والعقائد
القديمة البائغة في القدم ٠وما يزال بعض هذه الحكايات يعيش في
االحكايات الشعبية لدى كثير من الشعوب ٠
٠١٧٨
بالد االغريق
- ١مك Lopithenفي 1السطورة االغريقية .احب االلهة هيرا واشتهر عنطريق هدا
الحب ٠وقد اراد االله زيوس لنلك ان يعليه بلنقدر له ان يظل موثقا فيعجلة
متوهجة تظل تدور به ( ٠المترجمة» ٠
١٧٩ -
اسمها في معناه مع االسم الجرماني هل ( )٣اي المقنعة ،وربما كانت
،كل هذا ينتمي PMaken كذلك رحلته الى شعب آل فيكن» ()١
الى موضوع أسفار البطل الىما وراء عالمنا ،اي الى اغالم السفلي ٠
- ٣احدى بالد الموتى في االسطورة ألجرمانية ٠واحيانا تكون «هل» هذه الهة تتحكم
" ٠ زه ر ٠ ٠لي٤لقالمالسظى ( ٠الترجمة):
- ١عوشعب بحار .في ملحمة أالوديسا يعيشيال هموم 1( ٠٠لمترجمة ) -
٠ ٢هو السيكلوبش1لدي عرر به اودسيوس وسملعينه 1-(: ٠لمترجمة ) ' ؛'م ح
الحيوان ،وانها عرفت العشب الذي يمنح الخلود ٠
ونود ان نسوق بعض النماذج االخرى للحكايات الخرافية االزب ،
واذ كان معظمها يستمد بحق من الحكايات الشعبية ومن االدب اراقي
ذلك انها -كماقلنا -ال تكوذ جكاية خرافية مكتملة ٠
ان عقله الصابع المخادع استبدل بتيجان بنات .المارد طاقيات اخوته
حتى ان المارد آكل ائلحوم البشرية قتل بناته عندما دخلن عليه المسكن
وقد صورت هذه الحكاية على كأس ترجع الىالقرذ الخامسقب الميالد
ونحن نصادف مثل هذا التبديل.في حكاية« أيدونايا » الخرافية
االغريقية ٠فقد اغتابت الملكة « بلروفون ( ، Pellerophon)١واربلت
(:)٢تطلب موته ٠وهناك قضى «بلروفوذ» معه خطابا الى « ال يكن
على الكائن المهول الخطير وتزوج-بعد اتصارهعلى.كل االعداء-
من ابنة الملك التي كان ابوها قد احتفظ له بها٠.وتحكى حكاية اخرى
ان هرقل كان يدوس االفاعي وهوفي سربز المهد ،وقد القى عليم
ملك جبان تبعات اعمال يبدو انها ال تتحقق.،ولكن هرش سحق:كل
شيء بقدمه ،فأخضع االسود واالفاعي وأحضر التفاحة .من حاميات
شجرة التفاح ائذهبي ،ثم رجع سالما من العالم االخر ٠وكل هذا
بذكرنا بحكاية «هانز القوي » الخرافية ٠وتنتمي حكاية آل شعر
الغنم الذهبي » الذي كان ينبغيعلى « جاسوذ» ان يحضره ،الى
حكايات الكنوز المهولة التي تقام حولها الحراسة ،والتي لم يكن يصل
اليها سوى البطل المفضل من العام اآلخر ٠وقد ساعدت جاسون هذه
المهمة امرأة لطيفة شابة ،ومع ذلك فقد عاد فنسيها ٠وتشبه هذه
الحكاية فى فكرتهاالحكاة الخرافية المألوفة ،عن العروس المنسية ٠
ونحن نعرف حكاية الصبي الذي حقق النبوءة على لرغم من المقتفين.
ت ٠١٨١
الثره ،في حكايات برسيون ( )٣التي نجد فيها خالف ذلك موضوعات
من حكاية المرأة الشابة انتي هددها التنين ثم تخلصت منه ٠ونجد
فيها بعد ذلك موضوعات تتضمنها حكاية الفتاة التي اسرها الشيطان
داخل حصن ٠
- ١ملك النرس العد الذي حكم بعدو^لده كموس عام ٢٥٩ق٠م توفي عام ٥٢٢ق٠مجعد
ان اخفع مصر وليييا عام ٥٢٥ق.م٠
- ٢احد الملوك لنين حكمو! منطقة « ليديًا » التى كاتت تقع في غرب اسياالصغرى
وكانت تمتع يثهرة في الزمن 1لقديم ٠وتد حكم « سيجيس» غيما بين - ٦٨٥
٦٥٢ق٠م وقتل سيجيس ونقا لالسطورة أالغريقية -الملك كاندالوس عن طريق
خاتمه السحري ٠وقد استغل « هييل » هذه االسطورة والف حولما تراجيديقه
جيمس وخاتمه عام ٠۴١٨٥٦
—٣م أبن زيوس في السطورة ٤العريقية ٠انتذ^ندروميدامن لول البحروتزوج بما
ثم 1نتذ امه من يولينكتيسالذي حوله الى حجر ( ٠المترجمة ٤
١٨٢٠
حكاياتهم هذه جاذبية على الدوام ،ما اتسمت به من شكل مصقول
وعناصر غنية بالفكر ٠على انه يبدو لنا ان النكتة الدقيقة والسخربة
الالذعة كاتا أهم من االنساذ فيهذه الحكاية ٠وقد قلنا ان القصة
وانحكاية الهزلية والمسرحية الكوميدية ما تزال تستمد حتى اليوم من
هذه الحكايات التي ترجع الى العالم القديم ،وان يكن شكلها —
بالقياس الى الحكاية الخرافية -واضح كل الوضوح ومحدد كن
التحديد ،وغني كل الغنى بفنيته ٠فهذه الصور االغريقية خالية من
انخيال الطفولي المندفق غير الواعي ،كما انها تخلو من االيمان االعمى
ثم هي تمزج مزجا طبيعيا بين عالم الحقيقة والعالم الذي يحلم به
االنسان ٠
انه كان لملك وملكة بنات ثالث ،وكانت الصغرى التي تدعى
الروح تمتاز بجمال رائع جذب اليها الشعب بأسرء ،الى درجة اذ
دبت الغيرة في قلب فينوس منها فامرت ابنها الحب ان يصيبها بسهمه
وان يجعلها تقع في حب ادنى مخلوق بشري وعلم هذا لم تشأ الروحفي
الحصول على خطيب لها ٠ثم قضت نبوءة ابولو ،الذي التمس
الوالدان عنده النصيحة ،بأن تنقل الفتاة الى قمة جبل حيث ال يحصل
عليها اى خطيب من ابناء العالم االرضي ،وانما تصبح زوجا لعفريت
يجول انحاء العالم بحثا عن مأوى ،مثيرا بذلك الخوف في تفوس الناس
وااللة ،بل في جوبيتر وستيكس نفسيهما ٠واصطحب الوالدان
واشعب كله « الروح» الى الجبل في حزذ عميق ،وتركوها هناك
وحيدة ٠وبعد ذلك حملتها انفاس الرياح الغريبة الرقيقة الى اكثر
الغابات اشراقا ،ورأت قصرا ساحر الجمال فدخلت حجراته العجيبة،
وهناك حقق لها الجن كل رغباتها ،فأصبحت زوجا لصاحب هذا
القصر ٠على أن هذا لم يكن يضمها اليه سوى في الليل ،ثم يفر هاربا
عند طلوع الصباح ٠ولذلك فان « الروح» لم يقع بصرها عليه مطلقا
واشتاقت الروح في وحدتها الى االشان ،فاغرت زوجها المقاوم لها
بان يأذن لها في ان تحمل اليها الرياح الغربية اخواتها ولكن هؤالء كن
يحسدن الروح» على مصيرها ولذلك فقد اوعزذ اليها بأن زوجها
١٨٤٠
تنينه وانه سوف يبتلعها ،ومن ثم فانه ينبغي انى تلقي عليه الضوء حيثمًا
ينام وتقطع رأسه ٠وعلى الرغم من ان زوجها استحلفها مخذرأ اال
ترى .وجهه ،فان « الروح» اقت الضوء على زوجها ،وأدركت واعية
لتوها -وهي،ترتعد من الجو الروحاني “ ان حييبهأ هو اله الحب
نفسه ٠وسقطت قطرة من ذبت ألمصباح على االله فجرحته ،وكان ال
بد حينئذ من ان يفارقها ٠ثم اندفعت االخوات الحاقدات من قمة
الجبل ادي كانت « الروح» قد نقلت انيه ،نكي يتزوجن من والحب»
بدال من اختهن ٠علىل الرياح الغريةه نم نحملهن وتركتهن يهوين
حطاما ٠اما الروح فقد اخذت تطوف هنا وهناك باحثه عن زوجها ٠
ورفضت كل االلهات ان يمدن لها العون ٠واخيرأ سلمت نفسها لخدمة
فينوس ٠وهناك لقيت العذاب من اآللهة ،كما سقتها خادماتها جام
االلم.والمم :،فلقد فرضي عليها ان تفضل يين الشعير والقمح والعدس
والفول وكان ائنمل سباعدها في انجاز ذلك ٠والى جانب هذا فرض
عليها ان تحضن صوف أغنام وحشية شريرة ذات خصالت ذهبية ٠وقد
أسرت اليها .اعواد البوص ان تتظر حتى تنفض الغنم صوفها عن تفسها
وبعد ذلك فرض عليها ان.تحض الماء من نبع يحرسه تنين ،ولكن
نسرا .مأل لها وعاءها واخيرا فرض عليها ان تهبط الى العالم السفلي
وانتجضردهان .الجمال .منآلهة .لموت ٠وكانت الروح في انوقت
نفسه تجمن في كنا ,يديها كعكة مصنوعة من الشعير وعسل النحل .،
كما كانت تحمل من فمها قطعتين .من النقود النحاسية ٠وحاولت قوى
غين مرئية اذ تبقط منها هذه االشياء ثالث مرات ٠ثم كان اول من
قابلما حيار أعرج جمل حمال ثقال من الخشب ،وتوسل اليها ان ترفع،
عنه االخشاب ٠ .نم اخذ رجل مسن يسبح خلف مركبهما حتى ليود
االنسان ان يحمله معه ٠ثم شاءت نسوة عجائز ان يأسرنها ،ولكنما
تغلبت على كل هذه المجاوالت ،وأعطت الكعك لكلب جهنم واننقود
للنوتيولمتناول هي من وجباتها سوى كسرة خبز أكلتها وهي جالسة
علي االرضي ثم تناولكتوعاء الدهان وفتحته فيائناء الطيق ،وعندئذ
تصاعدافامما دخان يفقد االنان وعيه ،ولكن الحب جاء فخلصها منه
١٨٥ -
وبعد كثير من المحاوالت أصبحت « الروح» زوجة « الحب» من
جديد ،واصبحت في زمرة الخالدين ٠
فهل تعد الحكايه مع كل هذا ،حكاية خرافيه أم هي اسطورة
آلهة 2أما عالم فقه اللغات القديمة « رتشارد رتسنشتاين » فيمثل
الرأي الذي يقول ان هذه الحكاية ذات اصل شرقي ،وانها مركبه
تركيبا يحمل معنى هلينستيا ،ومطعمة بعناصر زخرفيه خرافية ٠على
ان ريتسنشتاين لم يستطع ان يقدم برهانا قاطعا على رأيه هدا ٠حقا
انه يعتقد ان آثارا لمثل هذا الغموض في النصوص السحرية بأوراق
ألبردي المصرية ،وفي الكونيات الشرقية ،وفي عادات التعميد في
العقيدة الغنوصية ،وفي الحكايات ،بل انه من الممكن استكشاف
هذه اآلثار في عادات السحر عند المصرين المحدثين ٠على ان المادة
التي اتى بها الباحث ليست على أالطالق من تفس نوع مادة هذهالحكأية
كما انه لم يستطع ان يقدم اي شاهد على قيام مثل هذا الغموض في
عمومه ٠فليس هناك أثر من هذه اآلثار المذكورة يوضح لنا جوهر
الحكاية ،كما يوضح تحذير « الحب » « ظروح » أال نتلقى عليه
الضوء ،وتجاوز « الروح» لهذا الحظر ٠على ان جوهر هذه الحكاية
بعينه قديم كل القدم ،وقد تطورت عنه كثير من الحكايات الخرافية ٠
وقد نقلت الينا « الراجفيدا » اقدم شاهد على هذه الحكاية التي
تختص باختفاء الحب وظهوره مرة أخرى ،ففيه لم يسمح تبورورا فاس
Urvasi Pururvasان يرى الحورية السماوية « اور فاسى»
عارية ولكن « الجندرافيين » ارسلوا البرق في أثناء اللين فرأى
بورورافاس الحورية رغم اتفه وبذلك فقدها :وفي اعتقادنا انموضوع
تجاوز المحظور هذا يمكن ان يكون مستمدا من االحالم ونحن
نصادف في حكاية « الحب والروح» موضوعات اخرى كذلك من
الممكن ان ترجع بنا الى عاتم االحالم ،ومثال ذلك التهديد الذي
يصاحب الزواج من عفريت ،والتعلق بأجنحة الرياح الغربية حتى
تصل بالكائن الى اعماق االرض ،وحياة الليل ذات االتفاس الساهرة
في القصر ،واآلالم التي تتسبب عن فقد حبيب ثم هذا التجول الذي
١٨٦ -
يبعث في النفس االنم ٠اما ان ومتى اتخذت هذه الحكاة شكلما
المكتمل فهذا ماال نستطيع أن نقول عنه شيائ ٠ذلك ان مالمحها تشير
الى أصل هندي ،ثم ان وصف التنين والجن ،والتصرد للحياة في
القصر السحري ،يظهران كذلك في صور متشابهة في حكايات الف
ليلة وليلة ٠وكذلك شاركت مصر في هذا انتيار من الحكايات ،بل
انه من المحتمل ان يكون المصريون قد حكوا هذه الحكايات ،وكذلك
ربما ظهر هذا الموضوع او غيره في اسطورة اآللهة ،فقد سبق ان
اشرنا الى الطابع االسطوري او الديني لرحالت العالم انسفلي ٠وربما
قرب العصر الهليني مادة هذه الحكاية من منهج الغموض المالوف ٠
على ان كل هذا ليس سوى فروض ٠
وفي حكاية ابوليوس هذه يظهر اثر السهو بين الحين واآلخر ،
كما انها في بعض االحيان تكون غير واضحة ٠
أ -سسة الجبال اليونانية ،وكان تعرف الى االغريق بوصنها معقا.سهع( ..المترجمع
- ١٨٩٠
الفصل الخامس
- 1النيدا او الويدا عو اتدم مخطوط هندي ليني يرجع 1لى سنة ١٢٥٠قم ٠وينقسم
هذا المخطوط الى اربعة اقسام -1 ٠المرجنيد! وهى تراتيل ديفية - ٢ ،
صامانيدا وعى غنيات طقوس التضحية - ٣ ،يادشورغيد! ،وهي الكلمات ألتي
تتلى في أثناء التضحية -٤االثاروفيد! وهي اغنيات تتلى مع طقوس
1لسحر ٠وتنتمي البراهمانا الى هذه 1لمجموعات االربع ( ٠المترجمة )
- ٢مجموعة ساطع بوذية تحكي عن بوذا مفذ 1ول وجوده ( ٠المترجمة ،
- ١٩٦
تحكى عن قوة االدراك ،وعن الحكايات الخرافية انتي ال تأخذ فيها
االمور مجراها الطييعي ،والحكايات التي تحكى عن قوة السحر ،
وغيرها من الحكايات ٠وكل ذلك يعد ثروة عامة ،ظمرت لدى شعوب
الحضارات ،كما ظمرت لدى الشعوب البدائية التي ينفصل بعضما
عن اآلخر اتفصاال قاما ٠فما الرسائل الفنية التي عملت على خلق
احكاية الخرافية الهندية من هذه المواد االولية ?
لقد سبق اذ بينا كيف طور اتجنود الحكايات التي لها طابع الحلم
تلك التي تحكي عن الجنة والخروج منها ،وكيف انمم وصفوا مقدار
ما يعانيه االنسان وما يبذله من جهد في سبيل الوءصول لى الجنة ،ثم
اذابه بعد ذلك يفقدها في غمضة عين ٠ويمكننا ان تتبع هدا االختالف
في ايقاع السرد خالل الحكايات الخرافية الهندية كلما على وجهالتقرب
فحوادث المروب السحري تتحقق في انحكاية الهندية بدرجة من
التوتر ينقطع معها النفس ،كما انها تفاجئنا في سرعة مذهلة ٠وكذلك
تستخدم الحكاية الخرافية الهندية اسلوب التكرار بطيقة فنية تتسم
بالتروي ٠فالمضمون القديم للحكاية التي تمثل حلم الخوف ،الذي
اتشر في اشرق والغرب هو اذ من يعجز عنحل لغز فقد حياته.
اما الحكاية المندة فتكرر هذا اربعا وعثرين مرة ،واحدة تلو
االخرى ،وتضم هذا كله في اطار موضوعي مثير ٠ثم ان الهنود
يشغفون على نحو خاص بالحكايات التي تحكى عن نوع بعينه من
الممارة أو عن دقة في االدراك غير مألوفة ،كما انهم يهتمون بها
بطريقة خاصة ٠ومن تم فانهم كثيرا ما يحكون كيف ان االنسان قد
يحصل من شخص ذكي او شخص يلتزم الصمت على اجابة صحيحة ،
وفي اغلب االحيان على قرار حاسم يتسم بالذكاء وذلك عن لريت
النطق عمدا بكلمة خاطئة او حمقاء ٠ويحكى على سبيل المثال :
ان شخصا نحت نسثاال لفتاة من شجرة ،ثم جاء الثاني فندن التمثال
وجعل له الثالك مالمح مميزة ،كما بعث فيه الرابع الحياة ٠فمن
نصيب من من هؤالء تكوذ الفتاة ؟ هكذا سأل الملك اميرة لم يسبق
- ١٩٧٠
وهناك تكملة لهذا القرار حكاها الهنود ،وظلت محفوظة اوال في
كتاب فارسي.للحكاياتالخرافية ثمفيكتاب تركي بعد ذك :وتذكر
هذه التكنلة ان الرجال االربعة الذين اشتركوا فيخلق الفتاة لم
يتفقوا على رأي في المطالبة بحقهم وتوسلوا الى درويش والى رئيس
الحد أن جعلها تنطق بالكالم ٠وقد سبق لهذا الملك ان حول اتباعه
الى صورة جماد النهم عجزوا عن االجابة ٠فقد تلمس احدهم العذر
وقرر اذ المسألة في نظره ليست هينة ،فضال عن انه من الغباءبحيث
ال يسبتطيع االجابةعنهذا ائسؤال ،وأكن الفتاة في رأيه ال بدان
تكوذ من نصيب ذلك الرجل الذي نحتها من الشجرة ٠عند ذاك
انطلقت االميرة قائلة :ان الشخص الذي نحتها هو ابوها ،وان الذي
زينها هو امها وان الذي ميز شخصيتها هو معلمها ،واذ الذي نفخ
فيها الروح هوزوجها ٠وهكذا نطقت االميرة وكان نطقها اعالنا عن
استسالمما للملك ٠
-١٩٨-
هذه االقاصيص في ابراز مانيها من دقة االدراك والعراك .لذي يتنم
بالغنى الفني ٠ومع ذلك فاذ الحكاية الهندية تظل -رغم -مافيها
منحيل -طبيعية وواقعية ٠
اما كون العفريت او التنين يسلب فتاة تتحرز من اسره بسد ذك،
فهذا يمثل مضمون حكايات كثيرة عادت الى االتشار مرة اخنرى ٠
فيحكى في حكاية هندية ان االب واالم واالخ كانوا يبحثون ت كل
منهم علىانفراد — عن عريس للفتاة ٠ثم عثركل منهم على عريس
يمتلك ممارة فنية بارعة او شيائ له خصائض عجيبة ،ووعد كل منهم
الخطيب الذي وجده ان يزوجه الفتاة ٠ثم اجتمع الخطاب في
واحد فيالوقت نفسه ٠وفي مثل هذا األزق عزت النصيحة ٠عند
ذاك اشفق تنين على هؤالء الذين كانوا في حيرة من امرهم واختطف
الفتاة ٠وهنالك اخذ كل خطيب يبرز مافي مقدوره ٠اما االول
فكان عالما بكل شيء ،ومن ثم اخبر عن المكان الذي تختبى* فيه
الفتاة ٠واما اشاني فكان يمتلك عربة تسنير في الفضاء فحملت الرجال
الثالثة الى ذلك المكان ٠اما الثالث فكان يملك سيفا صارما قضى به
على التنين ٠فمن حت من اذن تكون الفتاة ? اما الجواب الصحيح عن
ذلك فيقول انها تكون من حق الشخص الذي قضى على التنين ٠
ان موضوع تغرر التنين بالفتاة الذي قد يبدو رئيسيا ،يشغل
مركز القصة ،ولكنه من حيث المعنى يبتعد كثيرا عن هذا المركز ٠
فالنزاع حول الفتاة نما وتضاعف ،الن الخطاب في المرة الثانية قدموا
دليالعلى مقدرتهم ٠
وهذه الحكاية معروفة على وجه التقريب في جميع انحاء العالم ،
ومع ذلك فاليتمثل هذا البناء الدقيق في توازنه في اية حكاية اخرى
غير ائحكاة الهندية ٠فالسؤال النمائي غالبا ما يجتذب القصاصين
في الحكايات االخرى فيقترحون دائما حلوال جديدة ،كأن يتزايد
عدد الخطاب وتختلغ انواع مواهبهم ومهاراتهم ٠على ان مقدمة
الحكاية والنراع االول اليظمران اال في الرواية الهندية ،وهذان .
-- ١٩٩
الجزآن بعينهما يصنعان التوازن الفني في الحكاية ٠وفي مقابل هذا
تصور الشعوب االخرى استرداد الحق تصويرا اكثر تنوعا واكثر
حيوية وتلونا •
وتضح كذلك ميل الحكاية الخرافية الهندية اى االيقاع السريع
للغاية في موضوع تنافس السحرة ،وهو موضوع يظهر في االدب
( لخرافي لدى جميع الشعوب وقد سبق ان عرفنا هذا النمط في
الحكاية المصرية ٠والمثال التالي من شأنه ان يشير الى هذا االيقاع
المفاجىء في فن الحكاية الهندية :
عثر صياد على عسل تساقطت منه قطرتان على االرض عند دكاق
خباز ،فاستقرتاتبراغيث على النحناخذت قطة الخباز تتصيد البراغيث
ولكن كلب الصياد هاجم القطة وقتلها ،عند ذاك امسك الخبازبكلب
الصياد وضربه ٠فتشاجر الصياد مع الخباز واشترك اصدقاء االثنين
في المعركة ،وفي النهاية اشتركت القرية كلها في النزاع ٠
وتحكى ثعرب مختلفة منذ قديم الزمان حتى عصرنا هذا ،أن
رجال ادعى االلوهية لكي يستحوذ على رضاء فتاة ،ثم اوعز اليها هذا
المضال بانها بستلد منه المسيح ٠ولكن الفتاة وتدت بنتا ،ولم تجن
بذلك سوى السخرية والخزى بدال من الشرف الذي كانت
تتتظره ٠وتحكي حكاية هندية ما يماثل هذه الحكاية فتقول :
أن نساجا امر بأن يصنع له طائر صناعي طار فوقه حتى وصل انى
احدى االميرات ٠وهناك ادعى انه االله 8وشنو» فمنحته االميرة
حبها ٠فما ان سمع ابوها الملك ان الها زار ابنته حتى اتخذ على التو
موقفا غير الئق من جاره الملك ،واشعل ضده الحرب واوقعه في ورطة
كبيرة ٠وعند ذاك لميكن في وسع االله ائحقيقي « وشنو »لكي
نقذ سمعته ،سوى ان يقدم المساعدة للنساج والملك ٠وبذلك تزوج
النساج من االميرة ٠
ان جنون إلملك واضطرار االله.لتقدييم المساعدة أضفى على.الحكاية
دقة .متناهية فزضت فسها على اشكال الخكايات الغريبة واستخدمتها
في حكاية هزلية عليها مسجة من الرقة والخفة ٠على ان هذا بعينه
يرجع الى أبتكار المنود ٠
وقد وصلنا عن االغريق حكايات تتحدث عن اناس الذين تعفون
برهافة الحس ٠فيحكى مثال ان احد سكان سيبارس ( )١رأى عامال
في مزرعة يدق االرض ،فأصيب بانهيار عصبي من مجرد رؤية المنظر ٠
وحين سمع شخص آخر هذه الحكاية من الشخص االول زعم انه
اصيب بوخز في جوانبه ٠
وتكرر الحكاية الخرافية الهندية تصوير هذه الرهافة الحسية
مرات ثالثا ،وبذلك تصل بها الى انقمة ،الىدرجة ان هذا التصوير
يتخذ شكل مباراة من اجل الوصول برهافة الحس انى اقصى درجة ،
فيحكى مثال :
اذ زهرة اللوتس سقطت في حجر ملكة رقيقة فجرحتها وسببت
لها االغماء ٠وكذلك اصابت اشعة القمر جسم ملكة اخرى بالقروح ٠
وسمعت ثالثة صوت مدفع فاصيبت بدمامل ٠وقد حازت الملكة
االخيرة غعلى الجائزة بوصفهااكثرهن حساسية ،فقد اتضحت حساسيتها
عن طريت السمع ،في حين ان الملكتين االخرين فلهرت حساسيتهما عن
طريت اللمس ٠
وتعرف الحكاية الخرافية كثيرا من هذه المبالغات التي تبلغ قمة
المرح والغنى الفني ٠وربما اتتشرت هذه المبالغات من قبل بطيقةاكئر
بساطة لدى شعوب اخرى مثل الشعب االغريقي ،اال انها أكتسبتدقتها
المتتاهية عن طريق المنود ،كما انها اتشرت حقا في اغلب االحيان من
الهند الى غيرها من البالد،فقدعرفت حكايات ألف ليلة وليلة والحكايات
التركستانية نماذج من دقة الحس ،كما حكى المؤرخ الدانمركي
« ساكسوجراماتيكس » في القرن الثالث عشر امثال هذه الحكايات
عن هاملت ٠
ان فكرة االحمق الذي يخاطر بأن يجلب لنفسه سمعة العالم بكل
ثم يحدس في شكه وحيرته مرتين باالجابة الصحيحة لمي فكرة شيء
ممتعة ورائعة ٠وكذلك ازدهرت في بالد اهند حكايات عن احكام
اآللمة الخاطئة ،وعن النبوءات الخادعة والشعوذات الكثيرة ٠وبناء
على ذلك تكون الحكاية المزلية قد نشأت في ارض هندية ٠وليست
حكاية و الخياط الجرىء » غريبة عن حكاية « الطبيب العاتم بكل
شىء » ،فلم نبرز بطولة هذا الخياط اال من خالل خوفه وجبنه ٠حقا
لقد ابتعدت الحكاية الخرافية عند االخوين جرم في هذا المجال عن
االشكال القديمة ،اذا لم يكن البطل فيها جبانا ،وانما ينتصرغن
طيق الصدفة وحدها وعن طريق حيله الخاصة ٠ونحن نجد في
الحكايات ابوذة هذه الفكرة الهندية القديمة ٠
وربما كانت هذه االمثلة كافية لتمثل فن الحكاة الهمندة ،فمي
تشي جبيعا الى ففس المنهج الفني ،حيث انه عرفت لدى المنو
موضوعات المعتقدات القديمة او الحوادث اليومية بمضمونها القصصي
او الخيالي ،كما ان الحكاية اخرافية تنوعت لديمم ونمت ونسقت في
شكل متعارض ،ووصلت الى قمة التصودر مع وفرة في المفاجائت
والنكات ،ومع ترو هادىء ومقدرة على االبتكار ال تكل ٠وتشير
الحكايات الخرافية والفابوالت التي استولى عليها البوذيون وحوروها
الغراضهم الخاصة الى هذا الفن نفسه والى الخصائص الشكلية
نفسما ٠
-٢٠٣٠
االلم ،كل هذا يمثل خصائص اهنود انتي تنعكس مرة اخرى في الفن
أهندي والديانة الهندية ٠
وكثير ماائر الشك حول تأثير الحكاية الخرافية اهندية في حكايات
العالم الخرافية وحكايات الغرب ،االمر اذي يبدو لنا موغال في الخنا
ذلك اتا لم نعد نرجعالحكايات الخرافية كلها او معظمها ٠لىالهندكما
فعل الباحثون منذ عشرات ألسنين ٠وانما كانت الهند مردزا من المراكز
الكبيرة التي تدفقت منها الحكايات الخرافية الى الشعوب االخرى ،
وربما كانت اهم هذه المراكز ٠وطييعي ان الهنود لم يصنعوا هدا كله
من عند انفسهم ،فلقد استمدوا كدلك من بعض الحكأيات االغريقية
او الروايات اليهودية التي يرجع بعضها بدوره الى الحكايات المصريه
ويبدو لنا آن حكاية « اللص الماهر» ،وحكاية « التائهين» تعدان
ملكا للمصرين القدماء ٠ولم يترك الهنود هذه الحكات دوذ تغيير ،
كما حوروا الفابوالت التي أخذوها عن االغريق ٠
انتتبعآثار الحكاية الخرافية الهندية في ميراث لعالم من
الحكايات ليس عمال هينا ٠ونحن نود هنا ان نيين ذلك مكتفين يبعض
االشارات ٠
-٢٠•- ا
حكاية الثعلب الذي خدع االرنب بأسلوبه اللمين المخادع وجدت
مستقرا لها في الحكم اثميتية ( ٠وكال الحكايتين يرجع في النهاية
كذلك الى اصل هندي ) ٠اما تفاح « الهسبريدن » فقد تحول الى
ؤ الخوخ» التي تمنح الخلود ٠كماان حكاية االرملة الخوئن عجوز
افسيوس المزواج ،فقد تصرف فيها قصاص صيني في زمن مبكر تصرفا
سيائ ٠ويبدو ان الحكايات الصينية قد استولت منذ زمن قريسب على
عدد غير معروف منمقتطفات من الحكاية الخرافية فيمجموعة االخوين
جرم :من حكاية 9هنزيل وجرتل» على سبيل المثال ،ومن حكاية
االخ العغير واالخت الصغرى ،وحكاية االخ القنوع واالخ غير
القنوع ،وحكاية الطفل الطيب الشفوق ،وحكاية الهروب من مسكن
العفريت ٠ثم تعود بعض اجزاء هذه الحكايات فتترابط في اشكال
اكثر ما تكون روعة ،فحكاية ذات الرداء االحمر ترتبط بحكاية النعاج
السبع ،وكالهما يصب في حكاية رفيق السوء ٠وقد عوقب الذئب
الشرير -وهو في الحكاية الصينية نمر ٠بأن جلس على ابرة وخزته٠
اما كيف تتشكن الموضوعات اثصينية المعروفة في انحاء العالم في اصالة
وتماسك وعمقي في الوقت نفسه ،فهذا ما يوضحه لنا هذا المثال :
أما الحكايات التعليلية فقلما تظهر عند الصينيين ٠هذا وان كانت
الحكاية العسينية تبحث عن سبب العداء بين القطط والكالب ،كما
--٢٠٦
تفسر الطريق اللبني بوصفه خطا في السماء جذبته الهة مع خصالت
شعرها ،اما السحب فتبدو شياها يحرسها راع سماوي ٠وكذلك
تمتعنا الفابوالت القصيرة بما تحكيه عن الشمس والقمر والنجوم ،
وكثير ما حاول الصينيون تفسير قوة االفالك وتكونها ٠وتحمل
الحكايات التي تتناول هذه الكائنات صورا مجازية عجيبة ،كما انها
تخفي معنى عميقا ٠فيحكى ان عشرة شموس كن يسكن السماء يوما ،
فجاء اودالنج الذي ولد من ام الهة واب انسان ،وضرب تسعا منهن
« فسيطر على تسعة شخوص ممسوخة ٠ولقد كان في وسعه ان يجع
نفسه غير مرئي ،وان يأسر كل ما يعجبه كما كان في وسعه ان يجعل
البحر فيض ،وان نقل الجبال » ٠
-٢٠٧-
الحكاية االلمانية والنرويجية ٠حقا ان الزوج يختفي فيالحكاية الصينية
اكثر من مرة ولكنه في النهاية ينال الصفح بعد ان يكوذ قد ندم بحق
كما ان المرأة الممسوخة في شكل بجعة ال تختفي الى االبد عن االنسان
الذي اعاد لها ثيابها ،فهما يجتمعان في كل عام مرة ٠
-٢٠٨٠
الموتى وافعالهم الشريرة ،كما تحاول كثير من المعتقدات التطيريية
تجنبها ٠وتعد ارواح موتى حرب الثالثين ( )١اسوا هذه االرواح ٠
اما نبش القبور فيعد اكبر جريمة تستحق اللعنة ،وتتطلب اقسى
العقوبات ٠وكذلك تخذ الغول ٢كل اللحوم البشرية شكل امراة
جميلة ناعمة ،كما تحول غيره من الغيالن الى صورة شبان فاتنين
يغررون بالفتيات الحسناوات ،وبعد ذلك يكشفون عن طييعتهم
الوحشية ٠وتتفق الحكاية الخرافية الصينيةفي هذا معكثير منحكايات
الشرق والغرب والشمال والجنوب ٠ويعد سكان سيالن االصليين في
االسطورة الصينية اناسا نفترسون الحيوان ونفوقون الغول قوة ،
ويقودون اعداء الصينيين الى النصر ٠وكذلك تثير اعمااللسحر المخيفة
وكذلك االغمال التي من شأنها ان تعيد الحياة ،الفزع في نفوسنا ٠
ثم ان االخالص والحب الملىء بالتضحية شفيا فتاة من الجذام فاصبحت
زوجة ثانية للرجل الذي احبته ٠وهذه الحكاية الصينية تقابل حكاية
« هينرش الفقير » وحكاية امير جليخن» ٠
ويحس االنسان في كل هذه الفابوالت القصيرة باقبال اصيل
قوي على عملية القص ،كما يحس باصالة في التاليف ومتعة في تصوير
المفاجات ٠ويفوق الهنود الصينيين الى حد بعيد في بناء الحكاة وربط
اجزائها ،وفي النمو بالموضوعات ومقابلة بعضها بالبعض اآلخر ٠على
ان الصينيين بدورهم فوقونهم في فن التصوير ،
فالصور المفزعة في حكاياتهم الخرافية ،كصور الشياطين والتنين ،
نيفلهر امامنا بنفس الدرجة من غنى االلوان وقوتها التعبيرية التي ال
ينتمي اعجاب نا بهافي فن التصوير والفن التشكيلي الصيني ٠كما أن
صور الجو والرعد وصور الروعة السماوية والجمال تلك الصور التي
ال يألو الشعراء جهدا في تقديمها الينا ،تقدم لنا كذلك نماذج تفيض
بالروعة ٠وهذا شاهد على ذلك :
- ١هى ارواح ضحايا الحرب التيقامت يين اتباع المذهب الكاثوليكى واتياع المذهب
البروقستنتى و1لشي دامت تالثين عاما ٠
٢٠٩-
لقد ابصر حينذاك من حوله غابات من العقيق االصفر واشجارا من
معدن النفريت ٠وكانت الحشائث من حجر اليشب الكريم واالزهار
من المرجاذ ٠وفي وسط هذا انبهاء كان يقع بحر مستطيل يفوق في
طوله مائة نهر ٠وكانت المياه تتأرجح وهي مختزنة ،وفي قاعها تسبح
االسماك ذات القشور الذهبية ٠والى جانب هذا المكان كان هناك
عدد ال حصر له من الطيور السحرية التي كانت تغني.وهي تطير صاعدة
هابطة ٠
و مثال آخر :
لقد اشرف على حصن التنين مائت من البوابات المغلقة على ما بها
كما اتتثرت في.جنباته االزهار العجيبة والحشائش النادرة في وفرة
ممتعة ٠وكانت االحجار الكريمة التي يمتلكها اهل هذا انعالم مبعثرة
في بهاء لتكون في متناول اليد ٠اما االعمدة فكانت من صخر
« الكوارتز » االبيض ،تزينها احجار اليشب الخضراء ٠اما المقاعد
فكانت من المرجان ،والستائر من زجاج في شفافية المياه والنوافذ من
الزجاج المثطوف ،ومزينة بكثير من خثب الخرط ،ثم كانت قباب
السقف تتموج تموجات عريضة وهي مزادنة بالكهرمان ٠وامتالً
المكان بعبير غريب ضاع في الظالم الملىء باالسرار ٠
و مثال ثالث :
وطلع تتين احمر يبلغ من الطول اتف قدم ،وله عينان تبرقاذ ولسان
في لون الدم القاني ذو اشعاعات قرمزية ،ولحية نارية ،وجذب
العمود الذي كان مثدودا اليه بسلسلة ٠ثم قصف من حول جسد
التنين رعد وخطف برق ،واختلط الثلج بالمطر والبرد في شبه دوامة ٠
ثم كانت صرخة راعدة ارتفع عندها التنين الى السماء واختفى ٠
على ان اصالة السرد وغنى الخيال ووضوحه ال يستنفدان قيم
الحكاية الخرافية الصينية ٠فأثمن ما فيها وابقاه هو ما تحمله لكل من
يود معرفة شىء عن الحياة الصينية وتاريخهاوحكمتها وفلسفتها ودياتها
فمي فيكل مجال من هذه المجاالت تفتح امامنا باب المعرفة ومن ذلك
ان اقدم لشكال الدانات الصينية واكثرها بدائية ما بزال تمثل فى
ديانة غريبة تؤمن بالوهية الثعلب ،وكذلك في عبادة االجداد وما
ترتب عليها من الصالت القوة في حياة العائلة ٠
٢١٢
الفهل الساد
اف بذوبدح
تعد مجموعة حكايات الف ليلة وليلة الشهيرة شاهدا آخر يستحق
اتقدير والتأمل على قوة الحكاية الهندية الخرافية ومدى تلك القوة ٠
ونحن تتحدث هنا عن أعظم كتب الحكايات الخرافية معتمدين على
نص « كارل ديروف » وعلى نص « انوليتمان » بصفة خاصة ،ذلكت
المترجم الممتاز لتلك الليالي التي تتضمن -كماسبق ان ذكرنا -الى
جانب الحكايات الخرافية ،اساطير عن االخيار واالشرار ،ومغامرات
وحكايات عن اسفار البحار ،وروايات وقصصا وحكايات هزلية
وفابوالت ونوادر ٠
وتدين اوروبا في معرفتها ياف ليلة وليلة للمستشرق الفرنسي
انشهير « اتتوان جاالن » الذي اخذ منذ عام ١٧٠٤في ترجمة الحكايات
العربية الى افرنسية ،مغيرا فيها مرات عدة ،ومرتبا لها وفق تقديره
الخاص ،كما اجتهد في ان يالئم بين االصل الشرقي وبين ذوق عصره
قدر االمكان ،وذلك بنجاح مذهل بل ربما يصعب تصديقه ،كما هو
معروف ٠وقد نشأ في عشرات السنين التالية ،وذلك فيفرنسا والمانيا
عدد ال حصر له منحكايات الجان الشرقية التي اتخذت ترجمه
« جاالن » للياني نموذجا لها في مجموعها ٠
أما المخطوط العربي الذي اعتمد عليه جأالن بصفة اساسية فيرجع
انى انقرن الرابع عشر ٠ونحن نملك ثالثة اجزاء من هذا ألمخطوط ،أما
الرابع فال اثر له ويحتوي هذا الجزء ضمن مايحتوي عليهمعلىحكايتي
عالء الدين وعلىباباالجميلتين ،على ان الشك تطرق الينا من وجهة
النظر الموضوعية فيما اذا كان « جاالن » قد استمد حكايات الجزء
الرابع من مخطوط عري ،فالمترجم اتفرنسي كان يستمع الى كثير من
الحكايات من مسيحي « سورى » هو حنا الماروني ٠
على اذ مجموعة الحكايات نفسها اقدم من القرذ الرابع عشر ،
فشواهدها االولى ترجع الى القرن العاشر ٠وفي حوالي القرن اثامن
ترجم الى العربية في بغداد كتاب حكاياتفارسى هو كتاب االلفحكاية
الدي يتضمن حكايات هنديةوفارسية ويحمل عنوان «كتاب االنفليلة»
ثم نمت هذه المجموعة في بغداد مرة اخرى متخذة من الحكاييات
اهنديه والفارسية مادة لها ٠ثم اتتقل هذأ الكتاب الفني الى مصر ،
وهناك عرف في حوالي القرن الثاني عشر باسم كتاب «ألف ليلة ونيلة»
وفي القرن الثالث عشر اخذت هذه المجموعة تتزايد فىمصر وسوريا ،
كما انها اكتملت وغيرت واختصرت وكذلك غير نظامها ٠ولم تكف
هذه المجموعة بعد ذلك عن التطور ،فقد اكسب جامع هذه الحكايات
في القرن لرابع عشر ،هذا العمل صيغة التأيف الغني بالمغزى ٠بل
انه ادخل فى هذه المجموعة الكبيرة بعد ذلك نوادر اخرى واساطير
ومغامرات عجيبة ٠
ويعني لفظ االلف على وجه التقريب عند العرب ،كما هو الحال
عند الشعوب االخرى ،العدد الكبير الذي ال حصر له ،وكثيرا ما يقول
االتراك ،نقال عن « اينو ليتمان » ،الف وواحد ،حينما يريدون
التعبير عن العدد الكبير ٠ومن هنا تضح من خالل التأثير التركي معنى
العنوان « الف ليلة وليلة » ٠وقد اختلف المشتغلون بهذه الحكايات
طبقا الختالف تجاربهم ،كل حسب ذوقه ومقصده ،ولكنهم اتخذوا
الحكاية االصلية التي كانت في متناول ايديمم نموذجا لهم :
ولقد ساهم في خلق مجموعة حكايات الف ليلة وليلة كل من
الهند ويالد الغرس وارض الجزارة وسودا وممر وبالد االتراك ٠
فمن خالل هذا انعمل اذن تحدث الينا الشرق االدنى باسره ،وكذلك
بالد الهند وكثير ما امكن تحديد اثر كل بلدفي هذه المجموعة وتتبعه،
كما امكن تتبع تطوره واذذ فهذه المجسوعة تمثل لنا اثرا لالدب الشرقي
المثيل له ٠
وعلى هذا فقد.كانت حكايات الف ليلة وليلة التي ترجع الى
٢١٥-
القرنين التاسع والعاشر هندية في اطارها وفي معظم اجزائها ،فالفن
الهندي يتمثل في فنها الذي يمزج حكاية باخرى ثم يمزجهما معا في
حكاية ثاشة ،وفي اسلوبها الذي يتوقف بالحكاية مرة ثم يصلها مرة
اخرى ،وفي مطالع حكاياتها ثم في اطار حكاياتها الطويلة ،وفي قصة
الملك الذي ساءته خيانة زوجته ثم تعزى حينما رأى زوجة اخية تخون
زوجها اكبر منخيانة زوجته له ،وفي حكاية العفريت .الذي حمل
على رأسه امرأة اغقلها داخل صندوق مغلق ،تلك المراة التي خاتته
خمسمائة وسبعين مرة ( وقد وصلت هذه الحكاية الى شمال روسيا )
وفي قصة الرواية االلمعية للحكايات ،وفي حكايات الحيوان ،وكذلك
في حكاية الجالد والشماش والوزراء العشرة ،واخيرا حكاية المرأة
االرستقراطية عدوة الرجال التي اهتدت اخيرا الى الطريق الصحيح ٠
اما الفن الفارسي في الحكايات فيتمثل في اسماء الحكايات داخل
اطارها الهندي ،وفي تصوير عالم االرواح والجان الذين يسيطرون
وحدهم علىا^حياة معتمدين في ذلك على المساومة،وغير هذه الشخوص
مثل شياطين الفيافي العربية التي تثير الخوف ،وفي السحرة االشرار
عباد النار الذين يقدمون االنسان ضحية الله النار ،حتى اذا ما اهتدى
هؤالء الى االسالم اخذ العرب يروون ذلك في زهو كبير ٠وكذلك
تتضح المعالم الفارسية في حكاية االمير احمد والجنية يري بانوي ،
وفي حكاية االخت الحقود ٠وتنتمي هذه الحكاية الى الطبقة االولى
منحكايات الفليلة وليلة ٠
-٢1٦-
أما شمرة سليمان وخاتمه السحري وبساطه الطائر وسيطرته على
الناس وصنوف الحيوان والشياطين فقد اكدها العرب بعد ان اتقلت
اليهم عن اتراك وسط آسيا ٠
- 1المرد نو العيد ٢واحدة الذيخدهه اولسيوس في ملحمة االرنيسا وانتصر عليه ٠
(المثرجمة
-٢١٧-
حكايات ألف ليلة وليلة ،االمر الذي ادى الى اتتقالها داائ ابدا من
ييئة الى أخرى ٠فماذا اذن في هذه المجموعة حقا من أصول عربية ?
عد ا تثفنا في عصر ظهور االسالم بعض آثار اشعراء اقدامى
الذين تغنوا بالخالفات والمعارك اقبليه وبالبطوالت والحب ٠وتنتمي
الى هذا العصر ،عصر ألفرسان البدو ،حكأيات الصحراء انخرأفيه
عن حاتم الطائي ٠ولعل هذه الحكأية تقدم نموذجا نلقدر اضئيل من
الحكايات العربية الصرفة في حكايات الف ليلة وليلة ٠وهذا مثال من
حكاياتحاتم لطائي:
يروي انه بعد ان مات حاتم الطائي -ذلك البدوي الذي اشتهر
بسبب ك ٠مه -دفن عند قمة آحد الجبال ٠وذات يوم جلس احد
الملوك ئيرتاح في سفح هذا الجبل ،ثم صاح على سبيل التندر قاتال :
« يا حاتم اتنا اليوم في ضيافتك ،فلقد أسقمنا الجوع » ٠ثم ظهر
حاتم للملك في أثناء نومه ،وضرب ناقة الملك التي كان يستخدمها
في الركوب بسيفه وقال للملك « :لقد نزلت في ضيافتي ،وللنني
ال املكهنا شيائ» ٠فلماذا استيقظ الملك وجد ناقته تتمرغ فيالتراب
وتحتم عليه ان ينحرها ويأكلها ٠وفي اليوم التالي جاء ابن حاتم :لى
الملك ومعه عدد من الجمال ،فقد امره والده في المنام ان يفعل هدا،
النه اضطر الى استضافة الملك بناقته الخاصة ٠وهكدا جاوز كرم
حاتم حياته الى مابعد موته ٠
ولقد كان حاتم الطائي في الحقيقة شاعرا عرييا قديما عاش في
النصف الثاني من القرن السادس بعد الميالد ،وكان يتمتع وقتئذ
بشهرة واسعة في الكرم ٠وهناك كتاب فارسي شعبي حور صورته
الى صورة :يطل يفوق هرقل وتسيوس االغريقيين في أعمالهما
البطولية ٠
,٢١٨٠
في بالط الخليفة ٠وقد ظهمر صدى هذا العصر في حكايات الف ليلة
وليلة التي حكت عن هروذ انرشيد وضخمت شخصيته التي ربما لم
تكن تبلغ من االهمية مثل هذا الحد ،كما انتعد بها عن الحقيقة
الواقعية ٠اما فيما يختص ببلدان الدولة االسالمية اإلخرى بالنسبة
لمجموعة حكاياتنا الخرافية ،فأنًا ننوه قبل كل شيء بمدينة القاهرة
.ذات انتراث المصري الغني ٠فالحكايات ألتي فلهرت في الروايات
المتا خرة اللف ليلة وليلة تتفق مع صور شلل اناس الذين كانواينشدون
التسلية في مقاهي القاهرة وفي غيرها من البالد المصرية ٠
ولما كانبت هذه الحكايات تحلى أوال عن انلصوص واالبطال ،ثم
عن الحكام واالمراء ،ثمعن الصناع والطبقة البرجوازية ،ثم عن
التجار والعبيد ،فانها استطاعت بدلك ان توافق هوى لدى جميع
طبقات هذه اندولة اكبيرة ،طبقة بعد االخرى ٠وفي ألعموم فأد
االتقال في هذه الحكايات -كما هو الحال في أداب الغرب في
العصور الوسطى -من االدب البطولي الى ادب البالط منه الى ادب
الطبقة البرجوازية واالدب الشعبي ،لمما يستحق اننظر ٠
وتميل لغة اف ليلة وليلة انى النثر المسجوع ٠وهي كثيرا ما
تالئم بحق أناشيد الحب العاطفية التيكاذ عصر ازدهارها فيما يين القرذ
الثاني عشر حتى القرذ الرابع عشر ،وهو نفس العصر الذي ازدهر
فيه التروبادور في الغرب وتعراء الحب واالغنيأت الشعية ازدهار
كبيرا ٠وربما تأثر كذلك االدب االوروبي الذي تغنى يانحب ،يفن
االدب عند االسبان العرب حينداك ،وان يكن هذا االدب االسباني
قد ابتعد بحق عن االدب العربي القديم الدي تغني به البدو وشعراء
الصحراء ٠
وكل من ينتقل من قراءة الحكايات الخرافية الهندية الى قراءة الف
ليلة وليلة يفاجأ دائما أبدا بالتشابه بين انحكايات ألعرية والهندية ٠
وال يقتصر هذا على كثرة تشابه موضوعات الحكايات ونظامها ٠او
أكثر من ذلك على كثرة تداخل االنماط بعضها في بعض ،بل كاى
-٢١٩
انغرام بهذه الحكايات وااليمان بها شيائ مؤكدا كما هو الحال بالنسبة
للحكايات الهندية كذلك ٠فقدكان في وسع الحكايات ان تدفع
االذى عن الشخص الذي يستمع اليها ،وعن طريقها كان في وسع
المحكوم عليهم باالعدام ان يطيلوا حياتهم ،او ينفذوها ٠ثم انها كانت
اعظم صديق للملوك واخلصه ،من حيث انها كانت تخفف عنهم اعباء
العمل ٠وقد يؤثر ادنى حمال ان يحرم من كل سعادة في الحياة ،على
أن تفوته حكاية من هذه الحكايات فيروى في حكاية هندية ان االشباح
الثائرة تهددت القاص الذي كانت تستمع اليه ثبالث عقوبات
مفزعة مهددة لحياته ،النه توقف عن رواية الحكاية ولم يروها
حتى نهاينتها ٠وبالمثل يروي لدى العرب ان الشخص قد يقوم بسفر
ينفق فيه امواال تفوق أثماذ االحجار الكريمة الغالية في سبيل ان
يستمع الى حكاية خرافية ٠فاذا ما كانت ساعة رواية الحكاية فانه
ال يحق الحد ينوي أذ ينسل فيما بعد من الجمع ان يشهد روايتها ٠
وكذلك كانت االرواح تهتز طربا اذا ما سمح لها باالستماع الى احدى
الحكايات وكذلك كان ينبغي ان تضمن كل حكاية نادرة عجيبة ٠وفي
ذلك تقول عبارة شهيرة « حكايتيتكتب على آماق البصر ،لتكون عبرة
لمن اعتبر » ٠وكم يكون الموقف حرجا ومهددا بالخطر ،داعيا الى
عالج سريع ،حينما ينسى العربي من اجل حكايته كل الحياة االخرى ،
وكل ما يهدده من خطر ،وكل مكاتته ٠
وكلما توغل االنسان في حكايات الف ليلة وليلة ازداد احساسا ياتفاس
الروح العربي ٠فالطبيعة العريية كلها تأسرنا حينئذ الى درجة اننا
نستسلم راغبين لها وحدها عن طواعية وتفضل اال نشعر بغيرها ٠وفي
بالد الهند تعيش بعض الديانات جنبا الى جنب بحيث ال تزاحم ديانة
ديانة اخرى ٠وهذا الورع نفسه الذي تقابل به الديانة يصح كذلك
بالنسبة للفلسفة وحكمة الحياة ٠اوهذا-على اقل تقدير -هو
االنطباع الذي تتركه في تفوسنا الحكايات المندية ٠اما الحكايات
العرية فال تعرف في النهاية سوى اله واحد هو « الله( ال اله ال
الله ،وال حول وال قوة اال بالله العلي العظيم ) وهذا اله ليس له سوى
٢٢٠-
رسول واحد هو محمد ،وهذا الرسول لم ينزل عليه سوى كتاب
واحد هو انقرآذ ٠وال يعترف هذا الكتاب سوى بفكرة واحدة هي
االيمان بالقضاء والقدر وفي هذا االيمان بالقضاء والقدر ،الذي مثل
الخضوع المطلق لله،قوة صلبة ،كما انه يؤدي بصفة خاصة في مجموعة
سلسلة الحكايات الخرافية النجيبة الى معرفة عقيدية خالصة بالطبائع
الغريبة لالشياء ٠وقد تتج عن هذا االعتقاه اطمئنان نفسي عجيب
ليس من السهل ان يصاب بهزة ،وفي هذا المزاج ذابت الحكاية الخرافية
ذوبانا طبيعيا جميال ٠
ولقد كان العرب اصدقاء للحكايات الخرافية اكثر منهم مبتكرين
لها ،فلم يكونوا خالقين لها على طريقة الهنود ،ولكنهم في مقايل هذا
مستقبلين نها بطريقة نادرة ٠ولقد جعلت منهم موهبتهم في المالحظة
والتصوير رواة للحكايات الخرافية ال مثيل لهم ،وذلك بمجرد ان
تقع موضوعات الحكايات الخرافية في حوزتهم ٠وطبيعي ان يخضع
تصويرهم لمقدرة الملوك والوزراء والبهاء والغنى والقصور والعروش
والمعارك الحربية وجمال النساء واالعياد والوالئم ،طييعي ان يخضع
لوصغ معين ٠
٠٢٢١٠
معهم كأتا في نشوة ،اذ يشع هذا كله ويتالال ويغشى ابصارا ،فاذا
ما اصطحبنا الحكاية العربية الخرافية الى قصور الحكام ،فحينئذ
ينبثق أمامنا كذلك مشهد خرافي مكتمل البهاء ،فنبصر اعمدتها الرشيقة
التي ال حصر لها ،ونبصر القباء والكوى التي يسطع منها النور في
هدوء وعمق في آن واحد كذلك نبصر زخارف الحيطان والسقوف
المتشابكة على نحو غاية في التنوع بألوانها المنسابة في روعة ورقة :
والمشبعة غاية في التنوع بألوانها المنسابة في روعة ورقة ،والمشبعة
غاية التشبع ،كانها منبعثة من اعماق مجهولة ٠وفي االمسيات الرطبة
تتجول مع الشاعر فى حدائق الخلفاء ،حيث تندفع المياه من النافورات
في خفوت وايقاع ،وحيث يغني البلبل في ضوء القمر الهادىء ،وتأتي
الريح بعبير متنوع آلالف االزهار والثمار ٠وكذلك يجلب هدوء
الشرق العميق الذي ينبع من حياة البذخ ،والذي تتماوج فيه االصدا،
الخفية ،يجلب كذلك الطمأنينة الى نفوسنا ،فنستسلم راغبين -
النوم يداعب جفونا ١الى االحالم الجميلة ،ونصغي الى انغام هذه
الحكايات الخرافية المداعبة ٠ففي حكاية نور الدين علي وانيس
الجليس ،جلس الحبيبان بعد رحلة بحرية على مقعد وغسال وجهيهما
وايديهما ،ثم هب عليهما نسيم بارد فاستغرقا في النوم « ٠تعالى
الله الذي ال ينام ابدا » هكذا يقول القاص ٠لهذه العبارة اهتزت
مشاءر « هوجوفون هو فمانزتال ه ٠
هذه المجموعة من الحكايات الخرافية تربسم صورة للحياة خالل
قرون ستة ٠وكثيرا ما يتصور االنسان ان هذه الحكايات ربما كانت
اكثر غنى ووفرة مما يمكن ان تكون عليه هذه القرون مجتمعة ٠
فالخليفة الذي يتصف بالعدل ،وذلك الحاكم المستبد الذي يطاع طاعة
عمياء ،والوزير الوفي واالخرالمزيف ،ورجل البالط لذي يقف وراء
الدسائس ويدبرها ،وحكم السلطان بوصفهرجل القضاء االعلى ،
وقراراتهوأحكامه العادلة بيناالحزاب ،ثم المعارك حول العقائد وخروج
الشعب الى االسواق عند االتجار في الرقيق وعند تبادل التجارة في
٠٢٢٢٠
صخب ،وعند المساومة في االشياء النفسية وفي مستلزمات الحياة ،
وحياة الحريم ويوت البغاء ،ومالمح القوافل عبر الصحراء ،ومغامرات
االسفار الخطيرة في البحار،وهذا المزيج المختلط من المسيحيين واليهود
وعباد النار والمؤمنين وشاط اصحاب الحرف والخبازين والجزارين
واالسكافية والخياطين والسماكين وعمال السفن والشيالين والعبيد س
كل هذا يصور في صور جديدة دائما غنية بألوانها ،وفي حكايات
هزلية مثيرة ،وفي صدق ال مثيل له ،وطبيعية قوية محيرة وما تكاد
تبدو الخطوط الرئيسية الواضحة القليلة البارزة ،حتى تتسع وتفرغ
شحنتها وسط كثر امور الحياة اثارة ٠
ولما كان تيار هذه الحياة اكثر اتساعا وقوة واوفر شحنة في
تدفقه من تيار الحياة الهندة فقد انبعث منه تأثير مفاجىء جديد كل
الجدة ،وان دفعنا هذا التيار وسط ثراء الحكاية الخرافية العجيب ،
وان لعبت امور السحر والمسخ والمغامرات التي لم يسمع عنها قط ،
واالشباح واشياطين والشخوص المهولة التي لم تر قط دورها المحم
المسلي مع االنسان ٠
اما اكثر مايقدمه العرب من حكايات ناجحة فهو حينما بحكون من
وحي اتكارهم الخاص الصرف ،فأي شعب من الشعوب قدم من
عنده مثل هذا التصوير الممتع الرائع الذي قدمه العرب في حكايية
الحالق الثرثار واخوته السبعة ،وفي حكاية ذلك الذي كان يباشر
القتل دائما ابدا وال يستطيع مع ذلك ان يقتل انسانا احدب ٠وفي
الحكاية التي تروي ان الشياطين تنازعوا فيما بينهم وتباروا للفوز بهذا
الجمال ،وحكاية ساكن االرض الذي زار ساكن البحر وأخذ بكنوز
البحر وعمقه الغريب ثم طرد في النهاية من هذه المملكة النه اشتكى
من الموت ولم يحتف به ٠أما غير ذلك من حكايات الف ليلة وليلة التي
نعدها ممثلة لفن الحكاية الخرافية عند العرب ،بل التي تسربت الى
حكاياتنا الخرافية ،فهي تلك التي استمدها العرب من شعوب اخرى،
وان اشبعوها بروحهم وفنهم ٠ويكفي ان نشير مرة اخرى الى حكاية
-٢٢٣
عالء الدين ومصباحه السحري ،وحكاية علي بابا واالربعين حرامي ،
وحكاية الصياد والشبح ،وحكاية الشجرة المتكلمة ،وحكاية الطير
المغني ،وحكاية االخوات الحاقدات ،ثم حكاية االمير احمد والغول
برييا نو
ويبقى بعد ذلك قيمة العرب الخالدة من حيث انهم خلقوا عن طريق
فنهم في الرواية صورا جديدة كل الجدة ،سواء من خالل تلك
الحكايات التي نشأت عندهم ،او تلك التي اخذوها من الشعوب
االخرى ،تلك الصور التي تأسرنا دائما أبدا عن طريق روعتها التيتنبع
من حياة البذخ ،وطراوتها المستسلمة الباقية وفنها الملىء بالمغزى ،
وفكاهتها المثيرة ٠وال نود ان نعد االمر من قبيل الصدفة ان ابرز
الفرنسيون انفسهم هذا الفن لغيرهم من شعوب اوروبا ،فقد ادركوا
ما في تلك الحكايات من سحر ورقة ودقة مشاعر ورهافة مغزى ،
وكذلك ما فيها من تصاوير غريبة ٠
-٢٢٤.
الفعل السابع
الى^يالىرافبةالرورويبة
كنا نود كذلك محاولة تحديد خصائص الحكاية الخرافية االوريية
في اشكالها العديدة وتكوينها المتباين عند كل شعب على انفراد ،
وان نوضح هذا عن طريق اكبر عدد من النماذج ٠ولكن العقبات التي
ال يمكن التغلب عليها في هذا الفصل .القصير ،تحول دون هذه المحاولة
ومثلنا في هذا مثل المتجول الذي يبصر الجبل من بعيد كتلة صماء ،
فاذا ما اقترب منه تحللت سلسلة الجبال الى خليط من الجال الملساء
المنحدرة ،ومن التالل والمروج والقرى والفضاء الشاسع ٠ولقد كان
لزاما علينا ان نمر مرورا عابرا خالل الماضي البعيد بزمانه ومكانه ،
بالحكايات الخرافية القديمة ،وحكايات الهنود والعرب والصينيين ،
ون نحاول تفهم خصائصها ٠فاذا شئنا ان نضع هذا بالنسبة للحكايات
انخرافة االوربية فانا تفتقر حينئذ الى تحديد االبعاد وكذلك الى
المقياس ٠
ولقد جمعت آالف وآالف من الحكايات الخرافية في جميع بلدان
اوروبا في النصف الثاني من القرذ االخير ،هذا باالضافة الى الحكايات
الخرافية التي قامت بدور مهم للغاية في االدب منذ العصور الوسطى ،
وتتمثل لنا هذه الحكايات في شعر االساطير وشعر البطولة وشعر
البالط ،وفي مجموعات الحكايات المتنوعة التي جمع بعضها الى بعض
مرات عدة منذ العصور الوسطى القديمة ٠وفي وسعنا ان نقتفي
اثرها كذلك في معارض الفنون التشكيلية ٠واخيرا اتخذت هذه
الحكايات شكال جديدا في اعمال الشعراء ٠ويكفي ان نذكر منهم
بوكاشيو وستراباروال وبازيل وبيروه وموزوي وفيالند وجوته
والروائين الروماتتيكيين •
وعلى ذلك فان رصيد الحكايات الخرافية االوروبية يبدو مكدسا
-٢٢٦
ولن يكون من السهل مطلقا دراسة الحكايات الخرافية االورويية دراسة
مستفيضة ،دون ان يتاح لنا تصنيفها بحسب انماطها وموضوعاتهما ،
ومقارتتها تبعا لذلك بعضها بالبعض اآلخر ،متجاوزين في هذا كل
الحدود اللغوة ٠
وقد سبق ان اشرنا الى اننا ندين ترتيب الحكايات الخرافية
وتصنيفها قبل كل شي الى االعمال التمهيدية التي قام بها علماء المدرسة
الفنلندية ٠وقد مكن هذا الترتيب كذلك من جمع الحكايات الخرافية
جمعا منهجيا منظما ٠وحتى اليوم لم تظفر الثروة الهائلة من الحكايات
الخرافية في اوروبا بالدراسة المستفيضة ٠واذا كانت بعض البلداذ
فقيرة في ثروتها من الحكايات الخرافية ،فان غيرها على العكس من
ذلكغنىكل الغنى .وفي سنوات االتتقال من القرذ الماضي الى القرن
الحاضر قام بعملية جمع الحكايات الخرافية كل من « فسر » في
« هولشتين » و « فو سيدلو» في «ميكلنبورج» و « كريستنسن»
في « جوتلندا و « بتري» في صقلية ،وما يزال الجامعوذ والباحثوذ
حتى اليوم في معظم البلدان يقوموذ بهذا العمل ففي السويد تعمل
اكثر من جماعة من العلماء مستخدمين احدث وسائل التسجيل في جع
الحكايات وترتيبها وتقييمها ٠وهناك مجموعة مهمة من الحكايات على
وشك الظهور ،كما تظهر معها مجموعة تماثلها قيمة من االلعاب وااللغاز
واالغنيات ٠وقد اهتم « جوتفردهسن» اكثر من غيره في المانيا بعملية
الجمع ،كماقام « دويليرجا » مع مجموعة تسانده من الباحثين بنفس
العمل في ايرلندا ٠وما تزال تظهر حتى اليوم في أيسلندا مجموعات
صغيرة تتضمن حكايات شعبية ،كما تتضمن ين الحين واآلخرحكايات
خرافية جمعت حدشا ٠ونفس الشيء يحدث في البلدان االخرى ،وال
تشذ شعوب شرق اوروبا عن هذا كذلك ٠
وتتفق هذه المجموعات الجديدة وكذلك احدث ما ظهر منها ،في
أنها نادرا ما تطلعنا على مادة جديدة وانماط جديدة للحكايات الخرافية،
والشىء الذي نجده فيها هو مجرد روايات مختلفة تتفاوت في اصالتها
قلة وكثرة لمادة الحكايات الخرافية القديمة المعروفة ٠ومن الطبيعي ان
تكون هذه الروايات بعينها مهمة في البحث عن اتشار الحكاية الخرافية
-٢٢٧-
وعن اصلها ٠اما المغرم بالحكايات الخرافية ،الذي اليهتم في الوقت
نفسه بدراستها ،فكثيرا ما تخدعه هذه الروايات ٠
وقد رأينا في الفصل السابق كيف ان الكثير من ثروة الحكايات
الخرافية االوروبية يرجع الى الحضارات القديمة والى شعوب اخرى
بعيدة كل البعد عن الشعوب االورويية مثل الشعب المصري والبابلي
واليهودي والهندي والعربي واالغريقي ٠فاذا ما تساءلنا بعد ذلك عن
حصيلة الحكايات االوربية االصيلة ،لم يكن الجواب عن ذلك يسيرا ٠
ولن يمكن الوصول الى تائج مؤكدة الىحد ما اال عن طريق البحث
العميق الدقيق 0كل حكاية على حدة ٠
وقد كان من الممكن اتباع طريقة اخرى هي استخدام هذا االتفاق
الهائل في مادة الحكايات الخرافية لدى البلدان االوروبية المختلفة في
يان فن الحكاية عند كل شعب على حدة ٠وقد قام الباحثوذ بهذه
المحاولة فيما نطم مرتين بنجاح كاف ٠اما في المرة االولى فقد قارن
« لويس اف ميثار » الحكايات الروسية والحكايات االلمانية بعضها
بالبعض االخر ،موليا في ذلك اهتماما خاصا لشخص بطل الحكاية
الخرافية ٠وكذلك حاولت « اليزاييث كوخالين » منذ عهد قريب ان
تكتشف في دراسة لها غاية في الدقة اهم مالمح الحكاية الخرافية
االلمانية والفرنسية ،مستخدمة امثلة لنماذج من الحكاية الخرافية ،
مثل حكاية « الحب والروح» وحكاية « العريس في شكل حيوان» ٠
وسرعان ما استبانت الصعوبات في كلتا المحاولتين ،ولكنها استبانت
في الوقت نفسه كذلك القيمة الكبيرة لمثل هذا العمل ،اذ ال يمكن
ان تقتصر المقارنة على المالمح الجمالية للحكاية الخرافية ،بلما تلبث
ان تتعداها الى خصائص الشعب ٠وبهذا تجاوز العمل مجال
البحث في الحكاية الخرافية ٠على انه في وسع هذا المنهج -فيما
نعتقد _آذيساعد كثيرا على فهم الحكاية الخرافية عند كل شعب على
حدة ،ودراسه اليزايث كوخاليين مثال صالح لذلك ٠
و نود كذلك قبل ان تتفهم الحكايات الخرافية االوروبية عن طريق
بعض االمثلة القليلة ،وآن تقابل الحكايات بعضها بالبعض االخر ،ان
نلقي نظرة على تراث الحكاية الخرافية االوروبية المتناقل ٠
-٢٢٨
ففى جنوب اوروبا ،وجنوب شرقها قبل كل شىء ،اتتشرت بعض
الحكايات الخرافية والحكايات المزلية انتي مصدرها العصر القديم ،
من جيل الخر على نطاق واسع ٠ولكننا نرى هنا كذلك — وهو ما
تحتم عليناان نالحظه كثيرا من قبل -اتا نسنتكشم في سر موضوعات
بعض الحكايات الخرافية القديمة ،تلك الموضوعات التي نشأت بينها
على مر الزمن ويين بعض الحكايات الخرافية االخرى اواجزاء من هذه
الحكايات ،عالقات جديدة ،بوصفها حكايات خرافية قديمة كاملة
التكوين ٠ثم نالحظ بعد ذلك غناية المغنين الشعبيين عن قصد بالتراث
القديم المتناقل ،وان لم تكن في بعض االحيان عناية سامية للغاية ٠
ومنذ عصر شرلمان ظهر هؤالء المغنون في المجالين الديني وألدنيوي في
اوروبا ،وينتمي الى فنونهم رواية حكاات الكذب وألحكاياتالهزلية
والفابوالت ،وان لم تكن هذه االنواع اقل االنوأع التي رووها قيمة٠
.وفي القرن العاشر اتتشرت مادة الحكايات القديمة في البالد الرومانية
والجرمانية ،متفقة في بادىء االمر مع اهداف االوساط الدينية وقد
ظل ادب الحكاية يروى باللغة الالتينية زمنا طويال ،وان لم يحتفظ ٠ن
هذا اال بالقليل ٠واهم مثال لهذا النوع حكاية « حب رود» التي ترجع
الى القرن الحادي عشر ،وهي مليئة بالحوادث ذات الطابع الخرأفي ،
والى جانب المادة الكلتية الوفيرة _ التي يكفي ان نذكر منها مجموعة
الحكايات التي تدور حول الملك ارطوس -توغلت هذه المادة الالتينية
في ادب البالط ٠ومنذ القرن العاشر بدأ تأثير المادة اليهودية والبيزنطية
نتضح كذلك ٠وكذلك عرفت هجرة الفابوالت الهندية منذ عصرالحروب
الصليبية ٠وفي حوالي منتصف القرن ألثاني عشر ظهرت في بلدان
مختلفة في اوروبا في وقت واحد على وجه التقرب حكايات خرافية
ومجموعات منها ذات اصل هندي ٠وقد جاءت المادة الهندية الى اوروبا
عن طريق البيزنطيين ،ولكنها جاءت كذلك عن طريق العرب عبر صقلية
واسبانيا ٠وقد كان هناك كذلك طريق ثالث يمر عبر شمال آسيا الى
شمال أوروبا ،كما سبق ان ذكرائ ٠
وفي القرن الثالث عشر ،عصر المرآة الكييرة التي شاءت ان تلتقط
وان تجمع صود الحياة الدينية والدفيوية جميعما ٤بدأت كذلك اعمال
-٢٢٩-
الجمع الكبيرة لالساطير والفا بوالت وحكايات الوعظ كما جمعت معها
كذلك الحكايات الشعبية والخرافية ٠وترقد معظم هذه المجموعات
مع غيرها من المخطوطات في بعض المكتبات ٠وال يقاس ما تم نشره
وطبعه منها بالكنوز التي اختزنها االنسان في ذلك الوقت وحمل اليها
ثروات جديدة من الشرق ٠ولسنا نستطيع ان تتصور القدر الهائل
الذي وصل اليه هذا الحماس الجدي في الجمع في القرن انثالث عشر،
وأي ثروة مناالقاصيص ومادةالحكأيات ألخرافيةوالفابوالت وحكايات
الحكم والحكايات الهزلية تدفقت الى الشعب عن طريق هذا الحماس ٠
وهنا بدأ عصر ازدهار االدب الشعبي ألذي استمر في ازدياد ال مثيل له
حتى القرنالسادس عشر ،فلقد تكاثرت في عنف االساطير واالغاني
الشعبية ،والتمثيليات الشعبية ،والكتب الشعبية ،وألحكايات ألخرافية
والشعبية ،وااللغاز ،والمغامرات ،والحكايات الدنية والدنيوية ٠
وقد كان في وسع القرنين الثاني عشر والثالث عشر ان يجتهدا دئما
في حصر متعة الحكاية في قوانين االدب الرسمي واشكاله الصارمة ،
ولكن هذه المتعة تجاوزت كل الحدود ٠وقد برزت معالم الفن الشعبي
اوضح واعمق مما كانت عليه في اى عصر آخر ،اال وهي االتساع
واالمتالء والتشبع بالتجارب والصور ،والثراء الدافق الذي يتحور
دائما في اشكال جديدة ٠اما الشكل فقد اهمل ،وكذلك التكوين في
معظمه ،ولكن الشعور صار دائما مباشرا ،اذ اصدح اكثر رقة وعمقامن
ناحية ،كما اصبح اكثر صالبة وعنفا من ناحية اخرى ٠وكثيرا ما يعاب
على هذا العصر صالته وجالفته ،ولكن هذا ال يصدق دائما ،فقد
حطمت ثروة المادة الهائلة التي تم جمعها طوال قرون محتفظة من ناحية
الشكل بالتراث كل االحتفاظ -حطمت القواعد الصارمة للقوانين
الشكلية البالية ٠ولم يحل الوزن االسكندري الصارم محل ما آل
اليه االدب الشعبي من فقدان للشكل الباعث على االضراب اال في
بداية القرن السابع عشر ٠ثم سيطر الشكل والقاعدة مرة اخرى طيلة
قرن ونصف قرئ ،حتى كان العصر الذي لم تعد فيه قوة التجارب
المباشرة تعبأ من جديد بالقواعد مرة اخرى ٠وذلك في زحمة العواصف
واالزمات والعصبز الروماتيكي ٠على ان هذا يغد مرة اخرى عصر
س.-٢٣٠
ازدهار االدب الشعبي ٠
ومنذالقرن الثالث عشر ،اي العصر الذي حلت فيه حياة
البرجوازين محل الحياة الدينية وحياة الفروسية ،اكتسبت الحكايات
واالساطير والحكايات المزلية وحكايات المغامرات قوة الى جانب
الموضوعات التورائية والروحية الخالدة ٠والى جانب الفن التشكيلي،
فقد ظهرت صور من عالم االدب الشعبي في مداخل االبنية وفي الفنوذ
التشكيلية وفي كراسي ألكورس وزجاج نوافذ الكنائس وفي السجاد
واوعية المنازل ٠وقبل هذا ظهرت في االشكال التي كانت تصنع من
الخوص ،وفي الحروف االولى من المخطوطاتالرائعة التي تتعلق بالحياة
الدينية والدنيوية ٠وقد سبق اذ وضع وليم جرم ولودفج اورالندهذه
المخطوطات موضع البحث ٠ففيها نرى مزيجا من التصوير النادر لحياة
االنسان والحيوان والحياة الفوضوة خالل تصودر الحياة الرفية
وحياة الفروسية بشخوصها االسطورية الثابتة التي يحكى عنها في كتب
االسفار والمغامرات كما تشير هذه الصور الى اساطير طولة شائقة
والى حكايات المواعظوحكايات هزلية ٠اما عنداللة الحكايات^لخرافية
والشعبية والحكايات المزلية واالساطير ،وداللة الخيال والواقعوالفن
والعمل بالنسبة للعصور الوسطى ،فنادرا ما تكون اوضح مما هي
عليه في المنمنمات والحروف االولى من المخطوطات ذات التصاوير.
وبعد العصور الوسطى نشطت ثروة الحكايات الخرافية المحببة لدى
الشعب في.اوروبا مرات عدة ،عن طرس فن الحكاية الخرافية ،ونحن
نذكر القارىء هنا مرة اخرى بالقصاصين االيطاليين والفرنسيين ،كما
نذكره يالذات بحكايات الف ليلة وليلة ،فلكم تالءمت هذه الحكايات
الخرافية مع غيرها في طواعية ،كما انها اختفت في تلك الحصيلة التي
اتت بها العصور الوسطى مجتمعة وعملت على نشرها ٠ومع العصر
الروماتيكي بدأ -كما نعرف -عصر الجمع العلمي ٠ثم اتشرت
المادة مرة اخرى بينافراد الشعب عن طريق حكايات االخوبن جرم
واتخذت لديمم أشكاال جديدة ٠واليوم نجدها في تفسها تعيش بين
الحكايات الشعبية االفريقية والصينية ٠وفيما عدا ذلك فانه يبدو ان
عصر الجمع العلمي وعصر احياء الحكاية الخرافية كان في الوقت تفسه
-ا٢٣
نذيرا بأيام فنائها ،وفي وسع االنساذ اذ يلمس هذا في مزيد ٠ن
الوضوح في كتب الحكايات الشعبية ٠ذلك انه على الرغم من استمتاع
الشعوب بحكاياتهم الخرافية ،فنادرا ما وجدت حكاية من حكايات
الفرن التاسع عشر التي كانت بكل تأكيد جميلة وغنية بفنيتها ،نادرا ،
ما وجدت طرقها الى الشعب ٠
ولقد امتلك الشعب الهندي من بين جميع الشعوب الهندوجرمانية التي
نعرفها حتى اليوم اضخم ثروة من الحكايات الخرافية ،كما كان لديه
اعظم استعداد لخلقها ٠اما عن مصدر هذا الميل الفطري عند اكثر قبائل
الشعوب الهندوجرمانية ايغاال في الشرق االوسط فهذا ماال نعرفه ٠
على انه مما يبدو غريبا ان اكثر مجموعات الشعوب الهندوجرماية
ايغاال في الغرب وهم الكتيون قد اثبتوا كذلك ان لديهم كذلك موهبة
فائقة للغاية في خلق الحكاية الخرافية ،وقد أثروا في االدب االوربي
بالميل تأثيرا مثمرا للغاية ٠ولسنا ندري هنا كذلك كيف طور الكلتيون
في الواقع هذا المياللى الحكاية والتخيل والتراصيع وهذا الخيال
والتزويق والمبالغة في التجسيم ٠يفترض « يوليوس بوكورني» ،
وهو من احسن العارفين باللغة الكلتية واالسلوب الككتي ان هذه
الخصائص تتجت عن امتزاج سكان المنطقة الذين سبقوا الكلتيين
والذين كانوا ينتسبون الى الجنس المستوطن وسط اوروبا ،والى حد
ما بالجرمانيين • ولسنا نود هناان نصدر حكماعلى هذا الفرض ،ولكن
الشيء الذي يظل مؤكدا هو ان جزءا كبيرًا من المادة الكلتية قدتسرب
الى ادب بلدان أوروبا االخرى في العصور الوسطى ٠وباالخص الى
ادب الفروسية ٠وان منهج الكلتيين القصصي والمتعة في المبالغة الغريبة
وفي حشد المغامرات النادرة كل هذا ترك اثرا بعيد المدى في ادب
الغرب ٠كما الر ي االدب الفرنسي قبل كل شيء ٠ويكفي ان نذكر
هنا جارجاتوا ( )١لرابيليه او ان نذكر حكايات اماديس (٠ )٢
( )٢عو بطل رواية النروسية ألمحبوبة في القرن السادس مشر ويبدو ان االصل االول
لهذه الرواية يرتغالي ،ثم اضينت اليما اضافات عدة فيكلمن اسبانيا ونرنسا ٤تحكى عن
-٢٣٢
وكذلك استخدمت الحكايات الكلتية عددا وافرا من الموضوعاث
والحكايات الخرافية الكاملة ،التي ترجع الى العصر القديم او الى الهند
ومع ذلك فاتا نجد لدى الكلتيين عددا وافرا حقا من حكاياتهم الخرافية
الخاصة بهم ،وان تكن هذه الحكاياتتقف عند حدود حكايات البطولة
في اغلب االحيان ٠وتصعب التفرقة بين االنماط المختلفة في الحكايات
االيرلندية على وجه الخصوص ٠على ان القاص ال تهمه هذه التفرقة ،
فحصيلة القاص االيرلندي نمتد —.كما يقول بوكورني الى حكاية
انبطولة القديمة ،والمغامرات الخيالية ،وتتضمن كل ضروب الحكايه
الشعبية العالمية والحكاية الخرافية وحكايات السحر واالشباح ٠هذا
من جهة ،ومن جهة اخرى فان القاص ال يهمل تلك الحكايات التي نميل
الى التفاهة.اما عن مدى ما قد نصل اليه ثروة الحكايات عند مثل
هؤالء القصاصين االيرلندين في بعض االحيان فربما اتضح بصفة
خاصة من ان مجموعة ايرلندية حدثة تقع في اربعمائة صحيفة تتضمن
حكايات خرافية وروايات شعبية اخرى لقاص واحد ٠
ان بطال افزع بطال اخر الى درجة ان غاص هذا االخير في االرض
الى وسطه ٠وان اجساد الموتى تطرح في البحر الى مسافة اميال ٠وان
بطال عبر عن رغبته فقال « :ارغب في مصارعة سبعمائة بطل عن
اليمين ،وسبعمائة بطل عن اليسار ،وسبعمائة بطل من امام ،وسبعمائة
من خلف ،وسبعمائة ازاء كل عظمة من عظام جسي » ٠وفي
اليوم انتالي طلب مضاعفة هذا العدد ،وفي اليوم التالي لذلك اليوم
طلب كذلك مضاعفة العدد االخير لهذا االخير لهذا اليوم ٠وان بطال
التهم سبعة ثيران وسبعة خنازير وسبعة خراف ٠وان اخر التهم قدر
هذا العدد سبع مرات وان جزارا رمى بطال بتفاحة مسمومة فأخترقت
أبطال ساللة اماديس ٠وقد ترجمت رواية اماديس الى لفات عدة ٠و ص غالبا ما تكون
(1لمترجمة) تتليدا لما .
-٢٣٣-
جبهته حختى استقرت في مؤخر راسه ولكن البطل استخرجها من راته
وداوى جرحه بابهامه ثم رمى بالتفاحة نفسها فانطلقت من خالل رأس
القصاب واخترقت مصراعي الباب الحديدي وتوغلت في باطن االرض
مسافة اربعين قدم ٠
على ان الخيال الكلتي ال تضح من خالل هذه الصور الغريبة
وحدها فنادرا ما تصور تجارب االبطال في رحلتهم الى العالم السفلي
بطرقة مفزعة ومجسمة مثلما تصورها الحكايات الخرافية الكلتية ،
فالمغامرات المتنوعة ،وعمق التفكير المغلف بالغموض،والسخرية المضحكة
والصور ذات االلوان الغريبة ،كل هذا يمتزج بعضه بالبعض االخر
ليصنع نسيجًا موحدا ٠ومن ثم تظهر الحصون المنعزلة التي حلت بها
اللعنة في كتفالغابات العجيبة المظلمة،كما تظهر اآلبار العميقة المسحورة
التي تثير جوا عاصفا بمجرد ان يسقط فيها حجر ٠ويقوم الرجال
المتوحشون على حراسة قطيعهم في غابات مسحورة ٠وتختفي الفتيات
في اوراق الشجر او في وبر الحيوان ويمتنعن عن الكالم في اصرار
ستين طولة ٠
|ع٠٠٦٢
ال يمتلكون ادراك شخص واحد ٠وليس هذا صحيحا ،بل
هو خطا ٠وكلمافيهذا القول من صدق هو ان الصور الخيالية تشمل
كذلك الحياة اليومية ،ومن ثم يحكي سكان احدى الجزر الصغيرة
التي تقع مواجهة للشاطيء الجنوبي الغربي اليرلندا ،انهم سمعوا في
الليل لحنا ساحرا يعزف على « الكمنجة » لم يسبق لهم ان سمعوه ،
فاخذوا يعزفون هذا اللحن وما زالوا يعزفرنه حتى اليوم ٠
واغنى حكايات آلفروسية الخرافية لكلتية هي حكابة صائغ
الذهب ٠وليس هناك من حكاية في العصور الوسطى رويت بطريقه
تفيض بالعاطفة مثلما كانت تروى هذه الحكاية .وقد عرفنا هذه الحكاية
في مجموعة جرم تحت عنوان « ايزنهانز» وهي تحكي عن الرجل
الوحشي الذي حبس في قفص حتى استطاع ابن الملك ان يخرجه من
الحبس ،كما تحكىعن الغابة التي حلت بها اللعنة ٠وعن بركة الماء
الهادئة ذات التأثير السحري وعن سيطرة االنسان الوحثي على عالم
الوحوش ،ثم تحكي اخيرا عن روعة ابن الملك الفارس الذي يصطحب
معه دائما افراسه الغالية واسلحته ال نفيسة ٠ونحن نعتقد ان هذه
الحكاية ذات طابع كلتي ،على ااقل في طريقتها الروائية ،وربما كانت
أذنك في موضوعاتها ٠
ان الثروة الروائية الكلتية هي التي اضفت على عالمالادب الفروسي
رونقه ،فما كان اعجب ان يقوم هذا االدب من غير حكاية ابطال
« المائدة المستديرة » التي نزحت كذلك الى بالد الشمال ٠ويفترض
بعض الباحثين ان الموهبة الخاصة بااليسلندين في فن الشعر ،والتي
ادت الى خلق الملحمة االيسلندية الفريدة في شكلها الفني ،سكن
ارجاعها في معظمها الى امتزاج االسلندين بالككتيين ٠وربما كان هذا
صحيحا ،وان كنا ال نستطيع ان نقطع به ٠على ان الشيء المىكد فيما
يبدو لنا ،هو ان الشحر الخاص الذي تتميز به الحكايات الخرافية
الفرنسية يرجع الى قوة الروح الرومانية والى تفكيرهم ،كما يرجع
الى الخيال الكلتي الذي نزع الى التصور ٠وقد عملت الحكايية
الخرافية الفرنسية -كماسبق ان ذكرناعلى اثمار الحكايات الخرافية
عند الشعوب االوروبية االخرى ٠
-٢٣-
وليس هناك شعب من شعوب اوربا كان له من التأثير على ثروة
الحكايات الخرافية في الغرب ،وعلى طريقهتم الروائية ،مثلمًا كان
للكلتيين ٠فاذا تأملنا على سييل المشال الحكايات الخرافية االلمانية،فمن
السهل نسبيا القول بأن هذه الحكاية او تلك ،او موضوعا بعينه او
صورة بذاتها يتختم رجوعها الى اصل كلتي ٠اي ان نرجع حكايات
او موضوعات بمثل هذه الطريقة الى أصل روسي او ايطالي او بلقاني
او اسكندنافي ،فهذا ما اليتيسر لنا على االطالق ٠ولن يتيسر لنا
تمييز بعض الحكايات او اجزاء بعض الحكايات من حيث هي اتكار
شعب اوروبي اخر ،او القول على االقل بان هذه الحكاية تروى
بالطريقة المميزة لشعب اخر ،اال عن طريق البحث البالغ في ألدقه ٠وفي
حدود الوضع العلمي الراهن ال يسعنا ازاء هذه المسألة سوى أن تتقدم
تقرير موجز للغاية ٠فبعض الباحثين يعد شمال اوربا موطنا لبعض
الحكايات التي تحكى عن الدب والثعلب على سبيل ألمثال .وفي الحت
ان حكايات الفنلندين وبلدان بحر البلطيق غنية بصفة خاصة بحكايات
الحيوان ،فحكاية الطاحون التي تفسر السبب في ملوحة مياه ألبحر
( بأن هناك طاحونا عجيبا في قاع البحر يطحن الملح دائما ) يبدو انها
اتتقلت الى االلمان عن طريق بالد الشمال ٠كما ان الحكاية االلمانيةالتي
تحكى عن المرأة الشابة « مالين» قد نشأت حوالي١٣..في شمال
جوتالندا ٠وال تعرف هذه الحكاية اليوم سوى في اسكندنافيا وفي
مناطق المانية الشمالية ٠اما حكاية الفالح الذي استلقى متعبا ،والذي
ما كان يتنهد قائال «أخ» ،حتى ظهر له مارد يسمى «أخ» ،فقد نشأت
بحق في روسيا ،وهي تعيش بصفة خاصة في شرق اوربا وجنوب
شرقها ٠
اما في اوربا فقد نشأت كذلك حكاية الملك «دوسلبارت» ()١التي
يحتمل ان يكون موطنها فرنسا ،وان يكن
االحتمال األكبر ان يكوذ موطنها المانيا ٠كما نشأت في اوربا حكاية
٠٢٣٦-
« ماخاندلبوم » ( )٢التي نعدها صدى لحكاية بطولة جرمانيه ،وان
كان من المحتمل انها تأثرت ببعض الحكايات الكلتية ٠اما حكاية
« جينزماجد » وحكايات قهر النساء الالتي يمتلكن قوة بالغة ،تلك
الحكايات التي نعرفها في ملحمة سيجفريد ،فنعدها في شكلها هذا من
اصل جرماني ٠اما الحكايات التي تحكى عن معارك اله الرعد ،وتلك
االخبار االسطورية عن زوال العالم ،فقد هاجرت الى الشرق عن
طريق الجرمانيين ،وهي تعيش اليوم لدى الروس وسكان منطقة بحر
البلطيق ٠والفنلندين ٠
و تبدو هذه النتيجة التي توصلنا اليها ضئيلة ،ولكن يجب اذ
نعترف بأنها ليست كل شيء ،وان هناك خالف ذلك عددا هائال من
الحكايات الخرافية لم يبحث عن تاريخه واصله بحثا دقيقا ،فعدد
الروايات الالزمة لمثل هذا العمل ،تزايد دائما مع تزايد النشاط في
جميع الحكايات في كل جلد من البلدان ٠اما محاولة تحديد اصل
حكاية خرافية عن طريق مقارنة الخصائص االسلوبية ودون االستعانة
بالروايات المتعددة ،فهذا ال تحقق اال في بعض الحاالت المالئمة بصفة
خاصة ٠وقد سبق ان آشرنا الى ان 0كل شعب عاداته الخاصة في
الرواية،كما انكل شعبيعرف أشكاال مميزة مردها خياله ،ولكن
حينما تنتقل الحكاة الخرافية مجتازة الحدود اللغوة والحضارة ،فاذ
هذا يتغير بصفة خاصة في سرعة مذهلة ٠وقد اشار « بول كريتشمر »
ذات مرة الى ذلك ،فذكر ان انصاف االلهة والشياطين واالشكال التي
تظهر فى الميتولوجيا البدائية ،تنخذ اشكاال خاصة اخرى عند كل
الشعوب ٠فالمردة واالقزام في الحكاية الخرافية االلمانية يختلفاذ تماما
عن « الترول» في الحكاية النرويجية ،او عن « اللييريخاونز» في
الحكاية االيرلندية ♦ كما ان « البايا ايجا » ال تعرفه سوى الحكاية
الروسية ( ،البابا ايجا تعيش في بيت صغير شيد على ارجل دجاجة
على حافة الغابة) ٠والتنين في الحكاية الخرافية االغريقية الحديثة
-٢٣٧
صدى للمارد ،وال يصح ان نخلط على االطالق بينه وبين التنين في
الحكاية الخرافية االلمانية او في الحكايات الصينية ٠كما ان الركهاسا
والفيتالوس ال يظهران اال الحكايات الهندية ٠و بالمثل ال يظهر الجن اال
في الحكايات العربية ٠والغول فيالحكاياتالعربية يختلف كالالختالف
عن الغول في الحكايات الكلتية ،وهذان ينفصالذ اشعاال تاما عن
« االلين » في الحكايات االسكندنافية ٠وليس هناك -فيما نعلم -
بحث عميق مقارن درس اوجه االتفاق او االختالف بين هذه االشكال
االديية الشعبية ٠ويبدو لنا ان تحقيق هذا العمل من الصعوبة بمكان ،
ولكنه بالغ االهميةفي تحديد عالقة مادة حكاية بذاتها والتكوين الخاص
بها ،بطبيعة الشعب الذي يحكيها ٠
ومما يزيد من صعوبة تحقيق هذا العمل ،هذا امتزاج البالغ ين
الشعوب االوروبية ،فمع هجرة كل شعب تهاجر حكاياته ٠وتتقبل
الشعوب المتخلفة حضاريا حكايات الشعوب المتفوقة عليها لنفسها ،
فالحكايات الخرافية الفنلندية نادرا ما تكون ذات طابع مستقل ،
وانما هي متأثرة الى حد كبير بالحكايات الروسية او السويدية ٠وعلى
العكس من ذلك ا غانيهم التي تجمعت في ملحمتهم الشهيرة « كاليفاال »
فهي لم تستمد على االطالق من البالد الشرقية او الغريية المجاورة ٠اما
الحجكاية الخرافية االلمانية فلم قأخذ من الحكايات الروسية اال القليل٠
وفيمقابلذلك اخذتالحكايةالخرافية الروسية الكثير من الحكايات االلمانبة
وفي بالد اليونان امتزحت التأثيرات الهلينية وااليطالية والتركية بعضها
ببعض ٠ويعيش في مقدونيا -كما وضح ذلك « البرت ليسكين» —
البلغار والصرب وااللبان وبكان رومانيا الجنوبيين واليونان واالتراك
متجاورين وممتزجين ٠٠اما المسلمون الذين عيشون بينهذه الشعوب
فيرتبطون بغيرهم من الشعوب االسالمية االخرى ارتباطا وثيقا ٠وقد
اتصل الصرب السالفيون وسكان شواطيء يوغوسالفيا على بحر
االدرياتيك والعناصر السالفية الجنويية بااليطاليين طيلة قرون ،وفوق
ذلك فان تأثير االلمان واضح فيهم ٠
وربما كانت تتيجة هذه التأثيرات المتشعبة ،وهذا التداخل بين
الشعوب ،ان اتفصلت الحكايات الصريية والبلغارية واليونانية الحدثة
-٢٣٨-
عن غيرها منحكايات الشعوب االوربية االخرى،وارتبط بعضمابالبعض
االخر ارتباطا قويا مباشرا ٠
وتضح خمائص الشعوب في الحكاية الخرافية في استخدام صغ
البداية والنهاية ،وفي بنية ابيات الشعر واالمائل المتناثرة في الحكاية ،
ووظيفتها ٠وقد سبق ان قدمنا عددا من هذه الصيغ المحددة ،اما بقية
هذه الصيغفهي عديدة ٠وترجع هذه الصيغ الى القصاصين الذين كانت
مهمتهم رواية الحكاية ،والذين ربما اشبهوا في طريقتهم المغنين الشعبيين
في العصور الوسطى ٠
وقد بدو من الوهلة االولى انه من السهل تحديد خصائص اسلوب
الحكايات الخرافية عند كل شعب من الشعوب ،ولكننا سرعان ماندرك
ان خصائص اللغة وخصائص التكوين ،وان تفضيل موضوعات بعينها،
عناصر عميقة الجذور ،وانها ترجع الى الخصيصة المميزة بطبيعة الشعب
وهنا نعود الى المسألة التي اثرناها في بداية هذا الفصل ٠فقد ذكرنا
من خالل مثال ان « اليزابيث كوخلين » استطاعت ان تبين العالقةين
انماط الحكايات الخرافية لدى شعبين ،كما استطاعت في الوقت نفسه
ان تبرز نواحي االختالف بينها ٠ونود هنا ٢ن نوجز ما توصلت اليه
من تتائج « ٠التعرف فرنسا الشياطين ،كما ان السحر بالنسبة اليهم
لحة ما بكاد شيع فيهااالشراق ،حتى يشيع فيها الجزت♦ اما ما يمكن
اذ تهدد توازذ الوجود ،فهذا ما رفضه الفرنسي عن وعي ٠وعلى
العكس من ذلك الحكاية الخرافية ،االلمانية ،فالسحر فيهاطيقمظلم
هيأته القوى الغريبة لشخص وقع اختيارها عليه ٠وهذا الطريق يقوده
من خالل الكفاح وااللم ،وخالل مضايقاته اليومية الى المصير السعيد.
ولذلك فليس من قبيل المصادفة ،انكل الموضوعات التي تحدد كل ما
تعلت بالمصير في الحكاية الخرافية المدروسة ه الحب والروح» ،انما
هي مميزة للحكاية الخرافية االلمانية والحكاية الشمالية على السواء ٠
على ان هذه االشكال اندثرت في المناطق الجنوبية ،فيحين ائها اتخذت
طابعا عالميا في الحكاية الفرنسية وان صورت في بعض االحيان بطريقة
غريبة حقا ،وذلك حينما يؤدي النزاع التقليدي بين الزوجين الى
٢٣٩-
االنفصال االول بين الحبيبين ٠
وقد يلوح لالنسان من هذا المثال ان علم النفس ونظرية االدب
والدراسات الثعبية والتاريخ تمكن مجتمعة من القيام بهذه التفرقة
الدقيقة ٠وهذا ما يرال مجاال مثمرا للبحث فيما يبدو لنا ٠
-٢٤٠-
الفصل التام
الىهيةال^رافبةلدالنية
واذا نحن القينا نظرة على ذلك العدد الهائل من الجكايات الخرافية
والموضوعات التي تظهر في الثروة الروائية لدي الشعوب االخرى ،ثم
وضعنا ذلك جنبا الى جنب مع الحكايات الخرافية االلمانية التي ظهرت
اجمل رواية لها في مجموعة االخوين جرم «االطفال وحكايات البيوت»
فعندئد يمكننا ان نطرح السؤال التالي :اتوجذ حقا حكاية خرافية
لمانية ؟ ٠وهل تساوي حكايات جرم وما ظهر بعدها منمجموعات تراث
الحكايات القدمة لدى الهنود والعرب والكلتيين في القيمة ?
نقد ذكر باحث امريكي شهير منذ عهد قريسب ان المانيا تعد في الجكان
االول ناقلة للحكايات الشعبية ،اما جهدها من حيث االتكار فادنى من
ذنك كثيرا ٠فالعالم السالفي يحدها من الشرق ،كما ان المالم الروماني
يحدها من الغرب ،وهما العالمان اللذان قدما لاللمان ثروة من التراث
الذي طبعه الشعب االلماني بطابعه ٠
حقاان الحكاية الخرافية االلمانية _ شأنها شأن االنواع الشعبية
االخرى — قد أستقبلت كثيرا من التراث ،االمر الذي يحدث بالنسبة
للحكايات الشعبية التي يمتلكها كل بلد ٠وقد سبق ان رأينا ان قدرا
كبيرا من الحكايات الخرافية قد نما تصورات عقيدية ساذجة ٠على
ان هذه التصورات ال تمثل سوى االساس الذي قامت عليه الحكاية
لخرافية ٠ولم تتجول هذه التصورات الساذجة عن طييعة االشياء الى
شكل حكاية خرافية اال عن طريق الفن الروائي ٠وقد سبق ان نوهنا
في هذا المجال بالحكايات الخرافية الهندية ،وحكايات الحيواذ،ونماذج
الحكايات التي قدل على االدراك الدقيق ٠
ونستطيع بعد ذلكان تتساءل :ما الشعوب التي تمتلك حقا موهبة
خلق الحكاية الخرافية ? ٠انهم في الواقع الهنود والكلتيون ٠واما
العرب الذين يدين لهم العالم الغربي بحكاياته الخرافية فلم يكونوا
.-٢٤٣-
سوى ناقلين لها ،فقد سبق ان رأينا كيف ان الثروة العربية االصيلة في
الف ليلة وليلة قليلة ٠وعلى هذا فانه يحق لنا -فيما بدو -ان تتحدث
عن الحكاية الخرافية االلما نية سواء أكانت مادة الحكايات المانية ومستقلة
بذاتها ٠وهذا ينطبق على قدر صئيل نسبيا من حكايات االلمان ٠٠ام
كانت المادة غريبة ثم اعاد االلمان روايتها بحيث اصبحت تتفق مع الطابع
االلمانى الخاص ،وذلك عندما ظهرت الحياة االلمانية خالل هذه المادة
الغريبة ٠وينطبق هذا في وضوح على اهم الحكايات االلمانية فيما يبدو
وهي حكايات الوردة الشائكة وحكاية ذات الرداء االحمر ،وحكاية
الفتاة الناصعة البياض ،وحكاية هنزيل وجرنتل ( وان تكن نصوص
هذه الحكاية ترجع الى اصل جرماني بالغ في القدم ) ٠وهذه الحكايات
بعينها لم تصاللى االلمان عن طريق الفرنسيين االفي زمن متأخر٠
اما حكاية «النعاج السبع الصغار » فقد الفت الحياة االلم نية
وسلكت طريقها الى االطفال االلمان ٠واما تلك المتعة االلمانية الغريبة
التي تسود جو حكاية الوردة الشائكة ،وهذا الوعي الذي عاش فيه
الخدم والحيوان االليف بل الحشرت التي كات مستقرة على الجدران،
بعد نوم دام مائت السنين -فكل هذا فيما نعتقد يرجع الى الطبيعة
االلمانية ٠وال نود ان يسيء بذلك احد فهمنا ،فلسنا نعني بهذا ان
الطابع االلماني يسود غيره ،وانما نرمي فحسب الى ابراز الطابع االلماني
في هذه الحكايات ٠
وعملية الرواية في الحكاية الخرافية هي في الغالب اهم من عملية
الخلق ،فعدد انماط الحكايات الخرافية وموضوعاتها محدود ٠وكثير
من الحكايات الخرافية الفنية المبتكرة في عصرنا الحاضر ال يعد لهذا
حكايات خرافية ،وذلك النها مغرقة في الجدة ويكثر فيها االختراع ،
والنها تبدو متناقضة ٠والمؤكد ان التأثير الكبير لحكايات االخوين
جرم يرجع بعضه الى مادة الحكايات الخرافية ،اما معظمه فيرجع الى
لغتها وصورها وتكوينها ،وباختصار يرجع الى الطريقة التي حكى بها
« فهلهم » حكاياته ٠ولهذا فان مجموعة «االطفال وحكايات الييوت»
قد سلكت طريقها من جديد بين الشعوب ،ال في المانيا فحسب ،وانما
بين شعوب العالم اجمع على وجه التقرب ٠
-٢٤٤
ولكن اي الحكايات يحق لنا ان نعده بحق حكايات المانية صرفا ،
بمعنى انه عرض مادة المانية او جرمانية ؟
لقد وصل البحث في الحكايات الخرافية في القرن التاسع عشر الى
حد التأكد من ان الحكايات الخرافية في المانيا اصداء الدب البطولة
وحكايات االلهة ٠ونحن نعرف ان هذا الرأي خطأ في جوهره ،وانكنا
نعتقد انه تحقق بالنسبة الى قدر ضئيل من الحكايات الخرافية
االلمانية ٠
واالدب الجرماني الذي نعتقد اننا بدأنا نرى فيه مادة الحكاية
الخرافية وموضوعاتها ،قد عرف لدى االلمان منذ القرون التي تمت
فيها هجرة الشعوب ،وان لم تظهر خصائصه بوفرة وبصورة واضحة اال
بعد ذلك ٠وقد وصلت الى االلمان التعاويذ السحرية وبعض مقتطفات
من اغنيات االبطال مثل اغنية « هيلديبراند » واغنية ل ييولف »
واغنيات االلهة واالبطال في كتاب « االدا » التي دونت بحق في القرن
الثالث عشر ،وان كانت ترجع في شكلها الحالي الى مابين القرن التاسع
والثالث عشر ،اما مادتها فترجع الى زمن ابعد من ذلك ،مثل اغنية
مذبحة شعب الهون ( ٠ )١وكذلك تتضمن الملحمة االيسلندية بعض
شواهد الحكاية الخرافية ،وأن لم تكن هذه الشواهد كثيرة ٠
( )١الهون عم شعب بدوي في شرق آسيًا وقد أقاموا مملكة في *نفويا منة ٢٠٠ق٠م
ووصلوا الى اوج مجدهم في عهد ملكمم «اتيال» ( ٠المترجمة)
-٢٤٥
الخرافية بصفة خاصة ٠والدببة والذائب هي جدود لالجناس البشرية
انكبرى ٠ثم ان االبطال وااللهة تنزح الى العالم السفلي ٠كما اتنا نعثر
في اغنيات االبطال على موضوعات من الحكايات الخرافية ،وان تكن
هذه الموضوعات في الغالب عميقة من الناحية التراجيدية ،االمر الذي
يناسب طييعة أالدب البطولي ٠فقد رفض أحد الملوك ان تحمل اليه
اي رسالة تحمل خبرا سيائ ،ولكن مهرج البالط أختال حتى جعل
الملك نفسه ينطق بالخبر السيء ٠وقد اصطدم حأملوا الدرع بحقل
كتان مزهر ،اذحسبوه بحرا ازرق ٠وهذان العنصران الهزلياناستخدمًا
استخداما تراجيديا في القرن الثامن ،وذلك في اغنية «هزيمة هيرولر»
التي نقلها « باولوس وياكونس » ،فهما ينبائن بهزيمة الملك والشعب
ويحققانها كاملة ٠
ولم يعرف االدب االلماني الحكاية الخرافية بوصفها صوره فنية
مكتملة قبل القرن العاشر الميالدي ٠ففي هذا القرذ اتخذت حكايات
صراع اآللهة واالنسان ضد المردة واالشكال المهولة ،وكذلك الحكايات
انخرافية التي تخكى عن القوى ،اتخذت شكلها الذي نعرفه لها اليوم،
وذلك مثل حكاية « ابن الدب » وحكاية « هانز القوى » ٠وربما
كان يحكى في الوقت نفنه عن سيجريد القوى ٠واالبطال من امثال
هانز القوى ،الذين كانوا يقتلعون شجرة البلوط الضخمة ،
ويستخدمونها عصاة يتوكأون عليها في سيرهم ،والذين
كانوا يحطمون كل سيفختى صنع لهم في النهاية السالح المناسب
الذي لم يكن يقوى على حمله اربعون شخصا غيرهم ،والدين كانوا
يستطيعون جر أكثر العربات ثقال ،وكانت شهوتهم انى الطعام عارمة
-كل هذا تمثل وجهه االسطورى في شخصية االله ثور صارع
المردة ٠
وفي الوقت نفسه طامنت المسيحية بعض الشيء من غلواء القوة
والجدية الصارمة وحورتها الى ليونة ورقة ،بل انها حولتها في بعض
االحيان الى روحانية رائعة ٠فشخصية المرأة كانت في الحكايات
القديمة تتسم بالعناد المسيطر ٠ولقد كان من الضرورى استخدام
القوة والخداع لكسر شوكة المرأة « برون هيلد » والمرأة « رند » ٠
-٢٤٦-
وكذلك كسرتشوكة « جيرد » عن طريق تهديد السحرة االشرار لها ٠
اما في االزمنة المتأخرة فقد حلت محاولة الرجل الدائبة لخطب ود المرأة
محل هذا العناد٠ومذا يذكرنابالمالمح االساسية لحكاية الملكدوسلب1رت
ويرى بعض الباحثين ان هذه الحكاية رومانية االصل ٠ونحن ذرى
عكس ذلك ،مسايرينفي هذا رأى « ارنست فيليبسون » الذي درس
هذه الحكاية وارجعها الى تصور جرماني قد تم لعناد المرأة ،كما رأى
انها امتزجت بحكاية رومانية تحكى عن أبنة الملك التي سخرت من
فارس النه لم يراع آداب المائذة ٠على آن الحكاية في االصل الروماني
تبدو حكاية هزلية متماسكة كل التماسك ،ولم تنخذ شكلها الحالي
اال بعد ان استخدمت الموضوعات االلمانية استخداما اكثر ليونة ٠
وبهذا نصل غير مخطئين من االدب االلماني الشعبي الى الحكابة
الخرافية االلمأنية مرة اخرى ٠على ان حكاية « ألملك دوسارت » ليست
النموذج الفريد للحكاية الخرافية التي ترجع في اصلها الى العصر
انجرماني ،فيبدو كذلك ان حكاية « الفتاة واالوزة » تنتمي الى هذه
المرحلة القديمة للح^كايةالخرافية ٠وقد انحصرت هذه الحكاية في نطاق
المنطقة الجزمانية ،كما انها نشأت كذلك بحق من موضوع العناد ألقديم
وتحكى هذه الحكلية عن ابنة الملك التي لم تفقد ،حتى مع هذا القناع
الفقير التي بدت فيه في صورة اوزة ،لم تفقد كبرياءها وعزتها ،رغم
كل العواملىلمسيئه لها ،ورغم االالمالتي اتابتها ٠فقد كانت على وعي
بسموها عن المادة بفضل قؤتها السحزية ،حتى حصنلت على حرتها ٠
ويذكرا :هذا بموضوع اغنيات « جودرون » ،وجام العذأب التي سقته
« جيرلند حال له ♦
اما حكاية.ه ماخاند لبوم » فهي تذكرنا في كثير من عناصرها
باالغنية الشمالية ه فيالند الحداد» التي نشأت لدى االلمان
والفرنجة القدماء ٠لقد قتل «فيالند» طفل ألملك بالطريقة القاسيةالتي
تقتل بها .زوجاتاالباء االبناء الصغار في الحكايات الخرافية ٠وكما
ان الصغيريسمو الى السماء في شكل طائر تغنى بشعره منعل ،الى
درجة ان االم تود ،من االلم ،لو ان االرض ابتلعتها ودفنتها بداخلها
الى عمقاالف االقدام ،كذلك اخبر فيالند الذي سما الى السماء في
-٢٠٤٧-
رداء من الريش وعلى لوح من الصفيح ،اخبر الملك بافعاله ،واخذ
يتغذى باالم نيدونج ٠
ويرى االخوان جرم ان حكاية « االخوين» ترجع كذلك الى اصل
جرمانى .وهما في ذلك مخطائن حسبما ندرك اليوم ،فقد عشرنا على
حكاية االخوين لدى المصريين القدماء ٠ونحن نرى انه من المهم كل
االهمية ان نتظر الى هذه الحكاية يوصفهاخبرا عن اخوين الهيين ،وان
الهندوجرمانيين قد عرفوها كذلك ٠فمثل هذين االخوين ليسا بغرييين
على التراث الجرماني المتناقل ،كما ان « الديوسكوريين ( )١ليسا
بغريبين على التراث اليوفاني ٠وهناك بعض الشواهد التي تشير الى
ذلك ،منها اسماء قواد قبائل « االنجلن » االسطورين ،امثال
« هينجست» و « هورسا» ٠وعلى ذلك فمن الممكن ان تعد حكاية
االخوين بصفة اساسية صورة محوره السطورة االخوين هذه ،وانها
فللت كذلك الى ان امتزجت بالموضوعات الفرعية االخرى ٠
هذه الحكاية الخرافية بعينها ،التي نعتقد بصفة خاصة في قدمها واصلها
الجرماي ،تحتوي على ايات تتفق مع الشعر الجرماني في ايقاعاته ٠
وفي القرن العاشر والحادي عشر عاشت فابوالت الحيوان االلمانية
وحكاية الحيوان الخرافية اول فترة من فترات ازدهارها ٠ ٠وكثيرا
ما تذكرنا هذه الحكايات بالحكايات البدائية التي احتفظت بها العصور
الوسطى ثم عاشت من جديد في عصر ازدهار االدب الشعبي ،ونخص
بالذكر منها حكاية « الثعلب ونئك » وحكاية الدب وحكاية الذئب ٠
وقد انطوت اساطير االخبار االلمانية في القرن الثاني عشر على قوة
عقيدية فامتدحت هذه االساطير المعااة في هدوء وصبر ،كما
انها امتدحت في النهاية اتتصار البرىء الذي اوقعتبهالوشاية.وحكاية
«الفتاة باليدين» التي وشى بها الشيطان^والتي قدمت لها المالثكة طعاما
واتتصرتفي النهاية بسبب براءتها شبيهة بهذه االساطير ٠وقد اصبحت
هذه الرقة التي احتفظت بها اساطير االخبار كذلكطابعا للحكاية الخرافية
-٢٤٨
كنا أنها اضفت عليها نبال جديدا رائعا ٠
وفي هذا العصر نفسه عرفت المانيا اول انطالقه لحياة الفروسية ٠
وقد تدفقت اليها في ذاتالوقت عنطريق فرنسا مأدة غزيرة من الحكايات
انخرافية التي تتصل كل االتصال بالفروسية ،ونخص بالذكر منها
حكايات الفروسية الكلتية عن الملك ومائدته المستديرة ٠اما االدب
الفرنسي الذي احتوى فضال عن العناصر الكلتية والعناصر القديمة
عناصر ثرقية ويهودية فقد اخذ ينتشر كذلك منذ القرن الثالث عشس
في المانيا ،ثم تحول الى مجموعات من االخبار ال حصر لها ،او تحلل
في عمومه وامتزج مرة اخرى بالحكاية .ألشعبية والقصة والحكاية
الهزلية واالسطورة والحكاية الخرافية ،فتزايد بذلك زيادة هائلة ٠وفي
عصر انحروب الصليبية تدفقت الى المانيا كذلك ،بطريق مباشر من
غير الواطة االيطالية والفرنسية ،مادة غزيرة من الحكايات الهندية
والشرقية ،كما وصلت اليها نماذجمن حكايات الذكاء مثل حكاية
« ابنة الفالح الذكية » وحكاية« الطبيب العالم بكل شيء » ،وخكاية
« االخوة االربعة االذكياء » ،وكذلك حكاية تنافس السحرة فيتحويل
انفسهم الى اشكال حيوانية ٠وكذلك وصلت االلمان اجزاء منحكايات
وحنا المخلص ،وحكاية الشيطان ذي الشعرات الثالث الذهبية ،ثم
حكايات النزاع حول االمور الغريبة التي نعرفها في حكاية « تشالين
ديكدش» (٠ )١
وتعد الفترة فيما القرنين الثالث عشروالساد عشر في المانيا اكثر
فترات االدب الشعبي ازدهارا ،فقد حلت فيها الطبقة البرجوازية محل
طبقة الفروسية ٠وليس هناك عصر او من بلد اخر صورت فيهالحكاية
الخرافية عالقة االنسان باالله الرحيم وبالقديسين والرسل مثل هذا
العصر في المانيا ٠فكثير ما يظهر في الحكايات واصحاب الحرف
المختلفة وخدام االرض والفالحون في صور متماسكة قوية ،كما ان
الموك والسادة يشمرون وصفمم شراسرقن في البثرين' ،ولم يعد
() منى عنوان هذه الحكاية :اعدى نفسك بنغسس ايتما االئدة الصغية ! وفي هذا
(ألمترجمة) 1شارة الى العمل الذي يتممن تلقاء ذاته عن طريق السحر ٠
س-٢٤٩
االنساذ يكن للوءأظ تلك الخثية البالغة ٠وعلى العموم فاذ الطابع
الخرافي في هذه الحكأيات قليل ،وانما هي في الغالب مزيج من أشياء
تافهة ،ومن الحكايات الهزلية ،والحكايات التعليمية ،والحكايأت
القصيرة ،وكذلك الحكايات الشعبية ٠ولقد نشأت الحكايات ذات
الطابع التعليمي حقا في العصور الوسطىالمتأخرة ،ومثال ذلكمجموعات
من حكايات الوعظ المحببة الى الناس ،وحكاية « اعمار البشر » وكذلك
اسطورة االخيار عن « تاليرذ » ٠ومن الحكايات ذات الطابع الفكاهي
حكاية « االخ المرح » وحكاية تجوال هيالند مع بطرس في انحاء
االرض ،وحكاية الشيطان الذي خدع واسر واسيئت معاملته ،وحكاية
« اوالد حواء المختلفين > ،وحكاة «هانز السعيد» ٠وقد ضمت كل
هذه الحكايات في هذا الوقت الى ثروة الحكايات الشعبية ٠وادرج
االخوان جرم كذلكفي عملهما بعض حكايات المجموعات التي ظهرت في
القرئين السادس عشر والساتغ عشر ،والتي بدت لهم شعبية وذات طابع
رما خالف ف من الحكبات الخرافية الي ستلي ان تنبينها
٢٥
الشعب الذاتي وادراكه ٠واما في ايرلندا فما زال الصراع القائم بها
حتى اليوم حول االستقالل او الحرية مرتبطاكالالرتباط بالصراع حول
لغتهم الخاصة التي اشرفت على النسيان ٠ولذلك فان جميع الحكايات
بها كان وما يزال واجبا وطنيا مقدسا ٠
ومن هنا يتضح ان ظهور مجموعات بالخرين جرم في وقت من
االوقات العصيبة للغاية في المانيا،حينما كانت الدولة االلمانية قد
تحطمت وسقطت على االرض هاوية وبدأ الشك يساور امرها — هذا
الظهور لم يكن بمحض الصدفة .وعندما تنشط ابحاث الحكاية الخرافية
نشاطا بالغا ،وعندما تجمع الحكايات الخرافية في جميع انحاء العالم
لكي تقرأ او تحكى مرة اخرى ،فسوف تكون مجموعة االخوين جرم
« االطفال وحكايات البيوت » الشرارة االولى التي ينطلق منها الحماس
اننا غالبا مانعد فن هومير وسوفوكليس وشكسبير وجوته الفن
الخالد ،والثروة الخالدة التيهيملك لكل العصور وكل الشعوب
ولكن هومير عاش في نسيان حقبة من الزمن تبلغ االلف عام ،كما
عاش شكسبير في نسيان بضع مائت من السنين ،بل ان الشعوب
الرومانية ما تزال تعد عمل شكسبير حتى اليوم غريبا ٠وبالمشل لم يجد
ادبنا الكالسيكي صدى عند شعوب الشرق حتى غير البدائية منها ٠ثم
اجتهدت االجيال وعملت وتعلمت حتى تمكن ادب شكسبير وجوته في
النهاية من غزو عقول بعض الشعوب ٠
اما الحكاية الخرافية فقد عاشت على العكس منذلك،بينجميع
الشعوب في جميع االزمنة ،محتفظة على الدوام بطبيعتها ٠فحكاية
« االخوين» المصرية ،وحكاية« اللص الماهر» التي رواها هيرودوت،
وحكاية « الحب والروح » االصيلة ،ال تلك التي بالغ ابوليوس في
رواياتها ،ما تزال تشبه كذلك حكاياتنا الخرافية ألشعبية المعاصرة ٠
وقد رأينا ان الحكاية الخرافية في استراليا وامريكا والهند والصين
ولدى الفرس والعرب والشعوب االوربية ،تعد تعبيرا ادبيا يميل اليه
كل شعب ،ولم يحدث ان انفصل كل االنفصال عنه الشعب فالحكاية
الخرافية تلقى اضواء ساطعة على االداب الرسمية فيكل العصور ،كما
-٢٠٢-
تلقى ضوءا على قوانينها وصورها المتعيرة ٠
ان الحكاية الخرافية في مراحلها االولى ال يمكن فصلها عن بداية
المراحل االولى للدين والقانون والتقاليد،فميعوذ الغنى عنه في
علم الفولكلور وعلم حضارات الشعوب ،اذ انها تكشف لنا عن تطور
حياة االنسان الروحية واالجتماعية والدينية ،كما أنها تنتقل من شعب
الخر فتساعدنا على استكشافبعض العالقات يين لشعوب التيلوالها
لظلت هذه العالقات محتحسة ٠
ان االدب جميعه يندو لنا كيانا قائما تتحرك على الدوام :يخرج
منه االدب الرسمي ثم يعود ليصب فيه.لكي يمتزج به من جديد ،حتى
يخرج من ذلك ادب جديد مرة اخرى ٠فالنظرة الى التراث الشعبي
بأسره ،بما في ذلك الحكايات انخرافية والشعبية واالساطير والموسيقى
الشعبية والفن الشعبي بصفة عامة ،بوصفه نفايات الحضارات الراقية
ومادة حضارية متخلفة ،نظرة مغرقة في الخطأ فيما ذى ٠ذلكان
االمر على خالف ذلك ،فقد انبثقت من الحصيلة الفنية الهائلة لالدب
٢٥٣-
البدائي اعمال بعض االدباء الكبار ٠ثم عاشت هذه االعمال في نطاق
قوانينها الخاصة ٠ولكنها ارتدت جميعها بعدذلك الى الملكية الجماعية.
ومعظم حكاياتنا الخرافية المعاصرة تتهي بنا الى الحكايات الخرافية التي
اتكرها ذات مرة ادباء معروفون او مجهولون ٠ومن اجل هذا السبب
وحده يمكننا ان نلتمس طريقنا خالل العالقات المتنوعة والمعقدة ،وان
نستخلص في بعض الحاالت الصورة االولى لحكاية خرافية ٠
ان االدب الشعبي لخالد يبدو لنا المصدر االصلي لكل أدب ٠أما
تلك الدعاوي التي تنكر هذا القول او ال نود ادراكهفال سند لها٠وهي
ال تدرك مع التفاؤل البعيد -سوى جانب من جوانب الحياة الفنية
وقد كانت الحكاية الخرافية فى طليعة االداب الشعبية الى درجة انها
سمت الى مرتبة االدب الخالص لدى الشعوب المختلفة وفي االزمنة
المختلفة ،بالتنا نستطيع ان نستخلص عن طريق الحكاية بعض قوانين
االدب المتطور على الدوام ،وان كنا نستطيع كذلك ان نعرف عن طريقها
كثيرا من قوانين االدب المكتمل المستقر ٠وقد عرفنا مثل هذه القواين
في بنية الحكايات الشعبية وتكوينها وطريقة عرضها لدى الشعنوب
المختلفة ، .سواء منها الشعوب البدائية وانهندوجرمانية ٠واخيرا فان
حركة االيقاع الهائلة ،المتمثلة في صعود االدب الراقي وهبوطه ،تشيي
في وضوح الى ما يصل اليه هذا االدب من سمو ،كمأ تشير الى اعماقه
ومعالمه واحتياجاته م
وبعد ،فاننا نعتقد ان كثيرا من مسائل البحث في الحكاية الخرافية
ما يزال فى حاجة الى حل ٠وينبغى علينا از ال ننسىفى زحمة المسؤوليات
العلمية ان نسعد بنفنية الحكاية الخرافية ،فمي تطلعنا على عالم شرق
بروعة االعاجيب ،عالم عميق االدراك تشيع فيه البهجة والسعادة ،وهو
في الوقت تفسه عالم النظام االسمي ٠
-٢٥٧-
ا
ل٠
المراجع
هذا الجدول يقتص على اهم االعمال ٠اماالمراجع التفصيليه فقد
دونها الكاتب فوندير الينفي كتابه عالم الخكاية الخرافية الجزءالثاني
ص ٢٧٧٠الى ٢٨٥
-١لمراجع:
٠٢٥٩
: مراجع عامه- ٣
وقد اضاف تومسون الكثير الى عمله هذا وظهر في طبعة جديدة
٠ في ستة اجزاء، ١٩٥٦ ١٩٥٥ عام
5 — Johannes Bolte und Lutz Mackensen ٠ Handwdrterbuch
25 لdeutshen Marchens, 182113 und Leipzig 1930 FF
6 - G. van der Leeuw, Phanomenlogie der Religion, Tdbingen
11956.
— ابحاث حول!إقعاص-٥
1 — Mark Asadowsk: Eine sibirische Marchenerzahlerin
(F.F.C. 681926 )و.
2 — Gottfried 1121055211: Ueberlieferung und Personlichkeit.
Die Erzahlungen und Lieder des Egbert Gerrits, Munster
1951.
3 - Elsa Sophia von Kamphoevener: An Nachtfeuem der
Karawan-Serail. Marchen und Geschichten altturkischer
- ٢٦ا
من منشورات دار القلم
* مذكرات مو تتغمري
-٢٦٣