Professional Documents
Culture Documents
السنة الجامعية2020/2021:
الس ـ ـ ـ ـ ـ ــداسي الثّـ ـ ـ ـ ــالث
ّ
-المادة أساسية :اللسانيات العامة
-عنوان الليسانس :اللسانيات ّ
العامة
ّ
-المعامل2: -الرصيد4:
العامة (محاضرة+تطبيق)
مفردات مقياس :اللسانيات ّ
التطبيقات المحاضرات الرقم
عند الهنود واليونان مدخل :تاريخ الفكر اللساني 1- 01
عند العرب (النحو والبالغة واألصول) تاريخ الفكر اللساني2- 02
ثنائية "دي سوسير" (النظام والشكل) ،اللغة اللسانيات الحديثة(مفهومها وموضوعها ومجاالتها)1 03
والكالم ،اآلنية والزمانية)
ال ّدليل اللغوي (ال ّدال والمدلول ،التركيب اللسانيات الحديثة(مفهومها وموضوعها ومجاالتها)2 04
واالستبدال)...
الخطية والتقطيع المزدوج خصائص اللسان البشري 05
12
دورة التخاطب اللسانيات والتواصل اللغوي 06
تطبيق الوظائف على النّصوص وظائف اللغة 07
تطبيق على المستوى الصوتي مستويات التحليل اللساني1- 08
تطبيق على المستوى الصرفي مستويات التحليل اللساني2- 09
تطبيق على المستوى النحوي مستويات التحليل اللساني3- 10
تطبيق على المستوى الداللي مستويات التحليل اللساني4- 11
النصي(االنسجام
تطبيق على المستوى ّ مستويات التحليل اللساني5- 12
واالتساق).
عبد الرحمن حاج صالح أنموذجا ال ّدراسات اللسانية العربية الحديثة1- 13
تمام حسان،وميشال زكريا،والفاسي الفهري،
ّ ال ّدراسات اللسانية العربية الحديثة2- 14
وأحمد حساني
*المراجع:
-تمام حسان،مناهج البحث في اللغة.
ّ
تمام حسان ،اللغة العربية مبناها ومعناها.
ّ -
-أحمد مختار عمر ،البحث اللغوي عند العرب
والتطور.
ّ -أحمد مومن ،اللسانيات النشأة
-حسام البهنساوي،التراث اللغوي العربي وعلم اللغة الحديث.
-فاطمة الطبال بركة،النظرية اللسانية عند رومان جاكوبسن.
-خولة طالب اإلبراهيمي ،مبادئ في اللسانيات العامة.
-جرهارد هلبش ،ترجمة سيد حسن بحيري ،تاريخ علم اللغة الحديث.
التواب،المدخل إلى علم اللغة .
-رمضان عبد ّ
-ماريو باي ،ترجمة أحمد محتار عمر،أسس علم اللغة.
مقدمة عامة:
12
والسالم على نبيّه األمني وبع ٌد.
رب العاملني ،والصالة ّ احلمد للّه ّ
اإلنس ان ه و املخل وق الوحي د ال ذي أهلم ه اهلل مبلك ة العق ل ال يت منحت ه ب دورها ملك ة
الرتميز ،فكان منذ القدمي حائرا أمام ظواهر هلا عالقة حبياته اليومية ،ومن الظواهر اليت شغلته
يسمي ويرمز لألشياء املوجودة وغري املوجودة ،فاهتدى كيف يف ّكر وكيف يتكلّم ،وكيف ّ
إىل التّعيني كوسيلة ختتصر عليه الطريق؛ يستحضر هبا الغائب ،وحي ّدد هبا األشياء ،ويصنّفها،
ويعرّب من خالهلا عن رغبات ه ومكنونات ه ،فتثبّتت الفك رة وم ا ك ان وس يلة أص بح ج وهرا يف
ح ّد ذاته.
تُع ّد اللّغة من أعظم ابتكارات اإلنسان وأبكرها منذ أقدم العصور؛ حيث دارت حوهلا
ت أمالت ،ومورس ت يف حقه ا خراف ات وتفس ريات ع دة من ط رف األمم القدمية ،فم ا ف تئ
اإلنس ان يعتربه ا ج زء من ه ت ارة ،وت ارة أخ رى منفص لة عن ه ك الظواهر األخ رى الطبيعي ة
والثقافي ة وغريه ا ،ف رتاكمت خربات ه فش ّكلت ب ذلك حمط ات للتفك ري اللغ وي؛ وانتظ رت
البش رية آالف الس نني ح ىت اتض حت الدراس ات اللغوي ة ،وأخ ذت لنفس ها ص فة العلمي ة
وتدقّقت مواضيعها ،وحت ّددت مناهجها وأدوات حبثها أكثر.
12
يطلق التفكري اللغوي مبعناه العام على النظر يف أي جانب من جوانب اللغة بأي صورة من الصور، تمهيــد:
وجوانب اللغة –كما هو معروف -كثرية ومتعددة ،وقد ختتلف اآلراء أو تتعارض فيها أو يف طبيعتها.هذا ما
حناول أن نتتبعه من خالل التطرق يف حماضرتينا األوىل والثانية إىل مظاهر التفكري اللغوي عند األمم القدمية.
إ ّن احلديث عن اللغ ة ب دأ يف عص ور ض اربة ج ذورها يف الق دم ،لكن الق دماء مل يعتم دوا بص فة عام ة على
املالحظة والتجربة يف دراسة املظاهر اللغوية ،حيث كانت دراساهتم يف شكل تأمالت فلسفية حول :نشأة اللغة
وأسبقية اللغة أو الفكر يف النشأة ،ويف العالقة بني الدال واملدلول ،ويف أقسام الكالم ...اخل
-1عند المصريين القدماء
ميكن اس تثناء بعض احملاوالت يف العص ور القدمية (الق رن اخلامس ق-م) حيث س رد لن ا املؤرخ اإلغ ريقي
هريودوث قصة عن امللك املصري بساميتيشوس الذي حاول معرفة أقدم لغة على هذه البسيطة ،فما كان إال أن
ق رر ع زل ص بيني عن اجملتم ع من ذ والدهتم ا ح ىت ال وقت ال ذي يب دآن في ه الكالم ،وك ان افرتاض ه أن ي ؤدي ع دم
وجود أي منوذج حيتذى به يف النطق إىل استعمال أول لغة بشرية يف العامل .لكن مع مرور الزمن مُس ع الطفالن ومها
يرددان كلمة بيكوس 1وعلم امللك ومس اعديه أن الكلم ة تنتمي إىل اللغة الفرجيية ،ومن هنا استخلص أن هذه
اللغة هي اللغة األوىل اليت عرفتها اإلنسانية.
وم ا ميكن قول ه أ ّن ك ل الدراس ات الفيلولوجي ة واحلفري ة ال يت دارت ح ول اآلث ار الفرعوني ة على تنوعه ا
وتع ددها مل تثبت دراس ات لغوي ة للغ ة الفرعوني ة من أهله ا ،فيم ا ع دا دراس ات يف عل وم الرياض يات واحلق وق
واإلدارة والفل ك واالقتص اد واجلغرافي ا ،وأم ا الكتاب ة اهلريوغليفي ة ال يت ك انت ت رتجم حي اهتم ف إ ّن ذل ك ال ميث ل
أصوات اللغة بقدر ما ميثل كتابة تصويرية ألحداث ووصايا وطقوس يتم تفسريها من تلك الرسومات التصويرية ،
وأما لغتهم فهي قبطية قدمية حيتمل أهنا من أسرة اللغات األفرو-آسيوية ،وال تُستخدم حاليا إال يف بعض الطقوس
الدينية عند القبطيني يف مصر ويف احلبشة.
أما الدراسات اللغوية عند املصريني فغالب الظن أهنا منعدمة ،وحىت الوثائق الضرورية تبدو غري متوفرة يف
هذا امليدان وباخلصوص على حد قول "جورج مونان" :إنه عند اطالعنا على األثريات املصرية فإننا مل جند شيئا
حتت عنوان مدرسة أو تعليم ،أو عما كان املصريون يعرفون عن لغتهم ،أو عما كانوا يدرسون .وهذا ما أكده
"مارسل كوهن" يف قوله :إ ّن وفرة آلداب املصرية احملفوظة مل تكشف لنا عن وجود مؤلفات حنوية ،ومل نعثر إىل
حد اآلن إال على منوذج واحد .ولكن رغم هذا القحط اللغوي إال أنه ال ميكننا أن ننكر فضل هؤالء الفراعنة يف
شىت العلوم األخرى.
السومريون واألكاديون: -2
عمروا جنوب أرض الرافدين(العراق) قبل جميء الوافدين األكاديني
السومريون هم أبناء سومر الذين ّ
-تعني اللغة التي كان تتكلم بها شعوب آسيا الصغرى (ما بين الفرس وأرض المغول شماال) 1
12
.والس ومريون عرف وا بالكتاب ة املس مارية أو م ا يع رف باخلط املس مارية أو الرس م ذي الزواي ا ،وي رجح أ ّن اللغ ة
السومرية ذات أصل آسيوي بائد استعملت قبل حنو 4000سنة ق-م وحىت 2000ق-م ،واللغة السومرية هي
من أوائل اللغات يف العامل اليت مت تدوينها.
أما اخلط املسماري فهو عبارة عن تصوير أو ترميز معنوي ( ، )idéographiesمتثل أشياء وأفكارا ال
مفردات ،وهو خيتلف عن اخلط اهلريوغليفي الذي يعتمد على الصور األقرب إىل التمثيل احلقيقي ،وال لنهج اخلط
الكنع اين ال ذي يعتم د على احلروف ،فه و خ ط ليس بالص وري اخلالص ،وليس ب احلرف اخلالص إمنا رس ومات
ختطيطية ألفكار وأشياء.وتطور هذا اخلط حىت صارا ال عالقة له بالتصويري ،وهذا بعد أن تطورت أدوات الكتابة
املصنوعة من اخلشب وعجني الطني ،بعد أن حُت رق ليُحتفظ هبا كمدونات.هذا وقد انتشر هذا اخلط قدميا انتشارا
واسعا(بقبائل عيلم والفرس وأرمينيا وفلسطني) انتشارا مل جياريه انتشار إال اخلطني العريب والالتيين.
أم ا األك اديون ال ذين اس توطنوا الع راق ح وايل 3600س نة ق-م فينس بون إىل مدين ة (أك د) أو إقليم
(كل دة) ،فك ان أن ح دث اختالط بني الس ومريني واألك اديني فح دث ازدواج لغ وي دام أك ثر من 600س نة
ولكن سرعان ما طغت اللغة األكادية على حساب السومرية ،ويرجح علماء اللغة (حممد علي اخلويل) أن تعود
أصول اللغة األكادية إىل العائلة السامية احلامية ،وعرف فيما بعد تسمية األكاديني بالبابليني نسبة إىل مدينة بابل
اليت اختذوها عاصمة هلم بالعراق.
ولق د أخ ذت ت أمالت األك اديني يف لغتهم مس ار الت أمالت اخلرافي ة واألس طورية ،كانتس اهبا إىل الرج ل
السمكة أوانس الذي جاء ليعلم الناس العلوم والفنون والتقنيات ،وتشري بعض الكتابات التارخيية إىل عدم وجود
حبوث حقيقية عند الشعبني ظ ،بينما (جورج مونان) عكس ذلك .
لق د ال تزم الس ومريون بتص نيف العالم ات البس يطة ال يت تن وب عن املف ردات األحادي ة ،كم ا ق اموا بتع داد
العالم ات املتع ددة املع اين ال يت يرم ز فيه ا بالرس م الواح د عن ع دة أش ياء ،كم ا ع ثر على فه ارس ألمساء املهن
واألدوات ،مما يشري إىل أهنم اهتموا بصناعة املعاجم أحادية اللغة ،كما كانت يف مرحلة االزدواج اللغوي معاجم
ثنائي ة اللغ ة(س ومرية-أكادي ة) ،ونش ري هن ا إىل أ ّن عن د تط ور اخلط الس ومري من التص ويري إىل احلريف ب دأ
السومريون يف تقسيم الكلمة إىل مقاطع ليعربوا عن كل مقطع برمز خاص ،واخلط األكادي ارتقى عن السومري
دون اخلط املسماري بإضافة احلركات إىل الرموز. كونه ّ
التفكير اللغوي عند الصينيين: -3
ازدهرت دراساهتم خالل احلقبة ما بني 2500و 1400ق-م ،وأهم ما ميّز تفكريهم هو انقسامهم حول
نش أة اللغ ة إىل تي ارين :فمنهم رأى إىل نس بتها إىل الطبيع ة ،ومنهم من رأى أهنا من قبي ل االص طالح ،أم ا عن
عالقة الدال باملدلول فرأى معظمهم أهنا ال تتم إال باملوافقة ،مث ما تلبث أن تصبح عادية ومناسبة ،وأن األمساء ال
حتتوي على حقائق صوتية مالزمة هلا ،كما أن الكتابة الصينية عبارة عن رموز فكرية ( )ideogramesمتثل
أفكارا أو أشياء ،ال كلمات خاصة هبذه األفكار واألشياء (ال تسميات).
12
وي رى العدي د من املؤرخني أن البحث اللغ وي عن د الص ينيني نش أ اس تجابة لدراس ة األدب الكالس يكي
والنص وص القدمية ،ورغب ة منهم ت دوين كت ابتهم التص ويرية ،أم ا يف اجلانب الص ويت فق د توص لوا إىل أن الرم ز
الفكري هو كتلة صوتية تتطلب الوصف الدقيق والتحليل إىل مقاطع على غرار التحليل املقطعي للغات األخرى
مع تغذيتها ببعض النربات الصوتية.وهذا التطور يف النظر إىل مكونات لغتهم أشار إليه روبينز ،يف إشارته إىل النغم
اخلت امي يف الكلم ات الص ينية.ومما س اهم ك ذلك يف انتع اش الدراس ات الفونولوجي ة اهلن ود وم ا هلم من أث ر واض ح
عليهم فيما خيص التعليم اللغوي للرهبان البوذيني الذين كانوا يتكلمون السنسكريتية .
أما يف الشق النحوي ،فتقر الدراسات الفيلولوجية إىل وجود بعض الدراسات الرتكيبية واملورفولوجية حيث
م يزوا بني كلم ات احملت وى(عالم ات معجمي ة) وكلم ات الوظ ائف(عالم ات حنوي ة) ،لكنه ا مل ت رق إىل مس توى
الدراسات اللغوية لبعض األمم األخرى.
وباإلض افة إىل اجلانب النح و والص ريف والص ويت اهتم الص ينيون بص ناعة املع اجم م ع بداي ة الق رن الث اين قب ل
امليالد ،حيث يذكر مونان أن هناك معجم ضخم ظهر يف القرن األول قبل امليالد مدون يضم 9000عالمة يسمى
ERHYAومعجم آخ ر يف الق رن الس ادس امليالدي اش تمل على 24000عالم ة ،SHWO WANGكم ا
صنف معجم ثالث YU PIENيف القرن العاشر امليالدي ضم أكثر 50000عالمة.
ومن املهم أن نشري إىل أ ّن املعاجم الصينية رتبت املادة اللغوية ترتيبا صوتيا تبعا لنطقها ،فالكلمات اليت تبدأ
بالصوت الواحد تعاجل معا يف باب واحد .
-4التفكير اللغوي عند الفينيقيين:
فيم ا خيص أص ل الفينيق يني فهم قوم من فينيقية س كنوا بالد الش ام ،وأسسوا هبا حضارة عريقة امت دت من
الق رن اخلامس ق-م ح ىت األول امليالدي ،وك انوا اك ثر انش غاال بالتج ارة البحري ة ،فك ان ان أق اموا العدي د من
النقاط التجارية البحرية على طول البحر األبيض املتوسط على ضفتيه الشمالية واجلنوبية ،ومنها جمموعة من املدن
،وتُع ّد الفينيقية لغة بائدة تنتمي إىل اللغ ات الكنعانية اليت متثل الفرع الشمايل للمجموعة السامية العربية ضمن
العائلة الكبرية السامية احلامية ،وكانت مستخدمة على طول سواحل بالد الشام.
أما الكتابة الفينيقية فهي أوىل اللغات اليت طورت الكتابة األجبدية يف تلك احلقبة ،غري أن البعض يرى أهنم
تأثروا باألجبدية األوجرييتية اليت تنتمي إىل الفرع الكنعاين الشمايل ،والفينيقية كان هلا األثر الواضح يف اليونانية ،
حيث أم دوهم بنظ ام الكتاب ة األجبدي ة يف ن واحي الق رن 9ق-م ،كم ا انتش ر ه ذا النظ ام األجبدي ح ىت إىل ص عيد
مصر وتونس ،ويرى جورج مونان أ ّن لغات الشام القدمية واليونانية ولغات جنوب الشام تشرتك يف كون أنظمتها
األجبدية تتقارب يف عدد أصواهتا ( 25-22صوتا).
والكتابة الفينيقية كتابة متطورة باملقارنة مع أشكال الكتابة اليت عرفناها سابقا ،فأحدثت ثورة يف طريقة
الكتابة خاصة واهنا كتابة صوتية حمضة ختتلف اختالفا جذريا عن اهلريوغليفية املصرية والصينية واملسمارية ،فكل
12
حرف من أصواهتا ال ميثل إال صوتا ،لكن ما يعاب عنهم هو اكتفاؤهم بتمثيل الصوامت دون الصوائت ،فكان
على القارئ أن يعتمد على السياق كي مييز بني حركات الكلمة وبالتايل معرفة اجلملة.
واألجبديات احلالية والالحقة للفينيقية تفرعت عنها مع بعض التطوير ،وهذه شهادة لعلي عبد الواحد وايف :
فمن الفينيقية اشتق الرسم التدمري والنبطي ،ومن التدمري اشتقت احلروف السريانية اليت ُأخذ منها اخلط املغويل،
ومن اخلطني النبطي والس رياين اش تقت ح روف اهلج اء العربي ة ،ومن اخلط الفي نيقي اش تق ك ذلك اخلط األرامي ،
وعن اخلط األرامي أخذت احلروف اهلندية القدمية ،واليت منها أخذت كل لغات اهلند وكامبودج وماليزيا ،ومن
الرسم الفينيقي اشتق الرسم السبئي أو اليمين الذي اشتقت منه كل اخلطوط احلبشية والسامية ،ومن الفينيقية أشتق
اخلط اليوناين الذي بدوره تفرعت منه مجيع أنواع اخلطوط املستخدمة يف خمتلف اللغات الالتينية اليت نعرفها اآلن
باألوربية.
-5التفكير اللغوي عند الهنود:
س بق اهلن ود يف التفك ري يف املس ائل اللغوي ة قب ل اإلغري ق مبدة طويل ة ،حيث اتس مت أعم اهلم بالدق ة
واملوضوعية ،وتوصلوا إىل نتائج غاية يف األمهية العلمية ،خاصة يف اجملال الصويت.
وب العودة إىل لغتهم نلح ظ أهنا ك انت مص بوغة باملواض يع الديني ة وب اجلوانب امليتافيزيقي ة ،حيث ك ان أث ر
الديان ة اهلندوس ية ظ اهرا ،فهم ي رون أن اللغ ة اهلندي ة من ص نع إهلهم (ان درا) ال ذي م د ك ل األش ياء واحليوان ات
أمساء .وي رى الب احثون واملؤرخ ون أن اللغ ة اهلندي ة القدمية م رت مبرحل تني :مرحل ة اللغ ة اهلندي ة الفيدي ة ومرحل ة
السنس كريتية الكالس يكية ،حيث أن األوىل مل ت دون إال ح وايل 800ق-م ،وحيث أن ال دافع لدراس ة لغتهم
السنس كريتية هي أن لغتهم القدمية مل يع ثروا على مناذج الس تعماهلا من ط رف الكهن ة ،ف تيقنوا من هن اك ض رورة
ملحة لتفسري كيفية قراءة نصوصهم صوتيا ،وال يكفي االعتماد على النصوص املكتوبة.
ومنه فإن الدراسات اللغوية عند اهلنود انطلقت من الفكرة السابقة املتعلقة بقراءة النصوص الدينية املكتوبة
ممثلة يف كتب الفيدا املقدسة ،كما كان الدافع الثاين هو محاية اللغة السنسكريتية من التحريف ،حيث كانت قد
ظه رت هلج ات عدي دة ختتل ف عن اللغ ة األص لية ،مما دف ع النح اة اهلن ود إىل دراس ة اللغ ة بش كل ع ام واألص وات
بشكل خاص للسماح ألهل العقيدة اهلندوسية خصوصا من نطق وفهم الكتب املقدسة أثناء أداء الطقوس الدينية ،
حيث أب دعوا خصوص ا يف التحلي ل والوص ف الص ويت ،ولن ا ش هادة هن ا من لس اين وم ؤرخ ش هري (لي ونز) :إ ّن
التص نيف اهلن دي لألص وات الكالمي ة ك ان مفص ال ودقيق ا مبني ا على املالحظ ة والتجرب ة ،ومل يبل غ اح د م ا بلغ ه
هؤالء سواء يف أوربا أو غريها قبل وبعد أواخر القرن التاسع عشر امليالدي ،بل غن كثريا من الدراسات تؤكد أ ّن
أوربا هي اليت تأثرت بالبحوث الصوتية اهلندية القدمية اليت قام برتمجتها بعض الباحثني الغربيني.
وتتمتع حبوث اهلنود اليوم بقيمة علمية كبرية لكوهنا انتظمت يف فروع مستقلة لكل منها أهداف ومناهج
خاص ة كاللس انيات العام ة والنح و الوص في والفونتي ك والفونولوجي ا واملورفولوجي ا والدالل ة ،أم ا تف وقهم فك ان
بالضبط يف الصوتيات والصرف.
12
وها هو مبحث النحو اهلندي يعين التحليل والوصف عندهم من خالل كلمة ، vyakaranaفهو يرمي
مبنهجه هذا إىل استنباط القواعد الفونولوجية واملورفولوجية للغة السنسكريتية القدميةاليت كانت يف طريق الزوال ،
كما أهنم كانوا يهتمون بالنحو باعتباره الوسيلة الوحيدة اليت تقوم ألسنتهم وحتفظ كتبهم املقدسة من االحنراف ،
وتعكس أمهية النحو عندهم مقولتهم الشهرية اليت مفادها :إ ّن املاء هو أقدس شيء على األرض ،والكتب املقدسة
أكثر قداسة من املاء ،ولكن النحو أكثر قداسة من الكتب املقدسة.
وتتمركز أعمال اهلنود ودراساهتم اللغوية يف أعمال العامل الشهري (بانيين) ،الذي قام بتحليل كل مظاهر
اللغة السنسكريتية وتقنينها ،ويعد النحو الذي كتبه (بانيين) عمال تقنيا عظيما ال يشبه أي حنو تقليدي ،بل يشبه
قواع د احلس اب وق وانني اجلرب الرياض ي ،وق د عل ق روبي نز على ه ذا العم ل بقوله :إنه ج اء تتوجيا خلط طويل من
العمل السابق الذي ليس لنا معرفة به ،ومل يُعرف حىت اآلن إذا كان مؤلفه قد كتبه أو ألقاه شفويا ،كما ال يُعرف
بعد التاريخ احلقيقي لظهوره ،حيث يرجعه بعض الباحثني إىل 600ق-مو 300ق-م.
إ ّن عمل بانيين عمل شديد التعقيد ال يستطيع أن يفهمه إال من كان ملما باللغة السنسكريتية ،وال ميكن
أن يشرح إال باالستعانة بشروح تابعيه ، ،كما حيتوي هذا العمل على 4000قاعدة حنوية ،أدرجت كل قاعدة
يف مك ان مناس ب أي ب اب مناس ب هلا ،حيث ال ميكن فهم أي ة قاع دة إال بفهم س ابقاهتا ،ام ا م ا ظه ر بع د ب انيين
فك ان جمرد ش روح وافي ة تعكس بدق ة مب ادئ ب انيين ،فمن أش هر الش روح ش رح باتنج ايل املوس وم بـ :أعظم
الشروح .
ويتميز حنو بانيين مبميزات ثالثة هي يف احلقيقة مقاييس موضوعية يف الدراسة اللغوية:
-الشمولية :حيث تكون أي دراسة شاملة لكل اجلوانب املتعلقة باللغة.
-االنسجام :وهو عدم التناقض الكلي واملستمر يف دراسة الظاهرة اللغوية.
-االقتصاد :االقتصاد يف استخدام الكلمات واإلجياز يف التعبري عن النتائج ،وهذا معناه استعمال األسلوب
العلمي الذي تستخدم فيه الرموز اجلربية .
ويف قضية وفرة الدراسات اللغوية عند اهلنود واهتمامهم هبا ،تض هر بعض املصادر على وجود حوايل:
12مدرس ة لغوي ة وأك ثر من أل ف عم ل حنوي خمتل ف ،ويع ود س بب جناحهم يف وص ف ال واهر اللغوي ة للغتهم
السنسكريتية هو اعتمادهم منهجا موضوعيا ،وإىل بنية اللغة اهلندية يف حد ذاهتا حيث تعكس األفباء السنسكريتية
الكتابة الصوتية ،أي تعكس النطق املرغوب فيه بطريقة دقيقة للغاية .
ويف األخ ري يرج ع جناحهم ه ذا يف التقعي د لنح و لغتهم إىل اهلدف ال ذي ك انوا يص بون إلي ه وال ذي انبنت
علي ه دراس اهتم وه و اهلدف التعليمي ال ذي ب ين على أس س ص وتية واض حة ودقيق ة ،فك ان للنظري ة النحوي ة ال يت
وضعها بانيين األثر الكبري يف بروز اللسانيات احلديثة.
-6التفكير اللغوي عند اإلغريق:
12
يف الق رن الس ادس قب ل امليالد توس ع الفك ر اليون اين ليش مل مجي ع املي ادين ،حيث لعب وا دورا مهم ا يف بن اء
احلضارة اإلنسانية احلديثة ،ويعود هذا إىل درجة الوعي وحرية الفكر خاصة وأن التفكري اللغوي نشأ يف أحضان
الفلسفة ،وبقي ردحا من الزمن جزءا منها ،فدارت تساؤالهتم حول أصل اللغة ونشأهتا وطبيعتها ،حيث تشكل
فريقان خيتلفان جذريا يف نظرتيهما :حيث يرى الفريق األول بزعامة أفالطون أن اللغة من صنع الطبيعة ،مبعىن أ ّن
أصلها حتكمه قوانني خالدة ال ميكن تغيريها ،أما الرأي الثاين فيزعمه أرسطو ،ورأيهم أ ّن أصل اللغة يعود إىل
االصطالح ،مبعىن وليدة العرف والتقليد .ومثة قضية أخرى شغلت تفكريهم فيها وهي عالقة الدال باملدلول أي
العالقة بني أشكال الكلمات ومعانيها .وبقيت هذه القضية حمل نقاش لقرون عديدة حىت عصر أفالطون وأرسطو
.
فتجلى هذا اجلدل يف نقد بارميني دس حوايل ( 500ق-م) حيث وض ع حدا فاص ال بني احلقيقة من جهة
واإلدراك واللغة من جهة أخرى ،حيث يرى الطبيعيون (أفالطون) أن هناك تطابق بني كل دال ومدلول وأن عامة
الناس ال يدركون طبيعة هذه العالقة البديهية ،عكس الفالسفة الذين يتمتعون بقدرات عالية متكنهم من تفسري
احلقائق الكامنة ،ومن هذا الطرح انبثق علم أصول الكلمات .
إن اخلالف بني الطبيع يني واالص طالحيني حتول يف الق رن الث اين ق-م إىل ت وجهني فك ريني أص يلني :فك ر
يعتمد على القياس يف اللغة مسي بالقياسيني ،وآخر يدعى بالشذوذيني ،وحبسب ليونز فإن اجلدال بينهما مل يكن
جداال تافها ناجتا عن رفض كل طرف االعرتاف بفكرة اآلخر ،بل أن اجلدال متحور حول نسبة حضور القياس
يف اللغة ونسبة الشذوذ الظاهر الذي ميكن توضيحه من خالل التحليل والوصف يف إطار النماذج املتوفرة يف لغة
توجه القياسيون إىل تتبع املظاهر الشاذة يف اللغة وحماولة تصحيحها وإجياد أقيسة هلا ،حىت ال ما .فما كان إال أن ّ
يضطروا إىل مراجعة آرائهم.
ومن مظاهر التفكري اللغوي عند اإلغريق اهتمامهم بتلقني املتعلم فنون الكالم والكتابة ،حيث ع ّد حناهتم
النح و ج زءا من الفلس فة خيض ع إىل النظ ر العقلي واملنطقي ،وبالت ايل فه و موج ود يف طبيع ة الع امل احملي ط هبم ويف
نواميسهم االجتماعية .ولقد قام العديد علماء اإلغريق بدراسة مظاهر النحو والصرف ،وكان من أشهرها:
-متييز األجناس الثالثة يف اللغة اإلغريقية :املذكر واملؤنث والوسط .
-تقس يم اجلم ل إىل أن واع حس ب الوظ ائف الداللي ة العام ة لل رتاكيب النحوي ة اخلاص ة كاإلثب ات واألم ر
والسؤال والتمين والتعجب ...
-دراس ة االق رتاض اللغ وي والت داخل اللغ وي ،حيث بنّي أفالط ون وج ود أص ل أجن يب لع دد كب ري من
املفردات اليونانية.
-قسم أفالطون اجلمل إىل فعلية وامسية ،وميّز بني األفعال واألمساء ،حيث ربط األمساء مبن يقوم بالفعل يف ّ
اجلمل ة ،وأ ّن األفع ال ت دل على ح دث أو ص فة يف اجلمل ة ،ومعن اه أن ه ع د األفع ال والص فات يف قس م واح د ،
12
ومنهج أفالطون هذا يُعرف مبنهج التعريف عن طريق التقسيم بالتفريع (أو التدرج يف التفريع) ،لغرض الوصول إىل
تعريف موضوعي للشيء.
-خ الف ارس طو أس تاذه أفالط ون يف النظ رة الفلس فية للك ون ،حيث ي رى أن ك ل ش يء يف ه ذا الع امل
يتكون من شكل ومادة وأ ّن الشكل أهم من املادة ،فانعكست نظرته هذه على النحو فكان أن أضاف إىل تقسيم
أفالطون الكالم إىل اسم وفعل بأن أضاف ما يسمى بالرابطة (األدوات الوظيفية).
-اكتشف أرسطو صيغ الفعل املختلفة وأكد أن التغيريات املنتظمة يف أشكال الفعل ترتبط ارتباطا وثيقا
مبفهوم زمن حدوثه(املاضي واحلاضر واملستقبل ).كما اصطبغ عنده النحو باملنطق الفلسفي حىت ارتبط املزج بني
جلي ا بني الق وانني النحوي ة وم ا يقابله ا من املص طلحات الفلس فية ،كم ا ص ار التقس يم املنطقي إىل تص ورات
وتصديقات مبا يناظره يف التقسيم النحوي إىل مفردات ومجل ،وأصبح للمقوالت األرسطية الشهرية ما يقابلها يف
التقسيم النحوي والصريف ،فاجلوهر يقابل اإلسم ،والكيف يقابل الصفة ،والكم يقابل العدد ،واإلضافة تقابل
أفع ل التفض يل ،واألين يقابل املك ان ،واملىت يقابل الزم ان...اخل ،فاعتم د منطق ه على التعري ف والتعلي ل :فك ان
اهلدف منهما على التوايل تعريف ماهية األشياء ومعانيها وإقامة الرباهني والكشف عن العلل املؤثرة يف األشياء.
عاجل الرواقيون الذين جاؤوا بعد أرسطو قضايا لغوية عديدة تدور جماالهتا يف النحو والبالغة و األسلوبية
والصوتيات والداللة ،فأعطوا امهية بالغة لثنائية الشكل واملعىن ،فميزوا بني اربعة اقسام للكالم :االسم والفعل
واحلرف والرابط ،وقسموا اإلسم إىل اسم جنس اسم علم ،وأدرجوا الصفة ضمن األمساء وقوالبها ،وطوروا
ظاهرة التصريف.
-جاؤوا مبصطلح احلالة اإلعرابية ،وأدركوا عامال آخر يؤثر يف شكل األفعال أال وهو الفعل التام وغري
التام
-ميزوا بني صيغيت املعلوم واجملهول ،ومنه األفعال الالزمة واملتعدية .
-يف جمال احلروف ميز الرواقيون بني الصوت وقيمه الصوتية وشكل كتابته وتسميته.
لقد كان علم اللغة عند اليونان وصفيا معياريا ،وصفيا ألن لغويي هذا العصر وصفوا الواقع اللغوي كما
هو يف املناطق اليت تتحدث اليونانية ،ومعياريا ألهنم اختذوا النماذج األدبية الكالسيكية أمثلة ينبغي أن حيتذى هبا
يف خصائصها اللغوية وتراكيبها النحوية ،فكانت املعيار لكل تعلم لغوي .
وال ننسى أن نعرج على أهم مدرستني فكريتني لغويتني عرفهما التاريخ اليوناين ومها املدرسة اإلسكندرية
تشع على العامل ،فاألوىل ترىمبصر إبان االحتالل ،ومدرسة آسيا الصغرى ،ولقد ظلت أعمال هاتني املدرستني ّ
أن الطبيعة حتكمها قوانني مطردة ،بينما الثانية يرى أصحاهبا أن كل ما يف الطبيعة من قبيل الصدفة وال حتكمه
قوانني متسقة منتظمة .
12
ومن هذا التناقض بني املدرستني برز اسم العامل تراكس الذي متسك بالقياس ،حيث ألف كتابا يف النحو
اإلغريقي بعنوان ، Téchné Grammatikéويُعد هذا العمل األحسن يف العامل الغريب ،حيث يتألف من
400مائة سطر ،وكان حمتواه تقسيم الكالم إىل ما يلي:
االسم
الفعل
اسم الفاعل واملفعول
أداة التعريف والتنكري
الضمري
حرف اجلر
الظرف
الرابط
مث برزت موجة بعد فرتة التأسيس أخذت على عاتقها حماربة تفشي ظاهرة حتريف املخطوطات العتيقة ،
ومن بينها أشعار هومريوس ،كما اهتمت بوضع الشروح والتعاليق ملختلف النصوص األدبية والبحوث النحوية
وذلك ألن لغة النصوص القدمية أصبحت غريبة عن مجهور القراء يف اجملتمع األسكندري املعاصر ،فكان من أشهر
علماء األسكندرية :أريسرتاخوس وديسكولوس وهريود.
وميكن أن نستخلص أن اليونان نظروا إىل العامل مبنظار فلسفي ميتافيزيقي ،واهتموا بوصف لغة أجدادهم
،وأسس وا لقواع د هام ة حتكم لغتهم ،فكتب لعلمهم عام ة ولنح وهم خاص ة أن يس تقطب اهتم ام األجي ال ال يت
حلقتهم ،وم ا زال النح و التقلي دي يس تعمل يف الت دريس يف ك ل لغ ات الع امل .وعلي ه ف النحو اليون اين تقعي دي
وتعليمي .
-7التفكير اللغوي عند الرومان:
الرومان بشبه جزيرة ايطاليا ،كانت عاصمتهم روما ابان القرن الثامن قبل امليالد ،مث اختذ القائد قسطنطني
األك رب بيزنط ة(القس طنطينية برتكي ا) عاص مة ش رقية ألمرباطوريت ه ،وم ع هناي ة الق رن الراب ع امليالدي انقس مت
األمبراطوري ة رمسيا إىل ش رقية وغربي ة بقي ادة روم ا عاص مة للحض ارة الغربي ة ،مث اص بحت القس طنطينية عاص مة
للخالفة العثمانية سنة 1453م.
واليونان أصحاب فكر مادي وواقعي عكس أسالفهم اليونان أصحاب املثل ،لكن الرومان انبهروا بالرتاث
اليوناين فجعلهم هذا مقلدين أكثر .
يف الق رن الث اين قب ل امليالد ظه رت حرك ة حثيث ة محلت على عاتقه ا ترمجة ك ل األعم ال النحوي ة واألدبي ة
والفلسفية والثقافية من اللغة اإلغريقية إىل اللغة الالتينية ،وقد شجع حكام الرومان كل من يقوم برتمجة أي مظهر
من مظاهر الرتاث اإلغريقي .كما اعتمدوا املسيحية كدين رمسي للدولة .
12
أما يف جمال الدراسات اللغوية فقد استمرت الفلسفة يف توجيه األعمال النحوية ،كما استمر اخلالف حول
نشأة اللغة بني الطبيعيني واالصطالحيني ،واشتد اجلدال بني دعاة القياس والشذوذ ،مما دفع القيصر جوليوس إىل
تأليف كتاب يف النحو أمساه القياس ،ومن أشهر حناة الرومان:
-فــارون( 116ق-م-27-ق-م) ،ومؤلفه اللغة الالتينية ،تناول فيه كل القضايا النحوية وقسمها إىل
ثالثة مواضيع رئيسية هي :علم الرتكيب وعلم الصرف وعلم أصول الكلمات ،هذا باإلضافة إىل أعمال أخرى
مرتبطة بتفسري الدراسات اليونانية كظاهرة التوليد واالشتقاق .
-كونتيلين(35م90-م) ،أجنز عدة مؤلفات مست نواحي عديدة منها النحو واألدب والرتبية والبالغة ،
واعت رب النح و علم ا متهي ديا للت ذوق الكلي واحلقيقي لألدب.وق د كتب بإجياز عن املس ائل النحوي ة واللغوي ة ويف
املقوالت املنطقية والكالمية ،ويف أقسام الكالم ويف النظام الفعلي للغة الالتينية .
-إيلي ــوس دون ــاطوس( خالل الق ــرن الراب ــع الميالدي) ،ك ان مدرس ا يف العاص مة روم ا تتلم ذ على ي ده
القديس جريوم الذي ترجم الكتاب املقدس ترمجة مثالية اعتمدهتا فيما بعد الكنيسة الكاثوليكية ،واشتهر بكتابه
األكادميي Ars Minorالذي مل ينقطع استعماله يف املدارس حىت القرن السابع عشر امليالدي ،وفيه قال جورج
مونان :إنه غذى كل القواعد األوربية لعدة قرون ،و ُكتب له أن يكون أول كتاب يطبع يف فرنسا لعدة مئات
من الطبعات.
وهناك العديد من املفكرين الرومان ممن اتبعوا هنج دوناطوس وسابقيه من امثال :مكروبيوس و بريسيان
وغريهم ،لكنهم كانوا كلهم متشبثني بالفكر اإلغريقي ،وكان تركيزهم على اللغة الكالسيكية ،فكانت هناك
بعض الدراسات املقارنة بني األفعال بني اللغتني اإلغريقية والالتينية ،مث ما لبث أن بدأت األمرباطورية الغربية يف
االحنط اط فانتق ل علماؤه ا إىل ش قيقتها يف الش رق ،فأق ام املغ رتبون وعلى رأس هم بريس يان العدي د من البح وث
اللغوي ة يف الالتيني ة على رأس ها املق والت النحوي ة وهي جمموع ة كتب ( )18يف أل ف ص فحة ،حيث بقي ه ذا
املرجع يستعمل للغة الالتينية إىل يومنا هذا ،فكانت هذه خوامت أعمال الرومان يف اجلانب الفكري .
وعلي ه ف النحو الالتي ين ه و امت داد للنح و اليون اين ،حيث إن الكث ري من النح اة ال ذين ينتم ون إىل الفك ر
اليوناين هم من مؤسسي النحو الالتيين ،وظل منهج الدراسة اللغوية هو الرتكيز على استخراج ما يقصده املتكلم
من خالل شكل الكالم ،واالهتمام بالنصوص القدمية والكالسيكية .
و من ناحية أخرى فإن العلماء الالتينيون مل يقدموا دراسات دياكرونية يف حبوثهم إضافة للوصف ،حيث
ال جند دراسات تأصيلية ،فيما عدا بعض الدراسات املقارنة بني اللغتني اإلغريقية والالتينية.
وخالصة القول فإن النظرية اللغوية اليت أتى هبا علماء اإلغريق جندها هي هي يف العهد الروماين والقرون
الوسطى وحىت عصر النهضة باستثناء بعض اإلضافات الطفيفة أو الشروح الوافية ،واستمرت الدراسات على هذه
احلال حىت مطلع القرن التاسع عشر امليالدي مع بداية اللسانيات التارخيية واملقارنة.
12