Professional Documents
Culture Documents
تأليف
إمساعيل اجملذوب
0
1
2
الفهرس
املقدمة 9 ................. ................................
فصول هذا الكتاب 01 ........ ................................
الفصل األول 00 ............ ................................
علم العقيدة اإلسالمية 00 ....................................
خصائص العقيدة اإلسالمية 00 ................................
إضاءات علمية 01 .......... ................................
اإلضاءة األوىل :اإلسالم دين املعرفة والربهان 01 .................
اإلضاءة الثانية :اهتمام اإلسالم باجلانب العقلي 01 ...............
اإلضاءة الثالثة :بيان وسائل العلم واملعرفة 01 ..................
وسائل العلم واملعرفة لإلنسان 01 ..............................
اإلضاءة الرابعة :اإلهلام و الرؤيا الصاحلة ال ينتج عنهما علم 01 ....
اإلضاءة اخلامسة :إمياننا بالغيب يعتمد على املنهج العلمي 01......
اإلضاءة السادسة :ال مستند يف أمور الغيب إال الوحي 01 .............
الفصل األول اإلميان مُ ْج َمالً ومفصالً 01 ........................
اإلميان مُ ْجمَالً 01 .......... ................................
تفصيل أركان اإلميان 01 ....................................
الركن األول اإلميان باهلل تعاىل وحده 01 .......................
وفيه ثالث مسائل01 ...................................... :
املسألة األوىل :اإلميان باهلل فطرة وبديهة 01 ...................
املسألة الثانية :الربهان والدليل العقلي ركيزة اإلميان باهلل تعاىل 09
املسألة الثالثة :معرفة صفات اهلل تعاىل 10 ....................
طريق معرفة صفات اهلل تعاىل 10 .............................
3
معرفة صفات اهلل هلا طريقان10 ............................. :
أما الطريق األول 10 ........ ................................
وأما الطريق الثاني 11 ......................................
ُأسُسُ معرفةِ صفات اهلل تعاىل 11 ..............................
اإلميان مبا فصَّله الوحي من صفات اهلل تعاىل 11 .................
أ -وحدانية اهلل تعاىل 11 ...................................
الشرك قولٌ باطل وتصورٌ غري صحيح 11 ........................
ُتخَذُ اختاذاً 11 .....................................اإلله ال ي َّ
اهلل تعاىل فعال ملا يريد وهو على كل شيء قدير 19 ................
اهلل خالق كل شيء وال خالق غريه 11............................
اهلل اخلالق وللعباد الكسب 11.................................
اختيارنا يف األمور التكليفية من البديهيات 11....................
اهلل العليم احلكيم 10 ......................................
اهلل عليم10 ............. ................................ :
اهلل هو الغين احلميد 11 ....................................
وهو الغين 11 ............. ................................
وهو احلميد 11 ............ ................................
اهلل هو احلي القيوم 11 .....................................
اهلل هو الغفور الرحيم 11 ....................................
اهلل مسيع بصري 11 ......... ................................
من صفات اهلل تعاىل الكالم 11 ...............................
اهلل تعاىل هو األول واآلخر 11 ................................
اهلل ليس كمثله شيء 11 ....................................
اإلميان بكل ما جاء يف القرآن والسنة من صفات اهلل تعاىل 11 ......
4
صالح القلوب واألعمال من اإلميان 11 ..........................
اإلميان بأن حممداً رسول اهلل 11 ............................
من دالئل نبوة سيدنا حممد 11 ..............................
من معجزات نبينا حممد 11 .................................
اإلسراء واملعراج 11 .......... ................................
معجزة القرآن الكريم 11 ....................................
وجوه من إعجاز القرآن 11 ...................................
الركن الثاني اإلميان باملالئكة 11 ..............................
الركن الثالث اإلميان بالرسل عليهم الصالة والسالم 11 ...........
ال يُقبل اإلميانُ باهلل تعاىل إال مع اإلميان جبميع الرسل 11 ........
دين األنبياء دينٌ واحد 19 ....................................
ال خيتلف يف أمور العقيدة ،وال يف األوامر والنواهي األساسية 19 ....
حممًدٌ خامت النبيني ال نيب بعده 11..........................
نبينا حممد بَشَّرَ به األنبياء السابقون عليهم الصالة والسالم 10...
عموم رسالة النيب حممد 11 ..............................
شريعته ناسخة ملا خالفها من الشرائع السابقة 11 ..............
عصمة الرسل عليهم الصالة والسالم من املعاصي 11 ..............
ال عصمة لغري األنبياء عليهم الصالة والسالم 11..................
معجزات الرسل عليهم الصالة والسالم 11........................
الركن الرابع اإلميان جبميع الكتب السماوية 11 .................
القرآن الكريم حمفوظ قد تكفل اهلل تعاىل حبفظه 11 .............
الركن اخلامس اإلميان باليوم اآلخر 11 ........................
اليوم اآلخر من مظاهر حكمة اهلل تعاىل 11 .....................
وقت يوم القيامة ال يعلمه إال اهلل تعاىل 11 .....................
5
حياة الربزخ نعيماً أو عذاباً 19 ................................
فتنة القرب ( الربزخ ) 11 .....................................
حياة الشهداء 10 ........... ................................
يوم القيامة حييي اهلل املوتى ويبعث من يف القبور 11 .............
كروبُ وشدةُ أهوال يوم القيامة 11 .............................
الناجون من أهوال يوم القيامة 11 .............................
الشفاعة العظمى 11 ....... ................................
للنيب شفاعات أخرى 11 ..................................
شفاعاتٌ يف اآلخرة لغري نبينا 11 ...........................
احلساب وامليزان وأخذ العباد كتبهم 11 .........................
شهادات يف يوم القيامة 11 ...................................
حوض نبينا حممد 11 ....................................
املرور على الصراط ،وأولُ األمم مروراً 11 .......................
من يدخلون اجلنة بغري حساب 19 ..............................
نار جهنم ليست كنار الدنيا وعذاب أهلها متفاوت 11 ..............
عذاب الكافرين يف النار دائم 11 ..............................
أهل النار يُعادِي بعضهم بعضاً ويتربأ بعضهم من بعض 10 ...........
عصاة املؤمنني ال خيلدون يف النار 11 ...........................
أهل اجلنة فيها خالدون ،ومنها ال خيرجون 11 ...................
أعظم نعم اجلنة رؤية اهلل تعاىل ورضاه 11 .....................
هل يرى اهللَ تعاىل أحدٌ يف الدنيا؟ 11 ..........................
من ادعى رؤية اهلل يف الدنيا فهو ضال وكاذب 11 ..................
الركن السادس اإلميان بالقدر 11 .............................
أنواع املقدرات بالنسبة الختيار العبد 11 ........................
6
اإلميان بالسمعيات اليت ثبتت بالوحي 11 ......................
ومما جاء به مضاعفة احلسنات 11 ..........................
الذنوب صغائر وكبائر 19 ....................................
اهلل تعاىل ال يغفر أن يُشرَك به إال بالتوبة 11 ...................
ذنوب عصاة املؤمنني راجعٌ أمرها ملشيئة اهلل تعاىل 10 ..............
املسلم ال يكفر بارتكاب الكبائر 11 .............................
من مقتضيات اإلميان احرتام أهل البيت والصحابة وحمبتهم 11 ....
الفصل الثالث ميزان اإلميان 11 ..............................
الفصل الرابع ملحقات مهمة ال بد من معرفتها 11 .................
امللحق رقم ( ) 0األولياء وكراماتهم 11 .........................
-0الكرامات موجودة 11 .....................................
-1من هو الولي؟ 91 ........ ................................
-1ال تالزم بني الوالية والكرامة (األمر اخلارق لقوانني الطبيعة 91 .
-1ال جنزم بوالية إنسان إال عن طريق الوحي اإلهلي 90 ..............
-1األولياء ال يتصرفون يف شيء من هذا الكون 91 ................
-1ال يصح اعتبار اجملنون أو املعتوه من األولياء 91 ...............
-1أعظم الكرامات االستقامة على هدي النيب 91 .............
امللحق رقم ( )1الغيب ال يعلمه إال اهلل تعاىل والتحذير من الكهانات
91 ...................... ................................
من أمراض عصرنا حماولة استطالع املستقبل 91 ..................
انتشار الكهانة باسم االستخارة 91 ............................
حقيقة االستخارة 99 ....... ................................
امللحق رقم ( )1يف التحذير من تكفري املسلم ألخيه 011 ...............
امللحق رقم ( ) 1وساوس الكفر ال يؤاخذ بها العبد 011 ...............
7
8
بسم اهلل الرمحن الرحيم
املقدمة
احلمد هلل أانر بصائر أحبابه مبعرفة احلق ،وهداهم إىل
صراطه املستقيم ،والصالة والسالم على سيدان حممد الذي
تَ َرَكنَا على احملجة البيضاء ،ليلُها كنهارها ال يزيغ عنها إال
هالك.
أهم جوانبفإن معرفةَ العقيدة الصحيحة ُّ أما بعدَّ :
()1
ظم األخطار ،وأكرب ُ أع العقيدة يف اجلهل وخطر
َ ، املعرفة
(.)2
اجلهاالت
وملا رأيت كثرياً من املسلمني أخذوا دينهم تقليداً دون
علم وال بصرية وأحببت أن يكون يل نصيب من خدمتهم،
فكتبت كتاب املنهج املفيد يف بناء اإلميان والعقيدة ،وكان فيه
قات
لح ٌ وم َ
جانب من الطول ،وكثري من التعليقات النافعةُ ،
10
الفصل الرابع :يف ُم ْل َحقات مهمة ال بد من معرفتها
(.)1
الفصل األول
علم العقيدة اإلسالمية
علم العقيدة :هو العلم الذي تعرف به العقائد الدينية
اليت جاء هبا رسول هللا ابألدلة اليقينية.
خصائص العقيدة اإلسالمية
-1موافقتها للفطرة.
- 2سهولتها ووضوحها وبُعدها عن التعقيد،
يفهمها أقل الناس علماً ،ويدرك عظمتَها الراسخون يف
العلم.
) (1وهي أربع ة :األول :يف بي ان أمور مهم ة تتعلق بكرام ات
األولياء ،والثاين :يف التحذير كهاانت منتش رة ابس م االس تخارة ،من
تكفري املس لمني ،والثالث :يف التحذير من تكفري املس لمني ،والرابع:
يف بيان أن الوساوس الكفرية ليست كفراً وال حياسب عليها العبد ،ويف
ت ملحقات أخرى. األصل ِس ُّ
وقد جعلت هذه الرس الة مبقدار ربع أو ثلا األص ل ومن وجد
عما يف هذه الرس الة وجده لالباً يف أص ل حاجة إىل زايدةٍ يف ٍ
حبا ما َّ
هذه الرسالة وهو كتاب املنهج املفيد يف بناء اإلميان والعقيدة.
11
-3بناؤها على الدليل واإلقناع العقلي العلمي.
-4جتعل املؤمن على عالقة ابهلل تعاىل ،وترتك فيه
أمسى معاين الطمأنينة ،والعزة والقوة ،واإلحسان ،والتواضع،
وحب اخلري للناس.
إضاءات علمية
اإلضاءة األوىل :اإلسالم دين املعرفة والربهان
س
ُس ُمن خصائص ديننا أنه دين املعرفة والربهان ،وأ ُ
مبين على أقوى األدلَّة وأوضح كل منها ٌّ هذا الدين ٌ
الرباهني اليت جتعل املؤمن يف دينه على بصرية ،ويُ ْقنِ ُع به
صف ،وهذه الصفة من َأه ِم صفات األتباع كل مْن ِ
َّ ُ
ِ ِ ِ ِ
احلقيقيني لرسول هللا ،قال هللا تعاىل ﴿ :قُ ْل َهذه َسبيلي
صريةٍ أ َََن وم ِن اتَّب ع ِن وسبحا َن ِ
ِ ِ
هللا َوَما أَ ْدعُو إِ َىل هللا َعلَى بَ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ
ِ ِ
ي ﴾ [يوسف.]101/ أ َََن م َن ال ُْم ْش ِرك َ
اإلضاءة الثانية :اهتمام اإلسالم باجلانب العقلي
إن ِم ْن أعظم ما يركز عليه القرآن الكرمي يف الدعوة
َّ
هلذا الدين هو اخلاصية األوىل لإلنسان ،وهي اجلانب
العقلي.
ومن مظاهر هذه العناية:
12
التكليف الشرعي؛ فالعاقل َ ط ابلعقل
– 1أنَّه َربَ َ
مكلف ،ولري العاقل ليس مكلفاً.
قول ،أو يعمل ي ٍ املسلم من أن يقول أ َّ
– 2أنه َمنَ َع َ
َك بِ ِ ِ
سلَ ف َما ل َْي َأي عمل إال بعلم ،قال تعاىلَ ﴿ :وال تَ ْق ُ
َّ
س ُؤوال﴾ اد ُك ُّل أُولَئِ َ ْم إِ َّن َّ ِ
ك َكا َن َع ْن ُِ َم ْ ص َر َوالْ ُف َؤ َ
الس ْم َع َوالْبَ َ عل ٌ
[ اإلسراء .] 33 /
– 3أنَّه اعترب إمهال العقل نزوالً عن املْن ِزلة والكرامة
َّم َكثِريا ِم َن ا ِْلِ ِن ِ
اإلنسانية ،قال تعاىلَ ﴿ :ولََق ْد َذ َرأْ ََن ِلََهن َ
ص ُرو َن ِِبَاي ال ي ْب ِ ِ َوا ِإلنْ ِ
وب ال يَ ْف َق ُهو َن ِبَا َوََلُ ْم أَ ْع ُ ٌ ُ س ََلُ ْم قُلُ ٌ
كض ُّل أُولَئِ َ
ك َك ْاألَنْ َع ِام بَ ْل ُه ْم أَ َ َوََلُ ْم آذَا ٌن ال يَ ْس َمعُو َن ِِبَا أُولَئِ َ
ُه ُم الْغَافِلُو َن ﴾ [ األعراف .]171 /
اإلضاءة الثالثة :بيان وسائل العلم واملعرفة
لقد كثر من يتكلم يف أمور الدين والدنيا بغري املنهج
العلمي ،وأدى ذلك إىل جهل مركب وتصورات لري
صحيحة يف أمور كثرية؛ فما هي وسائل العلم عند
اإلنسان؟.
ثالث هي:
وسائل العلم واملعرفة لإلنسان ٌ
-1العقل السليم -2احلواس السليمة -3اخلرب
الصادق.
درُك به ما ال يُدرك ابآلخر.
وكلٌّ من هذه الوسائل يُ َ
13
فبالعقل ندرك املعقوالت اليت يقطع العقل بصحتها.
وابحلواس الس ليمة نعرف احملس وس ات :املرئيات،
واملسموعات ،واملطعومات ولريها.
وابخلرب الصادق نعرف بعض ما لاب عنا من
األمور.
اإلضاءة الرابعة :اإلهلام و الرؤيا الصاحلة ال
ينتج عنهما علم
اعتمد بعض الناس يف بعض أمورهم على وسائل لري
ما تقدم من وسائل العلم ،وكان ذلك من أسباب ضالهلم،
ومن ذلك ما يتومهه كثري َّ
أن إ ْهلام الصاحلني والرؤاي الصاحلة
ميكن االعتماد عليهما.
وهذا بع ٌد عن املنهج العلمي الذي جاءت به أدلة
القرآن الكرمي ،و ِ
السنة الصحيحة ،قال تعاىلَ ﴿ :وال تَ ْق ُ
ف َما
اد ُك ُّل أُولَئِ َ
ك َكا َن ص َر َوالْ ُف َؤ َ ْم إِ َّن َّ لَيس ل َ ِ ِ ِ
الس ْم َع َوالْبَ َ َك ب ِ عل ٌ ْ َ
() 1
[ اإلسراء. ] 33/ س ُؤوال ﴾
َع ْن ُِ َم ْ
( )1وقد أدرك علماء املسلمني خطر االعتماد على اإلهلام والرؤاي
فحذروا من ذلك يف كتب العقيدة ،والفقه ،وأصول الفقه ،قال النسفي يف
أول صفحة من كتاب العقائد النسفية :واإلَلام ليس من أسباب املعرفة
بصحة الشيء عند أهل احلق اه .
14
اإلضاءة اخلامسة :إمياننا بالغيب يعتمد على
املنهج العلمي
اعتقاد املسلم احلقيقي أبمور الغيب يعتمد على
املنهج العلمي؛ ألنه عندما نبين إمياننا ابهلل تعاىل وبرسوله
وابلقرآن الكرمي على األدلة والرباهني العلمية فإنه ينتج
ليب جاء به القرآن أو بَلَّغَهُ
عن ذلك أننا عندما نؤمن أبم ٍر ٍ
النب َّ
فإن هذا اإلميان الغيب يكون مبنياً على العلم.
فعندما سعى مشرك إىل أيب بكر فقال :هذا
صاحبك يزعم أنه قد أُسري به الليلة إىل بيت املقدس مث
رجع من ليلته.
قال أبو بكر َ : أو قال ذلك؟ قالوا نعم.
16
ال ومفصالً
الفصل األول اإلميان مُجْمَ ً
اإلميان مُجْمَالً
إن اإلميان الذي يَ ْقبَ لُهُ هللا تعاىل ويرضاه من العبد
اخللود يف اجلنة هو اإلميان مبضمون شهاديت [أن ويثيبه عليه َ
ال إل ِ إال هللاَّ ،
وأن حممدا رسول هللا ].
اإلميان اليت بَيَّنَها رسول وي ب ىن على الشهادتني أركا ُن ِ
ُْ َ
هللا عندما سئل عن اإلميان بقوله (( :أَ ْن تُ ْؤِمن ِاب َّّللِ
َ
ومالَئِ َكتِ ِ ِ وُكتبِ ِ ِ ورسلِ ِ ِ والْي وِم ِ
اآلخ ِر وتُ ْؤِمن ِابلْ َق َد ِر َخ ِريهِ
ْ َ َ َ ُ َُ ُ َ َْ ََ
ِ
َو َش ِره )) [مسلم . ] 1 /
كما يُْب َىن عليهما اإلميا ُن بكل ما جاء به رسول هللا
من الوحي ،ومن ذلك األمور الغيبية واألحكام الشرعية
اليت ذُكرت يف القرآن الكرمي ،أو يف األحاديا الصحيحة.
فإذا نطق اإلنسان ابلشهادتي موافقاً قلبُه لسانَه
خاضعاً هلل تعاىل مصدقاً بكل ما جاء به رسول هللا
ومات على ذلك كان من املؤمنني اخلالدين يف اجلنة
وجل.
ني مبرضاة هللا عز َّ ِ
الْ ُم َكَّرم ْ َ
17
تفصيل أركان اإلميان
نربط تفصيل جوانب اإلميان بتفصيل النب وهي
اإلميان ابهلل تعاىل ومالئكت ِ وكتب ِ ورسل ِ واليوم اآلخر
وابلقدر خريه وشره.
الركن األول اإلميان باهلل تعاىل وحده
وفيه ثالث مسائل:
املسألة األوىل :اإلميان باهلل فطرة وبديهة
اإلميان بوجود هللا تعاىل ووحدانيته فطرةٌ وبديهةٌ.
كفإن هللا تعاىل يقول﴿ :فَأَقِ ْم َو ْج َه َ أما كون ِ فِطْرة َّ
ت َِّ َّ لِ ِ
لدي ِن َحنِيفا فِط َْر َ
س َعلَ ْي َها﴾ [الروم]30/ اّلل ال ِِت فَطََر النَّا َ
وقال (( : ما ِمن مول ٍ
ُود إِال يُولَ ُد َعلَى ال ِْفط َْرةِ )). َ ْ َْ
[ البخاري 1313 /ومسلم ] 2351 /
أن اإلنسان وإن كان مشركاً ومن مظاهر هذه الفطرة َّ
عندما يقع يف شدة أو كرب فإنه يلجأ إىل هللا تعاىل يرجو
ُّر فَِإلَْي ِ ِ َجتْأ َُرو َن منه النجاة كما قال تعاىلُُ ﴿:ثَّ إِذَا َم َّ
س ُك ُم الض ُّ
ُّر َع ْن ُك ْم إِ َذا فَ ِري ٌق ِم ْن ُك ْم بَِرِبِِ ْم يُ ْ
ش ِرُكو َن ﴾ ف الض َّ * ُُثَّ إِ َذا َك َ
ش َ
[ النحل.] 54-53 /
أي
وأما كون ِ بديهة فألن اإلنسان العاقل إذا رأى َّ
مصنوع مهما قل شأنه فإنه يعلم بداهة َّ
أن له صانعاً وال
18
يتساءل عن وجود صانع هلذا املصنوع ،وإذا ما سأل أحد
عن وجود صان ٍع لِ َما رآه من هذه األمور ُّاُّتِ َم يف عقله وعُ ِر َ
ف
عدم التوازن يف تفكريه.ُ
املسألة الثانية :الربهان والدليل العقلي ركيزة
اإلميان باهلل تعاىل
الفطرة قد تنحرف ،واجلهالة واألهواء قد تغطي
البديهيات.
من أجل ذلك ال بد لإلنسان من أساس عقلي علمي
يكون سنداً هلذا اإلميان الفطري ،وقد سلك القرآن طريق
إاثرة التفكري عند اإلنسان ليوصله إىل محاية فطرة اإلميان
ابهلل تعاىل وإىل تثبيت هذا اإلميان عن طريق الدليل والربهان.
فإذا قرأان آية ﴿ :وإِ ََل ُكم إِلَ ٌِ و ِ
اح ٌد ال إِلَ َِ إَِّال ُه َو َّ
الر ْْحَ ُن َ ُ ْ َ
الرِحيم ﴾ [البقرة ] 133 /وقد ذُكر فيها وحدانيةُ هللا تعاىل َّ
وبعض صفاته ،فإننا جند بعدها ما يرشد إىل التفكري والربهان ُ
الساطع الذي يوصله إىل اإلميان ابهلل تعاىل ومعرفة عظمته
بواسطة التفكري يف مصنوعاته ،قال تعاىل ﴿ :إِ َّن ِيف َخل ِْق
ْك الَِِّتَّها ِر والْ ُفل ِ ات و ْاألَر ِ ِ ِ َّ ِ
ض َوا ْختالف اللَّْي ِل َوالن َ َ الس َم َاو َ ْ
لس َم ِاء ِم ْن
اّللُ ِم َن ا َّ ِ
َجتْ ِري ِيف الْبَ ْح ِر ِبَا يَ ْن َف ُع الن َ
َّاس َوَما أَنْ َز َل َّ
ث فِي َها ِم ْن ُك ِل َدابٍَّةض بَ ْع َد َم ْوِِتَا َوبَ َّ ِ ٍ
َحيَا بِ ِ ْاأل َْر َ َماء فَأ ْ
19
الس َم ِاء َو ْاألَ ْر ِ
ض ي َّس َّخ ِر بَ َْ الرَاي ِح َو َّ ِ
الس َحاب ال ُْم َ يف ِ ص ِر ِ
َوتَ ْ
ايت لَِق ْوٍم يَ ْع ِقلُو َن ﴾ [ البقرة .] 134 /
َآل ٍ
وهذا منهج عامٌّ يف القرآن الكرمي ،وأمثلته كثرية ،وإين
أدعو القارئ الكرمي إىل تالوة أوائل سورة النحل ،مع التدبر
يف اجلانبني العقلي والقلب لنجد األنوار العظيمة اليت ترشد
ب ٍٍ إميانية العقول ومتأل القلوب بضياء حييي القلوب بِ ُش َع ٍ
ومعرفة عقلية جتعل املؤمن يدرك عظيم فضل هللا تعاىل عليه.
جيد يف أول السورة دعوَة الرسل عليهم الصالة
والسالم إىل اإلميان ابهلل وحده ،مع الرباهني اليت تُ َع ِرفُه
صفات هللا العظيمة عندما يفكر يف مصنوعاته ،فقد ذَ َكَر
وخ ْل َقهُ لإلنسان وما سبحانه َخ ْل َقهُ للسماوات واألرضَ ،
سخره له من األنعام ،مث ذكر املطر والنبات والثمرات
وتسخري الليل والنهار والشمس والقمر ،وبعد هذا ذكر
تثبيته لألرض ابجلبال وما ربطه ابجلبال من األهنار ومصاحل
(.)1
البشر مذكراً عباده بفضله ورمحته
( )1آايت القرآن الكرمي مع كوهنا حترك عقول العباد ابلتفكري يف
خملوقات هللا تعاىل ليعرفوا وحدانيته وعظمته وعظمة صفاته تذكرهم أيضاً
بعظيم فضله ،وكثرة نعمه ،وأبهنم املفتقرون إليه يف كل ما حيتاجونه ،وأهنم
إليه راجعون ،وهذه جوانب إميانية ضرورية ترافق معرفة األدلة والرباهني.
20
املسألة الثالثة :معرفة صفات اهلل تعاىل
إن معرفة اإلنسان لصفات هللا عز وجل ميكن أن
تكون معرفةً إمجالية؛ حبيا يعرف أنه تعاىل واحد ال شريك
له ،وأنه متصف بصفات العظمة والكمال اليت تليق به ،وأنه
ُمنَ َّزهٌ عن مجيع صفات النقص.
لكن مع هذه املعرفة اإلمجالية ال بد لنا أن نعرف من
صفات هللا تعاىل تفصيالت جاءت يف القرآن الكرمي ،ويف
سنة النب .
طريق معرفة صفات اهلل تعاىل
معرفة صفات اهلل هلا طريقان :كلٌّ منهما مرتبط
ابآلخر.
وجل. األول :النظر والتأمل يف خملوقات هللا َّ
عز َّ
والثاين :الوحي الذي جاء به النب من عند هللا
سبحانه.
فإن الصنعة كما تدل على َّ
أن هلا أما الطريق األول َّ
صانعاً فإهنا تدل أيضاً على صفاته.
فإذا أتملت آلةً واطَّلَ ْع َ
ت على بعض أقسامها وما يرتبط
بكل قسم من الوظائف عرفت كثرياً من صفات صانعها،
21
وكذلك إذا فكران يف أنفسنا وفيما حولنا ويف كل شيء من
هذا الكون َدلَّنا ذلك على هللا تعاىل ،وعلى عظيم صفاته،
ويف الوقت نفسه يدلنا على عظيم فضله ،وعلى افتقاران وشدة
حاجتنا إليه (.)1
وأما الطريق الثاني فإنه يُ َق ِوي ويزيد معرفتنا بصفات
ب اإلميان ُّع
ش حيقق القلوب يف ٍ
إمياين هللا تعاىل ،مع ٍ
ضياء
َ َ
القلبية ،وحيمي القلوب والعقول من الزيغ واالحنراف؛
فالطريقة املثلى أن نتعرف على هللا تعاىل بضياء القرآن
الكرمي ،وهبدي رسوله الذي ال ينطق عن اهلوى إن هو
إال وحي يوحى.
س معرف ِة صفات اهلل تعاىل
أُسُ ُ
من أجل أن يكون إمياننا أقرب إىل إميان السابقني
األولني ال بد لنا من معرفة األسس اليت بَنَ ْوا عليها
معرفتهم ،وهي:
( )1يليق أبهل عصران أن يكون هذا التفكري موافقاً ملا يناسب
هذا العصر الذي يَ َّسَر هللا فيه لإلنسان أن يغوص يف أعماق أسرار
أكرب بعظمة هللا تعاىل،
أعظم ،ومعرفةً َ
نتائج إميانيةً َ
اخللق ،فهذا يعطي َ
وعظمة صفاته؛ فالقرآن ُم َو َّجهٌ إىل مجيع الناس يف كل العصور.
22
-1أ ْن نؤمن مبا جاء به الوحي من الكتاب والسنة
من صفاته سبحانه؛ فنثبت ما ثبت ابلوحي اإلهلي ،وننفي
ما نفاه.
-2أ ْن نعلم أننا عاجزون عن معرفة حقيقة صفاته
سبحانه كعجزان عن معرفة ذاته ،قال تعاىلَ ﴿ :ما قَ َد ُروا َّ
اّللَ
ق قَ ْد ِرهِ ﴾ [ .احلج ] 74 /
َح َّ
-3أ ْن نُنَ ِزهُ هللاَ تعاىل عن املشاهبة لصفات املخلوقات
سفهو سبحانه ال يشبهه شيء يف ذاته وال يف صفاته ﴿ ل َْي َ
صريُ ﴾ [ الشورى .] 11 /الس ِميع الْب ِ ِ ِِ
َكمثْل ِ َش ْيءٌ َو ُه َو َّ ُ َ
– 4أن نعتمد على منهج القرآن الكرمي ،ال على
طريقة الفالسفة وعلم الكالم
-5أن نبتعد عن اجلدل والتأويل يف صفاته سبحانه(.)1
( )1وه ذا هو العم ل مب ا اخت اره أئم ة اهل دى من س لف األم ة
ؤم ُن ِِبَا وال يَُت َوه ُم وال
أن ص ف ات هللا تع اىل يُ َوخلفه ا ،وذكر الرتم ذي َّ
ف ،وأن كل ما وص ف هللا تعاىل من نفس ِ يف كتاب ِ فتفس ريه يُ َقال َك ْي َ
مالك بن أ ٍ
َنس و ُس فيا َن تالوت ِ والس كوت علي ِ وهذ مروي عن اإلمام ِ
وعب ِد هللا بن املب ار ِ رْحهم هللا تع اىل وأَيفُم قَ الُوا يف َه ِذ ِه بن عُيَينَ ةَ َ
ول أَه ِل ِ
العلم وهك َذا قَ ُ يف ،ق ال الَم ذيَ : ث :أَِم ُّرَوه ا بال َك َ األَح ادي ِ
اعة اه [سنن الَمذي /كتاب الزكاة /ابب فضل الصدقة]. السن َِّة واِلَ َم َ ِمن أ ِ
َهل ُّ
كل أتويل ومع بعدان عن التأويل ،وأتس ينا ابلس لف ال نعترب َّ
بدعةً وخمالفةً:
23
اإلميان مبا فصَّله الوحي من صفات اهلل تعاىل
بعد ما تقدم من املقدمات واألسس نقف مع ما جاء
به الوحي اإلهلي كتاب هللا تعاىل وسنة رسوله نقتبس من
أما أتويل أهل األهواء املخالف ملا كان عليه النب وأص حابه
الل ،و َّأم ا الت أوي ل القري ب ال ذي ج اء مثل ه عن ض ٌ والت ابعون فهو َ
السلف الصاحل فال حرج فيه ،ومن ذلك:
ك إِال َو ْج َه ُِ -1قول البخاري يف ص حيحهُ ﴿ :ك ُّل َش ْي ٍء َهالِ ٌ
﴾ إال ُملْ َكه ،ويقال :إال ما أريد به وجه هللا تعاىل.
ط ﴾: -2قول اإلمام الطربي يف تفسري ﴿ وهللاُ ِمن َّوَرائِ ِهم ُِّحم ْي ٌ
ص َهلَا ،ال َخيْ َفى َعلَْي ِه ِمْن َها ش يءٌ ،وهو ُمازيهم أبعماهلمُْ ،حم ٍ
على مجيعها.
-3قول ابن كثري يف تفسري ﴿ َما يَ ُكو ُن ِمن ََّّنْ َوى ثََالثٍَة إَِّال ُه َو
ك َوَال َرابِعُ ُه ْم َوَال ََخْ َس ٍة إَِّال ُه َو َس ِاد ُس ُه ْم َوَال أَ ْد َ ِمن َذلِ َ
أي ُمطَّلِ ٌع عليهم ،يسمع ِ
أَ ْكثَ َر إَّال ُه َو َم َع ُه ْم أَيْ َن َما َكانُوا ﴾ ْ
اإلمجاع
َ كالمهم وس رهم وجنواهم ،مث قال :حكى لري واحد َ
ِ
على أن املراد هبذه املعية معيةُ علمه تعاىل.
-4قول اإلمام أمحد بن حنبل رمحه هللا تعاىل يف تفسري ﴿ َو َج َ
اء
ك ﴾أي جاء ثوابه [ .البداية والنهاية . ] 327 / 10 َربُّ َ
24
ضيائه معرفةً لصفات ربنا سبحانه ،نضيء به قلوبنا
ابإلضافة للمعرفة املوجودة يف عقولنا (. )1
أبه ِم وأول ما كان يركز عليه األنبياء عليهم وأبدأ َ
الصالة والسالم ،وهو دعوُّتم ألقوامهم إىل توحيد هللا ،قال
ول إَِّال نُ ِ
ك ِمن َّر ُس ٍوجلَ ﴿ :وَما أ َْر َسلْنَا ِمن قَ ْبلِ َ
وحي عز َّ
َّ
فَا ْعب ُد ِ
ون ﴾ [األنبياء.]25 / ُ إِل َْي ِ ِ أَنَّ ُِ َال إِل َِ إَِّال أ َََن
كل منهمَ ﴿ :اي قَ ْوِم ا ْعبُ ُدوا َّ
اّللَ َما لَ ُكم وكانت دعوة ٍ
ِم ْن إِلَ ٍ ِ غَْي ُرهُ ﴾ [األعراف ]51 /ولذلك سيكون الكالم يف
عز وجل.
الوحدانية أوسع من الكالم يف لريها من صفاته َّ
أ -وحدانية اهلل تعاىل
هللا تعاىل هو اإلل ِ وال إل ِ سواه ،وهو املعبود ٍ
حبق وال
يعبد سواه
ونبحث يف هذه الصفة يف جانبي:
25
اخلالق
اِلانب األول :أن هللا سبحانه هو وحده اإلله ُ
واملالك لكل شيء ،وأنه وحده املستغين عن كل شيء ،وكل
مفتقر إليه ،وأنه بيده ملكوت كل شيء ،وهو ٌ شيء
املتصرف بكل ما يف هذا الكون ،ال راد حلكمه وال معقب
لقضائه.
اِلانب الثاين :وهو الزم لألول :أنه سبحانه هو وحده
املستحق للعبادة ،وال يستحق العبادة أحد سواه ،فهو وحده
املعبود ٍ
حبق.
وأنه بيده وحده التشريع ،وهو وحده ُحي ُّل احلالل ُحي ِرم
احلرام ،وله وحده الطاعة املطلقة ،فال طاعة ملخلوق يف
معصيته ،وكل من يف السموات واألرض عبيده الضعفاء؛
فال يتوكل وال يعتمد إال عليه ،قال تعاىل ﴿ :قُل أَفَ غَي ر َِّ
اّلل ْ َْ ُ ُ ُ
اهلُو َن ﴾ [ الزمر .]34 / ََتْمر ِوين أَ ْعب ُد أَيُّها ا ِْل ِ
ُ َ َ ُُ
ون ا َِّ
ّلل وقال سبحانه ﴿ :قُل أَفَ رأَي تُم ما تَ ْدعُو َن ِمن ُد ِ
ْ ْ َْ ْ َ
ادِين بِر ْْحَةٍ ِ ض ٍر هل ه َّن َك ِ
ض ِره أ َْو أ ََر َ َ ات ُ اش َف ُ اّللُ بِ ُ َ ْ ُ ادِينَ َّ إِ ْن أ ََر َ
اّللُ عَلَْي ِ ِ يَتَ َوَّك ُل
يب َّ هل ه َّن ُمُْ ِس َك ُ ِ ِ
ات َر ْْحَت ِ قُ ْل َح ْسِ َ َْ ُ
ال ُْمتَ َوكِلُو َن ﴾ [الزمر.]31/
وقد علمنا القرآن هذين اجلانبني من التوحيد يف آايته
أمجَ َل ذلك يف السورة اليت نقرؤها يف كل ركعة،الكثرية ،و ْ
وهي أعظم سورة من القرآن الكرمي.
26
فهو سبحانه يذكران ابألمر األول يف اآلايتْ ﴿ :
احلم ُد
ك ي وِم ِ ِِ الر ْْح ِن َّ ِ ِ
الدي ِن ﴾ الرح ِيم * َمال َ ْ ب ال َْعال َِم َ
ي * َّ ّلل َر ِ
ويذكران ابألمر الثاين يف اآلايت ﴿ :إِ َّاي َ نَ ْعبُ ُد وإِ َّاي َ
مت
َنع َ صرا َ َّ ِ ِ ِ نَستَ ِعي * ِ
اهدنَ ا ِ
ين أ َط الذ َ يم * َ ط املُستَق َ الص َرا َ ْ ُ
ي﴾. ِ ِ ِ َعلَي ِه ْم غَري املَغ ُ
ِ
ضوب َعلَيه ْم َوالَ الضَّال َ
ونقف مع آايت أخرى من القرآن تضيء قلوبنا
وتوصلنا إىل اليقني املبين على الدليل والربهان.
وتالؤم س ِري هذا الكون الواسع مع كثرة أنواع َ انتظام
إن َ
اختالف أنظمتها لَيَ ُد ُّل أصحاب ِ املخلوقات واختالفها ،و
أن هلذه املخلوقات إهلاً واحداً خلقها ويُ َسِريُها العقول على َّ
حبكمته كما يريد.
َد َوَما َكا َن َم َع ُِ ِم ْن
قال عز وجل ﴿ :ما َّاَّتَ َذ هللا ِمن ول ٍ
ُ َْ َ
ٍض ُه ْم َعلَى بَ ْع ٍ ب ُك ُّل إِل ٍَ ِ ِِبَا َخلَ َق َول ََعال بَ ْع ُ ٍ
إِلَ ِ إِذا لَ َذ َه َ
ص ُفو َن ﴾ [املؤمنون. ]11/ سبحا َن َِّ
اّلل َع َّما ي ِ
َ ُْ َ
س َد ََ ِ ِ ِ
وقال تعاىل ﴿ :ل َْو َكا َن في ِه َما آَلَةٌ إ َّال َّ
اّللُ لََف َ
ص ُفو َن ﴾ [األنبياء.]22/ ش عَ َّما ي ِ ب ال َْع ْر ِ فَسبحا َن َِّ
اّلل َر ِ
َ ُْ َ
ِ
اّلل َعلَْي ُك ْمت َّ ِ
َّاس اذْ ُك ُروا ن ْع َم َ
وقال سبحانهَ ﴿ :اي أَيُّ َها الن ُ
ض ال إِلَ َِ إَِّال الس َم ِاء َو ْاأل َْر ِ
اّلل يَ ْرُزقُ ُك ْم ِم َن َّ
هل ِمن َخالِ ٍق غَي ر َِّ
ُْ َْ ْ
ُه َو فَأَ َّ تُ ْؤفَ ُكو َن ﴾ [فاطر.]3/
27
فاإلله احلق هو اخلالق لكل شيء ،فأين معىن األلوهية
دت من قبل املعبودات اليت عُبِ ُْ يف سواه؟ وماذا َخلَ َقت تلك
َّ ِ ْق َِّ
اّلل فَأ َُر ِوين َما َذا َخلَ َق الذ َ
ين اجلاهلني؟ قال تعاىلَ ﴿ :ه َذا َخل ُ
ي ﴾ [لقمان.]11/ الل ُمبِ ٍ
ض ٍ ِم ْن ُدونِِ ِ بَ ِل الظَّالِ ُمو َن ِيف َ
وقال سبحانه ﴿ :أَِم َّاَّتَ ُذوا ِمن ُدونِِ ِ ِ
آَلَة قُ ْل َهاتُوا
بُ ْرَهانَ ُك ْم ﴾ [األنبياء.]24/
الشرك قو ٌل باطل وتصورٌ غري صحيح
كل شيء مفتقر فاإلله هو املستغين عن كل شيء ،و ُّ
إليه ،وما ليس كذلك ليس إهلاً.
ط التالية اليت يعرفها أهل احلق:ويلزم من هذا النقا ُ
-1اإلله خالق كل شيء -2 .اإلله ليس خملوقاً.
كل
-3اإلله ال حيتاج إىل شيء -4 .اإلله حيتاج ُّ
شيء إليه.
واملعبودات اليت عبدت يف اتريخ البشر القدمي
كل منها فقري حمتاجكل منها خملوق ال خالق ،و ٌ واحلديا ٌ
فكيف يكون إهلاً؟.
ُتخَذُ اختاذاً
اإلله ال ي َّ
ميكن لإلنسان أن يتخذ صديقاً أو معلماً أو شريكاً،
ولكن ال ميكن أن ي ت ِ
َّخ َذ إهلاً؛ فالنقاط األربع السابقة اليت َ
28
تعطي اإلنسان التصور الصحيح ملعىن كلمة اإلل ِ ال ميكن أن
تكون يف لري هللا.
ون َِّ
اّلل ِ
آَلَة ل ََعلَّ ُه ْم وجل ﴿ :و َّاَّتَ ُذوا ِمن ُد ِ
قال عَّز َّ َ
ص َرُه ْم َو ُه ْم ََلُ ْم ُجن ٌد ُّْحم َ
ض ُرو َن ِ
﴾[ نص ُرو َن * َال يَ ْستَطيعُو َن نَ ْ
يُ َ
يس74 /و ] 75
اهلل تعاىل فعال ملا يريد وهو على كل شيء قدير
فاهلل تعاىل له اإلرادة املطلقة ،وهو الفعال ملا يريد.
كل إرادة ،وله القدرة املطلقة فهوفوق ِ
إرادتُه تعاىل َ
على كل شيء قدير ،فما شاء هللا كان ،وما مل يشأ فال ميكن
أن يكون.
ب ْق َو ْاأل َْم ُر تَبَ َار َ َّ
اّللُ َر ُّ قال تعاىل ﴿ :أَال لَ ُِ ْ
اخلَل ُ
ي ﴾ [األعراف ] 54 /وقال سبحانه ﴿ :إِ ََّّنَا أ َْم ُرهُ إِ َذا أ ََر َ
اد ال َْعال َِم َ
سْب َحا َن الَّ ِذي بِيَ ِدهِ َملَ ُك ُ
وت ول لَ ُِ ُك ْن فَيَ ُكو ُن * فَ ُ َشْي ئا أَ ْن يَ ُق َ
ن ﴾ [ يس] 13-12 / ُك ِل َش ْي ٍء َوإِلَْي ِ ِ تُ ْر َج ُعو َ
ض ٍر فَالَ َك ِ ك اّللُ بِ ُ ِ
ف
اش َ س ْس َ وقال عز وجلَ ﴿ :وإن ميَْ َ
يب بِ ِ ِ َمن يَ َ آد لَِف ْ ِ ِ
لَ ُِ إِالَّ ُه َو َوإِن يُ ِر ْد َ ِخبَ ٍْري فَالَ َر َّ
شاءُ ص ُ ضل ِ يُ َ
يم ﴾ [يونس.]107 / ادهِ وهو الْغَ ُفور َّ ِ ِ ِ ِ
الرح ُ ُ م ْن عبَ َ ُ َ
29
اهلل خالق كل شيء وال خالق غريه
فاألرض وما فيها ،والسماوات وما فيهن ،ومجيع
الكائنات كل ذلك خملوق ،وهللا تعاىل هو وحده اخلالق ،قال
اّلل َعلَْي ُك ْم َه ْل ِم ْن َخالِ ٍق
ت ََِّّاس اذْ ُك ُروا نِ ْع َم َ
تعاىلَ ﴿ :اي أَيُّ َها الن ُ
ض َال إِل ََ ِ إَِّال ُه َو فَأَ َّ الس َم ِاء َو ْاأل َْر ِ
اّلل يَ ْرُزقُ ُكم ِم َن َّ
غَي ر َِّ
ُْ
اّللُ َربُّ ُك ْم َخالِ ُق
تُ ْؤفَ ُكو َن ﴾ [فاطر ،]3 /وقال سبحانه ﴿ :ذَلِ ُك ُم َّ
ُك ِل َش ْي ٍء َّال إِلَ َِ إَِّال ُه َو فَأَ َّ تُ ْؤفَ ُكو َن ﴾ [غافر.]32 /
اهلل اخلالق وللعباد الكسب
هللا تعاىل هو اخلالق للعباد ،وهو اخلالق أيضاً ألعمال
العباد.
لكن من حكمة هللا تعاىل أنه خلق اإلنسان وجعل له
إرادةً واختياراً يتمكن هبما ِم ْن كسب اإلميان والطاعات،
وهللا تعاىل يثيبه عليهاَ ،وِم َن اكتساب الكفر والسيئات
ويستحق العقوبة عليها.
ُّ
ب إىل العباد
ب إىل هللا خلقاً ،وتُْن َس ُ
فأفعال العباد تُْن َس ُ
ُ
كسباً.
اختيارنا يف األمور التكليفية من البديهيات
اختيار اإلنسان من أوضح احلقائق ،بل هو من
البديهيات يلمسه كل عاقل من نفسه ،ويدرك أنه خمتار عندما
30
يتوضأ أو يسبِح هللا أو يدفع الزكاة ،وكذلك عندما يسرق أو
يسب أو يغتاب (. )1
اهلل العليم احلكيم
اهلل عليم :ال خيفى عليه شيء يف الدنيا وال يف اآلخرة،
ال يعزب عن علمه مثقال ذرة ،يعلم السر وأخفى ،يعلم ما
كان وما يكون.
وهو احلكيم يف خلق ِ :خلق كل شيء فقدره تقديراً
وأحسن كل شيء َخلَ َقهُ.
وهو احلكيم يف أم ِره ويفيِ ِ ،ويف تشريع ِ أََمَر َ
عباده
اه ْم رمحةً هلم وشرع هلم ما فيه صالحهم يف الدنيا واآلخرة. ونَ َه ُ
أكمل التشريع وأح َك ُمهُ؛ فهو األعلم بطبائع وتشريعه ُ
العباد ومبا يناسبهم ومبا ينفعهم أو يضرهم.
اعةُ قُ ْل بَلَى َوَرِِّ ين َك َف ُروا ال ََتْتِينَا َّ
الس َ ﴿ -وقَ َ َّ ِ
ال الذ َ َ
السماواتِ ٍ
ال َذ َّرة ِيف َّ َ َ
ِ
ب َع ْن ُِ مثْ َق ُ
ب َال يَ ْع ُز ُ لَتَأْتِيَ نَّ ُك ْم َع ِاِل الْغَْي ِ
ك َوَال أَ ْكبَ ر إَِّال ِيف كِتَ ٍ
اب ُ َصغَ ُر ِمن ذَلِ َ ض َوَال أ ْ َوَال ِيف ْاأل َْر ِ
ي ﴾ [سبأ .]3 / ُّمبِ ٍ
31
ات َوَما ِيف السماو ِ
اّللَ يَ ْعلَ ُم َما ِيف َّ َ َ َن َّ ﴿ -أََِلْ تَ َر أ َّ
س ٍة ِ ٍِ ِ َّ
ض َما يَ ُكو ُن من َّْن َوى ثََالثَة إ َّال ُه َو َرابعُ ُه ْم َوَال ََخْ َ ْاأل َْر ِ
ك َوَال أَ ْكثَ َر إَِّال ُه َو َم َع ُه ْم اد ُس ُه ْم َوَال أَ ْد َ ِمن ذَلِ َ إَِّال ُهو س ِ
َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
أَيْ َن َما َكانُوا ُُثَّ يُنَ بئُ ُهم ِبَا َعملُوا يَ ْوَم الْقيَ َامة إ َّن َّ
اّللَ ب ُك ِل
يم ﴾ [ اجملادلة.]7 / ٍ ِ
َش ْيء َعل ٌ
ب الَ يَ ْعلَ ُم َها إِالَّ ُه َو َويَ ْعلَ ُم َ ﴿ -و ِعن َدهُ َم َفاتِ ُح الْغَْي ِ
ط ِمن َوَرقَ ٍة إِالَّ يَ ْعلَ ُم َها َوالَ َحبَّ ٍة َما ِيف الْبَ ِر َوالْبَ ْح ِر َوَما تَ ْس ُق ُ
ياب ُّمبِ ٍ س إِالَّ ِيف كِتَ ٍ ْب َوالَ َايبِ ٍ ض َوالَ َرط ٍ ات األ َْر ِ ِيف ظُلُم ِ
َ
﴾ [األنعام.] 51 /
َس ُّروا قَ ولَ ُكم أَ ِو اج َهروا بِ ِ ِ إِنَّ ُِ َعلِيم بِ َذ ِ
ات ﴿ وأ ِ
ٌ ْ ُ ْ ْ َ
ِ
اخلَبريُ ﴾ [ امللك/
يف ْ ِ َّ
الص ُدوِر * أ ََال يَ ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َق َو ُه َو اللط ُ
ُّ
.] 14-13
اهلل هو الغين احلميد
كل خملوق حمتاج مفتقر إىل هللا تعاىلَّ ،أما هللاُ تعاىل
فال حيتاج إىل شيء.
وهو الغين عن كل ما سواه؛ إذ كل ما سواه خملوق
ومفتقر إليه ،وهو الغين عن طاعة عباده ،ال تنفعه طاعتهم
وال تضره معاصيهم ،وما كلفهم مبا أمرهم به ومبا هناهم عنه
إال ملصاحلهم.
32
وهو احلميد الذي اتصف بكل كمال يليق به ،وأسبغ
اجع
وفضل ر ٌٍ كل ٍ
كمال على ِعبَ ِادهِ نِ َع َمهُ ظاهرةً وابطنةً ،و ُّ
إليه ،ولذلك كان رسول هللا يهلل بعد كل صالة (( :ال
ض ُل َولَ ُِ الثَّنَاءُ إِلَ َِ إَِّال هللاُ َوَال نَ ْعبُ ُد إَِّال إِ َّايهُ لَ ُِ النِ ْع َمةُ َولَ ُِ الْ َف ْ
ن )) [ مسلم .] 514 / سُا ْحلَ َ
قال تعاىل ﴿ :اي أَيُّها النَّاس أَنتم الْ ُف َقراء إِ َىل ِ
هللا َوهللاُ ُه َو ُ ُُ َ َ َ
ك ِ ٍ ِ ِ ِ
شأْ يُ ْذه ْب ُك ْم َو َأيْت خبَل ٍْق َجديد * َوَما ذَل َ ِ ن ا ْحلَ ِمي ُد * إِن يَ َ الْغَِ ُّ
اّلل بِ َع ِزي ٍز ﴾ [فاطر.]17-15/ علَى َِّ
َ
ومما يبني هذا املعىن احلديا القدسي التايلَ (( :اي
س ُك ْم َو ِجن ُك ْم َكانُوا َعلَى أَتْ َقى ِ ِ ِ ِ
عبَادي ل َْو أَن أَولَ ُك ْم َوآخ َرُك ْم َوإنْ َ
ْكي َشيئا ،اي ِعب ِ ك ِيف مل ِ اح ٍد ِم ْن ُكم ما َز َ ِ ْب رج ٍل و ِ
ادي ْ َ َ اد َذل َ ُ َْ قَ ل ِ َ ُ َ
ْبآخرُك ْم َوإِنْ َس ُك ْم َو ِجن ُك ْم َكانُوا َعلَى أَفْ َج ِر قَ ل ِ ِ
ل َْو أَن أَولَ ُك ْم َو َ
ْكي َشيئا ،اي ِعب ِ ك ِمن مل ِ اح ٍد ما نَ َق ِ ِ
ادي ل َْو أَن ْ َ َ ص ذَل َ ْ ُ َ َر ُج ٍل َو َ
اح ٍديد و ِ آخرُكم وإِنْس ُكم و ِجن ُكم قَاموا ِيف ِ ٍ ِ
صع َ َ أَولَ ُك ْم َو َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ
ك ُِما ِع ْن ِدي ص ذَلِ َ ٍ
ت ُكل إِنْ َسان َم ْسأَلَتَ ُِ َما نَ َق َ سأَلُ ِوين فَأَ ْعطَْي ُ فَ َ
ِ ص ال ِْم ْخيَ ُ
ح َر )) [.مسلم] 2577 / ط إِذَا أُ ْدخ َل الْبَ ْ إِال َك َما يَ ْن ُق ُ
اهلل هو احلي القيوم
ب احلياةَ جلميع األحياء. احلي الذي ال ميوتَ ،وَه َ هو ُّ
33
يتصرف يف كل شيء من الكون ،يرزقه ُ وم،
وهو ال َقيُّ ُ
أمره ،قال تعاىل ﴿ :اّللُ الَ ِ
ويكلؤه وحيفظُه ويُ َدب ُر َ
ويدفع عنه ُ
إِلَ َِ إِالَّ ُه َو ا ْحلَ ُّي الْ َقيُّ ُ
وم ﴾ [البقرة.] 255 /
عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :كان النب
ت قَيِ ُم إذا قام من الليل يتهجد قال (( :اللَّ ُه َّم ل َ
َك ا ْحلَ ْم ُد أَنْ َ
[ البخاري 1031 /ومسلم / )) ض َوَم ْن فِي ِه َّن.... السمو ِ
ات َواأل َْر ِ َّ َ َ
] 731ال َقيُّوم وال َقيِم ِبعىن و ٍ
احد. ُ ُ
اهلل هو الغفور الرحيم
مجيع اخللق ،يغفر ملن يشاء ِ
ت مغفرتُه َ
هو الغفورَ ،وس َع ْ
ويعذب من يشاءَ ،ويَ ْقبَ ُل توبة التائبني ،من الكافرين ومن
ذنوهبم ،ويف احلديا ع ِ
صاة املؤمنني ،مهما عظمت ُ َُ
َك
تل َ آد َم إِنَّ َ
ك َما َد َع ْوتَِن َوَر َج ْوتَِن غَ َف ْر ُ القدسيَ (( :اي ابْ َن َ
كت ذُنُوبُ َ يك َوالَ أ َُابِِلَ ،اي ابْ َن َ
آد َم ل َْو بَلَغَ ْ َعلَى َما َكا َن فِ َ
ُابِِل )) [ الَمذي: استَ غْ َف ْرتَِن غَ َف ْر ُ عنا َن َّ ِ
َك َوالَ أ َ
تل َ الس َماء ُُثَّ ْ ََ
اد َّ ِ ِ ِ
ين
ي الذ َ ، ] 1171ومن اآلايت يف ذلك ﴿ :قُ ْل َاي عبَ َ
اّللَ يَغْ ِف ُر أَسرفُوا علَى أَن ُف ِس ِهم َال تَ ْقنطُوا ِمن َّر ْْح ِة َِّ
اّلل إِ َّن َّ َ َ ْ َْ َ
ِ ِ
يم ﴾ [ الزمر .] 53/ الرح ُ
ور َّ وب َمجيعا إِنَّ ُِ ُه َو الْغَ ُف ُ ُّ
الذنُ َ
كل شيء ،يرحم عباده وهو الرحيم ،وسعت رْحتُ ِ َّ
أعظم ،قال تعاىلَ ﴿ :وَر ْمحَِيت يف الدنيا ،ورْحتُ ِ يف اآلخرة ُ
34
ين و ِسعت ُك َّل شي ٍء فَسأَ ْكت ب ها لِلَّ ِذين ي تَّ ُقو َن وي ؤتُو َن َّ َّ ِ
الزَك ا َة َوالذ َ َ َ َ ُْ َ ْ َ ُُ َ َ َْ
ِ ِ
ُهم ِِب َايتنَا يُ ْؤمنُو َن ﴾ [ األعراف.] 157/
ين يُ ْؤِمنُو َن ِِب َايتِنَا فَ ُق ْل َسالَ ٌم َّ ِ
َ ﴿ -وإِذَا َجاء َ الذ َ
الر ْْحَةَ أَنَّ ُِ َمن َع ِم َل ِمن ُك ْم
ب َربُّ ُك ْم َعلَى نَ ْف ِس ِ ِ َّ َعلَْي ُك ْم َكتَ َ
يم ﴾ سوءا ِِبهال ٍَة ُُثَّ ََب ِمن ب ع ِدهِ وأَصلَح فَأن ِ غَ ُف ِ
ور َّرح ٌَ َْ َ ْ َ ُ ٌ ُ ََ
[ األنعام .] 54
اهلل مسيع بصري
كما َآمنَّا أن هللا بكل شيء عليم فإنَّنا نؤمن أن هللا
ب عن علمه مثقال ذرة، تعاىل مسيع بصري ،وكما ال يَ ْعُز ُ
مثقال ذرة ،قال تعاىلَّ ﴿ :ما
فكذلك ال يعزب عن مسعه وبصره ُ
اّلل َِمسيع ب ِ َخ ْل ُق ُكم وَال ب عثُ ُكم إَِّال َكن ْف ٍ ِ ٍ
صريٌ ﴾. س َواح َدة إِ َّن ََّ ٌ َ ْ َ َْ ْ َ
[ لقمان .] 21
ط َعلَْي نَا أ َْو أَن يَطْغَى ﴿ -قَ َاال َربَّنَا إِنَّنَا ََنَ ُ
اف أَن يَ ْف ُر َ
َمسَ ُع َوأ ََرى ﴾ [ ط ِ .] 43- 45 ال َال ََّتَافَا إِنَِّن َم َع ُك َما أ ْ
* قَ َ
من صفات اهلل تعاىل الكالم
ومن صفات الكمال اليت تليق بعظمة هللا تعاىل صفة
الكالم.
كلِيما ﴾ [النساء/ قال تعاىلَ ﴿ :وَكلَّ َم اّللُ ُم َ
وسى تَ ْ
.]134
35
عن عدي بن حامت قال :قال رسول هللا َ (( ما
س بَ ْي نَ ُِ َوبَ ْي نَ ُِ تُ ْر ُمجَا ٌن، َح ٍد إِالَّ َسيُ َكلِ ُم ُِ َّ ِ ِ
اّللُ ،ل َْي َ م ْن ُك ْم م ْن أ َ
فَ يَ ْنظُُر أ َْميَ َن ِم ْن ُِ فَالَ يَ َرى إِالَّ َما قَ َّد َمَ ،ويَ ْنظُُر أَ ْشأ ََم ِم ْن ُِ فَالَ
ِ ِ
ي يَ َديْ ِ فَالَ يَ َرى إِالَّ النَّا َر ت ْل َق َ
اء يَ َرى إِالَّ َما قَ َّد َمَ ،ويَ ْنظُُر بَ َْ
َّار َول َْو بِ ِش ِق َتََْرةٍ )). ِ
َو ْج ِه ِ؛ فَاتَّ ُقوا الن َ
[ البخاري /7074ومسلم ] 1013 /
اهلل تعاىل هو األول واآلخر
هو األول فليس قبله شيء ،وهو اآلخر فليس بعده
شيء.
قال تعاىل ﴿ :هو ْاأل ََّو ُل و ْاآل ِخر والظَّ ِاهر والْب ِ
اط ُن َو ُه َو َ ُ َ ُ ََ َُ
ٍ ِ ِ
يم ﴾ [ احلديد ،]3/وكان رسول هللا يناجي ربه ب ُك ِل َش ْيء َعل ٌ
بالسْب ِع َوَر َّ
ات َّ السمو ِ إذا أوى إىل فراشه فيقول(( :اللَّ ُه َّم َر َّ
ب َّ َ َ
كس قَ ْب لَ َ ب ُك ِل َش ْى ٍء ....أَنْ َ
ت األ ََّو ُل فَلَْي َ يَ ،وَربَّنَا َوَر َّ ضَ األَر ِ
َ
شيءٌ )) [ مسند أْحد 533 / 2 س بَ ْع َد َ َ ِ َشيءٌ َوأَنْ َ
ت اآلخ ُر فَلَْي َ
ومسلم.]2713 /
اهلل ليس كمثله شيء
هللا تعاىل متصف بصفات الكمال اليت تليق بعظمته،
لكن معرفتَنا لصفاته تعاىل ال تُ ْشبِه معرفتَنا ل ِ
صفات اخللق؛ َّ
ُ
فصفات العظمة اليت تليق به سبحانه فوق ما يتصور
املتصورون.
36
ص ُّوِر عظمته ،ومعر ِفة اخللق كلهم عاجزون عن تَ َ و ُ
ق قَ ْد ِرهِ ﴾ [ حقيقة صفاته ،قال تعاىلَ ﴿ :ما قَ َد ُروا َّ
اّللَ َح َّ
ي أَيْ ِدي ِه ْم َوَما َخلْ َف ُه ْم
احلج ] 74 /وقال سبحانه ﴿ :يَ ْعلَ ُم َما بَ َْ
َوال ُُِييطُو َن بِ ِ ِ ِعلْما
﴾ [ ط ِ.]110 /
فاهلل سبحان ِ ال يشب ِ شيئا وال يُ ْشبِ ُه ُِ شيء ،وكذلك
صفاتُه تعاىل؛ فعلمه وقدرته ومسعه وبصره وكالمه ورمحته
وحكمته ورضاه ولضبه ولريُ ذلك من الصفات اليت جاءت
كل ذلك ال يُ ْشبِهُ شيئاً من
يف القرآن الكرمي ويف السنة ُّ
صفات املخلوقات ،قال هللا تعاىل ﴿ :لَي ِ ِ ِ
س َكمثْل ِ َش ْيءٌ
ْ َ
ِ و ُهو َّ ِ
يع الْبَصريُ
السم ُ
﴾ [ الشورى.]11 / َ َ
اإلميان بكل ما جاء يف القرآن والسنة من صفات
اهلل تعاىل
ٍ
تفصيل يف ونكتفي يف هذه الرسالة مبا تقدم ذكره من
صفات هللا تعاىل ،وقد جاء يف القرآن والسنة وصف هللا ِ
تعاىل بصفات أخرى نؤمن هبا.
ونبين إمياننا هبا على األسس القومية اليت تقدمت معنا
وهي :
-1نثبت ما ثبت ابلوحي اإلهلي وننفي ما نفاه.
-2نُنَ ِزهُ هللاَ تعاىل عن املشاهبة لصفات املخلوقات.
– 3نؤمن أبننا عاجزون عن معرفة حقيقة صفاته.
37
– 4نعتمد على منهج القرآن ،ال على طريقة
الفالسفة.
اخلوض يف تفسري أو أتويل صفات هللا تعاىل.
َ - 5نَْت ُرُك
صالح القلوب واألعمال من اإلميان
هذا الذي تقدم معنا من أحباث اإلميان ابهلل تعاىل
ُمتَ َعلِ ٌق ابجلانب العقلي ،الذي هو أساس اإلميان.
ومع هذا اجلانب العظيم ال بد للمؤمن املوفق من
االهتمام ِبانبي عظيمي من ديننا:
كي
اِلانب السلو ُّ ُ القليب ،والثاينُّ اِلانب
ُ أوَلما
العملي.
ُّ
والثاين ال يصلح إال بصالح األول ،قال (( : أَالَ
اِلس ُد ُكلُّ َُِ ،وإِ َذا
صلَ َح َ ت َ صلَ َح ْضغَة إِ َذا َ اِلس ِد ُم ْ
َوإ َّن ِيف َ
ِ
ِ
ْب )) [ البخاري 52/ اِلس ُد ُكلُّ ُِ ،أَالَ َوه َى الْ َقل ُ
س َد َ ت فَ َس َد ْ
فَ َ
مسلم .]1511 /
وينبغي أن نتذكر أنه يدخل يف اإلميان أمور قلبية
عترب ُش َعباً لإلميان ،وأنه ال يكمل إمياننا إال وسلوكية كثرية تُ َ
ض ٌع َو ِستُّو َن
ض ٌع َو َسْب عُو َن أ َْو بِ ْ
هبا ،قال النب (( : ا ِإلميَا ُن بِ ْ
اّللَُ ،وأَ ْد ََن َها إِ َماطَةُ األَ َذى َع ِن
ضلُ َها قَ ْو ُل الَ إِلَ َِ إِالَّ َّ
ُش ْعبَة ،فَأَفْ َ
ان )).الطَّ ِر ِيق ،واحلياء ُش ْعبةٌ ِمن ا ِإلميَ ِ
َ َُ َ َ
[ البخاري 1 /ومسلم] 35 /
38
ومن هذه الشعب ما ذكره هللا تعاىل يف اآلايت التالية:
ت قُلُوبُ ُه ْم َوإِ َذا ين إِذَا ذُكِ َر َّ
اّللُ َو ِجلَ ْ ِ َّ ِ
﴿ إََِّّنَا ال ُْم ْؤمنُو َن الذ َ
َّ ِ ِِ
ادتْ ُه ْم إِميَاَن َو َعلَى َرِب ْم يََت َوَّكلُو َن * الذ َ
ين ت َعلَْي ِه ْم آ ََايتُ ُِ َز َتُلِيَ ْ
ك ُه ُم ال ُْم ْؤِمنُو َن ي ِقيمو َن َّ ِ
اه ْم يُ ْن ِف ُقو َن * أُولَئِ َ
الص َال َة َوُمَّا َرَزقْنَ ُ ُ ُ
ِ ِ
ات عْن َد َرِبِِ ْم َوَمغْف َرةٌ َوِرْز ٌق َ
ك ِرميٌ ﴾ [ األنفال.] 4-2/ َلم َد َر َج ٌ َح ًّقا ْ
واملوفقون َم ْن يكرمهم هللا ابلتحقق هبذه الشعب؛ فمن
أهم ما حنرص عليه أن نسعى مستعينني به يف تنوير قلوبنا
ب اإلميان. بِ ُش َع ِ
ومما يعني على ذلك بَ ْع َد احلرص عليه واالستعانة ابهلل
تعاىل تَ َدبُُّر القرآن الكرمي وما فيه من أنوا ِر أمساء هللا تعاىل
وصفاته ،والعَِِرب املأخوذة من قصصه ،ومن آايته املتعلقة
بعوامل اآلخرة ،مع سقاية القلوب ابألذكار واألدعية اليت
ت هبا قلوب السابقني األولني ،مع النظر يف سرية رسول ِ
ُسقيَ ْ
هللا وسرية أصحابه والتابعني والعلماء العاملني
الرابنيني يف حياُّتم العامة ،ويف أحواهلم املتعلقة بصالح
وح ْس ِن عبادُّتم. ِ
بَ َواطنهم ُ
39
اإلميان بأن حممداً رسول اهلل
هذه هي العقيدةُ الثانيةُ اليت ال يصح الدخول يف
اإلسالم إال هبا ،وكما بَنَ ْينا عقيد َة ( ال إل ِ إال هللا ) على
الدليل والربهان فكذلك العقيدةُ الثانية ( حممد رسول هللا ).
من دالئل نبوة سيدنا حممد
دالئل نبوة سيدان حممد أكثر من أن ُحتصر منها:
كمال العقيدة اليت
-1سريتُه قبل النبوة ُ -2مسُُّو و ُ
كمال التشريع الذي جاء به -4 جاء هبا ُ -3مسُُّو و ُ
أهل عصره،
وشاهدها ُ
َ ات الكثرية اليت أيَّ َدهُ هللا هبا
املعجز ُ
وعَرفَها من جاء
فعرفوا هبا نبوته ،وأيقنوا أنه رسول هللا َ ،
بعد ذلك العصر مما ثبت يف الصحيحني ولريمها.
من معجزات نبينا حممد
اإلسراء واملعراج ومن هذه املعجزات ما أكرمه هللا
ي به من املسجد احلرام يف مكة إىل ُس ِر َ
تعاىل به حيا أ ْ
ِج به إىل السماوات العُلى مث إىل املسجد األقصى ،مث عُر َ
سدرة املنتهى ،قال تعاىل ﴿ :سبحا َن الَّ ِذي أَسرى بِعب ِدهِ
ْ َ َْ ُْ َ
ْصى الَّ ِذي َاب َرْكنَا ِِ ِِ ِ
ل َْيال م َن ال َْم ْسجد ا ْحلََر ِام إِ َىل ال َْم ْسجد األَق َ
الس ِميع الب ِ حولَ ُِ لِنُ ِري ُِ ِمن ِ
صريُ ﴾ [اإلسراء ]1 : آايتنَا إِنَّ ُِ ُه َو َّ ُ َ َ ْ َ َْ
.
40
ض َّل ص ِ
احبُ ُك ْم َّج ِم إِ َذا َه َوى * َما َ َ وقال سبحانهَ ﴿ :والن ْ
ِ
وحى * َوَما غَ َوى * َوَما يَنط ُق َع ِن ا َْلََوى * إِ ْن ُه َو إَِّال َو ْح ٌي يُ َ
ٍِ ِ
استَ َوى * َو ُه َو ِاب ْألُفُ ِق ْاألَ ْعلَى َعلَّ َم ُِ َشدي ُد الْ ُق َوى* ذُو م َّرة فَ ْ
ي أ َْو أَ ْد َ * فَأ َْو َحى إِ َىل * ُُثَّ َد ََن فَتَ َد َّىل * فَ َكا َن قَ َ
اب قَ ْو َس ْ ِ
ارونَ ُِ َعلَى َما ِِ
اد َما َرأَى * أَفَتُ َم ُ ب الْ ُف َؤ ُ
َع ْبده َما أ َْو َحى * َما َك َذ َ
يَ َرى * َولََق ْد َرآهُ نَ ْزلَة أُ ْخ َرى * ِعن َد ِس ْد َرةِ ال ُْمْن تَ َهى * ِعن َد َها
ص ُر جنَّةُ الْمأْوى * إِ ْذ ي غْ َشى ِ
َ الْبَ َشى * َما َزا َ الس ْد َرَة َما يَغْ َ َ َ ََ
ك ْب َرى ﴾ [ النجم .] 11-1 ِ ِ
آايت َربِ ِ الْ ُ ِ
َوَما طَغَى * لََق ْد َرأَى م ْن َ
وقد ذَ َكَر النب اإلسراء واملعراج يف أحاديا كثرية
ِ منها قوله ُُ ....(( : ثَّ عرج بِنا إِ َىل َّ ِ
استَ ْفتَ َح ج ِْرب ُ
يل الس َماء فَ ْ ََ َ َ
الُ :حمَ َّم ٌد،
ك؟ قَ َ يلَ :وَم ْن َم َع َ الِ :ج ِْرب ِ يلَ :م ْن أَنْ َ ِ
يل ،ق َ ُ ت؟ قَ َ فَق َ
ث إِل َْي ِ ِ ،فَ ُفتِ َح لَنَا فَِإذَا أ َََن ث إِل َْي ِ ِ؟ قَ َ
ال قَ ْد بُِع َ يلَ :وقَ ْد بُِع َق َ
ِ
ب ِِب َو َد َعا ِىل ِخبَ ٍْري ......مث ذكر بقية ِِب َد َم فَ َر َّح َ
وم ْن لَِقيَ ُهم ِم َن األنبياء عليهم الصالة والسالم السماوات َ
البيت املعمور وسدرةَ املنتهى ،وذكر أن هللا فرض مخسني و َ
صالة يف كل يوم وليلة فسأل هللا تعاىل التخفيف فاستجاب
ات ُك َّل يَ ْوٍم َولَْي لَ ٍة ،لِ ُك ِل
وقال له :اي ُحمَ َّم ُد إِنَّ ُه َّن ََخْس صلَو ٍ
ُ ََ َ
[البخاري 3035/ومسلم / )) صالَة
سو َن َ صالَةٍ َع ْش ٌر فَ َذلِ َ
ك ََخْ ُ َ
.] 134
41
معجزة القرآن الكريم
وأعظم معجزات ِ القرآن الكرمي ،الذي ال أيتيه
الباطل من بني يديه وال من خلفه ،تْنزيل من حكيم محيد،
وهو املعجزة الدائمة املنتشرة ،ال َحيُدُّها زمان وال مكان،
كل الناس على
تتضمن وجوهاً من اإلعجاز ،تناسب َّ
اختالف خصوصياُّتم ومعارفهم.
وجوه من إعجاز القرآن
وجوه إعجاز القرآن الكرمي كثرية ومتنوعة ،ومنها:
-1أسلوبه الفريد املرتبط أبعلى درجات الفصاحة
والباللة.
-2إخباره ابلْ ُمغَيَّبات املاضية مع تفصيلها وبياهنا.
-3إخباره ابلْ ُمغَيَّبات املستقبلة ،ومن هذه الغيبيات
عجز البشر عن اإلتيان بسورة من مثله.
-4إعجازه العلمي
ووجه اإلعجاز العلمي يناسب هذا العصر وما بعده
أكثر من العصور املاضية؛ َّ
ألن هذا الوجه تتجدد فيه اآلايت
كلما زاد التطور يف التقدم العلمي ،كما بني القرآن الكرمي
يف قوله عز وجل:
42
ِ ﴿ سنُ ِري ِهم آايتِنَا ِيف ْاآلفَ ِ
اق َوِيف أَن ُفس ِه ْم َح َّّت يَتَ بَ َّ َ
ي ََلُ ْم َ ْ َ
ش ِهي ٌد ﴾ [فصلت ٍ ف بَِربِ َ
ك أَنَّ ُِ َعلَى ُك ِل َش ْيء َ أَنَّ ُِ ا ْحل ُّق أَوَِلْ ي ْك ِ
َ َ َ
.]53 :
ويظهر هذا اإلعجاز العلمي يف جانبي:
آ -استحالة وجود آية قرآنية تتعارض مع أيَِّة حقيقة
علمية صحيحة (.)1
ب -ظهور حقائق علمية مل يعرفها اإلنسان يف األزمنة
السابقة ،وجدها اإلنسان ظاهرة يف آايت القرآن واضحة بتدبر
وم ْن وجد شيئاً يظنه معارضاً آلية قرآنية فهو إما جاهل ابآلية، (َ )1
وإما جاهل ابلقض ية العلمية ،وهذه االس تحالة َمَرُّدها إىل أن ُمنَ ِزَل القرآن
الناس من آايته فيها ما يش اء ،وهو األعلم مبا ِ
هو خالق هذه األكوان يُري َ
خلق ،فال ميكن أن يُْن ِزَل آيةً قرآنية تتناقض مع علمه عز وجل.
ض فِ َراش ا ِ
ف ال ذي يفهم من قوله تعاىل ﴿ :الَّذي َج َع َل لَ ُك ُم األ َْر َ
الس َماء بِنَاء ﴾ [البقرة ]22 /ما ينايف كروية األرض فقد فهم اآلية َو َّ
على لري حقيقتها.
مس ال ت دور حول ُ وال ذي فهم من قول علم اء الفل ك ( :الش
أن الش مس اثبتة ال تتحرك فقد فهم األرض ،بل األرض تدور حوَلا ) َّ
القضية على لري حقيقتها .
43
القرآن؛ فمن أين أتى هبا النب لو مل تكن من عند هللا
تعاىل؟ (.) 1
الركن الثاني اإلميان باملالئكة
ومما جاء به أن نؤمن ابملالئكة ،قال تعاىل ﴿ :آ َم َن
ول ِِبَا أُن ِز َل إِلَي ِ ِ ِمن َّربِ ِ ِ والْم ْؤِمنو َن ُكلٌّ آمن ِاب ِ
ّلل الر ُس ُ
َّ
ََ َ ُ ُ ْ
ِ ِ
َح ٍد من ُّر ُسل ِ ِ َوقَالُواْ ِ ِ ِ ِ
ي أََوَمآلئِ َكتِ ِ َوُكتُبِ ِ َوُر ُسل ِ الَ نُ َف ِر ُق بَ َْ
ك الْم ِ َِمس ْعنَا َوأَطَ ْعنَا غُ ْف َرانَ َ
صريُ ﴾ [ البقرة .] 215 / ك َربَّنَا َوإِل َْي َ َ
واإلميان ابملالئكة أحد أركان اإلميان الْ ُمبَيَّنَِة بقوله :
(( أَ ْن تُ ْؤِم َن ِابهللَ ،وَمالَئِ َكتِ ِ َِ ،وُكتُبِ ِ َِ ،وُر ُسلِ ِ َِ ،والْيَ ْوِم
شرهِ )) [ مسلم .] 1 / من ِابلْ َق َد ِر َخ ِْريهِ َو َ ِ
اآلخ ِرَ ،وتُ ْؤ َ
وهم خملوقات نورانية خلقهم هللا تعاىل من نور ،كما
اجلن من انر ،قال (( : خلق هللا اإلنسا َن من طني ،و َّ
44
ِج ِم ْن ََن ٍر،
ت ال َْمالَئِ َكةُ ِم ْن نُوٍرَ ،و ُخلِ َق ا ِْلَان ِم ْن َمار ٍ
ُخلِ َق ِ
كم )) [ .مسلم ] 2113 / ف لَ ُصَ آدم ُِما و ِ ِ
َو ُخل َق َ ُ ُ
وإمياننا ابملالئكة من جوانب اإلميان ابلغيب ،الذي
نؤمن به إمجاالً يف اجململ ،وتفصيالً يف املفصل.
ومن هؤالء املالئكة جربيل املكلف إبنزال الوحي ،قال
ك لِتَ ُكو َن ِم َني * َعلَى قَ ْلبِ َ ِ
وح ْاألَم ُ تعاىل ﴿ :نَ َز َل بِ ِ ِ ُّ
الر ُ
ِ
ين ﴾ [ .الشعراء]391- 391/ ال ُْمنذ ِر َ
ومنهم املوكلون حبفظ اإلنسان ،قال تعاىل ﴿ :لَ ُِ
ي ي َدي ِ ِ وِمن َخل ِْف ِ ِ َُي َفظُونَ ِ ِمن أَم ِر ِ مع ِقب ٌ ِ
اّلل ﴾ ْ ُ ْ ْ ات من بَ ْ ِ َ ْ َ ْ َُ َ
[ الرعد ] 11 /أي حيفظونه أبمر من عند هللا.
ومنهم املالئكة املوكلون بقب ٍ األرواح عند حلول
ت تَ َوفَّ ْت ُِ
َح َد ُك ُم ال َْم ْو ُ اآلجال ،قال تعاىلَ ﴿ :ح َّّت إِذَا َج َ
اء أ َ
[ األنعام. ] 31 / ُر ُسلُنَا َو ُه ْم ال يُ َف ِرطُو َن ﴾
ومنهم املالئكة املوكلون ِبراقبة وكتابة أعمال العباد
ِ ِِ
ي* ي * ك َراما َكاتِبِ َ قال تعاىلَ ﴿ :وإِ َّن َعلَْي ُك ْم َحلَافظ َ
ن ﴾ [ االنفطار.] 12 -10 / يَ ْعلَ ُمو َن َما تَ ْف َعلُو َ
ومنهم املوكلون يف َنر جهنم ،قال تعاىلَ ﴿ :اي أَيُّ َها
َّاس
ود َها الن ُ س ُك ْم َوأ َْهلِي ُك ْم ََنرا َوقُ ُآمنُوا قُوا أَن ُف َ ين َ الذ َ
َّ ِ
صو َن َّ
اّللَ َما وا ْحلِجارةُ َعلَي ها م َالئِ َكةٌ ِغ َال ٌ ِ
ظ ش َدا ٌد ال يَ ْع ُ َ َ َ َْ َ
ن ﴾ [ .التحرمي ] 3 أ ََم َرُه ْم َويَ ْف َعلُو َن َما يُ ْؤَم ُرو َ
45
ومنهم املوكلون حبضور جمالس اخلري قال (( :إِ َّن
ّلل مالَئِ َكة يطُوفُو َن ِِف الطُّر ِق ي لْتَ ِمسو َن أ َْهل ِ
الذ ْك ِر ،فَِإذَا ِِ
َ ُ َ ُ َ َّ َ
الاجتِ ُك ْم ،قَ َ اد ْوا َهلُ ُّموا إِ َىل َح َ َو َج ُدوا قَ ْوما يَ ْذ ُك ُرو َن َّ
اّللَ تَنَ َ
ساءُ الَ الس َم ِاء ُّ
الدنْ يَاُ ...ه ُم ا ِْلُلَ َ َجنِ َحتِ ِه ْم إِ َىل َّ
فَ يَ ُح ُّفونَ ُه ْم ِأب ْ
يس ُه ْم )) [ .البخاري 3045/مسلم] 2311 / ِِ ِ
يَ ْش َقى ِب ْم َجل ُ
وللمالئكة صفات وأحوال كثرية مذكورة يف القرآن
الكرمي ،ويف سنة النب نؤمن هبا تفصيالً يف املفصل،
وإمجاالً يف اجململ.
ونؤمن بكل ما جاء به الوحي من أمور الغيب
اإلهلي ،تفصيالً يف املفصل ،وإمجاالً يف اجململ. ُّ
وال ينبغي أن خنوض ابجتهادان وأوهامنا يف تفصيل
أمورهم ،وال يف أمور الغيب األخرى كالروح وكيفية كتابة
املالئكة ألعمالنا وكيفية الوزن يوم القيامة؛ ألنه ليس عندان
أن الوحي اإلهلي جاء أسس نبين عليها اجتهادان فيها ،ولوال َّ ٌ
َك
سل َف َما ل َْي َهبذه املغيبات ما أثبتنا وما نَ َفْينا ﴿ َوالَ تَ ْق ُ
ْم ﴾ [ اإلسراء.] 33 / ِِ ِ
ب ِ عل ٌ
وتر اخلوض يف هذه األمور من العافية يف ديننا ومن
أسباب السالمة عند هللا تعاىل ،وهو من املنهج العلمي الالئق
بكرامة اإلنسان.
46
الركن الثالث اإلميان بالرسل عليهم الصالة
والسالم
ومما جاء به نبينا أن نؤمن جبميع الرسل عليهم
الصالة والسالم؛ فقد أرسل رسالً إىل كل األمم السابقة،
ولكنه سبحانه مل يذكر لنا مجيع الرسل ،فنؤمن هبم تفصيالً
يفصلهم ( )1قال فصلهم هللا علينا ،وإمجاالً فيمن مل ِ فيمن َّ
تعاىل ﴿ :إِ ََّن أ َْر َسلْنَا َ ِاب ْحلَ ِق بَ ِشريا َونَ ِذيرا َوإِن ِم ْن أ َُّم ٍة إَِّال َ
خال
ير ﴾ [فاطر.]24 / ِ ِ
نَذ ٌ يها
فَ
ك ِم ْن ُهم
وقال سبحانهَ ﴿ :ولََق ْد أ َْر َسلْنَا ُر ُسال ِمن قَ ْبلِ َ
َّمن قَصصنا علَي َ ِ
ك ﴾ [غافر/ ص َعلَْي َ
ص ْك َوم ْن ُهم َّمن َِّلْ نَ ْق ُ َ َْ َ ْ
.]71
ال يُقبل اإلميانُ باهلل تعاىل إال مع اإلميان جبميع
الرسل
ال يقبل هللا تعاىل اإلميا َن به إال مع جوانب اإلميان
األخرى ،ومنها اإلميان جبميع الرسل عليهم الصالة والسالم.
( )1من املفيد أن منس ك عن اخلوض واجلدل يف إثبات نبوة أحد
الس نَّة أو يف نفيها ،ألننا ال نس تطيع أن نثبتلري املذكورين يف القرآن و ُّ
النبوة ألحد وال أن ننفيها عن أحد إال بعلم ُم ْستَنِ ٍد إىل الوحي اإلهلي.
47
ولذلك كان األنبياء عليهم الصالة والسالم يدعون
إىل اإلميان ابألنبياء السابقني ،وأيخذون العهد على أتباعهم
أن يؤمنوا ابألنبياء الذين أيتون من بعدهم وأن ينصروهم.
ِ
قال تعاىلَ ﴿ :وإِ ْذ أَ َخ َذ اّللُ ميثَا َق النَّبِيِ َْ
ي لَ َما آتَ ْي تُ ُكم
ص ِد ٌق لِ َما َم َع ُك ْم لَتُ ْؤِمنُ َّن اب َو ِح ْك َم ٍة ُُثَّ َجاء ُك ْم َر ُس ٌ
ول ُّم َ ِمن كِتَ ٍ
ِ ِ
ص ِري قَالُواْ ال أَأَق َْر ْرُُْت َوأَ َخ ْذ ُُْت َعلَى ذَل ُك ْم إِ ْ بِ ِ َولَتَ ُ
نص ُرنَّ ُِ قَ َ
ين ﴾ [آل عمران/ ال فَا ْشه ُدواْ وأ َََنْ مع ُكم ِمن َّ ِ ِ
الشاهد َ َ أَق َْر ْرََن قَ َ َ َ َ َ
.]11
فال بد ملن يريد اإلميان الذي يُ ْقبَ ُل عند هللا تعاىل من
وحممد ومن بينهما من الرسل عليهم الصالة ٍ ِبدم
اإلميان َ
والسالم.
أن إنساانً ادعى اإلميان جبميع جوانب اإلميان ومل ولو َّ
يؤمن بعيسى أو موسى أو سليمان أو حممد عليهم الصالة
والسالم فهو عند هللا تعاىل كافر ال يقبل هللا تعاىل منه فرضاً
وال نفالً؛ ألن اإلميان عند هللا تعاىل كلٌّ ال يتجزأ ،إذا ذهب
جزؤه ذهب كله (. )1
( )1أما اجلانب العملي فاألمر خمتلف فمن أفطر يوماً من رمضان
صيامه بقيةَ الشهر ،وال تبطل صالته.
دون عذر فال يبطل ُ
48
قال هللا تعاىل ﴿ :إِ َّن الَّ ِذين ي ْك ُفرو َن ِاب ِ
ّلل َوُر ُسلِ ِ ِ َويُ ِري ُدو َن ََ ُ
ٍ َونَ ْك ُف ُر بِبَ ْع ٍٍ اّلل َوُر ُسلِ ِ ِ َوي ُقولُو َن نُ ْؤِم ُن بِبَ ْع ٍ
أَن ي َف ِرقُواْ ب ي ِ
َ َْ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
ك ُه ُم الْ َكاف ُرو َن ك َسبيال * أُ ْولَئ َ ي ذَل َ َويُ ِري ُدو َن أَن يَتَّخ ُذواْ بَ َْ
ح ًّقا وأَ ْعت ْد ََن لِ ْل َكافِ ِرين ع َذااب ُّم ِهينا * والَّ ِذين آمنواْ ِاب ِ
ّلل َوُر ُسلِ ِ ِ َ َ َُ َ َ َ َ َ
ك سو َ ِ ِ ِ وَِل ي َف ِرقُواْ ب ي أ ٍ
ورُه ْم َوَكا َنُج َ ف يُ ْؤتي ِه ْم أ ُ َحد مْن ُه ْم أ ُْولَئ َ َ ْ َ َْ َ َُْ
اّللُ غَ ُفورا َّرحيما ﴾ [ النساء . ] 152-150 ِ
دين األنبياء دي ٌن واحد
ال خيتلف يف أمور العقيدة ،وال يف األوامر
والنواهي األساسية
وقد بني النب ذلك بقوله (( :أ َََن أ َْو َىل الن ِ
َّاس
س بَ ْي ِن َوبَ ْي نَ ُِ نَِ ٌّ
يب )). ِابب ِن مرَميَ و ْاألَنْبِياء أَو ُ َّ ٍ
الد َعالت ل َْي َ ْ َْ َ َ ُ ْ
[ البخاري 3251 /ومسلم] 2335 /
وأوالد العالت هم األخوة من جهة األب فقط ،أبوهم
واحد من أمهات خمتلفة.
ائعهم واحدة متفقة من أن عقائد األنبياء وشر َ واملعىنَّ :
بعض
حيا األصول وإن اختلفت الشرائع من حيا ُ
الفروع.
فأمور العقيدة وأمور التشريع األساسية واحدةٌ ال
ختتلف ،جاء هبا كل الرسل عليهم الصالة والسالم ،قال
صى بِ ِ ِ نُوحا َوالَّ ِذي أ َْو َح ْي نَا ع لَ ُكم ِمن ِ
الدي ِن َما َو َّ تعاىلَ ﴿ :ش َر َ
َ
49
ِ ِ ِ ك وما و َّ ِ ِ ِ ِ
ين
يموا الد َ يسى أَ ْن أَق ُ وسى َوع َ يم َوُم َ ص ْي نَا ب ِ إبْ َراه َ إِل َْي َ َ َ َ
ي ِ ﴾ [ الشورى.] 13 / وَال تَتَ َف َّرقُوا فِ ِ
َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
سان َوإيتَاء وقال سبحانه ﴿ :إ َّن اّللَ َأي ُْم ُر ابل َْع ْدل َواإل ْح َ
شاء َوال ُْمن َك ِر َوالْبَ غْ ِي يَِعظُ ُك ْم ِذي الْ ُق ْرَِب َويَ ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َ
ل ََعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن ﴾ [ النحل.]10/
أما فروعُ الشرائع كتفصيل العبادات وبعض أحكام
املعامالت فقد ختتلف ،قال تعاىل ﴿ :لِ ُك ٍل َج َعلْنَا ِمن ُك ْم ِش ْر َعة
َوِم ْن َهاجا ﴾ [ املائدة.] 41 /
حممًدٌ خامت النبيني ال نيب بعده
نب بعده ،ومن َّادعى آخر األنبياء ال َّ نبيُّنا حممد ُ
مكذب للقرآن، ٌ النبوةَ بعده أو آمن بِنَِ ٍب بعده فهو
كافر به.
مكذب للنب ٌ ٌ
ِ ِ ِ ٍ
َحد من ِر َجال ُك ْم َولَكنقال تعاىل ﴿ :ما َكا َن ُحمَ َّم ٌد أ ََاب أ َ
ي َوَكا َن هللاُ بِ ُك ِل َش ْي ٍء َعلِيما ﴾ َّرس َ ِ
ول هللا َو َخ َاُتَ النَّبِيِ َ ُ
[ األحزاب.] 40 /
وس ُه ُم األَنْبِيَاءُ، ت ب نُو ْ ِ
س ُيل تَ ُ
إس َرائ َ وقال َ (( :كانَ ْ َ
خلَ َف ُِ نَِيبَ ،وإن ُِ الَ نَِيب بَ ْع ِدي )) [ البخاري/
ك نَِيب َ
ُكل َما َهلَ َ
3231ومسلم .] 1142 /
وقد أخرب النب أبن بعض الكذابني َسيَدَّعون
النبوة بعده ،فقال (( :وإنَّ ُِ سي ُكو ُن يف أ َُّمِت ثالثُو َن َّ
كذابو َن
50
يب بَعدي )) [ أبو داود/ يب وأَن خاُتُ النَّبيِ َ
ي ال نَ َّ كلُّ ُهم يزعُ ُم أنَّ ُِ نَ ٌّ
4252الَمذي 2211 /وصحح ِ ].
َشرَ به األنبياء السابقون عليهم
نبينا حممد ب َّ
الصالة والسالم
نبينا حممد بَشََّر به األنبياء السابقون عليهم
الصالة والسالم ،وآخر من بشر به عيسى قال تعاىل:
ِِ ٍ ﴿ َوَر ْْحَِِت َو ِس َع ْ
ين يَتَّ ُقو َن سأَ ْكتُ بُ َها للَّذ َ ت ُك َّل َش ْيء فَ َ
ين يَتَّبِعُو َن َّ ِ ِ ِ َّ ِ
ين ُهم ِِب َايتنَا يُ ْؤمنُو َن * الذ َ الزَك اةَ َوالذ َ َويُ ْؤتُو َن َّ
َّيب األ ُِم َّي الَّ ِذي َِجي ُدونَ ِ م ْكتواب ِعن َدهم ِيف التَّوراةِ ول النِ َّ
الر ُس َ َّ
َْ ُْ َُ ُ
ِ ِ َوا ِإل َِّْن ِ
اه ْم َع ِن ال ُْمن َك ِر َو ُُي ُّل ََلُ ُم يل َأي ُْم ُرُهم ِابل َْم ْع ُروف َويَ ْن َه ُ
ص َرُه ْم ض ُع َع ْن ُه ْم إِ ْ ث َويَ َ ات َو ُُيَ ِرُم َعلَْي ِه ُم ا ْخلَبَآئِ َ الطَّيِب ِ
َ
ِ ِ ِ َّ َّ
آمنُواْ ب ِ َو َع َّزُروهُ ين َ ت َعلَْي ِه ْم فَالذ َ َواألَ ْغالَ َل ال ِِت َكانَ ْ
ك ُه ُم ي أُن ِز َل َم َع ُِ أ ُْولَ ئِ َ ونَصروهُ واتَّب عواْ الن َّ ِ
ُّور الذ َ َ َ َُ َ َ ُ
حو َن ﴾ [ األعراف.] 157- 153 / ِ
ال ُْم ْفل ُ
يسى ابْ ُن َم ْرَميَ َاي بَِن وقال سبحانه ﴿ :وإِ ْذ قَ َ ِ
ال ع َ َ
ِ ِ ِ ول َِّ ِ ِ
ي م َن ي يَ َد َّ صدقا ل َما بَ َْ اّلل إِل َْي ُكم ُّم َ يل إِِين َر ُس ُ إ ْس َرائ َ
َْحَ ُد فَلَ َّما امسُ ُِ أ ْول َأيِِْت ِمن بَ ْع ِدي ْ التَّ ْوراةِ وُمبَ ِشرا بِر ُس ٍ
َ َ َ
ي ﴾ [الصف.]3 / ِ ِ ِ
اءهم ِابلْبَ يِنَات قَالُوا َه َذا س ْح ٌر ُّمب ٌ َج ُ
51
عموم رسالة النيب حممد
أرسل هللا تعاىل نبينا حممداً لكل الناس ،وجلميع
الشعوب ،يف عصره وما بعده من العصور ،ومن اآلايت
الدالة على ذلك :قوله تعاىلَ ﴿ :وَما أ َْر َسلْنَا َ إَِّال َكافَّة لِلن ِ
َّاس
بَ ِشريا َونَ ِذيرا ﴾ [ سبأ ،] 21وقوله سبحانه ﴿ :تَبَ َار َ الَّ ِذي نَ َّز َل
ي نَ ِذيرا ﴾ [ الفرقان.] 1 / ِ ِِ ِ
الْ ُف ْرقَا َن َعلَى َع ْبده ليَ ُكو َن لل َْعالَ ِم َ
شريعته ناسخة ملا خالفها من الشرائع السابقة
ويلزم من عموم رسالته أن شريعته انسخةٌ لِ َما
خيالفها من األحكام الشرعية السابقة؛ ألنه يلزم من أنه خامت
أن رسالته عامة لكل الناس أن يتبع الناس النبيني ومن َّ
شريعته ويرتكوا ما خيالفها مما كان قبلها ،وكما ال يقبل
هللا من أحد إمياانً إال مع اإلميان به ،كذلك ال يقبل من
أحد عمالً إال ما وافق شرعه .
عصمة الرسل عليهم الصالة والسالم من املعاصي
ومن صفات الرسل عليهم الصالة والسالم العصمة
من املعاصي ،وذلك ألن هللا تعاىل أمران ابالقتداء هبم ،قال
اه ُم اقْتَ ِد ْه ﴾
اّللُ فَبِ ُه َد ُ
ين َه َدى َّ هللا تعاىل ﴿ :أُولَئِ َ َّ ِ
ك الذ َ
[ األنعام.] 10 /
52
ُس َوةٌ ول َِّ
وقال سبحانه ﴿ :لََق ْد َكا َن لَ ُكم ِيف ر ُس ِ
اّلل أ ْ ْ َ
َح َسنَةٌ ﴾ [ األحزاب ]21 /فلو صدرت منهم املعاصي لكنا
مأمورين هبا وهللا تعاىل ينهى عن املعاصي وال أيمر هبا.
وما ورد من ذكر ذنب لبع ٍ األنبياء عليهم
الصالة والسالم ليس على ظاهره ،كما جاء يف حديث
ِ
ثت ثَالَ َ الشفاعة (( :فَيَأْتُو َن إِبْ َراه َيم ...إِِين قَ ْد ُكنْ ُ
ت َك َذبْ ُ
ِ ِ ِ ٍ ِ
))
َك َذ َابت نَ ْفسي نَ ْفسي ،ا ْذ َهبُوا إ َىل َل ِْريي ا ْذ َهبُوا إ َىل ُم َ
وسى
[ البخاري 4435 /ومسلم .] 327 /
فإطالق ِ الكذب على األمور الثالثة إذا ُح ِق َق ِل يكن
كذاب؛ ألن ِ من ابب املعاري ٍ ِ
احملتملة لأل ْم َريْ ِن؛ فليس
بكذب حم ٍ ( [ .)1انظر فتح الباري ] 321 /1
وقال بعض العلماء ما ورد من ذكر ذنب لبعض
األنبياء عليهم الصالة والسالم يُ َؤَّو ُل ذلك على ترك
األوىل ،ومسيت ذنوابً لعظم مقدارهم كما قال بعضهم:
حسنات األبرار سيئات املقربني[ .انظر عمدة القاري شرح
ُ
البخاري .] 110/7
55
الركن الرابع اإلميان جبميع الكتب السماوية
ونؤمن ابلكتب والصحف اليت أنزهلا هللا تعاىل على
هؤالء الرسل عليهم الصالة والسالم ،قال سبحانه وتعاىل:
ول ِِبَا أُن ِز َل إِلَي ِ ِ ِمن َّربِ ِ ِ والْم ْؤِمنو َن ُكلٌّ آمن ِاب ِ
ّلل الر ُس ُآم َن َّ
ََ َ ُ ُ ْ ﴿ َ
َح ٍد ِمن ُّر ُسلِ ِ ِ َوقَالُواْ
ي أَ
ِ ِ ِِ
َوَمآلئِ َكتِ ِ َوُكتُبِ ِ َوُر ُسل ِ الَ نُ َف ِر ُق بَ َْ
ك الْم ِ َِمس ْعنَا َوأَطَ ْعنَا غُ ْف َرانَ َ
صريُ ﴾ [ البقرة.] 215 / ك َربَّنَا َوإِل َْي َ َ
أساسي ،وهو من األركان ٌّ جانب
وهذا اجلانب اإلمياين ٌ
أيضاً ،فعندما ُسئل رسول هللا عن اإلميان قال (( :أَ ْن تُ ْؤِم َن
من ِابلْ َق َد ِر ِ ِ ِِ ِ ِِ ِِ
ِابهللَ ،وَمالَئ َكت َِ ،وُكتُب َِ ،وُر ُسل َِ ،والْيَ ْوم اآلخ ِرَ ،وتُ ْؤ َ
ريهِ َو َشرهِ )) [ مسلم . ] 1 / َخ ِْ
فنؤمن مبا أنزل من الصحف على إبراهيم وموسى﴿ ،إِ َّن
وسى ﴾ [ األعلى/ ِِ ِ الصح ِ ِ
يم َوُم َ
ص ُحف إبْ َراه َ ُوىل * ُ ف ْاأل َ َه َذا لَفي ُّ ُ
.] 11 – 11
اإلجنيل على
ونؤمن أن هللا أنزل التورا َة على موسى و َ
بور على داود والقرآ َن على حممد عليه وعليهم عيسى والز َ
الصالة والسالم.
ص ِدقا لِ َما
اب ِاب ْحلَِق ُم َ
قال عز وجل ﴿ :نَ َّز َل َعلَي َ ِ
ك الْكتَ َ ْ
َنز َل يل * ِمن قَ ْب ُل ُهدى لِلن ِ
َّاس َوأ َ ِِ
َنز َل الت َّْوَرا َة َواإلَّن َ
ِ
ي يَ َديْ ِ َوأ َ
بَ َْ
الْ ُف ْرقَا َن ﴾ [آل عمران ] 4-3 /وقال سبحانهَ ﴿ :وآتَ ْي نَا َد ُاو َ
ود َزبُورا
﴾ [ اإلسراء .] 55 /
56
القرآن الكريم حمفوظ قد تكفل اهلل تعاىل حبفظه
القرآن الكرمي آخر الكتب ،وهو ُم ْر َس ٌل للناس مجيعاً،
إىل يوم القيامة ،وقد تكفل هللا حبفظه ،ليبقى مناراً للناس
إىل يوم القيامة.
ن﴾[ الذ ْك َر َوإِ ََّن لَ ُِ َحلَافِظُو َ
قال تعاىل ﴿ :إِ ََّن ََْنن نَ َّزلْنَا ِ
ُ
احلجر.] 1 /
َكتاب ع ِزيز * َال أيْتِ ِي ِ الْب ِ
اط ُلَ َ وقال سبحانهَ ﴿ :وإِنَّ ُِ ل َِ ٌ َ ٌ
ي ي َديْ ِ ِ وَال ِمن َخل ِْف ِ ِ تَ ْن ِزيل ِمن ح ِك ٍيم َِ
ْح ٍ ِ
يد ﴾ [ فصلت ٌ ْ َ من بَ ْ ِ َ َ ْ
. ]42-41/
أن القرآن قد تغري ،زاد أو نقص أو ُح ِرف ومن ادعى َّ
ب القرآ َن الكرمي ومن َك َّذب ِ
أو بُد َل منه شيءٌ فقد َك َّذ َ
القرآن فهو كافر.
الركن اخلامس اإلميان باليوم اآلخر
اإلميان ابليوم اآلخر أحد أركان اإلميان اليت ذكرها
النب بقوله :بقوله (( :أَ ْن تُ ْؤِمن ِاب َِّ
ّلل َوَمالَئِ َكتِ ِ ِ َوُكتُبِ ِ ِ َوُر ُسلِ ِ ِ َ
والْي وِم ِ
اآلخ ِر َوتُ ْؤِم َن ِابلْ َق َد ِر َخ ِْ
ريهِ َو َش ِرهِ )) [مسلم . ] 1 / َ َْ
وهو اليوم الذي حييي هللا فيه املوتى ويبعثهم من قبورهم
وجي َازو َن حبسناُّتم وسيئاُّتم وإن وحيشرهم للحساب واجلزاءُ ،
املظلوم َحقَّهُ ﴿ يَ ْوَم َِجت ُد ُك ُّل
ُ كانت مثقال ذرة ،وأيخذ فيه
ت ِمن ُس َوٍء تَ َو ُّد ل َْو ت ِم ْن َخ ٍْري ُّْحم َ
ضرا َوَما َع ِملَ ْ س َّما َع ِملَ ْ
نَ ْف ٍ
57
وف
س ُِ َواّللُ َرُؤ ُ ِ ِ أ َّ
َن بَ ْي نَ َها َوبَ ْي نَ ُِ أ ََمدا بَعيدا َوُُيَذ ُرُك ُم اّللُ نَ ْف َ
اد ﴾ [آل عمران.]30/ ِابل ِْعب ِ
َ
اليوم اآلخر من مظاهر حكمة اهلل تعاىل
فعال ملا يريد ،وهو على كل شيء من آمن َّ
أن هللا ٌ
قدير ،ورأى أعمال املفسدين ،وظُلم أهل الشر والفساد،
وضياع حقوق املظلومني ،وكان لافالً عن اآلخرة فإنه ال
تظهر له حكمة هللا تعاىل ،ويتوهم أن هذه احلياة كأهنا
عبا ال حكمة فيه. ٌ
ولكن إذا ربط ذلك مبا سيكون يف اآلخرة من
احلساب واجلزاء ،حبيا ال يضيع فيه مثقال ذرة من اخلري
ف جانباً عظيماً من حكمة هللا تعاىل وال من الشر َعَر َ
َّن اّللَ غَافِال َويَْب عُ ُد عنه تَ َوُّه ُم العبا ،قال تعاىلَ ﴿ :والَ َْحْ َ
س َ َّ
ار ٍ
َع َّما ي عمل الظَّالِمو َن إِ ََّّنَا ي َؤ ِخرهم لِي وم تَ ْش َخ ِ ِ
صُ ص في ِ األَبْ َُ ُ ُُ ْ َ ْ ََْ ُ ُ
ِ
﴾ [إبراهيم ]42/وقال سبحانه وتعاىل ﴿ :أَفَ َحسْب تُ ْم أَََّّنَا
كاّللُ ال َْملِ ُ َخلَ ْقنَا ُك ْم َعبَثا َوأَنَّ ُك ْم إِلَْي نَا َال تُ ْر َجعُو َن * فَتَ َع َاىل َّ
ش الْ َك ِر ِمي ﴾. ا ْحلَ ُّق َال إِلَ َِ إَِّال ُه َو َر ُّ
ب ال َْع ْر ِ
[املؤمنون 115 /و ]113
وقت يوم القيامة ال يعلمه إال اهلل تعاىل
وقت يوم القيامة ال يعلمه إال هللا وحده ،قال تعاىل:
اع ِة ﴾ [لقمان ]34/وقال سبحانه: ﴿ إِ َّن َّ ِ ِ
الس َ
ْم َّ
اّللَ ع ْن َدهُ عل ُ
58
ْم َها ِعن َد َرِِّ ِ
اها قُ ْل إِ ََّّنَا عل ُ
الس َ ِ
اعة أ ََّاي َن ُم ْر َس َ ك َع ِن َّ ﴿يَ ْسأَلُونَ َ
ض الَ ات َواأل َْر ِ السماو ِ
ت ِيف َّ َ َ يها لَِوقْتِ َها إِالَّ ُه َو ثَ ُقلَ ْ ِ
الَ ُجيَل َ
ك َح ِف ٌّي َع ْن َها قُ ْل إِ ََّّنَا ِعل ُْم َها ك َكأَنَّ َََتْتِي ُك ْم إِالَّ بَغْتَة يَ ْسأَلُونَ َ
ن ﴾ [األعراف.]117 / َّاس الَ يَ ْعلَ ُمو َ ِعن َد ِ
اّلل َولَ ِك َّن أَ ْكثَ َر الن ِ
(( وعن ابن عمر رضي هللا عنهما عن النب قال:
اعةُ إِالَّ َّ
اّللُ )) ( [ )1البخاري .] 4420 / الس َ
َّ وم
َوالَ يَ ْعلَ ُم َم َّت تَ ُق ُ
حياة الربزخ نعيم ًا أو عذاب ًا
ُحييِي هللا اإلنسان بعد احلياة الدنيا وقَبل ِ
يوم َْ ُ
القيامة.
وهذه حياة برزخية ،يكون اإلنسان فيها منعماً أو
معذابً ،وهذه احلياة من أمور الغيب اليت نؤمن هبا إمياانً ليبياً؛
لثبوُّتا ابلوحي اإلهلي وإن كنا جنهل حقيقتها قال تعاىل﴿ :
ات َما َم َكروا َو َحا َق ِِب ِل فِ ْر َع ْو َن ُسوءُ ال َْع َذ ِ
اب اّلل سيِئَ ِ
فَ َوقَاهُ َُّ َ
ُ
60
يحاتَ ،وِم ْن َشر فِ ْت نَ ِة ال َْم ِس ِ الْ َق ِْرب ،وِمن فِ ْت نَ ِة الْم ْحيا والْمم ِ
َ َ َ ََ َ ْ
الدجال )) [ مسلم .] 511 /
توعن الرباء عن النب يف قول هللا ﴿ :يُثَبِ ُ
ِ
اآلخرةِ ت ِيف ا ْحلَيَاةِ ُّ اّلل الَّ ِذين آمنُواْ ِابلْ َقو ِل الثَّابِ ِ
الدنْ يَا َوِيف َ ْ ُ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ك َوَم ْنك َوَما دينُ َ ﴾ قال (( :يف الْ َق ْرب إذَا ق َ
يل لَ ُِ َم ْن َربُّ َ
ك ؟ )) [ .الَمذي وصحح ِ ] 3120 / نَبِيُّ َ
حياة الشهداء
ومما يتعلق حبياة الربزخ ما أكرم هللا تعاىل به الذين
بذلوا أرواحهم يف سبيل هللا تعاىل فجعلهم عنده بعد موُّتم
وقبل يوم القيامة أحياءً منعمني مرزوقني ،قال تعاىلَ ﴿ :والَ
َحيَاء ِعن َد َرِبِِ ْم َّن الَّ ِذين قُتِلُواْ ِيف سبِ ِ ِ
يل اّلل أ َْم َواَ بَ ْل أ ْ َ َ س َ َّ
َْحْ َ
َّ ِ ِ آَهم اّلل ِمن فَ ْ ِ ِ ِ
ضل ِ َويَ ْستَ ْبش ُرو َن ِابلذ َ
ين ي ِِبَا َ ُ ُ ُ يُ ْرَزقُو َن * فَ ِرح َ
ف َعلَْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َُْي َزنُو َن * ْح ُقواْ ِبِِم ِم ْن َخل ِْف ِه ْم أَالَّ َخ ْو ٌ َِلْ يَل َ
َج َر ِ ض ٍل َوأ َّ يست ب ِشرو َن بِنِعم ٍة ِمن ِ
يع أ ْ َن اّللَ الَ يُض ُ اّلل َوفَ ْ َْ َ َ َْْ ُ
ِ
ي ﴾ [آل عمران]171 - 131 / ال ُْم ْؤمنِ َ
وت لَ ِ ِع ْن َد َِّ ِ
س ُّرهُاّلل َخْي ٌر ،يَ ُ وقال َ (( : ما م ْن َع ْب ٍد َميُ ُ ُ
الش ِهي َد؛ لِ َماالدنْ يَا َوَما فِ َيها ،إِالَّ َّ َن لَ ُِ ُّ أَ ْن يَ ْرِج َع إِ َىل ُّ
الدنْيَاَ ،وأ َّ
س ُّرهُ أَ ْن يَ ْرِج َع إِ َىل ُّ
الدنْ يَا فَيُ ْقتَ َل الش َه َ ِ ِ
ادة ،فَإنَّ ُِ يَ ُ ض ِل َّ يَ َرى ِم ْن فَ ْ
خ َرى )) [ .البخاري 2342 /ومسلم ]1177 / َم َّرة أُ ْ
61
يوم القيامة حييي اهلل املوتى ويبعث من يف القبور
ويف يوم القيامة ُحييي هللا املوتى ويبعا من يف القبور،
وذلك عند النفخة الثانية يف الصور ،أما النفخة األوىل فيموت
فيها أهل األرض وأهل السماء ،قال تعاىلَ ﴿ :ونُِف َخ ِيف ُّ
الصوِر
ض إَِّال َمن َشاء َّ ات َوَمن ِيف ْاأل َْر ِ السماو ِ فَ ِ
اّللُ ُُثَّ صع َق َمن ِيف َّ َ َ َ
ِ ِ ِِ
ن ﴾ [ الزمر.]31 / نُف َخ في ِ أُ ْخ َرى فَِإ َذا ُهم قيَ ٌ
ام يَنظُُرو َ
ين َك َف ُروا أَن لَّن يُ ْب َعثُوا قُ ْل بَلَى َّ ِ
وقال تعاىلَ ﴿ :ز َع َم الذ َ
ك علَى َِّ
اّلل يَ ِسريٌ ﴾ ِ
َوَرِِّ لَتُ ْب َعثُ َّن ُُثَّ لَتُ نَ بَّ ُؤ َّن ِِبَا َع ِملْتُ ْم َو َذل َ َ
[التغابن.]7 /
كروبُ وشد ُة أهوال يوم القيامة
ومما يكون يف يوم القيامة وجود عذاب وكروب وأهوال
نسأل هللا تعاىل أن ينجينا ،واآلايت واألحاديا يف ذلك
كثرية جداً.
اخةُ * يَ ْوَم يَِف ُّر
الص َّ منها قوله تعاىل ﴿ :فَِإ َذا ج ِ
اءت َّ َ
َخ ِي ِ * وأ ُِم ِ ِ وأَبِ ِي ِ * وص ِ
احبَتِ ِ ِ َوبَنِ ِي ِ * لِ ُك ِل ْام ِر ٍئ الْمرء ِمن أ ِ
َ َ َ َ َُْ ْ
ِم ْن ُه ْم يَ ْوَمئذ َشأْ ٌن يُغْني ِ ﴾ [عبس.] 37 -34 /
ِ ِ ٍ ِ
َّاس اتَّ ُقوا َربَّ ُك ْم إِ َّن َزل َْزلَةَ
وقوله تعاىلَ ﴿ :اي أَيُّ َها الن ُ
ض َع ٍة َع َّما اع ِة َشيء َع ِظيم * ي وم تَرونَ َها تَ ْذ َهل ُك ُّل مر ِ
ُ ُْ الس َ ْ ٌ ٌ َ ْ َ َ ْ َّ
62
ِ
ض ُع ُك ُّل َذات َْحْ ٍل َْحْلَ َها َوتَ َرى الن َ
َّاس ُس َك َارى ت َوتَ َض َع ْ
أ َْر َ
اّلل َش ِدي ٌد ﴾ [احلج.]2 -1 / َك َّن ع َذاب َِِّ ِ
س َك َارى َول َ َ َوَما ُهم ب ُ
(( وعن عائشة رضي هللا عنها عن النب قال:
ول َِّ
اّلل ْت َاي َر ُس َشةُ فَ ُقل ُ َت َعائِ َ
()1
ش ُرو َن ُح َفاة عُ َراة غُ ْرال قَال ْ ُْحْ َ
ض ُه ْم إِ َىل بَ ْع ٍ الرج ُ ِ
الْ :األ َْم ُر أَ َش ُّد
ٍ؟ فَ َق َ ساءُ يَ ْنظُُر بَ ْع ُ
ال َوالن َ َِ
ِم ْن أَ ْن يُِه َّم ُه ْم َذا ِ )) ويف روايةْ (( :األ َْم ُر أَ َش ُّد ِم ْن أَ ْن يَ ْنظَُر
ٍ )) [.البخاري 1112 /ومسلم ]2152 / ض ُه ْم إِ َىل بَ ْع ٍ
بَ ْع ُ
الناجون من أهوال يوم القيامة
ويكرم هللا تعاىل عباده املرضيي ابألمن يوم القيامة،
ين يُلْ ِح ُدو َن ِ َّ ِ ويظلهم يف ِ
ظل عرش ِ ،قال سبحان ِ ﴿ :إ َّن الذ َ
آايتِنَا َال َخيْ َف ْو َن َعلَْي نَا أَفَ َمن يُْل َقى ِيف النَّا ِر َخْي ٌر أَم َّمن َأيِْيت
ِيف َ
صريٌ ﴾ [ فصلت/ ِآمناً ي وم الْ ِقيام ِة ْاعملُوا ما ِشْئ تُم إِنَّه ِمبَا تَعملُو َن ب ِ
َْ َ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ
]44
وعن أيب هريرة عن النب قالَ (( :س ْب َعةٌ يُ ِظلُّ ُه ُم
ِ ِ ِِِ
شأَاب نَ َ ام َع ْد ٌل َو َش ٌّ اّللُ تَ َع َاىل ِيف ظل ِ يَ ْوَم َال ظ َّل إَِّال ظلُّ ُِ إِ َم ٌ َّ
اج ِد َوَر ُج َال ِن َْحَ َّااب ِيف
اّلل ورجل قَ لْب ُِ معلَّ ٌق ِيف الْمس ِ ِيف ِعب َ ِ ِ
ََ ادة َّ َ َ ُ ٌ ُ ُ َ َ
ب ِ
ات َم ْنص ٍ ِ ِ
اجتَ َم َعا َعلَْي ِ َوتَ َف َّرقَا َعلَْي ِ َوَر ُجلٌ َد َع ْت ُِ ْام َرأَةٌ َذ ُ َِّ
اّلل ْ
( ( )1لُْرالً ) مجع ألرل وهو الذي مل خينت ،واملعىن أهنم حيشرون
كما خلقوا مل يفقد منهم شيء ،وليس معهم شيء.
63
اّلل ورجل تَص َّد َق بِ ٍ ال إِِين أَ َخ ُ و َمجَ ٍ
اها
ص َدقَة فَأَ ْخ َف َ
َ اف ََّ َ َ ُ ٌ َ ال فَ َق َ َ
ِ َّ ِ ِ ِ
َح َّّت َال تَ ْعلَ َم ِشَالُ ُِ َما تُنْف ُق َميينُ ُِ َوَر ُج ٌل ذَ َك َر اّللَ َخاليا
ت َع ْي نَاهُ )) [ البخاري 122 /ومسلم.] 1431 / ض ْفَ َفا َ
ومن الناجني من أكرمهم هللا تعاىل خبشيته والتضرع
ض ُه ْم َعلَى بَ ْع ٍ
ٍ إليه يف الدنيا ،قال هللا تعاىلَ ﴿ :وأَقْبَ َل بَ ْع ُ
ِِ ِ
ي * فَ َم َّن َّ
اّللُ ساءلُو َن * قَالُوا إِ ََّن ُكنَّا قَ ْب ُل ِيف أ َْهلنَا ُم ْشفق َ يَتَ َ
وم * إِ ََّن ُكنَّا ِمن قَ ْب ُل نَ ْدعُوهُ إِنَّ ُِ ُه َوعلَي نا ووقَاَن ع َذاب السم ِ
َ ْ َ َ َ َ َ َ َّ ُ
يم ﴾ [ الطور] 21-25 / الْب ُّر َّ ِ
الرح ُ َ
ِ
َمجَ ُع َعلَى َعْبدي ِ
ويف احلديا القدسيَ (( :وع َّزِِت َال أ ْ
القي َام ِة وإِذا أَِمنَِنالدنْيا أ ََّمْن تُ ُِ ي وم ِ
َْ َ ي ،إِذَا َخافَِن ِيف ُّ ي َوأ َْمَن ْ َِخ ْوفَ ْ ِ
ام ِة )) [ابن حبان بسند حسن .] 144 / ِ يف ُّ
الدنْيا أَ َخ ْفتُ ُِ يَ ْوَم القيَ َ
الشفاعة العظمى
ويكرم هللا تعاىل نبينا حممداً وأمته بشفاعته
العظمى يف إراحة أهل املوقف يوم القيامة ،وهي املقام
احملمود ،وذلك عندما أييت الناس آدم مث نوحاً مث إبراهيم مث
موسى مث عيسى عليهم الصالة والسالم فيعتذرون مث أيتون
اّللِ َو َخ ِامتُ ْاألَنْبِيَ ِاء
ول َّت َر ُس ُحممداً فَيَ ُقولُو َن َاي ُحمَ َّم ُد أَنْ َ
َخَر ا ْش َف ْع لَنَا إِ َىل َّم ِم ْن َذنْبِ َ
ك َوَما َأت َّ ك َما تَ َقد َ اّللُ لَ َ
َوقَ ْد َل َفَر َّ
ِِ َربِ َ
ت الْ َع ْر ِش َويَ ْفتَ ُح ك أََال تَ َرى إِ َىل َما َْحن ُن فيه ،فيسجد َْحت َ
ِ ِ ِ ِِ ِ
اّللُ َعلَيه م ْن َحمَامده َو ُح ْس ِن الثَّنَاء َعلَْيه َشْي ئًا َما َملْ يَ ْفتَ ْحهُ َّ
64
ال َاي َح ٍد قَ ْب لَه ،قال عليه الصالة والسالمُُ (( :ثَّ يُ َق ُ َعلَى أ َ
ش َّف ْع ،فَأ َْرفَ ُع َرأْ ِسي ك َس ْل تُ ْعطَ ْ ِ َوا ْش َف ْع تُ َ ُحمَ َّم ُد ْارفَ ْع َرأْ َس َ
ال َاي ُحمَ َّم ُد ب ،فَ يُ َق ُب أ َُّم ِِت َاي َر ِب أ َُّم ِِت َاي َر ِول أ َُّم ِِت َاي َر ِفَأَقُ ُ
اب ْاأل َْميَ ِن ِم ْناب َعلَْي ِه ْم ِم ْن الْبَ ِ س َ
ِ
ك َم ْن َال ح َ أَ ْد ِخ ْل ِم ْن أ َُّمتِ َ
ك ِم ْن يما ِس َوى ذَلِ َ اب ا ِْلن َِّة وهم ُشرَكاء الن ِ ِ
َّاس ف َ أَبْ َو ِ َ َ ُ ْ َ ُ
ِ ِِ ابُُ ،ثَّ قَ َ ِ
ياع ْ ِ
ص َر َ ي ال ِْم ْ ال َوالَّذي نَ ْفسي بِيَده إِ َّن َما بَ َْ ْاألَبْ َو ِ
ي َم َّكةَ ِ ِ ِ
ي َم َّكةَ َوْحْيَ َر أ َْو َك َما بَ َْ صا ِري ِع ا ِْلَنَّة َك َما بَ َْ م ْن َم َ
ص َرى )) [ البخاري 4435 /ومسلم. ] 124 / َوبُ ْ
للنيب شفاعات أخرى
منها إدخال أَنس إىل اِلنة وإخراج أَنس من النار،
وقد ذكر ذلك ضمن أحاديث الشفاعة العظمى ،قال
ُخ ِر ُج ُه ْم ِم َن النَّا ِر
النيب ُ (( :مثَّ أَ ْش َف ُع فَيَ ُح ُّد ِيل َح َّداً فَأ ْ
اجلَنَّةَ )) [ البخاري 1127 /ومسلم] 123 / َوأ ُْد ِخلُ ُه ُم
ت يف اآلخرة لغري نبينا
شفاعا ٌ
فاعات لريُ الش فاعة العظمى،
ٌ وتكون يف اآلخرة ش
منها الش فاعة يف إِخراج عص اة ِ
املوحدين من النَار ،وهذه
الش فاعة تُش اركه فيها املالئكة ،والنبيُّون ،والش هداء،
والص ِديقون ،والص احلون ،واملؤمنون الناجون ،وقد وردت يف
ذلك أحاديا كثرية.
65
منها ما رواه الشيخان عن أيب سعيد اخلدري َّ
أن
ص ال ُْم ْؤِمنُو َن ِم ْن النَّا ِر
رسول هللا قالَ ........ح َّّت إِذَا َخلَ َ
ّلل ِيففَ والَّ ِذي نَ ْف ِسي بِي ِدهِ ما ِم ْن ُكم ِمن أَح ٍد ِأبَ َش َّد منا َش َدة َِِّ
َُ ْ ْ َ َ َ َ
ين ِ َّ ِِ ِِ ِ ِ ِ َِّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ي ّلل يَ ْوَم الْقيَ َامة إل ْخ َوايف ْم الذ َ صاء ا ْحلَق م َن ال ُْم ْؤمن َ است ْق َ ْ
صلو َن َوَُيُ ُّجو َن ُّ ومو َن َم َعنَا َويُ َ صُ ِيف النَّار يَ ُقولُو َن َربَّنَا َكانُوا يَ ُ
ِ
ص َوُرُه ْم َعلَى النَّا ِر، ال ََلُ ْم أَ ْخ ِر ُجوا َم ْن َع َرفْ تُ ْم ،فَ تُ َح َّرُم ُ فَ يُ َق ُ
ف َساقَ ْي ِ ِ َوإِ َىل صِ َّار إِ َىل نِ ْ ِ ِ
فَ يُ ْخ ِر ُجو َن َخلْقا َكثريا قَ ْد أَ َخ َذت الن ُ
رْكبَ تَ ْي ِ ِ )) [ البخاري 7441 /ومسلم.] 113 /
ُ
اب ِيف غ د ق م ه ض ع ب
ََ ُ َ ُ ْ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َو م ه ون ت ْ
أ ي ف (( البخاري: اية
و ر ويف
اف َساقَ ْي ِ ِ )) . النَّا ِر إِ َىل قَ َد ِم ِ ِ وإِ َىل أَنْص ِ
َ َ
احلساب وامليزان وأخذ العباد كتبهم
ويكون يوم القيامة احلساب ،والوزن ،وأخذ العباد كتبهم
اليت كتب فيها حسناُّتم وسيئاُّتم ،قال تعاىلَ ﴿ :اي أَيُّ َها
ِِ ح إِ َىل َربِ َ اإلنسا ُن إِنَّ َ ِ
ك َك ْدحا فَ ُم َالقي ِ * فَأ ََّما َم ْن أُوِِتَ ك َكاد ٌ ِْ َ
ب إِ َىل أ َْهلِ ِ ِ ِ ِ ف ُُياس ِ ِ ِ ِ ِِ
ب ح َسااب يَسريا * َويَن َقل ُ س ْو َ َ َ ُ كتَابَ ُِ بيَمين ِ * فَ َ
ِ مسرورا * وأ ََّما من أ ِ ِ
ف يَ ْدعُو ثُبُورا س ْو َ ُوِتَ كتَابَ ُِ َوَراء ظَ ْه ِره * فَ َ َ َْ َ ُْ
صلَى َسعريا ﴾ [ االنشقاق.] 12-1 / ِ * َويَ ْ
ِ
ط لَِي ْوم ال ِْقيَ َام ِة ين ال ِْق ْس َض ُع ال َْم َوا ِز َ
وقال سبحانهَ ﴿ :ونَ َ
ال َحبَّ ٍة ِم ْن َخ ْر َد ٍل أَتَ ْي نَا ِِبَا س َشْيئا َوإِن َكا َن ِمثْ َق َ فََال تُظْلَ ُم نَ ْف ٌ
ِ
ي ﴾ [األنبياء .] 47 / َوَك َفى بِنَا َحاسبِ َ
66
شهادات يف يوم القيامة
وتكون يف ذلك اليوم حبكمة هللا تعاىل شهادات،
فاألرض تشهد ،قال تعاىل ﴿ :يَ ْوَمئِ ٍذ ُْحَ ِد ُ
ث أَ ْخبَ َارَها* ِأب َّ
َن
ََلَا ﴾ [الزلزلة.]5-4 / ك أ َْو َحى
َربَّ َ
وجوارح اإلنسان تشهد ،وقال سبحانه ﴿ :يَ ْوَم تَ ْش َه ُد
ن ﴾ [النور / َعلَْي ِه ْم أَلْ ِسنَ تُ ُه ْم َوأَيْ ِدي ِه ْم َوأ َْر ُجلُ ُهم ِِبَا َكانُوا يَ ْع َملُو َ
]24
وقال تعاىلَ ﴿ :ح َّّت إِ َذا َما َجا ُؤ َ
وها َش ِه َد َعلَْي ِه ْم َمسْعُ ُه ْم
ِ ِِ ِ
ود ُه ْم ِِبَا َكانُوا يَ ْع َملُو َن * َوقَالُوا ِلُلُوده ْم ِلَ ارُه ْم َو ُجلُ ُ صُ َوأَبْ َ
اّللُ الَّ ِذي أَنطَ َق ُك َّل َش ْي ٍء َو ُه َودُت َعلَْي نَا قَالُوا أَنطََقنَا َّ َش ِه ُّْ
ن ﴾ [فصلت.]21 -12 / َخلَ َق ُك ْم أ ََّو َل َم َّرةٍ َوإِل َْي ِ ِ تُ ْر َج ُعو َ
وعن أنس بن مالك قال :كنا عند رسول هللا
ك ))؟ قال قلنا: ض َح ُ فضحك فقالَ (( :ه ْل تَ ْد ُرو َن ِم َّم أَ ْ
هللا ورسوله أعلم ،قال ِ (( :م ْن ُخمَاطَبَ ِة ال َْع ْب ِد َربَّ ُِ يَ ُق ُ
ول َاي
ول فَِإِين َال ال فَ يَ ُق ُ ول بَلَى قَ َ ال يَ ُق ُ ب أََِلْ ُِجت ْرِين ِم ْن الظُّل ِْم قَ َ َر ِ
ك ول َك َفى بِنَ ْف ِس َ ال فَ يَ ُق ُ اهدا ِم ِن قَ َ أ ُِجيز َعلَى نَ ْف ِسي إَِّال َش ِ
ُ
ِِ ِ ِ ِ
ال فَيُ ْختَ ُم ي ُش ُهودا قَ َ ك َش ِهيدا َوابلْك َرام الْ َكاتب َ الْيَ ْوَم َعلَْي َ
ال فَ تَ ْن ِط ُق ِأبَ ْع َمالِ ِ ِ قَ َ
ال ُُثَّ ال ِأل َْرَكانِِ ِ انْ ِط ِقي قَ َ
َعلَى فِ ِي ِ فَ يُ َق ُ
ول بُ ْعدا لَ ُك َّن َو ُس ْحقا فَ َع ْن ُك َّن ال فَ يَ ُق ُي الْ َك َالِم قَ َ
ُُيَلَّى بَ ْي نَ ُِ َوبَ َْ
ضل )) [ مسلم.] 2212 / ُك ْن ُ ِ
ت أ ََُن ُ
67
حوض نبينا حممد
ويكرم هللا تعاىل نبينا حممد وأمته ابحلوض ،وعنده
يكون اللقاء الطيب بينه وبني أحبابه الذين عاشوا بعد
عصره.
عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا تعاىل عنهما أن رسول
ٍ ِم َن اللَّ َ ِ
َّن ريةُ َش ْه ٍر َما ُؤهُ أَبْ يَ ُ
ِ ِ
هللا قالَ (( :ح ْوضي َمس َ
وم َّ ِ ك وكِيزان ِ َكنج ِ
وِرُيُ ُِ أَطْي ِ ِ ِ
الس َماء َم ْن َش ِر َ
ب ب م َن الْم ْس َ َ ُ ُ ُ ُ َُ َ
ْمأُ أَبَدا )) [.البخاري 1241 /ومسلم ] 2222 / ِ
م ْن َها فَ َال يَظ َ
عن أيب هريرة أن رسول هللا أتى املقربة فقال:
اّللُ بِ ُك ْم َال ِح ُقو َن ٍ ِ
ي َوإِ ََّن إِ ْن َشا َء َّ الس َال ُم َعلَْي ُك ْم َد َار قَ ْوم ُم ْؤمنِ َ
(( َّ
ت أ َََّن قَ ْد َرأَيْنَا إِ ْخ َوانَنَا ،قالوا أولسنا إخوانك اي رسول هللا َوِد ْد ُ
َّ ِ
ين َِلْ َأيْتُوا بَ ْع ُد ،فقالوا كيف َص َح ِاِّ َوإِ ْخ َوانُنَا الذ َ ال أَنْتُ ْم أ ْ ؟ قَ َ
ت ال :أ ََرأَيْ َ
تعرف من مل أيت بعد من أمتك اي رسول هللا ؟ فَ َق َ
ي ظَ ْه َر ْي َخ ْي ٍل ُد ْه ٍم بُ ْه ٍم أََال َن َر ُجال لَ ُِ َخ ْي ٌل غٌُّر ُحمَ َّجلَةٌ بَ َْ ل َْو أ َّ
ال :فَِإنَّ ُه ْم َأيْتُو َن غًُّرا ول َِّ
اّلل قَ َ ف َخْي لَ ُِ قَالُوا بَلَى َاي َر ُس َ يَ ْع ِر ُ
ض )) [.مسلم]242 / وء َوأ َََن فَ َرطُ ُه ْم َعلَى ا ْحلَْو ِ ُحمَ َّجلِي ِمن الْوض ِ
َ َ ُ ُ
املرور على الصراط ،وأو ُل األمم مروراً
َوميَُُّر الناس على الصراط فوق جهنم إىل اجلنة ،وأول
األمم مروراً أمة سيدان حممد ، ويف هذا أحاديا كثرية،
منها:
68
ول َِّ ضر ِ
اّلل ال َر ُس ُ َّم قَ َ ب ج ْس ُر َج َهن َ قوله َ ......(( :ويُ ْ َ ُ
س ِل يَ ْوَمئِ ٍذ اللَّ ُه َّم َسلِ ْم َسلِ ْم. فَأَ ُكو ُن أ ََّو َل َم ْن ُِجي ُيز َو ُد َعاءُ ُّ
الر ُ
ان قَالُوا الس ْع َد ِ
ان أ ََما َرأَيْتُ ْم َش ْو َ َّ يب ِمثْ ُل َش ْو ِ َّ
الس ْع َد ِ ِِ ِ
َوب ِ َك َالل ُ
ان غَْي َر أَنَّ َها َالالس ْع َد ِال فَِإنَّ َها ِمثْ ُل َش ْو ِ َّ ول َِّ
اّلل قَ َ بَلَى َاي َر ُس َ
َّاس ِأبَ ْع َماَلِِ ْم ِمْن ُه ْم ال ُْموبَ ُق
ف الن َاّللُ فَتَ ْخطَ ُ يَ ْعلَ ُم قَ ْد َر ِعظَ ِم َها إَِّال َّ
ِِ ِ
جو)) [ البخاري 773 /ومسلم .]12 / بِ َع َمل ِ َومْن ُه ْم ال ُْم َخ ْر َد ُل ُُثَّ يَ ْن ُ
وس ِيف وش َوَم ْك ُد ٌ سلَّ ٌم َوََن ٍج َخمْ ُد ٌ اج ُم َ ويف رواية (( :فَ نَ ٍ
ِ
حبا )) ب َس َّْم َح َّّت َميَُّر آخ ُرُه ْم يُ ْس َح ُ ََن ِر َج َهن َ
[ البخاري7441/ومسلم. ]113/
من يدخلون اجلنة بغري حساب
ومما يكون يف يوم القيامة أنه يدخل اجلنة أانس بغري
حساب.
عن أيب حازم عن سهل بن سعد أن رسول هللا
قال (( :لَيَ ْد ُخلَ َّن ا ِْلَنَّةَ ِم ْن أ َُّم ِِت َس ْب عُو َن أَلْفا أ َْو َس ْب ُع
ال -متَم ِ ٍ ِ ِ ٍ
اس ُكو َن مائَة أَلْف َ -ال يَ ْد ِري أَبُو َحا ِزم أَيَّ ُه َما قَ َ ُ َ
ضهم ب عضا َال ي ْد ُخل أ ََّو َُلم ح َّّت ي ْد ُخل ِ
آخ ُرُه ْم ِ
َ ُ ُْ َ َ َ آخ ٌذ بَ ْع ُ ُ ْ َ ْ
ورةِ الْ َق َم ِر ل َْي لَةَ الْبَ ْد ِر )) [ مسلم .]211 /
صَ وه ُه ْم َعلَى ُ ُو ُج ُ
وعن أيب أمامة عن النب قالَ (( :و َع َدِين َرِِّ
ي أَلْفا بِغَ ِْري ِحس ٍ
اب ِ ِ
َع َّز َو َج َّل أَ ْن يُ ْدخ َل ا ِْلَنَّةَ م ْن أ َُّم ِِت َس ْب ِع َ
َ
69
ات ِم ْن
ث حثَي ٍ ٍ
ابَ ،م َع ُك ِل أَلْف َس ْب عُو َن أَلْفاَ ،وثَالَ َ َ َ َوالَ َع َذ ٍ
ل )) [.اإلمام أمحد بسند حسن] 22357 / حثَي ِ
ات َرِِّ َع َّز َو َج َّ ََ
نار جهنم ليست كنار الدنيا وعذاب أهلها متفاوت
قال رسول هللا ََ (( :ن ُرُك ْم َه ِذهِ الَِِّت يُوقِ ُد ابْ ُن َ
آد َم
ِ ِ
َّم )) [ البخاري3422 /ومسلم/ ي ُج ْزءا م ْن َح ِر َج َهن َ ُج ْزءٌ م ْن َس ْب ِع َ
.] 2143
عذاب أهلها متفاوت ،واملنافقون يف الدرك األسفل﴿ :
الدر ِ األَس َف ِل ِمن النَّا ِر ولَن َِجت َد ََلُم نَ ِ ِِ
إِ َّن ال ُْمنَافق َ
صريا ﴾. ْ َ َ ْ ي ِيف َّ ْ
[ النساء]145 /
ولري املنافقني على حسب أحواهلم وأعماهلم ،عن مسرة
َّار إِ َىل ِ
بن جندب أن النب قال (( :مْن ُه ْم َم ْن ََتْ ُخ ُذهُ الن ُ
ِ ِ ِ
َّار إِ َىل ُرْكبَ تَ ْي ِ ِ َومْن ُه ْم َم ْن ََتْ ُخ ُذهُ
َك ْعبَ ْي ِ َومْن ُه ْم َم ْن ََتْ ُخ ُذهُ الن ُ
َّار إِ َىل تَ ْرقُ َوتِِ ِ )) [ اإلمام ِِ ِ
َّار إِ َىل ُح ْج َزت ِ َومْن ُه ْم َم ْن ََتْ ُخ ُذهُ الن ُ
الن ُ
أمحد 24115/ومسلم.] 3145 /
عذاب الكافرين يف النار دائم
والكافرون يف النار خملدون عذاهبم دائم ومنها ال
صلِي ِه ْم ين َك َف ُرواْ ِِب َايتِنَا َس ْو َ
ف نُ ْ
َّ ِ
خيرجون ،قال تعاىل ﴿ :إِ َّن الذ َ
اه ْم ُجلُودا غَْي َرَها لِيَ ُذوقُواْ
ود ُه ْم بَ َّدلْنَ ُ
ت ُجلُ ُ ض َج ْ ََنرا ُكلَّما نَ ِ
َ
ِ ِ
حكيما ﴾ [النساء.]51 / اب إ َّن اّللَ َكا َن َع ِزيزا َ
ال َْع َذ َ
70
َّ ِ
َن ََلُم َّما ِيف وقال سبحانه ﴿ :إِ َّن الذ َ
ين َك َف ُرواْ ل َْو أ َّ
اب يَ ْوِم ال ِْقيَ َام ِةمجيعا َوِمثْ لَ ُِ َم َع ُِ لِيَ ْفتَ ُدواْ بِ ِ ِ ِم ْن َع َذ ِ
ض َِاأل َْر ِ
يم * يُ ِري ُدو َن أَن َُيْ ُر ُجواْ ِم َن النَّا ِر ما تُ ُقبِل ِم ْن هم وََلم ع َذ ِ
اب أَل ٌ َ َ ُ ْ َ ُْ َ ٌ
يم ﴾ [املائدة.]37 -31/ ِ وما هم ِخبَا ِرِج ِ
اب ُّمق ٌي م ْن َها َوََلُ ْم َع َذ ٌ َ ََ ُ
أهل النار يُعادِي بعضهم بعضاً ويتربأ بعضهم من
بعض
وتتحول مودة أهل الطغيان واملعاصي إىل عداوة ،قال
ِ
ٍ َع ُد ٌّو إَِّال ال ُْمتَّق َ
ي ﴾. هللا تعاىلْ ﴿ :األ َِخ َّالء يَ ْوَمئِ ٍذ بَ ْع ُ
ض ُه ْم لَِب ْع ٍ
[ الزخرف]17 /
ين ظَلَ ُمواْ إِ ْذ يَ َرْو َن َّ ِ
وقال سبحانهَ ﴿ :ول َْو يَ َرى الذ َ
اب * إِ ْذ تَبَ َّرأَ َن اّللَ َش ِدي ُد ال َْع َذ ِ مجيعا َوأ َّ َن الْ ُق َّوَة ِ ِ
ّلل َِ اب أ َّ
ال َْع َذ َ
ت ِبِِ ُم اب َوتَ َقطَّ َع ْ الَّ ِذ ِ ِ َّ ِ
ين اتَّبَ عُواْ َوَرأ َُواْ ال َْع َذ َ ين اتُّبعُواْ م َن الذ َ َ
ِ ين اتَّبَ ُعواْ ل َْو أ َّ
َن لَنَا َك َّرة فَنَ تَ بَ َّرأَ مْن ُه ْم َك َما ِ َّ
ال الذ َ اب * َوقَ َ َسبَ ُ األ ْ
ات َعلَْي ِه ْم َوَما ُهم ك ي ِري ِهم اّلل أَ ْعما ََلُم حسر ٍ ِ ِ
تَبَ َّرُؤواْ منَّا َك َذل َ ُ ُ ُ َ ْ َ َ َ
ي ِم َن النَّا ِر ﴾ [ البقرة.] 117 – 115 / ِخبَا ِرِج َ
ُّع َفاء ّلل َِوقال تبارك وتعاىل ﴿ :وب رُزوا ِ ِ
ال الض َ مجيعا فَ َق َ َََ
ِ
استَ ْكبَ ُروا إِ ََّن ُكنَّا لَ ُك ْم تَبَعا فَ َه ْل أَنتُم ُّمغْنُو َن َعنَّا م ْن ِِ
ين ْ للَّذ َ
اّلل ِمن َش ْي ٍء قَالُواْ ل َْو َه َد َاَن اّللُ ََلََديْ نَا ُك ْم َس َواء َعلَْي نَا اب ِ َع َذ ِ
يص ﴾ [ إبراهيم.] 21 / صبَ ْرََن َما لَنَا ِمن َِّحم ٍ َج ِز ْعنَا أ َْم َ
أَ
71
عصاة املؤمنني ال خيلدون يف النار
ومما جاء به أنَّه ال خيلد يف النار أحد من عصاة
املؤمنني.
عن أيب ُهَريْ َرَة عن النب قالَ .....(( :حّت إِذَا فَ َرََ
اد ِم ْن
اد أَ ْن ُُيْ ِر َج بَِر ْْحَتِ ِ ِ َم ْن أ ََر َ ض ِاء ب ي ال ِْعب ِ
ادَ ،وأ ََر َ
ِ
هللا م َن الْ َق َ َ َْ َ
أ َْه ِل النا ِر ،أ ََم َر ال َْمالَئِ َكةَ أَ ْن ُُيْ ِر ُجوا ِم َن النا ِر َم ْن َكا َن الَ
ول :الَ اد هللا تَ َع َاىل أَ ْن يَ ْر َْحَ ُُِِ ،م ْن يَ ُق ُ ِ
يُ ْش ِر ُ ِابهلل َش ْيئاُ ،م ْن أ ََر َ
إِلَ َِ إِال هللا .فَ ي ْع ِرفُونَهم ِيف النا ِر .ي ْع ِرفُونَهم ِأبَثَ ِر السج ِ
ود. ُ ُْ َ ُْ َ
ودَ ،حرَم هللا َعلَى النارِ آدم إِال أَثَر السج ِ ََتْ ُكل الن ِ
ُ َ ار م ِن ابْن َ َ
ِ ُ ُ
شوا. ِ ِ ِ
أَ ْن ََتْ ُك َل أَثَ َر الس ُجود .فَيُ ْخ َر ُجو َن م َن النا ِر َوقَد ْامتَ َح ُ
ت ا ْحلِبةُ ِيف صب َعلَْي ِه ْم َماءُ ا ْحلَيَاةِ .فَ يَ ْن بُ تُو َن ِم ْن ُِ َك َما تَ ْن بُ ُفَ يُ َ
يل الس ْي ِل )) [ البخاري 773/ومسلم . ]112 / ْح ِ َِ
أهل اجلنة فيها خالدون ،ومنها ال خيرجون
تات َكانَ ْ احل ِ قال تعاىل ﴿ :إِ َّن الَّ ِذين آمنُوا و َع ِملُوا َّ ِ
الص َ َ َ َ
ِ س نُزال * َخالِ ِد ِ ََلم جن ُ ِ
يها َال يَ ْب غُو َن َع ْن َها ح َوال ين ف َ َ َّات الْف ْر َد ْو ِ ُ ُْ َ
[ الكهف] 101-107 / ﴾.
احل ِ
ات وقال تعاىل﴿ :والَّ ِذين آمنُواْ و َع ِملُواْ َّ ِ
الص َ َ َ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
يها أَبَدا
ين ف َ َسنُ ْدخلُ ُه ْم َجنَّات َجتْ ِري من َْحْت َها األَنْ َه ُ
ار َخالد َ
اّلل قِيال ﴾ [النساء.]122 /اّلل حقا ومن أَص َد ُق ِمن ِ ِ
َ َو ْع َد َ َ َ ْ ْ
72
أعظم نعم اجلنة رؤية اهلل تعاىل ورضاه
وأعظم ما يكرم هللا به املؤمنني يف اجلنة رؤيتُهم له
سبحانه وِرضاه عنهم ،قال سبحانه ﴿ :وجوهٌ ي ومئِ ٍذ ََّن ِ
ض َرةٌ * إِ َىل ُ ُ ََْ ُ
َرِِبَا ََن ِظ َرةٌ ﴾ [القيامة . ] 23 /
عن أيب سعيد اخلدري قال :قال رسول هللا :
ول ِأل َْه ِل ا ِْلَن َِّةَ :اي أ َْه َل ا ِْلَن َِّة ،فََي ُقولُو َن (( إِ َّن َّ
اّللَ تَبَ َار َ َوتَ َع َاىل يَ ُق ُ
ضيتُ ْم ،فَ َي ُقولُو َنَ :وَما لَنَا َال ولَ :هل ر ِ
ك ،فَ َي ُق ُ ْ َ ك َربَّنَا َو َس ْع َديْ َ لَبَّ ْي َ
ول :أ َََنك ،فَ َي ُق ُ َحدا ِم ْن َخل ِْق َ ِ
ضى َوقَ ْد أَ ْعطَْي َت نَا َما َِلْ تُ ْعط أ َ نَ ْر َ
ض ُل ِم ْن َي َش ْي ٍء أَفْ َ ب َوأ ُّ ك ،قَالُوا َاي َر ِ ض َل ِم ْن ذَلِ َ أُ ْع ِطي ُك ْم أَفْ َ
ط َعلَْي ُك ْم بَ ْع َدهُ َس َخ ُ ض َو ِاين فََال أ ْ ول أ ُِح ُّل َعلَْي ُك ْم ِر ْ ك ،فََي ُق ُ ذَلِ َ
أَبَدا )) [ البخاري 1113 /ومسلم . ] 2122 /
وعن صهيب عن النب قال (( :إِذَا َد َخ َل أ َْه ُل
اّللُ تَبَ َار َ َوتَ َع َاىل :تُ ِري ُدو َن َشْي ئا أَ ِزي ُد ُك ْم؟ ول َّ ا ِْلَن َِّة ا ِْلَنَّ َة يَ ُق ُ
وهنَا؟ أََِلْ تُ ْد ِخلْنَا ا ِْلَنَّةَ َوتُنَ ِجنَا ِم َن النَّا ِر؟
ٍ ُو ُج َ فََي ُقولُو َن :أََِلْ تَُب يِ ْ
ب إِلَْي ِه ْم ِم َن النَّظَ ِرَح َّاب فَ َما أُ ْعطُوا َشْي ئا أ َ
ال :فَي ْك ِش ُ ِ
ف ا ْحل َج َ قَ َ َ
ل )) [ اإلمام أمحد11211 /ومسلم. ] 111 / إِ َىل َرِبِِ ْم َع َّز َو َج َّ
هلل تعاىل أح ٌد يف الدنيا؟ هل يرى ا َ
نب هللا تعاىل موسى طلب من هللا تعاىل أن يراه،
وسى لِ ِمي َقاتِنَا
ط طلبه ،قال عز وجلَ ﴿ :ول ََّما َجاء ُم َ
فلم يُ ْع َ
ال لَن تَ َر ِاين َولَ ِك ِن انظُْر ب أَِرِين أَنظُْر إِل َْي َ
ك قَ َ َوَكلَّ َم ُِ َربُّ ُِ قَ َ
ال َر ِ
73
ف تَ َر ِاين فَ لَ َّما َجتَلَّى َربُّ ُِ ِ
س ْو َ إِ َىل ا ِْلَبَ ِل فَِإن ْ
استَ َق َّر َم َكانَ ُِ فَ َ
ص ِعقا فَ لَ َّما أَفَا َق قَ َ ِ
كال ُس ْب َحانَ َ موسى َ ْجبَ ِل َج َعلَ ُِ َدكا َو َخ َّر َ لل َ
ِ
ي ﴾ [ .األعراف]143 / ك َوأ َََنْ أ ََّو ُل ال ُْم ْؤمنِ َ
ت إِل َْي َ
تُ ْب ُ
أما نبينا حممد فقد اختُلف يف رؤيته لربه سبحانه،
النووي يف شرح مسلم
ُّ وليس يف ذلك شيء قطعي ،ونقل
قول القاضي عياض :ووقف بعض مشاخينا يف هذا َ 4 /3
رج َح القرطب يفوقال :ليس عليه دليل واضح ،اه وكذلك َّ
قول ِ
الوقف يف هذه املسألة وعزاه جلماعة من احملققني، املفهم َ
وقواه أبنه ليس يف الباب دليل قاطع ،اه [ فتح الباري141/ 1
تفسري سورة النجم ]
سعُنا يف هذه القضااي أن نتوقف؛ ألننا ال نُسأل
ويَ َ
عنها يوم القيامة (.)1
من ادعى رؤية اهلل يف الدنيا فهو ضال وكاذب
من ادعى بعد زمن النب رؤية هللا يف الدنيا فهو ٌّ
ضال
وكاذب ،والقاعدة أن رؤية املؤمنني لرهبم سبحانه ال تكون
إال يف اآلخرة بعد املوت؛ ألن رسول هللا قال (( :تَ َعلَّ ُموا
َح ٌد ِم ْن ُك ْم َربَّ ُِ َع َّز َو َج َّل َح َّّت َميُ َ
وت )) ( .تَ َعلَّ ُموا ) أَنَّ ُِ ل ْ
َن يَ َرى أ َ
75
وعن ابن عباس رضي هللا عنهما عن النب قال:
ت َعلَى أَ ْن يَ ْن َفعُو َ َن األ َُّمةَ لَ ِو ْ
اجتَ َم َع ْ ((َ ......وا ْعلَ ْم أ َّ
َكَ ،ولَ ِو ْ
اجتَ َمعُوا ش ْي ٍء قَ ْد َكتَ بَ ُِ َّ
اّللُ ل َ ش ْي ٍء َِلْ يَ ْن َفعُو َ إِالَّ بِ َ
بِ َ
ش ْي ٍء قَ ْد َكتَ بَ ُِ َّ
اّللُ ش ْي ٍء َِلْ يَ ُ
ض ُّرو َ إِالَّ بِ َ ض ُّرو َ بِ َ َعلَى أَ ْن يَ ُ
ف )) [ الَمذي وصحح ِ الص ُح ُت ُّ ت األَقْالَ ُم وج َّف ِ ك ،رفِ َع ِ
ََ َعلَْي َ ُ
.]2513 /
أنواع املقدرات بالنسبة الختيار العبد
لكن
كل ما جيري يف هذا الكون بقدر هللا تعاىلَّ ،
األمور املرتبطة ابإلنسان نوعان:
األول :ال خيار ل ِ في ِ :وذلك كطول قامته
وقصرها ،ولون بشرته وشعره وعينيه ،وحنو ذلك.
الثاين :أمور ل ِ فيها اختيار :كاإلميان والكفر،
والطاعة واملعصية ،وما خيتاره يف أكله وشربه ونكاحه وحنو
ذلك.
واإلنسان يف النوع األول ُم َسيَّ ٌر ُْجمبَ ٌر ال يدخل يف
التكليف؛ ألنه ال قدرة له على شيء فيه ،وهللا تعاىل ال
يكلف نفساً إال وسعها.
ويف النوع الثاين خمريٌ غريُ جم ٍرب؛ ألن هللا أعطاه
االختيار ،ولذلك َمحَّلَهُ هللاُ املسؤوليةَ عن كل عمل يدخل
يف هذا النوع.
76
وهكذا فهم الصحابة فعندما قرر عمر
عدم الدخول إىل بلد الطاعون ،وقد قال له أبو عبيدة َ
ال عُ َم ُر :ل َْو غَْي ُر َ قَا ََلَا ِ ِ ِ
:أَف َرارا م ْن قَ َد ِر َّ
اّلل؟ فَ َق َ
ت ل َْو اّلل إِ َىل قَ َد ِر َِّ
اّلل ،أ ََرأَيْ َ اي أَاب عب ي َدةَ ،نَعم نَِف ُّر ِمن قَ َد ِر َِّ
ْ َْ َ َ َُ ْ
ِ
اُهَا َخصبَةٌ، ِ ِ
ت َواداي لَ ُِ عُ ْد َوََن ،إ ْح َد ُ ِ َك إب ٌل َهبَطَ ِْ ِ َكا َن ل َ
ت اخلصبةَ رعي ت ها بَِق َد ِر َِّ
اّلل، س إِ ْن َر َع ْي َ ْ َ َ َ ْ َ َ َواألُ ْخ َرى َج ْدبَةٌ ،أَل َْي َ
ت اِل ْدبةَ رعي ت ها بَِق َد ِر ِ
هللا؟. َوإِ ْن َر َع ْي َ َ َ َ َ ْ َ َ
ف َوَكا َن ُمتَ غَيِبا ِيف الر ْْح ِن بن عو ٍ
اء َع ْب ُد َّ َ ْ ُ َ ْ ال فَ َج َ قَ َ
ول
ت َر ُس َ ال :إِ َّن ِع ْن ِدي ِيف َه َذا ِعلْما َِمس ْع ُ اجتِ ِ ِ ،فَ َق َ
ٍ َح َ بَ ْع ِ
ض فَالَ تَ ْق َد ُموا َعلَْي ِ َِ ،وإِذَا ول :إِذَا َِمس ْعتُ ْم بِ ِ ِ ِأب َْر ٍ اّلل يَ ُق ُ َِّ
ال :فَ َح ِم َد َّ
اّللَ ض َوأَنْ تُ ْم ِِبَا فَالَ ََّتْ ُر ُجوا فِ َرارا ِم ْن ُِ ،قَ َ َوقَ َع ِأب َْر ٍ
ف [ )1( .البخاري 5317 /ومسلم ] 2211 / ص َر َ عُ َم ُر ُُثَّ انْ َ
()1
اإلميان بالسمعيات اليت ثبتت بالوحي
بعد اإلميان مبا تقدم من جوانب اإلميان ال بد من
اإلميان ابلسمعيات.
78
ين يُ ْن ِف ُقو َن أ َْم َوا ََلُ ْم ِيف َّ ِ
وجلَ ﴿ :مثَ ُل الذ َ وقال عز َّ
ت َس ْب َع َسنَابِ َل ِيف ُك ِل ُس ْن بُ لَ ٍة ِمائَةُ يل َِّ
اّلل َك َمثَ ِل َحبَّ ٍة أَنْ بَ تَ ْ َسبِ ِ
يم ﴾ [ البقرة/ شاء و َّ ِ ِ اع ُ ِ ضِ َحبَّ ٍة َو َّ
اّللُ َواس ٌع َعل ٌ ف ل َم ْن يَ َ ُ َ اّللُ يُ َ
.] 231
الذنوب صغائر وكبائر
أن الذنوب نوعان :كبائر وصغائر، ومما جاء به َّ
والتوبة يغفر هللا هبا الكبائر والصغائر.
والصغرية يغفرها هللا تعاىل أيضاً برتك الكبائر
وابألعمال الصاحلة ( )1قال هللا تعاىل ﴿ :إِن َجتْتَنِبُواْ َكبَائَِر َما
تُ ْن َه ْو َن َعْن ُِ نُ َك ِف ْر َعن ُك ْم َسيِئَاتِ ُك ْم َونُ ْد ِخ ْل ُكم ُّم ْد َخال َك ِرميا ﴾
[النساء.] 31 /
(( ول اّللِ َ كا َن يَ ُق ُ
ول وع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة أَن َر ُس َ
َ
س َوا ِْلُ ُم َعةُ إِ َىل ا ِْلُ ُم َع ِة َوَرَم َ
ضا ُن إِ َىل َرَم َ
ضا َن اخلَ ْم ُ
ات ْالصلَ َو ُ
َّ
كبَائُِر )) [ اإلمام أْحد/2 ت الْ َ اجتُنِب ِ ِ
ات َما بَ ْي نَ ُه َّن َما ْ َ ُم َكف َر ٌ
()2
400ومسلم .] 233 /
ضَّرَر بعض الناس مبعرفة ذلك فتساهلوا ابرتكاب كثري من ( )1تَ َ
ت يف قلوهبم اخلشية من هللا تعاىل ،فكانالذنوب ،أو ابإلصرار عليها ،وقَلَّ ْ
يف هذا هالكهم.
( )2ينبغي أن يتذكر العبد أن االستهانة ابملعصية الصغرية واإلصرار
عليها جيعلها كبرية وأن الكبائر ليست حمصورة يف السبع املوبقات بل هي
79
اهلل تعاىل ال يغفر أن يُشرَك به إال بالتوبة
أن املشركني ال يَ ْغ ِف ُر هللا هلم ،وال
ومما جاء به َّ
خيرجون من النار ،واجلنَّةُ ُحمََّرَمةٌ عليهم ،قال تعاىل:
كاّللَ ال يَغْ ِف ُر أَ ْن يُ ْش َر َ بِ ِ ِ َويَغْ ِف ُر َما ُدو َن ذَلِ َ
﴿ إِ َّن َّ
ظيما ﴾ [النساء ّلل فَ َق ِد افْ ت رى إِ ْْثا ع ِشاء ومن ي ْش ِر ْ ِاب َِّ ِ
َ ََ ل َم ْن يَ َ ُ َ َ ْ ُ
.] 41 /
عز وجل ﴿ :إِنَّ ِ من ي ْش ِر ْ ِاب َِّ
ّلل فَ َق ْد َح َّرَم َّ
اّللُ ُ َْ ُ وقال َّ َّ
نصا ٍر ﴾ [املائدة/ علَي ِ ِ ا ِْلنَّةَ ومأْواه النَّار وما لِلظَّالِ ِم ِ
ي م ْن أَ َ َ َ ْ َ ََ َ ُ ُ ََ
ِ
]72وقال سبحانه ﴿ :يُ ِري ُدو َن أَ ْن َُيْ ُر ُجوا م َن النَّا ِر َوَما ُه ْم
يم ﴾ [النساء ] 41 /ولكنه يُ ْغ َف ُر ِخبَا ِرِجي ِم ْن ها وََلم َع َذ ِ
اب ُمق ٌ ٌ َ َ َ ُْ
هلم إذا تركوا كفرهم وآمنوا ابهلل تبارك وتعاىل وبرسوله ،
ين َك َف ُرواْ إِن يَنتَ ُهواْ يُغََف ْر ََلُم َّما قَ ْد ِِ
قال سبحانه ﴿ :قُل للَّذ َ
.]31 ﴾ [األنفال/ ت ُسنَّةُ األ ََّولِ ِ
ي ض ْ ف َوإِ ْن يَعُ ُ
ودواْ فَ َق ْد َم َ َسلَ َ
83
وعن أيب بكرة أن النب قال وهو يشري إىل
اّلل أَ ْن ي ِ ِ
صل َح بِ ِ بَ َْ
ي احلسن (( :إِ َّن ابِْن َه َذا َسيِ ٌد َول ََع َّل ََّ ُ ْ
ِ ي ع ِظيمت ِ ِ
)) [ البخاري .] 2757 / ي من ال ُْم ْسل ِم َ
ي فِئَ تَ ْ ِ َ َ َ ْ
النب (( : احلَ َ
س ُن عن أيب سعيد اخلدري عن ِ
اب أ َْه ِل ا ِْلن ِ
َّة )) [ اإلمام أْحد 11012/والَمذي ي َسيِ َدا َشبَ ِ
َ س ُْ
َواحلُ َ
وصحح ِ .] 1 3731 /
وعن أيب هريرة قال :خرج النب ....فجلس
بفناء بيت فاطمة فجاء احلسن يشتد حىت عانقه وقبله
ب من ُِ ِ
ُيبُّ ُِ )) [ البخاري 2013 /ومسلم َحبِْب ُِ َوأَح َّ َ ْ
وقال (( :اللَّ ُه َّم أ ْ
.] 2421/
وعن سلمة بن األكوع أن النب قال ليلة
الرايَةَ -أ َْو لَيَأْ ُخ َذ َّن ِاب َّلرايَِة -غَدا
ي َّفتح خيرب (( :ألُ ْع ِط َ َّ
ح َّ
اّللُ ب َّ
اّللَ َوَر ُسولَ ُِ يَ ْفتَ ُ ال ُُِي ُّ َر ُج ٌل ُُِيبُّ ُِ َّ
اّللُ َوَر ُسولُ ُِ أ َْو قَ َ
ِ ِ
َعلَْي ِ ِ ،فَِإذَا ََْن ُن بِ َعل ٍي َوَما نَ ْر ُجوهُ فَ َقالُواَ :ه َذا َعل ٌّي ،فَأَ ْعطَاهُ
اّللُ َعلَْي ِ ِ )).
الرايَةَ فَ َفتَ َح َّ
اّلل َّ ول َِّ َر ُس ُ
[ البخاري 3411 /ومسلم ] 2407/
أما أصحابه فهم خري هذه األمة ،قال رسول هللا
َّ ِ َّ ِ
ين يَلُونَ ُه ْم )). َ (( : خ ْي ُرُك ْم قَ ْرِين ُُثَّ الذ َ
ين يَلُونَ ُه ْم ُُثَّ الذ َ
[ البخاري 3317 /مسلم ] 2533 /
84
وال يبلغ أحد من هذه األمة درجتهم ،قال (( : ال
ُح ٍد ذَ َهبا َما بَلَ َ َ ِ َص َح ِاِّ فَ لَ ْو أ َّ
َح َد ُك ْم أَنْ َف َق مثْ َل أ ُ
َن أ َ سبُّوا أ ْ
تَ ُ
صي َف ُِ )) [ البخاري 3470 /ومسلم .] 2540 / م َّد أَح ِد ِهم وَال نَ ِ
ُ َ َْ
﴿ وأفضلهم السابقون األولون ،قال هللا تعاىل:
َّ ِ ِ ِ و َّ ِ
وه ْم صا ِر َوالذ َ
ين اتَّبَ عُ ُ الساب ُقو َن ْاأل ََّولُو َن م َن ال ُْم َهاج ِر َ
ين َو ْاألَنْ َ َ
ٍ
َع َّد ََلُ ْم َجنَّات َجتْ ِري
ضوا َع ْن ُِ َوأ َ ِ
سان َرض َي َّ
اّللُ َعْن ُه ْم َوَر ُ ٍ ِِ
إب ْح َ
يم ﴾ [ ِ ين فِ َيها أَبَدا َذلِ َ ِِ
ك الْ َف ْوُز ال َْعظ ُ ار َخالد َ َْحْتَ َها ْاألَنْ َه ُ
التوبة.]100/
وخري السابقني اخللفاءُ الراشدون ،أبو بكر وعمر
وعثمان وعلي ،وهم القدوة الثانية لألمة بعد نبيها
نت واالخ ِ
تالف ،وما كانوا عليه هو الضياء عند ظلمات الف ِ
سيَ َرى ا ْختِالَفا ِ قال (( : فَِإن ِ من يعِ ِ
ش م ْن ُك ْم بَ ْعدي فَ َ
ُ َْ َ ْ
ي ِ ِِ سن ِِت َو ُسن ِة ْ ِ ِ
ين املَْهدي َ
اخلُلَ َفاء الراشد َ َكثريا ،فَ َعلَْي ُكم ب ُ
اج ِذ )).َتََس ُكوا ِِبا ،و َعضوا َعلَْي َها ِابلن و ِ
َ َ َ
[ الَمذي وصحح ِ 2113 /وأبو دواد] 4307 /
ومن السابقني األولني أهل بيعة الرضوان ،قال هللا
ِ ﴿ لََق ْد ر ِ
ت ك َْحْ َ اّللُ َع ِن ال ُْم ْؤمنِ َ
ي إِ ْذ يُبَايِعُونَ َ ض َي َّ َ تعاىل:
الش َج َرةِ فَ َعلِ َم َما ِيف قُلُوِبِِ ْم فَأَنْ َز َل َّ
الس ِكينَةَ َعلَْي ِه ْم َوأ َََبَ ُه ْم َّ
فَ ْتحا قَ ِريبا ﴾ [ الفتح.] 11 /
85
الفصل الثالث ميزان اإلميان
اّللِ (( :ال ُْم ْؤِم ُن الْ َق ِو ُّ
ي ول َّ َع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة قَ َال قَ َال َر ُس ُ
َّع ِ املؤِم ِن الض ِ
اّلل ِم َن ْ ب إِ َىل َِّ
اح ِر ْ
ْ يف َوِيف ُك ٍل َخ ْي ٌر ْ َح ُّ
َخ ْي ٌر َوأ َ
كو ِ ِ
ّلل وَال تَ ْع ِ
ج ْز )) [ اإلمام أْحد 1777 / استَع ْن ِاب َّ َ
َعلَى َما يَ ْن َفعُ َ َ ْ
ومسلم .] 2334 /
وإذا كان حتصيل القوة مطلوابً من املسلم يف كل
أكثر يف جانب اإلميان، جانب يف حياته فإهنا مطلوبة َ
ويكو ُن ذلك ابحلرص والسعي مع االستعانة ابهلل تعاىل،
ويساعده على ذلك وجود موازين يزن هبا إميانه كما حيتاج
من كان عنده ضعف يف جسده بسبب زايدة السكر ،أو
الشحوم ،أو ارتفاع ضغط الدم إىل موازي ِن السكر والضغط
ولريها.
وهذا امليزان ل ِ جانبان:
اِلانب األول :األحوال والصفات واألعمال اليت
أرشدان هللا إليها ومدح أهلها ،وهي شعب اإلميان اليت ذكرها
اإلميَا ُن بِ ْ
ض ٌع َو َس ْب عُو َن ُش ْعبَةَ .وا ْحلَيَاءُ رسول هللا بقولهْ (( :
ْش ْعبَةٌ ِم َن ْ
اإلميَان
[ البخاري 1 /ومسلم.] 35 / ))
89
وقالت :هو من جريج ،فأنطق هللا تعاىل الصب برباءته،
وأخرب أن أابه فالن الراعي[.البخاري 3253/ومسلم]2550/
-1من هو الولي؟
اجلواب أنخ ذه من ص ريح القرآن الكرمي ،ق ال
ف َعلَْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َُْي َزنُو َن * تعاىل { :أَال إِ َّن أَولِياء ِ
اّلل الَ َخ ْو ٌ َْ
} [ يونس .] 33 – 32 / آمنُواْ َوَكانُوا يَتَّ ُقو َن
ين َ
َّ ِ
الذ َ
ف الويل ل ه وص ف ان ال ب د منهم ا ،ومه ا اإلمي ان
والتقوى ،وكلما زاد اإلميان والتقوى كانت الوالية أكمل.
-1ال تالزم بني الوالية والكرامة (األمر اخلارق
لقوانني الطبيعة
ال يلزم من وجود الوالية يف شخص أن تظهر على
يديه الكرامة واألمور اخلارقات.
التقي ،وليس ت الكرامة جزءاً من
فالويل هو املؤمن ُّ
ُّ
اإلمي ان ،وال جزءاً من التقوى؛ فمن البع د عن العلم م ا
ٍ
إنسان ابلوالية؛ ألن ِ ظهر على كثر يف عصرَن من وصف
يده أمر خارق للعادة.
90
وال ينتب ه هؤالء املتكلمون أن األمور اخلارقة للعادة
قد تظهر على يد مس لم فاس ق ،أو على يد بعض كفرة
اهلن د ،بل س تظهر أمور خارقة للعادة على يد الدجال
كما ثبت يف األحاديا الصحيحة.
وق د كثر عن د بعض الن اس احل دي ا عن الكرام ات،
الغالب على كثري من أحاديثهم ،مع بعدهم
َ حىت ص ارت
عن العلوم الش رعية ،وكثريٌ مما يتحدثون عنه عند التحقيق
ال وجود ل ه ،وق د ي ذكرون أموراً يتومهوهن ا خ ارق ة وليس ت
كذلك.
لكن الص احلني إذا جلس وا مع الناس حيدثوهنم أبمورَّ
دينهم ف الغ ال ب على أح اديثهم االهتم ام مب ا هم حمت اجون
إليهِ ،هبدي القرآن الكرمي وهدي النب وابلعلم الش رعي
ومل يكونوا يش غلون الن اس ابحلك اايت املرتبط ة خبوارق
العادات.
-1ال جنزم بوالية إنسان إال عن طريق الوحي
اإلهلي
َعلَّ َمنَ ا اإلس الم أن ال نتكلم إال بعلم ،ووالي ةُ
اإلنس ان هلل تعاىل مرتبطةٌ بظاهره وابطنه ،وحنن نَطَّلِ ُع على
91
الظ اهر وحنكم ب ه ،أم ا الب اطن فحكم ه عن د هللا تع اىل
وحده ،نس تطيع أن نص ف إنساانً ابحملافظة على الصالة يف
املس جد وجنزم بذلك؛ ألننا نراه ،وال نس تطيع أن نص ف
إنس اانً ابإلخالص هلل تعاىل مع اجلزم بذلك ،ألننا ال نَطَّلِ ُع
على قلبه ،وميكن أن نظن اإلخالص فيه ظنَّاً.
ويل هلل تعاىل ،أو فمن اخلطأ أن جنزم يف إنس ان أنه ٌ
أن ه من أه ل اجلنة ،أو أنه من أحباب هللا تعاىل إذا مل يرد
يف ذل ك وحي من هللا تع اىل ،ويس عن ا أن نظن في ه أن ه
ويل ،أو أنه من أهل اجلنة ،ونرتك السرائر والعواقب لعالم
الغيوب سبحانه وتعاىل.
وهذا ما علمه النب ألصحابه فعندما وصف
ك َع ْن ول ِ
اّللَ َما لَ َ س عد رجالً ابإلميان بقولهَ (( :اي َر ُس َ
اّلل : أ َْو ُم ْس ِلما ول ِال َر ُس ُفُالَ ٍن؟ فَ َوهللا إِين أل ََراهُ ُم ْؤِمنا ،فَ َق َ
)) وتكرر ذل ك احلوار ثالث مرات ،مث ق ال (( : إِين
َحب إِ َِل ِمْن ُِ َخ ْش يَةَ أَ ْن يُ َكب ِيف النا ِر ِ
ألُ ْعطي الر ُج َل َوغَْي ُرهُ أ َ
َعلَى َو ْج ِه ِ )) [ البخاري27 /ومسلم.]150/
قال النووي رمحه هللا تعاىل يف ش رحه هلذا احلديا:
معناه النهي عن القطع ابإلميان ،وأن لفظة اإلس الم أوىل ب ِ،
92
ف إن اإلس الم معلوم حبكم الظ اهر ،وأم ا اإلمي ان فباطن ال
يعلم ِ إال هللا تعاىل اه .
وك ذل ك عن دم ا م ات عثم ان بن مظعون ق ال ت
ك أ ََاب أم العالء وهي من األنص ار املبايعات (( :ر ْْحةُ َِّ
اّلل َعلَْي َ ََ
َّيب َ وَما ال النِ ُّ ك َّ
اّللُ ،فَ َق َ ادِِت َعلَْي َ
ك لََق ْد أَ ْك َرَم َ ش َه َ الس ائِ ِ
ب فَ َ َّ
ول َِّ
اّلل فَ َم ْن ت َاي َر ُس َ ْت ِأبَِِّ أَنْ َ َن َّ
اّللَ قَ ْد أَ ْك َرَم ُِ؟ فَ ُقل ُ ي ْد ِر ِ
يك أ َّ ُ
ِِ ِي َو َّ ِ ِ
يُ ْكرُم ُِ َّ
اّلل إين َأل َْر ُجو لَ ُِ اءهُ الْيَق ُ
ال أ ََّم ا ُه َو فَ َق ْد َج َاّللُ؟ فَ َق َ
ت فَو َِّ ول َِّ اّلل َم ا أَ ْد ِري َوأ َََن َر ُس ُ اخلَي ر ،و َِّ
اّلل اّلل َما يُ ْف َع ُل ِِّ ،قَالَ ْ َ َْْ َ
ِ
َحدا بَ ْع َدهُ أَبَدا )) [ البخاري .] 1113 / َال أَُزكي أ َ
الَ (( :م ْن َك ا َن وعن أَِيب بَكَْرَة عن النب قَ َ
اّللُ َح ِس يبُ ُِب فَُالَن َو َّ َخاهُ َال َحمَالَةَ فَلْي ُقل أ ِ ِم ْن ُكم م ِ
َحس ُ َ ْ ْ ادحا أ َ َْ
ك ِ ِ ِ
َحس بُ ُِ َك َذا َوَك َذا إ ْن َكا َن يَ ْعلَ ُم ذَل َ َِوَال أُ َزكِي َعلَى َّ
َحدا أ ْ اّلل أ َ
ِم ْن ُِ ))[ .البخاري 2513/ومسلم] 3000/
قال النووي :قوله( :وال أزكي على هللا أحدا) أي ال
أقطع على ع اقبة أحد وال ض م ِريه؛ ألن ذلك ُمغَيَّ ٌ
ب َعنَّا،
ولكن أحسب وأظن ،لوجود الظاهر املقتضي لذلك اه .
-1األولياء ال يتصرفون يف شيء من هذا الكون
ما يتومهه بعض الناس أن هلل عباداً وص لوا إىل مرتبة
من الوالي ة ،يعلمون ك ل ش يء ،أويقولون للش يء كن
93
فيكون ،عقي دةٌ ابطل ة خطرية من أقبح الباطل ،تنايف عقيدةَ
(( وحدانية هللا تعاىل )).
ويربط هؤالء ه ذا الض الل املبني الب اط ل ابألولي اء
وأبهل هللا ،ورمبا انتس بوا إىل بعض أهل العلم والفض ل
والدعوة واإلص الح كالش يخ عبد القادر اجليالين رمحه هللا
تعاىل أولريه.
ومن اطلع على ترمجة هذا الش يخ الفاض ل يف كتب
الثقات رأى أش َّد التناقض بني س ريته وما كان يدعو إليه
يخ
من جه ة وبني ه ذا الب اط ل ال ذي يتربأ من ه ه ذا الش ُ
مجيع املؤمنني.
وأمثالُه ،ويتربأ منه ُ
ولوال أين أرى انتش اراً ملثل هذا ِ
الغلو اخلطري ملا كان
من احلكم ة أن أش غ ل اإلخوة الق ارئني مبا ال حاجة إليه،
ولكن ه ذه األفك ار اخلطرية موجودة ومنتش رة ،فمن
الضروري التحذير منها.
-1ال يصح اعتبار اجملنون أو املعتوه من األولياء
ينظر بعض الن اس إىل بعض اجمل انني واملعتوهني
أبهنم أولي اء ،ب ل يتخ ذوهنم مرش دين هلم ،يطيعوهنم
وخيش ون من خمالفتهم ،ويس تش ريوهنم يف األمور املهمة
املتعلق ة ابجل ان ب ال ديين وال دنيوي ،وه ذا هنج لري
94
ص حيح ،ف اجملنون واملعتوه ك لٌّ منهم ا لريُ مكلف ،وال
يوصف بطاعة وال عصيان ،فكيف يوصف ابلوالية.
من اخلري أن نرحم هؤالء وأن نكرمهم ،ب ل ينبغي أن
يرى أحدان أهنم خري منه ،ألهنم ال ذنوب هلم بس بب أهنم
لري مكلفني ،فهو عن ده ذنوب وس يئ ات ،وهم ط اهرون
منها.
روح املعاين بطال َنوقد أدرك األلوس ي يف تفس ريه ِ
هذه النظرة فقال حمذراً عند تفس ري قوله تعاىل{:إ ْن أوليا ُؤه إال
املتقون } :وغ ال ب اِلهل ة اليوم على أن الوِل هو اجملنون
ويعربون عن ِ ابجمل ذوب ،ص دقوا ولكن عن اَل دى ،وكلم ا أطبق
جنون ِ وكثر هذاين ِ واس تقذرت النفوس الس ليمة أحوال ِ كانت
واليت ِ أكمل وتصرف ِ يف ملك هللا تعاىل أُت اه.
[ روح املعاين ج] 202 / 1 /
-1أعظم الكرامات االستقامة على هدي النيب
التحقق ابإلمي ان أعظم الكرام ات يف ه ذه احلي اةِ
ُ
والتقوى واالس تق ام ةُ على ه دي النب مما حيقق للعبد
العبوديةَ ليعيش عبداً ص احلاً طيباً خيش ى هللا تعاىل ويرجو
أن يلحقه هللا تعاىل ابلصاحلني.
95
ب ال ُقلُ ِ ِ
وب أكثر دعاء رسول اّلل (( : اي ُم َقل َ وكان ُ
ينك )) [اإلمام أْحد23721/والَمذي.]3522 / ثَبِت قَلْيب على ِد َ
بوكذلك س يدان يوس ف يف آخر قص ته َ { :ر ِ
ث فَ ِ ك و َعلَّمتَِن ِمن ََتْ ِوي ِل األَح ِادي ِ
ِ ِ
اط َر َ قَ ْد آتَْيتَِن م َن ال ُْم ْل َ ْ
الدنُيا و ِ
اآلخ َرةِ تَ َوفَِّن ُم ْس لِما ض أ َ ِِ الس ماو ِ
َنت َوليي ِيف ُّ َ َ ات َواأل َْر ِ َّ َ َ
ي } [ يوسف.]101 / لصاحلِِ ََوأَ ْحلِْقِن ِاب َّ
امللحق رقم ( ) 1
الغيب ال يعلمه إال اهلل تعاىل والتحذير من كهانات
منتشرة باسم االستخارة
من عقي دتن ا أن هللا َو ْح َده يعلم الغي ب وال يعلم
الس ماو ِ
ات الغيب س واه ،قال تعاىل ﴿ :قُ ْل َال يَ ْعلَ ُم َم ْن ِيف َّ َ َ
َاي َن يُْب َعثُو َن ﴾ ب إَِّال َّ
اّللُ َوَم ا يَ ْش عُ ُرو َن أ َّ َو ْاأل َْر ِ
ض الْغَْي َ
[النمل.]35/
من أمراض عصرنا حماولة استطالع املستقبل
ومن أمراض عص ران أن كثرياً من أبناء ُمتمعاتنا حياولون
ليب املستقبل يف أمور منها:
أن يستطلعوا َ
حم اول ةُ معرف ة وجود توافق أو تن افر بني اخل اط ب
واملخطوب ة ،ومعرف ة وجود التوفيق أو ع دم ه يف جت ارة أو
صناعة أو شركة.
96
ليب لس وء العالقة بني ومنها :حماولة معرفة س ٍ
بب ٍ
مشكلة ،أو معر ِفة ٍَ مكان
ٍ سبب ليب ٍ
ملرض أو زوجني ،أو ٍ
الض الَّة من متاع أو حيوان ،أو مكان املس روق ،أو معرفة
َم ِن الس ُ
ارق أو س بب ليب لتأخر زواج البنات الاليت أتخر
زواجهن وحنو ذلك ،وكل ذلك عن طريق الكهانة أبش كال
خمتلفة.
انتشار الكهانة باسم االستخارة
أانس من الرج ال
وق د وج د يف بالد املس لمني ٌ
والنس اء ،يزعمون أهنم يس تطلعون الغيب ،أيتيهم النس اء
والرجال يطلبون منهم معرفة األمور الغيبية الس ابقة ولريها
فيجيبوهنم بكه اانُّتم املختلف ة ،ويُ َس ُّمون الوس ائل اليت
يلبسون فيها على الناس استخارة.
ادعاؤهم معرفةَ الغيب عن طريق رؤاي
من وس ائلهمُ :
من امي ٍة ،وق د تق دم يف اإلض اءات أن م ا يتعلق برؤاي لري
ديين
علم ،وال يُعتم د علي ه ال يف أمر ٍ
األنبي اء ال يبىن علي ه ٌ
وال دنيوي ،وتقدم أن الغيب ال يعلمه إال هللا وحده؛ فكل
من أخرب أبنه س يكون كذا أو كذا من أمور ليبية ،اعتماداً
على م ا تق دم ،أو على حنوه من الكه اانت فكالم ه رجم
ابلغيب ،واملتكلم كاهن.
97
ومنه ا :فتح املص حف عند قيامه ابلكهانة وزعمه
أنه بنظره فيه يعرف ما يرجوه السائل من أمور ليبية ،ومنها:
اس تعمال ما يس مونه تبييت األثر ،حيا أيخذ الكاهن ثوابً
أو حنوه من آاثر إنس ان فَيُبَيِتُ هُ عن ده ،ويزعم يف الغ د أن ه
الغيب الذي يريدونه. عرف األمر َّ
ومن أييت هؤالء ليس تطلع الغي ب يف تلك األمور
وحنوها فإنه مرتكب ملعص ية كبرية ،ومش ابه يف عمله هذا
سأَلَ ُِ َع ْن َش ْي ٍء
للكفار ،قال رسول هللا َ (( م ْن أَتَى َع َّرفا فَ َ
ي ل َْي لَة )) [ مسلم ]2230 /وقال : صالَةٌ أ َْربَ ِع َ
َِلْ تُ ْقبَ ْل لَ ُِ َ
ول فَ َق ْد َك َف َر ِِبَا
ص َّدقَ ُِ ِِبَا يَ ُق ُ ِ
(( َم ْن أَتَى َك اهنا أ َْو َع َّرافا فَ َ
أُنْ ِز َل َعلَى ُحمَ َّم ٍد [ )) اإلمام أْحد .]1532 /
وق ال اخلط ايب :والفرق بني العراف والك اهن أن
الك اهن إمن ا يتع اطى األخب ار عن الكوائن يف املس تقب ل
ويدعي معرفة األس رار ،والعراف يتعاطى معرفة الش يء
املسروق ومكان الضالة وحنومها.
ق ال العلم اء :إمن ا هنى عن إتي ان الكه ان ألهنم
يتكلمون يف مغيبات قد يصادف بعضها اإلصابة فيخاف
الفتنة على اإلنس ان بس بب ذلك ألهنم يلبس ون على
الن اس كثرياً من أمر الش رائع ،وق د تظ اهرت األح ادي ا
الص حيحة ابلنهي عن إتيان الكهان وتص ديقهم فيما
98
يقولون ،وحترمي م ا يعطون من احللوان وهو حرام مج اع
املسلمني [ .انظر شرح النووي على مسلم ] 22 / 5
حقيقة االستخارة
االس تخارة أن يطلب العبد من هللا تعاىل أن خيتار
له األمر األحس ن ملص لحة العبد وأن ييس ره له؛ ألنه وحده
ال ذي يعلم الغي ب والق ادر عليه ،وليس لالس تخارة معىن
آخر ،وما عرف الص حابة إال هذا املعىن ،وقد تغريت
مفاهيم الناس عن املفهوم الص حيح لالس تخارة ،وص ار
بهدفهم يف الغالب أن يس تطلعوا الغيب وهذا ما َس بَّ َ
انتش ار الكهانة ابس م االس تخارة ،وقد بني النب حقيقة
ابألم ِر فَ لْيَ رَك ْع رْك َعتَ ْ ِ
ي االس تخارة بقوله (( :إذَا َه َّم َ
أح ُد ُك ْم ْ
ْ َ
ك، أس تَ ِخريُ َ بِ ِعل ِْم َ هم ِإين ْ يض ِةُُ ،ثَّ لِيَ ُق ِل :اللَّ َّ ِم ْن غَ ِْري ال َف ِر َ
ُك ِم ْن فَ ْ ِ
كالع ِظ ِيم ،فإنَّ َ ك َ ض لِ َ كَ ،وأس أل َ وأس تَ ْق ِد ُر َ بِ ُق ْد َرت َْ
ِ
ت َعال ُم الغُيُوب،َّ ِ
تَ ْق د ُر وال أَقْ د ُرَ ،وتَ ْعلَ ُم َوال أ ْعلَ ُم ،وأنْ َ ِ
أن ه َذا األمر َخي ر ِل ِيف ِدين ومع ِ اللَّ َّ
اشي ََ َْ ٌْ ت تَ ْعلَ ُم َّ َ هم إ ْن ُك ْن َ
وآجلِ ِ ِ ،ف اقْ ُد ْرهُ ِِلوع اقِب ِة ْأم ِري ،أو ق ال :ع اج ِل ْأم ِري ِ
َ َ
أن َه َذا األ ْم َر ت تَ ْعلَ ُم َّ َويَ ِس ْرهُ ِلُُ ،ث اب ِر ْ ِل في َِ ،وإ ْن ُك ْن َ
ِ ِ
عاج ِل ْأم ِري معاشي وعاقِب ِة ْأم ِري ،أو قالِ : َش ٌّر ِل يف ِد ِين و ِ
َ َ َ
ِ ِِ
ثِل اخلَْي َر َح ْي ُ واص ِرفْ ِن ع ْن ُِ َواقْ ُد ْر ِ َ
فاص ِرفْ ُِ َع ِنْ ، وآجل ِْ ،
ِ ِ ِ
حاجتَ ُِ )) [ البخاري .]1101 / كا َن ُُثَّ َرض ِن بِ ِ ،قال :ويُسمي َ
99
هم
الس نَّة ،فإذا َّ
هذه هي االس تخارة اليت ص حت يف ُّ
املس لم أبمر وص لى ركعتني ودعا هبذا الدعاء فقد متت
االس تخارة ،فليحذر املس لم ولتحذر املس لمة من اإلتيان
هلؤالء الكه ان ال ذين يزعمون معرف ة الغي ب ويُغَطُّون
كهانتهم هذه بتالوة آايت من القرآن.
امللحق رقم ( )1يف التحذير من تكفري املسلم ألخيه
َّد به بعض أبناء أمتنا إن من أقبح فنت عص ران ما َجد َ َّ
فتنةَ اخلوارج يف تكفريهم للمس لمني اعتماداً على ش ٍ
بهات
اطف للبت ٍ
ق ام ت يف أذه اهنم ،وأهواء ملك ت قلوهبم ،وعو َ
عقوهلم.
وأه ُل احلق ال يكفرون مس لم اً إال إذا ق ام ال دلي ل
القطعي على كفره ،يس تنريون بعلم وفهم من س بقهم من
الراسخني يف العلم.
النب أش َّد التح ذير يف وحي ذرون مم ا ح ذر من ه ُّ
أحاديا كثرية منها :
ال ألَ ِخ ِي َِ :اي َكافِ ُر فَ َق ْد َاب َء ِِبَا
قوله (( : أَُّميَا ْام ِر ٍئ قَ َ
[ البخاري5753/ )) ت َعلَْي ِ ِ
ال َوإِالَّ َر َج َع ْ
َح ُد ُُهَ ا ،إِ ْن َكا َن َك َما قَ َ
أَ
ومسلم.] 14/
وقوله عليه الص الة والس المَ ،........(( :وَم ْن َرَمى
ُم ْؤِمنا بِ ُك ْف ٍر فَ ْه َو َك َق ْتلِ ِ ِ )) [ البخاري .] 5744 /
100
ومن القواعد اليت يعتمدها أهل احلق يف هذا األمر:
-1ع دم تكفري املس لم ابرتك اب الكب ائر وإن
وص فت تلك الكبائر يف األحاديا أبهنا كفر كحديا:
س و ٌق َ ،وقِتَالُ ُِ ُك ْف ٌر ِ ِ
[ البخاري 41 / ))
اب ال ُْم ْس ل ِم فُ ُ
(( س بَ ُ
الكفر يف هذه األحاديا على كفر ومس لم ،] 34 /و ُحي َمل ُ
النعم ة ،أو على االتص اف بص ف ات الكفار ،ألنه قد
ق ام ت األدل ة على ع دم كفره ،منه ا قول ه تع اىلَ ﴿ :وإِن
َص لِ ُحوا بَ ْي نَ ُه َما فَِإن بَغَ ْ ِ طَائَِفت ِ ِ
ت ان م َن ال ُْم ْؤمنِ َ
ي اقْتَ تَ لُوا فَأ ْ َ
يء إِ َىل أ َْم ِر ِ ِ َّ ِ إِ ْح َد ُ
اُهَا َعلَى ْاألُ ْخ َرى فَ َقاتلُوا ال ِِت تَ ْبغي َح َّّت تَف َ
ْس طُوا إِ َّن َّ اءت فَأَص لِحوا ب ي نَ هما ِابلْع ْد ِل وأَق ِ َِّ
اّللَ اّلل فَِإن فَ ْ ْ ُ َ ْ ُ َ َ َ
ي ﴾ [ احلجرات.]1 / ِِ ُُِي ُّ
ب ال ُْم ْقسط َ
-2أن املس لم إذا عم ل عمال َُْيتَ ِم ُل الكفر
ْحل على عدم الكفر وقُبِ َل تفس ريُه وُيتَ ِم ل غري الكفر ُِ
َْ ُ َ
هو َلذا العمل ،وللداف ِع الذي دفعه إليه ،وال جتوز املبادرة
إىل احلكم عليه ابلكفر بعمله الذي حيتمل الكفر ولريه.
ففي األم :قيل للش افعي :أرأيت املس لم يكتب
إىل املش ركني من أه ل احلرب أبن املس لمني يري دون
لزوهم ،أو ابلعورة من عوراُّتم ،ه ل ُحي ل ذل ك دم ه
ويكون يف ذلك داللة على مماألة املشركني؟
101
قال الشافعي رمحه هللا تعاىل :ال حيل دم من ثبتت له
حرمة اإلسالم إال أن يَ ْقتُ َل ،أو يَ ْزِينَ بعد إحصان ،أو يكفر
ت على الكفر ،وليس ال دالل ةُ كفراً بيِن اً بع د إمي ان ،مث يَثْ بُ َ
أتييد كافر ......بكف ٍر بَِ ٍ
ني. على عورة مسلم وال ُ
مث ذكر الش افعي حديا حاطب بن أيب بلتعة
الذي كتب إىل املشركني خيربهم خبروج رسول هللا جبيشه
َّ ِ
آمنُوا َال لفتح مكة وأنزل هللا تعاىل يف شأنه ﴿ َاي أَيُّ َها الذ َ
ين َ
ْم َو َّدةِ﴾ .... ِ ِ
تَتَّخ ُذوا َع ُد ِوي َو َع ُد َّوُك ْم أ َْوليَاء تُ ْل ُقو َن إِل َْي ِهم ِابل َ
[ املمتحنة ] 1 /وذكر أن النب صدقه يف أنَّه أراد أن يتخذ
عند قريش يداً حيمي هبا قرابته ،وأنه ما فعل ذلك ش كاً يف
دينه ،وال رضاً ابلكفر بعد اإلسالم (.)1
103
امللحق رقم ( ) 1وساوس الكفر ال يؤاخذ بها العبد
كثريٌ من الطيبني يعيش ون يف حالة ص عبة من القلق
والرع ب مم ا جي دون ه أحي اانً يف نفوس هم من خواطر ُك ْف ِريَّ ٍة
قبيحة ،ويرتك ذلك يف حياُّتم أحواالً س يئةً ،يرافقها وس وس ة
ترتبط ابخلوف من اهلالك.
وهذه قض ية من أكرب أس باب احلزن واألس ى عند
خص الواق ِع فيها ،ويراها من أص عب القض ااي ، ،ولكنه الش ِ
إذا اس تض اء بض ياء العلم أدرك أن هذه القض ية ليس ت
معض لةً وال خطرية ،وخطبُها يس ريٌ ،إذا اس تض اء عقله وقلبه
بضياء األمور العلمية التالية:
أن كثرياً من اإلخوة ختلص وا من هذه املش كلة أوالَّ :
عندما عرفوا النقاط العلمية التالية ،واستضاؤوا بضيائها.
أن ما جيده املس لم من هذه الوس اوس ليس َنياَّ :
منه ،وإمنا هو بضاعةُ الشيطان الذي أكرب ما يقدر عليه يف
اإلنسان هو الوسوسة.
أن هذه الوس وس ة ال حياس ب عليها املس لم، َلثاَّ :
ت أ َْو قال رسول هللا (( : إِ َّن َّ
اّللَ َجتَ َاوَز أل َُّم ِّت َع َّما َو ْس َو َس ْ
س َها ح َّدثَ ْ ِ ِ
[ اإلمام أْحد 1017 /والبخاري 3217/ ))
ت ب ِ أَنْ ُف َ َ
ومسلم .] 127/
104
أن هذه الوساوس ال حتصل إال مع أانس فيهم رابعاَّ :
خري وص الح ،يريد الش يطان منها أن يعكر ص فو أهل
اخلري ويش غلهم عن اجلوانب املهمة اليت تنفعهم يف آخرُّتم
بش ْغلهم؛
الشر والفساد فإنه ال حاجة له َ ودنياهم ،أما أهل ِ
ألهنم يس ريون يف حياُّتم مبا يرض اه منهم؛ فالس ارق احملرتف
للس رقة اخلبري بش ؤوهنا ال يدنو من بيوت الفقراء ،بل يهتم
ابلسرقة من بيوت األلنياء.
عن أيب هريرة قال جاء انس من أص حاب النب
فس ألوه :إان جند يف أنفس نا ما يتعاظم أحدان أن يتكلم
به ،قالَ (( :وقَ ْد َو َج ْدَتُُوهُ ))؟ قالوا :نعم ،قالَ (( :ذا َ َ
ص ِر ُ
يح
ا ِإلميَ ِ
ان )) [ .اإلمام أْحد1312 /ومسلم]132 /
وعن عبد هللا بن مس عود قال سئل النب عن
ْك َْحم ٍ ا ِإلميَ ِ
ان )) [ مسلم.] 133 / الوسوسة ،فقال (( :تِل َ ُ
وقد نقل النووي يف ش رح مس لم عن القاض ي عياض
أن الش يطان إمنا يوس وس ملن أيس من رمحهما هللا تعاىل َّ
إلوائ ه فينك د علي ه ابلوس وس ة لعجزه عن إلوائه ،وأما
الكافر فإنه أيتيه من حيا ش اء ،وال يقتص ر يف حقه على
الوس وس ة ،بل يتالعب به كيف أراد ،ومعىن احلديا َّ
أن
105
س بب الوس وس ة حمض اإلميان ،أو الوس وس ة عالمة حمض
اإلميان اه [ .انظر شرح مسلم للنووي ]154 /2
وحمض اإلميان وص رحيه هو اخلالص الذي ال يش وبه
شيء.
خامتة :هذه الص فحات خالص ة تش مل أهم ما
جيب على املس لم معرفته من جوانب اإلميان ،جتعل الدارس
هل ا على ج ان ب من البص رية يف ال دين ،ومن الواجب أن
نس عى لتحص يل البص رية يف ديننا يف العبادات واملعامالت
اليت منارس ها لنكون من األتباع احلقيقيني لرس ول هللا ،
نس أل هللا تعاىل أن جيعلنا منهم ،وأن حيش ران على حوض
رس ول هللا ،مث يف اجلنة ،وص لى هللا تعاىل وس لم على
س يدان حممد وعلى آله وأص حابه ،واحلمد كله هلل رب
العاملني .
106