You are on page 1of 24

‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫تطور الكتابة التارخيية عند ادلسلمني من القرن (‪4-1‬ىـ ‪11-7/‬م)‪:‬‬


‫د‪ .‬عبد هللا سامل دمحم ابزينة‬

‫مقدمة‬
‫اىتم االنساف ابلتاريخ منذ القدـ ‪ ,‬ككاف تفكريه كقتها أسطوراين كمع تقدـ اكتسابو التجارب تطورت‬
‫حياتو ك تقدمت كسائل التعبري عن أفكاره كمعتقداتو كأسلوب حياتو حىت حدثت طفرة عظيمة يف‬
‫فكره التارخيي ‪ ,‬كالذم كاف كال يزاؿ حيتل أمهية خاصة يف تكوين الشخصية‪ ,‬فهو دبا حيتول على‬
‫مظاىر الوحدة كالتنوع يؤكد على ترابط كاستمرار األمة عرب العصور بكل قيمها كمثلها كإصلازاهتا يف‬
‫السياسة كاحلرب كاحلضارة كالنظم‪ ,‬تلك ادلنجزات اليت ظهرت طبيعتها االنسانية من خالؿ انتفاع‬
‫الشعوب من بعضها البعض ‪.‬‬
‫كيُعد التاريخ من أىم ميادين ادلعرفة اليت اىتم هبا العرب كتدارسوىا كألفوا فيها ‪ ,‬كيرجع اىتمامهم‬
‫هبا إىل ما قبل اإلسالـ حيث كانوا يعتقدكف أبمهية الدـ يف تقرير خلق اإلنساف ‪ ,‬كيؤمنوف أبف أعماؿ‬
‫اآلاب ء كاألجداد تسب على األبنا ء مكانة يف اتجمتمع ‪ ,‬كىذا ما دفعهم إىل االىتماـ ابلنس كحف‬
‫شجراتو كتدارسها ‪ ,‬كىو ركن مهم من أركاف التاريخ ‪.‬‬
‫كتعد العناية ابلتاريخ عند العرب إحدل الوسائل اليت اعتمدكا عليها للتأكيد على ىويتهم‪ ,‬كإبراز‬
‫شخصيتهم بني الشعوب‪ ,‬فكاف ىناؾ قصاصوف يرككف أايـ العرب كأخبارىم كحيفظوف أنساهبم‬
‫كيفخركف هبا‪ ,‬كمل يكن التدكين يف الصحف أك النقوش معدكما‪ ,‬فقد ترؾ اليمنيوف سجال دكنوا فيو‬
‫أخبار ملوكهم كدكذلم كىجراهتم كحركهبم مع األحباش كعالقتهم ابلفرس لكن الركاية الشفوية بقيت‬
‫الغالبة‪.‬‬
‫كبظهور اإلسالـ بدأت نظرة جديدة للتاريخ‪ ,‬فقد جا ء القرآف بقرا ءة جديدة للماضي‪ ,‬كأشار إىل‬
‫ذكرايت العرب‪ ,‬كعاد إىل بد ء اخلليقة‪ ,‬كأكد على أمثلة التاريخ الغابر كعظاتو‪ ,‬كما ذكر حوادث األمم‬
‫كالشعوب السالفة للتأكيد على العرب الدينية كاألخالقية اليت تنطوم عليها‪ ,‬كما جا ء بنظرة شاملة‬
‫للتاريخ‪ ,‬تتمثل يف عادلية الدعوة اإلسالمية‪ ,‬فاإلسالـ أنزؿ للناس كافة‪ ,‬كمن مث فإف السنن ادلسرية حلركة‬
‫التاريخ ال تقتصر على شع دكف شع ‪ ,‬كما طرح فكرة احًتاـ ادلاضي ابعًتافو بنبوات األنبيا ء‪ ,‬كما‬
‫طرح التطلع إىل ادلستقبل كربط بني طبيعة تصوره للماضي كأفعاؿ اإلنساف يف احلاضر كذلك عندما‬

‫‪293‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫حدد مسئولية البشر كحرية إرادهتم فيما يصنعوف حبيث يصبح التاريخ اإلنساين من صنع اإلنساف كإبراز‬
‫قدرة اإلنساف على صنع مصريه(‪.)1‬‬
‫وللبحث أمهية تتمثل يف كونو يتناكؿ ادلعرفة التارخيية كالتدكين التارخيي كتطوره عند ادلسلمني من‬
‫القرف األكؿ إيل القرف الرابع اذلجريني ‪,‬حيت أصبح علمان مستقالن عن العلوـ اإلسالمية األخرل‪ ,‬كاليت‬
‫ديكن أف نعده انبثق منها‪ ,‬علما لو علماؤه كمناىجو كأىدافو كأسلوبو ‪.‬‬
‫كسيكوف اذلدف من الدراسة تناكؿ الكتابة التارخيية كتطورىا عند ادلسلمني ككيف بدأت الكتابة‬
‫التارخيية عندىم بتقدمي األخبار الطواؿ حوؿ اتريخ العرب‪ ,‬كاعتمادىا علي الركاايت ادلتواترة شفواين‪,‬‬
‫كسيادة عنصر ادلبالغة كاخلرافة ‪,‬مث اذباه اإلخباريني يف عمعهم للمادة التارخيية إيل الركاايت العائلية‬
‫كالقبلية ‪.‬‬
‫_ كما هتدؼ الدراسة إيل تتبع التطور يف الكتابة التارخيية حيت أصبح االذباه اإلسالمي كاضحان فيها‬
‫كأصبحت العالقة بني احلديث الشريف كالتاريخ كثيقة ‪,‬حيث أف التاريخ كاف يف البداية جز ءان ال يتجزأ‬
‫من علم احلديث‪ ,‬كهتدؼ الدراسة أيضان إىل الكشف عن بداايت التأليف التارخيي دبعناه الدقيق كاخذ‬
‫علم التاريخ استقاللو عن العلوـ اإلسالمية‪ ,‬بزايدة جوىرية يف حجم ادلادة التارخيية ككثرة مصادرىا كتنوع‬
‫موادىا كاتساؽ مناىج أتليفها‪ ,‬حىت شهد القرف الرابع اكتماؿ نضوج الكتاابت التارخيية كانفصاذلا عن‬
‫علم احلديث كزبليها عن طريقة احملدثني يف التوثيق ‪ ,‬كامتزاجو يف عناصر ثقافية أخرل كاجلغرافيا‬
‫كالفلسفة كالف لك كغريىا ككيف عمل ادلؤرخوف على تبيني مضاهنم يف مقدمات كتبهم أك يف طليعة‬
‫ركايتهم للخرب ‪ .‬ولكن كيف كانت البداايت األكيل للكتاابت التارخيية عند ادلسلمني ؟ كما ىي‬
‫األسباب كالعوامل اليت دفعت ادلسلمني لالىتماـ ابلتاريخ ؟ كما العالقة بني الكتاابت التارخيية كعلم‬
‫احلديث؟ كميت ككيف استقلت الكتاابت التارخيية عن العلوـ اإلسالمية ؟ كماىي العوامل كاألسباب‬
‫تطورت الكتابة‬
‫كرا ء التطور يف الكتابة التارخيية عند ادلسلمني يف الطريقة كادلنهج كاألسلوب ؟ ككيف ّ‬
‫التارخيية يف القرف الرابع اذلجرم ؟ ككيف مزج ادلؤرخوف بني التاريخ كعناصر ثقافية أخرل (اجلغرافيا‬
‫كالفلك ك الفلسفة كغريىا ) ؟ ككيف ربددت معامل علم التاريخ من حيث ادلادة كاألىداؼ كادلنهج ؟‬
‫كدلاذا جرل ذلك التطور ؟ كماىي نتائجو ؟‬

‫(‪ )1‬إدياف زلمود صاحل‪ ,‬الكتابة التارخيية يف األندلس خالؿ عصر الطوائف (‪503-422‬ىػ‪1110-1031/‬ـ)‪ ,‬رسالة دكتوراه‪,‬‬
‫كلية اآلداب‪ ,‬جامعة عني مشس (القاىرة‪2008 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.19‬‬

‫‪294‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫كسيتبع الباحث يف ىذه الدراسة لتحقيق أىدافها‪ :‬ادلنهج التارخيي الذم يعتمد على سرد‬
‫األحداث التارخيية كربليلها كاستقرائها كل ما أمكن ذلك للوصوؿ إيل نتائج علمية رصينة ‪.‬‬
‫أوالً ‪-:‬الكتاابت التارخيية األويل عند ادلسلمني وأسباب اىتمامهم هبا‬
‫انشغل ادلسلموف يف أكؿ أمرىم بدينهم كابلغزكات كالفتوحات كببنا ء الدكلة الوليدة حىت توطدت‬
‫مكانة العقيدة اإلسالمية‪ ,‬فلذلك يالح أف ادلسلمني مل يهتموا يف البداية ابلتدكين كانشغلوا عن تذاكر‬
‫ادلعطيات التارخيية ادلبدئية‪ ,‬كأايـ العرب كعلم األنساب كالشعر‪ ,‬كاىتموا بدال من ذلك ابلقرآف كعلومو‪,‬‬
‫كلكن ابستقرار اإلسالـ كتوطيد أركاف دكلتو كعقيدتو أخذ ادلسلموف يهتموف شيئا فشيئا أبخبار‬
‫ماضيهم يف اجلاىلية‪ ,‬ألف أسبااب شىت اقتضت االنكباب على عمع أخبار ذلك ادلاضي كتدكينها‬
‫كااللتفات عموما إىل أخبار القدما ء يف جزيرهتم كيف البالد اليت فتحوىا(‪.)1‬‬
‫ومن ىذه األسباب حاجتهم إىل ربقيق ادلناسبات اليت نزلت فيها اآلايت‪ ,‬كادلشاىد اليت كردت فيها‬
‫األحاديث‪ ,‬ليستعينوا هبا على توضيح ادلشكل كجال ء الغامض منها(‪ ,)2‬كما ظهرت مشكالت جديدة‬
‫بعد الفتوحات اإلسالمية تتعلق ابإلدارة السياسية وادلالية يف األقاليم ادلفتوحة كىو األمر الذم دعا‬
‫للكتابة يف الفتوح كالذم يعد أترخيان خاصان ابلوالايت اإلسالمية‪ ,‬يتناكؿ احلديث عن اإلقليم كطريقة‬
‫فتحو كىل مت ذلك صلحا أـ عنوة ؟ كللمساعدة يف حل ادلشاكل ادلتعلقة بو‪ ,‬كذلك كاف لتأسيس‬
‫ديوان اجلند أثره يف دفع عملية التدكين التارخيي فيما يتعلق أبخبار القبائل كأنساهبا(‪ ,)3‬ىذا ابإلضافة‬
‫إىل كضع عمر بن اخلطاب ‪ ‬التقومي اذلجرم(‪ ,)4‬تقوديا اثبتا‪ ,‬شجع على تدكين األحداث‪ ,‬أم‬
‫أترخيها األمر الذم كاف لو أثره يف عملية الكتابة التارخيية(‪.)5‬‬
‫لقد بدأ ادلؤرخ ادلسلم كتاابتو التارخيية معتمدا على الركاية ادلسندة(‪ ,)6‬ككانت ىذه األخبار قد ارتكزت‬
‫على تقدمي األخبار الطواؿ حوؿ اتريخ العرب كأبرز ما ديكن اخلركج منها‪ ,‬اعتمادىا على الركاايت‬
‫ادلتواترة شفواي‪ ,‬كسيادة عنصر ادلبالغة كاخلرافة فيها حىت كادت تفتقر إىل الرابط ادلوضوعي كاقًتاهبا من‬

‫(‪ )1‬دمحم عبد الكرمي الوايف‪ ,‬منهج البحث يف التاريخ‪ ,‬منشورات جامعة قاريونس (بنغازم‪1999 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.193‬‬
‫(‪ )2‬زلمود احلويرم‪ ,‬منهج البحث يف التاريخ‪ ,‬ادلكت ادلصرم لتوزيع ادلطبوعات (القاىرة‪2001 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )3‬إدياف زلمود صاحل‪ ,‬ادلرجع السابق‪ ,‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )4‬ابن شبة‪ ,‬عمر بن شبة النمريم‪ ,‬اتريخ ادلدينة‪ ,‬ربقيق فهيم دمحم شلتوت‪ ,‬دار الفكر (إيراف‪1989 ,‬ـ) ‪.759-758/2‬‬
‫(‪ )5‬عبدالعزيز الدكرم ‪ ,‬نشأة علم التاريخ عند العرب ‪ ,‬دار ادلشرؽ ‪(,‬بريكت ‪1983 ,‬ـ )‪,‬ص‪20‬‬
‫(‪ )6‬السيد عبدالعزيز سامل ‪ ,‬مناىج البحث يف التاريخ اإلسالمي‪ ,‬مؤسسة شباب اجلامعة ( االسكندرية ‪ , )1967 ,‬ص‪75‬‬

‫‪295‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫اخلياؿ إىل حد بعيد(‪ .)1‬فيبدك أف ىذه الركاايت التارخيية القددية كانت ذات طابع أسطورم كما أف‬
‫حوادثها مرتبكة(‪ ,)2‬ذات طابع قصصي ال خيلو من احلوار كاالستشهاد ابلشعر(‪.)3‬‬
‫فالنظرة ادلتفحصة يف البداايت اليت رافقت ظهور التدكين التارخيي عند العرب‪ ,‬توضح كجبال ء التداخل‬
‫بني نوعني من الركاية التارخيية مها الركاية الشفوية اليت تناقلتها األلسن جيال بعد جيل كمحلت بني‬
‫ثناايىا الكثري من ادلعطيات اخلرافية‪ ,‬كاستندت على العقلية األسطورية كادلبالغة يف تصوير األحداث(‪,)4‬‬
‫األحداث(‪ ,)4‬كالتدكين ادلنظم خالؿ القرف الثاين اذلجرم الذم استند إىل الدقة العلمية كما سنرل‪.‬‬
‫كعلى الرغم شلا تضمنتو قصص كركاايت أايـ العرب من خياؿ كمبالغة كخلط‪ ,‬كعدـ التقيد بعنصر‬
‫الزمن‪ ,‬كعلى الرغم من اصطباغها ابلنزعة العصبية‪ ,‬كافتقار قصصها للفكرة التارخيية‪ ,‬إال أهنا تعترب أحد‬
‫ركافد ادلعرفة التارخيية كبداية من بداايهتا عند العرب قبل اإلسالـ‪ ,‬كلذا فقد كاف ذلا أتثري كبري يف نشأة‬
‫علم التاريخ فيما بعد(‪.)5‬‬
‫فوالدة علم التاريخ عند ادلسلمني بدأت هبذه اإلرىاصات ادلبكرة اليت صنعها اإلخباريوف منذ بداية الدكلة‬
‫اإلسالمية كاليت استمر تداكذلا شفاىا إىل أف بدئ يف تدكينها يف العصر األموم‪ ,‬كمن ادلؤرخني الذين‬
‫اشتغلوا بركاية أخبار العرب قبل اإلسالـ‪ :‬عبيد بن شريو اجلرمهي اليمين(‪ ,)6‬كى بن منبّو(‪ ,)7‬دمحم بن‬

‫(‪ )1‬امساعيل الربيعي ‪,‬مفهوـ التاريخ عند العرب ‪ ,‬مركز الدراسات التارخيية‪( ,‬طرابلس‪2000 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.67‬‬
‫(‪ )2‬عفاؼ سيد صربه ‪ ,‬مناىج التاريخ عند علما ء ادلسلمني ‪,‬مؤسبر التاريخ اإلسالمي جبامعة األزىر ‪(,‬القاىرة ‪, )2010 ,‬‬
‫ص‪70‬‬
‫(‪ )3‬السيد عبدالعزيز سامل ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص‪.75‬‬
‫(‪ )4‬ىاملتوف ج ‪ ,‬دراسات يف حضارة اإلسالـ‪ ,‬ترعمة إحساف عباس كآخركف‪ ,‬دار العلم للماليني (بريكت‪1979 ,‬ـ)‪,‬‬
‫ص‪.144‬‬
‫(‪ )5‬دمحم عبد الكرمي الوايف‪ ,‬ادلرجع السابق‪ ,‬ص‪.183-182‬‬
‫(‪ )6‬عبيد بن شرية اجلرمهي ‪ :‬راكية من ادلعمرين ‪ ,‬إف صح خربه فهو أكؿ من صنف ال كت من العرب ‪ ,‬كىو من احلكما ء كاخلطبا ء يف اجلاىلية‬
‫اجلاىلية ‪ ,‬أدرؾ النيب (صلي هللا عليو كسلم ) كاستحضره معاكية من صنعا ء إىل دمشق ‪ ,‬فسألو عن أخبار العرب األقدمني كملوكهم ‪ ,‬فحدتو ‪,‬‬
‫فأخربه معاكية بتدكين أخباره ‪ ,‬فأملى كتابني مسى أحدمها " كتاب ادللوؾ كأخبار ادلاضني" " كالثاين كتاب األمثاؿ كعاشو إىل أايـ عبدادللك بن‬
‫مركاف كتويف ضلو ‪67‬ق ‪686 /‬ـ ‪ = .‬خري الدين زلمود الزركلي ‪ ,‬األعالـ ‪ ,‬ط‪ , 15‬دار العلم ادلاليني ( بريكت ‪2002,‬ـ ) ‪. 189/4‬‬
‫(‪ )7‬كى بن منبو (ت‪114‬ق‪ : ) 732/‬كى بن منبو االبناكم الصنعاين الذمارم أبوعبدهللا مؤرخ كثري األخبار عن الكت القددية عامل‬
‫أبساطري األكليني كالسيما اإلسرائيليات ‪ :‬يعد من التابعني ‪ ,‬أصلو من أبنا ء الفرس الذين بعت هبم كسرم إىل اليمن كأمو من محري ‪ ,‬كلد كمات‬
‫بصنعا ء‪ ,‬كال عمر بن عبدالعزيز قضا ءىا ‪ ,‬حبس يف كربه كامتحن‪ ,‬من كتبو ‪ ":‬ذكر ادللوؾ ادلتوجة من محري كأخبارىم كقصصهم كقبورىم‬
‫كأشعارىم كلو ‪ :‬قصص األنبيا ء كقصص األخيار = الزركلي ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪.125-124/8 ,‬‬

‫‪296‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ ,‬أبو سلنف األزدم(‪ ,)2‬سيف بن عمر الكويف األسدم(‪,)3‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫السائ الكليب‪ ,‬كابنو ىشاـ الكليب‬
‫(‪. )5‬‬
‫ادلدائين(‪ , )4‬الزبري بن بكار‬
‫لقد كلد التاريخ عند العرب يف صورة أخبار زمن بين أمية كمت آنذاؾ تدكين اتريخ األمم اتجماكرة القددية‬
‫حىت قبل تدكين اتريخ الفتوح اإلسالمية‪ ,‬كمل حيدث ذلك خدمة للتاريخ كعلم كإمنا استجابة إلحلاح‬
‫اخللفا ء األمويني الذين رغبوا يف االطالع على أحواؿ األمم اليت فتحت بالدىا‪ ,‬ككيف كاف حاؿ‬
‫ملوكها يف ادلاضي‪ ,‬كذلذا كاف األمويوف يطلقوف على التاريخ اسم "علم أخبار ادلاضني"(‪ ,)6‬أك "أخبار‬
‫ادلاضني‪.‬‬
‫شهد القرف االكؿ للهجرة اىتمامان خاصان بدراسة اخبار العرب يف اجلاىلية كاإلسالـ كأخبار األمم‬
‫كالشعوب اليت اتصلت هبم أك اتصلوا هبا‪ ,‬كأتلف من ىذه االخبار رلموعة من الكتاابت التارخيية‬
‫كشجع على ذلك ميل بعض اخللفا ء كمعاكية بن أيب سفياف إيل االطالع على سياسات ملوؾ األمم‬
‫اتجماكرة األقدمني ‪ ,‬كمكائدىم كسري حياهتم(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬دمحم بن السائ الكليب أبو النضر كىو ابن السائ بن عبد كد كابنو ىشاـ اإلخبارم النسابة صاح كتاب اجلمهرة يف‬
‫النس كتصانيفو تزيد على مائو كمخسني تصنيفان يف التاريخ كاألخبار ككاف حافظان عالمة‪ ,‬إال أنو مًتكؾ احلديث تويف سنة ‪204‬ق‬
‫‪= ,‬الذىيب ‪ ,‬أبوعبدهللا دمحم بن أمحد ‪ ,‬العرب يف خرب من غرب ‪ ,‬ربقيق ‪ :‬دمحم السيد زعلوؾ ‪ ,‬دار الكت العلمية (بريكت ‪ .‬د‪ ,‬ت)‬
‫‪.27/1‬‬
‫(‪ )2‬أبو سلنف لوط بن حييي بن سعيد بن سلنف األزدم الغامد م ‪ ,‬ركاية عامل ابلسري كاألخبار ‪ ,‬إمامي ‪ ,‬من أىل الكوفة ‪,‬لو‬
‫تصانيف كثرية يف اتريخ عصره كما كاف من قبلو بيسري منو ‪ :‬فتوح الشاـ كالردة كفتوح العراؽ كاجلمل كصفني كالنهركاف كاألزا رقة‬
‫كاخلوارج كادلهل كمقتل علي كأخبار ادلختار بن عبيد التقي تويف سنة ‪57‬ق ‪774 /‬ـ = الزركلي ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪.245/5 ,‬‬
‫(‪ )3‬سيف بن عمر التميمي األسدم كيقاؿ الضيب‪ ,‬الكويف ‪ ,‬صاح كتاب الفتوح ككتاب الردة كغري ذلك ؛ ركل عن طائفة كثري‬
‫كثري من اتجماىيل كاإلخباريني تويف يف حدكد ‪200‬ق‪815/‬ـ) = الصفدم خليل بن أيبك ‪ ,‬الوايف ابلوفيات‪ ,‬ربقيق‪ :‬أمحد‬
‫األرانؤكط‪ ,‬تركي مصطفى‪ ,‬دار احيا ء الًتاث( بريكت‪2000 ,‬ـ) ‪.182/5‬‬
‫(‪ )4‬علي بن دمحم بن عبدهللا ادلدائين ‪ ,‬راكية مؤرخ ‪ ,‬كثري التصانيف لو أكثر من مائيت كتاب ‪ ,‬يف أىل البصرة سكن ادلدائن مث انتقل‬
‫انتقل إىل بغداد كال يزاؿ هبا إىل أف تويف سنة ‪225‬ق‪840/‬ـ = الزركلي ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪. 323/4 ,‬‬
‫(‪ )5‬الزبري بن بكار القرشي األسدم من أحفاد الزبري بن عواـ عامل األنساب ك اخبار العرب كيل قضا ء مكة فتويف عنها ‪ ,‬لو‬
‫تصانيف منها ‪ :‬أخبار العرب كأايمها ‪( ,‬نس قريش كاخبارىا كاالكس كاخلزرج كلو أخبار كنوادر يف التاريخ تويف سنة‬
‫‪256‬ق‪870/‬ـ = الزركلي ‪ ,‬االعالـ ‪.42/3,‬‬
‫(‪ )6‬دمحم عبد الكرمي الوايف‪ ,‬ادلرجع السابق‪ ,‬ص‪.194‬‬
‫(‪ )7‬السيد عبدالعزيز سامل ‪ ,‬التاريخ كادلؤرخوف العرب ‪ ,‬ص‪.143‬‬

‫‪297‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫كيف مطلع القرن الثاين للهجرة يالح االذباه ضلو عمع األخبار كركايتها بشكل متصل منظم حوؿ‬
‫موضوع أك حادث يف إطار كتاب‪ ,‬كاعتمد اإلخباريوف يف عمعهم للمواد التارخيية على الركاايت العائلية‪,‬‬
‫كالركاايت القبلية ككل ما كاف متداكالن يف ادلمصر‪ ,‬كمل يكن ابستطاعة اإلخباريني ذباىل السند‪ ,‬كمع أهنم‬
‫استعملوه حبرية كببعض التساىل إال أف ازدايد أمهيتو ابلتدريج لدل اإلخباريني يظهر اطراد أثر االذباه‬
‫اإلسالمي يف التاريخ‪ ,‬حيث كاف عمع األخبار جز ءن من ظاىرة ثقافية عامة ىي ظاىرة عمع األحاديث‬
‫كالركاايت يف كل ممصر على انفراد(‪.)1‬‬

‫اتنياً ‪ -:‬الكتاابت التارخيية عند ادلسلمني وعالقتها بعلم احلديث ‪:‬‬


‫إف العالقة بني احلديث والتاريخ وثيقة‪ ,‬حيث إف علم التاريخ كاف يف البداية جز ءا ال يتجزأ من علم‬
‫احلديث‪ ,‬حيث كاك ظهوره ذلك(‪" .)2‬فعلم التاريخ فن من فنوف احلديث النبوم‪ ,‬كزين تقربو العيوف‬
‫حيث سلك فيو ادلنهج القومي ادلستول‪ ,‬بل كقعو من الدين عظيم‪ ...‬إذ بو تعلم أىل اجلاللة كالرسوخ ما‬
‫يفهم بو الناسخ من ادلنسوخ‪ ,‬كيظهر تزييف مدعي اللقا ء كيشهر ما صدر منو من التحريف يف‬
‫االرتقا ء‪ ,‬دلا تبني أف الشيخ الذم جعل ركايتو عنو من مقصده كاف قد مات قبل مولده أك كاف اختل‬
‫عقلو أك اختلط مل جياكز بلدتو اليت مل يدخلها الطال قط"(‪.)3‬‬
‫فبني العلمني عالقة كثيقة إذ اعتمد كل منهما يف البداية على الرواية الشفهية كاعتمد كل منهما على‬
‫اإلسناد يف الرواية‪ ,‬فاحملدثوف اىتموا ابإلسناد كىو سلسلة الركاة كمدل اتصالو كصدؽ ركاتو‪ ,‬فال‬
‫يقبلوف حديثا إال إذا كاف ركاتو موثوؽ هبم‪ ,‬كقعدكا لذلك القواعد كاىتموا بكل ما يتصل بذلك من‬
‫جرح أك تعديل للركاة‪ ,‬ككذلك حبث اإلخباريون وادلؤرخون يف الركاة كعن مدل صدقهم ككذهبم يف نقل‬
‫األخبار‪ ,‬فادلتأمل يف موضوع التاريخ عند احملدثني جيده البحث يف ركاة احلديث كاترخيهم ككل ما يتعلق‬
‫بشئوهنم‪ ,‬كسائر ما لو صلة بتكوين الثقة كاحلكم عليهم جرحا كتعديال (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬عبدالعزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص‪.40‬‬


‫(‪ )2‬رجا ء مصطفى حزين‪ ,‬مدرسة احلديث يف ادلدينة كأثرىا يف كتابة التاريخ اإلسالمي‪ ,‬مؤسبر التاريخ اإلسالمي جبامعة األزىر‬
‫(القاىرة‪1996 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.103‬‬
‫(‪ )3‬السخاكم‪ ,‬دمحم بن عبد الرمحن مشس الدين‪ ,‬اإلعالـ كالتوبيخ دلن ذـ التاريخ‪ ,‬دار الكتاب العريب (بريكت‪1983 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.7‬‬
‫ص‪.7‬‬
‫(‪ )4‬رجا ء مصطفى حزين‪ ,‬ادلرجع السابق‪ ,‬ص‪.104‬‬

‫‪298‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫فاألحاديث تتصل اتصاالن كثيقان بنشأة التدكين التارخيي عند ادلسلمني بعد القرآف ‪ ,‬كتعين كلمة‬
‫حديث يف األصل (اخلرب)أك (الركاية الشفوية) يف موضوع ديين أك دنيوم ‪,‬مث ازبذت معين خاصان يف‬
‫اإلسالـ فصارت تعين أقواؿ الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص"(‪ ,)1‬لقد احتل اتريخ كالدة الركاة كاتريخ كفاهتم عند أىل‬
‫احلديث مكانة ىامة دلعرفة اتصاؿ األسانيد كانقطاعها كيف الكشف عن أحواؿ الركاة كفضح الكذابني‬
‫قاؿ سفياف الثورم ‪" :‬دلا استعمل الركاة الكذب استعملنا ذلم التاريخ " كقاؿ حساف بن زيد "مل يستعن‬
‫على الكذابني دبثل التاريخ " ‪,‬فالتاريخ أحد الطرؽ اليت يعلم هبا النسخ يف أحد اخلربين ادلتعارضني‬
‫ادلتعذر اجلمع بينهما ‪,‬كىذا ما يسمي يف اصطالح احملدثني ابسم "سلتلف احلديث "كىو علم من علوـ‬
‫الوضاعني‬
‫احلديث ‪,‬كللتاريخ أمهية كبرية إذ يعترب أصل يف اجلرح كالتعديل كيستعملو العلما ء للرد على ّ‬
‫‪,‬يدفعوف بو الشبهات اليت تنس للحديث ‪ ,‬كعن طريقو يعرؼ ما يقبل كما يرد من احلديث(‪.)2‬‬
‫ككما حدث يف احلديث من العناية ابإلسناد يف أكؿ العهد ُعين بركاية التاريخ فدكنوه ابألسانيد إيل‬
‫من عزيت ركا يتو إليو ‪,‬فادلؤرخوف األكلوف من ادلسلمني اعتمدكا على الركاايت الشفوية ‪,‬شأهنم يف ذلك‬
‫شأف ركاة احلديث ‪.‬فكل جيل منهم يستمد أخباره من اجليل الذم قبلو ‪,‬ككاف اخلرب التارخيي يستمد‬
‫من السماع عند احلفاظ ادلوثوؽ هبم كىو ما يعرؼ ابألسانيد ‪,‬اليت اعتربت كقتئذ كسيلة لإلعماع على‬
‫صحة اخلرب ‪,‬فالتاريخ عند ادلسلمني يف نشأتو أخد نفس الطريقة اليت سلكها احلديث(‪.)3‬‬
‫لقد مهدت علوـ احلديث لنشأة علم التاريخ ‪,‬فعلم التاريخ عند ادلسلمني بدأ بتدكين السرية‬
‫كادلغازم النبوية حبس إتباع نفس منهج اإلسناد القائم على زلك اجلرح كالتعديل ‪,‬كلذا فإنو ديكن‬
‫القوؿ أبف علم التاريخ قد نشأ كترعرع يف أحضاف علوـ التاريخ كمناىج اإلسناد منذ أف اىتم ادلسلموف‬
‫بتدكين ىذه األخبار يف منتصف القرف الثاين للهجرة كما مهد تقصى ركاة احلديث لنشو ء أحد فركع‬
‫التاريخ كىو تراجم األشخاص كطبقاهتم(‪ ,)4‬فالعناية بدراسة علم احلديث أدت إيل الدراسات التارخيية ‪.‬‬

‫(‪ )1‬دمحم احلويرم ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪.111‬‬


‫(‪ )2‬رجا ء مصطفى حزين ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪. 105 - 104‬‬
‫(‪ )3‬السيد عبد العزيز سامل ‪,‬اتريخ الدكلة العربية ‪,‬مؤسسة شباب اجلامعة (اإلسكندرية ‪ 2003 ,‬ـ) ‪. 425/2,‬‬
‫(‪ )4‬دمحم عبد الكرمي الوايف ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪. 211‬‬

‫‪299‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫فالتاريخ عند ادلسلمني بدأ متأثران ابحلديث كأبسلوب احملدثني‪ ,‬كيبدك أف الكت األكيل من التاريخ‬
‫اإلسالمي قد اتبع فيها ادلؤرخوف األكائل منط احملدثني كأسلوهبم كخاصة اإلسناد(‪ ,)1‬فالدراسات التارخيية‬
‫بدأت جبهود مشًتكة تتمثل يف حلقات للدراسة ‪ ,‬ربيط كل حلقة أبستاذ كقد يربز طال العلم حني‬
‫جيتاز مرحلة دراسية فيكوف حلقتو‪ ,‬كالدراسة مفتوحة دلن يريد ‪ ,‬كالركاية تسري يف سلسلة‪ ,‬كنتيجة لذلك‬
‫كدبركر الزمن تكونت مدرسة يف التاريخ كاحلديث كالفقو(‪.)2‬‬
‫كعلى ذلك سبيزت الدراسات التارخيية يف بداية نشأهتا بوجود اجتاىني مميزين أحدمها ديين قوامو دراسة‬
‫احلديث كمركزه ادلدينة كالثاين قبلي كاف استمراران لبعض األايـ كركاايت األنساب يف األسلوب كالنظرة‬
‫‪,‬إذ تناكؿ من ادلوضوعات ادلعارؾ كالفتوح اإلسالمية ككاف مركز ىذا االذباه البصرة كالكوفة(‪.)3‬‬
‫فاالىتماـ أبقواؿ كأفعاؿ الرسوؿ "صلي هللا عليو كسلم" لالىتدا ء هبا أك االعتماد عليها يف التشريع‬
‫كيف التنظيم اإلدارم كيف شؤكف احلياة ضركرة مباشرة كطبيعية لدم أىل العلم‪ ,‬كما أف مغازيو كغزكات‬
‫أصحابو كانت مصدر اىتماـ كاعتزاز للمسلمني ‪ ,‬ككانت ادلشاركة يف ادلغازم عامالن يف رفع ادلنزلة‬
‫االجتماعية كعنصرا يف ربديد العطا ء‪ ,‬شلا قوم االىتماـ هبا كسرعاف ما صار الصحابة أنفسهم قدكة دلن‬
‫بعدىم يف أقواذلم كأفعاذلم فبدأت دراسة مغازم الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص "(‪.)4‬‬
‫كمن الطبيعي أف تتألف ىذه احلركة يف ادلدينة ابعتبارىا دار الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص" كدراسة أعمالو‪ ,‬كدار السنة‬
‫اليت عاش فيها الصحابة كمسعوا أحاديث الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص" كرككىا بدكرىم إيل التابعني(‪.)5‬‬
‫فبداايت التاريخ العلمي ابلعربية اقًتنت بدراسة سرية الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص" كدراسة أعمالو‪ ,‬كعليو فإف‬
‫مصدر ىذه الدراسة كموطنها يف عمع احلديث كخاصة األحاديث ادلتعلقة دبغازم الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص" ىي‬
‫ادلدينة ‪ ,‬كىو ما يفسر ارتباط ادلغازم ابحلديث ىذا االرتباط الذم ترؾ طابعان ال ديحى يف ادلنهج‬
‫التارخيي ابستخداـ اإلسناد‪ ,‬كما طرأ من تغري ىائل منذ ىذه اللحظة يف األخبار التارخيية عند العرب‬
‫كدقتها ادلؤسسة على النقد ‪ ,‬كىو ما رسخ الشعور أبف األخبار كظواىرىا تستند إيل أساس اترخيي‬

‫(‪ )1‬زلمود عرفة زلمود‪ ,‬عبد الرحيم دمحم‪ ,‬اتبت عبد السهل‪ ,‬دراسات يف احلضارة العربية اإلسالمية ‪,‬مكتبة بن الكثري‬
‫‪(,‬الكويت‪1997,‬ـ) ص‪.316‬‬
‫(‪ )2‬عبد العزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪. 71‬‬
‫(‪ )3‬السيد عبد العزيز سامل ‪ ,‬التاريخ كادلؤرخوف العرب ‪,‬ص ‪.66‬‬
‫(‪ )4‬عبد العزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق‪ ,‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )5‬السيد عبد العزيز سامل ‪ ,‬التاريخ الدكلة العربية ‪.425/2 ,‬‬

‫‪29:‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫قومي(‪ ,)1‬حيث كلدت يف فًتة مبكرة النظرة الناقدة إيل الركاة أك مصادر ادلعلومات ‪ ,‬ك أُدخل عنصر‬
‫كوف أساسان متينان للدراسات التارخيية‪ ,‬كقد مسيت الدراسات األكيل‬ ‫البحث كالتحرم يف عميع الركاايت ك ّ‬
‫حلياة الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص" ابدلغازم ‪ ,‬كتعين لغواين غزكات الرسوؿ" ملسو هيلع هللا ىلص" كحركبو ‪ ,‬كلكنها تناكلت عصر‬
‫الرسالة بكاملو فهي ذبمع بني احلديث كالتاريخ كقد قاـ هبا بعض أبنا ء الصحابة منهم ‪ :‬أابف بن‬
‫عثماف(‪ ,)2‬كعركة بن الزبري(‪ )3‬كعبد هللا بن أيب بكر بن حزـ األنصارم(ت ‪135‬ىػ) كعاصم بن عمرك‬
‫بن قتادة األنصارم(‪ )4‬كابن شهاب الزىرم(‪ ,)5‬كىؤال ء أعظم مؤرخي ادلغازم كالسرية الذم يرجع ذلم‬
‫الفضل يف توضيح خطوط السرية ‪,‬كيف أتسيس ادلدرسة التارخيية يف ادلدينة كدمحم بن اسحق(ت‬
‫‪152‬ىػ)(‪.)6‬‬
‫أما االجتاه الثاين فهو مدرسة العراؽ كاليت قامت على النشاط القبلي‪ ,‬كالذم برز يف مدينيت البصرة‬
‫كالكوفة(‪ ,)7‬كسبيزت بتناكؿ ادلوضوعات اخلاصة ابدلعارؾ كالفتوح اإلسالمية كدراسة األنساب‪ -‬نتيجة‬
‫طبيعية للصراع احلزيب كلإلقليمية القبلية ‪ -‬كيف نفس الوقت كجد يف ىذه ادلدرسة كتاابن للسرية ك ادلغازم‬
‫منهم معمر بن راشد اليماين البصرم (ت‪ 150‬ىػ)(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬ىاملتوف ج ‪ ,‬دراسات يف حضارة اإلسالـ ‪137_126 ,‬‬


‫(‪ )2‬إابف بن عثماف بن عفاف القرشي أكؿ من كت يف السرية النبوية شارؾ يف كقعة اجلمل مع عائشة توىف سنة ‪105‬ىػ‪723/‬ـ =‬
‫الزركلي ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪.27/1,‬‬
‫(‪ )3‬عركة بن الزبري بن عواـ األسدم أحد الفقها ء السبعة ابدلدينة انتقل إيل البصرة كعاد إيل ادلدينة فتوىف فيها سنة ‪93‬ىػ‪712/‬ـ‬
‫= الزركلي ‪,‬ادلرجع السابق ‪. 26/4,‬‬
‫(‪ )4‬عاصم بن عمرك بن قتادة بن نعماف األنصارم شيخ دمحم بن إسحاؽ إخباراين عالمة ابدلغازم ‪ ,‬توىف سنة ‪120‬ىػ = الذىيب‬
‫‪,‬ادلصدر السابق ‪.116/1,‬‬
‫دكف احلديث اتبعي من أىل ادلدينة نزؿ ابلشاـ‬
‫(‪ )5‬دمحم بن مسلم بن عبد هللا بن شهاب الزىرم من بين زىرة بن كالب أكؿ من ّ‬
‫كاستقر هبا توىف سنة ‪124‬ىػ‪742/‬ـ= الزركلي ‪,‬ادلرجع السابق ‪.97/7,‬‬
‫(‪ )6‬عبد العزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪ 23‬؛السيد عبد العزيز سامل ‪,‬اتريخ الدكلة العربية ‪.425/2 ,‬‬
‫(‪ )7‬إمساعيل نورم الربيعي ‪,‬مفهوـ التاريخ عند العرب ‪,‬ص‪. 70‬‬
‫(‪ )8‬السيد عبد العزيز سامل‪ ,‬اتريخ الدكلة العربية ‪. 427/2 ,‬‬

‫‪2:1‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫لقد شهد القرف الثاين للهجرة ‪ ,‬نشاط اإلخباريني كاللغويني كالنسابني كالن يف حقلو كديثل‬
‫اإلخباريوف خط الدراسة التارخيية(‪ ,)1‬كمن أشهر كتّاب ىذه ادلدرسة أبو سلنف لوط بن حيي األزدم ‪,‬‬
‫(‪)3‬‬
‫كسيف بن عمر الكويف األسدم كعوانة بن احلكم الكويف(‪ ,)2‬كدمحم بن السائ الكليب‬
‫كيف ىذه الفًتة كجد نوع من التخصص احمللي يف ركاية األخبار ‪ ,‬فكاف لكل قطر من األقطار‬
‫اإلسالمية ادلهمة ‪,‬إخباريوف اختصوا جبمع أخباره كتدكينها مثل أيب سلنف سالف الذكر كىو الذم كت‬
‫أخبار العراؽ ‪,‬ك ادلدائين الذم كت أخبار خراساف ك اذلند ‪ ,‬كالواقدم الذم دكف أخبار احلجاز(‪.)4‬‬
‫إف التاريخ بدأ عند ادلسلمني على أنو فرع من علم احلديث ‪,‬حيث أتثر بطريقة كأسلوب‬
‫احملدثني يف عمع الركاة التارخيية ‪,‬كنقدىا فكاف أىل السرية كادلغازم كاألخبار جيمعوف مأثور الركاة ك‬
‫يدكنوهنا مع إسنادىا غلي مصدرىا األصلي ‪ ,‬كىذا ادلصدر قد يكوف شخصان عرؼ ابلعدؿ ‪,‬لو علم‬
‫مباشر كاضح ابلواقعة ادلركرية ‪,‬فكاف النقد عندىم منصبان على الركاة ال موضوعيان منصبان على ادلركايت‬
‫‪,‬كاتبعوا أيضان طريقة علما ء احلديث ‪,‬علم اجلرح كالتعديل ذاتيان يف تدارس كت التاريخ كتلقينها عن‬
‫مؤلفيها ابلسند ادلتصل قرا ءة كمساعان ك إجازة ‪,‬بل أكثر من ذلك عمعوا ادلركايت أك الركاايت كرتبوىا‬
‫حبس موضوعاهتا يف شكل رسائل أك كت تشبو أبواب احلديث(‪.)5‬‬
‫كإذا كاف التدكين التارخيي للعرب قد خضع يف مرحلتو اإلخبارية لبعض ادلعطيات األسطورية‬
‫كاخلرافية كللتأثر بعض الشي ء ابإلسرائيليات ‪,‬مث خضع يف مرحلة اتلية لتأليف السرية النبوية كلعلم‬
‫احلديث كمناىجو كمصطلحو كدار يف فلكو كأحد العلوـ ادلساعدة اليت كاف ىدفها األساسي معرفة‬
‫رجالو كفقهائو ‪,‬فإف ىذا العلم أخد منذ مطلع القرف الثالث اذلجرم يتحرر من ربقة الركاايت األسطورية‬

‫(‪ )1‬عبد العزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪38‬‬


‫(‪ )2‬عوانة بن احلكم بن عوانة بن عياض من بين كل ‪,‬أبو احلكم ‪ ,‬مؤرخ من أىل الكوفة ‪,‬ضرير‪,‬كاف عادلان ابألنساب كالشعر‬
‫كمهتم بوضع األخبار لبين أمية لو كتاب ‪:‬يف التاريخ كسرية معاكية ‪ ,‬توىف ‪147‬ىػ‪764/‬ـ = الزركلي ‪,‬ادلرجع السابق ‪.93/5 ,‬‬
‫(‪ )3‬السيد عبد العزيز سامل‪ ,‬اتريخ الدكلة العربية ‪. 428_ 427/2,‬‬
‫(‪ )4‬السخاكل ‪ ,‬ادلصدر السابق ‪ ,‬ص ‪.19‬‬
‫(‪ )5‬ابن خباط ‪ ,‬خليفة بن خباط ال ليثي ‪ ,‬اتريخ خليفة بن خياط ‪ ,‬ربقيق سهيل زكار ‪ ,‬كزارة الثقافة ( دمشق ‪1968,‬ـ)‬
‫ص‪52‬‬

‫‪2:2‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫كمن سيطرة الفقها ء الذين رأكا منو رلرد تتمة ضركرية دلنظومة العلوـ الدينية ادلكرسة خلدمة القرآف‬
‫كاحلديث كالفقو(‪.)1‬‬
‫كيف عالقة التاريخ ابلعلوـ اإلسالمية يقوؿ السخاوي ‪ " :‬أما فائدة التاريخ فمعرفة األمور على‬
‫كجهها كمن أجل فوائده أنو أحد الطرؽ اليت يعلم هبا النسخ يف أحد اخلربين ادلتعارضني ادلتعذر اجلمع‬
‫بينهما ‪ ,‬إما ابإلضافة لوقت متأخر كرأيتو قبل أف ديوت بعاـ اك ضلوه ‪ ,‬أك عن صحابيو متأخر كقد‬
‫يكونو بتصريح الراكم كقولو ‪ :‬كاف آخر األمرين من النيب" صلي هللا عليو كسلم " من ترؾ الوضو ء شلا‬
‫مست النار"(‪.)2‬‬
‫ففي القرف الثالثة االكيل من اذلجرة مل يدكف ادلؤرخوف ادلسلموف تعريفان لعلم التاريخ ك إمنا كانوا‬
‫يكتفوف بذكر فوائده كأغراضو ‪".‬يقوؿ خليفة بن خياط "ىذا كتاب التاريخ كابلتاريخ عرؼ الناس أمر‬
‫حجهم كصومهم كانقضا ء عدة نسائهم كمهل ديوهنم "(‪.)3‬‬
‫اثلثاً ‪ -:‬استقالل الكتاابت التارخيية عن العلوم اإلسالمية و أسباهبا ‪:‬‬
‫كمنذ بداية القرف الثالث اذلجرم كحىت أكائل القرف الرابع أخذت تظهر بداايت التأليف التارخيي‬
‫دبعناه الواسع ك أخد العلم التاريخ يستقل على العلوـ اإلسالمية ‪,‬كنالح زايدة جوىرية يف حجم‬
‫ادلادة التارخيية وازدايد مصادرىا وتنوع موادىا واتساق مناىج أتليفها وصارت ادلعرفة التارخيية‬
‫تطلب لذاهتا ‪،‬ال خلدمة علم آخر من العلوم ‪,‬كصار اذلدؼ فن كتابة التاريخ علمان ّ‬
‫كرس نفسو خلدمة‬
‫ىذه الدكلة القوية كتسجيل مآثرىا كرصد أحداثها كبريىا كصغريىا(‪.)4‬‬
‫كقبل دراسة ىذا التطور يف الكتابة التارخيية من حيث الطريقة كادلنهج كاألسلوب جي التنبيو أكالن‬
‫تجمموعة من العوامل واألسباب اليت أدت إيل ىذا التطور ‪:‬‬

‫(‪)1‬عبد العزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪. 24‬‬


‫(‪ )2‬ادلرجع نفسو ‪,‬ص‪. 25- 24‬‬
‫(‪ )3‬دمحم عبد الكرمي الوايف ‪,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص‪. 248-247‬‬
‫(‪ )4‬ادلرجع نفسو ‪,‬ص‪248-232‬‬

‫‪2:3‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫دب يف أكصاؿ األمة اإلسالمية ابتدا ءن من القرف الثالث اذلجرم‬ ‫حيث شهدت ىذه ادلرحلة نشاطان َّ‬ ‫‪-‬‬
‫يف رلاؿ التأليف كالتصنيف يف شيت فركع العلم ‪,‬كمن بينها التأريخ بفعل احلافز اجلديد الذم تول ّد‬
‫يف ارتفاع مستوايت الثقافة ادلادية يف نواحي عديدة ابالطالع كاالنتقادات(‪.)1‬‬
‫انتفاع ادلؤرخني دبا عثركا عليو من سللفات الدكلة األموية كعهد اخللفا ء الراشدين قبلها ‪ ,‬كما تبقي‬ ‫‪-‬‬
‫عنهم من سجالت ككاثئق تتضَّمن مراسالهتم السياسية كمعاىداهتم الرمسية كانتفعوا أيضان دبا كجدكه‬
‫مدكانن من أحداث القرف األكؿ للهجرة ‪,‬كما صادفوه من تراجم أك ركاايت عن كبار الشخصيات‬
‫كقواد كعماؿ ك قضاه ‪,‬ككالة ك أمرا ء للحج إيل جان أكصاؼ احلركب كالفتوحات ك‬ ‫من خلفا ء ّ‬
‫كقائع الغزك(‪.)2‬‬
‫احتكاؾ ادلسلمني بشعوب كأمم ذلا اتريخ عريق ‪,‬أدم إيل عناية العرب إببراز اترخيهم ك الكتابة‬ ‫‪-‬‬
‫على فتوحاهتم كانتصاراهتم ‪,‬كحضارهتم القددية كاجلديدة يف ظل اإلسالـ كانتشاره كشجعهم اخللفا ء‬
‫كحكاـ األمصار اإلسالمية عليها(‪.)3‬‬
‫كما زادت ادلادة التارخيية نتيجة استقرار دكاكين الدكلة العباسية خاصة دكاكين اإلنشا ء ‪,‬كاخلراج‬ ‫‪-‬‬
‫كاجلند كالربيد ‪,‬ما أمكن لرجاؿ التاريخ االنتفاع دبا يف ىذه الدكاكين من معلومات ‪.‬فاحتوت‬
‫كتاابت القرف الثالث على عهود رمسية كمراسالت سياسية كإحصا ءات للمواليد كالوفيات‬
‫كمعلومات غزيرة من رجاؿ كبار الدكلة من كزرا ء كالقادة كعماؿ الوالايت(‪.)4‬‬
‫سهولة االنتقاؿ يف أضلا ء الدكلة اإلسالمية شجع الرحلة يف طل العلم كىي حركة بدأ أىل‬ ‫‪-‬‬
‫احلديث يف سبيل عمع األحاديث كتصنيفها كىذه االتصاالت أدت إيل تبادؿ األثري من انحية‬
‫األسلوب كالنظرة التارخيية(‪.)5‬‬
‫ظهور كاتساع حركة الًتعمة من اللغات األجنبية إيل العربية ‪,‬كتشجيع اخللفا ء على ازدايد على‬ ‫‪-‬‬
‫ازدايد ىذه احلركة يف العامل اإلسالمي‪ ,‬فًتعمت ادلؤلفات الفارسية كالسراينية كاليواننية كالالتينية‬

‫(‪ )1‬سعد بدير احللواين ‪ ,‬أتريخ التأريخ – مدخل إيل علم التاريخ كمناىج البحث فيو‪ ,‬ط‪ ,2‬دار ضيا ء(السعودية ‪ 1999,‬ـ) ص‬
‫‪.78‬‬
‫(‪ )2‬دمحم عبد الكرمي الوايف ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪. 232‬‬
‫(‪ )3‬سعد بدير احللواين ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪. 78‬‬
‫(‪ )4‬يسرم عبد الغين عبد هللا‪ ,‬معجم ادلؤرخني ادلسلمني حىت القرف ‪ , 12‬دار الكت العلمية(بريكت ‪1991,‬ـ) ص ‪.25‬‬
‫(‪ )5‬عبد العزيز الدكرم ‪,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص ‪. 78‬‬

‫‪2:4‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫كغريىا ‪ .‬األمر الذم ساعد على إطالع ادلسلمني على ثقافات األمم األخرل كطريقتهم كمنهجهم‬
‫يف الكتابة التارخيية شلا دفع ادلسلمني لصهر كل ىذه ادلناىج كالثقافات كادلعارؼ يف بوقعو إسالمية‬
‫خالصة أنتجت التطور كادلنهج العريب اإلسالمي(‪.)1‬‬
‫‪ -‬ككاف الستخداـ الورؽ األثر العظيم يف تطور الكتابة التارخيية عند ادلسلمني ‪ ,‬كال سيما بعد‬
‫أتسيس أكؿ مصنع للورؽ يف بغداد سنة ‪178‬ىػ ‪794/‬ـ‪ ,‬ك بو شاعت الكتابة‪.‬‬
‫‪ -‬كما استلزـ النظاـ العطا ء اجلديد كاجلند الذم ُرت حس األنساب كحس األسبقية يف‬
‫اإلسالـ ‪ ,‬أف تكوف ىناؾ مدكانت اثبتة ساعدت كمصادر على الكتابة التارخيية كال سيما كت‬
‫الطبقات(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫إف تطور الكتابة التارخيية يعترب جزءاً حيوايً من التطور الثقايف ‪,‬فالركاايت ادلبعثرة يف األخبار‬
‫كاحلديث كاألنساب صارت ذبمع ‪ ,‬كظهر التاريخ بصورة اثبتة حني بدأ استعماؿ الكتابة حلف األخبار‬
‫ك الركاايت(‪ ,)3‬ككثرت ادلادة التارخيية فاذبو الكثري من العلما ء ك ثقاؼ ادلؤرخني لدراسة التاريخ‬
‫أجل علوـ ادلسلمني(‪ ,)4‬كظهر ادلؤرخوف الكبار‬
‫كالتأليف فيو مث أخد التاريخ مظهره الرائع على أنو من ّ‬
‫الذين أفادكا من كت األخبار ‪,‬فأعادكا تنظيم مادهتا كدرلوا بينها يف مصنفات كبرية ‪ ,‬كمسيت بكت‬
‫التاريخ كقد سبيزت بشموذلا ألحداث الدكلة اإلسالمية دكف االقتصار على إقليم بعينو كما سبيز معظمها‬
‫ابتباع نظاـ احلوليات ‪,‬كما ظهر التصنيف يف ادلوضوعات اخلاصة كتواريخ ادلدف أك كت تراجم اخللفا ء‬
‫كالوزرا ء كالقضاة كالكتاب كالعلما ء كاألداب ء كالشعرا ء كغريىم ‪ ,‬أك كت اإلدارة كالنظم أك كت البلداف‬
‫كادلسالك أك كت األنساب(‪.)5‬‬
‫ورلمل القول أنو أضحى ذلذا العلم رجالو ك متخصصوه ‪,‬كصارت اىتماماتو أكسع من ذم قبل‬
‫النبوة أك مرحلة اخللفا ء الراشدين بل ذباكزت ذلك إىل‬
‫‪,‬فلم تعتد تقتصر على تدكين أحداث مرحلة ّ‬
‫رصد كل ما ديس نشاطات الدكلة ككل أحداثها كمراحل تطورىا ‪,‬كىكذا قفر مفهوـ التاريخ منذ القرف‬

‫(‪ )1‬سعد بدير احللواين ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪. 80‬‬


‫(‪ )2‬ادلرجع نفسو ‪,‬ص ‪.80‬‬
‫(‪ )3‬عبد العزيز الدكرم ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.65‬‬
‫(‪ )4‬يسرل عبد الغين عبد هللا‪ ,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪.26‬‬
‫(‪ )5‬أكرـ ضيا ء العمرم ‪ ,‬موارد اخلطي البغدادم ‪ ,‬دار طيبة (الرايض ‪1985,‬ـ) ص ‪.123‬‬

‫‪2:5‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ينص على األخبار اجلاىلية كعلى السري ك ادلغازم ك الطبقات ك الفتوح‬ ‫الثالث للهجرة من رلرد علم ّ‬
‫‪,‬فدكف ادلؤرخوف‬
‫إيل علم يشمل التواريخ العامة سوا ء اتريخ األمة اإلسالمية أك تواريخ األمم األخرل ّ‬
‫الذين ال حيصى عددىم أحداث ك أخبار الدكلة العربية اإلسالمية بكل تفصيالتو(‪.)1‬‬
‫رابعاً ‪ :‬تطور الكتابة التارخيية عند ادلسلمني يف القرن الرابع اذلجري ‪:‬‬
‫لقد شهد القرف الرابع استقالؿ علم التاريخ كاكتماؿ نضوجو‪ ,‬حيث اعًتؼ بو كعلم بعد أف كاف‬
‫ال يدخل يف عملة العلوـ ‪,‬حيث انفصل عن علم احلديث‪ ,‬فقد زبلي علم التاريخ عن طريقة احملدثني يف‬
‫التوثيق ‪,‬كىي طريقة اإلسناد اليت شاع استخدامها يف كت التاريخ قبل انفصاؿ التاريخ عن علم‬
‫احلديث(‪ ,)2‬فقد كانت الشهادة على مساع اخلرب من الرسوؿ "ملسو هيلع هللا ىلص " كالشهادة على السماع أكؿ خطوة‬
‫من خطوات اإلسناد كىي اليت مهدت لقيامو بعد ذلك كعنها تطور‪ ,‬يقوؿ ابن سريين ( ت‪110‬‬
‫ىػ)‪ )3(":‬مل يكونوا يسألوف عن اإلسناد ‪,‬حىت كقعت الفتنة ‪,‬فلما كقعت نظر من كاف من أىل السنة‬
‫أخذكا حديثة كمن كانوا من أىل البدعة تركوا حديثة " ‪.‬فاإلسناد مل يظهر فجأة كإمنا ت ّدرج مع العصر‬
‫كطاؿ بطوؿ الزماف ‪,‬ككلما قرب العهد ابدلصدر األصلي للخرب مل تكن ىناؾ حاجة ابعثة على التزاـ‬
‫اإلسناد ‪,‬فحس الراكم أف يعزل اخلرب إيل قائلو ‪,‬كمن مث مل ينتشر يف عصر الصحابة كال كبار‬
‫التابعني(‪.)4‬‬
‫كدبا أف أغل ادلؤرخني كانوا من علما ء الدين كاللغة لذا فقد أتثر فكرىم أك منهجهم التارخيي‬
‫خبلفياهتم الثقافية كاليت كانت دينية يف ادلقاـ األكؿ لذا فقد استخدموا منهج اإلسناد يف الكتابة التارخيية‬
‫كلكن يف القرف الرابع اذلجرم ازداد االذباه يف التخلي عن ىذا ادلنهج من خالؿ إسقاط األسانيد ك‬
‫العناية ابدلنت(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬دمحم عبد الكرمي الوايف ‪,‬منهج البحث يف التاريخ ‪,‬ص ‪. 249-248‬‬
‫(‪ )2‬غادة كماؿ السيد‪ ,‬مسكويو مؤرخا‪ ,‬رسالة دكتوراه يف التاريخ بكلية اآلداب جامعة عني مشس (القاىرة ‪ 2009,‬ـ) ص‬
‫‪.26-24‬‬
‫(‪ )3‬دمحم بن سريين البصرم‪ ,‬إماـ كقتو يف علوـ الدين ابلبصرة اتبعي من أشراؼ الكتاب تفقو كركم احلديث ينس لو كتاب‬
‫(تعبري الرؤاي) ‪.‬تويف سنة ‪110‬ىػ‪729/‬ـ = الزركلي ‪,‬ادلرجع السابق ‪.154/6‬‬
‫(‪ )4‬عثماف مواىف ‪,‬منهج النقد التارخيي اإلسالمي‪ ,‬كادلنهج األكركيب‪ ,‬دار ادلعرفة اجلامعية ( االسكندرية ‪ )1996 ,‬ص ‪.38-36‬‬
‫(‪ )5‬غادة كماؿ عبد السيد ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪. 26‬؛ صائ عبد احلميد ‪,‬علم التاريخ كمناىج ادلؤرخني ‪( ,‬بريكت – ‪2001‬ـ)‬
‫‪2001‬ـ) ص ‪. 151‬‬

‫‪2:6‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫إ ّف سقوط اإلسناد الذم كاف يتقدـ األخبار مسندان ما فيها إيل ركاهتا ‪,‬راكية بعد راكية ىو إعالف‬
‫للتاريخ ابستقاللو عن علم احلديث وقد أسهم يف الوصول إيل ىذه ادلرحلة عدد من العوامل منها ‪:‬‬
‫انتشار الورؽ كادلخطوط ادلكتوب(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬
‫سبس اتريخ القركف السابقة ‪,‬حيث مل يعد ىناؾ من سب إيل‬ ‫تثبت حقائق األحداث التارخيية اليت ُّ‬ ‫‪-‬‬
‫تكرار األسانيد كالعنعنات ابلنسبة لكل حدث اترخيي ‪,‬إذ أف الطربم منذ القرف الرابع اذلجرم ‪,‬قد‬
‫تكفَّل يف كتابو "الرسل ك ادللوؾ " بتقصي األسانيد التارخيية على ضلو مل يعد حباجة إيل أتكيد من‬
‫قبل ادلؤرخني التالني عنو(‪.)2‬‬
‫ادلدكف بعكس ما كاف من قبل‬ ‫عدـ ترت أمور فقهية شرعية أك حياتية ىامة على التاريخ َّ‬ ‫‪-‬‬
‫يستوج ربرم الدقة يف التدكين كالصحة(‪.)3‬‬
‫أنتشار التدكين حبيث أصبح ادلؤرخ ادلسلم يعتمد يف كتاابتو التارخيية إيل جان الذاكرة كاحلف‬ ‫‪-‬‬
‫على الكت التارخيية اليت سبقو يف كتابتها ادلؤرخوف األكلوف ‪.‬كمل يلبث ادلؤرخ ادلسلم أف ربرر‬
‫تدرجييان من طريقة اإلسناد اليت كانت تلزـ ادلؤرخ أبف يكوف رلرد إخبارم (أم انقل للخرب) ‪,‬إيل‬
‫الكتابة ادلرسلة اليت تعين ابخلرب ذاتو كمناقشتو(‪.)4‬‬
‫الرغبة يف االختصار مع تضخم ادلادة ادلتزايد كعدـ مطالبة الناس بسند للحدث التارخيي يوازم‬ ‫‪-‬‬
‫تشددىم يف تطل السند للحديث النبوم(‪.)5‬‬
‫أصبحت الواثئق مصدران كمرجعان أساسيان ألغل مؤرخي القرف الرابع اذلجرم ‪ ,‬ألف كثريان منهم‬ ‫‪-‬‬
‫كانوا يعملوف يف دكاكين الدكلة كيف البالط السياسي ‪,‬على ضلو يسري ذلم لالطالع على ىذه‬
‫الواثئق(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬شاكر مصطفي ‪,‬التاريخ العريب كادلؤرخوف ‪,‬ط‪ , 2‬دار العلم للماليني (بريكت‪1980-‬ـ) ‪.378/1‬‬
‫(‪ )2‬دمحم عبد الكرمي الوايف ‪,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.213‬‬
‫(‪ )3‬شاكر مصطفي ‪,‬ادلرجع السابق ‪.378/1,‬‬
‫(‪ )4‬السيد عبد العزيز سامل ‪,‬التاريخ كادلؤرخوف العرب ‪,‬ص ‪.75‬‬
‫(‪ )5‬شاكر مصطفي ‪,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ط‪ ,1‬ص ‪.378‬‬
‫(‪ )6‬غادة كماؿ السيد ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪. 27‬‬

‫‪2:7‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ -‬انصراؼ التاريخ إيل أمور الدنيا ‪.‬فبعد أف كاف يتخذ ادلسوغ الديين سببان لوجوده ‪,‬سلك جان‬
‫آخر ‪,‬كىو القيمة األخالقية لدراستو ‪,‬أم أنو خيلد ذكر األعماؿ الصاحلة كالسيئة لتكوف عربة‬
‫األجياؿ ادلقبلة(‪.)1‬‬
‫كقد حاكؿ العديد من ادلؤرخني اإلبقا ء على إشارة موجزة يف مطلع اخلرب تشيد إيل ادلصدر‪,‬‬
‫ككانت خطوة ىامة ضلو التوثيق التارخيي ادلستقل أبف يلتزـ ادلؤرخ بذكر ادلصادر اليت نقل عنها أخبارىم‬
‫كنصوصهم ‪,‬فبعضهم كاف يعزك كل خرب إيل ادلؤلف أك الكات الذم أخد عنو بشكل موجز قد يقتصر‬
‫على كلميت "قاؿ فالف" يف أحياف كثرية ‪,‬كبعضهم استغين عن اإلسناد يف صل الكتاب ‪,‬كعمعها عميعان‬
‫عند مقدمتو يف سالسل كجعلها ادلصدر اإلعمايل دلا يركيو ‪,‬كبعضهم جيمع يف أمسا ء الكت اليت‬
‫اعتمدىا كيضعها يف ادلطلع(‪.)2‬‬
‫لقد ظهر فريق من ادلؤرخني ادلسلمني ابتعدكا يف كتاابهتم عن طريقة اإلسناد كاكتفوا إبيراد اخلرب‬
‫غري مسند إيل صاحبو ‪.‬ككاف ىؤال ء يكتفوف بذكر مصادرىم التارخيية يف مقدمات كتبهم مع دراستها يف‬
‫بعض األحياف دراسة نقدية(‪ ,)3‬فكانوا يصفوف الكتاب ادلخطوط كمكاف كجوده كأحياانن اسم انسخو‬
‫كاسم من ديلك الكتاب أك من أىداه أك أعاره(‪.)4‬‬
‫مصدرا كافينا للكتابة‬
‫ن‬ ‫فبعد انتشار التدكين كسبكن التاريخ يف النفوس فإف الركاية ادلسندة مل تعد‬
‫التارخيية‪ ,‬كأبدلت األسانيد ابلكت كىو ما عرؼ ابلتاريخ السندم أك أسانيد الكت ‪ ,‬كيف ذلك تطور‬
‫علمي كاضح يف اذباه ادلوضوعية التارخيية‪ ,‬السيما كأف ادلؤرخني ادلسلمني يف أم كقت مل يكونوا‬
‫يستطيعوف أف يكتبوا التاريخ دكف أف يذكركا ادلصادر اليت استقوا منها أخبارىم‪ ,‬فكاف حرص ادلؤرخني‬
‫ادلسلمني على ذكر الكت اليت استقوا منها أخبارىم يف معظم آتلفيهم إضافة جديدة إلبداعهم يف ىذا‬
‫العلم(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ىاملتوف ج ‪,‬دراسات يف حضارة اإلسالـ ‪,‬ص ‪.147‬‬


‫(‪ )2‬شاكر مصطفي ‪,‬ادلرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.379 - 378‬‬
‫(‪ )3‬السيد عبد العزيز سامل ‪,‬التاريخ كادلؤرخوف العرب ‪,‬ص‪.76-75‬‬
‫(‪ )4‬شاكر مصطفي ‪,‬ادلرجع السابق ‪379/2,‬؛ غادة كماؿ السيد ‪,‬ادلرجع السابق‪ ,‬ص‪. 27‬‬
‫(‪ )5‬أنور دمحم زانيت‪ ,‬علم التاريخ كاذباىات تفسريه‪ ,‬مكتبة األصللو ادلصرية‪( ,‬القاىرة‪2007 ,‬ـ)‪ ,‬ص‪.17‬‬

‫‪2:8‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫إف زبلي التاريخ عن السند كاستغنائو عنو ال يعين إمهاؿ التوثيق كربرم الدقة يف النقل كإمنا انتهج‬
‫بذلك طرائقو اخلاصة على ضلو أدم إيل تطور الكتابة التارخيية ‪,‬فلم يهمل ادلؤرخوف ذكر مصادرىم‬
‫إمهاالن اتمان إال يف ادلوجزات احلولية كادلختصرات للتواريخ العامة(‪.)1‬‬
‫ويف القرن الرابع تطور الفكر التارخيي حيث انفصل علم التاريخ عن علم احلديث كارتبط‬
‫ببعض العلوـ األخرل كالفلسفة كادلنطق كالفلك كغريىا من العلوـ اليت تطورت خالؿ ىذا القرف حيث‬
‫مت الربط بني التاريخ كالفلسفة ‪,‬كما استخدـ علم الفلك يف أتريخ بعض األحداث التارخيية ‪,‬كمزج علم‬
‫التاريخ بعلم السياسة(‪.)2‬‬
‫لقد ربددت معامل علم التاريخ يف القرف الرابع سوا ء من حيث ادلادة أك األحداث التارخيية ‪,‬فمن‬
‫حيث ادلادة فإهنا تعددت بتعدد ادلراكز السياسية يف البالد اإلسالمية(‪ ,)3‬كاختاركا مادة التاريخ بعد‬
‫النقد يف سلتلف ادلصادر ‪,‬كنظموىا يف كت خاصة طبق أسلوب اترة ىو حويل كاترة يتبع األنساب‬
‫كاثلثة خيتار موضوعو اختياران يف احلوادث ادلختلفة ‪ ,‬كامتازكا بفهمهم للتاريخ ابدلعين الشامل ‪,‬فأفقهم يف‬
‫اجلملة عادلي ‪,‬كاإلسالـ عندىم أمة كاحدة ‪,‬كاالذباه القبلي أك الديين عندىم ضعيف أماـ قوة العملية‬
‫التارخيية(‪.)4‬‬
‫كما أدم تنظيم الدكاكين إيل إحالؿ طبقة الكتاب كجلسا ء اخللفا ء يف الدرجة األكيل بني الثقاؼ‬
‫يف التاريخ السياسي ‪,‬كإيل كضع علما ء الدين يف ادلرتبة الثانية ‪,‬فقد أصبح تدكين التاريخ السياسي يف‬
‫منتصف القرف الرابع اذلجرم ‪,‬يف الغال ‪,‬مهمة ادلوظفني كادلقربني يف البالط ‪,‬كقد أثر ىذا التغيري يف‬
‫الشكل كادلوضوع ك الركح على سوا ء ‪,‬ككانت كتابة التاريخ لألحداث اجلارية عملية سهلة مسلّية لذكم‬
‫اخلربة من الكتّاب كرجاؿ الدين ‪,‬ككانت مصادر أخبارىم ىي الواثئق الرمسية كاالتصاالت الشخصية‬
‫‪,‬كما يدكر من حديث بني ادلوظفني كادلقربني يف البالط ‪,‬شلا اقتصر اإلسناد فيها إيل إشارة موجزة إيل‬
‫ادلصدر ‪,‬كاستبعد ادلفهوـ الديين القدمي ‪,‬الذم كاف قد أسب على التاريخ سعة األفق كاالحًتاـ ‪.‬كجخ‬

‫(‪ )1‬شاكر مصطفي ‪,‬ادلرجع السابق ‪. 380/2,‬‬


‫(‪ )2‬غادة كماؿ السيد ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص‪. 25 - 24‬‬
‫(‪ )3‬دمحم نصر مهنا‪ ,‬التدكين التارخيي كدكر ادلخطوطات السياسية يف العامل اإلسالمي ‪,‬ط‪(,1‬القاىرة‪1966 -‬ـ) ص ‪.92‬‬
‫(‪ )4‬شاكر مصطفي ‪,‬ادلرجع السابق ‪.202/1,‬‬

‫‪2:9‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫التاريخ احلويل ؛إيل تركيز االىتماـ يف أعماؿ احلاكم كاحلاشية ‪,‬كمن انحية أخرل فاألخبار يف مؤلفات‬
‫الكتاب عن األحداث اخلارجية يف ذلك العصر صادقة بوجو عاـ(‪.)1‬‬
‫ككاف طبيعيان أف تكوف بغداد بسب مكانتها السياسية كالدينية كالعلمية أكرب مركز للتدكين التارخيي‬
‫يف ادلشرؽ اإلسالمي ألنو ما يف عامل كبري إال رحل إليها يف طل العلم أك قصدىا ‪,‬ليشتهر كيعرؼ على‬
‫النطاؽ اإلسالمي األكسع(‪.)2‬‬
‫ككما تطورت الكتاابت التارخيية من حيث الطريقة تطورت من حيث األسلوب ‪,‬فبعد أف كانت‬
‫ذبمع يف معظمها ؛يف صورة عمل قصرية جافة ال ترتبط فيما بينها بصلة تطور األسلوب إيل أف أصبح‬
‫مرسالن بسيطان سهالن ذبن فيو الزخرفة اللفظية كاأللفاظ الدارجة ‪,‬كاىتم إببراز ادلادة التارخيية يف عبارات‬
‫توضح ادلعين ادلقصود يف براعة يستسقيها القارئ ‪ ,‬كيظهر عليها الوضوح ‪,‬كخال كذلك من األشعار‬
‫اليت كانت تفصل أحياانن سياؽ األحداث التارخيية(‪ ,)3‬كعمد بعض ادلؤرخني إيل اجلمع بني الكتابة‬
‫ادلرسلة السهلة كبني العبارات ادلسجوعة(‪.)4‬‬
‫إف اىتماـ الناس بعملية التدكين التارخيي ك إقباذلم عليها كاف يف الواقع جز ءان من تلك الفعاليات‬
‫الواسعة اليت مشلت عميع نواحي احلياة كعميع فركع ادلعارؼ يف ذلك القرف ‪,‬الذم ديكن أف يعترب فًتة‬
‫األكج كالنضج يف احلضارة العربية اإلسالمية(‪.)5‬‬
‫لقد نشطت الكتاابت التارخيية تشاطان عظيمان ‪,‬فمن كتابة يف اتريخ السرية النبوية ‪,‬إيل كتابة يف‬
‫األحداث اإلسالمية ك األمم كالدكؿ ‪,‬ككتابة يف ادلدف ككتابة يف الًتاجم كالطبقات ‪ ,‬كألفت كت يف الوزرا ء‬
‫ككتّاب الدكاكين كأفردت كت ألخبار العباسيني كأشعارىم ككانوا ال يًتكوف يف التاريخ جانبان إال رصدكه‬
‫كدكنوه(‪ ,)6‬فزادت ادلؤلفات التارخيية الزدايد ادلوضوعات ادلطركقة حيث بدأ االىتماـ بدراسة‬ ‫كسجلوه ّ‬
‫ّ‬
‫التاريخ ‪,‬فظهرت مؤلفات يف فن القصص التاريخ ككت الدايرات اليت تدخل يف إطار موضوعات التاريخ‬

‫(‪ )1‬ىاملتوف ج ‪ ,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪.146 -144‬‬


‫(‪ )2‬شاكر مصطفي‪ ,‬ادلرجع السابق ‪.273/1,‬‬
‫(‪ )3‬السيد عبد العزيز سامل ‪,‬التاريخ كادلؤرخوف ‪,‬ص ‪. 78-77‬‬
‫(‪ )4‬سعد بدير احللواين ‪,‬أتريخ التاريخ ‪,‬ص‪. 77‬‬
‫(‪ )5‬شاكر مصطفي ‪,‬التاريخ العرب كادلؤرخوف ‪,‬ط‪.274/1‬‬
‫(‪ )6‬شوقي ضيف‪ ,‬اتريخ األدب العريب ‪,‬ط‪,13‬دار ادلعارؼ (القاىرة ‪1973,‬ـ) ‪160 – 158 – 157 /3‬‬

‫‪2::‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫عن أخبار الفركسية كاحلرب‬ ‫اخلاصة أبخبار اذلدااي ك التحف إيل ما كت‬ ‫احلضارم ‪,‬فضالن عن الكت‬
‫كالسالح(‪.)1‬‬
‫كما جرم االىتماـ دبوضوعات التاريخ االقتصادم ك االجتماعي من قبل بعض ادلؤرخني كعرضت‬
‫كت اخلراج ك األمواؿ‪ ,‬ككت األحكاـ السلطانية للنظم االقتصادية جنبان إيل جن النظم السياسية‬
‫كاإلدارية كالعسكرية‪ ,‬ابإلضافة إيل بعض ادلؤلفات اليت تناكلت أحد اجلوان االقتصادية فالسكة كالنقود أك‬
‫ادلوا زين كادلكاييل ‪,‬كظهر االىتماـ ابلبعد االجتماعي يف بعض ادلؤلفات التارخيية اليت تناكلت أخبار‬
‫الطبقات كال سيما طبقات العامة فضالن عن األخبار اخلاصة بعادات كتقاليد اتجمتمع كغريىا من ادلظاىر‬
‫االجتماعية (‪.)2‬‬
‫كمع ىذا التطور كالتنوع يف الكتاابت التارخيية عند ادلسلمني إال أهنم مل يسلموا من انتقادات يف‬
‫منهجهم كمن ذلك كما قيل عن فقداف ركح النقد يف كتاابهتم‪ ,‬ك إذا علمنا منهج ادلؤرخني ادلسلمني يف‬
‫كتاابهتم بطلت ىذه االنتقادات ‪,‬فادلؤرخ ادلسلم يف ذلك العصر كانت مهمتو تقتصر يف األغل على النقل‬
‫األمني كمن مثّ غل الطابع الركائي على كتاابهتم التارخيية كأصبح التاريخ عندىم رلرد راكية ألحداث‬
‫ادلاضي‪ ,‬فحس ادلؤرخ عندىم صدؽ النقل ك أمانتو ‪,‬فادلؤرخ الذم يقوـ عملو على نقل األخبار بال تفسري‬
‫ك نقد ‪,‬يقدـ دلن خلفو ضماف اإلخالص كالعدؿ ‪,‬أكثر شلا يقدـ لنا الكات الذم يعرض الواثئق شلحصة‬
‫مشوىو كحق ما يعتقده عن حسن نية أك عن غرض عن صدؽ أك كذب(‪.)3‬‬ ‫أك ّ‬
‫يقوؿ الطربم‪ ..." :‬فما يكن يف كتايب ىذا من خرب ذكرانه عن بعض ادلاضيني‪ ,‬شلا يستنكره قارئو أك‬
‫يستشنعو سامعو ‪,‬من أجل أنو مل يعرؼ لو كجهان من الصحة كال معين من احلقيقة ‪.‬فليعلم أنو مل أيت يف‬
‫ذلك من قبلنا ‪.‬كإمنا أكيت من قمبل بعض انقليو إلينا ‪.‬كإمنا أدينا ذلك على ضلو ما أؤدم إلينا ‪.)4("...‬‬
‫كيف ذلك يقوؿ مؤلف كتاب منهج النقد التارخيي اإلسالمي‪ " :‬كإحقاقان للحق ‪,‬فإف ىذا احلكم‬
‫ينطبق على ادلعرفة التارخيية بصفة عامة يف العصور الوسطي ‪,‬ال ادلعرفة التارخيية اإلسالمية ‪,‬فحس ‪.‬كمرد‬
‫ىذا ‪.‬اتصاؿ ادلعرفة التارخيية ابدلعرفة الدينية منذ نشأهتا يف البيئة اإلسالمية بصفة خاصة ‪,‬كاتصاذلا بفلسفة‬

‫(‪ )1‬غادة كماؿ السيد‪ ,‬مسكويو مؤرخان ‪,‬ص ‪.25 -24‬‬


‫(‪ )2‬ادلرجع نفسو ‪,‬ص ‪.26 -25‬‬
‫(‪ )3‬عثماف الوايف ‪,‬منهج النقد التارخيي اإلسالمي ‪.‬كمنهج األكريب ‪ ,‬دار ادلعرفة اجلامعية (اإلسكندرية ‪1996,‬ـ) ص‪. 223‬‬
‫(‪ )4‬الطربم ‪,‬دمحم بن جرير ‪:‬اتريخ الرسل كادللوؾ ‪,‬ربقيق ‪:‬دمحم أبو الفضل إبراىيم ‪,‬دار ادلعارؼ (القاىرة ‪ 1960 ,‬ـ ) ‪,‬ط‪ ,1‬ص‬
‫ص ‪.8‬‬

‫‪311‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫األدايف يف العصور الوسطي بصفة عامة ‪,‬كادلعرفة الدينية على كل حاؿ ‪,‬معرفة نقليو تثبت ابلنقل ك السماع‬
‫كتتطل القبوؿ كالتسليم ‪,‬كعلى ىذا فهي ليست يف حاجة إيل نقد ألهنا فوؽ النقد ‪,‬فتشرب كثريان من‬
‫ادلؤرخني ركحو كفلسفتو ‪,‬كطبقوا كثريان من القواعد ك األصوؿ كإف اختلفت درجة دقتهم يف التطبيق ؛تبعان‬
‫الختالؼ نوع اخلرب كأمهيتو كفًتتو الزمنية"(‪.)1‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫وأخريا خنلص إىل القول‪ :‬أبف القركف الثالثة األكيل للهجرة كانت فًتة التكوين لعلم التاريخ عند‬ ‫ً‬
‫ادلسلمني‪ ,‬فيها كضعت خطط كتابة التاريخ كأساليبها‪ ,‬كقد شهد القرف الرابع عناصر ثقافية أخرم مثل‬
‫اجلغرافيا ك الفلسفة ك الفلك تؤثر يف كتابة التاريخ فتحددت يف ىذا القرف معامل علم التاريخ سوا ء من حيث‬
‫ادلادة أك األىداؼ أك ادلنهج كصار علمان مستقالن بني العلوـ اإلنسانية كاإلسالمية األخرل مسجالن طوران‬
‫جديدان يف تلك ادلسرية كمتأثران بنمو العلوـ األخرل(‪.)2‬‬
‫أبعادا أخرل‪ ,‬كدبنهجية تقوـ دراستها على‬‫كيف ىذا القرف تطورت الكتابة التارخيية عند ادلسلمني لتتخذ ن‬
‫طريقتني كمنهجني مها‪ :‬احلويل (العمودم)‪ ,‬كىي أف ادلؤرخ يبتدئ التاريخ منذ اخلليقة أك منذ ادليالد أك‬
‫ظهور اإلسالـ‪ ,‬حىت ينتهي بعصره‪ ,‬فهي طريقة تصاعدية يف تناكؿ حوادث التاريخ‪ ,‬كالثاين ادلوضوعي‬
‫(األفقي) كىو الذم تقوـ دراستو بشكل يتوزع على ادلكاف أكثر من توزعو على الزماف‪ ,‬فهو يدرس شرائح‬
‫منتخبة من الناس موزعة على اتجمتمع اإلسالمي يف امتداداتو العرضية يف داير اإلسالـ‪.‬‬
‫إف منهج البحث التارخيي عند ادلؤرخني ادلسلمني يسجل ذلم أهنم أكؿ من ضبط احلوادث ابإلسناد‬
‫كالتوقيت الكامل كأهنم مدكا حدكد البحث التارخيي كنوعوا التأليف فيو كأكثركا‪ ,‬إىل درجة أف فاقوا من‬
‫تقدمهم‪ ,‬كمل يلحق هبم من عاصرىم من مؤرخي األمم األخرل‪ ,‬كأهنم حرصوا على العمل جهد طاقتهم‬
‫أبكؿ كاج ادلؤرخ كآخره‪ ,‬كىي الصدؽ يف القوؿ كالنزاىة يف احلكم‪ ,‬كبذلك يكوف ادلؤرخ ادلسلم ىو الذم‬
‫انضجا يف أكركاب يف القرف التاسع‬
‫ن‬ ‫كضع األصوؿ األكىل دلنهج البحث التارخيي العلمي احلديث الذم بدأ‬
‫عشر ادليالدم‪ ,‬كىم الذين تركوا بتلك األصوؿ أثرىم يف مؤرخي أكركاب مطلع العصور احلديثة الذين شرعوا‬
‫بدكرىم منتهجني يف الكتابة التارخيية طريقة النقد كالتمحيص كالتدقيق‪.‬‬

‫(‪ )1‬عثماف الوايف ‪,‬ادلرجع السابق ‪,‬ص ‪.223‬‬


‫(‪ )2‬عبد العزيز الدكرم‪ ,‬نشأة علم التاريخ ‪ 68,‬؛ دمحم نصر مهنا‪ ,‬التدكين يف التاريخ ‪ ,‬ص‪ 92‬؛ غادة كماؿ السيد‪ ,‬مسكويو‬
‫مؤرخا‪ ,‬ص‪ 25‬؛ شاكر مصطفى ‪,‬التاريخ العريب القدمي ‪. 268/1,‬‬

‫‪312‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫مصادر ومراجع البحث‬


‫أوالً‪ :‬ادلصادر‪:‬‬
‫ابن خياط‪ ،‬خليفة بن خياط الليثي (ت‪240‬ىـ‪854/‬م)‬
‫‪ -‬اتريخ خليفة بن خياط‪ ,‬ربقيق سهيل زكار‪ ,‬كزارة الثقافة (دمشق‪1968 ,‬ـ)‪.‬‬
‫ابن شبو‪ ،‬أبو زيد عمرو بن شبو النمريي (ت‪262‬ىـ‪875/‬م)‬
‫‪ -‬اتريخ ادلدينة‪ ,‬ربقيق فهيم دمحم شلتوت‪ ,‬دار الفكر (إيراف‪1410 ,‬ىػ)‪.‬‬
‫الذىيب‪ ،‬مشس الدين دمحم بن أمحد بن عثمان (ت‪478‬ىـ‪1347/‬م)‬
‫‪ -‬العرب يف خرب من غرب‪ ,‬ربقيق أبو ىاجر دمحم بسيوين‪ ,‬دار الكت العلمية (بريكت‪ ,‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫السخاوي‪ ،‬دمحم بن عبد الرمحن مشس الدين (ت‪902‬ىـ‪1496/‬م)‬
‫‪ -‬اإلعالـ كالتوبيخ دلن ذـ التاريخ‪ ,‬دار الكتاب العريب (بريكت‪1983 ,‬ـ)‪.‬‬
‫الصفدي‪ ،‬صالح الدين خليل بن أيبك (ت‪764‬ىـ‪1362/‬م)‬
‫‪ -‬الوايف ابلوفيات‪ ,‬ط‪ ,1‬ربقيق أمحد األرانؤكط‪ ,‬تركي مصطفى‪ ,‬دار إحيا ء الًتاث (بريكت‪,‬‬
‫‪2000‬ـ)‪.‬‬
‫الطربي‪ ،‬دمحم بن جرير (ت‪310‬ىـ‪922/‬م)‬
‫‪ -‬اتريخ الرسل كادللوؾ‪ ,‬ربقيق دمحم أبو الفضل إبراىيم‪ ,‬دار ادلعارؼ (القاىرة‪1960 ,‬ـ)‪.‬‬
‫مسكويو‪ ،‬أيب علي أمحد بن دمحم (ت‪421‬ىـ‪1030/‬م)‬
‫‪ -‬ذبارب األمم كتعاق اذلمم‪ ,‬ربقيق سيد كسركم حسن‪ ,‬دار الكت العلمية (بريكت‪2002 ,‬ـ)‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫اثنياً‪ :‬ادلراجع ‪:‬‬


‫إمساعيل نوري الربيعي‪:‬‬
‫‪ -‬مفهوـ التاريخ عند العرب‪ ,‬مركز الدراسات التارخيية (طرابلس‪2000 ,‬ـ)‪.‬‬
‫أكرم ضياء العمري‪:‬‬
‫‪ -‬موارد اخلطي البغدادم‪ ,‬دار طيبة (الرايض‪1985 ,‬ـ)‪.‬‬
‫خري الدين زلمود الزركلي ‪:‬‬
‫‪ -‬األعالـ ‪,‬ط‪ ,15‬دار العلم للماليني ( بريكت ‪2002 ,‬ـ ) ‪.‬‬
‫رجاء مصطفى حزين‪:‬‬
‫‪ -‬مدرسة احلديث يف ادلدينة كأثرىا يف كتابة التاريخ اإلسالمي‪ ,‬مؤسبر التاريخ اإلسالمي جبامعة األزىر‬
‫(القاىرة‪1996 ,‬ـ)‪.‬‬
‫سعيد بدير احللواين‪:‬‬
‫‪ -‬أتريخ التاريخ‪ ,‬مدخل إىل علم التاريخ كمناىج البحث فيو‪ ,‬ط‪ ,2‬دار ضيا ء (السعودية‪,‬‬
‫‪1999‬ـ)‪.‬‬
‫السيد عبد العزيز سامل‪:‬‬
‫‪ -‬اتريخ الدكلة العربية‪ ,‬مؤسسة شباب اجلامعة (اإلسكندرية‪2003 ,‬ـ)‪.‬‬
‫‪ -‬التاريخ كادلؤرخوف العرب‪ ,‬دار النهضة (بريكت‪1986 ,‬ـ)‪.‬‬
‫‪ -‬مناىج البحث يف التاريخ اإلسالمي‪ ,‬مؤسسة شباب اجلامعة (اإلسكندرية‪1967 ,‬ـ)‪.‬‬
‫شاكر مصطفى‪:‬‬
‫‪ -‬التاريخ العريب كادلؤرخوف‪ ,‬ط‪ ,2‬دار العلم للماليني (بريكت‪1980 ,‬ـ)‪.‬‬
‫صائب عبد احلميد‪:‬‬
‫‪ -‬علم التاريخ كمناىج ادلؤرخني‪ ,‬ط‪( 1‬بريكت‪2001 ,‬ـ)‪.‬‬
‫عبد العزيز الدوري‪:‬‬
‫‪ -‬نشأة علم التاريخ عند العرب‪ ,‬دار ادلشرؽ (بريكت‪1983 ,‬ـ)‪.‬‬
‫عثمان موايف‪:‬‬
‫‪ -‬منهج النقد التارخيي اإلسالمي كادلنهج األكركيب‪ ,‬دار ادلعرفة اجلامعية (اإلسكندرية‪1996 ,‬ـ)‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫عدانن ملحم‪:‬‬
‫‪ -‬ادلؤرخوف العرب كالفتنة الكربل (القرف األكؿ – القرف الرابع)‪ ,‬ط‪ ,2‬دار الطليعة (بريكت‪,‬‬
‫‪2001‬ـ)‪.‬‬
‫عفاف سيد صربه‪:‬‬
‫‪ -‬مناىج التأريخ عند علما ء ادلسلمني‪ ,‬مؤسبر التاريخ اإلسالمي جبامعة األزىر (القاىرة‪1996 ,‬ـ)‪.‬‬
‫فاروق عمر فوزي‪:‬‬
‫‪ -‬االستشراؽ كالتاريخ اإلسالمي‪ ,‬األىلية للنشر كالتوزيع (األردف‪1998 ,‬ـ)‪.‬‬
‫دمحم عبد الكرمي الوايف‪:‬‬
‫‪ -‬منهج البحث يف التاريخ‪ ,‬منشورات جامعة قاريونس (بنغازم‪1999 ,‬ـ)‪.‬‬
‫دمحم نصر مهنا‪:‬‬
‫(القاىرة‪1966 ,‬ـ)‪.‬‬ ‫‪ -‬التدكين التارخيي كدكر ادلخطوطات السياسية يف العامل اإلسالمي‪ ,‬ط‪1‬‬
‫زلمود عرفة زلمود‪ ،‬وعبد الرحيم دمحم‪ ،‬انيف عيد السهل‪:‬‬
‫‪ -‬دراسات يف احلضارة العربية اإلسالمية‪ ,‬مكتبة ابن كثري (الكويت‪1997 ,‬ـ)‪.‬‬
‫ىاملتون جب‪:‬‬
‫‪ -‬دراسات يف حضارة اإلسالـ‪ ,‬ترعمة إحساف عباس‪ ,‬دمحم يوسف صلم‪ ,‬زلمود زايد‪ ,‬اذليئة ادلصرية‬
‫للكتاب (القاىرة‪2011 ,‬ـ)‪.‬‬
‫يسري عبد الغين عبد هللا‪:‬‬
‫‪ -‬معجم ادلؤرخني ادلسلمني حىت القرف ‪ ,12‬دار الكت العلمية (بريكت‪1991 ,‬ـ)‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫يونيو ‪8102‬‬ ‫العدد الثاين عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫اثلثاً‪ :‬الرسائل العلمية‪:‬‬


‫إميان زلمود صاحل‪:‬‬
‫‪ -‬الكتابة التارخيية يف األندلس خالؿ عصر الطوائف (‪503-422‬ىػ‪1110-1031/‬ـ) رسالة‬
‫دكتوراه بكلية اآلداب‪ ,‬جامعة عني مشس (القاىرة‪2013 ,‬ـ)‪.‬‬
‫مسر بنت عبد هللا األمحدي‪:‬‬
‫‪ -‬ادلؤرخوف يف القرف الرابع اذلجرم من خالؿ كتاب سري أعالـ النبال ء لإلماـ الذىيب‪ ,‬رسالة‬
‫ماجستري‪ ,‬بكلية الشريعة كالدراسات اإلسالمية‪ ,‬جامعة أـ القرل (مكة ادلكرمة‪2009 ,‬ـ)‪.‬‬
‫غادة كمال السيد‪:‬‬
‫‪ -‬مسكويو مؤرخان‪ ,‬رسالة دكتوراه يف التاريخ‪ ,‬بكلية اآلداب‪ ,‬جامعة عني مشس (القاىرة‪2009 ,‬ـ)‪.‬‬

‫‪316‬‬

You might also like