‫ﻣﻠﺨﺺ ﺑﺤﻮث‬

‫اﻟﻴﻮم اﻻول‬

‫‪ ‬‬
‫القيم الحضارية واملهنية ألخالقيات اإلعالم‪ :‬قراءة تحليلية ‪ -‬نقدية ملواثيق إعالمية عربية‬
‫عبد هللا بن خميس الكندي (أستاذ الصحافة والنشر اإلليكتروني ‪ ،‬جامعة السلطان قابوس)‬

‫ملخص‬
‫ينتمي الحديث عن أخالقيات العمل اإلعالمي إلى مجال السياسات اإلعالمية وتنظيم العمل اإلعالمي وتحديدا‬
‫التنظيم الذاتي الذي تعنى به الجمعيات واالتحادات والنقابات املهنية في مجال العمل اإلعالمي والصحفي‪.‬‬
‫وتعود بدايات مواثيق الشرف األخالقية للعمل الصحفي في العالم إلى عام ‪ ،1910‬حيث أصدرت رابطة‬
‫الصحفيين في والية كنساس ‪ Kansas‬األمريكية‪ ،‬أول ميثاق أخالقي للعمل الصحفي‪ .‬أما اليوم فتنتشر هذه‬
‫املواثيق في مختلف دول العالم‪ ،‬ومنها دول العالم العربي الذي شهد ظهور أول ميثاق شرف أخالقي للعمل‬
‫اإلعالمي عام ‪ 1964‬عندما أصدر اتحاد الصحفيين العرب دستور االتحاد الذي تضمن بعض اإلشارات املهمة‬
‫عن الدقة واألمانة في العمل الصحفي‪ ،‬ومرعاة املصلحة العامة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من تفاوت األنظمة اإلعالمية والسياسية التي تنشأ في إطارها هذه املواثيق‪ ،‬إال أنها تتفق فيما بينها‬
‫في عدد من القيم الحضارية واملهنية املتعلقة بالعمل الصحفي واإلعالمي وبالقائم باالتصال على وجه التحديد‪.‬‬
‫في هذه الدراسة يسعى الباحث إلى تحديد القيم الحضارية واملهنية التي ركزت عليها مواثيق الشرف األخالقية‬
‫للعمل الصحفي واإلعالمي في عدد من الدول العربية وتفسير وتحليل أسباب ذلك التركيز‪ ،‬ومدى عالقة تلك‬
‫القيم بطبيعة األنظمة اإلعالمية التي يعمل الصحفيون واإلعالميون ضمنها‪ .‬وتعتمد الدراسة على منهج التحليل‬
‫النص ي لعينة من مواثيق الشرف اإلخالقي للعمل الصحفي واإلعالمي في العالم العربي لتقديم القراءة التحليلية‪-‬‬
‫النقدية للقيم الحضارية واملهنية التي تسعى تلك املواثيق لنشرها وترسيخها‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬أخالقيات اإلعالم‪ ،‬القيم الحضارية‪ ،‬القيم املهنية‪ ،‬العالم العربي‪ ،‬التحليل النص ي‪.‬‬
 ‫أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑني اﻟﺘﻨﻈري واﻻﻧﺘﻬﺎك‪.‬‬
‫دﻛﺘﻮر‪ /‬ﻛامل ﺣﻤﻴﺪو‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‬

‫ﺣﻈﻴﺖ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻦ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻫﺘامم ﻛﺒري ﻣﻨﺬ اﻟﻌﴩﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ‪ ،‬ﺣني اﻗﱰح ﺑﻌﺾ‬
‫اﳌﻬﻨﻴني ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﺿﻊ ﻧﺼﻮص ﺗﻀﺒﻂ اﻟﺘﺠﺎوزات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺼﻞ آﻧﺬاك ﰲ ﻣﺠﺎل‬
‫اﻹﻋﻼم‪ .‬وﺣﺬت دول ﻛﺜرية ﺣﺬو اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻻﺣﻘﺎ ﻋﲆ ﻏﺮار اﻟﺴﻮﻳﺪ ﺛﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺗﺒﻌﺘﻬﺎ دول‬
‫ﻋﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪﻫﺎ مبﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﻛام أن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت واﳌﻨﻈامت اﻷﻣﻤﻴﺔ أو‬
‫اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وﺿﻌﺖ ﻧﺼﻮص ﴍف أو ﻣﻮاﺛﻴﻘﺎ ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺄﻃري اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺑﻀﻮاﺑﻂ ﻛﺎن ﻳﻔﱰض‬
‫أن ﺗﺤﻜﻢ و ﺗﺆﻃﺮ ﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺼﺤﻔﻴني و واﺿﻌﻲ اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻋﱪ اﻟﺘﺤﲇ ﺑﴩوط اﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ‬
‫واﻟﺪﻗﺔ واﻟﺘﻮازن ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺑﺸﻜﻞ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ واﻟﺪﻋﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ إﺛﺎرة‬
‫اﻟﻨﻌﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ أو اﻟﻨﻌﺮة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﺘﺸﺘﻴﺖ ﺑني أﺑﻨﺎء اﻟﺒﴩ‪.‬‬
‫ﻏري أن اﳌﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﻤامرﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية ﻳﻼﺣﻆ ﺗﺼﺎﻋﺪا ﻛﺒريا ﻟﻠﻤﺤﺘﻮﻳﺎت اﳌﻀﻠﻠﺔ وﻟﺨﻄﺎب‬
‫اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ‪ ،‬أﻛﺎن ﻫﺬا ﰲ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أم ﰲ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت وﺳﺎﺋﻂ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‬
‫اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺘﻔﻜري ﻟﻔﻬﻢ ﻣﺴﺒﺒﺎت اﻟﺘﻔﺎوت ﺑني اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻨﻈﺮي واﳌامرﺳﺔ‬
‫اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ‪ .‬ﻓﻌﲆ ﺧﻼف ﻣﻬﻦ أﺧﺮى ﻛﺎﻟﻄﺐ واﳌﺤﺎﻣﺎة ﻣﺜﻼ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﻛﻴﻒ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻮاﺛﻴﻖ ﴍﻓﻬﺎ ﺗﻜﺘﺴﺐ‬
‫ﺻﺒﻐﺔ اﻗﱰﺑﺖ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻹﻟﺰاﻣﻲ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻏري ﻣﻠﺰﻣﺔ ﳌﻦ ميﺘﻬﻨﻮﻧﻬﺎ‪ ،‬إﻻ أن ﻣﻌﻈﻢ ﻗﻮاﻧني‬
‫وﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻟﺪوﻟﻴﺔ أو اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺖ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻹﻋﻼم‪ ،‬ﺑﻘﺖ ﰲ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻣﺠﺮد ﺣﱪ ﻋﲆ‬
‫ورق‪ ،‬ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻄﺮح إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﳌﺴﺒﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﻬﺎ‪ .‬ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻧﺮﻛﺰ ﺗﺤﺪﻳﺪا‬
‫ﻋﲆ ﻃﺮح ﻓﺮﺿﻴﺔ وﺟﻮد ﻣﺴﺒﺒﺎت ذاﺗﻴﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ اﳌﻌﺮﰲ ﻟﻠﺼﺤﻔﻴني ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ إدراﻛﻬﻢ ﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺜﻞ‬
‫اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت‪ ،‬وﻗﻮاﻧني اﻟﴩف‪ ،‬واﻟﻮاﺟﺐ اﳌﻬﻨﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‪ ،‬و ﺑﻌﺾ اﳌﺴﺒﺒﺎت اﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ‬
‫اﳌﺆﺳﺴﻴﺔ و اﳌﻬﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى‪،‬‬
‫واﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻛﺜريا ﻋﲆ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳌﺨﺮﺟﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‪.‬‬
 ‫اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪ :‬ﻣﻦ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد إﱃ ﻛﺘﺎﺋﺐ اﻟﺠﻬﺎد اﻹﻟﻜﱰوين‬

‫د‪ .‬ﻣﺤﻤﻮد ﻗﻠﻨﺪر‬

‫ﺗﺘﻨﺎول ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ذات اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺸﻌﺒﻴﺔ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪ ،‬وﺗﺘﺎﺑﻊ ﺗﻄﻮر اﳌﻔﻬﻮم ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ‬
‫ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻔﺴري ﻋﻠﻤﻲ ﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻻﻋﺘامد ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻧﺒﺎء ﰲ اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﰲ‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﴫﻳﺔ‪.‬‬
‫وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻮرﻗﺔ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻻﺟﺘامﻋﻲ وﻧﻈﺮﻳﺎت اﻻﺗﺼﺎل ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺘﻔﺴري اﻟﻌﻠﻤﻲ‬
‫ﻟﺴﻴﺎدة اﻷﺧﺒﺎر ﻏري اﳌﻮﺛﻮق ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬واﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻳﻘﺒﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ‬
‫اﻷﺧﺒﺎر ﰲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺮوف‪.‬‬
‫وﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮم‪ ،‬ﺗﻨﻈﺮ اﻟﻮرﻗﺔ إﱃ وﻗﺎﺋﻊ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺮوﻣﺎين اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ‪،‬‬
‫واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮيب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷورويب اﻷﻣﺮﻳيك‪ ،‬ﺗﻨﻢ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﺑﻐﺮض‬
‫إﺣﺪاث اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺠامﻋﺎت‪ ،‬ﰲ ﻇﺮوف اﻟﺘﻀﻌﻀﻊ اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻻﺟﺘامﻋﻲ‪.‬‬
‫وﺗﻘﺪم اﻟﻮرﻗﺔ – ﰲ ﺧﺘﺎﻣﻬﺎ‪ -‬أﻣﺜﻠﺔ ومنﺎذج ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻓﻴﻪ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺬاﺧﺮة‬
‫ﺑﺎﻟﴫاع اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻻﺟﺘامﻋﻲ ﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻓﺘﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﺛﻮرة دﻳﺴﻤﱪ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ منﻮذﺟﺎً ﻣﺜﺎﻟﻴﺎً ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻧﺸﻄﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺄﻟﻴﻒ وﺑﺚ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻛام ﺗﺸري إﱃ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ واﻟﺸﻌﺒﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﻨﺼﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﺄﺛري اﻷﻗﴡ ﰲ اﺗﺠﺎه اﳌﻘﺎﺻﺪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ‪.‬‬
‫وﺗﺨﺘﺘﻢ اﻟﻮرﻗﺔ ﺑﺎﻗﱰاح اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ميﻜﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﻐﺎﻟﺒﺔ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪.‬‬
 ‫ﻣﻌﻮﻗﺎت ﺣﻴﺎد اﻟﺼﺤﻔﻴني اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳني اﺛﻨﺎء ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ‬
‫دراﺳﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ‬
‫أ‪.‬د اﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪﱄ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣري ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬

‫ﻳﺸﻜﻞ اﻟﺤﻴﺎد ﰲ اﻷداء اﳌﻬﻨﻲ ﻟﺪى اﻟﺼﺤﺎﻓﻴني ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺟﺪ ﻣﻌﻘﺪة‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺗﺸﺎﺑﻚ وﺗﻌﻘﺪ وﺿﻊ‬
‫اﻟﺼﺤﻔﻲ داﺧﻞ اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺟﺰء ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺨﻀﻊ ﻻﺷﱰاﻃﺎﺗﻬﺎ‬
‫وﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ‪ ،‬وﺑني وﺿﻌﻪ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻗﺪرا ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني‬
‫اﳌﺘﻠﻘﻲ‪ ،‬ﺗﺸﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻌﻘﺪ اﳌﻌﻨﻮي ﺑﻴﻨﻬام ﻣﺜﻞ‪ ،‬اﻟﺤﻖ ﰲ اﻋﻼم ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ وﻧﺰﻳﻪ وﺧﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ‬
‫واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ واﻟﺘﻈﻠﻴﻞ وﻗﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ‪ ،‬مبﺎ ميﻜﻦ ﻫﺬا اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺑﻨﺎء رأي ﻣﺴﺘﻨري ﺣﻮل اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻤﻪ‪ ،‬وﻣﻨﻪ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﺻﺎﺋﺐ ﺣﻮﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ﰲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﺷﻜﻞ اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻳﻮم‪ 22‬ﻓﱪاﻳﺮ‪، 2019‬ﻣﻨﻌﻄﻔﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ واﻋﻼﻣﻴﺎ ﻫﺎﻣﺎ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ارﺗﻔﻊ ﺳﻘﻒ اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﺬي ﻃﺎﳌﺎ ُﺣﻴﺪ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﳌﻄﻠﺐ اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي‪ ،‬وﺗﺠﺎوز‬
‫ﺣﺪ اﻹﺻﻼح اﻟﻮاﺟﻬﺎيت اﱃ اﻟﻐﺎء اﻟﻌﻬﺪة اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ ‪ ،‬وﻣﻦ مثﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﱃ اﺳﻘﺎط‬
‫ﺣﻜﻤﻪ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺸﻤﻮﻻﺗﻪ وواﺟﻬﺎﺗﻪ اﻹدارﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻄﻮرت اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻻﺣﻘﺎ وﺗﺘﺪاﺧﻞ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ‬
‫اﻟﻌﻨﺎﴏ واﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﳌﻄﺎﻟﺐ ﺗﺘﻮاﻟﺪ ﻓﺌﻮﻳﺎ واﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‪ ،‬وﻳﺘﻌﻘﺪ ﻣﺴﺎر اﻟﺤﻞ اﻟﺬي ﺣﺴﻢ ﻓﻴﻪ‬
‫اﻟﺠﻴﺶ ﻧﺤﻮ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت رﺋﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺣﻼ دﺳﺘﻮرﻳﺎ اﻣﻨﺎ‪ ،‬ﺑﻴﻨام ﻳﺪﻋﻮ اﻟﺒﻌﺾ اﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ‪،‬‬
‫واﻟﺒﻌﺾ اﱃ اﻧﺸﺎء ﻣﺠﻠﺲ ﺗﺄﺳﻴﴘ‪ ،‬ﺑﻴﻨام ﺗﺪور رﺣﻰ اﻟﺤﺮب اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﺪﻋﺎﺋﻴﺔ ﻋﲆ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺠﺮاﺋﺪ‬
‫واﻟﻘﻨﻮات اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ وﺷﺒﻜﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺠﻨﺪ ﻛﻞ اﻷﻃﺮاف ﺗﺮﺳﺎﻧﺘﻬﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ‬
‫وذﺧريﺗﻬﺎ اﻟﺪﻋﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﺣﺪ اﻻﺳﻔﺎف واﻻﺑﺘﺬال وﺗﺠﺎوز ﻛﻞ اﻟﺤﺪود اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺸﻜﻞ اﺻﺒﺢ‬
‫ﻳﻬﺪد اﻟﺘامﺳﻚ اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ .‬ﻣﻦ ﺧﻼل "منﻮذج اﻟﻮﺻﻢ" ﺣﻴﺚ ﻛﻞ ﻃﺮف ﻳﺼﻢ اﻻﺧﺮﻳﻦ‬
‫ﺑﺄوﺻﺎف وﻧﻌﻮت ﻏري ﴍﻳﻔﺔ‪.‬‬
‫وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻓﺎن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴني اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳني اﻧﺨﺮﻃﻮا ﺑﺸﻜﻞ او ﺑﺎﺧﺮ ﰲ اﺗﻮن ﻫﺬا اﻟﴫاع‬
‫اﻟﺴﻴﺎﳼ وﺗﻬﻴﻜﻠﻮا ﺿﻤﻦ ﺟامﻋﺎت ﻣﻄﻠﺒﻴﺔ ﻟﻬﺎ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻮل ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻞ؟ وﻟﻌﻞ ﻫﺬا‬
‫اﻻﻧﺨﺮاط ﻗﺪ وﻟﺪ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺤﻴﺎز واﻻﺧﻼل اﳌﻬﻨﻲ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﺒﻰ ﻣﻨﺎﺿﻞ ﻣﺪاﻓﻊ ﻋﻦ‬
‫ﺗﺼﻮراﺗﻪ ﺑﺪل اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﻘﴢ واﻟﺘﺤﺮي ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻴﺎدي‬
‫وﻻ ﺷﻚ ان ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﺷﺒﻪ ﺑﺎﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﺎﻻﻧﺤﻴﺎز اﱃ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﺣﺘﻤﻲ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﺪة ﻋﻮاﻣﻞ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ اﻻﻧﺘامء اﳌﺆﺳﴘ واﻻﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﺴﻴﺎﳼ واﳌﺎﱄ‪.‬‬
‫ﻧﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﳌﺪاﺧﻠﺔ اﱃ اﺟﺮاء دراﺳﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺣﻮل ﻣﺴﺎﻟﺔ اﻟﺤﻴﺎد ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻘﺼﺎء‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴني اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳني ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺴﺎؤل اﻻﺷﻜﺎﱄ اﻟﺮﺋﻴﺲ‪ :‬ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﻌﻮﻗﺎت ﺣﻴﺎدﻳﺔ‬
‫اﻟﺼﺤﻔﻴني اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳني اﺛﻨﺎء ﺗﻐﻄﻴﺘﻬﻢ ﻟﻠﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ؟‬
‫اﻟﺤﺮاك اﻟﺠﺰاﺋﺮي وﻣﺴﺎﻟﺔ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ اﳌﻮاﻗﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
 ‫اﻟﺤﺪود اﻟﻮاﻫﻴﺔ ﺑني اﻹﻋﻼم واﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﰲ ﻣامرﺳﺎت وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وإﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻷﺧﻼق اﳌﻬﻨﻴﺔ ‪.‬‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺑﻮﺧﻨﻮﻓﺔ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻗﺎﺑﻮس –ﻋامن‬

‫ﻛﺸﻔﺖ اﻷزﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية ) أزﻣﺔ‬
‫اﻟﺨﻠﻴﺞ وﺣﺼﺎر ﻗﻄﺮ ‪ ،‬أزﻣﺔ اﻟﻴﻤﻦ ‪ ،‬أزﻣﺔ ﻟﻴﺒﻴﺎ ‪ ( ،‬ﻋﻦ اﻟﺪور اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ) وﻟﻴﺲ اﳌﻔﱰض ( اﻟﺬي‬
‫ﺗﻘﻮم ﺑﻪ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮى ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺠﺮد أدوات‬
‫ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﳌﻮاﻗﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺪوﻟﺔ أو ﺗﻠﻚ و ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﱪﻳﺮﻫﺎ‬
‫واﻟﱰوﻳﺞ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺄﺛري ﰲ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﻟﺪاﺧﲇ واﻟﺨﺎرﺟﻲ ‪،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﺗﺒﺎع أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ‬
‫واﻟﺘﻀﻠﻴﻞ اﻻﻋﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮاﻗﻊ ‪،‬و ّﱄ ﻋﻨﻖ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻷﻫﺪاف ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﻧﴩ اﻷﻛﺎذﻳﺐ‬
‫واﻷﺧﺒﺎر اﳌﻐﻠﻮﻃﺔ ‪ ،‬وﺷﻴﻄﻨﺔ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ وﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮرﺗﻪ و ﺳﻤﻌﺘﻪ وﺗﻠﻔﻴﻘﻪ اﻟﺘﻬﻢ واﻟﻨﻌﻮت‬
‫اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻨﺼﻞ اﻟﺘﺎم ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺘﺰام مبﻌﺎﻳري اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ وأﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻪ ‪.‬‬
‫إن اﺳﺘﺨﺪام اﻷﺧﺒﺎر ﻛﺪﻋﺎﻳﺔ ‪،‬واﻟﺘﻲ أﺿﺤﺖ ﻣامرﺳﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺟﺪا ﰲ ﻋﻤﻞ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ) ﺑﻞ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن اﳌامرﺳﺔ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ( ‪ ،‬ﺗﻌﻴﺪ ﺗﻄﺮح ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﺪﻳﺪ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺎت ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ‬
‫اﻟﻨﻈﺮي واﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﺼﻞ ﺑني ﻣﻔﻬﻮم اﻹﻋﻼم اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ اﱃ ﺣﻘﻞ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ و اﻟﻘﻴﻢ‬
‫‪،‬وﻣﻔﻬﻮم اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ اﱃ ﺣﻘﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﳌﺸﺎﻋﺮ‪ ،‬وﺗﺪﻓﻊ اﱃ ﻃﺮح ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﺠﻮﻫﺮي‬
‫‪ :‬اﱃ أي ﻣﺪى ميﻜﻦ اﻟﻔﺼﻞ ﺑني اﳌﻀﻤﻮن اﻻﻋﻼﻣﻲ واﳌﻀﻤﻮن اﻟﺪﻋﺎيئ ﰲ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﺎ ﺗﻨﴩه ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻣني وأﺧﺒﺎر؟ واﱃ أي ﻣﺪى ميﻜﻦ إﺧﻀﺎع ﻫﺬه اﳌامرﺳﺔ وﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎ‬
‫وﻣﻨﻬﺠﻴﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮع اﱃ ﻣﻌﺎﻳري وأﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم؟‬
‫اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺗﻄﺮح ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني أﺧﺒﺎر وﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ‪،‬وﺗﺴﻌﻰ اﱃ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ وﻫﻦ اﻟﺨﻴﻮط اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑني اﻹﻋﻼم واﻟﺪﻋﺎﻳﺔ و‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﻣامرﺳﺎت وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ و ﻣامرﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴني اﻟﻌﺮب ‪،‬و اﻟﺒﺤﺚ ﰲ‬
‫ﺗﺒﻌﺎت وﺗﺪاﻋﻴﺎت ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ اﻻﻟﺘﺰام مبﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻹﻋﻼﻣﻲ وأﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﺔ وﻗﻴﻢ‬
‫اﳌﺼﺪاﻗﻴﺔ واﻟﺜﻘﺔ ‪.‬‬
‫ﺗﺘﻜﺄ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﺎر اﻟﻨﻈﺮي اﻟﺬي ﻳﻘﺪﻣﻪ منﻮذج "ﺷﻮﻣﺴيك وﻫﺮﻧﺎن" ﰲ‬
‫ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ‪،‬واﻟﺬي ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺮور أﻛرث ﻣﻦ ﻋﴩﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻋﲆ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ‪ ،‬ﻣﺎ زال ميﺜﻞ‪-‬ﰲ‬
‫ﻧﻈﺮﻧﺎ ‪ -‬أداة ﻧﻈﺮﻳﺔ وﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺳﻠﻮك وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﻷزﻣﺎت‬
‫اﳌﺸﺎر اﻟﻴﻬﺎ أﻋﻼه ‪.‬‬
 ‫اﻹﻋﻼﻧﺎت اﳌﻮ ّﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ :‬ﻧﺤﻮ أﺧﻠﻘﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬

‫د‪.‬ﻫﺸﺎم ﻋﻜﻮﺑﺎش‬
‫أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﴐ‪ -‬أ‪ -‬ﺑﻘﺴﻢ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﳌني دﺑﺎﻏني ﺳﻄﻴﻒ‪ 2‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫‪Akoubache.hichem@outlook.fr‬‬
‫ﺷﻬﺪت اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺗﺤﻮﻻ ﻻﻓﺘﺎ ﰲ ﻣﺠﺎل ﺑﺚ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻹﻋﻼﻧﺎت‬
‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ؛ وﻗﺪ ارﺗﺒﻂ ذﻟﻚ ﺑﻈﻬﻮر وارﺗﻔﺎع ﻋﺪد ﻗﻨﻮات اﻟﺒﺚ اﻟﻔﻀﺎيئ اﳌﺒﺎﴍ‪ ،‬واﻧﻜامش اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺪوﻟﺔ‬
‫ﻟﻠﻨﺸﺎط اﻹﻋﻼين‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﺻﺎﺣﺒﻪ إﻧﺸﺎء ﻣﺪن إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺣ ّﺮة ﰲ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ .‬وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺣﺼﺔ ﻋﺎﺋﺪات اﻹﻋﻼﻧﺎت ﻣﺎزاﻟﺖ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻋﲆ‬
‫اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﳌﻲ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬﺎ ﰲ منﻮ ﻣﺴﺘﻤﺮ؛ ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻐﺖ ‪ 22‬ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺆﴍ ﻋﲆ اﺗﺴﺎع اﻟﺴﻮق‬
‫اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻫﺬه اﻟﺪول‪ ،‬ﻧﻈﺮا ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﺑني اﻟﴩﻛﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ‪،‬‬
‫واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل‪ ،‬وﺑﺎﻟﺨﺼﻮص ﺑني اﳌﺎل اﻟﺨﺎص اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻨﻪ واﻷﺟﻨﺒﻲ‪.‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺟﻌﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﴩﻛﺎت ﰲ ﺑﺤﺚ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻬﻠﻜني ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻔﺌﺎت ﻋﱪ‬
‫اﻹﻋﻼﻧﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ زﻳﺎدة ﺣﺼﺼﻬﺎ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ‪ ،‬وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺎت اﳌﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل‪،‬‬
‫ﺑﻌﺪ أن أدرك اﳌﻌﻠﻨﻮن‪ ،‬واﻟﻔﺎﻋﻠﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺑﺄن ﻓﺌﺔ اﻷﻃﻔﺎل أﺻﺒﺤﺖ رﻗام ﻣﻬام ﰲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺴﻮق؛‬
‫ﻓﻔﻲ دراﺳﺔ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﲆ ‪ 2400‬ﻃﻔﻞ ﺗﱰاوح أﻋامرﻫﻢ ﺑني ‪7‬و‪ 12‬ﺳﻨﺔ ﰲ ﺳﺖ دول ﺑﻴﻨﺖ أن ﺣﺠﻢ اﻹﻧﻔﺎق‬
‫اﻟﺴﻨﻮي ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻌﺎﺋﻼت ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻳﻘﺪر ‪ 1.7‬ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ‬
‫أﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬و‪ 11.3‬ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ‪ ،‬ﻛام ﺑ ّﻴﻨﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ أن ﻟﻸﻃﻔﺎل دور إﻳﺠﺎيب ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﴩاﺋﻴﺔ‬
‫ﻟﻸﴎة ﰲ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ)‪.(Chan,2000, p37‬‬
‫وﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أن ‪ % 68‬ﻣﻦ اﻹﻋﻼﻧﺎت ﰲ اﻟﻘﻨﻮات‬
‫اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب واﻷﻃﻔﺎل)ﺑﻦ ﺷﻴﺦ وآﺧﺮون‪ ،2008 ،‬ص‪ ،(21‬وﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ‬
‫ﻧﺠﺪ أن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻘﺒﻠﻮن ﻋﲆ ﻫﺬه اﻹﻋﻼﻧﺎت‪ ،‬ﳌﺎ ﻳﺠﺪون ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺟﺔ وﻗﺼﺼﺎ ﻣﺸ ّﻮﻗﺔ ﺗﺄﺧﺬﻫﻢ إﱃ‬
‫ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ دراﺳﺔ ﺑﺄن ‪ % 70‬ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل ﻳﺘﻌ ّﺮﺿﻮن‬‫ﻋﻮامل ﻣﺜرية ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﳌﺘﻌﺔ واﳌﺮح‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ّ‬
‫ﻟﻺﻋﻼﻧﺎت اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ) ﺑﻦ ﺷﻴﺦ وآﺧﺮون‪ ،2008 ،‬ص‪ .(14‬ومل ﺗﺨﻔﻲ اﻟﺠﻬﺎت اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ‬
‫مبﺴﺎﺋﻞ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ وﻗﻀﺎﻳﺎﻫﺎ‪ ،‬وﻛﺬا اﻷوﻟﻴﺎء ﻣﺨﺎوﻓﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﻘﻴﻤﻴﺔ‬
‫اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﻋﻼﻧﺎت اﳌﻮ ّﺟﻬﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺌﺔ ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬وﺑﺎﻷﺳﺎس اﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﱰم اﻟﻄﻔﻞ‪ ،‬وﻻ ﺗﻌري‬
‫اﻫﺘامﻣﺎ ﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺘﻪ؛ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت ﺣامﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻓﺌﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ ﺣامﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻮط اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﰲ ﻫﺬه‬
‫اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ)‪.(Young,1990‬‬
‫وﻋﲆ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﻓﺈن ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ وﺗﺤﺪﻳﺪا اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻮﺟﻬﺔ‬
‫ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮيب أﺻﺒﺤﺖ ﴐورة ﻣﻠ ّﺤﺔ‪ ،‬ﰲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎب اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت واﻵﻟﻴﺎت اﻟﺮﻗﺎﺑﻴﺔ‪ ،‬وﻛﺬا ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‬
‫اﻟﺬايت)ﻣﺪوﻧﺎت أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﺔ( اﻟﺘﻲ ﺗﻮ ّﺟﻪ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻋﻼين اﺗﺠﺎه اﻷﻃﻔﺎل‪ ،‬رﻏﻢ اﻟﺘّﺤﻮل اﻟﺬي ﻋﺮﻓﺘﻪ‬
‫اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل‪ .‬وﻗﺪ أﻛّﺪت ذﻟﻚ دراﺳﺔ ﺣﻮل اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ ﻧﺤﻮ‬
‫اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ أﻗ ّﺮ ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ‪ %66‬ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﺗﺠﺎوزات أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻓﻴام ﻳﺨﺺ اﻹﻋﻼﻧﺎت‬
‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ)اﻟﺼﻴﻔﻲ‪ ،2011 ،‬ص‪ .(368‬إن اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺮأﺳامﻟﻴﺔ اﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﲆ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺎرة‪،‬‬
‫وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﺑﺢ ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠّﻠﺖ إﱃ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻫﻲ إﺣﺪى ﻣ ّﱪرات ﻋﺪم اﺣﱰام ﻗﻮاﻋﺪ‬
‫اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻋﻼين اﺗﺠﺎه اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮيب‪ ،‬وﻋﺪم اﻟﺘّﺤﲇ ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺧﻼﻗﻴﺎ اﳌﻌﺎدﻟﺔ ﻏري ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﺑني‬
‫ﻃﺮف ﻗﻮي)اﳌﻌﻠﻦ( ﻳﺴﺘﻐﻞ ﺳﺬاﺟﺔ اﻟﻄﺮف اﻟﻀﻌﻴﻒ)اﻟﻄﻔﻞ( ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻋﻼﻧﺎت اﳌﻀﻠّﻠﺔ‪ ،‬واﻹﻋﻼﻧﺎت‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺠﺄ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻃﻠﺐ اﳌﻨﺘﺞ‪ ،‬واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹﻏﺮاء واﻟﺘﺨﻮﻳﻒ‪ ...‬وﻫﻲ مبﺜﺎﺑﺔ ﺿﻐﻮط ﻧﻔﺴﻴﺔ‬
‫ﻋﲆ اﻷﻃﻔﺎل ﻧﺤﻮ اﳌﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ اﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ؛ ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﻘﺪرة‬
‫ﻋﲆ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ واﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ ﻓﻴام ﻳﺨﺺ ﻃﻠﺐ واﺳﺘﻬﻼك اﳌﻨﺘﺠﺎت واﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬ومثﻨﻬﺎ‪،‬‬
‫واﻟﺨﻴﺎرات اﳌﺘﺎﺣﺔ‪ ،‬وﻻ ميﻠﻜﻮن ﻧﻈﺮة ﻧﻘﺪﻳﺔ ﳌﺎ ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺴﻦ اﳌﺒﻜﺮة ‪.‬‬
‫إن اﳌﺴﺎﺋﻞ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﳌامرﺳﺔ‬
‫اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﻬﻜﺬا ﻓﻌﻞ‪ ،‬ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺮوم إﻟﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻧﺴﻌﻰ إﱃ اﺳﺘﻨﻄﺎق اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ‬
‫ﺑﺄﺧﻠﻘﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻮ ّﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮيب‪ ،‬وآﻟﻴﺎت ﺗﻔﻌﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﻇﻞ ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ‬
‫واﻷﺧﻼق ﰲ اﳌﺠﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪ ،‬ﺟﺎﻋﻠني اﳌﻨﻈﻮر اﻷﺧﻼﻗﻲ إﻃﺎرا ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻧﺤﻮ ﺑﻨﺎء ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﺑني‬
‫اﳌﻌﻠﻦ واﻟﻄﻔﻞ ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ أﺟﻞ رﺳﺎﻟﺔ إﻋﻼﻧﻴﺔ ﻣﺴﺆوﻟﺔ اﺗﺠﺎه ﻫﺬه ﻓﺌﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
 ‫اﻟﺴرية اﳌﺨﺘﴫة ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ‬
‫د‪.‬ﻫﺸﺎم ﻋﻜﻮﺑﺎش أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﴐ‪-‬أ‪ -‬ﺑﻘﺴﻢ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﳌني دﺑﺎﻏني‬
‫ﺳﻄﻴﻒ‪ 2‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ ،‬ﺣﺎﺻﻞ ﻋﲆ دﻛﺘﻮراه ﰲ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺟﻲ ﻣﺨﺘﺎر ﻋﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﺣﻮل ﺻﻮرة‬
‫اﻟﻄﻔﻞ ﰲ اﻹﺷﻬﺎر اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين دراﺳﺔ ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻟﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻣﻀﺎت اﻹﺷﻬﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺘﺤﺼﻞ ﻋﲆ دﻳﺒﻠﻮم اﻟﺘﺄﻫﻴﻞ‬
‫اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ إدراة واﻹﴍاف ﻋﲆ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﻗﺎت اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ‬
‫اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠامﻫريي وﻣﻨﻬﺎ‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‪ ،‬ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠامﻫريي‪ ،‬اﻹﻋﻼن‬
‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين‪ ،‬أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼن‪ ،‬اﻹﻋﻼن واﳌﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻓﻨﻴﺎت اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،...‬واﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻠﺘﻘﻴﺎت‬
‫اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﻮرﻗﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬اﻟﺨﻄﺎب اﻹﺷﻬﺎري اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين‪ :‬دﻻﻟﺔ اﻟﺒﻨﻴﺎت واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ‪ ،‬اﻟﻔﻌﻞ‬
‫اﻹﻋﻼين ﰲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ :‬ﻗﺮاءة ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﰲ اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻄﻔﻞ واﻷﻧﱰﻧﺖ اﳌﺨﺎﻃﺮ وآﻟﻴﺎت اﻟﺤامﻳﺔ‪،‬‬
‫اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﻴﻤﻴﺔ اﻹﺷﻬﺎر أمنﻮذﺟﺎ‪ ،‬اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﰲ اﳌﻔﻬﻮم‪،...‬‬
‫ﻟﻨﺎ ﺑﻌﺾ اﳌﻘﺎﻻت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ مبﺠﻼت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬اﻟﻔﻀﺎء اﻹﺷﻬﺎري اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ومتﺜﻴﻞ اﻟﻄﻔﻞ‪:‬‬
‫رﺻﺪ وﻧﻘﺪ‪ ،‬اﻟﻔﻀﺎء اﻹﺷﻬﺎري اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ومتﺜﻴﻞ اﻟﻄﻔﻞ‪ :‬رﺻﺪ وﻧﻘﺪ‪ ،‬اﳌﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬
‫واﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻘﻴﻤﺔ‪ ،‬اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﻔﻞ ﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘﺤﺪي اﻟﺴﻮﺳﻴﻮﺛﻘﺎﰲ‪ ،‬ﻗﻴﺪ اﻟﻨﴩ ‪،‬‬
‫وأﺧﺮى ﻗﻴﺪ اﻟﻨﴩ‪ ،‬وإﺻﺪارات ﺟامﻋﻴﺔ ﰲ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻀﻮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﻘﺴﻢ‬
‫اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﳌني دﺑﺎﻏني ﺳﻄﻴﻒ‪ ،2‬وﻋﻀﻮ ﻓﺮﻗﺔ ﺑﺤﺚ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ‪ ،PRFU‬ﻋﻀﻮ‬
‫ﻣﺤﻜﻢ مبﺠﻠﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﳌني دﺑﺎﻏني ﺳﻄﻴﻒ‪ ،2‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ ،‬ﻋﻀﻮ ﻣﺤﻜﻢ مبﺠﻠﺔ‬
‫اﳌﻌﻴﺎر ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣري ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻋﻀﻮ ﻣﺤﻜﻢ مبﺠﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﺮﻛﺰ اﻟﻌﺮيب اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻲ‪،‬‬
‫وﺗﺄﻃري وﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺬﻛﺮات اﻟﻠﻴﺴﺎﻧﺲ واﳌﺎﺳﱰ ﺑﻘﺴﻢ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‪ ،‬أﻣﺎ اﻧﺸﻐﺎﻻﺗﻨﺎ‬
‫اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺗﺪور ﺣﻮل ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻄﻔﻞ واﻷﴎة ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻹﻋﻼم اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﺠﺪﻳﺪ‪ ،‬وﻟﻨﺎ دراﺳﺎت ﰲ ﻫﺬا اﳌﻨﺤﻰ‬
 ‫اﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺧﻄﺎب ﻛﺮاﻫﻴﺔ‪ :‬ﺟﺬورﻫﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ‬
‫إﻋﺪاد‪ :‬د‪ .‬ﺑﺪران ﺑﻦ ﻟﺤﺴﻦ‬
‫أﺳﺘﺎذ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻷدﻳﺎن واﻟﻔﻜﺮ اﻻﺳﻼﻣﻲ‪ /‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ‪ ،‬اﻟﺪوﺣﺔ‬

‫ﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﻋﲆ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺧﻄﺎب اﻻﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع ﺧﻄﺎﺑﺎت اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﺿﺪ اﻻﺳﻼم‬
‫واﳌﺴﻠﻤني؛ دﻳﻨﺎ وﺣﻀﺎرة وﺷﻌﻮﺑﺎ‪ .‬وﺗﺴﻌﻰ إﱃ اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺟﺬورﻫﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﳌﺆﺳﺴﺔ ﻟﻠﻤﺨﻴﺎل‬
‫اﻟﻐﺮيب ﺑﺨﺎﺻﺔ؛ ﺳﻮاء ﰲ ذﻟﻚ اﳌﺨﻴﺎل اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻋﻦ اﻻﺳﻼم‪ ،‬إو اﳌﺨﻴﺎل اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﺼﺎﻧﻊ اﻟﺮأي واﳌﻌﺮﻓﺔ واﻟﻘﺮار‬
‫اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻲ‪.‬‬
‫وﺗﻬﺪف ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ إﱃ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻫﺬه اﻟﺠﺬور اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ دﻳﻨﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺬ ﻳﻮﺣﻨﺎ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ إﱃ ﺑﺮﻧﺎرد‬
‫ﻟﻮﻳﺲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻫﻨﺎك ﺗﻨﻤﻴﻂ ﻟﻼﺳﻼم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره دﻳﻨﺎ ﻫﻤﺠﻴﺎ‪ ،‬واﳌﺴﻠﻤني ﺑﺄﻧﻬﻢ اﻋﺪاء ﺣﻀﺎرة‪ ،‬وﻫﻲ آﻟﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫آﻟﻴﺎت اﻟﴫاع وإﻗﺼﺎء اﻟﺨﺼﻢ‪ ،‬وﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﺎﺟﺰ أﻣﺎﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻋﻨﺎﴏ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻜﺸﻒ زﻳﻒ‬
‫اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺿﺪه‪ ،‬وﺿﺪ ﻣﺒﺎدﺋﻪ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬وﻣﺴﺎﳌﺔ ﺷﻌﻮﺑﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺣﻀﺎرﻳﺎ ﻟﻠﻐﺰو واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻻﺳﺘﻌامر‪،‬‬
‫وﺑﺨﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﻌﺪ ان ﻫﻤﻴﻨﺖ اوروﺑﺎ ﻋﲆ اﻟﻌﺎمل‪ .‬وﻣﻦ اﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻷﻫﺪاف‪ ،‬ﻓﺈن ﻫﺬه‬
‫اﻟﻮرﻗﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻧﺼﻮص دﻳﻨﻴﺔ ﻟﺮﻣﻮز دﻳﻨﻴﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻻﺳﻼم إﱃ اﻟﻴﻮم‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻧﺼﻮص‬
‫ﺗﻌﱪ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻌﻼء اﻟﻐﺮيب ﻋﲆ اﻟﺤﻀﺎرة اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻣام ﻳﺨﺎﻟﻒ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻮاﻗﻊ‪ .‬ﻟﺒﻴﺎن ان ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص‬
‫اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻫﻲ ﻣﻦ أﺳﺲ ﳌﺨﻴﺎل ﻣﻌﺎد ﻟﻼﺳﻼم واﳌﺴﻠﻤني واﺟﻰ ﻟﻨﺸﺎة ﻇﺎﻫﺮة اﻻﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ‪،‬‬
‫وﺗﺤﻮﻟﻬﺎ إﱃ ﺧﻄﺎب ﻛﺮاﻫﻴﺔ‪ ،‬ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘﻮاﺻﻞ‪.‬‬
‫وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺒﻮ ﻏﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﻫﻲ أن ﺗﻔﺘﺢ ﺑﺎب اﳌﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻧﺤﻮ اﻻﺳﻼم‪ ،‬واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﺗﺠﺎوز ﻋﻘﺪ اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺤﻀﺎري‬
‫ﺑﺪل اﻟﴫاع‪ ،‬وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻧﻨﺎ ﰲ ﻋﺎمل ﺻﺎر ﻣﺼري ﻛﻞ ﺷﻌﻮب اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﱰاﺑﻄﺎ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﺒﻌﺾ‪.‬‬
 ‫اﺳﻢ اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ :‬إميﺎن ﻓﻮال‬
‫اﻟﺮﺗﺒﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ :‬ﻃﺎﻟﺒﺔ دﻛﺘﻮراه‬
‫اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﻳﺤﻲ‪ ،‬ﺟﻴﺠﻞ‬
‫اﻟﺒﻠﺪ‪ :‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫اﻟﺘﺨﺼﺺ‪ :‬وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ‬
‫اﺳﻢ اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻷوﱃ‪ :‬ﺳﻤﻴﺔ ﺑﻮرﻗﻌﺔ‬
‫اﻟﺮﺗﺒﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ :‬أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﴐ ‪-‬أ‪-‬‬
‫اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ :‬ﺑﺎﺟﻲ ﻣﺨﺘﺎر‪ ،‬ﻋﻨﺎﺑﺔ‬
‫اﻟﺒﻠﺪ‪ :‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫اﻟﺘﺨﺼﺺ‪ :‬إﻋﻼم واﺗﺼﺎل‬

‫اﳌﺤﻮر‪ :‬اﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ وﺧﻄﺎب اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻟﺘﺤﺮﻳﺾ واﻧﻬﻴﺎر أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‬

‫اﻟﺴﻴﻨام اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑني اﻟ ّﺘﻨﺎول اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ‬
‫ﻋﻨﻮان اﳌﺪاﺧﻠﺔ‪ :‬اﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﰲ ّ‬
‫واﻟ ّﺘﻀﻠﻴﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ‬
‫‪-‬دراﺳﺔ وﺻﻔﻴﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ‪-‬‬
‫ﺷﻬﺪت اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﻗﺎﺋﻊ وﻣﺴﺘﺠ ّﺪات ﺳﺎﻫﻤﺖ ﰲ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺨﻮف‬
‫ﻣﻦ اﻹﺳﻼم وﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑـ "اﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ" ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﺮﻧﴘ‪ ،‬وﻗﺪ متﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﺨﻮف ﰲ ﻛﻞ ﳾء ﻣﺮﺗﺒﻂ‬
‫ﺑﻬﺬا اﻟ ّﺪﻳﻦ أي اﳌﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬اﳌﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬اﳌﺮاﻛﺰ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬اﳌﺂذن‪ ،‬اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬اﻟﺤﺠﺎب وﻏريﻫﺎ‪ .‬ووﻓﻘﺎ‬
‫ﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺴﻨﻮي ﻟـ ‪ Collectif Contre l'Islamophobie en France‬ﻟﻌﺎم ‪ 2018‬ازدادت‬
‫ﻧﺴﺒﺔ اﳌامرﺳﺎت اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻻﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺔ ﺑـ ‪ 52‬ﺑﺎﳌﺎﺋﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺴﻨﺔ ‪ ،2017‬ﺣﻴﺚ ﺳ ّﺠﻞ اﳌﺮﻛﺰ ‪446‬‬
‫ﻣامرﺳﺔ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ اﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺔ ﺳﻨﺔ ‪ ،2017‬ﺑﻴﻨام ارﺗﻔﻊ ﻋﺪدﻫﺎ إﱃ ‪ 676‬ﺳﻨﺔ ‪ ،2018‬وﻧﺴﺒﺔ ‪ 70‬ﺑﺎﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻫﺬه اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻫﻢ ﻧﺴﺎء‪ (2018 ،CCIF) .‬وﻗﺪ ﻟﻌﺒﺖ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠامﻫريﻳﺔ ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻊ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻴﻠامً ﻳﻌﺮض ﻋﲆ اﻟﺸﺎﺷﺔ‬
‫ﻣﻬام ﰲ اﻧﺘﺸﺎر ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻜﺘﻔﻲ اﻟﻔﻦ ّ‬
‫اﻟﺴﻴﻨام‪ ،‬دو ًرا ٍّ‬
‫ﺑﻬﺪف اﻟﱰﻓﻴﻪ أو اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺘﺠﺎري ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﻌﺪﺳﺔ اﻟﻜﺎﻣريا اﻟﺴﻴﻨامﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ مبﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ‬
‫اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻘﺘﺒﺲ ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮﻫﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘامﻋﻲ‪ ،‬اﻟﺴﻴﺎﳼ‪ ،‬اﻟﺜﻘﺎﰲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﺗﻌﻴﺪ ﺗﻘﺪميﻬﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى أو ﺗﻌ ّﺪﻟﻬﺎ وﻓﻖ ﻣﺎ ﻳﺨﺪم أﺟﻨﺪة أﺻﺤﺎب اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ واﻟ ّﻨﻔﻮذ‪ ،‬وﻳﺬﻫﺐ "أدﻳﺐ‬
‫ﺧﻀﻮر" ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد إﱃ اﻟﻘﻮل أﻧّﻪ‪" :‬ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﻳّﺔ ﻣﺎدة إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺴﻌﻰ ﻛﻞ ﻣﺎدة إﻋﻼﻣﻴﺔ‬
‫إﱃ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎول اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ رﺳﻤﻬﺎ وﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺪث أو اﻟﻈﺎﻫﺮة أو اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‬
‫أو ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻈﺎم ﻛﻜﻞ ومتﺜﻞ ﺑﺬﻟﻚ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم رﺳﺎﻟﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﴫ اﻟﺘﻲ متﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ"‬
‫)ﺧﻀﻮر‪ ،1999 ،‬ص ‪ (22‬ومتﺜﻞ اﻷﻋامل اﻟﺴﻴﻨامﺋﻴﺔ ﻣﺎدة إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻛﺒري وﻓﺎﻋﻞ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺜﻘﻴﻒ‬
‫واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‪ .‬وﻋﻠﻴﻪ ارﺗﺄﻳﺘﻨﺎ ﺗﺤﻠﻴﻞ منﻮذ ًﺟﺎ ﻣﻦ اﻷﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨامﺋﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻮن ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺷﻬﺪت ﺧﻼل اﻟﺜﻼث ﺳﻨﻮات اﳌﺎﺿﻴﺔ أﺣﺪاﺛ ًﺎ دراﻣﻴﺔ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﻟﻬﺠامت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﻘﺮ ﺟﺮﻳﺪة‬
‫"ﺷﺎرﱄ إﻳﺒﺪو" ﰲ ‪ 07‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،2015‬ﺛﻢ ﻫﺠامت ﺑﺎرﻳﺲ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،2015‬وﻫﺠامت ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﺲ ﰲ ‪14‬‬
‫ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،2017‬اﻟﺘّﻲ ﺗﻠﺢ ﻋﲆ رﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻓﻘﻂ ﺑﻞ إﻧّﻬﺎ ﺗﺮﺑﻂ ﻛﺬﻟﻚ إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ‬
‫اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻟﺘّﻌﺪد اﻟﺜّﻘﺎﰲ ﺑﺎﻹﺳﻼم أﻳﻀً ﺎ‪ .‬اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا ﺗﺴﻌﻰ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ إﱃ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻔﻴﻠﻢ‬
‫اﻟﺴﻴﻨاميئ اﻟﻔﺮﻧﴘ "اﻟﻼﻧﺪﻣﺎج" ﻟﻠﻤﺨﺮج اﻟﻔﺮﻧﴘ "ﻓﻴﻠﻴﺐ ﻓﻮﻛﻮن" اﻟ ّﺬي ﻳﺘﻨﺎول إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺨﺺ‬
‫ّ‬
‫اﻹﺳﻼم واﳌﺴﻠﻤني ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﺮﻧﴘ؛ وﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻷﻫﺪاف ﻧﺤﺘﺎج ﻛﺄي ﺑﺤﺚ ﻋﻠﻤﻲ إﱃ اﳌﻨﻬﺞ اﻟ ّﺬي‬
‫ﻳﺴري ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‪) ...‬ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ‪ ،2002 ،‬ص ‪ ،(93‬وﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺳﻨﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻮﺻﻔﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﲇ اﻟﺬّي ﻳﻌﺪ ﻣﻼمئﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟ ّﺪراﺳﺎت‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻬﺪف اﻟﺒﺤﻮث‬
‫اﻟﻮﺻﻔﻴﺔ إﱃ "دراﺳﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺮاﻫﻨﺔ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﻇﺎﻫﺮة أو ﻣﻮﻗﻒ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث أو‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷوﺿﺎع وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻛﺎﻓﻴﺔ ودﻗﻴﻘﺔ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬دون اﻟﺪﺧﻮل ﰲ أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ‬
‫أو اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ‪) .‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴني‪ ،1990 ،‬ص ‪.(131‬‬

‫ﻣام ﺳﺒﻖ‪ ،‬ﻧﻄﺮح اﻟﺴﺆال اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻟﺘﺎﱄ‪:‬‬

‫اﻧﻄﻼﻗًﺎ ّ‬
‫‪ -‬ﻛﻴﻒ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ّ‬
‫اﻟﺴﻴﻨام اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﻴﻠﻢ "اﻟﻼﻧﺪﻣﺎج"؟‬
‫وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘّﺴﺎؤل اﻟﺮﺋﻴﴘ ﺗﺘﻔﺮع اﻷﺳﺌﻠﺔ اﳌﻮاﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ -‬ﻣﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳌﻀﺎﻣني اﳌﺘﻨﺎوﻟﺔ ﰲ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﻔﺮﻧﴘ اﻟﺴﻴﻨاميئ "اﻟﻼﻧﺪﻣﺎج"؟‬
‫‪ -‬ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ ﻓﻴﻠﻢ ﻋﻴﻨﺔ اﻟﺪ ّراﺳﺔ؟‬
‫‪ -‬ﻣﺎﻫﻲ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹﻗﻨﺎﻋﻴﺔ اﳌﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﻓﻴﻠﻢ "اﻟﻼﻧﺪﻣﺎج"؟‬
‫‪ -‬ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﳌﺴﺘﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﻔﺮﻧﴘ "اﻟﻼﻧﺪﻣﺎج"؟‬
 ‫أﺧﻼﻗﱠ ﺎت اﻟﻌ ﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻞ اﻟﱠ رﱠ ﺎت اﻹﻋﻼﻣﱠ ﺔ‬
‫ّ‬
‫ﻧ ﺗداﺧﻞ ﻣ ﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺎﻟ ﻬ ﻲ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪Media work ethics in light of media theories‬‬
‫‪Towards the overlap of the professional ethical system‬‬

‫اﻟ داﺧﻠﺔ ﻣ إﻋداد‪:‬‬

‫اﻟﺪﻛﺘﻮرة‪ /‬ﺣﻨﺎن ﺷﻌﺒﺎن‬‫ﱡ‬ ‫ﱡ‬

‫أﺳﺘﺎذة‪ /‬ﺑﺎﺣﺜﺔ؛ ﻠﻴﺔ ﻋﻠﻮم ﻋﻼم و ﺗﺼﺎل‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ا ﺰاﺋﺮ‪3‬‬
‫‪Itfchome@gmail.com‬‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ‪ /‬ﻣﺮاد ّ‬
‫ﻛﻤﻮش‬
‫ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫أﺳﺘﺎذ‪ /‬ﺑﺎﺣﺚ‪ :‬ﺑﻤﻌ ﺪ اﻟﻌﻠﻮم‬
‫و ﺴﺎﻧﻴﺔ – اﳌﺮﻛﺰا ﺎﻣ ﻟﺘ ﺒﺎزة‬
‫‪mouradsearcher@gmail.com‬‬

‫اﻟ ﻠ ﱠ ص‪:‬‬

‫ن ﻓﻲ ﺗ دﯾدﻫ ﻟ ﻔﻬ م أﺧﻼﻗ ﺎت اﻹﻋﻼم ﺄﻧﻪ ﻋ ﻠ ﺔ اﻻﺧ ﺎر ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‪،‬‬ ‫ﻘ رب اﻟ‬

‫ﺔ ﺟ دة ﻓﻲ‬ ‫ﻞ ﻋﻠﻰ ﺷ‬ ‫أو أﻧﻪ ﺗ ﻓ ر اﻹﺣ ﺎس ﺎﻟذاﺗ ﺔ اﻟ ﻬ ﺔ‪ ،‬وﻫ اﻣ داد ﻣﺎ ﻘ م ﻪ اﻹﻧ ﺎن ﻟ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌ ﻞ‬ ‫رﻘﺔ ﻟﻠ ﻔﺎ‬ ‫ﻔ ﺔ أﺣ‬ ‫اﻷﺧﻼﻗ ﺔ واﻟ ﻬ ﺔ اﻟ‬ ‫اﻟ ﻔﻬ م اﻟ ﻧﺎﻧﻲ اﻟﻘد ‪ ،‬وﺗﻌد اﻟ اﺛ‬
‫ﺎﻏ ﻬﺎ اﻹﻋﻼﻣ ن أﻧﻔ ﻬ ‪ ،‬ﻋﻠ ﺎ أن أول‬ ‫اﻟدوﻟ ﺔ ﻘ م‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻲ وﺟ دﺗﻪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻏﺎﻟ ﺔ اﻟ اﺛ‬
‫ﺳ ﺔ ‪.1910‬‬ ‫ﻣ ﺎق أﺧﻼﻗﻲ أﺻدرﺗﻪ ار ﺔ اﻟ رر اﻷﻣر‬

‫ﻬرت اﻟﻌدﯾد ﻣ اﻟ رﺎت اﻹﻋﻼﻣ ﺔ اﻟ ﻲ ﺣﺎوﻟت أن ﺗﻔ ر‬ ‫و ﻌد اﻟ ﺎﻣﻲ اﻟ ر ﻟدور اﻹﻋﻼم‬

‫أ روﺣﺎت‬ ‫وﺗؤ ر ﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ رق واﺗ ﺎﻫﺎت اﻟ ﺎرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ﺔ‪ ،‬وﺗ ﺎﯾ ــت ﺗﻠ ـ اﻟ ر ــﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑ‬
‫ﻌﺔ اﻟ ﺎخ اﻟ ﺎﺳﻲ‬ ‫إﻟﻰ‬ ‫ذات ﻣ ؤوﻟ ﺔ اﺟ ﺎﻋ ﺔ وﻏ رﻫﺎ‪ ،‬و ﻌزو ذﻟ‬ ‫ﺔ وﻟ راﻟ ﺔ وأﺧر‬ ‫ﺳﻠ‬
‫‪ -‬أن‬ ‫اﻟ ﺎق اﻟﻌﺎم‪ ،‬إﻻ أﻧ ﺎ ﻧر –ﻛ ﺎﺣ‬ ‫ﺎد ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺎم اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻫ ﺟزء ﻣ‬ ‫واﻻﺟ ﺎﻋﻲ واﻻﻗ‬
‫ب ﻟ ﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬ ‫ر اﻟﻘ ﺔ اﻷﺧﻼﻗ ﺔ ﻫ أﺳﺎس أ ﻣ ﺎرﺳﺔ إﻋﻼﻣ ﺔ ﺗ‬ ‫ﻣ‬

‫ن اﻟذ ﺗﻘدﻣﻪ اﻟ ﺳ ﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣ ﺔ‪.‬‬ ‫ﻧ ﻋ ﺔ اﻟ‬ ‫‪ -‬ﺗ‬

‫داﻗ ﺔ‬ ‫‪ -‬ﻣ اﺟﻬﺔ أزﻣﺔ اﻟ‬
‫ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺣرﺔ اﻹﻋﻼم‬ ‫‪ -‬ﺗ ب ﻗ اﻧ‬
‫ﺻ رة وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم أﻣﺎم اﻟ ﻬ ر‪.‬‬ ‫‪ -‬ﺗ‬
‫ﻌﺔ‬ ‫ﻒ‬ ‫ﻞ إﻟﻰ ﺿرورة‬ ‫ﻛ ﺎ أن ﺗ ﻠﻲ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺎﻟدﻗﺔ واﻟ ﻬ ﺔ و اﺟب اﻟ ﺄﻛد ﻣ ﺻ ﺔ اﻟ ﻌﻠ ﻣﺔ‬
‫اﻟ ؤوﻟ ﺔ اﻷﺧﻼﻗ ﺔ ﻟ ِﺎرِﺳ ﻬﺎ؛‬ ‫رﺔ و‬ ‫ﻣ ﺎرﺳﺔ اﻹﻋﻼم‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟ ﻲ ﺗرط ﺑ‬

‫ﺗﺄﺗﻲ ﻫذﻩ اﻟ رﻗﺔ ﻟﻠ ث ﻓﻲ أﺧﻼﻗﱠﺎت اﻟﻌ ﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻞ اﻟﱠ رﱠﺎت اﻹﻋﻼﻣﱠﺔ اﻟ اﻓرة ﻗد ﺎ وﺣدﯾ ﺎ‪،‬‬
‫ّ‬
‫وﺗ ﺎول اﻟ ﺄﻛ د ﻋﻠﻰ أن ﻣﻔﻬ م اﻷﺧﻼﻗ ﺎت ﯾرﺗ ط ﻔﻬ م اﻟ ﻬ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗ ﻓر ﺷر اﻟ ﻬ ﺔ ﻧ ن ﻗد ﺣ ﺎ‬
‫اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠ رﺔ ﻫﻲ‬ ‫اﻟ ﻘ ﻣﺎت اﻷﺧﻼﻗ ﺔ‪ ،‬ﺣ ث ﯾ داﺧﻞ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺎﻟ ﻬ ﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺎﻣ‬ ‫ﻣﻊ ﺟ ﻠﺔ ﻣ‬
‫ر ﻣداﺧﻠ ﺎ ﻓﻲ اﻟﻌ ﺎﺻر‬ ‫اﻷﺧﻼﻗ ﺎت‪ ،‬واﻷﺧﻼﻗ ﺎت ﻫﻲ ﺑ ا ﺔ أو ﻣدﺧﻞ ﻟﻠ ؤوﻟ ﺔ اﻻﺟ ﺎﻋ ﺔ؛ وﻋﻠ ﻪ ﺳ‬
‫اﻟ ﺎﻟ ﺔ‪:‬‬

‫أوﻻ‪ /‬أﺧﻼﻗ ﺎت اﻟ ﺎرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ﺔ‪...‬اﻟ ﻔﻬ م ﻓﻲ ﺳ ﺎﻗﺎت ﻣ ﻌددة‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧ ﺎ‪ /‬أﺧﻼﻗﱠﺎت اﻟﻌ ﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻞ أﻫ اﻟﱠ رﱠﺎت اﻹﻋﻼﻣﱠﺔ‬

‫ّ‬
‫ﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺎﻟ ﻬ ﻲ‪ ،‬اﻵﻟ ﺎت واﻟ د ﺎت‪.‬‬ ‫ﺗداﺧﻞ ﻣ‬ ‫ﺛﺎﻟ ﺎ‪ /‬اﻟ ﺎرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ﺔ ﺑ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ x‬اﻟ ﻠ ﺎت اﻟ ﻔ ﺎﺣ ﺔ‪:‬‬

‫ﺣر ﺔ‬
‫ﻣﺔ‪ ،‬ﻣ ؤوﻟ ﺔ أﺧﻼﻗ ﺔ‪ّ ،‬‬ ‫أﺧﻼﻗﱠﺎت‪ ،‬اﻟ ﺎرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﺔ‪ ،‬اﻟﱠ رﱠﺎت اﻹﻋﻼﻣﱠﺔ‪ ،‬ﻣ‬
‫اﻹﻋﻼم‪.‬‬
 ‫"ﻣﺒﺎدئ اﳌﻮﺿﻮﻋ ّﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎدﻳّﺔ واﻟ ّﺘﻮزان وﺗﺄﺛريﻫﺎ ﻋﲆ أﺧﻼﻗ ّﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ"‬

‫د‪ .‬ﻓﺎﻳﺰ ﺷﺎﻫني‬

‫أﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‬

‫ﻜﻞ ﻣﻦ اﳌﺒﺎدئ اﳌﻬﻨ ّﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗ ّﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑ ّ‬

‫ﺗﻨﺎﻗﺶ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻟﺠﺪﻟ ّﻴﺎت ّ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻋﺮض اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺨﱪﻳّﺔ وﺗﺰﻳﻴﻔﻬﺎ‪ .‬ﺗ ُﻘ ّﺪم اﻟﻮرﻗﺔ‬ ‫اﳌﻮﺿﻮﻋﻴّﺔ واﻟﺤﻴﺎدﻳّﺔ واﻟﺘّﻮزان‪ ،‬ودور ّ‬
‫ﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت ﺑﺼﻮرة ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘّﻌﺮﻳﻔﺎت‬ ‫ﻣﻘﱰﺣﺎت ﻋﻤﻠ ّﻴﺔ ﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻟ ّ‬
‫اﻟ ّﺪارﺟﺔ‪ ،‬ﻛام ﺗﻘﱰح اﻟﻮرﻗﺔ ﻣﻌﺎﻳري وﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ُميﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪ وﻗﻴﺎس ﻣﺪى اﻟﺘﺰام اﻟﻘﺎﺋﻢ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋ ّﻴﺔ‬‫ّ‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻲ( ﺑﺎﳌﺒﺎدئ اﳌﻬﻨ ّﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗ ّﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ‬
‫ّ‬ ‫)اﻟﺼﺤﻔﻲ أو‬
‫ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻻﺗﺼﺎل ّ‬
‫وﺣﻴﺎدﻳّﺔ وﺗﻮازن‪ .‬إ ﱠن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟ ّﺪراﺳﺔ ـ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ وﺿﻊ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت ﻣﺤ ّﺪدة ﻟﻬﺬه‬
‫اﻟﺬﻫﻨﻲ اﻟﺬي‬
‫ّ‬ ‫اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ دواﻣﺔ اﻟﺘّﻀﺎرب ﺑني اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ وﻣﻦ اﻟﺘﺸﻮﻳﺶ‬
‫اﳌﻬﻨﻲ ـ ﻫﻮ وﺿﻊ أﺳﺲ‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﻛﺎدميﻲ أو‬
‫ّ‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ‬
‫ّ‬ ‫ﺗﺴﺒﺒﻪ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني اﻷﻛﺎدميﻴني واﻹﻋﻼﻣﻴني اﳌﻬﻨﻴني ـ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء ـ ﰲ‬ ‫ﻋﻠﻤ ّﻴﺔ وﻣﻬﻨ ّﻴﺔ ﻋﻤﻠ ّﻴﺔ ﺗُﺴﺎﻋﺪ ّ‬
‫ﻛﻞ‬
‫ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬه اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟ ّﺪﻗﺔ واﻟﻘُﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻨﺎﴏ ّ‬
‫واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﺴﻬﻴﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﲆ ﻣﻮﺿﻮﻋ ّﻴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ وﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﺪى ﻧﺰاﻫﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻌﻤﻠ ّﻴﺔ اﻻﺗﺼﺎل ﰲ ﺗﻌﺎﻃﻴﻪ ﻣﻊ اﻷﺣﺪاث واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻹﺧﺒﺎرﻳّﺔ‪.‬‬
 ‫ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺴرية اﻟﺬاﺗﻴﺔ‪:‬‬

‫ﻳﻌﻤﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﺎﻳﺰ ﺷﺎﻫني ﺣﺎﻟ ٍّﻴﺎ أﺳﺘﺎذًا ﻣﺴﺎﻋ ًﺪا ﰲ ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‪ .‬ﻧﺎل درﺟﺔ‬
‫اﻟﺒﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻹذاﻋﻴﺔ ﻋﺎم ‪ 1997‬ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑريزﻳﺖ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﺔ‪ .‬وﰲ ﻋﺎم‬
‫‪ 1999‬ﺣﺎز ﻋﲆ ﻣﻨﺤﺔ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺸﺎر اﻷﳌﺎين ﻏريﻫﺎرد ﴍودر ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻓﺪرس ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم‬
‫اﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻹﻋﻼم‬
‫ّ‬ ‫ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻮﺑﻨﻐﻦ )‪ (Tübingen‬اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻋﲆ ﻳﺪ ر ّواد اﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ وﺣﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﺷﻬﺎدة اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎ )ﺑﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس ‪ +‬اﳌﺎﺟﺴﺘري( ﻋﺎم ‪ 2003‬ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ اﻣﺘﻴﺎز‪،‬‬
‫وﺧﻼل ﻋﻤﻠﻪ ﰲ ﻣﺤﻄﱠﺔ اﻟﺪوﻳﺘﺸﻪ ﻓﻴﻠﻪ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧ ﱠﻴﺔ اﻷﳌﺎﻧ ّﻴﺔ )‪ (DW-TV‬أﻛﻤﻞ دراﺳﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ‬
‫اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ذاﺗﻬﺎ وﻧﺎل ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻬﺎدة اﻟﺪﻛﺘﻮراة ﻋﺎم ‪.2013‬‬
‫اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻣﺬ ﻛﺎن ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑريزﻳﺖ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ أﺣﻴﺎ‬ ‫اﺷﺘﻐﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﺎﻳﺰ ﺷﺎﻫني ﰲ ّ‬
‫آﻧﺬاك ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﳌﺴامة ﺑـ"اﻟﺒﻮﺻﻠﺔ" ﻣﻦ رﻗﺎدﻫﺎ‪ ،‬ﺛ ﱠﻢ ﻋﻤﻞ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻷﻳّﺎم اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﺔ‬
‫ﺻﺤﻔﻲ‬
‫ّ‬ ‫اﺳﻼ ﺻﺤﻔ ٍّﻴﺎ وﻣﻌ ًﺪا ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت ﺻﺤﻔ ّﻴﺔ وﻫﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﺗﺨ ّﺮﺟﻪ اﻧﺘﻘﻞ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻛﻤﺮاﺳﻞ‬
‫ﻣﺮ ً‬
‫ﲇ ﰲ رام اﻟﻠﻪ‪ ،‬ﺛ ﱠﻢ ﻋﻤﻞ ﰲ ﻣﺤﻄﱠﺔ )أﻣﻮاج( اﻹذاﻋ ﱠﻴﺔ ﻣﺬﻳ ًﻌﺎ وﻣﻌ ٍّﺪا‬ ‫ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن )وﻃﻦ( اﳌﺤ ّ‬
‫ﻟﻠﱪاﻣﺞ‪ ،‬وﺷﻐﻞ ﻣﺪﻳ ًﺮا ﻟﻬﺎ ﻟﻔﱰة‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﱃ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻋﻤﻞ ﰲ ﻏﺮﻓﺔ أﺧﺒﺎر اﻟﻘﺴﻢ اﻟﻌﺮ ّيب ﳌﺤﻄﱠﺔ‬
‫ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‬ ‫ً‬ ‫اﻟﺪوﻳﺘﺸﻪ ﻓﻴﻠﻪ اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ )‪ (DW-TV‬ﳌ ُ ّﺪة مثﺎين ﺳﻨﻮات ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ‪،‬‬
‫ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﻮد إﱃ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻪ ﻟﻴﺼﺒﺢ أﺳﺘﺎذًا ﻣﺴﺎﻋ ًﺪا ﻟﻺﻋﻼم ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺨﻠﻴﻞ ﻋﺎم ‪ ،2015‬واﻵن‬
‫ﻳﻌﻤﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﺎﻳﺰ ﺷﺎﻫني ﰲ ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻓﺼﻞ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ‪.2018‬‬
 ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺧﺒﺎر ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ وﴏاع اﳌﺼﺪاﻗﻴﺔ واﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ‬
‫اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺠﺰاﺋﺮي‪.‬‬
‫د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻔﺎﺗﺢ ﺣﻤﺪي ‪ .‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‬

‫اﳌﻠﺨﺺ‪:‬‬
‫ﻣﻊ اﻹﻧﻔﺠﺎر اﳌﻔﺎﺟﺊ ﳌﺤﺘﻮى اﻹﻋﻼم اﻟﺮﻗﻤﻲ وﺳﻬﻮﻟﺔ آﻟﻴﺎت اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﱪ اﻟﺠﻴﻞ اﻷﺧري؛‬
‫ﺗﺘﻮﻓﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺒﴩ_أﻛرث ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﴣ ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ _ وذﻟﻚ ﻣﻦ أﻛرث ﻣﻦ ﻣﺼﺪر‪،‬‬
‫وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرات اﳌﺤﺪودة اﳌﺘﻮﻓﺮة ﺳﻮاء ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺠﻐﺮاﰲ أو اﳌﺎدي ﻓﺈن اﻷﻓﺮاد اﻵن ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن‬
‫ﺑﻘﺪرة اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﻣﺨﺰوﻧﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻻ ميﻜﻦ ﺗﺼﻮرﻫﺎ‪ .‬ﻫﺬه اﳌﺨﺰوﻧﺎت ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ‬
‫ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻧﻘﻠﻬﺎ وﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺳﻮاء ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﻘﻞ أو اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ‪ ،‬وﻧﺘﻴﺠﺔ‬
‫ﻟﻬﺬا ﺗﻐريت اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ وﻇﻬﺮت ﺧﻴﺎرات أﺧﺮى ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹﻋﻼم اﻟﺮﻗﻤﻲ اﳌﺒﻨﻲ ﻋﲆ‬
‫اﻟﱰاﺑﻂ أو اﻟﺘﺸﺎﺑﻚ ‪.‬‬
‫ﻓﺈﺣﺪى رﻫﺎﻧﺎت ﻫﺬا اﳌﺸﻬﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻫﻮ ﺗﻌﺪد اﳌﺼﺎدر اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ ﺗﻮﻓﺮ ﻛﻢ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ‬
‫اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺬي ﻳﻘﻮد إﱃ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﰲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﲆ ﻧﺤﻮ دﻗﻴﻖ ﻗﺪ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ‬
‫ﻋﻮاﻗﺐ اﺟﺘامﻋﻴﺔ وﺷﺨﺼﻴﺔ وﺗﻌﻠﻤﻴﺔ وﻋﻼﺋﻘﻴﺔ وﻣﺎﻟﻴﺔ ميﻜﻦ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﻄرية ‪.‬‬
‫ﺣﻴﺚ أن اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﻓﻀﺎء ﻳﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎرع ﰲ ﻧﻘﻞ اﻷﺧﺒﺎر وﻻ ﻳﺘﻘﻴﺪ ﺑﻨﴩات أو ﻣﻮاﺟﻴﺰ إﺧﺒﺎرﻳﺔ‬
‫وﻳﻔﺘﻘﺪ ﻏﺎﻟﺒﺎ إﱃ اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮي اﻟﱰاﺗﻴﺒﻲ‪ ،‬وﻟﻬﺬا ﻓﺎﻟﻔﺮد ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ أﺳريا ﻟﻔﻮرﻳﺔ اﻟﺨﱪ وﻟﻌﺪم اﻟﺘﻮازن‬
‫ﺑني ﻣﻮﺛﻮﻗﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﴎﻋﺔ ﻧﴩه ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ‪.‬‬
‫إﻧﺘﺎج اﻷﺧﺒﺎر وﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ميﻜﻦ أن ﻳﺨﻠﻖ ﻣﻮاﻃﻨني ﻣﻄﻠﻌني وﻓﻖ أﺟﻨﺪات ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻬﻢ‬
‫ﰲ اﻷﺳﺎس ﻣﻮاﻃﻨﻮن رﻗﻤﻴﻮن ﻣﻨﻐﻤﺴني ﰲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻣام ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﻨﺨﺪﻋﻮن ﻛﺜريا ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻮﺗﺮ‬
‫ﺑني اﻧﻐامﺳﻬﻢ اﻟﺘﻘﻨﻲ وﻣﻬﺎرﺗﻬﻢ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام اﻷدوات اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ وﺗﻘﻴﻴﺪاﺗﻬﻢ اﳌﻮروﺛﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻄﻮرﻫﻢ وﺧﱪاﺗﻬﻢ‬
‫اﳌﺤﺪودة ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬه اﳌﻌﻄﻴﺎت ﻗﺎدﺗﻨﺎ ﻟﺪراﺳﺔ اﻹﺷﻜﺎﻻت اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳌﺼﺪاﻗﻴﺔ واﻟﻔﻮرﻳﺔ ﰲ اﻧﺘﺎج اﻻﺧﺒﺎر وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻌﺎﻣﻞ‬
‫اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻣﻌﻬﺎ ‪.‬‬
 ‫ﻣﻠﺨﺺ ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ‬
‫اﳌﺤﻮر ‪ :‬اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻜﺎذﺑﺔ‪ .‬اﻟﺬﺑﺎب اﻻﻟﻜﱰوين و ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﻋﻲ‬
‫إﻋﺪاد‪ :‬ﺑﺪر اﻧﺨﺎﱄ‬
‫ﻳﻌﺪ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ مبﺜﺎﺑﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﺷﻐﻠﺖ اﻫﺘامم اﻟﺒﺎﺣﺜني واﻟﺪارﺳني ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﳌﺠﺎﻻت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺷﻜﻼ ﺗﻮاﺻﻠﻴﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻓﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻘﻮة ﻋﲆ اﳌﺸﻬﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺪوﱄ ‪ .‬وﺗﻠﻌﺐ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ‬
‫اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻛﻤﻨﺼﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺎت اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ دورا رﺋﻴﺴﻴﺎ ﰲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﴐ ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﻓﻀﺎء ﻳﺘﺒﺎدل ﻓﻴﻪ‬
‫اﻷﻓﺮاد اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﳌﻌﺎرف واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ‪ ،‬ووﺳﻴﻠﺔ ﻳﺘﻢ ﻋﱪﻫﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم وﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﻮﻗﻔﻪ‬
‫ﺗﺠﺎه ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ اﻟﻌﺎمل ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ‪ .‬وأﺗﺎﺣﺖ ﻣﻨﺼﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ‬
‫ﻟﻸﻓﺮاد إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﺸﻮﻧﻪ ﻣﻦ وﻗﺎﺋﻊ وأﺣﺪاث ‪ ،‬وﻫﻜﺬا اﻧﺘﻘﻠﻮا ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻣﺘﻠﻘني‬
‫وﻣﺴﺘﻘﺒﻠني ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ إﱃ ﻣﺘﻔﺎﻋﻠني وﻣﺸﺎرﻛني ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫وﺗﻌﺘﱪ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺼﺤﺎﰲ ﺟامل ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ أﺣﺪ أﺑﺮز اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺖ اﻹﻋﻼم ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاﻋﻪ‬
‫ووﺳﺎﺋﻠﻪ ‪ ،‬وأﺛﺎرت اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ‪ ،‬وﺷﻜﻠﺖ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺣﻴﺎ ﻣﻨﺤﺘﻪ ﻣﻨﺼﺎت اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ‬
‫وﻋﻤﻠﺖ ﻋﲆ ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ وﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﻣﺴﺘﺠﺪاﺗﻪ ‪ .‬وﻷن اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺼﺎغ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ‬
‫ﺗﺎﻣﺔ ﺗﺘﻼءم وﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺠﻬﺔ اﳌﺮﺳﻠﺔ ﻟﻬﺎ ‪ ،‬ﺟﺎءت اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻮاﻗﻌﺔ اﻻﻏﺘﻴﺎل ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ وﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ‬
‫وﻣﻐﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻜﺬب واﻟﺘﻌﺘﻴﻢ ‪ .‬إذ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﺴﺒﻮك وﺗﻮﻳﱰ ﺑﱰوﻳﺞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺰاﺋﻔﺔ واﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮﻫﺎت اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف اﱃ ﺟﻌﻞ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﻳﻨﺤﻮ ﻣﻨﺤﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻘﻀﻴﺔ وﻳﺘﺒﻨﻰ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻗﺪم ﻟﻪ ﰲ ﻗﺎﻟﺐ ﺟﺎﻫﺰ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺟﻬﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ‪.‬‬
‫ان اﻟﻔﻀﺎء اﻻﻓﱰاﴈ اﻟﻴﻮم ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺴﺎﺣﺔ اﻟﺤﺮب ‪ ،‬ﺣﺎﻻت اﻟﺘﺠﻴﻴﺶ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ واﻻﺣﺘﻘﺎن ﻻ ﺗﻐﻴﺐ ﻋﻦ‬
‫اﳌﻨﺼﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ اﱃ ﺣﻠﺒﺔ ﴏاع وﻗﻮدﻫﺎ ﺟﻴﺶ اﻟﻜﱰوين ﻻ ﻳﱰدد ﰲ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻔﻜﺮة ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﺳﺘامﺗﺔ ‪ .‬ﻳﺘﺒﻨﻰ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ وﻳﺮوج ﻟﻪ ﺑﻘﻮة ﺣﺘﻰ ﻳﻀﻤﻦ وﺻﻮﻟﻪ ﻷﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﺴﺘﻬﺪف‬
‫ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻻﻓﱰاﴈ ‪ .‬وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺤﻨﺎ أﻣﺎم ﻗﻀﻴﺔ واﺣﺪة ﺗﺤﻤﻞ ﻋﴩات اﻟﺘﻔﺴريات واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت‬
‫واﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ وأوﺟﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻮﻫﺖ ﻋﲆ ﻣﺮأى ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ ﻣﻨﺼﺎت اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ‬
‫‪.‬‬
‫ﻛﺸﻔﺖ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺼﺤﺎﰲ ﺟامل ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﰲ اﺳﺘﻼب وﻋﻲ‬
‫اﳌﺘﻠﻘﻲ واﻟﺘﺄﺛري ﻋﻠﻴﻪ ‪،‬‬
‫وأﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ أن اﳌﺤﺘﻮى اﻻﻋﻼﻣﻲ ﻳﺼﺎغ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻤﻨﻬﺞ ﻳﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻣﻌﻴﻨﺔ وﺟﻬﺎت ﻣﺤﺪدة ﺗﻌﻤﻞ ﻋﱪ‬
‫اﻟﻬﺎﺷﺘﺎﻏﺎت واﻟﻮﺳﻮم واﳌﻘﺎﻻت واﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻔﱪﻛﺔ ﻋﲆ رﺳﻢ اﺗﺠﺎه ﻣﻌني ﺗﺴري ﻓﻴﻪ اﻟﺠامﻫري‬
‫اﻻﻓﱰاﺿﻴﺔ وﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻮاﻗﻌﺔ ‪ .‬وﻋﱪه ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم وﺗﺼﻨﻌﻪ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ‬
‫ﺗﻐﻴري اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ وﻗﻠﺐ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‪.‬‬
‫ﺳﻨﻘﻮم ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻛﺸﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل‬
‫اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ و آﻟﻴﺎت اﺷﺘﻐﺎﻟﻬﺎ و ﻛﻴﻒ أﺻﺒﺤﺖ أداة ﻟﻠﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم و ﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﻨﺎ‬
‫ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺣﺮوب ﰲ اﻟﻔﻀﺎءات اﻹﻓﱰاﺿﻴﺔ ﺗﺤﺸﺪ ﻟﻬﺎ اﻟﺠﻴﻮش ﺧﻠﻒ اﻟﺸﺎﺷﺎت مبﻴﺰاﻧﻴﺎت ﺿﺨﻤﺔ ‪.‬‬
‫ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﰲ ﺗﻔﺴري ذﻟﻚ ﻋﲆ أﺑﺮز اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﺘﺄﺛري اﻟﻘﻮي اﻟﺬي متﺎرﺳﻪ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم ﻋﲆ‬
‫اﻟﺠامﻫري ‪ ،‬وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻛﺄﺳﺎس ﻧﻈﺮي ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻪ دراﺳﺘﻨﺎ ‪.‬‬
‫واﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻨﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﺠﺴﺪا ﰲ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ‬
‫ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﺴﻌﻮدي ﺟامل ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ورﺻﺪ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﻌﻬﺎ‪.‬‬
 ‫أﺧﻼﻗﻴﺎت ﻣﻬﻨﺔ اﻹﻋﻼم ﺑني اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‬
‫دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﳌﻘﺮرات اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫د‪.‬ﻣﻨﺎل اﻟﻴﺎس اﻟﺨﴬ ﻣﺤﻤﺪ ‪* 1‬‬

‫ﻳﺠﻲء اﻟﺒﺤﺚ ﺑﻌﻨﻮان أﺧﻼﻗﻴﺎت ﻣﻬﻨﺔ اﻹﻋﻼم ﺑني اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ – دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﳌﻘﺮرات‬
‫اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪ ،‬ﻳﻬﺪف ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﺣﺪ أﻫﺪاف‬
‫اﳌﺆمتﺮ وﻫﻮ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺗﺪرﻳﺲ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم وﻣﺪى ﻣﻼمئﺘﻬﺎ ﻟﻮاﻗﻊ اﳌامرﺳﺔ ‪ .‬ﻳﺘﻄﺮق‬
‫اﻟﺒﺤﺚ ﳌﺸﻜﻠﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ اﳌﻘﺮرات اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻄﻼب اﻹﻋﻼم ﺑﺎﳌﺆﺳﺴﺎت‬
‫اﻷﻛﺎدميﻴﺔ ﻳﺘﻌﺎرض ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻮﻧﻪ ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻟﻴﺎت ﻋﻨﺪ وﻟﻮﺟﻬﻢ ﻟﺴﻮق‬
‫اﻟﻌﻤﻞ وﻣامرﺳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ‪ .‬ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﺮﺿﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﲇ‬
‫اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻻ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻪ ﻃﻼب اﻹﻋﻼم ﻣﻦ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ‪ .‬ﻳﺘﺒﻊ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻨﻬﺞ‬
‫دراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻣﻨﺎﻫﺞ واﺣﺪه ﻣﻦ أول اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪرس اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮيب‬
‫وﻣﻌﺎﻳﺮة اﳌﻮﺟﻮد داﺧﻞ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﲇ‪ .‬ﻳﺄيت اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺛﻼث ﻣﺤﺎور اﻷول‬
‫إﻃﺎر ﻣﻨﻬﺠﻲ ‪ ،‬اﻟﺜﺎين ﻧﻈﺮي ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄدﺑﻴﺎت اﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬أﻣﺎ اﳌﺤﻮر اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﻳﴩح‬
‫اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻨﻈﺮي ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﲇ وﻳﺤﻠﻠﻪ وﻳﻘﱰح اﻟﺮؤﻳﺔ اﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ‪.‬‬

‫ﻣﻨﺎل اﻟﻴﺎس اﻟﺨﴬ ﻣﺤﻤﺪ ‪ ،‬دﻛﺘﻮراه ﰲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻟﻨﴩ ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم‬
‫‪2008‬م ‪ ،‬أﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬

‫‪ * 1‬ﺩ‪.‬ﻣﻨﺎﻝ ﺍﻟﻴﺎﺱ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﻣﺤﻤﺪ ‪ ،‬ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ – ﻣﺪﻳﺮﺓ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ‬
‫ﺩﺭﻣﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪.‬‬
 ‫اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳ ﻟﻠ ﺮاﻣﺞ ا ﻮار ﺔ‬
‫دراﺳﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟ ﺮﻧﺎﻣﺞ "اﻟﻠﻴﻮان"‬

‫د‪/‬ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎﻣﻲ*‬

‫ﻣﻘ ﺮح ﺑﺤﺚ ﻣﻘﺪم ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺆﺗﻤﺮاﻟﻌﻠ ﻟﻘﺴﻢ اﻹﻋﻼم ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‬

‫‪ 26-25‬ﻓ ﺮاﻳﺮ‪2020‬‬
‫=====================‬

‫واﻹﻗﻠﻴ‬ ‫ﻟﻢ ﺸﻬﺪ ﻣﻨﻄﻘﺔ ا ﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﺸﺮ ﻦ ﺣﺪﺛﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﺰ اﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬واﺳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻻ ﺘﻤﺎم اﻤﻟ‬
‫واﻟﺪو ‪ ،‬ﺑﻘﺪر ا ﺼﺎر اﳌﻔﺮوض ﻋ دوﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﻣﻨﺬ ا ﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﻳﻮﻧﻴﺔ ‪ 2017‬ﻣﻦ ﺛﻼث دول ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ‪ : ،‬اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‪،‬‬
‫واﻹﻣﺎرات‪ ،‬واﻟﺒﺤﺮ ﻦ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إ ﻣﺼﺮ‪.‬‬

‫أﻓ ا ﺼﺎر ا ﺠﺎﺋﺮ إ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻋ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺴﺘﻮ ﺎت‪ :‬اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻏ ﺮ ﺎ‪ ،‬وﺑﺮز وﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل واﺣﺔ ﻣﻦ أﻗﻮى اﻷﺳ ﺔ اﳌﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺬﻩ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻨﺬ أول ﻳﻮم ﻣﻦ أﻳﺎم ا ﺼﺎر‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻦ أول ﻈﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺸﺮارة اﻷو اﻟ أوﻗﺪت ﺬا اﻟﻠﻬﺐ اﳌﺴﺘﻌﺮ ﻛﺎﻧﺖ إﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻤﺜﻠﺖ اﺧ ﺮاق ﻣﻮﻗﻊ وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﻘﻄﺮ ﺔ‪ ،‬وﺑﺚ ﺗﺼﺮ ﺤﺎت‬
‫ﻣ ﺴﻮﺑﺔ ﻷﻣ ﺮ دوﻟﺔ ﻗﻄﺮ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷ ﺸﻄﺔ اﳌﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟ ﺼﺎر اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮ ﺔ‪ ..‬ﺗ ﺸﻂ ﺗﺎرة‪ ،‬وﺗﺨﺒﻮ أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﺈن اﻵﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻢ‬
‫ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻈﺔ واﺣﺪة‪ ،‬أو ﺗﺨﻒ وﺗ ﺮ ﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ازدادت ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺪة‪ ،‬واﺳﺘﻌﺮ ﻟﻬﻴ ﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟ ﺎﻣﻞ ﻤﻟ ﺘﻠﻒ‬
‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‪ :‬اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وا ﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬وﺗﻮﻇﻴﻒ ﻣﻀﺎﻣﻴ ﻬﺎ اﳌﺘﻌﺪدة ﻋ ﺣﺪ ﺳﻮاء‪.‬‬

‫اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳ ﻟﻠ ﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰ ﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﻮ ﻊ ﺬﻩ اﻟ ﺮاﻣﺞ ﺪﻣﺔ أﺟﻨﺪة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ﺬﻩ اﻟﺪراﺳﺔ إ ﺗﻘ‬ ‫وﺴ‬
‫ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬وﺗﺤﻘﻴﻖ أﻏﺮاض ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺄزﻣﺔ ا ﺼﺎر‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻋ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ "اﻟﻠﻴﻮان" اﻟﺬي ﺑﺜﮫ ﻗﻨﺎة روﺗﺎﻧﺎ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﺧﻼل ﺷﻬﺮ‬
‫رﻣﻀﺎن اﳌﺒﺎرك ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ‪ ،2019‬وﺑﻠﻐﺖ ﺣﻠﻘﺎﺗﮫ ‪ 29‬ﺣﻠﻘﺔ‪ .‬وﺳ ﺘﻢ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻇﻴﻒ أﺳﻠﻮب ﺗﺤﻠﻴﻞ ا ﻄﺎب‬
‫‪ discourse analysis‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺗﺤﻠﻴﻞ اﳌﻀﻤﻮن‪ ،‬ﳌﻌﺮﻓﺔ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺒﺎرزة اﻟﻮاردة ﺬا‬
‫اﻟ ﺮﻧﺎﻣﺞ‪ ،‬واﻻﺳ ﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت واﻟﺘﻜﻨﻴ ﺎت اﻟ وﻇﻔﻬﺎ ﳌﻌﺎ ﺠﺔ ﺬﻩ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﻃﺮاف اﳌﺆﺛﺮة –أو‬
‫اﻟﻘﻮى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ‪ ،-‬واﻟ ﻠﻤﺎت واﻟﻌﺒﺎرات وا ﺠﻤﻞ اﻟﺪاﻟﺔ واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي وﻇﻔﺖ ﻓﻴﮫ‪ ،‬ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺴﺎرات اﻟ ﺮ ﻨﺔ‪.‬‬

‫اﻟ ﻠﻤﺎت اﳌﻔﺘﺎﺣﻴﺔ‪ :‬ﺣﺼﺎر ﻗﻄﺮ‪ ،‬ﻗﻨﺎة روﺗﺎﻧﺎ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻠﻴﻮان‪ ،‬ﺗﺤﻠﻴﻞ ا ﻄﺎب‪ ،‬ﺗﺤﻠﻴﻞ اﳌﻀﻤﻮن‪.‬‬

‫=‪=##‬‬

‫‪                                                            ‬‬
‫‪ .* ‬ﻗﺳﻡ ﺍﻹﻋﻼﻡ‪ ،‬ﻛﻠﻳﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻡ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻁﺭ‬
 ‫اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺪراﻣﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‬
‫)دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﲆ ﺻﻮرة اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤني ﺑﺎﻟﺪراﻣﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(‬
‫اﻋﺪاد أ‪.‬د‪ .‬أﴍف ﺟﻼل‬
‫اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻘﺴﻢ اﻹذاﻋﺔ واﻟﺘﻴﻠﻔﺰﻳﻮن‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة‬
‫ﺗﻌﺪ اﻟﺪراﻣﺎ اﺣﺪ أدوات اﻟﻘﻮة اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺪول ﻟﺪﻋﻢ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ وﺗﺪﻋﻴﻢ ﻧﻔﻮذﻫﺎ وارﺳﺎل‬
‫رﺳﺎﺋﻞ ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ او اﻟﺨﺎرج ﻻﺳﻴام ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻟﺪراﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﻮة ﺗﺄﺛري وﺟﺎذﺑﻴﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ اﺧﺘﻼف اﻟﻠﻐﺎت واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ دﺑﻠﺠﺔ وﺗﺮﺟﻤﺔ ﻫﺬه اﻻﻋامل ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻠﻐﺎت‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻓﻄﻨﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺪراﻣﺎ ﰲ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺻﻮر ذﻫﻨﻴﺔ ﻣﺤﺪدة ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺳﻴﻄﺮة ﻫﺬه‬
‫اﻷﻧﻈﻤﺔ ﻋﲆ ﻗﻨﻮات ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮض ﺳﻮاء ﺑﺎﻣﺘﻼﻛﻬﺎ ﻣﺒﺎﴍة او مبﻨﺢ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻟﺒﺚ‬
‫واﳌﻮاﻓﻘﺎت ﻋﲆ ﻋﺮض اﻻﻋامل اﻟﺪراﻣﻴﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻬﺎ ﻟﻜﺒﺎر اﻟﻨﺠﻮم ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ اﻻﻋامل اﻟﺪراﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻘﻮم اﻟﺪوﻟﺔ او اﺣﺪ أذرﻋﻬﺎ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻧﺘﺎﺟﻬﺎ او ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ‪.‬‬
‫وميﻜﻦ ان ﻧﻠﻤﺢ اﺗﺠﺎﻫني أﺳﺎﺳﻴني ﰲ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺪراﻣﺎ وﻫام ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮيب ﻋﺎم ‪ 2011‬وﻣﺎ‬
‫ﺑﻌﺪه ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪراﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮيب متﻴﻞ ﻟﻠﻨﻴﻞ ﻣﻦ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﳼ وﺗﺼﻤﻪ ﺑﺎﻹرﻫﺎب وﺗﻘﺴﻢ‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑني اﻏﻠﺒﻴﺔ ) ﺟﻴﺶ وﴍﻃﺔ وﺣﻜﻮﻣﺔ وﺷﻌﺐ( ﻛﻀﺤﻴﺔ ‪،‬واﻗﻠﻴﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻣﺎرﻗﺔ ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج‬
‫واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺗﺠﻨﻴﺪ ﺑﻌﺾ اﻻﻓﺮاد واﻏﻮاﺋﻬﻢ وﺗﻀﻠﻴﻠﻬﻢ ﻟﻼﻧﺘامء اﱃ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ‪،‬ﻓﺎﻋﺘﺎدت اﻟﺪراﻣﺎ اﳌﴫﻳﺔ ﺗﻨﺎول‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴني ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ وﻗﻮاﻟﺐ ﺟﺎﻫﺰة وأمنﺎط ﻣﺤﺪدة ﺳﻠﻔﺎً‪ .‬ﻛﺎن أﻛرثﻫﺎ ﺗﻜﺮارا منﻂ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﻨﻐﻠﻖ‬
‫ﻋﺎﺑﺲ اﻟﻮﺟﻪ‪ ،‬اﻟﺬي ﻻ ﻳﻌﺮف ﻏري اﻻﻧﻘﻴﺎد اﻷﻋﻤﻰ ﳌﺮﺷﺪه أو ﺷﻴﺨﻪ دون اﻋامل ﻋﻘﻠﻪ‪ .‬ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻟﺠﻤﻠﺔ "ﻻ‬
‫ﺗﻨﺎﻗﺶ وﻻ ﺗﺠﺎدل "ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ رﺳﺨﺖ ﺻﻮرة اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴام ﻳﻮﺟﻪ إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺴﻤﻊ وﻳﻄﻴﻊ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬
‫اﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮيب واﻟﺼﻌﻮد اﳌﺘﻨﺎﻣﻲ ﻟﺘﻴﺎر اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﺬي ميﺜﻠﻪ ﺗﻴﺎر اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤني ﻇﻬﺮ واﺿﺤﺎ‬
‫رﻏﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ووﺻﻤﻪ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ واﻹرﻫﺎب ﻓﺘﻢ اﻧﺘﺎج ﻋﺪد ﻣﻦ اﻻﻋامل اﻟﺪراﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﺗﺤﺪﻳﺪا ﺑﺈﻧﺘﺎج اﻋﻤﻞ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻣﺜﻞ اﻟﺠامﻋﺔ ‪ 2 ،1‬وﺧﻴﺎﻧﺔ وﻃﻦ ‪ ،‬ﺑﻞ وﺳﻌﺖ‬
‫اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺻﻌﻮد ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻟﻠﺤﻜﻢ ﰲ ﻣﴫ ﻟﺘﺸﻮﻳﻬﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻧﺘﺎج ﻓﻴﻠﻢ اﳌﺸﺨﺼﺎيت ‪ ، 2‬ﻛام‬
‫زﺧام ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ‪،‬‬‫ﺳﻴﻄﺮت اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮض ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺪراﻣﺎ ﻣﻦ أﻛرث اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ً‬
‫ﻣﺴﻠﺴﻼ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻓﺠﺄة ﺗﻮﻗﻒ ﻛﻞ ﻫﺬا‬
‫ً‬ ‫وﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﺘﻮدﻳﻮﻫﺎت ﺗﺰدﺣﻢ ﻗﺒﻴﻞ رﻣﻀﺎن ﻹﻧﺘﺎج ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ‪30‬‬
‫اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻀﺨﻢ ‪ ،‬وﺑﺪأ اﻷﻣﺮ ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ رﻗﺎﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺤﺘﻮى اﳌﺴﻠﺴﻼت‪ ،‬ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﻮل إﱃ ﻧﺰوع‬
‫ﺳﻴﺎﳼ ﺧﻔﻲ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﳌﺤﺘﻮى اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ﰲ ﻣﴫ‪ ،‬ومل ﺗﻜﻦ اﻟﺪراﻣﺎ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ذﻟﻚ أﺑ ًﺪا‪ ،‬ﺑﺎﻟﺴﻴﻄﺮة‬
‫ﺷﺒﻪ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﴩﻛﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻋﲆ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﳌﴫﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﴍﻛﺔ إﻋﻼم اﳌﴫﻳني اﻟﺘﻲ ُﻋني‬
‫رﺋﻴﺴﺎ ﳌﺠﻠﺲ إدارﺗﻬﺎ‪ .‬وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى‪ ،‬ﺗﻮﺳﻌﺖ ﴍﻛﺔ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﴍﻛﺔ ﺳﻴرنﺟﻲ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ميﻠﻜﻬﺎ‬
‫اﳌﻨﺘﺞ ﺗﺎﻣﺮ ﻣﺮﳼ ً‬
‫ﻣﺮﳼ‪ ،‬ﰲ إﻧﺘﺎج اﳌﺴﻠﺴﻼت اﻟﺪراﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺸﻜﻞ أﻗﺮب ﻟﻼﺣﺘﻜﺎر‬
‫وﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻼﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﺳﺆال أﺳﺎﳼ وﻫﻮ اﱃ أي ﻣﺪى ﺗﻢ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺪراﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ‬
‫ﰲ ﴏاﻋﻬﺎ ﻣﻊ ﺗﻴﺎر اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤني؟ ﻋﱪ اﺳﺘﺨﺪام اﳌﻨﻬﺞ اﳌﺴﺤﻲ ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﻀﻤﻮن أرﺑﻌﺔ اﻋامل دراﻣﻴﺔ‬
‫وﻫﻲ ﻣﺴﻠﺴﻼت اﻟﺠامﻋﺔ‪ ، 2 ، 1‬وﺧﻴﺎﻧﺔ وﻃﻦ ‪ ،‬وﻓﻴﻠﻢ اﳌﺸﺨﺼﺎيت ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘامرة ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﻀﻤﻮن‬
‫ﻛﻤﻲ ﻣﻘﻨﻨﺔ ﺳﺘﻤﺮ ﺑﻜﺎﻓﺔ اﳌﺮاﺣﻞ اﻹﺟﺮاﺋﻴﺔ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﳌﻀﻤﻮن ‪ ،‬وﺗﻔﱰض اﻟﺪراﺳﺔ ان ﻫﻨﺎك ﻓﺮوﻗﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﰲ‬
‫اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪم ﺑﻬﺎ اﻻﺧﻮان ﻃﺒﻘﺎ ﻟﺠﻬﺔ اﻹﻧﺘﺎج ‪ ،‬وﻧﻮع اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪراﻣﻲ ‪ ،‬واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ‬
‫اﻟﺪراﻣﻲ‪.‬‬
 ‫دور اﳌﻌﺎﻳري اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﰲ ﺗﺤﺴني اﻷداء اﻹﻋﻼﻣﻲ‬
‫د‪.‬ﺣﺒﻴﺒﺔ ﻋﺜامن ﻋﺒﺎس اﻟﻄﻴﺐ‪*1‬‬

‫ﺗﻜﻤﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ دور اﳌﻌﺎﻳري واﳌﺒﺎدئ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﰲ ﺗﺤﺴني اﻷداء اﻹﻋﻼﻣﻲ ‪ ،‬ﺗﻜﺘﺴﺐ‬
‫ﻫﺬا اﻟﺪراﺳﺔ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻇﻢ دور وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺷﻬﺪت اﻟﺴﺎﺣﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻮدان إﻧﺘﺸﺎرا ً واﺳﻌﺎً ﻟﻠﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﺰاﻳﺪ ﻋﺪد اﳌامرﺳني ﻟﻺﻋﻼم ‪،‬‬
‫ﻻﺳﻴام اﻹﻋﻼم اﳌﺘﺨﺼﺺ ﻟﺬا ﻳﺠﺐ أن ﻳﻬﺘﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻂ ﺑﺎﺣﱰام أﺳﺲ وﻣﺒﺎدئ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ وأﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ متﺜﻞ ﺿامن ﻣامرﺳﺔ اﻟﺤﺮﻳﺎت ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ متﻜﻦ اﻹﻋﻼﻣﻲ‬
‫ﻣﻦ إﻳﺼﺎل رﺳﺎﻟﺘﻪ إﱃ اﻟﺮأى اﻟﻌﺎم واﻹﺳﻬﺎم ﰲ ﺑﻨﺎء اﳌﺠﺘﻤﻊ ‪ ،‬ﺗﺘﻌﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ مبﺤﻮر ﺟﺪﻟﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻷﺧﻼق ﰲ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ‪ ،‬ﺗﻬﺪف اﻟﺪراﺳﺔ إﱃ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻷﺳﺲ واﳌﺒﺎدئ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ‬
‫ﳌﻬﻨﺔ اﻹﻋﻼم ﻟﻀامن وﺣامﻳﺔ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒري ﻣﻦ اﳌﻼﺣﻘﺔ واﳌﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ‪ ،‬ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ‬
‫اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم اﻷﺧﻼق اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ووﺿﻌﻴﺘﻬﺎ وﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ إﱃ ﻗﻮاﻧني وإﺟﺮاءات ﺗﺤﺪد‬
‫اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ‪ ،‬ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﺮﺿﻴﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ أن اﻹﻟﺘﺰام ﺑﺎﳌﻌﺎﻳري اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﻺﻋﻼم ﻳﺆﺛﺮ ﰲ‬
‫ﺗﺤﺴني اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ‪ ،‬وﺗﺘﻨﺎول اﻟﺪراﺳﺔ إﻃﺎر ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻳﺄيت ﰲ ﻣﺤﻮرﻳﻦ اﳌﺤﻮر اﻷول ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﺎﻳري اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﻺﻋﻼم واﳌﺤﻮر اﻟﺜﺎين ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺤﺴني اﻷداء اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ اﻟﺴﻮدان ‪.‬‬

‫ﺣﺒﻴﺒﺔ ﻋﺜامن ﻋﺒﺎس اﻟﻄﻴﺐ ‪ ،‬دﻛﺘﻮراه اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﰲ اﻹﻋﻼم ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أﻛﺘﻮﺑﺮ‬
‫‪2016‬م ‪ ،‬أﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم ‪ ،‬وﻧﺎﺋﺐ ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ –‬
‫اﻟﺴﻮدان ‪.‬‬

‫‪ * 1‬ﺩ‪.‬ﺣﺒﻴﺒﺔ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﻄﻴﺐ ‪ ،‬ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ –ﻧﺎﺋﺒﺔ ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻡ ‪.‬‬
‫أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‪ :‬ﺑﺤﺚ ﰲ اﻷﺳﺲ اﻹﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ورﺻﺪ ﻟﻺﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ‬
‫د‪.‬ﻫﺸﺎم اﳌيك‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻴﺪي ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ‪ ،‬ﻓﺎس‪ ،‬اﳌﻐﺮب‬
‫ﺗﻄﻮرت أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ﰲ ﺳﻴﺎق ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ دوﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة‪ ،‬وﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ؛ ﻛام ﻋﻜﺴﺖ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت دوﻣﺎ ﻫﻤﻮم اﻟﺼﺤﺎﻓﻴني وﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﻢ إﱃ ﻇﺮوف ﻋﻤﻞ ﻛﺮميﺔ وآﻣﻨﺔ‪ ،‬وﺑﺤﺜﻬﻢ ﻋﻦ ﺿامﻧﺎت‬
‫ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻷداء واﺟﺒﺎﺗﻬﻢ اﳌﻬﻨﻴﺔ‪ ،‬ﰲ اﺳﺘﺤﻀﺎر داﺋﻢ ﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺠﻤﻬﻮر وﺣﻘﻪ ﰲ اﳌﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ اﳌﺤﺎﻳﺪة‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى‪ ،‬اﺳﺘﻨﺪت أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم إﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ إﱃ ﻧﻈﺮﻳﺎت إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺸﱰك ﰲ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﻋﲆ‬
‫ﻣﺒﺪأ وﺳﺎﻃﺔ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑني اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻔﻌﲇ وﺑني اﻟﺠﻤﻬﻮر‪ .‬ﻟﻬﺬا ﺗﻌﻜﺲ اﳌﻮاﺛﻴﻖ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻫﺘامﻣﺎ وﺣﺮﺻﺎ ﻛﺒريﻳﻦ ﻋﲆ ﺗﺠﻮﻳﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ )ﺻﺤﺔ اﻟﺨﱪ‪،‬‬
‫دﻗﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‪ ،‬اﳌﺼﺪاﻗﻴﺔ‪ (...‬أو ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻬﺎ )ﻧﺰاﻫﺔ اﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺎده‪ ،‬أﻣﺎﻧﺘﻪ‪.(...‬‬
‫ﻧﻬﺘﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ أﺛﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ اﻹﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠامﻫريي واﻟﺘﻄﻮر‬
‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﺘﴩﻳﻌﺎت أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم؛ ﻋﲆ اﳌﻮاﺛﻴﻖ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؛ وذﻟﻚ ﻟﺘﻌﺮف ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﺎ‬
‫اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻌﺮف اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﳌﺴﺎر؛ واﻗﱰاح ﻣﺴﺎرات أﺧﺮى ﻧﻈﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫ﺑﻴﺎن منﺎذج ﳌﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت أﺧﻼﻗﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬ﺗﻐﻨﻲ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺗﺠﻌﻠﻬﺎ‬
‫أﻛرث اﻧﻔﺘﺎﺣﺎ ﻋﲆ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وأﻛرث اﺳﺘﺤﻀﺎرا ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮر وﻛﺮاﻣﺘﻪ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛﻠامت ﻣﻔﺘﺎﺣﻴﺔ‪ :‬أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ‪ -‬ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻹﻋﻼم ‪ -‬إﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ‪ -‬ﻗﻴﻢ‬
‫‪ -‬ﻣﺤﺎور اﳌﺆمتﺮ‪ :‬اﳌﺤﻮر اﻷول‪ :‬ﻧﻈﺮﻳﺎت أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‬
‫ﻣﻮﺟﺰ اﻟﺴرية اﻟﺬاﺗﻴﺔ‪:‬‬
‫ﻫﺸﺎم اﳌيك‪ ،‬ﻣﻐﺮيب‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﺳﻨﺔ ‪ .1980‬أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻹﻋﻼم‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻴﺪي ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ‪،‬‬
‫ﻓﺎس‪ ،‬اﳌﻐﺮب‪ .‬وﻣﻨﺴﻖ اﳌﴩوع اﻟﺒﺤﺜﻲ‪" :‬أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﳌﻬﻨﻴﺔ" ﰲ ﻣﺨﺘﱪ‬
‫ﺑﺤﺜﻲ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ .‬دﻛﺘﻮراه ﰲ اﻹﻋﻼم واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﰲ ﻣﻮﺿﻮع "اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠامﻫريي وﺳﺆال اﻟﻘﻴﻢ‪ :‬دراﺳﺔ ﰲ‬
‫اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳌﺆﺳﺴﺔ"‪ .‬ﻣﺪﻳﺮ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﺪورﻳﺔ منﺎء اﳌﺤﻜﻤﺔ‪ ،‬ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﺮﻛﺰ منﺎء ﻟﻠﺒﺤﻮث‬
‫واﻟﺪراﺳﺎت‪ ،‬ﺑريوت‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪ .‬وﻣﺴﺘﺸﺎر ﻋﻠﻤﻲ وإﻋﻼﻣﻲ ﻟﺠﻬﺎت ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻪ اﻟﻔﺮدﻳﺔ‪" :‬اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠامﻫريي وﺳﺆال اﻟﻘﻴﻢ‪ :‬دراﺳﺔ ﰲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳌﺆﺳﺴﺔ"‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪.2016 ،‬‬
‫و"اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ وﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﻘﻴﻢ"‪ ،‬اﳌﻐﺮب‪ .2014 ،‬ﻛام ﺳﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻨﺴﻴﻖ وﺗﺤﺮﻳﺮ وﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺐ ﺟامﻋﻴﺔ‬
‫ﻣﺜﻞ‪" :‬ﺳﺆال اﻟﻘﻴﻢ ﺑﺼﻴﻎ ﻣﺘﻌﺪدة‪ :‬منﺎذج ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻹﻋﻼم واﻟﱰﺑﻴﺔ واﻷدب واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ"‪،‬‬
‫ﻟﺒﻨﺎن‪2015 ،‬؛ و"ﺳﺆال اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮيب"‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪2014 ،‬؛ و"ﺻﻮرة اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﰲ اﻹﻋﻼم‬
‫اﻟﻮﻃﻨﻲ‪ :‬دراﺳﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ وﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ"‪ ،‬اﳌﻐﺮب‪.2013 ،‬‬
‫وﺳﺎﻫﻢ ﺑﻔﺼﻮل ﰲ ﻛﺘﺐ ﺟامﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ‪" :‬دراﺳﺎت ﰲ اﻻﺗﺼﺎل واﻹﻋﻼم"‪ ،‬ﻋﻨﻮان اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ‪" :‬اﻷﺻﻮل‬
‫اﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻟﻺﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻹﻧﺴﺎن"‪ ،‬اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ أﺣﻤﺪ زﺑﺎﻧﺔ –‬
‫ﻏﻠﻴﺰان ‪ /‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ ،‬دار أﻟﻔﺎ ﻟﻠﻮﺛﺎﺋﻖ ﻧﴩ‪ -‬اﺳﺘرياد وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ .‬ط ‪ ،1‬ﻓﱪاﻳﺮ ‪ .2019‬وﻛﺘﺎب‬
‫"ﺳﺆال اﳌﻨﻬﺞ ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ"‪ ،‬ﻋﻨﻮان اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ‪ " :‬اﻟﺒﺤﺚ اﻹﻋﻼﻣﻲ وﺳﺆال اﳌﻨﻬﺞ‪ :‬ﰲ اﻻﻧﺘﺼﺎر‬
‫ﻟﻠﺒﺤﻮث اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻨﻈريﻳﺔ"‪ ،‬ﻣﻨﺘﺪى اﳌﻌﺎرف‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪ .2018 .‬وﻛﺘﺎب "اﻟﺨﻄﺎب اﻹﺷﻬﺎري اﳌﻐﺮيب‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎه‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ ورﻫﺎﻧﺎﺗﻪ اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ"‪ ،‬ﻋﻨﻮان اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ‪" :‬ﺻﻮرة اﳌﺮأة اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﻹﺷﻬﺎر اﻟﺘﻠﻔﺰي"‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات‬
‫ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ‪ ،‬وﺟﺪة‪ ،‬رﻗﻢ ‪ ،40‬ط‪ ،1‬اﳌﻐﺮب‪.2016 ،‬‬
‫وﻛﺘﺎب "اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ وأﺷﻜﺎل اﻟﺘﻐﻴري اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﺑﺎﳌﻐﺮب"‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺑﻮﺟﺪة‪ ،‬رﻗﻢ‪ ،2015/34 :‬اﳌﻐﺮب‪.‬‬
‫ﻳﺴﺎﻫﻢ دورﻳﺎ ﰲ اﳌﺆمتﺮات اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ‪ ،‬وﻟﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﳌﻨﺸﻮرة‪ ،‬ﻣﻦ آﺧﺮﻫﺎ‪ :‬دراﺳﺔ "ﺻﻮرة‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻹﻋﻼم اﻟﻐﺮيب‪ :‬ﺑني اﻷﺳﺲ اﳌﻌﺮﻓﻴﺔ واﳌﻀﺎﻣني اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ"‪ .‬إﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ع ‪ ،95‬ﺷﺘﺎء‬
‫‪1440‬ﻫـ‪2019 /‬م‪ .‬ودراﺳﺔ‪" :‬أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ اﻟﻮﻃﻨﻲ‬
‫ﻟﺘﺤﺎﻗﻦ اﻟﺪم"‪ ،‬اﳌﺠﻠﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺼﺤﻲ‪ ،‬اﻟﻌﺪد ‪ ،22‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.2018‬‬
‫وﻣﻘﺎل‪" :‬ﻛﻴﻒ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺬﱠﻛ ّﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ أﺳﻮأ؟!"‪ ،‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺪوﺣﺔ‪ - ،‬ﻗﻄﺮ‪ .‬ع ‪ ،132‬أﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.2018‬‬
 ‫اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑني اﳌﺮﺟﻌﺘني اﳌامرﺳﺘﻴﺔ واﳌﺆﺳﺴﻴﺔ‬
‫د‪ .‬اﻟﺼﺎدق راﺑﺢ‬
‫أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك‬
‫ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‪ ،‬ﻗﻄﺮ‬

‫ﴪب اﻟﺮﻗﻤﻴﺎت اﱃ ﻛﻞ ﻣﻔﺎﺻﻞ‬ ‫ﻋﺮﻓﺖ اﳌﻴﺪﻳﺎ‪ ،‬ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية‪ ،‬ﺗﺤﺪﻳﺎت ﻛﺒرية‪ ،‬وذﻟﻚ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎت اﺗّﺴﻤﺖ ﺑﺘ ّ‬
‫اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻌﺎمل‪ ،‬ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ‪ ،‬ﻋﴫا رﻗﻤﻴﺎ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز‪ .‬ﻓﺎﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺻﺎﺣﺒﺖ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺸﺒيك‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﺰاﻣﻨﺖ ﻣﻊ اﺗﺠﺎه اﺟﺘامﻋﻲ وﺛﻘﺎﰲ ﻳﻜ ّﺮس وﻳﺤﺘﻔﻲ ﺑﺎﳌﺸﺎرﻛﺔ واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ ﻛﻞ‬
‫اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜّﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻔﻀﺎء اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻟﻠﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻋﻠني اﻟﺠﺪد؛ وﻫﻮ ﻣﺎ أ ّدى اﱃ ﻓﻘﺪان اﻹﻋﻼﻣﻴني‪،‬‬
‫وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺼﺤﻔﻴني اﳌﺤﱰﻓني ﻻﺣﺘﻜﺎرﻫﻢ اﻟ ّﺘﻘﻠﻴﺪي واﳌﺘﻤﺜّﻞ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻷﺧﺒﺎر وﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ وﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ وﻧﴩﻫﺎ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ دﻓﻌﺖ‪ ،‬ﺑﻞ أﺟﱪت‪ ،‬ﻫﺬه اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة‪ ،‬واﻟﺘﻲ أﻋﺎدت رﺳﻢ ﻣﻌﺎمل اﻟﺒﻴﺌﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻔﺎﻋﻠني اﳌﻬﻨ ّﻴني اﻟﻘﺪاﻣﻰ اﱃ ﻟﻌﺐ أدوار ﺟﺪﻳﺪة ﰲ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻘﺖ اﻟ ّﺘﻘﻨﻴﺎت‬
‫اﻟ ّﺮﻗﻤﻴﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية وﻣﺘﻨ ّﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﻟﺠﺪﻳﺪة‪ ،‬وأﺷﻜﺎﻻ ﺟﺪﻳﺪة وﻣﺒﺘﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم‬
‫ﻋﻤﻮﻣﺎ‪ .‬ﻓﻌﺒﺎرات ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﳌﺤﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺠﻪ اﳌﺴﺘﺨﺪﻣﻮن‪ ،‬وﺻﺤﺎﻓﺔ اﳌﻮاﻃﻦ‪ ،‬واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟ ّﺘﺸﺎرﻛﻴﺔ‪ ،‬اﻟ ّﺘﻌﻬﻴﺪ‬
‫اﻟﺠامﻋﻲ‪ ،‬وﺷﺒﻜﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻻﺟﺘامﻋﻲ‪ ،‬إﻟﺦ‪ ،‬ﻗﺪ ﻏﺪت ﺷﺎﺋﻌﺔ اﱃ أﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪود ﻫﺬه‬
‫اﻷﻳﺎم؛ وﻫﻲ ﺗﺸري اﱃ أن اﻹﻋﻼم ﻛﻨﺸﺎط ﻣﻬﻨﻲ اﺣﱰاﰲ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﻳﺘﻌﺎﻳﺶ‪ ،‬ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻳﺪ‪ ،‬ﻣﻊ أمنﺎط ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻹﻋﻼم ﻛﻨﺸﺎط ﻣﺪين‪ ،‬ﻳﻘﻮم ﺑﻪ أﻓﺮاد ﻳﻨﺘﻤﻮن اﱃ ﻓﺌﺎت اﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻳﺘﻤﻴﺰون مبﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ‬
‫واﻟﺨﱪة‪ ،‬وذﻟﻚ ﰲ ﻇﻞ ﻇﺮوف وﺳﻴﺎﻗﺎت ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ‪ .‬وﻳﺜري ﻫﺬا اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ‬
‫ﺑﺎﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺳﻮاء ﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴني اﳌﻬﻨﻴني واﳌﺤﱰﻓني ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬
‫اﻟﺮﻗﻤﻲ‪ ،‬أو اﻟﺘﺰام اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎدﻳني ﺑﺤﺪ أدىن ﻣﻦ اﳌﻌﺎﻳري اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﳌﻬﻨﻴﺔ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻤﻊ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت وﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ‬
‫وﻧﴩﻫﺎ‪.‬‬
‫ﺳﻨﺴﻌﻰ‪ ،‬ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ‪ ،‬اﱃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ وﺗﺤﻠﻴﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺌﻨﺎس مبﻘﺎرﺑﺎت ﻣﺘﻌﺪّ دة وﺛﺮﻳّﺔ‪،‬‬
‫وﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻴﻮت ﻓﺮﻳﺪﺳﻮن )‪ (Eliot Freidson‬اﻟﺬي مي ّﻴﺰ ﺑني "أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ"‬
‫و"اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﺆﺳﺴﻴﺔ"‪ .‬ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺳﻨﺤﺎول ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﻬﻨﻴﺔ ﻣﺘامﻳﺰة ﻋﻦ‬
‫ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﳌامرﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﺣﻴﺚ أن اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ‬
‫زﻳﺎدة ﺗﻨ ّﻮع اﳌامرﺳﺎت وﺗﻮﺳﻴﻊ داﺋﺮة اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑني اﻷﻓﺮاد‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺰﻳﺪ ﰲ ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ﺣﺪود اﻟﻮﺻﻞ واﻟﻔﺼﻞ‬
‫ﺑني ﻣﺠﻤﻮع اﳌامرﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺎﺳﻢ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﺎم‪ .‬وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‪ ،‬ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت ﺗﺘﻄﻠﺐ إﻋﺎدة رﺳﻢ ﻣﻌﺎمل ﻣﻔﻬﻮم‬
‫اﻹﻋﻼم واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺑﺸﻜﻞ أﻛرث ووﺿﺤﺎ ود ّﻗﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻷدوار اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻹﻋﻼﻣﻴﻮن واﻟﺼﺤﻔﻴﻮن ﰲ ﺑﻴﺌﺔ‬
‫إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗ ّﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟ ّﺘﻌﻘﺪ وﻛرثة اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﳌﺤ ّﻔﺰات أﻳﻀﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺒﻊ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﳌﻌﺎﴏة‪.‬‬
 ‫دراﻣﺎﺗﻮرﺟﻴﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﻋﱪ اﻟﻔﻀﺎءات اﻻﻓﱰاﺿﻴﺔ‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪.‬ﺳﻬﺎم ﺣﺴﻦ ﻋﲇ اﻟﺸﺠريي‬
‫ﻛﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم‪ /‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐﺪاد‪ /‬اﻟﻌﺮاق‬

‫ﺗﻨﺘﴩـــ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻲ أﻳﻀـــﺎ‬
‫أﻗﺪم اﻟﻮﺳــــﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻓﻘﺒﻞ اﻋﺘامد اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺸــــﺎﻓﻬﺔ ﻫﻲ ﻗﻨﺎة اﻟﺘﻮاﺻــــﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﰲ‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ اﻻﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻷﺧﺒﺎر وﺑﻨﺎء اﻟﺴﻤﻌﺔ أو ﺗﻘﻮﻳﻀﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺄﺟﻴﺞ اﻟﻔنت أو اﻟﺤﺮوب‪،‬‬
‫وﻳﺒﺪو أن ﺣﻀــﻮر اﻟﺼــﺤﺎﻓﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﺛﻢ ّ‬
‫اﻟﺒﺚ اﻹذاﻋﻲ‪ ،‬وﺧﺘﺎﻣﺎً ﺛﻮرة اﳌﺮيئ واﳌﺴــﻤﻮع‪ ،‬مل ﺗﺴــﺘﻄﻊ إﺧامد اﻷﺧﺒﺎر‬
‫اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻓﱪﻏﻢ ﺗﻜﺎﺛﺮ اﻟﻮ ﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻻ ﺗﺰال اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗ ﺴﺘﻘﻲ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺤﺎدﺛﺎت اﻟ ﺸﻔﻮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﺑﻞ إن ﺟﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ اﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻷوﱃ‪ ،‬ﺑﻌﻴﺪاً ﻋﻦ إﺧامد اﻟﺸــﺎﺋﻌﺎت‪ ،‬ﻛﺎن ﺟﻌﻠﻬﺎ أﻛرث ﺗﺨﺼــﺼ ـﺎً‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ‬
‫ﺑﺎﺗﺖ ﻛﻞ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﻨﴩ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﰲ ﻣﺠﺎل ﻣﺤﺪد وﺧﺎص ﺑﻬﺎ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺧﻄﺮ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﻣﻊ ﻇﻬﻮر اﻟﻔﻀــﺎءات اﻻﻓﱰاﺿــﻴﺔ‪ ،‬واﻧﺨﺮاط اﻷﻓﺮاد ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺸــﻜﻞ ﻣﻠﻔﺖ ﻟﻼﻧﺘﺒﺎه‬
‫أدى إﱃ ﻣﴪــﺣﺔ ﺻــﻨﺎﻋﺔ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻠام ﻳﺘﻢ ﻣﴪــﺣﺔ ﺻــﻨﺎﻋﺔ اﻷدوار واﳌﺸــﺎﻫﺪ اﳌﴪــﺣﻴﺔ‪ ،‬ميﺎ ﻳﺴــﻤﻰ‬
‫ﺑـــــ)اﻟﺪراﻣﺎﺗﻮرﺟﻴﺎ(‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم اﻟﺪراﻣﺎﺗﻮرج ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻨﺺ اﳌﴪﺣﻲ واﺧﺘﻴﺎر اﻷدوار وإﻳﻬﺎم اﻟﺠامﻫري ﻣﺸﻬﺪﻳﺎ‪،‬‬
‫اﻟﺪور ﻧﻔﺴــﻪ ﻳﺆدﻳﻪ ﺻــﺎﻧﻌﻮا اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﻋﱪ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻــﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ‪ ،‬ﻫﺬا ﻟﻮ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺄن اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ‬
‫ﻋﲆ ﺷـــﺒﻜﺎت اﻟﺘﻮاﺻـــﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﺗﻨﺘﻘﻲ ﻣﺎدﺗﻬﺎ وأدواﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼـــﺎدر أﺛﺮى ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳌﺤﺘﻮى ﻋﻜﺲ‬
‫اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ‪ ،‬واﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻋﲆ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﻣﺤﺘﻮاﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺺ اﳌﻜﺘﻮب واﳌﻨﻄﻮق واﻟﺼﻮت‬
‫واﻟﺮﺳﻮم اﳌﺘﺤﺮﻛﺔ واﻟﻔﻴﺪﻳﻮ أﺣﻴﺎﻧﺎً‪.‬‬
‫وﻳﺮى اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻔﺮﻧﴘــ ﺟﺎن‪-‬ﻧﻮﻳﻞ ﻛﺎﺑﻔريﻳﺮ أن اﻟﺸــﺎﺋﻌﺎت ﺗﻨﺘﴩــ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‪ ،‬وﻳﺸــري ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﺸــﺎﺋﻌﺎت‪ :‬اﻟﻮﺳــﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻷﻗﺪم( إﱃ ﺗﻘﺎرب اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت‬
‫اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﳌﺼــﻄﻠﺢ اﻟﺸــﺎﺋﻌﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﻖ ﰲ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺸــﺎﺋﻌﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺗﻀــﻴﻒ ﻋﻨﺎﴏ ﺟﺪﻳﺪة إﱃ‬
‫ﺷﺨﺺ ﻣﺎ أو ﺣﺪث ﺣﺎﱄ‪ ،‬ﻛام أن اﻟﻐﺮض ﻣﻦ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻫﻮ أن ﻳﺘﻢ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎدة ﻻ ﺗﴪد اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﺑﻐﻴﺔ‬
‫اﻟﺘﺴــﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺮﻣﻲ إﱃ اﻹﻗﻨﺎع‪ ،‬ﻓﺎﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ واﻟﺸــﺎﺋﻌﺎت ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﺗﻨﺘﴩــ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﺼــﺪﻳﻖ واﻹﻗﻨﺎع‪ ،‬وذﻟﻚ‬
‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺎت وﻣﻜﺎﺳــﺐ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬أو ﻹﺑﺮاز ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻛام ﻗﺪ ﻳﻠﺠﺄ ﺑﻌﺾ اﻟﺴــﻴﺎﺳــﻴني ﻟﺘﺴــﻮﻳﻖ‬
‫أﺟﻨﺪاﺗﻬﻢ وﻣﺸـــﺎرﻳﻌﻬﻢ ﻋﱪ ﺗﻀـــﻠﻴﻞ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼل إﺷـــﺎﻋﺔ أﻓﻜﺎر ﻛﺎذﺑﺔ ﺑني اﳌﻮاﻃﻨني‪ ،‬ومبﺴـــﺎﻋﺪة‬
‫ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻋﻼﻗﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﺑﺎت ﻳﻌﺮف ﺑـــــ"اﻟﺠﻴﻮش اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ"‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﻓﱰاﴈ‪.‬‬
‫وأﻇﻬﺮت دراﺳـــﺔ أﻋﺪّ ﻫﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﰲ ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳـــﺎﺗﺸـــﻮﺳـــﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‪ ،‬ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‬
‫اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬أن اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﺗﻨﺘﴩ ـ ﻋﲆ ﺗﻮﻳﱰ ﺑﺸــﻜﻞ أﴎع‪ ،‬وأﻧﻬﺎ ﺗﺼــﻞ إﱃ ﻋﺪد أﻛﱪ ﻣﻦ اﻷﺷــﺨﺎص ﻣﻘﺎرﻧﺔ‬
‫ﺑﺎﻷﺧﺒﺎر اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻛام أن اﻟﺪراﺳــﺔ وﺟﺪت أﻳﻀــﺎً أن ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻــﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻟﻴﺴــﺖ اﳌﺴــﺌﻮل اﻷول ﻋﻦ‬
‫اﻧﺘﺸﺎر اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﺒﴩ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن أﻛرث ﺑﻨﴩ أﺧﺒﺎر ﻏري دﻗﻴﻘﺔ وﻣﴪﺣﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ‪ ،‬ﻛام‬
‫إن ﺷﺒﻜﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ ﺟﺬب اﻧﺘﺒﺎه اﳌﺘﺎﺑﻌني ﺑﺪون اﻻﻫﺘامم ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا‪ ،‬ﻓﺈﻏﻀﺎب‬
‫اﻟﻨﺎس أﻫﻢ اﻟﻄﺮق‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼــﻠﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﲆ اﻻﻧﺘﺒﺎه‪ ،‬وﻧﴩ ـ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﻣﻦ أﺿــﻤﻦ اﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ ﻹﺛﺎرة‬
‫ﻏﻀــﺐ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﺳــﻢ ﻗﺎﺗﻞ ﻟﻠﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺴــﻼح اﻷﻛرث ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪى اﳌﺘﻄﺮﻓني اﻟﺬﻳﻦ أﻏﺮﻗﻮا‬
‫ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﺑﺎﻷﺧﺒﺎر اﳌﺰﻳﻔﺔ واﻷﻛﺎذﻳﺐ‪.‬‬
 ‫دور اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﰲ ﻧﺒﺬ ﺧﻄﺎب اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ‬
‫د‪/‬رﻧﺎ ﻋﲇ اﻟﺸﺠريي‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐﺪاد‪ -‬اﻟﻌﺮاق‬

‫ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺎ ﺑﺎﳌﻄﻠﻖ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻨﻮع واﻻﺧﺘﻼف واﻟﺘﻌﺪد ﰲ أﺑﻌﺎده اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ﻣﻮﺟﻮد وﻣﺘﺄﺻﻞ ﰲ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﳌﻌﻤﻮرة‪ ،‬إن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻌﺮق‪ ،‬أو اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬أو اﳌﺬﻫﺐ أو اﻷﺻﻞ‬
‫إﱃ ﻏري ذﻟﻚ‪ ،‬وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﳌﻄﺮوﺣﺔ اﻟﻴﻮم‪ :‬ﻫﻞ ميﻜﻦ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﻴﺎة‬
‫ﻣﺸﱰﻛﺔ وﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻪ وﻧﻘﺎط اﻟﺘامﻳﺰ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﺑﻴﻨﻬام؟ ‪.‬‬
‫ﻓﻼ ميﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻮاﻗﻌﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻮﻳﺎت اﻟﺒﴩ واﺣﺪة أو رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻸﻣﻮر واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ‪ .‬إذ إن اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻦ ﻧﻮاﻣﻴﺲ اﻟﺤﻴﺎة‪ .‬وﻻ ميﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺼﻮر اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ دون ﻫﺬه‬
‫اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت واﻟﺘامﻳﺰات واﻟﺘﻨﻮﻋﺎت‪ .‬وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻻ ميﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻳﻌﻴﺶ وﺣﺪه‪،‬‬
‫ﻣﻨﻌﺰﻻً ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻣﻨﻜﻔﺌﺎً ﻋﻦ اﳌﻐﺎﻳﺮﻳﻦ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ أﺿﺤﻰ اﻟﻴﻮم ﴐورة‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻓﻜﺎك ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﺣﻘﺐ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺜري ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﺪول ذات اﻟﻨﺴﻴﺞ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ اﳌﺘﻨﻮع إﱃ أزﻣﺎت‬
‫وﻣﺸﺎﻛﻞ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﺛﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻮى اﳌﺤﲇ أوﻻ" واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﺛﺎﻧﻴﺎ"واﻟﺪوﱄ ﺛﺎﻟﺜﺎ"‪,‬‬
‫ﻛام وان اﻹﻗﺼﺎء اﳌﻤﻨﻬﺞ ﻛﺎن داﻓﻌﺎ" أﺳﺎﺳﻴﺎ" ﻟﺘﻨﺎﻣﻲ ﺧﻄﺎب اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﺑني ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻫﺬا اﻟﻨﺴﻴﺞ‬
‫وﺑﺼﻮرة أﺿﻔﺖ اﻻرﺗﺒﺎك واﻟﺘﻌرث ﻋﲆ ﻣﺴﺎر ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء‪.‬‬
‫اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﺣﺪود اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﺸﻌﺎر‪ ،‬أو ﰲ وﺟﻮد اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻮاﻗﻊ ﺣﻴﺎة‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬وﺷﻜﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑني ﻗﻮاه وﻓﺌﺎﺗﻪ‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻨﺎ اﻟﻴﻮم وﰲ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف‬
‫اﻟﺤﺎﻟﻜﺔ اﻟﺘﻲ ميﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺎمل ﻛﻜﻞ أﺣﻮج ﻣﺎ ﻧﻜﻮن إﱃ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ‬
‫اﻵﺧﺮ ‪ .‬ﺣﻴﺚ أن اﻻﻧﺰﻻق إﱃ أﺗﻮن ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ أو ﴏاع داﺧﲇ ﻣﺴﻠﺢ ﺳﻴﻜﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﳌﺘﻨﻮع اﻟﻨﺴﻴﺞ ﻫﻮ اﻟﴩ اﳌﻄﻠﻖ ‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻌﻪ ﻗﺒﻮل اﻻﺧﺮ ﻋﲆ أﺳﺲ اﳌﻮاﻃﻨﺔ واﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﻌﻴﺶ اﳌﺸﱰك ‪ ،‬وﺣﻞ‬
‫اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑﺎﻟﺤﻮار واﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﺘﻄﺮف واﻟﻌﻨﻒ واﻟﴫاع واﻟﺤﺮب وﺧﻄﺎﺑﺎت اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ‬
‫‪ ,‬ﺗﻌﺰﻳﺰا” ﻟﻠﺴﻠﻢ اﻷﻫﲇ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ و اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﴍﻃﺎ” ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ” ﻣﻦ‬
‫ﴍوط ﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ واﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ‪.‬‬
‫أن اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻬﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻦ ﻣﻬﻤﺔ متﺘﺎز ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﺎﻋني إﻟﻴﻬﺎ أو اﻟﺤﺎﳌني ﺑﻬﺎ ‪,‬‬
‫ﻫﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﺠﻬﻮد ﻛﺒرية واﻟﻴﺎت وإﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ واﻷﻛرث ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺘﻔﺎؤل ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻋﱪ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻟﻌﻘﺒﺎت ﻛﺎﻓﺔ ‪.‬‬
‫واﻟﺴﺆال اﳌﻄﺮوح ) ﻣﺎ اﻟﺴﺒﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ وإرﺳﺎء اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ وﻧﺒﺬ ﺧﻄﺎب‬
‫اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ وﺗﺒﻨﻲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﻻﻧﺘامءات واﻟﻮ ﻻءات اﻟﻀﻴﻘﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻮاﺣﺪ اﳌﺘﻌﺪد‬
‫اﻷﻃﻴﺎف ؟‪ ،‬وﻫﻞ ﻧﺴري ﺑﺎﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻧﺤﻮ ﻋﻴﺶ ﻣﺸﱰك أم ﻻ زﻟﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﻮد‬
‫واﻻﻧﻐﻼق؟ (‬
‫اﻧﻄﻼﻗﺎ" ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل ﺳﻴﺘﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺪراﺳﺔ إﱃ اﳌﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻷول ‪ :‬اﳌﻮاﻃﻨﺔ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎين ‪ :‬اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ‪.‬‬
 ‫اﻟﺘﺠﺎﴎ اﳌﻌﺮﰲ ﺑني اﻟﺘﻨﻈري وأﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‬
‫ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ‬
‫ﻫﺸﺎم ﺑﻄﺎﻫﺮ‬
‫ﺑﺎﺣﺚ دﻛﺘﻮراه‬

‫ﺗﺴﻌﻰ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ دراﺳﺔ ﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ ﰲ ﺣﻘﻞ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم واﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﺧﺎص‪ ،‬ﰲ ﻇﻞ اﻟﻨﻘﺺ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺄﺻﻴﻠﻴﺔ واﻟﺘﻨﻈريﻳﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ أن ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺻﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ‬
‫ﺗﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﳌﺨﺮﺟﺎت اﻟﺒﺤﻮث اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻤﻬﺪة ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺗﺄﻛﻴﺪا أو ﺗﻔﻨﻴﺪا وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺂﺛﺎره‬
‫اﻹﺑﺴﺘﻴﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﻘﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن مبﺜﺎﺑﺔ ﻗﺎﻋﺪة ﺗﻮوﺿﻴﺤﻴﺔ وﻓﺘﺢ زاوﻳﺔ ﻧﻈﺮ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜني‬
‫اﳌﺸﺘﻐﻠني ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﰲ ﻣﺠﺎل أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم اﻟﺬي ﺑﺎت ﻳﻔﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ﰲ ﻇﻞ اﳌﻌﻄﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ اﻹﻋﻼﻣﻲ‪.‬‬
‫ﺗﺮﺗﻜﺰ اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ اﻟﺘﺄﺻﻴﻠﻴﺔ ﻫﺬه ﻋﲆ ﻧﻈﺮة ﻋﻠامء اﳌﻴﺘﺎﺛﻴﻮرﻳﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺮون ﺑﺄن اﻟﺘﻨﻈري ﺟﺰء ﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ‬
‫أﺟﺰاء رﺋﻴﺴﺔ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻣﻬام ﻛﺎن ﺗﺨﺼﺼﻪ‪ ،‬وﻳﻘﺼﺪون ﺑﺬﻟﻚ اﳌﻮﺿﻮع‪ ،‬واﳌﻨﻬﺞ واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ‬
‫ﺗﻨﻈريﻳﺔ وﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ ﻫﻲ إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﺳﻮاء ﺗﺄﻛﻴﺪا‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﺤﺚ وﺗﻌﻤﻴﻤﻪ ﰲ ﺑﻴﺌﺎت‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ زﻣﻜﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬أو ﺗﻔﻨﻴﺪا وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻮﺟﻪ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ ﻣﺠﺎل أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‪ ،‬وﻳﺤﺴﻦ ﺟﻮدة اﳌﺨﺮﺟﺎت‬
‫اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى‪.‬‬
‫ﺗﻬﺘﻢ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة اﳌﻴﺘﺎﺛﻴﻮرﻳﻜﻴﺔ ﻋﲆ أرﺑﻊ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻬﻤﺔ وﻫﻲ ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ اﻵيت‪ :‬اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻹﺑﺴﺘﻴﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪ ،‬اﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪،‬‬
‫اﻷﻛﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﱪاﻛﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ ﻛام أن ﻛﻞ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪة ﺗﺘﻀﻤﻦ ﰲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﺳﺆال ﺟﻮﻫﺮي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن‬
‫ﻳﻔﺘﺢ أﻓﻖ اﻟﺒﺤﺚ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺑﺸﻜﻞ دﻗﻴﻖ‪ ،‬ﺑﺪاﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺪة اﻹﺑﺴﺘﻴﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻴﺐ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ‬
‫ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‪ ،‬وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻓﺔ ﺳﻮاء ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻨﻈﺮي اﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻲ‪ ،‬أو اﻟﺸﻖ اﳌﻴﺪاين‪ ،‬ﺣﻴﺚ أن‬
‫اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻀﻊ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ مبﻀﻤﻮن أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ‬
‫أرض اﻟﻮاﻗﻊ‪.‬‬
‫ﺗﺠﻴﺐ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻣﺎذا ﻧﺪرس ﰲ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ﺑﺪﻗﺔ؟ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﳌﻮاﺛﻴﻖ‬
‫واﳌﻌﺎﻫﺪات واﻟﺘﴩﻳﻌﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﳌﺤﻠﻴﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‪ ،‬ﻓﻀﻼ ﻋﻦ وﺟﻮد أﻧﺴﺎق أﺧﺮى ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ‬
‫ﰲ اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻵﻣﺮة واﳌﻠﺰﻣﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﱪاﻛﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺤﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال‪ :‬ﻫﻞ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ﻫﻲ ﻓﻌﻼ ﻣﺮآة ﻋﺎﻛﺴﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ أم أﻧﻬﺎ‬
‫ﻣﺠﺮد ﺑﻨﺎءات ﻟﻔﻈﻴﺔ ﻓﻘﻂ؟ وﻫﻨﺎ ﻳﺘﻢ وﺿﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﻌﺎد واﳌﺆﴍات ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻘﻴﺎس ﻫﺬه اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت إن ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻓﻌﻼ ﻋﺎﻛﺴﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻛام ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻗﱰاﺣﺎت وﺗﻮﺻﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﺤﺴني آﻟﻴﺎت ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬه اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت ﰲ ﺣﺎل‬
‫اﺑﺘﻌﺎدﻫﺎ ﻋﻦ اﳌﺆﴍات واﳌﻘﺎﻳﻴﺲ اﳌﺤﺪدة ﺳﻠﻔﺎ‪.‬‬
‫ﺗﺨﺘﺘﻢ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻄﺮق اﻟﻌﻠﻤﻲ وﺳﻌﻴﻬﺎ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺆاﱄ اﻷﻛﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻲ‪ :‬ﻣﺎﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻣﻦ دراﺳﺔ أﺧﻼﻗﻴﺎت‬
‫اﻹﻋﻼم؟ وﻛﻴﻒ ﺳﻨﻔﻴﺪ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ؟ ﻣام ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻔﺘﺢ آﻓﺎق ﻟﻸﻛﺎدميني واﻟﺪارﺳني ﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف‬
‫اﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬اﳌﻨﻬﺠﻲ واﻟﻨﻈﺮي ﻋﲆ ﻣﻀﺎﻣني أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‪ ،‬وﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮة اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻟﻺﻋﻼم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت‬
‫اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬واﺧﺘﺘﺎم اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال مبﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ منﻮذج ﺧﺎص ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم ﻟﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب أﻣﺎم‬
‫اﻷﻛﺎدميﻴني واﻟﺒﺎﺣﺜني ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻄﻮﻳﺮه ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺪراﺳﺎت اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ واﳌﺘﻌﻤﻘﺔ ﺗﺄﻛﻴﺪا وﺗﻔﻨﻴﺪا‪.‬‬
 ‫اﻟﻔﺠﻮة ﺑني ﺗﺪرﻳﺲ اﻷﺧﻼق اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﳌامرﺳﺔ ﰲ اﳌﻴﺪان‬

‫إﻋﺪاد اﻟﺪﻛﺘﻮر زﻛﺮﻳﺎ ﺑﻴﺘﻴﺔ‬

‫ﻃﺮاﺑﻠﺲ ـ ﻟﺒﻨﺎن‬
‫ﻳﻌﺎين اﳌﺤﺎﴐ ﰲ اﻷﺧﻼق اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺪة إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت وﻋﻮاﺋﻖ ﺗﻮاﺟﻬﻪ أﺛﻨﺎء ﻧﻘﻠﻪ ﻟﻠﻤﻌﺎرف‬
‫اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﳌﺒﺎدئ واﻷﺧﻼﻗﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﴬب اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ أو ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻸﺳﺌﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب‬
‫اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﺟﺘامﻋﻲ اﻟﺬي ﺑﺎﺗﺖ ﻓﻴﻪ اﻷﺳﻘﻒ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﲆ ﻣﴫاﻋﻴﻬﺎ‬
‫واﻟﻀﻮاﺑﻂ ﻏري ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎين أﺻﻼً ﻣﻦ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﱰدﻳﺎت ﺑﺴﺒﺐ‬
‫اﻹﺳﺘﺜامر اﻟﺴﻴﺊ ﻟﻠﻤﻨﺼﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﻋﲆ ﻣﺪى ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ‪.‬‬
‫ﻋﺮﻓﺖ اﻷﺧﻼق اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻴﻢ وﻣﺒﺎدئ ﺧﻠﻘﻴﺔ وﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﻳﻠﺘﺰم ﺑﻬﺎ اﻟﺼﺤﺎﰲ أﺛﻨﺎء‬
‫ﻣامرﺳﺘﻪ ﻋﻤﻠﻪ وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻠﺘﺰم ﺑﻬﺎ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ .‬ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺧﻼق ﰲ ﻗﻴﻢ ﻋﺎﻣﺔ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ‬
‫وﺗﴫﻓﺎت ‪ ،‬ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﺎم وﻣﺸﱰك ﻛﻘﻴﻢ اﻟﺼﺪق واﻟﻨﺰاﻫﺔ واﻟﺘﻮازن وﺑﻌﻀﻬﺎ ﺧﺎص ﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻌﺎت أو‬
‫ﺑﺎﳌﺆﺳﺴﺎت‪ .‬وﻗﺪ ﺑﺎﺗﺖ ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ ﻣﺘﺠﺴﺪة ﰲ ﴍﻋﺎت إﻋﻼﻣﻴﺔ أو ﻣﻮاﺛﻴﻖ ﴍف ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ أﻗﺮﺗﻬﺎ‬
‫إﺗﺤﺎدات ﺻﺤﺎﻓﻴني أو ﻣﺆﺳﺴﺎت إﻋﻼﻣﻴﺔ أو ﻫﻴﺌﺎت رﻗﺎﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻌﻈﻢ اﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﳌﻮاﺛﻴﻖ اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﰲ ﻓﻠﻚ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒري ﺗﺆﻛﺪ ﺿامن إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﳌﻌﻠﻮﻣﺔ واﻟﺘﻌﺒري ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ واﳌﺴﻤﻮﻋﺔ واﳌﺮﺋﻴﺔ وﺗﺸﱰط ﰲ‬
‫ﻣﻮادﻫﺎ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﺪم اﳌﺴﺎس ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﺎﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ أو اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺨﺎﺻﺔ‬
‫ﻣام ﻳﺆدي إﱃ ﺧﻠﻞ ﰲ اﻹﻧﺘﻈﺎم اﻟﻌﺎم واﻟﺬي ﺗﺮﻋﺎه اﻟﻘﻮاﻧني اﳌﺤﻠﻴﺔ وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺤﻔﺎظ‬
‫ﻋﲆ ﺗﻮازن ﺑني أﻃﺮاف اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﺗﺤﻔﻆ اﻟﺪور اﳌﻬﻢ ﻟﻺﻋﻼم وأﺟﻬﺰﺗﻪ ﻛﺴﻠﻄﺔ رﻗﺎﺑﻴﺔ ‪..‬‬
‫إﻻ أن اﳌامرﺳﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺸﻬﺪ ﺧﺮوﻗﺎت ﻛﻴﱪة ﺧﺎﺻﺔ ﰲ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫واﻷﻣﻨﻴﺔ ﻣام ﻳﻀﻊ اﻷﺟﻬﺰة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻛﺄداة ﰲ ﻳﺪ اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﺮدا ً أو ﺟامﻋﺔ ً أو‬
‫ﺣﺰﺑﺎً أو ﺣﺘﻰ ﺳﻠﻄﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ‪ ..‬وﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﴫ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ ﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ أﻋﻠﻨﺖ ﰲ ﻟﺒﻨﺎن ﻓﻤﻦ اﳌﻼﺣﻆ أﻧﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺧﺮﺟﺖ إﺑﺎن اﻷزﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓرنى أن ﻛﻞ أزﻣﺔ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﺘﺨﻠﻠﻬﺎ ﻣامرﺳﺎت إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻷﺧﻼق اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ‪ ..‬وﺑﻌﺪ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ‬
‫اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺴﻴﺎﳼ‪ ،‬ﺗﻨﱪي اﻷﻃﺮاف ﻟﻠﻤﻨﺎداة ﻟﴬورة وﺟﻮد ﻣﻴﺜﺎق ﴍف إﻋﻼﻣﻲ ﻓﻴﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن‬
‫واﻹﻋﻼﻣﻴﻮن وﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﲆ إﺻﺪار ﻣﻴﺜﺎق ﺟﺪﻳﺪ ‪..‬‬
‫‪1 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫وﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﺿﻤﻨﻲ أن ﺳﺒﺐ اﻷزﻣﺔ أﺳﺎﺳﺎ ً ﻫﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ اﺗﺨﺬوا ﻣﻦ اﻹﻋﻼم أداة‬
‫وﻣﻨﱪا ً وﻣﻨﺼ ًﺔ ﻟﻠﻬﺠﻮم ﻋﲆ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ‪ ..‬دون أن ﻧﻨﴗ اﻷﺟﻬﺰة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ‬
‫ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﻴني أن ميﺘﻄﻮا ﺻﻬﻮﺗﻬﺎ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺐ واﻟﺮﻣﻲ ﻋﲆ اﻷﻃﺮاف اﻷﺧﺮى ‪...‬‬
‫ﻟﻜﻦ اﻟﺴﺆال ‪ ،‬ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﻋﻼﻣﻴﻮن أن ﻳﺴﺘﻘﻠﻮا ﺑﺄداﺋﻬﻢ وﻣامرﺳﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني‬
‫واﻷزﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﻮاء ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺤﻠﻴﺔ أو اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ أو اﻟﺪوﻟﻴﺔ ؟؟‬
‫ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻲ ‪ ،‬ﻫﻨﺎك ﻓﺼﻞ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎت وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻨﺪرﺟﺎت ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ‪ ،‬ﻫﻮ اﻟﺪور‬
‫اﻟﺮﻗﺎيب اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن متﺎرﺳﻪ أﺟﻬﺰة اﻹﻋﻼم ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺜﻼث ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ متﺜﻞ ﺳﻠﻄﺔ راﺑﻌﺔ إﻻ‬
‫أن اﻟﺤﺎﺻﻞ أن ﻣﻠﻜﻴﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ورﻋﺎﻳﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﳌﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﺗﺖ ﺑﻴﺪ أﻋﻀﺎء اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ وﺗﺘﺤﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ وﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻌﻴﻴﻨﺎت‬
‫و)اﳌﻮﻧﺔ( أو اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬مبﺎ ﺑﺎت ﻣﻌﺮوﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺪاﺋﺮ ﰲ أﻛﺮ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﻋﺮيب ﺣﻮل‬
‫اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻟﻘﻀﺎء !!‬
‫وﻫﺬا ﻣﺎ أﻓﻘﺪ اﻹﻋﻼم دوره اﻟﺮﻗﺎيب ﺑﻞ وأﺻﺒﺢ ﻳﻌﻤﻞ ﰲ اﻹﺗﺠﺎه اﻵﺧﺮ أي أﻧﻪ ﺑﺎت أداة ﺑﻴﺪ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳني ﺑﺪل أن ﻳﻜﻮن رﻗﻴﺒﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ ‪ ..‬وﻫﻨﺎ ﻳﻘﻊ ﺑﻼ ﺷﻚ ﰲ ﴍك اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄىت ﻟﻪ أﺻﻼ ً ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ اﳌﻔﱰض أن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄيت ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻫﺬه اﳌامرﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﻣﺪى أﺧﻼﻗﻴﺘﻬﺎ‬
‫وﻣﺪى إﻟﺘﺰاﻣﻬﺎ ﺑﺎﳌﻮاﺛﻴﻖ اﳌﻘﺮة واﳌﺜﺒﺘﺔ ﻋﺮﻓﺎً أو ﺗﴩﻳﻌﺎً‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ ﻷﺳﺒﺎب اﻟﺨﺮوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ‬
‫ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ وﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎق اﻷداء اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﻴﻮﻣﻲ‪ ،‬وﺗﻄﺮح ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق‪.‬ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺠﻬﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻧﻘﻞ اﳌﻌﺎرف واﻟﺘﺠﺎرب ﰲ اﳌﺤﺎﴐات‬
‫واﳌﺴﺎﻗﺎت اﻷﻛﺎدميﻴﺔ‪.‬‬

‫‪2 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻣﻠﺨﺺ ﺑﺤﻮث اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎين‬

‫‪ ‬‬
 ‫اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮيب ﺑني ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺳﻨﺪان اﻷﺧﻼق‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬ﺳﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻌﻮض‬

‫أﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس ﻗﺪميﺎ وﺣﺪﻳﺜﺎً ﺣﻮل اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻷﺧﻼق واﻟﻘﺎﻧﻮن‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺎﻃﺮوﺣﺔ ﻓﺼﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻦ‬
‫اﻷﺧﻼق‪ ،‬ورﺑﻂ ﻏريﻫﻢ ﺑني اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻷﺧﻼق‪ ،‬وﺗﺘﻔﻖ اﻷﺧﻼق واﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ أﻧﻬام ﻳﻬﺪﻓﺎن ﳌﻨﻊ اﻟﴬر‪ ،‬ﻛام ﻳﺘﻔﻘﺎن ﰲ‬
‫ﻛﻮﻧﻬام ﻣﻌﻴﺎرﻳﻦ‪ :‬ﻓﺎﻷﺧﻼق ﻣﻌﻴﺎر ﻟﻠﺤﺴﻦ واﻟﻘﺒﺢ واﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻌﻴﺎر ﳌﺎ ﻫﻮ ﴍﻋﻲ وﳌﺎ ﻫﻮ ﻏري ﴍﻋﻲ‪ ،‬وﻳﻬﺪﻓﺎن إﱃ ارﺷﺎد‬
‫اﻷﻓﺮاد إﱃ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻌﻠﻪ وﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺮﻛﻪ‪ ،‬وﻳﺨﺘﻠﻔﺎن ﰲ أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮين ﻣﺆﺳﴘ واﻷﺧﻼق اﺟﺘامﻋﻴﺔ‪ ،‬وأن اﻟﻘﻮاﻧني‬
‫ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﻮﺟﻮد وﺗﺘﻐري وﺗﺨﺘﻔﻲ ﰲ وﻗﺖ ﻣﻌني ووﻓﻖ أﺟﺮاءات ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﺑﻴﻨام ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﺘﻄﻮر ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ‬
‫وﺗﱰﺳﺦ وﺗﺘﻮﻃﺪ ﻋﱪ اﻟﺰﻣﻦ‪ .‬اﻷﺧﻼق ميﺎﺛﻠﻬﺎ اﻵن ﻣﺎ ﻳﻌﺮف مبﻴﺜﺎق اﻟﴩف اﳌﻬﻨﻲ أو ﻣﻌﺎﻳري أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﺔ واﻟﺬي ﻫﻮ‬
‫ﻗﺎمئﺔ ﻣﻦ اﳌﺒﺎدئ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺟامﻋﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﰲ ﻣﻬﻨﺔ أو ﻣﺠﺎل ﻣﻌني ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬ﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ‬
‫واﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف أو ﺗﻜﻮن ﻣﺎ ﻳﻌﺘﱪ ﺗﴫﻓﺎً ُﻣﴩﻓﺎ ً ﻟﺪى ﺗﻠﻚ اﻟﺠامﻋﺔ‪ .‬وﺗﻨﺎﻗﺶ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ اﳌامرﺳﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻃﺎر اﻟﻔﺮق ﺑني اﻻﻟﺘﺰام اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻹﻟﺰام اﻟﻘﺎﻧﻮين‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻻﻟﺘﺰام ﻫﻮ اﻟﺘﻘﻴﺪ واﻟﺘﻌﺒﺪ ﺑﺎداء اﻟﻮاﺟﺐ ﺣﺘﻰ‬
‫وﻟﻮ ﺧﺎﻟﻒ ﻣﻴﻮل اﳌﻠﺘﺰم وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ أﻫﻠﻪ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ‪ ،‬أﻣﺎ اﻹﻟﺰام ﻓﻬﻮ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﻋﻠﻴﺎ ﺗﺄﻣﺮ وﺗﻨﻬﻰ‪ ،‬وﻻ را ّد ﻷﻣﺮﻫﺎ وﻧﻬﻴﻬﺎ‬
‫ﻷﻧﻪ ﺣﻖ وﻋﺪل‪ ،‬وﻫﻲ أﻳﻀﺎ ً متﺪح وﺗﻮﺑﺦ‪ ،‬ﺗﺮاﻗﺐ وﺗﺤﺎﺳﺐ اﳌﻨﺤﺮﻓني ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﴫاط اﻟﻘﻮﻳﻢ‪ ،‬وﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام‬
‫واﻹﻟﺰام ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻨﻈﺎم‪ ،‬وﻣﻦ متﺮد ﻋﲆ اﻹﻟﺘﺰام اﻟﻮاﺟﺐ واﻹﻟﺰام اﳌﻔﺮوض ﻓﻘﺪ ﺧﺮج ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎدل‪ .‬وﺗﻨﺎﻗﺶ‬
‫ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪا ً ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﺮض اﻷﺧﻼق ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن‪ ،‬وإذا ﺻﺢ ﻓﺮض اﻷﺧﻼق ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﺈﱃ أي ﻣﺪى ﻳﺠﻮز ذﻟﻚ وﻫﻞ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻷﺧﻼق واﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻀﺎد أم ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻜﺎﻣﻞ؟ وﻣﺎ إﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ذﻟﻚ ﻋﲆ اﳌامرﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﻋﺎمل اﻟﻴﻮم‬
‫اﳌﻀﻄﺮب؟ وﺗﻬﺪف ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﳌﻌﺎﻟﺠﺔ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﺪى ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ ﺻﻨﻊ رﺳﺎﻟﺔ‬
‫إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻫﺎدﻓﺔ ﻟﺨري اﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺒﺪﻳﻞ ﻟﺘﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺤﺎﺻﻞ اﻟﻴﻮم ﺑﻔﻌﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻻﺳﻴام ﺷﺒﻜﺎت‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ‪ ،‬ﻛام ﺗﻬﺪف ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ إﱃ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻟﻘﻮاﻧني ﰲ‬
‫ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﻨﺰﻳﻪ واﳌﺴﺆول اﻟﺬي ﻳﺤﱰم ﺟﻤﻬﻮره‪ ،‬ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻗﻴﺎس ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻋﻲ مبﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﻟﺪى أﻓﺮاد اﻟﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻀﻼً ﻋﻦ رﺻﺪ ﻣﺪى اﻋﺘامدﻳﺔ اﳌﺒﺤﻮﺛني ﻋﲆ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ واﺳﺘﻘﺎء‬
‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻬﻢ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ .‬وﺗﺘﺤﺪد أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺴﻌﻲ اﱃ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ اﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ اﳌامرﺳﺔ اﻻﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﺣﺪى اﻻﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﳌﻬﻤﺔ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺪ داﻓﻌﺎ‬
‫وﻣﺤﺮﻛﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ً ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻌﺮيب اﻟﺬي ميﺜﻞ ﴍﻳﺤﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫وﺗﻨﺪرج ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻮﺻﻔﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﴩح وﺗﻮﺿﻴﺢ اﳌﻮاﻗﻒ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬اﳌﻌﱪة ﻋﻦ‬
‫ﻇﺎﻫﺮة أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳌﻬﻤﺔ‪ ،‬وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‪ ،‬وﻛﺬا ﺗﻔﺴري ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‬
‫اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻗﺼﺪ اﻟﻮﺻﻮل اﱃ اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻣﻔﻴﺪة ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺣﻞ اﳌﺸﻜﻼت وإزاﻟﺔ اﳌﻌﻮﻗﺎت واﻟﻐﻤﻮض اﻟﺬي‬
‫ﻳﻜﺘﻨﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻈﻮاﻫﺮ‪ ،‬ومبﺎ أن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﻪ اﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ‬
‫اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻟﺘﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﻋﻲ‪ ،‬ﻓﺈن اﳌﻨﻬﺞ اﻻﻧﺴﺐ اﻟﺬي ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﳌﺴﺢ اﻟﻮﺻﻔﻲ‪ ،‬ﺑﺎﻻﻋﺘامد‬
‫ﻋﲆ أداة اﻻﺳﺘامرة ﻗﺼﺪ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﺣﻮل اﻟﻈﺎﻫﺮة اﳌﺪروﺳﺔ‪ ،‬ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ وﺣﻠﻮل ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ 1‬ﺍﺳﺘﺎﺫ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﺑﻜﻠﻴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺑﺮﻳﺪ ﺍﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ‪safeelawad@hotmail.com :‬‬

‫‪ 1‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﺗﺪرﻳﺲ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ ﺗﺨﺼﺺ اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ‪ -‬ﻗﺮاءة ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﰲ‬
‫اﳌﻘﺮرات اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻄﻮري اﻟﻠﻴﺴﺎﻧﺲ و اﳌﺎﺳﱰ ‪-‬‬

‫ﺳﻤﻴﺔ ﺗﻨﻴﻮ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﺒﻮاﻗﻲ‪ -‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫ﺗﺘﻀﻤﻦ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﺤﱰﻓﺔ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﻬﺎرات و اﳌﻌﺎرف اﳌﻜﺘﺴﺒﺔ اﻟﺘﻲ متﻜّﻦ اﻟﺼﺤﻔﻲ ﻣﻦ‬
‫إﻧﺠﺎز ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﳌﻄﻠﻮب ﻛام ﻳﺮﻳﺪه اﻟﺠﻤﻬﻮر ‪ ،‬وﻛام ﻳﺘﻄﻠﺒﻪ اﳌﺤﻴﻂ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر‬
‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت و ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺗﻔﺮض ﻗﻮاﻋﺪ وأﺳﺲ ﻣﻦ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪوﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻳﺼﺒﺢ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ دون ﻗﻴﻤﺔ ‪ ،‬ﻣﻬام ﺑﻠﻎ ﻣﻦ اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ و اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ‪.‬‬
‫و ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻟﺰاﻣﺎ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﻨﻰ ﺑﺎﳌﺠﺎل اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺗﺄﻃ ًريا و ﻣامرﺳ ًﺔ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﻟﻬﺎم‬
‫ﺟﺪا و ﻫﻮ ﻣﺠﺎل أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ‪ ،‬و ﳌﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺄﻃري دوﻣﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﻠﻤامرﺳﺔ و ﺧﺼﻮﺻﺎ اﻟﺘﺄﻃري‬
‫اﻷﻛﺎدميﻲ اﳌﺘﺄﺻﻞ ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻫﺬا اﻷﺧري ﻣﺪﻋﺎ ًة ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻛﺎدميﻴني و ﻣﻬﻨﻴني ﺻﺤﻔﻴني ﻋﲆ ﻗﺴﻂ واﻓﺮ‬
‫ﻣﻦ رﺳﻮخ ﻣﻌﺎمل أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ ‪ ،‬و ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺣﺘﻮاﺋﻬﺎ و ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﰲ ﻣﺠﺎل ﻋﻤﻠﻬﻢ‬
‫ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ وﻓﻖ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻫﺬه اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت و ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﻢ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ و اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ‪.‬‬
‫و ﰲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻧﺤﺎول ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺑﻌﻨﻮان ‪ :‬ﺗﺪرﻳﺲ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ‬
‫ﺗﺨﺼﺺ اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ‪ -‬ﻗﺮاءة ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﰲ اﳌﻘﺮرات اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻄﻮري اﻟﻠﻴﺴﺎﻧﺲ و‬
‫اﳌﺎﺳﱰ ‪-‬‬
‫وذﻟﻚ وﻓﻖ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫أوﻻ ‪ :‬أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ‪ -‬ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻧﻈﺮﻳﺔ ‪-‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪ :‬ﻗﺮاءة ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﰲ اﳌﻘﺮرات اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻄﻮري اﻟﻠﻴﺴﺎﻧﺲ و اﳌﺎﺳﱰ ﺗﺨﺼﺺ إﻋﻼم ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬
‫اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ‬
 ‫اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ‪ :‬ﺗﺤﺪي اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻼﻣﺢ اﻟﻨﻤﻮذج اﻻﻗﺘﺼﺎدي‬
‫اﻟﺠﺪﻳﺪ؟‬
‫ﻣﺤﻔﻮظ آﻳﺖ ﺑﻨﺼﺎﻟﺢ‪- ..‬ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زﻫﺮ ﺑﺄﻛﺎدﻳﺮ –اﳌﻐﺮب‬

‫ﻳﻜﺘﴘ ﻣﻔﻬﻮم اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﳌﻐﺮب أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﺗﻌﻠﻠﻬﺎ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﻃﺮأت ﻋﲆ اﳌﺸﻬﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ‬
‫اﳌﻐﺮيب‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺤﻒ واﻟﺠﺮاﺋﺪ إﱃ ﻋﻬﺪ ﻗﺮﻳﺐ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﻮاﺟﻬﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻸﺣﺰاب‬
‫وﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺪأ اﻟﺘﺤﻮل ﻧﺤﻮ اﳌﻘﺎوﻻت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻠﻮن‪ ،‬ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ‬
‫‪ ،‬ﺑﻠﻮن أي ﺣﺰب وﻻ ﺗﻌﻠﻦ وﻻﺋﻬﺎ ﻷي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ وﺟامﻋﺔ ﺿﻐﻂ أو ﻟﻮيب وازن ﰲ اﳌﺸﻬﺪ اﳌﺎﱄ‬
‫واﻟﺴﻴﺎﳼ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻫﺬه اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺿﺤﺖ ﺗﻄﺮح اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﳌﻠﺤﺔ‬
‫واﻟﺘﻲ ميﻜﻦ رﺻﺪ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﻌﻄﻴﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﺑﺤﻜﻢ أن اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﻮاد ذات ﺻﺒﻐﺔ ﻣﺎدﻳﺔ ميﻜﻦ إﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺴﻮق‬
‫وميﻜﻦ اﻟﺘﴫف ﰲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺟﻮدﺗﻬﺎ وميﻠﻚ اﳌﺴﺘﻬﻠﻚ ﺧﻴﺎر اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﺑني اﳌﻨﺘﻮﺟﺎت‬
‫اﳌﻌﺮوﺿﺔ‪ ،‬ﰲ ﺣني أن ﻣﻨﺘﻮج اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻳﺼﻨﻒ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﻨﺘﻮج ﺛﻘﺎﰲ ﻳﺘﻀﻤﻦ إﻧﺘﺎج ﻣﻘﺎﻻت وﺻﻮر‬
‫وأﻋامل ﺳﻤﻌﻴﺔ ﺑﴫﻳﺔ ﺗﻜﻮن ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻋﻼم اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ أﺣﻴﺎﻧﺎ‪ ،‬وﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺧﺘﻴﺎر ﰲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﺮاﺋﺪ واﳌﺠﻼت واﻹذاﻋﺎت اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺨﺎﺻﻴﺔ ﺗﻔﺮض أن ﻳﻜﻮن ﻣﻨﺘﻮج اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻏري واﻗﻊ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛري أي ﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺎت‬
‫اﻟﺘﺄﺛري اﳌﺎﱄ واﻟﺴﻴﺎﳼ داﺧﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺑﻞ وﺟﺐ ﻋﺠﻦ ﻣﻮاده مبﺎء " اﻟﻀﻤري اﳌﻬﻨﻲ" وﰲ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺗﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫وأن ﻳﻌﻜﺲ ﻫﺬا اﳌﻨﺘﻮج اﻟﺘﻨﻮع اﻟﻜﺎﻣﻦ وراء ﺧﺼﻮﺻﻴﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﻐﺮيب اﻟﺬي ﻳﻌﺘﱪ اﳌﺘﻠﻘﻲ " ﻟﻠﻤﻨﺘﻮﺟﺎت‬
‫اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ" اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ ﻫﺬه اﳌﻘﺎوﻻت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﻜﻢ ﺳﺎﺋﺮ اﳌﻘﺎوﻻت اﻷﺧﺮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺳﻮاء ﰲ اﻹﻧﺘﺎج أو‬
‫اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ أو اﻟﺨﺪﻣﺎت‪ ،‬وﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻤﻼت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ وﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﴬﻳﺒﺔ وﻟﻬﺎ‬
‫ﺗﺤﻤﻼت ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﳌﺆﺳﺴﺎت ذات اﻟﺼﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺨﺎﺻﻴﺔ ﺗﻔﺮض ﻋﲆ اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﴫف مبﻨﻄﻖ اﻟﺴﻮق‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻫﻞ ﺳﺘﻨﺠﺢ ﰲ ﺧﻠﻖ‬
‫اﻟﺘﻮازن اﳌﻄﻠﻮب ﺑني اﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ واﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﰲ أي ﻣﻨﺘﻮج ﻳﺨﺎﻃﺐ ﻓﻜﺮ ووﺟﺪان ووﻋﻲ‬
‫أﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ؟ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ رﺑﺢ رﻫﺎن اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ؟‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪1 ‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﺳﻨﺴﻌﻰ إﱃ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻫﺬا اﻹﺷﻜﺎل اﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ‪ :‬ﻣﺪى ﻗﺪرة اﳌﻘﺎوﻟﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻋﲆ اﻟﺘﻮﻟﻴﻒ ﺑني ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻮﻟﻬﺎ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﻮاﻣﺶ ﻣﻌﺘﱪة‬
‫ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺮأي واﻟﺘﻌﺒري‪ ،‬وﺑني اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة واﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أن‬
‫ﻏﺮﺿﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺮﺑﺢ اﳌﺎدي؟‬
‫وإﱃ أي ﺣﺪ ميﻜﻦ ﻟﻠﻤﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﺗﺄﺛري دواﺋﺮ اﻟﻀﻐﻂ اﳌﺎﱄ واﻟﺴﻴﺎﳼ؟‬
‫وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺘﻨﻮع اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺎت اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‬
‫واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﳌﺎ ﻻ‪ ،‬اﻹﺛﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﻐﺮيب؟ ﻛام ﻧﻄﺮح ﺳﺆﻻ ﻓﺮﻳﺪا ﻳﻔﺮﺿﻪ ﺳﻴﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ‬
‫وﻫﻮ أي منﻮذج اﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺨﻮل اﳌﻘﺎوﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﻨﺎﴏ اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻛام ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺤﻴﺎة؟‬

‫‪ ‬‬
‫‪2 ‬‬
 ‫اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻴﻤﻨﻲ ﻟﺸﺒﻜﺔ اﻹﻧﱰﻧﺖ وﻋﻼﻗﺘﻪ مبﺴﺘﻮى اﻟﻮﻋﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﺣﻮل اﻻﺣﺪاث ﰲ اﻟﻴﻤﻦ( دراﺳﺔ ﻣﺴﺤﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر‬
‫د ﻧﻮال ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺰورة‪.‬‬
‫اﻻﺳﺘﺎذ اﳌﺴﺎﻋﺪ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻻﻋﻼم ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻨﻌﺎء‬

‫ﺗﻌﺪ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﻣﻦ اﺧﻄﺮ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﺷﺪﻫﺎ ﻓﺘﻜﺎ ﻋﲆ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت وﻟﻬﺎ ﻣﻔﻌﻮل ﻛﺒري ﰲ اﻟﺤﺮب‬
‫اﳌﻌﻨﻮﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ‪ ،‬وﻻﻳﺘﻮﻗﻒ ﺧﻄﺮﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ان ﻟﻬﺎ ﺗﺪاﻋﻴﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫وﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻇﻞ اﻻﻣﻜﺎﻧﻴﺎت اﻟﺘﻲ اﺗﺎﺣﺘﻬﺎ ﺛﻮرة اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻻﺗﺼﺎل ‪ ،‬وﺗﺪاول اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‬
‫ﻋﱪ اﻻﻧﱰﻧﺖ وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﻟﻜﱰوين ‪ ,‬ﻣام ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﺘﱪ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﻌﴫﻳﺔ اﻻﻫﻢ ﻟﻨﻘﻞ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ‪.‬‬
‫ﻓﺴﻬﻮﻟﺔ إﻧﺘﺎج وﻧﴩ‪ ،‬وإﻋﺎدة ﻧﴩ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت وﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﺎت ﺑﺄﻳﴪ اﻟﺴﺒﻞ‪ ،‬وأﻗﻠﻬﺎ ﻛﻠﻔﺔ‪ ،‬وﰲ ﻓﱰة زﻣﻨﻴﺔ‬
‫وﺟﻴﺰة ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ ﴎﻋﺔ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻋﱪ اﻻﻧﱰﻧﺖ و اﳌﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ‬
‫ﺟﻌﻞ ﻗﺪرة اﻟﺘﺤﻜّﻢ ﰲ اﳌﺤﺘﻮى اﻹﻟﻜﱰوين ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪا ً‪ .‬ﻳُﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻣﺮاﻗﺒﺔ اﳌﺤﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﺘ ّﻢ ﻧﴩه ﻣﻦ‬
‫ﻗﺒﻞ اﳌﻮاﻃﻨني اﻟﺼﺤﻔﻴني او اﳌﺼﺎدر اﳌﺠﻬﻮﻟﺔ او اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﻋﻜﺲ واﻗﻊ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ‪.‬‬
‫وﻛام ﻳﻼﺣﻆ ﰲ اﻻوﻧﺔ اﻻﺧرية ان اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ مل ﺗﻌﺪ ﻣﺠﺮد اﺧﺒﺎر ﻛﺎذﺑﺔ او ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺰﻳﻔﺔ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ‬
‫ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ‪ ،‬ﺑﻞ اﺻﺒﺤﺖ اﻛرثﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻒ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ووﺳﺎﺋﻞ اﻋﻼم اﺣﱰﻓﺖ اﻟﺘﻼﻋﺐ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت وﺗﻘﺪميﻬﺎ ﺑﻬﺪف ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻫﺪاف اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ وﻳﻈﻬﺮ ذﻟﻚ ﺟﻠﻴﺎ ﰲ اوﻗﺎت اﻻزﻣﺎت واﻟﻀﻐﻮط اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‬
‫واﻟﴫاﻋﺎت واﻟﺤﺮوب ‪ ،‬ﻛام ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻻزﻣﺎت اﳌﺘﻼﺣﻘﺔ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻨﺬ ﻗﻴﺎم ﺛﻮرة اﻟﺸﺒﺎب ﰲ ﻓﱪاﻳﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم‬
‫‪2011‬م ‪ ،‬وزادت ﺣﺪة اﻻزﻣﺔ ﺑﻌﺪ دﺧﻮل ﺟامﻋﺔ اﻟﺤﻮيث اﱃ ﺻﻨﻌﺎء وﻗﻴﺎم ﺣﺮب ﺷﻨﻬﺎ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻌﺮيب ﺑﻘﻴﺎدة اﳌﻤﻠﻜﺔ‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻴﻤﻦ ﰲ اﻟﻌﺎم ‪2015‬م ‪.‬‬
‫ﻓﺨﻼل ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺨﻤﺲ ﻣﻦ اﻟﴫاع ﻗﺎﻣﺖ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم وﻗﻨﻮات اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺸﺨﴢ واﻟﺠﻤﻌﻲ واﳌﻮاﻗﻊ‬
‫اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﺑﻀﺦ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺑﻜﻢ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ‪،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺎول اﻃﺮاف اﻟﴫاع ﰲ اﻟﻴﻤﻦ‬
‫اﺳﺘﻐﻼل ﺳﻼح اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﻟﻜﺴﺐ ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﺎ وﻛﺴﺐ ﺗﺎﻳﻴﺪ اﻟﺠامﻫري ﳌﻮاﻗﻔﻬﺎ ‪ .‬ﺗﺎرة ﺑﻨﴩ اﺧﺒﺎر اﻧﺘﺼﺎرات ﻣﺰﻋﻮﻣﺔ وﻫﺰاﺋﻢ‬
‫ﺗﻠﺤﻖ اﻟﻄﺮف اﳌﻌﺎدي او ﺑﺚ رﺳﺎﺋﻞ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮرة ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت او اﻻﺣﺰاب او اﻟﺠﻬﺎت واﳌﺆﺳﺴﺎت ‪،‬و ﺗﺎرة ﺑﻨﴩ‬
‫اﺧﺒﺎر وﻣﻨﺸﻮرات ﻋﻦ ﻏﺎرات او ﺗﻬﺪﻳﺪات ﻣﺮﺗﻘﺒﺔ ﺗﺒﺚ اﻟﺮﻋﺐ ﻟﺪي اﳌﻮاﻃﻨني ‪،‬او متﺲ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻧﻬﻴﺎرات‬
‫اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ او ﻣﺎﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻀﻴﺔ اﻧﻘﻄﺎع اﳌﺮﺗﺒﺎت واﺧﺮى ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺟﻮاﻧﺐ ﻗﻴﻤﻴﺔ واﺧﻼﻗﻴﺔ ﻧﺴﺘﻬﺪف ﺗﺎﻟﻴﺐ‬
‫اﻟﺠامﻫري ﺿﺪ ﻃﺮف ﻣﻦ اﻻﻃﺮاف ﻣﺜﻞ ﻣﺎﺣﺪث ﰲ ﺣﺎدﺛﺔ ﻓﺘﺎة اﻟﺨﻮﺧﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪة اوﺳﺠﻨﺎء اﻻﻣﺎرات ﰲ ﻋﺪن ﻣﻦ‬
‫اﳌﺪﻧﻴني واﻟﻌﺴﻜﺮﻳني ‪.‬‬
‫وﻳﻘﻊ اﻟﻌﴩات ﻣﻦ اﻟﻨﺸﻄﺎء واﻟﺼﺤﻒ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺿﺤﺎﻳﺎ ذﻟﻚ اﻟﻜﻢ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت وﻳﺘﻠﻘﻔﻮﻫﺎ ﺑﴪﻋﺔ اﻟﱪق ووﻳﻘﻮﻣﻮن مبﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ دون اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺘﻬﺎ ﺑﻞ وﺗﺴﺘﻜﻤﻞ دورة اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﰲ‬
‫وﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم اﻻﺧﺮي واﳌﺠﺎﻟﺲ واﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ‪ ،‬وﻣﺎ زاد ﻣﻦ ﺧﻄﻮرة ﺗﺎﺛري ﻫﺬه اﳌﻀﺎﻣني ‪ -‬ﻛام‬
‫ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺨﱪاء واﳌﺤﻠﻠﻮن‪ -‬اﻧﻬﺎ اﺳﻬﻤﺖ وﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ﰲ ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻷزﻣﺎت داﺧﻞ اﻟﺒﻼد ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ و‬
‫اﻟﺴﻴﺎﳼ‪ ،‬وﺳﺎﻋﺪت ﰲ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﴩخ اﻻﺟﺘامﻋﻲ وﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻮﻃﻨﻲ وإﻋﺎدت إﱃ اﻟﺴﻄﺢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻨﺎء‬
‫ﻫﻮﻳﺎت ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ وﻣﻨﺎﻃﻘﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ‪:‬‬
‫ﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ان اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﺗﻌﺪ اﺣﺪ اﻫﻢ اﳌﺘﻐريات اﻟﺘﻰ ﺗﻐﺬت ﻋﲆ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﺛﺮت‬
‫ﰲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻛام ﺷﻜﻠﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﳌﺴﺘﺤﺪﺛﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻌﺒﺖ دورا ﻫﺎﻣﺎ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺬا ﺗﻌﺪ دراﺳﺘﻬﺎ اﻣﺮا ﺣﻴﻮﻳﺎ وﻫﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻻوﺿﺎع اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻌﺎين ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت ﺿﻐﻮﻃﺎ اﺟﺘامﻋﻴﺔ او ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ او ﴏاﻋﺎت وازﻣﺎت ﻛام ﻫﻮ ﺣﺎﺻﻞ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻴﻤﻨﻲ اﻟﺬي‬
‫ﺗﻨﺪر ﻓﻴﻪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺣﻮل ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﺳﻮاء ﰲ ﺣﺎﻻت اﻟﺴﻠﻢ واﻻﺳﺘﻘﺮار او ﺣﺎﻻت اﻟﺘﻮﺗﺮ واﻻزﻣﺎت‬
‫واﻟﴫاع ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ اﻟﻴﻤﻦ ووﻓﻖ اﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﻟﻠﻌﺎم ‪ 2018‬ﻳﻘﺎرب ﻋﺪد ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻲ اﻻﻧﱰﻧﺖ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﺣﻮاﱄ مثﺎﻧﻴﺔ ﻣﻠﻴﻮن‬
‫ﻣﺴﺘﺨﺪم ‪ ،‬وﺗﺰاﻳﺪ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﳌﻮاﻗﻊ اﻻﺧﺒﺎرﻳﺔ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻻﺧﺒﺎرﻋﻦ ﻣﺠﺮﻳﺎت‬
‫اﻻﺣﺪاث اﳌﺘﺴﺎرﻋﺔ واﻟﴫاع اﻟﺪاﺋﺮ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﰲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎب ﻓﻌﲇ ﻟﺠﻬﺎت اﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺗﻘﺪم اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‬
‫اﻟﺼﺎدﻗﺔ واﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﻴﻤﻨﻲ ﺿﺤﻴﺔ ﺳﻬﻠﺔ ﻟﻠﺸﺎﺋﻌﺎت اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻧﺴﺒﺔ اﻻﻣﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واﻧﻌﺪام اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﺘﻔﻜري اﻟﻨﻘﺪي ﻟﺪي ﴍﻳﺤﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺠامﻫري ‪.‬‬
‫وﻳﻌﺘﱪ اﻟﺸﺒﺎب ﻫﻢ اﻟﴩﻳﺤﺔ اﻻﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪﻓﻬﺎ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻟﺘﺰﻳﻴﻒ وﻋﻴﻬﺎ واﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ‬
‫اﻟﴩﻳﺤﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻻوﺳﻊ ﺳﻜﺎﻧﻴﺎ و اﻻﻛرث ﺣﻴﻮﻳﺔ وﺗﺎﺛريا ‪ ،‬ﻫﺬا ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ وﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﺣﺮ ﻛﻮﻧﻬﺎ اﻟﴩﻳﺤﺔ اﻻﻛرث‬
‫ارﺗﻴﺎدا واﺳﺘﺨﺪاﻣﺎ وﻧﺸﺎﻃﺎ ﰲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪ .‬وﻫﺬ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻻﻫﻤﻴﺔ دراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻴﻤﻨﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻻﻟﻜرنوﻧﻴﺔ ﰲ ﻇﻞ ﻇﺮوف اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﺣﺮب وﴏاﻋﺎت وازﻣﺎت ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ وﺣﺼﺎر ‪ .‬وﻣﻦ‬
‫ﻫﻨﺎ ﺗﺘﺒﻠﻮر ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﰲ اﳌﻮاﻗﻊ اﻻﺧﺒﺎرﻳﺔ اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﺣﻮل اﻻﺣﺪاث ﰲ اﻟﻴﻤﻦ‬
‫واﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻴﻤﻨﻲ ﻧﺤﻮﻫﺎ ودور ﺑﻌﺾ اﳌﺘﻐريات اﻟﻬﺎﻣﺔ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺸﺒﺎب ﻧﺤﻮ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﰲ‬
‫اوﻗﺎت اﻻزﻣﺎت‪ ).‬دراﺳﺔ ﻣﺴﺤﻴﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ وﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ( ‪.‬‬
 Whose voice, whose image: Ethics of Gender Representation.
Ever since, women representation in the media has been a subject for numerous
studies. Generally, scholars argued that women are proportionally underrepresented in
mass media, and when they are present, there are oversexualized and confined to
traditional stereotypes that excludes them from public sphere. George Gerbner coined
the term “symbolic annihilation” to describe the underrepresentation of women, and
other minorities, in the mass media. Gerbner (1976); Tuchman, Daniels & Benet (1987)
and others argued that the absence of diverse images is symbolically annihilating the
image of the strong, creative and powerful woman and promote negative stereotypes of
oppressed, domestic and invisible woman instead. Women around the world have had
huge advancements in many fronts since the 1970s /80s and women around the world
won multiple battles; and while there are still many issues facing women daily, the
significant gains made are undeniable. Despite these advances, media representation
remains troubling to say the least. The Global Media Monitoring Project 2015 states that
women make up only 24% of persons heard, read about, or seen in the news. In
television, while women reporters and presenters represent 57% of all reporters,
looking at the topics primarily covered by women reveals that major topics covered are
on science and health, with the least amount of women reporters represented in
covering politics and government.
This panel brings together scholars to discuss representation of women on
different media platforms and genres. The panel will discuss Aljazeera’s representation
of women. Through content analysis, one paper will investigate the percentage and
type of coverage women issues receive in Al-Jazeera. Another paper will discuss Arab
women representation in Hollywood.
References
Gerbner, G., & Gross, L. (1976). Living with television: The violence profile. Journal of Communication, 26(2), 172–199.
doi:10.1111/j.1460-2466.1976.tb01397.x
Tuchman, G. (1978). Introduction: The symbolic annihilation of women by the mass media. In G. Tuchman, A. K. Daniels & J. Benet
(Eds.), Hearth and home: Images of women in the mass media. New York, NY: Oxford University Press.
World Association for Christian Communication. (2015). The Global Media Monitoring Project 2015 gender inequality in the news 1995-
2015. Toronto.
 The Periphery of the Peripheries: Ethics of Women’s
Representation in Al Jazeera 
Hala Guta, Assistant Professor, Qatar University, hguta@qu.edu.qa

Al-Jazeera network brands itself as the “voice of the voiceless” and the network adopts
diversity as one of its main principles because, as it claims on its network website, “the
more diverse the angles, the clearer the picture becomes.” As of 2012, Al-Jazeera
claimed that 46% of its international work force is female. Taking the global trends of
women portrayal in mass media as reported in The Global Media Monitoring Project as
a point of departure, this paper investigates the representation of women in Al Jazeera
news through quantitative content analysis of news bulletins for the period of April
2017-April 2018. Findings were triangulated with in-depth interviews and documents’
analysis.

Biography
Hala A. Guta is an assistant professor of mass communication at Qatar University. She
holds a PhD in mass communication from Ohio University, USA. Her research interests
include international communication, gendered communication, communication for
social change, and the intersection of communication, culture, and identity. Her
publications and conference presentations include papers on the role of media in
gender negation and expression, the role of culture in communication, the role of
communication in peace building in societies emerging from conflict, and the part
media and other cultural institutions play in social change and the construction of
identity.
 Investing in Women in the Media: Smart Policy and
Smart Economics
Solmaz Sharifi
Cultural Officer, US Embassy in Doha

The United States government is committed to advancing women’s economic

empowerment. Investing in women and girls isn’t just the right thing to do, its smart
policy, and it smart economics. The 2017 U.S. National Security Strategy says it very
explicitly: “Societies that empower women to participate fully in civil and economic life
are more prosperous and peaceful.” These principles clearly guide and define the U.S.
strategy on women’s economic empowerment.

But what about women’s participation in the media? Can we apply the same principles?
Can increasing women’s full participation in media also bring about more prosperous
and peaceful societies? If the media – and mass media – are powerful channels of
information in society that transmit messages than change or reinforce social more and
behaviors, then shouldn’t we also be encouraging women’s participation in media in
order to achieve full economic empowerment? This presentation attempts to answer
these questions by applying the same principles that drive women’s economic
empowerment programs to make a similar case for encouraging women’s participating
in the media. The speaker will draw from her own experiences in the United States –
including growing up in the U.S. where women were excluded from male-dominated
media spheres, her experience working in Afghanistan with female journalists, and the
role of the media in shaping democratic societies, particularly in the United States.
Post-Ethical Code Era in Hollywood and its Implications on
the
Representation of Arab Women

Eiman Eissa, Lecturer, Qatar University.

Arab women have achieved many advances throughout the years, yet many scholars
argue that they are often underrepresented and misrepresented in the mass media as
they are “are humiliated, demonized and eroticized,” (Shaheen, 2003, p. 183). This is
especially apparent in many Hollywood films, where Arab women are often depicted as
a homogenous group with disregard for their diverse nature. They are portrayed as
people who suffer from double oppression as “victims of both colonialist ideology,
which devalues them because of their race and cultural ancestry, and patriarchal
ideology, which devalues them because of their sex,” (Tyson, 2006, p. 421). This
research examines the prevailing attitudes of gender-stereotyping and race-stereotyping
of the Arab women in popular Hollywood films. It also examines the lack of a code of
ethics for motion pictures in the United States since The Motion Picture Production
Code (Hays Code 1930-1968), and its implications on the representation of Arab women
in these films.
References
Shaheen, J. (2003). Reel bad Arabs: How Hollywood vilifies a people. Annals of the American Academy of Political and Social Science,
588, 171–193. Retrieved from http://www.jstor.org/stable/1049860
Tyson, L. (2006). Critical theory today. London, UK: Routledge.

Biography
Eiman A. Eissa is a lecturer in the Mass Communication Department, Qatar University.
She earned her PhD from the Department of Public Relations and Advertising, Cairo
University, and her MA and BA degrees from the American University in Cairo in the
field of Mass Communication. She has published a book about media convergence and
another on public opinion. Her research interests include gender studies, consumer
behavior, public opinion, and media effects.
 Breaking Muslim Women’s Image in western Media
Dr. Naqaa Abbas, Assistant Professor, Qatar University

The Muslim female figure, and her “troubling,” enigmatic presence has been the subject

of discussion from eighteenth and nineteenth-century Orientalist paintings, to travel

narratives, to Western biographies on the New York Times Best Seller’s List, to media

coverage.

Over the past few decades, with the rise of Islamophobia and discrimination in the

West, veiled or unveiled, Muslim women become the victim of a systematic oppression

of gender, race and religion, a gambit for shrewd political tactics, and an easy target for

violent physical attacks.

However, in my paper, I want to suggest that the image of the Muslim woman today as

rendered in contemporary literature, pop culture and social media confronts, challenges

and responds to these representations with hopeful and peaceful (re)solutions.

 “Clicktivism” and 2.0 Support: How Egyptian Women
Follow Social Media Ethics for Social Causes and
Advocacy
Rana Hassan, Lecturer, Qatar University.
For many years, social media has been a powerful tool for activism especially for those
who cannot voice their opinion and reach out mainstream media. Many terms were
used to describe the status of activism such as, Cyber-activism and social media
empowerment. Many studies such as (Khamis, 2012; Hassan, 2018; Hamdy 2013) have
discussed the effect of social media platform in women political empowerment.
Accordingly, related terms have been used to describe the use of social media in social
change such as “ Clicktivism”.

Clicktivism refers to using social media and digital technology in social or political
change. In Egypt, women have been using social media to take place in the digital
public sphere and to follow up with all news and accelerating events.
One of the most important issues that took place in social media platform is sexual
harassment. Egypt has witnessed an increase number of sexual harassment, which
involved women’s right NGOs to take an action. Previously, women did not have the
courage to report the sexual harassment incident to the society. NGO’s worked to
encounter this by creating multiple media outlets, such as Facebook and Youtube
(Ibiary, 2017).
Women in Egypt launched the ‘Harassmap’ initiative in December 2010 with the aim of
raising awareness of sexual harassment of women in Egypt through an online mapping
system (Murtada, Salem, Al-Dabbagh & Gargani, 2011). Now, Harrasmap is one of the
most successful campaigns that started on social media platform and aimed to re-
establishing social consequences for harassers – and making role models of people who
stand up to them.

The study investigates “Clicktivism” and Egyptian women and focuses on how women
use social media as a platform for empowerment. In addition, it questions the ethical
consideration behind using social media and reporting controversial topics such as
sexual harassment and other social topics.
The study will use quantitative analysis to measure the use of social media in social-
activism and investigate the power of social media in advocating women’s causes. The
study will also use qualitative analysis to interview female groups’ admins for more in-
depth insights about their ethical rules and their challenges.
Biography
Rana S. Hassan is a lecturer in strategic communication in the Department of Mass
Communication at Qatar University. She earned her Ph.D. in media and sociology from
the University of Northampton in the United Kingdom. Her both MA and BA degrees
are from the American University in Cairo, Egypt. Hassan’s research interests include
gender studies, public relations, new media, and social marketing.
 ‫أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ودورﻫﺎ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‬
‫دراﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن اﻟﺴﻮدان‬
‫أ‪.‬ﻫﺒﻪ ﻣﺤﻤﺪ إﺳامﻋﻴﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ‪*1‬‬
‫ﻳﺘﻨﺎول اﻟﺒﺤﺚ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ودورﻫﺎ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم – اﳌﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﺤﺎور‬
‫اﳌﺆمتﺮ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ‪ ،‬وﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﰲ أن‬
‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ميﺜﻞ وﺳﻴﻠﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻨﴩ اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﺑﺪوره ﻳﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‬
‫اﳌﺤﲇ واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ ‪ ،‬وﻣﻊ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﻔﻀﺎيئ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ متﺘﻠﻚ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﻘﻨﺎة‬
‫اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻗﻨﻮات ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ )ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﴩﻛﺎت أو ﺷﺨﺼﻴﺎت أو ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻨﻈﺎم‬
‫اﻟﴩاﻛﺔ( ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻟﻠﻘﻨﺎة اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ وﻓﻘﺎً ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺒﺜﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻣام ﻳﻀﻄﺮﻫﺎ ﻟﱰﺗﻴﺐ أوﻟﻮﻳﺎت ﺟﻤﻬﻮرﻫﺎ ﺣﺴﺐ رؤﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻷﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺘﺰام اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ رأي ﻋﺎم‬
‫ﺳﻠﻴﻢ ؟ ‪.‬‬
‫ﻳﻬﺪف اﻟﺒﺤﺚ إﱃ اﻟﺘﻄﺮق ﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ وﻫﻲ‬
‫اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم )اﳌﺤﲇ ‪ ،‬اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ( ‪ ،‬وﻳﻨﻄﻠﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ ﻓﺮﺿﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ‬
‫وﻫﻲ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين ﻳﺤﻜﻢ ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت وﺿﻮاﺑﻂ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي‬
‫اﻟﻌﺎم ‪.‬‬
‫ﻳﺘﻨﺎول اﻟﺒﺤﺚ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺤﺎور اﳌﺤﻮر اﻷول ﻳﺒﺤﺚ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮين واﳌﺤﻮر اﻟﺜﺎين ﻳﺒﺤﺚ‬
‫اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ ‪ ،‬واﳌﺤﻮر ﺛﺎﻟﺚ ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﻋﲆ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن اﻟﺴﻮدان ﻛﻮاﺣﺪ ﻣﻦ أﺟﻬﺰة‬
‫اﻹﻋﻼم ﰲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮيب ‪.‬‬

‫ﻫﺒﺔ ﻣﺤﻤﺪ إﺳامﻋﻴﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ‪ ،‬ﻣﺎﺟﺴﺘري ﰲ اﻹﻋﻼم ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أﻛﺘﻮﺑﺮ ‪2015‬م‬
‫‪ ،‬ﺑﺼﺪد ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻹﻋﻼم أﻛﺘﻮﺑﺮ ‪2019‬م ‪ ،‬ﻣﺤﺎﴐ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﻛﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم – رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻟﺠﻮدة ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم ﺟﺎﻣﻌﺔ أم درﻣﺎن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪ ،‬ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﳌﻜﺘﺐ‬
‫اﻷﻛﺎدميﻲ مبﻌﻬﺪ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ‪.‬‬
‫اﻟﱪﻳﺪ اﻻﻟﻜﱰوين ‪mshebamohamed77@gmail.com :‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ *1‬ﺃ‪.‬ﻫﺑﻪ ﻣﺣﻣﺩ ﺇﺳﻣﺎﻋﻳﻝ ﻋﺑﺩ ﷲ ‪ ،‬ﻣﺣﺎﺿﺭ ﺑﻛﻠﻳﺔ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﺭﺋﻳﺱ ﻗﺳﻡ ﺍﻟﺟﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟﺗﻁﻭﻳﺭ ﺑﺎﻟﻛﻠﻳﺔ ‪  .‬‬

‫‪ 1‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫مؤتمر أخالقيات الممارسات اإلعالمية وتزييف الوعي في عالم مضطرب‬

‫عنوان المداخلة‪ :‬آداب وأخالقيات اإلعالم في مجتمع المعرفة والمعلومات‬

‫الدكتور‪ :‬محمد عبد الوهاب العاللي – المغرب‬

‫عندما عرف العالم‪ ،‬قبل مائة حوالي وخمسين عاما القيم الصحفية للسلوك واألداء‬
‫المهني مثل الدقة‪ ،‬االستقاللية‪ ،‬والحرية‪ ،‬والمسؤولية والتعامل مع المصادر‪ ،‬وضوابط‬
‫المصداقية والموضوعية‪ ،‬وتكريس حرية العمل الصحفي‪ ، ،‬كانت الصحافة في نطاق‬
‫منظومة ما عرف "بمجتمع وسائل اإلعالم الجماهيري" ضمن نموذج لإلتصال العمودي‪ .‬أو‬
‫وسائل اإلعالم التقليدية ‪.‬‬

‫واليوم‪ ،‬ومنذ قمة مجتمع المعلومات (‪ ،)2005‬شهد مجال اإلعالم واالتصال مرحلة‬
‫لولوج ما اصطلح عليه مجتمع المعلومات والمعرفة كنمط اتصالي أفقي مؤثر على منتج‬
‫الرسالة والمضامين‪ ،‬ووسائل نشرها‪ ،‬و المستخدم‪ ،‬ونوعية كعناصر خضعت لتغيرات‬
‫جذرية‪.‬‬

‫لقد أفضت هذه المسيرة من التحوالت إلى تغيرات نوعية على األدوار التقليديية‬
‫للصحفييين واألدوار الجديدة (شبه الصحفية) للنشطاء‪.‬‬

‫لقد أشر الحضور الفاعل للتكنولوجيات الجديدة على مرحلة منافسة شرسة بين رواد‬
‫الفضاء السيبيري والصحفيين المهنيين بالمؤسسات اإلعالمية قاد إلى ظاهرة متناقضة‪ .‬ففي‬
‫الوقت الذي اتسع استهالك المعلومات ليشمل ماليين الناس في مختلف أنحاء العالم تم إغالق‬
‫اآلالف من الصحف المكتوبة أساسا وتسريح عشرات اآلالف من الصحفيين في مقابل تنامي‬
‫مظاهر سلبية مثل تحريف الوقائع والمعلومات ونشر األخبار الكاذبة والتالعب بمحتوى‬
‫الصور وعدم الحياد وعدم احترام التعددية والوقوع في فخاخ اإلعالن اإلشهاري‪ ،‬وسوء‬
‫التعامل مع المصادر واستخدام الهويات المزيفة والبالجيا وانتهاك الحياة الخاصة وغيرها من‬
‫المظاهر السلبية المميزة للبيئة االتصالية المعاصرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫واليوم‪ ،‬أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬نستشرف مرحلة جديدة لتكور التكنولوجيا في‬
‫عالقتها مع اإلعالم مع ظهور ما يعرف بالذكاء االصطناعي في الدول المتقدمة ومعالم تغير‬
‫كل المنظومة االتصالية في أبعادها التقنية والمهنية واالجتماعية والسياسية واألخالقية‪.‬‬

‫فمن خالل مقارنة مكونات المنظومات االتصالية لتطورها من منطلق مقاربة‬

‫سوسيولوجيا االتصال ودراسة مكونات المنظومات االتصالية في المستويات الثالث‪:‬‬
‫"مجتمع وسائل االتصال الجماهيري‪ ،‬مجتمع المعلومات والمعرفة‪ ،‬والذكاء االصطناعي‬
‫واإلعالم" في عالقاتهما بآداب وأخالقيات المهنة وأبعاد تأثير ذلك على التحول الديمقراطي‬
‫تسعي هذه الدراسة إلى إبراز إشكاليتها األساسية ‪:‬‬

‫‪ -‬هل ولوج مرحلة مجتمع المعرفة والمعلومات ثم الذكاء االصطناعي واإلعالم يمكن‬
‫الممارسة الصحفية من قدرات جديدة تعزز عمليات التحول الديمقراطي ؟ أم أنه يمنح فرصا‬
‫غير مسبوقة لهيمنة السلطة وإخضاع المجتمعات؟‬

‫إنطالقا من ذلك نهدف إلى تحليل عالقات السلطة ووسائل اإلعالم واألخالقيات في‬
‫نطاق المنظومات الثالثة المذكورة‪.‬‬

‫وعلى ضوء ذلك نخضع جزءا من التحليل لواقع الممارسات الصحفية في البلدان‬
‫العربي ة في ظل الفجوة الرقمية ونظم حكم غير مستقرة ومؤشرات غير مرضية للتنمية‪،‬‬
‫كعناصر تمثل كوابح أمام بناء ديمقراطيات مستقرة‪ .‬كما تسعى المداخلة إلى عرض رؤية‬
‫لمعالجة مسألة أخالقيات الممارسة االتصالية للصحافة المهنية وفي الميديا الرقمية وفق‬
‫منظور تكاملي بين مستوى موجه للمهنيين وآخر للمجتمع وثالث للسلطة كعملية لفرز‬
‫المستويات وتجسير الصالت التكاملية بينها‪ .‬فإذا كان مجتمع الصحفيين يحتاج إلى حماية‬
‫المهنة أمام المخاطر واالنزالقات القائمة‪ ،‬فالنشطاء من مستخدمي االنترنت هم بحاجة إلى‬
‫برامج للتربية اإلعالمية داخل دائرة المنظومة التعليمية في مستوياتها االبتدائي والثانوي‬
‫والجامعي لتأهيل مستخدمي وسائل التواصل االجتماعي ضمن برامج موازية الستخدام‬
‫يحترم التشريعات والقوانين واألخالقيات‪ .‬كما أن رؤية الدولة لوسائل اإلعالم والتواصل‬

‫‪2‬‬
‫تحتاج إلى موائمة بين مرحلة الثورة الصناعية والثورة التكنولوجية وثورة المعلومات‬
‫واالتصاالت‪.‬‬

‫للمراسلة‪ :‬صندوق البريد ‪ - 6045‬الرمز البريدي‪ – 12040 :‬الهرهورة‬

‫الهاتف‪ - 00212665056265 :‬البريد االلكتروني‪mohamedallali04@gmail.com :‬‬

‫‪3‬‬
 ‫ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻻﺧﻼق ﰲ اﳌامرﺳﺔ اﻻﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑني ﺣﺮﻳﺔ اﻻﻋﻼم و‬
‫ﺿﻮاﺑﻂ اﻻﺧﻼق‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر‪ :‬أﻧﻮر إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺰوﺑﻌﻲ‪.‬‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر‪ :‬ﺻﻼح ﺳﺎﻫﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﻘﻴﴘ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺗﺄﺻﻠﺖ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﰲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺴاموﻳﺔ‬
‫وﺳﻌﺖ اﱃ ﺣامﻳﺘﻬﺎ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ وﻛﻔﻠﺘﻬﺎ اﳌﻨﻈامت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻋﺘﱪﺗﻬﺎ ﺣﻖ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن‪.‬‬
‫وﻟﻘﺪ ﻧﺎﻗﺸﻨﺎ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﺬا ﻫﻸنﱠ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺗﺘﻘﻴﺪ ﺑﻀﻮاﺑﻂ ﻣﻬﻤﺔ وﻫﻲ اﻟﻀﻮاﺑﻂ‬
‫اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ‪ .‬ﻫﺬه اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﺗﺘﺨﺬ اﺗﺠﺎﻫني‪ .‬اﻷول‪ :‬اﺗﺠﺎه اﻷﺧﻼق اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺑﺴﻠﻮك‬
‫اﻹﻧﺴﺎن واﻹﺗﺠﺎه اﻟﺜﺎين ﻫﻮ اﺗﺠﺎه اﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﺔ وﻟﻘﺪ ﺗﻮﺳﻌﻨﺎ ﰲ ﺑﻴﺎن ذﻟﻚ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﺒﺤﺚ‪.‬‬
‫أﻫﻤﻴﺔ اﳌﻮﺿﻮع‬
‫ﻳﻜﺘﺴﺐ اﳌﻮﺿﻮع أﻫﻤﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﻛﻮن اﻷﺧﻼق واﻷﺧﻼﻗﻴﺎت ﺿﻮاﺑﻂ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺑﺤﻴﺚ أﻧﻬﺎ‬
‫ﻟﻮ ﻏﺎﺑﺖ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺻﻔﺘﻪ ﺑﺄﻧﻪ رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﺨري واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬
‫ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ أﻻ وﻫﻲ ﻏﻴﺎب اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﰲ ﺣﺎل‬
‫ﻏﻴﺎب ﻫﺬه اﻟﻀﻮاﺑﻂ‪.‬‬
‫ﻓﺮﺿﻴﺎت اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬
‫ﻳﻔﱰض اﻟﺒﺤﺚ وﺟﻮد إﻋﻼم ﺣﺮ ﺗﺘﻘﻴﺪ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻫﺬه ﺑﺎﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﺔ وﺑﻬﺬا ﻳﻜﻮن‬
‫إﻋﻼم ﻫﺎدف ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬
‫اﺗﺒﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﳌﻨﻬﺞ اﻹﺳﺘﻘﺮايئ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﱃ اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻮﺻﻔﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﲇ‪.‬‬
 ‫دور اﻟﻨﻘﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﰲ ﺗﺪﻋﻴﻢ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم‪ ،‬وﺣامﻳﺔ اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ‬
‫"ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﻋﻲ"‬
‫د‪.‬ﻫﻨﺪ ﻋﺰوز‬
‫أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﴐ ـ أ ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻴﺠﻞ ـ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫ﻳُﻌﺘﱪ اﻟﻨﻘﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻣﻦ اﻵﻟﻴﺎت اﳌﻘﱰﺣﺔ ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌامرﺳــــﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﻣﻮاﺟﻬﺔ‬
‫"ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﻋﻲ" اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ ﻟﻌﺪم اﻟﺘﺰام اﻹﻋﻼﻣﻲ واﳌﺆﺳــــﺴــــﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت ﻣﻬﻨﺔ اﻹﻋﻼم‪ .‬وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺘﺤﻔﻴﺰ اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل دور اﻟﻨﻘﺪ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻋﲆ ﻣﺴــﺘﻮى اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻻﺗﺼــﺎل ﺑﻄﺮﻓﻴﻪ‪ :‬اﻹﻋﻼﻣﻲ واﳌﺆﺳــﺴــﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ‬
‫اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت ﻣﻬﻨﺔ اﻟ ِﺼﺤﺎﻓﺔ؛ إذ أن اﳌﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ و ﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻟﻴ ﺴﺖ ﻋﺮﺿﺎ ﺑ ﺴﻴﻄﺎ‬
‫ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺎدة ﻣﺼــــﻨﻌﺔ؛ إذ ﻳﻘﻮم اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻻﺗﺼــــﺎل ﺑﺘﺸــــﻜﻴﻞ ﻫﺬه اﳌﺎدة‬
‫وﺻــــﻨﺎﻋﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ ذﻟﻚ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮارات وﻳﺘﺒﻨﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات ﻟﻠﺘﺤﻜﻢ ﰲ‬
‫ﻣﻨﺤﻰ وﻣﻀـــﻤﻮن اﻟﺮﺳـــﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﻋﻤﻞ اﳌﺮﺳـــﻞ ﻣﻬﻨﻴﺎ‪ ،‬ﻓﺈن مثﺔ ﺧﻴﺎرات وﻣﺒﺎدئ‬
‫ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ واﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻏﺮار‪ :‬أن ﺗﻜﻮن اﳌﺆﺳـــﺴـــﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﺴـــﺘﻘﻠﺔ‬
‫ا ﺳﺘﻘﻼﻻ ﻳ ﻀﻤﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ إﺧﺒﺎرﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وﺣﻴﺎدﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺘﻠﻮن اﳌﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑ ﺼﻴﻐﺔ‬
‫اﻟﺠﻬﺔ اﳌﺴرية أو اﳌﺎﻟﻜﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ وﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وأن ﺗﺘﻤﺘﻊ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﻬﺎﻣﺶ‬
‫ﻣﻘﺒﻮل ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼـــﻌﺐ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺟﺎدة وﻧﺎﻓﻌﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﺿـــﺔ‬
‫ﻟﻀﻐﻮﻃﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻣﺎﻟﻴﺔ ﺗﺆدي إﱃ ﺧﻨﻖ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺮأي واﻟﺘﻌﺒري ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻓﺈن اﻟﻨﻘﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻳﻀــــﻄﻠﻊ ﺑﺪور ﻫﺎم ﰲ ﺗﺤﺼــــني اﳌﺘﻠﻘﻲ وﺣامﻳﺘﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺪاﻋﻴﺎت "اﻟﺘﺼــﻨﻴﻊ اﻹﻋﻼﻣﻲ" اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ ﻗﻮﻟﺒﺔ اﳌﻀــﺎﻣني اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻷﺧﺒﺎر وﻓﱪﻛﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑﺤﺴــﺐ‬
‫أﻫﺪاف ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وأﻫﺪاف اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻴﺠﺪ اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺿﺤﻴﺔ إﻋﻼم زاﺋﻒ ﻻ ميﺖ إﱃ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﺑﺼـــﻠﺔ‪ ،‬وﺗﻌﺪ "اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ" ﻣﻦ اﳌﺨﺮﺟﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﺤﺜﻴﺜﺔ ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ اﻟﻨﻘﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻋﲆ ﻣﺴـــﺘﻮى‬
‫اﳌﺘﻠﻘﻲ إﺿــــﺎﻓﺔ إﱃ آﻟﻴﺎت أﺧﺮى ميﻜﻨﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﻏﺮار ﺗﺪﻋﻴﻢ اﻟﻨﻘﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻋﲆ اﳌﺴــــﺘﻮى‬
‫اﳌﻬﻨﻲ واﻷﻛﺎدميﻲ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ إﱃ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ "ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ"‪.‬‬

‫‪1 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫اﻟﺴرية اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮرة ﻫﻨﺪ ﻋﺰوز‬
‫ﻫﻨﺪ ﻋﺰوز أﺳــــﺘﺎذ ﻣﺤﺎﴐ أ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼــــﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﻳﺤﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ ،‬وﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ‪1978‬‬
‫مبﺪﻳﻨﺔ ﺟﻴﺠﻞ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‪ .‬ﺗﺪرﺟﺖ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﺘﻜﻮن آﺧﺮ رﺗﺒﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻫﻲ ﺷــﻬﺎدة اﻟﺘﺄﻫﻴﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﰲ‬
‫ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼــﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ‪ 3‬ﺳــﻨﺔ ‪ 2017‬ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸــﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ ﺟﻮان‪ 2013‬ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ‬
‫اﻟﺠﺰاﺋﺮ ‪ 3‬ﺗﺨ ﺼﺺ إﻋﻼم واﺗ ﺼﺎل ‪ .‬ﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺸﺎﻃﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﲆ ﻏﺮار ﺗﺮأس اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬
‫ﻟﻘ ﺴﻢ اﻹﻋﻼم واﻻﺗ ﺼﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺟﻴﺠﻞ ﺣﺎﻟﻴﺎ ورﺋﻴ ﺴﺔ ﻣ ﴩوع اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﺷﻌﺒﺔ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻻﺗ ﺼﺎل‬
‫ﻟﺴــﻨﺔ ‪ ،2019-2018‬وﻋﻀــﻮ ﰲ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ دﻛﺘﻮراه‪":‬وﺳــﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ" ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻴﺠﻞ اﻟﺴــﻨﺔ‬
‫اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ‪2018-2017‬م‪ ،‬وﻋﻀــﻮﻳﺔ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ‬
‫اﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﻳﺤﻲ‪ ،‬وﻣﺴﺆوﻟﺔ ﺗﺨﺼﺺ‪":‬اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﳌﻄﺒﻮﻋﺔ واﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ" ﻣﺎﺳﱰ‪.‬‬

‫‪2 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫اﳌﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﳌﻮﺿﻮع أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‬
‫أ‪.‬د‪.‬ﻣﻲ اﻟﻌﺒﺪاﻟﻠﻪ‪/‬اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻗﺮب ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت‪ ،‬ﺻﺎﻏﺖ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﱰﻧﺖ وﻣﻬﻨﺪﺳﻮﻫﺎ اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻠﻬﻢ اﻟﻨﺎس ﻧﺤﻮ‬
‫ﺑﻨﺎء ﻣﻨﺼﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﱰاﺑﻄﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺆدي ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ إﱃ ﺛﻮرة اﺟﺘامﻋﻴﺔ وﺗﺒﺎدل ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت‪،‬‬
‫اﻟﻔﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺘﺞ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﳌﺤﺘﻮى اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ‪ ،‬ﻣام ﻳﻌﻘﺪ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﺄﺛري اﳌﺜرية ﻟﻠﺠﺪل ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ .‬ﻫﺬا ﻣﺎ‬
‫ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن اﻟﺠﺪد ﰲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ "اﳌﺘﻠﻘﻲ اﳌﻌﻘﺪ"‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﻘﱰح ﺗﻘﺪﻳﻢ ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﳌﺆمتﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ اﻟﻘﺎدم ﺣﻮل اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﻻﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺆﻃﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎ‬
‫ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع‪ ،‬وﺗﻔﱰض ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ أن اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﻋﲆ أن أﺧﻼﻗﻴﺎت وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‬
‫ﻳﺠﺐ أن ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﻮﳌﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﴪﻳﻌﺔ وإﻋﺎدة ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ‪ ،‬ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻮم اﻻﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴري ﻇﻮارﻫﺎ وﺗﻜﻮﻳﻦ‬
‫اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﺎ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ‪ ،‬وﺗﺘﺠﻪ اﻟﻴﻮم أﻛرث ﻓﺄﻛرث ﻧﺤﻮ اﻋﺘامد اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻜﺸﻒ اﳌﺒﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻓﻬام ﻣﺘﻨﺎﻣ ًﻴﺎ وﻣﺘﻄﻮ ًرا‪.‬‬
‫اﻟﺘﻲ متﻜﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻣﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺗﺼﺎﱄ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ً‬
‫وﻣﻊ ﺗﻄﻮر اﳌﺸﻬﺪ اﻻﻋﻼﻣﻲ اﻻﺗﺼﺎﱄ‪ ،‬ﺗﺤﺎول ﻋﻠﻮم اﻻﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﺗﻔﺴري اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل‬
‫اﻹﻧﺴﺎين‪ ،‬ﺑﺼﻮرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬وﻓﻖ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﳌﻨﻬﺠﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻄﻮر ﻣﻘﺎرﺑﺎت اﳌﺎدﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ‬
‫اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ واﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣﻮل ﻗﻀﻴﺔ اﻻﺗﺼﺎل وأﺑﻌﺎده‪ ،‬ﻛام ﺗﻌﺎﻟﺞ‬
‫اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﺮؤى أﺧﺮى ﻣﻐﺎﻳﺮة ﳌﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﳌﺒﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ‬
‫اﳌﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع ﻛﺎﻟﻨﺴﺒﻴﺔ وﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ وﺛﻼث ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ‪ :‬ﻧﻈﺮﻳﺎت‬
‫اﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ووﺿﻊ اﻟﻘﻴﻢ‪ ،‬ووﺣﺪة اﻟﻜﻮن‪.‬‬
‫واﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺗﺴﺎﻫﻢ إﺳﻬﺎ ًﻣﺎ ﺑﺎﻟ ًﻐﺎ ﰲ ﺗﻄﻮر دراﺳﺎت اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل‬
‫وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﺄﺛري وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل ﰲ إدراك اﻷﻓﺮاد ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﺗﻜﺸﻒ أن ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر واﻗ ًﻌﺎ ﻣﻐﺎﻳ ًﺮا متﺎ ًﻣﺎ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪.‬‬
 ‫اﻟﺤﺮ ّﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ‬
‫ﺑني ﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ وﻗﻮاﻧني اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻹﻟﻜﱰوﻧ ّﻴﺔ‬
‫د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ رﺑﺎﺑﻌﺔ‬
‫أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك ﰲ اﻹﻋﻼم – اﻟﺪﻋﻮة واﻹﻋﻼم اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟريﻣﻮك‬
‫ﺗﺘﻤﺤﻮر اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﺣﻮل ﺑﻴﺎن ﺣﺪود اﻟﺤﺮﻳّﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ ﰲ ﺿﻮء ﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف‬
‫اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ وﻗﻮاﻧني اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻹﻟﻜﱰوﻧ ّﻴﺔ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﰲ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ‬
‫وﺗﻬﺪف اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ إﱃ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻐﻨﻰ ﺑﻬﺎ اﳌامرﺳﻮن‬
‫ﻟﻺﻋﻼم اﻟﻴﻮم ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎر "ﺣﺮﻳّﺔ ﺳﻘﻔﻬﺎ اﻟﺴامء"‪ ،‬وﺑﻴﺎن ﻣﻨﻄﻮق ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺎر وﻣﺰاﻟﻘﻪ وآﺛﺎره‬
‫واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻪ ﻋﲆ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﺠﺪﻳﺪ‪ ،‬وﺗﺴﻌﻰ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ‬
‫إﱃ ﺗﺘﺒﻊ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻨﻈري ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ‪ ،‬وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ وﺿﻮاﺑﻄﻬﺎ وﻣﺤﺪداﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ أﻓﺮزﺗﻪ ﻣﻦ ﺗﻮاﻓﻘﺎت‬
‫دوﻟﻴﺔ واﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وﻋﺮﺑﻴﺔ وإﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺼﺖ ﻋﲆ ﻣﻮاﺛﻴﻖ ﺗﺮاﻋﻰ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺮﻳﺔ وﺗﺤﺪد ﺳﻘﻔﻬﺎ وﻣﻔﺮزاﺗﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻟﺠﻮء ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻢ واﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﴩﻗﻴﺔ إﱃ إﺻﺪار‬
‫ﻗﻮاﻧني رﺳﻤ ّﻴﺔ ﺗﺤﺪد ﺳﻘﻒ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻨﴩ اﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬وﺗﺠ ّﺮم ﻣﻦ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﺎ وﻳﺘﻌﺪى ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬وﺑﻴﺎن‬
‫اﳌامرﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﱰﻗﺖ ﺳﻘﻒ اﻟﺤﺮﻳﺔ وﺷﻜﻠﺖ ﺻﻮرة ذﻫﻨ ّﻴﺔ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﻟﻸﻓﺮاد واﻟﺸﻌﻮب‬
‫واﻷﻣﻢ‪.‬‬
‫وﺗﺄيت ﻓﻜﺮة ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﻳُﻠﺤﻆ ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻧﻬﺞ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴّﺔ‬
‫ﻏري اﳌﻬﻨ ّﻴﺔ اﳌﺠﺎﻧﺒﺔ ﻷﺧﻼق اﳌﻬﻨﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ؛ وﻣﻦ ذﻟﻚ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻌﺘﻴﻢ اﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬وﺗﺴﻄﻴﺢ اﻟﻮﻋﻲ‬
‫ﻟﺪى اﻟﺠامﻫري‪ ،‬وﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺸﻴﻄﻨﺔ واﻟﻘﻮﻟﺒﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﻂ )‪(Stereotyp‬؛ إن ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻓﺮدي‬
‫ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺑﻌﺾ اﻟﺮﻣﻮز واﻟﺸﺨﻮص‪ ،‬أم ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎم واﺳﻊ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺑﻌﺾ اﳌﺆﺳﺴﺎت واﻟﺪول‬
‫واﻷﻣﻢ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻏﺪت ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﻂ واﻟﻘﻮﻟﺒﺔ ﻧﻬ ًﺠﺎ واﺿ ًﺤﺎ ﻳﺘﺬرع ﺑﺎﻟﺤﺮﻳّﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺨﺎﻟﻔًﺎ‬
‫ﻟﻠﻀﻮاﺑﻂ اﻟﴩﻋ ّﻴﺔ وﻟﻠﻤﻌﺎﻳري اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﳌﻬﻨﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﳌﺤﻠﻴّﺔ ﻟﻠامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫وﺳﺘﻌﺘﻤﺪ اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﲆ اﳌﻨﻬﺞ اﻻﺳﺘﻘﺮايئ واﻻﺳﱰدادي‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﳌﻨﻬﺞ اﻟﺘﺤﻠﻴﲇ ﻟﺒﻌﺾ‬
‫اﳌامرﺳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﻨﻔﻠﺘﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ ﻋﱪ اﻟﻔﻀﺎء اﻹﻋﻼﻣﻲ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ اﳌﺴﺘﺠﺪة‪.‬‬
‫وﺳﺘﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﻣﺤﺎور ﻓﺮﻋ ّﻴﺔ ذات ﻋﻠﻘﺔ رﺋﻴﺴﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﺿﻮاﺑﻄﻬﺎ وﻣﺨﺎﻟﻔﺎﺗﻬﺎ وآﺛﺎرﻫﺎ‬
‫وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ‪.‬‬
‫وﻳﺤﺎول اﻟﺒﺤﺚ ﺗﻘﺪﻳﻢ رؤﻳﺔ ﻣﻘﱰﺣﺔ ﺗﺤﺪد ﺿﻮاﺑﻂ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣ ّﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺎد‬
‫إﱃ اﻟﺜﻮاﺑﺖ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻟﴩف اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﻗﻮاﻧني اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻹﻟﻜﱰوﻧ ّﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﻷﻗﻼم اﳌﺄﺟﻮرة وﴍاء اﻟﺬﻣﻢ‪ :‬اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻼأﺧﻼﻗﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت‬

‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫أ‪.‬د‪ /‬ﻣﺤﻤﺪ ﻗرياط‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‬
‫ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية اﻗﱰﻧﺖ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﻳﺔ واﻟﺤﺮب اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺘﻀﻠﻴﻞ واﻟﺘﺸﻮﻳﻪ‪ .‬وﺳﺎءت ﺳﻤﻌﺔ اﳌﻬﻨﺔ‬
‫ﻧﻈﺮا ﻟﺘﻮﻇﻴﻔﻬﺎ اﻟﻼ أﺧﻼﻗﻲ ﰲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﰱ ﺟﻤﻠﺔ وﺗﻔﺼﻴﻼ ﻣﻊ اﳌﺒﺎدئ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫وﻛﺎﻻت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ذات اﻟﺸﻬﺮة اﻟﺪوﻟﻴﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﺄﺟﺮ اﻷﻗﻼم وﺗﻔﱪك اﳌﺆمتﺮات واﻟﻨﺪوات وﺗﺸﱰي اﻟﺬﻣﻢ ﻣﻦ‬
‫أﺟﻞ ﺷﻴﻄﻨﺔ دول واﳌﺴﺎس ﺑﺴﻤﻌﺘﻬﻢ وﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ‪ .‬وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﻮﻇﻒ وﺗﺴﺘﻌﻤﻞ‬
‫ﰲ اﻟﺤﺮوب واﻷزﻣﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻓﱪﻛﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﳌﺤﲇ واﻟﺪوﱄ ﳌامرﺳﺔ اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ دول أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﺻﻮرة ﺗﺜري اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﺘﻌﺠﺐ وﻳﻨﺪى ﻟﻬﺎ اﻟﺠﺒني ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮة أﻣﺎم ﻣﻘﺮ ﻣﻔﻮﺿﻴﺔ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻟﺤﻘﻮق‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺠﻨﻴﻒ‪ ،‬اﳌﻈﺎﻫﺮة ﻗﺎدﺗﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻳﺎﻓﻄﺎت وﺷﻌﺎرات ﺗﺪﻳﻦ ﻗﻄﺮ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻹرﻫﺎب؛ اﻟﻐﺮﻳﺐ‬
‫ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻟﻮ ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﻗﻄﺮ وﻣﻮﻗﻌﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﰲ ودورﻫﺎ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻋﺮﺑﻴﺎ ودوﻟﻴﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺮد وﻻ‬
‫اﻹﺟﺎﺑﺔ وﻻ ﻫﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺷﻴﺌﺎ ﻋام ﻳﺤﺪث ﰲ أزﻣﺔ ﻗﻄﺮ‪ .‬اﻷﻣﺮ ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ أن ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ﺗﻠﻘﻮا ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﻮد ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬا ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ دول اﻟﺤﺼﺎر ﻣﻦ اﻧﺤﻄﺎط وﻣﻦ أﻋامل ﻏري أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻳﺮﻳﺪون ﺑﻬﺎ إﻗﻨﺎع اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﻟﺪوﱄ ﺑﺄﻛﺎذﻳﺐ وإﺷﺎﻋﺎت‬
‫ﻗﺪ ﻻ ﺗﺼﺪﻗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ‪ .‬دول اﻟﺤﺼﺎر ﻣﻊ اﻷﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ وﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ ‪ 2014‬دﻓﻌﺖ ﻋﴩات اﳌﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻟﻮﻛﺎﻻت‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﺸﻴﻄﻨﺔ ﻗﻄﺮ وﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮرﺗﻬﺎ‪ .‬اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف ﻫﻲ اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ واﻧﻜﺸﺎف اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻓﺸﻞ ﺣﻤﻼت‬
‫اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ واﻟﺘﻌﺘﻴﻢ واﻟﺘﺸﻮﻳﻪ واﻟﱪوﺑﺎﻏﻨﺪا‪ .‬ﻣﺎ مل ﺗﻔﻬﻤﻪ دول اﻟﺤﺼﺎر ﻫﻮ أن ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﻻ ﺗﻜﺴﺐ ﺑﺎﻟﻜﺬب وﴍاء اﻟﺬﻣﻢ‬
‫ومتﻮﻳﻞ اﳌﻈﺎﻫﺮات ودﻓﻊ اﳌﻼﻳني ﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ‪ .‬ﻣﺎ ﻳﺒﻨﻰ ﻋﲆ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻃﻞ ﻳﻨﺘﻬﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ اﻟﺬرﻳﻊ وﺑﻈﻬﻮر اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إن آﺟﻼ أم ﻋﺎﺟﻼ‪.‬‬
‫ﺗﺴﺘﻌﺮض ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﺣﺎﻻت ﻋﺪﻳﺪة اﻧﺘﻬﻜﺖ ﻓﻴﻬﺎ وﻛﺎﻻت ﻋﻼﻗﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺗﺪﻋﻲ اﳌﻬﻨﻴﺔ واﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ أﺧﻼﻗﻴﺎت‬
‫اﳌﻬﻨﺔ واﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻛﻞ اﻟﻄﺮق واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺰﺑﻮن ﻣﻘﺎﺑﻞ اﳌﺎل‪ .‬ﻓﻔﻲ زﻣﻦ اﻟﺤﺮوب واﻷزﻣﺎت واﻟﻨﺰاﻋﺎت ﺑني اﻟﺪول‬
‫واﻷﻣﻢ ﺗﺘﻜﺎﻟﺐ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﻛﺎﻻت ﻋﲆ إﺑﺮام ﻋﻘﻮد مبﻼﻳني اﻟﺪوﻻرات ومتﺎرس ﻣﺨﺘﻠﻒ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ واﻟﺘﻀﻠﻴﻞ واﻟﺘﺸﻮﻳﻪ‪ .‬اﳌﻬﻢ‬
‫ﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺰﺑﻮن أﻣﺎ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ واﻷﺳﻠﻮب واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ واﻷﺧﻼق وﻣﺒﺎدئ اﳌﻬﻨﺔ ﻓﻬﻲ أﻣﻮر ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻻ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻟﻬﺎ ﰲ أﺑﺠﺪﻳﺎت‬
‫ﻋﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﻛﺎت‪ .‬ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺼﺎء واﻟﺒﺤﺚ ﺣﺎﻻت دراﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺮب اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وأزﻣﺔ ﻗﻄﺮ وأﺣﺪاث اﻟﺮﺑﻴﻊ‬
‫اﻟﻌﺮيب‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﺑني أﺧﻼﻗ ّﻴﺎت اﳌامرﺳﺔ اﳌﻬﻨ ّﻴﺔ وإﻏﺮاءات ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟ ّﻨﻔﻮذ ﰲ‬
‫اﻟﻌﺎمل‬
‫د‪.‬اﳌﻌﺰ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد أﺳﺘﺎذ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل اﳌﺸﺎرك ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎمل ﺑﺪور اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﰲ ﺗﺮوﻳﺞ‬ ‫ﺗﺰاﻳﺪ اﻫﺘامم ﻋﺪﻳﺪ اﻟ ّﺪول واﻟﺸﺨﺼ ّﻴﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ واﻷﻧﻈﻤﺔ ّ‬
‫اﻟﺴﻤﻌﺔ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟ ّﻨﻔﻮذ‪ .‬وﺗﺘﻌ ّﻬﺪ ﻛﱪى وﻛﺎﻻت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬا اﻟ ّﺪور‬‫اﻟﺼﻮرة اﻟ ّﺬﻫﻨﻴﺔ وإدارة ّ‬
‫ّ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ .‬وﻳﺸﻬﺪ اﻟﺘّﺎرﻳﺦ اﳌﻌﺎﴏ‬ ‫وﻓﻖ رؤى ﻣﺘﻌ ّﺪدة ﺗﺘّﺼﻞ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎرات اﻷﻓﺮاد‪ ،‬أو اﻟﺠامﻋﺎت أو اﻟ ّﻨﻈﻢ ّ‬
‫ﻋﲆ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻜﱪى وﻛﺎﻻت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﻟﱰوﻳﺞ ﻧﻔﻮذﻫﺎ اﻟﺴﻴﺎﳼ‪ ،‬واﻻﻗﺘﺼﺎدي‪،‬‬
‫اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻟﻠﺤﺪود إﱃ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﻮﻛﺎﻻت‬ ‫واﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬متﺎﻣﺎ ﻣﺜﻠام ﻟﺠﺄت اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ّ‬
‫ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻀامن اﻛﺘﺴﺎﺣﻬﺎ ﻟﻸﺳﻮاق اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻋﺮﺑ ّﻴﺎ‪ ،‬اﻟﺘﺠﺄت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان ﻋﲆ ﻏﺮار ﺗﻮﻧﺲ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟ ّﺮﺋﻴﺲ اﳌﺨﻠﻮع زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﲇ‪ ،‬واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬
‫اﳌﴫﻳّﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﺨﻠﻮع ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻨﻲ ﻣﺒﺎرك إﱃ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﻹدارة ﺳﻤﻌﺔ ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﺎمل أو‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﻣ ّﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻌ ّﺮض ﻓﻴﻪ إﱃ اﻧﺘﻘﺎدات ﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻈﻤﺔ ّ‬
‫اﻻﻋﻼم‪ ،‬متﺎﻣﺎ ﻣﺜﻠام اﻧﺘﻬﺞ اﻟ ّﻨﻈﺎم اﳌﻠيك اﻹﻳﺮاين اﻟﻨﻬﺞ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﳌﻮاﺟﻬﺔ‬
‫اﻧﺘﻘﺎدات اﻹدارة اﻷﻣريﻛﻴﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺴﻴﺎق‪ ،‬ﻻﺑ ّﺪ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرة إﱃ أ ّن ﻋﻤﻞ وﻛﺎﻻت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺠﻬﺔ‬ ‫ﰲ ﻫﺬا ّ‬
‫ﺻﺎﺣﺒﺔ ﻃﻠﺐ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟ ّﺪ إﻳﺠﺎيب ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺷﻴﻄﻨﺔ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ وﺑﻨﺎء ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻳﺘﺸﻜّﻞ اﻟ ّﺮأي اﻟﻌﺎم‬
‫ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ‬‫وﻟﻌﻞ ﰲ أزﻣﺔ اﻟﺤﺼﺎر ﻋﲆ ﻗﻄﺮ ﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ اﻟ ّﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻗﻴﺎم ّ‬ ‫ﺣﻮﻟﻪ إﻳﺠﺎﺑ ّﻴﺎ أو ﺳﻠﺒﻴﺎ‪ّ .‬‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗ ّﻢ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻟﱰوﻳﺞ ﺻﻮرة ﻋﻦ ﻗﻄﺮ ﻛﺒﻠﺪ داﻋﻢ ﻟﻺرﻫﺎب ﺑﺎﻧﺘﻬﺎج ﻫﺬا‬
‫اﻟﻨﻬﺞ؛ ﺣﻴﺚ ﺛﺒﺖ ﻻﺣﻘﺎ ﺗﻮ ّرط أﻧﻈﻤﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ‪ ،‬وﺷﺨﺼﻴﺎت دﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴّﺔ‪ ،‬وأﻓﺮاد وﻇّﻔﺖ وﻛﺎﻻت ﻋﻼﻗﺎت ﻋﺎ ّﻣﺔ‬
‫ﻟﱰوﻳﺞ ﺻﻮرة ﺳﻠﺒ ّﻴﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ متﻬﻴﺪا ﻟﻔﺮض اﻟﺤﺼﺎر ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى‪ ،‬أﺛﺒﺘﺖ ﻋﺪﻳﺪ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ واﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎمل دور وﻛﺎﻻت اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫وﻟﻌﻞ ﰲ اﻧﺘﺨﺎب اﻟ ّﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﴘ اﻟﺤﺎﱄ إميﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮون ﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ اﻟ ّﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻗﺪرة‬
‫اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟ ّﻨﻔﻮذ؛ ّ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﺻﻨﻊ اﻟﺮؤﺳﺎء وﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟ ّﺮأي اﻟﻌﺎم‪.‬‬
‫ﻇﻞ ﻫﺬه اﻹﺷﻜﺎﻟﻴّﺎت‪ ،‬ﻳﺴﻌﻰ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﺬا إﱃ دراﺳﺔ ﺗﻄ ّﻮر دور اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻤامرﺳﺔ ﻣﻬﻨ ّﻴﺔ ﻳُﻔﱰض‬ ‫ﰲ ّ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳ ّﻴﺔ واﳌﺎﻟ ّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻘﻮد إﱃ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﺳﻠﺒ ّﻴﺔ ﻗﺪ‬
‫اﻟﻀﻐﻮﻃﺎت ّ‬‫أن ﺗﻀﺒﻄﻬﺎ أﺧﻼﻗ ّﻴﺎت‪ ،‬وﻻ ﺗﺆﺛ ّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ّ‬
‫ﺗﺆ ّدي إﱃ اﺑﺘﺬال ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ وﺗﺴﻄﻴﺤﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﳌﺎل ﻋﲆ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ اﻟﻴﻮم وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻌﻼﻗﺎت اﻟ ّﺪول‬
‫ﻓام ﻣﺪى ﺗﺄﺛري ﺳﻄﻮة ّ‬
‫أي ﻣﺪى ميﻜﻦ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺪر ﻧﻔﻮذ أو ﺻﺎﻧﻌﺔ ﻟﻪ؟ ﻫﻞ ميﻜﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻌﻼ‬‫ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﺎ؟ إﱃ ّ‬
‫ﻋﻦ أﺧﻼﻗ ّﻴﺎت ﺗﻨﻈّﻢ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ‪ ،‬وإن ُوﺟﺪت ﻓام ﻫﻲ ﺣﺪود ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺣامﻳﺔ اﳌﻬﻨﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻻﻧﺰﻻﻗﺎت؟‬

‫‪2 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻷﺧﻼق ﰲ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬

‫إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ أﺧﻠﻘﺔ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﱪ وﺳﺎﺋﻂ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻧﻌﻜﺎﺳﻬﺎ‬

‫ﻋﲆ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫د‪.‬ﻋﻄﺎء اﻟﻠﻪ ﻃﺮﻳﻒ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋامر ﺛﻠﻴﺠﻲ ﺑﺎﻷﻏﻮاط ‪-‬اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫اﻟﻜﻠﻴﺔ‪ :‬اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﻠﻮم اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرة‬

‫ﺗﻨﺪرج ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺒﺤﺚ ﰲ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ وﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺗﺒﺪو ﰲ وﻫﻠﺘﻬﺎ اﻷوﱃ‬
‫ﻋﻤﻴﻘﺔ وﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺎ دﻋﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﳌﻌﺎﻳري اﳌﻬﻨﻴﺔ واﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﰲ اﳌامرﺳﺔ‬
‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ارﺗﺒﻂ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠامﻫريي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي أو ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻹﻋﻼم اﳌﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ‬
‫ﻋﲆ ﻏﺮار ﻛﻞ ﻣﻦ )اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ‪ ،‬اﻹذاﻋﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن(‪ .‬إﻻ أن ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺣﺴﺐ اﳌﻨﻈﺮﻳﻦ واﻟﺨﱪاء‬
‫ﰲ اﳌﺠﺎل ﻳﻌﺮف ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﱰاﺟﻊ ﰲ اﻟﺘﺄﺛريات واﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت واﻹﺷﺒﺎﻋﺎت ﻟﺠامﻫريﻫﺎ أﻣﺎم ﺷﻐﻒ وﺗﻄﻠﻊ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﺠامﻫري إﱃ ﻣﺴﺎﻳﺮة ﺗﻄﻮرات ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل وﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ﻫﺬه اﻷﺧرية ﰲ ﻇﻬﻮر ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ‬
‫ﺑﺎﳌﻴﺪﻳﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة أو وﺳﺎﺋﻂ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ أﺗﺎﺣﺖ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﺟﺪﻳﺪة مل ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻴام ﺳﺒﻘﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫وﺳﺎﺋﻞ؛ ﻛﺎﻵﻧﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻼﺗﺰاﻣﻨﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻼﺟامﻫريﻳﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ‪...‬وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴامت‪ .‬ﻛام ﻋﺮف ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﻋﻼم إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت‬
‫ﻋﺪة ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻏﻴﺎب ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﳌﻮﺟﻮدة ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻛﺎﻟﺘﺤﲇ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ‬
‫ﰲ ﻋﺮض اﳌﻀﺎﻣني واﳌﺤﺘﻮﻳﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ وﺗﺄﺛرياﺗﻬﺎ اﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻋﲆ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺨﺼﻮص ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻃﺮ وﺳﺒﻞ أﺧﻼﻗﻴﺔ‪.‬‬
‫وﳌﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻃﺮح اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺎﱄ‪:‬‬
‫‪ -‬ﻣﺎ ﻫﻲ اﻵﻟﻴﺎت واﻟﺴﺒﻞ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﻳﺠﺎد أرﺿﻴﺔ ﻷﺧﻠﻘﺔ اﳌامرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﱪ وﺳﺎﺋﻂ‬
‫اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪة؟‬
‫اﻧﺘﻬﺎء ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﳌﺆمتﺮ‬
‫‪ ‬‬