Professional Documents
Culture Documents
إعداد
أ.د.م .إمام عبد العاطي اخلضراوي
جامعة جازان
ملخص البحث:
إ ّن مفهوم الحقيقة عند محيي الدين ابن عربي(ت 638هـ) من المسائل
المعضلة والمهمة ،التي دار حولها الجدل ،والنقاش ،قديماً وحديثاً ،وكانت
هذه الدراسة بمثابة إلقاء الضوء على هذا المفهوم بكل اتجاهاته وجوانبه
لديه ،وتحليل هذا المفهوم وتركيب ما يترتب عليه من آراء ،مقارنة بغيره من
الصوفية الذين تناولوا المسألة ،سواء أكانوا على منهجه أم من المخالفين،
ومن ثم إبراز النتائج المترتبة على هذه المفهوم لديه من وحدة الوجود،
والوحدة المطلقة ،وغير ذلك من األفكار ،وكانت النتيجة المستخلصة من
الدراسة ،إثبات أن المراد بمفهوم الحقيقة عند الصوفية الحقيقية :الصدق في
اإليمان ،وبلوغ درجة اإلحسان ،وكمال المراقبة والمداومة على النظر في
أفعال اهلل تعالى ،بيد أن هذه المعاني األصيلة بعيدة كل البعد عن المعنى الذي
أورده محيي الدين ابن عربي(ت 638هـ) ومن سلك مسلكه في تبيانهم
للحقيقة كمصطلح صوفي له ُبعده المنوط به.
الكلمات المفتاحية :مفهوم ،الحقيقة ،ابن عربي ،وحدة الوجود ،الوحدة
المطلقة
The Concept of the Truth for Mohii al-Dīn Ibn Arabi "A Critical
Study".
Imam Abd al-Ati al-Khadrawi
General Preparation Materials Unit, Faculty of Sharia and
Law, Jazan University, Jazan, Saudi Arabia.
Email: ealkhadrawy@jazanu.edu.sa
Abstract:
The concept of truth according to Mohii al-Dīn Ibn Arabi
(d.638 AH) is one of the dilemmas and important issues around
which the debate and discussion took place, both in the past and
in the modern, and this study was like shedding light on this
concept with all its trends and aspects, and analyzing this concept
and the composition of the consequences of it. Of opinions,
compared to other Sufis who dealt with the issue, whether they
are according to his method or from the dissenters, and then
highlighting the consequences of this concept he has in terms of
unity of existence, absolute unity, and other ideas, and the
conclusion drawn from the study was to prove that what is
meant is a concept. The truth for true Sufis: honesty in faith,
attaining the degree of benevolence, perfection of observing and
constantly looking at the actions of Allāh Almighty, however
these authentic meanings are far from the meaning given by
Mohii al-Dīn Ibn Arabi (d.638 AH) and those who followed his
course in their clarification of the truth As a Sufi term it has its
own dimension.
Keywords: Concept, Al-haqiqa, Ibn Arabi, Unity of existence,
Absolute unity.
H
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على أشرف المرسلين ،سيدنا
محمد ،وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ،وبعد:
ف ُتعد هذه الدراسة من الدراسات التي دار حولها الجدل والنقاش قديماً
وحديث ًا ،وذلك من خالل عدة أمور مهمة؛ من حيث مفهومها ،وما يترتب
على ذلك من أفكار مخالفة أحياناً ،وكذا في التصورات التي توافق الفكرة
تارة ،وتخالفها تارة أخري.
إشكالية البحث :ما المقصود بمفهوم الحقيقة عند محي الدين ابن
عربي ،وما هي االتجاهات والرؤى التي بنى عليها فكرته في هذه المسألة،
وما هو األثر السلبي حول اتجاهاته العقدية والخلقية.
أهمية املوضوع:
-1كون هذا الموضوع يبحث في قضية مهمة لها أثرها الخطير على
العقيدة.
-2إبراز هذا الموضوع يوضح العديد من الجوانب المتعلقة بفكر محي
الدين ابن عربي.
-3توسيع دائرة المعارف الشخصية حول هذه المسألة.
-4الرغبة في إثراء الساحة الفكرية بعمل علمي نافع في هذا الميدان
موضح ًا موقف ابن عربي من الحقيقة.
بواعث اختيار الدراسة :من البدهيات أن ِ
الف َكر البحثية لم ولن تأتي من
دون وجود دافع محدد ،أو عدة دوافع ،وهذه األطروحة سبقتها عدة دوافع،
بعضها موضوعي واآلخر ذاتي ،أما األول :فيرجع لطبيعة الموضوع وأهميته،
وبخاصة أن الفكرة لم يتناولها أحد من الباحثين كفكرة مستقلة ،فضالً عن أن
الفكرة تحتاج إلى دراسة وبحث ،وفي الواقع أن ِ
الف َكر التي تناولها الصوفية
والفالسفة والمتكلمون -تناولوها وفق طبيعة خاصة بهم ،ولون فكري
محدد -وأما الثاني :فيرجع إلى الحاجة لتبيان مثل هذه المسائل وتوضيحها،
وفق منهج موضوعي مجرد ،ومن ثم كان هذا الموضوع الموسوم بــــــــ (مفهوم
الحقيقة عند محيي الدين ابن عربي "دراسة تحليلية") .
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى العديد من األهداف التي من أهمها دراسة،
وتحليل ،ونقد هذه الفكرة عند محي الدين ابن عربي ،وإبراز الجانب
الصحيح في هذه المسألة.
الدراسات السابقة:
ال أجد فيما بين يدي من البحوث والدراسات القديمة والحديثة ،دراسة
تناولت هذه الفكرة برمتها كاملة ومستقلة ،اللهم إال ما ورد في كتب
ُ
بودراسات القدامى من أصحاب كتب الصوفية أنفسهم؛ وكذلك من َك َت َ
عنهم ،من تناول يخدم جانب معين سواء أكان في جانب المفهوم ،أم في
جوانب أخرى تتعلق من قريب أو من بعيد بصلب الفكرة.
منهج البحث:
لقد اجتهد الباحث أن يسلك في بحثه ،منهجاً رئيساً وهو (المنهج
التحليلي) ،وذلك أثناء تحليل النصوص ،حتى يصل إلى هدفه من ناحية ،ومن
ناحية أخرى تركيب ما يتوصل إليه من عناصر في نسق متكامل يبرز المعالم
المنهجية المحددة.
ولقد استخدم الباحث أيض ًا (المنهج المقارن) أثناء عقد المقارنات
المتعددة بين مفهوم الحقيقة عند ابن عربي وغيره ،وكذلك استخدمت
(المنهج النقدي) ،الذي يتم عرض أوجه النقد من خالله ،وبخاصة التي
ُوجهت للفكرة وألصحابها أي ًا كان منهجهم وموقعهم ،وخطوات البحث
ستكون على النحو اآلتي:
-1االعتماد في هذا البحث على المراجع الرئيسة للبحث ،إلى جانب
بعض المراجع والمصادر األخرى التي تتعلق ببحث القضية المراد
تناولها.
-2كان الباحث أثناء عرضه المسألة المراد دراستها ،يبدأ بعرض الفكرة
كما تناولها أصحابها ،من مصادرهم األساسية الخاصة بهم ما أمكنه
ذلك ،ثم بعد ذلك يتم عرض الفكرة بموضوعية ،وكذا تبيان الموقف
السليم من المسألة.
-3سار الباحث في دراسته مع الدليل أين وجد؛ ألن منهجية البحث
العلمي ،تفرض علي الباحث السير في ضوء المنهج العقلي الرصين.
-4أثناء عرض المسألة التزمت بوضع تصور عام لكل مسألة ،دون
الدخول في نقاش تحليلي صرف ،وأخذ ورد ،وإبراز الرؤية السليمة
للمسألة ،وفي النهاية يكون التعقيب على ما ُذ ِكر في شكل تأمالت
ورأي ونتيجة للمسألة المراد بحثها ،أو للقضية التي تفرعت عنها ،أو
ترتبت عليها.
تبويب البحث:
حوى هذا البحث على مقدمة ،وتمهيد ،ومبحثين ،وخاتمة ،على هذا
النحو:
المقدمة :فقد تضمنت إشكالية الدراسة ،وأهمية الموضوع ،والبواعث
على اختياره ،وأهداف البحث ،والدراسات السابقة ،وتبويب البحث ،ومنهج
الباحث.
والتمهيد :بعنوان :تعدد الرؤى حول مفهوم الحقيقة مطلقاً.
أما المبحث األول :فقد تناولت فيه :طرق إدراك الحقيقة عند ابن عربي،
واشتمل على أربعة مطالب :المطلب األول :أقسام الحقيقة ،والمطلب الثاني:
تأمالت حول مفهوم الحقيقة ،والمطلب الثالث :طرق إدراك الحقيقة،
والمطلب الرابع :نقد طرق إدراك الحقيقة.
والمبحث الثاني :قد اشتمل على النتائج المترتبة على مفهوم الحقيقة
عند ابن عربي ،وختم برأي ونتيجة.
أما الخاتمة :فقد اشتملت على أهم النتائج التي توصل الباحث إليها
من خالل الدراسة ،وأتبعت ذلك بثبت المصادر والمراجع.
h
جملة كلية الدراسات اإلسالمية بنني بأسوان 1496
العقيدة والفلسفة
التمهيد
مفهوم احلقيقة يف اللغة ويف االصطالح
تعد الحقيقة من المفاهيم التي ليس من السهل ضبطها ،نظر ًا لتنوع
المواقف حولها ،وبخاصة أن اإلنسان مجبول على المعرفة والبحث عن
الحقيقة ،وبالرغم من ذلك؛ فليس من السهل ألي باحث في أي مجال من
المجاالت ،تعريف الحقيقة تعريفاً جامعاً مانعاً؛ نظراً الختالف وجهات النظر
في معناها ،فضالً عن اختالف الثقافات حول هذا المفهوم ،و ُيعد هذا
الموضوع من أهم الموضوعات التي أثارها المفكرون قديماً وحديثاً ،فيما
يتعلق بطبيعة الحقيقة وقيمتها وأهدافها تارة ،وما يتعلق بطرق إدراكها تارة
أخرى ،وبالتالي انقسم المفكرون حولها؛ فمنهم من ذهب إلى اعتبارها
مطلقة ،ومنهم من ذهب إلى أنها ثابتة ،ومنهم من ذهب إلى نقيض ذلك ،ومن
هذا المنطلق يكون البحث عن الحقيقة ،وبالتالي يجب الوقوف حول هذا
المفهوم وقفة تأمل عميقة.
الحقيقة في اللغة :اسم لما أريد به ما ُوضع لهَ ،فعيلة من الحق ،وهو
الثابت الالزم ،نقيض الباطل ،يقول (ابن فارس) (ت395هـ) " :الحاء والقاف
أصل واحد ،وهو يدل على إحكام الشيء وصحته؛ فالحق نقيض الباطل ،ثم
يرجع كل فرع إليه بجودة االستخراج(.)1
وي قال حقيقة الشيء :أي ذاته الثابتة الالزمة بمعنى فاعل أو مفعول،
ُ
والتاء لنقل االسم من الوصفية إلى اإلسمية؛ فإذا كانت بمعنى اسم الفاعل؛
فمعناها الثابتة في مكانها الذي وضعت له ،وإذا كانت بمعنى اسم المفعول
فيكون معناها :المثبتة في محلها ولم تنقل عنه(.)1
وعليه فتدور مادة هذه الكلمة حول الصدق ،والقطع ،وإحكام الشيء
وصحته ،والوجوب والثبوت ،ومنتهى الشيء وأصله المشتمل عليه،
آد َم َل ْن
والرصانة ،واليقين ،وعن الحسن البصري (ت110هـ) أنه قالْ ":اب َن َ
يكَ ،ح َّتى اس ب َِع ْيب ُه َو ِف َ ِ ان ِفي َق ْلب َ ُت ِصيب ح ِقي َق َة ْاإلِيم ِ
الن َ
يب َّ
ِك َح َّتى َال َتع َ َ َ َ
آخر، ب ،ف ِإذا فعلت ذ ِلك لم تص ِلح عيبا إِال وجدت َت ْب َدأَ ِبإ ِْص َال ِح َذ ِل َك ا ْل َع ْي ِ
َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ ْ َ ْ ً َّ َ َ ْ َ َ َ
ان ُشغُلُ َك ِفي َخاص ِة بد ِن َك ،و َخير ِعب ِاد ِ ت َذ ِل َك َك َ
اهلل َم ْن َكا َن
َ ُْ َ َّ َ َ َف ِإ َذا َف َع ْل َ
َك َذ ِل َك"(.)2
()3
له بحسب وفي االصطالح :هي الكلمة المستعملة فيما ُوضعت
اصطالح التخاطب"(.)4
وهذا التعريف َيعم الحقيقة اللغوية ،والشرعية ،والعرفية ،واحترز به عن
استعمل فيما وضع له في اصطالح آخر غير اصطالح
ُ المجاز الذي
═
الصوفية ص ،)82وظهور األسماء في الحقيقة ظهور الذات؛ ألنها أي األسماء أمور
عدمية ، ،والظهور وجودي ،وبطون الذات هو عين ظهور األسماء ( جيع األسفار ص
،) 44وأسماء اهلل تعالى ليست هي اهلل ،وال غيره ،كما قالوا في الصفات ،وقال بعضهم،
أسماء اهلل هي اهلل ( التعرف لمذهب أهل التصوف ص ،)17واألسماء الذاتية هي التي ال
يتوقف وجودها على وجود الغير ،وإن توقف على اعتباره وتعلقه كالعليم القدير وغير
ذلك ،وتسمى األسماء األولية ومفاتيح الغيب وأئمة األسماء (اصطالحات الصوفية ص
،) 28واألسماء الفعلية عدوها من مراتب الوجود وهي حضرة األسماء الفعلية ،وتنقسم
إلى قسمين :قسم هي األسماء الفعلية الجاللية كاسمه المميت الضار المنتقم ،وقسم
هي األسماء الفعلية الجمالية كالمحيي الرازق (..مراتب الوجود ص )18
( )1ينظر :معجم مصطلحات الصوفية ص ،82والتوقيف على مهمات التعاريف ص 144
( )2ينظر :معجم مصطلحات الصوفية ص ،76التوقيف على مهمات التعاريف ص 146
املبحث األول
طرق إدراك احلقيقة عند ابن عربي
املطلب األول
()1
أقسام احلقيقة
( )1للحقيقة أقسام ،قال ابن عربي في الفتوحات " :الحقائق فعلى أربعة :حقائق ترجع إلى
الذات المقدسة ،وحقائق ترجع إلى الصفات المنزهة وهي النسب ،وحقائق ترجع إلى
المعقوالت وهي األكوان والمكونات ،وهذه الحقائق الكونية على ثالث مراتب ،علوية
وهي المعقوالت ،وسفلية وهي المحسوسات ،وبرزخية وهي المخيالت"( الفتوحات
،)29/1وقال المولوي الجامي في شرح الفصوص (شرح الجامي على فصوص الحكم
ص " :) 55اعلم أن الحقائق ثالث :حقيقة مطلقة فعالة واحدة عالية واجبة وجودها
بذاتها ،وهي حقيقة اهلل تعالى ،الثانية :حقيقة مقيدة منفعلة سافلة قابلة للوجود من
الحقيقة ا لواجبة بالفيض والتجلي وهي حقيقة العالم ،الثالثة :أحدية جامعة بين اإلطالق
والتقييد والفعل واالنفعال والتأثير والتأثر؛ فهي مطلقة من وجه ،ومقيدة من آخر فعالة
من جهة منفعلة من جهة أخرى" ،و إذا تأملنا هذه األقسام الثالثة بصفة عامة ،تبين أن
التقسيم له عالقة وطيدة بمفهوم الحقيقة ،وطرق إدراكها ،وهذا يظهر جليا عند التعليق
على هذه األقسام على هذا النحو :يقول الشيخ الجامي عن الحقيقة المطلقة" :هي
الحقيقة الفاعلة اإللهية فاعلة بباطنها الصور األسمائية ،وظاهرها الذي هو الطبيعة الكلية
تفعل ما عداها من الصور ،فالحقيقة اإللهية أصل جميع الصور والطبيعة الكلية التي هي
مظهرها أصل صورة العالم كله"( شرح الجامي على فصوص الحكم ص ،)55ويقول
الشيخ الجامي عن هذه الحقيقة األحدية " :وهذه الحقيقة أحدية جمع الحقيقتين ،ولها
مرتبة األولية الكبرى واآلخرية العظمى ،وذلك ألن الحقيقة الفعالة المطلقة في مقابل
الحقيقة المنفعلة المقيدة ،وكل مفترقين فال بد لهما من أصل هما فيه واحد مجمل ،وهو
═
تختلف وجهات النظر حول مفهوم الحقيقة عند الصوفية عامة ،وذلك
تبع ًا لتنوع وتعدد التجارب واألذواق ،وبالتالي لكل وجهة في تبيان ُكنه
الحقيقة وماهيتها ،وطرق إدراكها ،لكنهم في النهاية يقررون أنهم يلتقون عند
نقطة واحدة هي التوحيد والتنزيه ،والصدق في اإليمان ،وبلوغ درجة
اإلحسان ،وكمال المراقبة والمداومة على النظر في أفعال اهلل تعالى ،وهذه
المعاني تجدها عند الصوفية األوائل الذين خلت أفكارهم من الغلو والشطط
واالنحراف عن منهج الحق.
الحقيقة عند محي الدين ابن عربي (ت 638هـ) تتعدد االتجاهات
الموضحة لهذه المفاهيم عند الصوفية األوائل ،منها ظهور ذات الحق من غير
حجاب التعينات ،ومحو الكثرات الموهومة في نور الذات ،وذلك من خالل
سلب آثار أوصافك عنك بأوصافه ،بأنه الفاعل بك فيك منك ال أنت ،وهذه
بعض التعريفات التي أوردها ابن عربي عن مفهوم الحقيقة ،وفق مذهبه.
يقول ابن عربي (ت 638هـ) ":الحقيقة سلب آثار أوصافك عنك
اصي ِت َها
آخذ بِن ِ
بأوصافه بأنه الفاعل بك فيك منك ال أنت ﴿ ما ِمن دابة إ َِّال هو ِ
َ َ َُ َ ْ َ َّ
إ َِّن َر ّبِي َع َلى ِصراط ُم ْس َت ِقيم ﴾[هود .)1("]56 :
َ
═
فيهما متعدد مفصل؛ إذ الواحد أصل العدد ،والعدد تفصيل الواحد ،وظاهرية هذه
الحقيقة هي الطبيعة الكلية الفعالة من وجه ،والمنفعلة من آخر" ،ثم يبين وظيفة الحقائق
الثالث قائالً " :وكل واحدة من هذه الحقائق الثالث حقيقة الحقائق التي تحتها " (شرح
الجامي على فصوص الحكم ص .)55
( )1الفتوحات المكية 34/2
( )1شرح السنة من حديث أنس بن مالك ،22/5معاني األخبار للكالباذي (ت348هـ)
.380/1
( )2شرح مشاهد األسرار القدسية ومطالع األنوار اإللهية ص 329
( )3الفتوحات المكية 563/2
إن مفهوم الحقيقة بهذا المعنى يشير إلى أن الحقيقة واقع الوجود ،وعين
الشريعة عين الحقيقة ،وهنا يخيل ابن عربي (ت 638هـ) أن الكالم في
العالقة بين الحقيقة والشريعة ،والنص يخالف ذلك تماماً ،فالصوفية الذين هم
على شاكلته يفرقون بين الحقيقة والشريعة ،بيد أنه في الكالم السابق يقرر أن
الشريعة عين الحقيقة من حيث إنها وجبت بأمره ،والحقيقة عين الشريعة من
حيث إنها مكلف بها من قبل الشريعة( ،)1ويقول ابن عربي (ت 638هـ) " :من
فهم حقائق اإلضافات عرف ما ذكرنا له من اإلشارات فليعلم أن قطبه( )2ال
يقوم بغير عمد كما ال يكون والد من غير أن يكون ولد ،)3("....فالعمد هو
المعنى الماسك؛ فإن لم ترد أن يكون اإلنسان فاجعله قدرة المالك فتبين أنه
ال بد من ماسك يمسكها وهي مملكة فال بد لها من مالك يملكها.
ويقول في موضع آخر " :ثم أنشأ سبحانه الحقائق على عدد أسماء حقه(،)4
وأظهر مالئكة التسخير على عدد الخلق؛ فجعل لكل حقيقة اسماً من أسمائه
تعالى ،تعبده وتعلمه ،وجعل لكل سر حقيقة ملك ًا يخدمه ويلزمه ،ومن
الحقائق من حجيته رؤية نفسه عن اسمه"(.)1
وقال الحقيقة :هي الوجود المطلق( )2الذي يسمى عين الطمس والعمى؛
فال نسبة فيه ،وال توهم ،وال تعقل ،وال أين ،وال كيف ،وال رسم ،وال وهم،
قد انعدمت النسب كلها(.)3
وهنا ّعبر ابن عربي بـــــ )الوجود المطلق) ،ويقصد به وحدة الوجود.
يقول عالء الدولة السمناني(( )4ت637هـ) " :إن ما قصده الشيخ هو
الفرض األخير ،لهذا اعترض عليه بذلك ،فبينما كان ابن عربي يقول في
الفتوحات" :إن الوجود المطلق هو الحق المنعوت بكل نعت ،وال شك أن
الوجود المطلق المنعوت بكل نعت هو الوجود االنبساطي ،أعني الحقيقة ال
بشرط شيء ،وال يمكن حمله على المرتبة األولى ،أعني الحقيقة بشرط ال
شيء ،ألنه في هذه المرتبة ال اسم ،وال رسم ،وال نعت ،وال صفة ،كما
عرفت ،فكيف يكون الوجود في هذه المرتبة منعوت ًا بكل نعت؟".
و ع ّقب عليه السمناني (ت637هـ) بقوله" :إن الوجود الحق هو الخالق
تعالى ال الوجود المطلق وال المقيد" ،وقد استخدم هذا األسلوب في كل مرة
يعبر فيها ابن عربي عن الحق بالوجود المطلق ،أو أنه عين كل شيء()1؛ حتى
ّ
إن السمناني ع ّقب على قول ابن عربي (ت 638هـ) في (الفتوحات المكية)
بقوله" :سبحان من أظهر األشياء وهو عينها" ،فقال ":يا شيخ إنك ال تستحي
من الحق ،يا شيخ لو قيل أن فضلة الشيخ عين وجود الشيخ ال تسامحه؛ بل
تغضب عليه ،فكيف يجوز لك أن تنسب هذا الهذيان إلى الملك الديان؟ ُت ْب
إلى اهلل تعالى لتنجو من هذه الورطة الوعرة التي يستنكف عنها الطبيعيون
والدهريون(.)2
وقد تطلق الشريعة عندهم على كل ما يتوصل به إلى الشيء ،أو يكون
سبب ًا في إدراكه( ،)1يقول ابن عجيبة (ت 1809م) في إيضاح هذا المعنى" :أي
فإن كنت من العارفين المحققين فانضح بر شريعتك ببحر حقيقتك ،بحيث
ترش على شريعتك من بحر حقيقتك ،حتى تغمرها وتغطيها؛ فتصير الشريعة
عين الحقيقة ،والحقيقة عين الشريعة؛ حتى يصير عملك كله باهلل"(.)2
إن تعريفات الحقيقة السالفة عند ابن عربي(ت 638هـ) ،ومن سلك
مسلكه تجعل الباحث يزيد في إيضاح نظرته إلى الوجود ،وبخاصة أن فلسفة
الوجود عنده تشبه إلى حد كبير مذهب الذرة اليوناني( ،)3لكن استخدامه لها
بطريقة تخالف الفكر اليوناني؛ حيث إنه يطبقه على العالم الحسي والمعنوي
واإللهي ،ويستخدم كلمة الحقيقة بديلة عن كلمة الذرة ،وهنا تبرز الدكتورة/
سعاد الحكيم ،نظرة ابن عربي(ت 638هـ) إلى الوجود على النحو اآلتي:
األول :أن لكل صفة مفردة في الكون متميزة جزء ال يتجزأ هي حقيقة
كما يسميها أيض ًا حرف ًا ،الثاني :إذا جمعت عدة حقائق مفردة وركبت بشكل
خاص أعطى مفهوماً جديداً يسميه أيضاً حقيقة أو كلمة ،مثالً الحقيقة
اإلنسانية التي تتألف من عدة حقائق مفردة متميزة ،الثالث :الحقائق التي
ركبت في الفقرة السابقة من "الحقائق المفردة" تصنف على أساس جديد
بإرجاعها إلى أصلين في الواقع هما وجها الحقيقة الكبرى الواحدة :حق
( )1المحو :ذهاب الشيء إذا لم يبق له أثر ،وإذا بقي له أثر فيكون طمس (اللمع ص ،)14
والمحو رفع أوصاف العادة ،واإلثبات إقامة أحكام العبادة (الرسالة القشيرية ص .)42
( )2شرح التجريد ص 43
( )3شرح األنفاس الروحانية ص 233
( )4التوحيد عندهم :هو اليقين ،واليقين معرفته أن حركات الخلق وسكونهم فعل اهلل ال
شريك لهفي فعاله (شطحات الصوفية ص ،)129وهو صفة الموحد ال صفة الموحد.
( )5اللمع ص ،411معجم مقاليد العلوم للسيوطي ص 43
( )6شطحات الصوفية ص .129
( )7رشح الزالل ص 89
االتجاه بمعنى يغاير تماماً المعنى عند ابن عربي(ت 638هـ) ،منها ما روي
عن أبي الحسين النوري (ت295هـ) أنه قال " :أعز األشياء في زماننا شيئان؛
عالم يعمل بعلمه ،وعارف ينطق عن حقيقته"( ،)1وعن رويم البغدادي(303هـ)
أنه قال " :قعودك مع كل طبقة من الناس أسلم من قعودك مع الصوفية؛ فإن
كل الخلق قعدوا على الرسوم ،وقعدت هذه الطائفة على الحقائق ،وطالب
الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع ،وطالبوا أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة
الصدق؛ فمن قعد معهم وخالفهم في شيء مما يتحققون فيه نزع اهلل نور
اإليمان من قلبه"(.)2
وروى أن أبا بكر األبهري (ت 330هـ) عندما سئل عن الحقيقة؛ قال:
الحقيقة كلها علم ،وسئل عن العلم فقال :العلم كله حقيقة( ،)3وذكر
الطوسي(ت387هـ) أن الحقيقة ":وقوف القلب بدوام االنتصاب بين يدي من
آمن به ،فلو داخل القلوب شك أو مخيلة ،فيما آمنت به حتى ال تكون به
واقفة وبين يديه منتصبة لبطل اإليمان ،وهذا لما روي َع ِن ا ْل َحارِ ِث بن َم ِالك
ول َّ ِاألَ ْنصارِ ِي ،أَ َّنه مر بِرس ِ
ت َيا اهلل َ ،ف َق َال َل ُهَ " :ك ْي َف أَ ْص َب ْح َ ُ َ َّ َ ُ َ ّ
ول؟ َفإ َِّن ِل ُك ّ ِل َشيء ت ُم ْؤ ِم ًنا َح ًّقاَ ،ف َق َال " :ا ْنظُ ْر َما َت ُق ُ ث؟ " َق َال :أَ ْص َب ْح ُ َحارِ ُ
ْ
ت ِيم ِان َك؟ " َف َق َالَ :ق ْد َع َز َف ْت َن ْف ِسي َع ِن ُّ
الد ْن َياَ ،وأَ ْس َه ْر ُ ِ
َحقي َق ًةَ ،ف َما َحقي َق ُة إ َ
ِ
ِل َذ ِل َك ِلي ِليَ ،وا ْط َمأَ َّن َن َهارِ يَ ،و َكأَ ِنّي أَ ْنظُر ِإ َلى َعر ِش َر ّبِي َبارِ ًزاَ ،و َكأَ ِنّي أَ ْنظُر
ُ ْ ُ َ
ِ ِ ِ ِ
يهاَ ،ف َق َال: يهاَ ،و َكأَ ّني أَ ْنظُ ُر ِإ َلى أَ ْه ِل َّ
النارِ َي َت َضا َغ ْو َن ف َ ون ف َِإ َلى أَ ْه ِل ا ْل َج َّنة َي َت َز َاو ُر َ
( )1أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث حارثة ،الباب ،430/3 ،1والبيهقي في
شعب اإليمان ،باب الزهد وقصر األمل.432/13
( )2الرسالة القشيرية 261/1
( )3كشف المحجوب ص 466
( )4الحق في اللغة :يدل على إحكام الشيء وصحته ،والحق نقيض الباطل (ينظر :معجم
مقاييس اللغة /حق) وفي االصطالح :هو الصدق والوجوب ،وقيل الحق بمعنى ما وجب
للشيء بعين االستحقاق ،وهو في اصطالحهم :الحق هو الذات.
( )5اصطالحات الصوفية ص 28
عليه علم الباطن ،وعلم الحقيقة ،والعلم ال ّل ُدنّي ،وعلم المكاشفة ،وعلم
َ َ َ َ
الموهبة ،وعلم القلوب ،وعلم المعارف ،وعلم اإلشارة ،وعلم األسرار
َ َ َ َ
()1
بوعلم الوراثة ،وال ُّل ّ اإللهية ،والعلم المكنون،
َ َ ّ
وأهل
ُ الحقائق، وعلماء
ُ أهل الحقيقة،وأه ُله في اصطالحهم هم ُ
الر ُسل إلى غير وو َر َث ُة ِ
ُّ صحاب الهِ َبةَ ،
ُ والحكماء ،وأ
ُ والخاص ُة،
ّ العرفان،
ذلك"(.)2
()3
"الكالم في داره
وم ُ
وفية" َ ، وهذا العلم "هو العلم الذي تفردت به الص
ُ ُّ ّ ّ ُ
()5 ()4
للخواص واألفراد فقط ،
ّ إال
ّ ى يتأت
ّ ال أنه زعموا وقد ، التوحيد"
علم أسرار ّ
الحكمة"( ،)6وأنه "حيث انتهت درج ُة العلماء الخدمة وثمرة ِ وأنه "نتيج ُة ِ
بأحكام اهلل ابتدأت درج ُة العلماء باهلل ،فنهاية علماء الظّاهر بداي ُة علماء
ظني ،وعلم أهل الباطن َعياني ذوقي، الباطن؛ أل ّن علم أهل الظاهر ُج ُّل ُه ّ
ّ ٌّ َ
وليس الخبر كالعيان"(.)7
هذه وجهة نظر الفريقين فيما عرف عن الحقيقة ،وتبين قصور وانحراف
وجهة النظر األولى عن الحق ،واعتدال وجهة النظر الثانية فيما أدلوا به عن
الحقيقة ،وما قد يترتب على آراء أصحاب االتجاه األول من مضامين مخالفة
تمام ًا لمعتقدات أهل السنة والجماعة.
h
املطلب الثاني
تأمالت حول مفهوم احلقيقة عند ابن عربي (ت 638هـ)
من المالحظ أن مفهوم الحقيقة عند الصوفية عامة وعند ابن عربي
خاصة لم يقف عند حد معين من الفهم واإلدراك المتفق عليه فيما بينهم؛ بل
كان لكل وجهة حيال هذا المفهوم ،من خالل وسيلة إدراك معينة ،تخص
صاحب المفهوم ،وبتأمل المفاهيم الخاصة بالحقيقة ،يستطيع الباحث تسجيل
التأمالت والرؤى حول هذا الفهم من خالل وجهة نظر أصحابها على النحو
اآلتي:
أوالً :تعدد المفاهيم والرؤى حول ماهية الحقيقة عند ابن عربي
(ت638هـ) :وهذا ما جعل المصطلح يأخذ العديد من المناحي المتعددة،
واالتجاهات المختلفة؛ فبعضهم يرى أن الحقيقة كل ما عدا عالم الملكوت،
وهو عالم الجبروت؛ ألن الملكوت عندهم عبارة :من فوق العرش إلى تحت
الثرى ،وما بين ذلك من األجسام والمعاني واألعراض والجبروت ما عدا
الملكوت.
والبعض اآلخر اتجه بالحقيقة نحو التوحيد ،في حين يرى أحدهم أنها
مشاهدة الربوبية ،وهناك من يرى أن الحقيقة عبارة عن صفات اهلل تعالى،
والحق ذات اهلل تعالى ،ومنهم من يرى أنها الوجود المطلق ،ومنهم من يرى
أنها فيوضات وتجليات.
بيد أن ابن عربي (ت 638هـ) ،ومن سلك مسلكه يرون أن الحقيقة هي
الماهية والذات ،وأن الحقائق ال تتغير وال تتبدل ،وليس بين حقائق العالم
مفاضلة؛ فيقال هذا أشرف من هذا من جهة الحقائق والذوات ..وذلك أن كل
حقيقة في العالم مربوطة بحقيقته اإللهية(.)1
يقول ابن عربي (ت 638هـ) " :فما في الوجود كله حقيقة ...ومنك
إليها ،ومنها إليك رقيقة؛ فعدد الرقائق على عدد الحقائق"( ،)2فما ثمة إال
حقيقة واحدة تقبل جميع هذه النسب واإلضافات التي يُكنى عنها باألسماء
اإللهية ،والحقيقة تعطي أن يكون لكل اسم يظهر إلى ما ال يتناهى ،حقيقة
يتميز بها عن اسم آخر ،تلك الحقيقة التي يتميز بها االسم عينه ،ال ما يقع فيه
االشتراك(.)3
يستنتج من هذا أن الحقيقة عند ابن عربي (ت 638هـ) هي نفسها عند
الفالسفة ،يقول ابن عربي (ت 638هـ) " :إن الحقيقة هي ما هو عليه الوجود
بما فيه من الخالف والتماثل ،"...وأمر آخر أن الحقائق ال تنقلب ،وال
()4
تتبدل ،وال تتفاضل فيما بينها ،وهي أصل ومبدأ التمييز
()5
والحقيقة لكنهم في حقيقة األمر أي (الصوفية) يفرقون بين الطريقة
والشريعة( ،)6يقول ابن عربي (ت 638هـ) " :يدعون جماعة أنهم من أهل
الطريقة المثلى ،إن أهل المغرب أهل حقيقة ال طريقة ،وهم أهل طريقة ال
حقيقة ،وكفى بهذا الكالم فساد ًا؛ إذ ال وصول إلى حقيقة إال بعد تحصيل
الطريقة ،وقد قال أبو سليمان الدارني(ت235هـ) :إنما حرموا الوصول إلى
الحقيقة بتضييعهم األصول وهي الطريقة"(.)1
وهنا أمر جدير باالهتمام ،وهو نظرة ابن عربي (ت 638هـ) للوجود،
التي ترى أ ن الوجود حقيقة واحدة ،لها وجهان ،حق وخلق ،وهما متداخالن؛
فال يشهد حق إال في خلق ،وال يقوم خلق إال في حق ،يقول ابن عربي (ت
638هـ):
"فلوال شهود الخلق بالحق لم يكن ،ولوال شهود الحق بالخلق لم تكن،
فمن قال كن فهو الذي قد شهدته ،وما ثم إال من يكون بقول كن"(.)2
والحقيقة الكلية عنده هي حقيقة الحقائق ،وهي "الذات األحدية
الجامعة لجميع الحقائق ،وتسمى حضرة الجمع ،وحضرة الوجود"( ،)3وقيل:
هي عبارة عن حقيقة معقولة تجمع في ذاتها جميع ماهيات الحق والخلق
═
فعل للعبد ،والحقيقة هي حفظ اهلل وعصمته جل جالله للعبد ( كشف المحجوب
للهجويري ،) 627/2وقيل :هي عبارة عن األمر بالتزام العبودية ،وقيل :هي السنة
الظاهرة التي جاءت بها الرسل عن أمر اهلل ،والسنن التي ابتدعت على طريق القربة إلى
اهلل ( التعريفات البن عربي ص ،13الفتوحات المكية .)562/2
( )1روح القدس ص 21
( )2الفتوحات المكية 502/3
( )3اصطالحات الصوفية ص ،59جامع األصول ص 81
المعقولة؛ فهي مجموع ماهيات الحضرتين اإللهية والكونية وهي بذلك أصل
العالم.
ويبدو أنهم يعنون بها ":باطن الوحدة ،وهو التعين األول الذي هو أول
رتب الذات األقدس ،وذلك لكليته وكونه أصالً جامع ًا لكل اعتبار وتعين،
باطن ًا لكل حقيقة إلهية وكونية ،وأصالً انتشى عنه كل ذلك ،وقد يقال في
تفسير حقيقة الحقائق أن ذلك هو اعتبار الذات الموصوف بالوحدة حلت
عظمته من حيث وحدتها وإحاطتها وجمعيتها لألسماء والحقائق ،وتسمى
أيضاً مرتبة الجمع والوجود وحضرة الجمع والوجود ،وفي التحقيق األوضح
أن حقيقة الحقائق هي :الرتبة اإلنسانية الكمالية اإللهية الجامعة لسائر الرتب
كلها وهي المسماة بحضرة أحدية الجمع ومقام الجمع ...وهي أول مرتبة
تعينت في غيب ذات اهلل تعالى"(.)1
ثانياً :جناية المصطلحات :ينتج عن تعدد المفاهيم والرؤى إشكالية
مهمة ،والتي من الممكن تسميتها بجناية المصطلحات وغموضها وتعقيدها،
حيث إن المصطلحات والتعريفات الصوفية تتعدد وتتشتت عن الحق الداللي
للغة أحيان ًا ،واألحالم التي يتحدث عنها رجالهم رموز لها دالالت وأبعاد،
يقول رفيق العجم:
"ولعل الكرامة والتعريف والشطح والسلوك الخاص بهم جميعهاً،
أوليات دفاعية ال واعية يتخذها الفرد حفاظ ًا على توازنه النفسي وتخفيف ًا
للقلق الذي يعاني منه ،وهي ضرورة توازنية في الشخصية ،حيث تقابل
فضالً عن ذلك فإن نصوصه شديدة التعقيد ،بحيث ال تعنوا كثيرا للفهم
ً
مركب من عناصر الصافي ،في بعض األحيان على األقل ،و منهجه الكثيف َّ
بتاتا ،شأنه في
التباين والتنوع؛ إذ إن الرجل ينبع من ينابيع ال ُتحصى ً
ُ شديدة
كل مفكر ،فهو يصدر عن الفلسفة اليونانية ،والسيما الرواقيةذلك شأن ّ ِ
والمشائية؛ كما يصدر عن الموروث الصوفي وتراث المتك ِّلمين ،مثلما يستفيد
َّ
من التراث العربي جملة ،والسيما إخوان الصفا ،وفلسفة المعتزلة؛ وكذلك
من الشعر العربي الذي بلغ أوج النضج قبل والدة ابن عربي بكثير ،وبسبب
غنيا بالمحتويات والرموز
باين أصنافها ،فقد جاء مذهبه ًّ
وت ُ
من كثرة الينابيع َ
واألفكار الشديدة التنوع(.)3
أفرد ُتها على التعيين ،لما فيها من الغموض ،لكن جئت بها الخالصة ،فما ْ
مبددة في أبواب هذا الكتاب ،مستوفاة ،مبينة ،لكنها كما ذكرنا متفرقة ،فمن َّ
َّ
َر َز َقه اهلل الفهم فيها ،يعرف أمرها ،ويميِزها من غيرها؛ فإنها العلم الحق،
ّ َ
ِ
والقول الصدق ،وليس وراءها مرمى ،ويستوي فيها البصير واألعمىُ ،تلح ُق
األباعد باألداني ،وتلحم األسافل باألعالي"(.)1
فلم يفهم منه شيئ ًا ألنه لم يكن له علم بمصطلحات القوم ومدلوالت
كلماتهم ،وفي مثل ذلك قال من قال:
أمااااا الخياااااام فمنهاااااا خياااااامهم ** وأرى نساااااق القااااوم هياااار نسااااائها
ثالثاً :إشكالية أخرى مفادها صعوبة تطبيق المفاهيم :يصعب على كافة
طوائف الناس؛ فهم الكلمات واأللفاظ على مدلوالتها األصلية ،حيث إنها لم
توضع إال لنوع معين وقسم خاص من المفاهيم والمقاصد الغير المتبادر إليها
ّ
الذهن ،ولكل قوم ما اصطلحوا عليه ،فال يدرك أبعادها ،وال يفهم مطالبها إال
من كان له معرفة وإلمام ،وعلم وإدراك بمصطلحات القوم ،وما أصدق ما
قاله السمعاني في هذا الصدد كما ينقل عنه اإلمام الذهبي(ت478هـ) أنه قال:
"كان عبد القادر من أهل جيالن إمام الحنابلة وشيخهم في عصره ،فقيه صالح
دين خير ،كثير الذكر ،دائم الفكر ،سريع الدمعة ،تف ّقه على المخرمي،
ّ
ّ ّ
وصحب الشيخ حماداً الدباس ،وكان يسكن بباب األزج في مدرسة بنيت له،
مضيناً لزيارته ،فخرج وقعد بين أصحابه ،وختموا القرآن ،فألقى درساً ما
فهمت منه شيئاً ،وأعجب من ذا أن أصحابه قاموا وأعادوا الدرس ،فلعلهم
فهموا إللفهم كالمه وعبارته"(.)1
الحقيقة والشريعة ،أو بين علوم القلوب وعلوم الرسوم ،والقول بثنائية
الحقيقة والشريعة ،يقول السراج الطوسي في (اللمع) عن علم الباطن وعلم
الظاهر والفرق بينهما:
"أ ن علم الشريعة علم واحد ،وهو اسم واحد يجمع معنيين :الرواية
والدراية ،فإذا جمعتها فهو علم الشريعة الداعية إلى األعمال الظاهرة والباطنة.
. ..واألعمال الظاهرة كأعمال الجوارح الظاهرة ،وهي العبادات واألحكام
مثل الطهارة والصالة والزكاة والصوم والحج والجهاد وغير ذلك فهذه
العبادات ،وأما األحكام فالحدود والطالق والعتاق والبيوع والفرائض
والقصاص وغيرها فهذا كله على الجوارح الظاهرة . . .وأما األعمال الباطنة
فكأعمال القلوب ،وهي المقامات واألحوال مثل التصديق واإليمان واليقين
والص دق واإلخالص والمعرفة والمحبة والرضا والذكر والشكر . . .فإذا قلنا
علم الباطن أردنا بذلك علم أعمال الباطن التي هي على الجارحة الباطنة
وهي القلب ،كما أنا إذا قلنا علم الظاهر أشرنا إلى علم األعمال الظاهرة التي
هي على الجوارح الطاهرة"(.)1
وقال القشيري" :الشريعة أمر بالتزام العبودية ،والحقيقة مشاهدة
الربوبية ،فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير مقبول ،وكل حقيقة غير مقيدة
بالشريعة فغير محصول ،فالشريعة جاءت بتكليف الخلق ،والحقيقة إنباء عن
تصريف الحق ،فالشريعة أن تعبده ،والحقيقة أن تشهده ،والشريعة قيام بما
═
وشيخا للطريقة
ً عضوا في المجلس الصوفي األعلى،ً واجتاز مراحلها التعليمية ،وكان
عضوا في نقابة الصحفيين المصرية
ً أسسها سنة ( ،)1935كما كان
الفيضية الشاذلية التي ّ
(ينظر :األعالم للزركلي .)232/1
( )1جمهرة األولياء :المنوفي 195/1
( )2بنية العقل العربي :عابد الجابري ص 311و271
عن المتصوفة ،ويحاولون الرد عليه؛ ألنه ذاتان تنتفي إحداهما أو تندرج
اندراج الجزء ،فإن تلك مغايرة صريحة ال يقولون بذلك ،وهذا االتحاد هو
الحلول الذي تدعيه النصارى في المسيح ،وهو أغرب ألنه حلول
قديم في محدث أو اتحاد به ،وهو أيض ًا عين ما تقوله اإلمامية من الشيعة في
األئمة"(.)1
وقد دفعت الشطحات التي كان ينطق بها المتصوفة كثيراً من
المستشرقين ليربطوا التصوف اإلسالمي بمؤثرات خارجية هندوسية وبوذية
وزرادشتية ،مثل :شطحات أبي يزيد البسطامي(ت864م) الذي قال ":رفعني-
اهلل -مرة فأقامني بين يديه ،وقال لي يا أبا يزيد :إن خلقي يحبون أن يروك؛
فقلت :زيني بوحدانيتك ،وألبسني أنانيتك ،وارفعني إلى أحديتك ،حتى إذا
رآني خلقك قالوا :رأيناك ،فتكون أنت ذاك وال أكون أنا هناك" ،ومن ذلك
أيضا قوله ":أول ما صرت إلى وحدانيته فصرت إلى وحدانيته فصرت طيراً
جسمه من األحدية وجناحاه من الديمومة ،فلم أزل أطير في هواء الكيفية
عشر سنين حتى صرت إلى هواء مثل ذلك مائة ألف مرة؛ فلم أزل أطير إلى
أن صرت في ميدان األزلية فرأيت فيها شجرة أحدية ،ثم وصفت أرضها
وأصلها وفرعها وأعضاءها وثمارها...فنظرت فعلمت أن هذا كله خدعة"(.)2
فالحقيقة عند الصوفية" ليست الحقيقة الدينية ،وال الحقيقة الفلسفية،
" اعلموا أن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعد أمرهم على أصول صحيحة في
التوحيد ،وصانوا بها عقائدهم من البدع ودانوا بما وجدوا عليه السلف وأهل
السنة "
وقال عمرو بن نجيد(ت283هـ)" :كل وجد ال يشهد له الكتاب والسنة
فهو باطل"( ،)1وقال الجنيد(ت297هـ) " :من لم يقرأ القرآن ،ويكتب الحديث
ال يقتدى به في هذا الشأن؛ ألن علمنا مقيد بالكتاب والسنة" ،وقال ":الطرق
كلها مسدودة عن الخلق إال من اقتفى أثر الرسول .)2("
وقال أبو حمزة البغدادي(ت269هـ) " :ال دليل على الطريق إلى اهلل إال
بمتابعة الرسول في أحواله وأقواله وأفعاله"(.)3
هذه األقوال تدل على ما كان عليه أولئك الشيوخ وأوائل الصوفية ،ولكن
الذين جاءوا بعدهم أدخلوا أمور ًا على التصوف تخالف ما كان عليه أوائلهم.
h
( )1عزيز العظمة ابن تيمية ص 147
( )2محموعة الرسائل والمسائل 2/2
( )3مسلك األتقياء ومنهج األصفياء ص 130
املطلب الثالث
طرق إدراك احلقيقة
ال شك أن اختالف األذواق والرؤى حول مفهوم الحقيقة جعل من
وسائله شكالً آخر من أشكال التعدد والتنوع ،حيث إن طرق إدراك الحقيقة
أيضاً تقوم على أكثر من طريقة كالكشف ،واإللهام ،والتجرد ،والذوق،
والوجدان ،والتجلي ،والفيوضات.
النظر وإعمالتحصل بواسطة ّّ فطرق إدراك الحقيقة عند الصوفية ال
الشأن في بقية العلوم ،وإنما عن طريقالنصوص كما هو ّ الفكر في ظواهر ّ
ّ
الفيض اإللهي؛ فإ ّن خلف تلك الظّواهر بزعمهم معاني محجوبة هي "وراء
َ ّ
()1
النظَر العقلي" ال تراها ّإال عيو ُن البصائر ،و"العارفون ليس لهم آلة إلى فهم
َّ
()2
ّ
ربِهم أو غيره ّإال بالكشف وال ّذوق ،ال الفهم والفكر" ،ولهذا فإ ّن كالم ّ
والس ّنة الذي لم يكن يُعرف
الواحد منهم "يأتي بالفهم الجديد في الكتاب ُّ
ألحد قبله"(.)3
والمتأمل في مفهوم الحقيقة عند ابن عربي يجد أن طريق إدراك الحقيقة
عنده هو الذوق ،الذي عرفه بقوله ..." :هو أول مبادئ التجلي ،وهو حال
يفجأ العبد في قلبه ،فإن أقام نفسين فصاعدا ًكان شرباً "( ،)4وكذلك العلم
ِ
المكية .31 /1 ( )1الفتوحات
ّّ
الخواص 8؛ ص8
ّ الغواص على فتاوى سيدي علي
( )2درر ّ
( )3الطّبقات الكبرى16 /1
( )4الفتوحات المكية 432/1
الذي تلقاه علمه إنما جاءه عن طريق الذوق ،وفي هذا يقول" :ورزقنا من هذا
الفن ذوق النظرة"( ،)1وأن الذوق يتم في غير زمن ،وذلك ألن األرواح ،التي
تختص بهذا الضرب من المعرفة ،ال تتقيد بالمكان ،ويستدل على كالمه بما
روي عن معاذ بن جبل عن الرسول من أن "الحق ضربه بين
كتفيه أو في ظهره فوجد برد األنامل بين ثدييه أو في صدره فعلم علم األولين
واآلخرين "(.)2
الخ ْلوة وال ِ ّذكر،
":المتأهب إذا لزم َ
ّ ابن عربي (ت 638هـ) - ويقول ُ
اهلل
ربِه؛ حينئذ يمنحه ّ المحل من ِ
فقيرا ال شيء له عند باب ّ
ً
الفكر ،وقعد ّ وفرغ
ويعطيه من العلم به ،واألسرار اإللهية والمعارف الربانية"(.)3
تعالىُ ،
ّ ّ ّ
ويقول الشيخ الجامي (ت898هـ)" :قوابل العلم كله ال يعرفه عقل
بطريق نظر فكري...بل هذا النوع من اإلدراك والمعرفة ال يكون إال عن
كشف إلهي حاصل بالتوجيه واالفتقار التام ،وتفريغ القلب وتعريته بالكلية من
جميع التعلقات الملكوتية ،والعلوم والقوانين الرسمية منه ،أي من ذلك
الكشف اإللهي"(.)4
( )1المراد بذوق النظرة عنده :العلم المفاجئ الذي يشرق في الخيال فجأة
السنة ،ص
( )2أخرجه أحمد في مسنده ،243/5والترمذي في سننه ،وابن أبي عاصم في ُّ
،471-465وغيرهم؛ عن جمع من الصحابة ،قال الترمذي" :هذا حديث حسن صحيح،
سألت محمد بن إسماعيل -البخاري -عن هذا الحديث فقال :هذا حديث حسن
صحيح" ،وصححه ابن عربي في أحكام القرآن ،73/4وأحمد شـاكر واأللباني.
ِ
المكية .31 /1 ( )3الفتوحات
ّّ
( )4شرح الجامي على الفصوص ص 56
وعليه فابن عربي يعتمد طريق الذوق والكشف ال العقل ،وهذا ما صرح
به في غير موضع من كتبه ،ألن العقول أقرت بالعجز عن إدراك الحقائق،
وعجزها عن إدراك الحقيقة أحق في أصح المذاهب والطرائق ،فال طريق
لعقل ،وال وجه لفكر مفكر ،أن يتحكم على الذات اإللهي بإثبات أمر لها ،أو
سلب حكم عنها ،إال بإخباره عن نفسه؛ فإن الذات المطلقة غير منضبطة في
علم عقلي ،وال مدركة بفهم فكري(.)1
ومن أقواله التي تؤكد صحة ما ذهب إليه؛ ما ذكره في الباب السادس
والستين وثالثمائة من الفتوحات المكية بقوله" :جميع ما أتكلم به في
مجالسي وتآليفي ،إنما هو من حضرة القرآن العظيم ،فإني أعطيت مفاتيح
العلم ،فال أستمد قط في علم من العلوم إال منه كل ذلك ،حتى ال أخرج من
مجالسة الحق تعالى في مناجاته بكالمه ،أو بما تضمنه كالمه.
وقال في الباب السادس والستين وثالثمائة :جميع ما أكتبه في تصانيفي
ليس هو عن فكر وال روية ،وإنما هو عن نفث في روعي من ملك اإللهام،
وقال في الباب العاشر من الفتوحات :نحن بحمد اهلل ال نعتمد في جميع ما
نقوله ،إال على ما يلقيه اهلل تعالى في قلوبنا ،ال على ما تحتمله
األلفاظ......إلخ(.)2
()3
فالطريقة المثلى إلدراك الحقيقة كما سلف تكون عن طريق الكشف
( )1ينظر :شرح مؤيد الدين الجندي على فصوص الحكم ص 234
( )2ينظر :اليواقيت والجواهر 25-24/2
( )3الكشف :هو الفعل الذي يتم به االطالع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية
═
ال عن طريق النظر واالستدالل ،وطريق الكشف ال يتيسر لكل الناس ،ومن
ثم فطريق الحقيقة صعب وال ينال بسهولة ،يقول الحالج" :أفهام الخالئق ال
تتعلق بالحقيقة ،والحقيقة ال تليق بالخليقة ،الخواطر عالئق ،وعالئق الخالئق
ال تصل إلى الحقائق ،واإلدراك إلى علم الحقيقة صعب ،فكيف إلى حقيقة
الحقائق! ،وحق الحق وراء الحقيقة ،والحقيقة دون الحق"(.)1
ويقول أيضاً " :الحقيقة طرقها مضيقة ،فيها نيران شهيقة ،ودونها مفازة
عميقة ،الغريب سلكها يخبر عن قطع مقامات األربعين ،مثل مقام األدب
والصفاء والصدق ،واالنقياد ،والشهود ،والوجود ،والعدو ،والحضور،
والرياضة ،واالصطالم؛ فهذه مقامات أهل الصفاء والصفوية"(.)2
الشبلي(ت334هـ) بقوله" :الحقيقة ممتنعة عن أن تدرك
وهذا ما قرره ّ
بجهد واجتهاد ،وإنما هي مواهب يصل العبد إليها بإيصال الحق تعالى إياه ال
غير"(.)3
وبتأمل هذه الطرق نجد الكثير من الصوفية قد سلكوا هذا المسلك
وغيره؛ فيذكر صاحب (جامع كرامات األولياء) طريقة من طرق إدراك الحقيقة
قائالً" :الحقيقة هي مشاهدة أسرار الربوبية ،ولها طريقة ،هي عزائم
الشريعة( ، )4فمن سلك تلك الطريقة وصل إلى الحقيقة؛ فالحقيقة نهاية عزائم
═
الحقيقية وجود ًا وشهود ًا (التعريفات ص .)198
( )1الطواسين :ص 194
( )2المصدر السابق ص 195
( )3نشر المحاسن الغالية ص 77
( )4األخذ بعزائم الشريعة طريق يوصل إلى الحقيقة التي هي مشاهدة الربوبية وهذا ما يتميز
═
الشريعة ،ونهاية الشيء غير مخالف له؛ فالحقيقة غير مخالفة لعزائم
الشريعة"(.)1
ويوضح الغزالي (ت505هـ) طريقة أخرى من طرائق إدراك الحقيقة عند
الصوفية قائال " :الحقيقة المطلقة يتم تحصيلها عن طريق القلب واإللهام عند
الصوفية واألولياء واألصفياء ،ويتم تحصيلها عن طريق الوحي عند األنبياء،
وتكتسب عن طريق االستدالل واالستبصار عند العلماء.)2("...
يقول صاحبا مقدمة (المنقذ من الضالل) " :وبالرغم من أن الغزالي قد
اقتبس فكرة الكشف عن طريق الصوفية؛ فإنه امتاز عن غيره بجعلها مفتاح
العلوم ومصدر العقيدة الدينية"(.)3
قال الغزالي( :ت505هـ) " إن العلوم التي ليست ضرورية ،إنما تحصل
في القلب في بعض األحوال ،ويختلف الحال في حصولها؛ فتارة تهجم على
القلب كأنه ألقى فيه من حيث ال يدري ،وتارة تكتسب بطريق االستدالل
والتعلم؛ فالذي يحصل ال بطريق االكتساب يسمى إلهاماً ،والذي يحصل
باالستدالل يسمى اعتبار ًا واستبصار ًا"(.)4
وقال ابن عجيبة (ت 1224هـ) في وصف الحقيقة" :الحقيقة شهود
═
به الصوفية عن غيرهم (آداب المريدين ص ،)116وال شك أن هذا كالم مغلوط.
( )1جامع كرامات األولياء ص 154
( )2إحياء علوم الدين 25/3
( )3المنقذ من الضالل ،المقدمة ص 49
( )4إحياء علوم الدين 32/ 3
الحق ..وال تطاق إال بعد موت النفوس ،وحط الرؤوس ،وتصفية البواطن من
األغيار ،وتحليتها باألنوار؛ فمن اطلع عليها قبل ذلك ،خيف عليه التزندق؛
ألن الحقيقة ال تدرك بالعلم ،وإنما هي أذواق ووجدان ،"..ثم قال " :اطالع
المريد على الحقيقة قبل كمال الطريقة ،توجب له التقصير في األعمال،
والتفتر في الخدمة؛ فإن الحقيقة حلوة ،قد يشتغل بها ويهمل الشريعة ،ولذا
قيل من تصوف ولم يتشرع فقد تزندق؛ لتعريته الحقيقة عن الشريعة"(.)1
ونخلص من هذه المسألة إلى أن ابن عربي اعتمد طريق الذوق
والكشف ال العقل ،وهذا ما صرح به في غير موضع من كتبه ،ألن العقول
أقرت بالعجز عن إدراك الحقائق ،وعجزها عن إدراك الحقيقة أحق في أصح
المذاهب والطرائق ،فال طريق لعقل ،وال وجه لفكر مفكر ،أن يتحكم على
الذات اإللهي بإثبات أمر لها ،أو سلب حكم عنها ،إال بإخباره عن نفسه؛ فإن
الذات المطلقة غير منضبطة في علم عقلي ،وال مدركة بفهم فكري.
الشبلي والغزالي وابن عجيبة
وهذا مذهب الكثير من الصوفية أمثال ّ
وغيرهم.
h
( )1إيقاظ الهمم 138/2
املطلب الرابع
نقد طرق إدراك احلقيقة
المتأمل في طرق إدراك الحقيقة عند ابن عربي وغيره من الصوفية ،يقرر
للوهلة األولى تعدد وتنوع الطرق وذلك تبعاً لتنوع أذواق وتجارب أصحابها؛
ف منهم من صرح بوجود طريقة لإلدراك ،ومنهم من أشار إلى صعوبة إدراك
الحقيقة ،ومنهم من قيدها بقيود يصعب على البعض تحقيقها ،فالذوق،
والكشف ،واإللهام ،على سبيل المثال ال الحصر ،من الوسائل التي يصعب
تطبيقها وتحقيقها.
لذا " تعتقد الصوفية أن الذوق الفردي ،ال الشرع ،وال العقل هو وحده
وسيلة المعرفة ،ومصدرها ،لمعرفة اهلل وصفاته ،وما يجب له ،فهو أي الذوق
بالح ُس ِن وال ُقب ِح،
الش ِّريةُ ،
بالخ ْيرِ َّية أو َّ
قوم حقائق األشياء ،ويحكم عليها َ
الذي ُي ّ
ْ
بأنها حق أو باطل ،ال عجب في ذلك كله ما دامت تجعل الذوق ،الفردي
حاكم ًا وقيم ًا على المسميات وأسمائها؛ فيصنع للشيء معناه مرة ،ثم ينسخه
ّ
الح ِّدة في َت َوتّر التناقض. "...
()1 بنقيضه مرة أخرى ،هذه ِ
فضالً عن ذلك؛ فإنهم يرون أنهم يدركون اهلل سبحانه وتعالى إدراكاً
مباشراً ،مصحوباً بحالة وجدانية ،يصعب التعبير عنها باأللفاظ ،وهذا اإلدراك
المباشر يسمى عندهم بالكشف ،يقول ابن خلدون(ت1406م) ":إنه يعرض
ألصحاب المجاهدة ،وقد صفت نفوسهم من شوائب الحس؛ فيدركون به من
حقائق الوجود ما ال يدرك سواهم ،وبانكشاف حجاب الحس يتلقى الصوفي
االستدالل"(.)1
ويعقب ابن الجوزي(ت597هـ) على كالم القشيري قائالً " :من له أدنى
فهم يعرف أن هذا الكالم تخليط ،فإن من خرج عن النقل والعقل فليس
بمعدود في الناس ،وليس أحد من الخلق إال وهو مستدل "(.)2
وهنا ملحظ مهم للغاية مفاده أن :طرق إدراك الحقيقة عند الصوفية ذاتية
وظرفية ،تخص الشخص ،وتستمد كل صدقها من قراره واختياره ،وأمر آخر
أنه إذا كانت الحقيقة عبارة عن خاطر يخطر بالنفس بمناسبة ما؛ فإن العالقة
بينهما وبين المناسبة التي تثيرها ليست عالقة ضرورية ،وال حتى منتظمة(.)3
فضالً عن ذلك :االصطالحات الصوفية احتوت على نقد اللفظ
والمعنى واالختالف بينهما في معنى مفهوم ما ،وهذا راجع إلى اختالف
التجربة الصوفية من تجربة إلى أخرى ،ومن ثم فاإلشكاالت الموجهة لطرق
إدراك الحقيقية كثيرة ومتنوعة ،منها ما يتعلق بمفهوم الحقيقة والمعرفة ،ومنها
ما يتعلق بثنائية الظاهر والباطن ،ومنها ما يتعلق بالتأويل(.)4
h
) 1الرسالة القشيرية :ص .181
( )2تلبيس إبليس ص 246
( )3نقد العقل العربي ص 29
) 4المصدر السابق نفس الموضع.
املبحث الثاني
النتائج املرتتبة على مفهوم احلقيقة عند ابن عربي
ال شك أن مفهوم الحقيقة عند ابن عربي قد ترتب عليه العديد من
األمور التي تمت اإلشارة إليها عند التأمالت حول مفهوم الحقيقة وطرق
إدراكها ،لكن النتيجة الحتمية المترتبة على مفهومها عنده أمر مهم ويستحق
التأمل ،وهو القول بوحدة الوجود ،وهذا واضح وضوح الشمس صراحة في
كالمه وتصريحاته في غير موضع من كتبه قائالً " :فما في الوجود كله
حقيقة ..ومنك إليها ومنها إليك رقيقة ،فعدد الرقائق على عدد الحقائق"،
وأيضاً في قوله " :فما ثمة حقيقة واحدة تقبل جميع هذه النسب واإلضافات
التي يكنى عنها باألسماء اإللهية .)1( "......
تقول الدكتورة /سعاد الحكيم ":الحقيقة كما يفهمها وينشدها الفالسفة
ما هي عند ابن عربي؟ إنها واقع الوجود الذي يراه في وحدته ،والوصول إلى
الحقيقة هو الشهود لتلك الوحدة الوجودية؛ إذن الحقيقة هي :الوصول إلى
وحدة الوجود"(.)2
وفي هذا يقول ابن عربي مؤكد ًا هذا المعنى " :إن الحقيقة هي ما هو
عليه الوجود بما فيه من الخالف والتماثل والتقابل؛ فعين الشريعة عين
الحقيقة؛ فالحقيقة إن أعطت أحدية األلوهية؛ فإنها أعطت النسب فيها ،فما
أثبتت إال أحدية الكثرة النسبية ال أحدية الواحد؛ فإن أحدية الواحد ظاهرة
بنفسها وأ حدية الكثرة عزيزة المنال ال يدركها كل ذي نظر ،فالحقيقة التي هي
أحدية الكثرة ال يعثر عليها كل أحد؛ فالحقيقة ظهور صفة حق ،خلف حجاب
صفة عبد"(.)1
وعليه فإن وحدة الوجود مبنية علي كلمتين :األولي :الوحدة ومصدرها
وحد الذي يعني االنفراد ،والوجود :الذي يعني كل ما هو موجود ،أو يمكن
أن يوجد ،فهكذا يظهر أن وحدة الوجود تعني الوجود واحد ،بمعني أن اهلل
والعالم حقيقة واحدة ،أو بعبارة أوضح :إن الوجود الحقيقي هو وجود واحد
وهو وجود اهلل ،أما وجود الخلق فمجرد ظل لصاحب الظل فالخلق بهذا
االعتبار شبح.
وعليه فإن ثنائية الحق والخلق ثنائية موهومة زائفة؛ ألن العقل ال يدرك
إال التعدد ،وهو عاجز عن إدراك الوحدة الشاملة ،إن الحق والخلق حسب
مذهب وحدة الوجود وجهان لحقيقة واحدة(. )2
والقول بوحدة الوجود يؤدي إلي ضرورة القول بقدم المخلوقات ،إذ إن
وجود اهلل البد أن يكون مساوي ًا في الوقت ذاته لوجودها(.)3
كذلك فإن وحدة الوجود تجعل البعض يخلط بينها وبين الحلول الذي
يعني أن اهلل يحل في شخص بعينه حلوالً كلياً أو جزئياً ،وهذا الخلط وقع فيه
الكثير من العلماء أمثال الشهرستاني(ت548هـ) في كتابه الملل والنحل وغيره
حين استعمل عموم لفظ الحلول للداللة على مفهوم وحدة الوجود(.)1
ووحدة الوجود مذهب قديم ،فكر فيه الفالسفة قبل المتصوفة( )2فأول
فالسفة المدرسة اإليلية وهو إكسانوفان الذي كان من القائلين به ،وينقل
أرسطو نصاً يقول فيه " :إن إكسانوفان حين أشار إلى مجموع العالم ،قال إن
الواحد إله "؛ فالعالم إذن واحد ،والواحد إله ،وبالتالي فمذهب وحدة الوجود
()3
الذي ال يميز بين اهلل والطبيعة فكالهما واحد
وهناك خلط بين مفهوم وحدة الوجود ،وبين من قال بالحلول في
شخص بعينه ،مثل مقالة النصارى في المسيح ،وسبب هذا الخلط
هو كون وحدة الوجود ،تطور لفكرة االتحاد والحلول ،وانتقال فكرة تأليه
الخلق من طور التأليه الخاص في شخص بعينه إلي طور التعميم ،فأصبحت
الفكرة ذات طابع عام بعد أن كانت ذات طابع خاص(.)4
والحق أن اإلسالم ال يتفق مع مذهب وحدة الوجود ،ألن في هذه
العقيدة انتقاالً من التوحيد في عبارته " ال إله إال اهلل " إلى عقيدة التصوف
الفلسفي التي تعني " ال موجود في الحقيقة إال اهلل " ،وسياق كل عقيدة منهما،
كما يشير الدكتور /علي سامي النشار أنه ينتهي بنا إلي نتائج مخالفة أشد
المخالفة لنتائج أخري ،وهذا ما أدي إلي اشتعال نزاع بين بعض الصوفية
والفقهاء والمتكلمين(.)1
حيث زعم أصحاب القول بنظرية وحدة الوجود أن اهلل هو الموجود من
حيث هو كلي ال يقوم بشيء ،وهذا الوجود هو الذي يفيض بالكائنات
المشخصة ،كما يفيض البحر من تحت أمواجه.
وقد أثارت تلك الكلمات ،وذلك الفهم سخط أهل السنة حيث انتهوا
إلى أن مذهب وحدة الوجود ،أصبح ما تؤول بها شهادة أن ال إله إال اهلل في
اإلسالم ال تؤدي معناها وحقها ،وأن الشهادة التي يري المسلمون أنها تثبت
استقالل اهلل وحده عن خلقه ،إنما تدل على اتصاله به -أي العالم والكون
والطبيعة -اتصاالً مطلق ًا أي يشكل وحدة وجود.
وإن جميع الموجودات بكل ما يصدر عنها من أفعال خليقة بأن تكون
مجلس يعبد اهلل فيه ،وهذا المذهب في التأمل الذي يجعل للمشيئة اإللهية
المكان األرفع بالقياس إلى األمر التكليفي ،قد جر بعض الصوفية فيما جرهم
إلى القول بفتوي إبليس -وهو قول أيده الجيلي -وفرعون الذي ورد ذكره
في سفر الخروج وهو قول مشهور من أقوال ابن عربي(.)2
وعليه فإن هذا المذهب الفلسفي الصوفي هو مذهب جوهره نفي الذات
ِ
يوحد في الطبيعة بين اهلل تعالى وبين الطبيعة ،على نحو ما
اإللهية ،حيث ّ
ذهب إليه الهندوس أخذاً من فكرة يونانية قديمة ،وانتقل إلى بعض غالة
المتصوفة كابن عربي وغيره ،وكل هذا مخالف لعقيدة التوحيد في اإلسالم،
فاهلل سبحانه وتعالى منزه عن االتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها ،لكن حالة
الصوفي الالشعورية تعتريه أي أن الصوفي يغيب عن العالم فال يشهد إال اهلل
سبحانه(.)1
ولعل ما يحدث لبعض المتصوفة فيجعلهم يقعون في القول بالوحدة
هو ذوبان صور الموجودات الظلية أو التبعية من أحاسيسهم ،فتتحول األغيار
عندهم إلي أخيلة وأطياف ،فيستسلمون لهذا الحال ويعبرون عنه ،وينسبون
بسبب ذلك القول بوحدة الوجود ،ولكنهم سرعان ما يعودون فيحطون علي
أرض الواقع ليثبتوا الخلق والمخلوق والخالق ويفصلوا بينهما( ،)2ولعل هذا
ما حدث البن عربي.
وملخص هذا القول :أ ّن وحدة الوجود مذهب فلسفي ،وصوفي ،يقوم
على توحيد اهلل والعالم ،وأنصار هذا المذهب يزعمون أن كل شيء هو اهلل،
وقد دخل مفهوم الوحدة للتصوف اإلسالمي بعد انفتاح المسلمين علي
الشعوب المخالفة لهم ،وبعد اشتغالهم بترجمة " علوم األوائل " التي كانت
تتضمن إلي جانب الفلسفة اليونانية ،جانباً من التصوف الفلسفي.
فهذه هي ماهية الحقيقة التي لم يدركها بعض العلماء الذين أخذوا
بظاهر أقوال الصوفية ،وهم يعيشون حاالت خاصة ال شعورية من اإليمان
وقال صاحب (معيار المريدين) " :والدليل على بطالن اتحاد العبد مع
اهلل تعالى؛ أن االتحاد بين مربوبين محال؛ فإن رجلين مثالً ال يصير أحدهما
عين اآلخر لتباينهما في ذاتيهما ،كما هو معلوم ،فالتباين بين العبد والرب -
سبحانه وتعالى -أعظم؛ فإذن أصل االتحاد باطل ،ومحال مردود شرع ًا،
وعقالً ،وعرفاً ،بإجماع األنبياء ،واألولياء ،ومشايخ الصوفية ،وسائر العلماء
والمسلمين.
وال شك أن القول ببطالن عقيدة الحلول واالتحاد ،هو إبطال لعقيدة
وحدة الوجود؛ فإن إبطال الجزء إبطال للكل بال شك ،فإذا انتفى أن يكون
بعض الخلق إلهاً فبطالن ألوهية الكل من باب أولى.
رأي ونتيجة:
ال شك أن مفهوم الحقيقة عند ابن عربي ترتب عليه العديد من األمور
العضال التي تم تناولها آنفا لكن النتيجة والرأي الذي يقدمه الباحث البد منه،
مهما كانت وجهة نظره ،ففي البدء هناك حقيقة مهمة وموضوعية وهي أن
طبائع الناس مختلفة ،وإدراكهم لفهم الحقيقة متفاوت ،وكذلك طرق إدراك
الحقيقة عندهم متنوع ،ومن ثم أسترجع كالم ابن رشد النفيس في هذا الصدد
قائالً:
"الناس على ثالثة أصناف ،صنف ليس هو من أهل التأويل أصالً،
وصنف من أهل التأويل الجدلي ،وصنف هو من أهل التأويل اليقيني،
وهؤالء هم البرهانيون بالطبع ،وأهل صناعة الحكمة ،وهذا تأويل ال ينبغي أن
يصرح به ألهل الجدل فضالً عن الجمهور ،وإال أبطل الظاهر عند من هو من
أهل الظاهر ،مع عدم ثبوت المؤول لديه ،وذلك قد يؤدي إلى الكفر؛
فالتأويالت ال ينبغي أن يصرح بها للجمهور ،وال تثبت في الكتب الخطابية
والجدلية" ()1
وإن نشوء هذه الطريقة القائمة على المصطلحات الغامضة والمبهمة
ربما أرجعه البعض لخلل نفسي ،أو امتداد لفكر دخيل خارجي ،ال يمت
لإلسالم بصلة ،إال أن القائلين بها أبوا ورفضوا إال أن يلبسوها ثوبا إسالمياً،
ويستدلوا لها من كالم اهلل وكالم رسوله ،فقال بعضهم :إن
المراد بقوله سبحانه﴿ :هو األول واآلخر والظاهر والباطن﴾ [الحديد ،]3:أن
كل ما يتصور موجوداً فهو إما أول ،أو آخر ،أو ظاهر ،أو باطن ،فإذا كان اهلل
تعالى هو األول ،واآلخر ،والظاهر ،والباطن ال غيره ،كان الكون هو اهلل؛ ألنه
ال يخرج عن هذا الوصف ،وأيدوا هذا القول بما روي عن أبي هريرة عن
النبي أنه قالَ " :وا َّل ِذي َن ْف ُس ُم َح َّمد بِي ِد ِه َل ْو أَ َّن ُكم َد َّلي ُتم ب َِحبل ِإ َلى
ْ ْ ْ ْ َ
اهلل"(. )2 األَر ِض الس ْف َلى َلهب َط ع َلى َّ ِ
ََ َ ُّ ْ
إن الحقيقة هي أن لهذا الكون رباً معبوداً من خلقه ،الذين خلقهم
ووجب عليهم االعتراف واالقرار بتلك الحقيقة ،قال تعالي ﴿ َو ِم ْن آ ََي ِات ِه َخ ْل ُق
اخ ِت َال ُف أَ ْل ِس َن ِت ُكم َوأَ ْل َو ِان ُكم إ َِّن ِفي َذ ِل َك َآل ََيات
ات َو ْاألَ ْر ِض َو ْ
السمو ِ
َّ َ َ
ْ ْ
) 1فصل المقال في تقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال ،ص 39
( )2أخرجه الترمذي في سننه :محمد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك ،الترمذي،
أبو عيسى (المتوفى279 :هـ) ،)403 /5( ،حديث رقم ،3298تحقيق وتعليق :أحمد
محمد شاكر ،وغيره ،الناشر :شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي -مصر-
الطبعة :الثانية 1395 ،هـ 1975 -م.
ين ِم ْن ِ ِ ِل ْلع ِال ِمين﴾[الروم ،]22:وقال تعالي ﴿ه َذا َخ ْل ُق َّ ِ
اهلل َفأَ ُروني َما َذا َخ َل َق الَّذ َ َ َ َ
اهلل َ َ ظ ِالم َ ِ ِِ
ون في َض َالل ُمبِين﴾[لقمان ،]11 :وقال تعالي ﴿أ َل ْم َت َر أ َّن َّ َ ُدونه َب ِل ال َّ ُ
الش ْم َس َوا ْل َق َمر ُك ٌّل َي ْجرِ ي
َ ار ِفي ال َّل ْي ِل َو َس َّخ َر َّ ِ
الن َهارِ َو ُيول ُج َّ
الن َه َ
ِ ِ
ُيول ُج ال َّل ْي َل في َّ
اهلل ُه َو ا ْل َح ُّق َوأَ َّن َما َ ِ َ َ
ون َخبِير َ ..ذل َك ِبأ َّن َّ َ ِإ َلى أ َجل ُم َس ًّمى َوأ َّن َّ َ
اهلل ب َِما َت ْع َم ُل َ
اهلل ُه َو ا ْل َع ِلي ا ْل َكبِير﴾[لقمان ،]30-29:وقال َ ِ ِِ
ون م ْن ُدونه ا ْل َباط ُل َوأ َّن َّ َ
ي ْدع َ ِ
َ ُ
ُ ُّ
الش ْم ُس األ ْر ِض َو َّ
ات َو َم ْن ِفي ْ َ اهلل يسج ُد َله من ِفي السمو ِ
َّ َ َ تعالي﴿ :أَ َل ْم َت َر أَ َّن َّ َ َ ْ ُ ُ َ ْ
اس َو َك ِثير َح َّق َع َلي ِه الدواب و َك ِثير ِمن الن ِ
َ َّ الش َج ُر َو َّ َ ُّ َ ال َو َّ وم َوا ْل ِج َب ُ الن ُج ُ
َوا ْل َق َم ُر َو ُّ
ْ
اء﴾[الحج.]18: ِ
اهلل َي ْف َع ُل َما َي َش ُ
اهلل َف َما َل ُه م ْن ُم ْكرِ م إ َِّن َّ َ اب َو َم ْن ُيهِ ِن َّ ُ ا ْل َع َذ ُ
فهذه هي الحقيقة التي ال مرية فيها وهي حق اليقين بين الخالق
والمخلوق.
h
اخلامتة
الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات ،وبنوره تشرق األرض
والسماوات ،وبعد ،،فمسألة مفهوم الحقيقة عند ابن عربي من المسائل
المهمة التي دار حولها الجدل والنقاش ،و في النهاية قد خرجنا بالعديد من
النتائج المهمة التي تتلخص في اآلتي:
أن مفهوم الحقيقة من المسائل المهمة ،التي دار حولها الجدل قديماً
وحديث ًا ،وكانت هذه الدراسة بمثابة إلقاء الضوء على هذا المفهوم بكل
اتجاهاته وجوانبه عنده ،وتحليل هذا المفهوم وتركيب ما يترتب عليه من
آراء ،مقارنة بغيره من الصوفية الذين تناولوا المسألة ،سواء أكانوا على منهجه
أم خالفوه ،ومن ثم إبراز النتائج المترتبة على هذه المفهوم لديه من وحدة
الوجود ،والوحدة المطلقة ،وغير ذلك من األفكار ،وكانت النتيجة
المستخلصة من الدراسة ،إثبات أن المراد بمفهوم الحقيقة عند الصوفية
الحقيقية :الصدق في اإليمان ،وبلوغ درجة اإلحسان ،وكمال المراقبة
والمداومة على النظر في أفعال اهلل تعالى ،بيد أن هذه المعاني األصيلة بعيدة
كل البعد عن المعنى الذي أورده محيي الدين ابن عربي(ت 638هـ) ومن
سلك مسلكه في تبيانهم للحقيقة كمصطلح صوفي له ُبعده المنوط به.
أهم التوصيات
-1إننا أحوج ما نكون إلى اتباع األسلوب العلمي ،والتناول الموضوعي
ب في
لكل المسائل المطروحة للبحث والدراسة ،وااللتزام بذلك َي ُص ُ
صالح العملية البحثية.
h
-إحياء علوم الدين :أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى505 :هـ)
الناشر :دار المعرفة -بيروت.
-آداب النفوس :الحارث بن أسد المحاسبي ،أبو عبد اهلل (المتوفى243 :هـ) ،المحقق:
عبد القادر أحمد عطا ،دار الجيل -بيروت -لبنان ،د ت.
-األسفار :محمود بن عبد الرحمن قدح الناشر :الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة
الطبعة :السنة الثالثة والثالثون -العدد (1421 )111هـ 2001م.
-أضواء على التصوف :دراسة موضوعية تحليل ونقد من وجهة النظر اإلسالمية
والفكرية ،طلعت غنام .دار عالم الكتب1979 ،م.
-األقمار المشرقة ألهل الشريعة والطريقة والحقيقة :عبد السالم العمراني الخالدي.
عن :دار الكتب العلمية -بيروت (.)2019
-إنشاء الدوائر :محي الدين محمد بن على بن عربي الحاتمي (ت638هـ) ،تحقيق:
عاصم ابراهيم الكيالي .كتبة المثنى1960 ،م.
-إيقاظ النائمين .صدر الدين محمد الشيرازي مال صدرا (1050هـ) ،بإشراف محمد
خامنه ،تصحيح وتح قيق مقدمة وتعليق :محمد خوانساري .تهران :بنياد حكمت
اسالمی صدرا2007 ،م.
-إيقاظ الهمم :ابن عجيبة احمد بن محمد ،قدم له وقرظه فهرسه ماجد عرسان
الكيالني .اعتنى به علي أبو الخير .الطبعة .1دمشق :دار الخير1426 ،ه.
-البحر المديد في تفسير القرآن المجيد :أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن
عجيبة الحسني األنجري الفاسي الصوفي (المتوفى1224 :هـ) ،المحقق :أحمد عبد
اهلل القرشي رسالن ،الدكتور حسن عباس زكي -القاهرة ،الطبعة 1419 :هـ.
-بنية العقل العربي :محمد عابد الجابري ،الطبعة األولى ،مكتبة النهضة المصرية،
القاهرة 1962م.
-تأييد الحقيقة العلية :الحافظ جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ،دار
الكتب العلمية -بيروت -لبنان .الطبعة :األولى2006 :م.
-تتمة صوان الحكمة :أبو الحسن ظهير الدين علي بن زيد بن محمد بن الحسين
البيهقي ،الشهير بابن فندمة (المتوفى565 :هـ) ،بيروت 1993م.
-التراجم :أبو الفداء زين الدين أبو العدل قاسم بن ُقط ُلوبغا السودوني (نسبة إلى معتق
أبيه سودون الشيخوني) ،الجمالي الحنفي (المتوفى879 :ه ،المحقق :محمد خير
رمضان يوسف ،الناشر :دار القلم -دمشق ،الطبعة :األولى1413 ،هـ 1992-م.
-التصوف بين اإلفراط والتفريط :عمر عبد اهلل كامل ،بيروت (لبنان) :دار ابن حزم
للطباعة والنشر والتوزيع .2001
-التعرف لمذهب أهل التصوف :أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب
الكالباذي البخاري الحنفي (المتوفى380 :هـ) ،دار الكتب العلمية -بيروت.
-تلبيس إبليس :جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى597 :هـ) الناشر :دار الفكر للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة :الطبعة
-تهافت التهافت :أبو الوليد محمد بن رشد (ت 595هـ) ط ،1دار المعارف 1964م.
-التوقيف على مهمات التعاريف :زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج
العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى1031 :هـ)،
عالم الكتب ،عبد الخالق ثروت -القاهرة ،الطبعة :األولى1410 ،هـ1990-م،
-جامع األصول :مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن
عبد الكريم الشيباني الجزري ابن األثير (المتوفى606 :هـ) ،تحقيق :عبد القادر
األرنؤوط -التتمة تحقيق بشير عيون ،مكتبة الحلواني -مطبعة المالح -مكتبة دار
البيان ،الطبعة :األولى.
-جمهرة األولياء :محمود ابو الفيض المنوفي ،مطبعة المدني -مصر 1387هـ.
-جواهر المعاني وبلوغ األماني :للعالمة سيدي على حرازم الفاسي المغربي ،تحقيق:
عبد اللطيف عبد الرحمن ،دار الكتب العلمية -بيروت ،طبعة :الطبعة الثانية،
2003م.
-الحاوي للفتاوي :عبد الرحمن بن أبي بكر ،جالل الدين السيوطي (المتوفى911 :هـ)،
دار الفكر للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان 1424 ،هـ 2004 -م.
-الحقيقة عند فالسفة المسلمين :الدكتور نظمي لوقا ،مكتبة غريب ،القاهرة ،د ط ت.
-حلية األولياء :أبو نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران
األصبهاني (المتوفى430 :هـ) ،السعادة -بجوار محافظة مصر1394 ،هـ 1974 -م.
-الدرر الكامنة :أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقالني
(المتوفى 852 :هـ) ،ت :محمد عبد المعيد ضان ،مجلس دائرة المعارف العثمانية -
صيدر اباد /الهند ،الطبعة :الثانية1392 ،هـ1972 /م
-دليل الباحثين إلى المفاهيم النفسية في التراث :مجموعة باحثين ،دار السالم للنشر
والتوزيع ،دار السالم للطباعة والنشر ،ط2011 ،1م.
-رشح الزالل :للعارف باهلل تعالى الشيخ :كمال الدين عبد الرازق القاشاني المتوفى
سنة730 :هـ ،ت :سعيد عبد الفتاح ،المكتبة األزهرية1995 ،م.
-روح القدس :محى الدين ابن عربي ،مكتبة دار البيروتي1999 ،م.
-روضة التعريف بالحب الشريف ،تحقيق :األستاذ عبد القادر أحمد عطا ،الطبعة
األولى ،دار الفكر ،القاهرة ،ط1968 ،1م.
السنة ابن أبي عاصم :أبو بكر بن أبي عاصم وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك بن ُّ -
مخلد الشيباني (المتوفى287 :هـ) المحقق :محمد ناصر الدين ،ط1400 /1ه.
-سنن ابن ماجه :ابن ماجة أبو عبد اهلل محمد بن يزيد القزويني ،وماجة اسم أبيه يزيد
(المتوفى273 :هـ) ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء الكتب العربية -فيصل
-سير أعالم النبالء :شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان بن َق ْايماز
الذهبي (المتوفى748 :هـ) ،ت :مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب
األرناؤوط ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة :الثالثة 1405 ،هـ 1985 /م.
-السيوف الحداد في أعناق أهل الذندقة وااللحاد :قطب الدين مصطفى بن كمال الدين
الصديقي البكري (ت 1162هـ) ،تحقيق :احمد فريد المزيدي ،مصر2007 ،م.
-شرح األنفاس الروحانية :شمس الدين ابو ثابت محمد بن عبد الملك الدليمي،
تحقيق احمد فريد المزيدي ،الناشر :دار اآلثار اإلسالمية -برلي -سيرالنكا؛ دارة
الكرز للنشر والتوزيع -القاهرة ،الطبعة :األولى 2007م.
-شرح التجريد :عبد الهادي [هادي] بن محمد بن عبد الهادي [هادي] بن بكري بن
محمد بن مهدي بن موسى بن جعثم بن عجيل (العجيلي) (المتوفى :ق 13هـ)،
المحقق :حسن بن علي العواجي الناشر :أضواء السلف ،الرياض ،المملكة العربية
السعودية ،الطبعة :األولى1419 ،هـ1999 /م.
-شرح الجامي على فصوص الحكم :الشيخ األكبر ابن عربي -المال عبد الرحمن
جامي المحقق :د .عاصم ابراهيم الكيالي ،الناشر :دار الكتب العلمية ،الطبعة:
األولى2001 ،م.
-شرح مختصر المنتهى األصولي لإلمام أبي عمرو عثمان ابن الحاجب المالكي ،تح:
محمد حسن إسماعيل ،الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت -لبنان الطبعة :األولى،
1424هـ.
-شرح مشاهد األسرار القدسية ومطالع األنوار اإللهية :ست العجم بنت النفيس بن أبي
القاسم البغدادية ،تح :أحمد فريد ،بيروت ،دار الكتب العلمية2006 ،م.
-شرح مؤيد الدين الجندي على فصوص الحكم :الكيالي الحسيني الشاذلي ،دار
-شطحات الصوفية :د .عبد الرحمن بدوي ،الناشر وكالة المطبوعات الكويت الطبعة
الثانية سنة 1976م.
الخ ْسر ْو ِجردي -شعب اإليمان للبيهقي :أحمد بن الحسين بن علي بن موسى
ُ َ
الخراساني ،أبو بكر البيهقي (المتوفى458 :هـ) ،مختار أحمد الندوي ،صاحب الدار
السلفية ببومباي -الهند ،مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار
السلفية ببومباي بالهند الطبعة :األولى 1423 ،هـ 2003 -م.
-صحيح البخاري :محمد بن إسماعيل أبو عبد اهلل البخاري الجعفي المحقق :محمد
زهير بن ناصر الناصر ،دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ،ت :محمد
فؤاد عبد الباقي) الطبعة :األولى1422 ،هـ
-صحيح مسلم :مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى261 :هـ)،
المحقق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء التراث العربي -بيروت
-الطبراني في المعجم الكبير :سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي ،أبو
القاسم الطبراني (المتوفى360 :هـ) المحقق :حمدي بن عبد المجيد السلفي ،دار
النشر :مكتبة ابن تيمية -القاهرة الطبعة :الثانية ،د ت.
-ال ّطبقات الكبرى :أبو عبد اهلل محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالوالء ،البصري،
البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى230 :هـ) ،تحقيق ودراسة :الدكتور /عبد
العزيز عبد اهلل السلومي ،مكتبة الصديق -الطائف ،المملكة العربية السعودية عام
النشر 1416 :هـ.
-عزيز العظمة ابن تيمية :مكتبة ضياء الريس ،ط األولى 2000م.
-عمدة القاري :أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى
الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى855 :هـ) ،دار إحياء التراث العربي -بيروت.
-الفتوحات المكية :ابن عربي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب -المكتبة العربية الطبعة:
الثانية 1405 -هـ 1985 -م.
-فصل المقال :أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز بن محمد البكري األندلسي (المتوفى:
487هـ) المحقق :إحسان عباس ،مؤسسة الرسالة ،بيروت -لبنان ،الطبعة :األولى،
1971م
-فصوص الحكم :محيي الدين بن عربي ،دار الكتب العلمية ،ط1998 ،1م.
-فلسفة التصوف اإلسالمي :محمد عبد الحليم المنشاوي ،كتبة مدبولى -القاهرة،
ط2008 /1م.
-قصة الفلسفة اليونانية :زكي نجيب محمود ،احمد امين ،ط ،2مطبعة دار الكتب،
القاهرة1935 ،م.
محمد صابر
ّ -كشاف اصطالحات العلوم :محمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن
الفاروقي الحنفي التهانوي (المتوفى :بعد 1158هـ) ،تقديم وإشراف ومراجعة :د.
رفيق العجم تحقيق :د .علي دحروج ،نقل النص الفارسي إلى العربية :د .عبد اهلل
الخالدي الترجمة األجنبية :د .جورج زيناني الناشر :مكتبة لبنان ناشرون -بيروت
الطبعة :األولى 1996 -م.
-كشف المحجوب :أبو الحسن علي بن عثمان بن أبو علي الجالبي الهجويري
الغزنوي (ت ،)1072ترجمة :إسعاد عبد الهادي قنديل ط دار النهضة بيروت
1980م۔
-الكليات :أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي ،أبو البقاء الحنفي (المتوفى:
1094هـ) المحقق :عدنان درويش -محمد المصري ،مؤسسة الرسالة -بيروت،
.2008
-لطائف األعالم :عبد الرزاق القاشاني ،تحقيق :أحمد عبد الرحيم السايح -توفيق
علي وهبة ،وعامر النجار ،مكتبة الثقافة الدينية -القاهرة ،الطبعة األولى2005 ،م.
-اللمع :أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى476 :هـ) الناشر:
دار الكتب العلمية ،الطبعة الثانية 2003 ،م 1424 -هـ.
-مجموع الفتاوى :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني
(المتوفى728 :هـ) المحقق :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الناشر :مجمع الملك
فهد لطباعة المصحف الشريف ،المدينة النبوية ،المملكة العربية السعودية عام النشر:
1416هـ1995/م.
-مراتب الوجود :عبد الكريم بن ابراهيم الجيلي (ت 899هـ) مكتبة الصنادفيه -األزهر
-مصر ،ط1988 ،1م.
-مسلك األتقياء ومنهج األصفياء :عبد العزيز بن حفيد زين الدين بن علي المليباري،
ط ،2مكتبة ناشرون ،بيروت .2014
-مسلم الثبوت :محب اهلل بن عبد الشكور الهندي البهاري ،المطبعة الحسينية المصرية،
1994م.
-مسند أحمد :أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني
(المتوفى241 :هـ) ،المحقق :شعيب األرنؤوط -عادل مرشد ،وآخرونـ ،إشراف :د
عبد اهلل بن عبد المحسن التركي ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة :األولى 1421 ،هـ -
2001م
-المصباح المنير :أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي ،أبو العباس (المتوفى:
نحو 770هـ) الناشر :المكتبة العلمية -بيروت2001 ،م.
-المصفى في أصول الفقه :أحمد بن محمد بن علي الوزير؛ حالة الفهرسة :غير
مفهرس؛ سنة النشر1996 - 1417 :م.
-معاني األخبار للكالباذي :أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب
الكالباذي البخاري الحنفي (المتوفى380 :هـ) المحقق :محمد حسن محمد حسن
إسماعيل -أحمد فريد المزيدي ،دار الكتب العلمية -بيروت /لبنان الطبعة :األولى،
1420هـ 1999 -م.
-معجم اصطالحات الصوفية تأليف :عبد الرزاق الكاشاني (ت730 :هـ) تحقيق :د.
عبد العال شاهين ،دار المنار -القاهرة -الطبعة األولى 1992 -م.
-المعجم الصوفي :د /سعاد الحكيم ،دار ندرة للطباعة والنشر ،بيروت ،ط ،1لبنان،
.1981-1401
-معجم مصطلحات الصوفية :د/عبد المنعم حفني ،دار المسيرة ،بيروت 1980م.
-معجم مقاليد العلوم للسيوطي :عبد الرحمن بن أبي بكر ،جالل الدين السيوطي
(المتوفى911 :هـ) المحقق :أ .د محمد إبراهيم عبادة الناشر :مكتبة اآلداب -القاهرة
/مصر الطبعة :األولى1424 ،هـ 2004 -م
-معجم مقاييس اللغة :أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي ،أبو الحسين
(المتوفى395 :هـ) المحقق :عبد السالم محمد هارون الناشر :دار الفكر عام النشر:
1399هـ 1979 -م.
-معراج التشوق :الشيخ عبد اهلل أحمد بن عجيبة (ت 1224هـ) مركز التراث الثقافي
-مقدمة ابن خلدون -عبد الرحمن بن خلدون ،حققها وقدم لها وعلق عليها عبد
السالم الشدادي ،ط1996 ،1م.
-المنقذ من الضالل :أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى505 :هـ)
بقلم :الدكتور عبد الحليم محمود الناشر :دار الكتب الحديثة ،مصر1998 ،م.
-مهمات التعاريف :زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن
علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى1031 :هـ) ،عالم
الكتب 38عبد الخالق ثروت-القاهرة الطبعة :األولى1410 ،هـ1990-م.
-نسيم الرياض في شرح القاضي عياض :أحمد محمد عمر الخفاجي المصري شهاب
الدين ،المحقق :محمد عبد القادر عطا الناشر :دار الكتب العلمية1421 ،هـ.
-نشأة الفكر الفلسفي عند اليونان :علي سامي النشار ،مكتبة المعارف -اإلسكندرية -
مصر2002 ،م.
-نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم :علي سامي النشار ،مكتبة المعارف -اإلسكندرية -
مصر2011 ،م.
-نشر المحاسن الغالية :عفيف الدين ،عبد اهلل بن اسعد بن علي اليافعي :مصر:
مصطفى البابي الحلبي1988 ،م.
-نفحات األنس :عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الجامي :ترجمة :تاج الدين
محمد بن زكريا ،نشر :األزهر الشريف ،د ط ت.
-نقد العقل العربي :محمد عابد الجابري ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت،
2010م.
-هذه هي الصوفية :عبد الرحمن الوكيل الناشر :دار الكتب العلمية سنة النشر.1984 :
-اليواقيت والجواهر :اإلمام عبد الوهاب الشعراني ،دار إحياء التراث ،المطبعة
األزهرية المصرية 1321هـ.
h
- Alssunt Ibn Abi Esim: 'Abu Bakr bin Abi Esim wahu Ahmed bin
Amriw bin Aldahak bin Mukhalad Alshaybani ( died: 287hi)
Investigator: Mohamed Nasir Aldiyn, ta1/ 1400h.
- Sunan Abn Majaha: Abn Majat Abu Abd Allh Mohamed bn
Yazid Alqazwini, wamajat asm 'Abih Yazid (died: 273h),
Investigator: Mohamed Fuad Abd Albaqi, Dar 'Ihya' Alkutub
Alearabiat - Faysal Eisa Albabi Alhalbi.
- Sayr 'Aelam Alnubala'i: Shams Aldiyn 'Abu Abd Allh Mohamed
bin Ahmed bin Othman bin Qaymaz Aldhahabi (died: 748h),
Print:majmueat min Investigatorn bi'ishraf Alshaykh Shueayb
Al'arnawuwta, Muasasat Alrisalati, Number:i: Althalithati,
1405 / 1985.
- Alsuywf Alhadad fi 'aenaq 'Ahl Aldhandaqat walalhadi: qutb
Aldiyn Mustafa bin Kamal Aldiyn Alsidiyqi Albakri (died 1162h),
Investigator: Ahmad Farid Almazidi, masr, 2007.
- Sharh Al'anfas Alruwhaniati: Shams Aldiyn Abu Thabit
Mohamed bin Abd Almalik Aldilimy, Investigator: Ahmad Farid
Almazidi, Publisher Dar Aluathar Al'islamiat - birli - sirlanka;
Dart Alkarz lilnashr waltawzie - Cairo, No. One 2007.
- Sharah Altajridi: Abd Alhadi [hadi] bin Mohamed bin Abd
Alhadi [hadi] bin Bikri bin Mohamed bin Mahdi bin Musa bin
Jaetham bin Ajil (Aleajili) ( a: q 13hi), Investigator: Hasan bin
Ali Aleawaji Publisher Adwa Alsalaf, Alrayada, Almamlakat
Alearabiat Alsaeudiat, Number: One, 1419h/ 1999.
- Sharah Aljami ala Fusus Alhikmi: Alshaykh Al'akbar Ibn Arabin -
Almula Abd Alrahman Jami Investigator: dr. Esim Ibrahim
Alkayali, Publisher Dar Alkutub Aleilmiati, Number: One, 2001.
- Sharah Mukhtasar Almuntaha Al'usulia lil'imam Abi Imrw
Othman Ibn Alhajib Almaliki, Taha: Mohamed Hasan 'Ismaeil,
Publisher Dar Alkutub Aleilmiati, Beirut - Lubnan Print: One,
1424 h.
- Sharh mashahid Al'asrar Alqudusiat wamatalie Al'anwar
al'ilahiati: situ Aleajam bint Alnafis bin Abi Alqasim
Albaghdadiat, Taha: Ahmed Frid, Beirut, Dar Alkutub
Aleilmiati, 2006.
- Sharah Muayid Aldiyn Aljundiu ala fusus Alhikmi: Alkayali
Alhusayni Alshadhili, Dar Alkutub Aleilmiati, 2008.
- Shatihat Alsuwfiat: dr. Abd Alrahman Badwi, Alnashir wikalat
Almatbueat Alkuayt Number: two 1976
. - Shaeb Al'iman lilbihaqi: Ahmed bin Alhusayn bin Ali bin Musa
Alkhusrawjirdy Alkhirasani, Abu Bakr Albayhaqi (died: 458h),
Mukhtar Ahmed Alnadwi, Sahib Aldar Alsalafiat bibumbay -
Alhinda, maktabat Alrushd lilnashr waltawzie bialriyad
bialtaeawun mae Aldar Alsalafiat bibumbay bialhind Number:i:
One, 1423 h - 2003.
- Shih Albukhari: Mohamed bin Ismaeil 'abu Abd Allah Albukhari
Aljuefi Investigator: Mohamed Zuhayr bin Nasir Alnasir, Dar
Tawq Alnaja (msawarat ean Alsultaniat bi'idafati, t: Mohamed
fuad Abd Albaqi) Number: One, 1422h
- Shih muslmin: Muslim bin Alhajaj Abu Alhasan Alqushayri
Alnaysaburiu ( a: 261h), Investigator: Mohamed Fuad Abd
Albaqi, Dar 'Ihya' Alturath Alearabi - Beirut.
- Altabaraniu fi Almuejam Alkabira: Sulayman bin Ahmed bin
Ayuwb bin Mutayr Allakhmi Alshami, abu alqasim altabarani
(died: 360h) Investigator: hamdi bin eabd Almajid Alsalafi, Dar
Alnashra: maktabat Ibn Taymiat - Cairo No. two, d t.
- Tabaqat Alsuwfiat: Mohamed bin Alhusayn bin Mohamed bin
Musa bin Khalid bin Salim Alnnysaburi, 'Abu Abd Alrahman
Alsulami (died: 412h) Investigator: Mustafa Abd Alqadir eata,
- Kashaf Almahjubi: Abu Alhasan Ali bin Othman bin Abu Ali
Aljalabi Alhajwayri Alghaznawi (died 1072), tarjama Print:Isead
Abd Alhadi Qandil t Dar Alnahdat Beirut 1980.
- lkilyati: 'yuwb bin Musa Alhusayni Alqarimi Alkafawi, Abu
Albaqa' Alhanafi (died: 1094h) Investigator: Adnan Darwish -
Mohamed Almasri, Muasasat Alrisalat - Beirut, 2008
- Tayif Al'aelami: Abd Alrazaq Alqashani, Investigator: Ahmed
Abd Alrahim Alsayih - Twfiq Ali wahbat, waeamir Alnijar,
maktabat Althaqafat Aldiyniat - Cairo, Number: One, 2005.
- Allame: Abu Ashaq Ibrahim bin Alin bin Yusuf Alshiyrazi (died:
476h) Publisher Dar Alkutub Aleilmiati, Number: two, 2003
- 1424 h. - Majmue Alfatawa: Taqi Aldiyn 'Abu Aleabas Ahmed
bin Abd Alhalim bin taymiat Alharani (died: 728h) Investigator:
Abd Alrahman bin Mohamed bin Qasim Publisher Majmae
Almalik Fahd litibaeat Almushaf Alsharifi, Almadinat
Alnabawiati, Almamlakat Alearabiat Alsaeudiat eam Alnashri:
1416/1995.
- Majmueat Alrasayil walmasayili: Hamd bin Nasir bin Othman
bin Mueamar Alnajdi Altamimi Alhanbali (died: 1225h), Dar
thaqif lilnashr waltalifi, Altayif Number: One, 1398h.
- Maratib Alwujudi: Abd Alkarim bin Abrahim Aljili (died 899h)
Maktabat Alsanadifih - Al'azhar - Masr, ta1, 1988.
- Maslak Al'atqia' wamanhaj Al'asfia'i: Abd Aleaziz bin Hafid Zayn
Aldiyn bin Ali Almilibari, ta2, maktabat Nashirun, Beirut 2014.
- Maslim Althubuti: Muhibu Allh bin Abd Alshukur Alhindi
Albahari, Almatbaeat Alhusayniat almisriati, 1994.
- Msanad Ahmed: Abu Abd Allah Ahmed bin Mohamed bin
Hanbal bin Hilal bin Asad Alshaybani (died: 241h), Investigator:
Shueayb Al'arnawuwt
Al'azhar Alsharif, d t t.
- Naqd Aleaql Alearabi: Mohamed Abid Aljabri, markaz dirasat
Alwahdat Alearabiati, Beirut, 2010.
- Hadhih hi Alsuwfiatu: Abd Alrahman Alwakil Publisher Dar
Alkutub Aleilmiat sanat Alnashri: 1984.
- Alywaqit waljawahiri: Al'imam Abd Alwahab Alshaerani, Dar
'Ihya' Altarathi, Almatbaeat Al'azhariat Almisriat 1321 h. min
Hady Khayr Al'anam -e-