Professional Documents
Culture Documents
أهمية الموضوع:
-1إن االهتمام بموضوع طاعة أولي األمر من الناحية الشرعية العقدية أو السياسية أو االجتماعية كان
نادرا ً مما شجعني على بحث هذا الموضوع الذي يعد قيمة حضارية كبرى ،تقوم عليها مدنية المجتمعات
وترافق التطور البشري بل يدين له بفضل النماء السريع والواسع الذي هيأ له فرص العمل الجاد لخدمة
المجتمع ورفاهيته.
-2إن طاعة أولي األمر المرجوة هي تلك الطاعة القائمة على صفاء السريرة وشفافية النفوس ونقاء
الضمائر التي ترتفع بالمجتمع إلى إشعاعية نور الفضيلة القائمة على التقوى كما قال تعالى﴿ :فَٱتَّقُوا َّ
ٱَّللَ
ون﴾ ال تلك الطاعة التي تعد سيفا ً يسلطها األقوياء على رقاب الضعفاء ،بل هي عالقة حميمة َوأَ ِطيعُ ِ
سداها المحبة واأللفة بين العبد وربه وبين العباد فيما بينهم،
-3طاعة ولي األمر يجب أن تكون تلك الطاعة التي تقوم على االلتزام و الخوف ال تثمر ما تثمره الطاعة
القائمة على روح التألف اإلنساني و التكاتف االجتماعي ،فقوله تعالى ﴿ :يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا أَ ِطيعُوا َّ
َّللاَ
سو َل َوأُو ِلي اْلَم ِر ِمنكُم﴾ مهد له قوله صلى هللا عليه وسلم (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن َوأَ ِطيعُوا َّ
الر ُ
رعيته)) مما يهيب بهذا الكل إلى االطالق بروح منكرة للذات مفعمة باإليمان وحب الوطن و األمة تجد
راحتها في أن تسدي الخير و إن اعترض هذا الخير و المشقة ألنها منطلقة من مبدأ الثقة بين اآلمر و
المأمور ،و التسليم بأن المقدم هو مصلحة األمة ال مصلحة األشخاص.
-1من أهم أسباب اختيار الموضوع طاعة أولي األمر التساؤل عن حدود هذه الطاعة وأهميتها وأبعادها في
الحياة بما يقتضيه القرآن الكريم ويشمل ذلك الحياة األسرية السيما العالقات الزوجية ثم توسعت دائرة
التساؤل للتساؤل عن طاعة المرؤوس لرئيسه والمحكوم لحاكمه ليتجسد موضوع البحث وفق منهج
التفسير الموضوعي بعنوان " طاعة أولي اْلمر في القرآن الكريم".
-2إن موضوع طاعة أولي األمر من الموضوعات التي تحتاج إلى ضبط في تصنيف مستقل يرجع إليه كل
من يريد معرفة مجال الطاعة وأبعادها سواء الطاعة العقدية أو السياسية أو االجتماعية ،وفق ما حدده
1
الكتاب وأرشدت إليه السنة ،فيغني الباحثين عن الضياع في ثنايا الكتب المختلفة بحثا ً عن تصور سليم أو
نظرية في الموضوع ،أسال هللا أن يوفقني إلى تحقيق ذلك.
\
أهداف الموضوع:
يهدف البحث إلى التعريف بمصطلح الطاعة و مصطلح ولي األمر لغا ً و اصطالحا ً و تفسير اآليات التي
لها عالقة بموضوع طاعة أولي األمر في القرآن الكريم ،ومناقـشتها مناقشة موضوعية متجردة بإيراد ما
ورد عليهـا مـن اعتراضـات ومناقـشات ،وصـوال إلى الـرأي الراجح؛ ليسهل الرجوع إليها ،والعثور عليها
بأقل جهد ووقت ،خاصة و إن موضوع طاعة أولي األمر يحتاج إلى ضبط في تصنيف مستقل يرجع إليه
كل من يريد معرفة طاعة أولي األمر وأبعادها سواء الطاعة العقدية أو السياسية أو االجتماعية ،وفق ما
هو في القرآن والسنة ،فيغني الباحثين عن الضياع في ثنايا الكتب المختلفة بحثا ً عن تصور سليم أو نظرية
في الموضوع.
خطة البحث:
إن موضوع " طاعة أولي األمر في القرآن الكريم" يفرض علينا البحث عن مجاالت الطاعة والبحث عن
أبعادها ،وكل هذا من خالل القرآن الكريم.
فشرعت بالتقديم للموضوع بمقدمة ثم تمهيد تضمن حقيقة الطاعة اللغوية واالصطالحية ،وتضمن حقيقة
ولي األمر لغويا ً واصطالحياً ،وبعدها قسمت الموضوع حسب ما تقتضيه اآليات القرآنية إلى مبحثين
المبحث األول عن تفسير اآلية رقم ( )59من سورة النساء ويتضمن نصها ومعاني مفرداتها وشرحها وما
يستفاد من اآلية ،والمبحث الثاني عن تفسير اآلية رقم ( )83من سورة النساء ويتضمن نصها ومعاني
مفرداتها وشرحها وما يستفاد من اآلية ثم ختمت بحثي بخاتمة تشتمل على أهم النتائج والتوصيات ،فجاءت
خطة بحثي المفصلة على النحو التالي:
2
خطة البحث تشمل:
3
منهج البحث:
إلنجاز هذه البحث سوف اتبع المنهج االستقرائي وذلك بتتبع جزيئات الموضوع ومحاولة حصرها وفق
الخطة المقترحة.
.1شعرت عن تفسير اآليات حسب ما تعالجه مراعيا ً األمانة العلمية في النقل ،فأحلت على كل مصدر
أو مرجع نقلت عنه في الهامش بذكر اسم الكاتب أوالً ثم عنوان الكتاب والجزء إن وجد أوالً ثم
الصفحة ،مع ذكر معلومات الكتاب الكاملة عند ذكره أول مرة.
.2حرصت على كتابة اآليات القرآنية برسم المصحف عند ذكرها ألول مرة ،واالحاله على اسم
السورة ورقم اآلية في الهامش.
.3كما حاولت تتبع كل األحاديث التي وظفتها في البحث تخريجا ً معتمدة في كثير من األحيان على
قرص المكتبة الشاملة ،خاصة في نهاية البحث
.4إذا تعلق األمر بشروح لغوية أحلت على المصنف صم التصنيف ثم مادة الكلمة.
4
التمهيد
فالطاعة بمعنى االصطحاب واالنقياد والمضي ألمر المطيع والتطوع بمعنى التبرع .وعليه فإن االستطاعة
والتطوع مختلفان عن معنى الطاعة وإن كان التطوع تكلف الطاعة.
لقد أطلقت الطاعة عدة إطالقات لغوية فاستخدمت بمعنى الن وإنقاد ومضى ألمره ووافقه ولم يمتنع واتسع له
وأمكنه وحان صرامة وأدرك ثمره وأمكنه أن يجتني ويفعل به ما يشتهيه ويحبه وسلسلة ولينة ال تنازع قائدها
ورخصت وسهلت وتابعت وشجعت وأعانت وأجابت إلى وسمحت وسهلت تدور كلها حول معنى واحد هو
االنقياد والخضوع.
ٱَّلل َجه َد أَي َٰ َمنِ ِهم لَئِن ((الطاعة :االنقياد والموافقة ،وقيل ال يكون إال عن أمر وفي الكتاب العزيز ﴿ َوأَق َ
س ُموا ِب َّ ِ
ير ِب َما تَع َملُونَ ﴾ 4أي قد علم هللا طاعتكم ،إنما هي ٱَّلل َخ ِب ٌۢ ٌ
طاعَةٌ َّمع ُروفَةٌ ۚ إِنَّ َّ َ أَ َمرتَ ُهم لَيَخ ُر ُجنَّ ۖ قُل َّال ت ُق ِ
س ُموا ۖ َ
قول ال فعل معه وكلما حلفتم كذبتم .وقيل ليكن أمركم طاعة بالمعروف من غير حلف وال إقسام.
عند الحنفية :فعل ما يثلب عليه توقف على نية أو ال ،عرف من يفعله ألجله أو ال .وعند الشافعية :هي اإلتيان
بالمأمور به واالنتهاء عن المنهي عنه .وعند الظاهرية :هي اإليمان.5
فذكر صاحب القاموس الفقهي تعريف كل من الحنفية والشافعية والظاهرية للطاعة وفرق بينهما حيث ال تتوقف
الطاعة عند الحنفية والشافعية والظاهرية للطاعة وفرق بينهما حيث ال تتوقف الطاعة عند الحنفية على النية أو
على معرفة من يفعل ألجله ،وهي عند الشافعية إتيان بالمأمور وانتهاء عن المنهي ،في حين هي عند الظاهرية
بمعنى اإليمان .ونجد تفاصيل كثيرة حول موضوع الطاعة في موسوعة مصطلحات علم الكالم قد نتوه لو
توغلنا في أعماقها ننقل قول صاحبها(( :طاعة :إن المعصية فعل ما نهيت عنه ،والطاعة فعل ما أمرت به ،فكل
من أمر بشيء ففعله فقد أطاع األمر له وكل من نهي عن شيء ففعله فقد عصى الناهي له ،الطاعة هي التي
تؤدي على األمر ال على ما يسر ويتلذذ ،ألن للعباد فيما أعطاهم هللا الشهوات لذات وسرورا ً ومحال وصف هللا
بالطاعة لهم)).
يتضح لنا بأن الطاعة فعل المأمورات ،فهي ال تكون إال عن أمر وبأن الطاعة ال تكون عن لذة وسرور دائما ً.
وولى المرء من يلي أمره ويقوم مقامه كولي الصبي والمجنون وكالوكيل .وولى المرء أيضا من يقوم بأمره بعد
وفاته من ذوي قرابته ،وهذه الوالية من أسباب التوارث.
إن ابن عاشور يرجح كون أولي األمر هم المتولون شؤون الناس وأمورهم سواء بالخالفة ونحوها ،أو من يتأمر
على جماعة ليس لها سلطان أو من كان قدوة بسبب صفات كمال فيه وحصرها في اإلسالم والعلم والعدالة،
وفي الحقيقة األمر يدور في ذلك إن أدخلنا الحكمة في العلم .وبذلك يكون هذا القول مؤيدا ً لما رجحناه من أن
كل من تولى أمرا ً من أمور المسلمين وجبت طاعته فيما تواله إن لم يكن في ذلك معصية هلل ،وقد يحسن بنا أن
10
نحصره في السلطة التنفيذية.
إن أولي األمر من المسلمينَ ،م ْن يقوم بشأنهم في أمر دينهم ،وجميع ما يؤدي إلى صالحهم.
أولو األمر :أي أصحاب التصرف في شأن األمة ،الذين يملكون زمام األمور ،وبيدهم قيادة األمور.
أولو األمر :الذين بهم يرتدع الناس فوالة األمر هم من يقومون بشأن أمر المسلمين؛ لصالح دينهم ودنياهم ،وهم
أصحاب التصرف في األمة ،وبيدهم قيادتها وبهم يرتدع الناس .وقد ورد هذا المصطلح في القرآن الكريم ،فقال
سو َل َوأُو ِلي اْلَم ِر ِمنكُم﴾ ،ولقد فسر العلماء والة األمر َّللاَ َوأَ ِطيعُوا َّ
الر ُ هللا تعالى﴿ :يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا أَ ِطيعُوا َّ
في اآلية بعدة تفسيرات ،منها:
المراد بهم األمراء ،العلماء ،أصحاب محمد -صلى هللا عليه وسلم -أبو بكر وعمر -رضي هللا عنهما -أنها عامة
في كل أولي األمر ،من األمراء والعلماء ولقد فسر أبو هريرة -رضي هللا عنه -أولي األمر بأنهم األمراء.
وهو المراد من البحث عن التعريف اصطالحا ً ،حيث إن والة األمر هم الذين بيدهم زمام أمر المسلمين.
الطبي :جامع البيان يف تأويل القرآن ،دار الكتب العلمية -رببوت – لبنان ،ط1412/1:ـه 1992 -م. 9ر
الطبي :ابن جرير ر
10ابن عاشور :التحرير والتنوير.
8
المبحث اْلول :تفسير اآلية رقم 59من سورة النساء:
أوالً :نص اآلية الكريمة
12
ثالثا ً :الشرح اإلجمالي لآلية
قوله تعالى( :يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم) اختلفوا في (أولي األمر) قال
ابن عباس وجابر رضي هللا عنهم :هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم ،وهو قول الحسن
والضحاك ومجاهد ،ودليله قوله تعالى " :ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه
منهم " (النساء .)83 -
وقال أبو هريرة :هم األمراء والوالة .وقال علي بن أبي طالب رضي هللا عنه :حق على اإلمام أن يحكم بما
أنزل هللا ويؤدي األمانة فإذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا .أخبرنا أبو علي حسان بن سعد
المنيعي ،أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ،أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ،أنا أحمد بن
يوسف السلمي ،أنا عبد الرزاق ،أنا معمر ،عن همام بن منبه أنا أبو هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ،أنا أحمد بن عبد هللا النعيمي ،أخبرنا محمد بن يوسف ،أنا محمد بن
إسماعيل أنا مسدد ،أنا يحيى بن سعيد ،عن عبيد هللا حدثني ،نافع ،عن عبد هللا رضي هللا عنهم عن النبي صلى
هللا عليه وسلم قال " :السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ،ما لم يؤمر بمعصية ،فإذا أمر بمعصية
فال سمع وال طاعة".
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن محمد الدراوردي أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت أنا أبو
إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ،أنا أبو مصعب ،عن مالك بن أنس ،عن يحيى بن سعيد ،أخبرنا عبادة
بن الوليد بن عبادة أن أباه أخبره عن عبادة بن الصامت قال " :بايعنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على السمع
والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره ،وعلى أثرة علينا وعلى أال ننازع األمر أهله ،وعلى أن نقول
بالحق أينما كنا ال نخاف في هللا لومة الئم.
أخبرنا أبو عبد هللا عبد الرحمن بن عبيد هللا بن أحمد القفال ،أنا أبو منصور أحمد بن الفضل البروجردي ،أنا
أبو بكر بن محمد بن همدان الصيرفي ،أنا محمد بن يوسف الكديمي ،قال أخبرنا أبو داود الطيالسي ،عن شعبة،
عن أبي التياح ،عن أنس رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ألبي ذر " :اسمع وأطع ولو لعبد
حبشي كأن رأسه زبيب" .
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ،أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ،أنا أبو العباس ،أنا
محمد بن أحمد المحبوبي ،أنا أبو عيسى الترمذي ،أنا موسى بن عبد الرحمن الكندي ،أنا زيد بن الحباب أنا
معاوية بن صالح ،حدثني سليم بن عامر ،قال :سمعت أبا أمامة رضي هللا عنه يقول :سمعت رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال " :اتقوا هللا وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم
وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم" .وقيل :المراد أمراء السرايا ،أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد
بن عبد هللا النعيمي ،أنا محمد بن يوسف ،أنا محمد بن إسماعيل ،أنا صدقة بن الفضل ،أنا حجاج بن محمد ،عن
يعلى بن مسلم ،عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ،في قوله تعالى( :وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم) قال :
نزلت في عبيد هللا بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى هللا عليه وسلم في سرية وقال عكرمة :أراد
بأولي األمر أبا بكر وعمر رضي هللا عنهما.
10
حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التيمي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ،أخبرنا خيثمة بن
سليمان بن حيدرة األطرابلسي ،أنا عمرو بن أبي عرزة بالكوفة ،أخبرنا ثابت بن موسى العابد ،عن سفيان
بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي ،عن حذيفة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم " :إني ال أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " ،رضي هللا عنهما.
وقال عطاء :هم المهاجرون واألنصار والتابعون لهم بإحسان بدليل قوله تعالى ( والسابقون األولون من
المهاجرين واألنصار ) اآلية.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد هللا بن محمود ،أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد هللا الخالل ،أنا عبد هللا بن المبارك،
عن إسماعيل المكي ،عن الحسن ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنهم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
" :مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام ال يصلح الطعام إال بالملح " قال :قال الحسن :قد ذهب ملحنا
فكيف نصلح.
قوله عز وجل( :فإن تنازعتم) أي :اختلفتم( ،في شيء) من أمر دينكم ،والتنازع :اختالف اآلراء وأصله من
النزع فكأن المتنازعين يتجاذبان ويتمانعان( ،فردوه إلى هللا والرسول) أي :إلى كتاب هللا وإلى رسوله ما دام
حيا وبعد وفاته إلى سنته ،والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما ،فإن لم يوجد فسبيله االجتهاد .وقيل:
الرد إلى هللا تعالى والرسول أن يقول لما ال يعلم :هللا ورسوله أعلم (إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر ذلك)
أي :الرد إلى هللا والرسول( ،خير وأحسن تأويال) أي :أحسن مآال وعاقبة.
11
المبحث الثاني :تفسير اآلية رقم 83من
سورة النساء:
أوالً :نص اآلية الكريمة
سو ِل َوإِلَ َٰى أُو ِلي اْلَم ِر ِمن ُهم لَعَ ِل َمهُ الَّ ِذينَ الر ُ ف أَذَاعُوا بِ ِه ۗ َولَو َردُّوهُ إِلَى َّ ﴿وإِذَا َجا َءهُم أَم ٌر ِمنَ اْلَم ِن أَ ِو ال َخو ِ
َ
طانَ إِ َّال قَ ِل ً
يال﴾ علَيكُم َو َرح َمتُهُ َالتَّبَعت ُ ُم الشَّي َ طونَهُ ِمن ُهم ۗ َولَو َال فَض ُل َّ ِ
َّللا َ يَستَنبِ ُ
13
ثالثا ً :الشرح اإلجمالي لآلية
قوله تعالى ( :وإذا جاءهم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا به ) إنكار على من يبادر إلى األمور قبل تحققها ،
فيخبر بها ويفشيها وينشرها ،وقد ال يكون لها صحة .وقد قال مسلم في " مقدمة صحيحه " حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة ،حدثنا علي بن حفص ،حدثنا شعبة ،عن خبيب بن عبد الرحمن ،عن حفص بن عاصم ،عن أبي
هريرة ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال " :كفى بالمرء أن يحدث بكل ما سمع " وكذا رواه أبو داود في
كتاب " األدب " من سننه ،عن محمد بن الحسين بن إشكاب ،عن علي بن حفص ،عن شعبة ورواه مسلم
أيضا من حديث معاذ بن هشام العنبري ،وعبد الرحمن بن مهدي .وأخرجه أبو داود أيضا من حديث حفص
بن عمر النمري ،ثالثتهم عن شعبة ،عن خبيب عن حفص بن عاصم ،به مرسال .وفي الصحيحين عن المغيرة
بن شعبة :أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نهى عن قيل وقال أي :الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من
غير تثبت ،وال تدبر ،وال تبين .وفي سنن أبي داود أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال " :بئس مطية الرجل
كثب 13
تفسب ابن ر
ر
12
زعموا عليه " .وفي الصحيح " :من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .ويذكر هاهنا حديث
عمر بن الخطاب المتفق عليه ،حين بلغه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طلق نساءه ،فجاءه من منزله حتى
دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك ،فلم يصبر حتى استأذن على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فاستفهامه:
أطلقت نساءك؟ قال " :ال " فقلت :هللا أكبر وذكر الحديث بطوله .وعند مسلم :فقلت :أطلقتهن؟ فقال " :ال "
فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي :لم يطلق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نساءه .ونزلت هذه اآلية:
(وإذا جاءهم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي األمر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم )فكنت أنا استنبطت ذلك األمر .ومعنى قوله( :يستنبطونه) أي :يستخرجونه ويستعملونه من
معادنه ،يقال :استنبط الرجل العين ،إذا حفرها واستخرجها من قعورها .ومعنى قوله( :التبعتم الشيطان إال قليال)
قال علي بن أبي طلحة ،عن ابن عباس :يعني المؤمنين .وقال عبد الرزاق ،عن معمر ،عن قتادة( :التبعتم
الشيطان إال قليال) يعني :كلكم .واستشهد من نصر هذا القول .بقول الطرماح بن حكيم ،في مدح يزيد بن المهلب:
فيه . أشم كثير يدي النوال قليل المثالب والقادحة يعني :ال مثالب له ،وال قادحة
13
الخاتمة
إن وجوب طاعة أولي األمر من أهم األمور التي أمرنا هللا تعالى ورسوله بها وقد استخلصت مجموعة من
النتائج.
14
التوصيات:
على العلماء العمل على توحيد األمة على اختالف أفكارها ومذاهبها ومناهجها ما دامت ال تخرج عن منهج
القرآن والسنة فللعلماء دور بارز على مدار التاريخ في توجيه األمة الوجهة الصحيحة وتحديد مكامن الخطر.
ولذا فالبد من إطاعة أولي األمر والحث على ذلك.
15
المصادر العلمية:
التفاسير:
-1ابن عاشور :محمد الطاهر ابن عاشور :التحرير والتنوير ،دار سحنون للنشر والتوزيع – تونس.
-2ابن كثير :عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير :تفسير القرآن العظيم ،دار األندلس للطباعة والنشر
والتوزيع ،ط1400/2:هـ 1980 -م.
-3البغوي :أبو أحمد الشافعي البغوي :تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل ،دار الكتب العلمية ،بيروت –
لبنان ،ط1993 :م.
مصادر عامة:
-1ابن تيمية :مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ،جمع الشيخ عبد الرحمن بن قاسم ،الطبعة األولى.
-2الطبري :تاريخ الطبري ،تاريخ األمم والملوك ،دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان ،ط1995 :م.
-3العثيمين :محمد بن صالح العثيمين :شرح العقيدة السفارينية ،خرج أحاديثه وآياته وعلق عليه إسالم
منصور عبد الحميد ،دار البصيرة اإلسكندرية ،مصر.
16
الفهرس
المقدمة 1...........................................................................................................................
أهمية الموضوع1........................................................................................................... :
أسباب اختيار الموضوع1..................................................................................................:
أهداف الموضوع2.......................................................................................................... :
خطة البحث2................................................................................................................. :
منهج البحث4................................................................................................................ :
أوالً :تعريف الطاعة لغةً واصطالحاً5...................................................................................:
التمهيد5............................................................................................................................
تعريف الطاعة لغاً5...................................................................................................... :
تعريف الطاعة اصطالحاً6............................................................................................. :
ثانياً :تعريف ولي األمر لغةً واصطالحاً7...............................................................................:
تعريف ولي األمر لغاً7.................................................................................................. :
تعريف ولي األمر اصطالحاً7......................................................................................... :
المبحث األول :تفسير اآلية رقم 59من سورة النساء9................................................................... :
أوالً :نص اآلية الكريمة 9...................................................................................................
ثانياً :معاني المفردات 9......................................................................................................
ثالثاً :الشرح اإلجمالي لآلية 9...............................................................................................
رابعاً :ما يستفاد من اآلية 11 ...............................................................................................
المبحث الثاني :تفسير اآلية رقم 83من سورة النساء12 ................................................................ :
أوالً :نص اآلية الكريمة 12 ................................................................................................
ثانياً :معاني المفردات 12 ...................................................................................................
ثالثاً :الشرح اإلجمالي لآلية 12 ............................................................................................
رابعاً :ما يستفاد من اآلية 13 ...............................................................................................
الخاتمة 14 ........................................................................................................................
17
أبرز نتائج البحث14 ....................................................................................................... :
التوصيات15 ................................................................................................................ :
المصادر العلمية16 ............................................................................................................:
التفاسير16 ................................................................................................................... :
كتب الحديث الشريف16 .................................................................................................. :
كتب اللغة والمعاجم16 .................................................................................................... :
مصادر عامة16 ............................................................................................................ :
الفهرس 17 .......................................................................................................................
18