You are on page 1of 93

‫جامعة الشهيد حمه لخضر ‪ -‬الوادي‬

‫معهد العلوم اإلسالمية‬


‫قسم أصول الدين‬

‫التربية القرآنية في آيات الحج‬

‫‪-‬‬ ‫دراسة موضوعية‬ ‫‪-‬‬

‫مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات الحصول على شهادة الماستر‬


‫في العلوم اإلسالمية – تخصص‪ :‬التفسير وعلوم القرآن ‪-‬‬

‫شرف‬
‫‪ -‬تحت إ ا‬ ‫‪ -‬إعداد الطالبة‪:‬‬
‫األستاذ‪ :‬مصباح موساوي‪.‬‬ ‫فاطمة بن تيشة‬

‫السنة الجامعية‪1438-1437:‬ﻫ‪2017 - 2016/‬م‬



‫إهداء‬
‫إىل منبع احلب واحلنان ‪ :‬أمي الغالية‬
‫إىل روح والدي الطاهرة رمحه اهلل وأسكنه فسيح جنانه‬
‫إىل من هلم يف القلب تذكار ولن تسعهم ورقيت بتذكار‪ ,‬إخويت وأخوايت وأزواجهم‬
‫وأبنائهم إىل كل األقارب من قريب أو بعيد‪.‬‬
‫إىل كل صديقايت وخاصة قسم ثانية ماسرت علوم القرآن‪ ,‬وإىل كل طلبة العلم‪ ,‬وإىل كل من‬
‫متىن يل النجاح‪.‬‬
‫إىل كل حاج كاشف عن رأسه هلل وهو يردد " لبيك اللهم لبيك‪ ,‬لبيك ال شريك لك‬
‫لبيك‪ ,‬إن احلمد والنعمة لك وامللك‪ ,‬ال شريك لك"‪.‬‬
‫إليهم مجيعا أهدي هذا اجلهد املتواضع‪ ,‬سائلة املوىل تبارك وتعاىل أن جيعله خالصا لوجهه‬
‫الكرمي‪.‬‬

‫* فاطمة *‬
‫شكر وعرفان‬

‫احلمد هلل الذي جل ثناؤه وتقدست أمساؤه‪ ,‬والصالة والسالم على عبده ورسوله‪ ,‬نبينا‬
‫حممد بن عبد اهلل وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫أمحد اهلل الذي يسر يل إمتام هذا العمل‪ ,‬وأعانين مبنه وكرمه على حتقيق هذا األمل‪ ,‬فله‬
‫احلمد والشكر كما ينبغي جلالله وعظمته‪.‬‬
‫كما أتوجه بالشكر اجلزيل لألستاذ املشرف "مصباح موساوي"على ما قدمه من‬
‫توجيهات‪ ,‬والشكر موصول إىل زميلي يف العمل األستاذ‪ :‬محمد حدد‪ ,‬وإىل زوجة أخي‪,‬‬
‫على مد يد العون واملساعدة‪,‬كما ال يفوتين أن أعرب عن بالغ الشكر واالمتنان لكل أساتذة‬
‫معهد العلوم اإلسالمية‪ ,‬خاصة األساتذة الذين درسوين وكان هلم األثر الكبري يف مشواري‬
‫العلمي‪.‬‬
‫إىل كل هؤالء جزاهم اهلل خريا وبارك جهودهم وجعل ذلك يف ميزان حسناهتم‪.‬‬
‫‪ -‬الملخص باللغة العربية‬
‫عنوان البحث "الرتبية القرآنية يف آيات احلج دراسة موضوعية "‪ ,‬واهلدف من هذه الدراسة‬
‫هو بيان أهداف احلج الرتبوية املتضمنة يف هذه اآليات‪ ,‬حبيث احتوت على جمموعة من‬
‫ُ‬
‫األهداف منها ما يتعلق بالعقيدة‪ ,‬ومنها ما يتعلق بأخالق الفرد مع نفسه وجمتمعه‪ ,‬وعلى‬
‫هذا قسم البحث إىل مقدمة وفصلني وخامتة‪ ,‬يتحدث الفصل األول عن مفهوم الرتبية‬
‫القرآنية واحلج‪ ,‬والفصل الثاين متعلق بآيات احلج الرتبوية من جانب العقيدة ومن جانب‬
‫األخالق‪ ,‬ومن جهة التعامل مع اجملتمع‪ ,‬واخلامتة ذكرت فيها أهم النتائج املتوصل إليها ومن‬
‫أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬أن القرآن الكرمي هو أساس الرتبية يف مجيع العبادات القائمة على توحيد اهلل‪ ,‬وإفراده‬
‫بالعبودية‪.‬‬
‫وعمال مع نفسه وجمتمعه‪.‬‬
‫‪ -‬دور احلج يف صالح املسلم خل ًقا ً‬
Résumé
Titre de « l'éducation coranique dans les versets d'étude
objective Hajj, » L'objectif de cette étude est l'énoncé des
objectifs du pèlerinage éducatif contenu dans ces versets,
de sorte que contenait un ensemble d'objectifs, y compris
ceux liés à la foi, y compris en ce qui concerne la moralité
de l'individu avec lui-même et sa société, et ce
département de recherche introduction aux deux chapitres
et une conclusion, le premier chapitre parle du concept de
l'éducation coranique et le Hajj, et le second chapitre
relatif aux signes de l'éducation Hajj par la foi et par la
morale, la main face à la communauté, et la conclusion la
plus importante pour les résultats obtenus et a rapporté, y
compris:
-que le Coran est la base de l'éducation dans tous les actes
de culte basé sur l'unification de Dieu et de son peuple à
l'esclavage.
-Le rôle du Hadj dans l'éthique Salah musulman,
conformément à lui-même et sa communauté.
Summary

This research includes «The quoranic in education


pilgrimage through the verses contained therin »The educational
pilgrimage goals contained in this verses. So that it consisted
many goals, some of them related to creed and the other related
to person's morals with him self and his community .So the
research classed into introduction, 2 parts and coclusion .The
first part related to the concept of quoranic and pilgrimage the
second one related to pilgrimage's verses in side of creed and
morals and side of dealt with community, the conclusion consist
the important consequences reached such as:
-The holy quoran is the basis education of in all warships based
on the unification of god and indidualize him with warchip.
-The role of pilgrimage in making muslim created and work
with him self and his community.
‫ﭧﭨ‬

‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ‬
‫ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ‬
‫ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﭼ ‪.1‬‬

‫‪-1‬احلج‪.28-27 :‬‬
‫م ـ ـ ـقدمة‬
‫مقدمة‬

‫‪-1‬مقدمة‬
‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‬
‫مدا عبده‬‫من يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن إله إال اهلل وأشهد أن حم ً‬
‫ورسوله ‪.‬‬
‫فإن أصدق احلديث كتاب اهلل وخري اهلدي هدي حممد ‪ ,‬وشر األمور حمدثاهتا وكل حمدثة بدعة‬
‫وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار وبعد‪:‬‬
‫فإن القرآن الكرمي هو معجزة اهلل اخلالدة‪ ,‬بألفاظه وتراكيبه وبيانه وتناسق عباراته‪ ,‬وبتشريعاته اليت‬
‫أنزهلا اهلل للناس من أجل إرساء قواعد األمن والطمأنينة يف نفوس البشرية‪ ,‬والبد لكل تشريع من‬
‫دعائم يقوم عليها‪ ,‬وتساعد على بقائه ودوامه بني الناس‪.‬‬
‫فالتشريع القرآين له دعائمه الثابتة وخصائصه‪ ,‬اليت جتعل البشرية تنقاد إليه عن قناعة وثقة؛ ألنه‬
‫يتفق مع الفطرة البشرية ويساير مصاحل الناس‪ ,‬ونظراً لكون احلج هو الركن اخلامس من أركان‬
‫اإلسالم‪ ,‬لذلك كان من املهم توضيح هذه الشعرية وفقا ملا ذكرها القرآن الكرمي‪ ,‬ووضحها رسولنا‬
‫‪ ,‬ملا تتضمنه من مقاصد عظيمة يف تربية الشخصية اإلسالمية‪ ,‬من خالل اآليات الرتبوية املتعلقة‬
‫باحلج ‪.‬‬
‫‪-2‬موضوع الدراسة ‪:‬‬
‫لقد اختصت آيات احلج الرتبوية على مجلة من املوضوعات‪ ,‬منها ما يتعلق بالعقيدة‪ ,‬ومنها ما‬
‫يتعلق باألخالق وغريها من القضايا الرتبوية‪ ,‬ومن هذا املنطلق جاء موضوع الدراسة بعنوان‪ ":‬الرتبية‬
‫القرآنية يف احلج من خالل اآليات الواردة يف ذلك"‪.‬‬
‫‪-3‬أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تربز أمهية الدراسة من خالل طبيعة املوضوع‪ ,‬ألن موضوع الرتبية اليوم من املواضيع اهلامة خاصة‬
‫يف ظل التأثريات السلبية على سلوك الفرد واجلماعة فيها من هدم للقيم الرتبوية اإلسالمية‪ ,‬ومن هذا‬
‫املنطلق ميكن حتديد الدراسة يف بعض النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬بيان قيمة القرآن ملا حيتويه من مناهج تربوية صحيحة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الرتبية القرآنية تتضمن التشريعات املختلفة‪ :‬يف العبادات‪ ,‬واملعامالت‪ ,‬واألخالق‪ ,‬وأن‬
‫القرآن نظام شامل جلميع أمور احلياة‪ ,‬ومناسب لكل زمان ومكان ‪.‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬إبراز دور احلج يف تنمية األخالق الذاتية‪ ,‬وتوحيد صفوف األمة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-4‬أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬
‫خيتار الباحث موضوع دراسته ألسباب واعتبارات عدة‪ ,‬قد تكون ذاتية من خالل ميوله هلذا‬
‫املوضوع‪ ,‬أو موضوعية يفرضها الواقع الذي يعيشه‪ ,‬مما جيعله يبحث عن حلول‪ ,‬ومن أهم األسباب‪:‬‬
‫أ‪-‬األسباب الذاتية‪:‬‬
‫‪ -‬الرغبة يف دراسة كل ما يتعلق بالقرآن الكرمي وعلومه‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة يف معرفة أسرار احلج الرتبوية‪.‬‬
‫ب‪-‬األسباب الموضوعية‪:‬‬
‫‪ -‬هذا املوضوع يساعد على تدبر كتاب اهلل وتأمل آياته‪.‬‬
‫‪ -‬الرتبية الصحيحة هي أساس هنوض اجملتمعات‪ ,‬وال يكون ذلك إال بالرجوع إىل الدستور الصحيح‬
‫أال وهو القرآن الكرمي‪ ,‬فهو منهج احلياة لذلك جيب دراسة مواضيعه املختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬بيان بعض أسرارا حلج الرتبوية‪ ,‬ومعانيها لدى املسلمني‪.‬‬
‫‪-5‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫لكل حبث أو دراسة أهداف حياول الوصول إليها‪ ,‬ومن أمهها‪:‬‬
‫‪-‬التعرف على أهداف الرتبية من وجهة نظر قرآنية‪.‬‬
‫‪-‬التعرف على الدور الرتبوي للحج من بعض جوانب احلياة ‪.‬‬
‫‪-‬انتشار الثقافات السلبية عرب وسائل االتصال احلديثة ملا فيها من هدم القيم واملبادئ اإلسالمية‪,‬‬
‫لذلك رأيت أن أساهم ولو بالقليل من خالل ختصصي وذلك بالعودة إىل القرآن الكرمي لدراسة بعض‬
‫اآليات اليت حوت أبرز التوجيهات الرتبوية‪.‬‬
‫‪ -6‬إشكالية الموضوع‪:‬‬
‫القرآن الكرمي هو الركيزة األوىل للرتبية يف مجيع العبادات واملعامالت‪ ,‬لكن اليوم جند إبعاد الناس‬
‫وإمهاهلم للمنهج القرآين الرتبوي‪ ,‬وعدم التعامل به يف أداء الفرائض منها احلج الذي أصبح السفر إليه‬
‫اليوم مثل أي سفر‪ ,‬هلذا أردت توضيح بعض الصفات الرتبوية اليت يتصف هبا احلاج يف أدائه هلذه‬
‫الفريضة وبعدها‪ ,‬من خالل اآليات القرآنية املوضحة لذلك‪ ,‬ومنه أحاول يف هذه الدراسة أن أجيب‬
‫عن السؤال الرئيسي‪ :‬ما هي أهداف الرتبية القرآنية يف احلج من خالل اآليات الواردة يف ذلك ؟ ومن‬

‫‌ب‬
‫مقدمة‬

‫هنا تفرعت عدة أسئلة جزئية‪ :‬ما مفهوم الرتبية القرآنية ؟ وما هي أسسها وأهدافها ؟وما مفهوم احلج‬
‫؟ وما آداب السفر للحج ؟ وما هي األهداف العقدية واألخالقية للرتبية القرآنية يف احلج ؟‬
‫‪-7‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫من خالل اإلطالع على بعض املراجع مل أجد دراسة مشاهبة ملا تناولته يف حبثي‪ ,‬إال انه يوجد‬
‫بعض الدراسات اليت هلا عالقة بالرتبية واحلج بشكل عام‪ ,‬أو بعض املقاالت املختصرة يف مواقع‬
‫الشبكة العنكبوتية‪ ,‬لذا نذكر منها‪:‬‬
‫‪-1‬الرتبية اإلسالمية(أصول الرتبية اإلسالمية)‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الكتاب‪ ,‬املدينة‬
‫املنورة‪1420 ,‬هـ‪2000/‬م‪ ,‬تعرض فيه صاحبه إىل مفهوم الرتبية اإلسالمية‪ ,‬وأهدافها‪ ,‬وأصوهلا‪.‬‬
‫‪ -2‬الرتبية بالقرآن الكرمي (املفهوم‪ ,‬واألسس‪ ,‬والضوابط)‪ ,‬حممد مصطفى أمحد شعيب‪ ,‬حبث على‬
‫الشبكة العنكبوتية بصيغة وودر حيث عرض يف تعريف الرتبية القرآنية وذكر أهدافها وأسسها وقد‬
‫استفدت منها كثريا‪.‬‬
‫‪-3‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي‪ ,‬رسالة ماجستري يف الرتبية يف اإلسالم‪,‬‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ,‬جامعة الريموك‪ ,‬األردن‪1414 ,‬ه‪1997 -‬م‪ ,‬ذكر فيه أبعاد‬
‫احلج املتعلقة بالفرد واألبعاد املتعلقة باجملتمع ‪.‬‬
‫‪-4‬اإلعجاز التشريعي لآليات احلج يف القرآن الكرمي‪ ,‬أمحد حممد أمحد الكرز‪ ,‬رسالة ماجستري يف‬
‫التفسري وعلوم القرآن‪ ,‬اجلامعة اإلسالمية‪ ,‬غزة‪19429 ,‬ه‪2008-‬م‪ ,‬تضمن األعجاز يف آيات‬
‫احلج كلها‪.‬‬
‫‪-5‬الدور الرتبوي للحج‪ ,‬صاحل بن حيىي بن مفرح الزهراين‪ ,‬رسالة ماجستري يف األصول اإلسالمية‬
‫للرتبية‪ ,‬جامعة أم القرى‪ ,‬اململكة العربية السعودية‪1418 ,‬هـ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬المنهج المتبع في الدراسة‪:‬‬
‫اتبعت يف هذه الدراسة املنهج الوصفي واالستقرائي‪ ,‬فاالستقرائي من خالل استقراء آيات القرآن‬
‫املتعلقة باملوضوع‪ ,‬وكذلك استقراء املادة العلمية سواء التفسريية أو ما يتعلق باملوضوع‪ ,‬أما املنهج‬
‫الوصفي فقد اعتمدت عليه يف أغلب البحث‪ :‬يف الفصل األول وبداية الفصل الثاين‪ ,‬وقد التزمت‬
‫يف عرض املادة العلمية على عدة خطوات أذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التعريف االصطالحي لبعض املصطلحات‪.‬‬

‫‌ج‬
‫مقدمة‬

‫تفسري اآليات املتعلقة باملوضوع اعتمادا على كتب التفسري‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫ذكر األثر الرتبوي آليات املوضوع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كتابة اآليات القرآنية بالرسم العثماين‪ ,‬اعتمادا على مصحف املدينة املنورة للنشر احلاسويب‬ ‫‪-‬‬
‫برواية حفص‪.‬‬
‫تراجم لبعض األعالم الواردين يف املنت‪ ,‬أما الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ,‬والتابعني مل أترجم‬ ‫‪-‬‬
‫هلم‪.‬‬
‫توثيق املصادر واملراجع قي اهلام بالتفصيل عند ذكرها أول مرة‪ ,‬وباالختصار إذا تكرر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫استخدمت عدة رموز منها القوسني لألحاديث النبوية (‪ ,)...‬والشولتني لذكر أقوال العلماء‬ ‫‪-‬‬
‫واملفسرين "‪( ,"...‬ه) للتاريخ اهلجري‪( ,‬م) للتاريخ امليالدي‪( ,‬ص) الصفحة و (ط) الطبعة‪,‬‬
‫(حتق) يعين حتقيق‪.‬‬
‫‪ -9‬أهم الصعوبات‪:‬‬
‫من أهم الصعوبات اليت واجهتين‪:‬‬
‫‪-‬كثرة املادة العلمية اليت تتحدث عن موضوع احلج والرتبية بشكل عام‪ ,‬حيث تناوله العلماء‬
‫من زوايا خمتلفة يصعب اجلمع بينها‪.‬‬
‫‪ -‬أغلب الدراسات تتحدث عن فريضة احلج من اجلانب الفقهي‪.‬‬
‫‪ -10‬خطة البحث‪:‬‬
‫اقتضت طبيعة البحث أن أقسم الدراسة إىل مقدمة وفصلني؛ الفصل األول حول مفهوم الرتبية‬
‫القرآنية واحلج‪ ,‬وقد احتوى على ثالث مباحث؛ األول يتحدث عن مفهوم الرتبية القرآنية‪ ,‬والثاين‬
‫عن مفهوم احلج‪ ,‬والثالث عن طبيعة احلج قبل وبعد اإلسالم‪ ,‬أما الفصل الثاين فقد قسمته هو‬
‫أيضا إىل ثالث مباحث؛ أما املبحث األول الرتبية العقدية من خالل آيات احلج‪ ,‬واملبحث الثاين‬
‫الرتبية األخالقية من خالل آيات احلج‪ ,‬أما املبحث األخري فتحدثت فيه على أن احلج يريب‬
‫املسلمني على األخوة والوحدة اإلسالمية ‪ ,‬وختمت الدراسة بأهم النتائج املتوصل إليها وبعض‬
‫التوصيات‪.‬‬

‫‌د‬
‫الفصل األول‬
‫التربية القرآنية و الحج‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التربية القرآنية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم الحج‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الحج قبل وبعد اإلسالم‪.‬‬


‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التربية القرآنية‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف التربية في اللغة واالصطالح‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف اللغوي‬
‫للرتبية أصول لغوية متعددة زخرت هبا كتب معاين العربية‪ ,‬ومن أبرزها‪:‬‬
‫ـ‪ -1‬االصطالح‪ :‬رب الشيء إذا أصلحه‪.1‬‬
‫العلُ ّو‪ ,‬تقول من ذلك‪ :‬رب الشَّيء‪ ,‬يربُو إذا زاد‪ ,‬وربا‬ ‫الزيادة والنَّماء و ُ‬
‫ـ‪ -2‬الزيادة والنمو‪ :‬وهو ِّ‬
‫الربْو‪ :‬عُلُ ُّو النفس‪. 2‬‬
‫الربْو؛ و َّ‬
‫وربَا؛ أصـابه َّ‬
‫الرابية يربوها‪ ,‬إذا عـالها‪َ ,‬‬
‫َّ‬
‫يقول تعاىل‪:‬ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﯴﭼ‪.3‬‬
‫ـ‪ -3‬النشأة‪":‬رباه تربية"وترباه أي غذاه‪ ,‬وهذا لكل ما ينمي كالولد والزرع وحنوه‪ )4( ,‬تعهده مبا يغذيه‬
‫وينميه‪.5‬‬
‫‪-4‬ساسه وتوىل أمره‪ :‬رببت القوم‪ :‬سستهم أي كنت فوقهم‪.6‬‬
‫الرب‪ ,‬مبعىن الرتبية‪ ,‬والربـاين‪ :‬العـامل الراسخ يف العلم والدين‪.7‬‬
‫‪ -5‬التعليم‪ :‬هو من ّ‬
‫واستخدم القرآن الكرمي الرتبية وبعض مشتقاهتا‪ ,‬لكن سأكتفي بذكر البعض منها‪ :‬الرتبية مبعىن‬
‫التنشئة واإلعالة والتغذية والرعاية‪ ,‬فقال على لسان موسى ﭽﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬
‫ﰄﭼ‪.8‬‬

‫‪ - 1‬لسان العرب‪,‬ابن منظور‪ ,‬ط‪ ,3‬دار الصادر‪ ,‬بريوت‪1414 ,‬هـ‪.401/1 ,‬‬


‫‪ -2‬معجم مقاييس اللغة‪ ,‬ابن فارس‪ ,‬حتق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ,‬دار الفكر‪1399 ,‬هـ‪1979/‬م‪.109/1 ,‬‬
‫‪ - 3‬احلج ‪. 5 :‬‬
‫‪ -4‬خمتار الصحاح‪ ,‬زين الدين بن أيب بكر الرازي ‪ ,‬حتق‪ :‬يوسف الشيخ حممد‪ ,‬ط‪ ,5‬الدار النموذجية‪ ,‬بريوت‬
‫‪1420‬هـ‪1999/‬م‪ ,‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -5‬املعجم الوسيط‪ ,‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ,‬دار الدعوة‪.231/1 ,‬‬
‫‪ -6‬لسان العرب‪ ,‬ابن منظور‪ ,‬ص ‪.400/1‬‬
‫‪- 7‬لسان العرب ‪.404/1 ,‬‬
‫‪ - 8‬الشعراء ‪. 18 :‬‬
‫‪6‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪.1‬‬
‫أي ‪ :‬أمل ننعم عليك ونقم برتبيتك منذ كنت وليدا يف مهدك‪ ,‬ومل تزل كذلك‬
‫احلُ ْك َم‬
‫اب َو ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬‫ك‬‫الرتبية مبعىن احلكمة والعلم والتعليم‪ ,2‬يقول تعاىل‪:‬ما َكا َن لِب َش ٍر أَن يـ ْؤتِيه اللَّـه الْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب َوِمبَا‬ ‫ِ‬ ‫ون اللَّ ِـه ولَـٰ ِكن ُكونُوا ربَّانِيِّ ِ‬
‫ني مبَا ُكنتُ ْم تُـ َعلِّ ُمو َن الْكتَ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًَ‬ ‫ول لِلن ِ‬
‫َّاس ُكونُوا ِعبادا ِّيل ِمن د ِ‬ ‫َوالنُّبُـ َّوَة ُُثَّ يَـ ُق َ‬
‫ُكنتُ ْم تَ ْد ُر ُسو َن ‪.3‬‬
‫قال ابن عباس أي‪ُ :‬حكماء ُعلماء ُحلماء‪4‬؛ قال الطربي‪":5‬والربانيون مجع رباين‪ ,‬وأن الرباين‬
‫منسوب إىل الربّان‪ :‬الذي يرب الناس‪ ,‬وهو الذي يصلح أمورهم ويربيها‪ ,‬ويقوم هبا وهم الوالة‬
‫واألحبار والعلماء"‪.6‬‬
‫الرتبية مبعىن الرعاية يقول تعاىل‪:‬ﭽﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﭼ‪.7‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعريف االصطالحي‬
‫إن كلمة الرتبية مبفهومها االصطالحي حديثة النشأة حيث ظهرت مؤخرا وظهورها مرتبط حبركة‬ ‫َّ‬
‫التجديد الرتبوي يف البالد العربية يف الربع الثاين من القرن العشرين ولذلك مل يكن هلا استخدام هبذا‬
‫املصطلح يف املصادر العربية القدمية‪ ,‬وما كانت تستخدمه هذه املصادر هي كلمات مثل‪ :‬التعليم‪,‬‬
‫والتأديب‪ ,‬والتهذيب‪ ,‬وكلها مرتبطة بالرتبية‪,8‬كما جند هلا اختالفا يف تعريفها االصطالحي‪ ,‬فكل‬
‫يعرف حسب ثقافته واجتاهه الفكري واملعريف‪ ,‬ومن أبرز التعريفات‪:‬‬

‫‪ -1‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ,‬عبد الرمحان السعدي‪ ,‬حتق‪ :‬عبد الرمحان بن معال اللوحيق‪ ,‬ط‪ 1‬مؤسسة الرسالة‪,‬‬
‫‪1420‬هـ‪2000/‬م‪ ,‬ص ‪.589‬‬
‫‪-2‬أصول الرتبية يف القرآن الكرمي‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار العامل للكتاب‪ ,‬اململكة العربية السعودية‬
‫‪1420‬هـ‪2000/‬م‪ ,‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 3‬آل عمران‪79 :‬‬
‫‪ -4‬تفسري القرآن العظيم‪ ,‬ابن كثري‪ ,‬حتق‪ :‬سامي حممد بن سالمة‪ ,‬ط‪ ,2‬دار طيبة للنشر‪1420 ,‬هـ‪1999/‬م‪.66/2 ,‬‬
‫‪ -5‬حممد بن جرير بن يزيد بن كثري الطربي‪ ,‬رأس املفسرين‪ ,‬مسع من أمحد بن منيع وأيب كبري‪ ,‬وروى عنه الطرباين وأمحد بن كامل‪,‬‬
‫من أشهر مؤلفاته‪" :‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن" تويف سنة ‪310‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬طبقات املفسرين‪ ,‬جالل الدين السيوطي‪ ,‬ص‬
‫‪.82‬‬
‫‪- 6‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ,‬ت‪ :‬عبد اهلل الرتكي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار هجر‪1422 ,‬هـ‪2001/‬م‪529/5 ,‬ـ‪.530‬‬
‫‪ - 7‬اإلسراء‪.24 :‬‬
‫‪-8‬ينظر‪ :‬الرتبية اإلسالمية أصوهلا وتطورها يف البالد العربية‪ ,‬حممد منري مرسي‪ ,‬عامل الكتاب‪ ,‬ط‪ ,28‬دار الفكر‪ ,‬دمشق‬
‫‪1431‬هـ‪2010/‬م‪ ,‬ص ‪.48‬‬
‫‪7‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬التربية عند الفالسفة‪.‬‬


‫فال أفالطون‪ ":1‬الرتبية هي أن تضفي على اجلسم والنفس كل مجال وكمال ممكن هلما"‪.2‬‬
‫كما عرفها أرسطو طاليس‪ ":3‬الرتبية هي إعداد العقل للتعليم‪ ,‬كما تعد األرض للبذار"‪.4‬‬
‫وقال إيمان ويل كانط‪ ":5‬الرتبية هي ترقية مجيع أوجه الكمال اليت ميكن ترقيتها بالفرد‪ ,‬وأن‬
‫‪6‬‬
‫اهلدف من الرتبية هو أن ننمي لدى الفرد كلما يستطيع من كمال"‬
‫عرفها أيضا جون ديويـ‪ ":7‬إهنا عملية مسخرة إلعادة بناء اخلربة هبدف توسيع وتعميق مفهومها‬
‫‪8‬‬
‫االجتماعي بينما حيض الفرد بالتحكم يف الطرائق املتضمنة"‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬التربية عند علماء التربية و االجتماع‪ :‬هناك من يعرفها‪:‬‬
‫" الرتبية هي تلك العملية اليت عن طريقها تقوم بتنمية جوانب الشخصية اإلنسانية يف مستوياهتا‬
‫املختلفة"‪.9‬‬

‫‪ -1‬فيلسوف يوناين عظيم‪ ,‬ولد يف أثينا سنة ‪428‬ق‪.‬م‪ ,‬يعد هو تلميذ أرسطو‪ ,‬وإميا نويل كانط‪ ,‬كان أعظم فالسفة العامل على‬
‫طول تاريخ الفكر اإلنساين‪ ,‬تتلمذ على سقراط‪ ,‬من مؤلفاته‪ " ,‬حماوالت أفالطون" تويف سنة ‪347‬ق‪.‬م‪ .‬ينظر‪ :‬عبد الرمحان‬
‫البدوي‪,‬موسوعة الفلسفة ‪.155/1‬‬
‫‪ -2‬مدخل إىل الرتبية‪ ,‬إبراهيم عبد اهلل ناصر وآخرون‪ ,‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -3‬أعظم فيلسوف جامع لكل فروع املعرفة اإلنسانية يف تاريخ البشرية كلها‪ ,‬ولد سنة ‪ 384‬ف‪.‬م‪ ,‬أستاذه أفالطون وهو واضع‬
‫علم املنطق كله تقريب‪ ,‬ومن هنا لقب املعلم األول‪ ,‬من مؤلفاته " السماع الطبيعي‪ :‬و" التحليالت الثانية‪ :‬تويف سنة ‪ 322‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬عبد الرمحان بدوي‪ ,‬موسوعة الفلسفة‪98/1 ,‬ـ‪.99‬‬
‫‪ -4‬مدخل إىل الرتبية‪ ,‬إبراهيم عبد اهلل ناصر وآخرون‪ ,‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -5‬من أعظم فالسفة العصر احلديث ولد سنة ‪1724‬م كان أستاذا يف امليتافيزيقيا والرياضيات والقانون الطبيعة‪ ,‬ومن مؤلفاته"‬
‫بيان ما يف أشكال القياس األربعة"‪ " ,‬الربهان املمكن الوحيد إلثبات وجود اهلل"‪ ,‬تويف سنة ‪1804‬م‪ ,‬ينظر‪ :‬موسوعة الفلسفة‪,‬‬
‫عبد الرمحن بدوي‪269/2 ,‬ـ ‪.272‬‬
‫‪ -6‬مدخل إىل الرتبية‪ ,‬إبراهيم عبد اهلل ناصر وآخرون‪ ,‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -7‬فيلسوف أمريكي برامجايت وعامل تربوي‪ ,‬وناقد اجتماعي‪ ,‬ولد سنة ‪1859‬م‪ ,‬درس الكالسيكيات وعلوم اخلرب تعلم على يد‬
‫شارلز"من أشهر مؤلفاته"عقيديت الرتبوية" و" املدرسة واجملتمع"‪ ,‬تويف سنة ‪1952‬م‪ .‬ينظر‪:‬عبد الرمحان بدوي‪ ,‬موسوعة الفلسفة‪,‬‬
‫‪499/1‬ـ‪.502‬‬
‫‪-8‬أصول الرتبية‪ ,‬أمحد حممد اخلطيب‪ ,‬ص ‪.20‬‬
‫‪ - 9‬فلسفات تربوية معاصرة‪ ,‬عيد إمساعيل علي‪ ,‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون‪ ,‬الكويت‪1995 ,‬م‪ ,‬ص ‪.13‬‬
‫‪8‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪.1‬‬
‫" الرتبية هي عملية التكييف أو التفاعل بني املتعلم وبيئته اليت يعي فيها"‬
‫ويعرفها آخرون‪" :‬هي إعطاء اجلسم والروح كل ما ميكن من اجلمال‪ ,‬وكل ما ميكن من الكمال"‪.2‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬التربية عند علماء المسلمين‬
‫قال أبو حامد الغزالي‪ ":3‬إ ّن صناعة التعليم هي أشرف الصناعات اليت يستطيع اإلنسان أن‬
‫حيرتفها وإن أهم أغراض الرتبية هي الفضيلة والتقرب إىل اهلل"‪.4‬‬
‫عرفها الراغب األصفهاني‪ ":5‬الرتبية‪ ,‬وهي إنشاء الشيء حاال فحاال إىل حد التمام"‪.6‬‬
‫أما البيضاوي‪ 7‬فقال‪ ":‬وهي تبليغ الشيء إىل كماله شيئا فشيئا"‪.8‬‬
‫عرفها ابن باديس‪ 9‬فقال هي‪ ":‬جهد إنساين هـادف موجه لرعاية الفرد واجملتمع‪ ,‬ويسعى لبناء‬
‫الفكر وتثقيف العقل وتقومي األخـالق‪ ,‬وتقوية البدن من أجل بناء شخصية متكاملة"‬

‫‪ - 1‬األخالق ما بني علمي الرتبية والنفس‪ ,‬عطية خليل عطية‪ ,‬حممود عبد احلفيظ الشاذيل‪ ,‬ط‪ ,1‬دار البداية‪ ,‬عمان‬
‫‪1434‬هـ‪2013/‬م‪ ,‬ص ‪.43‬‬
‫‪ - 2‬الرتبية العامة‪ ,‬عبد اهلل قلي‪ ,‬اجلزائر‪2009 ,‬م‪ ,‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 3‬حممد بن حممد بن أمحد الغزايل الطوسي زين الدين‪ ,‬حجة اإلسالم‪ ,‬كان من أذكياء العامل يف كل ما يتكلم‪ ,‬ويل التدريس‬
‫بالنظامية‪ ,‬مصنفاه كثرية من بينها‪ ":‬املنخول" و" إحياء علوم الدين"‪ ,‬تويف ‪505‬هـ‪.‬ينظر‪ :‬ابن امللقن املصري‪ ,‬العقد املذهب يف‬
‫طبقات محلة الذهب‪ ,‬ص ‪116‬ـ‪.117‬‬
‫‪ - 4‬مدخل إىل الرتبية‪ ,‬إبراهيم عبد اهلل ناصر وآخرون‪ ,‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 5‬احلسني بن حممد بن املفضل‪ ,‬أبو القاسم‪ ,‬املعروف بالراغب األصفهاين‪ ,‬أديب‪ ,‬إمام من حكماء العلماء‪ ,‬اشتهر بالتفسري‬
‫واللغة‪ ,‬أصله من أصفهان‪ ,‬عاش يف بغداد‪ ,‬من مؤلفاته" املفردات يف غريب القرآن" و" حتقيق البيان يف تأويل آي القرآن" تويف‬
‫سنة ‪520‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬عادل نويهض‪ ,‬معجم املفسرين من صدر اإلسالم وحىت العصر احلاضر‪.158/1 ,‬‬
‫‪ - 6‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ,‬دار القلم‪ ,‬دمشق‪.375/1 ,‬‬
‫‪ -7‬عبد اهلل بن عمر بن حممد بن علي البيضاوي الشريازي‪ ,‬أبو سعيد‪ ,‬ناصر الدين‪ ,‬قاض‪ ,‬مفسر‪ ,‬عامل بالفقه واألصول والعربية‬
‫واملنطق واحلديث‪ ,‬من أعيان الشافعية‪ ,‬ولد يف مدينة البيضاء‪ ,‬وويل قضاء شرياز مدة‪ ,‬من تصانيفه الكثرية‪":‬أنوار التنزيل وأسرار‬
‫التأويل"‪ ,‬ويعرف بتفسري البيضاوي‪ ,‬مات بتربيز سنة ‪685‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬عادل نويهض‪ ,‬معجم املفسرين من صدر اإلسالم وحىت‬
‫العصر احلاضر‪.318/1 ,‬‬
‫‪ - 8‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ,‬حتق‪ :‬حممد عبد الرمحان املرعشلي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ,‬بريوت‪1418 ,‬هـ ‪.28/1‬‬
‫‪ - 9‬عبد احلميد بن حممد املصطفى بن املكي بن باديس‪ ,‬من كبار رجال اإلصالح والتجديد يف اإلسالم‪ ,‬ورئيس مجعية العلماء‬
‫املسلمني اجلزائريني‪ ,‬له ع ّدة جمالّت منها "الشهاب" و"املنتقد" ومن آثاره" جمالس التذكري يف التفسري" و" العقائد اإلسالمية"‪ ,‬من‬
‫أهم شيوخه حممد الطاهر بن عاشور‪ ,‬تويف بقسنطينة سنة ‪1359‬هـ ‪ .‬ينظ‪,‬ر‪ ,‬معجم أعالم اجلزائر‪ ,‬عادل نويهض‪ ,‬ص ‪28‬ـ‪,29‬‬ ‫ّ‬
‫و‪ :‬أبو األرقم املصري‪ ,‬التفسري واملفسرون يف غرب إفريقيا‪.222/1 ,‬‬
‫‪9‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫ومنه فإن الرتبية هي عملية تنشئة وتنمية تدرجيية للفرد يف مجيع جوانب شخصيته‪.‬‬
‫‪-‬رابعا‪ :‬التربية اإلسالمية‬
‫"الرتبية اإلسالمية منهج يتضمن أصوال فكرية‪ ,‬وتربوية‪ ,‬وأساليب ووسائل متميزة وخصائص جتمع‬
‫بني الربّانية والتكامل وبناء الفرد املسلم والبيت املسلم‪ ,‬ومن خالل ذلك إقامة الدولة املسلمة‬
‫والشهادة على العاملني‪ ,‬ويبتغي من وراء ذلك رضا اهلل واجلنة وعبادة رب العاملني"‪.1‬‬
‫"الرتبية اإلسالمية تربية مشولية متكاملة جلوانب الشخصية والروحية والعقلية والوجدانية واألخالقية‬
‫واجلسمية واالجتماعية واإلنسانية وفق مسار االعتدال واالتزان فال إفراط وال تفريط"‪.2‬‬
‫ومنه فإن الرتبية اإلسالمية يف اجملتمع املسلم هدفها توضيح وإرساء دعائم العقيدة واملثل والقيم‬
‫األخالقية يف النفوس وفق منهج إسالمي‪ ,‬وما يتبع ذلك من إعداد جلميع أبناء اجملتمع وفق تعاليم‬
‫الدين اإلسالمي‪.3‬‬
‫عكس الرتبية الغربية اليت تقوم على إشباع اجلانب املادي دون اجلانب الروحي‪ ,4‬وأصل الرتبية‪":‬هو‬
‫كل ما تستند إليه من مبادئ وأسس ومفاهيم وأساليب نظرية وتطبيقية تقوم بتوجيه الكائن البشري‬
‫للوجهة السليمة"‪.5‬‬
‫الرتبية اإلسالمية‪ :‬هي إعداد الفرد وتنظيم سلوكه على حنو متكامل يف مجيع جوانب حياته يف إطار‬
‫كلي يستند إىل شريعة اإلسالم ‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق ذكره يتضح أ ّن الرتبية كمصطلح مل يظهر مع ظـهور اإلنسان بل كان حديث‬
‫الظهور‪.‬‬

‫‪ -1‬حنو نظرية للرتبية اإلسالمية‪ ,‬علي جريشة‪ ,‬دار التضامن للطباعة والنشر‪ ,‬القاهرة‪1986 ,‬م‪ ,‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -2‬منهج اإلسالم يف تربية عقيدة الناشئ‪ ,‬حممد خري فاطمة‪ ,‬ط‪ ,1‬دار اخلري‪ ,‬بريوت‪1419 ,‬هـ‪1998/‬م‪ ,‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬أصول الرتبية يف ضوء املدارس الفكرية " إسالميا وفلسفيا "‪ ,‬أبو حسن اخلياري‪ ,‬دار األمل‪1413 ,‬هـ‪1993/‬م‬
‫ص ‪.233‬‬
‫‪ - 4‬الرتبية اإلسالمية ألطفال املسلمني‪ ,‬أبو بكر يوسف املشرف‪ ,‬رسالة ماجستري يف الدراسات اإلسالمية‪ ,‬كلية اآلداب جامعة‬
‫اخلرطوم‪1427 ,‬هـ‪2000/‬م‪ ,‬ص ‪.38‬‬
‫‪ - 5‬أصول الرتبية‪ ,‬أمحد حممد اخلطيب‪ ,‬املكتبة اجلامعية احلديثة‪ ,‬اإلسكندرية‪ ,‬ص ‪.35‬‬
‫‪10‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫فالرتبية هي عبارة عن تنشئة وتنمية تدرجيية للفرد كما أشار إليه البيضاوي بقوله‪( :‬شيئا فشيئا) من‬
‫كافة جوانب شخصيته‪ ,‬وهذه العملية ال ب ّد هلا من أسس وقواعد تقوم عليها العملية الرتبوية‪ ,‬وفق‬
‫منهج معني‪ ,‬والرتبية اإلسالمية تقوم على أسس ومناهج إسالمية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف القرآن الكريم في اللغة واالصطالح‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف اللغوي للقرآن‬
‫لشرفه قَـَرأَهُ يَـ ْقَرُؤهُ ويَـ ْقُرُؤهُ األَخرية عن‬
‫ط منه َ‬ ‫ِّم على ما هو أَبْ َس ُ‬‫( قرأ ) ال ُقرآن التنزيل العزيز وإمنا قُد َ‬
‫الزجاج قَـ ْرءاً وقِراءة وقُرآناً األُوىل عن اللحياين فهو َم ْقروء‪.1‬‬
‫أبو إسحاق النحوي يُسمى كالم اللّه تعاىل الذي أَنزله على نبيه ‪ ‬كتاباً‪ ,‬وقُـ ْرآناً‪ ,‬وفُـ ْرقاناً ومعىن‬
‫ض ُّمها وقوله تعاىل‪  :‬إِ َّن علينا َمجْعه وقُرآنه‪ ‬أَي‬ ‫الس َور فيَ ُ‬
‫ال ُقرآن معىن اجلمع ومسي قُـ ْرآناً ألَنّه جيمع ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمجْ َعه وقراءَته‪ ‬فَِإذا قَـَرأْنَاهُ فاتَّبِ ْع قـُ ْرآنَهُ ‪‬أَي قراءَتَهُ قال ابن عباس ‪" ‬فِإذا بيَّـنَّاه لك بالقراءة ْ‬
‫فاع َم ْل مبا‬
‫بَـيَّـنَّاه لك"‪.2‬‬
‫وتكاد جتمع معاجم اللغة على أن األصل الداليل ملاديت‪ :‬قرأ وقري إّمنا هو معىن اجلمع واالجتماع‬
‫وما تفرع عنه‪ ,‬سواء مهزت آخره أم مل هتمزه‪ ,‬فهو يف ذلك سواء‪ ,‬ومنه مسي القرآن قرآنا‪ :‬جلمعه ما‬
‫فيه من األحكام ولقصص والعرب‪,‬أو االجتماع آية وسورة وتألفها‪.3‬‬
‫ومنه فالقرآن مصدر الفعل قرأ يعين اجلمع والضم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف القرآن في االصطالح‬
‫القرآن الكرمي كتاب اهلل تعاىل وكالمه أنزله على النيب‪ ‬وتكفل حبفظه إىل قيام الساعة وجاء هداية‬
‫ونورا للبشرية‪ ,‬وأمرنا بإتباع تعاليمه‪ ,‬والتقرب إىل اهلل بتالوته والتخلق بأخالقه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫بأنه الكالم املعجز املنزل على النيب‪, ‬املكتوب يف املصاحف‪ ,‬املنقول بالتواتر‪,‬املتعبد بالتالوة‬

‫‪ -1‬ينظر‪::‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ,‬حممد بن حممد بن عبد الرزاق احلسني‪ ,‬أبو الفيض‪ ,‬الزبيدي‪ ,‬حتق‪ :‬جمموعة من‬
‫احملققني‪ ,‬دار اهلداية‪ ,‬ج ‪ ,1‬ص‪,36‬‬
‫‪ - 2‬لسان العرب ‪ ,‬ابن منظور‪ ,‬ص‪.129‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ,‬أمحد أبو احلسني ابن فارس ‪ ,‬ص‪.79‬‬
‫‪ - 4‬مناهل العرفان يف علوم القرآن‪ ,‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪, ,‬دار السالم ‪,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬ط‪1424 1‬هـ‪2003/‬م‪,‬ص‪.17‬‬
‫‪11‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫القرآن هو كالم اهلل‪ ,‬الذي نزل به جربيل عليه السالم على حممد‪ ‬باللغة العربية‪ ,‬املعجز بلفظه‬
‫ومعناه املتعبد بتالوته الذي تقل إلينا عن طريق التواتر املدون بني دفيت املصحف املبدوء بسورة الفاحتة‬
‫املختوم بسورة الناس (ترتيبا ال نزوال)‪.1‬‬
‫اترا بال ُشبهة والقرآن عند‬
‫تقال متو ً‬
‫الر ُسول املكتوب يف املصاحف املنقول عنه ً‬ ‫القرآن هو املُنَـّزل على ّ‬
‫أهل احلق‪ :‬هو العلم اللَّ ُدىن اإلمجايل اجلامع للحقائق كلِّها‪.2‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مفهوم التربية القرآنية‬
‫إن القرآن هو السند واملرجع األول للرتبية وهو مصدر اهلدى والنور الذي أشرقت له الظلمات والرمحة‬
‫الكربى جلميع املخلوقات فيه شفاء للصدور ونور لألبصار وطمأنينة القلوب‪ ,‬إنه النعمة الباقية‪ ,‬واحلجة‬
‫البالغة‪ ,‬والداللة الدامغة كيف ال وهو كالم احلق جل وعال؟!‪.3‬‬
‫إذن التربية القرآنية تعين‪ :‬تنشئة الفرد وإعداده على حنو متكامل يف مجيع جوانب حياته (العقدية‬
‫والتعبدية‪ ,‬واخللقية‪ ,‬والعقلية‪ ,‬والنفسية‪ ,‬والصحية) حيث تقوم الرتبية بتنظيم سلوكه وعواطفه على‬
‫النحو الذي أمر اهلل تعاىل به يف كتابه الكرمي‪.4‬‬
‫كما يقصد هبا تربية الشباب على أخالق القرآن الكرمي‪ ,‬وتدربيهم على السلوكات اإلسالمية‪,‬‬
‫‪5‬‬
‫وتعدهم للحياة يف جوانبها املختلفة‪ ,‬حىت يصبحوا ميثلون اإلسالم يف كل حركاهتم وسكناهتم‬
‫الفرع األول‪ :‬أسس التربية القرآنية‬
‫تقوم الرتبية القرآنية على أسس‪ ,‬وال حنصد مثارها إال بارتكازنا على هذه األسس وتناول أبرز وأهم‬
‫األسس على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ - 1‬مصادر األحكام الشرعية‪ ,‬أبو بكر لشهب‪ ,‬مطبعة سخري‪,‬حي املنظر اجلميل‪ ,‬الوادي‪ ,‬ط‪1432 ,1‬هـ‪2011/‬م‪,‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 2‬معجم التعريفات ‪ ,‬علي ين حممد السيد الشريف اجلرجاين‪ ,‬حتق‪ :‬حممد صديق املنشاوي‪ ,‬دار الفضيلة‪ ,‬القاهرة ص‪.146‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬الرتبية بالقرآن الكرمي ( مفهوم ‪ ,‬و األسس ‪,‬و الضوابط ) حممد مصطفى أمحد شعيب‪ ,‬حبث مقدم مللتقى الرتبية‬
‫بالقرآن الكرمي ( مناهج و جتارب ) ‪ ,‬جامعة أم القرى ‪ ,‬مكة املكرمة ‪1436 ,‬هـ‪ 2015 /‬م‪ ,‬ص ‪.2‬‬
‫‪- 4‬ينظر‪ :‬الرتبية القرآنية بني النظرية و التطبيق‪ ,‬عبد اهلل موسي حممد أبو اجملد‪ ,‬حبث مقدم مللتقى الرتبية بالقرآن الكرمي ( مناهج‬
‫وجتارب) ‪ ,‬جامعة أم القرى ‪,‬مكة املكرمة ‪1436 ,‬هـ‪ 2014 /‬م ‪.‬ص ‪. 10‬‬
‫‪ -5‬ينظر ‪ :‬منهج القرآن يف الرتبية‪ ,‬حممد شديد ‪, ,‬دار التوزيع والنشر اإلسالمية ‪ 1979,‬م‪,‬ص ‪.39‬‬
‫‪12‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-‬أوال‪ :‬صحة العقيدة‬


‫إن األساس األول للرتبية القرآنية هو التوحيد‪ ,‬وعبادة اهلل وحده ال شريك له‪ ,‬لقوله تعاىل‬
‫ﭽﭳﭴﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‪.1‬‬
‫‪:‬ﭽﮁﮂﮃ‬ ‫ويقول تعاىل خماطبا أعماق الفطرة ومستنطقا هلا لتعرتف بوحدانية اهلل تعاىل‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ‬
‫‪2‬‬
‫ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﭼ إىل آخر اآليات‪.‬‬
‫كما عرفهم القرآن خبالقهم ورهبم جال وعال كما عرفهم باليوم اآلخر‪ ,‬يوم احلساب واجلزاء حيث ﭧ‬
‫ﭨﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﭼ‪.3‬‬
‫وكذلك جنده تعرض لتفاصيل اليوم اآلخر‪ ,‬واحلساب واجلزاء‪ ,‬يف السور‪ :‬كالزلزلة‪ ,‬والتكوير‬
‫واالنفطار‪ ,‬واالنشقاق‪ ,‬واحلج وغريها‪ ,‬وهذه الرتبية اليت تقوم على اإلميان باهلل واليوم اآلخر‪ ,‬وحتفظ‬
‫توازن اإلنسان يف هذه احلياة الدنيا ُث تدخله اجلنة وتنجيه من عذاب اآلخرة ‪ .‬وكذلك مع بقية‬
‫أركان اإلميان‪ ,‬من اإلميان بالرسل‪ ,‬والكتب‪ ,‬واملالئكة‪ ,‬والقدر خريه وشره‪ ,‬كل هذا تعرض له القرآن‬
‫بأسلوب بديع جيمع بني التعليم والرتبية‪ ,‬فينشئ جيال متوازنا‪ ,‬يؤمن بكافة الرسل الذين أرسلهم‬
‫قوله‪:‬ﭽﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫اهلل‪4‬يف‬
‫ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ‪.5‬‬

‫‪ - 1‬الذاريات‪.58 – 56 :‬‬
‫‪ -2‬النمل‪.62 – 60 :‬‬
‫‪ - 3‬احلاقة‪13 :‬ـ‪.18-‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬الرتبية بالقرآن الكرمي ( مفهوم ‪ ,‬واألسس‪ ,‬والضوابط )‪ ,‬حممد مصطفى أمحد شعيب‪ ,‬ص‪.15‬‬
‫‪ -5‬البقرة‪.285 :‬‬
‫‪13‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫ويريب القرآن أتباعه على أن القرآن قول واعتقاد وعمل‪ ,‬يزيد بالطاعة وينقص باملعصية‪ ,‬هو منهج‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﭒﭓﭔﭕ ﭖ‬ ‫يظهر على سلوك اإلنسان وجوارحه وتشهد هبا أقواله وأفعاله؛ قال اهلل‬
‫ﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬
‫ﭩﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲﭳﭴﭵﭶ‬
‫‪.1‬‬
‫ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﭼ‬
‫وقال سبحا نه أيضا‪:‬‬
‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ‪...2‬‬
‫وعال‪ :‬ﭽﮬ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ‬ ‫وقال جل‬
‫ﯝ ﯞ ﯟﭼ ‪ ,‬وقال‪ :‬ﭽﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﭼ‬
‫‪.4‬‬ ‫‪3‬‬

‫يعين‪ :‬صالتكم إىل بيت املقدس قبل حتويل القبلة‪ ,‬مسّى الصالة إميانا‪ ,‬وهي جامعة لعمل القلب‬
‫واللسان واجلوارح‪ .‬وأ ّكد ذلك حديث أيب هريرة ‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪) :‬اإلميان بضع وستون‬
‫شعبة فأفضلها قول ال إله إال اهلل‪ ,‬وأدناها إماطة األذى عن الطريق‪ ,‬واحلياء شعبة من اإلميان)‪.5‬‬

‫وكما رىب القرآن أتباعه على اإلميان بأركانه الستة‪ ,‬وثبت ذلك يف قلوهبم بأساليب عديدة وبليغة‬
‫فقد عرفهم بأنفسهم‪ ,‬وبضعفهم وعجزهم‪ ,‬وأجاهبم عن تلك األسئلة تتعلق باإلنسان و مصريه‪ ,‬تلك‬
‫األسئلة اليت حريت الفالسفة من غري املسلمني‪ ,‬فعرب عن هذه احلرية وهذا الشك وهذا القلق أحد‬
‫‪6‬‬
‫املشككني فقال‪:‬‬
‫جئت ال أعلم من أين؟! ولكين أتيت‬
‫ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت‬

‫‪ - 1‬البقرة ‪. 177 :‬‬


‫‪- 2‬األنفال‪.4 -2 :‬‬
‫‪- 3‬احلجرات ‪.15 :‬‬
‫‪- 4‬البقرة‪.143:‬‬
‫‪ -5‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ,‬كتاب اإلميان‪ ,‬باب بيان عدد شعب اإلميان‪ ,‬ح ‪.63 /1 ,35‬‬
‫‪ - 6‬األمثال القرآنية القياسية املضروبة لإلميان باهلل‪ ,‬عبد اهلل بن عبد الرمحان اجلربوع‪ ,‬ج ‪ ,2‬ط ‪ ,1‬املدينة املنورة‪1464 ,‬هـ‪/‬‬
‫‪2003‬م‪ ,‬ص ‪.720‬‬
‫‪14‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري‪.‬‬
‫إنه يعي حالة شك وحرية‪ ,‬إنه حييا حياة البهائم واألنعام!‪ ,‬ال يعرف للحياة معىن‪ ,‬وال يدرك‬
‫ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫لوجوده هدفا وال غاية‪ ,‬صدق اهلل إذ يقول‪:‬‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭼ‪. 1‬‬
‫إن وصف اهلل عز وجل هلذا اإلنسان الذي ابتعد عن منهج اهلل‪ ,‬وابتعد عن القرآن‪ ,‬وهلذا فهو‬
‫اليدري‪.‬‬
‫أما املسلم املؤمن‪ ,‬فإنه يدري‪ ,‬أن اهلل هو الذي خلقه رزقه بالنعم منذ خلق إىل أن ميوت‪ ,‬وأنه‬
‫خلقه لغاية عظيمة‪ ,‬وهي عبادته جل وعال‪ ,‬وعمارة األرض بطاعته‪ ,‬وحتكيم شرعه ومنهجه‪ ,‬وبدري‬
‫أن املصري‪ :‬إما نعيم أبدي وخلود يف جنة عرضها السموات واألرض‪ ,‬وإما عذاب وجحيم و نار‬
‫تلظى‪,‬والعياذ باهلل ‪.‬‬
‫فالعقيدة الصحيحة والتوحيد هلل تعاىل‪,‬هي األساس األول للرتبية القرآنية الفذة ‪.‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬العلم النافع‬
‫العلم هو أساس كل عمل‪ ,‬بل يسبق كل قول أو فعل‪ ,‬فقد بوب اإلمام البخاري يف (صحيحه )‪:‬‬
‫باب العلم قبل القول والعمل ُث استدل بقول اهلل تعاىل‪:‬ﭽﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏﭼ‪ ,2‬قال‪ (:‬فبدأ بالعلم)‬
‫ظ َوافِر‪.3‬‬
‫َخ َذ ِحبَ ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن الْ ُعلَ َماءَ ُه ْم َوَرثَةُ األَنْبِيَاء ‪َ -‬وَّرثُوا الْع ْل َم – َم ْن أ َ‬
‫َخ َذهُ أ َ‬ ‫َوأ َّ‬
‫والعلم الصحيح النافع هو االستقامة يف الدنيا واآلخرة‪ ,‬وهو الرائد لتحقيق الرتبية‪ ,‬وهلذا جند الكثري‬
‫وحتث على طلب العلم والرتغيب فيه‪ ,‬حيث أول‬ ‫من اآليات القرآنية اليت تعظم شأن العلم والعلماء‪ّ ,‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰍ ﰎ‬ ‫ما بدأ اهلل به كتابه ﭽﭻﭼ‪ ,‬والقراءة هي أساس التعلم‪ ,‬وقال‬
‫ﰏ ﰐ ﰒ ﰓﰔ ﰕﭼ‪ ,4‬قال عبد اهلل بن عباس‪(0 0 0:‬للعلماء درجات فوق املؤمنني بسبعمائة‬
‫درجة ما بني الدرجتني مسرية مخسمائة عام)‪.‬‬

‫‪- 1‬األعراف‪.179 ,‬‬


‫‪-2‬حممد‪.19 :,‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه البخاري ‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬كتاب العلم‪ .‬باب العلم قبل القول والعمل‪ ,‬ح‪. 10/3 ,10‬‬
‫‪ - 4‬اجملادلة‪.11 :‬‬
‫‪15‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫وقال سبحانه ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ‪.1‬‬


‫ومن واجب اجملتمع أن يوفر العلماء من أجل تربية الناس وتفقيههم‪,‬ﭽﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬ ﯭ‬
‫ﯮﯯﯰ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼ ﯽ ﭼ‬
‫‪2‬‬

‫ومهنة الرتبية والتعليم يف نظر اإلسالم هي أشرف املهن‪ ,‬وهي وظيفة األنبياء واملرسلني‪ ,‬فال تعاىل‬
‫ﭽﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭼ‪.3‬‬

‫وهلذا تتضح أمهية العلم يف حياة اإلنسان‪ ,‬وأمهية بذل اجلهد يف طلبه‪ ,‬فهو مبثابة املطر لألرض‬
‫اجلدباء‪ ,‬وأنه أفضل ما يسعى إليه اإلنسان‪ ,‬وأنه جدير بكل مسلم أن يأخذ حظه الوافر من العلم‬
‫الذي يقربه إىل اهلل تعاىل‪ ,‬وأن من اشتغل بالعلوم العامة النافعة لألمة أن ال ينسى حظه من علم الفقه‬
‫يف الدين‪.4‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬العلم للعمل‬
‫من أساس الرتبية أن تكون عبادته صحيحة‪ ,‬وذلك بأن ينتفع العامل بعلمه وهي تقوى اهلل‪ ,‬ال‬
‫للتفاخر بني الناس وأن يكون علمه حجة له ال عليه‪ ,‬قال عبد اهلل بن مسعود وعبد اهلل بن‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫تأويل‪:‬ﭽﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫عباس‪ ,‬يف‬
‫ﮁﮂﮃﭼ‪( ,5‬ﭷﭸﭹ) قالوا‪ ( :‬يتبعونه حق إتباعه‪ ,‬ويعملون به حق عمله )‪.6‬‬
‫وروى ابن جرير الطربي بسنده عن عبد اهلل بن مسعود‪ ‬قال‪ ( :‬والذي نفسي بيده إن حق‬
‫تالوته أن حيل حالله وحيرم حرامه‪,‬ويقرأ كما أنزله اهلل‪,‬ال حيرف الكلمة مواضعه‪,‬وال يتأول منه شيئا‬
‫على غري تأويله‪ , ).‬وورد مثله عن قتادة واحلسن وغريمها من السلف‪.7‬‬

‫‪ - 1‬الزمر‪.9 :‬‬
‫‪ -2‬التوبة‪.122 :‬‬
‫‪ - 3‬اجلمعة‪.2:‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬أ صول الرتبية اإلسالمية ‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي ‪ ,‬دار عامل الكتب‪ ,‬املدينة املنورة‪ ,‬ص ‪.79‬‬
‫‪- 5‬البقرة‪.121 :‬‬
‫‪ -6‬ينظر ‪ :‬تفسري الطربي‪ ,‬الطربي ‪ ,‬ج‪ ,3‬ص ‪.490 - 488‬‬
‫‪ -7‬تفسري الطربي‪ ,‬ج‪ ,3‬ص‪.489‬‬
‫‪16‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫وعن جماهد يف تأويل قوله تعاىل‪ :‬ﭽﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﭼ‪.1‬‬


‫قال‪ (:‬عمرك أن تعمل فيه آلخرتك)‪,2‬كما جاء يف حمكم تنزيله إن تقواه وحسن عبادته‪ ,‬واخلوف‬
‫وأيضا‪:‬ﭽﯸ ﯹ‬ ‫ﯠﯡ ﯢ ﯣﯤﭼ‪,3‬‬ ‫يقول‪:‬ﭽﯞﯟ‬ ‫منه ومراقبته سبيل زيادة العلم‪,‬‬
‫ﯻ ﯼﯽﭼ‪ .4‬وتربية النفس وهتذيبها‪ ,‬باالستمرار على طاعة اهلل وباملواظبة على القيام‬
‫ﭽﯚﯛ ﯜﯝ ﯞﯟ ﯠﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬ ‫بالعبادات‪ ,‬حيث يقول عز وجل‪:‬‬
‫ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ‪.5‬‬
‫ﭽﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫ويف شأن الصيام يقول سبحانه‪:‬‬
‫ﭯ ﭰ ﭱﭼ‪.6‬‬
‫‪ :‬ﭽﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ‬ ‫ويف الزكاة والصدقة يقول‬
‫ﮪ ﮫﭼ‪.7‬‬

‫‪:‬ﭽﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬ ‫يقول تعاىل يف شأن الطاعات والعبادات‬


‫ﮦ ﭼ ‪.8‬‬

‫فأهل القرآن هم العاملون مبعانيه‪ ,‬العاملون مبا فيه‪ ,‬وليس الذين حيفظونه على ظهر القلب‪ ,‬ومل يفهموه‬
‫ومل يعملوا به‪.‬‬
‫عن النواس بن مسعان‪ ‬أن النيب‪ ‬قال‪ ( :‬يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به‬
‫تقدمه سورة البقرة‪ ,‬وآل عمران)‪ ,‬وضرب هلما رسول اهلل ‪ ‬ثالثة أمثال ما نسيتهن بعد‪ ,‬قال‪:‬‬

‫‪ -1‬القصص‪77 :‬‬
‫‪ -2‬املعجم‪ ,‬البن املقرئ‪ ,‬ص‪.157‬‬
‫‪- 3‬فاطر‪.28 :‬‬
‫‪- 4‬البقرة‪.282 :‬‬
‫‪ -5‬العنكبوت‪.45 :‬‬
‫‪- 6‬البقرة‪.183 :‬‬
‫‪- 7‬التوبة‪.103 :‬‬
‫‪ - 8‬البقرة‪.21:‬‬
‫‪17‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫«كـأهنما غمامتان‪ ,‬أو ظلتان سوداوان بينهما شرق‪ ,‬أو كأهنما حزقان من طري صواف‪ ,‬حتآجان عن‬
‫صاحبهما‪.1».‬‬
‫وهلذا يستحسن أن توضع املناهج لتحفيظ القرآن هلذا األساس‪ ,‬أال يكتفي التلميذ املبتدأ حبفظ‬
‫نص اآليات وجتويدها بل يعطى شيء من تفسريها وفهمها‪ ,‬على قدر مستوى املرحلة اليت جيتازها‬
‫فيقسم منهج احلفظ إىل دروس ‪,‬كل ذلك يتكون من مخس آيات‪ ,‬أو عشر آيات يتعلم جتويدها‬
‫وحفظها‪ ,‬وتفسريها‪ ,‬وما فيها من فقه يف وقت واحد‪ ,‬فهذا أقوى حىت حلفظ النص‪ ,‬ومن التزم ذلك‬
‫نرجو أن يبارك له جزاء إقتدائه باملنهج النبوي‪.2‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﮤ ﮥﮦ ﮧ‬ ‫قد ذم اهلل الذين تركوا العمل مبا علموه من العلم من خري يقول‬
‫ﮨﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﭼ‪.3‬‬
‫قال اإلمام القرطيب‪ -‬رمحه اهلل ‪":-‬اعلم وفقك اهلل أن التوبيخ يف اآلية بسب ترك فعل الرب ال بسبب‬
‫األمر بالرب‪ ,‬وهلذا ذم اهلل تعاىل يف كتابه قوما كانوا يأمرون بأعمال الرب وال يعملون هبا؛ وخبهم به‬
‫توبيخا يتلى على طول الدهم إىل يوم القيامة فقال‪ :‬ﭽﮤ ﮥ ﮦﭼ اآلية‪ .‬وروي عن أيب‬
‫جعفر بن علي‪ ,‬يف قول اهلل تعاىل‪ :‬ﭽﮏ ﮐ ﮑ ﮒﭼ‪ ,4‬قال ‪ :‬قوم وصفوا احلق والعدل‬
‫بألسنتهم وخالفوه إىل غريه"‪.5‬‬
‫وقد مثل اهلل يف كتابه الذين حيفظون القرآن و ال يعملون به كاحلمار حيمل أسفارا‪.‬‬
‫قال عمر بن اخلطاب ‪ « :‬ال يغرنكم من قرأ القرآن ‪ ,‬إمنا هو كالم يتكلم به‪ ,‬ولكن أنظروا من‬
‫يعمل به»‪.6‬‬
‫قال الشافعي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ « -‬ليس العلم ما حفظ‪ ,‬و إمنا العلم ما نفع»‪.1‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه اإلمام مسلم ‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ,‬باب فضل قراءة القرآن و سورة البقرة‪ ,‬ح ‪805‬‬
‫‪.554/1‬‬
‫‪ - 2‬سنن القراء و مناهج اجملودين‪ ,‬عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري‪ ,‬مكتبة الدار‪ ,‬املدينة املنورة‪ 1414 ,‬هـ‪ ,‬ص ‪.29‬‬
‫‪ - 3‬البقرة‪.44 :‬‬
‫‪ - 4‬الشعراء‪.94 :‬‬
‫‪ - 5‬اجلامع لألحكام القرآن‪ ,‬القرطيب‪ ,‬ج‪ , 1‬ص ‪. 20‬‬
‫‪ - 6‬اقتضاء العلم العمل ‪ ,‬أبو بكر أمحد بن علي بن ثابت اخلطيب البغدادي ‪ ,‬تح ‪ :‬حممد ناصر الدين األلباين ‪ ,‬ط‪ ,4‬املكتب‬
‫اإلسالمي‪ ,‬بريوت‪ 1397 ,‬هـ‪ ,‬ص ‪. 71‬‬
‫‪18‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫قال بن اجلوزي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ « : -‬فاهلل اهلل يف العلم بالعمل؛ فإنه األصل األكرب‪ ,‬واملسكني كل‬
‫املسكني ضاع عمره يف علم مل يعمل به‪ ,‬ففاتته لذات الدنيا وخريات اآلخرة‪ ,‬فقدم مفلسا؛ على قوة‬
‫احلجة عليه »‪. 2‬‬
‫زكاة العلم تبليغه‪ ,‬كما أن لكل شيء زكاة‪ ,‬وذلك ليحصل النفع والربكة‪.‬‬
‫‪-‬رابعا ‪ :‬سالمة التفكير‬
‫فسالمة التفكري هي أساس الفكر‪ ,‬فالقرآن يقرر حرية التفكري والتدبر‪ ,‬والبحث واالعتقاد‬
‫ويستنكر التقليد واإلتباع بال دليل وبرهان‪ ,‬حىت لو كان اإلتباع ألقرب الناس إليهم كاآلباء واألجداد‬
‫يقول تعاىل ‪:‬ﭽﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﭼ‪.3‬‬
‫ويقول أيضا‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ‪.4‬‬

‫و يف هذه اآليات ذم اهلل التقليد آلبائهم يف الفكر والفواح من جهتني ‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ عدم التطور والتجدد يف الفكر‪ ,‬والرقي العلم والعمل ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أهنم فقدوا مزية البشر يف التميز احلق و الباطل يف اخلري و الشر ‪.‬‬
‫ويؤديه قوله تعالى ‪ :‬ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﭼ‪.5‬‬
‫والقرآن يدعو إىل النظر والتدبر والتأمل يف آيات اهلل الكونية من مشس‪ ,‬وقمر‪ ,‬ليل وهنار‬
‫يقول‪:‬ﭽﮫﮬ‬ ‫واألرض والسماء‪ ,‬والنجوم ‪,‬والبحار واألهنار‪ ,‬وغريها من مظاهر أبدع اهلل تعاىل‬
‫وقال سبحانه ﭽﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﭼ‬
‫‪.6‬‬

‫‪ - 1‬حلية األولياء و طبقات األصفياء‪ ,‬أبو نعيم أمحد بن عبد اهلل األصفهاين ‪ ,‬دار الفكر‪ ,‬القاهرة ‪1416 ,‬هـ ‪1996/‬م‪,‬ج‪9‬‬
‫ص ‪.130‬‬
‫‪ - 2‬صيد اخلاطر‪ ,‬مجال الدين أبو الفرج عبد الرمحان بن علي بن حممد اجلوزي‪ ,‬حتق‪ :‬حسن املساحي السويدان‪ ,‬ط‪ ,1‬دار‬
‫القلم‪ ,‬دمشق‪1425 ,‬هـ ‪ 2004 /‬م‪ ,‬ص ‪. 159‬‬
‫‪ - 3‬البقرة‪.219 :‬‬
‫‪ - 4‬البقرة‪.170 :‬‬
‫‪ - 5‬األعراف‪.27 :‬‬
‫‪ -6‬األعراف‪.185 :‬‬
‫‪19‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫واآليات كثرية‬ ‫‪1‬‬


‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸﯹﯺﯻﭼ‬

‫‪:‬ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ووصف الذين ال يريد أن يعقلوا حبواسهم يف قوله‬


‫ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ‪.2‬‬
‫ومن أسباب عطل التفكري والتأمل األهواء والشهوات إذا سيطرت على اإلنسان متكنت بداخله قد‬
‫تعمي بصريته‪ ,‬ويكون الراجح ما متيل إليه نفسه‪ ,‬وهواه‪ ,‬وشهوته‪ ,‬وإن كان فيه حتفه‪ ,‬وأن املرجوح يف‬
‫‪.3‬‬
‫مقاييسه هو ‪ :‬ما ال تشتهيه نفسه وال متيل إليه‪ ,‬وإن كان فيه جناته وسعادته‬
‫ويف ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﭽﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪ ﯫﭼ‪.4‬‬
‫واآليات يف هذا الصدد كثرية ‪.‬‬
‫ومنه فالرتبية القرآنية تدعوا إىل حرية التفكري‪ ,‬واستقاللية العقل ومقاومة التقليد واجلمود على ما‬
‫كان عليه السابقون ‪.‬‬
‫‪-‬خامسا ‪ :‬طمأنينة النفس وسعادتها‬
‫لقد جاءت آيات قرآنية تعاجل األمراض النفسية ألنه سبحانه خالق هذه النفس‪ ,‬فكان القرآن‬
‫دواء وشفاء هلا لراحتها وطمأنينتها وسعادهتا وذلك ال يأيت إال بذكر اهلل وتالوة القرآن‪.‬قال بن عباس‬
‫‪" : ‬ضمن اهلل تعاىل ملن قرأ القرآن و عمل مبا فيه أال يضل يف الدنيا أو ال يشقى يف اآلخر"‪.5‬‬

‫وتال قوله تعاىل ﭽﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ‪.6‬‬
‫والرتبية القرآنية حتارب وتتصدى لتلك األمراض النفسية‪ ,‬فال جتعلها تنتشر ومتنع منوها كاحلسد‪,‬‬
‫واحلقد‪ ,‬والتكرب‪ ,‬والغيبة‪ ,‬واخلوف وغريها وذلك باالبتعاد عن الشهوات واحملرمات وجماهدة النفس‬

‫‪ -1‬احلج‪.46 :‬‬
‫‪ - 2‬البقرة‪.171 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر ‪ :‬أصول الرتبية اإلسالمية ‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ص‪.86‬‬
‫‪ - 4‬املؤمنون‪.71 :‬‬
‫‪ - 5‬اجلامع ألحكام القرآن‪ :‬القرطيب‪ ,‬ج‪.258 ,11‬‬
‫‪ - 6‬طه‪.124-123 :‬‬
‫‪20‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫اليت يدعو هلا القرآن فيحث عليها‪ ,‬وقد ذكر إلمام القرطيب يف تفسريه لقوله اهلل تعاىل‪ :‬ﭽﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﭼ‪.1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ضوابط التربية القرآنية‬
‫للرتبية أيضا ضوابط حتدد مسارها‪ ,‬وتضبط توجهاهتا‪ ,‬وحتقق النتائج املرجوة بإذن اهلل نذكر أمههما‬
‫‪-‬أوال‪ :‬الشموليّة‬
‫فالرتبية القرآنية تربية شاملة عامة؛ دينية ودنيوية‪ ,‬وروحية ومادية‪ ,‬وعلمية وعملية فالقران ال يفصل‬
‫اإلنسان دنياه عن آخرته ‪,‬يقول تعاىل‪ :‬ﭽﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ‬
‫ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﭼ‪،2‬‬
‫كما وجه القرآن باستعمال القوة ملا حيتاج إليه احلال منها القوة املادية أو املعنوية علمية أوعملية‬
‫وغريها‪,‬يقول تعاىل‪ :‬ﭽﯘﯙﯚﯛﯜﯝﭼ‪.3‬ويف احلديث عن أيب هريرة‪ ,‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول اهلل ‪ (: ‬املؤمن القوي‪ ,‬خري وأحب إىل اهلل من املؤمن الضعيف‪ ,‬ويف كل خري احرص على ما‬
‫ينفعك واستعن باهلل وال تعجز)‪.4‬‬
‫ﭽﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫فالقران يهدف إىل صيانة اجملتمع من الضياع والفناء‪ ,‬قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﮨﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ ‪.5‬‬
‫فشمولية الرتبية القرآنية تعين تربية الفرد‪ ,‬وتربية اجملتمع‪ ,‬قال تعاىل يف حتذير الفرد من عداوة‬
‫الشيطان‪ :‬ﭽﭜﭝﭞﭟﭠﭼ‪ ,6‬أما يف تربية القران للجماعة جنده خياطبهم ويدعوهم‬

‫‪ - 1‬العنكبوت‪.69 :‬‬
‫‪ -2‬القصص‪77 :‬‬
‫‪- 3‬األنفال‪.60 :‬‬
‫‪-4‬أخرجه مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬كتاب القدر‪ ,‬باب يف األمر بالقوة وترك العجز‪ ,‬واالستعانة باهلل وتفويض املقادير له ح‪,2664‬‬
‫‪.2052/4‬‬
‫‪ -5‬البقرة‪. 195 :‬‬
‫‪ - 6‬يوسف‪. 05 :‬‬
‫‪21‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫قولهﭽﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫بالتمسك و الوحدة وذلك يف‬


‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ ‪.1‬‬
‫ومنه فان الرتبية القرآنية مشلت البشرية يف كل تصرفاهتا‪ ,‬ووضعت هلا ما يصلحها ويؤيد ذلك قوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﭼ ‪.2‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬التدرج‬
‫كما ذكرنا سابقا يف تعريف الرتبية بأهنا تنشئة تدرجيية للفرد يف مجيع جوانب حياته‪ ,‬فالتدرج مسة‬
‫مسات الرتبية اإلسالمية‪ ,‬فالقران الكرمي نزل منجما‪ ,‬ومل ينزل دفعة واحدة‪ ,‬فمثال نزل فيه ذكر اجلنة‬
‫والنار واحلالل واحلرام‪3‬؛ كما قالت أم املؤمنني عائشة رضي اهلل عنها يف نزول القران‪« :‬إمنا نزل أول ما‬
‫نزل منه سورة من املفصل‪ ,‬فيها ذكر اجلنة والنار‪ ,‬حىت إذا ثاب الناس إىل اإلسالم نزل احلالل‬
‫واحلرام‪ ,‬ولو نزل أول شيء‪ :‬ال تشربوا اخلمر‪,‬لقالوا ال ندع اخلمر أبدا‪ ,‬ولو نزل‪ :‬ال تزنوا‪ ,‬لقالوا‪ :‬ال‬
‫ندع الزنا أبدا »‪ , 4‬وما نزل القرآن مفرقا يف األيام والوقائع‪ ,‬تثبيت وتربية للنيب ‪ ‬وألمته من بعده‪.‬‬
‫قال عبد العظيم الزرقاين‪ :‬ـ رمحه اهلل ـ يف معرض حديثه عن احلكمة من نزول القرآن مفرقا‪ ":‬إن يف‬
‫التنجيم تيسري من اهلل يف حفظه وفهمه‪ ,‬ومعرفة أحكامه وحكمه‪ ,‬وذلك مطمئن له‪ ,‬أي النيب ‪‬‬
‫على وعي ما يوحى إليه حفظا وفهما‪ ,‬وأحكاما وحكما‪ ,‬كما أن فيه تقوية لنفسه الشريفة على ضبط‬
‫ذلك كله"‪.5‬‬
‫وقال يف احلكمة الثانية يف نزول القرآن مفرقا‪ ( :‬التدرج يف تربية هذه األمة الناشئة‪ ,‬علما وعمال)‪.6‬‬
‫يتخول أصحابه باملوعظة خمافة السآمة عليهم‪.7‬‬
‫فكان النيب ‪ّ ‬‬
‫‪ -1‬آل عمران‪.103 :‬‬
‫‪ - 2‬املؤمنون‪.116 – 115 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬أصول الرتبية اإلسالمية‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ص ‪.228‬‬
‫‪ - 4‬أخرجه البخاري‪ ,‬اجلامع الصحيح‪ ,‬حتق‪ :‬حممد زهري بن ناصر الناصر‪ ,‬ط ‪ ,1‬دار طوق النجاة‪1422 ,‬هـ ‪ ,‬كتاب فضائل‬
‫القرآن‪ ,‬باب تأليف القرآن‪ ,‬ح ‪.185/6 ,4993‬‬
‫‪ -5‬مناهل العرفان يف علوم القرآن ‪ ,‬عبد العظيم الزرقاين‪ ,‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -6‬مناهل العرفان يف علوم القرآن ‪ ,‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -7‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ,‬كتاب العلم‪ ,‬باب من جعل ألهل العلم أيام معلومة‪ ,‬ح ‪ ,25 /1 ,70‬ومسام يف صحيحه‬
‫كتاب صفات املنافقني وأحكامهم‪ ,‬باب االقتصاد يف املوعظة‪ ,‬ح ‪.2172 /4 ,2821‬‬
‫‪22‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫التدرج يف التشريع بيان لألحكام واحلدود‪ ,‬فالقرآن مل ينزل مجلة واحدة على رسول اهلل‪ ,‬بل كان‬
‫ينزل منه الشيء بعد الشيء من تفاصيل األحكام واحلدود حىت اكتملت الشريعة ومت الدين‪.‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬الواقعية وعدم المثالية‬
‫إن الرتبية القرآنية تأخذ اإلنسان بواقعه الذي هو عليه‪ ,‬وتراعي حدوده وطاقاته‪ ,‬وضعفه أمام‬
‫الفرائض والتكاليف فنجدها تساير فطرته‪ 1,‬يف مجيع ذلك كله‪ ,‬وال تفرض من التكاليف ما يفوق‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫قدرته أو يعجز عن ذلك‪ ,‬جند هذا يف قوله‬
‫ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﭼ‪ 2,‬وقال‬
‫و اآليات كثرية يف ذلك‬ ‫‪3‬‬
‫ﭽﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ‪,‬‬ ‫تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫‪-‬رابعا‪ :‬التوسط واالعتدال‬

‫فالرتبية القرآنية تنضبط بواسطتها واعتداهلا‪ ,‬وكلمة الوسط تعين‪:‬األفضل واألخري واألعدل ‪ ,‬يقول‬
‫‪ :‬ﭽﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫تعاىل‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﭼ‪ ,4‬ويظهر التوسط واالعتدال يف األكل والشرب‪ ,‬وعدم‬
‫وعال‪ :‬ﭽﭒﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫اإلسراف‪ ,‬قال جال‬
‫‪:‬ﭽﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫ﭡﭼ‪ ,5‬و يف اإلنفاق من غري تبذير يقول تعاىل‬

‫‪ -1‬الفطرة‪ :‬هي اخللقة اليت خلق اهلل اخللق عليها‪ ,‬ينظر‪ :‬ابن فارس معجم مقاييس‪ ,‬مادة فطر‪ ,510/4,‬وفطرة الناس واحدة يف‬
‫كل زمان ومكان‪ ,‬ما مل تتغري بعوامل التغيري املختلفة‪ ,‬قال تعاىلﭽﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﭼ‬
‫الروم‪.30 :‬‬
‫‪- 2‬البقرة‪. 286 :‬‬
‫‪ - 3‬الطالق‪. 7 :‬‬
‫‪ -4‬البقرة‪.143 :‬‬
‫‪ - 5‬األعراف‪.31 :‬‬
‫‪23‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭼ ‪ ,‬و قال عز وجل ﭽﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬


‫‪1‬‬

‫ﰁﭼ‪.2‬‬

‫قال اإلمام الشاطيب – رمحه اهلل – ‪":‬مقصد الشارع من املكلف احلمل على التوسط من غري إفراط‬
‫وال تفريط ‪ ...‬والوسط هو معظم الشريعة وأم الكتاب‪ ,‬ومن تأمل موارد األحكام باستقراء التام عرف‬
‫ذلك"‪.3‬‬
‫كما تعد املوضوعية وحماربة اهلوى من أبرز ضوابط الرتبية القرآنية‪ ,‬فمحاربة املرء هلواه ‪ ,‬و البعد عن‬
‫مؤثرات يف تكوين الرأي‪ ,‬أو حتصيل املعلومات ‪ ,‬من أسس الرتبية السليمة وذلك يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽ ﯣﯤﯥﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱﯲﯳﭼ‪.4‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬أهداف التربية القرآنية‬
‫تتوخى الرتبية القرآنية حتقيق ثالث غايات أساسية وهي‪ :‬معرفة اإلنسان بكل أبعاده‪ ,‬معرفة الكون‬
‫وعالقة اإلنسان به‪ ,‬معرفة اخلالق‪ ,‬واإلميان به‪ ,‬وإفراده بالعبودية ‪.‬‬
‫إن اهلدف من الرتبية اإلسالمية هو تنمية الفرد منوا متكامال من مجيع جوانب شخصيته اجلسمية‬
‫والعقلية واخللقية واالجتماعية‪ ,‬و كذا اجلانب اإلميان الذي يعد األهم يف بناء املسلم ‪ ,‬واألهداف‬
‫الرتبوية هي تلك التغريات اليت يراد حصوهلا يف سلوك اإلنسان الفرد ويف ممارسات واجتاهات اجملتمع‬
‫احمللي أو اجملتمعات اإلنسانية‪.5‬‬
‫إن البحث يف أهداف الرتبية اإلسالمية أمر هام وضروري ألسباب هي‪:6‬‬
‫‪ -1‬دور األهداف و مكانتها يف العملية الرتبوية كلها ‪.‬‬
‫‪ -2‬هو األزمة اليت تعاين منها الرتبية املعاصرة يف ميدان األهداف ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم وضوح األهداف يف املؤسسات الرتبوية القائمة يف العامل واإلسالمي املعاصر‪.‬‬

‫‪ - 1‬اإلسراء‪.29 :‬‬
‫‪ - 2‬الفرقان‪.67 :‬‬
‫‪ - 3‬املوافقات ‪ ,‬الشاطيب ‪ ,‬ص ‪. 407-405‬‬
‫‪ - 4‬املؤمنون‪.71:‬‬
‫‪ - 5‬ينظر‪ :‬أهداف الرتبية اإلسالمية ‪ ,‬ماجد عرسان الكيالين ‪ ,‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ :‬أهداف الرتبية اإلسالمية‪ ,‬ماجد عرسان الكيالين‪ ,‬ص ‪.13‬‬
‫‪24‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬التربية اإليمانية‬


‫الرتبية اإلميانية هي أساس الرتبية؛ ألن اإلميان باهلل ‪ ‬هو حجر الزاوية يف العملية الرتبوية‪ ,‬وكل‬
‫تربية تغفل عن هذه احلقيقة أو تقلل من أمهيتها هي تربية منحرفة‪.1‬‬
‫وهتدف الرتبية اإلميانية إىل تقوية اإلميان باهلل وتوحيده يف أمساءه احلسىن‪ ,‬وصفاته العظمى‪ ,2‬وإذا‬
‫قويت صلة العبد بربه‪ ,‬وعظم إميانه به‪ ,‬فإن ذلك اإلميان سيقوي طاعته هلل مما يعينه على االستقامة‬
‫يف السر والعالنية ‪ ,‬وكذلك هتدف إىل تنشئة اإلنسان الذي يعبد اهلل وخيشاه ؛ يقول تعاىل‪:‬ﭽﭳ‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭼ‪.5‬‬
‫وهلذا فاهلدف األساسي للرتبية من الناحية اإلميانية هو حتقيق العبودية هلل ‪ ,‬فعبادته وحده ‪‬‬
‫واإلميان بوحدانيته‪ ,‬من توحيد لإللوهية والربوبية واألمساء والصفات‪ ,‬وأ ِ‬
‫ُصلت هذه املبادئ يف قوله‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ‪ ،6‬وهو أمسى أهداف الرتبية‪ ,‬فإذا كان إميان املسلم صحيح‬
‫صح تفكريه‪ ,‬صلُحت نفسه‪ ,‬وارتقت أخالقه‪ ,‬وقوي جسده‪.‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬تربية النفس اإلنسانية‬
‫فالنفس اإلنسانية هي آية من آيات اهلل ‪ ‬لذا حث القرآن الكرمي اإلنسان على دراسة النفس‬
‫للتعرف على جوانبها املختلفة‪ ,‬والدراسة املتأنية للنفس اإلنسانية تقود إىل اإلميان باهلل الذي أحسن‬
‫كل شيء خلقه وفضل اإلنسان على بقية املخلوقات األخرى‪ ,7‬إن الرتبية اإلسالمية هتدف إىل ضبط‬
‫سلوك الكائن اإلنساين باعتباره كائنا اجتماعيا‪ ,8‬وحترص على تزكية النفس وتطهريها من مجيع مظاهر‬

‫‪ - 1‬ينظر ‪ :‬الفكر الرتبوي عند شيخ اإلسالم ابن تيميه‪ ,‬ماجد عرسان الكيالين ‪ ,‬ص ‪.119‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬نور التوحيد وظلمات الشرك يف ضوء الكتاب والسنة‪ ,‬سعيد بن وهف القحطاين‪ ,‬ص‪.7‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند الشيخ عبد الرمحان السعدي ‪ ,‬عبد العزيز الرشودي‪ ,‬ص‪.279‬‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬الرتبية اإلسالمية أصوهلا ومبادئها يف البالد العربية‪ ,‬حممد منري مرسي‪ ,‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 5‬الذاريات‪.56 :‬‬
‫‪ - 6‬النساء ‪.36 :‬‬
‫‪ - 7‬ينظر‪ :‬األهداف الرتبوية السلوكية عند شيخ اإلسالم بن تيميه‪ ,‬فوزية رضا أمني خياط‪ ,‬ط‪ , 1‬مكتبة املنارة ‪ ,‬مكة املكرمة‬
‫‪1407‬هـ ‪1987 /‬م ‪ ,‬ص ‪.136‬‬
‫‪ - 8‬ينظر‪ :‬األهداف الرتبوية السلوكية عند شيخ اإلسالم بن تيميه‪ ,‬فوزية رضا أمني خياط‪ ,‬ص‪.136‬‬
‫‪25‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫تعاىل‪:‬ﭽﭞ‬ ‫الضغوط العقلية والنفسية املتمثلة يف األفكار اخلاطئة وجواذب الشهوات والغرائز‪1‬؛ يقول‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭼ‪,2‬‬
‫هلذا جيب تزكية النفس خاصة وقد علق اهلل فبلح العبد بتزكيته لنفسه‪ ,‬وذلك بعد إحدى عشرة قسما‬
‫متواليا يف سورة الشمس‪.3‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬التربية العقلية والفكرية‬
‫لقد كرم اهلل ‪ ‬اإلنسان بالعقل على سائر املخلوقات وحرص على تربيته تربية فكرية؛ والرتبية‬
‫الفكرية يقصد هبا تلك اجلهود اليت تبذل يف تنمية الفكر وتوسيع أفقه ومداركه‪ ,‬سواء كانت هذه‬
‫مرب يشرف على هذه العملية‪ ,‬أو كانت عبارة عن جمهود ذايت من الشخص‬ ‫اجلهود مبذولة من ٍّ‬
‫نفسه(‪ ,)4‬وعليه فإن العبد املسلم أن يرسخ التفكري السليم لالستدالل على اخللق ‪ ‬بأن يفكر‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﮕﮖﮗﮘ‬ ‫بذات اهلل ‪ ‬أل ن ذاه غري حمدودة وفد أرشدنا ربنا إىل ذلك‪5‬؛ يقول‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨﮩﭼ‬
‫‪6‬‬

‫وهتدف كذلك إىل تكوين عقل اإلنسان املسلم املدرك ألسرار تنزيل القرآن وناسخه ومنسوخة حمكمه‬
‫متشاهبه‪ ,‬وعلوم جتويده وتالوته‪ ,‬وتكوين عقلية اإلنسان املسلم الذي ميكنه االستنباط واالستدالل‬
‫الصحيحان من خالل معرفة علوم القرآن‪ ,‬وعلوم السنة‪ ,‬وتكوين العقلية القادرة على االجتهاد يف‬
‫حدود ما يفقه من كالم اهلل ‪ ,‬وسنة رسول اهلل‪,7‬وتربية العقل‪ ،‬تكون بتغذيته بالتصورات والرؤى‬
‫الصحيحة‪ ,‬والداللة على طرائق االستدالل‪ ,‬والتوصل إىل النتائج من خالل املقدمات اليت تؤدي‬
‫إليها‪ ,‬واملشاركة يف األنشطة الفكرية‪ ,‬واملعارف الدنيوية‪.8‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬أهداف الرتبية اإلسالمية ‪ ,‬ماجد عرسان الكيالين ‪ ,‬ص ‪.69‬‬


‫‪ - 2‬اجلمعة‪.2 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬تزكية النفوس وتزكيتها‪ ,‬أمحد فريد‪ ,‬حتق‪ :‬ماجد بت أيب الليل‪ ,‬ط‪ ,1‬دار القلم‪ ,‬بريوت‪1405 ,‬هـ‪1985/‬م‪ ,‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند ابن القيم‪ ,‬حسن بن علي احلجاجي‪ ,‬ص‪.253‬‬
‫‪ - 5‬ينظر‪ :‬األسس واملبادئ الرتبوية يف القرآن الكرمي والسنة النبوية ‪ ,‬هشام عبد الياسري ‪ ,‬جملة دراسات تربوية ‪ ,‬ع ‪18‬‬
‫نيسان‪2012 ,‬م‪ ,‬ص‪18‬‬
‫‪ -6‬آل عمران‪.191 :‬‬
‫‪ -7‬ينظر‪ :‬الرتبية اإلسالمية للطفل ‪ ,‬عبد البارئ حممد داود ‪ ,‬ص ‪. 125‬‬
‫‪ - 8‬ينظر‪ :‬حنو تربية إسالمية راشدة ‪ ,‬حممد شاكر الشريف ‪,‬ط‪, 1‬مكتبة امللك فهد الوطنية ‪ ,‬الرياض‪1427 ,‬هـ ‪ 2006 /‬م‪,‬‬
‫ص‪. 20‬‬
‫‪26‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-‬رابعا‪ :‬التربية األخالقية‬


‫تتبوأ األخالق يف اإلسالم املكانة السامية واملنزلة الرفيعة فهي قاعدة السعادة وال نتصور أن يسعد‬
‫املرء بدون أخالق وال أن يصلح حاله وال حال جمتمعه بغريها‪ ,‬وعن طريقها يكمل شأن اإلنسان‬
‫ويسمو بطباعه وعاداته وحيقق النجاح والشرف‪ ,‬فينعكس ذلك على جمتمعه باأللفة واحملبة و الرب‬
‫واهلدى‪ ,1‬فالرتبية القرآنية هتدف إىل تربية املسلم على االبتعاد عن الشرور اليت قد يرتكبها مع التخلق‬
‫‪3‬‬
‫باخللق احلسن‪ ,2‬ألن األخالق الفاضلة زينة اإلنسان املسلم وحتسن عالقته بربه ومع بين جنسه‬
‫هعالى‪:‬ﭽﯯ ﯰ‬ ‫فهي بدورها هتدف إىل بناء املسلم املقتدي بأخالق القرآن‪ ,‬أي أخالق النيب‪‬‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿﭼ‪ ,4‬إن القرآن بطريقته املثلى وأساليبه‬
‫املتنوعة اليت يهدف إىل تذكري اإلنسان بالتمسك بالفضيلة‪ ,‬والبعد عن الرذيلة بالعظة البليغة والتوجيه‬
‫‪:‬ﭽﭟ ﭠ‬ ‫الرتبوي أمال يف صالح الفرد فتسعد األمة وتستقر اجملتمعات اإلنسانية بكاملها‪ 5‬قال تعاىل‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭼ ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫فالرتبية اخللقية عي روح الرتبية اإلسالمية وأساسها ألن األخالق أساس لبناء كل شيء‪ ,‬وليس‬
‫معىن هذا أن نقلل العناية بالرتبية العقلية أو اجلسمية أو العلمية أو االجتماعية بل معناه أن نفكر‬
‫دائما يف اخللق الكامل يف كل درس ويف كل مادة و يف كل وقت‪.7‬‬
‫‪-‬خامسا‪ :‬التربية الجسمية‪.‬‬
‫أوىل اإلسالم عناية خاصة باجلسم‪ ,‬وأمر باحملافظة عليه وهنى عن كل ما يضره؛ألن يف هذا عونا‬
‫على طاعة اهلل وأداء ما فرضه من واجبات(‪ ,)8‬فتكوين املسلم الصاحل جسميًّا وبدنيًّا‪ ,‬الذي يستطيع‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬الرتبية اخللقية يف القرآن الكرمي‪ ,‬خليفة حسني العسال‪ ,‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند ابن القيم ‪ ,‬حسن بن علي احلجاجي ‪ ,‬ص ‪.322‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند ابن رجب احلنبلي‪ ,‬حسن بن علي احلجاجي‪ ,‬ط‪ 1‬دار األندلس اخلضراء‪ ,‬جدة‪,‬‬
‫‪1417‬هـ‪1996/‬م‪,‬ص ‪.357‬‬
‫‪ - 4‬األحزاب‪.21 :‬‬
‫‪ - 5‬ينظر ‪ :‬الرتبية اخللقية يف القرآن الكرمي ‪ ,‬خليفة حسني العسال ‪ ,‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 6‬اإلسراء‪.09 :‬‬
‫‪ - 7‬ينظر ‪ :‬الرتبية اإلسالمية للطفل ‪ ,‬عبد البارئ حممد داود ‪,‬ص ‪. 136‬‬
‫‪ - 8‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند ابن القيم‪ ,‬حسن بن علي احلجاجي‪ ,‬ص‪.357‬‬
‫‪27‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫القيام بدوره وواجبه يف عمارة األرض واستثمار خرياهتا‪ ,‬اليت جعله اهلل خليفته فيها‪ ,‬وهلذا شجع‬
‫اإلسالم على أمور تقوي اجلسم‪ :‬كالرمي والفروسية والسباحة‪ ,1‬وما نالحظه اليوم يف اجملتمعات‬
‫املعاصرة اليت اعتنت بالرتبية اجلسمية عناية كبرية على منط ال يتوافق يف كثري من صوره وأهدافه‬
‫ووسائله مع املنهج اإلسالمي‪ ,2‬عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬املؤمن القوي خري وأحب‬
‫إىل اهلل من املؤمن الضعيف»‪.3‬‬
‫وأما مفهوم الرتبية اجلسمية يف ضوء الرتبية اإلسالمية‪ ,‬فهي عملية حفظ وتنمية اجلانب البدين ليقوم‬
‫بدوره الذي ُخلق من أجله‪ ,‬واملتمثل يف حتقيق العبودية هلل ‪ ,4‬فاجلسم حيتاج إىل تربية حتفظ‬
‫سالمته وحتقق قوته‪ ,‬وتزيد مناعته‪ ,‬وتعده ألدوار مستقبلية يف كل مرحلة من مراحل حياته‪ ,‬مما يتطلب‬
‫الوعي بالتوازن الصحي‪ ,5‬فالرتبية اجلسمية أمر مطلوب ألهداف عديدة ي ضوء الرتبية اإلسالمية‬
‫سواء كانت بالتنمية الغذائية واحلركية‪ ,‬أو بالعالج و الوقاية‪ ,‬ليكون قادرا على أداء الواجبات‬
‫واملستحبات الشرعية كأداء الصلوات‪ ,‬والصيام‪ ,‬واحلج‪ ,‬واجلهاد يف سبيل اهلل‪ ,‬والدفاع عن النفس‬
‫والدين واملال والعرض‪ ,‬وملقاومة األمراض‪ ,‬وليكو املسلم أكثر نشاطا للعمل يف خدمة دينه ودنياه‪.6‬‬
‫‪-‬سادسا‪ :‬التربية االجتماعية‪.‬‬
‫تؤدي الرتبية دورا فعاال يف عملية التنشئة االجتماعية كوهنا هتدف إىل تكوين شخصية الفرد‬
‫واالنتقال به من كائن بيولوجي إىل فرد له شخصيته املميزة فهي هتدف إىل تأليف االجتماع البشري‬
‫على مصاحل الدين والدنيا وال يكون إال حبسن املعاشرة االجتماعية لكافة طبقات اجملتمع‪ ,‬ويف‬
‫اجملتمعات املختلفة بني املسلمني وغريهم أن يتميز املسلم بدينه‪ ,‬وأن تسود الرمحة يف احلياة‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬أهداف الرتبية اإلسالمية ومقاصدها‪ ,‬حممد بن سامل بن علي جابر‪ ,‬مقال متاح على شبكة األلوكة ‪ ,‬املوقع‬
‫‪2006/12/07 , .‬م املوافق ‪1427/11/16‬هـ ‪.‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬أصول الرتبية اإلسالمية‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ص‪.193‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه مسلم ‪ ,‬خمتصر صحيح مسلم‪ ,‬كتاب القدر‪ ,‬باب األمر بالقوة وترك العجز واالستعانة باهلل وتفويض املقادير هلل‪,‬‬
‫حتق‪:‬احلافظ عبد العظيم بن عبد القوي املنذري‪ ,‬ط‪ ,2‬دار اإلمام مالك‪1431 ,‬هـ‪2010/‬م‪ ,‬ح‪,2664/34) 1364‬‬
‫ص‪.390‬‬
‫‪ - 4‬يتطر‪ :‬أصول الرتبية اإلسالمية‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ص‪.194‬‬
‫‪ - 5‬ينظر‪ :‬النيب املريب‪ ,‬أمحد رجب األمسر‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الفرقان‪ ,‬األردن‪1422 ,‬هـ‪2001/‬م‪ ,‬ص‪.205‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ :‬أصول الرتبية اإلسالمية‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ص‪.196-195‬‬
‫‪28‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫االجتماعية‪ ,1‬وهتدف إىل تطوير وتنمية سلوك الفرد وتغيري اجتاهاته حبيث تنسجم مع اجتاهات‬
‫اجملتمع اإلسالمي‪ , 2‬وكذلك إىل احرتام مشاعر األخوة بني املسلمني فهي من األصول املرعية‬
‫والقواعد األساسية يف الرتبية‪ ,3‬ونستطيع أن نلمسه بوضوح من خالل اآليات الكرميات ذات التوجه‬
‫اإلنسانية‪ :‬ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫االجتماعي‪ ,‬مثل قول اهلل تعاىل يف وحدة األمة‬
‫ﭽﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﭤﭼ‪ ،4‬وقوله عز من قائل يف متاسك اجلماعة والتحامها‪:‬‬
‫والفضيلة‪ :‬ﭽﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫ﭶﭼ‪ 5‬وقوله يف بناء جمتمع اخلري‬
‫ﯶﭼ ‪ ،6‬وتقيم عالقات قوية بني أفراد اجملتمع املسلم يف الرتابط والتماسك املبين على احلب يف‬
‫اهلل حتقيقا لقول رسول اهلل ‪(: 7‬ال يؤمن أحدكم حىت حيب ألخيه ما حيب لنفسه)‪ ,8‬وأساسها هو‬
‫بناء شبكة العالقات االجتماعية لكيفية التعامل االجتماعي بني أفرادها طبقا للصورة اليت حددها‬
‫القرآن والسنة للمجتمع املسلم املنشود‪ ,‬وأي خلل يف تركيب هذه العالقات أو نسيان شيء من‬
‫مكوناهتا فسوف يؤدي إىل فشل الرتبية يف حتقيق األهداف‪.9‬‬
‫إن اهلدف العام من الرتبية القرآنية هو حتقيق العبودية هلل ‪ ‬اليت خلق اإلنسان من أجلها؛ قال‬
‫‪.10‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭼ‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند الشيخ عبد الرمحان السعدي‪ ,‬عبد العزيز الرشودي‪ ,‬ص ‪.295‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬األهداف الرتبوي السلوكية عند شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ,‬فوزية أمني خياط‪ ,,‬ص‪.34‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬الرتبية يف السنة النبوية‪ ,‬أبو لبانة حسني‪ ,‬دار اللواء‪ ,‬الرياض‪ ,‬ص‪.26-25‬‬
‫‪ -4‬األنبياء‪.92 :‬‬
‫‪ -5‬آل عمران‪.103 :‬‬
‫‪ -6‬املائدة‪.02:‬‬
‫‪ - 7‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند ابن القيم‪ ,‬حسن بن علي احلجاجي‪ ,‬ص‪.334‬‬
‫‪ -8‬أخرجه البخاري‪ ,‬اجلامع الصحيح‪ ,‬كتاب اإلميان‪ ,‬باب من اإلميان أن حتب ألخيه ما حيب لنفسه‪ ,‬ح‪.12/1 ,13‬‬
‫‪ - 9‬ينظر‪ :‬الفكر الرتبوي عند ابن تيميه‪ ,‬ماجد عرسان الكيالين‪ ,‬ص‪.108‬‬
‫‪ - 10‬الذاريات‪.56 :‬‬
‫‪29‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني ‪:‬مفهوم الحج‬


‫المطلب األول ‪:‬تعريف الحج في اللغة واالصطالح‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪:‬التعريف اللغوي‬
‫‪-1‬احلج مبعىن القصد‪ ,‬وكل قصد حج‪ ,‬واشتقت احلجة من هذا ألهنا تقتصد أو هبا يقصد احلق‬
‫املطلوب‪ ,‬وقيل‪ :‬أن احلج القصد مطلقا‪ ,‬أو كثرة القصد إىل من تعظمه واحلج بالفتح وبالكسر فيقال‪:‬‬
‫"وهلل على الناس حج البيت " وهذا األشهر يف احلج‪ ,‬وعكسه شهر ذي احلجة فان الكسر فيه أشهر‬
‫من الفتح‪ ,‬فيقال ذي احلجة‪ :‬أشهر من ذي احلجة‪.1‬‬
‫ص ْدتُه‪,‬‬
‫ت فُالناً و ْاعتَ َم ْدتُه‪:‬قَ َ‬
‫وح َج ْج ُ‬ ‫ص ُد ُمطْلَقاً‪َ ,‬ح َّجهُ ‪َ ,‬حيُ ُّجه ‪َ ,‬ح ًّجا ‪ :‬قَ َ‬
‫ص َده‪َ ,‬‬ ‫‪-2‬احلَ ُّج ‪ :‬ال َق ْ‬
‫ورجل َْحم ُجوج‪ ,‬أَي مقصود‪.2‬‬
‫‪ -3‬احلج‪ :‬القصد والكف والقدوم‪ ,‬وسرب الشجة‪.3‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬التعريف االصطالحي ‪:‬‬
‫ص يف تعاريف الشرع بقصد بيت اهلل تعاىل إقامة للنسك ‪ ,‬فقيل ‪ :‬احلَ ّج و احلِج فاحلَ ّج مصدر‬‫‪ُ -‬خ ّ‬
‫واحلِج اسم ‪ ,‬ويوم احلج األكرب‪ ,‬يوم النحر‪ ,‬يوم عرفة‪.4‬‬
‫‪-‬ويف الشرع ‪ :‬قصد بيت اهلل تعاىل بصفة خمصوصة‪ ,‬ويف وقت خمصوص‪ ,‬بشرائط خمصوصة‪.5‬‬
‫‪-‬احلج ‪ :‬طواف الكعبة يف وقت معني بأفعال خمصوصة ‪ ,‬وقيل‪ :‬ما يتوقف فرضه على استطاعة‬
‫مالية‪ ,‬وأمن يف السلوك إىل الكعبة‪ ,‬وعرفات يف أيام معلومة‪.6‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪ ,‬مادة حجج‪,‬ج ‪, 1‬ص ‪. 226‬‬


‫‪ -2‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪-‬حممد بن حممد عبد الرزاق الزبيدي‪ ,‬باب حجج ‪ ,‬ج‪, 5‬ص ‪. 456‬‬
‫‪ -3‬قاموس احمليط ‪ ,‬جمد الدين أبو طاهر حممد بن يعقوب الفريوز آبادي‪ ,‬حتق ‪ :‬مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪,‬‬
‫مؤسسة الرسالة ‪ ,‬بريوت ‪,‬ط‪ 1426 , 8‬هـ ‪, 2007 -‬ج‪ , 1‬ص ‪.183‬‬
‫‪ -4‬املفردات يف غريب القرآن‪ ,‬احلسني بن حممد بن املفضل املعروف بالراغب األصفهاين أبو القاسم ‪ ,‬حتق‪ :‬صفوان عدنان‬
‫داودى‪ ,‬دار العلم الدار الشامية ‪ ,‬ج‪ , 1‬ص ‪. 219- 218‬‬
‫‪ - 5‬كتاب التعريفات‪ ,‬علي حممد بن علي الزين الشريف اجلرجاين‪, ,‬ط‪ 1‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بريوت ‪ 1403,‬هـ ‪,1983-‬‬
‫ج‪ ,1‬ص ‪. 82‬‬
‫‪ -6‬معجم مقاليد العلوم يف احلدود و الرسوم‪ ,‬عبد الرمحان بن أيب بكر‪,‬جالل الدين السيوطي‪, ,‬ط ‪ ,1‬حتق ‪ :‬حممد‬
‫إبراهيم عبادة‪ ,‬مكتبة اآلداب‪ ,‬مصر‪ 1424 ,‬هـ ‪ 2004 -‬م‪ ,‬ج ‪ ,1‬ص ‪52‬‬
‫‪30‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫وقيل أيضا أن احلج‪ :‬هو قصد مكة‪ ,‬ألداء عبادة‪ ,‬الطواف والسعي والوقوف بعرفة‪ ,‬وسائر‬
‫املناسك‪ ,‬استجابة ألمر اهلل‪ ,‬وابتغاء مرضاته‪.1‬‬
‫هو ركن من أركان اإلسالم اخلمسة‪ ,‬وهو عبادة روحية اجتماعية‪ ,‬بدنية مالية‪ ,‬ومعناه القصد إىل‬
‫بيت اهلل احلرام مبكة املكرمة‪ ,‬ألداء النسك فيه‪ ,‬وفيما جاوره من األماكن الشريفة‪.2‬‬
‫واحلج يف نظر فقهاء املسلمني هو‪ :‬القصد إىل البيت احلرام يف زمن خمصوص‪ ,‬بأفعال خمصوصة‪ ,‬يف‬
‫مكان خمصوص بنية أداء املناسك‪ ,‬من وقوف‪ ,‬وطواف‪ ,‬وسعي‪ ,‬ورجم وغريها‪. 3‬‬
‫إذن فاحلج هو عبادة جامعة‪ ,‬ففيه إنفاق املال‪ ,‬ومشقة اجلسد‪ ,‬وذكر اهلل ‪ ,‬والتضحية يف سبيله‪,‬‬
‫فاحلج عبادة تشمل روح كل العبادات األخرى بصورة أو أخرى‪ ,‬ومركز أداء فرائض احلج هو بيت‬
‫اهلل يف مكة املكرمة‪ ,‬ويذكرنا هذا البيت حبياة إميانية عظيمة عاشها عباد من أفضل العباد هلل على‬
‫وجه األرض ‪ ,‬فهي تبدأ بتاريخ إبراهيم ‪ -‬خليل اهلل ‪ -‬و تنتهي بتاريخ نيب آخر الزمان حممد ‪ -‬صلى‬
‫اهلل عليه و سلم‪ , -‬وبيت اهلل يذكرنا كيف يضحي عبد من عباد اهلل بكل ما لديه يف سبيل ربه‬
‫وكيف يصوغ حياته طبقاً ملرضاة اهلل وحده‪ ,‬وكيف يسخر نفسه ألجل الرسالة اإلهلية إىل أن حتني‬
‫‪.4‬‬
‫منيته‬

‫‪ - 1‬فقه السنة " العبادات " ‪ ,‬سيد سابق‪ ,‬ط‪ ,4‬دار الفكر‪ 1983 / 1403 ,‬م‪ ,‬ص ‪527‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬احلج والعمرة والزيارة‪ ,‬عبد اهلل بن حممد البصريي‪ ,‬ط‪ ,2‬الرياض‪ ,‬ص‪.09-08‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬التيسري يف أحكام احلج "رؤية فقهية مقارنة "‪ ,‬عبد اهلل بن عبد العزيز الدرعان وآخرون‪ ,‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪,‬‬
‫‪1428‬هـ‪2007/‬م ص‪.19‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬حقيقة احلج‪ ,‬وحيد الدين خان‪ ,‬حتق‪ :‬ظفر اإلسالم خان‪ ,‬ط‪1408 , 1‬هـ‪1987/‬م‪ ,‬ص‪.16-15‬‬
‫‪31‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكمة من مشروعية الحج‬
‫احلج عبادة عظيمة‪ ,‬فرضها اهلل ‪ ‬على عباده‪ ,‬ولذا ينبغي أن نذكر دائم أمراً مهماً أمام العبادات‪,‬‬
‫وهو التماس احلِكم التشريعية منها‪ ,‬ألنه فرضها األحكام لغايات‪ ,‬ومقاصد عظيمة مهمة‪ ,‬وأهداف‬
‫سامية‪ ,‬من اجلدير باإلنسان الوقوف عليها؛ ألنه مىت أدرك احلِكمة منها‪ ,‬ترتب على ذلك أداء‬
‫العبادة على الوجه الصحيح الذي يتناسب ومقاصد تلك العبادة‪.‬‬
‫وسنعرض بعض احلكم‪ ,‬والفوائد اليت ذكرها العلماء يف احلج ومن هذه احلكم‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الحج عبادة هلل ‪ ‬وحده‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸﭼ ‪ .‬وقال أيضا‪ :‬ﭽﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ‬ ‫قال‬
‫ﮝﮞﮟﮠﭼ‪ ،3‬هذه احلكمة عامة يف مجيع العبادات ‪,‬وهو اخلضوع و التذلل هلل تعاىل وألن اهلل‬
‫يريد أن حيقق هذا القصد‪ ,‬فإننا حني نصلي هلل سبحانه وتعاىل‪ ,‬نستشعر هذه الغاية‪ ,‬وعند أداء‬
‫مناسك احلج والعمرة‪ ,‬ومنه يظهر فقر العبد هلل ‪ ,‬وأنه كلفه ما يشاء سبحانه‪ ,‬فال اعرتاض على‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ -2‬إقامة ذكر اهلل ‪: ‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫يقول سبحانه و‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﭼ‪.4‬‬

‫أيضا‪:‬ﭽ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ‬ ‫ويقول‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﭼ‪.5‬‬

‫‪-1‬ينظر اإلعجاز التشريعي آليات احلج يف القرآن الكرمي‪ ,‬أمحد حممد أمحد الكرز‪ ,‬رسالة ماجستري يف التفسري وعلوم القرآن‪,‬‬
‫اجلامعة اإلسالمية‪ ,‬غزة‪1429 ,‬هـ‪2008/‬م‪ ,‬ص‪.26‬‬
‫‪-2‬الذاريات‪.56 :‬‬
‫‪ -3‬البينة ‪. 5‬‬
‫‪ - 4‬البقرة‪198 :‬‬
‫‪ - 5‬البقرة‪200 :‬‬
‫‪32‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫فهذه اآليات ذكر فيها أمهية الذكر‪ ,‬وقد ثبت عن النيب‪ ‬أنه قال‪(:‬إمنا جعل الطواف بالبيت وبني‬
‫الصفاء واملروة‪ ,‬ورمي اجلمار‪ ,‬إلقامة ذكر اهلل)‪.1‬‬
‫‪ -3‬الشعور بالخوف من اليوم اآلخر وطلب المغفرة والثواب‬
‫يف احلج تذكري باليوم اآلخر‪ ,‬حني يتجرد املسلم من ثيابه وزينته مقبال على ربه طالبا للمغفرة‬
‫والثواب ‪ ,‬فهذا املوقف جيعل املسلم يستشعر مصريه القادم‪ ,‬وما قدم له‪ ,‬يقول هعالى ‪:‬‬
‫ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭼ‪.2‬‬
‫عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ ,‬قال رسول اهلل ‪(:‬العمرة إىل العمرة كفارة ملا بينهما‪ ,‬واحلج املربور‬
‫ليس له جزاء إال اجلنة )‪ .3‬أن ميتثل احلاج ألوامر ربه وجيتنب نواهيه ‪ ,‬وأن يكون حجه خالصا‬
‫لوجه اهلل فهذا هو احلج املربور‪.‬‬
‫وحدة المسلمين واجتماعهم‬ ‫‪-4‬‬
‫إن اجتماع املسلمني و توحدهم يف ذلك اليوم‪ ,‬و هو اجتماع سنوي واجب مرة واحدة يف العمر‪ ,‬ففيه‬
‫منافع و خريات كثرية للمسلمني كما قال ‪ ‬ﭽﮖ ﮗ ﮘ ﭼ‪.4‬‬
‫فاملنافع دينية و دنيوية‪ ,‬و تظهر وحدة املسلمني يف لباس واحد‪ ,‬ومكان واحد‪ ,‬ويدعون ربا‬
‫واحدا‪ ,‬ويؤدون أعمال واحدة‪ ,‬ويرددون كلمة واحدة وغريها ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اجلامع الصغري يف أحاديث البشري النذير‪ ,‬جالل الدين بن أيب عبد الرمحان بن أيب بكر السيوطي‪ ,‬ج‪,1‬دار طيبة‪ ,‬ص ‪896‬‬
‫‪ - 2‬احلشر‪.18 :‬‬
‫‪ - 3‬صحيح البخاري ‪ ,‬كتاب العمرة‪ ,‬باب وجوب العمرة و فضلها‪ ,‬ح‪ ,1683/1‬ص ‪. 210‬‬
‫‪ - 4‬احلج‪.28 :‬‬
‫‪33‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬آداب السفر للحج‬
‫فاآلداب اليت ينبغي للحاج معرفتها والعمل هبا‪ ,‬ليُوفَّق حلج مربور‪,‬كثرية منها واجبة وأخرى‬
‫مستحبة‪ ,‬نذكر منها على سبيل املثال ال احلصر اآلداب اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب على احلاج أن يقصد حبجه وجه اهلل تعاىل‪ ,‬والتقرب إليه‪ ,‬وحيذر من املفاخرة والرياء‪,‬‬
‫سبحانه‪:‬ﭽﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫فإن دلك سبب عدم قبول العمل قال‬
‫ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ‪ .2‬ويف حديث قدسي‪( :‬أنا أغىن الشركاء عن الشرك‪ ,‬من عمل‬
‫عمالً أشرك فيه معي غريي تركته وشركه)‪.3‬‬
‫‪ -2‬جيب على احلاج أن يتوب من مجيع الذنوب واملعاصي‪ ,‬وحقيقة التوبة‪ :‬اإلقالع من مجيع‬
‫عرضا أو ماالً‬
‫ورد الناس مظاملهم وحتللهم منها‪ ,‬سواء كان ً‬‫الذنوب وتركها‪ ,‬والندم على ما فات‪ّ ,‬‬
‫‪,‬ﭧﭨ ﭽﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﭼ‪,4‬ويف‬
‫احلديث قال النيب ‪(‬من َمسَّع مسَّع اهلل به ومن بُرائي يُرائي اهللُ به )‪.5‬‬
‫‪ -3‬جيب على احلاج أن ينتخب املال احلالل حلجه‪ ,‬وألن املال احلرام سبب عدم إجابة الدعاء‬
‫عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ (:‬ما تصدق أحد بصدقة من طيب وال يقبل اهلل إال‬
‫الطيب إال أخدها الرمحان بيمينه وإن كانت مترة فرتبو‪.6)...‬‬
‫واآلخرين‪ :‬ﭽﮠ‬ ‫‪ -4‬يستحب له أن يوصي أهله بتقوى اهلل ‪ ,‬وهي وصية اهلل تعاىل لألولني‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﭼ‪.7‬‬

‫‪- 1‬ينظر‪ :‬رحلة احلج‪ ,‬حممد الدبيسي ط‪1436 ,1‬هـ‪2015/‬م‪ ,‬ص‪.109‬‬


‫‪ - 2‬األنعام‪.163-162 :‬‬
‫‪ - 3‬خمتصر صحيح مسام ‪ ,‬عبد العظيم املنذري ‪ ,‬دار اإلمام مالك‪ ,‬ط‪1431 , 2‬هـ ‪2010/‬م‪ ,‬ص‪.446‬‬
‫‪ -4‬النور‪.31:‬‬
‫السمعة‪ ,‬ح ‪.770/36 , 6499‬‬
‫‪- 5‬أخرجه البخاري ‪ ,‬صحيح البخاري ‪ ,‬كتاب الرقاق‪ ,‬باب الرياء و ّ‬
‫‪- 6‬أخرجه مسلم‪ ,‬صحيح مسلم ‪ ,‬كتاب الزكاة‪ ,‬باب قبول الصدقة من الكسب الطيب ‪ ,‬ح‪.702/19 ,1014‬‬
‫‪ - 7‬النساء‪.131:‬‬
‫‪34‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -5‬يستحب له أن يكتب وصيّته‪ ,‬وما له وما عليه فاآلجال بيداهلل تعاىل‪ :‬ﭽ ﯫﯬﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﭼ‪.1‬‬
‫‪ -6‬يبتعد عن مجيع املعاصي‪ ,‬فال يؤذي أحدا بلسانه‪ ,‬وال بيده‪ ,‬وال يزاحم احلجاج‪ ,‬وال ينقل‬
‫النميمة وال جيادل مع أصحابه وغريهم‪ ,‬وغريها من املعاصي والسيئات يقول سبحانه‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭼ‪.2‬‬
‫‪ -7‬يتخلق احلاج باخللق احلسن‪ ,‬وخبالق به الناس‪ ,‬واخللق احلسن يشمل‪ :‬الصرب والعفو‪ ,‬والرفق‬
‫وعدم العجلة‪,‬يف األمور‪ ,‬والتواضع‪ ,‬والكرم‪ ,‬والرمحة‪ ,‬واألمانة والعفة وغريها‪ ,‬ولعظم فضل حسن‬
‫اخللق يقول ‪(:‬إن ِخيارُكم أح ِ‬
‫اسنُ ُكم أخالقًا ‪.3‬‬ ‫ََ َ‬
‫‪ -8‬يستحب للمسافر أن جيتهد يف اختيار الرفيق الصاحل حيرص أن يكون من طلبة العلم‬
‫الشرعي‪ ,‬فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه يف األخطاء يف سفره ويف حجه وعمرته‪ ,‬عن أيب‬
‫موسى ‪ ‬عن النيب‪ ‬قال‪ « :‬مثل اجلليس الصاحل واجلليس السوء سوء كحامل املسك وبنافخ‬
‫الكري فحامل املسك إما أن حيذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن جتد منه رحيا طيبة ونافخ الكري إما أن‬
‫حيرق ثيابك وإما أن جتد رحيا خبيثة »‪. 4‬‬
‫فيقول ﭽﭶ‬ ‫‪ -9‬يستحب له أن يدعو بدعاء السفر إذا ركب دابته‪ ,‬أو غريها من املركوبات‬
‫ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ‪. 5‬‬
‫‪ -10‬يستحب له أن يكرب على املرتفعات ويسبح إذا هبط املنخفضات واألودية‪ ,‬قال‬
‫جابر‪(:‬كنا إذا صعدنا كربنا وإذا نزلنا سبحنا)‪.6‬‬

‫‪ - 1‬لقمان‪.34 :‬‬
‫‪ - 2‬البقرة‪.197 :‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬كتاب األدب‪ ,‬باب حسن اخللق والسخاء وما يكره من البخل‪ ,‬ح ‪, 6035‬‬
‫‪.721/78‬‬
‫‪ - 4‬أخرجه صحيح البخاري‪ ,‬كتاب الذبائح والصيد‪ ,‬باب املسك‪ ,‬ح ‪. 674/31 ,5534‬‬
‫‪ - 5‬الزخرف‪14 - 13 :‬‬
‫‪ - 6‬أخرجه البخاري‪ ,‬كتاب اجلهاد والسري‪ ,‬باب التسبيح إذا هبط واديا‪ ,‬ح ‪. 656/132 , 2993‬‬
‫‪35‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -11‬وال يرفعوا أصواهتم بالتكبري قال‪(‬يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم‪ ,‬فإنكم ال تدعون‬
‫أصم وال غائبا‪ ,‬إنه معكم إنه مسيع قريب)‪.1‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه البخاري‪ ,‬كتاب اجلهاد والسري‪ ,‬باب ما يكره من رفع الصوت يف التكبري‪ ,‬ح ‪. 356/131 , 2992‬‬
‫‪36‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الحج قبل اإلسالم و بعده‬


‫الفرع األول‪ :‬الحج قبل اإلسالم‬
‫الحج‪ :‬هو زيارة أماكن خمصوصة ألجل التقرب لإلله املعبود‪ ,‬و هي صورة قدمية اختذهتا الشعوب‬
‫ألجل معبوداهتم‪ ,‬وتقديسها‪ ,‬حيث قام هبا املصريون‪ ,‬واليونان‪ ,‬وغريهم من األمم القدمية‪ ,‬واستمر‬
‫هذا احلال إىل أن هيأ اهلل األمر إلبراهيم – عليه السالم – و أمره ببناء البيت احلرام مبكة ليطوف‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛ ﭜ‬ ‫الناس به و يذكروا اسم اهلل فيه‪ ,‬يقول‬
‫ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟﭼ‪ 1‬ويقول أيضا ‪:‬‬
‫ﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮍ ﮎﮏﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ‪. 2‬‬
‫لىب إبراهيم ‪ -‬عليه السالم –نداء ربه؛ فبناء البيت وطهره ودعاء الناس للحج إليه‪ ,‬ومن ذلك‬
‫الوقت اجته إىل البيت الذي بناه إبراهيم وولده إمساعيل – عليهما السالم‪ -‬حيجونه و يعبدون اهلل منه‬
‫استمر األمر على ذلك إىل أن بعث اهلل حممد ‪ ,‬غري أهنم غريوا وبدلوا يف احلج كثريا مما كان عليه‬
‫يف زمن إبراهيم‪ ,‬فأشركوا باهلل األصنام واألوثان‪ ,‬وجعلوها حول الكعبة‪ ,‬واختذوها شفعاء عند اهلل‪,‬‬
‫وذحبوا هلا‪ ,‬وكذلك أحدثوا يف كيفية احلج تقاليد معينة تبعا لألهواء فطافوا بالبيت عرايا ‪ ,‬وحرموا على‬
‫أنفسهم الدسم والقوت من الطعام وامتنع بعضهم من الوقوف بعرفة مع الناس اعتقادا منهم بأهنم‬
‫فوق الناس‪ ,‬وأهنم بيدهم والية البيت‪ ,‬وال ينبغي وهم كذلك أن ينزلوا ملستوى العامة‪ ,‬وأن يقفوا‬
‫‪3‬‬
‫معهم يف مكان واحد حىت لو كانوا يف موقف العبادة هلل الواحد ‪ ,‬حيث وصف تعاىل عبادهتم قوله‪:‬‬
‫ﭽﭨﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭵﭼ‪.4‬‬

‫‪ - 1‬البقرة‪. 127 :‬‬


‫‪ - 2‬احلج‪.27 – 26 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر ‪ :‬اإلسالم عقيدة و شريعة ‪ ,‬حممود شلتوت‪ ,‬دار الشروق ‪ ,‬ص ‪. 114/113‬‬
‫‪ - 4‬األنفال‪. 35 :‬‬
‫‪37‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحج بعد اإلسالم‬


‫ملا جاء اإلسالم جعل احلج ركنا من أركانه اخلمسة‪ ,‬عن ابن عمر‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪(‬بين‬
‫اإلسالم على مخس‪ :‬شهادة أن ال إله إال اهلل وأن حممدا رسول اهلل ‪ ,‬وإقام الصالة وإيتاء الزكاة‬
‫‪1‬‬
‫وصوم رمضان وحج البت من استطاع إليه سبيال ) ‪.‬‬
‫لكنه ‪ ‬مل يدعه كما كان عليه قبل اإلسالم‪ ,‬فلما قوي سلطان اإلسالم أمر بأن ال يدخل البيت‬
‫عريان‪ ,‬فحول اإلسالم احلج من عبادة جسدية ال روح فيها‪ ,‬إىل عبادة اجتماعية روحية ذات أثر بليغ‬
‫بقول ‪ :‬ﭽﮇﮈﮉﮊ ﮋ‬ ‫يف ترقية شؤون املسلمني‪ ,‬وقد أشار اهلل تعاىل إىل هذه املزايا الرفيعة‬
‫ﮌ ﮍ ﮎﮏﮐ ﮑﮒ ﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬
‫ﮞ ﭼ‪.2‬‬
‫وقد فسر العلماء املنافع بأهنا دينية ودنيوية‪ ,‬وهذا هو شأن اإلسالم الذي ينظر إىل مصلحة الناس‬
‫يف الدنيا واآلخرة‪ .3‬وهكذا جاء اإلسالم جمددا لدين إبراهيم‪ ,‬وهو الدين عند اهلل فقصر الرسول‪‬‬
‫جهوده على الدعوة إىل إقرار التوحيد يف القلوب‪ ,‬وإفراد اهلل وحده بالعبادة واالستعانة حىت أخرج هو‬
‫وصحبه من مكة موقع بيت اهلل احلرام‪ ,‬من كان حيول بينهم وبني القيام بفريضة احلج‪ ,‬وظلوا يدافعون‬
‫وعرف فيهم الشوق لزيارة بيت اهلل الذي حرموا النظر إليه‬
‫يف سبيل اهلل حىت ظهرت آثار التضحية‪ُ ,‬‬
‫والطواف به؛ فجاءهتم البشرى من اهلل ‪ ‬بأهنم سيدخلون املسجد احلرام إن شاء اهلل آمنني حملقني‬
‫تنزيله‪ :‬ﭽﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟ‬ ‫رؤوسهم و مقصرين‪ ,4‬حيث يقول يف حمكم‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ‪.5‬‬

‫ويف ضوء هذه التضحية أعاد اهلل عليهم ذكر احلج‪ ,‬وأنزل آيات كثرية شرح هبا أحكامه ويبني أوقاته‬
‫وآدابه‪ ,‬وأصلح ما أفسد القوم فيه‪ ,‬وقد مت على أيديهم تطهري البيت من األصنام‪ ,‬وأمراء أرباب‬

‫‪ - 1‬أخرجه البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬كتاب اإلميان‪ ,‬باب قال النيب‪ ‬بين اإلسالم على مخس‪ ,‬ح‪.11/2 ,8‬‬
‫‪ - 2‬احلج‪.28-27 :‬‬
‫‪- 3‬ينظر‪ :‬مقاالت نفيسة يف احلج إىل األماكن الشريفة‪ ,‬حممد بن موسى الشريف‪ ,‬دار األندلس اخلضراء‪ ,‬جدة‪ ,‬ط‪,1‬‬
‫‪1430‬هـ‪2000/‬م ص ‪.46-45‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬اإلسالم عقيدة و شريعة ‪ ,‬حممود شلتوت ‪,‬ص‪. 115‬‬
‫‪ - 5‬الفتح‪.27 :‬‬
‫‪38‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫العظمة الزائفة أن يقفوا مع الناس يف عرفات‪ ,‬وأن يفيضوا من حيث أفاض الناس تقريرا ملبدأ املساواة‬
‫الذي جعله اهلل بني عباده‪.1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الحج من أفضل العبادات‬
‫إن احلج من بني أركان اإلسالم ومبانيه‪ ,‬وهو عبادة العمر‪ ,‬وختام األمر‪,‬ومتام اإلسالم وكمال الدين‪,‬‬
‫‪:‬ﭽﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫فيه أنزل اهلل ‪ ‬قوله‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ ‪. 2‬‬
‫ويعد احلج من أفضل العبادات لكونه عبادة جامعة لكل شعائر اإلسالم األخرى من طهارة‬
‫والصالة‪ ,‬والزكاة‪ ,‬وصيام‪ ,‬فهو عبادة بدنية كالصالة‪ ,‬والصيام مبا يتحمله احلاج من مشقات السفر‬
‫والغربة‪ ,‬عن أهله أو أداء املناسك وهو عبادة مالية كالزكاة مبا ينفقه احلاج يف سفره‪ ,‬وإقامته يف طاعة‬
‫اهلل ‪ ,‬وهو عبادة اجتماعية مبا يسمح للحاج أن يشهد أعظم مؤمتر إسالمي يضم مسلمني من‬
‫مشارق األرض ومغارهبا‪ ,‬على اختالف أجناسهم‪ ,‬وطبقاهتم‪ ,‬ولغاهتم‪ ,‬وهو عبادة مادية تتيح للحاج‬
‫فرصة تبادل املنافع التجارية على خمتلف أنواعها بني املسلمني‪ ,‬لذا استحق احلج أن يكون أفضل‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫العبادات‪ ,3‬قال‬
‫ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ‪ ،4‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬سئل رسول اهلل ‪( ‬أي‬
‫العمل أفضل ؟ قال إميان باهلل و رسوله‪,‬قيل ‪ُ:‬ث ماذا؟ قال‪:‬اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ,‬قيل ُث ماذا ؟ قال‪:‬‬
‫حج مربور)‪.5‬‬
‫كما هو شعرية جتمع بني املسلمني من خمتلف أوطاهنم‪ ,‬وتنوع ألواهنم‪ ,‬وأعراقهم يف زمان واحد‬
‫ومكان واحد حتت مساء واحدة‪ ,‬وهلدف واحد وغاية واحدة‪ ,‬تنصهر كل هذه الثقافات واألعراق‬
‫واأللوان يف بوتقة واحدة ‪ ,‬وهي بوتقة اإلميان اخلالص ثقافةً‪ ,‬واإلنسان املؤمن عرقًا‪ ,‬والبياض الناصح‬
‫لونًا‪ ,‬ليتحقق أمسى هدف من هذا التنوع أال وهو حتقيق هدف التعارف الذي جنده يف قوله تعاىل‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬اإلسالم عقيدة و شريعة‪ ,‬ص ‪.115‬‬


‫‪ - 2‬املائدة ‪.3 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬العبادة أحكام و أسرار‪ ,‬عبد احلليم حممود ‪ ,‬دار غريب‪ ,‬القاهرة ‪1998 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 311‬‬
‫‪ - 4‬احلج‪. 28 :‬‬
‫‪ - 5‬صحيح البخاري ‪,‬كتاب اإلميان ‪ ,‬باب من قال أن اإلميان هو العمل ‪ ,‬ج‪. 26/1‬‬
‫‪39‬‬
‫التربية القرآنية والحج‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬
‫ﭽﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫إن هذا التنوع آية من آيات اهلل اليت توجد يف احلج و ال توجد يف سواه‪.2‬‬
‫ومنه فإن احلج مدرسة يتعلم فيها احلاج املساواة بني الناس مجيعا‪ ,‬وال فضل إلنسان على إنسان إال‬
‫مطهرا‬
‫بالتقوى والعمل الصاحل املرجو ملرضاة اهلل ومنه فإن احلج بأركانه‪ ,‬وواجباته وشروطه‪ ,‬وسننه‪ً ,‬‬
‫للحاج من ذنوبه‪ ,‬يفيض عليه رضوان اهلل ورمحته ومغفرته‪.‬‬

‫‪ - 1‬احلجرات‪. 13 :‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬ثقافة احلج ( عبادة وأخالق‪ ,‬فن وانضباط )‪ ,‬مصطفى لعزوزي‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بريوت‪,‬ط‪ 2006 ,1‬م‪,‬ص‬
‫‪.12‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج ‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التربية العقدية من خالل آيات الحج‬


‫المبحث الثاني‪ :‬التربية األخالقية من خالل آيات الحج‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التربية على األخوة و الوحدة اإلسالمية‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬التربية العقدية من خالل آيات الحج‬


‫إن حاجة العباد إىل العقيدة السليمة فوق كل حاجة‪ ,‬وضرورة تفوق كل الضرورات‪ ,‬يف كل‬
‫العبادات‪ ,‬فهي حياة القلوب فال نعمة وال طمأنينة إال مبعرفة اخلالق ‪ ‬واالبتعاد عن الشرك بكل‬
‫أنواعه وهذا ما سنتطرق إليه يف هذا املبحث من تربية عقدية يف آيات احلج من توحيد هلل ‪ ‬وعدم‬
‫الشرك به والرباءة من املخالفني للتوحيد ‪.‬‬
‫المطلب األول تحقيق التوحيد والنهي عن الشرك‬
‫تعاىل ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫يقول‬
‫ﮄ ﮅ ﭼ‪ ,1‬قال البيضاوي يف تفسريه‪ ":‬إن هذه اآلية تتضمن معىن تعبديا ألن التبوئة من‬
‫أجل العبادة‪ ,‬وذلك لئال تشرك بعباديت‪ ,‬وطهر بييت من األوثان واألقذار ملن يطوف به ويصلي فيه‬
‫‪2‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﭼ‬ ‫وبعدها ذكر قوله‬
‫(أذن ) تعين‪ :‬دعوة احلج ألمره‪ ,‬روى أنه ‪ ‬قال‪(:‬يأيها الناس حجوا بيت ربكم فأمسعه اهلل من‬
‫أصالب الرجال و أرحام النساء فيما بني املشرق واملغرب ممن سبق يف علمه أن حيج)"‪.3‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪ :‬ﭽﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ ‪.4‬‬
‫يقول سيد قطب‪":5‬إنه التجرد الكامل هلل‪ ,‬بكل خاجلة يف القلب‪ ,‬وبكل حركة يف احلياة بالصالة‬
‫واالعتكاف‪ ,‬وباحمليا واملمات‪ ,‬وبالشعائر التعبدية‪ ,‬وباحلياة الواقعية‪ ,‬وباملمات وما وراءه‪ ,‬إهنا تسبيحة‬
‫التوحيد املطلق‪ ,‬والعبودية الكاملة‪ ,‬جتمع الصالة واالعتكاف واحمليا واملمات‪ ,‬وختلصها هلل وحده‪ ,‬هلل‬
‫رب العاملني القوام املهيمن املتصرف املريب املوجه احلاكم للعاملني يف إسالم كامل ال يستبقي للنفس‬

‫‪-1‬احلج‪26 :‬‬
‫‪ -2‬احلج‪27 :‬‬
‫‪ - 3‬أنوار التنزيل و أسرار التأويل ‪ ,‬ناصر الدين البيضاوي‪ ,‬حتق‪ :‬حممد عبد الرمحان املرعشلي‪ ,‬دار إحياء الرتاث‪ ,‬بريوت العريب‬
‫بريوت‪ ,‬ط‪1418 ,1‬هـ‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.69‬‬
‫‪- 4‬األنعام‪. 162:‬‬
‫‪ - 5‬سيد قطب بن إبراهيم‪ ,‬كاتب ومفسر‪ ,‬من كبار املفكرين اإلسالميني‪ ,‬ومن شهداء النهضة اإلسالمية احلديثة‪ ,‬انظم إىل‬
‫مجاعة اإلخوان املسلمني‪ ,‬وترأس قسم نشر الدعوة‪ ,‬وتوىل حترير جريدة "املسلمون "( ‪1954-1953‬م) ‪ ,‬وسجن معهم ‪ ,‬أطلق‬
‫سراحه سنة ‪1957‬م‪ ,‬وعكف على تأليف الكتب وهو بالسجن‪ ,‬إىل أن صدر األمر بإعدامه ‪1967‬م‪,‬من مؤلفاته "يف ظالل‬
‫القرآن " (ينظر‪ :‬معجم املفسرين (من صدر اإلسالم وحىت العصر احلاضر) ‪.)220-219/2 ,‬‬
‫‪42‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ﭽﯡﯢﭼ‬ ‫وال يف احلياة بقية ال يعبدها هلل‪ ,‬وال حيتجز دونه شيء يف الضمري وال يف الواقع‬
‫فسمعت وأطعت ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ"‪.1‬‬
‫قال بعضهم يف تعريفه للتوحيد هو‪ «:‬التوحيد هو إفراد اهلل ‪‬بالربوبية اإللوهية واألمساء‬
‫والصفات»‪ ,2‬فتوحيد الربوبية هو‪« :‬االعتقاد اجلازم بأن اهلل ‪ ‬هو الرب املنفرد باخللق‪ ,‬وامللك‬
‫والرزق‪ ,‬والتدبر الذي رىب مجيع خلقه بالنعم‪ ,‬ورىب خواص خلقه بالعقائد الصحيحة واألخالق‬
‫اجلميلة‪ ,‬والعلوم النافعة واألعمال الصاحلة‪ ,‬وهذه الرتبية النافعة للقلوب واألرواح املثمرة لسعادة الدنيا‬
‫واآلخرة »‪ ,3‬وأما توحيد اإللوهية هو‪ « :‬إفراد اهلل بالعبادة‪ ,‬ومبناه على إخالص التأله هلل ‪ ‬يف‬
‫العبادات كلها ظاهرها وباطنها»‪ ,4‬وتوحيد األمساء والصفات هو‪ « :‬اعتقاد انفراد اهلل بالكمال‬
‫املطلق من مجيع الوجوه بنعوت العظمة واجلالل‪ ,‬وذلك بإثبات ما أثبته لنفسه‪ ,‬أو ما أثبته له رسول‬
‫‪5‬‬
‫اهلل ‪ ‬من األمساء والصفات بغري حتريف وال تعطيل‪. ».‬‬
‫يف كل مظهر من مظاهر احلج‪ ,‬يتجلى فيه توحيد اهلل وعبوديته‪ ,‬ويظهر أثرها بارزا وملحوظا يف‬
‫أداء الشعائر والتلبس بالطاعات‪ ,‬فيتجرد عن الثياب‪ ,‬وحسر عن الرؤوس‪ ,‬ويف الطواف بالبيت‬
‫واستالم أركانه ويف موقف عرفة ومزدلفة يف ذل وخضوع‪ ,‬وتضرع وخشوع‪ ,‬ويف رمي اجلمار والذبح‪,‬‬
‫وما إليه يف مجيع ذلك مظهر العبودية لرب العباد وإفراده بالعبادة وحده دون سواه تلك العبودية هي‬
‫سر علة الوجود‪ ,‬وهدفه األمسى‪.6‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫قال‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﭼ‪.7‬‬

‫‪ -1‬يف ظالل القرآن‪ ,‬سيد قطب إبراهيم حسني الشاريب‪,‬ط‪ ,17‬دار الشروق ‪ ,‬بريوت ‪ ,‬لبنان ‪1412 ,‬هـ‪ ,‬ج‪ ,3‬ص‪-1240‬‬
‫‪.1241‬‬
‫‪ - 2‬التوحيد امليسر‪ ,‬عبد اهلل بن أمحد احلويل‪ ,‬ط‪ ,3‬دار أطلس اخلضراء ‪ ,‬الرياض‪ 1426 ,‬هـ‪ 2005/‬م ‪ ,‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ - 3‬نور التوحيد وظلمات الشرك يف ضوء الكتاب و السنة‪ ,‬سعيد بن وهب القحطاين‪ ,‬ط‪ ,3‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ,‬الرياض‬
‫‪1421‬هـ‪2000/‬م‪ ,‬ص ‪. 16‬‬
‫‪ -4‬التوحيد أوال‪ ,‬ناصر سليمان العمر‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الوطن‪ ,‬الرياض‪1413 ,‬هـ ‪ ,‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 5‬التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية‪ ,‬عبد بن حممد بن محيد‪ ,‬مركز شعاع اخلري‪ ,‬فلسطني‪1430 ,‬هـ‪2009/‬م ص‪.32‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ :‬كتاب اإليضاح يف مناسك احلج والعمرة‪ ,‬الرباين حيي بن شرف النووي‪ ,‬ط‪ ,2‬دار البشائر اإلسالمية‪ ,‬بريوت‪ ,‬لبنان‬
‫واملكتبة اإلمدادية ‪ ,‬السعودية ‪ ,‬مكة املكرمة ‪1414 ,‬هـ‪1994/‬م ‪ ,‬ص‪.30‬‬
‫‪- 7‬الذاريات‪.56 :‬‬
‫‪43‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قال تعاىل‪:‬ﭽﮇﮈﮉﮊﭼ‪ ,1‬واملعىن‪ ":‬أنه ملا أمر إبراهيم عليه السالم باألذان للحج قال‪ :‬يا‬
‫رب‪ ,‬وما يبلغ صويت؟ قال‪ :‬أذن وعلي اإلبالغ‪ ,‬فصعد إبراهيم خليل اهلل جبل أيب قبيس وصاح‪ :‬يا‬
‫أيها الناس‪ ,‬إن اهلل قد أمركم حبج هذا البيت‪ ,‬ليثيبكم به اجلنة‪ ,‬وجيريكم من عذاب النار فحجوا‬
‫فأجابه من كان يف أصالب الرجال وأرحام النساء‪ ,‬لبيك اللهم لبيك ‪ .‬وهذا معجزة خارقة للعادة‪,‬‬
‫فهو سبحانه قادر على إيصال صوت إبراهيم إىل من يشاء يف أحناء األرض والسماء"‪.2‬‬
‫وما لتوحيد اهلل وطاعته من أمهية عظمى‪ ,‬وما للشرك من أخطار جسيمة‪ ,‬فقد استغل ‪ ‬حجة‬
‫الوداع يف احلث على حتقيق التوحيد‪ ,‬والتحذير من الشرك بأقواله وأفعاله‪ ,‬كما تدل على ذلك عدة‬
‫مواقف أمهها‪ ,‬التلبية‪ :‬وهي شعار احلج ‪ ,‬فقد وحد اهلل فيها‪ ,‬ونفى عنه الشريك‪ ,‬فقال(لبيك اللهم‬
‫لبيك‪ ,‬لبيك ال شريك لك لبيك‪ ,‬إن احلمد والنعمة لك وامللك ال شريك لك) ‪.3‬‬
‫ففي احلج تتجلى صورة التوحيد عقيدة وهدفا للمسلمني‪ ,‬حيث جاءت يف القرآن الكرمي سورة‬
‫احلج اليت جلها تتحدث عن التوحيد هلل‪ ,‬والتحذير من الشرك بكافة صوره وأشكاله‪ ,‬وفيها من‬
‫التوحيد واملواعظ واحلكم على اختصارها‪ ,‬وفيها من الواجبات واملستحبات كلها ما هو بني ملن تدره‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﮕﮖﮗ ﮘ‬ ‫توحيدا‪ ,‬وصالة‪ ,‬وزكاة‪ ,‬وحجا وصياما‪ ,4‬ويظهر ذلك يف قوله‬
‫‪5‬‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﭼ ‪.‬‬
‫ومنه قام احلج على مقتضى تعبدي مقصود يف نية احلاج تعظيم اهلل ‪ ‬فقط‪ ,‬وإظهار الطاعة يف‬
‫تلبية طلبه‪ ,‬وكونه إىل إنفاذ األمر يف هيئة أفعال خمصوصة‪ ,‬وهلذا قال عمر بن اخلطاب ‪ ‬عندما قبل‬
‫احلجر األسود‪« :‬واهلل إين ألقبلك وأين أعلم أنك حجر ال تضر وال تنفع‪ ,‬ولو ال أين رأيت النيب ‪‬‬
‫يقبلك ما قبلتك »‪.6‬‬
‫ولتحقيق التوحيد والتحذير من الشرك بأقواله وأفعله هناك عدة مواقف تدل على ذلك منها ‪:‬‬

‫‪-1‬احلج‪.27:‬‬
‫‪ - 2‬التفسري املنري يف العقيدة والشريعة واملنهج‪ ,‬وهبة الزحيلي‪ ,‬ط‪ ,2‬دار الفكر املعاصر‪ ,‬بريوت‪1418 ,‬هـ‪.194/17 ,‬‬
‫‪- 3‬أخرجه مسلم ‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬كتاب احلج‪ ,‬باب التلبية صفتها ووقتها‪ ,‬ح‪.531/19,3‬‬
‫‪ -4‬دقائق التفسري اجلامع لتفسري اإلمام ابن تيمية‪ ,‬حممد السيد اجلليند‪ ,‬ط‪ ,2‬مؤسسة علوم القرآن‪ ,‬دمشق‪ ,‬لبنان‪ ,‬ج‪,4‬‬
‫ص‪.371‬‬
‫‪ -5‬احلج‪.77:‬‬
‫‪- 6‬أخرجه البخاري ‪ ,‬صحيح البخاري كتاب احلج باب ما ذكر يف احلجر األسود ‪ ,‬ح‪.192/50 , 1597‬‬
‫‪44‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التّلبية‪ :‬هي شعار احلج‪ ,‬بقول احلاج‪ ,‬عن النيب ‪ ‬قال‪):‬لبيك اللهم لبيك‪ ,‬لبيك ال شريك لك‬ ‫‪-‬‬
‫لبيك‪ ,‬إن احلمد والنعمة لك وامللك‪ ,‬ال شريك لك‪ ,1 ‬إن التلبية استجابة بشرية كربى لنداء رباين‬
‫عظيم طُلِب من أبينا إبراهيم –عليه السالم – أن يعلنه يف األرض فقال تعاىل‪:‬ﭽﮇ ﮈ ﮉ‬
‫وجل‪ :‬ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﮊﭼ‪ ,2‬وأُ ْع ِط َي وعدا بأن يستجيب له املؤمنون فال عز‬
‫‪3‬‬
‫ﮐ ﮑﮒ ﮓﮔﭼ ‪0‬‬
‫فهي تدل على االستجابة‪ ,‬كما تدل على افتقار العبد لسيده ومواله‪ ,‬وهكذا أصبحت التلبية‬
‫نشيد املسلمني القادمني من مشارق األرض ومغارهبا‪ ,‬طيلة أيام احلج‪ ,‬يستشعرون معانيها ومقاصدها‬
‫العظيمة‪ ,‬حىت إذا غفل عنها أحدهم‪ ,‬ذكره غريه مبجرد أن ينطق هبا حىت أصبحت التلبية تدل على‬
‫التآزر والتعاون على الرب والتقوى‪ ,‬واالجتماع على كلمة التوحيد اخلالص‪ ,‬والعبودية هلل رب‪.‬‬
‫فاحلاج املليب أنه إذا توفاه اهلل فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا‪ ,‬يقول النيب ‪ ‬عن الرجل الذي سقط‬
‫عن راحلته يوم عرفات ومات‪(:‬اغسلوه مباء وسدر‪ ,‬وكفنوه يف ثوبه‪ ,‬وال متسوه بطيب وال ختمروا‬
‫رأسه ‪,‬فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)‪ ,4‬فالتلبية بقدر ما تتضمن معاين التوحيد‪ ,‬وشكر النعم‪ ,‬تزيد‬
‫املسلم قوة ومحاسا على أداء مناسك احلج‪.5‬‬
‫‪ -‬الطواف والسعي‪ :‬وهذا موقف آخر يدل عل توحيد اهلل وطاعته‪ ,‬كما يف حديث جابر الطويل‬
‫عن حجة النيب ‪ ‬وفيه قال‪« :‬فلما دنا من الصفا قرأ ﭽﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﭼ أبدأ مبا بدأ اهلل‬
‫به‪ ,‬فبدأ بالصفا فرقي عليه حىت رأى البيت‪ ,‬فاستقبل القبلة فوحد اهلل وكرب وقال‪" :‬ال إله إال اهلل‬
‫وحده ال شريك له‪ ,‬له امللك وله احلمد‪ ,‬وهو على كل شيء قدير‪ ,‬ال إله إال اهلل وحده " قال مثل‬
‫هذا ثالث مرات‪ ,‬حىت أتى املروة‪ ,‬ففعل كما فعل على الصفا »‪.6‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه البخاري‪ ,‬صحيح البخاري ‪ ,‬كتاب احلج‪ ,‬باب التلبية‪ ,‬ح‪.186/26 ,1549‬‬
‫‪-2‬ا حلج‪.27 :‬‬
‫‪ -3‬احلج‪.27:‬‬
‫‪ - 4‬أخرجه البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬كتاب جزاء الصيد‪ ,‬باب سنة احملرم إذا مات‪ ,‬ح‪.219/21 ,1851‬‬
‫‪-5‬ينظر‪ :‬ثقافة احلج ( عبادة وأخالق‪ ,‬فن وانضباط)‪ ,‬ص‪.44-43‬‬
‫‪-6‬اخرجه مسلم‪ ,‬صحيح مسلم ‪ ,‬كتاب احلج ‪ ,‬باب حجة النيب ‪ , ‬ح‪.557/19 , 1218‬‬
‫‪45‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومنه فشعائر احلج كلها من قول وفعل‪ ,‬تعرب عن توحيد اهلل‪ ,‬وإفراده بالعبودية‪ ,‬راجني من املوىل عز‬
‫وجل قبول األقوال واألفعال‪ ,‬قصد الوصول لرضاه والفوز جبنانه وهي غاية كل حاج خصوصا‪ ,‬وكل‬
‫مسلم عموما ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التذكير بيوم الحشر في شعائر الحج‬
‫يقول تعاىل ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ‪ 1‬قيل‪":‬بكة موضع البيت واملطاف‪ ,‬مسيت بكة‪ :‬ألن‬
‫بعضا‪ ,‬ويصلي بعضهم بني يدي بعض ومير بعضهم‬ ‫بعضهم ً‬ ‫الناس يتباكون فيها‪ ,‬أي يزدمحون يبك ُ‬
‫بني يدي بعض‪ ,‬مسيت بكة ألهنا تبك أعناق اجلبابرة‪ ,‬أي تدقها فلم يقصدها جبار بسوء إال قصمه‬
‫اهلل‪ 2".‬فبكاء احلجاج جبانب مكة هو تذكرهم يوم القيامة‪ ,‬وما يف ذلك اليوم من أهوال‪ ,‬راجني من‬
‫اهلل أن يرمحهم ويغفر هلم‪.‬‬
‫يشهد حجه أعظم جتمع إسالمي خاصة يف يوم عرفة‪ ,‬إذ يقف اجلميع يف عرفة مليني مبتهلني‬
‫إىل اهلل يسألونه من خري الدنيا و اآلخرة‪ ,‬وهذا التجمع الكبري يذكر املسلم باملوقف األكرب يوم القيامة‬
‫الذي يلتقي فيه األولون واآلخرون‪ ,‬ينتظرون فصل القضاء‪ ,‬ليصريوا إىل منازهلم حسب أعماهلم‪. 3‬‬
‫فلباس احلج يكون فيه عري نسيب للرجال‪ ,‬وتكشف كتفك يف احلج هذا يذكر بالعري الكامل يوم‬
‫القيامة‪ ,‬عن عائشة أهنا قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪ :‬حتشرون حفاة عراة غرال »‪ ,‬قالت عائشة ‪:‬فقلت‬
‫يا رسول اهلل الرجال والنساء ينظر بعضهم إىل بعض ؟فقال‪«:‬األمر أشد من أن يهمهم ذاك‪.4».‬‬
‫وليتذكر عند قطعه للعالئق لسفر احلج‪ ,‬قطع العالئق لسفر اآلخرة‪ ,‬فإن ذلك بني يدي ربه عن‬
‫قرب‪ ,‬وما يقدمه هلذا السفر طمعا يف تيسري ذلك السفر‪ ,‬فهو املستقر وإليه املصري‪ ,‬فال ينبغي أن‬
‫‪5‬‬
‫يغفل عن ذلك السفر عند االستعداد هلذا السفر‪.‬‬

‫‪ -1‬آل عمران‪.96:‬‬
‫‪ -2‬معامل التنزيل‪ :‬أبو حممد بن احلسن مسعود البغوي‪ ,‬حتق‪ :‬حممد عبد اهلل النمر‪ ,‬ط‪ ,4‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪,‬‬
‫‪1417‬هـ‪1997/‬م‪.70,‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬احلج فضله وفوائده ‪,‬عبد احملسن بن محد العباد البدر‪,‬اجلامعة اإلسالمية‪ ,‬املدينة املنورة‪ ,‬العدد األول‪1491,‬هـ‬
‫‪1971/‬م‪ ,‬ص‪. 25‬‬
‫‪ -4‬أخرجه صحيح البخاري‪ ,‬كتاب الرقاق‪ ,‬باب كيف احلشر‪ ,‬ح ‪/45 , 6527‬ص‪. 772‬‬
‫‪-5‬ينظر‪ :‬أسرار احلج حلجة اإلسالم اإلمام الغزايل ‪ ,‬حتق‪ :‬موسى حممد علي‪ ,‬ص‪.143‬‬
‫‪46‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما للحاج بتذكره للمواقف اليت تعرض هلا أثناء تأديته هلذه الفريضة‪ ,‬يزداد تقوى التزام مبنهج اهلل‬
‫عز وجل‪ ,‬فاحلاج بسفره ومفارقته األهل واألحبة بزاد قليل‪ ,‬ولباس زهيد لتأدية هذا الركن‪ ,‬ففيه مدعاة‬
‫للتفكر باملوت‪ ,‬وما جيب أن يعد له الفرد حىت يستطيع الوصول بأمان إىل الدار اآلخرة‪ ,‬مما جيعله‬
‫ميضي وقته يف طاعة اهلل استعدادا لذلك اليوم الذي ال بنفع فيه ال مال وال بنون إال من أتى اهلل‬
‫بقلب سليم‪ ,‬ومن جهة أخرى فإن هذه الفريضة تثري املشاعر واألحاسيس للتفكر يوم احلشر‪ ,‬يقول‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ‪ ,1‬فالسعي‬
‫بني الصفا واملروة مثال فيه تذكر بامليزان يوم احلساب‪ ,‬وذلك بتمثل الصفا بكفة احلسنات واملروة‬
‫بكفة السيئات نظرا إىل الرجحان والنقصان مرتددا بني العذاب والغفران‪ ,‬وكذلك يوم عرفة الذي‬
‫تزدحم فيه اخللق‪ ,‬وترتفع األصوات‪ ,‬وتتبع الفرق أئمتهم يف الرتددات فيه تذكري بعرضات يوم القيامة‪,‬‬
‫واجتماع األنبياء واألئمة فيه وإتباع كل أمة نبيها‪ ,‬فيكون نتيجة هذا التفكر أن يلتزم احلج بالضراعة‬
‫واالبتهال إىل اهلل ليحشره يف زمرة الفائزين املرحومني ‪.2‬‬
‫وكذلك يف أثناء تأديته هلذه الفريضة يتذكر احلاج يف طبيعة احلياة اليت كان يعيشها الرسول ‪ ‬يف‬
‫تلك البالد املقفرة‪ ,‬ومدى املشاق واملصاعب اليت واجهها عليه الصالة والسالم هو وصحبه لنشر هذا‬
‫الدين‪ ,‬وتبليغ الرسالة وفق ما أراد اهلل‪ ,‬مما يعمق يف النفس حب الرسول ‪ ‬وصحبه‪ ,‬والذي يرتجم‬
‫‪3‬‬
‫بإتباع سنته اليت فيها اخلري والصالح ‪ ,‬وتنفيذ أوامره الذي هو تنفيذ وإتباع ألوامر اهلل عز وجل‪.‬‬
‫فاحلج فكل شعائره‪ ,‬جيعل املسلم يعيد النظر يف أمور حياته‪ ,‬عازما على ترك املنكرات‪ ,‬والتزام‬
‫الطاعات‪ ,‬ألنه آت يوم يشبه أيام احلج‪ ,‬وهو احلساب ‪ ,‬فماذا أع ّدت له ؟‪.‬‬

‫‪ -1‬البقرة‪. 158 :‬‬


‫‪-2‬ي نظر ‪ :‬إحياء علوم الدين‪ ,‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل ‪ ,‬مكتبة ومطبعة كرياطة فوترا‪ ,‬صمارغ ‪ ,‬أندونيسيا ‪,‬ال‪.‬ط‪ ,‬د‪.‬ت‪,‬‬
‫ص‪.270‬‬
‫‪-3‬ينظر‪ :‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية ‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي ‪ ,‬رسالة ماجستري يف الرتبية يف اإلسالم ‪ ,‬كلية الشريعة‬
‫والدراسات اإلسالمية جامعة الريموك ‪ ,‬إربد ‪ ,‬األردن ‪1418 ,‬هـ‪1997/‬م‪ ,‬ص‪. 48‬‬
‫‪47‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التزام التقوى في كل أعمال الحج والحذر من عقاب اهلل‬


‫التقوى هي الطريق الصحيح ملرضاة اهلل والفوز جبنانه‪ ,‬فقد شرع اهلل الشرائع كلها هلذه الغاية‪ ,‬منها‬
‫قوله‪ :‬ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ‬ ‫احلج‪,‬ذكر التقوى يف آيات احلج يف عدة مواضع‪ ,‬كما يف‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ‪ , 1‬وقال‪ :‬ﭽﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢﭼ‪.2‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﭩ ﭪ ﭫﭬﭭ‬ ‫والتقوى ذكرت يف القرآن عدة معان‪:‬أهنا خري الزاد يف قول‬
‫ﭽﭴﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ‬ ‫ﭯﭰﭱﭼ‪ ,3‬والتقوى خري لباس‪ ,‬يف قوله سبحانه‪:‬‬
‫ﭼﭽﭾ ﭿﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﭼ‪ ,4‬وهي خري مرياث فال‬ ‫ﭺﭻ‬

‫‪:‬ﭽﭴ‬ ‫ﰄﭼ‪ ,5‬وهي خري تركة ملن بعدك‪ ,‬لقوله‬ ‫تعاىل‪:‬ﭽﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ‬


‫ﮀ ﮁ ﮂﭼ‪.6‬‬ ‫ﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬

‫وقال الطربي‪":‬يف تأويل قوله تعاىل‪:‬ﭽﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢﭼ‪ ,‬بطاعته فيما ألزمهم‪ ,‬من‬
‫فرائضه وحدوده‪ ,‬واحذروا أن تعتدوا يف ذلك وتتجاوزوا فيما ّبني لكم من مناسككم فتستحلوا ما‬
‫حرم فيها عليكم‪ ,‬وقولهﭽ ﰞﭼ‪:‬تيقنوا أنه تعاىل ذكره‪ ,‬شديد عقابه ملن عاقبه على من انتهك‬
‫حمارمه‪ ,‬أو ركب من معاصيه"‪.7‬‬
‫فالتقوى عرفها سيد قطب‪-‬رمحه اهلل‪-‬فقال‪ ":‬التقوى زاد القلوب واألرواح منه تقتات‪ ,‬وبه تتقوى‬
‫وترف وتشرق‪ ,‬وعليه تستند يف الوصول إىل النجاة‪ ,‬وأولوا األلباب هم أول من يدرك التوجيه إىل‬
‫التقوى‪ ,‬وخري من ينتفع هبذا الزاد"‪.8‬‬

‫‪-1‬البقرة‪.197 :‬‬
‫‪-2‬البقرة‪.196 :‬‬
‫‪-3‬البقرة‪.197 :‬‬
‫‪-4‬األعراف‪.26:‬‬
‫‪ -5‬مرمي‪.63 :‬‬
‫‪ -6‬النساء‪9:‬‬
‫‪-7‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن ‪ ,‬حممد بن جرير الطربي‪ ,‬حتق‪ :‬أمحد بن حممد شاكر مؤسسة الرسالة ‪1420 ,‬هـ‪/‬‬
‫‪2000‬م‪ ,‬ج‪ ,3‬ص‪.114‬‬
‫‪ -8‬يف ظالل القرآن ‪ ,‬سيد قطب‪ ,‬ص ‪.179‬‬
‫‪48‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فخري زاد يتزود به العبد زاد التقوى‪ ,‬فما تزود حاج وال غريه‪ ,‬أفضل من زاد التقوى‪ ,‬وال داعي للحاج‬
‫عند توديعه بأفضل من التقوى فإنه فيه صالح لدينه ودنياه‪.‬فالتقوى جتعل املسلم يشعر دائما مبراقبة‬
‫اهلل له فيخافه يف سره وعالنيته للوصول إىل جناته‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬التربية على ذكر اهلل والدعاء في الحج‬
‫‪-‬الذكر‪ :‬هو راحة وطمأنينة للقلب‪ ,‬ويذكر احلاج ربه عند اإلفاضة من عرفات إىل مزدلفة‪ ,‬وعند املشعر‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫احلرام لقوله‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ‬
‫‪1‬‬

‫تعاىل‪:‬ﭽﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ويذكره عند فراغه من أداء املناسك‪ ,‬فال‬


‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﭼ‪.2‬‬
‫ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫وأيضا يقول بعد هذا‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ‪,3‬‬
‫فجعل هذا كله بعد ذكره يف األيام املعلومات‪ ,‬وقضاء التفث‪ ,‬وهو شعث احلج وغباره ونصبه‬
‫والطواف إمنا يكون يف يوم النحر‪ ,‬وما بعده وال يكون قبله‪ ,‬وقد جعل اهلل سبحانه هذا مرتبا على‬
‫‪4‬‬
‫ثم) على أن املراد باأليام املعلومات ما قبل يوم النحر ‪.‬‬‫ذكره يف األيام املعلومات بلفظة ( ّ‬
‫إن املراد بذكره عند ذحبها‪ ,‬وهو حاصل بذكره يف يوم النحر؛ فإنه أفضل أيام النحر‪ ,‬واألصح أنه‬
‫إمنا أريد ذكره شكرا على نعمة تسخري هبيمة األنعام لعباده‪ ,‬فإن هلل تعاىل على عباده يف هبيمة األنعام‬
‫نعما كثرية من القرآن‪ ,‬فللحجاج خصوصية يف ذلك‪ ,‬فإهنم يسريون عليها لقضاء نسكهم‪ ,‬كما قال‬
‫تعاىل ﭽﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﭼ‪.5‬‬

‫‪-1‬البقرة‪.199-198 :‬‬
‫‪-2‬البقرة‪. 200 :‬‬
‫‪-3‬احلج‪.29-28 :‬‬
‫‪-4‬ينظر‪ :‬لطائف املعارف فيما ملواسم العام من الوظائف‪ ,‬احلافظ بن رجب احلنبلي‪ ,‬حتق‪ :‬ياسني حممد السواس ‪ ,‬ط‪ ,5‬دار ابن‬
‫كثري ‪ ,‬دمشق‪ ,‬بريوت‪1420 ,‬هـ‪1999/‬م‪,‬ص ‪.472‬‬
‫‪-5‬احلج‪.27 :‬‬
‫‪49‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقال أيضا‪:‬ﭽﭑ ﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚﭼ‪ ,1‬ويأكلون من حومها‪,‬‬


‫ويشربون ألباهنا وينتفعون بأصوافها‪ ,‬وأوبارها‪ ,‬وأشعارها ‪.2‬‬
‫ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫‪ -‬الدعاء‪ :‬يقول تعاىل‪:‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗ ﮘﮙﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﭼ ‪ 3‬قال املراغي‪ ":4‬بعد أن‬
‫نصب سبحانه األدلة على أن ال معبود سواه‪ ,‬وأنه ال جيوز حبال أن يعبد غريه‪ ,‬وطلب إىل رسوله أن‬
‫يعجب من حال قومه‪ ,‬إذ ب ّدلوا نعمة اهلل كفرا‪ ,‬وعبدوا ألوثان واألصنام‪",‬ذكر هنا أن األنبياء مجيعا‬
‫حثوا على ترك عبادة األصنام‪ ,‬فإبراهيم صلوات اهلل عليه وهو أبوهم نعى على قومه عبادهتا‪ ,‬وطلب‬
‫إىل اهلل أن جينبه وبنيه ذلك‪ ,‬فإهنا كانت سببا يف ضالل كثري من الناس‪ ,‬وشكر اهلل على أن وهب له‬
‫على كربه ولديه إمساعيل وإسحاق‪ُ ,‬ث ختم مقاله بأن يغفر له ولوالديه وللمؤمنني ذنوهبم عند العرض‬
‫واحلساب "‪.5‬‬
‫الدعاء هو مخ العبادة‪ ,‬وهو مظهر من مظاهر التوكل على اهلل ‪ ,‬وتفويض األمر هلل واالعتماد‬
‫عليه يف دفع الضرر‪ ,‬وجلب اخلري واملنفعة‪ ,‬وهذا يسري يف النفس الراحة وحيررها من القلق‪,‬ألنه يلجأ‬
‫تعاىل‪:‬ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫إىل الواحد األحد القادر على كل شيء‪ ,‬قال‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‪.6‬‬

‫‪-1‬النحل‪.7:‬‬
‫‪-2‬ينظر‪ :‬لطائف املعارف‪ ,‬ص‪.473-472‬‬
‫‪-3‬إبراهيم‪.41-35:‬‬
‫‪-4‬أمحد بن مصطفى املراغي‪ ,‬مفسر من العلماء ‪,‬عني أستاذ للعربية والشريعة اإلسالمية بكلية اخلرطوم‪,‬من أهم آثاره تفسري القرآن‬
‫املعروف " تفسري املراغي" تويف بالقاهرة سنة ‪1371‬هـ ( ينظر‪ :‬معجم املفسرين من صدر اإلسالم وحىت العصرحلاضر‪ ,‬عادل‬
‫نويهض‪ ,‬ص‪).80‬‬
‫‪-5‬تفسري املراغي ‪ ,‬أمحد بن مصطفى املراغي ‪ ,‬ط‪ ,1‬مكتبة مصطفى البايب احلليب وأوالده‪ ,‬مصر‪1365 ,‬هـ‪1946/‬م‬
‫ص‪.159-158‬‬
‫‪-6‬غافر‪.06 :‬‬
‫‪50‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فاحلج من أفضل املواسم اليت يستجيب فيها الدعاء عند أداء أي منسك من مناسك احلج املتنوعة‬
‫وخاصة يوم عرفة‪ ,‬وورد عن الرسول ‪ (‬احلجاج والعمار وفد اهلل إذا دعوه أجاهبم وإن استغفروه‬
‫غفر هلم)‪.1‬‬
‫ولعل كون الدعاء من بني الطواف والسعي‪ ,‬والوقوف بعرفة‪ ,‬هو حظ الفرد املسلم من اإلحلاح يف‬
‫طلب املغفرة و التأكيد عليها مبداومة هذا الطلب‪,‬وجتديد التوبة يف كل حلظة إمنا حيمل يف ثناياه الرغبة‬
‫اجلادة يف استجابة هذا الدعاء‪ ,‬وذلك بتكراره بني احلني و اآلخر‪.2‬‬
‫وهكذا تتحقق العبودية هلل عز وجل مبعناها الشامل يف هذه الفريضة‪ ,‬وذلك باالحتكام لشريعة اهلل‬
‫يف كل أمور حياته‪ ,‬هذا االحتكام الذي يعين االستسالم واالنقياد ألوامر اهلل عز وجل‪ ,‬حىت تصبح‬
‫العبودية هلل مسة من مسات الشخصية املؤمنة اليت متيزها عن غريها من البشر‪ ,‬فينعكس ذلك على‬
‫املسلم بالطمأنينة‪ ,‬والراحة اليت تؤدي إىل قوة الشخصية‪ ,‬ألهنا تقوم على تقوى اهلل‪ ,‬والتوكل عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن ماجه‪ ,‬كتاب املناسك‪ ,‬باب دعاء احلاج ‪. 289/2,‬‬


‫‪-2‬ينظر‪ :‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية ‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي ‪ ,‬ص‪. 50‬‬

‫‪51‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التربية األخالقية من خالل آيات الحج‬


‫احلج مدرسة للرتبية على األخالق الفاضلة‪ ,‬فجعل اهلل من الغايات يف رحلة احلج هتذيبا لألخالق‬
‫وتقومي للسلوك‪ ,‬ويف أعماله املتكررة تعويد املرء أن حييا بأخالق صحيحة‪ ,‬وأن يظل متمسكا هبذه‬
‫األخالق مهما تغريت أمامه الظروف‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحج تربية للمسلمين على تنمية األخالق الذاتية ‪:‬‬
‫حسن الخلق‪:‬ا ألخالق احلسنة هي أثقل ما يوضع يف ميزان العبد يوم القيامة‪ ,‬وذلك من خالل‬ ‫‪-‬‬

‫ﭨﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫جاء يف القرآن عن حقيقة احلج ﭧ‬


‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭼ‪ ,1‬قال أبو زهرة ‪":2‬ومرمى القرآن من هذه اآليات هو النهي عن كل قول‬
‫جيعل اللسان غري نزه‪ ,‬وكل قول يؤدي إىل النزاع‪ ,‬واجلدال يؤدي إىل اخلصام‪ ,‬وألهنم اجتمعوا على‬
‫مائدة الرمحان الروحية ليتعارفوا‪ ,‬وليتالقوا‪ ,‬وليقوى احتادهم‪ ,‬ويعتزوا بعزة اهلل‪ ,‬فيجب اجتناب كل ما‬
‫‪3‬‬
‫يؤدي إىل النزاع واخلصام"‪.‬‬
‫كما ويعين الرفث‪:‬القول البذئ ويقارب معىن « الفسق » ما تقوله باألردية أن فالن تعرى من لباس‬
‫اإلنسانية‪ ,‬أما اجلدال‪ :‬فيعين املخاصمة‪ ,‬وهذه الكلمات الثالثة تستخدم لبيان شرور اجتماعية تقع‬
‫بواسطة الكالم‪ ,‬واجتماع احلج تربية عملية لالبتعاد عن هذه الشرور‪ ,‬ألنه كلما أجتمع الناس يف‬
‫مكان ما أو عاشوا معا تثور شكاوى و خمالفات بني بعضهم‪ ,‬وحيدث هذا االجتماع على مستوى‬
‫عظيم يف موسم احلج‪ ,‬ألن عدد ضخما من الناس من خمتلف األلوان جيتمعون يف مكان وقت واحد‪,‬‬
‫فتكون النتيجة أن األذى يصيب الناس مرة بعد أخرى‪ ,‬ولو بدأ الناس يتخاصمون فيقضون هبذا على‬
‫جو العبادة‪ ,‬ولن يتحقق هدفهم املنشود وهلذا ُحرم اجلدال واخلصام خالل احلج‪ ,‬وسيلة لرتبية‬

‫‪ -1‬البقرة‪197 :‬‬
‫‪ -2‬حممد أمحد مصطفى أبو زهرة‪ ,‬ولد ‪1898‬م‪ ,‬حفظ القرآن الكرمي ومل يتجاوز التاسعة من العمر‪ ,‬كان عضوا مبجلس جامعة‬
‫املسمى"زهرة التفاسري" من‬
‫األزهر‪ ,‬واجمللس األعلى لشؤون اإلسالمية‪ ,‬ومن مؤلفاته‪ ,‬املعجزة الكربى (القرآن)‪ ,‬تفسري القران الكرمي ّ‬
‫اآلية ‪73‬من سورة النمل‪ ,‬تويف سنة ‪1974‬م‪( .‬ينظر‪ :‬زهرة التفاسري‪ ,‬حممد أبو زهرة‪ ,‬ص‪.)11-8-3‬‬
‫‪ - 3‬زهرة التفاسري‪ :‬حممد أبو زهرة‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬األزهر ص‪.615‬‬
‫‪52‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫املسلمني على شيء عظيم‪ ,‬ألن اخلصام واجلدال كما يبطالن احلج‪ ,‬فإهنما يبعدان املسلم عن‬
‫‪1‬‬
‫اإلسالم يف حياته العادية أيضا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫قال رسول اهلل ‪(:‬من حج هذا البيت فلم يرفث ومل يفسق رجع كيوم ولدته أمه)‬
‫فالعفة وكظم الغيظ‪ ,‬وترك اجلدال يف احلج يعد تربية تدل على حسن اخللق‪ ,‬فالرفث هو اجلماع‬
‫ودواعيه من قول أو فعل‪ ,‬واجلدال هو جنادل صاحبك حىت تغضبه ويغضبك‪ ,‬ومنها اللني والرفق‬
‫والسكينة‪ ,‬ومنها الرتبية على التواضع‪ ,‬ومنها الرتبية على الصرب بأنواعه‪ :‬صرب على مشقة الطاعة‬
‫وصرب على املعصية خاصة مع التزاحم وكثرة الناس‪ ,‬وصرب على قضاء اهلل الذي يعرض للحاج‪ ,‬ومنها‬
‫الرتبية على البذل والسخاء واحلج هو عبادة بدنية مالية‪ ,‬ويف املشاعر تتسامى املشاعر‪ ,‬فيبذل املوسر‬
‫من ماله لسقيا احلجاج أو تفريج كرهبم وسد حاجتهم ‪.3‬‬
‫وهكذا جند احلاج يرتك الرتفه والتمتع‪ ,‬مبا أحل اهلل له لترتىب نفسه على اخلضوع هلل واالمتثال ألوامره‪.‬‬
‫‪-‬الصبر‪ :‬ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ‪4‬هذه‬
‫أيضا ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫إشارة إىل شعرية من شعائر احلج وهي الطواف بني الصفا واملروة‪ ,‬وقوله‬
‫ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭼ‪ ,5‬تتطلب فريضة احلج الصرب الشتماهلا على أعمال كثرية‪ ,‬منها الصرب على أداء‬
‫املناسك لينال األجر‪ ,‬والصرب على الشهوات‪ ,‬وعلى طباع الناس يف األذى عن قصد أو غري قصد‬
‫وأن يكون لني اخللق استجابة ألنر اهلل عز وجل‪. 6‬‬
‫التعلم والتعليم‪ :‬يقول تعاىل‪:‬ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ ‪,‬قال سيد قطب‪" :‬إن بعض املسلمني‬
‫حترجوا من الطواف بالصفا واملروة يف احلج والعمرة‪ ,‬بسبب أهنم كانوا يسعون بني هذين اجلبلني يف‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬حقيقة احلج ‪ ,‬وحيد الدين خان ‪ ,‬ص‪.20-19‬‬


‫‪ -2‬أخرجه البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬كتاب احملصر باب قول اهلل ‪ :‬ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ‬
‫ح‪.215/10 ,1820‬‬
‫‪-3‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ,‬وهبة الزحيلي ‪ ,‬ط‪ , 3‬دار الفكر‪ ,‬سوريا ‪ ,‬دمشق ‪1409 ,‬هـ‪1989/‬م ‪,‬ج‪ ,3‬ص‪.12‬‬
‫‪-4‬البقرة‪.158 :‬‬
‫‪ -5‬البقرة‪197 :‬‬
‫‪-6‬ينظر‪ :‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي‪ ,‬ص‪.43‬‬
‫‪53‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اجلاهلية‪ ,‬وأنه كان فوقهما صنمان مها أساف ونائلة‪ .‬فكره املسلمون أن يطوفوا كما كانوا يطوفون يف‬
‫اجلاهلية‪ .‬وكان هذا التحرج مثرة التعليم الطويل‪ ,‬ووضوح التصور اإلمياين يف نفوسهم"‪ ,1‬وقوله‪:‬‬
‫ﮗ ﮘ ﭼ فمن منافع احلج الدينية ما حيصل من التعليم والتوجيه من العلماء من هنا‬ ‫ﭽﮖ‬
‫وهناك يقول الرسول‪( :‬إمنا العلم بالتعلم)‪2‬ومنه فإن احلج يطهر النفس ويعيدها إىل الصفاء‬
‫واإلخالص‪ ,‬مما يؤدي إىل جتديد احلياة‪ ,‬ورفع معنويات اإلنسان‪ ,‬وتقوية األمل وحسن الظن باهلل‬
‫تعاىل‪ ,‬وكذلك يقوي احلج اإلميان ويعني على جتديد العهد مع اهلل‪ ,‬ويساعد على التوبة اخلالصة‬
‫الصدوق‪ ,‬ويهذب النفس ويرقق املشاعر ويهيج العواطف‪ ,‬ويذكر احلج اإلنسان املؤمن مباضي‬
‫اإلسالم التليد‪ ,‬وجبهاد النيب ‪ ,‬والسلف الصاحل الذين أناروا الدنيا بالعمل الصاحل‪ ,‬واحلج يعود‬
‫اإلنسان على الصرب‪ ,‬وحتمل املتاعب‪ ,‬ويعلم اإلنسان االنضباط والتزام األوامر‪ ,‬وباحلج يؤدي العبد‬
‫لربه شكر النعمة‪ ,‬نعمة املال‪ ,‬ونعمة العافية ويغرس يف النفس روح العبودية الكاملة واخلضوع الصادق‬
‫‪3‬‬
‫األكيد لشرع اهلل تعاىل ودينه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التربية على القيم اإلسالمية‬
‫أوال‪-‬المساواة‪ :‬يقول تعاىل‪ :‬ﭽﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﭼ‪ ,4‬لقد كانت قري يف‬
‫اجلاهلية تسمي نفسها «احلمس» ويتخذون ألنفسهم امتيازات تفرقهم عن سائر العرب‪ ,‬أهنم ال‬
‫يقفون مع سائر الناس يف عرفات‪ ,‬وال يفيضون‪ ,‬من حيث يفيض الناس‪ ,‬فجاءهم هذا األمر لريدهم‬
‫إىل املساواة اليت أرادها اإلسالم‪ ,‬إنه ال يعرف نسباً‪ ,‬وال يعرف طبقة إن الناس كلهم أمة واحدة‬
‫سواسية كأسنان املشط‪ ,‬ال فضل ألحد على أحد إال بالتقوى‪ ,‬ولقد كلفهم اإلسالم أن يتجردوا يف‬
‫احلج من كل ما مييزهم من الثياب‪ ,‬ليلتقوا يف بيت اهلل إخوانا متساوين‪ ,‬فال يتجردوا من الثياب‬
‫ليتخايلوا باألنساب‪ ,5‬كما يف آية دعوة للتواضع ‪.‬‬

‫‪ -6‬يف ظلل القرآن‪ :‬سيد قطب‪ ,‬ص‪.147‬‬


‫‪-1‬أخرجه البخاري‪ ,‬كتاب العلم‪ ,‬باب العلم قبل القول والعمل‪ ,‬ح‪.20/3 ,10‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪- :‬ينظر‪ :‬اإلعجاز التشريعي آليات احلج يف القرآن الكرمي‪ ,‬أمحد حممد أمحد الكرز‪ ,‬رسالة ماجستري يف التفسري وعلوم‬
‫القرآن ‪ ,‬اجلامعة اإلسالمية ‪ ,‬غزة‪1429 ,‬هـ‪2008/‬م‪,‬ص‪.34‬‬
‫‪ -3‬البقرة‪.199 :‬‬
‫‪ -4‬يف ظالل القرآن‪ :‬سيد قطب‪.167/1,‬‬
‫‪54‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ -‬النظافة‪ :‬اعتىن اإلسالم بالنظافة اجلسدية‪ ,‬وأكد على ذلك يف عدة مواطن من القرآن‪ ,‬مثل‬
‫الوضوء قبل الصالة‪ ,‬والغسل من اجلنابة والغسل للجمعة وغسل اليدين قبل األكل وغريها‪ ,‬قال تعاىل‬
‫ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‪.1‬‬
‫كما جاءت السنة بالعديد من اآليات اليت تدل على اهتمام اإلسالم بالنظافة‪ ,‬عن النيب ‪ ‬أنه‬
‫قال( الفطرة مخس أو مخس من الفطرة‪ ,‬اخلتان‪ ,‬واالستحداد‪ ,‬وتقليم األظافر‪ ,‬ونتف اإلبط وقص‬
‫‪2‬‬
‫الشارب‪.‬‬
‫أما دور احلج يف تعويد اجلسم على النظافة فيظهر ذلك‪ ,‬من خالل املستحبات اليت يقوم هبا احلاج‬
‫قبل إحرامه وبعضها يكون أثناء تأديته للمناسك منها‪:‬‬
‫ثالثا‪-‬االغتسال‪ :‬له دور هام يف احملافظة على صحة اجلسم ونشاطه‪ ,‬وذلك بنزع األوساخ العالقة‬
‫‪3‬‬
‫باجلسم‪ ,‬واملؤدية لنمو البكترييا‪ ,‬يقول تعاىل‪:‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ ‪,‬قال البيضاوي‪ُُ «:‬ثَّ لْيَـ ْق ُ‬
‫ضوا‬
‫‪4‬‬
‫تَـ َفثَـ ُه ْم ُث ليزيلوا وسخهم بقص الشارب واألظفار ونتف ا ِإلبط واالستحداد عند ا ِإلحالل‪».‬‬
‫‪ -‬وقص الشارب‪ ,‬وتقليم األظافر‪ ,‬وحلق العانة‪ ,‬فمن السنة إذا أراد املسلم اإلحرام أن يقوم هبذه‬
‫النظافة ‪.‬‬
‫‪ -‬ويف لباس اإلحرام صحة للجسم يف تعرضه املباشر لألكسجني‪ ,‬فاجلسم يفقد قوته يف حبسها‬
‫داخل املالبس واستبداهلا بثوبني بطستني فضفاضني‪ ,‬مما يعطي للجسم فرصة طول فرتة اإلحرام‬
‫بتعرضه للهواء‪ ,‬فيستعيد اجلسم ما فقده من القوة الطبيعية‬
‫‪ -‬وكذلك يف حلق الرأس كعالج من األخبرة الرديئة احملتقنة حتت الشعر‪ ,‬ووقاية من األمراض اليت‬
‫تنتقل إىل احلاج‪ ,‬فاألعداد كبرية واملكان ضيق صغري‪ ,‬يتسبب يف ازدحام احلجاج يف الوقوف والدفع‬
‫واملبيت‪ ,‬بل يؤدي احلال إىل التصاق أبداهنم‪ ,‬فتزيد فرصة انتقال العدوى ملا حيملونه من أمراض خمتلفة‬
‫‪5‬‬
‫باختالف بلداهنم وبيئاهتم ‪.‬‬

‫‪-5‬البقرة‪.222:‬‬
‫‪-1‬أخرجه مسلم‪ ,‬كتاب الطهارة‪ ,‬باب خصال الفطرة‪ ,‬ح‪ ,52‬ص‪.223‬‬
‫‪- 2‬احلج‪.29 :‬‬
‫‪– 3‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ :‬البيضاوي‪.70/4 ,‬‬
‫‪-4‬ينظر‪ :‬الدور الرتبوي للحج‪ ,‬صاحل بن حيي بن مفرح الزهراين‪ ,‬ص‪.126-125-124‬‬
‫‪55‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬تحقيق النظام والعناية بالوقت‬


‫تعاىلﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫‪-‬النظام في أداء المناسك‪ :‬يقول‬
‫ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﭼ‪ ,1‬إن اجتماع املسلمني على كثرة‬
‫عددهم يف عرفات‪ ,‬والتزامهم بالوقوف داخل حدودها فال حيل هلم أن خيرجوا عنها ولو شرب‪ ,‬وال‬
‫يدفعوا منها قبل غروب الشمس‪ ,‬كل هذه الضوابط والقيود إذا التزم هبا احلاج‪ ,‬فهي تريب فيه النظام‬
‫يف مجيع األحوال ويظهر ذلك أثناء الدفع‪ ,‬والرمي‪ ,‬وتقبيل احلجر األسود‪ ,‬واملبيت مبزدلفة‪ ,‬واليت ال‬
‫تؤدى إال بالتنظيم بني احلجاج ‪.‬‬
‫فاحلج فريضة منظمة ومرتبة األعمال‪ ,‬تريب املسلم على االلتزام باالنضباط‪ ,‬يف شؤون حياته واالبتعاد‬
‫عن الفوضى‪.‬‬
‫ﭓ ﭼ‪ ",2‬أي وقت احلج هو تلك األشهر املعروفة بني‬ ‫تعاىل‪:‬ﭽ ﭑ ﭒ‬ ‫‪-‬الوقت‪ :‬يقول‬
‫الناس وهي‪ :‬شوال وذو القعدة وعشر من ذي احلجة"‪ ,3‬أغلب مناسك احلج مؤقتة بزمن معني‬
‫فالوقوف بعرفة ركن احلج األعظم يف اليوم التاسع ال يصح يف غريه‪ ,‬واملبيت مبزدلفة ليلة العاشر‪,‬‬
‫والرمي‪ ,‬والنحر‪ ,‬واحللق يف اليوم العاشر وكذلك رمي اجلمار يف أيام التشريق بعد الزوال‪ ,‬وهكذا مع‬
‫بقية املناسك‪ ,‬إن التزام احلاج بأداء مناسكه يف أوقاهتا احملددة يريب فيه تنظيم وقته واستغالله كما‬
‫ينبغي‪. 4‬‬
‫فاحلج يرىب املسلمني على ملئ أوقاهتم يف طاعة اهلل والقيام بالواجبات‪ ,‬والبعد عن التسويف‪ ,‬ألن‬
‫املوت ال يعلمه إال اهلل‪ ,‬فيكون تضييع الوقت حسرة وندامة يوم القيامة‪ ,‬يوم ال ينفع الندم‪.‬‬

‫‪ -1‬البقرة‪.198 :‬‬
‫‪-2‬البقرة‪.197 :‬‬
‫‪-3‬صفوة التفاسري‪ ,‬حممد علي الصابوين‪ ,‬ص‪.115‬‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬الدور الرتبوي للحج‪ ,‬ص‪.189-188‬‬
‫‪56‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التربية على األخوة والوحدة اإلسالمية‬


‫حتن وتسرع إِليهم‬ ‫قلوب ِ‬
‫الناس ُّ‬ ‫َ‬ ‫فاجعل‬ ‫"‬‫‪:‬‬ ‫املعىن‬
‫و‬ ‫‪,‬‬‫‪1‬‬
‫قال تعاىل‪:‬ﭽﮒ ﮓﮔﮕﮖ ﮗﭼ‬
‫لكن قال‬
‫الناس كلهم‪ ,‬و ْ‬
‫شوقاً‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬لو قال‪( :‬أفئدة الناس) الزدمحت عليه فارس والروم و ُ‬
‫‪2‬‬
‫{م َن الناس} فهم املسلمون"‪.‬‬
‫ِّ‬
‫فاحلج من العبادات اجلماعية اليت كلف اهلل املسلمون أن يؤدوها يف وقت واحد‪ ,‬ويف مكان‬
‫واحد ومظهر واحد‪ ,‬يسألون ربا واحدا‪ ,‬ويتجهون إىل قبلة واحدة‪ ,‬رغم االختالف بينهم‪ ,‬يف اللغة‬
‫واجلنس‪ ,‬والعرق‪ ,‬واللون‪ ,‬والوطن‪ ,‬وذلك مما يعمق األخوة اإلميانية يف نفوسهم‪ ,‬وفق منهج مستمد‬
‫الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعميق مبدأ األخوة والتعارف في نفوس المسلمين ‪.‬‬
‫إن اإلسالم دين يدعوا أتباعه إىل االنفتاح على اآلخرين‪ ,‬و نبذ العزلة و االنطواء قال تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﭼ ‪.3‬‬
‫‪ -‬مبدأ األخوة ‪:‬يطبق مبدأ األخوة يف احلج تطبيقا عمليا‪ ,‬فهو مظهر عملي لألخوة اإلسالمية إذ‬
‫يتم فيه أعظم تعارف بني شعوب العامل‪ ,‬فاحلج جيرد اإلنسان من منافعه الشخصية‪ ,‬و يدجمه من مع‬
‫اآلخرين دجما قائما على الطهارة اإلنسانية البعيدة عن املصاحل الزائفة‪ ,‬فمن شروطها أنه ال كذب‬
‫فيها‪ ,‬وال رفث‪ ,‬وال فسوق‪ ,‬وال نزاع‪ ,‬وهلذا تكون نظرة اجلميع لبعضهم نظرة حمبة وعطف جمردة من‬
‫كل نزعة شخصية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن فرتة اإلحرام تعمق أواصل املؤاخاة بني املسلمني‪ ,‬و البعد عن العدوانية‪ ,‬فال‬
‫يقطع نباتا‪ ,‬وال يذبح حيوانا‪ ,‬أو يرمي صيدا‪ ,‬وليتعمق هذا فقد ُجعل احلرم املكي مثابة الناس وأمنا‬
‫قال تعاىل‪:‬ﭽﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ‪ 4‬وهبذا منح الشارع كل من يدخله بأمان السالم‬
‫‪5‬‬
‫وأمر بصونه من العبث و التخريب‪ ,‬لتحل الطمأنينة وتعمق معاين األخوة اإلسالمية يف النفوس‬

‫‪ -1‬إبراهيم‪.37 :‬‬
‫‪ -2‬صفوة التفاسري‪,‬جممد علي الصابوين‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الصابوين للطباعة والنشر‪ ,‬القاهرة‪1417 ,‬هـ‪1997/‬م‪ ,‬ص‪.92‬‬
‫‪-3‬احلجرات‪13 :‬‬
‫‪ -4‬البقرة‪.125 :‬‬
‫‪ -5‬ينظر‪ :‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية ‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي ‪,‬ص‪8-86‬‬
‫‪57‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-‬مبدأ التعارف‪ :‬يقول تعاىل‪:‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ‪ ,1‬مسي عرفات ألنه مكان يتعارف‬


‫فيه املسلمون من مشارق األرض ومغارهبا‪ ,‬ألداء احلج‪ ,‬قال سيد قطب‪ ":‬الوقوف بعرفة عمدة أفعال‬
‫احلج"‪ ,2‬إذن فاحلج فريضة سنوية لتعارف املسلمني ببعضهم البعض‪ ,‬ففي كل خطوة خيطوها احلاج‬
‫يكون جنبا إىل جنب مع أخيه احلاج؛ تعارف يف وسيلة النقل‪ ,‬تعارف يف املسكن طيلة أيام احلج‬
‫والتعارف يف األسواق يف البيع والشراء‪ ,‬فما تقتضيه تلك األيام املعدودة‪ ,‬إال وقد حتقق للحاج من‬
‫التعارف بإخوانه من مشارق األرض ومغارهبا ماال يتحقق يف مدة طويلة‪ ,‬وهذا التعارف ليس له مثيل‬
‫إال أنه تعارف كتبه اهلل على أطهر بقعة على وجه األرض‪ ,‬البقعة اليت تنجذب إليها أفئدة املسلمني‬
‫من كل فج عميق‪.3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعميق مبدأ الوحدة بين المسلمين‬
‫ﮕﭼ‪ ,4‬وهكذا يقيم اإلسالم سلوك املسلمني يف‬ ‫تعاىل‪ :‬ﭽﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫يقول‬
‫احلج‪ ,‬على أساس من التصور الذي هدى البشرية إليه‪ ,‬أساس املساواة وأساس األمة الواحدة اليت ال‬
‫تفرقها طبقة‪ ,‬وال يفرقها جنس‪ ,‬وال تفرقها لغة‪ ,‬وال تفرقها مسة من مسات األرض مجيعاً‪ ,‬وهذا يردهم‬
‫إىل استغفار اهلل من كل ما خيالف عن هذا التصور النظيف الرفيع‪.5‬‬
‫إن وحدة املسلمني جانب مهم‪ ,‬من جوانب احلج‪ ,‬فاملسلمون من كل أحناء العامل جيتمعون يف‬
‫مكان واحد‪ ,‬ويؤدون معا مناسك احلج‪ ,‬فاحلج هو اجتماع ديين عاملي للمسلمني‪ ,‬ولقد ورد يف‬
‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫القرآن الكرمي آيات كثرية تدل على ذلك منها‪ :‬يقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫ﭽﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ‬ ‫ﮓ ﮔ ﭼ ‪ ,6‬ويقول تعاىل‬ ‫ﮎﮏﮐ ﮑﮒ‬

‫‪-1‬البقرة‪.198 :‬‬
‫‪ -2‬يف ظالل الق آن‪ ,‬سيد قطب‪,‬ج‪ ,1‬ص‪.174‬‬
‫‪-3‬ينظر‪ :‬الدور الرتبوي للحج ‪ ,‬صاحل بن حيي بن مفرح الزهراين ‪ ,‬رسالة ماجستري يف األصول اإلسالمية للرتبية ‪ ,‬كلية الرتبية ‪,‬‬
‫جامعة أم القرى مكة املكرمة ‪1416 ,‬هـ‪1996/‬م ‪ ,‬ص‪.187-186‬‬
‫‪ -4‬البقرة‪.199 :‬‬
‫‪ -5‬يف ظالل القرآن‪ :‬سيد قطب‪.167/1 ,‬‬
‫‪ -6‬احلج‪.27 :‬‬
‫‪ -7‬إبراهيم ‪.37 :‬‬
‫‪58‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يقول الشوكاين‪" :1‬ﭽﮒﮓﮔﮕﮖﮗﭼاألفئدة مجع فؤاد‪ ,‬وهو القلب عرب به عن‬


‫مجيع البدن ألنه أشرف عضو فيه‪ ,‬وقيل هو مجع وفد واألصل أوفدة فقدمت الفاء وقلبت الواو ياء‬
‫فكأنه قال‪ :‬وجعل وفوداً من الناس هتوي إليهم وﭽﮔﭼيف ﭽﮔﮕﭼ للتبعيض‪ ,‬وقيل زائدة‬
‫وال يلزم منه أن حيج اليهود النصارى بدخوهلم حتت لفظ الناس ألن املطلوب توجيه قلوب الناس‬
‫إليهم للسكون معهم واجللب إليهم ال توجيهها إىل احلج ولو كان هذا مرادا لقال هتوي إليه وقيل‬
‫ﭽﮔﭼلالبتداء‪ ,‬ﭽﮖﮗﭼ تنزع إليهم يقال هوى حنوه‪:‬إذا مال وهوت الناقة هتوي هوياً فهي‬
‫هاوية ‪ :‬إذا عدت عدواً شديداً كأهنا هتوي يف بئر وحيتمل أن يكون املعىن‪ :‬جتيء إليهم أو تسرع إليهم‬
‫‪2‬‬
‫واملعىن متقارب"‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ ‪.3‬‬
‫قال ابن كثري‪" 4:‬خيرب تعاىل أن أول بيت وضع للناس أي لعموم الناس لعبادهتم ونكسهم‪ ,‬يطفون به‬
‫ويصلون إليه‪ ,‬ويعتكفون عنده ﭽ ﮛﮜﭼ يعين الكعبة اليت بناها إبراهيم اخلليل عليه السالم‬
‫ومسيت ببكة ألهنا تبك أعناق الظلمة واجلبابرة مبعىن أهنم يذلون وخيضعون عندها‪ ,‬وقيل‪ :‬ألن الناس‬
‫يتباكون فيها‪ ,‬وقد ذكروا ملك أمساء كثرية‪ :‬منها مكة‪ ,‬وبكة‪ ,‬والبيت العتيق‪ ,‬والبيت احلرام‪ ,‬والبلد‬
‫‪5‬‬
‫األمني"‬

‫‪ -1‬حممد بن علي بن حممد بن عبد اهلل الشوكاين‪ ,‬ولد ستة ‪1173‬هـ‪ ,‬نشأ يف أسرة عرفت بالصالح والتقوى‪ ,‬حفظ يف طفولته‬
‫على يد مشايخ صنعاء ‪ ,‬اشتغل بالتدريس واإلفتاء والقضاء والسياسة ‪ ,‬من مؤلفاته‪ :‬إرشاد السائل إىل دالئل املسائل وفتح القدير‬
‫اجلامع بني فين الرواية والدراية من علم التفسري‪ ,‬تويف سنة ‪1250‬هـ‪1834/‬م‪ (.‬ينظر‪ :‬اإلمام الشوكاين حياته وفكره‪ ,‬عبد الغين‬
‫قاسم الشرجي )‪.‬‬
‫‪ -2‬فتح القدير‪ :‬حممد بن علي بن عبد اهلل الشوكاين‪ ,‬ط‪ ,1‬دار ابن كثري‪ ,‬دار الكلم الطيب‪ ,‬دمشق‪ ,‬بريوت‪1414 ,‬هـ‪,‬‬
‫ص‪.135‬‬
‫‪ -3‬آل عمران‪.96 :‬‬
‫‪ -4‬إمساعيل ابن كثري الدمشقي الشافعي‪ ,‬فقيه وحمدث‪ ,‬ومفسر‪ ,‬من بني شيوخه‪ :‬برهان الدين الفزاري‪ ,‬ومن تالميذه‪ :‬احلافظ‬
‫شهاب الدين بت حجر‪ ,‬ومن أهم مصنفاته‪ :‬البداية والنهاية‪ ,‬وتفسري القرآن العظيم ( حممد بن علي الداودي‪ ,‬طبقات‬
‫املفسرين‪.) .112-111/ 1,‬‬
‫‪-5‬تفسري القرآن العظيم‪ ,‬أبو الفداء إمساعيل ابن كثري‪ ,‬حتق‪ :‬سامي بن حممد سالمة‪,‬ط‪ ,2‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪,‬‬
‫‪1420‬هـ‪1999/‬م‪ ,‬ص‪.508‬‬
‫‪59‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن بيت اهلل احلرام هو املركز اإلسالمي العاملي إىل يوم القيامة‪ ,‬وهو مقر االجتماع العاملي السنوي‬
‫للمسلمني من كل بقاع العامل‪ ,‬لكن جند يف هذا العصر اختالف املسلمني‪ ,‬وسببه هو انعدام الوحدة‬
‫الداخلية بينهم‪ ,‬بالرغم من وجود ركن هام جيمعهم يف كل مكان واحد أال وهو احلج مبؤمتره السنوي‬
‫العاملي ووسيلة قوية ودافعا هاما الحتاد املسلمني‪ ,‬حبيث تذاب كل اخلالفات اليت بينهم‪ ,‬وسبب ذلك‬
‫أن احلج أصبح اليوم جتمعا تقليديا فقط‪ ,‬بسبب اهتمام الناس وتشتت أفكارهم بقضايا تافه‪ ,‬عندما‬
‫خيتفي اهلدف األعلى عن األنظار‪ ,‬وهم لن يتحدوا فيما بينهم مهما عقدت املؤمترات الكربى‪ ,‬إال إذا‬
‫ٍ‬
‫عندئذ سيصبح مؤمتر‬ ‫وحدوا هدفهم حنو الدعوة إىل اهلل‪ ,‬وهذا هو اهلدف األمسى لألمة اإلسالمية‪,‬‬
‫احلج وسيلة لتحقيق الوحدة العاملية بني املسلمني يف مجيع أحناء األرض‪,‬وبالتايل سيصبح احلج هو‬
‫‪1‬‬
‫املركز األساسي للدعوة اإلسالمية العاملية‪.‬‬
‫إن اهلدف إىل حتقيق الوحدة اإلسالمية ال تكون إال إذا ختلقت األمة مبفاهيم اإلسالم واإلميان‬
‫الكامل‪ ,‬وهذا من مهمة الدعاة واألمراء‪ ,‬فال بد من تنشيط دور الدعاة يف احلج؛ ألهنا الفرصة‬
‫الوحيدة لتوثيق الروابط والعالقات بني املسلمني يف مشارق األرض ومغارهبا‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تعميق االنتماء والوحدة التاريخية‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ‪ ,2‬أما‬ ‫يقول‬
‫السعي بني الصفا واملروة‪ ,‬فإنه يذكر املسلم بالسيدة هاجر عندما تركها زوجها مع ابنها يف ذلك‬
‫املكان املقفر‪ ,‬حيث نفذ منها املاء فأخذت تسعى بني اجلبلني" الصفا واملروة "طالبة من اهلل أن‬
‫خيلصهما من هذا العط واجلوع‪ ,‬فاحلاج يف سعيه بني الصفا واملروة يطلب من اهلل أن خيلصه من‬
‫املخاطر والعوز‪ ,‬وأن يرمحه كما رحم السيدة هاجر وابنها‪ ,‬وكذلك يف رمي اجلمرات‪ ,‬وذبح اهلدي‬
‫يذكره بذبح سيدنا إبراهيم ابنه إمساعيل‪ ,‬هو ذبح الشهوات ورميها‪ ,‬وحب االبن الذي ينازع احلب‬
‫‪3‬‬
‫اإلهلي‪.‬‬
‫ويتذكر أيضا األوامر والتوجيهات والتوصيات اليت أوصى هبا ‪ ‬أصحابه‪ ,‬فيفعل فيه ما فعله ‪‬‬
‫وعندما يذهب إىل زيارة قربه باملدينة املنورة‪ ,‬فيصلي ركعتني‪ُ ,‬ث يسلم عليه وعلى صاحبيّه أيب بكر‬

‫‪ -1‬حقيقة احلج‪ :‬وحيد الدين خان‪ ,‬ص‪.43-42‬‬


‫‪ -2‬البقرة‪.198 :‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫التربية القرآنية من خالل آيات الحج‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعمر‪ُ ,‬ث يزور مسجد قباء‪ُ ,‬ث قبور الصحابة يف البقيع‪ ,‬كل هذا يذكر األمة بتاريخ األجالء‪ ,‬الذين‬
‫‪1‬‬
‫بذلوا أنفسهم وأمواهلم رخيصة يف سبيل نصرة الدين فيذكرهم خبري ويرتضى عنهم‬
‫وهكذا هو القرآن الكرمي يقدم لنا سلسلة من قواعد الرتبية اليت تقوم عليها الرتبية اإلسالمية‬
‫الصحيحة‪ ,‬فقد اهتم باإلنسان عقيدة وأخالقا وسلوكا ومنهجا‪ ,‬لتكون خري أمة أخرجت للناس‪.‬‬

‫‪-1‬ينظر‪ :‬عبده قايد الذرييب‪ ,‬منافع احلج الرتبوية مقال متاح على شبكة األلوكة‪ ,‬املوقع‪ . www.alukah.net ,‬على الرابط‬
‫‪http://www.alukah.net/Spotlight/1202/35889/ :‬‬

‫‪61‬‬
‫خ ـ ــاتمة‬
‫الخ ـ ــاتمة‬

‫ال ـ ـخاتمة‪:‬‬
‫تتضمن اخلامتة جمموعة من النتائج والتوصيات املتوصل إليها‪:‬‬
‫‪-1‬النتائج‪:‬‬
‫‪-‬انطلقت الرتبية القرآنية الفريدة من النظرة الصحيحة لإلنسان‪ ,‬ألن هذا الدين منهج للبشرية‬
‫نتعامل معه بقدرات البشر‪ ,‬منهج واقعي‪ ,‬نتحمل مسؤولية تطبيقه ونشره واجلهاد من أجله‪ ,‬جند‬
‫جبهودنا وبقدراتنا البشرية‪ ,‬فاإلنسان خملوق كرمه اهلل تعاىل وفضله على كثري مما خلق تفضيالً‪.‬‬
‫‪-‬القرآن هو األساس األول للرتبية والثقافة يف اجملتمع اإلسالمي‪ ,‬وهو املثل األعلى للمسلمني فيما‬
‫يقرره من عقائد وعبادات‪ ,‬ومعامالت وأخالق‪ ,‬وقصص‪ ,‬وحكم‪ ,‬وأمثال ‪.‬‬
‫‪ -‬الرتبية القرآنية يف احلج هي تربية مشولية متكاملة جلميع جوانب الشخصية مبا يتوافق مع الشريعة‬
‫اإلسالمية وفق منهجية منظمة ومتدرجة‪.‬‬
‫‪-‬تتميز الرتبية القرآنية يف احلج املستمدة من القرآن الكرمي بأهنا هتتم باحلواس والعقول‪ ,‬كما هتتم‬
‫بالقلوب فاألرواح؛ فالقرآن يدعو إىل استخدام احلواس‪-‬كالسمع والبصر‪ -‬يف النظر والتأمل‪ ,‬ويدعو‬
‫إىل استخدام العقل يف النظر والتأمل‪ ,‬ويدعو إىل استخدام العقل لإلدراك والتفكري‪ ,‬وحتصيل العلم‬
‫واملعرفة كما يدعو إىل تطهري النفس والقلب ليكون هناك إشراق روحي ‪.‬‬
‫‪-‬تقوم الرتبية القرآنية يف احلج على أسس البد منها وال تؤيت مثارها إال باالرتكاز عليها وأمهها ‪:‬‬
‫‪ -‬صحة العقيدة ‪ -‬العلم النافع ‪ -‬صحة العمل ‪-‬سالمة التفكري‪.‬‬
‫‪-‬وللرتبية القرآنية يف احلج ضوابط حتدد مسارها‪ ,‬وأبرز هذه الضوابط هي‪ :‬الشمولية – التدرج –‬
‫الواقعية – واملوضوعية والتجرد من اهلوى‪.‬‬
‫أن احلج عبادة قدمية‪ ,‬هلا أصل ضارب يف التاريخ وقد خصها اهلل خبصائص تبني منزلتها بني‬ ‫‪-‬‬
‫أركان اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ -‬أن العبادات عموماً هلا دور هام يف بناء الشخصية اإلسالمية املتكاملة من مجيع النواحي‪.‬‬
‫‪ -‬أن فريضة احلج تريب املسلم على التمسك بالعقيدة اليت أساسها التوحيد والتذلل واخلضوع هلل تعاىل‬
‫والتعبد مبا أمر‪ ,‬ومتابعة سنة نبيه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪. -‬‬
‫‪ -‬أن فريضة احلج تريب املسلم على حتليه باألخالق احلسنة‪ ,‬من خالل ضبط النفس يف إطار ما شرع‬
‫اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫الخ ـ ــاتمة‬

‫‪ -‬احلج له دور بارز يف تربية الفرد املسلم تربية اجتماعية تنمي فيه التفاعل مع غريه‪ ,‬والشعور‬
‫بإخوانه‪ ,‬يف كل زمان ومكان واملسارعة للتعاون لتحقيق املساواة والسالم يف اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -‬احلج من أعظم التجمعات يف العامل ملا فيه من التعاون واحملبة‪ ,‬هذا التجمع يقلق أعداء اإلسالم ‪.‬‬
‫‪-2‬توصيات‪:‬‬
‫– االتصال املباشر بالقران الكرمي وتفاسريه املختلفة‪ ,‬وذلك لتديره وتأمله واستخراج ما فيه من‬
‫مبادئ تربوية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االكتفاء بالدراسة النظرية للحج يف املدارس ال بل احملاولة يف التعرف عن أداء مناسك احلج‬
‫عمليا من أشرطة مرئية للحج أثناء تأديتهم ملناسكهم يف املشاعر‪.‬‬
‫‪ -‬نظرا ألمهية واتساع املوضوع فإنه من غري املمكن اإلحاطة بكافة جوانبه لذلك تبقى جماالت‬
‫البحث مفتوحة أمام طلبة السنوات القادمة إلثرائه أكثر والتوسع قيه ألن من املؤكد أن هناك عدة‬
‫نقاط مل أتعرض إليها أن تؤخذ بعني االعتبار يف األحباث الالحقة‪ ,‬فاحلج موضوع متشعب األطراف‪.‬‬
‫وما هذا اجلهد الذي قدمته إال جهد املقل‪ ,‬فإن أصبت نصيبًا فمن اهلل وحده ال شريك له‪ ,‬وإن‬
‫أخطأت فمن نفسي والشيطان واهلل ورسوله بريئان وأخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفهارس العامة‬
‫‪ - 1‬فهرس اآليات‬
‫‪ -2‬فهرس األحاديث واآلثار‬
‫‪ -3‬فهرس األعالم‬
‫‪ -4‬قائمة املصادر والراجع‬
‫‪ -5‬فهرس املوضوعات‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫فهرست اآليات‬
‫الصفحة‬ ‫رقم‬ ‫السورة ورقمها‬ ‫اآلية أو شطرها‬
‫اآلية‬
‫البقرة ‪02‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ﭽﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﭼ‬
‫‪18‬‬ ‫‪44‬‬ ‫ﭽﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫‪16‬‬ ‫‪121‬‬ ‫ﭽﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ‬
‫‪38‬‬ ‫‪127‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭼ‬
‫‪24-14‬‬ ‫‪143‬‬ ‫ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ‬
‫‪61-54‬‬ ‫‪158‬‬ ‫ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﭼ‬
‫‪48‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪170‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭼ‬
‫‪20‬‬ ‫‪171‬‬ ‫ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ‬
‫‪14‬‬ ‫‪177‬‬ ‫ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫‪17‬‬ ‫‪183‬‬ ‫ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ‬
‫‪22‬‬ ‫‪195‬‬ ‫ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ‬
‫‪49‬‬ ‫‪196‬‬ ‫ﭽﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﭼ‬
‫‪53-36‬‬ ‫‪197‬‬ ‫ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ‬
‫‪57-54‬‬
‫‪-49‬‬

‫‪66‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪-57 33-50‬‬ ‫‪198‬‬ ‫ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﭼ‬


‫‪61-59‬‬
‫‪50-33‬‬ ‫‪200‬‬ ‫ﭽﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ‬
‫‪19‬‬ ‫‪219‬‬ ‫ﭽﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ‬
‫‪55‬‬ ‫‪222‬‬ ‫ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‬
‫‪14‬‬ ‫‪285‬‬ ‫ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ‬
‫‪23‬‬ ‫‪286‬‬ ‫ﭽﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ‬
‫آل عمران ‪03‬‬
‫‪07‬‬ ‫‪79‬‬ ‫ﭽﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ‬
‫‪60-47‬‬ ‫‪96‬‬ ‫ﭽﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ‬
‫‪29-22‬‬ ‫‪103‬‬ ‫ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ‬
‫‪26‬‬ ‫‪191‬‬ ‫ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ‬
‫النساء ‪04‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪09‬‬ ‫ﭽﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭼ‬
‫‪25‬‬ ‫‪36‬‬ ‫ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﭼ‬
‫المائدة ‪05‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪02‬‬ ‫ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ‬
‫‪40‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ‬
‫األنعام ‪06‬‬
‫‪43-35‬‬ ‫‪162‬‬ ‫ﭽﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ‬

‫‪67‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫األعراف ‪07‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪26‬‬ ‫ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﭼ‬
‫‪20‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ﭽﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮒ ﮓ ﮑ ﭼ‬
‫‪24‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ﭽﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭘﭼ‬
‫‪15‬‬ ‫‪179‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ‬
‫‪20‬‬ ‫‪185‬‬ ‫ﭽ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ‪:‬‬

‫األنفال ‪08‬‬
‫‪14‬‬ ‫‪02‬‬ ‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ‬
‫‪38‬‬ ‫‪35‬‬ ‫ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ‬
‫‪21‬‬ ‫‪60‬‬ ‫ﭽﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ‬
‫التوبة ‪09‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪103‬‬ ‫ﭽﮚ ﮛﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥ ﭼ‬
‫‪16‬‬ ‫‪122‬‬ ‫ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﭼ‬
‫يوسف ‪12‬‬
‫‪22‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭼ ‪05‬‬
‫إبراهيم ‪14‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪35‬‬ ‫ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬
‫‪59-58‬‬ ‫‪37‬‬ ‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ‬
‫النحل ‪16‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪07‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ‬

‫‪68‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫اإلسراء ‪17‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪09‬‬ ‫ﭽﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ‬
‫‪07‬‬ ‫‪24‬‬ ‫ﭽﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ‬
‫‪24‬‬ ‫ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭼ ‪29‬‬
‫مريم ‪19‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪63‬‬ ‫ﭽﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭼ‬
‫طه ‪20‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪123‬‬ ‫ﭽﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ‬
‫األنبياء‪21‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪92‬‬ ‫ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ‬
‫الحج ‪22‬‬
‫‪06‬‬ ‫‪05‬‬ ‫ﭽﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ‬
‫‪43-38‬‬ ‫‪26‬‬ ‫ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ‬
‫‪43-38-39‬‬ ‫ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ ‪27‬‬
‫‪50-46-45‬‬
‫‪59‬‬
‫‪40-39‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ﭽﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ‬
‫‪50-34‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪46‬‬ ‫ﭽﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ‬
‫‪45‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ‬
‫المؤمنون‪23‬‬
‫‪20-24‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ﭽﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭼ‬
‫‪69‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪22‬‬ ‫‪115‬‬ ‫ﭽﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ‬


‫النور ‪24‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ﭽﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ‬
‫الفرقان ‪25‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪67‬‬ ‫ﭽﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭼ‬
‫الشعراء‪26‬‬
‫‪06‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ﭽﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭼ‬
‫‪18‬‬ ‫‪94‬‬ ‫ﭽﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ‬
‫النمل ‪27‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪60‬‬ ‫ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬
‫القصص ‪28‬‬
‫‪21-17‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ﭽﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ‬
‫العنكبوت ‪29‬‬
‫‪17‬‬ ‫ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ‪45‬‬
‫لقمان ‪31‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﭽ ﯫ ﯬﯭ ﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳ ﯴﯵ ﭼ‬
‫األحزاب ‪33‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ﭽ ﯯ ﯰ ﯱﯲﯳ ﯴﯵﯶ ﭼ‬
‫فاطر‪35‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ﭽ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﭼ‬

‫‪70‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫الزمر ‪39‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪09‬‬ ‫ﭽ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﭼ‬
‫غافر‪40‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪06‬‬ ‫ﭽﮥﮦﮧ ﮨ ﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮ ﭼ‬
‫الزخرف ‪43‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ‬
‫محمد‪47‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪19‬‬ ‫ﭽﰊﰋ ﰌ ﰍﰎﰏﰐﰑ ﭼ‬
‫الفتح ‪48‬‬
‫‪39‬‬ ‫ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ‪27‬‬
‫الحجرات‪49‬‬
‫‪58-41‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﭼ‬
‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫ﭽ ﮬ ﮭﮮﮯﮰﮱ ﭼ‬
‫الذاريات‪51‬‬
‫‪25-13‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ﭽ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭼ‬
‫‪33-30‬‬
‫المجادلة‪58‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ﭽﰈ ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏ ﰐ ﭼ‬
‫الحشر ‪59‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ﭽ ﭝﭞﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭼ‬
‫الجمعة ‪62‬‬
‫‪26-16‬‬ ‫‪02‬‬ ‫ﭽ ﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦﭧ ﭼ‬

‫‪71‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫الطالق ‪65‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪07‬‬ ‫ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ‬
‫الحاقة ‪69‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ﭽ ﭮﭯﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭼ‬
‫البينة ‪98‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪05‬‬ ‫ﭽ ﮘﮙ ﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠ ﭼ‬

‫‪72‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫فهرست األحاديث‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪15‬‬ ‫َن الْ ُعلَ َماءَ ُه ْم َوَرثَةُ األَنْبِيَ ِاء ‪َ -‬وَّرثُوا الْعِْل َم‪)...‬‬
‫(أ َّ‬
‫‪18‬‬ ‫(يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين‪) ...‬‬
‫‪28-21‬‬ ‫(املؤمن القوي‪ ,‬خري وأحب إىل اهلل من املؤمن الضعيف‪) ...‬‬
‫‪29‬‬ ‫(ال يؤمن أحدكم حىت حيب ألخيه‪) ...‬‬
‫‪34‬‬ ‫(العمرة إىل العمرة كفارة ملا بينهما‪) ...‬‬
‫‪35‬‬ ‫(أنا أغىن الشركاء عن الشرك‪) ...‬‬
‫‪35‬‬ ‫(من َمسَّع مسَّع اهلل به ومن بُرائي يُرائي‪) ...‬‬
‫‪35‬‬ ‫( ما تصدق أحد بصدقة من طيب‪) ...‬‬
‫‪36‬‬ ‫اسنُ ُكم أخالقًا‪) ...‬‬‫(إن ِخيارُكم أح ِ‬
‫ََ َ‬
‫‪36‬‬ ‫(مثل اجلليس الصاحل واجلليس السوء سوء كحامل‪) ...‬‬
‫‪37‬‬ ‫( يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم‪) ...‬‬
‫‪39‬‬ ‫( بين اإلسالم على مخس‪ :‬شهادة أن ال‪) ...‬‬
‫‪40‬‬ ‫(أي العمل أفضل ؟ قال إميان باهلل و رسوله‪,‬قيل‪) ...‬‬
‫‪43‬‬ ‫(يا أيها الناس حجوا بيت ربكم ‪) ...‬‬
‫‪46‬‬ ‫( اغسلوه مباء وسدر وكفنوه يف ثوبه ‪) ....‬‬
‫‪47‬‬ ‫(حتشرون حفاة عراة غرال‪) .....‬‬
‫‪52‬‬ ‫( احلجاج والعمار وغد اهلل ‪) .......‬‬
‫‪54‬‬ ‫(من حج البيت ومل يرفث ومل يفسق‪) .....‬‬
‫‪55‬‬ ‫( إمنا العلم بالتعلم )‬
‫‪56‬‬ ‫( الفطرة مخس‪ ,‬أو مخس من الفطرة‪ ,‬اخلتان ‪) ...‬‬

‫‪73‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫فهرست اآلثار‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الراوي‬ ‫طرف األثر‬


‫‪16‬‬ ‫ابن عباس‬ ‫(للعلماء درجات فوق املؤمنني بسبعمائة‪) ...‬‬
‫عبد اهلل بن مسعود وبن عباس ‪16‬‬ ‫( يتبعونه حق إتباعه‪) ...‬‬
‫‪17‬‬ ‫عبد اهلل بن مسعود‬ ‫( والذي نفسي بيده إن حق‪) ...‬‬
‫‪17‬‬ ‫جماهد‬ ‫( عمرك أن تعمل فيه آلخرتك ‪).‬‬
‫‪18‬‬ ‫أيب جعفر بن علي‬ ‫( قوم وصفوا احلق والعدل بألسنتهم‪) ...‬‬
‫‪19‬‬ ‫عمر بن اخلطاب‬ ‫(ال يغرنكم من قرأ القرآن‪) ...‬‬
‫‪20‬‬ ‫ابن عباس‬ ‫(ضمن اهلل تعاىل ملن قرأ ‪) ....‬‬
‫‪36‬‬ ‫جابر‬ ‫(كنا إذا صعدنا كربنا وإذا نزلنا سبحنا)‬
‫‪36‬‬ ‫جابر‬ ‫( فلما ادين من الصفا قرأ‪) ....‬‬

‫‪74‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫فهرست األعالم المترجم لهم‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اسم العلم‬ ‫الرقم‬


‫‪07‬‬ ‫الطربي‬ ‫‪01‬‬
‫‪08‬‬ ‫أفالطون‬ ‫‪02‬‬
‫‪08‬‬ ‫أرسطو طاليس‬ ‫‪03‬‬
‫‪08‬‬ ‫إميانويل كانط‬ ‫‪04‬‬
‫‪08‬‬ ‫جون ديوي‬ ‫‪05‬‬
‫‪09‬‬ ‫أبو حامد الغزايل‬ ‫‪06‬‬
‫‪09‬‬ ‫عبد احلميد بن باديس‬ ‫‪07‬‬
‫‪09‬‬ ‫البيضاوي‬ ‫‪08‬‬
‫‪09‬‬ ‫الراغب األصفهاين‬ ‫‪09‬‬
‫‪43‬‬ ‫سيد قطب‬ ‫‪10‬‬
‫‪51‬‬ ‫أمحد بن مصطفى املراغي‬ ‫‪11‬‬
‫‪53‬‬ ‫حممد أمحد أبو زهرة‬ ‫‪12‬‬
‫‪60‬‬ ‫الشوكاين‬ ‫‪13‬‬
‫‪60‬‬ ‫ابن كثري‬ ‫‪14‬‬

‫‪75‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪-‬القرآن الكرمي برواية حفص (مصحف املدينة املنورة للشر احلاسويب)‪.‬‬


‫‪-‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬إحياء علوم الدين‪ ,‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل‪ ,‬مكتبة ومطبعة كرياطة فوترا‪ ,‬صمارغ‬
‫أندونيسيا‪ ,‬ال‪.‬ط‪ ,‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .2‬األخالق ما بني علمي الرتبية والنفس‪ ,‬عطية خليل عطية‪ ,‬حممود عبد احلفيظ الشاذيل‪ ,‬ط‪,1‬‬
‫دار البداية‪ ,‬عمان ‪1434‬هـ‪2013/‬م‪,‬‬
‫‪ .3‬أسرار احلج حلجة اإلسالم اإلمام الغزايل‪ ,‬حتق‪ :‬موسى حممد علي‪ ,‬ال‪.‬ط‪ ,‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلسالم عقيدة و شريعة‪ ,‬حممود شلتوت‪ ,‬دار الشروق‪,‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .5‬أصول الرتبية اإلسالمية‪ ,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬دار عامل الكتب‪ ,‬املدينة املنورة‪ ,‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .6‬أصول الرتبية يف القرآن الكرمي‪,‬خالد بن حامد احلازمي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار العامل للكتاب‪ ,‬اململكة العربية‬
‫السعودية ‪1420‬هـ‪2000/‬م ‪.‬‬
‫‪ .7‬أصول الرتبية يف ضوء املدارس الفكرية " إسالميا وفلسفيا "‪ ,‬أبو حسن اخلياري‪ ,‬دار األمل‪,‬‬
‫‪1413‬هـ‪1993/‬م‬
‫‪ .8‬أصول الرتبية‪ ,‬أمحد حممد اخلطيب‪ ,‬املكتبة اجلامعية احلديثة‪ ,‬اإلسكندرية‪ ,‬ال‪.‬ط‪ ,‬د‪.‬ت‪-9‬‬
‫اقتضاء العلم العمل ‪ ,‬أبو بكر أمحد بن علي بن ثابت اخلطيب البغدادي ‪ ,‬حتق ‪ :‬حممد ناصر الدين‬
‫األلباين ‪ ,‬ط‪ ,4‬املكتب اإلسالمي‪ ,‬بريوت‪ 1397 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ .9‬األمثال القرآنية القياسية املضروبة لإلميان باهلل‪ ,‬عبد اهلل بن عبد الرمحان اجلربوع‪ ,‬ط ‪ ,1‬املدينة‬
‫املنورة‪1464 ,‬هـ ‪2003 /‬م‪.‬‬
‫‪ .10‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ,‬حتق‪ :‬حممد عبد الرمحان املرعشلي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار إحياء الرتاث العريب‪,‬‬
‫بريوت‪1418 ,‬هـ‬
‫‪ .11‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ,‬ناصر الدين البيضاوي‪ ,‬حتق‪ :‬حممد عبد الرمحان املرعشلي‪ ,‬دار‬
‫إحياء الرتاث‪ ,‬بريوت العريب بريوت‪ ,‬ط‪1418 ,1‬هـ‬
‫‪ .12‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪-‬حممد بن حممد عبد الرزاق الزبيدي‪ ,‬باب حجج‪ ,‬ال‪.‬ط‪,‬‬
‫د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪ .13‬الرتبية اإلسالمية أصوهلا وتطورها يف البالد العريب‪ ,‬حممد منري مرسي‪ ,‬عامل الكتاب‪ ,‬ط‪ ,28‬دار‬
‫الفكر‪ ,‬دمشق ‪1431‬هـ‪2010/‬م‪.,‬‬
‫‪ .14‬تزكية النفوس وتزكيتها‪ ,‬أمحد فريد‪ ,‬حتق‪ :‬ماجد بت أيب الليل‪ ,‬ط‪ ,1‬دار القلم‪ ,‬بريوت‪,‬‬
‫‪1405‬هـ‪1985/‬م‪.‬‬
‫‪ .15‬تفسري القرآن العظيم‪ ,‬أبو الفداء إمساعيل ابن كثري‪ ,‬حتق‪ :‬سامي بن حممد سالمة‪ ,‬ط‪ ,2‬دار‬
‫طيبة للنشر والتوزيع‪1420 ,‬هـ‪1999/‬م‪.‬‬
‫‪ .16‬تفسري القرآن العظيم‪ ,‬ابن كثري‪ ,‬حتق‪ :‬سامي حممد بن سالمة‪ ,‬ط‪ ,2‬دار طيبة للنشر‪,‬‬
‫‪1420‬هـ‪1999/‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬تفسري املراغي‪ ,‬أمحد بن مصطفى املراغي‪ ,‬ط‪ ,1‬مكتبة مصطفى البايب احلليب وأوالده‪ ,‬مصر‪,‬‬
‫‪1365‬هـ‪1946/‬م‬
‫‪ .18‬التفسري املنري يف العقيدة والشريعة واملنهج‪ ,‬وهبة الزحيلي‪ ,‬ط‪ ,2‬دار الفكر املعاصر‪ ,‬بريوت‪,‬‬
‫‪1418‬ه‪.‬‬
‫‪ .19‬التوحيد أوال‪ ,‬ناصر سليمان العمر‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الوطن‪ ,‬الرياض‪1413 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ .20‬التوحيد امليسر‪ ,‬عبد اهلل بن أمحد احلويل‪ ,‬ط‪ ,3‬دار أطلس اخلضراء الرياض‪1426 ,‬‬
‫هـ‪ 2005/‬م ‪.‬‬
‫‪ .21‬التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية‪ ,‬عبد بن حممد بن محيد‪ ,‬مركز شعاع اخلري‪ ,‬فلسطني‪,‬‬
‫‪1430‬هـ‪2009/‬م ‪.‬‬
‫‪ .22‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ,‬عبد الرمحان السعدي‪ ,‬حتق‪:‬عبد الرمحان بن معال‬
‫اللوحيق‪ ,‬ط‪ 1‬مؤسسة الرسالة‪1420 ,‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪ .23‬التيسري يف أحكام احلج"رؤية فقهية مقارنة"‪ ,‬عبد اهلل بن عبد العزيز الدرعان وآخرون‪ ,‬مكتبة‬
‫امللك فهد الوطنية‪1428 ,‬هـ‪2007/‬م‪.‬‬
‫‪ .24‬ثقافة احلج ( عبادة وأخالق‪ ,‬فن وانضباط ) ‪ ,‬مصطفى لعزوزي ‪ ,‬دار الكتب العلمية ‪,‬‬
‫بريوت ‪,‬ط‪2006 , 1‬م‬
‫‪ .25‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن ‪ ,‬حممد بن جرير الطربي‪ ,‬حتق‪ :‬أمحد بن حممد شاكر‬
‫مؤسسة الرسالة ‪1420 ,‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪ .26‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ,‬ت‪ :‬عبد اهلل الرتكي‪ ,‬ط‪ ,1‬دار هجر‪,‬‬
‫‪1422‬هـ‪2001/‬م‪.‬‬
‫‪ .27‬اجلامع الصحيح‪ ,‬البخاري‪ ,‬حتق‪ :‬حممد زهري بن ناصر الناصر‪ ,‬ط ‪ ,1‬دار طوق النجاة‪,‬‬
‫‪1422‬هـ‪ ,‬كتاب فضائل القرآن‪ ,‬باب تأليف القرآن‬
‫‪ .28‬اجلامع الصغري يف أحاديث البشري النذير‪ ,‬جالل الدين بن أيب عبد الرمحان بن أيب بكر‬
‫السيوطي‪ ,‬ج‪,1‬دار الفكر‪ ,‬بريوت ‪.‬‬
‫‪ .29‬احلج فضله و فوائده‪ ,‬عبد احملسن بن محد العباد البدر‪ ,‬اجلامعة اإلسالمية‪ ,‬املدينة‬
‫املنورة‪ 1491,,‬هـ ‪ 1971/‬م‪.‬‬
‫‪ .30‬احلج والعمرة والزيارة‪ ,‬عبد اهلل بن حممد البصريي‪ ,‬ط‪ ,2‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .31‬حقيقة احلج‪ ,‬وحيد الدين خان‪ ,‬حتق‪ :‬ظفر اإلسالم خان‪ ,‬ط‪1408 , 1‬هـ‪1987/‬م‪.‬‬
‫‪ .32‬حلية األولياء و طبقات األصفياء‪ ,‬أبو نعيم أمحد بن عبد اهلل األصفهاين ‪,‬دار الفكر‪ ,‬القاهرة‬
‫‪1416‬هـ ‪1996/‬م ‪.‬‬
‫‪ .33‬دقائق التفسري اجلامع لتفسري اإلمام ابن تيمية‪ ,‬حممد السيد اجلليند‪ ,‬ط‪ ,2‬مؤسسة علوم‬
‫القرآن‪ ,‬دمشق‪ ,‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .34‬زهرة التفاسري‪ :‬حممد أبو زهرة‪ ,‬دار الفكر العريب‪ ,‬األزهر‪.‬‬
‫‪ .35‬سنن القراء و مناهج اجملودين‪ ,‬عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري‪ ,‬مكتبة الدار‪ ,‬املدينة املنورة‪,‬‬
‫‪ 1414‬هـ‪.‬‬
‫‪ .36‬صحيح البخاري‪ ,‬البخاري‪ ,‬كتاب األدب‪ ,‬باب حسن اخللق والسخاء وما يكره من البخل‪.‬‬
‫‪ .37‬صحيح مسلم‪ ,‬كتاب اإلميان‪ ,‬باب بيان عدد شعب اإلميان‪.‬‬
‫‪ .38‬صفوة التفاسري‪,‬جممد علي الصابوين‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الصابوين للطباعة والنشر‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫‪1417‬هـ‪1997/‬م‪.‬‬
‫‪ .39‬صيد اخلاطر‪ ,‬مجال الدين أبو الفرج عبد الرمحان بن علي بن حممد اجلوزي‪ ,‬حتق‪ :‬حسن‬
‫املساحي السويدان‪ ,‬ط‪ ,1‬دار القلم‪ ,‬دمشق‪1425 ,‬هـ ‪ 2004 /‬م‪.‬‬
‫‪ .40‬العبادة أحكام و أسرار‪ ,‬عبد احلليم حممود ‪ ,‬دار غريب‪ ,‬القاهرة ‪1998 ,‬م‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪ .41‬فتح القدير‪ :‬حممد بن علي بن عبد اهلل الشوكاين‪ ,‬ط‪ ,1‬دار ابن كثري‪ ,‬دار الكلم الطيب‪,‬‬
‫دمشق‪ ,‬بريوت‪1414 ,‬هـ‪,‬‬
‫‪ .42‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ,‬وهبة الزحيلي‪ ,‬ط‪ ,3‬دار الفكر‪ ,‬سوريا‪ ,‬دمشق ‪1409 ,‬هـ‪1989/‬م‬
‫‪ .43‬فقه السنة " العبادات " ‪ ,‬سيد سابق‪ ,‬ط‪ ,4‬دار الفكر‪ 1983 / 1403 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .44‬الفكر الرتبوي عند ابن رجب احلنبلي‪ ,‬حسن بن علي احلجاجي‪ ,‬ط‪ 1‬دار األندلس اخلضراء‪,‬‬
‫جدة‪1417 ,‬هـ‪1996/‬م‪.‬‬
‫‪ .45‬فلسفات تربوية معاصرة‪ ,‬عيد إمساعيل علي‪ ,‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون‪ ,‬الكويت‪,‬‬
‫‪1995‬م‪.‬‬
‫‪ .46‬يف ظالل القرآن‪ ,‬سيد قطب إبراهيم حسني الشاريب‪ ,‬ط‪ ,17‬دار الشروق‪ ,‬بريوت‪ ,‬لبنان‪,‬‬
‫‪1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ .47‬قاموس احمليط‪ ,‬جمد الدين أبو طاهر حممد بن يعقوب الفريوز آبادي‪ ,‬حتق‪ :‬مكتب حتقيق‬
‫الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪ ,‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬بريوت ‪,‬ط‪ 1426 ,8‬هـ ‪ 2007 -‬م‪.‬‬
‫‪ .48‬كتاب اإليضاح يف مناسك احلج والعمرة‪ ,‬الرباين حيي بن شرف النووي‪ ,‬ط‪ ,2‬دار البشائر‬
‫اإلسالمية‪ ,‬بريوت‪ ,‬لبنان‪ ,‬واملكتبة اإلمدادية‪ ,‬السعودية‪ ,‬مكة املكرمة‪1414 ,‬هـ‪1994/‬م ‪.‬‬
‫‪ .49‬كتاب التعريفات‪ ,‬علي حممد بن علي الزين الشريف اجلرجاين‪, ,‬ط‪ 1‬دار الكتب العلمية ‪,‬‬
‫بريوت ‪ 1403,‬هـ ‪,1983-‬‬
‫‪ .50‬ألهداف الرتبوية السلوكية عند شيخ اإلسالم بن تيميه‪ ,‬فوزية رضا أمني خياط‪ ,‬ط‪ ,1‬مكتبة‬
‫املنارة‪ ,‬مكة املكرمة‪1407 ,‬هـ ‪1987 /‬م ‪.‬‬
‫‪ .51‬لسان العرب‪ ,‬ابن منظور‪ ,‬ط‪ ,3‬دار الصادر‪ ,‬بريوت‪1414 ,‬هـ‪.,‬‬
‫‪ .52‬لطائف املعارف فيما ملواسم العام من الوظائف‪ ,‬احلافظ بن رجب احلنبلي‪ ,‬حتق‪ :‬ياسني حممد‬
‫السواس‪ ,‬ط‪ ,5‬دار ابن كثري‪ ,‬دمشق‪ ,‬بريوت‪1420 ,‬هـ‪1999/‬م‪.‬‬
‫‪ .53‬خمتار الصحاح‪ ,‬زين الدين بن أيب بكر الرازي‪ ,‬ت‪ :‬يوسف الشيخ حممد‪ ,‬ط‪ ,5‬الدار‬
‫النموذجية‪ ,‬بريوت ‪1420‬هـ‪1999/‬م‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪ .54‬خمتصر صحيح مسلم‪,‬األمام مسلم‪ ,‬كتاب القدر‪ ,‬باب األمر بالقوة وترك العجز واألستعانة‬
‫باهلل وتفويض املقادير هلل‪ ,‬حتق‪:‬احلافظ عبد العظيم بن عبد القوي املنذر‪ ,‬ط‪ ,2‬دار اإلمام مالك‪,‬‬
‫‪1431‬هـ‪2010/‬م‪.‬‬
‫‪ .55‬مصادر األحكام الشرعية‪ ,‬أبو بكر لشهب‪ ,‬مطبعة سخري‪ ,‬حي املنظر اجلميل‪ ,‬الوادي‪,‬‬
‫ط‪1432 ,1‬هـ‪2011/‬م‪.‬‬
‫‪ .56‬معجم التعريفات‪ ,‬علي ين حممد السيد الشريف اجلرجاين‪ ,‬حتق‪ :‬حممد صديق املنشاوي‪ ,‬دار‬
‫الفضيلة‪ ,‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ .57‬املعجم الوسيط‪ ,‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ,‬دار الدعوة‪,‬‬
‫‪ .58‬معجم مقاليد العلوم يف احلدود والرسوم‪ ,‬عبد الرمحان بن أيب بكر‪ ,‬جالل الدين السيوطي‪ ,‬ط‬
‫‪ ,1‬حتق‪ :‬حممد إبراهيم عبادة‪ ,‬مكتبة اآلداب‪ ,‬مصر‪1424 ,‬هـ‪ 2004/‬م‪.‬‬
‫‪ .59‬معجم مقاييس اللغة‪ ,‬ابن فارس‪ ,‬حتق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ,‬دار الفكر‪,‬‬
‫‪1399‬هـ‪1979/‬م‪.‬‬
‫‪ .60‬املفردات يف غريب القرآن‪ ,‬احلسني بن حممد بن املفضل املعروف بالراغب األصفهاين أبو‬
‫القاسم ‪ ,‬حتق‪ :‬صفوان عدنان داودى‪ ,‬دار العلم الدار الشامية‪.‬‬
‫‪ .61‬مقاالت نفيسة يف احلج إىل األماكن الشريفة‪ ,‬حممد بن موسى الشريف‪ ,‬دار األندلس اخلضراء‪,‬‬
‫جدة‪ ,‬ط‪1430 ,1‬هـ‪2000/‬م ‪.‬‬
‫‪ .62‬مناهل العرفان يف علوم القرآن‪ ,‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪, ,‬دار السالم ‪,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬ط‪1‬‬
‫‪1424‬هـ‪2003/‬م‪.‬‬
‫‪ .63‬منهج اإلسالم يف تربية عقيدة الناشئ‪ ,‬حممد خري فاطمة‪ ,‬ط‪ ,1‬دار اخلري‪ ,‬بريوت‪,‬‬
‫‪1419‬هـ‪1998/‬م‬
‫‪ .64‬منهج القرآن يف الرتبية‪ ,‬حممد شديد ‪, ,‬دار التوزيع والنشر اإلسالمية ‪ 1979,‬م‪.‬‬
‫‪ .65‬النيب املريب‪ ,‬أمحد رجب األمسر‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الفرقان‪ ,‬األردن‪1422 ,‬هـ‪2001/‬م‬
‫‪ .66‬حنو تربية إسالمية راشدة‪ ,‬حممد شاكر الشريف‪ ,‬ط‪, 1‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ,‬الرياض‪,‬‬
‫‪1427‬هـ‪2006 /‬م‪.‬‬
‫‪ .67‬حنو نظرية للرتبية اإلسالمية‪ ,‬علي جريشة‪ ,‬دار التضامن للطباعة والنشر‪ ,‬القاهرة‪1986 ,‬م‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪ .68‬نور التوحيد وظلمات الشرك يف ضوء الكتاب و السنة‪ ,‬سعيد بن وهب القحطاين‪ ,‬ط‪,3‬‬
‫مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ,‬الرياض‪1421 ,‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪-‬البحوث والرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلعجاز التشريعي آليات احلج يف القرآن الكرمي‪ ,‬أمحد حممد أمحد الكرز‪ ,‬رسالة ماجستري يف‬
‫التفسري وعلوم القرآن‪ ,‬اجلامعة اإلسالمية‪ ,‬غزة‪1429 ,‬هـ‪2008/‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬الرتبية اإلسالمية ألطفال املسلمني‪ ,‬أبو بكر يوسف املشرف‪ ,‬رسالة ماجستري يف الدراسات‬
‫اإلسالمية‪ ,‬كلية اآلداب جامعة اخلرطوم‪1427 ,‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬الرتبية القرآنية بني النظرية و التطبيق‪ ,‬عبد اهلل موسي حممد أبو اجملد‪ ,‬حبث مقدم مللتقى الرتبية‬
‫بالقرآن الكرمي ( مناهج وجتارب)‪ ,‬جامعة أم القرى‪ ,‬مكة املكرمة‪1436 ,‬هـ‪ 2014 /‬م ‪.‬‬
‫‪ .4‬الرتبية بالقرآن الكرمي ( مفهوم‪ ,‬واألسس‪ ,‬والضوابط) حممد مصطفى أمحد شعيب‪ ,‬حبث مقدم‬
‫مللتقى الرتبية بالقرآن الكرمي ( مناهج و جتارب )‪ ,‬جامعة أم القرى‪ ,‬مكة املكرمة‪1436 ,‬هـ‪/‬‬
‫‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬الدور الرتبوي للحج‪ ,‬صاحل بن حيي بن مفرح الزهراين‪ ,‬رسالة ماجستري يف األصول اإلسالمية‬
‫للرتبية‪ ,‬كلية الرتبية‪ ,‬جامعة أم القرى مكة املكرمة‪1416 ,‬هـ‪1996/‬م ‪.‬‬
‫‪ .6‬فريضة احلج وأبعادها الرتبوية ‪ ,‬هدى حممد كايد اهلامي ‪ ,‬رسالة ماجستري يف الرتبية يف اإلسالم‪,‬‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية جامعة الريموك ‪ ,‬إربد ‪ ,‬األردن ‪1418 ,‬هـ‪1997/‬م‪.‬‬
‫‪-‬المجالت‪:‬‬
‫‪ .1‬األسس واملبادئ الرتبوية يف القرآن الكرمي والسنة النبوية‪ ,‬هشام عبد الياسري‪ ,‬جملة دراسات‬
‫تربوية‪ ,‬ع ‪ ,18‬نيسان‪2012 ,‬م‬
‫‪-‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ .1‬عبده قايد الذرييب‪ ,‬منافع احلج الرتبوية مقال متاح على شبكة األلوكة‪ ,‬املوقع‪,‬‬
‫‪ . www.alukah.net‬على الرابط ‪:‬‬
‫‪http://www.alukah.net/Spotlight/1202/35889/‬‬

‫‪81‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫‪ .2‬ينظر‪ :‬أهداف الرتبية اإلسالمية ومقاصدها‪ ,‬حممد بن سامل بن علي جابر‪ ,‬مقال متاح على‬
‫املوافق‬ ‫‪2006/12/07 ,‬م‬ ‫شبكة األلوكة‪ ,‬املوقع ‪www.alukah.net‬‬
‫‪1427/11/16‬هـ ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫إهداء ‪...............................................................................................‬‬
‫شكر وعرفان ‪.........................................................................................‬‬
‫امللخص باللغة العربية‪..................................................................................‬‬
‫مـ ـ ــقدمة‪ .............................................................................................‬أ‬
‫الفصل األول ‪5 .......................................................................................‬‬
‫الرتبية القرآنية و احلج‪5 ................................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم الرتبية القرآنية ‪6 ................................................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف الرتبية يف اللغة واالصطالح‪6 ................................................ :‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعريف القرآن الكرمي يف اللغة واالصطالح ‪11 .........................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬مفهوم الرتبية القرآنية ‪12 ..........................................................‬‬
‫املبحث الثاين ‪:‬مفهوم احلج ‪30 ......................................................................‬‬
‫املطلب األول ‪:‬تعريف احلج يف اللغة واالصطالح‪30 ............................................... :‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬احلكمة من مشروعية احلج ‪32 .......................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬آداب السفر للحج‪34 ........................................................... .‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬احلج قبل و بعد اإلسالم ‪37 ....................................................... :‬‬
‫الفرع األول‪ :‬احلج قبل اإلسالم ‪37 .............................................................. :‬‬
‫الفصل الثاين‪41 .................................................................................... :‬‬
‫الرتبية القرآنية من خالل آيات احلج ‪41 ............................................................... .‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الرتبية العقدية من خالل آيات احلج ‪42 .............................................. .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬حتقيق التوحيد و النهي عن الشرك ‪42 ................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التذكري بيوم احلشر يف شعائر احلج ‪46 .............................................. .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬التزام التقوى يف كل أعمال احلج واحلذر من عقاب اهلل‪48 ............................‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬الرتبية على ذكر اهلل والدعاء يف احلج ‪49 ............................................ .‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬الرتبية األخالقية من خالل آيات احلج ‪52 ............................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تربية احلج املسلمني على تنمية األخالق الذاتية ‪52 .................................. :‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الرتبية على القيم اإلسالمية ‪54 ......................................................‬‬

‫‪83‬‬
‫‪-‬الفهارس العامة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الرتبية على األخوة و الوحدة اإلسالمية‪57 .............................................‬‬


‫املطلب األول‪ :‬تعميق مبدأ األخوة والتعارف يف نفوس املسلمني ‪57 ................................. .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعميق مبدأ الوحدة بني املسلمني ‪58 .................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تعميق االنتماء والوحدة التارخيية‪60 .................................................‬‬
‫اخل ـ ــامتة ‪62 ..........................................................................................‬‬
‫فهرس اآليات ‪66 ....................................................................................‬‬
‫فهرس األحاديث واآلثار ‪73 ...........................................................................‬‬
‫فهرس األعالم ‪75 ....................................................................................‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪76 .............................................................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪83 ................................................................................‬‬

‫‪84‬‬

You might also like