You are on page 1of 415

‫وزارة التعليم العايل‬

‫جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬


‫كلية أصول الدين‬
‫قسم القرآن وعلومه‬

‫جهود الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل [ت ‪7041‬هـ ]‬


‫يف التفسري وعلوم القرآن ومنهجه فيهما‬

‫دراسة مقدمة لنيل درجة املاجستري يف القرآن وعلومه‬

‫إعداد‬
‫حممد بن عبداهلل بن موسى آل حسني‬

‫إشراف‬
‫د‪ :‬زكي صربي حممد‬
‫األستاذ املشارك بقسم القرآن وعلومه‬

‫العام اجلامعي ‪ 7044 / 7041‬هـ‬



2
‫املقدمة‬
‫وتشتمل على ‪:‬‬
‫أمهية املوضوع وأسباب اختياره‪.‬‬
‫أهداف البحث‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪.‬‬
‫خطة البحث‪.‬‬
‫املنهج املتبع يف البحث‪.‬‬
‫الشكر والتقدير‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫إن احلمد اهلل‪ ،‬حنمده و نستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده‬
‫ال شريك له وأشهد أن حممد عبده ورسوله‪.-  -‬‬

‫ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ [ آل عمران‪.] ٢٠١ :‬‬

‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ [ النساء‪.] ٢ :‬‬

‫ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [ األحزاب‪.] ٠٠ :‬‬

‫أما بعد ‪...‬‬

‫فإن أفضل ما اشتغل به املشتغلون من العلوم‪ ،‬ووجهت إليه اهلمم‪ ،‬كتاب اهلل املتني‪ ،‬من‬
‫متسك به هدي‪ ،‬ومن اهتدى بنوره رشد‪ ،‬ولقد كان حمل العناية من هذه األمة منذ نزوله على‬
‫حممد ‪ -  -‬إىل وقتنا هذا‪ ،‬واختذت هذه العناية أشكاالً عديدة‪ ،‬فمنها ما يرجع إىل لفظه‬
‫وأدائه‪ ،‬ومنها ما يرجع إىل أسلوبه وإعجازه‪ ،‬وثالثةً إىل كتابته ورمسه‪ ،‬ورابعة إىل تفسريه وشرحه‪،‬‬
‫سالكني بذلك مناهج خمتلفة وطرائق متعددة‪.‬‬

‫وهبذا تتبني لنا أمهية دراسة جهود املفسرين وإيضاح منهجهم لبيان مدى متسكهم باألصل‬
‫العظيم الذي سار عليه السلف من هذه األمة‪.‬‬

‫ورغبة مين يف املشاركة هبذه املسرية املباركة رأيت أن يكون موضوع رساليت لنيل درجة‬
‫املاجستري دراسة جلهود أحد علماء هذا العصر وهو الشيخ العالمة حممد تقي الدين اهلاليل‬
‫رمحه اهلل‪ ،‬إذ له جهود كبرية يف التفسري وعلوم القرآن خفيت على كثري من الناس نظرا لشهرته‬
‫يف جماالت أخرى كالدعوة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وملا كان األمر كذلك رأيت إبراز هذا اجلانب عند الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل ‪-‬رمحه‬
‫اهلل‪ -‬فكان أحد أسباب اختياري هلذا البحث وجعلته بعنوان‪:‬‬

‫جهود الشيخ محمد تقي الدين الهاللي في التفسير وعلوم القرآن ومنهجه فيهما‬

‫أهمية البحث وأسباب اختياره‬


‫‪ .٢‬اشتمل هذا املوضوع على شرف عظيم أال وهو خدمة كتاب اهلل جل وعال‪ ،‬فإن شرف‬
‫العلم من شرف املعلوم‪.‬‬
‫‪ .١‬اهتمام الشيخ رمحه اهلل بالتفسري‪ ،‬فهو بارز فيه كما كان بارزاً يف تقرير العقيدة‪.‬‬
‫‪ .3‬اعتماد اهلاليل يف التفسري على كتابني من أجل كتب التفسري وأعظمها نفعا ومها تفسري‬
‫ابن جرير الطربي وكذلك احلافظ ابن كثري‪.‬‬
‫‪ .4‬حرص الشيخ على إقامة الرباهني يف وجوب اتباع الكتاب و السنة وترك التفرق‬
‫والتحزب املذموم بشكل مذاهب أو طرائق أو أحزاب‪ ،‬كما صرح بذلك مراراً يف ثنايا كتبه‪.‬‬
‫‪ .5‬التزامه باملنهج الصحيح املبين على الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪ .6‬أن معرفة مناهج األئمة يف التفسري هلا أمهية خاصة يف تنمية املواهب وإثراء املادة العلمية‬
‫لدى الباحث‪.‬‬
‫‪ .٠‬اهتمامه مبسائل علوم القرآن وأصول التفسري؛ إذ له اجتهاداته وتقريراته واختياراته‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫‪ .٢‬توضيح منهج العالمة اهلاليل يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬ومصادره اليت اعتمد عليها يف‬
‫ذلك ومدى دقته يف النقل من هذه املصادر‪.‬‬
‫‪ .١‬الرغبة يف االستفادة من علم الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من خالل استخراج جهوده يف التفسري‬
‫وعلوم القرآن‪ ،‬ويف ذلك إثراء حلصيليت العلمية بإذن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ .3‬الرغبة يف نشر العلم‪ ،‬وإضافة اجلديد للمكتبة القرآنية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫بعد البحث يف مصادر املعلومات‪ ،‬من مراكز البحوث ومكتبات اجلامعات واملكتبات‬
‫العامة مل أطلع على دراسة سابقة هلذا املوضوع‪ ،‬وإمنا كانت الدراسات اليت اطلعت على شيء‬
‫منها تتحدث عن جانب من جهود ومنهج العالمة اهلاليل‪ ،‬ومها‪:‬‬

‫‪ .٢‬جهود الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل رمحه اهلل يف الدعوة إىل اهلل‪ ،‬وهي دراسة مقدمة‬
‫من الطالب ‪ :‬خالد بن سعد الزهراين لنيل درجة املاجستري باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‪.‬‬
‫‪ .١‬جهود حممد تقي الدين اهلاليل احلسيين يف تقرير عقيدة السلف والرد على املخالفني‪،‬‬
‫وهي دراسة مقدمة من الطالب‪ :‬عبدالرمحن بن حممد عميسان لنيل درجة املاجستري باجلامعة‬
‫اإلسالمية باملدينة املنورة‪.‬‬
‫وهناك جهد أليب عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان حيث علق على كتاب الشيخ حممد‬
‫وخرج أحاديثه‪ ،‬وذكر من‬
‫تقي الدين اهلاليل املسمى سبيل الرشاد يف هدي خري العباد وقدم له َّ‬
‫خالل تعليقه عليه أن هناك أطروحة دكتوراه تعد عن حياة اهلاليل وفكره يف جامعة جورج تاون‬
‫بأمريكا وهي بعنوان‪ " :‬تطور السلفية من خالل حياة وفكر حممد تقي الدين اهلاليل " للوزري‬
‫هنري‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫تتكون خطة البحث من متهيد‪ ،‬وأربعة فصول‪ ،‬وخامتة وفهارس‪.‬‬

‫التمهيد و يشتمل على أمهية املوضوع‪ ،‬وأسباب اختياره‪ ،‬وخطة البحث ومنهجي يف البحث‪.‬‬

‫التمهيد‪ :‬حياة حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬وفيه مبحثان‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬حياته الشخصية‪ ،‬وهي يف ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪:‬مولده‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪:‬امسه ونسبه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫املطلب الثالث‪:‬وفاته‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬حياته العلمية‪ ،‬وهي يف مخسة مطالب‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬طلبه للعلم‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬شيوخه وتالميذه‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬مكانته وثناء العلماء عليه‪.‬‬

‫املطلب اخلام ‪ :‬آثاره العلمية‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬جهود اهلاليل يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬وفيه مبحثان‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬جهود اهلاليل يف التفسري ‪ ،‬وفيه مخسة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مؤلفاته‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬القيمة العلمية لكتبه‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه فيها‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬ثناء العلماء عليها‪.‬‬

‫املطلب اخلام ‪ :‬مصادره من كتب التفسري‪.‬‬

‫املطلب السادس‪ :‬مصادره من غري كتب التفسري‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬جهود اهلاليل يف علوم القرآن‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مؤلفاته‬

‫املطلب الثاين‪ :‬القيمة العلمية لكتبه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه فيها‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬مصادره فيها‪.‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬منهج اهلاليل يف التفسري‪ ،‬وفيه مبحثان‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬منهج اهلاليل يف التفسري باملأثور‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تفسري القرآن بالقرآن‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬تفسري القرآن بالسنة‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬تفسري القرآن بأقوال الصحابة‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬تفسري القرآن بأقوال التابعني‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬منهجه يف التفسري بالرأي‪ ،‬وهو فيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬منهج اهلاليل يف تصحيح العقيدة ‪ ،‬وحتقيق التوحيد‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬منهج اهلاليل يف الرتجيح واستنباط الفوائد‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬منهج اهلاليل يف نقد األقوال وتوجيهها‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬منهج اهلاليل يف التحذير من البدع واحملدثات‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬منهج اهلاليل يف علوم القرآن‪ ،‬وفيه‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬كتابه نبذه يف علوم القرآن‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬منهج اهلاليل يف تسهيل مادة علوم القرآن‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬منهج اهلاليل يف االستدالل على مسائل علوم القرآن‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬منهج اهلاليل يف الرتجيح‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬رسالة ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها‪.‬‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬املقارنة بني اهلاليل والشنقيطي يف املنهج‪ ،‬وفيه مباحث‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬منهجهما يف التفسري باملأثور ‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬منهجهما يف الرد على البدع وفصل اخلالف والنزاع‬

‫املبحث الثالث‪ :‬التنبيه على بعض الفوائد األصولية‪.‬‬

‫اخلامتة‪ :‬وفيها أهم النتائج اليت توصلت إليها من خالل البحث‪.‬‬

‫الفهارس‪:‬‬

‫‪.٢‬فهرس اآليات‪.‬‬
‫‪.١‬فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫‪.3‬فهرس اآلثار‪.‬‬
‫‪.4‬فهرس األعالم املرتجم هلم‪.‬‬
‫‪.5‬فهرس األماكن والبلدان‪.‬‬
‫‪ .6‬فهرس األبيات الشعرية‪.‬‬
‫‪.٠‬ثبت املراجع واملصادر‪.‬‬
‫‪.8‬فهرس املوضوعات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫منهجي في البحث‪:‬‬
‫سلكت املنهج الوصفي التحليلي االستقرائي بإذن اهلل‪ ،‬وفق اخلطوات التالية‪:‬‬

‫‪ .٢‬قراءة كتبه قراءة متأنية مع استخراج الشواهد واألمثلة جلهوده مصنفاً هلا حسب طبيعة البحث‪.‬‬
‫‪ .١‬اتباع منهج اجلمع والتوصيف مع العناية باجلانب التحليلي من خالل ذكر األمثلة لكل قضية‬
‫واستخالص األحكام املناسبة هلا‪.‬‬
‫‪ .3‬الرتكيز على دراسة منهجه بصفة عامة بغض النظر عن مطابقة أقواله ألصول التفسري وضوابطه‬
‫وهل هي راجحة أو مرجوحة‪ ،‬مع بيان ذلك وتوضيحه يف الدراسة‪.‬‬
‫‪ .4‬االعتناء باآليات من حيث عزو اآليات إىل سورها و بيان أرقامها‪ .‬واعتماد اخلط العثماين يف‬
‫تدوين اآليات‪.‬‬
‫‪ .5‬ختريج األحاديث واآلثار اليت تأيت يف البحث‪ ،‬فإذا كان احلديث يف الصحيحني أو أحدمها‬
‫اكتفيت به‪ ،‬وما مل خيرج يف الصحيحني أو أحدمها فإين أنقل كالم أهل العلم عليه بالصحة‬
‫والضعف إن وجد‪.‬‬
‫‪ .6‬إحالة كالم أهل العلم إىل كتبهم إن كانت موجودة أو إىل أوثق املصادر املعتمدة يف ذلك‪.‬‬
‫‪ .٠‬التعريف باألعالم ‪ -‬غري املشهورين وغري ذلك يف األسانيد ‪ -‬والتعريف بالفرق ‪ ،‬واألماكن‬
‫والبلدان‪.‬‬
‫‪ .8‬وضع خامتة أعرض فيها أهم النتائج اليت توصلت إليها من خالل البحث‪.‬‬
‫‪ .9‬وضع الفهارس التفصيلية اليت تقرب إىل حمتوى الرسالة‪ ،‬وتسهل الرجوع إليها لكل مطلع‪.‬‬

‫شكر وتقدير‬
‫ٌ‬
‫ويف اخلتام أشكر اهلل تعاىل على ما أنعم به علي من نعم ال حتصى وال تعد‪ ،‬واليت منها‬
‫إعداد هذه الرسالة وإمتامها على هذا الوجه‪ ،‬وأسأله تعاىل كما وفقين لذلك أن يوفقين للقيام‬
‫بواجب الشكر‪.‬‬

‫كما أشكر والدي الكرميني على دعمهما‪ ،‬وما كانا خيصاين به من دعائهما‪ ،‬وأسأل اهلل‬
‫أن جيعل ذلك يف ميزان حسناهتما‪ ،‬وأن يُلبسهما لباس الصحة والعافية‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫كما أشكر جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية اليت كانت ومازالت صرحاً للعلم‬
‫الشرعي والراغبني فيه‪ ،‬والعناية برتاث السلف الصاحل دراسةً وحتقيقاً ونشراً‪.‬‬

‫كما أشكر كلية أصول الدين باجلامعة ممثلة بقسم القرآن وعلومه على إتاحة الفرصة يل‬
‫بإعداد هذه الرسالة‪.‬‬

‫والشكر موصول للمرشد العلمي فضيلة الشيخ الدكتور‪ :‬رياض بن حممد املسيمريي على‬
‫توجيهي ونصحي خالل خمتلف مراحل إعداد خطة هذه الرسالة‬

‫وأخص بالشكر والدعاء لفضيلة الشيخ الدكتور‪ :‬زكي صربي حممد األستاذ املشارك بقسم‬
‫وقته الشيء‬ ‫القرآن وعلومه الذي بذل كل مايف وسعه من إرشاد وتسديد‪ ،‬وأعطاين من نفي‬
‫الكثري‪ ،‬وحلَّى ذلك باملعاملة احلسنة ودماثة اخللق وحسن التوجيه‪ ،‬فجزاه اهلل خري اجلزاء على‬
‫ماقدم وجعل ذلك يف موازين حسناته‪.‬‬

‫كما أشكر كل من أعانين برأْي‪ ،‬أو نصح‪ ،‬أو إفادة وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور‪:‬‬
‫بدر بن ناصر البدر‪ ،‬والشيخ الدكتور‪ :‬حممد بن عبداهلل الفاحل الذي زودين مبجموعة من‬
‫مؤلفات الشيخ اهلاليل فجزامها اهلل خريا‪ ،‬وجعل ذلك يف موازين حسناهتما‪.‬‬

‫وبعد فقد بذلت قصارى جهدي يف إخراج هذا البحث على أحسن ما يكون فما كان‬
‫من صواب فمن اهلل وحده‪ ،‬وله الشكر على ذلك‪ ،‬وما كان فيه من خطأ فمن نفسي‬
‫والشيطان وأستغفر اهلل عن ذلك‪.‬‬

‫أسأل اهلل أن جيعل عملي هذا خالصا لوحهه الكرمي‪ ،‬إنه ويل ذلك والقادر عليه‪ ،‬وصلى‬
‫اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫التمهيد‬
‫حياة الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حياته الشخصية‪.‬‬
‫وهي يف ثالثة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪:‬مولده‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬امسه ونسبه‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪:‬وفاته‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫املطلب األول‪:‬مولده ونشأته‪.‬‬
‫مولده‪ :‬ولد اهلاليل يف مدينة الفيضة‪ ،‬وتسمى الفرخ أيضاً‪ ،‬وهي من بوادي سجلماسة(‪،)٢‬‬
‫(‪)١‬‬
‫يف بالد املغرب األقصى‪ ،‬وكان ذلك عام إحدى عشر وثالمثائة وألف من اهلجرة‪.‬‬

‫نشأته‪ :‬لقد نشأ الشيخ يف كنف والديه وكان حمل عناية منهما‪،‬وتويف والده وهو صغري مل‬
‫يبلغ احللم‪ ،‬وال شك أن ألسرة الرجل دوراً كبرياً يف تكوينه اخللقي ونشأته وتوجيهه‪ ،‬وذلك‬
‫حبسب ما يكون عليه أفرادها من أخالق وعادات‪ ،‬وحبسب ما يولون أوالدهم من عناية‬
‫ورعاية واهتمام‪ ،‬فإن األسرة اليت تظهر عليها مسة الصالح والعلم يف الغالب ينطبع ذلك على‬
‫أبنائها‪ ،‬والعك بالعك ‪ ،‬والشيخ ‪-‬رمحه اهلل ‪ -‬كان من أسرة معروفة بالعلم‪ ،‬ويرى املستقرئ‬
‫مر مبراحل متعددة يف نشأته‪ :‬أوهلا‪ :‬تلك البيئة املغربية اليت ال ختلو من التقاليد‬
‫حلياة الشيخ أنه َّ‬
‫الصوفية واالحنرافات العقدية‪ ،‬مث تدرج فمر مبرحلة الشباب واالنفتاح الثقايف وهو يعي وحيلل‬
‫األحداث السياسية‪ ،‬وبعدها مر مبرحلة النضج الفكري إذ تبني له احلق فاتبع السلفية ودعا‬
‫(‪)3‬‬
‫إليها ودافع عنها‪.‬‬

‫فالشيخ نشأ يف حجر والديه فقرأ القرآن على والده وجده فحفظه وهو ابن اثنيت عشرة‬
‫سنة‪ ،‬مث جعل يتنقل بني قبائل البوادي‪ ،‬حىت استقر يف احدى القرى يؤم الناس ويعلم األطفال‬

‫(‪ )٢‬سجلماسة بكسر أوله وثانيه وسكون الالم وبعد األلف سني مهملة مدينة يف جنويب املغرب ‪ ،‬بينها وبني فاس عشرة‬
‫أيام تلقاء اجلنوب وهي يف منقطع جبل درن وهي يف وسط رمال كرمال زرود ويتصل هبا من مشاليها جدد من األرض"‬
‫معجم البلدان‪ ،‬لياقوت احلموي(‪.)٢9١/3‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد يف هدي خري العباد للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل ج‪٢‬ص‪،٢3‬وجملة البحوث اإلسالمية ع‪ 8‬ص‬
‫‪ ،١٠6‬وعلماء ومفكرون عرفتهم حملمد اجملذوب ج‪ ٢‬ص ‪ ،٢93‬ومن أعالمنا تراجم أعالم املسلمني ممن تويف يف عامي‬
‫(‪ )٢4٢5-٢395‬أو ما بينهما لعبدالعزيز صاحل العسكر ج‪ ١‬ص‪ ،٢63‬وإمتام األعالم للدكتور نزار أباظة ورياض املاحل‬
‫ص‪ ،١١5‬وجملة الرتبية اإلسالمية ع‪ ١‬ص‪ ،5٠‬وجملة املنهل ع‪ 499‬ص‪ ،١٢4‬ومن أعالم الدعوة واحلركة اإلسالمية‬
‫املعاصرة لعبداهلل عقيل العقيل ص ‪.489‬‬
‫(‪ )3‬حممد تقي الدين اهلاليل وجهوده يف الدعوة إىل اهلل تعاىل‪ -‬رسالة ماجستري ‪ -‬للدكتور خالد الزهراين ص ‪.١3‬‬
‫‪03‬‬
‫القرآن(‪ ،)٢‬مث ذهب إىل جده على ‪-‬احلدود اجلزائرية‪ ،... -‬ومنها سافر إىل اجلزائر سنة ثالث‬
‫وثالثني وثالمثائة وألف من اهلجرة لطلب الرزق(‪،)١‬مث عاد إىل املغرب‪ ،‬مث ذهب إىل مصر عام‬
‫أربعني وثالمثائة وألف من اهلجرة ومكث هبا سنة كاملة‪ ،‬مث ذهب إىل اململكة العربية السعودية‬
‫ألداء فريضة احلج‪ ،‬مث توجه للهند فالعراق‪ ،‬وتزوج بابنة الشيخ العامل املوريتاين الشيخ حممد‬
‫(‪)4‬‬
‫األمني الشنقيطي(‪ )3‬مؤس مدرسة النجاح األهلية بالزبري‪.‬‬
‫نشأ الشيخ يف فرتة سيطرة االستعمار على الدول اإلسالمية‪ ،‬وملا دخل االستعمار‬
‫املغرب(‪ )5‬انقسم الناس إىل قسمني‪ :‬قسم استسلم له بل وساعده‪ ،‬وقسم حاربه ومنهم الشيخ‬
‫حممد تقي الدين اهلاليل –رمحه اهلل – كما ذكر ذلك يف كتابة الدعوة إىل اهلل فقال‪ " :‬إذا تبقى‬
‫(‪)6‬‬
‫يل وقت سأكتب مذكرة يف احلوادث السياسية اليت عاصرهتا "‪.‬‬

‫ويف ظل هذه الظروف كانت بداية نشأة الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬وبعد أن هداه‬
‫اهلل أخذ يدعو إىل العقيدة السلفية الصحيحة‪ ،‬فأقبل الناس يرتوون من علمه ويأخذون‬
‫بنصائحه‪ ،‬ويف املقابل رفع أناس راية العداوة وأشهروا سيف احلقد والبغضاء ضده‪ ،‬وهكذا حال‬
‫املصلحني يف كل زمان ومكان‪ ،‬جياهبون من أخلد إىل األرض واتبع هواه‪ ،‬فيالقون منهم‬
‫النصب والتعب ولنا يف رسول اهلل ‪ ‬أسوة حسنة‪ ،‬فكم القى من أنواع العداء فصرب‪ ،‬فكان‬
‫(‪)٠‬‬
‫النصر والتمكني حليفه بإذن اهلل‪.‬‬

‫(‪ )٢‬السلفية الوهابية يف املغرب تقي الدين اهلاليل رائداً‪ ،‬ملخلص السبيت ص ‪ ،٢4‬جملة املنهل ع‪ 499‬ص‪ ،١٢4‬من‬
‫أعالم الدعوة احلركية اإلسالمية املعاصرة ص‪.489‬‬
‫(‪ )١‬من أعالمنا ج‪،١‬ص‪٢6‬‬
‫(‪ )3‬هو أبو يوسف حممد فال اخلري األمني بن عيدي بن حبيب اهلل بن حبيب بن أمحد احلسين الشنقيطي‪ ،‬ولد عام‬
‫وعمان والبحرين واستقر بالبصرة‪،‬مث أس مدرسة النجاح‬
‫‪٢١93‬هـ ‪ ،‬سافر لطلب العلم‪ ،‬فذهب إىل املدينة ومكة واهلند َّ‬
‫بالزبري‪ ،‬وأخذ ينشر العلم‪ ،‬ومل يكن له من املؤلفات إال مذكرات كان يكتبها‪ ،‬تويف عام ‪٢35٢‬هـ ‪ .‬انظر كتاب من أعالم‬
‫الفكر اإلسالمي يف البصرة الشيخ حممد األمني الشنقيطي تأليف عبداللطيف الدليشي اخلالدي ص‪١64-٢٢‬‬
‫(‪ )4‬ذيل األعالم ‪ ،‬ألمحد العالونة ص ‪.٢٠٠‬‬
‫(‪ )5‬لقد تسلط االستعمار على املغرب من سنة ‪٢3٠5-٢33٠‬م‪ ،‬واملستعمرون على قسمني ‪ :‬القسم األول‪ :‬هم‬
‫الفرنسيون واستعمروا اجلزء اجلنويب‪ ،‬واألسبانيون استعمروا اجلزء الشمايل‪.‬‬
‫(‪ )6‬الدعوة إىل اهلل يف أقطار خمتلفة حملمد تقي الدين اهلاليل ص‪.5‬‬
‫(‪ )٠‬السلفية الوهابية يف املغرب ص‪.٢١9‬‬
‫‪04‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬امسه ونسبه‬

‫امسه ونسبه‪ :‬هو العامل املغريب‪ ،‬والعالمة اللغوي‪ ،‬الشيخ الدكتور حممد التقي بن عبدالقادر‬
‫بن حممد بن الطيب بن أمحد بن عبدالقادر بن حممد بن عبدالنور بن عبدالقادر بن هالل بن‬
‫حممد بن هالل بن إدري بن غالب بن حممد املكي بن إمساعيل بن أمحد بن حممد بن أيب‬
‫القاسم بن علي بن عبدالقوي بن عبدالرمحن بن إدري بن إمساعيل بن سليمان بن موسى‬
‫الكاظم(‪ )٢‬بن جعفر الصادق بن حممد الباقر بن علي بن زين العادين بن احلسني بن علي‬
‫(‪)١‬‬
‫وفاطمة بنت رسول اهلل ‪.--‬‬

‫قال الشيخ حممد تقي الدين‪ -‬رمحه اهلل‪ " :-‬ونسبتنا إىل احلسني بن علي‪ ،‬قد ذكر ذلك‬
‫غري واحد من املؤلفني يف أنساب أهل البيت من املغاربة‪ ،‬وأقر هذا النسب السلطان بن‬
‫(‪)3‬‬
‫احلسن األول حني قدم بلدنا سجلماسة سنة إحدى عشر وثالمثائة وألف من اهلجرة "‪.‬‬

‫قال‪ ( :‬وأنا إمنا‬ ‫أما عن نسبة اهلاليل‪ ،‬فهي إىل جده احلادي عشر هالل بن إدري‬
‫(‪)4‬‬
‫أنتسب إىل هالل وهو اجلد احلادي عشر من ذرية احلسني ابن علي ‪.)--‬‬

‫وأما عن اشتهاره بتقي الدين‪ ،‬فيقول عن ذلك‪ ( :‬إن والدي رأى يف املنام قائالً يقول له‪:‬‬
‫سيولد لك غالم فسمه حممد التقي‪ ،‬فكان ذلك‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ولكن أهل اهلند مسوين تقي الدين فاشتهر امسي مبحمد تقي الدين)‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫واسم أمه رقية بنت احلسن‪.‬‬

‫(‪ )٢‬والصحيح أن يقال‪ :‬إدري بن موسى بن إمساعيل بن موسى الكاظم‪ ،‬ألن سليمان بن موسى الكاظم ُمؤنثاً ـ أي‬
‫ذريته كلها بنات ـ انظر النفحة العنربية يف أنساب خري الربية للعالمة النسابة حممد كاظم بن أيب الفتوح بن سليمان اليماين‬
‫ص ‪. 63‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد يف هدي خري العباد للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل ج‪٢‬؛ ص‪.٢3‬‬
‫(‪ )3‬علماء ومفكرون عرفتهم ج‪٢‬؛ ص ‪.٢93‬‬
‫(‪ )4‬الدعوة إىل اهلل يف أقطار خمتلفة ص‪.٢96‬‬
‫(‪ )5‬علماء ومفكرون عرفتهم ج‪٢‬؛ص‪.٢93‬‬
‫(‪ )6‬السلفية الوهابية ص ‪.٢3‬‬
‫‪05‬‬
‫وقد طعن بعض معاصريه يف نسبه وزعم أنه جمهول األصل‪ ،‬فرد عليه اهلاليل بأبيات بني‬
‫فيها عراقة نسبه وأنه من ساللة آل البيت فقال‪:‬‬

‫ومن شقوة أقبــلت بالظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل نم تبتـ ـ ــدي‬ ‫وس ْؤُد ندي‬ ‫جتاهلت يا بن الق ن‬
‫ني فضلي ُ‬
‫باجلهل ُمرتدي‬‫ن‬ ‫وال عجب إ ْذ أنت‬ ‫زعمت بأ ْن مل تد نر أصلي ومنشئي‬
‫بن أمحد‬ ‫هالل بن احلس ن‬
‫ني‬ ‫ن‬
‫ن (‪)٢‬‬
‫ُ‬ ‫وجدي ُ ُ‬ ‫قني موطين‬ ‫سجلماسةُ الغراء يا ُ‬
‫جنل سيد‬ ‫سيد ن‬ ‫حسني ُ‬
‫ُ‬ ‫وجدي‬ ‫ابن صا نحل‬ ‫هالل صاحل و ُ‬‫ُ‬ ‫وجدي‬
‫(‪)١‬‬
‫ولي له لقب يعرف به كما صرح بذلك قائالً ‪ ( :‬ولي يل لقب )‪.‬‬

‫وكنيته " أبو ش نكيب "‪ ،‬حيث مسى أول مولود له على اسم صاحبه وصديقه األمري‬
‫شكيب أرسالن(‪ ،)3‬قال ‪ " :‬وكنييت أبو شكيب ألين أمسيت أول مولود يل شكيباً على اسم‬
‫(‪)4‬‬
‫صديقي األمري شكيب أرسالن رمحه اهلل "‪.‬‬

‫والذي أُريد أن أنبه عليه هنا أن الشيخ – رمحه اهلل – مل يسمح للمغالني يف حب ساللة‬
‫آل البيت من عمل ما خيالف سنة النيب ‪ -  -‬وعقيدته بل كان حربا شعواء على كل من‬
‫غاىل وأحدث يف الدين ما لي منه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الدعوة إىل اهلل ص‪.64‬‬


‫(‪ )١‬علماء ومفكرون عرفتهم ج‪ ٢‬ص‪ ،٢93‬وعليه فإنه ال يرى تقي الدين لقباً له‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو األمري شكيب بن محود بن حسن بن يون أرسالن‪ ،‬من ساللة التنوخيني ملوك احلرية‪ ،‬عامل باألدب والسياسة‪،‬‬
‫ومؤرخ من كبار الكتاب‪ ،‬ينعت بأمري البيان‪ ،‬وهو من أعضاء اجملمع العلمي العريب‪ .‬ولد يف الشويفات بلبنان سنة‬
‫‪٢١86‬هـ‪ ،‬وتعلم مبدرسة دار احلكمة ببريوت‪ ،‬وانتخب نائبا عن حوران يف جمل املبعوثني العثماين‪ ،‬وسكن دمشق خالل‬
‫احلرب العاملية األوىل مث سافر إىل برلني يف أملانيا مث جنيف بسويسرا‪ .‬وأقام هبا مخساً وعشرين سنة‪ ،‬مث عاد إىل بريوت‬
‫وتويف هبا سنة ‪٢366‬هـ‪ ،‬عاجل السياسة اإلسالمية قبل اهنيار الدولة العثمانية‪ ،‬كان على اطالع بالقضايا العربية‪ ،‬وأصدر‬
‫جملة باللغة الفرنسية يف جنيف‪ ،‬وكان رحالة حيث سافر إىل أمريكا وأروبا وبالد األندل وكان كثري الكتابة‪ .‬األعالم‬
‫للزركلي ج‪ 3‬ص‪.٢٠4-٢٠3‬‬
‫(‪ )4‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪.٢93‬‬
‫‪06‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬وفاته ورثاء العلماء له‪.‬‬
‫بعد رحلة يف رحاب العلم والدعوة واجلهاد‪ ،‬وتنقل يف كثري من البالد‪ ،‬وحياة مليئة باملتاعب‬
‫والشدائد‪ ،‬تويف الشيخ اهلاليل يف منزله بالدار البيضاء مغرب يوم االثنني اخلام والعشرين من‬
‫شهر شوال سنة سبع وأربعمائة وألف من اهلجرة املوافق اثنان وعشرون‪/‬يونيه‪/‬سنة سبع ومثانني‬
‫وتسعمائة وألف من امليالد عن عمر يقارب سبعا وتسعني عاماً‪ ،‬وصلى عليه يف اليوم املوايل عدد‬
‫كبري‪ ،‬ومجع غفري من املوافقني واملخالفني بعد صالة الظهر يف مسجد عني الشق‪ ،‬مث دفن‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مبقربة قرية اجلماعة وسط مجوع كبرية من املسلمني يف موكب مؤثر ويف جو من‬
‫اخلشوع واالبتهال والدعاء إىل اهلل أن يتغمده برمحته‪ ،‬ويدخله فسيح جناته مع الصديقني والشهداء‬
‫(‪)٢‬‬
‫والصاحلني وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬
‫لقد فقدت األمة اإلسالمية عاملاً من علمائها‪ ،‬و علماً من أعالمها‪ ،‬قضى عمره يف طلب‬
‫العلم وتعليمه والدعوة إىل اهلل على بصرية واجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬فكان داعيةً جماهداً قامعاً للبدعة‬
‫ال يرضى هبا‪ ،‬حمباً للسنة قائما هبا‪ ،‬غري متعصب ملذهب من املذاهب الفقهية‪ ،‬بل يأخذ منها‬
‫مجيعها‪ ،‬فما وافق السنة أخذ به‪ ،‬فهي مذهبه‪ ،‬وال يلتفت إىل ما سواها من اآلراء املخالفة هلا‪،‬‬
‫يدافع عنها بكل جهده‪ ،‬بلسانه وقلبه‪ ،‬وكان ناقدا بصريا يأمر باملعروف وينهى عن املنكر‪ ،‬وال‬
‫خياف يف اهلل لومة الئم‪ ،‬وكان حبق إماماً سلفياً جامعاً بني العلوم النقلية والعقلية بأنواعها‪ ،‬وإماماً‬
‫عالمة يف شىت العلوم‪.‬‬
‫ولقد أقيمت عليه صالة الغائب يف كثري من البلدان‪ ،‬مثل‪ :‬السعودية والكويت واهلند‬
‫(‪)١‬‬
‫واملغرب‪.‬‬
‫وكتبت كثري من الصحف يف التعريف به‪ ،‬ورثاه أصحابه وأحبابه‪ ،‬ففي صحيفة "أخبار العامل‬
‫اإلسالمي" نُ نشر موضوع بعنوان " كيف ودع العامل اجملاهد حممد تقي الدين اهلاليل " وجاء يف‬
‫معرض املقال‪...." :‬وتلقت مدن املغرب وقراها خرب وفاة الشيخ الدكتور حممد تقي الدين اهلاليل‬
‫بعيون دامعة‪ ،‬وقلوب ميلؤها احلزن‪ ،‬وألسنة تلهج بالدعاء‪.‬‬

‫(‪ )٢‬جملة الفرقان املغربية‪ ،‬العدد العاشر سنة ‪٢98٠‬م؛ (ص‪ ،)4‬وعنها جملة االستجابة السودانية العدد التاسع السنة الثالثة‬
‫من شهر رمضان عام ‪٢4٠8‬هـ (ص‪. )43-4١‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪ ،٢‬ص ‪.٢٠5‬‬
‫‪07‬‬
‫وتقدم جنازته صباح يوم الدفن مجيع تالميذه الذين علمهم العقيدة الصحيحة‪ ،‬وبعد‬
‫الدفن رجع اجلميع بقلوب منكسرة حزينة يعزي بعضهم بعضاً‪ ،‬فقد كان اخلطب عظيماً‪ ،‬وإنا‬
‫(‪)٢‬‬
‫هلل وإنا إليه راجعون"‪.‬‬
‫وقد رثاه مجع من العلماء‪ ،‬منهم الشيخ العالمة حممد بوخبزة(‪ )١‬حيث قال‪:‬‬
‫وهبجتُها خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال يف خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال‬ ‫هـي الدنيـ ـ ــا تسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريُ إلـ ـ ـ ـ ــى زوال‬
‫فتُوقظنا املني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ بالنب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال‬ ‫نعيش هبــا سويع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات نيام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫أتدري م ْن نعيت من الرجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال؟‬ ‫ن‬
‫أال يان ــاعي العرف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان أبصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـر‬
‫ويف فانتشى حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزب الض ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫تُ ي‬ ‫فخر ب ـ ـ ـ ـ ـ ــين ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالل‬
‫ُ‬ ‫تق ــي الدين ُ‬
‫بآالم الفجيعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـة ذو اعتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫ن‬ ‫شيخ الدع ـ ـ ـ ـ ـ ــاةن فك ــل ُح ـ ـ ـ ــر‬ ‫قضى ُ‬
‫بياض العم نر ممت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز اخل ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫فقــد أمض ـ ــى جياهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد يف ن‬
‫دروب‬
‫ُْ‬
‫دروس العـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ نم يدعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو لل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـز نال‬ ‫حيبِّـ ُر لله ـ ـ ــدى كتب ـ ـ ـاً ويُـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلي‬
‫ـال‬‫َّاء العضـ ـ ـ ن‬ ‫ن‬
‫سرى فينـ ـ ـ ـ ــا من الـ ـ ـ ـ ـ ــد ُ‬ ‫فأنقـ ـ ـ ــذن ـ ــا بفض ـ ـ ـ ـ ـ ــل اهلل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ورثاه أيضاً تلميذه حممد بن عبود‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ـدعت بيننـ ــا األركا ُن والعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ماذا يفيـ ُـد البك ـ ــاء يف النائب ـ ن‬
‫تص ـ ْ‬ ‫ـات إذا‬ ‫ُ‬
‫من هـ ـول ـ نـه نكبـ ـ ــة مل ينسه ـ ـ ــا األب ـ ُـد‬ ‫لقـ ــد هوى الرك ـ ـ ُـن من بـُْنيـ ــانننـ ــنـا فلنا‬
‫ـدد‬
‫ـذكر العـ ـ ـ ُ‬ ‫عـ ـ ـ ـزيـ ــزة كلمـ ـ ـ ـ ــا يستـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫"دكتورنا" الرجـ ـ ُـل الصندي ـ ُـد مفخرة‬
‫ـدد‬
‫ـال واملـ ـ ـ ُ‬ ‫ـج السي ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫يراعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه املنت ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـارم املقـ ـو ُال عـ ـ ــدتُه‬ ‫لسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُه الصـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ن‬ ‫إذا قرأت سبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال للرشـ ـ ـ ـ ن‬
‫ذاك السبي ـ ـ ـ ـ ـ نـل من األغ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء ُ‬
‫تبتعد‬ ‫ـاد فعـ ـ ــن‬
‫ـول ينتقـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫وال غل ـ ـ ـ ـ ــو مب ـ ــا يف الق ـ ـ ـ ـ ن‬ ‫هذا الرثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءُ ولكـ ـ ــن ال مبالـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ــة‬
‫قويل‪ ،‬فـ ــال ملـ ـ ـ ــق فيهـ ـ ـ ـ ــا وال فن ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫هي احلقيقـ ـةُ وال أع ــدو احلقيقــة يف‬
‫(‪)3‬‬
‫أنت الـ ــرحي ـ ُم هلـ ـ ـا الغف ـ ـ ـ ُار ياأحـ ـ ـ ُد‬ ‫قابضهـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ُر ْمح ـ ــاك ريب لـ ـ ــروح أنت ُ‬
‫فرحم اهلل الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل رمحة واسعة‪ ،‬وجعل ما قدمه يف موازين حسناته‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيفة أخبار العامل اإلسالمي ع ‪ ،٢٠5٠‬ص‪.٢٢‬‬


‫(‪ )١‬حممد بن األمني أبوخبزة احلسيين اإلدريسي التطواين حفظه اهلل‪ ،‬عالمة سلفي‪ ،‬استفاد كثريا من الشيخ حممد تقي‬
‫الدين اهلاليل‪ .‬انظر فتح اجلليل يف ترمجة وثبت شيخ احلنابلة عبداهلل بن عبدالعزيز العقيل ص‪.366-35٠‬‬
‫(‪ )3‬جريدة اإلصالح جريدة نصف شهرية مغربية‪ ،‬العدد السابع‪.‬‬
‫‪08‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬حياته العلمية‪.‬‬
‫وهي يف مخسة مطالب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬طلبه للعلم‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬شيوخه وتالميذه‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬مكانته وثناء العلماء عليه‪.‬‬
‫املطلب اخلام ‪ :‬آثاره العلمية‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫املطلب األول‪ :‬طلبه للعلم‪.‬‬
‫لقد طلـب الشـيخ العلـم ورحـل يف سـبيل ذلـك إىل خمتلـف بلـدان العـامل‪ ،‬وكسـب يف رحالتـه‬
‫العلميــة مكاســب كثــرية‪ ،‬وقــد صــهرت تلــك الــرحالت شخصــيته وصــقلت مواهبــه‪ ،‬فخــرج بعــد‬
‫(‪)٢‬‬
‫ذلك رجالً فذاً وداعيةً مصلحاً فريداً‪.‬‬
‫وهــذا الــذي ينبغــي علــى طالــب العلــم أن يرحــل عــن وطنــه إىل البلــدان األخــرى طالبــا للعلــم‬
‫مستزيداً منه‪ ،‬رغبة يف التحصيل والسماع من علماء البلدان األخرى ملا مل يسمعه يف بلده وهـذا‬
‫هو دأب السلف الصـاحل وعلمـاء هـذه األمـة‪ ،‬واملقصـود مـن الرحلـة كمـا قـال اخلطيـب البغـدادي‬
‫أمـران‪ :‬أحــدمها ‪ :‬حتصــيل علــو اإلســناد‪ ،‬والثــاين‪ :‬لقــاء احلفــاو واملــذاكرة هلــم واالســتفادة مــنهم‪،‬‬
‫ني يف غـريه فـال فائـدة يف الرحلـة‪،‬‬ ‫وقال ‪-‬رمحه اهلل‪" -‬فإذا كان األمران موجوديْ نن يف بلده ومعـدوم ْ ن‬
‫(‪)١‬‬
‫أو موجودين يف كل منهما فليحصل حديث بلده مث يرحل"‪.‬‬
‫ولقد وفق اهلل سبحانه وتعاىل اهلاليل أن ُه ندي إىل حب الكتاب والسنة‪ ،‬فكان ذلـك فاحتـة‬
‫خــري يف حياتــه العلميــة ويف اتســامه مبــنهج الوســطية واالعتــدال‪ ،‬ولقــد بــني اهلــاليل مــا يُــؤثر مــن‬
‫إيل علـوم احلـديث وعلـوم القـرآن‪ ،‬ألين أحـب اتبـاع الكتـاب والسـنة وأكـره‬ ‫العلوم فيقول " أحبهـا ي‬
‫(‪)3‬‬
‫خمالفتهما‪ ،‬مث علم النحو وسائر علوم األدب مث علم اللغات"‪.‬‬
‫ولقد علل اهلـاليل ‪-‬رمحـه اهلل‪ -‬حبـه هلـذه العلـوم‪ " :‬ولعـل مـرد هـذا فيمـا نـرى إىل صـلة هـذه‬
‫العلوم بالنف اإلنسانية‪ ،‬فالنحو واألدب واللغات صور متعددة ألصول واحدة‪ ،‬فبالنحو نعـرف‬
‫أسرار العالئق بني األلفاو يف الرتكيب واملضمون النفسـي‪ ،‬ولـي علـم اللغـات عـن ذلـك ببعيـد‪،‬‬
‫ألن الباحــث ال يســتطيع رصــد التطــورات الطـوارئ عليهــا إال مــن خــالل الواقــع النفســي لصــائغي‬
‫هذا الرتاث أفراداً وشعوباً‪.‬‬
‫أمــا الصــلة بــني هــذه الفنــون وعلمــي القــرآن واحلــديث فعلــى غايــة مــن التوافــق‪ ،‬إذ ال ســبيل‬
‫ألحد إىل تذوق الـنظم القـرآين‪ ،‬واستشـراف دقـائق الـوحي يف الكتـاب والسـنة إذا مل يكـن لـه زاد‬
‫(‪)4‬‬
‫وفري من اإلدراك والتذوق هلذه الفنون"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬حممد تقي الدين اهلاليل وجهوده ويف الدعوة إىل اهلل تعاىل‪ -‬رسالة ماجستري ‪ -‬للدكتور خالد الزهراين ص ‪.3١‬‬
‫ي ج‪ ١‬ص ‪١١3‬‬ ‫ب الْبـ ْغد ناد ِّ‬
‫الس نام نع لنلْخ نطين ن‬
‫اب َّ‬ ‫(‪)١‬اجل نام ُع نأل ْخال نق َّ‬
‫الرا نوي وآد ن‬
‫(‪ )3‬من أعالمنا ج‪ ٢‬ص ‪. ٢٠3‬‬
‫(‪ )4‬من أعالمنا ج‪ ٢‬ص ‪. ١٠١-١٠٢‬‬
‫‪21‬‬
‫وعلــى هــذا فلقــد وفــق اهلــاليل يف حياتــه حيــث الرتبيــة الصــحيحة الــيت نشــأ عليهــا وجعلهــا‬
‫أساس ـاً النطــالق حياتــه كمــا كــان عليــه الســلف ‪-‬رمحهــم اهلل تعــاىل‪ -‬والــيت بــدأها حبفــظ القــرآن‬
‫الكــرمي ومبــادئ العلــوم الــيت يتعلمهــا الــنشء كمــا بــني ذلــك يف قولــه " ق ـرأت القــرآن الكــرمي علــى‬
‫والدي وجدي فحفظته وأنا ابن اثنيت عشرة سـنة‪ ،‬وكـان والـدي ينـوي أن يبعثـين إىل ُجمـ ِّود الوق ن‬
‫ـت‬
‫الشــيخ أمحــد الصــاحل ألق ـرأ عليــه ختم ـةً بالتجويــد‪ ،‬فعاجلتــه املنيــة‪ ،‬فقامــت بــذلك أمــي‪ ،‬فق ـرأت‬
‫القرآن من أوله إىل آخره بالتجويد على الشيخ املذكور‪ ،‬فكنت كل يوم أكتـب ربـع جـزء يف لـوح‬
‫من حفظي وأدفعه إليه يصححه على حسب الرسم العثماين مث يقرأه هو وأنـا أمسـع‪ ،‬وبعـد ذلـك‬
‫(‪)٢‬‬
‫أخطأت يصحح يل خطئي"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أقرؤه أنا وهو يسمع‪ ،‬وإن‬
‫وبعــد أن حفــظ اهلــاليل القــرآن جمــوداً توجــه ‪ -‬رمحــه اهلل – إىل طلــب العلــم الشــرعي‪ ،‬يتنقــل‬
‫ب ــني ال ــبالد لينهـ ـل م ــن علمائه ــا فب ــدأ رحلت ــه قاص ــدا الش ــيخ حمم ــد ب ــن س ــيدي ب ــن حبي ــب اهلل‬
‫الشنقيطي – رمحه اهلل – فكـان هـذا هـو أحـد أسـباب طلبـه للعلـم الشـرعي بعـد الرؤيـا الـيت رآهـا‬
‫"حيث رأى النيب‪ - -‬يقـول لـه اطلـب العلـم‪ ،‬فقـال لـه‪ :‬العلـم الظـاهر أم العلـم البـاطن؟ قـال‪:‬‬
‫(‪)١‬‬
‫العلم الظاهر‪."..‬‬
‫وبعــد أن قابــل اهلــاليل شــيخه حممــد ســيدي الشــنقيطي أبلغــه مبــا رآه يف املنــام‪ ،‬واستشــاره يف‬
‫الرحلــة لطلــب العلــم إىل أحــد مراكــز العلــم يف املغــرب أو تــون أو اجلزائــر فقــال الشــيخ‪ :‬امكــث‬
‫عنــدي حــىت تــتعلم مبــادئ العلــوم‪ ،‬وحينئــذ تســافر إىل إحــدى املــدارس العليــا‪ (،‬وكانــت للشــيخ‬
‫حممد الشنقيطي مدرسة يعلم فيها الطلبة مبادئ العلوم ويكسوهم ويطعمهم على طريقة العلماء‬
‫يف شـنقيط )(‪ ،)3‬فمكـث اهلــاليل معـه سـبع ســنني‪ ،‬وأثـل اهلـاليل علــى شـيخه حيـث قــال‪( :‬مل أر‬
‫(‪)4‬‬
‫مثله يف الزهد والتقوى ومكارم األخالق)‪.‬‬
‫مث سافر اهلاليل إىل مصر‪ ،‬وأقام هبا سنة واجتمع فيها باإلمام حممد رشيد رضا وجبماعة من‬
‫السلفني‪ ،‬منهم الشيخ حممد الرمايل‪ ،‬والشيخ حسن عبدالرمحن‪ ،‬والشيخ العدوي‪ ،‬والشيخ حممـد‬
‫بن عبدالرزاق محزة وغريهم‪ ،‬وحضر دروس القسم العايل يف األزهر واستفاد منها‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد يف هدي خري العباد ج‪ ٢‬ص‪ ،٢6-٢3‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص ‪.٢94‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد يف هدي خري العباد ج‪ ٢‬ص‪.٢6-٢3‬‬
‫(‪ )3‬علماء ومفكرون ج‪ ،٢‬ص‪.٢95‬‬
‫(‪ )4‬علماء ومفكرون ج‪ ،٢‬ص‪.٢95‬‬
‫‪20‬‬
‫فقــال الشــيخ ‪ ..( :‬ورأيــت كتــاب عــون املعبــود شــرح ســنن أيب داود ألــف وطبــع يف اهلنــد‪،‬‬
‫فظهر يل أنه ال تزال بقية من علماء احلديث يف اهلند‪ ،‬فعزمت على السفر إىل اهلند ‪.)٢()..‬‬
‫قال الشيخ عطية حممد سـامل – رمحـه اهلل ‪ ( :-‬الشـيخ حممـد تقـي الـدين اهلـاليل هـاجر مـن‬
‫املغرب إىل مصر سنة أربعني وثالمثائة وألف من اهلجرة ومكث فيها سنة لقي فيهـا الشـيخ حممـد‬
‫رشــيد رضــا‪ ،‬وتنقــل بــني قبلــي وحبــري اإلســكندرية يف دعــوة ســلفية‪ ،‬مث ســافر إىل اهلنــد للدراســة‬
‫(‪)١‬‬
‫واالطالع على املكتبات ولقي شارح الرتمذي‪.)..‬‬
‫مث س ـ ــافر الش ـ ــيخ _ رمح ـ ــه اهلل _ إىل اهلن ـ ــد واجتم ـ ــع بعلم ـ ــاء احل ـ ــديث ودرس يف إح ـ ــدى‬
‫مدارسهم‪ ،‬وأقام مخسة عشر شهراً‪ ،‬وأخذ العلـم واإلجـازة يف علـم احلـديث عـن أفضـل مـ ْن وجـد‬
‫هنــاك‪ ،‬وهــو الشــيخ عبــدالرمحن بــن عبــدالرحيم املبــاركفوري‪ ،‬وق ـرأ أطراف ـاً مــن الكتــب الســتة علــى‬
‫الشيخ حممد بن حسني حمسن احلديدي األنصاري اليماين‪.‬‬
‫مث توجــه بعــد ذلــك إىل ال ـزبري يف الع ـراق‪ ،‬وأقــام ثــالث ســنني بالبصــرة والتقــى الشــيخ حممــد‬
‫األمني الشنقيطي السلفي وتزوج ابنته(‪.)3‬‬
‫مث ذهــب إىل مصــر وقابــل الشــيخ حممــد رشــيد رضــا‪ ،‬وأخــربه أنــه موجــه إىل اململكــة العربيــة‬
‫الســعودية‪ ،‬فكتــب لــه إىل امللــك عبــدالعزيز ‪ -‬رمحــه اهلل ‪ -‬يقــول‪ ( :‬إن حممــد تقــي الــدين اهلــاليل‬
‫املغريب أفضل من جاءكم من علماء اآلفاق‪ ،‬فأرجو أن تستفيدوا منه)(‪ ،)4‬فأقام يف ضـيافة امللـك‬
‫عبدالعزيز بضعة شهور‪ ،‬مث عني مراقباً للمدرسني يف املسجد النبوي‪.‬‬
‫وبعــدها توجــه إىل اهلنــد بطلــب مــن الشــيخ ســليمان النــدوي‪ ،‬وكــان هدفــه تكملــة الدراســة‬
‫اجلامعية‪ ،‬ولكن مل يتيسر له‪ ،‬وتعلم اللغة اإلجنليزية‪.‬‬
‫ن‬
‫ومـ ـ ْن مثَّ ع ــاد إىل العـ ـراق وأص ــبح مدرسـ ـاً يف مدرس ــة النج ــاة األهلي ــة ال ــيت أسس ــها الش ــيخ‬
‫الشنقيطي‪ .‬ومنها إىل جنيف بسويسرا‪ ،‬ونزل عند األمري اجملاهد شكيب أرسالن‪ ،.‬ومن مثَّ رحل‬
‫إىل أملانيـا‪ ،‬وكتــب لــه األمـري شــكيب إىل أحــد أصــدقائه يف وزارة اخلارجيـة يف بـرلني بأملانيــا يقــول‪:‬‬
‫(‪ ...‬عندي شاب مغريب أديب ما دخل أملانيا مثله‪ ،‬وهو يريـد أن يـدرس يف إحـدى اجلامعـات‪،‬‬

‫(‪ )٢‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪ .٢96‬الدعوة إىل اهلل ص ‪.١8‬‬


‫(‪ )١‬الرتاويح أكثر من ألف عام يف املسجد النبوي ص‪.99‬‬
‫(‪ )3‬لي هو صاحب أضواء البيان‪.‬‬
‫(‪ )4‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪ ،٢98‬من أعالم الدعوة واحلركة اإلسالمية املعاصرة ص‪.49٠‬‬
‫‪22‬‬
‫فعســى أن جتــدوا لــه مكان ـاً لتــدري األدب العــريب براتــب يســتعني بــه علــى دراســته ‪ ،)...‬فجــاء‬
‫اجلواب باملوافقة‪ ،‬وعني حماضرا يف جامعة بون‪ ،‬وشرع يف تعلم اللغة األملانية‪ ،‬وحصل على درجـة‬
‫الــدكتوراه مــن جامعــة ب ـرلني‪ ،‬وكــان عن ـوان أطروحتــه ترمجــة كتــاب اجلمــاهر يف اجل ـواهر إىل اللغــة‬
‫األملانية‪ ،‬مث عاد إىل جامعة بغداد وحصل على درجة أستاذ مساعد حـىت درجـة أسـتاذ(‪ ،)٢‬وكـان‬
‫ســبب أخــذه للشــهادة العامليــة هــو نشــر الــدعوة إىل اهلل‪ ،‬وقــد بــني ذلــك –رمحــه اهلل‪ -‬فقــال‪...(:‬‬
‫وإمنا سافرت إىل أوربا بعد سن األربعـني للحصـول علـى شـهادة جامعيـة متكنـين مـن الـدخول إىل‬
‫اجلامعــات يف الــبالد اآلســيوية واإلفريقيــة‪ ،‬لنشــر الــدعوة بــني املعلمــني واملتعلمــني‪ ،‬ألن اآلســيويني‬
‫واإلفـريقيني غلـوا يف تعظــيم الشــهادات العامليــة وأصــحاهبا حــىت صــارت عنــدهم هــي كــل شــيء‪،‬‬
‫فم ـ ْن حص ــل عليه ــا أص ــبح حديث ــه مقب ــوالً وص ــار يف نظ ــرهم عامل ـاً‪ ،‬ول ــو ك ــان أجه ــل م ــن مح ــار‬
‫أهله)(‪.)١‬‬
‫مث عاد إىل اململكة العربية السعودية بدعوة من مساحة الشيخ عبدالعزيز بن بـاز ‪-‬رمحـه اهلل‪-‬‬
‫ودرس يف اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‪.‬‬
‫ومل يكــن اهل ــاليل – رمح ــه اهلل – كغــريه م ــن العلم ــاء وطــالب العل ــم فم ــع إتقانــه لكث ــري م ــن‬
‫العل ــوم‪ ،‬فق ــد أتق ــن كثـ ـرياً م ــن اللغات‪،‬حي ــث ق ــال‪ ( :‬إن ــين أح ــب اللغ ــات كله ــا فإهن ــا كله ــا م ــن‬
‫اهلل)(‪.)3‬‬

‫(‪ )٢‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪ ،١٠٠-٢94‬من أعالمنا ج‪ ١‬ص‪ ،٢٠١-٢64‬من أعالم الدعوة واحلركة اإلسالمية‬
‫املعاصرة ص‪.49٢‬‬
‫(‪ )١‬الدعوة إىل اهلل ص‪.٢8٢‬‬
‫(‪ )3‬السلفية الوهابيه يف املغرب حممد تقي الدين اهلاليل رائداً‪ ،‬ملخلص السبيت ص‪.48‬‬
‫‪23‬‬
‫فمن اللغات التي أتقنها‪:‬‬
‫اللغــة العربيــة‪ :‬حيــث كانــت هــي لغتــه ولغــة قومــه ونشــأته‪ ،‬فقــد ألــف كتابـاً يف اللغــة عــاجل فيــه‬
‫بعض األخطاء اليت تفاقم أمرها يف هذا الزمان حىت أصبحت مألوفة عند أكثر اخلاصـة‪ ،‬فشـوهت‬
‫وجه اللسان العريب املبني مساه تقومي اللسانني(‪ ،)٢‬قال عنه الشيخ محـاد األنصـاري – رمحـه اهلل ‪:-‬‬
‫(‪)١‬‬
‫( ‪ ..‬وكان إماماً يف اللغة العربية ‪.) ..‬‬
‫اإلنكليزية‪ :‬وقد تعلمها الشيخ اهلاليل يف اهلند(‪ ،)3‬وشارك الدكتور الطبيب حممد حمسن خان‬
‫يف ترمجة القرآن الكرمي‪ ،‬وصحيح البخـاري‪ ،‬واللؤلـؤ واملرجـان(‪ ،)4‬ومـن ذلـك بيانـه حتريـف املرتمجـني‬
‫(‪)5‬‬
‫لألناجيل إىل اللغة العربية مث ترمجته لبعض نصوص إجنيل مىت ولوقا الرتمجة الصحيحة‪.‬‬
‫األملانيــة‪ :‬وقــد تعلمهــا الشــيخ يف ســنة(‪ ،)6‬مث درســها يف الســنة الــيت تليهــا‪ ،‬وقــد تــرجم كتــاب‬
‫(اجلماهر واجلواهر‪ ،‬أليب رحيان البريوين) يف رسـالة دكتـوراة‪ ،‬وكتـاب البلـدان اجلغرافيـة العامليـة حملمـد‬
‫بن الفقيه البغـدادي‪ ،‬وشـاركه يف ترمجتهـا (األسـتاذ بـاول كـايل)‪ ،‬وكتـاب (طيـف اخليـال) حملمـد بـن‬
‫دانيال الكحال‪ ،‬طبيب العيون املوصلي نزيل مصر‪ ،‬أيضاً شاركه فيها األستاذ بـاول(‪ ،)٠‬وكـل هـذه‬
‫الكتب ترمجها من اللغة العربية إىل اللغة األملانية‪.‬‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ -‬األردية‪ :‬وقد تعلمها حال إقامته يف اهلند‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ -‬العربية‪ :‬وقد كان الشيخ يدرسها يف جامعة حممد اخلام ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬بني اهلاليل – رمحه اهلل – أن املراد باللسانني – اللسان والقلم ‪-‬‬
‫(‪ )١‬اجملموع يف ترمجة العالمة احملدث الشيخ محاد بن حممد األنصاري – رمحه اهلل ‪ ،-‬تأليف ومجع عبداألول بن محاد‬
‫األنصاري ج‪ ١‬ص‪.6٢6‬‬
‫(‪ )3‬علماء ومفكرون (‪.)٢98/٢‬‬
‫(‪ )4‬وهذه الرتمجات هلذه ا لكتب قد أقرهتا الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد باململكة‬
‫العربية السعودية وعلى رأسها مساحة شيخ اإلسالم عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز ‪-‬رمحه اهلل‪ .-‬انظر‪ :‬القرآن الكرمي وترمجة‬
‫معانية إىل اللغة اإلجنليزية ص (‪.)i‬‬
‫(‪ )5‬الرباهني اإلجنيلية‪ ،‬للشيخ اهلاليل‪.‬‬
‫(‪ )6‬سبيل الرشاد (‪.)٢5/٢‬‬
‫(‪ )٠‬علماء ومفكرون (‪.)٢98/٢‬‬
‫(‪ )8‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)٢٠١‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬ترمجة كتاب كيف يريب يهود الواليات املتحدة أوالدهم (ص‪.)3١‬‬
‫‪24‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ -‬السريانية‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ -‬الفرنسية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬األسبانية‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫"كما أن له خربة بسائر اللغات الساميَّة‪ ،‬وآداهبا‪ ،‬وتارخيها‪ ،‬واللغة الرببرية"‪.‬‬
‫وكان ينشد ويقول‪:‬‬
‫ـرء يكث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر نفع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وتلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـدائد أع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوان‬ ‫ـات امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫بق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد نر لغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫ـات مس ـ ـ ـ ـ ـ ــارعاً فك ـ ـ ـ ـ ــل لسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان يف احلقيق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نة إنس ـ ـ ـ ـ ــان‬ ‫فب ـ ـ ـ ـ ـ ــادر إىل حف ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـظ اللغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ْ‬
‫وقال أيضاً(‪:)6‬‬
‫لتفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتح مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أغالقنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل أقفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال‬ ‫ـرب والعجـ ـ ـ ـ ـ نم دارسـ ـ ـ ـ ـاً‬ ‫وُكـ ـ ـ ـ ـن للغ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـات الع ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ْ‬
‫وكـ ـ ـ ـ ــم يس ـ ـ ـ ـ ــرت أم ـ ـ ـ ـ ـراً عنـ ـ ـ ـ ــا بع ـ ـ ـ ـ ــد إش ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـكال‬ ‫فكـ ـ ـ ـ ْـم فتحـ ـ ـ ــت باب ـ ـ ـ ـاً مـ ـ ـ ــن اخل ـ ـ ـ ـ نري مغلق ـ ـ ـ ـاً‬
‫وأص ـ ـ ـ ـ ــبح نمـ ـ ـ ـ ـ ـ ْن بع ـ ـ ـ ـ ــد اجلف ـ ـ ـ ـ ــا ج ـ ـ ـ ـ ــد مي ـ ـ ـ ـ ــال‬ ‫وكـ ـ ـ ـ ــم لينـ ـ ـ ـ ــت قلب ـ ـ ـ ـ ـاً وقـ ـ ـ ـ ــد كـ ـ ـ ـ ــان قاسـ ـ ـ ـ ــياً‬
‫ودان بـ ـ ـ ـ ـ ــدي نن احلـ ـ ـ ـ ـ ــق مـ ـ ـ ـ ـ ــن بعـ ـ ـ ـ ـ ـ نـد تضـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫وك ـ ـ ـ ـ ــم أوض ـ ـ ـ ـ ــحت حق ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ف ـ ـ ـ ـ ــآمن ك ـ ـ ـ ـ ــافر‬
‫ـكان مص ـ ـ ـ ـ ـ ــر يف اجتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع وأح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو نال‬ ‫كس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬ ‫ـاس كله ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫وذا زمـ ـ ـ ـ ــن أض ـ ـ ـ ـ ــحى ل ـ ـ ـ ـ ــه الن ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأعرج ميش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يف قي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود وأغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫ومـ ـ ـ ـ ْن ك ـ ـ ــان ال ي ـ ـ ــدري س ـ ـ ــوى لغ ـ ـ ــة غ ـ ـ ــدا‬
‫كـ ـ ـ ــذلك قـ ـ ـ ــال النـ ـ ـ ــاس(‪)٠‬مـ ـ ـ ــن قبـ ـ ـ ــل أجيـ ـ ـ ــال‬ ‫ـأمن مك ـ ـ ـ ـ ـ ــرهم‬ ‫ن‬
‫وداري لس ـ ـ ـ ـ ـ ــان الق ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫(‪ )٢‬مقال بعنوان‪( :‬من أعالم السلفيني خامتة شاهد قرن)‪ ،‬جمللة صوت األمة‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬العدد الثاين شعبان ‪٢4٠8‬هـ‪،‬‬
‫إبريل ‪٢988‬م (ص‪.)54-45‬‬
‫(‪ )١‬مقال بعنوان‪ ( :‬العالمة حممد تقي الدين اهلاليل املراكشي‪ ،‬لتلميذه سعيد األعظمي الندوي‪ ،‬اجمللد الثاين والثالثون‪،‬‬
‫العدد السادس‪ ،‬ربيع األول (‪٢4٠8‬هـ‪-‬أكتوبر ونوفمرب ‪٢98٠‬م)‪.‬‬
‫(‪ )3‬اجملموع يف ترمجة الشيخ محاد األنصاري (‪.)593/١‬‬
‫(‪ )4‬مقال بعنوان أهل احلديث‪ ،‬ترمجة للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل (ص‪ ،)٢4-٢3‬بقلم تلميذه عبد احلميد بن عبد‬
‫اجلبار الرمحاين‪ ،‬نشرة يف جملة (صوت اجلامعة) السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬شعبان ‪٢39٢‬هـ‪ ،‬أكتوبر ‪٢9٠٢‬م‪ .‬اجلامعة‬
‫السلفية ببنارس اهلندية‪.‬‬
‫(‪ )5‬مقال بعنوان‪( :‬من أعالم السلفيني خامتة شاهد قرن)‪ ،‬جمللة صوت األمة‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬العدد الثاين شعبان ‪٢4٠8‬هـ‪،‬‬
‫إبريل ‪٢988‬م (ص‪.)54-45‬‬
‫(‪ )6‬ديوان (منحة الكبري املتعايل) للشيخ اهلاليل (ص‪ )٢59‬برتقيم الشيخ وهو ال يزال خمطوطاً‪.‬‬
‫(‪ )٠‬يشري الشيخ هنا إىل قول الناس‪( :‬من تعلم لغة قوم أمن مكرهم)‪ ،‬وهو لي حبديث‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬شيوخه وتالميذه‪.‬‬

‫لقـد تتلمـذ الشـيخ اهلــاليل علـى جمموعـة مـن علمــاء زمانـه وهـم مـن أقطــار خمتلفـة‪ ،‬تنقـل بــني‬
‫الشرق والغرب للعلم وطلبـه‪ ،‬وسـأذكرهم برتتيـب طلبـه علـيهم‪ ،‬مـع ذكـر بلـداهنم‪ ،‬والـزمن التقـرييب‬
‫الذي تتلمذ فيه عليهم(‪ )٢‬فمن أهم مشاخيه‪:‬‬
‫‪ )٢‬والــده وجــده‪ ،‬فلقــد ق ـرأ عليهمــا القــرآن وحفظــه عــن ظهــر قلــب وهــو ابــن اثنــيت عشــرة‬
‫سنة(‪ ،)١‬وقد كانـا مـن أهـل الصـالح كمـا مـر ذكـره يف نشـأته‪ ،‬ومل يـنص الشـيخ علـى وفـاة جـده‪،‬‬
‫ولكنَّــهُ أملــح علــى وفــاة أبيــه فقــد تــويف يف األربعــني مــن عمــره‪ ،‬وكــان عمــر الشــيخ حينــذاك مخ ـ‬
‫(‪)3‬‬
‫عشرة سنة‪ ،‬فيكون وفاته يف عام ست وعشرين وثالمثائة وألف من اهلجرة تقريباً‪.‬‬
‫‪ )١‬الشــيخ أمحــد الصــاحل‪ ،‬وهــو مــتقن وقتــه يف التجويــد‪ ،‬وكــان يســكن يف تافياللــت‪ ،‬درس‬
‫(‪)4‬‬
‫عليه الشيخ علم التجويد‪ ،‬وأتقن عليه حفظه للقرآن‪.‬‬
‫‪ )3‬الشــيخ حممــد ســيدي بــن حبيــب اهلل (التنــدغي) الشــنقيطي ‪-‬رمحــه اهلل‪ :-‬بقــي معــه يف‬
‫بادية املغرب سنتني‪ ،‬مث انتقل مبدرسـته إىل مدينتـه املشـربة فبقـي معـه مخـ سـنني أخـرى(‪ ،)5‬وقـرأ‬
‫عليــه عبــادات خليــل يف الفقــه‪ ،‬ومــن علــم النحــو درس األجرومي ـة‪ ،‬وملحــة اإلع ـراب‪ ،‬وألفيــة بــن‬
‫مالك(‪.)6‬‬

‫(‪ )٢‬جهود العالمة حممد تقي الدين اهلاليل احلسيين ‪-‬رمحه اهلل‪٢3٢٢(-‬هـ‪٢4٠٠-‬هـ) يف تقرير عقيدة السلف والرد على‬
‫املخالفني رسالة ماجستري لألخ عبد الرمحن بن حممد عميسان‪ ،‬باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة كلية الدعوة وأصول‬
‫الدين‪ ،‬وقد استفدت من جهوده يف احلصر والرتتيب وااللتزام‪.‬‬
‫(‪ )١‬علماء ومفكرون (‪.)٢95/٢‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السابق (‪.)٢94/٢‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬
‫(‪ )5‬املصدر السابق (‪.)٢95/٢‬‬
‫(‪ )6‬املصدر السابق (‪.)95/4‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ )4‬الشــيخ العالمــة حممــد بــن العــريب العلــوي(‪ .)٢‬حضــر لــه الشــيخ يف جــامع القــرويني بعــض‬
‫دروسه عام أربعني وثالمثائة وألف من اهلجرة يف وجدة(‪ ،)١‬واهتـدى الشـيخ علـى يـده بعـد هدايـة‬
‫(‪)3‬‬
‫اهلل تعاىل له‪.‬‬
‫‪ )5‬العامل األديب الشاعر أمحد سكريج‪ ،‬درس عليه يف جامع القرويني بوجدة‪ ،‬عام أربعني‬
‫(‪)4‬‬
‫وثالمثائة وألف من اهلجرة أيضاً‪.‬‬
‫‪ )6‬الشيخ العالمة حممد بن حمسن (احلديدي) األنصاري اليمين‪ ،‬درس عليه أطرافاً من‬
‫الكتب الستة يف سفرته إىل اهلند وزيارته ملدينة (لكنو(‪ ))5‬وأخذ عنه اإلجازة يف مجيع مروياته‬
‫عن أبيه عن آل األهدل(‪ ،)6‬مث رجع إليه وأقام عنده عشرين يوماً يف مدينة (هبوبال(‪ )8())٠‬وقرأ‬
‫عليه أيضاً‪.‬‬
‫‪ )٠‬الشيخ العالمة ن‬
‫احملدث عبد الرمحن بن عبد الرحيم (املبارك فوري)‪ ،‬ويف مدينة (مبارك‬
‫فور(‪ ) )9‬أقام عنده مدة يسرية قرأ فيها أطرافاً من الكتب الستة وثالثيات البخاري(‪ )٢٠‬وعارض‬

‫(‪ )٢‬الشيخ العالمة أبو مصطفى حممد بن العريب املدغري الفاليل احلسين العلوي اهلامشي القريشي‪ ،‬ولد ‪-‬رمحه اهلل‪-‬‬
‫عام‪٢3٠١‬هـ و تويف رمحه اهلل سنة ‪ ٢384‬ه؛ موسوعة أعالم املغرب حملمد حجي استاذ التاريخ جبامعة حممد اخلام‬
‫سابقا (ج ‪ -9‬ص ‪.)3383‬‬
‫(‪ )١‬مدينة وجده ‪ :‬تقع يف أقصى شرق اململكة على احلدود املغربية اجلزائرية‪ ،‬وهي عاصمة اجلهة الشرقية‪ ، ،‬وتبعد‬
‫‪ 6٠‬كلم عن ساحل البحر األبيض املتوسط‪ ،.‬انظر معجم البلدان (ج‪ /١‬ص‪ ) ٢٢١‬باب اجليم والدال وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )3‬السراج املنري يف تنبيه مجاعة التبليغ على أخطائهم؛ حممد تقي الدين اهلاليل (ص‪.)38‬‬
‫(‪ )4‬الطريق إىل اهلل حملمد تقي الدين اهلاليل ص‪.8‬‬
‫(‪ )5‬لكنو هي منطقة تارخيية كانت تعرف يف السابق باسم "أوده"‪ ،‬وهي اليوم مدينة متعددة الثقافات‪ .‬تلقب بـ "مدينة‬
‫النواب" نسبة للنواب املسلمني الذين حكموا اهلند يف املاضي‪ .‬تعترب مركزاً لألدب اهلندي واألردي أيضاً‪ .‬لكنو هي ثاين‬
‫أكرب مدينة يف الوالية بعد كانبور‪.‬‬
‫(‪ )6‬وهم‪ :‬حسن بن عبد الباري األهدل‪ ،‬عن عبد الرمحن بن سليمان بن حيي بن عمر بن مقبول األهدل عن والده‬
‫العالمة سليمان بن حيي األهدل‪...‬وباقي السند مكتوب يف "إحتاف األكابر بإسناد الدفاتر" للشوكاين (ص‪.)٢6٠‬‬
‫(‪ )٠‬هبوبال مدينة قدمية يف اهلند الدعوة إىل اهلل (ص‪.)٢83‬‬
‫(‪ )8‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)٢84-٢83‬‬
‫(‪ )9‬مبارك فور مدينة هندية‪ .‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)٢84‬‬
‫(‪ )٢٠‬احلديث الثالثي‪ :‬ما كان بني املخرج للحديث وبني النيب ‪ ‬ثالثة رواة‪،‬صحايب‪ ،‬وتابعي‪ ،‬وتابع تابعي‪ ،‬وحينئذ‬
‫جتتمع يف اإلسناد من أفراد الثالثة قرون املفضلة يف االخبار الواردة عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬؛ نفثات صدر=‬
‫‪27‬‬
‫معه مواضع من كتابه القيم (حتفة األحوذي) يف شرح جامع الرتمذي(‪( .)٢‬تتلمذ عليه الشيخ‬
‫يف اهلند من عام إحدى وأربعني وثالمثائة وألف من اهلجرة‪-‬اثنان وأربعني وثالمثائة والف من‬
‫(‪)١‬‬
‫اهلجرة)‪.‬‬
‫‪ )8‬الشيخ العالمة حممد أمني الشنقيطي نزيل (الزبري) العراق‪ ،‬وأفاد منه علماً ورمحاً فقد‬
‫تزوج ابنته(‪ ،)3‬وكان ذلك يف عام ثالث وأربعني وثالمثائة وألف من اهلجرة ‪" ،‬وانتفع كثرياً من‬
‫(‪)4‬‬
‫جمالسته ومذاكرته"‪.‬‬
‫‪ )9‬الشيخ العالمة حممد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ(‪ .)5‬عامل جند أفاد منه‬
‫(‪)6‬‬
‫التوحيد والعقائد‪.‬‬
‫وأما من أفاد من جمالستهم ومذاكرهتم‪ ،‬فهم كثر من أمثال املشايخ‪ :‬حممد رشيد رضا‪،‬‬
‫وغريه من القسم العايل لألزهر(‪ ،)٠‬والشيخ حممد نصيف(‪ )8‬يف احلجاز‪ ،‬والسيد سليمان‬

‫=املكمد وقرة عني األرمد لشرح ثالثيات مسند اإلمام أمحد ‪ -‬حملمد بن أمحد بن سامل السفاريين احلنبلي حتقيق عبد القادر‬
‫األرناؤوط (ج‪ -٢‬ص‪.) 3١‬‬
‫(‪ )٢‬املصدر السابق (ص‪.)٢٠٠‬‬
‫(‪ )١‬مقال بعنوان أهل احلديث‪ ،‬ترمجة للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل (ص‪ ،)٢4-٢3‬بقلم تلميذه عبد احلميد بن عبد‬
‫اجلبار الرمحاين‪ ،‬نشرة يف جملة (صوت اجلامعة) السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬شعبان ‪٢39٢‬هـ‪ ،‬أكتوبر ‪٢9٠٢‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)١43‬‬
‫(‪ )4‬ترمجة الشيخ اهلاليل لتلميذه عمر بن حممد حمسن إمام وخطيب جامع امللك عبد العزيز الدار البيضاء‪ .‬سبيل الرشاد‬
‫(‪.)٢5/٢‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬العالمة شيخ اإلسالم يف زمانه‪ ،‬واملفيت العام للمملكة العربية السعودية‪ ،‬ورئي القضاة فيها‪ ،‬والفقيه احلنبلي‬
‫والنحوي الكبري‪ ،‬ولد يف الرياض يف ‪ ،٢٠‬حمرم ‪٢3٢٢‬هـ‪ ،‬حفظ القرآن يف سن مبكرة يف احلادية عشر من عمره‪ ،‬مث أضر‬
‫يف السادسة عشر من عمره‪ ،‬مث تتلمذ على كبار علماء وقته منهم‪ :‬عمه عبد اهلل بن عبد اللطيف عالمة جند‪ ،‬و العالمة‬
‫سعد بن عتيق‪ ،‬وغريمها‪ ،‬ومن تالميذه العالمة شيخ اإلسالم عبد العزيز بن باز‪ ،‬والشيخ عبد اهلل بن حممد القرعاوي‪،‬‬
‫وغريمها‪ ،‬تويف يف ‪٢389‬هـ‪ .‬علماء ومفكرون عرفتهم (‪.)١4٠/١‬‬
‫(‪ )6‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)١٢١‬‬
‫(‪ )٠‬علماء ومفكرون (‪.)٢96/٢( ،)١٠٢/٢‬‬
‫(‪ )8‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)٢٠٠‬‬
‫‪28‬‬
‫الندوي(‪ )٢‬وغريه يف اهلند(‪ ،)١‬ومنهم األمري شكيب أرسالن كان بينهما مراسلة ومكاتبة‬
‫(‪)4‬‬
‫وإفادة(‪ ،)3‬ومنهم أيضاً‪ :‬عمر بن حسن آل الشيخ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫العالمة عبد اهلل كنون‪.‬‬
‫(‪)٠( )6‬‬
‫اإلمام العالمة عبد العزيز بن باز‪.‬‬
‫(‪)8‬‬
‫الشيخ حممد ناصر الدين األلباين‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫الشيخ عبد الصمد الكاتب‪.‬‬

‫(‪ )٢‬املصدر السابق (ص‪.)٢8٢‬‬


‫(‪ )١‬املصدر السابق (ص‪.)٢8٢‬‬
‫(‪ )3‬علماء ومفكرون (‪.)٢98/٢‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬العامل الورع الزاهد‪ ،‬عمر بن حسن بن حسني بن علي بن حسني ابن شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب‪- ،‬‬
‫وهذه سلسلة الذهب‪ -‬ولد يف الرياض يف بيت علم وإميان‪ ،‬عام تسعة عشر وثالمثائة وألف هجرية‪ ،‬قرأ على العالمة عبد‬
‫اهلل بن عبد اللطيف آل الشيخ‪ ،‬والعالمة سعد بن عتيق‪ ،‬ومحد بن فارس‪ ،‬ويل رئاسة هيئة األمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر بنجد واملنطقة الشرقية عام ‪٢345‬هـ‪ ،‬واستمر يف هذا املنصب حىت وفاته ليلة األحد الثالث والعشرين من شهر‬
‫رمضان عام مخسة وتسعني وثالمثائة وألف عن ستة وسبعني عاماً‪ .‬علماء جند‪ ،‬للبسام (‪.)3٢٠/5‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬العامل بالدين وباللغة واألدب والشعر‪ ،‬ولد يف فاس‪ ،‬وهاجر مع والده إىل طنجة‪ ،‬وفيها حفظ القرآن‪ ،‬وأس‬
‫املعهد اإلسالمي بطنجة عام ‪٢945‬م ألف العديد من املؤلفات‪ ،‬وال يزال حياً حبسب علمي‪ .‬ذيل األعالم‪ ،‬ألمحد‬
‫العالونة (ص‪.)٢3١‬‬
‫(‪ )6‬اإلمام العالمة الفقيه احملدث‪ ،‬ولد سنة ‪٢33٠‬هـ‪ ،‬كان رئيساً للجامعة اإلسالمية مث لإلفتاء وتويف عنها سنة ‪٢4١٠‬هـ‬
‫يف الطائف ودفن مبكة‪ ،‬وقد وصفه الشيخ عبد احملسن العبَّاد البدر‪-‬حفظه اهلل‪-‬بـ (شيخ اإلسالم)‪ ،‬و(بقية السلف)‪ ،‬تويف‬
‫سنة ‪٢4١٠‬هـ [ الشيخ عبد العزيز بن باز‪-‬رمحه اهلل‪ -‬منوذج من الرعيل األول‪ ،‬للشيخ عبد احملسن العباد ] وهي حماضرة‬
‫ألقيت يف اجلامعة اإلسالمية‪.‬‬
‫(‪ )٠‬اهلدية اهلادية (ص‪.)6‬‬
‫(‪ )8‬هو‪ :‬العامل احملدث إمام علم احلديث يف زمانه‪ ،‬ولد ‪٢33١‬هـ‪ ،‬يف مدينة ((أشقودرة)) يف ألبانيا مث انتقل إىل دمشق‬
‫واململكة السعودية حىت انتهى باألردن وتويف فيها سنة ‪٢4١٠‬هـ‪[ .‬وانظر‪:‬علماء ومفكرون عرفتهم ص ‪.]١8٠‬‬
‫(‪ )9‬هو‪ :‬الشيخ العامل الفاضل الفرضي أبو منري عبد الصمد بن حممد الكاتب‪ ،‬عامل من علماء املدينة‪ ،‬من أصل هندي‪،‬‬
‫له كتاب الفرائض يُدرس يف املعهد الثانوي باجلامعة اإلسالمية‪ ،‬ولد عام ‪٢349‬هـ‪ ،‬خترج يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫سنة ‪٢3٠8‬هـ‪ ،‬د َّرس يف نعدة معاهد يف اجملمعة‪ ،‬وسامطة‪ ،‬وباجلرشي‪ ،‬وانتهى باجلامعة اإلسالمية باملدينة النبوية باملعهد‬
‫الثانوي فيها‪ ،‬تويف ليلة األحد املوافق ‪٢43٢ /٠ /٢4‬هـ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫وقـد سـئل الشـيخ اهلـاليل عـن الرجـال األكثـر تـأثرياً يف حياتـه؟ فقـال‪ " :‬أوهلـم رســول اهلل ‪‬‬
‫إن صحت الرؤيا وأظنها إن شاء اهلل صـحيحة‪ ،‬والثـاين حممـد سـيدي بـن حبيـب اهلل الشـنقيطي‪،‬‬
‫والثالــث حممــد بــن العــريب العلــوي‪ ،‬والرابــع الشــيخ الفــاطمي الش ـريادي‪ ،‬واخلــام الشــيخ حممــد‬
‫(‪)٢‬‬
‫رشيد رضا‪ ،‬والسادس الشيخ عبدالرمحن بن عبدالرحيم املبارك فوري مؤلف حتفة األحوذي"‪.‬‬

‫وذكر الشيخ اهلاليل أن له مشائخ أضرب عن ذكرهم ملا يـرى مـن شـيء يف عقيـدهتم حيـث‬
‫قال‪ ( :‬ويل شيوخ آخرون أضربت عن ذكرهم صفحاً‪ ،‬ألن عقيدهتم مل تكـن مرضـية وال أرتضـي‬
‫مــن الشــيوخ املغاربــة مــن حيــث العقيــدة إال مــا ذكــرت " يقصــد الشــيخ حممــد بــن العــريب العلــوي‬
‫(‪)١‬‬
‫والشيخ الفاطمي الشريادي‪."..‬‬

‫تالميذه‪:‬‬

‫ال شك أن هناك خلقاً كثرياً قد تتلمذ على هذا اإلمام وحصرهم من الصعوبة مبكان ولكن‬
‫من أشهر هؤالء األعالم أذكر منهم ما يلي(‪:)3‬‬

‫‪ -‬الشيخ العالمة عبد اهلل اخليـاط‪-‬رمحـه اهلل‪ ،)4(-‬وقـد درس عليـه صـحيح البخـاري ومسـلم‬
‫(‪)5‬‬
‫وعديداً من كتب السنة‪ ،‬ويف علوم اللغة ملحة اإلعراب للقاسم بن علي احلريري البصري‪.‬‬

‫(‪ )٢‬علماء ومفكرون عرفتهم ج‪ ٢‬ص‪.١٠٢‬‬


‫(‪ )١‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪ ،٢96‬من أعالمنا ج‪ ١‬ص‪.٢66‬‬
‫(‪ )3‬جهود العالمة حممد تقي الدين اهلاليل احلسيين ‪-‬رمحه اهلل‪٢3٢٢(-‬هـ‪٢4٠٠-‬هـ) يف تقرير عقيدة السلف والرد على‬
‫املخالفني‪ ،‬استفدت من جهوده يف حصر بعض طالب الشيخ‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬أبو عبد الرمحن‪ :‬عبد اهلل بن عبد الغين بن حممد خياط‪ ،‬ولد يف مكة‪ ،‬درس على علماء املسجد احلرام منهم‬
‫العالمة عبد الظاهر أبو السمح‪ ،‬والشيخ أبو بكر خوقري‪ ،‬واحملدث مظهر حسني‪ ،‬والشيخ هبجت البيطار‪ ،‬والعالمة حممد‬
‫تقي الدين اهلاليل‪ ،‬صدر تعينه إماماً يف املسجد احلرام عام ‪٢346‬هـ‪ ،‬مث عني عضواً يف هيئة األمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر‪ ،‬مث مديراً للمدرسة الفيصلية‪ ،‬مث مدرسة األمراء بالرياض‪ ،‬ألف املؤلفات الكثرية‪ ،‬تويف يف مكة صباح يوم األحد‬
‫السابع من شهر شعبان عام ‪٢4٢5‬هـ‪ .‬حملات من املاضي (ص‪ ،)٢٠-٢3‬وانظر‪ :‬ذيل األعالم (ص‪.)٢3١‬‬
‫(‪ )5‬حملات من املاضي‪ ،‬للعالمة عبد اهلل عبد الغين خياط (ص‪.)333‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ -‬الش ـ ـ ـ ــيخ العالمـ ـ ـ ـ ــة حم ـ ـ ـ ــدث املدينـ ـ ـ ـ ــة النبويـ ـ ـ ـ ــة مح ـ ـ ـ ــاد بـ ـ ـ ـ ــن حمم ـ ـ ـ ــد األنصـ ـ ـ ـ ــاري‪-‬رمحـ ـ ـ ـ ــه‬
‫(‪)١‬‬
‫اهلل‪ ،)٢(-‬وكان الشيخ اهلاليل يوصي طلبته به‪.‬‬
‫وقـ ـ ـ ـ ــد ذكـ ـ ـ ـ ــر تلميـ ـ ـ ـ ــذ الش ـ ـ ـ ـ ــيخ اهلـ ـ ـ ـ ــاليل أبـ ـ ـ ـ ــو ي ـ ـ ـ ـ ــون إب ـ ـ ـ ـ ـراهيم املكناسـ ـ ـ ـ ــي أن الش ـ ـ ـ ـ ــيخ‬
‫مح ـ ـ ـ ــاداً مل ـ ـ ـ ــا زار املغ ـ ـ ـ ــرب ق ـ ـ ـ ــال‪ " :‬أن ـ ـ ـ ــتم ‪-‬خياطبن ـ ـ ـ ــا‪ -‬م ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ــرفتم قيم ـ ـ ـ ــة الش ـ ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ـ ــاليل‪،‬‬
‫ـت عن ـ ـ ـ ــده ح ـ ـ ـ ــىت مي ـ ـ ـ ــوت أو‬ ‫وق ـ ـ ـ ــال‪ :‬واهلل ل ـ ـ ـ ــو ك ـ ـ ـ ـان عن ـ ـ ـ ــدي وق ـ ـ ـ ــت‪ ،‬ومس ـ ـ ـ ــح الزم ـ ـ ـ ــان‪ ،‬ملكث ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫أموت"‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬الشيخ زهري الشاويش‪.‬‬
‫‪ -‬الش ـ ـ ـ ـ ــيخ احمل ـ ـ ـ ـ ــدث عب ـ ـ ـ ـ ــد احلمي ـ ـ ـ ـ ــد ب ـ ـ ـ ـ ــن عب ـ ـ ـ ـ ــد اجلب ـ ـ ـ ـ ــار الرمح ـ ـ ـ ـ ــاين‪ ،‬رح ـ ـ ـ ـ ــل إلي ـ ـ ـ ـ ــه إىل‬
‫(‪)5‬‬
‫مكناس واستقى من علوم الشيخ اهلاليل‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ -‬الشيخ الدكتور يوسف بن حممد الدخيل‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ -‬الشيخ الدكتور حممد ضياء الرمحن األعظمي‪.‬‬

‫(‪ )٢‬العامل السلفي الفذ حمدث املدينة النبوية‪ ،‬صاحب الذاكرة واحلفظ الفريد‪ ،‬ولد مبايل من بالد أفريقيا سنة ‪٢344‬هـ‪،‬‬
‫مث انتقل إىل اململكة السعودية بعد عمر العشرين‪ ،‬وبقي يف املدينة النبوية حىت تويف فيها سنة ‪٢4٢8‬هـ‪( .‬اجملموع يف ترمجة‬
‫العالمة محاد األنصاري‪ ،‬لولده عبد األول‪-‬وفقه اهلل‪.)-‬‬
‫(‪ )١‬اجملموع يف ترمجة العالمة احملدث الشيخ محاد األنصاري‪ ،‬لعبد األول األنصاري (‪.)855/١( ،)6٢٠/١( ،)٢٢/٢‬‬
‫(‪ )3‬لقاء يف بيت الشيخ إبراهيم برياز أحد تالميذ الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل‬
‫(‪ )4‬وهو‪ :‬حممد بن زهري بن مصطفى الشاويش احلسيين‪ ،‬ولد يف حي امليدان بدمشق سنة ‪٢344‬هـ‪ ،‬درس على كثريين‬
‫منهم‪ :‬حممد هبجة البيطار‪ ،‬سعدي ياسني الصباغ‪ ،‬وحممد ناصر الدين األلباين‪ ،‬وغريهم كثري‪ ،‬له مشاركة يف كثري من‬
‫الفنون‪ ،‬وهو مؤس املكتب اإلسالمي‪ .‬انظر‪ :‬فتح اجلليل (ص‪.)36١‬‬
‫(‪ )5‬مقال بعنوان أهل احلديث‪ ،‬ترمجة للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل (ص‪ ،)٢4-٢3‬بقلم تلميذه عبد احلميد بن عبد‬
‫اجلبار الرمحاين‪ ،‬نشرة يف جملة (صوت اجلامعة) السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬شعبان ‪٢39٢‬هـ‪ ،‬أكتوبر ‪٢9٠٢‬م‪.‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬الشيخ الفاضل الدكتور يوسف بن حممد الدخيل‪ ،‬املدرس يف اجلامعة اإلسالمية‪ ،‬كلية احلديث الشريف‪،‬‬
‫صاحب حتقيق كتاب األسامي والكل للحاكم الكبري‪ ،‬وكتاب سؤاالت الرتمذي للبخاري‪ ،‬من أبرز مشاخيه الشيخ محاد‬
‫األنصاري وقد تأثر به تأثراً بالغاً؛ ذكر ذلك األخ عبدالرمحن عميسان يف أطروحة املاجستري اليت عنون هلا جبهود العالمة‬
‫حممد تقي الدين اهلاليل احلسيين‪.‬‬
‫(‪ )٠‬الدكتور باجلامعة اإلسالمية‪ ،‬كلية احلديث الشريف (سابقاً)‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ -‬الشيخ الرحالة حممد ناصر العبودي‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ -‬الشيخ الدكتور حممد بن حممد بن عمر الدرعاوي‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬الشيخ عبد الكبري البكري‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬تلميذه وصاحبه أبو هالل الويف للشيخ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -‬تلميذه وحبيبه عبد الغين بوزكري‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ -‬الشيخ وصي اهلل عباس‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ -‬الشيخ حممد بن األمني أبو خبزه احلسين التطواين‪.‬‬
‫(‪)9()8‬‬
‫‪ -‬الشيخ أبو احلسن علي الندوي‪.‬‬

‫الرحالة املعروف‪ ،‬ولد الشيخ يف شوال سنة ‪٢345‬هـ‪ ،‬يف مدينة بريدة‪ ،‬وهي إحدى حواضر القصيم‪ ،‬ويف‬ ‫(‪ )٢‬وهو‪َّ :‬‬
‫بريدة تلقى دراسته يف معهد بريدة العلمي عن طريق االنتساب سنة ‪٢3٠٠‬هـ‪ ،‬ولقد مارس أعماالً كثرية من أمهها أن كان‬
‫أمني اجلامعة ا إلسالمية مث صار وكيلها‪ ،‬وكذلك منصب األمني العام املساعد لرابطة العامل اإلسالمي وقد تواله منذ عام‬
‫‪٢4٠4‬هـ‪ ،‬وال يزال فيه حىت اآلن وفقه اهلل‪ .‬علماء ومفكرون عرفتهم (‪.)33٢/١‬‬
‫(‪)١‬أستاذ التعليم العايل جبامعة املوىل إمساعيل مبكناس ‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬صهر الشيخ اهلاليل وقد تتلمذ عليه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أبو هالل يسكن يف مكة شرفها اهلل وهو صاحب وتلميذ الشيخ اهلاليل‪.‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬التلميذ البار بالشيخ (أبو نوفل) كناه الشيخ اهلاليل من صغره‪ ،‬ابن ربيبة الشيخ اهلاليل‪ ،‬ترىب يف نحجر الشيخ‪،‬‬
‫كان الشيخ حيبه‪ ،‬ويدعو له دائماً‪ .‬وهو أخ فاضل ساعدين كثرياً وقد أرسل يل أغلب مؤلفات الشيخ فجزاه اهلل خريا‪،‬‬
‫وأسأل اهلل أن جيعله مباركاً أينما كان‪.‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬الدكتور العامل وصي اهلل عباس املدرس يف املسجد احلرام‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬كلية أصول الدين‪.‬‬
‫(‪ )٠‬هو‪ :‬الشيخ العالمة حممد بن األمني أبو خبزة احلسيين املغريب التطواين‪ ،‬ولد مبدينة تطوان يوم السبت ‪ ١6‬من ربيع‬
‫األول عام ‪٢35٢‬هـ‪ ،‬وهو ممن تتلمذ على الشيخ اهلاليل‪ ،‬وعرف عقيدة السلف مث تأثر بالشيخ األلباين كثرياً‪.‬‬
‫(‪ )8‬هو‪ :‬األديب املعروف أبو احلسن علي احلسين الندوي‪ ،‬ولد يف السادس من حمرم احلرام سنة ‪٢333‬هـ‪ ،‬يف قرية (تكة‬
‫كالن) مبديرية (رائي بريلي) لوالية (اترابرديش) درس يف دار ندوة العلماء ونبغ فيها رحل إىل بلدان كثرية والتقى بكثري من‬
‫العلماء تويف يف ‪ ١١‬رمضان من عام ‪٢4١٠‬هـ‪ .‬أبو احلسن علي احلسيين الندوي‪ ،‬حملمد اجتباء الندوي (ص‪.)١3‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)١4٢‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ -‬الشيخ مسعود عامل الندوي وهو‪( :‬من أفضل تالمذة الشيخ يف اهلند وأثل الشيخ‬
‫(‪)١()٢‬‬
‫اهلاليل عليه كثرياً وعلى عقيدته)‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬الشيخ شري حممد الندوي‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬الشيخ حممد ناظم الندوي‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -‬الدكتور حممد حمسن خان‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ -‬الشيخ رضا اهلل بن حممد املبارك فوري‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ -‬الشيخ عمر بن حممد حمسن‪.‬‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ -‬الشيخ صاحل بن سعد السحيمي‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫الشيخ حممد اجملذوب‪.‬‬
‫(‪)٢٠‬‬
‫الشيخ عبد العليم البستوي‪.‬‬
‫(‪)٢٢‬‬
‫الشيخ حممد بن سالم املوسوي‪.‬‬

‫(‪ )٢‬هو‪ :‬مسعود عامل الندوي‪ ،‬العامل الداعية اهلندي‪ ،‬ولد يف سنة ‪٢3١8‬هـ‪ ،‬درس القرآن وعلوم اللغة‪ ،‬مث التحق بدار‬
‫ندوة العلماء وخترج منها مث د َّرس فيها‪ ،‬وله مؤلفات عديدة من أبرزها‪ :‬حممد عبد الوهاب مصلح مظلوم مفرتى عليه‪،‬‬
‫وشهور يف جزيرة العرب‪ ،‬وكان مديراً جمللة الضياء‪ ،‬تويف عام ( ‪٢3٠3‬هـ)‪ .‬األعالم‪ ،‬للزركلي (‪.)١١٢/٠‬‬
‫(‪ )١‬الدعوة إىل اهلل (ص‪ ،)١4٢‬علماء ومفكرون (‪ ،)١٢١/٢‬شهور يف ديار العرب‪ ،‬ملسعود الندوي (‪(،)٢3‬ص‪.)٢١9‬‬

‫(‪ )3‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)١4٢‬‬


‫(‪ )4‬املصدر السابق (ص‪.)١4٢‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬الدكتور يف مستوصف اجلامعة اإلسالمية سابقاً مرتجم القرآن الكرمي وصحيح البخاري هو والشيخ اهلاليل‪.‬‬
‫(‪ )6‬سبيل الرشاد (‪ .)١68/6‬وهو حفيد العالمة املبارك فوري‪.‬‬
‫(‪ )٠‬سبيل الرشاد (‪.)٢8/٢‬‬
‫(‪ )8‬هو‪ :‬الشيخ صاحل بن سعد السحيمي‪ ،‬عضو هيئة التدري باجلامعة اإلسالمية ورئي قسم العقيدة سابقاً‪ ،‬له‬
‫مؤلفات يف العقيدة وكذلك يف احلذر من البدع والوقوع فيها‪.‬‬
‫(‪ )9‬علماء ومفكرون (‪.)٢94/٢‬‬
‫(‪ )٢٠‬هو‪ :‬الشيخ عبد العليم البستوي‪ ،‬خترج من اجلامعة اإلسالمية‪ ،‬ويعمل اآلن يف رابطة العامل اإلسالمي‪ ،‬وانظر كتاب‪:‬‬
‫حممد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفرتى عليه‪ ،‬ملسعود الندوي‪ ،‬ترمجة الشيخ عبد العليم البستوي (ص‪.)5‬‬
‫(‪ )٢٢‬انظر‪ :‬كتاب مفتاح التفقه األصيل يف شرح خمتصر هدى اجلليل (ص‪.)4‬‬
‫‪33‬‬
‫الشيخ أمحد بن حممد احلمزي(‪.)٢‬‬
‫كاتب أشعاره" (‪.)١‬‬
‫الشيخ أمحد هارون‪" .‬وقد وصفه الشيخ بأنه ُ‬

‫(‪ )٢‬املصدر السابق نفسة‪.‬‬


‫(‪ )١‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)6١‬‬
‫‪34‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‪.‬‬
‫عقيدته‪:‬‬
‫كان اهلاليل ـ ـ رمحه اهلل ـ ـ مـن أهـل السـنة واجلماعـة فهـو مـن أهلهـا داعيـا إىل عقيـدة السـلف‬
‫الصاحل وذلك بالتمسك بالكتاب والسنة قـال عنـه الشـيخ محـاد األنصـاري ـ ـ رمحـه اهلل ـ ـ ‪ ":‬وكـان‬
‫ســلفي العقيــدة‪ ،‬لــو ق ـرأت كتابــه يف التوحيــد(‪ )٢‬لعلمــت أنــه ال يعــرف التوحيــد الــذي يف القــرآن‬
‫(‪)١‬‬
‫مثله‪."..‬‬
‫وال شــك يف ذلــك‪ ،‬فهــا هــو اهلــاليل خيربنــا عــن نفســه قــائالً‪" :‬فــإين نــذرت هلل أن أدعــو إىل‬
‫(‪)3‬‬
‫توحيده وسنة نبيه ‪ ‬حيثما كنت وهذا هو أهم غرض يل يف احلياة"‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ولقد مر اهلاليل قبل اهلداية بغمرات من اجلهل والضالل يف سريه على الطريقة التيجانيه‪.‬‬

‫قــال الشــيخ اهلــاليل عــن شــيخه العالمــة حممــد العــريب‪ " :‬وبقيــت فيهــا مــدة تســع ســنني حــىت‬
‫لقينا شيخنا العالمة الداعي إىل اهلل على بصرية حممد بن العريب العلوي يف مدينة فاس عام مثانية‬
‫وثالثــني وثالمثائــة والــف مــن اهلجــرة يف ربيــع األول يف اليــوم الثــاين عشــر منــه وهــو الــذي حيتفــل بــه‬

‫(‪ )٢‬املراد بكتابه هو سبيل الرشاد يف هدي خري العباد للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل‪.‬‬
‫(‪ )١‬اجملموع يف ترمجة العالمة احملدث الشيخ محاد األنصاري رمحه اهلل‪ ،‬تأليف ومجع عبداألول بن محاد األنصاري ج‪١‬‬
‫ص‪.6٢٠‬‬
‫(‪ )3‬الدعوة إىل اهلل ص ‪.٢5‬‬
‫(‪ )4‬الطريقة التيجانية‪ :‬فرقة صوفية يؤمن أصحاهبا جبملة األفكار واملعتقدات الصوفية‪ ،‬مثل األخذ عن النيب ‪ ‬يقظة أو‬
‫مناماً‪ ،‬واإلهلام من اهلل تعاىل مباشرة‪ ،‬وجعل مقام الصويف فوق مقام النيب‪ ،‬حيث إن الويل يأخذ من اهلل مباشرة خبالف‬
‫النيب فإنه يأخذ بواسطة بينه وبني اهلل‪ ،‬والكشف احلسي والرؤى و املنامات‪ ،‬وغري ذلك أسسها أمحد بن حممد املختار بن‬
‫أمحد التيجاين وقد عاش ما بني ( ‪ ٢٢5٠‬ـ ‪٢١3٠‬هـ) وولد يف قرية عني ماضي باجلزائر‪ ،‬وأنشأ طريقته التيجانيه عام‬
‫‪ ٢٢96‬هـ يف قرية أيب مسعون بفاس وأصبحت فاس هي املركز األول لنشر هذه الطريقة يف العامل‪ ،‬ومن بعض معتقداهتم‬
‫يزعمون أن مشا ئخهم يكشفون عن بصائرهم‪ ،‬وأن أمحد التيجاين قد التقى بالنيب ‪ ‬لقاءً حسياً مادياً‪ ،‬وأنه قد كلمه‬
‫مشافهة‪ ،‬وأنه قد علمه صالة الفاتح ملا أغلق‪ ،‬وأن النيب ‪ ‬أخربه أن املرة لواحده منها تعدل قراءة القرآن ست مرات‪،‬‬
‫ومن معتقداهتم أن جييزوا التوسل بالنيب ‪ ،‬وهذا من الشرك الصريح‪.‬انظر‪ :‬املوسوعة امليسرة يف األديان واملذاهب‬
‫واألحزاب املعاصرة‪ ،‬طباعة الندوة العاملية للشباب حتت إشراف الدكتور مانع بن محاد اجلهين ج‪ ٢‬ص‪.١84-١8٢‬‬
‫‪35‬‬
‫(‪)١‬‬
‫املبتدعون وعباد القبور أمجعون(‪ ،)٢‬وكان عمري حينئذ مثاين وعشرين سنة"‪.‬‬

‫وقـ ـ ــال أيض ـ ـ ـاً‪ " :‬وبعـ ـ ــد ذلـ ـ ــك مجعـ ـ ــين اهلل تعـ ـ ــاىل بأسـ ـ ــتاذي شـ ـ ــيخ اإلسـ ـ ــالم حممـ ـ ــد بـ ـ ــن‬
‫الع ـ ـ ـ ــريب العل ـ ـ ـ ــوي ال ـ ـ ـ ــذي أخ ـ ـ ـ ــرجين اهلل بدعوت ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ــن ظلم ـ ـ ـ ــات الش ـ ـ ـ ــرك إىل ن ـ ـ ـ ــور التوحي ـ ـ ـ ــد‬
‫والسنة"(‪.)3‬‬

‫وق ـ ــد ب ـ ــني اهل ـ ــاليل دعوت ـ ــه بقول ـ ــه‪ " :‬أن ـ ــا أدع ـ ــو الن ـ ــاس إىل أم ـ ـرين يف ك ـ ــل مك ـ ــان دع ـ ــوت‬
‫فيه إىل اهلل يف الشرق والغرب ويف أوربا‪.‬‬
‫أوهلمـ ــا‪ :‬حتقي ـ ــق معـ ــل ال إل ـ ــه إال اهلل جبعـ ــل مجي ـ ــع أن ـ ـواع العب ـ ــادة‪ ،‬مـ ــن دع ـ ــاء‪ ،‬واس ـ ــتغاثة‪،‬‬
‫واستعانة‪...،‬هلل وحده ال شريك له‪.‬‬
‫األم ـ ــر الث ـ ــاين‪ :‬حتقي ـ ــق ش ـ ــهادة أن حمم ـ ــداً رس ـ ــول اهلل ‪ ‬بامتث ـ ــال م ـ ــا أم ـ ــر واجتن ـ ــاب م ـ ــا‬
‫هنـ ــى عنـ ــه وزجـ ــر‪ ،‬وأن ال حيـ ــول دون اتباعـ ــه حـ ــب شـ ــيء مـ ــن احملبوبـ ــات‪...‬فمـ ــن يعُـ ــد ذلـ ــك‬
‫(‪)4‬‬
‫شقاقاً وتفريقاً بني املسلمني إال شيطان رجيم أفاك أثيم؟!"‪.‬‬
‫فه ـ ــو عل ـ ــى عقي ـ ــدة أه ـ ــل الس ـ ــنة واجلماع ـ ــة يف توحي ـ ــد األلوهي ـ ــة واألمس ـ ــاء والص ـ ــفات ق ـ ــال‬
‫الشـ ـ ــيخ‪" :‬وتوحيـ ـ ــد األلوهيـ ـ ــة‪ :‬ويسـ ـ ــمى أيض ـ ـ ـاً توحيـ ـ ــد العبـ ـ ــادة‪ ،‬وهـ ـ ــو القسـ ـ ــم الثـ ـ ــاين‪ :‬أن ال‬
‫تـ ـ ــدعو جللـ ـ ــب خـ ـ ــري‪ ،‬أو دفـ ـ ــع شـ ـ ــر إال اهلل‪ ،‬وال تسـ ـ ــتغيث يف الشـ ـ ــدائد إال بـ ـ ــاهلل‪ ،‬وال تـ ـ ــذبح‬
‫بقص ـ ـ ــد التعظ ـ ـ ــيم إال هلل‪...‬مث ق ـ ـ ــال‪ :‬الن ـ ـ ــوع الثال ـ ـ ــث‪ :‬م ـ ـ ــن أن ـ ـ ـ ـواع التوحي ـ ـ ــد توحي ـ ـ ــد األمس ـ ـ ــاء‬
‫والص ـ ــفات‪ ،‬وه ـ ــو أن تص ـ ــف اهلل مب ـ ــا وص ـ ــف ب ـ ــه نفس ـ ــه يف كتاب ـ ــه‪ ،‬ومب ـ ــا وص ـ ــفه ب ـ ــه رس ـ ـ ـوله‬
‫(‪)5‬‬
‫‪."...‬‬
‫وقد قال اهلاليل أبياتاً بني فيها حاله بعد أن هداه اهلل إىل الطريق املستقيم قائالً‪:‬‬

‫ـاب خرق ــة‬ ‫وأنـقـذنـ ــي نمـن ط ن‬


‫ـرق أصحـ ـ ن‬ ‫ولـم ـ ـ ــا أب ــان اهللُ ل ـ ــي ن ــور دين ـ ــه‬
‫ْ‬

‫(‪ )٢‬يقصد بذلك‪( :‬بدعة االحتفال بذكرى املولد النبوي)‪.‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد (‪.)8١/١( ،)95/4‬‬
‫(‪ )3‬السراج املنري (ص‪.)38‬‬
‫(‪ )4‬الدعوة إىل اهلل ص‪ 48‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )5‬السراج املنري ص‪.9١-9٢‬‬
‫‪36‬‬
‫وقـد مـرقُـ ـ ـوا مـن هـدي ــه ش َّـر مـرقـ ـ ــة‬ ‫أولـئـ ـ ــك قـوم بـدلـ ـ ـوا الديـن بال ـ َّـردى‬
‫ـاب وسن ــة‬ ‫ـت إلـ ــى قـف ـ ـ نو الــكت ـ ن‬ ‫و مـنل ُ‬ ‫و أبـغـضـن ــي األقـو ُام حـيـن نـبـذت ـ ـُهـم‬
‫صـدورهــم لـ ـ ــي واسـتـعــدوا حملنـتـي‬ ‫ـت‬
‫وقـد قـلـب ـوا ظـهـر اجمل ِّـن وخشن ـ ـ ـ ْ‬
‫ل ــي سي ْـردى بسـرعـ ــة‬ ‫وكــل جـلـيـ‬ ‫وقـد زعـمـوا هـجـري وشـتـم ـ ــي قرب ـةً‬
‫وأخـل ُـد فـ ــي النـي ـر نان نم ْن أج نـل ر ْجعتـي‬ ‫ـوت عـلـى ال ـ َّـردى‬
‫و قـد جـزمـوا أنــي أم ُ‬
‫ـاب الـمني ـ ـ ـ نـة‬ ‫ـارت رك ـ ُ‬ ‫بـ ـ ـواحـدها سـ ـ ْ‬ ‫ـاكل اليت‬ ‫ـك الث ـ ُ‬‫أمـانـ ــي حـمـق تـضـح ُ‬
‫بس ْؤيل ومنييت‬ ‫ـرت كـي أحظـى ُ‬ ‫و هـاج ُ‬ ‫نـبـذتـ ــُهم نـبــذ الـ ـنَّـوى وتـركتـ ــُـهـم‬
‫وال ن ـ ـ ـ ــاصــر إال إل ــهُ ال ـ ــربيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـة‬ ‫ومـ ــا ل ــي و لـ ــي أو رفيـ ــق مصـاحب‬
‫فـ ـ ـ ـهـو قدي ـ ــر أن جي ــود بـ ــبغيـتــي‬ ‫علي ـ ــه اعـتـمــادي ال علــى أحـد سـواه‬
‫(‪)٢‬‬
‫س ــوى بـلغ ـ ـ ـ ـ ــة ال ب ـ ـ ـ َّـد من ـ ـهـا خلل ـ ـ ـ ـتـي‬ ‫ـب ال ـ ــمال ال ــذي هو زائ ــل‬ ‫و مــا أطـل ُ‬

‫مذهبه الفقهي‪:‬‬
‫لقد مر اهلاليل مبرحلتني يف حياته الفقهية‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة التمذهب‪.‬‬
‫وقد كان اهلاليل يف هذه املرحلة مالكي املذهب كما هو حال عامة سكان املغرب‪.‬‬
‫ومع أين مل أجد الشيخ صـرح بـأن مذهبـه هـو املـذهب املـالكي إال أن ذلـك ميكـن أن يفهـم‬
‫من وجهني‪:‬‬
‫أ – احمليط االجتماعي‪ :‬حيث إن املغرب ال يوجد فيها مذهب سوى املذهب املالكي‪.‬‬
‫ب ‪ -‬بعض نصوص الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ومنها‪:‬‬
‫قولــه ‪-‬رمحــه اهلل‪ .. " :-‬فقلــت لــه إن الشــيخ حممــد بــن العــريب العلــوي يقــول جيــب علينــا أن‬
‫نعرض مجيع املسائل أصـوال وفروعـا علـى كتـاب اهلل وسـنة رسـول اهلل فمـا وافـق يف نظرنـا القاصـر‬
‫(‪)١‬‬
‫قبلناه وما خالف رددناه ولو قال به اإلمام مالك أو الشيخ أمحد التجاين"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الدعوة إىل اهلل ص‪.٢39‬‬


‫(‪ )١‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة التجانية (ص‪)١٠ :‬‬
‫‪37‬‬
‫وأمـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ــول العالمـ ـ ـ ـ ــة محـ ـ ـ ـ ــاد بـ ـ ـ ـ ــن حممـ ـ ـ ـ ــد األنصـ ـ ـ ـ ــاري ‪-‬رمحـ ـ ـ ـ ــه اهلل‪ " : -‬إن الشـ ـ ـ ـ ــيخ‬
‫(‪)٢‬‬
‫تقـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ــدين اهلـ ـ ـ ــاليل كـ ـ ـ ــان يف اللغـ ـ ـ ــة العربيـ ـ ـ ــة إمام ـ ـ ـ ـاً‪ ،‬وكـ ـ ـ ــان علـ ـ ـ ــى مـ ـ ـ ــذهب الظاهريـ ـ ـ ــة"‬
‫فل ـ ـ ـ ــم أج ـ ـ ـ ــد م ـ ـ ـ ــا يعض ـ ـ ـ ــده ال م ـ ـ ـ ــن قول ـ ـ ـ ــه ه ـ ـ ـ ــو نفس ـ ـ ـ ــه وال م ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ــول م ـ ـ ـ ــن عاص ـ ـ ـ ــره م ـ ـ ـ ــن‬
‫العلماء املعتمدين ‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬مرحلة نبذ المذاهب ‪.‬‬


‫ويف هذه املرحلة نبذ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كل املذاهب الفقهية على اختالف أنواعها‬
‫وأشكاهلا وصرح بأنه ال يتبع إال حممدا ‪ ،--‬وأنه يدور مع الدليل حيث دار‪.‬‬
‫يقول يف ذلك ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬قد تبني لك أن مذهب النيب ‪ --‬ومذهب مالك هو‬
‫وضع اليمل على اليسرى بال شك‪ ،‬ولي مقصودنا أن ثبوت هذه السنة ومشروعيتها جلميع‬
‫املسلمني يتوقف على رواية مالك هلا أو عمله هبا فإن الذي أوجب اهلل على مجيع املسلمني‬
‫قبل وجود مالك ويف زمان صباه وجهله ويف زمان علمه وإمامته هو اتباع رسول اهلل ‪--‬‬
‫وهو الواجب على مجيع املسلمني إىل يوم القيامة ومل جيعل اهلل حجة على أحد من الناس ‪-‬‬
‫رجالً بعينه ‪ -‬إال رجالً واحداً‪ ،‬هو حممد رسول اهلل‪ ،‬فمن اتبعه جنا وإن مل يسمع مبذهب‬
‫(‪)١‬‬
‫أصالً‪ ،‬ومن خالفه هلك وشقي وال ينقذه زعمه أنه يتمسك مبذهب مالك"‪.‬‬
‫ومع عدم متذهبه مبذهب من املذاهب الفقهية املعروفة ؛ فإنه مع ذلك ال يتهجم على‬
‫األئمة ؛ بل يثين عليهم باخلري والصالح – وهم أهل لذلك وأكثر – إال أنه يبني أنه ال جيب‬
‫اتباعهم يف اجتهاداهتم الفقهية املختلفة ‪.‬‬
‫يقول عليه ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬ومالك وغريه من أئمة أهل السنة ينقلون لنا سنة رسول اهلل ‪-‬‬
‫‪ -‬فنقلناها منهم إذا صحت بالقبول ونعمل هبا ونرتحم عليهم وال نفضل أحداً منهم على‬
‫(‪)3‬‬
‫أحد‪ ،‬والذي نسأل عنه يف قبورنا ويف احلشر هو حممد رسول اهلل ‪." --‬‬
‫ويسجل ما انتهى إليه علمه وعمله من عدم التمذهب إال مبذهب املصطفى ‪ -  -‬يف‬
‫شعره فيقول ‪-‬رمحه اهلل‪:-‬‬

‫(‪ )٢‬اجملموع يف ترمجة العالمة محاد األنصاري (‪.)6٢٠/١‬‬


‫( ) احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق (ص‪)68 :‬‬
‫( ) السابق‪( .‬ص‪)68 :‬‬
‫‪38‬‬
‫النص ق ْ ما جال‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬
‫عدم‬ ‫ويف‬ ‫تبتدع‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫بالنصوص وال‬ ‫فخ ْذ‬
‫مذهب املصطفى املرتضى‬ ‫ن‬ ‫سوى‬ ‫الزم‬ ‫مذهب‬ ‫لنا‬ ‫ولي‬
‫انتها‬ ‫بغ نري‬ ‫يدوم‬ ‫سالماً‬ ‫ن‬
‫السالم‬ ‫عليه الصالةُ وأزكى‬
‫ُ‬
‫(‪)٢‬‬
‫الصفا‬
‫َّ‬ ‫بنهج‬
‫ن‬ ‫وم ْن قد قـفاهم‬ ‫كراماً‬ ‫ويشمل آالً وصحباً‬
‫ُ‬

‫( ) اهلدية اهلادية إىل الطائفة التجانية (ص‪)5٢ :‬‬


‫‪39‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬مكانته العلمية وثناء العلماء عليه‪.‬‬
‫كـ ــان اهلـ ــاليل ‪ -‬رمحـ ــه اهلل – داعي ـ ـاً إىل التوحي ـ ــد‪ ،‬جماهـ ــدا يف صـ ــيانة العقيـ ــدة مـ ــن الب ـ ــدع‬
‫واحملدثات‪ ،‬تاركاً آثاراً جليلة يف إظهار عقيدة أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫وهــب ‪ -‬رمحــه اهلل ‪ -‬نفســه للعلــم والبحــث عنــه‪ ،‬وللتعلــيم ونشــره‪ ،‬كمــا وهــب نفســه لتبليــغ‬
‫دعــوة اإلســالم إىل مجيــع النــاس‪ ،‬كمــا وظَّـف – رمحــه اهلل – مواهبــه يف ســائر العلــوم نصــرةً لألمــة‬
‫وقضاياها‪.‬‬
‫أمجع علماء األمة على إمامته يف سائر العلوم‪.‬‬
‫قال عنه الشيخ حممـد ناصـر األلبـاين ‪ -‬رمحـه اهلل ‪ -‬وهـو يثـين علـى مخسـة‪ ( :‬ابـن بـاز أوهلـم‬
‫مل يـ ــر مثلـ ــه يف العلـ ــم‪ ،‬وتقـ ــي الـ ــدين اهلـ ــاليل‪ ،‬وصـ ــفي الـ ــدين مبـ ــارك‪ ،‬وبـ ــديع الـ ــدين السـ ــندي‬
‫(‪)٢‬‬
‫والشنقيطي )‪.‬‬

‫وقال عنه الشيخ العالمة اإلمام عبد العزيـز بـن عبـد اهلل بـن بـاز‪-‬رمحـه اهلل‪ " : -‬كـان عاملـاً‬
‫فاضالً‪ ،‬باذالً وسعه يف الدعوة إىل اهلل سبحانه أينمـا كـان‪ ،‬وقـد ط َّـوف يف كثـري مـن الـبالد‪ ،‬وقـام‬
‫ودرس يف‬‫بال ــدعوة إىل اهلل سـ ــبحانه يف أوربـ ــا مـ ــدة مـ ــن الـ ــزمن‪ ،‬ويف اهلنـ ــد‪ ،‬ويف اجلزيـ ــرة العربيـ ــة‪َّ ،‬‬
‫اجلامعــة اإلســالمية باملدينــة النبويــة‪ ،‬ولــه مؤلفــات‪ ،‬منهــا‪ :‬اهلديــة اهلاديــة للفرقــة التجانيــة(‪ ،)١‬وكــان‬
‫ورد علــى أهلهــا‪ ،‬وكشــف عوارهــا‪ ،‬ومــن مؤلفاتــه ســبيل‬ ‫أول حياتــه تيجانيـاً‪ ،‬مث خليصــه اهلل منهــا‪َّ ،‬‬
‫الرشاد" (‪.)3‬‬
‫وقال عنه الشيخ العالمة محاد بن حممـد األنصـاري ‪-‬رمحـه اهلل‪ " : -‬إن الشـيخ تقـي الـدين‬
‫اهلاليل كان يف اللغة العربية إماماً‪ ،‬وكان على مذهب الظاهرية‪ ،‬وهو شيخي استفدت منه كثرياً‪،‬‬

‫(‪)٢‬كتاب أحداث مثرية يف حياة الشيخ العالمة األلباين رمحه اهلل‪ ،‬إعداد حممد صاحل املنجد ص‪.38‬‬
‫(‪ )١‬وهذا الكتاب هو من حث الشيخ ابن باز‪-‬رمحه اهلل‪ ،-‬وقد أمر بطباعة عشرة آالف نسخة‪ .‬اهلدية اهلادية (ص‪،)5‬‬
‫الدعوة إىل اهلل (ص‪.)9‬‬
‫(‪ )3‬حتفة اإلخوان برتاجم بعض األعيان‪ ،‬لسماحة الشيخ ابن باز‪ ،‬اعتل به عبدالعزيز بن إبراهيم بن قاسم القاضي‬
‫باحملكمة العامة بالرياض سابقاً (ص‪.)٠٠-69‬‬
‫‪41‬‬
‫وكان سلفي العقيدة لو قرأت كتابه يف التوحيد(‪ )٢‬لعلمت أنـه ال يعـرف التوحيـد الـذي يف القـرآن‬
‫مثله"(‪.)١‬‬
‫وقــال أيضـاً‪ " :‬يف احلقيقــة مل ألتــق مــع رجــل حيــوي علمـاً مجـاً يف فنــون عديــدة مثــل الــدكتور‬
‫على اآلن مخ وأربعون سنة مل أر مثله"(‪.)3‬‬ ‫اهلاليل‪ ،‬وقد مضت َّ‬
‫وقال عنه الشيخ حممد رشيد رضا – رمحه اهلل – حني بعث معه رسالة إىل امللك عبدالعزيز‬
‫كتـب فيهــا‪ " :‬إن حممــد تقـي الــدين اهلــاليل املغــريب أفضـل مــن جــاءكم مـن علمــاء اآلفــاق فــأرجو‬
‫أن تستفيدوا من علمه " (‪.)4‬‬
‫وكان يقـول عنـه شـيخه حممـد بـن سـيدي بـن حبيـب اهلل الشـنقيطي ‪-‬رمحـه اهلل‪ -‬إذا نابـه يف‬
‫(‪)5‬‬
‫الدرس‪ " :‬كل ما عندي من العلم فهو عند هذا الفىت وزيادة "‪.‬‬

‫الشــيخ العالمــة عبــد اهلل كنــون(‪-)6‬رمحــه اهلل‪ ،-‬قــال عــن الشــيخ اهلــاليل وهــو يــتكلم عــن‬
‫ال ــدعوة املغربي ــة ونش ــأهتا‪ " :‬و اعتض ــدت ال ــدعوة يف األخ ــري بداعي ــة كب ــري ك ــان مقيم ـاً يف ال ــبالد‬
‫املشرقية‪ ،‬حني عاد إىل موطنه املغرب‪ ،‬وهو الدكتور حممد تقي الدين اهلاليل فيسـر اهلل علـى يـده‬
‫فتوحــات مهمــة يف جيــل الشــباب والشــيوخ علــى السـواء‪ ،‬ومتــرس بــه أســاتذة وطــالب صــاروا مــن‬
‫جند الدعوة هنا وهناك"(‪.)٠‬‬

‫(‪ )٢‬املراد بكتابه يف التوحيد هو ‪ :‬كتاب سبيل الرشاد يف هدي خري العباد‪.‬‬
‫(‪ )١‬اجملموع يف ترمجة العالمة محاد األنصاري (‪.)6٢٠/١‬‬
‫(‪ )3‬اجملموع (‪.)6٠4/١‬‬
‫(‪ )4‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪.٢9٠‬‬
‫(‪ )5‬علماء ومفكرون ج‪ ٢‬ص‪.١٠5‬‬
‫(‪ )6‬هو عبداهلل كنون احلسين‪ ،‬العامل العالمة ولد بفاس عام ‪٢3١6‬هـ‪ ،‬من أسرة سنية حفظ القرآن صغرياً‪ ،‬وحفظ املتون‬
‫وأجاد رواية احلديث ورواية الشعر‪ ،‬عمل رئيساً لرابطة علماء املغرب‪ ،‬كما أس املعهد اإلسالمي بطنجه‪ ،‬وتوىل إدارته‬
‫حىت ‪٢953‬م‪ ،‬إذ هاجر إىل تطوان احتجاجاً على خلع امللك حممد اخلام من قبل قوات االحتالل الفرنسي‪ ،‬وعني‬
‫وزيرا للعدل يف تطوان ‪ ...‬األعالم ج‪ ٢‬ص‪.335‬‬
‫(‪ )٠‬جوالت يف الفكر اإلسالمي‪ ،‬لعبد اهلل كنون (ص‪.)٢45‬‬
‫‪40‬‬
‫وق ـ ــال عن ـ ــه الش ـ ــيخ عب ـ ــد احلمي ـ ــد ب ـ ــن عب ـ ــد اجلب ـ ــار الرمح ـ ــاين‪-‬حفظ ـ ــه اهلل‪ " :)٢(-‬يف ه ـ ــذا‬
‫العص ــر ال ــذي طغ ــى في ــه اجله ــل عل ــى العل ــم‪ ،‬والس ــفه واحلم ــق عل ــى العق ــل والفه ــم‪ ،‬ق ـ َّـل مـ ـ ْن‬
‫يوج ـ ـ ــد جامعـ ـ ـ ـاً ب ـ ـ ــني أص ـ ـ ــالة الق ـ ـ ــدمي‪ ،‬وجزال ـ ـ ــة احل ـ ـ ــديث‪ ،‬وم ـ ـ ــن ه ـ ـ ــذا القلي ـ ـ ــل الن ـ ـ ــادر أس ـ ـ ــتاذ‬
‫العلمـ ــاء‪ ،‬أسـ ــتاذي العالمـ ــة الـ ــدكتور حممـ ــد تقـ ــي الـ ــدين اهلـ ــاليل ‪-‬حفظـ ــه اهلل‪ ،-‬الـ ــذي قضـ ــى‬
‫قراب ـ ــة نص ـ ــف ق ـ ــرن(‪ )١‬يف حق ـ ــل الت ـ ــدري ‪ ،‬والتعل ـ ــيم‪ ،‬والرتبيـ ـ ــة‪ ،‬والتنش ـ ــئة‪ ،‬وتثقي ـ ــف الشـ ـ ــباب‬
‫املس ـ ـ ــلم‪ ،‬وأمض ـ ـ ــى حيات ـ ـ ــه الثمين ـ ـ ــة يف ال ـ ـ ــدفاع ع ـ ـ ــن العقي ـ ـ ــدة الس ـ ـ ــلفية والس ـ ـ ــنة الص ـ ـ ــحيحة‪،‬‬
‫والعربية الفصحى"(‪.)3‬‬

‫وق ــال عن ــه الش ــيخ ص ــفي ال ــرمحن املب ــارك ف ــوري وه ــو مي ــدح غريت ــه عل ــى اإلس ــالم وال ــدفاع‬
‫عن ـ ــه‪ ..." :‬ك ـ ــان ذا غ ـ ــرية ش ـ ــديدة يف ال ـ ــدفاع ع ـ ــن الشـ ـ ـريعة اإلس ـ ــالمية ول ـ ــه حتمـ ـ ـ ونش ـ ــاط‬
‫متزايـ ـ ــدان يف حفـ ـ ــظ اجملتمـ ـ ــع مـ ـ ــن أرجـ ـ ــاس احلضـ ـ ــارات الالإسـ ـ ــالمية‪ ،‬وكـ ـ ــان ذا بـ ـ ــأس شـ ـ ــديد‬
‫علـ ــى أعـ ــداء اإلس ـ ــالم س ـ ـواء ك ـ ــانوا مـ ــن ال ـ ــداخل أو اخلـ ــارج‪ ،‬وكان ـ ــت لـ ــه مه ـ ــة عاليـ ــة يف نش ـ ــر‬
‫الكتاب والسنة وتطبيقها يف حياة املسلمني "(‪.)4‬‬

‫الش ــيخ العالم ــة عب ــد اهلل ب ــن عب ــد العزي ــز العقي ــل‪-‬رمح ــه اهلل‪ )5(-‬وه ــو ي ــتكلم ع ــن رحلت ــه‬
‫إىل املغ ـ ـ ــرب‪ ،‬فق ـ ـ ــال‪ " :‬وتق ـ ـ ــي ال ـ ـ ــدين اهل ـ ـ ــاليل رأين ـ ـ ــاه مـ ـ ـ ـرات يف املغ ـ ـ ــرب‪ ،‬ويف الري ـ ـ ــاض عن ـ ـ ــد‬
‫الش ـ ــيخ اب ـ ــن ب ـ ــاز ‪ ...‬ول ـ ــه مش ـ ــاركات متع ـ ــددة‪ ،‬يف اللغ ـ ــة والعقي ـ ــدة‪ ،‬ول ـ ــه كت ـ ــب كث ـ ــرية‪ ،‬وك ـ ــان‬
‫مطاعاً يف املغرب"(‪.)6‬‬

‫(‪ )٢‬وهو‪ :‬رئي مجعية أبو الكالم آزاد يف دهلي اهلند‪ ،‬وال يزال يرأسها‪.‬‬
‫نص عليه يف آخر املقال‪.‬‬‫(‪ )١‬كان هذا الكالم يف ‪٢398‬هـ كما َّ‬
‫(‪ )3‬مقال بعنوان أهل احلديث‪ ،‬ترمجة للدكتور حممد تقي الدين اهلاليل (ص‪ ،)٢4-٢3‬بقلم تلميذه عبد احلميد بن عبد‬
‫اجلبار الرمحاين‪ ،‬نشرة يف جملة (صوت اجلامعة) السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬شعبان ‪٢39٢‬هـ‪ ،‬أكتوبر ‪٢9٠٢‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬إبراز احلق والصواب يف مسألة احلجاب للشيخ صفي الرمحن املباركفوري ص‪.٢١‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬الشيخ العالمة‪ ،‬عبد اهلل بن عبد العزيز العقيل‪ ،‬شيخ احلنابلة يف عصره‪ ،‬ولد يف عنيزة سنة ‪٢335‬هـ‪ ،‬من أجل‬
‫مشاخيه الذين تتلمذ عليهم الشيخ عبد الرمحن بن سعدي‪ ،‬والزم الشيخ حممد بن إبراهيم‪ ،‬ويقطن اآلن بالرياض‪َّ ،‬‬
‫مد اهلل‬
‫يف عمره وألبسه لباس الصحة والعافية‪ ،‬فتح اجلليل يف ترمجة وثبت شيخ احلنابلة عبد اهلل بن عبد العزيز العقيل (ص‪.)٢46‬‬
‫(‪ )6‬فتح اجلليل يف ترمجة وثبت شيخ احلنابلة عبد اهلل العقيل (ص‪.)٢59‬‬
‫‪42‬‬
‫وق ـ ـ ــال عن ـ ـ ــه الش ـ ـ ــيخ عل ـ ـ ــي الطنط ـ ـ ــاوي – رمح ـ ـ ــه اهلل ‪ .. " : -‬ووج ـ ـ ــدت يف ال ـ ـ ـزبري أث ـ ـ ـراً‬
‫لألستاذ تقي الدين اهلاليل – مد اهلل يف عمره – وبقايا من تالميذه "(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬ذكريات علي الطنطاوي ج‪ 4‬ص‪.46‬‬


‫‪43‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬آثاره العلمية‪.‬‬
‫أما عن مؤلفات الشيخ من الكتب واملقاالت فهي كثرية جداً ومنتشرة ولكن لألسف‬
‫بعضها قد أصبح يف قسم املخطوط فال وجود هلا بني الناس‪ ،‬ومن تلكم املؤلفات ما يلي‪:‬‬
‫التفسير و علوم القرآن‪:‬‬
‫‪ .٢‬سبيل الرشاد يف هدي خري العباد‪.‬‬
‫‪ .١‬اإلهلام تفسري سورة األنعام‪.‬‬
‫‪ .3‬املنح الساحنة يف تفسري سورة الفاحتة‪.‬‬
‫‪ .4‬تفسري سورة الفتح‪.‬‬
‫‪ .5‬نبذة من علوم القرآن‪.‬‬
‫‪ .6‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب‪.‬‬

‫العقيدة‪:‬‬
‫‪.٢‬القاضي العدل يف حكم البناء على القبور‪.‬‬
‫‪.١‬احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق‪.‬‬
‫‪.3‬آل البيت ما هلم وما عليهم‪.‬‬
‫‪.4‬العنلم املأثور‪ ،‬والعلم املشهور واللواء املنشور يف بدع القبور‪.‬‬
‫‪.5‬حاشية على كتاب التوحيد لشيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب‪.‬‬
‫‪.6‬حاشية على كشف الشبهات لشيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب‪.‬‬
‫‪.٠‬قصيدة أمساء اهلل احلسل‪.‬‬
‫‪ .8‬تقريظ تقوية اإلميان‪.‬‬
‫‪ .9‬الفكر الصويف‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الفقه‪:‬‬
‫خمتصر هدى اخلليل‪ ،‬وشرحه مفتاح التفقه األصيل‪.‬‬ ‫‪.٢‬‬
‫اجليش اجلرار من أحاديث النيب املختار يف أن الرباعية ركعتان يف مجيع األسفار‪.‬‬ ‫‪.١‬‬
‫إعالم اخلاص والعام ببطالن الركعة ملن فاته الفاحتة والقيام‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أوقات صالة النيب ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫دليل احلاج يف مناسك احلج‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أحكام اخللع يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫اإلسفار عن احلق يف مسألة احلجاب والسفور‪.‬‬ ‫‪.٠‬‬
‫األنوار املتبعة يف سنة اجلمعة‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫الفجر الصادق والكاذب‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫الفتاوى اهلاللية‪.‬‬ ‫‪.٢٠‬‬
‫الصراط املستقيم‪.‬‬ ‫‪.٢٢‬‬
‫حكم ترك الصالة عمداً‪.‬‬ ‫‪.٢١‬‬
‫الصبح السافر يف حكم صالة املسافر‪.‬‬ ‫‪.٢3‬‬

‫األديان والفرق‬
‫اإلسالم واملذاهب االشرتاكية‪.‬‬ ‫‪.٢‬‬
‫سب القاديانيني لإلسالم والرد عليهم‪.‬‬ ‫‪.١‬‬
‫الرباهني اإلجنيلية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫حواشي شىت على إجنيل مىت‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫اهلدية اهلادية إىل الطائفة التجانية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫السراج املنري يف تنبيه مجاعة التبليغ على أخطائهم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫مناظرتان بني رجل سين وإمامني من الشيعة(‪.)٢‬‬ ‫‪.٠‬‬
‫من مكايد االستعمار يف املغرب‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫(‪ )٢‬وقد أحلقها الشيخ يف كتاب الدعوة إىل اهلل يف أقطار خمتلفة‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ .9‬اإلسالم يكافح االستعمار يف املغرب‪.‬‬
‫‪ .٢٠‬هل اإلسالم سبب يف تأخر املسلمني‪.‬‬

‫رحالته ودعوته إلى اهلل فيها‪:‬‬


‫‪ .٢‬الدعوة إىل اهلل يف أقطر خمتلفة‪.‬‬
‫‪ .١‬رحلة إىل أملانيا‪.‬‬
‫‪ .3‬من يرافقين من الرباط إىل برلني‪.‬‬
‫‪ .4‬رحلة من الزبري إىل جنيف‪.‬‬
‫‪ .5‬رحليت إىل برلني‪.‬‬

‫اللغة واألدب‪:‬‬
‫‪ .٢‬منحة الكبري املتعايل‪.‬‬
‫‪ .١‬تقومي اللسانني (اللسان والقلم)‪.‬‬
‫‪ .3‬الفوائد السامية يف تاريخ اللغات السامية‪.‬‬
‫‪ .4‬اهلاديات (أربع قصائد)(‪.)٢‬‬
‫‪ .5‬أخبار الرببر وأحواهلم ولغتهم(‪.)١‬‬

‫التاريخ و التراجم‪:‬‬
‫الطبقات عند العرب‪.‬‬ ‫‪.٢‬‬
‫ترمجة القرآن الكرمي‪ ،‬وصحيح البخاري‪ ،‬واللؤلؤ واملرجان إىل اإلنكليزية مبشاركة‬ ‫‪.١‬‬
‫الدكتور حممد حمسن خان‪.‬‬
‫كيف يريب يهود الواليات املتحدة أبناءهم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أطياف اخليال‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫(‪ )٢‬الدعوة إىل اهلل (ص‪.)٢٠٠‬‬


‫(‪ )١‬املصدر السابق (ص‪.)٢8١‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ .5‬اجلماهر واجلواهر‪ ،‬أليب رحيان البريوين‪.‬‬
‫‪ .6‬طيف اخليال‪ ،‬حملمد بن دانيال الكحال‪.‬‬

‫َ‬
‫المجالت التي أنشأها‪:‬‬
‫‪ .٢‬جملة الضياء(‪.)٢‬‬
‫‪ .١‬جملة البعث اإلسالمي(‪.)١‬‬
‫‪ .3‬جملة لسان الدين(‪.)3‬‬

‫الدروس الصوتية ‪:‬‬


‫‪ .٢‬سبيل الرشاد يف توحيد رب العباد‪.‬‬
‫‪ .١‬توحيد االتباع‪.‬‬
‫‪ .3‬آداب املسجـد‪.‬‬
‫‪ .4‬حكم االحتفال باملولد النبوي‪.‬‬
‫‪ .5‬سلسلة دروس يشرح فيها الشيخ كتابه "احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق"‪.‬‬

‫سلسلة من الخطب المنبرية‪:‬‬


‫خطبة‪ :‬وجوب تعلم العلم و قراءة القرآن هلل تعاىل‪.‬‬ ‫‪.٢‬‬
‫خطبة‪ :‬وجوب التشبث بالكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‪.١‬‬
‫خطبة‪ :‬فضل املسارعة إىل فعل اخلريات‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫خطبة‪ :‬فضل الصرب عند االبتالء‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫خطبة‪ :‬فضل التوكل على اهلل‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫(‪ )٢‬املصدر السابق (ص‪.)١4١‬‬


‫(‪ )١‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السابق (ص‪.)٠6‬‬
‫‪47‬‬
‫خطبة‪ :‬شروط حتقيق الشهادتني واحلث على شكر النعم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫خطبة‪ :‬توجيهات إالهية ونبوية توجب العمل هبا‪.‬‬ ‫‪.٠‬‬
‫خطبة‪ :‬تبيان مراتب الدين اإلسالمي من حديث جربيل‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫خطبة‪ :‬الوعيد لآلكـل بالقرآن واملفاخر واملرائي به‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫خطبة‪ :‬الدعوة إىل نشر احملبة بني املسلمني‪.‬‬ ‫‪.٢٠‬‬
‫خطبة‪ :‬التحذير من أكل الربا‪.‬‬ ‫‪.٢٢‬‬
‫خطبة‪ :‬اإليـ ــمان و اإلســالم‪.‬‬ ‫‪.٢١‬‬
‫خطبة‪ :‬االحتساب على اهلل يف مجيع األعمال‪.‬‬ ‫‪.٢3‬‬
‫خطبة‪ :‬التوحيد‪ ،‬فضل األضحية‪.‬‬ ‫‪.٢4‬‬
‫خطبة‪ :‬إخالص النية يف العمل هلل‪.‬‬ ‫‪.٢5‬‬
‫خطبة‪ :‬وجوب االقتداء بالنيب ‪.--‬‬ ‫‪.٢6‬‬
‫خطبة‪ :‬خري القول والعمل وشرمها‪.‬‬ ‫‪.٢٠‬‬

‫وهبذا يُعلم أن الشيخ اهلاليل كان من املشاركني يف مجيع ميادين العلوم؛ وهذا مما مييز‬
‫شخصيته‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وجيعلها نادرة من نوعها(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬ذُكرت معظم هذه الكتب يف‪ :‬سبيل الرشاد (‪ ،)٢6/٢‬علماء ومفكرون (‪ ،)١٢9-١٢8/٢‬احلركة العلمية والثقافية‬
‫بتطوان‪ ،‬إدري خليفة (ص‪.)666‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل األول‬
‫جهود اهلاليل يف التفسري وعلوم القرآن‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬جهود اهلاليل يف التفسري‬
‫وفيه ستة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مؤلفاته‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القيمة العلمية لكتبه‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه فيها‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬ثناء العلماء عليها‪.‬‬
‫املطلب اخلام ‪ :‬مصادره من كتب التفسري‪.‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬مصادره من غري كتب التفسري‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫توطئة ‪:‬‬
‫يُعــد علــم التفســري مــن أجــل العلــوم وأنفعهــا ؛ إذ عليــه االعتمــاد يف فهــم كتــاب اهلل تعــاىل‬
‫ﭽﭲ‬ ‫واســتنباط املعــاين منــه ؛ وتوضــيح مـراد اهلل تعــاىل مــن كتابــه الــذي وصــفه بقولــه تعــاىل ‪:‬‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ]ص‪[١9 :‬‬

‫ﭽ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫وأمــر تعــاىل بتــدبر هــذا الكتــاب فقــال تعــاىل‪:‬‬


‫ﭽﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ]حممد‪.[١4:‬‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ]النساء‪[8١ :‬وقال‬

‫ونبــه أه ــل العل ــم ‪ -‬رمحهــم اهلل تع ــاىل ‪ -‬عل ــى أمهيــة التفس ــري والعناي ــة بــه ؛ وأن ــه ه ــو الغاي ـة‬
‫العظمى واهلدف األمسى ‪..‬‬

‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية(‪- )٢‬رمحه اهلل‪ " : -‬إن القـرآن فيـه مـا هـو بـني بنفسـه وفيـه مـا‬
‫قـد بينـه املفســرون يف غـري كتــاب‪ ،‬ولكـن بعــض اآليـات أشـكل تفســريها علـى مجاعــة مـن العلمــاء‬
‫فرمبا يطالع اإلنسـان عليهـا عـدة كتـب وال يتبـني لـه تفسـريها‪ ،‬ورمبـا كتـب املصـنف الواحـد يف آيـة‬
‫تفسـريا ويفسـر غريهـا بنظـريه فقصـدت تفسـري تلــك اآليـات بالـدليل ألنـه أهـم مـن غـريه وإذا تبــني‬
‫معل آية تبني معاين نظائرها‪ ،‬وقال قد فتح اهلل علـي يف هـذه املـرة مـن معـاين القـرآن ومـن أصـول‬
‫العلــم بأشــياء كــان كثــري مــن العلمــاء يتمنوهنــا ونــدمت علــى تضــييع أكثــر أوقــايت يف غــري معــاين‬
‫(‪)١‬‬
‫القرآن "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬هو‪ :‬أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم ابن تيمية احلراين الدمشقي‪ ،‬شيخ اإلسالم تقي الدين‪ ،‬أبو العباس‪ ،‬ولد‬
‫حبران يف سنة ‪66٢‬هـ‪ ،‬وقدم به والده وبإخوته إىل دمشق سنة ‪66٠‬هـ وأخذ عن‪ :‬ابن عبد الدامي‪ ،‬واجملد بن عساكر‪ ،‬وحيي‬
‫بن الصرييف‪ ،‬وأخذ عنه‪ :‬ابن القيم‪ ،‬والذهيب‪ ،‬وأبو احلجاج املزي‪ ،‬وغريهم كثري‪ ،‬كان إمام عصره بال مدافعة يف الفقه‪،‬‬
‫احلديث‪ ،‬واألصول‪ ،‬والنحو‪ ،‬واللغة‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬تويف يف سنة ‪٠١8‬هـ‪ .‬من مصنفاته‪" :‬الفرقان بني أولياء الرمحن وأولياء‬
‫الشيطان"‪" ،‬السياسة الشرعية يف إصالح الراعي والرعية"‪ ،‬و"اقتضاء الصراط املستقيم يف خمالفة أصحاب اجلحيم"‪ ،‬وغريها‬
‫كثري‪ .‬ينظر‪ :‬تذكرة احلفاو (‪ ،)٢9١/4‬البداية والنهاية (‪)3٠١-١95/٢8‬‬
‫(‪ )١‬العقود الدرية من مناقب شيخ اإلسالم أمحد بن تيمية املؤلف‪ :‬مش الدين حممد بن أمحد بن عبد اهلادي بن يوسف‬
‫الدمشقي احلنبلي (املتوىف‪٠44 :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد حامد الفقي الناشر‪ :‬دار الكاتب العريب – بريوت‪(.‬ص‪)43 :‬‬
‫‪51‬‬
‫وقال الراغب األصفهاين(‪- )٢‬رمحه اهلل‪ " :-‬أشرف صـناعة يتعاطاهـا اإلنسـان تفسـري القـرآن‬
‫(‪)١‬‬
‫وتأويله "‬

‫وقــال ابــن عطيــة(‪- )3‬رمحــه اهلل‪ " :-‬مث رأيــت أن مــن الواجــب علــى مــن احت ـ ‪ ،‬وختــري مــن‬
‫العلــوم واجت ـ ‪ ،‬أن يعتمــد علــى علــم مــن علــوم الشــرع‪ ،‬يســتنفد فيــه غايــة الوســع‪ ،‬جيــوب آفاقــه‪،‬‬
‫ويتتبع أعماقه‪ ،‬ويضبط أصوله‪ ،‬وحيكم فصوله‪ ،‬ويلخص ما هـو منـه‪ ،‬أو يـؤول إليـه‪ ،‬ويعـل بـدفع‬
‫االعرتاضات عليه‪ ،‬حىت يكون ألهل ذلك العلم كاحلصن املشيد‪ ،‬والذخر العتيد‪ ،‬يسـتندون فيـه‬
‫إىل أقواله‪ ،‬وحيتذون على مثاله‪.‬‬

‫فلم ــا أردت أن أخت ــار لنفس ــي‪ ،‬وأنظ ـر يف عل ــم أع ــد أنـ ـواره لظل ــم رمس ــي‪ ،‬س ــربهتا ب ــالتنويع‬
‫املعلُـوم فوجــدت أمتنهــا حبــاال‪ ،‬وأرســخها‬ ‫ن‬
‫والتقســيم‪ ،‬وعلمــت أن شــرف الع ْلـم علــى قــدر شــرف ْ‬
‫ن‬
‫ت قدرتـه‪ ،‬وتقدسـت أمسـاؤه‪ ،‬الـذي ال‬ ‫جباال‪ ،‬وأمجلها آثارا‪ ،‬وأسطعها أنوارا‪ ،‬ع ْلـ ُم كتـاب اهلل جلَّـ ْ‬
‫يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه‪ ،‬تنزيل من حكيم محيـد‪ ،‬الـذي اسـتقل بالسـنة والفـرض‪،‬‬
‫ونــزل بــه أمــني الســماء إىل أمــني األرض‪ ،‬هــو العلــم الــذي جعــل للشــرع قوامــا‪ ،‬واســتعمل ســائر‬
‫املعــارف خــداما منــه تأخــذ مبادئهــا‪ ،‬وبــه تعتــرب نواشــئها‪ ،‬فمــا وافقــه منهــا نصــع ومــا خالفــه رفــض‬
‫ودفع‪ ،‬فهو عنصرها النمري‪ ،‬وسراجها الوهاج‪ ،‬وقمرها املنري‪.‬‬

‫(‪ )٢‬هو‪ :‬احلسني بن حممد بن املفضل‪ ،‬وقيل‪ :‬املفضل بن حممد‪ ،‬املعروف بالراغب األصبهاين‪ ،‬أبو القاسم‪ ،‬تويف سنة‬
‫‪ 5٠١‬هـ‪ ،‬من مصنفاته‪" :‬مفردات القرآن"‪ ،‬و"حماضرات األدباء"‪ ،‬و"أفانني البالغة"‪ .‬ينظر‪ :‬سري أعالم النبالء‬
‫(‪ ،)٢١٠/٢8‬بغية الوعاة (‪)١9٠/١‬‬
‫(‪ )١‬تفسري الراغب األصفهاين املؤلف‪ :‬أبو القاسم احلسني بن حممد املعروف بالراغب األصفهاىن (املتوىف‪5٠١ :‬هـ) جزء‬
‫‪ :٢‬املقدمة وتفسري الفاحتة والبقرة حتقيق ودراسة‪ :‬د‪ .‬حممد عبد العزيز بسيوين الناشر‪ :‬كلية اآلداب ‪ -‬جامعة طنطا الطبعة‬
‫األوىل‪ ٢4١٠ :‬هـ ‪ ٢999 -‬م (‪)36 /٢‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬عبد احلق بن غالب بن عبد الرمحن بن عطية احملاريب‪ ،‬الغرناطي‪ ،‬أبو حممد‪ ،‬ولد سنة ‪48٢‬هـ‪ ،‬روى عن‪ :‬أبيه‪،‬‬
‫واحلافظ أيب علي الغساين‪ ،‬وحدث عنه‪ :‬أبو القاسم بن حبيش احلافظ‪ ،‬وأبو حممد بن عبيد اهلل‪ ،‬وكان مفسراً‪ ،‬فقيهاً‪،‬‬
‫عارفاً باألحكام واحلديث‪ ،‬متفنناً يف العلوم‪ ،‬تويف يف سنة ‪54١‬هـ وقيل‪ :‬يف سنة ‪54٢‬هـ من مصنفاته‪" :‬احملرر الوجيز يف‬
‫تفسري الكتاب العزيز"‪ .‬ينظر‪ :‬الديباج املذهب (ص‪ ،)١٠5/‬سري أعالم النبالء (‪.)58٠/٢9‬‬
‫‪50‬‬
‫ـت أنــه أعظــم العلــوم تقريبــا إىل اهلل تعــاىل‪ ،‬وختليصــا للنيــات‪ ،‬وهنيــا عــن الباطــل‪ ،‬وحضــا‬
‫وأيقنـ ُ‬
‫على الصاحلات‪ ،‬إذ لي من علوم الدنيا فيختل حامله من منازهلا صيدا‪ ،‬وميشي يف التلطف هلا‬
‫رويدا "(‪.)٢‬‬

‫وقــال ابــن القــيم(‪- )١‬رمحــه اهلل‪ " :-‬واملقصــود أن القــرآن واإلميــان مهــا نــور جيعلــه اهلل يف قلــب‬
‫من يشاء مـن عبـاده وأهنمـا أصـل كـل خـري يف الـدنيا واآلخـرة وعلمهمـا أجـل العلـوم وأفضـلها بـل‬
‫ال علم يف احلقيقة ينفع صاحبه إال علمهما واهلل يهدي من يشاء إىل صراط مستقيم "(‪.)3‬‬

‫ويقول الشوكاين(‪- )4‬رمحه اهلل‪" :-‬وبعد‪ :‬فإن أشرف العلـوم علـى اإلطـالق‪ ،‬وأوالهـا بالتفضـيل‬
‫علــى االســتحقاق‪ ،‬وأرفعهــا قــدرا باالتفــاق‪ ،‬هــو علــم التفســري لكــالم القــوي القــدير‪ ،‬إذا كــان علــى‬
‫الوجه املعترب يف الورود والصدر‪ ،‬غري مشوب بشيء من التفسري بالرأي الذي هو من أعظم اخلطر‪،‬‬
‫وهــذه األشــرفية هلــذا العلــم غنيــة عــن الربهــان‪ ،‬قريبــة إىل األفهــام واألذهـان‪ ،‬يعرفهــا مــن يعــرف الفــرق‬
‫بني كالم اخللق واحلق‪ ،‬ويدري هبا من مييز بني كالم البشر‪ ،‬وكالم خالق القوى والقدر "(‪.)5‬‬

‫(‪ )٢‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز‪)34-33 /٢( .‬‬


‫(‪ )١‬هو‪ :‬حممد بن أيب بكر بن أيوب الزرعي الدمـشقي‪ ،‬مش الدين‪ ،‬أبو عبـد اهلل‪ ،‬الشهري بابن قيـم اجلوزية‪ ،‬ولد‬
‫بدمشق سنة‪69٢‬هـ و أخذ عن‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وهذب كتبه‪ ،‬ونشر علمه‪ ،‬وعن‪ :‬صفي الدين اهلندي وابن أيب‬
‫الفتح‪ :‬وبرع يف املذهب‪ ،‬وتفنن يف علوم اإلسالم و كان ذا عبادة‪ ،‬وهتجد‪ ،‬وطول صالة‪ ،‬وهلج بالذكر‪ ،‬وتويف بدمشق‬
‫ثالث عشر رجب يف سنة‪٠5٢‬هـ من تصانيفة‪" :‬إعالم املوقعني"‪ ،‬و"زاد املعاد"‪ ،‬و"مدارج السالكني"‪ ،‬وغريها‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫الذيل على طبقات احلنابلة (‪ ،)44٠/١‬الدرر الكامنة (‪.)١43/3‬‬
‫(‪ )3‬مفتاح دار السعادة ومنشور والية العلم واإلرادة (‪)55 /٢‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬حممد بن علي بن حممد بن عبد اهلل الشوكاين‪ ،‬ولد بصنعاء يوم االثنني الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة‬
‫سنة ‪٢٢٠3‬هـ‪ ،‬ونشأ هبا‪ ،‬وقرأ على‪ :‬والده‪ ،‬وأمحد بن حممد احلرازي‪ ،‬وعبد القادر الكوكباين‪ ،‬وغريهم‪ ،‬كان مفخرة اليمن‬
‫بال جدال‪ ،‬من أوعية العلم الشرعي والعريب‪ ،‬طبقت شهرته اآلفاق‪ ،‬ويل قضاء صنعاء سنة تسع وعشرين ومائتني وألف‪،‬‬
‫ومات حاكماً هبا سنة ‪٢١55‬هـ‪ ،‬له مصنفات كثرية منها‪" :‬إرشاد الفحول"‪ ،‬و"نيل األوطار"‪ ،‬و"فتح القدير"‪ ،‬و"السيل‬
‫اجلرار"‪ ،‬و"البدر الطالع"‪ ،‬وغريها‪ .‬ينظر‪ :‬األعالم (‪.)١98/6‬‬
‫(‪ )5‬فتح القدير للشوكاين (‪.)٢3/٢‬‬

‫‪52‬‬
‫وقال النيسابوري(‪ )٢‬مبينا أمهية علم التفسري بعبـارة خمتصـرة مـوجزة ‪ " :‬علـم التفسـري مـن العلـوم‬
‫مبنزلة اإلنسان من العني والعني من اإلنسان "(‪.)١‬‬

‫ومن هنـا فقـد اهـتم الشـيخ اهلـاليل ‪-‬رمحـه اهلل‪ -‬بتفسـري كتـاب اهلل تعـاىل ؛ وأمثـرت جهـوده فيـه‬
‫جملدات جمتمعة ‪ ،‬ومقاالت متفرقة لو مجعـت حلصـل منهـا تفسـري قـيم فيـه فوائـد ونكـت ال يسـتغين‬
‫عنها طالب العلم ‪..‬‬

‫وقبل أن أبني بعضا من جهوده تلك أعرج على تعريف التفسري لغة واصطالحا ‪:‬‬

‫التفسير لغة ‪:‬‬

‫فســرت احلــديث تفسـريا أي ‪ :‬بينتــه تبيينــا وأوضــحته توضــيحا )‪،(3‬‬


‫اإليضــاح والتبيــني ‪ ،‬يقــال ‪َّ :‬‬
‫وقد اختلف علماء اللغة يف اشتقاقه ‪ :‬فقيل ‪ :‬من الف ْسر ‪ ،‬وهو الكشف واإلظهار‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ف املغطَّى‪،‬كالتَّـ ْفس نري"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قال الفريوزآبادي(‪- )4‬رمحه اهلل‪ " : -‬الف ْس ُر‪ :‬ا نإلبانةُ‪ ،‬وك ْش‬
‫ُ‬
‫رت‬
‫وقيل ‪ :‬مأخوذ من مقلوبه ‪ ،‬يقال ‪ :‬أسفر الصبح إذا أضاء إضاءة ال يشك فيها ‪ ،‬وسف ْ‬
‫املرأة عن وجهها إذا كشفت النقاب عن وجهها ‪.‬‬

‫النيسابورى‪ ،‬نظام الدين‪ ،‬ويقال له األعرج‪ :‬مفسر‪ ،‬له اشتغال باحلكمة‬


‫ي‬ ‫(‪ )٢‬هو ‪ :‬احلسن بن حممد بن احلسني القمي‬
‫والرياضيات‪ .‬أصله من بلدة (قم) ومنشؤه وسكنه يف نيسابور‪ .‬له كتب‪ ،‬منها (غرائب القرآن ورغائب الفرقان ‪ -‬طبع يف ثالثة‬
‫النيسابورى‪ ،‬ألفه سنة ‪ 8١8‬هـ ‪ ،‬تويف سنة ‪85٠‬هـ األعالم للزركلي (‪)١٢6 /١‬‬
‫ي‬ ‫جملدات‪ ،‬يعرف بتفسري‬
‫(‪ )١‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان (‪)5 /٢‬‬
‫(‪ )3‬الصحاح (‪)٠8٢ /١‬‬
‫(‪ )4‬هو ‪ :‬حممد بن يعقوب بن حممد بن إبراهيم بن حممد بن أيب بكر بن إدري بن فضل اهلل الشريازي الفريوزابادي ولد يف‬
‫سنة تسع وعشرين تويف بزبيد يف شوال سنة سبع عشرة ومثامنائة‪ .‬انظر ‪ :‬طبقات الشافعية ج‪/4‬ص‪63‬‬
‫(‪ )5‬القاموس احمليط (ص‪)456 :‬‬

‫‪53‬‬
‫قال األزهري(‪ " :)٢‬ومنه يقال‪ :‬سفرت بني القوم أسفر سفارة‪ :‬إذا أصلحت بينهم وكشفت‬
‫ما يف قلب هذا وقلب هذا لتصلح بينهم‪ .‬والسفري‪ :‬املصلح بني الناس‪..‬‬

‫قال ابن عرفة‪ :‬مسيـت املالئكـة سـفرة ألهنـم يسـفرون بـني اهلل وبـني أنبيائـه‪ .‬قـال أبـو بكـر(‪:)١‬‬
‫مس ـوا ســفرة ألهنــم ينزلــون بــوحي اهلل وتأديتــه‪ ،‬ومــا يقــع بــه الصــالح بــني النــاس‪ ،‬فشــبهوا بالســفري‬
‫(‪)3‬‬
‫الذي يصلح بني الرجلني فيصلح شأهنما‪".‬‬

‫ومسي السفر بذلك ألنه يسفر عن أخالق الرجال‪ ،‬أي يبينها ويوضحها على حقيقتها‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬مأخوذ من التفسرة ‪ ،‬وهي اسم ملا يستدل به الطبيب على مرض البـدن‪ ،‬وكـل شـيء‬
‫(‪)4‬‬
‫يعرف به تفسري الشيء فهو التفسرة‪.‬‬

‫وم ــن ك ــالم علمـ ــاء اللغ ــة املتق ــدمني يتضـ ــح أن التفسـ ــري لغـ ــة تـ ــدور معانيـ ــه عل ــى اإلظهـ ــار‬
‫واإليضاح والتبيني ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬هو ‪ :‬حممد بن أمحد بن األزهر بن طلحة بن نوح بن األزهر بن نوح بن حامت األزهري اهلروي‪ ،‬الشافعي (أبو‬
‫منصور) أديب‪ ،‬لغوي‪ .‬ولد يف هراة خبراسان سنة ‪١8١‬هـ‪ ،‬وعين بالفقه أوال‪ ،‬مث غلب عليه علم العربية‪ ،‬فرحل يف طلبه‬
‫وقصد القبائل وتوسع يف أخبارهم‪ ،‬مسع ببلده من احلسني بن إدري ‪ ،‬وحممد بن عبد الرمحن السامي وعدة ‪ ،‬روى عنه‪:‬‬
‫أبو عبيد اهلروي‪ ،‬وأبو يعقوب القراب‪ ،‬وأبو ذر عبد بن أمحد احلافظ وآخرون‪ .‬وكان رأسا يف اللغة والفقه‪ ،‬ثقة‪ ،‬ثبتا‪ ،‬دينا‪.‬‬
‫ومن كتبه‪" :‬هتذيب اللغة" املشهور‪ ،‬وكتاب "التفسري"‪ ،‬و"تفسري ألفاو املزين "‪ ،‬و"علل القراءات"‪ ،‬و"الروح"‪ ،‬و"األمساء‬
‫احلسل"‪ ،‬و "شرح ديوان أيب متام"‪ .‬تويف يف هبراة يف ربيع اآلخر سنة سبعني وثالمثائة‪ ،‬عن مثان ومثانني سنة‪ .‬انظر‪ :‬سري‬
‫أعالم النبالء (‪ ،)3٢5/٢6‬ووفيات األعيان (‪.)334/4‬‬
‫(‪ )١‬أبو بكر هذا مل أعرف من هو بالتحديد ؛ إذ قد يكون هو أبو بكر بن دريد ‪ ،‬أو أبو بكر حممد بن القاسم بن حممد‬
‫بن بشار األنباري؛ حيث إن األزهري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ينقل عنهما كثريا يف كتابه هذا ‪ .‬انظر مثال مقدمة األزهري يف هتذيب‬
‫اللغة (‪)١4 /٢‬‬
‫(‪ )3‬هتذيب اللغة (‪١٠8 /٢١‬و‪)١8٠‬‬
‫(‪ )4‬العني (‪)١48 /٠‬‬
‫‪54‬‬
‫التفسير اصطالحا ‪:‬‬

‫اختلــف أهــل العلــم يف علــم التفســري ‪ ،‬هــل ميكــن أن يوضــع لــه حــد أم ال ‪ ،‬وإن أمكــن فمــا‬
‫هو هذا احلد اجلامع املانع لعلم التفسري ‪ ،‬وبذلك انقسموا إىل اجتاهني اثنني‪:‬‬

‫االجتــاه األول ‪ :‬يــرى أن التفســري ال حيتــاج إىل حــد‪ ،‬ويكتفـى يف إيضــاح معنــاه بأنــه ‪ :‬املبــني‬
‫أللفاو القرآن الكرمي ‪ ،‬ومفهوماهتا أو بيان كالم اهلل تعاىل(‪.)٢‬‬

‫االجتـاه الثـاين ‪ :‬يـرى أن التفسـري – كغـريه مـن العلـوم – ال بـد لـه مـن تعريـف جـامع جلميـع‬
‫جزئياته مانعا من دخول غريه فيه(‪.)١‬‬

‫واختلف أهل هذا االجتـاه يف اختيـار األلفـاو الـيت ينبغـي أن يتكـون منهـا حـد لعلـم التفسـري‬
‫وسوف أقتصر هنا على أهم التعاريف الواردة لعلم التفسري ‪:‬‬

‫‪ - ٢‬تعري ــف اإلم ــام أيب حي ــان(‪ " :)3‬التفس ــري عل ــم يبح ــث في ــه ع ــن كيفي ــة النط ــق بألف ــاو‬
‫القــرآن‪ ،‬ومــدلوالهتا‪ ،‬وأحكامهــا اإلفراديــة والرتكيبيــة‪ ،‬ومعانيهــا الــيت حتمــل عليهــا حالــة الرتكيــب‪،‬‬
‫وتتمات لذلك‪.‬‬

‫مث ب ــدأ يش ــرح التعري ــف ‪ ،‬ويب ــني معاني ــه ؛ فق ــال‪ :‬فقولن ــا‪" :‬عل ــم" ه ــو ج ــن يش ــمل س ــائر‬
‫العلوم‪.‬‬

‫وقولنا ‪" :‬يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاو القرآن" هذا هو علم القراءات‪.‬‬

‫(‪ )٢‬التفسري واملفسرون (‪)٢١/٢‬‬


‫(‪ )١‬السابق ‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو ‪ .:‬هو‪ :‬حممد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفري الغرناطي‪ ،‬النحوي‪ ،‬األندلسي‪ ،‬الشافعي‪ ،‬أثري‬
‫الدين‪ ،‬أبو حيان‪ ،‬ولد سنة ‪654‬هـ‪ ،‬وأخذ عن‪ :‬أيب علي بن أيب األحوص‪ ،‬وهباء الدين بن النحاس وغريمها‪ ،‬وقرأ القرآن‬
‫بالروايات‪ ،‬ومسع احلديث‪ ،‬وكان إمام الدنيا يف النحو‪ ،‬والتصريف‪ ،‬وله اليد الطوىل يف التفسري‪ ،‬واحلديث‪ ،‬والرتاجم‪،‬‬
‫والطبقات والتواريخ‪ ،‬واحلوادث‪ ،‬وأقرأ الناس قدمياً وحديثاً حىت أحلق الصغار بالكبار‪ ،‬وصار تالمذته أئمة وأشياخاً يف‬
‫حياته‪ ،‬وتويف سنة ‪٠45‬هـ طبقات الشافعية الكربى (‪ ،)١٠١/9‬الدرر الكامنة (‪.)٢85/4‬‬
‫‪55‬‬
‫وقولنـا ‪" :‬ومـدلوالهتا" ‪ ،‬أي مــدلوالت تلـك األلفــاو‪ ،‬وهـذا هـو علــم اللغـة الــذي حيتـاج إليــه‬
‫يف هذا العلم‪.‬‬

‫وقولنــا‪" :‬وأحكامهــا اإلفراديــة والرتكيبيــة" هــذا يشــمل علــم التصـريف‪ ،‬وعلــم اإلعـراب‪ ،‬وعلــم‬
‫البيان‪ ،‬وعلم البديع‪" ،‬ومعانيها اليت حتمل عليها حالة الرتكيـب" مشـل بقولـه الـيت حتمـل عليهـا مـا‬
‫ال داللـة عليــه باحلقيقــة‪ ،‬ومــا داللتــه عليــه باجملــاز‪ ،‬فـإن الرتكيــب قــد يقتضــي بظــاهره شــيئا‪ ،‬ويصــد‬
‫عن احلمل على الظاهر صاد‪ ،‬فيحتاج ألجل ذلك أن حيمل على غري الظاهر‪ ،‬وهو اجملاز‪.‬‬

‫وقولنا‪" :‬وتتمات لذلك"‪ ،‬هـو معرفـة النسـخ‪ ،‬وسـبب النـزول‪ ،‬وقصـة توضـح بعـض مـا انـبهم‬
‫(‪)٢‬‬
‫يف القرآن‪ ،‬وحنو ذلك‪".‬‬

‫قلت‪ :‬قوله‪ " :‬فإن الرتكيب قد يقتضي بظاهره شيئاً‪ ،‬ويصد عن احلمـل علـى الظـاهر صـاد‪،‬‬
‫فيحتاج ألجل ذلك أن حيمل على غري الظاهر‪ ،‬وهو اجملاز"‬

‫إمنا يستقيم على قول القائلني بوجود اجملاز يف القرآن الكرمي ‪ ،‬والتحقيق عدم وجوده فيه ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ومع ذلك فقد اقتصر عليه اآللوسي(‪ )١‬يف تفسريه ‪ ،‬وجعله حدا ملعل التفسري‪.‬‬

‫واعرتض عليه أبو شهبة(‪ )4‬فقال ‪" :‬وهـذا التعريـف غـري جلنـي وال واضـح‪ ،‬وكـذلك مل يصـرح‬
‫بالغرضــني األمهــني اللــذين نــزل هلمــا القــرآن‪ :‬ومهــا‪ :‬كونــه كتــاب اهلدايــة البينــة الــيت هــي أوضــح‬
‫اهلدايات‪ ،‬وأقومها‪ ،‬واليت لو اتبعها البشر حلققت هلم السعادتني‪ :‬الدنيوية واألخروية‪.‬‬

‫والكتــاب الســماوي املعجــز‪ ،‬فهــو املعجــزة العظمــى واآليــة الكــربى الباقيــة علــى وجــه الــدهر‬
‫(‪)٢‬‬
‫لنبينا حممد صلوات اهلل وسالمه عليه‪".‬‬

‫(‪ )٢‬البحر احمليط يف التفسري (‪.)١6 /٢‬‬


‫(‪ )١‬هو ‪ :‬حممود بن عبداهلل احلسيين األلوسي ‪،‬شهاب الدين ‪،‬أبو الثناء ‪،‬مفسر ‪،‬أديب من اجملددين ‪،‬كان سلفي‬
‫االعتقاد‪،‬جمتهداً‪.‬ت ‪٢١٠٠‬هـ‪.‬انظر ‪:‬األعالم ‪.٢٠6/٠‬‬
‫(‪ )3‬روح املعاين لآللوسي (‪.)5 /٢‬‬
‫(‪ )4‬هو العالمة الدكتور حممد بن حممد بن سويلم أبو شهبة‪ ،‬عامل موسوعي جليل املتوىف‪٢4٠3 :‬هـ‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫قلت‪ :‬قوله‪" :‬غري جلي وال واضح" ال معل هلا؛ بل هو واضح وجلي من حيث املعل واملبل ‪.‬‬

‫وكونــه مل يتعــرض لكــون القــرآن الكــرمي كتــاب هدايــة وكتــاب إعجــاز فغــري مســلم أيضــا إذ إن‬
‫قــول أيب حي ــان يف تعريف ــه ‪ " :‬عل ــم يبح ــث في ــه عــن كيفي ــة النط ــق بألف ــاو الق ــرآن‪ ،‬وم ــدلوالهتا‪،‬‬
‫وأحكامه ــا اإلفرادي ــة والرتكيبي ــة‪ ،‬ومعانيه ــا ال ــيت حتم ــل عليه ــا حال ــة الرتكي ــب" يفه ــم من ــه اإلمي ــاء‬
‫واإلشارة إىل النقطتني اللتني اعرتض هبما أبو شهبة ‪-‬رمحه اهلل‪.-‬‬

‫‪ - ١‬تعريــف الزركشــي(‪ :)١‬عــرف الزركشــي التفســري فقــال ‪ " :‬التفســري علــم يعــرف بــه فهــم‬
‫كتــاب اهلل املنــزل علــى نبيــه حممــد ‪ --‬وبيــان معانيــه واســتخراج أحكامــه وحكمــه واســتمداد‬
‫ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات وحيتاج ملعرفة أسباب‬
‫النزول والناسخ واملنسوخ " (‪.)3‬‬

‫‪ - 3‬وعرف ـ ــه الس ـ ــيوطي فق ـ ــال ‪ " :‬التفس ـ ــري يف االص ـ ــطالح عل ـ ــم ن ـ ــزول اآلي ـ ــات وش ـ ــئوهنا‬
‫وأقاصيصــها‪ ،‬واألســباب النازلــة فيهــا مث ترتيــب مكيهــا ومــدنيها‪ ،‬وحمكمهــا ومتشــاهبها‪ ،‬وناســخها‬
‫ومنسوخها‪ ،‬وخاصها وعامها‪ ،‬ومطلقها ومقيدها‪ ،‬وجمملها ومفسـرها‪ ،‬وحالهلـا وحرامهـا ووعـدها‬
‫ووعيدها‪ ،‬وأمرها وهنيها‪ ،‬وعربها وأمثاهلا"(‪.)4‬‬

‫وهناك تعريفات أخرى أعرضت عن ذكرها خوف اإلطالة ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلسرائيليات واملوضوعات يف كتب التفسري (ص‪.)١6 :‬‬


‫(‪ )١‬هو‪ :‬حممد بن هبادر بن عبد اهلل‪ ،‬وقيل‪ :‬عبد اهلل بن هبادر‪ ،‬واألول أشهر‪ ،‬بدر الدين يعرف بالزركشي‪ ،‬كنيته أبو عبد‬
‫اهلل‪ ،‬تركي األصل ولد مبصر سنة ‪٠45‬هـ أخذ عن الشيخ مجال الدين اإلسنوي والشيخ سراج الدين البلقيين‪ ،‬والشيخ‬
‫شهاب الدين األذرعي‪ ،‬وغريهم‪ ،‬وكان فقيهاً‪ ،‬أصولياً‪ ،‬أديباً‪ ،‬فاضالً‪ ،‬شافعي املذهب تويف مبصر سنة‪٠94‬هـ ومن‬
‫تصانيفه‪" :‬النكت" على البخاري‪ ،‬و"تشنيف املسامع"‪ ،‬و"البحر احمليط"‪ .‬ينظر‪ :‬الدرر الكامنة (‪ ،)١4٢/3‬األعالم‬
‫(‪.)6٠/6‬‬
‫(‪ )3‬الربهان يف علوم القرآن (‪.)٢3 /٢‬‬
‫(‪ )4‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪.)٢94 /4‬‬
‫‪57‬‬
‫والتعاريف اليت ذكرت سابقا كلها متفقة على أن الغاية من علـم التفسـري هـي بيـان وإيضـاح‬
‫معاين القرآن الكرمي وفق العلوم ذات الصلة كعلم القراءات وعلوم اللغة والناسخ واملنسـوخ وعلـوم‬
‫األصول والفقه وغريها ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مؤلفاته‬

‫لقد كان الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من العلماء الداعني إىل التمسك بالكتاب والسنة يف العقائد‬
‫واألحكام واملعامالت؛ وعاش حياته مدافعا عن مبدأ التأصيل العلمي‪ ،‬واتباع الدليل‪..‬‬

‫ومن هنا فال غرابة أن يشغل تفسري كتاب اهلل تعاىل حيزا كبريا من آثار الشيخ العلمية اليت‬
‫كانت صورة نوعية عن تفكري الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وهنجه يف طلب العلم والدعوة إىل اهلل‬
‫تعاىل‪..‬‬

‫وإن كان الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪-‬مل يؤلف تفسريا مستقال كما درج على ذلك عامة املفسرين‬
‫والعلماء املهتمني بالقرآن الكرمي وعلومه؛ إال أنه ترك ثروة تفسريية هائلة‪ ،‬متثلت يف جهود‬
‫مباركة فسر من خالهلا معظم كتاب اهلل تعاىل ‪ ،‬وإن كان بشكل متفرق ‪..‬‬

‫ومن أهم جهود الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬املتعلقة بالتفسري ما يلي‪:‬‬

‫‪ – 0‬كتاب سبيل الرشاد في هدي خير العباد‪.‬‬


‫وهو كتاب ضخم يقع يف أربعة جملدات من سبعة أجزاء وصل جمموع صفحاهتا ‪ -‬بعد‬
‫التحقيق ومع الفهارس ‪ -‬إىل ثالث وثالثني وستمائة وألفا صفحة ‪.‬‬

‫وطبعته الدار األثرية يف عمان األردن طبعة أوىل سنة سبع وعشرين وأربعمائة وألف من‬
‫اهلجرة مث طبعة ثانية سنة تسع وعشرين وأربعمائة وألف من اهلجرة ‪ ،‬وكان بتحقيق وتعليق أبو‬
‫عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ‪.‬‬

‫نسبة كتاب سبيل الرشاد ‪:‬‬


‫ال شك يف نسبة هذا الكتاب للشيخ حممد تقي الدين اهلاليل؛ فقد طبع أغلبه يف حياته‪..‬‬

‫‪59‬‬
‫يقول حمقق الكتاب ‪ " :‬كتاب "سبيل الرشاد" ثابت النسبة للهاليل ؛ فقد طبع جله يف‬
‫حياته ‪ ،‬وأماله من حفظه ‪ ،‬مع مراجعات ونقوالت من كتب عديدة "(‪.)٢‬‬

‫وذكره العالمة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬فقال ‪ " :‬ومن مؤلفاته األخرية "سبيل‬
‫الرشاد""(‪.)١‬‬

‫وذكره تلميذ اهلاليل األستاذ عمر حمسن يف مقدمته للكتاب ‪.‬‬

‫وعنه يف الرتمجة اليت نشرت للهاليل يف جملة الفرقان ‪ ،‬العدد العاشر ‪ ،‬سنة سبع ومثانني‬
‫وتسعمائة وألف من امليالد ص ‪ 8-4‬بعنوان "العامل اجلليل الدكتور اهلاليل يف ذمة اهلل"‪.‬‬

‫وذكر كتاب سبيل الرشاد للمؤلف أيضا يف مقالة جملة "املنهل" العدد تسع وتسعون‬
‫وأربعمائة ‪ ،‬اجمللد ‪ 54‬سنة ثالث عشرة وأربعمائة وألف من اهلجرة ص‪.١٢4‬وغريها ‪.‬‬

‫لمحة عن كتاب سبيل الرشاد ‪:‬‬

‫يُعد كتاب سبيل الرشاد من أهم ما خلف الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من تراث بشكل عام‬
‫وخاصة يف التفسري والعقيدة ‪..‬‬

‫وقد عاش الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حياته على فكرة تأليف هذا الكتاب ؛ فقد كان يتمل مجعه‬
‫وتأليفه منذ أن كان شابا يافعا‪..‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬مل أزل منذ عهد الشباب أمتل أن يوفقين اهلل تعاىل إىل مجع آيات‬
‫التوحيد بأنواعه وتفسريها بأحاديث النيب الكرمي‪،‬وبأقوال الصحابة والتابعني‪ ،‬ومن تبعهم‬
‫بإحسان إىل يوم الدين "(‪.)3‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪9‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪9‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ج‪5‬ص‪5‬‬
‫‪61‬‬
‫وقد بني ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬غرضه من تأليف هذا الكتاب يف أماكن متعددة فقال يف موضع‪:‬‬
‫رب غريه ‪ ،‬ويف عبادته فال يعبد غريه‪،‬‬
‫(‪ ..‬وأهم أمور الدين توحيد اهلل تعاىل يف ربوبيته ؛ فال َّ‬
‫ويف أمسائه وصفاته فال يشاركه فيها غريه ‪ ،‬ويف االتباع فال يتبع إال وحيه وهو القرآن واحلديث‬
‫نويت أن أؤلف هذا الكتاب وقد بدأته ومتامه على اهلل‪.)٢()..‬‬
‫الثابت ‪ ،‬وعلى هذه األربعة ُ‬
‫وكان من عزم الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أن جيعله أربعة أقسام كما صرح بذلك يف النص اآلنف‬
‫إال أنه استقر رأيه على جعله ثالثة أقسام ‪..‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬خطر ببايل منذ مدة أن أؤلف كتابا لنفسي وملن شاء اهلل بعدي‪،‬‬
‫أشرح فيه أنواع التوحيد األربعة اليت أوهلا ‪ :‬توحيد الربوبية ‪ ،‬وثانيها ‪ :‬توحيد العبادة ‪ ،‬وثالثها‪:‬‬
‫توحيد االتباع ‪ ،‬ورابعها ‪ :‬توحيد األمساء والصفات ‪ ،‬مث رأيت أن آيات توحيد الربوبية يف كتاب‬
‫اهلل كثرية لو استوعبتها مع ما يتعلق هبا من األحاديث النبوية وكالم علماء السلف لعظم حجم‬
‫الكتاب جدا لكثرهتا ؛ فجعلت األقسام ثالثة ‪:‬‬

‫األول‪ :‬يف توحيد العبادة ممزوجا مبا حيتاج إليه من آيات توحيد الربوبية ‪.‬‬

‫والقسم الثاني‪ :‬يشتمل على آيات توحيد االتباع – أعين اتباع الكتاب والسنة ‪.‬‬

‫والقسم الثالث‪ :‬يشتمل على آيات توحيد األمساء والصفات وهي اآليات اليت وصف اهلل‬
‫هبا نفسه سبحانه وما يتعلق هبا من األحاديث النبوية وأقوال أئمة السلف"(‪.)١‬‬

‫وبني يف موضع آخر أن التوحيد هو األساس الذي من أجله ألف هذا الكتاب فقال بعد‬
‫أن سرد قصة صاحل مع مثود ما نصه‪.. " :‬واملقصود بسرد هذه القصة ‪ :‬بيان أن كل رسول‬
‫أرسله اهلل إىل قومه يقول هلم ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭼ ]األعراف‪ [ 59:‬ألن التوحيد هو‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪36٢/٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢3٢‬‬
‫‪60‬‬
‫األصل الذي تبل عليه أمور الدين كلها ؛ فإذا حقق وثبت ثبت ما بعده ؛ وإذا مل يتحقق ومل‬
‫ﭽﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫يثبت هتدم كل شيء من أمور الدين ؛ لقوله تعاىل ‪:‬‬
‫]النساء‪[ 48 :‬وهذا هو الغرض من تأليف هذا‬ ‫ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﭼ‬

‫الكتاب ؛ ألن املسلمني يف هذا الزمان بعدوا عن أصول دينهم وفشت فيهم الضالالت‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وشرها الشرك باهلل ‪"...‬‬

‫وذكر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬تقسيمه لكتاب سبيل الرشاد إىل ثالثة أقسام ؛ وفصلها على‬
‫النحو التايل ‪:‬‬

‫القسم األول ‪ :‬وهو في توحيد الربوبية والعبادة‪ ،‬وقال إنه جاء في جزأين من ثمانمائة‬
‫صفحة ‪.‬‬

‫وقال ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وكان الفراغ منه يوم اجلمعة السابع عشر من صفر سنة مخ‬
‫وتسعني وثالمثائة وألف بدار السلفي الصاحل احلاج حممد الفاليل مبدينة فاس ‪ ،‬أسأل اهلل تعاىل‬
‫بأمسائه احلسل ومبحبتنا واتباعنا حلبيبه وخليله حممد ‪ --‬أن يعيننا ‪ ،‬وجيعل أعمالنا خالصة‬
‫لوجهه الكرمي ‪ ،‬وخيتم لنا باحلسل "(‪.)١‬‬
‫مث ختمه خبامتة يف حتذير النيب ‪ --‬أمته الغلو يف قبور األنبياء والصاحلني ؛ نقل فيها‬
‫نبذة من كالم أهل العلم يف هذا املوضوع‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬وهو في توحيد االتَباع‪.‬‬


‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬أما بعد ‪ :‬فيقول العبد الفقري إىل رمحة ربه الكبري املتعايل حممد تقي‬
‫علي وأعانين على‬
‫الدين اهلاليل ‪ ،‬عفا اهلل عنه ‪ ،‬وغفر ذنبه وسرت يف الدارين عيبه ‪ :‬لقد من اهلل َّ‬
‫إجناز "القسم األول" من كتاب سبيل الرشاد ‪ ،‬وهو يف توحيد الربوبية والعبادة ؛ فجاء يف‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪395-394‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪3٠6‬‬
‫‪62‬‬
‫جزأين يشتمل على مثامنائة ومخسني صفحة تقريبا ‪ ،‬وها أنذا أقف خاضعا ذليال بباب الغين‬
‫الكرمي ‪ ،‬أسأله من فضله أن يعينين على تأليف القسم الثاين مث الثالث ‪.‬‬
‫والقسم الثاين يف توحيد االتباع كما هو معلوم ‪ ،‬واملراد ‪ :‬اتباع الكتاب والسنة يف مجيع‬
‫أمور الدين ‪ ،‬من عقيدة وأعمال وأخالق ومعامالت"(‪.)٢‬‬
‫وقال عند انتهائه من هذا القسم ‪ " :‬لقد من اهلل علي وأعانين على ختم هذا القسم‬
‫وأسأله بأمسائه واحلسل وصفاته العليا ومبحبتنا واتباعنا حلبيبه وخليله حممد رسول اهلل صلوات‬
‫اهلل وسالمه عليه أن يعينين على القسم الثالث وجيعل هذا العمل خالصا لوجهه الكرمي "(‪.)١‬‬
‫مث ختمه مبجموعة من القصائد أغلبها منقولة من كتاب الصوارم واألسنة حملمد بن أيب‬
‫مدين الشنقيطي (‪. )3‬‬

‫القسم الثالث ‪ :‬وهو في توحيد األسماء والصفات ‪.‬‬


‫بدأه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بقوله ‪ " :‬أما بعد فيقول العبد الفقري إىل رمحة ربه حممد تقي الدين بن‬
‫عبد القادر اهلاليل احلسيين غفر اهلل ذنبه‪ ،‬وسرت يف الدارين عيبه ‪ :‬مل أزل منذ عهد الشباب‬
‫أمتل أن يوفقين اهلل تعاىل إىل مجع آيات التوحيد بأنواعه‪ ،‬وتفسريها بأحاديث النيب الكرمي‪،‬‬
‫وبأقوال الصحابة والتابعني ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين ‪ ،‬وقد وفقين اهلل تعاىل إلمتام‬
‫"القسم األول" مث "القسم الثاين" ‪ ،‬وهأنذا أقف بباب الغين الكرمي خاشعا ذليال أسأله أن مين‬
‫علي بالتوفيق والعون على تأليف "القسم الثالث" وهو ‪ :‬آيات األمساء والصفات "(‪.)4‬‬
‫َّ‬
‫وقال عند هنايته منه ‪ " :‬مت حبمد اهلل وحسن عونه "القسم الثالث" وهو األخري من كتاب‬
‫"سبيل الرشاد" وهذه نعمة عظيمة كنت أمتناها على اهلل تعاىل منذ عشرات السنني ‪ ،‬وكان‬

‫سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪5‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫سبيل الرشاد ج‪4‬ص‪١٠5‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫انظر سبيل الرشاد ج‪ 4‬من ص ‪١٠5‬إىل ص‪١98‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪5‬ص‪5‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪63‬‬
‫الفراغ منه يوم االثنني إلحدى عشرة ليلة خلون من شهر حمرم احلرام سنة ست وتسعني‬
‫وثالمثائة وألف من هجرة النيب األكرم"(‪.)٢‬‬
‫وقد أدرج فيه املؤلف ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مسائل اإلسالم واإلميان واإلحسان والعقيدة يف األنبياء‬
‫وعصمتهم من الصغائر والواجب اعتقاده يف الصحابة وغري ذلك من املباحث العقدية املهمة‪.‬‬

‫‪ – 2‬كتاب اإللهام واإلنعام في تفسير سورة األنعام ‪.‬‬


‫هذا كتاب خاص بالتفسري كما هو واضح من عنوانه وفحواه أيضا؛ وقد نشر على‬
‫حلقات يف جملة "اجلامعة السلفية" اهلندية ‪ ،‬وقد طبع حديثا يف بنارس الطبعة األوىل سنة سبع‬
‫وأبعمائة وألف من اهلجرة يف مخ وستني ومائة صفحة من الورق العادي ‪١4x٢٠‬‬
‫نسبة الكتاب للمؤلف ‪:‬‬
‫صرح املؤلف ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بتأليفه هلذا الكتاب يف مقدمته له فقال ‪ ... " :‬إال أن تفسري‬
‫الوحيني جيب أن يكون يف قالب مناسب ألهل الزمان واملكان مداويا لعلتهم حال ملشاكلهم‬
‫مبشرا للمؤمنني كابتا للظاملني ‪..‬‬
‫وقد فسرت سورة الفتح يف كتاب قبسة من أنوار الوحي فنفع اهلل بتفسريها كثرياً من‬
‫املؤمنني فحملين ذلك على تفسري سورة أخرى ‪ ،‬أرجو أن يكون تفسريها غذاء لروحي وألرواح‬
‫إخواين من طالب علم الكتاب والسنة وعامة املؤمنني ‪ ،‬وهذه السورة هي سورة األنعام ‪ ،‬ومن‬
‫اهلل وحده أستمد العون وهو حسيب ونعم الوكيل "(‪.)١‬‬
‫وذكره حمقق "سبيل الرشاد" ضمن مؤلفات الشيخ ‪ ،‬وهو معدود يف مؤلفاته يف املوقع‬
‫اخلاص به ‪ ،‬ومل أجد اختالفا يف نسبته للشيخ تقي الدين اهلاليل ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪6‬ص‪3٠٠ -3٠6‬‬


‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام يف تفسري سورة األنعام ص ‪٢‬‬
‫‪64‬‬
‫لمحة عن الكتاب ‪:‬‬
‫يعترب كتاب اإلهلام يف تفسري سورة األنعام مرجعا تفسرييا يعتمد عليه يف تفسري هذه السورة‬
‫الكرمية ؛ وقد حوى كثريا من الفوائد املهمة على طريقة الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف استنباط الفوائد‬
‫واليت سأبينها يف الفصول القادمة إن شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫والظاهر أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ألفه بعد تفسريه لسورة الفتح كما صرح بذلك يف النقل‬
‫السابق عنه ‪.‬‬
‫وكان الفراغ منه سنة أربع ومثانني وثالمثائة وألف من اهلجرة‪.‬‬
‫يقول الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف آخر الكتاب ‪ " :‬وهذا آخر ما يسره اهلل من تفسري هذه‬
‫السورة املباركة ‪ ،‬وكان الفراغ منه عشية يوم السبت الثنيت عشرة خلون من مجادى اآلخر سنة‬
‫أربع ومثانني وثالمثائة وألف من هجرة النيب األكرم ‪ ، --‬مبدينة مكناس حرسها اهلل من كل‬
‫بأس واحلمد هلل رب العاملني"(‪.)٢‬‬

‫‪ – 3‬كتاب تفسير سورة الفتح ‪:‬‬


‫وهو مطبوع داخل كتاب ‪":‬نبذة من علوم القرآن" الذي هو يف األصل جزء من كتابه‬
‫"قبسة من أنوار الوحي" ‪.‬‬
‫قال ‪-‬رمحه اهلل‪ .. " : -‬وقد ألفت دروسا مناسبة لطلبة اجلامعة وغريهم من املبتدئني أرجو‬
‫أن ينفع اهلل هبا من شاء من عباده ومسيتها قبسة من أنوار الوحي ‪ ،‬وجعلتها أربعة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول نبذة من علوم القرآن والثاين تفسري سورة الفتح والثالث نبذة من علوم احلديث‬
‫والرابع نبذة من األحاديث مع شرحها شرحا يعاجل مشكالت العصر احلديث وأمراض‬
‫أهله"(‪.)١‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام ص ‪٢65‬‬


‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ‪ ،‬تقي الدين اهلاليل ‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار الكتاب والسنة ‪ ،‬مجهورية مصر العربية ‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪١٠٠٠‬م ص‪٢١‬‬
‫‪65‬‬
‫وأما عن سبب اختياره لسورة الفتح فيقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وقد اخرتت سورة الفتح‬
‫لتضمنها جهاد أعداء احلق من املشركني واليهود واملنافقني تذكرة لشبان هذا العصر مبا بناه‬
‫(‪)٢‬‬
‫أسالفهم من جمد وما خلدوه من ذكرى يف ميادين العزة والعدالة واألخالق ‪"..‬‬

‫وقد فسر فيه الشيخ سورة الفتح كاملة؛ مبتدئا بشرح املفردات والغريب لكل آية إن كان‬
‫فيها غريب حيتاج إىل شرح أو إيضاح‪ ،‬مث يفسر اآلية معضدا تفسريه هلا باألحاديث الواردة يف‬
‫املوضوع وبأسباب النزول وحنو ذلك‪.‬‬

‫‪ – 4‬كتاب توحيد اهلل بالعبادة ‪:‬‬

‫وهو يقع يف مثان وأربعني صفحة وقد طبعته دار الكتاب والسنة يف مصر الطبعة األوىل‬
‫‪١٠٠٠‬م ‪.‬‬

‫وقد فسر فيه الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اآليات الواردة يف قصة شعيب عليه الصالة والسالم من‬
‫سورة األعراف من اآلية ‪ 85‬حىت اآلية ‪.93‬‬

‫مث أتبع ذلك بتفصيل توحيد الربوبية وتوحيد العبادة على طريقة السؤال واجلواب ؛ معرجا‬
‫على بعض بدع املتصوفة ‪ ،‬مبينا هلا وحمذرا منها ‪.‬‬

‫‪ – 5‬مجموعة مقاالت تحت عنوان ‪" :‬دروس في التفسير "‬

‫هذه املقاالت التفسريية للشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬نشرهتا جملة الثقافة اإلسالمية اليت تصدرها‬
‫مجعية الثقافة اإلسالمية يف بغداد ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ‪ ،‬اهلاليل ‪ ،‬ص‪٢١‬‬


‫‪66‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫ومنها مقالة يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﭙﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭼ‬

‫]البقرة‪.[ 6١ :‬‬

‫نشرهتا اجمللة املذكورة يف العدد اخلام من السنة الثالثة يوم السبت الثاين من شهر رمضان‬
‫سنة سبع وسبعني وثالمثائة وألف من اهلجرة‪.‬‬
‫وقد فسر الشيخ اآلية املذكورة تفسريا حمكما معضدا بأحاديث صحاح ‪ ،‬ومستفيدا منها‬
‫يف عالج واقع األمة كما هو شأنه دائما يف االستفادة من اهلدي القرآين والنبوي يف التنبيه على‬
‫أمراض األمة وسبل عالجها وطرق الوقاية منها ‪.‬‬
‫‪:‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ومنها مقالة يف تفسري قوله تعاىل‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ ] البقرة‪[ 58 :‬‬

‫نشرهتا اجمللة املذكورة يف السنة الثالثة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬السبت السابع عشر من شهر شعبان‬
‫سنة سبع وسبعني وثالمثائة وألف من اهلجرة ص‪3‬و‪4‬و‪6‬و‪٠‬‬
‫ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫ومنها مقالة يف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﮅ ﮆ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒ ﮓﮔﮕﮖ‬

‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ ] البقرة‪.[66 – 64 :‬‬
‫نشرهتا اجمللة املذكورة يف العدد السادس من السنة الثالثة يف يوم السبت السادس عشر من‬
‫رمضان سنة سبع وسبعني وثالمثائة وألف ص‪.4-3‬‬
‫وهناك مقاالت تفسريية متفرقة بذل فيها الشيخ جهدا قيما مشكورا يف تفسري بعض كتاب‬
‫اهلل تعاىل ‪ ،‬وال تزال جهود بعض األفاضل مشغولة يف البحث عنها ومجعها إلخراجها يف‬
‫كتاب(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬ينظر يف ذلك كتاب سبيل الرشاد بتحقيق أيب عبيدة ‪ ،‬وموقع الشيخ االلكرتوين‬
‫‪67‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬القيمة العلمية لكتبه‪.‬‬
‫تُعد كتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬املتعلقة بالتفسري مرجعا مهما؛ وخاصة فيما يتعلق باملسائل‬
‫اللغوية ؛ فإن له حتقيقات حسنة ناجتة عن خربته اللغوية‪ ،‬وذوقه األديب‪ ،‬وممارسته ملختلف‬
‫اللغات األخرى غري العربية مما كون عنده ملكة لغوية نادرة ‪..‬‬

‫وتظهر القيمة العلمية للكتب من خالل ثالثة أمور رئيسية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أصالة المادة العلمية التي تحويها ‪:‬‬

‫إن املطالع لكتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬جيد فيها مادة علمية مؤصلة تأصيال شرعيا متينا‬
‫ويالحظ فيها العناية بالدليل والربهان‪ ،‬واستيعاب املوضوع الذي كتبت من أجله يف جل‬
‫جوانبه‪..‬‬

‫ومبا أن حياة الشخص العلمية يف تطور مستمر من حياته إىل موته ؛ فإنك تالحظ هذا‬
‫التطور يف كتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬؛ فال شك أهنا ليست يف مستوى علمي واحد؛ بل بعضها‬
‫متواضع يف الطرح العلمي وبعضها متوسط وغالبها قوي البنية متني السبك غزير املادة وسأزيد‬
‫هذه النقطة وضوحا يف املباحث اآلتية‪..‬‬

‫هذا وإن الناظر يف كتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اليت عنيت بالتفسري جيد مادة علمية قوية يف‬
‫الطرح سليمة يف اللغة صحيحة يف النتائج مستقية من كتب السلفية اليت ال خالف يف نقائها‬
‫وصفائها من كدر البدع والشوائب العلمية ‪...‬‬

‫وإن الطرح املوسوعي الذي يعاجل من خالله الشيخ اآللية التفسريية جيعل القارئ منبهرا‬
‫مشدودا إىل ما يكتبه الشيخ ؛ جتذبه الفكرة تلو األخرى ‪..‬‬

‫‪68‬‬
‫وقد اكتسب تلك القوة العلمية من حماور رئيسة أبرزها حموران ‪:‬‬

‫أ – مستوى الشيخ العلمي‪:‬‬

‫إن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مل يبدأ التأليف إال بعد أن تشبع من خمتلف العلوم ‪ ،‬وخاصة علوم‬
‫اآللة اليت تعد هي األساس لكل العلوم ‪ ،‬وذلك من خالل حفظه لكتاب اهلل تعاىل مث خمتلف‬
‫املتون اليت كان يستحضرها استحضارا فريدا من نوعه ؛ وتلك هي العادة يف احملاضر اليت كانت‬
‫املنبع العلمي الذي استمد منه الشيخ علومه ؛ وخاصة من أهم مشاخيه من الشناقطة الذين‬
‫اشتهروا بقوة احلفظ ‪ ،‬وسرعة االستحضار ‪ ،‬وغزارة املادة العلمية ‪..‬‬

‫ب – من المصادر التي استقى منها الشيخ المادة العلمية في كتبه ‪:‬‬

‫ذلك أن املصادر اليت كان الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يرجع هلا يف استجالب املادة العلمية كانت‬
‫مصادر أصلية هلا مكانتها يف علوم التفسري والقرآن؛ تُعد هي األمهات اجلامعة لعلم التفسري‬
‫بأنواعه املختلفة ومناهجه املتفرقة ‪..‬‬

‫وسوف أعرض يف مبحث مستقل أهم املصادر اليت استقى منها الشيخ معلومات كتبه‬
‫واليت كانت مرجعا رئيسا يرجع إليه الشيخ يف فهمه وتأصيله لتفسري كتاب اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫وبعد النظر يف النقاط السابقة جند أن كتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف الغالب امتازت مبتانة‬
‫املادة العلمية ‪ ،‬ونوعيتها ‪ ،‬ومنهجها ‪ ،‬وميكن إمجال أهم مميزات املادة العلمية لكتب الشيخ يف‬
‫نقاط ‪:‬‬

‫‪ -٢‬أصالة املصادر واملراجع‪.‬‬

‫‪ - ١‬االختصار غري املخل‪.‬‬

‫‪ - 3‬التحقيق والتدقيق يف املعلومات املنقولة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫فقد كان الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يدقق يف املعلومات اليت ينقلها عن أهل العلم ؛ ويستدرك‬
‫عليها حسب احلاجة ‪ ،‬وسنرى مناذج من ذلك يف املباحث القادمة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مكانة المؤلف‪.‬‬

‫ال شك أن ملكانة املؤلف دوراً بارزاً يف إجياد مادة علمية قوية يف الكتب اليت يؤلفها ؛‬
‫فمكانته العلمية وثناء أهل العلم عليه يعطي تصورا وانطباعا مبدئيا عن مؤلفاته قبل النظر فيها‬
‫ويعطيها نوعا من القبول أو الرفض يف ذهن القارئ ‪..‬‬

‫وقد قدمت مكانة املؤلف يف التمهيد وثناء أهل العلم عليه وبينت أنه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد أثل‬
‫عليه كبار العلماء يف عصره كابن باز ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ومحاد األنصاري وغريمها ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اإلفادة من كتبه ‪:‬‬

‫مل ميض عهد طويل على طباعة كتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬؛ فاملطبوع منها قليل وال تكاد‬
‫جتد هلا – حىت اآلن – ذلك االنتشار املرجو واملؤمل؛ ومع ذلك فقد أفاد منها باحثون وكتاب‬
‫يف كثري من املواقع األلكرتونية ‪ ،‬وبعض الرسائل اجلامعية ‪..‬‬

‫‪71‬‬
‫املطلب الثالث‪:‬منهجه يف كتبه‬
‫ال شك أن املنهج املتبع خيتلف حبسب كل كتاب واملنهجيـة املناسـبة ملوضـوعه ؛ وذلـك مـن‬
‫الضــروريات العلميــة املعروفــة ‪ ،‬ولكــن هنــاك مســات عامــة اتســم هبــا مــنهج الشــيخ ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬يف‬
‫كتبه وتكاد تلتم يف عامة كتبه اليت تعل بعلم التفسري ‪ ،‬ومن أهم تلك السمات ‪:‬‬

‫‪ – ٢‬بيان الغاية اليت من أجلها ألف الكتاب ؛ فغالبا مـا يبينهـا الشـيخ ويوضـحها ‪ ،‬إمـا يف‬
‫املقدمة وحدها ‪ ،‬أو يف املقدمة ويف أماكن متفرقة من الكتاب ‪.‬‬

‫جــاء يف مقدمتــه لكتــاب اإلهلــام واإلنعــام ‪" :‬وقــد فســرت ســورة الفــتح يف كتــاب قبســة مــن‬
‫أنوار الوحي فنفع اهلل بتفسريها كثريا من املؤمنني فحملين ذلك على تفسـري سـورة أخـرى ‪ ،‬أرجـو‬
‫أن يكون تفسريها غذاء لروحي وألرواح إخواين من طالب علم الكتاب والسنة وعامـة املـؤمنني‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وهذه السورة هي سورة األنعام ‪ ،‬ومن اهلل وحده أستمد العون وهو حسيب ونعم الوكيل "‬

‫وقال يف سبيل الرشاد ‪.. ( :‬واملقصود بسرد هذه القصة ‪ :‬بيان أن كل رسول أرسله اهلل إىل‬
‫هلـمﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ ]األعـراف‪[ 59 :‬‬ ‫قومـه يقـول‬
‫ألن التوحيد هو األصل الذي تبل عليه أمور الدين كلها ؛ فإذا حقق وثبت ثبت ما بعـده؛ وإذا‬
‫‪:‬ﭽ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬ ‫مل يتحقــق ومل يثبــت هتــدم كــل شــيء مــن أمــور الــدين؛ لقولــه تعــاىل‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﭼ ]النســاء‪ [48 :‬وهــذا هــو الغــرض‬
‫مــن تــأليف هــذا الكتــاب ؛ ألن املســلمني يف هــذا الزمــان بعــدوا عــن أصــول ديــنهم وفشــت فــيهم‬
‫الضالالت ‪ ،‬وشرها الشرك باهلل ‪.)١()...‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام ص ‪٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪395-394‬‬
‫‪70‬‬
‫وكثريا ما يذكر تاريخ انتهائه من تأليف الكتاب كما يف اإلهلام واإلنعام حيث قـال‪ ( :‬وكـان‬
‫الفـراغ منــه يــوم الســبت الثنــيت عشــرة خلــون مــن مجــادى اآلخــر ســنة أربــع ومثــانني وثالمثائــة وألــف‬
‫(‪)٢‬‬
‫من هجرة النيب األكرم مبدينة مكناس حرسها اهلل من كل بأس واحلمد هلل رب العاملني)‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ – ١‬شرح مفردات اآليات اليت يفسرها‪ ،‬واألحاديث اليت يستدل هبا ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ – 3‬تقدمي للسورة وبيان بعض فضائلها ‪ ،‬وعدد آياهتا ‪ ،‬وكوهنا مكية أو مدنية ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ - 4‬االهتمام بأسباب النزول ‪.‬‬

‫‪ – 5‬االهتمــام بــالقراءات عنــد احلاجــة إليهــا ‪ ،‬كمــا إذا كانــت توضــح مشــكال ‪ ،‬أو تــرجح‬
‫(‪)5‬‬
‫تفسريا ‪ ،‬وحنو ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 6‬التعرض للخالفات الفقهية عند احلاجة إليها ؛ من حيث بيان رجحان قول فقهي لـه‬
‫ت ــأثري عل ــى ح ــال األم ــة ‪ ،‬أو في ــه بي ــان لتعص ــب ق ــوم معين ــني مل ــذهب مرج ــوح ض ــعيف حبس ــب‬
‫(‪)6‬‬
‫األدلة‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ – ٠‬التنبيه على الفوائد اللغوية النادرة ‪.‬‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ – 8‬االهتمام باإلعجاز العلمي للقرآن الكرمي والسنة النبوية ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪ ٢65‬وقد تقدم ذكره لتاريخ انتهائه من كل قسم من أقسام سبيل الرشاد ‪.‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص‪ ٢٢-٢٠‬وص‪64‬وص‪ ٠٠‬وغريها ‪.‬‬
‫(‪ )3‬نبذة من علوم القرآن ص ‪ 45‬واإلهلام واإلنعام ص ‪١‬‬
‫(‪ )4‬اإلهلام واإلنعام ص ‪3٢‬‬
‫(‪ )5‬السابق ص ‪ 3٠‬وسبيل الرشاد ج‪١‬ص‪95‬وج‪١‬ص‪٢66‬‬
‫(‪ )6‬اإلهلام واإلنعام ص‪95‬‬
‫(‪ )٠‬السابق ص ‪٢٠٠‬و‪٢٢٠‬و‪ ٢١6‬وغريها ‪.‬‬
‫(‪ )8‬الطريق إىل اهلل ص‪٢٠‬واإلهلام ص ‪٢٠٢‬وسبيل الرشاد ج‪١‬ص‪١١١‬‬
‫‪72‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ – 9‬كثرة النقل عن أهل العلم‪.‬‬

‫‪ – ٢٠‬االهتمـ ـ ــام باللغـ ـ ــات األخـ ـ ــرى ؛ ورمب ـ ـ ــا رجـ ـ ــح قـ ـ ــوال معين ـ ـ ــا اعتمـ ـ ــادا علـ ـ ــى عالق ـ ـ ــة‬
‫(‪)١‬‬
‫اللغات فيما بينها وخاصة يف علوم القرآن‪.‬‬

‫‪ – ٢٢‬رمب ــا فس ــر اآلي ــات دون نق ــل ع ــن أه ــل العل ــم وذل ــك ن ــادر يف كتب ــه ويص ــرح بأن ــه‬
‫(‪)3‬‬
‫راجع فيها ما وجد عند املفسرين إال أنه مل جيد ما يشفي غليله‪.‬‬

‫‪ – ٢١‬إن ك ـ ــان الكت ـ ــاب ردا علـ ـ ـى مجاع ـ ــة معين ـ ــة ‪ ،‬أو نص ـ ــيحة هل ـ ــا فإن ـ ــه يق ـ ــوم بع ـ ــرض‬
‫(‪)4‬‬
‫أدلة املخالفني له عرضا مفصال بكل أمانة ؛ مث مناقشتها نقاشا علميا مفيدا ‪.‬‬

‫‪ – ٢3‬دقت ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬يف الرتتي ـ ــب والتبوي ـ ــب ؛ حبي ـ ــث يس ـ ــري الكت ـ ــاب مب ـ ــنهج واح ـ ــد‬
‫(‪)5‬‬
‫من بدايته إىل هنايته؛ يشد انتباه القارئ حبسن تنظيمه وحلقاته املتسلسلة ‪.‬‬

‫‪ – ٢4‬اسـ ــتنباط الفوائـ ــد املهمـ ــة مـ ــن اآليـ ــة أو اآليـ ــات املفسـ ــرة واختصـ ــار تلـ ــك الفوائـ ــد‬
‫اختصـ ــارا غ ـ ــري خم ـ ــل ميكـ ــن م ـ ــن خالل ـ ــه للقـ ــارئ أن يس ـ ــتجمع يف ذهن ـ ــه زبـ ــدة تل ـ ــك الفوائ ـ ــد ؛‬
‫(‪)6‬‬
‫حبيث تبقى معه حمفوظة حمفورة يف الذاكرة‪.‬‬

‫(‪ )٢‬يراجع ذلك يف عامة كتبه وخاصة كتابه سبيل الرشاد ؛ فإن جله نقل عن اإلمام ابن كثري بالدرجة األوىل مث ابن جرير‬
‫وكتاب الدين اخلالص وكتاب الصوارم واألسنة وغريها ‪.‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ ١٠3‬وج‪١‬ص‪84-83‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪ 8٠‬وج‪١‬ص‪ 8١‬وج‪١‬ص‪ 9٢‬وج‪١‬ص‪١٠9‬وج‪١‬ص‪١٠٠‬وج‪١‬ص‪١35‬‬
‫(‪ )4‬ينظر يف ذلك اهلدية اهلادية إىل الطائفة التيجانية‪.‬‬
‫(‪ )5‬يتضح ذلك يف غالب كتبه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وخباصة كتابه سبيل الرشاد فإنه جعل كل سورة جمموعة من األبواب حتت‬
‫كل باب اآليات اليت هلا عالقة بالقسم الذي يكتب فيه ؛ حيث إن كتابه جعله ثالثة أقسام كما بينت سابقا ‪.‬‬
‫(‪ )6‬ينظر ‪ :‬اإلهلام ص ‪ ٢8‬وتقومي اللسانني ص‪ ١٠‬و نبذة من علوم القرآن ص ‪ 5٢‬وسبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪١6٠‬‬
‫وج‪١‬ص‪٢58‬وج‪3‬ص‪ 43‬وج‪4‬ص‪5‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ – ٢5‬أحيانـ ــا يلخـ ــص الشـ ــيخ أق ـ ـوال املفس ـ ـرين بعباراتـ ــه هـ ــو ؛ مصـ ــرحا بـ ــذلك ‪ ،‬ومبينـ ــا‬
‫(‪)٢‬‬
‫السبب الذي جعله خيتاره‪.‬‬

‫تلك هي أهم مسات منهج الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتبه بشكل عام ؛ وخاصة تلك اليت‬
‫ظهرت فيها جهوده يف التفسري وعلوم القرآن ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪٢8١‬‬


‫‪74‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬ثناء العلماء عليها‬

‫إن ثناء أهل العلم على كتب معينة جيعل القارئ يطمئن هلا ؛ ويأمن ما انطوت عليه من‬
‫أفكار؛ وما حوته من علوم ؛ وذلك ثقة يف العلماء الذين هم محلة الشريعة ‪ ،‬وورثة األنبياء‪..‬‬

‫ومن هنا كان للبحث عن ثناء العلماء على كتب الشيخ هدف نبيل ومطمح أصيل وزيادة‬
‫خري على خري؛ فليست الكتب اليت طالعها العلماء وأوصوا هبا كاليت حذروا منها ‪ ،‬وشنعوا‬
‫على أصحاهبا ومؤلفيها ‪..‬‬

‫ولقد أثل أصحاب العلم على كتب الشيخ يف اجلملة من خالل ثنائهم على مؤلفها‬
‫الشيخ تقي الدين اهلاليل ؛ كما أثنوا على بعضها بصفة مستقلة ‪ ،‬لي تنقيصا من بقية كتبه‪،‬‬
‫وال إمهاال هلا ‪ ،‬ولكن من باب إعطاء كل ذي حق حقه ‪..‬‬

‫وإن من أهم مؤلفات الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كتابه "سبيل الرشاد" فهو يكاد يكون العمدة يف‬
‫كتبه سواء من وجهة نظره هو نفسه ‪ -‬وقد بينت ذلك يف املطالب السابقة ‪ -‬أو من خالل‬
‫ثناء العلماء عليه بشكل خاص ‪.‬‬

‫يقول حمقق كتاب سبيل الرشاد ‪ .. " :‬وأذكر أن الشيخ بكر أبو زيد ـ ـ حفظه اهلل ـ ـ (‪ )٢‬كان‬
‫يتطلبه ويسأل عنه ‪ ،‬وقال العالمة الشيخ محاد األنصاري ‪-‬رمحه اهلل‪" : -‬إن كتاب سبيل‬
‫الرشاد للشيخ تقي الدين اهلاليل أهداه يل ملا التقيت به يف دولة املغرب ‪ ،‬مث أرسل إيل نسخة‬
‫أخرى وأنا باملدينة النبوية ‪ ،‬وهذه النسخة أهديتها للشيخ بكر أبو زيد "‪.‬‬

‫ومدح العالمة األنصاري هذا الكتاب بقوله عن مؤلفه ‪" :‬كان سلفي العقيدة لو قرأت‬
‫كتابه يف التوحيد لعلمت أنه ال يعرف التوحيد الذي يف القرآن مثله"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تويف الشيخ بكر أبو زيد بعد كتابة احملقق لتلك األسطر ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وغفر له وجزاه عن اإلسالم واملسلمني خري‬
‫اجلزاء‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫وقال تلميذ اهلاليل الشيخ حممد بن عبود – حفظه اهلل ورعاه – مادحا املؤلف وذاكرا‬
‫الكتاب ‪:‬‬

‫ـدد‬
‫يستذكر الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ُ‬ ‫عزيزة كلما‬ ‫الصنديد مفخرة‬ ‫ُ‬ ‫الرجل‬
‫ُ‬ ‫"دكتورنا"‬
‫ـدد‬
‫السيال واملـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ُ‬ ‫املنتج‬
‫ُ‬ ‫يراعه‬ ‫الصارم املقو ُال عدتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬
‫ُ‬ ‫لسانهُ‬
‫من األغو ناء تبتعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ذاك السب نيل‬ ‫إذا قرأت سبيالً للرشاد فع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬

‫واحلاجة إىل مثل هذا الكتاب ماسة ؛ فهو يكاد يكون يف طريقة عرضه‪ ،‬وسهولة أسلوبه‪،‬‬
‫وغزارة مادته ‪ ،‬وربطه باملخالفات العقدية واألمور الكلية اليت شاعت وذاعت يف كثري من‬
‫الصقاع والبقاع درة فريدة ‪ ،‬وجوهرة عزيزة أو عدمية "(‪.)٢‬‬

‫وأثل العالمة ابن باز ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على املؤلف الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل وذكر كتاب‬
‫سبيل الرشاد فقال ‪ " :‬كان عاملاً فاضالً‪ ،‬باذالً وسعه يف الدعوة إىل اهلل سبحانه أينما كان‪ ،‬وقد‬
‫طوف يف كثري من البالد‪ ،‬وقام بالدعوة إىل اهلل سبحانه يف أوربا مدة من الزمن‪ ،‬ويف اهلند‪ ،‬ويف‬
‫َّ‬
‫ودرس يف اجلامعة اإلسالمية باملدينة النبوية‪ ،‬وله مؤلفات‪ ،‬منها‪ :‬اهلدية اهلادية‬
‫اجلزيرة العربية‪َّ ،‬‬
‫للفرقة التيجانية(‪ ،)١‬وكان أول حياته تيجانياً‪ ،‬مث خليصه اهلل منها‪َّ ،‬‬
‫ورد على أهلها‪ ،‬وكشف‬
‫(‪)3‬‬
‫عوارها‪ ،‬ومن مؤلفاته سبيل الرشاد"‪.‬‬

‫فذكر الشيخ ابن باز ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هلذين املؤلَّفني يفيد مبدى اعتنائه هبما ‪ ،‬وتزكيته ملا ورد‬
‫من أفكار وعلوم فيهما ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ ٢٢‬بتصرف ‪.‬‬


‫(‪ )١‬وهذا الكتاب ألفه بطلب من الشيخ ابن باز‪-‬رمحه اهلل‪ ،-‬وقد أمر بطباعة عشرة آالف نسخة‪ .‬اهلدية اهلادية (ص‪،)5‬‬
‫الدعوة إىل اهلل (ص‪.)9‬‬
‫(‪ )3‬حتفة اإلخوان برتاجم بعض األعيان‪ ،‬لسماحة الشيخ ابن باز‪ ،‬اعتل به عبدالعزيز بن إبراهيم بن قاسم القاضي‬
‫باحملكمة العامة بالرياض سابقاً (ص‪)٠٠-69‬‬
‫‪76‬‬
‫وهكذا فإن املتتبع جيد من ثناء العلماء على الشيخ تقي الدين اهلاليل ما جيعل القارئ‬
‫يطمئن لعقيدته السلفية ؛ وخاصة يف آخر حياته بعد نضج أفكاره ‪ ،‬وانسالخه من عامل البدع‬
‫واحملدثات التيجانية والطرقية بشكل عام ؛ فقد صفت كتبه على مراحل ؛ حبيث جتد يف بعضها‬
‫بعض البقايا الصوفية – وإن كانت بشكل خفي – إال أهنا صفت ونصعت يف كتابه سبيل‬
‫الرشاد وسلمت بشكل واضح جلي ‪..‬‬

‫‪77‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬مصادره من كتب التفسري‬

‫إن املطالع لكتب الشيخ تقي الدين اهلاليل اليت عنيت بالتفسري جيده عزا لكثري من كتب‬
‫التفسري واملصادر املعتربة يف هذا العلم ‪ ،‬واعتمد على بعضها اعتمادا أساسيا يف حني كان‬
‫يلتفت على البعض اآلخر بني الفينة واألخرى مستقيا منه معلومة انفرد هبا بصفة كلية ‪ ،‬أو‬
‫انفرد بسهولة أسلوبه فيها ‪ ،‬وحنو ذلك ‪..‬‬

‫وسوف أتكلم مبشيئة اهلل تعاىل على أهم املصادر اليت أكثر الشيخ النقل منها ؛ معرفا هبا‬
‫ومبؤلفيها ‪ ،‬ومبينا أمثلة من نقل الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬منها ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تفسير الطبري المسمى جامع البيان في تفسير القرآن ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬نبذة من حياة مؤلفه ‪:‬‬

‫مؤلف هذا التفسري الضخم املهم هو شيخ املفسرين حممد بن جرير ‪ ،‬أبو جعفر‬
‫الطربي(‪ ،)٢‬ولد سنة أربع وعشرين ومائتني من اهلجرة ‪ ،‬وتويف سنة عشر وثالمثائة من اهلجرة ـ ‪-‬‬
‫رمحه اهلل‪ -‬ـ‬

‫وجيمع علماء السلف على أن اإلمام ابن جرير الطربي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كان أحد أئمة الدنيا‬
‫علمـًا ودينـًا وورعا وحفظا ‪ ،‬وأن كتابه هذا يف التفسري ‪ ،‬مل يصنيف أحد مثله من حيث اجلمع‬
‫والتحقيق والتدقيق‪.‬‬

‫هذا وقد انتقد بعض أهل العلم هذا اإلمام اجلليل ‪ ،‬ورموه مبا هو منه بريء ؛ ولكن‬
‫العلماء ردوا تلك التهمة وبينوا مكانة هذا العلم وسلفية هنجه وخدمته لإلسالم واملسلمني ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬الطربي ‪ :‬بفتح الطاء والباء املوحدة ويف آخرها راء ـ هذه النسبة إىل طربستان ‪ ،‬وهي والية تشتمل على بالد أكربها‬
‫آمل نسب إليها مجع كثري من العلماء ‪ ،‬منهم أبو جعفر حممد بن جرير الطربي ‪ .‬اللباب‪. ١٠4/١‬‬

‫‪78‬‬
‫يقول الذهيب(‪-)٢‬رمحه اهلل‪ " : -‬حممد بن جرير بن يزيد الطربي‪ ،‬االمام اجلليل املفسر‪ ،‬أبو‬
‫جعفر صاحب التصانيف الباهرة‪ .‬ثقة صادق فيه تشيع يسري ومواالة ال تضر‪.‬‬

‫أقذع أمحد بن علي السليماين احلافظ‪ ،‬فقال‪ :‬كان يضع للروافض‪ ،‬كذا قال السليماين‪:‬‬
‫وهذا رجم بالظن الكاذب‪ ،‬بل ابن جرير من كبار أئمة اإلسالم املعتمدين‪ ،‬وما ندعى عصمته‬
‫من اخلطأ‪ ،‬وال حيل لنا أن نؤذيه بالباطل واهلوى‪ ،‬فإن كالم العلماء بعضهم يف بعض ينبغي أن‬
‫يتأىن فيه‪ ،‬وال سيما يف مثل إمام كبري‪ ،‬فلعل السليماين أراد اآليت"(‪.)١‬‬

‫ويقصد الذهيب ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بقوله ‪ " :‬فلعل السليماين أراد اآلتى"يعين املرتجم له بعد هذا‬
‫وهو ‪ :‬حممد بن جرير بن رستم ‪ ،‬أبو جعفر الطربي ‪ ،‬رافضي له مصنفات ‪.‬‬

‫ومن هنا وقع االلتباس فإن هذا الرافضي وافق اإلمام ابن جرير السين يف امسه ‪ ،‬واسم أبيه‪،‬‬
‫وكنيته ‪ ،‬ونسبته ‪ ،‬ومعاصرته ‪ ،‬وكثرة تصانيفه ‪.‬‬

‫ولذا جتد احلافظ ابن حجر(‪ )3‬حني علق على كالم الذهيب قال ما نصه ‪ ( :‬ولو حلفت أن‬
‫السليماين ما أراد إال اآليت لربرت والسليماين حافظ متقن كان يدري ما خيرج من رأسه فال‬

‫(‪ )٢‬حممد بن أمحد بن عثمان بن قامياز ‪ ،‬مش الدين أبو عبد اهلل الرتكماين الذهيب ‪ ،‬حمدث عصره ‪ ،‬شيخ اجلرح‬
‫والتعديل ‪ ،‬ولد سنة ‪ 6٠3‬هـ ‪ ،‬وأخذ العلم عن ابن عساكر ‪ ،‬والدمياطى ‪ ،‬وابن الصواف وغريهم ‪ ،‬وبرع يف كثري من‬
‫العلوم ‪ ،‬وصنف املصنفات املفيدة اليت أصبح الناس عالة عليها بعده ‪ ،‬ومن أشهرها ‪" :‬سري أعالم النبالء" و "طبقات‬
‫احلفاو" و"الكاشف" ‪ ،‬وغريها ‪ .‬تويف ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سنة ‪ ٠48‬هـ ‪ .‬انظر ترمجته يف ‪" :‬الدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة"‬
‫ج‪ 5‬ص‪ 66‬و"البدر الطالع" ج‪ ١‬ص‪٢٢٠‬‬
‫(‪ )١‬ميزان االعتدال (‪)499-498 /3‬‬
‫(‪ )3‬هو ‪ :‬أمحد بن على بن حممد ‪ ،‬املعروف بابن حجر نسبة إىل بعض أجداده ‪ ،‬الكناين العسقالين ‪ ،‬مث املصري ‪ ،‬أبو‬
‫الفضل شهاب الدين الشافعي املذهب عمالق علوم احلديث عامة ‪ ،‬ولد سنة ‪ ٠٠3‬هـ واشتهر بالتصانيف الكثرية املفيدة‬
‫ومن أشهرها ‪ ( :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ) و (هتذيب التهذيب ) و( اإلصابة يف متييز الصحابة) وغريها تويف‬
‫سنة ‪85١‬هـ ‪.‬‬
‫انظر ترمجته يف ‪" :‬حسن احملاضرة" ج ‪ ٢‬ص ‪ 3٢٢‬و "هدية العارفني" ج ‪ ٢‬ص ‪٢١8‬‬

‫‪79‬‬
‫اعتقد أنه يطعن يف مثل هذا اإلمام هبذا الباطل واهلل أعلم وإمنا نبز بالتشيع ألنه صحح حديث‬
‫غدير خم وقد اغرت شيخ شيوخنا أبو حيان بكالم السليماين فقال يف الكالم على الصراط يف‬
‫أوائل تفسريه وقال أبو جعفر الطربي وهو إمام من أئمة اإلمامية الصراط بالفساد لغة قريش إىل‬
‫آخر املسألة ونبهت عليه لئال يغرت به فقد ترمجه أئمة النقل يف عصره وبعده فلم يصفوه بذلك‬
‫وإمنا ضره االشرتاك يف امسه واسم أبيه "‪.‬‬

‫قال ابن كثري ‪ " :‬دفن يف داره ألن بعض عوام احلنابلة ورعاعهم منعوا دفنه هنارا ونسبوه إىل‬
‫الرفض‪ ،‬ومن اجلهلة من رماه باإلحلاد‪ ،‬وحاشاه من ذلك كله‪.‬‬

‫بل كان أحد أئمة اإلسالم علما وعمال بكتاب اهلل وسنة رسوله‪ ،‬وإمنا تقلدوا ذلك عن‬
‫(‪)٢‬‬
‫أيب بكر حممد بن داود الفقيه الظاهري‪ ،‬حيث كان يتكلم فيه ويرميه بالعظائم وبالرفض"‪.‬‬

‫وأما تفسريه هذا فقد أثل عليه أهل العلم مبا ال مزيد عليه ‪.‬‬

‫قال أبو حامد اإلسفراييين(‪ " :)١‬لو سافر رجل إىل الصني حىت ينظر يف كتاب تفسري ابن‬
‫(‪)3‬‬
‫جرير الطربي مل يكن ذلك كثريا "‪.‬‬

‫وقال اإلمام ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ .. " : -‬وروى اخلطيب عن إمام األئمة أيب بكر بن خزمية‬
‫أنه طالع تفسري حممد بن جرير يف سنني من أوله إىل آخره‪ ،‬مث قال‪ :‬ما أعلم على أدمي األرض‬
‫(‪)4‬‬
‫أعلم من ابن جرير‪ ،‬ولقد ظلمته احلنابلة‪.".‬‬

‫(‪ )٢‬البداية والنهاية (‪)٢6٠ /٢٢‬‬


‫(‪ )١‬اإلسفراييين ‪ :‬هو أمحد بن حممد بن أمحد أبو حامد ‪ ،‬شيخ طريقة العراق ‪ ،‬حافظ املذهب الشافعي ‪ ،‬وجبل من‬
‫جبال العلم منيع ‪ ،‬وحرب من أحبار األمة رفيع ‪ ،‬ولد سنة ‪344‬هـ ‪ ،‬وتويف سنة ‪4٠6‬هـ طبقات الشافعية ‪. 6٢/4‬‬
‫(‪ )3‬البداية والنهاية (‪)٢66 /٢٢‬‬
‫(‪ )4‬البداية والنهاية (‪)٢66 /٢٢‬‬
‫‪81‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وأما " التفاسري " اليت يف أيدي الناس‬
‫فأصحها " تفسري حممد بن جرير الطربي " فإنه يذكر مقاالت السلف باألسانيد الثابتة ولي‬
‫(‪)٢‬‬
‫فيه بدعة وال ينقل عن املتهمني "‪.‬‬

‫وقال اإلمام السيوطي ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وبعدهم ابن جرير الطربي وكتابه أجل التفاسري‬
‫وأعظمها ‪...‬فإنه يتعرض لتوجيه األقوال وترجيح بعضها على بعض واإلعراب واالستنباط فهو‬
‫(‪)١‬‬
‫يفوقها بذلك "‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نقول الهاللي من تفسير الطبري ‪:‬‬

‫بغريب أن يكثر الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل النقل من كتاب جامع البيان ؛‬ ‫لي‬
‫فالطربي شيخ املفسرين ‪ ،‬وكتابه هذا يعد املرجع األول للتفسري باملأثور ‪ ،‬وفيه ترجيحات‬
‫وتوجيهات ال يستغين عنها مشتغل بعلم التفسري ؛ فضال عن التأصيل العلمي والنقل باألسانيد‬
‫ألقوال الصحابة والتابعني يف تفسري كتاب اهلل تعاىل ‪..‬‬

‫وقد تنوعت النقول عن الطربي يف عمدة القاري ‪ :‬فينقل عنه ما يتعلق باللغة ‪ ،‬وترجيح‬
‫بعض األقوال على بعض ‪ ،‬والتعرض ألحكام النسخ ‪ ،‬وبيان سبب النزول والقراءات ‪ ،‬وما‬
‫كثريا ما ينقل كالمه بالسند‪ ،‬ويصححه أحيانـًا‪،‬‬
‫يتعلق هبا ‪ ،‬وأحيانـًا ينقل تفسريه لآلية ‪ ،‬و ً‬
‫ونادرا ما ينقل عنه بواسطة تفسري اإلمام ابن‬
‫ويضعفه أحيانـًا‪ ،‬ويعلق املعل على صحة السند ‪ً ،‬‬
‫كثري ‪-‬رمحه اهلل‪. -‬‬

‫وأحيانـًا يذكر القول‪ ،‬ويعدد من قال به‪ ،‬ويقول‪ :‬ومنهم ابن جرير‪ ،‬وإليك الشواهد على‬
‫ذلك‪:‬‬

‫‪ – ٢‬نقله ألقوال ابن جرير مرجحا هبا‪ ،‬ومعتمدا عليها ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬جمموع الفتاوى (‪)385 /٢3‬‬


‫(‪ )١‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)١4١ /4‬‬
‫‪80‬‬
‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪" " : -‬وإذ قال " وجاء يف األخبار أن له امسا آخر ‪ ،‬وهو تارح ‪ ،‬وما قيل‬
‫إن آزر لي امسه ‪ ،‬وأنه اسم صنم ال يصح ‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫والذي ذهب إليه ابن جرير وغريه من حمققي السلف أن آزر اسم حقيقي له ‪"..‬‬

‫ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ ]الفاحتة‪[ 5 :‬‬ ‫ويقول يف موضع آخر‪ ":‬قال ابن جرير يف تفسري‬


‫ما نصه ‪.)١(" :‬‬

‫ونستكني‪ ،‬إقر ًارا لك يا ربنا بالربوبية ال لغريك‪.‬‬


‫ُ‬ ‫شع ون نذل‬
‫ﭽ ﭢ ﭣ ﭼ لك اللهم َن ُ‬
‫‪ - ٢٠٢‬كما حدثنا أبو كريب‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا بشر بن‬
‫يل حملمد‬
‫عُمارة‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو روق‪ ،‬عن الضحاك‪ ،‬عن عبد اهلل بن عباس‪ ،‬قال‪ :‬قال جرب ُ‬
‫‪ :--‬قل يا حممد‪( :‬إنيَّاك نـ ْعبُ ُد)‪" ،‬إياك نُ ِّ‬
‫وحد وَناف ونرجوا يا ربَّنا ال غريك"(‪ )3‬وذلك من‬
‫ونستكني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ونذل‬
‫قول ابن عباس مبعل ما قلنا‪ .‬وإمنا اخرتنا البيان عن تأويله بأنه مبعل َنشع ي‬
‫الرجاء واخلوف ال يكونان إال مع ذلة‪ -‬أل ين‬‫دون البيان عنه بأنه مبعل نرجوا وَناف‪ -‬وإن كان ي‬
‫العبودية‪ ،‬عند مجيع العرب أصلُها الذلية‪ ،‬وأهنا تسمي الطريق املذلَّل الذي قد و نطئته األقدام‪،‬‬
‫وذليلته السابلة‪ :‬معبَّ ًدا‪ .‬ومن ذلك قول طرفة بن العْبد‪:‬‬

‫تـُباري نعتاقًا ناجيات وأتْـبعت و نظي ًفا(‪ )4‬وظي ًفا فوق م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْور ُمعبَّـ ـ ـ ـ ـ ند‬
‫باملور‪ :‬الطريق‪ .‬وباملعبَّد‪ :‬املذلَّل املوطوء‪ .‬ومن ذلك قيل للبعري املذليل بالركوب يف‬ ‫يعين ْ‬
‫عبدا لذليته ملواله" "(‪.)5‬‬
‫العب ُد ً‬
‫احلوائج‪ :‬معبَّد‪ .‬ومنه مسي ْ‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.5٢‬‬


‫(‪ )١‬تفسري الطربي (‪.)٢5٠ /٢‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن جرير يف تفسريه ( ‪ )٢5٠/٢‬وإسناده منقطع ؛ ألن الضحاك مل يسمع من ابن عباس ‪ ،‬انظر ‪ :‬حتفة‬
‫األشراف مبعرفة األطراف (‪ )4٠3 /4‬وتنقيح التحقيق البن عبد اهلادي (‪.)46٠ /4‬‬
‫(‪ )4‬الوظيف من كل ذي أربع‪ :‬ما فوق الرسغ إىل مفصل الساق ومجعه أوظفة‪ .‬هتذيب اللغة (‪.)١84 /٢4‬‬
‫(‪ )5‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢35‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ – ١‬نقله اإلمجاع يف التفسري عن ابن جرير ‪-‬رمحه اهلل‪: -‬‬

‫‪ ،‬قال ابن جرير ‪:‬‬ ‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ ]الفاحتة‪[6 :‬‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قوله تعاىل‪:‬‬
‫الصراط الْ ُم ْست نقيم) ‪ ،‬يف هذا املوضع عندنا‪ :‬وفِّـ ْقنا للثبات عليه‪.‬‬
‫"ومعل قوله‪ْ ( :‬اه ندنا ِّ‬

‫مجيعا على أن "الصراط املستقيم"‪ ،‬هو‬


‫قال أبو جعفر‪ :‬أمجعت األمة من أهل التأويل ً‬
‫الطريق الواضح الذي ال اعوجاج فيه‪ .‬وكذلك ذلك يف لغة مجيع العرب‪ ،‬فمن ذلك قول جرير‬
‫بن عطية اخلطفي‪:‬‬

‫ُم ْستقي نم‬ ‫املوا نرُد‬ ‫اعو َّج‬ ‫نصراط إذا‬ ‫على‬ ‫املؤمنني‬ ‫أمريُ‬
‫مث تستعريُ العرب "الصراط" فتستعمله يف كل قول وعمل ُو نصف باستقامة أو اعوجاج‪،‬‬
‫املعوج باعوجاجه‪.‬‬
‫فتصف املستقيم باستقامته‪ ،‬و َّ‬
‫ُ‬
‫ومعناه عندي ‪ :‬وفيقنا للثبات على ما ارتضيته ووفيقت له من أنعمت عليه من ن‬
‫عبادك‪ ،‬من‬ ‫ْ‬
‫قول وعمل"(‪.)١( )٢‬‬

‫‪ – 3‬نقله عن ابن جرير يف املسائل اللغوية اليت هلا عالقة بالعقيدة‪:‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬وقال ابن جرير ‪ :‬ﭽﯖ ﯗ ﯘﯙ ﭼ ]البقرة‪[ ٢٢٠ :‬مبدعهما‪.‬‬

‫وإمنا هو" ُم ْفعنل" صرف إىل"فعيل" كما صرف"املؤمل" إىل"أليم"‪ ،‬و"املسمع" إىل"مسيع"‪.‬‬
‫ومعل"املبدع"‪ :‬املنشئ واحملدث ما مل يسبقه إىل إنشاء مثله وإحداثه أحد‪.‬‬

‫قال ‪-‬أي ابن جرير‪" : -‬ولذلك مسي املبتدع يف الدين"مبتدعا"‪ ،‬إلحداثه فيه ما مل يسبقه‬
‫إليه غريه"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري الطربي (‪)٢٠٢-٢66 /٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ ٢39‬وقد تصرف الشيخ يف لفظ ابن جرير ‪ ،‬ونقل بعضه باملعل ‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫وقال ابن جرير‪ " :‬فمعل الكالم‪ :‬سبحان اهلل أىن يكون له ولد وهو مالك ما يف السموات‬
‫واألرض‪ ،‬تشهد له مجيعا بداللتها عليه بالوحدانية‪ ،‬وتقر له بالطاعة‪ ،‬وهو بارئها وخالقها‪،‬‬
‫وموجدها من غري أصل‪ ،‬وال مثال احتذاها عليه؟‪.‬‬

‫وهذا إعالم من اهلل جل ثناؤه لعباده‪ ،‬أن مما يشهد له بذلك‪ :‬املسيح‪ ،‬الذي أضافوا إىل اهلل‬
‫جل ثناؤه بنوته‪ ،‬وإخبار منه هلم أن الذي ابتدع السموات واألرض من غري أصل وعلى غري‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫مثال‪ ،‬هو الذي ابتدع املسيح من غري والد بقدرته"‪.‬‬

‫‪ – 4‬ترجيح الشيخ لقول معني بناء على قول ابن جرير ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬ومن ذلك قوله‬
‫ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ‬ ‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬
‫" قال حممد تقي الدين ‪ :‬والكلمات‬ ‫ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ ]البقرة‪[٢١4‬‬

‫العشر اليت امتحن اهلل هبا إبراهيم فرائض فرضها عليه فوىف هبا وعمل هبا وأمتها ‪ ،‬وقد اختلف‬
‫املفسرون يف تعيينها اختالفا كثريا ‪ ،‬ومل يثبت عن النيب ‪ -  -‬يف تعيينها شيء كما قاله ابن‬
‫(‪)4()3‬‬
‫جرير"‪.‬‬

‫وهكذا فإن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬نقل عن اإلمام ابن جرير الطربي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف مواضع‬
‫ليست بالقليلة يف كتبه ؛ معضدا به قوله ‪ ،‬ومؤصال من خالله تفسريه لآليات القرآنية ‪.‬‬

‫تفسري الطربي (‪)54٢-54٠ /١‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ ٢9٠‬وقد تصرف كذلك يف لفظ ابن جرير ‪-‬رمحه اهلل‪. -‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫تفسري الطربي (‪)٢5 /١‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢9١‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪84‬‬
‫تفسير القرآن العظيم البن كثير ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬نبذة من حياة مؤلفه ‪:‬‬

‫إمساعيل بن عُمر بن كثري بن ضوء بن كثري احلافظ عماد الدين أبو الفداء ‪ ،‬ولد بقرية‬
‫شرقي بُصرى من أعمال دمشق سنة إحدى وسبعمائة من اهلجرة ‪.‬‬

‫هنل من خمتلف العلوم‪ ،‬وحصل املنقول واملعقول‪ ،‬ومن أهم مشاخيه الذين أخذ عنهم تلك‬
‫العلوم ‪ :‬برهان الدين الفزاري‪ ،‬وكمال الدين بن قاضي شهبة‪ ،‬وأبو احلجاج املزي الذي صاهره‬
‫والزمه‪ ،‬كما أخذ علوما كثرية عن شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وقرأ األصول على األصفهاين‪،‬‬
‫واشتهر حبفظ املتون ومعرفة األسانيد والعلل والرجال وذاع صيته يف علم التاريخ‪..‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫أثل عليه العام واخلاص ؛ واشتهر ذكره على ألسن العلماء وطالب العلم‪.‬‬

‫قال تلميذه احلافظ شهاب الدين ابن حجي‪ " :‬كان أحفظ من أدركناه ملتون األحاديث‬
‫وأعرفهم جبرحها ورجاهلا وصحيحها وسقيمها وكان أقرانه وشيوخه يعرتفون له بذلك وكان‬
‫يستحضر شيئا كثريا من التفسري والتاريخ قليل النسيان وكان فقهيا جيد الفهم صحيح الذهن‬
‫يستحضر شيئا كثريا وحيفظ التنبيه إىل آخر وقت ويشارك يف العربية مشاركة جيدة وينظم الشعر‬
‫وما أعرف أين اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إال وأفدت منه‪.‬‬

‫وقال غري الشيخ‪ :‬كانت له خصوصية بابن تيمية ومناضلة عنه واتباع له يف كثري من آرائه‬
‫وكان يفيت برأيه يف مسألة الطالق وامتحن بسبب ذلك وأوذي تويف يف شعبان سنة أربع‬
‫وسبعني وسبعمائة ودفن مبقربة الصوفية عند شيخه ابن تيمية "(‪.)١‬‬

‫(‪ )٢‬املنهل الصايف واملستوىف بعد الوايف (‪)4٢5 /١‬‬


‫(‪ )١‬طبقات الشافعية البن قاضى شهبة (‪)86 /3‬‬
‫‪85‬‬
‫له مؤلفات كثرية مشهورة من أمهها‪ :‬البداية والنهاية‪ ،‬و تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬وكتابـًا يف‬
‫مجع املسانيد العشرة ‪..‬‬

‫وميتاز تفسريه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عن غريه بكثرة اعتماده على تفسري القرآن بالقرآن وبالسنة‬
‫وأقوال الصحابة والتابعني ‪ ،‬وبعده عن الضعيف من األقوال يف التفسري‪ ،‬وجتنبه لإلسرائيليات‪..‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نُقول الهاللي من تفسير ابن كثير ‪:‬‬

‫إن من له دراية بعلم التفسري يعرف حق املعرفة أن منزلة ابن كثري يف املتأخرين من‬
‫املفسرين ال تقل شأنا عن منزلة ابن جرير يف املتقدمني ؛ فال عجب إذن إن أكثر تقي الدين‬
‫اهلاليل من النقل عن هذين العلمني موازيا يف ذلك بني فرتتني أو مرحلتني يف تاريخ التفسري؛‬
‫فقد أعطى اهلل تعاىل لتفسري ابن كثري قبوال وانتشارا كبريا ‪..‬‬

‫ومن هنا فإن نُقول الشيخ تقي الدين اهلاليل عن ابن كثري ال تكاد حتصر فقد اختذه عمدة‬
‫يف كتابه سبيل الرشاد ؛ حبيث ينقل عنه تفسريه لكل آية مث يتبعه بغريه من التفاسري أو‬
‫باستدراكه هو أو حنو ذلك ‪..‬‬

‫وال يستثل من ذلك إال القليل النادر جدا ‪ ،‬والذي غالبا ما يبني الشيخ تقي الدين اهلاليل‬
‫عذره يف عدم النقل عن ابن كثري يف تلك اآليات ‪ ،‬والذي يتلخص يف نقاط رئيسة ‪:‬‬

‫‪ – ٢‬أن ال جيد يف تفسري ابن كثري وال يف غريه ما يعتمد عليه ؛ فيفسر اآليات هو نفسه‬
‫موضحا السبب‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬

‫ﭽﮑﮒ ﮓﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬


‫ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬

‫ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ‬

‫]األعراف‪ " :[ ٢١8 – ٢١٠ :‬نظرت يف تفاسري عدة ألنقل تفسري هاتني اآليتني كعاديت ‪ ،‬فوجدهتا‬

‫‪86‬‬
‫مشحونة بالقال والقيل‪ ،‬اختلفت فيها اآلراء‪ ،‬وال دليل على شيء منها ‪ ،‬واألصل فيما وقع قبل‬
‫اإلسالم أن يأتينا من طريق النيب ‪ - -‬فإذا مل جند خربا مرفوعا إليه وتضاربت اآلراء ‪ ،‬توكلنا‬
‫على اهلل وفسرنا القرآن مبا يظهر لنا من اللفظ "(‪.)٢‬‬

‫‪ – ١‬أن يقرأ تفسري ابن كثري مث يلخصه‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬

‫ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬


‫ﯰ ﯱ ﯲ ﭼ ]األحزاب‪ " :[٠١‬ذكر احلافظ ابن كثري‬ ‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ‬

‫يف تفسري هذه اآلية روايات كثرية حاصلها أن األمانة هي الفرائض‪ ،‬واإلنسان هو آدم ‪.)١("...‬‬

‫‪ – 3‬أن يرتك النقل منه ومن غريه من التفاسري بسبب عدم موافقتهم ملا جيول يف خاطره‬
‫من تفسري اآليات‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫اآليات‬ ‫ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ‪...‬ﭼ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬


‫]الصافات‪ " :[98-83‬قال حممد تقي الدين‪ :‬أريد أن أفسر هذه اآليات بلفظي ألن التفاسري اليت‬
‫بيدي مل تتفق مع رغبيت "(‪.)3‬‬

‫تعاىل ‪ :‬ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫ومنه أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ ]غافر‪ " [ ٢٠‬قال حممد تقي‬ ‫ﭸ ﭹﭺ ﭻﭼﭽﭾ‬

‫الدين‪ :‬مل أجد تفسريا يطابق ما أريده من السهولة على القراء واملستمعني؛ فسأفسر هذه‬
‫اآليات اخلم بنفسي"(‪.)4‬‬
‫‪ – 4‬أحيانا ينقل عنه دون عزو له وهذا يقع نادرا‪ ،‬ومنه‪:‬‬

‫سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪4٠5‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪٢8١‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪١٠٠‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪١35‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪87‬‬
‫‪:‬ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬
‫]األحزاب‪" :[45‬قال البخاري يف كتاب البيوع حتت ترمجة"باب الصخب يف السوق‪ ،‬مث روى‬
‫بسنده إىل عطاء بن يسار قال‪ :‬لقيت عبد اهلل بن عمرو بن العاص فقلت‪ :‬أخربين عن صفة‬
‫ﭽﭛ‬ ‫رسول اهلل ‪ --‬يف التوراة‪ .‬قال‪ :‬أجل‪ ،‬واهلل إنه ملوصوف يف التوراة بصفته يف القرآن‪:‬‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ ]األحزاب‪ [ 45‬وحرزا لألميني‪ ،‬أنت عبدي ورسويل‪،‬‬
‫مسيتك املتوكل‪ ،‬لست بفظ وال غليظ وال سخاب يف األسواق‪ ،‬وال يدفع السيئة بالسيئة‪،‬‬
‫ولكن يعفو ويغفر‪ ،‬ولن يقبضه اهلل حىت يقيم به امللة العوجاء‪ ،‬بأن ال إله إال اهلل‪ ،‬فيفتح هبا‬
‫أعينا عميا‪ ،‬وآذانا صما‪ ،‬وقلوبا غلفا"(‪.)٢‬‬
‫وقاله سعيد‪ :‬عن هالل‪ ،‬عن عطاء‪ ،‬عن عبد اهلل بن سالم (‪.)١‬‬
‫وأما نقله عنه يف تفسريه معتمدا له ومكتفيا به أو معلقا عليه تعليقا خفيفا؛ فهو أكثر من‬
‫أن يستشهد له‪.‬‬

‫تفسير البيضاوي المسمى أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪:‬‬


‫أوالا‪ :‬نبذة من حياة مؤلفه‪:‬‬
‫املفسر قاضي القضاة‪ ،‬ناصر الدين‪ ،‬أبو اخلري ‪-‬وقيل أبو سعيد‪-‬عبد اهلل بن‬‫هو العالمة ي‬
‫عمر بن علي البيضاوي ‪ -‬بفتح الباء املنقوطة بواحدة وسكون الياء املنقوطة باثنتني من حتتها‬
‫وفتح الضاد املعجمة ويف آخرها الواو‪ -‬هذه النسبة إىل بيضاء وهي بلدة من بالد فارس‪ .‬مل‬
‫تذكر املصادر سنة والدته‪.‬‬
‫وأما وفاته فإنه تويف مبدينة تربيز قيل سنة إحدى وتسعني وستمائة من اهلجرة وقيل سنة‬
‫(مخ ومثانني وستمائة )(‪.)3‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب البيوع باب كراهية السخب يف السوق حديث رقم ‪)66 /3( ١٢١5‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪4‬ص‪ 5‬وهو بنصه يف تفسري ابن كثري (‪)43٠ /6‬‬
‫(‪ )3‬انظر مقدمة تفسري البيضاوي ‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫وقد أثنى عليه أهل العلم ‪:‬‬
‫قال السيوطي‪" :‬كان إماما عالمة‪ ،‬عارفا بالفقه والتفسري واألصلني والعربية واملنطق؛ نظارا‬
‫(‪)٢‬‬
‫صاحلا متعبدا شافعيا "‪.‬‬
‫وقال السبكي(‪" :)١‬كان إماما مربزا نظارا خريا‪ ،‬صاحلا متعبدا"(‪. )3‬‬
‫ومن أهم مصنفاته‪:‬منهاج الوصول إىل علم األصول و "طوالع األنوار" و"أنوار التنزيل‬
‫وأسرار التأويل" يف التفسري ‪.‬‬

‫قول الشيخ تقي الدين الهاللي من تفسير البيضاوي ‪:‬‬


‫ثانيا‪ :‬نُ ُ‬
‫قول الشيخ تقي الدين اهلاليل من تفسري البيضاوي؛ فتارة ينقل عنه معتمدا عليه‬
‫تنوعت نُ ُ‬
‫ومكتفيا بتفسريه وحده ؛ وتارة معضدا به أقوال املفسرين يف آية معينة ‪ ،‬وخاصة إذا كانت فيها‬
‫كلمات حتتاج تفسريا لغويا ‪ ،‬ومن نقله عنه‪:‬‬
‫‪ – ٢‬نقله عنه مكتفيا به‪:‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ ]األنعام‪[6٠‬‬

‫قال البيضاوي‪" :‬أي يقبضها عن األبدان بأن يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها إما ظاهرا وباطنا‬
‫وذلك عند املوت‪ ،‬أو ظاهرا ال باطنا وهو يف النوم"(‪.)5()4‬‬

‫(‪ )٢‬بغية الوعاة (‪)5٠ /١‬‬


‫(‪ )١‬هو‪ :‬عبد الوهاب بن علي بن عبد الكايف السبكي الشافعي‪ ،‬قاضي القضاة‪ ،‬تاج الدين‪ ،‬أبو نصر ولد سنة ‪٠١٠‬هـ‪،‬‬
‫أخذ عن‪ :‬املزي‪ ،‬والذهيب‪ ،‬وتقي الدين بن رافع‪ ،‬وغريهم‪ ،‬حصل فنوناً من الفقه‪ ،‬واألصول وكان ماهراً فيه‪ ،‬واحلديث‪،‬‬
‫واألدب‪ ،‬وبرع وشارك يف العربية‪ ،‬تويف سنة ‪٠٠٢‬هـ من مصنفاته‪" :‬رفع احلاجب عن خمتصر ابن احلاجب"‪ ،‬و"طبقات‬
‫الفقهاء الكربى"‪ ،‬و"مجع اجلوامع"‪ .‬ينظر‪ ، :‬الدرر الكامنة (‪ )١58/١‬البدر الطالع (‪.)١83/٢‬‬
‫(‪ )3‬طبقات الشافعية الكربى للسبكي (‪)٢5٠ /8‬‬
‫(‪ )4‬تفسري البيضاوي (‪.)44 /5‬‬
‫(‪ )5‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.4٠‬‬
‫‪89‬‬
‫‪ – ١‬نقله عنه معضدا به أقوال املفسرين ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬

‫تعاىل ﭽﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله‬


‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﭼ‬

‫]النساء‪ .. ( [ 64‬وقال البيضاوي يف تفسريه ‪" :‬ولو أهنم إذ ظلموا أنفسهم بالنفاق أو التحاكم‬
‫إىل الطاغوت‪ .‬جاؤوك تائبني من ذلك وهو خرب أن وإذ متعلق به‪ .‬فاستغفروا اهلل بالتوبة‬
‫واإلخالص‪ .‬واستغفر هلم الرسول واعتذروا إليك حىت انتصبت هلم شفيعا‪ ،‬وإمنا عدل اخلطاب‬
‫تفخيما لشأنه وتنبيها على أن من حق الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع‬
‫له‪ ،‬ومن منصبه أن يشفع يف كبائر الذنوب‪ .‬لوجدوا اهلل توابا رحيما لعلموه قابال لتوبتهم‬
‫متفضال عليهم بالرمحة"(‪ .)١()٢‬واألمثلة على هذا النوع كثرية ‪.‬‬

‫تفسير القاسمي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬نبذة من حياة المؤلف ‪:‬‬

‫هو حممد مجال الدين أبو الفرج بن حممد سعيد بن قاسم بن صاحل بن إمساعيل بن أيب‬
‫بكر املعروف بالقامسي‪ ،‬نسبة إىل جده املذكور وهو اإلمام‪ ،‬فقيه الشام‪ ،‬وصاحلها يف عصرها‪،‬‬
‫الشيخ قاسم املعروف باحلالق‪.‬‬

‫والدته يف ضحوة يوم االثنني لثمان خلت من شهر مجادى األوىل سنة ثالث ومثانني‬
‫ومائتني وألف بدمشق الشام‪.‬‬
‫تبحر يف خمتلف العلوم ‪ ،‬وأجيز من طرف علماء عصره ‪،‬وألف مصنفات مفيدة كثرية‬
‫قاربت املائة ما بني كتاب ورسالة ومقالة ‪...‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري البيضاوي (‪.)8٢/١‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪.48‬‬
‫‪91‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫تويف مجال الدين القامسي سنة اثنان وثالثون وثالمثائة وألف من اهلجرة ‪.‬‬
‫قول الشيخ تقي الدين الهاللي من تفسير القاسمي‪:‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نُ ُ‬
‫قول الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل من تفسري القامسي؛ فتارة جيعله عمدة لتفسري‬
‫تنوعت نُ ُ‬
‫ْ‬
‫اآلية مث يتبعه بالنقل عن املفسرين اآلخرين‪ ،‬وأحيانا يؤخره ويقدم النقل عن أئمة التفسري مث‬
‫يعضد نقوله بالنقل عن القامسي مشبعا به حبوث املفسرين يف اآلية‪ ،‬ومرة ينقل عنه بعض‬
‫الفوائد التفسريية املهمة ‪ ،‬وهذه أمثلة على ذلك‪:‬‬
‫‪ .٢‬نقل الشيخ تقي الدين اهلاليل عن القامسي مقدما له يف تفسري اآليات‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ‬ ‫قولــه ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬يف تفســري قولــه تعــاىل‬
‫]الكهف‪ ( [٢٢٠‬قال القامسي يف تفسريه‪:‬‬ ‫ﰒ ﰓ ﰔﰕ ﰖﰗﰘﰙﰚ ﰛﰜﰝ ﭼ‬

‫"قل أي هلؤالء املشركني والكافرين من أهل الكتاب إمنا أنا بشر مثلكم يوحى إيل أمنـا إهلكـم إلـه‬
‫واحد أي خصصت بالوحي ومتيزت عنكم به‪ .‬فمن كـان يرجـو لقـاء ربـه أي خيـاف املصـري إليـه‪،‬‬
‫أو يأمل لقاءه ورؤيتـه‪ ،‬أو جـزاءه الصـاحل وثوابـه فليعمـل عمـال صـاحلا أي يف نفسـه‪ ،‬الئقـا بـذلك‬
‫املرجــو‪ ،‬وهــو مــا كــان موافقــا لشــرع اهلل وال يشــرك بعبــادة ربــه أحــدا أي مــن خلقــه إشـراكا جليــا‪.‬‬
‫كما فعله الذين كفروا بآيات رهبم ولقائه‪ .‬وال إشراكا خفيا‪ .‬كما يفعله أهل الرياء‪ ،‬ومن يطلب‬
‫(‪)3()١‬‬
‫به أجرا من املدح وحتصيل املال واجلاه"‪.‬‬
‫‪ .١‬نقل الشيخ تقي الدين اهلاليل عن القامسي معضدا به النقول عن املفسرين‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫ﭽﭥﭦ ﭧﭨﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫قولــه ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬يف تفســري قولــه تعــاىل‬
‫]غ ـ ــافر‪ ( :[5٢‬ق ـ ــال الق ـ ــامسي ‪" :‬أي لننص ـ ــرهم يف ال ـ ــدارين‪ .‬أم ـ ــا يف ال ـ ــدنيا‪،‬‬ ‫ﭮﭯﭰﭼ‬

‫فبــإهالك عــدوهم واستئصــاله عــاجال‪ ،‬أو بإظفــارهم بعــدوهم وإظهــارهم عليــه‪ ،‬وجعــل الدولــة هلــم‬

‫(‪ )٢‬مقدمة تفسري القامسي ‪.‬‬


‫(‪ )١‬تفسري القامسي (‪)8١ /٠‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪ ١5‬وكذلك يف ج‪4‬ص‪ ٠5‬وغريها‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫والعافيــة ألتبــاعهم‪ .‬وأمــا يف اآلخــرة‪ ،‬فبــالنعيم األبــدي واحلبــور الســرمدي‪ .‬واألشــهاد مجــع شــاهد‪،‬‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫وهم من يشهد على تبليغ الرسل وتكذيبهم ظلما‪ .‬أو مجع شهيد‪ ،‬كأشراف وشريف"‪.‬‬
‫‪ .3‬نقل الشيخ تقي الدين اهلاليل عن القامسي بعض الفوائد التفسريية ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪:‬ﭽﭹ ﭺ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬قال مجال الدين القامسي يف تفسريه عنـد قولـه تعـاىل‬
‫ﭻﭼﭼ ] املائـدة‪ [ ٢5‬مــا نصــه ‪" :‬يف هــذه اآليــة بيــان معجــزة لــه ‪ .--‬فإنــه مل يقـرأ كتابــا ومل‬
‫(‪)4()3‬‬
‫يتعلم علما من أحد‪ ،‬فإخباره بأسرار ما يف كتاهبم إخبار عن الغيب‪ ،‬فيكون معجزا"‪.‬‬

‫إفادة الشيخ من كتب تفسير أخرى غير ما تقدم ‪:‬‬


‫هذا وقد أفاد الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من التفاسري األخرى وإن كان بنسبة أقل من حيث النقل‬
‫واالستشهاد ‪..‬‬
‫وهذه قائمة بأهم كتب التفسري اليت رجع هلا الشيخ غري ما تقدم‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫زاد املسري البن اجلوزي‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫تفسري ابن أيب حامت‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري القامسي (‪)3٢3 /8‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪ ١4١-١4٢‬وكذلك يف ج‪3‬ص‪46‬وج‪4‬ص‪ 3٢‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬تفسري القامسي (‪)9٢ /4‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪ ٢٢٠‬وص‪ ٢٠6‬وغريها‬
‫(‪( )5‬سبيل الرشادج‪3‬ص‪ ٢١5‬وج‪3‬ص‪ ٢١٠‬وج‪3‬ص‪)٢١9‬وابن اجلوزي هو‪ :‬عبد الرمحن بن علي بن حممد بن علي بن‬
‫عبيد اهلل بن عبد اهلل‪ ،‬يبلغ نسبه إىل أيب بكر الصديق ‪ ،‬كنيته‪ :‬أبو الفرج ولد يف بغداد سنة ‪5٢٠‬هـ تقريباً‪ ،‬وأخذ عن‪:‬‬
‫أيب القاسم احلريري‪ ،‬وأيب احلسن ابن الزاعوين‪ ،‬وغريمها‪ ،‬وأخذ عنه‪ :‬ولده الصاحب حمي الدين‪ ،‬وابن القطيعي‪ ،‬وكان‬
‫حافظاً‪ ،‬مفسراً‪ ،‬فقيهاً‪ ،‬واعظاً‪ ،‬أديباً ‪ ،‬تويف ببغداد ليلة اجلمعة الثاين عشر من رمضان يف سنة ‪59٠‬هـ من =مصنفاته‪:‬‬
‫"زاد املسري"‪ ،‬و"األذكياء"‪ ،‬و"صفة الصفوة‪ .‬ينظر‪ :‬ذيل طبقات احلنابلة املؤلف‪ :‬زين الدين عبد الرمحن بن أمحد بن رجب‬
‫بن احلسن‪ ،‬السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬مث الدمشقي‪ ،‬احلنبلي (املتوىف‪٠95 :‬هـ) احملقق‪ :‬د عبد الرمحن بن سليمان العثيمني‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان – الرياض الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4١5 ،‬هـ ‪ ١٠٠5 -‬م (‪.)399/٢‬‬
‫(‪ ( )6‬اإلهلام واإلنعام ص ‪ 45‬وسبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ 364‬وغريها )‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫تفسري القرطيب‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫اخلازن‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫تفسري اجلاللني‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫فتح القدير للشوكاين‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫تفسري الرازي‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫اإلهلام واإلنعام له هو نفسه‪.‬‬

‫(‪ ( )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ )٢58‬والقرطيب هو ‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر األنصاري اخلزرجي األندلسي‬
‫القرطيب املفسر‪ ،‬كان من الصاحلني العارفني‪ ،‬له مؤلفات كثرية‪ ،‬منها‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬وكتاب‪ :‬األسل يف تفسري‬
‫أمساء اهلل احلسل ت‪6٠٢‬هـ‪ .‬انظر ‪:‬الوايف بالوفيات ‪،8٠/١‬طبقات املفسرين للسيوطي ‪.٠١‬‬
‫(‪ ( )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪١٢‬وص‪34‬وص‪ ٠٠‬وغريها)‬
‫(‪ ( )3‬الطريق إىل اهلل ص‪ 83‬وسبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪58٠‬وج‪3‬ص‪4٠‬وج‪ 4٠5‬وغريها)‪.‬‬
‫(‪ ( )4‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢38‬وج‪٢‬ص‪ ٢43‬وغريها )‪.‬‬
‫(‪ ( )5‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢49‬وج‪3‬ص‪.)4٠‬‬
‫(‪ ( )6‬سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪ ٢١5‬وج‪3‬ص‪ ٢١٠‬وج‪3‬ص‪.)٢١9‬‬
‫‪93‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬مصادره من غري كتب التفسري‪.‬‬

‫إن علم التفسري يعد من أكثر العلوم حاجة ملصادر يف علوم شىت ؛ فطبيعته تفرض على‬
‫املفسر الرجوع إىل املصادر اللغوية الستخراج معاين األلفاو يف لغة العرب؛ إذ أن القرآن نزل‬
‫‪:‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫بلسان عريب مبني كما قال تعاىل‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ‪ ].‬الشعراء‪[٢95-٢9١‬‬

‫وتفرض عليه الرجوع إىل مصادر السنة النبوية؛ ألن رسول اهلل ‪ --‬هو املبني لكتاب اهلل‬
‫تعاىل كما قال تعاىل‪:‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ] النحل‪.[44‬‬
‫ومن خالل كتب السنة ينبغي الرجوع إىل مصادر تفاسري الصحابة والتابعني وأئمة التفسري‪...‬‬
‫ومن هنا فإن الشيخ تقي الدين اهلاليل استفاد من مصادر كثرية من غري كتب التفسري؛‬
‫سواء يف ذلك كتب السنة أو كتب اللغة وغريها؛ وسوف أبني هنا قائمة الكتب اليت رجع هلا‬
‫ونقل منها الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من غري كتب التفسري‪:‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫والطرباين يف معامجه‬ ‫كتب السنة كالكتب التسعة (‪ ،)٢‬واحلاكم يف مستدركه‬
‫والدار قطين يف سننه(‪ ،)4‬ومسند اإلمام أمحد(‪ )5‬واألربعني النووية(‪ )6‬وغريها ‪.‬‬
‫كتب اللغة والغريب‪ ،‬وخاصة لسان العرب(‪ )٠‬والصحاح(‪ )8‬والقاموس احمليط(‪ )9‬والنهاية يف‬
‫غريب األثر(‪ )٢٠‬وغريها‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ينظر مثال ‪" :‬اإلهلام واإلنعام" ص‪ 3٠‬وص ‪٢١5‬وص‪ ٢36‬وص ‪53‬و"توحيد اهلل بالعبادة"ص‪٢4‬و‪.٢8‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص‪.٢١5‬‬
‫(‪ )3‬توحيد اهلل بالعبادة ص‪٢4.‬‬
‫(‪ )4‬توحيد اهلل بالعبادة ص‪.٢4‬‬
‫(‪ )5‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.٢4٠‬‬
‫(‪ )6‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.٢١5‬‬
‫(‪ )٠‬ينظر مثال ‪" :‬تقومي اللسانني" ص‪ ٢5‬وسبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪.3٢١‬‬
‫(‪ )8‬تقومي اللسانني ص ‪.٢5‬‬
‫(‪ )9‬تقومي اللسانني ص ‪.١٢‬‬
‫(‪ )٢٠‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ 558‬وص‪565‬وص‪.58٠‬‬
‫‪94‬‬
‫كتب شروح احلديث‪ ،‬ومنها‪ :‬فتح الباري(‪ ،)٢‬وجامع العلوم واحلكم(‪،)١‬وسبل السالم(‪ ،)3‬ورياض‬
‫الصاحلني(‪.)4‬‬
‫كتب العقائد‪ ،‬ومنها‪ :‬فتح اجمليد شرح كتاب التوحيد(‪ ،)5‬وتيسري العزيز احلميد شرح كتاب‬
‫التوحيد(‪ ،)6‬وامللل والنحل(‪ ،)٠‬وتطهري االعتقاد(‪ ،)8‬ونونية ابن القيم(‪ ،)9‬والدين اخلالص (‪،)٢٠‬‬
‫والصوارم واألسنة يف الذب عن السنة(‪،)٢٢‬ومقارنة األديان(‪ ،)٢١‬واالعتصام(‪ ،)٢3‬وتلبي‬
‫إبلي (‪ ،)٢4‬وغريها‪.‬‬

‫كتب الصوفية‪ ،‬ومنها‪ :‬الطبقات الكربى للشعراين(‪ ،)٢5‬واإلبريز من كالم الدباغ(‪.)٢6‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.5٠‬‬


‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص‪.٢١5‬‬
‫(‪ )3‬الثقافة اليت حنتاج إليها ص‪٠‬وسبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪.4٠4‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪.336‬‬
‫(‪ )5‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.56‬‬
‫(‪ )6‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢٠٢‬و‪٢83‬وج‪١‬ص‪334‬وص‪3٠٠‬وج‪3‬ص‪.3٠4‬‬
‫(‪ )٠‬الطريق إىل اهلل ص‪.١9٢‬‬
‫(‪ )8‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.58‬‬
‫(‪ )9‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.53‬‬
‫(‪ )٢٠‬سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪3١١‬و‪3١6‬و‪333‬وج‪4‬ص‪86‬و‪ 9٠‬وغريها ‪.‬‬
‫(‪ )٢٢‬سبيل الرشاد ج‪4‬ص‪٢١‬و‪٢5‬وقد نقله كامال تقريبا يف اجلزء الرابع من سبيل الرشاد ‪.‬‬
‫(‪ )٢١‬ج‪3‬ص‪.١3٠‬‬
‫(‪ )٢3‬سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪.٢٢١‬‬
‫(‪ )٢4‬سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪.١3٢‬‬
‫(‪ )٢5‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪3٢6‬و‪ 543‬وكان نقل الشيخ منه إلقامة احلجة على أهل البدع ولريد على طرح الشعراين‬
‫فيما يسميه كرامات األولياء ‪.‬‬
‫(‪ )٢6‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪ 338‬ونف ما قيل يف الطبقات يقال يف اإلبريز فهو كما يدعي مؤلفه من كالم سيده الدباغ‬
‫وما ينقل عنه من مسائل يستحيي املسلم من جمرد ذكرها يف حني جيعلها هو كرامة لشيخ الدباغ ‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫كتب أخرى متفرقة‪ ،‬ومنها ‪ :‬احمللى البن حزم(‪ ،)٢‬واملواق على خليل(‪ ،)١‬وإغاثة اللهفان‬
‫(‪)5‬‬
‫من مصايد الشيطان(‪ ،)3‬وإيقاو مهم أويل األبصار(‪ ،)4‬وفضل علم السلف على اخللف‬
‫جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية(‪.)6‬‬

‫هذه مجلة من املراجع اليت رجع هلا الشيخ تقي الدين اهلاليل ونقل من بعضها مادة علمية‬
‫موسعة كثرية‪ ،‬ومن بعضها اآلخر نقال حبسب احلاجة واملالحظ أنه كان ينتقي ما ينقل منه‬
‫مقدما كتب علماء السنة فال ينقل عن غريهم إال لريد عليه ‪.‬‬

‫وهذه مسة عامة وميزة هامة ميزت كتب الشيخ وال يستثل منها إال القليل النادر جدا ‪.‬‬

‫اإلهلام واإلنعام ص‪٢35‬والثقافة اليت حنتاجها ص ‪.٢٠‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫سبيل الرشاد ج‪3‬ص‪.٢63‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪.3٠٠‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اإلهلام واإلنعام ص ‪.٢45‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪.٢8١‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪.٢8١‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪96‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬جهود اهلاليل يف علوم القرآن‬
‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مؤلفاته‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القيمة العلمية لكتبه‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه فيها‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬مصادره فيها‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫يعد علم التفسري نوعا من أنواع علوم القرآن الكرمي الكثرية‪ ،‬وقد أفرده املؤلفون نظرا‬
‫ألمهيته‪ ،‬وفائدته؛ فعلى فلكه تدور عامة علوم القرآن الكرمي؛ إذ هو مناطها وحمورها؛ فبه تبني‬
‫املعاين اليت اشتمل عليها كتاب اهلل تعاىل ‪..‬‬

‫و علم التفسري نفسه ال يستغين عن بقية مباحث علوم القرآن اليت يستمد منها املفسر‬
‫أوجه تفسرياته ؛ ويعتمد عليها يف ترجيحاته وأقواله‪.‬‬

‫ومن هنا كان لزاما على املفسر أن يلم ببقية علوم القرآن ؛ ويتقن مباحثها وفنوهنا؛ فيعرج‬
‫يف دراسته على نزول القرآن‪ ،‬وتاريخ وطريقة مجعه‪ ،‬وقراءاته وأوجهها‪ ،‬وناسخه‪ ،‬ومنسوخه‪،‬‬
‫وغريبه ‪ ،‬ودفع وبيان ما يتوهم فيه التعارض من آية‪ ،‬وغري ذلك من املباحث والعلوم املتعلقة‬
‫بالقرآن الكرمي‪.‬‬

‫وقد بني علماء األمة أهم املباحث اليت هلا تعلق بكتاب اهلل تعاىل وجعلوها مندرجة حتت‬
‫(‪)٢‬‬
‫مسمى علوم القرآن الكرمي‪ ،‬وألفوا يف ذلك كتبا مفيدة قيمة‪.‬‬

‫وقبل اخلوض يف تلك العلوم أعرج على تعريف علوم القرآن لنكون على بصرية من املوضوع‬
‫الذي نتكلم عنه‪.‬‬

‫ملعرفة تعريف املركب اإلضايف "علوم القرآن" ال بد أن أبني تعريف كلميت املركب اإلضايف‬
‫"علوم" و"قرآن"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬منها فنون األفنان يف علوم القرآن ‪ ،‬واإلتقان يف علوم القرآن للسيوطي ‪ ،‬ومباحث يف علوم القرآن للقطان وغريها‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫تعريف كلمة "علوم" ‪:‬‬
‫العلوم مجع علم‪ ،‬والعلم مصدر "علم ‪ -‬يعلم"‬
‫(‪)١‬‬
‫قال اخلليل(‪ " : )٢‬علم يعلم علما‪ ،‬نقيض جهل ‪ ،‬ورجل عالمة ‪ ،‬وعالم‪ ،‬وعليم "‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وعلى تفسري العلم بأنه نقيض اجلهل تواطأت كتب اللغة املعتمدة ‪.‬‬

‫ومن هنا ميكن أن يقال إن العلم قريب يف املعل من الفهم واملعرفة واليقني واجلزم والفقه‬
‫(‪)4‬‬
‫وغريها من املعاين؛ إال أن بينهما فروقا دقيقة يف املعل ال هتمنا يف هذا البحث‪.‬‬

‫وأما القرآن في اللغة فهو مصدر "قرأ"‪.‬‬


‫يـُقال‪ :‬قرأ يقرأ قراءة‪ ،‬وقرآنًا ‪.‬‬

‫وقد اختلف العلماء هل هو مشتق أم ال ؟‬

‫فقال قوم‪ :‬هو اسم علم غري مشتق خاص بكالم اهلل ‪.‬‬

‫وقال آخرون‪ :‬بل هو مشتق ‪.‬‬

‫مث اختلف القائلون باشتقاقه على أقوال منها‪ :‬أنه مشتق من قرنت الشيء بالشيء إذا‬
‫ضممت أحدمها إىل اآلخر‪.‬‬

‫ومنها أنه مشتق من القرائن‪ ،‬ومنها أنه مشتق من القرء‪ ،‬إىل غري ذلك ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬هو ‪ :‬أبو عبد الرمحن‪ ،‬اخلليل بن أمحد الفراهيدي‪ ،‬البصري‪ ،‬أحد األعالم‪ ،‬اإلمام‪ ،‬صاحب العربية‪ ،‬ومنشئ علم‬
‫العروض‪ .‬ولد سنة مئة هـ‪ ،‬وحدث عن‪ :‬أيوب السختياين‪ ،‬وعاصم األحول‪ ،‬والعوام بن حوشب‪ ،‬وغالب القطان ‪ ،‬ومجاعة‬
‫‪ ،‬وأخذ عنه سيبويه النحو‪ ،‬والنضر بن مشيل‪ ،‬وهارون بن موسى النحوي‪ ،‬ووهب بن جرير‪ ،‬واألصمعي‪ ،‬وآخرون‪ .‬وكان‬
‫رأسا يف لسان العرب ‪ ،‬دينا‪ ،‬ورعا‪ ،‬قانعا‪ ،‬متواضعا‪ ،‬كبري الشأن‪ ،‬يقال‪ :‬إنه دعا اهلل أن يرزقه علما ال يسبق إليه‪ ،‬ففتح له‬
‫بالعروض‪ ،‬له كتاب‪" :‬العني"‪ ،‬يف اللغة‪ .‬مات سنة بضع وستني ومائة‪ .‬انظر‪ :‬وفيات األعيان (‪ )١44/١‬وسري أعالم‬
‫النبالء (‪)9٠ /٠‬‬
‫(‪( )١‬العني (‪)٢5١ /١‬‬
‫(‪ )3‬جممل اللغة البن فارس (ص‪ )6١4 :‬مقايي اللغة (‪ )٢٢٠ /4‬احملكم واحمليط األعظم (‪)٢٠4 /١‬‬
‫(‪ )4‬تراجع لتلك الفروق ‪ ،‬كتب الفروق اللغوية كاليت البن عساكر وغريها ‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫والذي اختاره السيوطي وغريه أنه غري مشتق‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫بينما رجح القطان أنه مشتق من قرأ قراءة وقرآن‪ ،‬وأنه فعالن كالشكران والغفران‪.‬‬
‫مسي به املقروء تسمية للمفعول باملصدر‪.‬‬
‫إال أنه خص بالكتاب املنزل على حممد ‪ --‬فصار له كالعلم الشخصي‪.‬‬
‫ويطلق باالشـرتاك اللفظـي(‪ )3‬علـى جممـوع القـرآن‪ ،‬وعلـى كـل آيـة مـن آياتـه‪ ،‬فـإذا مسعـت مـن‬
‫يتلو آية مـن القـرآن صـح أن تقـول إنـه يقـرأ القـرآن وكـذلك مـن مسعتـه قـرأ القـرآن كـامال يصـح أن‬
‫تقول إنه قرأ قرآنا؛ فهو على هذا على اعتبار إطالق لفظ قرآن يف احلالني؛ فقد قال البعض هـو‬
‫حقيقة يف احلالني؛ فهو إذن مشرتك لفظي‪ ،‬وقال آخـرون بـل هـو موضـوع للقـدر املشـرتك بينهمـا‬
‫(‪)4‬‬
‫وإذا يكون مشرتكا معنويا ويكون مدلوله حينئذ كليا‪.‬‬
‫هذا هو التعريف اللغوي لكلمة قرآن ‪.‬‬

‫تعريف القرآن اصطالحا ‪:‬‬


‫لقد بذل أهـل العلـم جهـودا كبـرية لصـياغة حـد للقـرآن الكـرمي يكـون داال علـى مجيـع أجزائـه‬
‫بأقل لفظ ممكن‪.‬‬
‫وسأقتصر هنا على أرجح تعريف لـه؛ وهـو أن القـرآن‪ :‬كـالم اهلل املن َّـزل علـى حممـد ‪،--‬‬
‫(‪)5‬‬
‫املتعبَّد بتالوته‪.‬‬
‫ُ‬

‫(‪ )٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢8٢ /٢‬‬


‫(‪ )١‬مباحث يف علوم القرآن ملناع القطان (ص‪)٢6 :‬‬
‫(‪ )3‬االشرتاك اللفظي هو احتاد اللفظ مع تعدد الوضع كما يف العني‪ ،‬فإهنا للباصرة‪ ،‬واجلارية‪ ،‬والذهب‪ ،‬كما تطلق على‬
‫ذات الشيء‪ ،‬وكالقرء للطهر واحليض ‪ ،‬وحنو ذلك ‪ .‬تراجع كتب األصول‪.‬‬
‫(‪ )4‬مناهل العرفان يف علوم القرآن (‪)١١ /٢‬‬
‫(‪ )5‬مباحث يف علوم القرآن ملناع القطان (ص‪.)٢٠ :‬‬
‫‪011‬‬
‫تعريف المركب اإلضافي ‪ :‬علوم القرآن‪.‬‬

‫وأمــا تعريــف املركــب اإلضــايف "علــوم القــرآن" فهــو أن علــوم القــرآن عبــارة عــن كــل املعــارف‬
‫(‪)٢‬‬
‫املتصلة بالقرآن‪.‬‬

‫أو هــو كمــا قــال القطــان‪" :‬العلــم الــذي يتنــاول األحبــاث املتعلقــة بــالقرآن مــن حيــث معرفــة‬
‫أس ــباب الن ــزول‪ ،‬ومج ــع الق ــرآن وترتيب ــه‪ ،‬ومعرف ــة املك ــي وامل ــدين‪ ،‬والناس ــخ واملنس ــوخ‪ ،‬وامل ْحك ـ ـ نم‬
‫ُ‬
‫واملتشابه‪ ،‬إىل غري ذلك مما له صلة بالقرآن‪.‬‬

‫وق ـ ــد يس ـ ــمى ه ـ ــذا العل ـ ــم بأص ـ ــول التفس ـ ــري‪ ،‬ألن ـ ــه يتن ـ ــاول املباح ـ ــث ال ـ ــيت ال ب ـ ــد للمفس ـ ــر‬
‫(‪)١‬‬
‫من معرفتها لالستناد إليها يف تفسري القرآن "‬

‫وتتض ـ ــمن عل ـ ــوم الق ـ ــرآن؛ علوم ـ ــا خمتلف ـ ــة ع ـ ــد منه ـ ــا الس ـ ــيوطي مجل ـ ــة كث ـ ــرية ح ـ ــىت أدخ ـ ــل‬
‫فيه ــا عل ــم اهلندس ــة والط ــب وحنومه ــا؛ بينم ــا أوص ــلها اإلم ــام أب ــو بك ــر ب ــن الع ــريب إىل مخس ــني‬
‫(‪)3‬‬
‫وأربعمائة وسبعة آالف وسبعني ألف علم‪.‬‬

‫واس ـ ـ ــتدرك الزرق ـ ـ ــاين عل ـ ـ ــى رأي ه ـ ـ ــذين الع ـ ـ ــاملني؛ فق ـ ـ ــال‪ " :‬وأح ـ ـ ــب أن تع ـ ـ ــرف أن ه ـ ـ ــذا‬
‫الك ــالم م ــن الس ــيوطي واب ــن الع ــريب حمم ــول عل ــى ض ــرب كب ــري م ــن التأوي ــل والتوس ــع ب ــأن يـ ـراد‬
‫م ـ ــن العل ـ ــوم ك ـ ــل م ـ ــا ي ـ ــدل علي ـ ــه الق ـ ــرآن مـ ـ ـن املع ـ ــارف سـ ـ ـواء أكان ـ ــت علوم ـ ــا مدون ـ ــة أم غ ـ ــري‬
‫مدونـ ــة وس ـ ـواء أكانـ ــت تلـ ــك الداللـ ــة تصـ ــرحيية أم تلميحيـ ــة عـ ــن قـ ــرب أم عـ ــن بعـ ــد‪ .‬فأمـ ــا أن‬
‫(‪)4‬‬
‫تراد العلوم املدونة صراحة فدون ذلك خرط القتاد وصعود السماء‪".‬‬

‫مناهل العرفان يف علوم القرآن (‪.)١3 /٢‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫مباحث يف علوم القرآن ملناع القطان (ص‪.)٢١ :‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫ذكر ذلك يف كتابه قانون التأويل ‪ ،‬ونقله عنه الزركشي يف الربهان يف علوم القرآن (‪ )٢٠ /٢‬وغريه‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مناهل العرفان يف علوم القرآن (‪.)١4-١3 /٢‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪010‬‬
‫وإذا ك ــان ذل ــك ه ــو تعري ــف عل ــوم الق ــرآن الك ــرمي فم ــا الثم ــرة ال ــيت يرجوه ــا طال ــب العل ــم‬
‫من تعلم تلك العلوم ؟‬

‫يلخص أهل العلم مثرة تعلم علوم القرآن يف نقاط من أمهها‪:‬‬

‫‪ - ٢‬تيسـ ـ ــري تفسـ ـ ــري القـ ـ ــرآن الكـ ـ ــرمي فهـ ـ ــي مفتـ ـ ــاح بـ ـ ــاب التفسـ ـ ــري وال يصـ ـ ــح ألحـ ـ ــد أن‬
‫يفسر القرآن الكرمي قبل أن يتعلم علوم القرآن‪.‬‬

‫‪ -١‬معرف ـ ـ ــة اجله ـ ـ ــود العظيم ـ ـ ــة ال ـ ـ ــيت ب ـ ـ ــذهلا الس ـ ـ ــلف لدراس ـ ـ ــة الق ـ ـ ــرآن الك ـ ـ ــرمي وعن ـ ـ ــايتهم‬
‫الكربى به وبعلومه اليت حفظ اهلل تعاىل هبا القرآن الكرمي من التغيري والتبديل‪.‬‬

‫‪ -3‬التسـ ــلح مبجموعـ ــة مـ ــن املعـ ــارف القيمـ ــة الـ ــيت متكـ ــن مـ ــن الـ ــدفاع عـ ــن هـ ــذا الكتـ ــاب‬
‫العزي ـ ــز ض ـ ــد م ـ ــن يتع ـ ــرض ل ـ ــه م ـ ــن أع ـ ــداء اإلس ـ ــالم‪ ،‬ويب ـ ــث الش ـ ــكوك والش ـ ــبهات يف عقائ ـ ــده‬
‫(‪)٢‬‬
‫وأحكامه وتعاليمه‪.‬‬

‫‪ - 4‬تالوة كتاب اهلل تعاىل كما أراد اهلل جل جالله‪.‬‬

‫‪ -5‬التدبر والتفكر يف كالم اهلل سبحانه‪.‬‬

‫‪ -6‬استنباط األحكام الشرعية على الوجه الصحيح‪.‬‬

‫ه ــذا ه ــو جمم ــل م ــا قي ــل يف تعري ــف عل ــوم الق ــرآن الك ــرمي ‪ ،‬ومثرت ــه‪ ،‬وال ــذي نُع ــل ب ــه هن ــا‬
‫هـ ــو جهـ ــود الشـ ــيخ تقـ ــي الـ ــدين اهلـ ــاليل يف علـ ــوم القـ ــرآن الكـ ــرمي‪ ،‬وسـ ــوف أبـ ــني ذلـ ــك – إن‬
‫شاء اهلل تعاىل – على النحو اآليت‪:‬‬

‫(‪ )٢‬دراسات يف علوم القرآن ‪ -‬فهد الرومي (ص‪. )3٢ :‬‬


‫‪012‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مؤلفاته‪:‬‬

‫مل يؤلف الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كتبا كثرية يف علوم القرآن؛ بل اقتصر على كتابني صغريي‬
‫احلجم كبريي النفع‪ ،‬ومها كتابه ‪ :‬نبذة من علوم القرآن‪ ،‬وكتابه‪ :‬ما وقع يف القرآن الكرمي بغري‬
‫لغة العرب‪.‬‬

‫وسأفرد كل واحد منهما مبينا أهم ما تناوله الشيخ فيه من علوم القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬كتاب نبذة من علوم القرآن الكريم ‪:‬‬

‫هذا الكتاب طبع للمرة األوىل مفردا من طرف دار الكتاب والسنة للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫يف مصر سنة سبع وألفان من امليالد ‪ ،‬وهو يقع يف حنو إحدى وأربعني صفحة من احلجم‬
‫العادي ‪.‬‬

‫وهو يف األصل جزء من كتاب "قبسة من أنوار الوحي" الذي طبع عن مكتبة دار املعارف‬
‫يف الرباط سنة مخ وأربعمائة وألف من اهلجرة يف ست وأربعني ومائة صفحة‪.‬‬

‫نسبة الكتاب للشيخ ‪:‬‬

‫كتاب نبذة من علوم القرآن صحيح النسبة للشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪-‬؛ فقد ذكره ُجل من‬
‫(‪)٢‬‬
‫ترمجه ضمن مؤلفاته مبينني أنه جزء من كتاب له مساه "قبسة من أنوار الوحي‪.‬‬

‫وقد بني الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف مقدمة الكتاب تأليفه له وتسميته وكونه جزءا من كتابه‬
‫"قبسة من أنوار الوحي‪..‬‬

‫(‪ )٢‬ينظر سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪99‬‬


‫‪013‬‬
‫يقول الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ ... " :-‬وقد ألفت دروسا مناسبة لطلبة اجلامعة وغريهم من‬
‫املبتدئني أرجو أن ينفع اهلل هبا من شاء من عباده ومسيتها قبسة من أنوار الوحي وجعلتها أربعة‬
‫(‪)٢‬‬
‫أقسام ‪ ،‬القسم األول ‪ :‬نبذة من علوم القرآن ‪."...‬‬

‫نظرة عامة على الكتاب ‪:‬‬

‫ابتدأ الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كتابه مبقدمة شكا فيها من غربة علوم القرآن وقلة العناية هبا‬
‫حيث يقول‪.. " :‬أما بعد فإن تدري علوم القرآن وتفسريه ‪ ،‬وعلوم احلديث ومتونه يشكو إىل‬
‫اهلل الغربة يف بالد اإلسالم‪ ،‬وقد أعرض عنه اخلاص والعام من احملرتفني بالدين فضال عن غريهم‬
‫‪.)١("...‬‬

‫وقد بني الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف هذا الكتاب مجال من علوم القرآن الكرمي؛ ميكن تلخيصها‬
‫على النحو اآليت‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬تعرف القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬تعريف الوحي ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -‬بداية نزول القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ -‬أول آية نزلت ‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ -‬آخر آية نزلت ‪.‬‬

‫نبذة من علوم القرآن ص‪.٢١‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢٢‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢3‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪.١9‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪.٢3‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪.٢3‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪.٢3‬‬ ‫(‪)٠‬‬
‫‪014‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ -‬املكي واملدين‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ -‬حفظ القرآن من التغيري والتبديل ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬العلة يف تسمية السور ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬كتابة القرآن الكرمي يف العهد النبوي‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -‬ترتيب اآليات هل هو توقيفي‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ -‬أسباب النزول‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ -‬مجع القرآن‪.‬‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ -‬كون العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ -‬األجرة على تعليم القرآن‪.‬‬
‫(‪)٢٠‬‬
‫‪ -‬حكم حفظ القرآن‪.‬‬
‫(‪)٢٢‬‬
‫‪ -‬الناسخ واملنسوخ‪.‬‬

‫تلك هي أهم املوضوعات اليت بينها الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتابه "نبذة من علوم القرآن"‬
‫وسوف ألقي عليها مزيدا من الضوء والدراسة يف الفصول واملباحث القادمة‪.‬‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢٠‬‬


‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ص‪٢6‬و‪.٢9‬‬
‫(‪ )3‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢8‬‬
‫(‪ )4‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢9‬‬
‫(‪ )5‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢9‬‬
‫(‪ )6‬نبذة من علوم القرآن ص‪.١٢‬‬
‫(‪ )٠‬نبذة من علوم القرآن ص‪١٠‬و‪.3١‬‬
‫(‪ )8‬نبذة من علوم القرآن ص‪.34‬‬
‫(‪ )9‬نبذة من علوم القرآن ص‪.3٠‬‬
‫(‪ )٢٠‬نبذة من علوم القرآن ص‪.3٠‬‬
‫(‪ )٢٢‬نبذة من علوم القرآن ص‪.39‬‬
‫‪015‬‬
‫ثانيا ‪ :‬كتابه "ما وقع في القرآن الكريم بغير لغة العرب "‪.‬‬

‫وق ـ ـ ــد طبعت ـ ـ ــه دار الكت ـ ـ ــاب والس ـ ـ ــنة يف مص ـ ـ ــر الطبع ـ ـ ــة األوىل س ـ ـ ــنة ‪١٠٠٠‬م‪ ،‬وج ـ ـ ــاء يف‬
‫أربعني صفحة من احلجم العادي للطباعة ‪.‬‬

‫وقـ ـ ـ ــد تعـ ـ ـ ــرض فيـ ـ ـ ــه الشـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬ملسـ ـ ـ ــائل هامـ ـ ـ ــة متعلقـ ـ ـ ــة مبوضـ ـ ـ ــوعه؛ وميك ـ ـ ـ ــن‬
‫تلخيصها على النحو اآليت‪:‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫‪ -‬أصل تداخل اللغات ‪ ،‬وبيان أن ثراء اللغة يعتمد على حضارة الناطقني هبا‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ -‬مسألة وجود املعرب يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬املؤلفني يف هذا اجملال قبل الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪.-‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬أمهية تعلم اللغات‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -‬مثرة وفائدة تعلم اللغات‪.‬‬

‫بع ـ ــض الكلم ـ ــات ال ـ ــيت قي ـ ــل إن أص ـ ــلها غ ـ ــري ع ـ ــريب يف الق ـ ــرآن الك ـ ــرمي؛ ورأي الش ـ ــيخ ‪-‬‬
‫(‪)6‬‬
‫رمحه اهلل‪ -‬فيها‪ ،‬وقد جعلها حتت عنوان ‪ " :‬الكلمات املشرتكة "‪.‬‬

‫والكت ـ ــاب عل ـ ــى ص ـ ــغره في ـ ــه فوائ ـ ــد مج ـ ــة يس ـ ــتفاد منه ـ ــا يف املس ـ ــألة ال ـ ــيت أل ـ ــف م ـ ــن أج ـ ــل‬
‫إيضاحها وبياهنا ‪.‬‬

‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص ‪.٢5‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪.٢8-٢٠‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪.٢9‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪.١٠-٢9‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪.١١‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص ‪.4٠-١5‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪016‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القيمة العلمية لكتبه‪:‬‬

‫مل يؤلف الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كتبا ذات حجم كبري يف علوم القرآن الكرمي ؛ بل اقتصر‬
‫على االختصار غري املخل؛ وغالبا على طريقة السؤال املختصر واجلواب الكايف غري املستطرد‪..‬‬

‫وإن الناظر يف كتابيه هذين اللذين خصصهما جلوانب من علوم القرآن الكرمي جيد أهنما‬
‫احتويا على مادة علمية جيدة تفيد طالب اجلامعة اللذين ألفا لغرض بيان املادة هلم ‪..‬‬

‫ولئن كانا غري موسوعيني باملعل العلمي إال أن فيهما زبدة كثري من املواضيع املتعلقة بعلوم‬
‫القرآن الكرمي ‪ ،‬كما سأبينه يف الفصول املتعلقة بذلك ‪.‬‬

‫وسوف أقتصر هنا على نقاط تبني القيمة العلمية هلما ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬متانة المادة العلمية‪:‬‬

‫يعلم املطالع ملؤلفات الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قوة سبكه اللغوي وغزارة املادة العلمية اليت يعرض‬
‫يف مؤلفاته ؛ وبعده عن التقليد اجلاف؛ واختياره ألهل العلم الذين ينقل عنهم ‪ ،‬ونقده ملا‬
‫حيتاج إىل نقد من تلك النقول ‪..‬‬

‫ومن هنا تراه ينقل ‪ -‬مثال ‪ -‬رأي املانعني من وقوع املعرب يف القرآن الكرمي ويرد عليهم‬
‫ردا حمكما فيقول ‪-‬رمحه اهلل‪.. ( : -‬وقال أبو عبيدة (‪" : )٢‬إمنا أنزل القرآن بلسان عريب مبني‬
‫فمن زعم أن فيه غري العربية فقد أعظم القول ‪ ،‬ومن زعم أن "لُدا" بالنبطية فقد أكرب القول ‪،‬‬
‫وقال ابن فارس ‪" :‬لو كان فيه من لغة غري العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إمنا عجزت عن‬
‫اإلتيان مبثله ألنه أتى بلغات ال يعرفوهنا"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬جماز القرآن ‪ ،‬ج ‪ ، ٢‬ص ‪٢٠ :‬‬


‫‪017‬‬
‫قال حممد تقي الدين ‪ :‬إمنا ميكن أن يقال ذلك إذا كان يف القرآن الكرمي تراكيب أعجمية‪،‬‬
‫أو كلمات باقية على عجمتها ‪ ،‬أما وجود كلمات قد صقلتها العرب بألسنتها وحنت هبا‬
‫مناحي كلماهتا ودخلت يف أوزاهنا فال ميكن أحد أن يدعي ذلك فيها ‪.)٢()..‬‬

‫وأمثلة ذلك من ردوده احملكمة ؛ وعرضه ملادة علمية متكاملة يف املنهج ويف احملتوى ويف‬
‫األسلوب أكثر من أن حتصر ‪.‬‬

‫وأما يف كتابه "نبذة من علوم القرآن" فقد اختذ فيه منهج السؤال واجلواب كطريقة إليصال‬
‫املعلومات بطريقة سهلة ميسرة ‪..‬‬

‫وميكن أن ينتقد بأنه إمنا جاء فيه بنتف قليلة من مادة علوم القرآن الكرمي ‪ ،‬وأنه مل‬
‫يستوعب املسائل املتعلقة به من كل جوانبها وال من جلها على األقل بل اقتصر على مسائل‬
‫عامة شائعة ‪..‬‬

‫وجياب عن ذلك بأنه التزم بعنوان كتابه ؛ فهو نبذة من علوم القرآن وقد وىف باملقصود من‬
‫كتابه ‪ ،‬وأدى اهلدف املنوط به ؛ حيث أحاط جبُ ِّل جوانب مادة علوم القرآن الكرمي املقررة يف‬
‫اجلامعات يف عصره ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مكانة المؤلف‪:‬‬


‫من أهم املسائل اليت تعرف هبا قيمة الكتب العلمية مكانة املؤلف الذي ألفها ومجعها؛ وقد‬
‫قدمت نبذة من مكانة الشيخ تقي الدين اهلاليل مبا أغل عن إعادهتا هنا ‪.‬‬
‫واملطالع لكتابيه هذين وبقية كتبه يعلم مدى عنايته مبادة علوم القرآن الكرمي‪ ،‬واعتنائه بتسليط‬
‫الضوء عليها ‪ ،‬وتبسيطها للطالب ‪ ،‬حىت يستوعبوها وحيبوها عن فهم وإدراك ‪..‬‬
‫فجزاه اهلل عن اإلسالم واملسلمني خري اجلزاء‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص ‪.٢٠-٢6‬‬


‫‪018‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه فيها‪:‬‬

‫اتسم منهج الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتبه اليت عُ نين فيها بعلوم القرآن بسمات أبرزها ما يلي‪:‬‬

‫‪ – ٢‬ذكر مقدمة يذكر فيها الغاية اليت من أجلها ألف الكتاب ‪.‬‬

‫‪ – ١‬يذكر يف تلك املقدمة عنوان الكتاب ‪.‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫‪ – 3‬رمبا أشار إىل النتائج اليت يريد التوصل إليها من خالل الكتاب‪.‬‬

‫(‪)١‬‬
‫‪ – 4‬ضرب األمثلة لألفكار اليت يتناوهلا كوسيلة لتوضيحها ‪.‬‬

‫‪ – 5‬النقل عن أهل العلم املختصني يف القرآن الكرمي وعلومه ‪.‬‬

‫‪ – 6‬االستدالل على املسائل اليت يعرضها باألدلة املتفق عليها من الكتاب والسنة وأقوال‬
‫(‪)3‬‬
‫السلف ‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫‪ – ٠‬عدم ذكر األقوال الضعيفة جدا‪.‬‬

‫‪ – 8‬اللهجة القوية يف احلق‪.‬‬

‫‪ – 9‬اختيار صيغة السؤال واجلواب بوصفها وسيلة تسهل مادة علوم القرآن على الطلبة‬
‫(‪)5‬‬
‫واملبتدئني‪.‬‬

‫ينظر مثال ‪ :‬ما وقع يف القرآن من غري لغة العرب ص‪ ٢3‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫ما وقع يف القرآن من غري لغة العرب ص‪.٢4‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫ينظر مثال ‪ :‬ما وقع يف القرآن من غري لغة العرب ص‪٢٠‬و‪ ١9‬وغريها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص ‪.١3‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫كما يف كتابه نبذة من علوم القرآن‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪019‬‬
‫تلك هي أهم مسات املنهج الذي اتبعه اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتبه يف علوم القرآن وخاصة‬
‫كتابيه ‪" :‬نبذة من علوم القرآن" و"ما وقع يف القرآن الكرمي بغري لغة العرب "‪.‬‬

‫‪001‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬مصادره فيها‪.‬‬

‫لقد عُين الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬باملصادر ذات الصلة بعلوم القرآن؛ وجعلها مصادراً لكثري من‬
‫املعلومات اليت يعرضها يف كتبه املتعلقة بعلوم القرآن ‪..‬‬

‫والظاهر أنه كان واسع اإلطالع على املؤلفات ذات الصلة؛ يعرف ذلك من خالل عزوه‬
‫للمصادر املتقدمة عليه‪ ،‬وعدم إغفاله املراجع احلديثة ككتاب‪ :‬األلفاو األجنبية يف القرآن‬
‫الكرمي‪ ،‬وكرجوعه للرتمجة العربانية ملعاين القرآن الكرمي‪ ،‬وكل تلك املؤلفات معاصرة وحديثة ‪.‬‬

‫وسوف أبني هنا أهم املصادر اليت عزا هلا الشيخ واستمد منها يف كتبه اليت ألفها يف علوم‬
‫القرآن الكرمي ؛ عارضا نبذة من حياة مؤلفيها ومنهجية الشيخ يف النقل منها‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تفسير ابن جرير الطبري ‪.‬‬

‫هذا الكتاب الضخم ال تكاد تبحث عن علم إال وجدت فيه منه نصيبا ال بأس به؛ ولذا‬
‫عده العلماء أحد املصادر اليت ال يستغل عنها يف أي فن‪..‬‬

‫وقد قدمت ترمجة وافية عن مؤلفه‪ ،‬وتعريف شامل بالكتاب نفسه ‪.‬‬

‫ول اهلاليل منه‪..‬‬


‫والذي يهمين هنا هو نـُ ُق ُ‬

‫ول الهاللي من تفسير ابن جرير فيما يخص علوم القرآن ‪:‬‬
‫نُ ُق ُ‬

‫ينقل الشيخ تقي الدين اهلاليل عن اإلمام ابن جرير الطربي تارة مقررا بنقله عنه بعض‬
‫احلقائق العلمية املتعلقة بعلوم القرآن‪ ،‬وتارة ينقل عنه لريد عليه‪ ،‬ومرة ينقل عنه بواسطة ابن كثري‬
‫أو السيوطي أو غريمها معتمدا عليه يف حتقيق مسألة علمية متصلة بعلوم القرآن الكرمي‪ ،‬وإليك‬
‫تفصيل ذلك ‪:‬‬

‫‪000‬‬
‫نقله عنه مستشهدا بكالمه‪:‬‬

‫ﭽﭑ ﭒ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬تقدم أن آخر ما نزل على النيب ‪ --‬آية املائدة ‪:‬‬
‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ ]املائدة‪ [ 3 :‬اآلية يف السنة العاشرة من‬
‫اهلجرة ‪ ،‬قال ابن جرير الطربي‪" :‬مل ينزل على النيب ‪ --‬بعد هذه اآلية حترمي شيء وال حتليله‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫ومل يعش النيب ‪ -  -‬بعدها إال إحدى ومثانني ليلة‪.) ".‬‬

‫نقله عنه بواسطة غيره والرد عليه ‪:‬‬

‫يعتمد اهلاليل أحيانا على نقل غريه من أهل العلم املوثوقني فينقل عن السيوطي نقله عن‬
‫ابن جرير الطربي ‪ -‬رحم اهلل اجلميع ‪-‬؛ مث يرد عليه فيقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ..( :-‬قال السيوطي‪:‬‬
‫"قال ابن جرير ما ورد عن ابن عباس وغريه من تفسري ألفاو(‪ )3‬القرآن أهنا بالفارسية أو احلبشية‬
‫أو النبطية أو حنو ذلك إمنا اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت هبا العرب والفرس واحلبشة بلفظ‬
‫واحد"(‪.)4‬‬

‫قال حممد تقي الدين‪ :‬ابن جرير إمام املفسرين يف زمانه وما بعده وقد أخطأ يف هذا الرأي‬
‫إذ ال ميكن أن تتكلم هذه الشعوب املتباينة يف أنساهبا ولغتها املتباعدة يف أوطاهنا على سبيل‬
‫املصادفة واالتفاق وتوارد اخلواطر بتلك الكلمات الكثرية العدد على أن الذين قالوا يف القرآن‬
‫كلمات كانت يف األصل غري عربية مث صارت باالستعمال عربية مل يقل أحد منهم أن الكلمة‬

‫(‪ )٢‬الذي يف مطبوع ابن جرير هو ‪( :‬مل ينزل على النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بعد هذه اآلية شيء من الفرائض‪،‬‬
‫وال حتليل شيء وال حترميه‪ ،‬وأن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مل يعش بعد نزول هذه اآلية إال إحدى ومثانني ليلة‪).‬‬
‫تفسري الطربي (‪ )5٢8 /9‬واملعل واحد ‪.‬‬
‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢4‬‬
‫(‪ )3‬يف اإلتقان لفظة من بعد كلمة "ألفاو" وهي ضرورية للمعل وهي ليست يف كتاب اهلاليل‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪.)٢١5 /١‬‬
‫‪002‬‬
‫اليت أصلها فارسي قد اتفق فيها الفرس مع العرب والنبط واحلبشة‪ ،‬بل إذا كانت الكلمة فارسية‬
‫كاألباريق مثال مل تكن حبشية وال نبطية والكلمة اليت قيل إهنا حبشية(كابلعي)من قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ ]هود‪[ 44 :‬مل يقل أحد أهنا توافق الفارسية والنبطية ‪..‬وهكذا يقال يف‬
‫سائر الكلمات كما سيأيت يف ذكر الكلمات اليت نسب أصلها إىل غري العربية )(‪.)٢‬‬

‫ثانيا ‪ :‬كتاب اإلتقان للسيوطي ‪:‬‬

‫يكثر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من النقل عن كتاب اإلتقان للسيوطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بوصفه أحد‬
‫أهم وأوسع الكتب اليت ألفت يف علوم القرآن؛ حيث أفاد مؤلفه من مجع الذين سبقوه ؛‬
‫فاحتوى كتابه ما ذكر أولئك وزاد عليهم مبا فتح اهلل تعاىل به عليه ‪.‬‬

‫وال بد من إلقاء نظرة على الكتاب ومؤلفه ملعرفة أمهيته يف جمال علوم القرآن‪.‬‬

‫‪ – 0‬نبذة عن الكتاب ومؤلفه ‪:‬‬

‫مؤلف هذا الكتاب هو السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر بن حممد بن‬
‫سابق الدين اخلضريي‪ ،‬إمام حافظ مؤرخ أديب‪ ،‬له حنو ستمائة مصنف‪ ،‬ولد يف أول ليلة من‬
‫يتيما فحفظ القرآن والعمدة وألفية النحو‪،‬‬
‫رجب سنة أربع وتسعني ومثامنائة من اهلجرة‪ ،‬ونشأ ً‬
‫مات والده وعمره مخ سنوات‪ ،‬فنشأ يف القاهرة يتيما‪ ،‬وملا بلغ أربعني سنة اعتزل الناس وخال‬
‫بنفسه يف روضة املقباس على النيل‪ ،‬فألف أكثر كتبه‪ ،‬وكان األغنياء واألمراء يزورونه ويعرضون‬
‫عليه األموال واهلدايا فريدها‪ ،‬من أهم كتبه‪:‬‬

‫‪ -‬اإلتقان يف علوم القرآن‪.‬‬

‫‪ -‬األشباه والنظائر يف العربية‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص ‪١3-١١‬‬


‫‪003‬‬
‫‪ -‬االقرتاح يف أصول النحو‪.‬‬

‫‪ -‬اإلكليل يف استنباط التنزيل‪.‬‬

‫‪ -‬الدر املنثور يف التفسري باملأثور ‪.‬‬

‫‪ -‬ألفية يف مصطلح احلديث ‪.‬‬


‫(‪)٢‬‬
‫وغريها كثري ‪ ،‬تويف سنة إحدى عشرة وتسعمائة للهجرة‪.‬‬

‫أما كتابه اإلتقان يف علوم القرآن فإنه يُعد من أمشل ما ألف يف هذا العلم‪ ،‬حرص فيه‬
‫السيوطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على االستفادة من الكتب اليت سبقته‪ ،‬خاصة كتاب الربهان للزركشي‪،‬‬
‫وزاد على هذه الكتب‪ ،‬وقد تناول مثانني نوعا من املباحث القرآنية‪ ،‬مثل‪ :‬املكي واملدين وهذا‬
‫(‪)١‬‬
‫أول نوع حبثه‪ ،‬مث ختم كتابه بالنوع الثمانني وهو يف‪ :‬طبقات املفسرين‪.‬‬

‫وقد طبع كتابه عدة مرات يف جملدين كبريين‪ ،‬منها ما طبع يف املكتبة التجارية‪ ،‬وعلى‬
‫هامشه كتاب إعجاز القرآن أليب بكر الباقالين‪ ،‬ومع هذا ال يزال هذا الكتاب حباجة إىل‬
‫(‪)3‬‬
‫حتقيق وعناية وحسن إخراج ليسهل على القراء تناوله واالستفادة منه‪.‬‬

‫‪ - 2‬نقول الهاللي من كتاب اإلتقان ‪:‬‬

‫ول اهلاليل من كتاب اإلتقان يف علوم القرآن للسيوطي بكثرهتا وتنوعها ؛ حيث‬‫متيزت نـُ ُق ُ‬
‫يكاد املنصف يقول إنه جعله مرجعا أساسيا كما جعل السيوطي كتاب الربهان مرجعا أساسيا‬
‫؛ ولكنه مع كثرة استشهاده بكالم السيوطي يف كتابه هذا ؛ كان ينتقده يف أحيان كثرية وخاصة‬
‫يف كتابه "ما وقع يف القرآن الكرمي بغري لغة العرب" حيث درج على نقده بعبارات قوية ؛ ونقد‬
‫األقوال اليت ينقلها على حد سواء ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬األعالم للزركلي (‪ )3٠٢/3‬معجم املؤلفني (‪)٢١8 /5‬‬


‫(‪ )١‬املكتبة اإلسالمية (ص‪)8٠ :‬‬
‫(‪ )3‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر (ص‪)٢58 :‬‬
‫‪004‬‬
‫وهذه أمثلة من نقول اهلاليل عن السيوطي يف كتابه اإلتقان‪:‬‬

‫أ – نقله عنه مستشهدا بقوله ‪:‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض كالمه عن فائدة معرفة أسباب النزول ناقال كالم السيوطي‬
‫مستشهدا به ومقررا له ‪ ( :‬ما فائدة هذا العلم ؟ قال السيوطي ‪" :‬زعم زاعم أن هذا العلم ال‬
‫طائل حتته جلريانه جمرى التاريخ وأخطأ يف ذلك ‪ ،‬فله فوائد منها معرفة حكمة التشريع ‪ ،‬ومنها‬
‫ختصيص احلكم به عند من يقول إن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب(‪.)٢‬‬

‫ومنها‪ :‬أن اللفظ قد يكون عاما ويقوم الدليل على ختصيصه فإذا عرف السبب قصر‬
‫التخصيص على ما عدا صورته فإن دخول صورة السبب قطعي وإخراجها باالجتهاد ممنوع‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬الوقوف على املعل وإزالة اإلشكال"(‪.)3().. )١‬‬

‫ونقل عنه يف معرض حبثه يف مسألة وقوع املعرب يف القرآن الكرمي ؛ فقال ‪-‬رمحه اهلل‪: -‬‬
‫(قال السيوطي يف اإلتقان‪":‬قد أفردت يف هذا النوع كتابا مسيته"املهذب فيما وقع يف القرآن من‬
‫املعرب"وأنا أخلص هنا فوائد فأقول‪:‬اختلف األئمة يف وقوع املعرب يف القرآن فاألكثرون ومنهم‬
‫اإلمام الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر وابن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله‬
‫تعاىل ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫وقوله‬ ‫ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ ]يوسف‪[١:‬‬ ‫تعاىل‪:‬‬
‫]فصلت‪ [ 44 :‬وقد شدد الشافعي النكري على القائل بذلك‪.‬‬ ‫ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡﭼ‬

‫وقال أبو عبيدة‪ِّ :‬إمنا أنزل القرآن بلسان عريب مبني فمن زعم أن فيه غري العربية فقد أعظم‬
‫القول ومن زعم أن"لدا" بالنبطية فقد أكرب القول‪ ،‬وقال ابن فارس‪ :‬لو كان فيه من لغة غري‬
‫العرب شئ لتوهم متوهم أن العرب إمنا عجزت عن اإلتيان مبثله ألنه أتى بلغات ال‬

‫(‪ ( )٢‬هكذا العبارة عند الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬والذي يف اإلتقان ومنها‪ :‬ختصيص احلكم به عند من يرى أن العربة‬
‫خبصوص السبب) وعبارة السيوطي يف األصل هي الصحيحة من حيث املعل ‪ .‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢٠٠ /٢‬‬
‫(‪ )١‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢٠8 /٢‬‬
‫(‪ )3‬نبذة يف علوم القرآن ص‪33‬‬
‫‪005‬‬
‫يعرفوهنا"‪)٢(.‬اهـ )(‪.)١‬‬

‫وقال يف معرض كالمه عن الناسخ واملنسوخ ناقال عن السيوطي أيضا مستشهدا بكالمه‪:‬‬
‫( ما معل النسخ لغة واصطالحا وما مقدار عناية املسلمني به ؟‬

‫قال يف اإلتقان‪" :‬أفرده بالتصنيف مجاعة نذكر منهم(‪ ،)3‬مث قال‪ " :‬قال األئمة‪ :‬ال جيوز‬
‫(‪)5( )4‬‬
‫ألحد أن يفسر كتاب اهلل إال بعد أن يعرف منه الناسخ واملنسوخ"‪) .‬‬

‫ب – نقله عنه منتقدا قوله ورادا عليه ‪:‬‬

‫انتقد الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بعض النقول اليت نقلها السيوطي يف كتابه اإلتقان نقدا الذعا‪،‬‬
‫ومن ذلك ‪:‬‬

‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف مسألة تعريب كلمة "ابلعي" ‪ ( :‬قال السيوطي يف اإلتقان "أخرج ابن‬
‫أيب حامت عن وهب بن منبه يف قوله تعاىل ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ [ هود‪ ، ] 44 :‬قال باحلبشية‬
‫ازدرديه‪ ،‬وأخرج أبو الشيخ من طريق جعفر بن حممد عن أبيه قال اشريب بلغة اهلند"‪ )6(.‬اهـ‪.‬‬

‫وان تعجب فعجب قوهلم إن "ابلعي" بلغة أهل اهلند وهذا القول إىل اهلزل أقرب منه إىل‬
‫اجلد وقائله لي أهال أن يؤخذ عنه العلم‪ ،‬و إمنا هو يهرف مبا ال يعرف وأهل اهلند أجناس‬
‫كثرية هلم مئات من اللغات‪ ،‬وال تكاد تسري مسافة يوم إال وجدت جنسا آخر له لغة أخرى‪.‬‬
‫ويف زماننا هذا نرى الدماء تسفك بينهم بسبب اللغات فال يرضى جن أن تكون لغة الدولة‬
‫لغة أخرى غري لغته‪ ،‬ويف زمان االستعمار مل تكن يف اهلند لغة يستطيع املسافر أن يتكلم هبا‬
‫وجيد من يفهم كالمه يف مجيع أحناء اهلند إال لغتني إحدامها اإلنكليزية وهي لغة الدولة احلاكمة‪،‬‬

‫اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢١5 /١‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪٢٠-٢6‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫الذي يف اإلتقان خالئق ال حيصون منهم‪..‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اإلتقان يف علوم القرآن (‪)66 /3‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪39‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢١9 /١‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪006‬‬
‫والثانية لغة املسلمني وهي لغة أوردو‪ ،‬على أن "بلع" كلمة عربية سامية أصيلة عريقة يف‬
‫عروبتها وساميتها وترفع راية اللغات السامية وهي حرف العني‪.)٢()...‬‬

‫مث ينتقد السيوطي ويصفه بأوصاف ال ينبغي أن يوصف هبا فيقول ‪-‬رمحه اهلل‪: -‬‬
‫(ولذلك نرى السيوطي يف كتاب اإلتقان كحاطب ليل ولي عنده حتقيق وال إتقان وهذا شأنه‬
‫يف علوم املنقول‪ ،‬أما يف علوم املعقول كعلوم العربية فهو فارس ال يشق له غبار)(‪.)١‬‬

‫قلت ‪ :‬ساحمه اهلل تعاىل فاإلمام السيوطي من أج ِّل علماء املسلمني ؛ وكتبه شاهدة بتبحره‬
‫يف علوم املنقول واملعقول ؛ ومن اهتمه يف علمه باملنقول فليطالع كتابه الدر املنثور يف التفسري أو‬
‫ألفيته يف احلديث أو تدريبه للراوي وغريها كثري فكيف جيوز للشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أن‬
‫يطلق الكالم فيه هكذا على عواهنه ‪..‬‬

‫والذي ال يشك فيه أحد أن العالمة اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ال ميكن أن يقارنه أحد بالسيوطي‬
‫ال يف علوم املنقول وال يف علوم املعقول ؛ والفرق بينهما يف التحصيل العلمي كبري جدا ‪..‬‬

‫هذا وقد أفاد العالمة اهلاليل من كتب أخرى كثرية ونقل من بعضها وصوب ما احتوت‬
‫عليه من أفكار متعلقة بعلوم القرآن الكرمي ‪ ،‬ومن أبرز هذه الكتب ‪:‬‬
‫)‪(3‬‬
‫التفسري الوسيط للواحدي ‪.‬‬ ‫‪.٢‬‬
‫)‪(4‬‬
‫حتفة األحوذي ‪.‬‬ ‫‪.١‬‬
‫)‪(5‬‬
‫تفسري البيضاوي ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫)‪(6‬‬
‫ترمجة معاين القرآن الكرمي بالعربانية‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪33‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ص‪34‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫نبذة من علوم القرآن الكرمي ص ‪33‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪١٠‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪١4‬و‪35‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪١9-١8‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪007‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫‪ .5‬التوراة ‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ .6‬السرية البن إسحاق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .٠‬كتب اللغة كلسان العرب والقاموس احمليط‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪ .8‬األلفاو األجنبية يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪ .9‬تفسري ابن كثري‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫‪ .٢٠‬مفردات الراغب‪.‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ .٢٢‬كتب السنة كالبخاري واملسند وغريمها ‪.‬‬

‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪١9‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫نبذة من علوم القرآن الكرمي ص ‪٢3‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪3٠‬و‪35‬و‪36‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪3٢‬و‪3٠‬و‪39‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص‪3١‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫ما وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب ص ‪36‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫نبذة من علوم القرآن الكرمي ص ‪١٠‬و‪١9‬و‪33‬‬ ‫(‪)٠‬‬
‫‪008‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫منهج اهلاليل يف التفسري‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫املبحث األول ‪:‬منهج اهلاليل يف التفسري باملأثور‬
‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تفسري القرآن بالقرآن‬
‫املطلب الثاين‪ :‬نفسري القرآن بالسنة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تفسري القرآن بأقوال الصحابة‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬تفسري القرآن بأقوال التابعني‪.‬‬

‫‪009‬‬
‫قدمت تعريف التفسري يف اللغة واالصطالح ؛ وبقي تعريف املأثور ‪:‬‬

‫تعريف كلمة المأثور لغة‪:‬‬

‫املأثور يف اللغة ‪ :‬اسم مفعول من أثر احلديث ذكره عن غريه فهو آثر باملد وبابه نصر‪،‬‬
‫ومنه حديث مأثور أي ينقله خلف عن سلف‪.‬‬

‫واألثر ‪ :‬اخلرب ‪ ،‬واجلمع‪ :‬آثار (‪.)٢‬‬

‫تعريف المأثور اصطالحا ‪:‬‬

‫ومن هنا ميكن أن يعرف التفسري باملأثور بأنه‪:‬‬


‫هو ما جاء يف القرآن أو السنة أو كالم الصحابة بيانا ملراد اهلل تعاىل من كتابه‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫واقتصر على هذا بعض أهل العلم‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وبعضهم يضيف ما نقل عن التابعني بيانا ملراد اهلل تعاىل‪.‬‬
‫فطرق التفسري باملأثور على هذا التعريف أربعة‪:‬‬

‫تفسير القرآن بالقرآن ‪:‬‬

‫وهذا النوع من التفسري هو أجل أنواع التفسري وأشرفها‪ ،‬إذ ال أحد أعلم مبراد اهلل تعاىل من‬
‫اهلل جل وعال‪ ،‬فما أمجل يف مكان من القرآن الكرمي فقد بني يف مكان آخر‪ ،‬وما أطلق يف‬
‫موضع ؛ قيد يف موضع آخر وهكذا ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬خمتار الصحاح (ص‪ )٢3 :‬تاج العروس (‪)٢5 /٢٠‬‬


‫(‪ )١‬مناهل العرفان يف علوم القرآن (‪)٢١ /١‬‬
‫(‪ )3‬التفسري واملفسرون (‪)٢٢١ /٢‬‬
‫‪021‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬فإن قال قائل‪ :‬فما أحسن طرق التفسري؟‬
‫فاجلواب‪ :‬أن أصح الطرق يف ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن؛ فما أمجل يف مكان فإنه قد فسر‬
‫يف موضع آخر وما اختصر من مكان فقد بسط يف موضع آخر)(‪.)٢‬‬
‫ومثال تفسير القرآن بالقرآن ‪:‬‬

‫قوله تعاىل ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ ]الفاحتة‪ :[١ :‬قال الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪( : -‬مل يبني هنا‬
‫ﭽﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ‬ ‫ما العاملون‪ ،‬وبني ذلك يف موضع آخر بقوله‪:‬‬
‫ﭼ ﭽ ﭼ ]الشعراء‪.)١( [١4 -١3:‬‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ‬

‫ومنه كذلك قوله تعاىل ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭴ ﭼ ]الفاحتة‪ [٠ :‬قال الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪:-‬‬


‫بقوله‪:‬ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫( مل يبني هنا من هؤالء الذين أنعم عليهم‪ .‬وبني ذلك يف موضع آخر‬
‫( )‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﭼ ]النساء‪[69 :‬‬

‫واألمثلة كثرية ‪.‬‬

‫تفسير القرآن بالسنة النبوية‪:‬‬

‫قال اإلمام ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬قال الشافعي ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬كل ما حكم به رسول‬
‫ﭽﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫اهلل ‪ --‬فهو مما فهمه من القرآن ‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫تعاىل ﭽ ﭥ ﭦ‬ ‫ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ ]النساء‪ ،[ ٢٠5 :‬وقال‬ ‫ﯭﯮ‬

‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ]النحل‪.[44 :‬‬

‫وهلذا قال رسول اهلل ‪" :--‬أال إين أوتيت القرآن ومثله معه"(‪ )4‬يعين‪ :‬السنة ‪ ،‬والسنة‬
‫أيضا تنزل عليه بالوحي‪ ،‬كما ينزل القرآن؛ إال أهنا ال تتلى كما يتلى القرآن‪ ،‬وقد استدل اإلمام‬
‫الشافعي‪- ،‬رمحه اهلل‪ -‬وغريه من األئمة على ذلك بأدلة كثرية لي هذا موضع ذلك‪.‬‬

‫جمموع الفتاوى (‪)363 /٢3‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)5 /٢‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)8 /٢‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مسند أمحد كتاب مسند الشاميني حديث املقدام بن معدي كرب حديث رقم ‪.)4٢٠/١8( ٢٠٢٠4‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪020‬‬
‫والغرض أنك تطلب تفسري القرآن منه‪ ،‬فإن مل جتده فمن السنة )(‪.)٢‬‬
‫وإذا كان القرآن الكرمي صحيحا وال حيتـاج إىل النظـر يف اإلسـناد واملـظ حلفـظ اهلل تعـاىل لـه؛‬
‫فإن السنة النبوية خبالف ذلك ؛ حتتاج إىل النظر يف صحتها وبيان أسانيدها ومتوهنا ‪..‬‬
‫ومــن هنــا فإنــه لزامــا علــى املفســر النظــر يف األحاديــث الــيت يفســر هبــا آيــات مــن كتــاب اهلل‬
‫تعاىل حىت ال يندرج فيها الضعيف(‪ )١‬واملوضوع(‪. )3‬‬
‫وهلذا قال الزركشي ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬لطالب التفسري مآخذ كثرية أمهاهتا أربعة‪:‬‬
‫األول ‪ :‬النقل عن رسول اهلل ‪.--‬‬
‫وهــذا هــو الط ـراز األول لكــن جيــب احلــذر مــن الضــعيف فيــه واملوضــوع فإنــه كثــري وإن س ـواد‬
‫األوراق س ـواد يف القلــب قــال امليمــوين(‪ :)4‬مسعــت أمحــد بــن حنبــل يقــول‪ :‬ثالثــة كتــب لــي هلــا‬
‫أصــول املغــازي واملالحــم والتفســري قــال احملققــون مــن أصــحابه‪ :‬وم ـراده أن الغالــب أهنــا لــي هلــا‬
‫(‪)5‬‬
‫أسانيد صحاح متصلة وإال فقد صح من ذلك كثري"‪.‬‬
‫وتعقبــه الســيوطي ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬بقولــه ‪ " :‬الــذي صــح مـن ذلــك قليــل جــدا بــل أصــل املرفــوع‬
‫(‪)6‬‬
‫منه يف غاية القلة وسأسردها كلها آخر الكتاب إن شاء اهلل تعاىل"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن كثري ت سالمة (‪.)٠ /٢‬‬


‫(‪ )١‬احلديث الضعيف عرف تعريفات كثرية من أوجزها أنه ‪ :‬هو كل حديث مل جتتمع فيه شروط الصحيح وال شروط‬
‫احلسن ‪ ،‬وتتفاوت درجاته يف الضعف حبسب بعده من شروط الصحة كما تتفاوت درجات الصحيح حبسب متكنه منها‬
‫وقسمه أبو حامت بن حبان إىل قريب من مخسني قسما وكلها داخله يف الضابط املذكور ‪ .‬انظر ‪ :‬املنهل الروي يف خمتصر‬
‫علوم احلديث النبوي (ص‪.)38 :‬‬
‫(‪ )3‬احلديث املوضوع هو قسم من أقسام الضعيف وهو أشر أقسامه وعرفوه بأنه ‪ :‬ما كان يف إسناده كذاب أو وضاع‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬حتقيق القول بالعمل باحلديث الضعيف (ص‪.)١١ :‬‬
‫(‪ )4‬عبد امللك بْن عبد احلميد بن مهران امليموين الرقي أبُو احلسن ولد سنة ‪٢8٢‬هـ ‪ ،‬ومسع من أمحد بن حنيل ويزيد بن‬
‫هارون ومجاعة ‪ ،‬قال اخلالل ‪ :‬تويف امليموين وهو دون مائة سنة‪ ،‬وقال احلراين تويف سنة ‪١٠4‬هـ‪ .‬طبقات احلنابلة‬
‫(‪ )١٢١ /٢‬هتذيب التهذيب (‪. )4٠٠/6‬‬
‫(‪ )5‬الربهان يف علوم القرآن (‪.)٢56 /١‬‬
‫(‪ )6‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪.)١٠8 /4‬‬
‫‪022‬‬
‫قلــت ‪ :‬بــل احلــق مــا قــال احملققــون مــن أن األحاديــث ال ـواردة يف بيــان آيــات مــن كتــاب اهلل‬
‫تعاىل كثرية صحيحة ؛ وال يشك يف ذلك إال من مل يستقرئ التفسري‪...‬‬
‫نعم قد يسلم للسيوطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬القول بأن املرفوع من األحاديث املفسرة للقرآن الكـرمي‬
‫قليـل بالنسـبة للموقـوف علــى الصـحايب أو املقطـوع علــى التـابعي وحنـو ذلــك أمـا اإلطـالق هكــذا‬
‫فلي مبسلم ‪.‬‬

‫مثال تفسير القرآن بالسنة ‪:‬‬

‫وتفسري القرآن الكرمي بالسنة املطهرة علـى أنـواع ؛ فقـد تـأيت السـنة النبويـة لتخصـيص آيـة أو‬
‫تقييد مطلق أو بيان جممل وحنو ذلك ‪:‬‬

‫قول ــه‪ :‬ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫يق ــول اب ــن الق ــيم ‪-‬رمح ــه اهلل‪ " : -‬أمجع ــت األم ــة عل ــى ختص ــيص‬
‫ﭢ ﭼ [النساء‪]١4 :‬بقولـه ‪" : - -‬ال تـنكح املـرأة علـى عمتهـا وال علـى خالتهـا"(‪ )٢‬وعمـوم‬
‫(‪)١‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﭼ ]النساء‪ [٢٢ :‬بقوله ‪" :--‬ال يرث املسلم الكافر"‬
‫وعم ــوم قول ــه تع ــاىل‪ :‬ﭽﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ ]املائ ــدة‪ [38 :‬بقول ــه ‪" :-  -‬ال‬
‫(‪)4‬‬
‫قطع يف مثر وال كثر"(‪)3‬ونظائر ذلك كثرية )‬

‫(‪ )٢‬هو بلفظه يف صحيح مسلم كتاب النكاح باب حترمي اجلمع بني املرأة وعمتها أو خالتها يف النكاح ‪ -‬حديث‪:‬‬
‫‪ )٢٠١9 /١( ٢4٠8‬وهو يف البخاري كذلك مبعناه كتاب النكاح باب ال جيمع بني املرأة وعمتها أو خالتها حديث رقم‬
‫‪)٢١ /٠( 5٢٠8‬‬
‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب الفرائض ‪ ،‬باب ال يرث املسلم الكافر وال الكافر املسلم حديث رقم ‪)٢56 /8( 6٠64‬‬
‫ومسلم كتاب الفرائض باب ال يرث املسلم الكافر وال الكافر املسلم صحيح مسلم حديث رقم ‪.)٢١33 /3( ٢6٢4‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود يف سننة كتاب احلدود باب ما ال قطع فيه حديث رقم ‪ )٢36 /4( 4388‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫واملقصود باحلديث ما ذكره الزرقاين ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف شرحه على املوطأ (‪)١58 /4‬حيث قال ‪" ( :‬نيف مثر" بنفْت نح الْ ُمثـلَّث نة‬
‫ض ُمومة ونميم‬ ‫والْ نمي نم معلَّق على الشَّج نر قـبل أ ْن ُجي َّذ وُحيرز "ولو نيف كثر" بنفْت نح الْك ن‬
‫اف والْ ُمثـلَّث نة "والْكثـُر ْ‬
‫اجلُ َّم ُار" ننجبيم م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ص ُل الْكواف نري‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫ور وُهو نوعاءُ الطَّْل نع م ْن ج ْوفه ُمسِّي ُمجَّ ًارا وكثـًرا ألنَّهُ أ ْ‬
‫ج به الْكافُ ُ‬‫َّخ نل وُهو ش ْح ُمهُ الذي خيُْر ُ‬
‫ثقيلة أ ْي ُمجَّ ُار الن ْ‬
‫ث ْجتت نم ُع وت ْكثُـُر )‪.‬‬‫وحْي ُ‬
‫(‪ )4‬إعالم املوقعني عن رب العاملني (‪.)١١8 /١‬‬
‫‪023‬‬
‫ومــن بيــان الســنة للقــرآن الكــرمي ؛ مــا رواه ابــن جريــر وابــن أيب حــامت صــرحياً مــن حــديث أيب‬
‫‪ [ ١6 :‬فق ــد فســر الن ــيب‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭼ ] يــون‬ ‫موســى يف تفســري قول ــه تعــاىل ‪:‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ -  -‬الزيادة بالنظر إىل وجه اهلل تعاىل‪.‬‬

‫ويف صحيح مسلم ما يشري إىل ذلك حيث روى عن صهيب بن سنان عن النيب ‪--‬‬
‫يف حديث قال فيه‪" :‬فيكشف احلجاب فما أُعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إىل رهبم عز‬
‫(‪)١‬‬
‫‪.[ ١6 :‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭼ ] يون‬ ‫وجل"‪ ،‬مث تال هذه اآلية‬

‫تعاىل ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ومن تفسري القرآن الكرمي بالسنة أيضا ما ثبت من تفسري قوله‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ ]األنفال‪ [ 6٠ :‬فقد فسر النيب ‪ -  -‬القوة بالرمي يف قوله " أال إن القوة‬
‫الرمي‪ )3(.‬واألمثلة كثرية‪.‬‬

‫تفسير القرآن العظيم بأقوال الصحابة الكرام والتابعين ‪:‬‬

‫وإذا مل جيد املفسر بغيته يف النوعني السابقني أعين تفسري القرآن بالقرآن وتفسريه بالسنة؛‬
‫فعليه أن يبحث يف أقوال الصحابة والتابعني ‪.‬‬

‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وحينئذ‪ ،‬إذا مل جند التفسري يف القرآن‬
‫وال يف السنة رجعنا يف ذلك إىل أقوال الصحابة‪ ،‬فإهنم أدرى بذلك ملا شاهدوه من القرآن‪،‬‬
‫واألحوال اليت اختصوا هبا‪ ،‬وملا هلم من الفهم التام‪ ،‬والعلم الصحيح‪ ،‬والعمل الصاحل‪ ،‬ال سيما‬
‫علماؤهم وكرباؤهم‪ ،‬كاألئمة األربعة اخللفاء الراشدين‪ ،‬واألئمة املهديني؛ مثل عبد اهلل بن‬
‫مسعود‪.)4("...‬‬

‫وعلى هذا الرتتيب يف التفسري درج السلف الصاحل ‪.‬‬

‫تفسري الطربي = جامع البيان ت شاكر (‪ )69 /٢5‬تفسري ابن أيب حامت‪ ،‬األصيل ‪ -‬خمرجا (‪.)٢945 /6‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫صحيح مسلم كتاب اإلميان باب إثبات رؤية املؤمنني يف اآلخرة حديث رقم ‪. )٢63 /٢( ٢8٢‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫صحيح مسلم كتاب اإلمارة باب فضل الرمي واحلث عليه‪ ،‬وذم من علمه مث نسيه ‪. )٢5١١ /3( ٢9٢٠‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مقدمة يف أصول التفسري البن تيمية (ص‪.)4٠ :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪024‬‬
‫يقول سفيان بن عيينة عن عبد اهلل بن أيب يزيد‪ " :‬كان ابن عباس إذا سئل عن اآلية يف‬
‫القرآن قال به‪ ،‬فإن مل يكن وكان عن رسول اهلل ‪ --‬أخرب به‪ ،‬فإن مل يكن فعن أيب بكر‬
‫(‪)٢‬‬
‫وعمر‪ - ،‬رضي اهلل عنهما ‪ ، -‬فإن مل يكن اجتهد برأيه "‪.‬‬

‫ومما يدل على حسن االعتماد على الصحابة يف التفسري أهنم كانوا أعلم الناس مبعاين‬
‫كتاب اهلل تعاىل بعد رسول اهلل ‪ --‬فقد قال عبد اهلل بن مسعود ‪ ( :‬واهلل الذي ال إله‬
‫أحدا أعلم‬
‫غريه ما نزلت آية من كتاب اهلل إال وأنا أعلم فيمن نزلت‪ ،‬وأين نزلت‪ ،‬ولو أعلم ً‬
‫(‪)١‬‬
‫مين بكتاب اهلل تعاىل تناله املطايا ألتيته "‪.‬‬

‫وقال أبو عبد الرمحن السلمي‪ :‬حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أهنم كانوا يستقرئون من النيب‬
‫‪ ، --‬فكانوا إذا تعلموا عشر آيات مل خيلفوها حىت يعملوا مبا فيها من العمل ‪ ،‬فتعلمنا‬
‫(‪)3‬‬
‫القرآن والعمل مجيعـًا‪.‬‬
‫وملعرفة حجية تفسري الصحايب؛ فإننا نعرج على تقسيم أهل العلم لتفسري الصحايب‪:‬‬
‫أقسام تفسير الصحابي‪:‬‬
‫ينقسم تفسري الصحايب إىل قسمني رئيسني‪:‬‬

‫ما له حكم الرفع‪:‬‬


‫وهذا حكمه حكم املسند؛ فيجب العمل به واألخذ به؛ وقد اختلفت عبارات أهل العلم‬
‫يف ضابطه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن كثري (‪.)9 /٢‬‬


‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب القراء من أصحاب حممد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬حديث رقم ‪5٠٠١‬‬
‫(‪ )٢8٠/6‬صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة ‪ -‬رضوان اهلل تعاىل عليهم ‪ -‬باب من فضائل عبد اهلل بن مسعود رضي‬
‫اهلل تعاىل عنه حديث رقم ‪.)٢9٢3/4( ١463‬‬
‫(‪ )3‬مسند أمحد حديث رقم ‪.)466 /38( ١348١‬‬
‫‪025‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬واحلق أن ضابط ما يفسره الصحايب إن كان مما ال‬
‫جمال لالجتهاد فيه وال منقوال عن لسان العرب فحكمه الرفع وإال فال‪ .‬كاإلخبار عن األمور‬
‫(‪)٢‬‬
‫املاضية ‪ ...‬وعن األمور اآلتية‪ ،‬واإلخبار عن عمل له ثواب خمصوص أو عقاب "‪.‬‬

‫وقال العراقي يف ألفيته‪:‬‬


‫ن‬
‫األسباب‬ ‫على‬ ‫فمحمول‬
‫ً‬ ‫رفعاً‬ ‫ن‬
‫الصحايب‬ ‫فسره‬
‫َّ‬ ‫وعد ما‬
‫فانتبه‬ ‫رفع‬ ‫ينميه‬ ‫رواية‬ ‫بـ ـه‬ ‫يبلغ‬
‫ُ‬ ‫يرفعُه‬ ‫وقوهلم‬
‫ُ‬
‫إىل أن قال‪:‬‬

‫فع على‬ ‫حكمه الر ُ‬


‫ُ‬ ‫يقال رأياً‬
‫ُ‬ ‫حبيث ال‬
‫ُ‬ ‫وما أتى عن صاحب‬
‫(‪)١‬‬
‫فع هلذا أثبتا‬ ‫ن‬
‫"فاحلاكم" الر ُ‬ ‫احملصول حنو م ْن أتى‬ ‫ما قال يف‬

‫قال احلاكم يف املستدرك‪ " :‬ليعلم طالب هذا العلم أن تفسري الصحايب الذي شهد الوحي‬
‫والتنزيل عند الشيخني حديث مسند "(‪.)3‬‬
‫واحلاصل يف هذا النوع أن تفسري الصحايب يعطى حكم الرفع بشروط ثالثة‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن يكون هذا الصحايب ال يأخذ عن اإلسرائيليات‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن يكون الكالم مما ال جمال لالجتهاد فيه‪.‬‬
‫ج – أن ال يكون طريقه اللغة‪.‬‬

‫تفسير موقوف على الصحابة الكرام ‪ --‬وليس له حكم الرفع‪:‬‬

‫وهذا النوع ضابطه أنه ما عدا ما ذكرنا يف القسم األول أي ما اختل فيه شرط من‬
‫شروطه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬النكت على كتاب ابن الصالح البن حجر (‪.)86 /٢‬‬
‫(‪ )١‬ألفية العراقي (ص‪)٢٠3 :‬‬
‫(‪ )3‬املستدرك على الصحيحني للحاكم (‪)١83 /١‬‬
‫‪026‬‬
‫ويدل على ذلك ما ذكره احلاكم حيث قال ‪ .. " :‬فأما املوقوف على الصحابة فإنه قل ما‬
‫خيفى على أهل العلم‪ ،‬وشرحه أن يروى احلديث إىل الصحايب من غري إرسال‪ ،‬وال إعضال‪،‬‬
‫فإذا بلغ الصحايب‪ ،‬قال‪ :‬إنه كان يقول‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬وكان يفعل كذا‪ ،‬وكان يأمر بكذا وكذا ‪..‬‬

‫وجل‪ :‬ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ ]املدثر‪[١9 :‬‬ ‫مث روى عن أيب هريرة ‪ --‬تفسريه لقول اهلل عز‬
‫قال أبو هريرة ‪ « :--‬تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفحهم لفحة فال ترتك حلما على عظم‬
‫إال وضعته على العراقيب»‬

‫قال احلاكم ‪" :‬وأشباه هذا من املوقوفات تعد يف تفسري الصحابة‪ ،‬فأما ما نقول يف تفسري‬
‫الصحايب مسند‪ ،‬فإمنا نقوله يف غري هذا النوع"(‪.)٢‬‬

‫وعلى هذا التقييد جرى علماء السلف من أهل احلديث واألصول والتفسري ‪.‬‬

‫يقول ابن الصالح ‪ " :‬ما قيل من أن تفسري الصحايب حديث مسند‪ ،‬فإمنا ذلك يف تفسري‬
‫يتعلق بسبب نزول آية خيرب به الصحايب أو حنو ذلك‪ ،‬كقول جابر ‪ ":--‬كانت اليهود‬
‫وجل‪ :‬ﭽ ﯡ ﯢ‬ ‫تقول‪ :‬من أتى امرأته من دبرها يف قبلها جاء الولد أحول‪ ،‬فأنزل اهلل عز‬
‫‪.‬‬ ‫ﯣ ﭼ] البقرة‪[١١3 :‬‬

‫فأما سائر تفاسري الصحابة اليت ال تشتمل على إضافة شيء إىل رسول اهلل ‪--‬‬
‫(‪)١‬‬
‫فمعدودة يف املوقوفات )‪.‬‬

‫وذكر حنو ذلك ابن حجر يف نزهة النظر (‪.)3‬‬

‫وعلق الشيخ أمحد شاكر على القول بأن تفسري الصحايب يف حكم املرفوع؛ فقال‪ " :‬أما‬
‫إطالق بعضهم أن تفسري الصحابة له حكم املرفوع‪ ،‬وأن ما يقوله الصحايب‪ ،‬مما ال جمال فيه‬
‫للرأي مرفوع حكماً كذلك‪ :‬فإنه إطالق غري جيد‪ ،‬ألن الصحابة اجتهدوا كثرياً يف تفسري‬

‫(‪ )٢‬معرفة علوم احلديث للحاكم (ص‪)٢9 :‬‬


‫(‪ )١‬مقدمة ابن الصالح (ص‪)5٠ :‬‬
‫(‪ )3‬نزهة النظر يف توضيح َنبة الفكر (ص‪)٢33 :‬‬
‫‪027‬‬
‫القرآن‪ ،‬فاختلفوا‪ ،‬وأفتوا مبا يرونه من عمومات الشريعة تطبيقاً على الفروع واملسائل‪ ،‬ويظن كثري‬
‫من الناس أن هذا مما ال جمال للرأي فيه‪ .‬وأما ما حيكيه بعض الصحابة من أخبار األمم‬
‫السابقة‪ ،‬فإنه ال يعطى حكم املرفوع أيضاً‪ ،‬ألن كثرياً منهم‪--‬كان يروى اإلسرائيليات عن‬
‫أهل الكتاب‪ ،‬على سبيل الذكرى واملوعظة‪ ،‬ال مبعل أهنم يعتقدون صحتها‪ ،‬أو يستجيزون‬
‫نسبتها إىل رسول اهلل ‪ ،--‬حاشا وكال) (‪.)٢‬‬
‫(‪)١‬‬
‫وعلق الرحيلي على كالم الشيخ أمحد شاكر السابق فقال ‪ :‬وهذا حتقيق نفي ‪..‬‬

‫تفسير القرآن الكريم بأقوال التابعين ‪:‬‬

‫وأما تفسري القرآن بقول التابعني فهو مبين على أهنم أعرف الناس مبعاين كتاب اهلل تعاىل‬
‫بعد الصحابة ‪--‬؛ وقد درج أئمة السلف على األخذ بأقوال التابعني يف التفسري وغريه ‪.‬‬

‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬إذا مل جتد التفسري يف القرآن وال يف السنة‬
‫وال وجدته عن الصحابة فقد رجع كثري من األئمة يف ذلك إىل أقوال التابعني " كمجاهد بن‬
‫جرب " فإنه كان آية يف التفسري ‪ ..‬مث عدد جمموعة من التابعني )(‪.)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫وهلذا قال سفيان الثوري‪ :‬إذا جاءك التفسري عن جماهد فحسبك به‬

‫وخالصة البحث يف هذه املسألة أن أقوال التابعني يف التفسري هلا ثالثة أحوال‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬أن جيمعوا على قول يف تفسري آية من اآليات فال بد من األخذ هبذا القول‬
‫حملل اإلمجاع‪.‬‬

‫نزهة النظر يف توضيح َنبة الفكر (ص‪)٢33 :‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫املرجع السابق بتحقيق الرحيلي‪.‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫جمموع الفتاوى (‪)368/٢3‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫تفسري الطربي (‪)9٢/٢‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪028‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬أن يكون تفسري منقول عن التابعني وال إمجاع عليه فإذا كان ال يدرك بالرأي‬
‫ولي طريقه اللغة ومل يؤخذ عن أهل الكتاب‪ ،‬فإنه يعطى حكم املرفوع؛ لكن مرفوع الصحابة‬
‫حكمه حكم املتصل؛ ومرفوع التابعني حكمه حكم املرسل ‪.‬‬

‫ومن هنا فإن قول التابعي الذي توفرت فيه الشروط الثالثة يسمى مرفوعا مرسال‪ ،‬وله‬
‫حالتان‪:‬‬

‫األولى‪ :‬أن يتعزز مبرسل آخر فيوافقه تابعي آخر على هذا القول‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن يتقوى حبديث مسند مروي عن الصحابة وله حكم الرفع إىل النيب ‪.--‬‬

‫ففي احلالتني يقبل قول التابعي‪ ،‬ويعمل به؛ بال خالف بني األئمة‪.‬‬

‫النوع الثالث‪ :‬أن خيتل فيه واحد من الشروط املتقدمة؛ حبيث يكون قوال للتابعي ولي له‬
‫حكم الرفع‪ ،‬ومل يكن عليه إمجاع ؛ فقد اختلف األئمة فيه؛ فقال بعضهم يعول عليه ‪ ،‬ومنهم‬
‫سفيان الثوري ‪ ،‬وقال اجلمهور ال يعول عليه ‪.‬‬

‫قال اإلمام ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وقال شعبة بن احلجاج وغريه‪ :‬أقوال التابعني يف الفروع‬
‫ليست حجة؟ فكيف تكون حجة يف التفسري؟ يعين‪ :‬أهنا ال تكون حجة على غريهم ممن‬
‫خالفهم‪ ،‬وهذا صحيح‪ ،‬أما إذا أمجعوا على الشيء فال يرتاب يف كونه حجة‪ ،‬فإن اختلفوا فال‬
‫يكون بعضهم حجة على بعض‪ ،‬وال على من بعدهم‪ ،‬ويرجع يف ذلك إىل لغة القرآن أو السنة‬
‫(‪)٢‬‬
‫أو عموم لغة العرب‪ ،‬أو أقوال الصحابة يف ذلك"‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن كثري ت سالمة (‪)٢٠ /٢‬‬


‫‪029‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تفسري القرآن بالقرآن‪:‬‬

‫إن تفسري القرآن بالقرآن هو أمثل طرق التفسري وأجودها؛ وأبعدها عن اخلطأ يف الرأي ‪..‬‬

‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬أصح طرق التفسري‪ ،‬أن يفسر القرآن‬
‫بالقرآن فما أمجل يف مكان‪ ،‬فإنه قد فسر يف موضع آخر‪ ،‬وما اختصر يف مكان‪ ،‬فقد بسط يف‬
‫(‪)٢‬‬
‫موضع آخر "‪.‬‬

‫وقال ابن القيم ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وتفسري القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسري "(‪.)١‬‬

‫وهلذا فقد فسر النيب ‪ --‬بعض اآليات بآيات‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك تفسريه ‪--‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الظلم الوارد يف سورة األنعام بالشرك الوارد يف سورة لقمان‪.‬‬

‫ومنه أيضا تفسريه مفاتيح الغيب يف سورة األنعام بآية لقمان ‪.)4(..‬‬

‫وعلى هذا درج الصحابة ‪ --‬فقد عُنوا بتفسري القرآن بالقرآن؛ ومن أشهرهم استعماال‬
‫له عبد اهلل بن عباس ‪-‬رضي اهلل تعاىل عنهما‪.-‬‬

‫ومن هنا اهتم به العلماء املصنفون يف التفسري كابن جرير وابن كثري ‪ -‬رمحهما اهلل تعاىل‪-‬؛‬
‫ومن مث أفرده بعضهم بتصنيف مستقل كالشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتابه أضواء البيان يف‬
‫(‪)5‬‬
‫إيضاح القرآن بالقرآن‪.‬‬

‫(‪ )٢‬حاشية مقدمة التفسري البن قاسم (ص‪)٢٠6 :‬‬


‫(‪ )١‬التبيان يف أقسام القرآن (ص‪)٢8٠ :‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري كتاب اإلميان باب قول اهلل ‪":‬واختذ اهلل إبراهيم خليال" حديث رقم ‪ )٢4٢ /4( 336٠‬صحيح‬
‫مسلم كتاب اإلميان باب صدق اإلميان وإخالصه حديث رقم ‪)٢٢4 /٢( ٢١4‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري كتاب تفسري القرآن باب ‪":‬وعنده مفاتح الغيب" حديث رقم ‪ )56 /6( 46١٠‬صحيح مسلم‬
‫كتاب اإلميان باب اإلميان ما هو وبيان خصاله حديث رقم ‪)39 /٢( 9‬‬
‫(‪ )5‬وهو أمجع كتاب مفرد يف هذا اجملال ‪.‬‬
‫‪031‬‬
‫موقف الشيخ الهاللي ‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬

‫لقد اهتم الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هبذا النوع من التفسري أميا اهتمام ‪ ،‬وأواله عناية خاصة‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬خري ما يفسر به القرآن القرآن "(‪.)٢‬‬

‫وكتجسيد لنظرته هذه ألمهية تفسري القرآن بالقرآن فإن املطالع لكتبه جيده أكثر من هذا‬
‫النوع من التفسري ‪ ،‬وأظهر أمهيته وعنايته به ‪ ،‬وقد ساعده حفظه القوي وسرعة استحضاره يف‬
‫الوصول إىل شيئ ال بأس به يف هذا اجلانب‪.‬‬

‫قوة حفظ الهاللي للقرآن الكريم ‪ ،‬واستحضاره له ‪:‬‬

‫لقد حفظ الشيخ اهلاليل القرآن الكرمي على طريقة أهل املغرب يف قوة احلفظ ومتانته ؛‬
‫واالهتمام برتسيخه ؛ وأمت حفظه وهو ابن اثنيت عشرة سنة‪ ،‬ورسخه زيادة على حفظه ذلك‬
‫(‪)١‬‬
‫بإمامة الناس يف الصالة يف قرية زيان حيث كان يؤمهم يف الصلوات ويعلم األطفال القرآن‪.‬‬

‫منهجه في تفسير القرآن بالقرآن ‪:‬‬

‫وسوف أعرض له من خالل النقطتني التاليتني ‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬حقيقة المنهج ‪.‬‬

‫تتمثل حقيقة منهج اهلاليل يف تفسري القرآن بالقرآن يف تلك الدعائم األساسية اليت يقوم‬
‫عليها منهجه ‪ ،‬واليت تعترب كل واحدة منها معلما بارزا من معامل منهجه يف التفسري القرآين ‪،‬‬
‫واليت متثلت يف الدعامتني التاليتني‪:‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪98‬‬


‫(‪ )١‬ينظر التمهيد من هذه الرسالة يف حياة الشيخ اهلاليل ‪.‬‬
‫‪030‬‬
‫‪ – 0‬الجمع‪ :‬حيث كان الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من أكثر العلماء اهتماما جبمع أقوال‬
‫أهل العلم من املفسرين وغريهم ؛ حىت جعلهم عمدة يف نظرته التفسريية ؛ حماوال مجع ما أمكنه‬
‫(‪)٢‬‬
‫من تفسري لآليات القرآنية سواء من ناحية املأثور أو املعقول ‪.‬‬

‫‪ – 2‬التحليل‪ :‬وذلك أن اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ال يرتك النُـ ُقول اليت ينقلها بدون حتليل‬
‫وحتقيق ؛ بل يراجعها‪ ،‬ويستدرك على ما حيتاج إىل استدراك‪ ،‬ويعلق على ما يتضح املراد منه‬
‫بالتعليق وحنو ذلك ‪.‬‬

‫وميكن القول إن اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اعتمد على جانبني يف حتليله‪:‬‬

‫األول ‪ :‬الجانب النقدي‪ :‬حيث يقوم بنقد ما يظهر له أنه حباجة إىل النقد من املسائل‬
‫اليت تعرضت هلا تلك النقول سواء كان ذلك فيما يتعلق بالفرق وهو األكثر أو باللغة أو بآراء‬
‫احملدثني واألصوليني والفقهاء وغريهم ‪.‬‬

‫ومن ذلك – على سبيل املثال ال احلصر قوله‪- :‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض ذكره لتفسري قوله‬
‫تعاىل ‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ [ البقرة‪] ١١١ :‬؛ حيث نقل قول ابن كثري‬
‫يف تفسريها مث قال‪ " :‬ثبتت حمبة اهلل تعاىل للتوابني وللمتطهرين وتأويل احلب هنا‪ :‬بالثواب‬
‫تكذيب‪ ،‬وادعاء اجملاز باطل ألنه ال توجد قرينة تدل عليه وقد تكرر وروده يف النصوص‪ ،‬فتوبوا‬
‫إىل ربكم يا أيها النفاة املعطلون‪ ،‬وآمنوا باهلل مثلما آمن به رسوله والصحابة والتابعون بال تأويل‬
‫(‪)١‬‬
‫وال تعطيل وال تشبيه وال متثيل "‪.‬‬

‫فهنا نرى الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يشري إىل قول املعطلة‪ ،‬وينقده ‪ ،‬ويبني خمالفته لعقيدة‬
‫السلف الصاحل‪.‬‬

‫(‪ )٢‬يراجع مثال كتابه سبيل الرشاد ؛ فقد حرص فيه على مجع كالم أهل العلم يف تفسري كل آية دون أن يهمل مفسرا‬
‫قدميا أو حديثا ؛ فمرة ينقل عن ابن جرير ‪ ،‬وتارة عن ابن كثري ‪ ،‬وأحيانا عن ابن أيب مدين املعاصر له ‪ ،‬واملباركفوري ‪،‬‬
‫وغريهم ؛ مما جيعله من أكثر املفسرين املعاصرين مجعا ألقوال أهل العلم يف اآليات اليت تعرض لتفسريها‪.‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪6‬ص‪١6‬‬
‫‪032‬‬
‫الثاني‪ :‬االستنباط‪ :‬فاهلاليل كثريا ما يستنبط من اآليات القرآنية واألحاديث النبوية‬
‫الشريفة ما ميكنه استنباطه؛ وغالبا ما ينزهلا على الواقع الذي تعيشه األمة اإلسالمية يف عصره‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لصدر سورة احلجرات؛ بعد أن نقل قول‬
‫ابن كثري؛ حيث قال ما نصه ‪ ( :‬هذه اآليات الكرمية فيها من األمر بتعظيم النيب ‪-  -‬‬
‫وإجالله ما ال حد له ‪ ،‬وقد تقدم أن من مل حيب النيب ‪ -  -‬أكثر من نفسه ووالديه‬
‫وأوالده والناس أمجعني ال يكون مؤمنا حقا ‪ ،‬وذلك معل قول النيب ‪" : -  -‬ال يؤمن‬
‫أحدكم" قال العلماء ‪ :‬ويدخل يف الناس أمجعني كل حمبوب لديه منهم حىت هو نفسه ‪ ،‬ولك‬
‫من آمن هبذا يستحيل أن خيالف أمر النيب ‪ --‬يف عقيدة أو عبادة أو معاملة أو خلق ‪،‬‬
‫وقد أشار احلافظ ابن كثري إىل ذلك وبينه غاية البيان ‪ ،‬وبسط القول فيه احلافظ ابن القيم ‪،‬‬
‫وقد تقدم كالمه ويدخل يف هذا الوعيد املقلدون املتمذهبون وأصحاب الطرائق واألحزاب‬
‫(‪)٢‬‬
‫السياسية والتعصب لألوطان والقوميات "‪.‬‬

‫ففي هذا النص جند الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يستنبط معاين تدل عليها هذه اآليات‬
‫داللة تضمن ؛ مث ينزهلا على الواقع املعاش من انقسام املسلمني إىل مذاهب وشيع وأحزاب‬
‫سياسية وقوميات‪ ،‬ومن مث تعصب كل فئة النتماءاهتا املختلفة ‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬التطبيق العملي‬

‫واملقصود به املمارسة الفعلية للنظرة اليت صرح هبا اهلاليل يف اهتمامه بتفسري القرآن‬
‫بالقرآن‪ ،‬والطرائق اليت سلكها يف ذلك‪ ،‬حيث يسلك اهلاليل يف تفسريه القرآن بالقرآن أربعة‬
‫مسالك وهي‪:‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪4‬ص‪٢45‬‬


‫‪033‬‬
‫‪ – 0‬جزء اآلية ‪.‬‬

‫وهذا النمط يكثر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من استخدامه حبيث يفسر كل جزء من اآلية مبا‬
‫يناسبه من اآليات األخرى أو أجزائها وحنو ذلك ‪..‬‬

‫‪:‬ﭽﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫ومن األمثلة على ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ ]البقرة‪ [48 :‬؛ حيث قال‪:‬‬
‫( ‪ ..‬ملا ذكرهم تعاىل بنعمه أوال عطف على التحذير من طول عقابه هلم يوم القيامة ؛ فقال ‪:‬‬
‫"واتقوا يوما" يعين يوم القيامة ‪" ،‬ال جتزي نف عن نف شيئا" أي ال يغين أحد عن أحد كما‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ‬ ‫قال ‪ :‬ﭽ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯮ ﭼ [ اإلسراء‪ ] ٢5 :‬وقال‬
‫تعاىل ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫" وقال‬ ‫ﰌ ﭼ ]عب ‪[3٠ :‬‬

‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﭼ ]لقمان‪ [ 33 :‬هلذا أبلغ التحذير أن كال من الوالد وولده ال يغين أحدمها‬


‫عن اآلخر شيئا)(‪. )٢‬‬

‫ﭽ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ ]البقرة‪[ 48 :‬‬ ‫ومنه أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫حيث قال‪.. ( :‬أي وال أحد يغضب هلم فينصرهم وينقذهم من عذاب اهلل كما تقدم من أنه‬
‫ال يعطف عليهم ذو قرابة وال ذو جاه ‪ ،‬وال يقبل منهم فداء‪ ،‬وال هلم ناصر من أنفسهم وال‬
‫من غريهم ؛ كما قال‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ ]الطارق‪ [٢٠ :‬أي أنه تعاىل ال يقبل فيمن كفر‬
‫به فدية وال شفاعة وال ينقذ أحدا من عذابه منقذ ‪ ،‬وال خيلص منه أحد‪ ،‬وال جيري منه أحد‪،‬‬
‫ﭽﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫كما قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﰀ ﭼ ]املؤمنون‪ [ 88 :‬وقال ‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ ] الفجر‪ [ ١6-١5 :‬وقال ‪:‬‬
‫ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﭼ‬ ‫ﭚ ﭼ ] الصافات‪ [١6-١5 :‬وقال‪:‬‬
‫]األحقاف‪.)١([١8 :‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢55‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪٢56/٢‬‬
‫‪034‬‬
‫‪ – 2‬كل اآلية ‪:‬‬

‫وهذا هو الغالب يف تفسري الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬لسوريت األنعام والفتح وقليالً ما يفعله‬
‫يف كتابه سبيل الرشاد ‪.‬‬

‫‪ – 3‬جملة آيات مجتمعة ‪:‬‬

‫وقد يلجأ الشيخ لتفسري آيات جمتمعة بآيات متفرقة ؛ كما فعل يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭑ ﭒ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ‬ ‫ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫]األنعام‪ [٢٠١ -٢٠٠:‬حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وجعلوا ‪ ،‬أي املشركون هلل شركاء عبدوهم معه‬
‫اجلن ‪ ،‬وقد أخرب اهلل يف مواضع متعددة من كتابه العزيز أن البشر يعبدون اجلن ‪ ،‬وأنكر ذلك‬
‫‪ :‬ﭽﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫عليهم أشد اإلنكار ومن ذلك قوله تعاىل يف سورة النساء‬
‫ﭽﯸ ﯹ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮯ ﭼ ]النساء ‪[ ٢٢8 -٢٢٠‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ‬
‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫]األعراف‪ [3٠ :‬وقال تعاىل يف سورة الفرقان ‪:‬‬
‫ﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭽﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﭽﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯡ ﭼ ]الفرقان‪ [ ٢9-٢٠ :‬وقال تعاىل يف سورة ي ‪:‬‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬
‫ﭽﮇﮈ ﮉﮊﮋ ﮌﮍ ﮎﮏ ﮐﮑ‬ ‫وقال تعاىل يف سورة اجلن ‪:‬‬ ‫]ي ‪[6٢ -6٠:‬‬
‫ﮒ ﭼ ] اجلن‪. [6 :‬‬

‫‪035‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وعبادة اإلن للجن شائعة يف كل زمان "‪.‬‬

‫والظاهر أن الضابط يف كل تلك املسالك الثالثة أو األنواع الثالثة عند الشيخ اهلاليل هو‬
‫متام املعل ؛ فبعض اآليات يكون معناها مرتبطا ارتباطا وثيقا حبيث يكون يف فصل تفسري‬
‫بعضها عن بعض مزيد مشقة يف اإلدراك والفهم على طالب العلم فيعمد الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪-‬‬
‫إىل دمج تفسريها والكالم عليها يف معل عام يسهل استيعاهبا على طالب العلم ‪.‬‬

‫ولي األمر كذلك يف كل اآليات ؛ ومن هنا يفهم أن الضابط يف كل ذلك عند الشيخ ‪-‬‬
‫رمحه اهلل‪ -‬هو متام املعل‪.‬‬

‫الطرائق الثالثة ‪:‬‬

‫سلك اهلاليل يف تفسريه للقرآن الكرمي من خالل املسالك أو األمناط األربعة املتقدمة طرقا‬
‫ثالثة هي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التماثل ‪:‬‬

‫وذلك أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يفسر أحيانا بعض اآليات باآليات املماثلة هلا يف املعل‬
‫متاما؛ حماوال حصر كل اآليات اليت متاثلها يف املعل أو جلها ؛ ومن هنا سوف أعرض هلذا‬
‫التماثل من ناحيتني‪:‬‬

‫التماثل بالقلة ‪:‬‬

‫ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ‬ ‫فعندما فسر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ ] األنعام‪ [ 5٢ :‬أورد جمموعة من اآليات الكرمية؛‬
‫لكنها ال متثل حصر املواضع اليت ذكر فيها نفي الشفاعة املطلقة وتقييدها باإلذن أو الرضا وحنو‬
‫ذلك ؛ حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ما نصه ‪ " :‬مث قال تعاىل وأنذر ‪ ،‬أي حذر يا حممد بالقرآن‬
‫املؤمنني بالبعث ؛ ألن اإلنذار ينفعهم أكثر من غريهم ‪ ،‬الذين خيافون أن حيشروا إىل رهبم‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪8٠-٠9‬‬


‫‪036‬‬
‫فيحاسبهم ويعذهبم وما هلم من ويل يتوالهم باحلماية وال نصري وال شفيع هلم عند اهلل ‪ ،‬وقد‬
‫أطلق اهلل نفي الشفاعة مع أن الكالم هنا يف شأن املؤمنني ‪ ،‬وقيده يف مواضع أخرى من‬
‫]البقرة‪ [١55 :‬ويف سورة‬ ‫ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯾﭼ‬ ‫الكتاب العزيز ‪ ،‬كقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪:‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫األنبياء ‪ :‬ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮂ ﭼ ]األنبياء‪ [١8 :‬ويف سورة سبأ‬
‫‪:‬ﭽ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬ ‫]سبأ‪ [١3 :‬ويف سورة النجم‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭪ ﭼ‬

‫ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﭼ ]النجم‪ [١6 :‬فالشفاعة عند أهل احلق‬


‫مقيدة بقيدين ‪ ،‬أحدمها إذن اهلل للشافع والثاين رضاه عقيدة املشفوع له ‪ ،‬وهي التوحيد وسائر‬
‫(‪)٢‬‬
‫ما جيب اعتقاده "‪.‬‬

‫فقد ذكر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هنا أربع آيات مماثلة آلية األنعام يف نفي الشفاعة املطلقة ؛‬
‫وإثبات املقيدة ‪..‬‬

‫ولكن اآليات يف هذا املعل أكثر من ذلك حيث ورد ذكر الشفاعة املقيدة يف أكثر من‬
‫عشر آيات ؛ وهذا نص اآليات اليت مل يذكر الشيخ يف هذا املعل‪:‬‬

‫ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫قوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮍ ﮎ ﭼ ]األنعام‪ [ ٠٠ :‬وقوله‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬

‫ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﮤ‬ ‫وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ ]يون ‪[3 :‬‬

‫ﭽﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫[ وقوله تعاىل ‪:‬‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ ]مرمي‪8٠ :‬‬

‫ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ ]طه‪ [٢٠9 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬ ‫[السجدة‪ ]4 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫‪ [١3 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭼ ]ي‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪3٠-١9‬‬


‫‪037‬‬
‫ﭽﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫‪ [ ٢8‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ ] غافر‪:‬‬

‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ ]الزخرف‪.[ 86 :‬‬

‫التماثل بالكثرة ‪:‬‬

‫‪ :‬ﭽﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩ‬ ‫ويف معرض تفسري الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬لقوله تعاىل‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ ]األنعام‪ [ 34 :‬قال‬
‫ما نصه ‪ ( :‬استمرار يف تسلية النيب ‪ - -‬وتصبريه وتطييب قلبه أخربه اهلل أن هذه سنته مع‬
‫مجيع رسله ال تبديل هلا ؛ فما من رسول أرسله اهلل إىل قومه إال قابلوه بالتكذيب والعداوة‬
‫وقابلهم بالصرب والثبات ؛ فكانت العاقبة لرسل اهلل ومن تبعهم وجاءهم نصر اهلل ومتت كلمته‬
‫ﭽﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫مبا صربوا ودمر اهلل أعداءهم ‪ ،‬وهذا كما قال تعاىل يف سورة الصافات‪:‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ ]الصافات‪ [٢٠3 -٢٠٢:‬وقال تعاىل يف‬
‫سورة اجملادلة ‪ :‬ﭽ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﭼ ]اجملادلة‪، [١٢ :‬وقال تعاىل يف‬
‫‪ :‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ ]غافر‪[5٢:‬‬ ‫سورة املؤمن‬
‫ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫وقال تعاىل يف سورة األحقاف‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﭼ ]األحقاف‪.[ 35 :‬‬

‫فهذه اآليات كلها متشاهبة ؛ فيها األمر بالصرب للرسل وأتباعهم والوعد بالنصر وإن اهلل ال‬
‫خيلف وعده ‪ ،‬وال مبدل لكلماته اليت وعد هبا أولياءه بالنصر والتأييد )(‪.)٢‬‬

‫وال تكاد جتد آية أخرى يف نف املعل باملماثلة إال وقد ذكرها الشيخ يف هذا املعرض ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اإليضاح ‪:‬‬

‫رمبا جلأ الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬إىل إيضاح اآلية اليت هو بصدد تفسريها بآيات أخرى لي‬
‫املعل املقصود منصوصا فيها ؛ وإمنا فيها زيادة إيضاح له وبيان‪ ،‬وهي كذلك قسمان ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪١٢-١٠‬‬


‫‪038‬‬
‫اإليضاح بالقلة ‪:‬‬

‫ذلك أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد يذكر آيات موضحة ملعل اآلية اليت هو بصدد تفسريها‬
‫من غري حصر ؛ بل بذكر األمثلة فقط ‪.‬‬

‫ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ‬ ‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ ]األنعام‪ [3٠ :‬حيث قال ما نصه ‪:‬‬
‫( قائل ذلك هم الكفار ومرادهم باآلية املعجزة اخلارقة للعادة كإنزال ملك يكلمهم‬
‫ويشاهد ونه‪ ،‬أو إحياء ميت يقرتحون إحياءه ‪ ،‬أو تفجري أرض الصحراء عيونا ‪ ،‬أو بناء بيت‬
‫‪ :‬ﭽﭿﮀﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇﮈ‬ ‫من ذهب ‪ ،‬كما قال تعاىل يف سورة اإلسراء‬
‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚ‬
‫ﮛﮜ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ‬
‫(‪)٢‬‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ ]اإلسراء‪[ 93 :-9٠‬‬

‫واملالحظ أنه مل يذكر يف تفسري اآلية اليت يطالب هبا املشركون إال موضعا واحدا يف سورة‬
‫اإلسراء ‪.‬‬

‫‪ :‬ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﭼ ]املطففني‪[ ٢:‬‬ ‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل‬
‫ﭽﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫من هم املطففون ؟ بينهم اهلل تعاىل يف قوله سبحانه‬
‫]املطففني‪ " [3 -١:‬من هؤالء املطففون الذين هلم الويل ؟ أي شدة‬ ‫ﯡ ﯢﯣﯤﯥﭼ‬

‫العذاب ؟ هم الذين إذا كان هلم حق يوفون املكيال ليأخذوا حقهم وافيا‪ ،‬وإذا كان عليهم‬
‫(‪)١‬‬
‫احلق أكلوا حقوق الناس )‬

‫ومنه أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬تربأ اهلل سبحانه وتعاىل ورسوله ‪ --‬من املشركني بقوله‪:‬‬
‫ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺﭻ ﮏ ﭼ ]التوبة‪[3 :‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪١3‬‬


‫(‪ )١‬توحيد اهلل بالعبادة ص ‪٢9-٢8‬‬
‫‪039‬‬
‫ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ‬ ‫وقال تعاىل يف سورة الزخرف‪:‬‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ]الزخرف‪ ،[ ١8-١6 :‬وقال تعاىل يف‬ ‫ﮎﮏ ﮐﮑﮒ‬

‫ﭽﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮ ﮯ ﮰﮱﯓﯔ‬ ‫سورة املمتحنة‪:‬‬


‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯹ ﭼ ]املمتحنة‪ [4 :‬فوجب‬
‫(‪)٢‬‬
‫على كل مؤمن أن يتربأ من املشركني يف كل زمان ومكان إىل يوم القيامة "‪.‬‬

‫‪ :‬ﭽ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛﭼ‬ ‫ومنه أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ : -‬قال تعاىل‬


‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫‪ [ ٢٢‬أي أرضا ميتة كما قال تعاىل يف سورة ي ‪:‬‬ ‫]ق‪:‬‬

‫ﮏ ﮐ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ‬
‫(‪)١‬‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ ]ي ‪[35-33 :‬‬

‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪".. " :-‬فكيف جتعلون من دون اهلل أندادا‪ ،‬من خلقه وهذا كقوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫ﯬ ﯭ ﭼ ]النحل‪ [ 6١ :‬ابن كثري ‪.‬‬

‫ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫قال حممد تقي الدين‪ :‬ومعل ذلك مفسر بقوله تعاىل‬
‫ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ ]النجم‪[ ١٢ :‬‬ ‫ﭯ ﭰ ﭼ ]النحل‪" [5٠ :‬وقال تعاىل يف س ـ ـ ـورة النجـ ـم‬

‫وهذا شأن املشركني يصفون اهلل تعاىل مبا يكرهونه ألنفسهم ‪ ،‬ولو وصفوا اهلل بصفاهتم‬
‫لكانوا كافرين ظاملني ؛ فكيف إذا وصفوه مبا ال يرضونه ألنفسهم ؟ كذلك يطبع اهلل على‬
‫(‪)3‬‬
‫قلوب الذين ال يعلمون ‪ ،‬ما أوضح بيان اهلل تعاىل وما أشد عمى بصائر املشركني "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪45٠‬‬


‫(‪ )١‬الطريق إىل اهلل ص ‪3١‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪٢6٢‬‬
‫‪041‬‬
‫اإليضاح بالكثرة ‪:‬‬

‫ويف بعض األحيان حيشد اهلاليل آيات كثرية توضيحا للمعل املراد من اآلية اليت هو بصدد‬
‫تفسريها ‪ ،‬وهذا ما نطلق عليه اإليضاح بالكثرة ‪.‬‬

‫ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ ]األنعام‪ [ 33 :‬حيث قال ما نصه ‪ .. " :‬يف هذا الكالم‬
‫تسلية من اهلل لنبيه وتصديق له وتوبيخ ألعداء اإلسالم‪ ،‬ومثله قوله تعاىل يف أول سورة‬
‫ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ]الكهف‪[ 6 :‬‬ ‫الكهف‪:‬‬
‫ﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ‬ ‫وقوله يف سورة فاطر ‪:‬‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ ] فاطر‪ [ 8 :‬وقوله تعاىل يف أول سورة الشعراء‪:‬‬
‫ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ ]الشعراء‪. [3 :‬‬

‫وإمنا كان النيب ‪ --‬حيزن لتكذيب املكذبني حرصا منه على هداية الناس وسعادهتم‬
‫وإشفاقا منه عليهم ؛ فأخربه اهلل أن أولئك املكذبني إمنا يكذبونه بألسنتهم وهم يعتقدون صدقه‬
‫(‪)٢‬‬
‫يف قرارة نفوسهم جحودا منهم للحق واستكبارا أن يذعنوا له ويقروا به )‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اإلحالة ‪:‬‬

‫وهذه الطريق قليال ما يستخدمها الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬؛ والغالب عليه أن يفسر كل آية يف‬
‫موضعها وال حييل على تفسريه ملثيالهتا سابقا ‪.‬‬

‫ولكنه قد حييل إىل معل عام له تعلق مبعل اآلية ؛ ويكون قد تناول هذا املعل يف كتاب‬
‫من كتبه ؛ فيحيل إليه ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪٢9‬‬


‫‪040‬‬
‫إحالة إلى نفس الكتاب ‪:‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وأنا أرجح مذهب القائلني بالتأويل وأعتقد عصمة األنبياء‬
‫كلهم من الذنوب الصغائر والكبائر ‪ ،‬وتسمية بعض أعماهلم ذنوبا هي من باب "حسنات‬
‫األبرار سيئات املقربني" واألدلة على ذلك كثرية نذكر قليال منها ؛ فمن ذلك‪ :‬حكم النيب‬
‫‪ --‬لبين أبريق بالرباءة اجتهادا منه ملا مل يقم دليل على أهنم سرقوا ؛ فعاتبه اهلل على ذلك‬
‫وأمره باالستغفار ‪.‬‬

‫انظر بسط هذه القصة يف القسم الثاين من "سبيل الرشاد" يف الباب الرابع من سورة‬
‫(‪)٢‬‬
‫النساء"‪.‬‬

‫إحالة إلى كتاب من كتب الشيخ األخرى ‪:‬‬

‫‪ :‬ﭽﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭼ‬
‫]البقرة‪ [٢٢٢ :‬حيث قال ما نصه‪ ... " :‬وقد ادعى قوم من هذه األمة يف آخر األزمنة أن‬
‫شيخهم ضمن هلم اجلنة بال حساب وال عقاب‪ ،‬وضمن ملن ال يصدقهم فيما نسبوا إىل‬
‫شيخهم أن ميوتوا على الكفر‪ ،‬وأن يدخلوا النار خالدين فيها أبدا؛ فهؤالء أشبهوا اليهود‬
‫ﭽﮁ ﮂ‬ ‫والنصارى‪ ،‬واتبعوا سننهم؛ بل قول اليهود أقال ضالال من قوهلم‪ ،‬ألن اليهود قالوا ‪:‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮚ ﭼ ]البقرة‪ [ 8٠ :‬وهؤالء يقولون‪ :‬لن متسنا النار ألبتة‪ ،‬انظر‬
‫(‪)١‬‬
‫كتاب "اهلدية اهلادية إىل الطائفة التيجانية" ملصنف هذا الكتاب "‪.‬‬

‫ترتيب اآليات ‪:‬‬

‫املفسرة ؛‬
‫يلتزم الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬برتتيب اآليات اليت يفسر هبا اآلية أو اآليات َّ‬
‫وذلك هو الغالب على منهجه ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪٢3٠/6‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢8٠‬‬
‫‪042‬‬
‫الشاهد األول ‪:‬‬

‫قال يف معرض تفسري قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰃ ﭼ ] البقرة‪ ( :[ 48 :‬أي ال يقبل‬


‫ﭽﯡﯢﯣ ﯤﯥ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ‬ ‫منها فداء كما قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ ] آل عمران‪ [9٢ :‬وقال‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﮎ ﭼ ]األنعام‪[٠٠ :‬‬ ‫ﯶ ﯷ ﭼ ] املائدة‪ [36 :‬وقال تعاىل ‪:‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وقال‪ :‬ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮭ ﭼ ]احلديد‪ [٢5 :‬اآلية‪.‬‬

‫فرتاه هنا رتب اآليات املبينة جلزء اآلية اليت يريد تفسريها ؛ حيث بينها بآية آل عمران أوال‬
‫مث املائدة مث األنعام مث احلديد‪.‬‬

‫الشاهد الثاني ‪:‬‬

‫ﭽﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭼ‬ ‫يقول رمحه اهلل تعاىل يف معرض تفسري قوله تعاىل‪:‬‬

‫[ األنعام ‪ ، ] ٢٠٠ :‬أي املشركون هلل شركاء عبدوهم معه اجلن ‪ ،‬وقد أخرب اهلل يف مواضع متعددة‬
‫من كتابه العزيز أن البشر يعبدون اجلن ‪ ،‬وأنكر ذلك عليهم أشد اإلنكار ومن ذلك قوله تعاىل‬
‫ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ‬ ‫يف سورة النساء ‪:‬‬
‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ‬ ‫ﮯ ﭼ ] النساء ‪ [٢٢8 -٢٢٠‬وقال تعاىل يف سورة األعراف‪:‬‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ ]األعراف‪ [3٠ :‬وقال تعاىل‬
‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫يف سورة الفرقان ‪:‬‬
‫ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ‬ ‫ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬
‫ﮨﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬
‫ﭽﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫‪:‬‬ ‫ﯙﯚ ﯡ ﭼ ]الفرقان‪ [ ٢9-٢٠ :‬وقال تعاىل يف سورة ي‬
‫‪[ 6٢ -6٠:‬وقال‬ ‫ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ] ي‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪٢55/٢‬‬


‫‪043‬‬
‫ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ ]اجلن‪[ 6 :‬‬ ‫تعاىل يف سورة اجلن ‪:‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وعبادة اإلن للجن شائعة يف كل زمان "‪.‬‬

‫وهنا – أيضا – قام برتتيب اآليات املبينة لآلية اليت يفسرها؛ حيث بدأ بالنساء مث‬
‫األعراف مث الفرقان مث ي مث اجلن ‪.‬‬

‫الشاهد الثالث ‪:‬‬

‫]النحل‪. [6١ :‬‬ ‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯭ ﭼ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬

‫ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ‬ ‫" قال حممد تقي الدين ‪ :‬ومعل ذلك مفسر بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ‬ ‫ﭰ ﭼ ]النحل‪ "[ 5٠ :‬وقال تعاىل يف سورة النجم‪:‬‬ ‫ﭮﭯ‬
‫]النجم‪[ ١٢ :‬‬

‫وهذا شأن املشركني يصفون اهلل تعاىل مبا يكرهونه ألنفسهم ‪ ،‬ولو وصفوا اهلل بصفاهتم‬
‫لكانوا كافرين ظاملني ؛ فكيف إذا وصفوه مبا ال يرضونه ألنفسهم ؟ كذلك يطبع اهلل على‬
‫(‪)١‬‬
‫قلوب الذين ال يعلمون ‪ ،‬ما أوضح بيان اهلل تعاىل وما أشد عمى بصائر املشركني "‪.‬‬

‫فرتاه هنا رتَّب اآليتني اللتني ذكرمها يف تفسري اآلية املذكورة ؛ فذكر يف تفسريها آية النحل‬
‫أوال مث آية النجم ثانيا ‪.‬‬

‫عدم االلتزام بترتيب اآليات ‪:‬‬

‫يف بعض األحيان ال يلتزم الشيخ برتتيب اآليات اليت يفسر هبا ؛ بل يذكرها مبعثرة دون‬
‫مراعاة لرتتيب املصحف ؛ ومن ذلك الشواهد التالية ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪8٠-٠9‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪٢6٢‬‬

‫‪044‬‬
‫الشاهد األول ‪:‬‬

‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ .. " :-‬ولو ترى هؤالء الكافرين حني يوقفون على النار ويرون العذاب‬
‫بأعينهم فيندمون على ما فعلوه يف الدنيا ‪ ،‬ويقولون يا ليتنا نرد إليها فنؤمن باهلل وال نكذب‬
‫بآ ياته ‪ ،‬مث أخرب اهلل سبحانه وتعاىل أهنم لو ردوا إىل الدنيا لعادوا إىل كفرهم وأهنم كاذبون يف‬
‫قوهلم ‪ ،‬والسبب يف ذلك أن نفوسهم خبيثة تغرت بالعاجل وتركن إليه وال تفكر يف العواقب ‪،‬‬
‫ولذلك قالوا‪ :‬إن هي إال حياتنا احلاضرة وأنكروا البعث واحلياة األخرى لعمى بصائرهم وقد‬
‫حاجهم القرآن يف مواضع كثرية ؛ فحاجهم وأبطل شبهاهتم ‪ ،‬وحاصل ذلك أن اإلنسان كسائر‬
‫املخلوقات لي أزليا ؛ بل هو مسبوق بالعدم ‪ ،‬وهذه املقدمة مسلمة عند كل عامل وعاقل‪،‬‬
‫وقد صارت يف هذا الزمان كاألمور املدركة باحل ‪ ،‬وحينئذ ال يبقى جمال جلحد املقدمة الثانية ‪،‬‬
‫ﭽﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫وهي أن من خلقهم أوال قادر على أن خيلقهم ثانيا‬
‫ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﭽﭯ ﭰ ﭱﭲ‬ ‫‪ [ 83 -8٢‬وقال تعاىل ‪:‬‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ ]ي‬

‫ﭽﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫ﭺ ﭻ ﭼ ]األنبياء‪ ،[ ٢٠4 :‬وقال تعاىل ‪:‬‬ ‫ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ‬

‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ ]الروم‪[ ١٠ :‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﭽ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ ]ق‪ [ ٢5 :‬واآليات يف ذلك‬
‫(‪)٢‬‬
‫كثرية "‪.‬‬

‫مث أتبعها باألنبياء‬ ‫ترتيب السور املوضحة هلذا املعل حيث بدأ بسورة ي‬ ‫فقد نك‬
‫وهكذا ‪.‬‬

‫الشاهد الثاني ‪:‬‬

‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﰉ ﭼ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬


‫]األعراف‪ ( :[3٠ :‬كل من هداه اهلل تعاىل فبفضله ؛ وكل من أضله فبعدله ‪ ،‬ولكن من طلب‬
‫اهلدى هداه اهلل ‪ ،‬لقول النيب ‪ - -‬فيما يرويه عن ربه عز وجل ‪" :‬يا عبادي كلكم ضال إال‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪٢6‬‬


‫‪045‬‬
‫ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭰ ﭼ‬ ‫من هديته فاستهدوين أهدكم" [ رواه مسلم ] ‪ ،‬وقال تعاىل ‪:‬‬
‫[وقال يف أهل الضالل ‪ :‬ﭽ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯴ ﭼ ]الصف‪[ 5 :‬وقال فيهم ‪:‬‬ ‫]التغابن‪٢٢ :‬‬

‫ﭽ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭼ ]األنعام‪[٢٢٠ :‬‬
‫ﭽﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮰﮱﯓ‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ ]البقرة‪.)٢([١٠ -١6:‬‬

‫وعدم الرتتيب هنا أيضا واضح إذ بدأ بالتغابن والصف مث األنعام والبقرة ‪.‬‬

‫واألمثلة على هذا كثرية أيضا ‪.‬‬

‫قلت ‪ :‬املطالنع لكتب الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اليت عنيت بالتفسري يتضح له جبالء أن الشيخ ‪-‬‬
‫ُ‬
‫رمحه اهلل‪ -‬مل يكن يتخذ منهجية واضحة يف ترتيب اآليات وال يف عزوها ؛ بل يذكر من ذلك‬
‫ما فتح اهلل تعاىل به عليه ؛ فتارة يقوم بعزو اآليات إىل سورها ‪ ،‬ومرة يذكرها دون عزو‪ ،‬وهكذا‬
‫أيضا يف مسألة الرتتيب ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪383/٢‬‬


‫‪046‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تفسري القرآن بالسنة‪:‬‬

‫قد بينت يف مقدمة هذا املبحث أمهية تفسري القرآن الكرمي بالسنة النبوية ؛ وأوضحت‬
‫مكانة ذلك النوع من التفسري عند املفسرين وأهل العلم ‪..‬‬

‫موقف الهاللي من تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية ‪:‬‬

‫لقد اهتم الشيخ تقي الدين اهلاليل بتفسري القرآن الكرمي بالسنة النبوية وأعطى أحاديث‬
‫النيب ‪ - -‬العناية الالزمة هلا ؛ واملكانة اخلاصة هبا يف تفسري كتاب اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مبينا مكانة السنة النبوية وحجيتها يف التفسري وغريه من العلوم الشرعية‬
‫ما نصه ‪ " :‬إن املتناظرين يف معاين آيات الكتاب العزيز يغفلون عن حقيقة لو انتبهوا هلا لرتكوا‬
‫كثريا من جداهلم ‪ ،‬وهذه احلقيقة هي أن اهلل سبحانه لو كتب القرآن يف كتاب وألقاه إلينا بال‬
‫رسول ؛ ألمكن أن ختتلف الفهوم فيما تدل عليه آياته حني يتوهم التعارض يف آيتني مثال ‪،‬‬
‫كآية ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭯ ﭼ ] األنعام‪ [ ٢٠3 :‬وآية ‪ :‬ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ ]القيامة‪[ ١3 :‬ولكن‬
‫ﭽﭥ ﭦ‬ ‫اهلل أنزل هذا القرآن على رجل من البشر ‪ ،‬وأمره أن يبينه لنا ؛ فقال تعاىل‪:‬‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ]النحل‪ [ 44 :‬فجاءنا النيب ‪ --‬هبذا‬
‫القرآن ومثله معه من وحي السنة ‪ ،‬وبقي معنا ثالثا وعشرين سنة نسأله وجييبنا ‪ ،‬ويبني لنا‬
‫بأقواله وأفعاله مسائل االعتقاد ومسائل العبادة ومسائل املعامالت ومسائل األخالق ؛ فإذا‬
‫توهم متوهم تعارض آيتني كاآليتني املتقدم ذكرمها ‪ ،‬مث جاءت السنة ووضحت لنا املعل الذي‬
‫يريده ربنا سبحانه كل التوضيح مل يبق جمال للجدال‪ ،‬ولكن املصيبة كل املصيبة هي أن قوما‬
‫عليهم األمر ‪ ،‬وأخذوا يضربون القرآن‬ ‫قرأوا القرآن ودرسوا علوم العربية وأمهلوا السنة ؛ فالتب‬
‫(‪)٢‬‬
‫بعضه ببعض ‪."..‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪63/5‬‬


‫‪047‬‬
‫منهج الهاللي في تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية ‪:‬‬

‫لقد قرر اهلاليل فيما تقدم أمهية السنة بالنسبة للقرآن الكرمي؛ وكوهنا هي املوضحة ملختلف‬
‫معانيها؛ والدافعة عنه ما يتوهم فيه التعارض ‪ ،‬واملبينة ملا أمجل منه‪ ،‬وغري ذلك ‪..‬‬

‫وسنلقي الضوء على مدى اهتمام اهلاليل بتطبيق هذه النظرة من خالل تفسريه ملختلف‬
‫اآليات ‪ ،‬والذي تبني يل أنه ينتظم يف طريقتني‪:‬‬

‫الطريقة األولى‪ :‬الجمع بين القرآن الكريم والسنة النبوية‪:‬‬


‫وهذه الطريقة يف اجلمع يلجأ إليها اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف حالتني‪:‬‬

‫األولى‪ :‬إلكمال الداللة‪:‬‬

‫فبعض اآليات يكون اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد ذكر تفسريها بالقرآن الكرمي لكن بعض‬
‫اجلوانب املتعلقة باآلية مل تتضح بالتفسري القرآين ؛ فيعمد اهلاليل إىل السنة إلكمال داللة‬
‫اآليات املفسرة لآلية اليت هو بصدد تفسريها ‪.‬‬

‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ ]األنعام‪[ ٢٢١ :‬؛‬
‫حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬وقد جاء مثل هذا املعل يف مواضع من كتاب اهلل عز وجل‪ ،‬فمن‬
‫‪ :‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ‬ ‫ذلك قوله تعاىل يف هذه السورة‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ ]األنعام‪ [ 34 :‬وقال‬
‫ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ ]الفرقان‪ [3٢ :‬ويف صحيح البخاري أن ورقة بن‬
‫(‪)٢‬‬
‫نوفل قال لرسول اهلل ‪ --‬مل يأت أحد مبثل ما جئت به إال عودي "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري باب بدء الوحي حديث رقم ‪ )٠/٢( 3‬صحيح مسلم كتاب اإلميان باب بدء الوحي إىل رسول‬
‫اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬حديث رقم ‪.)٢39/٢( ٢6٠‬‬
‫‪048‬‬
‫وروى أمحد بسنده عن أيب ذر قال ‪ :‬أتيت رسول اهلل ‪ --‬وهو يف املسجد فجلست‪،‬‬
‫فقال‪" :‬يا أبا ذر‪ ،‬هل صليت؟ " قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪" :‬قم فصل " قال‪ :‬فقمت فصليت مث‬
‫واجلن " قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول‬ ‫جلست‪ ،‬فقال‪" :‬يا أبا ذر‪ ،‬تعوذ باهلل من شر شياطني اإلن‬
‫(‪)٢‬‬
‫اهلل‪ ،‬ولإلن شياطني؟ قال‪ :‬نعم"‪.‬‬
‫(‪)3( )١‬‬
‫ويف رواية ابن جرير ‪" :‬هم شر من شياطني اجلن" )‪.‬‬

‫ﭽﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫ومنه كذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫] غافر‪ [69 :‬حيث قال ما نصه ‪ " :‬كل من رد حديث النيب ‪ --‬ولو يف‬ ‫ﮈﮉﮊﭼ‬

‫مسألة واحدة تعصبا ملذهبه أو حنلته كائنة ما كانت ‪ ،‬ودافع عن رأيه واعتقد أنه هو الصواب‬
‫ﭽﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫فهو من الذين جيادلون يف آيات اهلل‪ ،‬وهو من املكذبني بالكتاب‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭽ ﭼ [ آل عمران‪ ] 3٢ :‬وقال تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ ]النور‪ [63 :‬وقال تعاىل ‪:‬‬ ‫ﮔﮕﮖ‬

‫ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭼ ]النجم‪ [4 -3 :‬وقال تعاىل ‪:‬‬


‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﭼ ] احلشر‪ [ ٠ :‬وقد تقدم حديث ‪" :‬إين أخاف على أميت من ثالث ‪ :‬من‬
‫(‪)5( )4‬‬
‫زلة عامل ومن هوى متبع ومن حكم جائر" "‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬إليضاح الداللة ‪:‬‬

‫ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬


‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ ]األنعام‪ [ 33 :‬حيث قال ما نصه‪ .. ( :‬يف هذا الكالم‬

‫سنن النسائي كتاب آداب القضاة باب االستعاذة من شياطني اإلن واجلن حديث رقم ‪)١٠5 /8( 55٠٠‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫تفسري الطربي (‪.)53/٢١‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫اإلهلام واإلنعام ص ‪.9٠‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مسند البزار حديث رقم ‪)3٢4 /8( 3384‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪4‬ص‪6٠‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪049‬‬
‫تسلية من اهلل لنبيه وتصديق له وتوبيخ ألعداء اإلسالم‪ ،‬ومثله قوله تعاىل يف أول سورة‬
‫ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ] الكهف‪[ 6 :‬‬ ‫الكهف‪:‬‬
‫ﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ‬ ‫وقوله يف سورة فاطر‪:‬‬
‫وقوله تعاىل يف أول سورة الشعراء‪:‬‬ ‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ ] فاطر‪[8 :‬‬

‫ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ ]الشعراء‪. [3 :‬‬

‫وإمنا كان النيب ‪ -  -‬حيزن لتكذيب املكذبني حرصا منه على هداية الناس وسعادهتم‬
‫وإشفاقا منه عليهم؛ فأخربه اهلل أن أولئك املكذبني إمنا يكذبونه بألسنتهم وهم يعتقدون صدقه‬
‫يف قرارة نفوسهم جحودا منهم للحق واستكبارا أن يذعنوا له ويقروا به ‪ ،‬وقد وردت آثار يف‬
‫بيان معل هذه اآلية منها ما رواه ابن أيب حامت بسنده(‪ )٢‬إىل أيب يزيد املدين أن النيب ‪--‬‬
‫لقي أبا جهل فصافحه فقال له رجل ‪ :‬ال أراك تصافح هذا الصابئ ؛ فقال ‪ :‬واهلل إين ألعلم‬
‫ﭽﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫أنه لنيب ‪ ،‬ولكن مىت كنا لبين عبد مناف تبعا‪ ،‬وتال أبو يزيد‪:‬‬
‫وذكر حممد بن إسحاق عن الزهري يف قصة أيب جهل‬ ‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ ]األنعام‪[ 33 :‬‬

‫بن‬ ‫حني جاء يستمع قراءة النيب ‪ --‬من الليل هو وأبو سفيان صخر بن حرب واألخن‬
‫شريق‪ ،‬وال يشعر أحد منهم باآلخر؛ فاستمعوها إىل الصباح ؛ فلما هجم الصبح ؛ تفرقوا‬
‫فجمعتهم الطريق ؛ فقال كل منهم لآلخر ما جاء بك فذكر له ما جاء به؛ مث تعاهدوا أن ال‬
‫يعودوا ملا خيافون من علم شبان قريش لئال يفتتنوا مبجيئهم؛ فلما كانت الليلة الثانية جاء كل منهم‬
‫ظنا أن صاحبيه ال جييئان ملا سبق من العهود؛ فلما أصبحوا مجعتهم الطريق فتالوموا مث تعاهدوا‬
‫أن ال يعودوا؛ فلما كانت الليلة الثالثة جاؤوا أيضا فلما أصبحوا تعاهدوا أال يعودوا ملثلها؛ مث‬
‫تفرقوا؛ فلما أصبح األخن بن شريق أخذ عصاه مث خرج حىت أتى أبا سفيان بن حرب يف بيته ؛‬
‫فقال أخربين يا أبا حنظلة عن رأيك فيما مسعته من حممد ؟ قال ‪ :‬يا أبا ثعلبة واهلل لقد مسعت‬
‫أشياء أعرفها وأعرف ما يراد هبا ‪ ،‬ومسعت أشياء ما عرفت معناها وال ما يراد هبا ‪ ،‬قال األخن ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن أيب حامت (‪)٢١83 /4‬‬


‫‪051‬‬
‫وأنا والذي حلفت به ‪ ،‬مث خرج من عنده ‪ ،‬حىت أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا احلكم‬
‫ما رأيك فيما مسعت من حممد ؟ قال ‪ :‬ماذا مسعت ؟ قال ‪ :‬تنازعنا حنن وبنو عبد مناف الشرف‬
‫أطعموا فأطعمنا ومحلوا فحملنا وأعطوا فأعطينا ؛ حىت إذا جتاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان ‪،‬‬
‫قالوا منا نيب يأتيه الوحي من السماء فمىت ندرك هذه؟‪ ،‬واهلل ال نؤمن به أبدا وال نصدقه ‪ ،‬قال‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫فقام األخن وتركه )‪.‬‬

‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬املؤمن ‪ :‬قال ‪" :‬يف أمساء اهلل تعاىل ‪ :‬املؤمن ‪ ،‬هو الذي يصدق‬
‫عباده وعده؛ فهو من اإلميان مبعل التصديق‪ ،‬أو يؤمنهم يف القيامة من عذابه‪ ،‬فهو من األمان‬
‫واألمن ضد اخلوف" النهاية يف غريب"‪.‬‬

‫ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ‬ ‫قال حممد تقي الدين ‪ :‬الثاين هو الصحيح ‪ ،‬لقوله تعاىل ‪:‬‬
‫[قريش‪ ]4 :‬ولقول النيب ‪" : - -‬اللهم اسرت عوراتنا وآمن روعاتنا"(‪.)4())3‬‬

‫الطريقة الثانية االكتفاء بالسنة ‪:‬‬

‫مل يكن الشيخ اهلاليل ملتزما بتفسري القرآن بالقرآن ؛ بل كان ينوع تفسريه فتارة يكتفي‬
‫بالقرآن وحده ؛ وتارة جيمع بينهما‪ ،‬وأحيانا يكتفي بإيضاح القرآن بالسنة النبوية ؛ وخاصة‬
‫عندما جيد نصا من تفسري النيب ‪ --‬آلية معينة أو داللة حديث صريح على تفسري آية ما؛‬
‫فإنه يذكر ذلك احلديث ويكتفي به عن ذكر اآليات اليت يف معل اآلية‪.‬‬

‫‪ :‬ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬

‫سرية ابن اسحاق (ص‪)٢89 :‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫اإلهلام واإلنعام ص ‪١٠-٢9‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫سنن أيب داود كتاب األدب باب ما يقول إذا أصبح حديث رقم ‪ )3٢8 /4( 5٠٠4‬وصححه األلباين‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫سبيل الرشاد ج‪6‬ص‪.١6٢‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪050‬‬
‫ﰌ ﰍ ﭼ ]األنعام‪ [ 59 :‬حيث قال ‪ (:‬قد فسر النيب ‪ --‬هذه اآلية بنفسه؛ فروى‬ ‫ﰋ‬

‫ال‬ ‫البخاري من حديث عبد اهلل بن عمر بأن رسول اهلل ‪ - -‬قال‪ :‬مفاتح الغيب مخ‬
‫اهلل‪ ،‬ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬ ‫يعلمهن إال‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ ]لقمان‪."[34:‬‬

‫‪:‬ﭽﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬ ‫ومنه تفسريه لقوله تعاىل‬


‫ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ ]األنعام‪[ 44 :‬؛ حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬ذكر ما ورد‬
‫من األخبار يف تفسري هذه اآلية ‪ .. :‬وروى أمحد بسنده إىل عقبة بن عامر عن النيب‬
‫‪ --‬قال ‪ :‬إذا رأيت اهلل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما حيب ؛ فإمنا هو استدراج ؛‬
‫ﭽﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫مث تال رسول اهلل ‪:- -‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ] األنعام‪"[44 :‬‬

‫وروى ابن أيب حامت بسنده إىل عبادة بن الصامت أن رسول اهلل ‪ - -‬كان يقول ‪ :‬إذا‬
‫أراد اهلل بقوم اقتطاعا فتح هلم أو فتح عليهم باب خيانة ‪ ،‬حىت إذا فرحوا مبا أوتوا أخذناهم‬
‫(‪)5( )4‬‬
‫بغتة فإذا هم مبلسون" "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الذي يف صحيح البخاري هو ‪:‬حدثنا مسدد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا إمساعيل بن إبراهيم‪ ،‬أخربنا أبو حيان التيمي‪ ،‬عن أيب‬
‫زرعة‪ ،‬عن أيب هريرة‪ ،‬قال‪ :‬كان النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بارزا يوما للناس‪ ،‬فأتاه جربيل فقال‪ :‬ما اإلميان؟ قال‪:‬‬
‫«اإلميان أن تؤمن باهلل ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬وبلقائه‪ ،‬ورسله وتؤمن بالبعث» ‪ .‬قال‪ :‬ما اإلسالم؟ قال‪ " :‬اإلسالم‪ :‬أن تعبد‬
‫اهلل‪ ،‬وال تشرك به شيئا‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤدي الزكاة املفروضة‪ ،‬وتصوم رمضان "‪ .‬قال‪ :‬ما اإلحسان؟ قال‪« :‬أن تعبد اهلل‬
‫كأنك تراه‪ ،‬فإن مل تكن تراه فإنه يراك» ‪ ،‬قال‪ :‬مىت الساعة؟ قال‪ " :‬ما املسئول عنها بأعلم من السائل‪ ،‬وسأخربك عن‬
‫أشراطها‪ :‬إذا ولدت األمة رهبا‪ ،‬وإذا تطاول رعاة اإلبل البهم يف البنيان‪ ،‬يف مخ ال يعلمهن إال اهلل " مث تال النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪{ :‬إن اهلل عنده علم الساعة} [لقمان‪ ]34 :‬اآلية‪ ،‬مث أدبر فقال‪« :‬ردوه» فلم يروا شيئا‪ ،‬فقال‪« :‬هذا‬
‫جربيل جاء يعلم الناس دينهم"‪.‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.39‬‬
‫(‪ )3‬مسند أمحد حديث رقم ‪)54٠ /١8( ٢٠3٢٢‬‬
‫(‪ )4‬تفسري ابن أيب حامت ‪ -‬حمققا (‪)٢١9٠ /4‬‬
‫(‪ )5‬اإلهلام واإلنعام ص ‪١٠‬‬
‫‪052‬‬
‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ ]األنعام‪[58 :‬؛ حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬لو‬
‫أن عندي ما تستعجلون به من العذاب أو اآليات أو مها معا ألبديته لكم وقضي األمر‬
‫هبالككم‪ ،‬واهلل أعلم بالظاملني املشركني املعاندين لرسوله املعرضني عن ذكره وهو الذي‬
‫سيجازيهم ‪.‬‬

‫وقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة أهنا قالت لرسول اهلل ‪ ،--‬يا رسول اهلل‪:‬‬
‫هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد‪ ،‬فقال‪ " :‬لقد لقيت من قومك ما لقيت‪ ،‬وكان أشد‬
‫ما لقيت منهم يوم العقبة‪ ،‬إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كالل‪ ،‬فلم جيبين إىل‬
‫ما أردت‪ ،‬فانطلقت وأنا مهموم على وجهي‪ ،‬فلم أستفق إال وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي‪،‬‬
‫فإذا أنا بسحابة قد أظلتين‪ ،‬فنظرت فإذا فيها جربيل‪ ،‬فناداين فقال‪ :‬إن اهلل قد مسع قول قومك‬
‫لك‪ ،‬وما ردوا عليك‪ ،‬وقد بعث إليك ملك اجلبال لتأمره مبا شئت فيهم‪ ،‬فناداين ملك اجلبال‬
‫فسلم علي‪ ،‬مث قال‪ :‬يا حممد‪ ،‬إن اهلل قد مسع قول قومك لك وقد بعثين ربك إليك لتأمرين‬
‫بأمرك فما شئت إن شئت أن أطبق عليهم األخشبني؟ فقال النيب ‪ :--‬بل أرجو أن خيرج‬
‫(‪)١‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫شيئا" ‪."..‬‬ ‫اهلل من أصالهبم من يعبد اهلل وحده‪ ،‬ال يشرك به‬

‫‪:‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫ومنه كذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ ]الفرقان‪[ 68 :‬؛ حيث‬
‫قال‪ " :‬أخرج البخاري ومسلم وأمحد وغريهم عن عبد اهلل بن مسعود سئل رسول اهلل ‪--‬‬
‫أي الذنب أكرب؟ قال‪ " :‬أن جتعل هلل ندا وهو خلقك "‪ ،‬قال‪ :‬مث أي؟ قال‪ " :‬أن تقتل ولدك‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب بدء اخللق باب إذا قال أحدكم‪ :‬آمني واملالئكة يف السماء‪ ،‬آمني فوافقت إحدامها األخرى‪،‬‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه حديث رقم ‪ )٢٢5 /4( 3١3٢‬صحيح مسلم كتاب السري واملغازي باب ما لقي النيب ‪ -‬صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ -‬من أذى املشركني واملنافقني حديث رقم ‪)٢4١٠ /3( ٢٠95‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص‪39-38‬‬
‫‪053‬‬
‫"‬ ‫أن يطعم معك "‪ ،‬قال‪ :‬مث أي؟ قال‪ " :‬أن تزاين حليلة جارك " قال‪ :‬قال عبد اهلل‪:‬‬
‫"‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬ ‫فأنزل اهلل تصديق ذلك‬
‫ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ ]الفرقان‪.)١( )٢("[ 68 :‬‬

‫روايته لألحاديث‪:‬‬

‫تنقسم رواية الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬لألحاديث اليت استشهد هبا يف تفسريه لآليات القرآنية‬
‫إىل قسمني ‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬رواية الحديث بتمامه ‪.‬‬

‫مل يلتزم الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مبنهجية واضحة يف روايته لألحاديث النبوية الشريفة ؛ فمرة‬
‫يرويها بالنص كما هي‪ ،‬وأحيانا يرويها بالنص مع إدراج ألفاو ليست يف احلديث‪ ،‬وتارة يرويها‬
‫خمتصرة‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪.‬‬

‫ﭽﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ومن روايته هلا بالنص قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عند تفسري قوله تعاىل‬
‫( قال حممد تقي‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ ]التوبة‪[5٢ :‬‬

‫الدين‪ :‬جاء يف احلديث‪ " :‬إن العلماء ورثة األنبياء‪ ،‬فإن األنبياء مل يورثوا دينارا وال درمها‪ ،‬وإمنا‬
‫ورثوا العلم‪ ،‬فمن أخذه فقد أخذ حبظ وافر"(‪ ،)3‬فالعلماء يرثون األنبياء يف علمهم وعملهم‬
‫(‪)4‬‬
‫وصربهم وتوكلهم ‪."..‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب األدب باب قول اهلل ‪" :‬فال جتعلوا هلل أندادا" حديث رقم ‪ )٢8 /6( 44٠٠‬صحيح مسلم‬
‫كتاب اإلميان باب كون الشرك أقبح الذنوب‪ ،‬وبيان أعظمها بعده حديث رقم ‪)9٢ /٢( 86‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ج‪١‬ص‪٢٢٠-٢٠9‬‬
‫(‪ )3‬سنن الرتمذي كتاب الذبائح باب ما جاء يف فضل الفقه على العبادة حديث رقم ‪)48/5( ١68١‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪.483/٢‬‬
‫‪054‬‬
‫"ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﯠ ﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬

‫( أمرنا اهلل تعاىل أن حنفظ أنفسنا وأهلنا من النار بطاعة اهلل ورسوله بالنسبة‬ ‫ﯱﭼ [ التحرمي‪]6 :‬‬

‫إىل أنفسنا وبأمر أهلنا بذلك ‪ ،‬وقد قال النيب ‪" : -  -‬كلكم راع وكل راع مسئول عن‬
‫رعيته ؛ الرجل راع يف أهل بيته وهو مسئول عن رعيته ‪ ،‬واملرأة راعية يف بيت زوجها وهي‬
‫مسئولة عن رعيتها ‪ ،‬والعبد راع يف مال سيده وهو مسئول عن رعيته" )‪.‬‬
‫(‪)١( )٢‬‬

‫القسم الثاني ‪ :‬روايته الحديث مختصرا ‪.‬‬

‫غالبا ما يستشهد الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬باحلديث أو قطعة منه هي اليت تفسر اآلية أو توضح‬
‫املشكل فيها وحنو ذلك ؛ فيقتصر عليها على األلفاو اليت حيتاج إليها سواء مثلت جل‬
‫احلديث أو أقله ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض ذكره للفوائد املستفادة من تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ ]الشعراء‪ [ 6 :‬حيث قال ‪ " :‬السادسة ‪ :‬إن‬ ‫ﭽﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼ‬

‫كل من ترك العمل بآية أو حديث فهو داخل يف اجلملة يف هذا الوعيد ‪ ،‬قال رسول اهلل‬
‫مين"‪ ،‬فاملقلد الذي يقدم قول إمامه أو بعض أهل‬ ‫‪" : --‬ومن رغب عن سنيت فلي‬
‫مذهبه على كتاب اهلل أو حديث رسول اهلل ‪ -  -‬معرض يف حكم املكذب ‪.)3("..‬‬

‫فهذا الذي استشهد به هو قطعة من حديث ؛ نصه ‪ :‬عن محيد بن أيب محيد الطويل‪ ،‬أنه‬
‫مسع أن بن مالك ‪ ،--‬يقول‪ :‬جاء ثالثة رهط إىل بيوت أزواج النيب ‪ ،--‬يسألون عن‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب اجلمعة باب اجلمعة يف القرى واملدن حديث رقم ‪ )5/١( 893‬صحيح مسلم كتاب اإلمارة‬
‫باب فضيلة اإلمام العادل حديث رقم ‪. )٢459 /3( ٢8١9‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.٢99/4‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪3٢١/3‬‬
‫‪055‬‬
‫عبادة النيب ‪ ، --‬فلما أخربوا كأهنم تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬وأين حنن من النيب ‪--‬؟ قد غفر له‬
‫ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فإين أصلي الليل أبدا‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أصوم‬
‫الدهر وال أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فال أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول اهلل ‪ --‬إليهم‪،‬‬
‫فقال‪" :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا‪ ،‬أما واهلل إين ألخشاكم هلل وأتقاكم له‪ ،‬لكين أصوم وأفطر‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنيت فلي مين"‬

‫اهتمامه بغريب الحديث ‪:‬‬

‫يهتم الشيخ غالبا بغريب احلديث ؛ فيشرح املفردات الصعبة ؛ ويعلق عليها التعليق الذي‬
‫يناسبها ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ (: -‬قوله ‪" :‬أقفلهم من غزوهتم" أي ردهم ساملني ‪ ،‬يقال ‪ :‬قفلت‬
‫من سفري ‪ ،‬أي رجعت ‪ ،‬وقوله "الظهر" املراد به ما يركب ‪ ،‬وكانت مراكبهم اإلبل اليت يركبوهنا ‪،‬‬
‫وهذا من تسمية الشيء جبزئه ‪ ،‬ويسمى جمازا مرسال ‪ ،‬وقوله ‪" :‬ما أحب أن يل هبا مشهد بدر"‬
‫معناه لو خريت بني أن أشهد العقبة وأحرم من بدر أو أن أشهد بدرا وأحرم العقبة‪ ،‬لفضلت بيعة‬
‫العقبة على غزوة بدر ‪ ،‬وقوله ‪" :‬ورى بغريها" معناه كان النيب ‪ --‬إذا أراد أن يغزو ناحية ‪،‬‬
‫كمكة مثال ‪ ،‬يسأل أصحابه عن طريق جند ‪ ،‬حىت يظن الناس أنه يريد التوجه إىل املشرق ‪ ،‬وهو‬
‫يريد التوجه إىل املغرب خوفا من أن يطلع املنافقون وضعاف اإلميان على اجلهة اليت يريد غزو‬
‫أهلها ؛ فيبعثوا إليهم من خيربهم ‪ ،‬فهذا معل التورية‪ ،‬وهي يف علم البالغة ‪ :‬ذكر لفظ حيتمل‬
‫معنيني فيذكره الشاعر أو الناثر ويريد أحد املعنيني ‪ ،‬مثال ذلك قول الشاعر ‪:‬‬

‫سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء‬ ‫عيني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نه‬ ‫ليت‬ ‫خاط يل عم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرو قبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب النكاح باب الرتغيب يف النكاح حديث رقم ‪ )١/٠( 5٠63‬ومسلم كتاب احلج باب‬
‫استحباب النكاح ملن تاقت نفسه إليه حديث رقم ‪)٢٠١٠ /١( ٢4٠٢‬‬
‫‪056‬‬
‫وكان عمرو املذكور يف هذا الشعر أعور ؛ فقوله ‪" :‬ليت عينيه سواء" حيتمل أنه أن يكون‬
‫(‪)٢‬‬
‫مبصرا بالعينني كلتيهما‪ ،‬وحيتمل أن يتمل له أن تكون العينان عمياوين كلتيهما )‬

‫ومنه أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬اإلمعة ‪ :‬هو الغمر املقلد الذي ال يفكر بعقله ‪ ،‬وال مييز‬
‫اهلدى من الضالل ‪ ،‬وإمنا يتبع غريه بدون دليل وال برهان ‪ ،‬قال ابن مسعود ‪" :‬كنا نعد اإلمعة‬
‫يف اجلاهلية الذي يتبع القوم إذا دعوا إىل وليمة دون أن يكون هو مدعوا‪ ،‬وهو فيكم احملقب‬
‫دينه الرجال"(‪ ،)١‬أي الذي جيعل دينه كاحلقيبة ويضعه على رجل يقلده ال يعرف صوابه من‬
‫(‪)3‬‬
‫خطئه ‪."..‬‬

‫بعض المآخذ ‪:‬‬

‫‪ - 0‬طريقته في التخريج ‪:‬‬

‫الغالــب علــى مــنهج الشــيخ ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬أن خيــرج األحاديــث خترجيــا خمتصـرا فيقــول مــثال ‪ :‬ويف‬
‫الصــحيح أو وروى فــالن وحنــو ذلــك دون اإلشــارة إىل احلــديث بالكتــاب أو البــاب أو الــرقم ؛ وقــد‬
‫يذكر أحاديث دون ختريج أصال ‪ ،‬وسوف أعرض هلذا من خالل النقطتني التاليتني ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التخريج المختصر ‪:‬‬

‫واملقصــود بــه أن يــذكر الشــيخ مصــدر احلــديث دون إشــارة لــه مبــا يــدل علــى موضــعه مــن املصــدر‬
‫كالكتاب أو الباب أو الرقم ‪ ،‬وحنو ذلك ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪5٠٢/٢‬‬


‫(‪ )١‬املستدرك على الصحيحني للحاكم حديث رقم ‪)٢46 /4( ٠٢٠8‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪3٢٠-3٠9/3‬‬
‫‪057‬‬
‫ومـن هـذا النـوع قولـه ‪-‬رمحـه اهلل‪ " : -‬وروى البخــاري عـن عمـرو بـن العـاص عـن النــيب ‪-  -‬‬
‫أنــه قــال ‪" :‬إن آل أيب طالــب ليس ـوا يل بأوليــاء إمنــا وليــي اهلل وصــاحل املــؤمنني‪ ،‬ولكــن هلــم رحــم أبلهــا‬
‫ببالهلا"(‪.)٢‬‬

‫فواليــة النــيب ‪ -  -‬ألقاربــه إمنــا جــاءت مــن حيــث إهنــم مــن صــاحلي املــؤمنني ؛ ال للقرابــة‬
‫اجملردة ‪ ،‬فإهنا وحدها ال جتعلهم أولياء النيب ‪ ، --‬وإن وصل رمحهم باإلحسـان إلـيهم ؛ ألن‬
‫(‪)١‬‬
‫صلة الرحم واجبة مع األقارب ‪ ،‬وإن مل يكونوا مسلمني ‪." ..‬‬
‫ومنــه أيضــا قولــه ‪-‬رمحــه اهلل‪ ( : -‬يوجــد كثــري مــن الدجاجلــة يضــمنون اجلنــة لغــريهم بــدراهم‬
‫معــدودة ‪ ،‬ويقولــون هلــم ‪ :‬حنــن آل النــيب ال متســنا النــار ‪ ،‬وقــد ضــمناكم فــال متســكم النــار حــىت‬
‫متسنا ‪ ،‬وهؤالء جمرمون كاذبون على اهلل ‪ ،‬فمحمد ‪ --‬مل يستطع أن يدخل عمه أبـا طالـب‬
‫اجلنة‪ ،‬وملا استغفر له هناه اهلل تعاىل بقوله يف سورة التوبة‪ :‬ﭧ ﭨ ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬

‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭷ ﭼ ]التوب ـ ـ ـ ــة‪ [ ٢٢3 :‬ويف ص ـ ـ ـ ــحيح البخ ـ ـ ـ ــاري ‪ :‬أن‬


‫رسول اهلل ‪ -  -‬قال ‪" :‬يا فاطمة بنت حممد سليين مـن مـايل مـا شـئت وأنقـذي نفسـك مـن‬
‫(‪)4( )3‬‬
‫النار‪ ،‬ال أغين عنك من اهلل شيئا " )‪.‬‬

‫عدم التخريج نهائيا ‪:‬‬

‫ونقصد به أن يذكر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬احلديث دون إشارة إىل مصدره أو أي معلومة تدل‬
‫على موضعه من كتب احلديث ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب األدب باب تبل الرحم ببالهلا حديث رقم ‪ )6 /8( 599٠‬صحيح مسلم كتاب اإلميان‬
‫باب مواالة املؤمنني ومقاطعة غريهم حديث رقم ‪ )٢9٠ /٢( ١٢5‬لكن بدون ذكر أيب طالب ؛ بل باإلهبام ‪ :‬إن آل‬
‫أيب فالن ليسوا يل بأولياء ‪ ،‬ومل أجد لفظ الشيخ فيما اطلعت عليه من كتب احلديث ‪.‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪489/٢‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري كتاب املناقب باب من انتسب إىل آبائه يف اإلسالم حديث رقم ‪ )٢85 /4(3356‬صحيح‬
‫مسلم كتاب اإلميان باب قول اهلل عز وجل ‪":‬وأنذر عشريتك األقربني" حديث رقم ‪)٢9١ /٢( ١٠5‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪٢٢٠/١‬‬
‫‪058‬‬
‫ومــن ه ــذا الن ــوع قول ــه ‪-‬رمح ــه اهلل‪ ( : -‬أمرن ــا اهلل تعــاىل أن حنف ــظ أنفس ــنا وأهلن ــا م ــن الن ــار‬
‫بطاعــة اهلل ورسـوله بالنســبة إىل أنفســنا وبــأمر أهلنــا بــذلك ‪ ،‬وقــد قــال النــيب ‪" : -  -‬كلكــم‬
‫راع وكـل راع مسـئول عـن رعيتــه ؛ الرجـل راع يف أهـل بيتــه وهـو مسـئول عــن رعيتـه ‪ ،‬واملـرأة راعيـة‬
‫يف بيـ ــت زوجهـ ــا وه ـ ــي مسـ ــئولة ع ـ ــن رعيتهـ ــا ‪ ،‬والعبـ ــد راع يف م ـ ــال سـ ــيده وه ـ ــو مسـ ــئول ع ـ ــن‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫رعيته" )‪.‬‬

‫ومنه أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬كل من هداه اهلل تعاىل فبفضله ؛ وكل من أضله فبعدله‪،‬‬
‫ولكن من طلب اهلدى هداه اهلل ‪ ،‬لقول النيب ‪ --‬فيما يرويه عن ربه عز وجل‪" :‬يا عبادي‬
‫كلكم ضال إال من هديته فاستهدوين أهدكم"(‪.)4())3‬‬

‫االستدالل بأحاديث ضعيفة ‪:‬‬

‫يؤخذ على الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أيضا أنه رمبا استدل بأحاديث ضعيفة ال تنهض‬
‫لالحتجاج؛ ومل يشر إىل ضعفها إال من خالل السياق كقوله ‪" :‬ويروى" والذي أراه – واهلل‬
‫تعاىل أعلم – أنه كان ينبغي أن ال يستدل هبا أصال ‪ ،‬وإن كان وال بد فعليه – على األقل –‬
‫أن يشري إىل ضعفها ؛ وخاصة أنه استدل ببعضها على مسائل عقدية مهمة ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ .. " : -‬سبب الفضل الذي رأيناه يف آية الكرسي أهنا اشتملت‬
‫على توحيد اهلل يف فاحتتها‪ ،‬وأمسائه احلسل احلي القيوم العلي العظيم‪ ،‬وصفاته بأنه الرقيب‬
‫الذي ال يغفل‪ ،‬ويروى أن اهلل تعاىل أراد أن يعلم عبده موسى عليه الصالة والسالم تعليما‬
‫عمليا بأنه ال يغفل عن عباده ؛ فأمره أن يأخذ قارورتني مملوءتني ماء‪ ،‬وأن ميسك كل واحدة‬

‫(‪ )٢‬تقدم خترجيه‪.‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪٢99/4‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم كتاب الصلة والرب واآلداب باب حترمي الظلم حديث رقم ‪. )٢994 /4( ١5٠٠‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪.383/٢‬‬
‫‪059‬‬
‫منهما بيد ‪ ،‬ففعل ما أمره اهلل تعاىل به وبقي ممسكا هلما حىت أخذه النوم ‪ ،‬فجعل يدفع النوم‬
‫ويغلبه‪ ،‬حىت استوىل عليه النوم ‪ ،‬فسقطت القارورتان وانكسرتا وهريق ماؤمها"(‪)٢‬؛ فعلمه اهلل‬
‫(‪)١‬‬
‫تعاىل أن الذي ميسك السماوات واألرض أن تزوال يستحيل عليه النوم والغفلة "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬هذه القصة ضعيفة ؛ وقد خرجها األخ أبو عبيدة يف حتقيقه لكتاب سبيل الرشاد خترجيا وافيا ؛ ونقل كالم أهل العلم‬
‫عليها ؛ مبا فيه الكفاية ‪ .‬ينظر ‪ :‬سبيل الرشاد ‪.3٢/5‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.3٢/5‬‬
‫‪061‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تفسري القرآن بأقوال الصحابة‪:‬‬

‫وردت أمساء بعض الصحابة ‪ --‬يف تفسري اهلاليل للقرآن الكرمي ؛ ومن أكثرهم ذكراً‪:‬‬
‫ابن عباس ‪-‬رضي اهلل تعاىل عنهما‪ -‬حرب األمة وترمجان القرآن ‪ ،‬وعبد اهلل بن مسعود ‪--‬‬
‫الذي ال توجد آية يف كتاب اهلل تعاىل إال ويعلم أين نزلت وفيم نزلت؛ كما ذكر تفاسري غريهم‬
‫من الصحابة كل فيما ورد عنه‪.‬‬

‫وهذه بعض األمثلة على تفسري اهلاليل بأقوال الصحابة ‪:--‬‬

‫الشاهد األول ‪:‬‬

‫‪:‬ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫قال ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬اختلف السلف يف املراد بقوله تعاىل‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﭼ ]اإلسراء‪[ 5٠ :‬‬

‫فقال ابن مسعود ومجاعة‪ :‬كان املشركون يعبدون مجاعة من اجلن؛ فأسلمت اجلن ووحدوا‬
‫اهلل‪ ،‬وصاروا يبتغون إليه الوسيلة بالعمل الصاحل ‪ ،‬ومل يشعر بإسالمهم الذين كانوا يعبدوهنم من‬
‫‪ ،‬واستمروا على عبادهتم ؛ فعاب اهلل عليهم ذلك"(‪ ،)٢‬وقال ابن عباس ومجاعة‪ :‬املراد‬ ‫اإلن‬
‫املالئكة وعيسى(‪ ،)١‬فإن املالئكة وعيسى يعبدون اهلل ويوحدونه ويتقربون إليه‪ ،‬واجلهال من بين‬
‫آدم يعبدوهنم ‪.‬‬

‫حاصله أن املعبودين من دون اهلل إما أن يكونوا أبرارا أو فجارا؛ فاألبرار كاملالئكة واألنبياء‬
‫والصاحلني‪ ،‬والفجار‪ :‬كل من عبد ورضي بذلك من اجلن واإلن ‪ ،‬ومن عبد غري اهلل فهو‬
‫(‪)3‬‬
‫خاسر سواء كان املعبود من األبرار أم من الفجار "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬قد تقدم ختريج ذلك ‪.‬‬


‫(‪ )١‬قد تقدم غلطه رمحه اهلل يف ذلك وأن الذي قال ‪ :‬املراد املالئكة وعيسى إمنا هو احلسن البصري يف أحد قوليه ‪.‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪.6٠9 – 6٠8/٢‬‬
‫‪060‬‬
‫الشاهد الثاني ‪:‬‬

‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬اإلمعة ‪ :‬هو الغمر املقلد الذي ال يفكر بعقله‪ ،‬وال مييز اهلدى من‬
‫الضالل‪ ،‬وإمنا يتبع غريه بدون دليل وال برهان ‪ ،‬قال ابن مسعود‪" :‬كنا نعد اإلمعة يف اجلاهلية‬
‫الذي يتبع القوم إذا دعوا إىل وليمة دون أن يكون هو مدعوا‪ ،‬وهو فيكم احملقب دينه الرجال"‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫أي الذي جيعل دينه كاحلقيبة ويضعه على رجل يقلده ال يعرف صوابه من خطئه ‪."..‬‬

‫الشاهد الثالث ‪:‬‬

‫"ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ‬ ‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وقال الضحاك عن ابن عباس يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪)3( )١‬‬
‫]الصافات‪" [ ١5 :‬ما لكم اليوم ال متانعون منا ‪ ،‬هيهات لي ذلك لكم اليوم" "‪.‬‬

‫وإمنا قصدنا التمثيل فقط ؛ وإال فإن استشهاد الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بتفسري الصحابة‬
‫للقرآن الكرمي أكثر من أن حيصى أو يستقصى‪.‬‬

‫بعض المآخذ ‪:‬‬

‫نف ما قدمت من مآخذ يف ختريج األحاديث النبوية الشريفة يؤخذ على الشيخ أيضا يف‬
‫ختريج آثار الصحابة ‪ --‬؛ والغالب عليه يف ذلك عدم التخريج أصال‪:‬‬

‫ومنه قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬الذي تقدم قريبا ونصه‪ " :‬قال ابن مسعود ‪" : --‬كنا نعد اإلمعة‬
‫يف اجلاهلية الذي يتبع القوم إذا دعوا إىل وليمة دون أن يكون هو مدعوا‪ ،‬وهو فيكم احملقب دينه‬
‫(‪)4‬‬
‫الرجال"‪ ،‬أي الذي جيعل دينه كاحلقيبة ويضعه على رجل يقلده ال يعرف صوابه من خطئه ‪"..‬‬

‫سبيل الرشاد ‪3٢٠-3٠9/3‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫تفسري الطربي = جامع البيان ت شاكر (‪)36 /٢‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫سبيل الرشاد ‪٢56/٢‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫سبيل الرشاد ‪3٢٠-3٠9/3‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪062‬‬
‫الخطأ في النسبة‪:‬‬

‫وذلك أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬رمبا قام بعزو أثر إىل واحد من الصحابة يف حني أنه يكون‬
‫قول واحد من التابعني ‪..‬‬

‫ﭽﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﯫ ﯸ ﭼ ] إلسراء‪.[ 5٠ :‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫حيث قال‪ .. " :‬وقال ابن عباس ومجاعة ‪ :‬املراد املالئكة وعيسى"‪.‬‬

‫والصحيح أن ذلك قول احلسن البصري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬؛ وإمنا قال ابن عباس عزير‬
‫(‪)١‬‬
‫وعيسى‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪6٠9 /٢‬‬


‫(‪ )١‬تفسري القرطيب (‪)١٠9 /٢٠‬‬
‫‪063‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬تفسري القرآن بأقوال التابعني‬

‫يهتم الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بتفاسري التابعني ؛ وخاصة عند عدم وجود نص صريح يف تفسري‬
‫اآلية ‪..‬‬

‫وقد ترددت أمساء بعض التابعني كقتادة وجماهد ‪ ،‬وغريمها ‪.‬‬

‫وهذه أمثلة لتفسريه القرآن الكرمي بأقوال التابعني رمحهم اهلل تعاىل‪:‬‬

‫ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ ]البقرة‪:[65 :‬‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‬


‫" أي صريوا قردة مبعدين من رمحة اهلل أذلة صاغرين‪ ،‬ومجهور املفسرين على أن شباهبم مسخوا‬
‫(‪)٢‬‬
‫قردة‪ ،‬وشيوخهم مسخوا خنازير‪ ،‬وقال جماهد‪ :‬إمنا مسخت قلوهبم ومل متسخ أجسامهم‪."..‬‬

‫ومن تفسريه القرآن بأقوال التابعني أيضا قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯘ ﭼ ] األنعام‪ " :[٢١9 :‬قال قتادة يف تفسري هذه اآلية‪ :‬إمنا يويل‬
‫اهلل الناس بأعماهلم؛ فاملؤمن ويل املؤمن من أين كان وحيث كان‪ ،‬والكافر ويل الكافر أينما كان‬
‫(‪)١‬‬
‫وحيثما كان‪ ،‬لي اإلميان بالتمين ‪."..‬‬

‫ﭽﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ومنه كذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قوله تعاىل ‪:‬‬
‫( روى ابن‬ ‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ ]األنعام‪:[ 44 :‬‬

‫أيب حامت عن قتادة أنه قال يف تفسري هذه اآلية ‪" :‬بغت القوم أمر اهلل ‪ ،‬وما أخذ اهلل قوما قط‬
‫إال يف سكرهتم وغرهتم ونعمتهم ‪ ،‬فال تغرتوا باهلل فإنه ال يغرت باهلل إال القوم الفاسقون " وقال‬
‫(‪)3‬‬
‫مالك عن الزهري ‪ :‬فتحنا عليهم أبواب كل شيء ‪ ،‬قال رخاء الدنيا )‪.‬‬

‫(‪ )٢‬جملة الثقافة اإلسالمية ‪ ،‬مقالة دروس يف التفسري ‪ ،‬العدد ‪ 6‬تاريخ ‪ ٢6‬رمضان ‪٢3٠٠‬هـ ص ‪3‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪٢٠‬‬
‫(‪ )3‬اإلهلام واإلنعام ص ‪١٠‬‬
‫‪064‬‬
‫ومنه كذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ": -‬وقال أبوالعالية ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰃ ﭼ ]البقرة‪ [48 :‬أي‬
‫(‪)٢‬‬
‫فداء "‪.‬‬

‫اختياره بعض أقوال التابعين في التفسير وتصريحه بذلك ‪:‬‬

‫ﭽﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯹ ﭼ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬أنا أختار تفسري جماهد لقوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪)١‬‬
‫]النحل‪ ، [ 5١ :‬أي خالصا؛ فال جيوز أن يعبد غريه بأي نوع من أنواع العبادة "‪.‬‬

‫عدم عزوه بعض اآلثار التي يستدل بها ‪:‬‬

‫ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬فائدة ثانية‪ :‬يف معل قوله تعاىل‪:‬‬
‫قال جماهد‪ :‬أي عيال عليه‪ ،‬ومعل العيال احملتاجون إىل نفقة من‬ ‫ﮬﭼ ]النحل‪[ ٠6 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يعوهلم‪"..‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.٢56-٢55/٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.6٠٠/٢‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪.6٠١/٢‬‬
‫‪065‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬منهجه يف التفسريبالرأي‬
‫و فيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪:‬منهجه يف تصحيح العقيدة‪ ،‬وحتقيق التوحيد‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬منهجه يف الرتجيح واستنباط الفوائد‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬منهجه يف التحذير من البدع واحملدثات‪.‬‬

‫‪066‬‬
‫تعريف التفسير بالرأي لغة واصطالحا‪:‬‬

‫الرأي في اللغة ‪ :‬تدور معاين كلمة "الرأي" يف كتب اللغة على معان منها ‪:‬‬

‫أ – االجتهاد‪.‬‬

‫ب – القياس‪.‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫ج – االعتقاد‪.‬‬

‫ومـ ــن أجـ ــود تعريفـ ــات التفسـ ــري بـ ــالرأي اص ـ ــطالحا أنـ ــه ‪ :‬تفسـ ــري القـ ــرآن باالجتهـ ــاد بع ـ ــد‬
‫املفسـ ـ ـ ــر لكـ ـ ـ ــالم العـ ـ ـ ــرب ومنـ ـ ـ ــاحيهم ىف القـ ـ ـ ــول‪ ،‬ومعرفتـ ـ ـ ــه لأللفـ ـ ـ ــاو العربيـ ـ ـ ــة ووجـ ـ ـ ــوه‬
‫معرف ـ ـ ــة ِّ‬
‫دالالهت ـ ــا‪ ،‬ووقوف ـ ــه عل ـ ــى أس ـ ــباب الن ـ ــزول‪ ،‬ومعرفتـ ـ ــه بالناسـ ـ ــخ واملنسـ ـ ــوخ م ـ ــن آي ـ ــات القـ ـ ــرآن‪،‬‬
‫(‪)١‬‬
‫املفسر‪.‬‬
‫وغري ذلك من األدوات اليت حيتاج إليها ِّ‬

‫وقد اختلف أهل العلم يف التفسري بالرأي هل هو جائز أم ال ؟‬

‫قال اإلمام الزركشي‪ " :‬لطالب التفسري مآخذ كثرية أمهاهتا أربعة‪:‬‬

‫األول‪ :‬النقل عن رسول اهلل ‪.--‬‬

‫الثاني‪ :‬األخذ بقول الصحايب‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬األخذ مبطلق اللغة‪.‬‬

‫فإن القرآن نزل بلسان عريب مبني وقد ذكره مجاعة‪.‬‬

‫(‪ )٢‬احملكم واحمليط األعظم (‪ )344 /٢٠‬هتذيب اللغة (‪.)١١٠ /٢5‬‬


‫(‪ )١‬التفسري واملفسرون (‪.)٢83 /٢‬‬
‫‪067‬‬
‫الرابع‪ :‬التفسري باملقتضى من معل الكالم واملقتضب من قوة الشرع‪.‬‬

‫تع ـ ــاىل‪ :‬ﭽ ﯯ‬ ‫وال جي ـ ــوز تفس ـ ــري الق ـ ــرآن مبج ـ ــرد الـ ـ ـرأي واالجته ـ ــاد م ـ ــن غ ـ ــري أص ـ ــل لقول ـ ــه‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ ]اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراء‪ [36 :‬وقول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪ :‬ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭼ ]البق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة‪[٢69 :‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وقوله‪ :‬ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ ]النحل‪ [ 44 :‬فأضاف البيان إليهم"‪.‬‬

‫وتفصيل خالف أهل العلم يف التفسري بالرأي ميكن إمجاله يف قولني ‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أنه جيوز تفسري القرآن الكرمي بالرأي بضوابطه الشرعية ‪.‬‬

‫واستدلوا مبا يلي ‪:‬‬

‫‪ – ٢‬أن التفسـ ــري بـ ــالرأي عبـ ــارة عـ ــن تـ ــدبر كتـ ــاب اهلل تعـ ــاىل واسـ ــتنباط املعـ ــاين منـ ــه وقـ ــد‬
‫ﭽﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ‬ ‫أم ـ ـ ـ ــر اهلل تع ـ ـ ـ ــاىل ب ـ ـ ـ ــذلك فق ـ ـ ـ ــال ج ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ــن قائ ـ ـ ـ ــل‪:‬‬
‫ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ ]حممد‪.[١4 :‬‬ ‫]ص‪ [١9 :‬وقال ‪:‬‬

‫‪ – ١‬أن التفسـ ـ ـ ــري بـ ـ ـ ــالرأي إمنـ ـ ـ ــا هـ ـ ـ ــو مث ـ ـ ـ ــرة االسـ ـ ـ ــتنباط الـ ـ ـ ــذي اخـ ـ ـ ــتص اهلل تعـ ـ ـ ــاىل ب ـ ـ ـ ــه‬
‫ﭽﮔ‬ ‫العلم ـ ــاء‪ ،‬وق ـ ــد أمرن ـ ــا تع ـ ــاىل ب ـ ــرد م ـ ــا أش ـ ــكل علين ـ ــا يف دينن ـ ــا إل ـ ــيهم‪ ،‬فق ـ ــال س ـ ــبحانه ‪:‬‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﭼ ]النساء‪[ 83 :‬‬

‫‪ – 3‬أن التفس ـ ــري بـ ـ ــالرأي هـ ـ ــو املقصـ ـ ــود ب ـ ــدعاء النـ ـ ــيب ‪ -  -‬البـ ـ ــن عبـ ـ ــاس ‪ -‬رضـ ـ ــي‬
‫اهلل تع ـ ـ ــاىل عنهم ـ ـ ــا ‪ -‬يف قول ـ ـ ــه‪" :‬الله ـ ـ ــم فقه ـ ـ ــه يف ال ـ ـ ــدين وعلم ـ ـ ــه التأوي ـ ـ ــل"(‪ ،)١‬إذ ال مع ـ ـ ــل‬
‫ل ــذلك إال إذا ك ــان اس ــتنباط مع ــان م ــن الق ــرآن الك ــرمي ع ــن طري ــق الـ ـرأي ‪ ،‬فل ــو ك ــان التفس ــري‬
‫مسموعاً كله فما فائدة ختصيص ابن عباس ‪ -‬رضي اهلل تعاىل عنهما – هبذا الدعاء‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الربهان يف علوم القرآن (‪ )٢6٢-٢56 /١‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب الوضوء باب وضع املاء عند اخلالء حديث رقم ‪)4٢ /٢( ٢43‬‬
‫‪068‬‬
‫‪ – 4‬أن االقتصـ ـ ــار علـ ـ ــى التفسـ ـ ــري باملـ ـ ــأثور يفضـ ـ ــي إىل تـ ـ ــرك كثـ ـ ــري مـ ـ ــن ألفـ ـ ــاو القـ ـ ــرآن‬
‫الك ــرمي دون تفس ــري هل ــا؛ إذ أن م ــن املعل ــوم املس ــلم ب ــه أن ــه مل ينق ــل تفس ــري ك ــل ألف ــاو الق ــرآن‬
‫الك ـ ــرمي ع ـ ــن الس ـ ــلف الص ـ ــاحل عموم ـ ــا‪ ،‬وأم ـ ــا املرف ـ ــوع م ـ ــن ذل ـ ــك إىل الن ـ ــيب ‪ --‬فه ـ ــو قلي ـ ــل‬
‫جدا‪...‬‬

‫‪ – 5‬أن الصـ ـ ــحابة ‪ --‬كـ ـ ــانوا يفس ـ ـ ــرون القـ ـ ــرآن الكـ ـ ــرمي ‪ ،‬ورمب ـ ـ ــا اختلف ـ ـ ـوا يف تفس ـ ـ ــري‬
‫(‪)٢‬‬
‫بعض ألفاظه ؛ وال شك أن ذلك يدل على أن التفسري بالرأي جائز‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬أنه ال جيوز تفسري القرآن الكرمي بالرأي مطلقا؛ واستدلوا مبا يلي‪:‬‬

‫‪ - ٢‬قوله تعاىل ‪ :‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ ]النحل‪.[ 44 :‬‬

‫ووج ـ ــه االس ـ ــتدالل هب ـ ــا أن ه ـ ــذه اآلي ـ ــة ق ـ ــد أض ـ ــافت بي ـ ــان مع ـ ــاين الق ـ ــرآن الك ـ ــرمي للن ـ ــيب‬
‫‪ ،--‬وم ـ ـ ــن هن ـ ـ ــا فل ـ ـ ــي لغ ـ ـ ــريه أن يق ـ ـ ــوم ببي ـ ـ ــان ش ـ ـ ــيء م ـ ـ ــن تل ـ ـ ــك املع ـ ـ ــاين؛ حي ـ ـ ــث إن ـ ـ ــه‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ --‬قام مبا أسند إليه من مهمة البيان خري قيام‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫"‪.‬‬ ‫‪– ١‬حديث‪ " :‬من قال يف القرآن بغري علم فليتبوأ مقعده من النار‬

‫قالوا‪ :‬فهذا دليل صريح يف حترمي القول يف القرآن الكرمي بالرأي ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬إحياء علوم الدين (‪.)١9٠ /٢‬‬


‫(‪ )١‬القرآن وعلومه‪ ،‬احلديث وعلومه (ص‪.)34 :‬‬
‫(‪ )3‬احلديث رواه الرتمذي يف كتاب ا لتفسري باب ما جاء يف الذي يفسر القرآن برأيه ‪ ،‬وقال حديث حسن صحيح‬
‫‪. ٢83/5‬‬
‫‪069‬‬
‫ولكن يعترض عليه من وجهين ‪:‬‬

‫أ – أن احلديث ضعيف‪.‬‬

‫ق ـ ــال األلب ـ ــاين ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ " :-‬م ـ ــن ق ـ ــال يف الق ـ ــرآن برأيـ ـ ــه فليتب ـ ـ ـوأ مقع ـ ــده م ـ ــن الن ـ ــار ال‬
‫(‪)٢‬‬
‫وجود له هبذا اللفظ وإمنا هو مركب من حديثني كالمها ضعيف "‪.‬‬

‫ب – أن املقص ـ ــود ب ـ ــالرأي يف احل ـ ــديث ل ـ ــي مطل ـ ــق الـ ـ ـرأي ؛ وإمن ـ ــا الـ ـ ـرأي ال ـ ــذي ل ـ ــي‬
‫مبنيا على أس شرعية ‪.‬‬

‫ول ـ ــذا ق ـ ــال البيهق ـ ــي ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ ( :-‬وه ـ ــذا إن ص ـ ــح‪ ،‬فإمن ـ ــا أراد واهلل أعل ـ ــم الـ ـ ـرأي ال ـ ــذي‬
‫يغل ـ ــب عل ـ ــى القل ـ ــب م ـ ــن غ ـ ــري دلي ـ ــل ق ـ ــام علي ـ ــه‪ ،‬فمث ـ ــل ه ـ ــذا ال ـ ــذي ال جي ـ ــوز احلك ـ ــم ب ـ ــه يف‬
‫الن ـ ـوازل‪ ،‬فكـ ــذلك ال جيـ ــوز تفسـ ــري القـ ــرآن بـ ــه‪ ،‬وأمـ ــا ال ـ ـرأي الـ ــذي يشـ ــده برهـ ــان فـ ــاحلكم بـ ــه‬
‫يف النوازل جائز‪ ،‬وكذلك تفسري القرآن به جائز )(‪.)١‬‬

‫وق ـ ــال الق ـ ــرطيب ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪( : -‬ق ـ ــال أب ـ ــو بك ـ ــر حمم ـ ــد بـ ـ ــن القاس ـ ــم ب ـ ــن بش ـ ــار ب ـ ــن‬
‫حممد األنباري النحوي اللغوي يف كتاب الرد‪ :‬فسر حديث ابن عباس تفسريين‪:‬‬

‫أح دهما‪ :‬م ـ ـ ــن ق ـ ـ ــال يف مش ـ ـ ــكل الق ـ ـ ــرآن مب ـ ـ ــا ال يع ـ ـ ــرف م ـ ـ ــن م ـ ـ ــذهب األوائ ـ ـ ــل م ـ ـ ــن‬
‫الصحابة والتابعني فهو متعرض لسخط اهلل‪.‬‬

‫والج واب اآلخ ر‪ :‬وه ـ ــو أثب ـ ــت القـ ـ ـولني وأص ـ ــحهما مع ـ ــل‪ :‬م ـ ــن ق ـ ــال يف الق ـ ــرآن ق ـ ــوال‬
‫(‪)3‬‬
‫يعلم أن احلق غريه فليتبوأ مقعده من النار )‪.‬‬

‫(‪( )٢‬حتقيق اإلميان البن تيمية (ص‪.)٢٠4 :‬‬


‫(‪ )١‬شعب اإلميان (‪.)54٠ /3‬‬
‫(‪ )3‬تفسري القرطيب (‪.)3١ /٢‬‬
‫‪071‬‬
‫وق ـ ـ ــال الس ـ ـ ــيوطي ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ ( :-‬وق ـ ـ ــال اب ـ ـ ــن النقي ـ ـ ــب مجل ـ ـ ــة م ـ ـ ــا حتص ـ ـ ــل يف مع ـ ـ ــل‬
‫حديث التفسري بالرأي مخسة أقوال‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬التفسري من غري حصول العلوم اليت جيوز معها التفسري‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬تفسري املتشابه الذي ال يعلمه إال اهلل‪.‬‬

‫الثال ث‪ :‬التفسـ ــري املقـ ــرر للمـ ــذهب الفاسـ ــد بـ ــأن جيعـ ــل املـ ــذهب أصـ ــال والتفسـ ــري تابعـ ــا‪،‬‬
‫فريد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬التفسري بأن مراد اهلل كذا على القطع من غري دليل‬

‫(‪)٢‬‬
‫الخامس‪ :‬التفسري باالستحسان واهلوى )‪.‬‬

‫وم ـ ــن النق ـ ــول الس ـ ــابقة ع ـ ــن أه ـ ــل العل ـ ــم ‪ ،‬يتض ـ ــح أن التفس ـ ــري ب ـ ــالرأي ج ـ ــائز بالش ـ ــروط‬
‫املعتربة شرعا ‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫أشهر الذين فسروا بالرأي هم‪:‬‬

‫‪ .٢‬أب ـ ــو القاس ـ ــم حمم ـ ــود ب ـ ــن عم ـ ــرو ب ـ ــن أمح ـ ــد‪ ،‬الزخمش ـ ــري املتـ ـ ــوىف‪:‬س ـ ــنة مث ـ ــان وثالث ـ ــني‬
‫ومخسمائة من اهلجرة يف كتابه ‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪.‬‬
‫‪ .١‬الفخر الرازي املتوىف سنة ست وستمائة هجرية يف كتابه‪ :‬مفاتيح الغيب‪.‬‬
‫‪ .3‬البيض ـ ــاوي املت ـ ــوىف س ـ ــنة إح ـ ــدى وتس ـ ــعني وس ـ ــتمائة هجري ـ ــة يف كتاب ـ ــه‪ :‬أنـ ـ ـوار التنزي ـ ــل‬
‫وأسرار التأويل‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)١١٠-١٢9 /4‬‬


‫‪070‬‬
‫املطلب األول‪ :‬منهجه يف تصحي العقيدة وقحقي التوحيد‪:‬‬

‫مدخل ‪ :‬أوال ‪ :‬تعريف العقيدة لغة واصطالحا‪.‬‬

‫ط‪ ،‬وا نإلبـ ـ ـر ُام‪ ،‬وا نإلحك ـ ـ ُ‬


‫ـام‪،‬‬ ‫ت ـ ــأيت كلم ـ ــة "عقي ـ ــدة" يف اللغ ـ ــة عل ـ ــى ع ـ ــدة مع ـ ــان منه ـ ــا‪ :‬ال ـ ـ َّـرب ُ‬
‫(‪)٢‬‬
‫التماسك‪ ،‬واملراصةُ‪،‬؛ ومنه اليقني واجلزم‪.‬‬
‫َّوثق‪ ،‬والشد بقوة‪ ،‬و ُ‬
‫والت ُ‬
‫وأصل العقد يف االشتقاق نقيض احلل‪ ،‬مث استعمل يف املعاين األخرى‪.‬‬
‫يق ـ ــول الزبي ـ ــدي(‪ )١‬يف ت ـ ــاج الع ـ ــروس‪":‬عق ـ ــد احلب ـ ــل والبي ـ ــع والعه ـ ــد يعق ـ ــده عق ـ ــدا فانعق ـ ــد‪:‬‬
‫ش ـ ــده‪ .‬وال ـ ــذي ص ـ ــرح ب ـ ــه أئم ـ ــة االش ـ ــتقاق‪ :‬أن أص ـ ــل العق ـ ــد نق ـ ــيض احل ـ ــل‪ ،‬مث اس ـ ــتعمل يف‬
‫أنواع العقود من البيوعات وغريها‪ ،‬مث استعمل يف التصميم واالعتقاد اجلازم" (‪.)3‬‬
‫واملع ـ ــاين اللغوي ـ ــة املتقدم ـ ــة وإن كان ـ ــت متع ـ ــددة يف ألفاظه ـ ــا إال أهن ـ ــا تك ـ ــاد ت ـ ــؤدي نفـ ـ ـ‬
‫املعل؛ فهي متقاربة يف مدلوهلا ومعناها‪ ،‬وإن تباينت يف حروفها ومبناها‪.‬‬
‫العقيدة اصطالحا (‪:)4‬‬

‫لقد عرفت العقيدة يف االصطالح الشرعي بتعريفات كثرية منها‪:‬‬

‫(‪ )٢‬القاموس احمليط ‪ ،‬حممد بن يعقوب الفريوزآبادي ن مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بريوت ‪( -‬ج‪/ ٢‬ص‪ )383‬احملكم واحمليط‬
‫األعظم ‪( -‬ج‪/ ٢‬ص ‪ )54‬املؤلف‪ :‬أبو احلسن علي بن إمساعيل بن سيده املرسي [ت‪458 :‬هـ] احملقق‪ :‬عبد احلميد‬
‫هنداوي الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4١٢ ،‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‬
‫(‪ )١‬الزبيدي‪ :‬أبو بكر‪ ،‬حممد بن احلسن بن عبيداهلل بن مذحج الزبيدي الشامي احلمصي مث األندلسي اإلشبيلي‪ ،‬إمام‬
‫النحو‪ ،‬عامل باللغة واالدب‪ ،‬شاعر‪.‬صاحب التصانيف تويف يف مجادى اآلخرة سنة تسع وسبعني وثالث مئة‪ ،‬وله ثالث‬
‫وستون سنة‪ .‬انظر‪ :‬سري أعالم النبالء (ج‪/٢6‬ص‪.)4٢٠‬‬
‫(‪ )3‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪ ،‬حممد بن حممد بن عبد الرزاق الزبيدي ‪ ،‬ت ‪ :‬جمموعة من احملققني ‪ ،‬دار اهلداية‬
‫‪( -‬ج‪/ 8‬ص‪ )394‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )4‬يراجع يف تعريف العقيدة ‪ :‬الوجيز يف عقيدة السلف الصاحل أهل السنة واجلماعة ‪ ،‬عبد اهلل األثري ‪ ،‬مراجعة وتقدمي‬
‫صاحل آل الشيخ ‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية ‪ ،‬اململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4١١ ،‬هـ ‪( -‬ج‪/ ٢‬ص ‪)٢٢‬‬
‫شرح المية شيخ اإلسالم ابن تيمية – لعمر بن سعود بن فهد العيد (ج‪/4‬ص‪)٢5‬‬
‫‪072‬‬
‫‪ .٢‬العقيـ ــدة‪ :‬هـ ــي احلكـ ــم الـ ــذي ال يقبـ ــل الشـ ــك فيـ ــه لـ ــدى معتقـ ــده‪ ،‬والعقيـ ــدة يف الـ ــدِّين مـ ــا‬
‫يـُ ْقص ُد به االعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الليه وبعث الرسل‪ ،‬واجلمع‪ :‬عقائد‪.‬‬
‫‪ .١‬العقيدة‪ :‬ما عقد ا نإلنسا ُن عليه قلبه جازما به؛ سواء أكان حقا‪ ،‬أم باطال‪.‬‬
‫‪ .3‬العقيـ ــدة‪ :‬هـ ــي األمـ ــور الـ ــيت جيـ ــب أن يُصـ ــدِّق هبـ ــا القلـ ــب‪ ،‬وتطمـ ــئن إنليهـ ــا الـ ــنف ‪ ،‬حـ ــىت‬
‫تكون يقينا ثابتا ال ميازجها ريب‪ ،‬وال خيالطها شك‪.‬‬
‫وبتعبري أدق‪ :‬جيب أن يتميز العلم الذي يسمى عقيدة بأمرين أساسيني‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون مطابقا للواقع‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون يقينا حبيث ال يقبل شكا وال ظنا‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعريف التوحيد ‪:‬‬
‫(‪)١‬‬
‫التوحيد لغة‪:‬‬
‫التوحيد لغة مصدر من باب التفعيل من مادة "وحد"‪.‬‬
‫فالفعـ ــل وحـ ــد كعلنـ ــم وكـ ــرم نحيـ ــد فيهمـ ــا وحـ ــاد ًة ووحـ ــود ًة ووحـ ــوداً ووحـ ــداً ووحـ ــد ًة ن‬
‫وحـ ــد ًة‪:‬‬ ‫ْ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب نقي ُم ْفرداً كتـو َّحد‪.‬‬
‫وأوح ـ ــدت امل ـ ـرأة ول ـ ــدت واح ـ ــدا‪ ،‬ويق ـ ــال‪ :‬أوح ـ ــدت الش ـ ــاة وض ـ ــعت واح ـ ــدا فه ـ ــي موح ـ ــد‬
‫وبابنه ــا ولدت ــه وحي ــدا فري ــدا ال نظ ــري ل ــه‪ ،‬واهلل فالن ــا جعل ــه واح ــدا يف زمان ــه‪ ،‬والش ــيء أف ــرده‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬أوحد الناس فالنا‪ :‬تركوه وحده‪.‬‬
‫ني ن‬
‫ووحـ ــد‬ ‫وو َّحـ ــده تـو نحيـ ــداً‪ :‬جعلـ ــه و ن‬
‫احـ ــداً ويطَّـ ـ نرُد إىل العشـ ــرةن‪ .‬ورجـ ــل وحـ ــد وأحـ ــد حمـ ــركت ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫ومتـو ِّحد‪ُ :‬مْنـف نرد وهي و نحدة‪.‬‬ ‫ووحيد ُ‬

‫(‪ )٢‬الوجيز يف عقيدة السلف الصاحل أهل السنة واجلماعة ‪( -‬ج‪/ ٢‬ص ‪)٢١‬‬
‫(‪ )١‬املعجم الوسيط (ج‪/ ١‬ص ‪ )٢٠٢6‬إبراهيم مصطفى ـ أمحد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ حممد النجار ‪ -‬دار الدعوة‬
‫‪ -‬حتقيق‪ :‬جممع اللغة العربية‪ .‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪( -‬ج‪/ 9‬ص ‪ )١66‬القاموس احمليط ‪( -‬ج‪/ ٢‬ص ‪)4٢4‬‬
‫(‪ )3‬القاموس احمليط ‪( -‬ج‪/ ٢‬ص ‪)4٢4‬‬
‫‪073‬‬
‫وتوحد فالن‪ :‬بقي مفردا‪ ،‬وبرأيه‪ :‬تفرد به‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫واستوحد‪ :‬انفرد‪.‬‬

‫واألح ـ ــد‪ :‬أص ـ ــله وح ـ ــد ويق ـ ــع عل ـ ــى ال ـ ــذكر واألنث ـ ــى‪ ،‬ويك ـ ــون مرادف ـ ــا لواح ـ ــد يف موض ـ ــعني‬
‫مساعا‪:‬‬

‫أح دهما‪ :‬وص ـ ــف اس ـ ــم الب ـ ــاري تع ـ ــاىل فيق ـ ــال ه ـ ــو الواح ـ ــد وه ـ ــو األح ـ ــد الختصاص ـ ــه‬
‫باألحدي ـ ــة ف ـ ــال يش ـ ــاركه فيه ـ ــا غ ـ ــريه‪ ،‬وهل ـ ــذا ال ينع ـ ــت ب ـ ــه غ ـ ــري اهلل تع ـ ــاىل؛ ف ـ ــال يق ـ ــال رج ـ ــل‬
‫أحد‪ ،‬وال درهم أحد وحنو ذلك‪.‬‬

‫الث اني‪ :‬أمس ـ ـ ــاء الع ـ ـ ــدد للغلب ـ ـ ــة وكث ـ ـ ــرة االس ـ ـ ــتعمال؛ فيق ـ ـ ــال‪ :‬أح ـ ـ ــد وعش ـ ـ ــرون‪ ،‬وواح ـ ـ ــد‬
‫(‪)١‬‬
‫وعشرون‪.‬‬

‫وقال الكسائي(‪ :)3‬ما أنت من األحد‪ ،‬أي من الناس‪ ،‬وأنشد‪:‬‬


‫ن (‪)4‬‬
‫إال كعمرو وما عمرو من األحد‬ ‫يطلبُين يف أم نر غانية‬ ‫ولي‬

‫ومم ــا سـ ــبق يتض ــح أن كلمـ ــة التوحيـ ــد يف اللغـ ــة مش ــتقة مـ ــن لفظ ــة "وحـ ــد"‪ ،‬وف ــروع هـ ــذه‬
‫الكلمة تدور يف األساس على معنيني‪:‬‬

‫أ‪ -‬االنفراد‪.‬‬

‫ب‪ -‬انقطاع املثل والنظري‪.‬‬

‫(‪ )٢‬املعجم الوسيط (ج‪/ ١‬ص ‪)٢٠٢6‬‬


‫(‪ )١‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكسائي‪ :‬هو ‪ :‬علي بن محزة بن عبد اهلل األسدي‪ ،‬الكويف‪ ،‬املعروف بالكسائي (أبو احلسن) مقرئ‪ ،‬جمود‪ ،‬لغوي‪،‬‬
‫حنوي‪ ،‬شاعر‪.‬تويف سنة ‪٢8٠‬هـ‪ .‬معجم املؤلفني (ج‪/ ٠‬ص ‪.)84‬‬
‫(‪ )4‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪( -‬ج‪/ 9‬ص ‪.)١٠4‬‬
‫‪074‬‬
‫يق ـ ــول اخللي ـ ــل ب ـ ــن أمح ـ ــد(‪( :)٢‬الوح ـ ـ ـ ْد املنف ـ ــرد رج ـ ــل وح ـ ــد وث ـ ــور وح ـ ـ ُـد وتفس ـ ــري الرج ـ ــل‬
‫الو نح ــد ال ــذي ال يع ــرف ل ــه أص ــل‪ ...‬ووح ــد الش ــيءُ فه ــو نحي ـ ُـد نح ــد ًة وك ــل ش ــيء عل ــى ح ــدة‬
‫بائن من آخر)(‪.)١‬‬

‫ويف معـ ــل االنف ـ ـراد يق ـ ــول ابـ ــن فـ ــارس‪ ( :‬ال ـ ـواو واحلـ ــاء والـ ــدال‪ :‬أص ـ ــل واحـ ــد يـ ــدل عل ـ ــى‬
‫يكن فيهم مثلُه قال‪:‬‬
‫احد قبيلته‪ ،‬إذا مل ْ‬
‫االنفراد‪ .‬من ذلك الو ْحدة وهو و ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يف األن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـام ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ن نظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريُ)‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا واحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ن‬
‫ب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي‬ ‫ُ ْ‬
‫ويف الص ـ ــحاح للج ـ ــوهري‪( :‬و ف ـ ــالن واح ـ ــد ده ـ ــره‪ ،‬أي ال نظ ـ ــري ل ـ ــه‪ .‬و ف ـ ــالن ال واح ـ ــد‬
‫ل ـ ــه‪ .‬وأوح ـ ــده اهلل‪ :‬جعل ـ ــه واح ـ ــد زمان ـ ــه‪ .‬و ف ـ ــالن أوح ـ ــد أه ـ ــل زمان ـ ــه‪ ،‬واجلم ـ ــع أح ـ ــدان‪ ،‬مث ـ ــل‬
‫أسود وأسدان‪ ،‬وأصله وحدان‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬

‫بأحداننـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتولغات املكلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬ ‫ـاكره والش ـ ـ ـ ـ ــم ُ مل يب ـ ـ ـ ـ ـ ُـد قرُهن ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫فب ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬

‫يعـ ــل كالب ـ ــه الـ ــىت ال مثله ـ ــا كـ ــالب‪ ،‬أي ه ـ ــي واحـ ــدة الك ـ ــالب‪ .‬ويقـ ــال‪ :‬لس ـ ــت يف ه ـ ــذا‬
‫األمر بأوحد‪ ،‬وال يقال لألنثى وحداء)(‪.)4‬‬

‫(‪ )٢‬هو ‪ :‬اإلمام فقيه اللغة العربية ‪ ،‬ومنشئ علم العروض ‪ ،‬أبو عبد الرمحن اخلليل بن أمحد الفراهيدي البصري أحد‬
‫األعالم ‪ ،‬وكان رأساً يف لسان العرب‪ ،‬ديناً ورعاً قانعاً متواضعاً كبري الشأن ‪ ،‬يقال إنه دعا اهلل أن يرزقه علماً ال يسبق إليه‬
‫ففتح له بالعروض ‪ ،‬وله كتاب العني يف اللغة ‪ ،‬ولد سنة مائة‪ ،‬ومات سنة مخ وسبعني ومائة‪ .‬انظر‪ :‬سري أعالم النبالء‬
‫للذهيب ‪ ،43٠ - 4١9/٠‬كشف الظنون حلاجي خليفة ‪ ،‬بريوت ‪٢4٠١ ،‬هـ (ج‪/١‬ص‪.)٢44٢‬‬
‫(‪ )١‬كتاب العني ‪ ،‬أيب عبد الرمحن اخلليل بن أمحد الفراهيدي ت ‪ :‬د‪.‬مهدي املخزومي ود‪.‬إبراهيم السامرائي الناشر ‪ :‬دار‬
‫ومكتبة اهلالل (ج‪/ 3‬ص ‪" -)١8٠‬حبذف يسري"‪.‬‬
‫(‪ )3‬معجم مقايي اللغة أليب احلسن أمحد بن فارس بن زكرياء ‪ ،‬ت ‪ :‬السالم هارون ‪ ،‬دار اجليل ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪٢4١٠ ،‬هـ ‪( ،‬ج‪/ 6‬ص‪ )9٠‬والبيت قيل لبشار بن برد ‪ :‬انظر ‪ :‬األغاين أليب الفرج األصفهاين ‪ ،‬ت‪ :‬مسري جابر‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪( ،‬ج‪/ 3‬ص ‪)٢٠١‬‬
‫(‪ )4‬الصحاح للجوهري (ج‪/ 3‬ص‪)٢٢٠‬‬
‫‪075‬‬
‫احد أول عدد احلساب وقد ثـُ ِّين أنشد ابن األعرايب‪:‬‬
‫ويف لسان العرب‪( :‬الو ُ‬

‫ن‬ ‫بنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫فلم ـ ـ ـ ـ ـ ــا التـقين ـ ـ ـ ـ ـ ــا و ن‬


‫ـف إنين لل ُكمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاة ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر ُ‬
‫وب‬ ‫اح ـ ـ ـ ـ ـ ــديْ نن عل ْوتُـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫ْ‬
‫ومجع بالواو والنون قال الكميت فـق ْد رجعوا كحي و ن‬
‫احدينا)(‪.)٢‬‬ ‫ُ‬

‫التوحيد في االصطالح‪:‬‬

‫لقد اختلفت الفرق "اإلسالمية" يف حتديد ماهية التوحيد وتعريفه تعريفا دقيقا مبعل احلد‪،‬‬
‫ورمبا كان منشأ ذلك من اللغة نفسها‪..‬‬

‫فعلماء اللغة وإن كانوا متفقني على أصل االشتقاق لكلمة التوحيد‪ ،‬فإهنم خمتلفون يف‬
‫إطالقاهتا‪ ،‬وزاد بعض متأخريهم وصفا زائداً للواحد الذي هو أصل اشتقاق التوحيد‪ ،‬فزاد الطني‬
‫بلة حني قال يف تعريف الواحد‪ :‬هو الذي ال يتجزأ وال يثل وال يقبل االنقسام وال نظري له وال‬
‫(‪)١‬‬
‫مثل‪.‬‬

‫ن‬
‫يحاد‬
‫قلت‪ :‬ويؤيد القول بأن الواحد منقسم عند أهل اللغة ما ذكره اجلوهري حني قال‪ :‬امل ُ‬
‫اح ند كاملنْعشا نر من العشرة‪.‬‬
‫ن (‪)3‬‬ ‫نمن الو ن‬

‫اح ند كاملنْعشا نر‬


‫اجلوهري فقال‪ :‬املنيحاد نمن الو ن‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫لكن رد عليه الفريوزابادي فقال‪( :‬وزلَّ ْ‬
‫ت قد ُم‬
‫أن املنْعشار عشرة عشرة كما َّ‬
‫أن‬ ‫اال ْشتنقاق فما أق َّل ج ْدواهُ وإ ْن أراد َّ‬
‫من العشرةن نألنه إ ْن أراد ن‬

‫(‪ )٢‬لسان العرب حممد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة األوىل (ج‪/3‬ص‪ )446‬ومل‬
‫أجد الشطر اآلخر للبيت الذي استدل به على مجع الواحد بالواو والنون‪.‬‬
‫(‪ )١‬النهاية يف غريب احلديث واألثر أبو السعادات املبارك بن حممد اجلزري ‪ ،‬ت ‪ :‬طاهر أمحد الزاوى ‪ -‬حممود حممد‬
‫الطناحي‪ :‬املكتبة العلمية ‪ -‬بريوت ‪٢399 ،‬هـ ‪٢9٠9 -‬م (ج‪/5‬ص‪ )345‬ولسان العرب ‪( -‬ج‪/ 3‬ص ‪.)446‬‬
‫(‪ )3‬الصحاح للجوهري (ج‪/ 3‬ص‪.)٢٢٠‬‬
‫‪076‬‬
‫احد نمن‬ ‫يقال يف املن ن‬
‫يحاد و ن‬ ‫املنيحاد فـرد فـرد فـغلط أل َّن املنعشار والع ْشر و ن‬
‫احد من العشرةن وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫(‪)٢‬‬ ‫الو ن‬
‫احد)‪.‬‬

‫لكن يرد على الفريوزابادي أن عامة أهل اللغة يطلقون امليحاد على أنه جزء كاملعشار‬
‫(‪)١‬‬
‫هكذا يعربون بكاف التشبيه والتسوية بينهما‪.‬‬
‫ورمبا كان سبب ذكر بعض أهل اللغة تعريف الواحد بأنه ال يقبل االنقسام تأثر بعضهم‬
‫(‪)3‬‬
‫بعلم الكالم؛ فأدخل يف اللغة ما لي منها‪..‬‬

‫وهلذا السبب ال جتد هذا التعريف يف كتب تفسري القرآن الكرمي أو شروح السنة النبوية‬
‫الشريفة؛ ومل أجد له ذكرا عند علماء اللغة املتقدمني كاخلليل بن أمحد‪ ،‬واألزهري‪ ،‬وابن دريد‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وغريهم‪..‬‬

‫وقد يعرتض على هذا التعريف بأن الواحد يقبل االنقسام كما هو معروف مما يدل على‬
‫بطالن هذا املعل‪.‬‬

‫معناه االنقسام املعروف مبعل التفرقة إىل‬ ‫لكن الصحيح أن االنقسام يف عرفهم لي‬
‫أبعاض‪.‬‬

‫(‪ )٢‬القاموس احمليط (ج‪/ ٢‬ص ‪.)4٢4‬‬


‫(‪ )١‬راجع على سبيل املثال ‪ :‬احملكم واحمليط األعظم ‪( -‬ج‪/ ١‬ص ‪ )8٠‬وهتذيب اللغة ‪ ،‬أبو منصور حممد بن أمحد‬
‫األزهري ‪ ،‬ت ‪ :‬حممد عوض مرعب ‪ ،‬دار إحياء الرتاث ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪( ،‬ج‪/ 5‬ص‪ )٢١5‬وأوضح فيه األزهري‬
‫اد كاملنْعشا نر ‪ ،‬وهو ُج ْزء واحد كما أن املنْعشار ُع ْشر )وبنف العبارة عرب اخلليل يف كتاب العني‬ ‫ن‬
‫العبارة حيث قال ‪ ( :‬وامليح ُ‬
‫‪( -‬ج‪/ 3‬ص ‪ )١8١‬وكذا ابن منظور يف لسان العرب ‪( -‬ج‪/ 3‬ص ‪.)446‬‬
‫(‪ )3‬الفتاوى الكربى ‪ -‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين أبو العباس ‪ :‬ت ‪ :‬حسنني حممد خملوف ‪ ،‬دار املعرفة ‪،‬‬
‫بريوت ‪ ،‬الطبعة األوىل (ج‪/ 6‬ص‪ )548‬وبغية املرتاد يف الرد على املتفلسفة والقرامطة والباطنية ‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم بن‬
‫تيمية احلراين ت ‪ :‬د‪ .‬موسى سليمان الدويش ‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم الطبعة األوىل ‪( ٢4٢5 ،‬ج‪/ ١‬ص‪.)89‬‬
‫(‪ )4‬راجع ‪ :‬هتذيب اللغة (ج‪/ 5‬ص ‪.)٢١5‬‬
‫‪077‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم‪ " :‬لكن كثريا ممن يفسر الواحد بعدم التجزي يريد بذلك ما يعرفه‬
‫الناس من معل التجزي وهو انفصال جزء عن اآلخر كما يعنون بلفظ املنقسم انفصال قسم‬
‫مبنقسم وال متجزئ‬ ‫هذا فقط هو املعل الذي يريده نفاة اجلسم بقوهلم لي‬ ‫من قسم ولي‬
‫(‪)٢‬‬
‫فإن هذا املعل ال يشرتطون فيه وجود االنفصال وال إمكان وجوده‪."..‬‬

‫وبعيدا عن الغوص يف تلك اخلالفات الكالمية الفلسفية سوف أبني هنا تعريف التوحيد‬
‫عند أهل السنة واجلماعة ‪ ،‬وذلك لسببني ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أهنم أكثر فرق األمة متسكا بالكتاب والسنة وبعدا عن البدع واحملدثات‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬واحد من أهل السنة واجلماعة والدراسة خاصة وليست عامة‬

‫التوحيد عند أهل السنة والجماعة‪:‬‬

‫لقد عرف علماء أهل السنة التوحيد تعريفات كثرية يف تعددها‪ ،‬متباينة يف ألفاظها‬
‫وحروفها ولكن مصبها مجيعا ومعناها واحد‪..‬‬

‫فقد عرفه حرب األمة وترمجان القرآن عبد اهلل بن عباس ‪-‬رضي اهلل تعاىل عنهما‪ -‬فقال‪:‬‬
‫(‪)١‬‬
‫"كل عبادة يف القرآن فهو التوحيد"‪.‬‬

‫فالدين عند ابن عباس رضي اهلل تعاىل عنهما هو التوحيد‪ ،‬وناهيك بابن عباس من‬
‫صحايب جليل مكانته يف العلم وفهم كتاب اهلل تعاىل معروفة حمفوظة ال ينكرها إال جاهل أو‬
‫مكابر أو غاش لنفسه وأمته‪.‬‬

‫(‪ )٢‬بيان تلبي اجلهمية يف تأسي بدعهم الكالمية ‪ ،‬أمحد عبد احلليم بن تيمية احلراين ‪ ،‬ت ‪ :‬حممد عبد الرمحن بن‬
‫قاسم ‪ ،‬مطبعة احلكومة ‪ ،‬مكة املكرمة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢39١ ،‬هـ ‪( ،‬ج‪/ ٢‬ص‪.)4٠٢‬‬
‫(‪ )١‬اللباب يف علوم الكتاب ‪( -‬ج‪/٢9‬ص ‪ )١٠١‬واجلامع ألحكام القرآن ‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن أيب بكر القرطيب ‪،‬‬
‫ت ‪ :‬أمحد الربودين ‪ ،‬وإبراهيم أطيفش ‪ ،‬دار الكتب املصرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪٢384 ،‬هـ ‪٢964 -‬م (ج‪٢8‬‬
‫‪/‬ص ‪.)٢93‬‬
‫‪078‬‬
‫وكذلك قول جابر بن عبد اهلل ‪ -‬رضي اهلل تعاىل عنهما ‪ -‬حيث قال يف حديثه يف احلج‪:‬‬
‫" فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك ال شريك لك لبيك إن احلمد والنعمة لك وامللك ال‬
‫(‪)٢‬‬
‫شريك لك "‪.‬‬

‫ففهم جابر أن إفراد اهلل تعاىل بالعبادة واحلمد والنعمة وامللك هو التوحيد‪.‬‬

‫(‪)١‬‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري قول اهلل تعاىل‪" :‬إهلا واحدا" قال‪( :‬أي‬ ‫ويقول اإلمام الطربي‬
‫َنلص له العبادة‪ ،‬ونوحد له الربوبية‪ ،‬فال نشرك به شيئاً‪ ،‬وال نتخذ دونه رباً ويعين بقوله‪" :‬وحنن‬
‫له مسلمون" وحنن له خاضعون بالعبودية والطاعة‪.)3().‬‬

‫وعرف شيخ اإلسالم ابن تيمية التوحيد بألفاو عديدة فقال مرة‪ :‬هو (عبادة اهلل وحده ال‬
‫(‪)4‬‬
‫شريك له)‪.‬‬

‫وعرفه يف موضع آخر فقال‪ ( :‬وأما التوحيد الذي ذكره اهلل يف كتابه وأنزل به كتبه وبعث به‬
‫رسله واتفق عليه املسلمون من كل ملة فهو كما قال األئمة شهادة أن ال إله إال اهلل وهو عبادة‬
‫ﭽ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬ ‫اهلل وحده ال شريك له كما بني ذلك بقوله‪:‬‬
‫ﰇ ﭼ ]البقرة‪ .[٢63 :‬فأخرب أن اإلله إله واحد ال جيوز أن يتخذ إله غريه فال يعبد إال إياه كما‬

‫(‪ )٢‬صحيح مسلم كتاب احلج باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬حديث رقم ‪( -3٠٠9‬ج‪/ 4‬ص ‪.)39‬‬
‫(‪ )١‬حممد بن جرير بن يزيد الطربي‪ ،‬أبو جعفر‪ ،‬املؤرخ املفسر اإلمام‪ ،‬ولد يف آمل طربستان‪ ،‬واستوطن بغداد‪ ،‬وتويف هبا‬
‫سنة ‪ 3٢٠‬للهجرة‪ ،‬من كتبه "أخبار الرسل وامللوك"‪،‬و تفسريه "جامع البيان"‪ .‬انظر‪ :‬شذرات الذهب البن العماد احلنبلي‬
‫‪،١6٠/١‬املؤلف‪ :‬عبد احلي بن أمحد بن حممد ابن العماد العكري احلنبلي‪ ،‬أبو الفالح (املتوىف‪٢٠89 :‬هـ) حققه‪ :‬حممود‬
‫األرناؤوط خرج أحاديثه‪ :‬عبد القادر األرناؤوط الناشر‪ :‬دار ابن كثري‪ ،‬دمشق – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4٠6 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪٢986‬م األعالم (ج‪.).69/6‬‬
‫(‪ )3‬تفسري الطربي ‪( -‬ج‪/ 3‬ص ‪.)99‬‬
‫(‪ )4‬النبوات ‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين ‪ ،‬ت ‪ :‬عبد العزيز بن صاحل الطويان ‪ ،‬أضواء السلف ‪ ،‬الرياض ‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪٢4١٠ ،‬هـ ‪١٠٠٠-‬م ‪( ،‬ج‪/ ٢٢‬ص ‪ )٢4‬والرسالة التدمرية ‪ ،‬ألمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين ‪،‬‬
‫املطبعة السلفية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪٢39٠ ،‬هـ ‪٢9٠٠-‬م (ج‪/ ١‬ص‪.)٢٢٠‬‬
‫‪079‬‬
‫ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﭼ‬ ‫قال يف السورة األخرى‪:‬‬
‫] النحل‪ [5٢ :‬وكما قال‪ :‬ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ ]اإلسراء‪ .[١١ :‬إىل‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫]إلسراء‪. [39 :‬‬

‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫وكما قال‬


‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫(‪)٢‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭼ ] الفرقان‪[68 :‬‬ ‫ﮕ ﮖ ﭼ ]الزمر‪ [ 3 – ٢ :‬وكما قال تعاىل‪:‬‬

‫ويعرف اإلمام ابن القيم(‪-)١‬رمحه اهلل‪ -‬التوحيد بقوله‪ " :‬توحيد الرسل إثبات صفات‬
‫الكمال هلل على وجه التفصيل وعبادته وحده ال شريك له فال جيعل له ندا يف قصد وال حب‬
‫وال خوف وال رجاء وال حلف وال نذر بل يرفع العبد األنداد له من قلبه وقصده ولسانه‬
‫األمر ال وجود هلا البتة فال جيعل هلا وجودا يف قلبه‬ ‫وعبادته كما أهنا معدومة يف نف‬
‫(‪)3‬‬
‫ولسانه"‪.‬‬

‫ومما سبق َنلص إىل أنه ومن خالل التعاريف السابقة ألئمة أهل السنة واجلماعة‪ ،‬ميكن‬
‫تلخيص وصياغة تعريف التوحيد عندهم بأنه‪ :‬شهادة أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له يف‬
‫العبادة أو الربوبية أو األمساء والصفات‪ .‬واهلل تعاىل أعلم وأحكم‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الفتاوى الكربى ‪( -‬ج‪/ 6‬ص ‪.)564‬‬


‫(‪ )١‬هو ‪ :‬حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد املعروف بابن قيم اجلوزي مش الدين‪ ،‬أبو عبد اهلل ولد سنة ‪ 69٢‬هـ ‪،‬‬
‫فقيه‪ ،‬أصويل‪ ،‬جمتهد مفسر‪ ،‬حنوي حمدث مشارك يف غري ذلك‪ ،‬ولد بدمشق ونشأ هبا‪ ،‬والزم ابن تيمية وسجن معه يف‬
‫قلعة دمشق ‪ ،‬وتويف يف ‪ ٢3‬رجب سنة (‪ )٠5٢‬له تصانيف كثرية منها ‪ :‬روضة احملبني ونزهة املشتاقني‪ ،‬وزاد املعاد يف‬
‫هدي خري العباد‪ ،‬وهتذيب سنن أيب داود‪.‬انظر ترمجته يف ‪ :‬مقدمة زاد املعاد يف هدى خري العباد (ص ‪)3‬‬
‫(‪ )3‬الروح يف الكالم على أرواح األموات وا ألحياء بالدالئل من الكتاب والسنة ‪ ،‬البن قيم اجلوزي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بريوت ‪٢395 ،‬هـ ‪٢9٠5 -‬م ‪( ،‬ج‪/ ٢‬ص‪.)١6٢‬‬
‫‪081‬‬
‫أهمية العقيدة عند الشيخ ‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬

‫مل يك ـ ـ ــن الش ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ -‬إال عامل ـ ـ ــا س ـ ـ ــائرا عل ـ ـ ــى هن ـ ـ ــج الس ـ ـ ــلف الص ـ ـ ــاحل‬
‫مهتما بالعقيدة ؛ داعيا إىل االعتناء هبا ‪.‬‬

‫يق ـ ــول ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ " :-‬وثقاف ـ ــة املس ـ ــلمني ال ـ ــذين يؤلف ـ ــون األم ـ ــة ال ـ ــيت ننتم ـ ــي إليه ـ ــا ه ـ ــو‬
‫تعل ـ ــيم ال ـ ــدين تعليم ـ ــا علمي ـ ــا عق ـ ــديا أخالقي ـ ــا ج ـ ــديا م ـ ــن روض ـ ــة األطف ـ ــال إىل آخ ـ ــر س ـ ــنة يف‬
‫اجلامعة‪.‬‬

‫وك ـ ــل ثقاف ـ ــة خت ـ ــل هب ـ ــذا ال ـ ــركن األساس ـ ــي أو تق ـ ــرره تقري ـ ـرا لفظي ـ ــا فارغ ـ ــا م ـ ــن معن ـ ــاه وم ـ ــن‬
‫(‪)٢‬‬
‫العقيدة والعمل واخللق واملعلمني األكفاء فنتيجتها صفر على اليسار"‪.‬‬

‫وهكـ ـ ـ ــذا يقـ ـ ـ ــرر الشـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬يف عامـ ـ ـ ــة كتبـ ـ ـ ــه أمهيـ ـ ـ ــة العقيـ ـ ـ ــدة يف بعـ ـ ـ ــث األمـ ـ ـ ــة‬
‫اإلسالمية والنهوض هبا من وحل التخلف والغثائية إىل قمة الرقي واالزدهار ‪..‬‬

‫وهل ـ ــذا خص ـ ــص أه ـ ــم كتب ـ ــه وه ـ ــو "س ـ ــبيل الرش ـ ــاد " لرتس ـ ــيخ العقي ـ ــدة الص ـ ــافية الس ـ ــليمة‬
‫مـ ــن الش ـ ـوائب الشـ ــركية والبدعيـ ــة يف نفـ ــوس املسـ ــلمني ؛ كمـ ــا يالحـ ــظ يف بقيـ ــة كتبـ ــه األخـ ــرى‬
‫ومقاالتـ ــه أهن ــا كان ــت تـ ــدور يف معظمهـ ــا حـ ــول ه ــذا األسـ ــاس وال ــركن املت ــني الـ ــذي ه ــو إقام ــة‬
‫التوحيد السليم ‪..‬‬

‫وس ـ ــوف أرك ـ ــز هن ـ ــا عل ـ ــى منهج ـ ــه يف تص ـ ــحيح العقي ـ ــدة وحتقي ـ ــق التوحي ـ ــد ؛ وذل ـ ــك م ـ ــن‬
‫خالل النقاط التالية ‪:‬‬

‫منهج الشيخ الهاللي ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في االستدالل على مسائل العقيدة ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬الثقافة اليت حنتاج إليها ص‪8‬‬


‫‪080‬‬
‫أوال‪ :‬مصادر االستدالل عند الشيخ ‪-‬رحمه اهلل‪:-‬‬

‫إن املتتب ـ ـ ــع لكتـ ـ ـ ــب الشـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬ومقاالتـ ـ ـ ــه جيـ ـ ـ ــد أنـ ـ ـ ــه ال خيـ ـ ـ ــرج عـ ـ ـ ــن مصـ ـ ـ ــادر‬
‫االسـ ــتدالل عنـ ــد أه ــل الس ــنة واجلماع ــة ؛ فهـ ــو يسـ ــتدل ت ــارة بالكت ــاب الك ــرمي وت ــارة بالسـ ــنة‪،‬‬
‫وأحيان ـ ــا بغريمه ـ ــا م ـ ــن مص ـ ــادر االس ـ ــتدالل ؛ وس ـ ــوف أع ـ ــرض أله ـ ــم رك ـ ــائز االس ـ ــتدالل عن ـ ــد‬
‫الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪.-‬‬

‫‪ – 0‬استدالله بالقرآن الكريم على مسائل العقيدة والتوحيد‪:‬‬

‫كث ـ ـريا مـ ــا يسـ ــتدل الشـ ــيخ ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬علـ ــى املسـ ــائل العقديـ ــة بـ ــالقرآن الكـ ــرمي حيـ ــث‬
‫إن ـ ــه ه ـ ــو أول مص ـ ــدر م ـ ــن مص ـ ــادر التش ـ ـ ـريع اإلس ـ ــالمي ؛ ف ـ ــال عج ـ ــب إن أكث ـ ــر الش ـ ــيخ ‪-‬‬
‫رمحه اهلل‪ -‬من االستدالل به عندما يريد تقرير عقيدة السلف الصاحل ‪.‬‬

‫يقـ ــول ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪" ( : -‬وهـ ــو ال ـ ــذي إليـ ــه حتش ـ ــرون" أي تبعثـ ــون إلي ـ ــه وحـ ــده فيج ـ ــازيكم‬
‫علـ ـ ــى أعمـ ـ ــالكم ‪ ،‬وهـ ـ ــو الـ ـ ــذي خلـ ـ ــق السـ ـ ــماوات واألرض بـ ـ ــاحلق " أي باحلكمـ ـ ــة واإلتقـ ـ ــان‬
‫يف غايـ ــة الكمـ ــال ‪" ،‬ويـ ــوم يقـ ــول كـ ــن فيكـ ــون" ويـ ــوم القيامـ ــة يقـ ــول اهلل سـ ــبحانه لكـ ــل شـ ــيء‬
‫يري ـ ــد أن يك ـ ــون م ـ ــن البع ـ ــث واحلش ـ ــر وم ـ ــا يك ـ ــون فيهم ـ ــا ك ـ ــن فيك ـ ــون م ـ ــا أراده اهلل‪" ،‬قول ـ ــه‬
‫احل ـ ــق" ف ـ ــال يتخل ـ ــف ع ـ ــن أم ـ ــره ش ـ ــيء وال يس ـ ــبقه ش ـ ــيء؛ ب ـ ــل ك ـ ــل ش ـ ــيء خاض ـ ــع ل ـ ــه؛ ألن‬
‫امللـ ــك كلـ ــه لـ ــه ‪ ،‬ولـ ــي لغـ ــريه منـ ــه شـ ــيء ال حقيقـ ــة وال جمـ ــازا؛ "يـ ــوم يـ ــنفخ يف الصـ ــور" وهـ ــو‬
‫الق ـ ــرن ي ـ ــنفخ في ـ ــه املل ـ ــك فيف ـ ــزع أه ـ ــل الس ـ ــماوات واألرض إال م ـ ــن ش ـ ــاء اهلل ‪ ،‬مث ي ـ ــنفخ في ـ ــه‬
‫نفخـ ـ ــة أخـ ـ ــرى فيصـ ـ ــعق مـ ـ ــن يف السـ ـ ــماوات ومـ ـ ــن يف األرض إال مـ ـ ــن شـ ـ ــاء اهلل وميـ ـ ــوت كـ ـ ــل‬
‫ش ـ ــيء وال يبقـ ـ ـى إال اهلل كم ـ ــا ق ـ ــال تع ـ ــاىل يف س ـ ــورة القص ـ ــص "ك ـ ــل ش ـ ــيء هال ـ ــك إال وجه ـ ــه‬

‫‪082‬‬
‫ل ــه احلك ــم وإلي ــه ترجع ــون" وق ــال تع ــاىل يف س ــورة ال ــرمحن‪" :‬ك ــل م ــن عليه ــا ف ــان ويبق ــى وج ــه‬
‫ربك ذو ‪.)٢() "..‬‬

‫فق ـ ــد اس ـ ــتدل الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬عل ـ ــى أم ـ ــور عقدي ـ ــة يف ه ـ ــذا ال ـ ــنص ب ـ ــالقرآن الك ـ ــرمي؛‬
‫ومن أمهها ‪:‬‬

‫أ – البعث ‪.‬‬

‫ب – احلشر ‪.‬‬

‫ج –النفخ يف الصور‪.‬‬

‫وأمـ ــا قولـ ــه ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬يف قولـ ــه تعـ ــاىل "ويـ ــوم يقـ ــول كـ ــن فيكـ ــون" فللمفس ـ ـرين يف الـ ــذي‬
‫يقول له كن فيكون أقوال هي ‪:‬‬

‫أنه يوم القيامة‪..‬‬ ‫‪-‬‬


‫أنه ما يكون يف القيامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أنه الصور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫قال ابن اجلوزي ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬وما ذكر من أمر الصور يدل عليه )(‪.)١‬‬

‫قلـ ـ ــت ‪ :‬وال مـ ـ ــانع – مـ ـ ــن حيـ ـ ــث اللغـ ـ ــة – مـ ـ ــن عمـ ـ ــوم تلـ ـ ــك األق ـ ـ ـوال كلهـ ـ ــا إذ اللفـ ـ ــظ‬
‫يشملها مجيعا ‪.‬‬

‫وم ـ ــن اس ـ ــتدالله ب ـ ــالقرآن الك ـ ــرمي عل ـ ــى املس ـ ــائل العقدي ـ ــة املهم ـ ــة قول ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪.. ( :-‬‬
‫وختم ـ ــت اآلي ـ ــة بق ـ ــول ه ـ ــارون ‪":‬إمن ـ ــا إهلك ـ ــم اهلل ال ـ ــذي ال إل ـ ــه إال ه ـ ــو"ف ـ ــال خ ـ ــري يف إل ـ ــه ال‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪5٠-49‬‬


‫(‪ )١‬زاد املسري يف علم التفسري (‪)44 /١‬‬
‫‪083‬‬
‫يـ ـ ـ ــتكلم وال يعلـ ـ ـ ــم ‪ ،‬واملعتزلـ ـ ـ ــة واملتـ ـ ـ ــأخرون مـ ـ ـ ــن األشـ ـ ـ ــعرية ينفـ ـ ـ ــون الكـ ـ ـ ــالم عـ ـ ـ ــن اهلل تعـ ـ ـ ــاىل‬
‫وخط ـ ـ ــؤهم يف ذل ـ ـ ــك واض ـ ـ ــح‪ ،‬وق ـ ـ ــد اتفق ـ ـ ــت الفرقت ـ ـ ــان عل ـ ـ ــى أن الق ـ ـ ــرآن ل ـ ـ ــي ك ـ ـ ــالم اهلل؛ مث‬
‫تفرقت ـ ــا يف تأويـ ـ ــل ذل ـ ــك‪ ،‬فقالـ ـ ــت املعتزل ـ ــة‪ :‬القـ ـ ــرآن ح ـ ــروف وأص ـ ـ ـوات خلقه ـ ــا اهلل يف اهل ـ ـ ـواء‪،‬‬
‫وقالـ ــت األشـ ــعرية‪ :‬القـ ــرآن حـ ــروف وأص ـ ـوات تصـ ــدر مـ ــن النـ ــاس‪ ،‬وتـ ــدل علـ ــى معـ ــل الكـ ــالم‬
‫النفسـ ـ ــي الـ ـ ــذي لـ ـ ــي فيـ ـ ــه حـ ـ ــرف وال صـ ـ ــوت‪ ،‬وهـ ـ ــذا الكـ ـ ــالم النفسـ ـ ــي شـ ـ ــيء اخرتعـ ـ ــوه ال‬
‫وجـ ــود لـ ــه يف احلقيقـ ــة‪ ،‬وقـ ــد شـ ــبهوا كـ ــالم اهلل حبـ ــديث الـ ــنف الـ ــذي خيطـ ــر يف بـ ــال اإلنسـ ــان‬
‫وي ـ ـ ــدون يف خل ـ ـ ــده قب ـ ـ ــل أن ي ـ ـ ــتكلم ب ـ ـ ــه‪ ،‬وه ـ ـ ــذا ال يس ـ ـ ــمى كالم ـ ـ ــا إال بقرين ـ ـ ــة‪ ،‬ك ـ ـ ــأن يق ـ ـ ــول‬
‫الرجل‪ :‬قلت يف نفسي ‪.‬‬

‫والق ـ ـ ــرآن واحل ـ ـ ــديث ص ـ ـ ــرحيان يف نف ـ ـ ـي ه ـ ـ ــذا الباط ـ ـ ــل ‪ ،‬وأم ـ ـ ــا الق ـ ـ ــرآن ‪ :‬فقول ـ ـ ــه تع ـ ـ ــاىل يف‬
‫ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﭼ‬ ‫س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة التوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫[ التوب ــة‪ ]6 :‬فك ــالم اهلل هنـ ــا ه ــو الق ــرآن ‪ ،‬وإمنـ ــا يس ــمعه ذل ــك املس ــتأمن م ــن لس ــان رسـ ــول اهلل‬
‫‪ --‬وأمـ ــا احلـ ــديث ‪ ،‬فقـ ــول النـ ــيب ‪" : --‬مـ ــا مـ ــنكم مـ ــن أحـ ــد إال وسـ ــيكلمه ربـ ــه يـ ــوم‬
‫(‪)١‬‬
‫القيامة لي بينه وبينه ترمجان"(‪ ،)٢‬فبطل ما زعموه وهلل احلمد )‪.‬‬

‫ويف هـ ــذا الـ ــنص أيضـ ــا يسـ ــتدل الشـ ــيخ ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬علـ ــى مسـ ــألة عقديـ ــة مهمـ ــة سـ ــببت‬
‫خالفا عريضا وتفرقة بني فرق األمة أال وهي مسألة هل القرآن الكرمي خملوق أم ال ؟‬

‫وق ـ ــد اختلف ـ ــت الف ـ ــرق يف ه ـ ــذه املس ـ ــألة ؛ وس ـ ــوف أع ـ ــرض هن ـ ــا م ـ ــذاهب الف ـ ــرق ال ـ ــثالث‬
‫اليت ذكر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف مسألة الكالم ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب الرقاق باب من نوقش احلساب عذب حديث رقم ‪ )٢٢١ /8( 6539‬صحيح مسلم‬
‫كتاب الكسوف باب احلث على الصدقة ولو بشق مترة ‪)٠٠4 /١( ٢٠٢6‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪5١/١‬‬
‫‪084‬‬
‫األولى ‪ :‬المعتزلة ‪:‬‬

‫اختلفـ ـ ــت املعتزل ـ ـ ــة يف ك ـ ـ ــالم اهلل سـ ـ ــبحانه ه ـ ـ ــل ه ـ ـ ــو جس ـ ـ ــم أم لـ ـ ــي جبس ـ ـ ــم وه ـ ـ ــل ه ـ ـ ــو‬
‫خملوق على ستة أقوال‪:‬‬

‫‪ -٢‬أنه جسم وأنه خملوق وأنه ال شيء إال جسم‪.‬‬


‫‪ -١‬أن ـ ـ ــه جس ـ ـ ـ ـم وأن ذل ـ ـ ــك اجلس ـ ـ ــم ص ـ ـ ــوت مقط ـ ـ ــع مؤل ـ ـ ــف مس ـ ـ ــموع وه ـ ـ ــو فع ـ ـ ــل اهلل‬
‫وخلقه وإمنا يفعل اإلنسان القراءة والقراءة حركة وهي غري القرآن ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ـ ــه خمل ـ ــوق هلل وه ـ ــو ع ـ ــرض وأب ـ ـوا أن يك ـ ــون جس ـ ــماً وزعمـ ـ ـوا أن ـ ــه يوج ـ ــد يف أم ـ ــاكن‬
‫كث ــرية يف وق ــت واح ــد‪ :‬إذا ت ــاله ت ــال فه ــو يوج ــد م ــع تالوتـ ــه وك ــذلك إذا كتب ــه كات ــب وجـ ــد‬
‫م ـ ـع كتابت ـ ــه وك ـ ــذلك إذا حفظ ـ ــه ح ـ ــافظ وج ـ ــد م ـ ــع حفظ ـ ــه فه ـ ــو يوج ـ ــد يف األم ـ ــاكن ب ـ ــالتالوة‬
‫واحلفظ والكتابة وال جيوز عليه االنتقال والزوال‪.‬‬
‫‪ -4‬أنـ ـ ــه عـ ـ ــرض وأنـ ـ ــه خملـ ـ ــوق إال أهنـ ـ ــم أحـ ـ ــالوا أن يوجـ ـ ــد يف مكـ ـ ــانني يف وقـ ـ ــت واحـ ـ ــد‬
‫وزعموا أن املكان الذي خلقه اهلل فيه حمال انتقاله وزواله منه ووجوده يف غريه‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ـ ــه ع ـ ــرض واألعـ ـ ـراض عن ـ ــدهم قس ـ ــمان‪ :‬قس ـ ــم منه ـ ــا يفعل ـ ــه األحي ـ ــاء وقس ـ ــم منه ـ ــا‬
‫يفعل ـ ــه األمـ ـ ـوات حم ـ ــال أن يك ـ ــون م ـ ــا يفعل ـ ــه األمـ ـ ـوات فعـ ـ ـالً لألحي ـ ــاء والق ـ ــرآن مفع ـ ــول وه ـ ــو‬
‫ع ـ ــرض وحم ـ ــال أن يك ـ ــون اهلل فعل ـ ــه يف احلقيق ـ ــة ألهن ـ ــم حييل ـ ــون أن تك ـ ــون األع ـ ـ ـراض فع ـ ـ ـالً هلل‬
‫وزعم ـ ـ ـوا أن الق ـ ــرآن فع ـ ــل للمك ـ ــان ال ـ ــذي يس ـ ـ ـمع من ـ ــه إن مس ـ ــع م ـ ــن ش ـ ــجرة فهـ ـ ــو فع ـ ــل هل ـ ــا‬
‫وحيثما مسع فهو فعل للمحل الذي حل فيه‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ -6‬أنه عرض خملوق ‪ ،‬وأنه يوجد يف أماكن كثرية يف وقت واحد‪.‬‬

‫(‪ )٢‬مقاالت اإلسالميني واختالف املصلني (‪)٢54-٢53 /٢‬‬


‫‪085‬‬
‫الثانية ‪ :‬األشعرية ‪:‬‬

‫قب ـ ــل بي ـ ــان م ـ ــذهب األش ـ ــعرية يف خل ـ ــق الق ـ ــرآن جي ـ ــدر التنبي ـ ــه إىل أن اإلم ـ ــام أب ـ ــا احلس ـ ــن‬
‫األشعري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بريء من مذهبهم ؛ وقد رجع عن تلك األقوال كلها ‪..‬‬

‫يق ـ ــول ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬بع ـ ــد أن ذك ـ ــر م ـ ــذهب أه ـ ــل احل ـ ــق أه ـ ــل الس ـ ــنة واجلماع ـ ــة يف كث ـ ــري‬
‫م ـ ــن املس ـ ــائل العقدي ـ ــة‪ " :‬وبك ـ ــل م ـ ــا ذكرن ـ ــا م ـ ــن ق ـ ــوهلم نق ـ ــول وإلي ـ ــه ن ـ ــذهب وم ـ ــا توفيقن ـ ــا إال‬
‫(‪)٢‬‬
‫باهلل وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعني وعليه نتوكل وإليه املصري"‪.‬‬

‫وأم ـ ـ ــا األشـ ـ ـ ــعرية الـ ـ ـ ــذين تلق ـ ـ ـ ـوا مـ ـ ـ ــذهب األشـ ـ ـ ــعري األول مث زادوه ابت ـ ـ ــداعا وبعـ ـ ـ ــدا عـ ـ ـ ــن‬
‫الس ـ ــنة وأهله ـ ــا ف ـ ــإهنم ق ـ ــالوا إن الق ـ ــرآن الك ـ ــرمي ك ـ ــالم اهلل تع ـ ــاىل الق ـ ــدمي ه ـ ــو الك ـ ــالم النفس ـ ــي‬
‫وهـ ــو معـ ــل واحـ ــد قـ ــائم بذاتـ ــه‪ ،‬غـ ــري خملـ ــوق وهـ ــو صـ ــفة مـ ــن صـ ــفاته‪ ،‬غـ ــري بـ ــائن عنـ ــه لـ ــي‬
‫حب ـ ـ ــرف وال ص ـ ـ ــوت وهل ـ ـ ــم ش ـ ـ ــروح وتفريع ـ ـ ــات عل ـ ـ ــى ه ـ ـ ــذا التعري ـ ـ ــف ال ـ ـ ــذي جعل ـ ـ ــوه أساس ـ ـ ــا‬
‫لفهمهـ ـ ــم ملسـ ـ ــألة كـ ـ ــالم اهلل تعـ ـ ــاىل ‪ ،‬وكلهـ ـ ــا تـ ـ ــدور علـ ـ ــى مسـ ـ ــألة الكـ ـ ــالم النفسـ ـ ــي أو املعـ ـ ــل‬
‫(‪)١‬‬
‫القائم بالنف ‪.‬‬

‫والخالص ة أن املعتزل ـ ــة موافق ـ ــة األش ـ ــعرية‪ ،‬واألش ـ ــعرية موافق ـ ــة املعتزل ـ ــة يف أن ه ـ ــذا الق ـ ــرآن‬
‫الـ ـ ــذي بـ ـ ــني دفـ ـ ــيت املصـ ـ ــحف خملـ ـ ــوق حمـ ـ ــدث وإمنـ ـ ــا اخلـ ـ ــالف بـ ـ ــني الطـ ـ ــائفتني أن املعتزلـ ـ ــة مل‬
‫تثب ـ ــت هلل كالم ـ ــا س ـ ــوى ه ـ ــذا‪ ،‬واألش ـ ــعرية أثبت ـ ــت الك ـ ــالم النفس ـ ــي الق ـ ــائم بذات ـ ــه تع ـ ــاىل‪ ،‬وأن‬
‫املعتزل ـ ــة يقول ـ ــون‪ :‬إن املخل ـ ــوق ك ـ ــالم اهلل‪ ،‬واألش ـ ــعرية ال يقول ـ ــون أن ـ ــه ك ـ ــالم اهلل‪ ،‬نع ـ ــم يس ـ ــمونه‬
‫ك ـ ــالم اهلل جم ـ ــازا ه ـ ــذا ق ـ ــول مجه ـ ــور متق ـ ــدميهم‪ ،‬وقال ـ ــت طائف ـ ــة م ـ ــن مت ـ ــأخريهم‪ :‬لف ـ ــظ ك ـ ــالم‬

‫(‪ )٢‬مقاالت اإلسالميني واختالف املصلني (‪)١١9 /٢‬‬


‫(‪ )١‬حقيقة البدعة وأحكامها (‪)١١١ /٢‬‬
‫‪086‬‬
‫يقـ ـ ـ ــال علـ ـ ـ ــى هـ ـ ـ ــذا املنـ ـ ـ ــزل الـ ـ ـ ــذي نقـ ـ ـ ــرؤه ونكتبـ ـ ـ ــه يف مصـ ـ ـ ــاحفنا‪ ،‬وعلـ ـ ـ ــى الكـ ـ ـ ــالم النفسـ ـ ـ ــي‬
‫(‪)٢‬‬
‫باالشرتاك اللفظي‪.‬‬

‫ق ـ ــال ش ـ ــيخ اإلس ـ ــالم اب ـ ــن تيمي ـ ــة‪ " :‬لك ـ ــن ه ـ ــذا ي ـ ــنقض أص ـ ــلهم يف إبط ـ ــال قي ـ ــام الك ـ ــالم‬
‫بغ ــري امل ــتكلم بـ ــه وه ــم م ــع ه ــذا ال يقولـ ــون إن املخل ــوق كـ ــالم اهلل حقيق ــة كمـ ــا تقول ــه املعتزل ــة‬
‫م ــع قـ ــوهلم إنـ ــه كالمـ ــه حقيقـ ــة ب ــل جيعلـ ــون الق ــرآن الع ــريب كالمـ ــا لغـ ــري اهلل وهـ ــو ك ــالم حقيقـ ــة‬
‫وه ـ ــذا ش ـ ــر م ـ ــن ق ـ ــول املعتزل ـ ــة وه ـ ــذا حقيق ـ ــة ق ـ ــول اجلهمي ـ ــة وم ـ ــن ه ـ ــذا الوج ـ ــه‪ :‬فق ـ ــول املعتزل ـ ــة‬
‫أق ــرب وق ــول اآلخـ ـرين ه ــو ق ــول اجلهمي ــة احملض ــة لك ــن املعتزل ــة يف املع ــل موافق ــون هل ــؤالء وإمن ــا‬
‫(‪)١‬‬
‫ينازعوهنم يف اللفظ"‪.‬‬

‫مـ ــن هنـ ــا يتضـ ــح لنـ ــا أمهي ـ ــة اسـ ــتدالل الشـ ــيخ اهلـ ــاليل عل ـ ــى مسـ ــألة خلـ ــق القـ ــرآن الك ـ ــرمي‬
‫بالكتاب والسنة ؛ وميكن تلخيص تلك األمهية يف نقطتني‪:‬‬

‫أ – أن الش ـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬م ـ ـ ـ ــن بيئ ـ ـ ـ ــة أش ـ ـ ـ ــعرية خالص ـ ـ ـ ــة ؛ حي ـ ـ ـ ــث أن األش ـ ـ ـ ــاعرة ال‬
‫يزالـ ــون منتش ـ ـرين يف بـ ــالد املغـ ــرب اإلسـ ــالمي عامـ ــة ‪ ،‬وخاصـ ــة بـ ــالد املغـ ــرب وشـ ــنقيط اللتـ ــني‬
‫عرفهما الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أكثر من غريهم ( نشأة ودراسة وأسرة ووفاة )‪.‬‬

‫ب – أن ال ـ ــزواج ال ـ ــذي عق ـ ــده املبتدع ـ ــة ب ـ ــني األشـ ـ ــاعرة والص ـ ــوفية وامل ـ ــذهب امل ـ ــالكي؛‬
‫جعـ ـ ـ ــل كث ـ ـ ـ ـريا مـ ـ ـ ــن سـ ـ ـ ــكان تلـ ـ ـ ــك الـ ـ ـ ــبالد ال يفطـ ـ ـ ــن لكثـ ـ ـ ــري مـ ـ ـ ــن بـ ـ ـ ــدع األع ـ ـ ـ ـراس الثالثـ ـ ـ ــة؛‬
‫فاختالطهم جيعل من الصعب السالمة منهم‪.‬‬

‫(‪ )٢‬لوامع األنوار البهية (‪)٢65 /٢‬‬


‫(‪ )١‬جمموع الفتاوى (‪)٢١٢ /٢١‬‬
‫‪087‬‬
‫الثالثة ‪ :‬أهل السنة ‪:‬‬

‫ي ـ ـ ــتلخص م ـ ـ ــذهب أه ـ ـ ــل الس ـ ـ ــنة واجلماع ـ ـ ــة يف ه ـ ـ ــذه املس ـ ـ ــألة يف أهن ـ ـ ــم ي ـ ـ ــرون أن الق ـ ـ ــرآن‬
‫(‪)٢‬‬
‫الكرمي كالم اهلل تعاىل غري خملوق منه بدأ وإليه يعود ‪.‬‬

‫وهـ ــذا مـ ــا قـ ــرره الشـ ــيخ تقـ ــي الـ ــدين اهلـ ــاليل يف نصـ ــه السـ ــابق ؛ حيـ ــث بـ ــني هـ ــذه املسـ ــألة‬
‫العقدي ـ ــة اهلام ـ ــة ؛ مس ـ ــتدال عليه ـ ــا ب ـ ــالقرآن الك ـ ــرمي والس ـ ــنة النبوي ـ ــة الشـ ـ ـريفة ؛ ورادا يف نف ـ ـ ـ‬
‫الوقت على املعتزلة واألشعرية مذهبهم الكالمي فيها ‪.‬‬

‫ول ـ ــئن ك ـ ــان الش ـ ــيخ تق ـ ــي ال ـ ــدين اهل ـ ــاليل ق ـ ــد اسـ ـ ــتدل عل ـ ــى املسـ ـ ــائل العقدي ـ ــة السـ ـ ــابقة‬
‫ب ـ ــالقرآن الك ـ ــرمي ؛ فإن ـ ــه ت ـ ــارة يس ـ ــتدل أيض ـ ــا بالس ـ ــنة النبوي ـ ــة الش ـ ـريفة وه ـ ــذا م ـ ــا سأوض ـ ــحه يف‬
‫النقطة التالية ‪:‬‬

‫‪ – 0‬استدالله بالسنة النبوية الشريفة ‪:‬‬

‫رمبـ ـ ــا اسـ ـ ــتدل الشـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ -‬بالسـ ـ ــنة النبويـ ـ ــة علـ ـ ــى العقائـ ـ ــد اإلسـ ـ ــالمية املختلف ـ ـ ــة‬
‫موضحا وجه االستدالل ؛ ومبينا أمهية السنة النبوية الشريفة ‪.‬‬

‫يقـ ـ ــول ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪" ( : -‬ال تدركـ ـ ــه األبصـ ـ ــار" أي ال حتـ ـ ــيط بـ ـ ــه وال ت ـ ـ ـراه يف الـ ـ ــدنيا ألن‬
‫تعـ ـ ــاىل‪ :‬ﭽ ﭙ ﭚ‬ ‫حكمت ـ ــه اقتض ـ ــت أن ال ي ـ ـ ـراه املؤمن ـ ــون إال يف الـ ـ ــدار اآلخ ـ ــرة ‪ ،‬كمـ ـ ــا قـ ـ ــال‬
‫ﭛ ﭜ ﭼ ]القيام ـ ــة‪ [١١ :‬أخ ـ ــرج البخ ـ ــاري ومس ـ ــلم ع ـ ــن جري ـ ــر ب ـ ــن عب ـ ــد اهلل البجل ـ ــي ‪ ،‬ق ـ ــال‪:‬‬
‫كن ـ ــا عن ـ ــد الن ـ ــيب ‪ ، --‬فنظ ـ ــر إىل القم ـ ــر ليل ـ ــة ‪ -‬يع ـ ــين الب ـ ــدر ‪ -‬فق ـ ــال‪« :‬إنك ـ ــم س ـ ــرتون‬
‫ربك ـ ــم عيان ـ ــا‪ ،‬كم ـ ــا ت ـ ــرون ه ـ ــذا القم ـ ــر‪ ،‬ال تض ـ ــامون يف رؤيت ـ ــه‪ ،‬ف ـ ــإن اس ـ ــتطعتم أن ال تغلب ـ ـ ـوا‬

‫(‪ )٢‬االعتقاد القادري (ص‪ )١58 :‬اعتقاد أئمة احلديث (ص‪)5٠ :‬‬
‫‪088‬‬
‫تعـ ــاىل ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ع ــن صـ ــالة قبـ ــل طلـ ــوع الشـ ــم وقبـ ــل غروهبـ ــا ف ــافعلوا» مث ق ـ ـرأ قولـ ــه‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ]ق‪.)١( .)٢([39 :‬‬

‫هك ـ ـ ــذا إذن يس ـ ـ ــتدل الش ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ -‬عل ـ ـ ــى مس ـ ـ ــألة عقدي ـ ـ ــة أخ ـ ـ ــرى هل ـ ـ ــا أمهيته ـ ـ ــا‬
‫ومكانتها عند املسلمني ؛ أال وهي مسألة رؤية اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫وم ـ ــذهب أه ـ ــل الس ـ ــنة واجلماع ـ ــة يف الرؤي ـ ــة أن امل ـ ــؤمنني ي ـ ــرون رهب ـ ــم ي ـ ــوم القيام ـ ــة عيان ـ ــا‬
‫كما يرون القمر ‪.‬‬

‫يقـ ــول عبـ ــد الغـ ــين بـ ــن عبـ ــد الواحـ ــد الدمشـ ــقي ت سـ ــنة سـ ــتمائة مـ ــن اهلجـ ــرة ‪ " :‬وأمجـ ــع‬
‫أهـ ـ ــل احلـ ـ ــق واتفـ ـ ــق أهـ ـ ــل التوحيـ ـ ــد والصـ ـ ــدق أن اهلل تعـ ـ ــاىل يُـ ـ ــرى يف اآلخـ ـ ــرة‪ ،‬كمـ ـ ــا جـ ـ ــاء يف‬
‫(‪)3‬‬
‫كتابه‪ ،‬وصح عن رسوله ‪." --‬‬

‫ه ـ ــذا وق ـ ــد اس ـ ــتدل الش ـ ــيخ تق ـ ــي ال ـ ــدين اهل ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬عل ـ ــى كث ـ ــري م ـ ــن املس ـ ــائل‬
‫العقدي ـ ـ ــة بالس ـ ـ ــنة النبوي ـ ـ ــة الص ـ ـ ــحيحة ؛ وأواله ـ ـ ــا عنايت ـ ـ ــه واهتمام ـ ـ ــه الب ـ ـ ــالغ باعتباره ـ ـ ــا أح ـ ـ ــد‬
‫(‪)4‬‬
‫الوحيني وهي املبينة لكتاب اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪ – 2‬الكتب السماوية‪:‬‬

‫رمب ـ ـ ـ ــا احت ـ ـ ـ ــاج الش ـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬إىل االس ـ ـ ـ ــتدالل عل ـ ـ ـ ــى بع ـ ـ ـ ــض املس ـ ـ ـ ــائل العقدي ـ ـ ـ ــة‬
‫بالكتب السماوية السابقة ؛ ويتضح أن جلوءه إىل ذلك راجع ألسباب من أمهها ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب مواقيت الصالة باب فضل صالة العصر حديث رقم ‪ )٢٢5 /٢( 554‬صحيح مسلم‬
‫كتاب املساجد ومواضع الصالة ‪ ،‬باب فضل صاليت الصبح والعصر‪)439 /٢( 633‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪ 83‬وقد مجع الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بني ألفاو أحاديث متفرقة لكنها مجيعا يف الصحيحني ‪.‬‬
‫(‪ ( )3‬االقتصاد يف االعتقاد للمقدسي (ص‪ )٢١5 :‬وراجع جمموع الفتاوى (‪)4١٠ /6‬‬
‫(‪ )4‬يراجع سبيل الرشاد ‪34١/١‬‬
‫‪089‬‬
‫الس بب األول‪ :‬خربتـ ــه بكثـ ــري مـ ــن اللغـ ــات األجنبيـ ــة ؛ فقـ ــد كـ ــان يـ ــتقن لغـ ــات متعـ ــددة‬
‫قدمتها يف الفصل األول ‪.‬‬

‫الس بب الث اني‪ :‬معرفت ـ ــه التام ـ ــة باألناجي ـ ــل والعهـ ـ ــد الق ـ ــدمي ‪ ،‬وقراءتـ ـ ــه لتل ـ ــك الكت ـ ــب‬
‫مرتمجة إىل اللغة العربية ؛ فضال عن قراءته هلا بأصوهلا من اللغات األخرى ‪.‬‬

‫الس بب الثال ث‪ :‬حاجت ـ ـ ــه إىل االس ـ ـ ــتدالل هب ـ ـ ــا يف بع ـ ـ ــض املس ـ ـ ــائل العقدي ـ ـ ــة املتعلق ـ ـ ــة‬
‫بديان ـ ــة النص ـ ــارى ‪ ،‬وذل ـ ــك م ـ ــن أج ـ ــل إقن ـ ــاعهم ‪ ،‬وإيض ـ ــاح احل ـ ــق هل ـ ــم ح ـ ــىت ول ـ ــو ك ـ ــان ذل ـ ــك‬
‫باالعتماد على ما بقي من احلق يف تلك الكتب احملرفة‪.‬‬

‫وم ـ ــن ذل ـ ــك كتاب ـ ــه الرباه ـ ــني اإلجنيلي ـ ــة ك ـ ــامال ؛ فق ـ ــد أكث ـ ــر في ـ ــه م ـ ــن االس ـ ــتدالل علـ ـ ــى‬
‫عبودي ـ ــة عيس ـ ــى اب ـ ــن م ـ ــرمي م ـ ــن أناجي ـ ــل النص ـ ــارى املوج ـ ــودة عن ـ ــدهم ح ـ ــىت م ـ ــع حتريفه ـ ــا فإن ـ ــه‬
‫بقـ ــي فيهـ ــا مـ ــا يشـ ــهد لكثـ ــري مـ ــن املسـ ــائل العقديـ ــة املهمـ ــة ؛ كعبوديـ ــة املسـ ــيح عليـ ــه الص ـ ــالة‬
‫(‪)٢‬‬
‫والسالم‪ ،‬وكبشارته مبحمد ‪ ،--‬وأنه خامت األنبياء وغري ذلك‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬منهجه في وسائل فهم النصوص‪:‬‬

‫الوسيلة األولى‪ :‬اللغة ‪.‬‬

‫تعريف اللغة‪:‬‬

‫كلمـ ــة ‪ :‬اللغ ـ ــة م ـ ــن األمس ـ ــاء الناقص ـ ــة وأص ـ ــلها لغ ـ ــوة م ـ ــن لغ ـ ــا إذا تكل ـ ــم ‪ ،‬واأللي ـ ــغ ال ـ ــذي‬
‫(‪)١‬‬
‫ال يبني الكالم وامرأة ليغاء‪.‬‬

‫(‪ )٢‬يراجع يف هذه النقطة كتابه الرباهني اإلجنيلية ص ‪ ٠-4‬مثال ‪.‬‬


‫(‪ )١‬هتذيب اللغة (‪)٢٠3 /8‬‬
‫‪091‬‬
‫واجلم ـ ــع‪ :‬لغ ـ ــات ولغ ـ ــون ولُغن ـ ــني ولُغً ـ ــى‪ ،‬والنس ـ ــبة إليه ـ ــا لغ ـ ــوي‪ ،‬والط ـ ــري تلغ ـ ــى بأصـ ـ ـواهتا‪:‬‬
‫أي تنغم‪ ،‬واللغوي‪ :‬لغط القطا‪ ،‬قال الراعي‪:‬‬

‫ن‬
‫يف َّجل ـ ـ ـ ـ ـ ـة الليـ ـ ـ ـ ـ ـ نـل مل ـ ـ ـ ـ ــا راعه ـ ـ ـ ـ ـ ـا الفـ ـ ـ ـ ـ ــزعُ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْف ُر احملـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج نر ل ْغواهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مبينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫(‪)٢‬‬
‫ُ‬

‫(‪)١‬‬
‫وهي في االصطالح‪ :‬أصوات يعرب هبا كل قوم عن أغراضهم‪.‬‬

‫وعرفه ا آخ رون بأنه ا‪ :‬اس ـ ــم لض ـ ــرب خمص ـ ــوص م ـ ــن ترتي ـ ــب احل ـ ــروف الدال ـ ــة علـ ـ ــى‬
‫(‪)3‬‬
‫املعاين حبكم الوضع‪.‬‬

‫بي ـ ـ ـ ــان الش ـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬ألمهي ـ ـ ـ ــة اللغ ـ ـ ـ ــة العربي ـ ـ ـ ــة واس ـ ـ ـ ــتخدامه هل ـ ـ ـ ــا كوس ـ ـ ـ ــيلة لفه ـ ـ ـ ــم‬
‫النصوص‪:‬‬

‫يق ـ ــول ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ " : -‬وإذا تق ـ ــرر أن ال ـ ــركن األساس ـ ــي م ـ ــن أرك ـ ــان الثقاف ـ ــة ال ـ ــيت حنتـ ـ ـاج‬
‫إليهـ ــا هـ ــو معرفـ ــة الـ ــدين الصـ ــحيح والعمـ ــل بـ ــه والتقيـ ــد بأحكامـ ــه والـ ــدعوة إليـ ــه فمفتـ ــاح هـ ــذه‬
‫(‪)4‬‬
‫الثقافـ ــة ه ـ ــي لغ ـ ــة القـ ــرآن والس ـ ــنة‪ ،‬فب ـ ــدوهنا ال ميكـ ــن أن نع ـ ــرف ه ـ ــذا الكنـ ــز العظ ـ ــيم ال ـ ــذي‬
‫فـ ـ ــرض مقـ ـ ــدس علـ ـ ــى مجيـ ـ ــع الشـ ـ ــعوب العربيـ ـ ــة واإلسـ ـ ــالمية وعلـ ـ ــى قـ ـ ــدر أدائـ ـ ــه والتقـ ـ ــدم فيـ ـ ــه‬
‫يكون تقدمها‪.‬‬

‫وم ـ ــن س ـ ــوء احل ـ ــظ أن ه ـ ــذه اللغ ـ ــة الكرمي ـ ــة ق ـ ـ يـل ناص ـ ــرها وكث ـ ــر خاذهل ـ ــا ومل ت ـ ــزل يف إدب ـ ــار‬
‫منـ ــذ مئـ ــات السـ ــنني مث جاءهـ ــا االسـ ــتعمار اللغـ ــوي فكـ ــان ضـ ــغثا علـ ــى إبالـ ــة فـ ــاختلط احلابـ ــل‬
‫بالناب ـ ـ ــل فبع ـ ـ ــد ض ـ ـ ــياع اإلعـ ـ ـ ـراب والص ـ ـ ــرف تس ـ ـ ــرب ال ـ ـ ــوهن إىل قواع ـ ـ ــدها وتغ ـ ـ ــريت مفرداهت ـ ـ ــا‬

‫احملكم واحمليط األعظم (‪ )6١ /6‬مجهرة اللغة (‪ )96١ /١‬لسان العرب (‪)١5١ /٢5‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫السابق ‪.‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫املهذب يف علم أصول الفقه املقارن (‪)٢٠33 /3‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫هكذا يف األصل ولعل الصواب إدراج كلمة ‪ :‬هو‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪090‬‬
‫وأسـ ـ ــلوهبا وذهـ ـ ــب مجاهلـ ـ ــا وبالغتهـ ـ ــا وكثـ ـ ــر اخلطـ ـ ــأ فيهـ ـ ــا حـ ـ ــىت عسـ ـ ــر علـ ـ ــى املصـ ـ ــلحني ع ـ ـ ـ يده‬
‫فكيف بتالفيه وإصالحه ‪..‬‬

‫وص ـ ــارت غرب ـ ــة علمائه ـ ــا كغرب ـ ــة علم ـ ــاء اإلس ـ ــالم‪ ،‬ك ـ ــل م ـ ــن ق ـ ــبض م ـ ــنهم مل يوج ـ ــد ل ـ ــه‬
‫خل ـ ــف ف ـ ــنحن الي ـ ــوم نع ـ ــيش عل ـ ــى املع ـ ــاجم ال ـ ــيت ألف ـ ــت يف الق ـ ــرن الث ـ ــامن اهلج ـ ــري وم ـ ــا قبل ـ ــه‬
‫س ـ ـواء أكانـ ــت معـ ــاجم لغـ ــة أو معـ ــاجم أدبـ ــاء أو النحـ ــو والصـ ــرف وغريهـ ــا مـ ــن علـ ــوم األدب‪،‬‬
‫أم ـ ــا الكلم ـ ــات ال ـ ــيت ح ـ ــدثت يف الق ـ ــرون املت ـ ــأخرة وه ـ ــي كث ـ ــرية والكت ـ ــاب واخلطب ـ ــاء يف حاج ـ ــة‬
‫إليهـ ـ ــا ألن معانيهـ ـ ــا الزمـ ـ ــة للنـ ـ ــاس يف معايشـ ـ ــهم وتفكـ ـ ــريهم وحـ ـ ــديثهم فقـ ـ ــد بقيـ ـ ــت مهملـ ـ ــة‬
‫فاض ـ ــطر الن ـ ــاس إىل التعب ـ ــري بالكلم ـ ــات األعجمي ـ ــة‪ ،‬وأم ـ ــا ض ـ ــعف األس ـ ــلوب فس ـ ــببه إعـ ـ ـراض‬
‫املس ـ ــلمني ع ـ ــن ت ـ ـراثهم واش ـ ــتغاهلم بلغ ـ ــات األع ـ ــاجم‪ ،‬وم ـ ــن العج ـ ــب أن ن ـ ــرى أم ـ ــة تع ـ ــد مبائ ـ ــة‬
‫ملي ـ ــون ل ـ ــي هل ـ ــا دائ ـ ــرة مع ـ ــارف جتم ـ ــع مش ـ ــل علومه ـ ــا وآداهب ـ ــا إال ت ـ ــأليفني ل ـ ــرجلني مه ـ ــا حمم ـ ــد‬
‫فريد وجدي وبطرس البستاين وهذا الثاين مل يتم‪.‬‬

‫ولـ ـ ــو أن املتكلم ـ ـ ــني باللغـ ـ ــة العربي ـ ـ ــة ق ـ ـ ــاموا بواجبهـ ـ ــا لبلغ ـ ـ ــت دائ ـ ـ ــرة معـ ـ ــارفهم عل ـ ـ ــى أق ـ ـ ــل‬
‫تق ـ ــدير مائ ـ ــة جمل ـ ــد ألن دائ ـ ــرة املع ـ ــارف اإلس ـ ــبانية س ـ ــتون جمل ـ ــدا والف ـ ــرق ب ـ ــني اللغت ـ ــني يف كث ـ ــري‬
‫م ـ ــن العلـ ـ ــوم واآلداب كمـ ـ ــا بـ ـ ــني السـ ـ ــماء واألرض فعسـ ـ ــى اهلل أن يوفـ ـ ــق املسـ ـ ــلمني إىل إحيـ ـ ــاء‬
‫ت ـ ـراث أسـ ــالفهم وغس ـ ــل هـ ــذا الع ـ ــار عـ ــنهم بإحي ـ ــاء الثقافـ ــة اإلس ـ ــالمية حـ ــىت يق ـ ــال مـ ــا أش ـ ــبه‬
‫(‪)٢‬‬
‫الليلة بالبارحة‪ ،‬والغادية بالرائحة "‪.‬‬

‫وإذا كان ـ ــت تل ـ ــك ه ـ ــي أمهي ـ ــة اللغ ـ ــة العربي ـ ــة عن ـ ــد الش ـ ــيخ اهل ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬فإن ـ ــه –‬
‫وال ش ـ ـ ــك – ق ـ ـ ــد عم ـ ـ ــل مبقتض ـ ـ ــاها ؛ فاعتم ـ ـ ــد عل ـ ـ ــى اللغـ ـ ـ ــة يف فه ـ ـ ــم كث ـ ـ ــري م ـ ـ ــن نص ـ ـ ــوص‬
‫الوحيني؛ ورجح ترجيحات معتمدا فيها على الوسيلة اللغوية ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الثقافة اليت حنتاج إليها ص ‪.8‬‬


‫‪092‬‬
‫يقـ ــول ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ " : -‬مـ ــن أعظـ ــم املصـ ــائب الـ ــيت حلـ ــت مبشـ ــركي هـ ــذا الزمـ ــان ويأسـ ــف‬
‫هلـ ــا ك ـ ــل مش ـ ــفق عل ـ ــيهم أهن ـ ــم ال يعرف ـ ــون مع ـ ــل ال إل ـ ــه إال اهلل ‪ ،‬وق ـ ــد أض ـ ــلهم رؤس ـ ــاء جه ـ ــال‬
‫ينسـ ــبون إىل العلـ ــم زورا وهبتانـ ــا ؛ ففسـ ــروا هلـ ــم ال إلـ ــه إال اهلل تفس ـ ـريا ضـ ــالال ؛قـ ــال بعضـ ــهم ‪:‬‬
‫مع ــل ال إل ــه إال اهلل ‪ :‬ال مس ــتغن ع ــن ك ــل م ــا سـ ـواه ومفتق ـ ـرا إلي ــه ك ــل م ــا ع ــداه إال اهلل فظ ــن‬
‫ه ـ ــذا اجلاه ـ ــل أن ال إل ـ ــه إال اهلل يقص ـ ــد هب ـ ــا توحي ـ ــد الربوبي ـ ــة وهـ ـ ــو إثب ـ ــات الغ ـ ــل هلل تع ـ ــاىل ‪،‬‬
‫وإثبـ ــات الفقـ ــر لك ــل مـ ــن س ـ ـواه فقـ ــط ‪ ،‬ولـ ــو فك ــر يف معـ ــل ألـ ــه يألـ ــه إاله ــة ‪ ،‬أي عبـ ــد يعبـ ــد‬
‫عبـ ـ ــادة ‪ ،‬لعل ـ ـ ــم أن كلم ـ ـ ــة "إل ـ ـ ــه" فع ـ ـ ــال مبع ـ ـ ــل مفع ـ ـ ــول أي ‪ :‬معب ـ ـ ــود ؛ فقائ ـ ـ ــل ال إل ـ ـ ــه إال اهلل‬
‫العامل مبعناها يشهد على نفسه أنه ال يعبد إال اهلل ‪ ،‬وأنه بريء مما يعبد من دونه "(‪.)٢‬‬

‫الوسيلة الثانية ‪ :‬علم األصول ‪.‬‬

‫م ــن املعل ــوم أن عل ــم األص ــول يعت ــرب م ــن أه ــم عل ــوم اآلل ــة ال ــيت تعت ــرب وس ــيلة م ــن وس ــائل‬
‫فه ـ ــم النص ـ ــوص الش ـ ــرعية فهم ـ ــا مس ـ ــتقيما ؛ وق ـ ــد درج الس ـ ــلف الص ـ ــاحل عل ـ ــى االعتن ـ ــاء ب ـ ــتعلم‬
‫عل ـ ـ ـم األص ـ ـ ــول وتعليم ـ ـ ــه ؛ وترس ـ ـ ــيخ قواع ـ ـ ــده يف التأس ـ ـ ــي والتنظ ـ ـ ــري والفه ـ ـ ــم واالس ـ ـ ــتنتاج يف‬
‫كثري من املسائل املتعلقة بالنصوص الشرعية ‪.‬‬

‫وم ـ ــن هن ـ ــا اه ـ ــتم الش ـ ــيخ اهل ـ ــاليل بعل ـ ــم األص ـ ــول ؛ ووظف ـ ــه يف جه ـ ــوده يف تفس ـ ــري الق ـ ــرآن‬
‫الكرمي ؛ معرجا على بعض مباحثه بني الفينة واألخرى ‪.‬‬

‫يقـ ـ ــول ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ .." :-‬فالشـ ـ ــفاعة عنـ ـ ــد أهـ ـ ــل احلـ ـ ــق مقيـ ـ ــدة بقيـ ـ ــدين ‪ :‬أحـ ـ ــدمها إذن‬
‫اهلل للشافع‪ ،‬والثاين رضاه عقيدة املشفوع له‪ ،‬وهي التوحيد وسائر ما جيب اعتقاده ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١٠6/١‬‬


‫‪093‬‬
‫وق ــد تق ــرر يف الش ــرع والع ــرف الع ــام مح ــل املطل ــق عل ــى املقي ــد ؛ ف ــال تع ــارض ب ــني آي ــات‬
‫(‪)٢‬‬
‫القرآن ‪ ،‬وال بني القرآن واحلديث الصحيح الذي يثبت الشفاعة "‪.‬‬

‫ومـ ـ ــن اهتمامـ ـ ــه بعلـ ـ ــم األصـ ـ ــول أيضـ ـ ــا قولـ ـ ــه ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ " : -‬وذهـ ـ ــب أمحـ ـ ــد والشـ ـ ــافعي‬
‫وإسـ ـ ــحاق إىل أن لـ ـ ــألب إجبـ ـ ــار ابنتـ ـ ــه البكـ ـ ــر البالغـ ـ ــة علـ ـ ــى النكـ ـ ــاح عمـ ـ ــال مبفهـ ـ ــوم "الثيـ ـ ــب‬
‫أح ـ ــق بنفس ـ ــها"(‪ )١‬كم ـ ــا تق ـ ــدم فإن ـ ــه دل أن البك ـ ــر خبالفه ـ ــا وأن ال ـ ــويل أح ـ ــق هب ـ ــا وي ـ ــرد بأن ـ ــه‬
‫مفهـ ــوم ال يقـ ــاوم املنط ـ ـوق وبأنـ ــه لـ ــو أخـ ــذ بعمومـ ــه لـ ــزم يف حـ ــق غـ ــري األب مـ ــن األوليـ ــاء وأن‬
‫ال خي ـ ــص األب جب ـ ـواز اإلجب ـ ــار‪ ،‬وق ـ ــال البيهق ـ ــي يف تقوي ـ ــة ك ـ ــالم الش ـ ــافعي‪" :‬إن ح ـ ــديث اب ـ ــن‬
‫عب ــاس ه ــذا حمم ــول عل ــى أن ــه زوجه ــا م ــن غ ــري ك ــفء"‪ ،‬ق ــال املص ــنف‪" :‬جـ ـواب البيهق ــي ه ــو‬
‫املعتم ـ ــد ألهن ـ ــا واقع ـ ــة ع ـ ــني ف ـ ــال يثب ـ ــت احلك ـ ــم هب ـ ــا تعميم ـ ــا"‪ ،‬قل ـ ــت ك ـ ــالم ه ـ ــذين اإلم ـ ــامني‬
‫حمام ـ ــاة ع ـ ــن ك ـ ــالم الش ـ ــافعي وم ـ ــذهبهم وإال فتأوي ـ ــل البيهق ـ ــى ال دلي ـ ــل علي ـ ــه فل ـ ــو ك ـ ــان كم ـ ــا‬
‫قـ ــال لذكرتـ ــه امل ـ ـرأة بـ ــل قالـ ــت إنـ ــه زوجهـ ــا وهـ ــى كارهـ ــة فالعلـ ــة كراهتهـ ــا فعليهـ ــا علـ ــق التخيـ ــري‬
‫ألهنا املذكورة فكأنه قال ‪ :--‬إذا كانت كارهة فأنت باخليار‪.‬‬

‫وق ـ ــول املص ـ ــنف‪" :‬إهن ـ ـا واقع ـ ــة ع ـ ــني" ك ـ ــالم غ ـ ــري ص ـ ــحيح ب ـ ــل حك ـ ــم ع ـ ــام لعم ـ ــوم علت ـ ــه‬
‫فأينما وجدت الكراهة ثبت احلكم "(‪.)3‬‬

‫الوسيلة الثالثة ‪ :‬فهم سلف األمة ‪.‬‬

‫يهـ ــتم الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬بفهـ ــم س ـ ــلف األم ـ ــة بوصـ ــفه أح ـ ــد أه ـ ــم ممي ـ ـزات م ـ ــنهج أه ـ ــل‬
‫الس ـ ــنة واجلماع ـ ــة يف التعام ـ ــل م ـ ــع النص ـ ــوص وفهمه ـ ــا الفه ـ ــم الص ـ ــحيح ؛ إذ م ـ ــن املعل ـ ـ ـوم أن‬
‫االعتمـ ـ ــاد علـ ـ ــى كـ ـ ــل الوسـ ـ ــائل يف فهـ ـ ــم النصـ ـ ــوص دون االهتمـ ـ ــام واالسـ ـ ــتنارة بفهـ ـ ــم سـ ـ ــلف‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪3٠‬‬


‫(‪ )١‬صحيح مسلم كتاب النكاح باب استئذان الثيب يف النكاح ‪)٢٠3٠ /١( ٢4١٢‬‬
‫(‪ )3‬الثقافة اليت حنتاج إليها ص ‪3‬‬
‫‪094‬‬
‫ي ـ ـ ــؤدي إىل خل ـ ـ ــل منهج ـ ـ ــي يف الفه ـ ـ ــم والتأس ـ ـ ــي ويفض ـ ـ ــي إىل نت ـ ـ ــائج ال حتم ـ ـ ــد عقباه ـ ـ ــا يف‬
‫الدنيا وال يف اآلخرة ‪.‬‬

‫وم ـ ــن جع ـ ــل فه ـ ــم س ـ ــلف األم ـ ــة وس ـ ــيلة للوص ـ ــول إىل االعتق ـ ــاد الص ـ ــحيح قول ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه‬
‫اهلل‪ ( : -‬وح ـ ـ ـ ــديث "يكش ـ ـ ـ ــف اهلل ع ـ ـ ـ ــن سـ ـ ـ ـ ــاقه"(‪ )٢‬تلق ـ ـ ـ ــاه الص ـ ـ ـ ــحابة والت ـ ـ ـ ــابعون بـ ـ ـ ـ ــالقبول‬
‫(‪)١‬‬
‫والتسليم مع تنزيه اهلل عن مشاهبة املخلوقني )‪.‬‬

‫وق ــد أكث ــر الش ــيخ م ــن االستش ــهاد ب ــأقوال الس ــلف عل ــى املس ــائل العقدي ــة وخاص ــة ال ــيت‬
‫(‪)3‬‬
‫وقع فيها اخلالف بني الفرق اإلسالمية‪.‬‬

‫أهم المسائل العقدية التي اهتم بها الشيخ ‪:‬‬

‫مل يـ ـ ـ ــرتك الشـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬جانبـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن جوانـ ـ ـ ــب العقيـ ـ ـ ــدة إال أواله عنايتـ ـ ـ ــه وبينـ ـ ـ ــه‬
‫واس ـ ــتدل ل ـ ــه بق ـ ــدر اإلمك ـ ــان؛ ولك ـ ــن هن ـ ــاك جوان ـ ــب كان ـ ــت ه ـ ــي الش ـ ــغل الش ـ ــاغل للش ـ ــيخ‬
‫‪-‬رمح ــه اهلل‪ -‬؛ ول ــذا أكث ــر م ــن ذكره ــا والرج ــوع إليه ــا وحب ــث كث ــري م ــن اجلوان ــب املتعلق ــة هب ــا؛‬
‫وله في ذلك مسلكان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬الدعوة إلى التوحيد مجمال ‪:‬‬

‫يق ـ ـ ــول ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ .. " : -‬إن املس ـ ـ ــلمني ق ـ ـ ــد أمهلـ ـ ـ ـوا توحي ـ ـ ــد اهلل يف أكث ـ ـ ــر أوط ـ ـ ــاهنم ‪،‬‬
‫وانغمس ـ ـوا يف الش ـ ــرك األك ـ ــرب ‪ ،‬واس ـ ــتوى يف ذل ـ ــك ع ـ ــاملهم وج ـ ــاهلهم إال قل ـ ــيال مم ـ ــن أخ ـ ــذ اهلل‬
‫بيـ ـ ــده ؛ فل ـ ـ ــو أن عامل ـ ـ ــا مـ ـ ــن علم ـ ـ ــاء املس ـ ـ ــلمني نش ـ ـ ــأ يف بلـ ـ ــد إس ـ ـ ــالمي ‪ ،‬ول ـ ـ ــه أوالد علمه ـ ـ ــم‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب تفسري القرآن باب يوم يكشف عن ساق حديث رقم ‪)٢59 /6( 49٢9‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪34١/١‬‬
‫(‪ )3‬يراجع اإلهلام واإلنعام ص‪ ٢٢4‬و‪ ٢٢6‬وسبيل الرشاد ‪ ١١5/٢‬وغريها‪.‬‬
‫‪095‬‬
‫الق ـ ــرآن ‪ ،‬وعلمه ـ ــم كت ـ ــب العل ـ ــوم اإلس ـ ــالمية عل ـ ــى م ـ ــا علي ـ ــه العام ـ ــة مم ـ ــن يس ـ ــمون بالعلم ـ ــاء ‪،‬‬
‫وع ـ ــاش معه ـ ــم زمن ـ ــا ط ـ ــويال ي ـ ــؤدون العب ـ ــادات املفروضـ ـ ــة مث حض ـ ـ ـرته الوف ـ ــاة فجمـ ـ ــع أوالده ‪،‬‬
‫وق ــال هلـ ــم ‪ :‬مـ ــا تعبـ ــدون مـ ــن بعـ ــد مـ ــويت ؟ لقـ ــال النـ ــاس ‪ :‬إنـ ــه أصـ ــيب جبنـ ــون ‪ ،‬وأنـ ــه يهـ ــذي‬
‫ه ـ ــذيان احملم ـ ــوم ‪ ،‬ألهن ـ ــم يزعم ـ ــون أن م ـ ــن ص ـ ــلى وص ـ ــام وح ـ ــج وقـ ـ ـرأ الق ـ ــرآن وأح ـ ــل احل ـ ــالل‬
‫وح ـ ــرم احلـ ـ ـرام ‪ ،‬وإن عب ـ ــد غ ـ ــري اهلل تع ـ ــاىل بال ـ ــدعاء واالس ـ ــتغاثة واالس ـ ــتعاذة والتوك ـ ــل واخلـ ـ ـوف‬
‫والرجـ ــاء واحللـ ــف والـ ــذبح والنـ ــذر‪ ،‬وجعـ ــل احلكـ ــم لغـ ــري اهلل ومـ ــا أشـ ــبه ذلـ ــك ممـ ــا تقـ ــدم ذكـ ــره‬
‫ال يض ــره ذل ــك ش ــيئا وه ــو مس ــلم م ــؤمن كام ــل اإلمي ــان‪ ،‬و ال خي ـ ـافون علي ــه ض ــالال وال زيغ ــا‪،‬‬
‫وهـ ــذا إب ـ ـراهيم اخلليـ ــل إمـ ــام احلنفـ ــاء يوصـ ــي بنيـ ــه بتوحيـ ــد اهلل تعـ ــاىل ‪ ،‬وهـ ــذا يعقـ ــوب حفيـ ــده‬
‫ن ـ ــيب اهلل تع ـ ــاىل مل يكف ـ ــه إمج ـ ــال الوص ـ ــية باإلس ـ ــالم ‪ ،‬ب ـ ــل يؤك ـ ــد ذل ـ ــك بقول ـ ــه ‪" :‬م ـ ــا تعب ـ ــدون‬
‫م ــن بعـ ــدي" وذل ــك عنـ ــدما حضـ ــره املـ ــوت ؛ فلـ ــم يقول ـ ـوا لـ ــه ‪ :‬حنـ ــن أبن ــاؤك ومل نـ ــزل نعبـ ــد اهلل‬
‫معـ ـ ــك وح ـ ـ ـده ال ش ـ ـ ـريك لـ ـ ــه ‪ ،‬فكيـ ـ ــف تسـ ـ ــألنا هـ ـ ــذا الس ـ ـ ـؤال؟ بـ ـ ــل أجـ ـ ــابوه جوابـ ـ ــا واضـ ـ ــحا‬
‫بق ــوهلم‪" :‬نعب ــد إهل ــك‪ "..‬ال نش ــرك ب ــه ش ــيئا "وحن ــن ل ــه مس ــلمون" بقلوبن ــا وألس ــنتنا ال نتوج ــه‬
‫لغريه أبدا ‪ ،‬وهبذا اطمأنت نف يعقوب عليه الصالة والسالم على أوالده ‪.)٢()..‬‬

‫وه ـ ــذا املس ـ ــلك يف ال ـ ــدعوة إىل التوحي ـ ــد بص ـ ــفة جممل ـ ــة عام ـ ــة يكث ـ ــر من ـ ــه الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه‬
‫اهلل‪ -‬؛ ويس ـ ــتطرد يف ذل ـ ــك األدل ـ ــة علي ـ ــه‪ ،‬وأن حتقي ـ ــق التوحي ـ ــد احل ـ ــق ه ـ ــو املخ ـ ــرج لألم ـ ــة م ـ ــن‬
‫الغثائية اليت تعيشها (‪.)١‬‬

‫الثاني ‪ :‬الدعوة إلى بعض أقسام التوحيد ‪:‬‬

‫ال يكتفـ ـ ــي الشـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ -‬بالـ ـ ــدعوة إىل التوحيـ ـ ــد جممـ ـ ــال ؛ وحتقيقـ ـ ــه كـ ـ ــامال ؛ بـ ـ ــل‬
‫يس ـ ـ ــتخدم م ـ ـ ــن أج ـ ـ ــل الوص ـ ـ ــول إىل ذل ـ ـ ــك اهل ـ ـ ــدف ال ـ ـ ــدعوة إىل الك ـ ـ ــل وال ـ ـ ــدعوة إىل اجل ـ ـ ــزء ؛‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١٠٠-٢99/٢‬‬


‫(‪ )١‬انظر مثال ‪ :‬سبيل الرشاد ‪ 3١5/٢‬و‪ ١96/١‬و‪ 53٠/٢‬و‪ 6٠٠/٢‬و‪ 3٢4/١‬وغريها‪.‬‬
‫‪096‬‬
‫فم ــرة يب ــني أدل ــة التوحي ــد جمم ــال ؛ وت ــارة يرك ــز عل ــى جان ــب م ــن جوان ــب التوحي ــد وقس ــم م ــن‬
‫أقسامه ‪.‬‬

‫ومن ذلك ‪:‬‬

‫الدعوة إلى تحقيق توحيد الربوبية وبيان أدلته ‪:‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬ذكر اهلل سبحانه قبل هاتني اآليتني أدلة متعددة على توحيد الربوبية؛‬
‫سبحانه‪:‬ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ‬ ‫بدأها بقوله‬
‫ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﭼ [ فاطر‪ ] ٢٢ :‬وختمها‬
‫بأوىل هاتني اآليتني ‪ " :‬ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭼ ]فاطر‪.)٢( [٢3 :‬‬
‫وقـ ـ ــد خصـ ـ ــص الشـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ -‬قسـ ـ ــما كـ ـ ــامال مـ ـ ــن كتابـ ـ ــه سـ ـ ــبيل الرشـ ـ ــاد لتحقيـ ـ ــق‬
‫توحي ـ ــد العب ـ ــادة ممزوج ـ ــا بتوحي ـ ــد الربوبي ـ ــة كم ـ ــا ص ـ ــرح ب ـ ــذلك يف مقدم ـ ــة كتاب ـ ــه ذل ـ ــك ‪ .‬انظ ـ ــر‬
‫مقدمة سبيل الرشاد للمؤلف ‪.‬‬

‫الدعوة إلى تحقيق توحيد العبادة وبيان أدلته ‪:‬‬

‫وق ـ ــد خص ـ ــص ل ـ ــه الش ـ ــيخ قسـ ـ ـما ك ـ ــامال م ـ ــن كتاب ـ ــه س ـ ــبيل الرش ـ ــاد ؛ وم ـ ــع ذل ـ ــك أف ـ ــرده‬
‫(‪)١‬‬
‫بكتاب صغري عنوانه توحيد العبادة ‪.‬‬

‫الدعوة إلى تحقيق توحيد األسماء والصفات وبيان أدلته ‪:‬‬

‫لق ـ ــد خص ـ ــص الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬قس ـ ــما م ـ ــن كتاب ـ ــه س ـ ــبيل الرش ـ ــاد إليض ـ ــاح توحي ـ ــد‬
‫األمساء والصفات ‪ ،‬وبيان أدلته ‪ ،‬ومذهب أهل السنة فيه ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.٢95/١‬‬


‫(‪ )١‬يراجع كتابه "توحيد العبادة" وقد ذكرته يف مبحث مؤلفات الشيخ ‪ ،‬ويراجع كذلك على سبيل املثال ال احلصر ‪:‬‬
‫سبيل الرشاد‪ ٢38/١‬و‪ 449/٢‬و‪ ١٢٠/١‬و‪١96-١95/١‬‬
‫‪097‬‬
‫يق ـ ــول ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ ( : -‬ق ـ ــول الن ـ ــيب ‪" --‬ب ـ ــني أص ـ ــبعني م ـ ــن أص ـ ــابع ال ـ ــرمحن" كقول ـ ــه‬
‫تعـ ـ ــاىل ‪" :‬ملـ ـ ــا خلقـ ـ ــت بيـ ـ ــدي" وكقولـ ـ ــه تعـ ـ ــاىل ‪" :‬ويبقـ ـ ــى وجـ ـ ــه ربـ ـ ــك" فـ ـ ــنحن نـ ـ ــؤمن أن هلل‬
‫يـ ـ ــدين ووجهـ ـ ــا وأصـ ـ ــابع ال كأيـ ـ ــدينا وال كوجوهنـ ـ ــا وال كأصـ ـ ــابعنا ‪ ،‬كمـ ـ ــا أن لـ ـ ــه علمـ ـ ــا لـ ـ ــي‬
‫كعلمن ـ ــا ‪ ،‬وق ـ ــدرة ليس ـ ــت كق ـ ــدرتنا ‪ ،‬وحي ـ ــاة ليس ـ ــت كحياتن ـ ــا ‪ ،‬وه ـ ــذا ه ـ ــو إثب ـ ــات الص ـ ــفات‬
‫ال ـ ــذي ي ـ ــأيت إن ش ـ ــاء اهلل يف اجل ـ ــزء الثال ـ ــث م ـ ــن ه ـ ــذا الكت ـ ــاب "س ـ ــبيل الرش ـ ــاد" وه ـ ــو ق ـ ــادر‬
‫على أن يبلغنا أمنيتنا يف إمتام "سبيل الرشاد" وانتفاعنا به قبل املوت وهو الغين الكرمي‪.‬‬
‫ومـ ــن رد بعـ ــض الصـ ــفات وأثبـ ــت بعضـ ــها مـ ــن أهـ ــل البـ ــدع كـ ــاخلوارج واملعتزلـ ــة واألشـ ــعرية‬
‫املت ـ ــأخرة ؛ فق ـ ــد ح ـ ــرم م ـ ــن اتب ـ ــاع الرس ـ ــول والص ـ ــحابة والت ـ ــابعني واألئم ـ ــة اجملته ـ ــدين ‪ ،‬وذل ـ ــك‬
‫هو اخلسران املبني )(‪.)٢‬‬

‫اهتمامه بإبراز جهود علماء السلف ‪.‬‬

‫يكث ـ ــر الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬يف كتب ـ ــه م ـ ــن اهتمام ـ ــه ب ـ ــإبراز جه ـ ــود علم ـ ــاء س ـ ــلف األم ـ ــة‬
‫رمحه ــم اهلل تع ــاىل ؛ ويكثـ ــر م ــن ذك ــر أمسـ ــاء بعينه ــا كلفت ــة النظـ ــر أن جهـ ــودهم مهمـ ــة ومثم ــرة‬
‫يف شىت جوانب املعرفة اإلسالمية ‪..‬‬

‫وإن املتتب ــع مل ــا كتب ــه الش ــيخ ‪-‬رمح ــه اهلل‪ -‬ليجـ ــد أن ــه مل يهم ــل علمـ ــا مش ــهورا م ــن أعـ ــالم‬
‫ه ـ ــذه األم ـ ــة إال يف القلي ـ ــل الن ـ ــادر ؛ ب ـ ــل ك ـ ــان ين ـ ــوع يف اس ـ ــتدالله ونقوالت ـ ــه ؛ حي ـ ــث يقط ـ ــف‬
‫م ـ ــن كت ـ ــب أولئ ـ ــك العلم ـ ــاء أزه ـ ــارا مفي ـ ــدة ك ـ ــل يف جمال ـ ــه ؛ دون أن ينس ـ ــى ختصص ـ ــاهتم ال ـ ــيت‬
‫اشتهروا باإلبداع فيها ؛ وأنتجوا فيها نتاجا متميزا ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪٢56/3‬‬


‫‪098‬‬
‫وم ـ ـ ـ ــن أكث ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ــذين نق ـ ـ ـ ــل ع ـ ـ ـ ــنهم الش ـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬الفت ـ ـ ـ ــا النظ ـ ـ ـ ــر إىل جه ـ ـ ـ ــودهم‬
‫ومؤلفاهتم ‪:‬‬

‫‪ – ٢‬اإلمام ابن كثري الدمشقي صاحب التفسري املعروف(‪. )٢‬‬

‫‪ – ١‬ابن جرير الطربي (‪.)١‬‬

‫‪ – 3‬شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪.)3‬‬

‫(‪)4‬‬
‫‪ – 4‬ابن القيم ‪.‬‬

‫‪ – 5‬ابن عبد الرب(‪.)5‬‬

‫‪ - 6‬حممد بن أيب مدين الشنقيطي(‪. )6‬‬

‫‪ – ٠‬حممد صديق حسن القنوجي(‪. )٠‬‬

‫‪ – 8‬اإلم ـ ــام حمم ـ ــد ب ـ ــن عب ـ ــد الوه ـ ــاب ‪ ،‬والش ـ ــيخ س ـ ــليمان ب ـ ــن عب ـ ــد اهلل آل الش ـ ــيخ (‪.)8‬‬

‫(‪ )٢‬يراجع كتابه سبيل الرشاد كامال ؛ فقد جعل تفسري ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هو العمدة فينقل منه تفسري اآليات يف‬
‫الغالب مث يعلق هو عليها ‪.‬‬
‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ‪5٢‬و‪ ٢٠3‬وسبيل الرشاد ‪ ٢35/٢‬و‪ ٢39‬وغريها ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الطريق إىل اهلل ص‪ ١93‬وسبيل الرشاد ‪ ٢8١/٢‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪ 3٠٠/١‬و‪ 385/٢‬و‪ 9/3‬واإلهلام واإلنعام ص‪ 53‬و‪ 8٢‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )5‬اإلهلام واإلنعام ص‪ ٢١5‬وسبيل الرشاد ‪ 3٠/3‬و‪ ٢64/3‬و‪١59/3‬‬
‫(‪ )6‬سبيل الرشاد ‪ ١٢/4‬نقال متواليا حيث نقل معظم كتابه الصوارم واألسنة يف قرابة ‪ ٢5٠‬صفحة‪.‬‬
‫(‪ )٠‬سبيل الرشاد ‪ 3١١/3‬و‪ 34٢/3‬و‪ 9٠/4‬وغريها كثري‪.‬‬
‫(‪ )8‬سبيل الرشاد ‪ ٢٠٢/٢‬و‪ 334/١‬و‪ 3٠4/3‬وغريها كثري جدا‪.‬‬
‫‪099‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬منهجه يف الترجي واستنباط الفوائد‪:‬‬

‫يتكون هذا املطلب من فرعني ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪:‬منهجه في الترجيح ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف الترجيح لغة واصطالحا ‪.‬‬

‫رج ـ ـ ـح‪ ،‬وأصـ ـ ــلها م ـ ــن رجح ـ ــت بيـ ـ ــدي شـ ـ ــيئا‪ :‬وزنتـ ـ ــه ونظ ـ ــرت مـ ـ ــا‬
‫الرتجـ ـ ــيح تفعيـ ـ ــل مـ ـ ــن َّ‬
‫ثقل ـ ـ ــه‪ .‬وأرجح ـ ـ ــت امليـ ـ ـ ـزان‪ :‬أثقلت ـ ـ ــه ح ـ ـ ــىت م ـ ـ ــال‪ .‬ورج ـ ـ ــح الش ـ ـ ــيء رجحان ـ ـ ــا ورجوح ـ ـ ــا‪ ،‬ثق ـ ـ ــل‬
‫(‪)٢‬‬
‫ومال‪.‬‬

‫فالرتجيح يف اللغة إذن هو‪ :‬التمييل والتغليب‪ ،‬يقال‪ " :‬رجح امليزان "‬

‫(‪)١‬‬
‫إذا مال‪ ،‬ويقال‪ " :‬أرجح امليزان " إذا أثقله حىت مال‪.‬‬

‫واص ـ ـ ــطالحا ه ـ ـ ــو ‪ :‬إظه ـ ـ ــار فض ـ ـ ــل يف أح ـ ـ ــد ج ـ ـ ــانيب املعادل ـ ـ ــة وص ـ ـ ــفا ال أص ـ ـ ــال فيك ـ ـ ــون‬
‫عب ــارة ع ــن مماثل ــة يتحق ــق هب ــا التع ــارض مث يظه ــر يف أح ــد اجل ــانبني زي ــادة عل ــى وج ــه ال تق ــوم‬
‫تل ـ ــك الزي ـ ــادة بنفس ـ ــها فيم ـ ــا حتص ـ ــل ب ـ ــه املعارض ـ ــة أو تثب ـ ــت ب ـ ــه املماثل ـ ــة ب ـ ــني الش ـ ــيئني ومن ـ ــه‬
‫الرجح ـ ــان يف ال ـ ــوزن فإن ـ ــه عب ـ ــارة ع ـ ــن زي ـ ــادة بع ـ ــد ثب ـ ــوت املعادل ـ ــة ب ـ ــني كف ـ ــيت امليـ ـ ـزان‪ ،‬وتل ـ ــك‬
‫الزيـ ــادة علـ ــى وجـ ــه ال تقـ ــوم منهـ ــا املماثلـ ــة ابتـ ــداء‪ ،‬وال يـ ــدخل حتـ ــت الـ ــوزن منفـ ــردا عـ ــن املزيـ ــد‬
‫علي ـ ــه مقص ـ ــودا بنفسـ ـ ـه يف الع ـ ــادة حن ـ ــو احلب ـ ــة يف العش ـ ــرة وه ـ ــذا ألن ض ـ ــد الرتج ـ ــيح التطفي ـ ــف‬
‫وإمن ـ ــا يك ـ ــون التطفي ـ ــف بنقص ـ ــان يظه ـ ــر يف ال ـ ــوزن أو الكي ـ ــل بع ـ ــد وج ـ ــود املعارض ـ ــة ب ـ ــالطريق‬

‫(‪ )٢‬العني (‪ )٠8 /3‬وراجع ‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (‪.)364 /٢‬‬
‫(‪ )١‬املهذب يف علم أصول الفقه املقارن (‪.)١4١3 /5‬‬
‫‪211‬‬
‫ال ــذي تثب ــت بـ ــه املماثل ــة عل ــى وجـ ــه ال تنع ــدم ب ــه املعارض ــة فك ــذلك الرجح ــان يك ــون بزي ــادة‬
‫(‪)٢‬‬
‫وصف على وجه ال تقوم به املماثلة وال ينعدم بظهوره أصل املعارضة‪.‬‬

‫وعرف ـ ــه اآلم ـ ــدي ؛ فق ـ ــال‪" :‬أم ـ ــا الرتج ـ ــيح‪ :‬فعب ـ ــارة ع ـ ــن اقـ ـ ـرتان أح ـ ــد الص ـ ــاحلني للدالل ـ ــة‬
‫َّ‬
‫(‪)١‬‬
‫على املطلوب مع تعارضهما مبا يوجب العمل به وإمهال اآلخر "‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أهم صيغ الترجيح عند الشيخ الهاللي ‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬

‫لق ـ ـ ـ ــد تنوع ـ ـ ـ ــت أس ـ ـ ـ ــاليب الش ـ ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬يف التعب ـ ـ ـ ــري ع ـ ـ ـ ــن اختيارات ـ ـ ـ ــه يف‬
‫التفس ـ ــري وترجيحات ـ ــه ب ـ ــني األق ـ ـ ـوال ‪ ،‬وتنوع ـ ــت تعبريات ـ ــه ع ـ ــن ذل ـ ــك وإن ك ـ ــان مؤداه ـ ــا مجيع ـ ــا‬
‫واحد ؛ وهو التعبري عن القول الراجح عنده واملختار من بني أقوال املفسرين ‪..‬‬

‫وب ـ ــالنظر ال ـ ــدقيق يف كتاب ـ ــات الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬يتض ـ ــح أن ـ ــه ع ـ ــرب بص ـ ــيغ خمتلف ـ ــة ع ـ ــن‬
‫الـ ـراجح عن ــده م ــن أقـ ـوال أه ــل العل ــم ‪ ،‬وميك ــن حص ــر تل ــك الص ــيغ واألس ــاليب ال ــيت ع ــرب هب ــا‬
‫الشيخ عن هذا املعل يف الصيغ التالية ‪:‬‬

‫‪ – 0‬التنصيص على القول بأنه راجح أو أنه يختاره ونحو ذلك ‪:‬‬

‫ومـ ــن ذل ـ ــك مس ـ ــألة احملرم ـ ــات يف قولـ ــه تع ـ ــاىل‪" :‬ق ـ ــل ال أج ـ ــد فيمـ ــا أوح ـ ــي " حي ـ ــث نق ـ ــل‬
‫عن اخلازن ثالثة أوجه(‪ )3‬يف تفسري اآلية ‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫الوج ه األول ‪ :‬ال أجـ ــد حمرمـ ــا ممـ ــا كـ ــان أهـ ــل اجلاهليـ ــة حيرمونـ ــه مـ ــن البحـ ــائر والس ـ ـوائب‬
‫وغريها إال ما أوحي إيل يف هذه اآلية ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أصول السرخسي (‪.)١49 /١‬‬


‫(‪ )١‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪.)١39 /4‬‬
‫(‪ )3‬لباب التأويل يف معاين التنزيل‪ ،‬اخلازن ( ‪) 4٠5 /١‬‬
‫‪210‬‬
‫الوج ه الث اني ‪ :‬أن يكـ ــون امل ـ ـراد وق ــت ن ــزول ه ــذه اآلي ــة مل يكـ ــن حمرم ــا غ ــري م ــا ذكـ ــر‬
‫ونص عليه يف هذه اآلية ‪ ،‬مث حرم بعد نزوهلا أشياء أخر‪.‬‬

‫الوجه الثالث ‪ :‬حيتمل أن هذا اللفظ العام خصص بدليل آخر‪.‬‬

‫مث ق ـ ـ ــال ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ " : -‬وأن ـ ـ ــا أخت ـ ـ ــار الوج ـ ـ ــه الث ـ ـ ــاين ‪ ،‬وق ـ ـ ــد فهمت ـ ـ ــه واخرتت ـ ـ ــه قب ـ ـ ــل أن‬
‫أطل ـ ـ ــع علي ـ ـ ــه يف ه ـ ـ ــذا الكت ـ ـ ــاب‪ ،‬وكن ـ ـ ــت أظ ـ ـ ــن أين مل أس ـ ـ ــبق إلي ـ ـ ــه‪ ،‬وبي ـ ـ ــان ذل ـ ـ ــك أن الفع ـ ـ ــل‬
‫املضارع إذا دخلت عليه "ال" النافية تعينه للحال ‪.‬‬

‫وإذا علمنـ ـ ــا أن هـ ـ ــذه السـ ـ ــورة مكيـ ـ ــة اتضـ ـ ــح لنـ ـ ــا أنـ ـ ــه مل يكـ ـ ــن يف ذلـ ـ ــك الوقـ ـ ــت الـ ـ ــذي‬
‫(‪)٢‬‬
‫نزلت فيه السورة شيء حمرم من احليوان وما يؤخذ منه إال هذه األربعة"‪.‬‬

‫وم ـ ــن هن ـ ــا يتض ـ ــح أن الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬ب ـ ــني اختي ـ ــاره بش ـ ــكل واض ـ ــح بقول ـ ــه ‪" :‬أن ـ ــا‬
‫أخت ـ ـ ـار" وقول ـ ــه ‪" :‬وق ـ ــد فهمت ـ ــه واخرتت ـ ــه"؛ مث ب ـ ــني مس ـ ــوغات ترجيح ـ ــه هل ـ ــذا الق ـ ــول ؛ وه ـ ــي‬
‫عبارة عن مرجحني ‪:‬‬

‫الم رجح األول ‪ :‬العام ـ ــل النح ـ ــوي حي ـ ــث إن ـ ــه ق ـ ــال إن "ال" النافي ـ ــة إذا دخل ـ ــت عل ـ ــى‬
‫املضارع عينته للحال ‪.‬‬

‫الم رجح الث اني ‪ :‬العام ـ ـ ــل الت ـ ـ ــارخيي املتمث ـ ـ ــل يف ك ـ ـ ــون الس ـ ـ ــورة مكي ـ ـ ــة ؛ وحين ـ ـ ــذاك مل‬
‫يكن قد حرم شيء من احليوان غري األربعة املذكورة يف هذه اآلية ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪٢١6-٢١5‬‬


‫‪212‬‬
‫قلـ ـ ــت ‪ :‬وميكـ ـ ــن أن يعـ ـ ــرتض عليـ ـ ــه بـ ـ ــأن هـ ـ ــذا احلصـ ـ ــر املـ ـ ــذكور يف إباحـ ـ ــة غـ ـ ــري األربعـ ـ ــة‬
‫امل ـ ــذكورة يف ه ـ ــذه اآلي ـ ــة ج ـ ــاء يف س ـ ــورتني أخ ـ ـريني مه ـ ــا س ـ ــورة النح ـ ــل وه ـ ــي مكي ـ ــة وذل ـ ــك يف‬
‫سورة البقرة وهي مدنية يف قوله تعاىل‪  :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ‪ [ ‬البقرة ‪.] ٢٠3 :‬‬

‫ولـ ــئن س ـ ـلِّم لـ ــه هـ ــذا الوجـ ــه يف آيـ ــيت النحـ ــل واألنعـ ــام ألهنمـ ــا مكيتـ ــان فإنـ ــه ال يسـ ــلم لـ ــه‬
‫يف البق ـ ــرة ال ـ ــيت ه ـ ــي مدني ـ ــة ؛ فب ـ ــان م ـ ــن ذل ـ ــك أن ه ـ ــذا احلص ـ ــر مس ـ ــتقر ح ـ ــىت بع ـ ــد تش ـ ـ ـريع‬
‫الشريعة واستقرارها ‪.‬‬

‫وأم ـ ــا قول ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬أن ـ ــه ك ـ ــان يظ ـ ــن أن ـ ــه مل يس ـ ــبق هل ـ ــذا الوج ـ ــه فعجي ـ ــب ألن الوج ـ ــه‬
‫(‪)٢‬‬
‫املذكور موجود يف جل التفاسري قبل اخلازن وبعده‪.‬‬

‫‪– 2‬ترجيح قول بتقديمه مع االستدالل له وتضعيف غيره ‪:‬‬

‫ومـ ـ ـ ــن ذلـ ـ ـ ــك قولـ ـ ـ ــه ‪-‬رمحـ ـ ـ ــه اهلل‪" ( : -‬قـ ـ ـ ــل للمخلفـ ـ ـ ــني" مـ ـ ـ ــن األع ـ ـ ـ ـراب أهـ ـ ـ ــل الباديـ ـ ـ ــة‬
‫"س ـ ـ ـ ــتدعون" أي تـ ـ ـ ـ ــؤمرون بقتـ ـ ـ ـ ــال ق ـ ـ ـ ــوم "أويل بـ ـ ـ ـ ــأس شـ ـ ـ ـ ــديد" ال يق ـ ـ ـ ــدم علـ ـ ـ ـ ــى قتـ ـ ـ ـ ــاهلم إال‬
‫الص ـ ــادقون املخلص ـ ــون ال ـ ــذين يري ـ ــدون وج ـ ــه اهلل ‪ ،‬وق ـ ــد اختل ـ ــف املفس ـ ــرون يف ه ـ ــؤالء الق ـ ــوم‬
‫فقي ـ ــل ه ـ ــم ه ـ ـ ـوازن وثقي ـ ــف ال ـ ــذين ق ـ ــاتلهم رس ـ ــول اهلل ‪ - -‬بع ـ ــد فـ ـ ــتح مكـ ـ ــة وه ـ ــذا ه ـ ــو‬
‫الص ــحيح ‪ ،‬وقي ــل ه ــم بن ــو حنيف ــة ال ــذين ارت ــدوا ع ــن اإلس ــالم وق ــاتلهم أب ــو بك ــر الص ــديق ‪،‬‬
‫ومع ـ ــه أص ـ ــحاب رس ـ ــول اهلل‪ -  -‬مجيعـ ـ ــا ‪ ،‬وقي ـ ــل ف ـ ــارس والـ ـ ــروم ‪ ،‬وال يصـ ـ ــح ش ـ ــيء مـ ـ ــن‬
‫ذل ـ ــك القيـ ـ ــل لقول ـ ــه ‪" :‬تقـ ـ ــاتلوهنم أو يس ـ ــلمون" وهـ ـ ــذا ال ينطب ـ ــق إال علـ ـ ــى الع ـ ــرب املشـ ـ ــركني‬
‫إن كان الداعي هو رسول اهلل ‪ --‬وإال فإنه ينطبق على بين حنيفة أيضا )(‪.)١‬‬

‫(‪ )٢‬انظر مثال ‪ :‬تفسري الرازي (‪ )٢٠٠ /٢3‬وهو متقدم على اخلازن ؛ وانظر التفاسري املتأخرة عنه جتدها ذكرت هذا‬
‫الوجه أيضا ‪.‬‬
‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ص ‪.5٢‬‬
‫‪213‬‬
‫واملالحـ ـ ــظ يف هـ ـ ــذا الـ ـ ــنص أن الشـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ -‬قـ ـ ــدم القـ ـ ــول ال ـ ـ ـراجح عنـ ـ ــده ونـ ـ ــص‬
‫عل ـ ــى رجحان ـ ــه بقول ـ ــه "وه ـ ــذا ه ـ ــو الص ـ ــحيح " مث ذك ـ ــر األقـ ـ ـوال املرجوح ـ ــة ‪ ،‬مث اس ـ ــتدل عل ـ ــى‬
‫ترجيحـ ــه بـ ــاللفظ القـ ــرآين مبينـ ــا أنـ ــه ال ينطبـ ــق إال علـ ــى ه ـ ـوازن وثقيـ ــف إن كـ ــان الـ ــداعي هـ ــو‬
‫رسول اهلل ‪ -  -‬أو على بين حنيفة إن كان الداعي غريه ‪.--‬‬

‫وميكـ ــن أن يعـ ــرتض علـ ــى تـ ــرجيح الشـ ــيخ ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬بـ ــأن دليـ ــل الرتجـ ــيح منطبـ ــق علـ ــى‬
‫مجيع الطوائف اليت قيل هبا يف تفسري اآلية الكرمية‪.‬‬

‫وميك ـ ــن أن جي ـ ــاب عن ـ ــه ب ـ ــأن الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬اش ـ ــرتط يف ذل ـ ــك أن يك ـ ــون ال ـ ــداعي‬
‫ه ـ ـ ــو رس ـ ـ ــول اهلل ‪ --‬؛ وه ـ ـ ــذا ال ينطب ـ ـ ــق إال عل ـ ـ ــى هـ ـ ـ ـوازن وثقي ـ ـ ــف؛ حي ـ ـ ــث أن ال ـ ـ ــداعي‬
‫لفارس والروم ‪ ،‬واملقاتل لبين حنيفة إمنا هم الصحابة ‪ -‬رضوان اهلل تعاىل عليهم ‪. -‬‬

‫ويعـ ـ ــرتض علـ ـ ــى هـ ـ ــذا بـ ـ ــأن التعبـ ـ ــري القـ ـ ــرآين باملضـ ـ ــارع املبـ ـ ــين للمجهـ ـ ــول يف قولـ ـ ــه تعـ ـ ــاىل‬
‫"س ـ ـ ــتدعون" ص ـ ـ ـ ـريح يف أن ـ ـ ــه ل ـ ـ ــي بالض ـ ـ ــرورة أن يك ـ ـ ــون ال ـ ـ ــداعي للقت ـ ـ ــال ه ـ ـ ــو رسـ ـ ـ ــول اهلل‬
‫‪ - -‬؛ بل جائز أن يكون هو أو واحد من خلفاء املسلمني من بعده ‪.‬‬

‫وهل ـ ــذا رج ـ ــح إم ـ ــام املفسـ ـ ـرين اب ـ ــن جري ـ ــر الط ـ ــربي ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬التوق ـ ــف يف تعي ـ ــني ه ـ ــؤالء‬
‫(‪)٢‬‬
‫القوم ؛ وجوز أن تكون اآلية منطبقة على اجلميع أو على البعض ‪.‬‬

‫وميكـ ــن أن يسـ ــتدل لرتج ـ ــيح الشـ ــيخ بـ ــأن مش ـ ــركي العـ ــرب هـ ــم ال ـ ــذين ال يقبـ ــل م ـ ــنهم إال‬
‫اإلسالم أو السيف ‪.‬‬

‫قلـ ــت ‪ :‬وميك ـ ــن أن يع ـ ــرتض علي ـ ــه ب ـ ــأن اإلسـ ــالم امل ـ ــذكور يف اآلي ـ ــة الكرمي ـ ــة "تق ـ ــاتلوهنم أو‬
‫يس ـ ــلمون" ميك ـ ــن أن حيم ـ ــل عل ـ ــى اإلس ـ ــالم اللغ ـ ــوي فيش ـ ــمل االستسـ ـ ــالم للجزيـ ـ ــة واإلس ـ ــالم‬

‫(‪ )٢‬تفسري الطربي = جامع البيان ت شاكر (‪)١١٢ /١١‬‬


‫‪214‬‬
‫الشـ ـ ــرعي وغريهـ ـ ــا ؛ وحينئـ ـ ــذ فهـ ـ ــو مقبـ ـ ــول مـ ـ ــن مجيـ ـ ــع األصـ ـ ــناف املـ ـ ــذكورة يف تفسـ ـ ــري اآليـ ـ ــة‬
‫الكرمية ‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر أن للمفسرين يف هؤالء القوم مخسة أقوال ‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬أهنم أهل فارس‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬الروم‬

‫الثالث‪ :‬هوازن وغطفان حبنني ‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب‬

‫(‪)٢‬‬
‫اخلام ‪ :‬أهنم قوم مل يأتوا بعد ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ترجيح قول بتأخيره مع االستدالل له ‪:‬‬

‫وم ـ ـ ـ ــن ذل ـ ـ ـ ــك قول ـ ـ ـ ــه ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ ( : -‬اعل ـ ـ ـ ــم أيض ـ ـ ـ ــا أن بع ـ ـ ـ ــض أص ـ ـ ـ ــحاب رس ـ ـ ـ ــول اهلل‬
‫‪ --‬كعب ـ ـ ــد اهلل ب ـ ـ ــن عم ـ ـ ــر – رض ـ ـ ــي اهلل عنهم ـ ـ ــا ‪ -‬مل ي ـ ـ ــروا القت ـ ـ ــال م ـ ـ ــع عل ـ ـ ــي وال م ـ ـ ــع‬
‫عثم ـ ـ ــان اجته ـ ـ ــادا م ـ ـ ــنهم ‪ ،‬والص ـ ـ ـ ـواب ال ـ ـ ــذي ال ش ـ ـ ــك في ـ ـ ــه م ـ ـ ــا ذه ـ ـ ــب ]إلي ـ ـ ــه[(‪ )١‬مجه ـ ـ ــور‬
‫الص ــحابة م ــن قت ــال البغ ــاة اخل ــارجني عل ــى أئم ــة احل ــق‪ ،‬لق ــول اهلل تع ــاىل يف س ــورة احلج ـ ـرات‪:‬‬
‫"وإن طائفت ـ ــان" اآلي ـ ــة فقت ـ ــال اخل ـ ــارجني عل ـ ــى عثم ـ ــان واخل ـ ــارجني عل ـ ــى عل ـ ــي ه ـ ــو احل ـ ــق ب ـ ــال‬
‫(‪)3‬‬
‫ش ـ ـ ــك ‪ ،‬هل ـ ـ ــذه اآلي ـ ـ ــة‪ ،‬ولق ـ ـ ــول رس ـ ـ ــول اهلل ‪" : --‬وي ـ ـ ــح عم ـ ـ ــار تقتل ـ ـ ــه الفئ ـ ـ ــة الباغي ـ ـ ــة "‬

‫(‪ )٢‬تفسري املاوردي = النكت والعيون (‪)3٢6-3٢5 /5‬‬


‫(‪ )١‬ليست كلمة ‪" :‬إليه" يف األصل وقد أضفتها حلاجة اللفظ إليها‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري كتاب الصالة باب التعاون يف بناء املساجد حديث رقم ‪. )9٠ /٢( 44٠‬‬
‫‪215‬‬
‫وك ـ ـ ــان عم ـ ـ ــار يقات ـ ـ ــل م ـ ـ ــع عل ـ ـ ــي فقتل ـ ـ ــه ج ـ ـ ــيش معاوي ـ ـ ــة ‪ ،‬وق ـ ـ ــال الن ـ ـ ــيب ‪" :--‬إذا بوي ـ ـ ــع‬
‫خلليفتني فاقتلوا اآلخر منهما"(‪.)١())٢‬‬

‫وم ــن نظـ ــر يف ه ــذا ال ــنص وجـ ــد الشـ ــيخ ‪-‬رمح ــه اهلل‪ -‬رج ــح مـ ــذهب اجلمهـ ــور لكنـ ــه ب ــدأ‬
‫بقول عبد اهلل بن عمر وبعض الصحابة الذين رأوا عدم القتال يف تلك الفتنة وجتنبها‪.‬‬

‫وق ـ ــد اس ـ ــتدل الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬عل ـ ــى ترجيح ـ ــه للقت ـ ــال م ـ ــع عل ـ ــي ؛ وك ـ ــون احل ـ ــق مع ـ ــه‬
‫بأدلة هي ‪:‬‬

‫أ – ظاهر القرآن الكرمي يف قوله تعاىل ‪" :‬وإن طائفتان"‬

‫ووجـ ــه االسـ ــتدالل هبـ ــا أن فئـ ــة علـ ــي ‪ --‬هـ ــي صـ ــاحبة احلـ ــق األصـ ــلي ؛ وفئـ ــة معاويـ ــة‬
‫‪ --‬تأول ـ ـ ـ ــت واس ـ ـ ـ ــتعجلت يف تنفي ـ ـ ـ ــذ أحك ـ ـ ـ ــام قب ـ ـ ـ ــل أن يس ـ ـ ـ ــتتب األم ـ ـ ـ ــر لعل ـ ـ ـ ــي ‪--‬؛‬
‫فك ـ ـ ــان الواج ـ ـ ــب ه ـ ـ ــو قت ـ ـ ــال الفئ ـ ـ ــة الباغي ـ ـ ــة‪ ،‬ونص ـ ـ ــر ويل أم ـ ـ ــر املس ـ ـ ــلمني وخليف ـ ـ ــتهم عل ـ ـ ــي‬
‫‪.--‬‬

‫ب – قوله ‪" : -  -‬ويح عمار تقتله الفئة الباغية"‬

‫قل ـ ـ ــت ‪ :‬واحل ـ ـ ــديث يعت ـ ـ ــرب نص ـ ـ ــا يف املس ـ ـ ــألة وم ـ ـ ــن الغري ـ ـ ــب ع ـ ـ ــدول ال ـ ـ ــبعض عن ـ ـ ــه م ـ ـ ــع‬
‫ص ـ ـراحته وصـ ــحته ؛ وقـ ــد حكـ ــم فيـ ــه رسـ ــول اهلل ‪ --‬بـ ــأن الفئـ ــة الباغيـ ــة هـ ــي الـ ــيت سـ ــتقتل‬
‫عمارا وقد قتله جيش معاوية ‪ ،--‬وهذا احلديث من عالمات النبوة‪.‬‬

‫ج – حديث ‪" :‬إذا بويع خلليفتني فاقتلوا اآلخر منهما"‬

‫ووجه االستدالل هبذا احلديث من أوجه ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح مسلم كتاب اإلمارة باب إذا بويع خلليفتني حديث رقم ‪( -49٠5‬ج‪/ 6‬ص‪.)١3‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.45٠-449/٢‬‬
‫‪216‬‬
‫الوج ه األول ‪ :‬أن علي ـ ـ ــا ‪ - -‬ق ـ ـ ــد بوي ـ ـ ــع باخلالف ـ ـ ــة قب ـ ـ ــل معاوي ـ ـ ــة ب ـ ـ ــزمن ؛ فك ـ ـ ــان‬
‫الواج ــب قتـ ــل كـ ــل مـ ــن يطالـ ــب باخلالفـ ــة بع ــد ذلـ ــك دعمـ ــا لوحـ ــدة املسـ ــلمني ‪ ،‬وعمـ ــال بـ ــأمر‬
‫رسول اهلل ‪ --‬وحسما ملادة اخلالف يف األمة‪.‬‬

‫الوج ه الث اني ‪ :‬دالل ــة احل ــديث عل ــى بطـ ــالن بيع ــة معاوي ــة ألهن ــا أت ــت بع ــد بيع ــة علـ ــي‬
‫واملبين على باطل باطل ‪.‬‬

‫الوج ه الثال ث ‪ :‬أن ـ ـ ـ ــه ال جي ـ ـ ـ ــوز تع ـ ـ ـ ــدد خلف ـ ـ ـ ــاء املس ـ ـ ـ ــلمني؛ ي ـ ـ ـ ــل جي ـ ـ ـ ــب أن يك ـ ـ ـ ــون‬
‫للمس ـ ــلمني خليف ـ ــة واح ـ ــد جت ـ ــب ل ـ ــه الطاع ـ ــة‪ ،‬ول ـ ــذا ق ـ ــال ‪" :--‬إذا بوي ـ ـع خلليفت ـ ــني ف ـ ــاقتلوا‬
‫اآلخر منهما"‪.‬‬

‫ف ـ ــال جي ـ ــوز إذن تع ـ ــدد اخللف ـ ــاء؛ وال ميك ـ ــن وج ـ ــود خليفت ـ ــني جت ـ ــب هلم ـ ــا الطاع ـ ــة يف نف ـ ـ‬
‫الوقت‪..‬‬

‫وق ـ ــد اس ـ ــتثل بع ـ ــض أه ـ ــل العل ـ ــم حال ـ ــة واح ـ ـدة وه ـ ــي أن يتباع ـ ــد اخلليفت ـ ــان ج ـ ــدا ومث ـ ــل‬
‫لذلك باألندل وخراسان؛ فأجاز الطاعة هلما معا كل يف حمله‪.‬‬

‫قلت ويرد عليه من وجهين‪:‬‬

‫أ – أن ـ ـ ــه خم ـ ـ ــالف لظ ـ ـ ــاهر احل ـ ـ ــديث الص ـ ـ ــحيح املتق ـ ـ ــدم‪ ،‬واالجته ـ ـ ــاد م ـ ـ ــع وج ـ ـ ــود ال ـ ـ ــنص‬
‫يسمى فاسد االعتبار عند األصوليني ؛ فال يعول عليه ‪.‬‬

‫ب – أنه شاذ فلم يقل به من أهل العلم إال أقل القليل(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)3٢ /٢‬‬


‫‪217‬‬
‫‪ – 4‬تفس ير اآلي ة ب القول ال راجح عن ده م ع اإلش ارة إل ى الق ول المرج وح‬
‫بصيغة التمريض ‪:‬‬

‫وم ـ ـ ـ ــن ذل ـ ـ ـ ــك قول ـ ـ ـ ــه ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ " :-‬م ـ ـ ـ ــن املعل ـ ـ ـ ــوم أن قول ـ ـ ـ ــه تع ـ ـ ـ ــاىل ‪" :‬ف ـ ـ ـ ــاتقوا اهلل م ـ ـ ـ ــا‬
‫اس ـ ــتطعتم" م ـ ــن س ـ ــورة التغ ـ ــابن وه ـ ــي مكي ـ ــة‪ ،‬وقول ـ ــه تع ـ ــاىل ‪" :‬اتقـ ـ ـوا اهلل ح ـ ــق تقات ـ ـه" م ـ ــن آل‬
‫عم ـ ـ ـران ‪ ،‬وهـ ـ ــي مدنيـ ـ ــة‪ ،‬واآليـ ـ ــة املكيـ ـ ــة متقدمـ ـ ــة علـ ـ ــى اآليـ ـ ــة املدنيـ ـ ــة ؛ فكيـ ـ ــف تنسـ ـ ــخها ؟‬
‫(‪)٢‬‬
‫فالقول بالنسخ سهو‪ ،‬والصواب أهنا حمكمة كما قال ابن عباس "‪.‬‬

‫ويف ه ـ ـ ــذا ال ـ ـ ــنص ي ـ ـ ــرجح الش ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ -‬ع ـ ـ ــدم نس ـ ـ ــخ قول ـ ـ ــه تع ـ ـ ــاىل "ف ـ ـ ــاتقوا اهلل"‬
‫ويـ ـ ــنص عل ـ ـ ــى ذل ـ ـ ــك ص ـ ـ ـراحة فيق ـ ـ ــول ‪" :‬والص ـ ـ ـواب أهن ـ ـ ــا حمكمـ ـ ــة" مض ـ ـ ــعفا الق ـ ـ ــول بالنس ـ ـ ــخ‬
‫مش ـ ـريا لـ ــه بقولـ ــه ‪":‬فـ ــالقول بالنسـ ــخ سـ ــهو" مسـ ــتدال علـ ــى ترجيحـ ــه عـ ــدم النسـ ــخ بـ ــأن اآليـ ــة‬
‫األوىل مكية والثانية مدنية ؛ فكيف ينسخ املتقدم املتأخر ؟‬

‫قلت ‪ :‬ويعرتض على دليل الشيخ يف ترجيحه من وجهني ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬أن التحقيق أن اآليتني مدنيتان ؛ فال مانع من النسخ ‪.‬‬

‫ب – أن ـ ــه مم ـ ــا يق ـ ــوي كوهنم ـ ــا م ـ ــدنيتان اخ ـ ــتالف أه ـ ــل العل ـ ــم يف النس ـ ــخ؛ إذ ل ـ ــو ك ـ ــان‬
‫األمر كما قال الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬فكيف خيتلف حىت الصحابة ‪ --‬يف النسخ ؟‬

‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫وهل ـ ـ ــذا ق ـ ـ ــال اإلم ـ ـ ــام الش ـ ـ ــاطيب ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ " : -‬وق ـ ـ ــال قت ـ ـ ــادة يف قول ـ ـ ــه‪:‬‬
‫ﭪ ﭼ ]آل عم ـ ـ ـ ـران‪ [ ٢٠١ :‬إنـ ـ ـ ــه منسـ ـ ـ ــوخ بقولـ ـ ـ ــه‪ :‬ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ ]التغـ ـ ـ ــابن‪ [٢6 :‬وقالـ ـ ـ ــه‬
‫الربي ــع بـ ــن أن ـ ـ والسـ ــدي واب ــن زيـ ــد ‪ ،‬وهـ ــذا مـ ــن الط ـ ـراز املـ ــذكور؛ ألن اآليتـ ــني مـ ــدنيتان‪ ،‬ومل‬
‫تنـ ـ ـزال إال بع ـ ــد تقري ـ ــر أن ال ـ ــدين ال ح ـ ــرج في ـ ــه‪ ،‬وأن التكلي ـ ــف مب ـ ــا ال يس ـ ــتطاع مرف ـ ــوع فص ـ ــار‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١٠6/٢‬‬


‫‪218‬‬
‫قول ـ ـ ــه‪:‬‬ ‫مع ـ ـ ــل قول ـ ـ ــه‪ :‬ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ ]آل عمـ ـ ـ ـران‪ : [٢٠١ :‬فيم ـ ـ ــا اس ـ ـ ــتطعتم وه ـ ـ ــو مع ـ ـ ــل‬
‫ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ ]التغـ ـ ـ ـ ــابن‪[٢6 :‬؛ فإمنـ ـ ـ ـ ــا أرادوا بالنسـ ـ ـ ـ ــخ أن إطـ ـ ـ ـ ــالق سـ ـ ـ ـ ــورة آل عم ـ ـ ـ ـ ـران‬
‫(‪)٢‬‬
‫مقيدة بسورة التغابن "‪.‬‬

‫‪ – 5‬االقتصار على قول واحد في تفسير اآلية مع وجود غيره‪:‬‬

‫ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬

‫( الذي يظهر يل أن املراد بالزكاة هنا الصدقة املطلقة‪ ،‬وهي‬ ‫ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ ]فصلت‪:[ ٠-6:‬‬

‫ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫مشروعة من أول اإلسالم‪ ،‬قال تعاىل يف سورة املعارج وهي مكية‪:‬‬
‫الذاريات‪:‬ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ‬ ‫وقال تعاىل يف سورة‬ ‫ﮘ ﭼ ]املعارج‪[١4 :‬‬

‫]الذاريات‪ [٢5 :‬فقد أثبت اهلل سبحانه وتعاىل حقا للفقراء واملساكني يف أموال األغنياء يف هاتني‬
‫ﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫السورتني املكيتني قبل أن يفرض الزكاة‪ ،‬وقال تعاىل يف سورة الليل وهي مكية‪:‬‬
‫ﮫ ﭼ ]الليل‪ [5 :‬وقال تعاىل يف سورة الضحى‪ :‬ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ]الضحى‪ [9 :‬وقال تعاىل‬
‫ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫يف سورة املاعون ‪:‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ [ املاعون‪ ] ٠ - 4 :‬أي مينعون إعارة ما يستعان به من األواين واألدوات‪،‬‬
‫اآليات (‪.)١‬‬ ‫القيامة‪ :‬ﭽ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﭼ [القيامة‪]3٢:‬‬ ‫وقال تعاىل يف سورة‬

‫وبـ ـ ــالنظر يف هـ ـ ــذا الـ ـ ــنص جن ـ ـ ــد الشـ ـ ــيخ ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ -‬اقتصـ ـ ــر عل ـ ـ ــى ذكـ ـ ــر القـ ـ ــول ال ـ ـ ــذي‬
‫يظه ـ ـ ــر ل ـ ـ ــه رجحان ـ ـ ــه معتم ـ ـ ــدا عل ـ ـ ــى أن الق ـ ـ ــول املرج ـ ـ ــوح معل ـ ـ ــوم مع ـ ـ ــروف؛ مث اس ـ ـ ــتدل عل ـ ـ ــى‬
‫ترجيح ـ ـ ـ ــه بآي ـ ـ ـ ــات كث ـ ـ ـ ــرية ؛ وعم ـ ـ ـ ــدة الرتج ـ ـ ـ ــيح عن ـ ـ ـ ــده أن اهلل تع ـ ـ ـ ــاىل ف ـ ـ ـ ــرض حق ـ ـ ـ ــا للفقـ ـ ـ ـ ـراء‬
‫واملساكني يف أموال األغنياء يف سور مكية قبل أن تفرض الزكاة املعروفة‪.‬‬

‫(‪ )٢‬املوافقات (‪ )358-35٠ /3‬وراجع نواسخ القرآن البن اجلوزي = ناسخ القرآن ومنسوخه (‪)3١8 /٢‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪ ١5٢/١‬وكذلك يف ‪5٢٢/٢‬‬
‫‪219‬‬
‫وميكن أن يعرتض على ترجيح الشيخ هذا من أوجه ‪:‬‬

‫أ – أن الزك ـ ـ ــاة حقيقـ ـ ـ ـة ش ـ ـ ــرعية يف زك ـ ـ ــاة األمـ ـ ـ ـوال الواجب ـ ـ ــة؛ واحلقيق ـ ـ ــة الش ـ ـ ــرعية مقدم ـ ـ ــة‬
‫على اللغوية والعرفية‪ ،‬كما هو معلوم‪.‬‬

‫تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاىل‪ :‬ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ب – أن يف قول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬


‫ﮔ ﭼ ]فصـ ـ ـ ـلت‪ [ ٠-6 :‬دلي ـ ـ ــل عل ـ ـ ــى أن املقص ـ ـ ــود الزك ـ ـ ــاة املفروض ـ ـ ــة ألهن ـ ـ ــا ه ـ ـ ــي ال ـ ـ ــيت‬ ‫ﮓ‬

‫يوج ـ ــب منعه ـ ــا تل ـ ــك الص ـ ــفات ؛ وإال ف ـ ــإن الص ـ ــدقة ال ـ ــيت ال جت ـ ــب ال يس ـ ــتحق مانعه ـ ــا ك ـ ــل‬
‫تلك الصفات من الذم‪.‬‬

‫ج – أن الزك ـ ــاة فرض ـ ــت يف مك ـ ــة ب ـ ــدليل قول ـ ــه تعـ ـ ــاىل يف سـ ـ ــورة األنعـ ـ ــام وه ـ ــي مكي ـ ــة ‪:‬‬
‫ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙﭼ [ األنع ـ ـ ـ ــام ‪ ] ٢4٢ :‬وإمن ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ــذي ف ـ ـ ـ ــرض يف املدين ـ ـ ـ ــة ه ـ ـ ـ ــو الزك ـ ـ ـ ــاة‬
‫(‪)٢‬‬
‫ذات األنصبة واملقادير اخلاصة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المرجحات التي يكثر الشيخ ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬من الترجيح بها ‪:‬‬

‫‪ – 0‬الترجيح بالسنة ‪:‬‬

‫ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عند تفسري قوله تعاىل‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬

‫ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﭼ‬

‫]األنعام‪ " : [٢36 :‬عندي وجه آخر يف تفسري هذه اآلية أخذته من حديث النيب ‪ --‬وهو أن‬
‫املشركني يشركون باهلل يف صدقاهتم ؛ فيجعلون بعض أمواهلم صدقة هلل يعطوهنا املساكني لوجه‬
‫اهلل‪ ،‬وجيعلون بعض أمواهلم نذورا وصدقات آلهلتهم وأوليائهم وشركائهم من املالئكة واجلن‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن كثري ت سالمة (‪)46١ /5‬‬


‫‪201‬‬
‫واألشياء املنسوبة إليهم من هياكل ومتاثيل وصور ‪ ،‬وهي أصنام وقباب وأحجار‬ ‫واإلن‬
‫وأشجار ومياه ‪ ،‬وغري ذلك من اجلمادات ‪ ،‬وهي األوثان ؛ فما كان من الصدقات والنذور‬
‫لشركائهم فال يصل إىل اهلل أي ال يتقبله اهلل؛ ألنه مل يقصد به وجه اهلل‪ ،‬وما كان هلل من‬
‫صدقاهتم ونذورهم فهو يصل إىل شركائهم ؛ ألن اهلل ال يقبله ؛ بل يرتكه ألولئك الشركاء ؛ ألنه‬
‫(‪)٢‬‬
‫خري الشريكني "‪.‬‬

‫وه ـ ــذا الرتج ـ ــيح وجي ـ ــه واألحادي ـ ــث ت ـ ــدل علي ـ ــه بش ـ ــكل ص ـ ـ ـريح كح ـ ــديث ‪" :‬أن ـ ــا أغ ـ ــل‬
‫الشركاء عن الشرك"(‪ )١‬احلديث وغريه ‪.‬‬

‫‪ – 2‬الترجيح بتاريخ النزول ‪:‬‬

‫وم ـ ــن ذل ـ ــك قول ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ ( : -‬قول ـ ــه ‪" :‬واس ـ ــتدلت ب ـ ــه احلنفي ـ ــة عل ـ ــى جـ ـ ـواز العق ـ ــود‬
‫الفاسـ ـ ـ ــدة يف دار احلـ ـ ـ ــرب ‪ "..‬إخل ‪ ،‬يعـ ـ ـ ــين أن احلنفيـ ـ ـ ــة اسـ ـ ـ ــتدلوا مبراهنـ ـ ـ ــة أيب بكـ ـ ـ ــر الصـ ـ ـ ــديق‬
‫‪ -‬رضـ ــي اهلل تعـ ــاىل عنـ ــه ‪ -‬مـ ــع أيب بـ ــن خلـ ــف ‪ ،‬وعلـ ــم النـ ــيب ‪ --‬بـ ــذلك وإق ـ ـراره عليـ ــه ‪،‬‬
‫وأ ْمـ ـ ـ ُره أب ـ ــا بك ـ ــر أن يتص ـ ــدق مب ـ ــا رحب ـ ــه م ـ ــن اإلب ـ ــل (‪ ، )3‬اس ـ ــتدلوا ب ـ ــذلك عل ـ ــى جـ ـ ـواز القم ـ ــار‬
‫وغ ـ ــريه م ـ ــن العق ـ ــود احملرم ـ ــة ‪ ،‬م ـ ــع أع ـ ــداء اإلس ـ ــالم يف دار احل ـ ــرب ‪ ،‬وم ـ ــن ذل ـ ــك الش ـ ــافعية ‪،‬‬
‫وأج ـ ــابوا ع ـ ــن االحتج ـ ــاج بفع ـ ــل أيب بك ـ ــر أن ذل ـ ــك ك ـ ــان قب ـ ــل أن حي ـ ــرم القم ـ ــار ‪ ،‬وحينئ ـ ــذ ال‬
‫حج ـ ــة في ـ ــه عل ـ ــى ج ـ ـ ـواز القم ـ ــار م ـ ــع احمل ـ ــاربني وال غ ـ ــريه مـ ـ ــن احملرم ـ ــات كالربـ ـ ــا ؛ ف ـ ــال جي ـ ــوز‬
‫التعامـ ـ ـ ــل بالربـ ـ ـ ــا ‪ ،‬ال مـ ـ ـ ــع املسـ ـ ـ ــلمني وال مـ ـ ـ ــع املسـ ـ ـ ــاملني ‪ ،‬وال مـ ـ ـ ــع احملـ ـ ـ ــاربني ‪ ،‬وهـ ـ ـ ــذا هـ ـ ـ ــو‬
‫الص ــحيح ؛ ألن املراهن ــة عل ــى م ــا يظه ــر كان ــت يف مك ــة قب ــل اهلج ــرة ‪ ،‬ويؤي ــد ذل ــك م ــا ج ــاء‬
‫يف بعض روايات احلديث أن هزمية الروم وقعت بعد املراهنة بسبع سنني‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.٢٢١-٢٢٢‬‬


‫(‪ )١‬صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق باب من أشرك يف عمله غري اهلل حديث رقم ‪)١١89 /4( ١985‬‬
‫(‪ )3‬سنن الرتمذي كتاب أبواب تفسري القرآن الكرمي ‪ ،‬باب ومن سورة الروم حديث رقم ‪)344 /5( 3٢94‬‬
‫‪200‬‬
‫ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭼ ]املائ ـ ــدة‪[9٠:‬‬ ‫وم ـ ــن املعل ـ ــوم أن آي ـ ــة حت ـ ــرمي القم ـ ــار‪ ،‬وه ـ ــي قول ـ ــه تع ـ ــاىل‪:‬‬
‫نزلت باملدينة )(‪.)٢‬‬
‫والش ـ ــيخ هب ـ ــذا ال ـ ــنص يك ـ ــون ق ـ ــد رج ـ ــح حت ـ ــرمي القم ـ ــار م ـ ــع احمل ـ ــاربني ؛ مرجح ـ ــا ب ـ ــذلك‬
‫مذهب الشافعية بقوله ‪" :‬وهذا هو الصحيح " مستدال بأدلة من أمهها ‪:‬‬
‫أ – تاريخ نزول حترمي القمار‪ ،‬وأنه كان يف املدينة ؛ ومراهنة أيب بكر كانت مبكة‪.‬‬
‫قل ـ ــت ‪ :‬وي ـ ــدل عل ـ ــى أن وق ـ ــت املراهن ـ ــة مل يك ـ ــن الره ـ ــان ق ـ ــد ح ـ ــرم م ـ ــا ذك ـ ــر يف بع ـ ــض‬
‫(‪)١‬‬
‫ألفاو احلديث صرحيا "وذلك قبل حترمي الرهان"‪.‬‬
‫ب – أن ـ ــه مم ـ ــا ي ـ ــدل علـ ـ ــى أن املراهن ـ ــة كان ـ ـ ـت مبك ـ ــة قب ـ ــل حت ـ ــرمي القم ـ ــار أن ـ ــه يف بع ـ ــض‬
‫روايات حديث املراهنة أن هزمية الروم وقعت بعدها بسبع سنني‪.‬‬

‫وح ــديث املراهنـ ــة قـ ــال الرتمـ ــذي بعـ ــد روايتـ ــه لـ ــه‪ " :‬هـ ــذا حـ ــديث حسـ ــن صـ ــحيح غريـ ــب‬
‫(‪)3‬‬
‫ال نعرفه إال من حديث عبد الرمحن بن أيب الزناد "‪.‬‬

‫قل ـ ــت‪ :‬وعب ـ ــد ال ـ ــرمحن ب ـ ــن أيب الزن ـ ــاد رغ ـ ــم أن ـ ــه م ـ ــن رجـ ـ ـال مس ـ ــلم‪ ،‬وروى ل ـ ــه البخ ـ ــاري‬
‫تعليقا إال أن احملدثني خمتلفون فيه ‪.‬‬

‫والذي مال إليه الرتمذي والذهيب واأللباين حتسني حديثه‪.‬‬

‫وه ـ ـ ــذا احل ـ ـ ــديث رغ ـ ـ ــم حتس ـ ـ ــني الش ـ ـ ــيخ األلب ـ ـ ــاين ل ـ ـ ــه إال أن ش ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ــالم اب ـ ـ ــن تيمي ـ ـ ــة‬
‫‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ -‬اعت ـ ـ ــربه م ـ ـ ــن قبي ـ ـ ــل املت ـ ـ ـ ـواتر ؛ وأن احلسـ ـ ـ ــن إمن ـ ـ ــا ه ـ ـ ــو الوج ـ ـ ــه ال ـ ـ ــذي رواه من ـ ـ ــه‬
‫الرتمذي؛ فليتنبه هلذا‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تقومي اللسانني ص ‪.١٠‬‬


‫(‪ )١‬سنن الرتمذي (‪.)345 /5‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫تنبيـ ـ ــه ‪ :‬ال ـ ـ ــذي فهمت ـ ـ ــه مـ ـ ــن ك ـ ـ ــالم أه ـ ـ ــل العلـ ـ ــم يف عب ـ ـ ــد ال ـ ـ ــرمحن بـ ـ ــن أيب الزن ـ ـ ــاد ميك ـ ـ ــن‬
‫تلخيصه يف نقطتني ‪:‬‬

‫أ – أن حديثه يف املدينة ال بأس به ‪ ،‬وحديثه يف العراق مضطرب‪.‬‬

‫ب – أن روايته عن أبيه أضعف من روايته عن غريه ‪.‬‬

‫ولذا قال صاحل جزرة فيه ‪" :‬قد روى عن أبيه أشياء مل يروها غريه"(‪.)٢‬‬

‫‪ – 3‬الترجيح بظاهر اللفظ القرآني ‪:‬‬

‫وذل ـ ــك أن الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬ق ـ ــد ي ـ ــرجح ق ـ ــوال بقرين ـ ــة يف نفـ ـ ـ س ـ ــياق ظ ـ ــاهر اللف ـ ــظ‬
‫القرآين ‪.‬‬

‫ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬قوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬

‫أي نوح هدينا داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون ‪ ،‬وكذلك‬ ‫ﮇ ﭼ ] األنعام‪[84 :‬‬

‫اجلزاء الذي جزينا إبراهيم جنزي احملسنني من األنبياء والصاحلني يف كل زمان ومكان ‪ ،‬وإمنا عاد‬
‫من ذرية إبراهيم ‪ ،‬وإمنا هو‬ ‫الضمري يف "ذريته" على نوح ملا سيأيت من ذكر لوط ؛ ألنه لي‬
‫ابن أخيه)(‪.)١‬‬

‫والشـ ــيخ هنـ ــا ق ـ ــد رجـ ــح عـ ــود الض ـ ــمري علـ ــى ن ـ ــوح بقرينـ ــة ظـ ــاهرة يف اللف ـ ــظ القـ ــرآين ه ـ ــي‬
‫عطـ ــف نـ ــيب اهلل لـ ــوط علـ ــى األنبيـ ــاء املـ ــذكورين يف الذريـ ــة ‪ ،‬ولـ ــوال هـ ــذه القرينـ ــة الظـ ــاهرة لعـ ــاد‬
‫الضمري على إبراهيم ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬لسببني ‪:‬‬

‫أ – كون اآليات يف سياق قصته ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سري أعالم النبالء (‪)٢68 /8‬‬


‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.68‬‬
‫‪203‬‬
‫ب – كون املذكورين من ذريته إال لوطا‪.‬‬
‫ويعرتض على هذا القول بأن لوطا ُح نكي فيه قوالن ‪:‬‬

‫أ – أنه ابن أخي إبراهيم ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪.-‬‬


‫وهذا هو الذي مشى عليه الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪. -‬‬

‫قل ـ ــت ‪ :‬وعل ـ ــى ه ـ ــذا الق ـ ــول ف ـ ــال م ـ ــانع م ـ ــن ع ـ ــود الض ـ ــمري علـ ـ ــى إب ـ ـ ـراهيم مل ـ ــا تق ـ ــرر يف‬
‫القرآن الكرمي ويف عرف العرب من تسمية العم أبا ‪.‬‬
‫ب – أنه ابن أخته‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وهذا القول أيضا يصح فيه عود الضمري على إبراهيم عند من يرى اخلال أبا ‪.‬‬
‫وميك ـ ـ ــن أن يق ـ ـ ــال أيض ـ ـ ــا إن ـ ـ ــه ح ـ ـ ــىت عل ـ ـ ــى تس ـ ـ ــليم أن اب ـ ـ ــن األخ ل ـ ـ ــي ابن ـ ـ ــا وك ـ ـ ــذا اب ـ ـ ــن‬
‫األخـ ــت ؛ فإنـ ــه ال مـ ــانع – مـ ــع تسـ ــليم كـ ــل ذلـ ــك – مـ ــن عـ ــود الضـ ــمري علـ ــى إب ـ ـراهيم ألنـ ــه‬
‫(‪)١‬‬
‫ميكن محل الكالم على أن املراد‪ :‬ووهبنا له لوطاً يف املعاضدة والنصرة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا احلمل ضعيف جدا ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬منهجه في استنباط الفوائد ‪.‬‬

‫ج ـ ــرت الع ـ ــادة بتعري ـ ــف املص ـ ــطلحات امل ـ ــذكورة يف البح ـ ــث لغ ـ ــة واص ـ ــطالحا ؛ وم ـ ــن هن ـ ــا‬
‫فال بأس بتعريف االستنباط يف اللغة ويف االصطالح ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف االستنباط لغة‪.‬‬


‫(‪)3‬‬
‫نبط املاء نبع وبابه دخل وجل ‪،‬و (االستنباط) االستخراج‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن عطية = احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز (‪.)3٢6 /١‬‬
‫(‪ )١‬زاد املسري يف علم التفسري (‪.)5٠ /١‬‬
‫(‪ )3‬خمتار الصحاح (ص‪ )3٠3 :‬مش العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم (‪.)64٠5 /٢٠‬‬
‫‪204‬‬
‫ط‬
‫ومسيـ ــي النـ ــب ُ‬
‫اس ـ ـتـْنبط ُ‬ ‫ط املـ ــاءُ يُقـ ــال للرجـ ــل إذا حفـ ــر فـ ــانتهى إىل املـ ــاء قـ ــد أنْ ـ ــبط و ْ‬ ‫والنَّـ ــب ُ‬
‫الس ـ ــتخراجهم املي ـ ــاه وعم ـ ــارهتم األر نض ـ ــني ُمثَّ قني ـ ــل يف ُك ـ ـ يـل م ـ ــا يس ـ ــت ْخ نر ُجهُ اإلنس ـ ــا ُن م ـ ــن‬
‫نبطًـ ــا ْ‬
‫(‪)٢‬‬
‫غامض علم قد استـْنبطه‪.‬‬ ‫مكنون نسر أو ن‬

‫تعريف االستنباط اصطالحا ‪:‬‬

‫لق ـ ـ ــد ع ـ ـ ــرف االس ـ ـ ــتنباط يف االص ـ ـ ــطالح تعريف ـ ـ ــات كث ـ ـ ــرية متقاربـ ـ ـ ــة يف معناه ـ ـ ــا وأجـ ـ ـ ــود‬
‫تعري ـ ـ ــف ل ـ ـ ــه ‪ -‬حس ـ ـ ــب اطالع ـ ـ ــي ‪ -‬ه ـ ـ ــو أن ـ ـ ــه‪ :‬اس ـ ـ ــتخراج م ـ ـ ــا خف ـ ـ ــي م ـ ـ ــن ال ـ ـ ــنص بطري ـ ـ ــق‬
‫صحيح(‪.)١‬‬

‫أوال ‪ :‬التركيز على اآلية محل االستنباط ‪:‬‬

‫وذلـ ــك أن الشـ ــيخ يف كثـ ــري مـ ــن اسـ ــتنباطاته يركـ ــز علـ ــى اآليـ ــة حمـ ــل الدراسـ ــة ؛ ويسـ ــتخرج‬
‫منهـ ــا مـ ــا فـ ــتح اهلل تعـ ــاىل بـ ــه عليـ ــه مـ ــن فوائـ ــد ؛ دون اخلـ ــروج عـ ــن املوضـ ــوع ؛ واالسـ ــتطراد يف‬
‫الكالم ‪.‬‬

‫ﭽﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫وم ـ ــن ذل ـ ــك اس ـ ــتنباطه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬للفوائ ـ ــد املس ـ ــتفادة م ـ ــن قولـ ـ ـه تع ـ ــاىل ‪:‬‬
‫ﮢ ﭼ ]البقرة‪ [٢66 :‬؛ حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪: -‬‬

‫يف هذا الكالم فوائد ‪:‬‬

‫األول ى ‪ :‬أن كـ ــل معبـ ــود عبـ ــد مـ ــن دون اهلل أو متبـ ــوع اتبـ ــع يف الباطـ ــل ‪ ،‬يت ـ ـربأ مـ ــن كـ ــل‬
‫م ــن عب ــده أو تبع ــه يف الباط ــل ي ــوم القيام ــة ؛ ف ــال تس ــأل عم ــا حي ــل باملش ــركني يف ذل ــك الي ــوم‬
‫من الندامة واحلسرات ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬غريب احلديث للخطايب (‪.)5١٢ /٢‬‬


‫(‪ )١‬منهج االستنباط من القرآن الكرمي ‪ ،‬د ‪ .‬فهد بن مبارك الوهيب ‪ ،‬مركز الدراسات القرآنية مبعهد الشاطيب ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪٢4١8‬هـ ‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪205‬‬
‫الثاني ة ‪ :‬أن كـ ــل م ــن عبـ ــد خملوقـ ــا اتبعـ ــه يف الباطـ ــل ؛ يعذبـ ــه اهلل تع ــاىل عـ ــذابا شـ ــديدا ‪،‬‬
‫وال ينفعه متبوعه شيئا ‪.‬‬

‫الثالث ة ‪ :‬أن هـ ــذه األسـ ــباب الواقعـ ــة يف الـ ــدنيا بـ ــني املشـ ــركني وبـ ــني معبـ ــوديهم مـ ــن دون‬
‫اهلل‪ ،‬كال ـ ــذبائح والن ـ ــذور واالس ـ ــتغاثة ‪ ،‬واالس ـ ــتعاذة ‪ ،‬وال ـ ــدعاء ‪ ،‬والتوك ـ ــل والتـ ـ ـوايل عل ـ ــى ذل ـ ــك‬
‫والتح ــاب في ــه واالجتم ــاع علي ــه ‪ ،‬ك ــل ذل ــك ي ــزول ي ــوم القيام ــة ح ــني تطل ــع مش ـ ـ احلقيق ــة ‪،‬‬
‫ويزول ظالم الكذب ‪.‬‬

‫الرابع ة ‪ :‬أن أولئ ـ ـ ـ ــك املش ـ ـ ـ ــركني املتبع ـ ـ ـ ــني يف الباط ـ ـ ـ ــل ال يس ـ ـ ـ ــتطيعون أن يكتم ـ ـ ـ ـوا م ـ ـ ـ ــا‬
‫يص ـ ــيبهم م ـ ــن الن ـ ــدم واجل ـ ــزع ‪ ،‬ب ـ ــل يص ـ ــرخون أم ـ ــام األش ـ ــهاد ‪ ،‬ويقول ـ ــون ‪ :‬ي ـ ــا ليتن ـ ــا نع ـ ــود إىل‬
‫الدنيا حىت نتربأ من هؤالء املعبودين كما تربؤوا منا وخذلونا‪.‬‬

‫الخامس ة ‪ :‬أن ك ـ ــل م ـ ــن م ـ ــات وه ـ ــو يعب ـ ــد خملوق ـ ــا – وإن جل ـ ــت مرتبت ـ ــه ‪ ،‬وع ـ ــال ق ـ ــدره‬
‫– خيل ـ ــد يف الن ـ ــار وال خي ـ ــرج منه ـ ــا أب ـ ــدا ‪ ،‬وال تنفع ـ ــه ص ـ ــالة وال زك ـ ــاة وال ح ـ ــج وال جه ـ ــاد وال‬
‫غري ذلك من األعمال اليت كان يعملها يف الدنيا )(‪.)٢‬‬

‫وه ـ ـ ــذا االرتب ـ ـ ــاط امل ـ ـ ــذكور باآلي ـ ـ ــة أو اآلي ـ ـ ــات حم ـ ـ ــل الدراس ـ ـ ــة يعت ـ ـ ــرب ه ـ ـ ــو الس ـ ـ ــمة الب ـ ـ ــارزة‬
‫الس ـ ـ ــتنباطات الش ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ -‬للفوائ ـ ـ ــد ؛ وقل ـ ـ ــيال م ـ ـ ــا خي ـ ـ ــرج ع ـ ـ ــن املوض ـ ـ ــوع ‪،‬‬
‫(‪)١‬‬
‫ويستطرد يف الفوائد ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١٢3-١٢١/٢‬‬


‫(‪ )١‬راجع أيضا على سبيل املثال ‪ :‬سبيل الرشاد ‪ ١5١/٢‬وغريها‪.‬‬
‫‪206‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التنويع في االستنباط وعدم االقتصار على المعاني الدقيقة‪:‬‬

‫وه ـ ــذا ق ـ ــد يلج ـ ــأ إلي ـ ــه الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬ح ـ ــني يتس ـ ــع املوض ـ ــوع ؛ ويك ـ ــون ذا تش ـ ــعب‬
‫وط ـ ــول ؛ فيس ـ ــتطرد الش ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ -‬ذاك ـ ـ ـرا الفوائ ـ ــد العام ـ ــة وغ ـ ــري مقتص ـ ــر عل ـ ــى املع ـ ــاين‬
‫الدقيقة اليت تعترب هي األصل يف االستنباط والفوائد ‪.‬‬

‫وهل ـ ـ ــذا ت ـ ـ ـراه ي ـ ـ ــذكر كث ـ ـ ـريا م ـ ـ ــن الفوائ ـ ـ ــد املعروف ـ ـ ــة يف ج ـ ـ ــل كت ـ ـ ــب التفس ـ ـ ــري يف كث ـ ـ ــري م ـ ـ ــن‬
‫استنباطاته للفوائد ‪..‬‬

‫وم ــن ذل ــك ذك ــره الفوائ ــد املس ــتفادة م ــن آي ــة الكرس ــي حي ــث اس ــتطرد فيه ــا ذاكـ ـرا م ــا ل ــه‬
‫(‪)٢‬‬
‫تعلق هبا ‪ ،‬وما ال يتعلق هبا يف حنو ‪ ١3‬صفحة‪.‬‬

‫ومـ ــن أمثلـ ــة الفوائـ ــد الـ ــيت ذكرهـ ــا الشـ ــيخ وهلـ ــا تعلـ ــق باآليـ ــة قولـ ــه ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ " : -‬كـ ــل‬
‫مـ ـ ـ ــن أشـ ـ ـ ــرك بـ ـ ـ ــاهلل وعبـ ـ ـ ــد غـ ـ ـ ــريه بـ ـ ـ ــدعاء أو ذبـ ـ ـ ــح‪ ،‬أو نـ ـ ـ ــذر‪ ،‬أو اسـ ـ ـ ــتغاثة‪ ،‬أو اسـ ـ ـ ــتعانة‪ ،‬أو‬
‫اسـ ــتعاذة ؛ فيمـ ــا ال يقـ ــدر عليـ ــه إال اهلل‪ ،‬يـ ــأيت يـ ــوم القيامـ ــة مفلسـ ــا يائسـ ــا ال ينفعـ ــه أحـ ــد مـ ــن‬
‫ال ـ ــذين ك ـ ــان يتعل ـ ــق هب ـ ــم يف ال ـ ــدنيا كش ـ ــيوخ الطريق ـ ــة‪ ،‬وال يش ـ ــفع ل ـ ــه أح ـ ــد؛ ألن املش ـ ــرك ب ـ ــاهلل‬
‫ال تنفع ــه شـ ــفاعة الشـ ــافعني‪ ،‬وإن كـ ــان هـ ــذا املشـ ــرك ابنـ ــا لنـ ــيب كـ ــابن نـ ــوح‪ ،‬أو أبـ ــا لنـ ــيب كـ ــآزر‬
‫(‪)١‬‬
‫أيب إبراهيم‪ ،‬وهذا معل قوله تعاىل‪" :‬ال بيع فيه وال خلة" "‪.‬‬

‫وم ـ ــن أمثل ـ ــة الفوائ ـ ــد ال ـ ــيت ذكره ـ ــا وال تعل ـ ــق هل ـ ــا بتفس ـ ــري نفـ ـ ـ اآلي ـ ــة قول ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪-‬‬
‫معلقـ ــا عل ــى قولـ ــه اب ــن كث ــري بع ــد روايتـ ــه حل ــديث يف تفس ــري اآلي ــة "ك ــذا رواه البخ ــاري معلقـ ــا‬
‫بص ـ ـ ــيغة اجل ـ ـ ــزم" فعل ـ ـ ــق الش ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ــاليل عل ـ ـ ــى ه ـ ـ ــذا فق ـ ـ ــال ‪ ( :‬وص ـ ـ ــيغة اجل ـ ـ ــزم ‪ :‬أن يق ـ ـ ــول‬
‫البخـ ـ ــاري قـ ـ ــال فـ ـ ــالن عـ ـ ــن فـ ـ ــالن ‪ ،‬أو ذكـ ـ ــر فـ ـ ــالن ‪ ،‬وتقابلهـ ـ ــا صـ ـ ــيغة التم ـ ـ ـريض ‪ ،‬وهـ ـ ــي ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١44-١١٢/٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.١3١/٢‬‬
‫‪207‬‬
‫يـ ـ ــذكر ويـ ـ ــروى ‪ ،‬وحـ ـ ــىت هـ ـ ــذه ليسـ ـ ــت دائمـ ـ ــا صـ ـ ــيغة مت ـ ـ ـريض عنـ ـ ــد البخـ ـ ــاري ‪ ،‬فقـ ـ ــد حقـ ـ ــق‬
‫احلافظ صحة احلديث املعرب عنه هبا يف بعض املواضع )(‪.)٢‬‬

‫ثالث ا ‪ :‬ذك ر ح ديث أو آي ة ف ي تفس ير اآلي ة ث م اس تنباط فوائ د م ن ذل ك‬


‫الحديث أو تلك اآلية ‪:‬‬

‫وذل ـ ـ ـ ــك أن الفوائ ـ ـ ـ ــد ال ـ ـ ـ ــيت ي ـ ـ ـ ــذكرها الش ـ ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬يف اس ـ ـ ـ ــتنباطاته م ـ ـ ـ ــن‬
‫اآلي ـ ــات القرآني ـ ــة ق ـ ــد ال تك ـ ــون متعلق ـ ــة ب ـ ــنف اآلي ـ ــة املفس ـ ــرة ب ـ ــل ق ـ ــد ي ـ ــذكر آي ـ ــة أو آي ـ ــات‬
‫أخ ـ ـ ــرى أو ح ـ ـ ــديثا أو أحاديـ ـ ـ ـث يف تفس ـ ـ ــري تل ـ ـ ــك اآلي ـ ـ ــة مث يس ـ ـ ــتنبط م ـ ـ ــن تل ـ ـ ــك اآلي ـ ـ ــات أو‬
‫األحاديث فوائد لي هلا تعلق مباشر باآلية حمل الدراسة‪.‬‬

‫ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﭼ‬ ‫ومن ذلك تفسريه لقوله تعاىل‪:‬‬


‫حيث استطرد يف ذكر اآليات املتعلقة هبا واألحاديث اليت رواها املفسرون يف‬ ‫[النساء‪]59 :‬‬
‫(‪)١‬‬
‫تفسريها ؛ مث استنبط فوائد من تلك األحاديث ‪ ،‬وذلك يف حنو ‪ 4٢‬ص‪.‬‬

‫وكمث ـ ــال عل ـ ــى الفوائ ـ ــد ال ـ ــيت اسـ ـ ــتنبطها الش ـ ــيخ اهلـ ـ ــاليل م ـ ــن األحادي ـ ــث الـ ـ ــيت وردت يف‬
‫تفسـ ـ ــري هـ ـ ــذه اآليـ ـ ــات قولـ ـ ــه ‪-‬رمحـ ـ ــه اهلل‪ -‬بعـ ـ ــد أن نقـ ـ ــل حـ ـ ــديث علـ ـ ــي(‪ )3‬يف مسـ ـ ــألة طاعـ ـ ــة‬
‫األم ـ ـراء بواسـ ــطة نقـ ــل ابـ ــن كثـ ــري لـ ــه؛ حيـ ــث قـ ــال مـ ــا نصـ ــه ‪ " :‬حـ ــديث علـ ــي يـ ــدلنا علـ ــى أن‬
‫الطاعـ ـ ــة املطلقـ ـ ــة يف اإلسـ ـ ــالم ال تكـ ـ ــون إال هلل ولرس ـ ـ ـوله‪ ،‬أمـ ـ ــا طاعـ ـ ــة اهلل تعـ ـ ــاىل؛ فألنـ ـ ــه ربنـ ـ ــا‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪.١١3‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪ 8٢-38/3‬وكذلك اإلهلام واإلنعام ص ‪34‬و سبيل الرشاد ‪.98-86/3‬‬
‫(‪ )3‬نص احلديث عن علي ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ ،-‬قال‪ :‬بعث النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬سرية‪ ،‬وأمر عليهم رجال من‬
‫األنصار‪ ،‬وأمرهم أن يطيعوه‪ ،‬فغضب عليهم‪ ،‬وقال‪ :‬ألي قد أمر النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أن تطيعوين؟ قالوا‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬قد عزمت عليكم ملا مجعتم حطبا‪ ،‬وأوقدمت نارا‪ ،‬مث دخلتم فيها فجمعوا حطبا‪ ،‬فأوقدوا نارا‪ ،‬فلما مهوا‬
‫بالدخول‪ ،‬فقام ينظر بعضهم إىل بعض‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬إمنا تبعنا النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬فرارا من النار أفندخلها؟‬
‫فبينما هم كذلك‪ ،‬إذ مخدت النار‪ ،‬وسكن غضبه‪ ،‬فذكر للنيب ‪ ،-  -‬فقال‪« :‬لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا‪ ،‬إمنا‬
‫الطاعة يف املعروف» صحيح البخاري كتاب األحكام باب السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية حديث رقم ‪٠٢45‬‬
‫(‪ )63/9‬صحيح مسلم كتاب اإلمارة باب وجوب طاعة األمراء يف غري معصية حديث رقم ‪.)٢469 /3( 4٠‬‬
‫‪208‬‬
‫" ﭽﭛ‬ ‫ومالكن ـ ــا وحنـ ـ ــن عبي ـ ــده‪ ،‬وأمـ ـ ــا طاعـ ـ ــة الرس ـ ــول ‪--‬؛ فألنـ ـ ــه كم ـ ــا قـ ـ ــال اهلل تعـ ـ ــاىل‪:‬‬
‫تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاىل‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ ]ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنجم ‪ ،[ 4-3‬وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال‬
‫ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ ]النس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء‪ [ 8٠ :‬وألن الن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب ‪--‬‬
‫معص ــوم م ــن اخلط ــأ فيم ــا يبلغن ــا ع ــن رب ــه ع ــز وج ــل‪ ،‬وفيم ــا يق ــول يف أم ــور ال ــدين وأم ــا أول ــو‬
‫األمـ ـ ــر ومـ ـ ــنهم ذلـ ـ ــك األمـ ـ ــري الـ ـ ــذي أمـ ـ ــر أصـ ـ ــحابه ملـ ـ ــا غضـ ـ ــب علـ ـ ــيهم أن جيمع ـ ـ ـوا حطبـ ـ ــا؛‬
‫فجمع ـ ــوه وأوق ـ ــدت في ـ ــه الن ـ ــار ف ـ ــأمرهم أن ي ـ ــدخلوها؛ ف ـ ــأخرب النـ ـ ـيب ‪ --‬أهن ـ ــم ل ـ ــو أط ـ ــاعوه‬
‫ودخلوهـ ـ ــا التصـ ـ ــلت هلـ ـ ــم بنـ ـ ــار جهـ ـ ــنم؛ ألن هـ ـ ــذا األمـ ـ ــر الـ ـ ــذي أمـ ـ ــرهم بـ ـ ــه األمـ ـ ــري منكـ ـ ــر‪،‬‬
‫والطاع ـ ــة لألمـ ـ ـراء إمن ـ ــا تك ـ ــون يف املع ـ ــروف؛ ألن األمـ ـ ـراء غ ـ ــري معص ـ ــومني؛ فق ـ ــد ينطق ـ ــون ع ـ ــن‬
‫(‪)٢‬‬
‫اهلوى فإذا أمروا مبعصية اهلل فال طاعة هلم "‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬تنزيل الفوائد المستنبطة على واقع األمة اإلسالمية ‪:‬‬

‫وهذا املنهج يف استنباط الفوائد يكثر منه الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حيث إنه يستفيد من‬
‫الفوائد القرآنية ملعاجلة واقع األمة اإلسالمية ؛ والدعوة إىل اهلل تعاىل سواء تعلقت تلك الفوائد‬
‫بالتوحيد والشرك ‪ ،‬أو تعلقت بالتفسري العلمي للقرآن الكرمي ‪ ،‬ودعوة غري املسلمني ‪ ،‬وإقناعهم‬
‫انطالقا من العلوم التجريبية والفلكية اليت يؤمنون هبا‪ ،‬أو غري ذلك ‪.‬ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪-‬‬
‫ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬ ‫عند تفسري قوله تعاىل‬
‫(‪ ..‬قال‬ ‫ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ ]ألنعام‪[5١ :‬‬

‫رسول اهلل ‪" --‬وإمنا تنصرون وترزقون بضعفائكم"(‪.)١‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.43-4١/3‬‬


‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب اجلهاد والسري باب من استعان بالضعفاء والصاحلني يف احلرب حديث رقم ‪١896‬‬
‫(‪. )36/4‬‬
‫‪209‬‬
‫فحص ـ ـ ــر الن ـ ـ ــيب ‪ - -‬أس ـ ـ ــباب النص ـ ـ ــر وس ـ ـ ــعة ال ـ ـ ــرزق يف إعان ـ ـ ــة الض ـ ـ ــعفاء واالهتم ـ ـ ــام‬
‫بشـ ـ ــأهنم‪ ،‬وإعطـ ـ ــائهم حقـ ـ ــوقهم وافيـ ـ ــة ‪ ،‬وحنـ ـ ــن نشـ ـ ــاهد يف هـ ـ ــذا الزمـ ـ ــان أن كـ ـ ــل أمـ ـ ــة تعتـ ـ ــين‬
‫حبق ـ ــوق الض ـ ــعفاء م ـ ــن املس ـ ــاكني والفق ـ ـراء واليت ـ ــامى وذوي العاه ـ ــات ك ـ ــالزمل والعم ـ ــى والص ـ ــم‬
‫والـ ـ ــبكم وسـ ـ ــائر العـ ـ ــاجزين وذوي األم ـ ـ ـراض املزمنـ ـ ــة ينصـ ـ ــرها اهلل ويوسـ ـ ــع رزقهـ ـ ــا ‪ ،‬وكـ ـ ــل أمـ ـ ــة‬
‫تضيع حقوق الضعفاء خيذهلا اهلل ويضيق رزقها)(‪. )٢‬‬

‫فهـ ــذا تنزيـ ــل للفوائـ ــد املسـ ــتفادة مـ ــن احلـ ــديث املـ ــذكور يف تفسـ ــري اآليـ ــة علـ ــى واقـ ــع األمـ ــم‬
‫املعاصرة ‪..‬‬

‫وال شـ ــك أن مـ ــا اسـ ــتنبطه الشـ ــيخ ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬مـ ــن هـ ــذا احلـ ــديث واقـ ــع معـ ــاش ويتجلـ ــى‬
‫يوم ـ ــا بع ـ ــد ي ـ ــوم؛ فكلم ـ ــا ض ـ ــيقت دول ـ ــة م ـ ــا عل ـ ــى الفق ـ ـراء والض ـ ــعفاء ألبس ـ ــها اهلل تع ـ ــاىل لب ـ ــاس‬
‫اجلـ ـ ــوع واخلـ ـ ــوف؛ فلـ ـ ــم تفـ ـ ــدها مصـ ـ ــادر الـ ـ ــدخل فيهـ ـ ــا علـ ـ ــى كثرهتـ ـ ــا وتنوعهـ ـ ــا؛ وكلمـ ـ ــا زادت‬
‫تض ـ ــييقا عل ـ ــى الض ـ ــعاف زاده ـ ــا اهلل جوع ـ ــا وقل ـ ــل برك ـ ــة ميزانيته ـ ــا‪ ،‬وتكالب ـ ــت عليه ـ ــا األع ـ ــداء‬
‫من كل حدب وصوب‪.‬‬

‫وه ـ ــذا ال ـ ــنمط م ـ ــن تنزي ـ ــل الفوائ ـ ــد عل ـ ــى الواق ـ ــع واالس ـ ــتفادة م ـ ــن ذل ـ ــك الواق ـ ــع يف ال ـ ــدعوة‬
‫إىل اهلل تعـ ــاىل يكثـ ــر منـ ــه الشـ ــيخ ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬ويكـ ــاد يكـ ــون مسـ ــة بـ ــارزة يف اسـ ــتنباطه للفوائـ ــد‬
‫(‪)١‬‬
‫التفسريية‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.34‬‬


‫(‪ )١‬يراجع مثال ‪ :‬اإلهلام واإلنعام ص ‪ ٢٠٠‬وسبيل الرشاد ‪ ١١٠-١٢9/٢‬و‪ ١6١/٢‬وغريها‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها‪.‬‬

‫إن املط ـ ـ ــالع لكت ـ ـ ــب الش ـ ـ ــيخ اهل ـ ـ ــاليل ‪-‬رمح ـ ـ ــه اهلل‪ -‬يف التفس ـ ـ ــري وعل ـ ـ ــوم الق ـ ـ ــرآن وغريمه ـ ـ ــا‬
‫جيد أنه اعتل بنقد أقوال املفسرين وتوجيهها واالستدراك عليهم يف أقواهلم التفسريية ‪.‬‬

‫وبتتبع منهجه يف نقد تلك األقوال ميكن تلخيص أهم معامله يف النقاط التالية‪:‬‬

‫التنصيص على القول ونقده ‪:‬‬

‫ذل ـ ـ ـ ــك أن الش ـ ـ ـ ــيخ ‪-‬رمح ـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬ي ـ ـ ـ ــنص عل ـ ـ ـ ــى الق ـ ـ ـ ــول ال ـ ـ ـ ــذي يري ـ ـ ـ ــد نق ـ ـ ـ ــده يف أغل ـ ـ ـ ــب‬
‫األحـ ـ ـوال؛ وم ـ ــن مث ق ـ ــد ي ـ ــنص أيض ـ ــا عل ـ ــى قائل ـ ــه وق ـ ــد ال ي ـ ــذكره ؛ وق ـ ــد ي ـ ــومئ إلي ـ ــه بص ـ ــيغة‬
‫متريض وحنوها ‪..‬‬

‫وم ـ ــن ذل ـ ــك قول ـ ــه ‪-‬رمح ـ ــه اهلل‪ ( : -‬ق ـ ــال س ـ ــبحانه وتع ـ ــاىل حاكي ـ ــا م ـ ــن قص ـ ــة إب ـ ـراهيم م ـ ــا‬
‫في ـ ـ ــه الع ـ ـ ــربة واإلرش ـ ـ ــاد إىل معرف ـ ـ ــة احل ـ ـ ــق بدليل ـ ـ ــه وإقام ـ ـ ــة الربه ـ ـ ــان عل ـ ـ ــى توحي ـ ـ ــده وتنزيه ـ ـ ــه ‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭡ ﭼ ]األنعـ ـ ـ ــام‪ ،[ ٠4 :‬وج ـ ـ ـ ــاء يف األخب ـ ـ ـ ــار أن ل ـ ـ ـ ــه امسـ ـ ـ ــا آخ ـ ـ ـ ــر ‪،‬‬
‫وه ـ ــو تس ـ ــارح ‪ ،‬وم ـ ــا قي ـ ــل إن آزر ل ـ ــي امس ـ ــه ‪ ،‬وأن ـ ــه اس ـ ــم ص ـ ــنم ال يص ـ ــح ‪ ،‬وال ـ ــذي ذه ـ ــب‬
‫(‪)٢‬‬
‫إليه ابن جرير وغريه من حمققي السلف أن آزر اسم حقيقي له)‬

‫وزاد توضيح هذا القول ونقده وتوجيهه يف كتابه سبيل الرشاد فقال‪ ( :‬اختلف املفسرون يف‬
‫آزر؛ فقال بعضهم‪ :‬هو اسم صنم ؛ ألن أبا إبراهيم امسه تارح كما يف التوراة ‪ ،‬وقال حمققون‪،‬‬
‫ومنهم ابن جرير "هو اسم أليب إبراهيم"(‪ ،)١‬وال غرابة أن يكون له امسان‪ :‬أحدهما‪ :‬تارح‪،‬‬
‫واآلخر‪ :‬آزر‪ ،‬أو يكون آزر لقبا له‪ ،‬وال ميكن أن يسميه اهلل تعاىل وال يكون يف احلقيقة‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.5٢‬‬


‫(‪ )١‬تفسري الطربي = جامع البيان ت شاكر (‪.)468 /٢٢‬‬
‫‪220‬‬
‫كذلك‪ ،‬والقرآن أصح كتاب نزل من اهلل تعاىل‪ ،‬وقد رأينا يف التوراة يف مجيع أقسامها أشياء‬
‫(‪)٢‬‬
‫كثرية ال يستطيع مؤمن أن ينسبها هلل وال للرسل عليهم الصالة والسالم )‬

‫امسا أليب إبراهيم‬ ‫وميكن مالحظة أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬نقد ووجه القول بأن آزر لي‬
‫وذلك من ناحيتني ‪:‬‬

‫الناحية األولى‪ :‬نقده للقول‪:‬‬

‫ويتضح ذلك جبالء يف قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وما قيل إن آزر لي امسه ‪ ،‬وأنه اسم صنم ال‬
‫(‪)١‬‬
‫يصح "‪.‬‬

‫فحكمه بأنه قول ال يصح نقد وتضعيف بني هلذا القول ‪.‬‬

‫وكذلك قوله ‪" :‬وال ميكن أن يسميه اهلل تعاىل وال يكون يف احلقيقة كذلك"(‪ )3‬فإن فيها‬
‫حكما صرحيا بأن آزر اسم أليب إبراهيم ومؤدى ذلك أن القول الثاين ضعيف أو خمتلق ‪.‬‬

‫الناحية الثانية‪ :‬توجيهه لهذا القول ‪:‬‬

‫ومن املالحظ يف النصني السابقني أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حاول توجيه القول بأن آزر لي‬
‫امسا أليب إبراهيم؛ حىت مع تضعيفه فإنه وجهه حبيث جيمع بني القولني مجعا سائغا؛ فقال‪ :‬إنه‬
‫من غري املمتنع أن يكون تارح امسا أليب إبراهيم و آزر لقبا له؛ وهو بذلك حياول اجلمع بني ما‬
‫يف التوراة وهو من هو خربة يف العربية وقد قرأ التوراة بالعربية غري مرتمجة ووجد فيها أن اسم أيب‬
‫إبراهيم هو تارح‪ ،‬وبني ما هو صريح يف اللفظ القرآين من أن امسه آزر‪.‬‬

‫وال شك أن يف كالم الشيخ هذا ما ميكن أن يستدرك عليه وهو ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.34١/٢‬‬


‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.5٢‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪. 34١/٢‬‬
‫‪222‬‬
‫أ – تأكيده على أن "آزر" قد تكون لقبا أليب إبراهيم؛ فلم ال تكون تارح هي اللقب وآزر‬
‫هي االسم‪ ،‬وخاصة أنه أعاد مسألة احلكم بأن آزر هي اللقب يف نصني يف كتابني من كتبه ‪.‬‬

‫وميكن أن جياب عن هذا بأنه من غري املمتنع أن يذكر القرآن الكرمي شخصا بلقبه أو‬
‫بكنيته ؛ بل قد ذكر املسيح وهو لقب‪ ،‬وذكر أبا هلب وهي كنية ‪.‬‬

‫وجياب عن هذا بأن األصل ذكر االسم ال اللقب وال الكنية؛ وإذا وجد االحتمال سقط‬
‫االستدالل‪.‬‬

‫ب – كونه بل ذلك على ما يف التوراة ؛ ومن املعلوم أهنا حمرفة مبدلة فال ينبغي احلكم مبا‬
‫فيها استقالال فكيف يف مقابلة القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫وأرجح ذلك عندي وأقربه للصواب أن آزر اسم أليب إبراهيم حقيقة وهو صريح القرآن‬
‫الكرمي ؛ وأما ما يف التوراة فال يعول عليه ؛ وال ينبغي حماولة اجلمع بينه وبني ما يف القرآن ؛ بل‬
‫يطَّرح ويلغى ‪ ،‬وحيكم مبا يف كتاب اهلل تعاىل مطلقا ‪.‬‬

‫التركيز على األثر العقدي للقول المنتقد‪:‬‬

‫من أهم مالمح منهج الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف نقده لألقوال تركيزه على األثر العقدي‬
‫للقول املنقود ؛ ذلك أن بعض األقوال التفسريية قد يكون مستقيما من ناحية علم التفسري‬
‫بغض النظر عن اجلانب العقدي؛ ولكن جبمع العلمني – التفسري والعقيدة – يتضح ضعف‬
‫ذلك القول وشذوذه ‪..‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬ذكر احلافظ ابن كثري يف معل الظامل أحاديث كثرية تدل على أن‬
‫أهل هذا القسم ال يدخلون جهنم ‪ ،‬ولكن يطول وقوفهم يف احملشر ويصيبهم احلزن واخلوف ‪،‬‬
‫وذلك هو عذاهبم ‪ ،‬وهذه األحاديث كلها ضعيفة لكنه استأن هبا لكثرة طرقها ‪ ،‬وهذا القول‬

‫‪223‬‬
‫ال يتفق أبدا مع ما نطقت به آيات الكتاب واألحاديث الصحيحة ‪ ،‬وأمجع عليه أهل السنة‬
‫(‪)٢‬‬
‫من أن طائفة من املوحدين يدخلون النار ‪ ،‬وخيرجون منها بشفاعة النيب ‪) --‬‬
‫(‪)١‬‬
‫مث استدل على قوله حبديث "لريدن علي ناس من أصحايب احلوض‪ ،‬حىت إذا رأيتهم ‪"..‬‬
‫احلديث‪.‬‬

‫مث نقل عن ابن اجلوزي يف معل "فمنهم ظامل لنفسه" أربعة أقوال ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أهنم أهل الصغائر‪.‬‬

‫الثاين ‪ :‬أهنم من مات على الكبائر‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬أهنم الكفار‪.‬‬


‫(‪)3‬‬
‫الرابع ‪ :‬أهنم املنافقون ‪.‬‬

‫مث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ ": -‬وملا كان الكفار واملنافقون يف احلقيقة قسما واحدا‪ ،‬ألهنم من رمحة‬
‫اهلل آيسون ويف عذاب جهنم خالدون‪ ،‬صارت األقوال ثالثة‪ ،‬الراجح منها هو الثاين للعلة‬
‫املتقدم ذكرها‪ ،‬والذين أورثوا الكتاب ال ميكنهم االعتقاد والعمل إال مبعرفة بيان الرسول ‪--‬‬
‫وهو السنة‪ ،‬فاملقلدون املتعصبون ألئمتهم شر من القسم الثاين‪ ،‬وهم الذين ميوتون على‬
‫الكبائر؛ ألن البدعة شر من الكبرية‪ ،‬وألن مرتكب الكبرية يعصي اهلل تعاىل وهو معرتف بذنبه‬
‫راج أن يتوب اهلل عليه‪ ،‬أما املقلد واملبتدع فإهنما يعصيان اهلل تعاىل ويردان كتابه وسنة رسوله مع‬
‫اعتقادمها أن ذلك قربة إىل اهلل وصواب وخري‪ ،‬وال ختطر يف باهلم التوبة من ذلك )(‪.)4‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١٠/4‬‬


‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب الرقاق باب يف احلوض ‪ )٢١٠ /8( 658١‬صحيح مسلم كتاب الفضائل باب إثبات‬
‫حوض النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. )٢8٠٠ /4( 4٠ -‬‬
‫(‪ )3‬زاد املسري يف علم التفسري (‪. )5٢٢ /3‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪.١٠/4‬‬
‫‪224‬‬
‫وبتحليل كالم الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يتضح أنه ركز على األثر العقدي ملا ظن أن ابن‬
‫كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قاله بأن الظامل لنفسه من هذه األمة ال يدخل النار ‪.‬‬

‫والتحقيق أن اإلمام ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬إمنا رجح أن الظامل لنفسه من هذه األمة وأنه‬
‫موعود باجلنة ؛ ومل حيكم بأنه ال يدخل النار كما ظن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬؛ إذ قد يدخل النار‬
‫مث خيرج منها بشفاعة النيب ‪ --‬أو بشفاعة غريه مث يدخل اجلنة كما هو ظاهر‪.‬‬

‫وترجيح ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هلذا القول مبين على مسوغات قوية كاألحاديث الكثرية اليت‬
‫نقل يف تفسري اآلية ؛ وهي ‪-‬وإن كان يف بعضها مقال ‪-‬إال أن جمموعها ينتهض لالحتجاج ؛‬
‫مث إن ما رجحه ابن كثري هو الذي عليه احملققون من أئمة التفسري كابن جرير من املتقدمني‬
‫والشنقيطي من املتأخرين وغريمها‪.‬‬

‫يقول ابن جرير ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬وأما الظامل لنفسه فإنه ألن يكون من أهل الذنوب‬
‫واملعاصي اليت هي دون النفاق والشرك عندي أشبه مبعل اآلية من أن يكون املنافق أو الكافر‪،‬‬
‫[فاطر‪ ] 33 :‬فعم بدخول‬ ‫ﭽﭻ ﭼ ﭽﭼ‬ ‫وذلك أن اهلل تعاىل ذكره أتبع هذه اآلية قوله‬
‫اجلنة مجيع األصناف الثالثة‪.‬‬

‫فإن قال قائل‪ :‬فإن قوله (ي ْد ُخلُونـها) إمنا عل به املقتصد والسابق! قيل له‪ :‬وما برهانك‬
‫على أن ذلك كذلك من خرب أو عقل؟ فإن قال‪ :‬قيام احلجة أن الظامل من هذه األمة سيدخل‬
‫النار‪ ،‬ولو مل يدخل النار من هذه األصناف الثالثة أحد وجب أن ال يكون ألهل اإلميان‬
‫يف اآلية خرب أهنم ال يدخلون النار‪ ،‬وإمنا فيها إخبار من اهلل تعاىل ذكره‬ ‫وعيد؟ قيل‪ :‬إنه لي‬
‫أهنم يدخلون جنات عدن‪ ،‬وجائز أن يدخلها الظامل لنفسه بعد عقوبة اهلل إياه على ذنوبه اليت‬

‫‪225‬‬
‫أصاهبا يف الدنيا‪ ،‬وظلمه نفسه فيها بالنار أو مبا شاء من عقابه‪ ،‬مث يدخله اجلنة‪ ،‬فيكون ممن‬
‫(‪)٢‬‬
‫ﭽ ﭻ ﭼ ﭽﭼ [فاطر‪.] 33 :‬‬ ‫عمه خرب اهلل جل ثناؤه بقوله‬

‫ويف هذا النص املنقول عن ابن جرير ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ما يرد على ظن الشيخ بأن دخول اجلنة‬
‫يستلزم عدم دخول النار‪ ،‬ولي األمر كذلك كما ال خيفى‪.‬‬

‫وقد حكم الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بأن هذه اآلية من أرجى آيات كتاب اهلل تعاىل فقال‪:‬‬
‫ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ‬ ‫( من أرجى آيات القرآن العظيم قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬

‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬

‫ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬

‫ﮥ ﭼ ]فاطر‪ [ 35 - 3١ :‬فقد بني تعاىل يف هذه اآلية الكرمية أن إيراث هذه األمة هلذا الكتاب‬
‫دليل على أن اهلل اصطفاها يف قوله‪ :‬مث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا وبني أهنم ثالثة‬
‫أقسام‪:‬‬

‫األول‪ :‬الظامل لنفسه وهو الذي يطيع اهلل‪ ،‬ولكنه يعصيه أيضا فهو الذي قال اهلل فيه‬
‫خلطوا عمال صاحلا وآخر سيئا عسى اهلل أن يتوب عليهم ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬املقتصد وهو الذي يطيع اهلل‪ ،‬وال يعصيه‪ ،‬ولكنه ال يتقرب بالنوافل من الطاعات‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬السابق باخلريات‪ :‬وهو الذي يأيت بالواجبات وجيتنب احملرمات ويتقرب إىل اهلل‬
‫بالطاعات والقربات اليت هي غري واجبة‪ ،‬وهذا على أصح األقوال يف تفسري الظامل لنفسه‪،‬‬
‫واملقتصد والسابق‪ ،‬مث إنه تعاىل بني أن إيراثهم الكتاب هو الفضل الكبري منه عليهم‪ ،‬مث وعد‬
‫اجلميع جبنات عدن وهو ال خيلف امليعاد يف قوله‪ :‬جنات عدن يدخلوهنا إىل قوله‪ :‬وال ميسنا‬
‫فيها لغوب والواو يف يدخلوهنا شاملة للظامل‪ ،‬واملقتصد والسابق على التحقيق‪ ،‬ولذا قال بعض‬

‫(‪ )٢‬تفسري الطربي = جامع البيان ت شاكر (‪.)4٠٠-469 /١٠‬‬


‫‪226‬‬
‫أهل العلم‪ :‬حق هلذه الواو أن تكتب مباء العينني‪ ،‬فوعده الصادق جبنات عدن جلميع أقسام‬
‫هذه األمة‪ ،‬وأوهلم الظامل لنفسه يدل على أن هذه اآلية من أرجى آيات القرآن‪ ،‬ومل يبق من‬
‫املسلمني أحد خارج عن األقسام الثالثة‪ ،‬فالوعد الصادق باجلنة يف اآلية شامل جلميع‬
‫املسلمني؛ ولذا قال بعدها متصال هبا والذين كفروا هلم نار جهنم ال يقضى عليهم فيموتوا وال‬
‫(‪)٢‬‬
‫خيفف عنهم من عذاهبا كذلك جنزي كل كفور )‪.‬‬
‫وأما قول الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬فاملقلدون املتعصبون ألئمتهم شر من القسم الثاين‪،‬‬
‫وهم الذين ميوتون على الكبائر؛ ألن البدعة شر من الكبرية ‪ ،‬وألن مرتكب الكبرية يعصي اهلل‬
‫تعاىل وهو معرتف بذنبه راج أن يتوب اهلل عليه ‪ ،‬أما املقلد واملبتدع فإهنما يعصيان اهلل تعاىل‬
‫ويردان كتابه وسنة رسوله مع اعتقادمها أن ذلك قربة إىل اهلل وصواب وخري ‪ ،‬وال ختطر يف باهلم‬
‫التوبة من ذلك "(‪.)١‬‬
‫على إطالقه إذ التعصب قد خيرج من امللة وقد يكون بتأويل سائغ‬ ‫فهو ‪ -‬أيضا ‪ -‬لي‬
‫وحنو ذلك حبيث يكون معصية من مجلة املعاصي‪.‬‬
‫ولكن دفع الشيخ إىل هذا القول هو انتشار املتعصبني للمذاهب الفقهية والعقدية يف زمنه‬
‫حىت قال بعض املتمذهبني "حنن خليليون إن ضل خليل ضللنا " بل وقال ابن عاشر املالكي يف‬
‫نظمه يف الفقه املالكي(‪:)3‬‬
‫يقة اجلُنـْي ند السالك‬
‫مالك ويف طر ن‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫وفقه‬ ‫يف ع ْق ند األشعري‬
‫فحكم على نظمه بأنه يف عقيدة األشعري – يعين قبل رجوعه عنها – وفقه مالك ‪،‬‬
‫وطريقة اجلنيد يف التصوف ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)49٠-489 /5‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.١٠/4‬‬
‫(‪ )3‬مظ ابن عاشر البيت اخلام من مقدمة النظم ‪.‬‬
‫‪227‬‬
‫‪-‬‬ ‫وال شك أن م ْن شاهد التعصب املقيت ألقوال الرجال ورد كالم اهلل تعاىل وسنة رسوله‬
‫ت إىل الدين بصلة ليعذر يف بعض اإلطالقات اليت سببها له الغضب هلل‬
‫‪ -‬بتخرصات ال مت ُ‬
‫تعاىل وحمبة نصرة دينه وسنة نبيه ‪.--‬‬

‫االكتفاء بنقد من سبقه من أهل العلم ‪:‬‬

‫ومـ ـ ـ ــن أهـ ـ ـ ــم مالمـ ـ ـ ــح مـ ـ ـ ــنهج الشـ ـ ـ ــيخ اهلـ ـ ـ ــاليل ‪-‬رمحـ ـ ـ ــه اهلل‪ -‬يف نقـ ـ ـ ــد األق ـ ـ ـ ـوال التفس ـ ـ ـ ـريية‬
‫وتوجيهه ـ ــا اكتف ـ ــاؤه بنق ـ ــد م ـ ــن س ـ ــبقه م ـ ــن أه ـ ــل العل ـ ــم؛ وخاص ـ ــة إذا ك ـ ــان نق ـ ــد ذل ـ ــك الق ـ ــول‬
‫واضحا بينا ؛ تعضده األدلة‪ ،‬وتُـقوينه احلجج ‪.‬‬

‫ﭽﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬وقوله تعاىل ‪:‬‬


‫إخل‪ ،‬روى أبو داود بسنده إىل ابن عباس قال ‪ :‬جاءت اليهود إىل النيب ‪--‬‬ ‫]األنعام‪[٢١٢ :‬‬

‫ﭽﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﭼ‬ ‫فقالوا ‪ :‬نأكل مما قتلنا وال نأكل مما قتل اهلل‪ ،‬فأنزل اهلل‬
‫[ األنعام‪ ، ] ٢١٢ :‬وقد انتقد اإلمام ابن كثري ذكر اليهود يف هذا احلديث؛ ألهنم هم أيضا حيرمون‬
‫فيها ذكر اليهود؛‬ ‫امليتة ‪ ،‬وألن اآلية مكية فلم يشهد اليهود نزوهلا‪ ،‬وصحح الرواية اليت لي‬
‫يعين أن ذلك االعرتاض مل يقع من اليهود وإمنا وقع من املشركني مبكة أوحت إليهم شياطينهم‬
‫ليجادلوا النيب ‪ --‬واملسلمني وهو مغالطة ألن اهلل مل يقتل البهيمة امليتة‪ ،‬وإمنا أماهتا مبرض‬
‫وحنوه كسقوط من شاهق وضربة مميتة ولدغة حية وافرتاس سبع‪ ،‬ولو سلمنا أن ذلك يسمى‬
‫قتال مل تكن هلم حجة فيما جادلوا به؛ ألن اهلل تعاىل هوالذي قتل املذبوحة أيضا وأباحها لنا‬
‫إذا ذكر امسه عليها ومل يبح لنا سواها )(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص ‪96‬‬


‫‪228‬‬
‫ونص كالم ابن كثير ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬على هذا الحديث هو‪ ( :‬وهذا فيه نظر من وجوه‬
‫ثالثة )‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬أن اليهود ال يرون إباحة امليتة حىت جيادلوا‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن اآلية من األنعام‪ ،‬وهي مكية‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن هذا احلديث رواه الرتمذي‪..‬بلفظ‪:‬أتى ناس النيب ‪ ‬فذكره )(‪ )٢‬يعين دون ذكر‬
‫اليهود ‪.‬‬

‫واملالحظ أن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اكتفى بنقد اإلمام ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪-‬‬
‫للحديث املذكور يف سبب نزول اآلية الكرمية؛ بل واعتمد نقده وزاد عليه بدليل عقلي وهو أنه‬
‫حىت على تسليم أن امليتة بسبب السقوط من شاهق أو غريه أن اهلل تعاىل هو الذي قتلها‬
‫الشيء ينطبق على املذبوحة أيضا ؛ والفرق بينهما ينحصر ‪ -‬بناء على هذا التسليم‬ ‫فنف‬
‫اجلديل ‪ -‬يف أن املذبوحة قد أباحها اهلل تعاىل؛ وغريها مل يبحه سبحانه ‪.‬‬

‫إذن نقد الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬للقول بأن سبب نزول اآلية هو جمادلة اليهود للنيب‬
‫‪ - -‬بناه على أدلة أربعة ؛ ثالثة اعتمدها من قول ابن كثري ‪ ،‬والرابع أضافه هو ‪-‬رمحه اهلل‪-‬‬
‫؛ فالثالثة اليت أخذ عن ابن كثري هي ‪:‬‬

‫‪ .٢‬إن اليهود ال يرون إباحة امليتة حىت جيادلوا‪.‬‬

‫‪ .١‬أن اآلية من األنعام‪ ،‬وهي مكية‪.‬‬

‫‪ .3‬أن هذا احلديث رواه الرتمذي‪..‬بلفظ ‪ :‬أتى ناس النيب ‪ --‬فذكره‪ .‬دون ذكر اليهود ‪.‬‬

‫وأما الرابع الذي أضافه الشيخ اهلاليل فهو أن ما ادعاه املشركون من كون الساقطة من‬
‫شاهق وحنوه قتلها اهلل تعاىل وأن املذبوحة من قتلهم هم وأن ما قتل اهلل أ ْوىل باألكل مما قتل‬

‫(‪ )٢‬تفسري ابن كثري ت سالمة (‪ )3١8 /3‬بتصرف يسري‪.‬‬


‫‪229‬‬
‫اإلنسان هو ادعاء باطل بدليل أن اجلميع قتله اهلل تعاىل أعين باألسباب املختلفة من ذبح‬
‫(‪)٢‬‬
‫وسقوط ولدغة وحنو ذلك‪.‬‬

‫عرض أدلة القول المنتقد بأمانة ثم الرد عليها ‪:‬‬


‫كثريا ما ينقل الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أدلة القول املنتقد بأمانة علمية مث يفند تلك األدلة مبا‬
‫يناسبها ‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬قال صاحب هذا املقال‪ :‬إن كان األب جمربا فما فائدة‬
‫استئذان البكر وما فائدة صمتها أو تصرحيها باآلباء إذ البد لالستئذان من نتيجة وهي إما‬
‫صمت يدل على الرضا فتُزوج أو تصريح باآلباء يدل على االمتناع والكراهية فال تُزوج وإال‬
‫كان االستئذان عبثا وأوامر العقالء تصان عن العبث فكيف بأمر سيد العلماء واحلكماء‬
‫(‪)١‬‬
‫صلوات اهلل وسالمه عليه وال عجب من الشارح كيف مل يتنبه إىل هذا املعل ‪."..‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر أن كالم الشيخ اهلاليل املتقدم سبقه بنقل أدلة القائلني بإجبار األب‬
‫ابنته البكر ؛ ناقال من كتبهم املعتمدة عندهم ؛ مث بني معناً عقلياً يدل عليه ظاهر لفظ‬
‫احلديث الشريف وهو أن استئذان البكر ال خيلو إما أن يكون له أثر يف اجلرب أو ال ؛ فإن كان‬
‫له أثر فما هو إن مل يكن العمل مبا قالت أو فعلت تلك البكر ؟ وإن مل يكن له أثر فإنه يكون‬
‫عبثا وال بد ؛ وال شك أن كالم العقالء مصون عن العبث ؛ فكيف بكالم من ال ينطق عن‬
‫اهلوى ‪ - -‬؟‬
‫ومن ذلك أيضا نقله عن اخلازن رأي الشافعي يف تفسري قوله تعاىل ‪" :‬قل ال أجد فيما‬
‫أوحي إيل حمرما ‪ "..‬اآلية حيث قال ‪ " :‬قال اخلازن ‪ :‬واألصل يف ذلك عند الشافعي أن كل‬

‫(‪ )٢‬وكذلك اكتفى الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بنقد من سبقه من أهل العلم لألقوال التفسريية إذا كان نقدهم مقنعا‬
‫باألدلة الظاهرة ‪ .‬انظر على سبيل املثال ‪ :‬قضية هل كان إبراهيم عليه الصالة والسالم ناظرا أم مناظرا ‪ .‬سبيل الرشاد‬
‫‪ 345/٢‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )١‬الثقافة اليت حنتاج إليها ص ‪.٢٠‬‬
‫‪231‬‬
‫ما مل يرد فيه نص بتحرمي أو حتليل ‪ ،‬فما كان أمر الشرع بقتله كما ورد يف الصحيح ‪ :‬مخ‬
‫فواسق يقتلن يف احلل واحلرم هي احلية والعقرب والفأرة واحلدأة والكلب العقور " وعن سعد بن‬
‫أيب وقاص – رضي اهلل تعاىل عنه – أن النيب ‪ -  -‬أمر بقتل الوزغ " أخرجه البخاري‬
‫ومسلم ‪ ،‬ومساه فويسقا ‪ ،‬وعن ابن عباس – رضي اهلل تعاىل عنهما – قال هنى النيب ‪-  -‬‬
‫عن قتل أربع من الدواب ‪ :‬النملة والنحلة واهلدهد والصرد " أخرجه أبو داود ‪ ،‬فهذا كله حرام‬
‫ال حيل أكله ‪ ،‬وما سوى ذلك فاملرجع فيه إىل األغلب من عادة العرب؛ فما يستطيبه األغلب‬
‫منهم فهو حالل‪ ،‬وما يستخبثه األغلب منهم وال يأكلونه فهو حرام ؛ ألن اهلل خاطبهم بقوله‪:‬‬
‫"أحل لكم الطيبات" فما استطابوه فهو حالل ‪ ،‬فهذا تقرير ما حيل وما حيرم من‬
‫املطعومات‪.‬ا‪.‬هـ(‪.)٢‬‬

‫قال تقي الدين اهلاليل ‪ :‬معاذ اهلل أن تكون أذواق العرب أو أكثرهم ميزانا ومعيارا للتحليل‬
‫والتحرمي يف دين اهلل؛ بل كل ما مل يرد الكتاب أو السنة بتحرميه من احليوان فهو حالل‪ ،‬وكيف‬
‫تكون أذواق العرب مقياسا للتحليل والتحرمي‪ ،‬وهي ختتلف يف القبيلة الواحدة والبلد الواحد‪،‬‬
‫الضب وكرهه بطبيعته؛ ألنه مل يكن بأرض قومه ومل حيرمه‪ ،‬فلم‬
‫ِّ‬ ‫والنيب ‪ --‬نفسه عاف أكل‬
‫جيعل النيب ‪ --‬ذوقه وطبعه مقياسا للتحليل والتحرمي‪ ،‬فكيف جيعل طبع غريه مقياسا‬
‫لذلك "(‪.)١‬‬
‫وهنا أيضا جند الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ذكر أدلة الشافعي ناقال هلا من اخلازن ‪ ،‬وضعف قول‬
‫الشافعي بدليلني ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن ما مل ينص يف الكتاب والسنة على حترميه فهو حالل ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أن أذواق العرب خمتلفة فكيف جتعل مقياسا للتحرمي والتحليل‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري اخلازن = لباب التأويل يف معاين التنزيل (‪.)٢68 /١‬‬


‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.٢١4-٢١3‬‬
‫‪230‬‬
‫ولكن يعرتض على دليله األول بأن هناك حمرمات أمجع على حترمي أكلها وشرهبا ؛ مع عدم‬
‫النص على ذلك يف الكتاب والسنة ‪.‬‬

‫يقول اإلمام الشافعي ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬فإن قال قائل ما دل على ما وصفت؟ قيل ال جيوز‬
‫يف تفسري اآلية إال ما وصفت من أن تكون اخلبائث معروفة عند من خوطب هبا والطيبات‬
‫كذلك إما يف لساهنا وإما يف خرب يلزمها ولو ذهب إىل أن يقول كل ما حرم حرام بعينه وما مل‬
‫ينص بتحرمي فهو حالل أحل أكل العذرة والدود وشرب البول ألن هذا مل ينص فيكون حمرما‬
‫ولكنه داخل يف معل اخلبائث اليت حرموا فحرمت عليهم بتحرميهم وكان هذا يف شر من حال‬
‫امليتة والدم احملرمني ألهنما جنسان ينجسان ما ماسا وقد كانت امليتة قبل املوت غري جنسة‬
‫(‪)٢‬‬
‫فالبول والعذرة اللذان مل يكونا قط إال جنسني أوىل أن حيرما أن يؤكال أو يشربا "‪.‬‬

‫وال شك أن استدالل اإلمام الشافعي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬واضح ‪.‬‬

‫ولكن قد جياب عنه؛ بأن النصوص دلت على جناسة البول والغائط وما كان جنسا ال جيوز‬
‫أكله ألنه إن حرمت مالمسته فأكله من باب أوىل‪.‬‬

‫نقد القول باالستدراك عليه ‪:‬‬

‫من مالمح منهج الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أن ينقد القول التفسريي باالستدراك عليه ؛‬
‫فيبني أنه حيتاج إىل ضابط ‪ ،‬أو تقييد وحنو ذلك ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬قول الشوكاين ‪" :‬والعبادة أقصى غايات اخلضوع‬
‫(‪)١‬‬
‫إن كان يريد املعل اللغوي فهو صحيح ‪ ،‬قال تعاىل يف سورة املؤمنني حكاية عن‬ ‫والتذلل"‬
‫موسى ‪" :‬فقالوا أنؤمن لبشرين" أي خاضعون متذللون خادمون(‪ ،)3‬وأما إن أراد املعل الشرعي‬

‫(‪ )٢‬األم للشافعي (‪.)١64 /١‬‬


‫(‪ )١‬فتح القدير للشوكاين (‪.)١٠ /٢‬‬
‫(‪ )3‬تفسري الطربي = جامع البيان ت شاكر (‪.)35 /٢9‬‬
‫‪232‬‬
‫فهو ناقص؛ إذ ال تتم العبادة باخلضوع والتذلل فقط حىت يصحبهما احلب والتعظيم واإلجالل‬
‫وتوحيد اهلل بذلك ‪ ،‬وعليه يقال ‪ :‬العبادة غاية التذلل يف غاية احلب ‪ ،‬مع التوحيد واتباع سنة‬
‫(‪)٢‬‬
‫النيب ‪ ، - -‬وأداء مجيع الواجبات وترك احملرمات ‪).‬‬

‫واستدراك الشيخ اهلاليل هنا على الشوكاين ميكن قبوله ورفضه من جهة النظر إليه ‪.‬‬

‫فلو نظرنا إىل تعريف العبادة فهو متنوع عند علماء السلف فبعضهم يعرفها ببعض أفرادها؛‬
‫وبعضهم يعرفها بأهم أركاهنا ‪ ،‬ومن هنا فإن استدراك الشيخ اهلاليل من هذه الزاوية يف غري حمله‬
‫ألن الشوكاين عرفها ببعض أفرادها وهو من باب التمثيل ال غري وقد قدمت أن السلف‬
‫الصاحل قد يفسر بعضهم آية ممثال ببعض معانيها ‪ ،‬مث يعرفها آخر مبثال آخر ؛ فيظن من‬
‫يستعجل أن بينهما تعارضا يف حني أهنما متفقان وإمنا مثل كل واحد منهما مبثال أقرب إىل‬
‫معل اآلية يف نظره ‪.‬‬

‫ولو نظرنا إىل تعريف العبادة اجلامع املانع فيكون استدراك اهلاليل يف حمله حيث إن‬
‫تعريف الشوكاين من هذه الناحية قاصر وغري تام‪.‬‬

‫التعميم في نقد القول ‪:‬‬

‫واملقصود به أن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يصرح أحيانا بأنه مل جيد يف التفاسري اليت بني‬
‫يديه ما يشفي غليله يف تفسري آية ما ؛ فيعمد هو إىل تفسريها من عنده ‪ ،‬ويعترب هذا نوعا من‬
‫النقد ألقوال املفسرين يف اآلية ‪..‬‬

‫كل ما عندي من التفاسري ألجد تفسريا تطمئن‬


‫طالعت َّ‬
‫ُ‬ ‫ومن ذلك قوله عليه رمحه اهلل ‪( :‬‬
‫نفسي إليه يف قوله تعاىل ‪" :‬أكاد أخفيها"فلم أجد شيئا ‪ ،‬مث طالعت كتب اللغة فلم أحصل‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.٢39-٢38/٢‬‬


‫‪233‬‬
‫على طائل ‪ ...‬أما قوله تعاىل ‪" :‬أكاد أخفيها" فأحسن ما قيل يف تفسريه ‪ :‬أريد أن أخفيها ‪،‬‬
‫وكاد مبعل "أراد" موجود يف لغة العرب ‪ ،‬قال الشاعر ‪:‬‬

‫ـاد‬
‫وال عم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود إذا مل ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس أوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـت ال ْيبت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل إال بأعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة‬
‫والبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫(‪)٢‬‬
‫وس ـ ــاكن بلغـ ـ ـوا األم ـ ــر ال ـ ــذي ك ـ ــادوا‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإن ْجتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـع أوتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد وأعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة‬

‫فكادوا هنا أرادوا ‪ ،‬قاله صاحب اللسان(‪ ،)١‬والقول الثاين ‪ :‬إهنا صلة ال تدل على‬
‫شيء(‪ ،)3‬وهذا مرجوح )(‪.)4‬‬

‫وهذا الذي ذهب إليه الشيخ اهلاليل يف تفسري قوله تعاىل "أكاد أخفيها" هو قول من‬
‫سبعة أقوال فيها هي ‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬أي ال أظهر عليها أحداً ‪ ،‬ويكون أكاد مبعل أريد‪.‬‬

‫(‪)5‬‬
‫ُخ نفيها نم ْن نـ ْف نسي)‬
‫اد أ ْ‬ ‫الثاني‪ :‬أكاد أخفيها من نفسي ‪ ،‬وهي كذلك يف قراءة أ ي‬
‫ُيب (أك ُ‬
‫ويكون املقصود من ذلك تبعيد الوصول إىل علمها‪ .‬وتقديره‪ :‬إذا كنت أخفيها من نفسي‬
‫فكيف أظهرها لك؟‬

‫الثالث‪ :‬معناه أن الساعة آتية أكاد‪ .‬انقطع الكالم عند أكاد وبعده مضمر أكاد آيت هبا‬
‫كل نف مبا تسعى‪.‬‬
‫تقريباً لورودها ‪ ،‬مث استأنف‪ :‬أخفيها لتجزى َّ‬

‫(‪ )٢‬البيتان لألفوه األودي من أبيات له منها البيت املشهور‪:‬‬


‫جهاهلم سادوا‪.‬‬
‫ال يصلح الناس فوضى ال سراة هلم ‪ ...‬وال سراة إذا ي‬
‫العقد الفريد (‪.)٢٢ /٢‬‬
‫(‪ )١‬لسان العرب (‪.)385 /3‬‬
‫(‪ )3‬دفع إيهام االضطراب عن آيات الكتاب (ص‪.)٢5١ :‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪ 5٠-49/١‬وراجع كذلك ‪ :‬سبيل الرشاد ‪. ٢85/١‬‬
‫(‪ )5‬تفسري ابن أيب حامت ‪ -‬حمققا (‪.)١4٢9 /٠‬‬
‫‪234‬‬
‫الرابع‪ :‬أن معل "أخفيها"‪ :‬أظهرها ‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫وإن تبعثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا احل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ال نقع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإ ْن تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْدفننُوا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء ال َُنْ نف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نه‬

‫يقال أخفيت الشيء أي أظهرته وأخفيته إذا كتمته ‪ ،‬كما يقال أسررت الشيء إذا كتمته‪،‬‬
‫(‪)١‬‬
‫وأسررته إذا أظهرته‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬أن كاد صلة‪ ،‬وعليه فاملعل إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى اآلية‪ ،‬واستدل‬
‫قائل هذا القول بقول زيد اخليل(‪:)3‬‬

‫سـ ـ ـ ـ ـريع إىل اهليج ـ ـ ـ ـ ن‬


‫يتنف ُ‬ ‫قـ ْرنُه‬ ‫يكاد‬
‫ُ‬ ‫أ ْن‬ ‫فما‬ ‫ـاء ش ـ ـ ـ ــاك س ـ ـ ـ ــالحه‬

‫أي فما يتنف قرنه‪ ،‬قالوا‪ :‬ومن هذا القبيل قوله تعاىل‪ :‬مل يكد يراها ‪ ،‬أي مل يرها‪.‬‬

‫السادس‪ :‬أن كاد من اهلل تدل على الوجوب‪ ،‬كما دلت عليه عسى يف كالمه تعاىل حنو‪:‬‬
‫قل عسى أن يكون قريبا‪ ،‬أي هو قريب‪.‬‬

‫وعلى هذا فمعل‪ :‬أكاد أخفيها أنا أخفيها‪.‬‬

‫السابع‪ :‬أن معل اآلية أكاد أخفيها أي أخفي األخبار بأهنا آتية‪ ،‬واملعل أقرب أن أترك‬
‫(‪)4‬‬
‫اإلخبار عن إتياهنا من أصله لشدة إخفائي لتعيني وقت إتياهنا‪.‬‬

‫(‪ )٢‬البيت المرئ القي ‪ .‬احليوان (‪.)٢65 /5‬‬


‫(‪ )١‬تفسري املاوردي = النكت والعيون (‪.)398-39٠ /3‬‬
‫(‪ )3‬زيد بْن مهلهل بْن زيد بْن منهب الطائي النبهاين ‪ ،‬املعروف بزيد اخليل ‪ ،‬ومساه رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫زيد اخلري ‪ ،‬صحايب وشاعر مفلق ‪.‬قيل تويف سنة عشر وقيل ‪ :‬تويف يف آخر خالفة عمر ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ . -‬أسد الغابة‬
‫ط الفكر (‪.)٢49 /١‬‬
‫(‪ )4‬دفع إيهام االضطراب عن آيات الكتاب (ص‪.)٢5١ -٢5٠:‬‬
‫‪235‬‬
‫وأصح األقوال ‪ -‬يف نظري واهلل أعلم ‪ -‬هو ما رجحه الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ومن قـْب نله‬
‫إمام املفسرين ابن جرير الطربي رمحه اهلل عليه ‪ ،‬وهو "أكاد أخفيها" من نفسي أي لو كان‬
‫ذلك ممكنا‪.‬‬

‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬معل اآلية‪ :‬أكاد أخفيها من نفسي‪ ،‬أي لو كان ذلك‬
‫ميكن‪ ،‬وهذا على عادة العرب‪ ،‬ألن القرآن نزل بلغتهم‪ ،‬والواحد منهم إذا أراد املبالغة يف كتمان‬
‫أمر قال‪ :‬كتمته من نفسي‪ ،‬أي ال أبوح ألحد‪.‬‬

‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬

‫( ‪)٢‬‬
‫كدت أ ْكتُ ُمه عين من اخلرب‬
‫ُ‬ ‫ما‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحبُنين هن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد وأخربُه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ت ْ‬

‫ونظري هذا من املبالغة قوله ‪ --‬يف حديث السبعة الذين يظلهم اهلل‪ :‬رجل تصدق‬
‫(‪)3‬‬
‫بصدقة فأخفاها حىت ال تعلم مشاله ما تنفق ميينه(‪ )١‬وهذا القول مروي عن أكثر املفسرين )‪.‬‬

‫نقد القول مع حفظ مكانة قائله ‪:‬‬

‫من منهج اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف نقده لألقوال ‪ ،‬وتوجيهه هلا أن حيفظ مكانة قائل القول‬
‫الذي يريد نقده ؛ فريد القول مبا وجد من أدلة دون أن مي القائل بنقد شخصي أو هتجم ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬البيت مذكور يف بعض التفاسري كشاهد على هذا املعل ‪ ،‬ومل أعثر على قائله ‪.‬‬
‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب الزكاة باب الصدقة باليمني ‪ )٢٢٢ /١( ٢4١3‬صحيح مسلم كتاب الزكاة باب فضل‬
‫إخفاء الصدقة ‪. )٠٢5 /١( ٢٠3٢‬‬
‫(‪ )3‬دفع إيهام االضطراب عن آيات الكتاب (ص‪.)٢49 :‬‬
‫‪236‬‬
‫ومن ذلك قوله عليه ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬وقول ابن كثري "يرشد تعاىل العصاة واملذنبني إذا وقع‬
‫منهم اخلطأ والعصيان أن يأتوا إىل الرسول ‪ )٢("...‬إىل آخره ‪ ،‬خطأ عظيم ألن الضمائر السبعة‬
‫تعود على املتحاكمني إىل الطاغوت التاركني التحاكم إىل اهلل ورسوله ‪ ،‬وكذلك قوله تعاىل ‪:‬‬
‫"فال وربك" فهذه ستة ضمائر تضاف إىل السبعة املتقدم ذكرها ؛ فيصري اجملموع ثالثة عشر‬
‫ضمريا كلها يف املنافقني )(‪.)١‬‬

‫مث بعد تفصيل يف املسألة طويل‪ ،‬ونقل ألقوال بعض املفسرين فيها يقول ‪-‬رمحه اهلل‪:-‬‬
‫"وقد تبني من كالم هؤالء املفسرين صحة ما ذكرت من قبل ‪ ،‬وخطأ احلافظ ابن كثري ‪ ،‬فاهلل‬
‫(‪)3‬‬
‫يغفر له ويرمحه "‪.‬‬

‫ذكر هذه احلكاية ابن عساكر يف معجمه(‪ ،)4‬والنووي يف اجملموع ‪.‬‬

‫وساقها بقوله‪ " :‬ن‬


‫وم ْن أحس نن ما ُ‬
‫يقول‪ :‬ما حكاه أصحابنا عن العتيب مستحسنني له مث‬
‫(‪)5‬‬
‫ذكرها بتمامها"‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر أن ابن كثري هنا مل يـ ْرنوها ومل يستحسنها بل نقلها كما نقل بعض‬
‫اإلسرائيليات يف تفسريه‪ ،‬وال يدل ذلك من قريب أو بعيد على أنه يصححها أو يرجح ما دلت‬
‫عليه كما هو واضح ‪.‬‬

‫نعم قد يقال إنه كان ينبغي أن يعلق عليها مبا هي أهله ؛ ومل يفعل ‪ ،‬ولكل جواد كبوة ‪.‬‬

‫تفسري ابن كثري ت سالمة (‪.)34٠ /١‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫سبيل الرشاد ‪.44/3‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫سبيل الرشاد ‪،48/3‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫معجم ابن عساكر (‪.)599 /٢‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اجملموع شرح املهذب (‪.)١٠4 /8‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪237‬‬
‫ومع ذلك يرد على من استدل بنقل ابن كثري هلذه القصة من أوجه ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أهنا ليست من سنة الرسول ‪ --‬وال فعل خلفائه الراشدين‪ ،‬وصحابته‬
‫املكرمني‪ ،‬وال من فعل التابعني‪ ،‬والقرون املفضلة‪ ،‬وغايتها أهنا جمرد حكاية عن جمهول نقلت‬
‫بسند ضعيف‪ ،‬فكيف حيتج هبا يف عقيدة التوحيد‪ ،‬لو مل يرد فيه إال هي ؛ فكيف وهي‬
‫(‪)٢‬‬
‫معارضة لألحاديث الصحيحة ‪ ،‬واألصول القومية ‪.‬‬

‫ثاني ا‪ :‬أنه على فرض التسليم بصحتها – وهيهات هلا أن تصح – فإهنا معارضة مبا هو‬
‫أقوى منها من نصوص كتاب اهلل تعاىل وسنة رسوله ‪.--‬‬

‫ثالثا‪ :‬حىت على تسليم أن ابن كثري أو غريه من أهل العلم نقلها ُم نقرا هبا فإن ذلك ال‬
‫يزيدها إال ضعفا على ضعفها فما من عامل إال ويرد عليه يف مسائل اختارها إما عن رأي‪ ،‬أو‬
‫عن ضعف حجة‪ ،‬وهو معذور قبل إيضاح احملجة له بدالئلها‪.‬‬

‫ولو تتبعنا كل قول شاذ أو ضعيف حبجة أن فالنا قال به أو نقله لضاع الدين من بني‬
‫أيدينا ‪ ،‬ولضللنا ضالال مبينا‪.‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )٢‬قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة (‪ )٢6٢/٢‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪238‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬منهجه يف التحذير من البدع واحملدثات‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف البدعة في اللغة واالصطالح ‪.‬‬

‫تدور معاين البدع يف اللغة على االخرتاع واإلنشاء وابتداء الشيء وصنعه ال عن مثال‪.‬‬

‫فالبدع هو االخرتاع على غري مثال سابق‪ ،‬أو هو ‪ :‬إحداث شيء مل يكن له من قبل خلق‬
‫وال ذكر وال معرفة ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﯖ ﯗ ﯘﯙﭼ ]البقرة‪[ ٢٢٠ :‬؛ أي‪ :‬خمرتعها أو‬
‫ﮋ ﮌ ﮍﭼ ]األحقاف‪[ 9 :‬؛ أي‪ :‬ما‬ ‫ﭽﮈﮉﮊ‬ ‫منشئها على غري مثال سابق‪ ،‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫كنت أول من أُْرنسل‪ ،‬قد أُْرنسل قبلي ُر ُسل كثري‪.‬‬

‫وأما من حيث االصطالح ‪:‬‬

‫(‪)١‬‬
‫فالبدعة هي ما مل يأمر به الشارع‪ ،‬ومل يأذن فيه‪ ،‬وال يف أصله‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫وعرفها الشاطيب ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬فقال مرة هي‪ " :‬العمل الذي ال دليل عليه يف الشرع "‪.‬‬

‫وقال مرة هي عبارة عن طريقة يف الدين خمرتعة‪ ،‬تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها‬
‫(‪)4‬‬
‫املبالغة يف التعبد هلل سبحانه‪.‬‬

‫واالبتداع – مبعناه اللغوي – يكون على نوعني‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ابتداع يف وسائل العيش كاملخرتعات احلديثة وحنوها‪ ،‬وهذا مباح؛ بل مطلوب شرعا‪..‬‬

‫العني (‪ )54 /١‬مجهرة اللغة (‪ )١98 /٢‬مقايي اللغة (‪ )١٠9 /٢‬هتذيب اللغة (‪.)٢4١ /١‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫التمسك بالسنن والتحذير من البدع (ص‪.)96 :‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫االعتصام للشاطيب (ص‪.)49 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫االعتصام للشاطيب (ص‪.)5٠ :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪239‬‬
‫ب ‪ -‬ابتداع يف الدين مطلقا‪ ،‬والتحقيق يف هذا أنه حمرم‪ ،‬وأما استحسان بعض أهل العلم‬
‫مقصوده البدعة الشرعية وإمنا عل‬ ‫لبعض ما يسميه بدعا ووصفها بأهنا بدعة حسنة؛ فلي‬
‫املعل اللغوي من حيث اإلطالق ‪.‬‬

‫هذا حمل‬ ‫وإمنا قلت إن حترمي البدعة – باملعل الشرعي – هو التحقيق ألدلة كثرية لي‬
‫بسطها‪ ،‬ومنها على سبيل املثال ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬أن األصل يف الدين التوقيف؛ ولذا قال ‪" :--‬من أحدث يف أمرنا هذا ما لي‬
‫(‪)١‬‬
‫منه؛ فهو رد" (‪ ،)٢‬ويف رواية‪" :‬من عمل عمالً لي عليه أمرنا؛ فهو رد"‪.‬‬

‫ب ‪ -‬قوله ‪ " :--‬كل بدعة ضاللة"(‪)3‬؛ وصريح لفظ الرسول ‪ --‬هو احلكم على‬
‫البدعة كلها بأهنا ضاللة‪.‬‬

‫قال احلافظ ابن رجب ‪ " :‬فقوله ‪ُ « :-  -‬كل بدعة ضاللة» من جوامع الكلم ال خيرج‬
‫عنه شيء‪ ،‬وهو أصل عظيم من أصول الدين‪ ،‬وهو شبيه بقوله‪« :‬م ْن أحدث يف أمرنا ما لي‬
‫منه فهو رد» ‪ ،‬فكل م ْن أحدث شيئا‪ ،‬ونسبه إىل الدين‪ ،‬ومل يكن له أصل من الدين يرجع‬
‫إليه‪ ،‬فهو ضاللة‪ ،‬والدين بريء منه‪ ،‬وسواء يف ذلك مسائل االعتقادات‪ ،‬أو األعمال‪ ،‬أو‬
‫األقوال الظاهرة والباطنة‪.‬‬

‫وأما ما وقع يف كالم السلف من استحسان بعض البدع‪ ،‬فإمنا ذلك يف البدع اللغوية‪ ،‬ال‬
‫(‪)4‬‬
‫الشرعية "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب الصلح باب إذا اصطلحوا على حكم جور ‪ )٢84 /3( ١69٠‬صحيح مسلم كتاب‬
‫األقضية باب نقض األحكام الباطلة ‪.)٢343 /3( ٢٠٢8‬‬
‫(‪ )١‬صحيح مسلم كتاب األقضية باب نقض األحكام الباطلة ‪.)٢343 /3( ٢٠٢8‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم كتاب اجلمعة باب ختفيف الصالة واخلطبة ‪. )59١ /١( 86٠‬‬
‫(‪ )4‬جامع العلوم واحلكم ت األرنؤوط (‪.)٢١8 /١‬‬
‫‪241‬‬
‫موقف الهاللي ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬من تقسيم البدع إلى حسنة وسيئة‪:‬‬

‫يقطع اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بأن البدع كلها ضاللة ؛ وأنه ال شيء يستحسن يف البدعة يف‬
‫أمور الدين ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪" : -‬جاء فيما نقله صاحب "الصوارم"(‪ )٢‬عن الونشريسي(‪ )١‬لفظ ‪" :‬فيما‬
‫يستحسن من البدع" وهو كالم باطل يف غاية الضاللة واجلهالة ‪ ،‬فإن البدع كلها قبيحة‪،‬‬
‫وضاللة لقول النيب ‪" : - -‬كل بدعة ضاللة"(‪ )3‬رواه مسلم ‪ ،‬وقال مالك ‪" :‬من ابتدع يف‬
‫اإلسالم بدعة يراها حسنة فقد زعم أن حممدا ‪ -  -‬خان الرسالة ‪ ،‬ألين مسعت اهلل يقول ‪:‬‬
‫"اليوم أكملت لكم دينكم" وما مل يكن يؤمئذ دينا ال يكون اليوم دينا" ذكره عنه الشاطيب يف‬
‫(‪)5‬‬
‫االعتصام(‪." )4‬‬

‫منهج الهاللي في التحذير من البدع والمحدثات ‪:‬‬

‫لقد متيز منهج اهلاليل يف التحذير من البدع بالشمولية والتنوع ؛ فلم يرتك قسما من أقسام‬
‫البدع الكربى إال ونـبَّه عليه َّ‬
‫وحذر منه ؛ ومل يتجنب طائفة من املبتدعني ‪ ،‬إال وناصحهم وبـ َّني‬
‫هلم خطورة املذهب البدعي الذي يدافعون عنه ‪ ،‬سواء كان ذلك يف جانب االعتقاد أو يف‬
‫جانب الفقه اإلسالمي ‪ ،‬أم يف جانب الكالم والفلسفة ‪ ،‬وغري ذلك ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صاحب الصوارم واألسنة يف الذب عن السنة ‪ ،‬حممد بن أيب مدين الشنقيطي الدمياين ‪.‬‬
‫(‪ )١‬الونْش نريسي (‪ 9٢4 - 834‬هـ = ‪ ٢5٠8 - ٢43٠‬م) أمحد بن حيىي بن حممد الونشريسي التلمساين‪ ،‬أبو العباس‪:‬‬
‫فقيه مالكي‪ ،‬أحذ عن علماء تلمسان‪ ،‬ونقمت عليه حكومتها أمرا فانتهبت داره وفر إىل فاس سنة ‪8٠4‬هـ فتوطنها إىل‬
‫أن مات فيها‪ ،‬عن حنو ‪ 8٠‬عاما‪ .‬من كتبه (إيضاح املسالك إىل قواعد اإلمام مالك ‪ -‬خ) و (املعيار املعرب عن فتاوي‬
‫علماء إفريقية واألندل وبالد املغرب ‪ -‬ط) اثنا عشر جزءا‪ .‬األعالم للزركلي (‪.)١69 /٢‬‬
‫(‪ )3‬تقدم خترجيه قريبا‪.‬‬
‫(‪ )4‬االعتصام للشاطيب (ص‪.)65 -64:‬‬
‫(‪ )5‬سبيل الرشاد ‪.65/4‬‬
‫‪240‬‬
‫أهم مالمح منهج الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف التحذير من البدع واحملدثات ‪:‬‬

‫بيان بدع المتصوفة والرد على أدلتهم ‪:‬‬

‫مل حيارب الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بدعة أكثر من حماربته لبدع املتصوفة ؛ فقد أكثر من‬
‫بيان بدعهم الكثرية ؛ وألَّقم أفواههم احلجج القوية الناصعة ؛ ومل يرتك هلم جانبا يتكئون عليه ‪،‬‬
‫إال وأتى عليه بالدليل‪ ،‬وميكن إرجاع أسباب ذلك – يف نظري – إىل سببني رئيسني ‪:‬‬

‫السبب األول ‪ :‬تاريخ الشيخ مع الصوفية وخاصة مع الطريقة التيجانية‪.‬‬

‫ذلك أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عاش ردحاً من الزمن يف براثن الطريقة التيجانية اليت تعترب من‬
‫أجرأ الطرق الصوفية – وكلها جريئة – على االبتداع يف الدين‪ ،‬وشرع ما مل يأذن به اهلل تعاىل؛‬
‫ومشاخيها مع ذلك من أكثر املتصوفة جهال بالكتاب والسنة ‪ ،‬وهم لذلك يدعون أهنم هم‬
‫أهل السنة واجلماعة ‪ ،‬وأن غريهم من املبتدعة ‪.‬‬

‫وال شك أن ماضي الشيخ هذا كان له األثر البالغ يف تركيزه على الصوفية بشكل عام ‪،‬‬
‫وعلى الطريقة التيجانية بشكل خاص ‪.‬‬

‫السبب الثاني ‪ :‬البيئة التي يعيش فيها الشيخ ‪.‬‬

‫إن بالد املغرب اإلسالمي عامة ‪ ،‬وبالد دولة املغرب بشكل خاص تعترب حصنا حصينا‬
‫من مراكز الصوفية على اختالف حنلها ومللها ‪ ،‬وخاصة الطريقة التيجانية فإن مؤسسها ‪ :‬أمحد‬

‫‪242‬‬
‫التيجاين(‪ )٢‬مدفون يف مدينة فاس املغربية ‪ ،‬وجل سكان املغرب وما حوهلا من الدول من أتباع‬
‫طريقته اليت أسست لبدع مل توجد قبلها بالشكل الذي أوجدهتا هي به ‪.‬‬

‫وهلذين السببني الرئيسني جند الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يركز على الصوفية ؛ فيبني بدعها‬
‫ويعرضها مث حيذر منها وينفر املسلم عن الوقوع يف حبائلها ‪.‬‬

‫ومن أهم البدع اليت بينها الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بيانا شافيا ورد على أدلة املبتدعني فيها ما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫)‪(١‬‬
‫‪ .٢‬عبادة األولياء ‪ ،‬ودعائهم ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫البناء على القبور ‪.‬‬ ‫‪.١‬‬
‫)‪(4‬‬
‫الذبح عند األموات ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫(‪)5‬‬
‫فكرة الديوان والقطب واألوتاد واألبدال ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫)‪(6‬‬
‫الطاعة العمياء ملن يزعمون أهنم أولياء ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫)‪(٠‬‬
‫ضمان مشاخيهم اجلنة ملريديهم ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫)‪(8‬‬
‫عبادة القبور ‪.‬‬ ‫‪.٠‬‬
‫)‪(9‬‬
‫أخذ املكوس على املريدين ‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫(‪ )٢‬التيجاين هو ‪ :‬أمحد بن حممد بن املختار بن أمحد بن سامل التيجاين‪ ،‬ولد عام مخسني ومائة ألف من اهلجرة‪ .‬بعني‬
‫ماضي‪ ،‬ونشأ هبا‪ ،‬وارحتل لفاس عام إحدى وسبعني ومائة وألف وتويف هبا عام ‪٢١3٠‬هـ‪ .‬ترمجة الشيخ عبد الرمحن‬
‫األفريقي (ص‪.)٢٠8 :‬‬
‫(‪ )١‬انظر مثال ‪ :‬اإلهلام واإلنعام ص ‪ ١6‬و‪ 43‬وتوحيد العبادة ص‪ 9-8‬والطريق إىل اهلل ص ‪.٢١١‬‬
‫(‪ )3‬اإلهلام واإلنعام ص ‪.53‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪ 48٠/٢‬و‪549‬و‪58٢‬و ‪ ٢6٠/١‬و‪ 8/3‬و‪ ١١‬و‪.٠6‬‬
‫(‪ )5‬توحيد العبادة ص‪ 36‬و‪.38‬‬
‫(‪ )6‬سبيل الرشاد ‪ ٢54/٢‬و‪ ١46‬و‪.369‬‬
‫(‪ )٠‬سبيل الرشاد ‪ ٢54/٢‬و‪ ١46‬و‪.369‬‬
‫(‪ )8‬سبيل الرشاد ‪ 356 /٢‬و‪ 383‬و‪ 443‬و‪.444‬‬
‫(‪ )9‬سبيل الرشاد ‪.4٠٠ /٢‬‬
‫‪243‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫‪ .9‬البدعة يف الذكر ‪.‬‬
‫)‪(١‬‬
‫‪ .٢٠‬وحدة الوجود ‪.‬‬

‫تلك هي أهم البدع الصوفية اليت تناوهلا الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بشيء من التفصيل واإليضاح‬
‫وعرض أدلتهم يف كثري منها وفندها باألدلة الشرعية من كتاب اهلل تعاىل وسنة رسوله ‪. --‬‬

‫بيان طرق أهل البدع في نشر بدعهم ‪:‬‬

‫ألهل البدع يف نشر بدعهم وخرافاهتم طرق ملتوية كثرية يسلكوهنا للمكر مبن استطاعوا‬
‫إضالله من املسلمني ؛ ومعرفة تلك الطرق من األمهية مبكان ؛ إذ ال ميكن أن حتارب عدوا ال‬
‫تعرف سلوكه وطرقه يف التعامل واملكر ‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق بني الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بعض طرق أهل الباطل يف نشر بدعهم‬
‫وخرافاهتم ‪ ،‬واختذ ذلك منهجا يف كثري من كتاباته حول املبتدعني ‪..‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬إن الرسل ‪ -‬عليهم الصالة والسالم ‪ -‬وأتباعهم ال يسألون على‬
‫الدعوة على تعليم الناس وإرشادهم؛ فإن ذلك يتناىف مع اإلخالص يف الدعوة فإهنم إذا أخذوا‬
‫أجرا من املدعوين ال بد أن خيضعوا هلم وأن خيافوهم واملدعوون أنفسهم إذا كانوا يعطون‬
‫الداعي أجرا يرون ألنفسهم فضال عليه وينقص قدره عندهم أو يزول‪ ،‬فإن قلت‪ :‬حنن نرى‬
‫شيوخ الطرائق كال على أتباعهم فأتباعهم خيدموهنم ويبذلون أنفسهم وأمواهلم‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يعظمونه غاية التعظيم‪ ،‬وهذا يبطل ما ادعيته !! أقول‪ :‬على رسلك فرق كبري بني دعوة أتباع‬
‫الرسل ودعوة شيوخ الطرائق فشيوخ الطرائق يومهون أتباعهم أهنم ينفعوهنم ويضروهنم إن شاؤوا‪،‬‬
‫وإن كل ما عند أتباعهم من األرزاق والنعم هم الذين منحوهم إياه‪ ،‬زد على ذلك أن شيوخ‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪464/٢‬و‪.465‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.١١٢/4‬‬
‫‪244‬‬
‫الطرائق يتبعون أهواء املدعوين فيقولون هلم ‪ :‬ما دمتم خملصني يف خدمتنا فافعلوا ما شئتم من‬
‫املعاصي‪ ،‬تغفر لكم ذنوبكم ‪ ،‬وتكونون من أولياء اهلل الصاحلني‪ ،‬وال تذوقون سكرات املوت‪،‬‬
‫وال تسألون يف قبوركم وحتملكم املالئكة على كواهلها فتمر بكم على الصراط أسرع من ملح‬
‫البصر‪ ،‬وتدخلون اجلنة بال حساب وال عقاب يف الزمرة األوىل وتكونون يف الفردوس مع النيب‬
‫‪ --‬وأصحابه ‪ ،‬انظر كتايب‪" :‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة التيجانية" فال غرابة إذا عبدوهم‬
‫(‪)٢‬‬
‫وبذلوا أمواهلم وأنفسهم "‪.‬‬

‫فالشيخ يف هذا النص يبني بعض طرق أهل الباطل يف نشر خرافاهتم وحيلهم ؛ وذلك عن‬
‫طريق الرتغيب فيما عند مشاخيهم من اخلياالت والوهم الذي يومهون العوام أنه حقيقة ‪ ،‬وهو‬
‫أقرب إىل هذيان اجملانني‪.‬‬

‫يضاف إىل ذلك ترهيبهم ألتباعهم بأهنم سيسلبوهنم املال واجلاه مبجرد أن يغضب الواحد‬
‫منهم عليهم؛ بل وحىت مبجرد أن جيد يف خاطره شيئا على أحد مريديه فإنه سيحل به اهلالك‪..‬‬

‫ومن طرقهم يف نشر البدع اليت نبه عليها الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وحذر منها‪ :‬غلوهم يف‬
‫مشاخيهم لدرجة ادعاء العصمة هلم؛ والقول بطهارهتم احلسية واملعنوية ؛ بل وحىت بطهارة‬
‫أبواهلم ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ ..( : -‬ن‬


‫وم ْن أعجب العجب أن بعض شرار الدواب زعم أن بول‬
‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ‬ ‫أهل البيت طاهر‪ ،‬لقوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪)١‬‬
‫ﮑ ﭼ [األحزاب‪ ]33:‬ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ[ الروم‪.) ]59 :‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.5١٠-5١6/٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.539/٢‬‬
‫‪245‬‬
‫صق أنفسهم بأهل بيت النبوة مستميلني بذلك عوام‬ ‫والغريب حقا هو حماولة املتصوفة ل ْ‬
‫املسلمني ؛ فغلوا يف النيب ‪ --‬وغلوا يف بيت النبوة حىت ادعوا هلم األلوهية؛ والنيب ‪--‬‬
‫وبيته براء من تلك املزاعم ؛ كيف ال وهم أهل التوحيد اخلالص واملقدمني املهج واألرواح دونه ‪،‬‬
‫سبحانك هذا هبتان عظيم‪.‬‬

‫وقد اكتفى الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بالرد على هذه البدعة الشنيعة بالتذكري بقول اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ [ الروم‪ ] 59 :‬ويقصد الشيخ بذلك أن من‬
‫يقول هذا القول فقد طبع على قلبه ‪ ،‬وهو من الذين ال يعلمون الدين وال يفقهون ما يقولون‪.‬‬

‫الشمولية في التحذير من البدع والمحدثات ‪:‬‬

‫مل يرتك الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أصال من أصول البدع إال وحذر منه ونفر‪ ،‬فلم تلهه بدع‬
‫الصوفية عن بدع املتكلمني واملتمذهبني وأصحاب العلم احلديث ‪.‬‬

‫وقد قدمت أهم بدع الصوفية وكيف أن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حذر منها وبينها أمت بيان ‪،‬‬
‫وسوف أوضح هنا بقية أصول البدع اليت عين الشيخ ببياهنا وتوضيحها والتحذير منها ‪:‬‬

‫بدعة علم الكالم ‪:‬‬

‫شن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حربا شعواء على بدعة ما يسمى بعلم الكالم ؛ وبني هزال‬
‫القول بأنه يفيد يقينا أو يقنع عقال ‪..‬‬

‫يقول ‪ -‬رمحه اهلل تعاىل ‪ .. ( :-‬ومثال العلم الذي ال ينفع ‪ :‬علم الكالم إذا كان صاحبه‬
‫يعتقد أنه حق ‪ ،‬وقول بعض املتكلمني شعرا ‪:‬‬

‫‪246‬‬
‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم عب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد لعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالم‬ ‫أيَّه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املغت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي لتطلُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب علمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫ن (‪)٢‬‬
‫ُمثَّ أغفل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ُمْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نزل األحك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام‬ ‫تطلـ ـ ــب العلـ ـ ــم كـ ـ ــي تصـ ـ ــحح حكم ـ ـ ـاً‬

‫سيدا للعلوم‪ ،‬وإمنا هو عبد هلو من‬ ‫وجوابه أن يقال‪ :‬كذبت‪ ،‬علم الكالم لي‬
‫املتفلسفني‪ ،‬وسخافاهتم وهو بدعة ملعونة‪ ،‬إال يف حق من اضطر إليه ليدافع به عن احلق‪،‬‬
‫ويلجم أهله‪ ،‬ويرميهم بأحجارهم‪ ،‬ويأخذهم بإقرارهم‪ ،‬مث يقال له‪ :‬حنن ما أغفلنا منزل‬
‫األحكام ولكنا وصفناه مبا وصف به نفسه سبحانه‪ ،‬ومبا وصفه به رسوله الكرمي متبعني يف‬
‫ذلك نبيه ‪ --‬وللصحابة والتابعني‪.‬‬

‫وأقول يف ذلك شعراً معارضاً له ‪:‬‬

‫اجتنن ـ ـ ـ ـ ـ ـب جاه ـ ـ ـ ـ ـ ــداً ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـالم الك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬


‫ـالم‬ ‫ْ‬ ‫أيه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املغت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي لتنطلُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب علمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫ْ‬
‫إنمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا العل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم نش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـرعةُ الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـالم)‬
‫ن (‪)١‬‬ ‫إن عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالم ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬ ‫ِّ‬

‫ومن هذا النص يتضح جبالء أن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مثله مثل علماء السلف ال‬
‫يرى يف علم الكالم علما مفيدا مقنعا إال يف حال الضرورة كإقناع القائلني الذين ال يرضون بغري‬
‫أصوله طريقة لإلقناع ‪ ،‬وحنو ذلك ‪.‬‬

‫بدعة التمذهب‪:‬‬

‫مبعصوم ؛ بل‬ ‫مل يكن الشيخ اهلاليل لنيُـ ْهمل بدعة التمذهب والتعصب ملذاهب من لي‬
‫ركَّز على هذه البدعة وحذر منها أبلغ حتذير‪ ،‬وأوضح األدلة من كتاب اهلل تعاىل وسنة نبيه‬
‫‪ - -‬وكالم سلف هذه األمة على حترمي التعصب لقول أحد كائنا من كان إال ببينة يظهرها‪،‬‬
‫أو دليل يستند إليه ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬البيتان أنشدمها أبو عبد اهلل بن جماهد املتكلم لبعض املتكلمني‪ ،‬ينظر ‪ :‬تاريخ بغداد ت بشار (‪.)١٠٠ /١‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.595/٢‬‬
‫‪247‬‬
‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬أما تقليد غري املعصوم واالستغناء مبا نقل عنه من األقاويل عن كتاب‬
‫اهلل واالعتماد يف احلكم واإلفتاء على ذلك ونسبة ذلك إىل اهلل ورسوله ؛ فهو افرتاء على اهلل‬
‫وصد عن سبيله وتبديل لدينه فنعوذ باهلل من اخلذالن "(‪.)٢‬‬

‫مث نقل عن بعض أئمة السلف ذم التقليد والنصوص الواردة يف ذلك معلقا على كل نص‬
‫(‪)١‬‬
‫مبا يناسبه ‪.‬‬

‫هذا وقد خصص الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قسما كامال من كتابه سبيل الرشاد للتحذير من هذه‬
‫البدعة‪ ،‬وجعله حتت عنوان توحيد االتِّباع؛ بل وبني أن سبب تأليفه كتاب سبيل الرشاد إمنا‬
‫كان بغرض التحذير من هذه البدعة‪ ،‬وتنفري املسلمني منها‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬ملا كان الغرض من تأليف هذا الكتاب إقامة الرباهني على وجوب‬
‫اتباع الكتاب والسنة وترك التفرق والتحزب بشكل مذاهب أو طرائق أو أحزاب مل أرد أن‬
‫(‪)3‬‬
‫أتوسع فيما يرد أثناء البحث من املسائل األخرى "‪.‬‬

‫وقال مرة أخرى جمليا هذا املعل ومصرحا به ‪ " :‬وملا كان التقليد والتعصب والتفرق‬
‫والتمذهب‪ ،‬واتباع الطرائق القدد ‪ ،‬واألحزاب البدد‪ ،‬والقوميات والوطنيات‪ ،‬واألهواء والعادات‪،‬‬
‫من أعظم أسباب شقائهم اليت سدت عنهم أبواب اخلري وفتحت هلم أبواب الشقاء‪ ،‬عزمت يف‬
‫هذا القسم من "سبيل الرشاد" أن أبذل كل جهد يف التحذير من هذه الطرق املعوجة وأنقل‬
‫(‪)4‬‬
‫كالم األئمة مصحوبا باحلجة "‪.‬‬

‫اإلهلام واإلنعام ص‪.٢45‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫ينظر اإلهلام واإلنعام ص ‪ ٢45‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫سبيل الرشاد ‪.٢45-٢44/3‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫سبيل الرشاد ‪.١5-١4/4‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪248‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫منهج اهلاليل يف علوم القرآن‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬كتابه نبذة من علوم القرآن‬
‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪:‬منهج اهلاليل يف تسهيل مادة علوم القرآن‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬منهج اهلاليل يف االستدالل على مسائل علوم القرآن‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه يف الرتجيح‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫كتاب الشيخ اهلاليل املعنون بـ "نبذة من علوم القرآن الكرمي"(‪ )٢‬يعترب من أهم كتبه يف جمال‬
‫علوم القرآن الكرمي ‪ ،‬وسوف أعرض ألهم املباحث املتعلقة مبنهجه فيه‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬منهج اهلاليل يف تسهيل مادة علوم القرآن‪:‬‬

‫إن املطالع لكتاب الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬املعنون بـ"نبذة من علوم القرآن" جيده رَّكز فيه‬
‫على هدف مهم وهو تسهيل هذه املادة لطالب اجلامعة خصوصا وطالب العلم عموما ليجدوا‬
‫لذة يف دراستها فيعتنون هبا ويهتمون مبباحثها وعلومها‪.‬‬

‫وملنهج الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تسهيله مادة علوم القرآن الكرمي مالمح من أمهها ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬اختياره طريقة الحوار متمثلة في "السؤال والجواب" ‪:‬‬

‫طريقة السؤال واجلواب أو الطريقة احلوارية كما يسميها الرتبويون هي طريقة جيدة إليصال‬
‫املعلومات بطريقة شيقة يتجاوب فيها الطالب مع األستاذ واملتعلم مع العامل ‪.‬‬

‫وقد سلكها الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتابه هذا وهي نافعة يف تقرير املعلومات وسرعة‬
‫فهمها‪ ،‬ذلك أن الطالب يدرك املعاين ويستوعبها أكثر إذا ألقيت عليه بطريقة السؤال‬
‫واجلواب؛ ألن املخاطب إذا طرح عليه السؤال فإنه يستعد ويتهيأ تلقائيا لفهم اجلواب ‪.‬‬

‫لطريقة السؤال واجلواب أو ما يسمى يف علم الرتبية بالطريقة احلوارية‬ ‫وميكن التأسي‬
‫باألدلة التالية ‪:‬‬

‫‪ – 0‬كونها طريقة قرآنية فقد وردت يف القرآن الكرمي كثريا كما يف قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﭽﮭﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯮ ﭼ] البقرة‪. [ ٢89 :‬‬

‫(‪ )٢‬أعطيت نبذة وافية عن هذا الكتاب يف الكالم على مؤلفات الشيخ يف علوم القرآن يف املبحث الثاين من الفصل‬
‫الثاين من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫وقد ورد لفظ "يسألونك" مع جوابه يف سبعة مواضع(‪ )٢‬يف كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬كما ورد بلفظ‬
‫"ويسألونك" يف ستة مواضع(‪ ،)١‬وأمثال هذه الطريقة احلوارية يف القرآن الكرمي كثري ‪.‬‬

‫‪ – 2‬كونها طريقة نبوية فقد كان النيب ‪ --‬يهيئ أذهان أصحابه بطرح السؤال عليهم‬
‫مث إجابتهم عليه‪ ،‬وينوع صور ذلك فتارة يسأهلم وجييب هو ؛ ومرة يأمرهم بسؤاله‪ ،‬مث جييبهم‪،‬‬
‫وأحيانا يطرح السؤال نيابة عنهم مث جييب ‪. --‬‬

‫ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أيب هريرة ‪ --‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪:- -‬‬
‫عند ركبتيه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما‬ ‫«سلوين»‪ ،‬فهابوه أن يسألوه‪ ،‬فجاء رجل‪ ،‬فجل‬
‫اإلسالم؟ قال‪« :‬ال تشرك باهلل شيئا‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤيت الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان» ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صدقت‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما اإلميان؟ قال‪« :‬أن تؤمن باهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتابه‪ ،‬ولقائه‪،‬‬
‫ورسله‪ ،‬وتؤمن بالبعث‪ ،‬وتؤمن بالقدر كله» ‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما اإلحسان؟‬
‫قال‪« :‬أن ختشى اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإنك إن ال تكن تراه فإنه يراك»‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪ .‬قال‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬مىت تقوم الساعة؟ قال‪ " :‬ما املسئول عنها بأعلم من السائل‪ ،‬وسأحدثك عن‬
‫أشراطها‪ :‬إذا رأيت املرأة تلد رهبا‪ ،‬فذاك من أشراطها‪ ،‬وإذا رأيت احلفاة العراة الصم البكم‬
‫ملوك األرض‪ ،‬فذاك من أشراطها‪ ،‬وإذا رأيت رعاء البهم يتطاولون يف البنيان‪ ،‬فذاك من‬
‫ﭽﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫من الغيب ال يعلمهن إال اهلل "‪ ،‬مث قرأ‪:‬‬ ‫أشراطها يف مخ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬

‫(‪ )٢‬ورد لفظ "يسألونك" يف تسعة مواضع هي ‪ :‬سورة البقرة‪ ٢89‬يف اآلية رقم ‪١٢5‬و ‪١٢٠‬و‪ ،١٢9‬وسورة األعراف‬
‫يف اآلية رقم ‪ ،٢8٠‬وسورة األنفال يف اآلية رقم ‪ ،٢‬ويف سورة النازعات يف اآلية رقم ‪.4١‬‬
‫(‪ )١‬البقرة‪١١٠‬البقرة‪١١١‬املائدة‪4‬اإلسراء‪85‬الكهف‪83‬طه‪٢٠5‬‬
‫‪250‬‬
‫قال‪ :‬مث قام الرجل‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :-  -‬ردوه علي» ‪،‬‬ ‫ﰈ ﰉ ﭼ [لقمان‪]34 :‬‬
‫(‪.)٢‬‬
‫فالتمسوا‪ ،‬فلم جيدوه‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« : --‬هذا جربيل‪ ،‬أراد أن تعلموا إذ مل تسألوا )‬

‫ومن ذلك أيضا ما روي عن ابن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ :-‬أن رسول اهلل ‪ - -‬قال‪:‬‬
‫ضهُ؟ هي‪ :‬النميمة القالةُ بني الناس )(‪.)١‬‬
‫( أال هل أنبئكم ما الع ْ‬

‫ومن هذه املنطلقات اختذ الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬طريقة السؤال واجلواب يف كتابه هذا‬
‫وسيلة لرتسيخ مادة علوم القرآن ‪ ،‬بطريقة سهلة ميسرة شيقة ‪.‬‬

‫وقد طرح الشيخ تسعة ومخسني سؤاال يف كتابه هذا وأجاب عنها متناوال ألهم أساسيات‬
‫مادة علوم القرآن الكرمي ‪ ،‬وبوب تلك األسئلة على اثل عشر بابا على النحو التايل ‪:‬‬

‫‪ ٢‬ـ ـ تعريف القرآن الكرمي‪ ،‬وتنزيله‪.‬‬

‫‪ ١‬ـ ـ تنجيم القرآن الكرمي‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ املكي واملدين‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ـ نزول القرآن الكرمي‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ـ مميزات السور املكية‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ـ مميزات السور املدنية‪.‬‬

‫‪ ٠‬ـ ـ مجع القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب التفسري باب قوله إن اهلل عنده علم الساعة ‪ )٢٢5 /6( 4٠٠٠‬صحيح مسلم كتاب‬
‫اإلميان باب اإلسالم ما هو وبيان خصاله ‪ )4٠/٢( ٢٠‬واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫(‪ )١‬صحيح مسلم كتاب الرب والصلة واآلداب باب حترمي النميمة ‪.)١٠٢١ /4( ١6٠6‬‬
‫‪252‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ كيفية نزول الوحي على النيب ‪. --‬‬

‫‪ 9‬ـ ـ آداب قارئ القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫‪ ٢٠‬ـ ـ أسباب النزول‪.‬‬

‫‪ ٢٢‬ـ ـ حفظ القرآن الكرمي‪.‬‬

‫)‪(٢‬‬
‫‪ ٢١‬ـ ـ الناسخ واملنسوخ‪.‬‬

‫ومن هنا ميكن القول إن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سلك يف كتابه هذا طريقة احلوار‬
‫متمثلة يف السؤال واجلواب؛ مث تقسيمه لكتابه هذا على أبواب حتت كل باب جمموعة من‬
‫األسئلة واألجوبة؛ كل هذا هبدف تبسيط وتسهيل مادة علوم القرآن الكرمي اليت مل تكن متداولة‬
‫يف عصره كما هي اليوم ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ترتيب أولويات مادة علوم القرآن‪:‬‬

‫لقد رتَّب الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أولويات مادة علوم القرآن الكرمي مركزا على األهم‬
‫فاملهم ؛ وميكن مالحظة ذلك من خالل النقاط التالية ‪:‬‬

‫‪ – 0‬اهتمامه بتعريف القرآن الكريم؛ وكيفية نزوله(‪ ،)١‬وطريقة تنزيله(‪.)3‬‬

‫وقد عقد الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بابا لرتسيخ تلك اجلوانب من مادة علوم القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬السؤال‪ :‬ما هو القرآن ؟‬

‫(‪ )٢‬يراجع كتابه نبذة من علوم القرآن الكرمي من ص ‪ ٢3‬إىل ص ‪.4٢‬‬


‫(‪ )١‬يراجع يف ذلك ‪ :‬نبذة من علوم القرآن ‪ ،‬ص ‪.٢3‬‬
‫(‪ )3‬نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢5‬‬
‫‪253‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫اجلواب ‪ :‬القرآن الكتاب الذي أُنزل على حممد ‪ - -‬املعجز بأقصر سورة منه‪).‬‬

‫‪ – 2‬اهتمامه بأهم أبواب مادة علوم القرآن كاملكي واملدين‪ ،‬والناسخ واملنسوخ‪،‬‬
‫وأسباب النزول‪ ،‬وغريها من أساسيات مادة علوم القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫ذلك أن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مل يؤلف هذا الكتاب بغرض استقصاء مادة علوم‬
‫القرآن كاملة ‪ ،‬وال أدل على ذلك من عنوانه الذي اختاره له‪ ،‬وهو "نبذة من علوم القرآن" ‪،‬‬
‫وال شك أن هذه النبذة ميكن أن تسمى زبدة ألهنا حوت أساسيات وأركان مادة علوم القرآن‬
‫الكرمي بطريقة سهلة ميسرة ‪.‬‬

‫‪ – 3‬اهتمامه بتاريخ حفظ القرآن الكريم؛ وهو بذلك يرد على مزاعم الطاعنني يف‬
‫حفظ القرآن الكرمي ‪ ،‬وخاصة من املستشرقني احلاقدين ‪ ،‬والشيعة املاكرين ؛ حيث ادعى كل‬
‫فريق من أولئك أن القرآن نزيد فيه ونقص‪ ،‬وأنه مل يسلم من التغيري والتبديل الذي تطرق‬
‫للكتب السابقة‪.‬‬

‫وقد رد الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على مزاعم أولئك فقال ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬السؤال ‪ :‬هل يوجد يف‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫القرآن ما يدل على أن اهلل تك َّفل حبفظه من الضياع ؟ اجلواب‪:‬نعم قوله‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭼ ]القيامة‪[٢9 – ٢6:‬‬

‫احلجر‪:‬ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ ]احلجر‪. [9:‬‬ ‫وقال تعاىل يف سورة‬

‫السؤال‪ :‬هل حتقق ما وعد اهلل به من حفظ القرآن من الضياع والزيد والنقص؟‬

‫اجلواب‪ :‬نعم ‪ ،‬وال يرتاب يف ذلك إال جاهل أو معاند مكابر كاليهودي "كولديت‬
‫تسيهر" وأمثاله من األعداء املكاشحني‪ ،‬وقد كفانا مؤنة الرد عليهم العلماء املنصفون من‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢3‬‬


‫‪254‬‬
‫األوربيني ك"مر ماديوك بكثول" و"ديين" وغريمها‪ ،‬وهذا من معجزات القرآن فإن القرآن حمفوو‬
‫من التغيري والتبديل والزيادة والنقصان من عهد النيب ‪ --‬إىل يومنا هذا ‪ ،‬وهو موجود يدرس‬
‫كل صقع ‪ ،‬وحتت كل جنم يف املعمورة أينما ذهبت جتده حبروفه ال يزيد حرفا وال ينقص وال‬
‫يف ِّ‬
‫يوجد كتاب يف الوقت احلاضر وال يف املاضي ميتاز هبذه الفضيلة ويتحلى هبذه الصفة من‬
‫الكتب املقدسة عند األمم فكلها خمتلفة ومشكوك يف بعضها ‪ ،‬ومل يوجد كتاب وعد اهلل حبفظه‬
‫فيما نعلم إال هذا الكتاب واهلل ال خيلف امليعاد )(‪.)٢‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التبسيط وعدم الخوض في الخالفات ‪:‬‬

‫تعرض الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتابه نبذة من علوم القرآن لكثري من مسائل مادة‬
‫علوم القرآن الكرمي ؛ وأغلب تلك املسائل وقع فيها اخلالف قدميا وحديثا ‪ ،‬ومع ذلك فقد‬
‫تناوهلا الشيخ بشيء من التبسيط ‪ ،‬وعدم اخلوض يف اخلالفات اليت تشتت ذهن الطالب وترتكه‬
‫يف حرية من أمره وجتعله غري قادر على استيعاب املادة بالشكل املطلوب ؛ وخاصة إذا كان من‬
‫الصنف الذي أُلِّف الكتاب ألجله وهو طالب اجلامعات املبتدئون يف مادة علوم القرآن الكرمي‪.‬‬

‫ومبجرد اختيار الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬لطريقة السؤال واجلواب فإنه بذلك يبني أن‬
‫غرضه إعطاء الطالب زبدة جاهزة وخالصة نقية غري مشوبة بعرض األدلة واالعرتاضات عليها‬
‫وجواب تلك االعرتاضات وهلم جرا‪.‬‬

‫ومن املسائل اخلالفية اليت تعرض هلا الشيخ جازما برأي واحد فيها غري مبني للخالف فيها‬
‫ما يلي ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢5‬‬


‫‪255‬‬
‫تعريف القرآن الكريم‪:‬‬

‫وقد وقع فيه اخلالف ما بني مطول يف التعريف ومقتصر على أهم أسسه وأركانه ‪ ،‬ولكن‬
‫الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اقتصر على تعريف موجز جمنبا بذلك طالب العلم الغوص يف كثري‬
‫من اخلالفات ‪ ،‬واالعرتاضات الدقيقة ؛ مركزا على التبسيط فقال ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تعريفه للقرآن‬
‫(‪)٢‬‬
‫الكرمي ‪ ( :‬القرآن الكتاب الذي أُنزل على حممد ‪ -  -‬املعجز بأقصر سورة منه )‪.‬‬

‫وال خيفى على طالب العلم أن هذا التعريف املبسط خيتصر كثريا من اخلالفات اليت وردت‬
‫(‪)١‬‬
‫يف تعريف القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫المكي والمدني‪:‬‬

‫ومن املعلوم أن املعيار الذي حيدد به أهل العلم املكي واملدين خمتلف فبعضهم يعترب التاريخ‬
‫وبعضهم يرى حتديد ذلك باملكان فما نزل مبكة مكي ولو كان بعد اهلجرة وهكذا؛ ومع هذا‬
‫اخلالف جزم الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬برأي واحد وهو اعتبار التاريخ حىت ال يشتت ذهن‬
‫ينقسم عهد نزول القرآن ؟ اجلواب ‪ :‬ينقسم‬
‫ُ‬ ‫الطالب؛ فقال ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬سؤال ‪ :‬إىل كم‬
‫عهد نزول القرآن إىل مدتني متمايزتني ‪.‬‬

‫السؤال ‪ :‬ما هي املدة األوىل ؟‬

‫اجلواب‪ :‬هي من السابع عشر من رمضان سنة إحدى وأربعني من مولده إىل أول ربيع‬
‫األول سنة أربع ومخسني من مولده‪ ،‬وما نزل من القرآن يف هذه املدة يسمى مكيا ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢3‬‬


‫(‪ )١‬يراجع يف تعريف القرآن الكرمي وخالف أهل العلم يف وضع حد له ‪ :‬مناهل العرفان يف علوم القرآن (‪ )١٠/٢‬النبأ‬
‫العظيم (ص‪ )43 :‬تاريخ القرآن الكرمي (ص‪.)٢٠ :‬‬
‫‪256‬‬
‫ما هي املدة الثانية ؟‬

‫اجلواب ‪ :‬هي ما بعد اهلجرة وهي تسع سنني وتسعة أشهر وتسعة أيام من أول ربيع األول‬
‫سنة أربع ومخسني إىل تاسع ذي احلجة سنة ثالث وستني من مولده وسنة عشر من اهلجرة ‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وما نزل من القرآن فيها يقال له املدين )‬

‫وهكذا سلك الشيخ يف بقية املباحث املختلف فيها كأسباب النزول(‪ )١‬والناسخ واملنسوخ ‪،‬‬
‫وأخذ األجرة على تعليم القرآن(‪ )3‬وغريها‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف مسألة النسخ مثال ‪ .. ( :‬والنسخ يف االصطالح إزالة احلكم كنسخ‬
‫التوجه إىل بيت املقدس بالتوجه يف الصالة إىل الكعبة ‪ ..‬ومجهور علماء اإلسالم يقولون يوجد‬
‫(‪)4‬‬
‫النسخ يف القرآن الكرمي ‪)..‬‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص ‪.٢٠‬‬


‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ص‪.33‬‬
‫(‪ )3‬نبذة من علوم القرآن ص‪.39‬‬
‫(‪ )4‬نبذة من علوم القرآن ص‪.39‬‬
‫‪257‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬منهج اهلاليل يف االستدالل على مسائل علوم القرآن‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االستدالل بالقرآن الكريم على علومه ‪:‬‬

‫كثري ما يستدل الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على مسائل علوم القرآن الكرمي اليت يتعرض هلا‬
‫بكتاب اهلل تعاىل ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬

‫قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬السؤال‪ :‬هل توجد إشارة يف القرآن إىل تاريخ نزوله؟‬

‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫اجلواب‪ :‬قد أشار القرآن إىل تاريخ نزوله بقوله تعاىل يف سورة األنفال‪:‬‬
‫ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢﭣ‬

‫واملراد باجلمعني امللتقيني مجع‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭴ ﭼ ]األنفال‪[ 4٢ :‬‬

‫املسلمني ومجع املشركني يف غزوة بدر ‪ ،‬وكان ذلك على ما رواه أهل السري يف يوم السابع عشر‬
‫من رمضان يف السنة الثانية من اهلجرة وهو اليوم الذي ابتدأ فيه ظهور اإلسالم وانتصاره وعلو‬
‫شأنه وعزة أهله وبزوغ مشسه ‪. )٢()..‬‬

‫وهذا املنهج يف االستدالل على مسائل علوم القرآن الكرمي بكتاب اهلل تعاىل يكثر منه‬
‫(‪)١‬‬
‫الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف كتابه هذا ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االستدالل بالسنة على علوم القرآن ‪:‬‬

‫مل يكن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ليغفل عن االستدالل بالسنة على مسائل علوم القرآن‬
‫الكرمي اليت أراد إيضاحها ‪ ،‬وتبسيطها لطالب العلم ‪ ،‬ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مستدال على‬
‫مجع وما هو سبب مجعه ؟‬‫مسألة مجع القرآن الكرمي ‪ ( :‬السؤال ‪ :‬من مجع القرآن ومىت ُن‬
‫ْ‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢4‬‬


‫(‪ )١‬يراجع مثال ص‪ ٢5‬و‪ ٢8‬و‪.١٢‬‬
‫‪258‬‬
‫اجلواب ‪ :‬روى البخاري يف كتاب فضائل القرآن من صحيحه بسنده إىل زيد بن ثابت ‪:‬‬
‫قال "أرسل إيل أيب بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬إن عمر أتاين‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس‪ ،‬وإين أخشى أن يستحر القتل بالقراء يف املواطن‪،‬‬
‫فيذهب كثري من القرآن إال أن جتمعوه‪ ،‬وإين ألرى أن جتمع القرآن "‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬قلت‬
‫لعمر‪« :‬كيف أفعل شيئا مل يفعله رسول اهلل ‪--‬؟» فقال عمر‪ :‬هو واهلل خري‪ ،‬فلم يزل‬
‫عمر يراجعين فيه حىت شرح اهلل لذلك صدري‪ ،‬ورأيت الذي رأى عمر‪ ،‬قال زيد بن ثابت‪:‬‬
‫ال يتكلم‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬إنك رجل شاب عاقل‪ ،‬وال نتهمك‪" ،‬كنت‬ ‫وعمر عنده جال‬
‫تكتب الوحي لرسول اهلل ‪ ، "--‬فتتبع القرآن فامجعه‪ ،‬فو اهلل لو كلفين نقل جبل من اجلبال‬
‫ما كان أثقل علي مما أمرين به من مجع القرآن‪ ،‬قلت‪" :‬كيف تفعالن شيئا مل يفعله النيب ‪-‬‬
‫‪-‬؟" فقال أبو بكر‪ :‬هو واهلل خري‪ ،‬فلم أزل أراجعه حىت شرح اهلل صدري للذي شرح اهلل له‬
‫صدر أيب بكر وعمر‪ ،‬فقمت فتتبعت القرآن أمجعه من الرقاع واألكتاف‪ ،‬والعسب وصدور‬
‫الرجال‪ ،‬حىت وجدت من سورة التوبة آيتني مع خزمية األنصاري مل أجدمها مع أحد غريه‪،‬‬
‫ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬

‫إىل آخرمها‪ ،‬وكانت الصحف اليت مجع فيها القرآن عند أيب‬ ‫ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ [التوبة‪]٢١8 :‬‬
‫(‪)١( )٢‬‬
‫بكر حىت توفاه اهلل‪ ،‬مث عند عمر حىت توفاه اهلل‪ ،‬مث عند حفصة بنت عمر" ) ‪.‬‬

‫وهكذا هنج الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هذا املنهج يف االستدالل على مسائل علوم القرآن الكرمي‬
‫(‪)3‬‬
‫بالسنة النبوية الشريفة يف مواضع ليست بالقليلة ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب مجع القرآن ‪.)83 /6( 4986‬‬
‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ص‪.١٠‬‬
‫(‪ )3‬منها مثال ص‪ ٢3‬و‪ ١9‬وغريمها‪.‬‬
‫‪259‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إبراز جهود العلماء المتقدمين ‪:‬‬

‫من أهم مالمح منهج الشيخ اهلاليل يف االستدالل على مسائل علوم القرآن الكرمي إبرازه‬
‫جهود علماء السلف يف هذا امليدان واالستئناس – إن مل أقل االستدالل – بأقواهلم ‪.‬‬

‫ومن أهم العلماء الذين استدل بأقواهلم يف هذا اجملال ‪:‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫‪ – ٢‬السيوطي ‪ :‬وقد أكثر الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من النقل عنه وخاصة من كتابه اإلتقان‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬والسيوطي يف ((اإلتقان)) قد عد اآليات اليت صح أهنا‬
‫(‪.)3‬‬
‫منسوخة ومل يعد هذه(‪ )١‬منها )‬

‫(‪)4‬‬
‫‪ – ١‬الواحدي ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬قال الواحدي ‪ :‬ال ميكن معرفة تفسري اآلية دون الوقوف‬
‫على قصتها وبيان نزوهلا ‪)..‬‬

‫(‪)5‬‬
‫‪ – 3‬ابن جرير الطربي ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬وقال اإلمام بن جرير الطربي أفضل املفسرين بعد الصحابة‬
‫ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ‬ ‫يف تفسري هذه اآلية ما نصه‪ :‬وقوله تعاىل‬
‫[ الشورى‪ ]5١ :‬يقول جل ثناؤه لنبيه حممد ‪ --‬ما كنت تدري يا حممد‪ ،‬أي شيء الكتاب‬

‫يراجع مثال ‪ :‬نبذة من علوم القرآن ص‪ 33‬و ‪ 3٠‬و‪ 39‬و‪.4٠‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫يقصد قوله تعاىل ‪" :‬وأن لي لإلنسان إال ما سعى" النجم ‪.39‬‬ ‫()‬
‫احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق (ص‪.)٢٠6 :‬‬ ‫()‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪.33‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫نبذة من علوم القرآن ص‪.٢4‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪261‬‬
‫وال اإلميان‪ ،‬اللذين أعطيناكهما‪ ،‬ولكن جعلناه نورا‪ ،‬هذا القرآن وهو الكتاب نورا يعين ضياءً‬
‫للناس‪ ،‬يستضيئون بضوئه الذي بني اهلل فيه )(‪.)٢‬‬

‫( ) اهلدية اهلادية إىل الطائفة التجانية (ص‪.)69 :‬‬


‫‪260‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه يف الترجي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف الترجيح لغة واصطالحا‪:‬‬


‫(‪)٢‬‬
‫يعرف علماء اللغة الترجيح بأنه‪ :‬ميل الشيء وثقله على غريه ‪.‬‬

‫يقول اخلليل‪ ( :‬رجح‪ :‬رجحت بيدي شيئا‪ :‬وزنته ونظرت ما ثقله‪ .‬وأرجحت امليزان‪ :‬أثقلته‬
‫(‪)١‬‬
‫حىت مال‪ .‬ورجح الشيء رجحانا ورجوحا )‪.‬‬

‫وأما في االصطالح فقد عرف العلماء الترجيح بأنه ‪:‬‬


‫(‪)3‬‬
‫تقوية أحد الطرفني على اآلخر‪ ،‬فيعلم األقوى فيعمل به‪ ،‬ويطرح اآلخر‪.‬‬

‫متى يصار إلى الترجيح ؟‬

‫يظهر مما تقدم أن الرتجيح عبارة عن تقوية أحد الطرفني على اآلخر ؛ ومن هنا فإنه ال‬
‫يصار إىل الرتجيح إال عند تعارض الدليلني تعارضا ال ميكن اجلمع معه ‪ ،‬ولذا وضع أهل العلم‬
‫قاعدهتم املشهورة ‪ :‬اجلمع واجب مىت ما أمكن ‪.‬‬

‫ولذا يمكن تلخيص هذه المسألة في النقطتين التاليتين ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬إذا تعارض الدليالن؛ فإنه يبحث عن أوجه للجمع بينهما ؛ فإعمال الدليلني أوىل‬
‫من إلغاء أحدمها‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الثاني‪ :‬إن مل ميكن اجلمع بينهما يصار إىل الرتجيح بينهما‪ ،‬فيعمل بالراجح ويلغى املرجوح‪.‬‬

‫( ) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (‪ )364/٢‬مجهرة اللغة (‪.)43٠/٢‬‬


‫( ) العني (‪.)٠8 /3‬‬
‫( ) إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول (‪ )١5٠ /١‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)٢4٠/8‬‬
‫(‪ )4‬تراجع هذه املسألة يف إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول (‪ ١5٠ /١‬وما بعدها) البحر احمليط يف‬
‫أصول الفقه (‪ ٢4٠ /8‬وما بعدها)‬
‫‪262‬‬
‫وقد سلك الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬منهجا واضحا يف ترجيحه لبعض األقوال يف مادة علوم‬
‫القرآن الكرمي ؛ وميكن إبراز ذلك من خالل النقاط الرئيسية التالية‪:‬‬

‫الترجيح بالشهرة ‪:‬‬

‫ومن ذلك ترجيحه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬آلخر آية نزلت من القرآن الكرمي؛ حيث قال ‪ ( :‬السؤال ‪ :‬مىت‬
‫نزلت آخر آية من القرآن وما هي ؟‬

‫ﭽﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫اجلواب ‪ :‬آخر ما نزل من القرآن على املشهور من األقوال هو قوله تعاىل‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﭼ [ املائدة‪ ] 3 :‬وكان ذلك يوم عرفة يف السنة العاشرة‬
‫للهجرة والثالثة والستني من عمره )(‪.)٢‬‬

‫ومن املعلوم أن هذه املسألة خالفية على أقوال ‪:‬‬

‫‪:‬ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫القول األول ‪ :‬أن آخر ما نزل من القرآن الكرمي هو قوله تعاىل‬
‫(‪)١‬‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﭼ [ املائدة‪.] 3 :‬‬

‫تعاىل‪:‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫القول الثاني ‪ :‬أن آخر ما نزل هو قوله‬


‫(‪)3‬‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ [ التوبة‪.] ٢١8 :‬‬

‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ‬ ‫القول الثالث ‪ :‬أن آخر ما نزل هو قوله تعاىل‪:‬‬


‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬

‫ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ‬

‫ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ [ النساء‪.] ٢٠6 :‬‬


‫(‪)4‬‬

‫(‪ )٢‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢3‬‬


‫(‪ )١‬الناسخ واملنسوخ للنحاس (ص‪ )358 :‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢٠6 /٢‬وهو قول السدي ومقصوده أنه مل ينزل‬
‫بعدها حالل وال حرام ‪.‬‬
‫(‪ )3‬البيان يف عد آي القرآن (ص‪ )١6 :‬الربهان يف علوم القرآن (‪ )١٠9 /٢‬وعزوه أليب بن كعب‪.‬‬
‫(‪ )4‬الناسخ واملنسوخ للنحاس (ص‪ )358 :‬الربهان يف علوم القرآن (‪ )١٠9 /٢‬وعزوه للرباء‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫القول الرابع‪ :‬آخر ما نزل قوله تعاىل‪:‬ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ [ النصر‪.)٢( ]٢:‬‬

‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫القول الخامس‪ :‬آخر ما نزل قوله تعاىل ‪:‬‬


‫(‪)١‬‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭼ [ البقرة‪] ١8٢ :‬‬

‫ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫القول السادس‪ :‬آخر ما نزل آية الربا ‪ ،‬وهي قوله تعاىل ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.] ١٠8‬‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ [ البقرة‪:‬‬

‫(‪)4‬‬
‫القول السابع‪ :‬آخر ما نزل آية الدين‪.‬‬

‫ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ‬ ‫القول الثامن‪ :‬آخر ما نزل قوله تعاىل ‪:‬‬


‫(‪)5‬‬
‫ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﭼ [ الكهف‪] ٢٢٠ :‬‬

‫ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫القول التاسع‪ :‬آخر ما نزل قوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﮘ ﭼ [ النساء‪.)6( ]93 :‬‬

‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ‬ ‫القول العاشر‪ :‬آخر ما نزل قوله تعاىل‪:‬‬


‫[ آل عمران‪.)٠( ] ٢95 :‬‬

‫تعاىل‪:‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫القول الحادي عشر‪ :‬آخرما نزل قوله‬


‫ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ [ التوبة‪.)٢( ] ٢٢ :‬‬

‫(‪ )٢‬الربهان يف علوم القرآن (‪)١٠9 /٢‬وعزاه البن عباس ‪.‬‬


‫(‪ )١‬الربهان يف علوم القرآن (‪ )١٠9 /٢‬وعزاه لعائشة وعزاه السيوطي البن عباس ‪ .‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪.)٢٠٢/٢‬‬
‫(‪ )3‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢٠٢ /٢‬وعزاه البن عباس وعمر رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢٠١ /٢‬وعزاه لسعيد بن املسيب من مراسيله ‪.‬‬
‫(‪ )5‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢٠4/٢‬وهو قول معاوية بن أيب سفيان ‪ ،‬قال السيوطي ‪( :‬قال ابن كثري‪ :‬هذا أثر مشكل‬
‫ولعله أراد أنه مل ينزل بعدها آية تنسخها وال تغري حكمها بل هي مثبتة حمكمة‪ ) .‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪.)٢٠4/٢‬‬
‫(‪ )6‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢٠5 /٢‬وعزاه البن عباس‪.‬‬
‫(‪ )٠‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢٠5 /٢‬وهو قول أم سلمة رضي اهلل تعاىل عنها ‪.‬‬
‫‪264‬‬
‫بني هذه األقوال تناقض وال تضاد؛ فقد قال الزركشي ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬قال القاضي‬ ‫ولي‬
‫أبو بكر يف االنتصار وهذه األقوال لي يف شيء منها ما رفع إىل النيب ‪ --‬وجيوز أن يكون‬
‫قاله قائله بضرب من االجتهاد وتغليب الظن ولي العلم بذلك من فرائض الدين حىت يلزم ما‬
‫طعن به الطاعنون من عدم الضبط‪ ،‬وحيتمل أن كال منهم أخرب عن آخر ما مسعه من رسول اهلل‬
‫‪ --‬يف اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغريه مسع منه بعد ذلك وإن مل يسمعه هو‬
‫ملفارقته له ونزول الوحي عليه بقرآن بعده‪ ،‬وحيتمل أيضا أن تنزل اآلية اليت هي آخر آية تالها‬
‫الرسول ‪ - -‬مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها وتالوهتا عليهم بعد رسم ما‬
‫نزل آخراً وتالوته فيظن سامع ذلك أنه آخر ما نزل يف الرتتيب "(‪.)١‬‬

‫وانتقد صاحب مناهل العرفان حماولة اجلمع هذه بأهنا ال تشفي غليال ؛ ونقل يف املسألة‬
‫عشرة أقوال مث قال ‪ (:‬تلك أقوال عشرة عرفتها وعرفت توجيهها ورأيت أن الذي تسرتيح إليه‬
‫ﭽﯸ ﯹ‬ ‫منها هو أن آخر القرآن نزوال على اإلطالق قول اهلل يف سورة البقرة‪:‬‬ ‫النف‬
‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭼ ]البقرة‪ [١8٢ :‬وأن ما سواها‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬

‫أواخر إضافية أو مقيدة مبا علمت لكن القاضي أبا بكر يف االنتصار يذهب مذهبا آخر إذ‬
‫فيها شيء مرفوع إىل النيب ‪ - -‬وكل قال بضرب من االجتهاد‬ ‫يقول‪ :‬هذه األقوال لي‬
‫وغلبة الظن وحيتمل أن كال منهم أخرب عن آخر ما مسعه من النيب ‪ --‬يف اليوم الذي مات‬
‫فيه أو قبل مرضه بقليل وغريه مسع منه بعد ذلك وإن مل يسمعه هو اهـ ‪.‬‬

‫وكأنه يشري إىل اجلمع بني تلك األقوال املتشعبة بأهنا أواخر مقيدة مبا مسع كل منهم من‬
‫النيب ‪ - -‬وهي طريقة مرحية غري أهنا ال تلقي ضوءا على ما عسى أن يكون قد اختتم اهلل‬
‫به كتابه الكرمي‪.)3() .‬‬

‫(‪ )٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢٠5 /٢‬وهو قول أن بن مالك رضي اهلل تعاىل عنه ‪.‬‬
‫(‪ )١‬الربهان يف علوم القرآن (‪.)١٢٠ /٢‬‬
‫(‪ )3‬مناهل العرفان يف علوم القرآن (‪)٢٠٠ /٢‬‬
‫‪265‬‬
‫قلت ‪ :‬والظاهر أن ما ذهب إليه القاضي يف االنتصار هو الصواب؛ إذ األقوال يف هذه‬
‫املسألة متعارضة ؛ وكثري منها خمرج يف الصحيحني أو أحدمها؛ وال ميكن اجلمع بينهما إال مبا‬
‫ذكر القاضي ‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن اجلمع واجب مىت ما أمكن؛ قبل اللجوء إىل القول بالتعارض املطلق ومن‬
‫مث الرتجيح ‪.‬‬

‫الترجيح بالقواعد األصولية‪:‬‬

‫قد يرجح الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قوال يف مسألة من املسائل املتعلقة بعلوم القرآن‬
‫معتمدا يف ترجيحه على قاعدة أصولية ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬السؤال ‪ :‬ما حكم تعليم القرآن ؟‬

‫اجلواب ‪ :‬تعليم القرآن فرض كفاية أيضا على أهل كل قطر يسكنه مجاعة من املسلمني؛‬
‫ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو فرض‪ ،‬ويف الصحيح عن النيب‪ - -‬أنه قال‪" :‬خريكم من‬
‫(‪)١‬‬
‫تعلم القرآن وعلمه"(‪ )٢‬ولذلك ال جيوز طلب األجرة على تعليم القرآن )‬

‫ومن هذا النص جند الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬رجح القول بأن تعليم القرآن الكرمي فرض على‬
‫الكفاية مستندا يف ترجيحه على قاعدة أصولية معروفة وهي "ما ال يتم الواجب إال به فهو‬
‫واجب" وهي قاعدة اختلف فيها األصوليون فبعضهم أطلقها‪ ،‬والبعض قيدها وقسمها إىل فروع‬
‫(‪)3‬‬
‫خمتلفة لي هذا حمل بسطها ‪.‬‬

‫وبل الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على هذا الرتجيح عدم جواز طلب األجرة على تعليم‬
‫القرآن الكرمي ‪..‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب خريكم من تعلم القرآن ‪)٢9١ /6( 5٠١٠‬‬
‫(‪ )١‬نبذة من علوم القرآن ص ‪3٠‬‬
‫(‪ )3‬يراجع يف تفصيل تلك القاعدة ومستثنياهتا ‪ :‬العدة يف أصول الفقه (‪ )4٢9 /١‬املستصفى (ص‪ )5٠ :‬روضة الناظر‬
‫وجنة املناظر (‪ )٢٢8 /٢‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪)٢٢٠/٢‬‬
‫‪266‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وقد اختلف أهل العلم يف جواز أخذ األجرة على القرآن الكرمي‪:‬‬

‫يقول النووي(‪- )١‬رمحه اهلل‪ ( :-‬وأما أخذ األجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء‬
‫فيه فحكى اإلمام أبو سليمان اخلطايب منع أخذ األجرة عليه عن مجاعة من العلماء منهم‬
‫الزهري وأبو حنيفة وعن مجاعة أنه جيوز إن مل يشرتطه وهو قول احلسن البصري والشعيب وابن‬
‫سريين وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إىل جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة‬
‫وقد جاء باجلواز األحاديث الصحيحة )(‪.)3‬‬

‫واحتج م ْن منع أخذ األجرة على تعليم القرآن الكرمي حبديث عبادة بن الصامت ‪--‬‬
‫قال‪ " :‬علمت ناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن‪ ،‬فأهدى إيل رجل منهم قوسا‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫ليست مبال‪ ،‬وأرمي عليها يف سبيل اهلل‪ ،‬آلتني رسول اهلل ‪ --‬فألسألنه‪ ،‬فأتيته‪ ،‬فقلت‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬رجل أهدى إيل قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب ؛ فقال إن سرك أن تطوق هبا طوقا‬
‫من نار فاقبلها "(‪ )4‬وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغريه ‪.‬‬

‫وأجاب اجملوزون عن حديث عبادة بأجوبة ثالثة ‪:‬‬

‫مبحتج به يف‬ ‫أحدها‪ :‬أن يف إسناده مقاال؛ فإن مغرية بن زياد تكلموا فيه‪ ،‬ولي‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ينبين على ذلك اخلالف أمور فقهية منها ‪ :‬جواز جعل تعليمه مهرا ‪ ،‬وجواز جعله مقابل خدمة أو مثمون أيا كان ‪،‬‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬
‫(‪ )١‬النووي هو ‪ :‬اإلمام الفقيه احلافظ األوحد القدوة شيخ اإلسالم ‪ ،‬علم األولياء ‪ ،‬حمىي الدين ‪ ،‬أبو زكريا حيىي بن‬
‫شرف بن مري احلزامي احلوراين الشافعي ‪ ،‬ولد يف احملرم سنة إحدى وثالثني وستمائة مات – ‪-‬رمحه اهلل‪ - -‬يف رابع‬
‫عشر رجب سنة ست وسبعني وستمائة‪ .‬انظر ترمجته يف ‪" :‬طبقات احلفاو" ج‪ ٢‬ص‪5٢3‬‬
‫(‪ )3‬التبيان يف آداب محلة القرآن (ص‪)5٠ :‬‬
‫(‪ )4‬سنن أيب داود كتاب اإلجارات باب يف كسب املعلم ‪ )١64 /3( 34٢6‬وصححه األلباين يف صحيح سنن أيب‬
‫داود بنف الرقم‪.‬‬
‫‪267‬‬
‫والثاني ‪ :‬أنه كان تربع بتعليمه فلم يستحق شيئا مث أهدي إليه على سبيل العوض فلم جيز‬
‫له األخذ خبالف من يعقد معه إجارة قبل التعليم ‪.‬‬

‫والثالث ‪ :‬أنه إن صح فإنه منسوخ حبديث " إن أحق ما أخذمت عليه أجرا كتاب اهلل عز‬
‫وجل "؛ فإن من رووا هذا احلديث كابن عباس وأيب سيعد اخلدري ‪ --‬من أواخر من محل‬
‫(‪)٢‬‬
‫احلديث عن رسول اهلل ‪.--‬‬

‫وأرجح األقوال عندي وأقرهبما للصواب إن شاء اهلل تعاىل هو جواز أخذ األجرة على تعليم‬
‫القرآن الكرمي كبقية العلوم الدينية بشرط أن ال يتخذ ذلك هدفا وغاية يتوقف عليها تعليم‬
‫القرآن الكرمي ‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫الترجيح باللغة ‪:‬‬

‫رمبا رجح الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬معتمدا يف ترجيحه على معل لغوي‪ ،‬وحنو ذلك؛ ومن‬
‫ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬والسورة يف اللغة املنزلة من منازل االرتفاع ؛ قال الشاعر(‪:)١‬‬

‫ـذب‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـرى ُك ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّل ُم ْل ـ ـ ـ ـ ـ ـك ُدوهنـ ـ ـ ـ ـ ــا يـتذبـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أمل ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر أ َّن اهلل أ ْعط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاك سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورًة‬
‫(‪)3‬‬
‫ـنهن كوكـ ـ ـ ـ ــب‬
‫إذا طلعـ ـ ـ ـ ــت مل يبـ ـ ـ ـ ـ ُـد مـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ـب‬
‫ـوك كواكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫كأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك مش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ وامللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ومن هذا النص نالحظ ترجيح الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬الشتقاق السورة بأنه من املنزلة يف‬
‫االرتفاع ‪.‬‬

‫وللعلماء يف اشتقاق السورة أقوال ‪:‬‬

‫أح ُدها‪ :‬ما ذكره الشيخ من املنزلة الرفيعة‪.‬‬

‫(‪ )٢‬خمتصر خالفيات البيهقي (‪.)٢٠٠ /4‬‬


‫(‪ )١‬البيتان للشاعر النابغة الذبياين‪ .‬األمثال البن سالم (ص‪.)٢86 :‬‬
‫(‪ )3‬نبذة من علوم القرآن ص‪.٢8-٢٠‬‬
‫‪268‬‬
‫الثاني ‪ :‬أهنا من الطائفة والقطعة فسورة من القرآن الكرمي أي قطعة منه وطائفة‪ .‬مأخوذ من‬
‫قوهلم‪َّ :‬‬
‫إن فيه لسورة من مجال‪ ،‬أي‪ :‬طائفة وبقية منه‪.‬‬

‫وسؤدد فيه‪ ،‬واملعل يف ذلك أ ين له‬ ‫الثالث ‪ :‬أهنا مأخوذة من قوهلم‪ :‬فالن له ُسور يف اجملد ُ‬
‫ن (‪)٢‬‬ ‫ن‬
‫ور املدينة ُسوراً لعلوه وارتفاعه‪.‬‬
‫يسود‪ ،‬قالوا‪ :‬ومنه ُمسيي ُس ُ‬
‫شرفا فيه وارتفاعاً‪ ،‬من ساد ُ‬
‫الرابع ‪ :‬أ َّن أصلها اهلمزة واشتقاقها من (أسأرت) إذا أبقيت يف اإلناء بقية‪ ،‬إال أنه اجتمع‬
‫(‪)١‬‬
‫على ختفيفها كما اجتمع على ختفيف (برية) و (روية) ومها من‪ :‬برأ اهلل اخللق وروأت يف األمر‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬أهنا من السور مبعل اجلماعة‪ :‬يقال‪ .‬لفالن سور من اإلبل أى مجاعة؛ ألن‬
‫(‪)3‬‬
‫السورة مشتملة على مجاعة اآليات‪.‬‬

‫وكل تلك األقوال متقاربة من حيث األصل واالشتقاق إال أن أقرهبا للمعل هو األول‬
‫والثاين‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )٢‬االنتصار للقرآن للباقالين (‪.)١34 /٢‬‬


‫(‪ )١‬النكت يف القرآن الكرمي (ص‪.)354 :‬‬
‫(‪ )3‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز (‪.)84 /٢‬‬
‫‪269‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬رسالة ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫املطلب األول‪ :‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب‪:‬‬

‫لقد اختلف أهل العلم يف وجود املعرب يف القرآن الكرمي؛ بعد اتفاقهم على وجوده بالنسبة‬
‫لألعالم كأمساء بعض األنبياء يف القرآن الكرمي وحنو ذلك ‪.‬‬

‫حمل اخلالف األعالم كإبراهيم وحنوه لالتفاق على أن أحد‬ ‫يقول ابن اهلائم (‪ ( :)٢‬ولي‬
‫الصرف العجمة )(‪.)١‬‬
‫سبيب منعه ي‬
‫واخلالف املذكور يف وقوع املعرب يف القرآن الكرمي؛ إمنا يقصد به ‪ -‬على التحقيق ‪ -‬وقوع‬
‫الكلمات اليت كانت يف األصل أعجمية مث نطقتها العرب ؛ فعربت هبذا االعتبار ‪ ،‬ال أنه يوجد‬
‫يف القرآن الكرمي ما هو أعجمي باق على عجمته من غري أن يعرفه العرب وال أن يتكلموا به‪.‬‬

‫والعلماء خمتلفون فيما ذكرت من وجود كلمات أعجمية يف األصل نطقتها العرب‬
‫وتكلمت هبا وصارت معروفة يف لساهنم ؛ فبعضهم ذهب إىل وجود ذلك يف القرآن الكرمي؛‬
‫وآخرون نفوا أن يكون يف القرآن الكرمي إال ما هو عريب يف األصل والفرع‪ ،‬وعزوا ما وجد من‬
‫كلمات تشبه الكلمات األعجمية إىل التوافق بني اللغات ؛ مبعل أن اللفظ موجود يف اللغة‬
‫العربية يف األصل ‪ ،‬ورمبا وافق بعض اللغات األخرى (‪.)3‬‬

‫والذي يهمين هنا هو موقف الشيخ اهلاليل من ذلك اخلالف املتشعب املشهور ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ابن اهلائم هو ‪ :‬أمحد بن حممد بن عماد بن علي املصري مث املقدسي الشيخ شهاب الدين ابن اهلائم ولد سنة ثالث‬
‫أو سنة ست ومخسني وسبعمائة واشتغل بالقاهرة ومهر يف الفرائض واحلساب مع حسن املشاركة يف بقية العلوم تويف‬
‫بالقدس يف رجب سنة مخ عشرة ومثامنائة طبقات الشافعية البن قاضى شهبة (‪)٢8-٢٠ /4‬‬
‫(‪ )١‬التبيان يف تفسري غريب القرآن (ص‪)١35 :‬‬
‫(‪ )3‬جماز القرآن (‪ )٢٠ /٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪ )٢١8 /١‬املهذب فيما وقع يف القرآن من املعرب (ص‪)5٠ :‬‬
‫‪270‬‬
‫موقف الهاللي من وقوع المعرب في القرآن الكريم ‪:‬‬

‫يذهب الشيخ اهلاليل إىل وقوع املعرب يف القرآن الكرمي ؛ ويعضد موقفه بأدلة ميكن إمجاهلا‬
‫يف ثالث أدلة رئيسة ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬كون األمة اإلسالمية أمة عظيمة ؛ فال بد أن ختالط غريها من األمم ؛ وتلك‬
‫املخالطة تستدعي وجود بعض األلفاو من لغات تلك األمم ‪.‬‬

‫الثاين ‪ :‬أنه ال يوجد دليل مينع وقوع املعرب يف القرآن الكرمي ؛ واألدلة اليت استدل هبا‬
‫املعارضون ميكن محلها على عدم وجود ما هو أعجمي باق على عجمته؛ وذلك مجعا بني‬
‫األدلة املختلفة يف هذا اجملال‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬الواقع‪ ،‬وذلك بوجود أمثلة كثرية للكلمات اليت أصلها أعجمي ‪ ،‬وتكلم هبا‬
‫العرب وصارت معروفة عندهم ‪ ،‬ومن مث نزل هبا القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫يقول الشيخ رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬اعلم أن علماء اللغة اتفقوا على أن كل لغة عظيمة تنسب‬
‫إىل أمة عظيمة البد أن توجد يف مفرداهتا كلمات وردت عليها من أمة أخرى‪ ،‬ألن األمة‬
‫العظيمة ال بد أن ختالط غريها من األمم‪ ،‬وتتبادل معها املنافع من أغذية‪ ،‬وأدوية ومصنوعات‪،‬‬
‫وتعلم وتعليم‪ ،‬فال بد حينئذ من تداخل اللغات‪ ،‬وال ميكن أن تستقل وتستغين عن مجيع‬
‫األمم‪ ،‬فال تستورد منها شيئا وال تورد عليها شيئا ) (‪.)٢‬‬

‫مث استدل على وقوع ذلك بدعاء إبراهيم وبأنه ال بد أن تكون أمساء بعض تلك األمور‬
‫الوافدة قد نقل كما هو عن مصدره األصلي ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)٢3 :‬‬


‫‪272‬‬
‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫يقول رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬والقرآن نفسه يثبت هذا‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗ ﮘﮙ‬

‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ [ إبراهيم ‪. ] 3٠‬ذكر إبراهيم يف دعائه انه أسكن ذريته يعل إمساعيل‬


‫وآله بواد غري ذي زرع وهو وادي مكة وإذا مل يكن فيه زرع مل تكن فيه مثرات‪ ،‬وذكر يف أثناء‬
‫دعائه ومناجاته لربه‪ ،‬أنه أسكن ذريته بذلك الوادي املقفر ليقيموا الصالة أي يؤدوها قائمة‬
‫كاملة عند بيت اهلل‪ ،‬ويعبدوه‪ ،‬فسأل اهلل أن جيعل قلوب الناس هتوي إىل ذريته‪ ،‬أي تسرع‬
‫إليهم شوقا وحمبة‪ ،‬ومتدهم مبا حيتاجون إليه وأن يرزقهم من الثمرات اليت جتلب إليهم من اآلفاق‬
‫واألقطار املختلفة ليشكروا اهلل على ذلك فيزيدهم‪ ،‬وقد استجاب اهلل دعوته فصارت أنواع‬
‫احلبوب والثمرات والتوابل واألدوات والثياب والتحف‪ ،‬والطرائف جتلب إىل مكة من مجيع أحناء‬
‫املعمور‪.‬‬

‫وهذه األمور اليت جتلب إليها كثري منها وضعت أمساؤها يف البلدان اليت تصدر منه‪ ،‬فإذا‬
‫جاءت إىل أهل مكة يسموهنا باالسم الذي جاءت به فتندمج يف لغتهم وتصري جزءاً منها‪،‬‬
‫واألصل يف اللغات أن األشياء العامة توجد هلا أمساء يف كل لغة‪ ،‬أما األشياء اخلاصة اليت خص‬
‫اهلل هبا قطرا بعينه فإن االسم الذي مساها به أهل ذلك القطر الذي خلقت فيه يبقى يف الغالب‬
‫مالزما )(‪.)٢‬‬

‫تقسيم الشيخ الهاللي لما وقع في القرآن من غير لغة العرب ‪:‬‬

‫قسم الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل ما يرى أنه وقع يف القرآن الكرمي من غري لغة العرب إىل‬
‫قسمني رئيسني ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)١٠ :‬‬


‫‪273‬‬
‫األول ‪ :‬الكلمات المشتركة ‪.‬‬

‫ويقصد هبا الشيخ رمحه اهلل تعاىل الكلمات اليت وردت يف القرآن الكرمي واليت توجد بلفظها‬
‫‪ -‬أو قريبا من لفظها ‪ -‬يف لغة أخرى ‪.‬‬

‫الرنحي نم ﭼ‬
‫َّ‬ ‫يقول الشيخ رمحه اهلل تعاىل‪ ( :‬الكلمات املشرتكة أول القرآن ﭽبن ْس نم اللَّ نه َّ‬
‫الر ْمح نن‬
‫اشتملت على أربع كلمات اسم‪ ،‬اهلل‪ ،‬الرمحن‪ ،‬الرحيم‪ ،‬ابدأ بالكالم على الرمحن‪ .‬قال السيوطي‬
‫يف كتاب اإلتقان" ذهب املربد وثعلب إىل أنه عرباين وأصله باخلاء املعجمة‪ )٢(.‬قال البيضاوي‬
‫يف تفسري قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ [ الفرقان‪ .] 6٠ :‬ألهنم ما كانوا يطلقونه على اهلل أو ألهنم‬
‫ظنوا أنه أراد به غريه ولذلك قالوا‪ :‬أنسجد ملا تأمرنا؟ أي للذي تأمرنا يعين تأمرنا بسجوده أو‬
‫ألمرك لنا من غري عرفان وقيل ألنه كان معربا مل يسمعوه"اهـ (‪.)١‬‬

‫وهذا يدل على ما قلته سابقا من جهل علماء العرب باللغات حىت أخوات لغتهم‬
‫كالعربانية والسريانية‪ ،‬فالرمحن كلمة عربية خالصة من الرمحة بزيادة األلف والنون كظمآن‬
‫وعطشان‪ ،‬وكانت العرب تعرفه وتفهم معناه وقد مسوا به مسيلمة الكذاب فكانوا يدعونه‬
‫"رمحان اليمامة" ولكنهم جلهلهم مل يكونوا يعلمون أنه من أمساء اهلل‪.‬‬

‫ومن أعجب العجب قوهلم انه عرباين وان أصله باخلاء املعجمة‪ ،‬واخلاء املعجمة ال وجود‬
‫هلا يف العربانية استقالال وإمنا تنطق الكاف هبا إذا جاءت قبلها حركة مثل "هرباخا" الربكة ومثل‬
‫باروخ‪ ،‬أي مبارك ومعناه بالعربانية هو معناه بالعربية‪ ،‬إال أنه يف اللغة العربانية‪ ،‬صفة عامة لكل‬
‫خاصا باهلل تعاىل‪ ،‬إذن فهو من الكلمات املشرتكة بني العربانية والعربية‬ ‫من يف قلبه رمحة لي‬
‫وهي كثرية تعد باآلالف‪ ،‬وهذه الكلمات األربع اليت يف البسملة كلها مشرتكة بني اللغتني‪،‬‬
‫فاالسم "شم" بإبدال السني شينا وذلك كثري يف العربانية‪ ،‬واهلل "الوهيم" والرمحن لفظه بالعربانية‬

‫(‪ )٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢33 /١‬‬


‫(‪ )١‬تفسري البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل (‪)٢١9 /4‬‬
‫‪274‬‬
‫كلفظه بالعربية إال أداة التعريف فإهنا بالعربانية هارمحان والرحيم بالعربانية هارحوم‪ ..‬وهذه‬
‫الكلمات الكثرية املشرتكة بني اللغات السامية هي أصلية يف كل واحدة منها‪ ،‬ال يقال إن‬
‫إحداهن أخذهتا من األخرى وهذا هو الشأن يف كل جمموعة من اللغات ترجع إىل أصل‬
‫واحد)(‪.)٢‬‬

‫ومن هذا النص تتضح رؤية الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل للكلمات املشرتكة بني اللغة‬
‫العربية واللغات السامية وخاصة العربية ‪.‬‬

‫وميكن تلخيص ما ذهب إليه الشيخ هنا يف نقاط من أمهها ‪:‬‬

‫النقطة األولى‪ :‬جتهيله للعلماء الذين قالوا بأن الرمحن لي عربيا ‪ ،‬وأنه منقول من العربية ‪.‬‬

‫قلت ‪ :‬والظاهر أنه مصيب يف ذلك ؛ وأن العرب كانت تعرف الرمحن لكنهم مل يكونوا‬
‫يعرفون أنه من أمساء اهلل تعاىل ؛ كما يدل على ذلك ظاهر اللفظ القرآين ‪.‬‬

‫النقطة الثانية‪ :‬االستدالل لقوله بأن اخلاء ال وجود هلا استقالال يف اللغة العربية وإمنا تنطق‬
‫الكاف هبا إذا جاءت قبلها حركة‪.‬‬

‫النقطة الثالثة‪ :‬حكمه بأن الكلمات املشرتكة بني اللغة العربية والعربية تعد باآلالف ‪ ،‬وأن‬
‫الكلمات األربعة املكونة للبسملة من الكلمات املشرتكة بني اللغتني ‪.‬‬

‫النقطة الرابعة‪ :‬حكمه بأن الكلمات املشرتكة هي أصيلة يف كل لغة هي فيها ‪ ،‬وال يقال‬
‫بأن واحدة منها أخذهتا من األخرى ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وال شك أن الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل كان على معرفة تامة باللغة العربية كما هو‬
‫حاله يف اللغة العربية كما يدل على ذلك من درس حياته بتمعن‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)١٠ :‬‬


‫‪275‬‬
‫ولكن النقطة األخرية ليست متجهة ؛ حيث إن هذه اللغات السامية ال ميكن أن تكون‬
‫نشأت يف وقت واحد ؛ وال بد أن بعضها متقدم على بعض ‪ ،‬ومن هنا فإن املتأخر يكون‬
‫أخذ تلك الكلمات املشرتكة عن املتقدم ‪ ،‬كما هو ظاهر‪.‬‬

‫وذهب الشيخ اهلاليل إىل القول بشدة التقارب بني العربية والعربية ضاربا لذلك مثاال صرحيا ؛‬
‫حيث يقول رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬جاء يف ترمجة يوسف رو فلني للقرآن الكرمي بالعربانية يف أول‬
‫سورة الصف ما نصه مع استبدال احلروف العربانية حبروف عربية "باراششت مهعراخا" سورة‬
‫املعركة "بشم الوهيم هارمحان هارحوم يشبح اث الوهيم كل أشربشاميم وغل أشر باآرص وهو‬
‫ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫هكبورو هحاخام مهأمنيم ال ماتوا مروات أثر لو تعسوا" بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ[ الصف‪ ٢:‬ـ ـ‪] ١‬‬
‫فأنت ترى أن األلفاو كلها مشرتكة من أول البسملة إىل قوله تعاىل‪" :‬مل" إال أن لفظ "سبح"‬
‫أبدلت سينه شينا وحل املضارع حمل املاضي‪ ،‬وهذا الفعل يف العربانية متعد بنفسه وكذلك يف‬
‫العربية قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ [ ق‪ ] 4٠ :‬والرتمجة "ما" املوصولة باشر‬
‫وزيادة "كل" ألن الرتمجة إمنا هي تفسري و إبدال سني السماوات شينا ومجعها بالياء وامليم‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫واستعمال باء اجلر يف موضع يف وهو جائز يف العربية قال‬
‫ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ [ الصافات‪ ]٢38 – ٢3٠ :‬و إبدال ضاد األرض صادا و إبدال‬
‫العزيز باجلبار "هكبور" ومها متقاربان يف املعل و إبدال احلكيم "هحاخام" ومها شيء واحد إال‬
‫أن الكاف أبدلت خاء وترمجت ﭽ ﯓ ﯔ ﯕﭼ بـ "مهأمينيم" يعين املؤمنني‪.‬ترمجت‬
‫"مل" بـ "الما" وتقولون بـ"تومرو" وترمجت "ال" بـ"لو" ومها شيء واحد بإمالة األلف إىل الواو‬
‫وترمجت تفعلون بـ"تعسوا" الواو يف "تومور وتعسو" واو اجلماعة وحذفت النون فيهما بال‬
‫ناصب وال جازم كما حتذف يف العمليات العربية وهذه النون هي نون الرفع وهي ثابتة يف التوراة‬
‫يف مواضع تفوق احلصر ولي كما قال بعض املستشرقني يف مخسة مواضع فقط)(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)١9-١8 :‬‬


‫‪276‬‬
‫وال شك أن هذا املثال صريح يف شدة التقارب بني اللغتني ؛ ولكن مربط الفرس يف هذا‬
‫املوضوع هو هل هذه الكلمات املشرتكة بني هاتني اللغتني أصلها من اللغة العربية ؛ ومن مث‬
‫انتقلت إىل العربية ‪ ،‬أم العك ؟‬

‫فإذا كان االحتمال األول فال إشكال ؛ وإن كان الثاين ؛ فهناك إشكال عظيم لورود هذه‬
‫الكلمات يف القرآن الكرمي ؛ وقد صرح تعاىل يف غري موضع بأنه أنزل بلسان عريب مبني ‪.‬‬

‫وال ميكن اجلواب عنه إال بالقول بوقوع املعرب يف القرآن الكرمي؛ أعين بأن هناك كلمات‬
‫أعجمية يف األصل ‪ -‬عربية أو غري ذلك ‪ -‬لكن العرب استخدموها يف لغتهم وأدخلوها يف‬
‫اشتقاقاهتم حىت صارت عربية من حيث الواقع حبيث يصدق عليها أهنا من اللسان العريب‬
‫املبني‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬الكلمات التي قيل إنها وقعت في القرآن الكريم من غير العربية ‪:‬‬

‫ضرب الشيخ أمثلة للكلمات اليت وردت يف القرآن الكرمي وقيل إهنا من غري العربية ‪،‬‬
‫واألمثلة اليت ذكر الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل هي ‪:‬‬

‫‪ .٢‬أباريق ‪ :‬والذي يظهر من صنيع الشيخ أنه مييل إىل أنه فارسي معرب حيث نقل ذلك‬
‫عن علماء ومل يتعقبه(‪.)٢‬‬
‫‪ .١‬األب ‪ :‬قيل إنه بربري ‪ ،‬وقد ضعف الشيخ ذلك ‪ ،‬ومل يبني هل هو عريب يف األصل أم‬
‫معرب (‪.)١‬‬
‫‪ .3‬ابلعي ‪ :‬وقد نقل الشيخ بواسطة نقل السيوطي فيها قولني ‪ :‬األول ‪ :‬أهنا من لغة‬
‫احلبشة ‪ ،‬والثاين ‪ :‬أهنا من لغة اهلند‪.‬‬
‫مث حتامل الشيخ على من قال إهنا من لغة اهلند ؛ ووصل إىل ترجيح أهنا عربية أصيلة ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن من غري لغة العرب ص ‪3٠‬‬


‫(‪ )١‬ما وقع يف القرآن من غري لغة العرب ص ‪3٢‬‬
‫‪277‬‬
‫يقول رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬وإن تعجب فعجب قوهلم إن "ابلعي" بلغة أهل اهلند وهذا القول‬
‫أهال أن يؤخذ عنه العلم وإمنا هو يهرف مبا ال يعرف‬ ‫إىل اهلزل أقرب منه إىل اجلد وقائله لي‬
‫وأهل اهلند أجناس كثرية هلم مئات من اللغات وال تكاد تسري مسافة يوم إال وجدت جنسا‬
‫آخر له لغة أخرى‪ .‬ويف زماننا هذا نرى الدماء تسفك بينهم بسبب اللغات فال يرضى جن‬
‫أن تكون لغة الدولة لغة أخرى غري لغته‪ ،‬ويف زمان االستعمار مل تكن يف اهلند لغة يستطيع‬
‫املسافر أن يتكلم هبا وجيد من يفهم كالمه يف مجيع أحناء اهلند إال لغتني إحدامها اإلنكليزية‬
‫وهي لغة الدولة احلاكمة‪ ،‬والثانية لغة املسلمني وهي لغة أوردو‪ ،‬على أن "بلع" كلمة عربية‬
‫سامية أصيلة عريقة يف عروبتها وساميتها وترفع راية اللغات السامية وهي حرف العني‪.‬‬

‫ومن املعلوم عند علماء اللغات أن العني واحلاء ال توجدان إال يف اللغات السامية‪ ،‬فان‬
‫وجدت إحدامها يف كلمة من لغة غري سامية فتلك الكلمة طارئة واردة على تلك اللغة وهبذا‬
‫يستدل الفيولوجيون على أن الرببر من جزيرة العرب قبل خروج البابليني واآلشوريني والكنعانيني‬
‫والفينيقيني كما هو مبني يف موضعه‪.‬‬

‫وحنن نرى إخواننا عامة املسلمني من أهل اهلند يبذلون جهودهم يف النطق بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ [ الفاحتة‪ ] 5 :‬فال يتمون النطق بالعينني حىت تغفر ذنوهبم من‬
‫مشقة النطق هبما )(‪.)٢‬‬

‫‪ .4‬أخلد ‪ :‬وقد نقل الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل ما ذكر السيوطي يف اإلتقان من كوهنا‬
‫عربية ‪ ،‬مث فند هذا القول ‪ ،‬ورجح أهنا من الكلمات املشرتكة بني اللغتني (‪.)١‬‬
‫‪ .5‬األرائك‪ :‬وقد نقل كذلك عن السيوطي نقله عن ابن اجلوزي أهنا مبعل السرر باحلبشية‪،‬‬
‫مث فنده معتمدا على النقل عن أئمة اللغة واملفسرين ‪ ،‬مث رجح أهنا عربية خالصة (‪.)3‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)3٢ :‬‬


‫(‪ )١‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)35 :‬‬
‫(‪ )3‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)3٠-36 :‬‬
‫‪278‬‬
‫‪ .6‬أسباط‪ :‬وقد رجح الشيخ أهنا من املشرتك بني اللغتني العربية والعربية (‪.)٢‬‬
‫‪ .٠‬إستربق‪ :‬ومل يرجح فيها الشيخ شيئا ؛ بل اكتفى بنقل أقوال أهل العلم يف أهنا من‬
‫املعرب ‪ ،‬وكأنه يسلم بذلك (‪.)١‬‬
‫‪ .8‬السندس‪ :‬وذكر الشيخ اهلاليل أنه مل خيتلف أهل اللغة يف أهنا معربة هي واليت قبلها (‪.)3‬‬
‫‪ .9‬أسفار‪ :‬ورجح الشيخ أهنا من الكلمات املشرتكة بني اللغات السامية ‪ ،‬وهي أصل فيها‬
‫مجيعا (‪.)4‬‬

‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)38-3٠ :‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)39 :‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)4٠-39 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)4٠ :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪279‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها‪:‬‬

‫لقد متيز منهج الشيخ اهلاليل يف نقده لألقوال الواردة يف كتابه "ما وقع يف القرآن بغري لغة‬
‫العرب " مبنهج مل يتبع كثريا من معامله يف غري كتابه هذا ‪..‬‬

‫وميكن إبراز أهم النقاط اليت ميزت منهجه يف نقده لألقوال وتوجيهه هلا يف كتابه هذا من‬
‫خالل النقاط التالية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االعتماد على األدلة في نقد القول ‪:‬‬

‫قلما ينقد الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل قوال يف كتابه هذا إال ويذكر أدلة نقلية أو عقلية‬
‫على صحة ما ذهب إليه من قول خمالف أو من تضعيف لذلك القول الذي يريد نقده ‪.‬‬

‫ولذلك نرى الشيخ رمحه اهلل تعاىل عندما نقل عن السيوطي نقله عن أيب عبيدة أنه قال ‪:‬‬
‫"إمنا أنزل القرآن بلسان عريب مبني فمن زعم أن فيه غري العربية فقد أعظم القول ومن زعم أن‬
‫"لدا" بالنبطية فقد أكرب القول"‪ ،‬وقال ابن فارس‪":‬لو كان فيه من لغة غري العرب شئ لتوهم‬
‫متوهم أن العرب امنا عجزت عن اإلتيان مبثله ألنه أتى بلغات ال يعرفوهنا"‪.‬اهـ (‪.)٢‬‬

‫عقب الشيخ على هذا القول ونقده فقال رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬قال حممد تقي الدين‪":‬إمنا‬
‫ميكن أن يقال ذلك إذا كان يف القرآن تراكيب أعجمية‪ ،‬أو كلمات باقية على عجمتها‪ ،‬أما‬
‫وجود كلمات قد صقلتها العرب بألسنتها وحنت هبا مناحي كلماهتا ودخلت يف أوزاهنا فال‬
‫ميكن أحدا أن يدعي ذلك فيها‪ ،‬وقد رد القرآن نفسه على من زعم ذلك من أعداء اإلسالم‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫األولني‪ ،‬فقال تعاىل‪:‬‬
‫وحتداهم أن يأتوا بسورة مثله بأشد‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ [ النحل‪] ٢٠3 :‬‬

‫ﭽﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪﯫ ﯬﯭﯮ‬ ‫أساليب التحدي‪ ،‬فقال تعاىل ‪:‬‬

‫(‪ )٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢١5 /١‬‬


‫‪281‬‬
‫ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯽ ﯾﯿﰀ‬ ‫ﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴ‬

‫ﭽﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬ ‫ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ [ البقرة‪] ١4 – ١3 :‬‬

‫فأي عدو‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ [ اإلسراء‪] 88 :‬‬

‫يسمع مثل هذا التحدي ال يبذل قصارى جهده يف معارضة عدوه وإبطال حتديه ) (‪.)٢‬‬

‫ففي هذا النص نرى الشيخ اهلاليل رمحه اهلل تعاىل حياول نقد قول أيب عبيدة رمحه اهلل تعاىل‬
‫معتمدا يف ذلك على أدلة نقلية وعقلية‪ ،‬من أمهها ‪:‬‬

‫‪ - ٢‬أن قول أيب عبيدة ومن وافقه يف نفي املعرب يف القرآن الكرمي مستدلني بأن بإمكان‬
‫العرب أن يعتذروا بأن عجزهم عن اإلتيان مبثل هذا القرآن إمنا هو بسبب أن فيه ما ال يفهمونه‬
‫من لغات غريهم !!‬

‫أجاب الشيخ عن هذا االستدالل بأنه إمنا يستقيم لو كان يف القرآن تراكيب أعجمية ‪ ،‬ومل‬
‫يقل هبذا أحد ‪ ،‬أو فيه كلمات باقية على عجمتها ‪ ،‬ومل يقل أحد بذلك أيضا وإمنا اخلالف يف‬
‫وجود كلمات أعجمية يف األصل لكنها صقلتها العرب بألسنتها وتداولتها يف لغتها حبيث‬
‫صارت مفهومة لدى العرب مستساغة يف لغتهم ‪ ،‬وهذا يبطل دعوى املخالفني ‪.‬‬

‫‪ - ١‬أن القرآن الكرمي نفسه قد نفى أن يكون أعجميا ‪.‬‬

‫وقد استدل الشيخ على هذا بنص القرآن الكرمي يف اآلية املتقدمة يف نصه ‪ ،‬مث أتبعتها‬
‫بآيات يف نف املعل ‪.‬‬

‫وقد انتقد الشيخ اهلاليل من يؤلف يف املعرب وهو ال يعرف اللغات األخرى ‪ ،‬وبني أمهية‬
‫تعلم اللغات املختلفة مستدال حبديث زيد بن ثابت قال ‪ :‬أمرين رسول اهلل ‪ -  -‬أن أتعلم‬
‫كلمات من كتاب يهود وقال إين واهلل ما آمن يهود على كتايب‪ ،‬قال فما مريب نصف شهر‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)٢٠-٢6 :‬‬


‫‪280‬‬
‫حىت تعلمته له‪ ،‬قال فلما تعلمته كان إذا كتب إىل يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له‬
‫كتاهبم" رواه الرتمذي وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غري هذا الوجه عن زيد‬
‫بن ثابت(‪.)٢‬‬

‫مث قال الشيخ رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬ومعل احلديث أن النيب صلى اهلل عليه وسلم أمر‬
‫الصحايب اجلليل كاتب الوحي زيد بن ثابت أن يتعلم كتابة اليهود ويف رواية "أمره أن يتعلم‬
‫السريانية" وعلل ذلك بأنه عليه الصالة والسالم ال يأمن اليهود أن يقرءوا له كتابا يأتيه منهم‬
‫لئال يزيدوا فيه وينقصوا أو يبدلوا ويغريوا‪ ،‬فتعلم زيد ما أمره به النيب صلى اهلل عليه وسلم يف‬
‫نصف شهر‪.‬وقد يشكل فهم هذا من وجهني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن املعهود من اليهود أن يتكلموا ويكتبوا بالعربانية ال بالسريانية‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬كيف يستطيع متعلم أن يتعلم لغة أجنبية يف نصف شهر؟ واجلواب عن األول أن‬
‫اليهود يف زمان النيب صلى اهلل عليه وسلم بل يف زمان عيسى بن مرمي وقبله بزمن مل يكونوا‬
‫يتكلمون ويكتبون بالعربانية ألهنا كانت قد انقرضت ومل يبق منها إال كلمات قليلة تردد يف‬
‫الصلوات‪ ،‬وكان اليهود يكتبون علومهم الدينية والدنيوية ويتخاطبون بالسريانية وإمنا جددوا‬
‫العربانية وأحيوها وبذلوا يف ذلك جهودا عظيمة يف هذا العصر األخري‪.‬‬

‫واجلواب عن الثاين‪ :‬أن زيدا مل يتعلم اللغة يف نصف شهر وإمنا تعلم الكتابة والقراءة‪ ،‬أما‬
‫معاين لغة اليهود فكان يفهمها ألهنا كانت ال تزال قريبة جدا من لغة العرب‪ ،‬وألن قبائل من‬
‫اليهود كانت مساكنة لألنصار وتعلم اللغات األجنبية لالنتفاع هبا يف أمور الدين والدنيا أمر‬
‫حممود إذا مل يكن على حساب لغة القرآن )(‪.)١‬‬

‫(‪ )٢‬سنن الرتمذي ت شاكر أبواب االستئذان واآلداب باب ما جاء يف تعليم السريانية ‪ )68 /5( ١٠٢5‬وقال حسن‬
‫صحيح ‪ ،‬وقال األلباين ‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )١‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)١4 :‬‬
‫‪282‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النص على خطأ القول صراحة ‪:‬‬

‫من أهم مالمح منهج الشيخ اهلاليل يف نقده لألقوال أنه ينص على خطأ القول الذي يريد‬
‫نقده ‪ ،‬مث يتبع ذلك بأدلته يف نقد ذلك القول ‪..‬‬

‫ومن ذلك قوله رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬مث قال السيوطي‪":‬قال ابن جرير‪ :‬ما ورد عن ابن عباس‬
‫وغريه من تفسري ألفاو القرآن أهنا بالفارسية أو احلبشية أو النبطية أو حنو ذلك إمنا اتفق فيها‬
‫توارد اللغات فتكلمت هبا العرب والفرس واحلبشة بلفظ واحد"‪.‬اهـ (‪.)٢‬‬

‫قال حممد تقي الدين‪ :‬ابن جرير إمام املفسرين يف زمانه وما بعده وفد أخطأ يف هذا الرأي‬
‫إذ ال ميكن أن تتكلم هذه الشعوب املتباينة يف أنساهبا ولغتها املتباعدة يف أوطاهنا على سبيل‬
‫املصادفة واالتفاق وتوارد اخلواطر بتلك الكلمات الكثرية العدد )(‪.)١‬‬

‫ثالثا ‪ :‬نقد القول باإلعراض عن ذكره ‪:‬‬

‫رمبا نقد الشيخ اهلاليل بعض األقوال وذلك باإلعراض عن ذكرها والنص على سبب‬
‫اإلعراض بأنه ناتج عن ضعف تلك األقوال ‪ ،‬وعدم حجيتها ‪ ،‬ومن ذلك قوله رمحه اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫( مث قال السيوطي‪":،‬قال غريه بل كان للعرب العاربة اليت نزل القرآن بلغتهم بعض خمالطة‬
‫لسائر األلسنة يف أسفارهم فعلقت من لغاهتم ألفاظا غريت بعضها بالنقص من حروفها‬
‫واستعملتها يف أشعارها وحماوراهتا حىت جرت جمرى العريب الفصيح ووقع هبا البيان وعلى هذا‬
‫احلد نزل هبا القرآن"‪.‬انتهى‪ )3(.‬هذا هو احلق الذي ال ريب فيه مث ذكر السيوطي آراء أخرى‬
‫يظهر زيفها عند االمتحان فأعرضت عن نقلها )(‪.)4‬‬

‫اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢١5 /١‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)١5 :‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢١5 /١‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)١6 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪283‬‬
‫واألق وال اليت ذكر السيوطي وأعرض الشيخ عن ذكرها مضعفا هلا مل أجد منها يف اإلتقان‬
‫سوى قولني مها ‪:‬‬

‫‪ - ٢‬أن كل هذه األلفاو عربية صرفة ولكن لغة العرب متسعة جدا وال يبعد أن ختفى‬
‫على األكابر اجللة ‪.‬‬

‫‪ – ١‬أن هذه األلفاو إمنا وجدت يف لغة العرب ألهنا أوسع اللغات وأكثرها ألفاظا وجيوز‬
‫أن يكونوا سبقوا إىل هذه األلفاو (‪.)٢‬‬

‫رابعا ‪ :‬التجريح في النقد ‪:‬‬

‫معتادا يف بقية كتبه ‪ ،‬أال وهو التجريح يف‬ ‫سلك الشيخ اهلاليل يف كتابه هذا منهجا لي‬
‫النقد ؛ فصدرت منه رمحه اهلل تعاىل بعض األلفاو النابية ‪ ،‬واليت ليست من عادته وال من عادة‬
‫أهل العلم ‪ ،‬وميكن أن يعتذر عنه يف ذلك من وجهني ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬خربته يف اللغات ؛ فإذا رأى عاملا متقدما أضاف إليها ما لي منها أدى به ذلك‬
‫إىل االنفعال وصدور تلك األلفاو منه‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬جراءة بعض أهل الرأي على قول ما ال دليل عليه ؛ فتدفع الشيخ اهلاليل غريته‬
‫الدينية على الرد بألفاو قد يكون فيها بعض اخلشونة والتشدد‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك يف كتابه هذا قوله رمحه اهلل تعاىل ‪ ( :‬وإن تعجب فعجب قوهلم إن‬
‫"ابلعي" بلغة أهل اهلند وهذا القول إىل اهلزل أقرب منه إىل اجلد وقائله لي أهال أن يؤخذ عنه‬
‫العلم وإمنا هو يهرف مبا ال يعرف وأهل اهلند أجناس كثرية هلم مئات من اللغات وال تكاد تسري‬
‫مسافة يوم إال وجدت جنسا آخر له لغة أخرى )(‪.)١‬‬

‫(‪ )٢‬اإلتقان يف علوم القرآن (‪)٢١6 /١‬‬


‫(‪ )١‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)33 :‬‬
‫‪284‬‬
‫وقال يف موضع آخر‪ ( :‬ولذلك نرى السيوطي يف كتاب اإلتقان كحاطب ليل ولي عنده‬
‫حتقيق وال إتقان وهذا شأنه يف علوم املنقول‪ ،‬أما يف علوم املعقول كعلوم العربية فهو فارس ال‬
‫يشق له غبار )(‪.)٢‬‬

‫قلت‪ :‬وال شك أن العالمة السيوطي رمحه اهلل تعاىل فارس ال يشق له غبار يف علوم املنقول‬
‫كما هو يف علوم املعقول ‪ ،‬ومن طالع كتبه يف علوم املنقول ككتابه الدر املنثور يف التفسري‬
‫باملأثور‪ ،‬وألفيته يف علوم احلديث ‪ ،‬وتدريبه للراوي وغريها ليعلم فروسيته يف علوم املنقول وتبحره‬
‫فيها ‪.‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب (ص‪)34 :‬‬


‫‪285‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫املقارنة بني اهلاليل والشنقيطي يف املنهج‬
‫وفيه مباحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬منهجهما يف التفسري باملأثور‬
‫املبحث الثاين‪ :‬منهجهما يف الرد على البدع وفصل اخلالف والنزاع‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬التنبيه على بعض الفوائد األصولية‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬منهجهما في التفسير بالمأثور‪:‬‬
‫قد قدمت يف فصل مستقل منهج اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف التفسري باملأثور‪ ،‬وسوف أعرض‬
‫هنا ملنهج الشنقيطي يف التفسري باملأثور مقارنا بينه وبني منهج اهلاليل املتقدم ‪..‬‬
‫لقد متيز الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بأنه من أكثر املفسرين املعاصرين اهتماما بتفسري القرآن‬
‫الكرمي باملأثور‪ ،‬وخاصة يف كتابه أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬وهو الذي خصصه –‬
‫يف غالبه – للتفسري باملأثور‪.‬‬
‫وقد قام منهجه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف التفسري باملأثور على الدعائم الثالث املعروفة هلذا النوع من‬
‫التفسري (‪ ،)٢‬وهي ‪:‬‬

‫أ – تفسير القرآن بالقرآن ‪:‬‬


‫قد قدمت يف الفصل األول موقف أهل العلم من تفسري القرآن بالقرآن ونقلت إمجاعهم‬
‫على أنه هو أجل تفسري وأعظمه؛ وكما أوضحت هناك موقف اهلاليل من هذا النوع من‬
‫التفسري و سوف أبني هنا موقف الشنقيطي من تفسري القرآن بالقرآن ‪:‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬


‫لقد وقف الشنقيطي من هذه املسألة موقفا واضحا موافقا بذلك إمجاع أهل العلم على أن‬
‫أشرف أنواع التفسري إمنا هو تفسري القرآن بالقرآن ؛ فال أحد أعلم مبراد اهلل تعاىل من اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )٢‬لقد اعتمدت يف منهج الشنقيطي اعتمادا كامال على رسالة ماجستري بعنوان ‪ :‬الشنقيطي ومنهجه يف التفسري إعداد‬
‫الطالب أمحد سيد حسانني إمساعيل الشيمي جامعة القاهرة ‪ ،‬كلية دار العلوم ‪ ،‬قسم الشريعة اإلسالمية ‪٢4١١‬ه‪.‬‬
‫وكتاب اجتاهات التفسري يف القرن الرابع عشر املؤلف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن بن سليمان الرومي الناشر‪ :‬طبع بإذن‬
‫رئاسة إدارات البحوث العلمية واالفتاء والدعوة واالرشاد يف اململكة العربية السعودية برقم ‪ 5 /95٢‬وتاريخ ‪٢4٠6/8/5‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل ‪٢4٠٠‬هـ‪٢986 -‬م‬
‫‪287‬‬
‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬واعلم أن من أهم املقصود بتأليفه أمرين‪ :‬أحدهما‪ :‬بيان‬
‫القرآن بالقرآن إلمجاع العلماء على أن أشرف أنواع التفسري وأجلها تفسري كتاب اهلل بكتاب‬
‫اهلل‪ .‬إذ ال أحد أعلم مبعل كالم اهلل جل وعال من اهلل جل وعال‪ ،‬وقد التزمنا أال نبني القرآن إال‬
‫بقراءة سبعية سواء كانت قراءة أخرى يف اآلية املبينة نفسها‪ ،‬أو آية أخرى غريها‪ .‬وال نعتمد‬
‫على البيان بالقراءات الشاذة ورمبا ذكرنا القراءة الشاذة استشهادا للبيان بقراءة سبعية‪ ،‬وقراءة‬
‫أيب جعفر ويعقوب وخلف ليست من الشاذ عندنا وال عند احملققني من أهل العلم‬
‫(‪)٢‬‬
‫بالقراءات)‪.‬‬
‫هكذا إذن يصرح الشيخ الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مبوقفه من التفسري بالقرآن الكرمي ؛ ويبني‬
‫فيه أنه هو أجل أنواع التفسري‪ ،‬وأنه هو الغرض الذي من أجله ألف كتابه الذي‬ ‫بيانا ال لب‬
‫اشتهر به أكثر من غريه وهو كتاب‪ :‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن؛ إذ جعله عمدة‬
‫التفسري عنده‪ ،‬مث أتبعه ببيان القرآن الكرمي بالسنة ‪ ،‬كما سأبني – إن شاء اهلل تعاىل – الحقا‪.‬‬

‫المقارنة بين موقف الشيخين في هذه النقطة ‪:‬‬


‫بالرجوع إىل منهج اهلاليل الذي قدمت يف الفصل الثاين يتضح أنه بني أن موقفه من‬
‫تفسري القرآن الكرمي بالقرآن الكرمي أنه هو العمدة يف التفسري موافقا بذلك احملققني من العلماء‪،‬‬
‫ولذا جنده قد اختذ تفسري القرآن الكرمي بالقرآن الكرمي أساسا لكتبه اليت عنيت بالتفسري‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫يقول اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪" : -‬خري ما يفسر به القرآن القرآن "‪.‬‬
‫ولذا ال أرى اختالفا بني منهج الشيخني يف هذه النقطة؛ بل موقفهما متحد فيها متام‬
‫االحتاد‪ ،‬ومن طالع كتبهما يف التفسري جيدمها يسلكان هذا املنهج يف غالبية جهودمها يف‬
‫التفسري ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان ج‪ ٢‬ص‪4-3‬‬


‫(‪ )١‬اإلهلام واإلنعام ص‪.98‬‬
‫‪288‬‬
‫ملحوظة ‪:‬‬
‫عندما أقول إهنما متفقان من حيث املنهج يف أن أجل أنواع التفسري هو تفسري القرآن‬
‫الكرمي بالقرآن الكرمي فإن ذلك ال يعين أهنما متساويان يف اجلهد التفسريي يف هذا اجملال ‪ ،‬و‬
‫يف اإلتقان والتحقيق فيه ؛ فإن اهلاليل – وإن كان له جهد تفسريي يف هذا اجملال – ال يقارن‬
‫بالشنقيطي رمحهما اهلل تعاىل ؛ فاألخري يعترب إماما يف هذا اجملال ‪ ،‬ورائدا هلذا النوع من التفسري‬
‫وجهوده فيه شاهدة بذلك ‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫وسوف أعرض هنا ألهم نقاط منهج اهلاليل يف تفسري القرآن الكرمي بالقرآن الكرمي مقارنا‬
‫بينها وبني منهج الشنقيطي يف نف النقاط ‪:‬‬

‫المسالك الثالثة عند الهاللي مقارنة بالشنقيطي ‪:‬‬


‫كل مفسر له منهجه اخلاص به يف املقدار الذي يتناوله دفعة واحدة يف تفسريه ‪ ،‬وهذا ما‬
‫نعين باملسالك التفسريية ؛ إذ قد يتناول املفسر جزءا من اآلية أو كل اآلية أو آيات متعددة ‪،‬‬
‫إىل غري ذلك ‪..‬‬
‫‪ – 0‬جزء اآلية ‪.‬‬
‫قد يفسر الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬جزءا من اآلية تاركا الباقي منها لسبب من األسباب ‪:‬‬
‫مثال جزء اآلية ‪:‬‬
‫ﭽ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﭼ‬ ‫يقول الشنقيطي‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل‪:‬‬
‫[ البقرة‪ ]45 :‬اآلية ما نصه ‪ ( :‬االستعانة بالصرب على أمور الدنيا واآلخرة ال إشكال فيها‪ ،‬وأما‬
‫نتيجة االستعانة بالصالة‪ ،‬فقد أشار هلا تعاىل يف آيات من كتابه‪ ،‬فذكر أن من نتائج االستعانة‬
‫ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﭼ‬ ‫هبا النهي عما ال يليق‪ ،‬وذلك يف قوله تعاىل‬

‫‪289‬‬
‫ﭽ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫] العنكبوت‪ ، [45 :‬وأهنا جتلب الرزق وذلك يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫ﯙﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟﯠﭼ [طه‪ ،]٢3١ :‬ولذا كان ‪ --‬إذا حزبه أمر بادر إىل الصالة‪.‬‬
‫وإيضاح ذلك‪ :‬أن العبد إذا قام بني يدي ربه يناجيه‪ ،‬ويتلو كتابه هان عليه كل ما يف‬
‫الدنيا رغبة فيما عند اهلل ورهبة منه‪ ،‬فيتباعد عن كل ما ال يرضي اهلل فريزقه اهلل ويهديه‪.)١().‬‬
‫وهو هبذا ال يفسر إال جزءا من هذه اآلية وهو قوله تعاىل "واستعينوا بالصرب والصالة" ‪.‬‬
‫المقارنة ‪:‬‬
‫قد بينت يف منهج اهلاليل أنه يكثر من هذا النوع من التفسري حبسب احلاجة ؛ وباملقارنة‬
‫مع الشنقيطي يف هذه النقطة جند أهنما متفقان أيضا فيها وأهنا مسة بارزة يف جهودمها‬
‫التفسريية‪.‬‬
‫‪ – 2‬كل اآلية ‪:‬‬
‫قد يفسر الشنقيطي كل اآلية حبسب ما يدخل يف غرضه من تأليف الكتاب أو حبسب‬
‫احلاجة العلمية لذلك ‪.‬‬
‫مثال تفسيره كل اآلية ‪:‬‬
‫ﭽﭿ‬ ‫يظهر ذلك جليا يف مواضع من تفسري الشنقيطي منها عند تفسريه لقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ [ الكهف‪ ، ] 65 :‬حيث قال ما‬
‫نصه‪ ( :‬هذا العبد املذكور يف هذه اآلية الكرمية هو اخلضر عليه السالم بإمجاع العلماء‪ ،‬وداللة‬
‫النصوص الصحيحة على ذلك من كالم النيب ‪ ،--‬وهذه الرمحة والعلم اللدين اللذان ذكر‬
‫اهلل امتنانه عليه هبما مل يبني هنا هل مها رمحة النبوة وعلمها‪ ،‬أو رمحة الوالية وعلمها‪ ،‬والعلماء‬
‫خمتلفون يف اخلضر‪ :‬هل هو نيب‪ ،‬أو رسول‪ ،‬أو ويل‪ ،‬كما قال الراجز‪:‬‬

‫(‪ )٢‬سنن أيب داود كتاب كتاب الصالة باب وقت قيام النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬حديث رقم ‪)35/١( ٢3٢9‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح سنن أيب داود‪.‬‬
‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)35/٢‬‬
‫‪291‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫ـول‬
‫قي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب أو ويل أو رس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـت يف خض ـ ـ ـ ـ نر أه ـ ـ ـ ـ نـل العق ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـول‬ ‫واختلف ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫وقيل ملك‪ )١(،‬ولكنه يفهم من بعض اآليات أن هذه الرمحة املذكورة هنا رمحة نبوة‪ ،‬وأن‬
‫هذا العلم اللدين علم وحي‪ ،‬مع العلم بأن يف االستدالل هبا على ذلك مناقشات معروفة عند‬
‫العلماء‪.)3().‬‬
‫مث استطرد يف تفسري اآلية يف حنو سبع عشرة صفحة كاملة ذاكرا خالف أهل العلم يف‬
‫اخلضر ويف حياته ونسبه وغري ذلك ‪.‬‬
‫المقارنة ‪:‬‬
‫بالرجوع إىل الفصل اخلاص مبنهج اهلاليل يف التفسري باملأثور جنده يوافق الشيخ الشنقيطي‬
‫يف هذه الطريقة من أنه أحيانا يفسر آية بكاملها دون اللجوء إىل تفسري أجزاء منها وترك أجزاء‬
‫أخرى ‪ ،‬وبينت من خالل ذلك الفصل أن هذه الطريقة عند اهلاليل تعترب مسة بارزة يف تفسريه‬
‫لسورة األنعام الذي مساه "اإلهلام واإلنعام يف تفسري سورة األنعام" وكذلك يف تفسريه لسورة‬
‫الفتح الذي جعله ضمن كتابه "قبسة من أنوار الوحي" بينما يقلل من هذه الطريقة يف كتابه‬
‫سبيل الرشاد ‪.‬‬
‫ولذا فإن اهلاليل والشنقيطي متفقان يف هذه النقطة كما اتفقا يف سابقاهتا‪.‬‬

‫‪ – 3‬جملة آيات مجتمعة ‪.‬‬

‫منهج الشنقيطي فيها ‪:‬‬

‫يذهب الشنقيطي إىل تفسري مجلة من اآليات جمتمعة ‪ ،‬وخاصة إذا كانت مرتبطة يف‬
‫املعل‪ ،‬وباألخص يف السور ذوات اآلي القصرية ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬مل أجد قائل هذا البيت من الرجز ؛ ومل أجد من أهل العلم من ذكره غري الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬؛ فلعل بعض‬
‫علماء الشناقطة عقده حلفظ أقوال أهل العلم يف اخلضر ‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫(‪ )١‬تفسري القرطيب (‪)٢6 /٢٢‬‬
‫(‪ )3‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)3١١ /3‬‬
‫‪290‬‬
‫مثال تفسير الشنقيطي آليات مجتمعة ‪:‬‬

‫ﭽﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬ ‫وذلك كما يف تفسريه لقوله تعاىل ‪:‬‬


‫ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴﯵ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﯿﰀ ﰁﰂ‬

‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﭼ [النجم‪.]4٢ – 33 :‬‬

‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬قوله‪ :‬توىل‪ :‬أي رجع وأدبر عن احلق‪ ،‬وقوله‪ :‬وأعطى‬
‫قليال‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬قليال من املال‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬أعطى قليال من الكالم الطيب‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫وأكدى أي قطع ذلك العطاء ومل يتمه‪ ،‬وأصله من أكدى صاحب احلفر إذا انتهى يف حفره‬
‫إىل صخرة ال يقدر على احلفر فيها‪ ،‬وأصله من الكدية وهي احلجارة تعرتض حافر البئر وحنوه‬
‫فتمنعه احلفر ‪.)٢()..‬‬

‫مث استطرد يف تفسري هذه اآليات ذاكرا اخلالف يف املعين بقوله تعاىل "وأعطى قليال‬
‫وأكدى" واألمور العقدية اليت تضمنتها هذه اآليات وغري ذلك ‪.‬‬

‫المقارنة ‪:‬‬

‫قد قدمت يف منهج اهلاليل أن الضابط عنده يف تفسريه آليات جمتمعة إمنا هو متام املعل ؛‬
‫وأنه ال يفصل بني اآليات املرتبطة يف املعل ‪..‬‬

‫ومبقارنته بالشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬جند أهنما أيضا متفقان يف هذه النقطة إال أن الشنقيطي‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سلكها يف كامل كتابه يف تفسري القرآن الكرمي ؛ بينما أكثر منها اهلاليل يف كتابه‬
‫اإلهلام واإلنعام خاصة دون غريه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)468-46٠ /٠‬‬


‫‪292‬‬
‫الطرائق الثالث ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التماثل ‪:‬‬

‫قدمت منهج اهلاليل يف هذه الطريقة ‪ ،‬وسوف أعرض هنا ملنهج الشنقيطي فيها ومن مث‬
‫املقارنة وذلك على النحو اآليت ‪:‬‬

‫التماثل بالقلة ‪:‬‬

‫ونعين به ‪-‬كما تقدم‪ -‬أن يذكر املفسر بعض اآليات املماثلة ملعل اآلية حمل الدراسة ‪،‬‬
‫دون أن حيصرها‪ ،‬أو يذكر أكثرها ‪..‬‬

‫منهج الشنقيطي في هذه النقطة ‪:‬‬

‫قد يسرد الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬اآليات املفسرة لآلية اليت هو بصددها دون أن حيصرها‬
‫حصرا كامال ‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتماثل بالقلة ‪:‬‬

‫مثال التماثل بالقلة عند الشنقيطي ‪:‬‬

‫ﭽﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ﮍ ﭼ [ اإلسراء‪ ،] 6٢ :‬ما نصه‪ ( :‬قوله تعاىل يف هذه اآلية عن‬ ‫ﮈﮉﮊﮋ ﮌ‬

‫للسجود هبمزة‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ [ اإلسراء‪ ،] 6٢ :‬يدل فيه إنكار إبلي‬ ‫ﭽﮎ ﮏ‬ ‫إبلي ‪:‬‬
‫اإلنكار على إبائه واستكباره عن السجود ملخلوق من طني‪ ،‬وصرح هبذا اإلباء واالستكبار يف‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫مواضع أخر‪ ،‬فصرح هبما معا «يف البقرة» يف قوله‬
‫ﭽﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬ ‫ﯔ ﭼ [البقرة‪ ،] 34:‬وصرح بإبائه «يف احلجر» بقوله تعاىل‪:‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ‬ ‫ﰂ ﭼ [احلجر‪ ،]3٢:‬وباستكباره يف «ص» بقوله‬

‫‪293‬‬
‫ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ‬ ‫‪ ،] ٠4‬وبني سبب استكباره بقوله تعاىل‪:‬‬ ‫[ ص‪:‬‬

‫[ ص‪.)٢() ] ٠6 :‬‬

‫واستكباره وبقيت عليه ست‬ ‫فقد ذكر الشنقيطي هنا ست آيات مبينة لقضية إباء إبلي‬
‫أخرى هي ‪:‬‬

‫ﭽﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫‪ .٢‬قوله تعاىل‪:‬‬


‫ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ] األعراف‪.[٢٢ :‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫‪ .١‬قوله‬
‫]احلجر‪.[33 – 3١ :‬‬ ‫ﭢ ﭣﭤﭥﭼ‬

‫ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ‬ ‫‪ .3‬قوله تعاىل‪:‬‬


‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ ]الكهف‪.[5٠ :‬‬
‫ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ ]طه‪.[٢٢6 :‬‬ ‫‪ .4‬قوله تعاىل‪:‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ ]ص‪[٠5:‬‬ ‫‪ .5‬قوله‬
‫وهذا ما يسمى بالتماثل بالقلة ‪.‬‬

‫هكذا قرر صاحب الكتاب املعنون بـ ‪" :‬الشنقيطي ومنهجه يف التفسري"(‪ )١‬مستدركا على‬
‫الشنقيطي أنه ترك هذه اآليات الست ‪.‬‬

‫والواقع أن استدراكه يف غري حمله؛ وال يصح املعل املقصود عند الشنقيطي إال يف آية طه‬
‫وحدها ‪ ،‬أما بقية اآليات املذكورة فلي فيه إباء إبلي وال استكباره ‪ ،‬اللهم إال على قراءة آية‬
‫(‪)3‬‬
‫ص بألف الوصل دون االستفهام ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)٢66 /3‬‬


‫(‪ )١‬الشنقيطي ومنهجه يف التفسري أمحد حسانني الشيمي ص ‪.36٠‬‬
‫(‪ )3‬رويت هذه القراءة عن حممد بن صاحل عن شبل عن ابن كثري‪ .‬تفسري القرطيب (‪.)١١8 /٢5‬‬
‫‪294‬‬
‫التماثل بالكثرة ‪:‬‬

‫واملقصود به أن يورد املفسر أكثر اآليات اليت وردت يف معل اآلية موضوع الدراسة ‪.‬‬

‫مثال التماثل بالكثرة عند الشنقيطي ‪:‬‬

‫ﭽﮂﮃ ﮄﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقول اهلل تعاىل‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮪ ﭼ ]حممد‪ [4 :‬ما نصه ‪ ( :‬مل خيتلف‬
‫املسلمون يف جواز امللك بالرق‪.‬‬

‫ومعلوم أن سببه أسر املسلمني الكفار يف اجلهاد‪ ،‬واهلل ‪ -‬تبارك وتعاىل ‪ -‬يف كتابه يعرب عن‬
‫امللك بالرق بعبارة هي أبلغ العبارات‪ ،‬يف توكيد ثبوت ملك الرقيق‪ ،‬وهي ملك اليمني ؛ ألن ما‬
‫ﭽﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫ملكته ميني اإلنسان فهو مملوك له متاما‪ ،‬وحتت تصرفه متاما‪ ،‬كقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ [ النساء‪ . ] 3 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫[ املؤمنون‪ . ]5 :‬وقوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ [ املعارج‪ .]١9 :‬وقوله‬ ‫ﭩﭪﭼ‬

‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭼ [ النساء‪ .] ١4 :‬وقوله‬


‫ﭽﮤ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ [ النور‪ .] 33 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ [ النساء‪ .] 36 :‬وقوله‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﭼ‬

‫تعاىل‪:‬ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫[ األحزاب‪ .] 5١ :‬وقوله‬


‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﭼ [ األحزاب‪ .] 5٠ :‬وقوله تعاىل‪:‬ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ [ النور‪.] 3٢ :‬‬
‫ﭽﮂ ﮃ ﮄﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊﮋ ﮌﮍﮎﮏ‬ ‫وقوله تعاىل‪:‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ﮐ ﮑﮒ ﭼ [ النساء‪ .] ١5 :‬وقوله‬
‫ﯸ ﭼ [ النحل‪ ] ٠٢ :‬وقوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ [ الروم‪.] ١8 :‬‬

‫‪295‬‬
‫فاملراد مبلك اليمني يف مجيع هذه اآليات كلها امللك بالرق‪ ،‬واألحاديث واآليات مبثل ذلك‬
‫يتعذر حصرها‪ ،‬وهي معلومة‪ ،‬فال ينكر الرق يف اإلسالم إال مكابر أو ملحد أو من ال يؤمن‬
‫بكتاب اهلل وال بسنة رسوله ) (‪.)٢‬‬

‫ففي هذا النص يسرد الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أكثر اآليات اليت تفيد معل الرق يف القرآن‬
‫الكرمي ويكاد حيصرها حصرا تاما وهذا ما يسمى بالتماثل بالكثرة ‪.‬‬

‫المقارنة ‪:‬‬

‫بالرجوع إىل منهج اهلاليل الذي قدمت يف حمله؛ يتضح أنه يوافق الشنقيطي يف هاتني‬
‫الطريقتني فمرة يسرد أكثر اآليات الواردة يف معل اآلية اليت يفسرها ‪ ،‬وتارة يذكر بعض اآليات‬
‫مكتفيا هبا عن غريها كما بينت يف حمله من هذا البحث املبارك ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اإليضاح ‪:‬‬

‫قدمت أن املقصود باإليضاح أن يفسر املفسر اآلية بآيات توضح معناها ‪ ،‬ويكون غري‬
‫منصوص عليه فيها بشكل صريح ‪ ،‬وبينت أن اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سلك يف منهجه جانبني يف‬
‫مسألة اإليضاح مها‪:‬‬

‫اإليضاح بالقلة‪:‬‬

‫واملقصود به أن يذكر املفسر قلة من اآليات املوضحة ملعل اآلية حمل الدراسة ‪.‬‬

‫مثال اإليضاح بالقلة عند الشنقيطي‪:‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)١5٠-١49 /٠‬‬


‫‪296‬‬
‫ﭽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقول اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫ما نصه ‪ ( :‬مل يبني هنا ما هذه الكلمات‪ ،‬ولكنه بينها يف قوله تعاىل‪:‬‬ ‫ﰊ ﭼ ]البقرة‪[ 3٠ :‬‬

‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ ]األعراف‪.[١3 :‬‬

‫فهنا نرى الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬فسر هذه اآلية بآية واحدة توضح معناها واملراد منها ‪.‬‬

‫اإليضاح بالكثرة ‪:‬‬

‫مثال اإليضاح بالكثرة عند الشنقيطي ‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬

‫"ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عند تفسري قوله تعاىل‪:‬‬


‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ] املؤمنون‪.[٢٠8 – ٢٠٠ :‬‬

‫ما نصه‪ ( :‬ذكر ‪ -‬جل وعال ‪ -‬يف هذه اآلية الكرمية‪ :‬أن أهل النار يدعون رهبم فيها‬
‫فيقولون‪ :‬ربنا أخرجنا منها فإن عدنا إىل ما ال يرضيك بعد إخراجنا منها‪ ،‬فإنا ظاملون‪ ،‬وأن اهلل‬
‫جييبهم بقوله‪ :‬اخسؤوا فيها وال تكلمون‪ ،‬أي‪ :‬امكثوا فيها خاسئني‪ ،‬أي‪ :‬أذالء صاغرين‬
‫حقريين ؛ ألن لفظة اخسأ إمنا تقال للحقري الذليل‪ ،‬كالكلب وحنوه‪ ،‬فقوله‪ :‬اخسؤوا فيها‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ذلوا فيها ماكثني يف الصغار واهلوان‪.‬‬

‫ﭽﭑ‬ ‫وهذا اخلروج من النار الذي طلبوه قد بني تعاىل أهنم ال ينالونه ؛ كقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ [ املائدة‪ .] 3٠ :‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ﭒﭓﭔﭕ ﭖﭗﭘ‬

‫ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ [ البقرة‪ .] ٢6٠ :‬وقوله تعاىل‪:‬‬


‫ﭽﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ [ احلج‪ .] ١١ :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﯰ ﯱ ﯲﭼ [ السجدة‪ ] ١٠ :‬إىل غري ذلك من اآليات‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫وقد جاء يف القرآن أجوبة متعددة لطلب أهل النار فهنا قالوا‪ :‬ربنا أخرجنا منها فأجيبوا‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ [السجدة‪] ٢١:‬‬ ‫اخسؤوا فيها وال تكلمون ويف قوله‬
‫ﭽﮂ‬ ‫فأجيبوا بقوله تعاىل ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭼ [ السجدة‪ ،] ٢3 :‬ويف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ [ غافر‪ ] ٢٢ :‬فأجيبوا‬ ‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋ‬

‫تعاىل‪:‬ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫بقوله‬
‫ﮡ ﭼ [ غافر‪ ] ٢١ – ٢٢ :‬ويف قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭼ [ الزخرف‪ ]٠٠ :‬فأجيبوا‬
‫ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ‬ ‫بقوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ [ الزخرف‪ ] ٠٠ :‬ويف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭼ [ إبراهيم‪ ] 44 :‬فيجابون بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ [ إبراهيم‪ ] 44 :‬ويف سورة فاطر‬
‫ﭽﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﭼ فيجابون بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ [ فاطر‪ ] 3٠ :‬إىل غري ذلك من اآليات الدالة‬
‫على مثل هذه األجوبة‪.‬‬

‫وعن ابن عباس‪ :‬أن بني كل طلب منها وجوابه ألف سنة واهلل أعلم‪ .‬وقوله يف هذه اآلية‪:‬‬
‫وال تكلمون أي‪ :‬يف رفع العذاب عنكم‪ ،‬وال إخراجكم من النار أعاذنا اهلل‪ ،‬وإخواننا املسلمني‬
‫(‪)٢‬‬
‫منها)‪.‬‬

‫ويف هذا النص يكاد الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يستوعب اآليات اليت وردت يف إيضاح معل‬
‫اآلية اليت يفسرها استيعابا تاما ‪ ،‬وهذا ما يسمى باإليضاح بالكثرة ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)36٠-359 /5‬‬


‫‪298‬‬
‫المقارنة ‪:‬‬

‫يف هاتني النقطتني يتفق منهج الشنقيطي واهلاليل ‪ ،‬وقد قدمت أهنا من أهم مالمح منهج‬
‫اهلاليل يف جهوده يف تفسري القرآن الكرمي‪.‬‬

‫ب ‪ -‬تفسير القرآن بالسنة ‪:‬‬

‫تعترب السنة النبوية هي ثاين مصدر للتفسري باملأثور‪ ،‬وقد بينت منهج اهلاليل يف تفسري‬
‫القرآن الكرمي هبا‪ ،‬وسوف أوضح هنا منهج الشنقيطي يف تفسريه للقرآن الكرمي هبا‪ ،‬مث أقارن‬
‫بني منهجيهما‪ ،‬وأختم مبا انفرد به الشنقيطي يف التفسري باملأثور عامة ‪.‬‬

‫موقف الهاللي من تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية ‪:‬‬

‫قد بينت موقف اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من تفسري القرآن الكرمي بالسنة النبوية‪ ،‬وأوضحت أنه‬
‫يرى ‪-‬كغريه من أهل العلم ‪ -‬أن السنة هي ثاين مصدر للتفسري ‪ ،‬وأنه ال أحد أعلم مبراد اهلل‬
‫تعاىل بعد اهلل تعاىل من رسوله ‪ --‬؛ فما موقف الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من هذه النقطة‪:‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫يرى الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أن السنة هي أعظم مبني للقرآن الكرمي بعد القرآن الكرمي ؛‬
‫ولذلك صرح يف كتابه أضواء البيان أنه ال يذكر التفسري من السنة غالبا إال عند عدم وروده يف‬
‫القرآن الكرمي ؛ وذلك ألنه خصص كتابه لتفسري القرآن بالقرآن ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬ولكن موضوع كتابنا بيان القرآن بالقرآن‪ ،‬وال نذكر غالبا البيان من‬
‫السنة‪ ،‬إال إذا كان يف القرآن بيان غري واف باملقصود‪ ،‬فنتمم البيان من السنة كما قدمناه مرارا‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وذكرناه يف ترمجة هذا الكتاب املبارك"‪.‬‬

‫إذن فمنهج الشنقيطي يف هذه النقطة واضح‪ ،‬وهو أنه يعترب تفسري القرآن بالقرآن هو‬
‫األساس واملنطلق‪ ،‬من حيث رجوعه إليه‪ ،‬واستناده على بيانه‪ ،‬ولكن ذلك ال يعين االقتصار‬
‫عليه وحده يف التفسري؛ بل يظهر جليا أن كثريا من اآليات قد اعتمد فيها الشنقيطي على‬
‫البيان من السنة‪ ،‬واتضح ذلك يف الطريقتني التاليتني‪:‬‬

‫الطريقة األولى ‪ :‬الجمع بين القرآن الكريم والسنة النبوية ‪:‬‬

‫فإن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد جيمع يف تفسريه لبعض اآليات القرآنية بني القرآن الكرمي‬
‫والسنة النبوية‪ ،‬وباستقراء مجعه بني القرآن الكرمي والسنة النبوية يف إيضاح دالالت بعض اآليات‬
‫القرآنية ميكن حصره يف نقطتني‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬إلكمال الداللة ‪:‬‬

‫حيث يذكر الشنقيطي اآليات املبينة لآلية الكرمية ؛ مث يتبعها بزيادة بياهنا من السنة النبوية‬
‫الشريفة مكمال بذلك بياهنا‪ ،‬ومستوفيا به إيضاح داللتها على املعل املقصود‪..‬‬

‫مثال الجمع بين القرآن الكريم والسنة النبوية إلكمال الداللة عند الشنقيطي‬
‫‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬

‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عند تفسري قوله تعاىل‪:‬‬


‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ [ الكهف‪ ] 99 – 98 :‬ما‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)3١٢ /5‬‬


‫‪311‬‬
‫نصه‪ ( :‬اعلم أوال أنا قد قدمنا يف ترمجة هذا الكتاب املبارك‪ :‬أنه إن كان لبعض اآليات بيان‬
‫من القرآن ال يفي بإيضاح املقصود وقد بينه النيب ‪ --‬فإنا نتمم بيانه بذكر السنة املبينة له‪،‬‬
‫وقد قدمنا أمثلة متعددة لذلك‪ ،‬فإذا علمت ذلك فاعلم أن هاتني اآليتني هلما بيان من كتاب‬
‫أوضحته السنة‪ ،‬فصار بضميمة السنة إىل القرآن بيانا وافيا باملقصود‪ ،‬واهلل جل وعال قال يف‬
‫كتابه لنبيه ‪:--‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ [ النحل‪،]44:‬‬
‫فإذا علمت ذلك فاعلم أن هذه اآلية الكرمية‪ ،‬وآية األنبياء قد دلتا يف اجلملة على أن السد‬
‫الذي بناه ذو القرنني دون يأجوج ومأجوج إمنا جيعله اهلل دكا عند جميء الوقت املوعود بذلك‬
‫ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫فيه‪ ،‬وقد دلتا على أنه بقرب يوم القيامة؛ ألنه قال هنا‪:‬‬
‫[ الكهف‪ ،] 99 – 98 :‬وأظهر‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ‬

‫األقوال يف اجلملة املقدرة اليت عوض عنها تنوين «يومئذ» من قوله‪ :‬وتركنا بعضهم يومئذ ميوج‬
‫يف بعض‪ ،‬أنه يوم إذ جاء وعد ريب خبروجهم وانتشارهم يف األرض‪ ،‬وال ينبغي العدول عن هذا‬
‫القول ملوافقته لظاهر سياق القرآن العظيم‪ ،‬وإذا تقرر أن معل «يومئذ» يوم إذ جاء الوعد‬
‫خبروجهم وانتشارهم فاعلم أن الضمري يف قوله‪ :‬وتركنا بعضهم على القول بأنه جلميع بين آدم‬
‫فاملراد يوم القيامة‪ ،‬وإذاً فقد دلت اآلية على اقرتانه باخلروج إذا ُد َّك السد‪ ،‬وقربه منه‪ ،‬وعلى‬
‫القول بأن الضمري راجع إىل يأجوج ومأجوج‪ ،‬فقوله بعده ونفخ يف الصور يدل يف اجلملة على‬
‫أنه قريب منه‪ ،‬قال الزخمشري يف تفسري هذه اآلية قال هذا رمحة من ريب‪ ،‬هو إشارة إىل السد‪،‬‬
‫أي‪ :‬هذا السد نعمة من اهلل ورمحة على عباده‪ ،‬أو هذا اإلقدار والتمكني من تسويته فإذا جاء‬
‫وعد ريب يعين فإذا دنا جميء يوم القيامة‪ ،‬وشارف أن يأيت جعل السد دكا‪ ،‬أي‪ :‬مدكوكا‬
‫مبسوطا مسوى باألرض‪ ،‬وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك‪ ،‬ومنه اجلمل األدك املنبسط‬
‫(‪)٢‬‬
‫السنام اهـ)‪.‬‬

‫(‪ )٢‬تفسري الزخمشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (‪.)٠48 /١‬‬


‫‪310‬‬
‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫وآية األنبياء املشار إليها هي قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ [ األنبياء‪] 9٠ – 96 :‬؛‬
‫ألن قوله‪ :‬حىت إذا فتحت يأجوج ومأجوج وإتباعه لذلك بقوله‪ :‬واقرتب الوعد احلق فإذا هي‬
‫شاخصة أبصار الذين كفروا‪ ،‬يدل يف اجلملة على ما ذكرنا يف تفسري آية الكهف اليت حنن‬
‫بصددها‪ ،‬وذلك يدل على بطالن قول من قال‪ :‬إهنم روسية‪ ،‬وأن السد فتح منذ زمان طويل‪،‬‬
‫فإذا قيل‪ :‬إمنا تدل اآليات املذكورة يف «الكهف» و «األنبياء» على مطلق اقرتاب يوم القيامة‬
‫ﭽﭑ‬ ‫من دك السد واقرتابه من يوم القيامة ال ينايف كونه قد وقع بالفعل‪ ،‬كما قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭒ ﭓ ﭼ [ األنبياء‪ ،] ٢ :‬وقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﭼ [ القمر‪،] ٢ :‬‬
‫وقال النيب ‪ « :--‬ويل للعرب‪ ،‬من شر قد اقرتب‪ ،‬فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل‬
‫هذه وحلق بأصبعيه اإلهبام واليت تليها »‪ )٢(.‬احلديث‪ ،‬وقد قدمناه يف سورة «املائدة»‪ ،‬فقد دل‬
‫القرآن والسنة الصحيحة على أن اقرتاب ما ذكر ال يستلزم اقرتانه به‪ ،‬بل يصح اقرتابه مع مهلة‪،‬‬
‫وإذا فال ينايف دك السد املاضي املزعوم االقرتاب من يوم القيامة‪ ،‬فال يكون يف اآليات املذكورة‬
‫دليل على أنه مل يدك السد إىل اآلن‪ .‬فاجلواب‪ :‬هو ما قدمنا أن هذا البيان هبذه اآليات لي‬
‫وافيا بتمام اإليضاح إال بضميمة السنة له‪ ،‬ولذلك ذكرنا أننا نتمم مثله من السنة ؛ ألهنا مبينة‬
‫للقرآن )(‪.)١‬‬

‫مث ساق حديث مسلم – بإسنادين – عن النواس بن مسعان ‪ -  -‬يف قصة الدجال‬
‫(‪)3‬‬
‫ويأجوج وماجوج ‪ ،‬وهو حديث طويل معروف ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬صحيح مسلم كتاب الفظ وأشراط الساعة باب اقرتاب الفظ وفتح ردم ياجوج وماجوج حديث رقم ‪/4( ١88٠‬‬
‫‪.)١١٠8‬‬
‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)34٢ /3‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم كتاب الفظ وأشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته وما معه حديث رقم ‪)١١5٠ /4( ١93٠‬‬
‫‪312‬‬
‫مث قال ‪ ":‬وهذا احلديث الصحيح قد رأيت فيه تصريح النيب ‪ :--‬بأن اهلل يوحي إىل‬
‫عيسى ابن مرمي خروج يأجوج ومأجوج بعد قتله الدجال‪ ،‬فمن يدعي أهنم روسية‪ ،‬وأن السد‬
‫قد اندك منذ زمان فهو خمالف ملا أخرب به النيب ‪ --‬خمالفة صرحية ال وجه هلا‪ ،‬وال شك أن‬
‫كل خرب ناقض خرب الصادق املصدوق ‪ --‬فهو باطل ؛ ألن نقيض اخلرب الصادق كاذب‬
‫ضرورة كما هو معلوم‪ ،‬ومل يثبت يف كتاب اهلل وال سنة نبيه ‪ --‬شيء يعارض هذا احلديث‬
‫(‪)٢‬‬
‫الذي رأيت صحة سنده‪ ،‬ووضوح داللته على املقصود"‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬إليضاح الداللة ‪:‬‬

‫ذلك أن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد يأيت بالسنة إليضاح داللة بعض اآليات القرآنية‬
‫معضدا بذلك داللة القرآن الكرمي عليها ؛ حيث يذكر تفسريها من القرآن الكرمي ومن السنة يف‬
‫آن معا‪.‬‬

‫ﭽﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقول اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰄﰅ ﰆﰇﰈﰉ ﰊ‬

‫ﰍ ﰎ ﭼ [ األحقاف‪ ] ١٠ :‬اآلية ما نصه ‪ " :‬واعلم أن للعلماء كالما كثريا يف هذه‬ ‫ﰋﰌ‬

‫اآلية قائلني‪ :‬إهنا تدل على أنه ينبغي التقشف واإلقالل من التمتع باملآكل واملشارب واملالب ‪،‬‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬

‫وإن عمر بن اخلطاب ‪ --‬كان يفعل ذلك خوفا منه أن يدخل يف عموم من يقال هلم‬
‫يوم القيامة‪ :‬أذهبتم طيباتكم يف حياتكم الدنيا اآلية‪ .‬واملفسرون يذكرون هنا آثارا كثرية يف‬
‫ذلك‪ ،‬وأحوال أهل الصفة وما القوه من شدة العيش‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)344 /3‬‬


‫‪313‬‬
‫قال مقيده ‪ -‬عفا اهلل عنه وغفر له ‪ :-‬التحقيق‪ :‬إن شاء اهلل يف معل هذه اآلية هو أهنا‬
‫يف الكفار‪ ،‬وليست يف املؤمنني الذين يتمتعون باللذات اليت أباحها اهلل هلم ؛ ألنه ‪ -‬تعاىل ‪-‬‬
‫ما أباحها هلم ليذهب هبا حسناهتم‪.‬‬

‫وإمنا قلنا‪ :‬إن هذا هو التحقيق ؛ ألن الكتاب والسنة الصحيحة داالن عليه‪ ،‬واهلل تعاىل‬
‫يقول‪ :‬ﭽ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﭼ [ النساء‪.] 59 :‬‬

‫أما كون اآلية يف الكفار فقد صرح اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬به يف قوله‪ :‬ويوم يعرض الذين كفروا على‬
‫النار أذهبتم طيباتكم اآلية‪.‬‬

‫والقرآن والسنة الصحيحة قد دال على أن الكافر إن عمل عمال صاحلا مطابقا للشرع‪،‬‬
‫عن املكروب‪،‬‬ ‫خملصا فيه هلل‪ ،‬كالكافر الذي يرب والديه‪ ،‬ويصل الرحم ويقري الضيف‪ ،‬وينف‬
‫ويعني املظلوم يبتغي بذلك وجه اهلل ‪ -‬يثاب بعمله يف دار الدنيا خاصة بالرزق والعافية‪ ،‬وحنو‬
‫ذلك‪ ،‬وال نصيب له يف اآلخرة‪.‬‬

‫ﭽﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫فمن اآليات الدالة على ذلك قوله تعاىل ‪:-‬‬


‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬

‫ﭽﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ﮗ ﭼ [ هود‪ .] ٢6 – ٢5 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ﮕﮖ‬

‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ [ الشورى‪.] ١٠ :‬‬

‫وقد قيد ‪ -‬تعاىل ‪ -‬هذا الثواب الدنيوي املذكور يف اآليات مبشيئته وإرادته‪ ،‬يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭑﭒ ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭼ‬

‫[ اإلسراء‪.] ٢8 :‬‬

‫‪314‬‬
‫أن النيب ‪ --‬قال‪ « :‬إن اهلل ال يظلم‬ ‫وقد ثبت يف صحيح مسلم من حديث أن‬
‫مؤمنا حسنة؛ يعطى هبا يف الدنيا وجيزى هبا يف اآلخرة‪ ،‬وأما الكافر فيطعم حبسناته ما عمل هبا‬
‫هلل يف الدنيا‪ ،‬حىت إذا أفضى إىل اآلخرة مل تكن له حسنة جيزي هبا »‪)٢(.‬هذا لفظ مسلم يف‬
‫صحيحه‪.‬‬

‫ويف لفظ له عن رسول اهلل ‪« : --‬إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم هبا طعمة يف‬
‫الدنيا‪ ،‬وأما املؤمن فإن اهلل يدخر له حسناته يف اآلخرة‪ ،‬ويعقبه رزقا يف الدنيا على طاعته»‬
‫(‪)١‬‬
‫اهـ‪.‬‬

‫فهذا احلديث الثابت عن النيب ‪ - -‬فيه التصريح بأن الكافر جيازى حبسناته يف الدنيا‬
‫فقط‪ ،‬وأن املؤمن جيازى حبسناته يف الدنيا واآلخرة معا‪ ،‬ومبقتضى ذلك يتعني تعيينا ال حميص‬
‫عنه أن الذي أذهب طيباته يف الدنيا واستمتع هبا هو الكافر؛ ألنه ال جيزى حبسناته إال يف‬
‫الدنيا خاصة‪.‬‬

‫وأما املؤمن الذي جيزى حبسناته يف الدنيا واآلخرة معا ‪ -‬فلم يذهب طيباته يف الدنيا ؛ ألن‬
‫حسناته مدخرة له يف اآلخرة‪ ،‬مع أن اهلل ‪ -‬تعاىل ‪ -‬يثيبه هبا يف الدنيا‪ ،‬كما قال ‪ -‬تعاىل ‪:-‬‬
‫ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﭼ [ الطالق‪ ] 3 – ١ :‬فجعل املخرج من‬
‫(‪)3‬‬
‫الضيق له ورزقه من حيث ال حيتسب ‪ -‬ثوابا يف الدنيا‪ ،‬ولي ينقص أجر تقواه يف اآلخرة "‪.‬‬

‫صحيح مسلم كتاب صفة اجلنة والنار والقيامة باب جزاء املؤمن حبسناته يف الدنيا واآلخرة حديث رقم ‪١8٠8‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫‪. )١٢6١‬‬ ‫(‪/4‬‬
‫صحيح مسلم كتاب صفة اجلنة والنار والقيامة باب جزاء املؤمن حبسناته يف الدنيا واآلخرة حديث رقم ‪١8٠8‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫‪.)١٢6١‬‬ ‫(‪/4‬‬
‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)١3٠-١١9 /٠‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪315‬‬
‫الطريقة الثانية االكتفاء بالسنة ‪:‬‬

‫ذلك أن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد يفسر اآلية بالسنة النبوية مكتفيا هبا ‪ ،‬وغالبا ما يبني‬
‫ذلك مبقدمة موجزة توضح سبب اكتفائه بالسنة يف تفسريه لآلية الكرمية حمل الدراسة ‪.‬‬

‫ﭽﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ [ احلجر‪ ] 8٠ :‬حيث قال ما نصه‪ ( :‬ذكر ‪ -‬جل وعال ‪ -‬يف هذه اآلية‬
‫الكرمية أنه أتى نبيه ‪ -  -‬سبعا من املثاين والقرآن العظيم‪ ،‬ومل يبني هنا املراد بذلك‪.‬‬

‫وقد قدمنا يف ترمجة هذا الكتاب املبارك‪ :‬أن اآلية الكرمية إن كان هلا بيان يف كتاب اهلل غري‬
‫واف باملقصود‪ ،‬أننا نتمم ذلك البيان من السنة‪ ،‬فنبني الكتاب بالسنة من حيث إهنا بيان‬
‫للقرآن املبني باسم الفاعل‪ .‬فإذا علمت ذلك؛ فاعلم أن النيب ‪ --‬بني يف احلديث‬
‫الصحيح‪ :‬أن املراد بالسبع املثاين والقرآن العظيم يف هذه اآلية الكرمية‪ :‬هو فاحتة الكتاب‪.‬‬
‫ففاحتة الكتاب مبينة للمراد بالسبع املثاين والقرآن العظيم‪ ،‬وإمنا بينت ذلك بإيضاح النيب‬
‫(‪)٢‬‬
‫‪ - -‬لذلك يف احلديث الصحيح)‪.‬‬

‫مث ساق حديث البخاري‪ " :‬أال أعلمك أعظم سورة يف القرآن قبل أن أخرج من املسجد‪،‬‬
‫فذهب النيب ‪ - -‬ليخرج‪ ،‬فذكرته‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ [ الفاحتة‪ ،] ١ :‬هي‬
‫(‪)١‬‬
‫السبع املثاين‪ ،‬والقرآن العظيم الذي أوتيته»‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫وحديث البخاري أيضا‪« :‬أم القرآن هي السبع املثاين‪ ،‬والقرآن العظيم»‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)3٢4 /١‬‬


‫(‪ )١‬صحيح البخاري كتاب تفسري القرآن باب ما جاء يف فاحتة الكتاب حديث رقم ‪)٢٠ /6( 44٠4‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري كتاب تفسري القرآن الكرمي باب قوله‪":‬ولقد آتيناك سبعا من املثاين" حديث رقم ‪)8٢ /6( 4٠٠4‬‬
‫‪316‬‬
‫مث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬فهذا نص صحيح من النيب ‪ --‬أن املراد بالسبع املثاين والقرآن‬
‫العظيم‪ :‬فاحتة الكتاب‪ ،‬وبه تعلم أن قول من قال‪ :‬إهنا السبع الطوال‪ ،‬غري صحيح‪ ،‬إذ ال كالم‬
‫ألحد معه ‪ --‬ومما يدل على عدم صحة ذلك القول‪ :‬أن آية احلجر هذه مكية‪ ،‬وأن‬
‫(‪)٢‬‬
‫السبع الطوال ما أنزلت إال باملدينة‪ .‬والعلم عند اهلل تعاىل)‪.‬‬

‫وعليه فالشنقيطي متوسع يف هذه الزاوية أكثر من اهلاليل‪.‬‬

‫ج ‪ -‬تفسير القرآن بآثار الصحابة ‪:‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫يقف الشنقيطي من تفسري القرآن الكرمي بآثار الصحابة ‪ --‬موقفا يتفق فيه مع مجهور‬
‫سلف هذه األمة ؛ ويقتضي هذا املوقف أن يفسر القرآن الكرمي بأقوال الصحابة مع إعطاء‬
‫قول الصحايب يف التفسري حكم الرفع ‪ ،‬ولكن بشرطني قدمتهما يف منهج اهلاليل وبينت هناك‬
‫خالف أهل العلم فيهما ‪.‬‬

‫والشرطان املذكوران إلعطاء قول الصحايب يف التفسري حكم الرفع مها ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أن يكون تفسري الصحايب مما ال جمال للرأي فيه كأمور اآلخرة مثال ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أال يكون الصحايب معروفا باألخذ من اإلسرائيليات ‪.‬‬

‫وقد ذهب الشنقيطي إىل إعطاء حكم الرفع لقول الصحايب يف التفسري بالشرطني‬
‫(‪)١‬‬
‫السابقني‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)3٢5 /١‬‬


‫(‪ )١‬راجع مثال أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )395 /٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)٢١3 /١‬‬
‫‪317‬‬
‫واستدرك عليه البعض الشرط الثاين فقال معلقا على اشرتاط الشنقيطي الشرطني السابقني‬
‫ما نصه‪ ( :‬وأيا ما كان األمر فإننا نرى إثبات حكم الرفع آلثار الصحابة ‪ --‬إىل رسول اهلل‬
‫‪ --‬بشرط أن ال يكون الصحايب معروفا برواية اإلسرائيليات أو مشتهرا بأخذها عمن‬
‫أسلموا من أهل الكتاب‪ ،‬وهذا هو الشرط األول الذي نوافق فيه الشنقيطي ‪.‬‬

‫غري أننا َنتلف معه يف الشرط الثاين الذي خيصص من خالله قول الصحايب ؛ فيقيده‬
‫حبصره يف األمور التوقيفية دون غريها ‪ ،‬واحلق أن هذا التخصيص ‪ ،‬أو ذاك التقييد ال وجه له ‪،‬‬
‫بل ومردود عليه بأن الصحايب مىت ما كان ساملا من رواية مثل هذه اإلسرائيليات اليت هي مظنة‬
‫بعد صدقه املتيقن من شيء ‪ ،‬وال على ما يرويه بعد ذلك من سبيل‪ ،‬وإال‬ ‫الكذب ؛ فلي‬
‫(‪)٢‬‬
‫لردت أقوال الصحابة برمتها أو جبلتها ‪ ،‬وهذا ما ال يقبل حبال ‪ ،‬وال يسوغ حتت أي مقال )‬

‫قلت‪ :‬والواقع أن هذا االستدراك يف غري حمله إذ أن الظاهر أن صاحبه مل يفهم مراد أهل‬
‫العلم ‪-‬والشنقيطي منهم‪ -‬يف الشرط الثاين أي أن يكون قول الصحايب مما ال جمال للرأي فيه‪.‬‬

‫ولتوضيح مراد أهل العلم من قوهلم ‪" :‬إذا كان قول الصحايب يف التفسري من املسائل اليت‬
‫فيها جمال للرأي فإنه ال يعطى حكم املرفوع " أقول يف هذه النقطة حتديدا قول الصحايب‬
‫ينقسم إىل قسمني ‪:‬‬

‫القسم األول ‪ :‬أن يكون يف مسائل األحكام واملعامالت اليت فيها جمال للرأي كثبوت‬
‫يف البيع وحنو ذلك ؛ فهذا ال يعطى حكم املرفوع‬ ‫اهلالل مثال بعدل واحد أو كخيار اجملل‬
‫ألنه قد يكون رأيا من الصحايب واجتهادا منه ؛ أو مجعا رآه بني النصوص ‪ ،‬وغري ذلك من‬
‫العلل اليت حتتمل وال ميكن معها ‪ -‬علميا ‪ -‬القطع برفعه إىل املعصوم ‪ ،--‬وإال لتعارضت‬
‫أقواله وذلك حمال ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الشنقيطي ومنهجه يف التفسري ص ‪4١١‬‬


‫‪318‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يكون قول الصحايب فيما ال جمال للرأي فيه كأحوال اآلخرة ‪ ،‬وقصص‬
‫األمم السابقة ‪ ،‬وأحوال الربزخ ‪ ،‬واملقادير الشرعية ‪ ،‬وحنو ذلك ؛ فهذا يعطى حكم املرفوع‬
‫– مع مراعاة الشرط املتقدم – ألن الصحابة عدول بال شك ‪ ،‬فإذا قال الواحد منهم مثال‬
‫صفة العرش كذا أو حال جربيل كذا وحنو ذلك من املغيبات فال شك أنه تلقاه من النيب‬
‫الصحايب الذي نقله معروفا باألخذ عن بين إسرائيل‬ ‫‪ --‬إذ ال جمال للرأي يف هذا ولي‬
‫فلم يبق إال أنه أخذه عن النيب ‪. --‬‬

‫فبان من ذلك السرب والتقسيم أن استدراك هذا الباحث على الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف‬
‫غري حمله ؛ وأنه نتج عن عدم فهم املراد من حمل اخلالف أو نتج عن خلط بني أمور هلا تعلق‬
‫هبذا كمسألة تصريح بعض الصحابة برفع مسألة ما وتصريح آخرين بوقفها ؛ وكمسألة زيادة‬
‫الثقة وحنو ذلك من املسائل اليت تبحث يف هذا اجملال ‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫المقارنة في النقاط السابقة ‪:‬‬

‫يكاد منهج الشيخني اهلاليل والشنقيطي يكون متحدا يف النقاط السابقة فكل منهما جلأ‬
‫إىل السنة يف بيان بعض اآلي اليت يتعرض لتفسريها إما إلكمال داللتها بعد بياهنا بالقرآن‬
‫الكرمي ‪ ،‬وإما إليضاح داللتها ‪ ،‬وإما عند عدم وجود املبني من القرآن الكرمي ‪ ،‬فيعمدان إىل‬
‫السنة النبوية لتفسري املراد من تلك اآلية الكرمية ‪.‬‬

‫ولذا فإين ال أجد فرقا جوهريا بني الشيخني يف مجيع أفراد منهجيهما يف التفسري باملأثور إال‬
‫أهنما خيتلفان قليال من حيث كثرة االستعمال واتساع املباحث وعمق النظرة التفسريية‬
‫واألفضلية يف كل ذلك للشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وال مقارنة أصال ال يف جودة النقول عن أهل‬
‫العلم ودقتها ‪ ،‬وال يف املباحث املتصلة مبختلف العلوم أيضا ‪ .‬واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫ثالثا ‪ :‬اإلحالة ‪:‬‬

‫واملقصود هبا أن حييل الشيخ تفسري آية معينة على كتاب من كتبه‪ ،‬وميكن تقسيمها إىل‬
‫قسمني كما بينت يف الفصل اخلاص مبنهج اهلاليل يف التفسري‪ ،‬ومها ‪ :‬اإلحالة إىل نف‬
‫الكتاب‪ ،‬واإلحالة إىل كتاب من كتب الشيخ األخرى‪ ،‬وقد قدمت ما خيص اهلاليل من ذلك‬
‫يف حملة ‪.‬‬

‫موقف الشنقيطي رحمه اهلل تعالى ‪:‬‬

‫كثريا ما يستخدم الشنقيطي رمحه اهلل تعاىل طريق اإلحالة وخاصة إىل كتابه أضواء البيان ‪،‬‬
‫وذلك حني تعرض له آية قدم تفسري ما مياثلها يف املعل من اآليات ‪.‬‬

‫وبالنظر إىل منهج الشنقيطي رمحه اهلل تعاىل فإنه يتخذ يف مسألة اإلحالة منهجني‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن يذكر السورة وال يصرح باآلية ‪ ،‬وهو قليل جدا ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أن يصرح عند اإلحالة بالسورة واآلية احملال عليها ‪ ،‬وهذا هو الغالب يف تفسريه‪.‬‬

‫مثال اإلحالة في النوع األول ‪:‬‬

‫يقول رمحه اهلل‪ ( :‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ [ النحل‪ ] ٢٠:‬تقدم‬


‫الكالم على ما يوضح معل هذه اآلية الكرمية يف «سورة احلجر»)(‪.)٢‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)33٠ /١‬‬


‫‪301‬‬
‫مثال اإلحالة في النوع الثاني ‪:‬‬

‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭼ‬ ‫ﭽﭝ ﭞ‬ ‫يقول رمحه اهلل‪ ( :‬قوله تعاىل‪:‬‬


‫[ فاطر‪ .] ٢١ :‬قد تقدم الكالم عليه مع بسط أحكام فقهية تتعلق بذلك يف سورة «النحل»‪ ،‬يف‬
‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ‬ ‫الكالم على قوله تعاىل‪:‬‬
‫[ النحل‪.)٢( ] ٢4 :‬‬

‫المقارنة بين منهجي الشيخين ‪:‬‬

‫يظهر أن الشيخني يستخدمان طريق اإلحالة كمنهج تفسريي ‪ ،‬ولكن بينهما فروق ميكن‬
‫إمجاهلا يف نقاط ‪:‬‬

‫(‪)١‬‬
‫أو اهلدية‬ ‫األولى ‪ :‬أن اهلاليل قليل اإلحالة يف اجلملة وإن أحال فإىل سبيل الرشاد‬
‫اهلادية (‪ )3‬يف حني أن الشنقيطي رمحه اهلل تعاىل يكثر من اإلحالة وخاصة على ثالثة من كتبه‬
‫هي ‪:‬‬

‫أ – أضواء البيان ‪.‬‬

‫ب – منع جواز اجملاز يف املنزل للتعبد واإلعجاز (‪.)4‬‬

‫ج – دفع إيهام االضطراب عن آيات الكتاب (‪.)5‬‬

‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )3٠5 -36٠ -36٠ – ١8١-١8٢/6‬وكذلك ( ‪)34٠/٠‬‬ ‫(‪)٢‬‬
‫انظر مثال ‪ :‬سبيل الرشاد ‪٢3٠/6‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫انظر على سبيل املثال ‪ :‬سبيل الرشاد ج‪٢‬ص‪٢8٠‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫حيث أحال عليه يف ‪ ٢٠‬مواضع‪.‬منها‪ :‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )46٠/١‬و (‪.)34٠-85/3‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫حيث أحال عليه يف حنو ‪ ٢١6‬موضعا ‪ ،‬منها ‪ :‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)466-4١6 -١٢4 /٢‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪300‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن اهلاليل غالبا ما حييل بعد بيان اآلية بيانا خفيفا ‪ ،‬يف حني أن الشنقيطي يبني‬
‫اآلية بيانا وافيا ‪ ،‬مث حييل على املوضع اآلخر ألنه توسع فيه وأشبعه حبثا‪.‬‬

‫الثالثة ‪ :‬أن الكتب اليت حييل عليها اهلاليل غالبا ما تكون يف غري ختصص التفسري ككتابه‬
‫اهلدية اهلادية ‪ ،‬وكتابه الدعوة إىل اهلل تعاىل ‪ ،‬يف حني أن الشنقيطي حييل على كتب له يف‬
‫ختصص التفسري كما قدمت ‪ .‬واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬منهجهما في الرد على البدع وفصل الخالف والنزاع‪:‬‬

‫ذم االبتداع ‪:‬‬

‫مل خيتلف علماء اإلسالم يف ذم االبتداع يف الدين من حيث اجلملة ؛ ولكن مواقفهم‬
‫كانت متفاوتة يف وصف البدع بشكل عام ؛ ومتفاوتة أيضا يف الشدة على البدع واملبتدعني؛‬
‫بل حىت إنه وجد منهم من يقول بوجود البدعة احلسنة يف الدين كما هو شأن كثري من‬
‫املتصوفة واملتمذهبني وحنوهم‪.‬‬

‫موقف الهاللي ‪:‬‬

‫عرف اهلاليل البدعة فقال ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬البدعة هي أن يتقرب املبتدع إىل اهلل بزعمه‬
‫(‪)٢‬‬
‫بأمر حمدث حقيقة أو شكالً "‪.‬‬

‫وإذا كان هذا هو تعريف البدعة عند اهلاليل فال غرو إن شن ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حربا شعواء‬
‫على البدع ؛ وحارب املبتدعني على اختالف أصنافهم؛ إذ كان يدفعه إىل ذلك حسرته على‬
‫فرتة شبابه اليت قضى معظمها منافحا عن بدع املتصوفة؛ مغرتا مبظاهرهم اليت ختفي وراءها‬
‫سحنة خميفة‪ ،‬ومل يكن ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يفرق بني البدع فيصف بعضها باحلسن واآلخر بالقبيح؛‬
‫بل كان يراها قبيحة كلها ‪ ،‬وضاللة كلها ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ": -‬اعلم أن اإلمام أبا إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطيب‬
‫الغرناطي رمحة اهلل عليه ألف كتاباً مساه "االعتصام" أقام فيه احلجج الدامغة والرباهني القاطعة‬
‫على أن البدع ‪-‬كلها‪ -‬إذا كانت يف الدين ضاللة‪ ،‬وهي شر من أكرب الكبائر‪ ،‬وبـ َّني انقسامها‬
‫إىل إضافية وحقيقية وبني أن حكمها واحد‪ ،‬فكل من قرأه ومتسك بعد ذلك ببدعة‪ ،‬فال خيلو‪:‬‬

‫(‪ )٢‬احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق (ص‪.)6١ :‬‬


‫‪303‬‬
‫إما يكون جاهالً بفهم معناه‪ ،‬أو منافقاً يبغض ما جاء به الرسول ‪ --‬ويدعي اإلسالم‪،‬‬
‫تسرتاً ألغراض دنيوية خسيسة‪ ،‬وال يتسع وقيت لنقل كثري منه وإمنا أقتصر على قليل‪ ،‬ولكنه‬
‫(‪)٢‬‬
‫كاف شاف لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪".‬‬

‫ومل يكتف بذلك بل بني ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬زيف ادعاء بعض املبتدعني أن من ترك بدعته يهلك‬
‫فقال ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬كيف يتصور أن يعاقب اهلل اإلنسان على ترك طريقة مبتدعة التز ُامها شر‬
‫من املعاصي ألن البدعة شر من املعاصي‪ ،‬ألن املعاصي يرتكبها صاحبها وهو يعلم أهنا‬
‫معصية‪ ،‬وال ينوي أبدا التقرب إىل اهلل هبا بل يرتكبها وهو خائف من اهلل إن كان مؤمنا إال أن‬
‫الغفلة واجلهالة واتباع اهلوى غلب خوفه من اهلل‪ ،‬ولذلك تراه يعرتف بذنبه ويرجو أن يتوب منه‬
‫فرتك الطريقة بالتوبة منها ال يدعو إىل اخلوف بل يدعو إىل األمل ألن اهلل تعاىل يقبل التائبني‬
‫من املعاصي والبدع ويغفر ذنوهبم "(‪.)١‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫لقد كان الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من أكثر العلماء بعدا عن البدع وحماربة هلا؛ وللمدافعني‬
‫عنها ‪ ،‬وكان من أكثرهم كذلك حرصا على حصر األدلة الشرعية واملنطقية اليت تدحض شبه‬
‫املبتدعني وتبني ضعف مستنداهتم العلمية والفكرية ؛ يساعده يف ذلك سعة اطالعه على العلوم‬
‫الشرعية ‪ ،‬وخربته يف روغان املبتدعني وجحورهم اليت يتحصنون فيها ‪.‬‬

‫وكثريا ما يعمم الشنقيطي كالمه على عامة املبتدعني ؛ فيورد األدلة على ذم أهل البدع‬
‫بشكل عام ؛ حيث يدخل يف ذلك أصنافهم املختلفة ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق (ص‪)54 :‬‬


‫(‪ )١‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة التيجانية (ص‪)64-63 :‬‬
‫‪304‬‬
‫ﭽﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وهذه اآلية الكرمية اليت هي قوله‪:‬‬
‫ﭺ ﭼ [ احلج‪ ، ] 3 :‬يدخل فيما تضمنته من الوعيد والذم‪ :‬أهل البدع والضالل‪ ،‬املعرضني عن‬
‫احلق‪ ،‬املتبعني للباطل‪ ،‬يرتكون ما أنزل اهلل على رسوله من احلق املبني‪ ،‬ويتبعون أقوال رؤساء‬
‫الضاللة الدعاة إىل البدع واألهواء واآلراء‪ ،‬بقدر ما فعلوا من ذلك؛ ألن العربة بعموم األلفاو ال‬
‫(‪)٢‬‬
‫خبصوص األسباب )‪.‬‬

‫وهكذا ينهج الشنقيطي هذا النهج يف ذم االبتداع واملبتدعني ؛ مبينا أن أكثرهم يبين بدعه‬
‫على جهل بكتاب اهلل تعاىل وسنة نبيه ‪ --‬وإعراض عما تعلمه من ذلك؛ يف حني يسلم‬
‫نعنان فكره لرؤساء الضاللة الذين ال يزيدونه إال ضالال‪ ،‬وال يسلكون به إال طريق الظالم‬
‫املوحشة‪.‬‬

‫تشخيص البدع من واقع األمة‪:‬‬

‫موقف الهاللي‪:‬‬

‫لقد عُين اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بتشخيص البدع من واقع األمة اليت يعيش فيها‪ ،‬وركز على‬
‫البدع املنتشرة يف زمانه؛ ومل يلتفت إىل البدع القدمية إال من خالل فروعها اليت تولدت منها‬
‫وانتشرت يف العامل اإلسالمي املعاصر ‪.‬‬

‫ويركز الشيخ اهلاليل بصفة خاصة على التوحيد بأنواعه‪ ،‬والشرك وفروعه؛ ألنه يرى أن كل‬
‫ما أصاب األمة من ختلف وهزمية إمنا كان منشؤه من غياب توحيد اهلل تعاىل احلقيقي‪ ،‬وانغماس‬
‫كثري من أبناء هذه األمة يف الشرك والبدعة واملعاصي ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)١6١ /4‬‬


‫‪305‬‬
‫يقول اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪.." :-‬إن املسلمني قد أمهلوا توحيد اهلل يف أكثر أوطاهنم‪ ،‬وانغمسوا‬
‫يف الشرك األكرب‪ ،‬واستوى يف ذلك عاملهم وجاهلهم إال قليال ممن أخذ اهلل بيده "(‪.)٢‬‬

‫هكذا إذن يرى اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أن كثريا من املسلمني قد انغمسوا يف الشرك األكرب‬
‫واستوى يف ذلك جاهلهم وعاملهم‪ ،‬إال قليال ممن رحم اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫وال يكتفي الشيخ يف تشخيص أهم البدع اليت أصابت األمة يف أهنا إمنا نشأت من التفريط‬
‫يف توحيد اهلل تعاىل الذي كان هو أساس قوة األمة وازدهارها ‪ ،‬وتركه واالنسالخ منه وتعويضه‬
‫بنقيضه هو مربط الفرس يف ختلفها وغثائيتها ‪..‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ..( :-‬وهذا حمل الشاهد أن النصر ال يأيت إال من اهلل وال ينبغي للمؤمن‬
‫أن يطلبه إال من اهلل فإن طلبه من غريه خاب وخسرـ ومل يظفر به أبدا وهلذا ترى املشركني يف‬
‫هذا الزمان يتعلقون باألوربيني ويطلبون منهم السالح ويتعلمون استعماله منهم‪ ،‬ويظنون أن‬
‫ذلك كل شيء‪ ،‬ومل ينفعهم ذلك شيئا‪ ،‬ولن ينصروا أبدا‪ ،‬إال إذا رجعوا إىل كتاب اهلل وسنة نبيه‬
‫‪ ،- -‬وحكموا شريعة اهلل‪ ،‬وقد مضت عليهم مئات السنني وهم جيربون طريقهم العقيم‪،‬‬
‫فما حصدوا إال اخليبة واخلسران‪ ،‬ولو جربوا طريق احلق سنة واحدة لطلع عليهم فجر السعادة‪،‬‬
‫وذهب حنسهم وظهر سعدهم ‪" :‬واهلل يهدي من يشاء إىل صراط مستقيم" )(‪.)١‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫وإذا كان هذا هو هنج اهلاليل يف تشخيص البدع اليت أصابت األمة ‪ ،‬ومدى تأثريها على‬
‫جسد األمة اإلسالمية ؛ فإن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هو اآلخر كان قد نبه على كثري من هذه‬
‫البدع اليت أهنكت جسد األمة‪ ،‬وأضعفته حىت صار هزيال حنيال ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.٢99/٢‬‬


‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.44٠/٢‬‬
‫‪306‬‬
‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬املشكلة الثالثة‪ :‬هي اختالف القلوب الذي هو أعظم‬
‫األسباب يف القضاء على كيان األمة اإلسالمية‪ ،‬الستلزامه الفشل‪ ،‬وذهاب القوة والدولة‪ ،‬كما‬
‫قال تعاىل‪:‬ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭼ [ األنفال‪.] 46 :‬‬

‫وقد أوضحنا معل هذه اآلية يف سورة «األنفال» ‪.‬‬

‫فرتى اجملتمع اإلسالمي اليوم يف أقطار الدنيا يضمر بعضهم لبعض العداوة والبغضاء‪ ،‬وإن‬
‫جامل بعضهم بعضا فإنه ال خيفى على أحد أهنا جماملة‪ ،‬وأن ما تنطوي عليه الضمائر خمالف‬
‫(‪)٢‬‬
‫لذلك"‪.‬‬

‫وإذا كان اهلاليل قد أرجح أسباب ضعف األمة واهنيارها إىل البدع املتعلقة بالشرك‪ ،‬وبني‬
‫أن ازدهارها لن يكون إال بالرجوع إىل الكتاب والسنة؛ فإن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد أوضح‬
‫أن التشتت واختالف القلوب يعترب من أهم أسباب الفشل الذي أصاب األمة ‪.‬‬

‫والشيخان هنا ال خيتلفان اختالفا جذريا؛ بل إن مصب تشخيصهما للبدع اليت أصابت‬
‫األمة واحد؛ فاهلاليل نظر إليه من ناحية أصله‪ ،‬والشنقيطي نظر إليه من ناحية مآله ونتيجته‬
‫احلتمية‪.‬‬

‫الشمولية في معالجة البدع ‪.‬‬

‫لقد اهتم الشيخان رمحهما اهلل تعاىل مبعظم البدع اليت دخلت على الدين‪ ،‬وخاصة تلك‬
‫اليت كان هلا األثر البالغ يف تفريق املسلمني‪ ،‬وإضعافهم‪ ،‬ومن مث تسليط األعداء عليهم‪.‬‬

‫وسوف أعرض هنا ألهم تلك البدع اليت جعلها الشيخان نصب أعينهما‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )53 /3‬وراجع أيضا ‪ :‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)١٠ /3‬‬
‫‪307‬‬
‫بدعة تقليد غير المعصوم ‪:‬‬

‫تعريف التقليد لغة واصطالحا ‪:‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫أصل التقليد يف اللغة من‪ :‬قلد الشيء على الشيء‪ :‬لواه ‪.‬‬

‫يقول ابن فارس‪ " :‬القاف والالم والدال أصالن صحيحان‪ ،‬يدل أحدمها على تعليق شيء‬
‫(‪)١‬‬
‫على شيء وليه به‪ ،‬واآلخر على حظ ونصيب"‪.‬‬

‫ويعرف التقليد يف االصطالح بأنه‪ " :‬عبارة عن اتباع اإلنسان غريه فيما يقول أو يفعل‪،‬‬
‫معتقدا للحقيقة فيه‪ ،‬من غري نظر وتأمل يف الدليل‪ ،‬كأن هذا املتبع جعل قول الغري أو فعله‬
‫ً‬
‫(‪)3‬‬
‫قالد ًة يف عنقه"‪.‬‬

‫وقد شاعت بدعة تقليد غري املعصوم بعد ظهور املذاهب وانتشارها يف األمة ؛ حىت صار‬
‫الدليل عند كثري من أهل العلم ينحصر يف قول إمامه ؛ دون نظر إىل املستند الشرعي لذلك‬
‫اإلمام‪.‬‬

‫وانتشرت املذاهب يف األمة‪ ،‬وصنفت فيها املصنفات ‪ ،‬وأغفل الدليل يف كثري منها ‪ ،‬وظل‬
‫احلال على ذلك حىت عصرنا احلاضر ‪.‬‬

‫ومن هنا نبه الشيخان اهلاليل والشنقيطي رمحهما اهلل تعاىل على بدعة تقليد غري املعصوم‪،‬‬
‫وردا على املدافعني عنها باألدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬مقايي اللغة (‪ )٢9 /5‬خمتار الصحاح (ص‪ )١59 :‬تاج العروس (‪.)64 /9‬‬
‫(‪ )١‬مقايي اللغة (‪.)٢9 /5‬‬
‫(‪ )3‬التعريفات (ص‪.)64 :‬‬
‫‪308‬‬
‫موقف الهاللي ‪:‬‬

‫خصص اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قسما كامال من كتابه سبيل الرشاد للتنبيه على هذه البدعة‬
‫الشنيعة ‪ ،‬والتحذير منها‪ ،‬وهو القسم الذي جعله يف اإلتباع‪ ،‬وقد أشبعه باالستدالل على‬
‫خطر تقليد من لي مبعصوم ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ .." :-‬وأصحاب املذاهب يأبون أن يتبعوا رسول اهلل ‪ ،--‬أن يصلوا‬
‫صالته‪ ،‬وأن حيجوا كما حج‪ ،‬وأن يعتمروا كما اعتمر ؛ فيعرضون عباداته على مذاهبهم‪،‬‬
‫هذا عنادا للكتاب والسنة؟ ومن مل يتب‬ ‫ويتبعوهنا وإن خالفت سنة الرسول ‪ ،--‬ألي‬
‫منهم فجزاؤه أن يصلى سقر‪ ،‬نسأل اهلل أن يهدينا وإياهم صراطه املستقيم ويبعدنا مجيعا من‬
‫(‪)٢‬‬
‫طريق أصحاب اجلحيم "‪.‬‬

‫ومل يكتف الشيخ هبذا التحذير من بدعة التمذهب‪ ،‬وتقليد غري املعصوم؛ بل ختم ‪-‬رمحه‬
‫اهلل‪ -‬هذا القسم من كتابه سبيل الرشاد بقوله‪ " :‬ختمت هذا الكتاب املبارك ‪-‬وأسأل اهلل أن‬
‫ينفعنا به وينفع به كثريا من خلقه‪ -‬بسورة العصر اليت قال فيها اإلمام الشافعي ‪-‬رمحه اهلل‪:-‬‬
‫" لومل ينزل اهلل تعاىل على عباده إال هذه السورة لكفتهم"(‪ ، )١‬ووجه االستدالل هبا على اتباع‬
‫الكتاب والسنة وترك خمالفتهما لقول أحد من الناس كائنا من كان ظاهر مفهوم قوله تعاىل يف‬
‫مدح عباده الصاحلني‪" :‬وتواصو باحلق"‪ ،‬ألن الذين يقلدون املذاهب تقليدا أعمى دون أن‬
‫يسألوهم عن دليل من الكتاب والسنة مل يتواصوا باحلق‪ ،‬بل تواصوا بالباطل ‪ ،‬وابتدعوا يف دين‬
‫اهلل "(‪.)3‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪.١١١/4‬‬


‫(‪ )١‬هذا الكالم عن اإلمام الشافعي ذكره النووي باملعل يف رياض الصاحلني (ص‪ )9٢ :‬وراجع ‪ :‬تفسري اإلمام الشافعي‬
‫(‪.)٢46٢/3‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪ ١6٠/4‬وبني الفرق بني التقليد واالتباع فمدح االتباع وذم التقليد ‪ .‬انظر ‪ :‬سبيل الرشاد ‪.3٠/3‬‬
‫‪309‬‬
‫فموقف اهلاليل من مسألة التمذهب وبدعة التقليد ظاهر ‪ ،‬وخطورة هذه البدعة حيسها‬
‫ويتأمل للذين غرر هبم؛ فاستمرؤوها واستساغوها على حني غفلة منهم عن أدلة الكتاب والسنة‬
‫الصرحية يف جعلها رديفة الشرك كما قال ‪ --‬يف حديث عدي املشهور‪" :‬قال‪ :‬أتيت النيب‬
‫‪ --‬ويف عنقي صليب من ذهب‪ .‬فقال‪« :‬يا عدي اطرح عنك هذا الوثن»‪ ،‬ومسعته يقرأ يف‬
‫براءة‪:‬ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫سورة‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ [ التوبة‪،]3٢ :‬‬
‫قال‪« :‬أما إهنم مل يكونوا يعبدوهنم‪ ،‬ولكنهم كانوا إذا أحلوا هلم شيئا استحلوه‪ ،‬وإذا حرموا‬
‫عليهم شيئا حرموه»"(‪.)٢‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫مل يكن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ليغفل عن هذه البدعة الشنيعة؛ أو يرتكها متر دون تعليق‬
‫عليها ‪ ،‬وحتذير لألمة من خطورهتا على الدين؛ فعرض دراسة متكاملة ملسألة التقليد والتمذهب‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫جاء يف حدود مخسة وعشرين صفحة‪ ،‬وذلك عند تفسريه لقوله‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ [ حممد‪. ]١4 :‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وقد احتج العلماء هبذه اآليات يف إبطال التقليد‪ ،‬ومل مينعهم كفر‬
‫أولئك من االحتجاج هبا ؛ ألن التشبيه مل يقع من جهة كفر أحدمها وإميان اآلخر‪.‬‬

‫وإمنا وقع التشبيه بني التقليدين بغري حجة للمقلد‪ ،‬كما لو قلد رجل فكفر وقلد آخر‬
‫فأذنب‪ ،‬وقلد آخر يف مسألة دنياه فأخطأ وجهها‪ ،‬كان كل واحد ملوما على التقليد بغري‬
‫حجة؛ ألن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا‪ ،‬وإن اختلفت اآلثام فيه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سنن الرتمذي كتاب أبواب تفسري القرآن الكرمي باب ‪ :‬ومن سورة التوبة حديث رقم ‪ )١٠8 /5( 3٠95‬وحسنه‬
‫األلباين سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (‪.)86١ /٠‬‬
‫‪321‬‬
‫وجل‪:‬ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ‬ ‫وقال اهلل عز‬
‫[ التوبة‪ ،] ٢٢5 :‬وقد ثبت االحتجاج مبا قدمنا يف الباب هذا‪ ،‬ويف ثبوته إبطال التقليد أيضا‪.‬‬

‫فإذا بطل التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم لألصول اليت جيب التسليم هلا‪ ،‬وهي‬
‫(‪)٢‬‬
‫الكتاب والسنة أو ما كان يف معنامها بدليل جامع بني ذلك"‪.‬‬

‫وبني ضعف املقلدين العلمي ومنتهى ما يستطيع أن يصله املقلد من العلم والفتوى حيث‬
‫قال ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬اعلم أن املقلدين لألئمة هذا التقليد األعمى قد دل كتاب اهلل‪ ،‬وسنة‬
‫رسوله‪ ،‬وإمجاع من يعتد به من أهل العلم‪ ،‬أنه ال جيوز ألحد منهم أن يقول‪ :‬هذا حالل وهذا‬
‫حرام ؛ ألن احلالل ما أحله اهلل‪ ،‬على لسان رسوله ‪ - -‬يف كتابه أو سنة رسوله ‪،--‬‬
‫واحلرام ما حرمه اهلل على لسان رسوله ‪ --‬يف كتابه‪ ،‬أو سنة رسوله ‪.--‬‬

‫(‪)١‬‬
‫وال جيوز البتة للمقلد أن يزيد على قوله‪ :‬هذا احلكم قاله اإلمام الذي قلدته أو أفىت به‪.‬‬

‫بدع الفرق اإلسالمية ‪:‬‬

‫يُعد توحيد األمساء والصفات من أكثر األمور اليت افرتقت عليها هذه األمة‪ ،‬ونشأت كثري‬
‫من الفرق اإلسالمية من خالل اختالفها مع السلف يف هذه املسألة أكثر من غريها‪..‬‬

‫ومبا أن الفرق اليت نشأت عن ذلك ال زالت موجودة ‪ ،‬ومنتشرة ‪ ،‬وخاصة يف بالد‬
‫الشيخني "املغرب‪ ،‬وبالد شنقيط" اليت يغلب عليها – مع بعض االستثناءات – انتشار العقيدة‬
‫األشعرية؛ فلم يأل الشيخان جهدا يف التحذير من بدع الفرق الكالمية‪ ،‬وبيان مستندها العلمي‬
‫وانسالخ كثري منها من اإلسالم بالكلية‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)3٠9 /٠‬‬


‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)348 /٠‬‬
‫‪320‬‬
‫موقف الهاللي ‪:‬‬

‫يكرر اهلاليل موقفه من توحيد األمساء والصفات‪ ،‬ومن البدع اليت طرأت على هذا اجلانب‬
‫وخالف أصحاهبا هنج السلف الصاحل ؛ بل خيصص لذلك قسما كامال من كتابه سبيل الرشاد‬
‫وجيعله حتت عنوان ‪" :‬آيات األمساء والصفات"‪ ،‬وذلك ملعرفته بأمهية حتذير الناس من البدع‬
‫اليت انتشرت يف هذا اجملال ؛ وخاصة فيما يتعلق ببدع األشعرية والصوفية ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ .. " :-‬إن كل من اعتقد علو اهلل تعاىل واستواءه على عرشه وبينونته من‬
‫خلقه ال يرد شيئا من الصفات‪ ،‬ومن سوء احلظ أن نفي هذه الصفة الكرمية قد شاع يف بالد‬
‫املسلمني منذ أزمنة متطاولة‪ ،‬فعامتهم يقولون‪ :‬اهلل يف كل مكان بذاته‪ ،‬وخاصتهم تقول‪ :‬ال‬
‫داخل العامل وال خارجه‪ ،‬وال يف أي جهة من اجلهات الست؛ ألن املعتزلة واخلوارج واملتأخرين‬
‫من األشعرية جنحوا يف تضليل الناس وإبعادهم عن اإلميان بعلو اهلل تعاىل وكونه فوق خلقه ‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫فاحلمد هلل الذي هدانا هلذا‪ ،‬وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل "‪.‬‬

‫هكذا إذن يقرر اهلاليل حقائق مهمة متعلقة بالبدع اخلاصة يف جانب األمساء والصفات‪،‬‬
‫وميكن إمجال ما نبه عليه الشيخ هنا يف ثالث نقاط‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬أن اعتقاد علو اهلل تعاىل واستوائه على عرشه وبينونته من خلقه يستلزم عدم رد‬
‫شيء من صفات اهلل تعاىل األخرى ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬أن بدعة نفي هذه الصفة ليست طارئة؛ بل هي قدمية من أيام املعتزلة واخلوارج‬
‫واألشعرية املتكلمني ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪١4٠/5‬وراجع القسم الثالث من كتاب سبيل الرشاد كامال فقد خصصه الشيخ هلذه البدع والتنبيه‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪322‬‬
‫الثالثة ‪ :‬أن بدعة نفي هذه الصفة تفضي إىل حرية اإلنسان؛ فالقائلون هبا متناقضون؛ إذ‬
‫يقول بعضهم‪ :‬اهلل تعاىل يف كل مكان بذاته‪ ،‬ويقول آخرون‪ :‬ال هو داخل العامل وال هو‬
‫خارجه‪ ،‬وهكذا ‪..‬‬

‫قلت‪ :‬وجمرد هذا التناقض واالختالف دليل ساطع يف أن هذه البدعة ليست من عند اهلل‬
‫تعاىل؛ ألن ما كان مستندا إىل الوحيني ال ميكن أن يتناقض وال أن خيتلف فيه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ [النساء‪.]8١ :‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫لقد اهتم الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هو اآلخر بالبدع املتعلقة باألمساء والصفات‪ ،‬وأفرد هلا‬
‫رسالة مستقلة‪ ،‬وما ذلك إال ملعرفته بأمهية توحيد األمساء والصفات‪ ،‬وخطورة البدع اليت انتشرت‬
‫يف اعتقاد الناس يف صفات اهلل تعاىل؛ واليت صارت يف كثري من بالد اإلسالم‪ ،‬وخاصة يف بالد‬
‫املغرب العريب عقيدة ملزمة يعد من كفر بتلك البدع ونبذها شاذا وخارجا عن االعتقاد‬
‫الصحيح على زعم األشعرية املنتشرة يف تلك البالد‪.‬‬

‫وقد رد الشنقيطي على املخالفني املبتدعني يف مسألة الصفات ردا جممال فقال ‪-‬رمحه اهلل‪-‬‬
‫" قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ [ األعراف‪ ،] 54 :‬هذه اآلية الكرمية وأمثاهلا‬
‫من آيات الصفات كقوله تعاىل‪ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ‪ [‬الفتح‪ ] ٢٠ :‬وحنو ذلك؛ أشكلت على كثري‬
‫من الناس إشكاال ضل بسببه خلق ال حيصى كثرة‪ ،‬فصار قوم إىل التعطيل وقوم إىل التشبيه‪،‬‬
‫سبحانه وتعاىل علوا كبريا عن ذلك كله واهلل جل وعال أوضح هذا غاية اإليضاح‪ ،‬ومل يرتك فيه‬
‫أي لب وال إشكال‪ ،‬وحاصل حترير ذلك أنه جل وعال بني أن احلق يف آيات الصفات مرتكب‬
‫من أمرين‪:‬‬

‫‪323‬‬
‫أحدهما‪ :‬تنزيه اهلل جل وعال عن مشاهبة احلوادث يف صفاهتم سبحانه وتعاىل عن ذلك‬
‫علوا كبريا‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬اإلميان بكل ما وصف اهلل به نفسه يف كتابه‪ ،‬أو وصفه به رسوله ‪ -  -‬؛ ألنه‬
‫ال يصف اهلل أعلم باهلل من اهلل كما قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﭼ [ البقرة‪ ،] ٢4٠ :‬وال يصف‬
‫ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫اهلل بعد اهلل أعلم باهلل من رسول اهلل ‪ ،-  -‬الذي قال فيه‪:‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ [ النجم‪ ] 4 - 3 :‬فمن نفى عن اهلل وصفا أثبته لنفسه يف كتابه العزيز‪ ،‬أو أثبته له‬
‫رسوله ‪ --‬زاعما أن ذلك الوصف يلزمه ما ال يليق باهلل جل وعال‪ ،‬فقد جعل نفسه أعلم‬
‫(‪)٢‬‬
‫من اهلل ورسوله مبا يليق باهلل جل وعال‪ .‬سبحانك هذا هبتان عظيم"‪.‬‬

‫أصل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سبب ضالل كثري من الناس يف مسألة الصفات مبا ال مزيد عليه فقال‪:‬‬
‫و َّ‬
‫"اعلم أوال‪ :‬أنه غلط يف هذا خلق ال حيصى كثرة من املتأخرين‪ ،‬فزعموا أن الظاهر املتبادر‬
‫السابق إىل الفهم من معل االستواء واليد مثال يف اآليات القرآنية ‪ -‬هو مشاهبة صفات‬
‫احلوادث‪ ،‬وقالوا‪ :‬جيب علينا أن نصرفه عن ظاهره إمجاعا ؛ ألن اعتقاد ظاهره كفر ؛ ألن من‬
‫شبه اخلالق باملخلوق فهو كافر‪ ،‬وال خيفى على أدىن عاقل أن حقيقة معل هذا القول‪ :‬أن اهلل‬
‫وصف نفسه يف كتابه مبا ظاهره املتبادر منه السابق إىل الفهم الكفر باهلل والقول فيه مبا ال يليق‬
‫به جل وعال‪.‬‬

‫ﭽ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫والنيب ‪ - -‬الذي قيل له‪:‬‬


‫‪ ،] 44‬مل يبني حرفا واحدا من ذلك مع إمجاع من يعتد به من‬ ‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ [ النحل‪:‬‬

‫العلماء‪ ،‬على أنه ‪ :--‬ال جيوز يف حقه تأخري البيان عن وقت احلاجة إليه‪ ،‬وأحرى يف‬
‫العقائد وال سيما ما ظاهره املتبادر منه الكفر والضالل املبني‪ ،‬حىت جاء هؤالء اجلهلة من‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )٢8 /١‬ورد على املعتزلة أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)8/١‬‬
‫واألشعرية أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )١8٠ /٠‬وغريهم‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫املتأخرين‪ ،‬فزعموا أن اهلل أطلق على نفسه الوصف مبا ظاهره املتبادر منه ال يليق‪ ،‬والنيب ‪--‬‬
‫كتم أن ذلك الظاهر املتبادر كفر وضالل جيب صرف اللفظ عنه‪ ،‬وكل هذا من تلقاء أنفسهم‬
‫(‪)٢‬‬
‫من غري اعتماد على كتاب أو سنة‪ ،‬سبحانك هذا هبتان عظيم"‪.‬‬

‫وما من سبب لرتكيز هذا اإلمام على هذه املسألة إال أهنا انتشرت يف عقائد كثري من‬
‫املسلمني‪ ،‬حىت قال املقري(‪:)١‬‬

‫باخلالئ ـ ـ ـ ـ نق‬ ‫ن‬


‫كالتشبيه‬ ‫باهلل‬ ‫ن‬
‫الالئق‬ ‫والنص إ ْن أ ْوهم غري‬
‫األطماعا‬ ‫اقطع عن املمتن نع‬ ‫و ْ‬ ‫فاصرفْهُ عن ظاهرهن إمجاعاً‬

‫ما‬ ‫وقد رد عليه علماء األمة يف دعواه اإلمجاع هنا ؛ وبينوا أن اإلمجاع منعقد على عك‬
‫(‪)3‬‬
‫ادعاه فيه ‪.‬‬

‫بدعة الحكم بغير ما أنزل اهلل ‪:‬‬

‫مل يزل املسلمون حيكمون الشريعة يف نزاعاهتم وخالفاهتم؛ حىت طرأت بدعة الدساتري‬
‫والتحاكم إليها‪ ،‬والرضا حبكمها؛ فانقلب كثري من بالد املسلمني إىل تلك الدساتري وجعلوها‬
‫مصدرا للتشريع واحلكم ‪.‬‬

‫ومل يكن العلماء ليسكتوا على هذه البدعة الشنعاء‪ ،‬وال أن يرتكوها متر دون بيان حلكم اهلل‬
‫تعاىل فيها؛ وحتذير األمة من االَنداع بالشبه اليت تثار حوهلا‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)3٠ /١‬‬


‫(‪ )١‬يف أرجوزته اليت مساها ‪" :‬إضاءة الدجنة يف عقائد أهل السنة ‪ ،‬واملقري هو ‪ :‬أمحد بن حممد بن أمحد بن حيىي‪ ،‬أبو‬
‫العباس املقري التلمساين ولد سنة ‪99١‬هـ‪ ، .‬وتبحر يف خمتلف العلوم ‪ ،‬وألف كتبا مفيدة ‪ ،‬تويف يف مصر وقيل يف الشام‬
‫سنة ‪٢٠4٢‬هـ‪ .‬األعالم للزركلي (‪.)١3٠ / ٢‬‬
‫(‪ )3‬من أهم تلك الردود ما عقده الشنقيطي ردا عليه يف أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)١٠٠ /٠‬‬
‫‪325‬‬
‫موقف الهاللي ‪:‬‬

‫رَّكز اهلاليل على هذه البدعة وأشار إليها منبها على أمهية احلكم مبا أنزل اهلل تعاىل‬
‫والتحاكم إليه ‪ ،‬وموضحا خطورة جمافاة كتاب اهلل تعاىل يف احلكم والتحاكم ‪ ،‬ومبينا أن واقع‬
‫كثري من حكام املسلمني اليوم هو احلكم بالدساتري الوضعية ‪.‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫أي مستهينا مبا أنزل اهلل‪ ،‬ومنكرا أن‬ ‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬قوله‪" :‬مستهينا به منكرا له"‬
‫يكون صاحلا للحكم كأكثر حكام أهل هذا الزمان!! فإهنم يصرحون بأن الشريعة احملمدية ال‬
‫تصلح للحكم يف هذا الزمان‪ ،‬ويطبقون ذلك فعال‪ ،‬فيحكمون بقوانني مأخوذة من أعداء‬
‫اإلسالم ‪ ،‬وال يقيمون شيئا من احلدود‪ ،‬فهم املعنيون هبذه اآلية‪ ،‬وقد أمر اهلل مجيع األنبياء‬
‫وأممهم أن حيكموا بشرعه وحذرهم مع عصمتهم أن حيكموا خبالفه‪ ،‬وهذا التحذير موجه‬
‫ألممهم‪ ،‬وناهيك أنه قال خلري خلقه‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ [ املائدة‪ ،] 49 :‬فكل أمة تعلم‬
‫شريعة رسول مث تعرض عنها فبشرها بعذاب مهني‪ ،‬ال تدرك خريا يف دنياها وال يف أخراها‪،‬‬
‫ويبقى غضب اهلل واقعا عليها حىت ترجع إىل ما تركته من احلق )(‪.)١‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫إذا كان اهلاليل يرى كفر كل أولئك احلكام الذين حيكمون القوانني الوضعية ويرمون دين‬
‫اهلل تعاىل وراء ظهورهم فإن الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يرى التفصيل يف هذه املسألة‪ ،‬وأهنم ليسوا‬
‫كفارا من حيث اجلملة ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬قال مقيده ‪ -‬عفا اهلل عنه ‪ :-‬الظاهر املتبادر من سياق اآليات أن‬
‫آية قوله تعاىل ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [ املائدة‪ ،] 44 :‬نازلة يف‬

‫(‪ )٢‬الكلمة نقلها اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من كالم سابق نقله عن البيضاوي ‪-‬رمحه اهلل‪. -‬انظر سبيل الرشاد ‪٢١٠./3‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.٢١١/3‬‬
‫‪326‬‬
‫ﭽﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬ ‫املسلمني؛ ألنه تعاىل قال قبلها خماطبا ملسلمي هذه األمة‪:‬‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [ املائدة‪ ،] 44 :‬مث قال‪:‬‬
‫ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [ املائدة‪ ، ] 44 :‬فاخلطاب للمسلمني كما‬
‫هو ظاهر متبادر من سياق اآلية‪ ،‬وعليه فالكفر إما كفر دون كفر‪ ،‬وإما أن يكون فعل ذلك‬
‫مستحال له‪ ،‬أو قاصدا به جحد أحكام اهلل وردها مع العلم هبا‪.‬‬

‫أما من حكم بغري حكم اهلل‪ ،‬وهو عامل أنه مرتكب ذنبا‪ ،‬فاعل قبيحا‪ ،‬وإمنا محله على‬
‫(‪)٢‬‬
‫ذلك اهلوى فهو من سائر عصاة املسلمني "‪.‬‬

‫ومن هنا فإن الباحث يسجل هذا االختالف اجلوهري بني الشيخني يف مسألة بدعة‬
‫احلكم بغري ما أنزل اهلل تعاىل؛ ويرى أن احلق فيها مع الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬فلي كل من‬
‫حكم بغري ما أنزل اهلل تعاىل يكفر مطلقا؛ بل حيتاج إىل استفساره عن سبب تركه حلكم اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬أو على األقل أن يرى من ظاهر حاله ما يدل على استهزائه حبكم اهلل تعاىل أو أنه يراه‬
‫رجعيا‪ ،‬أو ال يصلح هلذا الزمان وحنو ذلك‪ ،‬قبل أن حيكم عليه بالكفر‪ ،‬واخلروج من اإلسالم‬
‫إذا حتققت فيه الشروط‪ ،‬وانتفت املوانع؛ ألن تكفري املعني مطلقا لي باألمر اهلني؛ فكيف إذا‬
‫كان يتوىل أمور بعض املسلمني‪.‬‬

‫بدعة الصوفية‪:‬‬

‫تعريف الصوفية لغة واصطالحا‪:‬‬

‫أصل مادة الصوفية من‪":‬الصاد والواو والفاء" وهو أصل صحيح يف الصوف املعروف‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)4٠٠ /٢‬‬


‫‪327‬‬
‫يقول ابن فارس‪ " :‬الصاد والواو والفاء أصل واحد صحيح‪ ،‬وهو الصوف املعروف‪،‬‬
‫والباب كله يرجع إليه‪ .‬يقال كبش أصوف وصوف وصائف وصاف‪ ،‬كل هذا أن يكون كثري‬
‫(‪)٢‬‬
‫الصوف"‪.‬‬

‫(‪)١‬‬
‫ويقول الفريوزآبادي‪ " :‬صاف الكبش صوفا‪ :‬إذا كثر صوفه"‪.‬‬

‫ومن هنا اختلف أهل العلم يف نسبة الصوفية؛ فقيل هي منسوبة إىل الصوف على اشتقاق‬
‫الكلمة؛ وسبب ذلك أهنم كانوا يلبسون الصوف إشارة إىل زهدهم يف الدنيا على زعمهم‪.‬‬

‫وممن نصر هذا القول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬حيث قال‪( :‬والنسبة يف "‬
‫الصوفية " إىل الصوف؛ ألنه غالب لباس الزهاد)(‪.)3‬‬

‫وقال يف موضع آخر‪ " :‬وكان السلف يسمون أهل الدين والعلم‪ " :‬القراء " فيدخل فيهم‬
‫العلماء والنساك مث جد بعد ذلك اسم الصوفية و الفقراء واسم الصوفية‪ :‬هو نسبة إىل لباس‬
‫(‪)4‬‬
‫الصوف هذا هو الصحيح"‪.‬‬

‫وكذلك ابن خلدون يف مقدمته حيث قال بعد ذكره ألقوال القائلني باالشتقاق‪ " :‬قلت‪:‬‬
‫و األظهر إن قيل باالشتقاق أنه من الصوف و هم يف الغالب خمتصون بلبسه ملا كانوا عليه من‬
‫(‪)5‬‬
‫خمالفه الناس يف لب فاخر الثياب إىل لب الصوف"‪.‬‬

‫وهذا هو أرجح األقوال من حيث ارتباطه بأصل الكلمة على االشتقاق األصغر وهو أقوى‬
‫من الكبري واألكرب‪.‬‬

‫(‪ )٢‬معجم مقايي اللغة البن فارس ‪( -‬ج‪/3‬ص‪.)3١١‬‬


‫(‪ )١‬القاموس احمليط (ج‪/٢‬ص‪.)٢٠٠١‬‬
‫(‪ )3‬جمموع الفتاوى (ج‪/ ٢٠‬ص‪.)369‬‬
‫(‪ )4‬الفرقان بني أولياء الرمحن وأولياء الشيطان لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،‬مطابع الرياض ‪ ،‬الطبعة الثانية (ج‪/٢‬ص‪)43‬‬
‫(‪ )5‬مقدمة ابن خلدون (ج‪/ ١‬ص‪.)٢5٠‬‬
‫‪328‬‬
‫وهناك أقوال غري هذا يف اشتقاق لفظة‪":‬الصوفية" منها أن كلمة الصوفية مشتقة من ‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫الصفاء(‪ )٢‬والصفة(‪،)١‬والصف(‪ ،)3‬وصوفة(‪ ،)4‬وسوفيا‪.‬‬

‫تعريف التصوف اصطالحا‪:‬‬

‫اختلف العلماء يف تعريف التصوف ؛كما اختلف الصوفيون أنفسهم يف تعريف جامع‬
‫مانع ملعل التصوف ‪ ،‬وسوف أعرض هنا لبعض تعريفات املتصوفة للتصوف‪:‬‬
‫(‪)٠‬‬
‫‪ – ٢‬يعرفه معروف الكرخي(‪ )6‬بأنه‪" :‬األخذ باحلقائق واليأس مما يف أيدي اخلالئق"‬

‫(‪ )٢‬الصفاء ممدود‪ :‬خالف الكدر‪ .‬يقال‪ :‬صفا الشراب يصفو صفاء‪ ،‬وصفيته أنا تصفية‪ .‬وصفوة الشيء‪ :‬خالصه‪.‬‬
‫الصحاح للجوهري (ج‪/٠‬ص‪.)١5٢‬‬
‫الصفَّة هم فقراء املسلمني من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬الذين مل تكن هلم منازل يسكنوهنا‪،‬‬ ‫(‪ْ )١‬أه ُل َّ‬
‫فكانوا يأوون إىل موضع مظليل يف املسجد النبوي باملدينة املنورة‪ ،‬فعرفوا بأهل الصفة وقد يسمون أصحاب الظلة وضيوف‬
‫وصفَّة البنيان هي ظليته وهي شبه بـ ْهو واسع مرتفع‪ .‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪" :‬أما الصفة اليت ينسب إليها‬
‫اإلسالم‪ُ .‬‬
‫مؤخر مسجد النيب صلى اهلل عليه وآله وسلم يف مشايل‬
‫أهل الصفة من أصحاب النيب صلى اهلل عليه وآله وسلم فكانت يف ي‬
‫املسجد باملدينة النبوية"‪ .‬كان يأوي إليها من فقراء املسلمني من لي له أهل أو مكان يأوي إليه‪ .‬يراجع‪ :‬جمموع الفتاوى‬
‫(ج‪/٢٢‬ص‪.)38‬‬
‫(‪ )3‬الصف‪ :‬املصدر‪،‬كالتصفيف يقال‪ :‬صف اجليش يصفه صفا‪ ،‬وصففه‪ ،‬غري أن التصفيف فيه املبالغة‪ .‬والصف‪ :‬واحد‬
‫الصفوف‪ .‬تاج العروس من جواهر القاموس (ج‪/١4‬ص‪.)١4‬‬
‫(‪ )4‬صوفة أبو حي من مضر وهو الغوث بن مر بن أد بن طاخبة بن إلياس بن مضر كانوا خيدمون الكعبة يف اجلاهلية‬
‫وجييزون احلاج أي يفيضون هبم‪.‬لسان العرب (ج‪/9‬ص‪ )٢99‬فقيل إن الصوفية مسوا بامسهم ملشاهبم هلم يف االنقطاع إىل‬
‫اهلل تعاىل‪.‬انظر‪ :‬تلبي إبلي (ج‪/٢‬ص‪ )٢99‬ورد شيخ اإلسالم هذا االدعاء وفنده‪ .‬انظر‪ :‬جمموع الفتاوى‬
‫(ج‪/٢٢‬ص‪.)6‬‬
‫(‪ )5‬سوفيا معناه احلكمة يف اللغة اليونانية‪ ،‬انظر‪ :‬نشأة الفلسفة الصوفية‪ :‬عرفان عبد احلميد‪ ،‬املكتب اإلسالمي ط‪8‬‬
‫(ص‪ ، ،)٢٠8‬وقد نقل هذا القول عن نيكلسون مؤلف دائرة معارف القرن العشرين‪.‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬معروف بني فريوز الكرخي ؛ يلقب بالزاهد‪ ،‬وهو من موايل علي بن موسى الرضا‪ ،‬تويف سنة ‪١٠٠‬هـ ؛ ودفن يف‬
‫بغداد‪ .‬وفيات األعيان (ج‪/5‬ص‪ )١3٢‬طبقات الصوفية أليب عبد الرمحن للسلمي ‪ ،‬ت ‪ :‬نور الدين سرييه ‪ ،‬مكتبة‬
‫اخلاجني ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪٢4٢8 ،‬هـ (ص‪.)83‬‬
‫(‪ )٠‬عوارف املعارف للسهروردي عبد القاهر بن عبد اهلل ‪ ،‬دار الكتاب العريب ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬‬
‫‪٢4٠3‬هـ‪(.‬ص‪.)58‬‬
‫‪329‬‬
‫(‪)١‬‬
‫‪ – ١‬ويعرفه اجلنيد(‪ )٢‬بأنه "أن تكون مع اهلل بال عالقة"‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ – 3‬ويعرف مسنون(‪ )3‬التصوف فيقول‪" :‬هو أن ال متلك شيئا وال ميلكك شيء"‪.‬‬

‫وتعاريف الصوفية للتصوف كثرية أوصلها بعضهم إىل مائة تعريف‪ ،‬وزادها آخرون حىت‬
‫(‪)5‬‬
‫بلغت األلف؛ بل أوصلها بعضهم إىل زهاء األلفني‪.‬‬

‫أما عند غري املتصوفة فإن الباحث أيضا ال جيد تعريفا متفقا عليه بينهم‪ ،‬وهذه بعض‬
‫تعريفاته عندهم‪:‬‬

‫‪ – ٢‬عرف ابن اجلوزي التصوف بقوله‪ .." :‬والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي مث‬
‫ترخص املنتسبون إليها بالسماع والرقص فمال اليهم طالب اآلخرة من العوام ملا يظهرونه من‬
‫(‪)6‬‬
‫التزهد ومال إليهم طالب الدنيا ملا يرون عندهم من الراحة واللعب"‪.‬‬

‫‪ – ١‬وعرفه ابن خلدون فقال‪ " :‬الفصل السابع عشر‪ :‬يف علم التصوف‪ :‬هذا العلم من‬
‫العلوم الشرعية احلادثة يف امللة وأصله أن طريقة هؤالء القوم مل تزل عند سلف األمة و كبارها‬
‫من الصحابة و التابعني و من بعدهم طريقة احلق واهلداية و أصلها العكوف على العبادة و‬
‫االنقطاع إىل اهلل تعاىل و اإلعراض عن زخرف الدنيا و زينتها‪ ،‬و الزهد فيما يقبل عليه اجلمهور‬

‫(‪ )٢‬أبو القاسم اجلنيد بن حممد بن اجلنيد اخلزاز القواريري‪ ،‬الزاهد املشهور؛ أصله من هناوند‪ ،‬ومولده ومنشؤه العراق‪ ،‬تويف‬
‫سنة ‪١6٠‬هـ‪ .‬وفيات األعيان (ج‪/٢‬ص‪.)3٠3‬‬
‫(‪ )١‬الفتاوى احلديثية البن حجر اهليتمي ‪ ،‬دار الفكر ‪( ،‬ج‪/ ٢‬ص‪.)١33‬‬
‫(‪ )3‬مسنون بن محزة يكل أبا القاسم أصله من البصرة ولكنه سكن بغداد‪ ،‬تويف بعد اجلنيد‪ .‬صفة الصفوة عبد الرمحن بن‬
‫علي بن حممد أبو الفرج ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪٢399 ،‬هـ ‪٢9٠9-‬م (ج‪/١‬ص‪.)4١6‬‬
‫(‪ )4‬اللمع ‪ ،‬الطوسي أبو نصر السراج ‪ ،‬ت ‪ :‬د‪.‬عبد احلليم حممود طه عبد الباقي سرور ‪ ،‬دار الكتب احلديثة مبصر ‪،‬‬
‫‪٢96٠‬م‪( .‬ص ‪.)٢5‬‬
‫(‪ )5‬التعرف ملذهب أهل التصوف التصوف ‪ ،‬أبو بكر حممد الكالباذي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪٢4٠٠ ،‬هـ ‪،‬‬
‫(ص‪ ،)9‬و عوارف املعارف (ص‪ )58‬واللمع (ص‪.)4٠‬‬
‫(‪ )6‬تلبي إبلي (ج‪/٢‬ص‪.)٢99‬‬
‫‪331‬‬
‫من لذة و مال و جاه واالنفراد عن اخللق يف اخللوة للعبادة و كان ذلك عاما يف الصحابة و‬
‫السلف‪ .‬فلما فشا اإلقبال على الدنيا يف القرن الثاين و ما بعده و جنح الناس إىل خمالطة الدنيا‬
‫(‪)٢‬‬
‫اختص املقبلون على العبادة باسم الصوفية و املتصوفة "‪.‬‬

‫‪ – 3‬وعرف عمر فروخ الصوفية فقال‪" :‬الصوفية حركة بدأت زهدا وورعا‪ ،‬مث تطورت‬
‫فأصبحت نظاما شديدا يف العبادة مث استقرت اجتاها نفسيا وعقليا بعيدا عن جمراها األول‪،‬‬
‫وعن اإلسالم يف كثري من أوجهها املتطرفة"(‪.)١‬‬

‫وبعد هذه النظرة يف تعريف الصوفية والتصوف لغة واصطالحا أنتقل إىل بيان منهج‬
‫الشيخني يف التحذير من الصوفية والرد على املبتدعني منها ‪.‬‬

‫موقف الهاللي ‪:‬‬

‫كان اهلاليل صوفيا ينتمي لفرقة "التيجانية" اليت تعترب من أبعد الفرق الصوفية عن أهل‬
‫السنة واجلماعة ‪ ،‬ومن أشدها متسكا ببدعها ‪ ،‬يغذيها يف ذلك احمليط الذي منت فيه‬
‫وترعرعت‪ ،‬والذي اتسم باجلهل واألمية الدينية‪ ،‬حىت استطاع مؤسسها وأتباعه أن ينشروها يف‬
‫إفريقية عامة‪ ،‬وكثر أتباعها بشكل مذهل‪ ،‬وادعوا أهنم متمسكون بالسنة‪ ،‬وانطلت شبههم على‬
‫كثري من العوام؛ بل حىت على بعض من طلبة العلم ومنهم اهلاليل يف بداية حياته ‪..‬‬

‫باحلرقة الدينية‪ ،‬وشعر باألسى واحلزن على‬ ‫ولذا فإنه – بعدما هداه اهلل تعاىل – أح‬
‫كثري من بين جلدته الذين كانت صورهتم وهم يزمرون باألوراد التيجانية البدعية البغيضة متأل‬
‫ناظريه‪ ،‬وتقض مضجعه؛ فألف كتابا كان يرجو من خالله أن يهدي اهلل تعاىل على يديه كثريا‬
‫من أبناء هذه الطريقة‪ ،‬وخاصة أن أغلبهم يعلم مكانة اهلاليل يف الطريقة التيجانية ‪ ،‬وشدة‬
‫متسكه هبا يف بداية حياته‪.‬‬

‫(‪ )٢‬مقدمة ابن خلدون (ج‪/ ١‬ص ‪.)٢5٠ - ٢49‬‬


‫(‪ )١‬تاريخ الفكر العريب د‪ .‬عمر فروخ دار العلم للماليني بريوت ‪٢39١-‬هـ (ص ‪.)4٠٠‬‬
‫‪330‬‬
‫ونبه الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على كثري من بدع الصوفية ‪ ،‬ورد عليها ردا حمكما مبينا‬
‫ضعف مستندها ‪ ،‬وخطورة اعتقادها ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬اجلملة الثالثة‪" :‬ال تأخذه سنة وال نوم" ‪ ،‬وقد بني ابن كثري معل‬
‫السنة ومعل النوم ‪ ،‬ومها من لوازم البشر‪ ،‬ومن الدالئل على نقصهم‪ ،‬ولذلك ال يستطيع أحد‬
‫منهم أن يدبر شؤون العامل‪ ،‬وقد علم اهلل سبحانه أن بعض البشر سيزعمون أنه يوجد رجل يف‬
‫كل زمان يسمى "القطب الفرد" ينوب عن اهلل تعاىل يف مجيع مملكته ويدبر شؤوهنا ‪ ،‬فال‬
‫تتحرك ذرة يف العامل إال بإذنه‪ ،‬انظر تفاصيل خربه يف كتايب‪" :‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة‬
‫التيجانية" فكذهبم اهلل تعاىل بقوله‪ " :‬التأخذه سنة وال نوم" فكيف يستطيع هذا "القطب" أن‬
‫يدبر شؤون العامل عند النوم )(‪.)٢‬‬

‫ففي هذا النص يلفت اهلاليل االنتباه إىل أهم بدعة اقرتفها املتصوفة وبنوا على أساسها‬
‫كثريا من خرافاهتم‪ ،‬وبدعهم الشركية ‪ ،‬أال وهي عقيدة القطب الذي يتصرف يف الكون فيميت‬
‫وحييي ويفقر ويغين ويعز ويذل إىل غري ذلك من التصرف املطلق يف الكون على زعمهم ‪.‬‬

‫ويقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬رادا على بدعة التيجانيني يف صالة الفاتح ‪ " :‬ملا كان القرآن صفة من‬
‫صفات اهلل كان أفضل من كالم املخلوقني كلهم ألن الكالم املخلوق ال يساوي كالم اهلل الذي‬
‫هو غري خملوق‪ .‬وقد ذكر أئمة احلديث يف فضائل القرآن شيئا كثريا وعقدوا لذلك كتبا يف‬
‫مؤلفاهتم وهي مشهورة معروفة عند اخلاص والعام‪ ،‬وأمجع املسلمون من أهل السنة ومن أهل‬
‫البدعة على أن كالم اهلل تعاىل أفضل من كالم األنبياء فكيف بغريهم حىت القائلون خبلق القرآن‬
‫يف هذا فمن جعل كالم الناس كصالة الفاتح(‪ )١‬مثل كالم اهلل تعاىل فقد ضل ضالال بعيدا‬

‫(‪ )٢‬سبيل الرشاد ‪ ١33/٢‬وراجع أيضا ‪ :‬سبيل الرشاد ‪ ١94/٢‬و‪338/٢‬و‪.١١١/١‬‬


‫(‪ )١‬صالة الفاتح ملا أغلق ‪ ،‬هي صالة اخرتعها التيجاين وزعم أن فضلها عظيم ‪ ،‬حيث تعدل ستة آالف ختمة من‬
‫القرآن الكرمي ‪ ،‬وغري ذلك مما سطره يف كتابه جواهر املعاين ‪ .‬انظر‪ :‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة التجانية (ص‪. )٢٠4 :‬‬
‫‪332‬‬
‫وخرق إمجاع املسلمني واتبع غري سبيلهم فكيف مبن جيعل صالة الفاتح أفضل من القرآن بستة‬
‫(‪)٢‬‬
‫آالف مرة فيا عجبا ممن يؤمن باهلل واليوم اآلخر كيف يؤمن هبذه العقيد الفاسدة؟"‬

‫ومن اجلدير بالذكر أن الشيخ اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ذم الطريقة التيجانية بشكل خاص‬
‫مبينا‪ ،‬وناقشها نقاشا علميا رصينا يف كتابه اهلدية اهلادية إىل الطريقة التيجانية كما عرج عليها‬
‫(‪)١‬‬
‫يف مواضع من كتابه سبيل الرشاد مبينا تناقضها وزيف دعاويها‪.‬‬

‫وبالنظر إىل ما كتبه اهلاليل حول الصوفية ؛ فإنه يتشدد يف أمرها يف أحيان كثرية ويعلق‬
‫على كثري من بدعها عن خربة يف كتبها وطرقها وممارساهتا‪.‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫يتخذ الشنقيطي موقفا معتدال من التصوف؛ ويعترب املتصوفني فريقني‪:‬‬

‫الفريق األول‪ :‬الذين متيزوا بنوع من الزهد يف الدنيا واإلعراض عنها‪ ،‬مع متسكهم‬
‫بالكتاب والسنة يف الدليل واالستدالل‪.‬‬

‫الفريق الثاني‪ :‬املبتدعة الذين يعتربون الشريعة هلا ظاهر وباطن ‪ ،‬ويؤمنون بوجود شريعة‬
‫وحقيقة ‪ ،‬فهؤالء ضالل ومبتدعون‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬قال مقيده ‪ -‬عفا اهلل عنه وغفر له ‪ :-‬قد قدمنا يف سورة «مرمي» ما‬
‫يدل على أن بعض الصوفية على احلق‪ .‬وال شك أن منهم من هو على الطريق املستقيم من‬
‫العمل بكتاب اهلل وسنة رسوله ‪ ، --‬وبذلك عاجلوا أمراض قلوهبم وحرسوها‪ ،‬وراقبوها‬
‫وعرفوا أحواهلا‪ ،‬وتكلموا على أحوال القلوب كالما مفصال كما هو معلوم إىل أن قال‪:‬‬

‫(‪ )٢‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة التيجانية (ص‪)٢٠5 :‬‬


‫(‪ )١‬انظر مثال سبيل الرشاد ‪35-34/3‬‬
‫‪333‬‬
‫فاحلكم بالضالل على مجيع الصوفية ال ينبغي‪ ،‬وال يصح على إطالقه‪ ،‬وامليزان الفارق بني‬
‫احلق‪ ،‬والباطل يف ذلك هو كتاب اهلل وسنة رسوله ‪ . --‬فمن كان منهم متبعا لرسول اهلل‬
‫‪ --‬يف أقواله وأفعاله‪ ،‬وهديه ومسته‪ ،‬كمن ذكرنا وأمثاهلم‪ ،‬فإهنم من مجلة العلماء العاملني‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫وال جيوز احلكم عليهم بالضالل‪ .‬وأما من كان على خالف ذلك فهو الضال)‪.‬‬

‫ومع هذا املوقف املعتدل للشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من الصوفية فإهنم مع ذلك إن خالفوا‬
‫شد عليهم وبني احلق ‪.‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " : -‬وهبذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثري من مالحدة أتباع اجلهال‬
‫املدعني للتصوف من أن املراد بالوسيلة يف اآلية(‪ )١‬الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبني ربه‪،‬‬
‫أنه ختبط يف اجلهل والعمى وضالل مبني وتالعب بكتاب اهلل تعاىل‪ ،‬واختاذ الوسائط من دون‬
‫عنهم‪:‬ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫اهلل من أصول كفر الكفار‪ ،‬كما صرح به تعاىل يف قوله‬
‫ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫ﮖﭼ [ الزمر‪ ،] 3 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪ ،] ٢8 :‬فيجب على كل‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ [ يون‬

‫مكلف أن يعلم أن الطريق املوصلة إىل رضى اهلل وجنته ورمحته هي اتباع رسوله ‪ --‬ومن‬
‫ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ﭳ ﭴ ﭼ [ النساء‪."] ٢١3 :‬‬

‫الرد على المبتدعة بالكتاب والسنة ‪:‬‬

‫بعد تشخيص البدع والشمولية يف ذكرها وعرضها ينتقل الشيخان إىل الرد على أصحاب‬
‫تلك البدع ؛ والتوسع يف عرض أدلتهم ودحضها ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)88 /4‬‬


‫(‪ )١‬يقصد قوله تعاىل ‪ :‬ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ [ املائدة‪.] 35 :‬‬
‫(‪ )3‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )4٠3 /٢‬وراجع أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)3١5 /١‬‬
‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)3١5 /3‬‬
‫‪334‬‬
‫موقف الهاللي ‪:‬‬

‫كثريا ما يعرض اهلاليل األدلة من الكتاب والسنة خالل رده على املبتدعة على اختالف‬
‫أصنافهم وأشكاهلم ‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ ..( :-‬وأما جدال املنافق بالقرآن فال يقطعه إال العلم بسنة النيب‬
‫على عدم‬ ‫ﭽ ﭥ ﭦ ﭧﭼ [ األنعام‪] ٢٠3 :‬‬ ‫‪--‬كما إذا احتج املعتزيل بقوله تعاىل‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ‬ ‫رؤية اهلل تعاىل باألبصار يوم القيامة‪ ،‬وتأول قوله‬
‫يسل عليه املتبع للسنة سيفا صقيال من حديث رسول اهلل ‪ --‬وهو‬ ‫[ القيامة‪] ١3 – ١١ :‬‬

‫قوله‪" :‬إنكم سرتون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لي دونه غمام" البخاري ومسلم(‪ )٢‬وهو‬
‫حديث يف غاية الصحة )(‪.)١‬‬

‫ففي هذا النص يرد اهلاليل على بدعة املعتزلة القائلني بعدم جواز رؤية الباري جل وعال‬
‫بكتاب اهلل تعاىل وذلك يف قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ [القيامة‪،]١3 – ١١ :‬‬
‫مث يفرتض أهنم رمبا تأولوا القرآن ‪ ،‬ألنه محال أوجه ؛ لكن يبقى احلديث النبوي صرحيا يف الرد‬
‫عليهم وهو حديث متفق عليه‪ ،‬فلم يبق أمامهم إال التسليم بالرؤية أو تكذيب احلديث النبوي‬
‫الصحيح‪ ،‬وهم حمجوجون يف مجيع األحوال‪.‬‬

‫ويقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬رادا على التيجانيني يف بعض بدعهم‪ ( :‬أما زعمهم أن ذلك الفضل‬
‫الذي ادعوه لصالة الفاتح خاص مبن أخذها باإلذن من الشيخ التيجاين مباشرة أو بوسائط‬
‫يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ألن الذكر والدعاء إما أن يكونا مشروعني‬ ‫فهو أعجب وأغرب‪ ،‬ولي‬
‫مبعل أن النيب ‪ --‬جاء هبما ومها من دينه الذي بعثه اهلل به فال حيتاجون إىل إذن‪ ،‬ألن‬
‫بقوله ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬ ‫اإلذن قد حصل من اهلل تعاىل‬

‫(‪ )٢‬صحيح البخاري كتاب مواقيت الصالة باب فضل صالة العصر حديث رقم ‪ )٢٢5 /٢( 554‬صحيح مسلم‬
‫كتاب املساجد ومواضع الصالة باب فضل صاليت الصبح والعصر حديث رقم ‪. )439 /٢( 633‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪.3٠/3‬‬
‫‪335‬‬
‫ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ‬ ‫ﰅ ﭼ [ األحزاب‪ ،]4١ – 4٢ :‬وقال تعاىل‬
‫وهذا إذن عام لكل مؤمن من اهلل سبحانه وتعاىل بلغه رسوله ‪ --‬البالغ‬ ‫[ األعراف‪] 55 :‬‬

‫ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬ ‫املبني‪ ،‬جلميع املؤمنني‪ ،‬وقال تعاىل‬


‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ [ األحزاب‪ ] 56 :‬فكل من ذكر اهلل تعاىل بذكر مشروع أو دعاه بدعاء‬
‫مشروع أو صلى على النيب ‪ --‬وتقبل اهلل منه ذلك أثابه عليه )(‪.)٢‬‬

‫ويف هذا النص يعرض اهلاليل األدلة القرآنية الصرحية يف إبطال زعم التيجانيني مستحضرا‬
‫اآليات اليت تلقمهم احلجر‪.‬‬

‫هذا وإن الناظر يف كتب الشيخ اهلاليل يرى بوضوح اهتمامه بالرد على املبتدعة باألدلة‬
‫(‪)١‬‬
‫الشرعية املعتربة ‪ ،‬وخاصة بكتاب اهلل تعاىل وسنة نبيه ‪.- -‬‬

‫موقف الشنقيطي ‪:‬‬

‫يعترب الشنقيطي من أكثر العلماء عرضا لألدلة سواء على قوله الذي يراه صحيحا أو حىت‬
‫من خالل اعرتاضه على أدلة املخالف ؛ وكثريا ما يقوم بالسرب والتقسيم ليحصر صور املسألة‬
‫املختلف فيها حىت ال يبقى أي جمال يهرب إليه املخالف ‪.‬‬

‫وعرض الشنقيطي لألدلة اليت يرد هبا على املبتدعني أكثر من أن حيصى أو يستقصى ‪،‬‬
‫وسوف أكتفي هبذا املثال منه ‪:‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف رده على الصاوي قوله بعدم جواز اخلروج عن املذاهب األربعة؛ ما‬
‫نصه ‪ ( :‬أما قوله بأنه ال جيوز اخلروج عن املذاهب األربعة‪ ،‬ولو كانت أقواهلم خمالفة للكتاب‬

‫(‪ )٢‬اهلدية اهلادية إىل الطائفة التيجانية (ص‪)٢٠٠ :‬‬


‫(‪ )١‬ينظر مثال ‪ :‬سبيل الرشاد ‪ 3٠/3‬واهلدية اهلادية يف كثري من مباحثها ‪ ،‬واحلسام املاحق كذلك وغريها من كتب الشيخ‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪.-‬‬
‫‪336‬‬
‫والسنة‪ ،‬وأقوال الصحابة‪ ،‬فهو قول باطل بالكتاب والسنة وإمجاع الصحابة رضي اهلل عنهم‪،‬‬
‫وإمجاع األئمة األربعة أنفسهم‪ ،‬كما سنرى إيضاحه إن شاء اهلل مبا ال مزيد عليه يف املسائل‬
‫اآلتية بعد هذه املسألة‪ ،‬فالذي ينصره هو الضال املضل)(‪.)٢‬‬

‫مث أتبع ذلك باألدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف‪.‬‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)١65/٠‬‬


‫‪337‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التنبيه على بعض الفوائد األصولية‪:‬‬

‫اتسم منهج الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بالرتكيز على علم األصول عند تفسريه لآليات القرآنية‪،‬‬
‫حىت استحق تفسريه حبق أن يسمى "االجتاه األصويل يف التفسري"‪ ،‬ومل يكن اهلاليل كذلك بال‬
‫شك ؛ إال أنه أيضا كان يعل ببعض اجلوانب األصولية عند تعرضه لتفسري القرآن الكرمي ‪.‬‬

‫وسوف أعرض هنا لبعض الفوائد األصولية اليت نبه عليها الشيخ اهلاليل خالل جهوده يف‬
‫التفسري‪ ،‬معرجا على عرض الشنقيطي لنف الفوائد‪ ،‬ومقارنا بني دراستهما لتلك الفوائد‪:‬‬

‫موقف الهاللي‪:‬‬

‫مل يكثر اهلاليل من االستناد على علم األصول يف تفسريه لآليات القرآنية الكرمية‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإنه رمبا نبه على بعض الفوائد األصولية لتقوية قول تفسريي يراه صحيحا‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬

‫أهم الفوائد األصولية في جهود الهاللي في التفسير ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬حمل المطلق على المقيد ‪:‬‬

‫ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫يقول اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف معرض تفسريه لقوله تعاىل ‪:‬‬
‫( وقد أطلق اهلل نفي‬ ‫ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ [ األنعام‪] 5٢ :‬‬

‫الشفاعة‪ ،‬مع أن الكالم هنا يف شأن املؤمنني‪ ،‬وقيده يف مواضع أخرى من الكتاب العزيز‪،‬‬
‫ﭽﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫كقوله تعاىل ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡﭼ [ البقرة‪ ] ١55 :‬ويف قوله تعاىل‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭼ [ سبأ‪.] ١3 :‬‬ ‫ويف قوله تعاىل‬ ‫ﭼ ﭽﭼ [ األنبياء‪] ١8 :‬‬

‫تعاىل ﭽ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ‬ ‫ويف قوله‬


‫ﰘ ﭼ [ النجم‪.] ١6 :‬‬

‫‪338‬‬
‫فالشفاعة عند أهل احلق مقيدة بقيدين‪ :‬أحدهما‪ :‬إذن اهلل للشافع‪ ،‬والثاني‪ :‬رضاه عقيدة‬
‫املشفوع له‪ ،‬وهي التوحيد وسائر ما جيب اعتقاده‪.‬‬

‫وقد تقرر يف الشرع والعرف العام محل املطلق على املقيد‪ ،‬فال تعارض بني آيات القرآن وال‬
‫بني القرآن واحلديث الصحيح الذي يثبت الشفاعة‪ ،‬فاملنفي هو الشفاعة املطلقة ‪.)٢()..‬‬

‫ففي هذا النص يركز اهلاليل على قاعدة أصولية مهمة‪ ،‬وهي‪ :‬أن املطلق يف النصوص الشرعية‬
‫حيمل على املقيد؛ ولذا يرى ‪ -‬من خالل توظيف هذه القاعدة ‪ -‬جانبني يف مسألة الشفاعة‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أنه ال تعارض بني النصوص اليت أطلقت الشفاعة دون تقييد هلا بإذن أو رضا‪،‬‬
‫وبني النصوص األخرى اليت قـيدهتا بذيْننك الشرطني ؛ إذ جيب محل املطلق منهما على املقيد؛‬
‫فينتفي ما يتبادر إىل الذهن من تعارض‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أنه ال تعارض بني النصوص اليت نفت الشفاعة كلها ؛ وبني تلك اليت أثبتتها؛‬
‫وذلك من خالل العمل بنف القاعدة ‪.‬‬

‫وينبه الشنقيطي هو اآلخر على هذه القاعدة األصولية املهمة؛ واليت تدخل يف توجيه كثري‬
‫من نصوص الوحيني؛ فيقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬واملقرر يف األصول هو محل املطلق على املقيد‪،‬‬
‫وال سيما إذا احتد احلكم والسبب كما هنا قال يف «مراقي السعود» ‪[ :‬الرجز]‬

‫(‪)١‬‬
‫إ ْن فيهما َّاحتد حكم والسبب‬ ‫ب‬
‫ومحْ ُل ُمطْلق على ذاك وج ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫وقد نبه الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على هذه القاعدة يف عدة مواضع من تفسريه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪ 3٠‬وراجع ‪ :‬سبيل الرشاد ‪.١83/٢‬‬


‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)٢33 /٢‬‬
‫(‪ )3‬منها ‪ :‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )٢63 /٢‬و (‪ )١٠١ /٢‬و (‪ )349 /٢‬و (‪.)4١6 /٢‬‬
‫‪339‬‬
‫فاهتمام الشيخني هبذه القاعدة األصولية وتوظيفها يف حتديد العالقة التفسريية بني آيات‬
‫القرآن الكرمي بني وواضح‪ ،‬وإن كان كم توظيفها وكثرة استخدامها متفاوتا بينهما حسب تركيز‬
‫كل واحد منهما على علم األصول واالعتناء به ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ‪:‬‬

‫يشري اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬إىل هذه القاعدة؛ ويوظفها توظيفا أصوليا دعويا دقيقا ؛ فيقول‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ .. ( :-‬وإن كان أئمتنا أهل احلديث – نضر اهلل وجوههم يف الدنيا واآلخرة – قد‬
‫هنوا عن اخلوض يف علم الكالم واجلدل دون أن تدعو إىل ذلك ضرورة مقاومة املفسدين أو‬
‫تثبيت عقيدة املؤمنني فعند ذلك تتعني املقاومة ‪ ،‬وال جيوز تأخري البيان عن وقت احلاجة قال‬
‫املغاربة‪:‬ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫تعاىل يف سورة البقرة يف احلزب الثالث باصطالح‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ [ البقرة‪.)٢(] ٢59 :‬‬

‫هذه النظرة عند اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ملسألة تأخري البيان عن وقت احلاجة تعترب نظرة‬
‫موسعة يبني من خالهلا أن تلك القاعدة ليست خاصة بالنيب ‪ --‬بل هي عامة ؛ فال جيوز‬
‫يف حقه ‪ --‬تأخري البيان عن وقت احلاجة ؛ وأهل العلم تبع له يف ذلك؛ فال حيق ألي‬
‫منهم تأخري بيان األحكام الشرعية للناس عن وقت حاجتهم إليها‪..‬‬

‫هكذا إذن يقرر اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬أن اخلوض يف علم الكالم واجلدل إذا دعت إليه‬
‫(‪)١‬‬
‫الضرورة يدخل يف مسألة البيان ؛ فال جيوز تأخريه عن وقت احلاجة ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الطريق إىل اهلل ص ‪.٢5‬‬


‫(‪ )١‬ومن املعلوم أن مسألة علم الكالم قد اختلف فيها أهل العلم اختالفا عريضا ؛ فمنع بعضهم اخلوض فيه وتعلمه‬
‫وتعليمه ‪ ،‬يف حني أباحه آخرون بصفة مطلقة ‪ ،‬وتوسط الباقون فأباحوه إذا كان لغرض شرعي صحيح ‪ .‬وللتوسع يف كالم‬
‫علماء األصول على قاعدة ‪ :‬ال جيوز تأخري البيان عن وقت احلاجة يراجع ‪ :‬العدة يف أصول الفقه (‪ )٠١4 /3‬قواطع‬
‫األدلة يف األصول (‪. )١95 /٢‬‬
‫‪341‬‬
‫وإذا كان اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد أشار إىل هذه القاعدة األصولية املهمة فإن الشنقيطي‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد ذكر إمجاع من يعتد به من العلماء‪ ،‬على أنه‪ :‬ال جيوز تأخري البيان عن وقت‬
‫(‪)٢‬‬
‫احلاجة إليه‪.‬‬

‫وأشار هلذه القاعدة يف مواطن من تفسريه مبينا أمهيتها يف االستدالل على األحكام‬
‫(‪)١‬‬
‫الشرعية املختلفة ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬النكرة في سياق النهي ‪:‬‬

‫من صيغ العموم اليت اتفق عليها مجهور األصوليني ‪ :‬صيغة النكرة يف سياق النهي(‪)3‬؛ فهي‬
‫تعم كل مذكور يف الكالم على وجه اإلطالق ‪.‬‬

‫وقد أشار اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬هلذه القاعدة؛ ووظفها يف تفسري بعض اآليات القرآنية‬
‫الكرمية ‪.‬‬

‫ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﯚ ﭼ‬ ‫يقول اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬قوله تعاىل‪:‬‬


‫جاءت "شيئا" نكرة يف سياق النهي‪ ،‬تعم كل شيء من املالئكة‪ ،‬واألنبياء‬ ‫[ النساء‪] 36 :‬‬

‫والصاحلني‪ ،‬وغريهم )(‪.)4‬‬

‫فهذا التوظيف هلذه القاعدة أوضح من خالله اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬جانبا مهما يف حتديد‬
‫املعل املراد من هذه اآلية الكرمية؛ إذ بني أن كلمة "شيئا" نكرة ال تقتصر على الشركاء‬

‫(‪ )٢‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)3٠/١‬‬


‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )384 /5‬و(‪ )5٠5 /5‬و(‪.)١٠5 /٠‬‬
‫(‪ )3‬أنوار الربوق يف أنواء الفروق (‪ )٢9٢ /٢‬خمتصر التحرير شرح الكوكب املنري (‪ )٢3٠ /3‬ومثل النكرة يف سياق‬
‫النهي النكرة يف سياق النفي ‪ ،‬وكذا النكرة يف سياق الشرط واالمتنان على أصح قويل العلماء يف ذلك ‪ .‬ينظر ‪ :‬جمموعة‬
‫الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية (ص‪.)٢٠5 :‬‬
‫(‪ )4‬سبيل الرشاد ‪.١8٢/٢‬‬
‫‪340‬‬
‫املعهودين من األصنام وحنوهم ؛ وإمنا تشمل – حني ذكرت يف سياق النهي – كل معبود سواء‬
‫كان ملكا أو نبيا أو صاحلا أو غريهم ‪.‬‬

‫وقد أشار الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬إىل هذه املسألة وبني أقوال أهل األصول فيها يف معرض‬
‫كالمه على ما حيرم على احملرم؛ فقال ‪-‬رمحه اهلل‪ ( : -‬ويف صحيح مسلم‪« :‬اغسلوه وال تقربوه‬
‫طيبا‪ ،‬وال تغطوا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة يليب»(‪ ،)٢‬فقوله‪« :‬وال مي طيبا» يف الرواية األوىل‬
‫نكرة يف سياق النفي وقوله‪« :‬وال تقربوه طيبا» يف الرواية الثانية نكرة يف سياق النهي‪ ،‬وكلتامها‬
‫من صيغ العموم‪ ،‬كما هو مقرر يف األصول )(‪.)١‬‬

‫رابعا‪ :‬العبرة بعموم اللفظ ‪:‬‬

‫تعاىل‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫يقول اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ (:-‬قد احتج العلماء بقوله‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ [ النحل‪ ] 43 :‬على أن م ْن مل يعرف شيئا من‬ ‫ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬

‫أصول الدين وفروعه وجب عليه أن يسأل أهل القرآن وأهل القرآن ال يكونون إال أهل‬
‫ﭽﭥ ﭦ‬ ‫احلديث‪ ،‬كما تقدم عن البخاري وأمحد بن حنبل‪ ،‬وكما يدل عليه قوله تعاىل‪:‬‬
‫وأنزلنا إليك الذكر" فمرياث الرسول ‪ --‬منحصر يف القرآن‬ ‫ﭧ ﭼ [ النحل‪] 44 :‬‬

‫والسنة ‪ ،‬والفقه منحصر يف فهمهما ‪ ،‬ومل مينع العلماء تفسري ابن عباس أهنا نزلت فيما تقدم‬
‫(‪)3‬‬
‫ذكره ؛ ألن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب )‬

‫(‪ )٢‬صحيح مسلم كتاب احلج باب ما يفعل باحملرم إذا مات حديث رقم ‪. )866 /١( ٢١٠6‬‬
‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )٢٠ /5‬بتصرف يسري‪ .‬فائدة ‪ :‬النكرة يف سياق النفي والنهي من صيغ‬
‫العموم ‪ )١(.‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )5١/3‬الفروق للقرايف = أنوار الربوق يف أنواء الفروق (‪)٢٠٠/٢‬‬
‫التقرير والتحبري علي حترير الكمال بن اهلمام (‪.)5٢ /١‬‬
‫(‪ )3‬سبيل الرشاد ‪.١46/3‬‬
‫‪342‬‬
‫ففي هذا النص يبني اهلاليل أن قاعدة العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب تـعُم كثريا‬
‫من اآليات القرآنية اليت نزلت يف سبب خاص؛ كما هو احلال أيضا يف األحاديث النبوية اليت‬
‫وردت على سبب خاص‪.‬‬

‫وأما بالنسبة للشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬فإنه مل يهتم هبذه املسألة األصولية فحسب؛ بل أصل‬
‫هلا‪ ،‬وجعل كالم النيب ‪ --‬داال عليها؛ وذلك ألمهيتها يف األحكام الشرعية؛ إذ لو قصرت‬
‫كل آية على سبب نزوهلا‪ ،‬وكل حديث على سبب وروده لضاعت األحكام الشرعية ‪.‬‬

‫يقول الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬إن النيب ‪ --‬سئل عما معناه‪ .‬هل أن العربة بعموم‬
‫(‪)٢‬‬
‫اللفظ أم خبصوص السبب؟ فأجاب مبا معناه أن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب )‪.‬‬

‫مث ساق حديث البخاري عن ابن مسعود ‪ :-  -‬أن رجال أصاب من امرأة قبلة ؛ فأتى‬
‫ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ‬ ‫رسول اهلل ‪ - -‬فذكر ذلك له‪ ،‬فأنزلت عليه‪:‬‬
‫ﯚ ﭼ [ هود‪ ،]٢٢4 :‬قال الرجل أيل هذه؟ قال‪« :‬ملن‬ ‫ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬

‫عمل هبا من أميت» اهـ‪ ،‬هذا لفظ البخاري يف التفسري يف «سورة هود» ‪ ،‬ويف رواية يف‬
‫الصحيح‪ ،‬قال‪« :‬جلميع أميت كلهم»‪ )١(.‬فهذا الذي أصاب القبلة من املرأة نزلت يف خصوصه‬
‫آية عامة اللفظ‪ ،‬فقال للنيب ‪ : --‬إىل هذه؟ ومعل ذلك‪ :‬هل النص خاص يب ألين سبب‬
‫وروده؟ أو هو على عموم لفظه؟ وقول النيب ‪« : --‬جلميع أميت» معناه أن العربة بعموم‬
‫(‪)3‬‬
‫لفظ‪« :‬إن احلسنات يذهنب السيئات» ‪ ،‬ال خبصوص السبب‪ ،‬والعلم عند اهلل تعاىل"‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫وقد اعترب الشنقيطي هذه القاعدة يف مواضع من تفسريه ‪.‬‬

‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)36٠-359 /١‬‬ ‫(‪)٢‬‬


‫صحيح البخاري باب الصالة كفارة حديث رقم ‪. )٢٢٢ /٢( 5١6‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪.)359 /١‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪ )3٠١ /3‬و (‪ )4١٠ /5‬و (‪.)١86 /8‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪343‬‬
‫ويف احملصلة فإن منهج الشيخني ‪ -‬اهلاليل والشنقيطي ‪ -‬يف توظيف علم األصول‬
‫واستخدامه يف تفسري القرآن الكرمي يتسم بالشمولية والرتكيز على أهم القواعد األصولية اليت‬
‫تتصل اتصاال مباشرا بتفسري القرآن الكرمي من حيث إطالق مقيده وتقييد مطلقة وتعميم‬
‫خاصه وختصيص عامه وغري ذلك ‪.‬‬

‫وإن كان من شيء يسجله الباحث فهو أن اهتمام الشيخني بعلم األصول يف جهودمها‬
‫التفسريية متفاوت تفاوتا ظاهرا ؛ فقد أكثر الشنقيطي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسريه من املباحث‬
‫األصولية املهمة ؛ وتوسع يف دراستها‪ ،‬ويف حتديد عالقتها باملعاين القرآنية الكرمية؛ يف حني كان‬
‫اهتمام اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬بعلم األصول ال يعدو كونه إشارات قليلة ويف غاية الندرة مقارنة‬
‫بالشنقيطي ‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫اخلامتة ‪:‬‬

‫احلمــد هلل الــذي بنعمت ــه تــتم الص ــاحلات ‪ ،‬هــو الــذي يس ــر العســري وس ــهله ‪ ،‬وزاد اليســري يس ـرا‬

‫ومهــده ؛ فلــه احلمــد حــىت يرضــى ولــه احلمــد إذا رضــي ولــه احلمــد بعــد الرضــا‪ ،‬ولــه الشــكر علــى‬

‫تعـاىل‪:‬ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ‬ ‫نعمه اليت ال حتصـى‪ ،‬كمـا قـال‬

‫[النحـل‪ ]٢8 :‬وإن مــن نعمــه علــي ســبحانه وتعــاىل أن يســر يل إمتــام هــذا البحــث املبــارك علــى قــدر‬

‫استطاعيت‪ ،‬ويسر يل إجناز ما أجنزت منه على قلة بضاعيت ‪..‬‬

‫وإين ألعلم علم اليقني أن مثل هذه البحوث اليت تعل هبؤالء الفطاحلة من أعالم األمة‬
‫لتحتاج لدراسات وتأمالت ممن هم أهل لذلك من أهل العلم املتخصصني يف الشرع ؛ إذ‬
‫يستطيعون – بعون اهلل تعاىل ‪ -‬أن يعطوها حقها من البحث والتحقيق فـيُثروا هبا املكتبة‬
‫اإلسالمية احملتاجة إليها ‪ ،‬ويطفئوا هبا ظمأ طالب العلم املتعطشني هلا‪..‬‬

‫وحني رأيت إعراض الناس عنها‪ ،‬ونسياهنم ملا انطوى من جهود علماء األمة يف علومها مل‬
‫يكن يل بد من اإلدالء بدلوي‪ ،‬وعرض ما تيسر من بضاعيت؛ فحاولت حبثها على قدر‬
‫استطاعيت ومجع ما استطعت مجعه من كتب أهل العلم ‪.‬‬

‫وبعد حبثي هلذا املوضوع‪ ،‬ومللمة ما أمكن من املباحث املتعلقة به‪ ،‬وتوضيح جوانب من‬
‫جهود الشيخ يف التفسري وعلوم القرآن معتمدا على املراجع املوثوقة‪ ،‬وناقال نصوصا من كالم‬
‫الشيخ موضحا هبا ما ذهبت إليه يف تعيني جهوده‪ ،‬وتوضيح منهجه؛ توصلت من خالل ذلك‬
‫إىل نتائج ميكن تلخيصها يف النقاط التالية‪:‬‬

‫‪345‬‬
‫أوال ‪ :‬من أهم ما يحسب للشيخ ‪:‬‬

‫إن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬متيز مبميزات حتسب له؛ وينبغي أن يثل هبا عليه ‪ ،‬وميكن تلخيص‬
‫بعض منها على النحو اآليت ‪:‬‬

‫‪- 0‬صدعه بالحق ‪ ،‬ولو كان نقدا ألهل بلده ‪:‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬ما يسميه املغاربة ‪":‬بركة" جيوز عندهم أن حيل يف كل شيء ‪ ،‬وإذا‬
‫حل يف شيء وجب تقديسه وعبادته وأصبح يضر وينفع ‪ ،‬فلو أن سادنا أخذ أحجارا من جبل‬
‫وبل هبا قبة وضرحيا على قرب‪ ،‬سواء أكانت جثة أم ال‪ ،‬وسواء أكانت تلك اجلثة جثة صاحل أو‬
‫طاحل أو حيوان‪ ،‬فإذا وضع على ذلك الضريح تابوتا وستارا من حرير وعلق املصابيح الثمينة‪،‬‬
‫وفرش أرض القبة بالزرايب ومأل جوها طيبا بالبخور وغريه ‪ ،‬وتزيا بزي املشايخ بتفخيم العمامة‬
‫الثياب الفضفاضة‪ ،‬وأخذ حيكي حكايات تثبت‬ ‫وتكويرها وإطالة اللحية وشعر الرأس‪ ،‬ولب‬
‫أن ذلك املدفون له كرامات وأنه يقضي احلاجات يتهافت عليه عباد األوثان ‪ ،‬ويأتونه من كل‬
‫مكان‪ ،‬فما شاء من هدايا ونذور ومشع وخبور وثريان ختور‪ ،‬ومواسم خيتلط فيها الرجال بالنساء‬
‫واحلابل بالنابل‪ ،‬وهذا أصل عبادة األوثان قدميا وحديثا )(‪.)٢‬‬

‫فهو يف هذا النص كما يف غريه ال يوايل إال اهلل عز وجل ‪ ،‬وال متنعه أواصر القرابة والوطن‬
‫من بيان احلق ولو كان مرا‪ ،‬فرتاه يبني انتشار مثل هذه البدعة اليت تنبئ عن اجلهل؛ بل حىت‬
‫إهنا تدل على السذاجة العقلية فضال عن الشرعية؛ ويوضح ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬كثرة وقوعها بني العوام‬
‫يف بالد املغرب؛ حىت إن كثريا من العقالء العقل املعيشي صاروا يتخذوهنا وسيلة للكسب ومجع‬
‫املال احلرام ‪.‬‬

‫(‪ )٢‬اإلهلام واإلنعام ص‪ 53-5١‬بتصرف ‪.‬‬


‫‪346‬‬
‫‪- 2‬اعتزازه بدينه وأمته ‪:‬‬

‫ذلك أن اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ ،-‬رغم رحالته الكثرية إىل بالد الغرب‪ ،‬ورغم تعلمه لكثري من‬
‫اللغات واختالطه بأهلها؛ رغم كل ذلك ظل يعتز بدينه‪ ،‬ويدافع عنه‪ ،‬ويفخر بأمته وحيفظ‬
‫عقله من االغرتار بالشبه اليت يلقيها املستعمرون وأفراخهم ضد اإلسالم وأهله؛ بل ويرد عليهم‬
‫يف شبههم تلك فيلقمهم احلجر تلو اآلخر‪ ،‬ويغرقهم يف وحل أفكارهم الرديئة‪ ،‬ويبني نصاعة‬
‫(‪)٢‬‬
‫اإلسالم ونوره‪ ،‬يف دعوة خالصة مقنعة مجيلة‪.‬‬

‫ومن اجلدير بالذكر أن كثريا من املبتعثني إىل الغرب انسلخوا من دينهم وهبرهتم احلضارة‬
‫الغربية – إال من رحم اهلل تعاىل – وصاروا معاول هدم يف يد االستعمار يسلطها على املوضع‬
‫الذي يريد من هذه األمة؛ وأصبح خطرهم على اإلسالم وأهله أشد خطرا من األعداء‬
‫أنفسهم‪.‬‬

‫‪ - 3‬دقته العلمية ‪:‬‬

‫ويتضح ذلك من خالل تنبيهاته املتعددة على أخطاء املطابع التجارية‪ ،‬وحذفها أو زيادهتا‬
‫يف أصول الكتب املطبوعة‪.‬‬

‫ومن ذلك تنبيهه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬على أخطاء يف طبعة االستقامة بالقاهرة سنة اثنان وسبعون‬
‫وثالمثائة وألف من اهلجرة لتفسري ابن كثري حيث حذفت جزءا من حديث نبوي شريف‪ ،‬مث من‬
‫خالل ذلك قام الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬مبهامجة املطابع التجارية؛ حيث قال ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬فال‬
‫(‪)١‬‬
‫تكاد جتد يف بالد املسلمني مطبعة واحدة يوثق هبا "‪.‬‬

‫(‪ )٢‬ينظر دفاعه عن اإلسالم واعتزازه بأمته يف ‪ :‬اإلهلام واإلنعام ص ‪ 9٠-96‬و نبذة من علوم القرآن ص ‪ 58‬و الثقافة‬
‫اليت حنتاج إليها ص ‪ ٢١‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )١‬سبيل الرشاد ‪ ١8١/٢‬كما نبه على أخطاء هذه املطبعة يف مواضع منها على سبيل املثال ‪ :‬سبيل الرشاد ‪.335/٢‬‬
‫‪347‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ما يحسب على الشيخ ‪-‬رحمه اهلل‪: -‬‬

‫إن الشيخ ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وقع يف مسائل حتسب عليه ‪ ،‬سواء من الناحية العلمية أو من‬
‫الناحية الفكرية‪ ،‬ومن تلك املسائل ‪:‬‬

‫‪- 0‬طرحه الصوفي البدعي أحيانا ‪:‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬أول ما يبدأ بـه طالـب معرفـة اهلل ‪ ،‬االسـتدالل باملخلوقـات علـى‬

‫اخلالق‪ ،‬وقد نبه القرآن الكرمي إىل ذلـك يف مواضـع كثـرية‪ ،‬وقـد تقـدم بعضـها‪ ،‬كقولـه تعـاىل‪ " :‬أو‬

‫مل ي ــر ال ــذين كف ــرو" وال ي ـزال الطال ــب يرتق ــي يف معرف ــة اهلل باالس ــتدالل ح ــىت حتص ــل ل ــه املعرف ــة‬

‫الوجدانيــة الذوقيــة‪ ،‬وتنــزل يف قلبــه الســكينة‪ ،‬وذلــك هــو الــذي يعــرب عنــه العــارفون بالوصــول إىل‬
‫(‪)٢‬‬
‫اهلل "‪.‬‬

‫فهذا طرح صويف بدعي؛ إذ أن املعرفة باهلل تعاىل ال حتصل إال بالعلم الشرعي أو العقلي‬
‫أما الذوق فهو من بدع الصوفية اليت أدخلوها على اإلسالم كما هو معلوم؛ هذا فضال عن‬
‫عبارة ‪ :‬الوصول إىل اهلل؛ فهي من عباراهتم املشتهرة على ألسنتهم ويف كتبهم‪ ،‬ويقصدون هبا‬
‫احللول واالحتاد ووحدة الوجود على حسب فرقهم املختلفة‪.‬‬

‫وميكن أن يعتذر عنه يف ذلك أنه كان غاصا من الفكر الصويف يف صدر حياته؛ فال عيب‬
‫إن بقيت فيه بعض تلك األفكار اليت يصعب التخلص من كثري منها؛ حيث امتزجت بفكر‬
‫اإلنسان ودمه‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الطريق إىل اهلل ص‪.٢54‬‬


‫‪348‬‬
‫‪ – 2‬أخطاء علمية ‪:‬‬

‫ومن ذلك قوله‪ :‬إنه ال توجد امرأة ولدت عاقرا ‪:‬‬

‫يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬وقد أخرب علماء الصحة أهنم بعد االستقراء التام‪ ،‬مل جيدوا امرأة‬
‫ولدت عاقرا من بطن أمها‪ ،‬قالوا‪ :‬فالعقم إمنا يطرأ على املرأة بسبب األمراض والعاهات‪،‬‬
‫(‪)٢‬‬
‫خبالف الرجال ‪ ،‬فإن منهم من يولد عقيما "‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن هذا الكالم مردود؛ ألن القرآن الكرمي دل على أن من النساء من هي عاقر‬
‫ﭽﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬ ‫كما قال تعاىل‪:‬‬
‫]‪.‬‬ ‫[ مرمي‪5 :‬‬

‫يق ــول الش ــنقيطي‪ ( :‬وقول ــه تع ــاىل يف ه ــذه اآلي ــة الكرمي ــة‪ :‬ﭽﭳ ﭴ ﭵﭼ [ م ــرمي‪،] 5 :‬‬

‫ظاهر يف أهنا كانت عاقرا يف زمن شباهبا‪ ،‬والعاقر‪ :‬هي العقيم اليت ال تلد وهو يطلق علـى الـذكر‬

‫ﭽﭾﭿﮀ‬ ‫واألنثــى؛ فمــن إطالقــه علــى األنثــى هــذه اآليــة‪ ،‬وقولــه تعــاىل عــن زكريــا أيضــا‪:‬‬

‫ﮁ ﮂﮃ ﭼ [ آل عمران‪ ،] 4٠ :‬ومن إطالقه على الذكر قول عامر بن الطفيل‪:‬‬

‫حبانا فما عُذ نري لدى ِّ‬


‫كل ُحمض نر‬ ‫الفىت إ ْن كنت أعور عاقراً‬ ‫لبنئ‬
‫وقد أشار تعاىل إىل أنه أزال عنها العقم‪ ،‬وأصلحها‪ ،‬فجعلها ولودا بعـد أن كانـت عـاقرا يف قولـه‬

‫عـ ـ ـ ــز وجـ ـ ـ ــل‪:‬ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﭼ [ األنبيـ ـ ـ ــاء‪ ،] 9٠ :‬فهـ ـ ـ ــذا‬


‫(‪)١‬‬
‫اإلصالح هو كوهنا صارت تلد بعد أن كانت عقيما )‪.‬‬

‫(‪ )٢‬الطريق إىل اهلل ص ‪.٢١١‬‬


‫(‪ )١‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن (‪)366-365 /3‬‬
‫‪349‬‬
‫وأما قول اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪": -‬وقد أخرب علماء الصحة أهنم بعد االستقراء التام‪..‬إخل"‬

‫أقول إن كان يقصـد االسـتقراء التـام بـاملفهوم األصـويل فهـو مسـتحيل؛ إذ أن األطبـاء ال ميكـنهم‬

‫أن يفحصوا مجيع نساء األرض‪ ،‬وإن فحصوا اجلميع وبقيت امرأة واحدة فيسمى استقراء ناقصـا‬

‫ال تاما‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫‪ - 3‬كثرة النقل عن كتب المتقدمين‪:‬‬

‫وخاصة يف كتابه سبيل الرشاد؛ حىت إنه لو مجع ما لـه مـن كتابـه هـذا ملـا بلـغ نصـاب الزكـاة؛ بـل‬

‫جله نقول عن العلماء املتقدمني‪ ،‬ونقلـه عـنهم بـالنص مـن غـري زيـادة وال نقصـان كمـا قـدمت يف‬

‫حمله‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أهم النتائج ‪:‬‬

‫أن الشــيخ اهلــاليل ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬كانــت لــه جهــود يف التفســري وعلــوم القــرآن ‪ ،‬وكانــت لــه‬ ‫‪.٢‬‬

‫حتقيقات قيمة‪ ،‬وفوائد جيدة‪ ،‬وقد عرضت لكل ذلك يف حمله من هذا البحث‪.‬‬

‫أن نشأة الشيخ الصوفية رمبـا أثـرت عليـه يف نتاجـه العلمـي التفسـريي ‪ ،‬وخاصـة يف بدايـة‬ ‫‪.١‬‬

‫رجوعه عن التصوف‪ ،‬وحماربته له‪.‬‬

‫أن هنــاك شخصــيات علميــة كبــرية أثــرت يف مســرية الشــيخ‪ ،‬وكــان هلــا الفضــل – بعــد اهلل‬ ‫‪.3‬‬

‫ع ــز وج ــل – يف ص ــياغة شخص ــية اهل ــاليل العلمي ــة واألدبي ــة والفكري ــة‪ ،‬وق ــد بين ــت ه ــذه‬

‫الشخصيات‪ ،‬وأوضحت مدى تأثريها عليه ‪-‬رمحه اهلل‪. -‬‬

‫أن دراسة الشيخ لكثري من اللغات صبغ علمه مبوسوعية جعلت نتاجه العلمـي يتنـوع يف‬ ‫‪.4‬‬

‫خمتلف العلوم‪ ،‬واستفاد من ذلك يف جهوده يف التفسري وعلوم القرآن‪.‬‬

‫أن من أكثر آثار الشيخ العلمية مشولية كتابه سـبيل الرشـاد‪ ،‬وهـو جـدير بـأن ختصـص لـه‬ ‫‪.5‬‬

‫حبوث ودراسات‪.‬‬

‫أن الشيخ اهلـاليل أكثـر مـن النقـل عـن املفسـرين وخاصـة ابـن جريـر وابـن كثـري ‪ -‬رمحهمـا‬ ‫‪.6‬‬

‫اهلل تعاىل ‪.-‬‬

‫أن الشــيخ اهلــاليل ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬فيمــا يتعلــق بعلــوم القــرآن الكــرمي قــد اعتمــد علــى كتــاب‬ ‫‪.٠‬‬

‫الســيوطي "اإلتقــان يف علــوم القــرآن" مــع بعــض الزيــادات مــن عنــده ‪ ،‬والتحقيقــات املفيــدة‬

‫اليت هلا عالقة مبعرفة اللغات ‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫أن الشـ ــيخ اهلـ ــاليل ‪-‬رمحـ ــه اهلل‪ -‬قـ ــد فسـ ــر القـ ــرآن الكـ ــرمي مسـ ــتخدما قسـ ــمي التفسـ ــري‬ ‫‪.8‬‬

‫املعهــودين ‪ :‬التفســري باملــأثور والتفســري بــاملعقول‪ ،‬وأنــه أكثــر مــن تفســري القــرآن بــالقرآن مث‬

‫تفسري القرآن بالسنة مث بأقوال الصحابة والتابعني‪.‬‬

‫أن الشيخ اهلاليل يف تفسريه ملا فسره من القرآن الكرمي‪ ،‬كـان يف الغالـب سـلفي العقيـدة‪،‬‬ ‫‪.9‬‬

‫سين الطرح واألسلوب‪.‬‬

‫‪ .٢٠‬أنه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ركز على اجلوانب املتعلقة بالتوحيد‪ ،‬وتصحيح العقيدة واهتم يف جهـوده‬

‫يف التفسري باآليات ذات الصلة‪.‬‬

‫‪ .٢٢‬أنه متيز يف نقد األقوال التفسريية وتوجيهها توجيها علميا‪ ،‬ونقدها باألدلة املعتربة شرعا‪.‬‬

‫‪ .٢١‬أنــه حــذر مــن البــدع واحملــدثات ‪ ،‬وحــارب املبتــدعني‪ ،‬مبينــا ضــرورة الرجــوع إىل الكتــاب‬

‫والسنة‪ ،‬وكان يركز اهتمامه على بدعتني تقضان مضـجعه مهـا‪ :‬بدعـة الصـوفية الـيت أكلـت‬

‫جــزءا مثينــا مــن وقتــه والتهمــت أج ـزاء مــن أمتــه‪ ،‬وبدعــة التقليــد والتعصــب للمــذاهب الــيت‬

‫فرقــت األمــة وألقــت كتــاب اهلل تعــاىل وســنة نبيــه ‪ --‬يف ســلة املهمــالت‪ ،‬ومل تقــم هلمــا‬

‫وزنا ال يف الدراسة وال يف الفهم وال يف التحاكم واحلكم‪.‬‬

‫‪ .٢3‬أن اهلاليل ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قد اهتم بتسهيل مـادة علـوم القـرآن الكـرمي‪ ،‬وقرهبـا لطـالب العلـم‬

‫حىت صارت عن طريق السؤال واجلواب سهلة ميسرة بعيدة عن التعقيد والطالسم ‪.‬‬

‫‪ .٢4‬أنــه كــان يهــتم برتجــيح مــا يـراه راجحــا ‪ ،‬ويعضــد ذلــك – يف الغالــب – باألدلــة املرجحــة‬

‫املعتربة‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫‪ .٢5‬أن اهلــاليل ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬عنــد مقارنتــه بالشــنقيطي ‪-‬رمحــه اهلل‪ -‬يف التفســري باملــأثور فإنــه‬

‫يتضح للباحث أن بينهما فرقا كبريا من حيث الكـم والكيـف‪ ،‬وإن كـان كـل واحـد منهمـا‬

‫قـد عـين هبـذا اجلانـب واملسـلك يف التفســري‪ ،‬وكـذلك الشـأن يف اهتمامهـا باالجتـاه األصــويل‬

‫يف التفسري‪ ،‬وقد بينت جوانب من ذلك يف حمله‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫رابعا ‪ :‬أهم التوصيات ‪:‬‬

‫بعد هناية هذا البحث أضع بني يدي القراء بعض التوصـيات الـيت أرى أهنـا مـن األمهيـة مبكـان ‪،‬‬

‫وأمجلها فيما يأيت‪:‬‬

‫‪ .٢‬دراسة جهود الشيخ اهلاليل يف العقيدة؛ فقد تبينت من خالل حبثي هذا أن له جهودا يف‬

‫جانب العقيدة يف غاية األمهية‪ ،‬لعل اهلل تعاىل أن ييسر من يسلط عليها الضوء ويعطيها ما‬

‫تستحق من عناية واهتمام‪.‬‬

‫‪ .١‬كذلك ردود اهلاليل فهي جديرة بالدراسة ؛ فقد الحظت أنه يرد على املبتدعني عامة؛‬

‫وخاصة الطريقة التيجانية‪ ،‬واملقلدين أصحاب املذاهب؛ وردوده تلك هلا أمهيتها من زاويتني‪:‬‬

‫األول ى‪ :‬أنــه م ــن أعلــم النــاس بالطريقــة التيجانيــة وهــو الــذي قضــى رْدح ـاً مــن الــزمن‬

‫متعصبا هلا مواظبا على وردها معظما ملشاخيها‪ ،‬وكـذلك الشـأن يف التعصـب للمـذهب‬

‫املالكي‪ ،‬ودراسة كتبه وحنو ذلك ‪.‬‬

‫الثاني ة‪ :‬أن ردوده تلــك تتســم يف جوانــب كثــرية منهــا باملوضــوعية والدقــة يف الطــرح واجلــودة يف‬

‫األسلوب‪.‬‬

‫‪ .3‬دراسة جهود الشيخ يف احلديث وعلومه ‪ ،‬وله من ذلك حظ ال بأس به‪.‬‬

‫‪ .4‬دراسة جهود اهلاليل اللغوية؛ فله نكت لغوية مفيدة‪ ،‬وحتقيقات قاموسية عميقة‪ ،‬وخاصة‬

‫يف كثري من األخطاء اللغوية الشائعة‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫هذا هو ما توصلت إليه من نتائج وتوصيات من هذا البحث املبارك‪ ،‬فـإن كـان صـوابا فمـن اهلل‬

‫تعاىل وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان‪.‬‬

‫وأسأله تعاىل أن يغفر يل خطئي وزللي‪.‬‬

‫وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‬

‫‪355‬‬
‫ملخص الرسالة ( عريب )‬

‫عنوان الرسالة ‪:‬‬

‫جهود الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل يف التفسري وعلوم القرآن ومنهجه فيهما‪.‬‬

‫جمال الدراسة ‪:‬‬


‫تتحدث الدراسة عن شخصية الشيخ حممد تقي الدين اهلاليل العلمية والعملية‪ ،‬وعن جهوده‬
‫يف التفسري وعلوم القرآن ومنهجه فيهما من خالل كتبه ومقاالته ذات الصلة‪.‬‬

‫حمتويات الدراسة ‪:‬‬

‫تتكون الدراسة من مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬وأربعة فصول‪ ،‬وخامتة وفهارس‪.‬‬


‫يف املقدمة حتدثت عن أسباب اختياري للموضوع وعن الدراسات السابقة وعن عملي‬
‫ومنهجي يف البحث ‪ ،‬وعن الصعوبات اليت واجهتين ‪ ،‬وعن خطة البحث ‪.‬‬

‫أما التمهيد فقد حتدثت فيه عن حياة حممد تقي الدين اهلاليل الشخصية والعلمية‪.‬‬

‫وخصصت الفصل األول جلهود اهلاليل يف التفسري وعلوم القرآن‪.‬‬

‫كما خصصت الفصل الثاين ملنهج اهلاليل يف التفسري‪.‬‬

‫وكان الفصل الثالث خمصصا ملنهج اهلاليل يف علوم القرآن‪.‬‬


‫ويف هناية هذه الدراسة خامتة اشتملت على أهم النتائج املستخلصة من هذا البحث وأهم‬
‫التوصيات اليت يراها الباحث جديرة بالبحث والدراسة ‪.‬‬

‫‪356‬‬
) ‫ملخص الرسالة ( إجنليزي‬

Title of Thesis:
Efforts of Sheikh Mohammed Taqi Al-Din Hilali in the interpretation and
science Quran and approach them.
Field of Study:
The study speaks about the character, Sheikh Mohammed Taqi Al-Din
Hilali scientific and practical, and on his efforts in the interpretation and
science Quran and its method through which books and articles related.
The contents of the study:
The study consists of an introduction, preface, four chapters and a conclusion
and indexes.
In the introduction I talked about the reasons for the optional subject and
previous studies and a practical and systematic in the search, and the
difficulties that I faced, and the research plan.
The boot has talked about the life of Muhammad Taqi al-Din Hilali personal
and scientific.
The first chapter devoted to the efforts of Hilali in the interpretation and
science Quran.
The second chapter devoted to the method of interpretation Hilali.
The third chapter devoted to the method of Hilali in the science of the
Qur'an.
At the end of the conclusion of this study included the most important
findings from this research and the most important recommendations that it
deems

worthy of research and researcher of the study.

357
‫الفهارس وهي‪:‬‬

‫‪ .٢‬فهرس اآليات‪.‬‬
‫‪ .١‬فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫‪ .3‬فهرس اآلثار‪.‬‬
‫‪ .4‬فهرس األعالم املرتجم هلم‪.‬‬
‫‪ .5‬فهرس األماكن والبلدان‪.‬‬
‫‪ .6‬فهرس األبيات الشعرية‪.‬‬
‫‪ .٠‬ثبت املراجع واملصادر‪.‬‬
‫‪ .8‬فهرس املوضوعات‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬


‫سورة الفاقحة‬
‫‪٢١٢‬‬
‫‪١‬‬ ‫ﭽﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ‬
‫‪3٠6‬‬
‫‪8١‬‬
‫‪5‬‬ ‫ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭼ‬
‫‪١٠8‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬
‫‪٢١٢‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫ﭽﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭴ ﭼ‬
‫سورة البقرة‬
‫ﭽﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫‪١3‬‬
‫‪١8٢‬‬ ‫ﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ‬
‫‪١4‬‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ‬
‫‪٢46‬‬ ‫‪١6‬‬ ‫ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﭼ‬
‫ﭽﮦﮧ ﮨ ﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯ ﮰﮱﯓﯔ‬
‫‪٢46‬‬ ‫‪١٠‬‬
‫ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ‬
‫‪١93‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪3٠‬‬ ‫ﭽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰊ ﭼ‬
‫‪١89‬‬ ‫‪45‬‬ ‫ﭽ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ‬
‫‪٢34‬‬
‫ﭽﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﯵﯶﯷﯸ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ‬
‫‪٢43‬‬ ‫‪48‬‬
‫ﰀﰁﰂﰃ ﭼ‬
‫‪٢65‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ‬
‫‪6٠‬‬ ‫‪58‬‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫‪6٠‬‬ ‫‪6١‬‬
‫ﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭼ‬

‫‪359‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫‪6٠‬‬ ‫‪64‬‬
‫ﮇﮈﭼ‬
‫‪6٠‬‬
‫‪65‬‬ ‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ‬
‫‪٢64‬‬
‫‪6٠‬‬ ‫‪66‬‬ ‫ﭽﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ‬
‫‪٢4١‬‬ ‫‪8٠‬‬ ‫ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮚ ﭼ‬
‫ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ‬
‫‪٢4١‬‬ ‫‪٢٢٢‬‬
‫ﯶﯷﯸﯹ ﯺﯻﭼ‬
‫‪83‬‬
‫‪٢٢٠‬‬ ‫ﭽ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﭼ‬
‫‪١39‬‬
‫ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ‬
‫‪84‬‬ ‫‪٢١4‬‬
‫ﯗﯘ ﯙﯚﯛﯜﭼ‬
‫‪3١4‬‬ ‫‪٢4٠‬‬ ‫ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﭼ‬
‫ﭽﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫‪34٠‬‬ ‫‪٢59‬‬
‫ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ‬
‫‪٢٠9‬‬ ‫‪٢63‬‬ ‫ﭽ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭼ‬
‫‪١٢5‬‬ ‫‪٢66‬‬ ‫ﭽﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪٢6٠‬‬ ‫ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ‬
‫‪٢68‬‬ ‫‪٢69‬‬ ‫ﭽﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭼ‬
‫‪١٠3‬‬ ‫‪٢٠3‬‬ ‫‪ ‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‪‬‬
‫‪١5٠‬‬ ‫‪٢89‬‬ ‫ﭽﮭﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯮ ﭼ‬
‫‪٢3١‬‬ ‫‪١١١‬‬ ‫ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ‬
‫‪٢١٠‬‬ ‫‪١١3‬‬ ‫ﭽﯡ ﯢ ﯣ ﭼ‬
‫‪٢3٠‬‬
‫‪١55‬‬ ‫ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯾﭼ‬
‫‪338‬‬
‫‪١64‬‬ ‫‪١٠8‬‬ ‫ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ‬

‫‪361‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪١64‬‬ ‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫‪١8٢‬‬
‫‪١65‬‬ ‫ﰇﰈ ﭼ‬
‫سورة آل عمران‬
‫‪٢49‬‬ ‫‪3٢‬‬ ‫ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭽ ﭼ‬
‫‪349‬‬ ‫‪4٠‬‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﭼ‬
‫ﭽﯡﯢﯣ ﯤﯥ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ‬
‫‪٢43‬‬ ‫‪9٢‬‬
‫ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ‬
‫‪4‬‬
‫‪١٠8‬‬ ‫‪٢٠١‬‬ ‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬
‫‪١٠9‬‬
‫‪١64‬‬ ‫‪٢95‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ‬
‫سورة النساء‬
‫ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟ‬
‫‪4‬‬ ‫‪٢‬‬
‫ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ‬
‫‪٢١3‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﭼ‬
‫‪٢١3‬‬
‫‪١4‬‬ ‫ﭽﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ‬
‫‪١95‬‬
‫ﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪١5‬‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﭼ‬
‫‪١95‬‬ ‫ﭽ ﮤ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭ‬
‫‪36‬‬
‫‪34٢‬‬ ‫ﮮ ﮯﭼ‬
‫‪6١‬‬ ‫ﭽ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫‪48‬‬
‫‪٠٢‬‬ ‫ﯕﯖ ﯗ ﯘﭼ‬
‫‪١٢8‬‬
‫‪59‬‬ ‫ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﭼ‬
‫‪3٠4‬‬

‫‪360‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫ﭽ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫‪9٠‬‬ ‫‪64‬‬ ‫ﮯ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙ‬
‫ﯚ ﯛﭼ‬
‫ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ‬
‫‪٢١٢‬‬ ‫‪69‬‬
‫ﮉ ﮊﮋﮌﭼ‬
‫‪١٢9‬‬ ‫‪8٠‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ‬
‫‪5٠‬‬
‫‪8١‬‬ ‫ﭽ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬
‫‪3١3‬‬
‫‪٢68‬‬ ‫‪83‬‬ ‫ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﭼ‬
‫‪١64‬‬ ‫‪93‬‬ ‫ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ‬
‫‪٢١٢‬‬ ‫‪٢٠5‬‬ ‫ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ‬
‫‪٢35‬‬
‫‪٢٢٠‬‬ ‫ﭽﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﭼ‬
‫‪٢43‬‬
‫‪٢35‬‬
‫‪٢٢8‬‬ ‫ﭽ ﮦ ﮧﮨ ﮯ ﭼ‬
‫‪٢43‬‬
‫‪334‬‬ ‫‪٢١3‬‬ ‫ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫‪١63‬‬ ‫‪٢٠6‬‬
‫ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬
‫سورة املائدة‬
‫‪٢٢١‬‬
‫‪3‬‬ ‫ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﭼ‬
‫‪١63‬‬
‫‪9١‬‬ ‫‪٢5‬‬ ‫ﭽ ﭹ ﭺ ﭻﭼﭼ‬
‫ﭽﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫‪٢43‬‬ ‫‪36‬‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ‬

‫‪362‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪3٠‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ‬
‫‪٢١3‬‬ ‫‪38‬‬ ‫ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ‬
‫‪3١6‬‬
‫‪44‬‬ ‫ﭽﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ‬
‫‪3١٠‬‬
‫‪3١6‬‬ ‫‪49‬‬ ‫ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‬
‫‪١٢١‬‬ ‫‪9٠‬‬ ‫ﭽﭔ ﭕ ﭖﭼ‬
‫سورة األنعام‬
‫‪٢4٢‬‬
‫ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫‪٢49‬‬ ‫‪33‬‬
‫ﯠﯡﭼ‬
‫‪٢5٠‬‬
‫‪٢38‬‬
‫ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ‬
‫‪٢48‬‬ ‫‪34‬‬
‫ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ‬
‫‪١٢3‬‬
‫ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪3٠‬‬
‫ﭰ ﭱﭲﭼ‬
‫‪٢5١‬‬ ‫ﭽﯸ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰂﰃ ﰄﰅ‬
‫‪44‬‬
‫‪٢64‬‬ ‫ﰆﰇﰈ ﰉﰊﰋﰌ ﭼ‬
‫‪٢36‬‬ ‫ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫‪5٢‬‬
‫‪338‬‬ ‫ﯯﯰ ﯱﭼ‬
‫ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫‪١٢9‬‬ ‫‪5١‬‬ ‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬
‫ﰋﰌﭼ‬
‫ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ‬
‫‪٢53‬‬ ‫‪58‬‬
‫ﯩﯪ ﭼ‬
‫ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ‬
‫‪٢5١‬‬ ‫‪59‬‬
‫ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﰈﰉ‬

‫‪363‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫ﰊﰋ ﰌﰍ ﭼ‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫‪89‬‬ ‫‪6٠‬‬
‫ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ‬
‫ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫ﭪﭫﭬﭭﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸ‬
‫‪٠٠‬‬
‫‪٢43‬‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎﭼ‬
‫‪١٢3‬‬ ‫‪٠4‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭡ ﭼ‬
‫ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ‬
‫‪١٢3‬‬ ‫‪84‬‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆﮇ ﭼ‬
‫‪٢35‬‬ ‫ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ‬
‫‪٢٠٠‬‬
‫‪٢43‬‬ ‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﭼ‬
‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ‬
‫‪٢35‬‬ ‫‪٢٠٢‬‬
‫ﰊﰋﰌﰍ ﭼ‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫‪٢35‬‬ ‫‪٢٠١‬‬
‫ﭢﭣﭤﭼ‬
‫‪٢4٠‬‬
‫‪٢٠3‬‬ ‫ﭽﭥ ﭦ ﭧ ﭯ ﭼ‬
‫‪335‬‬
‫ﭽﰀﰁﰂﰃ ﰄ ﰅﰆﰇﰈ ﰉﰊﰋ‬
‫‪٢46‬‬ ‫‪٢٢٠‬‬
‫ﰌﰍ ﭼ‬
‫ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫‪٢48‬‬ ‫‪٢٢١‬‬
‫ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ‬
‫‪١١8‬‬ ‫‪٢١٢‬‬ ‫ﭽﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ‬
‫‪٢64‬‬ ‫‪٢١9‬‬ ‫ﭽﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯘ ﭼ‬

‫‪364‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ‬
‫‪١٢٠‬‬ ‫‪٢36‬‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰﭼ‬
‫‪١٢٠‬‬ ‫‪٢4٢‬‬ ‫ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙﭼ‬
‫سورة األعراف‬
‫ﭽﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪٢٢‬‬
‫ﯨ ﯩ ﯪﯫﯬﯭ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪١3‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ‬
‫‪٢35‬‬
‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬
‫‪٢43‬‬ ‫‪3٠‬‬
‫ﰅﰆﰇﰈﰉ ﭼ‬
‫‪٢45‬‬
‫‪3١3‬‬ ‫‪54‬‬ ‫ﭽﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ‬
‫‪336‬‬ ‫‪55‬‬ ‫ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ‬
‫‪6١‬‬
‫‪59‬‬ ‫ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭼ‬
‫‪٠٢‬‬
‫ﭽﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫‪86‬‬ ‫‪٢١٠‬‬
‫ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﭼ‬
‫ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫‪86‬‬ ‫‪٢١8‬‬
‫ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ‬
‫سورة األنفال‬
‫ﭽﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ‬
‫‪١58‬‬ ‫‪4٢‬‬ ‫ﭞﭟﭠﭡ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫ﭪ ﭫﭬ ﭴﭼ‬
‫‪3٢٠‬‬ ‫‪46‬‬ ‫ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭼ‬
‫‪٢١4‬‬ ‫‪6٠‬‬ ‫ﭽﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ‬

‫‪365‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫سورة التوبة‬
‫ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪3‬‬
‫ﭺﭻ ﮏ ﭼ‬
‫ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ‬
‫‪١64‬‬ ‫‪٢٢‬‬
‫ﮤ ﮥﮦﭼ‬
‫ﭽﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫‪3١٠‬‬ ‫‪3٢‬‬ ‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ‬
‫ﯯﯰﯱ ﭼ‬
‫ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫‪٢54‬‬ ‫‪5٢‬‬
‫ﮔ ﮕﭼ‬
‫‪٢58‬‬ ‫‪٢٢3‬‬ ‫ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭷ ﭼ‬
‫‪3١٢‬‬ ‫‪٢٢5‬‬ ‫ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﭼ‬
‫‪١59‬‬ ‫ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫‪٢١8‬‬
‫‪١63‬‬ ‫ﯗﯘ ﯙﯚﯛﭼ‬
‫سورة يونس‬
‫ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫‪3‬‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ‬
‫ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫‪334‬‬ ‫‪٢8‬‬
‫ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ‬
‫‪٢١4‬‬ ‫‪١6‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭼ‬
‫سورة هود‬
‫‪3٠4‬‬ ‫‪٢5‬‬ ‫ﭽﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ‬
‫ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫‪3٠4‬‬ ‫‪٢6‬‬
‫ﮖ ﮗﭼ‬
‫‪٢٢3‬‬
‫‪44‬‬ ‫ﭽﯫ ﯬ ﯭ ﭼ‬
‫‪٢٢6‬‬
‫‪343‬‬ ‫ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ‪٢٢4‬‬

‫‪366‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫ﯘﯙ ﯚﭼ‬
‫سورة يوسف‬
‫‪٢٢5‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﭼ‬
‫سورة إبراهيم‬
‫ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ‬
‫‪١98‬‬ ‫‪44‬‬
‫ﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭼ‬
‫ﭽﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏﮐﮑ‬
‫‪١٠3‬‬ ‫‪3٠‬‬
‫ﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﭼ‬
‫سورة احلجر‬
‫‪١54‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ‬
‫‪١93‬‬ ‫‪3٢‬‬ ‫ﭽﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭼ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪3١‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭼ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ﭽﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ‬
‫‪3٠6‬‬ ‫‪8٠‬‬ ‫ﭽﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ‬
‫سورة النحل‬
‫‪3٢٠‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ‬
‫‪3٢٢‬‬ ‫‪٢4‬‬ ‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ‬
‫‪345‬‬ ‫‪٢8‬‬ ‫ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ‬
‫‪34١‬‬ ‫‪43‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ‬
‫‪94‬‬
‫‪٢١٢‬‬
‫‪٢44‬‬
‫‪٢68‬‬
‫‪44‬‬ ‫ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ‪.‬‬
‫‪٢69‬‬
‫‪3٠٢‬‬
‫‪3١4‬‬
‫‪34١‬‬

‫‪367‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢8٠‬‬ ‫‪5٢‬‬ ‫ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﭼ‬
‫‪٢65‬‬ ‫‪5١‬‬ ‫ﭽﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯹ ﭼ‬
‫‪٢4٠‬‬
‫‪5٠‬‬ ‫ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ‬
‫‪٢44‬‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ‬
‫‪6١‬‬
‫‪٢44‬‬ ‫ﯧﯨ ﯩﯪ ﯫﯬﯭﭼ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪٠٢‬‬ ‫ﭽﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﭼ‬
‫‪٢65‬‬ ‫‪٠6‬‬ ‫ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮬ ﭼ‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫‪١8٠‬‬ ‫‪٢٠3‬‬
‫ﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭼ‬
‫سورة اإلسراء‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪٢5‬‬ ‫ﭽ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯮ ﭼ‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫‪3٠4‬‬ ‫‪٢8‬‬
‫ﭠﭡﭢﭣﭼ‬
‫‪٢8٠‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ‬
‫‪٢68‬‬ ‫‪36‬‬ ‫ﭽﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫‪٢8٠‬‬ ‫‪39‬‬
‫ﭢﭣﭤﭼ‬
‫‪٢6٢‬‬ ‫ﭽﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫‪5٠‬‬
‫‪٢63‬‬ ‫ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﭼ‬
‫ﭽﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫‪١93‬‬ ‫‪6٢‬‬
‫ﮑﮒﭼ‬
‫ﭽﭜ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭧﭨﭩ‬
‫‪١8٢‬‬ ‫‪88‬‬
‫ﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭼ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪9٠‬‬ ‫ﭽﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬

‫‪368‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪9٢‬‬ ‫ﭽﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ‬
‫ﭽﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛﮜ ﮝﮞﮟﮠﮡ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪9١‬‬
‫ﮢﭼ‬
‫ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪93‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‬
‫سورة الكهف‬
‫‪٢4٢‬‬
‫‪6‬‬ ‫ﭽﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ‬
‫‪٢5٠‬‬
‫ﭽﮜﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦﮧﮨﮩ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪5٠‬‬ ‫ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪65‬‬ ‫ﭽﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ‬
‫‪3٠٢‬‬
‫‪98‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ‬
‫‪3٠٠‬‬
‫‪3٠٢‬‬
‫‪99‬‬ ‫ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ‬
‫‪3٠٠‬‬
‫‪9٢‬‬ ‫ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ‬
‫‪٢٢٠‬‬
‫‪١64‬‬ ‫ﰖﰗﰘﰙﰚ ﰛﰜﰝ ﭼ‬
‫سورة مرمي‬
‫ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫‪349‬‬ ‫‪5‬‬
‫ﭺﭻﭼ‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫‪8٠‬‬ ‫ﭽﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ‬
‫سورة طه‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫‪٢٠9‬‬ ‫ﭽﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪٢٢6‬‬ ‫ﭽﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪٢3١‬‬ ‫ﭽ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ‬

‫‪369‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫سورة األنبياء‬
‫‪3٠١‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓﭼ‬
‫‪٢3٠‬‬
‫‪١8‬‬ ‫ﭽ ﭹﭺﭻﭼﭽﮂﭼ‬
‫‪338‬‬
‫‪349‬‬ ‫‪9٠‬‬ ‫ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﭼ‬
‫‪3٠١‬‬ ‫‪96‬‬ ‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﭼ‬
‫‪3٠١‬‬ ‫‪9٠‬‬ ‫ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ‬
‫‪٢45‬‬ ‫‪٢٠4‬‬ ‫ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫سورة احلج‬
‫‪3٢5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﭽﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫ﭽﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ‬
‫سورة املؤمنون‬
‫‪١95‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ﭽﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪88‬‬ ‫ﭽﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﰀ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪٢٠8‬‬ ‫ﭽﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ‬
‫سورة النور‬
‫‪١95‬‬ ‫‪3٢‬‬ ‫ﭽﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ‬
‫‪٢49‬‬ ‫‪63‬‬ ‫ﭽﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ‬
‫سورة الفرقان‬
‫‪٢35‬‬ ‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫‪٢٠‬‬
‫‪٢43‬‬ ‫ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﭼ‬
‫‪٢35‬‬ ‫ﭽﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫‪٢8‬‬
‫‪٢43‬‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﭼ‬

‫‪371‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢35‬‬
‫‪٢9‬‬ ‫ﭽ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯡ ﭼ‬
‫‪٢43‬‬
‫‪٢48‬‬ ‫‪3٢‬‬ ‫ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ‬
‫‪١٠4‬‬ ‫‪6٠‬‬ ‫ﭽﮍ ﮎ ﮏﭼ‬
‫‪٢53‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫‪٢54‬‬ ‫‪68‬‬
‫ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ‬
‫‪٢8٠‬‬
‫سورة الشعراء‬
‫‪٢4٢‬‬
‫‪3‬‬ ‫ﭽﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ‬
‫‪٢5٠‬‬
‫‪٢55‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ﭽﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ‬
‫‪٢١٢‬‬ ‫‪١3‬‬ ‫ﭽﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ‬
‫‪٢١٢‬‬ ‫‪١4‬‬ ‫ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭼ‬
‫‪94‬‬ ‫‪٢9١‬‬ ‫ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ‬
‫‪94‬‬ ‫‪٢93‬‬ ‫ﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ‬
‫‪94‬‬ ‫‪٢94‬‬ ‫ﭽﮞﮟﮠﮡﮢﭼ‬
‫‪94‬‬ ‫‪٢95‬‬ ‫ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ‬
‫سورة العنكبوت‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪45‬‬ ‫ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﭼ‬
‫سورة الروم‬
‫ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫‪٢45‬‬ ‫‪١٠‬‬
‫ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪١8‬‬ ‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ‬
‫‪١45‬‬
‫‪59‬‬ ‫ﭽﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ‬
‫‪١46‬‬
‫سورة لقمان‬

‫‪370‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫ﭽﮩﮪ ﮫ ﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱ ﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘ‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪33‬‬
‫ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯪ ﭼ‬
‫‪٢5١‬‬ ‫ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫‪34‬‬
‫‪١5١‬‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ‬
‫سورة السجدة‬
‫ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫‪4‬‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫‪١98‬‬ ‫‪٢١‬‬ ‫ﭽﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ‬
‫‪١98‬‬ ‫‪٢3‬‬ ‫ﭽﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮﭯ ﭰﭱﭲ ﭼ‬
‫‪١9٠‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ﭽﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﭼ‬
‫سورة األحزاب‬
‫‪١45‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ‬
‫‪336‬‬ ‫‪4٢‬‬ ‫ﭽﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ‬
‫‪336‬‬ ‫‪4١‬‬ ‫ﭽﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ‬
‫‪88‬‬ ‫‪45‬‬ ‫ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ‬
‫ﭽﮙﮚ ﮛ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮤ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪5٠‬‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﭼ‬
‫ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪5١‬‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﭼ‬
‫ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫‪336‬‬ ‫‪56‬‬
‫ﭿﮀﭼ‬
‫‪4‬‬ ‫‪٠٠‬‬ ‫ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ‬
‫ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫‪8٠‬‬ ‫‪٠١‬‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﭼ‬
‫سورة سبأ‬

‫‪372‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢3٠‬‬
‫‪١3‬‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭪ ﭼ‬
‫‪338‬‬
‫سورة فاطر‬
‫‪٢4٢‬‬ ‫ﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ‬
‫‪8‬‬
‫‪٢5٠‬‬ ‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ‬
‫ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫‪٢9٠‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ‬
‫ﰞﰟ ﭼ‬
‫‪3٢٢‬‬ ‫‪٢١‬‬ ‫ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭼ‬
‫‪٢9٠‬‬ ‫‪٢3‬‬ ‫ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭼ‬
‫ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫‪١١6‬‬ ‫‪3١‬‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ‬
‫‪١١5‬‬ ‫ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ‬
‫‪33‬‬
‫‪١١6‬‬ ‫ﮈﮉﭼ‬
‫‪١١6‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ‬
‫‪١١6‬‬ ‫‪35‬‬ ‫ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﭼ‬
‫ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ‬
‫‪١99‬‬ ‫‪3٠‬‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯶ ﭼ‬
‫سورة يس‬
‫ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫‪١3‬‬
‫ﯦﯧ ﯨﯩﭼ‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﭽﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪35‬‬ ‫ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ‬
‫‪٢35‬‬
‫‪6٠‬‬ ‫ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ‬
‫‪٢43‬‬

‫‪373‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢35‬‬
‫‪6٢‬‬ ‫ﭽ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬
‫‪٢43‬‬
‫ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫‪٢45‬‬ ‫‪8٢‬‬
‫ﯨﯩ ﭼ‬
‫‪٢45‬‬ ‫‪8١‬‬ ‫ﭽﯪ ﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﭼ‬
‫‪٢45‬‬ ‫‪83‬‬ ‫ﭽﯵﯶﯷ ﯸﯹ ﯺﯻ ﯼﯽ ﭼ‬
‫سورة الصافات‬
‫‪٢34‬‬
‫‪١5‬‬ ‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ‬
‫‪٢6١‬‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪١6‬‬ ‫ﭽﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ‬
‫‪8٠‬‬ ‫‪83‬‬ ‫ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ‪...‬ﭼ‬
‫‪١٠6‬‬ ‫‪٢3٠‬‬ ‫ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫‪١٠6‬‬ ‫‪٢38‬‬ ‫ﭽ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪٢٠٢‬‬ ‫ﭽﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﭼ‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪٢٠١‬‬ ‫ﭽﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﭼ‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪٢٠3‬‬ ‫ﭽﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ‬
‫سورة ص‬
‫‪5٠‬‬
‫‪١9‬‬ ‫ﭽﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫‪٢68‬‬
‫‪١94‬‬ ‫‪٠4‬‬ ‫ﭽﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪٠5‬‬ ‫ﭽﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ‬
‫‪١94‬‬ ‫‪٠6‬‬ ‫ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ‬
‫سورة الزمر‬
‫‪٢8٠‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭼ‬
‫‪٢8٠‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ‬
‫‪٢8٠‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬

‫‪374‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪334‬‬ ‫ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﭼ‬
‫سورة غافر‬
‫ﭽﭲ ﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺ ﭻﭼ‬
‫‪8٠‬‬ ‫‪٢٠‬‬
‫ﭽﭾ ﭿﮀﮁ ﭼ‬
‫ﭽﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉ ﮊﮋ ﮌﮍ‬
‫‪١98‬‬ ‫‪٢٢‬‬
‫ﮎﮏﭼ‬
‫ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ‬
‫‪١98‬‬ ‫‪٢١‬‬
‫ﮟ ﮠﮡﭼ‬
‫ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪٢8‬‬
‫ﭮﭯ ﭰﭱﭼ‬
‫‪9٢‬‬
‫‪5٢‬‬ ‫ﭽﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ‬
‫‪٢38‬‬
‫‪٢49‬‬ ‫‪69‬‬ ‫ﭽﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫سورة فصلت‬
‫‪١٠9‬‬ ‫ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫‪6‬‬
‫‪١٢٠‬‬ ‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ‬

‫‪١٠9‬‬
‫‪٠‬‬ ‫ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ‬
‫‪١٢٠‬‬

‫‪٢٢5‬‬ ‫‪44‬‬ ‫ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﭼ‬
‫سورة الشورى‬
‫‪3٠4‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ﭽﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ‬
‫‪١6٠‬‬ ‫‪5١‬‬ ‫ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ‬
‫سورة الزخرف‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪١6‬‬ ‫ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ﭽﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ‬

‫‪375‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪١8‬‬ ‫ﭽﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ‬
‫‪١98‬‬ ‫‪٠٠‬‬ ‫ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪86‬‬ ‫ﭽﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ‬
‫سورة األحقاف‬
‫‪١39‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﭼ‬

‫ﭽﯳﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿ‬
‫‪3٠3‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ﰀﰁﰂﰃ ﰄﰅ ﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌ ﰍ‬
‫ﰎﭼ‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪١8‬‬ ‫ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰌ ﭼ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫ﭽﯪ ﯫ‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪35‬‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﭼ‬
‫سورة حممد‬
‫ﭽﮂﮃ ﮄﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪4‬‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮪ ﭼ‬
‫‪5٠‬‬
‫‪٢68‬‬ ‫‪١4‬‬ ‫ﭽﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ‬
‫‪3١٠‬‬
‫سورة الفت‬
‫‪3٠4‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﭼ‬
‫سورة ق‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫ﭽ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛﭼ‬
‫‪٢45‬‬ ‫‪٢5‬‬ ‫ﭽ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ‬
‫‪٢89‬‬ ‫‪39‬‬ ‫ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ‬
‫‪١٠6‬‬ ‫‪4٠‬‬ ‫ﭽﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ‬
‫سورة الذاريات‬

‫‪376‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪٢5‬‬ ‫ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ‬
‫سورة النجم‬
‫‪٢49‬‬
‫‪١٢9‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭼ‬
‫‪3١4‬‬
‫‪٢49‬‬
‫‪١٢9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﭽﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ‬
‫‪3١4‬‬
‫‪٢4٠‬‬
‫‪١٢‬‬ ‫ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﭼ‬
‫‪٢44‬‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫ﭽﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﰍﰎﰏ ﰐﰑﰒﰓﰔ‬
‫‪١6‬‬
‫‪338‬‬ ‫ﰕﰖﰗﰘ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ﭽﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﭽﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪35‬‬ ‫ﭽﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪36‬‬ ‫ﭽﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪3٠‬‬ ‫ﭽﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪38‬‬ ‫ﭽﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪39‬‬ ‫ﭽﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪4٠‬‬ ‫ﭽﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭼ‬
‫‪١9١‬‬ ‫‪4٢‬‬ ‫ﭽﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﭼ‬
‫سورة القمر‬
‫‪3٠١‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﭼ‬
‫سورة احلديد‬
‫‪٢43‬‬ ‫‪٢5‬‬ ‫ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮭ ﭼ‬
‫سورة اجملادلة‬

‫‪377‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢38‬‬ ‫‪١٢‬‬ ‫ﭽ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﭼ‬
‫سورة احلشر‬
‫ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫‪٢49‬‬ ‫‪٠‬‬
‫ﮯﮰ ﭼ‬
‫سورة املمتحنة‬
‫ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡ‬
‫ﯢﯣﯹﭼ‬
‫سورة الصف‬
‫‪١٠6‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ‬
‫‪١٠6‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ‬
‫‪٢46‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ﭽ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯴ ﭼ‬
‫سورة التغابن‬
‫‪٢46‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭰ ﭼ‬
‫‪١٠8‬‬
‫‪٢6‬‬ ‫ﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ‬
‫‪١٠9‬‬
‫سورة الطالق‬
‫‪3٠5‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ﭽﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﭼ‬
‫‪3٠5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﭽ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﭼ‬
‫سورة التحرمي‬
‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ‬
‫‪٢55‬‬ ‫‪6‬‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﭼ‬
‫سورة املعارج‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪١4‬‬ ‫ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ‬
‫‪١95‬‬ ‫‪١9‬‬ ‫ﭽﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ‬
‫سورة اجلن‬
‫‪378‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪٢35‬‬
‫‪6‬‬ ‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ‬
‫‪٢44‬‬
‫سورة املدثر‬
‫‪٢١٠‬‬ ‫‪١9‬‬ ‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﭼ‬
‫سورة القيامة‬
‫‪١54‬‬ ‫‪٢6‬‬ ‫ﭽﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ‬
‫‪١54‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫ﭽﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ‬
‫‪١54‬‬ ‫‪٢8‬‬ ‫ﭽﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭼ‬
‫‪١54‬‬ ‫‪٢9‬‬ ‫ﭽﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭼ‬
‫‪٢88‬‬
‫‪١١‬‬ ‫ﭽﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ‬
‫‪335‬‬
‫‪٢4٠‬‬
‫‪١3‬‬ ‫ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ‬
‫‪335‬‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪3٢‬‬ ‫ﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﭼ‬
‫سورة عبس‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪3٠‬‬ ‫ﭽﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ‬
‫سورة املطففني‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ﭽﯖ ﯗ ﯘ ﭼ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ﭽﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‬
‫ﭽﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ‬
‫‪٢39‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة الطارق‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫ﭽﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ‬
‫سورة الفجر‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪١5‬‬ ‫ﭽﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭼ‬
‫‪٢34‬‬ ‫‪١6‬‬ ‫ﭽﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ‬

‫‪379‬‬
‫رقمها الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫سورة الليل‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﭼ‬
‫سورة الضحى‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ﭽﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ‬
‫سورة قريش‬
‫‪٢5٢‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ‬
‫سورة املاعون‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭼ‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ﭽﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ﭽﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ‬
‫‪١٠9‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﭼ‬
‫سورة النصر‬
‫‪١64‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ﭽﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ‬

‫‪381‬‬
‫فهرس األحاديث النبوية‬

‫الصفحة‬ ‫طرف احلديث‬


‫‪٢١١‬‬ ‫أال إين أوتيت القرآن ومثله معه‪..‬‬
‫‪٢١3‬‬ ‫ال تنكح املرأة على عمتها وال على خالتها‬
‫‪٢١3‬‬ ‫ال يرث املسلم الكافر‬
‫‪٢١4‬‬ ‫ال قطع يف مثر وال كثر‬
‫‪٢١4‬‬ ‫فيكشف احلجاب فما أُعطوا ريااً أحب إليهم ن النظر إىل رهبم‬
‫‪٢١4‬‬ ‫أال إن القوة الرمي‬
‫‪٢49‬‬ ‫يا أبا ذر‪ ،‬هل صليت؟‬
‫‪٢49‬‬ ‫إين أخاف على أميت من ثالث‬
‫‪٢5٢‬‬ ‫اللهم اسرت عوراتنا‬
‫‪٢5١‬‬ ‫مفاتح الغيب مخ‬
‫‪٢5١‬‬ ‫إذا رأيت اهلل يعطي العبد من الدنيا‬
‫‪٢53‬‬ ‫لقد لقيت من قومي ما لقيت‬
‫‪٢53‬‬ ‫أي الذنب أكرب‬
‫‪٢54‬‬ ‫إن العلماء ورثة األنبياء‬
‫‪٢55‬‬ ‫كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته‬
‫‪٢55‬‬ ‫جاء ثالثة رهط إىل بيوت أزواج النيب صلى اهلل عليه وسلم‪..‬‬
‫‪٢58‬‬ ‫"إن آل أيب طالب ليسوا يل بأولياء‬
‫‪٢58‬‬ ‫يا فاطمة بنت حممد سليين من مايل ما شئت‬
‫‪٢59‬‬ ‫يا عبادي كلكم ضال إال من هديته‬
‫‪٢68‬‬ ‫اللهم فقهه يف الدين وعلمه‬
‫‪٢69‬‬ ‫من قال يف القرآن بغري علم فليتبوأ مقعده من النار‬
‫‪٢84‬‬ ‫ما منكم من أحد إال وسيكلمه ربه يوم القيامة‬
‫‪٢88‬‬ ‫كنا عند النيب صلى اهلل عليه وسلم فنظر إىل القمر ليلة البدر‬
‫‪٢94‬‬ ‫الثيب أحق بنلفسها‬
‫‪٢95‬‬ ‫يكشف اهلل عن ساقه‬
‫‪380‬‬
‫الصفحة‬ ‫طرف احلديث‬
‫‪١٠5‬‬ ‫ويح عمار تقتله الفئة الباغية‬
‫‪١٠6‬‬ ‫إذا بويع خلليفتني فاقتلوا اآلخر منهما‬
‫‪١٢٢‬‬ ‫أنا اغل الشركاء عن الشرك‬
‫‪١٢8‬‬ ‫لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا‬
‫‪١٢9‬‬ ‫إمنا تنصرون وترزقون بضعفائكم‬
‫‪١١4‬‬ ‫لريدن علي ناس من أصحايب احلوض‬
‫‪١36‬‬ ‫سبعة يظلهم اهلل يف ظله‬
‫‪١4٠‬‬ ‫من أحدث يف أمرنا هذا ما لي منه فهو رد‬
‫‪١4٠‬‬ ‫من عمل عمال لي عليه أمرنا فهو رد‬
‫‪١4٠‬‬ ‫كل بدعة ضاللة‬
‫‪١5١‬‬ ‫سلوين فهابوه أن يسألوه‬
‫‪١5١‬‬ ‫أال أنبئكم ما العضه‬
‫‪١66‬‬ ‫خريكم من تعلم القرآن وعلمه‬
‫‪١8٢‬‬ ‫أمرين رسول اهلل ‪ -  -‬أن أتعلم كلمات من كتاب يهود وقال‬
‫‪3٠١‬‬ ‫ويل للعرب‪ ،‬من شر قد اقرتب‬
‫‪3٠5‬‬ ‫إن اهلل ال يظلم مؤمنا حسنة‬
‫‪3٠5‬‬ ‫إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم هبا طعمة‬
‫‪3٠6‬‬ ‫هي السبع املثاين‪ ،‬والقرآن العظيم الذي أوتيته‬
‫‪3٠6‬‬ ‫أم القرآن هي السبع املثاين‬
‫‪3١٠‬‬ ‫يا عدي اطرح عنك هذا الوثن‬
‫‪335‬‬ ‫إنكم سرتون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر‬
‫‪34١‬‬ ‫اغسلوه وال تقربوه طيبا‬
‫‪343‬‬ ‫جلميع أميت كلهم‬

‫‪382‬‬
‫فهرس اآلثار‬

‫الصفحة‬ ‫طرف األثر‬


‫‪8١‬‬ ‫إياك نوحد وَناف‬
‫‪88‬‬ ‫واهلل إنه ملوصوف يف التوراة بصفته يف القرآن‬
‫‪٢١5‬‬ ‫واهلل الذي ال إله غريه ما نزلت آية من كتاب اهلل إال وأنا أعلم فيمن نزلت‬
‫‪٢١5‬‬ ‫حدثنا الذي كانوا يقرئوننا‬
‫‪٢48‬‬ ‫مل يأت أحد مبثل مبثل ما جئت به إال عودي‬
‫‪٢5٠‬‬ ‫كنا نعد اإلمعة يف اجلاهلية الذي يتبع القوم إذا دعوا إىل وليمة‬
‫‪١59‬‬ ‫أرسل إيل أيب بكر مقتل أهل اليمامة‬
‫‪١9٠‬‬ ‫كان صلى اهلل عليه وسلم إذا حزبه أمر بادر إىل الصالة‬

‫‪383‬‬
‫فهرس األعالم املترجم هلم‬

‫الصفحة‬ ‫ال َعلَم‬


‫‪3١‬‬ ‫إبراهيم برياز املكناسي‬
‫‪93‬‬ ‫ابن اجلوزي ‪ :‬عبد الرمحن بن علي بن حممد‬
‫‪5٢‬‬ ‫ابن عطية ‪ :‬عبد احلق بن غالب بن عبد الرمحن بن عطية احملاريب‬
‫‪١١‬‬ ‫أبو احل علي بن سرور احلسين األزهري الزنكلوين‬
‫‪3١‬‬ ‫أبو احلسن علي الندوي‬
‫‪33٠‬‬ ‫أبو القاسم اجلنيد بن حممد بن اجلنيد اخلزاز‬
‫‪3٠‬‬ ‫أبو عبد الرمحن ‪ :‬عبد اهلل بن عبد الغين بن حممد خياط‬
‫‪99‬‬ ‫أبو عبد الرمحن ‪ ،‬اخلليل بن أمحد الفراهيدي‬
‫‪١٠‬‬ ‫أبو مصطفى حممد بن العريب املدغري الفاليل احلسين‬
‫‪١9‬‬ ‫أبو منري عبد الصمد بن حممد الكاتب‬
‫‪١٠٢‬‬ ‫ابن اهلائم أمحد بن حممد بن عماد بن علي املصري‬
‫‪٢4‬‬ ‫أبو يوسف حممد فال اخلري األمني بن عيدي‬
‫‪5٠‬‬ ‫أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم ابن تيمية احلراين‬
‫‪٠9‬‬ ‫أمحد بن على بن حممد ‪ ،‬املعروف بابن حجر‬
‫‪34‬‬ ‫أمحد بن حممد احلمزي‬
‫‪١43‬‬ ‫أمحد بن حممد بن املختار بن أمحد التيجاين‬
‫‪١4٢‬‬ ‫أمحد بن حيىي بن حممد الونشريسي‬
‫‪٢5‬‬ ‫إدري بن موسى بن إمساعيل بن موسى الكاظم‬
‫‪8٠‬‬ ‫اإلسفراييين ‪ :‬أمحد بن حممد بن أمحد أبو حامد‬
‫‪53‬‬ ‫احلسن بن حممد بن احلسني القمي النيسابوي‬
‫‪5٢‬‬ ‫احلسني بن حممد بن املفضل املعروف بالراغب األصبهاين‬
‫‪3٢‬‬ ‫محاد بن حممد األنصاري‬
‫‪٠9‬‬ ‫الذهيب ‪ :‬حممد بن أمحد بن عثمان بن قامياز‬
‫‪33‬‬ ‫رضا اهلل بن حممد املباركفوري‬
‫‪٢٠١‬‬ ‫الزبيدي ‪:‬أبو بكر‪ ،‬حممد بن احلسن بن عبيد اهلل‬

‫‪384‬‬
‫الصفحة‬ ‫ال َعلَم‬
‫‪١35‬‬ ‫زيد بْن مهلهل بْن زيد الطائي‬
‫‪3١٠‬‬ ‫مسنون بن محزة أبو القاسم‬
‫‪٢6‬‬ ‫شكيب بن محود بن حسن بن يون أرسالن‬
‫‪33‬‬ ‫شري حممد الندوي‬
‫‪33‬‬ ‫صاحل بن سعد السحيمي‬
‫‪3١9‬‬ ‫صوفه ‪:‬الغوث بن مر بن أد بن طاخبة‬
‫‪33‬‬ ‫عبد العليم البستوي‬
‫‪3١‬‬ ‫عبد الغين أبو زكري‬
‫‪3١‬‬ ‫عبد الكبري البكري‬
‫‪4١‬‬ ‫عبد اهلل بن عبد العزيز العقيل‬
‫‪١9‬‬ ‫عبد اهلل كنون‬
‫‪٢١١‬‬ ‫عبد امللك بن عبد احلميد بن مهران امليموين‬
‫‪89‬‬ ‫عبد الوهاب بن علي بن عبد الكايف السبكي‬
‫‪4٢‬‬ ‫عبداهلل كنون احلسين‬
‫‪١9‬‬ ‫العالمة عبد العزيز بن باز‬
‫‪١9‬‬ ‫العالمة حممد ناصر الدين األلباين‬
‫‪١9‬‬ ‫عمر بن حسن بن حسني بن علي آل الشيخ‬
‫‪33‬‬ ‫عمر بن حممد حمسن‬
‫‪53‬‬ ‫الفريوزآبادي ‪:‬حممد بن يعقوب بن حممد بن إبراهيم‬
‫‪93‬‬ ‫القرطيب ‪:‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر‬
‫‪٢٠4‬‬ ‫الكسائي ‪::‬علي بن محزة بن عبد اهلل األسدي‬
‫‪33‬‬ ‫حممد اجملذوب‬
‫‪١8‬‬ ‫حممد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ‬
‫‪5١‬‬ ‫حممد بن أيب بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي ‪ ،‬الشهري بابن قيم اجلوزية‬
‫‪54‬‬ ‫حممد بن أمحد بن األزهر األزهري‬
‫‪١١‬‬ ‫حممد بن األمني أبو خبزة احلسيين‬
‫‪5٠‬‬ ‫حممد بن هبادر بن عبد اهلل الزركشي‬
‫‪385‬‬
‫الصفحة‬ ‫ال َعلَم‬
‫‪٢٠9‬‬ ‫حممد بن جرير بن يزيد الطربي‪ ،‬أبو جعفر‬
‫‪3٢‬‬ ‫حممد بن زهري بن مصطفى الشاويش احلسيين‬
‫‪33‬‬ ‫حممد بن سالم املوسوي‬
‫‪5١‬‬ ‫حممد بن علي بن حممد بن عبد اهلل الشوكاين‬
‫‪3١‬‬ ‫حممد بن حممد بن عمر الدرعاوي‬
‫‪5٢‬‬ ‫حممد بن يوسف بن علي النفري الغرناطي أبو حيان‬
‫‪33‬‬ ‫حممد حمسن خان‬
‫‪3١‬‬ ‫حممد ناصر العبودي‬
‫‪33‬‬ ‫حممد ناظم الندوي‬
‫‪56‬‬ ‫حممود بن عبد اهلل احلسيين األلوسي‬
‫‪33‬‬ ‫مسعود عامل الندوي‬
‫‪3١٠‬‬ ‫معروف بن فريوز الكرخي‬
‫‪3١5‬‬ ‫املقري ‪ :‬أمحد بن حممد بن أمحد بن حيىي‬
‫‪١6٠‬‬ ‫النووي ‪ :‬حيىي بن شرف بن مري‬
‫‪3١‬‬ ‫وصي اهلل عباس‬
‫‪3٢‬‬ ‫يوسف بن حممد الدخيل‬

‫‪386‬‬
‫فهرس األماكن والبلدان‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬


‫‪٢3‬‬ ‫سجلماسة‬
‫‪٢3‬‬ ‫زنان‬
‫‪١٠‬‬ ‫وجدة‬
‫‪١٠‬‬ ‫لكنو‬
‫‪١٠‬‬ ‫هببوبال‬
‫‪١٠‬‬ ‫مبارك فور‬
‫‪٠8‬‬ ‫طربستان‬

‫‪387‬‬
‫فهرس األبيات الشعرية‬

‫الصفحة‬ ‫بيت الشعر‬


‫‪٢6‬‬ ‫وس ْؤُد ندي ومن شقوة أقبــلت بالظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل نم تبتـ ـ ــدي‬ ‫ني فضلي ُ‬ ‫جتاهلت يا بن الق ن‬
‫‪٢6‬‬ ‫باجلهل ُمرتدي‬ ‫ن‬ ‫زعمت بأ ْن مل تد نر أصلي ومنشئي وال عجب إ ْذ أنت‬
‫ني ب ـ ـ ُـن أمح ـ ــد‬ ‫ـالل ب ـ ــن احلسـ ـ ـ ن‬ ‫ن‬
‫‪٢6‬‬ ‫ـني مـ ـ ـ ـ ــوطين وج ـ ــدي ه ـ ـ ُ ُ‬ ‫سجلماس ـ ـ ـ ـ ـةُ الغ ـ ـ ـ ـ ـراء ي ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٢6‬‬ ‫ـيد جنـ ـ ـ ـ ـ نـل سـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـيد‬ ‫ـني سـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـالل ص ـ ـ ـ ــاحل واب ـ ـ ـ ـ ُـن ص ـ ـ ـ ــا نحل وجـ ـ ـ ـ ــدي حسـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫وج ـ ـ ـ ــدي ه ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫ه ـ ـ ـ ــي الدنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى زوال وهبجتُهـ ـ ـ ـ ــا خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال يف خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال‬ ‫ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫نع ـ ـ ـ ــيش هبـ ـ ـ ـ ــا سويع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات نيام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً فتُوقظنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ بالنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال‬ ‫ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـان أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر أتـ ـ ــدري مـ ـ ــن نعيـ ـ ــت نمـ ـ ــن الرجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال؟‬ ‫أال يانـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعي العرفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـويف فانتش ـ ـ ــى ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزب الضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫تقـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ــدين فخ ـ ـ ـ ُـر ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالل تُ ـ ـ ـ ي‬
‫ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـآالم الفجيعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـة ذو اعتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫ـيخ الدعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاةن فكـ ـ ـ ـ ــل حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بـ ـ ـ ـ ـ ن‬ ‫قض ـ ـ ــى ش ـ ـ ـ ُ‬
‫ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫دروب بي ـ ـ ــاض العمـ ـ ـ ـ نر ممتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز اخلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫فق ـ ـ ـ ـ ـ ــد أمضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى جياه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد يف ن‬
‫ُْ‬
‫‪٢8‬‬ ‫دروس العـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نم يدعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو لل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـز نال‬ ‫حيبِّ ـ ـ ـ ـ ُـر لله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى كتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ويُـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلي‬
‫‪٢8‬‬ ‫َّاء العضـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال‬ ‫ن‬
‫س ـ ـ ــرى فين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ُ‬ ‫فأنقـ ـ ـ ــذنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بفضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل اهلل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـدعت بينن ـ ـ ـ ـ ــا األرك ـ ـ ــا ُن والعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫مـ ـ ـ ــاذا يفيـ ـ ـ ـ ـ ُـد البك ـ ـ ـ ـ ـ ــاء يف النائب ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫تصـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـات إذا‬ ‫ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫مـ ـ ــن هـ ـول ـ ـ ـ ـ نـه نكبـ ـ ـ ـ ـ ــة مل ينسه ـ ـ ـ ـ ـ ــا األب ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫لق ـ ـ ـ ــد ه ـ ــوى الركـ ـ ـ ـ ـ ُـن م ـ ــن بـُْنيـ ــاننن ـ ـ ـن ـ ــا فلن ـ ــا‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـدد‬
‫ـذكر الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫عـ ـ ـ ـزي ـ ـ ـ ـ ــزة كلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يست ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫"دكتورنـ ـ ـ ــا" الرجـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـل الصندي ـ ـ ـ ـ ـ ُـد مفخ ـ ـ ـ ــرة‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـدد‬
‫ـال وامل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـج السيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫يراع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه املنتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـارم املق ـ ـ ـ ـ ـ ـو ُال ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدتُه‬
‫لس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُه الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٢8‬‬ ‫ذاك السبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـل م ـ ـ ــن األغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ناء تبتع ـ ـ ـ ُـد‬ ‫إذا ق ـ ـ ـ ـرأت سبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال للرشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـاد فعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫‪٢8‬‬ ‫وال غلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو مبـ ـ ـ ـ ـ ــا يف القـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـول ينتق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ه ـ ـ ـ ــذا الرثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءُ ولك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ال مبالـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫‪٢8‬‬ ‫قـ ـ ــويل‪ ،‬فـ ـ ـ ـ ــال ملـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق فيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال فن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫هـ ـ ـ ــي احلقيقـ ـ ـ ـ ـ ـةُ وال أع ـ ـ ـ ـ ــدو احلقيقـ ـ ـ ـ ــة يف‬
‫‪٢8‬‬ ‫ـار ياأح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬
‫أنـ ــت الـ ــرحيـ ـ ـ ُـم هل ـ ـ ـ ــا الغف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫قابضه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ُر ْمح ـ ـ ـ ـ ـ ــاك ريب ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروح أن ـ ـ ـ ــت ُ‬

‫‪388‬‬
‫الصفحة‬ ‫بيت الشعر‬
‫ـدائد أعـ ـ ـ ـ ـ ـوان ‪١5‬‬ ‫ـرء يكث ـ ـ ـ ـ ـ ــر نفع ـ ـ ـ ـ ـ ــه وتل ـ ـ ـ ـ ــك ل ـ ـ ـ ـ ــه عن ـ ـ ـ ـ ــد الش ـ ـ ـ ـ ـ ن‬ ‫ـات امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫بق ـ ـ ـ ـ ـ ــد نر لغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ـان ‪١5‬‬
‫س ــ ــ ــ ـــان‬
‫احلقيقق ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ نـةـة إنإنس‬
‫يف احلقي‬
‫ـان يف‬
‫ســ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ـــان‬
‫ـات مس ـ ـ ـ ـ ــارعا ففكك ــ ــ ــ ــ ُـلـل للس‬
‫ً‬ ‫فب ـ ـ ـ ـ ــادر إىل حف ـ ـ ـ ـ ـ نـظ اللغ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ْ‬
‫ـرب والعج ـ ـ ـ ـ نم دارس ـ ـ ـ ـاً لتف ـ ـ ـ ـ ــتح م ـ ـ ـ ـ ــن أغالقنه ـ ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ـ َّـل أقف ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـال ‪١5‬‬ ‫ـات الع ـ ـ ـ ن‬ ‫وُك ـ ـ ــن للغ ـ ـ ـ ن‬
‫ْ‬
‫‪١5‬‬ ‫وك ـ ـ ــم يس ـ ـ ــرت أم ـ ـ ـراً عن ـ ـ ــا بع ـ ـ ــد إش ـ ـ ـ ن‬
‫ـكال‬ ‫فك ـ ـ ـ ْـم فتح ـ ـ ــت بابـ ـ ـ ـاً م ـ ـ ــن اخلـ ـ ـ ـ نري مغلقـ ـ ـ ـاً‬
‫‪١5‬‬ ‫وأص ـ ـ ــبح نم ـ ـ ـ ْـن بع ـ ـ ــد اجلف ـ ـ ــا ج ـ ـ ــد مي ـ ـ ــال‬ ‫وك ـ ـ ـ ــم لين ـ ـ ـ ــت قلبـ ـ ـ ـ ـاً وق ـ ـ ـ ــد ك ـ ـ ـ ــان قاس ـ ـ ـ ــياً‬
‫‪١5‬‬ ‫ودان ب ـ ـ ــدي نن احل ـ ـ ــق م ـ ـ ــن بع ـ ـ ـ نـد تض ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫وكـ ـ ـ ـ ــم أوضـ ـ ـ ـ ــحت حق ـ ـ ـ ـ ـاً فـ ـ ـ ـ ــآمن كـ ـ ـ ـ ــافر‬
‫‪١5‬‬ ‫ـكان مصـ ـ ـ ــر يف اجتمـ ـ ـ ــاع وأح ـ ـ ـ ـو نال‬ ‫كسـ ـ ـ ـ ن‬ ‫ـاس كله ـ ـ ـ ــم‬
‫وذا زم ـ ـ ـ ــن أض ـ ـ ـ ــحى ل ـ ـ ـ ــه الن ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪١5‬‬ ‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ــأعرج ميش ـ ـ ـ ـ ـ ــي يف قي ـ ـ ـ ـ ـ ــود وأغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالل‬ ‫ومـ ـ ـ ْـن كـ ـ ــان ال يـ ـ ــدري سـ ـ ــوى لغـ ـ ــة غـ ـ ــدا‬
‫‪١5‬‬ ‫ك ـ ــذلك ق ـ ــال الن ـ ــاس م ـ ــن قب ـ ــل أجي ـ ــال‬ ‫ـأمن مك ـ ـ ـ ـ ــرهم‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫وداري لس ـ ـ ـ ـ ــان الق ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـوم‬
‫ُ‬
‫‪36‬‬ ‫ـاب خرق ـ ــة‬ ‫ـرق أصحـ ـ ـ ن‬ ‫وأنـقـذنـ ـ ــي نم ــن ط ـ ن‬ ‫ولـمـ ـ ـ ـ ـ ــا أبـ ـ ـ ــان اهللُ لـ ـ ـ ـ ــي نـ ـ ـ ــور دينـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ْ‬
‫‪3٠‬‬ ‫وق ـ ــد مـرقُـ ـ ـ ـ ـوا م ـ ــن هـدي ـ ـ ــه ش ـ ـ َّـر مـرقـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫ق ـ ــوم بـدلـ ـ ـ ـ ـوا الدي ـ ــن بال ـ ـ ـ َّـردى‬ ‫أولـئـ ـ ـ ـ ــك‬
‫‪3٠‬‬ ‫ـت إل ـ ـ ــى قـفـ ـ ـ ـ نو الــكتـ ـ ـ ن‬
‫ـاب وسنـ ـ ــة‬ ‫و مـنلـ ـ ُ‬ ‫أبـغـضـن ـ ـ ــي األقـ ـ ـو ُام حـي ـ ــن نـبـذت ـ ـُه ـ ــم‬ ‫و‬
‫‪3٠‬‬ ‫حملنـتـ ـ ــي‬ ‫صـدوره ـ ـ ــم ل ـ ـ ـ ـ ــي واسـتـع ـ ـ ــدوا‬ ‫ـت‬
‫ظـه ـ ــر اجمل ـ ـ ِّـن وخشن ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫وق ـ ــد قـلـب ـ ـ ـوا‬
‫‪3٠‬‬ ‫بسـرعـ ـ ـ ــة‬ ‫وك ـ ــل جـلـي ـ ـ لـ ـ ــي سي ـ ـ ْـردى‬ ‫هـج ـ ــري وشـتـم ـ ـ ـ ــي قرب ـ ـ ـةً‬ ‫وق ـ ــد زعـمـ ـ ـوا‬
‫‪3٠‬‬ ‫وأخـل ـ ُـد فـ ـ ــي النـي ـ ـر نان نمـ ْـن أج ـ نـل ر ْجعت ــي‬ ‫ـوت عـل ــى ال ـ ـ َّـردى‬
‫و ق ــد جـزمـ ـوا أنـ ــي أم ـ ُ‬
‫‪3٠‬‬ ‫ـاب الـمني ـ ـ ـ ـ ـ نـة‬
‫ـارت رك ـ ـ ـ ُ‬
‫بـ ـ ـواح ـ ــدها سـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـك الثـ ـ ــاكل ال ــيت‬
‫أمـان ـ ـ ــي حـمـ ــق تـضـحـ ـ ُ‬
‫‪3٠‬‬ ‫بسـ ْـؤيل ومنيــيت‬ ‫ـرت ك ــي أحظ ــى ُ‬ ‫و هـاج ـ ُ‬ ‫نـبـذتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــُهم نـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذ الـ ـنَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى وتـركتـ ــُـه ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫‪3٠‬‬ ‫وال ن ـ ـ ـ ــاصـ ـ ــر إال إل ـ ـ ــهُ الـ ـ ـربي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـة‬ ‫وم ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ــي و لـ ـ ـ ـ ــي أو رفي ـ ـ ـ ــق مص ـ ـ ــاحب‬
‫‪3٠‬‬ ‫أن جي ـ ـ ـ ــود بـ ــبغيـتـ ـ ـ ــي‬ ‫فـ ـ ـ ـه ـ ـ ــو قديـ ـ ـ ـ ـ ـر‬ ‫عليـ ـ ـ ـ ــه اعـتـم ـ ـ ــادي ال عل ـ ـ ــى أحـ ـ ــد س ـ ـ ـواه‬
‫‪3٠‬‬ ‫س ــوى بـلغـ ـ ـ ـ ـ ــة ال بـ ـ ـ ـ َّـد من ـ ـهــا خلل ـ ـ ـ ـتــي‬ ‫ـب ال ـ ـ ـ ــمال ال ـ ـ ــذي هـ ــو زائ ـ ـ ــل‬
‫و مـ ـ ــا أطـل ـ ـ ُ‬
‫‪39‬‬ ‫ـنص ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ م ـ ـ ـ ـ ــا جـ ـ ـ ـ ـ ــال‬ ‫ويف عـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـدم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫ـدع‬ ‫فخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْذ بالنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـوص وال تبتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬

‫‪389‬‬
‫الصفحة‬ ‫بيت الشعر‬
‫ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي لنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذهب الزم سـ ـ ـ ـ ــوى مـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـذهب املصـ ـ ـ ـ ــطفى املرتضـ ـ ـ ـ ــى ‪39‬‬
‫‪39‬‬ ‫ـدوم بغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نري انته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫علي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالةُ وأزك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالماً ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـالم‬
‫‪39‬‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ـ ــفا‬
‫ـنهج َّ‬
‫ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن قـ ـ ـ ـ ـ ــد قـفـ ـ ـ ـ ـ ــاهم بـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬ ‫ـمل آالً وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحباً كرام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫ويشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٠6‬‬ ‫ـدد‬
‫ـتذكر العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫عزي ـ ـ ــزة كلم ـ ـ ــا يس ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـنديد مفخـ ـ ـ ـ ــرة‬
‫"دكتورنـ ـ ـ ـ ــا" الرجـ ـ ـ ـ ـ ُـل الصـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٠6‬‬ ‫ـدد‬
‫ـيال واملـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـتج السـ ـ ـ ُ‬ ‫يراعـ ـ ــه املنـ ـ ـ ُ‬ ‫ـارم املق ـ ـ ـ ـ ـ ـو ُال عدتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫لس ـ ـ ـ ـ ــانهُ الص ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٠6‬‬ ‫ـبيل م ـ ـ ــن األغـ ـ ـ ـو ناء تبتع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ذاك الس ـ ـ ـ ن‬ ‫إذا ق ـ ـ ـ ـ ـرأت سـ ـ ـ ـ ــبيالً للرشـ ـ ـ ـ ــاد فع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫‪8١‬‬ ‫و نظي ًفـ ـ ــا وظي ًفـ ـ ــا فـ ـ ــوق مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـور ُمعبَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـد‬ ‫تُـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاري نعتاقًـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ناجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات وأتْـبعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت‬
‫‪83‬‬ ‫إذا اع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َّج امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا نرُد ُم ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقي نم‬ ‫أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريُ املـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤمنني علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى نصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراط‬
‫‪٢١6‬‬ ‫ـول عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـباب‬ ‫رفع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً فمحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬ ‫وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرهَّ الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـحايب‬
‫‪٢١6‬‬ ‫رواي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ينمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه رف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع فانتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫ـوهلم يرفعُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه يبلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـغ بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬
‫وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٢١6‬‬ ‫حكم ـ ـ ـ ـ ـ ــه الرف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـع عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫ـال رأي ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ُ‬
‫يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـث ال‬
‫ومـ ـ ـ ـ ــا أت ـ ـ ـ ـ ـى عـ ـ ـ ـ ــن صـ ـ ـ ـ ــاحب حبيـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪٢١6‬‬ ‫فاحل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاكم" الرف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـع هل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا أثبت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ــا ق ـ ـ ــال يف احملصـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـول حن ـ ـ ــو م ـ ـ ـ ـ ْن أت ـ ـ ــى‬
‫‪٢56‬‬ ‫ليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عينيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـه س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء‬ ‫خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاط يل عمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرو قبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء‬
‫‪٢٠4‬‬ ‫إال كعمـ ـ ــرو ومـ ـ ــا عمـ ـ ــرو و مـ ـ ــن األحـ ـ ـ نـد‬ ‫ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يطلبُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـين يف أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نر غاني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫‪٢٠5‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا واح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ن‬
‫مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يف األنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه نظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريُ‬ ‫ب ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي‬ ‫ُ ْ‬
‫‪٢٠5‬‬ ‫بأحدانن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه املس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتولغات املكل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬ ‫ـاكره والش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ُ مل يب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد قرُهن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫فب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ن‬ ‫بنـ ـ ـ ـ ــذي الكـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫فلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا التـقينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا و ن‬
‫‪٢٠6‬‬ ‫ـف إنين لل ُكمـ ـ ـ ـ ــاة ضـ ـ ـ ـ ـ ُـر ُ‬
‫وب‬ ‫اح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــديْ نن عل ْوتُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫‪٢9٢‬‬ ‫يف َّجل ـ ـ ـ ـ ـ ــة اللي ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـل مل ـ ـ ـ ـ ـ ــا راعه ـ ـ ـ ـ ـ ــا الف ـ ـ ـ ـ ـ ــزعُ‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْف ُر احمل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج نر ل ْغواه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مبين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫ُ‬
‫‪١١٠‬‬ ‫ويف طريق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـة اجلُنـْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـد الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالك‬ ‫يف ع ْقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـد األشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعري وفقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـه مالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـك‬
‫‪١34‬‬ ‫ـاد‬
‫وال عمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود إذا مل تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس أوتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـت ال ْيبتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل إال بأعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة‬
‫والبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪١34‬‬ ‫وس ـ ـ ـ ــاكن بلغـ ـ ـ ـ ـوا األم ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ــذي ك ـ ـ ـ ــادوا‬ ‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإن ْجتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـع أوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد وأعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة‬

‫‪391‬‬
‫الصفحة‬ ‫بيت الشعر‬
‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإ ْن تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْدفننُوا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء ال َُنْ نف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نه وإن تبعث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا احل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ال نقع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد ‪١35‬‬
‫ـاد قـ ْرنُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه يت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنف ُ ‪١35‬‬ ‫ن‬
‫س ـ ـ ـ ـ ـ ـريع إىل اهليجـ ـ ـ ـ ـ ــاء شـ ـ ـ ـ ـ ــاك سـ ـ ـ ـ ـ ــالحه فمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أ ْن يك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـدت أ ْكتُ ُمـ ـ ـ ــه ع ـ ـ ـ ــين مـ ـ ـ ــن اخل ـ ـ ـ ــرب ‪١36‬‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحبُنين هن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد وأخربُه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ت ْ‬
‫اجتننـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب جاه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـداً ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم الك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـالم ‪١4٠‬‬ ‫ْ‬ ‫أيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املغتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي لتطلُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب علم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫ْ‬
‫ـالم لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم إنمنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا العلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم نشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـرعةُ العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـالنم ‪١4٠‬‬
‫إن علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬ ‫ِّ‬
‫‪١4٠‬‬ ‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ــل عل ـ ـ ـ ـ ـ ــم عب ـ ـ ـ ـ ـ ــد لعل ـ ـ ـ ـ ـ ــم الك ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬ ‫أيَّهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املغتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي لتطلُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب علم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫‪١4٠‬‬ ‫ُمثَّ أغفل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ُمْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نزل األحك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـام‬ ‫تطلـ ـ ـ ــب العلـ ـ ـ ــم كـ ـ ـ ــي تصـ ـ ـ ــحح حكم ـ ـ ـ ـاً‬
‫‪١68‬‬ ‫ـذب‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ــرى ُك ـ ـ ـ ـ ـ َّـل ُم ْل ـ ـ ـ ـ ــك ُدوهن ـ ـ ـ ـ ــا يـتذب ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أمل ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر أ َّن اهلل أ ْعط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورًة‬
‫‪١68‬‬ ‫ـنهن كوكـ ـ ـ ـ ـ ــب‬
‫إذا طلعـ ـ ـ ـ ـ ــت مل يبـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد مـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ـب‬
‫ـوك كواك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫كأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك مشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ واملل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪١9٢‬‬ ‫ـول‬
‫قي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب أو ويل أو رس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـت يف خضـ ـ ـ ـ ـ ـ نر أه ـ ـ ـ ـ ـ نـل العق ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـول‬ ‫واختلف ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫‪3١5‬‬ ‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهلل كالتشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـبيه باخلالئـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـق‬ ‫وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنص إ ْن أوه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري الالئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نـق‬
‫‪3١5‬‬ ‫واقط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـع ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن املمتنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ نع األطماع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫فاص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفْهُ ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهرهن إمجاع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫‪339‬‬ ‫إ ْن فيهم ـ ـ ـ ـ ـ ــا َّاحت ـ ـ ـ ـ ـ ــد حك ـ ـ ـ ـ ـ ــم والس ـ ـ ـ ـ ـ ــبب‬ ‫ـب‬
‫ومحْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل ُمطْل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ذاك وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬

‫‪390‬‬
‫ثبت املصادر واملراجع‬

‫‪ .4‬إبراز احلق والصواب يف مسألة السفور واحلجاب‪ ،‬لصفي الرمحن املباركفوري‪ ،‬دار الطحاوي‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‬
‫‪ .5‬اإلتقان يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي (املتوىف‪:‬‬
‫‪9٢٢‬هـ) احملقق‪ :‬حممد أبو الفضل إبراهيم الناشر‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب الطبعة‪:‬‬
‫‪٢394‬هـ‪ ٢9٠4 /‬م‬
‫‪ .6‬إمتام األعالم‪ ،‬للدكتور نزار أباظة ورياض املاحل‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢999‬م‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ .٠‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي املؤلف‪ :‬أبو احلسن سيد الدين علي بن أيب علي‬
‫بن حممد بن سامل الثعليب اآلمدي (املتوىف‪63٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬عبد الرزاق عفيفي الناشر‪:‬‬
‫املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ -‬دمشق‪ -‬لبنان‬
‫‪ .8‬إحياء علوم الدين املؤلف‪ :‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل الطوسي (املتوىف‪5٠5 :‬هـ)‬
‫الناشر‪ :‬دار املعرفة – بريوت‬
‫‪ .9‬إرشاد الفحول إيل حتقيق احلق من علم األصول املؤلف‪ :‬حممد بن علي بن حممد بن عبد‬
‫اهلل الشوكاين اليمين (املتوىف‪٢١5٠ :‬هـ) احملقق‪ :‬الشيخ أمحد عزو عناية‪ ،‬دمشق ‪ -‬كفر بطنا‬
‫قدم له‪ :‬الشيخ خليل املي والدكتور ويل الدين صاحل فرفور الناشر‪ :‬دار الكتاب العريب الطبعة‬
‫األوىل ‪٢4٢9‬هـ ‪٢999 -‬م‬
‫‪ .٢٠‬أسد الغابة املؤلف‪ :‬أبو احلسن علي بن أيب الكرم حممد بن حممد بن عبد الكرمي بن‬
‫عبد الواحد الشيباين اجلزري‪ ،‬عز الدين ابن األثري (املتوىف‪63٠ :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الفكر –‬
‫بريوت عام النشر‪٢4٠9 :‬هـ ‪٢989 -‬م‬
‫‪ .٢٢‬اإلسرائيليات واملوضوعات يف كتب التفسري املؤلف‪ :‬حممد بن حممد بن سويلم أبو‬
‫ُشهبة (املتوىف‪٢4٠3 :‬هـ) الناشر‪ :‬مكتبة السنة الطبعة‪ :‬الرابعة‪.‬‬
‫‪ .٢١‬اإلسالم واملذاهب االشرتاكية‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬جملة احلق العدد ‪٠‬و‪ ،8‬السنة‬
‫(‪.)٢8‬‬
‫‪ .٢3‬أصول السرخسي املؤلف‪ :‬حممد بن أمحد بن أيب سهل مش األئمة السرخسي (املتوىف‪:‬‬
‫‪483‬هـ) الناشر‪ :‬دار املعرفة – بريوت‬

‫‪392‬‬
‫‪ .٢4‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن حممد األمني بن حممد املختار بن عبد القادر‬
‫اجلكين الشنقيطي (املتوىف‪٢393 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع بريوت –‬
‫لبنان الطبعة‪ ٢4٢5 :‬هـ‪ ٢995 -‬م‬
‫‪ .٢5‬االعتصام ـ للشاط املؤلف‪ :‬أبو إسحاق الشاطيب دار النشر‪ :‬املكتبة التجارية الكربى‬
‫– مصر‪.‬‬
‫بن احلس نن ب نن أ ْمحد ب نن احلس نن ب نن ُخداداد‬ ‫ن‬
‫‪ .٢6‬االعتقاد القادري املؤلف‪ :‬أبُو طاهر أ ْمح ُد ُ‬
‫الكرنجي‪ ،‬الباقنالَّنين‪ ،‬البـ ْغد نادي (املتوىف‪489 :‬هـ) كتبه ومجع الناس عليه‪ :‬اخلليفة القادر باهلل‬
‫(املتوىف‪١١ :‬هـ) دراسة وحتقيق‪ :‬عبد العزيز بن حممد آل عبد اللطيف الناشر‪ :‬جملة جامعة أم‬
‫القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآداهبا‪ ،‬ج ‪ ،٢8‬ع ‪ ،39‬ذو احلجة ‪ ٢4١٠‬ه‬
‫‪ .٢٠‬اعتقاد أئمة احلديث املؤلف‪ :‬أبو بكر أمحد بن إبراهيم بن إمساعيل بن العباس بن‬
‫مرداس اإلمساعيلي اجلرجاين (املتوىف‪3٠٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد بن عبد الرمحن اخلمي الناشر‪:‬‬
‫دار العاصمة – الرياض الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٢١ ،‬هـ‬
‫‪ .٢8‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬ابن قيم اجلوزية‪ ،‬حتقيق عبد الرمحن الوكيل‪ ،‬ط ‪،١‬‬
‫مكتبة ابن تيمية‪ ،‬القاهرة‪٢4٠9 ،‬هـ ‪٢989 -‬م‪.‬‬
‫‪ .٢9‬األعالم املؤلف‪ :‬خري الدين بن حممود بن حممد بن علي بن فارس‪ ،‬الزركلي الدمشقي‬
‫(املتوىف‪٢396 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار العلم للماليني الطبعة‪ :‬اخلامسة عشر ‪ ١٠٠١ -‬م‬
‫‪ .١٠‬األغاين املؤلف‪ :‬أيب الفرج األصفهاين الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬بريوت الطبعة الثانية حتقيق‪:‬‬
‫مسري جابر‪.‬‬
‫‪ .١٢‬االقتصاد يف االعتقاد املؤلف‪ :‬عبد الغين بن عبد الواحد بن علي بن سرور املقدسي‬
‫اجلماعيلي الدمشقي احلنبلي‪ ،‬أبو حممد‪ ،‬تقي الدين (املتوىف‪6٠٠ :‬هـ) احملقق‪ :‬أمحد بن عطية‬
‫بن علي الغامدي الناشر‪ :‬مكتبة العلوم واحلكم‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪٢4٢4 ،‬هـ‪٢993/‬م‬
‫‪ .١١‬ألفية العراقي املسماة بـ‪ :‬التبصرة والتذكرة يف علوم احلديث املؤلف‪ :‬أبو الفضل زين‬
‫الدين عبد الرحيم بن احلسني بن عبد الرمحن بن أيب بكر بن إبراهيم العراقي (املتوىف‪8٠6 :‬هـ)‬
‫قدم هلا وراجعها‪ :‬فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكرمي بن عبد اهلل بن عبد الرمحن اخلضري حتقيق‬

‫‪393‬‬
‫ودراسة‪ :‬العريب الدائز الفرياطي الناشر‪ :‬مكتبة دار املنهاج للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض ‪ -‬اململكة‬
‫العربية السعودية الطبعة‪ :‬الثانية‪٢4١8 ،‬هـ‬
‫‪ .١3‬اإلهلام واإلنعام يف تفسري سورة األنعام حممد تقي الدين اهلاليل مطبعة بنارس الطبعة‬
‫األوىل ‪٢4٠٠‬هـ‬
‫‪ .١4‬األم املؤلف‪ :‬الشافعي أبو عبد اهلل حممد بن إدري بن العباس بن عثمان بن شافع بن‬
‫عبد املطلب بن عبد مناف املطليب القرشي املكي (املتوىف‪١٠4 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار املعرفة –‬
‫بريوت‬
‫‪ .١5‬األمثال املؤلف‪ :‬أبو عُبيد القاسم بن ساليم بن عبد اهلل اهلروي البغدادي (املتوىف‪:‬‬
‫‪١١4‬هـ) احملقق‪ :‬الدكتور عبد اجمليد قطامش الناشر‪ :‬دار املأمون للرتاث الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪ ٢4٠٠‬هـ ‪ ٢98٠ -‬م‬
‫‪ .١6‬االنتصار للقرآن املؤلف‪ :‬حممد بن الطيب بن حممد بن جعفر بن القاسم‪ ،‬القاضي أبو‬
‫بكر الباقالين املالكي (املتوىف‪4٠3 :‬هـ) حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد عصام القضاة الناشر‪ :‬دار الفتح ‪-‬‬
‫ع َّمان‪ ،‬دار ابن حزم – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4١١‬هـ ‪ ١٠٠٢ -‬م‬
‫‪ .١٠‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل املؤلف‪ :‬ناصر الدين أبو سعيد عبد اهلل بن عمر بن حممد‬
‫الشريازي البيضاوي (املتوىف‪685 :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد عبد الرمحن املرعشلي الناشر‪ :‬دار إحياء‬
‫الرتاث العريب – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4٢8 -‬هـ‬
‫‪ .١8‬اإلميان املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية (املتوىف‪٠١8 :‬هـ)‬
‫الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي – بريوت الطبعة‪ :‬الرابعة ‪ ٢4٢3 -‬هـ‪ ٢993 -‬م حتقيق‪ :‬خرج‬
‫أحاديثه حممد ناصر الدين األلباين‬
‫‪ .١9‬البحر احمليط يف أصول الفقه املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل بدر الدين حممد بن عبد اهلل بن‬
‫هبادر الزركشي (املتوىف‪٠94 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتيب الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٢4 ،‬هـ ‪٢994 -‬م‬
‫‪ .3٠‬البداية والنهاية املؤلف‪ :‬إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي أبو الفداء الناشر‪ :‬مكتبة‬
‫املعارف – بريوت‪.‬‬
‫‪ .3٢‬الرباهني اإلجنيلية يف أن عيسى ÷ داخل يف العبودية وال حظ له يف األلوهية‪ ،‬حممد تقي‬
‫الدين اهلاليل‪ ،‬عام ‪٢393‬هـ‪ ،‬مطابع دار الثقافة‪ ،‬مكة‪ ،‬الزاهر‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫‪ .3١‬الربهان يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل بدر الدين حممد بن عبد اهلل بن هبادر‬
‫الزركشي (املتوىف‪٠94 :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد أبو الفضل إبراهيم الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢3٠6 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ٢95٠‬م‬
‫‪ .33‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز املؤلف‪ :‬جمد الدين أبو طاهر حممد بن‬
‫يعقوب الفريوزآبادى (املتوىف‪8٢٠ :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد علي النجار الناشر‪ :‬اجملل األعلى‬
‫للشئون اإلسالمية ‪ -‬جلنة إحياء الرتاث اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ .34‬بغية املرتاد يف الرد على املتفلسفة والقرامطة والباطنية ‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية‬
‫احلراين ت ‪ :‬د‪ .‬موسى سليمان الدويش ‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم الطبعة األوىل ‪٢4٢5 ،‬‬
‫‪ .35‬بغية الوعاة للسيوطي‪ ،‬حتقيق حممد أيب الفضل إبراهيم‪ ،‬دار الفكر بريوت‪ ،‬ط ‪ ،١‬سنة‬
‫‪ ٢399‬هـ‬
‫‪ .36‬بيان تلبي اجلهمية يف تأسي بدعهم الكالمية ‪ ،‬أمحد عبد احلليم بن تيمية احلراين ‪،‬‬
‫ت ‪ :‬حممد عبد الرمحن بن قاسم ‪ ،‬مطبعة احلكومة ‪ ،‬مكة املكرمة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢39١ ،‬هـ‬
‫‪ .3٠‬البيان يف ع يد آي القرآن املؤلف‪ :‬عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداين‬
‫(املتوىف‪444 :‬هـ) احملقق‪ :‬غامن قدوري احلمد الناشر‪ :‬مركز املخطوطات والرتاث – الكويت‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٢4 ،‬هـ‪٢994 -‬م‬
‫‪ .38‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪ ،‬حممد بن حممد بن عبد الرزاق الزبيدي‪ ،‬ت ‪:‬‬
‫جمموعة من احملققني ‪ ،‬دار اهلداية‬
‫‪ .39‬تاريخ الفكر العريب د‪ .‬عمر فروخ دار العلم للماليني بريوت ‪٢39١-‬هـ‬
‫‪ .4٠‬تاريخ القرآن الكرمي املؤلف‪ :‬حممد طاهر بن عبد القادر الكردي املكي الشافعي‬
‫اخلطاط (املتوىف‪٢4٠٠ :‬هـ) ملتزم طبعه ونشره‪ :‬مصطفى حممد يغمور مبكة طبع للمرة األوىل‪:‬‬
‫مبطبعة الفتح جبدة ‪ -‬احلجاز عام ‪ ٢365‬هـ و ‪ ٢946‬م‬
‫‪ .4٢‬تاريخ بغداد املؤلف‪ :‬أمحد بن علي أبو بكر اخلطيب البغدادي الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية – بريوت‪.‬‬
‫‪ .4١‬التبيان يف آداب محلة القرآن املؤلف‪ :‬أبو زكريا حميي الدين حيىي بن شرف النووي‬
‫(املتوىف‪6٠6 :‬هـ) حققه وعلق عليه‪ :‬حممد احلجار الطبعة‪ :‬الثالثة مزيدة ومنقحة‪ ٢4٢4 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ٢994‬م الناشر‪ :‬دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪395‬‬
‫‪ .43‬التبيان يف أقسام القرآن املؤلف‪ :‬حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد مش الدين ابن‬
‫قيم اجلوزية (املتوىف‪٠5٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد حامد الفقي الناشر‪ :‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫‪ .44‬التبيان يف تفسري غريب القرآن املؤلف‪ :‬أمحد بن حممد بن عماد الدين بن علي‪ ،‬أبو‬
‫العباس‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬ابن اهلائم (املتوىف‪8٢5 :‬هـ) احملقق‪ :‬د ضاحي عبد الباقي حممد الناشر‪:‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4١3 -‬هـ‬
‫‪ .45‬حتفة اإلخوان برتاجم بعض األعيان لسماحة الشيخ ابن باز‪ ،‬اعتل به عبد العزيز بن‬
‫إبراهيم بن قاسم القاضي باحملكمة العامة بالرياض سابقاً‬
‫‪ .46‬حتفة األشراف مبعرفة األطراف املؤلف‪ :‬مجال الدين أبو احلجاج يوسف بن عبد الرمحن‬
‫املزي (املتوىف‪٠4١ :‬هـ) احملقق‪ :‬عبد الصمد شرف الدين طبعة‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬والدار‬
‫القييمة الطبعة‪ :‬الثانية‪٢4٠3 :‬هـ‪٢983 ،‬م‬
‫‪ .4٠‬حتقيق القول بالعمل باحلديث الضعيف املؤلف‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز عبد الرمحن بن حممد‬
‫العثيم الناشر‪ :‬اجلامعة االسالمية باملدينة املنورة‬
‫‪ .48‬تدريب الراوي يف شرح تقريب النواوي املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين‬
‫السيوطي (املتوىف‪9٢٢ :‬هـ) حققه‪ :‬أبو قتيبة نظر حممد الفاريايب الناشر‪ :‬دار طيبة‬
‫‪ .49‬تذكرة احلفاو للذهيب‪ ،‬تصحيح عبد الرمحن املعلمي‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‬
‫‪ .5٠‬الرتاويح أكثر من ألف عام يف املسجد النبوي املؤلف‪ :‬عطية بن حممد سامل (املتوىف‪:‬‬
‫‪٢4١٠‬هـ) الناشر‪ :‬جملة اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‬
‫‪ .5٢‬ترمجة القرآن الكرمي باللغة اإلنكليزية‪ ،‬د‪ .‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬د‪ .‬حممد حمسن‬
‫خان‪ ،‬ط‪ .‬األوىل‪ ،‬عام ‪٢9٠8‬هـ‬
‫‪ .5١‬ترمجة القرآن الكرمي باللغة اإلنكليزية‪ ،‬د‪ .‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬د‪ .‬حممد حمسن‬
‫خان‪ ،‬ط‪ .‬األوىل‪ ،‬عام ‪٢9٠8‬هـ‪ ،‬صورهتا من بيت الشيخ اهلاليل‪.‬‬
‫‪ .53‬التعرف ملذهب أهل التصوف التصوف ‪ ،‬أبو بكر حممد الكالباذي ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ ،‬بريوت ‪٢4٠٠ ،‬هـ‬
‫‪ .54‬التعريفات‪ ،‬املؤلف‪ :‬علي بن حممد بن علي اجلرجاين الناشر‪ :‬دار الكتاب العريب –‬
‫بريوت الطبعة األوىل‪ ٢4٠5 ،‬حتقيق‪ :‬إبراهيم األبياري‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫‪ .55‬تفسري اإلمام الشافعي املؤلف‪ :‬الشافعي أبو عبد اهلل حممد بن إدري بن العباس بن‬
‫عثمان بن شافع بن عبد املطلب بن عبد مناف املطليب القرشي املكي (املتوىف‪١٠4 :‬هـ) مجع‬
‫الفران (رسالة دكتوراه) الناشر‪ :‬دار التدمرية ‪ -‬اململكة‬
‫وحتقيق ودراسة‪ :‬د‪ .‬أمحد بن مصطفى َّ‬
‫العربية السعودية الطبعة األوىل‪ ١٠٠6 - ٢4١٠ :‬م‬
‫‪ .56‬تفسري الراغب األصفهاين املؤلف ‪:‬أبو القاسم احلسني بن حممد املعروف بالراغب‬
‫األصفهاىن حتقيق ودراسة ‪:‬د ‪.‬حممد عبد العزيز بسيوين الناشر ‪:‬كلية اآلداب ‪ -‬جامعة طنطا‬
‫الطبعة األوىل ‪ ٢٠4١:‬ه‬
‫‪ .5٠‬تفسري القرآن العظيم املؤلف‪ :‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي‬
‫(املتوىف‪٠٠4 :‬هـ) احملقق‪ :‬حممود حسن الناشر‪ :‬دار الفكر الطبعة‪ :‬الطبعة اجلديدة ‪٢4٢4‬هـ‬
‫‪ .58‬تفسري القرآن العظيم البن أيب حامت املؤلف‪ :‬أبو حممد عبد الرمحن بن حممد بن إدري‬
‫بن املنذر التميمي‪ ،‬احلنظلي‪ ،‬الرازي ابن أيب حامت (املتوىف‪3١٠ :‬هـ) احملقق‪ :‬أسعد حممد الطيب‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة نزار مصطفى الباز ‪ -‬اململكة العربية السعودية الطبعة‪ :‬الثالثة ‪٢4٢9 -‬هـ‬
‫‪ .59‬التفسري واملفسرون املؤلف‪ :‬الدكتور حممد السيد حسني الذهيب (املتوىف‪٢398 :‬هـ)‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ .6٠‬التقرير والتحبري املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬مش الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف‬
‫بابن أمري حاج ويقال له ابن املوقت احلنفي (املتوىف‪8٠9 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪٢4٠3 ،‬هـ ‪٢983 -‬م‬
‫‪ .6٢‬تقومي اللسانني‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬املكتب التعليمي السعودي‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ .6١‬تلبي إبلي املؤلف‪ :‬مجال الدين أبو الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممد اجلوزي‬
‫(املتوىف‪59٠ :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬بريزت‪ ،‬لبنان الطبعة األوىل‪٢4١٢ ،‬هـ‪/‬‬
‫‪١٠٠٢‬م‬
‫‪ .63‬التمسك بالسنن والتحذير من البدع املؤلف‪ :‬مش الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد‬
‫بن عثمان بن ق ْامياز الذهيب (املتوىف‪٠48 :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد با كرمي حممد با عبد اهلل الناشر‪:‬‬
‫اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‬

‫‪397‬‬
‫‪ .64‬تنقيح التحقيق يف أحاديث التعليق املؤلف ‪ :‬مش الدين حممد بن أمحد بن عبد اهلادي‬
‫احلنبلي (املتوىف ‪٠44 :‬هـ) حتقيق ‪ :‬سامي بن حممد بن جاد اهلل وعبد العزيز بن ناصر اخلباين‬
‫دار النشر ‪ :‬أضواء السلف – الرياض الطبعة ‪ :‬األوىل ‪٢4١8 ،‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .65‬هتذيب التهذيب املؤلف‪ :‬أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر‬
‫العسقالين (املتوىف‪85١ :‬هـ) الناشر‪ :‬مطبعة دائرة املعارف النظامية‪ ،‬اهلند الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪٢3١6‬هـ‬
‫‪ .66‬هتذيب اللغة أبو منصور حممد بن أمحد األزهري دار النشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‬
‫‪ -‬بريوت ‪١٠٠٢ -‬م الطبعة‪ :‬األوىل حتقيق‪ :‬حممد عوض مرعب‬
‫‪ .6٠‬هتذيب اللغة أبو منصور حممد بن أمحد األزهري دار النشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب ‪-‬‬
‫بريوت ‪١٠٠٢ -‬م الطبعة‪ :‬األوىل حتقيق‪ :‬حممد عوض مرعب‬
‫‪ .68‬توحيد اهلل بالعبادة ‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل ‪ ،‬دار الكتاب والسنة يف مصر الطبعة‬
‫األوىل ‪١٠٠٠‬م ‪.‬‬
‫‪ .69‬جامع البيان يف تأويل القرآن املؤلف‪ :‬حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب ‪ ،‬أبو‬
‫جعفر الطربي ت‪ 3٢٠‬هـ احملقق‪ :‬أمحد حممد شاكر الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪ ٢4١٠‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .٠٠‬جامع العلوم واحلكم يف شرح مخسني حديثا من جوامع الكلم املؤلف‪ :‬زين الدين عبد‬
‫الرمحن بن أمحد بن رجب بن احلسن‪ ،‬السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬مث الدمشقي‪ ،‬احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪٠95‬هـ) احملقق‪ :‬شعيب األرناؤوط ‪ -‬إبراهيم باج الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة – بريوت الطبعة‪:‬‬
‫السابعة‪٢4١١ ،‬هـ ‪١٠٠٢ -‬م‬
‫‪ .٠٢‬اجلامع ألحكام القرآن املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح القرطيب‬
‫(املتوىف‪6٠٢ :‬هـ) حتقيق‪ :‬أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش الناشر‪ :‬دار الكتب املصرية – القاهرة‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪٢384 ،‬هـ ‪ ٢964 -‬م‬
‫‪ .٠١‬جريدة اإلصالح املغربية‪ .‬حلركة العلمية والثقافية بتطوان من احلماية إىل االستقالل‬
‫(‪٢3٠6 /٢33٢‬هـ) تأليف االستاذ رادري خليفة‪ ،‬وزارة االوقاف والشؤون االسالمية الرباط‬
‫‪ ٢4٢4‬هـ‬

‫‪398‬‬
‫‪ .٠3‬مجهرة اللغة‪ ،‬البن دريد‪ ،‬حتقيق رمزي بعلبكي‪ ،‬نشر دار العلم للماليني‪ ،‬ط‪/ ٢‬‬
‫‪٢9٠8‬م‪.‬‬
‫‪ .٠4‬جهود العالمة حممد تقي الدين اهلاليل احلسيين‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬يف تقرير عقيدة السلف‬
‫والرد على املخالفني رسالة ماجستري لألخ عبد الرمحن بن حممد عميسان‪ ،‬باجلامعة اإلسالمية‬
‫باملدينة املنورة كلية الدعوة وأصول الدين‬
‫‪ .٠5‬حاشية مقدمة التفسري (املقدمة واحلاشية كالمها للشيخ ابن قاسم رمحه اهلل) املؤلف‪:‬‬
‫عبد الرمحن بن حممد بن قاسم العاصمي القحطاين احلنبلي النجدي (املتوىف‪٢39١ :‬هـ)‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ ٢4٢٠ ،‬هـ ‪ ٢99٠ -‬م‬
‫‪ .٠6‬احلسام املاحق لكل مشرك ومنافق‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬ط‪.‬األوىل‪ ،‬عام‬
‫‪٢4٠٠‬هـ‪ ،‬إدارة البحوث اإلسالمية والدعوة واإلفتاء باجلامعة السلفية بنارس‪ ،‬اهلند‪.‬‬
‫‪ .٠٠‬حسن احملاضرة" يف تاريخ مصر والقاهرة املؤلف ‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين‬
‫السيوطي (املتوىف ‪9٢٢ :‬هـ) احملقق ‪ :‬حممد أبو الفضل إبراهيم الناشر ‪ :‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية ‪ -‬عيسى البايب احلليب وشركاه – مصر الطبعة ‪ :‬األوىل ‪ ٢38٠‬هـ ‪ ٢96٠ -‬م‬
‫‪ .٠8‬حقيقة البدعة وأحكامها املؤلف‪ :‬سعيد بن ناصر الغامدي الناشر‪ :‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫الرياض‬
‫‪ .٠9‬احليوان املؤلف‪ :‬عمرو بن حبر بن حمبوب الكناين بالوالء‪ ،‬الليثي‪ ،‬أبو عثمان‪ ،‬الشهري‬
‫باجلاحظ (املتوىف‪١55 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬الثانية‪ ٢4١4 ،‬هـ‬
‫‪ .8٠‬دراسات يف علوم القرآن الكرمي املؤلف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن بن سليمان الرومي‬
‫الناشر‪ :‬حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف الطبعة‪ :‬الثانية عشرة ‪٢4١4‬هـ ‪١٠٠3 -‬م‬
‫‪ .8٢‬الدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة احلافظ شهاب الدين أيب الفضل أمحد بن علي بن‬
‫حممد العسقالين سنة الوالدة ت ‪85١‬هـ حتقيق حممد عبد املعيد ضان الناشر جمل دائرة‬
‫املعارف العثمانية سنة النشر ‪٢39١‬هـ‪٢9٠١ /‬م مكان النشر حيدر آباد‪ /‬اهلند‪.‬‬
‫‪ .8١‬الدعوة إىل اهلل‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬ط‪ .‬األوىل‪ ،‬عام ‪٢4١4‬هـ‪ ،‬مكتبة الصحابة‪،‬‬
‫اإلمارات‪ ،‬الشارقة‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫‪ .83‬دفع إيهام االضطراب عن آيات الكتاب املؤلف ‪ :‬حممد األمني بن حممد املختار بن‬
‫عبد القادر اجلكين الشنقيطي (املتوىف ‪٢393 :‬هـ) الناشر ‪ :‬مكتبة ابن تيمية ‪ -‬القاهرة ‪ ،‬توزيع‬
‫‪ :‬مكتبة اخلراز – جدة الطبعة ‪ :‬األوىل ‪ ٢4٢٠‬هـ ‪ ٢996 -‬م‬
‫‪ .84‬ديوان املبتدأ واخلرب يف تاريخ العرب والرببر ومن عاصرهم من ذوي الشأن األكرب‬
‫املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن حممد بن حممد‪ ،‬ابن خلدون أبو زيد‪ ،‬ويل الدين احلضرمي اإلشبيلي‬
‫(املتوىف‪8٠8 :‬هـ) احملقق‪ :‬خليل شحادة الناشر‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بريوت الطبعة‪ :‬الثانية‪ ٢4٠8 ،‬هـ‬
‫‪ ٢988 -‬م‬
‫‪ .85‬ديوان منحة الكبري املتعايل يف شعر اهلاليل‪ ،‬للشيخ حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬قرأه‬
‫وضبط نصه وعلق عليه ووثق شعره واستدرك عليه مشهور بن حسن آل سلمان‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪٢43٢‬هـ‪ ،‬دار األثرية‪ ،‬األردن‬
‫‪ .86‬ديوان منحة الكبري املتعايل يف شعر اهلاليل‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬خمطوط‪.‬‬
‫‪ .8٠‬ذكريات علي الطنطاوي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪٢4٠9‬هـ‪ ،‬دار املنار للنشر والتوزيع‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .88‬ذيل األعالم ‪ ،‬ألمحد العالونة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4٢8‬هـ‪،‬دار املنار‪.‬‬
‫‪ .89‬ذيل طبقات احلنابلة املؤلف‪ :‬زين الدين عبد الرمحن بن أمحد بن رجب بن احلسن‪،‬‬
‫السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬مث الدمشقي‪ ،‬احلنبلي (املتوىف‪٠95 :‬هـ) احملقق‪ :‬د عبد الرمحن بن سليمان‬
‫العثيمني الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان – الرياض الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4١5 ،‬هـ ‪ ١٠٠5 -‬م‬
‫‪ .9٠‬الرسالة التدمرية ‪ ،‬ألمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين ‪ ،‬املطبعة السلفية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪٢39٠ ،‬هـ ‪٢9٠٠-‬م‬
‫‪ .9٢‬روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين املؤلف‪ :‬أبو الفضل حممود األلوسي‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‬
‫‪ .9١‬الروح يف الكالم على أرواح األموات واألحياء بالدالئل من الكتاب والسنة ‪ ،‬البن قيم‬
‫اجلوزي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪٢395 ،‬هـ ‪٢9٠5 -‬م‬
‫‪ .93‬روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل املؤلف‪:‬‬
‫أبو حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة اجلماعيلي املقدسي مث الدمشقي‬
‫احلنبلي‪ ،‬الشهري بابن قدامة املقدسي (املتوىف‪6١٠ :‬هـ) الناشر‪ :‬مؤسسة الرييان للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية ‪٢4١3‬هـ‪١٠٠١-‬م‬
‫‪411‬‬
‫‪ .94‬زاد املسري يف علم التفسري املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن علي بن حممد اجلوزي الناشر‪:‬‬
‫املكتب اإلسالمي – بريوت الطبعة الثالثة‪٢4٠4 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .95‬زاد املعاد يف هدي خري العباد املؤلف‪ :‬حممد بن أيب بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬مكتبة املنار اإلسالمية ‪ -‬بريوت – الكويت الطبعة الرابعة عشرة‪:‬‬
‫‪٢986 – ٢4٠٠‬‬
‫‪ .96‬سبيل الرشاد يف هدي خري العباد ‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل ‪ ،‬الدار األثرية يف عمان‬
‫األردن الطبعة الثانية ‪٢4١9‬هـ ‪ ،‬حتقيق وتعليق أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ‪.‬‬
‫‪ .9٠‬السراج املنري يف تنبيه مجاعة التبليغ على أخطائهم‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬ط‪.‬‬
‫األوىل‪٢399 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .98‬سلسلة األحاديث الضعيفة حملمد ناصر الدين األلباين‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪ .99‬السلفية الوهابية يف املغرب تقي الدين اهلاليل رائداً‪ ،‬ملخلص السبيت‪٢993 ،‬م‪ ،‬مطبعة‬
‫املعارف اجلديدة‪.‬‬
‫‪ .٢٠٠‬سنن أيب داود املؤلف‪ :‬سليمان بن األشعث أبو داود السجستاين األزدي الناشر‪ :‬دار‬
‫الفكر حتقيق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪.‬‬
‫‪ .٢٠٢‬سنن الرتمذي املؤلف‪ :‬حممد بن عيسى بن س ْورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الرتمذي‪ ،‬أبو‬
‫عيسى (املتوىف‪١٠9 :‬هـ) حتقيق وتعليق‪ :‬أمحد حممد شاكر (جـ ‪ )١ ،٢‬وحممد فؤاد عبد الباقي‬
‫(جـ ‪ )3‬وإبراهيم عطوة عوض املدرس يف األزهر الشريف (جـ ‪ )5 ،4‬الناشر‪ :‬شركة مكتبة‬
‫ومطبعة مصطفى البايب احلليب – مصر الطبعة‪ :‬الثانية‪ ٢395 ،‬هـ ‪ ٢9٠5 -‬م‬
‫‪ .٢٠١‬سنن النسائي أمحد بن شعيب أبو عبد الرمحن النسائي الناشر‪ :‬مكتب املطبوعات‬
‫اإلسالمية – حلب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ٢986 – ٢4٠6 ،‬حتقيق‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪.‬‬
‫‪ .٢٠3‬سري أعالم النبالء املؤلف‪ :‬مش الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن عثمان بن ق ْامياز‬
‫الذهيب (املتوىف‪٠48 :‬هـ) احملقق‪ :‬جمموعة من احملققني بإشراف الشيخ شعيب األرناؤوط الناشر‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬الثالثة‪ ٢4٠5 ،‬هـ ‪ ٢985 /‬م‬

‫‪410‬‬
‫‪ .٢٠4‬سرية ابن إسحاق (كتاب السري واملغازي) املؤلف‪ :‬حممد بن إسحاق بن يسار املطليب‬
‫بالوالء‪ ،‬املدين (املتوىف‪٢5٢ :‬هـ) حتقيق‪ :‬سهيل زكار الناشر‪ :‬دار الفكر – بريوت الطبعة‪:‬‬
‫األوىل ‪٢398‬هـ ‪٢9٠8/‬م‬
‫‪ .٢٠5‬شذرات الذهب البن العماد احلنبلي ‪،١6٠/١‬املؤلف‪ :‬عبد احلي بن أمحد بن حممد‬
‫ابن العماد العكري احلنبلي‪ ،‬أبو الفالح (املتوىف‪٢٠89 :‬هـ) حققه‪ :‬حممود األرناؤوط خرج‬
‫أحاديثه‪ :‬عبد القادر األرناؤوط الناشر‪ :‬دار ابن كثري‪ ،‬دمشق – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٠6 ،‬‬
‫هـ ‪٢986 -‬م‬
‫‪ .٢٠6‬شرح الزرقاين على موطأ اإلمام مالك املؤلف‪ :‬حممد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاين‬
‫املصري األزهري حتقيق‪ :‬طه عبد الرءوف سعد الناشر‪ :‬مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪٢4١4 ،‬هـ ‪١٠٠3 -‬م‬
‫‪ .٢٠٠‬شرح الكوكب املنري املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو البقاء حممد بن أمحد بن عبد العزيز بن علي‬
‫الفتوحي املعروف بابن النجار احلنبلي (املتوىف‪9٠١ :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد الزحيلي ونزيه محاد‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان الطبعة الثانية ‪٢4٢8‬هـ ‪ ٢99٠ -‬مـ‬
‫‪ .٢٠8‬شعب اإلميان املؤلف‪ :‬أبو بكر أمحد بن احلسني البيهقي الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية –‬
‫بريوت الطبعة األوىل‪ ٢4٢٠ ،‬حتقيق‪ :‬حممد السعيد بسيوين زغلول‬
‫‪ .٢٠9‬مش العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم املؤلف‪ :‬نشوان بن سعيد احلمريى اليمين‬
‫(املتوىف‪5٠3 :‬هـ) احملقق‪ :‬د حسني بن عبد اهلل العمري ‪ -‬مطهر بن علي اإلرياين ‪ -‬د يوسف‬
‫حممد عبد اهلل الناشر‪ :‬دار الفكر املعاصر (بريوت ‪ -‬لبنان)‪ ،‬دار الفكر (دمشق ‪ -‬سورية)‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4١٠ ،‬هـ ‪ ٢999 -‬م‬
‫‪ .٢٢٠‬الشنقيطي ومنهجه يف التفسري إعداد الطالب أمحد سيد حسانني إمساعيل الشيمي‬
‫جامعة القاهرة ‪ ،‬كلية دار العلوم ‪ ،‬قسم الشريعة اإلسالمية ‪٢4١١‬ه‪ .‬وكتاب اجتاهات التفسري‬
‫يف القرن الرابع عشر املؤلف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن بن سليمان الرومي الناشر‪ :‬طبع بإذن‬
‫رئاسة إدارات البحوث العلمية واالفتاء والدعوة واالرشاد يف اململكة العربية السعودية برقم‬
‫‪ 5 /95٢‬وتاريخ ‪ ٢4٠6/8/5‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪٢4٠٠‬هـ‪٢986 -‬م‬

‫‪412‬‬
‫‪ .٢٢٢‬الشيخ عبد العزيز بن باز‪-‬رمحه اهلل ‪-‬منوذج من الرعيل األول‪ ،‬للشيخ عبد احمل العباد‬
‫السادس من شهر صفر عام ‪٢4١٠‬هـ يف مسجد اجلامعة‬ ‫‪ ،‬هي حماضرة ألقيت ليلة اجلمعة ي‬
‫املنورة‪.‬‬
‫اإلسالميية باملدينة ي‬
‫‪ .٢٢١‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية املؤلف‪ :‬أبو نصر إمساعيل بن محاد اجلوهري الفارايب‬
‫(املتوىف‪393 :‬هـ) حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار الناشر‪ :‬دار العلم للماليني – بريوت الطبعة‪:‬‬
‫الرابعة ‪ ٢4٠٠‬هـ ‪ ٢98٠ -‬م‬
‫‪ .٢٢3‬صحيح البخاري‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل البخاري اجلعفي الناشر‪ :‬دار ابن‬
‫كثري‪ ،‬اليمامة – بريوت الطبعة الثالثة‪ ٢98٠ – ٢4٠٠ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬مصطفى ديب‪.‬‬
‫‪ .٢٢4‬صحيح مسلم املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن العدل إىل رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم املؤلف‪ :‬مسلم بن احلجاج أبو احلسن القشريي النيسابوري (املتوىف‪١6٢ :‬هـ)‬
‫احملقق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‬
‫‪ .٢٢5‬صفة الصفوة عبد الرمحن بن علي بن حممد أبو الفرج ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪٢399 ،‬هـ ‪٢9٠9-‬م‬
‫‪ .٢٢6‬الصوارم األسنة يف الذب عن السنة تأليف الشيخ احملدث حممد بن أيب مدين الشنقيطي‬
‫املالكي‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4٠٠‬هـ ‪،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .٢٢٠‬طبقات احلفاو املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي (املتوىف‪:‬‬
‫‪9٢٢‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٠3 ،‬‬
‫‪ .٢٢8‬طبقات احلنابلة املؤلف‪ :‬أبو احلسني ابن أيب يعلى‪ ،‬حممد بن حممد (املتوىف‪5١6 :‬هـ)‬
‫احملقق‪ :‬حممد حامد الفقي الناشر‪ :‬دار املعرفة – بريوت‪.‬‬
‫‪ .٢٢9‬طبقات الشافعية ـ البن قاضى شهبة املؤلف‪ :‬أبو بكر بن أمحد بن حممد بن عمر بن‬
‫قاضي شهبة حتقيق‪ :‬د‪ .‬احلافظ عبد العليم خان دار النشر‪ :‬عامل الكتب ‪ -‬بريوت ‪٢4٠٠ -‬‬
‫هـ الطبعة‪ :‬األوىل‪.‬‬
‫‪ .٢١٠‬طبقات الصوفية أليب عبد الرمحن للسلمي ‪ ،‬ت ‪ :‬نور الدين سرييه ‪ ،‬مكتبة اخلاجني ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪٢4٢8 ،‬هـ‬

‫‪413‬‬
‫‪ .٢١٢‬طبقات املفسرين للسيوطي ملؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‬
‫(املتوىف‪9٢٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬علي حممد عمر الناشر‪ :‬مكتبة وهبة – القاهرة الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪٢396‬‬
‫‪ .٢١١‬الطريق إىل اهلل‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬ط‪ .‬األوىل‪ ،‬عام ‪٢39٠‬هـ‪ ،‬دار الفتح‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .٢١3‬العدة يف أصول الفقه املؤلف ‪ :‬القاضي أبو يعلى ‪ ،‬حممد بن احلسني بن حممد بن‬
‫خلف ابن الفراء (املتوىف ‪458 :‬هـ) حققه وعلق عليه وخرج نصه ‪ :‬د أمحد بن علي بن سري‬
‫املباركي‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثانية ‪ ٢4٢٠‬هـ ‪ ٢99٠ -‬م‬
‫‪ .٢١4‬العقد الفريد املؤلف‪ :‬أبو عمر‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن حممد بن عبد ربه ابن حبيب‬
‫ابن حدير بن سامل املعروف بابن عبد ربه األندلسي (املتوىف‪3١8 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4٠4 ،‬ه‬
‫‪ .٢١5‬العقود الدرية من مناقب شيخ اإلسالم أمحد بن تيمية املؤلف ‪:‬مش الدين حممد بن‬
‫أمحد بن عبد اهلادي بن يوسف الدمشقي احلنبلي احملقق ‪:‬حممد حامد الفقي الناشر ‪:‬دار‬
‫الكاتب العريب – بريوت‬
‫‪ .٢١6‬علماء جند خالل مثانية قرون‪ ،‬عبد اهلل بن عبد الرمحن بن صاحل آل بسام‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪٢4٢9‬هـ‪ ،‬دار العاصمة‪.‬‬
‫‪ .٢١٠‬علماء ومفكرون عرفتهم‪ ،‬حملمد اجملذوب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الشواف‪.‬‬
‫‪ .٢١8‬عوارف املعارف للسهروردي عبد القاهر بن عبد اهلل ‪ ،‬دار الكتاب العريب ‪ ،‬بريوت ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪٢4٠3 ،‬هـ‬
‫‪ .٢١9‬العني أليب عبد الرمحن اخلليل بن أمحد الفراهيدي ت ‪ :‬د‪.‬مهدي املخزومي ود‪.‬إبراهيم‬
‫السامرائي الناشر ‪ :‬دار ومكتبة اهلالل‬
‫‪ .٢3٠‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان املؤلف‪ :‬نظام الدين احلسن بن حممد بن حسني القمي‬
‫النيسابوري (املتوىف‪85٠ :‬هـ) احملقق‪ :‬الشيخ زكريا عمريات الناشر‪ :‬دار الكتب العلميه –‬
‫بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4٢6 -‬هـ‬

‫‪414‬‬
‫‪ .٢3٢‬غريب احلديث املؤلف‪ :‬أبو سليمان محد بن حممد بن إبراهيم بن اخلطاب البسيت‬
‫املعروف باخلطايب (املتوىف‪388 :‬هـ) احملقق‪ :‬عبد الكرمي إبراهيم الغرباوي‪ ،‬وخرج أحاديثه‪ :‬عبد‬
‫القيوم عبد رب النيب الناشر‪ :‬دار الفكر الطبعة‪٢4٠١ :‬هـ ‪٢98١ -‬م‬
‫‪ .٢3١‬الفتاوى احلديثية البن حجر اهليتمي املؤلف‪ :‬أمحد شهاب الدين ابن حجر اهليتمي‬
‫املكي دار النشر‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .٢33‬الفتاوى الكربى ‪ -‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين أبو العباس‪ :‬ت ‪ :‬حسنني‬
‫حممد خملوف ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪ .٢34‬فتح اجلليل يف ترمجة وثبت شيخ احلنابلة عبد اهلل بن عبد العزيز العقيل‪ ،‬مجع وختريج‬
‫حممد زياد بن عمر الكتلة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4١5‬هـ‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .٢35‬فتح القدير للشوكاين املؤلف‪ :‬حممد بن علي بن حممد بن عبد اهلل الشوكاين اليمين‬
‫(املتوىف‪٢١5٠ :‬هـ) الناشر‪ :‬دار ابن كثري‪ ،‬دار الكلم الطيب ‪ -‬دمشق‪ ،‬بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‬
‫‪ ٢4٢4 -‬هـ‬
‫‪ .٢36‬الفرقان بني أولياء الرمحن وأولياء الشيطان لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،‬مطابع الرياض ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‬
‫‪ .٢3٠‬الفروق = أنوار الربوق يف أنواء الفروق املؤلف‪ :‬أبو العباس شهاب الدين أمحد بن‬
‫إدري بن عبد الرمحن املالكي الشهري بالقرايف (املتوىف‪684 :‬هـ) الناشر‪ :‬عامل الكتب‬
‫‪ .٢38‬قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم‬
‫بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي‬
‫(املتوىف‪٠١8 :‬هـ) احملقق‪ :‬ربيع بن هادي عمري املدخلي الناشر‪ :‬مكتبة الفرقان – عجمان‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل (ملكتبة الفرقان) ‪٢4١١‬هـ ‪١٠٠٢ -‬هـ‬
‫‪ .٢39‬القاموس احمليط املؤلف‪ :‬جمد الدين أبو طاهر حممد بن يعقوب الفريوزآبادى (املتوىف‪:‬‬
‫قسوسي‬‫‪8٢٠‬هـ) حتقيق‪ :‬مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة بإشراف‪ :‬حممد نعيم العر ُ‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت – لبنان الطبعة‪ :‬الثامنة‪ ٢4١6 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ١٠٠5‬م‬
‫‪ .٢4٠‬قبسة من أنوار الوحي‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬ط‪ .‬األوىل‪ ،‬عام ‪٢4٠5‬هـ‪ ،‬مكتبة‬
‫املعارف‪ ،‬املغرب‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪415‬‬
‫‪ .٢4٢‬القرآن وعلومه‪ ،‬احلديث وعلومه "مطبوع ضمن موسوعة احلضارة العربية‬
‫واإلسالمية"املؤلف‪ :‬حممد أمحد خلف اهلل الناشر‪ :‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة‪:‬‬
‫الطبعة األوىل ‪٢986‬‬
‫‪ .٢4١‬قواطع األدلة يف األصول املؤلف‪ :‬أبو املظفر‪ ،‬منصور بن حممد بن عبد اجلبار ابن أمحد‬
‫املروزى السمعاين التميمي احلنفي مث الشافعي (املتوىف‪489 :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد حسن حممد‬
‫حسن امساعيل الشافعي الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪٢4٢8‬هـ‪٢999/‬م‬
‫‪ .٢43‬كتاب أحداث مثرية يف حياة الشيخ العالمة األلباين رمحه اهلل‪ ،‬إعداد حممد صاحل‬
‫املنجد‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار اإلميان للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .٢44‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل املؤلف‪ :‬أبو القاسم حممود بن عمرو بن أمحد‪،‬‬
‫الزخمشري جار اهلل (املتوىف‪538 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتاب العريب – بريوت الطبعة‪ :‬الثالثة ‪-‬‬
‫‪٢4٠٠‬هـ‬
‫‪ .٢45‬كشف الظنون حلاجي خليفة ‪ ،‬بريوت ‪٢4٠١ ،‬هـ‬
‫‪ .٢46‬كيف يريب يهود الواليات املتحدة أوالدهم‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬عام ‪٢4٠3‬هـ‪،‬‬
‫مطابع النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ .٢4٠‬لباب التأويل يف معاين التنزيل املؤلف‪ :‬عالء الدين علي بن حممد بن إبراهيم بن عمر‬
‫الشيحي أبو احلسن‪ ،‬املعروف باخلازن (املتوىف‪٠4٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬تصحيح حممد علي شاهني‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4٢5 -‬ه‬
‫‪ .٢48‬اللباب يف علوم الكتاب املؤلف‪ :‬أبو حفص عمر بن علي ابن عادل الدمشقي احلنبلي‬
‫دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ /‬لبنان الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4٢9 -‬هـ ‪ ٢998-‬م‬
‫‪ .٢49‬لسان العرب حممد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‬
‫‪ .٢5٠‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر املؤلف‪ :‬حممد عجاج بن حممد متيم بن صاحل بن‬
‫عبد اهلل اخلطيب الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬التاسعة عشر ‪ ٢4١١‬هـ ‪١٠٠٢ -‬م‬
‫‪ .٢5٢‬حملات من املاضي مذكرات عبداهلل خياط‪ ،‬لعبد اهلل عبد الغين خياط الطبعة األوىل‬
‫‪ ،٢4١5‬دارة امللك عبدالعزيز‪ ،‬الرياض‬
‫‪416‬‬
‫‪ .٢5١‬اللمع ‪ ،‬الطوسي أبو نصر السراج ‪ ،‬ت ‪ :‬د‪.‬عبد احلليم حممود طه عبد الباقي سرور ‪،‬‬
‫دار الكتب احلديثة مبصر ‪٢96٠ ،‬م‪.‬‬
‫‪ .٢53‬لوامع األنوار البهية وسواطع األسرار األثرية لشرح الدرة املضية يف عقد الفرقة املرضية‬
‫املؤلف‪ :‬مش الدين‪ ،‬أبو العون حممد بن أمحد بن سامل السفاريين احلنبلي (املتوىف‪٢٢88 :‬هـ)‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة اخلافقني ومكتبتها – دمشق الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ٢4٠١ -‬هـ ‪ ٢98١ -‬م‬
‫‪ .٢54‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل ‪ ،‬دار الكتاب والسنة يف‬
‫مصر الطبعة األوىل سنة ‪١٠٠٠‬م‬
‫‪ .٢55‬مباحث يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬مناع بن خليل القطان (املتوىف‪٢4١٠ :‬هـ) الناشر‪:‬‬
‫مكتبة املعارف للنشر والتوزيع الطبعة الثالثة ‪٢4١٢‬هـ‪١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .٢56‬جماز القرآن ‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو عبيدة معمر بن املثل التيمى البصري (املتوىف‪١٠9 :‬هـ)‬
‫احملقق‪ :‬حممد فواد سزكني الناشر‪ :‬مكتبة اخلاجنى – القاهرة الطبعة‪ ٢38٢ :‬هـ‬
‫‪ .٢5٠‬جملة االستجابة السودانية‪ ،‬العد التاسع السنة الثالثة‪ ،‬من شهر رمضان عام ‪٢4٠8‬هـ‪،‬‬
‫السودان‪.‬‬
‫‪ .٢58‬جملة البحوث اإلسالمية‪ ،‬الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء باململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬اإلصدار ‪ :‬من ذو القعدة إىل صفر لسنة ‪٢4٠3‬هـ ‪٢4٠4‬هـ‬
‫‪ .٢59‬جملة صوت األمة‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬العدد الثاين شعبان ‪٢4٠8‬هـ‪ ،‬إبريل ‪٢988‬م‬
‫(ص‪.)54-45‬‬
‫‪ .٢6٠‬جملة صوت اجلامعة السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬شعبان ‪٢39٢‬هـ‪.‬‬
‫‪ .٢6٢‬جممل اللغة البن فارس املؤلف‪ :‬أمحد بن فارس بن زكرياء القزويين الرازي‪ ،‬أبو احلسني‬
‫(املتوىف‪395 :‬هـ) دراسة وحتقيق‪ :‬زهري عبد احملسن سلطان دار النشر‪ :‬مؤسسة الرسالة –‬
‫بريوت الطبعة الثانية ‪ ٢4٠6 -‬هـ ‪ ٢986 -‬م‬
‫‪ .٢6١‬اجملموع شرح املهذب ((مع تكملة السبكي واملطيعي)) املؤلف‪ :‬أبو زكريا حميي الدين‬
‫حيىي بن شرف النووي (املتوىف‪6٠6 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الفكر ‪.‬‬
‫‪ .٢63‬اجملموع يف ترمجة العالمة احملدث الشيخ محاد بن حممد األنصاري رمحه اهلل وسريته‬
‫وأقواله ورحالته‪ ،‬لعبد األول بن محاد األنصاري‪ ،‬الطبعة واألوىل ‪٢4١١‬هـ ‪١٠٠١ -‬م‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫بن ُحم َّمد‬
‫‪ .٢64‬جمموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية املؤلف‪ :‬أبو ُحم َّمد‪ ،‬صاحلُ ُ‬
‫القحطاين اعتل بإخراجها‪ :‬متعب بن مسعود اجلعيد الناشر‪ :‬دار‬ ‫ب نن حسن ُ‬
‫آل عُم ِّري‪ ،‬األمسري‪ْ ،‬‬
‫الصميعي للنشر والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4١٠ ،‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .٢65‬حماسن التأويل املؤلف‪ :‬حممد مجال الدين بن حممد سعيد بن قاسم احلالق القامسي‬
‫(املتوىف‪٢33١ :‬هـ) احملقق‪ :‬حممد باسل عيون السود الناشر‪ :‬دار الكتب العلميه – بريوت‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4٢8 -‬ه‬
‫‪ .٢66‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز املؤلف‪ :‬أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عبد‬
‫الرمحن بن متام بن عطية األندلسي احملاريب (املتوىف‪54١ :‬هـ) احملقق‪ :‬عبد السالم عبد الشايف‬
‫حممد الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4١١ -‬هـ‬
‫‪ .٢6٠‬احملكم واحمليط األعظم املؤلف‪ :‬أبو احلسن علي بن إمساعيل بن سيده املرسي [ت‪:‬‬
‫‪458‬هـ] احملقق‪ :‬عبد احلميد هنداوي الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪ ٢4١٢‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .٢68‬حممد تقي الدين اهلاليل وجهوده يف الدعوة إىل اهلل تعاىل ‪-‬رسالة ماجستري ‪ -‬للدكتور‬
‫خالد الزهراين‬
‫‪ .٢69‬خمتصر خالفيات البيهقي املؤلف‪ :‬أمحد بن فرح (بسكون الراء) بن أمحد بن حممد بن‬
‫فرح اللَّخمى اإلشبيلى‪ ،‬نزيل دمشق‪ ،‬أبو العباس‪ ،‬شهاب الدين الشافعي (املتوىف‪699 :‬هـ)‬
‫احملقق‪ :‬د‪ .‬ذياب عبد الكرمي ذياب عقل الناشر‪ :‬مكتبة الرشد ‪ -‬السعودية ‪ /‬الرياض الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪٢4٢٠ ،‬هـ ‪٢99٠ -‬م‬
‫‪ .٢٠٠‬املستدرك على الصحيحني املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل احلاكم حممد بن عبد اهلل بن حممد بن‬
‫محدويه بن نُعيم بن احلكم الضيب الطهماين النيسابوري املعروف بابن البيع (املتوىف‪4٠5 :‬هـ)‬
‫حتقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪٢99٠ – ٢4٢٢‬‬
‫‪ .٢٠٢‬املستصفى املؤلف‪ :‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل الطوسي (املتوىف‪5٠5 :‬هـ) حتقيق‪:‬‬
‫حممد عبد السالم عبد الشايف الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٢3 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪٢993‬م‬

‫‪418‬‬
‫‪ .٢٠١‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل املؤلف‪ :‬أمحد بن حنبل احملقق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬الثانية ‪٢4١٠‬هـ‪٢999 ،‬م‬
‫‪ .٢٠3‬مسند البزار املؤلف‪ :‬أبو بكر أمحد بن عمرو بن عبد اخلالق بن خالد بن عبيد اهلل‬
‫العتكي املعروف بالبزار (املتوىف‪١9١ :‬هـ) احملقق‪ :‬حمفوو الرمحن زين اهلل‪( ،‬حقق األجزاء من ‪٢‬‬
‫إىل ‪ )9‬وعادل بن سعد (حقق األجزاء من ‪ ٢٠‬إىل ‪ )٢٠‬وصربي عبد اخلالق الشافعي (حقق‬
‫اجلزء ‪ )٢8‬الناشر‪ :‬مكتبة العلوم واحلكم ‪ -‬املدينة املنورة الطبعة‪ :‬األوىل‪( ،‬بدأت ‪٢988‬م‪،‬‬
‫وانتهت ‪١٠٠9‬م)‬
‫‪ .٢٠4‬معجم البلدان املؤلف‪ :‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي احلموي‬
‫(املتوىف‪6١6 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار صادر‪ ،‬بريوت الطبعة‪ :‬الثانية‪ ٢995 ،‬م‬
‫‪ .٢٠5‬معجم الشيوخ املؤلف‪ :‬ثقة الدين‪ ،‬أبو القاسم علي بن احلسن بن هبة اهلل املعروف‬
‫بابن عساكر (املتوىف‪5٠٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬الدكتورة وفاء تقي الدين الناشر‪ :‬دار البشائر – دمشق‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل ‪ ٢4١٢‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .٢٠6‬معجم املؤلفني املؤلف‪ :‬عمر بن رضا بن حممد راغب بن عبد الغين كحالة الدمشق‬
‫(املتوىف‪٢4٠8 :‬هـ) الناشر‪ :‬مكتبة املثل ‪ -‬بريوت‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب بريوت‬
‫‪ .٢٠٠‬املعجم الوسيط إبراهيم مصطفى ـ أمحد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ حممد النجار ‪ -‬دار‬
‫الدعوة ‪ -‬حتقيق‪ :‬جممع اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ .٢٠8‬معجم مقايي اللغة أليب احلسن أمحد بن فارس بن زكرياء ‪ ،‬ت ‪ :‬السالم هارون ‪ ،‬دار‬
‫اجليل ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪٢4١٠ ،‬هـ‬
‫‪ .٢٠9‬معجم مقايي اللغة‪ ،‬أليب احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪ ،‬حتقيق عبد السالم هارون‪،‬‬
‫دار اجليل بريوت الطبعة الثانية ‪٢4١٠‬هـ‬
‫‪ .٢8٠‬معرفة أنواع علوم احلديث‪ ،‬ويُعرف مبقدمة ابن الصالح املؤلف‪ :‬عثمان بن عبد الرمحن‪،‬‬
‫أبوعمرو‪ ،‬تقي الدين املعروف بابن الصالح (املتوىف‪643 :‬هـ) احملقق‪ :‬نور الدين عرت الناشر‪:‬‬
‫دار الفكر‪ -‬سوريا‪ ،‬دار الفكر املعاصر – بريوت سنة النشر‪٢4٠6 :‬هـ ‪٢986 -‬م‬
‫‪ .٢8٢‬معرفة علوم احلديث املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل احلاكم حممد بن عبد اهلل بن حممد بن محدويه‬
‫بن نُعيم بن احلكم الضيب الطهماين النيسابوري املعروف بابن البيع (املتوىف‪4٠5 :‬هـ) احملقق‪:‬‬

‫‪419‬‬
‫السيد معظم حسني الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬الثانية‪٢39٠ ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪٢9٠٠‬م‬
‫‪ .٢8١‬مفاتيح الغيب املؤلف‪ :‬فخر الدين حممد بن عمر التميمي الرازي‪ .‬دار النشر‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ -‬بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪٢4١٢ -‬هـ ‪ ١٠٠٠ -‬م‪.‬‬
‫‪ .٢83‬مقال كيف ودع العامل اجملاهد حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬صحيفة أخبار العامل اإلسالمي‬
‫إصدار رابطة العامل االسالمى مبكة املكرمة ‪٢4٠٠‬هـ‪ ،‬العدد ‪.٢٠5٠‬‬
‫‪ .٢84‬مقاالت اإلسالميني واختالف املصلني املؤلف‪ :‬علي بن إمساعيل األشعري أبو احلسن‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت الطبعة الثالثة حتقيق‪ :‬هلموت ريرت‬
‫‪ .٢85‬مقدمة يف أصول التفسري املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد‬
‫السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي (املتوىف‪:‬‬
‫‪٠١8‬هـ) الناشر‪ :‬دار مكتبة احلياة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان الطبعة‪٢49٠ :‬هـ‪٢98٠ /‬م‬
‫‪ .٢86‬املكتبة اإلسالمية املؤلف‪ :‬عماد علي مجعة الناشر‪ :‬سلسلة الرتاث العربيب اإلسالمي‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية ‪٢4١4‬هـ‪١٠٠3 ،‬م‬
‫‪ .٢8٠‬املكمد وقرة عني األرمد لشرح ثالثيات مسند اإلمام أمحد ‪ -‬حملمد بن أمحد بن سامل‬
‫السفاريين احلنبلي حتقيق عبد القادر األرنؤوط‪.‬‬
‫‪ .٢88‬من أعالم الدعوة واحلركة اإلسالمية املعاصرة‪ ،‬تأليف املستشار عبد اهلل عقيل سليمان‬
‫العقيل‪ ،‬الطبعة الثانية ‪٢4١٠‬هـ‪ ،‬دار التوزيع والنشر اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .٢89‬مناهل العرفان يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬حممد عبد العظيم الزْرقاين (املتوىف‪٢36٠ :‬هـ)‬
‫الناشر‪ :‬مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه الطبعة‪ :‬الطبعة الثالثة‬
‫‪ .٢9٠‬منهج االستنباط من القرآن الكرمي ‪ ،‬د ‪ .‬فهد بن مبارك الوهيب ‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫القرآنية مبعهد الشاطيب ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4١8‬هـ‬
‫‪ .٢9٢‬املنهل الروي يف خمتصر علوم احلديث النبوي املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬حممد بن إبراهيم بن‬
‫سعد اهلل بن مجاعة الكناين احلموي الشافعي‪ ،‬بدر الدين (املتوىف‪٠33 :‬هـ) احملقق‪ :‬د‪ .‬حميي‬
‫الدين عبد الرمحن رمضان الناشر‪ :‬دار الفكر – دمشق الطبعة‪ :‬الثانية‪٢4٠6 ،‬‬

‫‪401‬‬
‫‪ .٢9١‬املنهل الصايف واملستوىف بعد الوايف املؤلف‪ :‬يوسف بن تغري بردي بن عبد اهلل الظاهري‬
‫احلنفي‪ ،‬أبو احملاسن‪ ،‬مجال الدين (املتوىف‪8٠4 :‬هـ) حققه ووضع حواشيه‪ :‬دكتور حممد حممد‬
‫أمني تقدمي‪ :‬دكتور سعيد عبد الفتاح عاشور الناشر‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‬
‫الف ْق نه الْ ُمقارنن (حترير ملسائنلنه ودراستها دراسةً نظريَّةً تطبيقيَّةً)‬
‫ول ن‬‫‪ .٢93‬الْمه َّذب يف نع ْل نم أُص ن‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫املؤلف‪ :‬عبد الكرمي بن علي بن حممد النملة دار النشر‪ :‬مكتبة الرشد – الرياض الطبعة األوىل‪:‬‬
‫‪ ٢4١٠‬هـ ‪ ٢999 -‬م‬
‫‪ .٢94‬املهذب فيما وقع يف القرآن من املعرب املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين‬
‫السيوطي (املتوىف‪9٢٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬التهامي الراجي اهلامشي الناشر‪ :‬مطبعة فضالة ‪ -‬بإشراف‬
‫صندوق إحياء الرتاث اإلسالمي‪ ،‬املشرتك بني اململكة املغربية ودولة اإلمارات العربية املتحدة‬
‫‪ .٢95‬املوافقات املؤلف‪ :‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرناطي الشهري بالشاطيب‬
‫(املتوىف‪٠9٠ :‬هـ) احملقق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان الناشر‪ :‬دار ابن عفان‬
‫الطبعة‪ :‬الطبعة األوىل ‪٢4٢٠‬هـ‪٢99٠ /‬م‬
‫‪ .٢96‬املوسوعة امليسرة يف األديان واملذاهب املؤلف‪ :‬تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين‬
‫السبكي (املتوىف‪٠٠٢ :‬هـ) احملقق‪ :‬د‪ .‬حممود حممد الطناحي د‪ .‬عبد الفتاح حممد احللو الناشر‪:‬‬
‫هجر للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة‪ :‬الثانية‪٢4٢3 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .٢9٠‬ميزان االعتدال يف نقد الرجال املؤلف‪ :‬مش الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن‬
‫عثمان بن ق ْامياز الذهيب (املتوىف‪٠48 :‬هـ) حتقيق‪ :‬علي حممد البجاوي الناشر‪ :‬دار املعرفة‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت – لبنان الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢38١ ،‬هـ ‪ ٢963 -‬م‬
‫َّحاس أمحد بن حممد بن إمساعيل بن يون‬ ‫‪ .٢98‬الناسخ واملنسوخ املؤلف‪ :‬أبو جعفر الن َّ‬
‫املرادي النحوي (املتوىف‪338 :‬هـ) احملقق‪ :‬د‪ .‬حممد عبد السالم حممد الناشر‪ :‬مكتبة الفالح –‬
‫الكويت الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4٠8 ،‬‬
‫‪ .٢99‬النبأ العظيم نظرات جديدة يف القرآن الكرمي املؤلف ‪ :‬حممد بن عبد اهلل دراز (املتوىف ‪:‬‬
‫‪٢3٠٠‬هـ) اعتل به ‪ :‬أمحد مصطفى فضلية قدم له ‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد العظيم إبراهيم املطعين الناشر‬
‫‪ :‬دار القلم للنشر والتوزيع الطبعة ‪ :‬طبعة مزيدة وحمققة ‪٢4١6‬هـ‪١٠٠5 -‬م‬
‫‪ .١٠٠‬نبذة من علوم القرآن ‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل ‪ ،‬دار الكتاب والسنة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع يف مصر الطبعة األوىل ‪١٠٠٠‬م‬
‫‪400‬‬
‫‪ .١٠٢‬النبوات ‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين ‪ ،‬ت ‪ :‬عبد العزيز بن صاحل الطويان ‪،‬‬
‫أضواء السلف ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4١٠ ،‬هـ ‪١٠٠٠-‬م‬
‫‪ .١٠١‬نزهة النظر يف توضيح َنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر املؤلف‪ :‬أبو الفضل أمحد بن‬
‫علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسقالين (املتوىف‪85١ :‬هـ) احملقق‪ :‬عبد اهلل بن ضيف اهلل‬
‫الرحيلي الناشر‪ :‬مطبعة سفري بالرياض الطبعة‪ :‬األوىل‪٢4١١ ،‬ه‬
‫‪ .١٠3‬نشأة الفلسفة الصوفية‪ :‬عرفان عبد احلميد‪ ،‬املكتب اإلسالمي ط‪8‬‬
‫‪ .١٠4‬النفحة العنربية يف أنساب خري الربية للعالمة النسابة حممد كاظم بن أيب الفتوح بن‬
‫سليمان اليماين ‪ ،‬حتقيق السيد مهدي الرجائي ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪٢4٢9‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .١٠5‬النكت على كتاب ابن الصالح املؤلف‪ :‬أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد‬
‫بن حجر العسقالين (املتوىف‪85١ :‬هـ) احملقق‪ :‬ربيع بن هادي عمري املدخلي الناشر‪ :‬عمادة‬
‫البحث العلمي باجلامعة اإلسالمية‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‬
‫‪ .١٠6‬النكت يف القرآن الكرمي (يف معاين القرآن الكرمي وإعرابه) املؤلف‪ :‬علي بن فضَّال بن‬
‫اشعني القريواين‪ ،‬أبو احلسن (املتوىف‪4٠9 :‬هـ) دراسة وحتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل‬ ‫علي بن غالب املج ن‬
‫ُ‬
‫عبد القادر الطويل دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪ ٢4١8 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ١٠٠٠‬م‬
‫‪ .١٠٠‬النكت والعيون املؤلف‪ :‬أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب املاوردي البصري دار‬
‫النشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .١٠8‬النهاية يف غريب احلديث واألثر أبو السعادات املبارك بن حممد اجلزري ‪ ،‬ت ‪ :‬طاهر‬
‫أمحد الزاوى ‪ -‬حممود حممد الطناحي‪ :‬املكتبة العلمية ‪ -‬بريوت ‪٢399 ،‬هـ ‪٢9٠9 -‬م‬
‫‪ .١٠9‬نواسخ القرآن املؤلف‪ :‬مجال الدين أبو الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممد اجلوزي‬
‫(املتوىف‪59٠ :‬هـ) حتقيق‪ :‬حممد أشرف علي املليباري‪ ،‬وأصله رسالة ماجستري ‪ -‬اجلامعة‬
‫اإلسالمية ‪ -‬الدراسات العليا ‪ -‬التفسري ‪٢4٠٢ -‬هـ الناشر‪ :‬عمادة البحث العلمي باجلامعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية الطبعة‪ :‬الثانية‪٢4١3 ،‬هـ‪١٠٠3/‬م‬
‫‪ .١٢٠‬هدية العارفني أمساء املؤلفني وآثار املصنفني املؤلف‪ :‬إمساعيل بن حممد أمني بن مري‬
‫سليم الباباين البغدادي (املتوىف‪٢399 :‬هـ) الناشر‪ :‬طبع بعناية وكالة املعارف اجلليلة يف‬

‫‪402‬‬
‫مطبعتها البهية استانبول ‪ ٢95٢‬أعادت طبعه باألوفست‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب بريوت –‬
‫لبنان‬
‫‪ .١٢٢‬اهلدية اهلادية‪ ،‬حممد تقي الدين اهلاليل‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪ ،‬عام ‪٢39٠‬هـ‪.‬‬
‫‪ .١٢١‬الوايف بالوفيات املؤلف‪ :‬صالح الدين خليل بن أيبك بن عبد اهلل الصفدي (املتوىف‪:‬‬
‫‪٠64‬هـ) احملقق‪ :‬أمحد األرناؤوط وتركي مصطفى الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث – بريوت عام‬
‫النشر‪٢4١٠:‬هـ‪١٠٠٠ -‬م‬
‫‪ .١٢3‬الوجيز يف عقيدة السلف الصاحل أهل السنة واجلماعة ‪ ،‬عبد اهلل األثري ‪ ،‬مراجعة‬
‫وتقدمي صاحل آل الشيخ ‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية ‪ ،‬اململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬‬
‫‪٢4١١‬هـ‬
‫‪ .١٢4‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان املؤلف‪ :‬أبو العباس مش الدين أمحد بن حممد بن‬
‫أيب بكر بن خلكان احملقق‪ :‬إحسان عباس الناشر‪ :‬دار صادر – بريوت‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫فهرس املوضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪3‬‬ ‫املقدمة‪...............................................................‬‬
‫‪٢١‬‬ ‫التمهيد ‪..............................................................‬‬
‫‪49‬‬ ‫الفصل األول جهود اهلاليل يف التفسري وعلوم القرآن ‪.....................‬‬
‫‪59‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬مؤلفات الشيخ اهلاليل ‪.................................‬‬
‫‪68‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬القيمة العلمية لكتبه ‪....................................‬‬
‫‪٠٢‬‬ ‫املطلب الثالث ‪ :‬منهجه يف كتبه ‪.......................................‬‬
‫‪٠5‬‬ ‫املطلب الرابع ‪ :‬ثناء العلماء على كتبه ‪...................................‬‬
‫‪٠8‬‬ ‫املطلب اخلام ‪ :‬مصادره من كتب التفسري ‪.............................‬‬
‫‪94‬‬ ‫املطلب السادس ‪ :‬مصادره من غي كتب التفسري‪.........................‬‬
‫‪9٠‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬جهود الشيخ اهلاليل يف علوم القرآن‪......................‬‬
‫‪٢٠3‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬مؤلفات الشيخ يف علوم القرآن‪...........................‬‬
‫‪٢٠٠‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬القيمة العلمية لكتبه يف علوم القرآن‪.......................‬‬
‫‪٢٠9‬‬ ‫املطلب الثالث ‪ :‬منهجه فيها‪........................................ .‬‬
‫‪٢٢٢‬‬ ‫املطلب الرابع ‪ :‬مصادره فيها ‪...... ....................................‬‬
‫‪٢٢9‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬منهج اهلاليل يف التفسري ‪.................................‬‬
‫‪٢١٠‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬منهج اهلاليل يف التفسري باملأثور‪..........................‬‬
‫‪٢3٠‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬تفسري القرآن بالقرآن‪....................................‬‬
‫‪٢4٠‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬تفسري القرآن بالسنة‪.....................................‬‬
‫‪٢6٢‬‬ ‫املطلب الثالث ‪ :‬تفسري القرآن بأقوال الصحابة ‪..........................‬‬
‫‪٢64‬‬ ‫املطلب الرابع ‪ :‬تفسري القرآن بأقوال التابعني ‪.............................‬‬
‫‪٢66‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬منهجه يف التفسري بالرأي ‪...............................‬‬
‫‪٢٠١‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬منهجه يف تصحيح العقيدة وحتقيق التوحيد ‪..............‬‬
‫‪١٠٠‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬منهجه يف الرتجيح واستنباط الفوائد ‪......................‬‬
‫‪١١٢‬‬ ‫املطلب الثالث ‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها‪.........................‬‬
‫‪١39‬‬ ‫املطلب الرابع ‪ :‬منهجه يف التحذير من البدع واحملدثات ‪...................‬‬

‫‪404‬‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪١49‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬منهج اهلاليل يف علوم القرآن ‪...........................‬‬
‫‪١5٠‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬كتابه نبذة من علوم القرآن ‪..............................‬‬
‫‪١5٠‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬منهج اهلاليل يف تسهيل مادة علوم القرآن ‪.................‬‬
‫‪١58‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬منهج اهلاليل يف االستدالل على مسائل علوم القرآن ‪........‬‬
‫‪١6١‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬منهجه يف الرتجيح ‪.....................................‬‬
‫‪١٠٠‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬رسالة ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ‪....................‬‬
‫‪١٠٢‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬ما وقع يف القرآن بغري لغة العرب ‪.........................‬‬
‫‪١8٠‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬منهجه يف نقد األقوال وتوجيهها ‪........................ .‬‬
‫‪١86‬‬ ‫الفصل الرابع ‪ :‬املقارنة بني اهلاليل والشنقيطي يف املنهج ‪...................‬‬
‫‪١8٠‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬منهجهما يف التفسري باملأثور ‪............................‬‬
‫‪3٢3‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬منهجهما يف الرد على البدع وفصل اخلالف والنزاع ‪........‬‬
‫‪338‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬التنبيه على بعض الفوائد األصولية ‪.....................‬‬
‫‪345‬‬ ‫اخلامتة ‪...............................................................‬‬
‫‪35٠‬‬ ‫أهم النتائج ‪..........................................................‬‬
‫‪354‬‬ ‫التوصيات ‪...........................................................‬‬
‫‪356‬‬ ‫ملخص الرسالة ‪.......................................................‬‬
‫‪358‬‬ ‫قائمة الفهارس ‪.......................................................‬‬
‫‪359‬‬ ‫فهرس اآليات‪.........................................................‬‬
‫‪38٢‬‬ ‫فهرس األحاديث النبوية‪................................................‬‬
‫‪383‬‬ ‫فهرس اآلثار‪..........................................................‬‬
‫‪384‬‬ ‫فهرس األعالم املرتجم هلم‪..............................................‬‬
‫‪38٠‬‬ ‫فهرس األماكن والبلدان‪................................................‬‬
‫‪388‬‬ ‫فهرس األبيات الشعرية‪.................................................‬‬
‫‪39١‬‬ ‫ثبت املصادر واملراجع‪..................................................‬‬
‫‪4٢4‬‬ ‫فهرس املوضوعات‪.....................................................‬‬

‫‪405‬‬

You might also like