You are on page 1of 152

‫امللـخــص‬

‫احلمد هلل وحده والصالة والسالم على من ال نيب بعده سيدنا حممد وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم … وبعد‬
‫يف هذا البحث قمت بعرض جهود اإلمام الزرقاين يف إبراز دالئل إعجاز القرآن‬
‫الكرمي والدفاع عنه ‪ ،‬وقسمت البحث إىل متهيد وثالثة فصول وخامتة ‪ ،‬فالتمهيد‬
‫ويشتمل على مبحثني ‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬وهو جهود السابقني يف قضية اإلعجاز القرآين وحىت العصر‬
‫احلديث ‪ ،‬تناولت فيه آراء العلماء السابقني حول مفهوم اإلعجاز القرآين والكتب اليت‬
‫قد ألفت فيه ‪ ،‬وأظهرت فيه مدى تباين الرؤى واألفكار حول قضية اإلعجاز القرآين‬
‫فمنهم من جعل إعجاز القرآن بالصرفة وأولئك من علماء املعتزلة ‪ ،‬ومنهم من جعل‬
‫اإلعجاز القرآين يف األسلوب والنظم والنسق وغري ذلك ‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬وذكرت فيه مدى أمهية هذه الدراسات القرآنية وذلك يف هذا‬
‫العصر بالذات ومدى حاجة الناس إليها‪..‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬وهو بعنوان اإلمام الزرقاين وكتابه مناهل العرفان ويشتمل على‬
‫مبحثني‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تناولت فيه نبذة خمتصرة عن نشأة اإلمام الزرقاين وحياته‬
‫العلمية وأهم مؤلفاته‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬قمت فيه بعرض دراسة إمجالية لكتاب مناهل العرفان وإظهار‬
‫املميزات اخلاصة اليت انفرد ومتيز هبا عن غريه من الكتب السابقة اليت ألفت يف هذا‬
‫الفن ‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬وهو بعنوان أوجه اإلعجاز القرآين وفيه مبحثان‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬بيان أوجه اإلعجاز البياين وذلك من خالل عرض أوجه‬
‫اإلعجاز البياين والذي يتمثل يف لغة القرآن وأسلوبه وطريقة تأليفه‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬وحيتوي على اثين عشر وجها من أوجه اإلعجاز اليت ذكرها‬
‫اإلمام الزرقاين وهي علومه ومعارفه ‪ ،‬ووفاؤه حباجات البشر‪ ،‬وموقفه من العلوم‬
‫الكونية ‪ ،‬سياسته يف اإلصالح ‪ ،‬وأنباء الغيب فيه ‪ ،‬وآيات العتاب ‪ ،‬وما نزل بعد‬
‫طول انتظار ‪ ،‬ومظهر النيب صلى اهلل عليه وسلم عند نزول الوحي عليه ‪ ،‬وعجزه عن‬

‫‪1‬‬
، ‫ وذكرآية املباهلة‬،‫ وعرض اآليات اليت جترده من نسبة القرآن إليه‬،‫اإلتيان ببدله‬
.‫وتأثري القرآن وجناحه‬
‫ وقد ذكرت فيه مدى دفاع اإلمام الزرقاين عن القرآن الكرمي‬: ‫الفصل الثالث‬
‫وفيه مبحثان‬
‫ ذكرت فيه الشبهات اليت أوردها أعداء اإلسالم على تاريخ‬: ‫املبحث األول‬
.‫القرآن الكرمي وأسلوبه وقمت بدفعها‬
‫ تعرضت فيه لبعض الشبهات األخرى وقمت بإبراز اجلهود‬: ‫املبحث الثاين‬
. ‫املضنية لإلمام الزرقاين يف دفعها والرد عليها‬
‫ وحتتوي على النتائج اليت توصلت إليها من خالل البحث مث بعض‬: ‫اخلامتة‬
. ‫التوصيات اليت رأيتها ذات أمهية قصوى وبالغة‬
Abstract

Praise be to God alone, prayer and peace upon the Prophet prepared by our
master Muhammad and his family and peace after 000 and
In this research you display the efforts of Imam Zargani in highlighting the signs and
miracles of the Quran to defend him, and divided the research is to pave the three
chapters and a conclusion, and includes Valtmhid Mbgesan:
First topic: the efforts of the former in the case of the Qur'anic miracles and even the
modern era, dealt with the views of earlier scholars on the concept of miracles the
Qur'an and books that may draw it showed the extent of the visions and ideas on the
issue of the Qur'anic miracles Some of them make the miracles of the Quran Babfah
and those of scientists Mu'tazilah and some of them make Miracles of the Quran in
the method, systems and layout, etc.
Section II: The extent to which the importance of these studies the Koran and in this
era of self and how people need to
Chapter I: It is called the Imam M. Zargani and fountains of gratitude and his book
includes Mbgesan.
First topic: it addressed a brief for the emergence of the Imam and his life Zargani His
main scientific and.
Section II: the offer you an overview study of the book fountains of gratitude and

2
show special characteristics that himself And characterized this book from other
books of the previous draw in this art.
Chapter II, entitled aspects of the Qur'anic miracles and involves two issues.
First topic: graphic statement of miracles, through the display aspects of miracles,
which represents the graph in the language of Koran and the method and manner
authored .
Section II: It contains twelve face aspect of miracles mentioned by Imam Zargani the
sciences and knowledge, and loyalty to the needs of human beings, and the position of
cosmic science, policy reform, and news of the unseen, and verses
Admonition, and came down after a long wait, and the appearance of the Prophet
peace be upon him at the revelation of him, and his inability to Bring replaced if, and
display impartiality of the verses that the proportion of the Koran to him, and Zkraah
Almpahlp, and the impact and success of the Koran .

Chapter III: The extent to which the defense said Imam Zargani for the Holy
Quran and the two issues,
Section One: We have mentioned the suspicion reported by the enemies of Islam on
the history and style of the Koran and we have made.
Section II: We were the suspicions of some of the other and we highlight the tireless
efforts of Imam Zargani in paid
And reply .
Conclusion: It contains our findings through research and then some of the
recommendations that we have seen significant
And very high.

3
‫التمهـــــيد‬

‫يشتمل على مبحثني‪:‬‬

‫املبحث األول‬

‫جهود السابقني يف قضية اإلعجاز القرآين وحىت العصر احلديث‬

‫املبحث الثاين‬

‫أمهية هذه الدراسة يف هذا العصر‬

‫‪4‬‬
‫املبحث األول‪:‬‬
‫جهود السابقني يف قضية اإلعجاز القرآين وحىت العصر احلديث‬
‫لقد كانت روعة القرآن الكرمي وسحر بيانه مستوليا على قلوب املؤمنني‬
‫وأفكارهم فكانوا حيسون بنشوة بالغة ‪ ،‬وهم يسمعون آيات الذكر احلكيم فلقد كان‬
‫الذوق العريب السليم يساعد أصحابه على إدراك األساليب القرآنية يف خماطباته ‪،‬‬
‫وكانت قدسية القرآن الكرمي وعظمته مسيطرة على نفوسهم وكان اإلقرار بالعجز عن‬
‫االرتفاع إىل مستواه كامنا يف النفوس ‪ ،‬وبقي هذا األمر بعد عصر النبوة واخللفاء‬
‫الراشدين وردحا من الزمن يف الدولة األموية ‪ ،‬إال أن صفاء السليقة العربية بدأت‬
‫تفقد صفاءها وبدأت الثقافات الفارسية واليونانية تأخذ طريقها إىل اجملتمع اإلسالمي‬
‫على يد أبناء هذه األقطار اليت فتحها املسلمون ‪ ،‬ويف خضم هذه البيئة املختلطة‬
‫بالتيارات الثقافية املتباينة ‪ ،‬برز احلديث عن أوجه إعجاز القرآن الكرمي ‪ ،‬وعن سبب‬
‫عجز العرب عن اإلتيان مبثل أقصر سورة منه ‪ ،‬وكانت جمالس البصرة يف القرن الثاين‬
‫اهلجري متوج بالتيارات الفكرية املختلفة من فقهاء وحمدثني ولغويني وأدباء وفالسفة‬
‫متكلمني ‪.‬‬
‫ومل يلتفت مجهور العلماء إىل البحث عن أوجه اإلعجاز واملعجزة القرآنيـة‪ ،‬بل‬
‫مل يربز مصطلح إعجاز القرآن الكرمي على الساحة إال‬
‫بعد أن تكلم واصل بن عطاء ( ) وقال ‪ :‬إن إعجاز القرآن الكرمي‬
‫ليس بشيء ذايت فيه ‪ ،‬وإمنا هو بصرف اهلل تفكري الناس عن معارضته ‪ ،‬وهو‬
‫( )‬
‫القول الذي تبناه فيما بعد النظام‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( )البليغ األفوه أبو حذيفة املخزومي البصري الغزال ولد باملدينة سنة ‪ 08‬هـ تلميذ احلسن البصري واختلف معه يف مسألة‬
‫حكم مرتكب الكبرية فطرده احلسن من جملسه وهو رأس املعتزلة وله مؤلف يف التوحيد وكتاب (املنزلة بني املنزلتني)تويف عام‬
‫‪ 3‬هـ (سري أعالم النبالء) لإلمام مشس الدين حممد بن أمحد بن عثمان الذهيب حتقيق حممد نعيم العرقسوسي ط مؤسسة‬
‫الرسالة ببريوت جزء ‪. 465 ، 464/ 5‬‬
‫( ) شيخ املعتزلة صاحب التصانيف أبو إسحق إبراهيم بن سيار الضبعي البصري املتكلم شيخ اجلاحظ ومل يكن ممن نفعه العلم‬
‫وقد كفره مجاعة وله تصانيف مجة منها كتاب (الطفرة)‪(،‬الوعيد)‪،‬وكتاب(النبوة) ومات يف خالفة املعتصم عام ‪ 3‬هـ – (سري‬
‫أعالم النبالء) لإلمام الذهيب ‪ -‬جزء‪.54 / 8‬‬

‫‪5‬‬
‫وعرف فيما بعد بالصرفة ( )‪.‬‬
‫عند ذلك بدأ العلماء يتعرضون ألوجه اإلعجاز ويتحدثون عنه ‪ ،‬ولعل أول من‬
‫توىل الرد على القول بالصرفة هواجلاحظ ( ) ‪ ،‬فلقد ألف كتابا مساه ( نظم القرآن )‬
‫تعرض فيه لبيان املعاين الغزيرة يف اآليات القرآنية ذات الكلمات القليلة‪ ،‬مبينا أن هذا‬
‫النظم البديع هوسر اإلعجاز فيه ‪ ،‬فمثال يقول يف التعليق على قوله تعاىل يف وصف مخر‬
‫أهل اجلنة ﴿ ال يصدعون عنها وال ينزفون ﴾ الواقعة ‪ 1/ 56‬هاتان الكلمتان مجعتا‬
‫مجيع عيوب مخر أهل الدنيا ‪.‬‬
‫وهنج األدباء الذين جاءوا من بعده هنجه يف الكشف عن املعاين الدقيقة‬
‫واإلرشادات اللطيفة يف آيات القرآن الكرمي ‪ ،‬وألفوا رسائل يف نظم القرآن الكرمي‬
‫فمنهم ‪:‬‬
‫(السجستاين) (‪ )3‬حيث ألف كتابا ومساه(نظم القرآن) ‪.‬‬
‫وكذلك البلخي (‪ )4‬ألف كتابا أيضا مساه(نظم القرآن)‪.‬‬
‫كذلك ألف أبو بكر أمحد بن علي كتابا مساه (‪( ) 5‬نظم القرآن)‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الصرفة‪ -‬صرف الباب أو القلم وحنومها صريفا صوت ويقال صرف نابه وصرف بنابه والشيء صرفا ‪:‬رده عن وجهه ‪ .‬ويقال‬
‫صرف األجري من العمل والغالم من املكتب خلي سبيله واملال أنفقه والنقد مبثله بدله ‪( .‬املعجم الوسيط) جممع اللغة العربية مبصر‬
‫‪ – 884‬طبعة مكتبة الشروق الدولية ‪ .‬واملراد من اللفظ هنا ‪ -‬أي أن اهلل تعايل صرف العرب والناس عن معارضة القرآن قهرا‬
‫وجربا‬
‫(‪ )2‬العالمة أبو عثمان عمرو بن حبر بن حمبوب البصري املعتزيل ذو التصانيف الكثرية أخذ عن النظام ومثامة بن أشرس ‪ ،‬وروى‬
‫عنه أبو العيناء ولد عام ‪ 51‬هـ وتويف عام‪ 55‬هـ ( األعالم) خلري الدين ابن حممود بن حممد الزر يكلي املتوىف سنة‪316‬‬
‫هـ ط ‪ 5‬دار املاليني بريوت‪ ،‬جزء ‪. 34 ، 33 / 5‬‬
‫( ‪ )3‬أبو بكر عبد اهلل بن أيب داود السجستاين ولد عام ‪ 38‬هـ إمام أهل العراق وصفه الذهيب بأنه(من كبار علماء اإلسالم‬
‫ومن أوثق احلفاظ) وكان من حبور العلم ‪ ،‬فهما وعاملا وحافظا تلقي العلم عن أبيه شيخ بغداد ‪ .‬وله تصانيف عديدة منها‬
‫(السنن)‪(،‬الناسخ واملنسوخ) ‪( ،‬والبعث) ‪( ،‬واملصاحف) تويف رمحه اهلل سنة ‪3 6‬هـ ‪( .‬سري أعالم النبالء ) للذهيب ج ‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪1،‬‬ ‫‪0/‬‬
‫(‪ ) 4‬شيخ احلنفية أبو جعفر حممد بن عبد اهلل بن حممد البلخي من يضرب به املثل ويلقب بأيب حنيفة الصغري حدث عن حممد بن‬
‫عقيل البلخي وتفقه بأيب بكر بن أيب سعيد ويعرف باهلند واين من أهل حملة باب هند وان مات سنة ‪36‬هـ يف عشر السبعني ‪( .‬‬
‫سري أعالم النبالء) للذهيب حتقيق حممد نعيم العرقسوسي طبعة مؤسسة الرسالة ببريوت ج ‪ 6‬ص ‪. 38‬‬
‫(‪ ) 5‬هو أبو بكر أمحد بن علي بن معجور األحشاد من أفاضل املعتزلة وصلحائهم وزهادهم املعرفف بابن اإلخشيد وكانت له‬
‫ضيعة منها مادته وكان نصف أكثر ما حيمل إليه منها إىل العلم وأهله‪ ،‬ومع ذلك كان حسن الفصاحة‪ ،‬وله معرفة بالعربية والفقه‬
‫وله يف الفقه عدة كتب ومنزله يف سوق العطش يف درب يعرف بدرب األحشاد وكان من حمبته للعلم وورعه يقول لوكيل له يف‬
‫ضيعته‪ :‬ال حتدثين بشيء من أمر ضيعيت وتعمد ما يقم رمقي وال غنا يب عنه دعين أتوفر على العلم وعلى أمر اآلخرة وتويف أبو بكر‬

‫‪6‬‬
‫الدينوري ( )‪.‬‬ ‫كذلك تعرض اإلمام ابن قتيبة‬
‫وتصدى للطاعنني يف القرآن الكرمي بشكل عام واملنكرين إلعجازه بشكل خاص‬
‫يف كتابه (تأويل مشكل القرآن)‪ ،‬وكان ميثل إمامة أهل السنة واجلماعة‪ ،‬كما كان ميثل‬
‫اجلاحظ املعتزلة‪.‬‬
‫كما توىل املفسرون بيان مزايا األسلوب القرآين وبالغته‪ ،‬ووجوه إعجازه من‬
‫خالل تفاسريهم‪ ،‬فنجد شيخ املفسرين يف زمانه اإلمام ابن جرير الطربي ( ) يقول يف‬
‫مقدمة تفسريه ‪:‬‬
‫" ومن أشرفِ تلك املعاين اليت فَضَل هبا كتابُنا سائرَ الكتب قبله‪ ،‬نظْمُه العجي ُ‬
‫ب‬
‫ورصْفُه الغريب وتأليفُه البديع؛ الذي عجزتْ عن نظم م ْثلِ أصغرِ سورة منه اخلطباء‪،‬‬
‫وكلَّت عن َوصْف شكل بعضه البلغاء‪ ،‬وحتيَّرت يف تأليفه الشُّعراء‪ ،‬وتبلَّدت ‪-‬قصورًا‬
‫عن أن تأيتَ مبثله‪ -‬لديه أفهامُ الفُهماء‪ ،‬فلم جيدوا له إال التسليمَ واإلقرار بأنه من عند‬
‫الواحد القهار‪ .‬مع ما حيوي‪ ،‬مَع ذلك‪ ،‬من املعاين اليت هي ترغيب وترهيب‪ ،‬وأمرٌ‬
‫وزجرٌ‪ ،‬وقَصَص وجَدَل ومَثَل‪ ،‬وما أشبهَ ذلك من املعاين اليت مل جتتمع يف كتاب أنزل إىل‬
‫(‪) 3‬‬
‫األرض من السماء"‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=يوم األحد لثمان بقني من شعبان سنة ست وعشرين وثالمثائة‪ ،‬وله من الكتب‪ :‬كتاب املعونة يف األصول ومل يتمه وكتاب املبتدى‬
‫كتاب املبتدى كتاب نقل القرآن كتاب اإلمجاع كتاب النقض على اخلالدي يف األرجاء كتاب اختصار كتاب أيب علي يف النفي‬
‫واإلثبات كتاب اختصار تفسري الطربي‪ .‬الفهرست املؤلف‪ :‬أبو الفرج حممد بن إسحاق بن حممد الوراق البغدادي املعتزيل الشيعي‬
‫املعروف بابن الندمي (املتوىف‪430 :‬هـ)احملقق‪ :‬إبراهيم رمضان الناشر‪ :‬دار املعرفة بريوت – لبنان الطبعة‪ :‬الثانية ‪ 4 3‬هـ ‪-‬‬
‫عدد األجزاء‪ :‬ج ‪8/‬‬
‫(‪ ) 1‬العالمة الكبري ذو الفنون أبو حممد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب التصانيف حدث عن إسحق بن راهويه وأيب‬
‫حامت السجستاين وحدث عنه ابنه أمحد بن عبد اهلل بديار مصر وعبيد اهلل السكري وقال اخلطيب عنه كان ثقة دينا فاضال ألف‬
‫الكثري من الكتب منها ( مشكل القرآن) ‪( ،‬الرد على من يقول خبلق القرآن) ‪( ،‬ومشكل احلديث) وغريها كثري وكان رأسا يف‬
‫علم اللسان العريب واألخبار وأيام الناس ومات يف رجب سنة ‪ 36‬هـ ( سري أعالم النبالء) للذهيب ج ‪38 – 16 / 3‬‬
‫هـ بطربستان ببالد فارس ‪ ،‬شافعي املذهب‬ ‫( ‪ )2‬أبو جعفر حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب الطربي ولد سنة ‪4‬‬
‫أخذ من حممد بن محيد الرازي ومن تالمذته أبو بكر بن خلف وأبو إسحق الطربي‪،‬ومن مؤلفاته (جامع البيان يف تفسري القرآن) ‪،‬‬
‫(صريح السنة) وغريها كثري ‪ ،‬تويف رمحه اهلل ببغداد سنة ‪ 3 8‬هـ‪ ( .‬سري أعالم النبالء ) لإلمام الذهيب ج ‪.355 - 348 / 5‬‬
‫(‪ )3‬جامع البيان يف تأويل القرآن املؤلف‪ :‬حممد بن جرير الطربي (املتوىف‪3 8 :‬هـ) احملقق‪ :‬أمحد حممد شاكر الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة الطبعة‪ :‬األوىل‪ 4 8 ،‬هـ ‪ -‬عدد األجزاء‪ 4 :‬ج ‪11/‬‬

‫‪7‬‬
‫ومن هنا اتسعت دائرة الكتابة يف علوم البالغة بصفة عامة ‪ ،‬ويف إعجاز القرآن‬
‫الكرمي بصفة خاصة ‪ ،‬وأول من ألف كتابا مستقال حتت هذا العنوان ‪ :‬هو أبو عبدا هلل‬
‫الو اسطي ( ) ومساه (إعجاز القرآن البياين) ‪.‬‬
‫وكما أسلفنا من قبل بأن أول من تكلم عن اإلعجاز القرآين اجلاحظ من املعتزلة‬
‫أيضاً‪.‬‬
‫وتعترب أول رسالة خاصة يف إعجاز القرآن للرماين ( )‪.‬‬

‫القرآن) (‪)3‬‬ ‫وهو من املعتزلة أيضاً وأمساها(النكت يف إعجاز‬

‫ومن أشهر علماء ومفسري املعتزلة اإلمام الزخمشري(‪. )4‬‬


‫صاحب كتاب ( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه‬
‫التأويل)‬
‫هذا الكتاب الذي سلك فيه اإلمام الزخمشري ‪ ،‬مسلكا دقيقا أبرز فيه وجوه‬
‫إعجاز القرآن الكرمي من خالل األساليب البالغية اليت نبه عليها وهو يفسراآليات‬
‫القرآنية فيكشف وجوها من روائع البيان وعجيب النظم بأسلوب األديب الضليع‬
‫والبالغي الذي يتذوق مجال الكلمة وأفانني القول ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ‪ )1‬حممد بن زيد بن علي بن احلسني الو اسطي أبو عبد اهلل من كبار علماء الكالم املعتزيل أصله من واسط سكن بغداد وتويف هبا‬
‫من كتبه ( إعجاز القرآن) ‪ ( ،‬واإلمامة) ‪( ،‬والزمام يف علوم القرآن) وأخذ عن أيب علي اجلبائي ومات سنة ‪ 383‬هـ ‪( .‬األعالم)‬
‫للزريكلي ج ‪ 6‬ص ‪. 3‬‬
‫( ‪ ) 2‬العالمة أبو احلسن علي بن عيسى الرماين النحوي املعتزيل أخذ عن الزجاج وابن دريد وأخذ عنه أبو القاسم التوخي‬
‫واجلوهري وصنف يف التفسري واللغة والنحو والكالم وألف يف االعتزال ( صنعة االستدالل) سبع جملدات ‪ ،‬وكتاب (األمساء‬
‫والصفات) ‪ ( ،‬واأل كوان ) وكتاب ( املعلوم واجملهول ) وله حنو من مائة مصنف ومات سنة ‪ 304‬هـ عن مثان ومثانني سنة ‪( .‬‬
‫سري أعالم النبالء ) للذهيب ج ‪. 534 / 6‬‬
‫( ‪ ) 3‬النكت يف إعجاز القرآن للرماين ضمن ثالث رسائل يف إعجاز القرآن ‪.‬حتقيق‪/‬حممد خلف اهلل ‪ ،‬وزغلول سالم طبع ونشر ‪/‬‬
‫دار املعارف القاهرة ‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ ) 4‬العالمة كبري املعتزلة أبو القاسم حممود بن عمر بن حممد الزخمشري اخلوارزمي النحوي صاحب كتاب (الكشاف) ‪( ،‬‬
‫واملفصل ) ‪ ( ،‬أساس البالغة ) مسع من نصرا بن البطر وغريه ‪ ،‬وروى عنه أبو طاهر السلفي ولد يف زخمشر خبوارزم يف رجب سنة‬
‫‪ 463‬هـ وكان رأسا يف البالغة العربية واللغة واملعاين والبيان ومات رمحه اهلل تعاىل ليلة عرفة سنة ‪ 530‬هـ ( سري أعالم النبالء‬
‫) لإلمام الذهيب جزء ‪. 55 – 5 / 8‬‬

‫‪8‬‬
‫مث جاء من بعد ذلك اخلطايب( ) وهو من علماء أهل السنة واجلماعة البارزين ‪،‬‬
‫وعرف مبؤلفاته اجلليلة ومن أمهها كتابه املسمى (بيان إعجاز‬
‫القرآن الكرمي ) وقد تعرض يف كتابه آلراء العلماء الذين سبقوه باحلديث عن‬
‫إعجاز القرآن الكرمي وبالغته ‪ ،‬واستفاد منهم وزاد عليهم وأضاف‬
‫إضافات جديدة حول مفهوم النظم القرآين والتأليف واملعاين وغري ذلك( )‪.‬‬
‫مث جاء من بعد اخلطايب اإلمام الباقالين (‪ )3‬فألف كتابه املشهور‬
‫(إعجاز القرآن الكرمي ) الذي يعترب من أوسع الكتب اليت ألفت لبيان إعجاز‬
‫القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫مث جاء من بعد هؤالء مجيعاً عبد القاهر اجلرجاين (‪ ) 4‬فكتب ثالثة كتب هلا عالقة‬
‫وثيقة بإعجاز القرآن وهي (أسرار البالغة) ‪،‬‬
‫( دالئل اإلعجاز) (الرسالة الشافية) واهتم اجلرجاين يف هذه الكتب بإبراز‬
‫جانب املعاين‬
‫مث جاء من بعد ذلك علماء التفسري وتعرضوا كثريا لبيان أوجه الفصاحة‬
‫والبالغة إلبراز اإلعجاز البياين يف القرآن الكرمي ومن هؤالء ‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫) ) احلافظ اللغوي أبو سليمان محد بن حممد بن إبراهيم بن خطاب البسيت اخلطايب صاحب التصانيف ولد سنة بضع وعشرة‬
‫وثالث مائة من اهلجرة ومسع من أيب سعيد بن األعرايب مبكة املكرمة ومن أيب العباس األصم وغريهم كثري وأخذ الفقه على مذهب‬
‫الشافعي عن أيب بكر القفال الشاش وحدث عنه أبو حامد اإلسفراييين وأبو عبيد اهلروي وغريهم كثري ألف وصنف كتبا كثرية‬
‫منها (شرح السنن) ‪ ( ،‬وشرح األمساء احلسىن ) وتويف اخلطايب يف ربيع اآلخر سنة ‪ 300‬هـ ‪ ( .‬سري أعالم النبالء ) للذهيب ‪،‬‬
‫حتقيق حممد العرقسوسي ط مؤسسة الرسالة بريوت ‪ ،‬جزء ‪ 3‬صفحة ‪. 433 – 43‬‬
‫( ) (بيان إعجاز القرآن للخطايب ) وهو مطبوع ضمن ثالث رسائل يف إعجاز القرآن صفحة‪ 53‬بتحقيق حممد خلف اهلل ‪،‬‬
‫د‪.‬حممد زغلول سالم طبعة دارا ملعارف‪.‬‬
‫)‪ )3‬العالمة أوحدا ملتكلمني القاضي أبو بكر بن الطيب بن حممد بن جعفر بن قاسم البصري مث البغدادي ابن الباقالين صاحب‬
‫التصانيف وكان يضرب املثل بفهمه وذكائه ‪ ،‬مسع من أيب بكر أمحد القظيعي وأيب حممد بن ماسي وخرج له أبن أيب الفوارس ‪،‬‬
‫وحدث عنه أبو ذر اهلروي وأبو جعفر السماين وقاضى املوصل وذكره القاضي عياض يف (طبقات املالكية) فقال هو امللقب بسيف‬
‫السنة ولسان األمة ‪ ،‬ومن مؤلفاته ( إعجاز القرآن ) (امللل والنحل) (ومناقب األئمة) ومات رمحه اهلل يف ذي القعدة سنة ‪483‬‬
‫هـ ‪( .‬سري أعالم النبالء) للذهيب جزء ‪ 3‬صفحة ‪13 – 18‬‬
‫)‪ )4‬شيخ العربية أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرمحن اجلرجاين أخذ النحو جبر جان عن أيب احلسني حممد بن احلسن ابن أخت‬
‫األستاذ أيب علي الفارسي وألف(إعجاز القرآن) ضخم وكتاب ( املفتاح) وصنف شرحا حافال لكتابه (اإل يضاح ) ‪ ( ،‬العمد يف‬
‫التصريف ) ‪ ( ،‬واجلمل ) وغري ذلك وكان شافعيا عاملا ذا نسك ودين وتويف سنة ‪ 43‬وقيل سنة ‪( . 434‬سري أعالم النبالء)‬
‫للذهيب حتقيق حممد نعيم العرقسوسي ط مؤسسة الرسالة ج ‪ 0‬ص ‪8 43‬‬

‫‪9‬‬
‫أبو حيان يف كتابه ( البحر احمليط) ( ) ‪.‬‬
‫وأبو السعود ( ) يف كتابه (إرشاد العقل السليم إىل مزايا القرآن الكرمي) ‪.‬‬
‫(‪.) 3‬‬ ‫والشوكاين يف كتابه(فتح القدير)‬
‫وخصص بعض املفسرين يف مقدماهتم لكتبهم يف التفسري مقدمات‬

‫تتعلق مبوضوعات يف علوم القرآن الكرمي ومن هذه املوضوعات بيان إعجاز‬
‫القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫و من هؤالء املفسرين ابن عطية (‪ ) 4‬يف تفسريه(احملرر الوجيز)‪.‬‬
‫والقرطيب يف تفسريه(اجلامع ألحكام القرآن) (‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫) ) أثري الدين حممد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان األندلسي إمام أهل زمانه ولد يف شوال سنة ‪ 654‬مبدينة غرناطة‬
‫األندلسية ‪ ،‬درس الفقه واألصول واحلديث والتفسري والنحو واللغة وتتلمذ على أيب جعفر بن الزبري وابن أيب األخوص ‪ ،‬وأخذ‬
‫عنه تقي الدين السبكى الفقيه الشافعي وابن عقيل واإلسنوى وكان حبرا يف علوم اللغة والنحو والتفسري من مؤلفاته ( التذييل‬
‫والتكميل) إىل جانب كتابه الشهري ( البحر احمليط قي تفسري القرآن الكرمي) وتويف يف ‪ 0‬صفر سنة ‪ 345‬هجرية عن تسعني عاما‬
‫‪ ( .‬نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب ) ألمحد بن حممد املقري – حتقيق إحسان عباس طبعة – دار صادر بريوت سنة‬
‫– ‪ – 3‬حتقيق د‪ /‬أمحد مطلوب ‪ ،‬د‪ /‬خدجية احلديين ‪.‬‬ ‫‪ 160‬م – و(ديوان أيب حيان األندلسي) ص ‪0‬‬
‫) ) حممد بن حممد بن مصطفي العمادى املوىل أبو السعود ولد بقرب القسطنطينية سنة ‪ 010‬هـ ودرس يف بالد متعددة ‪ ،‬من‬
‫كتبه (إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكرمي) ‪( ،‬حتفة الطالب) ‪( ،‬قصة هاروت وماروت) ويؤخذ عليه امليل الزائد إىل‬
‫‪ 10‬من اهلجرة ( األعالم) خلرب الدين بن حممود بن حممد الزريكلى الدمشقي ت ‪316‬‬ ‫أرباب الرئاسة ومداهنتهم تويف سنة‬
‫هجرية طبع ونشر دار العلم للماليني ج ‪ 3‬صفحة ‪.51‬‬
‫(‪ ) 3‬اإلمام اجملتهد املفسر احملدث الفقيه األصويل املؤرخ أبو علي بدر الدين حممد بن علي بن حممد بن عبد اهلل بن احلسن بن‬
‫هـ يف بلدة هجرة شوكان ونشأ بصنعاء باليمن واشتغل‬ ‫حممد بن صالح بن إبراهيم بن حممد بن رزق الشوكاين ولد سنة ‪33‬‬
‫بكتب التاريخ واألدب شيوخه والده وأمحد بن حممد القابلى وعبد الرمحن بن األكوع وغريهم وتالميذه ابنه أمحد وعلى بن أمحد‬
‫الصنعاىن وغريهم ومن مؤلفاته (فتح القدير) يف التفسري‪ ( ،‬نيل األ وطار) ‪ (،‬حتفة الذاكرين) وتويف سنة ‪ 4 4‬هـ (األعالم )‬
‫للزريكلي ج ‪ 6‬صفحة ‪. 10‬‬
‫)‪ )4‬عبد احلق بن غا لب بن عبد امللك بن غا لب بن مثام بن عطية قدوة املفسرين أبو حممد الغرناطي القاضي حدث عن أبيه‬
‫احلجة أيب علي ‪ ،‬وأيب علي النسائي وكان فقيها بارعا عارفا باألحكام واحلديث والتفسري وله التفسري املشهور‪ ( .‬احملرر الوجيز)‬
‫تويف عام ‪ 546‬هج ‪ ( .‬طبقات املفسرين) صفحة ‪ 36 ، 35‬ألمحد بن حممد األدنروي – حتقيق سليمان بن صاحل اخلزي –‬
‫الناشر مكتبة العلوم واحلكم ‪.‬‬
‫)‪ (5‬حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري اخلزرجي األندلسي أبو عبد اهلل القرطيب من كبار املفسرين صاحل رحل إىل‬
‫الشرق واستقر مبصر من مؤلفاته (اجلامع ألحكام القرآن) ‪ ( ،‬األسىن يف شرح أمساء اهلل احلسىن ) تويف مبصر ودفن هبا سنة ‪. 63‬‬
‫( األعال م ) للزريكلي ج ‪ 5‬ص ‪. 13‬‬

‫‪10‬‬
‫يف تفسريه (روح املعاين يف تفسري القرآن الكرمي‬ ‫()‬ ‫واآل لوسي‬
‫والسبع املثاين) ‪.‬‬
‫وكثر االهتمام بعلوم القرآن الكرمي ‪ ،‬وخباصة اإلعجاز يف القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫فكتب اإلمام الزركشي( ) كتابه املشهور(الربهان يف علوم القرآن)‬
‫وجالل الدين السيوطي(‪ )3‬ألف كتاباً عظيماً ومساه(اإلتقان يف علوم‬
‫القرآن)‪.‬‬
‫للكافيجي (‪.)4‬‬ ‫(التيسري يف قواعد علم التفسري)‬
‫اجلوزي( ‪.)5‬‬ ‫وكتاب (فنون األفنان) البن‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ‪ )1‬حممود بن عبد اهلل احلسيين اآللوسي شهاب الدين أبو الثناء مفسر حمدث أديب من أهل بغداد كان سلفي االعتقاد جمتهدا‬
‫هجرية ‪ ( .‬األ عالم ) للزريكلي ج‬ ‫سافر إىل املوصل وله مصنفات كثرية منها (روح املعاين) ‪( ،‬غرائب التفسري) تويف سنة ‪38‬‬
‫‪ 3‬ص ‪. 33 – 36‬‬
‫)‪(2‬حممد بن هبادر بن عبد اهلل الزركشي أبو عبد اهلل بدر الدين عامل بفقه الشافعية واألصول تركي األصل مصري املولد والوفاة له‬
‫تصانيف كثرية منها ( الربهان ) ‪ ( ،‬البحر احمليط ) ‪ ( ،‬اإلجابة إليراد ما استدركته عائشة على الصحابة ) وغريها مات سنة ‪686‬‬
‫هـ ( األعالم) ج ‪ 6‬ص ‪. 6 – 68‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرمحن بن أيب بكر بن حممد بن سابق مؤرخ أديب نشأ بالقاهرة يتيما له حنو ‪ 688‬مؤلف منها ( اإلتقان يف علوم‬
‫‪ 1‬هجرية ودفن مبصر‬ ‫القرآن) ‪ ( ،‬األحاديث املنفية) ‪( .‬التحبري لعلم التفسري) ‪ (،‬تفسري اجلاللني ) ‪ ( ،‬مناقب مالك) تويف سنة‬
‫‪ ( .‬األعال م ) جزء ‪ 3‬ص ‪.38 ، 38‬‬
‫(‪ )4‬حممد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي احلنفي حميي الدين أبو عبد اهلل الكافيجي املولود سنة ‪ 300‬هـ من كبار‬
‫العلماء باملعقوالت رومي األصل اشتهر مبصر والزمه السيوطي ‪ 4‬سنة وانتهت إليه رياسة احلنفية مبصر له تصانيف عديدة‬
‫أكثرها رسائل منها ( خمتصر يف علم التاريخ ) ‪( ،‬التيسري يف قواعد التفسري ) ‪ ( ،‬حل اإل شكال ) ‪ ( ،‬اإلملاع بإفادة لو لالمتناع )‬
‫وغريها كثري تويف سنة ‪ 031‬هـ‪ ( .‬األ عالم ) ج ‪. 5 . 58 / 6‬‬
‫(‪ )5‬الصاحب العالمة أستاذ دار اخلالفة حميي الدين يوسف ابن الشيخ مجال الدين أيب الفرج ابن اجلوزي القرشي البكري‬
‫احلنبلي ينتهي نسبه إىل أيب بكر الصديق رضي اهلل عنه ‪ ،‬ولد يف ذي القعدة سنة‪ 508‬هـ مسع من أبيه مجال الدين أيب الفرج‬
‫مفخرة أهل العراق ومن حيىي بن بوش وذاكر ابن الكمال وروى عنه الدمياطي والرشيد بن أيب القاسم وتصدر للفقه وكان ذا‬
‫مست وهيبة وعبارة فصيحة قتله هوالكو يف صفر سنة ‪ 656‬هـ يف حنو من سبعني صدرا من أعيان بغداد منهم أوالده‪( .‬سري‬
‫أعالم النبالء ) للذهيب ج‪. 33 / 3‬‬

‫‪11‬‬
‫( )‪.‬‬ ‫وكتاب( نظم الدرر يف تناسب اآليات والسور) لإلمام البقاعي‬
‫( )‬
‫الرافعي‪.‬‬ ‫وكتاب (إعجاز القرآن والبالغة النبوية ) ملصطفى صادق‬

‫ومن الذين حتدثوا عن اإلعجاز الدكتور حممد عبد اهلل دراز ‪ ) 3(.‬فقد‬

‫ألف كتاباً يف إعجاز القرآن مساه (النبأ العظيم ) وذكر فيه ثالثة أوجه من‬
‫اإلعجاز هي ‪:‬‬
‫اإلعجاز اللغوي ‪ -‬اإلعجاز العلمي ‪ -‬اإلعجاز التشريعي‪.‬‬
‫الذهيب(‪)4‬‬ ‫وكتب أيضا يف إعجاز القرآن الكرمي الدكتور‪ /‬حممد حسني‬
‫فلقد ألف كتابا حتدث فيه عن إعجاز القرآن الكرمي وهو كتاب (التفسري‬
‫واملفسرون ) ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 1‬إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أيب بكر البقاعي أبو احلسن برهان الدين ولد يف سهل البقاع بسوريا سنة‬
‫‪ 081‬هـ وسكن دمشق ورحل إىل بيت املقدس والقاهرة مث عاد إىل دمشق ومات هبا سنة ‪ 005‬هـ وله مصنفات كثرية منها‬
‫( نظم الدرر يف تناسب اآليات والسور) ‪ ،‬وكتاب ( مصاعد النظر لإلشراف على مقاصد السور) وغريها ‪ ( .‬األ عالم ) للزريكلي‬
‫‪. 56 /‬‬ ‫ج‬
‫(‪ )2‬مصطفى صادق بن عبد الرازق بن سعيد بن أمحد بن عبد القادر الرافعي عامل باألدب وشاعر ومن كبار الكتاب يف مصر‬
‫هـ ‪ 00‬م وله ( ديوان شعر ط ) ثالث جملدات ‪ ،‬وكتاب ( إعجاز القرآن والبالغة‬ ‫آنذاك ولد بطنطا مبصر سنة ‪10‬‬
‫النبوية ) ‪ .‬وكتاب ( حتت راية القرآن ) تويف رمحه اهلل ستة ‪ 356‬هـ ‪ 133‬م ‪ ( .‬األعالم ) خلري الدين الزريكلى طبع ونشر‬
‫دار العلم للماليني ج‪. 35/ 3‬‬
‫(‪ )3‬حممد بن عبد اهلل دراز فقيه مصري متأدب أزهري كان من هيئة كبار العلماء باألزهر الشريف له كتب منها ( الدين – ط )‬
‫دراسة متهيدية لتاريخ اإلسالم ‪ ،‬وكتاب ( النبأ العظيم ) تويف سنة ‪ 333‬هـ ‪ 150‬م ‪ ( .‬األ عالم ) للزريكلي ج ‪4 6 / 6‬‬

‫)ولد بقرية مطوبس مبحافظة كفر الشيخ مبصر سنة ‪ 334‬هـ‪ 1 5 -‬م حفظ القرآن مث درس يف دسوق مث مبعهد‬
‫اإلسكندرية الديين مث التحق بكلية الشريعة وحصل على العاملية سنة ‪ 350‬هـ ‪ ،‬اشتغل بالتدريس يف املعاهد األزهرية مث حصل‬
‫على الدكتوراه من كلية أصول الدين سنة ‪ 366‬هـ وعني هبا سنة ‪ 336‬مث أمينا عاما مساعدا جملمع البحوث اإلسالمية مث‬
‫عميدا للكلية مث أمينا عا ما جملمع البحوث اإلسالمية مث وزيرا لألوقاف ومات رمحه اهلل سنة ‪ 133‬يف شهر يوليو ‪ ( .‬تتمة‬
‫األعالم للزريكلي) وفيات ‪ 316‬هـ – ‪ 4 5‬هجرية ‪ (،‬املستدرك الثاين لتتمة األعالم) صفحة ‪ ، 48‬حممد خري رمضان‬
‫يوسف اجمللد الثاين ‪ -‬الطبع والنشر ‪ /‬دار ابن حزم بريوت لبنان ‪ .‬وىف هذا املصدر أنه توىف سنة ‪135‬‬

‫‪12‬‬
‫كما ألف حممد علي حسن ( ) كتاباً يف هذا الشأن مساه (املنار يف علوم القرآن ) ‪.‬‬
‫ومن أعظم الكتب اليت ألفت يف علوم القرآن الكرمي عامة ويف اإلعجاز‬
‫القرآين خاصة كتاب (مناهل العرفان يف علوم القرآن ) لإلمام‬
‫حممد الزرقاين‪.‬‬
‫وألف املرحوم الشيخ سيد قطب ( ) كتابات كثرية حول القرآن الكرمي ونظمه‬
‫وسوره وأسلوبه ‪ ،‬والوجوه الكثرية اليت تدل على ربانية مصدره وذلك يف الكتب‬
‫الثالثة اليت ألفها حول القرآن الكرمي وهي ‪:‬‬
‫(التصوير الفين يف القرآن) ‪( ،‬مشاهد القيامة يف القرآن) ‪( ،‬يف ظالل القرآن)‪.‬‬
‫فمنذ القرن الثاين اهلجري وإىل اليوم اجتهد العلماء يف شىت هذه القرون املتتابعة‬
‫إلبراز كافة وجوه اإلعجاز القرآين يف أهبى صورة ‪،‬حىت يوضحوا للناس مجيعا مدى‬
‫عظمة القرآن الكرمي الذي ﴿ ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه تنزيل من‬
‫حكيم محيد ﴾ فصلت آية ‪.4 / 4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ( 1‬فاضل من أهل تونس قدم مصر وجعل ناظرا ملسجد ( أيب الذهب ) وأوقافه واتصل بإبراهيم باشا فكان يعلم أوالده اللغة‬
‫العربية وكان عاملا ذكيا ودرس باألزهر الشريف وبعد موت إبراهيم باشا نفاه اخلديوي عباس بعد ذلك إىل خارج مصر فذهب إىل‬
‫احلجاز مث رحل إىل القسطنطينية فمات هناك من كتبه ( تعديل املرقاة وجالء أملرآه ) ‪ ،‬وكتاب ( املنار يف علوم القرآن ) ‪( .‬األ‬
‫عالم ) خلري الدين ا بن الزريكلى الدمشقي املتوقي سنة ‪ 316‬هـ ‪ ،‬طبع ونشر دار العلم للماليني ‪ ،‬ج ‪ 388/ 6‬حممود بن‬
‫حممد‪.‬‬
‫(‪)2‬سيد قطب بن إبراهيم مفكر إسالمي مصري من مواليد قرية(موشا) يف أسيوط مبصر خترج من كلية دار العلوم سنة ‪353‬‬
‫هـ ‪ 134‬م عمل يف جريدة األهرام وكتب يف جمليت الرسالة والثقافة وعني مدرسا للغة العربية فموظفا يف ديوان وزارة املعارف‬
‫‪ ،‬أوفد بعثة لدراسة برامج التعليم يف أمريكا سنة ‪ 140‬وملا عاد إنتقد الربامج املصرية وطالب بربامج تتمشى والفكرة اإلسالمية‬
‫وبىن على هذا استقالته وانضم جلماعة اإلخوان املسلمني فترأس قسم نشر الدعوة وسجن مع من سجن من هذه اجلماعـة إىل أن‬
‫صدر األمر بإعدامه سنة ‪ 303‬هـ ‪ 166‬م ‪ ،‬له مؤلفات كثرية مطبوعة ومتداولة منها ( النقد العريب ) ‪ ( ،‬يف ظالل القرآن‬
‫) ‪ ( ،‬مشاهد القيامة يف القرآن ) ‪ ( ،‬التصوير الفين يف القرآن ) وغريهم كثري رمحه اهلل تعاىل ‪ ( ،‬األ عـالم ) للزريكلـي ج ‪/ 3‬‬
‫‪. 40 ، 43‬‬

‫‪13‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫أمهية هذه الدراسة يف هذا العصر ‪:‬‬
‫إن عودة املسلمني إىل كتاب رهبم يف العقود األخرية من هذا القرن‬
‫أصبحت حقيقة واقعة ‪ ،‬واإلقبال على الدراسات القرآنية أصبحت ظاهرة الفتة‬
‫للنظر‪.‬‬
‫وافتتاح املدارس لتحفيظ القرآن الكرمي وعلومه وقراآته عمت بالد املسلمني ‪،‬‬
‫وانطلقت الصحوة اإلسالمية تكتسح أقطار األرض يف اجلامعات والطبقات االجتماعية‬
‫املختلفة ‪ ،‬وعلى رأسها طبقات الشباب ‪ ،‬وأدرك املسلمون أن ال مكان هلم على وجه‬
‫األرض ما مل حيددوا هويتهم احلضارية ‪ ،‬ويثبتوا استقالهلم الفكري وشخصيتهم وذاهتم‬
‫‪ ،‬وأدركوا أن ذلك ال يتم إال بالعودة إىل املنهل الصايف واملورد العذب ‪ ،‬إىل الوحي‬
‫اإلهلي من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وملا كان التطبيق العملي هلدايات القرآن الكرمي اليتم إال بعد فهم نصوصه‬
‫واإلحاطة بتوجيهاته ‪،‬كان لزاماً على علماء املسلمني عامة وعلى املتخصصني يف علوم‬
‫القرآن الكرمي خاصة ‪ ،‬أن يتناولوا كل مايتصل بالقرآن الكرمي من حيث الشكل‬
‫واملضمون ‪ ،‬ومن حيث اآلراء والترتيل ومن حيث الفهم واالستنباط ‪ ،‬فإن ذلك كله‬
‫مقومات ومقدمات لاللتزام والتطبيق ‪.‬‬
‫ولئن كانت تلك الدراسات واجلهود تتم على مستوى األفراد واملؤسسات‬
‫العلمية واألصعدة الشعبية ؛ فإن املستويات الرمسية والدول ال زالت تتوجس خيفة من‬
‫واإللتزام هبدايات القرآن يف أنظمة الدولة السياسية واالقتصادية واالجتماعية يف السلم‬
‫واحلرب ‪ ،‬ال إنكاراً وال جحوداً للهدايات القرآنية وصالحيتها لكل زمان ومكان ‪،‬‬
‫ولكن خوفا على مصاحلهم وعلى مناصبهم وهيآهتم من النافذين يف مصري الدول‬
‫والشعوب من طواغيت الكفر ‪ ،‬ولو اطمأن هؤالء احلكام إىل وعد رهبم وأيقنوا حتمية‬
‫سننه يف خملوقاته ‪ ،‬لبادروا إىل التطبيق واإللتزام ‪ ،‬وصدق اهلل حيث قال ‪ ﴿ :‬فترى‬
‫الذين يف قلوهبم مرض يسارعون فيهم يقولون خنشى أن تصيبنا دائرة فعسى اهلل أن يأيت‬
‫بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا يف أنفسهم نادمني ﴾ املائدة ‪. 5 / 5‬‬
‫وملا كان موضوع اإلعجاز القرآين من أهم املوضوعات احليوية املتجددة لتعلقه‬
‫بصحة الرسالة وصدق الرسول صلى اهلل عليه وسلم الذي جاء هبا وإقامة احلجة‬
‫والربهان يف كل عصر ومصر ‪ ،‬وعلى الناس قاطبة يف كل مكان مبا يتناسب مع مدارك‬
‫الناس العلمية ومعطيات احلضارة والتقدم العلمي ؛ فإن التأليف يف موضوع إعجاز‬

‫‪14‬‬
‫القرآن الكرمي قد كثر ومشل اجملاالت العامة والتخصصية ‪ ،‬وذلك ألمهية هذا العلم‬
‫بالنسبة للمتخصصني وغريهم ‪ ،‬فإن حاجتهم إليه ماسة وضرورته هلم الزمة‪ .‬قال تعاىل‬
‫‪ ﴿ :‬أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غري اهلل لوجدوا فيه اختالفا كثريا﴾ النساء ‪4‬‬
‫‪0 /‬‬
‫حممد‪.34/ 43‬‬ ‫وقال تعاىل ‪ ﴿ :‬أفال يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفاهلا ﴾‬

‫‪15‬‬
‫الفصـــل األول‬

‫اإلمام الزرقاين وكتابـه ( مناهل العرفـان )‬

‫‪16‬‬
‫وفيه مبحثـان‬

‫املبحث األول‪:‬‬

‫جـ ـ حياته العلمية ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬مولده ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬امسه ونسبه ‪.‬‬
‫هـ ـ وفاته ‪.‬‬ ‫د ـ مؤلفاته ‪.‬‬

‫املبحث الثانـي‪:‬‬

‫الدراسة اإلمجالية لكتاب (مناهل العرفان )‬

‫‪17‬‬
‫املبحث األول ‪:‬‬
‫أ ـ امسه ونسبه ‪:‬‬
‫هو الشيخ حممد عبد العظيم الزرقاين من أهل قرية (اجلعفرية) مركز (السنطة )‬
‫التابعة حملافظة الغربية مبصر‪ ،‬ونسبته إىل (زرقان ) وهي بلدة تابعة ملركز تال مبحافظة‬
‫املنوفية‪.‬‬
‫ب ـ مولده ‪:‬‬
‫مل نستطع التعرف على العام الذي ولد فيه االمام الزرقاين ‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬وإمنا‬
‫يغلب على الظن أنه ولد يف مطلع القرن الرابع عشر اهلجري ( )‬

‫()‬ ‫جـ ـ حياته العلمية ‪:‬‬


‫‪ 1‬م مث خترج من‬ ‫التحق الشيخ ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬باملعهد األمحدي بطنطا عام‬
‫كلية أصول الدين وقد نال العاملية عام ‪ 1 5‬م وعني مدرسا مبعهد الزقازيق عام‬
‫‪ 1 6‬م‪.‬‬
‫د ـ مؤلفاته ‪:‬‬
‫أشار اإلمام الزرقاين ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬يف كتابه مناهل العرفان إىل أن له مؤلفاً مساه‬
‫(املنهل احلديث يف علوم احلديث) باإلضافة إىل كتابه الذي اشتهر به‬
‫وهو كتاب (مناهل العرفان يف علوم القرآن )‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪.‬‬ ‫كما أن له حبثاً يف الدعوة واإلرشاد‬
‫وله حبث آخر يف البدع وموقف اإلسالم منها فرغ من وضعه سنة ‪ 36‬هـ‬
‫وقد وضعه للمتخصصني يف الدعوة واإلرشاد بكلية أصول الدين يف األزهر ويوجد‬
‫منه نسخة يف جملد مطبوع سنة ‪ 36‬هـ يف املكتبة األزهرية ‪.‬‬
‫وهذا القدر هو الذي توصلت إىل معرفته فيما يتعلق بالكتب اليت ألفها اإلمام‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) مناهل العرفان للزر قاين دراسة وتقومي خلالد بن عثمان السبت طبع ونشر ‪ /‬دار ابن عفان للطبع والنشر ج ‪44/‬‬
‫( ) ‪ 363‬هـ =‪ 140‬م حممد عبد العظيم الزرقاين‪ :‬من علماء األزهر مبصر‪ .‬خترج بكلية أصول الدين‪ ،‬وعمل هبا مدرسا‬
‫لعلوم القرآن واحلديث‪ .‬وتويف بالقاهرة‪ .‬من كتبه (مناهل العرفان يف علوم القرآن) و (حبث ‪ -‬ط) يف الدعوة واإلرشاد‪ .‬األعالم‬
‫املؤلف‪ :‬خري الدين بن حممود بن حممد بن علي بن فارس‪ ،‬الزركلي الدمشقي (املتوىف‪ 316 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار العلم للماليني‬
‫الطبعة‪ :‬اخلامسة عشر ‪ -‬أيار ‪ /‬مايو ‪ 88‬م ج‪8 / 6‬‬
‫(‪ )3‬أنظر مناهل العرفان للزرقاين دراسة وتقومي ‪ -‬خالد بن عثمان السبت ج ‪.44 /‬‬
‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫الزرقاين سوى املقاالت اليت كان ينشرها يف اجملالت ‪ ،‬كمجلة اهلداية اإلسالمية‬
‫( )‬
‫‪.‬‬
‫هـ ـ وفاته ‪:‬‬
‫تويف اإلمام الزرقاين‪ -‬رمحه اهلل تعاىل ‪ -‬سنة ‪ 363‬هـ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) انظر جملة اهلداية اإلسالمية عدد شهر ربيع األول من عام ‪ 35‬هـ ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫الدراسة اإلمجالية لكتاب (مناهل العرفان )‬
‫وتشمل هذه الدراسة عدة مباحث منها ‪:‬‬
‫‪ -‬مدى استفادة اإلمام الزرقاين ممن سبقه يف التأليف يف هذا الفن ‪.‬‬
‫اإلمام‪ -‬رمحه اهلل كغريه من أهل العلم ـ يعترف بفضل من سبقه من املؤلفني‬
‫على تأليفه فهو يقول يف أول الكتاب (وبالنظر إىل املادة نفسها فالفضل فيها لعلماء‬
‫هذه األمة الذين أبلوا يف مجعها بالء حسناً ومل خيرجوا من الدنيا إال بعد أن شقوا لنا‬
‫القريب وقربوا لنا البعيد ( )‬

‫هذا من حيث اإلمجال أما من حيث التفصيل فإن االمام الزرقاين قد استفاد‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪.‬‬ ‫كثريا مما كتبه غريه مثل الزركشي ( ) والسيوطي‬
‫ومن أمثلة ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪" -‬ما كتبه االمام الزرقاين يف موضوع ( أول ما نزل من القرآن ) فقد ساق‬
‫األقوال اليت (ذكرها السيوطي ) وبنفس الترتيب الواقع يف كتاب اإلتقان ‪.‬‬
‫‪ -‬يف موضوع ( آخر ما نزل ) اقتبس اإلمام الزرقاين قدراً من ذلك املوضوع‬
‫من كتاب اإلتقان للسيوطي ‪ ،‬حىت بعض النصوص اليت أوردها السيوطي هناك ‪.‬‬
‫‪ -3‬استثمر االمام الزرقاين كثرياً من مادة املبحث الثالث ( نزول القرآن‬
‫والوحي ) من كتاب اإلتقان للسيوطي ‪ ،‬والذي اقتبس بدوره كثرياً من مادته من‬
‫كتاب الربهان للزركشي ‪.‬‬
‫‪ -4‬مبحث ( أسباب النزول ) مقتبس بأمجعه تقريباً من كتاب اإلتقان مع بعض‬
‫التقدمي والتأخري‪ ،‬باإلضافة إىل تغيري بعض العبارات واألساليب اللهم إال موضع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ‪ ) 1‬مناهل العرفان دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج ‪58 /‬‬
‫( ) حممد بن هبادر بن عبد اهلل الزركشي أبو عبد اهلل بدر الدين عامل بفقه الشافعية واألصول تركي األصل مصري املولد والوفاة له‬
‫تصانيف عدة منها ( اإلجابة على ما استدركته عائشة على الصحابة )‪( ،‬والبحر احمليط) وغريها كثري ولد سنة ‪ 544‬هـ وتـويف‬
‫سنة ‪ 686‬هـ ( األعالم للزريكلي ) ج‪. 3 3 /6‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرمحن بن أىب بكر بن حم مد بن سابق الدين اخلضريي السيوطي جالل الدين إمام حافظ مؤرخ أديب له حنو ‪ 688‬مؤلف‬
‫منها (اإلتقان يف علوم القرآن)و(تفسري اجلاللني)و( التحبري يف علم التفسري ) و( احلاوي للفتاوي ) و (مناقب مالك ) وغريها كثري‬
‫‪ 1‬هـ ( األعالم) للزريكلي ج ‪. 38 ، 38 / 3‬‬ ‫و تويف مبصر سنة‬

‫‪20‬‬
‫(عموم اللفظ وخصوصه ) فإنه ذكر فيه أدلة الفريقني وصاغها بصياغة منطقية وليس‬
‫ذلك كله مأخوذا من اإلتقان‪.‬‬
‫‪ -5‬أما ما يتعلق بفوائد أسباب النزول نقل السيوطي ذلك من الربهان مع‬
‫اختالفات يسرية جداً ‪ ،‬مث نقلها اإلمام الزرقاين بدوره من السيوطي مع شيء من‬
‫( )‬
‫التقدمي والتأخري والزيادة واحلذف "‬
‫‪ -6‬استقى اإلمام الزرقاين من كتاب ( النبأ العظيم ) للدكتور حممد عبد اهلل دراز‬
‫( ) يف مبحثني (أسلوب القرآن الكرمي ) فنجد عامة ما كتبة اإلمام الزرقاين يف ذلك‬
‫املبحث مقتبس ـ بعبارته أحياناً ـ من كالم دراز مع شيء من التقدمي والتأخري‬
‫والزيادة واحلذف (‪)3‬‬

‫‪ -‬أثر الكتاب على ما كتب بعده يف هذا الفن ‪:‬‬


‫بالنظر إىل الكتب املؤلفة يف علوم القرآن اليت جاءت بعد كتاب اإلمام الزرقاين‬
‫(‪)4‬‬
‫مثل كتاب (مباحث يف علوم القرآن ) للدكتور‪ /‬صبحي الصاحل‬
‫(‪) 5‬‬
‫‪.‬‬ ‫كتاب ( مباحث يف علوم القرآن ) للشيخ مناع القطان‬
‫(‪) 6‬‬
‫وكتاب ( التفسري واملفسرون ) للدكتور الذهيب ‪.‬‬
‫وكتاب ( النبأ العظيم ) ‪ ( ،‬مدخل إىل القرآن الكرمي ) للدكتور ‪ /‬دراز وغريهم‬
‫من الكتب اليت ألفت يف هذا الفن ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪53 ، 5 /‬‬ ‫( ) بتصريف يسريمن كتاب مناهل دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج‬
‫( ) حممد بن عبد اهلل دراز فقيه مصري أزهري كان من هيئة كبار العلماء باألزهر له كتب منها (الدين – ط ) دراسة متهيدية‬
‫لتاريخ اإلسالم تويف ســنة ‪ 333‬هـ ‪ 150 -‬م ( األعالم ) للزريكلي ج ‪46/6‬‬
‫مع ما يف النبأ العظيم ص ‪ ، 8‬ص ‪36‬‬ ‫( ‪ ) 3‬ـ قارن ما يف املناهل ج ‪/‬‬
‫(‪ )4‬عامل ومفكر إسالمي لبناين شهيد ولد بطرابلس تركي األصل درس يا ألزهر مبصر مث نال الدكتوراه من السريون سنة ‪154‬‬
‫م عني نائبا لرئيس اجمللس اإلسالمي األعلى واغتيل ببريوت سنة ‪ 106‬له آ ثار منها ( مباحث يف علوم القرآن) ‪( ،‬علوم احلديث‬
‫ومصطلحه) ‪ ( ،‬دراسات يف فقه اللغة) وغريها كثري ( ذيل األعالم ) ألمحد العالونه النا شر دار املنارة ط أوىل سنة ‪ 110‬م ‪.‬‬
‫(‪ )5‬مناع خليل القطان ولد مبركز أمشون حمافظة املنوفية مبصريف أكتوبر سنة ‪ 1 5‬حفظ القرآن مث التحق مبعهد شبني الكوم‬
‫الديين ومنه إىل جامعة األزهر وحصل على العاملية سنة ‪ 15‬م مصنفاته كثرية منه (مباحث يف علوم القرآن) توىف سنة ‪. 111‬‬
‫(‪ )6‬ولد اإلمام الذهيب بقرية مطوبس حمافظة كفر الشيخ سنة ‪ 1 5‬م درس مبعهد دسوق الديين مث مبعهد األ سكندرية الديين‬
‫مث التحق بكلية الشريعة جامعة األزهر وحصل على العاملية سنة‪ 350‬هـ وعمل بالتدريس يف معاهد األزهر مث حصـل علـى‬
‫الدكتوراه من كلية أصول الدين سنة ‪ 366‬وغني هبا مدرسا مث عميدا مث أمينا عاما جملمع البحوث اإلسالمية مث وزيرا لألوقاف‬
‫وىف هذا املصدر أنه توىف سنة ‪ ( 135‬املستدرك الثاين لتتمة األ عالم ) ص‪ 48‬حممد خري رمضان يوسف – اجمللد الثاين عبـد‬
‫اهلل –يوسف الطبع والنشر دار ابن حزم بريوت‬

‫‪21‬‬
‫وجدت أن عدداً من أصحاب تلك املؤلفات استفادوا ـ بدرجة متفاوتة ـ من‬
‫كتاب مناهل العرفان ‪ ،‬وبقدر من االستقاللية يف البحث واملصادر ‪.‬‬
‫وبعد هذا ميكننا أن نشري إىل بعض النماذج املقتبسة من كتاب اإلمام الزرقاين‬
‫ومأخوذة منه فمن ذلك ‪:‬‬
‫ـ" تابع القطان يف مباحثه الزرقاين حينما تعرض لذكر معىن ( أسباب النزول)‪.‬‬
‫‪ -‬جند أن اإلمام الزرقاين حينما تعرض لذكر الفوائد املترتبة على معرفة أول ما‬
‫( )‬
‫نزل وآخر ما نزل ‪ ،‬قد تابعه على ذلك القطان أيضاً ‪.‬‬

‫‪ -‬استفاد الدكتور صبحي الصاحل يف مبحث ( النسخ ) من كتابه ( مباحث يف‬


‫علوم القرآن ) مما كتبه اإلمام الزرقاين حول هذا املوضوع يف كتابه مناهل العرفان ‪،‬‬
‫وهذه االستفادة وإن ‪ -‬كانت قليلة – إال أهنا تعد من أكثر املواضيع اليت استفاد منها‬
‫من كتاب اإلمام الزرقاين‪.‬‬
‫أما ما كتب يف نفس املوضوع – النسخ – يف كتاب (مباحث يف علوم القرآن)‬
‫للشيخ مناع القطان فهو يعد ً اختصارا تلخيصا للذي أثبته اإلمام الزرقاين يف نفس‬
‫املبحث – النسخ ‪ -‬من كتابه مناهل العرفان ‪.‬‬
‫‪ -‬خالف اإلمام الزرقاين – رمحه اهلل – كال من الزركشي يف كتابه (الربهان) ‪،‬‬
‫والسيوطي يف كتابه (اإلتقان) ‪ ،‬من جهة ترتيب املباحث واملوضوعات ‪ ،‬فكان رأيه أن‬
‫يُبدأ أوالً ـ بعد التعريفات واملقدمات‪ -‬مبوضوع ( نزول القرآن والوحي ) ‪ ،‬وقد‬
‫حصل هذا األمر يف كتاب (مباحث يف علوم القرآن) للشيخ مناع القطان ‪.‬‬
‫ـ كما أفاد الدكتور صبحي صاحل من مناهل العرفان أيضا يف الفصل األول من‬
‫( )‬
‫الباب الثالث "‬
‫والذي حتدث فيه عن تاريخ هذا العلم(‪ ) 3‬واحلاصل أن أصحاب تلك املؤلفات‬
‫استفادوا من كتاب ( مناهل العرفان ) كما هو الشأن بني أهل العلم حيث ينقل‬
‫بعضهم عن بعض‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) انظر ( املناهل ) ج ‪ ( ، 11 ، 05 /‬مباحث يف علوم القرآن ) ملناع القطان ص ‪. 31 ، 33‬‬
‫( ) بتصريف يسريمن كتاب مناهل دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج ‪51: 55 /‬‬
‫–‪6‬‬ ‫(‪ )3‬انظر (مباحث يف علوم القرآن‪ ).‬دراسة وحتقيق ‪ -‬للدكتور صبحي الصاحل الناشر – دار العلم للماليني ص ‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -3‬يف بيان مدى استيفاء املؤلف ملباحث هذا العلم ‪:‬‬
‫ـ " إن عدد املباحث اليت عقدها املؤلف يف هذا الكتاب بلغت سبعة عشر مبحثا‬
‫ال غري‪ ،‬وهذا العدد يعد ضئيال إذا ما قورن بعدد األنواع واملباحث اليت تعرض هلا‬
‫السيوطي يف كتابه ( التحبري ) واليت زادت على املائة بنوعني ؛ وإذا ما قورن بعدد‬
‫املباحث واألنواع اليت مجعها يف كتابه اآلخر‬
‫( اإلتقان) واليت بلغت مثانني نوعاً‪.‬‬
‫وذلك العدد ضئيل كذلك إذا ما قورن بعدد األنواع اليت حررها الزركشي‬
‫يف كتابه(الربهان) ؛ ولكن جيب اإللتفات إىل أمرين اثنني ومها ‪:‬‬
‫األول‪:‬مبجرد االطالع على فهارس كتاب املناهل ندرك أن املؤلف قد تعرض‬
‫ألهم مباحث وأنواع ذلك الفن املوسوم بـ ( علوم القرآن ) ‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬وهو أن األحوال والظروف العصيبة اليت أخرج فيها املؤلف هذا الكتاب ‪،‬‬
‫واليت تتمثل يف نقص الورق وعدم توافر مواد الطباعة وقصر ذات اليد ‪ ،‬مل تساعده‬
‫على مواصلة الكتابة يف موضوعات أخرى ‪ ،‬وعلل ذلك بقوله ‪ ( :‬إن الضرورات تبيح‬
‫( )‬
‫احملظورات )"‬
‫‪ -4‬إضافات املؤلف يف هذا الكتاب إمجاال‪:‬‬
‫أضاف املؤلف بعض اإلضافات على ما كتبه الزركشي والسيوطي بغض النظر‬
‫عن وجود بعض اجلزئيات املندرجة حتتها يف اإلتقان أو الربهان وهذه اإلضافات جاءت‬
‫يف أربعة مباحث وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬املبحث األول ‪ :‬يف معىن علوم القرآن الكرمي ‪. ) ( .‬‬
‫( )‬
‫‪ -‬املبحث الثاين ‪ :‬يف تاريخ علوم القرآن الكرمي‬
‫‪ -3‬املبحث الثالث عشر ‪ :‬يف ترمجة القرآن الكرمي وحكمها تفصيالً (‪.)4‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫‪ -4‬املبحث السادس عشر ‪ :‬يف أسلوب القرآن الكرمي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪( )1‬مناهل العرفان الزرقاين ) دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج ‪6 /‬دار ابن عفان للنشر والتوزيع‬
‫(‬
‫‪. 5/‬‬ ‫) (املناهل ) ج‬
‫( ) (املناهل ) ج ‪/‬‬
‫‪. 3/‬‬ ‫(‪( )4‬املناهل ) ج‬
‫( ‪( ) 5‬املناهل ) ج ‪. 10/‬‬

‫‪23‬‬
‫وهذا املبحث األخري وإن كان رمسه موجودا يف اإلتقان والربهان إال أنه يف‬
‫احلقيقة يتحدث عن خصائص األسلوب القرآين وهبذا االعتبار ميكننا أن نعترب هذا‬
‫( (‬
‫املبحث وهبذه الصورة إضافة قد مها املؤلف يف هذا الكتاب "‬
‫‪5‬ـ منهج املؤلف يف الكتاب ‪:‬‬
‫املنهج الذي سار عليه اإلمام يف كتابه يتلخص يف النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ "-‬فيما يتعلق باختيار األنواع واملباحث املتعلقة بالقرآن‪ ،‬فقد اختار ‪ -‬رمحه اهلل‬
‫‪ -‬أكثرها أمهية وذكرها ‪.‬‬
‫‪-‬عقد اإلمام يف هذا الكتاب سبعة عشر مبحثاً وجعل كل مبحث منها يضم‬
‫مسائل متنوعة تندرج حتته كما وضع لكثري من املسائل والتفريعات عناوين خاصة تدل‬
‫عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬يعىن اإلمام ببيان معىن العنوان الذي وضعه للبحث إن كان األمر يتطلب ذلك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬من املالمح البارزة يف هذا الكتاب أنه يذكر كلمة ( فوائد ) فمثالً يقول‪:‬‬
‫حتت مبحث ( أول ما نزل وآخر ما نزل ) ‪ :‬فوائد اإلملام بأول ما نزل وآخره ‪.‬‬
‫( )‬
‫وحتت مبحث ( أسباب النزول ) يقول ( فوائد معرفة أسباب النزول )‬
‫‪ -‬حماولة اإلمام عند أي مناسبة توضيح العالقة القوية بني اإلسالم و العلم‬
‫وأن اإلسالم يدعو إىل العلم والبحث والنظر يف الكون والنفس‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إ براز أسرار التشريع وحكمه كلما دعى املقام لذلك ‪ ،‬ليربهن‬
‫على أن هذا الدين هو دواء البشرية وسبيل كماهلا وجناحها ‪.‬‬
‫‪ -‬يورد اإلمام خالف أهل العلم يف املسألة اليت هو بصددها مع عرض‬
‫أدلتهم ومناقشتها مث يذكر القول الراجح ‪.‬‬
‫‪ -‬بعد كل مبحث يسوق اإلمام مجلة من الشبه املتعلقة مبوضوعه مث‬
‫حياول اإلجابة عنها ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسريمن كتاب مناهل دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج ‪0 /‬‬
‫( ) مناهل العرفان للزرقاين دراسة وتقومي خلالد بن عثمان السبت دار ابن عفان للنشر والتوزيع ص ‪04‬‬

‫‪24‬‬
‫ـ ينبه اإلمام أحيانا على احلكمة املتعلقة ببعض أمور التشريع ‪ ،‬كذكره‬
‫احلكمة من نزول القرآن منجما ؟‬
‫( )‬
‫‪.‬‬ ‫واحلكمة من النسخ واحلكمة من تسوير السور وغري ذلك‬
‫‪ -‬يكتفي اإلمام بذكر بعض األمثلة من القرآن الكرمي حتت كل مبحث دون‬
‫حماولة االستيعاب‪،‬هذا وقد التزم ـ رمحه اهلل ـ باملنهج الذي رمسه يف مقدمة الكتاب‬
‫( )‬
‫ووىف به "‬
‫(‪ )6‬أسلوب اإلمام الزرقاين يف كتابه ‪:‬‬
‫"صاغ اإلمام الزرقاين كتابه مناهل العرفان يف قالب جيمع بني السالسة واملتانة ‪،‬‬
‫وقد صرح بذلك عند ذكره األهداف اليت من أجلها وضع كتابه هذا فقال ‪:‬‬
‫أوهلا ‪ :‬أن تكون كتابيت من النسق األزهري اجلديد يف تفكريه ويف تعبريه ‪ ،‬حبيث‬
‫يتيسر فهمه على القراء ‪ ،‬من أبناء هذا اجليل ‪ ،‬سواء منهم احملقق األزهري أواملثقف‬
‫املدين ‪ ،‬فإن لكل زمان لغة ولساناً ‪ ،‬ومنطقاً وبرهاناً ‪ ،‬وبذلك مزج بني حاجة األزهريني‬
‫إىل البحث والتحليل ‪ ،‬وبني رغبات مجاهري القراء املعاصرين يف تقريب األسلوب‬
‫وتعبيد السبيل‪.‬‬
‫وقد أوقعته تلك احملاولة يف اإلسهاب فعالً فجاء الكتاب مطوالً‪ ،‬ولو سلم من‬
‫ذلك اإلسهاب لسقط ما يقارب نصف حجمه احلايل أو ثلثه (‪. )3‬‬
‫ومع هذا فقد صاغ املؤلف ـ رمحه اهلل ـ كتابه بعبارة أدبية جيدة يتخللها يف‬
‫أحيان كثرية حكم رقيقة وأمثال بليغة ‪ ،‬مع حرصه على األسلوب الذي يبعث اهلمم‬
‫(‪) 4‬‬
‫على العمل الدائب لنصرة هذا الدين واالنقياد لتعاليمه "‬
‫(‪ )3‬ذكر األهداف اليت رمى املؤلف لتحقيقها يف هذا الكتاب ‪:‬‬
‫" لقد خلص اإلمام الزرقاين األهداف اليت حاول حتقيقها مبا حاصله ‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون كتابته من النسق األزهري اجلديد يف تفكريه وتعبريه حبيث‬
‫يتيسر فهمه على أبناء هذا العصر سواء منهم املتخصص أو املثقف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬املناهل ( ‪. )18/‬‬
‫( ) بتصريف يسريمن كتاب مناهل دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج ‪0 /‬‬
‫(‪) 3‬للوقوف على بعض صور اإلسهاب ‪ ،‬املناهل ‪ 6 ، 4/ ( :‬ـ ‪. )434 ، 3 1 ، 4 ، 33 ، 04 ، 8‬‬
‫(‪ ) 4‬بتصريف يسريمن كتاب مناهل دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ج ‪03 ، 06 /‬‬

‫‪25‬‬
‫معاجلة الشبه اليت يثريها أعداء اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -3‬إظهار الرابطة القوية بني اإلسالم والعلم يف كل مناسبة لدفع قول بعض‬
‫احلاقدين على اإلسالم ‪ ،‬أن اإلسالم حيارب العلم‪.‬‬
‫جتلية أسرار التشريع وحكمه إذا احتمل املقام لذلك‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ -5‬إيقاظ مهم القراء وإحياء عزائمهم ليحملوا رسالة اإلسالم فيبلغوها إىل العامل‬
‫( )‬
‫أمجع "‬
‫(‪ )0‬ذكر مباحث كتاب مناهل العرفان ‪:‬‬
‫لقد حوى الكتاب سبعة عشر مبحثاً من مباحث علوم القرآن وهذه املباحث هي‪:‬‬
‫‪ " -‬املبحث األول ‪ :‬يف معىن علوم القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪ -‬املبحث الثاين ‪ :‬يف تاريخ القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪ -3‬املبحث الثالث ‪ :‬يف نزول القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪ -4‬املبحث الرابع ‪ :‬يف أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪ -5‬املبحث اخلامس ‪ :‬يف أسباب النزول‪.‬‬
‫‪ -6‬املبحث السادس ‪ :‬يف نزول القرآن الكرمي على سبعة أحرف ‪.‬‬
‫‪ -3‬املبحث السابع ‪ :‬يف املكي واملدين من القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪0‬ـ املبحث الثامن ‪ :‬يف مجع القرآن الكرمي وما يتعلق به ‪.‬‬
‫‪1‬ـ املبحث التاسع ‪ :‬يف ترتيب آيات القرآن الكرمي وسوره ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ املبحث العاشر ‪ :‬كتابة القرآن الكرمي ورمسه ومصاحفه ‪.‬‬
‫ـ املبحث احلادي عشر ‪ :‬يف القراءات والقراء والشبهات فيها ‪.‬‬
‫‪ -‬املبحث الثاين عشر ‪ :‬يف التفسري واملفسرين وما يتعلق هبما ‪.‬‬
‫‪ - 3‬املبحث الثالث عشر ‪ :‬يف ترمجة القرآن الكرمي وحكمها تفصيالً ‪.‬‬
‫‪ - 4‬املبحث الرابع عشر ‪ :‬يف النسخ ‪.‬‬
‫‪ - 5‬املبحث اخلامس عشر ‪ :‬يف احملكم واملتشابه من القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسريمن كتاب مناهل دراسة وتقومي – خالد بن عثمان السبت ص ‪00‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ - 6‬املبحث السادس عشر ‪ :‬يف أسلوب القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪ - 3‬املبحث السابع عشر ‪ :‬يف إعجاز القرآن الكرمي وما يتعلق به "‬
‫( ‪ )1‬يف توثيق املادة العلمية ‪ ،‬واالهتمام بالعزو مع الدقة يف النقل ‪:‬‬
‫ويالحظ على املؤلف ما يلى ‪:‬‬
‫أنه ينقل يف عدد من املواضع يف هذا الكتاب عن كثري من العلماء‬ ‫‪-1‬‬
‫بواسطة كتاب آخر كاإلتقان للسيوطي ‪ ،‬فهو يعول على املصادر البديلة أو الثانوية‬
‫ويدع املصادر األصلية ومن أمثلة ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫قال اإلمام ‪ ) ( :‬وإىل هذا يشري ابن تيمية بقوله ‪ ( :‬قد جييء كثرياً‬
‫من هذا الباب ‪ ...‬إىل قوله ‪ ...‬ولغريه ممن كان مبنزلته)أ‪.‬هـ وهذا يف احلقيقة‬
‫(‪)3‬‬
‫إمنا نقله املؤلف بواسطة اإلتقان للسيوطي ‪.‬‬
‫يف أحيان متعددة ينقل املؤلف كالما ً ألحد العلماء وال يشري إىل ذلك ‪ ،‬وقد‬
‫يكون النقل عبارة عن هتذيب ملبحث جبملته ‪ ،‬دون نسبة شيء من ذلك إىل قائله‬
‫األصلي ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪ .‬اقتباس املؤلف كثرياً من كالم السيوطي يف اإلتقان يف‬
‫موضوع (نزول القرآن والوحي ) (‪ ) 4‬دون اإلشارة إىل ذلك‬
‫مبقارنة النصوص اليت ينقلها املؤلف عن غريه مبواضعها األصلية جند ما‬ ‫‪-2‬‬
‫يلي ‪:‬‬
‫نقل املؤلف تفوته الدقة يف عدد ال بأس به وأمثلة ذلك ‪:‬‬
‫قال اإلمام ‪ ) 5( :‬روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن عائشة أم املؤمنني‬
‫ـ رضي اهلل عنها ـ أهنا قالت ‪ ( :‬أول ما بدئ به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ ....‬اخل ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) مناهل العرفان دراسة وتقومي خلالد بن عثمان السبت ص‪.18 ، 00‬‬
‫‪1/‬‬ ‫( ) مناهل العرفان ج‬
‫و ( الربهان ) ج ‪ 33/‬للزركشي ‪.‬‬ ‫‪0/‬‬ ‫(‪ ( . )3‬اإلتقان ) ج‬
‫(‪ . )4‬علماً بأن السيوطي خيتصر غالباً يف الروايات اليت أودعها " اإلتقان – انظر (اإلتقان للسيوطي ج ‪)06/‬‬
‫(‪ ) 5‬مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج ‪06 /‬‬

‫‪27‬‬
‫( )‬
‫وباملقارنة مع لفظ البخاري يف الصحيح جند بعض االختالفات بني اللفظني)‬
‫وذلك أنه أورده كما ‪ ،‬أورده السيوطي ‪ -‬فيه شيء من التغيري ـ بينما عبارة‬
‫شيخ اإلسالم (ابن تيمية )( ) ‪ -‬رمحه اهلل ـ يف مقدمته تتضمن‬
‫بعض االختالفات عن النص الذي أورده السيوطي والزرقاين ‪.‬‬
‫وملعرفة ذلك نرجع باملقارنة بني هذا النص ونص كالم شيخ اإلسالم يف مقدمته‬
‫‪.) 3،‬‬ ‫(ص‬
‫(‪ ) 8‬ذكر املميزات اخلاصة يف ( مناهل العرفان ) ‪:‬‬
‫وبيان منزلته بني الكتب املؤلفة يف هذا الفن‬
‫ومن أهم مميزات هذا الكتاب ما يلي ‪:‬‬
‫‪ " -‬أن مجيع مباحثه تعترب من أهم مباحث هذا العلم وخباصة لطالب هذا العلم‬
‫‪ - .‬أن اإلمام اطلع على كتب كثرية منها املتقدم ومنها املتأخر فجاء كتابه كمكتبة‬
‫شاملة تضم الفوائد والتحقيقات املتحدة من شىت التخصصات العلمية‪.‬‬
‫‪ -3‬مجع اإلمام يف تأليفه بني التحقيق العلمي الالزم للمتخصصني واألسلوب‬
‫العصري الالزم للمثقفني ‪.‬‬
‫‪ -4‬انفرد اإلمام الزرقاين مبباحث مل يتطرق إليها قبله الزركشي وال السيوطي ‪.‬‬
‫‪ -5‬متيز اإلمام الزرقاين بشخصية فريدة وأسلوب متميز ‪.‬‬
‫‪ -6‬متيز أسلوبه بالسمة األدبية يف مجيع مباحثه ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) عنْ عائِشَةَ‪ ،‬رَضِي اهلل عَ ْنهَا‪ ،‬أنَّها قاَلتْ( أوَّلُ مَا بدئ بِهِ رسولُ اهلل ِمنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ‪ ،‬فَكانَ لَا يَرى رُؤْيا إالَّ‬
‫جاءَتْ مِثْلَ فَ َلقِ الصُّبْحِ ) ‪،( -‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري )‪:‬أليب حممد حممود بن أمحد بن موسى بن أمحد بن حسني‬
‫‪-‬‬ ‫الغيتاىب احلنفي بدر الدين العيين املتوىف‪ 055 -‬هـ ‪ -‬الناشر‪/‬دار إحياء التراث العريب ‪ -‬بريوت عدد األجزاء‪× 5 :‬‬
‫‪.‬‬ ‫ج‪3/ 4‬‬
‫‪ -‬وَقَوْلُهُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَ ْنهَا قَاَلتْ ( كَانَ أَوَّلُ مَا بدئ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِمنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ) ‪( -‬‬
‫املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج ) ألىب زكريا حميي الدين حيىي بن شرف النووي املتوىف‪636 -‬هـ ‪ -‬الناشر‪ /‬دار إحياء‬
‫التراث العريب ‪ -‬بريوت الطبعة‪ :‬الثانية ج ‪. 13 /‬‬
‫( ) أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أىب القاسم اخلضر ابن تيمية اإلمام شيخ اإلسالم ولد حبران مث انتقل إىل‬
‫دمشق ومنها إىل مصر وعاد مرة أخرى إىل دمشق وسجن سنة‪3 8‬هـ بقلعة دمشق حىت مات هبا سنة ‪ 3 0‬هـ مؤلفاته تربو‬
‫‪44 /‬‬ ‫على ثالمثائة جملد منها ( السياسة الشرعية) و( الفتاوى ) و( اجلمع بني النقل والعقل ) األعالم للزريكلي ج‬

‫‪28‬‬
‫‪ -3‬متيز اإلمام يف كتابه هذا بالربط املستمر بني الدين واملعارف األخرى‬
‫باإلضافة إىل حماولة بيان أسرار التشريع وحكمه ‪.‬‬
‫‪ -0‬مل يتبع اإلمام يف تأليفه هذا الكتاب أساليب من سبقه يف كثرة التنويع لعلوم‬
‫القرآن ‪ ،‬بل قام بدمج األنواع املتشاهبة يف بعض وجعلها حتت مبحث واحد ‪.‬‬
‫‪ -1‬يعترب هذا املؤَلف ( مناهل العرفان ) من املراجع األساسية يف موضوع علوم‬
‫القرآن الكرمي ‪ ،‬ولذا حظي بشهرة واسعة وأضحى من أكثر كتب هذا الفن ذيوعا‬
‫( )‬
‫وتداوالً وانتشارا"‬
‫) ذكر املصادر اليت استفاد منها املؤلف (ولو بواسطة) ‪:‬‬ ‫(‬
‫استمد اإلمام الزرقاين معارفه ‪ -‬بعد فتوح اهلل تعاىل وتوفيقه ـ مما كتبه علماء‬
‫اإلسالم قدميا وحديثا يف القرآن الكرمي وعلومه ‪ ،‬والتفسري ومقدماته وعلم تاريخ‬
‫التشريع ‪ ،‬وعلوم الكالم واألصول واللغة ومعامجها والفلسفة واالجتماع وعلم النفس‬
‫واألخالق وبعض البحوث والرسائل واجملالت عربية كانت أو مترمجة وهذا ما قاله‬
‫الزرقاين يف أول كتابه ‪.‬‬
‫ومن أهم املؤلفات اليت استفاد من موادها املؤلف ما يلي ‪:‬‬
‫()‬ ‫‪ -‬اإلبريز من كالم سيدي عبد العزيز ( يف التصوف )‬
‫مجعة أمحد بن مبارك‪.‬‬
‫هـ )(‪.)3‬‬ ‫‪ -‬إحتاف فضالء البشر ‪ /‬امحد بن حممد البناء ( ت ‪3‬‬
‫‪. )4( )1‬‬ ‫اإلتقان يف علوم القرآن ‪ /‬جالل الدين السيوطي (ت‬ ‫‪-3‬‬
‫إحياء علوم الدين ‪ /‬أبو حامد الغزايل ( ت ‪. )5( )585‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أساس البالغة ‪ /‬جار اهلل الزخمشري ( ت ‪. )6( )350‬‬ ‫‪-5‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) مناهل العرفان دراسة وتقومي خلالد بن عثمان السبت ص ‪83 ، 86 /‬‬
‫( ) ( مناهل العرفان ) ج ‪.335/‬‬
‫(‪)3‬ـ مناهل العرفان ( ‪. )306/‬‬
‫‪،403 ، 406 ، 404 ،40 ، 433 ،450 ، 4 6 ، 4‬‬ ‫(‪))4‬ـ املصدر السابق ( ‪، 331 ، 34 ، 30/‬‬
‫‪. ) 15 ، 14 ، 33 ، 61 ، 53/ ،543 ، 5 1 ،5 3‬‬
‫(‪ )5‬ـ املصدر السابق ( ‪. )550، 5 3 ، 5/‬‬
‫(‪(6‬ـ املصدر السابق ( ‪. )5/‬‬

‫‪29‬‬
‫()‬ ‫‪ -6‬أسباب النزول ‪ /‬أبو احلسن الو احدي( ت ‪)460‬‬
‫()‬ ‫‪ -3‬إجلام العوام عن علم الكالم ‪ /‬أبو حامد الغزايل ( ت ‪)585‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪ -0‬األم ‪ /‬حممد بن إدريس الشافعي (ت ‪) 84‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫‪ -1‬إجنيل مىت‬
‫(‪)5‬‬ ‫‪ - 8‬إجنيل مرقص‬
‫‪ -‬البحر احمليط (يف األصول ) بدر الدين الزركشي (ت ‪)6()314‬‬
‫‪ -‬البحر احمليط ( يف تفسري القرآن ) ‪ /‬حممد بن يوسف بن حيان األندلسي‬
‫(‪.‬ت‪)3() 345‬‬

‫‪)0()314‬‬ ‫‪ - 3‬الربهان يف علوم القرآن ‪ /‬بدر الدين الزركشي (ت‬


‫(‪)1‬‬ ‫‪ - 4‬البيان ‪ /‬أليب طاهر بن أيب هشام‬
‫(‪) 8‬‬ ‫‪ - 5‬تاريخ القرآن ‪ /‬أبو عبد اهلل الزجناين ( ت ‪ 368‬هـ)‬
‫( )‬ ‫‪ - 6‬تأويل مشكل القرآن ‪ /‬عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة ( ت ‪ 38 :‬هـ)‬
‫(ت‪636‬هـ)( )‬ ‫‪ - 3‬التبيان يف آداب محلة القرآن ‪ /‬شرف الدين النووي‬
‫(‪) 3‬‬ ‫‪ - 0‬تطور األم ‪ /‬ألفه أحد الفالسفة الغربيني‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) ـ املصدر السابق ( ‪. ) 8 /‬‬
‫‪. ) 65 /‬‬ ‫( ) ـ املصدر السابق (‬
‫( ‪ ) 3‬ـ املصدر السابق ( ‪. )68/‬‬
‫( ‪ ) 4‬املصدر السابق ( ‪. )00/‬‬
‫( ‪ ) 5‬ـ املصدر السابق ( ‪. ) 61، 53 / ، 3/‬‬
‫(‪ )6‬مناهل العرفان ‪61 ، 53/ ، 3/‬‬
‫( ‪ ) 3‬املرجع السابق ‪303 ،30 /‬‬
‫‪546 ،430 /‬‬ ‫( ‪ ) 0‬املرجع السابق‬
‫( ‪ ) 1‬املرجع السابق ‪4 1/‬‬
‫( ‪ ) 8‬املرجع السابق ‪4/‬‬
‫) املرجع السابق ‪38، 61/‬‬ ‫(‬
‫) املرجع السابق ‪484 ، 48 ، 330 ، 35 ، 68 ، 0 ، 0/‬‬ ‫(‬
‫‪3‬‬
‫) املرجع السابق ‪433 /‬‬ ‫(‬

‫‪30‬‬
‫‪ -91‬تفسير اآللوسى روح المعاني ) ‪ /‬شهاب الدين اآللوسى ( )(‬
‫ت‪9 21‬هـ ) ‪.‬‬
‫‪ - 8‬تفسري البغوي ( معامل التنزيل ‪ /‬حممد بن احلسني البغوي‬
‫()‬ ‫( ت ‪5 6‬هـ )‬
‫)(‪)3‬‬ ‫‪ -‬تفسريالتستري‪ /‬سهل بن عبد اهلل التستري ( ‪303‬هـ‬
‫‪ -‬تفسري أيب السعود ( إرشاد العقل السليم إىل مزايا القرآن‬
‫‪)4( .‬‬ ‫الكرمي ) حملمد بن حممد العمادي ( ت ‪15‬هـ)‬
‫(‪)5‬‬ ‫‪ - 3‬تفسريا بن عريب ‪ /‬حميي الدين بن عريب (‪630‬هـ)‬
‫‪ - 4‬تفسريا بن عطية ( احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز ( عبد احلق‬
‫غالب ابن عطية (‪546‬هـ) (‪)6‬‬

‫(‪)3‬‬ ‫‪ - 5‬تفسري القرآن العظيم ‪ /‬احلافظ عماد الدين بن كثري ( ت ‪334‬هـ)‬


‫(‪)0‬‬ ‫‪ - 6‬التفسري الكبري ‪ /‬الفخر الرازي ( ت ‪686‬هـ )‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪ - 3‬تفسري املنار ‪ /‬حممد رشيد رضا ( ت ‪ 354‬هـ )‬
‫‪ - 0‬تفسري النسفي ‪ /‬مدارك التنزيل وحقائق التأويل ) عبد اهلل بن أمحد‬
‫النسفي (ت ‪ 38‬هـ )(‪) 8‬‬

‫‪ - 1‬التلويح يف كشف حقائق التنقيح ‪ /‬سعد الدين التفتازاين (ت‬


‫‪31‬هـ)( )‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) املرجع السابق ‪55 ، 433 ، 331، 350 /‬‬
‫‪6/‬‬ ‫( ) املرجع السابق‬
‫‪553/‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املرجع السابق‬
‫‪56 /‬‬ ‫( ‪ ) 4‬املرجع السابق ‪، 6 /‬‬
‫‪554 /‬‬ ‫( ‪ ) 5‬مناهل العرفان‬
‫‪341 /‬‬ ‫( ‪ ) 6‬املصدر السابق‬
‫‪6/‬‬ ‫‪، 13 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪33 /‬‬ ‫( ‪ ) 0‬املصدر السابق‬
‫‪5 8، 6 ،‬‬ ‫‪6/‬‬ ‫( ‪ ) 1‬املصدر السابق‬
‫‪8‬‬
‫‪13 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪5/‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬

‫‪31‬‬
‫‪ -38‬التمهيد ملا يف املوطأ من املعاين واألسانيد ‪ /‬للحافظ أيب عمر بن عبد الرب‬
‫‪463‬هـ)( )‬ ‫(ت‬
‫(ت‪486‬هـ)( )‬ ‫‪ -3‬التنبيه على فضل علوم القرآن‪ /‬أليب القاسم النيسابوري‬
‫‪ -3‬هتذيب األمساء واللغات ‪ /‬شرف الدين النووي ( ت ‪636‬هـ ) (‪. )3‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫‪ -33‬التوراة ( السفر األول )‬
‫‪444‬هـ)(‪)5‬‬ ‫‪ -34‬جامع البيان يف القراءات السبع ‪ /‬أبو عمرو الداين ( ت‬
‫‪450‬هـ)(‪)6‬‬ ‫‪ -35‬اجلامع لشعب اإلميان‪ /‬أبو بكر أمحد بن احلسني البيهقي (‬
‫)(‪)3‬‬ ‫‪ -36‬مجال القراء وكمال اإل قراء ‪ /‬علم الدين السخاوي ( ت ‪643‬هـ‬
‫)(‪)0‬‬ ‫‪ -33‬مجع اجلوامع ‪ /‬تاج الدين السبكي ( ‪33‬هـ‬
‫هـ)(‪)1‬‬ ‫‪ -30‬اجلواهر يف تفسري القرآن العظيم ‪ /‬طنطاوي جوهري ( ت ‪350‬‬
‫(‪) 8‬‬ ‫‪ -31‬حاشية البناين على مجع اجلوامع ‪ /‬عبد الرمحن بن جار اهلل البناين (‪10‬‬
‫( )‬ ‫‪ -48‬حاشية ترشيح املستفيدين‬
‫‪ -4‬حاشية عبد احلكيم على املطول ‪ /‬املال عبد احلكيم السيالكويت اهلندي (ت‬
‫‪ 863‬هـ ) ( )‬

‫) (‪) 3‬‬ ‫هـ‬ ‫‪ -4‬حممد بن أمحد الدسوقي املالكي ( ت ‪38‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) املصدر السابق ‪46 /‬‬
‫‪13 /‬‬ ‫( ) املصدر السابق‬
‫‪413 /‬‬ ‫( ‪ )3‬املصدر السابق‬
‫‪00 ، 03 /‬‬ ‫( ‪ )4‬املصدر السابق‬
‫‪4 5/‬‬ ‫( ‪ )5‬املصدر السابق‬
‫‪333 /‬‬ ‫( ‪ )6‬مناهل العرفان‬
‫‪45 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬مناهل العرفان‬
‫‪4 1،‬‬ ‫‪1 ، 85 /‬‬ ‫( ‪ ) 0‬املصدر السابق‬
‫‪/‬‬ ‫( ‪ ) 1‬املصدر السابق‬
‫‪8‬‬
‫‪438 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪53 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪43 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪3‬‬
‫‪53 /‬‬ ‫( ) املصدر السابق‬

‫‪32‬‬
‫للعقائد العضد ية ‪ /‬حممد عبده‬ ‫()‬ ‫‪ -43‬حاشية على شرح الدوائي‬
‫()‬ ‫( ت ‪ 3 3‬هـ )‬
‫‪ -44‬درة التنزيل وغرة التأويل يف اآليات املتشاهبات ‪ /‬فخر الدين الرازي‬
‫(ت‪686‬هـ ) (‪)3‬‬

‫‪ -45‬رد معاين اآليات املتشاهبات إىل معاين اآليات احملكمات‪ /‬حممد ابن أمحد بن اللبان‬
‫(ت‪341‬هـ) (‪)4‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫‪ -46‬الرسالة ‪ /‬الشافعي ( ت ‪ 84‬هـ )‬


‫(‪)6‬‬ ‫‪ -43‬السنن ‪ /‬احلارث بن أسعد احملاسيب ( ‪ 435‬هـ )‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪ -40‬السرية احللبية ( إنسان العيون ) علي بن برهان الدين احلليب ( ت ‪) 844‬‬
‫بن فريه‬ ‫‪ -41‬الشاطبية ‪ /‬حرز االماين ووجه التهاين يف القراءات السبع ‪ /‬القاسم‬
‫بن خلف بن أمحد الشاطيب (ت‪518‬هـ) (‪)0‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫‪ -58‬الشخصية اإلنسانية ‪ /‬مريس اإلجنليزي‬


‫(‪) 8‬‬ ‫‪ -19‬شرح التفتازاين على العقائد النسفية ‪ /‬سعد الدين التفتازاين‬
‫‪ -5‬شرح الزرقاين على املواهبشرح املواهب اللدنية باملنح احملمدية)‬
‫( )‬ ‫يف السرية النبوية ) حممد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاين املالكي ( ت‬
‫)( )‬ ‫‪ -53‬شرح الطيبة ‪ /‬أبو القاسم حممد النويري املالكي ( ت ‪053‬هـ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬أنظر مناهل العرفان دراسة‬ ‫‪44 /‬‬ ‫( ) جالل الدين حممد بن أسعد الصديقي الدوائي املتوىف ‪ 180‬هـ ‪ -‬كشف الظنون‬
‫‪.‬‬ ‫وتقومي خلالد بن عثمان السبت ص ‪4‬‬
‫‪1 /‬‬ ‫‪،5 5/‬‬ ‫( ) املصدر السابق‬
‫‪8 /‬‬ ‫(‪ )3‬مناهل العرفان‬
‫‪13 /‬‬ ‫(‪ ) 4‬املصدر السابق‬
‫‪43 /‬‬ ‫(‪ ) 5‬املصدر السابق‬
‫‪43 /‬‬ ‫( ‪ ) 6‬املصدر السابق‬
‫‪5 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪455 - 458 /‬‬ ‫( ‪ ) 0‬املصدر السابق‬
‫‪64 /‬‬ ‫( ‪ ) 1‬املصدر السابق‬
‫‪8‬‬
‫‪546 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪5 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬

‫‪33‬‬
‫‪ -54‬شرح العيين على البخاري ( عمدة القاري ‪ ،‬شرح صحيح البخاري ) لبدر‬
‫الدين حممود بن أمحد العيين ( ت ‪055‬هـ ) ( )‬

‫‪ -55‬شرح القاموس ( تاج العروس من جواهر القاموس ) حممد بن الرازق الزبيدي (‬


‫هـ ) (‪)3‬‬ ‫ت‪5‬‬
‫‪064‬هـ)(‪)4‬‬ ‫‪ -56‬شرح احمللي على مجع اجلوامع ‪ /‬جالل الدين احمللي ( ت‬
‫‪ -53‬طبقات القراء ( غاية النهاية يف طبقات القراء ) البن اجلزري‬
‫(‪)5‬‬ ‫( ت ‪033‬هـ)‬
‫(‪)6‬‬ ‫‪1‬هـ)‬ ‫‪ -50‬طبقات املفسرين ‪ /‬جالل الدين السيوطي (ت‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪ -51‬عقائد النسفي ‪ /‬جنم الدين أبو حفص بن حممد النسفي ( ت ‪533‬هـ)‬
‫(‪)0‬‬ ‫‪ -68‬القاموس احمليط ‪ /‬الفريوزبادي ( ت ‪0 3‬هـ )‬
‫‪ -6‬القراءات للو اسطي (‪ ( )1‬حتفة الربرة يف القراءات العشرة ) للو اسطي ( ت‬
‫‪348‬هـ ) (‪) 8‬‬

‫( )‬ ‫‪ -6‬القرآن والعلوم العصرية ‪ /‬طنطاوي جوهري ( ت ‪ 350‬هـ )‬


‫( )‬ ‫‪ -63‬الكشاف ‪ /‬للزخمشري ( ت ‪530‬هـ )‬
‫(‪) 3‬‬ ‫‪ -64‬اللوائح ‪ /‬أليب الفضل الرازي‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪4‬‬ ‫‪،4‬‬ ‫( ) املصدر السابق ‪، 486 /‬‬
‫‪68 /‬‬ ‫( ) مناهل العرفان‬
‫‪6/‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪1،‬‬ ‫‪3/‬‬ ‫( ‪ ) 4‬املصدر السابق‬
‫‪441 /‬‬ ‫( ‪ ) 5‬املصدر السابق‬
‫‪410 /‬‬ ‫( ‪ ) 6‬املصدر السابق‬
‫‪546 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪66 ، 36 /‬‬ ‫‪، 43 ، 488 ، 343 ، 46 ، 36 /‬‬ ‫( ‪ ) 0‬املصدر السابق‬
‫( ‪ ) 1‬وللمؤلف ( الكنز يف القراءات العشر ) مجع فيه بني اإلرشاد للقالنسي ‪ ،‬والتيسري للداين ‪ ،‬وزاده فوائد‪ .‬انظر كشف‬
‫‪.‬‬ ‫‪. 5 1 /‬مناهل العرفان دراسة وتقومي خلالد بن عثمان السبت ص ‪0‬‬ ‫الظنون‬
‫‪8‬‬
‫‪34 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪538 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬
‫‪303 ، 30 ، 344 /‬‬ ‫( ) املصدر السابق‬
‫‪40 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬مناهل العرفان‬

‫‪34‬‬
‫()‬ ‫‪ -65‬الكون الغامض ‪ /‬السري جيمس جينز‬
‫‪ -66‬فتاوى ابن الصالح ‪ /‬أبو عمرو عثمان بن عبد الرمحن الشهر زوري املعروف‬
‫بابن الصالح ( ت ‪ 64‬هـ ) ( )‬

‫(‪)3‬‬ ‫‪ -63‬اجملموع شرح املهذب ‪ /‬حمي الدين النووي ( ت ‪636‬هـ )‬


‫(‪)4‬‬ ‫‪ -60‬جممع البيان لعلوم القرآن أبو علي الطربسي الرافضي (ت ‪035‬هـ)‬
‫(‪)5‬‬ ‫‪ -61‬طيبة النشر يف القراءات العشر‪ /‬حممد بن اجلزري ( ت ‪ 033‬هـ)‬
‫(‪)6‬‬ ‫‪ -38‬احمللى ‪ /‬أبو حممد علي بن أمحد بن سعيد بن حزم ( ت ‪456‬هـ )‬
‫‪ -3‬خمتار الصحاح ‪ /‬زين الدين بن أيب بكر بن عبد القادر الرازي( ت بعد‬
‫‪666‬هـ ) (‪)3‬‬

‫(‪)0‬‬ ‫‪ -3‬املسائل اخلمس‪ /‬أمحد بن زكريا القزويين الرازي (ت‪315‬هـ)‬


‫‪ -2‬المستدرك على الصحيحين ‪ /‬أبو عبد هللا الحاكم النيسابوري ( ت‬
‫‪511‬هـ ) (‪)1‬‬
‫(‪) 91‬‬
‫‪- 74‬املستصفى ( يف أصول الفقه ) أبو حامد الغزايل (ت‪585‬هـ)‬
‫‪ -21‬معاني القرآن ‪ /‬يحيى بن زياد الفراء ( ت ‪ 12‬هـ ) ( )‬
‫( )‬ ‫‪ -36‬املغين ‪ /‬البن قدامة ( ت ‪6 8‬هـ )‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) عامل طبيعي رياضي اجنليزي مشهور ‪ ،‬وهو مؤلف كتاب‪« :‬الكون الغامض » املترجم إىل اللغة العربية وصاحب الرأي‬
‫املشهور ( أن الكون غامض متغلغل يف الغموض واخلفاء ) انظر الفصل الثاين من البحث ص ‪. 04‬‬
‫‪53 /‬‬ ‫وانظر مناهل العرفان‬
‫‪546/‬‬ ‫( ) مناهل العرفان‬
‫‪65 / ، 60/‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪34/‬‬ ‫( ‪ ) 4‬املصدر السابق‬
‫‪4‬‬ ‫‪/‬‬ ‫( ‪ ) 5‬املصدر السابق‬
‫‪50 /‬‬ ‫(‪ ) 6‬املصدر السابق‬
‫‪86 /‬‬ ‫(‪ )3‬املصدر السابق‬
‫‪346 /‬‬ ‫(‪ )0‬املصدر السابق‬
‫‪40 /‬‬ ‫(‪ )1‬املصدر السابق‬
‫‪15 /‬‬ ‫(‪ )99‬املصدر السابق ‪– 5 5 ، 911 / 9‬‬
‫‪303 /‬‬ ‫( ) مناهل العرفان‬
‫‪50 /‬‬ ‫) املصدر السابق‬ ‫(‬

‫‪35‬‬
‫()‬ ‫‪ -33‬املفردات يف غريب القرآن ‪ /‬الراغب األصفهاين (ت ‪58‬هـ)‬
‫()‬ ‫‪ -30‬املقاصد يف علم الكالم سعد الدين التفتازاين (ت ‪31‬هـ)‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪ -31‬مقدمة ابن خلدون‪ /‬عبد الرمحن بن حممد ابن خلدون (ت‪080‬هـ)‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬هـ)(‬ ‫‪ -08‬مقدمة يف أصول التفسري ‪ /‬أمحد بن عبد احلليم ابن تيمية (ت‪0‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫‪6‬هـ)‬ ‫‪ -0‬الناسخ واملنسوخ‪ /‬علي بن حممد بن إبراهيم اخلزرجي (ت‬
‫(‪)6‬‬ ‫‪ -0‬النبأ العظيم ‪ /‬د‪.‬حممد عبد اهلل دراز‬
‫هـ)(‪)3‬‬ ‫‪ -03‬نيل األ وطار ‪ /‬حممد بن علي الشوكاين (ت ‪55‬‬
‫(ت‪585‬هـ)(‪)0‬‬ ‫‪ -04‬الوجيز ( يف فروع الشافعية ) أبو حامد الغزايل‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪ -05‬نكت االنتصار لنقل القرآن ‪ /‬أبو بكر الباقالين (ت ‪ 483‬هـ)‬
‫(‪) 8‬‬ ‫‪ -06‬اهليئة واإلسالم ‪ /‬هبة اهلل الشهرستاين الرافضي‬
‫‪ -03‬املناسبات (الربهان يف مناسبة ترتيب سور القرآن) أبو جعفر أمحد ابن‬
‫إبراهيم بن الزبري األندلسي (ت‪ 380‬هـ) ( )‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) املصدر السابق ‪36 /‬‬
‫‪6/‬‬ ‫( ) املصدر السابق‬
‫‪333 ، 3 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪41 ،‬‬ ‫‪1، 8 /‬‬ ‫( ‪ ) 4‬املصدر السابق‬
‫‪1 /‬‬ ‫( ‪ ) 5‬املصدر السابق‬
‫‪،‬‬ ‫‪4/‬‬ ‫‪، 35 /‬‬ ‫( ‪ ) 6‬املصدر السابق‬
‫‪6 /‬‬ ‫( ‪ ) 3‬املصدر السابق‬
‫‪65 /‬‬ ‫( ‪ ) 0‬املصدر السابق‬
‫(‪ )1‬املصدر السابق ‪333 /‬‬
‫‪56 /‬‬ ‫(‪ ) 8‬املصدر السابق‬
‫‪348 /‬‬ ‫( ) املصدر السابق‬

‫‪36‬‬
‫الفصــــل الثـانــي‬

‫أوجه اإلعجاز القرآين‬

‫يشتمل الفصل الثاين على مبحثني‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫املبحث األول ‪:‬‬
‫بيان أوجه اإلعجاز البياين ويشتمل على وجهني‪:‬‬

‫الوجه األول ‪:‬لغة القرآن الكرمي وأسلوبه‪.‬‬

‫الوجه الثاين ‪ :‬طريقة تأليفه‪.‬‬

‫املبحث الثاين ‪:‬‬


‫بيان أوجه اإلعجاز األخرى وذلك كله من خالل ما عرضه‬
‫اإلمام الزرقاين‬

‫‪38‬‬
‫املبحث األول ‪:‬الوجه األول ‪ :‬لغته وأسلوبه ‪:‬‬
‫األسلوب يف اللغة ‪:‬‬
‫يطلق األسلوب يف لغة العرب إطالقات خمتلفة ‪:‬‬
‫األسلوب‪ :‬الطريق‪ ،‬والوجه‪ ،‬واملذهب‪ ،‬يُقال‪ :‬أنتم يف أسلوب سوء‪ ،‬وجيمع‬
‫أساليب‪ ،‬واألسلوب الطريق تأخذ فيه‪.‬‬
‫واألسلوب بالضم الفن‪ ،‬يُقال‪ :‬أخذ فالن يف أساليب القول‪ ،‬أي أفانني منه‬
‫ويف املعجم الوسيط‪:‬‬
‫األسلوب‪ :‬الطريق‪ ،‬ويُقال‪ :‬سلكت أسلوب فالن يف كذا‪ :‬طريقته ومذهبه‪،‬‬
‫وطريقة الكاتب يف كتابته ( )‬

‫األسلوب يف االصطالح ‪:‬‬


‫أ‪ -‬األسلوب‪ :‬هو طريقة اإلنشاء أو طريقة اختيار األلفاظ وتأليفها للتعبري هبا عن‬
‫املعاين قصد اإليضاح والتأثري‪.‬‬
‫ب‪ -‬األسلوب‪ :‬هو الطريقة الكالمية اليت يسلكها املتكلم يف تأليف كالمه‪،‬‬
‫واختيار مفرداته‪.‬‬
‫ج‪ -‬األسلوب‪ :‬عرض ما يراد عرضه من معان وأفكار وقضايا يف عبارات ومجل‬
‫خمتارة‪ ،‬لتناسب فكر املخاطبني وأحواهلم‪ ،‬وما جيب لكل مقام من املقال‪.‬‬
‫من معاين األسلوب يف اللغة وتعريفاته يف االصطالح أصل إىل تعريف‬
‫()‬ ‫لألسلوب فأقول‪ :‬األسلوب هو‪ :‬فن العرض والتأثري واإلقناع‬
‫معىن أسلوب القرآن الكرمي ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) (التدرج يف دعوة النيب) إلبراهيم بن عبد اهلل املطلق طبـع ونشـر‪ :‬وزارة الشـئون اإلسـالمية واألوقـاف والـدعوة‬
‫وابـن منظـور‪،‬‬ ‫‪3/‬‬ ‫واإلرشاد ‪ -‬مركز البحوث والدراسات اإلسالمية الطبعة‪ :‬األوىل‪ 4 3 ،‬هــ عـدد األجـزاء‪:‬‬
‫‪.448 /‬‬ ‫‪. 30 /‬وإبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬املعجم الوسيط‪ ،‬مادة سلب‪،‬‬ ‫لسان العرب‪ ،‬مادة سلب‪،‬‬
‫( ) (التدرج يف دعوة النيب) إلبراهيم بن عبد اهلل املطلق طبـع ونشـر‪ :‬وزارة الشـئون اإلسـالمية واألوقـاف والـدعوة‬
‫‪ 3/‬وأمحـد‬ ‫واإلرشاد ‪ -‬مركـز البحـوث والدراسـات اإلسـالمية الطبعـة‪ :‬األوىل‪ 4 3 ،‬هــ عـدد األجـزاء‪:‬‬
‫الشايب‪ ،‬األسلوب (دراسة بالغية حتليلية ألصـول األسـاليب األدبيـة) ص ‪.44‬ود‪ .‬فهـد بـن عبـد الـرمحن الرومـي‪،‬‬
‫خصائص القرآن الكرمي‪ ،‬ص ‪. 0‬ود‪ .‬أمحد حممد أبا بطني‪ ،‬املرأة املسلمة املعاصرة‪ ،‬ص ‪.5 3‬‬

‫‪39‬‬
‫أسلوب القرآن الكرمي هو ‪ :‬طريقته اليت انفرد هبا يف تأليف كالمه واختيار ألفاظه‬
‫‪ ،‬وال غرابة أن يكون للقرآن الكرمي أسلوب خاص به ‪ ،‬فإن لكل كالم إهلي أو بشري‬
‫أسلوبه اخلاص به‬
‫ويتعرض اإلمام الزرقاين إلثبات أن األسلوب غري املفردات والتراكيب فيقول ‪:‬‬
‫ولنرجع عوداًعلى بدء إىل أسلوب القرآن الكرمي ولنذكر شيئا من خصائص‬
‫أسلوب القرآن الكرمي ومزاياه اليت انفرد هبا ‪ ،‬وكانت هي السر يف إعجازه اللغوي أو‬
‫البالغي أو األسلويب ‪) ( .‬‬

‫خصائص أسلوب القرآن الكرمي ‪:‬‬


‫انفرد القرآن الكرمي بطريقة سويِّة يف تأدية املعاين وإبرازها يف قوالب لغوية ال‬
‫تنافُرَ بني ألفاظها وال بني حروفها‪.‬‬
‫إهنا طريقة مستقيمة ال عوج فيها‪ ،‬وال تناقض وال اختالف ‪ ،‬تسلك بالناس‬
‫مسالك اهلدى من غري تكلُّف وال اعتساف ‪ ،‬وتأخذ بتالبيب عقوهلم إىل التأمُّل والنظر‬
‫يف احلجج الساطعة اليت يأيت هبا الواقع املشاهَد‪ ،‬حبيث ال يسع أحد إنكاره أو املراء فيه‪،‬‬
‫إلّا من سفه نفسه‪ ،‬وألغى عقله‪ ،‬وختلى عن فطرته اليت فطره اهلل عليها‪.‬‬
‫فأسلوب القرآن الكرمي يف اإلقناع ممتِع‪ ،‬ميلك على املؤمنني أفئدهتم‪ ،‬فتلني وختشع‬
‫من خشية اهلل‪ ،‬وتستنري بنور اإلميان الذي يزداد كلما تُلِيَت آياته بتدبُّر وتبصُّر‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ُ ﴿ :‬قلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أََّنهُ اسْتَمَعَ َنفَرٌ ِمنَ الْجِنِّ َفقَالُوا إِنَّا سَ ِمعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا‪،‬‬
‫يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وََلنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ اجلن ‪. ، /3‬‬
‫وهلذا األسلوب القرآين خصائصه الفنية‪ ،‬ومساته البالغية‪ ،‬ولطائفه اللغوية‪،‬‬
‫وسواحنه العقلية‪ ،‬وتأثريه اخلاص يف النفوس السوية‪ ،‬ويف النفوس اجلاحمة أيضًا‪.‬‬
‫وله مجال يعرف وال يوصف‪ ،‬فمهما قيل فيه فهو أمسى وأرفع من أن حتيط بكنهه‬
‫العقول‪ ،‬أو تعبِّر عنه ألسنة املتكلِّمني أو أقالم الكاتبني‪.‬‬
‫ولكن ال بُدَّ أن نديل بدلونا املتواضع مع أولئك الذين سبقونا إىل احلديث‬
‫املستفيض عن هذه اخلصائص والسمات‪ ،‬واللطائف والسوانح‪ ،‬فنتكلم عنها من خالل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الزرْقـاين (املتـوىف‪ 363 :‬هــ)الناشـر‪ :‬مطبعـة‬
‫( ) الكتاب‪ :‬مناهل العرفان يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬حممد عبد العظيم ُّ‬
‫عيسى البايب احلليب وشركاه الطبعة‪ :‬الطبعة الثالثة عدد األجزاء‪ :‬ج ‪384، 383/‬‬

‫‪40‬‬
‫كالمهم‪ ،‬ونشهد معهم مبا شهدوا به على طالوة أسلوب القرآن وجالله‪ ،‬بعد أن ذقنا‬
‫شيئًا من حالوة ألفاظه‪ ،‬وعرفنا شيئًا عن سالمة منطقة‪ ،‬وبراعة تعبريه‪ ،‬ودقة تصويره‪،‬‬
‫وروعة بيانه‪.‬‬
‫وينبغي أن نقرِّرَ بادئ ذي بدء أن خصائص القرآن اليت متيَّزَ هبا عن غريه من‬
‫الكتب السماوية بوجه خاص‪ ،‬وعن كالم الناس بوجه عام‪ ،‬فجعلته معجِزًا يف بيانه‬
‫وتشريعه‪ .‬قد أفاض يف ذكرها األدباء والبلغاء من أصحاب امللكات الفريدة‪ ،‬واملواهب‬
‫الفذة‪ ،‬فكانوا بني مقلٍّ يف سردها ومكثِر‪ ،‬ولكن مل يقل واحد منهم إنه قد أحاط مبا‬
‫لديه خربًا‪ ،‬بل إهنم مجيعًا مل يقدموا لنا من هذه اخلصائص إال قطرة من حبر‪ ،‬فلم يزيدوا‬
‫على أن قرَّبوا لنا البعيد بِضَ ْربٍ من التمثيل بغية اإليضاح والتبيني‪.‬‬
‫ويبقى القرآن أبدًا هو الكتاب الذي ال تنتهي عجائبه‪ ،‬وال تنقضي غرائبه‪ ،‬وال‬
‫تبلى جدته‪ ،‬وال ميله قارئوه وال سامعوه‪.‬‬
‫وحنن إذا مسحنا ألنفسنا أن نتكلَّم عن بعض هذه اخلصائص القرآنية‪ ،‬فإمنا نذكر‬
‫على وجه التمثيل والتقريب أيضًا‪ ،‬وما ال يدرك كله ال يترك أقله‪.‬‬
‫اخلاصة األوىل‪:‬‬
‫مسحة القرآن الكرمي اللفظية ‪ ،‬فإهنا مسحة خالبة تتجلى يف نظامه الصويت‬
‫ومجاله اللغوي ‪.‬‬
‫‪ -‬ونريد بنظام القرآن الصويت ‪ ،‬اتساق القرآن الكرمي وائتالفه يف حركاته‬
‫وسكناتـه ومداته وغناته ‪ ،‬واتصاالته وسكناته ‪ ،‬اتساقا عجيباً ‪ ،‬وائتالفاً رائعاً ‪،‬‬
‫يسترعي األمساع ويستوي النفوس ‪ ،‬بطريقة ال ميكن أن يصل إليها أي كالم آخر من‬
‫منظوم ومنثور‪ ،‬وبيان ذلك أن من ألقى مسعه إىل جمموعة القرآن الكرمي الصوتية ‪،‬‬
‫يشعر من نفسه ولو كان أعجمياً ال يعرف العربية ‪ ،‬بأنه أمام حلن غريب وتوقيع‬
‫عجيب ‪ ،‬يفوق يف حسنه ومجاله كل ما عرف من توقيع املوسيقى وترانيم الشعر ( )‪،‬‬
‫ألن املوسيقى تتشابه أجراسها وتتقارب أنغامها فال يفتأ السمع أن ميلها ‪ ،‬والطبع أن‬
‫ميجها ‪ ،‬وألن الشعر تتحد فيه األوزان وتتشابه القوايف يف القصيدة الواحدة غالباً وإن‬
‫طالت على منط يورث سامعه السأم وامللل ‪ ،‬بينما سامع حلن القرآن الكرمي ال يسأم‬
‫وال ميل؛ألنه يتنقل فيه دائما بني أحلان متنوعة ‪ ،‬وأنغام متجددة على أوضاع خمتلفة يهز‬
‫كل وضع منها أوتار القلوب وأعصاب األفئدة ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الزرْقاين ‪3 8/‬‬
‫( ) انظر مناهل العرفان يف علوم القرآن لإلمام حممد عبد العظيم ُّ‬

‫‪41‬‬
‫وهذا اجلمال الصويت أو النظام التوقيعي ‪ ،‬هو أول شيء أحسته اآلذان العربية‬
‫أيام نزول القرآن الكرمي حىت خيل إىل هؤالء العرب أن القرآن الكرمي شعر ‪ ،‬ألهنم‬
‫أدركوا يف إيقاعه وترجيعه لذة ‪ ،‬وأخذهتم من لذة هذا اإليقاع والترجيع هزة ‪ ،‬مل‬
‫يعرفوا شيئا قريباً منها إال يف الشعر ‪ ،‬ولكن سرعان ما عادوا على أنفسهم بالتخطئة‬
‫فيما ظنوا حىت قال قائلهم ‪-‬وهوالوليد بن املغرية ( )‪ :‬وما هو بالشعرمعلالً ذلك بأنه‬
‫ليـس على أعاريض الشعر يف رجزه ( ) وال يف قصيده ‪ ،‬بيد أنه تورط يف خطأ‬
‫أفحش (‪)3‬من هذا اخلطأ ‪ ،‬حني زعم يف ظالم العناء واحلرية أنه سحر ؛ألنه أخذ‬
‫من النثر جالله وروعته ‪ ،‬ومن النظم مجاله ومتعته ‪،‬ووقف منهما يف نقطة وسط خارقة‬
‫حلدود العادة البشرية ‪ ،‬بني إطالق النثر وإرساله ‪ ،‬وتقييد الشعر وأوزانه ‪.‬‬
‫ولو أنصف هؤالء لعلموا أنه كالم منثور لكنه معجز ليس كمثله كالم ؛ ألنه‬
‫صادر من متكلم قادر ليس كمثله شيء ‪.‬‬
‫"فاجلديد يف لغة القرآن أنه من كل شأن يتناوله من شئون القول يتخيَّر له أشرف‬
‫املواد ‪ ،‬وأمسها رمحًا باملعىن املرَاد ‪ ،‬وأمجعها للشوارد ‪ ،‬وأقبلها لالمتزاج ‪ ،‬ويضع كل‬
‫مثقال ذرة يف موضعها الذي هو أحق هبا ‪ ،‬وهي أحق به ؛ حبيث ال جيد املعىن يف لفظه‬
‫إال مرآته الناصعة وصورته الكاملة ‪ ،‬وال جيد اللفظ يف معناه إال وطنه األمني وقراره‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) الوليد بن املغرية بن عبد اهلل بن عمرو بن خمزوم أبوعبد مشس من قضـاة العـرب يف اجلاهليـة ومـن زعمـاء قـريش‬
‫وكان عدهلا ‪ ،‬وكان ممن حرم اخلمر على نفسه وعياله وهومن أشـار علـى قـريش أن تتحـد كلمتـهم يف ( حممـد ) بـأن‬
‫يقولوا إنه ساحر ألنه فرق بني املرء وزوجه وولده وهو والد خالد بن الوليد (األعالم ) للزريكلي ج ‪/ 0‬‬
‫( ) ال َعرُوضُ‪ :‬مِيزَانُ الشِّ ْعرِ‪ ،‬كَمَا فِي الصّحاح‪ ،‬سُمِّيَ بِهِ ألَنَّهُ بِهِ َي ْظهَـ ُر املُتَّـ ِزنُ مِـنَ املُنْكَسِـر عِنْـدَ املُعَارَضَـةِ ِبهَـا‪.‬تـاج‬
‫العروس من جواهر القاموس املؤلف‪ :‬حممّد بن حممّد بن عبد الرزّاق احلسـيين‪ ،‬أبـو الفـيض‪ ،‬امللقّـب مبرتضـى‪ ،‬الزَّبيـدي‬
‫هـ) احملقق‪ :‬جمموعة من احملققني الناشر‪ :‬دار اهلداية باب عرض ج ‪331/ 0‬‬ ‫(املتوىف‪85 :‬‬
‫صرَ َو (ارْتَجَـزَ) أَيْضًـا‪ .‬خمتـار الصـحاح املؤلـف‪ :‬زيـن‬
‫ضرْبٌ ِمنَ الشِّ ْعرِ (رَ َجزَ الرَّا ِجزُ) ِمنْ بَابِ نَ َ‬
‫‪ -‬و(الرَّ َجزُ) بِفَتْحَتَ ْينِ َ‬
‫الدين أبو عبد اهلل حممد بن أيب بكر بن عبد القادر احلنفي الـرازي (املتـوىف‪666 :‬هــ) احملقـق‪ :‬يوسـف الشـيخ حممـد‬
‫الناشر‪ :‬املكتبة العصرية ‪ -‬الدار النموذجية‪ ،‬بريوت – صيدا الطبعـة‪ :‬اخلامسـة‪ 4 8 ،‬هــ ‪ 111 /‬م عـدد األجـزاء‪:‬‬
‫‪0/‬‬ ‫باب رجز‬
‫الزرْقـاين ‪ - 3 8/‬ودراسـات يف علـوم القـرآن‬
‫(‪ ) 3‬انظر مناهل العرفان يف علوم القرآن لإلمام حممد عبـد العظـيم ُّ‬
‫املؤلف‪ :‬حممد بكر إمساعيل (املتـوىف‪ 4 6 :‬هــ) الناشـر‪ :‬دار املنـار الطبعـة‪ :‬الثانيـة ‪ 4 1‬هــ‪ 111-‬م عـدد‬
‫األجزاء‪ :‬ص‪3 3‬‬

‫‪42‬‬
‫املكني ‪ ،‬ال يومًا أو بعض يوم ‪ ،‬بل على أن تذهب العصور وجتيء العصور‪ ،‬فال‬
‫املكان يريد بساكنه بدال ‪ ،‬وال الساكن يبغي عن منزله حِوال ‪ ،‬وعلى اجلملة جييئك من‬
‫هذا األسلوب مبا هو املثل األعلى يف صناعة البيان ‪ ،‬أسلوب عجب ‪ ،‬ومنهج من‬
‫احلديث فذٌّ مبتَكَر‪ ،‬كأن ما سواه" ( )وما هو بالشعر وال بالسحر كما يدعون؛ ألن‬
‫الشعر معروف هلم بتقفيته ووزنه وقانونه ورمسه والقرآن الكرمي ليس منه ؛ وألن‬
‫السحر حماوالت خبيثة ال تصدر إال من نفس خبيثة ‪ ،‬ولقد علمت قريش أكثر من‬
‫غريهم طهارة النفس احملمدية ومسوها ونبلها ‪ ،‬القرآن الكرمي كله ما هو إال دعوة طيبة‬
‫ألهداف طيبة ‪ ،‬ال حمل فيها إىل خبث ورجس بل هي حتارب السحر وخبثه ورجسه‬
‫قال تعاىل ‪ ﴿ :‬وَلَكِنَّ الشَّيَاطِنيَ َكفَرُوا ُيعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْر﴾ البقرة ‪. 8 /‬‬
‫لقد قال أبو جهل ( ) للوليد بن املغرية قل يف هذا القرآن قوالً‬
‫يبلغ قومك أنك منكر له وكاره ‪ ،‬فقال الوليد‪ :‬وماذا أقول ؟ فواهلل ما فيكم من‬
‫رجل أعلم مين بالشعر ال برجزه وال بقصيده وال بأشعار اجلن ‪ ،‬واهلل ما يشبه الذي‬
‫يقوله شيئا من هذا ‪ ،‬واهلل إن له حلالوة ‪ ،‬وإن عليه لطالوة ‪ ،‬وإنه ملنري أعاله ‪ ،‬مشرق‬
‫أسفله وإنه ليعلو وال يعلى عليه ‪ ،‬وإنه ليحطم ما حتته ‪ .‬قال أبو جهل للوليد ‪ :‬ال‬
‫يرضى عنك قومك حىت تقول فيه‪ ،‬فقال الوليد ‪ :‬دعين أفكر ‪ ،‬فلما فكر قال ‪ :‬هذا‬
‫سحر يؤثره عن غريه ‪ ،‬ويف ذلك نزل قوله تعالـى ‪ ﴿ :‬ذَرْنِي َو َمنْ خَ َل ْقتُ وَحِيدًا‬
‫وَ َجعَ ْلتُ َلهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِنيَ شُهُودًا َومَهََّ ْدتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمََّ يَطْمَعُ َأنْ أَزِيدَ كَلََّا إَِّنَهُ كَانَ‬
‫لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا َسأُ ْر ِه ُقهُ صَعُودًا إَِّنَهُ فَكََّ َروَقَدََّرَ َفقُِتلَ كَيْفَ قَدََّرَ ثُمََّ قُِتلَ كَيْفَ قَدََّرَثُمََّ نَظَرَثُمََّ‬
‫عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمََّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ َفقَالَ إِنْ هَذَا إِلََّا سِحْ ٌر ُيؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلََّا َقوْلُ الْبَشَرِ‬
‫﴾ املدثر‪. 5 : / 34‬‬
‫فانظر إىل الرجل حني أرسل نفسه على سجيتها العربية ‪ ،‬وبديهتها الفطرية كيف‬
‫أنصف يف حكمه حني جترد ساعة من عناده وكفره ‪ ،‬وقال واهلل ما يشبه الذي يقوله‬
‫شيئا من هذا إىل أن قال وإنه ليحطم ما حتته ‪ ،‬مث انظر إىل الرجل حني غلبت عليه‬
‫شقوته عاوده عناده وتعصبه كيف قاوم فطرته وأكره نفسه على خمالفة شعوره (‪.) 3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصرف يسري من كتاب "النبأ العظيم" للشيخ حممد عبد اهلل دراز ص‪.03-05‬‬
‫( ) عمرو بن هشام بن املغرية ا ملخزومي أشد الناس عـداوة للـنيب صـلى اهلل عليـه وسـلم يف صـدر اإلسـالم وأحـد‬
‫سادات قريش وأبطاهلا ودهاهتا أدرك اإلسالم وكان يقال له أبو احلكم فدعاه املسـلمون أبـا جهـل واسـتمر علـى عنـاده‬
‫يثري الناس على النيب صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه حىت كانت وقعة بـدر الكـربى فشـهدها مـع املشـركني فكـان مـن‬
‫هـ ( األعالم ) للزريكلي ج ‪. 03/ 5‬‬ ‫قتالها وذلك يف ‪ 3‬رمضان سنة‬
‫‪3‬‬ ‫‪/‬‬ ‫(‪ )3‬انظر مناهل العرفان للزر قاين‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬ونريد جبمال القرآن الكرمي اللغوي تلك الظاهرة العجيبة اليت امتاز هبا يف‬
‫رصف حروفه وترتيب كلماته ‪ ،‬ترتيبا دونه كل ترتيب ونظام تعاطاه الناس يف كالمهم‬
‫وبيان ذلك أنك إذا استمعت إىل حروف القرآن الكرمي خارجة من خمارجها الصحيحة‬
‫تشعر بلذة جديدة يف رصف هذه احلروف بعضها جبانب بعض يف الكلمات واآليات‬
‫هذا ينقر وذاك يصفر ‪ ،‬وهذا خيفي وذاك يظهر ‪ ،‬وهذا يهمس وذاك جيهر ‪،‬ومن هنا‬
‫يتجلى لك مجال لغة القرآن الكرمي حني خرج إىل الناس يف هذه اجملموعة املختلفة‬
‫املؤتلفة ‪ ،‬اجلامعة بني اللني والشدة ‪ ،‬واخلشونة والرقة ‪ ،‬واجلهر واخلفية ‪ ،‬على وجه‬
‫دقيق حمكم ‪ ،‬وعلمت كذلك أن هذا القرآن ليس من عند بشر‪ ،‬ولكنهم جحدوا ذلك‬
‫حسدًا من عند أنفسهم‪ ،‬وتعاليًا على احلقِّ ‪ ،‬واستكبارًا يف األرض بغري حق‪.‬‬
‫ك الَّذِي َيقُولُونَ َفإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُوَنكَ وَلَكِنَّ‬‫قال تعاىل‪ ﴿ :‬قَدْ َنعْلَمُ إَِّنهُ لَيَحْزُُن َ‬
‫اللهِ يَجْحَدُونَ ﴾األنعام ‪.33/6‬‬ ‫الظَّالِمِنيَ بِآيَاتِ َّ‬
‫وقال سبحانه‪ ﴿ :‬وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَ ْيقَنَتْهَا أَْنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ‬
‫عَاقَِبةُ الْ ُمفْسِدِينَ ﴾ النمل ‪. 4/ 3‬‬
‫وخنلص من هذا الذي ذكرناه آنفًا إىل أن اللفظ الذي انتقاه اهلل من أفصح لغات‬
‫العرب ميتاز عن غريه من األلفاظ السائدة يف كالمهم‬
‫()‬ ‫بثالث مساتٍ رئيسية ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬مجال وقعه يف السمع‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬انسجامه الكامل يف املعىن‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬اتساع داللته ملا ال تتسع له عادة دالالت األلفاظ األخرى‪.‬‬
‫وقد جند هذه السمات الثالثة يف بعض األساليب األدبية‪ ،‬ولكنها ال جتتمع كلها‬
‫يف أسلوب أديب‪.‬‬
‫ولو اجتمعت ال تطَّرد يف مجيع كالمه‪ ،‬بل ال بُدَّ أن يشذَّ لفظ عن دائرة الفصاحة‪،‬‬
‫أو يتنافر مع غريه يف التركيب ‪ ،‬أو يقصِّر عن أداء املعىن املراد إبرازه ‪ ،‬أو ال يكون له‬
‫من اجلمال ما يثري اإلعجاب‪ ،‬أو يبعث يف النفوس الرغبة امللِّحة يف القراءة أو يف‬
‫السماع‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) دراسات يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬حممد بكـر إمساعيـل (املتـوىف‪ 4 6 :‬هــ) الناشـر‪ :‬دار املنـار الطبعـة‪ :‬الثانيـة‬
‫‪ 4 1‬هـ‪ 111-‬م عدد األجزاء‪ - :‬ج ‪33 /‬‬

‫‪44‬‬
‫أما القرآن الكرمي فإنه يف الذروة العليا فصاحة وبالغة وبيانًا‪ ،‬ال قدرة ألحد مهما‬
‫عال قدره يف البالغة واألدب أن يباريه أو جياريه‪ ،‬أو يقترح فيه إبدال كلمة بكلمة‪ ،‬أو‬
‫حذف كلمة أو زيادة كلمة‪ ،‬أو تقدمي واحدة وتأخري أخرى‪ ،‬مع أنه مل يغلق دوهنم‬
‫أبواب املعارضة‪ ،‬بل فتحها هلم على مصاريعها‪ ،‬ودعاهم إليها أفرادًا ومجاعات‪،‬‬
‫وحتدَّاهم بأقصرسورة من سوره‪ ،‬فعجزوا مجيعًا عن اإلتيان مبثل آية من آياته‪ ،‬فأدركوا‬
‫من خالل عجزهم أنه ليس من كالم البشر‪ ،‬بل هو من كالم خالق القوى والقدر‪.‬‬
‫"ومن عجيب أمر هذا اجلمال اللغوي وذاك النظام الصويت ‪ ،‬أهنما كما كانا دليل‬
‫إعجاز من ناحية ‪ ،‬وكانا سوراً منيعاً حلفظ القرآن الكرمي من ناحية أخرى ‪ ،‬وذلك أن‬
‫من شأن اجلمال اللغوي والنظام الصويت ‪ ،‬أن يسترعي األمساع ‪ ،‬ويثري االنتباه وحيرك‬
‫داعية اإلقبال يف كل إنسان ‪ ،‬إىل هذا القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫وبذلك يبقى أبد الدهر سائدا على ألسنة اخللق ويف آذاهنم ‪ ،‬ويعرف بذاته‬
‫ومزاياه بينهم ‪ ،‬فال جيرؤ أحد على تغيريه أو تبديله مصداقا لقوله سبحانه‬
‫‪"1 /‬‬ ‫﴾( )احلجر ‪5‬‬ ‫حنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا َلهُ لَحَافِظُونَ‬
‫وتعاىل‪﴿ :‬إِنَّا نَ ْ‬
‫اخلاصة الثانية ‪ :‬إرضاؤه العامة واخلاصة‬
‫()‬ ‫مبعىن أن اجلميع حيسون حالوته ويشعرون جبالله‬
‫" ومعىن هذا أن القرآن الكرمي إذا قرئ على العامــة ‪ ،‬أحسوا جالله ‪ ،‬وذاقوا‬
‫حالوته ‪ ،‬وكذلك اخلاصة إذا قرءوه أو قرئ عليهم ‪ ،‬أحسوا جالله ومهابته وذاقوا‬
‫حالوته ‪ ،‬وفهموا منه أكثر مما يفهم العامة" (‪)3‬‬

‫وهاتان غايتان تقصر عنهما مهم الناس ‪ ،‬فمَن خياطب منهم األذكياء‬
‫بالواضح املكشوف نزل هبم مستوى ال يرضونه‪.‬‬
‫ومَن خياطب العامة باللمحة واإلشارة محلهم على ما ال يطيقون‪.‬‬
‫فال بدَّ من التفرقة يف اخلطاب بني املقامني‪ ،‬وال يوجد يف الناس مَن يُحسن هذا‬
‫كائناً مَن كان‪ ،‬ال جتد ذلك على أمته إال يف القرآن الكرمي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪3 3/‬‬ ‫( ) مناهل العرفان لإلمام الزرقاين‬
‫( ) سورة الواقعة ومنهجها يف العقائد (دراسات يف التفسري املوضوعي للقرآن الكـرمي) املؤلـف‪ :‬حممـود حممـد غريـب‪:‬‬
‫من علماء األزهر الشريف واملوجه الديين لشباب جامعة القاهرة الناشـر‪ :‬دار التـراث العـريب – القـاهرة الطبعـة‪ :‬الثالثـة‬
‫‪33 /‬‬ ‫‪ 4 0 -‬هـ ج‬
‫‪3 5 ، 3 4/‬‬ ‫( ‪ ) 3‬انظر مناهل العرفان للزر قاين‬

‫‪45‬‬
‫هو متعة العامة ونزهة اخلاصة ‪ ،‬ميسَّر لكل مَن أراد‪.‬‬
‫اخلاصة الثالثة ‪:‬‬
‫إرضاؤه العقل والعاطفة معاً فالقرآن خياطب العقل والقلب يف آن واحد وجيمع‬
‫احلق واجلمال معاً‪) ( .‬‬

‫ففى النفس قوتان‪ ،‬قوة تفكري وقوة وجدان‪ ،‬وحاجة كل واحدة منهما غري‬
‫حاجة األخرى‪ ،‬وال جتد بليغاً يفي لك حباجة القوتني يف عبارة واحدة‪ ،‬ولكنك‬
‫جتد ذلك يف القرآن احلكيم‪ ،‬يف أمجل صورة وأوضح بيان‪،‬‬
‫ويتضح ذلك يف قول اهلل تعاىل ‪َ ﴿ :‬و ِمنْ آيَاِتهَ أنَّكَ تَرَى اْلأَرْضَ خَا ِش َعةً َفإِذَا أَنْزَلْنَا‬
‫َزتْ وَرََبتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي املوتى إَِّنهُ ِ عَلَى كُلِّ‬
‫عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْت َّ‬
‫‪. 31 / 4‬‬ ‫فصلت‬ ‫شَ ْيءٍ قَدِير ﴾‬
‫ويف قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬أَفَلَمْ يَ ْنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ َفوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا َومَا لَهَا‬
‫ِمنْ فُرُوجٍ وَاْلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَْلقَيْنَا فِيهَا َروَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا ِمنْ كُلِّ َز ْوجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً‬
‫وَذِكْرَى ِ لكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنَا ِمنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً َفأَنْبَتْنَا ِبهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ‬
‫خلَ بَا ِسقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِ ْلعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا ِبهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَِلكَ الْخُرُوجُ ﴾‬ ‫وَالنَّ ْ‬
‫ق‪:6/ 58‬‬

‫" تأمل يف األسلوب البارع ‪ ،‬الذي أقنع العقل وأمتع العاطفة يف آن واحد حىت‬
‫يف اجلملة اليت هي مبثابة النتيجة من مقدمات الدليل ‪ ،‬إذ قال تعاىل يف اآلية األوىل ﴿‬
‫إن الذي أحياها حمليي املوتى ﴾ ويف اآليات األخرية‬
‫﴿ كذلك اخلروج ﴾ فانظر إىل هذا اجلمال الساحر و اإلعجاز الباهر الذي‬
‫خياطب عقل اإلنسان وقلبه معاً بأنصع األدلة وأمتع املعروضات يف هذه الكلمات‬
‫املعدودات ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) سورة الواقعة ومنهجها يف العقائد (دراسات يف التفسري املوضوعي للقـرآن الكـرمي) املؤلـف‪ :‬حممـود حممـد غريـب‪:‬‬
‫من علماء األزهر الشريف واملوجه الديين لشباب جامعة القاهرة الناشـر‪ :‬دار التـراث العـريب – القـاهرة الطبعـة‪ :‬الثالثـة‬
‫‪33 /‬‬ ‫‪ 4 0 -‬هـ ج‬

‫‪46‬‬
‫ويستحيل هذا يف كالم البشر‪ .‬ألن كالمهم إن وىف حبق العقل خبس العاطفة حقها‬
‫‪ ،‬وإن وىف حبق العاطفة خبس العقل حقه ‪ ،‬ومبقدار ما يقرب من أحدمها يبعد عن اآلخر"‬
‫( )‬

‫اخلاصة الرابعة ‪:‬‬


‫جودة سبك القرآن الكرمي وإحكام سرده‬
‫ومعىن هذا أن القرآن الكرمي بلغ من ترابط أجزائه ومتاسك كلماته ومجله وآياته‬
‫وسوره ‪ ،‬مبلغا ال يدانيه فيه أي كالم آخر ‪ ،‬مع طول نفسه وتنوع مقاصده وافتنانه يف‬
‫املوضوع الواحد ‪ ،‬فبني كلمات اجلملة الواحدة من التآخي والتناسق ‪ ،‬ما جعلها رائعة‬
‫التجانس والتجاذب وبني مجل السورة الواحدة من التشابك والترابط ما جعلها وحدة‬
‫صغرية متآخذة األجزاء متعانقة اآليات ‪ ،‬وبني سور القرآن من التناسب ما جعله كتابا‬
‫سوي اخللق حسن السمت ‪ ﴿ ،‬قرآنا عربياً غري ذي عوج ﴾ الزمر‪ " ، 0 / 31‬فكأنه‬
‫هو سبيكة واحدة تأخذ باألبصار وتلعب بالعقول واألفكار "( ) ‪ ،‬على حني أهنا مؤلفة‬
‫من حلقات ‪ ،‬لكل حلقة وضع خاص من السبيكة لكن على وجه من جودة السبك‬
‫وإحكام السرد ‪ ،‬جعل من هذه األجزاء املنتشرة املتفرقة ‪ ،‬وحدة بديعة متآلفة ‪ ،‬تريك‬
‫كمال االنسجام بني كل جزء وجزء من غري تفكك وال ختاذل ‪ ،‬ولنضرب على سبيل‬
‫املثال سورة الفاحتة ‪ ،‬تأمل كيف تترابط وتتناسق يف حسن ‪ ،‬ختلص من معىن إىل معىن ‪،‬‬
‫ومن مقصد اىل مقصد ‪ ،‬افتتحت متوجة ﴿ باسم اهلل ﴾ وذلك بإضافة االسم إىل لفظ‬
‫اجلاللة الذي هو إسم الذات اجلامع لصفات الكمال ‪ ،‬ويوصف لفظ اجلاللة بأنه ﴿‬
‫الرمحن الرحيم ﴾ مث انتقل الكالم إىل إعالن أنه تعاىل مستحق للمحامد كلها ‪ ،‬مث انتقل‬
‫بالكالم إىل تدعيم هذا االستحقاق بأدلة ثالثة جرت على اسم اجلاللة جمرى األوصاف‬
‫يف مقام محده ﴿ احلمد هلل رب العاملني ﴾ مث انتقل الكالم إىل إعالن ﴿ الرمحن الرحيم‬
‫‪،‬مالك يوم الدين﴾ وحدانيته ‪ ،‬يف ألوهيته وربوبيته ﴿ إياك نعبد وإياك نستعني ﴾ مادام‬
‫أنه هو املعني وحده ومستحق احملامد كلها وحده‪ .‬مث انتقل الكالم يف براعة إىل بيان‬
‫املطمح األعلى لإلنسان ‪ ،‬وهو اهلداية إىل الصراط املستقيم يف قوله تعاىل ﴿ اهدنا‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب( مناهل العرفان) ج ‪ 3 5/‬ط املطبعة الفنية بالقاهرة ‪.‬‬
‫( ) سورة الواقعة ومنهجها يف العقائد (دراسات يف التفسري املوضوعي للقـرآن الكـرمي) املؤلـف‪ :‬حممـود حممـد غريـب‪:‬‬
‫من علماء األزهر الشريف واملوجه الديين لشباب جامعة القاهرة الناشـر‪ :‬دار التـراث العـريب – القـاهرة الطبعـة‪ :‬الثالثـة‬
‫‪ 4 0 -‬هـ ج ‪04/‬‬

‫‪47‬‬
‫الصراط املستقيم ﴾ مث انتقل الكالم إىل تقسيم اخللق بالنسبة إىل هذه اهلداية‬
‫ثالثة أقسام ﴿ صراط الذين أنعمت عليهم غري املغضوب عليهم وال الضالني ﴾ وإذا‬
‫الناس أمام عينيك بني منعم عليه مبعرفة احلق واتباعه ‪ ،‬ومغضوب عليه مبخالفة احلق مع‬
‫العلم به ‪ ،‬وضال رضي أن يعيش عيشه األنعام ؛ يف متاهة اجلهالة واحلرية والضالل ‪.‬‬
‫مث تنظر يف سورة البقرة ‪ ،‬فإذا هي وما بعدها ترتبط بالفاحتة ارتباط املفصل‬
‫باجململ ‪ ،‬فاهلداية إىل الصراط املستقيم صراط من أنعم اهلل عليهم من النبيني والصديقني‬
‫والشهداء والصاحلني ‪ ،‬تشرحها سورة البقرة وما وليها من سور القرآن الكرمي حيث‬
‫جاءتنا بتفاصيل هذه اهلداية ‪ ،‬يف بيان كامل ‪ ،‬وعرض شامل‪) ( .‬‬

‫اخلاصة اخلامسة‪:‬‬
‫براعته يف تصريف القول ‪ ،‬ومعىن هذا أنه يورد املعىن الواحد بألفاظ شىت وطرق‬
‫خمتلفة ‪ ،‬وكلها رائعة فائقة تأخذ باأللباب وتذهب بالعقول وتنقطع يف حلبتها أنفاس‬
‫املوهوبني من الفصحاء والبلغاء‪.‬‬
‫فهو ينتقل بك بني األساليب اإلنشائية واخلربية يف املعىن املراد إبرازه‪ ،‬ويسلك‬
‫مسالك شتَّى يف التعبري والتصوير والترغيب والترهيب‪ ،‬من غري أن تشعر بفجوة بني‬
‫أسلوب وأسلوب‪ ،‬أو تنافر بني كلمة وأخرى‪ ،‬ومن غري أن تشعر بتغيري يذكر بني اجلوِّ‬
‫العام للنص‪.‬‬
‫وهذا ضَ ْربٌ فريد يف اإلعجاز البياين‪ ،‬جدَّ يف طلبه رجال مل يلههم عنه جتارة وال‬
‫بيع‪ ،‬فنقَّبوا عن لطائفه‪ ،‬ودقائقه ونفحاته وإشراقاته‪ ،‬فخرجوا بعد التحري وطول التأمُّل‬
‫والنظر بزاد غري قليل‪ ،‬زاد يف إمياهنم بعظمة هذا الكتاب وقدرته على التحدي‪ ،‬وتأبيه‬
‫على املعارضة واملطاولة‪ ،‬يف أي وجه من وجوه اجلمال الذي حتلَّى به يف كل جزئية من‬
‫جزئياته‪.‬‬
‫وال نريد أن نتوسَّع هنا يف ذكر مثال لكل أسلوب من أساليبه‪ ،‬فهذا حيتاج إىل‬
‫جملدات‪ ،‬ولكن نكتفي بذكر أسلوبني من هذه األساليب‪ ،‬ومها‪ :‬أسلوبا األمر والنهي‪:‬‬
‫ومن خالهلما نستطيع أن ننطلق باحثًني بني دفيت املصحف عن غريمها من األساليب‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الزرْقـاين (املتـوىف‪ 363 :‬هــ) الناشـر‪ :‬مطبعـة عيسـى‬
‫( ) مناهل العرفان يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬حممد عبد العظيم ُّ‬
‫البايب احلليب وشركاه الطبعة‪ :‬الطبعة الثالثة عدد األجزاء‪3 5/ - :‬‬

‫‪48‬‬
‫فلنأخذ أولًا تعبريه عن طلب الفعل من املخاطبني‪ ،‬فإنه قد ورد بأساليب خمتلفة‪،‬‬
‫كل أسلوب منها يف موقعه سديد‪:‬‬
‫‪ -‬فقد يرد األمر صرحيًا مبادَّته املستعمَلة فيه‪ ،‬وهو لفظ "افعل" مثل قوله تعاىل‪:‬‬
‫﴿ يَا بَنِي آ َدمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ األعراف‪3 /3‬‬
‫اللهَ َي ْأمُرُكُمْ‬
‫‪ -‬وقد يرد بلفظ فيه حروف األمر نفسها‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ ﴿ :‬إِنَّ َّ‬
‫أَنْ ُتؤَدُّوا ا ْلَأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ النساء‪50/4‬‬

‫‪ -3‬وأحيانًا يدل على األمر بصيغة "كتب"‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪:‬‬


‫البقرة ‪30/‬‬ ‫﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُِتبَ عَلَيْكُمُ اْلقِصَاصُ فِي اْلقَتْلَى﴾‬
‫‪.‬‬ ‫البقرة ‪03 /‬‬ ‫﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُِتبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾‬
‫‪ -4‬واإلخبار بكونه على الناس‪ ،‬حنو قوله ‪-‬جل شأنه‪:‬‬
‫سَبِيلًا﴾ آل عمران‪13/3‬‬ ‫﴿وَل َِّلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَ ْيتِ َمنِ اسْتَطَاعَ إِلَ ْيهِ‬
‫‪ -5‬واإلخبار عن املكلف بالفعل املطلوب منه حنو قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫البقرة ‪0/‬‬ ‫صنَ ِبأَْنفُسِهِنَّ ثَالَثةَ قُرُوءٍ﴾‬
‫﴿ وَالْمُط ََّلقَاتُ يَتَرَبَّ ْ‬
‫أي‪ :‬مطلوب منهن أن يتربصن‪.‬‬
‫وقد جاء هذا األمر بصيغة اخلرب مبالغة يف طلب احلرص على فعله‪ ،‬حىت لكأنه‬
‫واقع منهن مبقتضى حيائهن الذي ُفطِرْنَ عليه‪ ،‬فإن املطلَّقة من شأهنا أن تستحي من‬
‫تعريض نفسها لألزواج بعد الطالق‪ ،‬حىت تظل مدة كافية تتأكَّد فيها من براءة رمحها‪،‬‬
‫وتكون لزوجها فرصة يف مراجعتها إن كان قد طلقها طلقة بائنة رجعية‪.‬‬
‫البقرة‬ ‫ض ْعنَ َأوْال َدهُنَّ ﴾‬
‫وكذلك احلال يف قوله ‪-‬جل شأنه ‪ ﴿ :‬وَاْلوَالِدَاتُ يُ ْر ِ‬
‫‪.‬‬ ‫‪33/‬‬
‫بوصفهن والدات‪ ،‬فال ينبغي أن حيملهن طالقهن‬
‫َّ‬ ‫فهو أمر هلنَّ بإرضاع أوالدهنَّ‬
‫على ترك إرضاع أوالدهن نكاية يف أزواجهن‪.‬‬
‫‪ -6‬واإلخبار عن الفعل بأنه خري‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫خَيْ ٌر﴾البقرة ‪8/‬‬ ‫سأَلُوَنكَ َعنِ الْيَتَامَى ُقلْ ِإصْلَاحٌ لَهُمْ‬
‫﴿ وَيَ ْ‬
‫‪ -3‬ووصف الفعل بالفرضية‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪:‬‬
‫﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَ َرضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَ ْزوَاجِهِمْ﴾ األحزاب‪. 58 /33‬‬

‫‪49‬‬
‫أي‪ :‬من بذل املهور والنفقة‪ ،‬واملعاشرة باملعروف‪.‬‬
‫‪ -0‬وترتيب الوعد والثواب على الفعل‪ ،‬حنو قوله سبحانه‪:‬‬
‫احلديد‪/ 53‬‬ ‫اللهَ قَ ْرضًا حَسَنًا فَيُضَا ِع َفهُ َلهُ وََلهُ أَجْ ٌر كَرِ ٌمي﴾‬
‫﴿ َمنْ ذَا الَّذِي ُيقْرِضُ َّ‬
‫‪ -1‬وترتيب الفعل على شرط قبله‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪:‬‬
‫البقرة ‪16/‬‬ ‫﴿ َفإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ ِمنَ الْهَدْيِ﴾‬
‫‪ - 8‬وإيقاع الفعل منفيًّا معطوفًا عقب استفهام‪ ،‬حنو قوله ‪-‬جل شأنه‪:‬‬
‫‪.‬أي‪ :‬تذكَّروا‪.‬‬ ‫النحل‪3/ 6‬‬ ‫﴿ أَفَ َمنْ يَخْ ُلقُ كَ َمنْ لَا يَخْ ُلقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾‬
‫‪ -‬وترتيب وصف شنيع على ترك الفعل‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪:‬‬
‫املائدة‪.44/ 5‬‬ ‫اللهُ َفأُولَِئكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾‬
‫﴿ َو َمنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ َّ‬
‫هذه هي أهم صيغ األمر‪ ،‬ويقابله النهي‪ ،‬وله صيغ كثرية منها‪:‬‬
‫‪ -‬الصيغة املألوفة الصرحية بأداة النهي املعروفة‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪:‬‬
‫النساء‪1/4 :‬‬ ‫﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ال َتأْكُلُوا َأ ْموَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَا ِطلِ﴾‬
‫‪ -‬الصيغة الصرحية اليت تفيد التحرمي بلفظه‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪:‬‬
‫املائدة‪3/5:‬‬ ‫َالدمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾‬
‫ُر َمتْ عَلَيْكُمُ الْمَيَْتةُ و َّ‬
‫﴿ ح ِّ‬
‫‪ -3‬نفي احللِّ عنه‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪:‬‬
‫النساء‪1/ 4‬‬ ‫﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ال يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَ ْرهًا﴾‬
‫‪ -4‬ووصفه بأنه شرٌّ‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪ ﴿ :‬وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ‬
‫اللهُ ِمنْ فَضْ ِلهِ ُهوَ خَيْرًا لَهُمْ َبلْ ُهوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾ آل عمران‪08/3‬‬
‫َّ‬
‫‪ -5‬وذكر الفعل مقرونًا بالوعيد‪ ،‬حنو قوله سبحانه وتعاىل‪:‬‬
‫اللهِ فَبَشِّ ْرهُمْ ِبعَذَابٍ‬
‫ِضةَ وَلَا يُ ْن ِفقُونَهَا فِي سَبِيلِ َّ‬
‫الذ َهبَ وَاْلف َّ‬
‫﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ َّ‬
‫أَلِيمٍ﴾ التوبة‪. 34/1‬‬
‫‪ -6‬وذكر الفعل منسوبًا إليه اإلمث‪ ،‬حنو قوله جل شأنه‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫البقرة ‪0 /‬‬ ‫﴿ فَ َمنْ بَدََّلهُ َبعْ َدمَا سَمِ َعهُ َفإِنَّمَا إِثْ ُمهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُوَنهُ﴾‬
‫هذه مناذج من األوامر والنواهي جاءت كما رأيت على أساليب متعددة‪ ،‬وفق‬
‫املقام الذي سيقت له واجلوّ الذي سيقت فيه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫"وهكذا جتد القرآن يفنت يف أداء املعىن الواحد بألفاظ وطرق متعددة‪ ،‬بني إنشاء‬
‫وإخبار‪ ،‬وإظهار وإضمار‪ ،‬وتكلم وغيبة‪ ،‬وخطاب ومضيّ‪،‬‬
‫وحضور واستقبال ‪ ،‬وإمسية وفعلية ‪ ،‬واستفهام وامتنان ووصف ‪ ،‬ووعد ووعيد‬
‫إىل غري ذلك‪.‬‬
‫ومن عجب أنه يف حتويله الكالم من منط إىل منط ‪ ،‬كثريًا ما جتده سريعًا ال جيارى‬
‫يف سرعته ‪ ،‬مث هو على هذه السرعة اخلارقة ال ميشي مكبًّا على وجهه‪ ،‬مضطربًا أو‬
‫متعثرًا ‪ ،‬بل هو حمتفظ دائمًا مبكانته العليا من البالغة ميشي سويًا على صراط مستقيم ‪.‬‬
‫واعلم أن تصريف القول يف القرآن الكرمي على هذا النحو كان فنًّا من فنون‬
‫إعجازه األسلويب كما ترى ‪ ،‬وكان يف الوقت نفسه مِنَّة مينها اهلل على الناس‪،‬‬
‫ليستفيدوا عن طريقها كثرة النظر يف القرآن الكرمي ‪ ،‬اإلقبال عليه قراءة ومساعًا وتدبُّرًا‬
‫وعمال‪ ،‬وأنه ال عذر معها ملن أمهل هذه النعمة وسفَّه نفسه ‪ ،‬اقرأ إن شئت قوله‬
‫سبحانه يف سورة اإلسراء‪:‬‬
‫﴿ وََلقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا اْلقُرْآنِ ِمنْ كُلِّ مََثلٍ َفأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا ُكفُورًا﴾‬
‫‪.01/‬‬ ‫‪3‬‬
‫وقوله سبحانه يف سورة الكهف ‪﴿ :‬وََلقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا اْلقُرْآنِ لِلنَّاسِ ِمنْ كُلِّ‬
‫يءٍ جَدَلًا﴾ ‪54/ 0‬‬
‫مََثلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَ ْ‬
‫وقوله سبحانه يف سورة الرعد‪:‬‬
‫اْلَأمْثَال﴾‪) ( 3/ 3‬‬ ‫﴿ كَذَِلكَ يَضْ ِربُ اللَّ ُه‬
‫اخلاصة السادسة‪:‬‬
‫مجع القرآن الكرمي بني اإلمجال والبيان مع أهنما غايتان متباينتان ال‬
‫( )‬
‫جيتمعان يف كالم واحد للناس ‪ ،‬بل كالمهم إما جممل وإما مبني‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪3 3 ،3‬‬ ‫( ) بتصرف يسري من "مناهل العرفان" ج ص‬
‫( ) اجملمَل هو املبهَم الذي ال يتَّضِحُ املراد منه إلّا بقرينة شرعية تزيل إهبامه وتوضِّحُ املراد منـه ‪ -‬واملبـيِّن هـو‪ :‬مـا يفـرِّق‬
‫سطِ والتفصـيل‪(.‬دراسـات يف علـوم القـرآن ) املؤلـف‪:‬‬
‫بني الشيء وما يشاكله‪ ،‬فهو داللة على املعىن املراد على سبيل البَ ْ‬
‫حممد بكر إمساعيل (املتوىف‪ 4 6 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار املنار الطبعة‪ :‬الثانية ‪ 4 1‬هـ‪ 111-‬م عدد األجزاء‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫ألن الكلمة إما واضحة املعىن ال حتتاج إىل بيان ‪ ،‬وإما خفية حتتاج إىل بيان ‪،‬‬
‫ولكن القرآن الكرمي وحده هو الذي اخنرقت له العادة فتسمع اجلملة منه وإذا هي بينة‬
‫جمملة يف آن واحد ‪ ،‬هلذا السر وسع كتاب اهلل تعاىل مجيع أصحاب املذاهب املختلفة‬
‫واملشارب املتباينة ‪،‬ووجدوا شفاء أنفسهم وعقوهلم فيه ‪ ،‬وأخذت األجيال املتعاقبة من‬
‫مدده الفياض ما جعلهم جيتمعون عليه ويدينون به ‪ ،‬وال كذلك البشر يف كالمهم فإهنم‬
‫إذا قصدوا إىل توضيح أغراضهم ‪ ،‬ضاقت ألفاظهم ومل تتسع لإلستباط والتأويل ‪،‬‬
‫واألمر يف هذه اخلاصة ظاهر غين بظهوره عن التمثيل وحسبك أن ترجع إىل كتب‬
‫التفسري ففيها من ذلك الشيء الكثري ‪.‬‬
‫اخلاصة السابعة‪:‬‬
‫قصد القرآن يف اللفظ مع وفائه باملعىن ‪:‬‬
‫هذه خاصة مل تُعرف لغري القرآن ‪ ،‬فإن أبلغ البلغاء من الناس ال يستطيع أن يأتى‬
‫بكالم لفظه قليل ‪ ،‬ومعناه واف وهو إن اتفق له يف املوضع الواحد واملوضعني ‪ ،‬فال‬
‫يتفق له يف مجلة كالم ‪ ،‬شعراً أو نثراً ‪ ،‬وما هو حباصل إال على كالم نسىب غري مطرد ‪،‬‬
‫حبسب ما أوتِىَ من إهلام وتوفيق ‪ ،‬فأبلغ البلغاء إذا حفل باللفظ أضر باملعىن ‪ ،‬وإذا‬
‫حفل باملعىن‬
‫أضر باللفظ ‪ ،‬هنايتان مَن حاول أن جيمع بينهما وقف منهما موقف الزوج بني‬
‫ضرتني ‪ ،‬ال يستطيع أن يعدل بينهما دون ميل إىل إحدامها‪.‬‬
‫خذ من القرآن الكرمي مقداراً من الكالم مث قارنه مبا يساويه من كالم البلغاء جتد‬
‫عجباً ‪ ،‬مث انظر أي الكالمني تستطيع أن تتناوله بالتعديل أو التبديل دون أن ختل مبعناه‬
‫؟‬
‫إنك إذا حاولت هذه احملاولة فستنتهي إىل هذه احلقيقة اليت أعلنها ابن عطية‬
‫( )‬

‫وهو يتحدث عن القرآن الكرمي إذ يقول ‪ ( :‬لو نزعت منه لفظة مث أدير لسان العرب‬
‫على لفظة أحسن منها مل توجد) ( )‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) عبد احلق بن غالب بن عبد امللك بن غالب بن متام بن عطية اإل مـام الكـبري قـدوة املفسـرين أبـو حممـد الغرنـاطي‬
‫القاضي حدث عن أبيه وعن أيب علي النسائي وكـا ن فقيهـا بارعـا عارفـا باألحكـام واحلـديث والتفسـريوله التفسـري‬
‫املشهور ( احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز ) تويف سـنة ‪ 546‬هــ ( طبقـات املفسـرين ) ص ‪ 36 ، 35‬أمحـد‬
‫بن حممد األدنروي حتقيق سليمان بن صاحل اخلزي الناشر ‪ /‬مكتبة العلوم واحلكم املدينةاملنورة ‪.‬‬
‫( ‪ ( ) 2‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز ) البن عطية األندلسي ت‪ 54 :‬هـ احملقـق‪ :‬عبـد السـالم عبـد الشـايف‬
‫‪ 4‬هـ ج ‪5 /‬‬ ‫حممد الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪-‬‬

‫‪52‬‬
‫" َو ِمنْ فَصَا َحةِ القرآن أن اهلل َتعَالَى جَلَّ ِذكْرِهِ‪َ ،‬ذكَرَ فِي آَيةٍ وَاحِدَةٍ َأمْرَْينِ‪،‬‬
‫ضعِيهِ ﴾‬ ‫وَنَهْيَ ْينِ‪ ،‬وَخَبَرَْينِ‪ ،‬وَبِشَارَتَ ْينِ َو ُهوَ َقوُْلهُ َتعَالَى‪ ﴿ :‬وََأوْحَيْنا إِىل أُمِّ مُوسى أَنْ أَ ْر ِ‬
‫القصص ‪3/ 0‬‬

‫حةِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ ‪َ :‬أمْرٌ بِاْلوَفَاءِ وَنَهْ ٌي َعنِ النَّ ْكثِ ‪ ،‬وَح ََّللَ تَحْلِيال‬ ‫وَكَذَِلكَ فَاتِ َ‬
‫عَامًا‪ ،‬ثُمَّ اسْتَثْنَى اسْتِثْنَاءً َبعْدَ اسْتِثْنَاءٍ‪ ،‬ثُمَّ أَخْبَرَ َعنْ حِكْمَِتهِ وَقَدْرَِتهِ‪ ،‬وَذَِلكَ مِمَّا ال َيقْدِرُ‬
‫اللهُ سُبْحَانَه ُوتعاىل" ( )‬ ‫عَلَ ْيهِ إِال َّ‬
‫الوجه الثاين من اإلعجاز البياين للقرآن الكرمي ‪:‬‬
‫طريقة تأليفه ‪:‬‬
‫وبيان ذلك أنه قد رُتِّبَتْ آياته وسوره ترتيبًا غاية يف االئتالف والتناسق‪ ،‬مع أنه‬
‫نزل منجَّمًا يف حنو ثالث وعشرين سنة على حسب الوقائع واحلوادث‪ ،‬ومقتضيات‬
‫األحوال‪ .‬حىت إنَّ الناظر فيه دون أن يعلم بتنجيم نزوله ال خيطر على باله أنه نزل‬
‫منجَّمًا‪ ،‬وحىت إنك مهما أمعنت النظر وحبثت ال تستطيع أن جتد فرقًا بني السور اليت‬
‫نزلت مجلة‪ ،‬والسور اليت نزلت منجَّمَة ؛ من حيث إحكام الربط يف كلٍّ منهما‪ ،‬ومن‬
‫حيث نظام املبىن ودقة املعىن‪ ،‬ومتام الوحدة الفنية( ) ‪،‬فتستمع إىل اآلية منه فإذا هي‬
‫بينة واضحة الداللة جمملة يف آن واحد وهذا ال تراه أبدا وال تلمسه يف أي كتاب‬
‫سوى القرآن الكرمي هذا الكتاب احملكم الرصني (‪ )3‬الذي أحكمت آياته مث فصلت من‬
‫لدن حكيم خبري‪ ،‬مث من متام هذا الكتاب أخرياً أنه اشتمل على وحدة فنية تربط بني‬
‫بداياته وهناياته وأوساطه وسائر أجزائه ‪،‬إذن فالقرآن الكرمي تنطق طريقة تأليفه ؛بأنه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اجلامع ألحكام القرآن = تفسري القـرطيب أليب عبـد اهلل القـرطيب (املتـوىف ‪63 :‬هــ) حتقيـق ‪ :‬أمحـد الـربدوين‬
‫وإبراهيم أطفيش الناشر ‪ :‬دار الكتب املصرية – القـاهرة الطبعـة ‪ :‬الثانيـة ‪ 304 ،‬هــ ‪ 164 -‬م عـدد األجـزاء ‪:‬‬
‫‪ 8‬جزءا (يف ‪ 8‬جملدات) ج ‪36/‬‬
‫(‪)2‬بتصرف يسري من كتاب‪(.‬دراسات يف علوم القرآن ) املؤلف‪ :‬حممـد بكـر إمساعيـل (املتـوىف‪ 4 6 :‬هــ) الناشـر‪:‬‬
‫دار املنار الطبعة‪ :‬الثانية ‪ 4 1‬هـ‪ 111-‬م عدد األجزاء‪ :‬ج ‪35 /‬‬
‫صنيُ اجلَـ ْوفِ‪ :‬هُـوَ (املُوْجَـعُ املُتَـأَلِّمُ) (وسـاعِدٌ َمرْصـونٌ) ‪ :‬أَي (مَوْسـومٌ‪.‬‬
‫صنيُ‪( :‬احلَفِيُّ حباجَةِ صاحِبِه‪(.‬و) رَجُلٌ رَ ِ‬
‫(‪ )3‬الرَّ ِ‬
‫صنيٌ‪ ،‬ك َرزِينٍ وَله رأْيٌ رَصِـنيٌ‪ .‬ورَصَـ ْنتُ الشـيءَ‪ :‬أَحْكَمْتُـه‪َ ،‬فهُـوَ‬
‫صنُ‪( ،‬كمِنَْبرٍ‪ :‬حَديدَةٌ تُكْوَى هبَا الدَّوابُّ رجُلٌ رَ ِ‬
‫(و) ا ِملرْ َ‬
‫صنٌ‪.‬و ِدرْعٌ رَصِينَةٌ‪ :‬حَصِينَةٌ‪ . ،‬تاج العروس من جـواهر القـامو املؤلـف‪ :‬حممّـد بـن حممّـد‬
‫صنَ البناءُ َفهُوَ ُمرْ َ‬
‫َمرْصونٌ‪ .‬وُأرْ ِ‬
‫هــ) احملقـق‪ :‬جمموعـة مـن احملققـني‬ ‫بن عبد الرزّاق احلسيين‪ ،‬أبو الفيض‪ ،‬امللقّب مبرتضى‪ ،‬الزَّبيـدي (املتـوىف‪85 :‬‬
‫الناشر‪ :‬دار اهلداية باب رصن ج ‪13 /35‬س املؤلف‪ :‬حممّد بن حممّد ‪ 85‬هــ) احملقـق‪ :‬جمموعـة مـن احملققـني الناشـر‪:‬‬
‫دار اهلداية باب رصن ج ‪13 /35‬‬

‫‪53‬‬
‫الميكن أن يكون صادراً إال عن مليك مقتدريعلم خائنة األعني وما ختفي الصدور﴿‬
‫واهلل غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون﴾ يوسف ‪/‬‬
‫مناقشة أوجه اإلعجاز البياين عند اإلمام الزرقاين‬
‫من خالل كتابات السابقني والالحقني‬
‫أوالً ‪ :‬السابقون‬
‫إذا كان القرآن عربياً جاريًا على منط أساليب العرب يف منطقهم ففيم كان‬
‫اإلعجاز ؟ ومب يعلل هذا اإلعجاز ؟‬
‫لقد كان للمتكلمني السابقني فضل السبق يف حبث هذه النقطة فقالت املعتزلة‪-‬‬
‫إال النظام وهشام الفوطي وعباد بن سليمان ‪ -‬إن تأليف القرآن الكرمي ونظمه معجز‬
‫حمال وقوعه منهم كاستحالة إحياء املوتى منهم وأنه علم لرسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‬
‫ونستعرض اآلن أراء بعض العباقرة يف البيان العريب ‪:‬‬
‫( )‬
‫رأي النظــام ‪:‬‬
‫إن اآلية واألعجوبة يف القرآن الكرمي ما فيه من اإلخبار عن الغيوب؛ فأما‬
‫التأليف والنظم فقد كان جيوز أن يقدر عليه العباد لوال أن اهلل منعهم أن حيدثوا فيه ( )‬

‫وقد ظل باحثوا اإلعجاز بعد يدورون حول هذين الرأيني ‪ ،‬هل إعجاز القرآن‬
‫الكرمي يف النظم أو الصرفة ؟ أم هو معجز هبما معاً ؟‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) شيخ املعتزلة صاحب التصانيف أبو إسحق إبراهيم بن سيارموىل آل احلـارث بـن عبـاد الضـبعي البصـري املـتكلم‬
‫شيخ اجلاحظ له تصانيف مجة منها كتاب (الطفرة) و (الوعيد) ‪( ،‬والنبوة) وغريها وقد كفـره مجاعـة وقـال عنـه آخـرون‬
‫إن النظام مل يكن ممن نفعه العلم والفهم ومات يف خالفة املعتصم سنة ‪ 3‬هـ سري أعالم النبالء‪:‬‬
‫( ) اإلعجاز البياين للقرآن ومسائل ابن األزرق لعائشة حممـد علـي عبـد الـرمحن املعروفـة ببنـت الشـاط (املتـوىف‪:‬‬
‫‪ 4 1‬هـ) الناشر‪ :‬دار املعارف الطبعة‪ :‬الثالثة عدد األجزاء‪ :‬ج ‪1 /‬‬

‫‪54‬‬
‫( )‬
‫رأي اجلاحظ ‪:‬‬
‫يرى أن القرآن الكرمي معجز بنظمه وقد حتداهم هبذا النظم املعجز ولكن اهلل تعاىل‬
‫رفع استطاعة اإلتيان مبثله من أوهام العرب وصرف نفوسهم عن معارضته بعد أن‬
‫حتداهم الرسول صلى اهلل عليه وسلم بنظمه ولذلك مل جند أحداً طمع فيه ولو طمع فيه‬
‫لتكلفه ولو تكلف بعضهم ذلك فجاء بأمر فيه أدىن شبهة لعظمت القصة على األعراب‬
‫وأشباه األعراب والنساء وأشباه النساء وأللقى ذلك للمسلمني عمالً ولطلبوا احملاكمة‬
‫والتراضي ببعض العرب ولكثر القيل والقال مث يقول بعد ذلك ‪:‬‬
‫ففي كتابنا املنزل الذي يدلنا على أنه صدق نظمه البديع الذي ال يقدر على‬
‫مثله العباد مع ما سوى ذلك من الدالئل اليت جاء هبا من جاء به ‪.‬‬
‫لإلعجاز وجهني عند اجلاحظ ‪:‬‬
‫أحدمها ‪ :‬أن القرآن الكرمي معجز بنظمه وتأليفه‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن اهلل صرف الناس عن أن يعارضوا هذا اإلعجاز القرآين ومن مث رأيناه‬
‫يرد على النظام ومن تبعه يف رأيه يف مؤلفه كتاب ‪ ) :‬االحتجاج لتنظيم القرآن) بأن‬
‫القرآن الكرمي ليس معجزاً بنظمه وأن للعرب القدرة على مثل نظم القرآن الكرمي لوال‬
‫( )‬
‫صرفة اهلل‬
‫وفرقٌ بني رأي النظام واجلاحظ يف( الصُرفة) أن النظام يرى قدرة املنشئني على‬
‫أن ينظموا مثل القرآن الكرمي ‪ ،‬واإلعجاز ‪ ،‬يف صرف اهلل هلم عن هذا الصنيع ‪.‬‬
‫أما اجلاحظ فريى أن القرآن الكرمي يصرف أطماع البلغاء عن اإلتيان مبثله‬
‫ليُيَأسهم من استواء كالمهم على مرتبة عالية ال تتخلف من اجلودة كما هو شأن‬
‫األسلوب القرآين الذي جيري مجيعه على منط واحد يف اجلودة املعجزة ‪ ،‬القاطعة‬
‫لألطماع ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) العالمة املتبحر ذو الفنون أبو عثمان عمرو بن حبر بن حمبوب البصـري املعتـزيل صـاحب التصـانيف الكـثرية أخـذ‬
‫عن النظام ومثامة بن أشرس وروى عنه أبو العيناء تويف سنة ‪ 55‬هـ األعالم للزريكلي ج ‪.34/،33/ 5‬‬
‫‪،‬‬ ‫( ) رسائل اجلاحظ حتقيق ‪ /‬عبد السالم هارون عدد ‪ 3‬أجزاء ‪ ،‬علي هامش اجلزء الثاين من ( الكامل للمربد ) ص‬

‫‪55‬‬
‫( )‬
‫‪ 3‬رأي الباقلَاين ‪:‬‬
‫الذي وجد املالحدة يف عصره يعدلون القرآن الكرمي ببعض األشعار ويوازنون‬
‫بينه وبني غريه من الكالم وال يرضون بذلك حىت يفضلونه عليه‬
‫وقد دفعه هذا الصنيع إىل أن ينفرد بقوله إن الوجه يف إعجاز القرآن الكرمي أنه‬
‫نظم خارج عن مجيع وجوه النظم املعتاد يف كالمهم ومباين ألساليب خطاهبم ليس من‬
‫قبيل الشعر وال السجع وال الكالم املوزون غري املقفى وهلذاال ميكن معارضته مث يعرض‬
‫الباقالين بعد لنقطة عملية يف منهج الكشف عن اإلعجاز القرآين تلك هي يقول ‪:‬‬
‫كيف يوقف على إعجاز القرآن؟ وقد قدر مقدرون أنه ميكن استفادة إعجاز القرآن‬
‫الكرمي من أصناف البديع وليس كذلك عندنا ألن هذه الوجوه إذا وقع التنبيه عليها‬
‫( )‪.‬‬
‫أمكن التوصل إليها بالتدريب والتعود والتصنع هلا‬
‫والوجوه اليت تقول إن اإلعجاز القرآين ميكن أن يعلم منها فليس مما يقدر البشر‬
‫على التصنع له والتوصل إليه ولكن قد ميكن أن يقال‬
‫إن أصناف البديع باب من أبواب الرباعة وجنس من أجناس البالغة وأنه ال‬
‫ينفك القرآن الكرمي عن فن من فنون بالغتهم وال وجه من وجوه فصاحتهم ‪.‬‬
‫وقد حاول الباقالين جتلية رأيه عملياً فعقد املقارنات بني القرآن الكرمي وبليغ‬
‫الكالم شعراً ونثراً والباقالين من وراء ذلك كله يريد أن يثبت أن القرآن الكرمي منطه‬
‫من القول ال يوازن بشعر وال يوازن بنثر ألن مزيته عليهما تلوح ملن كان ببالغات‬
‫العرب وأساليب كالمهم عارفاً وإذ خلص من ذلك عمد هو إىل إظهار اجلمال يف‬
‫القرآن الكرمي فأعطانا صورة مفعمة باجلمال يصف إحساسه وعجزه عن وضع اليد‬
‫على منابع اجلمال القرآين يقول ‪ :‬فأما منهج القرآن الكرمي ونظمه وتأليفه ورصفه فإن‬
‫العقول تتيه يف جهته وحتار يف حبره وتضل دون وصفه وهو أدق من السحر وأهول من‬
‫البحر وأعجب من الشعر وهو يصارحنا بأن داللة اإلعجاز يف بعض اآلي أبني وأظهر‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) اإلمام العالمة أوحد املتكلمني مقدم األصوليني القاضي أبو بكر حممـد بـن اخلطيـب بـن حممـد جعفـر بـن قاسـم‬
‫البصري البغدادي ابن الباقالين صاحب التصانيف وكان يضرب املثل بفهمه وذكائه مسـع أبـا بكـر أمحـد القظيعـي وأبـا‬
‫حممدين ماسي وخرج له ابن أيب الفوارس وذكره القاضي عياض يف طبقـات املالكيـة فقـال هـو امللقـب بسـيف السـنة‬
‫ولسان األمة حدث عنه أبو ذر اهلروي وأبو جعفر السماين وقاضي املوصـل مـن مؤلفاتـه (إعجـاز القـرآن) تـويف سـنة‬
‫‪ 3 0‬هـ سري أعالم النبالء للذهيب ‪13 – 18 / 3‬‬
‫( ) ( مقدمة أعجاز القرآن) للباقالين حتقيق ‪ /‬السيد أمحد صقر الناشر ‪ /‬دار املعـارف – مصـر ‪ ،‬الطبعـة اخلامسـة سـنة‬
‫‪ 113‬عدد األجزاء ‪ /‬ص ‪8‬‬

‫‪56‬‬
‫واآلية أكشف وأهبر ويقول مرة أخرى ‪ :‬نعتقد أن اإلعجاز يف بعض القرآن الكرمي‬
‫( )‬
‫أظهر ويف البعض اآلخر أدق وأغمض ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪4‬رأي الرماين ‪:‬‬
‫قال إن القرآن الكرمي معجز ببالغته ‪ ،‬وحد البالغة بأهنا إيصال املعىن إىل القلب‬
‫يف أحسن صورة من اللفظ ‪ ،‬فأعالها طبقة يف احلُسن ‪ ،‬بالغة القرآن الكرمي وأعلى‬
‫طبقات البالغة معجز للعرب والعجم كإعجاز الشعر للمفحِم‬
‫فهذا معجز للمفحَم خاصة كما أن ذاك معجز للكافة ‪ ،‬والبالغة على عشرة‬
‫أقسام اإلعجاز والتشبيه واالستعارة والتالؤم والفواصل والتجانس والتصريف‬
‫والتضمني واملبالغة وحسن البيان ‪ ،‬مث راح يعرف تلك األقسام وميثل هلا من القرآن‬
‫الكرمي وبليغ الكالم وبذلك وضع يدنا على رأيه يف وجه اإلعجاز مث بني لنا قيمة هذه‬
‫البالغة من القرآن الكرمي‪)3( .‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ - 5‬رأي اخلطايب‪:‬‬
‫قال إن الوجه األول يف اإلعجاز القرآين هو اإلحاطة اإلهلية بأسرار اللغة حىت‬
‫جاء القرآن الكرمي معجزاً لفظاً ومعىن ونظما و يقول أيضا وإمنا تعذر على البشر‬
‫اإلتيان مبثله ألمور منها أن علمهم ال حييط جبميع أمساء اللغة العربية وبأوضاعها اليت‬
‫هي ظروف املعاين واحلواصل هلا وال تدرك أفهماهم مجيع معاين األشياء احملمولة على‬
‫تلك األلفاظ وال تكمل معرفتهم الستيفاء مجيع وجوه النظم اليت هبا يكون ائتالفها‬
‫وارتباطها بعضها ببعض فيتوصلوا باختيار األفضل عن األحسن من وجوهها إىل أن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) مقدمة إعجاز القرآن لإلمام الباقالين ص ‪ ، 10‬ص ‪. 56‬‬
‫( ) العالمة أبو احلسن علي بن عيسى الرماين النحوي املعتزيل أخذ عن الزجـاج وابـن دريـد وأخـذ عنـه أبـو القاسـم‬
‫التنوخي واجلوهري وصنف يف التفسري واللغة والنحو والكالم وألـف يف االعتـزال ( صـنعة اإلسـتدالل) سـبع جملـدات‬
‫وكتاب( األمساء والصفات) وكتاب األكوان) وكتاب ( املعلوم واجملهـول ) ولـه حنـو مـن ‪ 88‬مصـنف وتـوىف سـنة‬
‫‪ 304‬هـ ‪ .‬سري أعالم النبالء لإلمام الذهيب ج ‪. 534 / 6‬‬
‫(‪ )3‬النكت يف إعجاز القرآن "للرماين" طبع ضمن ثالث رسائل يف اإلعجـاز‪ ،‬بتحقيـق حممـد خلـف اهلل وحممـد زغلـول‬
‫سالم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار املعارف‪.‬ص‪36‬‬
‫(‪ )4‬احلافظ اللغوي أبو سليمان محد بن حممد بن إبراهيم بـن خطـاب البُسـيت اخلطـايب صـاحب التصـانيف ولـد سـنة‬
‫‪ 3 8‬هـ ومسع من أيب سعيد بن األعرايب مبكة ومن أيب العباس األصـم وغريهـم وأخـذ الفقـه الشـافعي مـن أيب بكـر‬
‫القفال الشاشي حدث عنه أبو حامد اإلسفراييين والعالمة أبو عبيد اهلروي وغريهم كثري ألـف وصـنف كتبـا كـثرية منـها‬
‫(شرح السنن ) و( شرح األمساء احلسىن ) وتويف اخلطايب يف ربيع اآلخر سـنة ‪ 300‬هــ ‪ .‬سـري أعـالم النـبالء للـذهيب‬
‫ج‪3– 3/ 3‬‬

‫‪57‬‬
‫يأتوا بكالم مثله وإمنا يقوم الكالم هبذه األشياء الثالثة لفظ حامل ومعين به قائم ‪،‬‬
‫ورباط هلما ناظم‪ ،‬وإذا تأملت القرآن الكرمي وجدت هذه األمور منه يف غاية الشرف‬
‫والفضيلة ‪.‬‬
‫والوجه الثاين يف اإلعجاز عنده هو ما للقرآن الكرمي من أثر نفسي يقول ‪ :‬قلت‬
‫يف إعجاز القرآن وجه آخر ذهب عنه الناس فال يكاد يعرفه إال الشاذ من آحادهم‪،‬‬
‫وذلك صنيعه بالقلوب ‪ ،‬وتأثريه يف النفوس ‪،‬فإنك ال تسمع‬
‫كالما غري القرآن الكرمي منظوماً وال منثوراً إذا قرع السمع خلص له إىل القلب‬
‫من اللذة واحلالوة يف حال ‪ ،‬ومن الروعة واملهابة يف أخرى ‪ ،‬ما خيلص منه إليه تستبشر‬
‫به النفوس وتنشرح له الصدور حىت إذا أخذت حظها منه عادت مرتاعة قد عراها من‬
‫الوجيب ( ) والقلق وتغشاها من اخلوف والفرق ما تقشعر منه اجللود وتنزعج له‬
‫القلوب وحيول بني النفس وبني مضمراهتا وعقائدها الراسخة فيها ( ) ‪.‬‬
‫‪ - 6‬وظفر القرن اخلامس برأيني على طريف نقيض أما الرأي األول فهو‬
‫رأي األمري ابن سنان احلليب ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫يرى أن لإلعجاز القرآين وجهني ‪:‬‬


‫أحدمها ‪ :‬أنه خرق العادة بفصاحته اليت وقع التزايد فيها موقعا خرج عن‬
‫مقدورالبشر وهذا القرآن الكرمي الفصيح بعضه ـ عنده ـ أوضح من بعض‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن وجه اإلعجاز صرف العرب عن معارضته مع أن فصاحة القرآن‬
‫كانت يف مقدورهم لوال الصرف‪ .‬ألهنا من جنس فصاحتهم والفصاحة كما فسرها هي‬
‫أمور مجالية يف اللفظ استقاها من كالم العرب(‪)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) الوجيب‪ :‬اخلفقان واالضطراب‪ (.‬احليوان) للجاحظ (املتـوىف‪ 55 :‬هــ) الناشـر‪ :‬دار الكتـب العلميـة – بـريوت‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ 4 4 ،‬هـ عدد األجزاء‪ 3 :‬ج‪4 /5‬‬
‫‪3‬هــ)الناشـر‪ :‬دار صـادر ‪-‬‬ ‫حتَ أَهبره واضطرابه( لسان العرب )البن منظـور (املتـوىف‪:‬‬
‫‪ -‬الْوَجِيبُ‪ :‬حترُّك الْقَ ْلبِ تَ ْ‬
‫بريوت الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 4 4 -‬هـ عدد األجزاء‪ 5 :‬ج‪03/4‬‬
‫( ) إعجاز القرآن للخطايب ص ‪ 1‬طبعة دار املعارف ‪ ،‬حتقيق ‪ /‬حممد خلف اهلل ود‪ /‬حممد زغلول سالم ‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬عبد اهلل بن حممد بن سعيد بن سنان اخلفاجي احلليب شاعر أخـذ األدب عـن أيب العـالء املعـري وغـريه لـه واليـة‬
‫بقلعة (عزاز) وله كتاب (سر الفصاحة) ط ‪ ،‬وديوان شعر‪ ،‬تويف سنة ‪466‬هـ األعالم للزريكلي ‪/4‬‬
‫(‪ ) 4‬سر الفصاحة لعبد اهلل حممد بن سعيد بن سنان ‪ -‬أبو أمحد اخلفاجي احلليب صـ‪4، 3‬‬
‫‪ -‬وعناية املسلمني بإبراز وجوه اإلعجاز يف القرآن الكرمي املؤلف‪ :‬حسن عبد الفتـاح أمحـد الناشـر‪ :‬جممـع امللـك فهـد‬
‫لطباعة املصحف الشريف عدد األجزاء‪ :‬ج ‪38/‬‬

‫‪58‬‬
‫( )‬
‫‪ - 3‬عبد القاهر اجلرجاين ‪:‬‬
‫وهو على النقيض من الرأي السابق البن سنان فعبد القاهر تصور موضع‬
‫اإلعجاز جزءً من ظاهرة أوسع هي طريقة البيان عامة وعاجل يف كتابه ( دالئل‬
‫اإلعجاز( طريقة نظم الكالم وترتيب معانيه وما يعرض هلا من تقدمي وتأخري وذكر‬
‫وحذف وفصل ووصل وقصر واختصاص اخل ‪ ،‬وهدفه وراء ذلك صرف االهتمام إىل‬
‫جانب املعىن بعد أن جعله ابن سنان ناحية اللفظ ‪ ،‬فاأللفاظ ال تتفاضل من حيث هي‬
‫ألفاظ جمردة وال من حيث هي كلم مفردة وإمنا تثبت هلا الفضيلة وخالفها يف مالئمة‬
‫معىن اللفظة للمعىن اليت تليها أو ما أشبه ذلك مما ال تعلق له بصريح اللفظ ‪ ،‬وليس‬
‫النظم ضم الشيء إىل الشيء‪ -‬كما رأينا عند ابن سنان ـ بل هو نظم يراعى فيه‬
‫ترتيب اللفظ وفق ترتيب املعىن يف النفس ولذا كان عندهم نظري للنسج والتأليف‬
‫والصياغة والبناء والتحبري وما أشبه ذلك ‪.‬‬
‫السبيل إذن إىل معرفة اإلعجاز القرآين هو السبيل األديب ولكن فيم إعجاز‬
‫القرآن ؟‬
‫إن وجه اإلعجاز عند اجلرجاين يف القرآن الكرمي يف النظم والتأليف ‪.‬‬
‫وما النظم ؟" ليس النظم إال أن تضع كالمك الوضع الذي يقتضيه علم النحو‬
‫وتعمل على قوانينه وأصوله وتعرف هنجه اليت هنجت فال تزيغ عنها وحتفظ الرسوم اليت‬
‫رمست لك فال ختل بشيء منها"( )‬

‫هذا إذن هو منهج عبد القاهر اجلرجاين يف حبث اإلعجاز ‪ ،‬منهم قائم أوالً على‬
‫التربية الفنية تربية الذوق واإلحساس والشعور مبمارسة النصوص األدبية ونقدها‬
‫والتعرف على مواطن القبح واجلمال فيها فإذا ما ألف الذوق النقد مارس النص‬
‫القرآين باحثا عن اجلمال فيه يف نظمه حيث يكمن سر إعجازه وما النظم إال معاين‬
‫النحو اليت أِلفت وآخت بني كلماته‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) شيخ العربية أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرمحن اجلرجاين أخذ النحو جبـر جـان عـن أيب احلسـني حممـد بـن حسـن‬
‫ابن أخت أيب علي الفارسي ألف( إعجاز القـرآن) وكتـاب(املفتـاح) وصـنف شـرحا هـائال (لإليضـاح) و(العمـد يف‬
‫التصريف)و(اجلمل ) غري ذلك وكان شافعيا عاملا ذا نسك ودين تـويف سـنة ‪ 43‬هــ (سـري أعـالم النـبالء) لإلمـام‬
‫‪ 433، 43‬حتقيق حممد نعيم العرقسوسي ط مؤسسة الرسالة ببريوت‪.‬‬ ‫الذهيب ‪ /‬ج‪0‬‬
‫( ) كتاب دالئل اإلعجاز لعبد القاهر ‪ ،‬اجلرجاين (املتوىف‪43 :‬هـ) احملقـق‪ :‬حممـود حممـد شـاكر أبـو فهـر الناشـر‪:‬‬
‫مطبعة املدين بالقاهرة ‪ -‬دار املدين جبدة الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 4 3‬هـ ‪ -‬عدد األجزاء‪ 3 :‬ج ‪0 /‬‬

‫‪59‬‬
‫( )‬
‫‪ -0‬الزخمشري‪:‬‬
‫يقول الزخمشري عن القرآن الكرمي إنه كتاب معجز من جهتني ‪ ،‬من جهة إعجاز‬
‫نظمه ‪ ،‬ومن جهة ما فيه من اإلخبار بالغيوب ‪.‬‬
‫ويقول مرة ثانية عند قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِل بعلم اهلل ﴾‬
‫هود ‪ 4 /‬أي أنزل ملتبَسا مبا ال يعلمه إال اهلل من نظم معجز للخلق وإخبار‬
‫( )‬
‫بغيوب ال سبيل هلم إليه‬
‫مث يقول الزخمشري عن اإلعجاز الذي يف النظم ‪:‬‬
‫النظم هو أم إعجاز القرآن الكرمي ‪ ،‬والقانون الذي وقع عليه التحدي ومراعاته‬
‫أهم ما جيب على املفســر‪.‬‬
‫ويقول عن أسرار اجلمال القرآين ‪ :‬وهذه األسرار والنكت ماأبرزها إال علم‬
‫النظم وإال بقيت حمتجبة يف أكمامها ‪.‬‬
‫وهو يف مسألة النظم يتابع عبد القاهر اجلرجاين بل إنه أول من طبق رأي عبد‬
‫القاهر يف إعجاز مجال القرآن الكرمي تطبيقا عمليا وعلى نطاق واسع يشمل سور‬
‫القرآن مجيعها ‪ ،‬ولكن حني عرض الزخمشري لنظم القرآن الكرمي عرض إليه من ناحية‬
‫اجلمال احلادث عن أحكام ومعاين النحو مما ال يدع سبيالً للشك يف أن الزخمشري علم‬
‫مبا يتأثر يف حبثه اإلعجاز القرآين بتأثر عبد القاهر وإن كانت بعد للزخمشري املعتزيل‬
‫شخصيته يف البحث اإلعجازي وقد ظهر هذا يف كالم الزخمشري يف نظم القرآن‬
‫الكرمي من خالل التقسيمات البالغية والبيان واملعاين والبديع ‪.‬‬
‫انبهار الزخمشري باإلعجاز ‪ :‬الزخمشري وإن كان حينا يطرب جلمال البيان‬
‫القرآين وإعجازه فيحاول اإلشارة إىل سره ‪ ،‬فإنه حيناً آخر ال ميلك إال أن يعجب‬
‫وينبهر باإلعجاز يقول مرة ‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) العالمة كبري املعتزلة أبو القاسم حممود بن عمر بن حممد الزخمشـري اخلـوارزمي النحـوي صـاحب (الكشـاف) و‬
‫(املفصل) مسع من نصر بن البطر وغريه وروى عنه أبو طاهر السـلفي ولـد بزخمشـر يف خـوارزم يف رجـب سـنة ‪463‬‬
‫هـ وكان رأسا يف البالغة والعربية واملعاين والبيان ومات رمحه اهلل ليلة عرفـة سـنة ‪ 530‬هــ ولـه (أسـاس البالغـة )‬
‫وغريها كثري ( سري أعالم النبالء ) للذهيب ج‪55 - 5 / 8‬‬
‫( ) ( تفسري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل يف وجـوه التأويـل) لإلمـام الزخمشـري املـزود بأربعـة‬
‫كتب حبواشيه رتبه وقام بضبطه وتصحيحه حممد عبـد السـالم شـاهني ‪ -‬ط دار الكتـب العلميـة بـريوت لبنـان ‪-‬‬
‫اجلزء الثاين ص ‪361‬‬

‫‪60‬‬
‫وأسرار التنزيل ورموزه يف كل باب بالغة من اللطف واخلفاء حداً يدق عن‬
‫تفطن العامل ويدل عن تبصره ‪.‬ويقف الزخمشري عند قوله تعاىل ‪:‬‬
‫﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً َوهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْ َقنَ كُلَّ‬
‫شَ ْيءٍ ﴾ النمل‪ 00/ 3‬يقف عندها مبهوراً مأخوذاً يقول ‪:‬‬
‫فانظر إىل بالغة هذا الكالم وحسن نظمه وترتيبه ومكانة إضماده ورصانة‬
‫تفسريه وأخذ بعضه حبُجزة ( ) بعض كأمنا أُفرغ إفراغاً واحداً وألمر ما أعجز القوي‬
‫( )‬
‫وأخرس الشقاشق ‪.‬‬

‫ُرتُ عَ ْينٍ لِي وََلكَ ال َتقْتُلُوهُ‬


‫وقال يف اآلية األخرى ‪ ﴿ :‬وَقَاَلتِ امْرَأَتُ فِرْ َع ْونَ ق َّ‬
‫شعُرُونَ ﴾ القصص ‪1/ 0‬‬ ‫عَسَى أَنْ يَ ْن َفعَنَا أونَتَّخِذَهُ وَلَداً َوهُمْ ال يَ ْ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ما أحسن النظم يف هذا الكالم عند املرتاض بعلم حماسن النظم ‪.‬‬
‫ويقول يف قوله تعاىل ‪َ ﴿ :‬لقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَْنفُسِهِمْ وَعََتوْا عُُتوّاً كَبِرياً ﴾‬
‫(‪) 4‬‬
‫هذه اجلملة حُسْن استئنافها غاية ‪.‬‬ ‫الفرقان‪/ 5‬‬
‫ويقول يف آية أخرى ‪ ﴿ :‬وَ َجعَلُوا ل َِّلهِ شُرَكَاءَ ُقلْ سَمُّوهُمْ َأمْ تُنَبِّئُوَنهُ بِمَا ال َيعْلَ ُم‬
‫فِي اْلأَرْضِ َأمْ بِظَاهِرٍ ِمنَ اْل َقوْلِ ﴾ الرعد ‪ 33/ 3‬وهذا االحتجاج وأساليبه العجيبة اليت‬
‫وَرَد عليها مناد على نفسه بلسان طلق ذلق أنه ليس من كالم البشر ملن عرف وأنصف‬
‫(‪) 5‬‬
‫من نفسه فتبارك اهلل أحسن اخلالقني‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السرَاوِيل وَيُقَـال أَخـذ حبجزتـه التجـأ إِلَيْـهِ واسـتعان بِـهِ‬
‫( ) احلجزة) مَوضِع شدّ الِْإزَار من الْوسط وَمَوْضِع التكة من َّ‬
‫وَرجل طيب احلجزة عفيف وَرجل شَدِيد احلجزة صبور على الشـدَّة واجلهـد وَهَـذَا كَلَـام آخـذ بعضـه حبجـز بعـض‬
‫متناسق متماسك (ج) حجز املعجم الوسيط املؤلف‪ :‬جممع اللغة العربيـة بالقـاهرة (إبـراهيم مصـطفى ‪ /‬أمحـد الزيـات ‪/‬‬
‫حامد عبد القادر ‪ /‬حممد النجار) الناشر‪ :‬دار الدعوة ج ‪50/‬‬
‫( ) مجع الشقشقة وهي شيء كالرئة خيرجها البعري من فيه إذا هاج وهـدر‪( .‬لسـان العـرب ) البـن منظـور – الناشـر‪/‬‬
‫دار صادر – بريوت – الطبعة الثالثة سنة‪ 4 4‬هـ‪ 8‬الكشاف الزخمشري ج ‪334/ 3‬‬
‫(‪ )3‬املرتاض‪ :‬املنجمع عن الناس واملتوجه إىل احلق املتـدرب ‪( .‬تـاج العـروس مـن جـواهر القـاموس) للزبيـدي ج‪4‬‬
‫‪ – 315/‬الناشر دار اهلداية ‪ .‬الكشاف ج ‪30 / 3‬‬
‫(‪ )4‬الكشاف ج ‪65/ 3‬‬
‫‪5‬‬ ‫(‪ )5‬الكشاف للزخمشري ج ‪/ 3‬‬

‫‪61‬‬
‫آراء بعض العلماء الالحقني يف قضية اإلعجاز البياين‬
‫( )‬
‫رأي األديب الكبري مصطفى صادق الرافعي‬
‫على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬حيث ألف كتابا وأمساه ( إعجاز القرآن والبالغة‬
‫النبوية )‬
‫وضح فيه أن سراإلعجاز البياين كائن يف النظم وأن جهات النظم ثالث يف‬
‫احلروف واجلمل والكلمات‬
‫فها هنا ثالثة فصول تعريفها فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬احلروف وأصواهتا‬
‫"يبني هنا الرافعي األسباب اللسانية اليت جرت عليها الفصاحة العربية وكانت‬
‫معدِال أللسنة القوم بني االستخفاف واالستثقال وبني اللني يف حرف واجلَُسََْأة ( ) يف‬
‫حرف وبني نظم مؤتلف ونظم خمتلف ‪.‬‬
‫فانتزع العرب هبا وجوه التأليف والتركيب يف ألفاظهم ومجلهم على سَنَن(‪ )3‬الئح‬
‫ونَسَق واضح ‪ ،‬وأفضينا من كل ذلك إىل خمارج حروفهم وصفاهتم ‪.‬‬
‫وهذه الصفات إمنا أُخذ أكثرها من ألفاظ القرآن الكرمي ال من كالم العرب‬
‫وفصاحتهم‪)4( ".‬‬

‫وكان أول ظهورها على لسان النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم فحني استمعت‬
‫اليها اآلذان العربية لفتها أول ما لفتها إليه جرس حروف كلمه وإيقاعها ‪ ،‬فرأوا‬
‫حروفه يف كلماته وكلماته يف مجله أحلانا لغوية رائعة كأهنا لشدة ائتالفها وتناسبها‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أمحد بن عبد القادر الرافعي عـامل بـاألدب وشـاعر ومـن كبـار الكتـاب‬
‫هـ ‪ 00‬م بطنطا له ديوان شـعر ط ثالثـة أجـزاء وكتـاب ( تـاريخ آداب العـرب) و(حتـت رايـة‬ ‫ولد سنة ‪10‬‬
‫القرآن) و (إعجاز القـرآن والبالغـة النبويـة) تـويف سـنة ‪ 356‬هــ ‪ 133 ،‬م ( األعـالم ) للزريكلـي ج ‪3‬‬
‫‪. 35/‬‬
‫( ) جسأ الشيء جيسأ جسوءا وجسأة فهو جاسيء ‪ :‬صلب وخشـن‪ ،‬وأرض جاسـئة ونبـت جاسـيء‪ .‬يـابس ‪ ،‬واإلسـم‬
‫‪3‬هــ الطبعـة‬ ‫(واجلسأة) مثل اجلرعة وهي الصالبة واخلشونة ‪( .‬لسان العـرب ) ‪ 5‬جـزء البـن منظـور ت سـنة‬
‫الثالثة سنة ‪ 4 4‬هـ الناشر ‪ /‬دار صادر‪ -‬بريوت ح ‪. 40 / 3‬‬
‫(‪ )3‬السنن ‪ :‬الطريقة واملثال ‪ ،‬يقال‪ :‬بنوابيوهتم على سنن واحد أي طريقة ومثال واحد ‪ .‬املعجم الوجيز ص‪3 5‬‬
‫(‪ ) 4‬إعجاز القرآن والبالغة النبويـة ملصـطفي صـادق الرافعـي طبـع ونشـر‪ /‬دار الكتـاب العـريب بـريوت لبنـان‬
‫سنة‪ 4 5‬هـ ص‪43‬‬

‫‪62‬‬
‫وتناسقها قطعة واحدة فكان ذلك أبني وأوضح يف إظهار عجزهم وختاذهلم حىت‬
‫إن من سولت له نفسه بامتطاء صهوة معارضته منهم كمسيلمة ( )مال يف خرافاته‬
‫وشططه وهنج هنجا مل يأت به أحد قبله وال بعده وذلك حينما ألف كالما حسبه نظما‬
‫موسيقيا أو بابا منه وكلها ضروب من احلماقة يعارض هبا أوزان القرآن يف تراكيبه‪،‬‬
‫وجينح يف أكثرها إىل سجع الكهان؛ ألنه كان حيسب النبوة ضربًا من الكهانة‪ ،‬فيسجع‬
‫كما يسجعون‪.‬‬
‫" ومن قرآنه الذي زعمه قوله ‪-‬أخزاه اهلل‪ :‬واملبذرات زرعًا‪ ،‬واحلاصدات‬
‫حصدًا‪ ،‬والذاريات قمحًا‪ ،‬والطاحنات طحنًا‪ ،‬والعاجنات عجنًا‪ ،‬واخلابزات خبزًا‪،‬‬
‫والثاردات ثردًا‪ ،‬والالقمات لقمًا‪ ،‬إهالة ومسنًا‪ .‬وكل كالمه على هذا النمط واهٍ‬
‫سخيف ال ينهض وال يتماسك‪ ،‬بل هو مضطرب النسج‪ ،‬مبتذل املعىن‪ ،‬مستهلك من‬
‫جهتيه‪ ) ( ".‬ولقد كان هلذا النظم األثر البالغ يف تصفًية طباع البلغاء بعد اإلسالم وتوىل‬
‫تربية الذوق املوسيقي اللغوي فيهم ‪.‬‬
‫" ولوال القرآن الكرمي وهذا األثر من نظمه العجيب لذهب العرب بكل فضيلة‬
‫يف اللغة ومل يبق بعدهم للفصحاء إال كما بقي من بعد هؤالء يف العامية ‪ ،‬بل ملَا بقيت‬
‫اللغة نفسها ولو نزل القرآن الكرمي بغرياللغة العربية لكان ضربا من الكالم البليغ إىل‬
‫أهل اللغات األخرى ولكنه انفرد هبذا الوجه للعجز فتألقت كلماته من حروف لو‬
‫سقط واحد منها أو أُبدل بغريه أو أُقحم معه حرف آخر لكان ذلك خلال بيٍنا أو‬
‫ضعفا ظاهرا يف نسق الوزن وجرس النغمة ويف حس السمع وذوق اللسان ويف انسجام‬
‫العبارة وبراعة املخرج وتساند احلروف وإفضاء بعضها إىل بعض ولرأيت لذلك هجنة‬
‫(‪ ) 3‬يف السمع كالذي تنكره من كل مرئي مل تقع أجزاؤه على ترتيبها ومل تتفق على‬
‫طبقاهتا وخرج بعضها طوال وبعضها عرضا وذهب ما بقي منها إىل جهات متنا كرة ‪.‬‬
‫ومما انفرد به القرآن الكرمي وباين سائر الكالم أنه ال يَخْلقُ على كثرة الرد‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) هو مسيلمة بن مثامة بن كبري بن حبيب احلنفي الوائلي متنب من املعمـرين ولـد ونشـأ باليمامـة يف القريـة املسـماة‬
‫اليوم باجلبيلة بوادي حنيفة يف جند تلقب يف اجلاهلية وعرف برمحـان اليمامـة وهـو أول مـن ادعـى النبـوة وأرسـل إىل‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خيربه بأنه شريك معـه يف األمـر ولـه نصـف األرض ولقـريش نصـفها وذلـك يف سـنة‬
‫) و(الكامـل البـن‬ ‫هـ يف موقعة اليمامة بقيادة خالد بـن الوليـد (األعـالم ج‪6 / 3‬‬ ‫‪ 8‬هـ وقتل لعنه اهلل سنة‬
‫األثري ج ‪ ) 48 - 33 /‬و( سرية ابن هشام ج ‪) 34 / 3‬‬
‫( ) دراسات يف علوم القرآن حملمد بكر إمساعيل (املتوىف‪ 4 6 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار املنار‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية ‪ 4 1‬هـ عدد األجزاء‪ :‬ج ‪35/‬‬
‫(‪ )3‬اهلجنة ‪ :‬وكان هجينا – والكالم وغريه ‪ :‬صار معيبا ومهزوال – (املعجم الوجيز) ص‪. 645‬‬

‫‪63‬‬
‫وطول التكرار وال متل منه اإلعادة وكلما أخذت فيه على وجهه الصحيح فلم ُتخل‬
‫بأدائه رأيته غضا طريا ‪ ،‬وجديدا مونقا وصادفت من نفسك له نشاطا مستأنفا وحسا‬
‫موفورا وهذا أمر يستوي يف أصله العامل الذي يتذوق احلروف ويستمري تركيبها وميعن‬
‫يف لذة نفسه من ذلك ‪ ،‬واجلاهل الذي يقرأ وال يثبت معه من الكالم إال أصوات‬
‫احلروف وإال ما مييزه من أجراسها على مقدار ما يكون من صفاء حسه ورقة نفْسِه‬
‫وهو منه لعمراهلل أمر يوسَعَ فكر العاقل وميأل صدر املفكر وال نرى جهة تعليله وال‬
‫نصحح تفسريا إال ما قدمنا من إعجاز النظم خبصائصه املوسيقية وتساوق هذه احلروف‬
‫على أصول مضبوطة من بالغة النغم باهلمس واجلهر والقلقلة والصفري واملد والغنة‬
‫وحنوها مث اختالف ذلك يف اآليات بسطا وإجيازا وابتداء وردا و إفرادا وتكريرا‪.‬‬
‫هذا على أنه ترسيل واتساق وتطويل ال يُضبط حبركات وسكنات كأوزان الشعر‬
‫فتجعل له بطبيعتها صفة من النظم املوسيقي وال خيرج على مقاطع الكلمات اليت جتري‬
‫فيها األحلان وضروب النغم مما يسهل تأليفه ويكون أمره إىل الصوت وطريقة تصريفه‬
‫وتوقيعه ال إىل أصوات احلروف ووجهة تأليفها وتتابعها فيحسن مع أهل الصناعة وإن‬
‫كانت حروفه غثة ( ) التركيب ومسجة ( )املخارج وكانت جافية كزة(‪ ) 3‬كزًة حىت‬
‫إذا صار إىل من ال يُحسن أن يوقع عليه الصوت ويطرد له اللحن من غري حذاق املغنني‬
‫خرج أبرد كالم وأرذله وأمسجه وجاء وما تعرف من الكالل والفتور والتهالك يف‬
‫كالم أكثر مما تعرف منه ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) غََّثتِ الشاة‪ :‬هُزلت فهي غَثَّة‪ .‬وغَثَّ اللحمُ يَغِثُّ ويَغَـثُّ غثاثـة وغثوثـة‪ ،‬هـو غـث وغثيـث‪ ،‬إذا كـان مهـزوالً‪.‬‬
‫وكذلك غَثَّ حديث القوم وأغَثَّ‪ ،‬أي َردُؤَ وفسد‪( .‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربيـة ) أليب نصـر إمساعيـل بـن محـاد‬
‫اجلوهري الفارايب (املتوىف‪313 :‬هـ) حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفـور عطـار الناشـر‪ :‬دار العلـم للماليـني – بـريوت الطبعـة‪:‬‬
‫الرابعة ‪ 483‬هـ عدد األجزاء‪ 6 :‬ج ‪00/‬‬
‫( ) (سَمُجَ) قُبُحَ وَبَابُهُ َظ ُرفَ َفهُوَ (سَمْجٌ) بِالسُّكُونِ مِثْلُ ضَخُمَ َفهُوَ ضَخْمٌ وَسَـمِجٌ بِالْكَسْـرِ مِثْـلُ خَشُـنَ َفهُـوَ خَشِـنٌ َو‬
‫سرِ مِثْلُ ضِخَامٍ‪ .‬خمتـار الصـحاح املؤلـف‪ :‬زيـن الـدين أبـو عبـد اهلل ا‬
‫(سَمِيجٌ) مِثْلُ قَبُحَ َفهُوَ قَبِيحٌ‪ .‬وَقَوْمٌ (سِمَاجٌ) بِالْكَ ْ‬
‫الرازي (املتوىف‪666 :‬هـ) احملقق‪ :‬يوسف الشيخ حممد الناشر‪ :‬املكتبة العصـرية ‪ -‬الـدار النموذجيـة‪ ،‬بـريوت – صـيدا‬
‫الطبعة‪ :‬اخلامسة‪ 4 8 ،‬هـ عدد األجزاء‪ :‬ج ‪53/‬‬
‫(‪( )3‬جافية ) ودابَّةً جاسِئةُ القوائم‪ :‬جافيةٌ خشِنَةٌ‪ .‬كتاب العني املؤلف‪ :‬أبو عبد الرمحن اخلليـل بـن أمحـد بـن عمـرو بـن‬
‫متيم الفراهيدي البصري (املتوىف‪ 38 :‬هـ) احملقق‪ :‬د مهدي املخزومي‪ ،‬الناشـر‪ :‬دار ومكتبـة اهلـالل عـدد األجـزاء‪0 :‬‬
‫‪ 6 ./6‬كزّت يده كزازة‪ ،‬ويدٌ كزّةٌ‪ :‬منقبضة يابسة‪ .‬وخشبة كزّة‪ :‬صلبة عوجـاء‪ .‬وذهـب كـزٌ‪ :‬يـابس‪ .‬وقـوس كـزّة‪:‬‬
‫شديدة‪ .‬وقسيّ كزّات‪ .‬قال اجلاحظ‪ :‬إذا نزع فيها مل تستغرق السّهم‪ .‬أساس البالغـة املؤلـف‪ :‬أبـو القاسـم حممـود بـن‬
‫عمرو بن أمحد‪ ،‬الزخمشري جار اهلل (املتوىف‪530 :‬هـ) حتقيق‪ :‬حممد باسـل عيـون السـود الناشـر‪ :‬دار الكتـب العلميـة‪،‬‬
‫بريوت – لبنان الطبعة‪ :‬األوىل‪ 4 1 ،‬هـ ‪-‬عدد األجزاء‪ :‬ج ‪013 / 3‬‬

‫‪64‬‬
‫وهبذا الذي قدمناه يفسر قوله صلى اهلل عليه وسلم القرآن صعب مستصعَب‬
‫على من كرهه ألن كرهه ال يكون إال زعما وتكلفا من اللسان فأميا امرؤ مسعه أو فهمه‬
‫أحبه وسوغه من شعوره ونفسِه فمن أين تدخل الكراهة على النفس وال سبيل إليها يف‬
‫الكالم إىل السمع والفؤاد( ) "؟‬
‫ثانيا ‪ :‬الكلمات وحروفها‬
‫"والكلمة يف احلقيقة إمنا هي صوت النَفَس ألهنا قطعة من املعىن ختتص به على‬
‫وجه املناسبة ‪.‬‬
‫وصوت النفس هوأول األصوات الثالثة اليت ال بد منها يف تركيب النسق البليغ‬
‫حىت يستجمع الكالم هبا أسباب االتصال بني األلفاظ ومعانيها ‪.‬‬
‫أما األصوات الثالثة اليت أشرنا إليها فهي ‪:‬‬
‫‪ -‬صوت النَفَس‪ :‬وهو الصوت املوسيقي الذي يكون من تأليف النغم‬
‫باحلروف وخمارجها وحركاهتا ومواقع ذلك من تركيب الكالم ونظمه على طريقة‬
‫متساوقة حبيث تكون الكلمة كأهنا خطوة للمعىن يف سبيله إىل النفس ‪ ،‬إن وقف عندها‬
‫هذا املعىن قطع به‪.‬‬
‫‪ -‬صوت العقل ‪ :‬وهو الصوت املعنوي الذي يكون من لطائف التركيب يف‬
‫مجلة الكالم ومن الوجوه البيانية اليت يداور هبا املعىن ال خيط طريق النفس من أي‬
‫اجلهات انتحى إليها ‪.‬‬
‫‪ -3‬صوت احلس ‪ :‬وهو أبلغهن شأنا ال يكون إال من دقة التصور املعنوي‬
‫واإلبداع يف تلوين اخلطاب وجماذبة النفس مرة وموادعتها مرة واستيالئه على حمضها‬
‫مبا يورد عليها من وجوه البيان أو يسوق إليها من طرائف املعاين ‪ ،‬يدعها من موافقته‬
‫واإليثار له كأهنا هي اليت تريده وكأهنا هي اليت حتاول أن يتصل أثرها بالكالم إذ يكون‬
‫( )‬
‫قد استحوذ عليها وانفرد منها باهلوى واالستجابة"‬
‫وعلى قدر ما يكون يف الكالم البليغ من هذا الصوت يكون فيه من روح البالغة‬
‫‪،‬و صار كأنه روح للكالم ذاته ‪ ،‬تبادرك روعتة يف كل جزء منه كما تبادرك احلياة يف‬
‫كل حركة للجسم احلي ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) إعجاز القرآن والبالغة النبوية ملصطفي صادق الرافعي ص ‪3 ، 3‬‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب (إعجاز القرآن والبالغة النبوية) للرافعي ص ‪. 33‬‬

‫‪65‬‬
‫" ولو تأملت هذا املعىن لرأيته روح اإلعجاز يف هذا القرآن الكرمي حبيث لو خال‬
‫منه ألشبه أن يكون إعجازه صناعيا عند العرب ‪ -‬إن بقي معجزا ‪ -‬ولو هم فقدوا‬
‫هذا املعىن من أكثره أو من أقله ‪ ،‬لوجدوا مذهبا فيه للقول ومساغا للرد ‪ ،‬ولظلوا يف‬
‫مرية منه مث لسارت عنهم األقاويل يف معارضته واعتراضه‪.‬‬
‫وهذا ألن صوت النفس طبيعي يف تركيب لغتهم ‪ ،‬وإن كان فيها كماال ونقصا‬
‫خيتلف من شخص آلخر‪.‬‬
‫أما صوت الفكر فال يعجزهم أن يستبينوه يف كثري من كالم بلغائهم وفصحائهم‬
‫وأما صوت احلس فقد خلت لغتهم من صرحيه وانفرد به القرآن الكرمي وقد‬
‫كانوا جيدونه يف أنفسهم منذ أن برعوا يف اللغة وأساليبها ولكنهم ال جيدون بيانه يف‬
‫( )‬
‫ألسنتهم ألنه من الكمال اللغوي"‬
‫لذلك جند أن بعد نزول القرآن الكرمي صار للشعر العريب وجه آخر‪ ،‬فالقرآن‬
‫الكرمي وحده نزل من العرب منزلة مدرسة جامعة كربي يدرسون فيها بطباعهم فلسفة‬
‫( )‬
‫البالغة ‪ ،‬ويظهر ذلك جبالء يف شعر كعب بن زهري بن أيب سلمى‬
‫‪،‬‬ ‫(‪) 3‬‬
‫وعباس بن مرداس ‪ ،‬وكعب بن مالك األنصاري وحسان بن ثابت‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب (إعجاز القرآن والبالغة النبوية) للرافعي طبعة دار الكتـاب العـريب بـريوت لبنـان سـنة‬
‫‪ 4 5‬هـ ص ‪53‬‬
‫( ) (‪ 6 - 888‬هـ = ‪ 645 - 888‬م)كعب بن زهري بن أيب سلمى املازين‪ ،‬أبو املضرّب‪ :‬شاعر عايل الطبقة‪ ،‬من أهل‬
‫جند‪ ،‬له " ديوان شعر ‪ -‬ط " كان ممن اشتهر يف اجلاهلية‪ .‬وملا ظهر اإلسالم هجا النيب صلى اهلل عليه وسلّم وأقام يشبّب بنساء‬
‫املسلمني‪ ،‬فهدر النيبّ دمه‪ ،‬فجاءه " كعب " مستأمنا‪ ،‬وقد أسلم‪ ،‬وأنشده الميته املشهورة اليت مطلعها‪ " :‬بانت سعاد فقليب اليوم‬
‫متبول"فعفا عنه النيب صلّى اهلل عليه وآله وخلع عليه= =بردته‪ .‬وهو من أعرق الناس يف الشعر‪ :‬أبوه زهري بن أيب سلمى‪ ،‬وأخوه‬
‫جبري‪ ،‬وابنه عقبة وحفيده العوّام‪ ،‬كلهم شعراء‪ .‬وقد كثر خممّسو الميته ومشطّروها ومعارضوها وشرّاحها‪ ،‬وترمجت إىل اإليطالية‪،‬‬
‫وعين هبا املستشرق رينيه باسيه فنشرها مترمجة إىل الفرنسية‪ ،‬ومشروحة شرحا جيدا‪ ،‬صدّره بترمجة كعب‪ .‬ولإلمام أيب سعيد‬
‫السكري " شرح ديوان كعب ابن زهري ‪ -‬ط " ولفؤاد البستاين " كعب ابن زهري األعالم املؤلف‪ :‬خري الدين بن حممود بن حممد‬
‫بن علي بن فارس‪ ،‬الزركلي الدمشقي (املتوىف‪ 316 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار العلم للماليني الطبعة‪ :‬اخلامسة عشر ‪ -‬أيار ‪ /‬مايو‬
‫‪ 88‬م ج‪6/5‬‬
‫(‪ ) 3‬حسان بن ثابت بن املنذر األنصاري النّجّاري شاعر رسول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم أبـو عبـد الـرمحن أو أبـو‬
‫الوليد‪ .‬وعنه ابنه عبد الرمحن وابن املسيب‪ .‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إن روح القـدس مـع حسـان مـا دام ينـافح‬
‫عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم» (سبل اهلدى والرشاد‪ ،‬يف سرية خري العبـاد‪ ،‬وذكـر فضـائله وأعـالم نبوتـه وأفعالـه‬
‫وأحواله يف املبدأ واملعاد) املؤلف‪ :‬حممد بن يوسف الصاحلي الشامي (املتـوىف‪14 :‬هــ)حتقيـق وتعليـق‪ :‬الشـيخ عـادل‬
‫أمحد ‪ ،‬الشيخ علي حممد معوض الناشـر‪ :‬دار الكتـب العلميـة بـريوت – لبنـان الطبعـة‪ :‬األوىل‪ 4 4 ،‬هــ عـدد‬
‫ج ‪33 /‬‬ ‫األجزاء‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫وعبد اهلل بن رواحة ( ) ‪ ،‬فقد غلبت على أشعارهم السمة البالغية ذات الطابع‬
‫اإلسالمي وامتزجت فيها جزالة البداوة مع بالغة وفصاحة القرآن الكرمي فخرجت يف‬
‫( )‬
‫أهبى حلة وأبني منطق‬
‫" والقرآن الكرمي ال يستعني بشيء من ذلك يف إحكام عبارته والتأين هبا إىل‬
‫النفس وانتظام أسباب التأثري فيها ‪ ،‬ومىت قرأته أحسست من حروفه‬
‫وأصواهتا وحركاهتا ومواقع كلماهتا وطريقة نظمها ومداورهتا للمعىن بأنه كالم‬
‫خيرج من نفسك ‪ ،‬وبأن هذه النفس قد ذهبت مع التالوة أصواتا واستحال كل ما‬
‫فيك من قوة الفكر واحلس إليها ‪ ،‬وجرى فيها جمرى البيان فصرت كأنك على‬
‫احلقيقة مطوي يف لسانك ‪.‬‬
‫ومن العجب يف أمر هذا احلس الذي يتمثل يف كلمات القرآن الكرمي أنه ال‬
‫يسرف على النفس وال يستفرغ جمهودها ‪ ،‬بل هو مقتصد يف كل أنواع التأثري عليها ‪،‬‬
‫فال تضيق به ذرعا وال تنفر منه وال يتخوهنا املَالل ‪ ،‬وال تزال تبتغي أكثر من حاجتها يف‬
‫التروح واإلصغاء إليه والتصرف معه واالنقياد له ‪ ،‬وهو يسوغها من لذهتا ويُرفٍ ُه عليها‬
‫من أساليبه وطرقه يف‬
‫النظم والبيان ‪ ،‬وهبذا جند كثريا من العلماء وأهل التقوى والورع يستعذبوا ختم‬
‫القرآن يف اليوم مرة أويف كل أسبوع مرة أو مرتني ‪ ،‬وهذا أمر منتشر وفاش ‪ ،‬وجند‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) (‪ 0-8888‬هـ =‪6 1-8888‬م) عبد اهلل بن رواحة بن ثعلبة األنصاري‪ ،‬من اخلزرج‪ ،‬أبو حممد‪ :‬صحايب‪ ،‬يعد من‬
‫األمراء والشعراء الراجزين‪ .‬كان يكتب يف اجلاهلية‪ .‬وشهد العقبة مع السبعني من األنصار‪ .‬وكان أحد النقباء االثين عشر وشهد‬
‫بدرا وأحدا واخلندق واحلديبيّة‪ .‬واستخلفه النيب صلى اهلل عيله وسلم على املدينة يف إحدى غزواته‪ .‬وصحبه يف عمرة القضاء‪ ،‬وله‬
‫فيها رجز‪ .‬وكان أحد األمراء يف وقعة مؤتة (بأدىن البلقاء من أرض الشام) فاستشهد فيها األعالم املؤلف‪ :‬خري الدين بن حممود بن‬
‫حممد بن علي بن فارس‪ ،‬الزركلي الدمشقي (املتوىف‪ 316 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار العلم للماليني الطبعة‪ :‬اخلامسة عشر ‪ -‬أيار ‪ /‬مايو‬
‫‪ 88‬م ج‪06/ 4/‬‬
‫( ) حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ األَشَجُّ‪ ،‬ثنا أَبُو أُسَامَةَ‪َ ،‬عنِ الْوَلِيدِ ْبنِ كَثِريٍ‪ ،‬عن يزيد ابن عَبْدِ اللَّـهِ‪ ،‬عَـنْ أَبِـي الْحَسَـنِ مَـوْلَى بَنِـي‬
‫نَوْفَلٍ أَنَّ حَسَّانَ ْبنَ ثَاِبتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ ْبنَ رَوَاحَةَ أَتَيَا النَّبِيَّ‪ -‬صَـلَّى اللَّـهُ عَلَيْـهِ وَسَـلَّمَ‪ -‬حِـنيَ َنزَلَـتْ‪ :‬وَالشُّـ َعرَاءُ يَتَّـبِ ُعهُمُ‬
‫الْغَاوُونَ يَبْكِيَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقرأهـا عَلَ ْيهِمَـا‪ :‬وَالشُّـ َعرَاءُ يَتَّـبِ ُعهُمُ الْغَـاوُونَ حَتَّـى بَلَـ َغ إِال‬
‫الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قَالَ‪ :‬أَنْتُمْ‪ .‬تفسري القرآن العظيم البن أيب حامت املؤلف‪ :‬أبـو حممـد احلنظلـي‪ ،‬الـرازي ابـن‬
‫أيب حامت (املتوىف‪3 3 :‬هـ) احملقق‪ :‬أسعد حممد الطيب الناشر‪ :‬مكتبة نزار مصـطفى البـاز ‪ -‬اململكـة العربيـة السـعودية‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 4 1 -‬هـ ج ‪034 / 1‬‬

‫‪67‬‬
‫كثريا من هؤالء إذا أقبل على صالته ووقف بني يدي اهلل يقرأ يف الركعة الواحدة‬
‫سورة أو سورتني من الطوال ‪ ،‬وقد يصل يف قراءته إىل ربع القرآن أو أكثر وهو‬
‫مستغرق منتشي ال يشعر مبضي الوقت وال من جبواره ‪ ،‬يسبح يف هنر اإلعجاز وعذب‬
‫البيان وأنغامه املوسيقية الرائعة كأنه ليس من أهل األرض وال تربطه هبم عالقة ‪.‬‬
‫( وهلذا كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يقوم يف الليل حىت تتورم قدماه وتتفطر‬
‫من طول القيام ؛ أي يتحجر الدم فيها وتنشق‪.‬‬
‫وقد قام معه شباب من الصحابة ـ رضي اهلل عنهم ـ ولكنهم تعبوا فابن‬
‫مسعود ـ رضي اهلل عنه ـ يقول‪ :‬صليت مع النيب صلى اهلل عليه وسلم ذات ليلة ‪،‬‬
‫فقام طويالً حىت مهمت بأمر سوء ‪ ،‬قالوا‪ :‬مبا مهمت يا أبا عبد الرمحن ؟‬
‫قال‪ :‬مهمت أن أقعد وأدعه ‪ ،‬أي جيلس؛ لعجزه عن أن يصرب كما صرب النيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وحذيفة بن اليمان ـ رضي اهلل عنه ـ قام معه ذات ليلة فقرأ‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم البقرة والنساء وآل عمران‪ ،‬اجلميع مخسة أجزاء وربع تقريباً‬
‫‪ ،‬ويقول حذيفة‪ :‬كلما أتت آية رمحة سأل ‪ ،‬وكلما أتت آية تسبيح سبح ‪ ،‬وكلما أتت‬
‫آية وعيد تعوذ ‪ ،‬وهو‬
‫( )‬
‫معروف ـ عليه الصالة والسالم ـ أنه يرتل القراءة‪").‬‬
‫مخسة أجزاء وربع‪ ،‬مع السؤال عند آيات الرمحة ‪ ،‬والتعوذ عند آيات الوعيد ‪،‬‬
‫والتسبيح عند آيات التسبيح ؛ فماذا يكون القيام ؟‬
‫يكون طويالً‪.‬‬
‫وهكذا كان النيب ـ عليه الصالة والسالم ـ يقرأ يف الليل‪.‬‬
‫وإذا أطال القراءة أطال الركوع والسجود أيضاً‪ ،‬فكان يطيل القراءة والركوع‬
‫والسجود‪.‬‬
‫فإذا كان يقوم ـ عليه الصالة والسالم ـ مثالً يف ليلة من ليايل الشتاء وهي اثنتا‬
‫عشرة ساعة ‪ ،‬يقوم أدىن من ثلثي الليل ؛ فلنقل إنه صلى اهلل عليه وسلم يقوم سبع‬
‫ساعات تقريباً وهو يصلي ـ عليه الصالة والسالم ـ يف الليل الطويل‪ .‬تصور ماذا‬
‫يكون حاله ـ عليه الصالة والسالم؟ ومع هذا فقد صرب نفسه ‪ ،‬وجاهد نفسه ‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ 4‬هــ) الناشـر‪ :‬دار الثريـا للنشـر عـدد‬ ‫( ) (شرح األربعني النووية)‪ :‬حملمد بن صاحل بن حممد العثيمني (املتـوىف‪:‬‬
‫األجزاء‪ :‬ج ‪46/‬‬

‫‪68‬‬
‫( )‬
‫وقال‪( :‬أفال أحب أن أكون عبداً شكوراً)‬
‫وكان أصحابه يعكفون على تالوة القرآن واليفتروا عنه أبدا حىت إذا مررت‬
‫على بيوهتم تسمع هلا دويا كدوي النحل‪.‬‬
‫( فعن قرظة بن كعب األنصارى قال‪ :‬أردنا الكوفة فشيعنا عمر إىل صرار فتوضأ‬
‫فغسل مرتني مث قال تدرون مل شيعتكم فقلنا نعم حنن أصحاب رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ -‬قال إنكم تأتون أهل قرية هلم دوي بالقرآن كدوي النحل فال تصدوهم‬
‫باألحاديث فتشغلوهم جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫( )‬
‫وسلم ‪ -‬امضوا وأنا شريككم )‬
‫إذن األصل يف نظم القرآن الكرمي أن ُتعترب احلروف بأصواهتا وحركاهتا ومواقعها‬
‫يف الداللة املعنوية ونزول كلماته منازهلا على ما استقرت عليه من طبيعة البالغة ‪،‬‬
‫حبيث لو نزعت كلمة منه أو بدلت مث أدير لسان العرب كله على أحسن منها يف‬
‫تأليفها وموقعها وسدادها ‪ ،‬مل يتهيأ ذلك وال اتسعت له اللغة بكلمة واحدة ‪ ،‬وهذاهو‬
‫السر يف إعجازه وقد أحس به العرب ألهنم ال يذهبون مذهبا غريه يف منطقهم ‪ ،‬وإمنا‬
‫خيتلفون يف أسباب القدرة عليه ومعىن الكمال فيه ‪ ،‬ولو أهنم وجدوا سبيال إىل نقص‬
‫كلمة من القرآن الكرمي ألزالوها وأثبتوا فيه هذا اخلطأ ‪ ،‬إذ كان من املشهور عنهم مثل‬
‫هذا الصنيع يف انتقادهم وتصفحهم بعضهم على بعض يف التحدي ‪.‬واملناقضة‬
‫(‪) 3‬‬
‫ولنسق لك مثلًا من نقدهم ‪ ،‬فلقد عرض بيتان يف سوق عكاظ على اخلنساء‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) فتح الباري شرح صحيح البخاري املؤلف‪ :‬أمحد بن علـي بـن حجـر أبـو الفضـل العسـقالين الشافعيالناشـر‪ :‬دار‬
‫املعرفة ‪ -‬بريوت‪ 331 ،‬رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه‪ :‬حممد فؤاد عبـد البـاقي قـام بإخراجـه وصـححه وأشـرف علـى‬
‫طبعه‪ :‬حمب الدين اخلطيب عليه تعليقات العالمة‪ :‬عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز عدد األجزاء‪ 3 :‬ج ‪48 /‬‬
‫( ) جامع األحاديث (ويشتمل على مجع اجلوامع للسيوطى واجلامع األزهـر وكنـوز احلقـائق للمنـاوى‪ ،‬والفـتح الكـبري‬
‫‪1‬هـ) ضبط نصوصه وخرج أحاديثه‪ :‬فريـق مـن البـاحثني بإشـراف د علـى‬ ‫للنبهاىن) جلالل الدين السيوطي (املتوىف‪:‬‬
‫مجعة (مفيت الديار املصرية) طبع على نفقة‪ :‬د حسن عباس زكى عدد األجزاء‪ 3 :‬ج ‪368/ 5‬‬
‫(‪ ) 3‬الْخَنْسَاء (‪ 4 - 888‬هــ = ‪ 645 - 888‬م تُماضـر بنـت عمـرو بـن احلـارث بـن الشـريد‪ ،‬الرياحيـة‬
‫السُّلَمية‪ ،‬من بين سُليم‪ ،‬من قيس عيالن‪ ،‬من مضر‪ :‬أشهر شـواعر العـرب‪ ،‬وأشـرهن علـى اإلطـالق‪ .‬مـن أهـل جنـد‪،‬‬
‫عاشت أكثر عمرها يف العهد اجلاهلي‪ ،‬وأدركت اإلسالم فأسلمت‪ .‬ووفدت على رسـول اهلل صـلّى اهلل عليـه وسـلم مـع‬
‫قومها بين سليم‪ ،‬فكان رسول اهلل يستنشدها ويعجبه شعرها‪ ،‬فكانت تنشد وهو يقـول‪ :‬هيـه يـا خنسـاء! أكثـر شـعرها‬
‫وأجوده رثاؤها ألخويها (صخر ومعاوية) وكانا قد قتال يف اجلاهلية‪ .‬هلا (ديـوان شـعر ‪ -‬ط) فيـه مـا بقـي حمفوظـا مـن‬
‫شعرها‪ .‬وكان هلا أربعة بنني شهدوا حرب القادسية (سنة ‪ 6‬هـ فجعلـت حترضـهم علـى الثبـات حـىت قتلـوا مجيعـا‬
‫فقالت‪ :‬احلمد للَّه الّذي شرفين بقتلهم! األعـالم املؤلـف‪ :‬خـري الـدين ‪ ،‬الزركلـي الدمشـقي (املتـوىف‪ 316 :‬هــ)‬
‫‪06/‬‬ ‫الناشر‪ :‬دار العلم للماليني الطبعة‪ :‬اخلامسة عشر ‪ -‬أيار ‪ /‬مايو ‪ 88‬م ج‬

‫‪69‬‬
‫حلسان بن ثابت ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ ،‬فلمحت بقوة املالحظة الناقدة ما فيها من‬
‫عيوب‬
‫ختفى إال على من يذوق الكالم ذوقًا‪ ،‬ويدرك معانيه وألفاظه بأرب وفكر‬
‫مستقيم‪.‬‬
‫قال حسان ‪-‬رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫لنا اجلفنات الغري يلمعن بالضحى ‪ ...‬وأسيافنا يقطرن من جندة دما‬
‫ولدنا بين العنقاء وابين حمرق ‪ ...‬فاكرم بنا خالًا‪ ،‬وأكرم بنا ابنما‬
‫فقالت اخلنساء‪ :‬ضعَّفت افتخارك ‪ ،‬وأنزرته يف مثانية مواضع ‪ ،‬قالت‪ :‬قلت لنا‬
‫اجلفنات ‪ ،‬واجلفنات ما دون العشر‪ ،‬ولو قلت اجلفان لكان أكثر‪ ،‬وقلت‪ :‬الغر ‪،‬‬
‫والغرة البياض يف اجلبهة ‪ ،‬ولو قلت البيض لكان أكثر اتساعًا‪ .‬وقلت ‪ :‬يلمعن ‪،‬‬
‫واللمعان شيء يأيت بعد الشيء ‪ ،‬ولو قلت‪ :‬يشرقن لكان أكثر؛ ألنَّ اإلشراق أدوم من‬
‫اللمعان ‪ ،‬وقلت ‪ :‬بالضحى‪ ،‬ولو قلت بالدجى لكان أبلغ يف املديح ؛ ألن الضيف أكثر‬
‫طروقًا بالليل ‪،‬‬
‫وقلت ‪ :‬أسيافنا ‪ ،‬واألسياف دون العشرة ‪ ،‬ولو قلت سيوفنا لكان أكثر‪ ،‬وقلت‪:‬‬
‫يقطرن ‪ ،‬فدلَّلت على قلة القتل ‪ ،‬ولو قلت ‪ :‬جيرين لكان أكثر النصباب الدم ‪ ،‬وقلت‬
‫( )‬
‫دمًا ‪ ،‬والدماء أكثر من الدم ‪ ،‬وفخرت مبن ولدت ومل تفتخر مبن ولدوك ‪.‬‬
‫" ولو تدبرت ألفاظ القرآن الكرمي يف نظمها ‪ ،‬لرأيت حركاهتا الصرفية واللغوية‬
‫جتري يف الوضع والتركيب جمرى احلروف أنفسها فيما هي له من أمر الفصاحة فيهي‬
‫بعضها لبعض ‪ ،‬ولن جتدها إال مؤتلفة مع أصوات احلروف مساوقة هلا يف النظم‬
‫املوسيقي ‪ ،‬حىت إن احلركة رمبا كانت ثقيلة يف نفسها لسبب من أسباب الثقل أيها كان‬
‫‪ ،‬فال تعذُب وال تساغ ورمبا كانت أوكس النصيبني يف حظ الكالم من احلروف‬
‫واحلركة ‪ ،‬فإذا هي استعملت يف القرآن الكرمي رأيت هلا شأنا عجيبا ‪ ،‬ورأيت أصوات‬
‫األحرف واحلركات اليت قبلها قد امتهدت هلا طريقا يف اللسان ‪ ،‬واكتنفتها بدروب من‬
‫النغم املوسيقي حىت إذا خرجت فيه كانت أعذب شيء وأرقه ‪ ،‬وجاءت متمكنة يف‬
‫موضعها ‪ ،‬وكان أوىل احلركات باخلفة والروعة ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) املعجزة الكربى القرآن املؤلف‪ :‬حممد بن أمحد بن مصطفى بن أمحـد املعـروف بـأيب زهـرة (املتـوىف‪ 314 :‬هــ)‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر العريب عدد األجزاء‪ :‬ج ‪38/‬‬

‫‪70‬‬
‫من ذلك لفظة﴿ النذر ﴾ مجع نذير‪ ،‬فإن الضمة ثقيلة فيها لتواليها على النون‬
‫والذال معا ‪ ،‬فضال عن جَُسَأَة ( ) هذا احلرف ونبوه يف اللسان ‪ ،‬وخاصة إذا جاء‬
‫فاصلة للكالم ‪.‬فكل ذلك مما يكشف عنه ويفصِح عن موضع الثقل فيه ولكنه جاء‬
‫يف القرآن الكرمي على العكس وانتفى من طبيعته يف قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ولقد أنذرهم بطشتنا‬
‫فتماروا بالنذر﴾القمر‪ 6 /54‬فتأمل هذا التركيب ‪ ،‬وتذوق مواقع احلروف واجر‬
‫حركاهتا يف حس السمع وتأمل مواضع القلقلة يف دال ) لقد ( ويف الطاء من‬
‫﴿ بطشتنا ﴾ وهذه الفتحات املتوالية فيما وراء الطاء إىل واو﴿ متاروا ﴾‪،‬‬
‫مع الفصل باملد ‪ ،‬كأهنا تثقيل خلفة التتابع يف الفتحات إذا هي جرت على اللسان‬
‫‪ ،‬ليكون ثقل الضمة عليه مستخَفا بعد ‪ ،‬ولكون هذه الضمة قد أصابت موضعا كما‬
‫تكون األمحاض يف األطعمة ‪.‬‬
‫مث ردد نظرك يف الراء من﴿ متاروا ﴾ فإهنا ما جاءت إال مساندة لراء ﴿النذر ﴾‬
‫ف عليه وال تغلظ وال تنبو‬
‫حىت إذا انتهى اللسان إىل هذه انتهى إليها من مثلها ‪ ،‬فال جتْ ُ‬
‫فيه مث أعجِب هلذه الغنة اليت سبقت الطاء يف نون ﴿أنذرهم ﴾ ويف ميمها ‪ ،‬وللغنة‬
‫األخرى اليت سبقت الذال يف ﴿ النذر﴾‪.‬‬
‫وما من حرف أو حركة يف اآلية إال وأنت مصيب من كل ذلك عجبا يف موقعه‬
‫والقصد به ‪ ،‬حىت ما تشك أن اجلهة واحدة يف نظم اجلملة والكلمة واحلركة واحلرف‬
‫ليس منها إال ما يشبه يف الرأي أن يكون قد تقدم فيه النظر وأحكمته الروية وراضه‬
‫اللسان ‪ ،‬وليس منها إال متخري مقصود إليه‬
‫من بني الكلم ومن بني احلروف ومن بني احلركات ‪ ،‬وأين هذا وحنوه عند تعاطيه‬
‫ومن أي وجه يُلتمس على أي جهة يستطاع وكيف يأيت لإلنسان يف مثل تلك اآلية‬
‫وحدها ‪ -‬فضال عن القرآن الكرمي كله – وهو ال يكون إال عن نظر وصنعة كالمية‬
‫والبليغ من الناس مىت اعتسف هذا الطريق ومل يكن يف الكالم إىل سجيته وطبعه فقد‬
‫خذلته البالغة واستهلكته الصنعة وضاق به التصرف وتناثرت أجزاء كالمه من جهاهتا‬
‫وكلما جلً يف املكابرة جلت البالغة يف اإلباء ‪ ،‬فمثله كمن ميشي مستديرا وحيسَب أنه‬
‫يتقدم ‪ ،‬ألنه ‪-‬زعم‪ -‬مل حيرف وجهه ومل ينفتل عن قصده ‪ ،‬وألن نظره ما يزال ثابتا فيما‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) جسأ الشيء جيسأ جسوءا وجسأة فهـو جاسـيء ‪ :‬صـلب وخشـن‪ ،‬وأرض جاسـئة ونبـت جاسـيء‪ .‬يـابس ‪،‬‬
‫‪3‬هــ‬ ‫واإلسم (واجلسأة) مثل اجلرعة وهي الصالبة واخلشونة ‪( .‬لسان العـرب ) ‪ 5‬جـزء البـن منظـور ت سـنة‬
‫الطبعة الثالثة سنة ‪ 4 4‬هـ الناشر ‪ /‬دار صادر‪ -‬بريوت ح ‪. 40 /‬‬

‫‪71‬‬
‫يستقبله !‬
‫مث ذهب بعد ذلك الرافعي يضرب أمثله تدل على اإلعجاز البياين يف القرآن‬
‫الكرمي وهو يقول مثال ‪:‬‬
‫ويف القرآن الكرمي لفظة غريبة هي أغرب ما فيه وما حسنت يف كالم قط إال يف‬
‫( )‬
‫موقعها منه وهي كلمة ﴿ ضيزى ﴾‬
‫ومع ذلك فإن‬ ‫من قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬تلك إذن قسمة ضيزى ﴾ النجم ‪/5‬‬
‫حسنها يف نظم الكالم من أغرب احلسن وأعجبه ‪ ،‬ولو أدرت اللغة عليها ما صلح هلذا‬
‫املوضع غريها ‪ ،‬فإن السورة اليت هي منها هي سورة النجم مفصلة كلها على الياء‬
‫فجاءت الكلمة فاصلة من الفواصل مث هي يف معرض اإلنكار على العرب ‪ ،‬إذ وردت‬
‫يف ذكر األصنام وزعمهم يف قسمة األوالد ‪ ،‬فإهنم جعلوا املالئكة واألصنام بنات هلل‬
‫مع أوالدهم البنات فقال تعاىل ‪ ﴿ :‬ألكم الذكر وله األنثى ؟ تلك إذن قسمة ضيزى‬
‫﴾ النجم ‪ /5‬فكانت غرابة اللفظ أشد األشياء مالئمة لغرابة هذه القسمة اليت‬
‫أنكرها ‪ ،‬وكانت اجلملة كلها كأهنا تصور يف هيئة النطق هبا اإلنكار يف األوىل والتهكم‬
‫يف األخرى ‪ ،‬وكان هذا التصوير أبلغ ما يف البالغة ‪ ،‬وخاصة يف‬
‫اللفظة الغريبة اليت متكنت يف موضعها من الفصل ووصفت حالة املتهكم يف‬
‫إنكاره من إمالة اليد والرأس هبذين املدين فيها إىل األسفل واألعلى‪ ،‬ومجعت إىل كل‬
‫ذلك غرابة اإلنكار بغرابتها اللفظية‬
‫وإن تعجب فعاجب لنظم هذه الكلمة الغريبة وائتالفها على ما قبلها إذ هي‬
‫مقطعان ‪:‬‬
‫أحدمها مد ثقيل ‪ ،‬واآلخر مد خفيف ‪ ،‬وقاف جاءت عقب غنتني يف﴿ إذن ﴾‬
‫و﴿ قسمة ﴾ وإحدامها خفيفة حادة ‪ ،‬واألخرى ثقيلة متفشية ‪ ،‬فكأهنا بذلك‬
‫ليست إال جماورة صوتية لتقطيع موسيقي ‪ .‬وهذا معىن رابع للثالثة اليت عددناها آنفا ‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) (ضَازَ) فِي الْحُكْمِ جَارَ َو (ضَازَهُ) حَقَّهُ نَقَصَهُ وَبَخَسَهُ وَبَاُبهُمَـا بَـاعَ‪ .‬وَقَوْلُـهُ تَعَـالَى‪{ :‬قِسْـمَةٌ ضِـيزَى} [الـنجم‪:‬‬
‫سرُوا الضَّادَ لِتَسْلَمَ الْيَاءُ لِأَنَّهُ لَـ ْيسَ فِـي الْكَلَـامِ فِعْلَـى صِـفَةً وَإِنَّمَـا‬
‫] أَيْ جَاِئرَةٌ وَهِيَ فُعْلَى مِثْلُ طُوبَى وَحُبْلَى وَإِنَّمَا كَ َ‬
‫هُوَ ِمنْ بِنَاءِ الْأَسْمَاءِ كَالشِّ ْعرَى وَالدِّفْلَى‪ .‬وَ ِمنَ الْ َعرَبِ َمنْ يَقُولُ‪( :‬ضِـ ْئزَى) بِـاْلهَ ْمزَةِ‪ .‬خمتـار الصـحاح املؤلـف‪ :‬أليب عبـد‬
‫اهلل الرازي (املتوىف‪666 :‬هـ) احملقق‪ :‬يوسف الشيخ حممـد الناشـر‪ :‬املكتبـة العصـرية ‪ -‬الـدار النموذجيـة‪ ،‬بـريوت –‬
‫‪06 /‬‬ ‫صيدا الطبعة‪ :‬اخلامسة‪ 4 8 ،‬هـ عدد األجزاء‪ :‬ج‬

‫‪72‬‬
‫أما خامس هذه املعاين ‪ ،‬فهو أن الكلمة اليت مجعت املعاين األربعة على غرابتها إمنا هي‬
‫( )‬
‫أربعة أحرف أيضا "‬
‫ثالثا‪ :‬اجلمل وكلماهتا ‪:‬‬
‫قال الرافعي يف هذا الباب ‪" :‬إن ( روح التركيب ( مل تُعرف قط يف كالم عريب‬
‫غري القرآن وهبا انفرد نظمه ‪ ،‬وكأمنا وُضع مجلة واحدة ‪ ،‬ليس بني أجزائها تفاوت أو‬
‫تباين ‪ :‬فمن هنا تعلق بعضه على بعض ‪ ،‬وخرج صفة واحدة ‪ ،‬هي صفة إعجازه يف‬
‫مجلة التركيب ‪ ،‬ولوال تلك الروح خلرج أجزاءً متفاوتة ‪.‬‬
‫وإن من أعجب ما اتُفق يف هذا القرآن من وجوه إعجازه أن معانيه جتري يف‬
‫( )‬
‫مناسبة الوضع وإحكام النظم جمرى ألفاظه "‬
‫(‪)3‬‬ ‫وهو علم عجيب أكثر منه اإلمام فخر الدين الرازي يف تفسريه فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪) 4‬‬
‫( إن أكثر لطائف القرآن الكرمي مودعة يف الترتيب والروابط )‬
‫" وكذلك فعل برهان الدين ابراهيم بن عمر البقاعي يف كتابه ( نظم الدرر يف‬
‫تناسب اآلي والسور) وهو كتاب مل يسبقه إليه أحد ‪ ،‬مجع فيه أسرار القرآن الكرمي مما‬
‫تتحري فيه العقول ‪ ،‬وكان جل مقصوده بيان ارتباط اجلمل‬
‫(‪) 5‬‬
‫بعضها ببعض "‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب (إعجاز القرآن والبالغة النبوية) للرافعي طبعة دار الكتـاب العـريب بـريوت لبنـان سـنة‬
‫‪ 4 5‬هـ ص ‪51‬‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب (إعجاز القرآن والبالغة النبوية) للرافعي ـ ص ‪61‬‬
‫( ‪ )3‬تفسري الرازي مفاتيح الغيب أو التفسري الكبري ـ أبو عبد اهلل حممـد بـن عمـر بـن احلسـن بـن احلسـني التيمـي‬
‫الرازي امللقب بفخر الدين الـرازي خطيـب الـري ت ‪686 /‬هــ ـ ط ‪ /‬دار إحيـاء التـراث العـريب _ بـريوت ـ‬
‫)‪.‬‬ ‫الثالثة ‪ 4 8 -‬هـ (‪8 / 8‬‬
‫(‪ ( )4‬إعجاز القرآن والبالغة النبوية ) ملصطفى الرافعـي ص ‪ – 61، 60‬الناشـر ‪ /‬دار الكتـاب العـريب – بـريوت‬
‫لبنان ‪.‬‬
‫(‪ - )5‬التحرير والتنوير «حترير املعىن السديد وتنوير العقل اجلديد من تفسـري الكتـاب اجمليـد» املؤلـف ‪ :‬حممـد الطـاهر‬
‫بن حممد بن حممد الطاهر بن عاشور التونسي (املتوىف ‪ 313 :‬هــ)الناشـر ‪ :‬الـدار التونسـية للنشـر – تـونس سـنة‬
‫النشر‪ 104 :‬هـ عدد األجزاء ‪( 38 :‬واجلزء رقـم ‪ 0‬يف قسـمني) ج ‪ 0/‬تـاريخ آداب العـرب املؤلـف‪ :‬مصـطفى‬
‫صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أمحد بن عبد القـادر الرافعـي (املتـوىف‪ 356 :‬هــ) الناشـر‪ :‬دار الكتـاب العـريب‬
‫الطبعة‪ - :‬عدد األجزاء‪3 :‬‬

‫‪73‬‬
‫" وأي معىن أعجب من أن تتجاذبك معاين الوضع يف ألفاظ القرآن الكرمي فترى‬
‫اللفظ تارة يف موضعه ألنه األليق يف النظم ‪ ،‬األوسع يف املعىن ‪ ،‬واألقوى يف الداللة ‪،‬‬
‫واألحكم يف اإلبانة ‪ ،‬واألبدع يف وجوه البالغة ‪ ،‬واألكثر مناسبة ملفردات اآلية حىت‬
‫خرج يف تركيب قصر معارضته أن تنتهي إليه بعينه ‪.‬‬
‫وإن من أعجب ما حيقق اإلعجاز أن معاين هذا الكتاب الكرمي لو ألبست ألفاظا‬
‫أخرى من نفس العربية ‪ ،‬ما جاءت يف منطها ومستها واإلبالغ عن ذات املعىن وال يف‬
‫حكم الترمجة ‪ ،‬ولو توىل ذلك أبلغ بلغائها ولو كان بعضهم لبعض ظهريا ‪ ،‬مث جعل‬
‫غرابة أوضاعه التركيبية من اإلعجاز البياين للقرآن الكرمي حيث قال ‪ :‬إنك تنظر يف‬
‫تركيبه ال ترى كيفما أخذتْ عينُك منه إال وضعا غريبا يف تأليف الكلمات ‪ ،‬ويف‬
‫مساق العبارة وحبيث تبادرك غرابته من نفسها وطابعها مبا تقطع أن هذا الوضع وهذا‬
‫( )‬
‫التركيب ليس يف طبع اإلنسان "‬
‫وبعد هذا كله إذا أردنا أن نبني أوجه االتفاق واالختالف بني هؤالء العلماء وبني‬
‫اإلمام الزر قاين يف مناهل العرفان جند اآليت ‪:‬‬
‫اإلمام الزرقاين قد رد سبب اإلعجاز البياين يف القرآن الكرمي إىل وجهني اثنني ‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬اللغة واألسلوب ‪.‬‬
‫والوجه الثاين ‪ :‬طريقة تأليفه ‪.‬‬
‫ففي الوجه األول ‪ :‬قصد باللغة األلفاظ والتراكيب وقصد باألسلوب الطريقة‬
‫اليت أنتهجها املؤلف يف اختيار املفردات والتراكيب لكالمه ‪ ،‬مث بني أن اإلعجاز يف‬
‫األسلوب أتى من خصائص األسلوب القرآين اليت تدور حول ‪:‬‬
‫( )‬
‫‪ -‬مسحة القرآن الكرمي اللفظية يف النظام الصويت واجلمال اللغوي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب إعجاز القرآن والبالغة النبوية املؤلف‪ :‬مصـطفى صـادق الرافعـي (املتـوىف‪ 356 :‬هــ)‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتاب العريب – بريوت الطبعة الثامنة ‪ 4 5 -‬هـ عدد األجزاء‪ :‬ج ‪3 /‬‬
‫( ) واألمْسَحُ من املَفاوِز كاألَمْلَس‪ ،‬واجلميع األماسِحُ‪ .‬واملِساحةُ‪َ :‬ذرْعُ األرض‪ ،‬يقـال‪ :‬مَسَـحَ ميسَـحُ مَسْـحاً ومِسـاحةً‪.‬‬
‫ضرْب العنق متسَحُه بالسَّيْف مَسْحاً ومنه قوله‪ -‬عـز وجـل‪َ :-‬فطَفِـقَ مَسْـحاً بِالسُّـوقِ وَالْأَعْنـاقِ‪ .‬والتِّمْسَـحُ‬
‫واملَسْحُ‪َ :‬‬
‫والتِّمْساح‪ :‬خَ ْلقٌ يف املاء شَبيهٌ بالسُّلَحْفاة‪ ،‬إال أنـه ضَـخْمٌ طويـلٌ قَـويٌ‪ .‬واملاسِـحة‪ :‬املاشـطة‪ .‬واملُماسـحَة‪ :‬املُاليَنـة يف‬
‫املُعاشَرة من غري صفاء القَلْب‪ .‬وعلى فالنٍ مَسْحةٌ من جَمال‪ ،‬وكاَنتْ مَيَّةُ تتمَّنَـى لقـاء ذي الرُّمَّـة فلمّـا رَأَتْـه اسـتَقْبَحته‬
‫فقالت‪ :‬أن تسمع باملعيدي خري من أن تَراه‪ ،‬فَسِمع ذو الرُمَّة فهَجاهـا فقـال‪ :‬علـى وجْـهِ مَـي مَسْـحَةٌ مـن مَالحـةٍ ‪...‬‬
‫وحتت الثَياب الشَّيْن لو كانَ بادياً الكتاب‪ :‬كتاب العني املؤلف‪ :‬أبو عبد الرمحن اخلليـل بـن أمحـد بـن عمـرو بـن متـيم‬
‫الفراهيدي البصري (املتوىف‪ 38 :‬هـ)‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬إرضاء العامة واخلاصة ‪.‬‬
‫‪ -3‬إرضاء العقل والعاطفة ‪.‬‬
‫‪ -4‬جودة السبك وإحكام السرد ‪.‬‬
‫‪ -5‬تصريف القول برباعة حيث يورد املعىن الواحد بألفاظ خمتلفة ‪.‬‬
‫‪ -6‬مجع القرآن الكرمي بني فين اإلمجال والبيان يف آن واحد ‪.‬‬
‫‪ -3‬قصد اللفظ القرآين مع وفائه باملعىن ‪.‬‬
‫فلو قمنا باملقارنة بني رأي اإلمام الزرقاين والقدماء لوجدنا اآليت ‪:‬‬
‫أن اإلمام الزرقاين مسى وجه اإلعجاز البياين باإلعجاز يف اللغة واألسلوب مث‬
‫التأليف ‪.‬‬
‫وإذا نظرنا لرأي عامل سابق وهو النًظام من أئمة املعتزلة والذي أرجع إعجاز‬
‫القرآن الكرمي يف النظم والتأليف إىل الصُرفة وهذا مل يقل به اإلمام الزرقاين ‪.‬‬
‫وهناك من رد اإلعجاز إىل البالغة املوجودة يف القرآن الكرمي اليت هي إيصال‬
‫( )‬
‫املعىن إىل القلب يف أحسن صورة من اللفظ مثل اإلمام الرماين كما عرضنا من قبل‬
‫وهنا من ردها إىل اإلحاطة اإلهلية بأسرار اللغة حىت كان اإلعجاز يف اللفظ‬
‫( )‬
‫واملعىن والنظم يف القرآن الكرمي ‪ ،‬مث ما للقرآن الكرمي من إعجاز يف األثر النفسي‬
‫وهناك من يرى اإلعجاز يف وجهني أحدمها أنه خَرَقَ العادة بفصاحته مث اإلعجاز‬
‫(‪) 3‬‬
‫بالصرفة وهو رأي ابن سنان اخلفاجي‬
‫مث كان على رأسهم عبدا لقاهر اجلرجاين الذي أرجع اإلعجاز إىل النظم‬
‫(‪) 4‬‬
‫والتأليف‪.‬‬
‫من هنا يتبني لنا أن اإلمام الزرقاين اختلف اختالفا كليا مع من رد اإلعجاز البياين‬
‫إىل ( الصرفة ( وكان متفقا اتفاقا كبريا مع كثري من القدماء يف رد اإلعجاز البياين إىل‬
‫اللغة واألسلوب والتأليف فالذي قصده اإلمام هو نفس ما قصده هؤالء القدماء وإمنا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ) سبق الترمجة له يف مبحث التمهيد املبحث األول جهود السابقني يف قضية اإلعجاز القرآين ص ‪0‬‬
‫( ) وهو أبو سليمان محد بن حممد اخلطايب وقد سبق الترمجة له يف املرجع السابق ص ‪1‬‬
‫(‪ ) 3‬وقد سبق الترمجة له يف املبحث الثاين من الفصل الثاين ص‪50‬‬
‫(‪ ) 4‬وقد سبق الترمجة له يف التمهيد ص ‪1‬‬

‫‪75‬‬
‫كان االختالف يف املسمى فقط ‪ ،‬فالقدماء أمسَوه اإلعجاز يف النظم ‪ ،‬واإلمام الزرقاين‬
‫أمساه اإلعجاز يف األسلوب واللغة ولكن املضمون واملعىن والقصد واحد‬
‫( )‬
‫أما رأي اإلمام الالحق وهو األديب الكبري مصطفى صادق الرافعي‬
‫رمحه اهلل تعاىل فقد مسى وجه اإلعجاز البياين يف القرآن الكرمي بالنظم أيضا كما‬
‫قال بعض القدماء وجعل للنظم طرقا ثالثة وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلعجاز يف كل حرف من حروف القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعجاز يف الكلمة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬اإلعجاز يف اجلمل والتراكيب ‪.‬‬
‫وإذا نظرنا إىل اإلعجاز يف احلرف جنده بالضبط ما عرب عنه اإلمام الزرقاين يف‬
‫خصائص األسلوب القرآين مبسحة القرآن اللفظية يف النظام الصويت من التفخيم‬
‫والترقيق واجلهر واهلمس واملد ( ) ‪…..‬اخل‬
‫ويف الكلمة واجلمل جند تطابق بني ما ذكره اإلمام الزرقاين واألديب اإلسالمي‬
‫الرافعي ‪.‬‬
‫هذا إذا هو اختالف يف املسميات فقط ولكن اهلدف واملضمون والغاية يؤدي‬
‫كله إىل معىن واحد وهو وجود قمة اإلعجاز البياين يف احلرف والكلمة واجلملة‬
‫القرآنية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) مصطفى صادق الرافعي سبق الترمجة لـه يف املبحـث األول مـن التمهيـد ص ‪ ) ( 5‬أنظـر اخلاصـة األوىل مـن‬
‫خصائص اسلوب القرآن الكرمي يف املبحث األول من الفصل الثاين ص ‪4 : 33‬‬
‫( ) أنظر اخلاصة األوىل من خصائص اسلوب القرآن الكرمي يف املبحث األول من الفصل الثاين ص ‪4 : 33‬‬

‫‪76‬‬
‫املبحث الثاين وحيتوي على ‪:‬‬
‫وجوه اإلعجاز األخرى وذلك كله من خالل ما عرضه اإلمام الزرقاين ويشتمل‬
‫على اثين عشر وجها من أوجه اإلعجاز وهي كاآليت ‪:‬‬
‫‪ -‬علومه ومعارفه ‪.‬‬
‫‪ -‬وفاؤه حباجات البشر ‪.‬‬
‫‪ - 3‬موقف القرآن الكرمي من العلوم الكونية ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سياسته يف اإلصالح ‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنباء الغيب فيه ‪.‬‬
‫‪ - 6‬آيات العتاب ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ما نزل بعد طول انتظار ‪.‬‬
‫‪ - 0‬مظهر النيب صلى اهلل عليه وسلم عند نزول الوحي عليه ‪.‬‬
‫‪ - 1‬آية املباهلة ‪.‬‬
‫‪ - 8‬عجز الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن اإلتيان ببديل له ‪.‬‬
‫‪ -‬اآليات اليت جترد الرسول صلى اهلل عليه وسلم من نسبة القرآن الكرمي‬
‫إليه ‪.‬‬
‫‪ -‬تأثري القرآن الكرمي وجناحه ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬علومه ومعارفه‬
‫"وبيان ذلك الوجه أن هذا القرآن الكرمي قد نزل من عند اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬على‬
‫نيب أميِّ‪ ،‬مل يقرأ ومل يكتب ومل جيلس إىل معلم‪ ،‬فألفيناه كتابًا جامعًا ألخبار األولني‬
‫واآلخرين ‪ ،‬حافلًا باإلشارات الدالة على ما يف الكون من آيات وعِبَر ‪ ،‬ومعلومات‬
‫كانت مستترة عن سائر البشر ‪ ،‬ومغيبات ما كان ألحد أن يعرفها إال عن طريق هذا‬
‫الكتاب املبني‪.‬‬
‫ووجدنا فيه مجيع أسباب اهلداية ‪ ،‬ووسائلها احلكيمة ‪ ،‬وعرفنا منه ما يكون فيه‬
‫صالح الناس مجيعًا يف دنياهم وآخرهتم‪.‬‬
‫فقد اشتمل هذا الكتاب العزيز على كثري من العلوم واملعارف الكونية‪،‬‬
‫واإلنسانية ‪ ،‬املشتملة على أصول اإلصالح العقدي ‪ ،‬والنفسي ‪ ،‬واخللقي‬
‫واالجتماعي ‪ ،‬والسياسي ‪ ،‬واالقتصادي ‪ ،‬والفكري ‪ ،‬فكان بذلك كتاب هداية ‪،‬‬
‫( )‬
‫ومنهج حياة "‬
‫" تقرؤه فإذا حبر العلوم واملعارف متالطِمٌ زاخر ‪ ،‬وإذا روح اإلصالح فيه ٌّ‬
‫قوي‬
‫قاهر ‪ ،‬مث إذا هو جيمع الكمال من أطرافه ‪ ،‬فبينما تراه يُصْلِحُ ما أفسده الفالسفة‬
‫بفلسفتهم ‪ ،‬إذ تراه يعدم ما ترَدَّى فيه الوثنيون بشركهم‪ ،‬وبينما تراه يصحح ما حرَّفه‬
‫أهل األديان يف دياناهتم ‪ ،‬إذ تراه يقدِّم لإلنسانية مزجيًا صاحلًا من عقيدة راشدة ترفع‬
‫مهة العبد ‪ ،‬وعبادة شاملة تطهِّر نفس اإلنسان ‪ ،‬وأخالق عالية تؤهل املرء ألن يكون‬
‫خليفة اهلل يف األرض ‪ ،‬وأحكام شخصية ومدنية واجتماعية تكفل محاية اجملتمع من‬
‫الفوضى والفساد ‪ ،‬وتضمن له حياة الطمأنينة والنظام والسالم والسعادة‪ .‬دينًا قيمًا‬
‫يساوق الفطرة ويوائم الطبيعة ‪ ،‬ويشبع حاجات القلب والعقل ويوفِّق بني مطالب‬
‫الروح واجلسد ‪ ،‬ويؤلف بني صاحل الدين والدنيا‪ ،‬وجيمع بني عزِّ اآلخرة واألوىل ‪ ،‬كل‬
‫( )‬
‫ذلك يف قصد واعتدال ‪ ،‬وبرباهني واضحة مقنعة تبهر العقل ‪ ،‬ومتلك اللب"‬
‫أمثله من عقيدة اإلميان باهلل ‪:‬‬
‫–نص القرآن الكرمي على عقيدة اإلميان باهلل تعاىل وجعلها أساس لتقبل العبادة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) دراسات يف علوم القرآن املؤلف‪ :‬حممد بكر إمساعيـل (املتـوىف‪ 4 6 :‬هــ) الناشـر‪ :‬دار املنـار الطبعـة‪ :‬الثانيـة‬
‫‪ 4 1‬هـ عدد األجزاء‪ :‬ج ‪354 /‬‬
‫الزرْقـاين (املتـوىف‪ 363 :‬هــ)‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان يف علوم القـرآن حملمـد عبـد العظـيم ُّ‬
‫الناشر‪ :‬مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه الطبعة‪ :‬الطبعة الثالثة عدد األجزاء‪ :‬ج ‪34 /‬‬

‫‪78‬‬
‫﴾البينة‪/10‬‬‫وهي مدار التكليف قال تعاىل ﴿ وما أمروا إال ليعبدوا اهلل خملصني له الدين‬
‫‪ 5‬وقال تعاىل أيضا ﴿ وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون﴾ الذاريات ‪53/5‬‬
‫فالعبادة إذا هي مطلق اإلميان باهلل تعاىل ‪ ،‬ونص على استحالة الولد ﴿ ما كان هلل أن‬
‫يتخذ من ولد سبحانه﴾مرمي‪ 35/ 1‬وكل ما يشعر باملشاهبة أو املماثلة أو‬
‫احملاكاة قال تعاىل ﴿ ليس كمثله شيء ﴾ "الشورى ‪ /4‬ووصف اهلل نفسه‬
‫بالكمال املطلق ‪ ،‬ونص على وحدانيته يف ربوبيته وألوهيته ‪ ،‬مبعىن أنه أحد يف‬
‫( )‬
‫تدبريشئون خلقه وأحد يف استحقاقه للعبادة دون غريه‪".‬‬
‫‪ -‬يف أقدم الديانات السماوية قد ضل اليهود من بعد موسى فعبدوا بعال ‪،‬‬
‫وزعموا يف عهد من عهودهم ما زعمت النصارى أن هلل ابنا قال تعاىل‬
‫﴿ وقالت اليهود عزير ابن اهلل ﴾"التوبة ‪ 38/1‬وشبهوا اخلالق جل وعال‬
‫باملخلوق فنعتوه ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪ -‬بأنه كََلَّ من خلق السموات واألرض‬
‫فاستراح يوم السبت ‪ ،‬وافتروا على اهلل الكذب‬
‫فقالوا إنه سبحانه وتعاىل جتلى للمخلوقني على شكل إنسان وصارع إسرائيل فلم‬
‫(‬
‫يقدر على التخلص منه حىت باركه فأطلقه ‪ ،‬إىل غري ذلك من أغالطهم وفضائحهم "‬
‫‪ – 3‬مث جاء من بعد ذلك النصارى فضلوا من بعد عيسى ‪ ،‬فبدلوا نعمة اهلل كفرا‬
‫وأحلوا قومهم وذويهم دار البوار ‪ ،‬فضلوا وحرفواوافتروا على اهلل الكذب مبا مل ينزل‬
‫به سلطانا " وقالو بالتثليث وصارت كنائسهم من عهد قسطنطني كهياكل الوثنية‬
‫األوىل وخلعوا على رجال كَهْنوهتم ما هو حق اهلل وحده من التشريع والتحليل‬
‫والتحرمي "(‪ ) 3‬قال تعاىل ﴿ اختذوا أحبارهم ورهباهنم أربابا من دون اهلل واملسيح ابن‬
‫مرمي ﴾التوبة ‪3 /1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان ج ص ‪343‬‬
‫( ) تفسري القرآن احلكيم (تفسري املنار) حملمد رشيد رضا احلسيين (املتوىف‪ 354 :‬هــ) الناشـر‪ :‬اهليئـة املصـرية العامـة‬
‫‪ - 3 /‬و بتصريف يسـري مـن كتـاب مناهـل العرفـان‬ ‫جزءا ج‬ ‫للكتاب سنة النشر‪ 118 :‬م عدد األجزاء‪:‬‬
‫‪8 344 /‬‬ ‫طبعة ‪ /‬املطبعة الفنية سنة ‪ 884‬م ج‬
‫(‪ ) 3‬بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان ج ص ‪343‬‬

‫‪79‬‬
‫أمثلة من عقيدة البعث واجلزاء ‪:‬‬
‫من األسس اليت جاءت هبا العقيدة األسالمية عقيدة البعث واجلزاء‬ ‫‪-‬‬
‫حيث جعلها من الثوابت الضرورية اليت اليكمل إميان املرء وال يقبل إال هبا قال‬
‫تعاىل ﴿ وباآلخرة هم يوقنون ﴾البقرة ‪ " 4/‬وجعلها شاملة للروح واجلسد ‪ ،‬مقسطة ال‬
‫شفاعة هناك باملعىن الفاسد ‪ ،‬إذ ال فضل جلنس وال لطائفة وال لبشر إال بالتقوى قال‬
‫تعاىل‪ ﴿ :‬فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾ ( ) " الزلزلة‬
‫‪.3،0/ 11‬‬
‫‪ -‬وضل اليهود وركبوا أمواج الكرب ونصبوا من أنفسهم أولياء‪ ،‬هذا‬
‫موقف علماء اليهود وأحبارهم‪ "،‬أما األمّيون فال يعرفون عن دينهم إال أكاذيب‬
‫مسعوها ومل يعقلوها مثل الزعم القائل بأهنم شعب اهلل املختار وأن األنبياء منهم يشفعون‬
‫هلم ‪ ،‬وأن النار ال متسهم إال أياما قليلة‪.‬‬
‫قال جماهد ‪ :‬قام النّيب صلّى اهلل عليه وسلم يوم قريظة حتت حصوهنم فقال‪ :‬يا‬
‫إخوان القردة ‪ ،‬ويا إخوان اخلنازير ‪ ،‬ويا عبدة الطاغوت‪ ،‬فقالوا‪ :‬من أخرب هبذا حممدا‬
‫؟ ما خرج هذا إال منكم ‪ ،‬أحتدّثوهنم مبا فتح اهلل عليكم ليكون هلم حجة عليكم أهنم‬
‫الشعب املختار من بني شعوب‬
‫( )‬
‫األرض‪" .‬‬
‫‪ " -3‬وَالنَّصَارَى جَدَّدُوا ِمنْ عَهْدِ قُسْطَنْطِنيَ اْلوَثَنِيَّاتِ اْلقَدِ َميةَ‪َ ،‬فغَمَرَ الشِّرْكُ بِا ِ‬
‫هلل‬
‫هَذِهِ اْلأَرْضَ بِطُوفَاِنهِ وَطَ َغتِ اْلوَثَنَِّيةُ عَلَى َأهْلِهَا‪ ،‬حَتَّى صَا َرتْ كَنَائِسُ النَّصَارَى كَهَيَاكِلِ‬
‫ِالصوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ الْ َمعْبُودَةِ ‪ -‬عَلَى أَنَّ َعقِيدَةَ التَّثْلِيثِ وَالصَّلْبِ‬ ‫اْلوَثَنَِّيةِ اْلأُولَى مَمْلُوءَةً ب ُّ‬
‫وَاْلفِدَاءِ هِيَ َعقِيدَةُ الْهُنُودِ فِي كَرْشََنةَ وَثَالُوُثهُ فِي جُمْلَتِهَا وََتفْصِيلِهَا ‪َ ،‬وهِيَ مَدْعُومَةٌ‬
‫س َفةٍ خَيَالَِّيةٍ غَيْرِ مَ ْعقُوَلةٍ‪ ،‬وَبِنِظَامٍ َيقُومُ بِتَ ْنفِيذِهِ الْمُلُوكُ وَاْلقَيَاصِرَةُ ‪ ،‬وَيُبْذَلُ فِي سَبِيلِهِ‬
‫ِبفَلْ َ‬
‫الصغَرِ تَرْبَِيةً وِجْدَانَِّيةً‬
‫ِضةِ‪ ،‬وَيُرَبَّى عَلَ ْيهِ اْلأَحْدَاثُ ِمنَ ِّ‬
‫الذ َهبِ وَاْلف َّ‬
‫اْلقَنَاطِريُ الْ ُمقَنْطَرَةُ ِمنَ َّ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ُجةً وال برهان "‬ ‫خَيَالَِّيةً لَا َتقَْبلُ ح َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان ج ‪346 /‬‬
‫( ) التفسري الوسيط للزحيلي املؤلف ‪ :‬د وهبة بن مصـطفى الزحيلـي الناشـر‪ :‬دار الفكـر – دمشـق الطبعـة ‪ :‬األوىل ‪-‬‬
‫‪30 /‬‬ ‫‪ 4‬هـ عدد األجزاء ‪ 3 :‬جملدات يف ترقيم مسلسل واحد ج‬
‫(‪ )3‬تفسري القرآن احلكيم (تفسري املنار) حملمد رشيد رضا احلسيين (املتوىف‪ 354 :‬هــ) الناشـر‪ :‬اهليئـة املصـرية العامـة‬
‫‪3 /‬‬ ‫جزءا ج‬ ‫للكتاب سنة النشر‪ 118 :‬م عدد األجزاء‪:‬‬

‫‪80‬‬
‫الوجه الثاين وفاؤه حباجات البشر ‪:‬‬
‫إن القرآن الكرمي ككتاب هداية للناس عامة وحبكم هيمنته على الكتب السابقة‬
‫وأنه آخر الكتب السماوية املنزلة على أمة ما أتاهم من نذير وال بشري من قبل فكان‬
‫من البديهي لذوي العقول أن يأيت هبدايات تامة كاملة تفي حباجات البشر وترسم هلم‬
‫اخلطى وتضع هلم األسس اليت هبا يسعدوا يف الدنيا واآلخرة فجاءت آياته تدعوا البشر‬
‫اىل التمسك بعرى هذا الدين واإلمتثال الكامل لتعاليمه والتأسي برسوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ويتضح هذا من خالل ماسنعرضه من مقاصد التشريع احلكيمة اليت دعا إليها‬
‫القرآن الكرمي يف هداياته ومنها ما يأيت ‪:‬‬
‫أوال‪":‬إصالح العقائد الفاسدة عن طريق إرشاد العباد إىل حقائق املبدأ واملعاد وما‬
‫بينهما حتت عنوان اإلميان باهلل تعاىل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬صالح العبادات عن طريق دعوهتم إىل التمسك بالفضائل واإلبتعاد عن‬
‫الرذائل بغية الوصول اىل ما يزكي نفوسهم ويسمو بأرواحهم ويهذب أخالقهم‬
‫ثالثا ‪ :‬دعوهتم إىل إذابة كافة الفوارق اإلجتماعية فيما بينهم والقضاء على‬
‫العصبية القبلية وإزالة الفوارق اليت تباعد فيما بينهم ‪ ،‬وذلك بإشعارهم أهنم‬
‫متساوون أمام اهلل ودينه وتشريعه متكافئون يف األفضلية ويف احلقوق والتبعات‬
‫من غري استثناءات وال امتيازات ‪ ،‬وان اإلسالم عْقد إخاء بينهم اقوى من إخاء النسب‬
‫والعصب قال تعاىل ﴿ إمنا املؤمنون اخوة ﴾احلجرات ‪8/41‬‬
‫ووضح هلم أن لساهنم العام هو لسان هذا الدين ولسان كتابه الكرمي‬
‫‪ -‬لغة العرب ‪ -‬وأهنم أمة واحدة يؤلف بينها املبدأ وال تفرقها احلدود اإلقليمية‬
‫وال الفواصل السياسية والوضعية ﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ﴾‬
‫‪1 ./‬‬ ‫األنبياء‬

‫رابعا ‪ :‬تنظيم العالقة بني احلاكم واحملكوم بإرساء قواعدالعدل املطلق واملساواة‬
‫بني الناس ‪ ،‬والوفاء بالعهود سواء كانت دولية أو إقليمية وهتذيب احلرب ووضعها‬
‫على قواعد سلمية خلري اإلنسانية من مبدئها إىل غايتها ‪ ،‬وإيثار السلم عليها ‪،‬‬
‫واالكتفاء باجلزية عند النصر والظفر فيها ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬الدعوة إىل إصالح احلالة اإلقتصادية ومحاية املال من التلف ووجوب إنفاقه‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪81‬‬
‫يف وجوه الرب‪ ،‬وأداء احلقوق اخلاصة والعامة والسعي املشروع‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬الدعوة إىل إصالح احلياة األسرية وتنظيم أوجه العالقة بني كل من‬
‫الرجل واملرأة عن طريق إبراز احلقوق والواجبات لكل منهما ‪ ،‬ومنهامحاية املرأة‬
‫واحترامها وإعطائها مجيع احلقوق اإلنسانية واملدنية ‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬الدعوة إىل حترير الرق املوجود بطرق شىت ‪ ،‬وذلك بالترغيب العظيم يف‬
‫حترير الرقاب ‪ ،‬وجعله كفارة للقتل والظهار ‪ ،‬وإلفساد الصيام بطريقة فاحشة ‪،‬‬
‫( )‬
‫ولليمني احلانثة ‪ ،‬وإليذاء اململوك باللطم أو الضرب"‬
‫الدليل على هذا الوجه من اإلعجاز ( ) ‪:‬‬
‫والدليل على هذا الوجه من إعجاز القرآن الكرمي أن غري املسلمني كانوا وال‬
‫يزالون حائرون يبحثون عن النور ‪ ،‬وينقبون عما يفي حباجاهتم يف كثري من نواحي‬
‫حياهتم حىت اضُطروا حتت ضغط هذه احلاجة وبعد طول املطاف وقوة التجارب ‪ ،‬أن‬
‫يرجعوا إىل هداية القرآن الكرمي من حيث يشعرون أو ال يشعرون ‪.‬‬
‫وإليك شواهد على ذلك منها ‪:‬‬
‫‪ -‬أمريكا حرمت اخلمر أخريا ولكنها فشلت ومل تنجح ألهنا مل توفق إىل‬
‫الطريقة احلكيمة اليت اتبعها اإلسالم يف حترمي اخلمر وهو التدرج‪.‬‬
‫‪ -‬أمريكا أباحت الطالق ‪ ،‬وان كانت أسرفت فيه إىل درجه ضارة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أسبانيا أصدرت حكومتها قانونا مبنع البغاء الرمسي يف بالدها ‪ ،‬ومنع النساء‬
‫من الربوز على الشواط يف ثياب االستحمام ‪.‬‬
‫‪ -4‬مصلحوا أوروبا يرفعون أصواهتم بضرورة الرجوع إىل مبدأ تعدد الزوجات‬
‫حىت بعض نسائهم طالنب هبذا وكذلك فعل اليهود لعنهم اهلل ‪.‬‬
‫‪ -5‬زعيم فرنسا نادى غداة هزميتها يف احلرب القائمة اآلن (‪ ) 3‬يقول‪ :‬إن سبب‬
‫اهنيار دولتهم هو انغماسُهم يف الشهوات اجلنسية وإسرافُهم يف املفاسد واملفاتن ‪.‬‬
‫الوجه الثالث موقف القرآن من العلوم الكونية‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان ج ‪35 /‬‬
‫‪. 353 ، 35 /‬‬ ‫( ) انظر مناهل العرفان ج‬
‫(‪ )3‬لعل اإلمام الزرقاىن أراد بقوله (اآلن) تلك الفترة اليت هَزمت فيهـا فرنسـا مـن أملانيـا وسـقطت بـاريس يف أيـدي‬
‫األملان يف ‪ 4‬يونيو سنة ‪ 148‬م وكان هو من املعاصرين لتلك األحداث آنذاك ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫لقد عرب القرآن الكرمي عن العلوم الكونية وحصرها يف مخسة نقاط ‪ ،‬ذلك‬
‫لصدورها من عامل قدير‪ ،‬يعلم مدى حاجة املخلوقني إليها ‪ ،‬وال يصدرمثلها أبدا عن‬
‫خملوق أيا كان هذا املخلوق على درجة من العلم ‪ ،‬فضال عن رجل أمي نشأ يف األميني‬
‫‪ ،‬وهو حممد صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫") أوهلا ( إن القرآن الكرمي أمهل العلوم الكونية فلم يتطرق إليها عن عمد ‪،‬‬
‫وذلك ألهنا خاضعة لقانون النشوء واالرتقاء ‪ ،‬ويف طيات تفاصيلها من الدقة واخلفاء ما‬
‫يعلو على أفهام العامة ‪.‬‬
‫وذلك هلواهنا إزاء ما يقصده القرآن الكرمي من هداية الثقلني إىل سعادة الدنيا‬
‫واآلخرة‪.‬‬
‫فإذا ذكر فيه شيء من الكونيات ‪ ،‬فذلك للهداية واإلستدالل على اخلالق ‪ ،‬وال‬
‫يكون ذكرها مطلقا على سبيل أنه يشرح حقيقة علمية يف اهليئة والفلك أو الطبيعة‬
‫والكيمياء … اخل‬
‫‪8 /‬‬ ‫البقرة‬ ‫قال سبحانه وتعاىل ‪ ﴿ :‬ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقني ﴾‬
‫ومنها قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬قد جاءكم من اهلل نور وكتاب مبني يهدي به اهلل من اتبع‬
‫رضوانه سبل السالم وخيرجهم من الظلمات إىل النور بإذنه ويهديهم إىل صراط‬
‫مستقيم ﴾ املائدة ‪5/ 5‬‬
‫ذلك ألن كتاب اهلل له وظيفة حمددة ‪ ،‬هي أمسى وظيفة من أجلها نزل ‪ ،‬أال وهي‬
‫هداية البشرية ‪ ،‬فما ينبغي لنا أن حنمله ما ليس من مهمته ووظيفته‬
‫وما العلوم الكونية بإزاء هذه اهلدايات القرآنية ؟‬
‫ولنرى األن ما جرته هذه العلوم الكونية ‪ -‬بعدما جتردت من هدي اهلل ووحي‬
‫السماء ‪ -‬على البشرية من ويالت احلروب وكوارث مدمرة‬
‫)ثانيها ( إن القرآن الكرمي إذا تعرض لبعض هذه العلوم فإمنا هدفه‬
‫من ذلك البحث والنظر واالنتفاع مبا يف الكون من نعم وعرب قال سبحانه وتعاىل‬
‫‪ ﴿ :‬قل انظروا ماذا يف السموات واألرض ﴾ يونس ‪8 / 8‬‬

‫)ثالثها ( كذلك القرآن الكرمي حينما تعرض هلذه الكونيات أعلمنا أهنا مربوبة‬
‫ومقهورة ملراده تعاىل قال تعاىل ‪ ﴿ :‬إن اهلل ميسك السموات واألرض أن تزوال ولئن‬
‫زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ﴾‬

‫‪83‬‬
‫القصص‬ ‫وكذلك أعلمنا القرآن الكرمي أهنا هالكة ﴿ كل شيء هالك إال وجهه ﴾‬
‫‪. 00/‬‬ ‫‪0‬‬
‫(رابعا ) أن القرآن الكرمي حينما يعرض اآلية الكونية يتحدث عنها حديث‬
‫احمليط بعلوم الكون ‪ ،‬واخلبري بأسرار السموات واألرض‬
‫وذلك هو الذي هبر بعض املنشغلني بالعلوم الكونية ‪ ،‬وأوقع من أوقع منهم يف‬
‫اإلسراف ‪ ،‬واعتربوا هذه العلوم من علوم القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫( خامسا ) لقد عربالقرآن الكرمي عن العلوم الكونية بأسلوب بارع مجع بني‬
‫البيان واإلمجال يف منط واحد قال تعاىل ‪ ﴿ :‬ومن كل شيء خلقنا زوجني لعلكم‬
‫تذكرون ﴾ الذاريات ‪. 41/5‬‬
‫واختلف العلماء فيما بينهم يف فهم هذه اآلية فمنهم – السابقون – من صرف‬
‫لفظ الزوجني يف اآلية إىل الشيئني املتقابلني ‪ ،‬مثل الليل والنهار‪ ،‬والسماء واألرض ‪،‬‬
‫والشمس والقمر ‪ ،‬والرب والبحر ‪ ،‬واحلياة واملوت ‪ ،‬وهكذا وقالوا ‪ :‬كل اثنني منها‬
‫زوج ‪ ،‬واهلل تعاىل فرد ال مثيل له ‪.‬‬
‫وأما املتأخرون ففهموا أن الزوجني يف اآلية ‪ ،‬مها األمران املتقابالن بالذكورة‬
‫واألنوثة وقالوا‪ :‬إنه ما من شيء يف الوجود إال منه الذكر واألنثى ‪ ،‬سواء يف ذلك‬
‫اإلنسان واحليوان واجلماد وغريها ‪ ،‬ويستدلون على ذلك بقوله سبحانه ‪ ﴿:‬سبحان‬
‫الذي خلق األزواج كلها مما تنبت األرض ومن أنفسهم ومما ال يعلمون ﴾ سورة يس ‪36‬‬
‫‪36. /‬‬

‫وقالوا‪:‬إن أحدث نظرية يف أصول األكوان تقررأن أصول مجيع الكائنات تتكون‬
‫من زوجني اثنني وبلسان العلم احلديث (إلكترون وبروتون ) ولقد ظهر أخريا كتاب‬
‫خطري ‪ ،‬له جاللته وشأنه ‪ ،‬فصدّع هذا الكتاب بناء علمهم وزلزل أركان الثقة به ‪،‬‬
‫بعد أن نقض بالدليل والربهان كثريا من املقررات اليت زعموها يقينية ‪ ،‬مث انتهى بقارئه‬
‫إىل أن هذا الكون غامض متغلغل يف الغموض واخلفاء ومن هنا مسى تأليفه ‪ ( :‬الكون‬
‫( )‬
‫الغامض (‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) السري جيمس جينز عامل طبيعي رياضي اجنليزي مشـهور ‪ ،‬وهـو مؤلـف كتـاب‪« :‬الكـون الغـامض » املتـرجم إىل‬
‫اللغة العربية‪ ..‬ورأيه هذا ليس هو أول من قال به‪ .‬فقد سـبق يف فلسـفة أفالطـون مث اسـتغرق حـوايل ‪ 58‬سـنة مـن‬
‫اجلدل بني املدارس الفلسفية! وخاصة بني «املثالية» و «الوضعية» ‪ ..‬ومـا يزالـون خمـتلفني! ‪ ( .‬يف ظـالل القـرآن) سـيد‬
‫قطب إبراهيم حسني الشاريب (املتوىف‪ 305 :‬هـ) الناشر‪ /‬دار الشروق ‪ -‬بـريوت‪ -‬القـاهرة الطبعـة‪ :‬السـابعة عشـر ‪-‬‬
‫‪ 4‬هـ‬

‫‪84‬‬
‫فهل يليق بعد ذلك كله أن حناكم القرآن الكرمي إىل هذه العلوم املادية املتغرية ؟‬
‫بينما القرآن الكرمي هو تلك احلقائق اإلهلية العلوية املتنزلة من الذي يعلم السر‬
‫وأخفى ! فال جيب أن نقطع برأي يف تفاصيل ما يعرض له القرآن الكرمي من الكونيات‬
‫‪ ،‬إال إن كان لنا عليه دليل وبرهان وإال وجب أن نتوقف عن هذه التفاصيل ونكل‬
‫علمها إىل العامل اخلبري ‪ ،‬قائلني ما قالت املالئكة حني أظهر اهلل هلم على لسان آدم مامل‬
‫( )‬
‫يكونوا حيتسبون ‪﴿ :‬سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم احلكيم ﴾"‬
‫‪3 /‬‬ ‫البقرة‬
‫الوجه الرابع ‪:‬سياسته يف اإلصالح‪:‬‬
‫لقد انتهج القرآن الكرمي طريقا عجيبا يف إصالحه ‪ ،‬وسلك سياسة حكيمة إىل‬
‫ما أراد من هداية اخللق ‪ ،‬فتذرع جبميع الوسائل املؤدية إىل جناح هذا اإلصالح بكل‬
‫ماحيتاج إليه البشر‪ ،‬مما يدل بوضوح على أن القرآن الكرمي يف سياسته هذه ال ميكن أن‬
‫يصدرعن نفس حممد صلى اهلل عليه وسلم وال غريه وبيان ذلك من وجوه ‪:‬‬
‫" (أوهلا) نزول هذا الكتاب الكرمي منجما ( ) ‪ ،‬وخمالفته بذلك سائر كتب اهلل‬
‫تعاىل السماوية تيسريا لتلقيهم إياه وقبوهلم ما جاء به ‪.‬‬
‫(ثانيها) جميء هذا الكتاب بأسلوبه البليغ الرصني احملبب إىل نفوسهم الشتماله‬
‫على سرصنعتهم ومدار تفوقهم ‪ ،‬حيث أهنم أرباب البالغة والبيان فيكون هذا‬
‫األسلوب عامل جذب إىل اإلقبال عليه واالستئناس مبا جاء من‬
‫تعاليمه وإن كانت خمالفة ملا مردوا عليه من قبل ‪.‬‬
‫( ثالثها ) جميء هذا الكتاب على غري ما تعودوا عليه يف تأليف القوانني والعلوم‬
‫والفنون واآلداب ‪ ،‬فأنت جتد يف الغالب كل سورة من سور القرآن الكرمي جامعة‬
‫ملزيج من مقاصد وموضوعات ‪ ،‬يشعر الناظر فيها مبتعة ولذة ‪ ،‬كلما تنقل بني هذه‬
‫املقاصد يف السورة الواحدة ‪ ،‬كما يشعر اآلكل باللذة واملتعة كلما وجد ألوانا شىت‬
‫من األطعمة على املائدة الواحدة ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪368 : 353 /‬‬ ‫( ) بتصريف يسري جدا من كتاب مناهل العرفان ج‬
‫( ) الْ ُقرْآن أنزلهُ منجما مفرقا واألشياء قسمهَا وَالصَّـبِيّ أفزعـه (املعجـم الوسـيط ) املؤلـف‪ :‬جممـع اللغـة العربيـة‬
‫بالقاهرة (إبراهيم مصطفى ‪ /‬أمحد الزيات ‪ /‬حامد عبد القادر ‪ /‬حممد النجار) الناشر‪ :‬دار الدعوة ج ‪605/‬‬

‫‪85‬‬
‫وهناك فائدتان للنمط الذي اختاره القرآن الكرمي ‪:‬‬
‫‪ -‬دفع السأم وامللل عن الناظر يف هذا الكتاب ‪.‬‬
‫‪ -‬انقياد النفوس إىل هداياته بلباقة من حيث ال حتس بغضاضة ‪.‬‬
‫وانتظام الوحدة الفنية يف السورة أو القطعة الواحدة‬
‫ووفاء القرآن الكرمي جبميع االصطالحات البشرية ‪.‬‬
‫(رابعا ) قد يكررالقرآن الكرمي ما يستحق التكرار من األمور املهمة ‪ ،‬مثال ذلك تقرير‬
‫القرآن الكرمي لعقيدة التوحيد واستئصاله لشأفة الشرك ‪ ،‬بوساطة احلديث عنها مرارا‬
‫وتكرارا ‪ :‬تارة يصرح وأخرى يلوح ‪ ،‬وتارة يوجز وأخرى يطنب ‪ ،‬وتارة يقرهنا‬
‫بالوعد وأخرى بالوعيد إىل غري ذلك‪.‬‬
‫(خامسا ) خماطبة العقول واألفكار ودعوته إىل إعمال النظر وطلب الدليل‬
‫والربهان ‪ ،‬فكثريا ما نسمع قوله سبحانه وتعاىل ﴿ أفال يسمعون﴾ ﴿ قليال ما‬
‫تذكرون ﴾ ﴿ أىن يؤفكون﴾ ﴿ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقني ﴾‬
‫﴿ أفال ينظرون إىل اإلبل كيف خلقت وإىل السماء كيف رفعت وإىل اجلبال‬
‫كيف نصبت وإىل األرض كيف سطحت ﴾ الغاشية ‪3 / 00‬‬
‫وقوله تعاىل ‪ ﴿ :‬قل أنظروا ماذا يف السموات واألرض ﴾ يونس ‪ 8 / 8‬إىل‬
‫غري ذلك مما يرفع كرامة اإلنسان وحياكم أهم األمور حىت العقيدة يف اهلل إىل العقول ‪،‬‬
‫ليصل املرء من وراء ذلك إىل اقتناع الضمري واطمئنان القلب وبرد اليقني وحرارة‬
‫اإلميان ‪.‬‬
‫(سادسا )هتذيب الغرائز النفسية هتذيبا صاحلا بعد أن يصقلها بالدليل الربهان‬
‫‪.‬نرى القرآن الكرمي قد نأى عن اإلقتداء باألمثلة السيئة من اجلهلة والفسقة ‪ ،‬وذهب‬
‫إىل وجوب إتباع األمثلة الطيبة والتأسي مبن ﴿ أنعم اهلل عليهم من النبيني والصديقني‬
‫والشهداء والصاحلني وحسن أولئك رفيقا ﴾ النساء ‪ ﴿، 61 /4‬لقد كان لكم يف رسول‬
‫اهلل أسوة حسنة ملن كان يرجو اهلل واليوم اآلخر وذكر اهلل كثريا ﴾ األحزاب ‪./33‬‬
‫وهكذا دخل القرآن الكرمي على الناس من هذا الباب فقادهم من غرائزهم حىت ناط‬
‫أوامره مبصاحلهم ‪ ،‬ونواهيه مبفاسدهم ‪ ،‬وجعل ذلك قاعدة عامة قال فيها ‪ ﴿:‬من‬
‫عمل صاحلا فلنفسه ومن أساء فعليها ﴾ فصلت ‪ 46 / 4‬وقال تعاىل ﴿ إن أحسنتم‬
‫أحسنتم ألنفسكم وإن أسأمت فلها ﴾ اإلسراء ‪3 / 3‬‬
‫(سابعا) ترتيب األوامر والنواهي ترتيبا يسع مجيع الناس على تفاوت استعدادهم‬

‫‪86‬‬
‫ومواهبهم ‪.‬‬
‫فاألوامر الدينية درجات ‪ :‬هذا إميان وهذا إسالم ‪ ،‬وهذا ركن ‪ ،‬وهذا فرض ‪ ،‬وهذا‬
‫واجب ‪ ،‬وهذا مندوب مؤكد ‪ ،‬وهذا مندوب غري مؤكد ‪.‬‬
‫واملناهي كذلك درجات ‪:‬‬
‫هذا نفاق ‪ ،‬وهذا شرك ‪ ،‬وهذا كفر ‪ ،‬وهذه كبرية ‪ ،‬وهذه صغرية ‪ ،‬وهذا‬
‫مكروه حترميا ‪ ،‬وهذا مكروه تنزيها ‪ ،‬وما وراء هذه األوامر والنواهي فمباحات ‪ ،‬لكل‬
‫أن يأخذ وأن يدع منها ما يشاء ‪.‬‬
‫وال ريب أن وضع التشريع على هذا الوجه فيه متسع للجميع وفيه إغراء للنفوس‬
‫الضعيفة أن تتشرف باعتناق اإلسالم ولو يف أدىن درجة من درجاته ‪.‬حىت إذا أنست به‬
‫وذاقت حالوته ‪ ،‬تدرجت يف مدارج الرقي ‪ ،‬فمن إميان إىل إسالم إىل أداء ركن إىل‬
‫أداء فرض إىل أداء واجب إىل أداء مندوب مؤكد إىل أداء مندوب غري مؤكد ‪ ،‬ومن‬
‫جمرد أداء للنوافل إىل اإلكثار منها ‪ ،‬حىت يصل العبد إىل ذلك املقام الذي جاء فيه عن‬
‫اهلل تعاىل (( وال يزال عبدي يتقرب إيل لنوافل حىت أحبه ‪ ،‬فإذا أحببته كنت مسعه الذي‬
‫يسمع به وبصره الذي يبصربه ويده اليت يبطش هبا ورجله اليت ميشي هبا ‪ ،‬ولئن سألين‬
‫( )‬
‫ألعطينه ‪ ،‬ولئن استعاذ ين ألعيذنه ‪(( .‬‬
‫على ضوء هذه السياسة الشرعية احلكيمة اليت نزل هبا القرآن الكرمي‪ ،‬كان صلى‬
‫اهلل عليه وسلم يتدرج بالناس رويدا رويدا ‪ ،‬كما كان يتساهل معهم تأليفا لقلوهبم‬
‫واستمالة هلم إىل اعتناق الدين اإلسالمي ‪ ،‬ومثال ذلك ما يأيت ‪ )):‬ومن ذلك ما رواه‬
‫اإلمام أمحد بسنده عن نصر ابن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى إىل النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فأسلم على أن يصلي صالتني ( ال مخسا) فقبل منه ‪ .‬وجاء يف رواية‬
‫أخرى ‪ :‬على أال يصلي إال صالة واحدة فقبل منه (( ((وعن وهب قال ‪ :‬سألت‬
‫جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت فقال ‪ :‬اشترطت على النيب صلى اهلل عليه وسلم أن ال‬
‫صدقة عليها وال جهاد ‪ ،‬وأنه مسع النيب صلى اهلل عليه وسلم يقول بعد ذلك ‪-‬‬
‫سيتصدقون وجياهدون ‪ -‬رواه أبو داود )) (( وعن أنس أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال لرجل أسلِم قال ‪ :‬أجدين كارها قال ‪ :‬أسلِم وإن كنت كارها ‪. (( .‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) احلديث ذكره اإلمام النـووي يف كتابـه (ريـاض الصـاحلني) ط ‪ /‬مؤسسـة الرسـالة بـريوت ص‪ 31‬يف بـاب‬
‫‪ 306/‬وقـال رواه البخـاري عـن أيب هريـرة عـن رسـول اهلل صـلى اهلل‬ ‫(عالمات حب اهلل تعاىل للعبد حديث رقم‬
‫عليه وسلم فيما يرويه عن ربه‬

‫‪87‬‬
‫قال الشوكاين يف نيل األوطار بعد أن سرد هذه األحاديث ‪):‬فيها دليل على انه‬
‫( )‬
‫جيوز مبايعة الكافر وقبول اإلسالم منه وإن شرط شرطا باطال (‬
‫أما املعامالت فلم يستبصر األمر فيها إال بعد اهلجرة وقل مثل ذلك يف املنهيات ‪،‬‬
‫ولعلك مل تنس التدرج اإلهلي احلكيم يف حترمي اخلمر‪.‬‬
‫(تاسعا) جاء القرآن الكرمي مبطالب الدنيا واآلخرة معا ‪ ،‬وذلك بالتزام تعاليمه‬
‫وهداياته ‪ ،‬واجتناب نواهيه‬
‫(عاشرها) جميء القرآن الكرمي بالتيسريورفع احلرج عن الناس ﴿ و ما جعل‬
‫عليكم يف الدين من حرج ﴾ احلج ‪30 /‬‬
‫وهذا باب واسع وضع منه علماؤنا قواعد عامه كقوهلم ‪ :‬املشقة جتلب التيسري‪،‬‬
‫والضرورات تبيح احملظورات ‪ ،‬مث فرعوا عليها فروعا وسِعت وال تزال تسع الناس‬
‫( )‬
‫أمجعني "‬
‫الوجه اخلامس أنباء الغيب فيه ‪:‬‬
‫وبيان هذا أن القرآن الكرمي اشتمل على أنباء كثرية من الغيوب اليت ال علم‬
‫حملمد صلى اهلل عليه وسلم هبا ‪ ،‬وال سبيل ملثله أن يعلمها مما يدل داللة بينة على أن‬
‫هذا القرآن الكرمي املشتمل على تلك الغيوب ‪ ،‬ال يعقل أن يكون نابعا من نفس حممد‬
‫وال غري حممد من اخللق بل هو كالم عالم الغيوب وقيوم الوجود ‪،‬الذي ميلك زمام‬
‫العامل ﴿ وعنده مفاتيح الغيب ال يعلمها إال هو ويعلم ما يف الرب والبحر﴾ األنعام‪51 /6/‬‬
‫فمن ذلك قصص عن املاضي البعيد املتغلغل يف أحشاء القدم ‪ ،‬وقصص عن‬
‫احلاضر الذي ال سبيل حملمد صلى اهلل عليه وسلم لرؤيته ومعرفته فضال عن التحدث به‬
‫‪ ،‬وقصص عن املستقبل الغامض الذي انقطعت دونه األسباب ‪ ،‬وقصرت عن إدراكه‬
‫الفراسة واألملعية والذكاء‪.‬‬
‫وسر اإلعجاز يف ذلك كله أن هذه األنباء كلها وقعت كما حدث وما ختلف خرب‬
‫منها وجاء على النحو الذي أخرب به‬
‫وأنه إن أخرب عن غيب املاضي صدقه ما شهد به التاريخ ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) األحاديث الثالثة ذكرها اإلمام الشوكاين يف كتابه ( نيل األوطـار مـن أحاديـث سـيد األخيـار) كتـاب احلـدود –‬
‫ش‬ ‫باب – صحة اإلسالم مـع الشـرط الفاسـد ‪ -‬اجلـزء السـابع ص ‪ . 11‬طبـع ونشـر مكتبـة دار التـراث‬
‫اجلمهورية – القاهرة ‪.‬‬
‫‪366 : 36 /‬‬ ‫( ) بتصريف يسري جدا من كتاب مناهل العرفان ج‬

‫‪88‬‬
‫وإن أخرب عن غيب احلاضر صدقه ما جاء به األنبياء‬
‫وإن أخرب عن غيب املستقبل صدقه ما تلده الليايل وما جتيء به األيام ‪.‬‬
‫غيب املاضي ‪:‬‬
‫وغيوب املاضي يف القرآن الكرمي كثرية ‪ ،‬تتمثل يف تلك القصص الرائعة اليت‬
‫حتدث عنها التنزيل احلكيم ‪ ،‬ومل يكن لعلم حممد صلى اهلل عليه وسلم هبا من سبيل ‪.‬‬
‫" ففي قصة نوح ‪-‬عليه السالم‪ -‬أنه لبث يف قومه ألف سنة إال مخسني عامًا‪.‬‬
‫ويف سفر التكوين من التوراة أنه عاش تسعمائة ومخسني سنة‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل فيها ‪ ﴿ :‬تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت‬
‫‪41. /‬‬ ‫وال قومك من قبل هذا ﴾ هود‬

‫وترى يف قصة أصحاب الكهف عند أهل الكتاب أهنم لبثوا يف كهفهم ثالمثائة‬
‫سنة مشسية‪ .‬ويف القرآن أهنم لبثوا يف كهفهم ﴿ ثالمثائة سنني وازدادوا تسعًا ﴾ وهذا‬
‫السنون التسع هي فرق مابني عدد السنني الشمسية والقمرية‪ .‬قاله الزجاج يعين‬
‫بتكميل الكسر‪ .‬فانظر إىل هذا احلساب الدقيق يف أمة أمية ال تكتب وال حتسب‪.‬‬
‫( )‬
‫كفاك بالعلم يف األمي معجزة ‪ ...‬يف اجلاهلية والتأديب يف اليتم"‬
‫ومنها قصة مرمي وفيها يقول اهلل تعاىل ‪ ﴿ :‬ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما‬
‫كنت لديهم إذ يلقون أقالمهم أيهم يكفل مرمي وما كنت لديهم إذ خيتصمون ﴾ آل‬
‫عمران‪. 44/3‬‬
‫غيب احلاضر‪:‬‬
‫"وهو ما يتصل باهلل تعاىل واملالئكة واجلن واجلنة والنار وحنو ذلك ‪ ،‬مما مل يكن‬
‫لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل رؤيته وال العلم به من سبيل‬
‫وأمثلة ذلك كثرية يف القرآن الكرمي‬
‫فمن ذلك ما فضح اهلل تعاىل به املنافقني يف أكثر من موقف كقوله تعاىل ‪ ﴿ :‬ومن‬
‫الناس من يعجبك قوله يف احلياة الدنيا ويشهد اهلل على ما يف قلبه وهو ألد اخلصام وإذ‬
‫توىل سعى يف األرض ليفسد فيها ويهلك احلرث والنسل واهلل ال حيب الفساد ﴾البقرة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) النبأ العظيم نظرات جديدة يف القرآن الكرمي املؤلف ‪ :‬حممد بن عبـد اهلل دراز (املتـوىف ‪ 333 :‬هــ) اعـتىن بـه ‪:‬‬
‫أمحد مصطفى فضلية قدم له ‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد العظيم إبراهيم املطعـين الناشـر ‪ :‬دار القلـم للنشـر والتوزيـع الطبعـة ‪ :‬طبعـة‬
‫‪66/‬‬ ‫مزيدة وحمققة ‪ 4 6‬هـ‪ 885 -‬م عدد األجزاء ‪ :‬ج‬

‫‪89‬‬
‫‪ 84./‬وقوله تعاىل يف املسجد الضرار الذي بناه املنافقون ﴿ والذين اختذوا مسجدا‬
‫ضرارا وكفرا وتفريقا بني املؤمنني وإرصادا ملن حارب اهلل ورسوله من قبل وليحلفن إن‬
‫أردنا إال احلسىن واهلل يشهد إهنم لكاذبون ﴾ التوبة ‪ ، 83 / 1‬وسورة التوبة فيها من هذا‬
‫( )‬
‫النوع الكثريوالكثري"‬
‫غيب املستقبل ‪:‬‬
‫وأما غيب املستقبل فنمثل له على سبيل املثال ‪:‬‬
‫ما تنبأ به القرآن الكرمي هبزمية املشركني وانتصار املسلمني وذلك يف قوله سبحانه‬
‫وتعاىل ‪ ﴿ :‬سيهزم اجلمع ويولون الدبر﴾ القمر‪.45/ 54‬‬
‫فقد روى ابن أيب حامت أن عمر رضي اهلل عنه قال‪ :‬ملا أنزلت﴿ سيهزم اجلمع‬
‫ويولون الدبر﴾ قلت أي مجع هذا ؟ فلما كان يوم بدر رأيت رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫( )‬
‫عليه وسلم ‪ -‬وبيده السيف مصلتا وهو يقول ﴿سيهزم اجلمع ويولون الدبر﴾‬
‫على هامش الوجه اخلامس ‪:‬‬
‫يشتمل هذا الوجه من اإلعجاز على معجزات كثرية ‪ ،‬ألن كل نبأ من أنباء‬
‫الغيب يعد معجزة ‪ ،‬خاصة إذا كان الذي أتى هبا رجل أمي ما قرأ وما كتب وما‬
‫جلس يف يوم من أيام حياته إىل معلم أو مؤدب ‪ ،‬وما اشتهر بني قومه إال مبكارم‬
‫األخالق وصفاء السريرة ‪ ،‬فما كان من مكرمة إالوكان بالفضل يعلوها ‪ ،‬صلوات اهلل‬
‫وسالمه عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إىل يوم الدين ‪.‬‬
‫إن أكثر ما روعهم وصدمهم صدمة أفقدهتم صواهبم حىت أضحوا من هوهلا‬
‫يعمهون ‪ ،‬أن هذه األنباء قاطبة مل تتخلف منها نبوءة واحدة ‪ ،‬بل وقعت كما أنبأ هبا ‪،‬‬
‫ولو ختلفت واحدة منها لوجدوا يف ذلك بغيتهم ‪ ،‬ولقامت الدنيا وقعدت ‪ ،‬وطبل‬
‫أعداؤه ورقصوا ‪ ،‬لكن شيئا من هذا مل حيدث بل على النقيض من ذلك ‪ ،‬فقد كان هو‬
‫الذي يكذهبم فيما حرفوه ‪ ،‬ويرشدهم إىل حقيقة ما بدلوه ‪ ،‬ويتحداهم مبا يف أيديهم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري جدا من كتاب ( مناهل العرفان ) لإلمام الزرقاين ج ‪360/‬‬
‫( ) رواه ابن أىب حامت‪ ،‬والطرباىن ىف األوسط‪ ،‬وابـن مردويـه) [كنـز العمـال ‪]4638‬أخرجـه الطـرباىن ىف األوسـط‬
‫(‪ ، 45/4‬رقم ‪ )30 1‬جامع األحاديث (ويشتمل على مجـع اجلوامـع للسـيوطى واجلـامع األزهـر وكنـوز احلقـائق‬
‫‪1‬هــ) ضـبط‬ ‫للمناوى‪ ،‬والفتح الكبري للنبهاىن) املؤلف‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جـالل الـدين السـيوطي (املتـوىف‪:‬‬
‫نصوصه وخرج أحاديثه‪ :‬فريق من الباحثني بإشراف د على مجعة (مفيت الديار املصرية)طبـع علـى نفقـة‪ :‬د حسـن عبـاس‬
‫زكى عدد األجزاء‪ 3 :‬ج‪330 / 0‬‬

‫‪90‬‬
‫إذا جادلوه ‪ ،‬وإليك شاهدا على ذلك‬
‫" روى الواحدي عن الكليب أنه حني قال النيب صلّى اهلل عليه وسلم‪ :‬أنا على ملة‬
‫إبراهيم قالت اليهود‪ :‬كيف وأنت تأكل حلوم اإلبل وألباهنا ؟ فقال النيب صلى اهلل تعاىل‬
‫عليه وسلم ‪ :‬كان ذلك حالال إلبراهيم عليه السالم فنحن حنله‪.‬‬
‫فقالت اليهود ‪ :‬كل شيء أصبحنا اليوم حنرمه فإنه كان حمرما على نوح‬
‫وإبراهيم حىت انتهى إلينا" ( ) فأنزل اهلل تعاىل تكذيبا هلم‬
‫﴿ كل الطعام كان حال لبين إسرائيل إال ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن‬
‫تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقني فمن افترى على اهلل الكذب‬
‫من بعد ذلك فأولئك هم الظاملون قل صدق اهلل فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من‬
‫املشركني ﴾ آل عمران ‪15. ، 13،14 / 3‬‬
‫الوجه السادس ‪ :‬آيات العتاب ‪:‬‬
‫املتصفح آليات الذكر احلكيم جيد بني دفيت املصحف آيات كثرية قد سجلت‬
‫بعض األخطاء يف الرأي على النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬بل وجهت إليه عتابا نشعر‬
‫بلطفه تارة وبعنفه أخرى ‪ ،‬وال شك أبدا أن املنصف من القوم إذا ما علم هذا قال من‬
‫فوره ‪ :‬لو كان هذا كالم حممد صلى اهلل عليه وسلم ما سجل على نفسه هذه األخطاء‬
‫وخالصة القول أن يف هذا املقام أمور ثالثة ‪:‬‬
‫(أوهلا ) أن هذه األخطاء مل تكن من جنس األخطاء اليت يتردى فيها كثري‬
‫من ذوي النفوس الوضيعة ‪ ،‬كمخالفة أمر من األوامر اإلهلية الصرحية أو ارتكاب‬
‫فعل من األفعال القبيحة ‪.‬‬
‫إمنا كانت يف أمور مل يكن فيها نص صريح ‪ ،‬فأعمل نظره وأجال فكره وبذل‬
‫( )‬
‫وسعه حسب طاقته البشرية ‪ ،‬ولكن على رغم من ذلك كله أخطأ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين املؤلف‪ :‬شهاب الـدين حممـود بـن عبـد اهلل احلسـيين األلوسـي‬
‫هـ) احملقق‪ :‬علي عبد الباري عطيـة الناشـر‪ :‬دار الكتـب العلميـة – بـريوت الطبعـة‪ :‬األوىل‪4 5 ،‬‬ ‫(املتوىف‪38 :‬‬
‫‪1/‬‬ ‫هـ عدد األجزاء‪ 5( 6 :‬وجملد فهارس) ج‬
‫(‪ )2‬ومثال ذلك قضاؤه صلى اهلل عليه وسلم يف مسألة الظهار المرأة أوس بـن الصـامت فقـد روي أنـه قـال هلـا‪ :‬مـا‬
‫عندي يف أمرك شيء‪ .‬وروى أنه قال هلا‪ :‬حرمت عليه‪ 8‬فنزلت ( سورة اجملادلة) انظـر ( الكشـاف عـن حقـائق غـوامض‬
‫التنزيل ) للزخمشري (املتوىف‪530 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتاب العـريب – بـريوت الطبعـة‪ :‬الثالثـة ‪ 483 -‬هــ عـدد‬
‫األجزاء‪ 4 :‬ج ‪404 / 4‬‬

‫‪91‬‬
‫)ثانيها ( أن اهلل تعاىل مل يقر رسوله على خطأ أبدا ‪ ،‬ألن األمة مأمورة من اهلل‬
‫تعاىل باتباع الرسول صلى اهلل عليه وسلم فيما يقول ويفعل ‪ ،‬فلو أقره على خطأ أو‬
‫سكت عنه ‪ ،‬لكان ذلك مدعاة إىل التشكك يف ما يصدرعن الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بعد ذلك ‪ ،‬هلذا كان احلكيم العليم ال ميكن أن يقر القدوة العظمى على خطأ‬
‫أبدا ( )‪ ،‬بل يبني له وجه الصواب ‪ ،‬وقد يكون مع هذا البيان لون من ألوان العتاب‬
‫لطيفا أو عنيفا توجيها له وتكميال ‪ ،‬ال عقوبة وتنكيال ‪.‬‬
‫(ثالثها ) أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان يرجع إىل الصواب الذي أرشده‬
‫إليه مواله دون أن يبدي غضاضة ودون أن يكتم شيئا مما أوحي إليه من تسجيل‬
‫األخطاء عليه ‪ ،‬وتوجيه العتاب إليه‬
‫ويف ذلك دليل قاطع على عظمته وأمانته وعلى صدقه يف كل ما يبلغ عن ربه ‪،‬‬
‫وعلى أن القرآن الكرمي ليس من تأليفه ووضعه ولكنه تنزيل العزيزالرحيم‪.‬‬
‫آيات العتاب نوعان ‪:‬‬
‫إن العتاب املوجه للرسول صلى اهلل عليه وسلم يف القرآن الكرمي على نوعني ‪،‬‬
‫نوع لطيف لني ونوع عنيف خشن ولنمثل لذلك باملثال التايل ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 1‬ومن ذلك أسرى بدر‪ ،‬أخذ فيهم (صلى اهلل عليـه وسـلم) رأى أىب بكـر الصـديق ىف اسـتحيائهم وقبـول الفـداء‬
‫منهم‪ ،‬وكان عمر أشار عليه بقتلهم‪ ،‬وأشار عليه غريه حبرقهم استبالغًا فيهم‪ ،‬فبـات الـنىب يـرى رأيـه ىف ذلـك‪ ،‬وكانـت‬
‫أول وقعة أوقعها اهلل تعاىل بالكفار‪ ،‬فأراد اهلل أن يكسر كيدهم بقتلـهم‪ ،‬فعاتـب الـىن (صـلى اهلل عليـه وسـلم) وأنـزل‬
‫عليه‪( :‬ما كان لنىب أن يكون له أسرى حىت يثخن ىف األرض تريدون عـرض الـدنيا (يعـىن‪ :‬الفديـة‪ )،‬واهلل يريـد اآلخـرة‬
‫(أى‪ :‬إعالء كلمته‪ ،‬وإظهار دينه بقتلهم‪ .‬وقال (صلى اهلل عليه وسلم) ‪( :‬لو نزلـت آيـة عـذاب مـا جنـا منـها إال عمـر)‬
‫ألهنم طلبوا الفداء‪ ،‬وكانت الغنائم حمرمة عليهم‪ .‬وقال الطـربى‪ :‬ىف قولـه (صـلى اهلل عليـه وسـلم) ‪( :‬لـو نزلـت آيـة‬
‫عذاب ما جنا منها غري عمر) شرح صحيح البخارى البن بطال املؤلف‪ :‬ابن بطال أبو احلسـن علـي بـن خلـف بـن عبـد‬
‫امللك (املتوىف‪441 :‬هـ) حتقيق‪ :‬أبو متيم ياسر بن إبـراهيم دار النشـر‪ :‬مكتبـة الرشـد ‪ -‬السـعودية‪ ،‬الريـاض الطبعـة‪:‬‬
‫الثانية‪ 4 3 ،‬هـ ‪ 883 -‬م عدد األجزاء‪ 8 :‬ج ‪35/ 5‬‬

‫‪92‬‬
‫مثال للعتاب اللني ‪:‬‬
‫قوله تعاىل يف سورة التوبة ‪ ﴿ :‬عفا اهلل عنك مل أذنت هلم حىت يتبني لك الذين‬
‫صدقوا وتعلم الكاذبني ﴾ ( ) التوبة ‪. 43/1‬‬

‫مثال للعتاب اخلشن‪:‬‬


‫قوله عزوجل ﴿ عبس وتوىل أن جاءه األعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر‬
‫فتنفعه الذكرى أما من استغىن فأنت له تصدى وما عليك أال يزكى وأما من جاءك‬
‫يسعى وهو خيشى فأنت عنه تلهى كال إهنا تذكرة ﴾‬
‫‪:‬‬ ‫عبس ‪/ 08‬‬
‫" ذلك أن ابن أمّ مكتوم أتى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وعنده صناديد‬
‫قريش ‪ :‬عتبة وشيبة ابنا ربيعة ‪ ،‬وأبو جهل بن هشام ‪ .‬والعباس بن عبد املطلب ‪ ،‬وأمية‬
‫بن خلف ‪ ،‬والوليد بن املغرية ‪:‬‬
‫يدعوهم إىل اإلسالم رجاء أن يسلم بإسالمهم غريهم ‪ .‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل ‪،‬‬
‫أقرئين وعلمين مما علمك اهلل ‪ ،‬وكرر ذلك وهو ال يعلم تشاغله بالقوم‪ ،‬فكره رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم قطعه لكالمه ‪ ،‬وعبس وأعرض عنه ‪ ،‬فنزلت فكان رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يكرمه ويقول إذا رآه‪ :‬مرحبا مبن عاتبين فيه ريب ‪ ،‬ويقول له ‪:‬‬
‫هل لك من حاجة ( ) "؟‬
‫هذا لون من ألوان العتاب اخلشن شديد اللهجة يوضح فيه احلق جل وعال‬
‫لرسوله صلى اهلل عليه وسلم أنه ما كان ينبغي له أن يُقبل على هؤالء الصناديد وهم‬
‫عنه معرضون ﴿ إنك ال هتدي من أحببت ولكن اهلل يهدي من يشاء ﴾ القصص ‪56/ 0‬‬
‫وال إىل حد اإلعراض العابس يف وجه هذا الضعيف األعمى الذي جاءك يستزيد مما‬
‫علمتك إياه ﴿ وعلمك ما مل تكن تعلم وكان فضل اهلل عليك عظيما ﴾ النساء‪ 3/4‬من‬
‫أجل ذلك كان هذا العتاب من اهلل تعاىل لرسوله صلى اهلل عليه وسلم الذي رباه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) لِمَ َأذِْنتَ َلهُمْ بيان ملا كىن عنه بالعفو‪ .‬ومعناه‪ :‬مالك أذنت هلم يف القعود عن الغـزو حـني اسـتأذنوك واعتلـوا لـك‬
‫بعللهم وهال استأنيت باإلذن حَتَّى يَتَبََّينَ لَكَ من صدق يف عذره ممن كذب فيـه‪ .‬وقيـل شـيئان فعلـهما رسـول اهلل صـلى‬
‫اهلل عليه وسلم ومل يؤمر هبما‪ :‬إذنه للمنافقني وأخذه مـن األسـارى فعاتبـه اهلل تعـاىل‪ .‬الكشـاف عـن حقـائق غـوامض‬
‫التنزيل للزخمشري (املتوىف‪530 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتـاب العـريب – بـريوت الطبعـة‪ :‬الثالثـة ‪ 483 -‬هــ عـدد‬
‫‪433/‬‬ ‫األجزاء‪ 4 :‬ج‬
‫( ) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل للزخمشـري (املتـوىف‪530 :‬هــ) الناشـر‪ :‬دار الكتـاب العـريب ‪ -‬بـريوت‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 483 -‬هـ عدد األجزاء‪4 :‬ج‪388 / 4‬‬

‫‪93‬‬
‫وحفظه ورعاه ومن عليه بعطاياه فاملربَّى يبلغ القمة يف التربية إنْ كان َمنْ ربَّاه عظيماً‪.‬‬
‫( )‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّم َ‪ ﴿ :‬أدَّبين ريب فأحسن تأدييب ﴾‬
‫لذلك يقول صَلَّى َّ‬
‫إذن‪ :‬فمن عظمة احلق تبارك وتعاىل أنْ يُعطي منوذجًا لدقّة تربيته تعاىل ولعظمة‬
‫اللهُ عَلَيْهِ‬
‫تكوينه ‪ ،‬وملا يصنعه على( عَيْنه تعاىل) مبحمد صَلَّى َّ‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّم َ أكرمُ خملوق مُربَّى يف األرض‪.‬‬
‫وَسَلَّم َ‪ ،‬فكأنه صَلَّى َّ‬
‫الوجه السابع ما نزل بعد طول انتظار ‪:‬‬
‫يف القرآن الكرمي آيات كثرية جاءت ردا على أسئلة وجهت لرسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فلم يستطع أن يرد عليها وذلك لعدم وجود نص من القرآن بشأهنا ‪ ،‬فلو‬
‫كان هذا القرآن من عنده ‪ -‬كما يدعي هؤالء ‪ -‬ملا وسعه جهدا أن يستحضر اإلجابة‬
‫خصوصا كرجل عظيم يتحدى قومه بل ويتحدى العامل بأسره ومن األمثلة على ذلك‬
‫ما يأيت ‪:‬‬
‫" أن املشركني أعياهم أمر النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مبكة فأرسلوا مجاعة‬
‫منهم إىل يثرب ‪ ،‬فَاعلَ َمتْ مجاعةً من رؤساء إليهود بقصة رسول اللَّه ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ -‬فقالت اليهود ‪ :‬إنَّ امسه عندنا مكتوب ‪ ،‬وأنه سيبعث على فترة ِمنَ الرسلِ‬
‫فسلوه عن ثالث ‪ ،‬فإن أخربكم هبن فهو نيب مرسل وإال فهو رجل متقوِّل فأعملوا فيه‬
‫رأيكم ‪ :‬سلوه عن فتية ذهبوا يف الدهر األول ‪ ،‬ما كان من أمرهم ‪ ،‬فإهنم كان هلم‬
‫حديث عجيب ‪ ،‬وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق األرض ومغارهبا ‪ ،‬ما كان نبؤه ؟‬
‫وسلوه عن الروح ما هو ؟ فإن أخربكم بذلك فهو نيبّ فاتبعوه‪.‬‬
‫فعادت اجلماعة من املشركني إىل مكة ومجعوا مجعاً كثرياً وسألوا النيب ‪ -‬صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ -‬عن هذه األشياء ‪ .‬فأعلمهم أنه ال يعلمها‪ ،‬وأنه إن نزل عليه وحي هبا‬
‫أعلمهم ‪ ،‬وقال‪ :‬سأخربكم هبا ومل يقل إن شاء اهلل فأبطأ عنه الوحي أياماً ونزلت‪﴿ :‬‬
‫اللهُ ﴾الكهف ‪3/ 0‬‬
‫وَلَا َتقُولَنَّ لِشَ ْيءٍ إِنِّي فَا ِعلٌ ذَِلكَ غَدًا إِال أَنْ يَشَاءَ َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) عن أنس رضي اهلل عنه قال‪ :‬كان رسول اهلل أحسن الناس خلقاً) كيـف وقـد قـال «أدبـين ريب فأحسـن تـأدييب»‬
‫(متفق عليه) وعندمها من حديث الرباء بن عازب «كان النيبّ أحسن النـاس وجهـاً وأحسـنهم خلقـاً» احلـديث‪ ( .‬دليـل‬
‫الفاحلني لطرق رياض الصاحلني) املؤلف‪ :‬حممد علي بن حممد بن عالن بن إبـراهيم البكـري الصـديقي الشـافعي (املتـوىف‪:‬‬
‫‪ 853‬هـ) اعتىن هبا‪ :‬خليل مأمون شيحا الناشر‪ :‬دار املعرفـة للطباعـة والنشـر والتوزيـع‪ ،‬بـريوت – لبنـان الطبعـة‪:‬‬
‫الرابعة‪ 4 5 ،‬هـ عدد األجزاء‪ 0 :‬ج‪33 /5‬‬

‫‪94‬‬
‫فأخربهم النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مبا أوحى اهلل إليه وأنزله اهلل يف‬
‫"(‬
‫)‪.‬‬ ‫كتابه مما دل على حقيقة نبوته‬
‫فإذا كان القرآن الكرمي من عنده فكيف يعرض نفسه وشرف منزلته بني قومه ألن‬
‫يتقولوا عليه ‪ ،‬وتصور معي هذا املوقف الذي تعرض له صلى اهلل عليه وسلم حني‬
‫سألوه فقال ال أعلم ‪ ،‬أوحني رد عليهم بقوله ‪ :‬أجيبكم غدا مث متضي األيام والليايل‬
‫دون أن جيد هلذه األسئلة إجابة ‪ ،‬أما كان حريا به ‪ -‬إذا كان القرآن من عنده كما‬
‫يدعون ‪ -‬أن جيد إجابة خيرج هبا من بني براثنهم وألسنتهم اليت طبعت على اجلدال‬
‫واملراء ؟‬
‫﴾الكهف‪5/ 0‬‬ ‫﴿ كربت كلمة خترج من أفواههم إن يقولون إال كذبا‬
‫مثال آخر يشيب من هوله الولدان ‪:‬‬
‫حادثة اإلفك اليت هتتز هلا كافة النفوس املؤمنة ويتزلزل هلا عرش الدولة اإلسالمية‬
‫باملدينة وتصيب أعظم وأطهر نفس عرفتها البشرية يف مقتل ‪،‬تلك احلادثة اليت يفترى‬
‫فيها على زوج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأم املؤمنني كافة وأقرب وأحب‬
‫شخصية إىل قلبه وابنة الرجل الثاين بالدولة وأقرب الناس إىل قلب رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬يا هلول املصاب ووقعه على أطهر قلب عرفه التاريخ وأزكى نفس مشت‬
‫على األرض وأعظم اخللق حياءا وأعالهم كعبا وشرفا ونبال ‪ ،‬ومع ذلك مل يستطع‬
‫صلى اهلل عليه وسلم أن يدفع عن نفسه وزوجه هذا اإلفك حىت نزل القرآن يعلن‬
‫( )‬
‫براءة السيدة عائشة رضي اهلل عنها ‪.‬‬
‫الوجه الثامن ‪:‬‬
‫مظهر النيب صلى اهلل عليه وسلم عند هبوط الوحي عليه ‪:‬‬
‫" كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يف بدء نزول الوحي يتعجل نزوله وحيرك‬
‫لسانه بالقرآن الكرمي خشية النسيان أو الضياع ‪ ،‬وذلك من قبل أن ينتهي جربيل من‬
‫إحيائه إليه ‪ ،‬وذلك لإلسراع حبفظه واحلرص على استظهاره حىت يبلغه الناس كما أنزل‬
‫‪ ،‬وكان عليه الصالة والسالم جيد من ذلك شدة على نفسه فوق الشدة العظمى اليت‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪3‬هــ) الناشـر‪:‬‬ ‫( ) معاين القرآن وإعرابه املؤلف‪ :‬إبراهيم بن السري بن سهل‪ ،‬أبـو إسـحاق الزجـاج (املتـوىف‪:‬‬
‫عامل الكتب – بريوت الطبعة األوىل ‪ 480‬هـ عدد األجزاء‪ 5 :‬ج‪61 / 3‬‬
‫( ) انظر تفسري الشعراوي – اخلواطر املؤلف‪ :‬حممد متويل الشـعراوي (املتـوىف‪ 4 0 :‬هــ) الناشـر‪ :‬مطـابع أخبـار‬
‫‪8‬‬ ‫اليوم عام ‪ 113‬م)عدد األجزاء‪ 8 :‬ج‪4 / 6‬‬

‫‪95‬‬
‫حيسها من نزول الوحي عليه حىت إن جبينه ليتفصد عرقا يف اليوم الشديد الربد ‪ ،‬و‬
‫( )‬
‫جسده ليثقل حبيث حيس ثقله من جبواره ‪ ،‬ووجهه حيمر‪ ،‬ويسمع لشدته غطيط "‬
‫روى مسلم (( أنه صلى اهلل عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك‬
‫وتربد وجهه الشريف () ( )‬

‫فكان من رمحة اهلل تعاىل بنبيه ومصطفاه أن خفف عنه هذا العناء فأنزل عليه ‪﴿ :‬‬
‫ال حترك به لسانك لتعجل به إن علينا مجعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه مث إنا علينا‬
‫بيانه ﴾ القيامة ‪6./ 35‬‬
‫وهبذا اطمأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم وسكن فؤاده وهدأت جوارحه حينما‬
‫تكفل اهلل جبمع القرآن الكرمي يف صدره و قراءته على الناس كامال ال تسقط منه‬
‫كلمة وال حرفا ‪ ،‬وأن يستطيع بذلك بيانه وتالوته وتوضيح معناه فال ختفى عليه خافية‬
‫منه وكذلك قال اهلل تعاىل ﴿ سنقرؤك فال تنسى ﴾ األعلى ‪.6/ 03‬‬
‫وقال له مرة ثالثة﴿ وال تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب‬
‫زدين علما ﴾ طه ‪4. / 8‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫الوجه التاسع ‪:‬آية املباهلة‪:‬‬
‫حينما الحت يف األفق أنباء الدعوة احملمدية وأشرقت مشس اإلسالم تبدد‬
‫ظلمات الشرك والوثنية ‪ ،‬والدعوة للتوحيد وإفراد اهلل تعاىل بالعبودية والربوبية ونبذ‬
‫ما خال ذلك من عبادة غري اهلل ‪ ،‬أثارت تلك الدعوة علماء اليهود والنصارى من أهل‬
‫الكتاب قال تعاىل ‪ ﴿ :‬ود كثري من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إميانكم كفارا‬
‫حسدا من عند أنفسهم ﴾ البقرة ‪ 81/‬واستشاط نصارى جنران غضبا وأبوا إال‬
‫مواجهة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم للوقوف على مدى صدقه من عدمه ‪ ،‬فقدموا‬
‫املدينة وجعلوا يسألون ويستفتون الرسول يف أمورالدين والرساالت السابقة ‪ ،‬وهو‬
‫جييبهم فعلموا يقينا بأنه هو النيب الذي نبـأت به التوراة واإلجنيل ‪ ،‬ولكنهم أبوا إال‬
‫التمسك بدينهم وذلك خشية زوال سلطاهنم وفقدان هيبتهم ‪ ،‬فدعاهم النيب صلى اهلل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪311 /‬‬ ‫( ) بتصريف يسري جدا من كتاب مناهل العرفان لإلما م الزرقاين‬
‫(‪ )2‬رواه أمحد يف مسنده ج‪ 336/33‬وقال اسناده صـحيح علـى شـرط البخـاري – مسـند امحـد – حتقيـق‪ /‬شـعيب‬
‫‪ 4‬هــ ‪ .‬ورواه البيهقـي يف دالئـل النبـوة ‪ ، 54/3‬واملنـاوي‬ ‫األرناؤوط الناشر ‪ /‬مؤسسة الرسالة – الطبعة األوىل‬
‫‪.‬‬ ‫يف فيض القدير ‪8/ 5‬‬
‫(‪ )3‬باهل بعضهم بعضا ‪ :‬اجتمعوا فتداعوا فاستنزلوا لعنـة اهلل علـى الظـامل منـهم ‪ .‬وابتـهل إىل اهلل تضـرع واجتهـد يف‬
‫الدعاء ‪ .‬املعجم الوجيز ص‪ 65‬ط‪ /‬جممع اللغة العربية‬

‫‪96‬‬
‫عليه وسلم إىل املباهلة ‪ ،‬فأبوا ذلك وخافوا نزول ساحة املساجلة والنزال ‪،‬‬
‫قال سبحانه وتعاىل ‪ ﴿ :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا‬
‫ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنة اهلل‬
‫على الكاذبني ﴾ آل عمران ‪6 / 3‬‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآَيةَ عَلَى وَفْدِ نَجْرَانَ وَدَعَاهُ ْم‬ ‫‪".‬وَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َّ‬
‫إِلَى الْمُبَاهَلَةِ قَالُوا‪ :‬حَتَّى نَرْجِعَ وَنَ ْنظُرَ فِي َأمْرِنَا ثُمَّ َنأْتِيكَ غَدًا‪ ،‬فَخَلَا َبعْضُهُمْ بَِبعْضٍ‬
‫َاللهِ َلقَدْ عَرَفْتُمْ يَا َمعْشَرَ‬ ‫َفقَالُوا لِ ْلعَا ِقبِ وَكَانَ ذَا رَأْيِهِمْ‪ :‬يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ مَا تَرَى؟ قَالَ‪ :‬و َّ‬
‫ريهُمْ وَلَا نََبتَ‬ ‫َاللهِ مَا لَا َعنَ َق ْومٌ نَبِيًّا قَطُّ َفعَاشَ كَبِ ُ‬ ‫النَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْ َسلٌ‪ ،‬و َّ‬
‫ريهُمْ‪ ،‬وَلَِئنْ َفعَلْتُمْ ذَِلكَ لَنَهْلِكَنَّ َفإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا اْلإِقَا َمةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَ ْيهِ ِمنَ اْل َقوْلِ فِي‬
‫صغِ ُ‬
‫َ‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ‬
‫اللهِ صَلَّى َّ‬ ‫صَاحِبِكُمْ َفوَادِعُوا الرَّ ُجلَ وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَا ِدكُمْ‪َ ،‬فأََتوْا رَسُولَ َّ‬
‫سنِ وَفَاطِ َمةُ تَمْشِي خَلْ َفهُ وَعَلِيٌّ خَ ْلفَهَا‬ ‫وَسَلَّمَ وَقَدْ غَدَا مُحْتَضِنًا لِلْحُسَ ْينِ آخِذًا بِيَدِ الْحَ َ‬
‫َو ُهوَ َيقُولُ لَهُمْ‪" :‬إِذَا أَنَا دَ َع ْوتُ َفأَمِّنُوا" َفقَالَ أُ ْسقُفُّ نَجْرَانَ‪ :‬يَا َمعْشَرَ النَّصَارَى إِنِّي‬
‫اللهَ أَنْ يُزِيلَ جَبَلًا ِمنْ مَكَاِنهِ ِلأَزَاَلهُ فَلَا تَبْتَهِلُوا فَتَهْلَكُوا وَلَا يَ ْبقَى‬ ‫ِلأَرَى وُجُوهًا َلوْ َسأَلُوا َّ‬
‫عَلَى وَ ْجهِ اْلأَرْضِ مِنْكُمْ نَصْرَانِيٌّ إِلَى َي ْومِ اْلقِيَا َمةِ‪َ ،‬فقَالُوا يَا أَبَا اْلقَاسِمِ‪ :‬قَدْ رَأَيْنَا َأنْ لَا‬
‫اللهُ عَلَيْهِ‬
‫نباهلك وَأَنْ نَتْرُ َككَ عَلَى دِيِنكَ وَنَثُْبتَ عَلَى دِينِنَا‪َ ،‬فقَالَ رسول اهلل صَلَّى َّ‬
‫وَسَلَّمَ‪َ " :‬فِإنْ أَبَيْتُمُ الْمُبَاهَ َلةَ َفأَسْلِمُوا يَ ُكنْ لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِنيَ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ" َفأََبوْا‬
‫حكَ عَلَى َأنْ لَا‬ ‫َفقَالَ‪َ " :‬فإِنِّي أُنَابِذُكُمْ" فَقَالُوا‪ :‬مَا لَنَا بِحَ ْربِ اْلعَ َربِ طَا َقةٌ‪ ،‬وَلَكِنَّا نُصَالِ ُ‬
‫َتغْ ُزوَنَا وَلَا تُخِيفَنَا وَلَا تَرُدَّنَا َعنْ دِينِنَا عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ إِلَ ْيكَ كُلَّ عَامٍ أَْلفَيْ ح َُّلةٍ أَْلفًا فِي‬
‫اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَِلكَ وَقَالَ‪:‬‬ ‫اللهِ صَلَّى َّ‬ ‫صفَرَ وَأَْلفًا فِي رَ َجبٍ‪ ،‬فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ َّ‬ ‫َ‬
‫"وَالَّذِي َنفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ اْلعَذَابَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى َأ ْهلِ نَجْرَانَ وََلوْ تَلَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً‬
‫اللهُ نَجْرَانَ وََأهْلَهُ حَتَّى الطَّيْرَ عَلَى‬ ‫صلَ َّ‬ ‫وَخَنَازِيرَ وَلَاضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ اْلوَادِي نَار وَلَاسَْت ْأ َ‬
‫( )‬
‫حوْلُ عَلَى النَّصَارَى كُلِّهِمْ حَتَّى هَلَكُوا"‬ ‫الشَّجَرِ‪ ،‬وَلَمَا حَالَ الْ َ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل املؤلف‪ :‬أبو القاسم حممود بن عمرو بـن أمحـد‪ ،‬الزخمشـري جـار اهلل (املتـوىف‪:‬‬
‫‪530‬هـ) الناشر‪ :‬دار الكتاب العـريب – بـريوت الطبعـة‪ :‬الثالثـة ‪ 483 -‬هــ عـدد األجـزاء‪ 4 :‬ج ‪– 360 /‬‬
‫وقال أخرجه أبو نعيم يف دالئل النبوة‪ ،‬من طريق حممد بن مروان السدى عـن الكلـيب عـن أىب صـاحل عـن ابـن عبـاس‬
‫بطوله وابن مروان متروك متهم بالكذب مث أخرج أبو نعيم حنوه عن الشعيب مرسال‪ ،‬وفيـه «فـان أبيـتم املباهلـة فأسـلموا‬
‫ولكم ما للمسلمني وعليكم ما عليهم‪ ،‬فان أبيتم فأعطونا اجلزية‪ ،‬كما قال اللَّه تعـاىل‪ .‬قـالوا‪ :‬مـا منلـك إال أنفسـنا قـال‪:‬‬
‫فان أبيتم فاىن أنبذ إليكم على سواء‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال طاقة لنا حبرب العرب‪ ،‬ولكن نؤدي اجلزيـة‪ ،‬فجعـل علـيهم يف كـل سـنة‬
‫ألفى حلة‪ :‬ألفاً يف صفر‪ ،‬وألفاً يف رجب‪ ،‬فقال صلى اللَّه عليه وسلم‪ :‬لقد أتاىن البشري هبلكـة أهـل جنـران لـو متـوا علـى‬
‫املالعنة» رواه الطربي من طريق أىب إسحاق‪ ،‬حدثين حممد بن جعفر بن الـزبري يف قولـه‪( :‬إِنَّ هـذا َلهُـوَ الْقَصَـصُ الْحَـقُّ)‬

‫‪97‬‬
‫الوجه العاشر‬
‫عجز الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن اإلتيان ببدل له ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ ﴿ :‬وقال الذين ال يرجون لقاءنا ائت بقرآن غري هذا أو بدله قل ما‬
‫يكون يل أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إال ما يوحى إيل ) يونس‪. 5/ 8‬‬
‫"فماكان غرضهم وهم أدهى الناس وأنكرهم يف هذا االقتراح؟ قلت‪ :‬الكيد‬
‫واملكر‪ .‬أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن‪ ،‬ففيه أنه من عندك وأنك قادر على مثله‪ ،‬فأبدل‬
‫مكانه آخر‪ ،‬وأما اقتراح التبديل والتغيري‪ ،‬فللطمع والختبار احلال‪ .‬وأنه إن وجد منه‬
‫تبديل ‪ ،‬فإمّا أن يهلكه اهلل فيتخلصوا منه ‪ ،‬أو ال يهلكه فيسخروا منه ‪ ،‬وجيعلوا‬
‫( )‬
‫التبديل حجة عليه وتصحيحا الفترائه على اهلل "‪.‬‬
‫فلو كان هذا القرآن من كالمه فما الذي منعه من اإلتيان بغريه ‪ ،‬أو تبديله‬
‫استرضاءا هلم ‪ ،‬وحينئذ يكتسب أنصارا إىل أنصاره ‪ ،‬ويضم أعوانا إىل أعوانه ‪،‬‬
‫ويكون ذلك أروج لدعوته اليت حيرص عليها وعلى جناحها ‪ ،‬لكنه أعلن عجزه عن‬
‫إجابة هذه املقترحات وأبدى خماوفه إن هو أقدم على هذا الذي سألوه وتنصل من نسبة‬
‫القرآن الكرمي إليه ‪ -‬مع أنه الفخر كل الفخر‪ -‬وألقمهم حجرا يف أفواههم بتلك‬
‫احلجة اليت أقامها عليهم وهي أنه نشأ فيهم ال يعرف وال يعرفون عنه ذلك الذي جاء‬
‫( )‬
‫به وهو القرآن الكرمي‬
‫الوجه احلادي عشر‬
‫اآليات اليت جترد الرسول من نسبتها إليه ‪:‬‬
‫أنك إذا قرأت القرآن الكرمي وجدت آياته جترد الرسول حممد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم من نسبتها إليه وتصفه بأنه كان قبل نزول القرآن ال يدري ما الكتاب وال‬
‫اإلميان ومتنت عليه بأن اهلل قد آتاه الكتاب واحلكمة بعد أن كان ال يعلم عنهما شيئا‬
‫قال تعاىل ‪ ﴿ :‬وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب وال‬
‫اإلميان ﴾ الشورى ‪.5 / 4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فذكره مرسال‪ ،‬ويف سنن أىب داود من حديث ابن عباس «صاحل النيب صلى اللَّه عليه وسلم أهـل جنـران علـى ألفـى حلـة‬
‫النصف يف صفر‪ ،‬والبقية يف رجب يؤدونه إىل املسلمني‪ ،‬وعارية ثالثني درعا وثالثـني فرسـاً وثالثـني بعـرياً‪ ،‬وثالثـني مـن‬
‫كل صنف من أصناف السالح يغزون هبا واملسلمون ضامنون هلا حىت يردوها عليهم» وهو طرف من هذه القصة‪.‬‬
‫‪334 /‬‬ ‫( ) املرجع السابق ( الكشاف ) ج‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) ج ‪48 /‬‬

‫‪98‬‬
‫وقوله تعاىل ‪ ﴿ :‬وأنزل اهلل عليك الكتاب واحلكمة وعلمك ما مل تكن تعلم‬
‫وكان فضل اهلل عليك عظيما﴾ النساء ‪3/4‬‬
‫فالناظر يف هذه اآليات يعلم مبا ال يدع جماال للشك أن النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ما كان يعلم أن اهلل سيشرفه بالنبوة والرسالة ‪ ،‬وأنه سيلقي عليه هذا القول الثقيل قال‬
‫تعاىل ‪ ﴿ :‬إنا سنلقي عليك قوال ثقيال ﴾ املزمل‪5/33‬‬
‫هذا القول الذي تنوء حبمله اجلبال قال تعاىل ‪ ﴿ :‬لو أنزلنا هذا القرآن على‬
‫﴾احلشر‪12/95‬‬ ‫جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية اهلل‬
‫فبعد ما شرفه اهلل تعاىل برسالته وأشرقت نفسه بنورها ‪ ،‬كان إذا فتر الوحي‬
‫عنه قليال عراه من احلزن والوجيب وشدة التحرق والتشوق على فترته‬
‫والتلهف على عودته ما جعله ميشي هائما حائرا ال يعلم أين السبيل واملقصد كل ذلك‬
‫بني جبال مكة وشعاهبا حىت لقد كاد يتردى مرة من شاهق وهو يطلبه ‪.‬‬
‫" فإن كان يطلب السؤدد ‪ ،‬فليس شيء أوجه له وال أجمد من أن يكون هذا‬
‫القرآن الكرمي كالمه ‪ ،‬ولوكان كذلك ألثبت به ألوهيته بدال من نبوته ‪ ،‬وإذا لكانت‬
‫تلك األلوهية أبلغ يف جناح دعوته وأرجى يف ترويج ديانته‬
‫ألن الناس تبهرهم األلوهية ‪ ،‬أكثر مما تبهرهم النبوة ‪،‬‬
‫ويشرفهم أن يكونوا أتباع إله أكثر من أن يشرفهم أهنم أتباع رسول مل خيرج‬
‫( )‬
‫ولن خيرج يوما من أرض العبودية ومل يرتق ولن يرتقي يوما إىل مساء الربوبية "‬
‫الوجه الثاين عشر‬
‫تأثري القرآن الكرمي وجناحه ‪:‬‬
‫إن القرآن الكرمي بلغ يف جناحه مبلغا خرق به نواميس الكون ‪ ،‬وخرج على‬
‫العادات اليت امتزجت بدمائهم ‪ ،‬والتقاليد اليت ألفوها ‪ ،‬والعقائد اليت توارثوها‬
‫وأخالقهم اليت نشأوا عليها وذلك ملا متيز به سلطانه القاهر على النفوس وأحكامه‬
‫النافذة املسيطرة على امليول والعواطف ‪ ،‬فأحدث بذلك‬
‫تغيريا مفاجئا مل حيدث يف أي عهد من عهود التاريخ قدميه وحديثه ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) ج ‪484 ، 483 /‬‬

‫‪99‬‬
‫تأثريه يف أعدائه ‪:‬‬
‫إن العرب وهم ائمة البالغة وصيارفة البيان وأرباب الكلمة ‪ ،‬وأساطني الفصاحة‬
‫‪ ،‬قد هاهلم وجذهبم ‪ ،‬ما فاجأهم به القرآن الكرمي من سحر بيانه ‪ ،‬وعذب منطقه ‪،‬‬
‫ورصانة ألفاظه ‪ ،‬وروعة أسلوبه ‪ ،‬فكانت السبب يف اجنذاهبم إليه ‪ ،‬ويتجلى ذلك‬
‫واضحا فيما يلي ‪:‬‬
‫ِصةِ أَبِي جَ ْهلٍ حِنيَ جَاءَ يَسْتَمِ ُع‬ ‫الزهْرِيِّ‪ ،‬فِي ق َّ‬
‫" ويذكرَ مُحَمَّدُ ْبنُ إِسْحَاقَ ‪َ ،‬عنِ ُّ‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ ِمنَ اللَّ ْيلِ ‪ُ ،‬هوَ وَأَبُو ُسفْيَانَ صَخْر بنِ حَرْب ‪،‬‬ ‫قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى َّ‬
‫شعُرُ واحدٌ مِنْهُمْ بِالْآخَرِ‪ .‬فَاسْتَ َمعُوهَا إِلَى الصَّبَاحِ ‪ ،‬فَلَمَّا هَجَم‬ ‫واألخْنَس ْبنُ شِريْق‪ ،‬وَلَا يَ ْ‬
‫الصُّبْحُ تَفرَّقوا ‪ ،‬فَجَ َمعَتْهُمُ الطَّرِيقُ ‪َ ،‬فقَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ‪ :‬مَا جَاءَ ِبكَ؟ فَذَكَرَ َلهُ مَا‬
‫جَاءَ َلهُ ثُمَّ َتعَاهَدُوا أَلَّا َيعُودُوا ‪ ،‬لِمَا يَخَافُونَ مِنْ عِلْمِ شَبَابِ قُرَيْشٍ بِهِمْ‪ ،‬لِئَلَّا َيفْتَتِنُوا‬
‫بِمَجِيئِهِمْ فَلَمَّا كَاَنتِ اللَّيْ َلةُ الثَّانَِيةُ جَاءَ كُلٌّ مِنْهُمْ ظَنًا أَنَّ صَاحِبَ ْيهِ لَا يَجِيئَانِ ‪ ،‬لِمَا َتقَدَّمَ‬
‫ِمنَ اْلعُهُودِ‪ ،‬فَلَمَّا أَجْ َمعُوا جَ َمعَتْهُمُ الطَّرِيقُ ‪ ،‬فَتَلَا َومُوا ‪ ،‬ثُمَّ َتعَاهَدُوا أَلَّا َيعُودُوا‪ .‬فَلَمَّا‬
‫كَاَنتِ اللَّيْ َلةُ الثَّالَِثةُ جَاؤُوا أَيْضًا ‪ ،‬فَلَمَّا َأصْبَحُوا َتعَاهَدُوا أَلَّا َيعُودُوا لِمِثْلِهَا ثُمَّ َتفَرَّقُوا ‪،‬‬
‫فَلَمَّا َأصْبَحَ اْلأَخْنَسُ ْبنُ شَرِيق أَخَذَ عَصَاهُ ‪ ،‬ثُمَّ خَ َرجَ حَتَّى أَتَى أَبَا ُسفْيَانَ ْبنَ حَ ْربٍ فِي‬
‫بَيِْتهِ‪َ ،‬فقَالَ‪ :‬أَخْبِرْنِي يَا أَبَا حَنْظَلة َعنْ رَأِْيكَ فِيمَا سَ ِم ْعتَ ِمنْ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ‪ :‬يَا أَبَا َثعْلََبةَ ‪،‬‬
‫َاللهِ َلقَدْ مسعتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا وَأَعْ ِرفُ مَا يُراد بِهَا ‪ ،‬وَسَ ِم ْعتُ أَشْيَاءَ مَا عَرَ ْفتُ َمعْنَاهَا‬ ‫و َّ‬
‫وَلَا مَا يُرَادُ بِهَا‪ .‬قَالَ اْلأَخْنَسُ‪ :‬وَأَنَا وَالَّذِي حَ َل ْفتَ ِبهِ‪ .‬ثُمَّ خَ َرجَ ِمنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَى أَبَا‬
‫جَ ْهلٍ‪ ،‬فَدَ َخلَ عَلَ ْيهِ فِي بَيِْتهِ َفقَالَ‪ :‬يَا أَبَا الْحَكَمِ ‪ ،‬مَا رَأُْيكَ فِيمَا سَ ِم ْعتَ ِمنْ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ‪:‬‬
‫حنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّ َرفَ‪ :‬أَ ْطعَمُوا فأطعمنا‪ ،‬وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا‬ ‫مَاذَا سَ ِم ْعتُ؟ تَنَازَعْنَا نَ ْ‬
‫‪ ،‬وَأَعْ َطوْا َفأَ ْعطَيْنَا ‪ ،‬حَتَّى إِذَا تَجاثينا عَلَى الرُّكَب ‪ ،‬وَكُنَّا َكفَرَسي ِرهَان ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬مِنَّا نَبِيٌّ‬
‫َيأْتِيهِ اْلوَحْيُ ِمنَ السَّمَاءِ! فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ؟ وَاللَّهِ لَا ُن ْؤ ِمنُ ِبهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّ ُقهُ ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫( )‬
‫َفقَامَ عَ ْنهُ اْلأَخْنَسُ وَتَرَ َكهُ "‬
‫تأثري القرآن الكرمي يف نفوس أوليائه ‪:‬‬
‫إذا كان ما سبق ذكره من تأثري القرآن الكرمي يف أعدائه ‪ ،‬فكيف يكون تأثريه فيمن‬
‫آمنوا به وتغلل بسويداء قلوهبم ‪ ،‬وأشرقت أرواحهم به ‪ ،‬وتأثرت به نفوسهم حىت‬
‫امتزجت به ‪ ،‬فكان لذلك مظاهر منها ‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) تفسري القرآن العظيم املؤلف‪ :‬أبو الفداء إمساعيل بـن عمـر بـن كـثري القرشـي البصـري مث الدمشـقي (املتـوىف‪:‬‬
‫‪334‬هـ) احملقق‪ :‬سامي بن حممد سالمة الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية ‪ 4 8‬هـ ‪ -‬عدد األجزاء‪ 0 :‬ج ‪5 / 3‬‬

‫‪100‬‬
‫" )املظهر األول ( ‪.:‬اقدامهم واقباهلم على هذا املنهل العذب الصايف واإلغتراف‬
‫منه كل قدر طاقته ‪ ،‬حفظا وتدبرا وتالوة ‪ ،‬أثناء الصالة أو يف غريها ‪.‬‬
‫)املظهر الثاين ( ‪ :‬قيامهم بتنفيذ كافة تعاليمه ‪ ،‬من أوامر ونواهي وغري ذلك ‪،‬‬
‫وشدة متسكهم هبداياته ‪ ،‬وترك كل ما خيالف تعاليمه ‪.‬‬
‫)املظهر الثالث( ‪ :‬تفانيهم يف نشر تعاليمه وهديه ‪ ،‬وخباصة يف األمم والبالد‬
‫املفتوحة ‪ ،‬وإقباهلم الشديد عليه ‪ ،‬ملا ملسوه فيه من روح اإلصالح‬
‫بكل أنواعه ‪ ،‬ولتعاليمه السمحه ‪ ،‬وإقراره ملبدأ العدل واملساواة بني البشر ال‬
‫( )‬
‫فرق بني جنس وآخر إال بالتقوى والعمل الصاحل "‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪4‬‬ ‫(‪ )1‬بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) ج ‪: 486 /‬‬

‫‪101‬‬
‫الفصـــل الثـالــث عنـوانـه‬

‫دفـاع اإلمام الزرقاين عن القرآن الكرمي‬

‫ويشتمل على مبحثني ‪:‬‬

‫املبحث األول ‪ :‬الشبهات الواردة على تاريخ القرآن الكرمي ودفعها‬

‫املبحث الثاين ‪ :‬رد الشبهات األخرى وإبراز جهود اإلمام الزرقاين‬

‫‪102‬‬
‫املبحث األول ‪:‬‬
‫الشبهات الواردة على تاريخ القرآن الكرمي ودفعها‬
‫قال تعاىل‪ ﴿:‬وََلنْ تَ ْرضَى عَ ْنكَ الْيَهُودُ وَال النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ُقلْ إِنَّ هُدَى‬
‫اللهِ ِمنْ وَلِي‬
‫اللهِ ُهوَ الْهُدَى وَلَِئنْ اتََّب ْعتَ َأ ْهوَا َءهُمْ َبعْدَ الَّذِي جَاءَكَ ِمنْ اْلعِلْمِ مَا َلكَ ِمنْ َّ‬
‫َّ‬
‫وَال نَصِريٍ ﴾ البقرة ‪8/‬‬
‫هذا ما أراده أهل الكتاب قدميا وحديثا وأهل الضالل ‪ ،‬من الكيد لإلسالم يف‬
‫كل عصر ومصر وهو النيل من اإلسالم متمثال يف الطعن املوجه منهم على كتاب اهلل‬
‫تعاىل أو على رسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فمن هذه الطعون وهذه الشبهات أهنم‬
‫قالوا ما يأيت ‪:‬‬
‫‪ " -‬إن إعجاز القرآن الكرمي للعرب ال يدل على أن القرآن الكرمي كالم اهلل‬
‫بل هو كالم حممد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬نسبه إىل ربه جل وعال ‪ ،‬ليستمد قدسيته‬
‫من هذه النسبة ‪.‬‬
‫‪ -‬إن إعجازه جاء من ناحية أن حممدا‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬كان الفرد‬
‫( )‬
‫الكامل يف قوة بيانه ومنطقه وبالغته بني قومه ‪ ،‬لذلك مل يستطيعوا أن يأتوا مبثله‪".‬‬
‫اجلواب عن هذه الشبه ‪:‬‬
‫‪ -‬أن هذا الزعم الواهي وتلك األباطيل وهذه اإلدعاءات ال تنم أبدا إال عن‬
‫شخصية اعتراها احلقد واحتواها تبييت الكيد لإلسالم ولقطبيه – القرآن الكرمي‬
‫ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم – ولو أهنم ختلوا عن حقدهم األعمى ونظروا بعني‬
‫اإلنصاف ‪ ،‬لعلموا أن النيب صلى اهلل عليه وسلم طلب منه قومه أن يتخلى عن هذا‬
‫الدين وله مايشاء إن أراد زعامة أو ماال أوكلمة عليا عليهم ‪ ،‬كان له ذلك ‪ ،‬ومع هذا‬
‫رفض وأىب وقال لعمه ما يأيت ‪:‬‬
‫ضعُوا الشمسَ فِي‬ ‫َللهِ َلوْ َو َ‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ ‪ :‬يَا عَمُّ ‪ ،‬وَا َّ‬
‫اللهِ صَلَّى َّ‬
‫(( َفقَالَ رَسُولُ َّ‬
‫اللهُ ‪َ ،‬أوْ َأهْ ِلكَ فِيهِ مَا‬
‫يَمِينِي‪ ،‬والقمرَ فِي يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا اْلَأمْرَ حَتَّى يُظهره َّ‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ‪ -‬فَبَكَى ثُمَّ قَامَ ؛ فَلَمَّا وَلَّى‬
‫اللهِ ‪-‬صَلَّى َّ‬ ‫تَرَكُْتهُ ‪ .‬قَالَ ‪ :‬ثُمَّ اسَْتعْبَرَ رسولُ َّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪05 ، 04/‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) للزرقاين ج ‪/‬‬

‫‪103‬‬
‫ناداه أبو طالب ‪ ،‬فقال ‪ :‬أقبلْ يابن أَخِي ؛ قَالَ‪َ :‬فأَقَْبلَ عَلَ ْيهِ رَسُولُ اللَّهِ ‪-‬صَلَّى اهلل عليه‬
‫( )‬
‫َللهِ لَا أسْلمك لشيء أبدًا ))‬ ‫وسلم‪ -‬فقال‪ :‬اذهبْ يابن أَخِي‪ ،‬فقلْ مَا أحببتَ ‪َ ،‬فوَا َّ‬
‫‪ " -‬إن القرآن الكرمي لو كان مصدره حممد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬كما‬
‫يقول أولئك املال حدة ‪ ،‬لعلم هؤالء العرب البارزين يف علم البيان وصناعة الكالم أنه‬
‫كالمه ‪ ،‬وذلك مبا أوتوا من ملكة النقد ونباهة احلس وبراعة تذوق الكلمة ‪ ،‬السيما‬
‫وأن القرآن الكرمي قد حتداهم ‪ -‬وما زال ‪ -‬أن يأتوا بسورة من أقصر سوره أي مبثل‬
‫ثالث آيات قال تعاىل ‪ ﴿ :‬فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون اهلل إن‬
‫كنتم صادقني فإن مل تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار اليت وقودها الناس واحلجارة أعدت‬
‫للكافرين ﴾البقرة ‪3، 4/‬‬

‫أضف إىل ذلك أهنم كانوا يعلمون أن حممدا صلى اهلل عليه وسلم رجل أمي ال‬
‫يقرأ وال يكتب ‪ ،‬وما جلس يف يوم ما من أيامه إىل معلم أو مؤدب فكيف يأيت هبذا‬
‫القرآن الذي أخرس ألسنة الفصحاء من عنده ؟‬
‫إن القرآن الكرمي لو كان مصدره حممد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬لكان من‬
‫الفخر له أن ينسبه إىل نفسه ‪ ،‬وألمكن أن يدعي به األلوهية فضال عن النبوة ولكان‬
‫مقدسا يف نظر الناس وهو إله أكثر من قداسته يف نظرهم وهو نيب"( ) قال تعاىل ‪﴿ :‬‬
‫فما هلؤالء القوم ال يكادون يفقهون حديثا ﴾النساء‪40/ 4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) املوسوعة القرآنية املؤلف‪ :‬إبراهيم بن إمساعيل األبياري (املتوىف‪ 4 4 :‬هـ)الناشر‪ :‬مؤسسة سجل العرب الطبعة‪485 :‬‬
‫‪4/‬‬ ‫هـ ج‬

‫الزرْقاين (املتوىف‪ 363‬هـ) الناشر‪:‬‬


‫( ) بتصريف يسري من كتاب (مناهل العرفان يف علوم القرآن) املؤلف‪ :‬حممد عبد العظيم ُّ‬
‫‪06 /‬‬ ‫مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه الطبعة الثالثة عدد األجزاء‪ :‬ج‬

‫‪104‬‬
‫الشبهات الواردة على أسلوب القرآن الكرمي ‪:‬‬
‫" قال املالحدة ‪ :‬إن القرآن الكرمي غري مرتب والمنظم فلم يُفرد كل غرض من‬
‫أغراضه بفصل أو بباب شأن الكتب املنظمة ‪ ،‬بل مزجت أغراضه مزجا غري مراع فيه‬
‫نظام التأليف ‪ ،‬فيبعد بذلك أن يكون وحيا من اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫اجلواب على هذه الشبهة ما يأيت ‪:‬‬
‫إن الناظر ألنظمة الكتب املؤلفة قدمية كانت أو حديثة جيد أهنا قد أفردت لكل‬
‫غرض من أغراض موضوعاهتا بابا أو فصال مراعية بذلك نظم التأليف اليت من أجلها‬
‫وضع الكتاب ‪ ،‬هذا النظام وإن كان يدل على مهارة التأليف وحسن التنظيم ‪ ،‬إال أن‬
‫كتاب اهلل قد خال من هذا ‪ ،‬وذلك لشمول آيات القرآن الكرمي ونزوهلا حسب‬
‫مقتضيات األحداث ‪ ،‬وعالجها لوضع سائد أو دعوهتا لفضيلة من الفضائل حيث أنه‬
‫كتاب هداية وإرشاد ‪ ،‬وهذا أمر ملموس يف كل سوره ‪.‬‬
‫فتعترب السورة الواحدة كمائدة حافلة بشىت أصناف األطعمة يتناول اجلائع منها‬
‫ما يشتهيه وما حتتاجه نفسه‬
‫إذا هذا ال يعد عيبا فيه بل على العكس من ذلك يعد تفردا مل يسبقه كتاب‬
‫آخر‪ ،‬وذلك لنسقه الباهر ونظمه املعجز الذي أخرس ألسنة الفصحاء وأعجز بالغة‬
‫البلغاء ‪.‬‬
‫قال اإلمام فخر الدين الرازي ( ) يف تفسريه لسورة البقرة ما نصه ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني التيمي البكري اإلمام املفسر أوحد زمانه يف املعقول واملنقول وعلوم األوائل قرشي‬
‫النسب أصله من بطربستان ومولده يف الري وإليها نسبته رحل إىل خوارزم وبالد خراسان من تصانيفه ( مفاتيح الغيب ) الذي يعد‬
‫من أعظم كتب التفسري ‪ ،‬وكتاب ( معامل أصول الدين ) ‪ ،‬وكتاب ( وكتاب ( هناية اإلجياز يف دراية اإلعجاز )ولد سنة ‪544‬‬
‫هجرية – طبع‬ ‫هجرية وتوىف سنة ‪ 686‬هجرية ( األعالم ) خلري الدين حممود بن حممد الزريكلى الدمشقي املتوىف سنة ‪316‬‬
‫ونشر دار العلم للماليني جزء‪ 6‬صفحة ‪3 3‬‬

‫‪105‬‬
‫( ومن تأمل يف لطائف نظم هذه السورة ويف بدائع ترتيبها‪،‬علم أن القرآن‬
‫الكرمي كما أنه معجز حبسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه ‪ ،‬فهو أيضا معجز‬
‫بسبب ترتيبه ونظم آياته ‪ ،‬ولعل الذين قالوا ‪ :‬إنه معجز حبسب أسلوبه أرادوا ذلك ‪،‬‬
‫إال أين رأيت مجهور املفسرين معرضني عن هذه اللطائف غري منتبهني هلذه األمور)" ( )‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مفاتيح الغيب أو التفسري الكبري ج‪ 86 /3‬سورة البقرة ‪ .‬املؤلف ‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن عمر بن احلسن التيمي الرازي‬
‫امللقب بفخر الدين الرازي (املتوىف‪686 :‬هـ) الناشر ‪ :‬دار إحياء التراث العريب – بريوت الطبعة‪ :‬الثالثة – ‪4 8‬‬

‫بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) لإلمام الزرقاين ج ‪31/‬‬

‫‪106‬‬
‫المبـحـث الـثانـي‪:‬‬
‫رد الشبهات األخرى وإبراز جهود اإلمام الزر قاين‬
‫دفع شبهة اإلعجاز بالصرفة والرد عليها ‪.‬‬
‫دفع شبهة أن النيب صلى اهلل عليه وسلم تعلم من حيريا الراهب‪.‬‬
‫دفع شبهة أنه نفسه صلى اهلل عليه وسلم هو منبع الوحي ‪.‬‬
‫دفع شبهة أنه تعلم من ورقة بن نوفل ‪.‬‬
‫دفع شبهة قياس القرآن الكرمي على الكالم النبوي ‪.‬‬
‫دفع اشتباههم أن أنباء الغيب وجه من وجوه إعجازه ‪.‬‬
‫دفع شبهة أن علوم القرآن الكرمي ومعارفه ليس وجها من أوجه اإلعجاز ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫( )‬
‫الشبهة األوىل القول بالصرفة ‪:‬‬
‫" قَالَ بعض املعتزلة والقدرية ‪ :‬أَنَّ وَ ْجهَ اْلإِعْجَازِ هو املنع من معارضة القرآن‬
‫الكرمي ‪ ،‬والصرفة عند التحدي مبثله‪ .‬وأن املنع وَالصَّرْ َفةَ ُهوَ الْ ُمعْجِزَةُ دُونَ ذَاتِ‬
‫اْلقُرْآنِ‪ ،‬وَذَِلكَ أن اهلل تعاىل صَ َرفَ هِمَمَهُمْ َعنْ ُمعَا َرضَِتهِ مَعَ تَحَدِّيهِمْ ِبأَنْ َيأْتُوا بِسُورَةٍ‬
‫( )‬
‫ِمنْ مِثْ ِلهِ "‬
‫كذلك فعل الذين من بعدهم ومن ذهب مذهبهم ومن سار على هنجهم فسولت‬
‫هلم أنفسهم أال يُعملوا فكرهم ‪ ،‬وحجروا على عقوهلم أن تتفكر وتتدبر يف آي الذكر‬
‫احلكيم فلم يبصُروا أوجه اإلعجاز اليت الحت يف أفق التنزيل فرياها الضرير فما بالك‬
‫بالبصري ؟ قال تعاىل‪﴿ :‬إهناال تعمى األبصار ولكن تعمى القلوب اليت يف الصدور‬
‫﴾احلج ‪46/‬‬

‫" لذلك كان انصرا ف العرب عن معارضتهم للقرآن الكرمي مل ينشأ من أن‬
‫القرآن الكرمي بلغ يف بالغته حد اإلعجاز الذي ال تسمو إليه قدرة البشر عادة ‪ ،‬بل‬
‫لواحد من الفروض الثالثة اآلتية ‪:‬‬
‫الفرض األول ‪ :‬أن بواعث هذه املعارضة ودواعيها مل تتوافر لديهم‪.‬‬
‫الفرض الثاين ‪ :‬أن صارفا إهليا زهدهم يف املعارضة فلم تتعلق هبا إرادهتم ‪ ،‬ومل تنبعث‬
‫إليها عزائمهم ‪ ،‬فكسلوا وقعدوا على رغم توافر البواعث والدواعي لديهم ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ص ْرفٌ على ذاك‪ :‬أي فَضْلٌ‪ .‬وصَرْف الدَّ ْهرِ‪ :‬حَدَثُه‪.‬‬
‫صرّافُ‪ .‬وهلدا َ‬
‫الص ْرفُ يف الدَّراهِمِ‪ :‬الفَضْلُ والزَيَادَةُ‪ ،‬ومنه الصَّ ْيرَفِيُّ وال َ‬
‫( ) َّ‬
‫التطَوُّعُ‪ ،‬والعَدْلُ‪:‬‬
‫صرْفٌ وال عَدْلٌ " َّ‬
‫ص ْرفُ الكلمةِ‪ :‬إجْراؤها بالتَنْوين‪ .‬وقيل‪َ :‬تزْيِيْنُها بالزِّيادَةِ فيها‪ .‬ويف احلديث يف قَوْلِه‪َ " :‬‬
‫و َ‬
‫ص ِرفَ إنساناً عن وَجْهٍ ُترِيْدُه إىل مَصْرفٍ غَ ْيرِ ذلك‪ .‬ومنه الصرْفَةُ واحلِيْلَةُ‪ ،‬من قَوْهلم‪ :‬إنه‬
‫الفَرِيْضَةُ‪ .‬وقيل‪ :‬الص ْرفُ التَوْبَةُ‪ .‬وأنْ تَ ْ‬
‫صرِيفُ‪ :‬اشْتِقاقُ الكالمِ بَعْضِه من‬
‫صرْفاً وال نَصْراً "‪ .‬وقيل‪ :‬هو ال َو ْزنُ ها هُنا‪ .‬والتَّ ْ‬
‫َصرفُ أي يَحْتَالُ‪ .‬ومنه‪ " :‬فما تَسَْتطِيْعُونَ َ‬
‫لَيَت َّ‬
‫بَعْضٍ‪ .‬وتَصْرِيْفُ الرِّيَاحِ والسُّيُوْلِ واخلُيُوْلِ‪ :‬إ ْجرَاؤها من وَجْهٍ إىل وَجْهٍ‪ (.‬احمليط يف اللغة) املؤلف‪ :‬إمساعيل بن عباد بن العباس‪ ،‬أبو‬
‫القاسم الطالقاين‪ ،‬املشهور بالصاحب بن عباد (املتوىف‪305 :‬هـ) ج ‪1 /‬‬

‫‪( -‬و الصرفة) وصرف الشيء صرفا ‪ :‬رده عن وجهه واملال أنفقه والنقد مبثله بدله ( املعجم الوجيز ص‪ )363‬ط وزارة التربية‬
‫والتعليم‪(، .‬املعجم الوسيط ص ‪ 5 3‬ط جممع اللغة العربية بالقاهرة ‪.‬‬

‫( ) اجلامع ألحكام القرآن = تفسري القرطيب املؤلف ‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري اخلزرجي مشس‬
‫الدين القرطيب (املتوىف ‪63 :‬هـ) حتقيق ‪ :‬أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش الناشر ‪ :‬دار الكتب املصرية – القاهرة الطبعة ‪ :‬الثانية‬
‫‪35 /‬‬ ‫‪ 304 ،‬هـ ‪ 164 -‬م عدد األجزاء ‪ 8 :‬جزءا (يف ‪ 8‬جملدات) ج‬

‫‪108‬‬
‫الفرض الثالث ‪ :‬أن عارضا فاجأهم فعطل مواهبهم البيانية وعاق قدرهتم‬
‫البالغية ‪ ،‬وسلبهم القدرة على املعارضة على رغم تعلق إرادهتم هبا وتوجه مهتهم إليها‬
‫‪ ،‬و يُعزى هذا الرأي األخري وهذه الشبهة إىل أيب إسحاق اإلسفراييين ( ) من أهل‬
‫السنة ‪ ،‬والنظام ( ) من املعتزلة واملرتضى (‪ ) 3‬من الشيعة ‪.‬‬
‫وإذا تأملنا هذه الفروض الثالثة اليت التمسوها ‪ ،‬علمنا أن عدم معارضة العرب‬
‫للقرآن الكرمي مل تأت من ناحية إعجازه البالغي يف زعمهم ‪ ،‬بل أتت على الف ْرضْني‬
‫األولَيْن من ناحية عدم اهتمام العرب هبذه املعارضة ولو أهنم أرادوها لنالوها ‪ ،‬مث‬
‫جاءت على الفرض األخري من ناحية عجزهم عنها ؛ لكن بسبب خارجي عن أسلوب‬
‫القرآن الكرمي ‪ ،‬وهو وجود مانع منعهم منها قهرا ‪ ،‬ذلك املانع هو محاية اهلل تعاىل هلذا‬
‫الكتاب وحفظه إياه من معارضة املعارضني ‪ ،‬ولو أن هذا املانع زال جلاء العرب مبثله ؛‬
‫ألنه ال يعلو مستواهم يف بالغته ونظمه بل يكاد يكون مساويا لفصاحتهم وبالغتهم ‪.‬‬
‫ويرد على هذه الشبهة مبا يأيت ‪:‬‬
‫‪ -‬الفرض األول ‪ :‬أن هذا الكالم غري صحيح فقد أثبت التاريخ مبا ال يدع جماال‬
‫للشك أهنم حاولوا اإلتيان بشيء مثل القرآن ومن هؤالء ‪ ،‬كذاب بين حنيفة –‬
‫مسيلمة – فإنه جتاهل وتعامى ‪ ،‬واستكرب وتعاشى ‪ ،‬فحاول تكلُّف ما قد علم أنه عنه‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) إبراهيم بن حممد بن إبراهيم بن مهران أبو إسحق عامل بالفقه واألصول وكان يلقب بركن الدين نشأ يف اسفرايني ورحل إيل‬
‫خراسان والعراق وله كتاب )اجلامع)يف أصول الدين يف مخس جملدات ومناظرات مع املعتزلة مات يف نيسابور ودفن يف أسفرايني ‪.‬‬
‫‪ 6 /‬خلري الدين الزر يكلي وقد سبق‬ ‫‪ ،‬األعالم‬ ‫وفيات األعيان ‪ ،4/‬وشذرات الذهب ‪ 81/ 3‬وطبقات السبكي‪/3‬‬
‫الترمجة له‬

‫( ) هو إبراهيم بن سيار أحد أئمة املعتزلة املتوىف سنة ‪ 3‬هـ ‪ ،‬األعالم للزريكلي جزء ‪. 34 / 0‬‬

‫(‪ ) 3‬علي بن احلسني بن موسي بن إبراهيم بن موسي بن جعفر بن حممد بن علي ابن احلسني بن علي ‪ 486 – 351‬هـ ‪(.‬‬
‫تاريخ اإلسالم ووفيات املشاهري واألعالم) ج‪ 6‬ص ‪ 433‬لإلمام الذهيب حتقيق د ‪ /‬عمر عبد السالم تدمري ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫عاجز ‪ ،‬ورام ما قد تيقن أنه عليه غري قادر‪ .‬فأبدى من ضعف عقله ما كان مستترًا‪،‬‬
‫ومن عِيّ لسانه ما كان مصُونًا ‪ ،‬فأتى مبا ال يعجِزُ عنه الضعيف األخرق واجلاهل‬
‫األمحق ‪ ،‬فقال‪" :‬والطاحنات طحنًا‪ ،‬والعاجنات عجنًا‪ ،‬فاخلابزات خبزًا‪ ،‬والثاردات‬
‫ثَرْدًا‪ ،‬والالقمات َلقْمًا"!‬
‫(‪) 9‬‬
‫وحنو ذلك من احلماقات اليت تشبه دعواه الكاذبة‬
‫‪ -‬الفرض الثاين ‪ :‬فينقضه الواقع التارخيي أيضا ‪ ،‬ودليلنا على هذا ما تواترت‬
‫به األنباء من أن بواعث املعارضة قد وجدت سبيلها إىل نفوسهم ونالت مناهلا من‬
‫عزائمهم ‪ ،‬فهبوا هبة رجل واحد حياولون القضاء على دعوة القرآن الكرمي مبختلف‬
‫الوسائل وبذلوا يف ذلك كل مرختص وغال ‪ ،‬فلم يتركوا طريقا إال سلكوه ‪ ،‬ومل يدعوا‬
‫بابا إال طرقوه ‪ .‬فلقد آ َذوْه صلى اهلل عليه وسلم وآذوا أصحابه فسبوا من سبوا‬
‫وعذبوا من عذبوا وقتلوا من قتلوا ‪ ،‬ولقد طلبوا إىل عمه أيب طالب أن يكفه وإال‬
‫( )‬
‫نازلوه وإياه‪.‬‬
‫‪ -3‬الفرض الثالث ‪ :‬فينقضه ما سجل التاريخ وأثبت التواتر من أن دواعي‬
‫املعارضة كانت قائمة موفورة ودوافعها كانت ماثلة متآخذة ‪ ،‬وذلك ألدلة كثرية منها‬
‫أن القرآن الكرمي حتداهم ‪ -‬وما زال ‪ -‬غري مرة أن يأتوا ولو مبثل أقصر سورة‬
‫منه ‪ ،‬مث سجل العجز عليهم وقال بلغة واثقة إهنم مل يستطيعوا أن يفعلوا ولن يفعلوا‬
‫ولو ظاهرهم اإلنس واجلن فكيف ال تثور محيتهم إىل املعارضة بعد هذا ولو كانوا‬
‫أجنب خلق اهلل ؟‬
‫إن العرب الذين حتداهم القرآن الكرمي كانوا مضرب املثل يف احلمية واألنفة‬
‫وإباء الضيم ‪ ،‬فكيف ال حيركهم هذا التحدي واالستفزاز؟‬
‫إن صناعتهم كانت البيان وديدهنم التنافس يف ميادين الكالم ‪ ،‬فكيف ال يطريون‬
‫بعد هذه الصيحة إىل حلبة املساجلة والنزال ؟‬
‫أن القرآن الكرمي أقام حربا شعواء على أعز شيء لديهم وهي عقائدهم املتغلغلة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 9‬تأويل القرآن املؤلف‪ :‬حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر الطربي (املتوىف‪3 8 :‬هـ) احملقق‪ :‬أمحد‬
‫‪ ) ( 8/‬انظر املبحث‬ ‫حممد شاكر الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬األوىل‪ 4 8 ،‬هـ ‪ 888 -‬م عدد األجزاء‪ 4 :‬ج‬
‫)ص‪5‬‬ ‫األول من هذا الفصل ( الشبهات الواردة على تاريخ الفرآن رقم‬

‫)ص‪5‬‬ ‫( ) انظر املبحث األول من هذا الفصل ( الشبهات الواردة على تاريخ الفرآن رقم‬

‫‪110‬‬
‫فيهم وتقاليدهم املتمكنة منهم فأي شيء يلهب املشاعر وحيرك اهلمم إىل املنازلة‬
‫واملساجلة أكثر من هذا ؟‬
‫ما دامت هذه املساجلة هي السبيل األمثل إلسكات خصمهم ‪ -‬لو استطاعوا ‪-‬‬
‫أضف إىل ذلك ما كان يتمتع به هؤالء من قوة يف البالغة والبيان والفصاحة ‪،‬‬
‫فما رأينا يف عصر من العصور على مر الزمان أن تقام سوق تعرض فيها الكلمة وذلك‬
‫من خالل عرض قصائد هم الشعرية مثل ما صنعوا ( ) ‪ ،‬وبعد جميء اإلسالم‬
‫وتشبعهم بتعاليمه ‪ ،‬وانقيادهم التام هلديه ‪ ،‬امتزجت هذه امللكة هبدي القرآن‬
‫وإعجازه‪ ،‬حىت خرجت إىل الناس يف أزهى حلة ‪ ،‬وأحسن أسلوب ‪ ،‬وأجزل عبارة ‪،‬‬
‫وحسبنا يف ذلك ما رأيناه يف شعر حسان بن ثابت ‪ ،‬وعبد اهلل بن رواحه ‪ ،‬وكعب بن‬
‫زهري بن أيب سلمى ‪ ،‬وعباس بن مرداس من شعراء صدر اإلسالم ‪ ،‬وغريهم كثري من‬
‫شعراء العصر األموي ‪ ،‬حىت بلغ منتهاه يف العصر العباسي األول ‪ ،‬إذا ثبت هذا‬
‫فكيف يقال إن عارضا ما قد عطل مواهبهم البالغية والبيانية عن معارضته ؟‬
‫يعلمون﴾املنافقون ‪0/63‬‬ ‫﴿ ولكن املنافقني ال‬
‫مث أمل يكف هؤالء شهادة أعداء القرآن الكرمي أنفسهم يف أوقات ختليهم عن‬
‫عنادهم كتلك الشهادة اليت خرجت من فم الوليد وصدق الشاعر حيث قال ‪:‬‬
‫والفضل ما شهدت به األعداء‬ ‫شهد األنام بفضله حىت العدا‬
‫" ولقد عقب اإلمام الزر قاين على هذه الشبهة بقوله ‪ :‬إين ألعجب من القول‬
‫بالصرفة يف ذاته مث ليشتد عجيب وأسفي حني ينسب إىل ثالثة من علماء املسلمني‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) وعكاظ‪ :‬خنل يف واد بينه وبني الطائف ليلة‪ ،‬وبينه وبني مكة ثالث ليال‪ .‬وذو اجملاز‪ :‬خلف عرفة‪ .‬وجمنة‪ :‬مبر الظهران‪ ،‬قرب‬
‫جبل يقال له األصغر‪ ،‬وهو بأسفل مكة على قدر بريد منها‪ .‬وهذه أسواق للعرب‪ .‬وكان أهل اجلاهلية يصبحون بعكاظ يوم هالل‬
‫ذى القعدة‪ ،‬مث يذهبون منه إىل جمنة بعد مضى عشرين يوما من ذى القعدة‪ ،‬فإذا رأوا هالل ذى احلجة ذهبوا من جمنة إىل ذى اجملاز‪،‬‬
‫فلبثوا به مثان ليال‪ ،‬مث يذهبون إىل عرفة‪ .‬ومل تزل هذه األسواق قائمة يف اإلسالم إىل أن كان أول ما ترك منها سوق عكاظ يف زمن‬
‫اخلوارج سنة تسع وعشرين ومائة‪ ،‬ملا خرج احلرورى مبكة مع أىب محزة املختار بن عوف خاف الناس أن ينتهبوا فتركت إىل أالن‪،‬‬
‫مث ترك ذو اجملاز وجمنة بعد ذلك‪ ،‬واستغنوا باألسواق مبكة ومبىن وبعرفة‪( .‬عن شرح القسطالين) ‪ ( .‬اجلامع ألحكام القرآن ) =‬
‫تفسري القرطيب املؤلف ‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري اخلزرجي مشس الدين القرطيب (املتوىف ‪:‬‬
‫‪63‬هـ) حتقيق ‪ :‬أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش الناشر ‪ :‬دار الكتب املصرية – القاهرة الطبعة ‪ :‬الثانية ‪ 304 ،‬هـ عدد‬
‫األجزاء ‪ 8 :‬جزءا (يف ‪ 8‬جملدات) ج ‪4 3 /‬‬

‫‪111‬‬
‫الذين نرجوهم للدفاع عن القرآن الكرمي ونربأ بأمثاهلم أن يثريوا هذه الشبهات يف‬
‫( )‬
‫إعجاز القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫على أنين أشك كثريا يف نسبة هذه اآلراء السقيمة إىل أعالم من علماء املسلمني‬
‫‪ ،‬ويبدو يل أن الطعن يف نسبتها والقول بأهنا مدسوسة من أعداء اإلسالم عليهم أقرب‬
‫إىل العقول ‪ ،‬وأقوى يف الدليل ألن ظهور وجوه اإلعجاز يف القرآن الكرمي من ناحية ‪،‬‬
‫وعلم هؤالء من ناحية أخرى ‪ ،‬قرينتان مانعتان من صحة عزو هذا الرأي اآلمث إليهم ‪.‬‬
‫ولقد عودنا أعداء اإلسالم أن يفتروا على رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫وعلى أصحابه وعلى األئمة والعلماء فلم ال يكون هذا منه" ( ) ؟‬
‫وإنين ألسلم متاما إىل ما ذهب إليه شيخنا اإلمام الزرقاين يف نفي اإلعجاز بالصرفة‬
‫فهل بقي ألصحاب هذا القول جبني حىت يتصبب عرقا‬

‫الشبهة الثانية‪:‬‬
‫متثلت هذه الشبهة يف أن املالحدة ادعوا أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان‬
‫يلتقي ببحريا الراهب فيأخذ عنه ويتعلم منه ‪ ،‬وما هذه املعارف والعلوم اليت يف القرآن‬
‫الكرمي إال نتيجة األخذ عن حبريا والتعلم منه ألنه كان من علماء أهل الكتاب‪.‬‬
‫الرد على هذه الشبهة من وجوه ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬أن هذه الدعوة خلت من أي دليل إثبات ‪ ،‬وإال فليخربنا من عنده علم‬
‫هبذا األمر‪ ،‬فما الذي مسعه حممد صلى اهلل عليه وسلم من حبريا الراهب ‪ ،‬ومىت كان‬
‫ذلك وأين كان ؟‬
‫ثانيا ‪ " :‬إن كتب التاريخ قاطبة قد حتدثت عن أول لقاء حدث بني حبريا ورسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وذلك حني اصطحبه عمه أبو طالب يف سفره إىل الشام‬
‫للتجارة ‪ ،‬وكل ما هنالك أن حبريا الراهب رأى سحابة تظلله صلى اهلل عليه وسلم من‬
‫الشمس ‪ ،‬فذكر لعمه أن سيكون هلذا الغالم شأن مث حذره عليه من اليهود ‪ ،‬وقد رجع‬
‫به عمه خوفا عليه ومل يتم رحلته ‪.‬‬
‫ويف املرة الثانية كان يف جتارة خلدجية بنت خويلد ومعه غالمها ميسرة ‪ ،‬ويف هذه املرة‬
‫مل جياوز سوق بصرى ‪ ،‬ومل ير حبريا ومل يسمعه ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) أراد بالثالثة‪-‬أبو إسحق اإلسفراييين‪ ،‬والنظام‪ ،‬واملرتضي‪ ،‬وسبق الترمجة هلم يف املبحث األول من التمهيد ‪.‬‬

‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج ‪4 6 ، 4 5، 4 4/‬‬

‫‪112‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إذا كان حبريا هو مصدر تلك العلوم واملعارف املوجودة يف القرآن ‪ ،‬لكان‬
‫( )‬
‫هو األجدر بالنبوة والرسالة وأحق بالقرآن بدال من التلميذ "‬
‫رابعا ‪ :‬أن حبريا هذا كم كان عدد تالمذته يف حياته ؟ وكم كان عدد الذين‬
‫التقى هبم وحدثهم عن الكتب السماوية وما جرى وما كان ؟ أفكلما جلس مع رجل‬
‫أو حتدث معه خرج من عنده وقد اصطفاه اهلل على سائر اخللق وخصه بالرسالة ؛ إذا‬
‫لكان هناك أكثر من نيب بل والعشرات من األنبياء ‪ ،‬إن حممدا صلى اهلل عليه وسلم ما‬
‫التقى ببحريا إال مصادفة وهو يف طريقه إىل الشام للتجارة ‪ ،‬وكان صغريا تابعا لعمه يف‬
‫املرة األوىل ‪ ،‬حامال ألمانة ثقيلة يف عنقه البد أن يؤديها كاملة وهي أمانة العمل يف مال‬
‫خدجية وجتارهتا يف املرة الثانية ‪.‬‬
‫خامسا ‪ ":‬أن هذه التهمة لو كان هلا أدىن نصيب من الصحة ؛ لكان أول‬
‫من حتدث هبا قومه ولقاموا هلا وقعدوا ولطبلوا وصفقوا هبا فرحا ألهنم كانوا أحرص‬
‫الناس على تبهيته وتكذيبه وإحباط دعوته ‪ ،‬لكنهم كانوا أكرم على أنفسهم من هؤالء‬
‫املالحدة ؛ ألهنم حينما أرادوا طعنه بأنه تعلم القرآن الكرمي من غريه وذلك يف قوله‬
‫تعاىل ﴿ إمنا يعلمه بشر﴾النحل ‪ 83/ 6‬أرادوا بالبشر حدادا روميا منهمكا بني مطرقته‬
‫وسندانه ‪ ،‬ضاال طوال يومه يف خبث احلديد وناره ودخانه ‪ ،‬غري أنه‬
‫اجتمع فيه أمران مل جيتمعا يف حبريا ومها ‪ :‬أنه مقيم مبكة إقامة دائمة تيسر حملمد‬
‫صلى اهلل عليه وسلم اإلتصال الدائم به ‪ ،‬واآلخر أنه غريب عنهم وليس منهم ‪ ،‬وغاب‬
‫عنهم أن هذا احلداد الرومي أعجمي ال حيسن العربية ‪ ،‬فكيف يكون مصدرا هلذا‬
‫القرآن الكرمي الذي هو أبلغ نصوص العربية بل هو معجزة املعجزات ومفخرة العرب‬
‫( )‬
‫واللغة العربية "‬
‫سادسا ‪ :‬أن هذه التهمة ليس هلا أدىن درجة من درجات الصحة وذلك بالدليل‬
‫القاطع والربهان الساطع وهو أن حبريا نفسه جاء إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وأسلم وذلك عند فتح خيرب ‪ ( " :‬فقد ذكر الواقدي يف كتابه أسباب النزول أن َج ْعفَر‬
‫شةِ ُهوَ وََأصْحَاُبهُ ‪َ ،‬و َمعَهُمْ سَ ْبعُونَ رَجُلًا‪َ ،‬بعَثَهُمُ النَّجَاشِيُّ‬
‫بْن أَبِي طَالِبٍ قَ ِدمَ ِمنَ الْحَبَ َ‬

‫وَفْدًا إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ‪ ،‬عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ ‪ ،‬اثْنَانِ وَسِتُّونَ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪4‬‬ ‫‪،4‬‬ ‫‪/‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج‬

‫‪4 3/‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج‬

‫‪113‬‬
‫شةِ ‪ ،‬وَثَمَانَِيةٌ ِمنْ َأ ْهلِ الشَّامِ‪َ ،‬وهُمْ‪ :‬بَحِريَا الرَّا ِهبُ وَأَبْ َر َهةُ ‪ ،‬وَإِدْرِيسُ ‪،‬‬ ‫ِمنَ الْحَبَ َ‬
‫وأشرف ‪ ،‬ومتام ‪ ،‬وقيتم ‪ ،‬وَدُرَيْدٌ وَأَيْ َمنُ‪َ .‬فقَرَأَ عَلَيْهِمْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم‬
‫سُورَةَ يس إِلَى آخِ ِرهَا‪ ،‬فَبَ َكوْا حِنيَ سَ ِمعُوا اْلقُرْآنَ ‪ ،‬وَآمَنُوا وَقَالُوا ‪ :‬مَا أَشَْبهَ هَذَا بِمَا‬
‫اللهُ َتعَالَى فِيهِمْ قوله تعاىل‪ ﴿( :‬ذَِلكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِنيَ‬ ‫كَانَ يَنْزِلُ عَلَى عِيسَى‪َ .‬فأَنْزَلَ َّ‬
‫وَ ُرهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ‪ ،‬وَإِذَا سَ ِمعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ َتفِيضُ مِنَ‬
‫" ( ) املائدة ‪03،0 /5‬‬
‫الدمْعِ ‪ ...‬الْآَيةَ‪﴾ .‬‬
‫َّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) أسباب نزول القرآن املؤلف‪ :‬أبو احلسن علي بن أمحد بن حممد بن علي الواحدي‪ ،‬النيسابوري‪ ،‬الشافعي (املتوىف‪:‬‬
‫‪ 4‬هـ عدد األجزاء‪ :‬ج‬ ‫‪460‬هـ) احملقق‪ :‬كمال بسيوين زغلول الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪ 86 /‬وقال أخرجه ابن جرير (‪ )4/3‬وعبد بن محد وابن املنذر وابن أيب حامت وأبو الشيخ وابن مردويه (فتح القدير‪)61/ :‬‬
‫عن سعيد بن جبري به‪ ،‬على اختالف بينهم يف العدد‪ ،‬وهو مرسل صحيح اإلسناد‪ ،‬ومع أن هذا السبب ينص على أن اآلية نازلة يف‬

‫وفد النجاشي واألوّل ينص على أهنا نزلت فيه ويف حاشيته‪ ،‬فإن املعىن واحد فكلها يعضد بعضها بعضا‪ ،‬وال عربة مبحاولة احلافظ‬
‫ابن كثري تضعيفها فأسانيدها صحيحة‪ ،‬واهلل أعلم (تفسري ابن كثري‪. )05/ :‬‬

‫‪114‬‬
‫الشبهة الثالثة والرد عليها ‪:‬‬
‫" قال املالحدة ‪ :‬إننا نصدق حممد صلى اهلل عليه وسلم يف إخباره عما رأى‬
‫ومسع ‪ ،‬ولكنا نعتقد أن نفسه وروحه هي منبع هذه األخبار ؛ ألن العلم مل يثبت أن‬
‫هناك غيبا وراء املادة – احملسوس ‪ -‬يصح أن يتنزل منه قرآن أو يفيض عنه علم أو‬
‫يأيت منه دين ‪،‬‬
‫مث ضربوا لذلك مثال فقالوا‪:‬‬
‫َ " َلقَدْ حَ َدثَ ِبفَرَنْسَا فِي اْلقَرْنِ الْخَامِسَ عَشَرَ الْمِيلَادِيِّ إِذْ كَانَتْ َمقْهُورَةً‬
‫( )‬
‫لِ ْلإِنْكِلِيزِ أَ نَّ بِنْتًا تُدْعَى (جَانْ دَارْكْ)‬
‫َمنْ أَجْ َملِ النِّسَاءِ سِريَةً وَأَسْلَمِهِنَّ نَِّيةً اعَْتقَ َدتْ َوهِيَ ِمنْ بَ ْيتِ َأهْلِهَا َبعِيدَةً عَ ِن‬
‫التَّكَالِيفِ السِّيَاسَِّيةِ أَنَّهَا مُرْسَ َلةٌ ِمنْ عِنْدِ اهللِ ِلإِْنقَاذِ وَطَنِهَا وَدَفْعِ اْلعَدُوِّ عَ ْنهُ‪َ ،‬وصَارَتْ‬
‫صتْ فِي الدَّ ْعوَةِ لِ ْلقِتَالِ‪ ،‬وََتوَصَّ َلتْ بِصِدْقِ إِرَادَتِهَا إِلَى رِئَاسَةِ‬ ‫ص ْوتَ اْلوَحْيِ فَأَخْلَ َ‬ ‫تَسْمَعُ َ‬
‫صغِريٍ وَغَلََبتْ ِبهِ اْلعَدُوَّ ِفعْلًا‪ ،‬ثُمَّ مَاَتتْ غِبَّ نُصْرَتِهَا َموَْتةَ اْلأَبْطَالِ ِمنَ الرِّجَالِ‪ ،‬إِذْ‬ ‫جَيْشٍ َ‬
‫ُوهَا َفأَْل َق ْوهَا فِي النَّارِ حََّيةً‪ ،‬فَ َذهََبتْ تَارِ َكةً فِي صَحَائِفِ‬ ‫خَذَلَهَا َق ْومُهَا‪َ ،‬ووَ َق َعتْ فِي يَدِ عَد ِّ‬
‫التَّارِيخِ اسْمًا َيعَْبقُ نَشْرُهُ وَتَضُوعُ رَيَّاهُ‪َ ،‬وهِيَ الْآنَ َم ْوضِعُ إِجْلَالِ اْل َق ْومِ وَإِعْظَامِهِمْ‪ ،‬فَ َلقَدْ‬
‫( )‬
‫ضةُ َبعْ َدهَا وَجَ َروْا فِي اْلعِلْمِ وَالرُّقِيِّ َبعِيدًا"‬
‫تَيَسَّ َرتْ لَهُمُ النَّهْ َ‬
‫فرد اإلمام الزرقاين على هذه الشبهة بقوله‪:‬‬
‫" وندفع هذه الشبهة بأمور‪:‬‬
‫أوهلا ‪ :‬أن القرآن الكرمي خرق النواميس الكونية املعتادة ‪ ،‬وخرقه هلا اليستطيعه إال‬
‫من قهر الكون ونواميسه ‪ ،‬وكان له السلطان املطلق على العامل وما فيه ‪ ،‬وهو اهلل‬
‫وحده ال حممد وال غري حممد صلوات اهلل وتسليماته عليه ‪ .،‬وألن اإلنسان حمدود‬
‫القوى واملواهب ‪ ،‬فال يستطيع أن خيرق النواميس الكونية العادية ‪ ،‬ال بالعقل الباطن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ 4‬م مشال شرقي فرنسا مبدينة دوم رميي وتوفيت عام ‪ 43‬وعمرها ‪ 1‬عام ودفنت مبدينة رووين ‪.‬‬ ‫( ) ولدت عام‬
‫(املوسوعة العربية امليسرة) جلون أمربوز فلمنج طبعة ‪(، 165‬مترجم) ‪.‬‬

‫( ) تفسري القرآن احلكيم (تفسري املنار) املؤلف‪ :‬حممد رشيد بن علي رضا بن حممد مشس الدين بن حممد هباء الدين بن منال علي‬
‫خليفة القلموين احلسيين (املتوىف‪ 354 :‬هـ) الناشر‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب سنة النشر‪ 118 :‬م عدد األجزاء‪:‬‬
‫‪36 /‬‬ ‫جزءا ج‬

‫‪115‬‬
‫وال الظاهر‪ ،‬ال بالوحي النفسي وال االنفعال العصيب ‪.‬‬
‫ثانيها ‪ :‬إن الدارس لتاريخ هذه الفتاة ‪ ،‬يعلم أن أعصاهبا كانت ثائرة لتلك‬
‫االنقسامات الداخلية اليت مزقت فرنسا آنذاك واليت كانت تراها وتسمعها كل يوم بني‬
‫أهلها ويف بلدها مع ما شاع يف عهدها من خرافات كان هلا أثر بالغ على حالتها‬
‫النفسية انعكس على عقلها ووجداهنا ‪ ،‬من تلك اخلرافات أن عذراء ستبعث يف هذا‬
‫الزمن ختلص فرنسا من عدوها ‪.‬‬
‫ثالثها ‪ :‬إن تلك الفتاة مل تأت وال بدليل واحد معقول على صدق أوهامها‬
‫وختيالهتا اليت تزعمها وحيا وحديثا من اهلل إليها ‪ ،‬لكن حممدا صلى اهلل عليه وسلم له‬
‫على وحيه الذي يدعيه ألف دليل ودليل ‪ ،‬كما سبق بيانه فأين الثرى من الثريا ؟ وأين‬
‫الظالم من النور ؟‬
‫رابعها ‪ :‬إن هذه الفتاة اهلائجة الثائرة مل تكن صاحبة دعوة إىل إصالح وال ذات‬
‫أثر باق يف التاريخ ؛ إمنا كانت صاحبة سيف ومسعرة حرب يف فترة من الزمن وهو‬
‫الدفاع عن النفس والوطن مبقضىت غريزة حب البقاء ‪ ،‬مث مل تلبث جذوهتا أن بردت‬
‫ومحاستها أن مخدت‪.‬‬
‫( )‬
‫كأن مل يكن بني احلجون إىل الصفا ‪ ...‬أنيس ومل يسمر مبكة سامر‬
‫إذا فليس هناك أدىن تشابه بني ما قامت به تلك الفتاة الثائرة اليت رأت الظلم‬
‫البني الذي وقع عليها وعلى قومها ‪ ،‬فقامت تزكي فيهم نار احلرب واألخذ بالثأر ممن‬
‫اعتدوا على وطنها وقومها ‪ ،‬فهبوا من سباهتم واستيقظوا من نومهم فحرروا بالدهم‬
‫من الطغاة املعتدين وأضحت فرنسا بعدها قد ختلصت من عدوها ‪ ،‬فكانت مثار‬
‫إعجاب من كافة رجال فرنسا عامة ‪ ،‬ورجال الدين خاصة هذا ما حدث ‪.‬‬
‫فأين هذه األحداث من أعظم خملوق أل فضل أمة خبري دستور إهلي وأثره اخلالد‬
‫يف إصالح أديان البشر وشرائعهم وأخالقهم ‪ ،‬ويف إنقاذ اإلنسانية العانية وجتديد دمها‬
‫( )‬
‫بدينه اجلديد الذي صحح به أوضاع الدنيا "‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) (عمرو بن احلارث بن مضاض اجلر مهي من ملوك قحطان يف احلجاز يف العصر اجلاهلي القدمي ) وهذا البيت من قصيدة‬
‫رائعة له يف احلنني ملكة بعدما طردهتم قبيلة خزاعة منها‪( ،‬املفصل يف تاريخ العرب ) ‪ 4‬أجزاء للدكتور‪ :‬جواد علي ابتدأها بقوله ‪:‬‬
‫( األعالم للزريكلي ج‪35/ 5‬‬ ‫وقائلة والدمع سكب مبادر‪ --------‬وقد شرقت بالدمع منها احملاجر‬

‫‪4 5،4 4/‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج‬

‫‪116‬‬
‫﴿ أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا ميشي به يف الناس كمن مثله يف‬
‫‪.‬‬ ‫؟ األنعام ‪/6‬‬ ‫الظلمات ليس خبارج منها ﴾‬
‫الشبهة الرابعة‪:‬‬
‫افترى بعض احلاقدين على اإلسالم وعلى رسوله صلى اهلل عليه وسلم وقالوا ؛‬
‫إن ورقة ابن نوفل كان املنبع واملورد العذب الذي اخذ منه حممد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫واستقى منه القرآن ‪ ،‬وكان ال يبخل عنه ألنه ابن عم خدجية زوج حممد صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ؛ وألنه كان ممن جييدون العربية وقد قرأ ودرس التوراة واإلجنيل ‪.‬‬
‫وندحض هذه الشبهة باآليت ‪:‬‬
‫الزهْرِيِّ َعنْ عُ ْروَةَ َع ْن‬ ‫" قَالَ اْلِإمَامُ أَحْمَدُ ‪ :‬حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا َمعْمَرٍ َعنِ ُّ‬
‫الرؤْيَا‬ ‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ ِمنَ الْوَحْيِ ُّ‬
‫اللهِ صَلَّى َّ‬ ‫شةَ قَاَلتْ ‪ :‬أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ َّ‬ ‫عَائِ َ‬
‫الن ْومِ ‪ ،‬فَكَانَ لَا يَرَى ُرؤْيَا إِلَّا جَا َءتْ مِ ْثلَ فَ َلقِ الصُّبْحِ ‪ ،‬ثُمَّ حُِّببَ إِلَيْهِ‬ ‫الصَّادِ َقةُ فِي َّ‬
‫الْخَلَاءُ فَكَانَ َيأْتِي حِرَاءَ فيتخنث فِيهِ‪َ -‬و ُهوَ ا َّلتعَبُّدُ‪ -‬اللَّيَالِي َذوَاتِ اْلعَدَدِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ‬
‫‪ ،‬ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِ َجيةَ فيتزود ملثلها حىت فاجأه الوحي َو ُهوَ فِي غَارِ حِرَاءَ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ‬
‫اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‪ :‬فَقُ ْلتُ مَا أَنَا ِبقَارِئٍ‪ -‬قَالَ‬ ‫اللهِ صَلَّى َّ‬
‫فِيهِ َفقَالَ اقْرَأْ‪ :‬قَالَ رَسُولُ َّ‬
‫َفأَخَذَنِي َفغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي َفقَالَ‪ :‬اقْرَأْ ‪َ ،‬فقُ ْلتُ‪ :‬مَا أَنَا ِبقَارِئٍ ‪،‬‬
‫َفغَطَّنِي الثَّانَِيةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي َفقَالَ اقْرَأْ‪َ ،‬فقُ ْلتُ ‪ :‬مَا أَنَا ِبقَارِئٍ ‪ ،‬فغطين‬
‫حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي َفقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَِّبكَ الَّذِي خَلَقَ‪ -‬حَتَّى بَلَغَ‪ -‬مَا لَمْ‬
‫َيعْلَمْ قَالَ‪ :‬فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ َبوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِ َجيةَ َفقَالَ‪ :‬زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي‬
‫الروْعُ َفقَالَ‪ :‬يَا خَدِ َجيةُ ما يل؟ وأخربها اخلرب وقال‪ :‬قد خشيت‬ ‫فَزَمَّلُوهُ حَتَّى َذ َهبَ عَ ْنهُ َّ‬
‫على نفسي ‪.‬‬
‫صلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُ ُ‬
‫ق‬ ‫اللهُ أَبَدًا‪ ،‬إَِّنكَ لَتَ ِ‬
‫فقالت له‪ :‬كال أبشر فواهلل لَا يُخْزِيكَ َّ‬
‫الْحَدِيثَ وَتَحْ ِملُ الْكَلَّ وَُتقْرِي الضَّيْفَ‪ ،‬وَُتعِنيُ عَلَى َنوَاِئبَ الْحَقِّ‪ ،‬ثُمَّ اْنطَ َل َقتْ ِبهِ خَدِ َجيةُ‬
‫حَتَّى أَتَتْ ِبهِ وَرَ َقةَ ْبنَ نَوْ َفلِ ْبنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اْلعُزَّى ْبنِ قُصَيِّ وهو ابن عم خدجية أخي‬
‫أبيها ‪ ،‬وكان امرأ قد تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلَِّيةِ وَكَانَ يَكُْتبُ الْكِتَابَ اْلعَرَبِيَّ ‪ ،‬وَكََتبَ بِاْلعَرَبِيَّةِ‬
‫اللهُ أَنْ يُكْتَبَ ‪ ،‬وَكَانَ شَيْخًا كَبِريًا قَدْ عَمِيَ َفقَاَلتْ خَدِ َجيةُ‪ :‬أَيِ اْبنَ‬ ‫ِمنَ اْلإِنْجِيلِ مَا شَاءَ َّ‬
‫اللهِ صَلَّى اللَّهُ‬
‫عَمِّ اسْمَعْ ِمنَ اْبنِ أَخِيكَ‪َ .‬فقَالَ وَرَ َقةُ ‪ :‬اْبنَ أَخِي مَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ َّ‬
‫عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ بِمَا رَأَى َفقَالَ وَرَ َقةُ‪ :‬هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ على موسى ‪ ،‬ليتين فيها‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ‪:‬‬
‫اللهِ صَلَّى َّ‬
‫جذعا ليتين أَكُونُ حَيًّا حِنيَ يُخْرِ ُجكَ َق ْو َمكَ‪َ ،‬فقَالَ رَسُولُ َّ‬

‫‪117‬‬
‫) وَِإنْ‬ ‫(‬
‫أو خمرجي هُمْ ؟ َفقَالَ وَرَ َقةُ‪َ :‬نعَمْ لَمْ َي ْأتِ رَ ُجلٌ قَطُّ بِمَا جِ ْئتَ ِبهِ إِلَّا عُودِيَ‬
‫يُدْرِكْنِي َي ْو ُمكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا ُمؤَزَّرًا‪.‬‬
‫الل ُه‬
‫اللهِ صَلَّى َّ‬ ‫شبْ وَرَ َقةُ أَنْ ُتوُفِّيَ وَفَتَرَ اْلوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ َّ‬ ‫ثُمَّ لَمْ يَنْ َ‬
‫عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَ َلغَنَا‪ ،‬حُزْنًا غَدَا مِ ْنهُ مِرَارًا كي يتردى من رؤوس َشوَا ِهقِ الْجِبَالِ‪،‬‬
‫سهُ مِ ْنهُ تَبَدَّى َلهُ جِبْرِيلُ َفقَالَ‪ :‬يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ‬ ‫فَكُلَّمَا َأوْفَى بِذُ ْروَةِ جََبلٍ لِكَيْ يُ ْلقِيَ َنفْ َ‬
‫سهُ فَيَرْجِعُ‪َ ،‬فإِذَا طَاَلتْ عَلَ ْيهِ فَتْرَةُ اْلوَحْيِ‬
‫اللهِ َحقًا‪ ،‬فَيَسْكُنُ بِذَِلكَ َجأْ ُشهُ وََتقَرُّ َنفْ ُ‬‫رَسُولُ َّ‬
‫( )‬
‫غَدَا لِمِ ْثلِ ذَِلكَ َفإِذَا َأوْفَى بِذُ ْروَةِ الْجََبلِ تَبَدَّى َلهُ جِبْرِيلُ َفقَالَ له مثل ذَِلكَ "‬
‫املالحظ يف هذه الرواية أن النيب صلى اهلل عليه وسلم حبب إليه العزلة واإلنفراد‬
‫‪ ،‬فإذا كان ورقة بن نوفل منبع هذا الوحي فلماذا متىن أن يكون جنديا‬
‫وتلميذا من تالمذته يأمتر بأمره وينصره نصرا عزيزا ويبذل يف ذلك كل غال‪.‬‬
‫وإنين أؤيد اإلمام الزرقاين يف رده على هذه الشبهة ملا يأيت ‪:‬‬
‫" أوال ‪:‬‬
‫إن يف القرآن الكرمي آيات ال توافق عقيدة املسيحية فكيف يكتبها ورقة ؟ فعلى‬
‫سبيل املثال إذا كان القرآن الكرمي مصدره ورقة وورقة شخص نصراين فكيف ينكر‬
‫القرآن الكرمي صلب املسيح ؟‬
‫ثانيا ‪:‬‬
‫نقول هلؤالء املالحدة إذا كان ورقة هو مصدر هذا القرآن الكرمي املعجز‪ ،‬فماذا‬
‫عن مصدر تلك املعجزات احلسية اليت حدثت على يديه صلى اهلل عليه وسلم أمام‬
‫قومه ‪ ،‬ودون أن يكون ورقة على قيد احلياة ؟‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) هذا احلديث أخرجه الشيخان وأمحد يف مسنده عن عائشة رضي اهلل عنها ورواه ابن حجر‪ -‬يف الفتح باب بدء الوحي‪ -‬ج‬
‫ص ‪ 5‬قال روي البخاري يف صحيحه عن حييي بن بكري عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي اهلل‬
‫عنها‪ -‬باب أول ما بذيء به رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصاحلة)‬

‫( ) تفسري القرآن العظيم (ابن كثري) املؤلف‪ :‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي البصري مث الدمشقي (املتوىف‪:‬‬
‫‪334‬هـ) احملقق‪ :‬حممد حسني مشس الدين الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات حممد علي بيضون – بريوت الطبعة‪ :‬األوىل ‪-‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪ 4 1‬هـ ج ‪/ 0‬‬

‫‪118‬‬
‫ثالثا ‪:‬‬
‫مل يعاصر ورقة التسلسل الزمين لألحداث الواردة يف القرآن الكرمي على مدى‬
‫ثالث وعشرين سنة من نزوله ‪ ،‬إذ أنه قد توىف يف أول البعثة ‪ ،‬فأين ورقة من‬
‫) أو غريهم للرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫(‬
‫سؤال يسأله املشركون أو اليهود‬
‫وذلك على سبيل التعجيز‪ ،‬فنرى اإلجابة قد جاء ت يف حينها وجاء القرآن‬
‫الكرمي يشرحها وحيدد موقفه منها كقوله تعاىل ﴿ يسألك أهل الكتاب أن‬
‫النساء‪53/4‬‬ ‫تنزل عليهم كتابا من السماء ﴾‬
‫رابعا – أن لقاء ورقة بالنيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬ما كان إال برهة من الزمن ‪،‬‬
‫دار فيه استفسار من ورقة والنيب صلى اهلل عليه وسلم جييبه ‪ ،‬مث مات بعدها ورقة بفترة‬
‫قصرية ‪ ،‬فهل يصدق من يف رأسه عقل أن حممدا صلى اهلل عليه وسلم قد ادعى خرب‬
‫النبوة والقرآن الكرمي يف هذا اللقاء السريع اخلاطف ؟ " ( )‪.‬‬
‫مث أين ورقة من أحداث متت بعد وفاته وقد حتدث عنها القرآن الكرمي فليخربنا‬
‫(‪) 3‬‬
‫هؤالء املفترون هل عاصر ورقة غزوة األحزاب اليت حتدث عنها القرآن الكرمي ؟‬
‫(‪) 4‬‬
‫هل عاصر ورقة يوم حنني الذي حتدث عنها القرآن؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) وذلك أنَّ ُقرَيْشًا بَعَثُواالنضر بن احلارث وَبَعَثُوا مَعَهُ عُقبةةَ ْبنَ أَبِي مُعَ ْيطٍ إِلَى أَحْبَارِ الَْيهُودِ بِالْمَدِينَةِ وَقَالُوا َلهُمَا سَلُوهُمْ َعنْ‬
‫خ َرجَا حَتَّى قَدِمَا إِلَى‬
‫مُحَمَّدٍ وَصِفَتِهِ وَأَخِْبرُوهُمْ بِقَوْلِهِ فَإَِّنهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ‪ ،‬وَعِنْدَهُمْ ِمنَ الْعِلْمِ مَا لَ ْيسَ عِنْدَنَا ِمنْ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ فَ َ‬
‫الْمَدِينَةِ فَسَأَلُوا أَحْبَارَ الَْيهُودِ َعنْ أَحْوَالِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَحْبَارُ الَْيهُودِ‪ :‬سَلُوهُ َعنْ ثَلَاثٍ‪ :‬عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّ ْهرِ الْأَوَّلِ مَا كَانَ مِنْ‬
‫جبٌ‪ ،‬وَ َعنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الَْأ ْرضِ وَمَغَارَِبهَا‪ ،‬مَا كَانَ نَبَؤُهُ‪ ،‬وَسَلُوهُ َعنِ الرُّوحِ وَمَا هُوَ؟ فَإِنْ‬
‫أَ ْمرِهِمْ فَإِنَّ حَدِيَثهُمْ عَ َ‬
‫ضرُ وَصَاحِبُهُ مَكَّةَ قَالَا‪ :‬قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَنَا وَبَ ْينَ مُحَمَّدٍ‪ ،‬وَأَخَْبرُوا مبا قاله‬
‫أَخَْب َركُمْ َفهُوَ نَبِيٌّ وَإِلَّا َفهُوَ مُتَقَوِّلٌ‪ ،‬فَلَمَّا قَدِمَ النَّ ْ‬
‫اليهود فجاؤوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‪« :‬أُخِْب ُركُمْ بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ غَدًا»‬
‫شرَةَ لَيْلَةً حَتَّى َأرْجَفَ أَهْلُ مَكَّةَ بِهِ‪،‬‬
‫صرَفُوا عَنْهُ وَمَ َكثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْ ِه وَسَلَّمَ فِيمَا يَ ْذ ُكرُونَ خَمْسَ عَ ْ‬
‫وَلَمْ يَسْتَ ْثنِ‪ ،‬فَانْ َ‬
‫شرَةَ لَيْلَةً فَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ‪ ،‬ثُمَّ جَاءَهُ جِ ْبرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْ َكهْفِ مفاتيح‬
‫وَقَالُوا‪ :‬وَعَدَنَا مُحَمَّدٌ غَدًا وَالْيَوْمَ خَ ْمسَ عَ ْ‬
‫الغيب = التفسري الكبري املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني التيمي الرازي امللقب بفخر الدين الرازي خطيب‬
‫‪4 /‬‬ ‫الري (املتوىف‪686 :‬هـ) الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العريب – بريوت الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 4 8 -‬هـ ج‬

‫‪4 0 ، 4 3/‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج‬

‫(‪ ) 3‬غزوة األحزاب يف شوال سنة مخس من اهلجرة ‪ ،‬وتسمي باخلندق لقيام الرسول صلي اهلل عليه وسلم وأصحابه حبفر خندق‬
‫حول املدينة حلمايتها ومحايتهم والذي أشار بذلك سلمان الفارسي ‪ ،‬كذا رواه ابن هشام يف سريته ج‪ 3‬ص ‪ ، 50‬وابن كثري يف‬
‫‪ 5 3 : 5‬طبع ونشر ‪ /‬دار الغد العريب العباسية القاهرة ‪.‬‬ ‫(البداية والنهاية ) ج ص‬

‫‪30 /‬‬ ‫(‪ )4‬وتسمي بغزوة هوازن وكانت يف اخلامس من شوال سنة ‪0‬هـ ( البداية والنهاية ) للحافظ ابن كثري‬

‫‪119‬‬
‫( )‬
‫هل عاصر قصة زيد بن حارثة الذي حتدث عنها القرآن الكرمي ؟‬
‫هل عاصر ورقة حادثة اإلفك اليت حتدث عنها القرآن الكرمي؟‬
‫هل عاصر ورقة قدوم وفد نصارى جنران والدعوة للمباهلة ؟‬
‫وصدق اهلل تعاىل إذ يقول يف كتابه العزيز ﴿ وقال الذين كفروا إن هذا إال إفك إفتراه‬
‫وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤا ظلما وزورا ﴾‬
‫الفرقان‪6،5،4 / 5‬‬

‫فأصحاب هذه الشبهة مل يكن هدفهم فقط أن يثبتوا أن النيب صـلى اهلل عليه‬
‫وســلم أخذ عن ورقة ( ) وإمنا كان هدفهم األخطرمن هذا أنه تعـلم من غريه ‪.‬‬
‫ومن أعظم ما قرأت بعد البحث واإلطالع حول هذه الشبهة ما قاله األستاذ الدكتور‬
‫(‪) 3‬‬
‫عبدا لصبور مرزوق‬
‫وهو يرد على هذه الشبهة فيقول ‪:‬‬
‫وهي من أسوء املفتريات على حممد صلى اهلل عليه وسلم الذي قال ربه عز وجل عنه‬
‫‪ ﴿ :‬وما ينطق عن اهلوى إن هو إال وحي يوحى ﴾‬
‫النجم ‪. 4، 3 /53‬‬
‫لكن احلق حني يتمكن من قلوب احلاقدين يدفعهم إىل املنكر من القول‬
‫ومن الزور‪ ،‬حىت أهنم ليتجرءون على قول ال يقبله عقل عاقل وال جيرؤ على مثله إال‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) زيد بن شراحيل (أو شرحبيل) الكليب الصحايب اختطف يف اجلاهلية صغريا واشترته خدجية بنت خويلد فوهبته للنيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم حني تزوجها فتبناه قبل اإلسالم وأعتقه وزوجه بنت عمته وكان الناس يلقبونه بزيدبن حممد حىت نزلت آية ( ادعوهم‬
‫آبائهم) من سورة األحزاب وهو من أقدم الصحابة إسالما وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم اليبعثه يف سرية إال أمره عليها وكان‬
‫حيبه ويقدمه استشهد يف غزوة مؤتة سنة ‪ 0‬هـ ‪(.‬األعالم ) للزريكلي ج‪53/ 3‬‬

‫( ) هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى من قريش حكيم جاهلي اعتزل األوثان قبل اإلسالم وامتنع من أكل ذبائحها وتنصر‬
‫وقرأ كتب األديان وكان يكتب اللغة العربية باحلرف العرباين أدرك أوائل النبوة ومل يدرك الدعوةوهو ابن عم خدجية أم املؤمنني‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬الروض األنف للسهيلي ج ‪4/‬‬ ‫‪6‬م األعالم للزريكلي ج‪5/ 0‬‬ ‫قبل اهلجرة – حنو‬ ‫تويف حنو‬

‫(‪ ) 3‬الدكتور عبد الصبور مرزوق ولد بقرية يب العرب مركز الباجور باملنوفية سنة ‪ 1 4‬م التحق باألزهر مث بكلية دار العلوم‬
‫وخترج منها عام‪ 140‬م وعمل مذيعا باإلذاعة املصرية وحصل علي املاجستري مث الدكتوراه يف موضوع (أدب ثورة ‪ 1 1‬يف‬
‫مصر) وعمل بالتدريس يف كلية دار العلوم له مؤلفات كثرية منها (اإلسالم والقرآن) ‪( ،‬معجم األعالم واملوضوعات يف القرآن )‬
‫يناير سنة‬ ‫‪( ،‬نساء ورجال حتدث عنهم القرآن) شغل عدة مناصب منها عضو جممع البحوث اإلسالمية وغريها كثري تويف يف‬
‫‪ 880‬م‬

‫‪120‬‬
‫املفترون ‪.‬‬
‫الشبهة اخلامسة والرد عليها ‪:‬‬
‫قياس القرآن الكرمي على احلديث النبوي الشريف ‪:‬‬
‫" قال أعداء اإلسالم ‪ :‬إن عجز العرب عن اإلتيان مبثل القرآن الكرمي ‪ ،‬ما هو‬
‫إال نظري عجزهم عن اإلتيان مبثل الكالم النبوي ‪ ،‬إذن فال عربة أن يتجه القول بقدسية‬
‫القرآن الكرمي وأنه كالم اهلل تعاىل ‪ ،‬كما ال يتجه القول بقدسية احلديث النبوي وأنه‬
‫كالم اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫يقول اإلمام الزر قاين وندحض هذه الشبهة باأليت ‪:‬‬
‫)أوال ( ‪ :‬أننا جند تشاهبا بني كالم النبوة وكالم بعض اخلواص من الصحابة‬
‫والتابعني ‪ ،‬حىت لقد مسعنا احلديث فيشتبه علينا أمره أهو مرفوع ينتهي إىل النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أو موقوف عند الصحايب ؟‬
‫ومن أويت حاسة بيانية يدرك هذا الشبه كثريا كلما كان صاحب البيان املشابه‬
‫تصله بالرسول صلى اهلل عليه وسلم صالت قوية ‪ ،‬كتلك الصالت اليت توافرت يف‬
‫علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه حىت مسحت بيانه مسحة ( ) نبوية ‪ ،‬وجعلت َنفَسه‬
‫يف الكالم من أشبه األنفاس بكالم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إن مل يكن أشبهها‬
‫أما القرآن الكرمي ‪ ،‬فلن تستطيع أن جتد له شبيها أو ندا ‪ ،‬ألن الذي صنعه على‬
‫عينه ال تستطيع أن جتد له شبيها أو مثيال‪.‬‬
‫فكيف يقارن القرآن الكرمي باحلديث يف هذا املقام ؟‬
‫(ثانيا) أن القرآن الكرمي لو كان كالم حممد كاحلديث الشريف ‪ ،‬لكان أسلوهبما‬
‫واحد ‪ ،‬ألهنما صادران عن شخص واحد استعداده واحد ومزاجه واحد ‪ ،‬لكن الواقع‬
‫غري ذلك ‪ ،‬فأسلوب القرآن الكرمي ضرب وحده ‪ ،‬تظهر عليه مسات األلوهيه اليت جتل‬
‫عن املشاهبة واملماثلة‪.‬‬
‫وأسلوب احلديث النبوي ضرب آخر ال جيل ‪ -‬يعظم‪ -‬عن املشاهبة واملماثلة بل‬
‫هو يعلو أساليب الناس يف مجلته ‪ ،‬وال يستطيع حبال أن يرتقي إىل مساء إعجاز القرآن‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) املسحة يقال ‪ :‬عليه أوبه مسحة من مجال أو هزال ‪ :‬شيء منه ‪ .‬املعجم الوجيز ص ‪. 50‬وبتصريف يسري من كتاب ( مناهل‬
‫العرفان ) ج ص ‪ 43‬ط املطبعة الفنية بالقاهرة‬

‫‪121‬‬
‫الكرمي ‪ ،‬وذلك إن افترضت أنه عليه الصالة والسالم كان له أسلوبان خمتلفان أحدمها‬
‫حيضره ويتعمل له وهو مامساه بالقرآن ‪ ،‬واآلخر يرسله وال حيضًره وهوما مسي باحلديث‬
‫(ثالثا ( ‪ :‬أن احلديث النبوي إن عجز عامة الناس عن اإلتيان مبثله ‪ ،‬فلن يعجز‬
‫أحد خاصتهم عن اإلتيان ولو مبقدار سطر واحد منه ‪ ،‬أوما يشاهبه ‪ ،‬حىت ولو اجتمع‬
‫ما عليها من الثقلني( )‬

‫وإمنا قلنا إن احلديث النبوي الشريف ال يعجز بعض اخلواص املمتازين أن يأيت‬
‫مبثله ألن التفاوت بني الرسول صلى اهلل عليه وسلم وبلغاء العرب كالتفاوت بني البليغ‬
‫واألبلغ والفصيح واألفصح ‪ ،‬وليس هذا التفاوت باألمر الشاذ اخلارق للنواميس‬
‫العادية البشرية مجلة ‪ ،‬حبيث تنقطع الصلة بني الرسول صلى اهلل عليه وسلم وسائر‬
‫البلغاء مجيعا الختصاصه من بينهم بفطرة شاذة ‪ ،‬ال متت إىل سائر الفطر بنسب ‪ ،‬إال‬
‫كما ينتسب النقيض إىل النقيض والضد إىل الضد كال بل إن هذا القول باطل من‬
‫وجهني ‪:‬‬
‫(أحدمها ) أنه خيالف املعقول واملشاهد ملا هو معروف من أن الطبيعة اإلنسانية‬
‫العامة واحدة ‪ ،‬ومن أن الطبائع الشخصية يقع بينها التشابه والتماثل يف شيء أو أشياء‬
‫‪ ،‬يف واحد أو أكثر‪ ،‬يف زمن قريب أو أزمنة متطاولة ‪ ،‬يف كل فنون الكالم أو يف بعض‬
‫فنونه ‪.‬‬
‫(واآلخر( أنه خيالف املنقول يف الكتاب والسنة من أن البشرية قدر مشترك بني‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ومجيع آحاد األمة ‪ ،‬وال ريب أن هلذه البشرية املشتركة‬
‫وجه شبه يؤدي ال حمالة إىل املماثلة بني كالمه وكالم من جتمعه هبم رابطة أو روابط‬
‫خاصة ‪ ،‬أليس الرسول صلى اهلل عليه وسلم هو الذي يقول يف حديثه الشريف‪ ((:‬إمنا‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ج ص ‪438‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) ج‬

‫‪122‬‬
‫أنا بشر وإنكم ختتصمون إيل))( ) ويقول لرجل رآه فامتأل منه فََرقا ورعبا ((هون عليك‬
‫( )‬
‫فإنين لست مبلك إمنا أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)) "‬
‫الشبهة السادسة ودفعها‪:‬‬
‫اشتباههم أن أنباء الغيب من وجوه اإلعجاز‪:‬‬
‫" قال أعداء اإلسالم ‪ :‬إن أنباء القرآن الكرمي الغيبية ال تستقيم أن تكون وجها من‬
‫وجوه اإلعجاز الدالة على أنه كالم اهلل تعاىل ‪ ،‬بل هو كالم حممد استقى أنباءه من أهل‬
‫الكتاب يف الشام أو رمى فيه الكالم على عواهنه فصاد ف احلقيقة اتفاقا ‪ ،‬أو استنبط‬
‫األنباء برأيه استنباطا مث نسبها إىل اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫مث بدأ اإلمام الزر قاين يدحض هذه الشبهة بأسلوب عقلي علمي هادئ يتسم‬
‫بالفهم واحلكمة والذكاء دون عصبية عمياء خالية من الرد العلمي فقال‪:‬‬
‫وندفع هذه الشبهة مبا يأيت ‪:‬‬
‫)أوال( ‪ :‬إن أكثر أنباء الغيب يف القرآن الكرمي مل يكن ألهل الكتاب علم هبا على عهده‬
‫‪ ،‬وأنه صحح أغالطهم يف كثري من هذه األنباء فليس مبعقول أن يأخذها عنهم وهو‬
‫الذي صححها هلم‬
‫)ثانيا( ‪ :‬إن أهل الكتاب يف زمانه كانوا أخبل الناس مبا يف أيديهم من علم‬
‫الكتاب ‪ ،‬أضف اىل ذلك أن كثريا من أهل الكتاب آمنوا هبذا القرآن مث مل تلبث كافة‬
‫القبائل العربية أن دخلت يف اإلسالم عن طواعية دون إكراه‪.‬‬
‫)ثالثا( ‪ :‬أنه لو كان يرجم بالغيب جزافا من غري حجة ‪ ،‬إذا الستحال أن يتحقق‬
‫كل ما جاء به مع هذه الكثرة ‪ ،‬بل كان خيط ولو مرة واحدة إما يف غيب املاضي ‪ ،‬أو‬
‫احلاضر‪ ،‬أو املستقبل ‪ ،‬لكنه مل خيط يف واحدة منها على كثرهتا وتنوعها‪.‬‬
‫(رابعا ( ‪ :‬أن حممدا صلى اهلل عليه وسلم كان رجال عظيما بشهادة هؤالء الطاعنني ‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) أخرجه البخاري يف صحيحه كتاب الشهادات باب من أقام البينة بعد اليمني – حديث رقم ‪ 608‬ج ‪08/ 3‬‬
‫ومسلم يف كتاب األ قضية – باب احلكم بالظاهر ج‪333 / 3‬‬

‫الناشر ‪ /‬دار مكتبة اهلالل بريوت الطبعة األوىل‬ ‫( ) أخرجه املاوردي يف (أعالم النبوة) – باب حلمه ووقاره وتواضعه ح ‪/‬‬
‫‪43 ، 438/‬‬ ‫سنة ‪ 481‬هـ ‪ .‬بتصريف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزر قاين ج‬

‫‪123‬‬
‫(‪) 9‬‬
‫وصاحب هذه العظمة البشرية يستحيل أن يكون ممن يرمي الكالم على عواهنه‬
‫خصوصا أنه رجل مسؤول يف موقف اخلصومة بينه وبني أعداء ألداء ‪ ،‬فما‬
‫يكون له أن يرجم بالغيب ويقامر بنفسه وبدعوته وهو ال يضمن األيام وما تأيت به مما‬
‫ليس يف احلسبان ‪.‬‬
‫(خامسا) ‪ :‬أن هذه األنباء الغيبية ليست يف كثرهتا مما يصلح أن يكون جماال للرأي ‪ ،‬مث‬
‫إن ما يصلح أن يكون جماال للرأي أخرب حممد صلى اهلل عليه وسلم يف بعضه بغري ما‬
‫يقضي به ظاهر الرأي واالجتهاد ‪ ،‬مث بني أنه ضرب لذلك مثاال بنبوءة انتصار الروم‬
‫على الفرس ‪ ،‬وانتصار املسلمني على املشركني يف وقت مل تتوافر فيه عوامل هذا‬
‫( )‬
‫االنتصار"‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 9‬العواهن – مجع عاهن وهي عروق يف رحم الناقة – ورمى الكالم على عواهنه إذا مل يبال أصاب أم أخطأ ‪( .‬الصحاح تاج‬
‫أليب نصر الفارايب – حتقيق ‪/‬أمحد عبد الغفور عطار – الناشر ‪/‬دار العلم للماليني‬ ‫اللغة وصحاح العربية) باب عهن ج‪61/ 6‬‬
‫– بريوت الطبعة الرابعة سنة ‪ 483‬هـ عدد األجزاء ‪. 6‬‬

‫‪433 /‬‬ ‫( ) بتصرف يسري من كتاب مناهل العرفان لإلمام الزرقاين ج‬

‫‪124‬‬
‫الشبهة السابعة ‪:‬‬
‫علوم القرآن الكرمي ومعارفه ليست وجها من أوجه اإلعجاز ‪:‬‬
‫"قال املالحدة ‪ :‬إن ما يذكره املسلمون من معارف القرآن الكرمي وتشريعاته الكاملة‬
‫ال يستقيم أن يكون وجهاً من وجوه اإلعجاز‪.‬‬
‫فإن ( سولون اليوناين) ( ) وضع وحده قانونا شافيا كافيا كان موضع‬
‫( )‬
‫التقدير واإلجالل والطاعة ‪ ،‬وما قال أحد أنه نيب "‬
‫وندفع هذه الشبهة مبا يأيت ‪:‬‬
‫" ( أوال ( ‪ :‬بأن الفروق شاسعة بني ما جاء به القرآن الكرمي وما جاء به هذا القانون‬
‫السولوين اليوناين ‪ ،‬وحنن نتحداهم أن يثبتوا لنا وفاءه بكافة ضروب اإلصالح البشري‪.‬‬
‫(ثانيا ) ‪ :‬أن الفرق بعيد بني ظروف حممد صلى اهلل عليه وسلم – الرجل األمي الذي مل‬
‫يتقلد أي أعمال عسكرية ‪ ،‬واليت جاء فيها بالقرآن الكرمي ‪ ،‬وظروف سولون اليت‬
‫وضع فيها القانون ؛ فمحمد كان أميا نشأ يف األميني ‪ ،‬أما سولون فكان فيلسوفا نشأ‬
‫بني فالسفة ومتعلمني بل هو أحد الفالسفة السبعة الذين كان يشار إليهم بالبنان يف‬
‫القرن السابع قبل امليالد املسيحي‪.‬‬
‫وحممد قبل القرآن الكرمي حبب إليه اخللوة والعزلة ؛ أما سولون فقد توىل قبل وضعه‬
‫القانون أعماال إدارية وعسكرية وانتخب يف عام‪514‬ق‪ -‬م (أرجونا)(‪ ) 3‬فوضع‬
‫هلم نظاما جديدا أقرته األمة وعُمل به عشر سنني فقط ‪.‬‬
‫إذا هل جيوز حىت يف عقول املغفلني أن تقام موازنة ويصاغ قياس مع هذه االختالفات‬
‫اهلائلة بني حممد األمي الناش يف األميني ‪ ،‬وسولون احلاكم والقائد والزعيم‬
‫والفيلسوف الناش يف أمة من أمم احلكمة واحلضارة ؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ) سولون شاعر ورجل قانون أثيين وأحد حكماء اإلغريق السبعة قام بسن جمموعة من القوانني اإلصالحية واليت تعارضت مع‬
‫نظام الدولة املتبع آنذاك ورغم أن إصالحاته فشلت فيما بعد إال أهنا تعترب املمهد لقيام ما مت تسميته فيما بعد بالنظام األثيين‬
‫الدميقراطي ‪ 630‬ق‪.‬م ‪ 550‬ق‪.‬م – أنظر ( اليونان مقدمة يف التاريخ احلضاري ) للطفي عبد الوهاب حييي‪.‬‬

‫‪433/‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) ج‬

‫(‪ ) 3‬األ رجون – رئيس األمة جبميع أحزاهبا وطوائفها وله السلطة املطلقة لتغيري ما شاء من نظم البالد وقوانينها‬

‫‪434 /‬‬ ‫( انظر مناهل العرفان) ج‬

‫‪125‬‬
‫)ثالثا( ‪ :‬أين هذا القانون الذي وضعه سولون ؟‬
‫وما قيمة جناحه ‪ ،‬جبانب قانون القرآن الكرمي اجلامع ودستوره اخلالد وأثره‬
‫البارز وجناحه املعجز‪.‬‬
‫مث ما قيمة قانون وضع حتت تأثري تلك الظروف ومات وأصبح يف خرب كان ‪،‬‬
‫جبانب قانون القرآن الكرمي الذي جاء يف ظروف مضادة جعلته معجزة بل معجزات مث‬
‫حي حياة دائمة ال مؤقتة ‪ ،‬وال يزال يزداد مع مرور العصور والقرون جدة وحياة‬
‫وثباتا واستقرارا‪ ،‬حىت أصبح كثري من األمم املتحضرة تستمد منه ‪ ،‬وقررت مؤمترات‬
‫( )‬
‫دولية اعتباره مصدرا من مصادر القانون يف هذا العصر"‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪434، 433 /‬‬ ‫( ) بتصريف يسري من كتاب ( مناهل العرفان ) ج‬

‫‪126‬‬
‫اخلامتة وحتتوي على‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬النتا ئج ‪:‬‬
‫بعد السياحة والسباحة يف هذا النهر العذب واملنهل الصايف ‪ -‬موضوع البحث‪-‬‬
‫وبعد أن عشت فصوله ومباحثه دراسة وبيانا ‪ ،‬أستطيع أن أخلص أهم النتائج اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬أن اإلمام الزرقاين (رمحه اهلل) من أدق من كتبوا يف موضوع اإلعجاز القرآين‬
‫يف العصر احلديث بأسلوب آسر أخاذ ‪ ،‬ويستطيع الباحث ذو احلس املرهف أن يلمس‬
‫هذا من تضاعيف كالمه وعذب منطقه و بالغة حديثه ‪.‬‬
‫‪ -‬استطاع اإلمام الزرقاين جتلية بعض وجوه اإلعجاز اجلديدة من خالل فهمه‬
‫لبعض نصوص اآليات القرآنية اليت يتجلى فيها اإلعجاز القرآين املدهش ‪ ،‬وذلك‬
‫نلمسه من خالل توجيهه ‪ -‬مثال‪ -‬آلية املباهلة ‪ ،‬وآيات العتاب اليت جاءت يف القرآن‬
‫الكرمي للرسول (صلى اهلل عليه وسلم) ‪.‬‬
‫‪ -3‬إن جل الباحثني يف جمال اإلعجاز القرآين يف العصر احلديث ال ميكن إال أن‬
‫يسترشدوا مبا كتبه اإلمام الزرقاين يف هذا اجملال ‪ ،‬وذلك للوقوف على احلكم‬
‫واألسرار املتعلقة ببعض أمور التشريع ‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫فيما يلي أهم التوصيات اليت توصلت إليها من خالل حبثي ‪:‬‬
‫‪ -‬أرى أن يدرَس هذا الكتاب (مناهل العرفان ) يف كليات جامعة األزهر‬
‫الشريف وغريها من أقسام الدراسات اإلسالمية يف اجلامعات العربية واإلسالمية‬
‫القرآنية‪.‬‬ ‫الدراسات‬ ‫وخباصة‬ ‫واألجنبية‬
‫‪ -‬أحبذ أن يقوم كل داعية متخصص يف جمال الدعوة والوعظ واإلرشاد بقراءة وفهم‬
‫كتاب مناهل العرفان وذلك ليتعلم من خالل منهج اإلمام الزرقاين األسلوب األمثل‬
‫إليصال املعلومة بعبارة أدبية جيدة يتخللها يف أحيان كثرية حكم رقيقة وأمثال بليغة‬
‫تبعث اهلمم على العمل الدائب لنصرة هذا الدين واالنقياد لتعاليمه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أوصي أبناءنا الطالب باجلامعات املختلفة بقراءة كتاب مناهل العرفان‬
‫ليتعلموا كيفية الرد على بعض الشبهات اليت قد يثريها أعداء اإلسالم من وقت آلخر‬
‫على كتاب اهلل تعاىل أو على رسوله " صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬
‫‪ -4‬كما أوصي أن يكون جمال اإلعجاز القرآين حمل اهتمام مجيع الباحثني‬
‫والدارسني يف العلوم القرآنية ‪ ،‬وذلك للتطور املعلومايت املتجدد كل يوم والذي‬
‫يستخدمه احلاقدون على اإلسالم بغية النيل منه ‪ ،‬واملتمثل يف كتاب اهلل تعاىل ‪،‬‬
‫وشخص رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫فهرس اآليــات القرآنيــــة‬

‫رقــم الصفحة‬ ‫السـورة‬ ‫اآليـــــــة‬ ‫م‬


‫اآلية‬
‫‪47 3 :‬‬ ‫الفاحتة‬ ‫" احلمد هلل رب العاملني الرمحن الرحيم "‬
‫‪83‬‬ ‫البقرة‬ ‫"ذلك الكتاب الريب فيه"‬
‫‪80‬‬ ‫‪4‬‬ ‫البقرة‬ ‫" وباآلخرة هم يوقنون "‬ ‫‪3‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪3‬‬ ‫البقرة‬ ‫"فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم"‬ ‫‪4‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪3‬‬ ‫البقرة‬ ‫"سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا"‬ ‫‪5‬‬
‫‪43‬‬ ‫‪8‬‬ ‫البقرة‬ ‫"ولكن الشياطني كفروا"‬ ‫‪6‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪8‬‬ ‫البقرة‬ ‫"وََلنْ تَ ْرضَى عَ ْنكَ الْيَهُودُ وَال النَّصَارَى "‬ ‫‪3‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪30‬‬ ‫يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِـبَ عَلَـيْكُمْ اْلقِصَـاصُ البقرة‬ ‫‪0‬‬
‫فِي القتلى"‬
‫‪50‬‬ ‫‪0‬‬ ‫البقرة‬ ‫"فمن بدله بعد ما مسعه"‬ ‫‪1‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪03‬‬ ‫البقرة‬ ‫"كتب عليكم الصيام"‬ ‫‪8‬‬
‫‪50‬‬ ‫‪16‬‬ ‫البقرة‬ ‫"فإن أحصرمت فما استيسر من اهلدي"‬
‫‪90‬‬ ‫‪84‬‬ ‫البقرة‬ ‫"ومن الناس من يعجبك قوله"‬
‫‪49‬‬ ‫‪8‬‬ ‫البقرة‬ ‫"يسألونك عن اليتامى"‬ ‫‪3‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪0‬‬ ‫البقرة‬ ‫"واملطلقات يتربصن بأنفسهن"‬ ‫‪4‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪33‬‬ ‫"وَاْلوَالِــدَاتُ يُ ْرضِــ ْعنَ َأوْال َدهُــنَّ حَــوْلَ ْينِ البقرة‬ ‫‪5‬‬
‫كَامِلَ ْينِ"‬
‫‪89‬‬ ‫‪44‬‬ ‫آل عمران‬ ‫"ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك"‬ ‫‪6‬‬
‫‪97‬‬ ‫‪6‬‬ ‫آل عمران‬ ‫"فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك"‬ ‫‪3‬‬

‫‪129‬‬
‫‪91‬‬ ‫‪13‬‬ ‫آل عمران‬ ‫"كل الطعام كان حال لبين إسرائيل"‬ ‫‪0‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪13‬‬ ‫آل عمران‬ ‫"ومن دخله كان آمنا"‬ ‫‪1‬‬
‫‪50‬‬ ‫‪08‬‬ ‫"وَال يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَـا آتَـاهُمْ اللَّـهُ آل عمران‬ ‫‪8‬‬
‫ِمنْ فضله"‬
‫‪50‬‬ ‫‪1‬‬ ‫َ"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ال يَحِـلُّ لَكُـمْ أَنْ تَرِثُـوا النساء‬
‫النِّسَاءَ كرها"‬
‫‪50‬‬ ‫‪1‬‬ ‫النساء‬ ‫يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ال َتأْكُلُوا َأ ْموَالَكُمْ‬
‫‪84‬‬ ‫‪40‬‬ ‫النساء‬ ‫"فما هلؤالء القوم ال يكادون يفقهون"‬ ‫‪3‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪50‬‬ ‫النساء‬ ‫"إن اهلل يأمركم أن تؤدوا األمانات "‬ ‫‪4‬‬
‫‪86‬‬ ‫‪61‬‬ ‫النساء‬ ‫"أنعم اهلل عليهم من النبيني والصديقني "‬ ‫‪5‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪0‬‬ ‫"أفال يتدبرون القرآن ولـو كـان مـن عنـد النساء‬ ‫‪6‬‬
‫غرياهلل"‬
‫‪99‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ـابَ وَالْحِكْمَ ـةَ النساء‬
‫"وَأَن ـزَلَ اللَّ ـهُ عَلَيْ ـكَ الْكِتَـ‬ ‫‪3‬‬
‫وَعَلَّ َمكَ مَا لَمْ تكن تعلم "‬
‫‪1‬‬ ‫‪53‬‬ ‫سأَُلكَ َأ ْهلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَـزِّلَ عَلَـيْهِمْ كِتَابـاً النساء‬
‫يَ ْ‬ ‫‪0‬‬
‫ِمنْ السَّمَاءِ‬
‫‪50‬‬ ‫‪3‬‬ ‫املائدة‬ ‫َالدمُ"‬
‫ُر َمتْ عَلَيْكُمْ الْمَيَْتةُ و َّ‬
‫"ح ِّ‬ ‫‪1‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪5‬‬ ‫املائدة‬ ‫‪" 38‬قد جاءكم من اهلل نور وكتاب مبني"‬
‫‪50‬‬ ‫‪44‬‬ ‫املائدة‬ ‫‪" 3‬ومن مل حيكم مبا انزل اهلل "‬
‫‪14‬‬ ‫‪5‬‬ ‫املائدة‬ ‫‪" 3‬فترى الذين يف قلوهبم مرض يسارعون"‬
‫‪4‬‬ ‫‪0‬‬ ‫املائدة‬ ‫‪" 33‬ذَِلكَ ِبأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِنيَ وَ ُرهْبَاناً وَأَنَّهُمْ "‬
‫‪44‬‬ ‫‪33‬‬ ‫األنعام‬ ‫‪" 34‬قَدْ َنعْلَمُ إَِّنهُ لَيَحْزُُنكَ الَّذِي َيقُولُونَ َفإِنَّهُمْ‬
‫‪88‬‬ ‫‪51‬‬ ‫األنعام‬ ‫‪" 35‬وعنده مفاتيح الغيب ال يعلمها إال هو"‬
‫‪3‬‬ ‫األنعام‬ ‫‪" 36‬أو من كان ميتا فأحييناه"‬

‫‪130‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪3‬‬ ‫األعراف‬ ‫‪ 33‬يَا بَنِي آ َدمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ‬
‫‪79‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪" 30‬وَقَاَلتْ الْيَهُـودُ عُزَيْـرٌ ابْـنُ اللَّـهِ وَقَالَـتْ التوبة‬
‫النَّصَارَى املسيح ابن اهلل"‬
‫‪79‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪" 31‬اتَّخَذُوا أَحْبَا َرهُمْ وَ ُرهْبَانَهُمْ أَرْبَابـاً مِـنْ دُونِ التوبة‬
‫اللهِ"‬
‫َّ‬
‫‪50‬‬ ‫‪34‬‬ ‫التوبة‬ ‫‪" 48‬والذين يكنزون الذهب والفضة"‬
‫‪93‬‬ ‫‪43‬‬ ‫التوبة‬ ‫‪" 4‬عفا اهلل عنك ملا أذنت هلم"‬
‫‪90‬‬ ‫‪83‬‬ ‫التوبة‬ ‫‪" 4‬والذين اختذوا مسجدا ضرارا"‬
‫‪98‬‬ ‫‪5‬‬ ‫يونس‬ ‫‪" 43‬وقال الذين اليرجون لقاءنا"‬
‫‪83‬‬ ‫‪8‬‬ ‫يونس‬ ‫‪" 44‬قل انظروا ماذا يف السموات "‬
‫‪60‬‬ ‫‪4‬‬ ‫هود‬ ‫‪" 45‬فاعلموا أمنا أنزل بعلم اهلل"‬
‫‪89‬‬ ‫‪41‬‬ ‫هود‬ ‫‪" 46‬تلك من أنباء الغيب "‬
‫‪51‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الرعد‬ ‫‪" 43‬كذلك يضرب اهلل األمثال"‬
‫‪61‬‬ ‫‪33‬‬ ‫الرعد‬ ‫‪" 40‬وجعلوا هلل شركاء قل مسوهم"‬
‫‪45‬‬ ‫‪1‬‬ ‫احلجر‬ ‫‪" 41‬إنا حنن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون"‬
‫‪50‬‬ ‫‪3‬‬ ‫النحل‬ ‫‪" 58‬أفمن خيلق كمن ال خيلق"‬
‫‪86‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫‪" 5‬إن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم"‬

‫‪51‬‬ ‫‪01‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫‪" 5‬ولقد صرفنا للناس يف هذا القرآن"‬


‫‪15‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الكهف‬ ‫‪" 53‬كربت كلمة خترج من أفواههم"‬
‫‪95‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الكهف‬ ‫‪" 54‬وال تقولن لشيء إين فاعل ذلك غدا"‬
‫‪51‬‬ ‫‪54‬‬ ‫الكهف‬ ‫‪" 55‬ولقد صرفنا للناس يف هذا القرآن"‬
‫‪79‬‬ ‫‪35‬‬ ‫مرمي‬ ‫‪" 56‬مَا كَانَ ل َِّلهِ أَنْ يَتَّخِذَ ِمنْ وَلَدٍ سُبْحَاَنهُ "‬
‫‪96‬‬ ‫‪4‬‬ ‫طه‬ ‫‪" 53‬وال تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى"‬

‫‪131‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫األنبياء‬ ‫‪" 50‬إن هذه أمتكم أمة واحدة"‬
‫‪80‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪َ " 51‬فإِنَّهَا ال َتعْمَى األَبْصَارُ وَلَ ِكنْ َتعْمَـى اْلقُلُـوبُ احلج‬
‫الَّتِي يف الصدور"‬
‫‪8 6-4‬‬ ‫الفرقان‬ ‫‪ " 68‬وقال الذين كفروا إن هذا إال إفك"‬
‫‪61‬‬ ‫الفرقان‬ ‫‪" 6‬لقد استكربوا يف أنفسهم وعتوا"‬
‫‪61‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪" 6‬وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً َوهِيَ تَمُـرُّ مَـرَّ النمل‬
‫السحاب"‬
‫‪53‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪" 63‬وََأوْحَيْنَا إِلَـى أُمِّ مُوسَـى أَنْ أَ ْرضِـعِيهِ فَـإِذَا القصص‬
‫ِخ ْفتِ فألقيه يف اليم"‬
‫‪61‬‬ ‫‪1‬‬ ‫القصص‬ ‫‪" 64‬وقالت امرأة فرعون قرت عني يل"‬
‫‪14‬‬ ‫‪56‬‬ ‫القصص‬ ‫اللهَ يَهْدِي‬
‫إَِّنكَ ال تَهْدِي َمنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ َّ‬ ‫‪65‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪00‬‬ ‫القصص‬ ‫‪" 66‬كل شيء هالك إال وجهه"‬
‫‪49‬‬ ‫‪5‬‬ ‫األحزاب‬ ‫‪" 63‬قد علمنا ما فرضنا عليهم"‬
‫‪86‬‬ ‫األحزاب‬ ‫‪" 60‬لقد كان لكم يف رسول اهلل أسوة حسنة"‬
‫‪84‬‬ ‫‪36‬‬ ‫يس‬ ‫‪" 61‬سبحان الذي خلق األزواج كلها "‬
‫‪47‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الزمر‬ ‫‪" 38‬قرآنا عربيا غري ذي عوج"‬
‫‪46‬‬ ‫‪31‬‬ ‫فصلت‬ ‫‪" 3‬ومن آياته أنك ترى األرض خاشعة"‬
‫‪13‬‬ ‫‪4‬‬ ‫فصلت‬ ‫‪ " 3‬ال يأتيه الباطل من بني يده وال من خلفه"‬
‫‪86‬‬ ‫‪46‬‬ ‫فصلت‬ ‫‪ " 33‬من عمل صاحلا فلنفسه "‬
‫‪15‬‬ ‫‪34‬‬ ‫حممد‬ ‫‪" 34‬أ فال يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفاهلا‬
‫‪99‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الشورى‬ ‫‪" 35‬وَكَذَِلكَ َأوْحَيْنَا إِلَ ْيكَ رُوحاً ِمنْ َأمْرِنَا"‬
‫‪0‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ 36‬إِنَّمَا الْ ُم ْؤمِنُونَ إِ ْخوَةٌ َفَأصْلِحُوا بَـ ْينَ أَخَـوَيْكُمْ احلجرات‬
‫اللهَ َلعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ‬
‫َاتقُوا َّ‬
‫و َّ‬
‫‪46‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ق‬ ‫‪" 33‬أفلم ينظروا إىل السماء فوقهم"‬

‫‪132‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪41‬‬ ‫الذاريات‬ ‫‪" 30‬ومن كل شيء خلقنا زوجني"‬
‫‪79‬‬ ‫‪53‬‬ ‫الذاريات‬ ‫‪َ " 31‬ومَا خَ َل ْقتُ الْجِنَّ وَاإلِنسَ إِالَّ لَِيعْبُدُونِ"‬
‫‪3،4‬‬ ‫‪َ " 08‬ومَا يَنْ ِطقُ عَـنْ الْهَـوَى إِنْ هُـوَ إِالَّ وَحْـيٌ النجم‬
‫يُوحَى "‬
‫‪72‬‬ ‫النجم‬ ‫‪" 0‬تلك إذا قسمة ضيزى"‬
‫‪71‬‬ ‫‪36‬‬ ‫القمر‬ ‫‪" 0‬وََلقَدْ أَنذَ َرهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَا َروْا بِالنُّذُر"ِ‬
‫‪90‬‬ ‫‪45‬‬ ‫القمر‬ ‫‪" 03‬سيهزم اجلمع ويولون الدبر"‬
‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الواقعة‬ ‫‪" 04‬ال يصدعون عنها وال ينزفون"‬
‫‪50‬‬ ‫احلديد‬ ‫‪" 05‬من ذا الذي يقرض اهلل قرضا حسنا"‬
‫‪11‬‬ ‫ـالُ نَضْــرِبُهَا لِلنَّــاسِ َلعَلَّهُــمْ احلشر‬
‫ـكَ ا َألمْثَـ‬
‫‪ 06‬وَتِلْـ‬
‫يََتفَكَّرُونَ‬
‫‪0‬‬ ‫املنافقون‬ ‫‪ 03‬وَلَكِنَّ الْمُنَا ِفقِنيَ ال َيعْلَمُونَ‬
‫‪40‬‬ ‫اجلن‬ ‫‪" 00‬قل أوحي إيل أنه استمع نفر من اجلن"‬
‫‪11‬‬ ‫‪5‬‬ ‫املزمل‬ ‫‪ 01‬إِنَّا سَنُ ْلقِي عَلَ ْيكَ َقوْالً َثقِيالً‬
‫‪43‬‬ ‫املدثر‬ ‫‪" 18‬ذرين ومن خلقت وحيدا"‬
‫‪96‬‬ ‫‪6‬‬ ‫القيامة‬ ‫‪" 1‬الحترك به لسانك لتعجل به"‬
‫‪93‬‬ ‫عبس‬ ‫‪" 1‬عبس وتوىل أن جاءه األعمى"‬
‫‪16‬‬ ‫‪5،6‬‬ ‫األعلى‬ ‫جعَ َلهُ غُثَاءً أَ ْحوَى (‪ )5‬سَُنقْرُِئكَ فَال تَنسَى‬
‫‪ 13‬فَ َ‬
‫‪86‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الغاشية‬ ‫‪" 14‬أفال ينظرون ن إىل اإلبل كيف خلقت"‬
‫‪72‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪َ " 15‬ومَا ُأمِرُوا إِالَّ لَِيعْبُـدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِـنيَ لَـهُ البينة‬
‫الدِّينَ "‬
‫‪80‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الزلزلة‬ ‫‪" 16‬فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره"‬

‫‪133‬‬
‫فهرس األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫احلـــــديث‬ ‫م‬


‫‪14‬‬ ‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّم‪َ ((:‬أدَّبين ريب فأحسن تأدييب))‬
‫يقول صَلَّى َّ‬
‫‪13‬‬ ‫َو ُهوَ َيقُولُ لَهُمْ‪ (( :‬إِذَا أَنَا دَ َع ْوتُ َفأَمِّنُوا ))‬
‫‪00‬‬ ‫قال‪ :‬أجدين كارها قال ‪ ((:‬أسلِم وإن كنت كارها ‪)) .‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪61‬‬ ‫((أفال أحب أن أكون عبداً شكوراً ‪)) ..‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪61‬‬ ‫وأقلوا الرواية عن رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬امضوا‬ ‫‪5‬‬
‫وأنا شريككم ))‬
‫‪1‬‬ ‫قال النيب صلّى اهلل عليه وسلم‪ ((:‬أنا على ملة إبراهيم‪))..‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪3‬‬ ‫(( إمنا أنا بشر وإنكم ختتصمون إيل))‬ ‫‪3‬‬
‫‪3، 0‬‬ ‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ ِمنَ اْلوَحْيِ‬
‫((أَوَّلُ مَا بُدِئَ ِبهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َّ‬ ‫‪0‬‬
‫الن ْومِ ‪ ،‬فَكَانَ لَا يَرَى ُرؤْيَا إِلَّا جَا َءتْ مِ ْثلَ فَ َلقِ‬
‫الرؤْيَا الصَّادِ َقةُ فِي َّ‬
‫ُّ‬
‫الصُّبْحِ … ))‬
‫‪88‬‬ ‫ِصةِ أَبِي جَ ْهلٍ حِنيَ ((جَاءَ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ‬
‫فِي ق َّ‬ ‫‪1‬‬
‫‪14‬‬ ‫وقال‪ (( :‬سأخربكم هبا ومل يقل إن شاء اهلل فأبطأ عنه الوحي‬ ‫‪8‬‬
‫أياماً‪))..‬‬
‫‪03‬‬ ‫((يقول بعد ذلك ‪ -‬سيتصدقون وجياهدون ‪))..‬‬
‫فلما كان يوم بدر رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبيده ‪18‬‬
‫السيف مصلتا وهو يقول ((سيهزم اجلمع ويولون‬
‫‪60‬‬ ‫((صليت مع النيب صلى اهلل عليه وسلم ذات ليلة ‪ ،‬فقام طويالً‬ ‫‪3‬‬
‫حىت مهمت بأمر سوء…))‬
‫‪08‬‬ ‫قام النّيب صلّى اهلل عليه وسلم يوم قريظة حتت حصوهنم فقال‪((:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪134‬‬
‫يا إخوان القردة ويا إخوان اخلنازير‪))..‬‬
‫‪03‬‬ ‫((عن رجل منهم أنه أتى إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فأسلم‬ ‫‪5‬‬
‫على أن يصلي صالتني ( ال مخسا) فقبل منه))‬
‫‪4‬‬ ‫(( َفقَرَأَ عَلَيْهِمْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سُورَةَ يس إِلَى‬ ‫‪6‬‬
‫آخِ ِرهَا‪ ،‬فَبَ َكوْا حِنيَ سَ ِمعُوا اْلقُرْآنَ…))‬
‫‪13‬‬ ‫فكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يكرمه ويقول إذا رآه‪:‬‬ ‫‪3‬‬
‫((مرحبا مبن عاتبين فيه ريب ‪ ،‬ويقول له ‪ :‬هل لك من حاجة))‬
‫فكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يستنشد ها ويعجبه شعرها ‪61‬‬ ‫‪0‬‬
‫فكانت تنشد وهو يقول (( هيه يا خنساء ))‬
‫((أنه صلى اهلل عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك ‪16‬‬ ‫‪1‬‬
‫وتربد وجهه الشريف ()‬
‫يقول حذيفة ((كلما أتت آية رمحة سأل ‪ ،‬وكلنا أتت آية تسبيح ‪60‬‬ ‫‪8‬‬
‫سبح … ))‬
‫‪1‬‬ ‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬لو نزلت آية عذاب ما جنا منها إال‬
‫عمر))‬
‫((هون عليك فإنين لست مبلك إمنا أنا ابن امرأة من قريش كانت ‪3‬‬
‫تأكل القديد))‬
‫وَقَالَ‪(( :‬وَالَّذِي َنفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ اْلعَذَابَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى َأهْلِ نَجْرَانَ ‪13‬‬ ‫‪3‬‬
‫وََلوْ تَلَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ… ))‬
‫‪03‬‬ ‫(( وال يزال عبدي يتقرب إيل بالنوافل حىت أحبه))‬ ‫‪4‬‬
‫‪83‬‬ ‫َللهِ َلوْ‬
‫اللهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ ‪ (( :‬يَا عَمُّ ‪ ،‬وَا َّ‬
‫اللهِ صَلَّى َّ‬
‫َفقَالَ رَسُولُ َّ‬ ‫‪5‬‬
‫َوضَعُوا الشمسَ فِي يَمِينِي‪ ،‬والقمرَ فِي يَسَارِي…))‬
‫اللهِ َحقًا‪،‬فَيَسْ ُكنُ بِذَِلكَ َجأْ ُشهُ وََتقَرُّ ‪0‬‬
‫َفقَالَ‪(( :‬يَا مُحَمَّدُ إَِّنكَ رَسُولُ َّ‬ ‫‪6‬‬
‫سهُ فَيَرْجِعُ‪َ ،‬فإِذَا طَالَتْ عَلَ ْيهِ فَتْرَةُ اْلوَحْيِ غَدَا لِمِ ْثلِ ذَِلكَ))‬
‫َنفْ ُ‬

‫‪135‬‬
‫فهرس املراجع‬
‫الصفح‬ ‫املرجـــع‬ ‫املؤلــف‬ ‫م‬
‫ة‬
‫‪3:‬‬ ‫القرآن لكريـم‬ ‫اللــه تعاىل‬
‫‪6‬‬
‫‪1‬‬ ‫اآللوسي‪ :‬حممود بن عبد اهلل روح املعاين يف تفسري القرآن – حتقيق‪/‬‬
‫علي عبد الباري الناشر‪ /‬دار الكتب‬ ‫احلسيين املتويف سنة ‪38‬‬
‫العلمية بريوت‬
‫‪84‬‬ ‫املوسوعة القرآنية الناشر ‪ /‬مؤسسة‬ ‫إبراهيم بن إمساعيل‬ ‫‪3‬‬
‫سجل العرب – طبعة سنة ‪485‬‬ ‫اإلبياري ت ‪ 4‬هـ‬
‫هـ‬
‫‪31‬‬ ‫التدرج يف دعوة النيب طبع ونشر ‪/‬‬ ‫إبراهيم بن عبد اهلل املطلق‬ ‫‪4‬‬
‫وزارة الشئون اإلسالمية واألوقاف‬
‫والدعوة – الطبعة األوىل ‪ 4 3‬هـ‬
‫ذيل األعالم الناشر‪/‬دار املنارة ط‪ /‬أوىل‬ ‫أمحد العالونه‬ ‫‪5‬‬
‫‪ 110‬م‬
‫‪8‬‬ ‫طبقات املفسرين ‪ -‬حتقيق سليمان بن‬ ‫أمحد بن حممد األدنروي‬ ‫‪6‬‬
‫صاحل اخلزي الناشر‪ /‬مكتبة العلوم‬
‫واحلكم‬
‫‪8‬‬ ‫نفح الطيب من غصن األندلس‬ ‫أمحد بن حممد املقري‬ ‫‪3‬‬
‫الرطيب – حتقيق ‪ /‬إحسان عباس‪ -‬ط‬
‫‪ /‬دار صادر بريوت سنة ‪ 160‬م‬
‫إعجاز القرآن حتقيق ‪/‬السيد أمحد صقر ‪56‬‬ ‫الباقالين‪ :‬أبو بكر بن‬ ‫‪0‬‬

‫‪136‬‬
‫الناشر‪ /‬دارا ملعارف‬ ‫الطيب بن حممد بن جعفر‬
‫البخاري‪ :‬حممد بن إمساعيل اجلامع الصحيح – حتقيق ‪ /‬حمب الدين ‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫اخلطيب‪ -‬راجعه‪ /‬قصي حمب الدين‬
‫اخلطيب – الناشر‪ /‬املطبعة السلفية‬
‫ش الفتح بالروضة القاهرة‬
‫‪50‬‬ ‫احليوان الناشر‪/‬دار الكتب العلمية‬ ‫اجلاحظ‪ :‬عمرو بن حبر بن‬ ‫‪8‬‬
‫بريوت لبنان‪ -‬الطبعة الثانية سنة‬ ‫حمبوب البصري ت‬
‫‪ 4 4‬هـ عدد األجزاء ‪3‬‬ ‫‪ 55‬هـ‬
‫‪55‬‬ ‫رسائل اجلاحظ – حتقيق ‪/‬عبد السالم‬ ‫اجلاحظ ‪:‬عمرو بن حبر بن‬
‫هارون – عدد ‪ 3‬أجزاء‬ ‫حمبوب البصري‬
‫‪51‬‬ ‫دالئل اإلعجاز احملقق‪ /‬حممود حممد‬ ‫اجلرجاين‪ :‬أبو بكر عبد‬
‫شاكر‪ -‬الناشر‪ /‬مطبعة املدين بالقاهرة‬ ‫القاهر بن عبد الرمحن‬
‫وجدة الطبعة الثالثة‬
‫‪6‬‬ ‫املفصل يف تاريخ العرب – ‪ 4‬أجزاء‬ ‫د ‪ /‬جواد علي‬ ‫‪3‬‬
‫‪5‬‬ ‫املوسوعة العربية امليسرة – ط ‪165‬‬ ‫جون امربوز فلمنج‬ ‫‪4‬‬
‫م ‪ -‬مترجم‬
‫‪61‬‬ ‫ابن حجر‪ :‬أمحد بن علي بن فتح الباري بشرح صحيح البخاري‬ ‫‪5‬‬
‫راجعه‪ /‬طه عبد الرؤوف سعد – طبع‪/‬‬ ‫حممد بن حجر العسقالين‬
‫مكتبة القاهرة – الصنادقية ‪ -‬األزهر‬
‫– القاهرة‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫مسند اإلمام أمحد ‪ -‬حتقيق شعيب‬ ‫ابن حنبل‪ :‬أمحد بن حممد‬ ‫‪6‬‬
‫األرناؤوط – ط ‪ /‬مؤسسة الرسالة‬ ‫بن حنبل‬
‫األويل‬
‫مناهل العرفان للزر قاين‪ /‬دراسة وتقومي ‪0‬‬ ‫خالد بن عثمان السبت‬ ‫‪3‬‬

‫‪137‬‬
‫– طبع ‪/‬دارا بن عفان للطبع والنشر‬
‫‪1‬‬ ‫إعجاز القرآن ‪ -‬حتقيق‪ /‬حممد خلف‬ ‫اخلطايب‪ :‬محد بن حممد بن‬ ‫‪0‬‬
‫اهلل – طبعة ‪ /‬دار املعارف سنة ‪33‬‬ ‫إبراهيم البسيت اخلطايب‬
‫هـ‬
‫‪34‬‬ ‫العني حتقيق ‪ /‬مهدي املخزومي طبع‬ ‫اخلليل بن أمحد بن عمرو‬ ‫‪1‬‬
‫بن متيم الفراهيدي البصري ونشر‪ /‬دارمكتبة هالل عدد األجزاء‬
‫‪60‬‬ ‫ت ‪ 38‬هـ‬
‫‪01‬‬ ‫النبأ العظيم اعتىن به ‪ /‬امحد مصطفى‬ ‫دراز‪ :‬حممد عبد اهلل دراز‬ ‫‪8‬‬
‫الناشر‪/‬دار القلم ط ‪ /‬مزيدة وحمققة‬ ‫ت‪ 333‬هـ‬
‫‪ 4 6‬هـ‬
‫‪5‬‬ ‫سري أعالم النبالء – حتقيق حممد نعيم‬ ‫الذهيب ‪ :‬حممد بن أمحد بن‬
‫العرقسوسي‪ -‬طبع ‪ /‬مؤسسة الرسالة‬ ‫عثمان الذهيب‬
‫‪ -‬بريوت لبنان‬
‫‪81‬‬ ‫تاريخ اإلسالم ووفيات املشاهري‬ ‫الذهيب ‪ :‬حممد بن أمحد بن‬
‫واألعالم – حتقيق ‪ /‬د عمر عبد‬ ‫عثمان الذهيب‬
‫السالم تدمري‬
‫تفسري الرازي مفاتيح الغيب أوالتفسري ‪33‬‬ ‫الرازي‪ :‬حممد بن عمر بن‬ ‫‪3‬‬
‫الكبري ‪ -‬ط‪ /‬دار التراث بريوت الثالثة‬ ‫احلسن بن احلسني‬
‫‪4 8‬‬
‫‪4‬‬ ‫خمتار الصحاح احملقق‪/‬يوسف الشيخ‬ ‫الرازي‪ :‬حممد بن أيب بكر‬ ‫‪4‬‬
‫حممد – الناشر‪ /‬املكتبة العصرية‪-‬‬ ‫بن عبد القادر ت‬
‫الدار النموذجية بريوت الطبعة اخلامسة‬ ‫‪666‬هـ‬
‫‪6‬‬ ‫إعجاز القرآن والبالغة النبوية – طبع‬ ‫الرافعي ‪ :‬مصطفى صادق‬ ‫‪5‬‬
‫ونشر ‪ /‬دار املنار القاهرة و مكتبة‬ ‫الرافعي‬

‫‪138‬‬
‫فياض باملنصورة‬
‫‪0‬‬ ‫النكت يف إعجاز القرآن ضمن ثالث‬ ‫الرماين ‪ :‬علي بن عيسى‬ ‫‪6‬‬
‫رسائل يف إعجاز القرآن – حتقيق ‪/‬‬ ‫الرماين‬
‫حممد خلف اهلل ‪-‬طبع ‪ /‬دار املعارف –‬
‫القاهرة‬
‫‪4‬‬ ‫تاج العروس من جواهر القاموس –‬ ‫الزبيدي ‪ :‬حممد بن حممد‬ ‫‪3‬‬
‫الناشر‪ /‬دار اهلداية‬ ‫بن عبد الرزاق احلسيين‬
‫الزبيدي‬
‫‪15‬‬ ‫معاين القرآن وإعرابه الناشر ‪ /‬عامل‬ ‫الزجاج ‪ :‬إبراهيم بن‬ ‫‪0‬‬
‫السري بن سهل أبو اسحق الكتب بريوت – الطبعة األوىل‬
‫سنة‪ 480‬هـ‬ ‫‪3‬‬ ‫الزجاج ت‬
‫‪08‬‬ ‫التفسري الوسيط الناشر ‪/‬دار الفكر‬ ‫الزحيلي ‪ :‬وهبة بن‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 4‬هـ عدد‬ ‫دمشق الطبعة األوىل‬ ‫مصطفى الزحيلي‬

‫‪ 38‬الزرقاين ‪:‬حممد عبد العظيم مناهل العرفان يف علوم القرآن – ط ‪43 /‬‬
‫املطبعة الفنية بالقاهرة ‪ -‬طبق ما قرره‬ ‫الزرقاين‬
‫جملس األزهر األعلى يف دراسة ختصص‬
‫الكليات األزهرية‬
‫‪ 3‬الزرقاين ‪ :‬حممد عبد العظيم مناهل العرفان يف علوم القرآن ‪ -‬طبع ‪48‬‬
‫ونشر‪/‬مطبعة عيسى البايب احلليب‬ ‫الزرقاين‬
‫وشركاه‬
‫‪6‬‬ ‫األعـــــــــــالم –‬ ‫‪ 3‬الزركلى ‪ :‬خري الدين بن‬
‫طبعة ‪ 5 /‬دار العلم للماليني بريوت‬ ‫حممود بن حممد الزركلى‬
‫لبنان‬

‫‪139‬‬
‫‪68‬‬ ‫تفسري الكشاف عن حقائق غوامض‬ ‫‪ 33‬الزخمشري‪ :‬أبو القاسم‬
‫التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه‬ ‫حممود بن عمر بن حممد‬
‫التأويل – املزود بأربعة كتب حبواشيه‪-‬‬ ‫الزخمشري‬
‫ترتيب وطبع وتصحيح‪ /‬حممد عبد‬
‫السالم شاهني – طبع ونشر ‪ /‬دار‬
‫الكتب العلمية بريوت لبنان‬
‫‪04‬‬ ‫يف ظالل القرآن ‪-‬الناشر‪ /‬دار‬ ‫‪ 34‬سيد قطب إبراهيم حسني‬
‫‪4‬‬ ‫الشروق بريوت ط ‪ 3/‬سنة‬ ‫الشاريب‬
‫هـ‬
‫‪54‬‬ ‫‪ 35‬بنت الشاط ‪:‬عائشة حممد اإلعجاز البياين للقرآن نشر دار‬
‫املعارف الطبعة الثالثة‬ ‫علي عبد الرمحن املعروفة‬
‫ببنت الشاط ت‪4 1‬‬
‫هـ‬
‫‪15‬‬ ‫تفسري الشعراوي اخلواطر طبع‬ ‫‪ 36‬الشعراوي‪ :‬حممد متويل‬
‫ونشر‪/‬مطابع أخبار اليوم ‪ 113‬م‬ ‫الشعراوي‬
‫عدد األجزاء ‪8‬‬
‫نيل األ وطار – طبع ونشر‪ /‬مكتبة دار ‪00‬‬ ‫‪ 33‬الشوكاين ‪ :‬حممد بن علي‬
‫ش اجلمهورية القاهرة‬ ‫التراث‬ ‫بن حممد الشوكاين‬
‫‪80‬‬ ‫‪ 30‬الصاحب بن عباد‪ :‬إمساعيل احمليط يف اللغة‬
‫بن عباد بن العباس‪ -‬ت‬
‫‪ 305‬هـ‬
‫مباحث يف علوم القرآن‪ –.‬الناشر دار‬ ‫‪ 31‬للدكتور صبحي الصاحل‬
‫العلم للماليني املتوىف سنة ‪106‬‬
‫‪3‬‬ ‫جامع البيان يف تأويل القرآن ‪-‬‬ ‫‪ 48‬الطربي ‪ :‬حممد بن جرير‬

‫‪140‬‬
‫حتقيق‪/‬حممد أمحد شاكر‪ -‬ط‬ ‫الطربي ت ‪ 3 8‬هـ‬
‫ونشر‪/‬مؤسسة الرسالة ط‬
‫‪53‬‬ ‫احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز‬ ‫‪ 4‬ابن عطية‪ :‬عبد احلق بن‬
‫احملقق‪ :‬عبد السالم عبد الشايف حممد‬ ‫غالب بن عبد امللك بن‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت‪.‬‬ ‫غالب بن مثام بن عطية‬
‫املتوىف سنة ‪ 546‬هـ‬
‫‪0‬‬ ‫عمدة القاري بشرح صحيح البخاري‬ ‫‪ 4‬العيين‪ :‬حممود بن أمحد بن‬
‫‪ -‬الناشر ‪ /‬دار إحياء التراث العريب‬ ‫موسى بدر الدين العيين‬
‫الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ‪64 -‬‬ ‫‪ 43‬الفارايب‪ :‬إمساعيل ابن نصر‬
‫حتقيق أمحد عبد الغفور عطار– الناشر‬ ‫بن محاد اجلوهري الفارايب‬
‫‪ /‬دار العلم للماليني – بريوت ط ‪4‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪ 44‬الفراهيدي‪ :‬اخلليل بن أمحد العني حتقيق ‪ /‬مهدي املخزومي طبع‬
‫ونشر‪ /‬دارمكتبة هالل عدد األجزاء‬ ‫بن عمرو بن متيم‬
‫‪60‬‬ ‫الفراهيدي البصري ت‬
‫‪ 38‬هـ‬
‫‪53‬‬ ‫اجلامع ألحكام القرآن‪ .‬حتقيق ‪ :‬أمحد‬ ‫‪ 45‬القرطيب‪ :‬حممد بن أمحد بن‬
‫أيب بكر بن فرج األنصاري الربدوين وإبراهيم أطفيش الناشر ‪ :‬دار‬
‫الكتب املصرية – القاهرة‬ ‫اخلزرجى األندلسي أبو‬
‫عبد اهلل القرطيب‬
‫ت ‪63‬هـ‬
‫‪8‬‬ ‫‪ 46‬ابن كثري‪ :‬إمساعيل بن عمر البداية والنهاية ‪ -‬طبع ونشر ‪ /‬دار‬
‫الغد العريب – العباسية القاهرة‬ ‫بن كثري‬
‫‪ 43‬ابن كثري‪ :‬إمساعيل بن عمر تفسري القرآن العظيم احملقق‪ /‬سامي بن ‪88‬‬
‫بن كثري القرشي البصري – حممد سالمة – الناشر ‪ /‬دار طيبة‬

‫‪141‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ -‬الطبعة الثانية‬ ‫ت ‪ 334‬هـ‬
‫‪ 4 8‬هـ‬
‫‪5‬‬ ‫اليونان مقدمة يف التاريخ احلضاري‬ ‫‪ 40‬لطفي عبد الوهاب حييي‬
‫‪3‬‬ ‫أعالم النبوة ‪ -‬الناشر ‪ /‬مكتبة اهلالل‬ ‫‪ 41‬املاوردي ‪ :‬علي بن حبيب‬
‫بريوت ط األوىل سنة ‪ 481‬هـ‬ ‫املاوردي‬
‫عدد شهر ربيع األول عام ‪ 35‬هـ ‪1‬‬ ‫‪ 58‬جملة اهلداية اإلسالمية‬
‫‪80‬‬ ‫املعجم الوسيط ‪ -‬ط‪ /‬مكتبة الشروق‬ ‫‪ 5‬جممع اللغة العربية مصر‬
‫الدولية‬ ‫‪884‬‬
‫‪6‬‬ ‫املعجم الوسيط ‪ -‬حتقيق‪ /‬إبراهيم‬ ‫‪ 5‬جممع اللغة العربية بالقاهرة‬
‫مصطفى– الناشر ‪ /‬دار الدعوة‬
‫‪6‬‬ ‫املعجم الوجيز – وزارة التربية والتعليم‬ ‫‪ 53‬جممع اللغة العربية بالقاهرة‬
‫طبعة سنة ‪ 884‬م‬
‫‪4‬‬ ‫دراسات يف علوم القرآن الناشر‪ /‬دار‬ ‫‪ 54‬حممد بكر إمساعيل ت‬
‫املنار‪ -‬الطبعة الثانية ‪ 4 1‬هـ‬ ‫‪ 4 6‬هـ‬
‫‪38‬‬ ‫املعجزة الكربى القرآن الكرمي‬ ‫‪ 55‬حممد بن أمحد بن مصطفى‬
‫بن أمحد املعروف بأيب زهرة الناشر‪/‬دار الفكر العريب عدد األجزاء‬
‫املتويف‪ 314‬هـ‬
‫املستدرك الثاين لتتمة األعالم – طبع‬ ‫‪ 56‬حممد خري رمضان يوسف‬
‫ونشر‪ /‬دار ابن حزم بريوت لبنان‬
‫‪31‬‬ ‫تفسري املنار الناشر‪ /‬اهليئة املصرية‬ ‫‪ 53‬حممد رشيد رضا احلسيين‬
‫للكتاب ‪ 118‬عدد األجزاء‬ ‫ت ‪ 354‬هـ‬
‫‪60‬‬ ‫شرح األربعني النووية الناشر‪ /‬دار‬ ‫‪ 50‬حممد بن صاحل العيثيمني‬
‫الثريا للطبع والنشر عدد األجزاء‬ ‫‪ 4‬هـ‬ ‫ت‬
‫واحد‬

‫‪142‬‬
‫‪14‬‬ ‫دليل الفاحلني لطرق رياض الصاحلني‬ ‫‪ 51‬حممد على بن حممد بن‬
‫الناشر‪ /‬دارا ملعرفة بريوت الطبعة‬ ‫إبراهيم البكري الشافعي‬
‫الرابعة‬ ‫ت ‪ 853‬هـ‬
‫‪33‬‬ ‫التحرير والتنوير الناشر‪ /‬الدار‬ ‫‪ 68‬حممد الطاهر بن حممد بن‬
‫التونسية للنشر ‪ 104‬م‬ ‫حممد بن عاشور التونسي‬
‫ت ‪ 313‬هـ‬
‫‪50‬‬ ‫لسان العرب ‪ -‬نشر‪ /‬دار صادر‬ ‫‪ 6‬ابن منظور ‪ :‬حممد بن أمحد‬
‫بريوت‪ -‬الطبعة الثالثة ‪ 4 4‬هـ‬ ‫بن عيسى بن منظور‬
‫‪3‬‬ ‫‪ 6‬ابن الندمي ‪ :‬حممد بن اسحق الفهرست حتقيق‪ /‬إبراهيم رمضان‪-‬‬
‫طبع ونشر‪ /‬دار املعرفة بريوت لبنان‬ ‫بن حممد الوراق املعروف‬
‫الطبعة الثانية‪ 4 3‬هـ‬ ‫بابن الندمي ت ‪ 430‬هـ‬
‫املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج ‪0‬‬ ‫‪ 63‬النووي‪ :‬أيب زكريا حميي‬
‫– الناشر‪ /‬دار إحياء التراث العريب‬ ‫الدين حييي بن شرف‬
‫بريوت – الطبعة الثانية‬ ‫النووي‬
‫‪03‬‬ ‫رياض الصاحلني –طبعة مؤسسة‬ ‫‪ 64‬النووي‪ :‬أيب زكريا حميي‬
‫الرسالة بريوت‬ ‫الدين حييي بن شرف‬
‫النووي‬
‫‪4‬‬ ‫‪ 65‬الواحدي‪ :‬علي بن أمحد بن أسباب النزول حتقيق‪/‬كمال بسيوين‬
‫حممد بن علي الواحدي ت زغلول – الناشر‪/‬دار الكتب العلمية‬
‫بريوت لبنان – الطبعة األوىل سنة‬ ‫‪ 460‬هـ‬
‫‪ 4‬هـ‬

‫‪143‬‬
‫فهرس األعـــالم‬
‫الصفحة‬ ‫العـــــــــــلم‬ ‫م‬
‫اآللوسي ‪ :‬حممود بن عبد اهلل احلسيين اآللوسي املتوىف سنة‬
‫هـ ‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫‪6‬‬ ‫إبن اإلخشيد ‪ :‬أبوبكرأمحد بن علي بن معجوراألحشاد املعروف بابن‬
‫اإلخشيد املتوىف سنة ‪ 3 6‬هـ‬
‫‪81‬‬ ‫‪ 3‬اإلسفراييين‪:‬إبراهيم بن حممد بن إبراهيم بن مهران ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪ 4‬الباقالين‪ :‬أبو بكر بن الطيب بن حممد بن جعفر بن قاسم البصري مث‬
‫البغدادي ابن الباقالين املتوىف سنة ‪ 483‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 5‬البقاعي‪ :‬إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أيب بكر‬
‫البقاعي املتوىف سنة ‪ 005‬هـ ‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪ 6‬البلخي‪ :‬أبو جعفر حممد بن عبد اهلل بن حممد البلخي املتوىف سنة‬
‫‪ 36‬هـ ‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪ 3‬ابن تيمية‪:‬أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب‬
‫القاسم اخلضر ابن تيمية املتوىف سنة ‪3 0‬هـ ‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪ 0‬اجلاحظ‪:‬أبو عثمان عمرو بن حبربن حمبوب البصري املعتزيل املتوىف‬
‫سنة‪ 55‬هـ ‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪ 4‬م مشال شرقي فرنسا مبدينة دوم رميي‬ ‫‪ 1‬جان دارك ‪:‬ولدت عام‬
‫وتوفيت عام ‪ 43‬وعمرها ‪ 1‬عام‬
‫‪1‬‬ ‫اجلرجاين ‪ :‬ابوبكر عبد القاهربن عبد الرمحن اجلرجاين املتوىف سنة‬ ‫‪8‬‬
‫‪43‬هـ ‪.‬‬
‫ابن اجلوزي ‪ :‬حميي الدين يوسف ابن اجلوزي القرشي البكري املتوىف‬

‫‪144‬‬
‫سنة ‪ 656‬هـ ‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫أبو جهل‪ :‬عمرو بن هشام بن املغرية املخزومي املتوىف سنة هـ‬

‫‪04‬‬ ‫جيمس جينز ‪ :‬عامل طبيعي رياضي إجنليزي مشهور‬ ‫‪3‬‬


‫‪66‬‬ ‫حسان بن ثابت بن املنذر األنصاري النّجّاري شاعر رسول اهلل صلى‬ ‫‪4‬‬
‫اهلل عليه وسلم‬
‫‪8‬‬ ‫أبو حيان‪ :‬أثري الدين حممد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان‬ ‫‪5‬‬
‫األندلسي املتوىف سنة ‪ 345‬هـ ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫اخلطايب‪ :‬أبو سليمان محد بن حممد بن إبراهيم بن خطاب البسيت‬ ‫‪6‬‬
‫اخلطايب املتوىف سنة‪ 300‬هـ ‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫اخلنساء ‪:‬تُماضر بنت عمرو بن احلارث بن الشريد‪ ،‬الرياحية السُّلَمية‬ ‫‪3‬‬
‫ت ‪ 4‬هـ‬
‫‪85‬‬ ‫الرازي‪ :‬حممد بن عمرين احلسن بن احلسني التيمي البكري فخر‬ ‫‪0‬‬
‫الدين الرازي املتوىف سنة ‪ 316‬هـ ‪.‬‬
‫الرافعي‪ :‬مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أمحد بن عبد‬ ‫‪1‬‬
‫القادر الرافعي املتوىف سنة ‪ 356‬هـ ‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫الرماين‪ :‬أبو احلسن علي بن عيسى الرماين النحوي املعتزيل املتوىف‬ ‫‪8‬‬
‫سنة ‪ 304‬هـ ‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫الزرقاين‪ :‬حممد عبد العظيم الزرقاين املتوىف سنة‪ 363‬هـ‬
‫الزركشي‪ :‬حممد بن هبادر بن عبد اهلل الزركشي املتوىف سنة ‪686‬هـ‬
‫‪0‬‬ ‫الزخمشري‪ :‬أبو القاسم حممد بن عمر بن حممد الزخمشري املعتزيل‬ ‫‪3‬‬
‫املتوىف سنة ‪ 530‬هـ ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫زيد بن حارثة‪ :‬زيد بن شرا حيل أو شرحبيل الكليب الصحايب رضي‬ ‫‪4‬‬
‫اهلل عنه املتوىف سنة ‪ 0‬هـ ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪6‬‬ ‫السجستاين‪ :‬أبو بكر عبد اهلل بن أيب داوود السجستاين املتوىف سنة‬ ‫‪5‬‬
‫‪ 3 6‬هـ ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫أبو السعود ‪ :‬حممد بن حممد بن مصطفى العمادي املوىل أبو السعود‬ ‫‪6‬‬
‫املتوىف سنة ‪10‬هـ ‪.‬‬
‫‪50‬‬ ‫ابن سنان‪ :‬عبد اهلل بن حممد بن سعيد بن سنان اخلفاجي املتوىف سنة‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 466‬هـ ‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫سولون ‪ :‬شاعر ورجل قانون أثيين وأحد حكماء اإلغريق السبعة‬ ‫‪0‬‬
‫املشهورين املتوىف سنة ‪ 550‬ق ‪ .‬م‬
‫‪3‬‬ ‫سيد قطب بن إبراهيم املتوىف سنة ‪ 166‬م ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 38‬السيوطي‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر بن حممد بن سابق السيوطي املتوىف‬
‫‪ 1‬هـ ‪.‬‬ ‫سنة‬
‫‪8‬‬ ‫‪ 3‬الشوكاين‪ :‬أبو علي بدر الدين حممد بن علي بن حممد ابن عبد اهلل بن‬
‫رزق الشوكاين املتوىف ‪4 4‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 3‬صبحي الصاحل املتوىف سنة ‪ 106‬م ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪ 33‬الطربي ‪ :‬ابن جرير الطربي أبو جعفر حممد بن جرير ابن يزيد بن‬
‫غالب الطربي املتوىف سنة ‪ 3 8‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 34‬عبد الصبور مرزوق املتوىف سنة ‪ 880‬م ‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪ 35‬عبد اهلل بن رواحة بن ثعلبة األنصاري‪ ،‬الصحايب اجلليل استشهد يف‬
‫مؤتة سنة ‪ 0‬هـ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪ 36‬ابن عطية‪ :‬عبد احلق بن غالب بن عبد امللك بن غالب بن مثام بن‬
‫عطية املتوىف سنة ‪ 546‬هـ ‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪ 33‬عمرو بن احلارث بن مضاض اجلرمهي من ملوك قحطان‬
‫‪3‬‬ ‫‪ 30‬ابن قتيبة الدينوري‪ :‬أبو حممد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‬
‫املتوىف سنة ‪ 36‬هـ ‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪ 31‬القرطيب ‪ :‬حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرج األنصاري اخلزرجى‬
‫األندلسي أبو عبد اهلل القرطيب ت ‪63‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 48‬الكافيجي ‪ :‬حممد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي احلنفي أبو‬
‫عبد اهلل الكافيجي املتوىف ‪ 031‬هـ ‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪ 4‬كعب بن زهري بن أيب سلمى املازين الشاعر ابن الشاعر املتوىف سنة‬
‫‪ 6‬هـ‪.‬‬
‫‪ 4‬حممد حسني الذهيب املتوىف سنة ‪ 133‬م ‪.‬‬
‫‪ 43‬حممد عبد اهلل دراز املتوىف سنة ‪ 333‬هـ ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪ 44‬حممد علي حسن فاضل من أهل تونس ‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪ 45‬املرتضى ‪ :‬علي بن احلسني بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر‬
‫بن حممد بن علي بن احلسني بن علي املرتضى املتوىف سنة ‪ 486‬هـ‬
‫‪36‬‬ ‫هـ‬ ‫‪ 46‬مسيلمة بن مثامة بن كبري بن حبيب احلنفي الوائلي ت‬
‫‪ 43‬مناع القطان‪ :‬مناع خليل القطان املتوىف سنة ‪111‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪ 40‬النظام ‪ :‬أبو اسحق إبراهيم بن سيار الضبعي البصري املتوىف سنة‬
‫‪ 3‬هـ ‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪ 41‬الو اسطي ‪ :‬أبو عبد اهلل الو اسطي حممد بن زيد بن علي بن احلسني‬
‫الو اسطي املتوىف سنة ‪ 383‬هـ ‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪ 58‬واصل بن عطاء ‪ :‬أبو حذيفة املخزومي البصري الغزال املتوىف سنة‬
‫‪ 3‬هـ ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫قبل‬ ‫‪ 5‬ورقة بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى املتوىف سنة‬
‫‪ 6‬ميالدية‪.‬‬ ‫اهلجرة حنو‬
‫‪4‬‬ ‫‪ 5‬الوليد بن املغرية بن عبد اهلل بن عمرو بن خمزوم أبو عبدمشس‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫فهرس األبيات الشعرية‬

‫الصفحة‬ ‫البيت‬ ‫م‬


‫‪38‬‬ ‫لنا اجلفنات الغري يلمعن بالضحى‪ ........‬وأسيافنا يقطرن من جندة دما‬
‫‪38‬‬ ‫ولدنا بين العنقاء وابين حمرق ‪ ........‬فاكرم بنا خالًا‪ ،‬وأكرم بنا ابنما‬

‫‪ 3‬شهد األنام بفضله حىت العدا ‪ .........‬والفضل ما شهدت به األعداء‬


‫‪6‬‬ ‫‪ 4‬وقائلة والدمع سكب مبادر ‪ .........‬وقد شرقت بالدمع منها احملاجر‬
‫‪6‬‬ ‫‪ 5‬كأن مل يكن بني احلجون إىل الصفا‪ .........‬أنيس ومل يسمر مبكة سامر‬
‫‪01‬‬ ‫‪ 6‬كفاك بالعلم يف األمي معجزة ‪ .......‬يف اجلاهلية والتأديب يف اليتم‬

‫‪3‬‬

‫‪148‬‬
‫الفهـرس العــــــــــــام‬

‫الصفحة‬ ‫املوضـــــــــــــــــوع‬ ‫م‬


‫ملخص الرسالة باللغة العربية‬
‫‪3‬‬ ‫ملخص الرسالة باللغة اإلجنليزية‬
‫‪4‬‬ ‫التمهيد‬ ‫‪3‬‬
‫املبحث األول‪ :‬جهود السابقني يف قضية اإلعجاز القرآين وحىت ‪5‬‬ ‫‪4‬‬
‫العصر احلديث‬
‫‪4‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬أمهية هذه الدراسة يف هذا العصر‬ ‫‪5‬‬
‫‪6‬‬ ‫الفصل األول اإلمام الزرقاين وكتابـه مناهل العرفـان‬ ‫‪6‬‬
‫‪3‬‬ ‫املبحث األول‬ ‫‪3‬‬
‫‪8‬‬ ‫املبحث الثاين الدراسة اإلمجالية لكتاب (مناهل العرفان )‬ ‫‪0‬‬
‫‪8‬‬ ‫مدى استفادة اإلمام الزرقاين ممن سبقه يف التأليف يف هذا الفن‬ ‫‪1‬‬
‫أثر الكتاب على ما كتب بعده يف هذا الفن‬ ‫‪8‬‬
‫‪3‬‬ ‫يف بيان مدى استيفاء املؤلف ملباحث هذا العلم‬
‫‪3‬‬ ‫إضافات املؤلف يف هذا الكتاب إمجاال‬
‫‪4‬‬ ‫منهج املؤلف يف الكتاب‬ ‫‪3‬‬
‫‪5‬‬ ‫أسلوب اإلمام الزرقاين يف كتابه‬ ‫‪4‬‬
‫‪5‬‬ ‫األهداف اليت رمى املؤلف لتحقيقها يف هذا الكتاب‬ ‫‪5‬‬
‫‪6‬‬ ‫ذكر مباحث كتاب مناهل العرفان‬ ‫‪6‬‬
‫‪3‬‬ ‫يف توثيق املادة العلمية ‪ ،‬واالهتمام بالعزو مع الدقة يف النقل‬ ‫‪3‬‬
‫‪0‬‬ ‫ذكر املميزات اخلاصة يف مناهل العرفان‬ ‫‪0‬‬

‫‪149‬‬
‫‪1‬‬ ‫ذكر املصادر اليت استفاد منها املؤلف (ولو بواسطة‬ ‫‪1‬‬
‫‪33‬‬ ‫الفصل الثاين أوجه اإلعجاز القرآين‬ ‫‪8‬‬
‫‪31‬‬ ‫املبحث األول بيان أوجه اإلعجاز البياين‬
‫‪31‬‬ ‫الوجه األول لغته وأسلوبه‬
‫‪48‬‬ ‫معىن أسلوب القرآن الكرمي‬ ‫‪3‬‬
‫‪48‬‬ ‫خصائص أسلوب القرآن الكرمي‬ ‫‪4‬‬
‫‪4‬‬ ‫اخلاصة األوىل مسحة القرآن الكرمي اللفظية‬ ‫‪5‬‬
‫‪45‬‬ ‫اخلاصة الثانية إرضاؤه العامة واخلاصة‬ ‫‪6‬‬
‫‪46‬‬ ‫اخلاصة الثالثة إرضاؤه العقل والعاطفة معاً‬ ‫‪3‬‬
‫‪43‬‬ ‫اخلاصة الرابعة جودة سبك القرآن الكرمي وإحكام سرده‬ ‫‪0‬‬
‫‪40‬‬ ‫اخلاصة اخلامسة براعته يف تصريف القول‬ ‫‪1‬‬
‫‪5‬‬ ‫اخلاصة السادسة مجع القرآن الكرمي بني اإلمجال والبيان‬ ‫‪38‬‬
‫‪5‬‬ ‫اخلاصة السابعة قصد القرآن يف اللفظ مع وفائه باملعىن‬ ‫‪3‬‬
‫‪53‬‬ ‫الوجه الثاين من اإلعجاز البياين للقرآن الكرمي طريقة تأليفه‬ ‫‪3‬‬
‫مناقشة أوجه اإلعجاز البياين عند اإلمام الزرقاين من خالل ‪54‬‬ ‫‪33‬‬
‫كتابات السابقني والالحقني‬
‫‪54‬‬ ‫أوالً السابقون‬ ‫‪34‬‬
‫‪6‬‬ ‫آراء بعض العلماء الالحقني يف قضية اإلعجاز البياين‬ ‫‪35‬‬
‫‪6‬‬ ‫رأي األديب الكبري مصطفى صادق الرافعي‬ ‫‪36‬‬
‫‪6‬‬ ‫احلروف وأصواهتا‬ ‫‪33‬‬
‫‪65‬‬ ‫الكلمات وحروفها‬ ‫‪30‬‬
‫‪33‬‬ ‫اجلمل وكلماهتا‬ ‫‪31‬‬
‫‪33‬‬ ‫املبحث الثاين وحيتوي على وجوه اإلعجاز األخرى‬ ‫‪48‬‬
‫‪30‬‬ ‫الوجه األول ‪ :‬علومه ومعارفه‬ ‫‪4‬‬

‫‪150‬‬
‫‪0‬‬ ‫الوجه الثاين وفاؤه حباجات البشر‬ ‫‪4‬‬
‫‪03‬‬ ‫الوجه الثالث موقف القرآن من العلوم الكونية‬ ‫‪43‬‬
‫‪05‬‬ ‫الوجه الرابع سياسته يف اإلصالح‬ ‫‪44‬‬
‫‪00‬‬ ‫الوجه اخلامس أنباء الغيب فيه‬ ‫‪45‬‬
‫‪01‬‬ ‫غيب املاضي‬ ‫‪46‬‬
‫‪01‬‬ ‫غيب احلاضر‬ ‫‪43‬‬
‫‪18‬‬ ‫غيب املستقبل‬ ‫‪40‬‬
‫‪1‬‬ ‫الوجه السادس آيات العتاب‬ ‫‪41‬‬
‫‪13‬‬ ‫مثال للعتاب اللني‬ ‫‪58‬‬
‫‪13‬‬ ‫مثال للعتاب اخلشن‬ ‫‪5‬‬
‫‪14‬‬ ‫الوجه السابع ما نزل بعد طول انتظار‬ ‫‪5‬‬
‫الوجه الثامن مظهر النيب صلى اهلل عليه وسلم عند هبوط الوحي ‪15‬‬ ‫‪53‬‬
‫عليه‬
‫‪16‬‬ ‫الوجه التاسع ‪:‬آية املباهلة‬ ‫‪54‬‬
‫الوجه العاشر عجز الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن اإلتيان ‪10‬‬ ‫‪55‬‬
‫ببدل له‬
‫‪10‬‬ ‫الوجه احلادي عشر اآليات اليت جترد الرسول من نسبتها إليه‬ ‫‪56‬‬
‫‪11‬‬ ‫الوجه الثاين عشر تأثري القرآن الكرمي وجناحه‬ ‫‪53‬‬
‫‪88‬‬ ‫تأثريه يف أعدائه‬ ‫‪50‬‬
‫‪88‬‬ ‫تأثري القرآن الكرمي يف نفوس أوليائه‬ ‫‪51‬‬
‫‪8‬‬ ‫الفصل الثالث دفاع اإلمام الزرقاين عن القرآن الكرمي‬ ‫‪68‬‬
‫املبحث األول الشبهات الواردة على تاريخ القرآن الكرمي ودفعها ‪83‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪85‬‬ ‫الشبهات الواردة على أسلوب القرآن الكرمي‬ ‫‪6‬‬
‫املبحث الثاين رد الشبهات األخرى وإبراز جهود اإلمام الزر قاين ‪83‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪151‬‬
‫‪80‬‬ ‫الشبهة األوىل القول بالصرفة‬ ‫‪64‬‬
‫الشبهة الثانية القول بأن النيب صلى اهلل عليه وسلم تعلم من حيريا‬ ‫‪65‬‬
‫الراهب‬
‫‪5‬‬ ‫الشبهة الثالثة أنه نفسه صلى اهلل عليه وسلم هو منبع الوحي‬ ‫‪66‬‬
‫‪3‬‬ ‫الشبهة الرابعة أنه تعلم من ورقة بن نوفل‬ ‫‪63‬‬
‫الشبهة اخلامسة قياس القرآن الكرمي على الكالم النبوي‬ ‫‪60‬‬
‫‪3‬‬ ‫الشبهة السادسة أن أنباء الغيب وجه من وجوه إعجازه‬ ‫‪61‬‬
‫‪5‬‬ ‫الشبهة السابعة أن علوم القرآن الكرمي ومعارفه ليس وجها من‬ ‫‪38‬‬
‫أوجه اإلعجاز‬
‫‪127‬‬ ‫اخلامتة وحتتوي على أوال‪ :‬النتا ئج‬ ‫‪71‬‬
‫‪0‬‬ ‫ثانيا‪:‬التوصيات‬ ‫‪72‬‬
‫‪1‬‬ ‫فهرس اآليــات القرآنيــــة‬ ‫‪33‬‬
‫‪34‬‬ ‫فهرس األحاديث النبوية الشريفة‬ ‫‪34‬‬
‫‪36‬‬ ‫فهرس املراجع‬ ‫‪35‬‬
‫‪44‬‬ ‫فهرس األعـــالم‬ ‫‪36‬‬
‫‪40‬‬ ‫فهرس األبيات الشعرية‬ ‫‪33‬‬

‫‪152‬‬

You might also like