You are on page 1of 22

‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة واإلنجيل‬

‫في رؤية العالمة محمد الطاهربن عاشور‬

‫الدكتورجواد خليل غولوش‬


‫البوسنة والهرسك‬

‫‪dzevad6@hotmail.com‬‬

‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يتكون البحث من مقدمة وثالثة مباحث‪.‬‬
‫أشار الباحث في المقدمة إلى سعة األفق الثقافي والمعرفي عند العالمة ابن عاشور وأهمية موضوع‬
‫البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة وأن هذا الموضوع يعتبر دليال من داللة النبوة‪.‬‬
‫في المبحث األول ذكر الباحث تعريف التوراة واإلنجيل عند ابن عاشور رحمه الله تعالى‪ .‬في هذا‬
‫المبحث ناقش الباحث تعريف اإلنجيل عند ابن عاشور‪ -‬رحمه الله تعالى ‪-‬؛ حيث يرى الباحث أن ابن‬
‫عاشور رحمه الله تعالى خالف من سبقه من العلماء في تعريفه لإلنجيل‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني ففيه اآليات القرآنية التي تثبت البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة‬
‫واألنجيل‪ ،‬والتي ذكر في تفسيرها ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪ -‬النصوص من التوراة واإلنجيل الدالة على‬
‫نبوة محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وفي المبحث الثالث مناقشة وتحليل ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬لهذه النصوص‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬ابن عاشور‪ ،‬البشارة‪ ،‬التوراة‪ ،‬اإلنجيل‬

‫‪535‬‬
‫ المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬:‫ العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬:‫كتاب المؤتمرالدولي‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫ | غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬7272 ‫تموز‬/‫ يوليو‬72 ‫ ـ ـ‬72

Glad tidings of the coming of Muhammad (may the peace and blessings of Allah be
upon him) in the Tora and the Gospels in Allama ibn Ashurs vison
Abstract:
In the Introduction, the research author highlights the broad scope of the cultural and
intellectual vision of Allama ibn 'Ashur, the importance of the topic of the existence of glad
tidings of the coming of Muhammad (may the peace and blessings of Allah be upon him) in
early books, and that this fact is considered as a proof among the proofs of prophethood.

In the Section One, the author mentions the definition of the Torah and the Gospel according
to Ibn 'Ashur (may Allah have mercy upon him). He then discusses the definition of the Gospel
according to Ibn 'Ashur and asserts his view that Ibn 'Ashur differed with the scholars who
preceded him in his definition of the Gospel. Section Two contains those Quranic verses that
indicate that the Torah and the Gospel contain glad tidings of the coming of Muhammad
(peace and blessings of Allah be upon him), and in the explanation of which Ibn 'Ashur (may
Allah have mercy on him) cited the texts from the Torah and Injil which indicate towards the
prophethood of Muhammad (peace and blessings of Allah be upon him). Section Three
contains the discussion and explanation of Ibn 'Ashur (may Allah have mercy on him) of these
texts.
Keywords: ibn Ashur, glad tidings, Tora, Gospels

539
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ,‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده‬
‫الله فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ,‬والصالة والسالم على أشرف الرسل وخاتم األنبياء محمد وآله‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪،‬‬
‫فإن العالمة محمد الطاهر بن عاشور (‪6051‬هـ‪6245/‬مـ ‪6257‬هـ‪6542/‬م) علم من أعالم تونس‬
‫وعالمها ومفسيرها اشتهر بتفسيره المشهور المسمى بالتحرير والتنوير(‪ ،)1‬وقد أثار هذه الشخصية النادرة‬
‫في نفس ي ملكة اإلعجاب منذ دراستي الجامعية‪ ,‬وزاد هذا اإلعجاب بعد التحاقي بجامعة الزيتونة المباركة في‬
‫مرحلة الدكتوراه‪.‬‬
‫ً‬
‫إن عبقرية العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬نبعت من التوفيق اإللهي أوال الذي ال يوفق له كل من‬
‫أراده‪ ,‬ثم من دراسته العميقة للعلوم والثقافة اإلسالمية التي تلقاها في رحاب جامع الزيتونة‪.‬‬
‫وكان من لطف الله ورحمته له أن يوفقه لكتابة التفسير الكامل لكتابه العزيز‪ ,‬وله منهج فريد‬
‫واتجاه خاص أساسه ثقافته األدبية والشرعية واتساع أفقه المعرفي ويتجلى ذلك في موقفه من آثار العلماء‬
‫والمفسرين السابقين‪ ,‬فهو غير موقف الطاعن أو الذام ولكن موقف المهذب المستدرك‪ .‬حمله ذلك على‬
‫مخالفته لعدد من العلماء المتقدمين في بعض المسائل(‪ ،)2‬ومن خالل هذا البحث يتبين سعة اطالعه‪،‬‬
‫حتى على الثقافات األخرى كالنصرانية مثال‪ .‬والعالمة ابن عاشور ليس بمعصوم و ال يحط من قدره وجاللته‬
‫مناقشته في بعض المسائل‪ ،‬ومنها تعريفه ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬لإلنجيل وموقفه من تسمية رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم باسم أحمد المذكور في سورة الصف‪ ,‬وهل هو اسم العلم كما ذهب إليه كافة العلماء‬
‫المتقدمين أم هو مجرد الوصف‪ ،‬ولعل اتساع ثقافته جعله يحاول التوفيق بين النص القرآني والتراث‬
‫النصراني في هذه المسائل(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫(‪ )1‬لم أترجم في هذا البحث للعالمة ابن عاشور‪ ,‬فإن الدراسات والمؤلفات عنه كثيرة جدا‪ ,‬والعمدة في سيرته الذاتية ما كتبه تلميذه محمد‬
‫الحبيب بن الخوجة في كتابه شيخ اإلسالم اإلمام األكبر محمد الطاهر بن عاشور‪ .‬والمعلومات عن حياته ص ‪.612-674‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬ابن الخوجة‪ ,‬شيخ اإلسالم اإلمام األكبر‪ :‬ص ‪.262‬‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬ومن ذلك قوله متحدثا عن بشارة عيس ى عليه السالم بمحمد صلى الله عليه وسلم‪" :‬وأوص ى به عيس ى عليه السالم في هذه اآلية وصية‬
‫ً‬
‫جامعة لما تقدمها من وصايا األنبياء وأجملها إجماال على طريق الرمز‪ .‬وهو أسلوب من أساليب أهل الحكمة والرسالة في غير بيان‬
‫الشريعة‪ ،‬قال السهروردي‪ :‬في تلك حكمة اإلشراق «وكلمات األولين مرموزة» فقال قطب الدين الشيرازي في «شرحه»‪« :‬كانوا يرمزون في‬
‫كالمهم إما تشحيذا للخاطر باستكداد الفكر أو تشبها بالباري تعالى وأصحاب النواميس فيما أتوا به من الكتب المنزلة المرموزة لتكون‬
‫أقرب إلى فهم الجمهور فينتفع الخواص بباطنها والعوام بظاهرها‪.‬اهـ» ‪ ،‬أي ليتوسمها أهل العلم من أهل الكتاب فيتحصل لهم من مجموع‬
‫ً‬
‫تفصيلها شمائل الرسول الموعود به وال يلتبس عليهم بغيره ممن يدعي ذلك كذبا‪ ،‬أو يدعيه له طائفة من الناس كذبا أو اشتباها"‬
‫(التحرير والتنوير‪ .)626/02 :‬ولعل هذا محاولة التوفيق مع ما جاء في العهد الجديد‪ ":‬وبدون مثل لم يكن يكلمهم" (مرقس‪ .)27/7 :‬وحاشا‬
‫لله أن يحمل كالمه محمل الباطنية فإنه ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪ -‬كان من أبعد الناس من هذا المفهوم الخاطئ‪.‬‬

‫‪556‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬


‫ً‬
‫وموضوع دالئل النبوة من أهم الموضوعات في العقيدة اإلسالمية؛ فلذلك ألف فيها العلماء كتبا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستقلة‪ ،‬وقد أخذ موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة حظا وافرا ونصيبا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واسعا في هذه المؤلفات‪ ,‬كما أفرد في موضوعها مؤلفات خاصة قديما وحديثا‪ ،‬وفي هذا البحث أحببت أن‬
‫أشير إلى موقف العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬من هذه البشارات وكيف عامل النصوصة الدالة عليها من‬
‫خالل تفسيره‪.‬‬
‫وقسمت البحث إلى مقدمة وثالثة مباحث‪ :‬المبحث األول‪ :‬تعريف التوراة واإلنجيل عند ابن عاشور‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اآليات القرآنية التي تثبت البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة واألنجيل‪ ,‬المبحث‬
‫الثالث‪ :‬النصوص من التوراة واإلنجيل التي فيها البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وخالصة البحث‪.‬‬
‫ً‬
‫والله أسأل أن يتمم هذا العمل ويبارك فيه‪ ،‬ويجعله خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن يكتب األجر للقائمين‬
‫على هذا المؤتمر‪ ،‬والمشرفين على هذا العمل‪ ،‬ويجنبنا الزلل‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬

‫‪556‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف التوراة واإلنجيل عند العالمة محمد الطاهربن عاشور‬
‫قبل البدء بالكالم عن البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬نشير إلى التعريف بالتوراة واإلنجيل‬
‫لدى علماء المسلمين‪ ،‬وموقف العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬من ذلك‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف التوراة‪:‬‬
‫التوراة‪ :‬كلمة عبرانية(‪ )1‬تعني الشريعة أو الناموس‪ .‬ويراد بها في اصطالح اليهود‪ :‬خمسة أسفار يعتقدون أن‬
‫موس ى عليه السالم كتبها بيده‪ ،‬وهي‪ :‬سفر التكوين‪ ,‬سفر الخروج‪ ,‬سفر الالويين‪ ,‬سفر العدد‪ ,‬وسفر التثنية‪،‬‬
‫و يطلق النصارى واليهود أيضا اسم التوراة على جميع أسفار العهد القديم‪.‬‬
‫ً‬
‫أما في اصطالح المسلمين فهي‪" :‬الكتاب الذي أنزله الله على موس ى عليه السالم نورا وهدى لبني‬
‫إسرائيل"‪)2(.‬‬
‫عرف العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬التوراة بقوله‪" :‬والتوراة اسم للكتاب المنزل على موس ى‬ ‫وقد ّ‬
‫ً‬
‫عليه السالم"(‪ ،)3‬وهذا التعريف موافق لمن سبقه من العلماء ولم يختلفوا في كونه كتابا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف األنجيل‪:‬‬
‫اإلنجيل كلمة يونانية تعني البشارة(‪ ،)4‬واإلنجيل عند المسلمين‪ :‬هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى‬
‫على عيس ى عليه السالم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واإلنجيل كان كتابا موجودا ومعروفا لدى النصارى األوائل بأنه إنجيل الله‪ ،‬أو إنجيل المسيح‪ ،‬ويدل‬
‫على ذلك أقوال بولس في رسائله‪ ،‬مثل قوله‪" :‬جاهرنا في إلهنا أن نكلمكم بإنجيل الله في جهاد كثير؛ ألن‬
‫وعظنا ليس عن ضالل وال عن دنس"(‪ ،)5‬إال أن هذا اإلنجيل ال نجده بين األناجيل الموجودة بين يدي‬
‫النصارى اليوم‪ ،‬وقد صار عند النصارى بدل اإلنجيل الواحد أربعة أناجيل يجعلونها في مقدمة كتابهم‬

‫(‪ )1‬قال ابن عاشور رحمه الله‪ ":‬وهو اسم عبراني أصله طورا بمعنى الهدى ‪ ...‬ومن أهل اللغة والتفسير من حاولوا توجيها الشتقاقه اشتقاقا‬
‫عربيا‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن مشتق من الوري وهو الوقد‪ ،‬بوزن تفعلة أو فوعلة‪( "...‬التحرير والتنوير‪ ,)675 ,672/2 :‬وقال العالمة القاسمي رحمه‬
‫الله‪ ":‬وقد حاول بعض األدباء تطبيقهما على أوزان لغة العرب واشتقاقهما منها‪ .‬وهو خبط‪ .‬بغير ضبط" (محاسن التأويل‪.)097/0 :‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬سعود بن عبد العزيز الخلف‪ ,‬دراسات في األديان اليهودية والنصرانية‪ :‬ص ‪ ,49 ,47‬رشيد رضا‪ ,‬تفسير المنار‪ ,605/2 :‬وانظر أيضا‪:‬‬
‫ابن أبي العز‪ ,‬شرح العقيدة الطحاوية‪ .056/6 :‬ولمزيد حول الكتب التي يحتويها الكتاب المقدس وقائمة أسفار العهد القديم عند اليهود‬
‫والبروتستانت والكاثوليك والكنائس األرثوذكسية انظر‪ :‬سامي عامري‪ ,‬العلم وحقائقه بين سالمة القرآن الكريم وأخطاء التوراة واإلنجيل‪:‬‬
‫ص ‪.27 ,26‬‬

‫(‪ )3‬التحرير والتنوير‪.672/2 :‬‬


‫(‪ )4‬قال ابن عاشور رحمه الله‪":‬وهو اسم معرب قيل من الرومية وأصله (إثانجيليوم) أي الخبر الطيب ‪ ...‬وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير‬
‫جعله مشتقا من النجل وهو الماء الذي يخرج من األرض‪ ،‬وذلك تعسف أيضا " (التحرير والتنوير‪.)675/2 :‬‬
‫ً‬
‫(‪ )5‬رسالته األولى إلى أهل تسالونيكي (‪ ,)0/0‬وانظر أيضا ذكره لإلنجيل في رسالته إلى أهل روميه (‪ )6،5،61/6‬ورسالته األولى إلى تيموثاوس‬
‫(‪.)66/6‬‬

‫‪556‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬


‫ً‬
‫العهد الجديد‪ ،‬وال ينسبون أيا منها إلى المسيح عليه السالم‪ ،‬وإنما هي منسوبة إلى متى ومرقص ولوقا‬
‫ويوحنا‪)1(.‬‬
‫وقد عرف العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬اإلنجيل بقوله‪" :‬وأما اإلنجيل فاسم للوحي الذي أوحي به‬
‫إلى عيس ى عليه السالم فجمعه أصحابه"(‪.)2‬‬
‫ولم يصرح العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في تعريفه بأنه كتاب‪ ,‬وهذا مخالف لتعريف من سبقه‬
‫من العلماء؛ حيث صرحوا بأنه كتاب‪ ،‬قال ابن حزم‪" :‬قيل له إن المسيح بال شك كانت عنده التوراة المنزلة‬
‫كما أنزلها الله تعالى‪ ،‬وكان عنده اإلنجيل المنزل‪ ،‬قال الله تعالى‪" :‬ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة واإلنجيل‬
‫ورسوال إلى بني إسرائيل"؛ إال أنه عرض في النقل عنه بعد رفعه عارض أشد وأفحش من العارض في النقل إلى‬
‫موس ى عليه السالم"(‪ .)3‬وقال نجم الدين الطوفي‪" :‬بل هو كتاب نزل على المسيح من السماء كتوراة موس ى‬
‫وقرآن محمد"‪)4(.‬‬
‫ولعل العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في تعريفه لإلنجيل أراد التوفيق بين النص القرآني املخبر عن‬
‫أن اإلنجيل نزل على عيس ى عليه السالم‪ ،‬والتراث النصراني الذي يرى أن اإلنجيل ليس كتابا منزال من‬
‫ً‬
‫السماء كالتوراة‪ ،‬وإنما هو رسالة عيس ى عليه السالم‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن عددا من النقاد المعاصرين‬
‫يرون وجود وثيقة مبكرة سابقة لألناجيل األربعة كانت قريبة من رسالة عيس ى عليه السالم‪ .‬وأطلق عليها‬
‫النقاد أسماء مختلفة‪" :‬أبكر إنجيل"‪" ,‬اإلنجيل الضائع"‪" ,‬اإلنجيل املجهول"‪ ,‬ويدل ذلك داللة واضحة على‬
‫ً‬
‫وجود مصدر أول لرسالة المسيح عليه السالم أبكر من األناجيل األربعة وأنه كان مكتوبا‪ .‬وهذا يجعل‬
‫التقرير القرآني عن وجود إنجيل مندثر لعيس ى عليه السالم بعيد أن يكون محل نكارة كما ذكر ذلك د‪.‬سامي‬
‫عامري في كتابه القيم "تحريف اإلنجيل"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬سعود بن عبد العزيز الخلف‪ ,‬دراسات في األديان اليهودية والنصرانية‪ :‬ص ‪ ,655 ,654‬ابن أبي العز‪ ,‬شرح العقيدة الطحاوية‪.056/6 :‬‬
‫(‪ )2‬التحرير والتنوير‪.672/2 :‬‬
‫(‪ )3‬الفصل في الملل واألهواء والنحل‪.691/6 :‬‬
‫(‪ )4‬االنتصارات اإلسالمية في كشف شبه النصرانية‪ .222/6 :‬وقال محمد عبده كما نقل عنه رشيد رضا‪ ":‬وكذلك اإلنجيل نزل مرة واحدة وليس‬
‫هو هذه الكتب التي يسمونها األناجيل؛ ألنه لو أرادها لما أفرد اإلنجيل دائما‪ ،‬مع أنها كانت متعددة عند النصارى حينئذ" (تفسير‬
‫المنار‪.)620/2:‬‬
‫(‪ )5‬سامي عامري‪ ,‬تحريف اإلنجيل حقيقته ومناهج دراسته ومآالته‪ ,‬ص ‪ .70 ,71‬وللعالمة رشيد رضا عبارة أريد ذكرها وهي‪ ":‬فمن فهم ما قلناه‬
‫في الفرق بين عرف القرآن وعرف القوم في مفهوم التوراة واإلنجيل يتبين له أن ما جاء في القرآن هو الممحص للحقيقة التي أضاعها‬
‫القوم‪ ،‬وهي ما يفهم من لفظ التوراة واإلنجيل‪ ،‬ويصح أن يعد هذا التمحيص من آيات كون القرآن موحى به من الله‪ ،‬ولوال ذلك لما أمكن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذلك األمي الذي لم يقرأ هذه األسفار واألناجيل المعروفة وال تواريخ أهلها أن يعرف أنهم نسوا حظا مما أوحي إليهم وأوتوا نصيبا منه‬
‫فقط‪ ،‬بل كان يجاريهم على ما هم عليه ويقول‪ :‬األناجيل ال اإلنجيل‪ .‬ثم إن من فهم هذا ال تروج عنده شبهات القسيسين الذين يوهمون‬
‫عوام المسلمين أن ما في أيديهم من التوراة واألناجيل هي التي شهد بصدقها القرآن" (تفسير المنار‪.)620/2 :‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اآليات القرآنية التي تثبت البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة واإلنجيل‬
‫أثبت القرآن الكريم البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة واإلنجيل في عدد من اآليات‪ ,‬وهذه‬
‫اآليات هي‪:‬‬
‫َ َ ُْ‬ ‫ّ‬ ‫جاءك ْم َر ُسول ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬وإذ أخذ الله ميثاق النب ّيين لما آتيتك ْم من كتاب َوحك َم ٍة ث َّم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص ِدق ِلما معكم‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اش َه ُدوا َ َأ َنا َم َع ُك ْم منَ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ْ ُ َّ َ َ ِ َ ْ ُ ُ َّ ُ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫لتؤ ِمنن ِب ِه ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ِذلكم ِإص ِري قالوا أقررنا قال ف‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ َ ُ ُ ْ‬ ‫َّ‬
‫فاسقون} (آل عمران ‪)27 ,20‬‬ ‫اه ِدين فمن تولى بعد ِذلك فأول ِئك هم ال ِ‬ ‫الش ِ‬
‫ّ‬ ‫ذكر المفسرون ‪ -‬رحمهم الله ‪ -‬في الذي أخذ ميثاقهم عليه قولين‪ :‬أحدهما‪ :‬أنه تصديق ّ‬
‫محمد صلى‬
‫ّ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬روي عن علي‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وقتادة‪ ،‬والسدي‪ ,‬والثاني‪ :‬أنه أخذ ميثاق األول من األنبياء‬
‫ليؤمنن بما جاء به اآلخر منهم‪ ،‬وروي عن طاوس(‪.)1‬‬ ‫َّ‬
‫واختار العالمة ابن عاشور القول األول؛ إذ قال‪" :‬وفي أخذ العهد على األنبياء زيادة تنويه برسالة‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا المعنى هو ظاهر اآلية‪ ،‬وبه فسر محققو المفسرين من السلف والخلف‬
‫ً‬
‫منهم علي بن أبي طالب‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وطاووس‪ ،‬والسدي"(‪ ،)2‬واختار هذا القول أيضا ابن تيمية؛ حيث‬
‫ً‬
‫قال‪" :‬قال ابن عباس وغيره من السلف‪ :‬ما بعث الله نبيا إال أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي‬
‫ليؤمنن به ولينصرنه‪ ،‬وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه‬
‫واآلية تدل على ما قالوا"(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬و ْاك ُت ْب َل َنا في ه ِذه الدن َيا َح َسنة َوفي اآل ِخ َرة إنا هدنا إل ْيك ق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫يب ِب ِه َمن أش ُاء‬ ‫ال عذابي أص ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ َ َّ ُ َ َ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َ َّ َ ُ ْ َ َ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َّ ُ َ‬
‫ورحم ِتي و ِسعت كل ش ي ٍء فسأكتبها ِلل ِذين يتقون ويؤتون الزكاة وال ِذين هم ِبآيا ِتنا يؤ ِمنون ال ِذين يت ِبعون‬
‫هاه ْم َع ِن‬ ‫الت ْوراة َو ْاإل ْنجيل َي ْأ ُم ُر ُه ْم ب ْال َم ْع ُروف َو َي ْن ُ‬ ‫َّ‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫األ ّم َّي َّالذي َيج ُد َون ُه َم ْك ُتوبا ع ْن َد ُه ْ‬
‫م‬
‫َّ ُ َ َّ َّ ْ ُ‬
‫الرسول الن ِبي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان ْت َع َل ْيه ْم َف َّالذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ ّ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ ُ َ ْ ُ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ ْ َ َّ‬ ‫ْ ْ َ َ ُ َ ُ َّ ّ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل ال ِتي‬ ‫بات ويح ِرم علي ِهم الخبا ِئث ويضع عنهم ِإصرهم واألغ‬ ‫ال ُمنك ِر وي ِح ُّل ل ُهم الط ِي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ ُ ُ َ َ َ ُ ُ َ َّ َ ُ ُّ َ َّ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ورال ِذي أن ِز َل َم َع ُه أول ِئ َك ُه ُم ال ُمف ِل ُحون} (األعراف‪)052 ,056 :‬‬ ‫َآمنوا ِب ِه وعزروه ونصروه و اتبعوا الن‬
‫توسع العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في تفسير هذه اآلية‪ ,‬ونحن نذكر أهم ما قال مما يتعلق‬
‫ً‬
‫بموضوعنا‪ ،‬فنبه ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬أوال إلى تناسبها وسياقها(‪ ,)4‬ثم بعد ذلك تعرض لذكر البشارة الواردة في‬

‫(‪ )1‬انظر أيضا‪ :‬الطبري‪ ,‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ,991 ,990/1 :‬ابن الجوزي‪ ,‬زاد المسير في علم التفسير‪.055/6 ,‬‬

‫(‪ )2‬التحرير والتنوير‪.055/2 :‬‬


‫(‪ )3‬الجواب الصحيح‪ ,601/0 :‬وقال ابن كثير بعدما ذكر قول طاووس ومن وافقه‪":‬وهذا ال يضاد ما قاله علي وابن عباس وال ينفيه‪ ،‬بل‬
‫يستلزمه ويقتضيه" (تفسير القرآن العظيم‪ ,)12/0 :‬ونقل العالمة املحقق القاسمي رحمه الله تعالى كالم ابن كثير ثم عقبه‪ ":‬ومن أثر ّ‬
‫علي‬
‫عليه السالم هذا‪ ،‬فهم بعض العلماء اختصاص هذا الميثاق بنبينا صلى الله عليه وسلم كما نقل القاض ي عياض في (الشفاء) عن أبي‬
‫الحسن القابس ّي قال‪ :‬استخص الله تعالى محمدا بفضل لم يؤته غيره أبانه به‪ .‬وهو ما ذكره في هذه اآلية‪ -‬انتهى‪ -‬وقد علمت المراد"‪,‬‬
‫محاسن التأويل‪.)272/0 :‬‬

‫(‪ )4‬التحرير والتنوير‪.626/5 :‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫سفر التثنية(‪ ,)1‬ثم ذكر السبب في حذف اسم محمد صلى الله عليه وسلم ووصفه من كتب أهل الكتاب‪:‬‬
‫ً‬
‫"‪ ...‬حيث حذفوا هذا الوصف ليصير كالم التوراة صادقا بمن أتى بعد موس ى من أنبياء بني إسرائيل"(‪.)2‬‬
‫من المسائل المهمة التي ذكرها العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في تفسير هذه اآلية معنى كلمة‬
‫وأن معناها‪" :‬الذي ال يعرف الكتابة والقراءة"(‪ ،)3‬ثم ذكر الحكمة في كون محمد‬ ‫"األمي" الوا دة في اآلية‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫صلى الله عليه وسلم ً‬
‫أميا ال يعرف الكتابة وال القراءة بقوله‪" :‬واألمية وصف خص الله به من رسله محمدا‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إتماما لإلعجاز العلمي العقلي الذي أيده الله به‪ ،‬فجعل األمية وصفا ذاتيا له‪ ،‬ليتم‬
‫بها وصفه الذاتي وهو الرسالة‪ ،‬ليظهر أن كماله النفساني كمال لدني إلهي‪ ،‬ال واسطة فيه لألسباب‬
‫المتعارفة للكماالت‪ ،‬وبذلك كانت األمية وصف كمال فيه‪ ،‬مع أنها في غيره وصف نقصان؛ ألنه لما حصل له‬
‫من المعرفة وسداد العقل ما ال يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفة الكماالت الحق‪ ،‬وكان على يقين من‬
‫علمه‪ ،‬وبينة من أمره‪ ،‬ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين‪ ،‬صارت أميته آية على كون ما حصل له إنما هو‬
‫من فيوضات إلهية"(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقال ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في معنى‪" :‬يجدونه مكتوبا"‪" :‬وإنما الموجود نعته ووصفه‪ ،‬والقرينة قوله‪" :‬مكتوبا" فإن‬
‫ً‬
‫الذات ال تكتب‪ ،‬وعدل عن التعبير بالوصف للداللة على أنهم يجدون وصفا ال يقبل االلتباس‪ ،‬وهو‪ :‬كونه‬
‫ً‬
‫أميا‪ ،‬ويأمر بالمعروف‪ ،‬وينهى عن المنكر‪ ،‬ويحل الطيبات‪ ،‬ويحرم الخبائث‪ ،‬ويضع عنهم إصرهم‪ ،‬وشدة‬
‫شريعتهم"(‪.)5‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ثم ذكر العالمة ابن عاشور في ختام تفسير هذه اآلية شاهدا تاريخيا مصداقا لما جاء في هذه اآلية‬
‫الكريمة‪" :‬على أنك إذا تأملت في حال األمم كلهم قبل اإلسالم ال تجد شرائعهم وقوانينهم وأحوالهم خالية من‬
‫إصر عليهم‪ ،‬مثل تحريم بعض الطيبات في الجاهلية‪ ،‬ومثل تكاليف شاقة عند النصارى واملجوس ال تتالقى‬
‫مع السماحة الفطرية‪ ،‬وكذلك ال تجدها خالية من رهق الجبابرة‪ ،‬وإذالل الرؤساء‪ ،‬وشدة األقوياء على‬
‫الضعفاء‪ ،‬وما كان يحدث بينهم من التقاتل والغارات‪ ،‬والتكايل في الدماء‪ ،‬وأكلهم أموالهم بالباطل‪ ،‬فأرسل‬

‫(‪ )1‬المصدر السابق‪.626/5 :‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪ ,622/5 :‬والبن القيم رحمه الله تعالى كالم قال فيه‪ ":‬أنه لو قدر أنه ال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنعته وال‬
‫صفته وال عالمته في الكتب التي بأيدي أهل الكتاب اليوم‪ ،‬لم يلزم من ذلك أن ال يكون مذكورا في الكتب التي كانت بأيدي أسالفهم وقت‬
‫مبعثه وال تكون اتصلت على وجهها إلى هؤالء‪ ،‬بل حرفها أولئك وبدلوا وكتموا‪ ،‬تواصوا وكتبوا ما أرادوا ‪ ("...‬هداية الحيارى في أجوبة اليهود‬
‫والنصارى‪ :‬ص ‪.)269 ,267‬‬
‫(‪ )3‬التحرير والتنوير‪.622/5 :‬‬

‫(‪ )4‬المصدر السابق‪.622/5 :‬‬


‫(‪ )5‬المصدر السابق‪ ,627/5 :‬وانظر أيضا‪ :‬الطبري‪ ,‬جامع البيان‪ ,619/62 :‬الزمخشري‪ ,‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ,619/0 :‬وقال‬
‫العالمة القاسمي رحمه الله‪ ":‬يجدونه مكتوبا أي باسمه (محمد وأحمد) ونعوته عندهم زيد هذا لزيادة التقرير‪ ،‬وأن شأنه عليه الصالة‬
‫والسالم حاضر عندهم ال يغيب عنهم أصال" (محاسن التأويل‪.)657/9:‬‬

‫‪553‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬


‫ً‬
‫الله محمدا صلى الله عليه وسلم بدين من شأنه أن يخلص البشر من تلك الشدائد‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬وما‬
‫أرسلناك إال رحمة للعالمين [األنبياء‪ ،]614 :‬ولذلك فسرنا الوضع بما يعم النسخ وغيره‪ ،‬وفسرنا األغالل بما‬
‫يخالف المراد من اإلصر‪ ،‬وال يناكد هذا ما في أديان الجاهلية واملجوسية وغيرها من التحلل في أحكام كثيرة‪،‬‬
‫فإنه فساد عظيم ال يخفف وطأة ما فيها من اإلصر"(‪.)1‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الله َو َّالذ َ‬‫ُ ُ َّ‬
‫ين َم َع ُه أ ِش َّد ُاء َعلى الك َّف ِار ُر َح َم ُاء َب ْي َن ُه ْم َت َر ُاه ْم ُر َّكعا ُس َّجدا َي ْب َتغون‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬مح َّمد َرسول ِ ِ‬
‫ُ َ‬
‫يل‬
‫َّ ْ َ َ َ َ ُ ُ ْ ْ ْ‬ ‫الس ُج َ َ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫اه ْم في ُو ُجوهه ْم م ْن َأ َثر ُّ‬ ‫يم ُ‬ ‫الله َور ْ‬
‫ض َو انا س َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َف ْ‬
‫اإلن ِج ِ‬
‫ود ذ ِلك مثلهم ِفي التور ِاة ومثلهم ِفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ال‬‫ض‬
‫ُ ْ ُ ُّ َّ َ َ َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ َ َّ‬
‫الل ُه َّالذينَ‬ ‫اس َت َوى َع َلى ُ‬ ‫ظ َف ْ‬ ‫َ َْ َ ْ َ َ َ َْ ُ َ ََُ َ ْ َ َْ َ‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ار‬‫ف‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫يظ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫غ‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫اع‬ ‫ر‬ ‫الز‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ع‬
‫ِِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫وق‬ ‫س‬ ‫كزر ٍع أخرج شطأه فآزره فاستغل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َ َ ُ‬
‫ات ِم ْن ُه ْم َمغ ِف َرة َوأ ْجرا َع ِظيما (‪})79‬‬ ‫َّ َ‬
‫آمنوا وع ِملوا الص ِالح ِ‬
‫قال العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪" :-‬فبين الله بهذه اآلية أن الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫هم المقصود بتلك الصفة العجيبة التي في «التوراة»؛ أي أن «التوراة» قد جاءت فيها بشارة بمجيء محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ووصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والذي وقفنا عليه في «التوراة» مما‬
‫يصلح لتطبيق هذه اآلية هو البشارة الرمزية التي في اإلصحاح الثالث والثالثين من «سفر التثنية» من قول‬
‫موس ى عليه السالم‪« :‬جاء الرب من سينا وأشرق لهم من سعير وتألأل من جبل فاران‪ ،‬وأتى من ربوات القدس‬
‫وعن يمينه نار شريعة لهم فأحب الشعب جميع قديسيه وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك»‪،‬‬
‫فإن جبل فاران هو حيال الحجاز‪ ،‬وقوله‪« :‬فأحب الشعب جميع قديسيه» يشير إليه قوله‪ :‬رحماء‬
‫بينهم"(‪.)2‬‬
‫وقال‪{ :‬ومثلهم في اإلنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع}‪،‬‬
‫ابتداء كالم مبتدأ‪ ،‬ويكون الوقف على قوله‪ :‬في التوراة والتشبيه في قوله‪ :‬كزرع خبره‪ ،‬وهو المثل‪ .‬وهذا هو‬
‫ً‬
‫الظاهر من سياق اآلية(‪ ،)3‬فيكون مشيرا إلى نحو قوله في «إنجيل متى» اإلصحاح ‪ 62‬فقرة ‪« 2‬هو ذا الزارع‬
‫قد خرج ليزرع يعني عيس ى عليه السالم وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت الطيور وأكلته»‪ ،‬إلى‬
‫أن قال‪« :‬وسقط اآلخر على األرض الجيدة فأعطى ثمره بعض مائة وآخر ستين وآخر ثالثين»‪ .‬قال فقرة‪ ،‬ثم‬
‫قال‪« :‬وأما المزروع على األرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم‪ ،‬وهو الذي يأتي بثمر فيصنع بعض‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير‪.624/5 :‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير‪..014/01 :‬‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬وقال القرطبي‪ ":‬قال الفراء‪ :‬فيه وجهان‪ ،‬إن شئت قلت‪ :‬المعنى ذلك مثلهم في التوراة وفي اإلنجيل أيضا‪ ،‬كمثلهم في القرآن‪ ،‬فيكون الوقف‬
‫على "اإلنجيل"‪ ،‬وإن شئت قلت‪ :‬تمام الكالم ذلك مثلهم في التوراة‪ ،‬ثم ابتداء فقال‪ :‬ومثلهم في اإلنجيل‪ .‬وكذا قال ابن عباس وغيره‪ :‬هما‬
‫مثالن‪ ،‬أحدهما في التوراة واآلخر في اإلنجيل‪ ،‬فيوقف على هذا على "التوراة"‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬هو مثل واحد‪ ،‬يعني أن هذه صفتهم في التوراة‬
‫واإلنجيل‪ ،‬فال يوقف على "التوراة" على هذا‪ ،‬ويوقف على "اإلنجيل"‪ .‬ويبتدئ "كزرع أخرج شطأه" على معنى وهم كزرع ‪ ,"...‬الجامع ألحكام‬
‫القرآن‪ ,057/61 ,‬وانظر أيضا‪ :‬الزمخشري‪ ,‬الكشاف‪ ,272/7 :‬القاسمي‪ ,‬محاسن التأوييل‪.960/2 :‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫مائة وبعض ستين وآخر ثالثين»‪ .‬وهذا يتضمن نماء اإليمان في قلوبهم وبأنهم يدعون الناس إلى الدين حتى‬
‫يكثر المؤمنون كما تنبت الحبة مائة سنبلة وكما تنبت من النواة الشجرة العظيمة"(‪.)1‬‬

‫َ َ‬ ‫الله إ َل ْي ُك ْم ُم َ‬
‫ص ِّدقا ِلما َب ْين َيد َّي ِم َن‬
‫َ ّ َ ُ ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫وقوله تعالى‪َ { :‬وإ ْذ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ‬
‫رائيل ِإ ِني رسول ِ ِ‬ ‫قال ِعيس ى ابن م ْريم يا ب ِني ِإس ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ُ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ ُ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َ ُ َ ّ ِ َ ُ َ ْ‬
‫نات قالوا هذا ِسحرم ِبين} (الصف‪:‬‬ ‫التور ِاة ومب ِشرا ِبرسو ٍل يأ ِتي ِمن بع ِدي اسمه أحمد فلما جاءهم ِبالب ِي ِ‬
‫‪)6‬‬
‫ذكر العالمة ابن عاشور في تفسير هذه اآلية بعض المسائل المهمة‪ ,‬وأهمها رأيه في اسم "أحمد" هل‬
‫هو اسم العلم أو الوصف‪ ,‬وهذه المسألة ‪ -‬حسب اطالعي ‪ -‬مما انفرد به العالمة ابن عاشور‪ ،‬وقبل مناقشة‬
‫ً‬
‫هذه المسألة أقول‪ :‬أن العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪ -‬ذكر معنى "مبشرا"‪ ،‬وأن التبشير‪ :‬اإلخبار‬
‫بحادث يسر‪ ،‬ووجه إيثار هذا اللفظ اإلشارة إلى ما وقع في اإلنجيل من وصف رسالة الرسول الموعود به‬
‫بأنها بشارة الملكوت"(‪.)2‬‬
‫ثم ذكر أن هناك عالمات ودالئل على نبوته صلى الله عليه وسلم‪" :‬يعرفها حق معرفتها الراسخون في‬
‫الدين من أهل الكتاب؛ ألنهم الذين يرجع إليهم الدهماء من أهل ملتهم"(‪.)3‬‬
‫ذهب ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬إلى أن "أحمد" ليس بعلم‪ ,‬وإنما هو وصف للنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬قال ‪ -‬رحمه الله ‪" :-‬وال يحمل قوله‪ :‬اسمه أحمد على ما يتبادر من لفظ اسم من أنه العلم املجهول‬
‫للداللة على ذات معينة لتميزه من بين من ال يشاركها في ذلك االسم"(‪.)4‬‬
‫ودليله في ذلك‪" :‬وأنه ليس بمطابق للواقع؛ ألن الرسول الموعود به لم يدعه الناس أحمد فلم يكن‬
‫ً‬
‫أحد يدعو النبي محمدا صلى الله عليه وسلم باسم أحمد ال قبل نبوته‪ ،‬وال بعدها وال يعرف ذلك"(‪.)5‬‬
‫وهذا القول لم يسبقه إليه أحد ‪ -‬فيما أعلم ‪ ,-‬فإن العلماء متفقون‪ ,‬أو مجمعون أن من أسماء النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم محمد وأحمد‪ ,‬كما جاء في صحيح البخاري(‪ )6‬ومسلم(‪ )1‬عن جبير بن مطعم‪ ،‬عن أبيه‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير‪.012 ,014/01 :‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.626/02 :‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السابق‪ .626/02 :‬وقال ابن كثير‪ ":‬وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتب األنبياء بشروا أممهم ببعثه وأمروهم بمتابعته‪،‬‬
‫ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم"( تفسير القرآن العظيم‪ .)722/2 :‬وقال رحمة الله الهندي‪ ":‬اإلخبارات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الواقعة في حق محمد صلى الله عليه وسلم توجد كثيرة إلى اآلن أيضا مع وقوع التحريفات في هذه الكتب‪ ،‬ومن عرف أوال طريق أخبار‬
‫ً‬
‫النبي المتقدم عن النبي المتأخر على ما عرفت في األمر الثاني‪ ،‬ثم نظر ثانيا بنظر اإلنصاف إلى هذه اإلخبارات‪ ،‬وقابلها باإلخبارات التي‬
‫ً‬
‫نقلها اإلنجيليون في حق عيس ى عليه السالم‪ ،‬وقد عرفت نبذا منها في األمر السادس‪ ،‬جزم بأن اإلخبارات املحمدية في غاية القوة"( إظهار‬
‫الحق‪.)6669/7 :‬‬
‫(‪ )4‬التحرير والتنوير‪.620/02 :‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق‪.620/02 :‬‬
‫(‪ )6‬باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.629/7 ,‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫رض ي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬لي خمسة أسماء‪ :‬أنا محمد‪ ،‬وأحمد وأنا الماحي‬
‫الذي يمحو الله بي الكفر‪ ،‬وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي‪ ،‬وأنا العاقب"(‪ ،)2‬وفي هذا الحديث‬
‫التصريح بأن للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من اسم والحكمة من ذلك "لجاللة المسمى ال للتعريف‬
‫فحسب"(‪ .)3‬وابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬ذكر الحديث السابق إال أنه فسره على النحو التالي‪" :‬فتأويله أنه‬
‫أطلق األسماء على ما يشمل االسم العلم والصفة الخاصة به على طريقة التغليب"(‪.)4‬‬
‫وللدكتور سامي عامري تنبيه مهم حول ما ذهب إليه العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬وهو أنه قبل‬
‫سنوات قليلة من صدور بعض أجزاء تفسير التحرير والتنوير‪ ,‬ومنها تفسير سورة الصف (‪ )5()6591‬كتب‬
‫المستشرق مونتجمري وات )‪ (Montgomery Watt‬مقالة (‪ )6592‬بعنوان‪" :‬اسمه أحمد" وكان مما ذكره أنه‬
‫لم يسم أحد من أطفال المسلمين باسم "أحمد" قبل سنة ‪ 609‬هجري على خالف اسم محمد‪ ,‬لذلك ترجمة‬
‫ً‬
‫آية سورة الصف‪... ":‬اسمه يستحق حمدا أبلغ"‪.‬‬
‫(‪.(whose name is more worthy of praise))6‬‬

‫(‪ )1‬باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم‪ .6202/7 :‬وقال النووي‪ ":‬ذكر هنا هذه األسماء وله صلى الله عليه وسلم أسماء أخر"‪ ,‬المنهاج شرح‬
‫صحيح مسلم بن الحجاج‪.617/69 ,‬‬
‫(‪ )2‬قال ابن كثير‪ ":‬وأنا مبشر بمن بعدي‪ ،‬وهو الرسول النبي األمي العربي المكي أحمد‪ .‬فعيس ى‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل‪،‬‬
‫وقد أقام في مإل بني إسرائيل مبشرا بمحمد‪ ،‬وهو أحمد خاتم األنبياء والمرسلين‪ ،‬الذي ال رسالة بعده وال نبوة‪ .‬وما أحسن ما أورد البخاري‬
‫الحديث ا لذي قال فيه‪" :‬إن لي أسماء‪ :‬أنا محمد‪ ،‬وأنا أحمد‪ ،‬وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر‪ ،‬وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على‬
‫قدمي‪ ،‬وأنا العاقب"‪(.‬تفسير القرآن العظيم‪.)615/2 :‬‬
‫ُّ‬
‫(‪ )3‬نقله المناوي عن ابن القيم‪ ,‬انظر‪ :‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ .962/0 :‬وذكر العالمة بكر أبو زيد أنه أ ِلف في أسماء النبي ‪ -‬صلى الله‬
‫ً‬
‫عليه وسلم ‪ -‬أربعة عشر كتابا‪ ,‬انظر‪ :‬معجم المناهي اللفظية وفوائد في األلفاظ‪ ,‬ص ‪.296‬‬
‫(‪ )4‬التحرير والتنوير‪ ,622/02 :‬ثم ذكر منعى لفظ «اسم» في اللغة وأن أشهر استعماله في كالم العرب ثالثة استعماالت‪ :‬األول‪ :‬أن يكون بمعنى‬
‫المسمى‪ ,‬الثاني‪ :‬أن يكون االسم بمعنى شهرة في الخير ‪ ,‬الثالث‪ :‬أن يطلق على لفظ جعل داال على ذات لتميز من كثير من أمثالها‪ ،‬وهذا هو‬
‫العلم‪ )622/02( .‬ثم قال‪ ":‬ونحن نجري على أصلنا في حمل ألفاظ القرآن على جميع المعاني التي يسمح بها االستعمال ‪ ...‬فنحمل االسم في‬
‫قوله‪" :‬اسمه أحمد" على ما يجمع بين هذه االستعماالت الثالثة‪ ،‬أي مسماه أحمد‪ ،‬وذكره أحمد‪ ،‬وعلمه أحمد‪ ،‬ولنحمل لفظ أحمد على‬
‫ما ال يأباه واحد من استعماالت اسم الثالثة إذا قرن به وهو أن أحمد اسم تفضيل يجوز أن يكون مسلوب المفاضلة معنيا به القوة فيم‬
‫هو مشتق منه‪ ،‬أي الحمد وهو الثناء‪ ،‬فيكون أحمد هنا مستعمال في قوة مفعولية الحمد‪ ،‬أي حمد الناس إياه‪ ،‬وهذا مثل قولهم‪« .‬العود‬
‫أحمد» ‪ ،‬أي محمود كثيرا‪ .‬فالوصف ب أحمد بالنسبة للمعنى األول في اسم أن مسمى هذا الرسول ونفسه موصوفة بأقوى ما يحمد عليه‬
‫محمود فيشمل ذلك جميع صفات الكمال ا لنفسانية والخلقية والخلقية والنسبية والقومية وغير ذلك مما هو معدود من الكماالت‬
‫الذاتية والعرضية" ( ‪.)627 ,620/02‬‬

‫(‪ )5‬أول ما طبع من التفسير جزء عم وسبح بتونس سنة ‪ ,6591‬وطبع كامال ابداء من ‪ 6512‬بتونس‪ ,‬انظر‪ :‬محمد الحبيب ابن الخوجة‪ ,‬شيخ‬
‫األسالم اإلمام األكبر محمد الطاهر ابن عاشور‪ ,‬ص ‪.262‬‬
‫(‪ )6‬سامي عامري‪ ,‬البشارة بنبي اإلسالم في كتب البهود والنصارى‪ ,‬ص ‪.061 ,015‬‬
‫‪W. Montgomery Wat, His name is Ahme, Muslim Word, Volume 43, Issue 2, April 1953, pp. 110-117‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫ثم ذكر اين عاشور معنى "أحمد" فقال‪" :‬ويصح اعتبار أحمد تفضيال حقيقيا في كالم عيس ى عليه‬
‫السالم؛ أي مسماه أحمد مني‪ ،‬أي أفضل‪ ،‬أي في رسالته وشريعته "(‪.)1‬‬

‫رابط المقالة‪:‬‬
‫‪HIS NAME IS AHMAD - WATT - 1953 - The Muslim World - Wiley Online Library‬‬
‫(‪ )1‬التحرير والتنوير‪.627/02 :‬‬

‫‪559‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫المبحث الثالث‪ :‬النصوص من التوراة واإلنجيل التي فيها البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم‬
‫في هذا المبحث نورد النصوص من التوراة واإلنجيل التي أوردها العالمة ابن عاشور والتي تبشر‬
‫بمحمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬واقتصرنا فيها على بيان أوجه االستدالل التي ذكرها ابن عاشور مع التنبيه إلى‬
‫ً‬
‫أن بعض العلماء توسعوا في بيان هذه األوجه وتحليلها وتفسيرها(‪ ،)1‬كما ذكر بعضهم أيضا تفسير علماء‬
‫اليهود والنصارى لها مع الرد عليهم‪.‬‬
‫وقد ذكر العالمة ابن عاشور نصين من التوراة (األسفار الخمسة) وثالثة نصوص من اإلنجيل‪.‬‬
‫ً‬
‫النص التوراتي األول‪" :‬يقيم لك الرب نبيا ومن وسط أخواتك مثلي له تسمعون حسب كل ما طلبت من‬
‫الرب في حوريب (أي جبل الطور حين المناجاة) يوم االجتماع قال لي الرب أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم‬
‫مثلك وأجعل كالمي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به"(‪)2‬‬
‫هذا النص التوراتي ذكره عدد من علماء المسلمين في معرض ذكر البشارة بمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم الواردة في التوراة‪ ,‬وكأن هذا النص يعتبر عمدة في البشارات التوراتية بمحمد صلى الله عليه وسلم‬
‫التي يذكرها علماء المسلمين‪ .‬وممن ذكر هذا النص في هذا السياق‪ :‬الماوردي (‪ 791‬هـ)(‪ ,)3‬ابن حزم (‪791‬‬
‫هـ)(‪ ,)4‬الرازي (‪ 111‬هـ)(‪ )5‬أبو البقاء الهاشمي (‪ 112‬هـ)(‪ ,)6‬أبو عبد شمس الدين القرطبي (‪146‬هـ)(‪ ,)7‬وابن‬
‫جزي (‪ 476‬هـ)(‪ ,)8‬أبو حيان (‪ 479‬هـ)(‪ ,)9‬ابن القيم (‪ 496‬هـ)(‪ )10‬البقاعي (‪ 229‬هـ)(‪ ,)11‬رحمة الله الهندي‬
‫(‪6212‬هـ)(‪ )12‬وغيرهم‪.‬‬
‫وقد وجه العالمة ابن عاشور هذا النص التوراتي على أن المقصود به نبي اإلسالم محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم من وجهين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن "من وسط إخوتكم" يشير إلى نبي يظهر في العرب وليس في بني إسرائيل‪ ,‬قال ‪ -‬رحمه الله ‪:-‬‬
‫"فدل هذا على أن هذا النبيء من غير بني إسرائيل لقوله‪« :‬من وسط إخوتك» فإن الخطاب لبني إسرائيل‪،‬‬

‫(‪ )1‬وأكثر من توسع في بيان أوجه البشارات العالمة رحمة الله الهندي في كتابه "إظهار الحق"‪.‬‬
‫(‪ )2‬سفر التثنية‪.62 ,69 /62 :‬‬
‫(‪ )3‬تفسير الماوردي = النكت والعيون‪.012/0 :‬‬
‫(‪ )4‬الفصل في الملل واألهواء والنحل‪.51/6 :‬‬
‫(‪ )5‬مفاتيح الغيب‪.745/2 :‬‬
‫(‪ )6‬تخجيل من حرف التوراة واإلنجيل‪.191/0 :‬‬
‫(‪ )7‬اإلعالم بما في دين النصارى من الفساد واألوهام وإظهار محاسن اإلسالم‪ :‬ص ‪.017 ,012‬‬
‫(‪ )8‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ :‬ص ‪.219‬‬
‫(‪ )9‬البحر املحيط في التفسير‪.657/9 :‬‬
‫(‪ )10‬هداية الحيارى‪ :‬ص ‪.264 ,261‬‬
‫(‪ )11‬نظم الدرر في تناسب اآليات والسور‪ ,766/7 :‬و ‪.612/2‬‬
‫(‪ )12‬إظهار الحق‪.6661,6620/7 :‬‬

‫‪556‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫وال يكونون إخوة ألنفسهم‪ .‬وإخوتهم هم أبناء أخي أبيهم‪ :‬إسماعيل أخي إسحاق‪ ،‬وهم العرب‪ ،‬ولو كان المراد‬
‫ً‬
‫به نبيا من بني إسرائيل مثل (صمويل) كما يؤوله اليهود لقال‪ :‬من بينكم أو من وسطكم"(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫وأما ابن القيم ‪ -‬رحمه الله – فقد علق على هذا النص بأن‪" :‬البشارة صريحة في النبي العربي األمي‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم بن عبدالله ال تحتمل على غيره؛ ألنها إنما وقعت بنبي من إخوة بني إسرائيل ال‬
‫من بني إسرائيل أنفسهم‪ ،‬والمسيح من بني إسرائيل‪ ،‬فلو كان المراد بها هو المسيح لقال‪ :‬أقيم لهم نبيا من‬
‫أنفسهم"(‪ .)2‬وقد وضح السموأل بن يحيى بن عباس المغربي (المتوفى‪ :‬نحو ‪941‬هـ)(‪ )3‬اليهودي الذي أسلم‬
‫معنى ‪":‬إخوتهم"؛ إذ قال بعدما ذكر اعتراض اليهود ردا عليهم‪" :‬وليس في عادة كتابنا أنه يعني بقوله‪:‬‬
‫"إخوتهم" إال بني إسرائيل‪ .‬قلنا‪ :‬بلى‪ .‬قد جاء في التوراة "إخوتهم" لبني العيص‪ ...‬فإذا كان بنو العيص إخوة‬
‫لبني إسرائيل؛ ألن العيص وإسرائيل ولدا إسحاق‪ .‬فكذلك بنو إسماعيل إخوة لجميع ولد إبراهيم"(‪ ,)4‬ثم‬
‫قال‪" :‬وهذا دليل على أن التوراة أمرتهم في هذا الفصل باإليمان بالمصطفى واتباعه صلى الله عليه‬
‫وسلم"(‪)5‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن هذا النبي مثل موس ى عليه السالم وهذه المثلية تقتض ي أن يكون له شرع مستقل‪ ,‬قال ‪-‬‬
‫رحمه الله ‪" :-‬وعلم أن النبي رسول بشرع جديد من قوله‪« :‬مثلك» فإن موس ى كان نبيا رسوال‪ ،‬فقد جمع‬
‫القرآن ذلك كله في قوله‪{ :‬للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} إلخ‪ .‬ومن نكت القرآن‬
‫الجمع في هذه اآلية بين وصفي النبوة والرسالة لإلشارة إلى أن اليهود بدلوا وصف الرسول‪ ،‬وعبروا عنه‬
‫بالنبي‪ ،‬ليصدق على أنبياء بني إسرائيل‪ ،‬وغفلوا عن مفاد قوله مثلك‪ ،‬وحذفوا وصف األمي"(‪.)6‬‬
‫ثم ذكر ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بعض من أسلم بسبب هذه البشارة فقال‪" :‬وقد كانت هذه اآلية‬
‫سبب إسالم الحبر العظيم األندلس ي ال سموأل بن يحيى اليهودي‪ ،‬كما حكاه عن نفسه في كتابه الذي سماه‬
‫«غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود»"(‪ ،)7‬وقد سبق ذكر من ترجم له من علماء المسلمين وكذلك‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير‪.620/5 :‬‬


‫(‪ )2‬هداية الحيارى‪ :‬ص ‪.264‬‬
‫(‪ )3‬ترجم له عدد من علماء المسلمين‪ ,‬منهم الذهبي وقال‪ ":‬كان يهوديا فأسلم‪ ،‬وبرع في العلوم الرياضية" (تاريخ اإلسالم‪ ,)197/60 :‬كذلك‬
‫الصفدي في الوافي بالوفيات‪ ,041/69:‬وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه‪ ,621/2 :‬وغيرهم‪ .‬وله ترجمة أيضا في الموسوعة اليهودية‪:‬‬
‫‪Jewish Encyclopedia, V:1 P:38; Abbas, Samuel Abu Nasr‬‬
‫(‪ )4‬بذل املجهود في إفحام اليهود‪ :‬ص ‪.44 ,41‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق‪ :‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )6‬وقال رحمة الله الهندي‪" :‬بل هي بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم لعشرة أوجه"‪ ,‬ثم ذكر هذه األوجه (إظهار الحق‪ ,)6661,6620/7 :‬ونقل‬
‫كالمه رشيد رضا في نفسير المنار‪ ,061,000/5:‬وانظر أيضا‪ :‬ابن القيم‪ ,‬هداية الحيارى‪ :‬ص ‪ ,262‬القرطبي‪ ,‬اإلعالم‪ ,‬ص ‪ ,017‬القاسمي‪,‬‬
‫محاسن التأويل‪.016 ,011/9 :‬‬

‫(‪ )7‬التحرير والتنوير‪ .620/5 :‬وقال رحمة الله الهندي رحمه الله‪ ":‬ومن أسلم من علماء اليهود والنصارى في القرن األول شهد بوجود البشارات‬
‫املحمدية في كتب ا لعهدين‪ ،‬مثل عبد الله بن سالم وابني سعية وبنيامين ومخيريق وكعب األحبار وغيرهم‪ ،‬من علماء اليهود‪ ،‬ومثل بحير‬

‫‪556‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫من علماء اليهود‪.‬‬


‫النص التوراتي الثاني‪« :‬جاء الرب من سينا وأشرق لهم من سعير وتألأل من جبل فاران‪ ،‬وأتى من ربوات‬
‫القدس وعن يمينه نار شريعة لهم فأحب الشعب جميع قديسيه وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من‬
‫أقوالك» فإن جبل فاران هو حيال الحجاز‪ .‬وقوله‪«:‬فأحب الشعب جميع قديسيه» يشير إليه قوله‪ :‬رحماء‬
‫بينهم"(‪.)1‬‬
‫هذا النص التوراتي استشهد به عدد من علماء اإلسالم بأنه بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫منهم‪ :‬الثعلبي (‪704‬هـ)(‪ ,)2‬الكرماني (‪919‬هـ)(‪ ,)3‬البغوي (‪961‬هـ)(‪ ,)4‬القرطبي (‪146‬هـ)(‪ ,)5‬الرازي‬
‫(‪111‬هـ)(‪ ,)6‬ابن تيمية (‪ 402‬هـ)(‪ ,)7‬ابن جزي (‪ 476‬هـ)(‪ ,)8‬أبو حيان (‪479‬هـ)(‪ ,)9‬ابن القيم (‪496‬هـ)(‪,)10‬‬
‫ورحمة الله الهندي (‪6212‬هـ)(‪ )11‬وغيرهم‪.‬‬
‫كل من استشهد بهذا النص من علماء المسلمين بين أن وجه االستشهاد ذكر جبال فاران وأنها‬
‫مكة‪ )12(,‬ومثلهم قال ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ ":-‬فإن جبل فاران هو حيال الحجاز"(‪.)13‬‬

‫اونسطور الحبش ي وضفاطر وهو األسقف الرومي الذي أسلم على يد دحية الكلبي وقت الرسالة فقتلوه‪ ،‬والجارود‪ ،‬والنجاش ي‪ ،‬والسوس‪،‬‬
‫والرهبان الذين جاؤوا مع جعفر بن أبي طالب رض ي الله عنه‪ ،‬وغيرهم من علماء النصارى‪ ،‬وقد اعترف بصحة نبوته‪ ،‬وعموم رسالته‪،‬‬
‫هرقل قيصر الروم‪ ،‬ومقوقس صاحب مصر‪ ،‬وابن صوريا‪ ،‬وحيي بن أخطب‪ ،‬وأبو ياسر بن أخطب وغيرهم ممن حملهم الحسد على‬
‫الشقاء‪ ،‬ولم يسلموا" (إظهار الحق‪ ,)6066 ,6015/7 :‬وانظر‪ :‬سامي عامري‪ ,‬البشارة بنبي اإلسالم في كتب اليهود والنصارى‪ ,‬ص‪.72 ,79‬‬

‫(‪ )1‬سفر التثنية‪.,22/0 :‬‬


‫(‪ )2‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن‪.625/4 :‬‬
‫(‪ )3‬غرائب التفسير وعجائب التأويل‪.270/0 :‬‬
‫(‪ )4‬معالم التنزيل في تفسير القرآن‪.756/2 :‬‬
‫(‪ )5‬الجامع ألحكام القرآن‪.695/62 :‬‬
‫(‪ )6‬مفاتيح الغيب‪.721/2 :‬‬
‫(‪ )7‬الجواب الصحيح‪.000/9 :‬‬
‫(‪ )8‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ,‬ص ‪.219‬‬
‫(‪ )9‬البحر املحيط في التفسير‪.690/2 ,‬‬
‫(‪ )10‬هداية الحيارى‪.272/0 :‬‬
‫(‪ )11‬إظهار الحق‪.6629 ,6627/7 :‬‬
‫(‪ )12‬قال ابن القيم‪ ":‬وهذه متضمنة للنبوات الثالثة‪ :‬نبوة موس ى‪ ،‬ونبوة عيس ى‪ ،‬ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬فمجيئه من سيناء وهو‬
‫الجبل الذي كلم الله موس ى ونبأه عليه إخبار عن نبوته‪.‬وتجليه من ساعير هو مظهر عيس ى المسيح من بيت المقدس‪ ،‬وساعير‪ :‬قرية‬
‫معروفة هناك إلى اليوم‪ ،‬وهذه بشارة بنبوة المسيح‪.‬وفاران‪ :‬هي مكة"‪( ,‬هداية الحيارى‪ :‬ص ‪.)265‬‬

‫(‪ )13‬التحرير والتنوير‪.014/01 :‬‬

‫‪556‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬


‫ً‬
‫وأضاف ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬وجها وهو أن‪« :‬فأحب الشعب جميع قديسيه» إشارة إلى قوله‪ :‬رحماء‬
‫بينهم"(‪ ,)1‬قال ‪" :‬فبين الله بهذه اآلية أن الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم هم المقصود بتلك الصفة‬
‫العجيبة التي في «التوراة»؛ أي أن «التوراة» قد جاءت فيها بشارة بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم ووصف‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬والذي وقفنا عليه في «التوراة» مما يصلح لتطبيق هذه اآلية هو البشارة‬
‫الرمزية التي في اإلصحاح الثالث والثالثين من «سفر التثنية» من قول موس ى عليه السالم‪« :‬جاء الرب من‬
‫سينا ‪ ،)2("...‬ولم أر من سبقه إلى بيان هذا الوجه‪.‬‬
‫النص اإلنجيلي األول‪« :‬ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرون‪ ،‬ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا‬
‫يخلص ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع األمم ثم يأتي المنتهى»(‪.)3‬‬
‫ذكر العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬هذا النص في أكثر من موضع في تفسيره(‪ ,)4‬ولم أر من سبقه‬
‫في االستشهاد بهذا النص‪ ،‬ووجه االستدالل عند ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بهذا النص من خالل ثالثة أوجه‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ظهور هؤالء الكذبة بعد عيس ى عليه السالم(‪.)5‬‬
‫الثاني‪" :‬يصبر إلى المنتهى"؛ المقصود أن هذا النبي الصادق يدوم شرعه إلى نهاية العالم(‪ ,)6‬ويتأخر‬
‫إلى قرب الساعة(‪.)7‬‬
‫الثالث‪ :‬وصفه بأنه "يخلص ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع األمم" يدل‬
‫على أن دعوته ورسالته رسالة عامة إلى الناس كافة(‪ ,)8‬ويدعو وينبئ‪ )9(,‬وفي هذه األخبار إثبات أن هذا‬
‫ً‬
‫الرسول المبشر به تعم رسالته جميع األمم في جميع األرض‪ ،‬وأنه الخاتم‪ ،‬وأن لشريعته ملكا لقول إنجيل‬
‫متى «هو يكرز ببشارة الملكوت» والملكوت هو الملك‪ ،‬وأن تعاليمه تتعلق بجميع األشياء العارضة للناس؛‬
‫أي شريعته تتعلق أحكامها بجميع األحوال البشرية‪ ،‬وجميعها مما تشمله الكلمة التي جاءت على لسان‬
‫عيس ى عليه السالم‪ ،‬وهي كلمة "اسمه أحمد"‪ ،‬فكانت من الرموز اإللهية؛ ولكونها مرادة لذلك ذكرها الله‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعالى في القرآن تذكيرا وإعالنا"(‪.)10‬‬
‫النص اإلنجيلي الثاني‪« :‬هو ذا الزارع قد خرج ليزرع وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت الطيور‬

‫(‪ )1‬المصدر السابق‪.014/01 :‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.014/01 :‬‬
‫(‪ )3‬متى‪.67 ,66 /07 :‬‬
‫(‪.747 ,742/21 ,627/5 ,66/4 ,052/2 )4‬‬
‫(‪ )5‬التحرير والتنوير‪.742/21 :‬‬
‫(‪ )6‬المصدر السابق‪.627/5 :‬‬
‫(‪ )7‬المصدر السابق‪.629/02 :‬‬
‫(‪ )8‬المصدر السابق‪.656/65 :‬‬
‫(‪ )9‬المصدر السابق‪.629/02 :‬‬
‫(‪ )10‬المصدر السابق‪.621/02 :‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫وأكلته ‪ ...‬وسقط اآلخر على األرض الجيدة فأعطى ثمره بعض مائة وآخر ستين وآخر ثالثين ‪ ...‬وأما المزروع‬
‫على األرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم‪ ،‬وهو الذي يأتي بثمر فيصنع بعض مائة وبعض ستين‬
‫وآخر ثالثين»(‪.)1‬‬
‫ذكر العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬هذا النص اإلنجيلي في تفسير سور الفتح في اآلية التي فيها‬
‫وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقال‪" :‬ومثلهم في اإلنجيل كزرع ‪ ...‬وهو المثل‪ ,‬وهذا هو الظاهر من‬
‫ً‬
‫سياق اآلية‪ ،‬فيكون مشيرا إلى نحو قوله في «إنجيل متى» اإلصحاح ‪ 62‬فقرة ‪ ,"..."2‬ثم قال‪" :‬وهذا يتضمن‬
‫نماء اإليمان في قلوبهم‪ ،‬وبأنهم يدعون الناس إلى الدين حتى يكثر المؤمنون‪ ،‬كما تنبت الحبة مائة سنبلة‪،‬‬
‫وكما تنبت من النواة الشجرة العظيمة"(‪ ،)2‬ولم أر من سبق ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في االستشهاد بهذا‬
‫النص‪.‬‬
‫النص اإلنجيلي الثالث‪« :‬وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله األب باسمي فهو يعلمكم كل ش يء‬
‫ويذكركم بكل ما قلته لكم»(‪.)3‬‬
‫هذا النص اإلنجيلي ذكره عدد من علماء المسلمين في معرض ذكر البشارة بمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم الواردة في اإلنجيل‪ ,‬ومنهم‪ :‬الماوردي (‪ 791‬هـ)(‪ ,)4‬ابن حزم (‪ 791‬هـ)(‪ ,)5‬ابن تيمية (‪ 402‬هـ)(‪ ,)6‬وابن‬
‫جزي (‪ 476‬هـ)(‪ ,)7‬أبو حيان (‪ ,)8()479‬ابن القيم (‪ 496‬هـ)(‪ ,)9‬البقاعي (‪ )10()229‬رحمة الله الهندي‬
‫(‪6212‬هـ)(‪ )11‬وغيرهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ذكر العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪ -‬هذا النص اإلنجيلي مشيرا إلى أن المذكور المقصود فيه هو نبي‬
‫ً‬
‫اإلسالم محمد صلى الله عليه وسلم(‪ ،)12‬وذكر ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬عددا من األوجه التي ُيستدل بها على ذلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬متى ‪.02 ,2 /62‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير‪.012/01 :‬‬
‫(‪ )3‬يوحنا‪.01/67 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير الماوردي = النكت والعيون‪.012/0 :‬‬
‫(‪ )5‬الفصل في الملل واألهواء والنحل‪.56/6 :‬‬
‫(‪ )6‬الجواب الصحيح‪.027/9 :‬‬
‫(‪ )7‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ,‬ص ‪.219‬‬
‫(‪ )8‬البحر املحيط في التفسير‪.657/9 ,‬‬
‫(‪ )9‬هداية الحيارى‪ :‬ص ‪.202‬‬
‫(‪ )10‬نظم الدرر في تناسب اآليات والسور‪.664/2 ,‬‬
‫(‪ )11‬إظهار الحق‪.6629,6062/7 :‬‬
‫(‪" )12‬و(فارقليط) كلمة رومية‪ ،‬أي بوانية تطلق بمعنى المدافع أو المسلي‪ ،‬أي الذي يأتي بما يدفع األحزان والمصائب‪ ،‬أي يأتي رحمة‪ ،‬أي رسول‬
‫مبشر‪ ،‬وكلمة آخر صريحة في أنه رسول مثل عيس ى"‪ ,‬التحرير والتنوير‪ .629/02 :‬وانظر أيضا‪ :‬سامي عامري‪ ,‬البشارة بنبي اإلسالم في كتب‬
‫اليهود والنصارى‪ :‬ص ‪ ,000 ,010‬حيث توسع المؤلف في معنى هذه الكلمة وكيفية ورودها في املخطوطات والترجمات‪.‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫األول‪ :‬كون المعزي رسوال مشرعا ال نبيا فقط!‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قوله‪" :‬الذي سيرسله األب باسمي"‪ ,‬أي بمماثلتي وهو كونه رسوال مشرعا ال نبيا مؤكدا"(‪ ,)1‬وبصفة الرسالة‪)2(.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن المعزي تدوم شريعته ويخبر بتفضيله على عيس ى عليه السالم؟‪.‬‬
‫قوله‪ ":‬يعلمكم كل ش يء ويذكركم بكل ما قلته لكم"‪" :‬يعلمكم أن يذكركم بكل ما قلته لكم" و‪":‬وهذا‬
‫يفيد تفضيله على عيس ى بفضيلة دوام شريعة المعبر عنها بقول اإلنجيل «ليثبت معكم إلى األبد"(‪.)3‬‬
‫الثالث‪ :‬فيه اإلشارة إلى وصف القرآن الكريم‪.‬‬
‫قوله‪" :‬فهو يعلمكم كل ش يء ويذكركم بكل ما قلته لكم"‪ ,‬أي ‪":‬وهذا التعليم لكل ش يء هو القرآن ما‬
‫فرطنا في الكتاب من ش يء"(‪.)4‬‬
‫ولم يذكر العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬كل أوجه االستدالل من هذا النص اإلنجيلي‪ ,‬وهناك أوجه‬
‫ذكرها علماء اإلسالم(‪.)5‬‬
‫وفي الختام أذكر كالم ابن حزم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬قال فيه‪" :‬وهذا غاية البيان لمن عقل؛ ألن المسيح عليه السالم‬
‫ً‬
‫علم أنه سيغلو قومه فيه‪ /‬فيقولون أنه الله وأنه ابن الله‪ ،‬فدعا الله في أن يبعث الذي يبين للناس أنه ليس إلها وال‬
‫ً‬
‫ابن إله‪ ،‬وإنما هو إنسان من ولد امرأة من البشر‪ ،‬فهل أتى بعده نبي يبين هذا إال محمدا صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا‬
‫ال يحيل بيانه على ذي حس سليم وإنصاف‪ ،‬ونسأل الله إيزاع الشكر على ما وفق له من الهدى"(‪.)6‬‬
‫والحمد لله رب العالمين‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير‪.627/5 :‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.621/02 :‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السابق‪.627/02 :‬‬
‫(‪ )4‬المصدر السابق‪.650/65 :‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬إظهار الحق‪ ,6629,6062/7 :‬وقد توسع كعادته فذكر ثالثة عشر وجها في كون "المعزي" محمدا صلى الله عليه وسلم ورد على جميع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اعتراضات النصارى حول هذه البشارة‪ ،‬وأذكر كالما نفيسا البن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬حول هذه البشارة‪" :‬فهذه الصفات والنعوت التي‬
‫تلقوها عن المسيح‪ ،‬ال تنطبق على ش يء في قلب بعض الناس‪ ،‬ال يراه أحد‪ ،‬وال يسمع كالمه‪ ،‬وإنما تنطبق على من يراه الناس‪ ،‬ويسمعون‬
‫كالمه‪ ،‬فيشهد للمسيح‪ ،‬ويعلمهم كل ش يء‪ ،‬ويذكرهم كل ما قال لهم المسيح‪ ،‬ويوبخ العالم على الخطيئة‪ ،‬ويرشد الناس إلى جميع الحق‪،‬‬
‫ً‬
‫وهو ال ينطق من عنده‪ ،‬بل يتكلم بما يسمع‪ ،‬ويخبرهم بكل ما يأتي‪ ،‬ويعرفهم جميع ما لرب العالمين‪ ،‬وهذا ال يكون ملكا ال يراه أحد‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يكون هدى‪ ،‬وال علما في قلب بعض الناس‪ ،‬بل ال يكون إال إنسانا عظيم القدر يخاطب الناس بما أخبر به المسيح‪ ،‬وهذا ال يكون إال بشرا‬
‫ً‬
‫رسوال‪ ،‬بل يكون أعظم من المسيح‪ ،‬بين أنه يقدر على ما ال يقدر عليه المسيح‪ ،‬ويعلم ما ال يعلمه المسيح‪ ،‬ويخبر بكل ما يأتي‪ ،‬وبما‬
‫ً ً‬
‫يستحقه الرب؛ حيث قال‪( :‬إن لي كالما كثيرا أريد أن أقوله‪ ،‬ولكنكم ال تستطيعون حمله‪ ،‬ولكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى‬
‫جميع الحق؛ ألنه ليس ينطق من عنده‪ ،‬بل يتكلم بما يسمع‪ ،‬ويخبركم بما يأتي‪ ،‬ويعرفكم جميع ما لألب)‪ ،‬وهذه الصفات ال تنطبق إال على‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وذلك أن اإلخبار عن الله بما هو متصف به من الصفات‪ ،‬وعن مالئكته‪ ،‬وعن ملكوته‪ ،‬وعن ما أعده الله في‬
‫الجنة ألوليائه‪ ،‬وفي النار ألعدائه‪ ،‬أمر ال يحتمل عقول كثير من الناس معرفته على التفصيل"‪( ,‬الجواب الصحيح‪ ,052 ,050/9 :‬والبن‬
‫ً ً‬
‫تيمية ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪ -‬كالما مهما حول هذا النص؛ حيث استوفى أوجه االستدالل‪.)217 ,057/9 :‬‬
‫(‪ )6‬الفصل‪.56/6 :‬‬

‫‪553‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫الخاتمة وأهم نتائج البحث‪:‬‬

‫ـ موضوع دالئل النبوة من أهم الموضوعات في العقيدة اإلسالمية؛ فلذلك ألف فيها العلماء قديما وحديثا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كتبا مستقلة‪ ,‬وأخذ موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة حظا وافرا ونصيبا‬
‫ً‬
‫واسعا في هذه المؤلفات‪.‬‬
‫ـ أثبت القرآن الكريم البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة واألنجيل في عدد من اآليات‪.‬‬
‫ـ ذكر الباحث في هذا البحث النصوص من التوراة واإلنجيل التي أوردها العالمة ابن عاشور في سياق‬
‫النصوص من التوراة واإلنجيل التي تبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ـ يعتبر هذا البحث دراسة عن موقف العالمة ابن عاشور ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬من هذه البشارات وكيف عامل‬
‫النصوصة الدالة عليها من خالل تفسيره‪ ,‬وهي نصان من التوراة (األسفار الخمسة) وثالثة نصوص من‬
‫اإلنجيل‪.‬‬
‫ـ اقتصر الباحث على بيان أوجه االستدالل التي ذكرها ابن عاشور‪ -‬رحمه الله ‪ -‬مع التنبيه أن بعض العلماء‬
‫توسعوا في بيان هذه األوجه وتحليلها وتفسير هذه النصوص ‪.‬‬
‫ـ ال يحط من قدر العالمة ابن عاشور‪ -‬رحمه الله ‪ -‬وجاللته مناقشته في بعض المسائل‪ .‬وقد ناقش الباحث‬
‫العالمة ابن عاشور‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في مسئلتين‪ :‬تعريفه ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬لإلنجيل وموقفه من تسمية رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم باسم أحمد‪.‬‬
‫ـ تجلت عبقرية هذه الشخصية النادرة في هذا البحث من خالل سعة اطالعه على الثقافات األخرى‬
‫كالنصرانية واليهودية‪ ,‬مع دراسته العميقة للعلوم والثقافة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ ‬ابن أبي العز الحنفي‪ ,‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ,‬تحقيق‪ :‬أحمد شاكر‪ ,‬الناشر‪ :‬وزارة الشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ 6762 -‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ابن الجوزي‪ ,‬عبد الرحمن بن علي أبو الفرج‪ ,‬زاد المسير في علم التفسير‪ ,‬املحقق‪ :‬عبد الرزاق‬
‫المهدي‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي – بيروت‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى ‪6700 -‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ابن القيم‪ ,‬هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى‪ ,‬املحقق‪ :‬محمد أحمد الحاجو الناشر‪ :‬دار‬
‫القلم‪ -‬دار الشامية‪ ،‬جدة – السعودية‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪6761 ،‬هـ ‪6551 -‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن تيمية‪ ,‬الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح‪ ,‬تحقيق‪ :‬علي بـن حسـن ‪ -‬عبـد العزيـز بـن إبـراهيم‬
‫‪ -‬حم ــدان ب ــن محم ــد‪ ,‬الناش ــر‪ :‬دار العاص ــمة‪ ،‬الس ــعودية‪ ,‬الطبع ــة‪ :‬الثاني ــة‪6765 ،‬هـ ــ‪6555/‬م‪ ,‬ع ــدد‬
‫األجزاء‪.1 :‬‬
‫‪ ‬ابن جزي الكلبي‪ ,‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ,‬املحقق‪ :‬الدكتور عبد الله الخالدي‪ ,‬الناشر‪ :‬شركة دار‬
‫األرقم بن أبي األرقم – بيروت‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى ‪6761 -‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ابن حزم‪ ,‬الفصل في الملل واألهواء والنحل‪ ,‬الناشر‪ :‬مكتبة الخانجي – القاهرة‪ ,‬عدد األجزاء‪.9 :‬‬
‫‪ ‬ابن كثير‪ ,‬تفسير القرآن العظيمو املحقق‪ :‬سامي بن محمد سالمةو الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪6701‬هـ ‪ 6555 -‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫‪ ‬ابن ناصر الدين‪ ,‬توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم‪ ,‬املحقق‪ :‬محمد‬
‫نعيم العرقسوس ي‪ ,‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪6552 ،‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.61 :‬‬
‫أبو حيان األندلس ي‪ ,‬البحر املحيط في التفسير‪ ,‬املحقق‪ :‬صدقي محمد جميلو الناشر‪ :‬دار الفكر –‬ ‫‪‬‬
‫بيروت‪ ,‬الطبعة‪ 6701 :‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪.61 :‬‬
‫أبو عبد شمس الدين القرطبي‪,‬اإلعالم بما في دين النصارى من الفساد واألوهام وإظهار محاسن‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالم‪ ,‬املحقق‪ :‬د‪ .‬أحمد حجازي السقا‪ ,‬الناشر‪ :‬دار التراث العربي – القاهرة‪.‬‬
‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاريو املحقق‪ :‬محمد زهير بن ناصر الناصر‪ ,‬الناشر‪ :‬دار طوق النجاةو الطبعة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫األولى‪6700 ،‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪.5 :‬‬
‫البغوي‪ ,‬معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي‪ ,‬املحقق ‪ :‬عبد الرزاق المهدي‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار‬ ‫‪‬‬
‫إحياء التراث العربي ‪-‬بيروت‪ ,‬الطبعة ‪ :‬األولى ‪ 6701 ،‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء ‪.9:‬‬
‫‪ ‬بكر أبو زيد‪ ,‬معجم المناهي اللفظية وفوائد في األلفاظ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار العاصمة للنشر والتوزيع –‬
‫الرياضو الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 6764 ،‬هـ ‪ 6551-‬م‪.‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫الثعلبي‪ : ,‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن‪ ,‬تحقيق‪ :‬اإلمام أبي محمد بن عاشور‪ ,‬مراجعة وتدقيق‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫األستاذ نظير الساعدي‪ ,‬الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ ،6700‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 0110‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.61 :‬‬
‫الذهبي‪ ,‬تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير واألعالمو املحقق‪ :‬عمر عبد السالم التدمري‪ ,‬الناشر‪ :‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 6762 ،‬هـ ‪ 6552 -‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.90 :‬‬
‫الرازي‪ ,‬مفاتيح الغيب = التفسير الكبيرو الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيروتو الطبعة‪ :‬الثالثة‬ ‫‪‬‬
‫‪ 6701 -‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪.20 :‬‬
‫الزمخشري‪ ,‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي – بيروت‪ ,‬الطبعة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الثالثة ‪ 6714 -‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪.7 :‬‬
‫سامي عامري‪ ,‬البشارة بنبي اإلسالم في كتب اليهود والنصارى‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز التكوين‪ ,‬القاهرة‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.0106/6772‬‬
‫سامي عامري‪ ,‬العلم وحقائقه بين سالمة القرآن الكريم وأخطاء التوراة واإلنجيل‪ ,‬رواسخ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.0506/6770‬‬
‫سامي عامري‪ ,‬تحريف اإلنجيل حقيقته ومناهج دراسته ومآالته‪ ,‬تحت الطباعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬سعود بن عبد العزيز الخلف‪ ,‬دراسات في األديان اليهودية والنصرانيةو الناشر‪ :‬مكتبة أضواء‬
‫السلف‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ,‬الطبعة‪ :‬الرابعة‪6709 ،‬هـ‪0117/‬م‪.‬‬
‫‪ ‬السموأل بن يحيى بن عباس المغربي‪ ,‬بذل املجهود في إفحام اليهودو الناشر‪ :‬دار القلم ‪ -‬دمشق‪،‬‬
‫الدار الشامية – بيروت‪ ,‬قدم له وخرج نصوصه وعلق عليه‪ :‬عبد الوهاب طويلة‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫‪6761‬هـ ‪6525 -‬م‪.‬‬
‫‪ ‬صالح بن الحسين الجعفري أبو البقاء الهاشمي‪ ,‬تخجيل من حرف التوراة واإلنجيل‪ ,,‬املحقق‪:‬‬
‫محمود عبدالرحمن قدح‪ ,‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ,‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪6765 ،‬هـ‪6552/‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.0 :‬‬
‫‪ ‬الصفدي‪ ,‬الوافي بالوفياتو املحقق‪ :‬أحمد األرناؤوط وتركي مصطفى‪ ,‬الناشر‪ :‬دار إحياء التراث –‬
‫بيروت‪ ,‬عام النشر‪6701:‬هـ‪0111 -‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.05 :‬‬
‫‪ ‬القرطبي‪ ,‬الجامع ألحكام القرآن‪/‬تفسير القرطبي‪ ,‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار الكتب المصرية – القاهرة‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية‪6227 ،‬هـ ‪ 6517 -‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.01 :‬‬
‫‪ ‬الكرماني‪ ,‬غرائب التفسير وعجائب التأويل‪ ,‬دار النشر‪ :‬دار القبلة للثقافة اإلسالمية ‪ -‬جدة‪،‬‬
‫مؤسسة علوم القرآن – بيروت‪ ,‬عدد األجزاء‪.0 :‬‬

‫‪555‬‬
‫كتاب المؤتمرالدولي‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ :‬المشكالت والحلول وآفاق التطويروالتجديد‬ ‫منشورات مؤسسة منارات الفكرالدولية‬

‫‪ 72‬ـ ـ ‪ 72‬يوليو‪/‬تموز ‪ | 7272‬غرناطة ـ ـ ـ إسبانيا‬

‫‪ ‬الماوردي‪ ,‬تفسير الماوردي ـ النكت والعيون‪ ,‬املحقق‪ :‬السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت ‪ /‬لبنان‪ ,‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫‪ ‬محمد الحبيب ابن الخوجة‪ ,‬شيخ اإلسالم اإلمام األكبر محمد الطاهر ابن عاشور‪ ,‬الناشر‪ :‬الدار‬
‫العربية للكتاب‪ ,‬تونس‪.0112 ,‬‬
‫محمد الطاهر بن عاشور‪ ,‬التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من‬ ‫‪‬‬
‫تفسير الكتاب املجيد»‪ ,‬الناشر ‪ :‬الدار التونسية للنشر – تونس‪ ,‬سنة النشر‪ 6527 :‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‬
‫‪.21 :‬‬
‫محمد بن جرير الطبري‪ ,‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ,‬املحقق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ,‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬ ‫‪‬‬
‫الرسالة‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 6701 ،‬هـ ‪ 0111 -‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪.07 :‬‬
‫محمد جمال الدين القاسمي‪ ,‬محاسن التأويل‪ ,‬املحقق‪ :‬محمد باسل عيون السود‪ ,‬الناشر‪ :‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الكتب العلميه – بيروتو الطبعة‪ :‬األولى ‪ 6762 -‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪.5 :‬‬
‫محمد رحمت الله الهندي‪ ,‬إظهار الحق‪ ,‬دراسة وتحقيق وتعليق ‪ :‬الدكتور محمد أحمد محمد عبد‬ ‫‪‬‬
‫القادر خليل ملكاوي‪ ,‬الناشر ‪ :‬الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫– السعودية‪ ,‬الطبعة ‪ :‬األولى‪ 6761 ،‬هـ ‪ 6525 -‬م ‪ ,‬عدد األجزاء ‪.7 :‬‬
‫‪ ‬محمد رشيد رضا‪ ,‬تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)‪ ,‬الناشر‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪,‬‬
‫سنة النشر‪ 6551 :‬م‪ ,‬عدد األجزاء‪ 60 :‬جزءا‪.‬‬
‫‪ ‬مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬املحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقيو الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪،‬‬
‫عدد األجزاء‪.9 :‬‬
‫‪ ‬المناوي‪ ,‬فيض القدير شرح الجامع الصغيرو الناشر‪ :‬المكتبة التجارية الكبرى – مصر‪,‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ ,6291 ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫‪ ‬نجم الدين الطوفي‪ ,‬االنتصارات اإلسالمية في كشف شبه النصرانية‪ ,‬املحقق‪ :‬سالم بن محمد‬
‫القرني‪ ,‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان – الرياض‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪6765 ،‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪.0 :‬‬
‫‪-W. Montgomery Wat, His name is Ahme, Muslim Word, Volume 43, Issue 2, April 1953, pp.‬‬
‫‪110-117‬‬
‫‪-Jewish Encyclopedia, V:1 P:38; Abbas, Samuel Abu Nasr‬‬
‫الرابط‪:‬‬
‫)‪EC1CC38Z.jpg (655×1034) (d2b4hhdj1xs9hu.cloudfront.net‬‬

‫‪559‬‬

You might also like