You are on page 1of 21

‫قد ابن خلدون للفلسفة‬

‫إعداد ‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عبد األمير األعسم‪                     ‬‬

‫أستاذ تاريخ الفلسفة و المنطق في جامعة عدن‬

‫و الدكتورة فائزة تومان الشمري األعسم‬

‫أستاذ زائر في قسم الفلسفة ‪ /‬كلية اآلداب ‪ /‬جامعة‪  ‬عدن‪  ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪                    ‬إن البحث في ابن خلدون على نحو جديد ليس بالمهمة اليسيرة‪ ،‬ألن اإلسهام في تحديثه ال‬
‫يحقّق قراءة صحيحة خالية من الوقوع‪ 3‬في التكرار و إعادة األقوال و األحكام التي سبق لباحثين متميزين‬
‫أن ساقوها‪ 3‬في دراساتهم و أبحاثهم عن ابن خلدون ‪ :‬سيرته‪ ،‬وفكره العام و الخاص‪ ،‬في علم االجتماع و‬
‫علم العمران و فلسفة التاريخ و فلسفة الحضارة و علم السياسة ‪ ،‬وغيرها في الجغرافية و البيئة و الثقافة‬
‫والعلوم‪ 3‬المتصلة باإلنسان‪ .]1[  ‬لكننا هنا‪ ،‬نحن معنيان تمام العناية بمسألة هي من جهة كونها تمثل جوهر‬
‫موقف‪ 3‬ابن خلدون من الفلسفة‪ ،‬فذلك موضوع‪ 3‬مهم للغاية‪ ،‬لم يتضح في قراءات المعنيين بفكر ابن خلدون‪،‬‬
‫على الرغم من محاوالت بعض الباحثين إقحام األيدولوجيا من جهة [‪ ]2‬أو إقحام‪ 3‬الفلسفة [‪ ]3‬عليه و على‬
‫المقدمة‪ ،‬بل إن بعضهم‪ 3‬أقحم المنطق [‪ ]4‬في قراءات ابن خلدون بحسبانه واحدا من المنطقيين العرب[‬
‫‪  .]5‬و تبعا لذلك نحن بحاجة شديدة إلى إعادة تقويم موقفه من الفالسفة‪ ،‬و العلوم المتصلة بها في‬
‫الموروث‪ 3‬الفلسفي العربي و الوافد‪ 3‬اليوناني الذي تغلغل في الفلسفة العربية في اإلسالم حتى وصل إلى ابن‬
‫خلدون‪]6[.‬‬

‫‪      ‬ومن الضروري‪ 3‬أن نتساءل منذ البداية‪ :‬كيف قرأ ابن خلدون الفلسفة ؟ و كيف تسنى له اإلطالع على‬
‫أقوال الفالسفة اليونانيين ( مثال إشاراته ألرسطو )[‪ ، ]7‬أو الفالسفة المسلمين ( مثال إشاراته إلى أبي‬
‫نصر الفارابي وأبي علي بن سينا )‪   ]8[.‬وليس في مقدورنا امتحان معرفة ابن خلدون لندرك على نحو‬
‫صحيح‪ ،‬أ كان فعال يعرف فلسفة أرسطو‪ 3‬والفارابي و ابن سينا من كتبهم‪ ،‬أم تراه كان قد قرأها في كتاب‬
‫محدد أوجز فلسفات هؤالء على نحو مكرّس ‪ ،‬كما فعل أبو حامد الغ ّزالي في كتابه الشهير‪ "  ‬مقاصد‬
‫الفالسفة " [‪ ]9‬الذي يمثل مسار الفلسفة المشائية بعرض دقيق‪ 3‬موضوعي و بحياد فلسفي قصد منه‬
‫الغ ّزالي أن يجعله مقدمة ضرورية للرد على الفالسفة في كتابه اآلخر " تهافت الفالسفة " [‪ .]10‬و ليس‬
‫من قبيل المصادفة أن يأتي كالم ابن خلدون في مقدمته عن الفلسفة و المنطق في سياق الغ ّزالي الذي كان‬
‫واضح العبارة في الكتابين المذكورين على نحو يندر أن نجده في تاريخ الفلسفة العربية في كتب‬
‫مختصرات‪ 3‬الفلسفة و الردود‪ 3‬عليها [‪ .]11‬و كان ابن خلدون ال يشير إلي الكتابين صراحة(؟)‪  ،‬فكانت‬
‫مناقضاته للفلسفة و الرد على الفالسفة في الفصل الذي خصصّه ( في إبطال الفلسفة و فساد منتحلها )‪[  ‬‬
‫‪]12‬على نحو أقل شأنا ![‪ ]13‬من عمل الغ ّزالي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪       ‬و نحن هنا في هذا البحث سنكشف‪ 3‬الغطاء عن تلبيس بعض الباحثين بالدعوة إلى اعتبار ابن خلدون‬
‫فيلسوفا‪  ،‬أوال و بالذات‪ ،‬مع االعتراف بأنّه " اقتفى في معظم هذه المسائل أثر الغ ّزالي‪ ،‬فانّه كان ذا نظرة‬
‫فلسفية إلى الكون و اإلنسان تكاد تكون خاصة به‪ .‬وعلى أساس هذه النظرة شيّد فلسفته السياسية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وعلى األصح نظرته الفلسفية إلى تاريخ اإلسالم "[‪ ,]14‬أما من جهة أنه كان انقلب على‬
‫الفلسفة التي بدأ بها في حياته العقلية[‪ ،]15‬فهذا أمر آخر يحتاج منّا إلى تدقيق ألنه ليس من الصحيح أن‬
‫نستخرج أقواال متناثرة مقتضبة البن خلدون ‪ ،‬مع تقرير أنه‪ ،‬على الرغم من ابتعاده عن الدرس الفلسفي‬
‫بعد اعتزاله العمل السياسي‪ ،‬يتح ّمس بعض الباحثين لع ّده فيلسوفا محترفا‪ 3‬و من الفالسفة فعال [‪    ،]16‬و‬
‫لكننا مقتنعان تمام القناعة بمخالفة هذا الرأي ‪ ،‬لألسف‪ ،‬فال نراه كذلك‪!.‬‬

‫‪ ‬خلفية ابن خلدون التاريخية‪:‬‬

‫‪       ‬كتب ابن خلدون مقدمته[‪ ]17‬سنة ‪ ،   1378 / 779‬وقد‪ 3‬بلغ من العمر سبعا و أربعين سنة ‪ ،‬فجاءت‬
‫بال ريب ممثلة لما عاناه عصره الذي كان موصوفا‪ 3‬بالتشرذم‪ 3‬السياسي في المغرب ‪ ،‬بعد أن سقطت بغداد‬
‫على أيدي المغول سنة‪  ، ]18[ 1258 /  656   ‬فقد مرّت أربع و سبعون سنة على ضياع‪  ‬الدولة العربية‬
‫في المشرق ‪ ،‬إال مصر ‪ ،‬فكان ذلك إيذانا بتشرذم المغرب ‪ ،‬أيضا ‪ ،‬حتى سقوط غرناطة سنة ‪[1492‬‬
‫‪ ، ]19‬وكان ذلك بعد وفاة ابن خلدون بست و ثمانين سنة فقد ضاعت األندلس‪  ‬في المغرب األقصى‪  ‬بعد‬
‫حروب االسترداد‪ . 3‬من هنا كان القرنان ‪ 14‬و ‪ 15‬يمثالن عصر تراجع و انحطاط‪  3‬ومن‪  ‬أصعب القرون‬
‫في التاريخ‪  ‬إزاء القوى المتصاعدة الجديدة في أوروبا‪ ، 3‬ففي وقت‪  ‬بدأت تتفكك‪  ‬حضارة المجتمعات‬
‫العربية مشرقا و مغربا[‪ ،]20‬كانت أوروبا‪ 3‬تتصعد فيها الحضارة الجديدة ‪ ،‬و يكفي أن نرصد هنا حالتين‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪.1 ‬كان ابن خلدون‪  ‬قد ولد‪ 1332  ‬في‪  ‬تونس‪ ،  ‬بعد‪  ‬وفاة‪  ‬ابن رشد في مراكش بمائة و أربع وثالثين سنة‬
‫‪ .‬و المدهش أننا نالحظ هنا أنّه كما لم ينفع دفاع‪ 3‬محمود قاسم عن ابن رشد‪  ‬في تقويم شخصيته العربية عند‬
‫الباحثين العرب المحدثين‪   ‬بعد قراءة ارنست رينان‪   E.Renan  ‬للرشدية العبرية‪ -‬الالتينية‪ ،   ‬لم ينفع‬
‫أيضا دفاع محمد عابد الجابري عن ابن خلدون‪  ‬في تقويم شخصيته العربية في القراءات العربية و الغربية‬
‫على حد سواء منذ عهد البارون دي سالن‬

‫‪ .2 ‬وكان بعد وفاة ابن خلدون في القاهرة سنة ‪ ، ]21[1406‬بمائة وست وثالثين سنة‪  ،‬ظهور ميكافيللي‪3‬‬
‫‪ Macchiavelli‬الذي ولد سنة ‪ 1468‬في إيطاليا[‪ .]22‬فكان ذلك إيذانا بغياب ابن خلدون من ساحة‬
‫الثقافة األوروبية التي استأثرت بآراء ميكافيللي‪ 3‬على نحو يحتاج إلى تفسير دقيق لمثل هذا الموقف‬
‫التعصبي‪ 3‬بالضد من قبول‪ 3‬صورة ابن خلدون‪ ،‬و إال فالجهل األوروبي‪  ‬به و بمقدمته ‪ ،‬هو الذي أ ّخر معرفة‬
‫األوربيين بابن خلدون إلى مطلع الثلث األول من القرن العشرين [‪ ]23‬على الرغم من انتشار قراءة‬
‫المقدمة بالعربية منذ ‪ ]24[،1858‬و قراءتها بالفرنسية ابتداء من سنة‪]25[.1868    ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪      ‬و بناء على ما تق ّدم ‪ ،‬نالحظ أن االختالف في قراءة‪  ‬سيرة ابن خلدون الذاتية[‪ ، ]26‬التي كتبها‬
‫بنفسه ‪ ،‬أو السير التاريخية المختلفة التي كتبها مؤرخوه‪  ‬أو الباحثون المحدثون من المستشرقين‪   ‬و‬
‫العرب[‪ . ]27‬وستتوالى‪ 3‬الكتب و األبحاث و الدراسات عن ابن خلدون بعد المؤتمر الدولي عن ابن‪  ‬‬
‫خلدون في الجزائر ‪ ،1978‬لكن‪ ،‬ليست ا لمتابعة الببليوغرافية هنا من مشاغلنا في هذا البحث‪]28[.‬‬

‫‪           ‬نحن في هذه المالحظات األولية نؤكد ثالثة مسائل ‪:‬‬

‫‪          ‬األولى‪ :‬أن ابن خلدون‪  ‬استطاع‪ 3‬أن يكتب المقدمة على نحو ال نظير له في دراسة العمران‪ ،‬كما‬
‫س ّمى جهده المبذول في قراءة التاريخ البشري ‪.‬‬

‫‪          ‬الثانية‪ :‬أن ابن خلدون ق ّدم لنا تفسيرات فلسفية في إعادته تحليل المجتمع البشري في ضوء‬
‫الحضارة ‪ :‬نشوئها ‪ ،‬و نموها‪ ،‬و ازدهارها‪ ،‬ثم انحاللها‪ ،‬و سقوطها‪ ،‬و اندثارها‪ .‬‬
‫‪         ‬الثالثة‪ :‬لم يكن ابن خلدون في تفسيراته ‪ ،‬و ال من جهة تأويالته أحيانا‪ ،‬يمكن أن يدخل ميدان‬
‫الفلسفة احترافا ‪ ،‬بل استفاد منها في تشكيل تصورات تنظّم قوانين األنسنة ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪       ‬ولغرض البحث في هذه المسائل من جهة تناولها‪ 3‬عند ابن خلدون‪ ،‬سنقوم‪ ، 3‬اآلن ‪ ،‬بعرض النص‬
‫الخلدوني‪ 3‬في الفصل الرابع و العشرين " في إبطال الفلسفة و فساد منتحلها "[‪ ]29‬لنقيم عليه حججنا في‬
‫أصول موقف‪ 3‬ابن خلدون من الفلسفة ‪ ،‬و مديات اتصاله بالفلسفة التي وصلت إليه من المشرق ‪ ،‬و ما اطلع‬
‫عليه منها في المغرب‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫عرض ابن خلدون للفلسفة‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪    ‬يقول ابن خلدون في المقدمة ‪[     ]30[ :‬ص ‪] 514‬‬

‫‪   .1‬هذا الفصل‪  ‬و ما بعده[‪ ]31‬مهم ألن هذه العلوم عارضة في العمران كثيرة في المدن ‪ ،‬وضررها في‬
‫ق فيها‪ .‬و ذلك أن قوما من عقالء النوع‬ ‫الدين كثير ‪ ،‬فوجب أن ِيَََُُِ‪3‬صدع‪ 3‬بشأنها ‪ ،‬و يُكشف عن المعتقد الح ّ‬
‫أن الوجود كله ‪ ،‬الحسّي منه وما وراء الحسّي ‪ ،‬تُدرك أدواته و أحواله بأسبابها‪ 3‬و عللها‬ ‫اإلنساني‪ 3‬زعموا ّ‬
‫باألنظار‪ 3‬الفكرية و األقيسة العقلية ‪ .‬و أن تصحيح العقائد اإليمانية من قبل النظر ال من جهة السمع‪ ،‬فإنها‬
‫بعض من مدارك العقل‪ .‬و هؤالء يُسمون فالسفة ‪ ،‬جمع فيلسوف‪ 3‬و هو باللسان اليوناني[‪ ]32‬محب‬
‫الحكمة[‪ .]33‬فبحثوا‪ 3‬عن ذلك‪ ،‬و ش ّمروا‪  ‬له‪ ،‬وحوّموا على إصابة الغرض‪  ‬منه ‪ ،‬ووضعوا‪  ‬قانونا‪ 3‬يهتدي‬
‫به العقل في نظره إلى التمييز‪ 3‬بين الحق و الباطل و س ّموه بالمنطق[‪.]34‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ....]35[   .2 ‬إن التصور‪ 3‬التام عندهم هو غاية الطلب اإلدراكي ‪ ،‬وإنما ّ [ص ‪]515‬ا التصديق‪  ‬وسيلة‬
‫له ‪ .‬و ما تسمعه في كتب المنطقيين[‪ ]36‬من تق ّدم التصور و توقّف التصديق‪ 3‬عليه فبمعنى‪ 3‬الشعور ال‬
‫بمعنى العلم التام‪ .‬و هذا هو مذهب كبيرهم أرسطو[‪.  ]37‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ...]38[   .3‬ثم يزعمون أن السعادة في إدراك الموجودات كلها ‪ ،‬ما في الحس و ما وراء الحس ‪ ،‬بهذا‬
‫النظر وتلك البراهين ‪....‬و إمام هذه المذاهب الذي حصّل مسائلها و دوّن علمها وسطّر‪ 3‬حججها‪ ،‬فيما بلغنا‬
‫في هذه األحقاب ‪ ،‬هو أرسطو‪ 3‬المقدوني‪  ‬من أهل مقدونيا‪ 3‬من بالد الروم ‪ ،‬من تالميذ أفالطون‪ ،‬و هو معلم‬
‫اإلسكندر‪ 3‬و يس ّمونه المعلم األول على اإلطالق ‪ ،‬يعنون معلّم صناعة المنطق[‪ ، ]39‬إذ لم تكن‪  ‬قبله ّ‬
‫مهذبة‬
‫‪ ،‬و هو أول من رتّب قانونها و استوفى‪ 3‬مسائلها و أحسن بسطها‪ 3.‬ولقد أحسن في ذلك القانون ما شاء لو‬
‫تكفّل له بقصدهم في اااللهيات ثم كان من بعده في اإلسالم من أخذ‪   ‬بتلك المذاهب واتبع فيها رأيه حذو‬
‫أن ُكتب أولئك المتقدمين ل ّما ترجمها الخلفاء من بني العباس من اللسان‬
‫النعل بالنعل إال في القليل‪ ،‬و ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اليوناني‪ 3‬إلى اللسان العربي‪ ،  ‬تصفحها كثير من أهل الملة ‪ ،‬و أخذ من مذاهبهم‪َ 3‬من أضله هللا من منتحلي‬
‫العلوم‪ ،  ‬وجادلوا‪ 3‬عنها و اختلفوا في مسائل من [‪ . ]40‬تفاريعها‪ . 3‬و كان من أشهرهم أبو نصر الفارابي[‬
‫‪ ]41‬في المائة الرابعة لعهد سيف الدولة‪ ،‬و أبوعلي بن سينا[‪   ]42‬في المائة الخامسة لعهد نظام [ ص‬
‫‪  ]516‬ال ُملك من بني بويه بأصبهان وغيرهما‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫> ‪< 1 ‬‬

‫و اعلم ّ‬
‫أن هذا الرأي ‪  ،‬الذي ذهبوا إليه ‪ ،‬باطل بجميع وجوهه‬

‫‪ ‬‬

‫> ‪   <2‬‬

‫أما إسنادهم الموجودات كلها إلى العقل األول و اكتفاؤهم به في الترقي إلى الواجب ‪ ،‬فهو قصور‪ 3‬عما‬
‫وراء ذلك من رُتب ِخِلٍِ•‪3‬ق هللا ‪ .‬فالوجود أوسع نطاقا من ذلك ( و يخلق ما ال تعلمون ) ‪ ،‬و كأنهم‪  ‬في‬
‫اقتصارهم على إثبات العقل فقط و الغفلة عما وراءه بمثابة الطبيعيين المقتصرين على إثبات األجسام‪،‬‬
‫خاصة المعرضين عن النقل و العقل ‪ ،‬المعتقدين أنّه ليس وراء الجسم في حكمة هللا شيء‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫>‪<3‬‬

‫أما البراهين التي يزعمونها‪ 3‬على مدعياتهم في الموجودات ‪ ،‬و يعرضونه على معيار‪ 3‬المنطق و قانونه ‪،‬‬
‫فهي قاصرة و غير وافية بالغرض‪.‬‬

‫أما‪  ‬ما كان منها في الموجودات الجسمانية ن و يسمونه العلم الطبيعي ن فوجه قصوره أن المطابقة بين‬
‫تلك النتائج الذهنية التي تُستخرج‪ 3‬بالحدود و األقيسة كما في زعمهم‪ ،‬وبين ما في الخارج غير يقيني ألن‬
‫تلك أحكام ذهنية كلية عامة‪.‬و الموجودات‪ 3‬الخارجية متش ّخصة بموادها‪ ،‬ولعل في المواد ما يمنع مطابقة‬
‫الذهني الكلي للخارجي الشخصي ‪،‬اللهم إال ما ال يشهد له الحس من ذلك فدليله شهوده ‪ ،‬ال تلك البراهين ‪.‬‬

‫‪ ‬فأين اليقين الذي يجدونه فيها ‪ ،‬وربما‪ 3‬يكون تص ّرف‪ 3‬الذهن أيضا في المعقوالت األول المطابقة‬
‫للشخصيات بالصور الخيالية ال في المعقوالت الثواني التي تجريدها في الرتبة الثانية ‪ ،‬فيكون الحكم حينئذ‬
‫يقينيا بمثابة المحسوسات‪ ،‬إذ المعقوالت األول أقرب إلى مطابقة الخارج لكمال االنطباق‪ 3‬فيها ‪ ،‬فنسلّم‪ 3‬لهم‬
‫حينئذ دعاويهم في ذلك‪ .‬إال أنه ينبغي لنا اإلعراض عن النظر فيها إذ هو من ترك المسلم لما ال يعنيه‪.‬‬

‫‪ ‬فان مسائل الطبيعيات ال تهمنا في ديننا و ال معاشنا ‪ ،‬فوجب علينا تركها[‪.]43‬‬

‫‪ ‬‬

‫>‪<4‬‬

‫و أما ما كان منها في الموجودات التي وراء الحس ‪ ،‬وهي الروحانيات‪ ، 3‬ويس ّمونه العلم اإللهي و علم ما‬
‫بعد الطبيعة [‪ّ ، ]44‬‬
‫فان ذواتها‪ 3‬مجهولة رأسا و ال يمكن التوصّل إليها‪  ‬وال البرهان عليها[‪ ، ]45‬ألن‬
‫تجريد المعقوالت من الموجودات الخارجية الشخصية إنما هو ممكن فيما هو ُمدرك لنا‪ ،‬ونحن ال ندرك‬
‫الذوات الروحانية حتى نجرّد منها ماهيات أخرى بحجاب الحس‪  ‬بيننا و بينها ‪ ،‬فال يتأتى لنا برهان عليها‬
‫ُُُ‬
‫و ال ُُُمدرك لنا في إثبات وجودها على الجملة‪  ‬إال ما نجده بين جنبينا من أمر النفس اإلنسانية‪  ‬و أحوال‬
‫مداركها‪ 3‬و خصوصا‪ 3‬في الرؤيا التي‪  ‬هي وجدانية لكل أحد و ما وراء ذلك من حقيقتها و صفاتها [ ص‬
‫‪ ] 517‬فأمر غامض ال سبيل إلى الوقوف‪ 3‬عليه ‪.‬وقد صرّح بذلك محققوهم حيث ذهبوا إلى أن ما ال مادة له‬
‫ال يمكن البرهان عليه‪  ،‬ألن مقدمات البرهان من شرطها أن تكون ذاتية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫>‪< 5  ‬‬

‫و قال كبيرهم‪ 3‬أفالطون‪ :‬إن اإللهيات ال يُوصل فيها إلى أينين‪ ،‬و إنما يُقال فيها باألخلق و األولى ‪ ،‬يعني‬
‫الظن‪.‬‬

‫‪ ‬و إذا كنّا إنما‪  ‬نحصُل بعد التعب و النصب على الظن‪  ‬فقط ‪ ،‬فيكفينا الظن الذي كان أوال ‪ ،‬فأ ّ‬
‫ي‪  ‬فائدة لهذه‬
‫العلوم و االشتغال بها ‪ ،‬و نحن إنما عنايتنا بتحصيل اليقين فيما وراء الحس من الموجودات‪ .‬و هذه هي‬
‫غاية‪  ‬األفكار اإلنسانية عندهم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫>‪  < 6  ‬‬

‫عن السعادة في إدراك الموجودات على ما هي عليه بتلك البراهين ‪ ،‬فقول مزيف‪ 3‬مردود ‪ ،‬و‬ ‫و أما قولهم‪ّ  3‬‬
‫أن اإلنسان مركب من جزأين ‪ ،‬أحدهما جسماني ‪ ،‬و اآلخر روحاني‪ 3‬ممتزج به‪ ،‬و لكل واحد من‬ ‫تفسيره ّ‬
‫الجزأين‪  ‬مدارك مختصة به ‪ ،‬و ال ُمدرك فيهما واحد وهو الجزء الروحاني يُدرك تارة مدارك روحانية و‬
‫تارة مجارك جسمانية ‪ ،‬إال ّ‬
‫أن المدارك الروحانية‪  ‬يُدركها بذاته بغير واسطة ‪ ،‬و المدارك الجسمانية‬
‫بواسطة آالت الجسم من الدماغ و الحواس ‪ ،‬وكل مدرك فله ابتهاج بما يدركه ‪...‬فال شك أن االبتهاج‬
‫باإلدراك‪ 3‬الذي للنفس من ذاتها بغير واسطة يكون أشد و ّ‬
‫ألذ ‪ ،‬فالنفس الروحانية إذا شعرت بإدراكها‪ 3‬الذي‬
‫لها من ذاتها بغير واسطة حصل لها ابتهاج و ّ‬
‫لذة ال يُعبر عنهما‪ .‬و هذا اإلدراك ال يحصل بنظر‪ 3‬و ال علم ‪،‬‬
‫و إنما يحصل بكشف حجاب الحس ونسيان المدارك الجسمانية بالجملة‪.‬‬

‫‪  ‬والمتصوفة كثيرا ما يُعنون بحصول هذا اإلدراك للنفس بحصول‪ 3‬هذه البهجة ‪....‬‬

‫و هذا الرأي‪  ‬زعموه بتقدير صحته مسلّم لهم ‪ ،‬و هو مع ذلك غير واف بمقصودهم‪3.‬‬

‫‪ ‬‬

‫>‪<7‬‬

‫فأ ّما قولهم‪ّ 3‬‬


‫إن البراهين و األدلة العقلية ُمحصّلة لهذا النوع من اإلدراك و االبتهاج عنه‪ ،‬فباطل كما رأيته‪.‬‬
‫إذ البراهين و األدلة من جملة المدارك الجسمانية ألنّها بالقوى الدماغية من الخيال و الفكر و الذكر‪.‬‬

‫إن أول شيء نُعنى به في تحصيل هذا اإلدراك إماتة هذه القوى الدماغية كلها‪ ،‬ألنها منازعة‬
‫و نحن نقول ‪ّ :‬‬
‫له ‪ ،‬قادحة فيه‪.‬‬

‫>‪< 8  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫و تجد الماهر منهم‪  ‬عاكفا [ ‪] 518‬على كتاب الشفاء ‪ ،‬و اإلشارات ‪ ،‬و النجاة[‪  ]46‬و تالخيص ابن رشد‬
‫[‪ ،]47‬للقصّ من تأليف أرسطو‪  3‬وغيره [‪ ، ]48‬يبعثر أوراقها‪ 3‬و يتوثّق‪ 3‬من براهينها‪ ،‬و يلتمس هذا القسط‬
‫من السعادة‪  ‬فيها و ال يعلم أنّه يستكثر‪ 3‬بذلك من الموانع عنها ‪ ،‬و مستندهم‪ 3‬في ذلك ما ينقلونه عن أرسطو ‪،‬‬
‫أن من حصل له إدراك العقل الفعّال و اتصل به في حياته‪ ،‬فقد حصّل حظّه من هذه‬ ‫والفارابي‪ ، 3‬و ابن سينا ّ‬
‫السعادة‪.‬‬

‫‪  ‬و العقل الفعّال [‪ ،]49‬عندهم ‪ ،‬عبارة عن أول رتبة ينكشف عنها الحس من رتب الروحانيات ‪ ،‬و‬
‫يحملون االتصال بالعقل الفعّال على اإلدراك العلمي ‪ .‬وقد رأيت فساده ‪ .‬و إنما يعني أرسطو[‪  ]50‬و‬
‫أصحابه بذلك االتصال و اإلدراك‪ ،‬إدراك النفس الذي لها من ذاتها و بغير واسطة و هو ال يحصل إال‬
‫بكشف حجاب الحس‪.‬‬

‫‪< 9 >  ‬‬

‫إن البهجة الناشئة عن هذا اإلدراك هي عين السعادة الموعود بها ‪ ،‬فباطل أيضا‪ ،‬ألنّا إنما تبيّن‬ ‫أما قولهم ‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫أن وراء الحس ُمدركا آخر للنفس من غير واسطة‪ ،‬و أنها تبتهج بإدراكها ذلك ابتهاجا‬ ‫لنا بما قرروه‪ّ  ‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫شديدا‪ ،‬و ذلك ال يُعيّن لنا أنه عين السعادة األخروية ‪ ،‬و ال ب ّد‪  ‬بل هي من جملة المالذ التي لتلك السعادة‪.‬‬

‫> ‪<10‬‬

‫إن السعادة في إدراك هذه الموجودات على ما هي عليه‪ ،‬فقول باطل مبن ّي على ما كنّا ق ّدمناه‬
‫‪ ‬أما قولهم ‪ّ :‬‬
‫في أصل التوحيد من األوهام و األغالط في أن الوجود عند كل ُمدرك منحصر‪ 3‬في مداركه ‪ .‬و بيّنا فساد‪3‬‬
‫إن الوجود أوسع من أن [‪  ]51‬يُحاط به أو يُستوفى إدراكه بجملته روحانيا‪ 3‬أو جسمانيا ‪ ،‬و الذي‬ ‫ذلك‪ .‬و ّ‬
‫أن الجزء الروحاني إذا‪  ‬فارق القوى الجسمانية أدرك إدراكا ذاتيا‬ ‫يحصل من جميع ما قررناه من مذاهبهم ّ‬
‫له مختصا بصنف من المدارك ‪ ،‬وهي الموجودات التي أحاط بها علمنا‪  ‬وليس بعام اإلدراك في‬
‫الموجودات‪ 3‬كلها إذ لم تنحصر ‪ ،‬و أنّه يبتهج بذلك النحو من اإلدراك ابتهاجا كما يبتهج الصبي بمداركه‬
‫الحسية في أول نشوئه[‪ .  ]52‬و من لنا بعد ذلك بادراك جميع المجودات [‪ ، ]53‬أو بحصول السعادة التي‬
‫وعدنا بها الشارع‪ 3‬إن لم نعمل لها هيهات هيهات لما توعدون‪.‬‬

‫‪<11 > ‬‬

‫أما قولهم إن اإلنسان مستقل بتهذيب نفسه و إصالحها‪ 3‬بمالبسة المحمود من ال ُخلق و مجانبة المذموم‪ ،‬فأمر‪3‬‬
‫أن ابتهاج للنفس بأما قولهم إن اإلنسان مستقل بتهذيب نفسه و إصالحها بمالبسة المحمود من‬ ‫مبن ّي على ّ‬
‫أن ابتهاج النفس [‪ ]54‬بإدراكها الذي لها من ذاتها هو عين‬ ‫ال ُخلق و مجانبة المذموم‪ ،‬فأمر مبن ّي على ّ‬
‫ألن الرذائل عائقة للنفس عن تمام إدراكها‪ 3‬ذلك بما يحصل لها من الملكات‬‫السعادة الموعود بها ‪ّ ،‬‬
‫الجسمانية و ألوانها‪ .‬و قد بيّنا أن أثر السعادة و الشقاوة من وراء اإلدراكات الجسمانية و الروحانية‪[ .‬‬
‫‪ ] 519‬فهذا التهذيب الذي توصّلوا‪ 3‬إلى معرفته إنما نفعه في البهجة الناشئة عن اإلدراك الروحاني فقط‬
‫الذي على مقاييس و قوانين‪ .‬و أما ما وراء ذلك من السعادة و التي بها الشارع على امتثال ما أمر به من‬
‫األعمال و األخالق ‪ ،‬فأم ٌ‪3‬ر ال تحيط[‪   ]55‬به مدارك المدركين‪ .‬و قد تنبّه لذلك زعيمهم أبو علي بن [‪]56‬‬
‫سينا ‪ ،‬فقال في كتاب المبدأ المعاد [‪ ، ]57‬ما معناه ّ‬
‫إن المعاد الروحاني و أحواله هو ما يتوصّل‪  ‬إليه‬
‫بالبراهين العقلية و المقاييس ‪ ،‬ألنّه على نسبة طبيعية محفوظة و وتيرة واحدة ‪ ،‬فلنا في البراهين عليه‬
‫سعة‪  .‬و أما المعاد الجسماني و أحواله فال يمكن إدراكه بالبرهان ألنّه ليس على نسبة واحدة‪ ،  ‬و قد‬
‫بسطته لنا الشريعة الحقّة المحمدية‪ ،‬فلينظر‪ 3‬فيها ‪ ،‬و ليرجع في أحواله إليها ‪ .‬فهذا العلم ‪ ،‬كما رأيته غير‬
‫واف بمقاصدهم‪ 3‬التي حوّموا عليها مع ما فيه من مخالفة الشرائع و ظواهرها‪ ،‬وليس له فيما علمنا إال ثمرة‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫واحدة و هي شحذ الذهن في ترتيبا ألدلة و الحجج لتحصيل‪  ‬ملكة الجودة و الصواب في البراهين ‪ ،‬و ذلك‬
‫ّ‬
‫أن نظم المقاييس و تركيبها على وجه اإلحكام و اإلتقان هو كما شرط المنطقية‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫> ‪< 12‬‬

‫و قولهم بذلك في علومهم الطبيعية ‪ ،‬و هم كثيرا ما يستعملونها‪ 3‬في علومهم الحكمية[‪ ]58‬من الطبيعيات و‬
‫التعاليم‪ ،‬و ما بعدها‪ ،‬فيستولي الناظر فيها بكثرة استعمال البراهين بشروطها على ملكة اإلتقان و الصواب‬
‫في الحجج و االستدالالت ألنها ‪ ،‬و إن كانت غير وافية بمقصودهم‪ 3،‬فهي أصح ما علمناه من قوانين‬
‫األنظار‪3.‬‬

‫‪ ‬هذه ثمرة هذه الصناعة مع اإلطالع على مذاهب أهل العلم و آرائهم ‪ ،‬و مضارّها‪ 3‬ما علمت[‪ . ]59‬فليكن‪ ‬‬
‫الناظر فيها متحرّزا‪ 3‬جهده من معاطبها ‪ ،‬وليكن نظر من ينظر فيها بعد االمتالء من الشرعيات و اإلطالع‬
‫على التفسير و الفقه و ال‪  ‬ين ّكب ّّن [‪  ]60‬أحد عليها و هو خلو من علوم الملّة ‪ ،‬فق ّل أن يسلم لذلك من‬
‫معاطبها‪........ 3.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬في أن‪  ‬نقد ابن خلدون للفلسفة يخلو من المنهجية‪ :‬‬

‫‪   ‬نحن ‪ ،‬هنا‪ ،‬بال شك أما جملة من المعضالت المرجعية في قراءة ابن خلدون للفلسفة ‪ ،‬و منها ‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫كيف يمكننا أن نقبل هذا التعميم في األحكام العامة غير الموثّقة عن كل ما ينقله ابن خلدون عن الفالسفة ‪،‬‬
‫يونانيين و مسلمين ‪ ،‬و إلى أي مدى يمكننا أن نضعه في مرتبة الفالسفة من الصف األول الذين انتقدهم‬
‫انتقادا الذعا كأفالطون و أرسطوطاليس و الفارابي و ابن سينا‪  ‬و ابن رشد ‪ ،‬و على نحو يخالف الطريقة‬
‫التي يتمسك بها‪  ‬الفالسفة الذين هم أدنى مرتبة من التمسك بهؤالء‪  ‬الكبار من قبل فالسفة أدنى شأنا في‬
‫الصف الثاني [‪ ]61‬أو الصف الثالث[‪  ]62‬؟‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬إن تصنيف العلوم الذي اتبعه ابن خلدون‪  ‬يظهره‪  ‬مخالفا لمنهج الفارابي في كتاب إحصاء العلوم [‪،]63‬أو‬
‫الخوارزمي الكاتب في كتاب مفاتيح العلوم [‪ ، ]64‬و كأنّه أراد أن يغيّر في خارطة التقسيمات التي ورثها‬
‫اإلسالميون من جهة أن العلوم هي تلك التي وردت في األعمال الكاملة ألرسطوطاليس ‪،‬أو استحدثوها‪ 3‬في‬
‫تطورهم المعرفي‪ 3‬فصارت مخصصة للعربية ‪ ،‬أما الموروثة فهي األعجمية‪ ]65[.‬إذا أخذنا بالمبادئ‪3‬‬
‫األولى لتأسيسات فكر‪ 3‬ابن خلدون في العمران ‪ ،‬يمكننا أن نفهم لماذا يحاول دائما أن يعالج القضايا‬
‫الطبيعية المادية على حساب الرصيد الواسع القضايا اإلنسانية ‪ ،‬فكأنه‪  ‬يقترب إلى التفسير المادي لألشياء‬
‫على الرغم من أنّه يلجأ إلى التفسير الروحي عندما يتعرض للفالسفة من جهة أنّه يتعامل مع الواقع و ليس‬
‫مع ما هو خارج الواقع أو منفصل عنه طالما أنّه ال يتناول قضايا الدين أوال و بالذات‪]66[.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪       ‬من هذه المنطلقات نستطيع‪ 3‬بسهولة أن نتبيّن لماذا نحن نخالف اآلراء التي تذهب إلى أن ابن خلدون‬
‫كان يتفلسف على طريقة الفالسفة و مناهجهم‪ّ .‬‬
‫إن‪  ‬هذا الذي نقوله ال يخرج ابن خلدون من دائرة أمرين‬
‫مهمين ‪ ،‬وهما‪ :‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪       ‬األول ‪ /‬دراسة المجتمع البشري في النشأة و التطوّر والحضارة و االنحالل و السقوط‪ .‬و من‬

‫إن ابن خلدون كان األول في هذا االجتهاد [‪ ،]67‬و ننسى أفالطون و أرسطوطاليس‪3‬‬ ‫منّا يتجرّأ على القول ّ‬
‫و أفلوطين مرورا بالرواقية و األبيقورية‪ ،‬حتى‪  ‬أوغسطين و بعده الفارابي و ابن سينا ‪ ،‬ومدرسة بغداد‬
‫الفلسفية و المدرسة المشرقية‪  ‬مرورا‪ 3‬بالغ ّزالي و ابن رشد ‪ ،‬وصوال إلى فخر الدين الرازي‪  ‬و سيف الدين‬
‫إن هؤالء ال يمكن أن يكونوا‪ 3‬كلهم على غلط بكفة و أن ابن خلدون على‬‫اآلمدي و نصير الدين الطوسي‪ّ 3.‬‬
‫صواب بكفة أخرى‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬الثاني ‪ /‬إن الدرس الفلسفي البن خلدون‪  ‬ال يستند إلى معرفة تفصيلية بأقوال‪ 3‬الفالسفة و مذاهبهم ‪ ،‬بل‬
‫وجدناه ال يذكر‪ ،‬إن أراد تعريف قارئه بإطالعه‪  ‬على الفالسفة ‪ ،‬فقط الكبار كأفالطون و أرسطوطاليس‬
‫من اليونانيين ‪ ،‬و الفارابي و ابن سينا من اإلسالميين‪ ،‬و إن ذكر غيرهم في السياق العام ‪ ،‬كمواطنه ابن‬
‫رشد ‪ ،‬فكأنّه واحد من التابعين للفارابي و ابن سينا ‪ ،‬في حين يذكر فخر الدين الرازي باعتباره من‬
‫الفالسفة الكبار و كذلك نصير الدين الطوسي‪. 3‬‬

‫‪      ‬و هنا نالحظ بحياد فلسفي ّ‬


‫أن ما تبقى‪  ‬من الصلة الفلسفية الوحيدة التي تربط ابن خلدون‪  ‬بالفلسفة‪  ‬ما‬
‫ذكره عن اآلبلي الذي درس عليه‪ ،]68[  ‬كما يقول في كتابه التعريف‪ 3‬بابن خلدون و رحلته غربا و شرقا‬
‫[‪  ]69‬وف ّ‬
‫صل‪ 3‬الحديث في عالقته بهذا األستاذ الذي الزمه في شبابه‪ ،  ‬بالذات بين سنته الخامسة عشرة‪  ‬و‬
‫العشرين ( ‪ )1352 – 1347‬و هي مدة ست سنوات ال تكفينا لرأب الصدع في صرح الدرس الفلسفي‬
‫الخلدوني‪  3‬باعتباره من أتباع اآلبلي في تونس‪ ،‬و هي من أصعب الفترات التي مرت بها تونس ‪ ،‬فعالوة‬
‫على الحروب من أجل السلطة بين المرينيين و الحفصّيين في جو ملبّد بالتآمر و االحتراب ‪ ،‬عالوة عل‬
‫انتشار‪ 3‬الطاعون ‪ ( 1348‬و ابن خلدون في السنة السادسة عشرة ) [‪ ،]70‬و قد تحوّل العلماء من تونس‬
‫إلى فاس ‪  "  ،‬لكن اآلبلي ظ ّل في تونس‪ ،‬وظل ابن خلدون يتردد عليه‪  ‬بانتظام‪ 3‬لتلقي الدروس " ‪]71[.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬و قد تصور بعض الباحثين أن تأثير أآلبلي في ابن خلدون‪  ‬كان من العمق بحيث ّ‬
‫أن فلسفة اآلبلي قد‬
‫انتقلت الى ابن خلدون‪ ،‬أو باألحرى القول ّ‬
‫إن هذا األخير قد وقع في دائرة المعرفة اآلبلية التي أثرت في‬
‫عقيدته‪ .‬وتعتقد باتسييفا بما هو أشد وقعا‪ 3‬من هذا اإليجاز الذي قلناه ‪ ،‬فتقول ‪ " :‬لقد صيغت أسس عقيدة ابن‬
‫خلدون تحت تأثير اآلبلي الذي مجّده ابن خلدون‪ ،‬والذي استشهد‪ 3‬بتأثيره أكثر من مرّة في طائفة من‬
‫المسائل الهامة‪ .‬و من الواضح أن أبحاثه في الرياضة و المنطق و الفلسفة كتبت تحت تأثير معلم ابن‬
‫خلدون " [‪ ،  ]72‬أي األستاذ اآلبلي بدا لباتسييفا‪ 3‬كأنه " يعرف ألول مرة بالتفصيل في فلسفة ابن خلدون ‪،‬‬
‫فتحت اشرافه درس ابن خلدون أعمال ابن سينا ‪ ،‬و فخر الدين الرازي ‪ ،‬و نصير [‪ ]73‬الدين الطوسي ‪،‬‬
‫وابن رشد " [‪ . ]74‬و قريبا‪ 3‬من هذا االتجاه نالحظ الجابري [‪ ]75‬في تناوله لعالقة ابن خلدون باآلبلي ‪،‬‬
‫لكن مع بعض التفصيالت المستحدثة على باتسييفا‪ 3‬في مرجعياته العربية [‪ ،]76‬لكن الجابري‪ 3‬ال يقطع‬
‫برأي في الدرس المع ّمق المنظّم للفلسفة البن خلدون على اآلبلي ‪ ،‬بل انه يحتمل و يخ ّمن و يظن و يستنتج‬
‫من إشارات عابرة البن خلدون في مقدمته‪  ‬لكتاب لباب المحصّل [‪ ]77‬أو من تنصيصات عامة في كتابه‬
‫التعريف‪ 3‬بابن خلدون الذي ألّفه في العشرين من عمره كما ألمحنا من قبل ‪]78[.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪       ‬لكن كل هذه األقوال ( لباتسييفا او الجابري ) ال تدل على رصانة في الرأي‪  ‬و ال هي محكومة‬
‫بمنطق‪ 3‬البحث العلمي الذي يستوجب برأينا الفعل الواضح و القول الصريح في قراءة النصوص التي‪  ‬بين‬
‫أيدينا في كتابيه‪  ‬التعريف‪ 3‬و المحصل ‪ ،‬فكالهما ال يفيد التعبير عن واقع ابن خلدون الفلسفي في تلك الفترة‬
‫المب ّكرة من عمره من جهة أنه اطلع على أعمال الفالسفة الكبار‪  .‬و ليس كتابه لباب المحصل يعكس لنا‬
‫عند درسه و تحليله ما يدل فعال على أن ابن خلدون قد قرأ الفارابي و ابن سينا و ال حتى األعمال الكاملة‪ ‬‬
‫لفخر الدين الرازي أو لنصير‪ 3‬الدين الطوسي‪  ،‬فالصحيح عندنا أنه قرأ محصّل الرازي و اطلع على كتاب‬
‫تلخيص المحصّل‪  ‬للطوسي‪ 3‬اللذين يصفهما ابن خلدون بقوله في درسه على‪  ‬اآلبلي‪ ... " :  ‬إلى أن قرأنا‪ ‬‬
‫بين يديه‪  ‬كتاب المحصّل الذي صّنفه االمام الكبير فخر الدين بن الخطيب [= الرازي ]‪ ،‬فوجدناه كتابا‬
‫هذبته و حذو ترتيبه‬‫احتوى على مذهب كل فريق‪ ،‬و أخذ في تحقيقه كل مسلك و طريق‪ ،‬فاختصرته و ّ‬
‫رتّبته‪ ،‬و أضفت إليه ما أمكن من كالم االمام الكبير نصير الدين الطوسي‪ ،‬و قليال من بنات فكري‪[ "...‬‬
‫‪. ]79‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪    ‬إن مشروع ابن خلدون في‪  ‬تأليفه‪  ‬كتاب لباب المحصّل لم يكن ‪ ،‬كما حسب‪  ‬الجابري [‪ ،]80‬معبّرا عن‬
‫موقف‪ 3‬ناضج له من الفلسفة و الفالسفة [‪ .]81‬فمن الخطأ القول إنّه توصّل إلى النضج الفلسفي الكافي‬
‫لمصارعة الفالسفة على هذا النحو الذي يراه الجابري [‪ ]82‬الذي يف ّكك تلميحاته العامة على أنها درس‬
‫فلسفي يرقى‪ 3‬إلى مرتبة الفالسفة في المرتبة األولى‪  ‬كابن سينا و ابن رشد ‪ ،‬أو المرتبة الثانية كفخر الدين‬
‫إن‪  ‬أي باحث‪ ،‬في‬ ‫الرازي ونصير الدين الطوسي‪ 3.‬و هذا كله يأتي ‪ ،‬برأينا ‪ ،‬من الفرضية التي تقول ّ‬
‫موضوع ما ‪ ،‬يحاول بكل الطرق‪ 3‬أن يثبت فكرة ما في ذهنه حتى لو كانت ال تتطابق مع الواقع الذي بين‬
‫أيدينا من النصوص و السيرة و المؤلفات التي تركها لنا ابن خلدون !‬

‫‪ ‬‬

‫‪      ‬فهل يصح أن نعتمد على كتاب لباب المحصّل البن خلدون للحكم عليه بالفيلسوف‪ 3‬مطلقا‪ ،‬و قبول نقده‬
‫للفلسفة‪  ‬على هذا األساس‪ ،‬و هو بعد في عمر الشباب ؟ فنحن ال نجانب الح ّ‬
‫ق لو قلنا‪    ‬إننا الحظنا‪  ‬في‬
‫سياق عصر الشراح من القرن الثامن الهجري ‪/‬الرابع عشر الميالدي ‪ ،‬فوجدنا العشرات ممن هم أكثر‬
‫ق‪  ‬تميّز على الجميع بفلسفته الخاصة بالعمران ‪ .‬و معنى هذا أننا ال نعرف‬‫تفلسفا من ابن خلدون‪ ،‬لكنه بح ّ‬
‫له تفلسفا في المنطق و الطبيعة و ما بعد الطبية و األخالق و النفس و السياسة و ‪ ...‬الخ من مباحث الفلسفة‬
‫الكالسيكية المعروفة لدينا‪ .‬و نخلص ‪ ،‬هنا ‪ ،‬الى أن ابن خلدون لم يؤلّف‪  ‬نصّا فلسفيا بحتا في غير لباب‬
‫المحصل ‪ ،‬و ليس في عمله الكبير في المقدمة ‪ ‬إال تنظير‪ 3‬متميّز في الجوانب البشرية على نحو لم يكن‬
‫مألوفا‪ 3‬من قبله‪ .‬و لهذا السبب ‪ ،‬و لغيره من األسباب ‪ ،‬يمكن أن ندرس ظروف‪ 3‬لباب المحصّل لنؤ ّكد‬
‫المعاني التي قصدنا إليها في هذا البحث‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫في الظروف‪ 3‬الموضوعية لتأليف ابن خلدون لكتاب اللباب ‪:‬‬

‫‪    ‬نحن ‪ ،‬هنا‪ ،‬ال نقصد تقليل أهمية ابن خلدون في بنائه للعمران البشري على نحو ال نظير له في تاريخ‬
‫الفكر العربي ‪ ،‬االجتماعي و السياسي و الحضاري و الثقافي‪ .‬لكن ذلك ال يساعدنا من منطلق‪  3‬إشكالية هذا‬
‫البحث في نقده للفلسفة ‪ ،‬و تبعا لذلك نقده للفالسفة و المذاهب الفلسفية ‪ ،‬و كأننا به كان‪  ‬ينظر الى الفلسفة‬
‫باعتبارها نشاطا‪ 3‬فكريا إنسانيا فتعرّض لها بالنقد كما فعل‪  ‬مع" العلوم و أصنافها‪ 3‬و التعليم و طرقه و سائر‬
‫وجوهه و ما يعرض في ذلك كله من األحوال ‪ . ]83[ "...‬و العلوم التي رآها متعلقة بالعمران‪ ،‬و هي‬
‫عنده‪  ‬تش ّكل وحدة تحليلية لبيان الواقع اإلنساني ومدى‪ 3‬تأثّره بحركة هذه العلوم‪ .‬فقد أورد في فصول‬
‫متوالية ‪ :‬العلم و التعليم طبيعي في العمران البشري [‪ ، ]84‬التعليم للعلم من جملة الصنائع ‪ ...‬و هكذا‬
‫يتابع ابن خلدون‪  ‬في أن العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران و تعظم الحضارة ‪ ،‬فتح ّدث عن العلوم النقلية‬
‫في القرآن والحديث‪  ‬و الفقه والفرائض و أصول الفقه و علم الكالم ‪ ...‬وصوال الى علم التصوف‪ 3‬و علم‬
‫تعبير الرؤيا[‪ . ]85‬بعد ذلك ينتقل الى العلوم العقلية ‪ ،‬و هي عنده‪ :‬علم المنطق[‪ ،]86‬و الطبيعيات [‪،]87‬‬
‫و علم الطب [‪ ، ]88‬و الفالحة [‪، ]89‬علم اإللهيات‪]90[،‬‬

‫وعلوم السحر و الطلسمات [‪ ، ]91‬ثم يأتي الى إبطال الفلسفة و فساد منتحلها [‪ ]92‬فيعقبه بفصل في‬
‫إبطال صناعة النجوم‪  ‬و ضعف مداركها و فساد غايتها‪]93[.‬‬

‫‪       ‬بعد هذا العرض‪،‬ال نستطيع‪ 3‬أن نصرّح‪  ‬بأن ابن خلدون قصد‪ 3‬الى التفلسف البحت‪  ‬في تناوله لهذه‬
‫العلوم‪  ،‬بل إنه أراد ‪ ،‬كما نرى من متابعتنا قراءة العلوم النقلية و العلوم العقلية ‪ ،‬أن يحلل الموقف‬
‫اإلنساني‪ 3‬من جهة بنائه للعمران البشري و ليس من جهة تركيبه فلسفيا كما يفعل الفالسفة‪ .‬و ليس بصعب‬
‫أن يتعقبه الباحثون ليتبيّنوا الفلسفة الخلدونية إنما هي فلسفة عمران من جهة أنها معنية باإلنسان فردا و‬
‫مجتمعات و دوال و ثقافات‪  ‬و حضارات في النشوء و االرتقاء و النمو و التطوّر و االرتقاء و اإلبداع‬
‫فاالنحالل و التفكك و السقوط و االندثار‪ 3...‬هذا هو جوهر فلسفة ابن خلدون في العمران‪ .‬عالوة على أننا‬
‫نجده دائما ال ينفك عن التمسّك بالدين شريعة و عقيدة ‪ ،‬فال يحكم على ظواهر‪ 3‬اإلنسان والطبيعة إال‬
‫بمعايير‪ 3‬الروح و الوحي من جهة أنهما صادران عن هللا ‪ ،‬و نافيا‪ 3‬معرفة ما ال يصدر عن الحس في العالم‬
‫المحسوس من جهة المدركات الوجودية بالعقل ‪ ،‬ألنّه أساسا ال يسلّم بقدرات العقل على استكناه ما وراء‬
‫الحس إال بما نطق به الشرع ‪.‬‬

‫‪       ‬و من الواضح هنا أن ابن خلدون يتابع الغ ّزالي[‪ ]94‬في موقفه العام من معرفته بالوجود عن طريق‪3‬‬
‫الشرع الذي حدده الوحي بالقوة اإللهية ‪ ،‬فليس في مقدور اإلنسان ‪ ،‬و ال البشرية مجتمعة ‪ ،‬توظيف العقل‬
‫لتفسير أسباب الكون و علله التي جاء بها الفالسفة‪.‬‬

‫‪         ‬و عودا على بدء هذه الفقرة من بحثنا ‪ ،‬نشير الى األهمية الكبيرة التي يعلّقها الدارسون الخلدونيون‬
‫على موقف‪ 3‬ابن خلدون الفلسفي في كتابه ‪ ‬اللباب الذي أت ّم‪  ‬تأليفه‪  ‬وهو في سن العشرين‪ .‬و ال يعقل أن‬
‫درسه الفلسفي كان قد تجاوز طبيعة التعليم بعمل الموجزات ‪ ،‬و هي قاعدة علمية اتبعها اإلسالميون لتعويد‬
‫الطلبة على قراءة نصوص ما و تلخيصها‪ 3‬و من ثم التعرف على مسالك علم محدد أوال و بالذات‪ .‬أما‬
‫تأليف ابن خلدون لكتاب المحصّل للرازي و إطالعه على تفسير الطوسي ‪ ،‬فلم يكن غير طريقة تدريب‬
‫أرادها له أستاذه اآلبلي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬و أصل الموضوع أن فخر الدين الرازي ( توفي‪ ، ]95[) 606/1209 3‬المحسوب على المتكلمين أكثر‬
‫من الفالسفة ‪ ،‬استطاع أن يعقد مزاوجة بين علم الكالم و الفلسفة في كتابه محصّل أفكار المتق ّدمين و‬
‫المتأخرين من الفالسفة و المتكلمين [‪ ، ]96‬الذي بدا فيه الرازي واحدا من أبرز السينويين بعد ابن سينا‪،‬‬
‫إن الرازي‪ ، 3‬كمتكلّم‪ ‬‬
‫على الرغم من أنّه يخالف ابن سينا في الكثير من أفكاره ‪ ،‬وتبعا‪ 3‬لمحسن مهدي ‪ّ " :‬‬
‫جدلي ‪ ،‬انتقد ع ّدة مدارس فلسفية في هذا الكتاب ‪ ،‬و بوجه خاص بعض أفكار ابن سينا "[‪  ، ]97‬ومعنى‬
‫هذا أن " الرازي هنا ‪ ،‬أيضا‪ ،‬يسجل لنفسه و لمدرسته موقفا ضد الفالسفة على العموم ‪ ،‬وابن سينا‬
‫بالذات‪  .‬و لربما هذا الموقف ‪ ،‬بشطره األخير ‪ ،‬هو الذي حفّز نصير الدين > الطوسي < ليكتب مؤلفه ‪:‬‬
‫تلخيص المحصل" ‪  ]98[.‬فإذا‪  ‬سبق‪  ‬لنا أن عرفنا منذ عهد بعيد يزيد على ثالثين عاما (=‪ ، 1975  ‬و‬
‫أن‪  ‬الطوسي لم يقصد الى تأليف تلخيص المحصّل لغرض تلخيصه‪ "  ‬فعال ‪،‬‬ ‫أعيد نشره في ‪ّ ]99[ )1980‬‬
‫بل قصد‪ 3‬الى تصحيحه و نقده و إرجاع األفكار‪ 3‬المطروحة من قبل الرازي ‪ ،‬في أصل ‪ ‬المحصّل ‪ ،‬الى‬
‫أصولها‪ " 3.‬و كأن الطوسي‪ ، 3‬بهذا العمل ‪ ،‬يشير الى حقيقة ال مف ّر من االعتراف بها ‪ ،‬وهي‪ :‬أن الصراع‬
‫بين الفالسفة و المتكلمين لم ينتِه بظهور‪ 3‬الغ ّزالي ‪ ،‬ألن اختالف المنهجين في مباحث الفالسفة و نظائرها‪3‬‬
‫من مباحث المتكلمين قد امتد الى زمان هذا األخير‪ ،‬ومنه بدأ التياران يتقاربان حتى زمان الرازي‪ .‬على‬
‫أن ذلك التقارب‪  ‬كان من جانب واحد‪ ،‬وال تفاعل فيه‪ ،‬حيث وجدنا مباحث الغ ّزالي الكالمية تمتصّ الفلسفة‬ ‫ّ‬
‫‪ ،‬و هو ينقضها [‪ .]100‬كما وجدنا‪ 3‬مباحث الرازي تستند الى الفلسفة و هي تنفض عن نفسها آثارها‪ ،‬حتى‬
‫تحوّلت أفكار هذا األخير الى فلسفة دينية‪  ]101[.  ‬أما من جهة ّ‬
‫أن علم الكالم كان ينأى في بدايات‬
‫المباحث الكالمية عن الفلسفة البحتة ‪ ،‬كما فعل المعتزلة و األشاعرة و الماتريدية و الشيعة االمامية ‪ ،‬و‬
‫غيرها من المدارس الكالمية‪ ،‬فانّه من الممكن اآلن أن نفهم لماذا تمسّك ابن خلدون بالموقف الديني ‪،‬‬
‫باالستناد‪ 3‬الى الوحي و الشرع دون العقل و الفلسفة ‪ .‬وهذا الموقف‪ 3‬إنما نما و تط ّور‪ 3‬بين الغزالي و الرازي‬
‫‪ ،‬فأعاد الطوسي االعتبار للفلسفة في مباحثه الكالمية على نحو قرّبها‪ 3‬الى التفلسف أكثر من الجدل الكالمي‬
‫الذي قام به الرازي[‪ .]102‬و على هذا األساس ‪ ،‬نالحظ الضعف في موقف ابن خلدون من جهة التفلسف‬
‫انتصارا‪ 3‬للجدل الكالمي ‪ ،‬ظنا منه أنّه يستطيع يناظر الرازي ‪ ،‬لكنه لم يكن من الناحية المنهجية ‪ ،‬وهو بعد‬
‫في أول تعليمه في العشرين ‪ ،‬أن يميّز بين مباحث الرازي كسينوي‪ 3‬ينقد ابن سينا كما فعل الغ ّزالي[‪، ]103‬‬
‫و مباحث الطوسي‪ 3‬كسينوي‪ 3‬يدافع عن ابن سينا الفيلسوف أكثر من أن يتمسّك بأقواله التي تتناقض مع‬
‫قضايا‪ 3‬كالمية هي عند الطوسي‪ 3‬إشكاليات فلسفية استفاد منها في تأسيس فلسفي علم الكالم‪]104[.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪       ‬و بعد قرن من الزمان " دخل الصراع‪ 3‬بين الفالسفة و المتكلمين ‪ ....‬ابن خلدون ‪ ،‬الذي قرأ‪  ‬على‬
‫أستاذه اآلبلي [‪]105‬أصل‪  ‬المحصل للرازي ‪ ،‬وتلخيص المحصل‪  ‬للطوسي ‪ ،‬كما رأيناه يقرر ذلك سابقا‪،‬‬
‫فأوجز األول ‪ ،‬وقارن الثاني ‪ ،‬فجاء كتابه فلسفيا يتيما في دراساته القليلة التي نعرفها‪ 3‬و وصلت إلينا كاملة‪.‬‬
‫إن عمل ابن خلدون في ‪ ‬اللباب لم يرق الى مستوى الرازي و ال ناظر ما فعله الطوسي‪ .‬ومن الواضح لدينا‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ان ابن خلدون حاول أن يتعلم من قراءة الكتابين و ايجازهما‪3‬‬ ‫اآلن عند المقارنة بين األعمال الثالثة ‪ ،‬كيف ّ‬
‫ايجازا مبسطا خاليا من تعقيدات أصل الرازي و إشكاليات تلخيص الطوسي‪ . ]106[ 3.‬و الغريب في‬
‫المسألة وجدنا‪  3‬محسن مهدي يشير الى أن ابن خلدون قد‪ "      ‬تابع على األغلب كل تعليقات الطوسي‪[ " 3‬‬
‫‪ ، ]107‬و ليس األمر كذلك !‬

‫‪ ‬‬

‫خاتمة‬

‫‪        ‬و لكي نختم بحثنا ‪ ،‬و نحن أكثر استيعابا لنقد ابن خلدون للفلسفة ‪ ،‬ال ب ّد لنا من أن نلفت أنظار‬
‫الباحثين الخلدونيين الى األهمية الكبيرة في إعادة تقويم الدرس الفلسفي في المقدمة‪ ،‬و الذي عرضناه فيما‬
‫سبق ‪ ،‬بعد أن بيّنا الظروف الموضوعية لدراسة ابن خلدون للفلسفة ‪ ،‬إن كان على مستواها التقليدي‬
‫البحت ‪ ،‬أو على مستوى ما ورثه من مباحث في علم الكالم و التصوف‪ ، 3‬عالوة على ما صرّح به من‬
‫آراء ال تخلو من الجرأة‪  ‬بخصوص ميوله الواضحة الى التفسير المادي لإلدراك على نحو ال نظير له عند‬
‫مفكري اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫أن‪  ‬ابن خلدون كان من أكبر مثقفي الحضارة العربية‪ ،‬مف ّكرا‬ ‫‪      ‬و لعلنا ال نكون على خطأ إذا زعمنا هنا ّ‬
‫مبدعا من طراز‪ 3‬العمالقة إلسهامه الكبير في تنظير الفكر‪  ‬التاريخي‪ 3‬للجوانب االجتماعية و السياسية و‬
‫االقتصادية و العلمية‪  ‬والتربوية والدينية‪ ،‬هذه الجوانب المحرّكة للظواهر اإلنسانية من جهة أن تكوينها‪ 3‬في‬
‫المجتمع و بنيتها في األمة وأطرها‪ 3‬في الدولة ‪ ،‬وهذه خصائص تنعكس على معطيات الحضارة التي حللها‬
‫ابن خلدون بكل التفاصيل التي كانت متي ّسر‪ 3‬بين يديه ‪ ،‬فكان بحق سيد المؤرخين المسلمين بما ق ّدمه من‬
‫تحليل تاريخي‪ ،‬و أستاذ المفكرين العرب بما أسسه من فكر حضاري‪ 3‬يقوم على تركيب المجتمعات‪.‬‬

‫‪     ‬ومعنى‪ 3‬هذا‪ ،‬و لكي ال يساء فهمنا ‪ ،‬أن ابن خلدون لم يكن فيلسوفا محترفا‪ 3‬بقدر ما يظهر لنا من‬
‫نصوص المقدمة مف ّكرا منظّرا للظواهر التي تقوم عليها بنية المجتمع اإلنساني‪  ‬فتنظّم‪ 3‬العالقة بين اإلنسان‬
‫ألن عالم الفكر الخالص الذي هو من هموم‬ ‫والواقع‪ 3‬المادي المحسوس‪ .‬و لم يكن معنيا بالعالم غير المعاش‪ّ ،‬‬
‫الفالسفة المحترفين الذين رآهم في ضالل و منتحلين للعلوم ‪ ،‬صادرا أصال عن عقيدة وثوقية لم يكن‬
‫يستطيع‪ 3‬الخالص منها حتى و هو يناقش مباحث الخير و الشر‪ ،‬و السعادة‪   ‬والشقاء ‪ ،‬و الجمال و القبح‪ ،‬‬
‫وما الى ذلك من ثنائيات كان يفترض وجودها ‪ ،‬ثم يرد عليها بأقوال‪ 3‬غلب عليها طابع اختزال األفكار‪3‬‬
‫الفلسفية البحتة التي ال ترتبط‪ 3‬بالعقيدة الدينية ‪ ،‬لكنه أيضا لم يستطع أن يكون متكلّما محترفا ! و باالستناد‬
‫الى كل هذا و ذاك ‪ ،‬سيبقى ابن خلدون‪ ،‬الذي استنكر الفلسفة و رفضها‪ 3‬و عاب على الفالسفة مذاهبهم‬
‫ونظرياتهم‪ ، 3‬أكثر من أي فيلسوف عربي أو مسلم أو أوروبي في تأثيره الحضاري في حداثة تحاكي هذا‬
‫العصر و الى زمن قادم‪ 3‬طويل‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬وها نحن ‪ ،‬في هذا الملتقى العربي و الدولي للخلدونيين في الوطن العربي و العالم ‪ ،‬يشعر كالنا‪ ‬‬
‫بالغبطة والتقدير‪ .‬فأما الغبطة فمن جهة أننا استطعنا أن نلفت أنظار الباحثين الى إشكاليات حقيقية كانت‬
‫موجودة أصال في النصوص الخلدونية ‪ ،‬لكن لألسف لم تعالج بالطريقة التي ق ّدمناها‪ 3‬في هذه المداخلة‪ .‬و‬
‫أما التقدير فهو‪ 3‬لبيت الحكمة التونسي[‪  ]108‬الذي فسح لنا المجال للمشاركة في المئوية السادسة لوفاة ابن‬
‫خلدون‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪Cf. Mahdi, Muhsin: Ibn Khaldun`s Philosophy of History, London  1957, ]1[.‬‬


‫‪.passim‬‬

‫[‪ . ]2‬انظر ‪ :‬جغلول ‪ ،‬اإلشكاليات التاريخية ( ص ‪ 110‬و ما يليها )‪ ،‬بالنسبة لأليديولوجية العربية‬
‫المغاربية ‪ ،‬و قارن ‪ :‬الكوست‪ ،‬إيف ‪ :‬ابن خلدون‪ ،‬ترجمة ميشال سليمان‪ ،‬دار ابن خلدون للنشر‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫بيروت ‪ (1978‬قارن األصل الفرنسي ‪Lacoste, Yves: Ibn Khaldoun naissance  de l' :‬‬
‫‪ .).histoire du tiers-monde,ed. F. . Maspero, Paris 1966   passe‬بالنسبة لأليديولوجية‬
‫الماركسية التي غذت الماركسيين‪ 3‬العرب بتجذيرات خلدونية تحتاج إلى تدقيق جديد‪ .‬‬

‫[‪ .]3‬انظر ‪ :‬الجابري‪ ،‬محمد عابد ‪ :‬فكر ابن خلدون –العصبية و الدولة ‪:‬معالم نظرية خلدونية في‬
‫التاريخ اإلسالمي‪، ‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬ط ‪ ، 5‬بيروت ‪ .1992‬وهنا نحن إزاء صياغة‬
‫إيديولوجية عربية إسالمية في ضوء الصورة الخلدونية في المغرب األقصى‪3.‬‬
‫[‪ . ]4‬انظر الوردي‪ ، 3‬علي ‪ :‬منطق ابن خلدون‪  ‬في ضوء حضارته و شخصيته‪  ،‬معهد الدراسات العربية‬
‫‪ ،‬لجنة التأليف و الترجمة و النشر‪ ،‬القاهرة‪.1962  ‬‬

‫[‪Cf. Rescher, Nicholas: The Development of Arabic Logic, London 1964, v. .]5‬‬


‫‪ index‬‬

‫[‪ .]6‬راجع ما يقوله‪  ‬عبد القادر جغلول (‪ ‬اإلشكاليات التاريخية في علم االجتماع السياسي عند ابن‬
‫خلدون ‪،‬ترجمة فيصل عباس‪ ،‬دار الحداثة‪ ،  ‬بيروت‪ ، 3‬بال تاريخ‪ ،  ‬ص ‪ )169‬إن " النقد المبهم‬
‫للفلسفة ‪...‬البن خلدون ‪...‬يكون خطوة إلى الوراء بالنسبة للفالسفة ‪ ! ".‬و هذا ما سننقاشه فيما بعد‪.‬‬

‫[‪ . ]7‬انظر‪ :‬ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ، ‬ط‪ .‬الكشاف (بال تاريخ ‪ ،‬مصورة باالوفست في منشورات مكتبة‬
‫المثنى ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬بال تاريخ ‪ ،‬أيضا ) ص ‪ ، 515‬و هناك نقرأ تعريف ابن خلدون بأرسطو بقوله " ‪...‬هو‬
‫أرسطو‪ 3‬المقدوني من أهل مقدونية من بالد الروم من تالميذ أفالطون ‪ ،‬وهو معلم االسكندر ‪ ،‬و يسمونه‬
‫المعلم األول على اإلطالق‪( "... 3‬سطر ‪ 10 -8‬من أسفل)‪،‬‬

‫[‪ . ]8‬يشير ابن خلدون اليهما بقوله‪... "  ‬وكان من‪  ‬أشهرهم أبو نصر الفارابي في المائة الرابعة لعهد‬
‫سيف الدولة ‪ ،‬و أبو علي بن سينا في المائة الخامسة لعهد نظام الملك من بني بويه بأصبهان و‬
‫غيرهما ‪ ، ".‬انظر ‪ :‬المقدمة‪ ، ‬ط‪ .‬الكشاف ‪ ،‬ص ‪ 515‬سطر ‪ 2 -1‬من أسفل ‪ ،‬ص ‪ 516‬س ‪ 1‬من أعلى ‪.‬‬

‫[‪. ]9‬لدينا طبعات عربية متعددة لهذا الكتاب ‪ ،‬و أ كثرها تداوال في أيدي الباحثين نشرة سليمان دنيا ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ( 1961‬و هذه النشرة بحاجة الى تدقيق‪ 3‬و تصويب و تنظيم )‪.‬‬

‫[‪ . ]10‬نشره أول مرة بالعربية‪  ‬موريس‪ 3‬بويج ‪ ،‬بيروت ‪  .1927‬و قارن اآلن نشرة جيرار جهامي ‪ ،‬ط‬
‫‪  ،1‬بيروت ‪. 1993‬‬

‫[‪Cf.  Abu Rida, M.A.: Al-Ghazali und Seine Widerlegung der . ]11‬‬


‫‪Philosophie, Madrid 1952‬‬

‫[‪  ]12‬انظر ‪ :‬المقدمة‪ ، ‬ط‪ .‬الكشاف ‪ ،‬ص ‪.519-513‬‬

‫[‪ . ]13‬هذا ظاهر من التوسع الشديد عند الغ ّزالي و االختصار المخل بالمقاصد و المعاني عند ابن‬
‫خلدون ‪ ،‬قارن ما سنقوله بعد‪.‬‬

‫[‪.]14‬يراجع الجابري‪ ،‬فكر ابن خلدون‪ :‬العصبية و الدولة‪  ،‬ص ‪.68‬‬

‫[‪ .]15‬أيضا‪  ،  ‬ص‪.67‬‬

‫[‪. ]16‬قارن ‪ :‬باتسييفا‪ ،‬العمران البشري‪ ،‬ص‪ ، 266‬فهي تقول ‪ " :‬و لقد أدرك ابن خلدون ضرورة‬
‫األساس الفلسفي لنظريته‪،‬إال انّه ال‪    ‬يميل على اإلطالق الى احتكار العقل النظري‪ 3‬الستخالص المبادئ‪3‬‬
‫الفلسفية "‪ ،‬أي بمعنى أن المقارنة هنا تقوم على التوسع الشديد عند الغ ّزالي و االختصار‪ 3‬المخل بالمقاصد‬
‫و المعاني عند ابن خلدون ‪ ،‬قارن ما سنقوله بعد‪ .‬كذلك يراجع الجابري‪ ،‬فكر ابن خلدون‪ :‬العصبية و‬
‫الدولة‪ ، " ‬ص‪ ، 44-39‬الذي فطن إلى‪  ‬أن ابن خلدون " يعلن بصراحة و قوة إبطال الفلسفة و فساد‬
‫منتحلها ‪ ،‬و يقول عن العلم اإللهي بأنه علم عقيم ال يوصل إلى يقين ‪....‬الخ ‪ ( ،‬أيضا‪ ، ‬ص‪ ) 41‬فان‪  ‬هذا‬
‫الكالم بال شك مهم برأينا ‪ ،‬و يحتاج إلى تمحيص‪  ‬مصادره‪  ‬و تدقيق‪ 3‬النصوص‪  ‬لكي نعرف حقيقة موقف‬
‫ابن خلدون من الفلسفة ‪ ،‬انظر ما نقوله فيما بعد‪.‬‬
‫[‪ .]17‬الجابري‪ ،‬أيضا‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫[‪. ]18‬انظر ‪ :‬األعسم ‪،‬عبد األمير ‪ :‬الفيلسوف نصير الدين الطوسي‪ -‬مؤسس المنهج الفلسفي في علم‬
‫الكالم اإلسالمي ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،1980‬ص ‪.44  -43‬‬

‫[‪. ]19‬انظر ‪ :‬األعسم‪ ،‬عبد األمير‪ :‬منطق العالقة بين العقل العربي و العقل األوروبي‪ – 3‬مساهمة في‬
‫إعادة تقويم مديات تأثير الحضارة العربية في أوروبا ‪ ،‬بحث نشر في‪  ‬مجلة دراسات فلسفية ‪ ،‬فصلية‬
‫محكمة ‪ /‬بيت الحكمة – بغداد‪ ،  ‬العدد ‪ ، 3‬السنة‪، )2001 ( 3  ‬ص ‪ ، 8‬عمود‪.2‬‬

‫[‪ . ]20‬انظر األعسم ‪ ،‬عبد األمير‪ :‬دراسة مع ّمقة للبحث عن منهج جديد للفكر العربي المعاصر‪ ،‬بحث‬
‫نشر في‪ ‬كتاب تحدي البقاء الحضاري لألمة العربية ‪ ،‬بغداد ‪.26 ، 1994‬‬

‫[‪. ]21‬انظر ‪ :‬الجابري‪ ،‬فكر ابن خلدون‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫[‪. ]22‬يراجع العروي‪ ،‬عبدهللا‪ :‬ثقافتنا في ضوء التاريخ ‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪  ‬في الدار البيضاء ط ‪،1‬‬
‫بيروت ‪ ، 1983‬ص ‪ .58‬ويذكر المؤلف في موضع آخر ( ص ‪ )235‬أنه ولد سنة‪ )!(1469   ‬فالحظ ‪.‬‬

‫[‪  . ]23‬يراجع ‪:‬جغلول‪ ،‬اإلشكاليات التاريخية‪،‬ص ‪ .20-14‬وتوثق‪ 3‬باتسييفا االهتمام بابن خلدون‪ ‬‬


‫بحسبانه‪  ‬يعود الى مطلع القرن التاسع عشر‪ (              ‬قارن‪:‬العمران البشري‪،‬ص‪ 90‬و ما يليها)‪.‬‬

‫[‪ . ]24‬ط‪ .‬بوالق ‪.1858 /1274 ،‬قارن‪ :‬الجابري‪ ،‬فكر ابن خلدون‪ ،‬ص ‪ ، 61‬و لم يفطن الجابري إلى‬
‫أن هذه النشرة " أقل كماال " من نشرة بوالق الكاملة في سنة ‪ ،1867 /1284‬كما ترى باتسييفا‪ ( ‬العمران‬
‫البشري‪ ،  ‬ص ‪ . )106‬وقد‪ 3‬حسب جغلول النشرة األخيرة هي‪ "  ‬الطبعة األولى الكاملة باللغة العربية" و‬
‫لكنه يؤرخها‪، 1868 3‬و يقول "هي من عمل نصر الحيريني"‪( 3‬اإلشكاليات التاريخية ‪ ،‬ص ‪ ، )20 ،14‬و‬
‫الحيريني‪ 3‬هذا هو الهوريني‪  ‬تبعا للجابري (‪ ‬أيضا ‪،‬ص‪ ،)61‬واسمه الكامل نصر الهوريني‪ ( 3‬باتسييفا ‪،‬‬
‫ص ‪ .)106‬و في األحوال كلها ‪ ،‬نالحظ أخطاء التوثيق‪ 3‬و اإلحالة في مسألة بسيطة مثل نشرة الكتاب ‪،‬‬
‫فكيف‪ 3‬بالمسائل المستعصية في ابن خلدون مثل انتمائه الى الفالسفة و اعتباره فيلسوفا‪ 3‬ب ّز الفالسفة من‬
‫قبله ‪ ،‬بما فيهم ابن رشد ؟ و هو ما سنتعرّض فيما بعد له في صلب هذا البحث‪.‬‬

‫[‪ . ]25‬القراءة الفرنسية للمقدمة جاءت أبكر مما قاله جغلول‪ ( ‬أيضا‪ ،‬ص ‪ )20، 15‬أنها سنة‪،1868  ‬‬
‫وهي إشارة إلى ترجمة دي سالن‪  ‬للمقدمة ‪ ،‬باريس ‪1868‬و التي عوّل كواترمير عليها و على نشرة‬
‫االهوريني في ترجمته الكاملة للمقدمة ‪.‬‬

‫[‪. ]26‬يراجع ابن خلدون ‪ ،‬التعريف بابن خلدون و رحلته غربا و شرقا‪ ، ‬تحقيق محمد تاويت الطنجي‪،‬‬
‫القاهرة ‪.1951‬‬

‫[‪ . ]27‬لإلطالع على ا لتفصيالت الكاملة في هذا الشأن ‪ ،‬تراجع ‪ :‬باتسييفا‪ ، ‬العمران البشري‪ ، ‬الفصل‬
‫الثالث بكامله ‪ ،‬ص‪.155 -89‬‬

‫[‪ . ]28‬من الممكن اآلن‪  ‬مراجعة بيرسون ‪Pearson, J.D.: Index Islamicus, Cambridge :‬‬
‫‪  1958; Suplements I-IV,Cambridge & London, 1962 – 1977‬‬

‫[‪ . ]29‬المقدمة‪ ،‬ط الكشاف ‪ ،‬ص‪ .519 -514‬اإلشارات اآلتية في النص‪  ‬الى أرقام‪ 3‬صفحات هذه‬
‫الطبعة ‪ ،‬بين معقوفتين [ ‪.]...‬‬
‫[ ‪  .  ]30‬أيضا ‪ 514 ً  ،‬س ‪                                     .11 – 4‬‬

‫[‪ . ]31‬يفصد ابن خلدون الفصل الخامس و العشرين " في إبطال صناعة النجوم و ضعف ماركها‪ 3‬و فساد‬
‫غايتها " ‪،‬أيضا‪ ،‬ص‪ 519‬وما يليها من فصل‪  ‬في الكيمياء " في إنكار ثمرة الكيمياء و استحالة وجودها‬
‫" ‪ ،‬و هكذا‪...‬‬

‫[‪ . ]32‬انظر ‪ :‬األعسم ‪ ،‬عبد األمير ‪ :‬المصطلح الفلسفي عند العرب ‪ ،‬ط‪ ، 1  ‬بغداد ‪ ، 1985‬ص ‪. 206‬‬

‫[‪. ]33‬راجع ما يقوله الخوارزمي الكاتب‪...":‬فيالسوفيا وتفسيرها‪ 3‬محبّة الحكمة فلما أعربت قيل فيلسوف‪3‬‬
‫ثم اشتقت الفلسفة منه " ‪ ،‬انظر‪ :‬األعسم‪ ،‬رسائل منطقية في الحدود و الرسوم للفالسفة العرب‪  ،‬ط ‪،1‬‬
‫بيروت ‪ ،1993‬ص‪ .84 -83‬وهنا نالحظ ما أوره األعسم‪ [ ‬أيضا‪ ،‬ص ‪ ،84‬هامش ‪ ، 5‬بقوله‪:‬‬

‫‪ ‬الظاهر انّه تصرف بأصل االشتقاق اليوناني‪ 3‬معكوسا ‪ ،‬ألن األصل (حب الحكمة)‪ ،  filosofia   ‬ثم‬
‫اشتقت الفيلسوف‪،   filosofos  3‬‬

‫قارن ‪ .   Aristoteles, Metaphysica, ed. D. Ross, II,p. 525 :‬و يالحظ هنا ما يقوله األعسم ‪:‬‬
‫" إن استعمال األصل اليوناني‬

‫لمصطلح فلسفة‪ ،   filosofia   ‬كان عند فيثاغورس ‪ ،‬ثم تاله بارمنيدس‪ ، 3‬ثم سقراط ‪ .‬و اللفظة هكذا‬
‫مركبة‪ ،   filos – sofia   ‬ثم شاع استعمال‪   ‬العلم بداللة‪  filosofia     ‬ابتداء من أفالطون ‪ ،‬لكن‬
‫أرسطوطاليس‪ 3‬هو الذي حدد معانيها‪ [  3‬انظر‪Aristoteles, Metaphysica, Greek text, ed.         :‬‬
‫أن الخوارزمي يتح ّدث عن أصل اشتقاقها اليوناني بحسبانه حدث‬ ‫‪  ]        Ross, p. 525 a‬و معنى هذا ّ‬
‫في العربية " ‪ ،‬أنظر ‪ :‬المصطلح الفلسفي عند العرب‪ ،‬ص ‪ ، 53‬هامش ‪. 50‬‬

‫[‪ . ]34‬انظر ما يقوله‪  ‬الخوارزمي‪ 3‬إن " هذا العلم يسمى باليونانية ( لوغيا) ‪ ،‬و بالسريانية (مليلوثا ) ‪ ،‬و‬
‫بالعربية ( المنطق )‪ "...‬قارن ‪ :‬األعسم ‪ ،‬رسائل‪  ‬منطقية‪ ،... ‬ص ‪ ، 94‬و قارن كتابه ‪ :‬المصطلح‬
‫الفلسفي‪ ‬عند العرب‪ ، ‬ص ‪.215‬و هنا نقرأ " لم يستعمل أرسطوطاليس‪logia     3‬للداللة على المنطق ‪ ،‬بل‬
‫انّه دعاه التحليل‪ ، analotiki  ‬و التسمية األولى من استعمال الشرّاح ابتداء من االسكندر االفروديسي‪ ، 3‬و‬
‫منها انحدرت‪   logica   ‬الالتينية " [‪ ،  ‬ص ‪ ، 52 -51‬هامش ‪ ، 47‬و انظر هامش ‪.] 48‬‬

‫[‪ . ]35‬المقدمة ‪ ،‬ط الكشاف ‪ ،‬ص ‪ 514‬س ‪ 1‬من أسفل – ص ‪ 515‬س ‪ 2 – 1‬من أعلى ‪.‬‬

‫[‪ . ]36‬ال تدل هذه اإلشارة من ابن خلدون على أنّه كان مطلعا فعال على المصادر‪ 3‬المنطقية‬
‫كأورغانون‪ Organon  3‬أرسطوطاليس‪ ، 3‬وشروح و تعليقات اليونانيين المتأخرين عليه ‪ ،‬و حتى‬
‫السريان ‪ ،‬ومن ثم المناطقة العرب ‪ ،‬ابتداء من القرن الثاني للهجرة ‪ /‬التاسع للميالد الى مدرسة حنين و‬
‫ابنه‪  ‬اسحاق‪ ،‬ومدرسة بغداد المنطقية في القرن الرابع للهجرة‪ /‬العاشر للميالد ( انظر اآلن ‪ :‬األعسم ‪ ،‬عبد‬
‫األمير ‪:‬أبو حيان التوحيدي في كتاب المقابسات‪[ ‬محاضرات في تاريخ الفلسفة العربية‪ -‬االسالمية في‬
‫القرن الرابع‪ / ‬جامعة باريس الرابعة – السوربون‪ / 3‬ربيع ‪ ، ] 1978‬منشورات دار األندلس للنشر ‪،‬‬
‫بيروت‪   ‬ط ‪ =[ 1980  1‬ط‪ ، 2‬مصورة ‪،‬بيروت‪ ]1983  ‬فهناك نتعرف على رؤساء المدرسة ‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫ابو بشر متى بن يونس‪ ،  ‬و ابو نصر الفارابي‪ ،‬و ابو زكريا يحيى بن عدي ‪ ،‬و ابو سليمان المنطقي‬
‫السجستاني‪... ، 3‬و غيرهم ‪ ،‬قارن كتابنا ‪ :‬ص‪  ).262- 248  ‬ويستمر‪ 3‬المنطقيون الى زمان ابن رشد‬
‫( توفي ‪ ) 1198‬و بعده في القرن السابع للهجرة ‪ /‬الثالث عشر للميالد فقد ازدهر ابن سينا و ابن الطيب‬
‫البغدادي و سيف الدين اآلمدي ‪ ...‬و أخيرا نصير الدين الطوسي‪ . 3‬و بعد هؤالء يبدأ عصر الشراح و‬
‫التعليقات و الحواشي‪ (  ‬راجع للتفصيالت ‪ ،‬ريشر ‪ ،‬تطور المنطق العربي‪ ،‬ط دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪،  ‬‬
‫و قارن األصل ‪Rescher, N., The Development of Arabic Logic, London…… :‬‬
‫‪ . ..passim‬فلو كان ابن خلدون قد تعرّف على هؤالء و غيرهم لصرح بأسمائهم‪ ،‬و كالمه هنا يشبه‪ ‬‬
‫كالم ابي حامد الغزالي في التعميمات ن كما سنرى بعد ‪.‬‬

‫[‪. ]37‬ليست االشارة الى أرسطوطاليس‪ ،‬ههنا ‪ ،‬او في الفقرة اآلتية دليل على أنه قرأ مؤلفات‬
‫أرسطوطاليس‪ 3‬فعال ‪ ،‬بل انّه يستند الى آراء الفالسفة العرب في ما قالوه في أرسطوطاليس ‪ ،‬و مرجعه بال‬
‫أدنى شك هو الغ ّزالى الذي اصطلح‪  " ‬كبيرهم‪  " 3‬على أرسطوطاليس ‪ ،‬كما سنبيّن ذلك فيما بعد‪.‬‬

‫[‪ . ]38‬المقدمة ‪ ،‬ط‪  ‬الكشاف ‪ ،‬ص ‪ 515‬س‪  –  25 -15‬ص ‪ 516‬س ‪.1‬‬

‫[‪ . ]39‬هذا اللقب استحقه أرسطوطاليس‪  3‬بحسبانه مؤسس علم المنطق‪.‬انظر‪ :‬ماجد فخري‪،‬أرسطوطليس‬
‫المعلم األول‪ ، ‬بيروت‪.1977 3‬‬

‫[‪ . ]40‬يقول الخوارزمي‪ " :  3‬علم األمور االلهية ‪ ،‬ويسمى باليونانية ثاولوجيا " [ انظر ‪:‬‬
‫األعسم ‪ ،‬رسائل منطقية‪ ، ‬ص ‪ ] 84‬و هنا نالحظ أن أفالطون‪  ‬أول من‪  ‬استعمل‪ ‬‬
‫مصطلح‪theologia     ‬للداللة على العلم االلهي ‪ ،‬بحسب ما أشار اليه األعسم‪  ‬في كتابه‪  ‬السابق [ص‬
‫‪ ، 84‬هامش ‪ ] 9‬بالرجوع الى يكر الذي بحث بتفصيل‪  ‬في العلم االلهي لفالسفة اليونان األوائل ‪:‬‬
‫‪ Jaeger, W., The Theology of the Early Greek Philosophers, Oxford 1947, p. 4‬‬
‫[ قارن ‪ :‬المصطلح الفلسفي عند العرب‪ ، ‬ص ‪.] 207‬‬

‫[‪ . ]41‬معنى كالم ابن خلدون هنا أن ابا نصر الفارابي ‪ ،‬الذي يجمع عليه مؤرخو‪ 3‬الفلسفة و الباحثون‪،‬‬
‫عربا و مستشرقين‪ ،‬بأنه المعلم الثاني بعد أرسطوطاليس‪ ، 3‬المثال األشهر لهؤالء الفالسفة الذين وصفهم‬
‫بالضالل و انتحال العلوم !! و ماذا يمكننا أن نقول في هذا السياق‪ 3‬غير الصحيح‪  ‬في نقد الفالسفة‪  ‬انتصارا‬
‫للعلوم الدينية من جهة و استهانة بالفكر الفلسفي العربي في اإلسالم ‪ .‬و يكفي أن نشير هنا الى أعمال‬
‫مؤتمر‪ 3‬الفارابي‪ 3‬ببغداد ‪:1975‬الفارابي و الحضارة االنسانية‪ ، ‬منشورات وزارة الثقافة ‪ ،‬بغداد ‪،  1976‬‬
‫و محفوظ ‪ ،‬حسين و آل يس ‪ ،‬جعفر ‪:‬مؤلفات الفا رابي‪ ، ‬بغداد ‪ ، 1976‬وقد سبق الباحثين العرب و‬
‫المستعربين ‪ ،‬بأكثر من مائة عام على مهرجان الفارابي ببغداد‪ ،‬المسشرق‪ 3‬مورتس شتينشنيدر في كتابه‬
‫العظيم‪  ‬الذي بحث فيه‪  ‬حياة‪  ‬الفارابي و مؤلفاته‪Steinschneider, M., Al-Farabi  :  ‬‬
‫‪(Alpharabius): des arabischen Philosophen Leben und  Schriften, ( Memoire‬‬
‫‪d`Academie Imperiale des Sciences de St.-Petersbourg, 7, XIII ), St.-‬‬
‫‪    Petersbourg 1869‬و قد كشف ابراهيم‪ 3‬مدكور في كتابه عن مكانة الفارابي في المدرسة الفلسفية ‪:‬‬
‫‪Madkour, I.,  La place d`al-Farabi dans l`ecole  philosophique ‬‬
‫‪ ....         musulmane,Paris  1934‬فهل يعقل أننا يمكن أن‪   ‬نتابع رأي ابن خلدون بأن الفارابي أشهر‬
‫الفالسفة الضالين‪  ‬من منتحلي العلوم ؟ و بأي معيار يمكننا أن نقيس حكما على هذا النحو غير‬
‫الموضوعي‪ 3‬و الرأي غير المسؤول‪ 3‬؟‬

‫[‪ . ]42‬و هنا أيضا ال نجد في نقد ابن خلدون ما يدل على معرفة حقيقية بابن سينا ‪ ،‬بل انّه يقرنه بالفارابي‬
‫متابعةساذجة و غيرمدروسة للغزالي‪ ،‬ألن هذا األخير كان من الوعي ال بفلسفة ابن سينا بحيث وجدناه‬
‫أمينا على لغة الفالسفة ‪ .‬انظر األعسم‪،‬رسائل منطقية‪،‬ص ‪ .175‬وعن أهمية ابن سينا في تاريخ الفلسفة‪،‬‬
‫أنظر‪  ‬مثال ‪  ،‬زينب الخضيري‪  ،‬ابن‪  ‬سينا و تالميذه الالتين‪ ،  ‬ط‪ ، 1‬القاهرة ‪ .2000‬و من الممكن تقدير‬
‫القيمة التاريخية لفلسفة ابن سينا بالرجوع الى جورج فنواتي ‪ ،‬مؤلفات ابن سينا‪ ، ‬القاهرة‪ ، 1952   ‬و‬
‫ليس جديدا القول إن ابن سينا كان أكثر فالسفة اإلسالم تأثيرا في المدارس الفلسفية عند العرب و المسلمين‬
‫و أوروبا‪ 3‬العصور الوسطي‪ ، 3‬فالسينوية ليست عربية فحسب ‪ ،‬بل إسالمية و أوروبية‪ .‬فكيف يمكننا تبرير‬
‫زعم ابن خلدون أنه يقرر الحاق ابن سينا بالفارابي ضالال في الدين و انتحاال للعلوم ؟‬
‫[‪ . ]43‬كيف يمكننا أن نعرف القيمة العلمية لقول ابن خلدون‪  ‬الذي يعارض فكرة أن العلم الطبيعي يقع في‬
‫صلب الحاجة اإلنسانية لمعرفة العالم ‪ ،‬و هذا يخالف القاعدة الفلسفية األساسية التي تذهب الى فهم أن علم‬
‫الطبيعة‪   physica     ‬إنما‪  ‬يتم ‪ ،‬برأي الخوارزمي‪ " ،‬الفحص فيه عن األشياء التي لها عنصر و ما ّدة‪  ‬و‬
‫يس ّمى علم الطبيعة" ‪ ،‬انظر‪ :‬األعسم‪ ،‬رسائل منطقية‪ ، ‬ص ‪ .84‬و حدد‪  ‬سيف الدين اآلمدي‪  ‬العلم الطبيعي‬
‫بأنّه " عبارة عن العلم الناظر في أحوال األجسام الطبيعية" ‪ ،‬قارن ‪ :‬األعسم ‪ ،‬الفيلسوف اآلمدي‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫بيروت ‪ ،1989‬ص ‪  .130‬فكبف جوّز ابن خلدون لنفسه اذا كان عارفا بالفلسفة الطبيعية‪ ‬‬

‫[‪ . ]44‬العلم االلهي(‪  ‬أو الثيولوجيا‪ ، )= theologia   3‬كما‪  ‬أشار إليها أرسطوطاليس في كتابه‪ ‬ما بعد‬
‫الطبيعة‪   Metaphysica  ‬علما جدليا لتعدد اجتهادات‪  ‬الرأي في مبادئه و نتائجه ‪ .‬قارن ‪ :‬ابن‬
‫رشد ‪ ،‬تفسير ما بعد الطبيعة‪ ، ‬نشرة بويج ‪ ،‬ج‪ ، 1‬مقالة األلف الصغري‪3.‬‬

‫[‪ . ]45‬هذا تمويه للمألوف في فهم العلم االلهي ‪ ،‬و قد اختزل الخوارزمي‪ 3‬مفهومه "الفحص فيه ع ّما هو‬
‫خاج عن العنصر و المادة " ‪ ،‬انظر ‪ :‬األعسم ‪ ،‬رسائل منطقية‪ ، ‬ص ‪ .84‬و هنا نالحظ تطوّر مفهوم‬
‫مصطلح العلم االلهي بقوله‪  :  ‬انّه " عبارة عن العلم الناظر في ذات االله ‪ ،‬تعالى‪ ،‬وصفاته" ‪ ،‬انظر‬
‫‪:‬األعسم‪ ،‬الفيلسوف اآلمدي‪ ، ‬ص ‪130‬‬

‫‪ ‬‬

‫[‪  ]46‬هذه العنوانات من كتب ابن سينا ‪ ،‬راجع‪ :‬قنواتي في وصفه لها ‪ ،‬مؤلفات ابن سينا‪ ، ‬القاهرة‬
‫‪.1950‬‬

‫[‪ . ]47‬هذه االشارة من ابن خلدون الى مؤلغات ابن رشد يدل عندنا على أنه لم يكن على معرفة بها كما‬
‫يجب و اال لماذا يسميها تالخيص و هي ليست هكذا دائما ‪ ،‬راجع وصف قنواتي‪ ، 3‬مؤلفات ابن رشد ‪،‬‬
‫الجزائر‪ -‬القاهرة ‪.1978‬‬

‫[‪ . ]48‬أي تعميم هذا الذي يخلو من الدقة ‪ ،‬و هل قصد‪ 3‬إخفاء عدم معرفته الكاملة بمؤلفات أرسطوطاليس‪3‬‬
‫و أتباعه من المشائين ؟ ‪ ،‬انظر في تفصيالت أعمال ارسطوطاليس‪  3‬التي نقلت الى العربية ‪ ،‬األعسم ‪،‬‬
‫أرسطوطاليس‪ 3‬في بيت الحكمة‪ ،‬ضمن أعمال المئوية الثانية عشرة على تأسيس‪ ‬بيت الحكمة العباسي‪، ‬‬
‫بغداد ‪.2000‬‬

‫[‪. ]49‬قارن أقوال الفالسفة في العقل الفعّال ‪ ،‬األعسم ‪ ،‬رسائل منطقية‪ ، ‬ص ‪،127 ،126 ،125 ،87‬‬
‫‪.184 ،181 ،180 ،178‬‬

‫[‪ . ]50‬هذا اغماض و تسويف بما ينسب الى أرسطوطاليس ‪ ،‬و ياليت ابن خلدون قال لنا‪  ‬من أين استقى‬
‫هذا الكالم !!‬

‫[‪ . ]51‬في ط الكشاف ‪ :‬إن (!) ‪،‬‬

‫[‪ . ]52‬في ط الكاف ‪ :‬نشوءه (!)‪.‬‬

‫[‪. ]53‬في ط الكشاف ‪ :‬الموجردات (!)‪.‬‬

‫[‪. ]54‬في ط الكشاف ‪ :‬للنفس (!)‬

‫[‪ . ]55‬في ط الكشاف ‪ :‬يحيط (!)‪.‬‬


‫[‪ . ]56‬في ط الكشاف ‪ :‬ابن (!)‪.‬‬

‫[‪ . ]57‬راجع وصف قنواتي لهذا الكتاب ‪ ،‬مؤلفات ابن سينا ‪ ،‬الفهرس تحت العنوان ‪.‬‬

‫[‪. ]58‬يفرّق ابن خلدون هذا بين العلوم الطبيعية و العلوم الحكمية ‪ ،‬و كأنه يميّز بين دراسة الظواهر‪3‬‬
‫الطبيعية و الظواهر‪ 3‬العقلية ‪ ،‬و هذا كالم عام ال يصح عند أرسطوطاليس و المدرسة المشائية ‪ ،‬و صوال‬
‫الى الفارابي و ابن سينا‪.‬‬

‫[‪. ]59‬ال يخفى هنا أن ابن خلدون يبدو وثوقيا في عقيدته الدينية على حساب الفلسفة ‪ ،‬و هو موقف‪ 3‬يقرّبه‬
‫من الجزم االيديولوجي !‬

‫[‪ . ]60‬في ط الكشاف‪ :‬يكبّن (!)‬

‫[‪. ]61‬أمثال فالسفة القرن الرابع الهجري‪ /‬العااشر الميالدي ‪ ،‬من مدرسة بغداد الفلسفية ‪ ،‬انظر كتاب‬
‫عبداألمير األعسم ‪ :‬أبو حيان التوحيدي‪ ‬في كتاب المقابسات‪ ، ‬محاضرات‪ 3‬في تاريخ الفلسفة العربية‬
‫االسالمية في القرن الرابع ( جامعة باريس الرابعة ‪ /‬السوربون ‪ ) 1978‬ط ‪ ، 1‬بيروت ‪ ، 1980‬و ط ‪، 4‬‬
‫تونس ‪.1993‬‬

‫[‪  ]62‬وهؤالء كثيرون في القرن السابع الهجري‪ / 3‬الثالث عشر الميالدي ‪ ،‬انظر التفصيالت عند‪ ‬‬
‫األعسم ‪ ،‬الفيلسوف نصير الدين الطوسي‪ ، ‬ط ‪ 1‬بيروت ‪ ، 1975‬ط ‪ 3‬منقحة و مزيدة ‪ ،‬بيروت ‪.1980‬‬
‫و قارن‪ :  ‬هنري كوربان ‪ ،‬تاريخ الفلسفة االسالمية‪ ، ‬الترجمة العربية‪ ،‬بيروت ‪.1966‬‬

‫[‪ . ]63‬انظر‪  ‬النشرة‪  ‬المعتمدة ‪ ،‬تحقيق عثمان أمين‪ ،‬ط ‪  ،3‬القاهرة ‪.1968‬‬

‫[‪ . ]64‬انظر اآلن الطبعة‪  ‬الجدبدة ( بعناية و دراسة عبد األمير األعسم ) في دار المناهل للنشر‪ ،‬بيروت‬
‫‪.2006‬‬

‫[‪ . ]65‬راجع ما يقوله األعسم عن تقسيم العلوم تبعا للخوارزمي الكاتب في بحثه ‪ :‬كتاب مفاتيح‬
‫العلوم‪ ‬مصدرا‪ 3‬لتاريخ العلوم عند العرب ‪ ،‬نشر في دورية (‪ ‬االستشراف‪ – ‬سلسلة‪  ‬الثقافة المقارنة ) ‪،‬‬
‫المجلد ‪ . 1991 ، 4‬و انظره اآلن في مقدمة نشرة‪ ‬مفاتيح العلوم‪ ‬للخوارزمي‪ 3‬الكاتب‪ ،‬ط دار الماهل للنشر‬
‫‪ ،‬بيروت ‪.2006‬‬

‫[‪ . ]66‬باستثناء الماركسيين ‪ ،‬فتفسيرهم‪ 3‬لبناء العمران عند ابن خلدون انا يرجع الى موقف‪ 3‬خالصته أن‪"  ‬‬
‫فيي استقالل العلم عن الدين يجري ابن خلدون شوطا أبعد من جميع الفالسفة العرب " ‪ ،‬انظر ‪:‬‬
‫باتسييفا ‪ ،‬العمران البشري‪ ( 267 – 263 ،‬و االقتباس‪ 3‬ص ‪ 267‬س ‪ 2- 1‬من اسفل )‪.‬‬

‫[‪ . ]67‬من الممكن برأينا وصف‪ 3‬ابن خلدون بأنه فيلسوف‪ 3‬تاريخ و فيلسوف‪ 3‬عمران و فيلسوف‪3‬‬
‫حضارة ‪...‬الخ‪ ،‬لكن من الصعب برأينا في هذا السياق‪ 3‬أن نخرجه من أطره االجتماعية و السياسية و‬
‫التاريخية و الحضارية و الثقافية التي حدد نفسه بها مجتمعة في‪ ‬المقدمة‪ ‬كما معروف‪ 3‬لدى‪  ‬الباحثين‬
‫المدققين في تاريخ الفلسفة العربية في االسالم ‪ .‬قارن ‪.Brockelmann, C.,  GAL ,I, pp. 508 ff :‬‬

‫[‪ . ]68‬انظر ما قاله‪  ‬محسن مهدي ‪ Muhsin Mahdi ‬في كتابه‪Ibn Khaldun`s Pilosophy of   :‬‬
‫‪  : Hisory, London 1957 pp.27ff‬وقارنه ‪ ‬بما يقوله ناصيف نصار ‪  Nassif Nassar‬في مقالته‪ ‬‬
‫‪  Al-Abili, in: Etudes islamique, Paris 196 vol.XX p 103-104  :‬‬
‫[‪ . ]69‬تراجع نشرة محمد تاويت الطنجي ‪ ،‬القاهرة‪ ،1951  ‬ص ‪.34  -33‬‬

‫[‪. ]70‬انظر ‪ :‬باتسييفا ‪ ,‬العمران البشر قي مقدمة ابن خلدون ‪  ،‬الصفحات ‪. 60 ،59 ،58 ،57 ،56‬‬

‫[‪ . ]71‬أيضا‪ ، ‬ص ‪.61‬‬

‫[‪ . ]72‬أيضا‪ ، ‬ص ‪.71‬‬

‫[‪ . ]73‬في األصل المطبوع ‪ :‬نصر ( وهو غلط طباعي )‪.‬‬

‫[‪ . ]74‬العمران البشري‪ ،‬ص ‪ .71‬و تذكر باتسييفا في الهامش بعض األعمال التي نسبها المقري [‪ ‬نفح‬
‫صل‪ ، ‬وهو‬
‫الطيب‪ ، ] 419 / 4 ،‬منها ‪ :‬بحث في المنطق ‪ ،‬وتلخيص كتاب ابن رشد‪   >. ،‬و < ‪ ‬لباب المح ّ‬
‫تلخيص لكتابالمحصل‪ ‬لفخر الدين الرازي ‪ [ ،‬أيضا‪ ، ‬هامش ‪.] 27‬‬

‫[‪ . ]75‬فكر ابن خلدون‪ ، ‬الصفحات ‪.43 ، 42 ، 41 ، 40‬‬

‫[‪. ]76‬أيضا ‪  ،‬الهوامش‪ 12  ‬الى ‪.22‬‬

‫[‪ . ]77‬انظر ‪ :‬ابن خلدون ‪ ،‬لباب المحصل في أصول‪ ‬الدين‪ ، ‬نشرة لوسيانو‪ 3‬روبيو ‪ ،‬تطوان ‪ ،1952‬ص‬
‫‪.3‬‬

‫[‪ . ]78‬قارن ‪ :‬ابن خلدون‪ ، ‬التعريف‪ ، ‬ص ‪ ، 64-63‬و ما يقوله الجابري ‪ :‬فكر ابن خلدون‪ ، ‬ص ‪،  42‬‬
‫صل‪ " ‬ما يدل على أن تفكيره الفلسفي قد بدأ يتفتّح و أن معارف الفلسفية‬ ‫ّ‬
‫ان عمل ابن خلدون في‪ ‬لباب‪ ‬المح ّ‬
‫قد أخذت تتسع و تتر ّكز‪ [ " 3‬أيضا‪ ، ‬ص ‪.] 42‬‬

‫[‪. ]79‬انظر ‪ :‬ابن خلدون‪ ، ‬لباب المحصل‪ ، ‬ص ‪ ،  3‬و قارن ‪ :‬الجابري ‪ ،‬فكر ابن خلدون‪، ‬ص ‪.42‬‬

‫[‪ . ]80‬الجابري‪ ، 3‬فكر ابن خلدون‪ ، ‬ص ‪.42‬‬

‫[‪ . ]81‬قارن ما يقوله الجابري‪ 3‬بهذا الخصوص ‪ " :‬واضح من كالم ابن خلدون هنا [ إشارة الى‪ ‬لباب‬
‫صل‪ ‬الرازي‬‫صل‪ ، ‬ص‪ ] 3‬أنه درس على اآلبلي كتبا فلسفية أخرى ‪ ،‬قبل دراسته ل> ‪ ‬كتاب‪ < ‬مح ّ‬ ‫المح ّ‬
‫وشرح الطوسي‪ 3‬عليه‪ .‬فما هي هذه الكتب؟ و من هم الفالسفة الذين تعرّف ابن خلدون على آرائهم قبل‬
‫صل‪ ‬و بعدها ؟ إننا‪  ‬ال نجد في‪ ‬اللباب‪ ‬ما يفيدنا في هذا األمر شيئا‪ " .‬انظر ‪ :‬فكر‪  ‬ابن خلدون‪،‬‬
‫دراسته للمح ّ‬
‫ص ‪ ، 42‬فقرة ‪. 3 -2‬‬

‫[‪ . ]82‬أيضا‪ ، ‬ص ‪ ، 42‬فقرة ‪.4 -3‬‬

‫[‪ . ]83‬انظر ‪ :‬المقدمة‪ ، ‬ط‪ .‬الكشاف ‪.429 ،‬‬

‫[‪ . ]84‬أيضا‪ ، ‬ص ‪.430 – 429‬‬

‫[‪ ]85‬أيضا‪ ‬ص‪.489 – 430  ‬‬

‫[‪ . ]86‬انظر ‪ :‬المقدمة‪ ، ‬ط الكشاف ‪ ،‬ص ‪.492-489‬‬


‫[‪ . ]87‬أيضا‪ ، ‬ص ‪. 493 - 492‬‬

‫[‪ . ]88‬أيضا‪ ، ‬ص ‪. 494  - 493‬‬

‫[‪ . ]89‬أيضا‪ ، ‬ص ‪. 494‬‬

‫[‪ .]90‬أيضا‪ ،‬ص ‪.496 – 495‬‬

‫[‪. ]91‬أيضا‪ ، ‬ص ‪514 -496‬‬

‫[‪. ]92‬أيضا‪ ،‬ص ‪519 -514‬‬

‫[‪. ]93‬أيضا‪  519 ، ‬و ما يليها‪.‬‬

‫[‪ . ]94‬أنظر كتاب األعسم ‪ ،‬الفيلسوف الغز!لي‪ ، ‬ط‪ ،1  ‬بيروت‪ ، 1974  ‬و ط ‪ ، 4‬تونس ‪. 1988‬‬
‫فهناك تفصيالت كثيرة عن التداخل بين موقف‪ 3‬الغزالي الروحي‪ 3‬و موقفه العقلي ‪ ،‬هذا التداخل الذي أخل ّ‬
‫بمسار‪ 3‬الفلسفة الى ح ّد‪  ‬إيقاف التفلسف و النهي‪  ‬عنه بل الدفع الى دحض الفالسفة من جهة أنه قصد‬
‫تكفيرهم و اتهامهم بالزندقة‪  ‬خصوصا في مسألة قدم العالم ‪ .‬أنظر اآلن‪  ‬تفصيالت مسألة قدم‪ 3‬العالم نموذجا‪3‬‬
‫عند فائزة تومان ‪ ،‬موقف الغزالي و ابن رشد من فلسفة أرسطو في قدم العالم ‪ (،‬أطروحة دكتوراه فلسفة‬
‫‪ ،‬قسم الفلسفة بكلية اآلداب ‪ /‬جامعة بغداد ‪.)2005‬‬

‫[‪ . ]95‬أنظر ‪.Brockelmann,  GAL , I, pp. 506 ff  :‬‬

‫[‪  . ]96‬راجع ط‪ .‬القاهرة ‪ .1323/1903‬و راجع بحث تريتون‪A.S. Tritton , The Muhassal   ‬‬
‫‪by Muhammad.b. `Umar  ar-Razi, Oriens (= Journal of the International Society‬‬
‫‪ .for Oriental Research ), Leyden 1967,XVIII-XIX‬‬

‫[‪ . ]97‬أنظر ‪Mahdi, Ibn Khaldun`s Philosophy of History. P. 36 :‬‬

‫[‪ . ]98‬أنظر ‪ :‬أصل الكتاب نشر على هامش‪ ‬محصل‪ ‬الرازي‪ ،  ‬القاهرة ‪،1323/1903‬و قارن ‪:‬‬
‫األعسم ‪ ،‬الفيلسوف نصير الدين الطوسي‪ ، ‬ط‪  ‬بيروت ‪ ، 1980‬ص‪ ،144‬وقارن ص ‪ 84‬رقم‪. 48 3‬‬

‫صل‪ ‬الرازي "‪ ،‬للتفصيالت‪ ‬‬


‫[‪ . ]99‬كما بحث ذلك األعسم ذلك ألول مرة‪  ‬في‪"  ‬موقف‪ 3‬الطوسي من‪ ‬مح ّ‬
‫انظر اآلن ‪:‬الفيلسوف نصير‪ ‬الدين‪ ‬الطوسي‪ ،‬ط‪ 1‬بيروت ‪ ، 1975‬وقارن ‪ :‬ط ‪ ، 2‬بيروت‪ 1980 3‬ص‬
‫‪.149 – 144‬‬

‫[‪ . ]100‬راجع ما يقوله األعسم في تداخل المباحث الفلسفية و الكالمية عند الغ ّزالي ‪ ،‬انظر‬
‫كتابه‪ ‬الفيلسوف الغ ّزالي‪ ، ‬ط ‪ ،4‬تونس ‪ ،1988‬ص ‪ . 63 -53‬فهناك كما الحظنا‪ 3‬إزدواجية الفلسفة و‬
‫الكالم والتص ّوف‪ 3‬عند الغ ّزالي‪  ‬على نحو ظاهر بيّن ال خفاء فيه‪  ،‬في ضوء ما نبّه فنسنك‪  ‬اليه بأن من‬
‫الضروري التفريق بين الغ ّزالي كصوفي و الغ ّزالي كمعتقد ‪ ،‬انظر ‪Wensinck, A.J., Muslim  :‬‬
‫‪ . Creed, Cambridge 1932, p. 96‬و لذلك تكمن قوّة الغ ّزالي في أنّه كان مفكرا من طراز خاص ‪ ،‬‬
‫كما بحث ذلك فنسنك‪ 3‬نفسه فيما بعد ‪ ،‬انظر التفصيالت ‪de Ghazzali, Paris 1940  Wenisnck,  :‬‬
‫‪A.J. , La  penesee‬‬

‫[‪ . ]101‬انظر األعسم ‪ ،‬الفيلسوف نصير الدين الطوسي‪ ،‬ط‪ ، 2‬ص ‪.145‬‬
‫[‪ . ]102‬و يرى محسن مهدي أن الرازي " أثّر في التقارب الجديد بين المعرفة الفلسفية العقلية و‬
‫الدراسات الدينية " ‪ ،‬انظر كتابه‪ Khaldun`s Philosophy of History, pp. 30, 140.   Ibn   :  ‬‬
‫ان الرازي‪  ‬كان " أقرب الى الفالسفة " [‪  ]  Ibid., p. 141 ‬من سابقية من علماء الكالم على نحو‬ ‫‪ ،‬بل ّ‬
‫خالف منهج الغ ّزالي في المناقضات ‪ ،‬وفي هذا يكمن سر اهتمام الطوسي‪ 3‬بأقواله ‪ .‬فالرازي‪ 3‬حاول أن‬
‫يرفض منهج القدماء و مبادئهم ‪ ،‬التي أقاموها‪ 3‬أصال على منطق‪ 3‬أرسطوطاليس‪ ، 3‬فأقام براهين جديدة تقوم‬
‫على منطق أرسطوطاليس‪ 3‬نفسه‪ ،‬و استعار الكثير من األفكار الطبيعية و الميتافيزيقية من الفالسفة ‪.‬‬
‫قارن ‪ :‬األعسم ‪ ،‬الفيلسوف نصير الدين الطوسي‪ ،‬ط ‪ ،2‬ص ‪ ، 146‬و قارن ‪Mahdi, op. cit.,p. :‬‬
‫‪105‬‬

‫[‪ . ]103‬انظر‪  ‬تفصيالت رأي األعسم في سينوية الغ ّزالي ‪ ،‬كتاب‪ ‬المصطلح الفلسفي عند العرب‪ ، ‬ص‬
‫‪ 83‬و ما يليها‪.‬‬

‫[‪ . ]104‬فالطوسي‪  3‬كان حريصا‪  ‬كل الحرص على السينوية ‪ ،‬و أمينا ‪ ‬الى منتهى األمانة‪  ‬على منهج ابن‬
‫سينا ن و مخلصا كل االخالص لصدوره الفلسفي السينوي ‪ ...‬الخ ‪ ،‬انظر ‪ :‬األعسم ‪ ،‬الفيلسوف نصير‬
‫الدين الطوسي‪ ،‬ط ‪ ،147 ،2‬و قارن الصفحات ‪.155  -149‬‬

‫[‪ . ]105‬يبدو أن اآلبلي هو أول من عرّف المغرب بمؤلفات‪  ‬الطوسي الفلسفية ‪ ،‬و هذا ما احتمله محسن‬
‫مهدي‪   Mahdi, op. cit.p.27 ff  ‬تبعا لبركلمان‪ ، Brockelmann,  GAL , I, pp. 508 ff   ‬قارن‬
‫‪ :‬األعسم‪ ،‬الفيلسوف نصير الدين الطوسي‪ ،‬ص ‪.149 -148‬‬

‫[‪ . ]106‬قارن ‪ :‬ابن خلدون ‪ ،‬لباب المحصل في أصول الدين‪ ،‬نشرة لوسيا‪ 3‬نو روبيو‪ ، 3‬تطوان ‪.1952‬‬

‫صل أفكار المتقدمين و‬‫[‪ . ]107‬قارن نص ابن خلدون في كتابه‪  ‬السابق بنصوص ‪ :‬الرازي‪ ، 3‬مح ّ‬
‫المتأخرين من الفالسفة و المتكلمين‪ ، ‬القاهرة !‪ ،  323/193‬و على هامشه ‪ ،‬للطوسي‪ 3.‬و يبدو لنا اآلن‬
‫أن محسن مهدي‪  ‬الذي لم يشر لطبعة روبيو لكتاب ابن خلدون‪ ،‬الذي ظهر في الطبع قبل خمس سنوات من‬
‫تاريخ طبع مهدي لكتابه‪ ،‬فكأنه ال يعرف بنشرة‪ ‬اللباب‪ ، ‬و تبعا لذلك لم يطلع على النص الخلدوني ‪ ،‬و لهذا‬
‫فأحكامه مشكوك فيها ‪ ،‬طالما انّه يكتفي باإلشارة الى مخطوط االسكولاير برقم‪MS. Arabes , no.   [ 3‬‬
‫‪]  1614‬و أشار الى ديرينبورغ‪  ‬و ليفي‪ -‬بروفنسال‪ 3‬في‪   ‬وصفهما للمخطوط‪  3‬في كتابهما الكبير في‬
‫التعريف‪ 3‬بمخطوطات االسكولاير ‪ ،‬قارن ‪Derenbourg, H.  & Levi-Provencal, E.,  Les  :‬‬
‫‪manuscripts arabes de l`Esccurial,  Paris 1928,  III, p. 163‬‬

‫[‪ . ]108‬نخص بالشكر‪ 3‬و التقدير األستاذ الدكتور‪ 3‬عبدالوهاب بوحديبة رئيس المجمع التونسي‪ 3‬للعلوم و‬
‫اآلداب و الفنون في قرطاج ‪/‬تونس ‪  ،‬و الذي تكرّم بدعوتنا الى الملتقى‪ ،‬و ال ننسى الجهود التي بذلها‬
‫األستاذان العزيزان‪  ‬الدكتور عبد الرحمن التليلي‪  ‬األستاذ بجامعة تونس ‪ ،‬و الدكتور محمد صالح الجابري‬
‫مدير الموسوعة في المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم ( (‪ ALECSO‬بتونس‪ ،‬فالشكر لهما‬
‫موصول‪  3‬لكل ما ق ّدماه لنا‪  ‬و نحن في عدن و عمان و تونس‪.‬‬

You might also like