Professional Documents
Culture Documents
إن البحث في ابن خلدون على نحو جديد ليس بالمهمة اليسيرة ،ألن اإلسهام في تحديثه ال
يحقّق قراءة صحيحة خالية من الوقوع 3في التكرار و إعادة األقوال و األحكام التي سبق لباحثين متميزين
أن ساقوها 3في دراساتهم و أبحاثهم عن ابن خلدون :سيرته ،وفكره العام و الخاص ،في علم االجتماع و
علم العمران و فلسفة التاريخ و فلسفة الحضارة و علم السياسة ،وغيرها في الجغرافية و البيئة و الثقافة
والعلوم 3المتصلة باإلنسان .]1[ لكننا هنا ،نحن معنيان تمام العناية بمسألة هي من جهة كونها تمثل جوهر
موقف 3ابن خلدون من الفلسفة ،فذلك موضوع 3مهم للغاية ،لم يتضح في قراءات المعنيين بفكر ابن خلدون،
على الرغم من محاوالت بعض الباحثين إقحام األيدولوجيا من جهة [ ]2أو إقحام 3الفلسفة [ ]3عليه و على
المقدمة ،بل إن بعضهم 3أقحم المنطق [ ]4في قراءات ابن خلدون بحسبانه واحدا من المنطقيين العرب[
.]5و تبعا لذلك نحن بحاجة شديدة إلى إعادة تقويم موقفه من الفالسفة ،و العلوم المتصلة بها في
الموروث 3الفلسفي العربي و الوافد 3اليوناني الذي تغلغل في الفلسفة العربية في اإلسالم حتى وصل إلى ابن
خلدون]6[.
ومن الضروري 3أن نتساءل منذ البداية :كيف قرأ ابن خلدون الفلسفة ؟ و كيف تسنى له اإلطالع على
أقوال الفالسفة اليونانيين ( مثال إشاراته ألرسطو )[ ، ]7أو الفالسفة المسلمين ( مثال إشاراته إلى أبي
نصر الفارابي وأبي علي بن سينا ) ]8[.وليس في مقدورنا امتحان معرفة ابن خلدون لندرك على نحو
صحيح ،أ كان فعال يعرف فلسفة أرسطو 3والفارابي و ابن سينا من كتبهم ،أم تراه كان قد قرأها في كتاب
محدد أوجز فلسفات هؤالء على نحو مكرّس ،كما فعل أبو حامد الغ ّزالي في كتابه الشهير " مقاصد
الفالسفة " [ ]9الذي يمثل مسار الفلسفة المشائية بعرض دقيق 3موضوعي و بحياد فلسفي قصد منه
الغ ّزالي أن يجعله مقدمة ضرورية للرد على الفالسفة في كتابه اآلخر " تهافت الفالسفة " [ .]10و ليس
من قبيل المصادفة أن يأتي كالم ابن خلدون في مقدمته عن الفلسفة و المنطق في سياق الغ ّزالي الذي كان
واضح العبارة في الكتابين المذكورين على نحو يندر أن نجده في تاريخ الفلسفة العربية في كتب
مختصرات 3الفلسفة و الردود 3عليها [ .]11و كان ابن خلدون ال يشير إلي الكتابين صراحة(؟) ،فكانت
مناقضاته للفلسفة و الرد على الفالسفة في الفصل الذي خصصّه ( في إبطال الفلسفة و فساد منتحلها )[
]12على نحو أقل شأنا ![ ]13من عمل الغ ّزالي.
و نحن هنا في هذا البحث سنكشف 3الغطاء عن تلبيس بعض الباحثين بالدعوة إلى اعتبار ابن خلدون
فيلسوفا ،أوال و بالذات ،مع االعتراف بأنّه " اقتفى في معظم هذه المسائل أثر الغ ّزالي ،فانّه كان ذا نظرة
فلسفية إلى الكون و اإلنسان تكاد تكون خاصة به .وعلى أساس هذه النظرة شيّد فلسفته السياسية
واالجتماعية ،وعلى األصح نظرته الفلسفية إلى تاريخ اإلسالم "[ ,]14أما من جهة أنه كان انقلب على
الفلسفة التي بدأ بها في حياته العقلية[ ،]15فهذا أمر آخر يحتاج منّا إلى تدقيق ألنه ليس من الصحيح أن
نستخرج أقواال متناثرة مقتضبة البن خلدون ،مع تقرير أنه ،على الرغم من ابتعاده عن الدرس الفلسفي
بعد اعتزاله العمل السياسي ،يتح ّمس بعض الباحثين لع ّده فيلسوفا محترفا 3و من الفالسفة فعال [ ،]16و
لكننا مقتنعان تمام القناعة بمخالفة هذا الرأي ،لألسف ،فال نراه كذلك!.
كتب ابن خلدون مقدمته[ ]17سنة ، 1378 / 779وقد 3بلغ من العمر سبعا و أربعين سنة ،فجاءت
بال ريب ممثلة لما عاناه عصره الذي كان موصوفا 3بالتشرذم 3السياسي في المغرب ،بعد أن سقطت بغداد
على أيدي المغول سنة ، ]18[ 1258 / 656 فقد مرّت أربع و سبعون سنة على ضياع الدولة العربية
في المشرق ،إال مصر ،فكان ذلك إيذانا بتشرذم المغرب ،أيضا ،حتى سقوط غرناطة سنة [1492
، ]19وكان ذلك بعد وفاة ابن خلدون بست و ثمانين سنة فقد ضاعت األندلس في المغرب األقصى بعد
حروب االسترداد . 3من هنا كان القرنان 14و 15يمثالن عصر تراجع و انحطاط 3ومن أصعب القرون
في التاريخ إزاء القوى المتصاعدة الجديدة في أوروبا ، 3ففي وقت بدأت تتفكك حضارة المجتمعات
العربية مشرقا و مغربا[ ،]20كانت أوروبا 3تتصعد فيها الحضارة الجديدة ،و يكفي أن نرصد هنا حالتين:
.1 كان ابن خلدون قد ولد 1332 في تونس ، بعد وفاة ابن رشد في مراكش بمائة و أربع وثالثين سنة
.و المدهش أننا نالحظ هنا أنّه كما لم ينفع دفاع 3محمود قاسم عن ابن رشد في تقويم شخصيته العربية عند
الباحثين العرب المحدثين بعد قراءة ارنست رينان E.Renan للرشدية العبرية -الالتينية ، لم ينفع
أيضا دفاع محمد عابد الجابري عن ابن خلدون في تقويم شخصيته العربية في القراءات العربية و الغربية
على حد سواء منذ عهد البارون دي سالن
.2 وكان بعد وفاة ابن خلدون في القاهرة سنة ، ]21[1406بمائة وست وثالثين سنة ،ظهور ميكافيللي3
Macchiavelliالذي ولد سنة 1468في إيطاليا[ .]22فكان ذلك إيذانا بغياب ابن خلدون من ساحة
الثقافة األوروبية التي استأثرت بآراء ميكافيللي 3على نحو يحتاج إلى تفسير دقيق لمثل هذا الموقف
التعصبي 3بالضد من قبول 3صورة ابن خلدون ،و إال فالجهل األوروبي به و بمقدمته ،هو الذي أ ّخر معرفة
األوربيين بابن خلدون إلى مطلع الثلث األول من القرن العشرين [ ]23على الرغم من انتشار قراءة
المقدمة بالعربية منذ ]24[،1858و قراءتها بالفرنسية ابتداء من سنة]25[.1868
و بناء على ما تق ّدم ،نالحظ أن االختالف في قراءة سيرة ابن خلدون الذاتية[ ، ]26التي كتبها
بنفسه ،أو السير التاريخية المختلفة التي كتبها مؤرخوه أو الباحثون المحدثون من المستشرقين و
العرب[ . ]27وستتوالى 3الكتب و األبحاث و الدراسات عن ابن خلدون بعد المؤتمر الدولي عن ابن
خلدون في الجزائر ،1978لكن ،ليست ا لمتابعة الببليوغرافية هنا من مشاغلنا في هذا البحث]28[.
األولى :أن ابن خلدون استطاع 3أن يكتب المقدمة على نحو ال نظير له في دراسة العمران ،كما
س ّمى جهده المبذول في قراءة التاريخ البشري .
الثانية :أن ابن خلدون ق ّدم لنا تفسيرات فلسفية في إعادته تحليل المجتمع البشري في ضوء
الحضارة :نشوئها ،و نموها ،و ازدهارها ،ثم انحاللها ،و سقوطها ،و اندثارها .
الثالثة :لم يكن ابن خلدون في تفسيراته ،و ال من جهة تأويالته أحيانا ،يمكن أن يدخل ميدان
الفلسفة احترافا ،بل استفاد منها في تشكيل تصورات تنظّم قوانين األنسنة .
ولغرض البحث في هذه المسائل من جهة تناولها 3عند ابن خلدون ،سنقوم ، 3اآلن ،بعرض النص
الخلدوني 3في الفصل الرابع و العشرين " في إبطال الفلسفة و فساد منتحلها "[ ]29لنقيم عليه حججنا في
أصول موقف 3ابن خلدون من الفلسفة ،و مديات اتصاله بالفلسفة التي وصلت إليه من المشرق ،و ما اطلع
عليه منها في المغرب.
.1هذا الفصل و ما بعده[ ]31مهم ألن هذه العلوم عارضة في العمران كثيرة في المدن ،وضررها في
ق فيها .و ذلك أن قوما من عقالء النوع الدين كثير ،فوجب أن ِيَََُُِ3صدع 3بشأنها ،و يُكشف عن المعتقد الح ّ
أن الوجود كله ،الحسّي منه وما وراء الحسّي ،تُدرك أدواته و أحواله بأسبابها 3و عللها اإلنساني 3زعموا ّ
باألنظار 3الفكرية و األقيسة العقلية .و أن تصحيح العقائد اإليمانية من قبل النظر ال من جهة السمع ،فإنها
بعض من مدارك العقل .و هؤالء يُسمون فالسفة ،جمع فيلسوف 3و هو باللسان اليوناني[ ]32محب
الحكمة[ .]33فبحثوا 3عن ذلك ،و ش ّمروا له ،وحوّموا على إصابة الغرض منه ،ووضعوا قانونا 3يهتدي
به العقل في نظره إلى التمييز 3بين الحق و الباطل و س ّموه بالمنطق[.]34
....]35[ .2 إن التصور 3التام عندهم هو غاية الطلب اإلدراكي ،وإنما ّ [ص ]515ا التصديق وسيلة
له .و ما تسمعه في كتب المنطقيين[ ]36من تق ّدم التصور و توقّف التصديق 3عليه فبمعنى 3الشعور ال
بمعنى العلم التام .و هذا هو مذهب كبيرهم أرسطو[. ]37
...]38[ .3ثم يزعمون أن السعادة في إدراك الموجودات كلها ،ما في الحس و ما وراء الحس ،بهذا
النظر وتلك البراهين ....و إمام هذه المذاهب الذي حصّل مسائلها و دوّن علمها وسطّر 3حججها ،فيما بلغنا
في هذه األحقاب ،هو أرسطو 3المقدوني من أهل مقدونيا 3من بالد الروم ،من تالميذ أفالطون ،و هو معلم
اإلسكندر 3و يس ّمونه المعلم األول على اإلطالق ،يعنون معلّم صناعة المنطق[ ، ]39إذ لم تكن قبله ّ
مهذبة
،و هو أول من رتّب قانونها و استوفى 3مسائلها و أحسن بسطها 3.ولقد أحسن في ذلك القانون ما شاء لو
تكفّل له بقصدهم في اااللهيات ثم كان من بعده في اإلسالم من أخذ بتلك المذاهب واتبع فيها رأيه حذو
أن ُكتب أولئك المتقدمين ل ّما ترجمها الخلفاء من بني العباس من اللسان
النعل بالنعل إال في القليل ،و ذلك ّ
ّ ّ
اليوناني 3إلى اللسان العربي ، تصفحها كثير من أهل الملة ،و أخذ من مذاهبهمَ 3من أضله هللا من منتحلي
العلوم ، وجادلوا 3عنها و اختلفوا في مسائل من [ . ]40تفاريعها . 3و كان من أشهرهم أبو نصر الفارابي[
]41في المائة الرابعة لعهد سيف الدولة ،و أبوعلي بن سينا[ ]42في المائة الخامسة لعهد نظام [ ص
]516ال ُملك من بني بويه بأصبهان وغيرهما.
و اعلم ّ
أن هذا الرأي ،الذي ذهبوا إليه ،باطل بجميع وجوهه
> <2
أما إسنادهم الموجودات كلها إلى العقل األول و اكتفاؤهم به في الترقي إلى الواجب ،فهو قصور 3عما
وراء ذلك من رُتب ِخِلٍِ•3ق هللا .فالوجود أوسع نطاقا من ذلك ( و يخلق ما ال تعلمون ) ،و كأنهم في
اقتصارهم على إثبات العقل فقط و الغفلة عما وراءه بمثابة الطبيعيين المقتصرين على إثبات األجسام،
خاصة المعرضين عن النقل و العقل ،المعتقدين أنّه ليس وراء الجسم في حكمة هللا شيء.
><3
أما البراهين التي يزعمونها 3على مدعياتهم في الموجودات ،و يعرضونه على معيار 3المنطق و قانونه ،
فهي قاصرة و غير وافية بالغرض.
أما ما كان منها في الموجودات الجسمانية ن و يسمونه العلم الطبيعي ن فوجه قصوره أن المطابقة بين
تلك النتائج الذهنية التي تُستخرج 3بالحدود و األقيسة كما في زعمهم ،وبين ما في الخارج غير يقيني ألن
تلك أحكام ذهنية كلية عامة.و الموجودات 3الخارجية متش ّخصة بموادها ،ولعل في المواد ما يمنع مطابقة
الذهني الكلي للخارجي الشخصي ،اللهم إال ما ال يشهد له الحس من ذلك فدليله شهوده ،ال تلك البراهين .
فأين اليقين الذي يجدونه فيها ،وربما 3يكون تص ّرف 3الذهن أيضا في المعقوالت األول المطابقة
للشخصيات بالصور الخيالية ال في المعقوالت الثواني التي تجريدها في الرتبة الثانية ،فيكون الحكم حينئذ
يقينيا بمثابة المحسوسات ،إذ المعقوالت األول أقرب إلى مطابقة الخارج لكمال االنطباق 3فيها ،فنسلّم 3لهم
حينئذ دعاويهم في ذلك .إال أنه ينبغي لنا اإلعراض عن النظر فيها إذ هو من ترك المسلم لما ال يعنيه.
><4
و أما ما كان منها في الموجودات التي وراء الحس ،وهي الروحانيات ، 3ويس ّمونه العلم اإللهي و علم ما
بعد الطبيعة [ّ ، ]44
فان ذواتها 3مجهولة رأسا و ال يمكن التوصّل إليها وال البرهان عليها[ ، ]45ألن
تجريد المعقوالت من الموجودات الخارجية الشخصية إنما هو ممكن فيما هو ُمدرك لنا ،ونحن ال ندرك
الذوات الروحانية حتى نجرّد منها ماهيات أخرى بحجاب الحس بيننا و بينها ،فال يتأتى لنا برهان عليها
ُُُ
و ال ُُُمدرك لنا في إثبات وجودها على الجملة إال ما نجده بين جنبينا من أمر النفس اإلنسانية و أحوال
مداركها 3و خصوصا 3في الرؤيا التي هي وجدانية لكل أحد و ما وراء ذلك من حقيقتها و صفاتها [ ص
] 517فأمر غامض ال سبيل إلى الوقوف 3عليه .وقد صرّح بذلك محققوهم حيث ذهبوا إلى أن ما ال مادة له
ال يمكن البرهان عليه ،ألن مقدمات البرهان من شرطها أن تكون ذاتية.
>< 5
و قال كبيرهم 3أفالطون :إن اإللهيات ال يُوصل فيها إلى أينين ،و إنما يُقال فيها باألخلق و األولى ،يعني
الظن.
و إذا كنّا إنما نحصُل بعد التعب و النصب على الظن فقط ،فيكفينا الظن الذي كان أوال ،فأ ّ
ي فائدة لهذه
العلوم و االشتغال بها ،و نحن إنما عنايتنا بتحصيل اليقين فيما وراء الحس من الموجودات .و هذه هي
غاية األفكار اإلنسانية عندهم.
> < 6
عن السعادة في إدراك الموجودات على ما هي عليه بتلك البراهين ،فقول مزيف 3مردود ،و و أما قولهمّ 3
أن اإلنسان مركب من جزأين ،أحدهما جسماني ،و اآلخر روحاني 3ممتزج به ،و لكل واحد من تفسيره ّ
الجزأين مدارك مختصة به ،و ال ُمدرك فيهما واحد وهو الجزء الروحاني يُدرك تارة مدارك روحانية و
تارة مجارك جسمانية ،إال ّ
أن المدارك الروحانية يُدركها بذاته بغير واسطة ،و المدارك الجسمانية
بواسطة آالت الجسم من الدماغ و الحواس ،وكل مدرك فله ابتهاج بما يدركه ...فال شك أن االبتهاج
باإلدراك 3الذي للنفس من ذاتها بغير واسطة يكون أشد و ّ
ألذ ،فالنفس الروحانية إذا شعرت بإدراكها 3الذي
لها من ذاتها بغير واسطة حصل لها ابتهاج و ّ
لذة ال يُعبر عنهما .و هذا اإلدراك ال يحصل بنظر 3و ال علم ،
و إنما يحصل بكشف حجاب الحس ونسيان المدارك الجسمانية بالجملة.
والمتصوفة كثيرا ما يُعنون بحصول هذا اإلدراك للنفس بحصول 3هذه البهجة ....
و هذا الرأي زعموه بتقدير صحته مسلّم لهم ،و هو مع ذلك غير واف بمقصودهم3.
><7
إن أول شيء نُعنى به في تحصيل هذا اإلدراك إماتة هذه القوى الدماغية كلها ،ألنها منازعة
و نحن نقول ّ :
له ،قادحة فيه.
>< 8
و تجد الماهر منهم عاكفا [ ] 518على كتاب الشفاء ،و اإلشارات ،و النجاة[ ]46و تالخيص ابن رشد
[ ،]47للقصّ من تأليف أرسطو 3وغيره [ ، ]48يبعثر أوراقها 3و يتوثّق 3من براهينها ،و يلتمس هذا القسط
من السعادة فيها و ال يعلم أنّه يستكثر 3بذلك من الموانع عنها ،و مستندهم 3في ذلك ما ينقلونه عن أرسطو ،
أن من حصل له إدراك العقل الفعّال و اتصل به في حياته ،فقد حصّل حظّه من هذه والفارابي ، 3و ابن سينا ّ
السعادة.
و العقل الفعّال [ ،]49عندهم ،عبارة عن أول رتبة ينكشف عنها الحس من رتب الروحانيات ،و
يحملون االتصال بالعقل الفعّال على اإلدراك العلمي .وقد رأيت فساده .و إنما يعني أرسطو[ ]50و
أصحابه بذلك االتصال و اإلدراك ،إدراك النفس الذي لها من ذاتها و بغير واسطة و هو ال يحصل إال
بكشف حجاب الحس.
< 9 >
إن البهجة الناشئة عن هذا اإلدراك هي عين السعادة الموعود بها ،فباطل أيضا ،ألنّا إنما تبيّن أما قولهم ّ :
ّ
أن وراء الحس ُمدركا آخر للنفس من غير واسطة ،و أنها تبتهج بإدراكها ذلك ابتهاجا لنا بما قرروهّ
ُ ّ
شديدا ،و ذلك ال يُعيّن لنا أنه عين السعادة األخروية ،و ال ب ّد بل هي من جملة المالذ التي لتلك السعادة.
> <10
إن السعادة في إدراك هذه الموجودات على ما هي عليه ،فقول باطل مبن ّي على ما كنّا ق ّدمناه
أما قولهم ّ :
في أصل التوحيد من األوهام و األغالط في أن الوجود عند كل ُمدرك منحصر 3في مداركه .و بيّنا فساد3
إن الوجود أوسع من أن [ ]51يُحاط به أو يُستوفى إدراكه بجملته روحانيا 3أو جسمانيا ،و الذي ذلك .و ّ
أن الجزء الروحاني إذا فارق القوى الجسمانية أدرك إدراكا ذاتيا يحصل من جميع ما قررناه من مذاهبهم ّ
له مختصا بصنف من المدارك ،وهي الموجودات التي أحاط بها علمنا وليس بعام اإلدراك في
الموجودات 3كلها إذ لم تنحصر ،و أنّه يبتهج بذلك النحو من اإلدراك ابتهاجا كما يبتهج الصبي بمداركه
الحسية في أول نشوئه[ . ]52و من لنا بعد ذلك بادراك جميع المجودات [ ، ]53أو بحصول السعادة التي
وعدنا بها الشارع 3إن لم نعمل لها هيهات هيهات لما توعدون.
<11 >
أما قولهم إن اإلنسان مستقل بتهذيب نفسه و إصالحها 3بمالبسة المحمود من ال ُخلق و مجانبة المذموم ،فأمر3
أن ابتهاج للنفس بأما قولهم إن اإلنسان مستقل بتهذيب نفسه و إصالحها بمالبسة المحمود من مبن ّي على ّ
أن ابتهاج النفس [ ]54بإدراكها الذي لها من ذاتها هو عين ال ُخلق و مجانبة المذموم ،فأمر مبن ّي على ّ
ألن الرذائل عائقة للنفس عن تمام إدراكها 3ذلك بما يحصل لها من الملكاتالسعادة الموعود بها ّ ،
الجسمانية و ألوانها .و قد بيّنا أن أثر السعادة و الشقاوة من وراء اإلدراكات الجسمانية و الروحانية[ .
] 519فهذا التهذيب الذي توصّلوا 3إلى معرفته إنما نفعه في البهجة الناشئة عن اإلدراك الروحاني فقط
الذي على مقاييس و قوانين .و أما ما وراء ذلك من السعادة و التي بها الشارع على امتثال ما أمر به من
األعمال و األخالق ،فأم ٌ3ر ال تحيط[ ]55به مدارك المدركين .و قد تنبّه لذلك زعيمهم أبو علي بن []56
سينا ،فقال في كتاب المبدأ المعاد [ ، ]57ما معناه ّ
إن المعاد الروحاني و أحواله هو ما يتوصّل إليه
بالبراهين العقلية و المقاييس ،ألنّه على نسبة طبيعية محفوظة و وتيرة واحدة ،فلنا في البراهين عليه
سعة .و أما المعاد الجسماني و أحواله فال يمكن إدراكه بالبرهان ألنّه ليس على نسبة واحدة ، و قد
بسطته لنا الشريعة الحقّة المحمدية ،فلينظر 3فيها ،و ليرجع في أحواله إليها .فهذا العلم ،كما رأيته غير
واف بمقاصدهم 3التي حوّموا عليها مع ما فيه من مخالفة الشرائع و ظواهرها ،وليس له فيما علمنا إال ثمرة
ٍ
ّ
واحدة و هي شحذ الذهن في ترتيبا ألدلة و الحجج لتحصيل ملكة الجودة و الصواب في البراهين ،و ذلك
ّ
أن نظم المقاييس و تركيبها على وجه اإلحكام و اإلتقان هو كما شرط المنطقية.
و قولهم بذلك في علومهم الطبيعية ،و هم كثيرا ما يستعملونها 3في علومهم الحكمية[ ]58من الطبيعيات و
التعاليم ،و ما بعدها ،فيستولي الناظر فيها بكثرة استعمال البراهين بشروطها على ملكة اإلتقان و الصواب
في الحجج و االستدالالت ألنها ،و إن كانت غير وافية بمقصودهم 3،فهي أصح ما علمناه من قوانين
األنظار3.
هذه ثمرة هذه الصناعة مع اإلطالع على مذاهب أهل العلم و آرائهم ،و مضارّها 3ما علمت[ . ]59فليكن
الناظر فيها متحرّزا 3جهده من معاطبها ،وليكن نظر من ينظر فيها بعد االمتالء من الشرعيات و اإلطالع
على التفسير و الفقه و ال ين ّكب ّّن [ ]60أحد عليها و هو خلو من علوم الملّة ،فق ّل أن يسلم لذلك من
معاطبها........ 3.
نحن ،هنا ،بال شك أما جملة من المعضالت المرجعية في قراءة ابن خلدون للفلسفة ،و منها :
كيف يمكننا أن نقبل هذا التعميم في األحكام العامة غير الموثّقة عن كل ما ينقله ابن خلدون عن الفالسفة ،
يونانيين و مسلمين ،و إلى أي مدى يمكننا أن نضعه في مرتبة الفالسفة من الصف األول الذين انتقدهم
انتقادا الذعا كأفالطون و أرسطوطاليس و الفارابي و ابن سينا و ابن رشد ،و على نحو يخالف الطريقة
التي يتمسك بها الفالسفة الذين هم أدنى مرتبة من التمسك بهؤالء الكبار من قبل فالسفة أدنى شأنا في
الصف الثاني [ ]61أو الصف الثالث[ ]62؟
إن تصنيف العلوم الذي اتبعه ابن خلدون يظهره مخالفا لمنهج الفارابي في كتاب إحصاء العلوم [،]63أو
الخوارزمي الكاتب في كتاب مفاتيح العلوم [ ، ]64و كأنّه أراد أن يغيّر في خارطة التقسيمات التي ورثها
اإلسالميون من جهة أن العلوم هي تلك التي وردت في األعمال الكاملة ألرسطوطاليس ،أو استحدثوها 3في
تطورهم المعرفي 3فصارت مخصصة للعربية ،أما الموروثة فهي األعجمية ]65[.إذا أخذنا بالمبادئ3
األولى لتأسيسات فكر 3ابن خلدون في العمران ،يمكننا أن نفهم لماذا يحاول دائما أن يعالج القضايا
الطبيعية المادية على حساب الرصيد الواسع القضايا اإلنسانية ،فكأنه يقترب إلى التفسير المادي لألشياء
على الرغم من أنّه يلجأ إلى التفسير الروحي عندما يتعرض للفالسفة من جهة أنّه يتعامل مع الواقع و ليس
مع ما هو خارج الواقع أو منفصل عنه طالما أنّه ال يتناول قضايا الدين أوال و بالذات]66[.
من هذه المنطلقات نستطيع 3بسهولة أن نتبيّن لماذا نحن نخالف اآلراء التي تذهب إلى أن ابن خلدون
كان يتفلسف على طريقة الفالسفة و مناهجهمّ .
إن هذا الذي نقوله ال يخرج ابن خلدون من دائرة أمرين
مهمين ،وهما :
األول /دراسة المجتمع البشري في النشأة و التطوّر والحضارة و االنحالل و السقوط .و من
إن ابن خلدون كان األول في هذا االجتهاد [ ،]67و ننسى أفالطون و أرسطوطاليس3 منّا يتجرّأ على القول ّ
و أفلوطين مرورا بالرواقية و األبيقورية ،حتى أوغسطين و بعده الفارابي و ابن سينا ،ومدرسة بغداد
الفلسفية و المدرسة المشرقية مرورا 3بالغ ّزالي و ابن رشد ،وصوال إلى فخر الدين الرازي و سيف الدين
إن هؤالء ال يمكن أن يكونوا 3كلهم على غلط بكفة و أن ابن خلدون علىاآلمدي و نصير الدين الطوسيّ 3.
صواب بكفة أخرى.
الثاني /إن الدرس الفلسفي البن خلدون ال يستند إلى معرفة تفصيلية بأقوال 3الفالسفة و مذاهبهم ،بل
وجدناه ال يذكر ،إن أراد تعريف قارئه بإطالعه على الفالسفة ،فقط الكبار كأفالطون و أرسطوطاليس
من اليونانيين ،و الفارابي و ابن سينا من اإلسالميين ،و إن ذكر غيرهم في السياق العام ،كمواطنه ابن
رشد ،فكأنّه واحد من التابعين للفارابي و ابن سينا ،في حين يذكر فخر الدين الرازي باعتباره من
الفالسفة الكبار و كذلك نصير الدين الطوسي. 3
و قد تصور بعض الباحثين أن تأثير أآلبلي في ابن خلدون كان من العمق بحيث ّ
أن فلسفة اآلبلي قد
انتقلت الى ابن خلدون ،أو باألحرى القول ّ
إن هذا األخير قد وقع في دائرة المعرفة اآلبلية التي أثرت في
عقيدته .وتعتقد باتسييفا بما هو أشد وقعا 3من هذا اإليجاز الذي قلناه ،فتقول " :لقد صيغت أسس عقيدة ابن
خلدون تحت تأثير اآلبلي الذي مجّده ابن خلدون ،والذي استشهد 3بتأثيره أكثر من مرّة في طائفة من
المسائل الهامة .و من الواضح أن أبحاثه في الرياضة و المنطق و الفلسفة كتبت تحت تأثير معلم ابن
خلدون " [ ، ]72أي األستاذ اآلبلي بدا لباتسييفا 3كأنه " يعرف ألول مرة بالتفصيل في فلسفة ابن خلدون ،
فتحت اشرافه درس ابن خلدون أعمال ابن سينا ،و فخر الدين الرازي ،و نصير [ ]73الدين الطوسي ،
وابن رشد " [ . ]74و قريبا 3من هذا االتجاه نالحظ الجابري [ ]75في تناوله لعالقة ابن خلدون باآلبلي ،
لكن مع بعض التفصيالت المستحدثة على باتسييفا 3في مرجعياته العربية [ ،]76لكن الجابري 3ال يقطع
برأي في الدرس المع ّمق المنظّم للفلسفة البن خلدون على اآلبلي ،بل انه يحتمل و يخ ّمن و يظن و يستنتج
من إشارات عابرة البن خلدون في مقدمته لكتاب لباب المحصّل [ ]77أو من تنصيصات عامة في كتابه
التعريف 3بابن خلدون الذي ألّفه في العشرين من عمره كما ألمحنا من قبل ]78[.
لكن كل هذه األقوال ( لباتسييفا او الجابري ) ال تدل على رصانة في الرأي و ال هي محكومة
بمنطق 3البحث العلمي الذي يستوجب برأينا الفعل الواضح و القول الصريح في قراءة النصوص التي بين
أيدينا في كتابيه التعريف 3و المحصل ،فكالهما ال يفيد التعبير عن واقع ابن خلدون الفلسفي في تلك الفترة
المب ّكرة من عمره من جهة أنه اطلع على أعمال الفالسفة الكبار .و ليس كتابه لباب المحصل يعكس لنا
عند درسه و تحليله ما يدل فعال على أن ابن خلدون قد قرأ الفارابي و ابن سينا و ال حتى األعمال الكاملة
لفخر الدين الرازي أو لنصير 3الدين الطوسي ،فالصحيح عندنا أنه قرأ محصّل الرازي و اطلع على كتاب
تلخيص المحصّل للطوسي 3اللذين يصفهما ابن خلدون بقوله في درسه على اآلبلي ... " : إلى أن قرأنا
بين يديه كتاب المحصّل الذي صّنفه االمام الكبير فخر الدين بن الخطيب [= الرازي ] ،فوجدناه كتابا
هذبته و حذو ترتيبهاحتوى على مذهب كل فريق ،و أخذ في تحقيقه كل مسلك و طريق ،فاختصرته و ّ
رتّبته ،و أضفت إليه ما أمكن من كالم االمام الكبير نصير الدين الطوسي ،و قليال من بنات فكري[ "...
. ]79
إن مشروع ابن خلدون في تأليفه كتاب لباب المحصّل لم يكن ،كما حسب الجابري [ ،]80معبّرا عن
موقف 3ناضج له من الفلسفة و الفالسفة [ .]81فمن الخطأ القول إنّه توصّل إلى النضج الفلسفي الكافي
لمصارعة الفالسفة على هذا النحو الذي يراه الجابري [ ]82الذي يف ّكك تلميحاته العامة على أنها درس
فلسفي يرقى 3إلى مرتبة الفالسفة في المرتبة األولى كابن سينا و ابن رشد ،أو المرتبة الثانية كفخر الدين
إن أي باحث ،في الرازي ونصير الدين الطوسي 3.و هذا كله يأتي ،برأينا ،من الفرضية التي تقول ّ
موضوع ما ،يحاول بكل الطرق 3أن يثبت فكرة ما في ذهنه حتى لو كانت ال تتطابق مع الواقع الذي بين
أيدينا من النصوص و السيرة و المؤلفات التي تركها لنا ابن خلدون !
فهل يصح أن نعتمد على كتاب لباب المحصّل البن خلدون للحكم عليه بالفيلسوف 3مطلقا ،و قبول نقده
للفلسفة على هذا األساس ،و هو بعد في عمر الشباب ؟ فنحن ال نجانب الح ّ
ق لو قلنا إننا الحظنا في
سياق عصر الشراح من القرن الثامن الهجري /الرابع عشر الميالدي ،فوجدنا العشرات ممن هم أكثر
ق تميّز على الجميع بفلسفته الخاصة بالعمران .و معنى هذا أننا ال نعرفتفلسفا من ابن خلدون ،لكنه بح ّ
له تفلسفا في المنطق و الطبيعة و ما بعد الطبية و األخالق و النفس و السياسة و ...الخ من مباحث الفلسفة
الكالسيكية المعروفة لدينا .و نخلص ،هنا ،الى أن ابن خلدون لم يؤلّف نصّا فلسفيا بحتا في غير لباب
المحصل ،و ليس في عمله الكبير في المقدمة إال تنظير 3متميّز في الجوانب البشرية على نحو لم يكن
مألوفا 3من قبله .و لهذا السبب ،و لغيره من األسباب ،يمكن أن ندرس ظروف 3لباب المحصّل لنؤ ّكد
المعاني التي قصدنا إليها في هذا البحث.
في الظروف 3الموضوعية لتأليف ابن خلدون لكتاب اللباب :
نحن ،هنا ،ال نقصد تقليل أهمية ابن خلدون في بنائه للعمران البشري على نحو ال نظير له في تاريخ
الفكر العربي ،االجتماعي و السياسي و الحضاري و الثقافي .لكن ذلك ال يساعدنا من منطلق 3إشكالية هذا
البحث في نقده للفلسفة ،و تبعا لذلك نقده للفالسفة و المذاهب الفلسفية ،و كأننا به كان ينظر الى الفلسفة
باعتبارها نشاطا 3فكريا إنسانيا فتعرّض لها بالنقد كما فعل مع" العلوم و أصنافها 3و التعليم و طرقه و سائر
وجوهه و ما يعرض في ذلك كله من األحوال . ]83[ "...و العلوم التي رآها متعلقة بالعمران ،و هي
عنده تش ّكل وحدة تحليلية لبيان الواقع اإلنساني ومدى 3تأثّره بحركة هذه العلوم .فقد أورد في فصول
متوالية :العلم و التعليم طبيعي في العمران البشري [ ، ]84التعليم للعلم من جملة الصنائع ...و هكذا
يتابع ابن خلدون في أن العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران و تعظم الحضارة ،فتح ّدث عن العلوم النقلية
في القرآن والحديث و الفقه والفرائض و أصول الفقه و علم الكالم ...وصوال الى علم التصوف 3و علم
تعبير الرؤيا[ . ]85بعد ذلك ينتقل الى العلوم العقلية ،و هي عنده :علم المنطق[ ،]86و الطبيعيات [،]87
و علم الطب [ ، ]88و الفالحة [، ]89علم اإللهيات]90[،
وعلوم السحر و الطلسمات [ ، ]91ثم يأتي الى إبطال الفلسفة و فساد منتحلها [ ]92فيعقبه بفصل في
إبطال صناعة النجوم و ضعف مداركها و فساد غايتها]93[.
بعد هذا العرض،ال نستطيع 3أن نصرّح بأن ابن خلدون قصد 3الى التفلسف البحت في تناوله لهذه
العلوم ،بل إنه أراد ،كما نرى من متابعتنا قراءة العلوم النقلية و العلوم العقلية ،أن يحلل الموقف
اإلنساني 3من جهة بنائه للعمران البشري و ليس من جهة تركيبه فلسفيا كما يفعل الفالسفة .و ليس بصعب
أن يتعقبه الباحثون ليتبيّنوا الفلسفة الخلدونية إنما هي فلسفة عمران من جهة أنها معنية باإلنسان فردا و
مجتمعات و دوال و ثقافات و حضارات في النشوء و االرتقاء و النمو و التطوّر و االرتقاء و اإلبداع
فاالنحالل و التفكك و السقوط و االندثار 3...هذا هو جوهر فلسفة ابن خلدون في العمران .عالوة على أننا
نجده دائما ال ينفك عن التمسّك بالدين شريعة و عقيدة ،فال يحكم على ظواهر 3اإلنسان والطبيعة إال
بمعايير 3الروح و الوحي من جهة أنهما صادران عن هللا ،و نافيا 3معرفة ما ال يصدر عن الحس في العالم
المحسوس من جهة المدركات الوجودية بالعقل ،ألنّه أساسا ال يسلّم بقدرات العقل على استكناه ما وراء
الحس إال بما نطق به الشرع .
و من الواضح هنا أن ابن خلدون يتابع الغ ّزالي[ ]94في موقفه العام من معرفته بالوجود عن طريق3
الشرع الذي حدده الوحي بالقوة اإللهية ،فليس في مقدور اإلنسان ،و ال البشرية مجتمعة ،توظيف العقل
لتفسير أسباب الكون و علله التي جاء بها الفالسفة.
و عودا على بدء هذه الفقرة من بحثنا ،نشير الى األهمية الكبيرة التي يعلّقها الدارسون الخلدونيون
على موقف 3ابن خلدون الفلسفي في كتابه اللباب الذي أت ّم تأليفه وهو في سن العشرين .و ال يعقل أن
درسه الفلسفي كان قد تجاوز طبيعة التعليم بعمل الموجزات ،و هي قاعدة علمية اتبعها اإلسالميون لتعويد
الطلبة على قراءة نصوص ما و تلخيصها 3و من ثم التعرف على مسالك علم محدد أوال و بالذات .أما
تأليف ابن خلدون لكتاب المحصّل للرازي و إطالعه على تفسير الطوسي ،فلم يكن غير طريقة تدريب
أرادها له أستاذه اآلبلي.
و أصل الموضوع أن فخر الدين الرازي ( توفي ، ]95[) 606/1209 3المحسوب على المتكلمين أكثر
من الفالسفة ،استطاع أن يعقد مزاوجة بين علم الكالم و الفلسفة في كتابه محصّل أفكار المتق ّدمين و
المتأخرين من الفالسفة و المتكلمين [ ، ]96الذي بدا فيه الرازي واحدا من أبرز السينويين بعد ابن سينا،
إن الرازي ، 3كمتكلّم
على الرغم من أنّه يخالف ابن سينا في الكثير من أفكاره ،وتبعا 3لمحسن مهدي ّ " :
جدلي ،انتقد ع ّدة مدارس فلسفية في هذا الكتاب ،و بوجه خاص بعض أفكار ابن سينا "[ ، ]97ومعنى
هذا أن " الرازي هنا ،أيضا ،يسجل لنفسه و لمدرسته موقفا ضد الفالسفة على العموم ،وابن سينا
بالذات .و لربما هذا الموقف ،بشطره األخير ،هو الذي حفّز نصير الدين > الطوسي < ليكتب مؤلفه :
تلخيص المحصل" ]98[.فإذا سبق لنا أن عرفنا منذ عهد بعيد يزيد على ثالثين عاما (= ، 1975 و
أن الطوسي لم يقصد الى تأليف تلخيص المحصّل لغرض تلخيصه " فعال ، أعيد نشره في ّ ]99[ )1980
بل قصد 3الى تصحيحه و نقده و إرجاع األفكار 3المطروحة من قبل الرازي ،في أصل المحصّل ،الى
أصولها " 3.و كأن الطوسي ، 3بهذا العمل ،يشير الى حقيقة ال مف ّر من االعتراف بها ،وهي :أن الصراع
بين الفالسفة و المتكلمين لم ينتِه بظهور 3الغ ّزالي ،ألن اختالف المنهجين في مباحث الفالسفة و نظائرها3
من مباحث المتكلمين قد امتد الى زمان هذا األخير ،ومنه بدأ التياران يتقاربان حتى زمان الرازي .على
أن ذلك التقارب كان من جانب واحد ،وال تفاعل فيه ،حيث وجدنا مباحث الغ ّزالي الكالمية تمتصّ الفلسفة ّ
،و هو ينقضها [ .]100كما وجدنا 3مباحث الرازي تستند الى الفلسفة و هي تنفض عن نفسها آثارها ،حتى
تحوّلت أفكار هذا األخير الى فلسفة دينية ]101[. أما من جهة ّ
أن علم الكالم كان ينأى في بدايات
المباحث الكالمية عن الفلسفة البحتة ،كما فعل المعتزلة و األشاعرة و الماتريدية و الشيعة االمامية ،و
غيرها من المدارس الكالمية ،فانّه من الممكن اآلن أن نفهم لماذا تمسّك ابن خلدون بالموقف الديني ،
باالستناد 3الى الوحي و الشرع دون العقل و الفلسفة .وهذا الموقف 3إنما نما و تط ّور 3بين الغزالي و الرازي
،فأعاد الطوسي االعتبار للفلسفة في مباحثه الكالمية على نحو قرّبها 3الى التفلسف أكثر من الجدل الكالمي
الذي قام به الرازي[ .]102و على هذا األساس ،نالحظ الضعف في موقف ابن خلدون من جهة التفلسف
انتصارا 3للجدل الكالمي ،ظنا منه أنّه يستطيع يناظر الرازي ،لكنه لم يكن من الناحية المنهجية ،وهو بعد
في أول تعليمه في العشرين ،أن يميّز بين مباحث الرازي كسينوي 3ينقد ابن سينا كما فعل الغ ّزالي[، ]103
و مباحث الطوسي 3كسينوي 3يدافع عن ابن سينا الفيلسوف أكثر من أن يتمسّك بأقواله التي تتناقض مع
قضايا 3كالمية هي عند الطوسي 3إشكاليات فلسفية استفاد منها في تأسيس فلسفي علم الكالم]104[.
و بعد قرن من الزمان " دخل الصراع 3بين الفالسفة و المتكلمين ....ابن خلدون ،الذي قرأ على
أستاذه اآلبلي []105أصل المحصل للرازي ،وتلخيص المحصل للطوسي ،كما رأيناه يقرر ذلك سابقا،
فأوجز األول ،وقارن الثاني ،فجاء كتابه فلسفيا يتيما في دراساته القليلة التي نعرفها 3و وصلت إلينا كاملة.
إن عمل ابن خلدون في اللباب لم يرق الى مستوى الرازي و ال ناظر ما فعله الطوسي .ومن الواضح لدينا ّ
ّ
ان ابن خلدون حاول أن يتعلم من قراءة الكتابين و ايجازهما3 اآلن عند المقارنة بين األعمال الثالثة ،كيف ّ
ايجازا مبسطا خاليا من تعقيدات أصل الرازي و إشكاليات تلخيص الطوسي . ]106[ 3.و الغريب في
المسألة وجدنا 3محسن مهدي يشير الى أن ابن خلدون قد " تابع على األغلب كل تعليقات الطوسي[ " 3
، ]107و ليس األمر كذلك !
خاتمة
و لكي نختم بحثنا ،و نحن أكثر استيعابا لنقد ابن خلدون للفلسفة ،ال ب ّد لنا من أن نلفت أنظار
الباحثين الخلدونيين الى األهمية الكبيرة في إعادة تقويم الدرس الفلسفي في المقدمة ،و الذي عرضناه فيما
سبق ،بعد أن بيّنا الظروف الموضوعية لدراسة ابن خلدون للفلسفة ،إن كان على مستواها التقليدي
البحت ،أو على مستوى ما ورثه من مباحث في علم الكالم و التصوف ، 3عالوة على ما صرّح به من
آراء ال تخلو من الجرأة بخصوص ميوله الواضحة الى التفسير المادي لإلدراك على نحو ال نظير له عند
مفكري اإلسالم .
أن ابن خلدون كان من أكبر مثقفي الحضارة العربية ،مف ّكرا و لعلنا ال نكون على خطأ إذا زعمنا هنا ّ
مبدعا من طراز 3العمالقة إلسهامه الكبير في تنظير الفكر التاريخي 3للجوانب االجتماعية و السياسية و
االقتصادية و العلمية والتربوية والدينية ،هذه الجوانب المحرّكة للظواهر اإلنسانية من جهة أن تكوينها 3في
المجتمع و بنيتها في األمة وأطرها 3في الدولة ،وهذه خصائص تنعكس على معطيات الحضارة التي حللها
ابن خلدون بكل التفاصيل التي كانت متي ّسر 3بين يديه ،فكان بحق سيد المؤرخين المسلمين بما ق ّدمه من
تحليل تاريخي ،و أستاذ المفكرين العرب بما أسسه من فكر حضاري 3يقوم على تركيب المجتمعات.
ومعنى 3هذا ،و لكي ال يساء فهمنا ،أن ابن خلدون لم يكن فيلسوفا محترفا 3بقدر ما يظهر لنا من
نصوص المقدمة مف ّكرا منظّرا للظواهر التي تقوم عليها بنية المجتمع اإلنساني فتنظّم 3العالقة بين اإلنسان
ألن عالم الفكر الخالص الذي هو من هموم والواقع 3المادي المحسوس .و لم يكن معنيا بالعالم غير المعاشّ ،
الفالسفة المحترفين الذين رآهم في ضالل و منتحلين للعلوم ،صادرا أصال عن عقيدة وثوقية لم يكن
يستطيع 3الخالص منها حتى و هو يناقش مباحث الخير و الشر ،و السعادة والشقاء ،و الجمال و القبح ،
وما الى ذلك من ثنائيات كان يفترض وجودها ،ثم يرد عليها بأقوال 3غلب عليها طابع اختزال األفكار3
الفلسفية البحتة التي ال ترتبط 3بالعقيدة الدينية ،لكنه أيضا لم يستطع أن يكون متكلّما محترفا ! و باالستناد
الى كل هذا و ذاك ،سيبقى ابن خلدون ،الذي استنكر الفلسفة و رفضها 3و عاب على الفالسفة مذاهبهم
ونظرياتهم ، 3أكثر من أي فيلسوف عربي أو مسلم أو أوروبي في تأثيره الحضاري في حداثة تحاكي هذا
العصر و الى زمن قادم 3طويل.
وها نحن ،في هذا الملتقى العربي و الدولي للخلدونيين في الوطن العربي و العالم ،يشعر كالنا
بالغبطة والتقدير .فأما الغبطة فمن جهة أننا استطعنا أن نلفت أنظار الباحثين الى إشكاليات حقيقية كانت
موجودة أصال في النصوص الخلدونية ،لكن لألسف لم تعالج بالطريقة التي ق ّدمناها 3في هذه المداخلة .و
أما التقدير فهو 3لبيت الحكمة التونسي[ ]108الذي فسح لنا المجال للمشاركة في المئوية السادسة لوفاة ابن
خلدون.
[ . ]2انظر :جغلول ،اإلشكاليات التاريخية ( ص 110و ما يليها ) ،بالنسبة لأليديولوجية العربية
المغاربية ،و قارن :الكوست ،إيف :ابن خلدون ،ترجمة ميشال سليمان ،دار ابن خلدون للنشر ،ط ،2
بيروت (1978قارن األصل الفرنسي Lacoste, Yves: Ibn Khaldoun naissance de l' :
.).histoire du tiers-monde,ed. F. . Maspero, Paris 1966 passeبالنسبة لأليديولوجية
الماركسية التي غذت الماركسيين 3العرب بتجذيرات خلدونية تحتاج إلى تدقيق جديد .
[ .]3انظر :الجابري ،محمد عابد :فكر ابن خلدون –العصبية و الدولة :معالم نظرية خلدونية في
التاريخ اإلسالمي، مركز دراسات الوحدة العربية ،ط ، 5بيروت .1992وهنا نحن إزاء صياغة
إيديولوجية عربية إسالمية في ضوء الصورة الخلدونية في المغرب األقصى3.
[ . ]4انظر الوردي ، 3علي :منطق ابن خلدون في ضوء حضارته و شخصيته ،معهد الدراسات العربية
،لجنة التأليف و الترجمة و النشر ،القاهرة.1962
[ .]6راجع ما يقوله عبد القادر جغلول ( اإلشكاليات التاريخية في علم االجتماع السياسي عند ابن
خلدون ،ترجمة فيصل عباس ،دار الحداثة ، بيروت ، 3بال تاريخ ، ص )169إن " النقد المبهم
للفلسفة ...البن خلدون ...يكون خطوة إلى الوراء بالنسبة للفالسفة ! ".و هذا ما سننقاشه فيما بعد.
[ . ]7انظر :ابن خلدون ،المقدمة ، ط .الكشاف (بال تاريخ ،مصورة باالوفست في منشورات مكتبة
المثنى ،بغداد ،بال تاريخ ،أيضا ) ص ، 515و هناك نقرأ تعريف ابن خلدون بأرسطو بقوله " ...هو
أرسطو 3المقدوني من أهل مقدونية من بالد الروم من تالميذ أفالطون ،وهو معلم االسكندر ،و يسمونه
المعلم األول على اإلطالق( "... 3سطر 10 -8من أسفل)،
[ . ]8يشير ابن خلدون اليهما بقوله... " وكان من أشهرهم أبو نصر الفارابي في المائة الرابعة لعهد
سيف الدولة ،و أبو علي بن سينا في المائة الخامسة لعهد نظام الملك من بني بويه بأصبهان و
غيرهما ، ".انظر :المقدمة ، ط .الكشاف ،ص 515سطر 2 -1من أسفل ،ص 516س 1من أعلى .
[. ]9لدينا طبعات عربية متعددة لهذا الكتاب ،و أ كثرها تداوال في أيدي الباحثين نشرة سليمان دنيا ،
القاهرة ( 1961و هذه النشرة بحاجة الى تدقيق 3و تصويب و تنظيم ).
[ . ]10نشره أول مرة بالعربية موريس 3بويج ،بيروت .1927و قارن اآلن نشرة جيرار جهامي ،ط
،1بيروت . 1993
[ . ]13هذا ظاهر من التوسع الشديد عند الغ ّزالي و االختصار المخل بالمقاصد و المعاني عند ابن
خلدون ،قارن ما سنقوله بعد.
[ .]15أيضا ، ص.67
[. ]16قارن :باتسييفا ،العمران البشري ،ص ، 266فهي تقول " :و لقد أدرك ابن خلدون ضرورة
األساس الفلسفي لنظريته،إال انّه ال يميل على اإلطالق الى احتكار العقل النظري 3الستخالص المبادئ3
الفلسفية " ،أي بمعنى أن المقارنة هنا تقوم على التوسع الشديد عند الغ ّزالي و االختصار 3المخل بالمقاصد
و المعاني عند ابن خلدون ،قارن ما سنقوله بعد .كذلك يراجع الجابري ،فكر ابن خلدون :العصبية و
الدولة ، " ص ، 44-39الذي فطن إلى أن ابن خلدون " يعلن بصراحة و قوة إبطال الفلسفة و فساد
منتحلها ،و يقول عن العلم اإللهي بأنه علم عقيم ال يوصل إلى يقين ....الخ ( ،أيضا ، ص ) 41فان هذا
الكالم بال شك مهم برأينا ،و يحتاج إلى تمحيص مصادره و تدقيق 3النصوص لكي نعرف حقيقة موقف
ابن خلدون من الفلسفة ،انظر ما نقوله فيما بعد.
[ .]17الجابري ،أيضا ،ص .60
[. ]18انظر :األعسم ،عبد األمير :الفيلسوف نصير الدين الطوسي -مؤسس المنهج الفلسفي في علم
الكالم اإلسالمي ،ط ، 2بيروت ،1980ص .44 -43
[. ]19انظر :األعسم ،عبد األمير :منطق العالقة بين العقل العربي و العقل األوروبي – 3مساهمة في
إعادة تقويم مديات تأثير الحضارة العربية في أوروبا ،بحث نشر في مجلة دراسات فلسفية ،فصلية
محكمة /بيت الحكمة – بغداد ، العدد ، 3السنة، )2001 ( 3 ص ، 8عمود.2
[ . ]20انظر األعسم ،عبد األمير :دراسة مع ّمقة للبحث عن منهج جديد للفكر العربي المعاصر ،بحث
نشر في كتاب تحدي البقاء الحضاري لألمة العربية ،بغداد .26 ، 1994
[. ]22يراجع العروي ،عبدهللا :ثقافتنا في ضوء التاريخ ،المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء ط ،1
بيروت ، 1983ص .58ويذكر المؤلف في موضع آخر ( ص )235أنه ولد سنة )!(1469 فالحظ .
[ . ]24ط .بوالق .1858 /1274 ،قارن :الجابري ،فكر ابن خلدون ،ص ، 61و لم يفطن الجابري إلى
أن هذه النشرة " أقل كماال " من نشرة بوالق الكاملة في سنة ،1867 /1284كما ترى باتسييفا ( العمران
البشري ، ص . )106وقد 3حسب جغلول النشرة األخيرة هي " الطبعة األولى الكاملة باللغة العربية" و
لكنه يؤرخها، 1868 3و يقول "هي من عمل نصر الحيريني"( 3اإلشكاليات التاريخية ،ص ، )20 ،14و
الحيريني 3هذا هو الهوريني تبعا للجابري ( أيضا ،ص ،)61واسمه الكامل نصر الهوريني ( 3باتسييفا ،
ص .)106و في األحوال كلها ،نالحظ أخطاء التوثيق 3و اإلحالة في مسألة بسيطة مثل نشرة الكتاب ،
فكيف 3بالمسائل المستعصية في ابن خلدون مثل انتمائه الى الفالسفة و اعتباره فيلسوفا 3ب ّز الفالسفة من
قبله ،بما فيهم ابن رشد ؟ و هو ما سنتعرّض فيما بعد له في صلب هذا البحث.
[ . ]25القراءة الفرنسية للمقدمة جاءت أبكر مما قاله جغلول ( أيضا ،ص )20، 15أنها سنة،1868
وهي إشارة إلى ترجمة دي سالن للمقدمة ،باريس 1868و التي عوّل كواترمير عليها و على نشرة
االهوريني في ترجمته الكاملة للمقدمة .
[. ]26يراجع ابن خلدون ،التعريف بابن خلدون و رحلته غربا و شرقا ، تحقيق محمد تاويت الطنجي،
القاهرة .1951
[ . ]27لإلطالع على ا لتفصيالت الكاملة في هذا الشأن ،تراجع :باتسييفا ، العمران البشري ، الفصل
الثالث بكامله ،ص.155 -89
[ . ]28من الممكن اآلن مراجعة بيرسون Pearson, J.D.: Index Islamicus, Cambridge :
1958; Suplements I-IV,Cambridge & London, 1962 – 1977
[ . ]29المقدمة ،ط الكشاف ،ص .519 -514اإلشارات اآلتية في النص الى أرقام 3صفحات هذه
الطبعة ،بين معقوفتين [ .]...
[ . ]30أيضا 514 ً ،س .11 – 4
[ . ]31يفصد ابن خلدون الفصل الخامس و العشرين " في إبطال صناعة النجوم و ضعف ماركها 3و فساد
غايتها " ،أيضا ،ص 519وما يليها من فصل في الكيمياء " في إنكار ثمرة الكيمياء و استحالة وجودها
" ،و هكذا...
[ . ]32انظر :األعسم ،عبد األمير :المصطلح الفلسفي عند العرب ،ط ، 1 بغداد ، 1985ص . 206
[. ]33راجع ما يقوله الخوارزمي الكاتب...":فيالسوفيا وتفسيرها 3محبّة الحكمة فلما أعربت قيل فيلسوف3
ثم اشتقت الفلسفة منه " ،انظر :األعسم ،رسائل منطقية في الحدود و الرسوم للفالسفة العرب ،ط ،1
بيروت ،1993ص .84 -83وهنا نالحظ ما أوره األعسم [ أيضا ،ص ،84هامش ، 5بقوله:
الظاهر انّه تصرف بأصل االشتقاق اليوناني 3معكوسا ،ألن األصل (حب الحكمة) ، filosofia ثم
اشتقت الفيلسوف، filosofos 3
قارن . Aristoteles, Metaphysica, ed. D. Ross, II,p. 525 :و يالحظ هنا ما يقوله األعسم :
" إن استعمال األصل اليوناني
لمصطلح فلسفة ، filosofia كان عند فيثاغورس ،ثم تاله بارمنيدس ، 3ثم سقراط .و اللفظة هكذا
مركبة ، filos – sofia ثم شاع استعمال العلم بداللة filosofia ابتداء من أفالطون ،لكن
أرسطوطاليس 3هو الذي حدد معانيها [ 3انظرAristoteles, Metaphysica, Greek text, ed. :
أن الخوارزمي يتح ّدث عن أصل اشتقاقها اليوناني بحسبانه حدث ] Ross, p. 525 aو معنى هذا ّ
في العربية " ،أنظر :المصطلح الفلسفي عند العرب ،ص ، 53هامش . 50
[ . ]34انظر ما يقوله الخوارزمي 3إن " هذا العلم يسمى باليونانية ( لوغيا) ،و بالسريانية (مليلوثا ) ،و
بالعربية ( المنطق ) "...قارن :األعسم ،رسائل منطقية ،... ص ، 94و قارن كتابه :المصطلح
الفلسفي عند العرب ، ص .215و هنا نقرأ " لم يستعمل أرسطوطاليسlogia 3للداللة على المنطق ،بل
انّه دعاه التحليل ، analotiki و التسمية األولى من استعمال الشرّاح ابتداء من االسكندر االفروديسي ، 3و
منها انحدرت logica الالتينية " [ ، ص ، 52 -51هامش ، 47و انظر هامش .] 48
[ . ]35المقدمة ،ط الكشاف ،ص 514س 1من أسفل – ص 515س 2 – 1من أعلى .
[ . ]36ال تدل هذه اإلشارة من ابن خلدون على أنّه كان مطلعا فعال على المصادر 3المنطقية
كأورغانون Organon 3أرسطوطاليس ، 3وشروح و تعليقات اليونانيين المتأخرين عليه ،و حتى
السريان ،ومن ثم المناطقة العرب ،ابتداء من القرن الثاني للهجرة /التاسع للميالد الى مدرسة حنين و
ابنه اسحاق ،ومدرسة بغداد المنطقية في القرن الرابع للهجرة /العاشر للميالد ( انظر اآلن :األعسم ،عبد
األمير :أبو حيان التوحيدي في كتاب المقابسات[ محاضرات في تاريخ الفلسفة العربية -االسالمية في
القرن الرابع / جامعة باريس الرابعة – السوربون / 3ربيع ، ] 1978منشورات دار األندلس للنشر ،
بيروت ط =[ 1980 1ط ، 2مصورة ،بيروت ]1983 فهناك نتعرف على رؤساء المدرسة ،وهم:
ابو بشر متى بن يونس ، و ابو نصر الفارابي ،و ابو زكريا يحيى بن عدي ،و ابو سليمان المنطقي
السجستاني... ، 3و غيرهم ،قارن كتابنا :ص ).262- 248 ويستمر 3المنطقيون الى زمان ابن رشد
( توفي ) 1198و بعده في القرن السابع للهجرة /الثالث عشر للميالد فقد ازدهر ابن سينا و ابن الطيب
البغدادي و سيف الدين اآلمدي ...و أخيرا نصير الدين الطوسي . 3و بعد هؤالء يبدأ عصر الشراح و
التعليقات و الحواشي ( راجع للتفصيالت ،ريشر ،تطور المنطق العربي ،ط دار المعارف ،القاهرة،
و قارن األصل Rescher, N., The Development of Arabic Logic, London…… :
. ..passimفلو كان ابن خلدون قد تعرّف على هؤالء و غيرهم لصرح بأسمائهم ،و كالمه هنا يشبه
كالم ابي حامد الغزالي في التعميمات ن كما سنرى بعد .
[. ]37ليست االشارة الى أرسطوطاليس ،ههنا ،او في الفقرة اآلتية دليل على أنه قرأ مؤلفات
أرسطوطاليس 3فعال ،بل انّه يستند الى آراء الفالسفة العرب في ما قالوه في أرسطوطاليس ،و مرجعه بال
أدنى شك هو الغ ّزالى الذي اصطلح " كبيرهم " 3على أرسطوطاليس ،كما سنبيّن ذلك فيما بعد.
[ . ]38المقدمة ،ط الكشاف ،ص 515س – 25 -15ص 516س .1
[ . ]39هذا اللقب استحقه أرسطوطاليس 3بحسبانه مؤسس علم المنطق.انظر :ماجد فخري،أرسطوطليس
المعلم األول ، بيروت.1977 3
[ . ]40يقول الخوارزمي " : 3علم األمور االلهية ،ويسمى باليونانية ثاولوجيا " [ انظر :
األعسم ،رسائل منطقية ، ص ] 84و هنا نالحظ أن أفالطون أول من استعمل
مصطلحtheologia للداللة على العلم االلهي ،بحسب ما أشار اليه األعسم في كتابه السابق [ص
، 84هامش ] 9بالرجوع الى يكر الذي بحث بتفصيل في العلم االلهي لفالسفة اليونان األوائل :
Jaeger, W., The Theology of the Early Greek Philosophers, Oxford 1947, p. 4
[ قارن :المصطلح الفلسفي عند العرب ، ص .] 207
[ . ]41معنى كالم ابن خلدون هنا أن ابا نصر الفارابي ،الذي يجمع عليه مؤرخو 3الفلسفة و الباحثون،
عربا و مستشرقين ،بأنه المعلم الثاني بعد أرسطوطاليس ، 3المثال األشهر لهؤالء الفالسفة الذين وصفهم
بالضالل و انتحال العلوم !! و ماذا يمكننا أن نقول في هذا السياق 3غير الصحيح في نقد الفالسفة انتصارا
للعلوم الدينية من جهة و استهانة بالفكر الفلسفي العربي في اإلسالم .و يكفي أن نشير هنا الى أعمال
مؤتمر 3الفارابي 3ببغداد :1975الفارابي و الحضارة االنسانية ، منشورات وزارة الثقافة ،بغداد ، 1976
و محفوظ ،حسين و آل يس ،جعفر :مؤلفات الفا رابي ، بغداد ، 1976وقد سبق الباحثين العرب و
المستعربين ،بأكثر من مائة عام على مهرجان الفارابي ببغداد ،المسشرق 3مورتس شتينشنيدر في كتابه
العظيم الذي بحث فيه حياة الفارابي و مؤلفاتهSteinschneider, M., Al-Farabi :
(Alpharabius): des arabischen Philosophen Leben und Schriften, ( Memoire
d`Academie Imperiale des Sciences de St.-Petersbourg, 7, XIII ), St.-
Petersbourg 1869و قد كشف ابراهيم 3مدكور في كتابه عن مكانة الفارابي في المدرسة الفلسفية :
Madkour, I., La place d`al-Farabi dans l`ecole philosophique
.... musulmane,Paris 1934فهل يعقل أننا يمكن أن نتابع رأي ابن خلدون بأن الفارابي أشهر
الفالسفة الضالين من منتحلي العلوم ؟ و بأي معيار يمكننا أن نقيس حكما على هذا النحو غير
الموضوعي 3و الرأي غير المسؤول 3؟
[ . ]42و هنا أيضا ال نجد في نقد ابن خلدون ما يدل على معرفة حقيقية بابن سينا ،بل انّه يقرنه بالفارابي
متابعةساذجة و غيرمدروسة للغزالي ،ألن هذا األخير كان من الوعي ال بفلسفة ابن سينا بحيث وجدناه
أمينا على لغة الفالسفة .انظر األعسم،رسائل منطقية،ص .175وعن أهمية ابن سينا في تاريخ الفلسفة،
أنظر مثال ،زينب الخضيري ،ابن سينا و تالميذه الالتين ، ط ، 1القاهرة .2000و من الممكن تقدير
القيمة التاريخية لفلسفة ابن سينا بالرجوع الى جورج فنواتي ،مؤلفات ابن سينا ، القاهرة ، 1952 و
ليس جديدا القول إن ابن سينا كان أكثر فالسفة اإلسالم تأثيرا في المدارس الفلسفية عند العرب و المسلمين
و أوروبا 3العصور الوسطي ، 3فالسينوية ليست عربية فحسب ،بل إسالمية و أوروبية .فكيف يمكننا تبرير
زعم ابن خلدون أنه يقرر الحاق ابن سينا بالفارابي ضالال في الدين و انتحاال للعلوم ؟
[ . ]43كيف يمكننا أن نعرف القيمة العلمية لقول ابن خلدون الذي يعارض فكرة أن العلم الطبيعي يقع في
صلب الحاجة اإلنسانية لمعرفة العالم ،و هذا يخالف القاعدة الفلسفية األساسية التي تذهب الى فهم أن علم
الطبيعة physica إنما يتم ،برأي الخوارزمي " ،الفحص فيه عن األشياء التي لها عنصر و ما ّدة و
يس ّمى علم الطبيعة" ،انظر :األعسم ،رسائل منطقية ، ص .84و حدد سيف الدين اآلمدي العلم الطبيعي
بأنّه " عبارة عن العلم الناظر في أحوال األجسام الطبيعية" ،قارن :األعسم ،الفيلسوف اآلمدي ،ط ،1
بيروت ،1989ص .130فكبف جوّز ابن خلدون لنفسه اذا كان عارفا بالفلسفة الطبيعية
[ . ]44العلم االلهي( أو الثيولوجيا ، )= theologia 3كما أشار إليها أرسطوطاليس في كتابه ما بعد
الطبيعة Metaphysica علما جدليا لتعدد اجتهادات الرأي في مبادئه و نتائجه .قارن :ابن
رشد ،تفسير ما بعد الطبيعة ، نشرة بويج ،ج ، 1مقالة األلف الصغري3.
[ . ]45هذا تمويه للمألوف في فهم العلم االلهي ،و قد اختزل الخوارزمي 3مفهومه "الفحص فيه ع ّما هو
خاج عن العنصر و المادة " ،انظر :األعسم ،رسائل منطقية ، ص .84و هنا نالحظ تطوّر مفهوم
مصطلح العلم االلهي بقوله : انّه " عبارة عن العلم الناظر في ذات االله ،تعالى ،وصفاته" ،انظر
:األعسم ،الفيلسوف اآلمدي ، ص 130
[ ]46هذه العنوانات من كتب ابن سينا ،راجع :قنواتي في وصفه لها ،مؤلفات ابن سينا ، القاهرة
.1950
[ . ]47هذه االشارة من ابن خلدون الى مؤلغات ابن رشد يدل عندنا على أنه لم يكن على معرفة بها كما
يجب و اال لماذا يسميها تالخيص و هي ليست هكذا دائما ،راجع وصف قنواتي ، 3مؤلفات ابن رشد ،
الجزائر -القاهرة .1978
[ . ]48أي تعميم هذا الذي يخلو من الدقة ،و هل قصد 3إخفاء عدم معرفته الكاملة بمؤلفات أرسطوطاليس3
و أتباعه من المشائين ؟ ،انظر في تفصيالت أعمال ارسطوطاليس 3التي نقلت الى العربية ،األعسم ،
أرسطوطاليس 3في بيت الحكمة ،ضمن أعمال المئوية الثانية عشرة على تأسيس بيت الحكمة العباسي،
بغداد .2000
[. ]49قارن أقوال الفالسفة في العقل الفعّال ،األعسم ،رسائل منطقية ، ص ،127 ،126 ،125 ،87
.184 ،181 ،180 ،178
[ . ]50هذا اغماض و تسويف بما ينسب الى أرسطوطاليس ،و ياليت ابن خلدون قال لنا من أين استقى
هذا الكالم !!
[ . ]57راجع وصف قنواتي لهذا الكتاب ،مؤلفات ابن سينا ،الفهرس تحت العنوان .
[. ]58يفرّق ابن خلدون هذا بين العلوم الطبيعية و العلوم الحكمية ،و كأنه يميّز بين دراسة الظواهر3
الطبيعية و الظواهر 3العقلية ،و هذا كالم عام ال يصح عند أرسطوطاليس و المدرسة المشائية ،و صوال
الى الفارابي و ابن سينا.
[. ]59ال يخفى هنا أن ابن خلدون يبدو وثوقيا في عقيدته الدينية على حساب الفلسفة ،و هو موقف 3يقرّبه
من الجزم االيديولوجي !
[. ]61أمثال فالسفة القرن الرابع الهجري /العااشر الميالدي ،من مدرسة بغداد الفلسفية ،انظر كتاب
عبداألمير األعسم :أبو حيان التوحيدي في كتاب المقابسات ، محاضرات 3في تاريخ الفلسفة العربية
االسالمية في القرن الرابع ( جامعة باريس الرابعة /السوربون ) 1978ط ، 1بيروت ، 1980و ط ، 4
تونس .1993
[ ]62وهؤالء كثيرون في القرن السابع الهجري / 3الثالث عشر الميالدي ،انظر التفصيالت عند
األعسم ،الفيلسوف نصير الدين الطوسي ، ط 1بيروت ، 1975ط 3منقحة و مزيدة ،بيروت .1980
و قارن : هنري كوربان ،تاريخ الفلسفة االسالمية ، الترجمة العربية ،بيروت .1966
[ . ]63انظر النشرة المعتمدة ،تحقيق عثمان أمين ،ط ،3القاهرة .1968
[ . ]64انظر اآلن الطبعة الجدبدة ( بعناية و دراسة عبد األمير األعسم ) في دار المناهل للنشر ،بيروت
.2006
[ . ]65راجع ما يقوله األعسم عن تقسيم العلوم تبعا للخوارزمي الكاتب في بحثه :كتاب مفاتيح
العلوم مصدرا 3لتاريخ العلوم عند العرب ،نشر في دورية ( االستشراف – سلسلة الثقافة المقارنة ) ،
المجلد . 1991 ، 4و انظره اآلن في مقدمة نشرة مفاتيح العلوم للخوارزمي 3الكاتب ،ط دار الماهل للنشر
،بيروت .2006
[ . ]66باستثناء الماركسيين ،فتفسيرهم 3لبناء العمران عند ابن خلدون انا يرجع الى موقف 3خالصته أن"
فيي استقالل العلم عن الدين يجري ابن خلدون شوطا أبعد من جميع الفالسفة العرب " ،انظر :
باتسييفا ،العمران البشري ( 267 – 263 ،و االقتباس 3ص 267س 2- 1من اسفل ).
[ . ]67من الممكن برأينا وصف 3ابن خلدون بأنه فيلسوف 3تاريخ و فيلسوف 3عمران و فيلسوف3
حضارة ...الخ ،لكن من الصعب برأينا في هذا السياق 3أن نخرجه من أطره االجتماعية و السياسية و
التاريخية و الحضارية و الثقافية التي حدد نفسه بها مجتمعة في المقدمة كما معروف 3لدى الباحثين
المدققين في تاريخ الفلسفة العربية في االسالم .قارن .Brockelmann, C., GAL ,I, pp. 508 ff :
[ . ]68انظر ما قاله محسن مهدي Muhsin Mahdi في كتابهIbn Khaldun`s Pilosophy of :
: Hisory, London 1957 pp.27ffوقارنه بما يقوله ناصيف نصار Nassif Nassarفي مقالته
Al-Abili, in: Etudes islamique, Paris 196 vol.XX p 103-104 :
[ . ]69تراجع نشرة محمد تاويت الطنجي ،القاهرة ،1951 ص .34 -33
[. ]70انظر :باتسييفا ,العمران البشر قي مقدمة ابن خلدون ،الصفحات . 60 ،59 ،58 ،57 ،56
[ . ]74العمران البشري ،ص .71و تذكر باتسييفا في الهامش بعض األعمال التي نسبها المقري [ نفح
صل ، وهو
الطيب ، ] 419 / 4 ،منها :بحث في المنطق ،وتلخيص كتاب ابن رشد >. ،و < لباب المح ّ
تلخيص لكتابالمحصل لفخر الدين الرازي [ ،أيضا ، هامش .] 27
[ . ]77انظر :ابن خلدون ،لباب المحصل في أصول الدين ، نشرة لوسيانو 3روبيو ،تطوان ،1952ص
.3
[ . ]78قارن :ابن خلدون ، التعريف ، ص ، 64-63و ما يقوله الجابري :فكر ابن خلدون ، ص ، 42
صل " ما يدل على أن تفكيره الفلسفي قد بدأ يتفتّح و أن معارف الفلسفية ّ
ان عمل ابن خلدون في لباب المح ّ
قد أخذت تتسع و تتر ّكز [ " 3أيضا ، ص .] 42
[. ]79انظر :ابن خلدون ، لباب المحصل ، ص ، 3و قارن :الجابري ،فكر ابن خلدون، ص .42
[ . ]81قارن ما يقوله الجابري 3بهذا الخصوص " :واضح من كالم ابن خلدون هنا [ إشارة الى لباب
صل الرازيصل ، ص ] 3أنه درس على اآلبلي كتبا فلسفية أخرى ،قبل دراسته ل> كتاب < مح ّ المح ّ
وشرح الطوسي 3عليه .فما هي هذه الكتب؟ و من هم الفالسفة الذين تعرّف ابن خلدون على آرائهم قبل
صل و بعدها ؟ إننا ال نجد في اللباب ما يفيدنا في هذا األمر شيئا " .انظر :فكر ابن خلدون،
دراسته للمح ّ
ص ، 42فقرة . 3 -2
[ . ]94أنظر كتاب األعسم ،الفيلسوف الغز!لي ، ط ،1 بيروت ، 1974 و ط ، 4تونس . 1988
فهناك تفصيالت كثيرة عن التداخل بين موقف 3الغزالي الروحي 3و موقفه العقلي ،هذا التداخل الذي أخل ّ
بمسار 3الفلسفة الى ح ّد إيقاف التفلسف و النهي عنه بل الدفع الى دحض الفالسفة من جهة أنه قصد
تكفيرهم و اتهامهم بالزندقة خصوصا في مسألة قدم العالم .أنظر اآلن تفصيالت مسألة قدم 3العالم نموذجا3
عند فائزة تومان ،موقف الغزالي و ابن رشد من فلسفة أرسطو في قدم العالم (،أطروحة دكتوراه فلسفة
،قسم الفلسفة بكلية اآلداب /جامعة بغداد .)2005
[ . ]96راجع ط .القاهرة .1323/1903و راجع بحث تريتونA.S. Tritton , The Muhassal
by Muhammad.b. `Umar ar-Razi, Oriens (= Journal of the International Society
.for Oriental Research ), Leyden 1967,XVIII-XIX
[ . ]98أنظر :أصل الكتاب نشر على هامش محصل الرازي ، القاهرة ،1323/1903و قارن :
األعسم ،الفيلسوف نصير الدين الطوسي ، ط بيروت ، 1980ص ،144وقارن ص 84رقم. 48 3
[ . ]100راجع ما يقوله األعسم في تداخل المباحث الفلسفية و الكالمية عند الغ ّزالي ،انظر
كتابه الفيلسوف الغ ّزالي ، ط ،4تونس ،1988ص . 63 -53فهناك كما الحظنا 3إزدواجية الفلسفة و
الكالم والتص ّوف 3عند الغ ّزالي على نحو ظاهر بيّن ال خفاء فيه ،في ضوء ما نبّه فنسنك اليه بأن من
الضروري التفريق بين الغ ّزالي كصوفي و الغ ّزالي كمعتقد ،انظر Wensinck, A.J., Muslim :
. Creed, Cambridge 1932, p. 96و لذلك تكمن قوّة الغ ّزالي في أنّه كان مفكرا من طراز خاص ،
كما بحث ذلك فنسنك 3نفسه فيما بعد ،انظر التفصيالت de Ghazzali, Paris 1940 Wenisnck, :
A.J. , La penesee
[ . ]101انظر األعسم ،الفيلسوف نصير الدين الطوسي ،ط ، 2ص .145
[ . ]102و يرى محسن مهدي أن الرازي " أثّر في التقارب الجديد بين المعرفة الفلسفية العقلية و
الدراسات الدينية " ،انظر كتابه Khaldun`s Philosophy of History, pp. 30, 140. Ibn :
ان الرازي كان " أقرب الى الفالسفة " [ ] Ibid., p. 141 من سابقية من علماء الكالم على نحو ،بل ّ
خالف منهج الغ ّزالي في المناقضات ،وفي هذا يكمن سر اهتمام الطوسي 3بأقواله .فالرازي 3حاول أن
يرفض منهج القدماء و مبادئهم ،التي أقاموها 3أصال على منطق 3أرسطوطاليس ، 3فأقام براهين جديدة تقوم
على منطق أرسطوطاليس 3نفسه ،و استعار الكثير من األفكار الطبيعية و الميتافيزيقية من الفالسفة .
قارن :األعسم ،الفيلسوف نصير الدين الطوسي ،ط ،2ص ، 146و قارن Mahdi, op. cit.,p. :
105
[ . ]103انظر تفصيالت رأي األعسم في سينوية الغ ّزالي ،كتاب المصطلح الفلسفي عند العرب ، ص
83و ما يليها.
[ . ]104فالطوسي 3كان حريصا كل الحرص على السينوية ،و أمينا الى منتهى األمانة على منهج ابن
سينا ن و مخلصا كل االخالص لصدوره الفلسفي السينوي ...الخ ،انظر :األعسم ،الفيلسوف نصير
الدين الطوسي ،ط ،147 ،2و قارن الصفحات .155 -149
[ . ]105يبدو أن اآلبلي هو أول من عرّف المغرب بمؤلفات الطوسي الفلسفية ،و هذا ما احتمله محسن
مهدي Mahdi, op. cit.p.27 ff تبعا لبركلمان ، Brockelmann, GAL , I, pp. 508 ff قارن
:األعسم ،الفيلسوف نصير الدين الطوسي ،ص .149 -148
[ . ]106قارن :ابن خلدون ،لباب المحصل في أصول الدين ،نشرة لوسيا 3نو روبيو ، 3تطوان .1952
صل أفكار المتقدمين و[ . ]107قارن نص ابن خلدون في كتابه السابق بنصوص :الرازي ، 3مح ّ
المتأخرين من الفالسفة و المتكلمين ، القاهرة ! ، 323/193و على هامشه ،للطوسي 3.و يبدو لنا اآلن
أن محسن مهدي الذي لم يشر لطبعة روبيو لكتاب ابن خلدون ،الذي ظهر في الطبع قبل خمس سنوات من
تاريخ طبع مهدي لكتابه ،فكأنه ال يعرف بنشرة اللباب ، و تبعا لذلك لم يطلع على النص الخلدوني ،و لهذا
فأحكامه مشكوك فيها ،طالما انّه يكتفي باإلشارة الى مخطوط االسكولاير برقمMS. Arabes , no. [ 3
] 1614و أشار الى ديرينبورغ و ليفي -بروفنسال 3في وصفهما للمخطوط 3في كتابهما الكبير في
التعريف 3بمخطوطات االسكولاير ،قارن Derenbourg, H. & Levi-Provencal, E., Les :
manuscripts arabes de l`Esccurial, Paris 1928, III, p. 163
[ . ]108نخص بالشكر 3و التقدير األستاذ الدكتور 3عبدالوهاب بوحديبة رئيس المجمع التونسي 3للعلوم و
اآلداب و الفنون في قرطاج /تونس ،و الذي تكرّم بدعوتنا الى الملتقى ،و ال ننسى الجهود التي بذلها
األستاذان العزيزان الدكتور عبد الرحمن التليلي األستاذ بجامعة تونس ،و الدكتور محمد صالح الجابري
مدير الموسوعة في المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم ( ( ALECSOبتونس ،فالشكر لهما
موصول 3لكل ما ق ّدماه لنا و نحن في عدن و عمان و تونس.