You are on page 1of 63

‫مدخل لعقيدة السلف‬

‫إعداد‬

‫د‪ /‬عيسى بن عبداهلل السعدي‬

‫أستاذ العقيدة بجامعة الطائف‬


‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل رب العاملني ‪ ،‬والصالة والسالم عىل سيد املرسلني ‪ ،‬وعىل آله وصحبه أمجعني ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬

‫فهذا مدخل لعقيدة السلف جعلته يف أربع وحدات ‪:‬‬

‫الوحدة األوىل ‪ :‬يف مبادئ علم العقيدة ‪.‬‬

‫والوحدة الثانية ‪ :‬يف معنى التوحيد وأنواعه ‪.‬‬

‫والوحدة الثالثة ‪ :‬يف خمترص أصول اعتقاد السلف‪.‬‬

‫والوحدة الرابعة ‪ :‬يف املنهج التفصييل للعقيدة ‪.‬‬

‫وقد ألقيت معظمه عىل طالب جامعة الطائف ‪ ،‬ثم راجعته ‪ ،‬وأضفت ما تدعو احلاجة إىل إضافته ؛‬

‫ليعم نفعه بإذن اهلل تعاىل ‪ ،‬واهلل املوفق واهلادي إىل سواء السبيل ‪.‬‬

‫د‪ /‬عيسى بن عبد اهلل السعدي‬

‫أستاذ العقيدة بجامعة الطائف‬

‫قسم الرشيعة والدراسات اإلسالمية‬

‫‪2‬‬
‫الوحدة األوىل‬

‫مبادئ علم العقيدة‬

‫معنى العقيدة‬

‫العقيدة مشتقة من العقد ؛ وهو الربط والشد ‪ .‬واالعتقاد‪ :‬هو احلكم الذهني اجلازم ‪ ،‬فإن طابق‬

‫احلق فصحيح وإال ففاسد ؛ وهلذا كانت العقائد عىل قسمني‪:‬‬

‫‌أ ‪-‬عقائد صحيحة ؛ كعقيدة التوحيد‪ ،‬وعقيدة ختم النبوة ‪ ،‬وعقيدة البعث‪.‬‬

‫ب‪ -‬عقائد فاسدة ؛ كعقيدة التثليث‪ ،‬وعقيدة التناسخ ‪ ،‬وعقيدة احللول‪.‬‬

‫موضوع العقيدة‬

‫العقيدة من حيث هي خيتلف موضوعها باختالف امللل ‪ ،‬وخيتلف كذلك باختالف الفرق ! فكل‬

‫ملة هلا عقيدة ‪ ،‬وكل فرقة هلا طريقه ‪ .‬ونحن واحلمد هلل ندرس العقيدة اإلسالمية عىل طريقة‬

‫السلف الصالح ‪ .‬وقد بني النبي ‪ ‬هذه العقيدة وحدد موضوعها بأدق وأشفى عبارة فقال ‪( : ‬‬

‫اإليامن أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خريه ورشه) ‪ .‬وهذه األصول‬

‫تدور حول ثالثة أمور ‪:‬‬

‫ج‪ -‬الغيبيات‬ ‫ب‪ -‬النبوة‪.‬‬ ‫أ‪ -‬التوحيد‪.‬‬

‫وهذه املحاور الثالثة تنتظم مجيع مسائل االعتقاد ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫س‪ /‬ما كيفية اإليامن باهلل وما عالقته بالتوحيد والقدر؟‬

‫ب‪ -‬اإليامن بربوبيته ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬اإليامن بوجود اهلل ‪.‬‬ ‫ج ‪ /‬اإليامن باهلل يعني اإليامن بأربعة أمور ‪:‬‬

‫د‪ -‬اإليامن بأسامئه وصفاته ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬اإليامن بألوهيته ‪.‬‬

‫والتوحيد مرتبط هبذه األمور من كل وجه ؛ فاألمران األول والثاين مها توحيد الربوبية ‪ ،‬والثالث‬

‫توحيد األلوهية ‪ ،‬والرابع توحيد األسامء والصفات ‪.‬‬

‫أما القدر فإنه يعني اإليامن بعلم اهلل السابق ‪ ،‬وبكتابة املقادير ‪ ،‬وبعموم املشيئة واخللق ؛ وهذا يعني أنه‬

‫داخل يف توحيد الربوبية ‪ ،‬ويف توحيد الصفات ‪ .‬ويمكن كذلك أن يقال ‪ :‬إنه داخل يف توحيد‬

‫األلوهية ؛ باعتبار أن هذا التوحيد متضمن لتوحيد الربوبية والصفات بام يف ذلك اإليامن بالعلم‬

‫والكتابة وعموم املشيئة واخللق ‪.‬‬

‫أسامء العقيدة‬

‫العقيدة أشهر أسامء هذا العلم يف هذا العرص ‪ ،‬وقد اشتهر هبذا االسم من عدة قرون ‪ ،‬ولكنه كان‬

‫يعرف عند السلف مع هذا االسم بأسامء أخرى ربام كانت أكثر شهرة منه ؛ ومنها ‪:‬‬

‫‪ -1‬الفقه األكرب ؛ مثل كتاب الفقه األكرب أليب حنيفة ‪ .‬ويقال ‪ :‬إن للشافعي كتابا هبذا االسم أيضا ‪.‬‬

‫واهلل أعلم ‪.‬‬

‫‪ -2‬اإليامن ‪ ،‬مثل كتاب اإليامن أليب بكر بن أيب شيبة ‪ ،‬وكتاب اإليامن أليب عبيد القاسم بن سالم ‪،‬‬

‫وكتاب اإليامن البن منده‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -3‬السنة ‪ :‬فبعض علامء السلف كان يطلق عىل العقيدة اسم السنة مثل ‪ :‬كتاب السنة لعبد اهلل بن‬

‫اإلمام أمحد ‪ ،‬وكتاب السنة البن أيب عاصم ‪ ،‬وكذلك السنة للخالل ‪ ،‬ورشح السنة للربهباري ‪.‬‬

‫‪ - 4‬الرشيعة ‪ ،‬فمن علامء السلف من أطلق عىل العقيدة اسم الرشيعة وهو إطالق صحيح ؛ ألن‬

‫الرشيعة قد يراد هبا ما رشعه النبي ‪ ‬من عقائد ‪ ،‬وقد يراد هبا ما رشعه النبي ‪ ‬من العمل‪ ،‬وقد يراد‬

‫هبا األمران كالمها ‪ ،‬وممن أطلق اسم الرشيعة عىل هذا العلم أبو بكر اآلجري يف كتابه الرشيعة ‪،‬‬

‫وكذلك ابن بطة يف كتابه اإلبانة عن رشيعة الفرقة الناجية ‪ ،‬ويسمى اإلبانة الكربى ‪.‬‬

‫‪ - 5‬أصول الدين ‪ ،‬فقد أطلق بعض علامء السلف هذا االسم عىل العقيدة ؛ ألهنا القاعدة التي يقوم‬

‫عليها الدين ‪ ،‬ومن ذلك كتاب الرشح واإلبانة عن أصول السنة والديانة البن بطة ‪ .‬ويسمى اإلبانة‬

‫الصغرى ‪ .‬وكذلك أبو احلسن األشعري ملا رجع إىل مذهب السلف ألف كتابه املشهور اإلبانة عن‬

‫أصول الديانة ‪ .‬ولكن يف القول برجوعه للسنة املحضة يف هذا الكتاب نظر ؛ ألنه سار فيه عىل طريقة‬

‫ابن كالب يف الصفات االختيارية ال عىل طريقة السلف ‪.‬‬

‫‪ -6‬العقيدة ؛ فقد أطلق بعض علامء السلف عىل هذا العلم اسم العقيدة ‪ ،‬ككتاب عقيدة السلف‬

‫وأصحاب احلديث أليب عثامن الصابوين ‪ ،‬وكتاب رشح أصول اعتقاد أهل السنة واجلامعة أليب القاسم‬

‫الاللكائي ‪.‬‬

‫ومن أشهر الكتب التي حتمل هذا االسم كتاب ملعة االعتقاد ‪ ،‬والعقيدة الواسطية ‪ ،‬والعقيدة‬

‫الطحاوية ‪ ،‬وسنتكلم عنها قلي ً‬


‫ال لشهرهتا ونفعها‪.‬‬

‫رشحا مفيدً ا ناف ًعا ابن‬


‫ً‬ ‫أما ملعة االعتقاد فهو كتاب خمترص يف العقيدة للموفق بن قدامة وقد رشحه‬

‫عثيمني يف كتابه رشح ملعة االعتقاد وهو من أنفع كتب العقيدة للمبتدئني‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وأما العقيدة الواسطية فهو متن جيد يف العقيدة أقر بجزالته ونفعه حتى املخالفني ‪ ،‬وقد رشح عدة‬

‫رشوح ‪ ،‬فرشحه زيد بن فياض يف كتابه الروضة الندية ورشحه عبد العزيز بن رشيد يف كتابه‬

‫التنبيهات السنية ورشحه حممد بن عثيمني ورشحه صالح الفوزان وغريهم من أهل العلم ‪.‬‬

‫أما العقيدة الطحاوية فهو متن قديم يف العقيدة وله شهرة واسعة ويؤخذ عليه أنه عىل عقيدة مرجئة‬

‫الفقهاء وأنه ذكر يف املتن عبارات جمملة حتتمل احلق والباطل ؛ وهلذا رشح عىل طريقة السلف وعىل‬

‫طريقة اخللف ‪ ،‬وأفضل رشوحه عىل اإلطالق هو رشح عيل بن عيل بن أيب العز احلنفي وهو رشح‬

‫عظيم النفع عىل طريقة املحققني من السلف ‪ ،‬وهلذا كان هو الكتاب املقرر يف اجلامعات السعودية‬

‫وغريها من اجلامعات التي تسري عىل طريقة السلف يف العقيدة ‪.‬‬

‫‪ -7‬التوحيد ‪ :‬فقد أطلق بعض علامء السلف عىل هذا العلم اسم التوحيد ؛ ككتاب التوحيد وإثبات‬

‫صفات الرب عز وجل البن خزيمة ‪ ،‬وككتاب التوحيد ومعرفة أسامء اهلل عز وجل وصفاته البن‬

‫منده‪.‬‬

‫وال زال إطالق هذا االسم عىل العقيدة مستعم ً‬


‫ال حتى يف هذا العرص ‪ ،‬ومن أشهر كتب العقيدة التي‬

‫حتمل هذا االسم كتاب التوحيد للشيخ حممد بن عبد الوهاب رمحه اهلل ‪ .‬وقد كثر اعتناء الناس به ؛‬

‫لعظم نفعه ‪ ،‬وأمهية موضوعه ‪ ،‬حتى أصبح من أكثر الكتب طباعة وانتشار ًا ؛ ونظر ًا لشهرة هذا‬

‫الكتاب ‪ ،‬وعناية الناس به ‪ ،‬كثرت رشوحه ‪ ،‬وتعددت ‪ ،‬وتنوعت ؛ وسنلقي نظرة عجىل عىل هذه‬

‫الرشوح‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫س‪ /‬ما أهم رشوح كتاب التوحيد؟‬

‫ج‪ /‬حظي كتاب التوحيد باهتامم العلامء منذ تأليفه وإىل اليوم ومن هذه الرشوح ‪:‬‬

‫[‪ ]1‬تيسري العزيز احلميد لسليامن بن عبد اهلل بن حممد بن عبد الوهاب ‪ ،‬وهو أقدم الرشوح وأوهلا‬

‫وأوسعها ‪ ،‬إال أن مؤلفه مل يكمله ‪ ،‬فقد وقف عىل باب ما جاء يف املصورين ‪ ،‬وقد وضعت تكملته من‬

‫فتح املجيد ‪ .‬وهو مطبوع متداول ‪.‬‬

‫[‪ ]2‬فتح املجيد لعبد الرمحن بن حسن بن حممد بن عبد الوهاب ‪ ،‬وهذا الكتاب عبارة عن هتذيب‬

‫وترتيب وتكميل لتيسري العزيز احلميد ‪ ،‬وقد حظي هذا الكتاب بشهرة واسعة و طبع مرات كثرية‬

‫وبلغ كثريا من املسلمني يف أنحاء العامل ‪.‬‬

‫[‪ ]3‬فتح احلميد ‪ ،‬لعثامن بن منصور وهو أكرب رشوح كتاب التوحيد ‪ ،‬وقد طبع حمقق ًا يف أربعة‬

‫جملدات ‪ ،‬إال أن هذا الكتاب مل حيظ بقبول أئمة الدعوة ‪ ،‬وهلم كالم طويل يف نقد الكتاب ومؤلفه يف‬

‫الدرر السنية ‪.‬‬

‫[‪ ]4‬حاشية كتاب التوحيد ‪ ،‬لعبد الرمحن بن حممد بن قاسم ‪ ،‬وهي حاشية نافعة وحمررة ‪ ،‬وهلذا يعول‬

‫عليها كثري من أهل العلم يف التدريس والتأليف ‪.‬‬

‫[‪ ]5‬القول السديد ‪ ،‬لعبد الرمحن بن سعدي ‪ ،‬وهو كتاب خمترص يف قواعد وضوابط توحيد‬

‫األلوهيــة ‪ ،‬وهو يف هذا اجلانب ال نظري له ‪ ،‬وقد طبع مرار ًا‪.‬‬

‫[‪ ]6‬القول املفيد ‪ ،‬ملحمد بن عثيمني ‪ ،‬وهو يف ثالثة جملدات كبار ‪ ،‬وهو كتاب حافل بالعلم‬

‫والتحقيقات النافعة ‪ .‬وهناك رشوح أخرى لكتاب التوحيد سوى ماذكر ؛ كقرة عيون املوحدين ‪،‬‬

‫وإبطال التنديد ‪ ،‬والدر النضيد ‪ ،‬وغريها كثري‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أمهية العقيدة‬

‫العقيدة اإلسالمية أهم العلوم اإلسالمية عىل اإلطالق وذلك ألسباب كثرية ‪ ،‬منها ‪:‬ـ‬

‫‪ )1‬أن رشف العلم برشف موضوعه وموضوع العقيدة هو العلم باهلل وأسامءه وصفاته وأفعاله وهذا‬
‫أرشف املطالب‪.‬‬
‫‪ )2‬أن العقيدة هي أساس قبول األعامل فالعمل مهام كثر ونفع فإنه ال ُيقبل إذا كان عىل عقيدة غري‬

‫؛ وقـــال‪:‬‬ ‫الفرقان ‪٣٢ :‬‬ ‫سليمة ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ‬

‫ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ الغاشية‪ ، ٤ - ٣ :‬و ثبت يف الصحيح (‬


‫أن عائشة ريض اهلل عنها قالت ‪ :‬يا رسول اهلل ابن جدعان كان يصل الرحم ‪ ،‬ويقرئ الضيف ‪ ،‬ويعني‬
‫يوما رب أغفر خطيئتي يوم الدين ) ‪.‬‬
‫عىل نوائب الدهر‪ ،‬فهل ذلك نافعه ؟ قال‪ " :‬ال إنه مل يقل ً‬
‫‪ )3‬أن العقيدة والتوحيد هي الغاية التي ألجلها ُخلق اخللق و ُبعثت الرسل قال تعاىل‪:‬ﮋ ﭳ ﭴ‬

‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ الذاريات‪ ٦٥ :‬أي ‪ :‬ليوحدون ‪ ،‬وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬

‫؛ فكل رسول بعث بالدعوة لعقيدة‬ ‫النحل‪٢٥ :‬‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮒ ﮊ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ ( : ‬إنا‬ ‫ﮝ ﮞﮊ المائدة‪٤٤ :‬‬ ‫التوحيد وإن اختلفــت الرشائع ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ‬


‫معارش األنبياء إخوة لعالت ) ؛ وهم اإلخوة ألب ؛ فكام أن األب جيمعهم فكذلك الرسل جتمعهم‬
‫وحدة العقيدة وإن اختلفت الرشيعة ‪.‬‬

‫‪ )4‬أن التوحيد أهم األوامر اإلهلية ؛ وهلذا ُيبدأ به يف آيات األمر والنهي كام قال اهلل تعاىل‪ :‬ﮋ ﮗ‬

‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﮊ النساء‪ ، ٢٥ :‬وكذلك الرشك فإنه أعظم ما هنى اهلل عنه وهلذا ُيذكر أول النواهي قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ‬

‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬

‫‪8‬‬
‫ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ‬
‫؛ وهلذه‬ ‫األنعام‪١٦٢ - ١٦١ :‬‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ‬

‫املنزلة فإن اهلل عز وجل ال يغفر اإلخالل بالتوحيد ‪ ،‬وأما العمل فهو حتت املشيئة كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮢ‬

‫؛ وذلك ألن التوحيد حق اهلل اخلالص‬ ‫ﮊ النساء‪٤٤ :‬‬ ‫ﮣﮤﮥ ﮦﮧﮨ ﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮ‬
‫كام يف حديث معاذ ‪ ( :‬حق اهلل عىل العباد أن يعبدوه وال يرشكوا به شيئًا)‪.‬‬
‫خالصا ونق ًيا من الرشك فإنه ُيكفر الذنوب مهام عظمت كام يف حديث البطاقة‬
‫ً‬ ‫‪ )5‬أن التوحيد إذا كان‬
‫التي وضعت يف ميزان األعامل ‪ ،‬وفيها ( ال إله إال اهلل ) فطاشت بتسعة وتسعني سجال من السيئات كل‬
‫سجل منها مد البرص ‪ ،‬ويف احلديث القديس ‪ ( :‬يا بن آدم لو أتيتني بقراب األرض خطايا ثم لقيتني ال‬
‫خالصا أدخل صاحبه اجلنة بال حساب‬
‫ً‬ ‫ترشك يب شيئًا ألتيتك بقراهبا مغفر ًة ) ‪ .‬بل إن التوحيد إذا كان‬
‫كام يف حديث السبعني ألفا الذين ال يسرتقون وال يكتوون وال يتطريون وعىل رهبم يتوكلون‪.‬‬
‫وهكذا نرى األمهية القصوى لعلم العقيدة ‪ ،‬وهذا ال يعني إمهال بقية العلوم الرشعية بل كلها يف غاية‬

‫األمهية ولكن العقيدة منها بمنزلة القلب أو الروح ‪.‬‬

‫أدلة العقيدة‬

‫أدلة العقيدة هي ‪ :‬الكتاب وصحيح السنة ‪ ،‬وكذلك اإلمجاع ؛ مع ان عامة قضايا العقيدة ثابتة‬

‫بالكتاب والسنة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫س‪ :‬ما عالقة العقل والفطرة بأدلة العقيدة؟‬

‫ج ‪ :‬الفطرة السليمة توافق العقيدة الصحيحة ‪ ،‬بل إن الفطرة السليمة ال تستقر إال مع العقيدة السليمة‬

‫‪ ،‬وهلذا نجد الكافر واملبتدع يف قلق وحرية واضطراب‪.‬‬

‫وكذلك العقل الرصيح فإنه موافق للنقل الصحيح وال يمكن أن يعارضه أبدً ا ‪ ،‬ولكن قد حيار يف‬

‫بعض ماجاء به النقل ؛ فالرشيعة تأيت بمحارات العقول ولكنها ال تأيت بمحاالت العقول أبدً ا‪.‬‬

‫س ‪/‬أذكر أهم الطوائف التي خالفت أهل السنة يف طريقة االستدالل؟‬

‫الطوائف التي خالفت أهل السنة يف طريقة االستدالل عىل أنواع ‪-:‬‬

‫غلوا الفالسفة ؛ فإهنم يعولون عىل العقل وهيملون النقل‬


‫‪ .1‬الغالة يف تقديس العقل ‪ ،‬وأشهدهم ً‬
‫إمهاالً ً‬
‫تاما‪ ،‬مثل الكندي والفارايب وابن سينا صاحب ( اإلشارات والتنبيهات ) ‪ ،‬ثم املعتزلة فإهنم‬
‫يعتمدون عىل العقل وإنام يذكرون النقل اعتضادا ال اعتام ًدا ‪ ،‬كام فعل القايض عبد اجلبار يف ( رشح‬
‫األصول اخلمسة ) وغريه ‪ ،‬ثم األشاعرة ؛ فإهنم يقدمون العقل عىل النقل عند التعارض ؛ وجيعلون‬
‫اإلمكان العقيل رشطا يف قبول السمعيات ‪.‬‬
‫إلقاء يف الروع أو رؤيا منام إنام يستأنس به يف‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬الغالة يف تقديس اإلهلام ؛ فاإلهلام سواء كان‬
‫الرتغيب والرتهيب إذا وافق األدلة الرشعية ‪ ،‬ولكن غال الصوفية يف هذا الباب ‪ ،‬وتوسعوا يف‬
‫االستدالل باإلهلام والكشف واملنام حتى إن الغزايل يف ( إحياء علوم الدين ) اعترب قبول النقل‬
‫مرشو ًطا بموافقة الكشف‪.‬‬
‫‪ .3‬الغالة يف تقديس األئمة ؛ فالواجب عىل املسلم أن يقدم قول الرسول ‪ ‬عىل قول كل أحد وال‬
‫يقدم عليه يشء ‪ ،‬واملذاهب الفقية ُجهد مشكور ال شك يف ذلك ‪ ،‬بل ُيعترب التفقه عليها رضورة ملا‬
‫متيزت به من اجلهد الكبري يف التأصيل والتفريع والتخريج والرتاجم وغري ذلك ‪ ،‬ولكن جيب عىل‬
‫طالب العلم إذا رأى أن الدليل ُخيالف املذهب فليتبع الدليل وليرتك املذهب يف هذه املسألة ‪ ،‬خال ًفا‬

‫‪01‬‬
‫ملن يتعصب ويتبع إمامه يف كل يشء حتى لو خالف الدليل كام قال بعضهم "كل دليل خيالف مذهبنا‬
‫فهو منسوخ أو متأول"‪ ،‬وقد نبه العلامء خلطورة هذا املسلك ‪ ،‬قال اإلمام أمحد ‪( :‬عجبت لقو ٍم عرفوا‬

‫اإلسناد وصحته يذهبون لرأي سفيان واهلل يقول ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬

‫؛ أتدري ما الفتنة ؟ ‪ :‬الفتنة الرشك لعله إن رد شيئًا من قوله‬ ‫النور‪٥٢ :‬‬ ‫ﮕﮖ ﮗﮘﮙ ﮊ‬
‫أن يقع يف قلبه يشء من الزيغ فيهلك ) ‪ .‬وقبله قال ابن عباس ‪ ‬ملن ناظره يف متعة احلج ‪ (:‬يوشك‬
‫أن تنزل عليكم حجارة من السامء أقول قال رسول اهلل وتقولون قال أبو بكر وعمر !! ) ؛ فإذا كان‬
‫هذا تشديد األئمة عىل من غال يف اتباع األئمة األربعة وفيمن فوقهم بمراتب ؛ كأيب بكر وعمر ريض‬
‫اهلل عنهام فكيف بمن غال يف اتباع إمامه وزعم أنه معصوم وقوله حجة وسنة كام هي عقيدة الشيعة‬
‫اإلمامية ‪ ،‬فإهنم يزعمون أن السنة قول املعصوم أو فعله وتقريره ويقصدون باملعصوم مجيع األئمة‬
‫اإلثني عرش ؛ وأوهلم عيل ‪ ‬وآخرهم حممد بن احلسن العسكري ؛ الذي هو املهدي بزعمــهم !!‬
‫س‪ :‬ما موقف املتكلمني ( املعتزلة واألشاعرة ) من االستدالل بالنقل يف العقيدة ؟‬

‫ج ‪ :‬يستدل املتكلمون بالقرآن وكذلك باملتواتر من السنة برشط أن ال خيالف العقل ‪ ،‬أما أخبار اآلحاد‬

‫فإهنم ال يستدلون هبا يف العقيدة ؛ ألهنا كلها ظنية بزعمهم والعقيدة ال بد فيها من القطع وهذا من‬

‫أخطر آرائهم التي ردوا هبا أكثر السنة !! والرد عليهم من وجوه كثرية ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‌أ) ما تواتر يف األحاديث من أن الرسول ‪ ‬كان يرسل الدعاة ؛ وهم آحاد إىل امللوك واألمم ليبلغوا‬
‫العقيدة والدين كله ؛ كام أرسل دعاته مللوك الروم وفارس ؛ وكام أرسل معاذا ‪ ‬ألهل اليمن‪.‬‬
‫ب) أن خرب الواحد إذا تلقته األمة بالقبول أو احتفت هبا القرائن فإنه يفيد اليقني ‪ ،‬ومعظم أحاديث‬
‫‌‬

‫الصحيحني من هذا القبيل ؛ لتلقي األمة هلام بالقبول ‪ .‬ولو سلمنا بأنه إنام يفيد الظن فالظن الناشئ‬

‫عن نص خري من تلك األدلة العقلية التي حريت أهلها قبل غريهم ! وسنذكر شواهد من‬

‫كالمهم هلذه احلرية !!‬

‫‪00‬‬
‫قال أحدهم ‪:‬‬

‫فلم أعثر عىل بـــــرد اليقني‬ ‫طلبتك جاهدا مخسني عاما‬

‫فأعرف غامض الرساملصون‬ ‫فهل بعد املامت بك اتصال‬

‫وقال آخر ‪-:‬‬

‫وقلبت طريف بني تلك املعامل‬ ‫لعمري لقد طفت املعاهد كلها‬

‫عىل ذقن أو قارعا سن نـادم‬ ‫فلم أر إال واضعا كف حائــر‬

‫وقد تصاحبهم حتى يف أحرج حلظات العمر ؛ كام يف قول أحدهم ‪-:‬‬

‫بعاجل ترحايل إىل أين ترحايل‬ ‫لعمرك ما أدري وقد أذن البىل‬

‫من اهليكل املنحل واجلسد البايل‬ ‫وأين حمل الروح عند خروجه‬

‫ج) أن أخبار اآلحاد الثابته موافقة للقرآن وهذا دليل عىل أهنا خترج من مشكاة واحدة ؛ وهلذا كان‬

‫اإلمام البخاري يذكر دليل املسألة من القرآن ثم يتبعه باألحاديث التي توافقه وتفرسه ‪.‬‬

‫د) أن إنكار أخبار اآلحاد يعني رد معظم األحاديث ؛ ألن أكثر األحاديث عبارة عن أخبار آحاد‬

‫واملتواتر قليل جدً ا ‪ .‬بل إن الرازي اشتط فعزل النقل كله عن االستدالل العقدي ؛ فزعم يف كتابــــه‬

‫( املحصل ) أن األدلة النقلية كلها التفيد اليقني إال بعد تيقن عرشة أمور ؛ عصمة الرواة ‪ ،‬وعدم‬

‫االشرتاك واملجاز والنقل والتخصيص باألشخاص واألزمنة وعدم اإلضامر والتأخري والتقديم‬

‫والنسخ وعدم املعارض العقيل الذي لوكان لرجح عليه !!! ؛ وهلذا نقل ابن تيمية يف (منهاج السنة )‬

‫قول أحدهم يف ذم هذا الكتاب ‪:‬‬

‫‪02‬‬
‫من بعد حتصيله أصل بال دين‬ ‫حمصل يف أصول الدين حاصـــــله‬

‫فيه فأكثره وحي الشــيــاطني‬ ‫أصل الضالالت والشك املبني فام‬

‫بل إن ابن القيم اعترب هذا األصل أحد أربعة أصول دك هبا املتكلمون معاقل الوحي !!‬

‫س‪/‬اذكر نبذة خمترصة عن هذه األصول األربعة التي رد هبا املتكلمون أكثرالنصوص ؟‬

‫هذه األصول هي ‪-:‬‬

‫‪ -1‬اشرتاط القطعية يف أدلة العقيدة ‪ ،‬وهذا ال يتحقق بزعمهم إال يف األدلة العقلية ‪ ،‬ألن النقل حتى‬

‫لو كان قرآنا أو سنة متواترة يتطرق إليه عرشة احتامالت كل واحد منها كاف يف رفع قطعية الدليل‬

‫النقيل ؛ كاحتامل النسخ أ واإلضامر أو التخصيص أو املعارض العقيل ‪ ....‬اىل آخر ما ذكره الرازي يف‬

‫املحصل ‪.‬‬

‫‪ -2‬تقديم العقل عىل النقل عند التعارض ‪ ،‬وهلذا أنكروا كثريا من الصفات حتى وإن جاء هبا القرآن‬

‫والسنة املتواترة ‪ ،‬فاستواء اهلل مثال وإن ذكر يف سبع من آيات القرآن إال أنه ال يمكن القول بموجبها‬

‫واألخذ بداللتها ‪ ،‬ألهنا تعارض داللة العقل عىل تنزيه الرب عن اجلهة ‪ ،‬ألهنا من خصائص‬

‫األجســام !!‬

‫‪ -3‬اعتبار نصوص الصفات جمازا يمكن نفيه أوتأويله بام يتسق مع داللة العقل ‪ ،‬وهلذا أولو صفة‬

‫اليد بالنعمة ‪ ،‬وصفة الرمحة باإلرادة ‪ ،‬وصفة النزول بنزول أمر اهلل تعاىل أو نزول ملك من مالئكته مع‬

‫أن احلديث نص يف نزول الرب تبارك وتعاىل ‪ ،‬فال يمكن أبدا أن يقول امللك ‪( :‬من يدعوين فأستجيب‬

‫له ) هذا ال يقوله أبدا إال رب العاملني !!‬

‫‪03‬‬
‫‪ -4‬رفض االستدالل بأخبار اآلحاد يف العقيدة حتى لو كانت يف الصحيح ‪ ،‬ألهنا بزعمهم إنام تفيد‬

‫الظن ‪ ،‬والظن ال جيوز أن يكون أساسا تبنى عليه العقيدة ‪ ،‬وهلذا ردوا كثريا من األحاديث الصحيحة‬

‫هبذه احلجة الباطلة مع أن أكثر ما ردوه يفيد القطع ‪ ،‬ألن خرب الواحد يفيد القطع اذا احتفت به القرائن‬

‫؛ كتلقي األمة له بالقبول ‪ ،‬وعامة أحاديث البخاري ومسلم من هذا الرضب ‪.‬‬

‫وهكذا صالوا عىل النصوص حتى عزلوها عن االستدالل العقدي أو كادوا ‪ ،‬فال يذكروهنا يف كتبهم‬

‫إال قليال ‪ .‬وانظر يف ( رشح املواقف ) أو (املقاصد ) أو ( النسفية) جتد مصداق ما ذكرت مع أهنم‬

‫أقرب اخللف ألهل السنة فكيف لو طالعت ( رشح األصول اخلمسة ) أو ( املغني ) للقايض عبد‬

‫اجلبار وكتب أرضابه من املعتزلة والشيعة اإلمامية ؟! الشك أن األمر أكرب من ذلك بكثري ‪ ،‬فبعدهم‬

‫عن النص أظهر وأظهر وهيمنة العقل عندهم أعظم وأعظم !! فحسبنا اهلل ونعم الوكيل ‪ .‬ولعظم‬

‫خطورة هذه األصول أفرد ابن القيم هلا كتابه املشهور ( الصواعق املرسلة ) ‪.‬‬

‫كتب العقيدة‬

‫كتب العقيدة ال تكاد حتىص فهناك كتب مؤلفة عىل طريقة الفالسفة مثل ‪ :‬اإلشارات والتنبيهات البن‬

‫أيضا‪.‬‬
‫سينا ومثل النجاة له ً‬

‫وهناك كتب عىل طريقة املعتزلة مثل ‪ :‬رشح األصول اخلمسة للقايض عبد اجلبار ومثل املحيط‬

‫بالتكليف‪.‬‬

‫وهناك كتب عىل طريقة األشاعرة ‪ ،‬كرشح املواقف للجرجاين ورشح املقاصد للتفتازاين‪.‬‬

‫وهناك كتب عىل طريقة الشيعة اإلمامية مثل االقتصاد يف االعتقاد للطويس ‪ ،‬وكتاب اإلهليات‬

‫للسبحاين‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫وهناك كتب عىل طريقة اإلباضية كمشارق أنوار العقول للساملي ‪ ،‬وكتاب احلق الدامغ ألمحد اخللييل‪.‬‬

‫وهناك كتب مؤلفة عىل طريقة اإلسامعيلية ؛ وهم من أبعد الناس عن عقيدة السلف مثل‪ :‬راحة العقل‬

‫للكرماين ‪ ،‬وكتاب الينابيع للسجستاين !‬

‫وهكذا نرى أن كتب العقيدة بحر ال ساحل له ؛ وهلذا جيب عىل طالب العلم أن يتثبت يف اختيار‬

‫الكتاب الذي يقرأ ؛ فالبد أن يكون من كتب العقيدة التي ألفت عىل طريقة السلف وخاصة إذا كان‬

‫يف أول طريق طلب العلم و هو ما سنركز عليه اآلن بإذن اهلل تعاىل !‬

‫س ‪ /‬ما أهم الكتب املؤلفة يف العقيدة عىل طريقة السلف؟‬

‫ج ‪ :‬هناك كتب مؤلفة يف العقيدة عىل طريقة السلف وهي كثرية ؛ وهلذا سنقسمها تقريبا للضبط إىل‬

‫جمموعات‪:‬‬

‫‪ )1‬كتب السلف األوىل ؛ وهي يف الغالب كتب مسندة ‪ ،‬مثل‪ :‬كتاب التوحيد البن خزيمة ومثل‬
‫كتاب السنة البن أيب عاصم ‪ ،‬وكتاب الرشيعة لآلجري ‪ ،‬ومن كتب السلف ما هو مؤلف يف بعض‬
‫أبواب االعتقاد أو مسائله ؛ ككتاب القدر للفريايب ‪ ،‬وكتاب النزول للدارقطني ‪ ،‬ومنها ما ألف يف‬
‫الرد عىل أهل البدع كخلق أفعال العباد للبخاري والرد عىل الزنادقة واجلهمية لإلمام أمحد ومثل رد‬
‫كثريا‪.‬‬
‫الدارمي عىل املرييس ورد الدارمي عىل اجلهمية وقد كان ابن تيمية يثني عىل هذين الكتابني ً‬
‫‪ )2‬كتب املحققني من أهل السنة ؛ وهي كتب لعلامء يف القرن السابع والثامن اهلجري ؛ جاءوا بعد أن‬
‫استحكمت بدعة الكالم والتصوف والفلسفة وغريها وكاد مذهب السلف أن يندرس ؛ فأحيوا‬
‫مذهب السلف وردوا عىل أهل البدع ‪ ،‬ومن هؤالء ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن كثري وابن‬
‫عبد اهلادي ومن أهم الكتب التي ألفها هؤالء األعالم ‪ ،‬كتاب درء التعارض البن تيمية ‪ ،‬وهو أعظم‬
‫كتبه ومثل منهاج السنة البن تيمية وهو أعظم ما ألف يف الرد عىل الشيعة ومثل بيان تلبيس اجلهمية‬
‫البن تيمية ومثل كتاب الصفدية يف الرد عىل الفالسفة ومثل جمموع الفتاوى ؛ ففيه رسائل وكتب يف‬

‫‪05‬‬
‫العقيدة عىل طريقة السلف ‪ ،‬ومنها أيضا الصواعق املرسلة البن القيم وله أيضا مدارج السالكني‬
‫وإغاثة اللهفان والنونية وغريها ( للنونية رشح نفيس للهراس ) ‪.‬‬
‫‪ )3‬كتب أئمة الدعوة ؛ وأول هؤالء األعالم الشيخ حممد بن عبد الوهاب رمحه اهلل ( ‪1115‬هـ‬
‫– ‪1226‬هـ ) ؛ فقد ظهر يف زمن رجع فيه كثري من الناس إىل علم الكالم والتصوف ‪ ،‬وانترشت‬
‫بدع القبور‪ ،‬والتعلق بالبرش‪ ،‬ووصل احلال يف بعض األقطار إىل ما يشبه اجلاهلية األوىل فأنكر‬
‫رمحه اهلل هذه البدع ‪ ،‬وأحيا مذهب السلف الذي كاد أن يندرس ‪ ،‬وأعانه عىل ذلك اإلمام حممد‬
‫بن سعود ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬وأبناؤه من بعده ؛ فعادوا بالناس ملذهب السلف ‪ ،‬وهدموا القبور‬
‫واملشاهد ‪ ،‬وبعثوا املعلمني يف القرى واهلجر حتى انترش اخلري ‪ ،‬وعاد الناس ملنهج السلف من‬
‫جديد ؛ وقد ألف هذا اإلمام وأئمة الدعوة من بعده كثريا من الكتب يف عقيدة السلف مثل كتاب‬
‫التوحيد ‪ ،‬وكشف الشبهات ‪ ،‬وكتاب أصول اإليامن ‪ ،‬وفتح املجيد ‪ ،‬وكثري من الكتب والرسائل‬
‫و معظمها موجود يف كتاب الدرر السنية الذي بلغ ستة عرش جملدا ‪.‬‬
‫‪ )4‬كتب علامء السلف يف اليمن ؛ فرغم أن املذهب الزيدي هو الغالب عىل اليمن إال أنه ظهر يف هذا‬
‫القطر علامء أحيوا مذهب السلف وأنكروا البدع وأشهر هؤالء األعالم ثالثة ؛ أوهلم ابن الوزير ؛‬
‫وقد كان قبل إمام الدعوة بوقت طويل ؛ وهو صاحب كتاب العواصم والقواصم ‪ ،‬وكتاب إيثار‬
‫احلق عىل اخللق ‪ ،‬وثانيهم الصنعاين ؛ وقد كان معارصا إلمام الدعوة ‪ ،‬وأثنى عىل دعوته ؛ وله رسائل‬
‫يف العقيدة ؛ كتطهري االعتقاد وكتاب رفع األستار وكتاب مجع الشتيت ‪ .‬والثالث الشوكاين ؛ فله‬
‫رسائل يف العقيدة عىل مذهب السلف مثل ‪ :‬التحف يف اإلرشاد إىل مذهب السلف ‪ ،‬ومثل الدر‬
‫النضيد يف إخالص كلمة التوحيد ‪ ،‬ومثل إرشاد الثقات ‪ ،‬ومثل رشح الصدور ‪ ،‬ورسالة البغية يف‬
‫مسألة الرؤية ‪ .‬ويلحق بعلامء هذا القطر من تأثر هبم من خارجه ‪ ،‬وأبرزهم صديق حسن خان الذي‬
‫تأثرا بالشوكاين كثريا ‪ ،‬وهو الذي ألف كتاب الدين اخلالص ؛ وهو كتاب كبري يف العقيدة يقع يف‬
‫أربعة أجزاء ‪.‬‬
‫‪ )5‬كتب علامء السلف املعارصين وهي كثرية جدً ا ؛ ككتاب القائد إىل تصحيح العقائد للمعلمي ‪،‬‬
‫وتوضيح الكافية الشافية البن سعدي ‪ ،‬ومعارج القبول للحكمي ‪ ،‬وعقيدة أهل السنة واجلامعة البن‬

‫‪06‬‬
‫عثيمني ‪ ،‬ودعوة التوحيد للهراس ‪ ،‬وجدليات ابن تيمية حول النبوات والغيبيات له أيضا ‪ ،‬وعقيدة‬
‫التوحيد للفوزان ‪ ،‬ورشوح الرباك للتدمرية والطحاوية والقواعد األربع واألصول الثالثة ونواقض‬
‫اإلسالم وكشف الشبهات ‪.‬‬
‫‪ )6‬الرسائل العلمية ؛ وهي من مزايا العرص احلديث ؛ فهناك رسائل قيمة يف العقيدة مثل ابن تيمية‬
‫السلفي ونقده ملسالك املتكلمني يف اإلهليات للهراس ‪ ،‬وابن تيمية وقضية التأويل ملحمد اجلليند ‪،‬‬
‫ومثل التربك أنواعه وأحكامه للجديع ‪ ،‬ومثل األدلة العقلية عىل أصول االعتقاد لسعود العريفي ؛‬
‫وهناك رسائل كثرية جدً ا فيها الغث والسمني فينبغي لطالب العلم أن حيتاط فليست كل رسالة فيها‬
‫إضافة علمية أو بحث علمي جاد‪.‬‬
‫‪ )7‬البحوث العلمية املحكمة ؛ كالبحوث التي تنرشها جملة البحوث اإلسالمية التابعة لدار اإلفتاء ‪،‬‬
‫وجملة جامعة أم القرى ‪ ،‬وجملة اجلامعة اإلسالمية ‪ ،‬وجملة جامعة اإلمام حممد بن سعود ‪ ،‬ففيها بحوث‬
‫حمكمة وقيمة يف العقيدة وغريها‪.‬‬
‫‪ )8‬املواقع اإللكرتونية ؛ فهناك مواقع متخصصة لنرش كتب العقيدة وأبحاثها وبراجمها من أشهرها‬
‫اجلمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة واألديان والفرق ‪.‬‬

‫ألقاب أهل السنة واجلامعة‬


‫أهل السنة واجلامعة سموا هبذا االسم الذي هو أشهر أسامءهم ؛ ألهنم متمسكون بالسنة‬
‫وجمتمعون عليها ؛ مل يتفرقوا تفرق أهل البدع كاخلوارج الذين تفرقوا إىل حمكمة وأزارقة ونجدات‬
‫وصفرية وإباضية ‪ ،‬وكاملعتزلة الذين زادت فرقهم عىل العرشين ‪ ،‬وكالشيعة الذين زادت فرقهم‬
‫عىل السبعني ‪.‬‬
‫ورأى بعض أهل العلم أهنم سموا بأهل السنة واجلامعة ً‬
‫أخذا من قول النبي صىل اهلل عليه وسلم يف‬
‫حديث االفرتاق ( ما أنا عليه اليوم وأصحايب ) فكلمة ( ما أنا عليه ) إشارة إىل لوصف السنة ‪.‬‬
‫وكلمة ( وأصحايب ) إشارة لوصف اجلامعة‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫وألهل السنة مع هذا االسم عدة أسامء منها ‪:‬‬
‫‪ )1‬السلف ؛ وذلك ألهنم يف مسائل العقيدة ودالئلها عىل ما كان عليه السلف الصالح من‬
‫الصحابة وتابعيهم بإحسان ‪.‬‬
‫‪ )2‬أهل احلديث ؛ وذلك لتعظيمهم للحديث ‪ ،‬وعنايتهم به ‪ ،‬واستدالهلم بكل ما صح عنه ‪‬‬
‫متواترا وآحا ًدا ؛ وهلذا كان أئمتهم من علامء احلديث كاإلمام مالك واإلمام أمحد واإلمام البخاري ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ )3‬الفرقة الناجية ؛ ً‬
‫أخذا من قول النبي ‪ ( ‬وستفرتق أمتي عىل ثالث وسبعني فرقة كلها يف‬
‫النار إال واحدة ) فالناجية واحدة والباقية هالكة وهذه الناجية هي كامقال اإلمام أمحد " إن مل يكونوا‬
‫أهل احلديث وإال فال أدري من هم"‪.‬‬
‫‪ )4‬الطائفة املنصورة ؛ ً‬
‫أخذا من قول النبي ‪ ( : ‬ال تزال طائفة من أمتي عىل احلق ظاهرين ال‬
‫يرضهم من خذهلم إىل يوم القيامة ) ؛ فأهل السنة بمقتىض هذا الوعد الصادق منصورون ؛ إما‬
‫بالسيف والسنان ‪ ،‬وإما باحلجة و الربهان ‪ .‬وقد ورد يف بعض الروايات أهنم يف الشام وهذا واهلل أعلم‬
‫يف أخر الزمان ؛ ألن عيسى عليه السالم ينزل يف دمشق ‪ ،‬فتكون الفرقة هناك أما قبله فهم متفرقون يف‬
‫البلدان ‪.‬‬

‫خصائص عقيدة أهل السنة واجلامعة‬


‫ألهل السنة واجلامعة خصائص متيز عقيدهتم عن غريهم منها ‪:‬‬

‫‪ )1‬سالمة املصدر ووحدته ؛ وهو الكتاب والسنة ؛ وهلذا جتد عقائدهم واحدة مهام اختلفت‬
‫بلداهنم ‪ ،‬يقول األصبهاين ‪ ( :‬مما يدل عىل أن أهل احلديث هم أهل احلق أنك لو طالعت كتبهم من‬
‫أوهلم إىل آخرهم مع اختالف األزمان األقطار لوجدهتم يف العقيدة عىل وترية واحدة ولو مجعت ما‬
‫قالوه لوجدهتم عىل قلب واحد ولسان واحد فهل عىل احلق دليل أبني من هذا ) ‪.‬‬
‫ال حياكم إليه فام وافقه قبل وما خالفه رد ‪ ،‬خال ًفا للمتكلمني‬
‫‪ )2‬اعتبار الكتاب والسنة أص ً‬
‫فاألصل عندهم العقل ‪ ،‬وخال ًفا للمتصوفة فاألصل عندهم الكشف ‪ ،‬وكذلك خال ًفا ألصحاب‬
‫الرأي والتقليد والعادات الذين يقدمون العادات وآراء الرجال عىل الكتاب والسنة‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫متواترا أو آحا ًدا ‪ ،‬خالفا للمتكلمني‬
‫ً‬ ‫‪ )3‬قبول كل ما صح عن الرسول ‪ ‬يف العقيدة سواء كان‬
‫الذين ال يقبلون أخبار اآلحاد يف العقائد‪.‬‬
‫‪ )4‬أهنم ال ينتسبون ملقالة معينة وال لشخص معني غري الرسول ‪ ‬؛ فانتساهبم للسنة واحلديث‬
‫خالفا ألهل البدع ؛ فإهنم ينتسبون إىل املقالة كالقدرية واملرجئة ‪ ،‬أو إىل القائل كاهلاشمية والنجارية ‪،‬‬
‫أو إىل الفعل كاخلوارج والروافض‪.‬‬
‫‪ )5‬أن عقيدهتم موافقة للفطرة يف املسائل والدالئل ‪ ،‬فعقيدهتم يف وجود اهلل وصفاته وأفعاله‬
‫وسائر أبواب االعتقاد موافقة للفطرة السليمة ‪ ،‬وكذلك أدلتهم عىل معتقداهتم فطرية غري معقدة ‪،‬‬
‫كام هو الشأن عند املتكلمني ؛ فمثال دليلهم عىل وجود اهلل الذي يسمى دليل احلدوث يف غاية التعقيد‪.‬‬
‫‪ )6‬الوسطية بني الفرق فأهل السنة واجلامعة وسط بني الفرق يف ‪:‬‬
‫‪ ‬الصفات ؛ فهم وسط يف هذا الباب بني املعطلة ؛ الذين أنكروا الصفات ‪ ،‬واملشبهة الذين‬
‫أثبتوا الصفات عىل وجه يامثل املخلوقات ؛ فأهل السنة أثبتوا الصفات دون متثيل كام قال‬

‫تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ الشورى‪ ١١ :‬؛ فأول اآلية رد عىل‬


‫املمثلة وأخرها رد عىل املعطلة‪.‬‬
‫‪ ‬ويف القدر ؛ توسطوا بني اجلربية الذين أنكروا تأثري العبد يف فعله ‪ ،‬وبني القدرية ؛ الذين‬
‫زعموا أن العبد خيلق فعله ؛ فقال أهل السنة إن العبد فاعل لفعله حقيقة واهلل خلق العبد‬

‫وفعله كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﮊ الصافات‪. ٦٥ :‬‬


‫‪ ‬ويف اإليامن ؛ توسطوا بني الوعيدية ؛ الذين سلبوا اإليامن عن صاحب الكبرية وقطعوا بخلوده‬

‫يف النار وبني املرجئة ؛ الذين أثبتوا اإليامن كام ً‬


‫ال لصاحب الكبرية وقطع غالهتم بأنه ال يعذب‬

‫يف اآلخرة ‪ ،‬فقال أهل السنة ؛ إن صاحب الكبرية ناقص اإليامن ويف اآلخرة حتت املشيئة‪.‬‬

‫‪ ‬ويف الصحابة ؛ توسطوا بني الغالية الذين أهلوا بعض الصحابة وبني الناصبة ؛ الذين كفروا‬

‫بعض الصحابة فقال أهل السنة واجلامعة ‪ :‬إن الصحابة هم خري هذه األمة وما صدر عنهم ؛‬

‫إما أن يكون اجتهادا يعذرون فيه ‪ ،‬أو ذنبا يغفر بحسناهتم العظيمة التي ليس ألحد مثلها‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫‪ ‬ويف األسباب ؛ توسطوا بني األشاعرة الذين أنكروا تأثري األسباب وقالوا إن اهلل يفعل عندها‬

‫ال هبا ‪ ،‬وبني الفالسفة الذين غلو يف تأثري األسباب وزعموا أهنا مبدعة فقال أهل السنة‬

‫واجلامعة ‪ :‬إن األسباب مؤثرة بقدر اهلل وخلقه ؛ ولكن تأثريها مرشوط بمشيئة اهلل إن شاء‬

‫أبقاها عىل تأثريها داللة عىل حكمته وإن شاء رصفها داللة عىل قدرته‪.‬‬

‫‪ )7‬احلذر من البدع ‪ ،‬والتحذير منها ومن أسباهبا ؛ لقوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ‬

‫‪ ،‬ولقوله ‪ ( : ‬رش األمور حمدثاهتا وكل‬ ‫ﮊ األنعام‪١٦٢ :‬‬ ‫ﮀﮁﮂ ﮃﮄﮅﮆ‬

‫حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار) ‪ .‬قال االوزاعي " كان بعض هل العلم يقول ‪ :‬ال‬

‫صياما وال صدقة"‪.‬‬


‫ً‬ ‫يقبل اهلل من مبتدع صالة وال‬

‫س‪ /‬ما أسباب البدع ؟‬

‫ج‪ :‬للبدع أسباب كثرية‪:‬‬

‫الغلو ؛ فاخلوارج إنام ظهروا بسبب الغلو وهكذا الصوفية وغريهم ؛ وهلذا حذر النبي ‪ ‬من‬ ‫‌أ)‬
‫هذا السبب بقوله ‪ ( :‬إياكم والغلو فإنام أهلك من كان قبلكم الغلو) ‪ ،‬وليس معنى هذا الدعوة إىل‬
‫التحلل والتفلت من التكاليف وإنام الدعوة إىل االستقامة عىل دين اهلل دون غلو أو تقصري‪.‬‬
‫ب) االحتجاج باالحاديث الضعيفة واملوضوعة ‪ ،‬كحديث (من زار قربي وجبت له شفاعتي)‬
‫‌‬
‫وحديث ( من حج ومل يزر قربي جفاين) فهذه األحاديث الباطلة أدت إىل بدع الزيارة املعروفة‬
‫واملشهورة ‪ .‬مع أن املرشوع إنام هو شد الرحل للمسجد النبوي ال للقرب ؛ حلديث ( ال تشد الرحال‬
‫إال إىل ثالثة مساجد ) ؛ فعىل املسلم إذا أراد السفر للمدينة أن ينوي زيارة املسجد ال القرب فإذا وصل‬
‫زار القرب الرشيف وسلم عىل النبي ‪ ‬وعىل صاحبيه ريض اهلل عنهام دون أن يقف أو يتحرى الدعاء‬
‫عند القرب ‪ ،‬أو يستقبل القرب أثناء الدعاء ؛ واألخطر من ذلك ما يفعله بعض اجلهال من دعاء الرسول‬

‫‪21‬‬
‫‪ ‬فيام اليقدر عليه إال اهلل ؛ فهذا رشك ناقل عن امللة ‪ .‬وكذلك أحاديث النور املحمدي فهي كلها‬
‫أحاديث باطلة وقد أدى االعتامد عليها إىل ظهور ما يعرف بعقيدة النور املحمدي والزعم بأنه ‪‬‬
‫خلق قبل كل يشء وأن اهلل سبحانه خلق من نوره كل يشء‪.‬‬
‫وربام قال بعضهم ‪ :‬إن الكون إنام قد خلق ألجل حممد وهذا كله خيالف النصوص؛ فالكون خلق‬

‫لعبادة اهلل والرسول ‪ ‬وجد عام الفيل وبعث بالدعوة إىل عباده اهلل ‪ ،‬وكذلك أدى هبم الغلو إىل‬

‫اعتقاد أنه يعلم مفاتيح الغيب اخلمسة كام قرر ذلك الصاوي يف حاشيته عىل تفسرياجلاللني ‪.‬‬

‫ج) إتباع الظن واهلوى كام قال اهلل تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬

‫؛ والزيغ هو " امليل عن احلق إتباعا للهوى" واهلوى من أكرب أسباب‬ ‫ﮊ آل عمران‪٧ :‬‬ ‫ﮰﮱ‬

‫اخلروج عن الدين كام قال اهلل تعـــاىل ‪ :‬ﮋ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬

‫النجم‪٣٢ :‬‬ ‫ﯺﯻ ﮊ‬

‫كثريا من الصفات ‪ ،‬بل إن املعتزلة‬


‫د) تقديم العقل عىل النص ؛ فاملتكلمون قدموا العقل حتى أنكروا ً‬
‫أنكروا بالعقل رؤية اهلل وكالمه وكذلك عذاب القرب ونعيمه‪.‬‬

‫هـ) التأثر بأصحاب الديانات السابقة ‪ ،‬وهذا من أكرب أسباب البدع ‪ ،‬وقد أشار النبي ‪ ‬إليه بقوله ‪:‬‬

‫( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) ‪ .‬وقد وقع‬

‫ال يف العقائد والسلوك ؛ فالتشييع مث ً‬


‫ال كان بتأثري هيودي ؛ فعبد اهلل بن سبأ الذي وضع بذور‬ ‫ذلك فع ً‬

‫التشييع كان هيوديا من هيود اليمن ‪ ،‬وبدعة القدرية إنام وضعها معبد اجلهني الذي أخذها من‬

‫سنسويه ؛ وهو نرصاين ‪ ،‬وبدعة اجلهمية ؛ وهي إنكار الصفات أخذها اجلهم بن صفوان عن اجلعد‬

‫بن درهم وأخذها اجلعد عن اليهود ‪ ،‬و بدعة الفناء و احللول ووحدة الوجود أخذها الصوفية عن‬

‫‪20‬‬
‫اهلندوس ‪ ،‬كام ذكر ذلك أبو الرحيان البريوين يف كتابه ‪ .‬وما ذكره ابن سينا يف كتبه من املقاالت‬

‫الفلسفية إنام أخذها عن أرسطو وغريه من فالسفة اليونان‪.‬‬

‫وال زال هذا السبب يؤثر يف املسلمني بقوة ؛ فاالشرتاكية و التقدمية إنام هي بتأثري الشيوعية العاملية ‪،‬‬

‫والعلامنية والديمقراطية واحلداثة كلها من التأثر بالغرب ومن تأثري موجات التغريب والتنصري العاملية‬

‫‪ ،‬وهكذا موجات اإلحلاد التي تظهر بني الفينة والفينة كثريا ماتكون بتأثري اليهود والنصارى ؛ لتدمري‬

‫املجتمعات اإلسالمية املحافظة ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬

‫التوبة‪٢٣ :‬‬ ‫ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﮊ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪22‬‬
‫الوحدة الثانية‬
‫معنى التوحيد وأنواعه‬

‫التوحيد لغة جعل اليشء واحدا ‪ ،‬أو اعتقاد اليشء واحدا ‪.‬‬
‫وهو قسامن رئيسان‪-:‬‬
‫‪- 1‬توحيد ِ‬
‫املرسل ‪ :‬وهو اهلل عز وجل ويعني ‪ :‬إفراد اهلل بام خيتص به‪.‬‬
‫املرسل ويعني ‪ :‬إفراد الرسول ‪ ‬بالطاعة واالتباع وتقديم قوله ‪ ‬عىل قول غريه ‪.‬‬
‫‪- 2‬توحيد َ‬
‫ويسميه بعض أهل العلم ( توحيد املتابعة ) ‪.‬‬
‫وهذان التوحيدان مها مضمون الشهادة ؛ فال إله إال اهلل يف توحيد ِ‬
‫املرسل ‪ ،‬وحممد رسول اهلل يف‬
‫املرسل ‪ ،‬وعن هذين التوحيدين يسأل األولون واآلخرون كام قال أبو العالية " كلمتان يسأل‬
‫توحيد َ‬
‫عنها األولون واآلخرون ماذا كنتم تعبدون ‪ ،‬وماذا أجبتم املرسلني؟ "‬
‫املرسل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فالسؤال األول عن حتقيق توحيد املرسل ‪ ،‬والسؤال الثاين عن حتقيق توحيد َ‬

‫رشح توحيد ِ‬
‫املرسل‬
‫توحيد ِ‬
‫املرسل يعني إفراد الرب بام خيتص به وهو ينقسم باعتبارين ‪ :‬باعتبار املتعلق ‪ ،‬وباعتبار ما جيب‬
‫عىل املوحد ‪.‬‬
‫أما باعتبار املتعلق فينقسم التوحيد إىل ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫أ‪ -‬توحيد الربوبية ؛ وهو إفراد اهلل عز وجل باخللق وامللك والتدبري وسائر معاين الربوبية ‪ .‬وهذا‬
‫النوع أصل أصيل يف اإلسالم ‪ ،‬ولكنه ال يكفي وحده للدخول يف اإلسالم ؛ فقد كان املرشكون يف‬
‫يقرون هبذا التوحيد ؛ فيؤمنون بأن اهلل هو اخلالق املدبر إال أهنم ينكرون البعث ‪ ،‬كام قال‬
‫اجلاهلية ّ‬
‫‪23‬‬
‫وكام قــــال ‪:‬‬ ‫اإلسراء‪٤٦ :‬‬ ‫تعـــــاىل ‪ :‬ﮋ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ‬

‫ﮋﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ يس‪ . ٧٤ :‬وكذلك كانوا ينكرون‬

‫توحيد األلوهية كام قال اهلل تعـــــــاىل ‪ :‬ﮋ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬

‫‪ ،‬وكام قال حكاية عنهم ‪ :‬ﮋﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫الصافات‪٢٥ - ٢٦ :‬‬ ‫ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ‬

‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ ص‪ ٦ :‬؛ فكان املرشكون مع إيامهنم بالربوبية ينكرون توحيد األلوهية‬

‫؛ أي إذا كانوا‬ ‫الزخرف‪٤٧ :‬‬ ‫كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﮊ‬

‫يقرون بالربوبية فكيف يرصفون عن توحيد األلوهية ؟ ‪ ،‬وكام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫المؤمنون‪ ٤٦ - ٤٤ :‬؛‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ‬
‫ومع هذا اإلقرار فإن اهلل عز وجل مل يرفع عنهم وصف الرشك ال اس ًام وال حك ًام كام قال تعـــاىل ‪ :‬ﮋ‬

‫يوسف‪١٠٥ :‬‬ ‫ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ‬
‫ب‪ -‬توحيد األلوهية ؛ وهو الرباءة من عبادة ما سوى اهلل وإفراد اهلل بجميع أنواع العبادة فال بد يف‬

‫هذا التوحيد من أمرين ( نفي و إثبات ) ؛ فمن مل يأت هبام مع ًا فليس بموحد كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋﭬ‬

‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ األعراف‪ ، ٦٦ :‬وقال ‪ :‬ﮋﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ النساء‪، ٢٥ :‬‬

‫وقــــال ‪ :‬ﮋ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬

‫الزخرف‪.٣٤ - ٣٥ :‬‬ ‫ﮑﮒ ﮓ ﮔﮕﮖﮗﮘ ﮊ‬


‫وقد يعرب عن النفي بالكفر بالطاغوت وعن اإلثبات باإليامن باهلل كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰊ ﰋ‬

‫؛ والعروة الوثقى‬ ‫ﮊ البقرة‪٣٦٥ :‬‬ ‫ﰌﰍﰎﰏ ﰐﰑﰒ ﰓﰔ ﰕ‬


‫هي التوحيد ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وتوحيد األلوهية هو مضمون الشهادة ؛ فالنفي يف أوهلا واإلثبات يف آخرها فال بد من نفي واثبات ؛‬
‫وهلذا قال علامء الدعوة ‪ :‬من مل ينف ما نفت ( ال اله إال اهلل) ويثبت ما أثبتت فليس بموحد‪.‬‬
‫ج‪ -‬توحيد األسامء والصفات ؛ وهو إفراد اهلل عز وجل بكل ما ثبت له من األسامء احلسنى والصفات‬

‫وقال ‪:‬‬ ‫ﮊ األعراف‪١٤٠ :‬‬ ‫العال دون متثيل أو تعطيل كام قال اهلل تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬

‫ﮋ ﮘ ﮙ ﮚ ﮊ النحل‪ ٥٠ :‬؛ أي الوصف األعىل وقال ‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ‬

‫ﭧ ﭨ ﮊ الشورى‪ . ١١ :‬وهذا التوحيد هو ينبوع اإليامن ومادته وكلام ازداد العبد معرفة بأسامء‬
‫اهلل وصفاته كلام ازداد إيامنا وحبا وخوفا ورجاء ؛ وهلذا كان السلف أعظم الناس إيامنا وكان املعطلة‬
‫من أقسى الناس قلبا بل إن بعض السلف سمى املعطلة قطاع الطريق إىل اهلل وبعضهم سامهم ملشية ؛‬
‫ألن مآل قوهلم إىل إن اهلل ال يشء فالذي ال اسم له وال وصف هو املعدوم‪.‬‬
‫وألمهية هذا التوحيد كثرت نصوصه عددا وقدرا ؛ ويكفي دليال عىل ذلك أن أعظم آية يف كتاب اهلل‬
‫كلها يف توحيد الصفات ؛ وهي آية الكريس ‪.‬‬
‫وأما باعتبار ما جيب عىل املوحد فتوحيد املرسل قسامن ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬التوحيد العلمي ؛ وهو التوحيد الذي يتطلب من املكلف علام وإيامنا بمعاين الربوبية‬
‫وصفات الكامل فيدخل يف ذلك توحيد الربوبية وتوحيد الصفات ويسمى هذا التوحيد أيضا‬
‫بالتوحيد القويل ويسمى أيضا بالتوحيد االعتقادي ويسمى أيضا بالتوحيد اخلربي ألن مبناه عىل‬
‫املخرب (‬ ‫ِ‬
‫املخرب ( اهلل ) املقابل بالتصديق أو التكذيب من قبل َ‬ ‫اخلرب الدائر بني النفي واإلثبات من قبل‬

‫املكلف ) ‪ .‬كام يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ ؛ فهذا اخلرب من‬


‫قبل اهلل تعاىل دائر بني النفي واإلثبات ؛ نفي التمثيل وإثبات السمع والبرص هلل ‪ .‬واملكلف إما أن‬
‫يقابله بالتصديق فيكون مؤمنا أو بالتكذيب فيكون كافرا والعياذ باهلل ‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬التوحيد العميل ؛ وهو التوحيد الذي يتطلب من املكلف عمال بعبادة اهلل وحده بال رشيك ؛‬
‫وهذا هو توحيد األلوهية أو توحيد العبادة ويسمى بالتوحيد القصدي ويسمى أيض ًا بالتوحيد‬
‫اإلرادي ؛ ألن مبناه عىل إخالص القصد واإلرادة هلل وحده ويسمى أيضا بالتوحيد الطلبي ؛ ألنه دائر‬

‫‪25‬‬
‫بني األمر والنهي من قبل الرب سبحانه ‪ ،‬مقابل باالمتثال أو الرتك من قبل العبد ؛ فمثال قوله‬

‫؛ هذا التوحيد العميل دائر بني األمر‬ ‫ﮊ النساء‪٢٥ :‬‬ ‫تعــــاىل ‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫بالعبادة والنهي عن الرشك من قبل الرب سبحانه ‪ ،‬ويقابله املكلف إما باالمتثال فيكون موحدا وإما‬
‫بالرتك فيكون مرشك ًا كافر ًا ‪.‬‬
‫وأدلة هذا التوحيد كثرية جدا من أشهرها سورة الكافرون فهي خالصة هلذا التوحيد كام أن سورة‬
‫اإلخالص خالصة للتوحيد العلمي ؛ وهلذا كان الرسول ‪ ‬يقرأ هبام يف ركعتي الفجر وركعتي‬
‫املغرب وركعتي الطواف ‪.‬‬
‫س‪ /‬ما العالقة بني أنواع التوحيد ؟‬
‫‪ - 1‬توحيد الربوبية يستلزم توحيد األلوهية ؛ فالربوبية بمنزلة الدليل واأللوهية بمنزلة املدلــــول ؛‬

‫وهلذا جعله اهلل دليال عىل األلوهية يف كثري من آيات القرآن كام يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋﮜ ﮝ ﮟ‬

‫ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫البقرة‪٣٣ - ٣١ :‬‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ‬
‫فجعل إنفراده سبحانه باخللق والعناية دليال عىل وجوب إفراده بالعبادة ‪.‬‬
‫‪ -2‬توحيد الصفات يستلزم توحيد األلوهية وهو من أدلته أيضا ؛ وهلذا جعل اهلل عز وجل أسامءه‬

‫وصفاته دليال عىل وجوب إفراده وحده بالعبادة قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ‬

‫ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫‪،‬‬ ‫الحشر‪٣٤ - ٣٣ :‬‬ ‫ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ‬

‫وقال ‪ :‬ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬

‫الزمر‪٥٧ :‬‬ ‫ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ‬


‫‪ -3‬توحيد األلوهية يتضمن توحيد الربوبية وتوحيد الصفات ؛ ألن العبد ال يتوجه بعباداته وخوفه‬
‫ورجائه إال ملن آمن باجتامع معاين الربوبية فيه وانفراده بصفات الكامل ؛ وهلذا جعل اهلل عز وجل‬

‫‪26‬‬
‫صفات النقص دليال عىل بطالن الرشك يف العبادة كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬

‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫وقال حكاية عن إبراهيم ‪ : ‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫األعراف‪١٤٤ :‬‬ ‫ﯤﮊ‬

‫؛ فجعل صفات النقص دليال عىل بطالن ألوهية ماعبد من دون اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫مريم‪٤٣ :‬‬ ‫ﭾﭿﮀ ﮊ‬

‫املرسل ‪‬‬
‫رشح توحيد َ‬
‫ويسميه بعض العلامء ( توحيد املتابعة ) ؛ وهو إفراد النبي ‪ ‬بالطاعة واالتباع وتقديم قوله عىل قول‬
‫غريه كائن ًا من كان ‪ .‬والبد يف هذا التوحيد أربعة أمور‪-:‬‬
‫‪ )1‬تصديق النبي ‪ ‬فيام اخرب ؛ وهذا جوهر التوحيد وروحه فمن مل يصدق النبي ‪ ‬يف يشء مما جاء‬

‫به فليس بموحد ومن صدقه يف كل ما جاء به فهو املؤمن حقا كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﮊ الزمر‪ . ٢٢ :‬ويدخل يف ذلك تصديقه يف األمور التي حيار‬


‫فيها العقل كاإلرساء واملعراج وعذاب القرب ونعيمه و بعض صفات اليوم اآلخر ‪ .‬ونظرا ألمهية هذا‬
‫األصل يف حتقيق توحيد املتابعة كثرت أدلته حتى زادت عىل األلف ؛ فمنها البشارات واإلرهاصات‬
‫واآليات احلسية ومنها ما هو من املسلك الشخيص ومنها ما هو من املسلك النوعي ؛ وهلذا كان‬
‫الصحابة ريض اهلل عنهم يف الرتب العليا من اليقني ؛ ألهنم شاهدوا كل أو معظم هذه األدلة‪.‬‬

‫‪ )2‬طاعة النبي ‪ ‬فيام أمر ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ النساء‪ ، ٤ :‬وقال ‪ :‬ﮋﯵ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫النساء‪٦٦ :‬‬ ‫ﯶﯷﯸ ﯹﯺﯻ ﮊ‬

‫؛ فمن خالف النبي ‪ ‬يف يشء من أمره فاته‬ ‫آل عمران‪٢١ :‬‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ‬
‫من هذا التوحيد بقدر خمالفته ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ )3‬اجتناب ما هنى عنه الني ‪ ‬وزجــر ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬

‫‪ ،‬وقال الرسول ‪ ( ‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا هنيتكم عن يشء‬ ‫ﮊ الحشر‪٧ :‬‬ ‫ﮧ‬
‫فاجتنبــوه ) ؛ فال بد من اجتناب كل ما هنى عنه الرسول ‪ ‬وبخاصة الكبائر ‪.‬‬
‫‪ )4‬أال يعبد اهلل عز وجل إال بام رشعه رسوله ‪ ‬؛ كام قال ‪ ( : ‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد ) ؛ وكام قال ‪ ( ‬كل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار ) ؛ فالبدع تنايف توحيد‬
‫املتابعة بل إن اإلمام مالك ذكر أهنا تقدح يف اعتقاد كامل الدين ؛ وهلذا ع ّظم أهل العلم شأن البدع‬
‫وذكر بعضهم أهنا أكرب من الكبائر ‪.‬‬
‫ومن أعظم ما ينايف توحيد املتابعة اعتقاد أن هناك طريقا للعبادة سوى اإلسالم ؛ كمن يعتقد انه يصح‬

‫التدين باليهودية أو النرصانية فإن اهلل يقول ‪ :‬ﮋ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ ( : ‬والذي نفيس بيده ال يسمع يب هيودي وال‬ ‫آل عمران‪٤٦ :‬‬ ‫ﭹﭺﭻﭼ ﮊ‬
‫نرصاين ثم ال يؤمن بالذي جئت به إال ادخله اهلل النار) ‪ .‬ومما ينايف توحيد املتابعة تقديم قول غري‬

‫الرسول ‪ ‬عىل قوله أو حكمه عىل حكمه ‪ ‬كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ‬

‫النساء‪٥٦ :‬‬ ‫ﯢﯣﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭﯮ ﯯ ﮊ‬


‫النور‪:‬‬ ‫‪ ،‬وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ‬
‫‪ ٥٢‬؛ فمن قدم العادة أو العرف عىل سنة الرسول ‪ ‬فله نصيب من ذلك ‪.‬‬
‫فضل حتكيم القوانني عىل حكمه ‪ ‬أو قدّ م قول إمامه عىل سنة الرسول ‪ ‬أو قدم العقل‬
‫وكذلك من ّ‬
‫عىل النقل أو الكشف عىل الرشع فكل واحد من هؤالء له نصيبه من اإلخالل بتوحيد املتابعة ‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪28‬‬
‫الوحدة الثالثة‬

‫خمترص أصول االعتقاد‬

‫أصول االعتقاد هي ‪ :‬اإليامن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خريه ورشه ‪ .‬وفيام ييل‬

‫رشح خمترص لكل واحد من هذه األصول ‪- :‬‬

‫أوال ‪ :‬اإليامن باهلل تعاىل‬

‫هذا أصل األصول ‪ ،‬وقد ذكر أهل العلم أنه البد يف اإليامن باهلل من اجتامع أربعة أمور ‪-:‬‬

‫‪ - 1‬اإليامن بوجود اهلل تعاىل ‪ ،‬وهو فطري يف حق أصحاب الفطر السليمة ‪ ،‬وأما من طرأ عىل‬

‫فطرته انحراف فيحتاج إىل استدالل عىل هذا األصل ‪ ،‬وأدلته كثرية ‪ ،‬منها ‪- :‬‬

‫‪ ‬دليل اخللق واالخ رتاع ‪ ،‬فام يعلمه كل عاقل من وجود املخلوقات بعد العدم دليل قاطع عىل‬

‫وجود اخلالق ؛ الفتقار املخلوق إىل اخلالق ‪ ،‬واحتياج املحدث للمحدث ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ‬

‫الطور‪٢٥ - ٢٦ :‬‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ‬
‫‪ ،‬قال ابن تيمية ‪ ( :‬معلوم برضورة العقل أن املحدث البد له من حمدث ‪ ،‬وأنه يمتنع تسلسل‬

‫املحدثات باتفاق العقالء ‪ ،‬وذلك بأن يكون للمحدث حمدث وللمحدث حمدث إىل غري غاية ) ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ ‬دليل اإلتقان ؛ فكل خملوق حيمل من كامل اإلتقان ما يدل عىل خالقه ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋﰀ ﰁ‬

‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﮊ النمل‪ ، ٤٤ :‬وقال ‪ :‬ﮋﮤ ﮥ‬

‫ﮊ السجدة‪.٧ :‬‬ ‫ﮦﮧﮨ‬

‫‪ ‬دليل التناسق ؛ فاملخلوقات كلها متوافقة توافقا دقيقا يدل عىل اخلالق وكامله ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯴ‬

‫‪،‬‬ ‫يس‪٤٠ :‬‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﮊ‬

‫وقال ‪ :‬ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬

‫‪.‬‬ ‫النحل‪١٣ :‬‬ ‫ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮊ‬

‫‪ ‬دليل اهلداية العامة ‪ ،‬فهداية كل خملوق إىل ما خلق له من أعظم األدلة عىل اخلالق ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬

‫ﮋ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﮊ طه‪ ٦٠ – ٤٦ :‬؛ قال‬

‫ابن القيم ‪ ( :‬اهلداية العامة قرينة اخللق يف الداللة عىل الرب ‪ ،‬ومعنى اآلية ‪ :‬أن اهلل أعطى كل‬

‫يشء من اخللق ما يصلح له ‪ ،‬ثم هداه ملا خلق له ) أ‪ .‬هـ خمترصا ‪.‬‬

‫‪ ‬وهناك أدلة أخرى كثرية سوى ما ذكر ؛ كآيات األنبياء ‪ ،‬وكرامات األولياء ‪ ،‬وإجابة الدعوات‬

‫فكلها براهني حسية عقلية عىل وجود اخلالق وكامله ‪.‬‬

‫‪ - 2‬اإليامن بربوبيته ؛ وهو قدر زائد عىل جمرد اإلقرار بوجود اهلل تعاىل ؛ ألنه يعني اإليامن بانفراده‬

‫سبحانه بجميع معاين الربوبية ؛ كاخللق والتدبري وامللك ‪ .‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﮇ‬ ‫ﮊ الشورى‪٤٦ :‬‬ ‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫الزمر‪٥٣ :‬‬

‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ‬

‫ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬

‫‪31‬‬
‫‪ .‬وانتظام أمر العامل كله أدل‬ ‫آل عمران‪٣٧ - ٣٥ :‬‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﮊ‬

‫دليل عىل أن مدبره إله واحد ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ‬

‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ المؤمنون‪. ٦١ :‬‬

‫‪ - 3‬اإليامن بألوهيته ؛ وذلك بالرباءة من عبادة ما سوى اهلل تعاىل وإفراده بجميع أنواع العبادة ؛‬

‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬

‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮊ الزخرف‪ ، ٣٤ - ٣٥ :‬وقال ‪ :‬ﮋ ﰊ ﰋ‬

‫ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﮊ البقرة‪ ، ٣٦٥ :‬وقال ‪ :‬ﮋﭴ‬

‫النحل‪. ٢٥ :‬‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾﭿ ﮒ ﮊ‬

‫وبراهني هذا التوحيد كثرية يف القرآن إال أن معظمها يرجع ألربعة أنواع ‪-:‬‬

‫‪ ‬االستدالل بتوحيد الربوبية ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬

‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ‬

‫ﮔ ﮕ ﮊ يونس‪. ٢ :‬‬

‫‪ ‬االستدالل بتوحيد الصفات ؛ فجميع صفات الكامل أدلة عىل توحيد العبادة ؛ سواء رصح‬

‫بذكر الزمها ؛ كقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ البقرة‪ ، ٣٦٦ :‬أو ذكرت جمردة‬

‫‪ ،‬كقوله تعاىل ‪ :‬ﮋﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ طه‪ ٦ :‬؛ قال ابن تيمية – رمحه اهلل ‪ ( : -‬اهلل‬

‫سبحانه مل يذكر هذه النصوص ملجرد تقرير الكامل له ‪ ،‬بل ذكرها لبيان أنه املستحق للعبادة‬

‫دون ما سواه ) ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ ‬االستدالل بأوصاف اآلهلة الباطلة من حدوث وعجز وفقر عىل بطالن ألوهيتها واستحقاق‬

‫اهلل وحده للعبادة ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫األعراف‪١٦٣ - ١٦١ :‬‬ ‫ﮫﮬﮭ ﮮ ﮊ‬

‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ‬

‫فاطر‪.١٤ - ١٢ :‬‬ ‫ﮛ ﮜﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ‬

‫‪ ‬االستدالل برضب األمثال يف املعاين ؛ كقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬

‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏﮐ ﮑ ﮒ‬

‫‪.‬‬ ‫العنكبوت‪٤١ :‬‬ ‫ﮓﮔ ﮊ‬

‫‪ - 4‬اإليامن بأسامئه وصفاته ؛ وذلك بإفراد اهلل تعاىل بكل ما ثبت له من األسامء احلسنى والصفات‬

‫العال دون متثيل أو تعطيل ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ األعراف‪ ١٤٠ :‬وقال ‪ :‬ﮋ‬

‫؛ أي الوصف األعــــىل ‪ ،‬وقــــــــال ‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ‬ ‫ﮊ النحل‪٥٠ :‬‬ ‫ﮘﮙﮚ‬

‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ ‪ .‬واألسامء احلسنى الثابتة يف الكتاب والسنة أنواع ‪-:‬‬

‫‪ ‬منها ما يدل عىل صفة أو أكثر من صفات الكامل ؛ وهي غالب األسامء احلسنى ؛ كالعليم‬

‫والقدير واخلالق والعزيز واجلبار ‪.‬‬

‫‪ ‬ومنها ما يدل عىل مجيع صفات الكامل ؛ كالصمد واملجيد والعظيـم والواسع ‪.‬‬

‫‪ ‬ومنها ما يدل عىل التنزيه ؛ كالقدوس والسالم والسبوح والطيب ‪.‬‬

‫‪ ‬ومنها م ا يدل عىل الكامل حال االقرتان أو اإلضافة ؛ كالقابض والباسط ‪ ،‬وذي اجلالل‬

‫واإلكرام ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ ‬ومنها األسامء املركبة ؛ ك رب العاملني وأرحم الرامحني وخري الرازقني ؛ وهي أظهر يف الداللة‬

‫عىل الرب من بعض األسامء املفردة ؛ ألهنا ال تطلق إال عىل اهلل وحده ؛ وهلذا قال علامء‬

‫السلف ‪ :‬إن أخص أوصاف اإلله ماال يطلق إال عىل اهلل وحده ؛ كهذه األسامء وما يشبهها من‬

‫الصفات ؛ ككونه بكل يشء عليم ؛ وعىل كل يشء قدير ؛ فهذه أخص أوصاف اإلله ؛ ألهنا‬

‫ال تطلق عىل غريه ؛ خالفا ملن جعله القدم أو اخللق ‪.‬‬

‫وأما صفات الكامل فتنقسم باعتب ار مدلوهلا إىل ثبوتية وسلبية ؛ فالسلبية هي مانفاه اهلل تعاىل عن نفسه‬

‫من النقائص املتصلة ؛ كاللغوب والظلم والعبث ‪ .‬أو النقائص املنفصلة ؛ كاملثل والصاحبة والولد‬

‫؛ فيجب تنزيه اهلل تعاىل عن مجيع هذه الصفات مع إثبات ضدها عىل الوجه األكمل ‪.‬‬

‫والصفات الثبوتية هي كل ما أثبته اهلل لنفسه يف كتابه أو عىل لسان رسوله من صفات الكامل ؛ كاحلياة‬

‫والعلم والقدرة والوجه واليد والعني ‪.‬‬

‫وقد توسع أهل السنة واجلامعة يف الكالم يف بعض الصفات ؛ لكثرة الشبهات حوهلا ‪ ،‬ومن ذلك‬

‫الصفات التالية ‪-:‬‬

‫‪ ‬صفة العلو ؛ فقد أمجع أهل السنة واجلامعة عىل إثبات العلو بجميع مراتبه ؛ علو الذات والقهر‬

‫والقدر ؛ خالفا ملن أنكر علو الذات ‪ ،‬وزعم أن اهلل ال داخل العامل و الخارجه !!‬

‫وقد استدل السلف عىل علو الذات بالفطرة والعقل و اإلمجاع والنقل الذي بلغت أنواعه‬

‫عرشين دليال ‪ ،‬وزادت آحاده عىل ألف دليل ؛ كنصوص الفوقية ‪ ،‬والعلو ‪ ،‬واالستواء ‪،‬‬

‫والنزول ‪ ،‬والعروج ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫والعلو عند السلف اليناقض املعية ؛ فاهلل فوق العرش وعلمه يف كل مكان ؛ خالفا ملن قال‬

‫بوحدة الوجود ‪ ،‬أو زعم أن اهلل بذاته يف كل مكان وليس بمستو عىل عرشه ‪ ،‬أو تناقض ؛ فزعم‬

‫أن اهلل بذاتـه فوق العرش وهو بذاته يف كل مكان !!‬

‫‪ ‬صفة الكالم ؛ فاهلل تعاىل مل يزل متكل ًام إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء وبكالم يقوم به ‪ ،‬وهو‬

‫يتكلم به بحرف وصوت يسمع ‪ ،‬وأن نوع الكالم قديم وإن مل يكن الصوت املعني قدي ًام ؛‬

‫فصفة الكالم أزلية النوع كسائر صفات اهلل خالف ًا للكرامية الذين قالوا بحدوثها فرار ًا من‬

‫إثبات حوادث ال أول هلا ( التسلسل )‪ .‬والكالم من الصفات التابعة ملشيئة اهلل خالف ًا‬

‫لألشاعرة الذين جعلوها صفة ذاتية ‪ ،‬فالكالم وإن كان أزيل النوع إال أن آحاده متجددة تبع ًا‬

‫ملشيئة اهلل ‪ .‬وكذلك الكالم من الصفات القائمة بذات اهلل خالف ًا للمعتزلة الذين جعلوا‬

‫الكالم خملوقا منفصال عن اهلل ال وصفا قائام به ؛ وهلذا قالوا بخلق الكالم والقرآن ‪.‬‬

‫والصوت عند السلف داخل يف مسمى الكالم ‪ ،‬فاللفظ كاملعنى كالمها يمثالن حقيقة الكالم‬

‫‪ ،‬وعىل هذا تدل النصوص كحديث‪« :‬إن اهلل ينادي بصوت يسمعه من بعد كام يسمعه من‬

‫قرب»‪.‬‬

‫‪ ‬صفة الرؤية ؛ فقد أمجع أهل السنة عىل اإليامن بأن أهل اجلنة يرون اهلل تعاىل رؤية برصية ؛‬

‫خالفا للجهمية واملعتزلة الذين زعموا أهنا رؤية علمية ال برصية ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭙ ﭚ‬

‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ القيامة‪ ، ٣٢ - ٣٣ :‬وقال ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ‬

‫يونس‪ ، ٣٥ :‬وقال ‪ ( : ‬إنكم سرتون ربكم عيـــــانا ) ‪ .‬وقد وافق األشاعرة أهل السنة عىل‬

‫إثبات الرؤية ووافقوا املعتزلة عىل نفي العلو ؛ فقالوا ‪ :‬إن اهلل يرى ال يف جهة ! وهو كالم غري‬

‫‪34‬‬
‫معقول ؛ وهلذا جنح الرازي وغريه من األشاعرة إىل تفسريها بزيادة العلم ؛ فصار خالفهم‬

‫مع املعتزلة كام قال الرازي ‪ :‬لفظيا أو قريبا منه !!‬

‫أما رؤية اهلل تعاىل يف الدنيا فهي حمالة ؛ لعجز العباد عنها ال الستحالتها يف ذاتــها ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ‬

‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ األعراف‪ ١٤٢ :‬؛ ولقوله‬

‫‪ ( : ‬لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت ) ؛ وقد أمجع أهل السنة عىل ذلك ‪ ،‬مل يتنازعوا إال يف‬

‫رؤية النبي ‪ ‬ليلة املعراج ‪ ،‬والنصوص عىل النفي أدل من اإلثبات واهلل تعاىل أعلم ‪ .‬وكذلك‬

‫اختلف أهل السنة يف رؤية اهلل تعاىل يف عرصات القيامة ؛ هل حتصل جلميع أهل املوقف ‪ ،‬أو حتصل‬

‫للمؤمن واملنافق ‪ ،‬أو خيتص هبا املؤمنون ؟ النصوص تدل لألول ولكنها يف حق املؤمن رؤية نعيم‬

‫ويف حق غريه رؤية تعريف ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اإليامن باملالئكة‬

‫والبد يف اإليامن باملالئكة من عدة أمور ؛ منها ‪- :‬‬

‫‪ - 1‬اإليامن بأهنم خملوقات نورانية األصل ‪ ،‬مربوبة حمسوسة ؛ خالفا ملن زعم من الفالسفة بأهنا‬

‫من جنس املجردات التي ختيلوها ‪ ،‬وأن العقول العرشة هم الكروبيون ‪ ،‬واملالئكة الساموية هي‬

‫النفوس الفلكية ‪ ،‬واملالئكة األرضية املوكلة باإلنسان عبارة عن قوى اخلري املحمودة كام أن‬

‫الشياطني قوى النفس املذمومة !!‬

‫‪ - 2‬اإليامن بأصناف املالئكة املوكلني بأصناف املخلوقات ؛ فوكل سبحانه باجلبال مالئكة ‪،‬‬

‫ووكل بالسحاب مالئكة ‪ ،‬ووكل بالرحم مالئكة ‪ ،‬ووكل بالعبد مالئكة حلفظه ومالئكة حلفظ‬

‫عمله وكتابته ‪ ،‬ووكل باملوت مالئكة ‪ ،‬ووكل بالنار وإيقادها وتعذيب أهلها مالئكة ‪ ،‬ووكل باجلنة‬

‫‪35‬‬
‫وعامرهتا وغراسها مالئكة إىل غري ذلك من أصناف املالئكة التي ال حيصيها إال اهلل تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯞ ﯟ‬

‫‪ ،‬قال ابن القيم – رمحه اهلل ‪ ( : -‬اهلل سبحانه وكل بالعامل العلوي‬ ‫ﮊ المدثر‪٢١ :‬‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢﯣ‬

‫والسفيل مالئكة ؛ فهي تدبر أمر العامل بإذنه ومشيئته ؛ فلهذا يضيف التدبري إىل املالئكة تارة لكوهنم‬

‫هم املبارشون للتدبري ‪ ،‬كقوله ‪ :‬ﮋ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ النازعات‪ ٦ :‬ويضيف التدبري إليه كـــقوله ‪:‬‬

‫ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮊ يونس‪ ٢ :‬؛‬

‫فهو املدبر أمرا وإذنا ومشيئة ‪ ،‬واملالئكة املدبرات مبارشة وامتثاال ) ‪ .‬وقال ‪ ( :‬لفظ امللك يشعر بأنه‬

‫رسول منفذ ألمر غريه ‪ ،‬فليس له من األمر يشء ‪ ،‬بل األمر هلل الواحد القهار ‪ ،‬وهم ينفذون أمره‬

‫اليسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) ‪.‬‬

‫‪ - 3‬اإليامن بمن علمنا اسمه منهم باسمه ‪ ،‬؛ كجربيل وميكائيل وإرسافيل ‪ ،‬وهؤالء هم املوكلون‬

‫باحلياة ؛ فجربيل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب ‪ ،‬وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة‬

‫األرض والنبات واحليوان ‪ ،‬وإرسافيل موكل بالنفخ يف الصور الذي به حياة اخللق بعد مماهتم ‪.‬‬

‫‪ - 4‬اإليامن بام علمنا من صفاهتم ؛ كالقوة عىل تنفيذ أمر اهلل ‪ ،‬واألمانة ‪ ،‬وعظمة اخللق ‪ ،‬والكثرة‬

‫والطاعة ؛ فهم الصافون ‪ ،‬وهم املسبحون ؛ قد أطت هبم السامء وحق هلا أن تئط ‪ ،‬مافيها موضع إال‬

‫وملك قائم ‪ ،‬أو راكع أو ساجد ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ثالثا ‪ :‬اإليامن بالكتب‬

‫البد يف هذا األصل من عدة أمور ؛ منها ‪- :‬‬

‫‪- 1‬اإليامن بأهنا منزلة من عند اهلل حقا بوساطة امللك املوكل بالوحي ؛ وهو جربيل ‪ ‬؛ خالفا‬

‫ملن أنكر هذه الوساطة ‪ ،‬وزعم أهنا جمرد فيض فاض عىل النبي ‪ ‬من العقل الفعال ‪ ،‬أو أهنا خملوقة‬

‫وليست منزلة من عند اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫‪- 2‬اإليامن بأهنا كالم اهلل حقا ؛ سمعها امللك املوكل بالوحي من اهلل تعاىل لفظا ومعنى ‪ ،‬ثم نقلها‬

‫للنبي ‪ ‬كام سمعها ؛ خالفا ملن زعم أن كالم اهلل تعاىل جمرد املعنى ‪ ،‬وأن الرسول امللكي أو البرشي‬

‫حكاه أو عرب عنه بلفظ من عنده ‪.‬‬

‫‪- 3‬اإليامن بام علمنا اسمه منها باسمه ؛ كالتوراة واإلنجيل والقرآن ‪ ،‬مع اجلزم بأن اهلل تعاىل صان‬

‫القرآن عام وقع يف غريه من التحريف ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ‬


‫الحجر‪.٦ :‬‬

‫‪- 4‬اإليامن بأن القرآن أرشف الكتب وأكملها واملهيمن عليها ؛ وهلذا ال حيل ألحد بعد نزوله إال‬

‫اتباعه ظاهرا وباطنا وإال كان كافرا حتى برسوله الذي يزعم أنه متبع لرشيعته ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮛ‬

‫ﮜ ﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪﮫ‬

‫ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬

‫ﯠ ﮊ آل عمران‪ ٤١ :‬؛ قال ابن عباس ‪ :‬مل يبعث اهلل نبيا إال أخذ عليه امليثاق لئن بعث حممد وهو‬

‫حي ليؤمنن به ولينرصنه ‪ ،‬وأمره أن يأخذ امليثاق عىل أمته لئن بعث حممد وهم أحياء ليؤمنن نبه‬

‫ولينرصنه ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫رابعا ‪ :‬اإليامن بالرسل‬

‫البد يف اإليامن بالرسل من عدة أمور منها ‪- :‬‬

‫‪ - 1‬اإليامن بحاجة البرش إىل الرسالة ‪ ،‬وأهنا فوق كل حاجة ‪ ،‬خالفا ملن زعم بأن يف العقل كفاية‬

‫عنها ؛ فالرسالة رضورية للعبد يف إصالح معاشه ومعاده ؛ وال طريق ملعرفة الرب بأسامئه وصفاته ‪،‬‬

‫ومعرفة مواقع رضاه وسخطه ‪ ،‬ومعرفة ثوابه وعقابه إال عن طريق الرسل ‪ .‬والعقل وإن اهتدى‬

‫لذلك فعىل وجه اإلمجال والظن ‪ .‬أما معرفة ذلك عىل سبيل التفصيل واليقني فسبيله الرسالة ليس‬

‫غري ‪.‬‬

‫‪ - 2‬اإليامن بأن الرسالة اصطــفاء ال اكتساب ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬

‫؛ فاهلل تعاىل خيتص برسالته من يشاء من خرية خلقه يف عقله ودينه وخلقه ؛‬ ‫ﮊ الحج‪٧٦ :‬‬ ‫ﮂ‬

‫خالفا ملن زعم من الفالسفة أهنا اكتساب طريقه كامل القوة القدسية واخليالية والنفسية ‪ ،‬ومن زعم‬

‫من املعتزلة أهنا جزاء عىل عمل سابق ؛ بناء عىل أصلهم يف التعديل و التجوير ‪ ،‬وأن اهلل ال يفضل‬

‫أحدا عىل أحد برمحة بل بعمل سابق ‪ .‬وخالفا ملن قابلهم من األشاعرة ؛ فزعم أن النبوة جمرد صفة‬

‫إضافية ؛ هي جمرد اإلعالم بالوحي واألمر بالتبليغ ‪ ،‬وال ترتبط بصفة ثبوتية يف النبي ؛ وذلك بناء‬

‫عىل أصلهم يف نفي احلكم يف األفعال اإلهلية ‪ ،‬و جتويز فعل كل ممكن !‬

‫فاطر‪:‬‬ ‫‪ - 3‬اإليامن بأن الرسالة قد عمت كل أمة ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮊ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮊ‬ ‫‪٣٤‬‬

‫‪ ،‬وأن اهلل ال يعذب أحــدا إال بعد قيـام احلجة الرسالية ؛ كام قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ‬ ‫النحل‪٢٥ :‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫اإلسراء‪١٦ :‬‬ ‫ﯪﯫﯬ ﯭﯮﮊ‬

‫ﯶ ﯷ ﮊ القصص‪. ٦٦ :‬‬

‫‪ - 4‬اإليامن بمن علمنا اسمه منهم باسمه ؛ كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد عليهم‬

‫السـالم ‪ .‬واإليامن بأن هلل تعاىل رسال وأنبياء سواهم ال يعلمهم إال اهلل وحده ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﮊ غافر‪. ٧٤ :‬‬

‫‪ - 5‬اإليامن بام كانوا عليه من الصفات احلميدة ؛ كالصدق والرب والرشد واألمانة والنصح يف تبليغ‬

‫الرسالة ‪ .‬وكذلك اإل يامن بام ثبت من أخبارهم ؛ كقصة إبراهيم مع قومه ‪ ،‬ويوسف مع إخوته ‪،‬‬

‫وموسى مع فرعون ‪.‬‬

‫‪ - 6‬اإليامن بأن اهلل تعاىل أيد كل نبي بآيـــة تدل عىل صدقه ‪ ،‬قال تعــــاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ‬

‫؛ أي باألدلة والرباهني التي تدل عىل صدقهم وتبني صحـــة دينهم ‪ ،‬وقال‬ ‫الحديد‪٣٦ :‬‬ ‫ﭔﮊ‬

‫‪ ( : ‬ما من األنبياء نبي إال أويت من اآليـات ما عىل مثله آمن البرش ) ‪ .‬وهذه اآليات برهانية الداللة‬

‫عىل صدقهم وصحة دينهم ‪ .‬وتكذيب من كذب مرجعه إىل اتباع اهلوى ال لقصور يف داللة اآليات‬

‫‪ ،‬وقـــــــال ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫ﮊ القمر‪٢ :‬‬ ‫قال تعــاىل ‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ‬

‫‪ .،‬وآيات األنبياء كثرية جدا منها اخلاص ؛ كناقة صالح ‪ ،‬وعصا‬ ‫ﮊ النمل‪١٤ :‬‬ ‫ﭔﭕﭖ‬

‫موسى ‪ ،‬ومنها املشرتك ؛ وهو حسن العاقبة ؛ فالرسل تبتىل ثم تكون العاقبة هلا ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ غافر‪.٦١ :‬‬

‫وقد آتى اهلل رسوله حممدا ‪ ‬أكثر اآليات حتى زادت آياته عىل األلف ؛ منها ماهو من البشارات ‪،‬‬

‫الشعراء‪١٦٥ :‬‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ‬

‫‪39‬‬
‫‪ ، ١٦٧ -‬ومنها ماهو من اإلرهاصات ؛ كشق صدره ‪ ‬وتطهريه من حظ الشيطان ‪ ،‬وهو طفل يف‬

‫الرابعة من عمره ‪ ،‬وكتسليم احلجر عليه قبل نبوته ‪ ، ‬ومنها ماهو من اآليات احلسية ‪ ،‬كانشقاق‬

‫القمر ‪ ،‬ونبع املاء من بني أصابعه ‪ ‬ومنها ماهو من املسلك الشخيص ؛ كصفاته احلميده ‪ ،‬وأخباره‬

‫الصادقة ‪ ،‬ونور وجهه وهباء منظره وخاتم النبوة الذي كان بني كتفيه ‪ ، ‬ومنها ما هو من املسلك‬

‫النوعي ؛ وهو موافقة رشعه لرشع من قبله يف أصوله ومقاصده الكلية ؛ وهلذا قال النجايش ‪ ( :‬إن‬

‫هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ) !! وأعظم آياته ‪ ‬القرآن الكريم ؛ وهلذا‬

‫قال ‪ ( : ‬ما من األنبياء نبي إال أعطي من اآليات ما مثله آمن عليه البرش وإنام كان الذي أوتيته‬

‫وحيا أوحاه اهلل إيل فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ) ؛ قال ابن حـجر‪ ( :‬ليس املراد حرص‬

‫معجزاته فيه وإنام املراد أنه املعجزة العظمى ) ‪.‬‬

‫‪ - 7‬اإليامن بام خصهم اهلل به من الوحي ؛ وهو إما أن يكون إهلاما أو مناما ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯹ ﯺ‬

‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ‬

‫؛ والوحي إما أن يكون مبارشا دون رؤية ؛ وقد حصل ملوسى‬ ‫الشورى‪٦١ :‬‬ ‫ﰏﰐ ﮊ‬

‫وحممد عليهام السالم ‪ ،‬وإما أن يكون بوساطة ملك ‪ ،‬وهو غالب الوحي ؛ فيتمثل امللك يف صورة‬

‫رجل فيكلم النبي ‪ ‬فيعي عنه ما يقول ‪ ،‬أو يكون كصلصلة جرس ‪ ،‬وهو األشد ‪ ،‬ويبدو أنه‬

‫الذي كان يسمعه من حوله ‪ ‬كدوي النحل عند وجهه الرشيف ‪ .‬واإلهلام إما أن يكون نفثا يف‬

‫الروع ( القلب ) أو رؤيا منام ؛ وإهلام األنبياء معصوم بخالف إهلام غريهم ؛ فقد يكون من قبل املأل‬

‫األعىل ‪ ،‬وقد يكون حديث نفس ‪ ،‬أو تلبيسا من الشيطان ؛ وهلذا ال جيوز اعتباره إذا خالف دليال‬

‫رشعيا ؛ فإن مل خيالف جاز اعتباره يف حق امللهم وحده يف مواطن االشتباه ‪ ،‬والرتجيح بني األقوال‬

‫املتكافئة ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ .‬واإلحياء بالقرآن الكريم مل يكن بكل طرق الوحي ‪ ،‬وإنام كان بوساطة ملك‬

‫‪41‬‬
‫الوحي ‪ ‬؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬

‫الشعراء‪.١٦٤ - ١٦٣ :‬‬ ‫ﮡﮢ ﮊ‬


‫‪ - 8‬اإليامن بعصمتهم ؛ فالنبي ‪ ‬معصوم يف حتمل الوحي ؛ فال خيطئ يف حتمله وال ينسى ‪،‬‬

‫ومعصوم يف تبليغه ؛ فال يكتم وال يكذب و ال حيرف ‪ ،‬وال يقر عىل خطأ ‪ ،‬ومعصوم من الكبائر‬

‫ومن االقرار عىل ما قد يقع من اللمم ‪ .‬وهذه العصمة ال تعني اخلروج عن طبيعتهم البرشية ؛ فهم‬

‫برش تلحقهم اخلصائص البرشية ؛ فيمرضون ‪ ،‬وينسون ‪ ،‬ويموتون ‪ ،‬وال يعلمون من الغيب إال ما‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ‬ ‫الكهف‪١١٠ :‬‬ ‫أعلمهم اهلل تعاىل ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﮊ‬

‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫؛ وليس هلم من خصائص الربوبية‬ ‫األعراف‪١٤٤ :‬‬ ‫ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬

‫واأللوهية يشء ؛ فهم رسل ال يكذبون وعباد ال يعبدون ؛ وقد وصفهم اهلل بالعبودية يف آيات كثرية‬

‫‪ ،‬ووصف سيدهم ‪ ‬بالعبودية يف أعىل مقاماته ؛ وهي التنزيل واإلرساء والدعوة والشفاعة ؛ لئال‬

‫يظن خاطئ أو خمطئ أن هذه الكامالت تعني إرشاكهم يف يشء من معاين الربوبية أو األلوهية ‪.‬‬

‫‪ - 9‬اإليامن بفضل األنبياء وتفاضلهم ؛ فهم أفضل اخللق ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ‬

‫ﮙ ﮚ ﮊ األنعام‪ ٤٥ :‬؛ خالفا ملن فضل املالئكة عليهم ‪ ،‬وخالفا ملن ضل ؛ ففضل الفيلسوف‬

‫أو الويل عىل النبي ؛ ألنه يأخذ من املشكاة التي يأخذ منها امللك !! وهم عىل فضلهم متفاضلون‬

‫بينهم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ‬

‫‪ ،‬فأفضلهم أولو العزم ‪ ،‬وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد عليهم السالم ؛‬ ‫البقرة‪٣٦٢ :‬‬

‫وأفضل أويل العزم سيد ولد آدم حممد ‪‬؛ فضل بالقرآن ‪ ،‬والشفاعة العظمى ‪ ،‬وعموم الرسالة‬

‫‪40‬‬
‫وغري ذلك ؛ وهو خاتــم النبيني ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬

‫ﮊ األحزاب‪.٤٠ :‬‬ ‫ﯱﯲ‬

‫‪- 12‬اإليامن هبم مجيعا دون تفريق ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬

‫ﭭﭮﭯ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻﭼ‬

‫ﮊ البقرة‪:‬‬ ‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫البقرة‪١٢٥ :‬‬ ‫ﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮊ‬

‫؛ فمن كذب واحدا منهم فقد كذب اجلميع ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﮊ‬ ‫‪٣٤٦‬‬

‫؛ فجعل تكذيبه تكذيبا جلميع الرسل ‪ ،‬مع أهنم مل يكذبوا غريه ؛ فهو أول رسول إىل‬ ‫الشعراء‪١٠٦ :‬‬

‫أهل األرض ‪.‬‬

‫‪- 11‬اإليامن بأن النبوة إنام تكون يف الرجال دون غريهم من النساء واجلن ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮔ‬

‫؛ قال احلسن ( مل يبعث اهلل‬ ‫ﮊ يوسف‪١٠٦ :‬‬ ‫ﮕﮖﮗ ﮘ ﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞ‬

‫نبيا من أهل البادية وال من النساء وال من اجلن ) ‪ .‬وقال ابن عباس ‪ :‬الرسل من بني آدم ‪ ،‬ومن‬

‫اجلن نذر ‪.‬‬

‫‪- 12‬اإليامن بوحدة الرساالت يف أصول العقائد والرشائع ‪ ،‬واختالفها يف تفاصيل الرشائع ‪ ،‬قال‬

‫تعاىل ‪ :‬ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ النحل‪ ، ٢٥ :‬وقال ‪:‬‬

‫‪،‬‬ ‫الزخرف‪٤٦ :‬‬ ‫ﮋﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﮊ‬

‫وقـــال ‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬

‫ﮊ المائدة‪٤٤ :‬‬ ‫ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ الشورى‪ ١٢ :‬ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬


‫‪ ،‬وقال ‪ ( :‬إنا معارش األنبياء إخوة لعالت ) ؛ وهم اإلخوة ألب ؛ فكام أن األب جيمعهم‬

‫فكذلك األنبياءأصول دينهم واحدة ورشائعهم خمتلفة ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪- 13‬اإليامن برضورة اتباع سيد املرسلني ؛ فكل من بلغته دعوته وجب عليه اتباعه وإال كان كافرا‬

‫حتى بالرسول الذي يزعم أنه يؤمن به ! وهذا مقتىض امليثاق الذي أخذه اهلل عىل أنبيائه وأتباعهم ؛‬

‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬

‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ‬

‫؛ قال عيل بن أيب طالب ‪ ( : ‬ما بعث اهلل نبيا من‬ ‫آل عمران‪٤١ :‬‬ ‫ﯜﯝﯞﯟﯠ ﮊ‬

‫األنبياء إال أخذ عليه امليثاق لئن بعث اهلل حممدا ‪ ‬وهو حي ليؤمن به ولينرصنه وأمره أن يأخذ‬

‫امليثاق عىل أمته ؛ لئن بعث حممد وهم أحياء ليؤمن نبه ولينرصنه ) ؛ وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ‬

‫‪ ،‬وقال ‪ ( : ‬أرسلت إىل اخللق كافة‬ ‫األعراف‪١٦٤ :‬‬ ‫ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮊ‬

‫وختم يب النبيون ) وقـال ‪ ( : ‬والذي نفس حممد بيده ال يسمع يب أحد من هذه األمة ؛ هيودي وال‬

‫نرصاين ثم يموت ومل يؤمن بالذي أرسلت به إال كان من أصحاب النار ) ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬اإليامن باليوم اآلخر‬

‫اإليامن باليوم اآلخر أصل من أصول اإليامن ‪ ،‬ومباحثه كثرية وهامة ؛ كأرشاط الساعة ‪ ،‬وعذاب‬

‫القرب ونعيمه ‪ ،‬وأدلة البعث وأحواله وأهواله ‪ ،‬وصفة اجلنة ونعيم أهلها وصفة النار وعقوبات‬

‫أهلها ‪.‬‬

‫فأرشاط الساعة هي العالمات التي تدل عىل قرب وقوعها ؛ وهي إما صغرى أو كربى ؛ فالصغرى‬

‫كثرية جدا ؛ كموت النبي ‪ ‬وفتح بيت املقدس وطاعون عمواس واستفاضة املال وفتنة ال تدع‬

‫بيتا من العرب إال دخلته وغدر بني األصفر ‪ .‬والكربى عرش ؛ الدخان والدجال والدابة وطلوع‬

‫‪43‬‬
‫الشمس من مغرهبا ونزول عيسى بن مريم ‪ ‬ويأجوج ومأجوج وخسف باملرشق وخسف‬

‫باملغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار خترج من اليمن تطرد الناس إىل حمرشهم‪.‬‬

‫وعذاب القرب ونعيمه يراد به عذاب الربزخ ونعيمه وإنام خص بالقرب باعتبار األعم األغلب وإال‬

‫فكل من مات ناله نصيبه منه قرب أو مل يقرب ‪ .‬وقد دل عىل ثبوته القرآن والسنة املتواترة وأدلته‬

‫التفصيلية مشهورة معلومة للخاص والعام ‪ .‬وهو غيب إذ لو كان شهادة لزالت حكمة التكليف‬

‫واإليامن بالغيب وملا تدافن الناس ؛ ففي احلديث الصحيح ‪ ( :‬لوال أن تدافنوا لدعوت اهلل أن‬

‫يسمعكم من عذاب القرب ما أسمع ) ‪ .‬وقد يطلع اهلل عليه بعض عباده حلكمة معينة ؛ والشواهد‬

‫عىل ذلك كثرية ذكر ابن القيم طرفا منها يف كتابه ( الروح ) ‪ .‬وقد عني العلامء بذكر ما دلت عليه‬

‫النصوص الصحيحة من أسباب عذاب القرب وموانعه ؛ فمن أسبابه ؛ عدم االسترباء والتطهر التام‬

‫من البول ‪ ،‬والغلول ‪ ،‬والنميمة ‪ ،‬والغيبة ‪ ،‬ومن موانعه املوت مرابطا ‪ ،‬أوشهيدا ‪ ،‬أو مبطونا ‪،‬‬

‫واملحافظة عىل قراءة سورة امللك كل ليلة حلديث ‪( :‬هي املانعة هي املنجية من عذاب القرب)‪.‬‬

‫وأما أدلة البعث بعد املوت فهي كثرية جدا منها ‪-:‬‬

‫‪ -1‬االستدالل عىل البعث بوقوعه يف الدنيا ‪ ،‬وهو أعظم أدلة البعث إذ ال شئ أدل عىل إمكان الفعل‬

‫من وجوده يف العيان ‪ .‬وقد ذكر اهلل تعاىل يف سورة البقرة وحدها مخسا من هذه الوقائع ؛ كام يف قوله‬

‫تعـاىل ‪ :‬ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬

‫‪ ،‬وقوله ‪ :‬ﮋ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫ﮊ البقرة‪٣٤٢ :‬‬ ‫ﮪ‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ البقرة‪ ٦٥ - ٦٦ :‬؛‬

‫فقد ذكر أكثر املفرسين أن هؤالء هم السبعون الذين خرج هبم موسى ‪ ‬إىل طور سيناء ليعتذروا‬

‫‪44‬‬
‫من عبادة العجل فلام أتوا املكان املوعود طلبوا رؤية اهلل جهرة فأهلكهم اهلل لتعنتهم ثم أحياهم‬

‫رجال رجال ؛ إكراما ملوسى ‪ ‬وآية للعاملني عىل القدرة التامة عىل البعث ‪.‬‬

‫‪ -2‬قياس البعث عىل إحياء األرض امليتة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬

‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﮊ فصلت‪ ٢٦ :‬؛ وهذا‬

‫القياس يف أصل اإلحياء وكيفيته ‪ ،‬حلديث ‪( :‬ينزل اهلل من السامء ماء فينبتون كام ينبت البقل ‪ ،‬ليس‬

‫شئ من االنسان إال يبىل إال عظام واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب اخللق يوم القيامة ) رواه‬

‫البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪ -3‬قياس البعث عىل النشأة األوىل ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬

‫يس‪٧٦ - ٧٤ :‬‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ‬

‫ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ الروم‪٣٧ :‬؛ فمن قدر عىل النشأة األوىل من‬

‫غري مثال حيتذى فقدرته عىل اإلعادة من باب أوىل ‪.‬‬

‫‪ -4‬قياس القدرة عىل البعث عىل القدرة عىل خلق السموات واألرض ؛ ألن من قدر عىل األجل‬

‫األعظم فقدرته عىل األيرس األصغر من باب أوىل ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬

‫‪.‬‬ ‫يس‪٤١ :‬‬ ‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ‬

‫ثم بعد البعث حيرش الناس كافة إىل أرض املحرش املبدلة ؛ وهي أرض بيضاء كالفضة ‪ ،‬مل يسفك‬

‫عل يها دم حرام ‪ ،‬ومل يظلم عىل ظهرها أحد ‪ ،‬تطهر لنزول احلكم العدل جل جالله ليقيض بني عباده‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫الكهف‪٤٧ :‬‬ ‫باحلق ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ‬

‫ﮤ ﮥﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ إبراهيم‪ ، ٤٤ :‬ثم يكون احلساب ووزن األعامل‬

‫واحلوض والشفاعة حتى إذا قيض بينهم بالعدل والفضـــل ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬

‫‪45‬‬
‫ﮋﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ الزمر‪ ٧٢ :‬ويف اجلنة والنار يكون‬ ‫الزمر‪٧١ :‬‬ ‫ﮈﮊ‬

‫االستقرار األبدي واجلزاء التام ‪ ،‬وقد ذكر اهلل يف كتابه نامذج كثرية مما يكون يف دار اخللود ؛ ليستعد‬

‫كل عاقل ملا بني يديه من خري ال رش فيه ورش ال خري فيه ‪.‬‬

‫فمام يكون يف النار من صور العذاب والنكال األمور التالية ‪- :‬‬

‫‪ -1‬اإلحراق ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬

‫ﮊ النساء‪. ٦٥ :‬‬ ‫ﮖﮗﮘ‬

‫‪ -2‬أكل الزقوم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫‪ .‬والزقوم شجرة نارية مرة أصل منبتها يف قرار النار‬ ‫الدخان‪٤٥ - ٤٢ :‬‬ ‫ﭷﭸ ﭹﭺﮊ‬

‫وفروعها تصل إىل كل حمل من دركات النار وطلعها قبيح يشبه رؤوس الشياطني ‪ .‬ويطلق عىل‬

‫الزقوم اسامن آخران مها الغسلني والرضيع ‪ ،‬وقيل إن الغسلني صديد أهل النار والرضيع شجر من‬

‫شوك يقال له الشربق ‪.‬‬

‫‪ -3‬التعذيب باحلم يم ؛ وهو ماء نتن مر حار يشبه يف حرارته املهل ؛ وهو ما أذيب من املعادن حتى‬

‫ماج من شدة غليانه ‪ .‬والتعذيب باحلميم يكــون بالرشب ‪ :‬ﮋ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ‬

‫ويكون بالصب فوق الرؤوس ‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫محمد‪١٦ :‬‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﮊ الحج‪ ، ٣٠ - ١٦ :‬ويكون بالسحب فيه ‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬

‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ غافر‪ ٧٣ - ٧٠ :‬؛ أي‬

‫جيرون يف املاء احلار ثم يطرحون يف النار فيكونون وقودا هلا ‪.‬‬

‫‪ -4‬الرضب باملقامع ؛ وهي آالت هائلة يرضب هبا أهل النار يف رؤوسهم ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋﯙ ﯚ‬

‫الحج‪. ٣١ :‬‬ ‫ﯛﯜﯝ ﮊ‬

‫‪46‬‬
‫‪ -5‬العذاب املعنوي ؛ كالذل والندم واحلرمان من رؤية اهلل تعاىل ؛ قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯷ ﯸ‬

‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﮊ األنعام‪،١٣٤ :‬أي ذل ‪ ،‬وقـــــــال ‪:‬‬

‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊالمطففين‪١٦ :‬‬ ‫ﮋﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﮊ يونس‪،٦٤ :‬وقال ‪:‬ﮋﮄ ﮅ‬

‫ومما يكون يف اجلنة من صور النعيم واحلبور األمور اآلتية ‪-:‬‬

‫‪ -1‬األكل والرشب ‪ ،‬قال تعـــــاىل ‪ :‬ﮋ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬

‫ﮩﮊ محمد‪١٦ :‬‬

‫‪ -2‬اللباس والزينة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ‬

‫ﰁ ﰂ ﮊ الحج‪ ،٣٢ :‬وقال ‪ ( : ‬أمشاطهم من الذهب والفضة وجمامرهم األلوة ) ؛ أي من‬

‫العود ‪.‬‬

‫‪ -3‬املساكن ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬

‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‬
‫‪٧٣‬؛ واملساكن يف اجلنة ثالثة أنواع ؛ قصور وغرف وخيام ‪ ،‬وبعضها خاص بمن أطعم‬ ‫التوبة‪:‬‬

‫الطعام وأالن الكالم وتابع الصيام وصىل والناس نيام ‪.‬‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫الدخان‪٦٤ :‬‬ ‫‪ -4‬األزواج ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ‬

‫ﭳ ﮊ البقرة‪ .٣٦ :‬ولكل واحد من أهل اجلنة زوجتان كام ثبت يف الصحيح ‪ ( :‬لكل امرئ‬

‫منهم زوجتان ) ‪ .‬وقد ورد يف بعض األحاديث ختصيص الشهيد من هذا العموم وأن له اثنتان‬

‫وسبعون زوجة ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -5‬النعيــــم املعنوي ‪ ،‬كجامل اخللقة وكامل القوة وطهارة القلب واللسان ودوام العافية والشباب‬

‫وإحالل الرضـــــوان ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ‬


‫الواقعة‪٣٥ - ٣٦ :‬‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‬ ‫الحج‪٣٤ :‬‬ ‫وقــال ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ‬

‫‪ ،‬و قال ‪ ( : ‬أول زمرة تدخل اجلنة من أمتي عىل صورة القمر ليلة البدر ثم الذين‬ ‫األعراف‪٤٢ :‬‬

‫يلوهنم عىل أشد نجم يف السامء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل ) ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬ينادي مناد ‪ :‬إن لكم أن‬

‫تصحوا فال تسقموا أبدا ‪ ،‬وإن لكم أن حتيوا فال متوتوا أبدا ‪ ،‬وإن لكم أن تشبوا فال هترموا أبدا ‪،‬‬

‫وإن لكم أن تنعموا فال تبأسوا أبدا ) ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬إن اهلل يقول ‪ :‬يا أهل اجلنة فيقولون ‪ :‬لبيك‬

‫وسعديك واخلري يف يديك ‪ .‬فيقول ‪ :‬هل رضيتم ؟ فيقولون ‪ :‬ومالنا ال نرىض وقد أعطيتنا مامل تعط‬

‫أحدا من خلقك ! فيقول ‪ :‬أال أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون ‪ :‬وأي شئ أفضل من ذلك ؟‬

‫فيقول ‪ :‬أحل عليكم رضواين فال أسخط عليكم بعده أبدا ) ‪.‬‬

‫ومما اجتمع فيه النعيم احليس واملعنوي رؤية اهلل تعاىل ‪ ،‬وهي أعىل نعيم أهل اجلنة ‪ ،‬قال تعـــــاىل ‪:‬‬

‫ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ القيامة‪ ، ٣٢ - ٣٣ :‬وقــــال ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ‬

‫ﭕ ﮊ يونس‪ ، ٣٥ :‬والزيادة هي النظر إىل وجه اهلل الكريم ‪ ،‬قال ‪ ( : ‬إذا دخل أهل اجلنة اجلنة‬

‫‪ ...‬يقول اهلل تعاىل ‪ :‬تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون ‪ :‬أمل تبيض وجوهنا أمل تدخلنا اجلنة وتنجنا من‬

‫النار ؟ فيكشف احلجاب ‪ ،‬فام أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إىل رهبم عز وجل ) ‪ ،‬وقال ‪( ‬‬

‫إنكم سرتون ربكم كام ترون هذا القمر ‪ ،‬ال تضامون يف رؤيته ‪ ،‬فإن استطعتم أال تغلبوا عىل صالة‬

‫قبل طلوع الشمس وصالة قبل غروب الشمس فافعلوا ) ‪ ،‬ووجه مناسبة ذكر هاتني الصالتني أن‬

‫الرؤية حتصل يف مثل وقتهام ؛ وهلذا أوىص النبي ‪ ‬باحلرص عىل أدائهام يف وقتهام دون تأخري ‪ .‬وقد‬

‫وردت أحاديث أخرى تدل عىل حصول الرؤية أيضا يف مثل وقت صالة اجلمعة والعيد ‪ ،‬وهي‬

‫‪48‬‬
‫أحاديث ال ختلو من مقال إال أن كثرة طرق أحاديث اجلمعة خاصة وما يعضدها من آثار يورث‬

‫غلبة الظن بثبوهتا ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬اإليامن بالقدر‬


‫ٌ‬
‫أصل من أصول اإليامن‪ ،‬فال إيامن ملن أنكره أو آمن بقدر وكذب بقدر‪ ،‬وقد عني‬ ‫اإليامن بال َقدَ ِر‬

‫العلامء بتقرير هذا األصل العظيم وحتريره لكثرة الشبهات حوله ‪ ،‬وأفردوا ألدلته كتبا خاصة ‪،‬‬

‫ككتاب القدر من صحيح البخاري وكتاب القدر للفريايب ‪ .‬وللقدر مراتب ال يتحقق إيامن عبد إال‬

‫باستكامهلا ‪ ،‬وهي ‪-:‬‬

‫‪ -1‬مرتبة العلم ؛ بمعنى اإليامن بسبق علم اهلل تعاىل بحال كل خملوق وعمله ومآله قبل وجوده ‪.‬‬

‫وهذه املرتبة حمل إمجاع بني املسلمني إال ما يذكر عن القدرية األوىل فإهنم أنكروها وزعموا أن األمر‬

‫ُأن ٌ‬
‫ُف ؛ أي أن اهلل تعاىل ال يعلم الكائنات إال بعد وجودها ‪ .‬وقد أنكر مقالتهم ابن عمر ‪ ‬وعلامء‬

‫السلف ورصح بعضهم بكفرهم هبذه املقالة املنكرة ‪ .‬وممن ضل يف هذه املرتبة غالة الشيعة؛ فإهنم‬

‫يصفون اهلل تعاىل بالبداء ؛ وهو ظهور أمر خفي عىل اهلل من قبل !! وكذلك ضل يف هذه املرتبة‬

‫الفالسفة اإلهليون ؛ فإهنم يزعمون أن علم اهلل تعاىل إنام يتعلق بالكليات الثابتة دون اجلزئيات‬

‫املتغرية ‪ .‬وهذا يعني أن اهلل تعاىل ال يعلم شيئا عن هذا العامل كله ‪ ،‬وأن علمه إنام يتعلق بالعقول‬

‫الكهف‪٦ :‬‬ ‫العرشة التي ختيلوها ﮋﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﮊ‬

‫‪ -2‬مرتبة الكتابة ؛ وذلك باإليامن بأن اهلل تعاىل كتب مقادير اخلالئق قبل وجودهم‪ ،‬وأن أعامهلم‬

‫وأحواهلم ومآهلم جتري عىل ما سبق يف علم اهلل تعاىل وكتابه ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬

‫ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ الحج‪ ، ٧٠ :‬وقال ‪( :‬كتب اهلل‬

‫‪49‬‬
‫مقادير اخلالئق قبل أن خيلق السموات واألرض بخمسني ألف سنة وكان عرشه عىل املاء ) ‪،‬وقال ‪:‬‬

‫(إن أول ما خلق اهلل القلم فقال له أكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شئ حتى تقوم‬

‫الساعة ) ‪ .‬وهذه الكتابة هي أصل التقادير ؛ فال يدخلها حمو وال إثبات ألبتة ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯕ‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﮊ الرعد‪ ٢٦ :‬؛ أي أصله الذي ال يغري وال يبدل ‪ ،‬وهو‬

‫اللوح املحفوظ ؛ فإنه أصل مجيع كتب التقادير العامة واخلاصة ؛ وهي التقدير احلويل العام ليلة‬

‫القدر والتقدير اخلاص ببني آدم يوم امليثاق أوال ثم التقدير اخلاص بكل واحد منهم بعينه ؛ وهو‬

‫الذي حيصل لكل جنني يف أول األربعني الثانية أوهناية األربعني الثالثة ؛ ( فريسل امللك فينفخ فيه‬

‫الروح ‪ ،‬ويؤمر بأربع كلامت بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد )‪ .‬وهذه الكتابة تقبل املحو‬

‫واإلثبات بأسباب معينة جاءت هبا النصوص ؛ كصلة الرحم ‪ ،‬ففي احلديث ( من رسه أن يبسط له‬

‫يف رزقه وأن ينسأ له يف أثره فليصل رمحه ) ‪ ،‬وكحسن اجلوار وحسن اخللق ففي احلديث (حسن‬

‫اخللق وحسن اجلوار يعمران الديار ويزيدان يف األعامر ) ‪ ،‬وكرب الوالدين حلديث ( من رسه أن يمد‬

‫له يف عمره ويزاد له يف رزقه فليرب والديه وليصل رمحه )‪ ،‬وكأفعال اخلري واملعروف ففي احلديث‬

‫(صنائع املعروف تقي مصارع السوء ) ‪ ،‬وكالدعاء فإنه ينفع مما نزل ومما مل ينزل ‪ ،‬ففي احلديث ( ال‬

‫يرد القضاء إال الدعاء ) ‪ .‬فعىل املسلم أن حيرص عىل هذه األسباب حتى يبارك له فيام قدر له من‬

‫اخلري ‪ ،‬ويدرأ عنه ما شاء اهلل مما قدر عليه من الرش ‪.‬‬

‫‪ -3‬مرتبة املشيئة ؛ فحركات الكون وسكناته بام يف ذلك أفعال العباد خريها ورشها كلها واقعة‬

‫بمشيئة اهلل تعاىل وإرادته الكونية ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬

‫ﮝ ﮞ ﮊ األنعام‪ ، ٢٦ :‬وقال ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬

‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ‬

‫‪51‬‬
‫‪ ،‬وقال‪ :‬ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫األنعام‪١٢٧ :‬‬ ‫ﯦﯧ ﯨ ﮊ‬

‫ﮄ ﮊ اإلنسان‪ ،٢٠ :‬وقال‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬

‫األنعام‪.١٣٦ :‬‬ ‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﮊ‬
‫‪ -4‬مرتبة اخللق ؛فالعامل كله علويه وسفليه باميف ذلك العباد وأفعاهلم كلهم من خلق اهلل تعاىل وحده‬

‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ﮋ ﯕ‬ ‫الزمر‪٥٣ :‬‬ ‫‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﮊ الصافات‪ ، ٦٥ :‬ويف احلديث‪ ( :‬إن اهلل خلق كل صانع وصنعته)‪.‬‬

‫وقد خالف السلف يف هذا املعتقد طائفتان مشهورتان ؛ القدرية الثانية واجلربية ؛ فأنكرت القدرية‬

‫الثانية ( املعتزلة ) ؛ وكذلك الزيدية والشيعة اإلمامية عموم املشيئة واخللق ؛ وزعموا أن العبد خيلق‬

‫فعله ؛ وهلذا قالوا باختيار العباد اختيارا مطلقا ‪ .‬وهذا املعتقد يناقض األدلة املذكورة آنفا يف مرتبة‬

‫املشيئة واخللق ويستلزم الوقوع يف رشك الربوبية ؛ ألن كل عبد بزعمهم مستقل بإجياد فعله بمعزل‬

‫عن قدرة الرب ومشيئته ؛ وهلذا سامهم السلف بمجوس األمة لشبه قوهلم بمذهب املجوس يف‬

‫القول باخلالقني !‬

‫ويف املقابل غلت اجلربية يف التعلق بنصوص القدر حتى أنكرت أثر العبد يف فعله ‪ ،‬وزعمت أنه مع‬

‫القدر كالشجرة يف مهب الريح ‪ .‬وهذا يناقض الرشع والواقع ؛ فقد دل الرشع عىل ثبوت مشيئة‬

‫العبد وقدرته ووقوع أفعاله االختيارية تبعا هلا ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ‬

‫النبأ‪ ،٢٦ :‬وقال ‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﮊ البقرة‪ ، ٣٣٢ :‬ولكنها ليست مشيئة مستقلة وإنام هى‬

‫؛ وهلذا كان‬ ‫التكوير‪٣٦ :‬‬ ‫تابعة ملشيئة اهلل تعاىل‪ :‬ﮋ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ‬

‫الصحيح أن اإلنسان مع القدر ليس بمخري كام قالت القدرية وليس بمسري كام قالت اجلربية وإنام‬

‫هو ميرس ؛ فمن كان أهال للخري يرسه اهلل له بفضله تعاىل ورمحته وإال خذله وحرمه بعدله سبحانه‬

‫‪50‬‬
‫وحكمته ‪ .‬وهذا هو الذي نطقت به النصوص ‪ ،‬قال تعاىل ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬

‫‪،‬‬ ‫الليل‪١٠ - ٦ :‬‬ ‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜ ﯝ ﮊ‬

‫وقال ‪(:‬ما منكم من نفس منفوسة إال قد علم اهلل مكاهنا من اجلنة والنار شقية أم سعيدة ‪ .‬فقال‬

‫رجل من القوم ‪ :‬يا رسول اهلل أفال ندع العمل فنتكل عىل كتابنا فمن كان من أهل السعادة صار إىل‬

‫السعادة ومن كان من أهل الشقاوة يعني صار إىل الشقاوة ؟ فقال رسول اهلل ‪(: ‬اعملوا فكل‬

‫ميرس من كان من أهل السعادة يرس لعملها ومن كان من أهل الشقاوة يرس لعملها )‪ .‬وقال عمر بن‬

‫اخلطاب ‪ (‬قلت ‪:‬يارسول اهلل أرأيت عملنا هذا عىل أمر قد ُف ِر َغ منه أم عىل أمر نستقبله ؟ فقال‬
‫رسول اهلل ‪ (:‬بل عىل ٍ‬
‫أمر قد ُفر َغ منه) ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬ففيم العمل؟ فقـــال رسول اهلل ‪ ( :‬كال ‪.‬‬

‫ال ُي ُ‬
‫نال إال بعمل) ‪ .‬فقال عمر ريض اهلل عنه إذن نجتهد )‪.‬‬
‫َجــد ‪ ،‬اآلن َنــــ ِ‬
‫جد ) ؛ فلم‬ ‫َجــد ‪ ،‬اآلن ن ِ‬
‫وكذلك قال رساقة بن مالك ريض اهلل عنه ‪ ( :‬فاآلن ن ِ‬

‫يفهموا من اإليامن بالقدر تعطيل األسباب وإنام فهموا اجلد واالجتهاد يف مبارشهتا ؛ ألهنا من قدر‬

‫اهلل تعاىل وسنته يف خلقه ‪.‬‬

‫وينبغي للمسلم أن يعتصم بالنصوص يف دينه عامة ويف اإليامن بالقدر خاصة ؛ فإن الضالالت يف‬

‫القدر ال تكاد تنحرص‪ ،‬وبعضها من إرث اجلاهلية األوىل ؛ كاختاذ القدر حجة يف تعطيل الرشع‬

‫وتربير االستمرار يف املعصية ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬

‫‪ ،‬وقال ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫األنعام‪١٤٤ :‬‬ ‫ﮊ‬

‫؛ فذمهم عىل احتجاجهم بالقدر لتربير االستمرار فيام هم فيه من رشك‬ ‫الزخرف‪٣٠ :‬‬ ‫ﯰﮊ‬

‫وضاللة ‪ ،‬وهكذا كل من اختذ القدر حجة لدفع احلق أوتربير ماهو فيه من باطل ‪ .‬ويذكر عن عمر‬

‫‪52‬‬
‫ابن اخلطاب ‪ ‬أنه أمر بقطع يد سارق فقال يا أمري املؤمنني ‪ :‬رسقت بقدر اهلل ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬ونحن‬

‫نقطعك بقدر اهلل !!‬

‫وأما ما ثبت من احتجاج آدم عىل موسى بالقدر ‪ ،‬وأنه حجه بذلك فإنام احتج به عىل مصيبة اخلروج‬

‫من اجلنة ‪ ،‬والقدر حيتج به يف املصائب ال يف املعائب ‪ .‬وكذلك فإنه احتج به عىل الذنب بعد التوبة‬

‫منه ال لرد احلق أو تربير االستمرار يف الذنب ‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪53‬‬
‫الوحدة الرابعة‬

‫املنهج التفصييل للعقيدة‬


‫املدخل لعقيدة السلف ما هو إال باب وطريق للدراسة التفصيلية هلذا العلم الرشيف ؛ وهلذا رأيت أن‬
‫من املتعني يف هذا املدخل أن أضع خطة للدراسة التفصيلية يسري عليها من أراد التمكن أو التعمق يف‬
‫هذا العلم ‪ .‬وتتكون هذه اخلطة من أربع مراحل ‪:‬‬

‫األوىل ‪ :‬يف الربوبية واأللوهية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬ربوبية اهلل تعاىل‬

‫‪- 1‬فطرية وجود اهلل تعاىل وتوحيده‪.‬‬


‫‪- 2‬أدلة وجود اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪- 3‬معنى التوحيد وأنواعه والعالقة بينها‪.‬‬
‫‪- 4‬منزلة توحيد الربوبية عند السلف وطريقة تقريرهم له‪.‬‬
‫‪- 5‬حتقيق معنى الرشك يف الربوبية وبيان أهم مظاهره‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬توحيد األلوهية‬

‫‪- 1‬معنى توحيد األلوهية وعالقته بالشهاده‪.‬‬


‫‪- 2‬أمهيته وفضائله وكيفية حتقيقة‪.‬‬
‫‪- 3‬منهج القرآن يف الدعوة لتوحيد األلوهية‬
‫‪- 4‬أنواع الرشك يف توحيد األلوهية ووسائله‪.‬‬
‫‪- 5‬شبهات املخالفني يف رشك األلوهية عرضا ونقدا ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ومن مراجع هذه املرحلة ‪- :‬‬

‫‪- 1‬رشح العقيدة الطحاوية لعيل بن أيب العز احلنفي ‪.‬‬


‫‪- 2‬فتح املجيد لعبدالرمحن بن حسن ‪.‬‬
‫‪- 3‬جمموع الفتاوى البن تيمية‪.‬‬
‫‪- 4‬كشف الشبهات ملحمد بن عبدالوهاب‪.‬‬
‫‪- 5‬ابن تيمية السلفي ونقده ملسالك املتكلمني يف اإلهليات ملحمد هراس ‪.‬‬
‫‪- 6‬دعوة التوحيد ملحمد هراس ‪.‬‬
‫‪- 7‬األدلة العقلية الرشعية عىل أصول االعتقاد لسعود العريفي ‪.‬‬
‫‪- 8‬دعاوى املناوئني لدعوة الشيخ حممد بن عبدالوهاب لعبد العزيز العبـد اللطيف ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬يف األسامء والصفات ‪.‬‬

‫الدراسة يف هذه املرحلة تكون جلانبني رئيسني ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬القواعد والضوابط‬

‫يدرس يف هذا اجلانب القواعد التاليه ‪:‬‬

‫‪- 1‬قواعد السلف يف أسامء اهلل احلسنى‪.‬‬


‫‪- 2‬قواعد السلف يف صفات اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪- 3‬قواعد السلف يف أدلة األسامء والصفات‪.‬‬
‫‪- 4‬مشكل نصوص الصفات ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الدراسة املفصلة‬

‫أهم ما جيب دراسته يف هذا اجلانب الصفات التالية ‪:‬‬

‫‪- 1‬صفة العلو واملباينة والصفات املرتبطة هبا ؛ كاملعية واالستواء والنزول ‪.‬‬
‫‪- 2‬صفة الكالم ‪.‬‬

‫‪- 3‬صفة الرؤية ‪.‬‬

‫‪- 4‬صفة اليد ‪.‬‬

‫‪- 5‬صفة الوجه ‪ ،‬وباقي الصفات العرش التي بسط القول فيها يف خمترص الصواعق املرسلة ‪.‬‬

‫ومن مراجع هذه املرحلة ‪:‬‬

‫‪- 1‬الرسالة التدمرية البن تيمية‪.‬‬


‫‪- 2‬القواعد املثىل البن عثيمني‪.‬‬
‫‪- 3‬رشح العقيدة الطحاوية لعيل بن ايب العز احلنفي‪.‬‬
‫‪- 4‬تأويل خمتلف احلديث البن قتيبة ‪.‬‬
‫‪- 5‬جمموع الفتاوى البن تيمية‪.‬‬
‫‪- 6‬بدائع الفوائد البن القيم‪.‬‬
‫‪- 7‬خمترص الصواعق املرسلة للموصيل‪.‬‬
‫‪- 8‬رشح النونية ملحمد هراس ‪.‬‬
‫‪- 9‬اخلالصة يف العلو والكالم والرؤية لعيسى السعدي ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الثالثة ‪ :‬يف النبوات والغيبيات ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬النبوات‬

‫‪ - 1‬معنى النبي والرسول والفرق بينهام‪.‬‬


‫‪ - 2‬حاجة البرش للرسالة و الرد عىل منكري النبوة‪.‬‬
‫‪ - 3‬صفات الرسل ‪ ،‬مع التفصيل يف برشيتهم وعصمتهم‪.‬‬
‫‪ - 4‬حقيقة النبوة ‪ ،‬وأهنا اصطفاء ال اكتساب أو جزاء عمل سابق‪.‬‬
‫‪ - 5‬معنى الوحي وأنواعه ‪.‬‬
‫‪ - 6‬معنى اإلهلام وإمكانه وعدم عصمته والرد عىل من استغنى به عن الوحي‪.‬‬
‫‪ - 7‬أدلة صدق الرسل ‪ ،‬مع الفرق بني آياهتم وخوارق غريهم ‪.‬‬
‫‪ - 8‬وحدة الرساالت يف األصول دون الفروع‪.‬‬
‫‪ - 9‬فضل األنبياء وتفاضلهم ‪:‬‬
‫‪ ‬التفضيل بني األنبياء‪.‬‬

‫‪ ‬التفضيل بني األنبياء واملالئكة‪.‬‬

‫‪ ‬تفضيل األنبياء عىل األولياء واحلكامء مع بيان أصل املخالف ورده‪.‬‬

‫‪ - 11‬نبوة سيد املرسلني ‪: ‬‬


‫‪ ‬أدلة ثبوهتا ‪ ،‬والرد عىل الشبهات حوهلا ‪.‬‬
‫‪ ‬خصائصــها مــع التفصــيل يف عمومهــا ‪ ،‬وخــتم النبــوة هبــا ‪ ،‬ويف اإلرساء واملعــراج ‪،‬‬
‫واحلوض ‪ ،‬والشفاعة ‪.‬‬
‫‪ ‬عقيدة أهل السنة واجلامعة يف آل النبي ‪ ‬وخلفائه وأصحابه مع الرد عىل املخالف‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الغيبيات‬

‫‪- 1‬حقيقة اإليامن باملالئكة ‪ ،‬وأدلته ‪ ،‬والرد عىل من انحرف يف هذا األصل من الفالسفة‪.‬‬
‫‪- 2‬وجود اجلن ‪ ،‬وتكليفهم ‪ ،‬مع دراسة أهم أحكامهم ‪ ،‬وطرق الوقاية من رشهم ‪.‬‬
‫‪- 3‬حقيقة الروح ‪ ،‬ومستقرها يف الربزخ ‪ ،‬وإبطال دعوى التناسخ وحتضري األرواح‪.‬‬
‫‪- 4‬عذاب القرب ونعيمه والرد عىل من أنكره ‪.‬‬
‫‪- 5‬إهداء ثواب األعامل ألهل الربزخ ‪.‬‬
‫‪- 6‬أرشاط الساعة ‪.‬‬
‫‪- 7‬أدلة البعث وصفته ‪ ،‬والرد عىل من أنكره أو خصه باألرواح أو األجساد‪.‬‬
‫‪- 8‬العرض واحلساب ‪ ،‬والرصاط وامليزان وأهوال القيامة ‪.‬‬
‫‪- 9‬وجود اجلنة والنار ‪ ،‬وأبديتهام ‪ ،‬وصفاهتام‪.‬‬
‫ومن مراجع هذه املرحلة ‪:‬‬

‫‪- 1‬رشح العقيدة الطحاوية لعيل بن ايب العز احلنفي‪.‬‬


‫‪- 2‬النبوات البن تيمية‪.‬‬
‫‪- 3‬منهاج السنة البن تيمية‪.‬‬
‫‪- 4‬اجلواب الصحيح البن تيمية ‪.‬‬
‫‪- 5‬جمموع الفتاوى البن تيمية ‪.‬‬
‫‪- 6‬الروح البن القيم ‪.‬‬
‫‪- 7‬حادي األرواح البن القيم‪.‬‬
‫‪- 8‬فتح الباري البن حجر‪.‬‬
‫‪- 9‬آكام املرجان يف أحكام اجلان للشبيل‪.‬‬
‫‪- 12‬املسائل املشرتكه للعرويس‪.‬‬
‫‪- 11‬النبي والرسول ألمحد احلمد‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪- 12‬أرشاط الساعة للوابل ‪.‬‬

‫‪- 13‬الروحية احلديثة ملحمد حسني‪.‬‬

‫‪- 14‬املعرفة يف اإلسالم لعبد اهلل لقرين‪.‬‬

‫‪- 15‬الوعد األخروي لعيسى السعدي ‪.‬‬

‫الرابعة ‪ :‬يف اإليامن والقدر ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مسائل اإليامن‬

‫‪- 1‬معنى اإليامن حال اإلطالق والتقييد مع االستدالل لكل حاله‪.‬‬


‫‪- 2‬إمجاع السلف عىل دخول العمل يف مسمى اإليامن املطلق وأدلته‪.‬‬
‫‪- 3‬مذاهب املرجئة يف مسمى اإليامن عرضا ونقدا‪.‬‬
‫‪- 4‬أركان اإليامن املطلق وشعبه مع دراسة عالقة الظاهر بالباطن‪.‬‬
‫‪- 5‬الفرق بني اإلسالم واإليامن واإلحسان‪.‬‬
‫‪- 6‬زيادة اإليامن ونقصانه‪.‬‬
‫‪- 7‬االستثناء يف اإليامن‪.‬‬
‫‪- 8‬حقيقة الوالية وتبعضها ومراتبها وثمراهتا ‪.‬‬
‫‪- 9‬أحكام اإليامن العملية‪:‬‬
‫‪ ‬الشهادة والرباءة‬

‫‪ ‬طاعة والة األمر يف غري معصية وحتريم اخلروج عليهم ‪.‬‬

‫‪ ‬احلج واجلهاد مع األئمه‪.‬‬

‫‪ ‬الصالة خلف كل بر وفاجر وعىل من مات منهم ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪- 12‬أثر الكبائر عىل اسم اإليامن وحكمه ‪:‬‬
‫‪ ‬معنى الكبرية والصغرية ‪.‬‬

‫‪ ‬اختالف السلف يف التارك لشئ من مباين اإلسالم ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الكبرية عىل اإليامن عند السلف ‪.‬‬

‫‪ ‬موانع إنفاذ وعيد الكبرية ‪.‬‬

‫‪ ‬أثرها عىل اإليامن عند الوعيدية واملرجئة عرضا ونقدا ‪.‬‬

‫‪- 11‬معنى الكفر وأنواعه وضابط كل نوع وأدلته ‪.‬‬


‫‪- 12‬خطورة التكفري ورشوطه وموانعه ‪.‬‬
‫‪- 13‬آثار اإليامن عىل الفرد واملجتمع‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القضاء والقدر‬

‫‪- 1‬معنى القضاء والقدر والفرق بينهام ‪.‬‬


‫‪- 2‬أمهية القدر وذم منكريه والنهي عن اخلوض فيه ‪.‬‬
‫‪- 3‬العلم السابق وأدلته والرد عىل من أنكره من القدرية والفالسفة‪.‬‬
‫‪- 4‬كتابة املقادير مع التفصيل يف أنواع التقادير واألقالم واملحو واإلثبـات واخـتالف السـلف يف أول‬
‫املخلوقات‪.‬‬
‫‪- 5‬امليثاق ‪ ،‬أدلته ‪ ،‬عالقته بالقدر والفطرة ‪ ،‬الرد عىل من أنكر حقيقته ‪.‬‬
‫‪- 6‬الفطرة ‪ ،‬معناها ‪ ،‬عمومها ‪ ،‬عالقتها بمسألة اهلدى والضالل ‪.‬‬
‫‪- 7‬عموم املشيئة ‪ ،‬أدلته ‪ ،‬أنواع اإلرادة ‪ ،‬عالقة األمر الرشعي باإلرادة ‪ ،‬عالقة املشيئة باملحبة ‪.‬‬
‫‪- 8‬املراد لذاته واملراد لغرية ‪ ،‬حكمة وجود املراد لغرية ‪ ،‬أهم ما يتطرق لتقديره من استشكاالت ‪.‬‬
‫‪- 9‬خلق أفعال العباد ‪ ،‬مذهب السلف وأدلته ‪ ،‬مذهب القدرية واجلربية عرضا ونقدا ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪- 12‬االستطاعة ‪ ،‬تكليف ماال يطاق ‪ ،‬طريقة السلف يف التنزيه عن ظلم العباد مع بيان الطرق املخالفة‬
‫وردها ‪.‬‬
‫‪- 11‬حقيقة اجلمع بني الرشع والقدر دون معارضة بينهام أو تعظيم ألحدمها وإمهال لآلخر ‪.‬‬
‫‪- 12‬االحتجاج بالقدر ‪ ،‬أدلة ما يرشع منه وما يمنع مع استيفاء طرق أهـل العلـم يف توجيـه حـديث‬
‫املحاجة بني آدم وموسى عليهام السالم ‪.‬‬
‫‪- 13‬دالالت القدر اإليامنية وآثاره االجيابية مع الرد عىل من اختذه وسيلة لتعطيل األسباب ‪.‬‬
‫ومن مراجع هذه املرحلة ‪:‬‬

‫‪- 1‬رشح العقيدة الطحاوية لعيل بن ايب العز احلنفي‪.‬‬


‫‪- 2‬رشح أصول اعتقاد أهل السنة أليب القاسم الاللكائي‪.‬‬
‫‪- 3‬الرشيعة لآلجري‪.‬‬
‫‪- 4‬الرسالة التدمرية البن تيمية ‪.‬‬
‫‪- 5‬جمموع الفتاوى البن تيمية‪.‬‬
‫‪- 6‬شفاء العليل البن القيم ‪.‬‬
‫‪- 7‬التوضيح والبيان البن سعدي‬
‫‪- 8‬القضاء والقدر للمحمود ‪.‬‬
‫‪- 9‬مفاهيم ينبغي أن تصحح ملحمد قطب ‪.‬‬
‫‪- 12‬وللمؤلف كتب يمكن االستفادة منها يف موضوعات هـذه املرحلـة ؛ وهـي ( الوعـد األخـروي )‬
‫و( موانع إنفاذ الوعيد ) و ( املحو واإلثبات يف املقادير ) و ( ميثاق اإليامن ) و ( املخترص يف مسائل‬
‫اإليامن ) ‪ .‬واهلل أعلم ‪ ،‬وصىل اهلل عىل نبينا حممد ‪ ،‬وعىل آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫تم الكتاب واحلمد هلل رب العاملني‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪60‬‬
‫فهرس املوضوعات‬

‫املقدمة ‪2 ......................................................................................‬‬
‫مبادئ علم العقيدة ( الوحدة األوىل ) ‪22 -3 ....................................................‬‬

‫معنى العقيدة ‪3 ................................................................................‬‬

‫موضوع العقيدة ‪3 .............................................................................‬‬

‫أسامء العقيدة ‪4 ................................................................................‬‬

‫أمهية العقيدة ‪8 ................................................................................‬‬

‫أدلة العقيدة ‪9 .................................................................................‬‬

‫كتب العقيدة ‪14 ...............................................................................‬‬

‫ألقاب أهل السنة واجلامعة ‪17 ..................................................................‬‬

‫خصائص أهل السنة واجلامعة ‪18...............................................................‬‬

‫معنى التوحيد وأنواعه ( الوحدة الثانية ) ‪28 -23...............................................‬‬

‫أنواع التوحيد باعتبار املتعلق ‪23................................................................‬‬

‫أنواع التوحيد باعتبار ماجيب عىل املوحد ‪25 ....................................................‬‬

‫العالقة بني أنواع التوحيد ‪26 ..................................................................‬‬

‫توحيد املرسل ( املتابعة ) ‪27 ...................................................................‬‬

‫‪62‬‬
‫خمترص أصول االعتقاد ( الوحدة الثالثة ) ‪53 -29 ....................................... .......‬‬

‫اإليامن باهلل تعاىل ‪29 ...........................................................................‬‬

‫اإليامن باملالئكة ‪35 ............................................................................‬‬

‫اإليامن بالكتب ‪37.............................................................................‬‬

‫اإليامن بالرسل ‪38 .............................................................................‬‬

‫اإليامن باليوم اآلخر ‪43 ........................................................................‬‬

‫اإليامن بالقدر ‪49 ............................................... ...............................‬‬

‫املنهج التفصييل للعقيدة ( الوحدة الرابعة ) ‪61-54 ........................................ ....‬‬

‫الربوبية واأللوهية ‪54 ..........................................................................‬‬

‫األسامء والصفات ‪55 ..........................................................................‬‬

‫النبوات والغيبيات ‪57 .................................................................. .......‬‬

‫اإليامن والقدر ‪59 .......................................................... ....................‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪63‬‬

You might also like