Professional Documents
Culture Documents
زواج المسيار
زواج المسيار
زواج المسيار
من املس ائل املس تجدة يف ه ذا العص ر " زواج املس يار " ال ذي انتش ر يف بعض بالد املس لمني،
وسأتناول هذه القضية يف النقاط التالية:
-1تعريف زواج املسيار لغة واصطالحاً.
-2نشأة زواج املسيار.
-3الفرق بينه وبني األنكحة األخرى.
-4أسباب ظهور زواج املسيار.
-5موقف الفقه من زواج املسيار (أقوال العلماء يف زواج املسيار).
اختلف العلماء يف حكم هذا النوع من الزواج ،وميكن حصر أقواهلم يف ثالثة أراء:
الرأي األول :القائلون باإلباحة – أو اإلباحة مع الكراهة -وهم :الشيخ ابن باز -رمحه اهلل
،-الدكتور يوسف القرضاوي ،الشيخ عبداهلل بن منيع – عضو هيئة كبار العلماء يف اململكة العربية
السعودية ،-الشيخ عبداهلل بن عبد الرمحن ،الشيخ يوسف املطلق ،الشيخ إبراهيم بن صاحل اخلضريي،
ولقد استدل هذا الفريق على ما ذهبوا إليه من اإلباحة باألدلة التالية:
-1أنه زواج مستكمل جلميع األركان والشروط وما كان كذلك كان صحيحاً ومباحاً.
-2ثبت يف السنة أن أم املؤمنني سودة – رضي اهلل عنها -وهبت يومها من رسول اهلل إىل
ضرهتا أم املؤمنني عائشة – رضي اهلل عنها ،-وحديث هبة سودة يومها لعائشة رواه البخاري
ومسلم عن عائشة " :قالت :ما رأيت امرأة أحب إيل أن أكون يف مسالخها( )12من سودة بنت
زمعة ،من امرأة فيها حدة ،قالت :فلما كربت جعلت يومها من رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلم
لعائشة ،قالت :يا رسول اهلل! قد جعلت يومي منك لعائشة ،فكان رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلم
ووجه االستدالل باحلديث أن سودة هببتها يومها لعائشة وقبول رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلم بذلك
ما يدل على أن من حق الزوجة أن تسقط حقها الذي جعله الشارع هلا ،كاملبيت والنفقة.
-3أن يف هذا النوع من النكاح مصاحل كثرية ،فهو يشبع غريزة الفطرة عند املرأة ،وقد كف من
تزوجن عن الفاحشة ،وقد ترزق املرأة منه بالولد ،وهو بدون شك يقلل من العوانس الاليت فاهتن
قطار الزواج.
12
() مسالخ الحية جلدها ،وكأنها تمنت! أن تكون في مثل هديها وطريقتها (النهاية في غريب الحديث :البن األثير .)5/283
13
() أخرجه البخاري في النكاح باب المرأة تهب يومها ( ،5/1999 )4914ومسلم في الرضاع باب جواز هبة نوبتها لضرتها ()1463
.2/1085
يقول األستاذ وهبة الزحيلي " :إن إعفاف املرأة مطلب فطري واجتماعي وإنساين ،فإذا أمكن
لرجل أن يسهم يف ذلك كان مقصده مشروعاً وعمله مأجوراً مربوراً " (.)14
- 4وجود أنواع من الزواج مشاهبة هلذا النوع من الزواج ،كزواج النهاريات وزواج الليليات،
يذكر الفقهاء قدمياً نوعاً من الزجيات مسوه بزواج النهاريات والليليات ،وصورة هذا النوع من
الزواج أن يتزوج رجل من امرأة تعمل خارج منزهلا يف الليل ،وترجع إىل زوجها يف النهار ،أو تعمل
يف النهار وترجع إىل املنزل الذي فيه زوجها ليالً ،وقد حبث الفقهاء يف حكم هذا النوع من الزواج،
كما حبثوا يف مدى استحقاق الزوجات النفقة يف هذا النوع من الزواج على القول بصحته(.)15
ويرى املالكية وجوب فسخ نكاح الليليات والنهاريات قبل الدخول ال بعده ،ويف ذلك يقول
الفقيه الدردير املالكي" :يفسخ النكاح قبل الدخول ال بعده إن تزوجها على شرط أن ال تأتيه الزوجة
أو ال يأتيها إال هناراً أو ليالً ،ألنه مما يناقض مقتضى النكاح ،ملا فيه من اخللل يف الصداق ،ولذا كان
يثبت بعد الدخول بصداق املثل ،ألن الصداق يزيد وينقص بالنسبة هلذا الشرط " (.)16
14
() مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطالق ،ص.179 – 178
15
() المرجع السابق ،ص.171
16
() الشرح الصغير :للدردير .2/384
ويرى بعض أهل العلم القول بإباحته وإن اختلفوا يف لزوم النفقة فيه ،يقول عالء الدين
احلصكفي احلنفي " :قال يف اجملتىب :وبه عرف جواب واقعة يف زماننا أنَّه لو تزوج من احملرتفات اليت
تكون يف النهار يف مصاحلها وبالليل عنده فال نفقة هلا قال يف النهر :وفيه نظر " (.)17
ويف سنن سعيد بن منصور قال :حدثنا سعيد قال هشيم قال :أن يونس عن احلسن أنه كان ال
الرأي الثاني :القائلون باملنع وعدم اإلباحة :ومنهم الشيخ حممد بن ناصر الدين األلباين -رمحه
اهلل ،-واألستاذ الدكتور علي القرة داغي ،واألستاذ الدكتور إبراهيم فاضل الدبو ،والدكتور جرب
الفضيالت ،واألستاذ الدكتور عمر سليمان األشقر ،واألستاذ الدكتور حممد الزحيلي واألستاذ
()20
استدل القائلون بالتحريم باألدلة التالية :
17
() حاشية ابن عابدين .3/577
18
() سنن سعيد بن منصور ،1/216مصنف ابن أبي شيبه .3/508
19
() مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطالق ،ص.179
20
() المرجع السابق ،ص.181
-1إن هذا الزواج يتناىف ومقاصد الزواج فليس املقصود من الزواج يف اإلسالم قضاء الوطر اجلنسي،
بل الغرض أمسى من ذلك ،فقد اعترب الرسول سنة اإلسالم فقال " :وإن من سنتنا النكاح " ( ،)21وقد
اجتماعية ونفسية ودينية ،وزواج املسيار ال حيقق شيئاً من مقاصد الزواج الشرعية ،من املودة والرمحة،
والسكن ،وحفظ النوع اإلنساين ،وتعهده على أكمل وجه ،ورعاية احلقوق والواجبات اليت
يولدها عقد الزواج الصحيح "،والعربة يف العقود للمقاصد واملعاين ،ال لأللفاظ واملباين " (.)22
-2خمالفة طريقة هذا الزواج لنظام الزواج الذي جاءت به الشريعة اإلسالمية ،فعندما ندقق النظر فيه
ال جنده موافقاً للنظام الشرعي يف الزواج ،ومل يكن املسلمون يعرفون مثل هذا النوع يف زواجهم.
-3يقرتن به بعض الشروط اليت ختالف مقتضى العقد ،وتنايف مقاصد الشريعة يف الزواج من السكن
واملودة ،ورعاية الزوجة أوالً ،واألسرة ثانياً ،واإلجناب ،وتربية األوالد ،ووجوب العدل بني
الزوجات ،كما يتضمن عقد الزواج تنازل املرأة عن حق الوطء واإلنفاق ...وغري ذلك.
وإن الزوجة اليت تنازلت عن حقها اليوم ،يف املبيت واملعاشرة ،كثرياً ما تغري رأيها ،وخاصة
بعد أن تدرك أسرار احلياة الزوجية ،وتتعرف من الشرع والواقع والناس على احلقوق اليت تتمتع هبا
الزوجة عادة.
21
() أخرجه عبد الرزاق ( ،6/171 )10387والطبراني في الكبير ( ،18/85 )158وأبو يعلى ،قال الهيثمي فيه أبو معاوية بن يحيى الصدفي
وهو ضعيف (مجمع الزوائد .)4/251
22
( )3قواعد الفقه :للبركتي ،1/91مجلة األحكام العدلية ،1/16المبسوط ،22/23البحر الرائق ،3/94بدائع الصنائع ،4/134مغني! المحتاج
،2/68أعالم الموقعين .3/119
-4هذا النوع من الزواج سيكون مدخالً للفساد واإلفساد ،فإنه يتساهل فيه تقدير املهر ،وال يتحمل
الزوج مسؤولية األسرة ،وإذا سهل عليه أن يتزوج سهل عليه أن يطلق ،وقد يعقد سراً ،وقد يكون
بغري ويل ،وكل هذا جيعل الزواج لعبة يف أيدي أصحاب األهواء.
-5يف هذا الزواج استغالل من الرجل للمرأة ،فهو يليب رغباته اجلنسية ال هدف له إال ذلك ،من غري
-6قد يقدر للزوج أوالد من هذه املرأة ،وبسبب البعد عنها وقلة جميئه إليها سينعكس ذلك سلباً على
-7اشرتاط إسقاط النفقة واملبيت على الزوجة يبطل العقد ،ذهب هذا املذهب الدكتور علي القرة
داغي ،والقول ببطالن النكاح باشرتاط إسقاط املبيت أحد وجهني عند الشافعية ،كما يقول
توقف بعض أهل العلم يف احلكم على هذا النوع من الزواج ،وتوقفهم هذا يدل على أن حكمه
من هؤالء فضيلة الشيخ حممد صاحل بن عثيمني( – )24رمحه اهلل ,-والدكتور عمر بن سعود
العيد األستاذ بكلية أصول الدين يف جامعة اإلمام حممد بن سعود ،فإنه ذكر شيئاً من مساوئه ،وأورد
23
() مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطالق ،ص.183 – 182
24
() نقله عنه إحسان بن محمد بن عايش في كتابه :أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة ،ص.28
بعض أدلة اجمليزين باختصار ،كما ذكر أن عدداً من كبار العلماء توقف يف جوازه ،ودعا يف اخلتام إىل
دراسة هذا الزواج دراسة تفصيلية دقيقة ،ألن حماذيره كثرية ،وقد يكون ظاهرة مرضية ،ومل ِ
يعط
ويذكر إحسان عايش أن سبب توقف بعض أهل العلم باجلواز " أن بعض الناس جتاوزا فيه
احلد ،واستغل من قبل بعض ضعاف النفوس ،وتبنته مكاتب حددت أسعاراً هلذا الزواج (يعين
عمولة).هذا ولقد وقفت على مواقع يف اإلنرتنت عبارة عن مكاتب تزوج بطريق " زواج املسيار "
(.)26
السؤال :قرأت يف إحدى اجلرائد حتقيقاً عما يسمى زواج املسيار وهذا الزواج هو أن يتزوج
اإلنسان ثانية أو ثالثة أو رابعة ،وهذه الزوجة يكون عندها ظروف جتربها على البقاء عند والديها أو
أحدمها يف بيتهما فيذهب إليها زوجها يف أوقات خمتلفة ختضع لظروف كل منهما :فما حكم الشريعة
الجواب :ال حرج يف ذلك إذا استوىف العقد الشروط املعتربة شرعاً وهي وجود الويل ،ورضا
الزوجني ،وحضور شاهدين عدلني على إجراء العقد وسالمة الزوجية من املوانع لعموم قول النيب" :
إن أحق الشروط أن يوىف به ما استحللتم به الفروج " ( ،)27وقال رسول اهلل صلّى اهلل عليه و سلم :
25
() مجلة األسرة ،العدد ( ،)46ص.15
26
() http://www.misiar.com
27
() أخرجه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في المهر ( ،2/970 )2572ومسلم في النكاح باب الوفاء بالشروط في النكاح ()1418
.2/1035
" املسلمون على شروطهم " ( :)28فإذا اتفق الزوجان على أن املرأة تبقى عند أهلها أو على أن القسم
يكون هلا هناراً أو ليالً أو يف أيام معينة أو ليايل معينة ،فال بأس بذلك بشرط إعالن النكاح وعدم
28
() أخرجه الحاكم في مستدركه ( ،2/57 )2309والطبراني في الكبير ( ،4/275 )4404قال الهيثمي :فيه حكيم بن جبير وهو متروك ،وقال
أبو زرعه محله الصدق (مجمع الزوائد .)4/205
29
() المغني .7/72
وإذا كان يف هذا النوع من الزواج هذه املصاحل ،فما بال املفاسد الكثرية اليت ترتتب على هذا
شر لفريق من أصحاب النفوس الضعيفة من الرجال والنساء الذين النوع من الزواج ،ومنها فتح باب ّ
يريدون اللعب بالزواج كيف تشاء أهواؤهم بعيداً عن الرقابة الشرعية.
- 4االستدالل بزواج النهاريات والليليات ،وقد استدل هبذا القائلون باجلواز والقائلون باملنع،
وكال االستداللني غري صحيح ،ألن العلماء اختلفوا يف صحته اختالف الفقهاء املعاصرين يف زواج
املسيار(.)30
-أما األدلة اليت استدل هبا املانعون لزواج املسيار فهي أدلة صحيحة واقعية :وقفت على
املشاكل واملفاسد اليت تنتج عن هذا الزواج ،فحىت وإن تراءى لنا بأن الزواج مكتمل األركان
والشروط إال أنه يف جممله ال جيري على النحو الذي قام عليه الزواج يف اإلسالم من السكن واملودة
والتعاون على القيام بأعبائه ومسؤولياته.
-وأرى أن ما أبداه املانعون من أسباب وخماوف يف حترمي ومنع هذا الزواج وجيهة وتدعو
للتوقف والتأمل :لذا أدعو إىل مزيد حبث واستقراء ودراسة هلذه القضية املستجدة من مجيع جوانبها
ولعل هذا السبب الذي أخر اجملامع الفقهية يف عدم إصدارها لفتوى يف هذا الشأن ،واهلل أعلم.
30
() مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطالق ،ص.195 – 192