You are on page 1of 20

‫الحكم وأقسامه‬

‫معرف ة الحكم الش رعي ه و الغاي ة من علم الفق ه وأص وله‪ ،‬ولكن علم‬

‫األصول ينظر إليه من جه ة وض ع القواع د والمن اهج الموص لة إلي ه‪،‬‬

‫وعلم الفق ه ينظ ر إلي ه باعتب ار اس تنباطه فعال‪ ،‬بتط بيق ماوض عه علم‬

‫األصول للتعرف عليه‪.‬‬

‫والحكم الشرعي سمي ب ذلك ألن ه م أخوذ من الش رع‪ .‬والش رع بمع نى‬

‫الشارع وهو هللا سبحانه وتعالى حقيقة والرسول صلى هللا عليه وس لم‬

‫مجازا‪.‬‬

‫ويعرف الحكم الشرعي بأنه خطاب هللا سبحانه وتعالى المتعل ق بأفع ال‬

‫المكلفين باالقتضاء أو التخيير‪ ،‬أو الوضع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المقصود بخطاب هللا ‪ :‬كالمه مباشرة وهو القرآن ‪ ،‬أو بالواسطة‬ ‫‪‬‬

‫‪ :‬وهو ما يرج ع إلى كالم ه من س نة أو إجم اع ‪ ،‬وس ائر األدل ة‬

‫الشرعية ‪.‬‬

‫‪ ‬فالس نة ‪ :‬وهي م ا يص در عن رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم‬

‫على وج ه التش ريع ‪ ،‬راجع ة إلى كالم ه ألنه ا مبين ة ل ه ‪ ،‬وهي‬

‫وحي هللا إليه ‪ :‬قال تع الى ‪(( :‬وم ا ينط ق عن اله وى إن ه و إال‬

‫وحي يوحى)) (النجم ‪)٣-٤‬‬

‫‪ ‬واإلجماع ال بد له من دليل من الكتاب أو السنة ‪ ،‬فكان راجعا إلى‬

‫أحك ام هللا به ذا اإلعتب ار ‪ .‬وهك ذا س ائر األدل ة الش رعية ‪ ،‬كله ا‬

‫كاشفة لخطاب هللا تعالى ‪.‬‬

‫والمقصود باإلقتصاء ‪ :‬الطلب‪ ،‬سواء أكان طلب الفعل أم تركه‪ ،‬وسواء‬

‫أكان هذا الطلب بنوعه على سبيل اإللتزام‪ ،‬أم كان على سبيل الترجيح‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫والمقصود بالتخيير ‪ :‬التسوية بين فعل الشيء و تركه ‪ ،‬ب دون ت رجيح‬

‫أحدهما على اآلخر ‪ ،‬وإباحة كل منهما للمكلف ‪.‬‬

‫والمقصود بالوضع ‪ :‬جع ل ش يء س ببا آلخ ر ‪ ،‬وش رطا ل ه ‪ ،‬أو مانع ا‬

‫منه‪.‬‬

‫أمثلة ‪:‬‬

‫‪ )١‬قول ه تع الى ‪(( :‬وال تقرب وا ال زنى ‪ ،‬إن ه ك ان فاحش ة وس اء س بيال))‬

‫(اإلسراء ‪ . )٣٢ :‬حكم شرعي ألنه خطاب من الشارع ‪ ،‬طلب به الكف‪/‬ال ترك‬

‫عن فعل وهو زنى ‪.‬‬

‫‪ )٢‬وقول ه تع الى ‪(( :‬أقم الص لوة ل دلوك الش مس )) (اإلس راء ‪ . )٧٨ :‬حكم‬

‫شرعي ‪ ،‬النه خطاب الشارع بجعل دلوك الشمش سببا لوجوب الصالة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ )٣‬وقوله تعالى ‪(( :‬والسارق والسارقة ف اقطعوا أي ديهما ج زاء بم ا كس با))‬

‫(المائ دة ‪ . )٣٨ :‬حكم ش رعي ألن ه خط اب من الش ارع بجع ل الس رقة س ببا‬

‫لوجوب قطع يد السارق أو السرقة ‪.‬‬

‫وقول النبي صلى هللا علي ه وس لم ‪(( :‬رف ع القلم عن ثالث ة ‪ :‬عن الن ائم ح تى‬

‫يستيقظ‪ ،‬وعن الصبى حتى يحتلم‪ ،‬وعن المجن ون ح تى يفي ق)) ـ خط اب من‬

‫الشارع بجعل النوم والصغر والجنون أموراً مانعةً من التكليف‪.‬‬

‫أما خطاب هللا تعالى المتعلق بغير أفعال المكلفين‪ ،‬ال يس مى حكم ا عن د‬

‫األصوليين‪ ،‬مثل خطابه تعالى المتعلق بذاته وص فاته وخطاب ه المتعل ق‬

‫بم ا خلق ه جم ادات‪ ،‬وك ذلك خطاب ه المتعل ق بأفع ال المكلفين‪ ،‬ولكن ال‬

‫على س بيل الطلب أو التخي ير أو الوض ع‪ .‬مث ال ‪ :‬قول ه تع الى (( الم‪،‬‬

‫غلبت الروم‪......‬الخ)) ـ(الروم ‪)4-1 :‬‬

‫موضوع ‪:‬أقسام الحكم الشرعي‬

‫‪4‬‬
‫الحكم الشرعي عند األصوليين ينقسم الى قسمين‪:‬‬

‫‪ )1‬الحكم التكليفي‬

‫‪ )2‬الحكم الوضعي‬

‫‪ -1‬الحكم التكليفي ‪ :‬وهو ما يقتض ى طلب الفع ل‪ ،‬أو الك ف عن ه‪ ،‬أو التخي ير‬

‫بين الفعل والترك‪.‬‬

‫‪-‬أو‪ -‬الحكم التكليفى – اشتمل عليه من طلب أو تخيير ينقسم الى خمس ة‪ ،‬ألن‬

‫الطلب اما طلب فعل أو طلب ترك‪ ،‬ثم طلب الفعل اما ج ازم‪ ،‬فه و االيج اب‪ ،‬أو‬

‫غير جازم فهو الندب‪ ،‬وطلب الترك ايضا اما جازم فهو التحريم أو غير ج ازم‬

‫فهو الكراهة والتخيير هو اإلباحة‪.‬‬

‫‪ :‬فلذا عرف العلماء كال من األقسام بقولهم ‪-‬‬

‫‪ -1‬االيجاب هو خطاب هللا تعالى المقتضى للفعل إقتضا ًء جازماً‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -2‬والندب هو خطاب هللا تعالى المقتضى للفعل إقتضاء غير جازم‪.‬‬

‫‪-3‬والتحريم هو خطاب هللا تعالى المقتضى للترك إقتضا ًء جازماً‪.‬‬

‫‪ -4‬والكراهة هو خطاب هللا تعالى المقتضى للترك إقتضا ًء غير جازم‪.‬‬

‫‪ -5‬واإلباحة هو خطاب هللا تعالى المخير بين الفعل والترك‪.‬‬

‫وإنما س مى ه ذا الن وع ب الحكم التكليفي‪ :‬ألن في ه كلف ه على اإلنس ان‪،‬‬

‫وهذا ظاهر فيما طلب فيه الفعل أو الترك‪.‬‬

‫‪-2‬الحكم الوضعي ‪ :‬وهو ما يقتضى جعل شيء سببا لشيء أخر‪ ،‬أو شرطا‬

‫له أو مانعا له‪.‬‬

‫وسمى هذا النوع بالحكم الوضعى ‪ :‬ألن رب ط بين ش يئين بالس ببية‪ ،‬أو‬

‫ش رطية‪ ،‬أو المانعي ة بوض ع من الش ارع‪ ،‬أى ‪ :‬إن الش ارع ه و ال ذى‬

‫جعل هذا سببا لهذا‪ ،‬أو شرطا له‪ ،‬أو مانعا له‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أمثله ‪ /‬مثال ‪ :‬حلول شهر رمضان ه و س بب لوج وب الص يام‪ ،‬ودل وك‬

‫الشمس سبب لوجوب الصالة‪ ،‬والقرابة سبب للميراث‪ ،‬والجن ون م انع‬

‫من تكليف المجنون‬

‫موضوع ‪ :‬الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي‬

‫‪.1‬الحكم التكليفي ‪ :‬يتطلب فع ل ش يء أو ترك ه ‪ ،‬أو اباح ة الفع ل وال ترك‬

‫للمكل ف‪ /‬أم ر يس تطيع المكل ف فعل ه وترك ه ‪ ،‬فه و داخ ل في ح دود قدرت ه‬

‫واستطاعنه‪ ،‬ألن الغرض من التكليف‪.‬امتثال المكلف ما كلف به‪.‬‬

‫‪ .2‬الحكم الوضعي ‪ :‬فال يشترط في موضوعه أن يكون في قدرة المكلف‪ ،‬ب ل‬

‫منه الخارج عن قدرته‪ :‬مثال‪ :‬رؤيه الهالل سبب لوجوب صيام رمضان‪.‬‬

‫‪ :‬يقسم معظم األصوليين الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام ‪ ،‬وهي‬

‫‪7‬‬
‫أوال ‪ :‬اإليجاب ‪ :‬وهو طلب الشارع الفعل على س بيل الحتم واإلل زام ‪ ،‬وأث ره‬

‫في فعل المكلف‪ :‬الوج وب ‪ ،‬الفع ل المطل وب على هذا الوج ه‪ :‬ه و ال واجب‪/.‬‬

‫الفعل الذي يتعلق به اإليجاب يسمى واجباَ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الندب ‪ :‬وهو طلب الشارع الفعل على سبيل الترجيح ال اإللزام ‪ ،‬وأثره‬

‫في فع ل المكل ف ‪ :‬الن دب أيض ا ‪ ،‬والفع ل المطل وب على ه ذه الص فة ‪ :‬وه و‬

‫المندوب‪.‬‬

‫ثالث ا ‪ :‬التح ريم ‪ :‬وه و طلب الش ارع الك ف عن الفع ل على س بيل الج زم‬

‫واإللزام‪ ،‬وأثره في فعل المكلف الحرمة ‪ ،‬والفعل المطلوب تركه ‪ :‬هو الح رام‬

‫أو المحرم‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الكراهة ‪ :‬وهي طلب الشارع الكف عن الفع ل على س بيل ال ترجيح ال‬

‫الحتم واإللزام ‪ ،‬وأث ره في فع ل المكل ف ‪ :‬الكراه ة أيض ا ‪ ،‬والفع ل المطل وب‬

‫‪8‬‬
‫ترك ه على ه ذا الوج ه ‪ :‬وه و المك روه‪ /.‬وال ذي تعل ق ب ه الكراه ة يس مى‬

‫مكروها‪.‬‬

‫خامس ا ‪ :‬اإلباحة ‪ :‬وهي تخي ير الش ارع للمكل ف بين الفع ل وال ترك ‪ ،‬دون‬

‫ترجيح ألحدهما على اآلخر ‪ ،‬وأثره في فعل المكلف ‪ :‬اإلباح ة ‪ ،‬والفع ل ال ذي‬

‫خير فيه المكلف ‪ :‬وهو المباح‪.‬‬

‫ومن هذا يتبين لنا أن المطلوب إيجاده نوع ان ‪ :‬ال واجب والمن دوب ‪،‬‬

‫وأن الفع ل المطل وب ترك ه نوع ان أيض ا ‪ :‬المح رم والمك روه ‪ ،‬وأن‬

‫الفعل المخير بين فعله وتركه نوع واحد ‪ :‬وهو المباح‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫‪9‬‬
‫الواجب‬

‫الواجب شرعا ‪ :‬هو ما طلب الشارع فعله على وجه اللزوم ‪ ،‬بحيث‬

‫يذم تاركه ومع الذم العقاب ‪ ،‬ويمدح فاعله ومع المدح الثواب‪.‬‬

‫أقسام الواجب ‪:‬‬

‫يقس م ال واجب الى أقس ام متع ددة ‪ ،‬باعتب ارات مختلف ة ‪ ،‬فهن اك تقس يم ل ه ‪:‬‬

‫باعتبار وقت أدائه ‪ ،‬وآخر ‪ :‬باعتبار تقديره وعدم تق ديره ‪ ،‬وث الث ‪ ،‬باعتب ار‬

‫تعيينه وعدم تعيينه ‪ ،‬ورابع ‪ :‬باعتبار المطالب بأدائه ‪.‬‬

‫‪ :1‬الواجب بالنظر إلى وقت أدائه ‪:‬‬

‫وهو بهذا االعتبار ‪ :‬واحب مطلق ‪ ،‬وواجب مقيد‪.‬‬

‫فالواجب المطلق‪ :‬هو ما طلب الشارع فعله‪ ،‬دون أن يقي د أداءه ب وقت معين‪،‬‬

‫فللمكل ف أن يفعل ه في أي وقت ش اء‪ ،‬وال إثم علي ه في الت أخير‪ ،‬ولكن ينبغي‬

‫المبادرة إلى األداء‪ ،‬ألن اآلجال مجهولة وال يعلم اإلنسان متى تحل به مصيبة‬

‫الموت‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مثال‪ :‬قضاء رمضان لمن أفطر بعذر مشروع‪ ،‬الكفارة الواجب ة على من حنث‬

‫في يمينه‪.‬‬

‫وال واجب المقيد‪ :‬ه و م اطلب الش ارع فعل ه وعين ألدائ ه وقت ا مح ددا‪:‬‬

‫كالصلوات الخمس‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬فال يجوز أداؤه قبل وقته المح دد‪ ،‬وي أثم‬

‫بتأخيره بعد وقته من غير عذر مشروع‪.‬‬

‫‪ :2‬الواجب بالنظرالى تقديره وعدم تقديره‬

‫ينقس م ال واجب باعتب ار المق دار المطل وب من ه الى قس مين‪ :‬واجب مح دد‬

‫وواجب غير محدد‪.‬‬

‫فالواجب المحدد ‪ :‬هو ما عين الشارع منه مقدارا مح ددا ‪ :‬كالزك اة ‪ ،‬وأثم ان‬

‫المشتريات والمبيعات ‪ ،‬والديات ‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫والواجب غير المحدد ‪ :‬هو الذي لم يحدد الشارع مقداره ‪ :‬كاإلنفاق في س بيل‬

‫هللا (في غير الزك اة) فه ذا ليس ل ه ح د مح دود‪ ،‬وإنم ا يتح دد بمق دار حاج ة‬

‫المحتاج وقدرة المنفق ‪ ،‬فمن تعين عليه سد حاج ة فق ير ‪ ،‬لزم ه واجب غ ير‬

‫محدد ‪ ،‬فعليه أن ينفق على هذا الفقير بمقدار ما تندفع به حاجته ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪-3‬الواجب بالنظر إلى تعين المطلوب وعدم تعينه ‪:‬‬

‫وهو بهذا االعتبار ‪ :‬واجب معين ‪ ،‬وواجب غير معين‪.‬‬

‫فالواجب المعين ‪ :‬هو ما طلبه الشارع بعينه من غير تخيير للمكلف بين أمور‬

‫مختلفة ‪:‬كالصالة والص يام ورد المغص وب إن ك ان قائم ا ‪ ،‬وحكم ه ذا الن وع‬

‫عدم براءة الذمة إال بفعله بعينه ‪.‬‬

‫وال واجب غ ير المعين ‪ :‬ه و م ا طلب ه الش ارع ال بعين ه ‪ ،‬ولكن ض من أم ور‬

‫معلومة ‪ ،‬وللمكلف أن يختار واحدا منه ا ألداء ه ذا ال واجب‪ .‬وق د يك ون ه ذا‬

‫الواجب واحدا من اثنين ‪ ،‬وللمكلف أن يختار أحدهما ‪ ،‬كما في قوله تعالى في‬

‫اسرى الحرب ‪َ ( :‬حتى إذا أثخذنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء‬

‫حتى تضع الحرب أوزرها )[ محمد‪ ، ] ٤ :‬فلإلمام أن يمن على األسرى ‪ ،‬أو‬

‫يف اديهم بغ يرهم‪ .‬وق د يك ون ال واجب غ ير المعين واح دا من ثالث ة أم ور‪،‬‬

‫ومثله ‪ :‬كفارة اليمين ‪ ،‬فإن الواجب فيها على الحانث واحد من ثالثة أش ياء ‪:‬‬

‫إطعام عشرة مساكين ‪ ،‬أو كسوتهم ‪ ،‬أو عت ق رقب ة ‪ ،‬وه ذا عن د االس تطاعة‬

‫والمقدرة ‪ ،‬أما عند عدمها فالواجب معين ‪ :‬وه و ص يام ثالث ة أي ام ‪ .‬وس مى‬

‫البعض هذا الواجب ‪ :‬بالواجب المخير ‪ ،‬ألن فيه تخييرا للمكلف ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ :4‬الواجب بالنظر إلى المطالب به‬

‫الواجب بهذا االعتبار ‪ :‬واجب عيني ‪ ،‬وواجب على الكفاية‪.‬‬

‫فالواجب العيني ‪ :‬هو ما توجه فيه الطلب الالزم إلى كل مكل ف ‪ ،‬أي ‪ :‬ه و م ا‬

‫فيه الطالب الالزم إلى كل مكلف ‪ ،‬أي ‪ :‬هو م ا طلب الش ارع حص وله من ك ل‬

‫واحد من المكلفين ‪ ،‬فال يكفي فيه قيام البعض اآلخ ر ‪ ،‬وال ت برأ ذم ة المكل ف‬

‫منه إال بأدائه‪ .‬مثال‪ :‬الصالة والصيام‪...‬‬

‫والواجب على الكفاية ‪ ،‬أو الكفائي ‪ :‬هو ما طلب الشارع حصوله من جماع ة‬

‫المكلفين ‪ ،‬ال من كل فرد منهم ‪ ،‬ألن مقصود الش ارع حص وله في الجماع ة ‪،‬‬

‫أي ‪ :‬إيج اد الفع ل ال ابتالء المكل ف ‪ ،‬ف إذا فعل ه البعض س قط الف رض عن‬

‫الباقين‪ .‬ويأثم الجميع إذا لم يحصل الواجب الكفائي‪ .‬مثال‪ :‬؟‬

‫‪ -2‬المندوب‬
‫هو ما طلب الشارع فعله من غير إلزام‪ ،‬بحيث يمدح فاعله ويثاب‪ ،‬وال‬
‫يذم تاركه وال يعاقب‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪4‬دل على‬
‫ويدل على كون الفعل مندوبًا ضيغة الطلب‪ ،‬إذا اقترن بها ما ي‪4‬‬
‫إرادة الندب ال اإللزام‪ ،‬سواء كانت هذه القرينة نصًا أو غيره‪.‬‬

‫فقوله تعالى ‪ (( :‬يأيها الذين ءامنوا إذا تداينهم بدين إلى أجل مس‪44‬مى‬
‫فاكتبوه )) [البقرة ‪ ،] 282 :‬ال يدل هذا الطلب على الحتم واإللزام‪،‬‬
‫بقرينة ما ورد في سياق االية وهو قوله تعالى ‪ (( :‬فإن أمن بعض‪44‬كم‬
‫بعضا فليؤدالذي اؤتمن أمنته )) [البقرة ‪ ،] 283 :‬فهذا النص يدل‬
‫على أن طلب كتابة الدين ‪ :‬إنما يرادبه الندب ال اللزوم ‪ ،‬فهو من قبيل‬
‫‪4‬ذوا‬
‫‪4‬إذا لم يأخ‪4‬‬
‫‪ 4‬به حقوقهم من الضياع ‪ ،‬ف‪4‬‬
‫اإلرشاد للعباد لما يحفظون‬
‫بهذا اإلرشاد تحملوا هم نتيجة إهمالهم‪.‬‬

‫وقوله عليه الصالة والسالم ‪(( :‬يا معشر الشباب ‪ ،‬من استطاع منكم الباءة‬
‫فليتزوج )) ال يدل على وجوب النكاح على كل مكلف ‪ ،‬بقرينة ما ع‪44‬رف‬
‫بالتواتر هن النبي صلى اهلل علية وسلم ‪ :‬أنه لم يلزم كل مكلف بالنكاح ‪،‬‬
‫ولو مع قدرته عليه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪4‬وع‪،‬‬
‫‪4‬تحب‪ ،‬والتط‪4‬‬
‫‪4‬ة‪ ،‬والمس‪4‬‬
‫والمندوب يسمى أيضا ‪ :‬السنة‪ ،‬والنافل‪4‬‬
‫واإلحسان‪ ،‬والفضيلة‪ ،‬وكلها ألفاظ متقاربة المعنى تش‪44‬ير الى مع‪44‬نى‬
‫المندوب ‪ :‬وهو كونه راجع الفعل من غير إلزام‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫والمندوب ليس نوعًا واحدًا ‪ ،‬بل هو على مراتب ‪:‬‬
‫فأعالها ‪ :‬ما واظب عليه النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولم يتركه إال ن‪44‬ادرًا ‪،‬‬
‫‪4‬دة ‪،‬يالم‬
‫‪4‬نة مؤك‪4‬‬
‫‪4‬مى ‪ :‬س‪4‬‬
‫منه ‪ :‬صالة ركعتين قبل فريضة الفجر‪ ،‬فهذه تس‪4‬‬
‫تاركها وال يعاقب ‪ ،‬ومنها إيضًا ‪:‬النكاح في حالة االعتدال بالنس‪44‬بة للق‪44‬ادر‬
‫عليه‪ ،‬واألذان فهو من شعائر اإلسالم المتعلقة بمص‪44‬لحة دينية عام‪44‬ة‪ ،‬فال‬
‫يجوز التهاون به‪.‬‬

‫ويلي هذه المرتبة ‪ ،‬ما يسمى ‪ :‬بالسنة غير مؤكدة ‪ ،‬وهي ال‪44‬تى لم ي‪44‬داوم‬
‫عليها النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬كصالة أربع ركعات قبل الظهر ‪ ،‬وكصدقة‬
‫‪ 4‬إذا لم يكن من يتصدق عليه في حالة االضطرار‬
‫التطوع بالنسبة للقادر عليها‪،‬‬
‫والحاجة الشديدة ‪.‬‬

‫وتلي هذه المرتبة من المندوب ‪ ،‬ما يسمى بالفضيلة واألدب وسنة الزوائ‪44‬د‪،‬‬
‫كاالقتداء بالنبي صلى اهلل عليه وسلم شؤونه االعتيادية ال‪44‬تي ص‪44‬درت منه‬
‫‪4‬داء به عليه الص‪44‬الة‬
‫بصفته إنسانًا‪ ،‬كآداب األكل والشرب والن‪44‬وم ‪ ،‬فاالقت‪4‬‬
‫والسالم في هذه األمور مستحب ‪.‬ولكن تاركها ال يس‪44‬تحق لوم‪44‬ا‪ ،‬وال عتابا‬
‫ألنها ليست من أمور الدين‪ ،‬ولم تجر مجرى العبادات‪ ،‬ولكن مجرى العادات‪.‬‬

‫‪ -3‬الحرام أو محرم‬

‫‪15‬‬
‫الحرام ‪ :‬هو ما طلب الش‪44‬ارع الكف عنه على وجه الحتم واإلل‪44‬زام‪،‬‬
‫فيكون تاركه مأجورا مطيعا‪ ،‬وفاعله آثما عاصيا‪.‬‬

‫ويستفاد التحريم من إستعمال لفظ ي‪44‬دل على التح‪44‬ريم بمادته ‪ :‬كلفظ‬


‫الحرمة‪ ،‬أو نفي الحل‪ ،‬كقول تعالى ‪} :‬حرمت عليكم أمهاتكم{ ]النساء‪:‬‬
‫‪ ،[23‬وقول عليه الصالة والسالم‪(( ،‬ال يحل مال امرئ مسلم إال بطيب‬
‫من نفسه))‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫أو يستفاد التحريم من صيغة النهي المقترنة بما ي‪44‬دل على الحتم‪ ،‬أو‬
‫من ترتيب العقوبة على الفعل‪.‬‬

‫فمن األول ‪ :‬قوله تعالى‪ }:‬فاجتنبوا الرجس من األوثن واجتنبوا قول‬


‫الزور{ ]الحج‪ ،[30:‬وقول تعالى‪ } :‬إنما الخمر والميسر واألنصاب‬
‫واألزلم رجس من عمل الشيطن فاجتنبوه{ ]المائدة‪.[90 :‬‬

‫ومن الثاني ‪ :‬قوله تعالى‪ } :‬والذين يرمون المحص‪44‬نت ثم لم ي‪44‬أتوا بأربعة‬


‫شهدآء فاجلدوهم بثمنين جلدة{ ]النور‪ ،[4 :‬وقوله تعالى‪ }:‬إن الذين يأكلون‬
‫أمول اليتمى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا{ ]النس‪4‬‬
‫‪4‬اء‪:‬‬
‫‪.[10‬‬

‫‪16‬‬
‫أقسام الحرام‪:‬‬
‫‪4‬رار والمفاسد‬
‫‪4‬داء لما فيه من األض‪4‬‬
‫فالمحرم لذاته‪ :‬هو ما حرمه الشارع إبت‪4‬‬
‫الذاتية التي ال تنفك عنه‪ :‬كالزنى‪ ،‬وتزوج المح‪44‬ارم‪ ،‬وأكل الميتة وبيعه‪44‬ا‪،‬‬
‫والسرقة‪ ،‬وقتل النفس بغير الحق‪ ،‬ونحو ذلك مما حرم لذاته وعين‪44‬ه‪ .‬وحكم‬
‫هذا النوع‪ :‬أنه غير مشروع أصال وال يحل للمكلف فعله‪.‬‬
‫ولكن قد يباح بعض أنواع المحرم لذاته عند الض‪44‬رورة لحفظ الض‪44‬روريات‬
‫الخمس‪.‬‬

‫المحرم لغيره‪ :‬وهو ما كان مشروعا في األصل ‪،‬إذ ال ضرر فيه وال مفسدة‪،‬‬
‫أو أن منفعته هي الغالبة ‪،‬ولكنه اق‪44‬ترن بما اقتضى تحري‪44‬ة‪ :‬كالص‪44‬الة في‬
‫األرض المغصوبة‪ ،‬والبيع وقت نداء الجمعة‪ ،‬والنك‪44‬اح المقص‪44‬ود به تحليل‬
‫‪ 4‬والنكاح مع الخطبة على خطبة الغير‪ ،‬والبيوع ال‪44‬تي‬
‫المطلقة ثالث لمطلقها‪،‬‬
‫تقصد بها الربا ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪-4‬المكروه‬
‫المكروه‪ :‬هو ما كان تركه أولى من فعله ‪،‬أو هو ما طلب الش‪44‬ارع من‬
‫المكلف تركه‪ ،‬ال على وجه الحتم واإللزام كما لو كانت الصيغة بنفسها‬
‫دالة على كراهة‪ ،‬أو كانت الصيغة من ص‪44‬يغ النهي‪ ،‬وق‪44‬امت القرينة‬
‫على صرفها من التحريم إلى الكراهة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫فمن األول‪ :‬قوله عليه السالم‪ ((:‬إن اهلل يكره لكم قيل وقال وك**ثرة الس**ؤال‬
‫*‪ ،‬وقوله ص‪44‬لى اهلل عليه وس‪44‬لم‪ (( :‬أبغض الحالل إلى اهلل‬
‫وإضاعة المال))‬
‫الطالق))‪.‬‬
‫ومن الثانية‪ :‬قوله تعالى‪(( :‬يأيها الذين ءامنوا ال تسئلون عن أشياء إلن تبد‬
‫لكم تسؤكم)) المائدة‪ ،101 :‬والقرينة الصارفة عن التحريم إلى الكراهة‪ ،‬ما‬
‫جاء بنفس اآلية وهو قوله تعالى‪ ((:‬وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرءان تبد‬
‫لكم" عفا اهلل عنها" واهلل غفور حليم)) المائدة‪101 :‬‬

‫وحكم المكروه‪ :‬أن فاعله ال يأثم‪ ،‬وإن كان ملوما‪ ،‬وأن تاركه يمدح ويث‪44‬اب‪،‬‬
‫إذا كان تركه هلل‪.‬‬

‫‪-5‬المباح‬
‫المباح ‪ :‬هو ما خيرالشارع المكلف بين فعله وتركه‪ ،‬وال م‪44‬دح وال ذم‬
‫على الفعل والترك‪ ،‬ويقال له ‪ :‬الحالل‪.‬‬
‫وتعرف اإلباحة بأمور‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫أ‪ -‬النص من الشارع بحل الشيء ‪ ،‬مثل قوله تعالى‪( :‬اليوم أحل لكم الطيبت‬
‫وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) (المائدة ‪.)5:‬‬

‫ب‪ -‬النص من الشارع على نفي اإلثم أو الجناح أو الحرج ‪.‬‬


‫‪4‬اد فال إثم عليه )‬
‫‪4‬اغ وال ع‪4‬‬
‫‪4‬ير ب‪4‬‬
‫فمن األول ‪ :‬قوله تعالى ‪ ( :‬فمن اضطر غ‪4‬‬
‫(البقرة ‪) 173 :‬‬

‫ومن الثاني ‪ ( :‬وال جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النس‪44‬اء أو أكنتم‬
‫في أنفسكم ) ( البقرة ‪)235 :‬‬

‫‪4‬رج وال على‬


‫‪4‬رج ح‪4‬‬
‫‪4‬رج وال على األع‪4‬‬
‫ومن الثالث ‪ ( :‬ليس على األعمى ح‪4‬‬
‫المريض حرج وال على أنفسكم أن تأكلوا من بي‪44‬وتكم أو بي‪44‬وت ءاب‪44‬ائكم )‬
‫(النور‪)6 :‬‬

‫ج‪ -‬التعبير بصيغة األمر مع وجود القرينة الصارفة عن الوجوب إلى اإلباحة‬
‫‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪ ( :‬وإذا حللتم فاصطادوا ) ( المائدة ‪) 2 :‬‬
‫‪ ، 4‬اي‪ :‬إذا‬
‫تحللتم من إحرام الحج‪ ،‬فالصيد مباح لكم ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن حكم المباح ‪ :‬أنه ال ثواب فيه وال عقاب‪ ،‬ولكن قد يثاب عليه‬
‫بالنية والقصد‪ ،‬كمن يمارس انواع الرياضة البدنية بنية تقوية جسمة‪ ،‬ليقوى‬
‫على محاربة األعداء ‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like