Professional Documents
Culture Documents
تلخيص ونوس
تلخيص ونوس
تأليفية لسرحية “مغامرة رأس الملوك جابر" لسعد هللا ونوس ( /سماح املجولي ) ورقة
.Iالقضايا
.1القضايا السياسية:
ّ
بالرعية: • عالقة الراعي
ّ
وذلها ّ ّ
رعية يغلب عليها الخوف والجزع،لذلك كان لها استقالل عن عمودية انبنت على استسالم وخنوع الرعية العالقة بين الراعي والرعي عالقة
عامة بغداد “ما لنا نحن وشؤون السيادة” وقولهم “ننزوي في بيوتنا ونتفرج” داللة الشأن السياس ي وعدم الخوض فيه ويظهر ذلك من خالل قول ّ
ينصب جل ّّ ” اهتمامهم في توفير األكل املعيشة واألمان “نشتر خبزنا وننزوي في بيوتنا”،
ّ على االستسالم والهروب والخوف من قطع الرأس إذ
الجالدين وسياطهم ّ ّ ّ يقول الرجل الثالثّ :
املرصعة باملسامير” ويقول الرجل األول ” :ومن جراب الحراس وعيونهم” وتقول “سر األمان تعلمناه من
يهمهم وال يعنيهم “فخار يكسر بعضه”.املرأة الثانية“ :ومن السجون التي ال تنفتح أبوابها إال على الداخل” .فالصراع على السلطة واملنصب ال ّ
الراعي في دور التهميش واإلقصاء لطرف الرعية واالستخفاف بهم في صورة ما إن طرقوا أعينهم إلى الخالف الكامن بين من جهة أخرى يظهر ّ
تلوح لهم بالعصا حتى يمحوا وتبتلعهم بالعامة؟ ال ..هؤالء ال يثيرون ّأي َة مخاوف .يكفي أن ّ
ّ الخليفة والوزير “يقول الوزيرّ :
العامة ! ومن يبالي
ظلمات بيوتهم” عالقة استغالل وإثقال كاهل ّ
الرعية بالضرائب.
ّ
والكاتب من خالل هذا ينقد الهون والجمود الذي وصل إليه املجتمع العربي الذي بقي فيه فيطرح حال بديال لهذه الظاهرة من ضعف العامة
الحل والسبيل للخالص من خالل قول الرجل الرابع“ :ال أستطيع بمفردي أن أصلح ولو إلى أن يجعلوا العمل الجماعي والكلمة الجماعية هي ّ
زاوية صغيرة في غرفة” مثلما كان الحال مع جابر أراد وحده وملفرده أن يصلح ويغير من شأنه إال أن مصيره كان قطع رأسه .ووجب أيضا أن
نتجنب التخويف والترهيب الصادر من السلطة أو من وسائلها،ألن القهر الجماعي ال يولد إال نماذج من املجتمعات الخائفة ،لذلك كان مجتمع
بغداد مجتمعا ّيتصف بالالمباالة شعارها “من يتزوج أمنا نناديه ّ
عم نا” .إنها عالقة قائمة بين مصالح تعلقت بالراعي ال بالرعية قامت على الغدر
ثم غدر بقطع رأسه. ومن ذلك عالقة الوزير بجابر التي قامت على مصلحة ّ
1
توعية املجتمع وإقناع الجماعة بأن الطريق الحقيقي هو الوعي ال التبعية كاألنعام ،ودعاهم إلى عدم الرضا بما يدعو إليه الوزير وبما يحصل
بينه وبين الخليفة من صراع لكن املثقف منفرد الصوت ليس له قوة وال إرادة كافية ليغير الواقع ويجسد موقفه إذ من خالل ذلك يطرح حال
بديال لهذه الظاهرة من ضعف العامة إلى أن يجعلوا العمل الجماعي والكلمة الجماعية هي ّ
الحل والسبيل للخالص من خالل قول الرجل الرابع:
“ال أستطيع بمفردي أن أصلح ولو زاوية صغيرة في غرفة” مثلما كان الحال مع جابر أراد وحده وملفرده أن يصلح ويغير من شأنه إال أن مصيره
كان قطع رأسه .أراد ونوس أن َ
يعلو بالجماعة إلى سماء الفكر والوعي ،إال أن الجماعة لم يستجيبوا وكأنه مجنون أو ساحر يتحدث لغياب الوعي
تسرب هذا الخوف والرهبة إلى نفس املثقف الذي ّ ّ
والذ ّل في وقع نفوسهم وأذهانهم حتى ّ
يجسده من جهة أخرى منصور رمز وسيطرة الخوف
الوعي ّ
املتخفي الخائف .حتى فقد الجماعة الحس الوطني كما هو واقع األمة اليوم كل يوم تنقص تلك النفحات والشعور باالعتزاز الوطني
واإلقليمي.
.4الزمن والتاريخ:
رغم اختالف األزمنة وتباعدها بين القرن السابع للهجرة زمن تدهور الخالفة العباسية والقرن العشرين ميالدي زمن أزمة 1967إال أن سمات
ّ
والر ّقي الحضار ّي
وتذللها وجمودها الفعلي في صنع املجد ّ املجتمعات العربية بين العصرين والزمنين متشابهة ومتماثلة في هوان املجتمعات العربية
الذي توقف ربما في ذلك الزمن األول،فالزمن رغم تباعده إال أنه فقد رمزيته فجعله الكاتب زمنا واحدا نظرا إلى نظرة الزبائن التي تفتقد إلى الوعي
بالتاريخ والزمن فهم ال يطلبون التاريخ لتمكين زمنهم هذا مزيد الفهم والوعي به بقدر ما يطلبون التاريخ لتمضية الزمن الحالي وتقصير الوقت
لطوله إذ يدعو ونوس إلى إعادة قراءة التاريخ والزمن لكونه جملة من النتائج املتولدة عن أسباب قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية،أردا من
خاللها ونوس أن يتجاوز زمن االنحطاط وتاريخ مشين بالهزائم والسقوط إلى تاريخ جديد يبنيه أبناء زمانه ،حتى يقرأ املتلقي الواقع العربي قراءة
موضوعية تبين له أوجه االختالف واالئتالف بيهما ليكون تعليما لألمة العربية وإرشادا لها.
2
والتغيرات التي تطرأ على املجتمعات ،لطاملا كان لها أثر بليغ على نمط العيش وتأثيريها على املجتمع ثقافة وتصورا للحياة،ولم يقتصر ّ إن الظروف
الفن أيضا ،فإن أحداث النكسة لسنة ،1967هذا الحدث السياس ي العربي واإلقليمي قد عرج بالفرد هذا التأثير على املجتمع فقط بل على نمط ّ
ّ
إال ّ
أن وتيرة الصدمة التي عاشها املجتمع العربي بعد نكسة 1967لم تدم طويال بأن صعد واملجتمع العربي الذي شعر في فترة بفقدان قيمته
ّ
التصدي لها عبر النمط املسرحي ليميل إلى الجانب السياس ي أكثر من السابق ،ليتخذ املسرح منعرجا جديدا في جيل واع وناقد حملهم إلى ّ
مضمونه وشكله من الناحية السياسية الن املسرح ال يستطيع أن يدير ظهره بأي شكل ما لألحداث السياسية و يعتبر هذا مظهرا إيجابيا بالتالي
املتفرج إلى مواكبة حركة التاريخ واألحداث حتى يدركّ مجردة عن الواقع ناقدة له متحركة بحركة التاريخ ّ
ألنها بدورها تحمل تكون املسرحية غير ّ
املتفرج الذي بدوره يجب عليه أن ّيتخذ موقفاّ أن كل ما على الركح ومن مضمون املسرحية إنما هو مرآة للواقع ونقال ملا فيه من قضايا ّ
تهم ّ
ّ
ويكون حافزا على التسييس وهذا ما يحيلنا على القول ” :من خصائص مسرح التسييس عند ّونوس أنه يقوم على حوار بين مسرحتين األولى هي
تقدمه جماعة تريد أن تتواصل مع الجمهور وتحاوره .والثانية هي جمهور القاعة الذي تنعكس فيه كل ظواهر الواقع العرض املسرحي الذي ّ
ّ ومشكالته ّ
لكن الفجوة بين الحلم والحقيقة كبيرة إذ تحول بين الحلم وتحقيقه حوائل عديدة منها ما يتعلق بالتقاليد".
والفن” يقول سعد هللا ونوس“ :يتحدد مفهوم التسييس من زاويتين متكاملتين ،األولى فكرية وتعني ّ فهذا املسرح يقوم على قاعدتين هما “الفكر
أننا نطرح املشكلة أما الزاوية الثانية تهتم بالجانب الجمالي”.
تفرج وصلته بالواقع والحضارة ،وبالتالي املسرح وفي هذا نجد أن املسرح عند ونوس هو مسرح واع وناقد من مقاصده االرتفاع والرقي بوعي امل ّ
عرفه ونوس بقوله“ :املسرح الذي يهتم بالسياسة بشكل مباشر ويومي السياس ي ليس غريبا على الفن العربي تحديدا الفن املسرحي الحديث فقد ّ
وبقضية من القضايا” ّ وملموس ومحسوس وبحدث من األحداث،
ّ ّ ّ فهذا ّ
الفن الذي قصد به الكاتب خلق جمالية لم يقتصر التسييس فيه على الجانب املضموني فحسب بل تعداه إلى الجانب الفني الذي يبحث
ّ
القضية وينقلها إلى أرض الواقع ًّ
عمليا. فيه عن املتفرج الذي ّ
يتبنى
.2مسرح التغريب:
هذا املصطلح ا قتنصه سعد هللا ونوس من املسرح البريشتي ،هذا املسرح اليوم يقوم على جعل مسافة بين املتفرج والعرض املسرحي حتى ال
يندمج في املشهد وينصهر في شخصياتها وينفعل معها بل أراده أن يكون محايدا منسلخا عن املشاعر التي تؤثر في العقل من شفقة ورحمة إذ
قصد أن يكون املوقف منبثقا من عقل املتفرج ال موقفا مملى عليه.
وقد استعمل الكاتب وسائل مثل السرد وقطعه بالحديث أو باملوسيقىحتى ال ينصهر مع طول املسرحية قصد التغيير والوعي بما يشاهده فليس
املطالب به هو التطهير األرسطي بقدر ما هو التغيير املطلوب من املتفرج الذي هو جزء من األمة ومن املجتمع فقد كسر سعد هللا ونوس
بالتغريب الجدار الرابع وكسر اإليهام سعيا منه إلى إحياء التغيير والتثوير والتفكير في شخص املتفرج.
ومن الطرق التغريبية ازدواجية الدور عند املمثل لكسر الخط النظمي عند املتفرج ليكون املمثل يؤدي دورين كدور املمثل لشخصية منصور
والرجل الرابع ،وكذلك يظهر التغريب في الجمع بين املاض ي والحاضر ليبين أن العصر القديم هو عصر حديث في مضامينه وما تعتريه من
َ
إشكاليات واقعية كما نجد ونوس قد ْارَتأى له أن يقوم بتبديل الديكور أمام أعين املتفرجين ال وراء الستار ،ألن ونوس لم يعد يهتم بالديكور
كثيرا كما نجد ذلك في املسرح الكالسيس ي الذي يعير اهتماما كبيرا للديكور.
3
سعى سعد هللا ونوس إلى املزج بين مساحتين قصد التقريب بينها إقامة حوار واع وهادف كاسرا لتلك الحواجز املوجودة في املسرح القديم الذي
يقوم بوضع مسافة بين املتفرج واملسرح ف قصد الكاتب بوصل املتفرج باملسرحية مضمونا وشكال من خالل اقتحام املسرحية حياة املتفرج
الواقعية واليومية التي يعيشها بعين ناقدة منيرة تعالج إشكاالت ذلك الواقع املؤسس للكينونة الجماعية واملصير املشترك.
هذا التضمين الذي قصد من خالله الكاتب مخاطبة البشرية فتخلص فيه من الخطاب التقليدي القائم على الوعظ واإلرشاد وبرودة في الخطاب
َ محفز مثير أيقظ الفكر الراكد ّ
إلى خطاب مباشر ّ
ليتخذ موقفا من الواقع واألحداث املحيطة به ال أن يكون جامدا وأن ال يملى عليه املوقف .
ّ ّ يظهر التضمين عبر األدوات والوسائل ّ
الفن ّية التي ركبها الكاتب ليصل بين زمانين ويركب بينهما بين الحاضر واملاض ي ،ليؤكد أن الحاضر هو
نفسه املاض ي مرآة ملجتمع لم يتقدم وعيا وفكرا وذلك عبر التضمين الذي نجده
في تضمين قصة داخل قصة عبر الحكواتي العم مونس الرابط بين األزمنة،فللتضمين أوجه ّأولها تضمين قصة داخل قصة من خالل .1
قصة الزبائن في املقهى كقصة إطار في القرن العشرين وقصة مضمنة وهي قصة اململوك جابر في القرن السابع للهجرة زمن الخالفة
العباسية.
تضمين زمن داخل زمن/املاض ي في الحاضر بين القرن الـسابع للهجرة زمن الخالفة العباسية والقرن العشرين زمن الكتابة وهو زمن .2
السقوط جراء نكبة 1967وسقوط بغداد من جديد سنة ،2003فالتاريخ نفسه
زمن أحداث املسرحية عبر ما نجده من وسائل فنية ومؤشرات عن ذلك (املذياع :السابعة مساء…) من ذلك قول الزبائن“ :كأن الزمان .3
ال راح وال جاء” ويقول أخر معلقا على جابر“ :ابن زمانه” أي هناك صلة ورابطة بين الطرفين ،ونجد أيضا
َ
تماه بين املؤلف والراوي في توجيه الخطاب إلى البشرية كك ّل
عالقة ٍ .4
ّ
متماه بين شخصيات املقهى وشخصيات القرن السابع للهجرة وشخصيات الجمهور املتفرج كلها تشترك في سمات محددة ٍ تضمين .5
ومتبادلة وهي السلبية والخمول والجمود.
)2التناوب بين السرد والحوار:
يظهر التناوب بين خاصيتي ّ
السرد والحوار في مسرحية “رأس اململوك جابر” عبر تداخل السرد والحوار في الخطاب من خالل السرد بما هو
خطاب الحكواتي الذي يختلف طوله بين الطول والقصر وغالبا ما يكون مختزال على لسانه ممهدا للحوار الذي نجده من خالل شخصيات
الركح/املمثلون ويتخلل هذا الحوار التعليقات الصادرة من الزبائن وهذا التناوب بينهما نجده منتشرا على طول املسرحية هذا التناوب الذي
جمع بين فضاءات متعددة بين فضاء الشخصيات املمثلة للحكاية املضمنة (الوزير ومن معه) وفضاء املقهى من حكواتي وزبائن املقهى مع
فضاء ثالث هو فضاء املتفرج الحقيقي وهو خروج عن النمط املسرحي املعتاد التقليدي ينبني على الحوار بين شخصيات املسرحية /املمثلون
ّ
املتفرج وخلق عالقة تفاعل بينهما. وبين
وهذا التناوب أو التداخل بين مساحات خشبة املسرح إنما هو وسيلة تمنع املتفرج من التأثر واالنفعال مع ما يعرض أمامه حتى يكون املتفرج
مستقال بذاته عن املسرحية بينه وبينها مسافة وعي ونقد حتى ال تجعله ينصهر في املسرحية.
)3التناوب بين ّ
الرئي واملحكي:
السرد والحوار في مسرحية “رأس اململوك جابر” في وجود قصتين مضمنتين ،هي قصة الحكواتي والزبائن ،الذي بدوره يسرد يظهر التناوب بين ّ
ّ
قصة اململوك جابر .بالتالي نجد املحكي املتمثل في ركح الحكواتي “عم مؤنس” الركن الثابت أمام الزبائن الذي يسرد القصة ويحكيها ،والركن
ّ
املحكي عبر ركح املمثلين الذين يجسدون الحكاية التي يسردها الحكواتي و ركح الزبائن املتأثرون بالحكاية. املرئي الذي جسد
ّ
املتفرج حتى املتفرج في الحكاية ليكون الخطاب متداخال بين املساحات لتجاوز مساحة الركح إلى مساحة ّ كل ذلك كسر لإليهام والتأثر و انصهار
يتفاعل إيجابا مع املسرحية فكرا عبر توجيه الخطاب املباشر لهم كما هو موجه إلى زبائن املقهى ليتعلموا منه ولتبصير أعين املتفرج ونزع الغشاء
عن الواقع حتى يدرك املتفرج خطورة املرحلة التي يعيشها التي وجب عليه أن يكون متفاعال معها تفاعال إيجابيا ال سلبيا مثلما فعل الحرفاء
جزءا من املسرحية عبر االرتجال والتفاعل لكشف االشكاليات الواقعية واالجتماعية ّ
العباسية .بل أراد ونوس أن يكون املتفرج ً ّ
ورعية الدولة
التي يواجها.
4
االشارات الركحية .IV
تعتبر اإلشارات الركحية عنصرا هاما من عناصر املسرحية من حيث البناء املسرحي إذ ال تقل قيمة عن غيرها من األدوات املسرحية ألنها تكون
ممهدة للسياقات التاريخية ومؤطرة لألمكنة والشخوص ،حتى ّ
يتهيأ املتفرج والسامع الستعاب الحكاية وفهمها.
تسبق اإلشارات السردية الحوار أو تقطعه ونادرا ما تكون بعده تعليقا عليه ،وهي إشارات مؤطرة للركح من حيث تحديد مكوناته وتحديد
الحركات من دخول وخروج وانتقال على خشبة الركح (الخادم يحضر الشاي للعم مؤنس )
• اإلشارات الوصفية:
وهي إشارات تنعى بتحديد مالمح الشخصيات الخارجية من هيئة يقول“ :شاب تجاوز الخامسة والعشرين من عمره معتدل القامة شديد
ّ
داخلية تتمثل في استظهار الردود النفسية (الغضب /الفرح /االندهاش /الخوف ) … /أو وصف املكان من حيث مكونات الحيوية” ،ومالمح
الركح واألثاث والديكور.
وهي ما تنظم الركح عبر انتظام الشخوص على خشبة املسرح واملوسيقى أو صوت الراديو.
لئن كانت العقد في املسرح األرسطي تتمثل في العقدة الواحدة إال أن سعد هللا ونوس قد تجاوز العقدة الواحدة إلى العقدة املتعددة التي تتمثل
في كثرة العقد التي صاغها الكاتب عبر تصعيد الفعل الدرامي ثم اإلسراع بالقدم نحو الذروة وانهيار الفعل ،وكما انبنت على التشويق من خالل
سرد الحكواتي وهي كاآلتي:
• عقدة الوزير :حينما أخرج الرسالة إلى ملك العجم وما يخفيه فيها وتربص الخليفة للقضاء عليه.
5
• عقدة الخليفة :املتمثلة في اإلطاحة بوزيره وكيف يقطع اإلمدادات عليه.
• عقدة جابر :الذي ينتظر املصير املجهول املتمثل في قطع رأسه في عرض إيمائي وعقدة الظفر ّ
بزمرد..
.2النهاية:
وقد أكد ونوس على دور الجماعة في العمل السياس ي إذ ال جدوى من العمل الفردي كمطلب للخالص بعد أن كان جابر آمال مريدا للتحرر من
العبودية بطريقة ال أخالقية من خالل الخيانة مقابل السعادة كان الثمن غاليا بقطع رأسه حيث تجلت النهاية في كونها نهاية مفزعة وتراجيدية
كانت مفاجئة للجمهور وللزبائن وحتى ال يتواصل انصهار الجمهور في الحكاية وفي شخصية اململوك جابر “هذا اململوك شيطان … ابن زمانه”
مما جعلهم ال يقبلون النهاية “إننا ال نقبل ..نهاية غير عادلة” جعل عرض مشهد القطع إيمائيا وجسد رأس جابر املقطوع تتقاذفه الشخوص
ّ
يستفز ونوس الجمهور ليدفعهم إلى إحياء الوعي والفكر األخرى في ما بينها ،مشاهد ال توجد في املسرح األرسطي احترما للمتفرج ،من خاللها
لديهم ،ال أن يصير مصير املجتمع نحو ما ذهب إليه جابر.
ّ
الن ّ
ص السرحي: .3التراث :ودوره في بناء
يعتبر التراث رافدا من الروافد الكتابية والدرامية الهامة التي يستلهمون منها ويقتنصون مواضيع كتاباتهم ،مثلما فعل سعد هللا ونوس في
مسرحية “رأس اململوك جابر” لينهل من التراث العربي مكونات أساسية للمسرحية تتجسد فيها ،وللمحافظ على الهوية العربية للمسرح العربي
وجعله مواكبا للتطورات والتغيرات التي تطرأ على البيئة واملحيط ّ
الدائر بها .ومن ذلك نجد أن الكاتب عاد إلى الحياة اليومية للجتمع العربي من
خالل أطر مكانية ومالمح الشخصية العربية وأبرز استلهامات الكاتب:
• الحكاية:
استلهم الكاتب القصة من الحكايات التاريخية فقد عاد إلى حكاية رأس اململوك جابر زمن الدولة العباسية في القرن السابع للهجرة لتكون
خلفية لبناء الصراع الدرامي وانتقى منه ما رآه يحاكي الواقع ويالمسه من تشابه ليعيد قراءة الواقع املأساوي لألمة في القرن الـعشرين ومما
وصلت إليه من جمود مجتمعاتها .يقول سعد هللا ونوس“ :لم يكن التراث بالنسبة إلي إال وسيلة أو شكال ساعدني على االتصال بصورة أعمق
ّ
فعالية عملي الفني اآلن بالنسبة للحياة بالراهن (…) أناأستعيرالحكاية لكي ّ
أتحدث عن اآلن (…) ال تعنيني إال بمقدارما تستطيع أن تزيد
الراهنة”.
• األمثال :
شعبية في القول (ابعد عن الشر ّ
ّ ّ
العربية مثلّ : ّ
وغن (أما نحن فال ناقة لنا وال جمل) ونقل أمثاال نقل سعد هللا ونوس أمثاال من رصيد الثقافة
له) وكذلك (من يتزوج أمنا نناديه ّ
عمنا) وهي أمثال ال تورث إال الذل والتواكل والهرب من استبدال الحال بأفضل منه وإيجاد البديل .
• األطرالكانية والزمانية:
وظف الكاتب املقهى مكانا لسرد الحكاية إذ لها صدى كبير في وقع الكثير من أفراد املجتمع الشرقي في مصر وسوريا وفلسطين ولها طابع تقليدي
عالوة على األمكنة التاريخية التي ترجع إلى زمن الدولة العباسية بشوارع وقصور بغداد.
6
• الشخصيات:
أسماء الشخصيات (املعتصم باهلل /عم مؤنس /العلقمي) أسماء تاريخية ومتداولة في املجتمع العربي وأهالي بغداد عالوة على سمات الحكواتي
كشخصية شرقية عربية تمثل تراثا عريقا .وربما استلهم الكاتب رمزية الشخصيات وطبيعتها من مجتمع القرن السابع تحديدا أهالي بغداد ملا
َ
فيه من الوهن واالستخفاف وهي صورة أو مرآة للمجتمع املعاصر “يقول الوزير :العامة ! ومن يبالي بالعامة؟ هؤالء ال يثيرون ّأية مخاوف .يكفي
أن ّ
تلوح لهم بالعصا حتى يمحوا وتبتلعهم ظلمات بيوتهم”.
ً
فضاء لطرح القضايا إن العودة إلى التراث عند سعد هللا ونوس ليس استحضارا للهوية العربية وتأصيل املسرح العربي فقط بقدر ما كان
ّ
املتفرج العربي في القرن الـعشرين وربما كانت هذه القضايا ليست حديثة بقدر ما كانت قديمة مما جعل الكاتب ّ
واإلشكاليات التي يعاني منها
يستلهم صورة للعربي الحديث من العربي القديم الشبيه له في هوانه وضعفه وجموده.
عناصرالفرجة: .VI
األثاث ّ
والديكور: .1
• الؤثثات:
كل ما يظهر على الركح من مكونات من األثاث الذي يركب دون أن يسدل الستار تحقيقا لوظيفة التغريب “أثناء كالم الحكواتي يجري تركيب هو ّ
غرفة على املسرح لها باب ونافذة ضيقة جدا النافذة مشبكة بالحديد والباب مغلق يقف عليه حارس” ومن الشواهد أيضا ديوان الوزير
والخليفة وملك العجم “يظهر ديوان امللك منكتم بن داود …وهو فاخر الريش” عالوة على أثاث املقهى “ثمة عدد من الزبائن يتفرقون على املقاعد
املبعثرة … يشربون الشاي … وبينهم يروح الخادم ويجيء حامال صواني الشاي والقهوة”.
• اإلضاءة:
وظفت األضواء إلضفاء جمالية على الركح وملزيد اإلثارة والتأثير مثلما وقع في مشهد حالقة رأس جابر “تسقط حزمة ضوء على رأس جابر فينبثق
القص “يخفت الضوء في القاعة بينما يشتد على الكرس ي الذي يجلس عليه الحكواتي”.ّ منه ملعان” .وعندما قطع الحكواتي
• الوسيقى والغناء:
استلهم سعد هللا ونوس من املسرح البريشتي جمالية املوسيقى خالل العرض وعند قطعه وكانت أغاني كالسيكية في املقهى ومن ذلك غناء
الصبية عند مشهد الحالقة بقولها" :يا معلم الحالقين ..بفن ومهارة خل الرأس يصير مثل خدود العذارى” كما يمكن للموسيقى والغناء أن
تتخلل الحوارات مثل غناء جابر على خبب جواده أو غناء املمثلين والزبائن في آخر املسرحية للجمهور.
• اإليماء:
هي من وسائل املسرح البريشتي وقد أحكم ونوس توظيفها مثل مشهد سقوط بغداد ،أو مشهد قطع رأس “اململوك جابر”.
7
هذه الشخصية عبر اسمهما “العم مؤنس” أنيس الجميع وواضع املتفرج في واقع مثيل له عبر كسر خاطر الزبائن في الحديث عن الظاهر بيبرس
وحرصه على احترام الترتيب الزمني قصد تجذير املتفرج في الواقع الراهن الذي يعيشه عبر صورة شبيهة بهذه املجتمعات الضعيفة في القرن
ّ العشرين هو صورة عتيقة أصيلة تمثلت في السامر والراوي ّ
واملداح فالحكواتي يضطلع بوظائف أ ّ
همها السرد فيسكر بذلك خطية الحديث
بتدخالته وباختصاره الحكاية وجزئياتها مثل قوله “وكان جابر يقطع الفيافي والقفار يتحسس رأسه”.فالحكواتي قالب فني عربي و خرق صارخ
للمسرح األرسطي.
• الملوك جابر:
يعتبر اململوك جابر سليل املسرح البريشتي ال األرسطي فهو ليس بطال من النبالء بل هو مملوك( “كان عند الوزير العبدلي مملوك يقال له جابر
حل ّ
يحل معه اللهو واملجون وكان كأهل بغداد آخر من يعنيه ما يجري بين الخليفة وسيده الوزير” .شهواني ودنيء ولد ذكي وذكاؤه وقاد أينما ّ
ظل ّ
وفيا للمسرح امللحمي وجعله إضافة إلى األخالق “لو أستطيع أن أملس هاتين الشفتين النديتين” ) فلم يستغن ونوس عن البطل امللحمي و ّ
ذلك شخصية هزلية كوميدية ( “يفرك مؤخرته بباطن كفه وكأنه يساط فعال”) مما يجعل شخصيته تستعطف الزبائن في املقهى داللة على
انسياق الزبائن معه وفقدانهم للوعي فالطرفان يشتركان في ظاهرة التغريب.
إن شخصية اململوك جابر طموحة مغامرة تراهن على حلم زائف يقود نفسه إلى الهالك بفقد العقالنية التي يجب أن تكون من سمته وسمة
املجتمع ال النهاية التراجيدية التي وصل إليها لذلك طرح ونوس من خالله ّ
خصيصا مسألة العالقة بين العقل والعاطفة من جملة القضايا التي
أثارها من خالل مسرحية “ أس اململوك جابر” .فلم يكن رمزا للخلل بين العاطفة والعقل فقط بل كان رمز السذاجة والخبث ّ
ألنه بين صفاء ر
نيته وخبثه يريد الوصول ملا يريد دون تفكير فشخصيته جمعت بين كونه مملوكا وغارقا في اللهو إنه مظهر من مظاهر االغتراب.
.VIIIالحوارالسرحي:
ال يمكن القول بأن املسرح يستقيم دون حوار فهذا بديهي .ومن مميزات املسرح عند ونوس أنه متعدد األطراف ويتم بين طبقات مختلفة للمجتمع
بين راع رعية /حاكم ومحكوم ،وكل هذه األطراف تعبر عن قضايا ومواقف متعددة .وقد تراوحت مواضيع الحوار بين ما هو اجتماعي من قضية
الغذاء واألمان وسياسية من سلطة ونفوذ وأخرى نفسية تناول فيها شهوانية جابر والشهرة ّ
وحب الظهور.
8
ال نجد في الحوار تشنجا أو تضادا أو اختالفا فتكون الشخصيات متالئمة مثل حديث الزبائن في أول املسرحية:
زبون :2سيرة الظاهر ،نفد صبرنا ونحن ننتظر.
زبون :1إي وهللا صار أوان سيرة الظاهر بيبرس.
زبون :3يا عيني على ّأيام الظاهر.
• حوارخالفي:
يكون هذا الحوار غير توافقي بين الشخوص ف نجد االنفعاالت النفسية حاضرة ومختلفة وفيها تتقابل الشخصيات من حيث عالقاتها فيما بينها
بقية الزبائن” والحوار الذي دار بين جابر ومنصور ّ
ويجسد الحوار الخالفي خاصة “حوار الزبون الرابع مع ّ لتبرز االختالفات في املواقف واآلراء
وغير ذلك.
ورد الحجاج بين الحجاج التعليمي في الحوار الصادر من الحكواتي املوجه إلى الزبائن لعله يرشدهم ويثير انتباههم ونجد في الحوار الحجاجي
ّ
سجاليا الحوار الجدلي الذي يسعى أحد أطرافه إلى إقناع الطرف اآلخر (الرجل الرابع والبقية /الوزير وعبد اللطيف) أو يكون حوارا حجاجيا
كالحوار الذي وقع بين (جابر ومنصور أو بين الوزير وجابر)
• الحوارالتقريري:
الذي نجده في الحوارات العادية كالحوار السياس ي أو حوار الرجل الرابع وغيره.
• الكشف عن الشخصيات:
من خالل الحوار الحجاجي أو االنفعاالت يظهر املوقف متباينا بين الشخوص وتتبين اآلراء والسلوكيات املتنوعة واملختلفة مثل موقف الزبائن
الذي أظهر الخلفية االجتماعية والثقافية عالوة عن كشف طبيعة العالقات بين الشخصيات كالتقابل بين منصور وجابر أو التقابل بين الرجل
الرابع وبقية الزبائن أو طبيعة العالقة القائمة بين الحاكم واملحكوم كالحوار القائم بين جابر والوزير والحالق :يقول الحالق “سمعا وطاعة”.
هي لغة عربية فصيحة أغلب األحوال إال أنها تتخللها بعض األلفاظ العامية التي تتحرك ضمن مرجعية تراثية فاللغة يجب أن تكون لغة مسرحية
ً
لغة ّ
حية وديناميكية بامتياز فال يمثل ذلك إشكاال بين العامية والفصحى من حيث التوظيف،إذ يرى ونوس أن تكون اللغة الحوارية في النص
قادرة على تطوير الحوار واملواقف التي يقصد من خاللها إيصال املقصد والغاية للجمهور حتى ال يجد الجمهور حاجزا لفهم الواقع ،ولغة املسرح
9
ّ
اللغة الفصحى قد ال ّ
تعبر عن الواقع بقدر كاف في إيصاله للمتفرج في القرن العشرين الذي ّ
ضيع اللغة ترتبط بشكل مباشر بالواقع إذ يرى أن
ّ العربية الفصحى إذ ّ
العي ليس في العربية الفصحى تحديدا وإنما لتباين الفهم بين الجمهور.
10