Professional Documents
Culture Documents
القصّة القصيرة بين - محمود تيمور - و - جي دي موباسان - دراسة مقارنة
القصّة القصيرة بين - محمود تيمور - و - جي دي موباسان - دراسة مقارنة
ّ
القصة القصيرة بين "محمود تيمور" و"جي دي موباسان" دراسة مقارنة
سعاد قمومية
s.guemoumia@univ-chlef.dz
جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف (الجزائر)
ملخص:
بالقصة الغربية وذلك من خالل مبادلة الثقافة بني الشعوب من
ّ القصة العربية تنبعث بشكل عام جراء تأثرها
إن حيثيات ّ
عدة دراسات تناولت اآلداب الغربية يف األدب العريب ومن بني املنظرين
خالل التأثري والتأثر بني خمتلف اآلداب وبذلك ظهرت ّ
هلذا الفن الكاتب املصري "حممود تيمور" والكاتب الفرنسي "جي دي موباسان".
القصصي من موباسان.
وعلى هذا يطرح اإلشكال اآليت :إىل أي مدى استطاع "حممود تيمور" استلهام قواعد البناء ّ
القصة القصرية بني "حممود تيمور" و"جي دي موباسان" دراسة مقارنة ،إىل إجراء
تسعى هذه الورقة البحثية املوسومة بـّ " :
مقارنة بني أقصوصة حممود تيمور املوسومة بـ "اجلنازة احلارة" وأقصوصة جي دي موباسان املوسومة بـ "الشيطان".
الكلمات المفتاحية :حممود تيمور /جي دي موباسان /الشيطان /اجلنازة احلارةّ /
القصة القصرية.
Abstract:
The merits of the Arab story are generally emitted as a result of being affected by the
Western story, through the exchange of culture between peoples through influence and
influence between various literatures. de Maupassant".
"Accordingly, the following problem arises: To what extent was "Mahmoud Taymour
?able to draw inspiration from Maupassant's rules of narrative construction
This research paper, tagged with: " The short story between Mahmoud Taymour and Guy
de Maupassant a comparative study, seeks to make a comparison between Mahmoud
Taymour's story tagged with "The Warm Funeral" and the story of Guy de Maupassant tagged
with "The Devil".
Keywords: Mahmoud Taymour/ Guy de Maupassant/ The Devil/ The Hot Funeral/ Short
Story
435
سعاد قمومية القصة القصيرة بين محمود تيمور وجي دو موباسان – دراسة مقارنة
.1مقدمة:
القصصية إمجاعاً حيال نقاط التشابك والتماثل بني أكثر
ليس من املصادفة أن حتقق بعض األعمال ّ
القصصي دون أن يكون هذا التشابك وليد التقاء وتالقح أفكار وتبادل وجهات
األعمال شهرة يف عامل اإلبداع ّ
نظر واستدعاء ألدوات جديدة يف عمل مغاير يف لغت وأسلوب ،وعلي فقد تقتيي منا ببيعة البحث املقارنة بني
القصصي ونظرت
ّ القصة "موباسان "Maupassantو"تيمور" ،باعتبار أن لكل قاص عامل
علمني من أعالم ّ
لألشياء وبريقة بناء قصص ،وقد وقع االختيار على إجراء مقارنة بني أقصوصتني خمتلفة لقاصني خمتلفني ثقافة
القص العريب ،وهذا ما سنشري إلي من خالل أقصوصة "محمود تيمور"
وهوية لرصد مؤاشرات التأثري الغريب يف ّ
املوسومة "الجنازة الحارة" مقارنة بأقصوصة "جي دي موباسان" "الشيطان " Diableلتبيني أشكال تأثر
"محمود تيمور" بـ"موباسان" الفرنسي وبذلك يصاغ االشكال التايل :أي مدى استطاع "حممود تيمور" استلهام قواعد
القصصي من موباسان؟.
البناء ّ
القصصيين
2عالما محمود تيمور وجي دي موباسان ّ
. 2.2ملخص األقصوصتين
" 2.2.2الشيطان":1
األقصوصة يتح ّدث عن املرأة العجوز اليت كانت يف سن الثانيّة وتسعني من عمرها مسجاة
إ ّن موضوع هذه ّ
على الفراش وهي تعاجل سكرات املوت ،وكان هلا ابن وحيد يدعى "أونور" لكنّ مل يهتم بأم وكان اهتمام الوفري
حبصاد احلنطة رغم مرض أم .
" 2.2.2الجنازة الحارة":2
هي أقصوصة كتبها "محمود تيمور" يف قيية اجلشع والطمع حيث كان "مصطفى حسن" أحد خدم
القصر شديد التقعري على نفس .كان مملوكا للباشا رب القصر ،فقام "مصطفى حسن" حبراسة باب القصر حىت
أصيب بذات الرئة وكان أمل يف الشفاء ضئيال.
وعندما انتشر خرب مرض وأنّ يسلم الروح ،فانقيى اخلدم من كل مكان على تركت ،فحميت معركة حامية
بينهم ،حيث يسعى كل واحد منهم إىل أخذ أقصى ما يستطيع من الرتكة؛ دون رعاية ملوت صديقهم.
. 2.2داللة العنوان:
إ ّن العنوان يف أقصوصة "الجنازة الحارة" لـ "محمود تيمور" ل قراءة مباشرة ،إذ يتحدث عن املوت ولكن
ال يتحدث عن فظاعت ؛ حني يتحول املوت إىل موقف ساخر وحياول الورثة بل ويفلح الورثة يف اقتسام إرث اخلادم
436
الصفحة445-453: املجلد 11عدد ( 2نوفمبر )2221 التعليمية
الذي ورث سيده ،بل يتشاجر خدم القصر على أخذ ممتلكات فيما بينهم من ( لباس وأحذية وحىت الذهب)
وهو حيتير.
وباملقابل فإن يف أقصوصة "الشيطان" يتجسد يف شخصيّة الفالح "أونور بونتام" إذ أخذ يساوم اخلادمة
اليت سرتعى أم احملتيرة ،اليت ستتوىف بعد يومني يف األجرة اليت يدفعها هلا ،فقامرها يف ذلك .يف قول " :امسعي يا
هذه...إين أوثر أن جنعل االتفاق على امل ّدة مجيعا ،ومن حسن حظك أ ّن الطبيب ه ّدد أ ّن الوفاة قد حتصل من
دقيقة ألخرى ،ويف هذه احلالة تكونني أنت الراحبة وأنا اخلاسر ،إ ّن مد اهلل يف أجلها قليال فيكون يل الغنم وعليك
الغرم ..،فاندهشت العجوز من هذا االقرتاح ،السيما ّأّنا مل يسبق هلا قط املقامرة على أرواح العباد".3
إذن فاألقصوصتان حكايتهما مدعاة للسخرية من مواقف الناس ،اجتاه املال وخاصة اإلرث .واألصح أ ّن كال
من "الشيطان" و"الجنازة الحارة" تدوران حول حقارة اإلنسان ،حينما يتملك اجلشع والبخل وحينما يصبح
عبدا للمال آنذاك يفقد إنسانيت حىت أمام املوت.
2.2طريقة رسم وتقديم الشخصيات
وتتكون هبا أحداث لذا
تعترب الشخصية عنصرا مهما يف كل عمل فهي اليت تشكل بتفاعلها مالمح العمل ّ
على الكاتب أن ينتقي شخوص حبكمة ومن هذه الشخصيات نذكر:
2.2.2الشخصية الرئيسية:
تعد الشخصية الرئيسية مدار األحداث ،وهي صاحبة الدور األكرب يف صنع األحداث واالندماج هبا
القصة وشخوصها ،بل
وتطويرها وبذلك "تبدو الشخصية اجلوهرية حمورا تدور من حول وتتبع من داخل أحداث ّ
القصصية املستهدفة".4
القصصي نفس ملتحما هبا بصورة توحد كليهما بغية عرض الفكرة ّ
يبدو الكاتب ّ
القصة ،حيث تعترب جزءاً
من السهل التعرف على الشخصيّة من خالل االجنازات واألحاديث املستوردة يف ّ
القصصي يرتكز على شخصية رئيسية مهيمنة على جمريات األحداث يف كال
مهماً فيها ،وعلي فإن العمل ّ
األقصوصتني.
ّ
يركز "موباسان" يف أقصوصة "الشيطان" من خالل الفالح "أونور" على اجلانب النفسي للفالح ،دون أن
يقدم صورة أو فكرة عن مالحم اجلسدية ،ذلك أن "موباسان" يؤكد على سرائر النفوس وببائعها ،لذلك انصب
اهتمام على اجلانب النفسي لـ"أونور" .ومن بني الصفات اليت متيز "أونور" هي القسوة بل منتهى القسوة ،إذ
يرفض جمالسة أم يف ساعاهتا األخرية قبل املوت حبجة عمل يف الزراعة ويف ذلك يقول" :امسع يا أونور ينبغي لك
فإّنا عرضة للوفاة ،وقد متوت يف أية حلظة.
أال ترتك أمك وحدها على هذه احلالّ ،
437
سعاد قمومية القصة القصيرة بين محمود تيمور وجي دو موباسان – دراسة مقارنة
للقصة ،ففي أقصوصة "الشيطان" لـ "موباسان" جند اخلادمة "الربيب" جتسد الشر يف أشد صورة ّ
قسوة ،إذ تقبل ّ
على تسريع وفاة املرأة احملتيرة من أجل أن تربح الرهان يف قول " :واختفت الربيب فذهبت إىل حجرة أونور
فطفقت تفتش يف خزانة ثياب ،مث ذهبت إىل املطبخ فتناولت حلّة صغرية فلبستها على رأسها ،وهنالك برزت
كأّنا قرون إبليس اللعني حذوك النعل بالنعل ،وتناولت بعد ذلك مكنسة ،وأخذت يد
أرجل احللّة فوق جبهتها ّ
اهلاون فقذفت هبا الوجاء فأحدثت ضجة هائلة لتوهم املرأة املسكينة أ ّن إبليس قد هبط املنزل.
مث ّإّنا ميت إىل حجرة املريية فأمابت ستار الباب ،وظهرت للمرأة احملتيرة على تلك الصورة الشنعاء ،وأقبلت
تصيح وتعول ،وتيج وتولول ،وتنطوي وتنتشر ،وتلتوي وتتمطى ،وهتز رأسها وتلوح بيديها ..،وهنا بار عقل
املرأة احملتيرة وجن جنوّنا ،فبذلت جمهودا هائال للنهوض من فراشها واهلرب.
ولكن ذاك اجملهود كان فوق ما تطيق وتتحمل ،فسقطت على الوسادة جثة هامدة وقد لفظت آخر أنفاسها".7
إّنا تستخدم حكايات الشيطان إلخافة املرأة احملتيرة وتعجيل موهتا رمبا أراد أن يقول "موباسان" بكل
بسابة أ ّن الشيطان يسكنّنا حينما تتخلى اإلنسانية ساعتها جنسد الشيطان يف كل صورة قبيحة ،وبذلك جند
اجلشع هو الذي قتل السيدة "بونتام".
438
الصفحة445-453: املجلد 11عدد ( 2نوفمبر )2221 التعليمية
بينما يف أقصوصة "محمود تيمور" "الجنازة الحارة" تظهر شخصياهتا الثانوية فنجد "البشير أغا" يقدم
"تيمور" يف وصف ساخر إذ يبلغ من اجلشع وحب املال مبلغا فيشرتك يف معركة مع اخلدم ليفوز ّ
بصرة النقود يف
صرة النقود يف خطر فانربى يرسل من حلقة صيحة اإلمرة ،راغبا إىل اجلمع يف أن قول " :ووقع يف روع األغا أ ّن ّ
يك ّفوا عن السلب واالغتصاب ،فلم يعره أحد من الرفاق جانب انتباه ...وهل أبقت الفريسة هلذه الذئاب اجلياع
الرفاق يف شغل مبا بني أيديهم من غنيمة مستباحة من ظَِفَر منها بشيء فهو ل متاع.
مسعا يعي؟ لقد كان ّ
وجن جنون األغا فلم جيد مندوحة عن األقدام واالقتحام.
فهجم مستبسال مستيئسا خيوض املعركة بكل ما وهبت الطبيعة من جوارح تارة يزحم مب ِ
نكبي ،وبورا يدفع
بساعدي ،ومرة يكسح برجلي ،حىت إنّ مل ي ِ
عف أسنان من أداء واجبها يف هذا العراك.ُ
يش َّق بريق إىل اخلزانة فلما اقرتب منها ترامى عليها جبسمان اليخم ،حيجبها عن وتاح ل هبذه الوسائل أن ُ
يدسها يف جيب ،
اجلمع ،وشرع يُعمل أصابع يف جنباهتا يَنبُش ويتف ّقد ،فلما عثر على ضالّت املنشودة ،أسرع إليها ُّ
وّنض عن اخلزانة وقد خ ّفت ج ّدت ،وبطلت صولت ،وانصرف ميُ ُّ
ط شفتي للرفاق ،وينعى عليهم ما ببعت علي
نفوسهم من ضعف الوفاء ،وقلّة املروعة ،وسوء األخالق".8
فشخصية "البشير أغا" متثل الزيف الذي ميثل اجملتمع إذ كان يتظاهر باحلزن لوفاة "مصطفى حسن" يف
تفصد من عرق وحياول أن ييبط أنفاس املكروبة .مث قال حزين اللهجة ،ناكس الرأس:
قول " :فأخذ جي ّفف ما ّ
أبقى اهلل حياة مواليت".9
ميثل هذا املشهد قمة الزيف والنفاق االجتماعي ،لتصل إىل درجة عدم احرتام املوتى .منوذج اجلشع ميثلهم
اخلدم كلهم إذ يتنازع على تركة امليت.
فمن خالل هذه الشخصيات عند كال األقصوصتني تبدو لنا الصراعات أعمق عند بطل "موباسان" حني
يتساءل عن صحت العقلية ،وهل هناك من يقامسون على هذا الكوكب ،بينما هناك الكثري من التساؤل عند بطل
"تيمور" ال نشعر في إال بسطحية الشخصية.
القصصي:
.2.2رسم الفضاء ّ
يعترب املكان مكونا أساسيا يش ّكل عنصرا مهما يف البناء وهو أييا جمموعة من العالقات والرؤيات ووجهات
النظر اليت تنسجم وترتابط فيما بينها.10
439
سعاد قمومية القصة القصيرة بين محمود تيمور وجي دو موباسان – دراسة مقارنة
مل يعط "موباسان" الكثري من مالمح األمكنة إال القليل ،ذلك يف مساحة الوصف يف ّ
القصة ،يكون مركزا
لذلك نلمح بعض إشارات لألماكن حجرة السيدة "بونتام" وحقل أونور.
بينما يف أقصوصة "تيمور" "الجنازة الحارة" تدور أحداثها يف القصر يف قول " :وما كاد الطبيب يبارح الدار،
حىت سارع بشري أغا إىل الطبقة العليا من القصر".12
والقصر يدل على الثروة واجلاه فهناك اخلدم يف قول " :واستدار األغا يزحم الباب ِجبرم اليخم ،ودخل يقفو
أثره بعض ُخ ّدام القصر وحاشيت ".13
القصة املقربة موكب اجلنازة وكأن عرس يعكس النفاق فإذا كانت كل األحداث يف القصر فإن ّناية ّ
االجتماعي ،حني لبس اخلدم مقتنيات وأرادوا تكرمي هبذا الفعل الدينء يف قول " :ويف أصيل ذلك اليوم خرجت من
باب القصر جنازة مصطفى حسن مكتملة عالئم األ َُّهبةُ ،مشعَِرةً بعظيم اإلعزاز ،يتقدمها ََحَلة القماقم واملباخر،
املزخَرفة ،وهو يتمايل علىَّعش ُجتَلَّلُ ُ املطارف ْ
صفَّان من اجلند ...ومن خلفهم النـ ْ وهم رتَل يف ِمسْطَ ْ ِ
ني كأّنما َ ٌَ
األكتاف ،كأن يتخطَّر يف ُخيَالء...ومن حول ّ
القراء تنطلق من حناجرهم األدعية والصلوات ،كأّنم يَـ ُزفُّون الر َ
احل
مقرِه األخري".14
إىل َّ
فإذا كان القصر يدل على الرفاهية فإن "مصطفى حسن" عاش فقريا لتمسك بالبخل وبذلك عاشت مدام
ألّنا خبيلة؛ وبذلك نستطيع القول أ ّن "تيمور" ال يركز على املكان إّمنا يقدم جزافا.
"بونتام" فقرية ّ
.2.2اللحظة الزمنية الحاسمة:
يقتيي احلديث عن عنصر املكان اإلشارة إىل فياء الزمان؛ ألن كل واحد فيهما يكمل اآلخر ،فهما
الزمن عنصرا هاما من العناصر
القصة وبذلك يعترب " ّ
عنصران يتداخالن تداخال مباشرا يف أحداث وشخصيات ّ
القصة القصرية والتمييز بينها وبني أجناس أدبيّة أخرى تقع على حدودها أو تتوازى
اليت تدخل يف حتديد مفهوم ّ
أو تتقابل معها".15
هناك بعض قرائن الزمن يف أقصوصة "الشيطان" وهو شهر يوليو يف قول " :ومن خالل النافذة والباب
املفتوح كانت أشعة مشس يوليو تتدفق وتنهمر ،ورائحة احلشيش الدافئ والربسيم احملرتف يف الشمس تفد على
أجنحة النسيم العليل ،وكنت تسمع دوى النحل وبنني اليعاسيب وصرير الفراش والصراصري".16
440
الصفحة445-453: املجلد 11عدد ( 2نوفمبر )2221 التعليمية
بينما يف أقصوصة "الجنازة الحارة" نالحظ فيها قرائن الزمن قليلة إذ ترتبط بزمنني زمن االحتيار إذ يرتقب
اجلميع وفاة مصطفى حسن يف قول " :وسرعان ما علمت حاشية القصر بنبإ املريض الذي يسلم الروح...فتقابر
اخلدم واحلشم من خمتلف األرجاء يتبيّنون جليّة اخلرب ،فاعرتضهم بشري أغا راصدا للباب ،ييرب بعصاه األرض،
إرهابا ملن حت ّدث نفس باالقرتاب".17
وزمن الوفاة وما يعقب من أحداث ويوم اجلنازة يف قول " :ويف أصيل ذلك اليوم خرجت من باب القصر
جنازة مصطفى حسن مكتملة عالئم األ َُّهبةُ ،مشعَِرًة بعظيم اإلعزاز ،يتقدمها ََحَلة القماقم واملباخر ،وهم َرتَ ٌل يف
املزخَرفة ،وهو يتمايل على األكتاف ،كأن صفَّان من اجلند ...ومن خلفهم النـ َّْعش ُجتَلَّلُ ُ املطارف ْ ِمسْطَ ْ ِ
ني كأّنما َ
مقرهِ
يتخطَّر يف ُخيَالء...ومن حول ّ
القراء تنطلق من حناجرهم األدعية والصلوات ،كأّنم يَـ ُزفُّون الر َ
احل إىل َّ
األخري".18
ومما ميكن قول إن تشييع جنازة "مصطفى حسن" تعد النهاية املتوقعة ّ
للقصة ولكنها تعرب عن اّنيار القيم
اإلنسانية وزيفها أمام املوت.
القصصي:
.2.2البناء الفني للحدث ّ
القصة القصرية باعتبارها املادة اليت تغذي أشكال الصراع
يعد احلدث من أهم العناصر الفنية املشكلة لبنية ّ
حيتلقها املؤلف من حمض خيال أو مما وقع على ذلك املؤلف يف احلياة ،فاحلدث هو "اقرتان فعل بزمن ،وهو الزم
القصة ألّنا تقوم إال ب ،ويستطيع القاص إذا أراد أن يكتفي بعرض احلدث نفس دون مق ّدمات أو نتائج كما
يف ّ
القصة الطويلة أو الرواية".19
القصة القصرية ،أو يعرض هذا احلدث متطورا مفصال مثال يف ّ
يف ّ
القصصي يف األقصوصة يرتكز على بداية ووسط وّناية حيث نالحظ يف أقصوصة "الشيطان"
إ ّن احلدث ّ
أّنا تعطينا انطباع لبداية احلدث فتقوم على اإلرهاص يف وصف املرأة احملتيرة وحتديد عمرها فذكر ذلك يف املقطع
التايل" :وقف الرجل الفالح أمام الطبيب ،وإىل جانب فراش املرأة احملتيرة اليت كانت عجوزا متهدمة حمطمة،
ولكنها هادئة مستسلمة للقاء حتفها تصغي إىل حديث الرجلني وكانت يف الثانية والتسعني من عمرها".20
441
سعاد قمومية القصة القصيرة بين محمود تيمور وجي دو موباسان – دراسة مقارنة
خاتمة:
القصة القصرية توصلنا إىل جمموعة من
عرب املقارنة اليت عقدناها بني "موباسان" و"حممود تيمور يف جمال ّ
النتائج أمهها:
القصة القصرية (العنوان،
قصص حممود تيمور وغي دي موباسان على أساس عناصر ّ -إن املقارنة بني ّ
القصصي) .حيث يتعدى تأثري غي دي موباسان يف تيمور التقليد
الشخصيات ،الزمن ،املكان ،البناء ّ
القصة املصرية ،إذ استلهم شخصيات من اجملتمع املصري
واالقتباس .فلقد وضع تيمور بصمت على ّ
األصيل وعادات وتقاليده ،حىت أننا جند تفوق تيمور على موباسان يف كثري من األوقات نذكر منها:
-تفوق تيمور عن موباسان يف أقصوصة اجلنازة احلارة وذلك يف رسم الشخصيات حيث أنّ أبدع يف
وصف املشهد من خالل السخرية واملعركة مما جيعل القارئ باإلعجاب بسالسة السرد وبسابت .
قصص "حممود تيمور" النابعة من اجملتمع املصري ،سواءاً يف املدينة أو الريف إىل انتقاء بعض
-هتدف ّ
الظواهر اإلنسانية الدخيلة على اجملتمع املصري استغالل الدين للمصلحة الشخصية (مكتوب على
اجلبني ،اجلنازة احلارة).
تتيمن تلخيصا ملا ورد يف ميمون البحث ،مع اإلشارة إىل أبرز النتائج املتوصل اليها ،وتقدمي اقرتاحات
وتوصيات.
الهوامش:
-2حممود تيمور :اجلنازة احلارة ،مج :شباب وغانيات وأقاصيص أخرى ،دار إحياء الكتب العربية ،ط ،5515 ،5ص .551
-3جي دي موباسان :الشيطان ،املصدر السابق ،ص .01
4
القصصية بني املاهية وتقنيات االبداع ،جملة علمية حمكمة تصدر عن األكادميية األمريكية العربية والتكنولوجيا،
صالح أَحد الدوش :الشخصية ّ
أماراباك ،اجمللد ،0العدد ،0158 ،01ص.500
-5جي دي موباسان :الشيطان ،املصدر السابق ،ص .86
6
القصصية بني املاهية وتقنيات اإلبداع ،املرجع السابق ،ص.506
-صالح أَحد الدوش :الشخصية ّ
- 7جي دي موباسان :الشيطان ،املصدر السابق ،ص .00
-8حممود تيمور :اجلنازة احلارة ،املصدر السابق ،ص .010
-9املصدر نفس ،ص .558
-10ينظر :آسيا قرين :تقنيات السرد يف رواية جنيب حمفوظ "القاهرة اجلديدة" دراسة بنيوية تطبيقية ،دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع ،ط،0151
ص.15
442
الصفحة445-453: املجلد 11عدد ( 2نوفمبر )2221 التعليمية
443