Professional Documents
Culture Documents
DDS 2013
PROF DR AB AZIZ BIN MOHD ZIN
أوال :التعارف على السرية التحليلية
)1مفهوم السرية التحليلية
.1مفهوم السرية النبوية
ٱللُ َعلَْي ِه
صلَّى يٰ ِ
َّب
ِ ن ال ِهي ََْمموعةُ األَخبا ِر الَِِّت تُروى عن ح ِ
ياة
ي َ َْ َ ْ َ َ َْ َ
الدتِِه َو َح ََّّت َوفَاتِِه ،فَ ِه َي تَ ْش ُم ُلَ نَ َسبَهَُ ،وِوالَ َدتَهُ،
وسلَّ َم ُمْن ُذ ِو َ
َهَُ ،وَوفَاتَ ُه ر م و ، ُ اد ه ِ ونَ ْشأتَه ،وبِعث ته ،وأَخالقَه ،ومع ِِجَاتِه ،وِ
َ ُ َ ْ ََ ُ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ
.2مفهوم السرية التحليلية
ت إِلَْينا ل
َ ص و دْ ق
َ ف
َ ،لٍ س ر م ب
ِ ِن ِ
ل ٍ
ةري س ِ ح ِ َص أ ا َّ
َّن َ
أ : ال
ا َو
َّ أ
ََ ْ َ ي ُْ َ َ َ
َّ ِ
وًتِ ،ما ال يََّْتُ ُك ََما ًال بُث اها
و ق
ْ َ
أو ِ
ة ي
َّ ِ
م ل
ْ ِ
الع ِ
مر ِ
ط ال ح
ِ ص َ ِ
اب
ًً َ َي ُ
ِ ِ
َح َداثها ال ُك َْبىأ
و هاِ
ع ِ
قاءو ِ
ِف لِلش ِ
َّك
َ ْ َ
احلِها
َجي ِع مر ِ
ْ ََ
اثنِّيا :أَ ََّّنا و ِ
اَحةٌ ِِف َِ
َ َ
َاثلِّثاا :أَ ََّّنا ََلْ ُُتْ ِر ِْهُ َع ْن بَ َش ِريَّتِ ِه ،بَ ْل ُُتَ يِدثُنَا َع ْن ِس َريِة
ٱللُ ِاب يِلر َسالَِة
ان أَ ْكَرَمهُ يٰ إِنْس ٍ
َ
رابِّ اعا :أَ ََّّنا َش ِاملَةٌ لِ ُك ِيل النَّوا ِحي اإلنْسانِيَّ ِة
• ليس بْي أشباُ اجلَر شبه َِيرة ،تنيف على شبه َِيرة العرب
ِ
وِدت اليهوديةُ طريقها إىل اجلَيرة العربية ،فقد انتشرت ِف
اليمن ،وكان من طغيان اليهود فيها ،أَّنم أوقعوا ابلنصارى هناك
عام ( 523م) أبن حفروا هلم أخدوداً ،ألقوا فيه آالفا من
النصارى مث حرقوهم.
أما النصرانية ،فقد وِدت هي األخرى طريقاً إىل اجلَيرة العربية ،وإن
ترَّكَ وِودها على األطراف الشمالية واجلنوبية بْي قباِل وبطون من َتيم
وربيعة وطيِيئ ومذحج وتنوخ وغسان وخلم ،أما ِف قلب اجلَيرة ومدَّنا
الرِيسة كمكة واملدينة والطاِف ،فإن النصرانية َل تدخلها اال أبفراد
قالِل.
مهماً ِف التمهيد لقبول اإلسالم ،وهتيئة
إن هاتْي الداينتْي لعبتا دوراً ي
األذهان والنفوس من أِل ذلك ،فما زال املسافرون إىل الشام ميرون
وِف الصطالح فإن احلنيفية تعين :ترك عبادة األصنام ،واألخذ ِبا تبقى من
داينة إبراهيم عليه السالم.
جلاهلِيَّ ِة،
عات الَِِّت سب َقت ظُهور اإلسالم ِاب ِ
ََ ْ ُ
ولََق ْد وصف ال ُقرآ ُن ال َك ِرمي األُمم واملِجتَم ِ
ُ ََ َ ُْ َ َ ََ َ ْ
ِ الذ ِميم ِةَ ،كعِباد ِ ِ ك التيِصافِ ِهم بِ َكثِ ٍري ِ و َذلِ
ك، األحِجا ِر والنَّا ِر َو َغ ِْري َذل َ َ ْ ة َ َّ العادات ن
َ م َ َ
السح ِر ،والتَّ ْن ِِجي ِم ،ووأْ ِد الب ِ
نات َخ ْشيَةَ ال َف ْق ِر، لكهانَِة ،و ِ االعتِقا ِد ِاب ِ
َ َ يْ و ْ
ضَرَم ْو ِت
وح ْ ِ
ن مالي
و ام اف اجل َِيرِة العربِيَّ ِة وخا ِرِهاكالش ِ
َّام والعِر ِ َ رط
ْ أ ا
و ن ك
َ س ين (1العرب الَّ ِ
ذ
ََ َ َ َ ََ َ َ ُ ََ ُ َ َ
القسم ِمن العر ِب َُتت نُ ُف ِ
وذ اخلارِية. وَش ِال إفْ ِري ْقي ِة ،وكان هذا ِومصر َ
َ ْ ْ ُ َ ََ َ
وك ميَْنَ عُو َن ومةَ تُنَ ِظي ُم ُهم ،وال ُملُ َ كُ ح ال ، ال
ً ح
َّ ر ا
و د
ْ ب ا
و ُنكا ف
َ اجلاهلِيَّ ِ
ة َّ (2أما عرب احلِِجا ِز ِف ِ
ُ َ ًَُ ََ ُ
ضَ ،و َّإَناكانُوا قَباِِ َل ََْت َمعُ ُهم اربِطَةُ الدَِّم ،وألفْر ِادها َح ِق الت ََّمت ِ ِعض ُهم َعلَى بَ ْع ٍ ع ب ي دتَع يِ
َ َْ ُ
وعلَْيها ال يِدفاعُ َعْن ُهم ،واملطالَبَةُ بِ ِدماِِ ِهم،
َ َ ها، ِِِبمايتِ
ُ
وعلَى ،ة
ٌ ع الحيَّات و ِ
اس السياد ِة فِيها ،ولَه وظاِِف وص ِ صاحب ِوكا َن لِ ُك ِل قَبِيلَ ٍة َشي ٌخ ،هو ِ
ٌ َ َ ََُ ُ َ َ ُ ي َ ْ َُ ي َ
اف
أعر ٌ ٍ
ة ل
َ يِ
بق
َ لِ ك
ُ أفْر ِاد قَبِيلَتِ ِه طاعته واخلضوع لَه ،وغالِبا ما َُيْتار شيخ ال َقبِيلَ ِة لِنسبِ ِه ،ولِ
ْ ََ َ ي ُ َْ ُ َُ ُ ُ ُ ُ ُ َ ً
ْي أفْر ِادها. ب أو ها، ِ
ري غ
َ ع م ل ص ُت
ْ َ ِ
ِتَّ
ل ا ِ
ل وتَقالِي ٌد تَرِِع إلَيها ِف ح ِل النِيَاعات واملشاكِ
َْ َ ُ ُ ََ ْ َ َي ْ ُ
)6طبيعة اجلَيرة وأهلها
وقد تغلبت الصح اروية على شبه اجلَيرة ،وظهر اجلفاف عليه لعوامل طبيعية
وحوادث ِيلوِية ،وبسبب املوقع اجلغراىف ،فكان ذلككله سببا ىف قلة نفوس
َِيرة العرب ىف املاَى وىف احلاَر( ،راِع اىل احملاَرة قبل)
اثلثا و رابعا :كالهريان دان كهيدوفن سبلوم كنابني
(من الوالدة واحلياة اىل البعثة)
ِ
َوهذا ال َق ْد ُر ُه َو املتَّ َف ُق َعلَْي ِه ِم ْن نَ َسبِ ِه صلى ٱ ٰيلل عليه وسلمَ ،وَما فَ ْو َم َذل َ َ ُ ْ َ ٌ
ف ل
َ تخ مف ك
ُ
يل ب ِن إبْر ِاه َيم َعلَْي ِهما َّ
السالم. أن ع ْدان َن ِمن ولَ ِد إِ ْمس ِ
اع َّ ِ َّ ِ
يهِ
َ َْ َ َ الف خ ال ف َْ ُ
ه ن أ ري غ
َ ،
بن لَُؤ يِ
ي ب ب بن منَ ٍ
اف بن زهرَة ابن كِ ٍ
الب بن ُمَّرَة بن َك ْع ٍ ٍ ه و ت ن
ِْب ة
ُ ن
َ وأ ََّما نَسبه ِمن ِِه ِة أ ُِم ِه فَ ِهي ِ
آم
ُ ُ ُ ُ َ ُ َُ ْ َُ َ َُُ ْ َ ي َ
َّض ِر. نال بن ٍ
ك ب بن فِه ٍر بن ماَلِ ٍ ِ
ُ ْ بن غال ُ ْ ُ ُ
ٱلل عليه وسلم سنواته اخلمس الرسول صلى ٰي وِف مضارب بين سعد عاش َّ
حمل اهتمام اجلميع ،فقد
الصبيان ،وكان الصب َّ األوىل ،نشأ بْي َمموعة من ي
حَّت انتبه القوم إىل ذلك ،فكانوا يرعون غنمهم ،حيث ابنت الَبكة ِف املكانَّ ،
نتعرف من هللا الَايدة حَّت
يكون هو مع غنيماته ،حَّت قالت حليمة َ :ل نَل َّ
يشب شباابً يشب ِه الغلمان ..
مضت سنتاُ ،وفصلته ،وكان ِ
ٱلل عليه وسلم عن كثَ ٍ
ب ،ترصد له كانت األقدار ترقب حممداً صلى ٰي
املصيبات الواحدة بعد األخرى ،فهذا الغالم الذي ولد يتيماً حمروماً من حنان
األب ورعايته ،شاءت األقدار أن توقع أمرها على ِيأمه ِف هذُ املرة.
األم رغبتها ِف زايرة فبعد عام من عودته من مضارب بين سعدِ ،
أبدت ِ َ
أخوال ِ يِد حممد صلى يٰ
ٱلل عليه وسلم بين النِجار ِف يثرب ،وزايرة قَب زوِها
أيضاً ،فتمت الَايرة ،وِف طريق العودة َّ
اشتد هبا املرض ،فتوفيت ،وقد بلغت من
العمر ( )30سنة ،وكان الغالم يقارب السادسة من عمرُ فدخل ىف كفالة ِدُ
عبد املطلب وكان شيخايكبرياً،
)4حكمة ديديقكن يف بين سعد :
بَ ،وكا َن َُْينُو ٱلل عليه وسلم َك ِفلَهُ َِد ُُِ َعْب ُد املطَّلِ ِ بَ ْع َد َوفَ ِاة أ ِيُم ِه صلى يٰ
ُ
الذكاءَ ،وُْجيلِسهُ َعلَى الد ُِ ،لِما رأى فِ ِيه ِمن النَِّجابَِة و َّ
َ َ َ
علَي ِه وي ؤِرثُه علَى أو ِ
َ ْ َ ُْ ُ َ ْ
فَر ِاش ِه ُدو َن بَنِ ِيهَ ،ويَ ُقول َ " :دعُوا ابِْين ،فوهللا َّ
إن لَهُ لَ َشأْانً"َ ،ولَ َّما َأَتَّ صلى
ب.ات تُوِيِف َِ ِدُُ َعْب ُد املطَّلِ ِ
ٱلل عليه وسلم َمث ِاِ سنَو ٍ
َ ٰ
ي
ُ َ ُ
ك:يست َفاد ِمن َذلِ
ُ َْ ُ ْ َ
ٱلل عليه وسلم اثْنَ َ َّْت َع َشَرَة َسنَة سافَ َر َم َع َع ِيم ِه أِب َولَ يما بَلَغ ُحمَ َّم ٌد صلى ٰي
بصَرىَ ،م ِروا ِف إىل او ل ص و ام
َ َ َّ َ َ ُلو ، ِ
َّام
الش إىل ٍ
ش ير ُق ِ
سادات ضِ ع بو ٍ
ب ِ
طال
ْ َ ْ َ ْ َ َ
ف ر ع م آه ر ا م َل ف ،ِ
ة يِان
ُ ْ َ َ َ َ َ ً ْ َّ َ َّ َ ُ ْ ََ َر َّص ن ابل ا مِ
ال ع ن كا و ا
ريِب ى ع دي ٍ
ب ِ
اهر لى ع م ِ
ه ِ
يق ِ
ر َط
َ َ ْ
اإلُيل ،فَ َخَر َج َعلَى ص َفتِ ِه َكما ِهي ِف ِ ٱلل عليه وسلم بِ ِ ول هللا صلى ٰ َ س ر
َ ي ُ َ
ك ،فَأَ ْكَرَم ُه ْمَ ،و َِ َع َل يَتَأََّم ُل َغ ِري عادتِِه ،إ ْذ كان ال ََيْرج إلَي ِهم قَبل َذلِ
ُُ ْ ْ ْ َ َ ْ ََ
ٱلل عليه وسلم َويُ َكلِي َمهُ ، ول هللا صلى ٰي َر ُس َ
يكم؟ قَ َال :ابْين – َوكا َن ف : قال ٍ ِ ِ
ْ الم
ُ الغ
ُ هذا ما َ وَ ب طال أِب ت َإىلُمثَّ الْتَ َف َ
قال َِبريا :ما ُه َوَّة َحمَبَّتِ ِه لَهُ َو َعطْ ِف ِه َعلَْي ِه – فَ َ
ب ي ْدعوُ ِاببنِ ِه لِ ِشد ِ
َ ُُ ْ ٍ أبو طالِ
قال :هو إبن ِ
أخي ،قَ َال َ ف
َ . ا
ً يح وُ أب نَ كو ي ن
ْ أ ي ِ
غ ب ن
ْ ي ماو ك ِ
ن ب ِ
اب
َُ ْ ُ َ ُُ َ ْ َ ََ
قال َ :هذا ٱلل عليه وسلم َو َ ول هللا صلى يٰ أخ َذ َِبريا بِيَ ِد َر ُس َ ص َدقْتُ ،مثَّ َ َ
ب َ :وما قال أبو طالِ ٍ َسيِي ُد العالَمْي ،هذا يَْب َعثُهُ هللا َر ْْحَةً لِْلعالَ ِمْي ،فَ َ
ب أن يَ ْرِِ َع بِِه، فقال :إ يان َُِ ُدُُ ِف ُكتُبِنا ،و َأمر أاب طالِ ٍ
َ َ َ ك؟ ِع ْلمك بِ َذلِ
َُ
ود فَر َِ َع بِِه أبُو طالِ ٍ
ب َإىل َم َّكةَ. ه الي وأن َُي َذر علَي ِ
ه
َ ْ َ َ ْ َُ َ َ
( 6بشارات األنبياء مبحمد صلى ه
ٱّلل عليه وسلم
شاءت حكمة هللا تعاىل أن يعد الناس الستقبال نبوة حممد صلى ٰي
ٱلل
عليه وسلم أبمور منها :
دعا إبراهيم عليه السالم ربه أن يبعثه ِف العرب رسوالً منهم ،فأرسل
حممدا إِابة لدعوته ،قال تعاىل:
]
الصف :اآلية[6
َّ
َجيع األنبياء ببعثه ،وأمرهم بتبليغ أتباعهم
َ تعاىل هللا أعلم
و
بوِوب اإلميان به ،واتيِباعه إن هم أدركوُ ،كما قال تعاىل :
فقد ِاء ِف إُِيل (براناب) العبارات املصرحة ابسم النب حممد صلى يٰ
ٱلل
عليه وسلم مثل ما ِاء ِف اإلصحاح احلادي واألربعْي منه ،ونص
العبارة 29(( :فاحتِجب هللا وطردمها املالك ميخاءيل من الفردوس 30
فلما التفت آدم رأى مكتواب فوم الباب :ال إله إال هللا حممد رسول
يٰ
ٱلل)).
بشارات علماء أهل الكتاب بنبوته :
أخَب سلمان الفارسي رَي هللا عنه ِف قصه إسالمه املشهورة ،عن راهب
عمورية حْي حضرته املنية ،قال لسلمان (( :إِنه قد أظل زمان نب مبعوث بدين
إبراهيمَ ،يرج أبرض العرب ،مهاِرُ إىل أرض بْي َحَّرتْي بينهما خنل ،به عالمات
ال ُتفىَ ،يكل اهلدية ،وال َيكل الصدقة ،بْيكتفيه خاَت النبوة ،فإن استطعت أن
تلحق بتلك البالد فافعل)).
قص سلمان خَب قدومه إىل املدينة واسَّتقاقه ،ولقاِه برسول هللا صلى ٰي
ٱلل مث ي
عليه وسلم حْي اهلِجرة ،وإهداِه له طعاماً على أنه صدقة ،فلم َيكل منه الرسول،
مث إهداِه له طعاماً على أنه هدية ،وأكله منه ،مث رؤيته خاَت النبوة بْي كتفيه،
وإسالمه على أثر ذلك.
ومن ذلك إخبار أحبار اليهود ورِاالهتا بقرب مبعثه عليه الصالة والسالم،
ومن ذلك قصه أِب التيهان الذي خرج من بالد الشام ،ونَل ِف بين قريظة
مث توِف قبل البعثة النبوية بسنتْي ،فإنه ملا حضرته الوفاة قال لبين قريظة :اي
معشر يهود ،ما ترونه أخرِين من أرض اخلَ ْمر واخلَمري – الشام – إِىل
أرض البؤس واجلوع – يعين :احلِجاز-؟ قالوا :أنت أعلم ،قال :إِِ
ف-أنتظر-خروج نب قد َّ
أظل زمانه ،وكنت أرِو قدمت هذُ البلدة أتوَّك ُ
أن يبعث فأتبعه.
وقد شاع حديث ذلك ،وانتشر بْي اليهود وغريهم ،حَّت بلغ درِة القطع
عندهم ،وبناء عليهكان اليهود يقولون ألهل املدينة املنورة :إِنه قد تقارب زمان
عاد وإرم ،وكان ذلك احلديث سبباً ِف إِسالم نب ي بعث اآلن ،نقتلكم معه قتل ٍ
ُْ
من األنصار ،وقد قالوا (( :إِن ِما دعاان إِىل اإلسالم ،مع رْحة هللا تعاىل وهداُ،
ملا كنا نسمع من رِال اليهود،كنا أهل شرك ،أصحاب أواثن ،وكانوا أهل
كتاب ،عندهم علم ليس لنا ،وكانت ال تَال بيننا وبينهم شرور ،فإذا نلنا منهم
بعض ما يكرهون قالوا لنا :إِنه تقارب زمان نب يبعث اآلن،نقتلكم معه قتل ٍ
عاد
و َإرم)).
َ )7ع َملُهُ •
ٱلل عليه وسلم َع َملَهُ ِِف أواِِ ِل َشبابِِه يَ ْر َعى أ ْغناماً • َّب صلى ٰي بَ َدأ النِ ِ
يح ِه َع ْن ِأِب ُهَريْ َرَة
ي ِِف ص ِح ِ ِ
ر ا خ الب ىور ، ٍ
يل ِ
ل ق ٍ
ر ِ ِ
أب ة َّ
ك م ِ
َ ِ َ ََ ُ َ ْ َ أله َ
ل ْ
ال :ٱلل عليه وسلم قَ َ َّب صلى يٰ َع ْن النِ ِ
قال • :
أصحابُهَُ :وأنْت؟ فَ َ
ْ ال
َ ق
َ ف
َ ،م ن
ََالغ ى ع
َ ر َّ
ال إ ا
ً ي
يِبَن هللا ثَ ع
َ ب ا م
ْ َ َ َ
أله ِل َم َّكة
ْ طَ ي
رِ ت ْأرعاها َعلَى قَرا نَ َع ْمُ ،كْن َ
اخلام َسةَ َوالعِ ْشرين َخَر َج ٱلل عليه وسلم ِ َولَ َّما بَلَ َغ صلى يٰ
ت َخ ِدجيَ َة ن اكو ،دٍ ِ
ل يو
َ َ َ َْ ُ َ ْ َ َ َ ْخ ِ
ة ن إب ة جي ِ
د خ ِ
مال ِ
ِف ِ
َّام الش إىل
ً َ ا
ر ِ
ًتِ
ِال لِْل َع َم ِل ِِف ِ ر ِ ِ ْ ت س ت ٍ
ْامَرأًَة ًَ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ ي َ
الر أ مال و فٍ ر ش ذات ةر ِ
ًتِ
ٱلل عليه وسلم ما ٰ صلى ٰ
ٱلل ِ
ول س ر ن ع ها غ ل ب ا م ل ف ا، ِ
هت ار ِ
َت
ي َ َ َ َّ ََ َ َ ْ َ ُ ي
ت ث ع ب ، ِ
ه ِ
الق أخ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ ََ ْ بَلَغَ َها ْ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ
مر ك و ،ه ت ن أما م ظ ع ،و ه يثد ح م د ص ن م
ًتِراًَ ،وتُ ْع ِط ِيه َّام ِماهلا إىل الش ِ إلَي ِه فَعرَت علَي ِه أ ْن ََيْرج ِِف ِ
َُ ْ ََ َ ْ َ ْ
ول يٰ
ٱلل ت تُع ِطي َغ ْريُ ِمن الت ِ َِّجا ِر ،فَ َقبِل رس ِ ْ ن
َ اكَ ما ل ض
َ ف
ْ أ
َ َُ َ َُ ْ َ
ِ ِ
ٱلل عليه وسلمَ ،و َخَر َج َم َع َِت َارهتا إىل الشَّام، صلى يٰ
ٱلل • ول يٰ المها َمْي َسَرَةَ ،وأثْناءَ طَ ِر ِيق ِه نََََل َر ُس ُ ت َم َعهُ غُ َ َو ْأر َسلَ ْ
ب ص ْوَم َع ِة ر ِاه ٍ
َ نْ
ٱلل عليه وسلم ِِف ِظ ِل َشِجرٍة قَ ِريباً ِ
م َ ٰ
ي صلى
َ ي َ
قال لَهُ َ :م ْن َهذا ف ،ةر س يم
َ َ َّ ُ َ َ ْ َ ََ َ َ إىل ب ِ
اه الر ع لَّ
ط فا ِ
بان ه الر ن ِ
م
ْ ِ ْ
ِ َّ
ه ر س ي م ه ل
َ ََ َ َ َ ُ َ ْ َ َةٌ َ :ذاال ق ؟ ةر َِّجالش ذُ الر ُِل ال َ ْ َ َ
ه ت ُتَ لَ َ َن ي ذ َّ
ب :ما نََََل ِ
اه الر ه ل
َ قال
َ ف ، مِر احل ِ
ل أه ن مِ ش ٍ ي
ر ق ن مِ ل ِ ر
ُ َّ ُ َ ََ ْ ْ ْ َ ُ ْ َ ٌُ
ٱلل صلى ٱ ٰيلل ول يٰ ِ َّ ٌّ ِ ِ ِ ت َه
س ر ابع
َ ٌّ َُّ َ َ ُ ُ مث ، ب ن إال ط ق
ََ َةر َِّج الش ُ ذ َُْت َ
عليه وسلم َِت َارتَهُ الََّّت َخَر َج هباَ ،وا ْش َََّتى ما َأر َاد أ ْن يَ ْش ََِّتي،
ت ِرِْباً َكثِرياً، ِ ِ ِ ِ َّ
ِب
َ ََ ْر ف
َ ه ب ِاء ما عاد َإىل َم َ َ َ ْ َ َ ُ
ة جي د خ ت ابع و ، ة ك َو َ
األَِر الَّ ِذي َو َع َدتْهُ بِِه. ُ ْ ه ل
َ تْ ف
َ ضاع
َ ف
َ
ك •:يست َفاد ِمن َذلِ
ُ َْ ُ ْ َ
ٱلل عليه وسلم-شطرا من عمرُ ىف العَوبة، قضى رسول هللا -صلى يٰ
مدة مخسة وعشرين عاما ،وهى فَّتة الشباب الِت استوفت أفضل شروطه
وصفاته ،وكان مثال للفتوة االنسانية العربية السليمة ،والصحة الَّت كان
فيها نصيب للنشأة ىف البادية ،والبعد عن أدواء املدنية ،والتحلى أبفضل
صفات الفروسية والرِولة الَّت تفاخر هبا العرب ،وأشاد هبا علماء النفس
واألخالم وَل جيد أشد أعداِه له مغمَا ىف هذُ الفَّتة احلامسة الدقيقة ىف
حياته قبل النبوة وبعد النبوة اىل هذا اليوم ،فكان مثاال للطهر والعفاف
والنَاهة والَباءة والعَوف عن كل ما ال يليق به.
فلما بلغ مخسا وعشرين سنة تَوج خدجية بنت خويلد ،وهى
أمي ،قد بلغت من عمرها أربعْي سنة ،وقد تَوِت قبله برِلْي،
وهلا أوالد ،وبينه وبينها من التفاوت ىف السن 15سنة على
القول املشهور – مث تَوج بعدها – وقد ِاوز اخلمسْي –
سودة بنت زمعة ،وقد توىف زوِها ىف احلبشة مسلما ،مهاِرا،
وَل يتَوج-صلى يٰ
ٱلل عليه وسلم-بكرا اال عاِشة بنت أِب بكر،
وما تَوج زوِا اال وهلذا الَواج مصلحة راِحة من
مصاحل الدعوة واالسالم ،أو املروءة ومكارم األخالم،
أو ِلب منفعة عامة ،ودرء خطر اِتماعى كبري ،فقد
كان لآلرحام واملصاهرة أتثري كبري ىف حياة العرب
القبلية ،واالِتماعية ،وقيمة ليست ىف أمة أخرى،
فكانت هلذُ املصاهرة أثرها البعيد ىف ًتريخ الدعوة
االسالمية ،واجملتمع االسالمى املثاىل ،وحقن الدماء
والتوقى من معرة القباِل العربية.
وَل تكن حياته معهن حياة ترف ورفاهية ،وتوسع ىف املطاعم
واملشارب وخفض العيش -وتلك غاية تعدد الَوِات ىف نظر
كثري من الناس-بل كانت حياة زهد وتقشف ،وايثار وقناعة،ال
يطيقها أعاظم الرِال وكبار الَهاد ىف القدمي واحلديث ومير شىء
منها ابلقارئ املنصف أن يقرأ قوله تعاىل (( :ايأيها النىب قل
ألزواِك ان كننت تردن احلياة الدنيا وزينتها ،فتعالْي أمتعكن
وأسرحكن سراحا َجيال ،وان كننت تردن هللا ورسوله والدار اآلخرة
فان هللا أعد للمحسنات منكن أِرا عظيما.
أوالده وأسباطه صلى ه
ٱّلل عليه وسلم :
مث أسلم على بن أِب طالب – رَى هللا عنه -وهو يؤمئذ ابن
عشر سنْي ،وكان ىف حِجر رسول هللا-صلى هللا عليه وسلم-
قبل االسالم ،أخذُ من أِب طالب ىف أايم الضاِقة ،وَمه
اليه.
وأسلم زيد بن حارثة موىل رسول هللا-صلى هللا عليه
وسلم -وكان قد تبناُ رسول هللا-صلى هللا عليه وسلم-
فكان اسالم هؤالء شهادة أقرب الناس اليه ،وأعرفهم
به ،وبصدقه ،واخالصه ،وحسن سريته ،وأهل البيت أدرى
ِبا فيه،
ِسالم أىب بكر بن قحافة وفضله ىف الدعوة اىل
الإلسالم،
األص ِ
نامَ ،س َّف َه ولَ َّما رأى النَِّب صلى هللا عليه وسلم ََتَ ِس َكهم بِعِباد ِ
ة
ُْ َ ْ ِ َ َ
ِ َّ ِ ِِ
َاار م هل
َْ ُ َُْ َ ك ل َت ال اأَّن عُ ُقوهل ْ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ََّ َ
ْي بو ها،ت ق يق ح رهظ و
أ ،م هنام أص عاب و ،م
قاوَم ِة َهذا ال يِدي ِن ل ع ت م َ عش،و ي
ر ق ت ب ِ
َوال نَ ْفعاًَ ُ ََ ْ َ ََ َ ْ َُ ْ َ َ َ ْ ،
م ى ض غ هاد ن ِ
ع
اجلَ ِديد.
ك:ِّ
اد ْ َ
ل ذ ن ِّ
م
َ يُ ْستَ َف ُ
الم إََّنَا هو الت ْقلِيد األَعمى لِ ِ
آلابء ِ اإلس
و ٍ
ش ير ق
ُ ْي ب ال
َ ح يذِ
ي ال َّ
إن
َ ْ ُ َ َ ُ ْ ْ
َ َ َ َ َ ْ
كَ ،وِِف واألَِد ِاد ،ولِ َذلِك عاب النَِّب صلى هللا عليه وسلم علَي ِهم َذلِ
َ َْ َ ْ َ َ َ َ َ ِ
ض َم َع ار ع ت ت ِ
الِت ِ
يدِ
الق الت
َّ ىلع اب
ر ح اءِ الماإلس َّ
أن ى ِ
َهذا َدل ٌ ََ
لع يل
ْ َ َ َ َ ْ ًَ ََ َ ي ََ َ َ ُ
َجيع ما ِاء بِِه اإلسالم ِمن نُظٍُم وتَ ْش ِر ٍ
يعات َّإَنَا َن َِ
َّ أ
و ، ِ
ق الَع ْق ِل واملْن ِ
ط
َ ْ ُ ْ ََ ََ َ ََ َ
ص ُح أَ ْن يُطْلَ َق لك فَال ي ِ ذ ل
و ، ِ
ري ِ
ك ف الت ىل ع وم ق ت أ َّ
َّن أل
َ ،ئ ِ
اد ب م ي ِ
ه
ََ َ َ َ ُ ُ ََ َ ْ َ ََ ُ
الم َوتَ ْش ِر َيعاتِِه.
اإلس ِ امِ ك ح َ
أ ى لع ة ي ِ
الم اإلس يد ِ
صطَلَ ُح التَّ َقال ُ ْ َّ ُ ََ ْ َ
ْ ُم ْ
(3تعذيب قريش للمسلني :
ومضى رسول هللا-صلى هللا عليه وسلم-يدعو اىل هللا ،ويئست قريش
منه ومن أِب طالب ،ونَل غضبهم على من كان أسلم من أبناء قباِلهم،
وليس هلم من مينعهم.
وخرج رسول هللا-صلى هللا عليه وسلم -يوما فلم يلقه أحد من
الناس ،اال كذبه وآذاُ ،ال حر وال عبد ،فرِع رسول هللا-صلى هللا عليه
وسلم -اىل منَله ،فتدثر من شدة ما أصابه ،فأنَل هللا تعاىل عليه:
(( اي أيها املدثر)).
قسوة قريش ىف ايذاء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ومبالغتهم
ىف ذلك :
وتفنن قريش ،وقسوا ىف ايذاء رسول هللا-صلى هللا عليه وسلم -فلم
يرعوا فيه قرابة ،وُتطوا حدود االنسانية.
فبينا النىب -صلى هللا عليه وسلم -ساِد-ذات يوم-ىف املسِجد،
وحوله انس من قريش ،اذ ِاء عقبه بن أِب معيط بسالَِور،
فقذفه على ظهر النىب -صلى هللا عليه وسلم-فلم يرفع رأسه،
فِجاءت ابنته ((فاطمة))-عليها السالم-فأخذته من ظهرُ ،ودعت
على من صنع هذا ،ودعا عليهم النىب -صلى هللا عليه وسلم.-
ش ِّة ب
ََ َاحل ِىل
َ ةر ج ِّ
)4اهل ْ َ ُ
أصحابَهُ ِم َن ُ ُ ْ ب يصٱلل عليه وسلم ما ي ِ
ولَ َّما َرأى رسول هللا صلى ٰي
اب َعْن ُهم ،قَ َال َهلُم :لَ ْو ِ
البَالءَ ،وُه َو ال يَ ْق ُ ْ َ ْ َ َ َ َ َ
ذ الع ع ف د ي ن أ رد
أح ٌد، ُ د ن ِ
ع م ل ظ
ْ ي ال ا ك ِ
ل م ا ِ
هب َّ
إن ِ
َخَر ِْتُ ْم َإىل ْأرض احلَبَ َش َ
ف ،ة
َ ً ُ َُ ْ َ ُ َ
ض ِص ْد ٍمَ ،ح ََّّت َْجي َع َل هللا لَ ُك ْم فَ َر ًِا ِِمَّا أنْتُم فِ ِيه ،فَ َخَر َج أر
َ َ ْ ُ ي وِ
ه
ض احلَبَ َش ِة ،فِراراً إىل هللا بِ ِدينِ ِهمِ ،م ُنهم َم ْن َخَر َج امل ْسلِ ُمو َن إىل ْأر ِ
َ ُ
اإلس ِ
الم ِفِ ٍ
ةر ِج هبِن ْف ِس ِه ،وِمْن هم من خرج ِأبهلِ ِه ،فَكانَت َّأو ُل ِ
ْ َْ ْ َ ُ َ ْ ََ َ ْ َ
ك: ِّ
اد ْ َ َ
ل ذ ن ِّ
م يُ ْستَ َف ُ
َوتَتَابَ َع امل ْسلِ ُمو َن ِِف اهلِ ِْجَرَة َإىل امل ِدينَ ِة َح ََّّت ََلْ يَْب َق ِِبَ َّكةَ ِمْنها •
ِ ٍ َ ٰ ِ ُ
ٱلل عليه وسلمَ ،وأبُو بَ ْكرَ ،و َعل ٌي ،او ول هللا صلى ي إالَّ َر ُس ُ
يف َع ِن اخلُ ِ
روج. ِ َّ
ُم َع ٌ ُْ ٌ َ ٌ َ ٌ
ع َ أو يض ر م أو ، وس ب حم
َ ب ذ
ك •: ِّ
اد ْ َ َ
ل ذ ن ِّ
م يُ ْستَ َف ُ
اإلس ِ
الم• ، ىل إ بِ ر احل ِ
ر دا ن .1وِوب اهلِِجرِة ِ
م
ْ َْ ُ ُ ُ َْ ْ
ي كان ال يست ِطيع املسلِم فِ ِيه أ ْن ي ِ
ؤد ٍ م ِ
ل ك
ُ ن مِو
ُ َي َ ْ ُ ُْ ُ َ َ ْ يَ
يام و ََجاع ٍة و ٍ
أذان، ٍ الة و ِ
ص الم ِمن ص ٍ ِ اإلس رَشعاِِ
َ َ َ ْ َ َ َ ْ
الم الظَّ ِ
اهَرِة. اإلس ِ ِ
كام أح ن مكِ و َغ ِري ذلِ
ْ َ ْ َ ْ ْ
ِ ِ ِ
ض ُه ْم لبَ ْعضهم• ، ِ ِ ِ
صَر ْ َ َ ْ ُ
ع ب ْي م ل س امل ة ْ وب نُُ ُ .2و ُِ
دام ذلك ما م ه الد ِ
ب َ
م ه ُاير مهما اخت لَ َفت ِ
د
َ َ ْ َْ ْ ُُ ُ ُ
ِصَرةُ بِ ُك ِيل ما يَ ْستَ ِطيعُهُ امل ْسلِ ُم،
ْ ن ال ن ِمُْ ً َ َ ُ ُ
و ك تو ، ان ِ
ك
ين مع ال ُق ْدرِة علَى نُ ُصرِهتمِ َ مِ ل
ِ س
ْ م ال لَ ذ
ْ خ َّ
إن و
َْ َ َ َ َ ُ َ َ
ب َعلَْيها اإلنْسا ُن. ق
َ اع ي ة
ً ي ِ
ص ع م ِ
د ع ي
َُ َ ْ َ َُ ُ
ِ
أن امل ْؤِم َن إِذا كان واثِقاً ِم ْن قُ َّوتِِه ال يَ ْستَ ْخفي • َّ .3
ِ ِ ِ ِ
باِل أب ْعداء َد ْع َوته ما ِ ِ ِ ُ
ِف َع َملِ ِه ،بَ ْل ُجياهُر فيهَ ،وال يُ ِ
ب َعلَْي ِهم.فَال ُق َّوةُ َو ْح َدها ِه َي الَِِّت دام واثِقاً ِمن التَّغَل ِ ِ
َ َ
ْيَ ،وال مف أذاهم عن املسلِ ِ ك تو هللا، داء أع ب ِ
ه
تُ ْر ُ ْ َ َ َ ُ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ
الستَطاعُوا، َ ْ ٍ
ر م ع
ُ ل ِ ت
ْ ق
َ ى ل
َ ع
َ ا
و ع م
ْ ْ َُت
َ اِ و ل
َ م ُ َّ
أَّن ك َّ ش
َ
س ُك يلِ ب ِِف نَ ْف ِ ع الر
ِ ى ق
َ أل ي ِ
و ق
َ ال ٍ
ر م ع ف ِ
قو م ن
َّ ِ
ك ل
َو
َ ْ ي َ ُ َ ْ َ َ
الشيِر ِ ِ ِ ٍ ِ
َو ْ ُ َ َ ََ َ َ ْ ُ َ
ل أهو ، ه يات ح ى ل ع خاف ف م، ه ن م د اح
يصو َن َعلَى َحياهتِِم. َ ُ ِ
ر ح
َّىب (ص) ِىل قُبَ ٍاء ول النِّ ِّ
ص ُ• ُو ُ
ٱلل عليه وسلم َإىل قِ ٍ
باء ول هللا صلى يٰ ص َل َر ُس ُ و امَّ ل
َو
َ ََ
است ْقب لَه من فِيها ،وأقام فِيها بِضعة َّأايٍم ِف ب يت ُك ْلثومٍ
ُ َْ ْ ََ َ َْ َ ُ َ ْ
الوداِِ َع َإىل ه ن
ْ ع ى أد
َّ ن
ْ أ د
َ ع ب ي ِ
ل ع هِ ِ
ب ق ِحل
َ و هدم، نِ ب
َ ُ َ ْ َ ٌّ َ َ َ
ناك َم ْس ِِجد
ُ َه وسلم عليه ٱلل
ي ٰ صلى ِ
َّبن ال
َ َ َ ِ ىن بو ا، ِ
حاهب أص
ْ
ص َفهُ هللاُ بَِقولِِه و ي ذباء ،وهو املس ِِج ُد ال يِ قِ ٍ
ََ ََُ َ ْ
َّىب (ص) ىف املدينة ول النِّ ِّ ص ُ •ُ )3و ُ
صلَّى ِ ٍ ِ ِ
ٍ اص َل َس ْ َريُُ فَ َمَّر َعلَى بَِين
و ا د ِج س
َ ْ ََ َ َ ْ ً َ َ م ىن ب ف ف و ع ن ب ساَل ُمثَّ َو َ
سار َإىل املدينَ ِة فَ َد َخلَ َها ِِف مث
َُّ ، اإلس ِ
الم ِف ِ فِي ِهم َّأوَل َُجْع ٍ
ة
َ َ ْ َ
ْي ِ
ح ِ
ر ف
َ صار ْن األ ه ل
َو ح ع م ت
َ اِ و ، ل ِ األو
َّ ع
ٍ يِب
ر ن مِ ر ش
َ ع ِ
َّاِ ث ال
َ ُ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ
مام انقَتِ ِه يَ ْر ُِو أ ْن ِ
ز ك ِ
س مي
ُْ ٍ
د احِ و ل ِ ك
ُ و م، ِ
ه يَل إ ًا م ِ
ال س ِ
ه ِ
وم د
ُ ق
ُ ِ
ب
َ ُ َ ْ َ
ول َهلُمَ :دعوها َُ ُق ي وسلم عليه ٰ
ٱلل صلى ِ
هللا ول
ُ س ر و ، ُ دَ نْ ِ
ع لََِ يَْن
ي ُ ََ ُ
لت ص و َّت
َّ ح فَ َّإَّنا مأمورةٌ ،فَلَم تََْل انقَتُه تَ ِسري ِف طُرِم املدينَ ِ
ة
َ ََ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ ُ َ
أمام َدا ِر ِأِب أيوبٍ ْي ِمن ب ِين النَِّجا ِرَ ، ِ م ي ِ
ت ي ِ
ْي الم غ ِ
ل ضِ َإىل ْأر
َ َّ َ ََْ ْ َ ْ ْ ُ
ههنا املْن َُِلُ >> : وسلم ليه ع يٰ
ٱلل صلى َّب
ِ ن ال الَ ق
َ ف
َ ي
يِ ِ
ر صا ْن األ
َ
ٱلل عليه ب صلى يٰ َّ
ن ال ل م ح ف وبٍ
َ َ َ ِ َ إ ْن شاءَ هللاُ<<َ ،و َِاءَ أبو أي ِ
وسلم إىل ب يتِ ِه.
)4بناء جمتمع جديد
ٱلل عليه وسلم َإىل ال َمدينَ ِة هللا صلى يٰ ول ِ ت ِهِجرةُ رس ِ ْ ن
َ كا •
َ َُ ْ
ِ ٍ ِ ٍ ِ ِ
تَ ْع ِين ق َ َّ َ ْ َ ْ َّ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ِ
َّب ن ال أ د بو ض، األر ه ِ و ى ل ع ة ي الم إس ة لو د ل أو يام
هذ ُِ الد َّْولَِةَ ،وِم ْن َأه ِيم ما كان ِ ناء أر ِ السالم بِبِ ِ َّ و ُة ال الص
َّ ِ
ه ي ل
َ ع
ْ ُ َ ْ َ
صولِِه ال َمدينَ ِة ثَالثَ ُة َُ و دَ ن
ْ ِ
ع م وسل عليه يٰ
ٱلل صلى َّب
ِ ن ال ِ
ه ِ
ب قام
َ
ْي ال ُم ْس ِل ِمي َن َع َّام ًة ب ة اخا ؤ م ل ا
و ، ِ
د ِ
ِج س امل ناء ِب : ي ه ِ ٍ
مال أع
ُ َْ َ ُ َ َ ُ َْ ْ
ظام خاص ِة ،وكِتابةُ وثِي َق ٍة حدَّدت نِ َّ ِ
ر صا ن
ْ األ و ين ِ
ر ِِ ها مُ ل ا
و
َ ْ َ َ َ َ َ
ت َعالقَتَ ُهم َم َع ح أوَ و ، م ه ن ي ب يما ين فِ َ مِ ل
ِ س
ْ م
ُ ال ِ
ياة َح
َْ َ ُ َ َ َ ْ
خاص ِة.
َّ ٍ
ةور ص ِب ِ
ود ه اليو ِ
ة عام
َّ ٍ
ةور ص ِ
ب م هِ ِ
ري غ
َ
َ ُ ُ َ َ َ ُ
بِّناءُ املَ ْس ِّج ِّد
ت ِِف َم ْو َِ ٍع ك
ََ ْر
َ ب وسلم عليه ٰ
ٱلل
ي صلى َّب
ِ ن ال ة
َ ق
َ ان َّ
أن ا
ً قِ• ذَ َك ْران َساب
بن ُزر َارٍة قَ ْد َّاُتَ َذ ُُ د ع أس ن
َ كا و ، ِ
ر صا ن
ْ األ ن مِ ْي يم ِ
ت ي ِ
ْي الم غ ِ
ل ن
َ كا
ُ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ
ٱلل عليه وسلم َإىل ال َمدينَ ِة، هللا صلى يٰ ول ِ مصلَّى قَبل ِهِجرِة رس ِ
ُ َ ْ َ َْ َ ُ
ٱلل عليه وسلم هللا صلى يٰ ول ِ س ر رأم ف ،هِ ي ِ
ف ِ
حابه ص أبِ ي ِ
ْ َ ََ َ ُ ُ صلي ْ فَكا َن يُ َ
هللا صلى يٰ
ٱلل ول ِ أ ْن يُْبىن ِف ذلك ال َمو َِ ِع َم ْس ِِجداًَ ,وكا َن َر ُس ُ
كان ،فَقاال :بَ ْل م ال ك ِ
ب َ ُ َ ْ َْ َ ُ َ َ ِ
ل ذ
َ هع ي ب ِ
ْي الم الغ ن مِ عليه وسلم قَ ْد طَلَ
ول ِ َ ِ
ٱلل عليه وسلم َح ََّّت هللا صلى يٰ أِب َر ُس ُ
ََ ف هللا، ولَ سََّنَ ُ َ َ ُ
ر اي ك ل
َ هب
تاعهُ ِمْن ُهما بِ َع َشَرِة َداننِ ٍري. ابْ َ
ك: ِّ
اد ْ َ َ
ل ذ ن ِّ
م يُ ْستَ َف ُ
كان َّإال كا َن َّأوَل ما ٱلل عليه وسلم ما أقام ِِبَ ٍ ٰ
َ • أنَّهُ صلى ي
أقام َم ْس ِِج َد
َ د
ْ ق
َ ف
َ نَ نو ِ
م ؤ م
ُ لا ِ
يه ِ
ف عُ
ِ
م ت
َ جي
ْ َ ٍ
د ِ
ِج س م ناء
َ َ َُْ
ِب ه
ُ ل
ُ ع ف
ْ ي
أقام فِيها أربَ َعةَ َّأايٍمَ ،وبَ َىن َم ْس ِِج َدا ِف بَِىن ْي ح قِ ٍ
باء ِ
َ َ
أقام و ، و ٍ
باء ِق ْي ب يقِ ِ
ر َّ
ط ال فِ ص ت ن م ِف ٍ
ر ِ
عام
َ َ ة
ِ َ ندي مال
َ َ َْ َ ُْ َ َ
ص َل َإىل ال َمدينَ ِة. و ْي ح مس ِِج َدا ِ
َََ َْ
أمهي ِة املس ِِج ِد ،ودوِرُِ الع ِظي ِم ِف ح ِ
ياة • وهذا يدل ِنا علَى َِ
َ َ يْ َ َ َ ُ َ يَ َ ْ
وحيَّ ِة ،فَِف ِيه يَ ْلتَ ِقى امل ْسلِ ُمو َن ُك َّلالر ِ و ةِ ي ِ
ماع ِ
امل ْسل َ ْ َّ َ ِ
تاالِ ْيمِ ِ
ُ ُ
الة ،وفِ ِيه ي تَ علَّمو َن ِدينَ هم ،وفِيهِ الص ِ َّ ِ
ألداء ٍ
ات ر
َّ م س مخ
َْ ٍ
مو ي
َ ُ ُ َ َ َ َ َ ْ َ
وس ُهمَ ،وُُتَ ِل َم َشاكِلُ ُهمَ ،وِم ُنه ُ ُ ب َّ
ص ُفوفُ ُهمَ ،وتَتَ َه ُ َ
ف ن ذ تَتَ َو َّح ُد ُ
ِ
اإلسالم. وش ُهم لِنَ ْش ِر ي
ُ ُُ ُِ ق تَ ْنطَلِ
اخاةُ
ال ُمؤ َ
أصحابِِه ْي ب ى آخ وسلم ه علي ٱللٰ صلى ول ِ
هللا الر ُس َ َّ
إن مث
َُّ •
َ َْ َ ِ ْ ي ِ َ
ب َوُمعا ُذ ِمن ال ُمهاِ ِرين واألنْصا ِر فَ َِج َعل َِ ْع ُفر بن ِأِب طال ٍ
ُ ُِ َ َ َ َ
بن
َ د
َ ي
ْزَوَ ب
ِ لِ َّ
ط مُ ال د ب
ْ ع
َ بن
َ ة
َََ ْح
ْ َ ل
َ ع
َ َِ وَ ، ِ
ن ي
ْوَ أخ
َ ٍ
ل ب
ََِ بن
ُ
بن ُزَه ٍْري ة
َ ِ ِ
ر خا و ٍ
يق ِ
د
ي ِ
الص ٍ
ر كْ ب أاب ل ع ِ و ، ِ
ن يو أخ ةٍ ث
َِ
ر اح
َِ ٍ َ َ ي َِ َ َ َ َ ْ َ َ َ
أخ َويْ ِنَ ،و َعْب َد َ ك مال بن ن
َ با ت
ْ ع و اب َّ
ط اخل
َ بن ر م ع
ُ و ، ِ
ن يو أخ
ِ َ َ ٍََ َ َ ْ ََ
أخ َوي ِنَ ..وه َكذا.. َ عِ ي ب
الر
َّ ابن د َ ع س
َ َْ و وف ع
َ بن ِ
الر ْْح َ
ن َّ
األمو َال فٍيما بَْي نَ ُهم• ، قامسُوا ْ ت ال ُمؤاخاةُ َعلَى أ ْن يَتَ َ َوكانَ ْ
أبخ ِيه ال ُمها ِِ ِر َإىل بَْيتِ ِه فَيَ ْقتَ ِس ُم
ي ي ْذهب ِ
َ
َ َ ِ ِ
ر صاْناأل ن
َ كا ف
َ
س يل
َو ِ
ن يو األخ ْي ب ُ
يراث لم
ِ ا نَ كا
و ،ءٍ ي ش ل ك
ُ ه ع م
َْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ََُ
ك َح ََّّت َموقِ َع ِة يراث علَى ذلِ
ُ ا ي ِ
ق وب ا،بس َن ِ
ابءِ
ر ق
ْ األ ْي ب
َ َ لم
ِ
ًَ َ َ َ ْ َ
بَ ْد ٍر.
ني َوغَ ِّْريِّهم مِّ كِّتابةُ وثِّي َقةُ بني املُسلِّ
َ َ َ َْ َ ْ َ
ْي ب تااب ٱلل عليه وسلم كِ ٰ صلى ول ِ
هللا ب َر ُس ُ ت ك
َ مث
َُّ •
ً َْ َ ي َ َ
عاه َد ُهمَ ،وأقَ َّرُهم و ود ه لي ا ال ُمها ِِ ِرين واألنْصا ِر ،سا ََل فِ ِ
يه
َ َ َُ َ َ َ َ َ
َعلَى ِدينِ ِهم َو ْأمواهلِِمَ ،و َشَر َط َهلُم َوا ْش َََّت َط َعلَْي ِهم َوِم َن
الوثِي َق ِة: ك ل
ِْت ها ت
ْ ن م
َّ ض ت
َ ِ
الِت ئِ ِ
د با م ال
َ َ َ َ ي َ
ِ (1و ْح َدةُ األ َُّم ِة اإلسالميَّ ِة ِم ْن ِغ ِْري تَ ْف ِر ٍيق بَْي نَها.
قوم َوال َكر َام ِة. َّاس ِف احل ِ
ُ ِ ن ال ْي
َ ْ ب
َ ُ ة ساوا م
ُ ال (2
وغريِهم ِف َدفْ ِع الظ ِْلمِ ْي ِْ ناء املِجتَمع ِمن املسلِمِ (3تعاو ُن أب ِ
َ َ َ ْ ُْ َ َ َ ُْ َ
ٍ
أي عُ ْدوان. ِ َّ
د ِ
َ ِ
ة لَّو ِ ِ ِ
ي َ َوالعُ ْدو َ َ ْ َ َ َ ْ ْ
الد ن ع ر ط اخل ء ر د و ، ان
أعداِِِهَ ،و َعلَي ِهم قَبُ ُ
ول عم ِ
قة ال الع
ََْ َ َْ َ َ َ ْ ِ
ر ي
رِ ق ت ِف عمت ِجامل اك
ُ َّتِ (4ا ْش
ْي. الص ْل ِح إِ ُذا كا َن ِف مصلَح ِة املسلِ ِ
م ِ
َ ْ َ ُْ َ
ناع ِْ (6حايةُ من أراد العيش مع املسلِ ِمْي مسالِما متَعا ِو ًان ،واالمتِ
َ ْ ُ ُ ً ُ َ َ ْ َ َ َْ َ َ َ ُ ْ َ
صَرةُ َم ْن يُظْلَ ُم ِمْن ُهم. ن
ْ ُْ
ِ
ة ل
ََّو
لد ا علىوَ م،هِ يَل ع
َ ي غ
ْ
َ ُ الب
َ و مهِ ِ
م ل
ُْظ ن
ْ ع
َ
(7لِغَ ِْري ال ُم ْس ِل ِمي َن ِدينُ ُهم و ْأموا ُهلُم ،ال ُْجي ََبُو َن َعلَى
ِ
ؤخ ُذ مْن ُهم ْأموا ُهلُم. ت الو ِ
الم اإلس ن ِ ي ِ
د ِ
ول ُد ُخ
ْ َ ُ َ
(8على َغ ِري ال ُم ْس ِل ِم َين أ ْن يس ِهموا ِف نَ َف ِ
قات الد َّْولَِة َكما ُْ ُ
ون.س ِه ُم ال ُم ْس ِل ُم َ ُْ ي
ِ
داخ ِل الدَّولَِة َوخا ِرِها. (9ح ِريةُ التَّنَ ِق ِل ِ
ُ يَ
وم ال ُم ْجت َ َم ُُع َعلَى أساس التَّعاو ِن َعلَى ِ يِ
الَب ُ ق
ُ َي (10
ُِ
والتَّ ْقوى ،ال َعلَى ِْ
اإلمث َوالعُ ْدوان. َ َ
ك: اد ْ َِّ
ل ذ ن ِّ
م
َ • َويُ ْستَ َف ُ
ماعيَّ ِةَ ،و َّ
أن • الميَّ ِة قاِِم علَى الع َدالَة االِتِ ِ
ْ َ َ َ
الدولَِة اإلس ِ
ْ َّ أساس
َ َّ
أن
أن َمْب َدأالس ْل ُمَ ،و َّ ين و َغ ِريِهم هو ِ َ مِ ل
ِ س
ْ م ال ْي ب ِ
ة ق
َ ال الع أساس
َ ي ُ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ
الع َم ِل ِخلَِْري الن ِ
َّاس َّ ِ ِ
احل ي َ َ ْ َ ُ َ َ ي َ ْ َ َ
و وى ق الت و الَب ى ل ع ِ
ن َّعاو ت الو لِ د الع و قِ ِ
ات يِ
الَّت الشعار ِ ودفْ ِع أ َذى األ ْشرا ِر عن ال ُم ْجت َ َم َع هو أب رز يِ
ُ َ َْ ُ َْ ََ
ك تَكو ُن الدَّولَةُ اإلس ِ
الميَّةُ أيْنَما الم ،وبِذلِ ِ اإلس ة لو د ا ِ
هب ي ِ
ناد تُ
ْ ْ َ َُْ ْ َ َ
أي عص ٍر نَشأت قاِِمةً علَى أفْض ِل امل ِ
باد ِئ ِ تَ ،وِف
َ َ َ ْ َ ْ َ ي قام ْ
َ
اع ِد َاإلسالمِ ان العمل ِف عص ِران هذا لِتَطْبِ ِيق قَو ِ
َ َْ َ ََ َ َ ْ َّ و ا، وأعد ِ
هل
ْ
ساِيَ ،وُُيَ ِيق ُقالف ْك ِر اإلنِ ِ بادِِِه عمل ي ت َِّفق مع تَطَ ِوِر ِ
ََ ٌ َ ُ َ َ
وم ِ
ََ
ت َوأ ْك َملِها َمتَ َم ٍع ِم ْن أقْ َوى ال ُم ْجت َ َمعا ِ ناء ِ
ل ْ ُ ْ َ َ ُْ
ب ْي مِ ِ
ل س م ل ِ
أس َع ِدها. َو ْ
ِ )5قامة الدولة االسالمية
ٱّلل عليه وسلم يف املدينة للرسول صلى ه َّ ة ي
َّ ياس ِّ
الس السلطة
نشأة ُّ
تعَب عن • مكة واملدينة سلطةً سياسييةً واَحةَ املعاَل يِ كل من ََّل تشهد ِ
َّاس وتدير مصاحلهم ،وعلى الَّرغم من َّ
أن ن ال م ك
ُ ُت ٍ
حكومة أو نظام لدو ٍ
لة
ُ َ
أن هذُ مكة شهدت وِود ما ميكن تسميته (حكومة امللأل) ،إالَّ َّ َّ
نظام يوِهها ،فهي ال تعدو أن تكون شكالً َّ
احلكومة َل يكن هلا مث ٌ
ة
من أشكال اإلدارة العشاِريَّة القاِمة على العرفَّ .أما املدينة فلم تشهد
حَّت هذا النِيظام البسيط من اإلدارة واحلكم بسبب انقسام أهل املدينة َّ
َّت فيه املنافسة بينها، ْ احتد ٍ
وقت إىل مخس َماميع قبليَّة ويهوديَّة ،ىف
تسفر عن مصادمات وحروب ،أريقت فيها دماءٌ كثرية ،كان آخرها
ياسيَ ،تد اجلانب حرب بعاث .وسبب هذُ اهلالميَّة ىف التكوين ِ
الس يِ
ي ُ
يتضمن أية مالمح حمددة ملفاهيم سياسيَّة. الثقاِف اآلخر َل َّ الفكرى و َّ
َّ
ٱلل عليه وسلم إىل املدينة ،أخذت األوَاع • الرسول هللا صلى ٰي فلما انتقل َّ َّ
أي تناسب بْي ما كان، ِ معه َتد تكاد ال ،ال هاِ
ِ ً ً ال
ُتو تشهد فيها ةي
َّ ياس ِ
الس
ي
كأن حركة وبْي ما أصبحت عليه احلال ،لقد كانت النقلة النوعيَّةُ عظيمةً ،و َّ
ات قليلة ِ يدًا حادة ،ففي غضون سنو ٍ التَّاريخ استدارت عن مسارها بَاوية َّ
سياسي ،حمدَّد املعاَل واملالمح ،حمدَّد النِيظام
يِ ظهرت مالمح لدو ٍلة وكيان
كل ذلك أحذ ينبثق من تلك األرض ،وتلك واملفاصل ،وآليات العملِ ،
اجلماعة اخلام ،وأخذت ِبثر ذلك تظهر املفاهيم السياسية ِف حياة الناس:
حكومة ،قضاء ،أمري ،وزير ،بيت املالِ ،يوش ،وسرااي ،وكتاِب،
ومعاهدات سياسية وأحالف ،فما حصل ميثِيل من النَّاحية الواقعية انقال ًاب
اِتماعي
يٍ كل هذا كان ابلتَّوافُق مع نظام سياسياا حقيقي ا ،وهو ما َتَّ بيانه .و ِ
كبرية ،وعلى هذا البقعةبسرعة ٍٍ وثقاِف كان هو اآلخر يتبلوريٍ يٍ
اقتصادي و
الصغرية الَِّت ابت امسها (مدينة رسول هللا) وعرفت اختصاراً ابملدينة.
مدارها املناسب ،اقتضى األمر َ هللا ة
ُ سلط أتخذ وحَّت
َّ •
ٱلل عليه وسلم فيما ينقله ربِيه،الرسول صلى يٰ أن يطاع َّ
اعة،َّ
ط ال هذُ وِوب دوهكذا تعاقبت اآلايت لتؤيكِ
َ
فقال تعاىل:
ون َحت َّ ٰى يُ َح ِك ُم َ
وك ِفي َما • فَ ََل َو َر ِب َك َال يُ ۡؤ ِمنُ َ
ش َج َر بَ ۡينَ ُه ۡم ث ُ َّم َال يَ ِجدُواْ فِ ٓي أَنفُ ِس ِه ۡم َح َر ٗجا ِم َّما
َ
س ِل ُمواْ ت َ ۡس ِل ٗيما ٦٥ت َويُ َ قَ َ
ض ۡي َ
ٱلل عليه وسلم راسخة الرسول صلى ٰي أصبحت سلطات َّْ فلما
• َّ
بْي مسلمي املدينة من املهاِرين واألنصار ،أخذت َت َّ
تد
تدرجييَّا ،بسبب طبيعة التَّحالفات بْي األوس واخلَرج
واليهود ،فشملت غري املسلمْي ،لينضوي سكان املدينة كافَّة
الِت كانت تَداد رسوخاً ،كلَما ازداد السلطةِ ،ي ُتت لواء هذُ ِ
صاحب السلطة العلياَ أصبح حَّت
َّ املدينة، ِف املسامْي عدد
ِ
هيمنته سياسي مؤثِير بدأ يفرض ِف املدينة ،فإذا ابملدينة كيان
ٌّ
على اجلَيرة العربيَّة بشكل متتابع.
• الدالالت واملعطيات:
إن من أبرز ما يَّتتَّب على هذا اجلانب من سرية يِ
النب صلى • أوالاَّ :
ٱلل عليه وسلم :أنَّه َل يكن نبيياً ورسوالً فحسب ،لقد أصبح بعد ٰي
كل ما ِف هذا املوقع من َّ مارس لة، و د ِيس رو ، ٍ
َجاعة قاِد
اهلِجرة َ
ب عليه تفهم حقيقة أن َّ
تَّت ي ذي صالحييات والتَامات ،األمر الَّ
ُ
الدين اجلديد ال ينطوي على اإلسالم َّإَنا هو دين ودولة ،فهذا ِّ
العبادات وحدها ،بل هو احلياة يف أبعادها وحماورها كافَّةا،
الدين واحلياة،فإن العلمانية القائمة على الفصل بني ِّ وابلتَّايل َّ
ليست من اإلسالم يف شيء ،فإذا ما قامت دعوةٌ على هذا
األساس ،فإَنا هي حماولة لإلِهاز على اإلسالم حقيقة .ومثل هذُ
تستحق التَّص يِدي هلا ،والعمل على دحرها.
ِ الدعوة
الدولة اإلسالمية هلل تعاىل وحدُ ،ال • إن احلاكميَّةَ و ِ
السيادة ِف َّ َّ اثنيا:
ي
انبع من حقيقة َّ
أن يشاركه ِف ذلك أحد ،أفراداً أو َجاعات ،وذلك ٌ
هللا تعاىل هو القاِم على أمر الكون واحلياة ،فِجعل لساِر املخلوقات،
اجلامدة منها واحليَّة سوى اإلنسان ،سنناً ونواميس اثبتةُ ،تكم حركتها
فإن له شأانً آخر ،فطر على أشياء، وفاعليتهاَّ ،أما ابلنسبة لإلنسان َّ
الشراِع الَِّت يِ
تبْي له وأودع فيه أشياء أخرى مع أَدادها ،مثَّ شرع له َّ
الصراط املستقيم ،وِعل هذا التَّشريع حمصوراً به ال لوك القومي و ِ الس َ
ِ
َ ي
ِ
ِبسارب هذا جيوز لغريَُّ ،
فإن هللا تعاىل يريد اخلري لإلنسان ،وهو األع ُ
لم ُ
ُيب ،ويهوى ال ما يد ما ِ اخلري وطراِقهَّ ،أما اإلنسان فإنَّه غالباً ير ُ
يُصلح أمرُ الد ِنيا واآلخرة ،فهما قد يتوافقان وقد َيتلفان ،بيد َّ
أن
فإن مصلحةَ اإلنسان تقتضي أن اإلنسان غالباً ما مييل إىل هواُ ،هلذا َّ
يصح إميانُه.
يكون هواُ تبعاً لشرع هللا ،وبذلك ِ
الشرعي
يِ الدو ِلة أو (مقاصد اإلمامة) ِف اإلطار إن واِبات َّ • اثلثاًَّ :
اإلسالمي تتمثَّل ِف ِانبْي رِيسْي ،حفظ الدين ،وسياسة الدنيابه .ميثِيل يِ
األمة أن تراعي شؤوَّناحق َّ حق هللا سبحانه ،وميثَّل الثَّاِ منهما َّ األول ََّّ
عوة ِليه مباوالد ِّ
الدين َّ الدولةُ نَ ْشر ِّ
تتوىل َّ
األول َّ
على وفق ِف املقصد َّ
َ
كل عصر ،مثَّ تتطور حبسب معطيات ِّ يتاح هلا من وسائل وأدوات َّ
كل نظمها وفعالياهتاَّ ،أما املقصد الثَّاِ الدولة إبنفاذ شرع هللا يف ِّ تقوم َّ
جيسد لإلمامة :فهو سياسة الد ِنيا على وفق ما َّقرُ الشرع ،وهذا اجلانب ِ
ي ُ
األم ِة وحقوقَها ،وهذُ َجيعاً مقدَّرة شرعاً ،وهو ما يعين َّ
أن مصاحلَ َّ
املصاحلَ تدور مع الشَّرع ،وليس العكس،
األمة َتاُ إمامها ،أو حقوم اإلمام على أِمته تتمثَّل َّ ِ
اِبات إن و• رابعاًَّ :
وحق املناصحة. وحق الطَّاعةِ ،يحق النصرة ِي ِف اجلوانب الرِيسية اآلتيةِ :ي
)6اإلذن ابلقتال:
• ِف هذُ الظروف اخلطرية الِت كانت هتدد كيان املسلمْي
ابملدينة ،والِت كانت تنبئ عن قريش أَّنم ال يفيقون عن
غيهم ،وال ميتنعون عن َتردهم ِبال ،أنَل هللا تعاىل اإلذن
ابلقتال للمسلمْي ،وَل يفرَه عليهم قال تعاىل:
َ
عل ٰى ٱَّلل
َّ َّ
ن إ و ْ ْۚ
ا و م ل
ِ ُ
ظ م
ۡ هَّ نَ أ ب ون
َ ُ لَ ت َ ٰ
ق ُ ي ين
َ ذِ َّ ل ل
ِ ن
َ ذ
ِ ُ •أ
َ َ ُ َِ ِ ُ
ير ٣٩ َص ِر ِه ۡم لَقَ ِد ٌ ن ۡ
• والصحيح الذي ال مندوحة عنه أن هذا اإلذن إَنا نَل
ابملدينة بعد اهلِجرة ،ال ِبكة ،ولكن ال ميكن لنا القطع
بتحديد ميعاد النَول.
• -4غزوة األحزاب
• وتسمى غَوة (اخلندم) ،وقد وقعت ِف شوال من
السنة اخلامسة للهِجرة،
• -8غزوة مؤتة:
• كانت ِف َجادى األوىل للسنة الثامنة من اهلِجرة ،و
((مؤتة)) قرية على مشارف الشام ،تسمى اآلن ((ابلكرك))
ِنوب شرم البحر امليت،
• -9غزوة الفتح:
• وهي فتح مكة ،وكانت ِف رمضان للسنة الثامنة من اهلِجرة،
• -10غزوة حنني:
• وكانت ِف العاشر من شوال للسنة الثامنة من اهلِجرة بعد فتح
مكة بعام،
• -11غزوة تبوك:
• وتسمى غَوة العسرة ،وكانت ِف رِب سنة تسع من اهلِجرة.
)8جناح الدعوة وأثرها •
ٱلل• وقبل يوم من الوفاة _ يوم األحد _ أعتق النب صلى يٰ
عليه وسلم غلمانه وتصدم بستة أو بسبعة داننري كانت
عندُ ،ووهب للمسلمْي أسلحته ،وكانت درعه صلى يٰ
ٱلل
عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثالثْي صاعاً من العشري.
• آخر يوم من احلياة:
• روى أنس بن مالك :أن املسلمْي بينا هم ِف صالة الفِجر يوم االثنْي
ٱلل عليه_ وأبو بكر يصلىي هبم _ َل يفِجأهم إال رسول هللا صلى ٰي
وسلم كشف سَّت حِجرة عاِشة فنظر إليهم ،وهم ِف صفوف الصالة،
مث تبسم يضحك ،فنكص أبو بكر على عقيبة ،ليصل الصف ،وظن أن
ٱلل عليه وسلم يريد أن َيرج إىل الصالة ،فقال أنس: رسول هللا صلى ٰي
وهم املسلمون أن يفتتنوا ِف صالهتم ،فرحاً برسول هللا صلى يٰ
ٱلل عليه
وسلم ،فأشار إليهم بيدُ رسول هللا صلى ٰي
ٱلل عليه وسلم أن أَتوا
صالتكم ،مث دخل احلِجرة وأرخى السَّت.
االحتضار• :
وبدأ االحتضار فأسندته عاِشة إليها ،وكانت تقول :إن من نعم هللا
ٱلل عليه وسلم توِف ِف بيِت وِف يومي وبْي علي أن رسول هللا صلى يٰ
ي
سحري وْنري ،أن هللا َجع بْي ريقي وريقه عند موته .دخل
عبدالرْحن _ ابن أِب بكر _ وبيدُ السواك ،وأان مسندة رسول هللا
ٱلل عليه وسلم ،فرأيته ينظر إليه ،وعرفت أنه ُيب السلوك، صلى ٰي
فقلت :آخذُ لك؟ فأشار برأسه أن نعم ،فتناولته ،فاشتد عليه،
وقلت :ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم ،فلينته .فأمرُ _ وِف رواية
أنه اسنت هبا كأحسن ما كان مستن ا _ وبْي يديه ركوة فيها ماء،
فِجعل يدخل يديه ِف املاء فيمسح هبا وِهه ،يقول (( :ال إله إال
هللا ،إن للموت سكرات)) – احلديث.
• وما عدا أن فرغ من السواك حَّت رفع يدُ أو إصبعة ،وشخص بصرُ
ْنو السقف ،وُتركت شفتاُ ،فأصغت إليه عاِشة وهو يقول:
• (( مع الذين أنعمت عليهم من النبيْي والصديقْي والشهداء
والصاحلْي ،اللهم! اغفر ِل وارْحين ،وأحلقين ابلرفيق األعلى ،اللهم!
الرفيق األعلى)).
• كرر الكلمة األخرية ثالاثً ،ومالت يدُ وحلق ابلرفيق األعلى .إان هلل
وإان إليه راِعون.
• وقع هذا احلادث حْي اشتدت الضحى من يوم االثنْي ۱۲ربيع
ٱلل عليه وسلم ثالث وستون األول سنة ۱۱ه .وقد َت له صلى ٰي
سنة وزادت أربعة أايم.