You are on page 1of 6

‫تحقيق مذهب اإلمام أحمد في يوم الشك‬

‫إعداد ‪:‬‬
‫محمد نور عالم شاه‬

‫رقم الطالب ‪421032963‬‬

‫كلية الحديث الشريف الشعبة ‪1017‬‬

‫بالجامعة اإلسالمية‬
‫المطلب األول‬

‫تعريف وتحديد يوم الشك‬

‫اختلف العلماء في تعريف يوم الشك على أقوال ‪:‬‬

‫القول األول ‪ :‬يوم الشك هو اليوم الثالثون من شعبان الذي يتحدث الناس برؤيته وال يثبت‪,‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫أي لم ير الهالل في ليلته أو شهد برؤيته من ال تثبت الشهادة بمثله‪ ,‬أو ردت شهادته‪ ,‬وأن‬

‫يكون هذا في الصحو‪ .‬كذا حرر القاضي في تعليقه‪ ,1‬وهو قول بعض المتأخرين من‬

‫الحنابلة‪ .‬قال اإلمام أبو داود ‪ (( :‬سمعت أحمد بن حنبل يقول ‪ :‬يوم الشك على وجهين ‪:‬‬

‫فأما الذي ال يصام‪ ,‬فإذا لم يحل دون منظره سحاب وال قتر‪ ,‬فأما إذا حال دون منظره‪,‬‬
‫‪2‬‬
‫سحاب أو قتر يصام ))‬

‫ب‪ .‬القول الثاني ‪ :‬يوم الشك هو اليوم الذي تراءى الناس الهالل ولم يثبت حتى جاوز وقت‬

‫الرؤية‪ ,‬وكان دون منظر الهالل شيء من سحاب أو غيره‪ ,‬وهو الذي يسمى يوم اإلغمام‪,‬‬

‫وهذا اليوم الذي انفرد اإلمام أحمد عن الجمهور بصومه‪ ,‬وليس صوم يوم الشك‪ ,‬وقد التبس‬

‫على كثير من المؤلفين‪ ,‬ونسبوا لمذهب أحمد الصوم يوم الشك‪ ,‬وهذا خطأ على اإلمام أحمد‬

‫وعلى مذهبه‪ ,‬فإن مذهبه تحريم صوم يوم الشك‪ ,‬فيوافق جمهرة فقهاء المسلمين‪ .‬وهو قول‬

‫عائشة‪ ,3‬وأسماء‪ ,4‬وابن عمر‪ ,5‬وابن سيرين‪ ,6‬وبه قال اإلمام أبو حنيفة‪.‬‬

‫ت‪ .‬القول الثالث ‪ :‬وهو قول الشافعية‪ ,‬فإنهم لم يفرقوا بين كونه صحوا أو ال‪ ,‬وإنما المشروط‬

‫هو أن يشهد برؤية الهالل أحد ال تثبت الشهادة بمثله‪ .‬و أما المالكية فعندهم قوالن ‪ :‬فالمقدم‬

‫‪ 1‬شرح الزركشي ‪553 / 2‬‬


‫‪ 2‬مسائل أحمد ألبي داود ‪ ,88 /‬باب الصوم يوم الشك‬
‫‪ 3‬البحر الزاخار ‪247 / 3‬‬
‫‪ 4‬البحر الزاخار ‪247 / 3‬‬
‫‪ 5‬البحر الزاخار ‪247 / 3‬‬
‫‪ 6‬البحر الزاخار ‪247 / 3‬‬
‫عندهم هو كالحنفية أن يوم الشك هو اليوم الثالثون إذا حيل بين رؤية الهالل غيم أو قتر‪,‬‬

‫والثاني أن يوم الشك هو صبيحة الثالثين إذا كانت السماء صحوا وتحدث فيها بالرؤية من‬

‫ال يثبت به كالعبد والمرأة‪.‬‬

‫الترجيح ‪ :‬إذا اليوم الذي يشك فيه‪ ,‬ونهى الصوم عنه‪ ,‬هو الثالثون من شعبان‪ ,‬إذا حال دون‬

‫منظر الهالل غيم أو سحاب‪ ,‬وهو الذي يقال يوم اإلغمام‪ ,‬وقد وافق عليه جمهور العلماء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫تحقيق مذهب اإلمام أحمد في صوم يوم الشك‬

‫يوم الشك عند اإلمام أحمد بن حنبل هو اليوم الثالثون من شعبان إذا لم ير الهالل في مطلع‬

‫السماء ليلة الثالثين‪ ,‬وكانت السماء صافية‪ ,‬أو تحدث الناس برؤية الهالل ولم يثبت دخول رمضان‬

‫عند اإلمام برد الشهادة أو غير ذلك‪ .‬وأما قوله يجب الصوم بوجود غيم‪ ,‬أو قتر ليلة الثالثين يحول‬

‫دونه هذا ليس يوم الشك عنده‪.‬‬

‫فيوم الثالثين من شعبان هو يوم الشك‪ ,‬وال يجوز صوم هذا اليوم باسم رمضان‪ ,‬بل هو منهي‬

‫عنه‪ ,‬وقد قامت األدلة الوافرة على ذلك‪ ,‬وإلى هذا ذهب الجمهور‪ ,‬ومنهم اإلمام أحمد بن حنبل‪.‬‬

‫وإن كان في مطلع السماء غيم أو قتر ولم ير الهالل في ليلة الثالثين من شعبان‪ ,‬فيوم الثالثين‬

‫ليس شك أنه من شعبان أم من رمضان‪ ,‬بل هو على يقين من األمر أنه من رمضان‪ .‬وجاء في‬

‫الدرر السنية‪ :‬وعن اإلمام أحمد في هذه المسألة سبع روايات‪ ,‬إحداها ‪ :‬أنه يجب الصوم جزما أنه‬

‫من رمضان‪ ,‬وهذا لم يثبت عن اإلمام أحمد‪ ,‬وهو من أضعف األقوال في المسألة‪ ,‬قاله شمس الدين‬

‫بن عبد الهادي‪ .‬والثانية ‪ :‬أنه يجب الصوم ظنا‪ ,‬والثالثة ‪ :‬أنه يستحب الصوم احتياطا‪ ,‬والرابعة ‪ :‬أنه‬

‫يجوز الصوم‪ ,‬والخامسة ‪ :‬يكره‪ ,‬والسادسة ‪ :‬يحرم وال يجوز كقول الجمهور‪ ,‬والسابعة أنه يرجع‬

‫إلى رأي اإلمام في الصوم والفطر‪.7‬‬

‫قال شيخ اإلسالم في مجموع الفتاوى )‪ ((: (98/25‬وأما صوم يوم الغيم إذا حال دون رؤية‬

‫الهالل غيم أو قتر فللعلماء فيه عدة أقوال ‪ ....‬والقول الثاني ‪:‬أن صيامه واجب كاختيار القاضي‬

‫والخرقي وغيرهما من اصحاب أحمد وهذا يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد لكن الثابت عن أحمد‬

‫الدرر السنية في األجوبة النجدية ‪300 - 299 / 5‬‬ ‫‪7‬‬


‫لمن عرف نصوصه وألفاظه أنه كان يستحب صيام يوم الغيم اتباعا ً لعبد هللا بن عمر وغيره من‬

‫الصحابة ولم يكن عبد هللا بن عمر يوجبه على الناس بل كان يفعله احتياطا ً ‪ ....‬فأحمد رضي هللا‬

‫عنه كان يصومه احتياطا ً((‪.‬‬

‫فالمشهور في مذهب اإلمام أحمد الذي قال كثير من أصحابه‪ :‬إنه مذهبه‪ -‬هو وجوب صومه من‬

‫باب الظن واالحتياط‪ ،‬واستدلوا على ذلك بقوله" ‪:‬فاقدروا له "وفسروها بمعنى‪ :‬ضيقوا على شعبان‪،‬‬

‫فقدروه تسعة وعشرين يوما ً‪.8‬‬

‫وذهب جمهور العلماء ومنهم األئمة الثالثة‪ ,‬أبو حنيفة‪ ,‬ومالك‪ ,‬والشافعي إلى أنه ال يجب‬

‫صومه‪ ،‬ولو صامه عن رمضان لم يجزئه‪ .‬واختار هذا القول‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية وقال‪:‬‬

‫المنقوالت الكثيرة المستفيضة عن أحمد‪ ،‬على هذا‪ .‬وقال صاحب الفروع ‪:‬لم أجد عن أحمد صريح‬

‫الوجوب وال أمر به وال يتوجه إضافته إليه‪ .‬واختار هذه الرواية من كبار أئمة المذهب أبو الخطاب‪،‬‬

‫صو ُموا ِل ُرؤيت ِه‪ ،‬وأ ْف ِط ُ‬


‫روا‬ ‫وابن عقيل‪ .‬ودليل هذا القول ما رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعا ً ‪ُ :‬‬

‫علَيكم فَأ ْك ِملوا ِع َّدةَ ش ْع َبانَ ثَالِثين َيوما ً ‪.‬وهذا الحديث وأمثاله يبين أن معنى فاقدروا‬ ‫ِلرؤيت ِه‪ ،‬فَإن ُ‬
‫غ َّم َ‬

‫له‪ ،‬يعني قدروا حسابه بجعل شعبان ثالثين يوما ً‪.‬‬

‫وقد حقق ابن القيم هذا الموضوع في كتابه الهدي ) ‪ ( 47-36/2‬ونصر قول الجمهور‪ ،‬ورد‬

‫غيره‪ ،‬وبين أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة قول صريح‪ ،‬إال عن ابن عمر الذي مذهبه االحتياط‬

‫والتشديد‪ .‬وذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية أن إيجاب صوم يوم الشك ال أصل له في كالم أحمد‪ ،‬وال‬

‫كالم أحد من أصحابه وإن كان بعضهم قد اعتقد أن من مذهبه إيجاب صومه‪ .‬ومذهبه الصريح‬

‫المنصوص عليه هو جواز فطره وجواز صومه وهو مذهب أبي حنيفة ومذهب كثير من الصحابة‬

‫‪ 8‬ص‪ - 204‬أرشيف ملتقى أهل الحديث ‪ -‬تحرير الرواية المنقولة عن اإلمام أحمد في وجوب صوم يوم الشك ‪ -‬المكتبة‬
‫الشاملة الحديثة‬
‫والتابعين‪ .‬وأصول الشريعة كلها مستقرة على أن االحتياط ليس بواجب وال محرم))‪ .‬وانظر المدخل‬

‫المفصل للشيخ بكر أبو زيد ) ‪.( 52/1‬‬

You might also like