Professional Documents
Culture Documents
السياسات التجارية
السنة الدراسية:
2022/2021
خطة البحث :
مقدمة...................................................................... :أ
عرفت التجارة الدولية نمو متسارع بفضل اتخاذ الدول منهج التعاون والتكامل بينها واالندماج في
النظام التجاري الدولي ،عن طريق تبني سياسات تجارية مناسبة تهدف لتحرير التجاري عن طريق ازالة
كل الحواجز ،وتجنب النزعة الحمائية التي طبقت في ثالثينيات القرن الماضي والتي ادت الى ازمة
الكساد الكبير .1929مما يعني أن السياسات التجارية اتجاهين مختلفين لقيادة التجارة الدولية أحدهما
نحو التحرير واآلخر نحو التنفيذ واعتماد سياسة االكتفاء الذاتي.
أ
المبحث األول :ماهية السياسة التجارية
تعتبر السياسة التجارية احدى اهم ادوات السياسة االقتصادية للدول في الوقت الراهن ،وتختلف
أدوات تطبيقها حسب نوع السياسة المتبعة ،حمائية كانت أو انفتاحية ،وسنحاول في هذا المبحث توضيح
المقصود بالسياسة التجارية ،ثم إبراز أنواعها مع التطرق لحجج المدافعين عن كل نوع من هذه األنواع،
وصوال الى اهم األساليب المعتمدة لتنظيم التجارة الخارجية بالسياسة
يقصد بالسياسات التجارية في مجال العالقات االقتصادية الدولية ،مجموعة الوسائل التي تلجأ
إليها الدولة في تجارتها الخارجية بقصد تحقيق اهداف معينة ،فإذا كانت السياسة هي فن االختيار بين
البدائل المتاحة والممكنة .فإن السياسة التجارية تمثل اختيار البلد في عالقاته التجارية مع الخارج ،الحرية
أم الحماية ،ويعبر عن ذلك بإصدار التشريعات والقوانين واتخاذ اإلجراءات التي تضعها موضع التطبيق
(السالم ،2010 ،صفحة )70
كما يمكن تعريف السياسة التجارية على أنها" :مجموع اإلجراءات التي تباشرها الدولة في عالقتها
االقتصادية مع دول العالم األخرى ،شاملة لكل من التبادل السلعي والخدمي وأسعار الصرف واالستثمار،
بقصد تحقيق أهداف معينة تتفق مع باقي أهداف السياسة االقتصادية والسياسات العامة للمجتمع".
وقد عرفت بأنها" :اإلجراءات كافة التي تضبط العالقات االقتصادية الخارجية للدولة ،ويعني كافة
اإلجراءات المتخذة من قبل الدولة القادرة على دفع أو إعاقة تصدير أو استيراد البضائع والخدمات"
ويقصد بالسياسة التجارية ايضا :مجموعة التشريعات واللوائح الرسمية التي تستخدمها الدولة للتحكم
والسيطرة على نشاط التجارة الخارجية في مختلف دول العالم المتقدمة والنامية ،والتي تعمل على تحرير
أو تقييد النشاط التجاري الخارجي من العقبات المختلفة التي تواجهه على المستوى الدولي بين مجموعة
من الدول( .السرييتي ،2009 ،صفحة )111
1
-هي مجموعة الق اررات واإلجراءات والتشريعات التي تتخذها أي دولة
-تسن هذه التشريعات لتنظيم العالقات االقتصادية ألي دولة مع باقي دول العالم
-السياسة التجارية شاملة لكل التبادل السلعي والخدمي و أسعار الصرف و االستثمار
-تتخذ هذه اإلجراءات بهدف دفع أو إعاقة استيراد أو تصدير السلع والخدمات
ان تطبيق الدولة ألي سياسة تجارية هو باألساس من اجل تحقيق مجموعة من األهداف، ،فمنها ما هي
ذات طابع اجتماعي و أخرى سياسية و استراتيجية
ويمكن ابراز أهم هذه األهداف كما يلي( :دياب ،2010 ،صفحة )300
-حماية الصناعة الوطنية والمنافسة األجنبية ،خصوصا الصناعات الناشئة من خالل توفير البيئة
الحاضنة لنموها وتطورها
-حماية مصالح بعض الفئات االجتماعية ،كالمزارعين والمنتجين الصغار او منتجي بعض السلع التي
تمثل أهمية حيوية للمجتمع.
2
-العمل على حماية الصحة العامة للمجتمع من خالل منع استراد بعض السلع المضرة او المخالفة
للمعايير الصحية.
-توفير أكبر قدر من االستقالل ،وتوفير األمن في الدولة من الناحية االقتصادية والغذائية والعسكرية
-العمل على توفير احتياجات الدولة من مصادر الطاقة وغيرها من السلع اإلستراتيجية خصوصا في
فترات األزمات والحروب
تتأثر سياسات التجارة الدولية بمجموعة من العوامل األساسية ،نذكر أهمها فيما يلي (سلطاني،
،2013/2012صفحة )34/33
يعد مستوى التنمية االقتصادية الذي تبلغه دولة معينة ما من أهم محددات السياسة التجارية
المتبعة ،فجمود االقتصاد واحتالله موقعا متأخ ار في سلم التقدم االقتصادي يجعله أكثر حرصا على وضع
سياسة أكثر تعقيدا للتجارة الدولية ،بعكس الحال بالنسبة االقتصاد أخر بلغ مرحلة متقدمة من النمو
والتطور االقتصادي ،إد يميل هدا االقتصاد إلى وضع سياسة للتجارة الخارجية تتسم بمرونة عالية نظ ار
لتواصله إلى تكوين قاعدة اقتصادية قوية قادرة على التنافس في السوق العالمية ،او على األقل ليست
بحاجة كبيرة إلى تدعيمها.
تتأثر السياسات التجارية عادة باألوضاع السائدة في االقتصاد المحلي والعالمي كما يلي:
-على مستوى االقتصاد المحلي :إن ارتفاع الصناعة المحلية مثال واشتداد حجاتها للسلع الرأسمالية
والوسطية والمواد الخام ،يحتم على الدولة إتباع سياسة للتجارة الخارجية أكثر مالئمة قصد توفير هذه
المستلزمات أو محاولة االرتقاء ببدائل لها محلية .إضافة إلى أن الطلب المحلي االستهالكي يلعب دو ار
هاما في مختلف المنتجات عند تحديدها من حيث الكم ،خاصة في ظل انخفاض مرونته ودرجة أهميته
وضرورته في السوق .أيضا فأن الحالة االقتصادية العامة (كالتضخم أو الركود و البطالة) لها دور هام
3
في تحديد مضمون السياسة التجارية المتبعة ،فمثال قد تلجأ الدولة التي تعاني من تضخم جامح أو ارتفاع
في مستوى البطالة إلى تطبيق سياسة اإلحالل محل الواردات للمحافظة على توازن األسعار و تحقي
ارتفاع معدالت التشغيل ،كما يمكنها كذلك االعتماد في هدا الشأن على الحواجز الجمركية وغير
الجمركية لتحقيق نفس الهدف.
-على المستوى الدولي :إن تغيير الطلب بالزيادة مثال من شأنه تشجيع الدولة على إتباع سياسة تؤدي
الى زيادة حجم الصادرات من جهة ،وضغط استهالكها من جهة أخرى اي تشجيع الصادرات على حسب
الواردات.
-1السياسة الحمائية:
إن الدولة الكبيرة التي تكونت من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر
كانت جميعها تتبع نظام الحماية ،إذ كانت تحاول جهدها باتباعها سياسة الربح التجاري أن تكدس
المعادن الثمينة الناتجة عن فائض الصادرات على الواردات ،وفي القرن التاسع عشر،
انظمت بريطانيا إلى تعاليم االقتصاديين األحرار في حين توطد نظام الحماية في الدول
الحديثة (الواليات لمتحدة األمريكية ،ألمانيا ،كندا( ،وخالل النصف األول من القرن العشرين ،انتشر نظام
الحماية في كل مكان والسيما خالل االنهيار االقتصادي الكبير الذي جرى في الثالثينات ،وبعد الحرب
العالمية الثانية بذلت الدول المتقدمة صناعيا جهودا مشتركة للحد من
عقبات التجارة الدولية ،وكان ذلك بتشجيع من الواليات المتحدة األمريكية في إطار االتفاق العام حول
التعريفات الجمركية والتجارة المعروفة بـ
"«GATTويستند أنصار المذهب الحمائي للدفاع عن سياستهم إلى الحجج التالية:
4
تنتج سلعا مماثلة ،بسبب ظروف نشأتها ونموها في المرحلة األولى ،ويكون ذلك عن طريق حمايتها
جمركيا خاصة للصناعات التي تتوافر لقيامها عوامل النجاح.
ب -تنويع اإلنتاج الصناعي :ضرورة تسخير السياسة الجمركية في إقامة عدد كبير من الصناعات بحج
ة على االقتصاد الوطني متوازنا ووقايته من حالة الكساد التي قد تحدث في الصناعة الواحدة.
أو الصناعات القليلة التي تتخصص فيها الدول في حالة األخذ بسياسة حرية التجارة
ج -تقييد التجارة من أجل مستوى التوظيف :إن الرسوم الجمركية العالية تقلل الواردات وتشجع بذلك عل
ى توسع الصناعات الداخلية ويكون
األثر المباشر لذلك استيعاب األعداد المتعطلة من العمال ،باإلضافة إلى تشغيل الموارد االقتصادية
األخرى
د -للحماية دور في توفير عدالة توزيع الدخل القومي :عندما نحمي أنشطة اقتصادية تعتمد على عن
صر العمل بنسبة مرتفعة فإنها تزيد من نصيب القوى العاملة في الناتج القومي
ه -الرسوم الجمركية كوسيلة لمكافحة اإلغراق :إذ كثي ار ما تلجأ بعض الدول إلى بيع منتجاتها في األ
سواق الخارجية بسعر يقل عن سعر بيعها
في األسواق الداخلية وقد يصل التمييز في األسعار إلى حد البيع في الخارج بسعر يقل عن
سعر التكاليف اإلنتاج وتعرف هذه السياسة باسم" سياسة اإلغراق وتستعمل بغرض
و -الحماية لعالج العجز في ميزان المدفوعات :ويتم ذلك عن طريق فرض الرسوم الجمركية المرتفعة ع
لى الواردات من السلع الكمالية .والتخفيف منها أو إلغائها على الواردات من السلع اإلنتاجية وبذلك تقل ا
لواردات فيقل الطلب على العملة األجنبية.
ز -األمن الوطني :إن التخصص في الصناعة ينطوي على خطر في حالة نشوب حرب وهذا ما يفرض
على البلدان االحتفاظ ببعض القدرات اإلنتاجية لتلك المنتجات التي تسمح لها في حالة وقوع
5
ح -االستقرار االقتصادي :لقد أخذت الحكومات على عاتقها تلبية ما يمكن تلبيته من رغبات المواطنين،
فوجدت أنه ينبغي
لها قبل أن تسعى لتحقيق التقدم االقتصادي وتنمية دخلها القومي أن تضمن استقرار األحوال والظروف
االقتصادية ممثلة في األسعار والدخل واإلنتاج وغير ذلك من الكميات االقتصادية ليصبح بعد ذلك
الطريق سهال معبدا أمام تحقيق التقدم االقتصادي.
-1سياسة الحرية:
يالحظ لدى المفكرين االقتصاديين التقليديين أنهم ساهموا في انتصار مبدأ" دعه يعمل دعه
يمر" على المستوى الدولي وأكدوا من الناحية النظرية أن التبادل الحر يشكل أحسن وضع
بالنسبة للعالم
إن أنصار سياسة الحرية يعارضون التدخل الحكومي في الشؤون االقتصادية ،ويؤكدون على
أهمية المنافسة الحرة ،ويطالبون بعدم استخدام اإلجراءات الجمركية للتمييز في المعاملة مع الدول
المتخلفة ويرتكزون على الحجج التالية:
أ -تتيح حرية التجارة فرصة التخصص وتقسيم العمل الدولي على أساس اختالف النفقات
النسبية ،ويعود هذا بالمنفعة على المستهلك (باقتنائه ألحسن النوعيات وبأقل األسعار( وعلى
المنتج توسيع فروع إنتاجه التي تتوفر فيها أسباب التفوق.
ب -إن التجارة الدولية الحرة في ظل ظروف معينة ،تصبح بديال كامال للتنقل الكامل لعناصر اإلنتاج
ت -تعمل على خلق جوا تنافسيا دوليا ،مما يؤدي إلى انخفاض تكلفة اإلنتاج من جهة
وصعوبة قيام االحتكارات الدولية من جهة أخرى.
ث -تؤدي إلى توسيع نطاق السوق ،واإلنتاج ووصول المشروعات اإلنتاجية إلى الحجم األمثل لها
واالنتفاع من مزايا اإلنتاج الكبير.
6
المطلب :3األساليب الفنية لسياسة التجارية
ان اتخاذ أي دولة ألي سياسة تجارية يعني باألساس اعتماد مجموعة من األساليب الفنية واألدوات التي
من شئنها تنظيم تجارتها الخارجية ،ويمكن إجمالها فيما يلي:
تعرف الرسوم الجمركية على أنها ضرائب تفرضها الدولة على السلع العابرة لحدودها ،صادرات
كانت أم واردات ويمكن التمييز بين أنواع الرسوم الجمركية على أساس كيفية تقديرها ،أو على أساس
الهدف من فرضها.
:1على أساس كيفية التقدير نميز على هذا األساس بين أربعة أنواع من الرسوم الجمركية ،رسوم قيمية،
رسوم نوعية ورسوم مركبة ،وأخي ار رسوم اسمية
-أ الرسوم القيمية تفرض على أساس نسبة مئوية من قيمة الواردات ،حيث تفرض بنسبة ثابتة على
جميع السلع المستوردة بدون تميز ،وهنا يكون تأثيرها كمي ،اي تؤثر على الحجم الكلي للواردات .واما ان
تفرض على النوع اآلخر ،حيث يكون تأثيرها جامعا بين التأثير الكمي على حجم الواردات ،والتأثير
النوعي على مكونات هذه الواردات
-ت الرسوم المركبة :فهي تتضمن رسما قيميا معينا ،يضاف إلى رسم نوعي بغرض التمييز بين أنواع
السلعة .الواحدة
-ث الرسوم اإلسمية :تهدف إلى إبقاء أسعار السلع شبه ثابتة ،فإذا ارتفعت أسعار السلع في األسواق.
الخارجية ،خفض الرسم ،أما إذا انخفضت أثمانها في الخارج رفعت الضريبة
-2على أساس الهدف من فرضها :حيث يمكن أن نميز بين نوعين من الرسوم وهي رسوم مالية ،ورسوم
حمائية
-أ الرسوم المالية :فهي تفرض بغرض توفير موارد مالية لخزينة الدولة
-ب الرسوم الحمائية :فهي تفرض باعتبارها أداة للحد من المنافسة الخارجية
وإذا كان من الصعب التمييز بدقة بين هذين النوعين من الرسوم ،نظ ار لكون كل منهما يلعب دو ار مزدوجا
7
فيمكن اعتبار الرسم ماليا إذا كانت فئة إلى حماية األسواق المحلية مزدوجا ،من تغذية الخزينة بموارد
مالية ،باإلضافة
الصناعة الوطنية تقوم بإنتاج نفس النوع من السلع المستوردة ،وتخضع لرسم يعادل الرسم المفروض على
تلك السلع المستوردة
ويقصد بها كافة األساليب المساعدة التي تقدمها الدولة للمنتج المحلي لتحسين مستوى تنافسيته
على المستوى الدولي وقد تكون هذه المساعدات أو اإلعانات إما نقدية أو عينية .وقد نجد مثل هذه
األنواع من الدعم خاصة بالنسبة للدول النامية والتي تسعى إلى دعم منتجاتها رغم ما يمكن أن يجلبه من
أضرار لباقي الدول
لكن تحت البنود الخاصة بالمنظمة العالمية لتجارة فإن بعض الدعم في صورة تطبيق اسعار محلية
منخفضة عما هو سائد في بقية العالم خاصة بالنسبة للمحروقات ،ال يعتبر مسموحا به باإلضافة الى
ذلك فإنه ال يسمح ألعضاء المنظمة بدعم صادراتها ،مع وجود استثناءات خاصة بالدول الضعيفة
اقتصاديا والتي ال يتجاوز مستوى الدخل الفردي 1000دوالر /سنويا )(Gibbs, 2007, p. 26
-1اإلعانات المباشرة وهي تلك اإلعانات التي تقدم في صورة نقدية للمنتجين مثل توفير بعض مدخالت
اإلنتاج بأسعار رمزية تقل كثي ار عن أسعارها السوقية ،أو إمدادهم ببعض األموال إلعانتهم على االستمرار
في خطوط اإلنتاج .و هو ما تفعله األن دول اإلتحاد األوروبي وخاصتا بريطانيا مع الفالحين والقائمين
على اإلنتاج الحيوي حيث تقدم لهم مساعدات مادية مباشرة بهدف الحفاظ على استمرارهم في النشاط
ومجابهة المنافسة الدولية
وهي أبرز وأكثر األشكال التي تقدمها الدول إلى منتجيها في كافة القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية
كأن تقدم الدولة دعما للتصدير من خالل تخفيض الضرائب الجمركية على الصادرات أو توفر البنية
األساسية للمنتجين من مياه وطرق وكهرباء بأسعار رمزية.
8
إن من بعض العراقيل الكمية للتجارة الخارجية ،نظام الحصص والذي بموجبه تقوم السلطة بتحديد
كمية معينة ال يسمح بتجاوزها عند االستيراد سواء بالقيمة أو بالجانب الكمي للسلعة ،وهناك نظام
حصص يطبق على الواردات ونفس الشأن قد يكون بالنسبة للصادرات ،وهنالك ثالثة أسباب رئيسية قد
تدفع أي دولة النتهاج هذا النظام عند االستيراد
-1تأثير مظلم الحصص قد يكون اوضح وجلي من النظام السعري ( )le tarif douanierألن
الحصة الواجب استيرادها قد تكون محددة سلفا ومعروفة عكس النظام السعري
- 2قد يكون الطلب المحلي على منتوج أجنبي غير مرن وبالتالي الشيء الذي يدفع الى وجوب
فرض هذا النوع من الحصص ،ونفس الشيء بالنسبة للمعروض من المنتوج األجنبي الذي قد يتسم
بعدم المرونة وبالتالي فإن النظام السعري قد ال يكون له تأثير واضح على المعروض مما يفرض
اللجوء إلى نظام الحصص
3-إن نظام الحصص سيسمح للصناعات المحلية أن تتماشى وظروف السوق وتنسجم مع المعطيات
الجديدة وبالتالي .تعدل من طرق إنتاجها وتنسجم مع ما هو مطلوب
وهذا النوع من األساليب التنظيمية يعتبر عنصريا في التعامل مع المنتجات األجنبية ،لذلك فإن المنظمة
العالمية لتجارة ترفضه وبشدة.
تكتسب التجارة اإلقليمية أهمية متزايدة بالنسبة للمشهد االقتصادي العالمي ،فقد بلغت نسبة
التجارة اإلقليمية %55من اجمالي التجارة العالمية ولقد ازدادت اتفاقيات التجارة اإلقليمية بمقدار ثمانية
أضعاف منذ ثمانينيات القرن الماضي واصبحت تتحكم بنسبة %40من التجارة العالمية الحالية
وتوفر هذه االتفاقيات العديد من المزايا ألعضائها من خالل مجاالتها المختلفة وتسهم في تنمية منطقة
االتفاقيات بأكملها ،كما تزيد من فعالية مشاركة دول المنطقة في النظام التجاري العالمي ،وتعتبر جزءا
أساسيا من الخطط التنموية ألغلب البلدان النامية والمتقدمة.
9
المبحث الثالث :السياسات التجارية في الجزائر
مرت سياسة التجارية الجزائرية أثناء انتهاج نمط االقتصاد المخطط بمرحلتين :تميزت المرحلة األولى
باالكتفاء بمراقبة التجارة الخارجية ،وفي المرحلة الثانية تطورت السياسة التجارية إلى أسلوب االحتكار،
وفي كلتا المرحلتين استعملت أدوات السياسة التجارية الحمائية.
أ -السياسة التجارية المطبقة في فترة الرقابة على التجارة الخارجية :اعتمدت الجزائر في الفترة الرقابة
على التجارة الخارجية الممتدة من 1970 1963في سياستها التجارية على مجموعة من األدوات
الحمائية تمثلت في ( :الجريدة الرسمية)1978 ،
-في سنة 1963صدر أول أمر يتعلق بتأسيس أول تعريفة جمركية ،حيث ميزت بين رسوم جمركية
حسب تصنيف المنتجات حيث تم تحديد تعريفة % 10لسلع التجهيز والمواد الولية ،وتعريفة في
حدود 5إلى % 20للمنتجات نصف المصنعة ،وتعريفة من 15إلى % 20للمنتجات تامة الصنع،
ورسوم جمركية حسب مصدرها الجغرافي حيث فرضت تعريفة منخفضة خاصة بفرنسا حتى تستفيد
من القرض الفرنسي الممنوح آنذاك ،تعريفة جمركية مشتركة خاصة بالدول التي ترتبط معها الجزائر
باتفاقيات تجارية ،وتعريفة جمركية عادية لبقية دول العالم
-أما التعريفة الجمركية لسنة 1968تميزت بتعريفة جمركية تفضليه حسب المناطق الجغرافية خضعت
لها المنتجات التي يكون منشؤها اإلتحاد األوروبي بما في ذلك فرنسا ،وتعريفة جمركية حسب أصناف
السلع المستوردة ،إعفاء شبه تام على وسائل التجهيز
المواد الخام معفاة ،المواد شبه الخام نسب منخفضة بالنسبة للمواد األساسية ،ونسب مرتفعة بالنسبة للمواد
التي يمكن الحصول عليها من طرف الشركات الوطنية ،كما فرض معدل منخفض على السلع الضرورية،
.% 150- والسلع ضرورية من الدرجة الثانية ،في حين تخضع السلع الكمالية لمعدل الحظر 100
-تم تحديد نظام الحصص في إطار المرسوم رقم 188/63بتاريخ ماي 1963المتضمن لتقيد
الواردات ،يتم تقدير حجم الواردات السنوية من خالل تحديد الحصص الكلية من كل مجموعة من
السلع المرغوب في استيرادها من كل مجموعة من الدول التي تحظى بامتياز التعامل التجاري مع
الجزائر وكان الهدف من إجراء الرقابة على التجارة الخارجية هو* :إعادة توجيه الواردات؛ *كبح
الواردات الكمالية والحفاظ على العملة الصعبة* ،حماية اإلنتاج الوطني ،وتحسين الميزان التجاري في
ظل احتياطات صرف قليل
10
ب -السياسة التجارية المطبقة في فترة احتكار الدولة للتجارة الخارجية :في الفترة الممتدة من 1970
إلى غاية 1989لجأت الجزائر إلى احتكار الدولة للتجارة الخارجية ،والغاية من ذلك هو التحكم في
التدفقات التجارية وإدماجها في إطار التخطيط المركزي ،والذي فصح عنه المخطط الرباعي األول
. 1973-1971
ابتداء من 1971تم إقرار مجموعة من السياسات تنص على احتكار المؤسسات العمومية على التجارة
الخارجية كل واحدة حسب المنتج الذي تتخصص فيه ،حيث كانت % 80من الواردات تحت احتكار
المؤسسات العمومية.
وفي بداية سنة 1978تم إقصاء كل الخواص في مجال التصدير ،وتم حظر االستيراد من قبل الخواص
تحت أي ظرف ،وحل كل مؤسسات االستيراد والتصدير الخاصة بقوة القانون ،وتم حضر الوساطة في
عمليات التجارة الخارجية ،خضعت معدالت التعريفة الجمركية إلى تعديلين تعديل سنة ،1973وتعديل
آخر سنة : 1986
-تم إلغاء تصنيف البضائع حسب المناطق الجغرافية ،لتصبح التعريفة الجمركية لسنة 1973تتمثل
في تعريفة القانون العام والتي تطبق على منتجات الدول المانحة للجزائر شرط الدولة األولى بالرعايا،
وتعريفة خاصة تطبق على الدول التي لها مع الجزائر أفضليات تجارية متبادلة سيما دول المغرب العربي
(قانون المالية . )1972 ،
-كما تم تغيير معدالت الرسوم الجمركية ،حيث فرضت على السلع الكمالية معدالت مرتفعة قدرت بين
بـ ، 100%،70% ،40%والسلع الوسيطة معدالت منخفض %، 10معدل العادي%، 25ومرتفع
،% 40أما سلع التجهيز والمنتجات الصيدلية 7فتتمتع باإلعفاء للبعض منها ،وبرسوم جمركية جد
منخفضة بمعدل % 3
-ولضمان تغطية عجز السوق المحلي من المواد األولية تم إعفاء هذه األخيرة من الرسم الوحيد
اإلجمالي على اإلنتاج المطبق عند االستيراد سنة 1975؛
تعديالت التعريفة الجمركية لسنة :1986 -
11
-تضمنت التعريفة الجمركية لسنة 1986أكبر عدد من المعدالت 19معدال ،وأعلى النسب المفروضة
عند االستيراد ، 9% 120%،100%وهذا منذ إنشاء أول تعريفة جمركية ،1963فمعدالت التعريفة
الجمركية الجزائرية عرفت تطو ار تصاعديا .
إن الهدف من التعريفة الجمركية لسنة 1986الحصول على موارد مالية غير النفطية لتغطية عجز -
الميزانية بعد انخفاض المعتبر للجباية البترولية ،حيث % 28من الواردات اإلجمالية لسنة 1986
معفاة من الحقوق الجمركية ،و% 31منها خضعت لمعدل %،3و% 40من الواردات خضعت
لمعدالت ما بين .%45%-5
ففي فترة مراقبة واحتكار الدولة للتجارة الخارجية ،1989-1962وتأميم التجارة الخارجية بداية من سنة
،1978عملت الحكومة الجزائرية إلى فرض نظام الحصص وإنشاء تجمعات مهيمنة للشراء(GPA
بعد صدمة البترول لسنة 1986وزيادة عبء المديونية الخارجية ،وكذا ضغط المنظمات الدولية ،عمدت
الجزائر إلى إصالح قطاع التجارة الخارجية ،وأهم ما ميز هذا اإلصالح أنه كان مرحلي ،فالمرحلة األولى
كانت عبارة تحرير تدريجي ،والمرحلة الثانية تحرير خالي من القيود ،وتزامن ذلك مع التوقيع على برنامج
التعديل الهيكلي.
.أ -السياسة التجارية المطبقة في فترة التحرير التدريجي للتجارة الخارجية :تعتبر الفترة -1990
1994مرحلة تحرير تدريجي ،ففي 1990تم استبدال البرنامج العام للتجارة الخارجية والحصص الرسمية
للميزانيات بالعملة الصعبة ،وتعويضها بمخطط التمويل الخارجي تحت إشراف البنوك ،والتي تتعامل مع
المصدرين والمستوردين من القطاعين العام والخاص وفقا لقواعد السوق من خالل السماح للخواص
باالستيراد دون تأشيرة احتكار ليتم إلغاء احتكار الدولة للتجارة الخارجية في ، 1991وأعتبر قانون المالية
التكميلي لسنة 1990النواة الحقيقية لهذا التغيير إذ أشار في مادتيه 40و 41إلى التحرير الجزئي
لعمليات التجارة الخارجية.
كما قامت الجزائر بإجراء تعديالت في أدوات السياسة التجارية بشكل تدريجي ،على النحو التالي :
إجراء تغيرات على مستوى معدالت الرسوم الجمركية ،وهذا ما نص عليه في اتفاق التثبيت ،فقد جاء -
قانون المالية لسنة 1992بتخفيض جوهري للرسوم الجمركية ،فبعدما كانت في قانون 1986قد
وصلت إلى % 120وهو ما أدى إلى التهرب الجمركي والعزوف عن نشاطات التجارة الخارجية،
حيث تم تخفيضها إلى %60
12
-فرض معدالت ضعيفة من % 0إلى % 7على الواردات من المواد األولية ،ومعدالت متوسطة
تتراوح بين % 15و% 25على 12المنتجات النصف مصنعة ،وأخي ار تعريفة جمركية تتراوح بين 40
%و % 60على المنتجات تامة الصنع؛
ركزت هذه الفترة تغير السياسة الجمركية بما يالءم سياسة التحرير ،وذلك إبتداءا من سنة . 1992 -
-كما تم إحداث تعديالت على نظام سعر الصرف ،حيث عرفت العملة الوطنية تخفيضا صريحا أمام
الدوالر األمريكي قدر بـ % 22سنة ،1991ثم %14.40سنة ،1994ثم أنتقل سعر الصرف
الدوالر األمريكي من 963.4إلى 776.17دينار جزائري ،إن الهدف الرئيسي لعملية تخفيض
الدينار هو استعادة التوازن الخارجي ،ومن ثم تحقيق تنافسية أكثر لالقتصاد الوطني
-كان الهدف من هذه التعديالت خالل هذه المرحلة هو:
-إعادة االعتبار للمؤسسات الخاصة؛
-تشجيع االستثمار األجنبي
-العمل على توطيد العالقات التجارية مع دول المغرب العربي؛
-تراجع الدولة عن التدخل في النشاط االقتصادي ،على أن تعمل المؤسسات العمومية والخاصة على
ترقية النمو االقتصادي؛ بالتركيز خاصة تنويع الصادرات خارج المحروقات؛
-االستمرار في تحرير التجارة الخارجية مع العمل على تحقيق قابلية تحويل الدينار.
في ظل اإلصالحات االقتصادية المعمقة ،1998-1994وفي إطار االنفتاح التجاري واالندماج الجهوي
حدث تحرير كلي للتجارة الخارجية ،وذلك باالعتماد على السياسات التجارية التالية:
عرفت المنظومة الجمركية تعديال من خالل تخفيف أسلوب الحماية الجمركية في الفترة الممتدة
1994إلى ،2006وجع لهذه المنظومة تعمل وفقا للمعايير الجمركية الدولية ،وذلك حسب قوانين المالية
التالية:
-تم تخفيض الحد األقصى للرسوم الجمركية من % 60إلى % 50سنة ، 1996وفي أول جانفي 1997
تم تخفيضه إلى %، 45وقد تم حصر قائمة المواد الممنوعة من االستيراد في ثالثة مواد فقط ،و التي تم
إلغاؤها في منتصف ، 1995وفي ظل قانون المالية لسنة 1996تم تعويض نسب الرسوم الجمركية بنسب
. 1997 أقل من سنة ، 1995وأصبحت ستة معدالت حسب قانون المالية لسنة
13
أما بالنسبة للضريبة الجمركية لسنة 1999فقد جاء قانون المالية لسنة 1998باالستغناء عن معدل 3
.%
المالحظ لقانون المالية لسنة 2000نجده أستخدم نفس المعدالت لسنة ، 1997حيث الضريبة الجمركية
% 15فرضت على تدعيم االستثمارات في منتجات التجهيزات الصناعية والتي تستورد بغرض تركيبها
داخل الوطن ،و % 5على المنتوج الصناعي غير تامة الصنع ،وفي ظل قانون المالية التكميلي لسنة
، 2001تم تخفيض التعريفة الجمركية من % 45إلى %، 40كما تضمن هذا القانون تطبيق الحماية
على مجموعة من المنتجات حيث تم تخفيض معدالت الضريبة بشكل تدريجي إلى أن وصل 12%مع
حلول سنة ، 2006كما تأسس بموجب قانون المالية لسنة 1996صندوق دعم الصادرات ،حيث
خصصت موارده لتقديم الدعم المالي للمصدرين في نشاطات ترقية وتسويق منتجاتهم في األسواق
الخارجية.
في ظل تنفيذ برنامج التصحيح الهيكلي أنتقل سعر صرف الدينار من 3.23دوالر سنة 1993إلى 60
دوالر سنة .1997 ،1998سنة 1996، 5.4 %سنة 1995، 15 %سنة 1994، 36 %سنة
%50.6بمقدار تخفيضه تم فقد كما تم إلغاء كل القيود المتعلقة باالستيراد في أفريل 1994وذلك على
مراحل ،ويتعلق األمر بتمويل المواد االستهالكية المستوردة بالعملة الصعبة ،وكذلك القيود المتعلقة
باستيراد المعدات الصناعية ،وكذلك إزالة الحدود المفروضة على آجال سداد إئتمانات المستوردين ومنه
السماح الستيراد كل السلع عدا المحظورة منها .ومنذ بداية العمل ببرنامج اإلصالح االقتصادي في
الجزائر تم إلغاء نظام التراخيص والحظر ،حيث تم إلغاء السلع المحظورة 18استيرادها تدريجيا؛ أما في
جانب الصادرات فإن قائمة المواد الممنوعة من التصدير والتي كانت تضم 20مادة تم إلغاؤها ،فبحلول
جوان 1996أصبح نظام التجارة الخارجية للجزائر خاليا من القيود الكمية.
14
الخاتمة:
يعبر مفهوم السياسة التجارية عن مجموعة اإلجراءات واللوائح والتشريعات التي تطبقها الدولة في
نطاق تعاملها الخارجي من اجل تحقيق أهدافها االقتصادية في التنمية .فكل الدول ـ مهما كان توجهها
االقتصادي ودرجة تنميتهاـ تتدخل في إدارة وتوجيه تجارتها الخارجية .وهذا بحجج متعددة ،اقتصادية منها
حماية الصناعة الناشئة ،جذب رؤوس األموال األجنبية ،معالجة البطالة وحجة السياسة التجارية
اإلستراتيجية ،وغير
اقتصادية كحجة الدفاع واألمن ،المحافظة على الطابع الوطني ،والحجج األخالقية والدينية.
وتستعمل لذلك األساليب السعرية كالرسوم الجمركية ،والكمية كالحصص ،واإلدارية كتراخيص االستيراد
والمعايير التقنية ،الصحية والبيئية .غير أن درجة هذا التدخل تختلف من دولة ألخرى تبعا لدرجة تنمية
هذا البلد وموقعه في التقسيم الدولي للعمل.
ويمكن قياس درجة ومدى هذا التدخل من خالل السياسات واألساليب المتبعة في إدارة قطاع التجارة
الخارجية ،فتكون السياسة التجارية أكثر انفتاحا وشفافية كلما اعتمدت على الرسوم الجمركية .بينما
تتصف بالحمائية كلما اعتمدت األساليب الكمية كالحصص والتراخيص في تنظيم هذا القطاع الحساس.
يختلف أثر السياسة التجارية على االقتصاديات الوطنية باختالف الوسائل األساليب المطبقة في تنظيم
وإدارة قطاع التجارة الخارجية .فكل أسلوب من أساليب التدخل كالرسوم الجمركية ،الحصص ،اإلعانات،
تراخيص االستيراد له أثره على االستهالك واالقتصاد الوطني .ومن تم االقتصاد الدولي بصفة عامة.
ب
قائمة المراجع:
الجريدة الرسمية 14( .فيفري .)1978 ,العدد ،7صفحة .155
New York: department of . trade policy United Nations .)2007( .Murray Gibbs
.economic and social affairs
السيد محمد أحمد السرييتي .)2009( .اقتصاديات التجارة الخارجية .مصر :مؤسسة رؤية للطباعة و
النشر و التوزيع.
رضا عبد السالم .)2010( .العالقات االقتصادية الدولية .مصر :المكتبة العصرية للنشر و التوزيع.
عبد الرشيد بن ديب .)2003/2002( .تنظيم و تطور التجارة الخارجية دراسة حالة الجزائر .الجزائر:
جامعة الجزائر.
فيروز سلطاني .)2013/2012( .دور السياسات التجارية في تفعيل الصفقات االقليمية التجارية و
الدولية .بسكرة :جامعة أحمد خيضر.
محمد دياب .)2010( .التجارة الدولية في عصر العولمة .لبنان بيروت :دار المنهل.
ج