Professional Documents
Culture Documents
تعتمد كل الدول على بعضها البعض إلشباع حاجاتها من السلع والخدمات ،هذه الحقيقة تميز
العالقات اإلقتصادية بين الدول منذ عصور،حيث أنه ال تستطيع أي دولة أن تعيش في معزل
عن العالم متبعة في ذلك سياسة اإلكتفاء الذاتي بصورة شاملة ولفترة طويلة من الزمن.
ونتيجة لتطور نظم المعلومات واإلتصاالت الدولية فقد تزايدت أهمية التجارة الخارجية بإعتبارها
أهم محددات النمو اإلقتصادي وتحقيق الرفاهية للشعوب .من هنا نطرح االشكالية التالية:
التجارة الدولية أحد فروع علم اإلقتصاد التي تختص بدراسة اإلعتماد المتبادل بين دول
العالم ،وتزايد هذا اإلعتماد المتبادل بصورة مستمرة مع تزايد درجة عولمة اإلقتصاد واألسواق.
ويتخذ اإلعتماد المتبادل بين دول العالم ثالثة أشكال ،وهي تبادل السلع المادية مثل :القطن،
المنسوجات
اآلالت والسيارات ،وتبادل الخدمات مثل :خدمات النقل ،التأمين ،السياحة والتعليم ،و تبادل
المعامالت المالية و النقدية مثل :اإلستثمارات األجنبية المباشرة.
لقد تعددت تعاريف التجارة الخارجية وسوف نحاول األخذ بأهمها فيما يلي :
تعرف التجارة الخارجية على أنها ﴿أحد فروع علم اإلقتصاد التي تختص بدراسة المعامالت
اإل قتصادية الدولية ممثلة في حركات السلع والخدمات ورؤوس األموال بين الدول المختلفة ,فضال
عن سياسات التجارة التي تطبقها دول العالم للتأثير في حركات السلع والخدمات ورؤوس األموال
1
بين الدول المختلفة﴾
كما تعرف على أنها﴿:عملية التبادل التجاري في السلع والخدمات وغيرها من عناصر
2
اإلنتاج المختلفة بين عدة دول بهدف تحقيق منافع متبادلة ألطراف التبادل﴾.
ويقتصر معنى التجارة بالمعنى اللغوي على كلمة تقليب المال كما عرف العالمة ابن خلدون
التجارة
وبالتالي يكون ابسط األعمال التجارية هو شراء سلعة بثمن أكبر ويكون الفرق هو الربح .
وهو ينصب على عملية الوساطة والتوسط بين المنتج والمستهلك ,وينجم عن ذلك
خروج نوعين من
األعمال عن نطاق التجارة ،حيث يقوم المستهلك بشراء السلعة التي يهدف إلستهالكها و
2
اإلنتفاع بها.
هو تحويل المنتجات من حالتها األولية ٍالى سلع بقصد بيعها بعد ٍاعادة صنعها
وهي ماتسمى بالصناعات التحويلية ,وأيضا يشمل النشاط المتعلق بالصناعة والنقل
البحري والجوي
3
والبنوك وما يلحق بها من حرف تجارية ،كالسمسرة والوكالة بالعمولة والتأمين وغيرها.
_1يوسف مسعداوي ،دراسات في التجارة الدولية،ط،6دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر،6182ص81
_2بوكنوة نورة ،تمويل التجارة الخارجية في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم االقتصادية،6186/6188ص54
)2تتم التجارة الداخلية من خالل نظام ٍاقتصادي سياسي واحد ،بينما تتم التجارة الخارجية
في ظل أنظمة ٍاقتصادية سياسية مختلفة.
)3تختلف الظروف السوقية والعوامل المؤثرة فيها في التجارة الداخلية عنها في التجارة
الخارجية.
)5سهولة نقل عوامل اإلنتاج داخل الحدود الجغرافية للدولة الواحدة وصعوبة نقلها في
حال التجارة الخارجية.
ٍ )6اختالف األنظمة والقوانين اإلقتصادية والسياسية واإلجتماعية المنظمة للتجارة الداخلية
عن المنظمة للتجارة الخارجية.
ٍ )7استخدام عملة واحدة في حال التجارة الداخلية وتعدد العمالت المستخدمة في حال
التجارة الخارجية.
ترجع أسباب قيام التجارة الخارجية ٍالى جذور المشكلة اإلقتصادية أو مايسمى بمشكلة الندرة
النسبية حسب المدرسة الرأسمالية ,حيث أن دولة ما ال تستطيع أن تكتفي ذاتيا بصورة شاملة
ولمدة طويلة ,أن تنتج كل ما تحتاجه .ألن الظروف البيئية والجغرافية واإلقتصادية ال تمكنها من
ذلك .وهذا ما يتطلب من كل دولة أن تتخصص في ٍانتاج السلع التي تؤهلها ٍامكانياتها إلنتاجها،
ثم تبادلها بمنتجات دول أخرى ال تستطيع ٍانتاجها داخل حدودها ،أو تستطيع ٍانتاجها ولكن بتكلفة
ونفقة مرتفعة يصبح عندها اإلستيراد من الخارج أفضل .ومن هنا تبدو أهمية التخصص وتقسيم
1
العمل بين الدول ترتبط ٍارتباطا وثيقا بظاهرة قيام التجارة ،ومن هنا سوف نتطرق ألهم األسباب.
الفرع األول :عدم التوزيع المتكافئ لعناصر اإلنتاج بين الدول المختلفة:
يعتبر هذا سببا جوهريا ورئيسيا ،حيث أنه ينتج عن السبب عدم قدرة الدولة على تحقيق
اإلكتفاء الذاتي من السلع المنتجة محليا ،فكل دولة تتخصص في ٍانتاج السلعة التي تتمتع بها
بميزة نسبية ،وتحصل البلدان األخرى جزئيا أو كليا على حاجاتها من السلع التي ال تتمتع بها
بميزة نسبية ،وتعود الفائدة على كل البالد طالما أن معدل التبادل يختلف عن ذلك المعدل الذي
كان سائدا قبل قيام التجارة.2
الفرع الثاني :تفاوت التكاليف وأسعار عوامل اإلنتاج و األسعار المحلية لكل دولة
هذا ما يؤدي ٍالى ٍانخفاض تكاليف اإلنتاج للسلعة في دولة ما ،من خالل تحقيق وفورات
الحجم ,مقارنة مع ٍارتفاع هذه التكاليف إلنتاج نفس السلعة في دولة أخرى.
الفرع الثالثٍ :اختالف مستوى التكنولوجيا المستخدمة في اإلنتاج من دولة إلى أخرى
من الممكن أن التكنولوجيا سببا منفصال لقيام التجارة الخارجية ،ويمكن القول أن التجارة
مبنية على تغيرات في عامل اإلنتاج المتوافر نسبيا وهو-التكنولوجيا -حيث تصف الظروف
اإلنتاجية بالكفاءة العالية في ظل ٍارتفاع مستوى التكنولوجيا ،على عكس من ذلك في حال
ٍانخفاض مستوى هذه التكنولوجيا ،حيث يخضع اإلنتاج لسوء الكفاءة اإلنتاجية وعدم اإلستغالل
األمثل للموارد اإلقتصادية.
الفرع الرابع :الفائض في اإلنتاج المحلي والسعي اٍلى زيادة الدخل الوطني
_8رشاد العصار،عليان شريف،حسام داود،التجارة الخارجية ،دار المسيرة للنشر و التوزيع،عمان،األردن،6111 ،ص82
_1قريصة صبحي تادرس ،النقود و البنوك و العالقات االقتصادية الدولية ،دار النهضة العربية ،بيروت،8811،ص181
يتطلب البحث عن أسواق خارجية لتسويق اإلنتاج بشرط توفر كافة الظروف المالئمة للطلب
على اإلنتاج عالميا.
وأما فيما يخص السعي ٍالى زيادة الدخل الوطني يتمثل في اإلعتماد على الدخل المتحقق
من التجارة الخارجية ،وهذا بهدف رفع مستوى المعيشة محليا ،وتحقيق الرفاهية اإلقتصادية .
الفرع الخامس :اٍختالف الميول واألذواق
الناتج عن التفضيل النوعي للسلعة ذات المواصفات اإلنتاجية المتميزة ،حيث أن المستهلكين
في كل دولة يسعون للحصول على السلعة ذات المواصفات العالية من الجودة لتحقيق أقصى
1
منفعة ممكنة منها.
يمكن الخالص الى ان التجارة الخارجية وموضوع تحديد أسباب قيامها أثار تفكير مجموعة
مختلفة من المفكرين واإلقتصاديين وقد كان عمل كل واحد فيهم تكملة لعمل اآلخر.
تعددت مفاهيم التجارة الخارجية من مفكر آلخر ومن وقت آلخر ولكل منهم طريقة خاصة
في شرح مفهومها ،والتي تتناسب مع مقتضيات عصره.
ومن خالل هذا المطلب سنتطرق ٍالى النظريات الكالسيكية في التجارة الخارجية حيث ٍاقتصرنا
على نظريات (آدم سميث ,دافيد ريكاردو)،وكذلك النظريات النيوكالسيكية المتمثلة (نظرية هكشر
_اولين ) و لغز ليونيتيف ،والنظريات الحديثة (الفجوة التكنولوجية ودورة حياة المنتج).
_8حسام علي داود،وآخرون ،اقتصاديات التجارة الخارجية ،ط،8دار المسيرة للنشر والتوزيع،عمان،6116،ص81
أول ٍاقتصادي كالسيكي حاول تفسير أسباب قيام التجارة الخارجية بين الدول هو العالم
اإلقتصادي الشهير آدم سميث في كتابه (أبحاث حول طبيعة وأسباب ثروة األمم ) الذي صدر
عام 1776في نيويورك ،حيث ٍاستخدم سميث مفهوم الفرق المطلق في التكاليف اإلنتاجية بين
1
الدول أو ما أصبح يعرف بالميزة المطلقة الذي يعتبر سببا لقيام التجارة الخارجية.
و بين آدم سميث في كتابه { أن ثروة األمة ال تقاس بقدرتها على تجميع المعادن النفيسة ولكن
تقاس بقدرتها على االنتاج }.ولذلك ٍفان أي جهود تبذل لزيادة ثروة األمة ،يجب أن تنصب
على زيادة قدرتها االنتاجية .وعليه ٍاستنتج أن كل الد ول تستفيد من التجارة الخارجية الحرة،
وذلك من خالل تخصص كل دولة في ٍانتاج السلعة أو السلع التي لها في ٍانتاجها ميزة مطلقة ،
2
بالمقارنة مع ظروف ٍانتاج هذه السلعة أو السلع في البلدان األخرى.
وأوضح أن التجارة تتيح للبلد اإلستفادة من مزايا تقسيم العمل ألنها توسع من حجم السوق
,كما بين في فكرته الشهيرة اليد الخفية أن الدولة ،يجب أن ترفع يدها عن النشاط اإلقتصادي
حيث تعتبر الدولة من من وجهة نظره منتج سيئ ،وأنه يجب ترك الحرية لألفراد في ٍاتخاذ
2
ق ارراتهم الخاصة باألنشطة اإلنتاجية التي يرغب كل منهم في توظيف موارده المتاحة فيها.
-8عبد الرحمان يسري ،اإلقتصاد الدولي ،دار الجامعية ،اإلسكندرية ،6114 ،ص61
-6سامي عفيفي حاتم ،التجارة الخارجية بين التنظير و التنظيم،الدار المصرية اللبنانية،القاهرة،8888،ص86
شرط ٍاختالف النفقات المطلقة لكل سلعة في الدولتين لقيام التجارة الخارجية ،وتحقيق النفع
يفترض آدم سميث قدرة عناصر اإلنتاج على التنقل بين دول العالم مختلفة تماما ،كما هو الحال
داخل الدولة الواحدة.
وقد ٍافترض آدم سميث أن كل دولة يمكن أن تنتج سلعة واحدة على األقل أو مجموعة من
السلع بتكلفة حقيقية أقل مما يستطيع شركاؤها ،وبالتالي ٍفان كل دولة ستكسب أكثر فيما ٍاذا
تخصصت بتلك السلعة التي تتمتع فيها بميزة مطلقة ،ومن ثمة تقوم بتصدير مثل هذه السلعة
3
وتستورد السلع األخرى.
كما ٍاعتبر سميث أن التكلفة الحقيقية تقاس بمقدار وقت العمل الالزم إلنتاج السلعة،
وحسب هذا المفهوم ٍفان السلع ستبادل بعضها وفقا لعدد ساعات العمل المستخدمة في ٍانتاجها⁴.
ثالثا :نظرية القيم الدولية لجون ستيوارت ميل {:} 3021_ 3011
قام ميل بإستكمال النقص في نظرية ريكاردو ,الذي ساهم في اإلجابة عن التساؤالت السابقة,
إذ ألف كتابه "مبادئ اإلقتصاد السياسي" في سنة ٍ 1141
,فاهتم بدراسة موضوع القيم الدولية أو
بعبارة أخرى النسبة التي يتم على أساسها مبادلة سلعة بسلع أخرى ,فكان له دور كبير في تحليل
قانون النفقات النسبية في عالقته بنسبة التبادل في التجارة الدولية ,وفي إبراز أهمية طلب كل من
البلدين في تحديد النقطة التي تستقر عندها نسبة التبادل الدولية أو معدل التبادل الدولي,
فبالنسب ة لهذه الطريقة الطلب المتبادل من جانب كل دولة على منتجات الدولة األخرى هو الذي
يحدد معدل التبادل الدولي ,وطبقا لها فإن معدل التبادل الذي يحقق التوازن في التجارة الدولية
هو ذلك المعدل الذي يجعل قيمة الصادرات والواردات لكل دولة متساوية ,فهناك مكسب ينتج
عن قيام التجارة الخارجية وتوزيع هذا المكسب بين الدولتين يخضع للعديد من العوامل
اإلقتصادية والسياسية ,فكلما إقترب معدل التبادل الدولي كثي ار من معدل التبادل المحلي لدولة
ولقد ركز "ميل" في ما,كان نصيبها من مكسب التجارة الخارجية ضئيال والعكس صحيح.
نظريته هذه على إختالف الكفاءة النسبية للعمل في الدولتين ,بدال من التركيز على التكلفة
النسبية للعمل في كل منهما كما فعل "ريكاردو" ,فهذا األخير لكي يوضح مفهوم النفقة النسبية
فإنه يثبت كمية اإلنتاج إلظهار اإلختالف في التكلفة ,بينما "ميل" فيقوم بتثبيت كمية العمل
1
ليظهر الفرق في اإلنتاج والمردودية
ولقد قام هكشروأولين بتحليل فروض النظرية الكالسيكية مع ما وجه لها من نقد ،وطرحا فكرة
اإلختالف في الوفرة النسبية لعوامل اإلنتاج حيث ترى هذه النظرية أن سبب قيام التجارة
الخارجية هو التفاوت بين الدول في مدى وفرة عوامل اإلنتاج المختلفة في كل منها ،وهذا
التفاوت من شأنه أن يخلق إختالفا في أسعار عوامل اإلنتاج ،وبالتالي في أسعار المنتجات،
نظ ار إلختالف ما تحتاجه السلع من عوامل اإلنتاج ،مما يبرر قيام التجارة بين مختلف الدول،
وتقوم نظرية هكشر_أولين على مجموعة من اإلفتراضات المبسطة للواقع هي:
_ 8جمال جويدان الجمل ،ا لتجارة الدولية ،مركز الكتاب األكاديمي,عمان,األردن،6112,ص 11
)1أن العالم يتكون فقط من دولتين {أ،ب} يقومان بإنتاج سلعتين هما {س،ص} ويعتمدان
على عنصرين من عناصر اإلنتاج هما العمل ورأس المال.
بإحتياجها الى رأس )3السلعة )س( تحتاج الى قدر أكبر من عنصر العمل مقارنة
المال.بينما السلعة )ص( على العكس تحتاج إلى قدر أكبر من رأس المال مقارنة
بإحتياجها من عنصر العمل ويمكننا القول إن السلعة )س( تتميز بإرتفاع نسبة العمل
على رأس الما ل أو إنخفاض نسبة رأس المال على العمل مقارنة بالسلعة )ص(.
)4أن السلعتين (س) و (ص) يتم إنتاجهما في ظل ظروف ثبات الغلة ,والمقصود بذلك أن
زيادة المستخدمة من كافة عناصر اإلنتاج {العمل،رأس المال} بنسبة معينة تؤدي إلى
زيادة حجم اإلنتاج من السلعة بنفس النسبة.
)5التخصص غير الكامل في الدولتين بعد التجارة بمعنى سيادة ظروف تزايد ظروف تزايد
تكلفة الفرصة البديلة التي تمنع الدولتين من توجيه كافة عناصر اإلنتاج إلنتاج سلعة
واحدة من السلعتين .
.1
)6تماثل األذواق في الدولتين
في عام 1154قام ليونتيف بإختبار مدى صالحية نظرية هكشر وأولين بالنسبة لإلقتصاد
تماما مع ما توصلت إليه النظرية األمريكي ،وكانت النتائج المتحصل عليها متعارضة
السويدية ،لهذا سميت هذه النتائج بلغز ليونتيف.
حيث إعتمد على إختبار النظرية الحديثة للتجارة الخارجية لمعرفة ما إذا كانت تتفق مع
نظرية وفرة عوامل اإلنتاج على صادرات وواردات الواليات المتحدة األمريكية ،على أساس أنها
_1محمد سيد عابد ،التجارة الدولية ،مكتبة االشعاع الفنية،االسكندرية 6118،ص ص58،51
تتمتع بوفرة في رأس المال وندرة في عنصر العمل ،كما إستخدم "ليونتيف" في هذا اإلختبار
أسلوب تحليل المنتج وذلك لحساب رأس المال والعمل الالزم لإلنتاج في عدد من الصناعات
األمريك ية ،ووصل إلى نتيجة أن التجارة الخارجية فيها تقوم على أساس تخصصها في
1
الصناعات المستخدمة للعمل بكثافة أكبر من رأس المال
ولقد وردت نتائج دراسات "ليونتيف" العديد من المحاوالت في تفسير التجارة الدولية من خالل
تحديد األسباب األخرى لإلختالف بين الدول،غير تلك القائمة على أساس الوفرة أو الندرة في
ويتضح مما سبق أن نظريات الفكر الكالسيكي والنيوكالسيكي تنقصها عوامل اإلنتاج.
العناصر الديناميكية إذ عجزت هذه النظريات من أن تضع نموذجا قاد ار على تقديم تفسير
ألسباب قيام التجارة الدولية في ظل التغيرات التي عرفها اإلقتصاد العالمي.2
من هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات على التجارة الدولية،تنامي ظاهرة التكامل اإلقليمي وتزايد
عدد التكتالت اإلقتصادية ،ظهور الثورة المعلوماتية والتكنولوجية ،ومواكبة منها لهذه التطورات
ظهرت اتجاهات جديدة في تفسير التجارة الدولية تعمل على إدخال العناصر الديناميكية في
التبادل الدولي كالنظريات الحديثة ،نـذكر منها نظرية الفجوة التكنولوجية ودورة حياة المنتوج.
إضافة الى مساهمة الموارد وم دى توافرها في قيام التجارة الدولية وتخصص الدول ،فإن
التفاوت التكنولوجي بين األمم يعتبر ايضا احد المحددات للتجارة الدولية.
ووفقا لنموذج الفجوة التكنولوجية ،الذي وضعه بوسنر في سنة ،1161فإن جزءا كبي ار من التجارة
الدولية بين الدول الصناعية مبني على تقديم سلع جديدة وخطوات إنتاجية جديدة.
_ 6فيروز سلطاني ،دور السياسات التجارية في تفعيل االتفاقات االقيييية والدولية ،مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير ،جامعة محمد
خيضر ،بسكرة 6181/6186ص ص81،88
ويشير أيضا بوسنر الى وجود نوعين من فترات اإلبطاء في عملية اإلنتشار الدولي
للتكنولوجيا الحديثة وهما:
_فترة إبطاء المنتوج :ويطلق عليها ايضا فجوة تأخر الطلب وهي تشير الى الفجوة الزمنية
بين اللحظة التي يقدم فيها اإلبتكار الجديد ألول مرة واللحظة التي يتعرف عليها المنتحون في
الدول األخرى على حاجتهم لإلستجابة مع التغيرات الحديثة.
_فترة إبطاء التقليد :وهي تشير الى الفجوة الزمنية بين انتاج السلعة الجديدة ألول مرة
(اإلنتاج األصلي) وإنتاج الدول األخرى لها (اإلنتاج المقلد)،وعند هذه اللحظة تبدأ صادرات
الدولة المبتكرة في التراجع ،ويحل محلها اإلنتاج المحلي المقلد في البلدان األخرى
ويختلف المدى الزمني للفجوتين ،حيث تكون فترة إبطاء التقليد أطول زمنا من فترة إبطاء
الطلب ،و الفجوة الزمنية بينهما يطلق عليها الفجوة التكنولوجية وهي التي تفتح المجال أمام
التجارة الدولية في هذه السلعة.
إن تعميم وتوسيع نموذج الفجوة التكنولوجية تم عن طريق مايسمى بنموذج دورة حياة المنتوج
التى طورها فيرنون سنة ، 1166فحسب هذا النموذج وفي الوهلة األولى من انتاج منتوج جديد،
فإنه في الغالب يستلزم توفر يد عاملة ماهرة إلنتاجه ،وبعد أن يصل المنتوج الى مرحلة النضج
و عليه تمر عملية ٍانتاج السلع منذ ٍاكتشافها بعدة مراحل يعتمد في ٍانتاجها على نوعيات مختلفة
1
من العوامل مما قد يقضي ٍاستيراد دولة لسلعة كانت هي المصدر لها في فترات سابقة.
إن دورة حياة المنتوج الجديد أو الصناعة الجديدة تمر بثالثة مراحل رئيسية وهي:
_مرحلة المنتوج الجديد :تتميز المرحلة من دورة حياة المنتوج ،بأن نشاط البحث والتطوير يحتل
مكانة بالغة األهمية في إخراج المنتوج الى الوجود.
_مرحلة المنتوج الناضج :بعد ظهور المنتوج الجديد بفترة قصيرة في الدولة األم صاحبة
اإلختراع ،فإن قد ار من الطلب يبدأ في الظهور بصورة متزايدة في الدول المتطورة ،األمر الذي
يشجع الشركات األم على إنشاء وحدات إنتاجية في هذه الدول قصد إشباع الطلب المتزايد.
_مرحلة المنتوج النمطي :يرى أصحاب المناهج التكنولوجية في التجارة الخارجية ،أن المرحلة
الثالثة لدورة المنتوج تتميز بتطورات هامة تؤدي في نهاية األمر الى تطابق خصائص دورة
المنتوج في مرحلتها النمطية مع خصائص سلعة مع خصائص سلعة هكشر وأولين
لقد أصبحت التجارة الخارجية من أهم األنشطة التي تعتمد عليها كل الدول ،فال توجد دولة
واحدة تعيش مكتفية ذاتيا وذلك للدور الذي تلعبه في الحياة اإلقتصادية واإلجتماعية و السياسية،
إذ يمكن من خالل هذا الدور تحديد المالمح األساسية للدولة ،والمظاهر واألشكال األساسية
لعالقتها مع الدول األخرى.
أوال :تساعد في الحصول على مزيد من السلع والخدمات بأقل تكلفة نتيجة مبدأ التخصص
1
الدولي الذي تقوم عليه
ثالثا :تشجيع الصادرات يساهم في الحصول على مكاسب في صورة رأس مال أجنبي يلعب
دو ار في زيادة اإلستثمار.
رابعا :تعتبر مؤش ار على قدرة الدول اإلنتاجية والتنافسية في السوق الدولية ،وإرتباط هذا المؤشر
باإلمكانيات اإلنتاجية المتاحة وقدرة الدولة على التصدير ومستويات الدخول فيها ،كذلك قدرتها
2
على اإلستيراد وإنعكاس ذلك كله على رصيد الدولة من العمالت
_6جغيور اسماء ،الدور اليستندي في تيويل التحارة الخارجية ،مذكرة لنيل شهادة ماستر ،جامعة ،إقتصاد دولي ،جامعة 61أوت
،8844سكيكدة، 6186/6188 ،ص ص 52،51
خامسا :نقل التكنولوجيا والمعلومات األساسية التي تعيد بناء اإلقتصاديات المتينة ،وتعزيز عملية
التنمية الشاملة.
أوال :زيادة الرفاهية األفراد عن طريق توسيع قاعدة اإلختيارات فيما يخص مجال اإلستهالك.
في البنية اإلجتماعية الناتجة عن التغيير في البنية ثانيا :تحقيق التغيرات الضرورية
اإلقتصادية.
ثالثا :إمكانية الحصول على أفضل ما توصلت إليه العلوم والتقنيات المعلوماتية و بأسعار
رخيصة نسبيا.
1
رابعا :التأثر المتزايد للتجارة الخارجية على حياتنا اليومية
أوال :تعزيز البنى األساسية الدافعية في الدول من خالل إستيراد أفضل ما توصلت إليه العلوم و
التكنولوجيا.
ثانيا :إقامة العالقات الودية وعالقات الصداقة مع الدول األخرى المتواصل معها.
ثالثا :العولمة السياسية التى تسعى إلزالة الحدود وتقصير المسافات ،فهي تحاول أن تجعل العالم
بمثابة قرية كونية جديدة ،وبذلك تكون قد إستفادت من التكنولوجيا الحديثة ومسالك التجارة
1
الخارجية العابرة للحدود
حيث أن هذا العامل يلعب دو ار هاما في مجال التجارة الخارجية إذ أن الجمود و التاخر
اإلقتصادي لدولة ما يجعلها أكثر حرصا على وضع سياسة تقييدية للتجارة الخارجية عكس ماهو
الحال عليه في إقتصاد متطور ومتقدم وذو قاعدة إقتصادية قوية ،حيث أنه يتسم بمرونة في
سياسة التجارة الخارجية
فهذه األوضاع تؤثر في اإلقتصاد المحلي والعالمي ،فاإلقتصاد المحلي لكي ترتقي صناعته
الداخلية فهو بحاجة الى سالح خام ووسيط ،لذا تلجأ الدولة الى التجارة الخارجية إلستيراد ما
تحتاجه هذه الصناعات ،كما أن للطلب اإلستهالكي دو ار في تحديد سياسة التجارة الخارجية
للدولة من حيث إستيراد كميات من سلع ما ذات إستهالك واسع.
أما عن اإلقتصاد العالمي والدولي ،فإن تغيير الطلب بالزيادة مثال من شأنه تشجيع الدولة
على زيادة حجم الصادرات من ناحية وكذا ضبط إستهالكها من جهة أخرى.
كما أن هناك عوامل أخرى تتفاوت أهميتها بتفاوت الظروف ،عوامل مترابطة ومتفاعلة يمكن
إرجاع أهمها الى:
_سوء توزيع الموارد الطبيعية بين الدول :تحتوي العديد من الدول على بعض مصادر الثروة
كالمواد األولية النفط والفحم ،وتزداد أهميتها بإعتبارها منتجة لهاته المواد وبالتالي تتخصص هاته
الدول في إنتاج المنتجات الصناعية.
_2رعد حسن الصرن ،أساسيات التجارة الخارجية ،دار الرضا للنشر،ج،8بدون بلد للنشر،6111،ص41
_حجم الدول :الذي يؤثر على درجة تكامل الموارد الطبيعية والبشرية وتوفر مزايا اإلنتاج الكبير
الذي يتطلب السلعة في األسواق.
_العامل السياسي :الذي يلعب دو ار هاما في تحديد األفق المفتوح أمام الدول في مجال التجارة
الخارجية.
_الشركات متعددة الجنسيات :نتاج لقوى إحتكارات القلة التي تسيطر على حجم كبير من التجارة
الدولية لسيطرتها على العديد من التكتالت الدولية ،وأسواق التصدير واإلستيراد والفروع اإلنتاجية
التابعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وهذه الظاهرة لها إنعكاسات واضحة على هيكل التجارة
1
الدولية قد تؤدي الى مظاهر الجنوح اإلحتكاري على مستوى أسواق البلد األم
يخضع نشاط التجارة الخارجية في مخ تلف بلدان العالم الى مجموعة من التشريعات و
اللوائح ،التي تصدر من قبل أجهزة الدولة التي تعمل على تقييد النشاط التجاري أو تحريره من
العقبات التي تواجهه على المستوى الدولي أو اإلقليمي ،فكل هذه التشريعات واللوائح المنظمة
2
لحركة التبادل التجاري للدولة ،بغية تحقيق أهداف يمكن تسميتها ب "السياسة التجارية"
وعليه فالسياسة التجارية يقصد بها مجموعة التنظيمات واإلجراءات التي تستخدمها الدولة
للتأثير على مسارات تجارتها الخارجية ،ولهذه السياسة أهداف محددة ،وأدوات تساعدها على
3
تحقيق هذه األهداف ويمكن إجمال أهداف السياسة التجارية فيما يلي:
_8حمشة عبد الحميد ،دور تحرير التجارة الخارجية في ترقية الصادرات خارج اليحروقات في ظل التطورات الدولية الراهنة ،مذكرة
لنيل شهادة الماجستير ،جامعة خيضر ،بسكرة ،6181/6186ص ص86،81
_2السيد محمد أحمد السريتي ،إقتصاد التجارة الخارجية ،دار الرؤية،القاهرة ،6118،ص28
_3محمد دياب ،التجارة الدولية في عصر العولية ،دار المنهل اللبناني ،بيروت ،6181 ،ص618
)2العمل على إصالح العجز في ميزان المدفوعات وإعادته الى التوازن.
)3زيادة الموارد المالية لل دولة ،وإستخدام هذه الموارد في تمويل النفقات العامة للدولة.
)2العمل على توفير إحتياجات الدولة من مصادر الطاقة وغيرها من السلع اإلستراتيجية
خصوصا في فترة األزمات والحروب.
ولتحقيق هذه األهداف تستعمل الدول عدة أدوات ووسائل منها الرسوم الجمركية ،اإلعانات،
تراخيص اإلستيراد ،نظام الحصص،باإلضافة الى القيود الجمركية.
والتي تتمثل في السياسات التي تتخذها الدولة بمفردها للتأثير على تجارتها الخارجية.
وهي السياسات التي تتخذ في إطار منظومة عالمية لتنظيم التبادل التجاري للمجتمع الدولي
عامة ،وأشهرها إتفاقية المنظمة العالمية للتجارة،والتي تهدف الى تحرير التجارة العالمية من
مختلف القيود التي تعيق حركتها.
خاتمة:
تعتبر التجارة الدولية أهم صورة للعالقات اإلقتصادية التي يجري بمقتضاها تبادل السلع
والخدمات بين الدول في شكل صادرات وواردات ،ويرجع سبب تفسير أسباب قيام التجارة
الخارجية الى أسباب متعلقة بمحدودية الموارد اإلقتصادية قياسا باإلستخدامات المختلفة في
إشباع الحاجات اإلنسانية المتجددة والمتداخلة والمتزايدة.
كما تعد التجارة الدولية من أهم القطاعات ،فهي تعبر عن قدرة الدولة اإلنتاجية و التنافسية
في السوق الدولي من جهة ،ومن جهة أخرى تعبر عن قدرتها على إستيراد ،مما يؤثر على
الميزان التجاري من خالل دخول العملة الصعبة