You are on page 1of 279

‫جامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعة وه ـ ـ ـ ـ ــران ‪2‬‬

‫كلية العل ـ ــوم االقتصاديةـ التجارية و علوم التسيير‬


‫مذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرة‬
‫للحصول على شه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادة ماجستير‬
‫في العلوم االقتصادية‬
‫تخصص ‪ :‬اقتصاد دولي‬

‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي‬


‫)دراسة حالة الجزائر(‬

‫مقدمة ومناقشة علنا من طرف‬


‫السيد(ة)‪ :‬منصور شريفة‬
‫أمام لجنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة المناقش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫رئيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــسا‬ ‫جامعة وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران ‪2‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫كربالي بغداد‬
‫مق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــررا‬ ‫جامعة وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران ‪2‬‬ ‫أست ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذـ محاضر ـأـ‬ ‫حاكمي بوحفص‬
‫منـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقشا‬ ‫جامعة ت ـل ـمـس ـ ـ ــان‬ ‫أستاذة التعليم العالي‬ ‫بوشيخي عائشة‬
‫منـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقشا‬ ‫جامعة وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران ‪2‬‬ ‫أست ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذـ محاضر ـأـ‬ ‫بن حمادي عبد القادر‬

‫الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنة‪ 2015 :‬ـ ‪2016‬‬


‫بسـ ـ ـ ـ ـ م اهلل الرحمـ ـ ـ ـ ـ ن الرحيـ ـ ـ ـ ـ م‬

‫ا أوتيتم من العلم إال‬ ‫۞وم‬


‫۞‬ ‫قليال‬
‫"اآلية ‪ 85‬من سورة اإلسراء"‬
‫االهـــــــداء‬

‫الى الوالدين الكريمين أطال هللا في عمرهما‬

‫الى كل أفراد عائلتي‬

‫الى أساتذتي ‪ ،‬و كل الذين سهروا على تعليمي‬

‫الى أصدقائي و زمالئي‬

‫أهدي ثمرة هذا العمل‬


‫الشكــــرـ و التقدير‬

‫نحمد و نشكر هللا الواحد الذي أنعم علينا بنعمته العلم و العقل ‪ ،‬بالعزيمة و‬
‫اإلرادة إلتمام هذا العمل‪.‬‬
‫بصدق الوفاء و االخالص أتقدم بالشكر لألستاذ المشرف الدكتور حاكمي‬
‫بوحفص ‪ ،‬الذي بتوجهاته و نصائحه القيمة كان هذا العمل بصورته‬
‫الحالية ‪.‬‬
‫كما ال يفوتني أن أتقدم بالشكر و التقدير الى السادة أعضاء اللجنة على‬
‫قبولهم مناقشة هذه االطروحة ‪.‬‬
‫و أتقدم بخالص شكري و عظيم امتناني الى جميع من قدم لي يد المساعدة‬
‫خالل جميع مراحل إنجاز هذا العمل ‪.‬‬
‫محتـــويـــــــــــات‬
‫الفهرس‬
‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫‪01‬‬ ‫محتويات الفهرس‬

‫‪07‬‬ ‫قائمة الجداول و األشكال‬

‫‪09‬‬ ‫‪ 1‬ـ التقديم‬

‫‪10‬‬ ‫‪ 2‬ـ االشكال‬

‫‪11‬‬ ‫‪ 3‬ـ الفرضيات‬

‫‪11‬‬ ‫‪ 4‬ـ منهجية الدراسة‬

‫‪11‬‬ ‫‪ 5‬ـ دراسات سابقة‬

‫‪12‬‬ ‫‪ 6‬ـ حدود الدراسة‬

‫‪12‬‬ ‫‪ 7‬ـ اسباب اختيار الموضوع‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 8‬ـ أهمية الدراسة‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 9‬ـ المفاهيم اإلجرائية‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 10‬ـ أهداف الدراسة‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 11‬ـ خطة الدراسة‬

‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي (دراسة نظرية)‬

‫‪16‬‬ ‫الفصل األول ‪:‬السياسة المالية‬

‫‪18‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬االقتصاد و مسؤولية الدولة‬

‫‪18‬‬ ‫‪ 1‬ـ الدولة و االقتصاد‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 2‬ـ أشكال الدولة‬

‫‪23‬‬ ‫‪ 3‬ـ السياسة االقتصادية مظهر من مظاهر تدخل الدولة‬

‫‪24‬‬ ‫‪ 4‬ـ مصداقية السياسة االقتصادية و مضموهنا‬

‫‪1‬‬
‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫‪26‬‬ ‫‪ 5‬ـ أنواع و أهداف السياسة االقتصادية‬

‫‪31‬‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬مفهوم السياسة المالية و تطورها‬

‫‪32‬‬ ‫‪ 1‬ـ السياسة املالية يف النظم املالية املعاصرة‬

‫‪33‬‬ ‫‪ 2‬ـ تطور السياسة املالية‬

‫‪39‬‬ ‫‪ 3‬ـ السياسة املالية املتدخلة و مراحلها‬

‫‪41‬‬ ‫‪ 4‬ـ أهداف و مزاياها السياسة املالية‬

‫‪44‬‬ ‫‪ 5‬ـ إمكانيات السياسة املالية املعاصرة‬

‫‪49‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬السياسة المالية و مسؤولية الدولة‬

‫‪49‬‬ ‫‪ 1‬ـ دور الدولة يف النشاط االقتصادي و السياسة املالية‬

‫‪54‬‬ ‫‪ 2‬ـ السياسة املالية و مسؤولية الدولة عن توجيه النشاط االقتصادي خلدمة التنمية املتوازنة‬

‫‪57‬‬ ‫‪ 3‬ـ مدى تكامل السياسات املالية و االقتصادية و االجتماعية لتحقيق التوازن املايل العام‬

‫‪60‬‬ ‫‪ 4‬ـ أثر السياسة املالية يف حتقيق الالمركزية يف نشاط اإلدارة املالية العامة‬

‫‪63‬‬ ‫خالصة الفصل االول‬

‫‪65‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬أدوات السياسة المالية‬

‫‪66‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬النفقات العامة للدولة‬

‫‪67‬‬ ‫‪ 1‬ـ تقسيم النفقات العامة‬

‫‪69‬‬ ‫‪ 2‬ـ ظاهرة تزايد النفقات العامة‬

‫‪72‬‬ ‫‪ 3‬ـ االثار االقتصادية للنفقات العامة‬

‫‪72‬‬ ‫أ ـ أثار النفقات العامة على االنتاج القومي‬

‫‪74‬‬ ‫ب ـ أثار النفقات العامة على االستهالك القومي‬

‫‪2‬‬
‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫‪76‬‬ ‫ج ـ أثار النفقات العامة على الدخل و التوزيع‬

‫‪78‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬االيرادات العامةـ للدولة‬

‫‪78‬‬ ‫‪ 1‬ـ االيرادات الضريبية‬

‫‪84‬‬ ‫‪ 2‬ـ مزايا و عيوب الضرائب املباشرة و الضرائب غري املباشرة‬

‫‪84‬‬ ‫‪ 3‬ـ الرس ـ ـ ـ ــوم و القروض‬

‫‪88‬‬ ‫‪ 4‬ـ ايرادات القطاع اخلاص‬

‫‪89‬‬ ‫‪ 5‬ـ االثار االقتصادية لإليراداتالعامة‬

‫‪95‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬الموازنة العامة‬

‫‪98‬‬ ‫‪ 1‬ـ أمهية املوازنة العامة للدولة‬

‫‪100‬‬ ‫‪ 2‬ـ املبادئ األساسية إلعداد املوازنة‬

‫‪107‬‬ ‫‪ 3‬ـ اجراءات و أساليب إعداد املوازنة‬

‫‪112‬‬ ‫‪ 4‬ـ تنفيذ امليزانية و الرقابة عليها‬

‫‪119‬‬ ‫خالصة الفصل الثاين‬

‫‪121‬‬ ‫الفصل الثالث ‪:‬السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬

‫‪122‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬السياسة النقدية و عالقتها بالسياسة المالية‬

‫‪123‬‬ ‫‪ 1‬ـ طبيعة السياسة النقدية و دورها يف املدارس االقتصادية‬

‫‪131‬‬ ‫‪ 2‬ـ مميزاتالسياسة النقدية عن السياسة املالية‬

‫‪137‬‬ ‫‪ 3‬ـ أدوات السياسة النقدية و عالقتها بالسياسة املالية‬

‫‪144‬‬ ‫‪ 4‬ـ استقاللية البنك املركزي و مصداقية السياسة النقدية‬


‫‪146‬‬ ‫‪ 5‬ـ طبيعة العالقة ما بني السياستني النقدية و املالية‬
‫‪151‬‬ ‫‪ 6‬ـ السياسة النقدية و املالية و ميزان املدفوعات‬
‫‪3‬‬
‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫‪155‬‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬التوازن االقتصادي العام‬

‫‪155‬‬ ‫‪ 1‬ـ التوازن االقتصادي‬

‫‪158‬‬ ‫‪ 2‬ـ التوازن اجلزئي و التوازن العام‬

‫‪160‬‬ ‫‪ 3‬ـ التفسري النقدي و التوازن العام‬

‫‪162‬‬ ‫‪ 4‬ـ السياسة املالية و التوازن االقتصادي العام‬

‫‪163‬‬ ‫‪ 5‬ـ أثر السياسة املالية يف التوازن الكلي العام‬

‫‪166‬‬ ‫‪ 6‬ـ العالقة بني التوازن املايل للميزانية العامة و التوازن االقتصادي‬

‫‪168‬‬ ‫المبحث الثالث ‪:‬السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬

‫‪168‬‬ ‫‪ 1‬ـ حاالت االختالل يف االقتصاد الوطين و دور امليزانية العامة يف التصحيح‬

‫‪171‬‬ ‫‪ 2‬ـ تصحيح الفجوة االنكماشية و الفجوة التضخمية‬

‫‪172‬‬ ‫‪ 3‬ـ دور املوازنة العامة يف حتقيق التوازن االقتصادي‬

‫‪173‬‬ ‫‪ 4‬ـ الضوابط املوضوعية ملسامهة االنفاق العام يف حتقيق التوازن العام‬

‫‪177‬‬ ‫‪ 5‬ـ ألية تأثري أسعار النفط على السياسة املالية‬

‫‪180‬‬ ‫خالصة الفصل الثالث‬

‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي (دراسة تطبيقية على الجزائر)‬

‫‪181‬‬ ‫الفصل الرابع ‪:‬السياسة المالية في الجزائر خالل الفترة ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬

‫‪184‬‬ ‫المبحث االول ‪ :‬نظرة حول الميزانية العامة للجزائر‬

‫‪184‬‬ ‫‪ 1‬ـ النظام املايل احلايل يف اجلزائر‬

‫‪185‬‬ ‫‪ 2‬ـ قانون املالية و أنواعه يف اجلزائر‬

‫‪187‬‬ ‫‪ 3‬ـ اجلداول امللحقة بقانون املالية يف اجلزائر‬

‫‪4‬‬
‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫‪188‬‬ ‫‪ 4‬ـ مبادئ امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر‬

‫‪193‬‬ ‫‪ 5‬ـ اعتماد امليزانية‬

‫‪195‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬دراسة اإليرادات العامةـ في الجزائر‬

‫‪195‬‬ ‫‪ 1‬ـ تبويب اإليرادات املوازنة العامة‬

‫‪198‬‬ ‫‪ 2‬ـ تطور االيرادات العامة للجزائر‬

‫‪200‬‬ ‫‪ 3‬ـ مسامهة اجلباية البرتولية يف االيرادات العامة للجزائر‬

‫‪204‬‬ ‫المبحث الثالث ‪:‬دراسة النفقات العامة في الجزائر‬

‫‪204‬‬ ‫‪1‬ـتبويب النفقات العامة يف اجلزائر‬

‫‪207‬‬ ‫‪ 2‬ـ نفقات امليزانية العامة يف اجلزائر‬

‫‪211‬‬ ‫‪ 3‬ـ حتديد النفقات العامة و أسباب تزايدها‬

‫‪222‬‬ ‫المبحث الرابع ‪:‬دور السياسة المالية في تحقيق التوازن االقتصادي في الجزائر‬

‫‪222‬‬ ‫‪ 1‬ـ تطور أداء السياسة املالية يف اجلزائر خالل فرتة ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬

‫‪224‬‬ ‫‪ 2‬ـ أثر تراكم العجز على توازن امليزانية العامة يف اجلزائر‬

‫‪226‬‬ ‫‪ 3‬ـ إجراءات احلكومة اجلزائرية الحتواء أثار تقلبات سوق النفط على السياسة املالية‬

‫‪232‬‬ ‫‪ 4‬ـ أثر صدمات السياسة املالية على اإلنفاق احلكومي يف اجلزائر‬

‫‪235‬‬ ‫‪ . 5‬عالقة أسعار النفطبالسياسة املالية يف اجلزائر‬

‫‪239‬‬ ‫‪ 6‬ـ اجتاهات احلالية للنمو و االنفاق العام يف اجلزائر‬

‫‪242‬‬ ‫‪ 7‬ـ السياسة املالية و إشكالية التوازن االقتصادي العام للجزائر‬

‫‪246‬‬ ‫خالصةالفصل الرابع‬

‫‪247‬‬ ‫اخلامتة العامة‬


‫‪5‬‬
‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫‪252‬‬ ‫قائمة املراجع‬

‫‪256‬‬ ‫قائمةاملالحق‬

‫‪6‬‬
‫قائمة الجداول‬
‫و األشكال‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 1‬ـ قائمة الجداول ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫رقم‬


‫الجدول‬
‫‪200‬‬ ‫تطور اجلباية العامة و اجلباية البرتولية للجزائر ‪ 2004‬اىل ‪2014‬‬ ‫‪01‬‬
‫‪213‬‬ ‫تطور نفقات التسيري و نفقات التجهيز خالل الفرتة ‪ 2004‬اىل غاية ‪2014‬‬ ‫‪02‬‬
‫‪218‬‬ ‫العجز أو الفائض الكلي يف املوازنات العامة لدولة اجلزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬ ‫‪03‬‬
‫‪220‬‬ ‫نسبة امجايل الدين العام اخلارجي القائم اىل الناتج احمللي لدولة اجلزائر‬ ‫‪04‬‬
‫‪235‬‬ ‫العالقة بني أسعار النفط و إيرادات اجلباية البرتولية يف اجلزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪)2014‬‬ ‫‪05‬‬
‫‪237‬‬ ‫العالقة بني أسعار النفط و رصيد امليزانية يف اجلزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬ ‫‪06‬‬
‫‪258‬‬ ‫االيرادات النهائية املطبقة على ميزانية الدولة لسنة ‪2014‬‬ ‫‪07‬‬
‫‪259‬‬ ‫توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيري لسنة ‪ 2014‬لدولة اجلزائر‬ ‫‪08‬‬
‫‪261‬‬ ‫توزيع النفقات ذات الطابع النهائي لسنة ‪2014‬‬ ‫‪09‬‬
‫‪262‬‬ ‫إمجايل االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪263‬‬ ‫االنفاق العام و صايف االقراض احلكومي لدولة اجلزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪263‬‬ ‫الناتج احمللي االمجايل اجلزائري للفرتة ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪264‬‬ ‫الصادرات و الواردات يف اجلزائر‬ ‫‪13‬‬

‫‪ 02‬ـ قائمة األشكال ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬


‫‪30‬‬ ‫املربع السحري للسياسة االقتصادية‬ ‫‪01‬‬
‫‪130‬‬ ‫منحىن فيلبس الكالسيكي اجلديد‬ ‫‪02‬‬
‫‪162‬‬ ‫منحنيات (‪ ) BOP , LM , IS‬و التوازن الكلي العام‬ ‫‪03‬‬

‫‪7‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪163‬‬ ‫أثر زيادة االنفاق احلكومي و اخنفاض الضرائب يف التوازن‬ ‫‪04‬‬


‫‪163‬‬ ‫أثر اخنفاض االنفاق احلكومي و زيادة الضرائب يف التوازن‬ ‫‪05‬‬
‫‪169‬‬ ‫شكل الفجوة االنكماشية‬ ‫‪06‬‬
‫‪170‬‬ ‫شكل الفجوة التضخمية‬ ‫‪07‬‬
‫‪198‬‬ ‫تطور االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪08‬‬
‫‪203‬‬ ‫تطور اجلباية العادية و اجلباية البرتولية للجزائر ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪09‬‬
‫‪214‬‬ ‫تطور االنفاق العام لسنوات ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪216‬‬ ‫تطور االيرادات العامة و النفقات العامة خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪234‬‬ ‫‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫تطور االنفاق احلكومي و الناتج احمللي يف اجلزائر خالل الفرتة‬ ‫‪12‬‬
‫‪236‬‬ ‫متوسطسعر البرتول للربميل يف اجلزائر ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪236‬‬ ‫االيرادات اجلباية البرتولية يف اجلزائر ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪238‬‬ ‫الفائض أو العجز املوازين للجزائر خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪239‬‬ ‫تطور االنفاق االستهالكي و االنفاق االستثماري للجزائر ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪8‬‬
‫المقدمة العامة‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 1‬ـ التقديم ‪:‬‬

‫ان املوضـ ـ ـ ــوع ال ــذي نتناولـ ــه يف ه ــذه املذكرة يتعل ــق بالسياس ـ ـ ـ ــة املالي ــة كأليـ ــة لتحقي ــق الت ـ ــوازن االقتصـ ـ ــادي ( حال ــة‬

‫اجلزائر ) ‪ ،‬و نظرا لدور الدولة الذياقتصر على تغطية االنفاق العمومي يف إطار نطاق الدولة احلارسة ‪ ،‬و بتطور العصور تغري‬

‫مفهومـ الدولة و دورها يف احلياة االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬بسبب التطور املستمر الذي عرفه مفهوم الدولة منـذ أول ظهــور ‪،‬‬

‫أدى لتط ــوير مهامه ــا فأص ــبحت تش ــرف على ك ــل املي ــادين االجتماعي ــة و االقتص ــادية ‪ ،‬من أج ــل حتقي ــق التنمي ــة االجتماعي ــة و‬

‫الت ــوازن االقتصـ ــادي ‪ ،‬و من أجـ ــل ذلـ ــك كـ ــان ال بـ ــد على الدولـ ــة أن تضـ ــع السياسـ ــات االقتصـ ــادية الـ ــيت تش ــمل جمموع ــة من‬

‫السياسات ‪ ،‬كالسياسة املالية و السياسة النقدية ‪.‬‬

‫و يف هــذا االطــار حتتــل السياســة املاليــة مكانــة هامــة بني السياســات األخــرى ‪ ،‬ألهنا تســتطيع أن تقــوم بالــدور الكبــري يف حتقيــق‬

‫األهــداف املتعــددة الــيت ينشــدها االقتصــاد الوطــين ‪ ،‬بفضــل أدواهتا املتعــددة الــيت تعــد من أهم أدوات إدارة املوارد االقتصــادية يف‬

‫حتقيق التنمية االقتصادية و القضاء على املشاكل اليت تعوق االستقرار و التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫و بســبب املكانــة الــيت حتتلهــا السياســة املاليــة يف العصــر احلديث ‪ ،‬و الــيت أصــبحت أكــثر تطــورا على مــا كــانت عليــه يف العصــور‬

‫القدمية ‪ ،‬و هــذا التطــور نبــع من اإلســهام الكبــري لالقتصــادي الكبــري ( جــون مــاينركينز ‪ 1936‬يف مؤلفــه " النظريــة العامــة يف‬

‫العمالة و الفائدة و النقود " ) ‪ ،‬و ما ترتب عليه يف الواقع العملي من ضرورةـ تبين أراء كينز اخلاصة بتدخل الدولة يف النشــاط‬

‫االقتصادي و االنتقال من نطاق الدولة احلارسة اىل نطاق الدولة املتدخلة بسياسات مالية مناسبة ‪.‬‬

‫منــذ ذلــك احلني اكتســبت السياســة املاليــة دورا أكــثر أمهيــة ‪ ،‬و أصــبحت أداة رئيســية من أدوات السياســة االقتصــادية يف توجيــه‬

‫املسار االقتصادي ‪ ،‬و معاجلة مــا يتعـرض لـه من أزمـات اقتصـادية ‪ ،‬و الســعي اىل حتقيــق التـوازن االقتصـادي العـام و امنائـه ‪،‬لقـد‬

‫توســع إطــار التــوازن و مل يبقى توازنــا للنفقــات و االيــرادات يف موازنــة الدولــة يقتصــر على إقامــة معادلــة متعادلــة بني النفقــات‬

‫االدارية لتسيري مصاحل الدولة من جهة و بني االيرادات من جهة أخرى ‪ ،‬بل أصبح على السياسة املالية أن تــوازن ماليـة الدولــة‬

‫‪10‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫مبا يتف ــق و يتالءم م ــع ت ــوازن االقتص ــاد الوط ــين ‪ ،‬و هبذا يص ــبح الت ــوازن متع ــدد الوج ــوه و ت ــزداد أنواع ــه باالجتاه من الكم اىل‬

‫النوع ‪،‬و هذا هو حمور دراستنا هذه ‪.‬‬

‫و على اعتبــار اجلزائــر إحــدى الــدول الناميــة الــيت تتــدخل الدولــة يف اقتصــادها ‪ ،‬و الــيت تعــاين من حمدوديــة املوارد و الضــغوطات‬

‫االنفاقي ــة املتزايـ ــدة لتقـ ــدمي اخلدمات األساسـ ــية ‪ ،‬الـ ــذي ينعكس على سياسـ ــتها املاليـ ــة ‪ ،‬كمـ ــا أن تزايـ ــد حجم النفقـ ــات العام ــة‬

‫اجلزائريــة هــو ظــاهرة مســتمرة بســبب اتباعهــا السياســة التوســعية ‪ ،‬و باســتخدام أدوات السياســة املاليــة يف إطــار مــا تســمح بــه‬

‫التش ــريعات القانوني ــة و اإلص ــالحات الض ــريبية ال ــيت ق ــامت هبا ل ــدعم موارده ــا املالي ــة احملدودة هبدف حتقي ــق أه ــداف السياس ــة‬

‫االقتص ــادية للبالد ‪ ،‬و من هن ــا تظه ــر امهيــة دراس ــة السياســة املالي ــة املطبق ــة يف اجلزائ ــر و م ــدى اعتباره ــا كألي ــة لتحقيــق الت ــوازن‬

‫االقتصادي خالل فرتة حمل الدراسة (‪ 2004‬ـ ‪ ، ) 2014‬و هذا ما نسعى اىل تبيانه‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إشكالية الدراسة ‪:‬‬

‫ملعاجلة املوضوع تطرح الدراسة االشكالية االتية ‪:‬‬

‫أ ) السؤال الرئيسي‪:‬ما دور السياسةـ المالية في الجزائرـ لتحقيق االستقرارـ و التوازن االقتصادي ؟‬

‫ب ) االسئلة الفرعية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ماهي األهداف الرئيسية و أدوات السياسة املالية ؟‬

‫‪ 2‬ـ ما عالقة السياسة املالية بالسياسات األخرى ؟‬

‫‪ 3‬ـ ما هي السياسة املالية املطبقة يف اجلزائر ؟ و هل كانت هلا فعالية مثلى لتحقيق التنمية و التوازن االقتصادي ؟‬

‫‪4‬ـ ما هي احللول املمكنة التباع سياسة مالية ناجعة لتحقيق التوازن االقتصادي ؟‬

‫‪11‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 3‬ـ فرضيات الدراسة ‪:‬تعتمد الدراسة على الفرضية االتية ‪:‬‬

‫تلعب السياسة املالية دورا هاما يف حتقيق التوازن و االستقرار االقتصادي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪4‬ـ منهجية الدراسة‪:‬‬

‫تعتمــد الدراســة على املنهج الوصــفي ‪،‬باإلضــافة اىل املنهج التحليلي ذلــك من خالل حتليــل البيانــات الــيت تتوافــق مــع مشــكلة‬

‫البحث ‪ ،‬و ملعاجلة املوضوع قسمت الدراسة اىل ‪:‬‬

‫الجانب النظري ‪ :‬تناولنــا فيــه مفــاهيم السياســة املاليــة ‪ ،‬تطورهــا ‪ ،‬أهــدافها ‪ ،‬كمــا تطرقنــا اىل أدوات السياســة املاليــة ‪ ،‬عالقــة‬

‫السياسة املالية بالسياسة النقدية و من مت التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫الجــانب التطــبيقي ‪ :‬السياســة املاليــة يف اجلزائــر للفــرتة ‪ 2004‬ـ ‪ ، 2014‬ـ تناولنــا فيهنظــرة حــول امليزانيــة العامــة ‪ ،‬االيــرادات‬

‫العامة و النفقات العامة يف اجلزائر‪ ،‬و من مت التوازن االقتصادي يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ـ الدراسات السابقة ‪:‬‬ ‫‪5‬‬


‫هناك عدة دراسات سابقة منها ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ هشــام مصــطفى اجلمــل (‪ )2011‬دور السياســة املاليــة يف حتقيــق التنميــة االجتماعيــة ‪ ،‬دار الفكــر اجلامعي ـ ـ اســكندرية ـ‬

‫مصر ‪ ،‬حيث عاجل يف هذا املوضوع مفهومـ السياسة املالية و تطورها و أدواهتا ‪ ،‬و ايضا دور السياسة املالية يف حتقيق التنميــة‬

‫االجتماعيــة ‪ ،‬و يف االخــري توصــل اىل أهــداف السياســة املاليــة الــيت تســاهم يف حتقيــق و توفــري الضــمان االجتمــاعي لكــل أفــراد‬

‫اجملتمع ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وحيــد مهــدي عــامر (‪ )2010‬السياســات النقديــة و املاليــة و االســتقرار االقتصــادي ‪ ،‬دار اجلامعــة إســكندرية ـ مصــر ‪:‬‬

‫حيث عــاجل يف هــذا املوضــوع السياســات املاليــة و دورهــا يف ادارة الطلب الكلي ‪ ،‬و أيضــا السياســات النقديــة و فعاليتهــا ‪ ،‬و‬

‫‪12‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من مت الت ــوازن الكلي يف النظ ــام االقتص ــادي و بعض النظري ــات االقتص ــادية ‪ ،‬و يف االخ ــري توص ــل اىل دور السياس ــة املالي ــة يف‬

‫عالج عجز املوازنة و االسباب اليت تؤدي اىل عدم خفض العجز املوازين و مالحظات كينز عن الدورة االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ درواسي مسعود (‪ )2004‬دور السياسة املالية يف حتقيق التوازن االقتصــادي ‪ ،‬أطروحــة لنيــل شــهادة الـدكتورة يف العلــوم‬

‫االقتصــادية كليــة العلــوم االقتصــادية و العلــوم التســيري جامعــة اجلزائــر ‪ :‬حيث تنــاول يف هــذا البحث مفهــومـ السياســة املاليــة و‬

‫تطورهــا مــع ذكــر أدواهتا املاليــة ‪ ،‬و أيضــا تطــرأ اىل التــوازن االقتصــادي و عالقــة السياســة املاليــة بالسياســة النقديــة ‪ ،‬و قــام‬

‫بدراس ــة تطبيقي ــة ح ــول السياس ــة املالي ــة لتحقي ــق الت ــوازن االقتص ــادي حال ــة اجلزائ ــر ‪ 1990‬ـ ‪ 2004‬و متكن من خالل ه ــذا‬

‫البحث للوصول اىل احللول املمكنة التباع سياسة مالية ناجعة تسعى اىل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ حدود الدراسة ‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫تعتمد الدراسة على حلدود الزمنية و املكانية االتية ‪:‬‬

‫الحدود الزمنية للدراسة ‪ 2004 :‬ـ ‪2014‬‬ ‫‪‬‬

‫الحدود المكانية للدراسة ‪ :‬دراسة حالة الجزائر ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ـ أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫هنالك عدة أسباب الختيار املوضوع نذكر منها ‪:‬‬

‫ـ السياســة املاليــة هلا دورا هامــا يف توجيــه النشــاط االقتصــادي ‪ ،‬و ذلــك من خالل أدواهتا و مــا هلا من أمهيــة ‪ ،‬فالنفقــات تــدعم‬

‫النش ــاط االقتص ــادي و تس ــعى لتنمي ــة اجملتم ــع و حتقي ــق األمن و االســتقرار ‪ ،‬أم ــا االي ــرادات هي مص ــدر متوي ــل امليزاني ــة العام ــة و‬

‫بالتايل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ تأثر االقتصاد اجلزائري بالعامل اخلارجي و الذي ينعكس حتما على السياسة املالية ‪.‬‬

‫ـ الرغبة الشخصية يف العمل يف موضوع السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ أهمية الدراسة ‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫تظهر أمهية الدراسةيف ‪:‬‬

‫ـ مكانة السياسة املالية يف حبتها عن مصادر متويل االيرادات لتغطية النفقات ‪.‬‬

‫ـ تظهر أمهية البحث يف مدى قدرة السياسة املالية بتحقيق الضبط على امليزانيات ‪.‬‬

‫ـ الدور الذي تلعبه السياسة املالية يف ظل اخنفاض أسعار النفط ‪.‬‬

‫ـ المفاهيم االجرائية ‪:‬‬ ‫‪9‬‬


‫تعتمد الدراسة على تبيان املفاهيم االتية ‪:‬‬

‫السياس ــة المالية ‪ ":‬السياس ــة ال ــيت مبوجبه ــا تس ــتعمل احلكوم ــة ب ــرامج نفقاهتا و إيراداهتا و موازنته ــا العام ــة ‪ ،‬ذل ــك‬ ‫‪)1‬‬

‫هبدف انتاج أثار مرغوبة و جتنب االثار غري املرغوبة يف ظل ما تعتنقه من مبادئ "‪.‬‬

‫التـ ـ ــوازن االقتصـ ـ ــادي ‪":‬احلالةاالقتصـ ـ ـ ــاديةواملاليةالتيتتعادلفيهاقوىكليةأوجزئيةأوكالمها‪ ،‬وهـ ـ ـ ــو الوضـ ـ ــع الـ ـ ــذي يتسـ ـ ــم‬ ‫‪)2‬‬

‫باالستقرار ما مل تتغري العوامل احملددة له "‪.‬‬

‫ـ أهداف الدراسة ‪:‬‬ ‫‪10‬‬

‫هتدف الدراسة اىل حتقيق ‪:‬‬

‫معرفة أمهية السياسة املالية يف االقتصاد ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مكانة السياسة املالية يف حتقيق التوازن و االستقرار االقتصادي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عالقة السياسة املالية بالسياسات االقتصادية االخرى ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اقرتاحاحللول املناسبة من أجل اتباع سياسة مالية ناجعة ‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪14‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ خطة الدراسة‪:‬‬ ‫‪11‬‬

‫تعتمدالدراسة على اخلطة االتية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ التقدمي‬

‫‪ 2‬ـ السياسة املالية‬

‫‪ 3‬ـ أدوات السياسة املالية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي دراسة حالة اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ اخلامتة ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‬

‫ان املوضوع الذي نتناوله يف هذا الفصل يتضمن السياسة املالية ‪ ،‬تطورها و أهدافها ‪ ،‬والسياسة املالية و مســؤولية الدولــة‬

‫‪ ،‬ذلك من خالل تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي ‪ ،‬و تأثرها على املتغريات االقتصـادية مباشـرة ‪ ،‬و يكـون هـذا عن طريــق‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫سياســتها االقتصــادية ‪ ،‬الــيت هي جمموعــة من السياســات تعمــل كال منهــا على كميــة أو أكــثر من الكميــات االقتصــادية اهلامــة ‪،‬‬

‫كالسياسة املالية اليت حتتل مكانـة هامـة بني حــزم من السياســات االقتصـادية يف إطـار التحـول الفكـري الـذي قدمـه كيـنز لتـدخل‬

‫الدول ــة يف النشـ ــاط االقتصـ ــادي ‪ ،‬أعطى للموازنـ ــة العامـ ــة و بالتـ ــايل السياس ــة املاليـ ــة و أدواهتا أمهي ــة يف إدارة و توجي ــه النش ــاط‬

‫االقتص ــادي ‪ ،‬و تأثريه ــا على مجي ــع املتغ ــريات االقتص ــادية ‪ ،‬حيث ش ــهدت السياس ــة املالي ــة تط ــورات جوهري ــة نتيج ــة التط ــور‬

‫السياسي و االجتماعي ملفهوم الدولة ‪.‬‬

‫إن تطـور السياسـة املاليـة مرادفـا و مرافقـا لتطـور املاليـة العامــة‪ ،‬النفقــات العامـة و االيــرادات العامــة ‪ ،‬إذ حتتـاج معظم البلـدان اىل‬

‫االنفاق لتتمكن من القيام بواجباهتا امللقاة على عاتقها و تيسري املصـاحل العامـة ‪ ،‬و قـد حصـلت عـدة تطـورات كبـرية يف مفهـوم‬

‫املصاحل العامة اليت جيب على البلدان تامني تسيريها ‪ ،‬ففي الوقت الذي كـانت مهـام الدولـة تقتصـر على توطيـد األمن الـداخلي‬

‫و اخلارجي و إقامــة العدالــة بني األفــراد ( مفهــومـ تقليــدي) ‪ ،‬اصــبحت اليــوم تشــمل كــل النــواحي االقتصــادية و االجتماعيــة و‬

‫الثقافية ( مفهوم حديث للمالية العامة) ‪.‬‬

‫إن أول من حبث االصــول املاليــة حبثــا عميقــا كــان العــامل الفرنســي بــودان ( ‪ )Bodin‬عــام ( ‪ ، )1756‬مث ظهــرت مؤلفــات‬

‫حتتوي على قواعد واضحة ألوضاع السياسة املالية و النظام الضرييب يف أوربا و حتت عنوان (روح القوانني) " ملونتسـيكو"‪ ،‬و‬

‫يف عام (‪ )1776‬نشر االقتصـادي االجنلـيزي أدم مسيت يف كتابــه املعــروف ( ثـروة األمم ) و فيـه القواعـد الواضــحة و الصــرحية‬

‫ملختلف أنواع الضرائب ‪ ،‬مث بعد ذلك جاءت الثورة الفرنسية الكربى اليت قلبت قضايا املاليــة رأســا على عقب و كــانت فاحتة‬

‫عهــد جديــد يف تــاريخ املاليــة العامــة و التشــريع املايل ‪ ،‬و يف مطلــع القــرن العشــرين أصــبح علم املاليــة علمــا مســتقال لــه مؤلفاتــه و‬

‫قواعده الصرحية و تقاليده ‪.‬‬

‫ففي الــوقت الــذي أمنت فيــه النظريــة التقليديــة مببــدأ احليــاد املايل يف ظــل الدولــة احلرســة ‪ ،‬و ان احلكم على ســالمة املاليــة العامــة‬

‫يكــون يف ضــوء مبــدا تــوازن املوازنــة و ليس مبــدأ التــوازن االقتصــادي‪،‬ـ أعيــد النظــر هبذه الفكــرة بعــد االزمــة االقتصــادية الكــربى‬

‫‪16‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫( ازمــة الكســاد العظيم) و اصــبح للدولــة و للسياســة املاليــة مفهومــا جديــد خيتلــف عن املفهــوم التقليــدي حبيث يســمح بوجــود‬

‫عجــز او فــائض يف املوازنــة العامــة ‪ ،‬و بالتــايل إهناء حالــة احليــاد املايل الــذي قــامت عليــه النظريــة التقليديــة ‪ ،‬و هكــذا فــان احلكم‬

‫على س ــالمة السياس ــة املالي ــة مل يقتص ــر على مب ــدأ ت ــوازن املوازن ــة و إمنا الت ــأثري يف وض ــع الت ــوازن االقتص ــادي الع ــام ‪ ،‬مث ك ــانت‬

‫احلرب العامليـ ــة الثانيـ ــة و أظهـ ــرت أمهيـ ــة الـ ــدور الـ ــذي ميكن أن تلعبـ ــه السياسـ ــة املاليـ ــة يف احلد من ظـ ــاهرة التضـ ــخم و الركـ ــود‬

‫باستخدام أدواهتا املالية ملعاجلة تلك املشــكالت االقتصـادية و يف الــوقت احلاضــر أصـبح من املعـرتف بـه لـدى معظم االقتصـاديني‬

‫و رجال السياسة ‪ ،‬إن السياسة املالية هي اقوى أنواع السياسات االقتصادية ‪.‬‬

‫لقــد اتضــح مما تقــدم أن السياســة املاليــة تعــين اســتخدام احلكومــة للضــرائب ‪ ،‬االنفــاق العــام ‪ ،‬و املوازنــة العامــة من أجــل حتقيــق‬

‫االســتقرار االقتصــادي و حتقيــق العدالــة االجتماعيــة ‪ ،‬كــل ذلــك من أجــل حتقيــق أهــداف التنميــة االقتصــادية و االجتماعيــة ‪ ،‬و‬

‫على هــذا االســاس ســوف نتنــاول يف هــذا الفصل االقتصــاد و مســؤولية الدولــة فيــاملبحث األول‪ ،‬أمــا املبحث الثــاين نعــرض فيــه‬

‫مفهومـ السياسة املالية و تطورها مع ذكر األهداف ‪ ،‬و أخريا السياسة املالية و مسؤولية الدولة ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬االقتصاد و مسؤولية الدولة ‪:‬‬

‫الدولة و االقتصاد ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ‬

‫‪17‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫موضــوع تــدخل الدولــة يف احليــاة االقتصــادية يــزداد يــوم بعــد يــوم ‪ ،‬بــالرغم من تغيــري القناعــات و تقلب اخللفيــات اإليديولوجيــة‬

‫للمنظــرين و أص ــحاب القــرار االقتصــادي ‪ ،‬ذلــك أن هن ــاك إدراك ــا بــأن الس ــوق القائمــة غــري مكتملــة ‪ ،‬مما جيعلهــا ع ــاجزة عن‬

‫إعطــاء االشــارات الســعرية و غريهــا بشــكل ســليم ‪ ،‬و كــان البــد من االدراك أن مســتوى معينــا لتــدخل الدولــة يف االقتصــاد هــو‬

‫أكثر من الضروري ‪ ،‬و هو ما يطرح إشكالية األدوات األكثر جناعة املمكن للدولة استخدامها للتــأثري يف الواقــع االقتصــادي و‬

‫التقليل من الفوارق االجتماعية ‪ ،‬و هو يف النهاية موضوع السياسات االقتصادية و شروط استخدامها ‪.‬‬

‫إن اجلدال خبصوص فعاليـة السياسـات االقتصـادية ليس حـديثا ‪ ،‬و إمنا يعـود اىل النقاشـبني املدارس الفكريـة ‪ ،‬خاصـة بني أنصـار‬

‫املدرســة النقديــة و على رأســهم " فريــدمان "‪ ،‬و أنصــار املدرســة الكينزيــة و على رأســهم " هيلــر " ‪ ،‬و ميكن أن نــذهب بعيــدا‬

‫هبذا النق ــاش ‪ ،‬اىل التج ــاريني و املدرس ــة التارخيي ــة األملاني ــة و خمتل ــف التي ــارات االش ــرتاكية ال ــذين مل ختل أطروح ــاهتم من تق ــدمي‬

‫دالئل على ضرورةـ تدخل الدولة ⁽‪.⁾¹‬‬

‫و يف العصـ ــر احلاضـ ــر يبـ ــدو أن النقـ ــاش حسـ ــم لصـ ــاحل أنصـ ــار قلـ ــة تـ ــدخل الدولـ ــة بفعـ ــل تبـ ــين املنظمـ ــات االقتصـ ــادية الفاعليـ ــة‬

‫لإليديولوجية الليربالية ‪ ،‬و احلجم املتزايــد هلذه املنظمــات يف صـياغة األنظمـة االقتصــادية و تأثريهـا على احلكومــات يف تبـين هـذا‬

‫النوع من السياسات أو ذاك ‪.‬‬

‫ـــــ‬

‫⁽‪⁾¹‬وليد اجليوسي ( ‪ ) 2009‬ـ أسس التنمية االقتصادية ـ دار جليس الزمان للنشر و التوزيع ـ األردن ـ الطبعة األوىل ـ ص ‪.28‬‬

‫ان دور االقتصــادي للدولــة حيث أهنا تعتــرب عونــا اقتصــاديا ضــمن بــاقي االعــوان االقتصــادية ‪ ،‬تقــوم منــذ ظهورهــا مبجموعــة من‬

‫املهام ‪ ،‬تعترب تقليدية ‪ ،‬و ال زالت هذه املهام قائمة اىل اليوم مثل إقامة العدالة ‪ ،‬ضمان األمن ‪ ،‬محاية احلدود االقليمية ‪ ،‬جباية‬

‫‪18‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫الضــرائب و الرســوم ‪ ،‬إال أن مثة مهــام اعتــربت متغــرية من دولــة اىل أخــرى ‪ ،‬و من عصــر اىل أخــر ‪ ،‬بفعــل الكثــري من املتغــريات‬

‫الفكرية و الوقائع االقتصادية من بني العوامل املؤثرة على دور الدولة‪:‬‬

‫أـ العوامل الداعية الى زيادة تدخل الدولة ‪:‬ميكن أن نذكر من ضمن هذه العوامل‪:‬‬

‫جترب ــة الكس ــاد الع ــاملي العظيم ‪ 1929‬ـ ‪ 1931‬و أطروح ــات كي ــنز املرافق ــة هلا و الداعي ــة اىل زي ــادة ت ــدخل الدول ــة عن طري ــق‬ ‫‪‬‬

‫السياسة االقتصادية ‪ ،‬و عن طريق التدخل املباشر لزيادة الطلب الفعلي⁽‪.⁾¹‬‬

‫احلرب العامليــة األوىل و الثانيــة و مــا أفرزهتمــا من دمــار مس الــدول املشــاركة يف احلرب ‪ ،‬دفــع احلكومــات اىل زيــادة التــدخل‬ ‫‪‬‬

‫إلعــادة إعمــار مــا هدمتــه احلرب بشــكل جعــل القــوة االنتاجيــة للدولــة تتطــور اىل درجــة عجــز األســواق القوميــة عن اســتيعاب‬

‫منتجاهتا ‪.‬‬

‫ظهــور الفكــر املاركســي و االطروحــات االشــرتاكية املعاديــة للملكيــة اخلاصــة ‪ ،‬أدت اىل القيــام بتأمينــات كبــرية و بالتــايل تكفــل‬ ‫‪‬‬

‫الدول بإدارة العديد من املؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫هيمنــة الفكــر التجــاري على احلكومــات األوروبيــة عنــد بــزوغ الرأمسالية التجاريــة ‪ ،‬و الــذي كــان جيعــل قــوة الدولــة رديفــة ملا‬ ‫‪‬‬

‫حتوزه من ذهب و معــدن نفيس ‪ ،‬وهــو مــا حفــز احلكومــات اىل البحث عن منــاجم املعــدن النفيس و قيــادة محالت للكشــوف‬

‫اجلغرافية صاحبتها موجة استعمارية كأسلحة ‪ ،‬جعلت الدولة يف تصميم العملية االنتاجية ‪.‬‬

‫ــــــ‬

‫⁽‪⁾¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ المدخل الى السياسات االقتصادية الكلية ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ الساحة املركزية ـ بن عكنون ـ اجلزائر ـ ص ‪.5‬‬

‫ب ـ العوامل الداعية الى تقلص دور الدولة ‪ :‬ميكن أن نذكر من ضمن هذه العوامل ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ ‬انفجار الثورة العلمية التكنولوجية و تأثريها على منو و تطور وسائل االتصال مبا أدى اىل تراجع أمهية املكـان ‪ ،‬و القضــاء على‬

‫احلدود اجلغرافية يف الكثري من القضايا ‪ ،‬و هذا ما جعل الدولة تفقد وسائل مراقبة اإلقليم من الناحية االقتصادية و االتصــالية‬

‫⁽‪.⁾¹‬‬

‫‪ ‬اهني ــار ج ــدار ب ــرلني نتيج ــة لظه ــور الفك ــر" الب ــريو س ــرتويكا " و " الغالسنوس ــت " و ك ــان ذل ــك مبثاب ــة االعالن عن حتول يف‬

‫العالقات االقتصادية الدولية ‪ ،‬ساهم يف إختفاء املعســكر االشــرتاكي ‪ ،‬و منــه زوال احلرب البــاردة و السـباق حنو التسـلح ‪ ،‬و‬

‫فتح مث ــل ه ــذا الوض ــع اجملال واس ــعا لس ــيادة إيديولوجي ــة الس ــوق للتمكن و التعميم ‪ ،‬و تع ــادي ايديولوجي ــة الس ــوق " ك ــثرة‬

‫تدخل الدولة " ‪.‬‬

‫‪ ‬زيـادة نفـوذ و وزن املنظمـات االقتصـادية العامليـة ( صـندوق النقـد الـدويل و البنـك العـاملي و املنظمـة العامليـة للتجـارة ) يف وضـع‬

‫السياسـات االقتصـادية بشـكل جتاوز منطـق املشـورة اىل درجـة اإللـزام ( الشـرطية مثال ) من خالل تـدابري الـربامج املدعومـة أو‬

‫شروط االنضمام اىل هذه املنظمات ‪ ،‬و هذا ما جعل الدولة تفقد الكثري من عناصر القدرة على اختاد القرارات ‪.‬‬

‫ج ـ ـ العوامــل المــؤطرة للتــدخل الحكــومي ‪:‬العوام ــل املذكورة س ــابقا هي عوام ــل عام ــة متس احملي ــط االقتص ــادي و السياس ــي‬

‫العاملي ‪ ،‬و هي عوامل خارجية بالنسبة للدولة ‪ ،‬إال أن مثة عوامل تتعلق بظروف كل بلــد هلا انعكــاس مباشــر على اهتماماتــه و‬

‫أولوياته بشكل يؤطر جماالت تدخل الدولة ‪ ،‬من أهم هذه العوامل ⁽‪:⁾²‬‬

‫ـــــ‬

‫ـ ص ‪ 6‬و ‪.7‬‬ ‫⁽‪⁾²⁽،⁾¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ المرجــع السابـق‬

‫ـ مســتوى التنميــة االقتصــادية و االجتماعية ‪ ،‬و خيــارات التنميــة املعتمــدة يف كــل بلــد ‪ ،‬ذلــك أن حتديــد حجم تــدخل الدولــة‬

‫يرتبط يف النهاية مبدى قدرهتا على التدخل ( املوارد و الوسـائل) ‪ ،‬كمـا أن البلـد كلمـا كـان متخلفـا كلمـا كـانت هنـاك حاجـة‬
‫‪20‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫اىل ت ــدخل الدول ــة لقي ــادة ديناميكي ــة التنموي ــة من جه ــة ‪ ،‬و لتغطي ــة اجملاالت ال ــيت يعج ــز اخلواص عن تغطيته ــا ‪ ،‬و تبقى كيفي ــة‬

‫التدخل هذه متأثرة باملنهج التنموي املختار من قبل الدولة ‪.‬‬

‫ـ درجة االنفتاح االقتصادي على التطورات التكنولوجية اليت تولـد احلاجـة اىل أنظمـة خاصـة بالنشـاطات اجلديـدة ‪ ،‬ذلـك أن‬

‫الدولة قد تلعب دورا حموريـا يف دفـع البلـد اىل االسـتيعاب حركيـة االبـداع و االخـرتاع بـدعمها ملؤسسـات البحث و التطـوير ‪،‬‬

‫و حفر املؤسسات االقتصادية يف اعتماد التطبيقات اجلديدة يف جمال االنتاج باستخدام عدة أســاليب (ضـريبية ‪ ،‬حتويليـة‪. )...‬و‬

‫عموما جند هذا احلفز منعكسا على مستوى النفقات العامة ‪.‬‬

‫ـ طبيعــة اجلهــاز احلكــومي و االداري القــائم مبا يعكس إمــا حالــة من التوافــق السياســي أو حالــة من التنــافر السياســي بني الفئــات‬

‫املكونة للسلطة ‪ ،‬و عادة ما تؤدي حالة التنافر اىل شلل سياسي عام نتيجته يف النهاية ضعف تدخل الدولة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أشكال الدولة‪:‬‬

‫لقد عرف الفكر االقتصادي التمييز بني عدة أشكال للدولة ‪ ،‬تستعرضها فيما يلي ‪:‬‬

‫أ ـ ـ الدولــة الحارســة ‪ :‬و هي دولــة تســتوحي وظائفهــا من الفكــر الليــربايل الــذي يــدعو اىل حيــاد الدولــة ‪ ،‬وعــدم تــدخلها يف‬

‫النشـ ــاط االقتص ـ ــادي ‪ ،‬و اقتصـ ــار جبايتهـ ــا للضـ ــرائب على مـ ــا ميكنه ـ ــا من تغطيـ ــة وظائفهـ ــا التقليديـ ــة األربـ ــع ‪ ،‬ضـ ــمان األمن‬

‫العمومي ‪ ،‬محاية االقليم ‪ ،‬التمثيل اخلارجي ‪ ،‬إقامة العدالة ⁽‪.⁾¹‬‬

‫ــــــ‬

‫⁽‪⁾¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2005‬املرجـ ــع السابـق ص ‪. 12‬‬

‫ب ـ ـ الدولــة المتدخلــة ‪ :‬و هي دولــة غــري حياديــة و متارس النشــاط االقتصــادي و جيد تــدخل الدولــة مــربرا لــه يف أطروحــات‬

‫التجـ ــاريني ‪ :‬ضـ ــمان مـ ــيزان التجـ ــاري موافـ ــق و ذلـ ــك باحلد من االسـ ــترياد حفاظـ ــا على عـ ــدم خـ ــروج املعـ ــدن النفيس ‪ ،‬أو يف‬

‫أطروحــات املدرســة التارخييــة ‪ ،‬و القاضــية بضــرورة محايــة الصــناعات الناشــئة ‪ ،‬أو يف أطروحــات الكيــنزيني ‪ ،‬و القاضــية خبلــق‬
‫‪21‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫الطلب الفعلي أو يف بعض األطروح ــات الداعي ــة اىل توس ــيع نط ــاق امللكي ــة العام ــة للقض ــاء على التن ــاقص املوج ــود بني املص ــاحل‬

‫اخلاصة و املصلحة العامة ‪.‬‬

‫ج ـ دولة الرفاهية ‪:‬وهـو شـكل للدولـة ظهــر بعــد ‪ 1945‬معتمــدا على سياسـية امليزانيـة و على توسـع يف احلمايـة االجتماعيـة ‪،‬‬

‫ذلك أن هذا الشكل للدولة أخد على عاتقه مسؤولية توفــري قـدر من احلقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة للمواطـنني ‪ ،‬و ضــمان‬

‫حتقيــق درجــة عاليــة من العدالــة و املســاواة بينهم ‪ ،‬مســتفيدة من ســيادة الدميقراطيــة و املشــاركة الشــعبية يف احلكم الــيت مــا فــتئت‬

‫تدعم املطالب االجتماعية ‪ ،‬إال أن هذه الدولة عرفت أزمتها بنهاية السبعينات نظــرا لـرتاجع معــدالت النمــو االقتصــادي و هــذا‬

‫ما جعل احلكومات عاجزة عن التكفل مبشاكل كل اجملتمع مثلما كان ذلك سابقا ‪.‬‬

‫د ـ دولــة التحــويالت ‪ :‬و هي عبــارة عن تطــور ســليب يف مســار دولــة الرفاهيــة حيث انطــوت على حتويالت ليســت بالضــرورةـ‬

‫من األغنيــاء للفقــراء ‪ ،‬حيث مـع مـرور الـوقت مل يعـد الرتكـيز منصـبا على محايـة القطاعـات األكـثر تعرضــا لألخطـار النامجة عن‬

‫عدم املساواة املتأتية عن النظام ‪ ،‬و امنا انصب االهتمام على االستمرار يف تعويض الذين ختلفوا عن الركب يف سباق الرخاء ‪،‬‬

‫مع ترك القطاعات األضعف قدرة على ممارسة الضغط السياسي على أطراف الطريق ‪.¹‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬عبد اجمليد قدي ( سنة ‪ )2003‬ـ املرجـع السابق ص ‪ 12‬و ‪. 13‬‬

‫‪3‬ـ السياسة االقتصادية مظهر من مظاهر تدخل الدولة ‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫السياسة االقتصادية أهنا " جمموعة القرارات اليت تتخــذها السـلطات العموميـة هبدف توجيـه النشــاط يف اجتاه مرغـوبـ فيــه " جند‬

‫ذل ــك ملا تق ــرر الدولــة زي ــادة العج ــز املوازين للمحافظــة على التشــغيل ‪ ،‬وضــع معــايري الرتف ــاع األســعار و املداخيل للتقليــل من‬

‫التضخم ‪ ،‬اعتماد جباية تفضيلية لدعم الصادرات‪...‬اخل (‪ ،) Xavier Greffe‬و حتدث السياسة االقتصادية أثارها ‪ ،‬إال أنــه‬

‫ال ميكننــا دائمــا إدراك هــذه األثــار بــالنظر اىل اآلجــال‪ ،‬و ميكن التميــيز بني نــوعني من اآلجــال التــأخرات يف وضــع السياســات‬

‫االقتصادية ‪.‬‬

‫أجاللــداخلي وهــو الــزمن بني الصــدمة املالحظــة و تــدابري السياســة االقتصــادية املعتمــدة للتــأثري على هــذه الصــدمة ‪ ،‬و هــو أجــل‬

‫مزدوج فمن جهة نقوم بتقييم الصدمة و من جهة أخرى نقوم بوضع السياسة املالئمة ‪.‬‬

‫األجــل اخلارجي و هــو الــزمن الــذي ميتــد بني اللحظــة الــيت يتم فيهــا اختاذ تــدابري السياســة االقتصــادية و اللحظــة الــيت يظهــر فيهــا‬

‫األثر الفعلي على االقتصاد ‪ ،‬و يفسر هذان األجالن أن أثـار السياسـة االقتصـادية ‪ ،‬ال ميكن قياسـها دائمـا بشـكل صـحيح ‪ ،‬و‬

‫ميكن تقديرها بشكل سيئ ‪.‬‬

‫ميكن التمييز بني أنواع السياسة االقتصادية تبعا لألثار املتوقعة ما إذا كانت يف املدى القصري أو يف املدى الطويل ‪ ،‬و عليــه منيز‬

‫بني ‪:¹‬‬

‫‪ ‬السياسة الظرفية ‪ :‬و تتعلق أساسا بالسياسة امليزانية و السياسة النقدية ‪.‬‬

‫‪ ‬السياسة اهليكلية ‪ :‬و تتعلق أساسا بالسياسة الصناعية و السياسة االجتماعية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬مدحت حممدـ العقاد ( ‪ ) 1983‬ـ مقدمة يف علم االقتصاد ‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر ـ القاهرة ـ مصر ـ ص ‪.25‬‬

‫‪23‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ 4‬ـ مصداقية السياسة االقتصادية و مضمونها‪:‬‬

‫تق ـ ــوم السياسـ ــة االقتص ـ ــادية أساس ـ ــا على التوقع ـ ــات ‪ ،‬قـ ــد ال تك ـ ــون ه ـ ــذه التوقع ـ ــات واح ـ ــدة بالنسـ ــبة للحكوم ـ ــة و األع ـ ــوان‬

‫االقتصــاديني ‪.‬تكــون السياســة االقتصــادية ذات مصــداقية إذا كــان األعــوان االقتصــاديون مطمئــنني اىل أن الســلطات العموميــة ال‬

‫ترتاجع يف االختيارات املعلن عنها ‪ ،‬و من هنا ينخرط األعوان لتحقيق األهداف املعلنة و يكيفون توقعاهتم مع معدل التضــخم‬

‫املراد من قبـ ـ ــل السـ ـ ــلطات ‪ ،‬إذ يف العـ ـ ــادة مـ ـ ــا ينتظـ ـ ــر اىل جهـ ـ ــود احلكومـ ـ ــة يف مكافحـ ـ ــة التضـ ـ ــخم على أهنا أس ـ ــاس الختب ـ ــار‬

‫مصــداقيتها ‪.‬ســبق لنــا و أن تعرضــنا اىل تعريــف السياســة االقتصــادية ‪ ،‬إال أنــه من املفيــد هنــا أن نضــيف جمموعــة من التعــاريف‬

‫ملفهومـ السياسة االقتصادية و من أمهها جند ‪:‬‬

‫السياس ــة االقتص ــادية هي جمم ــوع توجيه ــات ك ــل التص ــرفات العمومي ــة و ال ــيت هلا انعكاس ــات على احلي ــاة االقتص ــادية‪ :‬نفق ــات‬

‫الدولة‪ ،‬النظام النقدي‪ ،‬العالقات اخلارجية‪ ...‬اخل ‪.‬‬

‫السياســة االقتصــادية هي جممــوع التصــرفات الفعليــة املتبعــة يف اجملال االقتصــادي‪،‬ـ و جيب أن تكــون هــذه التصــرفات من الكــثرة‬

‫حىت تعطي مضمونا ملفهوم السياسة االقتصادية ‪.‬‬

‫تعتــرب السياســة االقتصــادية عن تصــرف عــام للســلطات العموميــة واع منســجم و هــادف يتم القيــام بــه يف اجملال االقتصــادي‪ ،‬أي‬

‫يتعلق باإلنتاج ‪ ،‬التبادل ‪ ،‬استهالك السلع و اخلدمات و تكون رأس املال ‪.‬‬

‫من مضمون السياسة االقتصاديةأهنا تعترب مظهرا خاصا من مظاهر السياسة العامة و تتضمن ‪:‬‬

‫أ ـ تحديـد األهـداف ‪ :‬الــيت تســعى الســلطات اىل حتقيقهــا ‪ ،‬إال أن العــادة جــرت أن تكــون للسياســة االقتصــادية أهــداف ‪ ،‬مثــل‬

‫النم ــو االقتص ــادي ‪ ،‬التش ــغيل الكام ــل ‪ ،‬ت ــوازن م ــيزان املدفوعات ‪ ،‬تقليص الف ــوارق ‪،‬تنمي ــة القطاع ــات االس ــرتاتيجية‪ ،‬اس ــتقرار‬

‫األسعار ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ب ـ وضع التدرج بين األهداف ‪ :‬ذلــك أن بعض االهــداف تكــون غــري منســجمة ‪ ،‬فخفض معــدل الــربح ميكن أن يســاعد يف‬

‫التقليـل من الفـوارق ‪ ،‬و لكنـه ميكن أن يـؤدي اىل إحـداث أزمـة يف نظـام يكـون فيـه الـربح هـو أسـاس االسـتثمار ‪ ،‬مبا يـؤدي اىل‬

‫عرقلة منو املداخيل و التشغيل ‪.‬‬

‫ج ـ تحليل االرتباطات بين األهداف ‪ :‬عنــد وضــع التــدرج بني األهــداف البــد من وضــع منوذج اقتصــادي يوضــح العالقــات ‪،‬‬

‫مثل رفـع معــدل الـربح بكبح الكتلـة األجريـة ‪ ،‬أخـذابعني االعتبـار أن ذلــك ميكن أن يــؤثر على االسـتثمار ألن ضـعف الطلب ال‬

‫يشجع على زيادة القدرات االنتاجية ‪.‬‬

‫دـ اختيار الوسائل ‪ :‬الــيت البــد من وضــعها قيــد التنفيــذ لتحقيــق أفضــل وضــعية بداللــة الغايــات اجملســدة يف األهــداف ‪ ،‬و ترتبــط‬

‫الوسيلة يف العادة باهلدف املراد ‪.‬‬

‫و هنــاك العديــد من اجملاالت أين ميكن تطـبيق السياســات االقتصــادية ‪ ،‬فمثال يتم احلديث عن سياســة التهيئــة العمرانيــة ‪ ،‬سياسـة‬

‫البحث ‪ ،‬سياسة االنتشار الصناعي ‪ ،‬سياسة احملافظة على البيئة ‪...‬اخل‪.¹‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬مدحت حممدـ العقاد ( ‪ ) 1983‬املرجع السابق ص ‪. 45‬‬

‫‪25‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ 5‬ـ أنواع و أهداف السياسة االقتصادية‪:‬‬

‫ميكن التمييز بني األنواع التالية للسياسة االقتصادية ‪:‬‬

‫أ ـ سياسـ ــة الضـ ــبط ‪ :‬تتعل ـ ــق سياس ـ ــة الض ـ ــبط باحملافظ ـ ــة على الت ـ ــوازن الع ـ ــام خبفض التض ـ ــخم ‪ ،‬احملافظ ـ ــة على ت ـ ــوازن م ـ ــيزان‬

‫املدفوعات ‪ ،‬اسـ ــتقرار العمل ــة ‪ ،‬البحث عن التوظيـ ــف الكامـ ــل ‪ ،‬هـ ــذا ب ــاملفهوم الضـ ــيق ‪ ،‬أمـ ــا بـ ــاملفهوم الواس ــع فتع ــين جمم ــوع‬

‫التصرفات اهلادفة اىل احملافظة على النظــام االقتصـادي يف وضــعه ( تقليص الضـغوط االجتماعيـة ‪ ،‬السياسـات املضـادة لألزمـة )‬

‫‪.¹‬‬

‫ب ـ سياس ــة االنع ــاش ‪ :‬يه ــدف االنع ــاش اىل إع ــادة إطالق األل ــة االقتص ــادية ‪ ،‬مس ــتخدما العج ــز املوازين ‪ ،‬حف ــز االس ــتثمار ‪،‬‬

‫األجور و االستهالك ‪ ،‬تسهيالت القرض ‪...‬اخل ‪ ،‬و هي مستوحاة من الفكــر الكيـنزي ‪ ،‬و نلجـأ يف بعض األحيـان اىل التميـيز‬

‫بني اإلنعاش عن طريق االستهالك و االنعاش عن طريق االستثمار ‪.‬‬

‫ج ـ سياسة إعادة هيكلة الجهاز الصناعي ‪ :‬و تعرب عن سياسة اقتصادية هتدف اىل تكييف اجلهــاز الصــناعي مــع تطـور الطلب‬

‫العاملي ‪ ،‬و تتميز بإعطاء األولوية للقطاعات املصدرة ‪ ،‬تفضيل التوازن اخلارجي كعامل حمفز للنشاط االقتصادي و التشغيل ‪.‬‬

‫د ـ سياســة االنكمــاش *‪ :‬و هي سياس ــة هتدف اىل التقليص من ارتف ــاع األس ــعار عن طري ــق وســائل تقليدي ــة مث ــل االقتطاع ــات‬
‫االجباريـ ــة على الـ ــدخل ‪ ،‬جتمي ـ ــد األجـ ــور ‪ ،‬مراقبـ ــة الكتلـ ــة النقديـ ــة ‪ ،‬و ت ـ ــؤدي ه ـ ــذه السياسـ ــة يف العـ ــادة اىل تقليص النشـ ــاط‬
‫االقتصادي ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪*Déflation‬‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ )2003‬ـ املرجع السابــق ص ‪. 31‬‬

‫‪26‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫هـ ـ ـ ـ سياســة التوقــف ثم الــذهاب ‪ :‬و هي سياســة مت اعتمادهــا يف بريطانيــا و تتمــيز بالتنــاوب املتسلســل لسياســة االنعــاش مث‬

‫االنكماش حسب ألية كالسيكية تعكس بنية اجلهاز االنتاجي ‪.‬‬

‫من بين األهـداف األساسـية للسياسـة االقتصـادية نجـد ‪:‬تعتــرب أهــداف السياســة االقتصــادية مرنــة ‪ ،‬و غايتهــا يف النهايــة حتقيــق‬

‫الرفاهيــة العامــة ‪ ،‬إال أنــه تقليــديا جــرى العــرف على تلخيص هــذه األهــداف ضــمن أربعــة تعــرف بــاملربع الســحري لـ ـ كالــدور‬

‫‪.KAHDOR¹‬‬

‫أ)البحث عن النمــو االقتصــادي ‪ :‬وهــو اهلدف األكــثر عموميــة ‪ ،‬حيث يتعلــق بارتفــاع مســتمر لإلنتــاج ‪ ،‬املداخيل ‪ ،‬ثــروة ‪،‬‬

‫األم ــة ‪،...‬ـ و ع ــادة م ــا يتم اعتم ــاد زي ــادة الن ــاتج احمللي اخلام ك ــأداة لقي ــاس النم ــو ‪ ،‬إال أن ه ــذا القي ــاس يط ــرح مش ــاكل تتعل ــق‬

‫مبضمون الناتج احمللي اخلام نتيجة اختالف نظم احملاسبة الوطنية يف حتديد حقل االنتاج ‪.‬‬

‫كم ــا أن احملاس ــبة الوطني ــة ال ميكنه ــا حالي ــا إدراج التك ــاليف الفعلي ــة للحص ــول على املنتج ــات مث ــل تك ــاليف التل ــوث ‪ ،‬ت ــدهور‬

‫البيئة ‪ ،‬األثار اخلارجية ‪ ،‬كمـا تواجـه أيضـا مشـكلة االقتصـاد املوازي الـذي يتكـون من األنشـطة غـري املصـرح هبا و أحيانـا غـري‬

‫شــرعية ‪ ،‬و يعتــرب حجم القطــاع املوازي هامــا يف بعض االقتصــاديات إذ يصــل فيهــا إىل ‪ % 20‬من النــاتج احمللي اخلام ‪.‬إال أنــه‬

‫بالرغم من هذه املشاكل ‪ ،‬يبقى الناتج احمللي اخلام األداة املستخدمة لقياس النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫ذلك إن النمو االقتصادي هو فعل تراكمي ال ميكن رصده إال بعد مرور فرتة زمنية ‪.‬‬

‫يعرب حماسبيا ‪:‬الناتج احمللي اخلام = جممـوع االسـتهالك النهــائي ‪ +‬جممــوع الـرتاكم اخلام لألصــول الثابتـة ‪ +‬جممــوع تغـري املخـزون‬
‫‪ +‬جمموع الصادرات ـ جمموع الواردات ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪27‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫*‪Stop and go‬‬

‫‪ ¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ )2005‬ـ املرجـع السابـق ص‪ 33‬و ‪. 34‬‬

‫يتم التمي ـ ــيز يف الع ـ ــادة بني الن ـ ــاتج احمللي اخلام االمسي و الن ـ ــاتج احمللي اخلام احلقيقي ‪ ،‬ذل ـ ــك أن األول يع ـ ــرب عن قيم ـ ــة االنتـ ــاج‬

‫باألسعار اجلارية ‪ ،‬و من هنا فإن بعض التغريات اليت ميكن أن حتدث فيه تكـون نتيجـة تغـري األســعار ال الكميـات ‪ ،‬و من أجــل‬

‫إزالة أثر السعر نلجـأ اىل حسـاب النـاتج احمللي اخلام احلقيقي الـذي ال يأخـذ بعني االعتبـار إال التغـري يف الكميـات و هـذا بقسـمة‬

‫الناتج احمللي اخلام االمسي على مؤشر األسعار ‪.‬‬

‫و بالتايل فإن حساب معدل النمو يتم انطالق من التغيري الذي حيصل يف الناتج احمللي اخلام من سنة اىل أخرى ‪.‬‬

‫إذا ك ــان مع ــدل النم ــو يس ــاوي مع ــدل التغ ــري يف الن ــاتج احمللي اخلام احلقيقي ‪ ،‬فغن ــه من الض ــروريـ القي ــام باملقارن ــة الن ــاتج احمللي‬

‫احلقيقي بالناتج احمللي احملتمل ( الكامن) الذي يعرب عن مستوى االنتاج القابل للتحقيــق باسـتخدام كامــل الطاقـة االنتاجيـة لكـل‬

‫عوامل االنتاج ‪ ،‬و بصفة خاصة العمل ‪.‬‬

‫و من هنا فإن الناتج احمللي اخلام الكامن هو الناتج احمللي اخلام الذي يضمن التشغيل الكامل ‪.‬‬

‫ب) البحث عن التشــغيل الكامــل ‪ :‬يتم البحث عن التشــغيل الكامــل ألن تعــويض البطــالني يعتــرب تكلفــة بالنســبة للمجتمــع و‬

‫الــيت حتد من إمكانيــة النمــو االقتصــادي ‪ ،‬إال أن التشــغيل الكامــل مبفهومــه الواســع ينصــرف اىل اســتعمال الكامــل لكــل عوامــل‬

‫االنتاج و اليت من بينها العمل ‪.‬‬

‫و لتقــدير حجم البطالــة يف اجملتمــع يتم التميــيز بني ‪:‬إمجايل الســكان و يضــم فئــتني من الســكان النشــيطني او غــري النشــيطني ‪ ،‬و‬

‫ينقســم ســكان النشــطون اىل عــاملني و اىل عــاطلني ‪ .‬و يعــرف مكتب العمــل الــدويل العاطــل كــل من هــو قــادر على العمــل و‬

‫راغب فيه و يبحث عنه و يقبله عند مستوى االجر السائد و لكن دون جدوى ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫إن وصــول االقتصــاد مــا اىل درجــة التوظيــف الكامــل ال تعــين بالضــرورة أن معــدل تشــغيل القــوة العاملــة يســاوي ‪ %100‬أو أن‬

‫مع ــدل البطال ــة يس ــاوي الص ــفر ‪ ،‬ذل ــك أن هن ــاك ق ــدرا من البطال ــة ال يوج ــد يف ك ــل حلظ ــة و ال ميكن ذهاب ــه ‪ ،‬فعن ــد مس ــتوى‬

‫التوظيف الكامل ختتفي البطالة الدورية ‪ ،‬و يسود عندئذ معــدل البطالـة الطـبيعي ‪ ،‬و بالتـايل يعـرب هـذا املعــدل عن السـري العـادي‬

‫لس ــوق العم ــل و ه ــو غ ــري قاب ــل للض ــغط ‪.‬هن ــاك عالق ــة بني النم ــو و البطال ــة ‪ ،‬ذل ــك ان زي ــادة وت ــرية النم ــو االقتص ــادي ت ــؤدي‬

‫بالضرورةـ اىل اخنفاض البطالة ‪ ،‬و كل اخنفاض يف وترية النمو االقتصادي تقود اىل ارتفاع يف درجة البطالة ‪.‬‬

‫ج)البحث عن الت ــوازن الخ ــارجي ‪ :‬و ه ــو ت ــوازن م ــيزان املدفوعات ‪ ،‬إذ يعكس وض ــع م ــيزان املدفوعات موق ــف االقتص ــاد‬

‫القومي جتاه باقي االقتصاديات ‪ ،‬و يـؤدي اختالل مـيزان املدفوعات الـذي يعـرب يف الغـالب عن حالـة عجــز ‪ ،‬اىل زيـادة مديونيـة‬

‫البالد مما جيعلهــا تعيش فــوق إمكانياهتا ‪ ،‬و اىل تــدهور قيمــة عملتهــا ‪ ،‬و بالتــايل فــإن تــوازن مــيزان املدفوعات يســمح باحلصــول‬

‫على اس ــتقرار العمل ــة و تنمي ــة املب ــادالت االقتص ــادية ‪ ،‬حيث أن التقلب ــات املفاجئ ــة يف العمل ــة حتم ــل خماطر هام ــة للبالد ذات‬

‫عمالت ضعيفة ‪.‬‬

‫يؤشــر الوضــع العــام مليزان املدفوعات على مــدى ضــعف أو قــوة االقتصــاد القــومي ‪ ،‬و يعكس يف ذات الــوقت درجــة تنافســية‬

‫االقتصــاد من خالل زيــادة حصــة ســوق منتجــات البلــد ‪ ،‬و ال تعــود هــذه التنافســية اىل عامــل واحــد كتكلفــة عوامــل االنتــاج أو‬

‫سعر املنتجات ‪ ،‬و إمنا باإلضافة اىل ذلك هناك عوامل أخرى مثل أصالة املنتجات و جودهتا ‪ ،‬و أسـاليب التسـيري املعتمـدة ‪ ،‬و‬

‫التحكم يف تقنيات التسويق الدويل ‪...‬اخل ‪¹‬‬

‫د ) التحكم في التض ــخم ‪ :‬و ه ــذا من خالل البحث عن خفض مع ــدل التض ــخم ‪ ،‬ألن ع ــدم التحكم في ــه ي ــؤدي اىل تش ــويه‬

‫املؤشــرات االقتصــادية املعتمــدة الختاذ القــرارات االقتصــادية ‪ ،‬كمــا أن التضــخم زاحفــا إذا مل يتحكم فيــه ميكن أن يتحــول اىل‬

‫تضـخم جـامع ‪ ،‬فضـال عن كـون التضـخم يـؤدي اىل فقـدان ثقـة االعـوان االقتصـاديني يف كـل التـدابري املتخـذة يف إطـار السياسـة‬

‫االقتصادية ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ املرجع السابق ص ‪. 50‬‬

‫و يعتــرب التحكم يف التضــخم أولويــة لــدى الكثــريين حــىت إن كــان يتعــارض مــع أهــداف أخــرى مثــل التشــغيل ‪ .‬و منيز يف العــادة‬

‫بني‪:‬‬

‫التضخم بالطلب ‪ :‬و الذي حيدث نتيجة االرتفاع يف النفقات اخلاصـة ( للعـائالت و املؤسسـات ) املمـول عن طريـق القـروض‬

‫أو اســتخدام االصــول املاليــة ‪ ،‬او االرتفــاع يف الطلب اخلارجي ‪ ،‬و ال يكــون هنــاك تضــخم إذا كــان عــرض الســلع و اخلدمات‬

‫كافيا لتغطية هذا الطلب ‪ ،‬إال أن هذا عجز العرض ميكن ان حيدث نتيجة عدة عوامل ‪:‬‬

‫ـ عدم وجود قدرات إنتاجية غري مستغلة ‪.‬ـ عجز يف املخزونات ‪.‬ـ الندرة الناجتة عن عوامل عرضية ( حوادث) ‪.‬‬

‫ـ عدم إمكانية اللجوء اىل االسترياد ‪ ،‬لعدم توفر العملة الصعبة لتمويلها ‪.‬‬

‫التضــخم بالتكــاليف ‪ :‬و هــو التضــخم النــاتج عن ارتفــاع االســعار الــذي يتســبب فيــه ارتفــاع تكــاليف عوامــل االنتــاج ( مــواد‬

‫أولية ‪ ،‬أجور ‪ ،‬هوامش ‪)...‬ـ دون أن يكون هناك يف البداية فائض يف الطلب ‪.‬‬

‫املربع السحري للسياسة االقتصادية‬ ‫الشكل رقم( ‪: )01‬‬

‫النمو‬

‫التوازن‬ ‫استقرار‬
‫األسعار‬
‫‪30‬‬
‫التشغيل‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫املصدر ‪ :‬حممد خليل برعي ( ‪ ) 2003‬ـ مقدمة في االقتصاد الدولي ـ مكتبة النهضة الشرق القاهرة ‪ ،‬مصر ـ ص ‪.34‬‬

‫‪:‬‬ ‫المبحث الثاني ـ مفهوم السياسة المالية و تطورها‬

‫السياســة هي اســم لألحكــام و التصــرفات الــيت تــدبر هبا شــؤون األمــة يف حكومتهــا و تشــريعها و قضــائها و يف مجيــع ســلطاهتا و‬

‫عالقاهتا بغريها من األمم ‪ ،‬أي اهنا كل النظم و التشريعات اليت تأسس هبا األمة يف الداخل و اخلارج‪.‬‬

‫السياســة هي علم بأص ــول يع ــرف هبا أن ــواع الرئاس ــات و السياس ــات املدني ــة و أحواهلا و السياس ــة يف ع ــرف أرب ــاب احلكم و‬

‫احلكماء تتناول فروعا أعظمها ثالثة و هي ‪: ¹‬‬

‫السياسة الداخلية ‪ :‬و هي اليت يطلق عليها اسم السياسة حبصر املعـىن ‪ ،‬و تتنـاول إدارة شـؤون البالد و تنظيم حكومتهـا على‬

‫مقتضــى منــازع أهاليهــا و معتقــداهتم و أخالقهم و درجــة رقيهم يف ســلم احلضــارة ‪ ،‬و ذلــك بــالنظر اىل ســالمة البالد و راحــة‬

‫العبــاد‪ .‬و قـد ختتلـف السياسـات بـاختالف البالد و مواقعهــا و احتياجاهتا و مصــادر ثروهتا و قوهتا و درجـة مــدنيتها ‪ ،‬كمـا أهنا‬

‫ختتلف يف االرض الواحدة باختالف االزمنة و الرجال الذين يستلمون أزمة احلكام‪.‬‬

‫ـ السياسة الدولية أو الخارجية ‪ :‬عرفت بأهنا فن يبحث عن العالئق املتصلة بني الــدول و املصــاحل املتضــاربة و املتباينــة بينهم ‪،‬‬

‫و غايتها توسيع نطاق االحتادي البشري و دفع املشاكل الناشئة عن تباين الغايات املختلفة ‪.‬‬

‫ـ السياسة المدنية ‪ :‬و هي تدبري املعاش مع العموم على سـنن العـدل و االسـتقامة و هي من أقسـام احلكمـة العلميـة ‪ ،‬و هي يف‬

‫عرف السياسيني بيان التدابري الالزمة إلدارة أعمال البشر حبيث جيرى االنسان يف عمله على السنن الطبيعية الضـابطة بسـعيه و‬

‫‪31‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫اجته ــاده يف ترقي ــة حال ــه ‪ ،‬و ق ــد يق ــال هلا لالقتص ــاد السياس ــي‪ ...‬و العلم ــاء خمتلف ــون يف تعري ــف السياس ــة املدني ــة " االقتص ــاد‬

‫السياسي " الختالفهم يف حتديد أغراضها فجعلها البعض علما و البعض االخر فنا ‪ ،‬و قال االخرون أهنا خليط من االثنني ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دور السياسة المالية في تحقيق التنمية االجتماعية ـ دار الفكر اجلامعي ـ االسكندرية ـ ص ‪3‬‬ ‫‪ ¹‬هشام مصطفى اجلمل ـ‬

‫‪ 1‬ـ السياسة المالية في النظم المالية المعاصرة‪:‬‬

‫كانت السياسة املالية ترادف يف معناهـا االصـلي كال من املاليـة العامـة و ميزانيـة الدولـة ‪ ،‬حيث يــرد كتـاب املاليـة العامـة لفــظ "‬

‫السياســة املاليــة " اىل كلمــة فرنســية قدمية ‪ FISC‬و تعــين حافظــة النقــود أو اخلزانــة ‪ ،‬و مــع التطــور الــذي طــرأ على دور الدولــة‬

‫االقتصــادي أصــبح هــذا املعــىن يضــيق عن اســتيعاب الوظــائف و املهــام اجلديــدة الــيت أصــبحت تؤديهــا الــدول يف حيــاة جمتمعاهتا و‬

‫على االخص يف اجملاالت االقتصــادية ‪ ،‬حيث نلمس اليــوم وزنــا متزايــدا لالقتصــاد العــام يف مقابــل االقتصــاد اخلاص ‪ ،‬و من هــذا‬

‫التطور ‪ ،‬فإنه ميكن تعريف السياسة املالية بأهنا السياسة اليت تعين بدراسة النشاط املايل لالقتصاد العام ـ بوحداتــه املختلفــة ذات‬

‫الطبيعــة االقتصــادية و االداريــة ـ ومــا يســتتبع هــذا النشــاط من أثــار بالنســبة ملختلــف قطاعــات االقتصــاد القــومي ‪ ،‬و هي تتضــمن‬

‫فيمــا تتضــمنه تكييفــا كميــا حلجم االنفــاق العــام و االيــرادات العامــة ‪ ،‬و كــذا تكييفــا نوعيــا ألوجــه هــذا االنفــاق و مصــادر هــذه‬

‫االيرادات بغية حتقيق أهداف معينة يف مقدمتها النهوض باالقتصاد القومي و دفع عجلة التنمية ‪.‬‬

‫وهيسياسـة اسـتخدام أدوات املاليـة العامــة من بــرامج االنفــاق و االيــرادات العامــة لتحريــك متغــريات االقتصــاد الكلي مثــل النــاتج‬

‫القـومي ‪ ،‬العمالـة ‪ ،‬االدخــار ‪ ،‬االســتثمار ‪ ،‬و ذلـك من أجـل حتقيـق االثــار املرغوبـة و جتنب االثـار الغــري املرغوبـة فيهـا على كـل‬

‫من الدخل و الناتج القوميني و مستوى العمالة و غريها من املتغريات االقتصادية ‪¹.‬‬

‫‪32‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫و هي استخدام الدولـة إليراداهتا و نفقاهتا مبا حيقـق أهـدافها االقتصـادية و االجتماعيـة و السياسـية يف ظـل مـا تعتنقـه من عقائـد‬

‫و يف حدود إمكانياهتا املتاحة مع االخذ يف االعتبار درجة تقدمها و منوها االقتصادي ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬حممود حسني الوادي ‪ ،‬زكريا أمحد عزام ( ‪ )2000‬المالية العامة و النظام المالي في االسالم ـ دار امليسرة للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬ص ‪.182‬‬

‫و السياسة المالية ‪ :‬كربنامج ختططه و تنفذه الدولة عن عمــد مسـتخدمة فيــه مصـادرها اإلراديـة و براجمهـا اإلنفاقيـة ألحــداث‬

‫أثار مرغوبة و جتنب أثار غري مرغوبة على كافة متغريات النشاط االقتصادي و االجتماعي و السياسي حتقيقا ألهداف اجملتمــع‬

‫‪.¹‬‬

‫نلخص من ذلك ‪ :‬السياســة املاليــة هي السياســة الــيت مبوجبهــا تســتعمل احلكومــة بــرامج نفقاهتا و إيراداهتا و موازنتهــا العامــة و‬

‫ذلك هبدف انتاج أثار مرغوبة و جتنب االثار غري املرغوبة يف ظل ما تعتنقه من مبادئ ‪.‬‬

‫تطور السياسة المالية ‪:‬‬ ‫‪2‬ـ‬

‫تؤدي الدولة دورا ماليا خيتلف حسب العصور ‪ ،‬و ينعكس و يؤثر هذا الدور على السياسة املالية ‪ ،‬فعندما يربز دور الدولــة و‬

‫يك ــون فع ــاال ‪ ،‬يب ــدو دور السياس ــة املالي ــة ظ ــاهرا و واض ــحا ‪ ،‬و عن ــدما تغيب الدول ــة و يغيب دوره ــا كس ــلطة منظم ــة ‪ ،‬يغيب‬

‫بالتايل دور السياسة املاليـة فيهــا و يبــدو باهتـا ‪ ،‬خالصــة القــول أن السياسـة املاليـة إمنا هي مــرآة لـدور الدولـة املايل و تـدخلها يف‬

‫شؤون اجملتمع يف أي عصر من العصور ‪.‬‬

‫يف ظــل التطــورات االقتصــادية و االجتماعيــة و السياســية احلاليــة ‪ ،‬أصــبح دور الدولــة ضــرورة ملحــة و ال غــىن عنــه يف أي وقت‬

‫من األوقــات للقيــام بــدورها املايل يف اجملتمــع ‪ ،‬ومن مث أصــبح دورهــا ظــاهرا يف احليــاة االقتصــادية و االجتماعيــة و السياسـية ‪ ،‬و‬

‫‪33‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫لقــد مـر الفكــر املايل يف تطــوره حبثـا عن املقصـود بالسياسـة املاليـة بثالث مراحـل األول منهـا يتعلــق بالعصـور القدمية ‪ ،‬أمــا الثانيـة‬

‫تتصل بالعصور الوسطى ‪ ،‬و املرحلة األخرية تتعلق بالعصور احلديثة أي الفكر احلديث يف السياسة املالية املتدخلة ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )2002‬ـ السياسات المالية ـ دار اجلامعية ـ االسكندريةـ و بريوت ـ ص ‪.15‬‬

‫أ ـ السياسة المالية قبل العصر الحديث ‪ :‬جند سياسة مالية يف العصور القدمية و العصور الوسطى ‪:‬‬

‫‪ ‬السياس ــة المالي ــة في العص ــور القديم ــة ‪:‬دور السياس ــة املالي ــة يف اجملتمع ــات القدمية ك ــان باهت ــا للغاي ــة ‪ ،‬إذ ال توج ــد دالالت‬

‫واضـحة حـول وجـود سياسـة ماليـة قائمـة و منظمـة و منفصـلة عن ماليـة احلكـام يف تلـك العصـور ‪ ،‬حيث كـانت ماليـة الدولـة‬

‫مرتبطة مبالية احلاكم وله فيها حق التصرف املطلق و انعدام الرقابة عليه ‪ ،‬يرجع السبب يف تأخر تطور األفكار املاليــة و عــدم‬

‫وجود سياسة مالية واضحة يف تلـك العصـور اىل أسـباب سـيكولوجية و أسـباب موضـوعية االسـباب السـيكولوجية ترجـع اىل‬

‫عدم اهتمام املفكرين القدماء و نظرهم بدون احرتام ملاديـات احليـاة بصـفة عامـة ‪ ،‬و سـيطرة الدولـة املطلقـة ‪ ،‬و بسـاطة احليـاة‬

‫االقتصادية ‪.‬أما االسباب املوضوعية فهي تنحصر يف قلة الظواهر االقتصادية و ضآلة وزن االعتبارات املالية البحتة ‪.‬‬

‫‪ ‬السياسة المالية في العصور الوسطى ‪ :‬يطلــق الفكــر الغــريب على هــذه الفــرتة من الــزمن بأهنا عصــور اجلهــل و الظالم يف العــامل‬

‫كله و ال يقصروهنا على أوربا وحدها‪ ،‬نظـرا ملا شـهدته تلـك املرحلـة من ركـود فكـري و اقتصـادي ‪ ،‬فـإن تلــك الفــرتة كـان‬

‫النظام السائد فيها و املسيطر على أمور الدولة هو النظام االقطاعي ‪ ،‬الذي عمل بدوره على تقلص فكرة السلطة العامة ‪ ،‬و‬

‫بالت ــايل ابتع ــدت الدول ــة عن امله ــام ال ــيت ك ــان موك ــل إليه ــا القيــام هبا ‪ ،‬و هي إشــباع احلاج ــات العام ــة للمجتم ــع و غريهــا من‬

‫الوظــائف الــيت كــانت احلكومــات تقــوم هبا ‪ ،‬و من مث تفــرض ســيطرهتا على الدولــة ‪.‬أمــا االيــرادات الــيت كــانت تعتمــد عليهــا‬
‫‪34‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫الدولة يف هذا العصر ‪ ،‬فتتمثل يف دخل الدومني اخلاص املتمثل أساسا يف دخل األرض الزراعيـة للسـيد االقطـاعي أو الكنيسـة‬

‫‪ ،‬و كان على عكس املستقر عليه االن بالنسـبة للضـرائب أن االلتجـاء إليهـا يف هـذه العهـود كـان ال يتم إال بصـفة اسـتثنائية ‪،‬‬

‫و لـذا ظهـرت التفرقـة بني املاليـة العاديـة ‪ ،‬و هي الـيت تتمثـل يف دخـل الـدومني ‪ ،‬و املاليـة غـري العاديـة ‪ ،‬و هي تلـك الـيت تتمثـل‬

‫يف الضرائب و القروض ‪.‬‬

‫لكنــه من املالحــظ أنــه مــع ازديــاد األعبــاء العامــة و زيــادة النفقــات امللكيــة و عــدم كفايــة املوارد لتغطيتهــا ‪ ،‬جلأ امللــك اىل طلب‬

‫إعان ــات من أم ــراء االقط ــاع و ب ــدت كعطي ــة تق ــدم للس ــلطة العام ــة طواعي ــة إلنفاقه ــا يف النف ــع الع ــام ‪ ،‬و هك ــذا أص ــبحت ه ــذه‬

‫الضــرائب جتىن بصــفة منتظمـة مما اسـتتبع أن تفــرض السـلطة ســيطرهتا ثانيـة على الدولــة ‪ ،‬و أصــبح من الالزم موافقـة ممثلي األمــة‬

‫على فرض تلك االسهامات املالية ‪ ،‬مثال ذلك ما حدث يف بريطانيا و مـا نص عليـه العهــد األعظم ‪1215‬م‪ ،‬مث تبعتهــا فرنسـا‬

‫و وجد املبدأ تطبيقه منذ عام ‪1413‬م ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬السياسة الماليـة في العصـر الحـديث ‪:‬تطــور السياســة املاليــة و تــدخل الدولــة و دورهــا يف احليــاة االقتصــادية و انعكاس‬

‫ذلك علىأدوات سياستها املالية منـذ القــرن اخلامس عشــر ‪ ،‬حني سـادت أراء مدرسـة التجـاريني ‪ ،‬و مـرورا مبدرسـة الطبيعــيني ‪،‬‬

‫و ح ــىت أوائ ــل الق ــرن احلايل حيث س ــيطرت املدرس ــة الكالس ــيكية بأفكاره ــا على الدول ــة احلارس ــة و السياس ــة املالي ــة احملاي ــدة مث‬

‫الدولة املتدخلة و السياسة املالية الوظيفية أو املعوضة ‪.‬‬

‫ـ السياســة املاليــة للتجــاريني على عكس العصــور الوســطى متامــا الــيت كــان الســيد االقطــاعي فيهــا هــو كــل شــيء يف إقطاعتيــه ‪ ،‬و‬

‫اختفت تبعا لذلك سلطة امللك أو احلكومة على الدولة ‪ ،‬فقد بدأ هذا العصر بتحرر العبيد و هجــرة الفالحني من االقطاعيـات‬

‫اىل املدن ‪ ،‬و مت التوسـع يف النشـاط التجــاري و ازدادت االسـواق ليس على مســتوى االقطاعيـة أو الدولـة فقـط بـل زادت أكـثر‬

‫من ذلك على مستوى العامل اخلارجي ‪ ،‬و ذلك بسبب الكشـوف اجلغرافيـة ‪ ،‬و اكتشـاف طــرق جديــدة للتجـارة كطريـق رأس‬

‫الرجاء الصاحل و األمريكيتني ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫كــان من مظــاهر تــدخل الدولــة أن فرضــت الرســوم اجلمركيــة الكبــرية على الــواردات ‪ ،‬و ذلــك هبدف محايــة املنتج احمللي ‪ ،‬و‬

‫ختفيض الرسوم على املوارد األولية ‪ ،‬و إعانة الصادرات و منح االمتيازات ‪ ،‬إلنتاج أو تصدير سلع معينة ‪.‬‬

‫كم ــا ت ــدخلت الدول ــة يف حتدي ــد األج ــور و االس ــعار و إنش ــاء الص ــناعات و اهتمت بوس ــائل املواص ــالت ‪ ،‬فعملت على إنش ــاء‬

‫األسـ ــاطيل الضـ ــخمة ألمـ ــاكن نقـ ــل منتجاهتا اىل األسـ ــواق اخلارجيـ ــة ‪ ،‬و متهيـ ــد الطـ ــرق الداخليـ ــة لسـ ــهولة نقـ ــل املواد اخلام اىل‬

‫املص ــانع ‪ ،‬و ش ــجعت هج ــرة العم ــال امله ــرة إليه ــا من اخلارج ‪ ،‬و ذل ــك لكي تك ــون منتجاهتا على درج ــة كب ــرية من اجلودة و‬

‫اإلتقان ‪.‬‬

‫لكن مبالغ ــة التج ــاريني يف تعظيم دور التج ــارة اخلارجي ــة و حتقي ــق ف ــائض يف امليزان التج ــاري ‪،‬و تق ــديس املع ــدن النفيس رم ــز‬

‫القــوة االول ‪ ،‬أدى ذلــك اىل مســاوئ عديــدة كظهــور االســتعمار بأشــكال خمتلفــة ‪ ،‬و قيــام احلروب بني الدولــة القويــة و الدولــة‬

‫الضــعيفة ‪ ،‬و بني الــدول القويــة و مثيالهتا لفتح اســواق جديــدة لتصــريف منتجاهتا ‪ ،‬و أمهلت بالتــايل الزراعــة ‪ ،‬كــل ذلــك أدى‬

‫اىل مهامجة مبدأ تـدخل الدولـة يف الشـؤون االقتصـادية ‪ ،‬و ظهـور مـذهب اقتصـادي جديـد يقـوم على مبـدأ احلريـة الفرديـة أال و‬

‫هو " املذهب احلر " أو " املذهب الطبيعيني " ‪.‬‬

‫السياسـ ــة املاليـ ــة للطبيعييـ ــنيطلق على أصـ ــحاب هـ ــذا املذهب " املذهب احلر " أو املذهب املدرسـ ــة الطبيعيـ ــة أو مـ ــذهب الفـ ــيزو‬

‫قــراط ‪ ،‬و هي كلمــة أطلقت على جمموعــة من االفكــار االقتصــادية الــيت ظهــرت يف فرنســا من طــرف " فرانســو كينــاي " الــذي‬

‫كان طبيبا للويس اخلامس عشر ‪ ،‬و من أهم مؤلفاته اجلدول االقتصادي و القانون الطبيعي ‪.‬‬

‫تقــوم فكــرة " القــانون الطــبيعي " على اســاس احــرتام فكــرة امللكيــة جبميــع صــورها املختلفــة ‪ ،‬كــذلك يقــوم هــذا املذهب على‬

‫احــرتام احلريــة االقتصــادية ‪ ،‬و منهــا حريــة التجــارة الداخليــة و اخلارجيــة ‪ ،‬هلذا نــادى الطــبيعيون بعــدم تــدخل الدولــة يف احليــاة‬

‫االقتص ــادية إال ألج ــل محاي ــة األمن و إنش ــاء الط ــرق و غريه ــا ‪ ،‬و اعتب ــار الب ــاعث الشخص ــي ه ــو عام ــل املص ــلحة و ه ــو احلافز‬

‫الوحيد للتقدم على أساس عدم تعارضه مع املصاحل األخرى ‪ ،‬و من هنا جاءت عبارهتم الشهرية " دعه يعمل دعه مير " ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫كــذلك اهتم الطــبيعيون بالزراعــة على أســاس أهنا املصــدر احلقيقي للــثروة الــذي ينتج فائضــا صــافيا " النــاتج الصــايف" ‪ ،‬و ذلــك‬

‫بعكس القطاعــات األخــرى الــيت وصــفوها بأهنا قطاعــات عقيمــة ‪ ،‬لــذا نــادوا باالهتمــام بالزراعــة ‪ ،‬و قيــاس قــوة الدولــة بالنــاتج‬

‫الصايف الذي خيرج من االرض ‪.‬‬

‫لذا فقد نادى الطبيعيون بفرض الضرائب على الناتج الصايف الذي خيرج من الزراعة فقط و ذلــك على مالك األراضــي ‪ ،‬و أن‬

‫تكون الضرائب غري كبرية حىت ال تؤثر على زراع األرض ‪ ،‬و عدم فـرض أي ضـرائب على النشــاطات األخــرى ‪ ،‬مهمـا كـان‬

‫نوع هذه الضرائب ‪.‬‬

‫و عليــه مل جتد الصــناعة و التجــارة فــرتة تشــهد فيــه أوج ذروهتا ‪ ،‬من التقــدم و الــرقي و الوصــول اىل أعلى درجــات االتقــان و‬

‫حتقيق اكرب قدر من الربح دون أن تتحمل أي أعباء عليها من هذه الفرتة ‪ ،‬و ذلك على حساب الزراعـة و هـذا مـا مل يـرم إليـه‬

‫أو يقصده " الفريو قراط " ‪.‬‬

‫ـ ـ السياســة الماليــة في الفكــر الحــديث ‪:‬يقصــد باملدرســة الكالســيكية جمموعــة األفكــار االقتصــادية الــيت وضــع أصــوهلا املفكــر‬

‫االس ـ ــكتلندي " أدم مسيت" و ذل ـ ــك يف كتاب ـ ــه الش ـ ــهري "ث ـ ــروة األمم" ال ـ ــذي أس ـ ــهم يف تطويره ـ ــا ك ـ ــل من م ـ ــالتس ‪ ،‬و ج ـ ــان‬

‫باتسيتســاي ‪ ،‬ديفيــد ريكــاردو ‪ ،‬و جــون ســتيوان مــل ‪ ،‬و قــد ســيطر فكــر هــذه املدرســة على السياســة املاليــة و االقتصــادية يف‬

‫أوروبا منذ منتصف القرن الثامن عشر تقريبا و حىت نشوب احلرب العاملية األوىل سنة ‪ ، 1914‬و تعتــرب املدرســة الكالســيكية‬

‫هي امتداد ملناقشات من سبقهم ‪ ،‬فقد تأثر أدم مسيت يف الكثري من أرائه بأفكار مدرسة الطبيعيني ‪ ،‬ومن مبادئ هــذه املدرســة‬

‫جند ـ ـ أن الف ــرد ه ــو الوح ــدة الرئيس ــية للنش ــاط االقتص ــادي ‪ ،‬و خيض ــع الف ــرد عن ــد قيام ــه هبذا النش ــاط اىل مص ــلحته الفردي ــة و‬

‫اخلاصة ‪ ،‬هذه املصلحة الشخصية اليت يسعى اليها الفرد تكون جمموع املصاحل املشرتكة بني األفراد ‪ ،‬و من مث فال تتعارض مــع‬

‫بعضـها البعض ‪ ،‬و تتحقـق مـع مصـلحة اجملتمـع ‪ ،‬فالـدافع الفـردي هـو أسـاس السياسـة املاليـة ‪ ،‬و أطلقـوا يف هـذا الشـأن عبـارهتم‬

‫الشهرية " هناك يد خفية توجه املصاحل اخلاصة يف تضارهبا و تفاعلها و توجهها الوجهة اليت حتقق املصلحة العامة ‪.¹‬‬

‫‪37‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )2002‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪.25‬‬

‫‪ ‬ان مبـدأ الـيت تقـوم عليـه هـذه املدرسـة هـو مبـدأ احلريـة االقتصـادية ‪ ،‬و يقصـد هبا عـدم تـدخل الدولـة يف النشـاط االقتصـادي ‪ ،‬و‬

‫اصبح مبدأ أكفأ دور اقتصادي للدولة هو أن ال يكون هلا دور ‪ ،‬و هو املبدأ السائد يف هذه املدرسة ‪.‬و قد قــدمت النظريــة‬

‫االقتصادية التقليدية األساس العلمي للدولـة احلارسـة و ملبـدأ عــدم التـدخل ‪ ،‬فقــد ذهبت هــذه النظريـة اىل أن النشــاط اخلاص‬

‫كــاف وحــده لتحقيــق تــوازن التشــغيل الكامــل ‪ ،‬و ذلــك الفرتاضــها أن العــرض خيلــق الطلب املســاوي لــه الن مــاال يســتهلك‬

‫يستثمر بفعل حركات الفائـدة ‪ ،‬و أن العـرض يتجـه تلقائيـا حنو التشـغيل الكامـل بفعـل حركـات األجـور ‪ ،‬و من مت تسـتبعد‬

‫هذه النظرية فرص االكتناز ‪.‬‬

‫‪ ‬و من هنا أصبحت ماليـة الدولـة ماليـة حمايـدة و ضــاقت بالتــايل أغـراض النظـام املايل و السياسـة احملققـة لــه ‪ ،‬و من مت ميكن إجياز‬

‫أهم أغراض النظام املايل يف تلك املرحلة فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ نظـرا اىل أن دور املاليـة العامـة يقتصـر على احلصـول على االيـرادات الالزمـة لتغطيـة النفقـات الـيت يسـمح هبا دور الدولـة ‪ ،‬فـإن‬

‫النظ ــام املايل علي ــه أن يهتم بتحقي ــق العدال ــة بني أف ــراد اجملتم ــع ‪ ،‬و ذل ــك بتوزي ــع األعب ــاء العام ــة حبيث تك ــون تض ــحية ك ــل ف ــرد‬

‫مساوية لألخرين ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ـ كذلك خلصت هـذه النظريـة اىل تطـبيق مبـادئ املاليـة اخلاصـة يف املاليـة العامـة خاصـة مبـدأ توزيـع الـدخل بني أنـواع خمتلفـة من‬

‫النفقات حبيث تتحقق أكرب منفعة ممكنة بأقل نفقة ‪.‬‬

‫ـ ـ ك ــذلك خلص ــت ه ــذه النظري ــة اىل تفص ــيل الض ــرائب على االس ــتهالك ‪ ،‬أي الض ــرائب الغ ــري املباش ــرة ‪ ،‬على الض ــرائب على‬

‫االدخار ‪ ،‬أي الضرائب املباشرة و ذلك الن االدخار هو مصدر تكوين رؤوس أموال ‪.‬‬

‫أثبتت االزمــات االقتصــادية بفشــل هــذه السياســة و عــدم مقــدرهتا على معاجلة التقلبــات االقتصــادية ‪ ،‬فمثــال ذلــك فإنــه وقفــا‬

‫للسياســة املاليــة يف الفكــر االقتصــادي ‪ ،‬يف أوقــات الــرواج و التضــخم تــزداد الــدخول النقديــة فــرتتفع حصــيلة الضــرائب فــتزداد‬

‫إي ــرادات احلكوم ــة مما ي ــدفع احلكوم ــة حتقيق ــا ملب ــدأ الت ــوازن احلس ــايب للموازن ــة العام ــة زي ــادة االنف ــاق الع ــام ‪ ،‬مما يزي ــد من ح ــدة‬

‫التضــخم و ازديــاد الــدخول النقديــة ‪ ،‬فــرتتفع حصــيلة الضــرائب مــرة أخــرى ‪ ،‬فتزيــد احلكومــة من إنفاقهــا لتــوازن ميزانيتهــا مما‬

‫يســاعد على زيــادة حــدة التضــخم من ناحيــة ‪ ،‬و من ناحيــة أخــرى خيرج هــذا االنفــاق املتزايــد الدولــة عن حيادهــا املايل ‪ ،‬و قــد‬

‫حيدث عكس ذل ــك يف أوق ــات الرك ــود أو الكس ــاد ‪ ،‬مما ي ــدل ب ــأي ح ــال من األح ــوال على إمك ــان حتقي ــق مب ــدأ احلي ــاد املايل‬

‫للدولة ‪.‬‬

‫و مراحلها ‪:‬‬ ‫السياسة المالية المتدخلة‬ ‫‪ 3‬ـ‬

‫كانت هناك عوامل عديــدة أدت اىل تـدخل الدولـة يف النشـاط االقتصـادي و اىل تطــور السياسـة املاليـة من سياسـة ماليـة حمايــدة‬

‫اىل سياسة مالية متدخلة و من أهم هذه العوامل ما يلي ‪:‬‬

‫‪ ) 1‬األزمات االقتصادية ‪ :‬و ال سـيما الكسـاد الكبــري الـذي حـدث يف الثالثينيــات ‪ 1929‬ـ ‪ ، 1933‬و نتج عنــه أثـار شـديدة‬

‫هزت مجيع الـدول الـيت كـانت تأخـذ باملذهب احلر ‪ ،‬فقـد بينت تلـك األزمـة أن النشـاط الفـردي ليس قـادرا وحـده على ضـمان‬

‫التوازن االقتصادي و االجتماعي و أنه البد من تدخل الدولة لتحقيق هذا التوازن‪. ¹‬‬

‫‪39‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ ) 2‬التطور السياسي و االقتصادي و االجتمـاعي ‪ :‬أدى التطـور الـذي حلق اجملتمعـات من منو الـوعي القـومي اىل تـدخل الدولـة‬

‫املتزاي ــد ‪ ،‬و تض ــخم ميزانيـ ــات احلكومـ ــات إمـ ــا بسـ ــبب احلروب الكبـ ــرية و إمـ ــا بانتشـ ــار الـ ــروح الدميقراطي ــة و مطالب ــة األف ــراد‬

‫حكوماهتم بضرورة التدخل يف امليدان االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ ) 3‬التطور التكنولوجي ‪ :‬نظرا للتطور التكنولوجي املذهل الذي حلق هبا و الذي استلزم بدوره استثمارات ضخمة لتنفيــذها ‪،‬‬

‫و هي جد مكلفة و ال تدر عائدا مباشرا ميكن أن يغطي نفقات إنشائها ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )2002‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪.35‬‬

‫‪ )4‬الثورة الكينزية ‪ :‬و مردها اىل أفكار االقتصادي االجنليزي الشهري " جون مايناردكينز" و ذلك يف كتابه " النظرية العامــة‬

‫للتوظيــف و الفائــدة و النقــود " الــذي صــدر عــام ‪ 1936‬م ‪ ،‬و قــد أوضــح كيــنز يف هــذا الكتــاب أن البطالــة ميكن أن توجــد‬

‫لفرتات طويلة ‪ ،‬و ميكن أن توجد اىل األبد ما مل تتدخل الدولة ‪ ،‬وواجه كيــنز نقــدا شــديدا لقــانون "ســاي" يف األســواق و هــو‬

‫القــانون الــذي ينصــرف اىل أن العــرض الكلي خيلــق الطلب الكلي املســاوي ل ــه عن ــد أي مس ــتوى من مســتويات التوظي ــف ‪ ،‬و‬

‫أثبت عجز السياسة املالية و النقدية الكالسيكية عن حتقيق التوازن االقتصادي و احليلة دون حدوث الــدورات االقتصــادية ‪ ،‬و‬

‫أوض ــح كي ــنز أن ه ــذه االزم ــات ليس ــت ناجتة عن عوام ــل خارج ــة عن النظ ــام االقتص ــادي إمنا هي وثيق ــة الص ــلة ب ــه ‪ ،‬و ط ــالب‬

‫بضرورة تدخل الدولة لتقضي على البطالة و ترتفع بالطلب الفعال عند مستوى التوظيف الكامل ‪.‬‬

‫كم ــا أوض ــح " كي ــنز " وج ــود الكث ــري من التن ــاقص بني املص ــلحة الفردي ــة و مص ــلحة اجملتم ــع ‪ ،‬ف ــالفرد يس ــعى اىل حتقي ــق املنفع ــة‬

‫اخلاصــة ليس دائمــا ذو ســلوك رشــيد فقــد خيطئ أكــثر مما يصــيب ‪ ،‬فتــدخل الدولــة يف بعض النشــاطات يكــون أكــثر رشــدا و‬

‫تسعى لتحقيق املنفعة العامة أكثر من املنفعة اخلاصة ‪.‬‬


‫‪40‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫و نتيجــة هلذه العوامــل و هــذا التطــور الــذي حــدث يف الفكــر ‪ ،‬أدى اىل توســع نشــاط الدولــة و أصــبح تــدخلها أمــر مقبــوال ‪ ،‬و‬

‫وج ـ ــود بعض احلاالت الـ ـ ــيت أصـ ـ ــبح الزمـ ـ ــا القيـ ـ ــام هبا كالقيـ ـ ــام باخلدمات االقتصـ ـ ــادية أو االجتماعيـ ـ ــة باإلض ـ ــافة اىل وظائفه ـ ــا‬

‫األساسية ‪ ،‬و اختلفت بالتايل السياسة املالية اليت حتقق اهداف اجملتمع و من أهم مالمح هذه املرحلة ‪:‬‬

‫ـ انتقــد احليــاد املايل للدولــة و اصــبح مطلوبــا و ضــروريا تــدخلها يف النشــاط االقتصــادي عن عمــد و ذلــك لضــمان االســتقرار و‬

‫ضمان استمرار التنمية ‪.‬‬

‫ـ ـ رفض الفكــر احلديث فكــرة التــوازن احلســايب مليزانيــة الدولــة و اســتخدام اســاليب التمويــل بــالعجز أو الفــائض وفقــا ملتطلبــات‬

‫النشاط االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ أهداف و مزايا السياسة المالية ‪:‬‬

‫اصــبح من الضــروريـ بعــد اتســاع دور الدولــة يف النشــاط االقتصــادي ان تعمــل احلكومــة على ان يتناســق نشــاطها مــع نشــاط‬

‫االفــراد وينســجم معــه وتوحــد االهــداف واجلهــود وال تتعــاض أو تتنــافس ولــذل اصــبح لزامــا على السياســة املاليــة ان تعمــل على‬

‫حتقيق التوزان يف جوانب االقتصاد القومي ‪ ،‬ومن بني اهداف السياسة املالية ‪ :‬جند منها‬

‫التــوازن المــالي ‪ :‬ويقصــد بــه اســتخدام مــوارد الدولــة على احســن وجــه فينبغي مثال ان يتســم النظــام الضــرييب بالصــفات الــيت‬

‫جتعل ــه يالئم حاج ــات اخلزان ــة العام ــة حيث املرون ــة والغ ــزارة ‪ ،‬ويالئم يف ال ــوقت ذات ــه مص ــلحة املول من حيث عدال ــة التوزي ــع‬

‫ومواعيد اجلباية واالقتصاد وما اىل ذلك ‪ ،‬وايضا ال تستخدم القروض اال ألغراض انتاجية وهكذا‪.‬‬

‫الت ــوازن االقتص ــادي ‪ :‬مبع ــىن الوص ــول اىل حجم االنت ــاج االمث ــل ‪ ،‬وه ــذا يع ــين ان ــه يتعني على احلكوم ــة ان ت ــوازن بني نش ــاط‬

‫القطاعني اخلاص والعام للوصول اىل اقصى انتاج ممكن ‪ ،‬فكلما كانت املشروعات اخلاصة اقدر على االنتاج من املشــروعات‬

‫العامـ ــة ‪ ،‬كلم ـ ــا وجب على احلكوم ـ ــة ان متتن ـ ــع عن التـ ــدخل املباش ـ ــر وان تقص ـ ــر نش ـ ــا طه ـ ــا على التوجي ـ ــه بواسـ ــطة االعانـ ــات‬
‫‪41‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫والضرائب اذا دعت احلاجة اىل ذلك ‪ ،‬وينبغي اال تقل النافع اليت حيصل عليها اجملتمع من االنفاق احلكومي عن تلك اليت كان‬

‫ميكن احلصول عليها لو ظلت املوارد يف ايدي االفراد ويتحقـق التـوازن بني القطـاعني العـام واخلاص عنـدما يصـل جممـوع املنـافع‬

‫الناجتة عن املنشآت اخلاصة و النفقات معا اىل أقصى حد مستطاع ‪ ،‬أي عندما يصل جمموع الدخل القـومي اىل حـده األقصـى‬

‫‪ ،‬أو بعبارة أخرى يتحقـق هـذا التـوازن عنـدما جند أن املنـافع احلديـة الناجتة عن النشـاط االقتصـادي للحكومـة يتعـادل مـع املنـافع‬

‫احلديــة الــيت تقتطعهــا احلكومــة بتحصــيل إيراداهتا من األفــراد ‪ ،‬فــالتوازن هنــا بعــين اســتغالل إمكانيــات اجملتمــع على أحســن وجــه‬

‫للوصول اىل حجم االنتاج األمثل ‪¹‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬عبد املطلب عبد احلميد ( ‪)2003‬ـ السياسات االقتصادية على مستوى االقتصاد القومي ( تحليل كلي) ـ الطبعة األوىل ـ جمموعة النيل العربية ـ القاهرة ـ ص ‪44‬‬
‫و ‪. 45‬‬

‫التوازن االجتماعي ‪ :‬مبعىن أن يصل اجملتمع اىل أعلى مستوى ممكن من الرفاهية لألفراد يف حدود إمكانيـات هـذا اجملتمـع و مـا‬

‫تقتضيه العدالة االجتماعية ‪ ،‬و بالتايل ال ينبغي أن تقف السياسة املالية عند حد زيادة االنتاج ‪ ،‬بـل جيب أن يقـرتن هـذا اهلدف‬

‫بتحسني طرق توزيع املنتجات على األفراد ‪ ،‬إذ ميكن زيادة املنافع الـيت حيصـل عليهـا اجملتمــع من مقـدار معني من املنتجـات عن‬

‫طريق إعادة توزيعها على األفراد توزيعا أقرب اىل العدالة (أو املساواة) ‪.‬‬

‫و يستلزم ذلك أن تتدخل احلكومة إلعادة توزيع الدخل القومي بأدوات السياسة املالية ‪.‬‬

‫الت ــوازن العـــام ‪ :‬أي التـ ــوازن بني جممـ ــوع االنفـ ــاق القـ ــومي (نفقـ ــات االفـ ــراد لالسـ ــتهالك و االسـ ــتثمار باإلضـ ــافة اىل نفقـ ــات‬

‫احلكومــة ) و بني جممــوع النـاتج القــومي باألســعار الثابتـة يف مســتوى يســمح بتشــغيل مجيــع عناصــر االنتــاج املتاحـة ‪ ،‬و االدوات‬

‫الــيت تســتخدمها احلكومــة كثــرية و متنوعــة للوصــول اىل هــذا اهلدف و أمههــا الضــرائب و القــروض و االعانــات و االعفــاءات و‬

‫املشاركة مع االفراد يف تكوين املشروعات و غريها ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫هــذا مــع مالحظــة أنــه قــد يكــون هنــاك تعــارض واضــح بني هــذه االهــداف ‪ ،‬و قــد ال ميكن جتنبــه ‪ ،‬و لكن هنــاك تــرتيب منطقي‬

‫لألهــداف املذكورة جيب أن يؤخــذ يف االعتبــار ‪ ،‬فــاملفروض أن هتدف السياســة املاليــة اىل حتقيــق التــوازن العــام أوال ‪ ،‬مث تســعى‬

‫اىل توفري التـوازن االقتصـادي ‪ ،‬مث يلي ذلـك التـوازن االجتمـاعي على شـرط أن ال خيل هـذا اهلدف بـاحلجم االمثـل لإلنتـاج ‪ ،‬و‬

‫أخريا اهلدف املايل و تدبري موارد الدولة على أحسن وجـه مـع مراعــاة مقتضــيات هــدف االسـتقرار و الظـروف املالئمـة لإلنتـاج‬

‫االمثل و العدالة االجتماعية ‪.‬‬

‫جند أيضا مزايا السياسة املالية و الصعوبات اليت تواجهها ‪:‬تتميز السياسة املالية بإتباع و تنـوع جماالت تأثريهـا يف الـدول الناميـة‬

‫بالذات ‪ ،‬لذا ميكن عن طريق السياسة املالية التأثري على ‪:‬‬

‫حجم االســتثمار بصــورة عامــة و االســتثمار يف الســلع الرأمسالية بصــورة خاصــة و ذلــك عن طريــق زيــادة االنفــاق احلكــومي و‬

‫االعفاءات أو االمتيازات الضريبية اليت متنح الستثمارات يف جماالت معينة دون غريها ‪.‬‬

‫مدى وفرة و كفاءة املؤسسات اخلدمية اليت تزود املواطنني مبا حيتاجونـه من خـدمات خمتلفـة و بالتـايل فاهنا تلعب دورا هامـا يف‬

‫حتديد مستوى الرفاه االقتصادي و االجتماعي يف الدولة ‪.‬‬

‫مدى وفرة فرص العمل للمواطنني و تأمني حصوهلم على حد أدىن للدخل حيقق هلم مستوى معيشي مناسب ‪.‬‬

‫التــأثري على تنويــع مصــادر الـدخل القــومي بتنويــع جماالت اســتثمار الفــوائض املاليــة املتحققــة و عــدم االعتمــاد على مصــدر واحــد‬

‫كأساس للدخل القومي كما هو احلال يف الدول العربية النفطية ‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة للصــعوبات الــتي تواجــه السياســة الماليــة ‪ :‬تعــدد املراحــل و اخلطــوات احلكوميــة الرمسية الالزمــة الختاذ القــرار و‬

‫تنفيــذه ‪ ،‬مما يــؤدي اىل الطــول النســيب للفــرتة الزمنيــة بني التعــرف على االجــراء املناســب و إقــراره مث وضــعهـ موضــع التنفيــذ ‪ ،‬و‬

‫‪43‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫عن ــدما يتحق ــق ذل ــك فعال رمبا يك ــون ق ــد حص ــل تغ ــري يف الظ ــروف ال ــيت اختذ الق ــرار من أجله ــا حبيث يص ــبح غ ــري مناس ــب يف‬

‫الظروف اجلديدة ‪.‬‬

‫إجــراءات السياســة املاليــة مرتبطــة بســنة ماليــة كاملــة ‪ ،‬و جمموعــة االجــراءات تكــون متكاملــة مــع بعضــها البعض مما قــد يتطلب‬

‫تعديل بعضها أو إعادة النظر يف بقية االجراءات االخرى املتعلقة باألبواب املختلفة للموازنة العامة للدولة‬

‫و هــذه الصــعوبة متثــل قيــدا كبــريا يعــوق دون تــوفر املرونـة الكافيــة لتعــديل أو تغيــري بعض ابـواب املوازنـة العامـة وفقــا لظــروف أو‬

‫معطي ــات اقتص ــادية جدي ــدة طارئ ــة ‪.‬و بش ــكل ع ــام تتوق ــف أمهي ــة السياس ــة املالي ــة يف ال ــدول النامي ــة على م ــدى تط ــور األجه ــزة‬

‫االداري ــة احلكومي ــة و على م ــدى اإلدراك و ال ــوعي للوض ــع االقتص ــادي و املش ــاكل ال ــيت يواجهه ــا االقتص ــاد الق ــومي ‪ ،‬إض ــافة‬

‫لالعتبارات السياسية و االجتماعية داخل الدولة ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬حممود حسني الوادي ( ‪ )2010‬المرجع السابق ـ ص ‪. 197‬‬

‫‪:‬‬ ‫إمكانيات السياسة المالية المعاصرة‬ ‫‪ 5‬ـ‬

‫اجلديــد يف امكانيــات السياســات املاليــة املعاصــرة يف جمال إعــادة توزيــع الــدخول نفــرتض أن اختبــارات التناســق قــد أمجعت على‬

‫رفض هيكــل التوزيــع القــائم و حتديــد اهليكــل املالئم لتوزيــع الــدخل القــومي ‪ ،‬و هنــا تكمن املهمــة يف كيفيــة حتقيــق هــذا اهليكــل‬

‫املالئم ‪ ،‬أو مبعــىن أدق يف امكانيــة التحــول من هيكــل الــدخل القــائم اىل هيكــل الــدخل املســتهدف باســتخدام وســائل و أدوات‬

‫السياسة املالية ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫لق ــد دأبت السياس ــات املالي ــة التقليدي ــة على تص ــميم وس ــائلها و اس ــتخدام أدواهتا يف جمال اع ــادة توزي ــع ال ــدخول على مس ــتوى‬

‫التجميعي ‪ ، Macro‬فاس ــتخدمت ض ــرائب ال ــدخل التص ــاعدية امسا دون تفرق ــة مثال بني دخ ــول امللكي ــة و دخ ــول العم ــل أو‬

‫دون تفرقة بني قطاعات النشاط االقتصادي أو بني املناطق اجلغرافيـة ‪ ،‬و عجـزت االدارة الضـريبية عن متابعتهـا فسـهل التهـرب‬

‫منه ــا ‪ ،‬و قلت فاعليته ــا و ح ــاولت عالج الفق ــر بزي ــادة االعف ــاءات الض ــريبية ف ــرتكزت غالبي ــة املم ــولني يف منطق ــة االعف ــاء و‬

‫انعدمت فاعلية السياسة الضريبية ‪ ،‬و جلأت اىل اعفاء العديد من السـلع و اخلدمات من الضــرائب غـري املباشــرة باعتبارهـا سـلعا‬

‫ضرورية ينبغي إعفائها من الضرائب حـىت تصـل بأسـعار يف متنـاول أيـدي الطبقـات الفقـرية ‪ ،‬فاسـتفادت من ذلـك الطبقـة الغنيـة‬

‫قبــل الفقــرية ‪ ،‬و جلأت يف سياســتها االتفاقيــة اىل دعم بعض الســلع و اخلدمات لتصــل اىل أيــدي األغنيــاء و الفقــراء على الســواء‬

‫على أحسن الفروض ‪.‬‬

‫و حاولت رفع مستوى الدخل احلقيقي للطبقات الفقـرية فـاحتلت اخلدمات الصـحية و التعليميـة للجميـع دون التفرقـة حـىت بني‬

‫مســتويات دخــول املنتفعني ‪ .‬فجــاءت سياســات االنفــاق االســتثماري العــام خلــوا من أي حماولــة لتحقيــق عدالــة التوزيــع ‪ ،‬تلــك‬

‫كانت أخطاء السياسات املالية التقليدية يف جمال إعادة توزيع الدخول ‪.¹‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )2002‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪. 343‬‬

‫أم ــا اجلدي ــد يف السياس ــات املالي ــة فه ــو ض ــرورة رمسها و تص ــميم حمتوياهتا على املس ــتوى اجلزئي ‪ Micro‬فل ــو دلت البيان ــات‬

‫املتاح ــة و الدراس ــات التحليلي ــة الــيت أج ــريت أن س ــوء توزي ــع الــدخل امنا يرج ــع اغلب ــه اىل التخل ــف االقتص ــادي الح ــد أو بعض‬

‫املنــاطق ( االقــاليم ‪ ،‬احملافظــات) اجلغرافيــة فعلى السياســة املاليــة أن تركــز أســلحتها و خططهــا على هــذه املنــاطق اجلغرافيــة دون‬

‫غريه ــا ‪ ،‬و لـ ــو دلت البيانـ ــات أن أغلب أفـ ــراد الطبقـ ــات الفقـ ــرية امنا ترتبـ ــط مبهمـ ــة معينـ ــة أو بنشـ ــاط اقتص ــادي معني (العم ــال‬

‫‪45‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫الزراعـيني) أو مبرحلـة عمريـة معينـة (أصـحاب املعاشـات) فينبغي تصـميم السياسـة املاليـة (االيـراد و االنفـاق) الـيت تصـل اىل هـذه‬

‫الطبقات املباشرة ‪.‬‬

‫فالفكر احلديث يف السياسات املالية يرفض التعميم سواء يف تشخيص املشاكل أو يف رسم السياسات ‪ ،‬و يؤمن بأن كل حالة‬

‫هي نســيج وحــدها ‪ ،‬و أن تصــميم السياســة املاليــة املثلى لعالج كــل حالــة ســهل و حمقــق مــىت تــوافرت البيانــات و االحصــاءات‬

‫العلميــة الالزمــة لتشــخيص االســباب احلقيقيــة للمشــكلة و األثــار االقتصــادية الالزمــة لتحقيــق أهــداف اجملتمــع ‪ ،‬و ال شــك أن‬

‫تصميم السياسات املالية على هذا املستوى اجلزئي يقلل من تكلفة السياسة املالية و يضاعف من فاعليتها ‪.‬‬

‫اال أن تصميم مثل هذه السياسات املالية املثلى يتطلب االحاطة التامة و املتعمقة باملستويات و املراحل املختلفـة الـيت ميكن فيهــا‬

‫اس ــتعمال أدوات السياسـ ــة املاليـ ــة إلعـ ــادة توزيـ ــع الـ ــدخل ‪ ،‬و امكانيـ ــات هـ ــذه االدوات املاليـ ــة و فاعليتهـ ــا يف ك ــل مرحل ــة من‬

‫املراح ــل ‪ ،‬ه ــذا ال ينبغي اس ــتعمال كاف ــة األدوات السياس ــة املالي ــة و كاف ــة املراح ــل و املس ــتويات من أج ــل ذل ــك ‪ ،‬يبقى على‬

‫مصــمم السياســات املاليــة عبء اختيــار و تنســيق تلــك اجملموعــة من االدوات يف تلــك املراحــل و املســتويات الــيت جيدها كفيلــة‬

‫بتحقيق اهليكل املستهدف بأقل التكاليف و األثار اجلانبية املمكنة ‪ ،‬و دون تعارض بني هذا اهلدف و أهــداف اجملتمــع االخــرى‬

‫‪ ،‬و ميكن تقسيم تلك املستويات اليت ميكن للسياسات املالية أن تؤثر فيها على هيكل توزيع الدخول اىل أربع مستويات ‪:‬‬

‫أ ـ التأثير على الدخول االجمالية ‪ :‬ملا كان الدخل االمجايل للفـرد يتوقـف على عـاملني سـعر الوحـدة من عناصـر االنتـاج و‬

‫على مقــدار مــا ميتلكــه الفــرد و يــرغب يف عرضــه من وحــدات هــذه العناصــر االنتاجيــة ‪ ،‬فــان تغيــري من هــذين العــاملني بنــاء على‬

‫تدخل احلكومة بسياساهتا املالية سوف يؤدي اىل تغيري حجم الدخول االمجالية لألفـراد ‪ ،‬و من مت اعـادة توزيـع الـدخل القـومي‬

‫وفقا للهيكل املستهدف ‪.‬‬

‫و حتديد سعر لكـل وحـدة من عناصـر االنتـاج امنا يتوقـف على العديـد من العوامـل الـيت حتدد قـوى العـرض و الطلب يف أسـواق‬

‫السـلع و اخلدمات االنتاجيـة ‪ ،‬و ال شـك ان مـدى تـدخل احلكـومي يعـد من بني هـذه العوامـل احملددة لقـوى العـرض و الطلب‬

‫‪46‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫يف الســوق ‪ ،‬و من مت يف ســعر الوحــدة ‪ ،‬فالدولــة يف ممارســتها ألنشــطتها االقتصــادية املكلفــة هبا البــد م أن تتواجــد يف أســواق‬

‫الس ــلع و اخلدمات االنتاجي ــة على ك ــل من ج ــانيب الع ــرض و الطلب ‪ ،‬و هك ــذا يص ــبح من الب ــديهي الق ــول ب ــأن تغي ــري درج ــة‬

‫الت ــدخل احلك ــومي ( بالزي ــادة و النقص) على أي من ج ــانيب الع ــرض أو الطلب الب ــد و أن ي ــؤدي اىل تغي ــري س ــعر الوح ــدة من‬

‫عنصر (أو عناصر) االنتاج ‪.‬‬

‫لو افرتضنا ان اهليكل املستهدف لتوزيع الدخول يتطلب ختفيضا نسبيا لدخول االرض و راس املال ‪ ،‬فقد تلجــأ السياسـة املاليــة‬

‫اىل التــأثري على جــانب العــرض هلذه العناصــر االنتاجيــة عن طريــق عــرض مســاحات شاســعة من أراضــي الدولــة للــبيع أو التــأجري‬

‫(تغيري يف ايرادات الدومني العام) فتؤدي اىل ختفيض ســعر الوحــدة من هــذا العنصـر االنتــاجي و بالتــايل الـدخل االمجايل ملالكـه ‪،‬‬

‫كم ــا تس ــتطيع أن تق ــرر اعف ــاء اآلالت و املع ــدات و االص ــول الرأمسالية املس ــتوردة من الض ــرائب اجلمركي ــة (تغي ــري يف السياس ــة‬

‫الضريبية ) فتؤدي اىل تدفق هذه العناصر االنتاجية للسوق مع بقاء العوامــل االخــرى على مـا هي عليـه و ختفيض سـعر الوحــدة‬

‫منها ‪.‬‬

‫أمــا اذا كــان اهليكــل املســتهدف يتطلب منــا العمــل على زيــادة دخــول بعض العمــال غــري املهــرة( يف االجــل القصــري على االقــل)‬

‫فقــد تلجــأ الدولــة اىل زيــادة الطلب احلكــومي نســبيا على هــذا العنصــر االنتــاجي (تغيــري يف السياســة االنفاقيــة) و اســتخدامه يف‬

‫االعمـال الـيت تتناسـب مـع درجـة مهـارهتم ( بعض أعمــال البنـاء ‪ ،‬رصـف الطــرق ‪...‬اخل) كمـا تلجــأ الدولـة يف نفس الـوقت اىل‬

‫اعادة برامج التدريب و التأهيل إلكساهبم درجات أعلى من املهارة و االتقان ‪.‬‬

‫أمــا فيمــا يتعلــق بإمكانيــة تــدخل الدولــة للتــأثري على مقــدار مــا ميتلكــه الفــرد من وحــدات هــذه العناصــر االنتاجيــة (بــالنقص أو‬

‫بالزيـ ــادة) فال شـ ــك أن لضـ ــرائب الـ ــثروة بأنواعهـ ــا املختلفـ ــة و يف مقـ ــدمتها ضـ ــرائب الرتكـ ــات يف املسـ ــامهة يف حتقيـ ــق اهليكـ ــل‬

‫املستهدف ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ب ـ التــأثير على الــدخول الصــافية‪ :‬و يف هــذا املســتوى حتاول السياســات املاليــة أن تعيــد توزيــع الــدخول بعــد أن مت توزيعهــا‬

‫وفقـا لقـوى السـوق و بعـد أن مت لعناصـر االنتـاج حتقيـق دخـول امجاليـة معينـة ‪ ،‬أي أن السياسـة املاليـة هنـا تتـدخل يف املرحلـة مـا‬

‫بني استحقاق الدخل االمجايل للفرد و بني ما يقبضه فعال كــدخل متــاح ‪ ،‬و يعتـرب هــذا املسـتوى هــو اجملال التقليـدي السـتخدام‬

‫السياس ــات املاليــة يف اع ــادة توزيــع الــدخول ‪ ،‬و تســيطر سياســات الض ــرائب املباش ــرة أو مبعــىن أدق ضــرائب الــدخل على هــذا‬

‫املســتوى ‪ ،‬و لقــد ركــزت السياســات املاليــة التقليديــة كمــا رأينــا على ضــرائب الــدخل التصــاعدية مــع اعفــاء حــد أدىن ملســتوى‬

‫املعيشة كسالح أساسي لتحقيق عدالة التوزيع ‪.‬‬

‫أم ــا اجلدي ــد يف السياس ــات املالي ــة على ه ــذا املس ــتوى فه ــو يف امكاني ــة اس ــتخدام ض ــرائب ال ــدخل التمييزي ــة لتحق ــق تأثريه ــا على‬

‫املســتوى اجلزئي ‪ ،‬فقــد تكــون املعاملــة التمييزيــة لضــرائب الــدخل وفقــا ملصــدر الــدخل ‪ ،‬و قــد تكــون املعاملــة التمييزيــة لضــرائب‬

‫ال ــدخل وفق ــا للمهم ــة أو النش ــاط االقتص ــادي ( داخ ــل نط ــاق الض ــريبة النوعي ــة الواح ــدة) ال ــذي يزاول ــه املم ــول ‪ ،‬و ق ــد يك ــون‬

‫االختالف يف املعاملة الضريبية وفقا للمنطقة اجلغرافية التابع هلا املمول ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ج ـ ـ التــأثير على اســتعماالت الــدخول ‪ :‬من املعــروف أن الفــرد مــىت حصــل على دخــل صــايف فانــه يســعى اىل اســتعمال هــذا‬

‫الــدخل املتــاح يف االنفــاق منــه على نــواحي االســتهالك و االدخــار املختلفــة ‪ ،‬و على هــذا املســتوى حتاول السياســات املاليــة أن‬

‫تعيــد توزيــع الـدخول احلقيقيـة عن طريــق التغيــري يف حجم الســلع و اخلدمات االســتهالكية الــيت حيصــل عليهــا الفــرد من الطبقــات‬

‫املختلفــة ‪ ،‬و يتم هلا ذلــك عن طــرقني رئيســيني ‪ ،‬اســتخدام االســعار التمييزيــة ملنتجــات القطــاع العــام و فــرض الضــرائب (غــري‬

‫مباشرة) على بعض أنواع السلع و اخلدمات االستهالكية ‪.‬‬

‫من املمكن أن متتـ ــد هـ ــذه السياسـ ــات املاليـ ــة لتشـ ــمل الرسـ ــوم التمييزيـ ــة لبعض اخلدمات العامـ ــة اىل جـ ــانب االس ــعار التمييزي ــة‬

‫ملنتجــات شــركة القطــاع العــام فتقاضــى امثانــا خمتلفــة ( درجــة أوىل و ثانيــة و ثالثــة ‪...‬اخل) بفــروق ال تتناســب مــع فــروق اخلدمــة‬

‫بوسائل النقل العام ‪ ،‬و متييز أسـعار توريـد امليـاه و التيـار الكهربـائي وفقـا للمنطقـة اجلغرافيـة ‪ ،‬و اختالف امثان اجـراء العمليـات‬

‫‪48‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫اجلراحيــة يف املستشــفيات العامــة وفقــا حلجم الــدخل و احلالــة االجتماعيــة ‪ ،‬و التميــيز يف قيمــة الرســوم التعليميــة وفقــا للمنطقــة‬

‫اجلغرافية و دخل االسرة ‪ ،‬و التمييز يف قيمة االجيار الشهري ملساكن الدولة وفقا حلجم الــدخل أو املهنــة او املنطقــة ‪...‬اىل غــري‬

‫ذلك ‪ ،‬أمثلة إلمكانيات السياسة املالية يف اعادة توزيع الدخول عن طريق التأثري على استعماالت الدخل ‪.‬‬

‫أم ــا بالنس ــبة للس ــلع و اخلدمات االس ــتهالكية ال ــيت ينتجه ــا القط ــاع اخلاص ف ــان السياس ــات املالي ــة تس ــتطيع أن تص ــل اىل نفس‬

‫النتائج اليت وصلت اليهـا بـالتمييز السـعري ملنتجـات القطـاع العـام عن طريـق فـرض الضـرائب بأسـعار خمتلفـة على هـذه السـلع و‬

‫اخلدمات االسـتهالكية ‪ ،‬و كثـريا مــا اسـتخدمت هــذه الوسـيلة يف السياســات املاليـة التقليديـة ‪ ،‬ففرضــت الضــرائب املرتفعــة على‬

‫الس ــلع الكمالي ــة ‪ ،‬و أعفيت أو خفض ــت أس ــعار الض ــرائب على الس ــلع الض ــرورية ‪ ،‬و ك ــانت املش ــكلة االساس ــية ال ــيت تواج ــه‬

‫املصــممني للسياســات املاليــة هي التعــرف على معيــار موضــوعي للتفرقــة بني الســلع الكماليــة و الســلع الضــرورية ‪ .‬أمــا جــوهر‬

‫املشكلة احلقيقية بالنسبة للسياسات املالية احلديثة يف جمال اعادة توزيع الدخول فهي نفس املشــكلة الــيت تواجــه التميـيز الســعري‬

‫و ضـمانات جناحـة ‪ ،‬أي دراسـة االمناط االســتهالكية للطبقــات املختلفـة و التوصـل اىل بعض املتغـريات الـيت ميكن ربـط الضــريبة‬

‫التمييزيــة هبا ‪ ،‬فلــو ربطت الضــريبة مبتغــري خـاطئ الدت عمليــات اعــادة الـبيع بني املســتهلكني اىل فشــل السياســة املاليـة يف حتقيــق‬

‫أهدافها ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬السياسة المالية ومسؤوليةالدولة‪:‬‬

‫الدولــة تنظيم اجتمــاعي يهــدف اىل حتديــد العالقــة بني الفئــات أو الطبقــات االجتماعيــة احلاكمــة و بني الفئــات احلاكمــة و بني‬

‫الفئات االجتماعية احملكومة ‪.‬‬

‫و بتتبع دور الدولة يف اجملتمع و أهـدافها يف اجملال االقتصـادي ‪ ،‬يتضـح لنـا أن الدولـة تقـوم بنشـاط مـايل جـوهره حصـول الدولـة‬

‫على م ــوارد نقدي ــة و إنفاقه ــا ‪ ،‬و ه ــو نش ــاط ال يقص ــد لذات ــه و إمنا ه ــو وس ــيلة الدول ــة للقي ــام باخلدمات ال ــيت تش ــبع احلاج ــات‬

‫العامة ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ دور الدولة في النشاط االقتصادي و السياسة المالية ‪:‬‬

‫خيتلف دور الدولة من جمتمع رأمسايل اىل جمتمع اشرتاكي ‪،‬و بتغيري من دولة متخلفة عنه يف دولة متقدمة‪:‬‬

‫حيث أن يف الفكرالرأمسايل يقــوم التنظيم االقتصــادي على تــرك جهــاز الســوق للقيــام مبهمــة االنتــاج و ختصــيص املوارد من أجــل‬

‫اشــباع احلاجــات االنســانية ‪ ،‬و لكن تتــدخل الدولــة بالرقابــة و االشــراف و االعانــات و االنتــاج من أجــل تصــحيح الــدور الــذي‬

‫يقوم به السوق ‪.‬‬

‫األصــل يف هــذا النظــام أن يقــوم النشــاط اخلاص بإشــباع احلاجــات االنســانية ‪ ،‬و تــدخل الدولــة يف احليــاة االقتصــادية ال يكــون‬

‫بديال عنه ‪ ،‬بل مكمال له من أجل عالج عيوب السوق ‪ ،‬و من هنا يضيق نطاق احلاجات العامة يف هذه اجملتمعات ‪.‬‬

‫جند أيض ــا يف الفك ــر االش ــرتاكيتتوىل الدولــة عن طري ــق مش ــروعاهتا العامــة مهم ــة االنت ــاج ‪ ،‬و ختص ــيص املوارد إلشــباع خمتل ــف‬

‫احلاج ــات ‪ ،‬و تقتص ــر مهم ــة الس ــوق على املس ــاعدة يف توجي ــه املوارد طبق ــا ملتطلب ــات اخلط ــة و من هن ــا يتس ــع مفه ــوم و نط ــاق‬

‫احلاجات العامة يف هذه اجملتمعات ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ـ أمــا يف النظم املاليــة فإننــا جند دور الدولــة يف توجيــه االنتــاج و ختصــيص املوارد تتحــدد باعتبــارات تقتاضــيها ضــرورات التنميــة‬

‫االقتصادية ‪ ،‬و لذا جند نطاق احلاجات العامة يف هذه اجملتمعات أكثر اتساعا منها يف اجملتمعات الرأمسالية ‪ ،‬و أقل اتساعا منهــا‬

‫يف اجملتمعات االشرتاكية ‪.‬‬

‫م ــع بداي ــة الق ــرن العش ــرين تط ــور دور الدول ــة تط ــورا جوهري ــا من الدولــة الحارسة اىل دور الدولــة المتدخلة مث اىل الدولــة‬

‫االشتراكية ‪ (¹‬تعرضنا اليها يف املبحث األول ضمن أشكال الدولة ) ‪.‬‬

‫فبالنســبة للدولــة احلارسةســاد مفهومهــا يف القــرن الســابع عشــر و الثــامن عشــر يف ظــل ســيادة أفكــار النظريــة الكالســيكية الــيت‬

‫كانت تبىن على أساس ترك النشاط االقتصادي لألفراد دون تدخل من الدولة ‪ ،‬أي احلرية االقتصادية لألفراد ‪ ،‬أي يف ظــل مــا‬

‫يسمى باملذهب احلر هي مسري و حمرك للنشاط االقتصادي ‪ ،‬و قد يرتتب على ذلك عدد من النتائج لعل من أمهها ‪:‬‬

‫أن وظيفة الدولة هو القيام فقط بأعمال االمن و احلماية و العدالة و الدفاع و احلمالت العسكرية ‪ ،‬و ال مانع من إقامــة بعض‬

‫املرافق العامة ‪ ،‬أي تقف حارسة للنشاط االقتصادي دون التدخل يف األلية اليت يعمل هبا ‪.‬‬

‫أن املب ــدأ الس ــائد يف جمال املالي ــة العام ــة للدول ــة ه ــو مب ــدأ احلي ــاد املايل أي حتدي ــد اإلي ــرادات ال ــيت ميكن احلص ــول عليه ــا ‪ ،‬للوف ــاء‬

‫بالتزامات الدولة ألداء وظيفتها دون احلصول على أكثر من ذلك ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عبد املطلب عبد احلميدـ (‪ )2003‬المرجع السابق ـ ص ‪ 39‬و ‪. 40‬‬ ‫‪¹‬ـ‬

‫‪51‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫أن هــدف السياســة املاليــة و النظــام املايل هــو إحــداث تــوازن مــايل فقــط و تــرك التــوازن االقتصــادي و االجتمــاعي يتحقــق من‬

‫خالل يــد خفيــة توفــق بني مصــاحل االفــراد و مصــاحل اجملتمــع ‪ ،‬و يفهم من ذلــك أن دور الدولــة يف النشــاط االقتصــادي يكــاد ال‬

‫يذكر ‪.‬‬

‫أما الدولة املتدخلةاتضح من تطـور األوضـاع االقتصـادية و االجتماعيـة ‪ ،‬ضـرورة التخلص من مفهـوم الدولـة احلارسـة ‪ ،‬و حـل‬

‫حمله مفهومـ الدولة املتدخلة ‪ ،‬و خاصة بعد أن سادت العامل األزمة االقتصادية الكربى ‪ ،‬أو الكساد العاملي الكبري عام ‪1929‬‬

‫و م ــا بع ــدها (‪ 1929‬ـ ‪ ، )1932‬يف نفس ال ــوقت ال ــيت ب ــرزت في ــه النظري ــة الكينزي ــة ال ــيت ق ــامت على أس ــاس ض ــرورة ت ــدخل‬

‫الدولــة يف النشــاط االقتصــادي بإقامــة بعض املشــروعات الــيت حترك النشــاط االقتصــادي من الركــود الــذي قــد حيدث يف أوقــات‬

‫معينة ‪ ،‬و يتم حتريك هذا النشاط من خالل االنفاق العام باعتباره املضخة اليت تنشـط الـدورة الدمويـة للنشـاط االقتصـادي ‪ ،‬و‬

‫يف ظل فشل مذهب ترك احلرية الكاملة لألفراد للقيـام بالنشـاط االقتصــادي ‪ ،‬و من ناحيـة أخــرى أن من املصـلحة العامـة القيــام‬

‫ببعض املشروعات و اليت يتعذر على األفراد القيام هبا ‪ ،‬و قد يرتتب على ذلك عدة نتائج هي ‪:‬‬

‫أن وظيفة الدولة تغريت ‪ ،‬حيث أصبح هلا دور متزايــد يف النشــاط االقتصــادي و االجتمــاعي ‪ ،‬باإلضــافة اىل الوظــائف التقليديــة‬

‫للدولة اليت كانت موجودة مثل األمن و احلماية و العدالة و إقامة املرافق التقليدية ‪.‬‬

‫أن املب ــدأ الس ــائد يف جمال املالي ــة العام ــة للدول ــة ه ــو التخلي عن احلي ــاد املايل ‪ ،‬ليح ــل حمل ــه مفه ــومـ املالي ــة الوظيفي ــة و ال ــذي يق ــر‬

‫بضرورة حتديد االنفاق العــام املطلــوب أوال و الـذي حيقـق أهـدافا أكـثر من اهلدف املايل فقـط ‪ ،‬و ال مــانع من أن يتحـدد إنفــاق‬

‫أكرب من االيرادات العامة ‪ ،‬و بالتايل من املســموح بـه حــدوث عجـز يف املوازنـة العامــة للدولـة ‪ ،‬و للدولـة لكي تواجــه ذلــك أن‬

‫تق ــوم باحلص ــول على الق ــروض العام ــة " التموي ــل ب ــالعجز " أو تق ــوم بإص ــدار نق ــود جدي ــدة ‪ ،‬أو ب ــالعكس ب ــاللجوء اىل تك ــوين‬

‫احتياطي مايل ملواجهة أعباء مستقبلية عن طريق احلصول على االيرادات أكرب من االنفاق ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫ان ه ـ ــدف السياس ـ ــة املاليـ ــة و النظ ـ ــام املايل ه ـ ــو إح ـ ــداث ت ـ ــوازن م ـ ــايل ‪ ،‬و أيض ـ ــا إح ـ ــداث الت ـ ــوازن االقتص ـ ــادي ‪ ،‬و الت ـ ــوازن‬

‫االجتماعي ‪ ،‬من خالل التدخل إلهناء حالة الكساد أو معاجلة التضخم ‪ ،‬و إعادة توزيع الدخل ‪.‬‬

‫و يفهم من ذلــك أن دور الدولــة يف النشــاط االقتصــادي قــد ازداد بصــورة كبــرية للغايــة ‪ ،‬و بالتــايل أصــبحت ماليــة الدولــة ذات‬

‫وزن كبري ‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة الدولــة االشــرتاكية و دورهــا يف النشــاط االقتصــادي ففي ظــل الدولــة االشــرتاكية مل تعــد الدولــة مســؤولة عن هــذا‬

‫التوازن فحسب بل أصبحت تقوم أساس باإلنتاج و التوزيع كما حتددها اخلطة االقتصادية ‪.‬‬

‫و يف ظل اجملال االجتماعي تعمل الدولة على القضاء على الفروق الكبرية بني الدخول ‪.‬‬

‫و ق ــد اقتض ــى ه ــذا التط ــور ال ــذي حلق ب ــدور الدول ــة تط ــور املب ــادئ و السياس ــات املالي ــة و الت ــأثري يف نظري ــة النفق ــات العام ــة و‬

‫االيرادات العامة و امليزانية العامة ‪ ،‬فحينما أصبح الدولة مســؤولة عن التــوازن االقتصــادي و االجتمــاعي مل يعــد فـرض النفقــات‬

‫العامة مقصورا على الوظائف التقليدية ‪.‬‬

‫اىل جانب ذلك كانت هتدف اىل التأثري على الدخل القومي و كيفيـة توزيعـه بني الطبقـات الفقـرية مما يضـمن ارتفـاع الطبقـات‬

‫ذات الــدخل احملدود ‪ ،‬و مل تصــبح نظريــة االيــرادات العامــة مقصــورةـ على تغطيــة النفقــات العامــة بــل أصــبحت هتدف باإلضــافة‬

‫اىل ذلك حتقيق قدر من التقارب بني الدخول و الثروات ‪ ،‬أو حماربة التضخم ‪ ،‬أو تكوين احتياطي يف املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫قد يتطلب حتقيق هذا التوازن أحداث عجز يف امليزانية و ذلك بااللتجاء اىل القروض أو اإلصدار النقدي اجلديد ‪.‬‬

‫و مل يصبح هدف امليزانية العامة هـو ضـمان التـوازن املايل ‪ ،‬بـل أصـبحت هتدف اىل حتقيـق التـوازن االقتصـادي و االجتمـاعي ‪،‬‬

‫و حىت اقتضى األمر اخلروج على مبدأ توازن امليزانية ‪.‬‬

‫بذلك أصبح مـربرا أن تلجـأ الدولـة اىل القـروض دون التمسـك مبربراهتا التقليديـة و هي تلـك الـيت تتمثـل يف النفقـات العامـة غـري‬

‫العادية ‪ ،‬أو بغرض التخفيف من عبئ الديون العامة ‪.‬و حينمــا أصـبحت الدولـة تتـوىل االنتـاج و التوزيـع ( الدولـة االشــرتاكية )‬

‫زادت الكمي ــات املالي ــة بص ــفة مطلق ــة ‪ ،‬و أيض ــا نس ــبتها اىل ال ــدخل الق ــومي ‪ ،‬فأص ــبح رأس املال الع ــام و االي ــرادات العام ــة و‬

‫النفقــات العامــة و امليزانيــة العامــة تســتوعب على التــوايل نســبة مرتفعــة من رأس املال القــومي و االنفــاق القــومي و امليزانيــة كمــا‬

‫أخــدت الدولــة باخلطــة املاليــة و اعتــربت امليزانيــة العامــة جــزء منهــا ‪.‬و تتجــه الدولــة االن اىل التحــول اىل القطــاع اخلاص هبدف‬

‫ختفيف العبء عن كاهل الدولة يف إدارة و تشغيل الوحدات االقتصادية العامة و التقليل من فاقــد املوارد االقتصــادية و إفســاح‬

‫اجملال أما املنافسة احلرة بني املنتجني احملليني ‪.¹‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪54‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )2007‬أثر السياسات المالية الشرعية في تحقيق التوازن المالي في الدولة الحديثة ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ـ ص ‪ 30‬و ‪. 31‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪ 2‬ـ السياسة المالية و مسؤولية الدولة عن توجيه النشاط االقتصادي لخدمة التنمية المتوازنة ‪:‬‬

‫كمــا ذكرنــا عن دور الدولــة يف اجملال االقتصــادي حلقــه الكثــري من التطــورات ‪ ،‬ففي القــرنني املاضــيني ظهــر مــا يســمى بالدولــة‬

‫احلارسة و هي ما تعرف أيضا بدولة املذهب الفردي احلر ‪ ،‬و هي تلـك الـيت يقتصـر دورهـا على الـدفاع و على إقامـة العـدل و‬

‫القيام ببعض األعمال العامة ‪ ،‬و اليت ال يكفي دخلها لتغطية نفقاهتا ‪.‬‬

‫لقــد احنصــر دور الدولــة يف هــذا النظــام املايل على احلصــول على االيــرادات املاليــة الالزمــة لتغطيــة النفقــات التقليديــة ‪ ،‬و اصــبح‬

‫دور امليزاني ــة ه ــو ض ــمان حتقي ــق الت ــوازن بني االي ــرادات العام ــة العادي ــة و النفق ــات العام ــة العادي ــة ‪ ،‬و رفض االلتج ــاء اىل عج ــز‬

‫امليزانية ‪ ،‬أي اىل القروض لتغطية النفقات العادية ‪ ،‬و ذلك الن العجز هو خيصــص لتغطيـة نفقـات اسـتهالكية ضــار باالسـتثمار‬

‫و يؤدي اىل حدوث تضخم ‪.‬‬

‫فالنظرية التقليدية إذا تؤمن بأن قـوة السـوق كفيلـة بتحقيـق التـوازن التلقـائي لالقتصـاد ‪ ،‬و ينجم عن ذلـك ضـرورة عـدم تـدخل‬

‫الدولة عن طريـق االقـرتاض و إال أخلت هبذا التـوازن ‪ .‬و بيـان ذلـك أن االنتـاج خيلـق طلبـا مسـاويا لـه من ناحيـة ‪ ،‬و من ناحيـة‬

‫يتجــه حنو التشــغيل الكامــل أو الشــامل ‪ ،‬بفضــل حريــة حتركــات األمثان و انتقــال عناصــر االنتــاج يف ظــل نظــام يســوده احلريــة و‬

‫املنافسة ‪.¹‬‬

‫و ملن تط ــور دور الدول ــة من دول ــة حارس ــة اىل دول ــة متدخل ــة وس ــع يف نط ــاق نش ــاط الدول ــة فأص ــبحت مس ــؤولة عن الت ــوازن‬

‫االقتصادي و االجتماعي ‪ ،‬هذا مع احرتام امللكية الفردية و مع ترك عملية االنتاج بصفة أساسية للنشاط اخلاص على أن تقوم‬

‫الدولة بالتدخل الذي يلزم إلقامة التوازن ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪55‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )2007‬المرجع السابق ـ ص ‪100‬‬ ‫‪¹‬‬

‫فتــدخل الدولــة يف جمال االنفــاق العــام يكــون مفيــدا و حمققــا ألكــرب قــدر من املنــافع العامــة ‪ ،‬إذ كــانت تكــاليف التــدخل بالنســبة‬

‫للجماعة أقل من الفوائد اليت حتصل عليها منه ‪.‬‬

‫و يف جمال االقـ ــرتاض العـ ــام فـ ــان الفكـ ــر املايل احلديث يقـ ــوم بعـ ــدم صـ ــحة التـ ــوازن التلقـ ــائي الـ ــيت تقـ ــوم هبا النظري ــة التقليدي ــة ‪،‬‬

‫فاالقتصاديات الرأمسالية عرفت أزمات كثرية تتطلب تدخل الدولة من أجل إعادة التوازن ‪ ،‬و ذلك عن طريق نفقاهتا العامــة ‪،‬‬

‫و لــذلك فــإن التجــاء الدولــة اىل القــروض العامــة ال خيل بفكــرة التــوازن التلقــائي يف النظريــة التقليديــة ‪ ،‬بــل تســتخدم القــروض‬

‫العامة كأداة اقتصادية لتوجيه االقتصاد ملنع تقلباته العنيفة ‪.‬‬

‫بالنسبة للتمويل التضخمي فإن الفكر املايل احلديث يقوم بعدم صحة الفرضيات اليت تقوم عليها نظرية التوازن التلقائي ‪ ،‬ذلك‬

‫الن االقتصـاديات الرأمسالية ال تعـرف حالـة التشـغيل الكامـل كمـا كـانت تفـرتض النظريـة التقليديـة ‪ ،‬بـل على العكس من ذلـك‬

‫تعــرف هــذه البالد ميال حنو نقص التشــغيل و البطالـة نتيجـة لوجــود فجـوة بني الطلب الفعلي و حجم االنتــاج املمكن بـل تـزداد‬

‫هذه الفجوة اتساعا‪ ،‬و تصل اىل حد األزمة و تتمثل يف افراط االنتاج و يف بطالة كبرية ‪.‬‬

‫أمــام هــذا الوضــع بوجــوب تــدخل الدولــة بغــرض تنشــيط الطلب الفعلي ‪ ،‬و ذلــك عن تعــويض النقص يف الطلب اخلاص بزيــادة‬

‫الطلب العام خاصة الطلب االستثماري و هو ما يستتبع زيادة االنفاق العام ‪ .‬و من مت فإن نظرية االيرادات ‪ ،‬تبعــا لتطــور تبعــا‬

‫لتطور دور الدولة من احلارسة اىل متدخلة ‪ ،‬مل تعـد مقصـورة على تغطيـة النفقـات العامـة ‪ ،‬بـل أصـبحت هتدف اىل حتقيـق قـدر‬

‫من التقارب بني الدخول و الثروات و حماربة التضخم ‪ ،‬نادى به " كينز "‪.‬‬

‫أم ــا امليزاني ــة العام ــة فلم يص ــبح ه ــدفها ض ــمان الت ــوازن املايل ‪ ،‬ب ــل اص ــبحت هتدف اىل حتقي ــق الت ــوازن االقتص ــادي و الت ــوازن‬

‫االجتمــاعي ‪ ،‬حــىت و لــو اقتضــى األمــر اخلروج على مبــدأ تــوازن امليزانيــة ‪ ،‬و بــذلك أصــبح مــربرا أن تلجــأ الدولــة اىل القــروض‬

‫‪56‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫دون التمســك مبربراهتا التقليديــة ‪ ،‬كمــا أصــبح مــربرا االلتجــاء اىل االصــدار النقــدي اجلديــد بغــرض متويــل النفقــات العاديــة ‪ ،‬أو‬

‫بغرض التخفيف من عبء الديون العامة ‪.‬‬

‫و كان من أثر ذلك أن الفكر املايل املعاصر أخد ينادي بتحقيق التوازن العام بأحد طريقتني ‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬مــا يعــرف مبيزانيــة الــدورة االقتصــادية ( التضــخم و االنكمــاش) ‪ ،‬فامليزانيــة باعتبارهــا أداة من أدوات السياســة املاليــة‬

‫للدولــة توضــع مبا حيقــق للدولــة وفــرة يف االيــرادات ‪ ،‬و ذلــك عن طريــق زيــادة معــدل االقتطــاع الضــرييب ‪ ،‬و التقليــل من حجم‬

‫النفقــات العامــة ‪ ،‬حــىت تتمكن احلكومــة من امتصــاص القــوة الشــرائية الزائــدة بأيــدي األفــراد ‪ ،‬مث االحتفــاظ هبذه الزيــادات أو‬

‫الفائض يف االيرادات يف صندوق خاص لإلنفاق يف وقت الكساد ‪ ،‬و و ذلك إذا االقتصاد القومي يف حالة تضخم ‪.‬‬

‫أما إن كان مير حبالة كساد أو انكماش ‪ ،‬فإن ميزانية الدولة توضع مبا حيقق الزيادة يف الطلب الكلي الفعال بشــقيه االنتــاجي و‬

‫االستهالكي ‪ ،‬و من املتصور حتقيقا خفض معدل االستقطاع الضرييب ‪ ،‬و زيادة حجم االنفاق العام حىت ميكن إعــادة التــوازن‬

‫و االنتعاش اىل االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬العجــز املنظم يف امليزانيــة ‪ ،‬و هــو أســلوب األســلوب األكــثر إتباعــا يف تواقــع عملي ‪ ،‬و مقتضــاه أنــه يف أوقــات الكســاد‬

‫يتعني على الدول ــة خفض االس ــتقطاع الض ــرييب من دخ ــول و ث ــروات االف ــراد اىل أدىن ح ــد ممكن ‪ ،‬و تق ــدمي االعان ــة لألف ــراد و‬

‫املش ــروعات و تنش ــيط الطلب الكلي على س ــلع و خ ــدمات االنت ــاج الكلي ح ــىت تص ــل اىل مرحل ــة التش ــغيل الكام ــل ‪ ،‬و من مت‬

‫إعــادة التــوازن اىل االقتصــاد القــومي ‪ ،‬فــإن االمــر و احلالــة هــذه يــوحي بنقص املوارد العامــة عن تغطيــة وجــوه االنفــاق املطلوبــة‬

‫للخروج من حالـة الكسـاد ‪ ،‬و لكي تتوصــل الدولـة اىل إنفـاق مبــالغ فعليـة تزيـد عن حجم إيراداهتا العاديـة احملصــلة ‪ ،‬فال بـد هلا‬

‫من اتبــاع طريقــة العجــز املنظم يف امليزانيــة يف امليزانيــة أي متويــل العجــز يف املوارد العاديــة عن حجم االنفــاق املطلــوب عن طريــق‬

‫اإلصدار النقدي اجلديد أي التمويل بالتضخم ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ .3‬مدى تكامل السياسات المالية و االقتصادية و االجتماعية لتحقيق التوازن المالي العام ‪:‬‬

‫من اهم عوامــل جناح السياســة املاليــة املعاص ــرة هــو مراعــاة األبع ــاد االجتماعيــة االقتص ــادية لألدوات املاليــة ‪ ،‬و ذل ــك بتحقيــق‬

‫التكام ــل بني السياس ــات املالي ــة و االقتص ــادية و االجتماعي ــة و عدال ــة توزي ــع االنف ــاق الع ــام بني األق ــاليم ‪ ،‬و ت ــرتيب أولوي ــات‬

‫األنفاق العام و ختصيص بعض املوارد املالية العامـة لنفقــات معينـة مـع وحــدة امليزانيـة العامـة و فــرض رقابـة شـديدة على االنفـاق‬

‫العام و الالمركزية يف االدارة املالية ‪.‬‬

‫ـ العدالــة يف توزيــع املال العــام كــأداة لتحقيــق التــوازن املايل العــام خلدمــة التنميــة املتوازنــة ‪ :‬لقــد اســتغرقت أحباث العدالــة جــزءا‬

‫كبــريا من الدراســات املاليــة يف الفكــر الوضــعي منــذ ظهــور املاليــة العامــة احلديثــة على يــد أدم مسيت غــري أن هــذه األحباث كــانت‬

‫تركــز على حتقيــق العدالــة بني املواطــنني أمــام األعبــاء العامــة أي العدالــة يف توزيــع أعبــاء االنفــاق العــام و ليس يف توزيــع االنفــاق‬

‫العــام بني املواطــنني و هــو مــا يعــرف يف الفكــر الوضــعي بالعدالــة الضــريبية ‪ ،‬و لقــد شــغل هــذا املبــدأ أذهــان املفكــرين من علمــاء‬

‫املالية العامة و االقتصاد منذ زمن بعيد بل منذ بدأ فرض الضريبة و اعتبارها فريضة الزامية على االفراد ‪.‬و التحليــل االقتصــادي‬

‫ملفهومـ العدالة الضريبية يتحدد على النحو التايل ‪:¹‬‬

‫العدالة الضريبية األفقية*‪ :‬و هي تعين املعاملة املتساوية لألشخاص يف الظروف املشـاهبة و املعاملـة النسـبية املالئمـة لألشـخاص‬

‫يف الظروف املتباينة ‪ ،‬فالعدالة االفقية تفرتض أن األفراد ذوي القدر املتساوي من القدرة على الدفع جيب أن يتحملوا ضــرائب‬

‫متساوية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪58‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )2007‬المرجع السابق ـ ص ‪131‬‬ ‫‪¹‬‬


‫*‪  ‬العدالة األفقية‪ :‬ويقصد هبا إخضاع أو مماثلة امللزمني ذوي الوضعيات االقتصادية املماثلة معاملة مماثلة‪.‬ـ‬

‫أما العدالـة الضـريبية الرأسـية*‪ :‬فتفــرتض أن األشــخاص ذوي الظــروف املتمــايزة يف القــدرة على الــدفع جيب أن يــدفعوا معــايري‬

‫خمتلفة من الضريبة ‪ ،‬و لعل الفكــر التقليــدي لدراسـة العدالـة يف توزيـع االنفــاق العــام بني املواطـنني ‪ ،‬يرجــع اىل أن االنفــاق العــام‬

‫لــديهم جيب قصــره على تســيري مرافــق الدولــة الضــرورية و خــدمات هــذه املرافــق من النــوع الــذي ال يقبــل التجزئــة و امنا حيقــق‬

‫املنفعة العامة جلميع املواطنني و بالتايل يالحظوا عدم ضرورة دراسة العدالة هبذا املعىن‪¹.‬‬

‫أضف اىل ذلك أن إمهال املالية التقليدية لدراسة أثار االنفاق العام مما دعا ريكاردو يعتقـد أن النفقـات العامــة ضـياع و إسـراف‬

‫و أهنا ال تســتحق حــىت جمرد الدراســة ‪ ،‬و مل ينــادي الفكــر املايل باســتخدام النفقــات العامــة كوســيلة لتحقيــق العدالــة يف توزيــع‬

‫ال ــدخل الق ــومي ب ــل أن ــه ك ــان ي ــرى أن اس ــتخدام املال الع ــام يف االنف ــاق على األغ ــراض االجتماعي ــة ل ــه أث ــار س ــيئة على احلي ــاة‬

‫االقتصــادية و ذلــك عنــد اقتطــاع جــزء من مــداخيل األغنيــاء لزيــادة دخــول الفقــراء إمنا يقلــل من قــدرة األغنيــاء على االدخــار و‬

‫االستثمار و يعوق التقدم االقتصادي ‪.‬‬

‫بالتــايل نســتخلص أن الفكــر التقليــدي مل يهتم بدراســة العدالــة يف توزيــع االنفــاق العــام اىل جــانب اعرتاضــه و انكــاره الســتخدام‬

‫االنفاق العام يف حتقيق عدالة توزيع الدخل القومي ‪.‬‬

‫أمــا الفكــر املايل احلديث الــذي أبــرز األثــار االجتماعيــة و االقتصــادية لإلنفــاق العــام فإنــه قــد اهتم كــذلك بــإبراز دور العدالــة يف‬

‫توزيع الدخل القومي كشرك من شروط حتقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية العامة ‪.‬‬

‫احلقيقــة أن ذلــك مل يــأيت رغبــة من العدالــة يف حــد ذاهتا ‪ ،‬و إمنا جــاء كوســيلة حلفــظ اجملتمــع بعــد أن أصــبحت الطبقــات الفقــرية‬

‫ذات تأثري فعال على جمريات األمور السياسية و االقتصادية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪59‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )2007‬المرجع السابق ـ ص ‪131‬‬ ‫‪¹‬‬


‫*العدالــة العمودية‪ :‬وتقتضــي التشــخيص والتصــاعد ىف حتصــيل الضــريبة عن طريــق حتميــل اصــحاب الــدخول املرتفعــة عبئــا اكــرب من املنخفضــة‪ ،‬أي معاملــة امللــزمني ذوي‬
‫الوضعيات االقتصادية غري املماثلة معاملة غري مماثلة ؛‬

‫فقضى هذا االصالح على سيطرة الطبقة الغنية على التشريع و أزال ما كانت حتصل عليه من مزايا من االنفاق العــام ـ غــري أنــه‬

‫ش ــوهد عقب ه ــذا االص ــالح اجتاه ي ــرمي اىل خفض مرتب ــات كب ــرية و رف ــع مرتب ــات ص ــغرية ملا هلذه االخ ــرية من ق ــوة انتخابي ــة‬

‫يعتــديها يف نصــر حــزب على أخــر فتنافســت االحــزاب و حكوماهتا يف رفــع مرتبــات الوظــائف الصــغرية إضــرارا خبزانــة الدولــة و‬

‫على حساب الوظائف الكبرية ‪.‬‬

‫مــا ســبق يتضــح لنــا أن توزيــع االنفــاق العــام يف الفكــر الوضــعي مل جير على ســنن العدالــة ‪ ،‬ســواء يف الفــرتة الــيت ســيطرت فيهــا‬

‫الطبق ــة الغني ــة على الربملان ‪ ،‬أو الف ــرتة ال ــيت أص ــبحت فيه ــا لغريه ــا من الطبق ــات ت ــأثري كب ــري عليه ــا ‪ ،‬و ان ك ــانت الف ــرتة الثاني ــة‬

‫شــهدت توزيعــا أقــرب اىل العدالــة من الفــرتة األوىل حيث أجــربت الدولــة على أن ختصــص بعض األمــوال لألغــراض االجتماعيــة‬

‫املختلف ــة مـ ــع متويله ــا من الض ــرائب التصـ ــاعدية لتقلي ــل الف ــوارق بني الطبق ــات ‪ ،‬و حتقي ــق ن ــوع من العدال ــة يف توزي ــع ال ــدخل‬

‫القومي ‪.‬‬

‫فالفكر الوضعي التقليـدي يـرى أن االنفـاق على األغـراض االجتماعيـة يضـر باالقتصـاد القـومي ‪ ،‬و من مث جيب البعـد عنـه ‪ ،‬امـا‬

‫الفكر االشرتاكي فريى يف ظل مبادئه يف التوزيع أن لكل حسب قدرته و لكل حسب عمله ‪.‬‬

‫أما الفكر الرأمسايل احلديث فقـد اعـرتف باحلاجـة كسـبب من أسـباب اسـتحقاق املال العـام حتت ضـغطـ الظـروف االجتماعيـة و‬

‫االقتصادية ‪ ،‬فأقرتب بذلك من حتقيق العدالة يف توزيع املال العام ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ .4‬أثر السياسة المالية في تحقيق الالمركزية في نشاط االدارة المالية العامة‪:‬‬

‫العدالة االقليمية يف توزيع االنفاق العام مطلب أساسي لتحقيق التوازن املايل العـام ‪ ،‬ذلـك ألهنا تقيم جمتمعـا تتقـارب مسـتويات‬

‫أقاليمــه ‪ ،‬و تنعــدم فيــه الظــاهرة الــيت كثــريا مــا تشــاهد يف البالد املتخلفــة من وجــود إقليم معني يكــاد أن ينفصــل متامــا عن واقــع‬

‫البلــد ‪ ،‬حيث يســتأثر مبعظم اخلدمات و تــرتكز فيــه مظــاهر الــرقي و التقــدم فيكــون أشــبه من جزيــرة من التقــدم وســط حبر من‬

‫التخل ــف ال ــذي حييط ــه من مجي ــع اجلهـ ــات ‪ ،‬متمثال يف األق ــاليم ال ــيت ح ــرمت من نص ــيب ع ــادل من االنف ــاق الع ــام ‪ ،‬إن االث ــر‬

‫االقتصادي من هذه العمليـة هـو اختالل عمليـة التنميـة االقتصـادية فال تسـري سـريا متوازيـا ‪ ،‬أمـا النمـو املتـوازن يف احناء الدولـة و‬

‫بني أقاليم البلد الواحد يضاعف من خطى التقدم و يعطي عملية النمـو دفعــا اىل االمـام نتيجـة للتكامـل احلقيقي الـذي يقـوم بني‬

‫أقــاليم الدولــة فيفيــد بعظهــا البعض فيحــدث توزيــع مرمــوق يف حجم الســوق احمللي األمــر الــذي يشــد من قــوى النمــو و حتركهــا‬

‫حنو األمام ‪.¹‬‬

‫فسياســة االنفــاق العــام إذن جيب أن تعمــل على توزيــع االســتثمار على القطاعــات االقتصــادية املختلفــة ‪ ،‬فال تركــز على قطــاع‬

‫دون قطــاع ‪ ،‬و ذلــك ألن تركــيز االســتثمار العــام على القطاعــات يف جماالت النشــاط اخلدمي دون جماالت النشــاط االقتصــادي‬

‫املادي ــة ‪ ،‬خاص ــة قط ــاعي الزراع ــة و الص ــناعة يعم ــل على إجياد من ــاخ خص ــب النتع ــاش التض ــخمية يف االقتص ــاد بس ــبب زي ــادة‬

‫الدخول مبعدل أكرب من زيادة العروض من السلع من ناحية ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫كمــا أنــه يــؤدي اىل زيــادة االعتمــاد على العــامل اخلارجي يف الوفــاء بالعديــد من الســلع املطلوبــة ‪ ،‬مما يزيــد من مشــكلة العجــز يف‬

‫ميزان املدفوعات ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )2007‬المرجع السابق ـ ص ‪152‬‬ ‫‪¹‬‬

‫يع ــد االختالل احلادث بني منو القطاع ــات االقتص ــادية املختلف ــة ال ــيت يتك ــون منه ــا االقتص ــاد الق ــومي أح ــد االختالالت اهليكلي ــة‬

‫املســببة للضــغوط التضــخمية يف البالد املتخلفــة أو دول العــامل الثــالث ‪ ،‬و ذلــك أن هــذا االختالل يــؤدي يف النهايــة اىل االختالل‬

‫يف التوازن بني العرض احلقيقي للسلع و اخلدمات و بني الطلب عليها ‪.‬‬

‫ل ــذا ف ــإن املسـ ــار الص ــحي لعملي ــة التنمي ــة يتطلب أن يكـ ــون هن ــاك تناس ــبا معق ــوال بني النمـ ــو الـ ــذي حيدث يف جماالت النش ــاط‬

‫االنتاجي املادي الذي حيدث يف القطاعات اخلدمية و التوزيعية ‪.‬‬

‫فحىت يتحقق النمو املتوازن ال بد من حتقيق مستوى معقول من النمو يف خمتلف القطاعات السلعية و اخلدمية و حنو ذلك ‪.‬‬

‫فغالبيــة املشــروعات الــيت تنفــذ يف احملليــات ختطــط و متول و تنفــذ من جــانب احلكومــة املركزيــة و يقتصــر دور الســلطات احملليــة‬

‫على املشروعات الصغرية ‪.‬‬

‫و عالج ــا هلذا الوض ــع و ض ــمانا لفاعلي ــة االس ــتثمار الع ــام يف حتقي ــق التنميــة املتوازنــة لكافــة أقــاليم الدولــة يتعني إع ــادة النظ ــر يف‬

‫تقسيم البالد اىل أقاليم ختطيطية على أساس اقتصادي و حبيث يكون كـل إقليم وحـدة اقتصـادية متكاملـة تعـد هلا خطـة مسـتقلة‬

‫يف ضــوء املوارد املتاحــة من حيث الكم و النــوع و األهــداف االنســانية الــيت حتدد لألقــاليم على أن تكــون هــذه اخلطــة املســتقلة‬

‫متكاملة و يف إطار اخلطة العامة للتنمية االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫و من األم ــور اهلام ــة ال ــيت ترتب ــط بالالمركزي ــة يف اإلدارة املالي ــة ختص ــيص إي ــراد معني ملش ــروعات معين ــة ‪ ،‬و ه ــو م ــا ت ــؤمن ب ــه‬

‫االجتاهــات احلديثــة يف املاليــة العامــة اســتثناء من قاعــدة عــدم التخصــيص ‪ ،‬كقاعــدة من قواعــد امليزانيــة العامــة ‪ ،‬فــإذا كــان التجــاء‬

‫احلكومة اىل القروض الوطنية لتمويل املشروعات بوجه عام قد ال جيذب اجلمــاهري فعليهـا إذن أن تقـوم بتخصـيص قـروض كــل‬

‫إقليم ملشروعات هذا االقليم حىت يقبل املواطنون على املسامهة فيها ‪.‬‬

‫كـذلك فـإن القـروض األجنبيـة ألغـراض التنميـة جيب أن تكـون خمصصـة ملشـروعات معينـة حـىت ميكن تقـدير مـدى مسـامهاهتا يف‬

‫التنمية و هذا معناه ضرورة التحرر من قاعدة عدم التخصيص ‪.‬‬

‫و ي ــرى ض ــرورة إتب ــاع مب ــدأ التخص ــيص على مس ــتوى مجي ــع اإلي ــرادات س ــعيا وراء رف ــع كف ــاءة االس ــتفادة باملال الع ــام و ه ــو‬

‫يق ــرتح ‪ :‬أن ختص ــص الض ــرائب املباش ــرة لنفق ــات تس ــيري املراف ــق العام ــة ح ــىت يهتم دافع ــو الض ــرائب هبذه املراف ــق و يعمل ــوا على‬

‫املطالبــة برفــع مســتوى مــا تقدمــه من خــدمات الــيت متنح للمنتجني يف بعض فــروع االنتــاج الضــروري للطبقــات الفقــرية "هــنري‬

‫لوفان برجر"‪.‬‬

‫مما تقــدم يتضــح لنــا أمهيــة الالمركزيــة يف االدارة املاليــة كــأداة لتحقيــق التنميــة املتوازنــة ‪ ،‬ال ســيما أن املشــاكل االقتصــادية الــيت‬

‫تواجه البالد ال ميكن أن حتل على مستوى املركزي ‪ ،‬و ال ميكن أن تعاجل بدون مشاركة احملليات ‪ ،‬و حتقيــق التــوازن الــدقيق ‪،‬‬

‫و إدراك أمهية التنمية املتوازنة ملعاجلة خمتلف املشكالت السياسية و االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫خالصة الفصل األول ‪:‬‬

‫من خالل الفصـ ــل املتعلـ ــق بالسياسـ ــة املاليـ ــة ( اسـ ــتعراض نظـ ــري ) ‪ ،‬ميكن اسـ ــتخالص مما سـ ــبق أن تـ ــدخل الدول ــة يف النش ــاط‬

‫االقتصادي انعكس على السياسة املالية اليت عرفت تطورا كبريا ‪.‬‬

‫‪ ‬تلعب السياســة املاليــة دورا كبــريا يف خمتلــف النظم االقتصــادية ‪ ،‬ففي النظــام االشــرتاكي تســعى اىل حتقيــق التنميــة االقتصــادية يف‬

‫حني تتجه يف النظم الرأمسالية اىل حتقيق االستقرار ألن تدخل الدولـة يف هـذا النظـام أقـل منـه نوعـا مـا يف النظـام األول غـري أنـه‬

‫ميكن القول أن السياسة املالية يف كال النظامني تسعى اىل حتقيق هدف مشــرتك و هــو حتقيــق التنميـة االقتصــادية و االجتماعيــة‬

‫املرغوبة ‪.‬‬

‫‪ ‬ففي العصــر القــدمي كــانت السياســة املاليــة حمايــدة ‪ ،‬شــأهنا يف ذلــك شــأن الفكــر الــذي تعمــل من خاللــه و كــانت تشــمل مرافــق‬

‫حمدودة ‪ ،‬أما يف العصر احلديث أصبحت السياسة املالية متدخلة يف كافة اجملاالت ‪ ،‬و ذلك بسبب التطورات االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ ‬و من جهة أخرى جند السياسـة املاليـة املعاصــرة شـهدت تطــورات جوهريـة أين أصـبحت أداة دولـة لتوجيـه االنتـاج و االشـراف‬

‫على النشاط االقتصادي دون تعرضه ملراحل الكساد و الرواج اليت تعصف به بني حني و االخر ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫[‪]Titre du document‬‬

‫‪ ‬اتضــح لنــا أن السياســة املاليــة ذات أمهيــة بالغــة ‪ ،‬و ذلــك من خالل أدواهتا و مــا هلا من تــأثري على مجيــع التغــريات االقتصــادية ‪،‬‬

‫كمــا متثــل االداة الــيت تســتخدمها احلكومــة ملعاجلة املشــكالت االقتصــادية و االجتماعيــة ‪ ،‬و هــذا لتحقيــق التــوازن االقتصــادي‬

‫العام ‪.‬‬

‫‪ ‬أن تط ــور دور الدولـ ــة و تعـ ــدد وظائفهـ ــا انعكس على تـ ــوازن املوازنـ ــة ‪ ،‬حيث مل يعـ ــد يقتصـ ــر على اقامـ ــة معادل ــة متعادل ــة بني‬

‫النفقات الالزمة لتسيري مصاحل الدولة من جهة ‪ ،‬و بني االيرادات الضريبية من جهـة أخــرى ‪ ،‬و امنا أصــبح لــه عالقـة باجلانب‬

‫االقتصــادي ‪ ،‬و من مث مل يقتصــر النظــر على التــوازن الــرقمي للموازنــة ‪ ،‬بــل تعــدد أليــة عمــل السياســة املاليــة لتحقيــق التــوازن‬

‫األكرب من خالل أدواهتا املالية ‪ ،‬و املتمثلة يف السياسة االنفاقية و السياسة اإلرادات باإلضافة اىل املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬و أخريا أن مصطلح السياسة املالية كـان و ال يـزال حمطـة أنظـار املهتمني باحليـاة االقتصـادية كوهنا من أدوات الدولـة للتـدخل و‬

‫التحكم و ك ـ ـ ــذا التوجي ـ ـ ــه ملختل ـ ـ ــف قطاعاهتا هبدف حتقي ـ ـ ــق الت ـ ـ ــوازن على املس ـ ـ ــتوى ال ـ ـ ــداخلي و اخلارجي و من مث الت ـ ــوازن‬

‫االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أدوات‪ H‬السياسة المالية‪H‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫إن املوض ــوع الــذي نتناولــه يف هــذا الفص ــل ه ــو أدوات السياســة املاليــة ‪ ،‬فمفه ــوم السياســة املاليــة تتعلــق أساســا بــاإلجراءات و‬

‫القــرارات الــيت تســتخدمها السـلطات املاليــة لتجديــد النشــاط املايل للدولـة ‪ ،‬و أيضــا األدوات الــيت متكنهــا من التــدخل يف النشـاط‬

‫االقتصــادي و حتديــد امكانيــة تأثريهــا على مجيــع املتغــريات االقتصــادية ‪ ،‬و هــذا يعــين أن السياســة املاليــة تعــين اســتخدام احلكومــة‬

‫االيرادات العامة ‪ ،‬االنفـاق العـام و املوازنـة العامـة من أجـل حتقيـق االسـتقرار االقتصـادي ‪ ،‬و حتقيـق العدالـة االجتماعيـة يف اطـار‬

‫حتقيق أهداف التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫ملا كـانت االيـرادات العامـة و النفقـات العامـة و املوازنـة العامـة العناصـر الثالثـة الرئيسـية حملو النشـاط االقتصـادي و املايل للدولـة‬

‫تكون يف نفس الوقت االدوات الرئيسية لرسـم و تنفيـذ السياسـة املاليـة للدولـة ‪ .‬و عليـه سـوف نعـرض يف هـذا الفصـل املتضـمن‬

‫أدوات السياســة املاليــة ‪ ،‬النفقــات العامــة للدولــة يف املبحث األول أمــا املبحث الثــاين اإليــرادات العامــة للدولــة ـ ـ أمــا فيمــا خيص‬

‫املبحث الثالث املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫المبحث األول ـ النفقات العامة للدولة ‪:‬‬


‫يلعب االنف ــاق الع ــام دورا حامسا يف التنمي ــة االقتص ــادية ‪ ،‬فمن خالل ــه حتاف ــظ احلكوم ــات على اهلوي ــة الوطني ــة ‪ ،‬و ت ــوفر البني ــة‬

‫االساس ـ ــية الالزمـ ـ ــة للتنميـ ـ ــة ‪ ،‬و ت ـ ــؤثر معـ ـ ــدالت التنميـ ـ ــة و يف توزيـ ـ ــع منافعهـ ـ ــا و هتيئ ـ ــة اخلدمات االجتماعي ـ ــة الالزمـ ــة للوف ـ ــاء‬

‫باالحتياجات االساسية للسكان و تظهر النفقات العامة للدولة عادة يف أحد جانيب املوازنة العامـة ‪ ،‬و توضـح قـراءة أرقـام هـذه‬

‫النفقات مدى أمهية السياسة االنفاقية و االمهية النسبية لعناصر هذه النفقات يف اجملتمع ‪.‬‬

‫النفقــة هي مبلــغ نقــدي خيرج من الذمــة املاليــة للدولــة أو أحــد تنظيماهتا بقصــد حتقيــق حاجــة عامــة ‪ ،‬و من خالل هــذا التعريــف‬

‫يتبني لنا أن للنفقة عناصر ثالثة ‪:‬‬

‫ـ ـ الصــفة النقديــة للنفقــة العامــة ‪ :‬العنصــر األول من عناصــر النفقــة هــو اســتعمال مبلــغ من النقــود مثنــا ملا حتتــاج إليــه الدولــة من‬

‫خدمات أو مواد أو إنشـاءات أو غريهـا من الوظـائف الـيت تقـوم الدولـة بأدائهـا ‪ ،‬و هـذه الصـفة مييزهـا عمـا كـانت تتبعـه الـدول‬

‫قدميا من استعمال املواطنني و إلزامهم بأداء خدمات عامة بدون مقابل " نظام السخرة " ‪.‬‬

‫ـ صفة القائم باإلنفاق ‪ :‬العنصر الثاين من عناصر النفقة العامة هو صدورها من الدولة أو أحد ‪.‬‬

‫ـ تنظيماهتا كوحدات احلكم احمللي و غريها ‪ ،‬و خيضع هلا أيضا املشاريع التجارية اليت تنفق عليها الدولة بقصد حتقيق الــربح مــا‬

‫دامت ختضع إلشراف اجلهاز االداري للدولة ‪.‬‬

‫ـ ـ ه ــدف النفق ــة العامــة ‪ :‬العنص ــر الث ــالث من عناص ــر النفق ــة يتمث ــل يف اهلدف ال ــذي تنش ــده النفق ــة العام ــة و ه ــو إشــباع و تلبي ــة‬

‫احلاجات العامة كاألمن و االسـتقرار و احلمايـة من العـدوان الـداخلي و اخلارجي و غريهـا ‪ ،‬فال بـد أن هتدف النفقــة اىل حتقيـق‬

‫مصــلحة عامــة فال تصــرف ملنفعــة فــرد بعينــه أو أفــراد معيــنني ‪ ،‬كتلــك الــيت كـانت تصــرف يف املاضــي لنفقــات امللــوك و حفالهتم‬

‫اخلاصة ‪ ،‬و مما مييز النفقة العامة يف الوقت احلايل أهنا البد أن توافق عليها السلطة التشريعية ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 1‬ـ تقسيم النفقات العامة ‪:‬‬

‫أدى التطور الـذي حلق بالدولـة من دولـة حارسـة اىل دولـة متدخلـة مث اىل دولـة منتجـة اىل تعــدد نشـاطاهتا االقتصـادية ‪ ،‬و من مث‬

‫اىل زيادة نفقاهتا و تنوعهـا ‪ ،‬و من مث فقـد تعـددت التقسـيمات للنفقـات العامـة ‪ ،‬و لكن ميكن إرجاعهـا اىل معـايري تشـرتك كـل‬

‫جمموعة منها يف معيار خاص ‪.‬‬

‫أ) المعايير الغير االقتصادية لتقسيم النفقاتـ العامة ‪ :‬هناك عدة معايري ال تستند على أسس اقتصادية أمهها ‪:‬‬

‫ـ التقسيم على أساس التكرار الدورحيينما تكــرر النفقــة كـل فـرتة زمنيـة معينـة كسـنة أو أشـهر فهـو إنفـاق عـادي مثـل املرتبــات و‬

‫املعاشــات و صــيانة الطــرق ‪ ،‬أمــا عنــدما تصــرف النفقــة لظــروف غــري عاديـة تنتهي بزواهلا فهــو إنفــاق غــري عــادي مثــل احلروب و‬

‫الكوارث و الزالزل و غريها ⁽‪.⁾¹‬‬

‫ـ التقسيم على أساس طبيعة اهليئة اليت تقوم باإلنفاق عندما تقوم الدولة باإلنفاق على مرافق يعم نفعها مثــل األمن و الــدفاع و‬

‫القضــاء فهــذا يســمى إنفــاق قوميــا ‪ ،‬أمــا عنــدما يكــون االنفــاق على ســكان إقليم معني كمرافــق املاء و الغــاز و الكهربــاء فهــذا‬

‫يسمى إنفاقا حمليا ‪.‬‬

‫ـ التقســيم تبعــا لطبيعــة اهلدف من اإلنفــاق ‪:‬عنــدما يكــون اهلدف من االنفــاق على مرافــق إشــباع حاجــات عامــة للمجتمــع فهــذا‬

‫يسمى إنفاق التخصيص ‪ ،‬أما عندما يكون اهلدف هو إعادة توزيع الدخل فهذا يسمى إنفاقا توزيعيا ‪ ،‬و حينما يكــون اهلدف‬

‫حتقيق استقرار االقتصاد فهذا يسمى إنفاقا استقراريا ‪.‬‬

‫ب ) تقســيم النفقــات العامــة الــتي تســتند الى معــايير اقتصــادية ‪ :‬ينقس ــم االنف ــاق الع ــام تبع ــا الس ــتخدام الق ــوة الش ــرائية اىل‬

‫النفقات حقيقية و نفقات حتويلية ‪ ،‬فالنفقات احلقيقية تتمثل يف استخدام الدولة للقوة الشرائية حيث ينتج عنها‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬هشام مصطفى اجلمل ( بدون سنة ) ـ دور السياسة المالية في تحقيق التنمية االجتماعية ـ دار الفكر اجلامعي ـ االسكندرية ص ‪ 184‬و ‪. 185‬‬

‫‪18‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫حصوهلا على سـلع و خـدمات منتجـة مثـل نفقــات مرفــق الــدفاع و القضـاء و التعليم و الصـحة و غريهــا ‪ ،‬و النفقــات التحويليـة‬

‫هي الـيت بــدون مقابــل أي ال تأخــذ الدولـة يف مقابلهــا ســلعا و ال خـدمات مثــل االعانـات و املسـاعدات االجتماعيــة الــيت تــدفعها‬

‫الدولة للمرضى و العجزة و العاطلني ‪.‬‬

‫تقسيم النفقات العامة تبعا لعالقتها بالناتج القومي و الدخل القومي اىل ‪:‬‬

‫ـ نفقات إجيابية ‪ :‬و هي اليت يطلـق عليهــا نفقـات االنتــاج و تتضــمن املبـالغ الـيت تنفقهــا الدولـة يف سـبيل إنتــاج السـلع و اخلدمات‬

‫اليت تعود بالنفع على اجملتمع و مثاهلا نفقات تسيري املرافق العامة كالقضاء و التعليم ‪.‬‬

‫‪ .‬النفقات السلبية ‪ :‬و هي تلك املبالغ اليت تقتطع من الناتج القومي مثل النفقات العسكرية و نفقات خدمة الدين اخلارجي ‪.‬‬

‫ـ ـ النفق ــات احملاي ــدة ‪ :‬و هي ال ــيت ال ت ــؤثر على مق ــدار ال ــثروة القومي ــة و ال على مس ــتوى الن ــاتج الق ــومي و ال ــدخل الق ــومي مث ــل‬

‫النفقات االجتماعية ‪ ،‬و االعانات اليت تقدمها الدولة للمشروعات االنتاجية ‪.‬‬

‫ج ) تقسيم النفقة وفقاـ لعالقتها باقتصاد السوق ‪:‬‬

‫ـ ـ نفقــات عامــة ال عالقــة هلا بالنظــام االقتصــادي و هي تلــك املبــالغ الالزمــة لوجــود الدولــة و مثاهلا نفقــات الــدفاع اخلارجي و‬

‫العالقات اخلارجية ‪.‬‬

‫ـ ـ نفقــات عامــة تلــزم لوجــود اقتصــاد الســوق ‪ ،‬مثــل نفقــات القضــاء و الشــرطة ‪ ،‬فهمــا يســاعدان على محايــة ســلطة احلكومــة و‬

‫حيميان أرواح األفراد و ممتلكاهتم و يضمنان استقرار التعامل يف السوق ‪.‬‬

‫ـ نفقات عامة تكمل اقتصـاد السـوق ‪ ،‬و هـذه هتدف اىل إشـباع احلاجـات الـيت كـان ميكن للنشـاط اخلاص أن يشـبعها ‪ ،‬و لكنـه‬

‫ال يق ــدم عليه ــا نظ ــرا لك ــثرة تكاليفه ــا أو ألهنا ال ت ــدر رحبا يتناس ــب م ــع تكلفته ــا ‪ ،‬مث ــل النفق ــات على مش ــروعات استص ــالح‬

‫األراضي و غرس الغابات و مد خطوط السكك احلديدية ‪.‬‬

‫ـ نفقات متثل تصحيحا ألوضاع اقتصاد السوق ‪ ،‬مثل نفقات مرفق التعليم و الصحة ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ظاهرة تزايد النفقة العامة ‪:‬‬ ‫‪2‬ـ‬

‫أصــبحت ظــاهرة زيــادة النفقــة العامــة من أكــثر الظــواهر بــروزا يف املاليــة احلديثــة ‪ ،‬و ذلــك بعــد التطــور الــذي حلق بــدور الدولــة ـ‬

‫حارسة ـ متدخلة ـ منتجة ـ و ميكن إرجاع هذه الزيادة اىل عدة أسباب منها الظاهرية و منها احلقيقية و جنملها فيما يلي ‪: ¹‬‬

‫أ ) األسباب الظاهرية ‪:‬‬

‫ـ اخنفــاض القــوة الشــرائية للنقــود ‪ :‬يقصــد باخنفــاض القــوة الشــرائية للنقــود هــو اخنفــاض قــوة النقــود و اخنفــاض وحــدة النقــد على‬

‫الســلع و اخلدمات ‪ ،‬و هــذا يرجــع بــدوره اىل الىارتفــاع املســتوى العــام لألســعار ‪ ،‬مما يــرتتب عليــه زيــادة يف النفقــات ال يقابلهــا‬

‫زيادة يف السلع و اخلدمات ‪.‬‬

‫ـ زيادة عدد السكان أو اتساع مساحة االقليم ‪ :‬قـد يكـون سـبب ازديـاد النفقـات العامـة زيـادة عـدد السـكان أو ازديـاد مسـاحة‬

‫االقليم و من مث زيادة اخلدمات اليت تؤدي للمواطنني كزيادة عدد املدارس و املستشفيات و غريها ‪.‬‬

‫ـ تغري الفن املايل ‪ :‬قد يكون من أسباب زيادة النفقات العامة التغيــري الـذي يطــرأ على املوازنـة العامــة للدولـة كـأن ختتلــف طريقـة‬

‫إعدادها ـ كأن كان يدرج هبا صايف االيرادات و النفقات مث صار يـدرج هبا كافـة املصـروفات أو أن ختتلـف املدة كـأن تزيـد أو‬

‫تقل ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬األسباب الحقيقية ‪ :‬بعد أن استعرضنا أهم األسباب الظاهرية لإلنفاق العام نتناول أهم األسباب احلقيقية الـيت تـؤثر على‬

‫زيادة اإلنفاق العام و هي ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪20‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ¹‬هشام مصطفى اجلمل ( بدون سنة ) ـ املرجع السابق ص ‪ 184‬و ‪. 185‬‬

‫ـ األسباب االقتصادية ‪ :‬و من أهم األسباب االقتصادية اليت تؤثر يف زيادة النفقة العامة ما يلي ‪:‬‬

‫زيادة الدخل القومي ال شك أن منو الدخل القومي للدولة يساعدها على فرض الضرائب على مواطنيهــا دون تضــرر منهم ‪ ،‬و‬

‫منو الدولة االقتصادي يفرض عليها من النفقات ما تستطيع أن تواجه هبا التزاماهتا بصرف النظر عن نظامها االقتصادي ‪.‬‬

‫التوســع يف إنشــاء املشــروعات العامــة أدت رغبــة الدولــة يف احلصــول على مــوارد إضــافية لتمويــل اخلزانــة العامــة ‪ ،‬أو لرغبتهــا يف‬

‫حماربــة االحتكــارات الرأمسالية ‪ ،‬أو بنــاء املشــروعات الضــخمة العمالقــة الــيت ال يســتطيع أن يقــوم هبا النشــاط اخلاص اىل زيــادة‬

‫نفقاهتا العامة ‪.‬‬

‫منح إعانات للمشروعات الوطنية و ذلك حىت تستطيع تلك املشروعات منافسة املنتجـات األجنبيـة ‪ ،‬أو منحهـا للصـمود أمـام‬

‫منافســة تلــك املنتجــات يف األســواق الوطنيــة ‪ ،‬أو يهــدف تغطيــة العجــز الــذي قــد يعــرتض طريقــة ســري هــذه املشــروعات ‪ ،‬معاجلة‬

‫أثار الدورات االقتصادية يف أوقات الرخاء تزداد إيـرادات الدولـة فيمكنهـا بالتـايل أن تزيـد من نفقاهتا ‪ ،‬أمـا يف أوقـات الكســاد‬

‫فتقـل إيـرادات الدولـة و لكن من الصـعب على الدولـة أن تقـل من نفقاهتا بدرجـة كبـرية ‪ ،‬بـل متد الدولـة يـد العــون للعـاطلني و‬

‫غريهم للتخفيف من أثار الركود االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ ـ األس ــباب االجتماعي ــة ‪ :‬ت ــرتب على تغي ــري الفلس ــفة العام ــة للدول ــة و منوه ــا االقتص ــادي و اجتاهاهتا حنو التنمي ــة االقتص ــادية و‬

‫إنشائها للمشـروعات العمالقـة و اجتاههـا حنو التصـنيع أن تـرتتب عليـه من الناحيـة االجتماعيـة هجـرة األيـدي العاملـة من الريـف‬

‫اىل املدن ‪ ،‬و إنش ـ ــاء جمتمع ـ ــات ص ـ ــناعية كب ـ ــرية ‪ ،‬يل ـ ــزم هلا توف ـ ــري اخلدمات األساس ـ ــية ك ـ ــالتعليم و الص ـ ــحة و الثقافـ ــة ‪ ،‬و منح‬

‫االعانات للمسنني و العجزة و الفقراء و األرامل و غريها من النفقات االجتماعية اليت أدت اىل زيادة النفقات العامة ‪.‬‬

‫ـ األسباب المالية ‪ :‬من األسـباب الـيت أدت اىل زيــادة النفقــات العامــة ســهولة اقـرتاض الــدول من األفــراد أو من دولـة مماثلـة ‪ ،‬و‬

‫ذلك للقيام باإلنفاق العام ‪ ،‬مما يرتتب على هذه القروض من الفوائد و االقساط من زيادة النفقات العامــة ‪ ،‬كــذلك مما يسـاعد‬
‫‪21‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫على زيــادة االنفــاق العــام وجــود فــائض يف اإليــرادات أو مــال احتيــاطي فيغــرى احلكومــة على التوســع يف االنفــاق ‪ ،‬كمــا يــرتتب‬

‫أيضا على عدم مراعاة بعض القواعد املالية كقاعدة وحدة امليزانية اىل زيادة االنفاق العام ‪.‬‬

‫ـ األســباب االداريــة ‪ :‬أدى تــدخل الدولــة يف احليــاة االقتصــادية أن تشــعبت وظائفهــا ‪ ،‬و ازداد بالتــايل عــدد املوظفني القــائمني‬

‫بذلك ‪ ،‬مما ترتتب عليه زيادة النفقات العامة اليت تلزم ملرتباهتم ‪ ،‬و مع قلــةخربة املوظفني و ازديـادهم و سـوء تنظيم االداري و‬

‫حــرس بعض األحــزاب على اجتــذاب أنصــار هلم كــثرت الوظــائف الــيت ال حاجــة للدولــة هبا و كــثرت بالتــايل أعباؤهــا و زادت‬

‫النفقات العامة ‪.‬‬

‫ـ األســباب السياســية ‪ :‬أدى انتشــار مبــادئ و النظم الدميقراطيــة أن جلأت احلكومــات اىل اإلســراف يف النفقــات حــىت تســتطيع‬

‫كســب الــرأي العــام ‪،‬كمــا تقــرر مســئوليتها عن أعمــال موظفيهــا غــري املشــروعة اىل حتمــل تعويضــات الــيت حيكم هبا القضــاء ‪ ،‬و‬

‫أدت درجــة أخالق موظفيهــا اىل إهــدار كثــري من األمــوال نتيجــة الرشــوة و االختالس و ع ــدم حرص ــهم على أمــوال الدولــة و‬

‫بالتــايل زيــادة االنفــاق العــام ‪ .‬كمــا أدى زيــادة العالقــات الدوليــة اخلارجيــة اىل زيــادة درجــة التمثيــل الدبلوماســي و التجــاري و‬

‫االشرتاك يف املؤمترات و اهليئات الدولية و مساعدة الدولة األجنبية الصديقة و حركات التحرير اىل زيادة نفقاهتا ‪.‬‬

‫من ضمن األسـباب السياسـة أيضـا اتسـاع نطـاق احلروب و مـا يتطلب من أالت و معـدات حديثـة و معقـدة لكسـب احلرب ‪،‬‬

‫مث مــا يــرتتب على هــذه احلروب من نفقــات تتعلــق بالــدفاع املدين و تعــويض اثــار مــا خلفتــه احلرب و غريهــا اىل زيــادة االنفــاق‬

‫العام يف الدولة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 3‬ـ األثار االقتصادية للنفقات العامة ‪:‬‬

‫مل يعد للنظرية الكالسيكية اليت تـرى أن االنفـاق العـام مبلـغ خيتفي حالـة إنفاقـه و ليس لـه أثـار اقتصـادية و اجتماعيـة أيـة أمهيـة ‪،‬‬

‫حيث أن التطور الفكر املايل أوضح أن النفقات العامة تشكل أداة هامة من أدوات التأثري يف األوضاع االقتصادية ‪ ،‬أي بعبــارة‬

‫أخرى من أدوات السياسة االقتصادية ‪ ،‬و هو ما يدخل يف نطاق دراسة السياسة املالية ‪.¹‬‬

‫و االثــار االقتصــادية للنفقــات العامــة قــد تكــون مباشــرة و هي مــا تعــرف باألثــار األوليــة لإلنفــاق العــام ‪ ،‬و قــد تكــون اثــار غــري‬

‫مباشرة و هي اليت تنتج من خالل مـا يعـرف بـدوره الـدخل أي أثـر املضـاعف و املعجـل ‪ ،‬باإلضـافة اىل ذلـك فـان دراسـة االثـار‬

‫االقتصادية للنفقات العامـة تشـمل أيضـا االثـار الـيت تنتج من الكميـات املاليـة ( أي املاليـة العامـة ) و تلـك الـيت تنتج يف الكميـات‬

‫االقتصادية (أي االقتصاد القومي) ‪ ،‬و تتوقف االثار االقتصادية للنفقات العامة على عوامل عديدة منهــا ‪ :‬طبيعــة هــذه النفقــات‬

‫‪ ،‬هدف النفقات‪ ،‬ـ طبيعة االيرادات الالزمة لتمويلها ‪،‬الوضع االقتصادي السائد ‪.‬‬

‫أ ) أثار النفقاتـ العامة على االنتاج القومي ‪ :‬تؤثر النفقــات العامـة على االنتـاج القــومي من خالل تأثريهــا يف حجم الطلب‬

‫الكلي الفعلي ‪ ،‬و ذلك الن النفقات اليت تنفذها الدولة تشـكل جـزءا مهمـا من هـذا الطلب الـذي تـزداد أمهيتـه كلمـا زاد حجم‬

‫تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي و االجتماعي حيث ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حممدـ طاقة ‪ ،‬هدى العزاوي ( ‪ )2007‬اقتصاديات المالية العامة ـ دار املسرية للنشر و التوزيع ـ عمان ـ االردن ـ الطبعة األوىل ص ‪ 61‬و ‪. 62‬‬

‫‪23‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫يعتمــد االســتثمار على معــدل ســعر الفائــدة و الكفايــة احلديــة لــرأس املال ‪ ،‬و ان الكفايــة احلديــة لــرأس املال تعتمــد على العائــد‬

‫املتوقـ ــع و كلفـ ــة انتـ ــاج راس املال ‪ ،‬يف حني يعتمـ ــد االنفـ ــاق احلكـ ــومي (على االسـ ــتهالك و االسـ ــتثمار) مبـ ــدئيا على األرضـ ــية‬

‫االقتصــادية و االجتماعيــة و السياســية ‪ ،‬و جيوز من وقت ألخــر أن تتحكم بــه ظــروف طارئــة تــؤثر على القــوى االقتصــادية و‬

‫يتوقف هذا التأثري على درجة مرونة اجلهاز االنتاجي أو مستوى التشغيل و على درجة التنمية املتحققة يف االقتصاد ‪.‬‬

‫و للوقوف على تأثري النفقات العامة على االنتاج القومي يتطلب األمر دراسة أثار األنواع الرئيسية هلذه النفقات و اليت منها ‪:‬‬

‫ـ أثر االعانات االجتماعية على االنتاج القوميتكون هذه النفقات على شكلني ‪ :‬إما إعانات نقدية ‪ ،‬تكون هبيئة نفقات نقديــة‬

‫و من صورها إعانات البطالة (الضمان االجتماعي) اعانة دور العجزة و األحداث و املبالغ املدفوعة للهيئــات اخلرييــة و العلميــة‬

‫‪.‬أما إعانات عينية بشكل سلع و خدمات ‪ ،‬و يعد االنفاق على الصحة و التعليم من اكثر االعانات االجتماعية العينيــة شــيوعا‬

‫‪ ،‬و ان أثر هذه النفقات على النشاط االقتصادي و زيادة الكفاءة االنتاجيـة يتضـح أمهيـة ختصيصــات النفقـات العامــة للخـدمات‬

‫التعليمية إذ تساهم يف حتسني نوعية العنصر البشري و زيادة الكفاءة االنتاجية ‪.‬‬

‫ـ اثر االعانات االقتصادية على االنتـاج القـومي ‪ :‬و يقصـد هبا االعانـات الـيت متنح اىل بعض املشـروعات العامـة و اخلاصـة هبدف‬

‫تشجيع االستثمار و حتقيق التنمية االقتصادية ‪.‬‬

‫تقدم هذه االعانات بصـورة مباشـرة كإعانـات نقديـة و جتهـيز هـذه املشـروعات باملعـدات و اآلالت الالزمـة السـتمرار نشـاطها‬

‫االنتاجي ‪ ،‬أو بصورة غري مباشرة بشكل إعفاءات ضريبية مما يشجع املنتجني على االستمرار باملشروع ‪.‬‬

‫و تسهم هذه االعانات يف توزيع املشاريع قطاعيا و جغرافيا و ذلك عن طريـق التوجـه حنو بعض األنشـطة االقتصـادية املطلـوب‬

‫تطويرهــا و توســيعها بقصــد حتقيـق التــوازن يف النمــو قطاعيــا ‪ ،‬مثــال ذلــك االعانــات املقدمــة لتشـجيع بعض املشــاريع الصــناعية و‬

‫الزراعيــة و األساسـية كمـا تسـتخدم مثــل هــذه االعانــات لتحقيــق التــوازن اجلغــرايف للمشــاريع ‪ ،‬و ذلــك عن طريــق التــأثري يف منط‬

‫استخدام املوارد و توجيهها للتوطن يف املناطق االقل منوا‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ب ‪ .‬أثر النفقات العامة على االستهالك القومي ‪:‬ميثـل الطلب على الســلع و اخلدمات االســتهالكية جانيــا هامــا من النفقــات‬

‫العامة و بالتايل هناك أثار مباشرة و أخرى غري مباشرة على االستهالك ‪.‬‬

‫االثار املباشرة و تكون من خالل الزيادة األولية يف الطلب على السلع و اخلدمات االستهالكية و اليت تتمثل يف صورتني ‪:‬‬

‫االوىل شــراء الدولــة للســلع و اخلدمات االســتهالكية املباشــرة(االنفــاق االســتهالكي احلكــومي) و ذلــك من خالل مــا تقــوم بــه‬

‫الدولــة أثنــاء إشــباعها للحاجــات العامــة يف إنفــاق قــد يتخــذ شــكل ســلع و خــدمات تتعلــق بــأداء الوظيفــة العامــة و املشــروعات‬

‫العامة كما يلي ‪:‬‬

‫سلع استهالكية لتمويل القوات املسلحة‬

‫اثاث و سيارات و خدمات أخرى‬ ‫نفقات شراء‬

‫سلع استهالكية بدون مقابل (تغذية الطلب)‬

‫الثانية نفقات متعلقة باألجور و الـرواتب ـ تظهـر أثـار هـذه النفقـات عنـدما ختصـص الدولـة جـزء من النفقـات العامـة للـرواتب و‬

‫االجــور ملوظفيهــا و عماهلا مقابــل مــا يؤديــه هــؤالء من اعمــال مما تــؤدي اىل زيــادة االســتهالك و الــذي بــدوره يــؤدي اىل زيــادة‬

‫االنتاج من خالل األثر الذي حيدثه املضاعف ‪.‬‬

‫األثــار غــري املباشــرة ‪ :‬ال تتوقــف أثــار النفقــات العامــة عنــد األثــار املباشــرة و لكن تتضــمن أيضــا أثــار غــري مباشــرة متتابعــة على‬

‫الدخل القومي بشقيه االستهالكي و االستثماري ‪ ،‬هذه الزيادة الناشئة عن تتـابع الـدخول النقديـة الـيت يسـببها االنفـاق العــام و‬

‫مــا يصــحبه من زيــادة يف الــدخل القــومي تتجــاوز الزيــادة يف االنفــاق العــام ‪ ،‬و هــذا مــا يطلــق عليــه باالســتهالك املولــد أي أثــر‬

‫املضاعف الذي ينتج استهالكا متتابعا كما يؤدي اىل زيادة يف االستثمار ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أثــر املضــاعف يعــين أن الزيــادة األوليــة يف االنفــاق العــام تــؤدي اىل زيــادة تراكميــة يف الــدخل القــومي ‪ ،‬و بــذلك تــؤدي الزيــادة‬

‫األوليـ ــة يف االنفـ ـ ــاق العـ ـ ــام اىل توزيـ ـ ــع دخـ ـ ــول جديـ ـ ــدة تقسـ ـ ــم بني االسـ ـ ــتهالك و االدخـ ـ ــار يف سلسـ ـ ــلة متتاليـ ــة من الزيـ ــادة يف‬

‫االستهالك ‪.‬‬

‫و مبا أن مض ــاعف االنف ــاق ميث ــل العالق ــة بني الزي ــادة يف ال ــدخل الق ــومي و الزي ــادة يف االنف ــاق ‪ ،‬ل ــذلك ف ــإن الزي ــادة يف ال ــدخل‬

‫القومي = ‪ 1 / 1‬ـ امليل احلدي لالستهالك = مضاعف االنفاق لدى اجملتمع ككل ‪.‬‬

‫و من أجل التعرف على االثار غري املباشرة للمستفيدين من النفقات العامة ال بد من معرفة صورة النفقة كالتايل ‪:‬‬

‫ـ األجور و الرواتب و االعانات االجتماعية و متثل النفقات اليت يستفيد منها فئة ذوي الـدخول احملدودة الـيت تـزداد عنـدها أثـار‬

‫املضاعف نتيجة الرتفاع امليل احلدي لالستهالك لديهم ‪.‬‬

‫ـ النفقات العامة الـيت توجـه للحصـول على املواد األوليـة و السـلع الرأمسالية ‪ ،‬و متثـل النفقـات العامـة الـيت تكـون من حصـة ذوي‬

‫الدخول املرتفعة و بالتايل تنخفض أثار املضاعف عندها نتيجة اخنفاض امليل احلدي لالستهالك ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬أثار النفقاتـ العامة على الدخل و التوزيع ‪:‬‬

‫ختتلف أثار النفقات العامة على الدخل القومي حسب طبيعة متويل النفقة العامـة ‪ ،‬حيث أن النفقـة املمولـة عن طريـق الضـرائب‬

‫هلا أثار خمالفة عن متويلها بواسطة القروض أو االصدار النقدي ‪.‬‬

‫يف حالة متويل النفقات العامة عن طريق الضرائب ‪:‬‬

‫ينخفض دخله‬ ‫يؤدي اىل اقتطاع جزء من دخل املمول‬ ‫فرض الضريبة‬

‫فيؤثر على استهالكه و على ادخاره ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و ختتلف أثار الضرائب وفقا لنوعها مباشرة أو غـري مباشـرة فـإذا فرضـت ضـريبة غـري مباشـرة على السـلع الضـرورية لالسـتهالك‬

‫و خصصت حصيلتها لوفـاء قـروض الدولـة فـان ذلــك يـؤدي اىل اخنفـاض حجم االنفــاق الكلي و ختفيض مسـتوى الــدخل كمـا‬

‫يلي ‪:‬‬

‫اقتطـ ــاع جـ ــزء من الـ ــدخل (القـ ــوة الشـ ــرائية) لطبق ــة ميله ــا احلدي‬ ‫فـ ــرض الضـ ــريبة على السـ ــلع الضـ ــرورية لالسـ ــتهالك‬

‫نفقاهتا ‪.‬‬ ‫لالستهالك كبري‬

‫حتوي ــل الق ــوة الش ــرائية اىل طبق ــة ميله ــا احلدي لالس ــتهالك قلي ــل‬ ‫و يف حال ــة ختص ــيص حص ــيلتها لس ــداد الق ــروض‬

‫حتويل جزء من دخل الطبقة الفقرية اىل الطبقة الغنية اليت قد تكتنز هذه األموال و ال تنفقها ‪.‬‬

‫أما يف حالة متويل النفقات العامة عن طريق القروض فيكون ‪:‬‬

‫االستثمار‬ ‫الدخل‬ ‫االنفاق‬ ‫القرض من أموال مكتنزة‬

‫االستهالك العام ‪...‬و هكذا ‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة ألثــار النفقــات العامــة على توزيــع الــدخل ‪ :‬إن االنفــاق االم لــه أثــار كبــري على التوزيــع الــدخول و يتكامــل هــذا‬

‫الـدور مـع فـرض الضـرائب و يف هـذا الصـدد ‪ ،‬اذا كـانت أيدولوجيـة الدولـة هتدف اىل التخفيـف من الفـوارق الطبقيـة بني أفـراد‬

‫اجملتمــع فإهنا تلجــأ اىل فــرض الضــرائب يقــع عبئهــا االكــرب على عــاتق الطبقــات ذات الــدخول املرتفعــة كالضــرائب التصــاعدية و‬

‫ضرائب الرتكات و الضرائب على األرباح التجارية و الصناعية كذلك على السلع الكمالية‬

‫فالدولــة اذا تفــرض هــذه الضــرائب على الطبقــات ذات الــدخل املرتفــع حتاول التخفيــف من الضــرائب املفروضــة على الطبقــات‬

‫ذات ال ــدخل احملدود ب ــأن تقــدم اعف ــاءات ملس ــتوى معني من الــدخول و ان تقل ــل الض ــرائب على الس ــلع االســتهالكية و خاص ــة‬

‫الضـ ــرورية منه ـ ــا ال ـ ــيت يس ـ ــتهلكها الغالبي ـ ــة العظمى من املواط ـ ــنني ‪ ،‬و بنفس ال ـ ــوقت تف ـ ــرض ض ـ ــرائب ذات سـ ــعر مرتفـ ــع على‬

‫الكماليات اليت يقتنيها ذوي الدخول املرتفعة ‪.¹‬بعــد ذلــك تقـوم الدولـة بإنفــاق القســم االكـرب من حصـيلة هـذه الضــرائب لصـاحل‬

‫‪27‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الفئ ــات ذات ال ــدخل احملدود عن طري ــق التوس ــع يف التح ــويالت االجتماعي ــة و املس ــاعدات و التوس ــع يف اخلدمات اجملاني ــة ‪ .‬و‬

‫هكذا تعمل لصاحل اجملتمع و تعمل على تقليل الفوارق الطبقية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي شهاب (‪ )1999‬ـ االقتصاد المالي ـ دار اجلامعة اجلديدة للنشر ـ دمشق ـ الطبعة االوىل ص ‪. 54‬‬

‫المبحث الثاني ـ االيرادات العامة للدولة ‪:‬‬

‫أدى تــدخل الدولــة يف نــواحي احليــاة املتعــددة ‪ ،‬و قيامهــا بتأديــة اخلدمات العامــة يف نــواحي كثــرية من احليــاة ‪ ،‬اىل احتياجهــا اىل‬

‫العديد من مصادر االيرادات اليت تستطيع أن تليب هبا هذه االلتزامات ‪.‬‬

‫إزاء تعــدد مصــادر االيــرادات يف النظم املاليــة املعاصــرة فقــد اختلــف البــاحثون حــول تصــنيف هــذه االيــرادات و تقســيمها ‪ ،‬بنــاء‬

‫على ما يتبعونه من مذاهب خمتلفة ‪ ،‬سواء كانت اقتصادية أو قانونية أو مالية ‪ ،‬أو ســواء من حيث أسـلوب التحصــيل ‪ ،‬أو من‬

‫حيث دوريــة االيــرادات أو دفعهــا مــرة واحــدة ‪ ،‬أو من حيث النفــع العــام و اخلاص و غريهــا من التقســيمات الــيت اتبعوهــا ‪ ،‬و‬

‫نظرا هلذه االختالفات يف تقسيم االيرادات سوف نقتصر يف تقسيمها من الناحية املالية اىل أنواع ثالثة على النحو التايل ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ االيرادات الضريبية ‪:‬‬

‫تعترب الضرائب املورد االساسي الذي تستند عليه السلطات العامة يف متويل نفقاهتا العامة ‪ ،‬و ان طبيعة الضرائب و أهدافها قــد‬

‫تطور عرب تطور النظم السياسية و االقتصادية و تطور اجلوانب االجتماعية ‪.¹‬‬

‫حتتــل الضــرائب املرتبــة االوىل من مصــادر ايــرادات الدولــة املعاصــرة ســواء يف النظم الرأمسالية ‪ ،‬أو يف النظم االشــرتاكية ‪ ،‬و قــد‬

‫عرفت الضريبة بأهنا اقتطاع نقدي جربي هنائي من الدولة دون مقابل وفقا ملقـدرة املمـول على الـدفع لتغطيـة النفقـات العامـة و‬

‫حتقيق أهداف اجملتمع ‪.‬‬

‫من خالل هذا التعريف يتضح لنا أن الضريبة حتتوي على خصائصثالثة ‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬سوزي عديل ناشد (‪ )2003‬ـ المالية العامة ـ النفقات العامة ـ االيرادات العامة ـ الميزانية العامة ـ منشورات حليب احلقوقية ـ ص ‪23‬‬

‫ـ اقتطــاع مــالي ‪ :‬و يقصــد بــه أن الضــريبة إزاء تطورهــا التــارخيي كــانت تــدفع عينــا ســواء يف شــكل ســخرة أو حماصــيل اىل غــري‬

‫ذلك من األشكال ‪ ،‬أما األن فقد أصبحت جتىن نقدا حىت تقل نفقات جبايتها و تتالءم مع االحتياجات االقتصادية للمجتمع‬

‫يف هذا العصر ‪.‬‬

‫ـ الضريبة تفرض و تجنى جبرا و بشكل نهــائي من الدولة‪ :‬و معــىن هــذا أن الســلطات العامــة يف الدولــة هي الــيت حتدد مقــدار‬

‫الضريبة من املمول أو احلصول على موافقته ‪ ،‬بل و تفرض عليه عقوبات إذا امتنع عن األداء أو التأخر‬

‫ـ عدم الحصول على نفع خاص مقابل الضريبة ‪ :‬عندما تقوم الدولة بتحصيل الضريبة ‪ ،‬فإهنا ال تنظـر اىل النفـع اخلاص الـذي‬

‫يعــود على املمــول ‪ ،‬و ال ينظــر هــو اىل منفعــة خاصــة مقابــل مــا يدفعــه من الضــرائب ‪ ،‬بــل يدفعــه بصــفته عضــو يف اجملتمــع الــذي‬

‫يليب احتياجاته و احتياجات غريه ‪ ،‬و يراعي يف فرضيتها العدالة وفقا ملقدرة املمول على الدفع‬

‫ـ غرض الضريبة تحقق النفع العام ‪ :‬اهلدف من فرض الضريبة إمنا هـو حتقيـق النفـع العـام للمجتمـع على وجـه العمـوم ‪ ،‬و هـذا‬

‫يعين عدم اسـتخدام األمـوال العامـة لتحقيـق أغـراض خاصـة ‪ ،‬بـل لتحقيـق التنميـة االقتصـادية و االجتماعيـة للدولـة ‪ ،‬و التـأثري يف‬

‫البنيان االقتصادي و االجتماعي للمجتمع ‪.‬‬

‫أ ) المبادئ التي تستند عليها الضريبة ‪:‬هناك جمموعة من املبادئ جيب على املشرع أن يضعها يف اعتباره عند فــرض الضــريبة‬

‫حــىت ال يرهــق املمــولني و يكلفهم مــاال يطيقــون ‪ ،‬و يصــبح النظــام الضــرييب ســليما وواضــحا ‪ ،‬و هــو مــا عــرب عنــه أدم مسيت يف‬

‫كتابه الشهري " ثروة األمم " و ذلك من وجهة نظر املمول ‪.‬‬

‫ـ ـ العدالــة أو المســاواة ‪ :‬مبعــىن أن لكــل فــرد من أفــراد اجملتمــع أن يســاهم يف حتمــل جــزء من الضــرائب ‪ ،‬و لكن ليس بنســبة‬
‫واحدة للجميع ‪ ،‬أو بنسب متساوية ‪ ،‬بل يتحملها كل فرد وفقا ملقدرته التكليفية ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ ـ المالءمــة ‪ :‬و يقصــد هبا مالءمــة الضــريبة للممــول من حيث وقت التحصــيل و طريقــة الــدفع ‪ ،‬بــأن يكــون يف هنايــة العــام و‬
‫بطريقة غري تعسفية أو حتكمية ‪.‬‬

‫ـ اليقين و الوضوح ‪ :‬أي جيب أن تكون الضريبة حمددة و معروف قدرها للممول ‪.‬‬

‫ـ االقتصاد في الجباية ‪ :‬مبعــىن أن ال تزيــد تكلفــة جبايــة الضــريبة عن مقــدارها ‪ ،‬و إال ضــاع اهلدف من الضــريبة ‪ ،‬بــل جيب أن‬

‫يبحث عن أقل تكلفة ممكنة جلباية الضريبة حىت تكون حصيلة اخلزانة أكرب قدر ممكن ‪.‬‬

‫ب ) التنظيم الفني للضريبة ‪:‬ان الضــرائب بشــكل عــام امــا ان تفــرض على عوائــد عوامــل االنتــاج و هي االجــور و الفوائــد و‬

‫االرباح و الريع ‪ ،‬أو تفرض طبقا لتدفق االنفاق بنوعيــه االسـتهالكي و االسـتثماري و خاصـة االسـتهالكي منــه ‪ .‬و ان يتطلب‬

‫من الدولة أن ختتار من القواعد الفنية ما ميكنها من تنظيم االستقطاع الضـرييب بصــورة تتفـق مــع أهـداف السياسـة الضـريبية ‪ ،‬و‬

‫هكــذا بــالتنظيم الفــين للضــريبة حتديــد العناصــر الفنيــة الــيت يســتند اليهــا اهليكــل الضــرييب و التنســيق بينهــا ‪ ،‬و هــو يعــين االجــراءات‬

‫املتعلقة بفرضها و حتصيلها و حتديد وعائها و كيفية الوفاء هبا ‪.‬‬

‫ـ اختيار المادة الخاضعة للضريبة ( وعاء الضـريبة) ‪ :‬يقصــد بوعــاء الضــريبة " ‪ " Source of Taxation‬املوضــوع الــذي‬

‫تفرض عليه الضريبة أي املادة اليت تفرض الضريبة عليها ‪.‬‬

‫و لتحديد هذا الوعاء الضرييب البد من التمييز بني ‪:‬نظام الضـريبة الوحيـدة و الضـرائب املتعـددة ‪ ،‬الضـرائب على األشـخاص و‬

‫الضرائب على األموال و الضرائب املباشرة و الضرائب الغري املباشرة‪.‬‬

‫نظام الضرائب الوحيدة و الضرائب المتعددة ‪ :‬ان نظــام الضــريبة الوحيــدة كــان الطــابع املمــيز لألنظمــة الضــريبية البدائيــة ‪ ،‬و‬

‫يقصــد بنظــام الضــريبة الوحيــدة اعتمــاد الدولــة يف ايراداهتا على ضــريبة واحــدة فقــط ‪ ،‬و يقــوم على ضــريبة واحــدة تفــرض على‬

‫موض ــوع واح ــد أي وعائه ــا واح ــد بص ــفة أساس ــية كن ــاتج األرض أو ال ــثروة ‪.‬و من أمثل ــة نظ ــام الض ــريبة الواح ــدة م ــا ن ــادى ب ــه‬

‫الفيزوقراطيون يف القرن الثامن عشر من فرض هـذه الضـريبة على النـاتج الصـايف للزراعـة و إلغـاء نظـام الضـرائب متعـددة الـذي‬

‫‪30‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫كان سـائدا يف فرنسـا أنـداك ‪.‬و من مث ال جـدوى من فـرض الضـرائب على األنشـطة األخـرى ‪.‬أمـا نظـام الضـريبة املتعـددة و هـو‬

‫مــا تأخــذ بــه النظم او الضــريبية احلديثــة ‪ ،‬يقــوم على تنــوع الضــريبة و تعــدد االوعيــة الضــريبية حبيث يضــم الوعــاء الضــرييب كــل‬

‫أوجــه النشــاط االقتصــادي ومن أمثلتهــا ‪ ،‬الضــرائب على دخــول األفــراد ‪ ،‬الضــرائب على األعمــال ‪ ،‬الضــرائب على االنفــاق ‪،‬‬

‫الضرائب على االنتاج ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ـ الضــرائب على االشــخاص و الضــرائب على األمــوال ‪ :‬املقصــود بالضــريبة على االشــخاص هي الضــريبة الــيت تفــرض على‬

‫االفــراد كوجــود طــبيعي ‪ ،‬أي تتخــذ األشــخاص ذاهتم موضــوعا هلا ‪ ،‬لــذا مسيت بضــريبة الــرؤوس أو الفــردة ‪ ،‬و تنقســم ضــريبة‬

‫الفردة اىل قسمني‪ :‬ضريبة الفردة املوحدة تفرض بسعر واحد (مبلغ واحد) على مجيـع االفـراد دون تفرقـة ‪ ،‬أي مل تأخـذ بنظـر‬

‫االعتبار ظروفهم الشخصية و مقدرهتم املالية ‪ ،‬و الثانية ضريبة الفردة املتدرجـة تفـرض بأسـعار خمتلفـة تبعـا لتعـدد الطبقــات ‪ ،‬و‬

‫بذلك تتطلب ضريبة الفـردة املتدرجـة تقسـيم اجملتمـع اىل طبقـات اجتماعيـة تبعـا للـثروة الـيت متلكهـا و لكـل طبقـة سـعرها اخلاص‬

‫هبا دون التميــيز بني أفرادهــا و بــذلك تكــون أقــرب اىل العدالــة من ضــريبة الفــردة املوحــدة ‪ ،‬و رغم ذلــك فــان هــذا االســلوب‬

‫الضــرييب ال حيقــق العدالــة حيث أن األفــراد يف اجملتمعــات احلديثــة غــري متســاويني يف الكفــاءة املاليــة ‪ ،‬كمــا أن حصــيلتها ليســت‬

‫كب ــرية باإلض ــافة اىل زي ــادة نفق ــات جبايته ــا ‪ ،‬ل ــذا ف ــان ه ــذا الن ــوع من الض ــرائب ال وج ــود ل ــه يف الدول ــة احلديث ــة و اص ــبحت‬

‫األموال وحدها هي املادة اليت تفرض عليها الضريبة ‪.‬‬

‫الضـرائب المباشـرة و الضـرائب غـير المباشـرة ‪:‬تعتــرب الــدخول و الــثروات االوعيــة احلقيقيــة لكافــة االســتقطاعات الضــريبية و‬

‫عليه يلجأ املشرع الضرييب اىل االستعانة بصورة فنية خمتلفة لإلخضاع الضرييب ‪ ،‬ما من هيكل ضرييب حديث يكتفي بإخضــاع‬

‫الــدخل للضــريبة عن انتاجــه و توزيعــه ‪ ،‬بــل يســتدعي األمــر متابعــة أوجــه اســتخدام هــذا الــدخل و أوجــه إنفاقــه ‪ ،‬األمــر الــذي‬

‫يتطلب فــرض ضــرائب مباشــرة على الــدخل و الــثروة و ضــرائب غــري مباشــرة على االنفــاق و التــداول كمــا ان تفــاوت نســب‬

‫املزج بني ه ــذين الن ــوعني من الض ــرائب ختتل ــف من دول ــة ألخ ــرى بــاختالف الظ ــروف االقتص ــادية ‪ ،‬االجتماعيــة ‪ ،‬السياســية و‬

‫القانونية ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الضرائب المباشرة ‪ :‬من بني األنواع الرئيسية للضرائب املباشرة جند ‪:‬‬

‫ـ الضرائب على الدخل كانت معروفة يف الفكر املايل القدمي ‪ ،‬و لكنهــا كـانت قليلـة األمهيـة ‪ ،‬أمـا يف الفكــر املايل احلديث فأهنا‬

‫تعتــرب أهم األدوات املاليــة و اكثرهــا مرونــة لتمويــل النفقــات العامــة ‪ ،‬و تفســر هــذه األمهيــة بســبب انتشــار التجــارة و الصــناعة و‬

‫ظهـور أنـواع جديـدة من دخـول الـثروة املنقولـة الـيت مل تكن موجـودة سـابقا ‪ ،‬و االعتقـاد السـائد بـان الـدخل هـو افضـل مقيـاس‬

‫لقــدرة االفــراد على دفــع الضــرائب ‪ ،‬و ان الضــريبة الــيت تفــرض عليــه حتقــق العدالــة فضــال عن غــزارة إيرادهــا و مرونتــه ‪ ،‬و لقــد‬

‫عرف الدخل بأنه عبارة عن تيار من اإلشباعات يتدفق خالل فرتة زمنية معينة االقتصادي "فيشر"‪ ،‬و عرفه بانه القيمة النقدية‬

‫للسلع و اخلدمات اليت حيصل عليها الفرد من مصدر معني خالل فرتة زمنية معينة االقتصادي "هيكنز"‪.¹‬‬

‫ضريبة رأس املالتتناول عناصر الثروة املكونـة للذمــة املاليـة للفــرد ‪ ،‬أي قيمـة مـا ميتلكـه الفــرد يف حلظـة معينـة من عقــار أو منقــول‬

‫قابل للتقييم ‪ ،‬و قد اختلف االقتصاديون حول أمهيـة هـذه الضـريبة ‪ ،‬هنـاك من اعتـرب الضـريبة أداة مالئمـة لتوزيـع األعبـاء العامـة‬

‫على مــا ميتلكــه الفــرد من عناصــر الــثروة يف حلظــة معينــة ‪ ،‬و هنــاك من أيــدوا فــرض ضــريبة رأس املال هم الكتــاب االشــرتاكيون‬

‫الهنم رأوا فيهـا تطبيقـا للحـد من التفـاوت يف توزيـع الـثروات ‪ ،‬و القسـم األخـر وقـف ضـدها باعتبـار ان ضـريبة رأس املال ليس‬

‫هلا امهية من الناحية العلمية حيث أن الضريبة ال تؤخذ تكون بالنتيجة و يف مجيع األحوال على الدخل ‪ ،‬كـذلك أن الضـريبة ال‬

‫ميكن أن تكون دورية و سنوية ألهنا تقضي على راس املال‬

‫‪32‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬سوزي عديل ناشد (ـ ‪ ) 2003‬ـ املرجع السابق ص ‪. 35‬‬

‫الضرائب غير المباشرة ‪ :‬ان الدولـة احلديثــة ال تســتطيع االســتغناء عن فـرض الضــرائب غــري املباشــرة ‪ ،‬علمـا أن هــذه الضــرائب‬

‫متنوعــة و متعــددة ‪ ،‬و الــذي جيمــع بينهــا اهنا تفــرض يف االصــل على اســتعماالت الــدخل او أوجــه إنفاقــه أو تفــرض على املال‬

‫مبناسبة تداوله أو انتقاله من جهة اىل أخرى ‪ ،‬و هكذا ميكن تقسيم الضرائب غري املباشرة اىل ‪:‬‬

‫ـ الضرائب على تداول األموال ‪ :‬تفرض معظم الدول ضريبة على التصرفات و املعــامالت و على تـداول القــانوين لألمــوال مثــل‬

‫رســوم التســجيل ‪ ،‬رســوم القضــائية ‪ ،‬رســوم الطوابــع(الدمغــة) على املســتندات ‪...‬اخل ‪ ،‬و اســتخدام الرســوم أصــبحت االن تزيــد‬

‫عن قيمــة اخلدمــة الــيت تقــدمها الدولــة لــذا مسيت بضــرائب التــداول‪ ،‬و تتمــيز هــذه الضــريبة بســهولة األداء ال يشــعر هبا دافعهــا ‪،‬‬

‫كما ان جبايتها االقتصادية فهي ال تكلف الدولة شيئا يذكر ‪.‬‬

‫ـ الضرائب على االنفاق ‪ :‬تعترب من أهم أنواع الضرائب غـري املباشـرة و تفـرض على بعض أنـواع السـلع أو قـد تفـرض كضـريبة‬

‫عامة على استهالك السلع و اخلدمات ‪ ،‬لذلك تسمى بضريبة االستهالك ‪ ،‬و ملا كانت هذه الضرائب تسري على سـلع حـال‬

‫انتاجها أو تداوهلا بني البائعني و املشرتين لذا اطلق عليها تسميات خمتلفة حسب املرحلة اليت تفرض عليها مثل ضريبة املبيعات‬

‫ضــريبة االنتـاج ‪...‬اخل ‪ ،‬لـذا عنـد فـرض هـذا النـوع من الضـرائب جيب على املشـرع املايل ان يوقـف بني (الغــرض املايل) و وفــرة‬

‫حصيلتها و بني حتقيق األهداف االقتصادية و االجتماعية ألفراد اجملتمع من املنتجني و املستهلكني ‪.‬‬

‫ـ ـ الضــرائب اجلمركيــة ‪ :‬و هي الضــرائب املفروضــة على الســلع الــيت جتتــاز احلدود مبناســبة اســتريادها و تصــديرها ‪ .‬و تفــرض‬

‫الضرائب اجلمركية اما على اساس نسبة مئوية من قيمة السلعة و تسمى "بالضريبة القيميــة" ‪ ،‬أو تفــرض مبقــدار معني على كــل‬

‫وحدة من وزن السلعة أو مقياسها أو عددها أو حجمها و تسمى بالضريبة النوعية ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ مزايا و عيوب الضرائب المباشرة و غير المباشرة ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫بالنســبة للضــرائب املباشــرة تتمــيز ب ـ ‪:‬اهنا ذات حصــيلة ثابتــة لكوهنا تفــرض على عناصــر ثابتــة نســبيا كامللكيــة و الــدخل فال تتــأثر‬

‫ب ــالتغريات االقتص ــادية اال حبدود ض ــيقة ‪ ،‬قابليته ــا على حتقي ــق العدال ــة الض ــريبية ‪ ،‬اذ تف ــرض حس ــب املق ــدرة املالي ــة للمكلفني‪،.‬ـ‬

‫كوهنا ضريبة مباشرة فإهنا تشعر الفرد بعبئها و خصوصا عند ارتفاع سعرها مما يشجع املكلفني على حماولة التهــرب من دفعهــا‬

‫‪ ،‬يكون حتصيلها متأخرا يف هناية السنة املالية باإلضافة اىل ثبات حصيلتها نسبيا ‪.‬‬

‫مزايا و عيوب ضرائب غــري مباشــرة ‪:‬يتمـيز هــذا النـوع من الضـرائب بـوفرة حصـيلتها خاصــة اذا أحســن اختيــار وعائهــا ‪ ،‬اذ اهنا‬

‫تف ــرض على عملي ــات الت ــداول و االس ــتهالك و االنت ــاج ‪...‬اخل ‪ ،‬متت ــاز مبرونته ــا لك ــون ه ــذا الن ــوع من الض ــرائب يت ــأثر مباش ــرة‬

‫بالتغريات االقتصادية مثل التضخم و الكساد مما جيعلها أداة هامة من أدوات السياسة املالية لتحقيق األهــداف املاليــة ‪ ،‬ال يشــعر‬

‫املكلف بعبئها حيث تدمج الضريبة مع سعر السلعة مما يقلل من حماولة التهرب من دفعها ‪.‬‬

‫تدفع حصيلتها على مدار السنة ألهنا تفرض على عمليات التداول و االنفاق مما جيعلها مصدرا متواصال لتمويل املوازنة ‪.‬‬

‫الرســـوم و القروض‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫‪3‬‬

‫أ ـ الرسـوم ‪:‬تعــرف الرســوم بأهنا "اقتطــاع نقــدي بواســطة الدولــة أو أحــد اهليئــات احملليــة يدفعــه الفــرد جــربا مقابــل نفــع خــاص‬

‫حيصل عليه من جراء تأدية الدولة خلدماهتا ‪ ،‬و حتقيق النفع العام ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و هــذا مــا مييز الرســم عن الضــريبة ‪ ،‬الن يــدفع مقابــل احلصــول على خدمــة أو نفــع خــاص من الدولــة أو أحــد هيئاهتا احملليــة و‬

‫ذلك مثل الرسوم القضائية و رسـوم االلتحـاق باجلامعـات و اهلدف منـه إمنا هـو حتقيـق النفـع العـام للمجتمـع دون النظـر للهـدف‬

‫املايل ألنه يفرض غالبا بسعر رمزي ‪.‬‬

‫أما الثمن فهو مقابل خدمة تؤديها هيئة عامــة نظــرا ألمهيتهــا و ضــرورة إتاحـة فرصـة االنتفـاع هبا جلميـع األفــراد ‪ ،‬أو أهنا عرضـة‬

‫لالحتكــار و الــبيع بثمن مرتفــع ‪ ،‬أو إجياد مــورد للخزانــة و ذلــك مثــل توريــد امليــاه للمســاكن يف املدن ‪ .‬و يشــبه الرســم الثمن‬

‫العــام يف أن كال منهــا مصــدر من مصــادر االيــرادات ‪ ،‬و أن كال منهمــا مصــدر من مصــادر االيــرادات ‪ ،‬و أن كال منهمــا يــدفع‬

‫مقابــل االنتفــاع خبدمــة خاصــة ‪ ،‬و أنــه يــدفع يف حالــة طلب خدمــة فقــط ‪ .‬و خيتلــف يف أن النفــع العــام الــذي يعــود على الــدافع‬

‫يكون أكرب يف حالة الرسم عنه يف حالة الثمن العام ‪ ،‬و أن دفع الرسم إجباري ‪ ،‬أما الثمن العام فاختياري ‪.‬‬

‫التفرقـةـ بين الرســم و الثمن العــام ‪ :‬يــدفع الرســم يف االصــل مقــابال للخدمــة الــيت حيصــل عليهــا املمــول إزاء مبلــغ رمــزيـ دون‬

‫النظر اىل التكلفة احلقيقية للخدمة بناء على طلبه‪.‬‬

‫االيرادات شبه الضريبية ‪ :‬تزايدت يف اآلونة األخرية أمهية مصدر أخــر من االيــرادات أطلــق عليهـا االيــرادات شـبه الضـريبية ‪،‬‬

‫أو رسوم شبه الضريبية و يقصد هبا االقتطاعات اجلربية اليت تقع على منتفعي بعض املؤسسات العامة أو شبه العامة االقتصــادية‬

‫و االجتماعيــة ‪ ،‬و الــيت ختصــص من أجــل اســتخدامات حمددة اقتصــادية و مهنيــة و اجتماعيــة ‪ ،‬و املثــال الواضــح هلذه االيــرادات‬

‫هي التأمينــات االجتماعيــة ‪ ،‬حيث يــدفع العــاملون يف املنشــآت و الش ــركات نســبة من أجــورهم هليئــة التأمين ــات ‪ ،‬كم ــا تــدفع‬

‫اجلهــات الــيت يعملــون هبا نســبة مماثلــة أو أكــرب حــىت تتــوافر لــدى اهليئــة املوارد الالزمــة جملاهبة نفقاهتا من تعويضــات و إعانــات و‬

‫مكافآت و غريها للعائلة سواء يف حالة مرض أو البطالة‬

‫ب ـ الـق ـ ــروض ‪:‬تعترب القروض من االيرادات االستثنائية اليت غالبـا مـا تلجـأ إليهـا الدولـة ‪ ،‬ملواجهـة أثـار ظـروف االسـتثنائية قـد‬

‫تطرأ عليها ‪ ،‬كما يف حالة عجز املوازنة العامة ‪ ،‬أو لتمويل مشروعات التنمية و االنفاق منها على تسديد هذه القروض‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و يقصد بالقروض تلك املبالغ اليت تستدينها الدولة ‪ ،‬و تتعهد بسدادها وســداد فوائــدها و ذلــك وفـق شــروط حمددة‪ .‬و ختتلـف‬

‫انواع القروض تبعا لعدة أوجه ‪: ¹‬‬

‫أ) القروض الداخلية و القروض الخارجية ‪ :‬القروض الداخلية و هي القروض اليت حتصل عليها الدولة من رعاياها ـ أشــخاص‬

‫حقيقيــة و معنويــة ‪ ،‬ومصــارف و مؤسســات ماليــة أخــرى ‪ ،‬و بعملتهــا احملليــة ‪ .‬و ال شــك أن هــذا االجــراء حيقــق فائــدتني‬

‫مها ‪:‬‬

‫ـ ضمان عدم تعرض الدولة للتأثريات اخلارجية اليت تسببها القروض اخلارجية يف احيان كثرية ‪.‬‬

‫ـ كما أن الفوائد اليت تدفعها عن القروض الداخلية تبقى ضمن دائرة الدخل القومي ‪ ،‬و ال تتسرب اىل اخلارج ‪.‬‬

‫أما القروض اخلارجية هي تلك القروض اليت حتصل عليها الدولة يف احلكومات االجنبية و اهليئات و املؤسسات املالية الدوليـة‬

‫مثل البنك الدويل لإلنشاء و التعمري و صندوق النقد الدويل ‪.‬‬

‫و من اجلدير بالــذكر ان مشــكلة القــروض اخلارجيــة حظيت باهتمــام كبــري ‪ ،‬و عقــدت العديــد من النــدوات و املؤمترات الدوليــة‬

‫ملناقشتها و حماولة التوصل اىل احللول ووسائل ختفف من حدة هذه املشكلة ‪.‬‬

‫ب) القروض االختيارية و القروض االجبارية ‪:‬األصل من القرض ان يكون اختياريا ‪ ،‬فتقوم هذه احلكومة بتحديد شــروط القــرض‬

‫و تفاصيله مث ترتك لألفراد و اهليئات حرية االكتتاب فيه ‪ ،‬و لكي تتمكن الدولة من احلصول على القرض جيب أن تــراعي‬

‫الظروف السائدة يف االسواق املالية ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حممدـ طاقة و هدى العزاوي (‪ )2007‬املرجع السابق ص ‪ 153‬و ‪.154‬‬

‫و تتميز هذه القروض بأن سعر الفائدة فيها يكون مساويا ان مل يكن أكثر من السعر اجلاري للفائدة ‪.‬‬

‫و مع ذلك فقد تلجأ احلكومة يف حاالت معينة اىل القروض اإلجبارية من هذه احلاالت ‪:‬‬

‫ـ ضعف ثقة األفراد يف احلكومة فال يقبلوا على إقراضها ‪.‬‬

‫ـ ـ و يف اغلب االحي ــان تلج ــأ الدول ــة اىل الق ــروض االجباري ــة كأحس ــن وس ــيلة لتموي ــل احلروب و احلاالت االس ــتثنائية ‪ ،‬و ه ــذه‬

‫القروض قد تعطي فائدة أقل من الفائدة اجلارية يف السوق أو بدون فائدة ‪.‬‬

‫ـ ـ يف حــاالت وج ــود موج ــات تض ــخمية يف االقتص ــاد ‪ ،‬و ذل ــك هبدف امتص ــاص الق ــوة الش ــرائية الزائ ــدة و تقلي ــل كمي ــة النق ــود‬

‫املتداولة ‪ ،‬حيث تقوم احلكومة بإعادة مبالغ القرض بعد معاجلة التضخم ‪.‬‬

‫ـ أحيانا تلجأ احلكومة عند حلول أجل القرض اىل مد األجل ‪ ،‬و هذ يعين نشأة قرض اجباري جديد ‪.‬‬

‫ج ـ ـ القــروض المؤبــدة و القــروض المؤقتــة ‪ :‬القــروض املؤبــدة هي الــيت ال حتدد الدولــة تارخيا معينــا لســداد قيمتهــا ‪ ،‬و تلــتزم‬

‫بدفع فائدة عنها ‪ ،‬أما القروض املؤقتة هي اليت حتدد الدولـة مقـدما أجـل الوفـاء هبا ‪ ،‬و تنقسـم القـروض املؤقتـة من حيث أجاهلا‬

‫اىل قــروض قصــرية أو متوســطة أو طويلــة األجــل ‪ ،‬فــالقروض القصــرية األجــل ال تزيــد مــدهتا عن ســنة مثــل حــواالت اخلزينــة ‪ ،‬و‬

‫القروض الطويلة األجـل تزيـد مـدهتا عن عشـر سـنوات فـأكثر ‪ ،‬أمـا القـروض املتوسـطة األجـل فهي الـيت تقـع بني االثـنني ‪ ،‬و قـد‬

‫حتدد الدول ــة تارخيا واح ــدا لس ــدادها ‪ ،‬كم ــا حتدد ت ــارخيني حيق هلا أن تس ــدد الق ــرض يف ابعاده ــا ‪ ،‬وواض ــح ان حتدي ــد ت ــارخيني‬

‫للسداد يعطي للدولة فرصة لتخفيف من اعباء القرض قبل حلول أجله عليه‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫االصدار النقدي ‪ :‬يعد االصدار النقدي أحد الوسائل التمويلية إليرادات الدولة متلك الدولة وحدها حق إصداره ‪ ،‬و عادة‬

‫ما تلجأ إليه الدولة إما لتمويل برنامج استثماري له أمهية خاصة ال تتاح له موارد متويل أخـرى ‪ ،‬أو لسـد مـا قـد تعجـز املوارد‬

‫األخــرى مثال الضــرائب أو القــروض أو غريهــا عن توفــري األمــوال الالزمــة لــه ‪ ،‬و إمــا لتمويــل النفقــات احلربيــة الــيت تتزايــد كــل‬

‫يوم ‪ ،‬أو يف حالة عجز املوازنة العامة للدولة ‪.‬‬

‫و مــع أمهيــة هــذا املورد فقــد أثــار كثــريا من النقــاش و كــثرت حولــه التحفظــات ‪ ،‬نظــرا ملا حيدثــه من أثــار ســيئة على االقتصــاد‬

‫القومي كحالة تضخم اليت ترفع بسببها األسعار وهو ما ميثل ضريبة غري مرئية و جمافية للعدالة ‪.‬‬

‫ـ إيرادات القطاع العام ‪ :‬يقصد هبا ممتلكات الدولة وهو ما يســمى بالــدومني ســواء كــان عامــا‬ ‫‪4‬‬

‫أو خاص ــا ‪ ،‬و نش ــاط الدولــة يف متلكه ــا للوح ــدات االنتاجيــة س ــواء ك ــان كلي ــا أو جزئي ــا ‪ ،‬و االحتكــارات املالي ــة و من مث‬

‫فسوف نقسم تلك االيرادات اىل ثالث مصادر ‪: ¹‬‬

‫‪1‬ـ ـ الــدومين ‪ :‬و يقصــد بــه أمالك الدولــة ســواء كــان عامــا أو خاصــا ‪ ،‬و العــام غــري قابــل للتصــرف فيــه و ذلــك مثــل األهنار و‬

‫الط ــرق و ش ــواطئ البح ــار إال أن ــه ق ــد يس ــتغل بأس ــعار رمزي ــة و ذل ــك كرس ــم دخ ــول احلدائق و دخ ــول بعض الش ــواطئ ‪ ،‬أم ــا‬

‫الدومني اخلاص فهو خيضع للقانون اخلاص و ذلك كاألراضي اليت تتوىل احلكومة بيعهــا أو تأجريهــا أو الســيارات و األجهــزة و‬

‫غريها فإهنا تعترب موردا هاما من موارد اخلزانة العامة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ القطــاع العــام " بــالمعنى الضــيق " ‪ :‬ختتلــف إيــرادات القطــاع العــام تبعــا لسياســة الدولــة املاليــة ‪ ،‬فــإذا فتحت الدولــة اجملال‬

‫للقطــاع اخلاص و أدخلتــه يف أغلب ميــادين احليــاة االقتصــادية قلت بالتــايل حصــيلة إيراداهتا من القطــاع العــام ‪ ،‬أمــا إذا تــدخلت‬

‫الدولة بشكل أكرب يف النشاط االقتصادي سواء يف امليادين الصناعية أو الزراعية أو التجارية ‪ ،‬فإن إيراداهتا تزيد من هذا املورد‬

‫و يتحقق فائض كبري تستطيع الدولة أن تستخدمه كمصدر متويلي لنفقاهتا ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬عادل حشيش و مصطفى رشدي ( ‪ )1998‬ـ املرجع السابقـ ص ‪. 45‬‬

‫‪ 3‬ـ االحتكارات املالية ‪ :‬و يقصد هبا أن تقوم الدولة باحتكار إنتاج سلعة معينة و بيعها أو احتكار بيعها فقط و ذلـك بـدال من‬

‫أن يرتك بيعها حرا و يفرض عليها ضريبة كبرية إذا كـان من السـهل التهـرب منهـا ‪ ،‬مثـل احتكـار احلكومـة الفرنسـية لصـناعة و‬

‫بيع الدخان و الكربيت و غريها ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ األثــار االقـتـصــاديـــة لإليـــرادات ‪:‬‬

‫األثــار القــروض العامــة ‪ :‬تعتــرب القــروض العامــة أداة رئيســية من أدوات السياســة املاليــة ملا تنطــوي عليــه من تــأثري على توزيــع‬ ‫أ)‬

‫العبء املايل العــام بني خمتلــف الفئــات و خمتلــف األجيــال‪ ،‬على مســتوى الــدخل القــومي و منط توزيعــه فضــال عن اســهامها يف‬

‫متويل االنفاق العام ‪ ،‬و تعترب أداة هامــة لتحقيـق التنسـيق بني السياسـتني املاليـة و النقديـة ‪ ،‬نتيجـة ألثارهــا الواضـحة على الكميـة‬

‫النقدية املطروحة يف التداول ‪ ،‬عموما فإن أثار القروض العامة تنقسم اىل أثار سلبية و أخرى إجيابية ‪:‬‬

‫‪ ‬األث ــار الس ــلبية ‪ :‬متث ــل الق ــروض اخلارجي ــة عبئ ــا على م ــيزان املدفوعات تتحملهـ ــا األجي ــال املس ــتقبلة و ذل ــك يف حال ــة م ــا إذا‬

‫استخدمت القروض يف مصـروفات اسـتهالكية ‪ ،‬أمـا إذا اسـتخدمت يف مشـروعات اسـتثمارية فـإن وقـع العبء يكـون ضــعيفا‬

‫و يقلل من عجز ميزان املدفوعات نظرا لزيادة االنتاج و زيادة الصادرات ‪.‬‬

‫متثــل ظــاهرة االقــراض من األفــراد للدولــة نظريــة ســلبية ‪ ،‬و ذلــك ملا متنحــه الدولــة من مزايــا تغــري هبا األفــراد على االكتتــاب يف‬

‫تلك القروض ‪ ،‬مما يؤثر بالسلب على الدخل القومي و سوء توزيعه ‪ ،‬ألنه يصرف مدخرات األفراد عن االستثمارات اخلاصــة‬

‫‪.‬‬

‫قــد تعجــز الدولــة عن ســداد هــذه القــروض يف مواعيــدها ‪ ،‬مما يضــطر الدولــة اىل تغيــري شــروط الســداد مما يعــرض احلكومــة لفقــد‬

‫الثقة من جـانب املقرضـني ‪ ،‬هـذا يف حالـة القـروض الداخليـة ‪ ،‬أمـا يف حالـة القـروض اخلارجيـة فـإن عجـز الدولـة عن السـداد قـد‬

‫يعرضها لغزو الدولة املقرضة ‪ ،‬أو فرض الوصاية عليها ‪ ،‬أو تقع يف حالة تبعية سياسية للدولة املقرتضة ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و قد تلجأ الدولة يف حالة سدادها لتلك القروض اىل زيادة اإلصدار النقدي ‪ ،‬مما ينتج عنه حالة من التضخم ‪ ،‬قد يسبب أثــار‬

‫سيئة على االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫‪ ‬األثار اإليجابية ‪:‬إن الدولة و هي يف حالة قيامها بواجباهتا من االنفــاق العـام قـد ال تكفي إيراداهتا لسـد تلـك النفقـات يف جـزء‬

‫معني من السنة ‪ ،‬فتلجأ اىل االقرتاض حىت تستطيع أن جتىب إيراداهتا يف أخر العام فتتالىف بالتايل أي عجز قد يطرأ باملوازنة ‪.‬‬

‫أن القــروض العامــة قــد تســتخدم يف املشــروعات االســتثمارية الكبــرية الــيت ســوف تــؤدي أثارهــا ألجيــال مقبلــة و الــيت ال تســتطيع‬

‫الدولة أن تنشئها من ميزانياهتا فتتحقق بذلك التنمية االقتصادية للدولة ‪.‬‬

‫يف حالــة الظــروف االســتثنائية كــاحلروب و الكــوارث و الــدفاع عن كيــان الدولــة و مواطنيهــا متثــل القــروض ضــرورة حقيقيــة ال‬

‫تستطيع الدول أن تنفصل منها ‪.‬‬

‫ب) األثــار العامـة للضــرائب في االقتصـاد القــومي ‪:‬للضــريبة أثــار على املتغــريات االقتصــادية الكليــة مثــل حجم االســتهالك و‬

‫االدخــار و االنتــاج و كــذلك على البنيــان االجتمــاعي للطبقــات ‪ .‬و ان تــأثري على خمتلــف اجملاالت االقتصــادية ‪ ،‬يتم من خالل‬

‫ختفيض الــدخول النقديــة أو من خالل رفــع أســعار املنتجــات ‪ .‬و من اجلدير بالــذكر أن الضــرائب املباشــرة تعمــل كقاعــدة عامــة‬

‫من خالل ختفيض ال ــدخول النقدي ــة ‪ ،‬أم ــا الض ــرائب الغ ــري املباش ــرة فيظه ــر تأثريه ــا من خالل رف ــع أس ــعار املنتج ــات ‪.‬و من بني‬

‫األثار اليت ترتكها الضرائب يف االقتصاد القومي ‪:‬‬

‫‪ ‬أث ــار الض ــرائب على االس ــتهالك ‪ :‬بالتأكي ــد أن ف ــرض الض ــريبة ي ــؤدي اىل اس ــتقطاع ج ــزء من ال ــدخل مما ي ــؤدي اىل احلد من‬

‫االستهالك و بالتايل ينخفض الطلب على السلع و اخلدمات ‪ ،‬و ان كان ذلك يتوقف على مرونة الطلب على هذه السلع و‬

‫اخلدمات ‪ ،‬فيقل تأثري فرض الضريبة على السلع الضرورية (الخنفاض مرونة الطلب عليها)‪.‬‬

‫يف حني يــربز هنــا التــأثري بالنســبة للســلع غــري الضــرورية بســبب ارتفــاع مرونــة الطلب عليهــا ‪ ،‬و لكن تــأثري الضــريبة يف احلد من‬

‫االستهالك بالنسبة للدخول الكبرية أقل من تأثريها على الدخول الصغرية اليت خيصص معظمها لالستهالك عادة ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و من ناحيــة أخــرى البــد من التعــرف على بــرامج االنفــاق احلكــومي حلصــيلة الضــرائب و االثــار الناجتة عنــه ‪ ،‬حيث ان االثــار‬

‫النهائيــة للسياســة الضــريبية ترتبــط ارتباطــا وثيقــا بأثــار السياســة االنفاقيــة العامــة و على مســتوى النشــاط االقتصــادي فــاذا قــامت‬

‫احلكوم ــة بتوجيـ ــه هـ ــذه الزيـ ــادات لإلنفـ ــاق العـ ــام و يف صـ ــورة الطلب على السـ ــلع و اخلدمات يـ ــؤدي ذلـ ــك اىل احالل الطلب‬

‫احلكــومي حمل الطلب اخلاص ـ ـ األمــر الــذي جيعــل الطلب الكلي ال يتــأثر حيث أن ‪ :‬الطلب الكلي = الطلب اخلاص ‪ +‬الطلب‬

‫العام ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الضريبة على االدخار ‪ :‬من الواضح أن الضريبة تؤدي اىل استقطاع جزء من دخول األفــراد ‪ ،‬مما يــؤدي ذلــك اىل ختفيض‬

‫االدخار ‪ ،‬و أن تأثري الضريبة على االدخارات يتوقف على عـدة عوامــل من بينهـا حجم الــدخل الفـردي ‪ ،‬مسـتوى املعيشـة ‪،‬‬

‫التنظيم الفين ألسعار الضريبة و مدى رغبة الفرد يف العمل و االنتاج ‪.‬‬

‫ان ارتفاع الضرائب على الدخول الرأمسالية (أي دخول االستثمارات) وهي الريع و الفوائد و األرباح يؤدي اىل اخنفاض امليل‬

‫لالدخار ‪ .‬كما ان اخنفاضها يؤدي اىل العكس من ذلك ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الضريبة في االنتاج ‪:‬للضريبة أثار يف االنتاج القومي منها االنكماشية و منها أثار توسعية ‪:‬‬

‫ـ األثــار االنكماشــية ‪ :‬ان الضــريبة املفروضــة على املواد املنتجــة ســتقلل من اســتهالكها أي من الطلب عليهــا مما يــؤدي بالنتيجــة‬

‫اىل تراكمهــا يف األســواق و عليــه ســتقلل إنتاجهــا ‪ ،‬كمــا أن اقتطــاع الضــريبة جلزء من الــدخول ســيقلل من االدخــارات أي قلــة‬

‫رؤوس األموال مما يؤدي اىل اخنفاض يف مستوى االستثمار ‪ ،‬كما أن فـرض الضـريبة التصـاعدية على األربـاح يقلـل من احلوافز‬

‫اليت تـدفع املسـتثمرين اىل زيـادة االسـتثمار لزيـادة أربـاحهم ‪ ،‬ان ارتفــاع الضــرائب على دخــول العــاملني مبا فيهم أصــحاب املهن‬

‫احلرة ‪ ،‬إضافة اىل انه خيفض من دخوهلم احلقيقية فانه حيد من حوافز العمل لديهم مما يؤدي اىل اخنفاض انتاجيتهم ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫االثـار التوسـعية ‪ :‬أحيانــا قــد تــؤدي اىل التوســع عن طريــق دفعهــا للمنتجني حنو مضــاعفة جهــودهم للتعــويض يف النقص النــاجم‬

‫عنهـ ــا ‪ ،‬فأصـ ــحاب املصـ ــانع حياولون مضـ ــاعفة اجلهـ ــد و ضـ ــغط النفقـ ــات و إعـ ــادة تنظيم العمـ ــل يف مشـ ــاريعهم لالس ــتفادة من‬

‫االمكانيات املوجودة على احسن وجه و ذلك لرفع االنتاجية بنفس االمكانية املتاحة ‪.‬‬

‫كمــا أن فــرض الضــرائب على دخــول العـاملني قـد تــدفعهم اىل مضــاعفة اجلهــد و زيــادة النشـاط لتعــويض مــا اســتقطعت الضــريبة‬

‫حافزا على التطور االقتصادي و زيادة االنتاجية ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الضرائب في إعادة توزيع الدخول ‪ :‬تســتخدم الضــرائب للحــد من تفــاوت الــدخول بني الطبقــات االجتماعيــة املختلفــة ‪،‬‬

‫و ذلــك بفــرض ضــرائب تصــاعدية ذات ســعر مرتفــع على الــدخول الكبــرية ‪ ،‬و ذلــك يعــين أن الضــرائب و هي تقــوم بتوزيــع‬

‫االعباء العامة بني املكلفني تشكل اداة هامة من ادوات سياسة إعادة توزيع الدخل القومي ‪.‬‬

‫و دور الضــريبة يف توزيــع الــدخل يتبــع السياســة العامــة للدولــة و أخــذها بعني االعتبــار مصــلحة هــذه الفئــة االجتماعيــة او تلــك ‪،‬‬

‫فالضرائب املباشرة تؤدي اىل ختفيض الدخول النقدية ‪ ،‬و بالتايل اىل ختفيض الطلب الكلي على السلع االستهالك و اهنا تــؤدي‬

‫بقدر ما تستطيع اىل اخنفاض املستوى العام لألمثان( أي ارتفاع القوة الشرائية للنقود) و هذا يعــين إعــادة توزيــع الــدخل القــومي‬

‫يف صاحل اصحاب الدخول النقدية الثابتة ( الفوائد و ريع العقارات و املعاشات ) و يف صاحل اصحاب الدخول احملدودة التغيري‬

‫( األجور و املرتبات ) لكنه يف غري صاحل املنظمني و ارباب االعمال ‪.‬‬

‫اما الضرائب الغري املباشرة فإهنا تؤدي اىل رفع مستوى األسعار ( أي ختفيض القوة الشــرائية للنقــود ) و هــذا يعــين إعـادة توزيـع‬

‫الدخل لصاحل املنظمني و ارباب االعمال ‪ ،‬و لكنها يف غري صاحل الدخول النقدية الثابتة و اصحاب الدخول احملددة التغيري ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 6‬ـ مشاكل الضريبية عند التطبيق ‪:‬من بني مشاكل الضريبية جند ‪:‬‬

‫أ) االزدواج الضريبي ‪ :‬و نعــين بــه فــرض على مــادة واحــدة اكــثر من ضــريبة واحــدة و هــذا مــا يطلــق عليــه االزدواج الضــرييب و‬

‫الــيت تتحقــق عنــدما خيضــع نفس الشــخص لنفس الضــريبة اكــثر من مــرة على نفس املصــدر و خالل نفس الفــرتة الضــريبية ‪،‬‬

‫لذا لالزدواج الضرييب ‪.‬‬

‫ب ) التهرب الضريبي ‪ :‬يقصد به ختلص املكلف من دفع الضريبة املتوجبة عليه كليا أو جزئيا ‪.‬‬

‫و التهــرب الضــرييب نوعــان التهــرب املشــروع و هــو الــذي ال يتضــمن ايــة خمالفــة قانونيــة و ذلــك باالســتفادة من بعض التغــريات‬

‫املوجــودة يف التشــريع الضــرييب نتيجــة عــدم صــياغة بعض االحكــام القانونيــة بدقــة ‪ ،‬و هبذا ال يــرتك املكلــف ايــة خمالفــة قانونيــة و‬

‫بالتايل ال ميكن مالحقته أو فـرض أيـة عقوبـة عليـه مثال جتنب تطـبيق املعـدالت التصـاعدية بتحويـل جـزء من األربـاح اىل رواتب‬

‫و أجـور ‪ ،‬أمـا النـوع الثـاين التهـرب غـري املشـروع ‪ ،‬يتضـمن خمالفـة ألحكـام و القـوانني و األنظمـة حيث يعمـد املكلفـون التبـاع‬

‫بعض أس ــاليب الغش و اخلداع ل ــذلك يطل ــق علي ــه اص ــطالح الغش الض ــرييب ‪ ،‬و يتخ ــذ أش ــكاال و ص ــورا خمتلف ــة و متنوع ــة من‬

‫الصــعب حتديــدها مثال قيــام املكلــف باالمتنــاع عن تقــدمي أي تصــريح بأرباحــه ‪ ،‬أو تقــدمي تصــاريح ناقصــة أو كاذبــة أو ادخــال‬

‫بعض السلع املستوردة دون ان متر باملراكز اجلمركية للتهرب من دفع الرسوم اجلمركية ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد طاقة و هدى العزاوي (‪ )2007‬املرجع السابق ص‪ 115‬و ‪116‬‬ ‫‪¹‬‬

‫ج ) عبء الضريبة (راجعيتها) ‪:‬ان معــىن انتقــال عبء الضـريبة ‪ ،‬هـو ان املكلــف الــذي يـدفعها للخزينـة ال يتحمــل هبا هنائيـا ‪،‬‬

‫بل حياول نقلها اىل غريه ‪ ،‬و معىن راجعيتها أي استقرارها بشكل هنائي على عاتق شخص معني ‪.‬‬

‫و هنا جيب ان منيز بني العبء القانوين و العبء احلقيقي للضريبة فالشخص الذي يتحمـل عبء الضـريبة القـانوين املباشـر ‪ ،‬قـد‬

‫يســتطيع نقــل عبء الضــريبة اىل شــخص أخــر او أشــخاص اخــرين و بــذلك يكــون من اســتقرت عليــه الضــريبة هنائيــا هــو الــذي‬

‫يتحمل عبأها احلقيقي ‪ ،‬و هنا تكون عملية النقل كليا ‪.‬‬

‫و قـد ال ينجح املكلـف القـانوين من نقـل عبء الضـريبة و يف هـذه فـان املكلـف القـانوين هـو نفسـه املكلـف احلقيقي و بالتـايل ال‬

‫وجود لعملية نقل العبء الضرييب ‪.‬‬

‫و يف بعض احلاالت قد ال يتم نقل العبء الضرييب بأكملـه بـل ينقـل جــزءا من عبء الضـريبة و هنـا تسـمى بالنقـل اجلزئي لعب‬

‫الضريبة ‪.‬‬

‫و تتوقف امكانية نقل عبء الضريبة على عوامل مؤثرة منها ‪ :‬نوع السوق إذا كان يف حالة منافسة تامة أو جزئية او يف حالة‬

‫احتك ــار ‪ ،‬و على درجـ ــة مرونـ ــة العـ ــرض و الطلب ‪ ،‬فـ ــاذا كـ ــان عـ ــرض البضـ ــاعة مرنـ ــا أي بإمكانيـ ــة املنتجني التخفيض من ــه ‪،‬‬

‫اس ــتطاعوا رف ــع الثمن عن طري ــق زي ــادة الطلب املت ــأيت من قل ــة الع ــرض ‪ ،‬و عكس ذل ــك أي وف ــرة البض ــائع ال متكنهم من رف ــع‬

‫السعر الذي يقتضيه تقل عبء الضريبة على عاتق املستهلك ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ثالثا ـ الموازنةالعامة‪:‬‬

‫موازنة الدولة هي التقدير املعتمد لنفقات الدولـة و إيراداهتا خالل مـدة مقبلـة ‪ ،‬فهي تعـرض للنشـاط االقتصـادي الـذي سـتقوم‬

‫الدولة بتحقيقـه ‪ ،‬و تبحث يف وسـائل متويـل هــذا النشـاط ‪ ،‬و بإجياز شـديد إهنا تتضـمن خطـة عمـل احلكومــة خالل مـدة حمددة‬

‫من الزمن ‪.‬‬

‫من هذا التعريف يتضح أن املوازنة العامة تتضمن تقديرا احتماليا لنفقات الدولــة و ايراداهتا ‪ ،‬و أن هــذا التقــدير يتم اعتمــاده ‪،‬‬

‫كما أنه ينصرف اىل مدة معينة مقبلة ‪.‬‬

‫فاملوازن ــة تتضـ ــمن أوال تقـ ــديرات احتمالي ــة لنفقـ ــات الدول ــة و إيراداهتا ‪ ،‬و هـ ــذا مـ ــا دفعهـ ــا للقـ ــول أهنا تعـ ــد مبثاب ــة خط ــة عم ــل‬

‫احلكوم ـ ــة ‪ :‬تق ـ ــديراهتا حلجم االنف ـ ــاق الع ـ ــام ‪ ،‬و كيفي ـ ــة توزيع ـ ــه على خمتل ـ ــف اخلدمات العام ـ ــة من جه ـ ــة ‪ ،‬و تقـ ــديراهتا حلجم‬

‫االيـرادات العامـة ‪ ،‬و كيفيـة حتصـيلها من جهـة أخـرى ‪ ،‬و ينبغي أن تكـون هـذه التقـديرات مفصـلة حـىت ميكن التعـرف بسـهولة‬

‫على أهداف املوازنة و تقييمها و تقرير اعتمادها من عدمه ‪.‬‬

‫هــذا مــا مييز املوازنــة ذاهتا عن مشــروعات املوازنــة املختلفــة الــيت تعــدها احلكومــة و هي بصــدد رســم خطــة عملهــا االقتصــادي ‪،‬‬

‫فاملوازنة تتضمن تقديرات معتمدة و مصدق عليها من ممثلي االمة ‪ ،‬و من مت فإهنا تتضمن اذنا للحكومة باإلنفاق يف احلدود و‬

‫األوجه املعتمدة ‪ ،‬كما أهنا تتضمن اذنا أخر جبباية االيرادات على النحو املقرر و الالزم لتغطية النفقات املعتمدة ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫املوازنـة العامـة تتمـيز أخــريا بأهنا مقيــدة مبدة معينــة مقبلـة ‪ ،‬فالتقــديرات املعتمــدة للنفقــات و االيــرادات تنصــرف اىل مــدة تتحــدد‬

‫عادة بسنة مستقلة ‪ ،‬و على ضوء هذه العناصر الثالثة ميكننا التمييز بني املوازنة العامة للدولة و بعض الوثــائق املاليــة و احملاســبية‬

‫القريبة منها ‪:‬‬

‫فمن الجهــة األولى ‪ :‬ختتلــف املوازنــة عمــا يســمى باحلســاب اخلتــامي يف أهنا حتتــوي على التقــديرات لنفقــات الدولــة و ايراداهتا‬

‫لسنة مقبلة ‪ ،‬أما احلساب اخلتامي فهو يشمل النفقات و االيرادات الفعلية للسنة ذاهتا بعد انقضــائها ‪ ،‬أي أنـه يـبني لنـا النفقـات‬

‫الــيت انفقت فعال و االيــرادات الــيت حصــلت فعال خالل الســنة املاليــة املنقضــية ‪ ،‬و ميكننــا مبقارنــة أرقــام املوازنــة بأرقــام احلســاب‬

‫اخلتــامي معرفــة مــدى صــحة التقــديرات الــيت جــاءت يف املوازنــة و مطابقتهــا بالوقــائع ‪ ،‬و إذا كــانت املوازنــة تســتقي أمهيتهــا من‬

‫كوهنا خطــة عمــل احلكومــة ‪ ،‬و تتضــمن برناجمهــا االقتصــادي ‪ ،‬فــان احلســاب اخلتــامي يســتحق هــو األخــر أن نوليــه الكثــري من‬

‫األمهية ألنه يسجل لنا مدى أمانة احلكومة و حرصها على تنفيذ برناجمها ‪ ،‬إال أن املالحظ يف احلياة السياسية أن ممثلي الشــعب‬

‫كثريا ما يهتمون مبناقشة مشروعات املوازنة ملا تعنيه من أمهية سياسية‪.‬‬

‫من جهة ثانية ‪ :‬ختتلــف املوازنــة عن املوازنــات التقديريــة للمشــروعات العامــة ‪ ،‬ذلــك أن املوازنــات األخــرية ال تعــدو أن تكــون‬

‫تقــديرا ألهــداف هــذه املشــروعات ‪ ،‬و كيفيــة بلوغهــا فهي و ان كــانت تتضــمن تصــورا دقيقــا للنفقــات الالزمــة لتحقيــق هــذه‬

‫االهداف و االيـرادات الالزمـة لتمويلهـا ‪ ،‬إال أهنا تفتقـر اىل عنصـر اإللـزام الـذي تتمـيز بـه موازنـة الدولـة لـدى اعتمادهـا ‪ ،‬فكمـا‬

‫ســبقنا و أن ذكرنــا فــان املوازنــة العامــة للدولــة ال تقتصــر على جمرد تقــدير النفقــات و االيــرادات ملدة مقبلــة ‪ ،‬و إمنا يتعــدى ذلــك‬

‫اىل التصريح للحكومة بالعمل يف حدود األرقام املعتمدة من ممثلي األمة ‪.‬‬

‫و من جهة ثالثة ‪ :‬ختتلف املوازنة العامة للدولة عن املوازنة القوميـة ‪ ،‬فبينمـا تنحصـر املوازنـة العامـة للدولـة يف تقـدير النفقـات و‬

‫االي ــرادات املتوقع ــة لألم ــة ش ــاملة دون التفرق ــة بني احلكوم ــات و املش ــروعات و األف ــراد ‪ ،‬و تب ــدو احلكم ــة من حتض ــري املوازن ــة‬

‫القومية يف أمهية التعرف على املعطيات األساسـية لالقتصــاد القـومي من إنفــاق كلي و نـاتج كلي حـىت ميكن على ضـوئها حتديـد‬

‫السياسة املالية املناسبة ‪ ،‬و من املفيد أن نلفت النظـر اىل أمهيـة العالقـة بني كـل من املوازنـة القوميـة و املوازنـة العامـة للدولـة ‪ ،‬إذ‬
‫‪46‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تعمل احلكومات جاهدة االن على حتضري موازناهتا و حجم كل من نفقاهتا و إيراداهتا العامة على ضوء االجتاهــات االقتصــادية‬

‫العامة اليت تستخلصها من واقع بيانات املوازنة القومية ‪ ،‬فإذا كانت هذه البيانات تشري على سـبيل املثـال اىل اخنفـاض يف حجم‬

‫االنفــاق الكلي نظــرا مليــل األفــراد اىل زيــادة نســبة املدخر من دخــوهلم بصــورة هتدد ببقــاء جــزء كبــري من املدخرات القوميــة دون‬

‫اســتثمار ‪ ،‬فإنــه ينبغي على احلكومــة حينئــذ أن تعمــل على تعــويض ذلــك من خالل زيــادة أنفاقهــا العــام مبا يكفــل احملافظــة على‬

‫مستوى االنفاق الكلي حلماية االقتصاد القومي من االنكماش ‪.‬‬

‫و من جه ــة رابعــة ‪ :‬ختتل ــف املوازن ــة العام ــة للدول ــة عن املوازن ــة النقدي ــة للدول ــة ال ــيت تش ــمل من ناحي ــة تق ــديرا للم ــوارد املتوق ــع‬

‫حتصــيلها خالل العــام على مســتوى االقتصــاد القــومي كلــه من النقــد األجنــيب نتيجــة تصــدير الســلع و اخلدمات للخــارج و تــدفق‬

‫رأس املال األجنيب للداخل و تقديرا من ناحية أخـرى لالسـتخدامات املتوقعـة هلذه احلصـيلة خالل ذات املدة لتمويـل الـواردات‬

‫و االســتثمارات الوطنيــة يف اخلارج ‪ ،‬و تلفت املوازنــة النقديــة اهتمــام البــاحثني بصــفة خاصــة يف الــدول املهــددة دائمــا بتحقيــق‬

‫عجز يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬إذ ميكن من خالل مفاضلة بنود االستخدامات املختلفة للنقد األجنيب حتديد أولويات للواردات و‬

‫حماولــة ضــغط بعضــها مبا يكفــل التوزيــع األمثــل للتحصــيل من العمالت األجنبيــة ‪ ،‬و لعــل هــذا يوضــح الشــبه بني هــذه املوازنــة و‬

‫املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬فكلتامها تسعى اىل بيان االستخدام األفضل و األمثـل ملوارد حمدودة يف إشـباع العديـد من احلاجـات ‪ ،‬و‬

‫باإلضــافة اىل ذلــك فــان العالقــة بني هــاتني املوازنــتني تبــدو وثيق ــة يف أحيــان كثــرية ‪ ،‬إذ أن قيــام الدولــة ببعض اخلدمات العامــة‬

‫يس ــتلزم ع ــادة ت ــوفر حص ــيلة من النق ــد األجن ــيب ‪ ،‬و من مت ف ــان االنف ــاق الع ــام املتعل ــق هبذه اخلدمات يتم حتدي ــده وفق ــا للم ــوارد‬

‫املتوقعــة من العمليــات األجنبيــة و كيفيــة توزيعهــا على خمتلــف االســتخدامات ‪ ،‬عــدا هــذا التشــابه فــإن املوازنــة النقديــة و املوازنــة‬

‫العامة للدولة ختتلفان بصورة واضحة فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ تقتصر املوازنة العامة للدولة على تقدير نفقات و ايرادات القطاع احلكومي فقــط دون غــريه من قطاعــات االقتصــاد القــومي ‪،‬‬

‫بينما تشمل تقديرات املوازنة النقدية متحصالت و استخدامات النقد األجنيب بالنسبة لكافة قطاعات االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫يتم تقدير النفقات و االيرادات يف املوازنـة العامـة للدولـة بالعملـة الوطنيـة حـىت لـو تعلـق األمـر بـإيرادات أجنبيـة أو بنفقـات سـتتم‬

‫بعملية غري وطنية ‪ ،‬أما املوازنة النقدية فيتم حصر املوارد فيها وفقا للعمالت األجنبية املتوقــع تــدفقها بعــد تقســيمها اىل عمالت‬

‫صــعبة قابلــة للتحويــل و عمالت ســهلة غــري قابلــة للتحويــل ‪ ،‬و يتم توزيــع االســتخدامات فيهــا بنفس الوســيلة مبا يكفــل حتقيــق‬

‫املوازنة بني جمموع املتحصل و املستخدم من كل طائفة من العمالت األجنبية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أهمية الموازنة العامة للدولة ‪:‬‬

‫تتفق مجيع نظم احلكم الدكتاتورية منها و الدميقراطية و الرئاسية و النيابية ‪ ،‬االهتمام بتنظيم نفقاهتا و إيراداهتا العامة يف صورة‬

‫موازنة عامة للدولة ‪ ،‬إذ ال يتصـور مطلقـا أن تسـري املصـاحل العامـة بشـكل منتظم و مـرض دون تنسـيق كـاف بني خمتلـف املرافـق‬

‫العامة ‪ ،‬و إذا وضعنا يف احلسبان ضخامة املبالغ اليت تتناوهلا املوازنات العامة عادة ‪ ،‬فإن هذا التنسيق يبدو ملحا حىت ميكن من‬

‫جهــة موازنــة جممــوع النفقــات العامــة مبجمــوع االيــرادات العامــة و حــىت ميكن من جهــة أخــرى املفاضــلة بني نوعيــات االنفــاق‬

‫املختلفة مبا يكفل إشباع أكثر احلاجات إحلاحا و جتنب أي تبذير أو إسراف من جانب القائمني على إدارة املرافق العامة‬

‫غــري أن من املؤكــد أن املوازنــة العامــة للدولــة تأخــذ أمهيــة سياســية خاصــة يف ظــل الــدميقراطيات النيابيــة ‪ ،‬حيث يشــرتط لتنفيــذ‬

‫املوازنــة أن يعتمــد مشــروعها من جــانب الربملان و يعتــرب هــذا االعتمــاد مبثابـة موافقــة من ممثلي األمــة على خطـة عمــل احلكومــة و‬

‫على سياسـتها املاليــة و االقتصــادية بصــفة عامــة ‪ ،‬و الــيت ال تعــدو املوازنــة أن تكــون مــرأة دقيقـة هلا ‪ ،‬و قــد أصــبح اعتمـاد الربملان‬

‫للموازنة من املبادئ الدستورية الراسخة يف كل الدول ذات احلكومات النيابية ‪.‬‬

‫و من جهــة أخــرى تــزداد أمهيــة املوازنــة العامــة للدولــة من الناحيــة االقتصــادية يف الــدول الــيت تســعى إىل توجيــه إقتصــادياهتا من‬

‫خالل ختطيــط االسـتثمار و االنفــاق إذ تعـدو املوازنـة حينئــذ أداة أساســية من أدوات التخطيــط احلكــومي ‪ ،‬و يتم ربطهــا بصــورة‬
‫‪48‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫واضــحة باخلطــة القوميــة للدولــة ‪ ،‬حبيث يتم حتديــد حجم االســتثمارات العامــة و توزيعهــا على خمتلــف أبــواب و فصــول املوازنــة‬

‫من واقع هذه اخلطة ‪ ،‬و من املالحظ بصفة عامة منذ انتهاء احلرب العاملية الثانيـة أن العالقـة بني املوازن العامـة و اخلطـة القوميـة‬

‫أخذة يف التوثق يف معظم دول العامل ‪ ،‬فالدول ذات االقتصاد املوجــه تعتـرب املوازنـة األداة الرئيسـية للتـدخل يف احليـاة االقتصـادية‬

‫و توجيهه ــا حنو حتقي ــق أه ــداف الت ــوازن االقتص ــادي و التنمي ــة ‪ ،‬بينم ــا تنظ ــر اليه ــا ال ــدول ال ــيت تأخ ــذ مبب ــدأ التخطي ــط الش ــامل‬

‫لالقتصاد القومي باعتبارها جزءا أو شرحية من اخلطط متوسطة أو طويلة األجل املوضوعة من قبل أجهزة التخطيط املركزية ‪.‬‬

‫و من الناحيــة االداريــة و احملاســبية فــإن املوازنــة العامــة للدولــة تبــدو على درجــة كبــرية من األمهيــة و خاصــة فيمــا يتعلــق باإلنفــاق‬

‫العام ‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت االيرادات العامة حتصل طبقـا للقـوانني اخلاصـة هبا بغض النظـر عن األرقـام املقــدرة هلا يف املوازنـة فـإن‬

‫النفقــات العامــة ينبغي أن تتم يف حــدود األرقــام املقــدرة و املعتمــدة هلا يف املوازنــة حبيث ميتنــع على حماســيب املرافــق العامــة صــرف‬

‫أي مبلــغ إال يف حــدود األرقــام و االعتمــادات املقــررة ‪ ،‬ووفقــا لألوضــاع و التعليمــات املاليــة املقــررة ‪ ،‬و باإلضــافة اىل مــا ســبق‬

‫فـإن أمهيـة املوازنـة تبـدو واضـحة من الناحيـة احملاسـبية فيمـا يتعلـق بتحديـد أنـواع حسـابات االيـرادات و النفقـات الـيت ينبغي على‬

‫املصــاحل احلكومــة إمســاكها لتنظيم معامالهتا املاليــة ‪ ،‬إذ ميســك لكــل نــوع من االيــرادات و النفقــات حســاب خــاص خيتلــف من‬

‫سنة ألخرى وفقا لطريقة و مدة اعتماد املوازنة ‪.‬‬

‫أيض ــا للموازن ــة أمهيتهـ ــا من الناحي ــة القانوني ــة يكفي للت ــدليل على ذل ــك أن ن ــذكر أن املوازن ــة ال تص ــبح قابل ــة للتنفي ــذ إال بع ــد‬

‫اعتمادها من السـلطة التشـريعية و صـدور قـانون يربطهـا ‪ ،‬غـري أنـه من الضـروري أن ننبـه يف هـذا اجملال أن املوازنـة تعتـرب بـالرغم‬

‫من ذل ــك عمال إداريـ ــا حمضـ ــا ‪ ،‬و ليس قانونـ ــا ‪ ،‬فهي من حيث املوضـ ــوع ال تقـ ــرر قواعـ ــد عامـ ــة و دائمـ ــة مثلم ــا ه ــو احلال يف‬

‫التشريعات ‪ ،‬و هي من حيث الشكل ال تعد أيضا تشريعا ‪ ،‬إذ أهنا ال تعـدو أن تكـون جمرد وسـيلة تسـتخدمها احلكومـة لتنظيم‬

‫إيراداهتا و نفقاهتا خالل مــدة حمددة ‪ ،‬أمــا اجلاين التشــريعي للموازنــة فيقتصــر على قــانون ربطهــا و هــو يعتــرب عمال تشــريعيا من‬

‫حيث الشكل فقط ‪ ،‬نظرا لصـدوره عن السـلطة التشـريعية ‪ ،‬أمـا من حيث املوضـوع فهـو ال يعـدو أن يكـون عمال إداريـا حمضـا‬

‫ألنه ال حيتوي على أية قاعدة عامة جديدة ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و من املقــرر يف هــذا الشــأن أن قــانون ربــط املوازنــة ال يعطي للحكومــة أي ســلطة أو حــق مل يكن مق ــررا هلا من قبــل مبقتض ــى‬

‫القوانني السارية ‪ ،‬و من مت فإنه ينبغي أال حيتوي مشروع املوازنة على إيرادات أو نفقات ال جتد أساسا هلا يف قــانون قــائم فعال‬

‫‪.¹‬‬

‫‪ 2‬ـ المبادئ األساسية إلعداد الموازنة ‪:‬‬

‫تتفــق الكتابــات التقليديـة يف علم املاليـة العامــة على وضــع جمموعــة من القواعــد الفنيـة الـيت تلـتزم السـلطة التنفيذيــة باحرتامهــا عنــد‬

‫حتضــريها للموازنــة العامــة للدولــة ‪ ،‬و هتدف هــذه القواعــد يف جمموعهــا اىل ضــمان تيســري الرقابــة الربملانيــة على السياســة املاليــة‬

‫للدولــة و ضــمان حتضــري املوازنــة بأســلوب اقتصــادي مقبــول بقــدر االمكــان عن التبــذير و االســراف ‪ ،‬و لعلــه من الســهل تفســري‬

‫احلرص على حتقيق هذين اهلدفني ‪ ،‬فاحلكومة حتصل األموال و تنفقها حلساب الغري ‪ ،‬و هذا يف حـد ذاتــه ال يشـجع على جتنب‬

‫االسراف ‪ ،‬و من مت فإنه يبدو من الضروري تقييد حتضري املوازنة العامة مبجموعـة من القواعـد تكفـل تسـهيل مهمـة ممثلي األمـة‬

‫يف مراقبــة التصــرفات املاليــة للحكومــة ‪ ،‬و باإلضــافة اىل ذلــك ‪ ،‬فــإن الــدور الــيت تلعبــه املوازنــة يف توجيــه االقتصــاد القــومي جتعــل‬

‫اجلميـ ــع مهتمـ ــا حبسـ ــن توظيـ ــف األمـ ــوال العامـ ــة على حنو يتض ـ ــمن تنميـ ــة املوارد االنتاجيـ ــة للمجتم ـ ــع و احلفـ ــاظ على التـ ــوازن‬

‫االقتصادي و االجتماعي داخل الدولة ‪.‬‬

‫ق ــد تش ــكلت ه ــذه القواع ــد خالل الق ــرن التاس ــع عش ــر ‪ ،‬و ب ــدأت ملس ــات التط ــور تلحقه ــا م ــع تزاي ــد ت ــدخل الدول ــة يف احلي ــاة‬

‫االقتصادية بعد احلرب العاملية األوىل ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي حممود شهاب ( ‪ )1999‬ـ املرجع السابقص ‪ 267‬و ‪. 268‬‬

‫أ) المبــادئ الفنيــة لموازنــة الدولــة ‪ :‬تتمثــل هــذه القواعــد يف مبــادئ مخســة و هي ‪ :‬وحــدة املوازنــة ‪ ،‬ســنوية املوازنــة مشولية أو‬

‫عمومية املوازنة ‪ ،‬عدم التخصيص االيرادات ‪ ،‬توازن املوازنة ‪.‬‬

‫‪ ‬وحدة الموازنة* ‪ :‬تستوجب قاعدة وحدة املوازنة أن تدرج كافة اإليرادات و النفقـات العامـة يف وثيقـة واحـدة حبيث يسـهل‬

‫عــرض املوازنــة يف أبســط صــورة ممكنــة كي يتســىن ملن يريــد االطالع على املركــز املايل للدولــة أن يعــرف ألول وهلــة و مبجــرد‬

‫النظر للموازنة مدى توازهنا ‪.‬‬

‫‪ ‬سنوية الموازنة **‪ :‬يتم إعــداد املوازنــة ملدة ســنة بصــفة عامــة إذ جــرت العــادة على اعتبــار هــذه املدة منوذجيــة لتقــدير نفقــات و‬

‫إيــرادات الدولـة و الداللــة على ذلــك فـإن علينــا أن نتصــور املصــاعب الــيت قـد تنجم عن اعــداد املوازنـة لفــرتة أطــول أو أقــل من‬

‫العام ‪.‬‬

‫‪ ‬عمومية أو شمولية الموازنة ***‪ :‬هناك صلة وثيقة بني حتصـيل االيــرادات العامـة و انفاقهـا ‪ ،‬فتحصـيل أي إيــراد عـام يسـتلزم‬

‫إنفاق مبالغ عامة يف صورة مرتبات للموظفني القائمني بالتحصيل ‪ ،‬و لألجهزة املشرفة على العمليــات احملاســبية اخلاصــة بــه ‪،‬‬

‫و باملث ــل ف ــإن القي ــام بإنف ــاق بعض املب ــالغ العام ــة ق ــد ي ــرتتب علي ــه إنت ــاج إي ــراد للدول ــة ‪ ،‬فإنش ــاء دور للتعليم و دف ــع مرتب ــات‬

‫للمدرســني يقابلــه حتصــيل رســوم من طــاليب العلم ‪ ،‬و بإجياز فــإن معظم املرافــق العامــة يف الدولــة تتكــون موازناهتا من جــانب‬

‫للنفقات ‪ ،‬و جانب أخر لإليرادات ‪ ،‬و هذا ما يدفعنا اىل التساؤل عن كيفية تناوهلا و عرض موقفها املايل يف املوازنــة العامــة‬

‫للدول ــة ‪ ،‬هـ ــل ينبغي إدراج كافـ ــة نفقاهتا و إيراداهتا بالتفصـ ــيل أم أنـ ــه ميكن االكتفـ ــاء بتـ ــدوين احلسـ ــاب الص ــايف لك ــل مرف ــق‬

‫مباشــرة؟ ان األخــذ باحلل األول يعــين اتبــاع مبــدأ مشول أو عموميــة املوازنــة ‪ ،‬بينمــا يعــين األخــذ باحلل الثــاين اتبــاع مبــدأ النــاتج‬

‫الصايف يف تدوين حسابات املرافق العامة ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪‬‬

‫ــــــ‬
‫‪*unité du budget‬‬
‫‪** Annualité du budget‬‬
‫‪*** Généralité du budget‬‬

‫مما ال شــك فيــه أن األخــذ مببــدأ النــاتج الصــايف يــتيح لنــا الفرصــة ملعرفــة موقــف كــل مرفــق من املرافــق العامــة على حــدة بصــورة‬

‫مبسطة و سهلة ‪ ،‬إذ ميكن معه مبجرد االطالع على املوازنة العامة حتديد ما إذا كان املرفــق ميثــل مصــدرا من مصــادر االيــرادات‬

‫العامــة يف الدولــة أم أنــه مل يعــدو أن يكــون بابــا من أبــواب االنفــاق العــام ‪ ،‬و باإلضــافة اىل ذلــك فــإن تطــبيق مبــدأ النــاتج الصــايف‬

‫جينب احلكومة إدراج الكثري من التفاصيل قليلة األمهية يف املوازنة و مينع من مث تضخم حجمها و تعقيـد عرضـها ‪ ،‬و هـذه و ال‬

‫شــك مــيزة كــربى يف وقتنــا احلاضــر الـذي تتمــيز فيــه املوازنــات العامــة للـدول بكــثرة األرقــام الــواردة هبا بصــورة تعرقــل من مراقبـة‬

‫ممثلي األمــة للبيانــات الــواردة هبا نظــرا لعــدم قــدرهتم على االملام بكــل مــا هبا من تقــديرات ‪.‬غــري أن هــذا التصــور لألمــور يبــدو‬

‫قاصــرا يف أعني الكث ــريين الــذين ي ــرون أن االكتفــاء بتــدوين صــايف حســابات املرافــق العامــة يف ــوت على الرقابــة الربملانيــة فرصــة‬

‫االشراف على نفقات كل مصلحة حكومية على حدة و التعرف بدقة على مدى سالمة تصرفات القائمني عليها ‪.‬‬

‫و باإلضــافة اىل ذلــك فــإن تــدوين صــايف حســابات املرافــق العامــة يعــين أساســا ختصــيص إيــرادات كــل مرفــق بــداءة لنفقاتــه و هــذا‬

‫عالوة على م ــا ق ــد ي ــؤدي الي ــه من إس ــراف و تب ــذير يتض ــمن إخالال مبب ــدأ ع ــدم ختص ــيص االي ــرادات ال ــذي ه ــو ض ــمن مب ــادئ‬

‫املوازن ــة ‪ ،‬و لع ــل يف ه ــذه االعتب ــارات م ــا يفس ــر متس ــك املفك ــرين التقلي ــديني بقاع ــدة عمومي ــة امليزاني ــة باعتباره ــا متث ــل الض ــمانة‬

‫األساســية ألحكــام الرقابــة على األعمــال احلكوميــة و التعــرف بدقــة على ســالمة مــا تتخــذه احلكومــة من قــرارات و هي بصــدد‬

‫أنفاق املوارد العامة للدولة ‪.‬‬

‫عــدم تخصــيص اإليــرادات*‪ :‬يتفــق املفكــرون التقليــديون على ضــرورة حتصــيل كافــة االيــرادات العامــة لصــاحل خزانــة الدولــة مث‬

‫االنفاق منها على كافة املرافق العامة دون أدىن ختصيص ‪ ،‬و مبعىن أخر فإن جمموع االيرادات يكون موقوفا على‬

‫‪52‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــ‬
‫‪*Non spécification des Revenus‬‬

‫جمموع النفقات العامة حبيث حيظر على احلكومة ختصيص إيراد ما لنفقة معينة ‪ ،‬و على ذلك فإنه ميتنــع على احلكومــة ختصــيص‬

‫حصــيلة الضــرائب احملصــلة من ســاكين حي من األحيــاء يف حتســني اخلدمات العامــة يف هــذا احلي ‪ ،‬كمــا حيظــر عليهــا ختصــيص‬

‫إيــرادات مرفــق من املرافــق العامــة لإلنفــاق على اخلدمات الـيت يقــدمها فحســب فطبقــا لقاعــدة عــدم ختصــيص االيــرادات ينبغي أن‬

‫تواجه مجيع إيرادات الدولة بكافة نفقاهتا العامة ‪.‬‬

‫وباإلضــافة اىل هــذا التفســري السياســي ملبــدأ عــدم ختصــيص االيــرادات فــإن هنــاك تفســريا اقتصــاديا يدعمــه بقــوة ‪ ،‬ذلــك أن االخــذ‬

‫هبذا املبــدأ ميثــل ضــمانة حلســن توزيــع املوارد العامــة دون تبــذير خمتلــف احلاجــات العامــة ‪ ،‬و لنتصــور للداللــة على ذلــك مــا ميكن‬

‫حدوثه يف حالة عدم احرتام هـذا املبـدأ ‪ ،‬فـإذا ارتبطت املصـروفات املخصصـة خلدمات مرفـق معني بـإيراد حمدد و زادت نفقـات‬

‫هذا املرفق عن هذا االيـراد فإنـه من الطـبيعي أن يتعـذر على القـائمني على إدارتـه تقـدمي اخلدمات العامـة املنـوط هبم تقـدميها على‬

‫وجه مرضي ‪ ،‬و بالعكس فإنه إذا زاد االيراد عن حاجة املرفق فإنه من املتصور أن يدفعهم ذلك اىل التبذير يف االنفاق ‪ ،‬و من‬

‫الواضـح أنـه ميكننـا تاليف هـذه املخـاطر إذ رفضـنا ربـط أي إيـراد بأيـة نفقـة من النفقـات العامـة ‪ ،‬إذ سيتيسـر حينئـذ توزيـع املوارد‬

‫العامة على خمتلف املرافق الدولة مبا يضمن االستخدامات املثلى هلا‪.‬‬

‫تــوازن الموازنــة* ‪ :‬كــانت الغالبيــة العظمى من االقتصــاديني التقليــديني تعتنــق املذهب احلر و تــؤمن بضــرورة احلد من تــدخل‬

‫الدولــة يف احليــاة االقتصــادية ‪ ،‬كمــا كــانت تــؤمن مبيــل االقتصــاد التلقــائي حنو التــوازن ‪ ،‬فاالدخــار و االســتثمار مييالن دائمــا اىل‬

‫التعادل عن طريق تغريات يف سعر الفائدة ‪ ،‬كما أن التوازن االقتصادي يتحدد عند مســتوى التشـغيل الكامــل لكــل طاقــات‬

‫‪53‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫اجملتم ــع االنتاجي ــة طاملا ظلت الدول ــة حريص ــة على عدال ــة الت ــدخل يف املي ــدان االقتص ــادي و على ع ــدم عرقل ــة حرك ــة االقتص ــاد‬

‫القومي حنو التوازن ‪،‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪*Equilibre du budget‬‬

‫و يف ظــل هــذه املعتقــدات فــإن مبــدأ تــوازن املوازنــة ال بــد و أن حياط هبالــة ضــخمة من التقــدير باعتبــاره ميثــل إحــدى الضــمانات‬

‫األساسـية حليــدة السياسـة املاليـة للدولـة ‪ ،‬و رغبـة احلكومــة يف عـدم التـأثري على جمريـات احليـاة االقتصــادية ‪ ،‬هـذا و تعتـرب املوازنـة‬

‫متوازن ــة م ــىت تس ــاوت إيراداهتا بنفقاهتا ‪ ،‬و ملا ك ــان الت ــوازن احلس ــايب للموازن ــة أم ــرا حمتم ــا ‪ ،‬فــإن المقصــود بتوازنهــا في هــذا‬

‫المجال هو التوازن االقتصادي الذي يعرف على النحو التالي ‪ :‬كافة االيرادات العادية لمواجهة كافــة النفقــاتـ الــواردة‬

‫بالموازن ــة ‪ ،‬و المقصـــود بـــاإليرادات العاديـــة في هـــذا الصـــدد حصـــيلة الض ــرائب و الرس ــوم و االي ــرادات الناتج ــة عن‬

‫استغالل ممتلكات الدولة ‪ ،‬أما إذا تبني أن هـذه احلصـيلة غـري كافيـة ملواجهـة النفقـات العامـة و أن الدولـة مضـطرة اىل اللجـوء‬

‫لالقرتاض أو االصدار النقدي لتمويـل بعض نفقاهتا ‪ ،‬فـإن املوازنـة تعتـرب يف حالـة عجـز ‪ ،‬و بـالعكس فإنـه إذا تـبني أن االيـرادات‬

‫العادية تفوق جمموع النفقات الواردة يف املوازنة ‪ ،‬فإن هذه تعترب يف حالة فائض ‪.‬‬

‫و ينتقد الفكر التقليدي حاليت العجز و الفائض على حد سواء و خماطر مها ‪: ¹‬‬

‫مخاطر عجز الميزانية ‪ :‬تقتضي مواجهة عجز املوازنة اللجوء حلل من اثـنني أوهلمــا زيـادة حجم الــدين العـام عن طريــق طـرح‬

‫قرض جديد لالكتتاب ‪ ،‬ثانيهما متويل املوازنة بالعجز عن طريق االصدار النقدي ‪ ،‬و ينتقـد املفكـرون التقليـديون هـذين احللني‬

‫معا ملا يرتتب على األخذ هبما من إخالل بالتوازن التلقائي لالقتصاد القومي ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي حممود شهاب ( ‪ )1999‬ـ االقتصاد املايل ـ املرجع السابقص ‪. 278‬‬

‫ف ــإذا م ــا واجهت احلكوم ــة عج ــز املوازن ــة عن طري ــق االق ــرتاض من االف ــراد ‪ ،‬ف ــإن ذل ــك س ــيؤدي اىل حرم ــان بعض القطاع ــات‬

‫االنتاجية يف االقتصاد القومي من رؤوس األموال الالزمة لتنميتهـا ‪ ،‬و يـرى التقليـديون أن زيـادة الـدين العـام تتضـمن يف حقيقـة‬

‫األمـر خطــرا مزدوجـا على سـري النشـاط االقتصـادي ‪ ،‬فهي من جهـة حترم الصـناعة و التجــارة من االسـتثمارات الـيت كــان ميكن‬

‫القيام هبا يف حالة عدم زيادة الدين العام ‪ ،‬كما أهنا من جهة أخرى تستلزم زيادة الضــرائب لـدفع فوائــد الــدين و تسـديده فيمـا‬

‫بعــد ‪ ،‬و قــد تــؤدي زيــادة الضــرائب اىل هــروب رأس املال اىل اخلارج أو أحجــام األفــراد عن العمــل ‪ .‬فــإن متويــل عجــز املوازنــة‬

‫عن طريق القروض العامة يهدد بتحميل بعض األجيال بأعباء مالية ال شأن هلا هبا ‪.‬‬

‫و ملواجه ــة هلذه االنتق ــادات فق ــد يق ــرتح البعض متوي ــل عج ــز املوازن ــة عن طري ــق اإلص ــدار النق ــدي ‪ ،‬إال أن ه ــذا احلل ال يق ــل‬

‫خطورة عن سـابقه نظـرا ملا يثـريه من موجـات تضـخمية يف االقتصـاد القـومي ‪ ،‬ذلـك أن اسـتخدام النقـود اجلديـدة الـيت أصـدرهتا‬

‫احلكومة لسد عجـز املوازنـة يزيـد من كميـة وسـائل الـدفع دون أن يسـاهم يف زيـادة السـلع االسـتهالكية مما يـرتتب عليـه ارتفـاع‬

‫االسعار و اخنفاض قيمة النقود أي تدهور قوهتا الشرائية ‪ ،‬و تبدو خطورة هذا االمر بوجه خـاص عنـدما يـرتاكم عجـز املوازنـة‬

‫عاما بعد عام مما يؤدي اىل زيادة عرض النقود و زيادة حدة املوجة التضخمية النامجة عن ذلك ‪.‬‬

‫و يبدي املفكرون التقليديون تشاؤما ملحوظا جتاه وقف هذه املوجة التضخمية إذ ان التضـخم نـاجم عن عجـز املوازنـة مييـل يف‬

‫تص ــورهم اىل ازي ــاد من تلق ــاء نفس ــه ‪ ،‬ذل ــك أن ارتف ــاع األس ــعار ي ــؤدي اىل زيــادة االنف ــاق الع ــام و من مث اىل زيــادة العج ــز من‬

‫جديد مما يدفع احلكومة اىل اصدار نقود جديدة ملواجهة هذا العجز ‪ ،‬و هذا اإلصدار اجلديد يــؤدي اىل رفــع املوجـة التضــخمية‬

‫‪55‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫لألمام و هكذا يدور االقتصاد القومي يف حلقة مفرغة من االصدار النقدي و ارتفاع االسعار ‪ ،‬و ليس من الصعب أن نتصور‬

‫خطورة هذا الوضع على النظامني االقتصادي و السياسي يف الدولة ‪.‬‬

‫و هك ــذا يلخص التقليـ ــديون اىل تبيـ ــان خماطر عجـ ــز املوازنـ ــة العامـ ــة لينتقلـ ــوا اىل شـ ــرح مسـ ــاوئ املوازنـ ــة ال ــيت حتق ــق فائض ــا يف‬

‫االيرادات ‪.‬‬

‫مخــاطر فــائض الموازنة ‪:‬لعــل اخلطــر األساســي لفــائض املوازنــة يف نظــر التقليــديينيتمثل فيمــا يعنيــه حتقيــق هــذا الفــائض من‬

‫تعسف السلطة التنفيذية يف استخدام سلطتها يف فرض الضرائب ‪ ،‬ففائض املوازنــة يعـين ببســاطة أن الدولـة حتصــل من مواطنيهــا‬

‫قــدرا من الضــرائب يفــوق حاجتهــا أي أهنا حترمهم دون وجــه حــق من االســتفادة بــأمواهلم اخلاصــة ‪ ،‬و هــذا يغــري شــكل تصــرف‬

‫ســيئ من جانبهــا ‪ ،‬على أن مــا يزيــد هــذا التصــرف ســوءا هــو أن الفــائض يغــري بالتوســع مســتقبال يف النفقــات العامــة ‪ ،‬إذ أن‬

‫حتقيــق فــائض يف ســنة من الســنوات يشــجع كال من الربملان و احلكومــة على زيــادة االفــاق العــام يف الســنة املقبلــة يف أوجــه إنفــاق‬

‫جديدة قد ال تكون ضرورية او أساسية مما يعـين التبـذير يف اسـتخدام مـوارد الدولـة ‪ ،‬حيث تصـبح هـذه النفقـات اجلديــدة أعبـاء‬

‫دائمة يف املستقبل و يصبح من العسري التخلص منها ‪ ،‬و هكذا فإن الفـائض املؤقت قـد يـرتتب عليـه توليـد عجــز دائم وضــار يف‬

‫املستقبل ‪.¹‬‬

‫و باإلضافة اىل هذه االعتبارات فـان حتقيــق فـائض يف املوازنـة يعـين أيضـا حبس جــزء من الـدخل القـومي عن التـداول ‪ ،‬و من مث‬

‫حرم ــان املشـ ــروعات االنتاجيـ ــة من رؤوس االمـ ــوال الالزمـ ــة لتنميـ ــة النشـ ــاط االقتصـ ــادي ‪ ،‬عالوة على جتمي ــد ج ــزء من الق ــوة‬

‫الشرائية مما سيرتتب عليه اخنفاض الطلب الكلي ‪ ،‬و ظهور بوادر أزمة انكماشية يف االقتصاد القومي إذ يستتبع هذا االخنفــاض‬

‫انكم ــاش يف حجم االنت ــاج ‪ ،‬األم ــر ال ــذي س ــينعكس على س ــوق العمال ــة يف ص ــورة ع ــدد الع ــاطلني ‪ ،‬و من مث تن ــاقص ال ــدخول‬

‫املوزع ــة ‪ ،‬و هك ــذا ن ــدور يف حلق ــة مفرغ ــة من تن ــاقص ال ــدخل الق ــومي و البطال ــة و انكم ــاش حجم االنت ــاج ك ــل ه ــذا ي ــدفع‬

‫بالتقلي ــديني اىل نب ــذ فك ــرة حتقي ــق ف ــائض يف املوازن ــة و تفض ــيل احلد من الض ــرائب العام ــة لتاليف ه ــذا الف ــائض و إتاح ــة الفرص ــة‬

‫للمواطنني لالستفادة من دخوهلم بصورة أفضل‬

‫‪56‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي حممود شهاب ( ‪ )1999‬ـ املرجع السابقص ‪. 280‬‬

‫و ينتهي على ه ــذا النح ــو اىل التأك ــد على ض ــرورة اح ــرتام مب ــدأ ت ــوازن املوازن ــة باعتب ــاره الوس ــيلة لتحقي ــق الت ــوازن االقتص ــادي‬

‫القــومي ‪ ،‬و من املفيــد أن نشــري يف هــذا املبــدأ اىل أن قاعــدة تــوازن املوازنــة تعتــرب امتــداد طبيعيــا لقاعــدة ســنوية املوازنــة ذلــك أن‬

‫جتاوز الدولة اىل اإليرادات غـري العاديـة مثـل القـروض العامـة ملواجهـة النفقـات العامـة يف سـنة معينـة يعـين حتميـل املوازنـات التاليـة‬

‫جبزء من أعبــاء هــذه النفقــات ‪ ،‬و ذلــك يف صــورة دفــع فوائــد الــدين أو رد الــدين ذاتــه ‪ ،‬و هــذا مــا يتعــارض صــراحة مــع التطــبيق‬

‫الدقيق لقاعدة سنوية املوازنة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ اجراءات و أساليب إعداد الموازنة ‪:‬‬

‫يعترب اعداد املوازنة العامة للدولة إحدى مسئوليات السلطة التنفيذيـة ‪ ،‬فاحلكومـة هي املنـوط هبا عـادة إجـراء الدراسـات املتعلقـة‬

‫بتحديــد الوســائل املثلى إلشــباع احلاجــات العامــة و حتضــري املوازنــات على ضــوئها ‪ ،‬هــذا و قــد تطــورت أســاليب إعــداد هــذه‬

‫الســلطة للموازنــة تطــورا كبــريا يف الســنوات األخــرية ‪ ،‬فتضــخم حجم املوازنــة و تزايــد أمهيــة تأثريهــا على احليــاة االقتصــادية و‬

‫االجتماعي ــة جع ــل من عملي ــة حتض ــريها مس ــألة فني ــة دقيق ــة ال يبخ ــل االقتص ــاديون من جتني ــد أدوات التحلي ــل احلديث ــة من أج ــل‬

‫تطويرها و جعلها مالئمة للمعطيات االقتصادية املعاصرة ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أ)الســلطة المختصــة بإعــداد الموازنــة ‪:‬إن إعــداد املوازنــة يعتــرب من األعمــال اإلداريــة الفنيــة الــيت يفضــل تركهــا للحكومــة نظــرا‬

‫لكوهنا أق ــدر الس ــلطات على تق ــدير إي ــرادات الدول ــة ‪ ،‬و على اإلملام مبختل ــف احلاج ــات املطل ــوب إش ــباعها ‪ ،‬و باإلض ــافة ف ــإن‬

‫اجملالس النيابيــة معروفــة من جهــة مبيلهــا للتوســع يف االنفــاق ‪ ،‬رغبــة يف إرضــاء النــاخبني ‪ ،‬و من جهــة أخــرى بعــدم قــدرهتا على‬

‫االل ــتزام بتص ــور ش ــامل لإلنف ــاق الع ــام فك ــل ن ــائب ح ــريص على حتقي ــق مص ــاحل دائرت ــه االنتخابي ــة بغض النظ ــر عن ترتيبه ــا يف‬

‫األولويات القومية لذا فإنه من األفضل أبعاد هذه اجملالس عن عملية إعداد املوازنة حىت تسـهل موازنتهـا ‪ ،‬و حـىت ميكن احلفـاظ‬

‫على تناس ــقها ‪ ،‬على أن يكتفي باعتمادهـ ــا منهـ ــا يف مرحل ــة الحقـ ــة ‪ ،‬غـ ــري أنـ ــه من املتصـ ــور أن يطـ ــالب اجمللس الني ــايب الس ــلطة‬

‫التنفيذية مبراعاة بعض االعتبارات يف عملية االعــداد كــأن يلزمهــا على سـبيل املثــال بـاحرتام اخلطـة االقتصــادية العامـة للدولـة الـيت‬

‫ســبق لــه االقــرتاع عليهــا باملوافقــة ‪ .‬على أن دوره ينبغي أن يتوقــف عنــد حــد التوجيهــات العامــة و دون الــدخول يف تفاصــيل‬

‫عملية االعداد حىت ال يضيف اىل مشاكل االعداد تعقيدات جديدة ‪.‬‬

‫هــذا و يتحمــل وزيــر املاليــة العبء األكــرب من إعــداد املوازنــة ‪ ،‬فهــو بوجــه عــام يقــوم بوظــائف أساســية ثالث يف هــذا الصــدد‪:‬ـ‬

‫جتميع مقرتحات االنفاق املقدمة من املرافق العامة املختلفة ‪.‬ـ حصر إيرادات الدولة و تقديرها ‪.‬ـ املوازنة بني مقرتحـات االنفـاق‬

‫و االيرادات املتوقعة ‪.‬‬

‫و من الطبيعي أن يثري قيام وزير املالية بالوظيفة األخرية مشاكل دقيقة خاصة عندما يزيد جممـوع النفقـات املقرتحـة عن جممـوع‬

‫االيرادات املتوقعة ‪ ،‬إذ يتعني يف هذه احلالة حتديد سلطة هذا الوزير يف ختفيض بعض مقرتحات االنفاق ‪ ،‬و يف واقع األمــر فــإن‬

‫موازنة نفقات الدولـة بإيراداهتا هي مسـؤولية وزيـر املاليـة ‪ ،‬و من الطـبيعي حيث توجـد املسـؤولية أن توجـد السـلطة أيضـا ‪ ،‬لـذا‬

‫فإنــه يبــدوا لنــا منطقيــا أن يتمتــع هــذا الــوزير بســلطة ختفيض النفقــات املقرتحــة مبا حيقــق التــوازن املنشــود فإعــداد املوازنــة بواســطة‬

‫وزير املالية كان يتمشى مع املفهوم التقليدي للمالية العامة عندما كـان دور الدولـة حمدودا يف أداء اخلدمات العامـة األساسـية و‬

‫ك ــان اهلدف من إع ــداد امليزاني ــة تغطي ــة النفق ــات العام ــة اإلداري ــة فحس ــب ‪ .‬أم ــا و ق ــد تغ ــري مفه ــوم املالي ــة و أص ــبحت املوازن ــة‬

‫تســتخدم أيضــا لتحقيــق تــدخل الدولــة بصــورة واســعة يف امليــدانني االقتصــادي و االجتمــاعي ‪ ،‬فإنــه من أجــدر بــرئيس احلكومــة‬

‫‪58‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫االشــراف بنفســه على إعــدادها خاصــة و أن مشــروع املوازنــة يعــد مبثابــة اخلطــة التفصــيلية للعمــل احلكــومي مما جيعــل من األوفــق‬

‫قيام احلكومة بأكملها و على قمتها رئيسها مبهمة توزيع موارد الدولة على أوجه االنفاق املختلفة ‪.‬‬

‫ب)األسـالـي ــب الفـنـيـ ـةـ إلعـ ــداد مـ ــوازنـ ـ ـةـ الدولـ ـ ـةـ ‪:‬تطــورت أســاليب إعــداد املوازنــة بصــورة ملحوظــة يف اآلونــة األخــرية من‬

‫األسلوب التقليدي لإلعداد اىل األسلوب احلديث اليت تستخدمه بعض الدول املتقدمة اقتصاديا يف إعداد موازناهتا‬

‫ـ األســلوب التقليــدي إلعــداد املوازنــة ‪ :‬لشــرح هــذا األســلوب نأخــذ منوذج إلعــداد موازنــة الدولــة على هــذا النحــو ‪:‬تقــوم إدارة‬

‫املوازنـة بـوزارة املاليـة يف بدايـة كــل عـام بإرسـال منشـور دوري لكافـة الــوزارات و املصـاحل حتدد فيـه األسـس و القواعــد الالزمــة‬

‫إلعداد مشروع املوازنة اجلديدة ‪ ،‬و على ضوء هذا املنشور تقوم املرافق العامة بإعداد موازناهتا و توايف هبا الوزارة التابعة هلا ‪،‬‬

‫و بعد ذلك تضع كل وزارة مشروعا مبوازناهتا و موازنات املصاحل التابعــة هلا ‪ ،‬و ينبغي أن تــراعي يف إعــداده األهــداف الــواردة‬

‫باخلط ــة العام ــة للدول ــة ‪ ،‬و ك ــذا املوارد املتاح ــة هلا يف موازن ــة النق ــد األجن ــيب ‪ ،‬ه ــذا و حتدد وزارة املالي ــة يف منش ــورها ال ــدوري‬

‫السابق اإلشارة إليه النظــام الـذي يتبــع يف إعــداد املوازنـة من حيث تقـدير النفقــات و توزيعهــا و تبويبهـا و املسـتندات و النمـاذج‬

‫اليت ترفق مبشروع املوازنة لتدبري أي تعديل مقرتح يف هذا اخلصوص ‪ ،‬و تلتزم كل جهـة بتوضــيح احتياجاهتا من النقــد األجنـيب‬

‫و التسهيالت االئتمانية اليت تنتظر احلصول عليها ملواجهة هذه االحتياجات ‪.‬‬

‫و تثــري عمليــة االعــداد بوجــه عــام نــوعني من املشــاكل يتعلــق أوهلا بتقــدير النفقــات و االيــرادات الــواردة باملوازنــة ‪ ،‬و ثانيهمــا‬

‫بوضع جدول بأولويات االنفاق أو حتديد كيفية توزيع املوارد العامة على جماالت االنفاق املختلفة ‪.¹‬‬

‫‪59‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬عادل حشيش و ‪ .‬مصطفى رشدي (‪ ، )1998‬املرجع السابق ص ‪.130‬‬

‫ج )تقدير النفقات و االيرادات العامة ‪ :‬أن موازنة الدولة هي التقدير املعتمد لنفقات الدولة و إيراداهتا خالل مدة مقبلــة ‪ ،‬و‬

‫من الطبيعي أن يواجه معديـ املوازنة العديد من الصعوبات و هم بصدد تقدير تلك النفقات و االيرادات ‪ ،‬و بصــفة عامـة هـذا‬

‫التقدير ينبغي أن يستند على جمموعة من احلقائق و القواعد الفنية حـىت ال حييـد كثـريا عن الواقـع مما قـد ينجم عنـه صـعوبة تنفيـذ‬

‫املوازنة فيما بعد ‪.‬‬

‫فبالنسبة للنفقات العامة جرت العادة على أن يتم تقديرها مباشرة بواسطة املوظفني املختصني يف كل مرفق من املرافق العامة ‪،‬‬

‫فاألمر مرتوك خلربهتم و قدرهتم على حتديد حاجيات مرافقهم ‪ ،‬على أنه جيب على القـائمني بإعـداد املشـروع النهـائي للموازنـة‬

‫التأكد من عدم مغاالة بعض املرافق يف تقدير مصروفاهتا خاصة و أن الكثريين من املسؤولني عن إدارة املرافق احلكوميــة مييلــون‬

‫اىل التوس ــع يف تق ــدير احتياج ــاهتم حرص ــا منهم على حتقي ــق أفض ــل الظ ــروف املالي ــة لعملهم و ح ــىت يتأك ــدوا من ق ــدرهتم على‬

‫مواجهة أي طارئ خالل السنة املالية ‪.‬‬

‫و ميكن بطبيعة احلال االسرتشاد بأرقام النفقات العامة الواردة باملوازنات السابقة مع مراعاة أال تكــون منطويــة على إســراف أو‬

‫متض ــمنة لبعض النفق ــات العارض ــة أو االس ــتثنائية كم ــا ينبغي على مع ــدي املوازن ــة أن يأخ ــذوا يف اعتب ــارهم نت ــائج الدراس ــات و‬

‫األحباث املتعلقة باألحوال االقتصادية احمللية و الدولية السائدة و التغريات املتوقع حدوثها خالل السنة املالية املقبلة ‪.‬‬

‫أمـا بالنسـبة لإليـرادات العامـة فـإن االمـور تبـدو أكـثر تعقيـدا ‪ ،‬ذلـك أن تقـديرها بدقـة يقتضـي اإلملام بكافـة املتغـريات االقتصـادية‬

‫املؤثرة يف حجم الدخل القومي ‪ ،‬و من مث يف حصيلة الضرائب و الرسوم احملصلة حلساب الدولة ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و ملا كانت طريقة التقدير املباشر تعطي للقائمني على إعداد املوازنة حرية واسعة يف حتديد االيــرادات املتوقــع حتصــيلها فإنــه من‬

‫املتصور أن خيطئ هؤالء يف تقديراهتم و يغلب عليهم التفــاؤل مما يشـجع على التوسـع يف النفقـات العامـة دون أسـاس صـحيح ‪.‬‬

‫و للتغلب على هــذه املخــاطر تعمــد بعض الــدول اىل وضــع قواعــد فنيــة حمددة يلــتزم معــدو املوازنــة مبراعاهتا و هم بصــدد تقــدير‬

‫االيرادات و يطلق شراح املالية العامة على هذه القواعد إصالح " التقدير األيل" لإليرادات العامة ‪.‬‬

‫د )تحديد أولويات االنفاق ‪ :‬تعترب مشكلة توزيع املوارد العامة على خمتلف أوجه االفاق من أكثر مشاكل إعــداد املوازنـة دقـة‬

‫على االطالق ‪ ،‬فاحلاجــات العامــة املطلــوب اشــباعها دائمــا مــا تزيــد عن قــدرات الدولــة احملدودة مما يتعني معــه الفصــل يف أكــثر‬

‫احلاج ــات إحلاح ــا ‪ ،‬و أفض ــلها يف حتقي ــق النف ــع الع ــام ‪ ،‬و من مث أواله ــا مبوارد الدول ــة ‪ ،‬و من الط ــبيعي أن ختتل ــف حجم ه ــذه‬

‫املشكلة و أسلوب معاجلتها حبسب نوعية املفهوم االقتصادي و املايل السائد يف الدولة ‪.‬‬

‫ففي ظــل مفهــوم الدولــة احلارســة حيث يســود تعريــف ضــيق للحاجــات العامــة يقصــرها أساســا على خــدمات األمن و القضــاء‬

‫تتضاءل أمهية هذه املشكلة اىل حد بعيد فاملوارد العامة حمدودة أصال و تأثريها على مستوى النشاط االقتصــادي و على معيشــة‬

‫االفراد حمدود بدوره ‪ ،‬لذا فإنه من النادر أن يهتم هؤالء كثريا بكيفية توزيع املوارد العامة على مرافق الدولة ‪ ،‬و غالبا مــا يتم‬

‫هــذا التوزيــع وفقــا ملعــايري سياســية باعتبــار رجــال السياســة هم أقــدر أفــراد اجملتمــع يف مثــل هــذه الظــروف على تلمس احلاجــات‬

‫العامة و حتديد أولوياهتا مث حتديد أنواع االنفاق احملققة ألكرب قدر من النفــع العـام يف ضــوء ذلــك ‪.‬و على العكس من ذلـك فـإن‬

‫الوضــع خيتلــف بصــورة جدريــة يف ظــل املفهــوم االشــرتاكي حيث تتنــوع احلاجــات العامــة و تتزايــد أمهيتهــا ‪ ،‬و بــالرغم من ذلــك‬

‫فــإن توزيــع مــوارد املوازنــة على خمتلــف أوجــه االنفــاق نــادرا مــا يثــري املشــاكل باعتبــار أن " نفقــات الدولــة خمططــة و االقتصــاد‬

‫القــومي خمطــط و الدولــة االشــرتاكية تلعب دورا هامــا يف التنميــة االقتصــادية تعــرب عنــه وظائفهــا كمنظم اقتصــادي ‪ ،‬فتوزيــع و‬

‫استخدام موارد املوازنة ينبغي أن يتم على حنو يتمشى مع اخلطة االقتصادية القومية ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬الرويلي صاحل (‪ ، ) 1988‬المالية العامة ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬ص ‪135‬‬

‫أما حيث تثور مشكلة توزيـع املوارد بصـورة حـادة ففي الـدول الـيت تأخـذ مفهـومـ التـدخل يف احليـاة االقتصـادية ‪ ،‬بغـرض توجيـه‬

‫االقتص ــاد الق ــومي حنو إش ــباع أك ــرب ق ــدر ممكن من املن ــافع ‪ ،‬فتزاي ــد حجم النفق ــات العام ــة يف ه ــذه الدولــة جع ــل من الض ــروري‬

‫االتفــاق على معــايري اقتصـادية واضـحة لتوزيـع مــوارد الدولـة الضــخمة على خمتلـف بنـود االنفــاق يف املوازنـة ‪ ،‬ذلـك أن االعتمـاد‬

‫على تقــدير السياســيني للمنــافع العامــة يتضــمن بغــري شــك الكثــري من اجملازفــة و إذا كــانت هــذه اجملازفــة مقبولــة يف ظــل التــدخل‬

‫احملدود للدولــة يف الشــئون االقتصــادية فإهنا تبــدو بغــري منــازع بالغــة اخلطــورة يف عصــرنا احلاضــر الــذي يتمــيز بتــدخل متزايــد من‬

‫جــانب الدولــة يف حيــاة األفــراد مبا يتبــع ذلــك من تضــخم حجم االنفــاق العــام و تزايــد تــأثريه على جــوانب احليــاة االقتصــادية و‬

‫االجتماعية املختلفة ‪.‬‬

‫و الرقابة عليها ‪:‬‬ ‫ـ تنفيذ الميزانية‬ ‫‪4‬‬

‫تعــد مرحلـة تنفيـذ امليزانيـة العامـة ‪ ،‬و هي أهم املراحــل و أكثرهــا خطـورة و هي املرحلـة األخــرية من مراحـل امليزانيـة ‪ ،‬و يقصــد‬

‫هبا وضع بنودها املختلفة موضوع التنفيذ ‪ ،‬و ختتص هبا السلطة التنفيذية ‪ ،‬و تشرف على هـذا التنفيـذ وزارة املاليـة الـيت تعتـرب‬

‫أهم أجزاء اجلهاز اإلداري للدولة ‪.‬فهذه املرحلة متثل انتقال املوازنة العامة من التطبيق النظري اىل حيز التطبيق العملي امللمــوس‬

‫‪ ،‬فتت ــوىل احلكوم ــة ممثل ــة يف وزارة املالي ــة ‪ ،‬حتص ــيل و جباي ــة االي ــرادات ال ــواردة و املق ــدرة يف امليزاني ــة ‪ ،‬كم ــا تت ــوىل االنف ــاق يف‬

‫االوجه املدرجة يف امليزانية‬

‫عمليات تحصيل اإليرادات و النفقات ‪:‬تتــوىل وزارة املاليــة ‪ ،‬باعتبارهــا عضــوا من أعضــاء الســلطة التنفيذيــة ‪ ،‬مهمــة‬ ‫أ)‬

‫تنفيـ ــذ امليزانيـ ــة ‪ ،‬عن طريـ ــق جتميـ ــع إرادات الدولـ ــة من خمتلـ ــف مصـ ــادرها و إيـ ــداعها يف خزانتهـ ــا العام ــة أو يف البن ــك‬

‫املركــزي وفقــا لنظــام حســابات احلكومــة املعمــول بــه ‪ ،‬كمــا يتم االنفــاق يف احلدود الــواردة يف اعتمــادات امليزانيــة ‪ .‬و‬

‫يتم تسجيل إيرادات الدولة يف خزانة الدولة أو البنك املركزي و تسحب منها النفقات اليت تلتزم بدفعها ‪.¹‬‬

‫‪62‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬عادل حشيش و ‪ .‬مصطفى رشدي ( ‪ ، ) 1998‬المرجع السابق ص ‪148‬‬

‫ـ عملية تحصيل االيرادات‪:‬و يتم حتصيل االيرادات العامة بواسطة موظفني خمتصـني يف وزارة املاليـة مباشـرة أو تـابعني جلهـات‬

‫حكومية تتبع وزارة املالية ‪ ،‬و تراعي عدة قواعد عامة يف عمليات حتصيل االيرادات العامة منها ‪:‬‬

‫أن يتم حتصيل اإليرادات يف مواعيد معينة و طريقة معينة وفقا لنص القـانون ‪ ،‬وأنـه جيب حتصـيل مسـتحقات الدولـة فـور نشـوء‬

‫حقوقها لـدى الغـري ‪ ،‬و قـد كفـل املشـروع حـق الدولـة يف حتصـيل إيراداهتا يف أسـرع وقت ممكن ‪ ،‬بإعطـاء احلكومـة حـق امتيـاز‬

‫على أموال املدين عن سائر الدائنني ‪ .‬كما ميز حق الدولة يف حتصيل دين الضريبة بتقريره أن املنازعة يف دين الضـريبة ال يوفـق‬

‫دفعهــا ‪ ،‬فيتم الــدفع أوال مث التظلم فيمــا بعــد ‪ ،‬لضــمان دقــة و ســالمة التحصــيل ‪ ،‬فإنــه من املقــرر ‪ ،‬و وفقــا للقواعــد التنظيميــة‬

‫الفصل يف عمليات التحصيل بني املوظفني املختصني بتحديد مقدار الضريبة و األخرين املختصني جببايتها‪.‬‬

‫ـ عمليات النفقات ‪:‬إن إجازة السلطة التشريعية العتمـادات النفقــات ال يعـين الـتزام الدولـة بإنفـاق كافـة مبـالغ االعتمـادات ‪،‬‬

‫و لكن ــه يع ــين اإلج ــازة و ال ــرتخيص للدول ــة أن تق ــوم بنفقاهتا العام ــة يف ح ــدود ه ــذه املب ــالغ دون أن تتع ــداها ب ــأي ح ــال من‬

‫األحــوال إال بعــد احلصــول على موافقـة صـرحية من السـلطة التشـريعية املختصـة يف ذلـك ‪.‬و لضــمان عـدم إســاءة اسـتعمال أمــوال‬

‫الدولة ‪ ،‬و التأكد من إنفاقها على النحو املالئم ‪ ،‬فقد نظم القانون عمليات صرف األموال العامة على أربع خطوات وهي ‪:‬‬

‫االرتباط بالنفقة ‪ :‬و ينشأ االرتباط بالنفقة نتيجة قيام السلطة االدارية باختاذ قرار لتحقيق عمل معني يستلزم إنفاقـا من جـانب‬

‫الدولة من أجل حتقيق املنفعة العامة مثال إنشـاء طريـق جديـد ‪ ،‬أيضـا قـد ينشـأ االرتبـاط بالنفقـة نتيجـة واقعـة معينـة يـرتتب عليهـا‬

‫الــتزام الدولــة بإنفــاق مبلــغ مــا ‪ ،‬مثال أن تتســبب ســيارة حكوميــة يف إصــابة مــواطن ‪ ،‬مما يضــطر الدولــة يف دفــع مبلــغ تعــويض ‪،‬‬

‫فالواقعة هنا مادية و غري إدارية ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫حتديد النفقة ‪ :‬بعد أن يتم االرتباط بالنفقة ‪ ،‬تأيت اخلطوة الثانية املتعلقـة بتحديـد مبلـغ النفقـة الـواجب على الدولـة دفعهـا ‪ ،‬فيتم‬

‫تقــدير املبلــغ املسـتحق للـدائن و خصـمه من االعتمــاد املقـرر يف امليزانيـة ‪ ،‬مـع ضــرورة التأكـد من أن الشـخص الـدائن غــري مـدين‬

‫للدولة بشيء حىت ميكن إجراء املقاصة بني الدينني ‪.‬‬

‫األمر بالدفع ‪ :‬بعد أن يتم حتديد مبلغ النفقة أو الدين ‪ ،‬يصدر قرار من اجلهة االدارية املختصة يتضمن أمرا بدفع مبلغ النفقة ‪،‬‬

‫و يصدر هذا األمر من وزير املالية أو ما ينوب عنه ‪.‬‬

‫الصــرف ‪ :‬و يقصــد بــه أن يتم دفــع املبلــغ احملدد يف االمــر عن طريــق موظــف تــابع لــوزارة املاليــة ‪ ،‬و من املقــرر أن يقــوم بعمليــة‬

‫الصرف موظف غري الذي يصدر عنه أمر الـدفع منعـا للتالعب ‪ ،‬و غالبـا مـا يتم هـذا يف صـورة إذن على البنـك املركـزي الـذي‬

‫حتتفظ فيه الدولة حبساباهتا ‪.‬‬

‫ب ) الرقابة على تنفيذ الميزانية ‪:‬تعد هـذه املرحلـة هي املرحلـة األخـرية الـيت متر هبا امليزانيـة العامـة للدولـة ‪ ،‬و تسـمى مرحلـة‬

‫تنفيذ املوازنة ‪ ،‬و اهلدف منها هو التأكـد من أن تنفيـذ املوازنـة قـد مت على الوجـه احملدد للسياسـة الـيت وضـعتها السـلطة التنفيذيـة‬

‫و أجازهتا السلطة التشريعية ‪.‬‬

‫و تأخذ الرقابة على تنفيذ امليزانية عدة صور خمتلفة ‪ ،‬و هي الرقابة االدارية و الرقابة التشريعية و الرقابة املستقلة ‪. ¹‬‬

‫ـ الرقابة االدارية ‪ :‬تتـوىل وزارة املاليـة الرقابـة االداريـة على تنفيـذ امليزانيـة ‪ ،‬حيث يقــوم الرؤسـاء من مــوظفي احلكومــة مبراقبـة‬

‫مرؤوس ـ ــهم ‪ ،‬و كـ ـ ــذلك مراقبـ ـ ــة مـ ـ ــوظفي وزارة املاليـ ـ ــة عن طريـ ـ ــق السـ ـ ــكرتريين املاليني و مـ ـ ــديري احلسـ ـ ــابات على عملي ـ ــات‬

‫املصروفات اليت يأمر بدفعها الوزراء املختصون أو من ينوبون عنهم ‪.‬‬

‫و تتم الرقابة االدارية من الناحية العملية يف طريقتني أساسيتني ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪64‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫سوزي عريب ناشد (سنة ‪ ) 2003‬ـ المالية العامة ـ النفقات العامة االيرادات العامة ـ الميزانية العامة ‪،‬ص ‪341‬‬ ‫‪¹‬‬

‫ـ الرقابــة الموضــوعية ‪ :‬و تعــىن انتقــال الــرئيس اىل مكــان عمــل املرؤوس ليتأكــد من مباشــرته لعملــه على حنو دقيــق ‪ ،‬مثال أن‬

‫ينتق ــل م ــدير املالي ــة العام ــة اىل مك ــاتب رؤس ــاء املص ــاحل ‪ ،‬و رئيس املص ــلحة اىل مك ــاتب رؤس ــاء ال ــدوائر ‪ ،‬و رئيس ال ــدائرة اىل‬

‫مكاتب سائر املوظفني التابعني له و هكذا ‪.‬‬

‫ـ ـ الرقاب ــة على أس ــاس المس ــتندات ‪ :‬و هن ــا ال ينتق ــل ال ــرئيس اىل حمل عم ــل املرؤوس ــني ‪ ،‬و لكن يق ــوم بفحص أعم ــاهلم من‬

‫خالل التقارير و الوثائق و املستندات ‪.‬‬

‫و تنقسم الرقابة االدارية من حيث توقيتها ‪ ،‬اىل رقابة قبل تنفيذ امليزانية و أخرى الحقة لتنفيذ امليزانية‬

‫ـ الرقابة السابقة ‪ :‬متثــل اجلزء األكــرب و االهم من الرقابــة االداريــة ‪ ،‬و يكــون مهمتهــا عــدم صــرف أي مبلــغ إال إذا كــان مطبقــا‬

‫لقواعد املالية املعمول هبا سواء كانت قواعد امليزانية أو القواعد املقررة يف اللوائح االدارية املختلفة ‪.‬‬

‫و ق ــد نص ق ــانون املوازن العام ــة على وج ــوب امتن ــاع م ــديري احلس ــابات و رؤس ــائهم و وكالئهم عن التأش ــري عن ك ــل أم ــر‬

‫بصرف مبلغ إذا مل يكن هناك اعتماد أصال ‪ ،‬أو إذا طلب اخلصم على اعتماد غري خمصص هلذا الصرف ‪ ،‬كما نص أيضا هــذا‬

‫الق ــانون على أن ــه يتعني على املس ــؤولني املاليني باجله ــاز االداري للحكوم ــة و وح ــدات احلكم احمللي و الوح ــدات االقتص ــادية‬

‫إخطار وزارة املالية و اجلهاز املركزي للمحاسبات بأي خمالفة مالية ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ الرقاب ــة الالحقـــة على تنفيـــذ الميزانيـــة ‪ :‬و يقصـ ــد هبا الرقابـ ــة االداريـ ــة الالحقـ ــة على احلسـ ــابات ‪ ،‬و تتلخص يف إعـ ــداد‬

‫احلسابات الشهرية و ربع سنوية و سنوية ‪ ،‬و يقوم املراقب املايل يف كل وزارة أو مصلحة ‪ ،‬مبناسبة إعـدادها بفحصـها للتأكـد‬

‫من س ــالمة املرك ــز املايل لل ــوزارة أو املص ــلحة و مبراجع ــة دف ــاتر احلس ــابات املختلف ــة ‪ ،‬و يض ــع عن ك ــل ه ــذا تقري ــرا يرس ــله م ــع‬

‫احلسابات اىل إدارة امليزانية يف وزارة املالية ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ الرقابة التشريعية ‪:‬‬

‫تتوىل اجملالس النيابية يف الدول الدميقراطية مباشرة الرقابة التشريعية على تنفيذ امليزانيـة العامـة للدولـة ‪ ،‬فـإذا كـانت تلـك اجملالس‬

‫هي ال ــيت تق ــوم باعتم ــاد ميزاني ــة الدول ــة ‪ ،‬فان ــه من الط ــبيعي أن مينح هلا ح ــق الرقاب ــة على تنفي ــذها للتأك ــد من س ــالمة وص ــحة‬

‫تنفيذها على النحو الذي اعتمدهتا و اجازهتا به ‪.‬‬

‫و يطلــق عليهــا أيضــا الرقابــة السياســية ‪ ،‬يف مطالبــة اجملالس النيابيــة للحكومــة بتقــدمي االيضــاحات و املعلومــات الــيت تســاهم يف‬

‫التأكيــد من ســري العمليــات اخلاصــة بالنفقــات و االيــرادات العامــة ‪ ،‬و يكــون ذلــك يف صــورة أســئلة شــفوية أو خطيــة أو حــىت‬

‫استجوابات ‪.‬‬

‫كما قد تتمثل الرقابة التشريعية عن طريق مناقشة احلساب اخلتامي عن السنة املالية السابقة ‪ ،‬و على هذا فإن الرقابة التشــريعية‬

‫على املوازنة العامة تتمثل يف مرحلتني ‪:‬‬

‫ـ المرحلة المعاصرة لتنفيذ الميزانية ‪ :‬و ختتص بالرقابة التشريعية جلنة الشؤون املالية يف اجملالس النيابية و هي " جلنــة اخلطــة و‬

‫املوازنــة " الــيت هلا أن تطلب البيانــات و املســتندات و الوثــائق الالزمــة عن تنفيــذ املوازنــة العامــة أثنــاء الســنة املاليــة ‪ ،‬فــإذا تــبني أن‬

‫هناك خمالفة للقواعد املالية اخلاصة بتنفيذ امليزانيـة ‪ ،‬فإنـه يكـون من حقهـا تقـدمي اسـئلة و اسـتجوابات اىل الـوزراء املختصـني عن‬

‫كيفية تنفيذ امليزانية ‪ ،‬بل و أيضا حتريـك مسـؤولية السياسـية ضـد كـل من يثبت يف حقـه ارتكـاب خمالفـة للقواعـد املاليـة املتعلقـة‬

‫بسري و تنفيذ امليزانية ‪.‬‬

‫ـ ـ المرحلــة الالحقــة على تنفيــذ الميزانيــة ‪ :‬تتعلــق تلــك املرحلــة بعــرض احلســاب اخلتــامي عن الســنة املاليــة املنتهيــة ملناقشــته و‬

‫اعتماده إما يف شكل قانون أو يف شكل قرار من رئيس الدولة ‪ ،‬فاجملالس النيابية تقوم باعتماد للميزانية بعد تنفيذها مما يستتبع‬

‫ذلــك منطقيــا ‪ ،‬أن تعــرض عليهــا نفس امليزانيــة بعــد تنفيــذها للتأكــد من تطبيقهــا على حنو اعتمادهــا هلا ‪ ،‬فتقــوم بــاالطالع على‬

‫‪66‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫النتــائج الفعليــة للحســاب املايل للدولــة عن الســنة املاليــة هلذه امليزانيــة و مــدى مطابقتهــا للميزانيــة يف الصــورة الــيت اعتمــدهتا ســواء‬

‫بالنسبة للنفقات املعتمدة أو حصيلة االيرادات ‪.‬‬

‫و تكون الرقابة أكثر فاعلية إذا متكنت السلطة التشـريعية من مناقشـة احلسـاب اخلتـامي مبكـرا بعـد انتهـاء السـنة املاليـة مباشـرة ‪،‬‬

‫إذ ليس خيفى أن تغيري الوزارات و الوزراء قد جيعل منها جمرد رقابة شكلية أكثر منها موضوعية ‪.‬‬

‫و بالرغم من فاعلية الرقابة التشريعية ‪ ،‬فيعاب عليها أن أعضاء السلطة التشريعية ال يكون لديهم الوقت الكــايف و اخلربة الفنيــة‬

‫و احملاسبية الكافية ملناقشة احلساب اخلتامي الذي قد يصل اىل أالف الصفحات و األرقام مناقشة تفصيلية ‪.‬‬

‫ـ الرقابة المستقلة ‪:‬‬

‫تعترب هذه الرقابة أكـثر أنـواع الرقابـة فاعليـة ‪ ،‬و يقصــد هبا الرقابـة على تنفيـذ امليزانيـة العامـة للدولـة عن طريــق هيئـة مسـتقلة عن‬

‫كل من االدارة و السلطة التشريعية تنحصر مهمتها يف رقابـة تنفيـذ امليزانيـة و التأكـد من أن عمليـات النفقـات و االيـرادات قـد‬

‫متت على النحو الصادرة به إجازة السلطة التشريعية و طبقا للقواعد املالية املقررة يف الدولة ‪.‬‬

‫و ختتلــف هــذه اهليئــة الــيت تقــوم بالرقابــة املســتقلة من دولــة ألخــرى ‪ ،‬ففي فرنســا تتــوىل الرقابــة على تنفيــذ امليزانيــة هيئــة قضــائية‬

‫مســتقلة هي حمكمــة احلســابات ‪ ، la cour des comptes‬و هي حمكمــة إداريــة منظمــة تنظيمــا قضــائيا ‪ ،‬و تتــوىل مهمــة‬

‫احلكم على كافة احلسابات العامة مـا عـدى احلسـابات الـيت يعطي املشـرع اختصـاص النظـر فيهـا اىل جهـات أخـرى ‪ ،‬و تتكـون‬

‫هذه احملكمة من عدة دوائر يرأس كـل منهـا مستشـار ‪ ،‬و يعمـل هبا عـدد من احملاسـبني يتولـون حتضـري التقـارير احملاسـبية و الفنيـة‬

‫اليت تطلبها منهم احملكمة ‪ ،‬و ميثل احلكومة هبا نائب عام و حمامون عامون ‪.‬‬

‫تنقسم الرقابة اليت ميارسها اجلهاز على هذه اجلهات اىل رقابة مالية و حماسبية و رقابة فنية ‪:‬‬

‫ـ ـ الرقابــة الماليــة و المحاســبية ‪ :‬و يقصــد هبا قيــام اجلهــاز املركــزي للمحاســبات مبراقبــة االيــرادات و النفقــات الــيت تتضــمنها‬

‫حسابات الدولة ‪ ،‬للتأكد من تنفيذها بصورة سليمة دون ارتكاب خمالفـات للقواعــد املاليـة ‪ ،‬و مراجعـة حسـابات املعاشـات و‬

‫التأمين ــات االجتماعيـ ــة و فحص القـ ــرارات املتعلقـ ــة بشـ ــؤون العـ ــاملني و مراجعـ ــة حسـ ــابات التسـ ــوية و الس ــلف و الق ــروض و‬

‫‪67‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫التسـ ــهيالت االئتمانيـ ــة و الرقابـ ــة على املخـ ــازن و مراجعـ ــة احلسـ ــابات اخلتاميـ ــة للشـ ــركات و منشـ ــآت القطـ ــاع العـ ــام بفحص‬

‫سجالت و دفاتر و مستندات التحصيل و الصرف و كشف حوادث االختالس و اإلمهال و املخالفات املالية و حبث أسباهبا‬

‫و وسائل تالفيها مستقبال ‪ ،‬و مبراجعة تقارير مراقيب احلسابات و الشركات اليت تدخل يف اختصاصه ‪.‬‬

‫و يكون للجهاز املركزي للمحاسبات يف سبيل تأدية مهمته أن يفحص السجالت و احلسـابات و املسـتندات املؤيـدة هلا و أي‬

‫مستند أو سجل أو أوراق أخرى يرى لزومها للقيام باختصاصاته على الوجه االكمل ‪ ،‬كما حيق له معاينــة و تفــتيش األعمــال‬

‫للتأكد من أن املصروفات صرفت يف الوجه املقررة له من جهة ‪ ،‬و لتقيم نتائجها من جهة أخرى ‪.‬‬

‫ـ الرقابـة الفنيـة ‪ :‬يكــون للجهــاز املركــزي للمحاســبات أن يقيم تصــرفات املشــرفني على اهليئــات العامــة و شــركاهتا فيمــا يتعلــق‬

‫بأعم ــال االدارة و التنظيم ‪ ،‬إذ من اجلائز أن تك ــون ه ــذه التص ــرفات س ــليمة من الناحي ــة املالي ــة و احملاس ــبية و لكنه ــا معيب ــة من‬

‫الناحيــة الفنيــة ‪ ،‬لكوهنا تــراعي تنظيم العمــل بأســلوب اقتصــادي مقبــول ‪ ،‬مما يســتلزم مراجعتــه حلســابات تكــاليف أعمــال هــذه‬

‫اجلهات و مراجعة نتائج أعماهلا و حتديد العائد منها ‪ .‬و من مهام اجلهاز املركزي متابعة تنفيذ امليزانية العامة من الناحية املالية‬

‫و احلسـابية و كــذلك الناحيـة الفنيـة ‪ ،‬حـيت يتأكــد من أن نتـائج االنفـاق تتفـق مــع النتـائج املرجـوة لـه دون تبـذير أو إســراف ‪ ،‬و‬

‫يقوم اجلهاز بوضع تقارير ربع سنوية اىل جاين تقارير سنوية عن نتائج أعماله و مسئولياته ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫خالصة الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪ ‬بعد استعراضنا ألدوات السياسة املالية و املتمثلة يف السياسة االنفاقية و سياسة االيرادات العامـة و كــذا املوازنــة العامــة ‪ ،‬اتضــح‬

‫لنا أمهية السياسة املالية و فعاليتها تكمن عن طريق أدواهتا و ما هلا من تأثري على مجيع التغريات االقتصادية‬

‫‪ ‬كمــا تســعى احلكومــة من خالل أدوات السياســة املاليــة اىل معاجلة املشــكالت االقتصــادية و االجتماعيــة و حتقيــق االســتقرار و‬

‫التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ ‬جند ظ ــاهرة ارتف ــاع النفق ــات العام ــة من أك ــثر الظ ــواهر ب ــروزا يف املالي ــة العام ــة ‪ ،‬و ملا تتع ــرض ل ــه من أس ــباب ت ــدفعها ل ــذلك و‬

‫املتمثلـة يف اخنفـاض القـوة الشـرائية و زيـادة الكثافـة السـكانية ‪ ،‬خاصـة ملا تتبـع الدولـة السياسـة التوسـعية و الـذي يعتـرب السـبب‬

‫املباشــر يف االرتفــاع املســتمر للنفقــات العامــة ‪ ،‬و هــذا من أجــل حتقيــق النمــو االقتصــادي و االجتاه حنو التنميــة االقتصــادية و‬

‫االجتماعية ‪.‬‬

‫‪ ‬جند الدولة من خالل االيـرادات العامـة تقـوم بتغطيـة نفقاهتا العامـة ‪ ،‬و كمـا تعمـل ببـذل جهـود من أجـل احلصـول على مصـادر‬

‫متوي ــل خمتلف ــة و كيفي ــة حتص ــيلها من أج ــل متوي ــل إيراداهتا العام ــة جند منه ــا االي ــرادات الض ــريبية و الرس ــم و الق ــروض ‪،‬و ال ــيت‬

‫تسعى من خالهلا اىل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ ‬تقوم الدولة بوضع املوازنة العامة اليت تشمل كل من االيـرادات العامـة و النفقــات العامـة ‪ ،‬و هي عبـارة عن تقـديرات احتماليـة‬

‫هلذه االيــرادات و النفق ــات ‪ ،‬كمــا تعتــرب خطــة عمــل احلكومــة تســعى من خالهلا اىل ضــبط و ترش ــيد نفقاهتا العامــة و كيفيــة‬

‫توزيعهــا على مجيــع القطاعــات من أجــل حتقيــق املنفعــة العامــة و االســتقرار و التنميــة االجتماعيــة و االقتصــادية ‪ ،‬أمــا تقــديرات‬

‫حلجم االيــرادات العامــة و البحث عن مصــادر متويــل خمتلفــة من جهــة أخــرى ‪ ،‬و ينبغي أن تكــون هــذه التقــديرات للنفقــات و‬

‫االيرادات متوازنة و مقيدة ملدة زمنية معينة ‪.‬‬


‫‪69‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ‬لــذلك جند أدوات السياســة املاليــة هلا دورا هامــا ميكنهــا تعــديل كــل من اهليكــل االقتصــادي و االجتمــاعي للمجتمــع فضــال على‬

‫قدرهتا على استخدام األمثل ملواردها املالية و حتقيق أقصى عائد من وراء ذلك ‪.‬‬

‫‪ ‬كمــا الحظنــا تــأثري أدوات السياســة املاليــة على حجم العمالــة و إعــادة التوزيــع الــدخل الوطــين و على مســتويات األســعار ‪ ،‬هلذا‬

‫فإن السياسة املالية هلا أمهية بالغة من خالل أدواهتا و هي أداة فعالة تسـتخدمها الدولــة لتحقيــق التــوازن املايل و من مث التــوازن‬

‫االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫السياسة المالية كأداة‪ H‬لتحقيق‬
‫التوازن االقتصادي‪H‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ان املوض ــوع ال ــذي نتناول ــه يف ه ــذا الفص ــل ه ــو السياس ــة املالي ــة ك ــأداة لتحقي ــق الت ــوازن االقتص ــادي ‪ ،‬فبع ــد تعرض ــنا للسياس ــة‬

‫االقتصادية و الـيت عرفناهـا أهنا تشـمل حزمـة من السياسـات ‪ ،‬كالسياسـة املاليـة و النقديـة و التجاريـة و سياسـة سـعر الصـرف ‪،‬‬

‫هتدف بصفة عامة اىل حتقيق التوازن االقتصادي عند مستوى العمالـة الكاملـة غـري املصـحوب بارتفـاع املسـتوى العـام لألسـعار‪،‬‬

‫و بالطبع هذا لن يتحقق دون اللجوء اىل سياسـات عمديـة منشـطة ‪ ،‬و هــذه السياسـة قـد تكـون السياسـة املاليـة كمــا قـد تكــون‬

‫السياسة النقدية أو خليط منهما معا ‪.‬‬

‫حتتل السياسة النقدية و املالية مكانة هامـة ضـمن السياسـات االقتصـادية ‪ ،‬باعتبـار ان السياسـة املاليـة مدعمـة للسياسـة النقديـة و‬

‫مها ميثالن العناصــر االساســية للسياســة االقتصــادية للدولــة ‪ ،‬و يرتبــط بعضــها ببعض ارتبــاط وثيقــا مما يســتلزم وجــود توافــق مــع‬

‫االجراءات و التدابري املتخـذة من أجـل حتقيـق التـوازن االقتصـادي ‪ ،‬الـذي أصـبح على السياسـة املاليـة أن تـوازن ماليـة الدولـة مبا‬

‫يتفق و يتالءم مع توازن االقتصاد الوطين ‪.‬‬

‫كما أصبح التوازن متعدد األوجه و عالقته مع السياسة النقديـة و السياسـة املاليـة ‪ ،‬و على هـذا االسـاس سـوف نتنـاول يف هــذا‬

‫الفصــل املبــاحث التاليــة السياســة النقديــة و عالقتهــا بالسياســة املاليــة يف املبحث األول مث يليــه املبحث الثــاين نعــرض فيــه التــوازن‬

‫االقتصادي العام ‪ ،‬و أخرياالسياسة املالية كأداةلتحقيق التوازن االقتصادي‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬السياسة النقدية و عالقتها بالسياسة المالية ‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تعترب السياسة النقدية إحدى أهم اجملاالت السياسة االقتصادية ‪ ،‬اليت تتخـذ من املعطيـات النقديـة موضــوعا لتــدخلها أخــذة بعني‬

‫االعتب ــار لعالقـ ــة النقـ ــود بالنشـ ــاط االقتصـ ــادي من جهـ ــة ‪ ،‬و ملا يشـ ــكله االسـ ــتقرار النقـ ــدي من منـ ــاخ مالئم ملمارس ــة النش ــاط‬

‫االقتصادي من جهة أخرى ‪.‬‬

‫غىن عن القول أن للسياسات النقدية و املاليـة دورا حموريـا يف إرسـاء املقومـات األساسـية للنمــو االقتصـادي القابــل لالسـتمرار ‪،‬‬

‫ذلـك ألن اهلدف الرئيسـي لتلـك السياسـات هـو حتقيـق االسـتقرار النقـدي و مكافحـة معـدالت البطالـة املرتفعـة عن طريـق حتفـيز‬

‫االستثمارات احمللية و جذب االستثمارات اخلارجية و اليت متثل احملرك االساس لعجلة النشاط االقتصادي ‪.‬‬

‫تعد السوق املالية حـيزا جيـدا لتطـبيق تلـك السياسـات ( النقديـة و املاليـة ) فسـوق االوراق املاليـة حـيزا مناسـبا لتطـبيق السياسـة‬

‫النقدي ــة و ال س ــيما عن ــد اس ــتخدام االدوات الكمي ــة غ ــري املباش ــرة ‪ ،‬االم ــر ال ــذي يس ــهل من عم ــل الس ــلطة النقدي ــة يف حماولته ــا‬

‫للسيطرة على تغيريات عرض النقد و من مث على قيمة النقود ‪ ،‬و تعد السوق النقديـة أيضــا حـيزا مناسـبا لتطـبيق السياسـة املاليـة‬

‫و ال س ــيما سياس ــة العج ــز املايل ذل ــك من خالل توف ــري املوارد املالي ــة الالزم ــة لتموي ــل االنف ــاق احلك ــومي ‪ ،‬و يف كال االجتاهني‬

‫تعمل السوق املالية على خلق السيولة الالزمة لتيسري عملية النمو االقتصادي و زيادة معدالته ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ طبيعة السياسة النقدية و دورها في المدارس االقتصادية‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تعرب السياسة النقدية عن االجراءات الالزمة اليت متكن السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أو التوسع النقــدي ليتماشــى و‬

‫حاجــة املتعــاملني االقتصــاديني ‪ ،‬و هي هــدف البنــك املركــزي يف ممارســته يف الرقابــة على النقــود ‪ ،‬و على معــدالت الفائــدة و‬

‫على شــروط القــروض ‪ ،‬و ميكن هلذه السياســة أن تكــون تقييديــة ‪ ،‬مبعــىن أهنا تســعى اىل تقليص عــرض النقــود و رفــع معــدالت‬

‫الفائ ــدة قص ــد كبح منو الن ــاتج احمللي اخلام ‪ ،‬خفض التض ــخم أو رف ــع س ــعر ص ــرف العمل ــة الوطني ــة ‪ ،‬و ميكن هلذه السياس ــة أن‬

‫تكون توسعية ( سياسة نقود سوق جيد ) ‪ ،‬و تسعى اىل زيادة عـرض النقـود قصـد ختفيض معـدالت الفائـدة ‪ ،‬تشـجيعا لزيـادة‬

‫االستثمار و منه منو الناتج احمللي اخلام ‪.‬‬

‫يعرفها علىأهنا جمموعة التدابري املتخذة من قبل السلطات النقدية قصد إحداث أثر على االقتصاد ‪ ،‬و من أجل ضمان استقرار‬

‫أسعار الصرف (‪. ) George Pariente‬‬

‫هي التــدخل (املباشــر) املعتمــد من طــرف الســلطة النقديــة هبدف التــأثري على الفعاليــات االقتصــادية ‪ ،‬عن طريــق تغيــري عــرض‬

‫النقود و توجيه االئتمان باستخدام وسائل الرقابة على النشاط االئتماين للبنوك التجارية‪.‬‬

‫انطالق ــا مما تق ــدم جند أن الس ــلطة النقدي ــة هتتم مبراقب ــة حال ــة األس ــواق من اختالل أو ت ــوازن على املس ــتوى الكلي لفهم طبيع ــة‬

‫االختالل إذا ك ــان داخلي ــا أو خارجي ــا ‪ ،‬ملعرف ــة الت ــدابري ال ــواجب اختاذه ــا ‪ ،‬و يتوق ــف ذل ــك على املعلوم ــات املتاح ــة عن وض ــع‬

‫االقتصاد و إمكاناته ‪ .‬هذا باملعىن الضيق‪.¹‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬السياسات المالية و النقدية و أداء سوق االمواق المالية ـ دار صفاء للنشر و التوزيع ـ عمان ـ الطبعة األوىل ـ ص ‪. 25‬‬

‫السياسة النقدية باملعىن الواسع ‪ :‬تعين مجيع االجراءات النقدية و املصرفية اليت تستهدف مراقبة حجم النقد املتيسر يف االقتصاد‬

‫القــومي و هي بــذلك تعــين العمــل الــذي يوجــه للتــأثري يف النقــد و االئتمــان و كــذلك االقــرتاض احلكــومي أي حجم و تــركيب‬
‫‪18‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ال ــدين احلك ــومي ‪ .‬و هلذا حترص الس ــلطات النقدي ــة على مجع املعلوم ــات من خمتل ــف القطاع ــات االقتص ــادية قص ــد اس ــتخدامها‬

‫بطريقة سليمة على ضوء ما هو متاح من أدوات و وسائل ‪.‬‬

‫ـ ـ السياســة النقديــة في التحليــل الكالســيكي و النيوكالســيكي ‪:‬يرتبــط موقــف االقتصــاديني الكالســيك من السياســة النقديــة‬

‫بنظرهتم اىل النقود و وظائفها ‪ ،‬إذ جاءت النظرة الكالسيكية للنقود على أهنا جمرد وسيط يف عملية التبــادل و هي مبنزلــة ســتار‬

‫‪ Neil‬خيفي وراءه العمليــات احلقيقيــة يف االقتصــاد القــومي ‪ ،‬و اســقطوا متامــا من حســاباهتم وظيفتهــا بوصــفها أداة لالدخــار او‬

‫لالكتناز ‪ ،‬فالنقود جمرد عربة حتمل عليها القيم التبادلية يف األسواق ‪.¹‬‬

‫لق ــد ج ــاءت الف ــروض الكالس ــيكية ح ــول دور النق ــود يف االقتص ــاد إميان ــا منهم ب ــأن هن ــاك نظام ــا اقتص ــاديا يس ــوده التواف ــق بني‬

‫العالقـات احلقيقيـة يف االقتصـاد إذا مـا تـركت دون تـدخل من لـدن السـلطات العامـة ( قـانون سـاي (‪ )say’s law‬فـإن النقـود‬

‫تظــل حمايــدة ال أثــر هلا يف الظــواهر االقتصــادية احلقيقيــة ‪ ،‬إذ إن التحليــل الكالســيكي قــائم على أســاس الفصــل مــا بني العوامــل‬

‫احلقيقية و العوامل النقدية أو التقسيم ما بني القطاع احلقيقي و القطاع النقدي ‪ ،‬ففي القطاع احلقيقي تتحدد العوامل احلقيقية‬

‫كالدخل و االستخدام و االنتاج مبعزل عن العوامل النقدية ‪ ،‬أما القطاع النقـدي فيتحــدد فيـه كميـة النقـود ‪ ،‬و هـذا مـا تـذهب‬

‫اليه نظرية كمية النقود اليت تشري اىل أن تغري كمية عرض النقود تؤدي اىل تغريات متناسبة طرديــا يف املســتوى العــام لألســعار ‪،‬‬

‫و من مث تغــريات متناســبة عكســيا يف قيمــة النقــود و بالتــايل فإنــه باإلمكــان اســتنباط السياســة النقديــة من التحليــل الكالســيكي‬

‫لنظرية كمية النقود ‪.‬‬

‫ـــــ‬
‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابقـ ص ‪. 25‬‬

‫لدى اعترب الكالسيك السياسة النقدية هي سياسـة حمايــدة يتمثـل دورهــا يف خلـق النقـود الــواجب توفرهـا ‪ ،‬و هــذا مــا اسـتطاعوا‬

‫الوصول اليـه ألن النقـود حلد هـذه احلقبـة من الـزمن ال تـزال تعـد وسـيلة لتسـهيل احليـاة االقتصـادية و تتمتـع باحلياديـة ‪ ،‬و بالتـايل‬

‫‪19‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫حياديــة السياســة النقديــة خالل مــدة الكالســيك و النيوكالســيك فعالقــة النقــود موجــودة فقــط مــع املســتوى العــام لألســعار ال‬

‫غريها ‪.‬‬

‫ـ السياسة النقدية في التحليل الكنزي ‪:‬بدأ كينز حتليله النقدي بنقد الفصل بني نظرية القيمة و نظرية النقود و االسـعار الـيت‬

‫أشــار إليهــا الكالســيك ‪ ،‬فلقــد كــان ظهــور كتــاب النظريــة العامــة يف التشــغيل و الفائــدة و النقــود * ســنة ‪ 1936‬و املشــهورة‬

‫باسم النظرية العامة حـدثا بـارزا يف تـاريخ االقتصـاد خاصـة بعـد أن مـر النظـام االقتصـادي العـاملي بـأعنف أزمـة اقتصـادية عـرفت‬

‫تارخييــا االزمــة الكــربى و عجــز التحليــل الكالســيكي عن معاجلة هــذه األزمــة ‪ ،‬لتعــد النظريــة الكينزيــة مبنزلــة ثــورة حقيقيــة يف‬

‫النظــامني النقــدي و االقتصــادي ‪ ،‬ففي الــوقت الــيت تــؤمن فيــه النظريــة الكالســيكية حبياديــة النقــود ‪ ،‬تقــوم النظريــة الكينزيــة على‬

‫أســاس أمهيــة الــدور الــذي ميكن أن تلعبــه النقــود عــل مســتوى االقتصــاد القــومي ‪ ،‬مبعــىن أن تغــري كميــة النقــود يــؤثر بالتبعيــة يف‬

‫املتغريات االقتصادية سواء العمالة و االنتاج و االستهالك و االدخار و االستثمار و بالتايل يؤثر يف الوضع االقتصادي ككــل ‪،‬‬

‫و هبذا فإن وجهة النظر النقدية عند كينيز قد قامت على فروض ختالف يف فروض نظرية كمية النقود عند الكالسيك ‪¹.‬‬

‫ـــــــــــ‬

‫*‪The General Theory of Employment , Interest Rate and money‬‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪. 29‬‬

‫‪20‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و ق ــد ش ــهدت س ــنة ‪ 1936‬ظه ــور كت ــاب ( النظري ــة العام ــة ) لكي ــنز ‪ ،‬إذ يوج ــد تش ــابه كب ــري بني كت ــاب النظري ــة العام ــة و‬

‫التطورات الفكرية اليت أحدثها فكسل (‪ ، )wicksell‬فقد قيل ان كينز فقد قام بنقــل و نسـخ أفكـار فكســل ‪ ،‬و أن كــل جمد و‬

‫فخر لكينز ينبغي أن يكون لفكسل ‪ ،‬إذ جاء التحليل النقدي لفكسل مناهضا للتحليل النقدي الكالسيكي عند كل من هيوم‬

‫و ريكاردو و ميل و فيشـر ‪ ،‬من خالل تركـيزه على معـدل الفائـدة و األسـعار و عالقاهتا مبسـتوى األسـعار أو قيمـة النقـود ‪ ،‬و‬

‫فضال عن ذلك فقد حاول أن يتجـاوز الفصـل يف النظريـة االقتصـادية ‪ ،‬بـأن يـدمج مـا بني النظريـة النقديـة و نظريـة القيمـة ‪ ،‬أي‬

‫حتويـل األســعار النسـبية اىل أســعار نقديـة أو مطلقــة عن طريـق تطـبيق فكــريت العــرض و الطلب على املسـتوى العـام لألســعار ‪ ،‬و‬

‫هذا ما قام عليه التحليل الكينزي ‪.‬‬

‫لق ــد ع ــد كي ــنز السياس ــة املالي ــة أك ــثر فعالي ــة و ت ــأثريا يف ح ــل املش ــكالت االقتص ــادية ‪ ،‬اال ان ــه أق ــر للسياس ــة النقدي ــة يلعب دور‬

‫املساعد لتلك السياسة و يعود تأكيــده عـل دور السياسـة النقديـة اىل جـانب السياسـة املاليـة إلميانـه على خالف الكالسـيك بـأن‬

‫للنق ــود وظيفـ ــة أخـ ــرى مهمـ ــة ‪ ،‬غـ ــري كوهنا وسـ ــيلة للمبادلـ ــة ‪ ،‬و إمنا هي خمزن للقيمـ ــة جـ ــاعال للنقـ ــود الـ ــدور احملرك يف التغي ــري‬

‫االقتصادي من خالل الدخل و االنتاج و االستخدام ‪ ،‬إذ ان االحتفاظ بالنقود بدال من استثمارها جاء نتيجة عنصر الشـك و‬

‫املخــاطر باملســتقبل الــذي يســيطر على األفــراد ‪ ،‬و مبا يؤديــه ارتفــاع ( ســعر الفائــدة ) من انكمــاش يف حجم االســتثمار ومن مث‬

‫نقص يف الطلب الكلي الفعال ‪ ،‬و الذي ينعكس بـدوره على مســتويات الـدخل و االنتـاج و االسـتخدام و حيصـل العكس مبيـل‬

‫التفض ــيل النقـ ــدي لالخنفـ ــاض ‪ ،‬و هكـ ــذا يعـ ــد التفضـ ــيل النقـ ــدي طبقـ ــا للتحليـ ــل الكـ ــنزي مصـ ــدرا مهمـ ــا من مص ــادر التقلب ــات‬

‫االقتصادية ‪.‬‬

‫ـ ـ السياس ــة النقدي ــة في التحلي ــل النق ــدي ‪:‬مثلم ــا ب ــدأ كي ــنز أفك ــاره كالس ــيكيا لينتهي معارض ــا و بش ــدة للف ــروض و املب ــادئ‬

‫االساسية للتحليـل الكالسـيكية ‪ ،‬فـان االفكـار و املبـادئ االساسـية للتحليـل الكيـنزي قـد تعرضـت هي االخـرى النتقـادات عـدة‬

‫من لــدن أصــحاب (مدرســة شــيكاغو) أو املســاواة ( املدرســة النقوديــة) و الــيت يتزعمهــا االقتصــادي االمــريكي ملنت فريــدمان(‬

‫‪. )Milton Friedman‬‬

‫‪21‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و يبــىن أصــحاب هــذه املدرســة أراءهم باإلشــارة اىل مدرســة أخــرى يطلــق عليهــا مدرســة املنفعــة (‪ )The Utility school‬و‬

‫اليت تفرتض أن النقود تعطي منفعة حلائزها مثلها يف ذلك مثل السلع و بذلك فإن إدخال الناتج االمجايل يف الطلب على النقود‬

‫يرجــع اىل أن النــاتج االمجايل يف الطلب على النقــود يرجــع اىل أن النــاتج االمجايل ميثــل قيــدا لإلنفــاق ( أي حــد أعلى لإلنفــاق)‬

‫فهــو مبنزلــة مقيــاس للحجم (‪ )Scale Variable‬يقابــل الــدخل يف دالــة االســتهالك و يســتخدم أصــحاب هــذه املدرســة تعريفــا‬

‫عريضا للنقود ‪.‬‬

‫فبعــد تراجــع نظريــة كميــة النقــود الكالســيكية على مســرح الفكــر االقتصــادي ملدة عقــدين من الــزمن تقريبــا ‪ ،‬أعيــدت احليــاة اىل‬

‫هذه النظريـة و بالتحديــد سـنة ( ‪ )1956‬على يـد االقتصـادي املعــروف ملنت فريــدمان ‪ ،‬إذ انصــب اهتمامــه على دور النقـود و‬

‫السياســة النقديــة يف االقتصــاد و شــدد أمهيــة معادلــة التبــادل بوصــفها وســيلة حتليليــة ‪ ،‬و على أمهيــة النظريــة الكميــة للنقــود كــأداة‬

‫للسياس ــة االقتص ــادية بوص ــفها خــري تعب ــري عن دور كميــة النق ــود ‪ ،‬و يف ال ــوقت نفس ــه تع ــد مهزة وص ــل بني السياســة النقدي ــة و‬

‫مقدار االنفاق الكلي يف االقتصاد ‪.¹‬‬

‫و طبق ــا لفري ــدمان و ش ــوارتز ف ــإن زي ــادة ع ــرض النق ــود من خالل زي ــادة عملي ــات الس ــوق املفتوح ــة لألوراق املالي ــة احلكومي ــة‬

‫س ــيؤدي اىل ارتف ــاع أس ــعار األوراق املالي ــة و اخنف ــاض العائ ــد ‪ ،‬مما يغ ــري مع ــه ت ــرتيب حمفظ ــة األوراق املالي ــة ل ــدى االف ــراد محل ــة‬

‫األصـول فـاألفراد سـوف ميلكــون املزيـد من النقــود مقابــل ملكيـة قليلـة من األوراق املاليـة و مبا ان االفــراد ال يرغبــون باالحتفــاظ‬

‫باألرصدة النقدية فأهنم سيحاولون إعادة ترتيب حمافظة األوراق املالية من أجل ختفيض حيازهتم النقدية ‪،‬‬

‫ــــــ‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪. 38‬‬

‫‪22‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و هذا يدفعهم حنو شراء أوراق ماليـة مرحبة‪ ،‬و بالتـايل سـيقوم هـذا الشـراء اىل تزايـد أسـعار السـندات و اخنفـاض العائـد عليهـا ‪،‬‬

‫االم ــر ال ــذي ي ــزداد في ــه الطلب على األص ــول األخ ــرى مبا فيه ــا األس ــهم و االص ــول العين ــة العق ــارات االرض و م ــع زي ــادة ه ــذه‬

‫االصــول فــإن اســعارها ســوف تــزداد و هلذه الزيــادة تــأثريات إضــافية متمثلــة بارتفــاع االســعار و تنشــيط انتــاج هــذه االصــول و‬

‫الذي يزداد معه الطلب على املوارد املستخدمة يف إنتاجها ‪ ،‬و هذا يعين ان زيادة عرض النقود ستسبب زيادة يف االنفاق على‬

‫االص ــول العيني ــة ‪ ،‬و بالت ــايل على اخلدمات ‪ ،‬إذ تتض ــمن ه ــذه الزي ــادة يف النفق ــات زي ــادة االنف ــاق على ك ــل من االس ــتثمار و‬

‫االستهالك ‪.‬‬

‫فقــد اشــار فريــدمان اىل أن الزيــادة يف عــرض النقــود ســتؤدي اىل زيــادة مهمــة يف الطلب الكلي ‪ ،‬ففي االمــد القصــري ستســبب‬

‫زيادة املعروض النقدي زيادة يف الناتج و االسـعار معـا ‪ ،‬يف حني إن الزيـادة يف عـرض النقـد سـتؤدي و بشـكل رئيس اىل زيـادة‬

‫املسـتوى العـام لألســعار خالل االمــد الطويـل ‪ ،‬و هكـذا اعتـرب فريـدمان ان معــدل النمـو طويــل األجـل بالنسـبة اىل النـاتج يتحــدد‬

‫بعوام ــل حقيقي ــة مع ــدل االدخ ــار و هيك ــل الص ــناعة ‪ ،‬و من مث ف ــإن الزي ــادة الس ــريعة يف املع ــروض النق ــدي خالل املدة الطويل ــة‬

‫تسبب ارتفاعا يف معدل التضخم و ليس ارتفاع معدل النمو يف الناتج ‪ ،‬طاملا أهنم ينظـرون اىل التضـخم على أنـه ظـاهرة نقديـة‬

‫حبثة ‪ ،‬و بالتايل ‪ ،‬فإهنم يعطون مكافحته األمهية القصوى يف صالح النظام الرأمسايل ‪. ¹‬‬

‫ـــــــ‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪ 40‬و ‪. 41‬‬

‫‪23‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ السياسة النقدية في تحليل التوقعات العقالنية ‪:‬‬

‫ب ــىن فري ــدمان منوذج ــه على انتق ــاده للنم ــوذج الكن ــيزي فإن ــه تع ــرض ه ــو االخ ــر النتق ــادات عدي ــدة من ل ــدن أص ــحاب مدرس ــة‬

‫التوقعــات العقالنيــة الــيت ظهــرت خالل عقــد الســبعينات من القــرن املاضــي بقيــادة (روبــرت لــو كــاس ) من جامعــة شــيكاغو ‪،‬و‬

‫( روبــرت بــارو) من جامعــة هــار فــارد و غــريهم ‪ ،‬و ينبــع هــذا املنهج من روح املنهج الكالســيكي الــذي ســبق حبثــه من ناحيــة‬

‫التأكيد دور األسعار و االجور املرنـة يف حتقيـق التـوازن مـا بني العـرض و الطلب ‪ ،‬و لكنـه يضـيف مسة جديـدة هلذا التحليـل أال‬

‫و هي مسة التوقعات العقالنية للوحدات االقتصادية ( األفراد ـ املنشاة ) ‪.‬‬

‫و يف ظل فرضية التوقعات العقالنية ‪ ،‬يرى الكالسيك اجلدد حيادية النقود ‪ ،‬إذ يرون أن زيادة الكتلة النقدية مـع بقـاء االشـياء‬

‫األخرى على حاهلا دون تغيري سوف ترتجم اىل ارتفاع متكافئ يف املستوى العام لألسعار ‪ ،‬و إهنم بذلك يتفقــون مــع التحليــل‬

‫الفريدماين أيضا ‪ ،‬و هم بـذلك يرجحـون فكـرة اومتاتيكيـة التـأثري للتوقعـات العقالنيـة ‪ ،‬فالسياسـة النقديـة على وفـق نظـريتهم ال‬

‫تقوم بإحداث أي تأثري على مستوى االنتاج ما عدى التضخم املفاجئ أو غري املتوقع من لدن االفراد ملا يسمح باخنفاض وقيت‬

‫ملعدل البطالة حتت املستوى الطبيعي و هم بذلك يرفضون فكرة وجود عالقة ما بني التضخم و البطالة حتت املستوى الطبيعي‬

‫‪ ،‬وهم بــذلك يرفضــون فكــرة وجــود عالقــة مــا بني التضــخم و البطالــة خالل االمــد الطويــل ‪ ،‬و أيضــا عــدم وجــود هــذه العالقــة‬

‫حىت يف االمد القصري ‪ ،‬فمثال تطبيق سياسة نقدية جديدة يستدعي املزيد من الزيادات يف عرض النقود ‪ ،‬و ذلك عندما يتأكــد‬

‫األفراد أن هذه الزيادة يف عرض النقود تشري اىل معدل مرتفع للتضخم ‪ ،‬فــإن األجــور و األســعار ال بــد من أن تتعــدل يف احلال‬

‫بــافرتاض املرونــة يف إطــار التوقعــات العقالنيــة ‪ ،‬و بــافرتاض العمالــة الكاملــة فــإن األجــور و األســعار ســوف تــزداد نســبيا تاركــة‬

‫األجر احلقيقي دون تغيري ‪ ،‬و بالتايل معدل البطالة دون تغيري على الرغم من تزايد معـدل التضـخم ‪ ،‬لـذلك فـإن منحـىن فيليبس‬

‫يأخذ عندهم اخلط املستقيم العمودي على احملور األفقي ‪ ،‬كما هو موضح يف الشكل التايل ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫منحنى فيلبس الكالسيكي الجديد‬ ‫الشكل رقم (‪)02‬‬

‫معدل الزيادة يف االجور‬

‫منحىن فيلبس قصري املدى ظاهري‬ ‫‪B‬‬ ‫‪D‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪A‬‬ ‫منحنى فيلبس‬

‫‪C‬‬

‫معدل البطالة‬

‫املصدر ‪ :‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪. 44‬‬

‫وفقــا التبــاع املدرســة الكالســيكية اجلديــدة ( التوقعــات العقالنيــة ) فــإن منحــىن فيليبس احلقيقي يكــون عموديــا ‪ ،‬أي مــوازي‬

‫للمحــور العمــودي و لكننــا ميكن مالحظــة منحــىن فيلبس ظــاهري قصــري املدى مير عــرب النقــاط (‪ ، )A,b,c‬فالنقطــة (‪ )b‬تنشــأ‬

‫عن ــد توق ــع ص ــدمة تض ــخمية االج ــور النقدي ــة ف ــوق مس ــتوياهتا املتوقع ــة ‪ ،‬فيتش ــوش العم ــال و يعتق ــدون أن األج ــور احلقيقي ــة ق ــد‬

‫ارتفعت فيق ــرروا العم ــل أكــثر و تنخفض البطالــة و بــذلك ينتق ــل االقتص ــاد من النقطــة ( ‪ A‬اىل ‪ )b‬و ميكن تتبــع كي ــف يــرتك‬

‫العمال وظائفهم و يولدوا النقطة ( ‪. )c‬‬

‫و على الــرغم من قبــول فكــرة التوقعــات العقالنيــة من الناحيــة النظريــة ‪ ،‬إال أهنا من الناحيـة الواقعيـة مل تلـق تــأثريا كبــريا من لــدن‬

‫املفكرين االقتصاديني أو صانعي القـرار السياسـي ‪ ،‬إذ وجهت هلا انتقـادات أساسـية جعلت صـالحيتها أداة حتليـل نظـري لرسـم‬

‫السياسات االقتصادية يف موضع شك و تساؤل ‪ ،‬و اهم هذه االنتقادات ‪:‬‬

‫ـ أكثر الدالئل االحصائية تشري اىل عدم تغري االسعار مبرونة كبرية و ان تغريها إذا حصل يف مـدة معينـة فأنـه بطيء ‪ ،‬و كـذلك‬

‫األجور يف البلدان املتقدمة ‪ ،‬إذ تتنفذ يف أسواق العمل نقابـات العمـل القوميـة تتحـدد األجـور العماليـة بعقـود ال تقـل مـدهتا عن‬

‫سنة كاملة ‪.‬‬


‫‪25‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ عجز النظرية عن اإلجابة عن كيفية تفسري ارتفاع معدالت البطالة اىل ‪ % 15‬ـ ـ ‪ % 20‬و للفرتات طويلة يف بعض األحيان‬

‫‪ ،‬طاملا أهنا كانت تفرتض إن سوق العمل يتجه دائما حنو التوازن ‪ ،‬و بشكل تلقائي بفضل مرونة األجور ‪.‬‬

‫ـ حتمــل هــذه املدرســة قصــورا واضــحة يف فرضــياهتا ‪ ،‬و يكــون هــذا القصــور أكــثر وضــوحا يف اقتصــاديات البلــدان الناميــة و الــيت‬

‫تتصــف بنقص يف البيانــات و كــذلك عــدم وجــود اتفــاق و تناســق يف املعطيــات ‪ ،‬باإلضــافة اىل التضــارب الــرقمي و عــدم تــوافر‬

‫مناذج تصف االقتصاد بالشكل املطلوب فمـا أسـهل صـياغة الفـروض لبنـاء النمـاذج و لكن مـا أصـعب بنـاء فرضـيات من الواقـع‬

‫ملعاجلة الواقع ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪2‬ـ مميزات السياسة النقدية عن السياسة المالية‬

‫طاملا أن السياســة النقديــة مــا هي إال مظهــر من مظــاهر السياســة االقتصــادية فإهنا تســعى يف الواقــع اىل إدراك نفس أهــدافها ‪ ،‬و‬

‫رغم ذلك تبقى للسياسة النقدية أهدافها اخلاصة اليت متيزها عن غريها من السياسات األخرى ‪:‬‬

‫أ ـ األهــداف النهائيــة للسياســة النقديــة ‪ :‬من اجلدير بالــذكر ان هــذه األهــداف ليســت حمل االتفــاق من حيث عــددها ‪ ،‬ذلــك أن‬

‫تش ــريعات النقدي ــة تتب ــاين من حيث التوس ــع و التص ــنيف يف ه ــذه األه ــداف ‪ ،‬فمثال ينص الق ــانون ‪ 90/10‬املتعل ــق بالنق ــد و‬

‫القرض يف اجلزائر على ‪:¹‬‬

‫ــــــ‬

‫‪26‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ املرجع السابق ـ ص‪. 54‬‬

‫تتمثــل مهمــة البنــك املركــزي يف جمال النقــد و القــرض و الصــرف على توفــري افضــل الشــروط لنمــو منتظم لالقتصــاد الوطــين و‬
‫احلفاظ عليها بإمناء مجيع الطاقات االنتاجية الوطنية مع السهر على االستقرار الداخلي و اخلارجي للنقد‪.‬‬

‫و هلذا الغرض يكلف بتنظيم احلركة النقدية و يوجه و يراقب جبميع الوسائل املالئمة توزيع القـرض و يسـهر على حسـن إدارة‬

‫التعهدات املالية جتاه اخلارج و استقرار سوق الصرف ‪.‬‬

‫و عموما جند األهداف يف البالد العربية نتيجة استقراء التشريعات تدور حول العناصر التالية ‪:‬‬

‫ـ حتقيق االستقرار النقدي ‪.‬‬

‫ـ ضمان قابلية صرف العملة و احلفاظ على قيمتها اخلارجية ‪.‬‬

‫ـ تشجيع النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ املسامهة يف إنشاء أسواق مالية و نقدية متطورة ‪.‬‬

‫ـ حتقيق التوازن الداخلي و اخلارجي ‪.‬‬

‫و يف الدول الصناعية هناك اجتاه متزايـد حنو عـدم التوسـع يف االهـداف ‪ ،‬و االقتصـار على هـدف واحـد للسياسـة النقديـة يتمثـل‬

‫يف استقرار األسعار ‪ ،‬أي استهداف التضخم بوضـع معـدالت يسـتخدم البنــك املركـزي األدوات املمكنـة من الوصـول اىل هــذه‬

‫املعدالت ‪.‬‬

‫و ميكن للبنوك املركزية بناء املصداقية إذ حققت سجال جيدا بإجناز أهداف التضخم املعلنـة ‪ ،‬و عـادة مـا تقـوم البنـوك املركزيـة‬

‫بإصدار تقارير دورية عن السياسـة النقديـة تعــرف بتقــارير التضـخم ‪ ،‬توضـح نوايـا البنـوك املركزيـة حــول املسـار املقبــل للسياسـة‬

‫النقدية ‪ ،‬و تفسر الفوارق بني معدالت التضخم الفعلية و املستهدفة ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ب ـ ـ األهــداف الوســيطة للسياســة النقدية ‪ :‬حتاول الســلطات النقديــة حتقيــق األهــداف النهائيــة من خالل التــأثري على متغــريات‬

‫وس ــيطة ‪ ،‬لعـ ــدم قـ ــدرة هـ ــذه السـ ــلطات التـ ــأثري مباشـ ــرة ‪ ،‬مثال على النـ ــاتج احمللي اخلام و مكوناتـ ــه ‪ ،‬و هلذا حتاول الت ــأثري على‬

‫متغريات تؤثر على الناتج احمللي اخلام ‪¹.‬‬

‫و تعترب األهــداف الوسـيطة عن تلـك املتغـريات النقديـة الـيت ميكن عن طريــق مراقبتهـا و إدارهتا الوصــول اىل حتقيــق بعض أو كــل‬

‫األهــداف النهائيــة ‪ ،‬و يشــرتط األهــداف الوسـيطة أن تســتجيب ملا يلي ـ وجــود عالقــة مسـتقرة بينهــا و بني اهلدف أو األهــداف‬

‫النهائية ‪.‬ـ إمكانية مراقبتها مبا للسلطات النقدية من أدوات ‪.‬‬

‫تتمثل هذه األهداف في ‪:‬‬

‫ـ المجمعات النقدية ‪ :‬هي عبارة عن مؤشرات إحصـائية لكميـة النقــود املتداولـة و تعكس قـدرة األعـوان املاليني املقيمني على‬

‫اإلنفــاق ‪ ،‬مبعــىن أهنا تضــم وســائل الــدفع لــدى هــؤالء األعــوان ‪ ،‬و من بني وســائل التوظيــف تلــك الــيت ميكن حتويلهــا بيســر و‬

‫ســرعة و دون خماطر خســارة يف رأس املال اىل وســائل الــدفع ‪ ،‬و يرتبــط عــدد هــذه اجملمعــات بطبيعــة االقتصــاد و درجــة تطــور‬

‫الصناعة املصرفية و املنتجات املالية ‪ ،‬و تعطى هـذه اجملمعـات معلومـات للسـلطات النقديـة عن وتـرية منو خمتلـف السـيوالت ‪ ،‬و‬

‫قبل الوصول اىل حتديد هذه اجملمعات و مستوياهتا البد من احلديث عن طلب و عرض النقود ‪ ،‬فـالطلب على النقــود من أجــل‬

‫مستوى مالئم للكتلة النقدية ‪ ،‬البد من حتديد املستوى املرغوب من املقبوضات لالحتفاظ به بداللة أهــداف التضــخم و النمــو‬

‫‪ ،‬ينتج الطلب على النق ـ ــود من احلاج ـ ــة اىل احلص ـ ــول على مقبوض ـ ــات نقدي ـ ــة ‪ ،‬س ـ ــواء للقي ـ ــام باملش ـ ــرتيات العاديـ ــة أو لتكـ ــوين‬

‫االحتياطات ‪.‬‬

‫ــــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪. 64‬‬

‫‪28‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫مييز كينز بني ثالثة دوافع للطلب على النقد ‪:‬‬

‫‪ ‬دافع املعامالت ‪ :‬حيث يرغب األعوان االقتصـاديون يف االحتفـاظ مبقـدار من النقـود يف شـكل سـائل ملواجهـة نفقـاهتم العاديـة ‪،‬‬

‫و الطلب على النقود بدافع املعامالت هو دالة يف الدخل ذات ميل موجب ‪.‬‬

‫‪ ‬دافـع االحتيـاط ‪ :‬و هـذا يعـين أن النقـود تطلب بغـرض مواجهـة الطـوارئ ‪ ،‬كـاملرض و البطالـة بالنسـبة لألفـراد ‪ ،‬و الطلب على‬

‫النقود بغرض االحتياط هو دالة كذلك يف الدخل ذات ميل موجب ‪.‬‬

‫‪ ‬دافــع املضــاربة ‪ :‬و ينطلــق ذلــك من كــون النقــود خمزنــا للقيمــة ‪ ،‬و حيتفــظ االفــراد بنقــود ســائلة ملواجهــة احتمــاالت املســتقبل‬

‫النامجة عن ارتف ــاع و اخنف ــاض مع ــدالت الفائ ــدة ‪ ،‬حبيث إذا توق ــع املض ــارب ارتفاع ــا يف س ــعر الفائ ــدة ‪ ،‬فإن ــه يؤج ــل ش ــراءه‬

‫لألوراق املالية حمتفظا بالنقود السائلة اىل غاية اخنفاض أسعارها ‪ ،‬و عندما يتوقع ارتفاع قيمة األوراق املالية يقوم ببيعهــا ‪ ،‬و‬

‫الطلب على النقود ألغراض املضاربة هو دالة يف أسعار الفائدة ذات ميل سالب ‪.‬‬

‫أمــا عــرض النقــود فهــو ملعرفــة الوســائل املمكن اســتخدامها للتــأثري على اجملمعــات النقديــة ‪ ،‬البــد من فهم و حتليــل عمليــة تكــوين‬

‫الكتلة النقدية ‪ ،‬و هذا ما يتطلب حتليل ثالثة أنواع من احلسابات‪:‬‬

‫ـ ـ املس ــح أو الوض ــع النق ــدي ‪ :‬ه ــو وس ــيلة متكن من القي ــام بتحلي ــل اجملمع ــات النقدي ــة ال ــيت تت ــأثر بق ــدر كب ــري بس ــلوك الس ــلطات‬

‫النقديــة ‪ ،‬و الــيت هلا دور فعــال يف التــأثري على اجملمعــات االقتصــادية االخــرى ‪ ،‬و لتحقيــق هــذا اهلدف يتم دمج بيانــات امليزانيــة‬

‫العموميــة جلميــع املصــارف التجاريــة مــع امليزانيــة العموميــة للســلطات النقديــة و توحيــدها يف أصــناف قليلــة ‪ ،‬ذات أمهيــة كبــرية‬

‫بالنسبة لالقتصاديني وواضعي السياسة ‪ ،‬و يتكون املسح النقدي من صايف األصول األجنبية و االئتمان احمللي ‪.‬‬

‫ـ حساب البنك املركزي ( السلطة النقدية) ‪ :‬يسعى هـذا احلسـاب اىل إظهـار أنشـطة البنـك املركـزي حيث يتضـمن يف اخلصـوم‬

‫العملــة املتداولــة خــارج اجلهــاز املصــريف ‪ ،‬االحتياطــات البنكيــة ‪ ،‬االلتزامــات اخلارجيــة ‪ ،‬ودائــع احلكومــة ‪ ،‬أمــا يف جهــة األصــول‬

‫فيتضمن احلساب املتحصالت اخلارجية ‪ ،‬احلقوق على احلكومة احلقوق على البنوك التجارية ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ب ـ ـ معــدالتـ الفائــدة ‪ :‬تس ــعى الس ــلطة النقدي ــة أحيان ــا اىل اختاذ الوص ــول اىل مع ــدل الفائ ــدة احلقيقي ه ــدفا وس ــيطا للسياس ــة‬

‫النقدية ‪ ،‬إال أن هذا اهلدف يطرح مشاكل عديدة من بينها طبيعة العالقة بني معدالت الفائدة طويلة أو قصرية املدى و النقود‬

‫‪ ،‬فلقد تبني يف الواليات املتحدة األمريكية أن متغـريا للـدخل مقرتنـا بسـعر فائـدة على املدى القصـري يعطي دالـة بالغـة االسـتقرار‬

‫للطلب على النقــود ‪ ،‬يف الــوقت الــذي ظهــر فيــه أن مزجيا من متغــري الــدخل و أخــر لســعر الفائــدة على املدى الطويــل يــؤدي اىل‬

‫حتقيق أفضل مستويات الكتلة النقدية مبعناها الواسع يف بريطانيا ‪.‬‬

‫و املشكل يف اعتماد سعر الفائدة كهدف وسـيط للسياسـة النقديـة ‪ ،‬هـو أن أسـعار الفائـدة تتضـمن عنصـر التوقعـات التضـخمية‬

‫و هــو مــا يعقــد داللــة أســعار الفائــدة احلقيقيــة ‪ ،‬مما يفقــدها أمهيتهــا كمؤشــر ‪ ،‬كمــا أن التغــريات يف ســعر الفائــدة ال تعكس يف‬

‫الواقــع نتــائج جهــود السياســة النقديــة وحــدها ‪ ،‬و إمنا أيضــا عوامــل الســوق ‪ ،‬ذلــك أن معــدالت الفائــدة تتجــه حنو االرتفــاع أو‬

‫االخنفاض تبعا للوضعية اليت مير هبا االقتصاد ( الدورة االقتصادية ) ‪.‬‬

‫ج ـ ـ ســعر الصــرف ‪ :‬يســتخدم ســعر الصــرف كهــدف للســلطة النقديــة ذلــك أن اخنفــاض أســعار الصــرف يعمــل على حتســني‬

‫وضعية ميزان املدفوعات ‪ ،‬كما أن استقرار هذا املعدل ( سعر الصرف ) يشكل ضمانا الســتقرار وضــعية البالد جتاه اخلارج ‪،‬‬

‫و هلذا تعمل بعض الدول على ربط عمالهتا بعمالت قوية قابلة للتحويل ‪ ،‬و احلرص على استقرار صـرف عملتهـا مقابـل تلـك‬

‫العمالت ‪ .‬إال أن التقلبــات الــيت حتدث يف ســوق الصــرف تكــون نتيجــة املضــاربة الشــديدة على العمالت ‪ ،‬مما يــؤدي اىل عــدم‬

‫القدرة على السيطرة و التحكم يف هذا اهلدف ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ قنوات إبالغ السياسة النقدية ‪:‬‬

‫تعــرب قنــوات " اإلبالغ " عن الطريــق الــذي من خاللــه يبلــغ أثــر أدوات السياســة النقديــة اىل اهلدف النهــائي تبعــا الختيــار اهلدف‬

‫الوسيط ‪ ،‬و تنحصر هذه القنوات يف أربعة ‪:‬‬

‫‪ ‬قناة سعر الفائدة ‪ :‬و هي قناة تقليدية النتقال أثر السياسة النقدية اىل هــدف النمــو ‪ ،‬ذلــك أن السياسـة النقديـة التقييديــة تعمــل‬

‫على ارتفــاع أســعار الفائــدة االمسية مما يعمــل على ارتفــاع ســعرها احلقيقي و منــه ارتفــاع تكلفــة رأس املال ‪ ،‬و هــذا مــا يــؤدي‬

‫اىل تقليص الطلب على االستثمار ‪ ،‬كما قد يضعف طلب العائالت على السلع املعمرة ‪ ،‬و التحــول اىل االســتثمار يف العقــار‬

‫مما يؤدي اىل النهاية اىل اخنفاض الطلب الكلي و منه النمو ‪.‬‬

‫‪ ‬قناة سعر الصرف ‪ :‬تســتخدم هــذه القنــاة للتــأثري على الصــادرات من جهــة ‪ ،‬و من جهــة أخــرى تســتعمل اىل جــانب معــدالت‬

‫الفائــدة يف اســتقطاب االســتثمار األجنــيب ‪ ،‬و تعــود أمهيــة ســعر الصــرف اىل أن تــأثري تغــريه يصــل اىل االقتصــاد احمللي من خالل‬

‫تأثريه على حجم التجارة اخلارجية ‪ ،‬و على حجم تدفقات االستثمار االجنيب ‪.‬‬

‫‪ ‬قناة أسعار السندات المالية ‪ :‬و هــذه القنــاة هي تعبــري عن وجهــات أنصــار املدرســة النقدويــة يف حتليلهم ألثــر السياســة النقديــة‬

‫على االقتصاد ‪ ،‬حيث يعتربون أن تأثري السياسة النقدية على االقتصاد ينتقل على قناتني ‪ :‬قناة توبني لالستثمار و اليت تعتمد‬

‫على مــا يعــرف مبؤثر تــوبني لالســتثمار أي عالقــة بني القيمــة البورصــية للمؤسســات و خمزون رأس املال الصــايف ‪ ،‬و قنــاة أثــر‬

‫الثروة على االستهالك ‪.‬‬

‫‪ ‬قناة اإلئتمان ‪ :‬و تنقسم هذه القناة بدورها اىل قناتني ‪:‬‬

‫ـ قناة االقراض املصريف حيث يؤدي اخنفاض العرض النقدي اىل اخنفاض حجم الودائـع لـدى املصـارف ‪ ،‬و منـه ينخفض حجم‬

‫االئتمان املصريف املمكن تقدميه مما يقلل من االستثمار و بالتايل احلد من النمو ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ ـ قن ــاة ميزانيـ ــة املؤسسـ ــات يـ ــؤدي اخنفـ ــاض عـ ــرض النقـ ــود اىل االخنفـ ــاض يف صـ ــايف قيم ــة املؤسسـ ــات و الض ــمانات ال ــيت ميكن‬

‫للمقرتضــني تقــدميها عنــد االقــرتاض ‪ ،‬و يــؤدي ارتفــاع ســعر الفائــدة اىل ختفيض التــدفقات النقديــة حنو املؤسســات الصــغرية ‪ ،‬مما‬

‫يزيد من خماطر إقراضها ‪ ،‬و هو ما يؤثر على استثمار القطاع اخلاص و بالتايل منو الناتج احمللي اخلام‬

‫‪3‬ـ أدوات السياسة النقدية و عالقتها بالسياسة المالية‪:‬‬

‫تعــرب أدوات السياســة النقديــة عن املعــدالت و الكميــات الــيت تقــع حتت التحكم املباشــر للســلطة النقديــة ‪ ،‬مبا ميكنهــا من تعــديل‬

‫مستوياهتا للوصول اىل حتقيق األهداف النهائية ‪:‬‬

‫تتمثـ ــل أدوات السياسـ ــة النقديـ ــة نـ ــوعني من الوسـ ــائل ‪ ،‬مباشـ ــرة أو إنتقائيـ ــة و تسـ ــتهدف أنواعـ ــا حمددة من االئتمـ ــان موجهـ ــة‬

‫لقطاعــات معينــة أو ألغــراض حمددة من االنفــاق ‪ ،‬و غــري مباشــرة و تســتهدف احلجم الكلي لالئتمــان املتــاح دون حماولــة التــأثري‬

‫على ختصيصه بني خمتلف االستعماالت ‪.‬‬

‫ـ األدوات المباشرة للسياسة النقدية ‪:‬‬

‫تستخدم هذه األدوات قصـد التـأثري على حجم االئتمـان املوجـه لقطـاع أو لقطاعـات مـا ‪ ،‬و تعمـل على احلد من حريـة ممارسـة‬

‫املؤسسات املالية لبعض األنشطة كما و نوعا ‪ ،‬و من أمهها ‪:¹‬‬

‫أ ـ تــأطري االئتمــان ‪ :‬و هــو إجــراء تنظيمي تقــوم مبوجبــه الســلطات النقديــة بتحديــد ســقوف لتطــور القــروض املمنوحــة من قبــل‬

‫البنــوك التجاريــة بكيفيــة إداريــة مباشــرة وفــق نســب حمددة خالل العــام ‪ ،‬كــاال يتجــاوز ارتفــاع جممــوع القــروض املوزعــة نســبة‬

‫معينة ‪ ،‬و يف حالة االخالل هبذه االجراءات تتعرض البنوك اىل عقوبات ‪ ،‬تتباين من دولة ألخرى ‪،‬‬

‫ـــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ املرجع السابقـ ص ‪. 80‬‬

‫‪32‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و اعتماد هذا األسلوب ينبع من سعي السلطات النقدية اىل التأثري على توزيع القروض يف اجتاه القطاعات املعتربة أكــثر حيويــة‬

‫بالنسبة للتنمية ‪ ،‬أو اليت تتطلب موارد مالية كبرية ‪.‬‬

‫ب ـ النسبة الدنيا للسيولة ‪ :‬و يقتضي هذا األسلوب أن يقوم البنك املركزي بإجبار البنوك التجارية على االحتفاظ بنسبة دنيــا‬

‫يتم حتديدها عن طريق بعض األصول منسوبة اىل بعض مكونات اخلصوم ‪ ،‬و هذا خلوف السلطات النقديـة من خطــر االفــراط‬

‫يف االقراض من قبل البنوك التجارية بسبب ما لديها من أصول مرتفعة السيولة ‪ ،‬و هذا بتجميد بعض هذه األصــول يف حمافــظ‬

‫البنوك التجارية ‪ ،‬و بذلك ميكن احلد من القدرة على إقراض القطاع االقتصادي ‪.‬‬

‫ج ـ ـ الودائــع املشــروطة من أجــل االســترياد ‪ :‬و يســتخدم هــذا األســلوب لــدفع املســتوردين اىل إيــداع املبلــغ الالزم لتســديد مثن‬

‫الــواردات يف صــورة ودائــع لــدى البنــك املركــزي ملدة حمددة ‪ ،‬و مبا أن املســتوردين يف الغــالب يكونــون غــري قــادرين على جتميــد‬

‫أم ــواهلم اخلاص ــة ‪ ،‬فيــدفعهم ذلــك اىل االق ــرتاض املص ــريف لض ــمان االم ــوال الالزمــة لإلي ــداع و هــذا من شــأنه التقلي ــل من حجم‬

‫القروض املمكن توجيهها لباقي االقتصاد ‪ ،‬و يؤدي بدوره اىل رفع تكلفة الواردات ‪.‬‬

‫د ـ قيام البنك املركزي ببعض العمليات املصرفية ‪ :‬و تستعمل البنوك املركزية هذا االسلوب يف البلدان اليت تكون فيهــا أدوات‬

‫السياســة النقديــة حمدودة األثــر ‪ ،‬حيث تقــوم البنــوك املركزيــة مبنافســة البنــوك التجاريــة بأدائهــا لبعض االعمــال املصــرفية بصــورة‬

‫دائمة أو استثنائية ‪ ،‬كتقدميها القروض لبعض القطاعات األساسية يف االقتصاد ملا متتنع أو تعجز البنوك التجارية عن ذلك ‪.‬‬

‫ه ـ ـ التــأثري و االقنــاع األديب ‪ :‬و هي وســيلة تســتخدمها البنــوك املركزيــة بطلبهــا بطــرق وديــة و غــري رمسية من البنــوك التجاريــة‬

‫تنفيــذ سياســة معينــة يف جمال منح االئتمــان ‪ ،‬و يعتمــد جناح هــذا االســلوب على طبيعــة العالقــة القائمــة بني البنــوك التجاريــة و‬

‫البنك املركزي ‪ ،‬و هذا ما يفسر جناحا يف كندا ‪ ،‬اسرتاليا ‪ ،‬نيوزيلندا و إخفاقه يف الواليات املتحدة األمريكية ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫إن اعتماد األسلوب املباشر إلدارة السياسة النقدية و الرقابة على اإلئتمان ما فتئ التخلي عنه يتزايد من سنة اىل أخرى خاصة‬

‫يف العشريتني األخريتني من القرن العشرين لصاحل األساليب غري املباشرة سواء يف الدول املتقدمة أو الدول النامية ‪.‬‬

‫ـ األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية ‪:‬‬

‫تعتمــد األدوات غــري املباشــرة على اســتخدام الســوق للتعــديل النقــدي هبدف التــأثري على عــرض و طلب النقــود بطريقــة تســمح‬

‫بإدراك األهداف الوسيطة املتعلقة أساسا باجلمعات النقدية ‪.‬‬

‫يسمح اللجوء اىل هذه األساليب لقوى السوق أن تعمل على ختصيص القروض ‪ ،‬و من أهم االدوات غري املباشرة نذكر ‪:¹‬‬

‫أ ـ معــدل االحتيــاطي القــانوين ‪ :‬يقضــي االحتيــاط القـانوين بــإلزام البنــوك التجاريــة باالحتفــاظ بنســبة معينـة من ودائعهــا يف شـكل‬

‫سائل لدى البنك املركزي ‪ ،‬و يستخدم تغيري معدل االحتياطي القانوين للتأثري يف حجم االئتمان الــذي تقدمــه البنــوك التجاريـة‬

‫‪.‬‬

‫ـــــ‬

‫‪34‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪¹‬فؤاد هاشم عوض ( ‪ ) 1984‬اقتصاديات النقود و التوازن النقدي ـ دار النهضة العربية ـ القاهرة ـ مصر ـ ص ‪. 83‬‬

‫و تعتــرب الواليــات املتحــدة أول دولــة يف العــامل تطبــق أداة االحتيــاطي اإلجبــاري منــذ ‪ ، 1933‬لينتشــر بعــد ذلــك اســتخدامها يف‬

‫بـاقي دول العـامل ‪ ،‬ففي فرنســا مل تعتمـد هـذه األداة إال سـنة ‪ ، 1967‬و يف اجلزائـر مل يكن ذلــك ممكنـا إال بعـد ظهــور القـانون‬

‫‪ 90/10‬املتعلــق بالنقــد و القــرض الصــادر يف ‪ 14‬أفريــل ‪ 1990‬الــذي نص يف مادتــه على مــا يلي " حيق للبنــك املركــزي أن‬

‫يفــرض على البنــوك أن تــودع لديــه يف حســاب جممــد ينتج فوائــد أو ال ينتجهــا احتياطيــا حيســب على جممــوع ودائعهــا أو على‬

‫بعض أنواع الودائع أو على جمموع توظيفاهتا أو على بعض هذه التوظيفات ‪ ،‬و ذلك بالعملة الوطنية أو بالعمالت األجنبية ‪.‬‬

‫يدعى هذا االحتياط باالحتياطي االلزامي‪.‬‬

‫ال ميكن ان يتعــدى االحتيــاطي االلــزامي ‪ %28‬من املبــالغ املعتمــدة كأســاس الحتســابه ‪ ،‬إال أنــه جيوز للبنــك املركــزي أن حيدد‬

‫نسبة أعلى يف حالة الضرورة ‪.‬‬

‫و االحتياطات القانونية اإلجباريـة ذات هـدف مـزدوج فهي من جهـة أداة حلمايـة املودعني و متكينهم من ضـمان السـحب عنـد‬

‫احلاجــة لــودائعهم ‪ ،‬و من جهــة ثانيــة أداة للتــأثري على قــدرة البنــوك التجاريــة يف منح االئتمــان ‪ ،‬ففي أوقــات الكســاد و يف حالــة‬

‫رغبة البنــك املركـزي توفـري حجم أكــرب من االئتمـان لتشـجيع االسـتثمار ‪ ،‬يقــوم بتخفيض معـدل االحتيـاطي القـانوين ‪ ،‬مما يزيـد‬

‫من قدرة البنوك التجارية على االقراض ‪ ،‬و يف حالة وجود تضخم يقوم البنك املركــزي بزيــادة معــدل االحتيــاطي القــانوين ‪ ،‬و‬

‫هــذا من شــأنه تقليص قــدرة البنــوك املركزيــة على منح االئتمــان ‪ ،‬مما يــؤدي اىل اخنفــاض االســتثمار و معــدالت التوظيــف و منــه‬

‫اخنفاض الطلب ‪ ،‬و بالتايل اخنفاض األسعار ‪.‬‬

‫ب ـ معدل إعادة اخلصم ‪ :‬و هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنـك املركـزي مقابـل إعـادة خصـمه األوراق التجاريـة‬

‫اليت تقدمها البنوك التجارية خلصمها ‪ ،‬و االقرتاض منه باعتباره املالذ االخري لإلقراض ‪ ،‬و يسمى أيضا سعر البنك ‪.‬‬

‫و تعترب عملية إعادة اخلصم شكال من أشكال إعادة التمويل اليت يقوم هبا البنك املركزي لتزويد البنوك التجارية بالسيولة ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و هنــاك عالقــة بني معــدل إعــادة اخلصــم و أســعار الفائــدة ذات الطــابع إجيايب يف اجتاه واحــد ‪ ،‬و تــؤدي زيــادة معــدالت إعــادة‬

‫اخلصم اىل خفض حجم النقود يف اجملتمــع ‪ ،‬و هلذا تلجـأ البنـوك املركزيـة عنـد إرادهتا التـأثري على تقليص عـرض النقـود اىل رفــع‬

‫معدل إعادة اخلصم مما يؤدي اىل ارتفاع معدالت الفائدة يف األواق املالية ‪ ،‬و منه عدم تشجيع االقرتاض يف البنوك التجارية ‪،‬‬

‫و بالتايل اخنفاض االئتمان ‪ ،‬و يتم خفض هذا املعدل عند الرغبة يف زيادة حجم االئتمان ‪ ،‬يؤدي تغيري معدالت إعادة اخلصم‬

‫اىل تغيري معدالت الفائدة ‪ ،‬األمر الذي يؤثر على حجم االستثمار نتيجة العالقة العكسية بني االستثمار و معدالت الفائدة ‪.‬‬

‫يعتمد معدل إعادة اخلصم يف حتقيــق أهدافـه على مــدى تـأثريه على أسـعار الفائـدة يف الســوق ‪ ،‬باعتبـار أن معــدالت الفائـدة هي‬

‫العامل املؤثر املباشر يف حجم االئتمان ‪ ،‬و من هنا فإن جناح معـدل إعـادة اخلصـم يتوقـف على مـدى تـأثريه على أسـعار الفائـدة‬

‫يف الســوق ‪ ،‬و هــذا يتوقــف بــدوره على درجــة تنظيم و كفــاءة اجلهــاز املصــريف بشــكل يــؤدي اىل أن أي تغيــري يف ســعر اخلصــم‬

‫يــؤدي اىل تغيــري يف اســعار الفائــدة ‪ ،‬و هــذه الوضــعية ال تنســجم على األقــل مــع أوضــاع اجلهــاز املصــريف يف الكثــري من الــدول‬

‫النامية ‪ .‬و تؤثر الظروف االقتصادية السائدة يف فعالية هذه االداء ‪ ،‬ففي فرتات الكساد تلجأ البنوك املركزية اىل خفض معدل‬

‫إعادة اخلصـم ليـؤدي اىل اخنفـاض معـدالت الفائـدة يف االسـواق املاليـة ‪ ،‬فليس هنـاك ضـمان لزيـادة حجم االئتمـان ‪ ،‬الن حجم‬

‫االس ــتثمار يتوق ــف على عوام ــل عدي ــدة ( مس ــتوى ال ــدخل ‪ ،‬العائ ــد املتوق ــع ‪ ،‬أس ــعار الفائ ــدة ‪ ،‬االس ــتقرار السياس ــي ‪ ،‬مس ــتوى‬

‫اجلباية ‪...‬اخل )‪.‬‬

‫ـــــــ‬

‫‪¹‬فؤاد هاشم عوض ( ‪ ) 1984‬املرجع السابق ـ ص ‪.120‬‬

‫‪36‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ج ـ عمليــة الســوق املفتوحــة ‪ :‬تعــين عمليــة الســوق املفتوحــة إمكانيــة جلوء البنــك املركــزي اىل الســوق املاليــة أو النقديــة بائعــا أو‬

‫مشرتيا األوراق املالية و الذهب و العمالت األجنبية و كذا السندات العمومية و أذونات اخلزينة رغبة منه يف ضــخ الســيولة أو‬

‫امتصاصها ‪ ،‬و هذا ما يعمل يف ذات الوقت على اخنفاض معدالت الفائدة أو ارتفاعها ‪.‬‬

‫و تسمح هذه العملية للسلطات النقدية بتوجيه تطور أسعار الفائدة يف اجتاه الذي يبدو هلم أكثر مالئمة ‪.‬‬

‫و قــد ظهــرت امهيــة هــذه األداء بعــد ‪ 1930‬بعــد اكتشــاف حمدوديــة أداء معــدل إعــادة اخلصــم ‪ ،‬و يتم األن اســتخدامها على‬

‫نطاق واسع ‪.‬‬

‫ي ــؤدي اس ــتخدام ه ــذه األداة اىل تغي ــري حجم النق ــد املت ــداول و ي ــؤثر على ق ــدرة البن ــوك التجاري ــة على خل ــق االئتم ــان ‪ ،‬فش ــراء‬

‫الســندات العموميــة و أذونــات اخلزينــة و الــذهب و االوراق املاليــة يــؤدي اىل زيــادة النقــد املتــداول ‪ ،‬و منــه تــزداد قــدرة البنــوك‬

‫التجاريـ ــة على خلـ ــق االئتمـ ــان يف حالـ ــة الشـ ــراء ‪ ،‬و تنخفض يف حالـ ــة الـ ــبيع اعتبـ ــارا أن عمليـ ــات الشـ ــراء و الـ ــبيع تتم للبنـ ــوك‬

‫التجاري ــة ‪ ،‬أو للجمه ــور ‪ ،‬و بالت ــايل يق ــوم البن ــك املرك ــزي بإص ــدار ش ــيكات لص ــاحلهم بقيم ــة األوراق املالي ــة يتم وض ــعها يف‬

‫حساباهتم لدى البنوك التجارية ‪ ،‬يف حالة الشراء ‪ ،‬أما يف حالة البيع فيقوم اجلمهور بإصدار الشيكات مسحوبة من حساباهتم‬

‫يف البنوك التجارية لصاحل البنك املركزي ‪.‬‬

‫يؤدي قيام البنك املركزي ببيع األوراق املالية اىل زيادة املعروض منهـا مما يكـون لـه أثـر على أسـعارها ‪ ،‬و هـذا من شـأنه التـأثري‬

‫على املركــز املايل للبن ــك و من هن ــا على البنــك املرك ــزي العم ــل على اســتقرار أســعار ه ــذه األوراق حــىت يضــمن احملافظــة على‬

‫مركزه املايل ‪.‬‬

‫و نستنتج من مجيع ما ذكـر أن أدوات السياسـة النقديـة و عالقتهـا مـع السياسـة املاليـة ‪ ،‬مالمها تسـعيان لتحقيـق هـدف واحـد و‬

‫هو االستقرار و التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫البنك المــركـ ــزي كـسـلـط ــة ن ـق ــديـ ـ ــة ‪:‬‬

‫يع ــرف دلي ــل االحص ــاءات النقدي ــة و املص ــرفية لس ــنة ‪ 1984‬الس ــلطة النقدي ــة على أهنا تق ــوم مبه ــام عدي ــدة ‪ ،‬و بوص ــفها اجله ــة‬

‫املسؤولة عن إصدار العملة تقوم السلطات النقدية بتزويد االقتصاد بأوراق نقديــة و عمالت معدنيــة يتم تـداوهلا حبريـة كوســيلة‬

‫الدفع املعرتف هبا ‪ ،‬و يوصفها اجلهة احلائزة لالحتياطات الدولية باالقتصاد فان السلطات النقديـة مسـتعدة لقبــول او توفـري نقــد‬

‫أجنيب مقابل عمالهتا ألغراض ميزان املدفوعات ‪ ،‬و إن مت ذلك أحيانا يف ظل قيود ‪ ،‬أو إلجراء تعديالت بسعر صرف العملــة‬

‫الوطنيــة ‪ ،‬و يطلب االشــراف على النظــام املايل قيــام الســلطات النقديــة بتحديــد املســتويات املالئمــة للســيولة باالقتصــاد احمللي و‬

‫لــدى البنــوك أيضــا ‪ ،‬و بالتــأثري على تطــور أصــول و خصــوم املؤسســات املاليــة تبعــا لــذلك ‪ ،‬و يوصــفها الوكيــل املايل األصــلي‬

‫للحكومـ ــة املركزيـ ــة ‪ ،‬ختتص السـ ــلطات النقديـ ــة بـ ــدعم معـ ــامالت احلكومـ ــة بتوفـ ــري االئتمـ ــان ‪ ،‬مبا يتفـ ــق و القيـ ــود القانونيـ ــة و‬

‫بامتصاص فائض أموال احلكومة ‪.‬‬

‫و ميكن تعريــف البنــك املركــزي على أنــه " املؤسســة املاليــة الوحيــدة الــيت تشــبه بقــدر كبــري الســلطة النقديــة املعرفــة وظيفتهــا ‪ ،‬و‬

‫ب ــالرغم من االختالف ــات بني البل ــدان يف التس ــميات و الش ــكل الق ــانوين ‪ ،‬ن ــادرا م ــا توج ــد أي ش ــكوك بش ــأن املؤسس ــة املالي ــة‬

‫املتـوجب اعتبارهـا البنـك املركـزي " ‪ ،‬و يشـري هـذا التعريـف اىل إمكانيـة ممارسـة السـلطة النقديـة من قبـل هيئـات من غـري البنـك‬

‫املركزي ‪ ،‬كما كان سائدا يف بريطانيا ‪.¹ 1997‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪38‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪. 92‬‬

‫ـ إدارة السياسة النقدية ‪:‬متارس البنوك املركزية مهامها كسلطة نقدية على مستوى ‪:‬‬

‫أ ـ حتديد توجهات السياسة النقدية ‪ :‬ذلك ان تدخل البنــوك املركزيـة خيتلــف حبسـب درجـة اسـتقالليتها عن السـلطة التنفيذيـة ‪،‬‬

‫و هذا ما جيعل املهام ختتلف حبسب هذه االستقاللية ‪.‬‬

‫ب ـ اختيار الوسائل املالئمة النقدية ‪ :‬ذلـك أن هـذه الوسـائل ممكن ان تتعــدد وفقـا للهيكــل املايل و الوضـع االقتصــادي للبالد ‪،‬‬

‫و منهــا وســيلة معــدالت الفائــدة الــيت شــاع اســتعماهلا لكوهنا تعتمــد على اليــات الســوق من جهــة و نظــرا لتحريــر حركــة رؤوس‬

‫األموال من جهة اخرى ‪ ،‬و هذا على حساب وسائل اخرى ‪.‬‬

‫ج ـ حتديــد األهــداف الوســيطة للسياســة النقديــة ‪ :‬تبعــا للتطــور الظرفيــة االقتصــادية و هي عمليــة دقيقــة جــدا ‪ ،‬و جتعــل الســلطة‬

‫النقدية احيانا يف مواجهة السلطة التنفيذية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ استقاللية البنك المركزي و مصداقية السياسة النقدية ‪:‬‬

‫تعــين اســتقاللية البنــوك املركــزي اســتقاللية هــذه البنــوك هي إدارة السياســة النقديــة بعيــدا عن تــدخل الســلطة التنفيذيــة ‪ ،‬و مبا ال‬

‫يســمح بتســخري السياســة النقديــة كــأداة لتمويــل العجــز يف امليزانيــة العامــة ‪ ،‬و هــو مــا ميكن ان يــؤدي اىل ارتفــاع التضــخم ‪ ،‬و‬

‫ترتبــط اســتقاللية البنــك املركــزي بطبيعــة أهــداف السياســة النقديــة فبقــدر مــا تكــون ملتصــقة هبدف اســتقرار االســعار بقــدر مــا‬

‫تكون مستقلة ‪ ،‬و عندما تكلف بأهداف أخرى فإن ذلـك حيد من اسـتقالليتها ألن العمـل على حتقيـق هــذه األهــداف ميكن أن‬

‫يعيق السلطة النقدية من حتقيق هدفها الرئيسي ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تعمــل اسـتقاللية البنــك املركــزي على ضــمان مصــداقية السياســة النقديــة ‪ ،‬ذلــك أن السـلطة النقديــة املســتقلة تكــون أكـثر جـدارة‬

‫من الس ــلطات السياس ــية يف احملافظ ــة على اس ــتقرار عمله ــا و مهامه ــا لتحقي ــق ه ــدفها ‪ ،‬ألهنا تك ــون بعي ــدة على التناقض ــات و‬

‫الصــراعات السياســية ‪ ،‬كمــا أن الســلطة املســتقلة بإمكاهنا نشــر و توفــري املعلومــات النقديــة و املاليــة للجمه ــور مبنطــق ض ــرورة‬

‫الشــفافية ‪ ،‬إذ أن الشــفافية تــؤدي دورا أساســيا يف ترســيخ فكــرة االعتمــاد على البنــوك املركزيــة لــدى املتعــاملني االقتصــاديني و‬

‫ذلك ملا حتققه من نتائج تؤدي اىل زيادة انضباط النظام يف رسم السياسة النقدية و يف تطبيقها ‪.‬‬

‫أ ـ مؤشرات استقاللية البنك المركزي ‪:‬‬

‫هناك اعرتاف على نطاق واسع بدور البنك املركـزي يف جمال السياسـة النقديـة ‪ ،‬حـىت و إن كـان ذلـك بالتشـاور مـع السـلطات‬

‫السياس ــية ‪ ،‬و ه ــذا م ــا يقودنـ ــا اىل التس ــليم بوج ــود درج ــات متفاوت ــة الس ــتقاللية البن ــوك املركزي ــة ‪ ،‬فعلى س ــبيل املث ــال يعت ــرب‬

‫البنــدزبانك األملاين و البنــك الوطــين السويســري أكــثر البنــوك املركزيــة اســتقاللية ‪ ،‬فالبنــدزبانك ليس مطلوبــا منــه أن يأخــذ بعني‬

‫االعتب ــار سياس ــة احلكوم ــة إذ ك ــانت غ ــري منس ــجمة م ــع دوره الق ــانوين يف احلف ــاظ على اس ــتقرار القيم ــة اخلارجي ــة و الداخلي ــة‬

‫للعملــة ‪ ،‬يف حني يعتــرب بنــك فرنســا و إجنلــرتا مستشــارين و منفــذين للسياســة النقديــة و تقــع على احلكومــة مســؤولية القــرارات‬

‫اهلامة املتعلقة بالسياسة النقدية ‪ ،‬و يتمتع البنك املركزي اهلولندي و النيوزيالندي باستقاللية كبــرية يف جمال السياسـة النقديـة ‪،‬‬

‫لكن بإمكان احلكومة فرض وجهة نظرها عليه ‪.¹‬‬

‫‪40‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 2003‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪.95‬‬

‫‪ 5‬ـ طبيعة العالقة ما بين السياستين النقدية و المالية ‪:‬‬

‫أ ـ السياسة النقدية و المالية معا ‪:‬‬

‫أن هنــاك تكــامال هامــا و قويــا مــا بني السياســتني لتحقيــق األهــداف االقتصــادية بشــكل عــام و االســتقرار االقتصــادي على وجــه‬

‫اخلصــوص ‪ ،‬إذ يعــود هــذا الرتابــط بينهمــا اىل ان مكونــات الطلب الكلي تتــأثر مبســتوى ســعر الفائــدة الســائد من جهــة كمــا إهنا‬

‫تتأثر مبستوى الضرائب و االنفاق و تغرياهتما من جهة أخرى ‪ ،‬باإلضافة اىل ذلك تأثرها بطريقة متويل فائض أو عجز املوازنــة‬

‫و يرتتب على ذلك بالضرورة وجود تنسـيق مـا بني السياسـتني لتحقيـق األهـداف و بكفـاءة عاليـة مما يقضـي بضـرورة اسـتخدام‬

‫مزيج من السياستني معا ‪.¹‬‬

‫فالسياســة النقديــة بأدواهتا املختلفــة تــؤثر بشــكل مباش ــر يف النقــود املت ــوافرة لــدى البنــوك التجاريــة ‪ ،‬إذ ت ــؤثر أس ــعار الفائــدة يف‬

‫التســهيالت االئتمانيــة املمنوحــة من لــدن البنــوك لألفــراد و املشــروعات ‪ ،‬األمــر الــذي يولــد تــأثريا يف احلجم الكلي لإلنفــاق على‬

‫الســلع و اخلدمات و بالتــايل يف حجم االســتثمار و من مث يف حجم الطلب الكلي ‪ ،‬إذ جــاء تــأثري السياســة النقديــة بشــكل غــري‬

‫مباشــر و انتقــل عــرب قنــاة ســعر الفائــدة ‪ ،‬أمــا بالنســبة اىل السياســة املاليــة فهي تــؤثر مباشــرة يف التشــغيل و االنتــاج و الــدخل من‬

‫خالل االنفاق احلكومي و السياسة الضريبية ‪ ،‬إذ ان االنفاق احلكومي يؤثر بصورة مباشرة يف الدخل و االنتاج ‪ ،‬فعند زيــادة‬

‫االنفــاق بشــقيه اجلاري و االسـتثماري ســيؤدي ذلــك اىل زيــادة الــدخول و بالتــايل زيــادة الطلب الكلي الــذي يـرتتب عليــه زيــادة‬

‫يف االنتاج ‪ ،‬و ميكن أن تلعب السياسة الضريبية الدور نفسه فيما يتعلق بإعادة توزيع الدخول ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــ‬

‫عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪ 95‬و ‪. 96‬‬ ‫‪¹‬‬

‫إذ تســعى معظم النظم الضــريبية اىل زيـادة االقتطـاع من ذوى الـدخول املرتفعـة و إعـادة توزيعهـا اىل الفئــات الفقـرية ذات امليــل‬

‫احلدي لالستهالك املرتفع على شكل إعانات مما يؤدي اىل زيادة الطلب الكلي و زيادة االنتاج ‪.‬‬

‫و الن العمليــات املاليــة و النقديــة هي وســائل فعالــة يف الرقابــة االقتصــادية العامــة ‪ ،‬فــان التنســيق و اجلمــع بينهمــا يصــبح األمــر‬

‫ضــروريا و ملحــا لتفــادي التعــارض مــع بعضــها بصــورة تضــعفهما و يف نفس الــوقت متنــع الســلطة احلكوميــة من حتقيــق أهــدافها‬

‫املرس ــومة ‪ ،‬و يش ــدد على ه ــذه ض ــرورة الت ــداخل املوج ــود بني ه ــذين الن ــوعني من العملي ــات ‪ ،‬فالسياس ــة املالي ــة تن ــادي بزي ــادة‬

‫االنفــاق أو ختفيض الضــرائب لتحريــك عجلــة النشــاط االقتصــادي عنــدما يكــون االقتصــاد يعمــل يف ظــروف أقــل من مســتوى‬

‫التوظيــف الكامــل ‪ ،‬يف هــذه احلالــة البــد أن جتعــل السياســة النقديــة باالجتاه نفســه حبيث يضــمن عــدم ارتفــاع ســعر الفائــدة و أال‬

‫أدى ذلــك اىل اخنفــاض حجم االســتثمار و من مث حجم الطلب الكلي مما يتســبب يف عــدم جناح السياســة املاليــة ‪ ،‬األمــر الــذي‬

‫يتطلب أن تعمــل هــذه السياســة ( النقديــة) من جانبهــا على ختفيض ســعر الفائــدة اىل املســتوى الــذي يضــمن معــه رفــع حجم‬

‫االســتثمار النعــاش االقتصــاد الوطــين ‪ ،‬و لعالج التضــخم تنــادي السياســة املاليــة بتخفيض النفــاق احلكــومي أو زيــادة الضــرائب‬

‫حبيث ي ــؤدي ذل ــك اىل ختفيض حجم الطلب الكلي يف اجملتم ــع و القض ــاء على الفج ــوة التض ــخمية ‪ ،‬ففي ه ــذه احلال ــة الب ــد أن‬

‫تعمل السياسة النقدية على عدم ختفيض سعر الفائدة من خالل عمليات السوق املفتوحـة حـىت ال تـؤدي ذلـك اىل زيـادة حجم‬

‫االسـتثمار لـريتفع معــه الطلب الكلي ‪ ،‬إن التنسـيق بني التـدابري املاليـة أو النقديـة أمــر ضــروري و ذلـك بسـبب االختالف مـا بني‬

‫طبيعة كل منهما على النحو التايل ‪:‬‬

‫ـ متيل العمليات املالية اىل أن تكـون واسـعة النطـاق من حيث حجمهـا و مــداها ‪ ،‬يف حني تتجــه العمليـات النقديـة اىل أن تكـون‬

‫حمدودة ألهنا تنحصر بصورة رئيسة يف القطاع املايل و املصريف ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ ـ متيـ ــل التـ ــدابري املاليـ ــة من ناحيـ ــة أخـ ــرى اىل أن تكـ ــون بطيئـ ــة و متصـ ــلبة ألسـ ــباب دسـ ــتورية و قانونيـ ــة عمومـ ــا ‪ ،‬يف حني أن‬

‫االجراءات النقدية سريعة و مرنة نسبيا و ميكن تغيريهـا يف وقت قصـري جـدا من خالل التغيـريات يف نسـب االحتيـاطي القـانوين‬

‫و أسعار الفائدة و اخلصم‪.‬‬

‫ـ متيل االجراءات املالية اىل ان تكون ذات قيمة بصفة خاصة يف تشجيع التوسـع االقتصـادي و لكنهـا قـد تكـون أقـل قـدرة على‬

‫إيقــاف التضــخم ‪ ،‬إمــا االجــراءات النقديــة فإهنا تكــون ذات أثــر ضــئيل يف تشــجيع التوســع و لكنهــا قــد حتد و بصــورة فعالــة من‬

‫االجتاهات التضخمية ‪.‬‬

‫و هلذه االســباب جمتمعــة جتعــل التنســيق فيمــا بني السياســتني من حيث االجتاه و التــوقيت يصــبح أمــرا ضــروريا جــدا ال ميكن أن‬

‫تتغاضى عنه ‪.‬‬

‫ب ) السياسة النقدية و المالية و الجدل بين الكينزيين و النقوديين ‪:‬‬

‫عن قدرة و فعالية السياسات املالية و النقدية مسألة يثار حوهلا اجلدل ‪ ،‬و ليس هناك اتفاق بني العديد من املدارس االقتصــادية‬

‫‪ ،‬و ال ســيما بني املدرســتني الكينزيــة و النقوديــة ‪ ،‬ففي الــوقت الــذي يــذهب فيــه أنصــار الكينزيــة اىل تعظيم دور السياســة املاليــة‬

‫يف النش ــاط االقتص ــادي على حس ــاب السياس ــة النقدي ــة ‪ ،‬جند أن النق ــوديني يش ــككون يف فعالي ــة السياس ــة املالي ــة و كفاءهتا و‬

‫يعظمون السياسة النقدية يف التأثري يف جممل النشاط االقتصادي بوصفها األداة الوحيدة الفعالة ‪.¹‬‬

‫‪43‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــ‬

‫‪¹‬عباس كاظم الدعمي ( ‪ )2010‬املرجع السابق ـص ‪ 97‬و ‪. 98‬‬

‫إن االختالف بني املدرستني ال يزال قائمـا و مل يسـتطع االقتصــاديون إثبــات صـحة أحـدمها و نفي األخـر بشـكل قـاطع و لكن‬

‫من الناحية التطبيقية ‪ ،‬استطاعت كل من املدرستني باستخدام الدراسات االحصائية أن تبني فاعلية سياستها خالل مدة زمنيــة‬

‫خمتلفــة ‪ ،‬فــأظهرت املدرســة الكينزيــة فاعليــة السياســة املاليــة يف مــدد معينــة ‪ ،‬بينمــا أكــدت الدراســات االحصــائية النقديــة فاعليــة‬

‫السياسة النقدية يف مـدد أخـرى ‪ ،‬و ميكن مقارنـة النظريـة النقديـة مـع املنـاهج الكينزيـة احلديثـة ‪ ،‬على الـرغم من التقـارب الكبـري‬

‫يف وجهات النظر بني املدرستني خالل العقـود الثالثـة املاضـية ‪ ،‬و االختالفـات بينهمـا قـائم يف تأكيـد أي سياسـتني أكـثر فاعليـة‬

‫عملي ــا يف الت ــأثري يف الطلب و الع ــرض االمجاليني ‪ ،‬ففي ال ــوقت ال ــذي يؤك ــد في ــه أنص ــار املدرس ــة النقودي ــة على دور السياس ــة‬

‫النقدية و عدم استخدامها السياسة املالية انطالقا من مــوقفهم ضــد التـدخل احلكــومي الواسـع و اعتقـادهم ان االقتصــاد احلر هــو‬

‫اقتصاد مستقر و ال حيتاج اىل تدخل حكومي واسع ‪،‬‬

‫فأننــا جند إن املدرســة الكينزيــة تؤكــد بــأن كال السياســتني تــؤثران يف الطلب الكلي ‪ ،‬أال أن فعاليــة السياســة املاليــة تفــوق كثــريا‬

‫فاعلية السياسة النقدية و خاصـة يف مـدد الركـود أو الكسـاد االقتصـادي الطويـل األجـل ‪ ،‬و يـربز من ذلـك أن هنـاك اختالفـات‬

‫رئيسة ما بني املدرستني أمهها ‪:‬‬

‫ال تتفــق املدرســتان حــول القــوى احملركــة للطلب الكلي ‪ ،‬إذ يعتقــد النقوديــون أن الطلب االمجايل يتــأثر فقــط و بشــكل رئيســي‬

‫بالعرض من النقود و عن تأثري النقـود يف الطلب االمجايل مسـتقر و ميكن االعتمـاد عليـه ‪ ،‬يف الـوقت الـذي يؤكــد فيــه النقـوديني‬

‫إن تطــبيق السياســة املاليــة التوســعية من لــدن احلكومــة يــؤدي اىل مزامحة القطــاع اخلاص من خالل الســوق املايل ‪ ،‬االمــر الــذي‬

‫يؤثر سلبا يف النفاق االستثماري اخلاص ‪ ،‬و هذا يعين ان السياسة املالية سوف لن يكون هلا إال تأثري ضئيل ميكن إمهاله ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫مثة اختالفــات أخــرى بني املدرســتني حــول فاعليــة السياســتني ‪ ،‬إذ يعتقــد النقوديــون من خالل اســتنتاجات النظريــة الكالســيكية‬

‫بفاعلي ــة السياس ــة النقدي ــة على اف ــرتاض ثب ــات س ــرعة دوران النق ــود خالل األج ــل القص ــري و اس ــتقرار الطلب على النق ــود م ــع‬

‫التغريات احلاصلة يف الناتج القومي و الدخل القـومي ‪ ،‬أال أن الكـنزيني احملدثيني يعتقـدون و من خالل التجــارب يف العديــد من‬

‫بلدان العامل إحصـائيا و تطبيقيــا ‪ ،‬بـأن ســرعة دوران النقـود ليسـت ثابتـة و مسـتقرة ‪ ،‬و هــذا مـا يضــعف فاعليـة السياسـة النقديـة‬

‫يف التــأثري يف الطلب االمجايل ‪ ،‬و خاصــة عنــدما تكــون التغــريات يف ســرعة دوران النقــود معاكســة للتغــريات يف كميــة النقــود ‪،‬‬

‫فاخنفــاض ســرعة دوران النقــود يف ازمنــة الركــود االقتصــادي جيعــل زيــادة كميــة النقــود ضــعيفة التــأثري ‪ ،‬بينمــا يزيــد ارتفاعهــا يف‬

‫ازمنة االنتعاش من الضغوط التضخمية و ارتفاع االسعار ‪ ،‬و يقلل تأثري السياسة النقدية االنكماشية ‪.‬‬

‫مثة اختالف أخ ــر مـ ــا بني املدرس ــتني حـ ــول فاعلي ــة السياس ــتني ‪ ،‬إذ يعتقـ ــد النق ــوديني إن سياس ــة عج ــز امليزاني ــة ال ــيت ي ــؤمن هبا‬

‫الكينزيون حمددة بالقبول السياسي و بربامج اقتصادية و اجتماعية ال ميكن الرتاجع عنها ‪ ،‬فهي يف حالة التوسـع حمددة بـالقبول‬

‫السياسي للعجز يف امليزانية العامة ‪ ،‬و يف حالة االنكماش حمددة و مقيدة بربامج اقتصادية و اجتماعية ال ميكن التخلي عنهـا ‪،‬‬

‫يف حني يعتقد الكينزيون ان سياسة العجز احلكومي أو السياسة املالية التوسـعية ميكن ان تسـهم يف تنشـيط االقتصـاد اىل جـانب‬

‫السياسة النقدية مع إعطاء دور اكرب للسياسة احلكومية املالية ‪.‬‬

‫و لكن يف مجي ـ ــع احلاالت هن ـ ــاك اتف ـ ــاق ت ـ ــام بني املدرس ـ ــتني على اهلدف ال ـ ــرئيس من السياس ـ ــتني يتلخص بتحقي ـ ــق االس ـ ــتقرار‬

‫االقتص ــادي و الس ــعي اىل الوص ــول اىل أعلى اس ــتغالل ممكن من الطاق ــة االنتاجي ــة و على ه ــذا االس ــاس ف ــإن اإلجاب ــة عن أي‬

‫سياستني جيب أن يستخدم من لدن الدولة لتحقيق هذه األدوات ميكن إجيازها بالنقط االتية ‪:‬‬

‫تســتطيع السياســات احلكوميــة اســتخدام أي من السياســتني أو كليهمــا يف معاجلة التقلبــات االقتاديــة مــع االخــذ بنظــر االعتبــار‬

‫حمددات ك ــل منه ــا ‪.‬يعتم ــد املزج بني السياس ــتني على الظ ــروف ال ــيت مير هبا االقتص ــاد و على ت ــأثري ك ــل منهم ــا يف القطاع ــات‬

‫االقتص ــادية احمللي ــة ‪ ،‬أي أن املزيج من السياسـ ــتني البـ ــد و أن يتغـ ــري مـ ــع تغـ ــري احلاالت االقتصـ ــادية و السياس ــية و لع ــل من أهم‬

‫‪45‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫اخلص ــائص ال ــيت جيب ان تؤخ ــذ بعني االعتب ــار حال ــة الرك ــود أو الكس ــاد و االنتع ــاش أو االزده ــار ‪ ،‬ك ــذلك املدة الزمني ــة ال ــيت‬

‫حيتاجها تغيري أو تعديل كال السياستني ‪.‬‬

‫‪ 6‬ــ السياسة النقدية و المالية مع ميزان المدفوعات ‪:‬‬

‫أ ـ ـ السياســة النقديــة و مــيزان المــدفوعات ‪ :‬للمتغــريات النقديــة مهمــة يف مــيزان املدفوعات و أســعار الصــرف بني العمالت‬

‫الوطنيــة ‪ ،‬إذ تســبب يف األغلب األعم عجــزا أو فائضــا يف مــيزان املدفوعات لبلــدا مــا و الــيت تعكس بــدورها أثــارا على النظــام‬

‫االقتصادي داخل البلد ‪ ،‬و ميكن استخدام السياسة النقدية يف أحيانا كثرية لتعـديل حـاالت عـدم التـوازن و الـيت قـد يعـاين منهـا‬

‫ميزان املدفوعات ‪ ،‬و يف الوقت نفســه ميكن هلا أن تعــاجل التقلبـات الـيت حتدث يف أسـعار الصــرف باعتبـار تلــك التقلبـات مصـدر‬

‫للمتاعب االقتصادية احمللية من خالل التأثري يف قيمة العملة احمللية يف السوق الدولية ‪.‬‬

‫و تلعب السياسة النقدية دورا كبريا يف تصحيح االختالل يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬إذ تستند الطريقة النقدية اىل التمييز بني‬

‫النقود من مصدر خارجي ( االحتياطيات الدولية) و النقود من مصدر داخلي ( السيولة احمللية) ‪ ،‬فضال عن ذلك يعد ميزان‬

‫املدفوعات ظاهرة نقدية ‪ ،‬ففي اقتصاد مفتوح و يف ظل ثبات سعر الصرف فان عرض النقود هو متغري داخلي * يتأثربفائض‬

‫أو عجز ميزان املدفوعات ‪ ،‬لذا فإن عرض النقود ليس أداة سياسة مستقلة ** ‪ ،‬مثلما هو احلال يف ظل اقتصاد مغلق إذ يعد‬

‫عرض النقود متغري مستقال يستطيع التأثري يف وضع ميزان املدفوعات ‪ ،‬و من خالل النهج النقدي ميكن اشتقاق عالقة مفيدة‬

‫ما بني االئتماين املصريف احمللي و التغري يف االحتياطات الدولية‬

‫ــ‬
‫‪46‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪*endogènes‬‬

‫‪** Exogènes Policy instrument‬‬

‫و ميارس س ــعر الص ــرف ه ــو االخ ــر ت ــأثريا واض ــحا يف أس ــعار ال ــواردات و الص ــادرات باعتب ــاره حيدد قيم ــة العمل ــة احمللي ــة مقاب ــل‬

‫العمالت االخرى ‪ ،‬إذ تعد أسعار الصرف من وسائل السياسـة النقديـة األكـثر شـيوعا يف توحيـد قيم رؤوس األمــوال الدوليـة ‪،‬‬

‫فهي تقوم بربـط اقتصـاديات الـدول بعضـها بـالبعض االخـر ‪ ،‬طاملا أن حركـة رؤوس األمـوال الدوليـة تتمثـل يف الطلب احمللي أو‬

‫األجن ــيب على املوج ــودات األجنبي ــة و احمللي ــة مع ــا ‪ ،‬و من مث ينعكس ذل ــك على اســتقرار و تــوازن م ــيزان املدفوعات ‪ ،‬و يظه ــر‬

‫س ــلوك س ــعر الص ــرف يف اجتاهني ‪ ،‬األول يتمث ــل بالعالق ــة م ــا بني س ــعر الص ــرف و املوج ــودات االجنبي ــة ‪ ،‬و الث ــاين يف الق ــدرة‬

‫التنافسية الدولية لالقتصاد و اليت يعرب عنها بسعر الصرف احلقيقي للعملة الوطنية ‪.‬‬

‫ب ـ السياسة المالية و ميزان المـدفوعات ‪:‬من املعــروف أنــه ال يوجــد يف العــامل املعاصــر بلــد ال يرتبــط بعالقــات متشــعبة مــع‬

‫بقية بلدان العامل اخلارجي على اختالف مسـتويات هـذه العالقـات و االرتباطــات ‪ ،‬و حتظى تلــك العالقـات االقتصــادية الدوليـة‬

‫باهتم ــام كبــري من ص ــانعي السياســات االقتص ــادية الن على أساســها يتم ختصــيص املوارد على وفــق نظريــات االقتصــاد ال ــدويل‬

‫املختلفة مما جعل حتقيق التوازن الداخلي و اخلارجي هدفا رئيسيا من أهـداف السياسـات البلـدان املختلفـة و خصوصــا السياسـة‬

‫املالية اليت ميكن أن تسهم و من خالل اسـتخدام أدواهتا يف التــأثري و احملافظــة على تــوازن املدفوعات و كـذلك التـأثري على ســعر‬

‫الصرف العملة الوطنية و موقفها يف سوق الصرف االجنيب ‪ ،‬و لعـل أبـرز ادوات السياسـة املاليـة الـيت تسـتخدمها السـلطة املاليـة‬

‫للتأثري على ميزان املدفوعات و أسعار الصرف هي السياسة االنفاقية و الضريبية ‪.‬‬

‫و يش ــهد االقتصـ ــاد العـ ــاملي اختالالت حـ ــادة يف التوازنـ ــات االقتصـ ــادية ‪ ،‬و ال سـ ــيما بعـ ــد أن اجتاحتـ ــه العدي ــد من املتغ ــريات‬

‫االقتصــادية ‪ ،‬إذ أن هنــاك عالقــة قويــة مــا بني تــوازن مــيزان املدفوعات ( التــوازن اخلارجي ) و تــوازن املوازنــة العامــة (التــوازن‬

‫الــداخلي ) و خصوصــا بعــد اقتصــادات املتقدمــة ‪ ،‬فنشــأة االختالل تــؤدي اىل زيــادة تــدفق األمــوال فيهــا بينهمــا ‪ ،‬فاقتصــادات‬

‫‪47‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫العجــز تواجــه ضــغطا لــنزوح األمــوال اخلاصــة منهــا اىل اخلارج ‪ ،‬األمــر الــذي يولــد تفاقمــا يف االجتاه الــنزويل يف ســعر صــرف‬

‫عمالهتا ‪ ،‬يف حني ان اقتصــادات الفــائض عــادة متثــل انســيابا لــرؤوس األمــوال حنوهــا ‪ ،‬و من مث فهي تعــاين أيضــا من مضــاعفة‬

‫االختالل ‪ ،‬مبعىن زيـادة حـدة االختالالت ‪ ،‬فـإذا مـا تفحصـنا تـأثري التغـريات يف الصـادرات و الـواردات يف األسـعار و العمالـة و‬

‫النــاتج و من مث على التــوازن يف مــيزان املدفوعات ‪ ،‬فإننــا نســتطيع القــول أن الســلطة املاليــة و باســتخدام أدواهتا املاليــة ‪ ،‬تتمكن‬

‫من التأثري يف وضع ميزان املدفوعات عن طريق تأثريها يف الطلب الكلي ‪ ،‬و بالتايل يف الناتج ‪¹.‬‬

‫فإذا كان البلد يواجه فائضا يف ميزان املدفوعات فإن الزيادة يف الطلب الكلي تقود اىل خفض هذا الفــائض أو التخلص منــه إذ‬

‫تنخفض الصــادرات بســبب الزيــادة يف النــاتج و االســعار احملليــة بالنســبة اىل األســعار األجنبيــة ‪ ،‬يف حني تــزداد الــواردات بســبب‬

‫زيـادة يف الطلب الكلي و االسـعار احملليـة بالنسـبة اىل األسـعار االجنبيـة ‪ ،‬و هكـذا تصـبح السياسـات املاليـة التوسـعية مرغوبـة إذا‬

‫م ــا واج ــه البل ــد البطال ــة و الف ــائض يف م ــيزان املدفوعات ‪ ،‬يف حني إذا واج ــه البل ــد تض ــخما جبذب الطلب و عج ــزا يف م ــيزان‬

‫املدفوعات ‪ ،‬فـ ــإن السياسـ ــات املاليـ ــة املقيـ ــدة تكـ ــون أنسـ ــب من غريهـ ــا ‪ ،‬و لكن إذا واجـ ــه البلـ ــد البطالـ ــة و عجـ ــز يف مـ ــيزان‬

‫املدفوعات أو تض ــخما جبذب الطلب و فائض ــا يف امليزان ‪ ،‬ف ــإن السياس ــة املالئم ــة حلل املش ــكلة حمليـ ــا ختتل ــف و تتع ــارض م ــع‬

‫السياســة املالئمــة حلل املشــكلة دوليــا ‪ ،‬ففي الــوقت الــذي تكــون فيــه السياســة املالئمــة لعالج البطالــة هي سياســة ماليــة توســعية‬

‫تكون السياسة االنكماشية أو املقيدة هي املالئمة لعالج العجز يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬و بالتــايل ال ميكن حتقيـق العمالـة الكاملـة‬

‫و التـ ــوازن يف مـ ــيزان املدفوعات مبجموعـ ــة واحـ ــدة من السياسـ ــات ‪ ،‬أي من الضـ ــروري اسـ ــتخدام جمموعـ ــتني من السياسـ ــات‬

‫( التوســعية و االنكماشـية) ‪ ،‬و قـد يكــون من الضـروريـ اسـتخدام السياسـة التوســعية إلجناز العمالـة يف حني أن سياسـة ختفيض‬

‫قيمة العملة قد تكون مطلوبة لتحقيق التوازن يف ميزان املدفوعات ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــ‬
‫‪¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابقـص ‪. 92‬‬

‫و ال ميكن اغفال أثر السياسة الضريبية يف التأثري يف سعر الصرف بطريقة غري مباشرة و من خالل تأثريهـا يف أنشــطة أخـرى يف‬

‫االقتصــاد ‪ ،‬فزيــادة الضــرائب مثال ( الضــرائب على الــدخول) تــؤثر يف قــدره األفــراد يف االنفــاق من خالل تأثريهــا يف اخنفــاض‬

‫دخوهلم املخصصة لإلنفاق ‪ ،‬أي االخنفاض بأشـكاله املختلفـة ( االسـتهالكي و االسـتثماري) مما يـؤدي اىل اخنفـاض الـدخول و‬

‫كذلك األجور و كـل ذلـك يـؤدي اىل اخنفـاض عـرض النقـود و األسـعار ‪ ،‬االمـر الـذي يـرتتب عليـه زيـادة الطلب االجنـيب على‬

‫الســلع احملليــة بســبب اخنفــاض أســعارها مقارنــة مــع البلــدان الــيت تكــون فيهــا األســعار مرتفعــة ‪ ،‬مما يــرتتب عليــه ارتفــاع يف ســعر‬

‫صــرف العملــة احملليــة مقابــل اخنفــاض ســعر الصــر ف العلمــة اال جنبيــة املقابلــة هلا‪ ،‬وميكن ان نتصــور احلالــة باالجتاه املعــاكس يف‬

‫حالة خفض الضرائب على الد خول ‪،‬اذ ميكننا ان ندرك يف احيانـا كثـرية مـا تؤديـه الـز يـا د ة يف الضـرائب يف ارتفـاع االسـعار‬

‫من خالل تأثريها يف االنتاج ‪،‬اذ تعمل على ختفيض االنتاج الرتفاع تكاليفه ‪،‬االمر الـذي يـرتتب عليـه اخنفــاض الطلب األجنـيب‬

‫على السلع احمللية بسبب ارتفاع اسعارها مقارنة مع البلدان اليت تكون فيها االسعار منخفضة ‪ ،‬مما يـؤدي اىل اخنفـاض يف سـعر‬

‫صــرف العملــة احملليــة مقابــل ارتفــاع يف ســعر صــرف العملــة االجنبيــة املقابلــة هلا ‪ ،‬و ميكن أن نتصــور احلالــة باالجتاه املعــاكس يف‬

‫حالة خفض الضرائب على االنتاج ‪ ،‬و هذا يعين أن للضرائب تأثريها يف أسعار صرف العملة من خالل تأثريهــا على الــدخول‬

‫و عرض النقود و االنتاج و بالتايل األسعار و الصادرات و امليزان التجاري ‪ ،‬و هكذا فان احلكومـة ميكن أن متارس من خالل‬

‫سياساهتا االنفاقية و الضريبية دورا يف التأثري يف وضع ميزان املدفوعات ‪.¹‬‬

‫‪49‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــ‬

‫‪¹‬فؤاد هاشم عوض ( ‪ ) 1984‬املرجع السابقـ ص ‪. 164‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التوازن االقتصادي العام‬

‫يع ــد الت ــوازن االقتص ــادي الع ــام هاجس ــا فكري ــا ملق ــرري السياس ــة االقتص ــادية يف دول الع ــامل ‪ ،‬و ك ــان و م ــا ي ــزال كغ ــريه من‬

‫املوضــوعات ال ينفــك أن يكــون وجهــا من االيديولوجيــة االقتصــادية القائمــة يف ذلــك اجملتمــع ‪ ،‬و من مث فهــو انعكــاس للفلســفة‬

‫السائدة يف ذلك اجملتمع على وفق صانعي القرار و ألياته ‪.‬‬

‫و ميثل التوازن االقتصادي حبد ذاته حتديا أمام صـانع القـرار االقتصـادي و السياسـي ملا لـه من عالقـة مبفاصـل حيـاة ذلـك اجملتمـع‬

‫من استثمار و ادخار و معدالت البطالة و االستهالك و غريها ‪ ،‬لذا فقد أوضحت املدارس االقتصادية رؤاها جتاه هذا املفصل‬

‫املهم يف السياسـ ــة االقتصـ ــادية ‪ ،‬حـ ــىت و أن غـ ــاب التحديـ ــدي املباشـ ــر ‪ ،‬و يبقى اهلدف احلقيقي منصـ ــبا حـ ــول حتقيـ ــق التـ ــوازن‬

‫االقتص ــادي يف املس ــتقبل س ــعيا حنو اس ــتقرار اقتص ــادي للمجتم ــع ‪ ،‬و كم ــا يبقى االختالف يف تفس ــري ه ــذا الت ــوازن و معن ــاه و‬

‫أبعــاده ‪ ،‬و من مث حتديــد ألياتــه اعتمــادا على حتديــد األيديولوجيــة املوجهــة لــذلك اجملتمــع ‪ ،‬و من هنــا يــربز اختالف مهم يتعلــق‬

‫مبفهــوم التــوازن ‪ ،‬و هــذا االختالف نـابع من فهم و حتديــد مفـاهيمي ملصــطلح ( التـوازن االقتصـادي ) و هــو مـا ينسـحب على‬

‫أليات تطبيق السياسة االقتصادية اليت تكفل الوصول اىل مرحلة التوازن ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ التوازن االقتصادي‬

‫ينطلــق املوقــف الكالســيكي يف تفســريه للتــوازن االقتصــادي اجلزئي منــه و الكلي عن طريــق أليــة العمــل االقتصــادي الــيت ترمسها‬

‫النظريــة االقتصــادية القتصــاد الســوق ‪ ،‬و ينطلــق ذلــك باختصــار من أركــان ثالثــة ‪ ،‬تســتوعبها فرضــيتان يقــوم عليهمــا التفســري‬

‫الرأمسايل أللية االقتصادية ‪ ،‬و هذه األركان ختتص بالتايل ‪: ¹‬‬

‫‪50‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ¹‬سالم عبد الكرمي مهدي أل مسيسم (‪ )2011‬ـ التوازن االقتصادي العام ـ دار جمدالوي للنشر و التوزيع ـ عمان ـ األردن ـ الطبعة األوىل‬

‫ـ منط السوق و شكلها فيما إذا كانت تنافسية ‪ ،‬احتكارية و ما اىل ذلك ‪.‬‬

‫ـ ألية السعر املرتبط بشكل وثيق بنمط السوق و الشكل السائد يف التعامل االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ حتميــة التــوازن ‪ ،‬و هــذه نقطــة مهمــة ال يبتعــد عنهــا الفكــر االقتصــادي ‪ ،‬إذ أن التــوازن حتمي ال حمالــة ‪ ،‬و ان مــا حيصــل من‬

‫خلل هو يف احلاالت اليت يشكل فيها االبتعاد عن التـوازن القضـية األسـاس يف هـذه املعطيـات ‪ ،‬و انطالقـا من ذلـك ‪ ،‬فـإن لـدينا‬

‫فرضيتني ‪:‬‬

‫الفرضــية األولى ‪:‬تتعل ــق الفرض ــية األوىل بس ــيادة املنافســة التام ــة ( س ــوق املنافســة التام ــة) إذ متث ــل حال ــة املنافس ــة منوذج ــا مثالي ــا‬

‫يصعب حتقيقه بسبب الفرضيات و الشروط اليت تقوم عليها ‪ ،‬األمر الذي سيجعل حتديد السعر يف سوق ما ‪ ،‬و حتت ظروف‬

‫املنافســة التامــة عن طريــق واحــد فقــط هــو تقــاطع منحــىن الطلب الســوقي و منحــىن العــرض الســوقي للســلعة ‪ ،‬و من مث تكــون‬

‫املنشأة حتت ظـروف املنافسـة التامــة هي املتقبلـة للســعر ‪ Price taker‬و ميكنهــا بيـع أي كميـة بالســعر السـائد ‪ ،‬و يتضـح من‬

‫هذا أن الظرف املتأيت من هذه السوق سيتضمن دخول أو خـروج املسـتهلكني أو املنتجني (و هم هبذا العــدد غـري احملدود) من‬

‫دون أي تــأثري يف األليــة الــيت تعمــل هبا الســوق ‪ ،‬و يــدعم ذلــك التجــانس يف النــاتج الــيت تكلفــه حريــة حتريــك مجيــع املوارد مــع‬

‫وجود املعرفة التامة باألسعار إذ يدعم ذلك رشادة املستهلك و املنتج معا يف تلخيص فكــرة مهمــة إال و هي تعظيم املردود مــع‬

‫تدنية التكاليف ‪.‬‬

‫الفرض ــية الثاني ــة ‪:‬ت ــأيت الفرض ــية الثاني ــة متمم ــة للمس ــار الفك ــري ال ــذي مه ــدت ل ــه الفرض ــية األوىل ‪ ،‬و مفاده ــا( تك ــون مجي ــع‬

‫االسواق يف حالـة تـوازن ) ‪ ،‬مبعـىن تتحـدد األسـعار حبيث ال يكـون هنـاك أي عامـل اقتصـادي غـري راض عن التبـادالت الـيت تتم‬

‫يف الس ــوق ‪ ،‬و يتم تفس ــري ذلــك بــافرتاض دالــة ع ــرض يف س ــوق تنافســية واحــدة ‪ ،‬إذ يع ــد تــدفق كميــات الســلع املخططــة او‬

‫‪51‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫املرغوبــة دالــة مباشــرة لســعر الســوق ‪ ،‬و يتم جعــل دالــة طلب هــذا الســوق من هــذه الكميــات املخططــة أو املرغــوب فيهــا دالــة‬

‫ذات عالقــة عكســية للســعر ‪ ،‬بينمــا تسـتجيب تـدفقات العــرض طرديــا للتغــري يف ســعر السـلعة األساسـية ‪ ،‬و سـوف يكــون هنــاك‬

‫سعر توازين تتعادل عنده املشرتيات املخططة أو املرغوبة مع املبيعات املخططة أو املرغوبة ‪ ،‬و هنا حتديدا و عنــد نقطــة التــوازن‬

‫هذه تقوم عملية التبادل ‪ ،‬و من مث فإن التبادل الذي يتم عند هذا السعر التوازين لن يــرتك أي بــائع أو مشــرت من دون أن حيقــق‬

‫مبيعاته أو مشرتياته اليت يرغب فيها ‪ ،‬و يتغري هذا السعر التوازين بصورة مستمرة بطبيعة احلال‪ ،‬إذا حدث تغري يف دالــة الطلب‬

‫أو دال ــة الع ــرض ‪ ،‬أي أن ــه الب ــد و أن يك ــون هن ــاك ت ــوازن أو اجتاه مؤك ــد حنو حتقي ــق الت ــوازن ‪ ،‬و ان ذل ــك الب ــد و ان يك ــون‬

‫مضـمونا بأليـة السـوق مـع ضـمان احلريـة الفرديـة الـيت تفـرز اليـد اخلفيـة الـيت تكفـل حـل املشـاكل الـيت جتابـه األليـة الـيت تتم عنـدها‬

‫العملية االقتصادية ‪.‬‬

‫تــداخل الفرضــيتين ‪:‬تتــداخل الفرضــيتان يف مكــامن مفاصــل عملهمــا ‪ ،‬إذ تتــداخل ســوق املنافســة و التــوازن يف ظــل نظريــات‬

‫السوق التقليدية ‪ ،‬إذ يعرف كل من البائعني و املشـرتين أسـعار السـلعة الـيت يرومـون شـرائها إضـافة إىل أسـعار سـلع أخـرى ‪ ،‬و‬

‫من مث تؤهل املعرفة السعرية و توفر املعلومات عمليـة صـنع قــرارات ضــمن مسـتويات التــوازن و ختصيصــا عنـد نقطـة التــوازن‪ ،‬و‬

‫من مث تعطي هذه األلية يف صنع القرار مرونة للعملية مبجملها كي تواجه أي احتمال للخطــأ أو عــدم الــتيقن وصــوال اىل الســعر‬

‫الذي حيقق التوازن ‪.‬‬

‫يعتمد ضمان جناح كل ذلك على مرونة سعرية احادية ‪ ،‬مما يشري اىل اجتاه التغيري يف األسعار بالنسبة لألسعار اجلارية (احلالية)‬

‫أو املســتقبلية ‪ ،‬و ال ســيما و أن تــأثري التوقعــات يف النظريــة االقتصــادية الكليــة التقليديــة حمدودة األثــر ‪ ،‬بســبب النظــرة احملدودة‬

‫للعمليــة االقتصــادية برمتهــا داخــل هــذه اجملتمعــات من جهــة ‪ ،‬و بســبب الرؤيــة الســتاتيكية األصــلية الــيت رافقت العمليــة و الــيت‬

‫اجتازت ذلك يف ما بعد اىل استاتيكية ديناميكية ‪ ،‬و مل تكن لتكون ديناميكية حبتة ‪ ،‬و هذا األمر مرافق لبواكري نشوء النظرية‬

‫و انعكس عليها يف ما بعد عن طريق االفرتاضات و املرافق اليت قامت عليها هذه النظرية ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تنسحب هـذه االفرتاضـات بكـل ألياهتا املعتمـدة يف االقتصـاد اجلزئي لتطبـق على نظريـات االقتصـاد الكلي ‪ ،‬و ال يرجـع السـبب‬

‫اىل أن كــل أو بعض هــذه االفرتاضــات ال تعطي وصــفا دقيقــا لألســواق اجلزئيــة النموذجيــة ‪ ،‬فــإن غيــاب هــذه الشــروط الــيت مت‬

‫افرتاضـها قـد يزيــل أو يضـعف أيـة إمكانيـة الجتاه املسـتويات العامــة لألســعار أو الكميـات الكليـة ( للنــاتج و التوظيـف و غريمها)‬

‫حنو التوازن و االستقرار ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ التوازن الجزئي و التوازن العام ‪:‬‬

‫متيز النظرية االقتصادية اجلزئية بني التـوازن اجلزئي و التـوازن العــام ‪ ،‬فطريقـة نظريـة التـوازن هي الطريقـة املتمــيزة بالبسـاطة الـيت‬

‫سارع عليها التحليل االقتصادي ملدة طويلـة ‪ ،‬كمـا أهنا ذات مـيزة كبــرية يف إعطـاء نتـائج اجيابيـة ميكن تطبيقهـا على جمال كبــري‬

‫من خمتلــف االســتعماالت املتنوعــة و املتعــددة ‪ ،‬إذ تنطبــق هــذه النظريــة يف الدراســات اخلاصــة بالصــناعة ‪ ،‬و هي حتليــل التجــارة‬

‫اخلارجي ــة ‪ ،‬و ف ــرض الض ــرائب على الس ــلع الفردي ــة ‪ ،‬و يف ب ــرامج دعم األس ــعار و املنتوج ــات الزراعي ــة (و لكن طريق ــة حتلي ــل‬

‫نظريــة التــوازن اجلزئي تنقصــها النظريــة الكليــة الشــاملة حلقيقــة التــوازن يف الســوق ‪ ،‬و تســتمد هــذه النظريــة أصــوهلا عن طريــق‬

‫السلوك الكلي للمستهلكني و السلوك الكلي للمنتجني ‪ ،‬و مدى حقيقة عالقات االرتباط و التشابك فيما بينها ‪.‬‬

‫و يرى االقتصاديون الكالسيك حتمية حتقق التوازن الكلي لالقتصاد عند مستوى التوظف الكامل و بذا يكون ارتباطــا تلقائيــا‬

‫‪ ،‬فكالمها يضمن حتقيق األخر ‪ ،‬و يتحقق أوهلما عندما يصل االقتصـاد اىل مسـتوى التوظـف الكامـل ‪ ،‬فـإذا مل يصـل مل يتحقـق‬

‫التــوازن ‪ ،‬و تقــود هــذه األليــة اىل نقطــة جوهريــة إال و هي ارتبــاط التــوازن االقتصــادي يف املفهــوم الوضــعي التقليــدي بــالتوظف‬

‫الكامــل إذ يتعــادل الطلب الكلي بصــفة مسـتمرة مــع العــرض الكلي ملا يفرتضــونه يف أن العــرض خيلـق طلبــه املســاوي لــه ‪ ،‬و هلذا‬

‫يفرتضون ( التوظف الكامل) ‪ ،‬بل و يعتمدون عليه يف االستناد املنطقي للمنهج التحليلي املتبع من قبلهم ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫كــان هــذا بدايــة طريــق الرتابــط بني مســتوى التوظــف و مســتوى االقتصــاد يف انــدماج مــؤثر يف الصــياغة النظريــة للنهج الفكــري‬

‫الوضعي الذي يربر هذه السياسات وصوال اىل مستوى التـوازن االقتصـادي املنشـور و حتميتـه ‪ ،‬و نـرى أن كيـنز رفض حتميـة‬

‫التوازن و ليس ضرورته ‪ ،‬و من هنا كان رفضه و انتقاده العنيف لساي و لقانونه الشهري ‪.‬‬

‫و من مث يس ـ ــتبعد الكالس ـ ــيك ح ـ ــدوث إف ـ ــراط يف االنت ـ ــاج ‪ ،‬و من مث فال وج ـ ــود لتحلي ـ ــل يتعل ـ ــق باقتص ـ ــاد من دون التوظيـ ــف‬

‫الكامــل ‪ ،‬و هــذا عكس مــا أكــد عليــه كيــنز الــذي اهتم بتثــبيت مســتوى النشــاط االقتصــادي ‪ ،‬و ذلــك مــا انعكس يف كتاباتــه‬

‫العديــدة الــيت عــاجلت حالــة االقتصــاد الكلي للدولــة يف ظــروف الكســاد و البطالــة و إعــادة تقــييم مهــام الدولــة ‪ ،‬و من مث حتقيــق‬

‫مســتوى عــال و ثــابت من النشــاط االقتصــادي ‪ ،‬كمــا أكــد كيــنز دائمــا على أنــه ليس من الضــروري حتقيــق التعــادل بني الطلب‬

‫الكلي و العرض الكلي عند مستوى تشغيل كامل ‪ ،‬بل و من احملتمل حدوثه عند مستوى أقل من مســتوى التشــغيل الكامــل ‪،‬‬

‫و هذه إحدى أهم مميزات التحليل الكينزي ‪ ،‬و باألحرى الرؤيا الكينزية للتوازن ‪.‬‬

‫لقد اهتم التحليل الكينزي بصورة عامة ‪ ،‬و ال سيما قضية التوازن االقتصــادي ‪ ،‬باألجـل القصــري و ليس الطويـل ‪ ،‬حيث ركـز‬

‫على األجل القصري من أجـل عالج التقلبـات يف النشـاط االقتصـادي ‪ ،‬بينمـا اهتم يف األجـل الطويـل بتحقيـق التشـغيل الكامـل ‪،‬‬

‫و اســتقرار االســعار ‪ ،‬و النمــو املســتمر لالقتصــاد يف اإلطــار املمكن هلذه األهــداف مــع حتاشـي التضــخم و الركــود طويــل األجــل‬

‫يف االقتصــاد ‪ ،‬و ال ســيما و انــه يركــز على أن الطلب الكلي هــو العامــل املؤثر يف حتقيــق التــوازن لعــدم ثبــات العــرض الكلي يف‬

‫األج ــل القص ــري ‪ ،‬بينم ــا العكس ه ــو األرجح ‪ ،‬ف ــالعرض الكلي يف األم ــد القص ــري ال يك ــون ثابت ــا إال إذا بل ــغ االقتص ــاد مس ــتوى‬

‫التشغيل الكامل ‪.‬‬

‫و يأيت التحول يف دور الدولة ( من الدولة احلارسة اىل الدولـة القائـدة) متناغمـا مـع تعـاظم حجم الشـركات الـيت بـدت فعاليتهـا‬

‫تــؤثر ســلبا أو إجيابيــا يف أوضــاع االقتصــاد القــومي ‪ ،‬و على مــا أعقب ذلــك من أثــار اقتصــادية و سياســية انعكســت على حالــة‬

‫الصراع العاملي احملكوم بالرؤى السياسية ـ األيديولوجية و املنفذة بأدوات اقتصادية ‪ ،‬و بناءا على هذا جاءت الوصــفة الكينزيــة‬

‫مبثاب ــة العالج إلع ــادة احلي ــاة للرأمسالية بع ــدما عج ــز اإلرث الكالس ــيكي و النيوكالس ــيكي عن إخ ــراج الرأمسالية من أزمته ــا و‬
‫‪54‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫االقتص ــاد من وه ــدة الكس ــاد ‪ .‬فلم يب ــق األم ــل ب ــالتوازن األوتوم ــاتيكي املزع ــوم و املف ــرتض ‪ ،‬وه ــو م ــا أش ــار إلي ــه م ــالثوس يف‬

‫مراســالته مــع ريكــاردو عــام ‪ ، 1822‬و توصــل إليــه كالســكي قبــل كيــنز عــام ‪ ، 1928‬و هــذا يرجعنــا اىل نقطــة البدايــة من‬

‫حيث اختالفه مع الكالسيكيني يف اعتمادهم على قانون ساي من أن العرض خيلق طلبه ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ التفسير النقدي و التوازن العام‪:‬من خالل النظري ــة الكالس ــيكية الحظن ــا أن‬

‫السياســة النقديــة غــري فعالــة فال تــؤثر تغــريات كميــة النقــود يف القيم التوازنيــة للمتغــريات احلقيقيــة ( كالــدخل ـ التشــغيل ـ ســعر‬

‫الفائدة) و اليت تتحدد بدورها يف اجلانب احلقيقي للنظــام االقتصــادي ( فصـل جــانب النقــدي عن اجلانب احلقيقي يف التحليــل )‬

‫و قد ظل هذا الفكر سائدا و مقبوال حىت بداية الثالثنيات من القرن املاضـي و بالتحديـد بعـد األزمـة االقتصـادية العامليـة العـام (‬

‫‪ )1929‬و ما نتج عنها من اخنفاض يف الطلب الفعلي ‪ ،‬مما ادى اىل ظهور تيار فكـري جديـد حـول تقـدمي صـورة أكـثر تطـورا‬

‫لنموذج يتحقق فيــه التكامـل مــا بني املتغـريات النقديـة و املتغـريات احلقيقيـة ‪ ،‬و مبا أن كيـنز أول من ربـط بني القطــاعني النقــدي‬

‫و احلقيقي يف نظرية واحدة من خالل استخدام سعر الفائدة و الدخل لتحقيق التوازن بينهما و عرب منحنيات ( ‪ )LM‬التوازن‬

‫النقــدي (‪ ) IS‬التــوازن الســلعي ‪ ،‬فإننــا ميكن اســتخدام النمــوذج الكيــنزي لتوضــيح هــذا التــوازن ‪ ،‬مثلمــا اســتخدمه االقتصــادي‬

‫االجنلــيزي هيكس (‪ ) HICKS‬ألول مــرة يف التواصــل اىل منوذج التــوازن العــام ‪ ،‬لــذا فــإن نقطــة االنطالق يف هــذا النمــوذج‬

‫تبدأ من التوازن الكلي العام ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــ‬

‫عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪.70‬‬ ‫‪¹‬‬

‫أما سعر الفائدة ال ميكن تقديره بشكل مؤكد ‪ ،‬إال إذا عرفنا مسبقا مستوى الـدخل احلقيقي أو افرتضــناه ثابتـا ‪ ،‬و هـذا يقودنـا‬

‫اىل اســتنتاج بــأن ســعر الفائــدة و الــدخل احلقيقي البــد أن يتقــررا معــا ‪ ،‬و هــذا ال يتحقــق إال إذا حتقــق التــوازن الكلي العــام يف‬

‫االقتصاد ‪ ،‬و قبل الشروع يف كيفية تأثري عرض النقود يف وضع التوازن العام البد من توضيح بعض مفــاهيم هــذا التــوازن ‪ ،‬إذ‬

‫ينقسم االقتصاد الكلي على ثالثة قطاعات رئيسة هي ‪:‬‬

‫ـ قطاع السـلع و الخـدمات و هــو مــا يســمى بالقطــاع احلقيقي و يتمثــل بســوق املنتجــات ‪ ،‬و هــو عبــارة عن جمموعــة أســواق‬

‫للســلع و اخلدمات املنتجــة يف البلــد ‪ ،‬و التــوازن يف هــذا القطــاع يتطلب تســاوي الطلب الكلي مــع العــرض الكلي ( االســتثمار‬

‫املخطــط مــع االدخــار املخطــط) ‪ ،‬إذ متثــل حالــة التــوازن يف القطــاع احلقيقي بــاملنحى (‪ ، ) IS‬و إن أي نقطــة على هــذا املنحــىن‬

‫متثل توليفة من الدخل و سعر الفائدة و جتعل سوق السلع و اخلدمات يف التوازن ‪.‬‬

‫ـ القطــاع النقــدي و يتمثــل بســوق النقــود و يف حالــة اســتخدام نظريــة األمــوال القابلــة لإلقــراض فإنــه ســيمثل بســوق األمــوال‬

‫القابلــة لإلقــراض ‪ ،‬أو ســوق االئتمــان ‪ ،‬و التــوازن يف هــذا القطــاع يتطلب تســاوي عــرض النقــود مــع الطلب عليهــا ‪ ،‬او عــرض‬

‫األموال القابلـة لإلقـراض مـع الطلب عليهـا ‪ ،‬و متثـل حالـة التـوازن يف هـذا القطـاع بـاملنحىن (‪ ، )LM‬و إن أي نقطـة على هـذا‬

‫املنحىن متثل توليفة من الدخل(‪ )Y‬و سعر الفائدة (‪ )R‬جتعل سوق النقود يف التوازن ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ القطــاع الخــارجي يشــمل مجيــع املعــامالت احلقيقيــة ( صــادرات و اســتريادات ســلعية و خدميــة ) ‪ ،‬و املعــامالت النقديــة مــع‬

‫البلدان األخرى ‪ ،‬و تظهر هذه املعامالت يف ميزان املدفوعات اخلارجية و سوق املعامالت األجنبيـة و التــوازن يف هــذا القطــاع‬

‫يتطلب تسـ ــاوي صـ ــايف الصـ ــادرات احلقيقيـ ــة مـ ــع صـ ــايف التـ ــدفقات املاليـ ــة او النقديـ ــة ‪ ،‬و يتحقـ ــق هـ ــذا يف حال ــة ت ــوازن م ــيزان‬

‫املدفوعات اخلارجية و توازن سوق العمالت االجنبية و متثل حالة التوازن يف هذا القطاع باملنحىن (‪ ، )BOP‬و إن أية نقطة‬

‫على هــذا املنحــىن متثــل احملل اهلندســي جلميــع إحــداثيات الــدخل و ســعر الفائــدة ‪ ،‬و الــذي يعكس بــدوره توازنــا بني تــدفق رأس‬

‫املال و ميزان احلساب اجلاري ‪ ،‬و عنـدما منحنيـات الثالثـة (‪ ) BOP , LM , IS‬يف شـكل واحـد فإهنا تعكس توليفـة من‬

‫الدخل و سعر الفائدة يتحقق من خالهلا التوازن يف االسواق الثالث ( التوازن الكلي العام ) ‪ ،‬و مثلمـا هـو موضـح يف الشـكل‬

‫رقم ‪03‬التايل ‪:‬‬

‫شكل رقم (‪: )03‬منحنيات (‪ ) BOP , LM , IS‬و التوازن الكلي العام‬

‫سعر الفائدة‬ ‫‪R‬‬

‫‪LM‬‬

‫‪BOP‬سعر الفائدةالتوازين‬

‫‪IS‬‬

‫‪Y‬‬ ‫الدخل‬
‫عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابقـ ص ‪. 72‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫‪ 4‬ـ السياسة المالية و التوازن االقتصادي العام ‪:‬‬

‫بناء على ما سبق فإن التوازن الكلي العام و تقرير مستوى الدخل احلقيقي و سعر الفائـدة يتم من خالل اسـتخدام منحنيـات (‬

‫‪ )LM , IS‬اذ أن التصـحيح يف سـوق النقـود يكـون مصـدره تغـريات يف عـرض النقـود و تأثريهـا يف سـعر الفائـدة ‪ ،‬بينمـا يـأيت‬

‫التصــحيح لالختالالت يف ســوق الســلع من خالل تغــريات يف مســتوى الــدخل (االنتــاج) ‪ ،‬و الــذي يهمنــا هنــا أن نتعــرف على‬
‫‪57‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫العوام ــل ال ــيت جتع ــل ال ــدخل احلقيقي و س ــعر الفائ ــدة يتغ ــريان ‪ ،‬أي العوام ــل ال ــيت جتع ــل املنحني ــات (‪ )LM , IS‬ينتقالن اىل‬

‫األعلى أو اىل األس ـ ــفل أو اىل اليمني او اليس ـ ــار الن القيم التوازني ـ ــة لك ـ ــل من سـ ــعر الفائـ ــدة و ال ـ ــدخل احلقيقي تتـ ــأثر بانتقـ ــال‬

‫املنحن ــيني ‪ ،‬ف ــإن ت ــأثري السياس ــة املالي ــة من خالل السياس ــة االنفاقي ــة و الض ــريبة يف انتق ــال منح ــىن الن ــاتج (‪ )IS‬جيب ان تأخ ــذ‬

‫باحلسبان عرب تـأثر ســعر الفائـدة الزيـادة أو النقصـان باالسـتثمارات اخلاصـة و من مث بـالطلب الكلي ‪ ،‬و بالتــايل يف انتقــال منحى‬

‫(‪ )IS‬هي متغــريات السياســة املاليــة للدولــة الــيت تتضــمن تغــريات يف االنفــاق احلكــومي أو الضــرائب أو يف االثــنني معــا ‪ ،‬و هنــاك‬

‫احتمال أن تلجأ احلكومة اىل تبين سياسة مالية توسعية أو انكماشية يف ظل افرتاض ثبات السياسة النقدية ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ أثر السياسة المالية في التوازن الكلي العام ‪:‬‬

‫الشكل رقم( ‪ :)04‬أثر زيادة االنفاق الحكومي و انخفاض الضرائب في التوازن‬

‫‪ R‬سعر الفائدة‬ ‫‪IS1‬‬ ‫‪IS2‬‬ ‫‪LM‬‬

‫ـ‪R2‬‬ ‫‪C‬‬

‫‪BAR1‬‬

‫الدخل احلقيقي‪Y Y1Y2Y3‬‬

‫الشكل رقم (‪: )05‬أثر انخفاض االنفاق الحكومي و زيادة الضرائب في التوازن‬

‫‪ LMR‬سعر الفائدة‬

‫‪R1‬‬ ‫‪B‬‬ ‫‪A‬‬

‫‪58‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪R2‬‬ ‫‪C‬‬ ‫ـ‬ ‫‪IS1‬‬

‫‪IS2A‬‬
‫الدخل‪Y2Y1Y3‬‬

‫املصدر (شكل ‪4‬و ‪ )5‬عباس كاظم الدعمي (‪ )2010‬املرجع السابق ـ ص ‪.76‬‬

‫نالحظ من خالل هذا الشكل أن التوسع يف االنفاق احلكــومي يـؤدي اىل انتقـال منحـىن (‪ )IS‬من (‪ IS1‬اىل ‪ )IS2‬والـذي‬

‫ي ــؤدي بــدوره اىل ارتف ــاع القيم التوازنيــة كس ــعر الفائ ــدة من (‪ R1‬اىل ‪ )R2‬م ــع ارتف ــاع ال ــدخل احلقيقي من ( ‪ Y1‬اىل‬

‫‪ ، )Y3‬و لكن اذا كان اهلدف من التوسع يف اال نفاق احلكومي يستهدف احلفـاظ على حالـة التـوازن يف سـوق السـلع ‪،‬فـإن‬

‫ه ــذا ال يتطلب اح ــداث تغ ــري يف س ــعر الفائ ــدة ‪،‬ألن ال ــدخل يرتف ــع من ( ‪ Y1‬اىل ‪ ، )Y2‬اال ان عن ــد النقط ــة (‪ )B‬يص ــبح‬

‫س ــوق النق ــود يف وض ــع ع ــدم الت ــوازن وتك ــون هن ــاك حال ــة عج ــز يف الت ــوازن الع ــام ‪ ،‬ألن الزي ــادة يف ال ــدخل تتطلب زي ــادة يف‬

‫الطلب على النق ــود من اج ــل امتام مع ــامالت التب ــادل االض ــافية ‪،‬وح ــىت يتن ــاقص الطلب على النق ــود ال ب ــد ان ترتف ــع املكاف ــأة‬

‫املقدمــة ملن يقلــل الطلب عليهــا ( ســعر الفائــدة) ‪ ،‬و يــأيت هــذا من خالل ارتفــاع ســعر الفائــدة من (‪ R1‬اىل ‪ )R2‬و يــرتتب‬

‫على ذلك االرتفاع اخنفاض يف مستوى االنفاق اخلاص على االستهالك و من مث مستوى االستثمار و يكون ذلــك يف النقطــة‬

‫(‪ )C‬اليت يعود فيها سوق النقود اىل التوازن ( مع احلفاظ على حالة التوازن يف سـوق السـلع على طـول املنطقـة مـا بني ‪C ,‬‬

‫‪ B‬على منحىن (‪ ، )IS‬و يف هناية املطاف يتناقص الدخل احلقيقي من (‪ Y2‬ـ ـ ‪ )Y3‬نتيجة تناقص االستهالك و االســتثمار‬

‫النــاتج عن ارتف ــاع ســعر الفائــدة ‪ ،‬أال أن (‪ )Y3‬يبقى أكــرب من (‪ ، )Y2‬و تع ــين أن اتبــاع سياســة ماليــة توســعية تــؤدي اىل‬

‫ارتفـ ــاع الطلب الكلي و االنتـ ــاج الكلي ومن مث تنشـ ــيط االقتصـ ــاد ‪ ،‬أال أنـ ــه ميكن مالحظـ ــة مسـ ــألة مهمـ ــة جـ ــدا ‪ ،‬و هي أن‬

‫السياسة املالية التوسـعية زامحت القطـاع اخلاص على املدخرات املاليـة ‪ ،‬األمـر الـذي يـرتتب عليـه رفـع سـعر الفائـدة و اخنفـاض‬

‫االنفــاق االســتثماري اخلاص ‪ ،‬األمــر الــذي يــرتتب عليــه رفــع ســعر الفائــدة و اخنفــاض االنفــاق االســتثماري اخلاص ‪ ،‬و هــذا‬

‫يتطلب اتب ــاع سياس ــة نقدي ــة توس ــعية ملواجه ــة الزي ــادة يف س ــعر الفائ ــدة ‪ ،‬و ال ميكن اف ــرتاض سياس ــة نقدي ــة ثابت ــة ‪ ،‬مبع ــىن أن‬

‫السياسة املالية اىل جانب السياسة النقدية تعمل بكفاءة و دقة عالية يف إحداث التوازن العام ‪ ،‬و ميكن أن نتصــور العكس يف‬
‫‪59‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫اتباع سياسة مالية انكماشية ‪ ،‬و اليت تؤدي بطبيعة احلال اىل انتقال منحىن (‪ )IS‬اىل اليسار نتيجة اخنفاض االنفاق احلكــومي‬

‫و زيادة معدل الضرائب ‪.‬‬

‫فـإن إتبــاع احلكومــة السياسـة املاليـة التوسـعية هبدف انعـاش االقتصــاد يتطلب معرفــة الكيفيـة الـيت تعتمــد عليهـا احلكومــة يف متويــل‬

‫الزيادة يف االنفاق ‪ ،‬إذ غالبا ما تلجأ احلكومة للتمويل عن طريق زيادة الضرائب و إصدار الدين احلكــومي لــبيع االوراق املاليــة‬

‫احلكوميــة للقطــاع اخلاص و االصــدار النقــدي اجلديــد و بيــع االوراق املاليــة احلكوميــة للبنــك املركــزي و هــذا يعــين أن االنفــاق‬

‫احلكومي مقيد و حمدد بالعائد الذي تستطيع احلكومة أن حتصل عليه من خمتلــف املصــادر ‪ ،‬و ميكن كتابـة قيــد امليزانيـة بالصــيغة‬

‫∆‪G=PT+∆B+∆H‬‬ ‫الرياضية التالية ‪:‬‬

‫إذ (∆‪ )G‬متثل مقدار التغري يف القيمـة االمسية لإلنفــاق احلكــومي و (‪ )T P‬متثـل القيمـة االمسية للحصـيلة الضـريبية و (∆‪)B‬‬

‫ميث ــل التغ ــري يف القيم ــة االمسية ل ــدين احلكوم ــة و (∆‪ )H‬متث ــل التغ ــري يف االص ــدار النق ــدي اجلدي ــد ( القاع ــدة النقدي ــة) ‪ ،‬و تش ــري‬

‫املعادل ــة أعاله اىل إن احلكوم ــة ينبغي أن متول االنف ــاق احلك ــومي من خالل الض ــرائب أو ال ــدين احلك ــومي أو االص ــدار النق ــدي‬

‫( أو التوليفــة من هــذه الوســائل) ‪ ،‬فــإذا قــامت احلكومــة بتمويــل الزيــادة يف االنفــاق عن طريــق زيــادة الضــرائب أو االقــرتاض من‬

‫القطـاع اخلاص ‪ ،‬فلن حيدث أي تغيـري يف عــرض النقــود ‪ ،‬يف حني إذا مـولت الزيـادة عن طريـق االقــرتاض من البنــك املركـزي ‪،‬‬

‫فـإن القاعـدة النقديـة (‪ )H‬تــزداد مبقـدار مبيعـات السـندات احلكوميـة ‪ ،‬و تكـون للزيـادة يف القاعـدة النقديـة التــأثريات نفسـها يف‬

‫عرض النقود كأية زيادة أخرى يف القاعدة النقدية‪.‬‬

‫ففي األجل القصري و عنـد املسـتوى التـوازين للـدخل ‪ ،‬فـان االنفـاق احلكـومي من احملتمـل أن يتجـاوز االيـرادات الضـريبية ‪ ،‬فـان‬

‫احلكومة جيب أن متول هذه الزيادة باإلصدار النقدي ‪ ،‬األمر الذي يرتتب عليه زيادة يف عرض النقود ‪ ،‬و بالتـايل انفــاق انتقـال‬

‫منح ــىن (‪ )LM‬اىل اليمني ( طاملا يزي ــد ال ــثروة ف ــإن االس ــتهالك ه ــو األخ ــر يتزاي ــد و ينتق ــل املنحى ‪ IS‬اىل اليمني ) ‪ ،‬و ميكن‬

‫مالحظــة احلالــة نفســها عنــدما ميول العجــز عن طريــق إصــدار ســندات ‪ ،‬و لكن االســتمرار يف تلــك التغــريات خالل املدة الزمنيــة‬

‫سوف يصل فيها الدخل اىل مسـتواه التـوازين طويـل األجـل ‪ ،‬و عنـد هـذا املسـتوى يكـون االنفـاق احلكـومي مسـاويا لإليـرادات‬
‫‪60‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الض ــريبية ( إذ وص ــل ال ــدخل اىل مس ــتوى الت ــوازين طوي ــل األج ــل ‪ ،‬الض ــريبة الكافي ــة لت ــدعيم املس ــتوى األعلى اجلدي ــد لإلنف ــاق‬

‫احلكــومي ‪ ،‬و هكــذا لكي يبقى الــدخل عنــد مســتواه التــوازين الطويــل األجــل فــإن التغيــري يف القاعــدة النقديــة (‪ )∆H‬البــد أن‬

‫يساوي صفرا‪ ،‬و هكذا ففي األجل القصرية أي زيادة يف االنفاق احلكـومي متول عن طريـق اصــدار نقــدي و الـيت تكـون حـافزا‬

‫لالقتصاد القومي اكرب مما تفعله زيادة مساوية يف االنفاق احلكومي متول عن طريق االيرادات الضريبية أو إصدار الــدين ‪ ،‬و يف‬

‫املدة الطويلة يصبح العكس صحيحا ‪ ،‬و عندئذ جيب على السلطات املالية أن تستخدم االجل أو الطويلة دليال أويل لسياســتها‬

‫‪ ،‬على أن الوضــع االقتصــادي يتغــري يف األجــل الطويلــة و ان السياســات جيب ان تتحــول ملواجهــة الظــروف اجلديــدة ‪ ،‬و بــذلك‬

‫فان نتائج املدة القصرية تقدم دليال أفضل لصانعي السياسة ‪.‬‬

‫‪6‬العالقة بين التوازن المالي للميزانية العامة و التوازن االقتصادي‬

‫ان املهــام االساسـي للموازنــة العامــة يف املفهــوم احلديث ان تســهل عمليــة تقــومي مقرتحــات املشــروعات العامــة الـيت ميكن تعريفهــا‬

‫على أهنا وح ــدة اقتص ــادية متلكه ــا الدول ــة إم ــا كلي ــا أو جزئي ــا ‪ ،‬مس ــتقله عن اجله ــاز اإلداري للدول ــة ‪ ،‬تت ــوىل انت ــاج الس ــلع و‬

‫اخلدمات و تعمــل يف نطــاق األهــداف االقتصــادية و االجتماعيــة الــيت تســعى الدولــة لتحقيقهــا ‪ ،‬إن مشــاريع الدولــة يفــرتض فيهــا‬

‫حتقي ــق الت ــوازن املايل أو حتقي ــق ج ــدوى اقتص ــادية من اس ــتخدام األم ــوال فيه ــا و ربح و عائ ــد معق ــولني ‪ ،‬فإن ــه يف ال ــوقت نفس ــه‬

‫يفرتض فيها زيادة يف الدخل الوطين وصوال اىل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫أ ـ تــوازن الموازنــة و التــوازن االقتصــادي العــام ‪ :‬يتكامــل التــوازن االقتصــادي للموازنــة العامــة مــع التــوازن االقتصــادي العــام‬

‫حيث يفــرض التــوازن االقتصــادي للموازنــة العامــة رفــع مردوديــة النظــام االقتصــادي مبا يتطلبــه من حتليــل دقيــق حلدود االقتطــاع‬

‫العــام نوعــا و كمــا حبيث مينــع هــذا التــوازن أن تقــوم الدولــة باقتطــاع أمــوال من القطــاع اخلاص و تقــوم بعــدها بإنفاقهــا حبيث ال‬

‫تكــون زيــادة يف الــدخل الوطــين معادلــة على األقــل لزيادتــه فيمــا لــو بقيت هــذه األمــوال لــدى القطــاع اخلاص فالسياســة املاليــة‬

‫السلبية هي اليت تسعى من خالهلا الدولة اىل حتقيق التوازن اقتصادي كلي جديـد أعلى من سـابقه احملتمـل قبـل القيـام باالقتطـاع‬

‫و االنفاق ‪¹.‬‬

‫‪61‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫يتكامــل التــوازن االجتمــاعي للماليــة العامــة مــع التــوازن االقتصــادي العــام ألنــه يقــوم على اســاس االقتطــاع الضــرييب من املداخيل‬

‫املرتفع ــة مث إع ــادة التوزي ــع لص ــاحل املداخيل املنخفض ــة و ه ــذا يع ــين حتقي ــق زي ــادة يف ق ــدرة الطبق ــات ذات ال ــدخل الض ــئيل على‬

‫اإلنفــاق و يعمــل على رفــع مســتواها املعيشــي ‪ ،‬و يــؤثر ذلــك على الوضــع االقتصــادي العــام ألنــه يــؤدي اىل زيــادة االســتهالك و‬

‫بالتايل يؤدي اىل زيادة االنتاج و االستثمار يف اجملتمع و حتقيق منو يف الدخل الوطين و توازن اقتصادي عام ‪.‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪ ¹‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬ـ األزمات النفطية و السياسات المالية في الجزائرـ ـ دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع اجلزائر ـ ص ‪184‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬

‫تكمن ألي ــة عمـ ــل السياسـ ــة املاليـ ــة يف التحكم يف حجم االنفـ ــاق و الضـ ــرائب و الـ ــدين العـ ــام هبدف السـ ــيطرة على التض ــخم و‬

‫االنكم ــاش ‪ ،‬فبواس ــطة السياس ــة املالي ــة ميكن للحكوم ــة اس ــتخدام قواه ــا الض ــريبية و االنفاقي ــة لتحقي ــق العمال ــة الكامل ــة ‪ ،‬رف ــع‬

‫معدالت منو الناتج القومي ‪ ،‬استقرار األسعار و االجور ‪ ،‬العدالة يف توزيع الدخل ‪ ،‬إذ تستطيع احلكومة حتقيق هذه األهداف‬

‫من خالل زيادة أو خفض االنفاق العام و الضرائب وفقا للوضع االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ حاالت االختالل في االقتصاد الوطني و دور الميزانية العامة في التصحيح ‪:‬‬

‫تســعى مجيــع الــدول اىل حتقيــق مســتوى تــوازن النــاتج الوطــين و لكن قــد يبتعــد االقتصــاد عن وضــع التــوازن ‪ ،‬إذ ميكن أن تظهــر‬

‫هذه احلاالت فيما يسمى بالفجوات التضخمية و االنكماشـية يف حالـة اختالف املسـتوى التـوازين للنـاتج عن مسـتوى التوظـف‬

‫الكامل ‪.‬‬

‫الفجوة االنكماشية نعين هبا عجز الطلب الكلي عن العرض الكلي ‪ ،‬حتدث إذ كان االقتصاد الوطين يعاين من اخنفاض الطلب‬

‫الكلي عن املستوى الالزم لتحقيق التوظف الكامل ‪.‬‬


‫‪62‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أما الفجوة التضخمية حتدث إذا كان االقتصاد الوطين يعـاين من ارتفــاع الطلب الكلي عن املسـتوى الالزم لتحقيــق إىل توظــف‬

‫الكامل ‪.‬‬

‫‪ ‬الفجوة االنكماشية ‪ ( :‬عجـز الطلب الكلي عن العــرض الكلي) ‪ ،‬حتدث الفجـوة االنكماشـية إذا كـان االقتصــاد الوطـين يعـاين‬

‫من اخنف ــاض الطلب الكلي عن املس ــتوى الالزم لتحقي ــق التوظ ــف الكام ــل ‪ ،‬مث ــال ‪ :‬لنف ــرض دال ــة االس ــتهالك التالي ــة ‪C = :‬‬

‫‪200 + 0,75 R‬‬

‫و االنفاق االستثماري التلقائي (وحدة نقدية ‪ ) I = 300‬و بافرتاض أننا نتعامل مـع اقتصـاد مغلـق ( ال يتعامـل مـع اخلارج)‬

‫بناء على هذا االفرتاض فإن املستوى التوازين للدخل يكون يف الشكل التايل ‪:‬‬

‫‪R=C+I‬‬ ‫‪R = 200 + 0,75R + 300‬‬


‫‪R – 0,75 R = 500‬‬

‫‪R = 200‬‬

‫فــإذا افرتضــنا أن مســتوى الــدخل الــذي حيقــق التوظــف الكامــل يعــادل ( ‪ 2500‬وحــدة نقديــة ) فــإن هــذا يعــين وجــود فجــوة‬

‫إنكماشــية ‪ ،‬حيث من الواضــح أن هــذا املســتوى الفعلي للطلب الكلي أقــل من املســتوى الالزم لتحقيــق التوظــف الكامــل أي‬

‫أن هناك فجوة إنكماشية قدرها ( ‪ 500‬وحدة نقدية) ‪.‬‬

‫و من مث تستشري هذه الفجوة أيضا اىل كمية االنفاق الالزم إضافتها للطلب الكلي مبا يســمح لــه لالرتفــاع مبســتوى الــدخل اىل‬

‫مس ــتوى التوظ ــف الكام ــل ‪ ،‬و ه ــذا يع ــين أن ــه من الض ــروريـ أن ترتف ــع دال ــة الطلب الكلي مبق ــدار (‪ 500‬وح ــدة نقدي ــة) ه ــذه‬

‫الزيــادة يف الطلب الكلي ســتؤدي اىل ارتفــاع مســتوى الــدخل من ‪ R1‬اىل ‪ R2‬مبقــدار يعــادل هــذه الزيــادة مضــروبة يف قيمــة‬

‫املضــاعف ‪× 125‬ـ ‪= 4‬ـ ‪ 500‬وحــدة نقديــة ( متثــل ‪ 125‬مقــدار االنفــاق الالزم إضــافته للطلب الكلي حــىت يتحقــق التشــغيل‬

‫الكامــل ‪ 4 ،‬متثــل قيمــة املضــاعف ‪ 500 ،‬متثــل الفجــوة االنكماشــية املطلــوب تغطيتهــا للوصــول اىل حالــة التشــغيل الكامــل ) ‪،‬‬

‫كما هو موضح يف الشكل التايل ‪:‬الشكل رقم (‪ )06‬الفجوة االنكماشية‬

‫‪63‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫االنفاق الكلي‬ ‫الفجوة االنكماشية‬ ‫عك‬

‫ن‬ ‫طك‬

‫الدخل‬
‫‪R1 2000‬‬ ‫‪R2 2500‬‬

‫سعد اهلل داود (‪ )2013‬ـ المرجع السابق ـ ص‪187‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫‪ ‬الفجوة التضـخمية ‪ :‬حتدث الفجــوة التضــخمية إذا كــان االقتصــاد الوطــين يعــاين من ارتفــاع الطلب الكلي عن املســتوى الالزم‬

‫لتحقيق اىل توظف الكامل ‪ ،‬فإذا فرضنا يف املثال السابق أن مستوى الدخل احلايل هو ( ‪ 2500‬وحـدة نقديـة ) و هـو أعلى‬

‫من مس ــتوى التوظ ــف الكام ــل املرغ ــوب في ــه و ه ــو ( ‪ 2000‬وح ــدة نقدي ــة ) أي أن هن ــاك فج ــوة تض ــخمية ق ــدرها ( ‪500‬‬

‫وحدة نقدية ) و الشكل التايل يوضح ذلك ‪:‬‬

‫الشكل رقم (‪ : )07‬شكل الفجوة التضخمية‬

‫ع ك الفجوة االتضخميةاالنفاق الكلي‬

‫ن‬ ‫طك‬

‫الدخل‬

‫ل‪2‬‬ ‫ل‪1‬‬

‫سعد اهلل داود (‪ )2013‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪189‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 2‬ـ تصحيح الفجوة االنكماشية و الفجوة التضخمية ‪:‬‬

‫‪ ‬تص ــحيح الفجـــوة االنكماشـــية ‪ :‬زيـ ــادة الطلب الكلي عن العـ ــرض الكلي ( السياسـ ــة املاليـ ــة التوسـ ــعية) ‪ ،‬إن السياسـ ــة املاليـ ــة‬

‫التوســعية تتحقــق من خالل زيــادة النفقــات العامــة و ختفيض الضــرائب و عجــز املوازنــة هبدف تنشــيط الطلب الكلي ‪ ،‬و منــه‬

‫ميكن عالج الفجوة االنكماشية من خالل أدوات السياسة املالية عن طريق إحدى البدائل التالية ‪:‬‬

‫قيام احلكومة بالعمل على زيادة مستوى االنفاق العام وفقا ملا نادى به كينز عند حدوث أزمة الكساد العاملي ‪.‬‬

‫قيام احلكومة بتخفيض الضرائب أو تقدمي إعفاءات ضريبية األمر الذي سيؤدي اىل زيادة يف املداخيل و ارتفاع ميل االسـتثمار‬

‫و بالتايل القوة الشرائية ‪.‬‬

‫تصحيح الفجوة التضخمية ( السياســة الماليــة االنكماشــية ) ‪ :‬ميكن اللجــوء اىل هــذه السياســة لفــرض ختفيض الطلب الكلي‬ ‫‪‬‬

‫و التحكم يف التضخم من خالل ختفيض النفقات العامة أو زيادة الضرائب من خالل أدوات السياسة املالية كالتايل ‪:‬‬

‫ـ ـ ختفيض حجم االنف ــاق العــام مما ســيؤدي اىل ختفيض حجم االســتهالك و بالت ــايل حــدوث اخنف ــاض يف الطلب الكلي و من مت‬

‫تراجع املستوى العام لألسعار ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ زيادة معدالت الضرائب حبيث تنخفض مداخيل األفراد و بالتايل اخنفاض الطلب الكلي ‪.‬‬

‫ان مضــمون السياســة املاليــة التوســعية هــو أنــه يف حالــة الركــود االقتصــادي يصــبح االقتصــاد الوطــين يعمــل بطاقــة أقــل من قدرتــه‬

‫االنتاجية الكاملـة ‪ ،‬يف هـذه احلالـة تلجـأ احلكومـة اىل حتريـر االقتصـاد عـرب توسـع النفـاق العـام و إحـداث عجـز يف املوازنـة العامـة‬

‫للدولــة اىل ان يصــل االقتصــاد اىل التشــغيل الكامــل ‪ ،‬غــري أن احلكومــات يف العــادة متيــل اىل اســتخدام السياســة املاليــة التوســعية‬

‫أكثر من استخدامها للسياسة املالية االنكماشية لألسباب األتية ‪:‬‬

‫ـ االهتمام الزائد بأهداف التنمية و الرغبة يف التوظيف الكامل لعوامل االنتاج ‪.‬‬

‫ـ زيادة االنفاق العام و احلد من ارتفاع الضرائب عامل اساسي من عوامل الدعم السياسي فضال عن منو النفقات العامة ‪.‬‬

‫ـ دعم و تشجيع النشاطات االقتصادية اليت تساعد يف التقدم و النمو ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ دور الموازنة العامة في تحقيق التوازن االقتصادي ‪:‬‬

‫من املهـ ــام االساس ـ ــية للموازن ـ ــة يف املفه ـ ــوم احلديث أن تسـ ــهل عملي ـ ــة تق ـ ــومي مقرتح ـ ــات املش ـ ــروعات العامـ ــة و ميكن تعريـ ــف‬

‫املشروعات العامـة بأهنا وحـدة اقتصـادية متلكهـا الدولـة كليـا أو جزئيـا مسـتقلة عن اجلهـاز اإلداري للدولـة تتـوىل إنتـاج السـلع و‬

‫اخلدمات حيث تعمــل يف نطــاق األهــداف االقتصــادية و االجتماعيــة الــيت تســعى الدولــة لتحقيقهــا " باإلضــافة اىل وضــع صــورة‬

‫واضحة ألثار النشاط املايل للحكومـة على حالـة االقتصـاد ‪ .‬إن التخطيــط االقتصـادي ال خيرج عن كونــه تفكـريا منطقيــا منظمـا‬

‫بني كيفية توزيع املوارد االقتصادية املتاحة للمجتمع و بني االستخدامات املختلفــة من أجــل حتقيـق األهـداف الوطنيـة للمجتمـع‬

‫خالل فـرتة زمنيـة ‪ ،‬لقــد أصـبحت املوازنـة يف الـوقت املعاصــر أداة من أدوات السياسـة االقتصـادية ‪ ،‬تسـتخدمها احلكومــة للتـأثري‬

‫على النشــاط االقتصــادي من أجــل حتقيــق االهــداف الــيت يســعى إليهــا اجملتمــع ‪ .‬فمن املعتــاد أن تكــون املوازنــة متوازنــة يف بدايــة‬

‫الف ــرتة لكن كثـ ــريا مـ ــا ينتهي هـ ــذا التـ ــوازن اىل عـ ــدم تـ ــوازن عنـ ــد هنايـ ــة السـ ــنة املاليـ ــة ‪ ،‬من خالل هـ ــذه النقط ــة يب ــدأ االن ــدماج‬

‫االقتصادي للموازنة يف التوازن االقتصادي الكلي‪. ¹‬‬


‫‪66‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ــــــ‬
‫‪ ¹‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬ـ المرجع السابق ـ ص ‪193‬‬

‫‪4‬ـ الضوابط الموضوعية لمساهمة االنفاق العام في تحقيــق التــوازن‬

‫العام ‪:‬‬

‫أ ‪ .‬ضرورة ترتيب أولويات االنفاق العام و توجيه النفقاتـ العامة لتحقيق التنمية االقتصــادية ‪:‬هنــاك عــدة مفكــرون قــاموا‬

‫بوضــع تــرتيب املرافــق العامــة حبســب أمهيتهــا و أمههــا تــرتيب "باســتابل" التــارخيي و تــرتيب "أومـزـ " حبســب طبيعــة كــل مرافــق و‬

‫ت ــرتيب العالم ــة األملاين " ك ــون " و الع ــامل االم ــريكي " ك ــارل بلني" حيث ذهب ــا األخ ــريان اىل ت ــرتيب املراف ــق العام ــة حبس ــب‬

‫املنتفعني هبا مث أخ ــري ت ــرتيب "دالت ــون" ال ــذي يتخ ــذ من األم ــر الواق ــع مرش ــدا تارك ــا النظ ــر العقلي ال ــذي يعتم ــد علي ــه الرتتيب ــات‬

‫السابقة ‪.¹‬‬

‫ـ الترتيب التاريخي ‪ :‬أراد أن يتجنب عبء التقديرات الذاتية فقام برتتيب املرافـق تبعـا لنشــوئها التـارخيي ‪ ،‬فـاملرافق الـيت تولتهـا‬

‫احلكومــة قبــل ســواها هلا عنــده من املنزلـة األوىل ‪ ،‬الن تــوىل احلكومــة هلا قبــل غريهــا دليــل على أثرهــا يف عمــارة الدولـة أكــثر من‬

‫املرافق اليت تولتها بعد ذلك و تبعا هلذه النظرية يرتب املرافق كما يلي " نظرية باستابل"‪:‬‬

‫‪2‬ـ مرفق العدل و بث االمن‬ ‫‪1‬ـ مرفق الدفاع‬

‫‪67‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪4‬ـ مرفق التعليم و الدين‬ ‫‪3‬ـ مرفق رقابة الدولة على نشاط األفراد‬

‫‪6‬ـ مرفق عمال الدولة القائمني بسلطاهتا الثالث‬ ‫‪5‬ـ مرفق إمناء االنتاج القومي‬

‫ــــــ‬

‫‪ ¹‬حممدـ حلمي الطوايب ـ (‪ )2007‬المرجع السابق ـ ص ‪ 166‬و ‪. 167‬‬

‫ـ ترتيب المرافق بحسب المنتفعين بها‪ :‬يرتبــان املرافــق حبســب املنتفعني هبا و مــا إذا كــان مجيــع الشــعب أو طائفــة معينــة ميكن‬

‫حتديــد النفــع العائــد عليهــا أو ال ميكن ‪ ،‬و هــل تســتطيع أن تتحمــل تكلفــة هــذه املنــافع أو ال تســتطيع ؟ و يرتبــان املرافــق العامــة‬

‫كما يلي " نظرية كون و بلين " ‪:‬‬

‫ـ املرفق اليت تبث منفعة عامة للمواطنني مجيعا ‪ ،‬و ال طاقة هلا باحتمال تكلفتها فتتوالها الدولة ‪.‬‬

‫ـ املرافق اليت يتولد عنها منفعتان يف أن واحد ‪ ،‬إحدامها لألفراد ميكن تعني املنتفع منها ‪ ،‬و األخرى للجماعة ككل املرافـق الـيت‬

‫متنح لألفراد ( دون اجلماعة ) منفعة ميكن تعيينها و ختصيصها ‪.‬‬

‫ـ ت ــرتيب المراف ــق حس ــب الواق ــع العملي ‪ :‬مل يرتض ــي الكث ــري من املفك ــرين أي من الرتتيب ــات الس ــابقة ال ــيت تق ــوم على ه ــذه‬

‫الرتتيبــات ‪ ،‬و من مث قــرروا أن يعتمــدوا على هــذا الواقــع يف تــرتيب املرافــق العامــة و من هــؤالء " دالتــون " الــذي جيعــل املرافــق‬

‫العامة مراتب السبع و هي ‪:‬‬

‫‪ 2‬ـ القضاء و العدالة‬ ‫‪ 1‬ـ القوات املسلحة‬

‫‪ 4‬ـ إدارة احلكومة املدنية‬ ‫‪3‬ـ نفقات رئيس الدولة‬


‫‪68‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪6‬ـ نفقات تنمية الصناعة و التجارة‬ ‫‪5‬ـ تكاليف الدين العام‬

‫‪7‬ـ االنفاق االجتماعي من صحة تعليم و معاشات الشيخوخة و إسعاف الفقراء و العاطلني‪.‬‬

‫هذا جممل الرتتيبات العقلية و الواقعية للمرافق العامة كما يقررها الفكر الوضعي ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬بيان دور النفقات العامة في تحقيق التنمية االقتصادية ‪:‬‬

‫التنمي ــة االقتص ــادية عن ــد بعض الكت ــاب هي االس ــتثمار يف الص ــناعات أو القطاع ــات االنتاجي ــة ‪ ،‬و يعرفه ــا البعض األخ ــر بأهنا‬

‫ارتفاع الدخل احلقيقي للفرد مع إغفال حقيقة أن زيادة االنتاج تصبح غري كافية إذا كانت زيادة السكان تبتلــع زيــادة االنتــاج‬

‫احلقيقي و تبقى دخــل الفــرد يف مســتوى الفاقــة ‪ ،‬كــذلك فــإن زيــادة إمجايل النــاتج القــومي تكــون غــري مقبولــة اال إذا تضــمنت‬

‫حتسني حظ غالبية الناس ‪ ،‬الن التنمية االقتصادية هلا جانب اجتماعي و جانب توزيعي باإلضافة اىل جانبها االقتصادي ‪.‬‬

‫و السؤال املطروح ‪ :‬كيف تساهم النفقات العامة يف حتقيق التنمية االقتصادية؟‬

‫تتم النفقات العامة يف صور متعددة لتحقيق التنمية االقتصادية ‪ ،‬و من أكـثر هـذه الصــور ذيوعــا االعانـات االقتصـادية و تعــرف‬

‫االعانات بأهنا النفقات اجلماعية الـيت تـؤل اىل املشـروعات االنتاجيـة اخلاصـة أو العامـة الـيت ال ميكن اعتبارهـا كمقابـل أو عـوض‬

‫اقتصادي ألموال أو أنشطة للمستفيدين منها ‪.‬‬

‫و تستخدم االعانات االقتصادية كأداة للتنمية االقتصادية و تتخذ عدة صور أمهها ‪ :‬إعانات االنتــاج ـ إعانـات رأمسالية بأسـعار‬

‫فائدة خمفضة أو معفاة منها و ذلك ‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫دور إعانــات االنتــاج ‪ :‬تقــوم غالبيــة الــدول على منح اعانــات االنتــاج هبدف تشــجيع املشــروعات على زيــادة إنتاجهــا ‪ ،‬مثال‬

‫ختصص فرنسا لصاحل زراعـة الكتـان و غـزل احلريـر و زراعـة العنب ‪ ،‬و يف بريطانيــا و إيرلنــدا لصــناعة السـكر ‪ ،‬و يف بلجيكــا‬

‫لزراعة بنجر السكر و زراعة القمح ‪.‬‬

‫و الدول ــة عن طريـ ــق توزيـ ــع االعانـ ــات ت ــؤدي اىل ظهـ ــور دخـ ــول صـ ــافية أو على األقـ ــل مس ــامهة يف االنتـ ــاج ‪ ،‬و األث ــر املباش ــر‬

‫لإلعان ــات ه ــو تغيــري شــروط تك ــوين األس ــعار و تنظيم االنت ــاج ‪ ،‬و نتيج ــة االعان ــات تك ــون أكــثر م ــيزة عن ــدما تك ــون خمصص ــة‬

‫لإلنتاج املفيد ذي العائد املتزايد ‪.‬‬

‫كذلك تساعد االعانات املشروعات الناشئة على جتاوز البدايات الصعبة و الصمود أمام املنافسة القوية ‪.‬‬

‫االعان ــات االقتص ــادية و دعم التص ــدير ‪ :‬ق ــد هتدف االعان ــات االقتص ــادية دعم ص ــادرات البل ــد مما ي ــؤدي اىل حتس ــني الوض ــع‬

‫بالنســبة مليزان املدفوعات ‪ ،‬و من مت بالنســبة للنشــاط االقتصــادي يف جمموعــه و حتقــق إعانــات التصــدير هــذا الغــرض يف احلاالت‬

‫التالية ‪:‬‬

‫أـ احلالة اليت يكون فيها نسبة الضرائب غري املباشرة مرتفعة لدرجة ال تقوى معها الصادرات على منافسة السلع األجنبية املثيلــة‬

‫‪.‬‬

‫ب ـ احلالة اليت متنع فيها االعانة ملقابلة أثار سعر صرف يتضمن تقديرا عاليا بقيمة العملة الوطنية ‪.‬‬

‫ج ـ ـ حالــة الكســاد حيث تعتــرب إعانــات التصــدير جــزء من السياســة الــيت هتدف اىل حتقيــق االســتقرار االقتصــادي عن طريــق رفــع‬

‫مستوى النشاط االقتصادي إذا كانت االعانة تشجع على االنتاج للتصدير ‪ ،‬و ترتب على إعانــات التصــدير نقــل بعض املوارد‬

‫االنتاجية اليت كانت من املمكن أن تستخدم يف إنتاج سلع و خدمات تسـتعمل يف الــداخل اىل سـلع انتـاج و خــدمات ختصــص‬

‫للسوق اخلارجي ‪.‬‬

‫هكذا يتضح لنا أن االعانات االقتصادية هتدف يف النهاية اىل زيادة االنتاج ‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 5‬ـ ألية تأثير أسعار النفط على السياسة المالية ‪:‬‬

‫لقــد اختلــف االقتصــاديون يف تفســري و إجياد االثباتــات مليكــانزم تــأثري التقلبــات احلادة الــيت تشــهدها أســواق النفــط الدوليــة على‬

‫االقتصاد الكلي و السياسة املالية ‪ ،‬بالرغم من التقاء رأيهم يف أن أسعار النفط املتقلبة ذات أثار مباشرة على االقتصـاد ‪ ،‬و هنـا‬

‫سوف حناول إظهار خمتلف اآلراء اليت تفسر طرق تأثري تقلبات أسعار النفط على االقتصاد الكلي‬

‫‪ ‬نموذج ‪ : Hamilton‬لتفسري كيفية تأثر تراجع الناتج احمللي اإلمجايل بسبب تقلبات أسعار النفط ‪ ،‬يف سنة ‪ 1988‬طور‬

‫منوذجا يتميز مبرونة أكرب لألسـعار و األجـور حبيث تـؤدي تقلبـات أســعار النفـط اىل تراجـع مسـتويات األجــور و الوظـائف يف‬

‫قطــاع اقتصــادي ‪ ،‬بــافرتاض تــأخري يف وجــود وظــائف جديــدة ‪ ،‬ســتؤدي اىل ظهــور بطالــة احتكاكيــة فضــال عن احتمــال عــدم‬

‫اقــدام االفــراد على وظــائف يف قطاعــات بعينهــا بســبب تقــديرهم بــأن وظــائفهم القدمية ستصــبح مرحبة كمــا كــانت عليــه قبــل‬

‫تقلبات أسعار النفط ‪ ،‬و بالتايل من املمكن أن تفوق اخلسائر يف الفرتة القصـرية قيمـة الطاقـة املفقـودة هبامش أعلى ‪ ،‬موضـحا‬

‫بذلك االحتمال الكبري لتأثري تقلبات أسعار النفط على االنتاج و البطالة ‪ Hamilton ،‬أوضــح أيضـا أن منوذجــه من املمكن‬

‫‪71‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أن يرتجم من خالل اجتاهني ‪ ،‬تراجع الطلب على وظائف قطاع معني قد يكون بسـبب كثافـة اسـتخدام هـذا القطـاع للطاقـة‬

‫يف مدخالته و اليت من املمكن مالحظتها بوضوح يف الصناعة التحويلية ‪ ،‬أو من خالل خمرجــات قطــاع الــيت تســتخدم الطاقــة‬

‫بكثافة مثل صناعة السيارات كبرية احلجم عكس تلك صغرية احلجم ‪.¹‬‬

‫‪ ‬نمــوذج‪ Davis‬و ‪ : Haltiwanger‬ســنة ‪ 2001‬وصــفا هــذه املكــنز ميات ب ـ " ‪" al locative ChannelAC‬‬

‫أي قدرة تقلبات أسعار النفط على تغيري توزيع الوظائف و مدخالت رأس املال ‪²،‬‬

‫ــــــ‬

‫‪¹⁻²‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪140‬‬

‫و قام الباحثان بدراسة تطبيقية على منوذج ‪ Hamilton‬من خالل تطبيقه على صناعة الســيارات ‪ ،‬أدت الصــدمة النفطيــة‬

‫س ــنة ‪ 1973‬اىل زيـ ــادة الطلب على السـ ــيارات صـ ــغرية احلجم بـ ــتزامن مـ ــع اخنفـ ــاض الطلب على السـ ــيارات الكب ــرية ‪ ،‬لكن‬

‫صــناعة الســيارات األمريكيــة مثال مل تســتطع االســتجابة لتقلبــات أســعار النفــط بســبب أن رأمساهلا و القــوة العاملــة فيهــا كــانت‬

‫موجهة النتاج السيارات كبرية احلجم ‪ .‬يستنتج ‪ Hamilton‬أن احتمال ظهور بطالة مرتبط فقــط بالبطالــة االحتكاكيــة ‪،‬‬

‫و نفور األفراد من التوجه اىل الوظائف ذات الدخل املنخفض يف ظـل تـوقعهم ظهـور وظـائف جيـدة األجـر جمددا ‪Davis .‬‬

‫و ‪ Haltiwanger‬من جهتهم يفرتضان أن القطاع الذي ارتفع الطلب فيه " صناعة السيارات صغرية احلجم " ال ميكنــه‬

‫توظيــف العمــال املســرحني من القطــاع الــذي اخنفض الطلب على منتجاتــه " صــناعة الســيارات كبــرية احلجم بســبب الطبيعــة‬

‫املادية رأس املال ‪.‬‬

‫ان حتليـ ــل رأي ‪ Davis‬و ‪ Haltiwanger‬يـ ــدعونا اىل حتليل‪ ،AGCAggregate channels‬إذ أن مثـ ــل هـ ــذا الـ ــرتاجع‬

‫الع ــرض املوض ــح يف التفس ــري األول و أث ــر الطلب على السياس ــة النقدي ــة ‪ ،‬و لق ــد ق ــاس ‪ Davis‬و ‪ Haltiwanger‬االمهي ــة‬

‫النســبية لكــل من ‪ al locative Channel‬و ‪ Aggregate channels‬إذ الحظــوا أن ‪ AGC‬جيب أن تــؤدي اىل‬

‫‪72‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫زيادة يف توزيع و خلق الوظائف عند ارتفاع أسعار النفط ‪ ،‬ففي ظل منو الطلب على الوظائف يف بعض القطاعــات املفضــلة ‪،‬‬

‫‪ AGC‬م املفرتض أن تزيد من توزيع الوظائف و اخنفاض يف خلق أخر ‪ .‬أكثر من ذلك ‪ AC‬و ‪ AGC‬من املفرتض أت‬

‫تتجــاوب بصــفة خمتلفــة من االخنفــاض يف أســعار النفــط ‪ ،‬إذ أن اخنفــاض األســعار قــد يــؤدي اىل نفس التــأثري من جــانب ‪ AC‬و‬

‫‪ AGC‬ستؤدي اىل زيادة يف الوظائف ‪.‬‬

‫كما وجدوا أيضا أن التقلبات أسعار النفط السلبية هلا أثـر بسـيط على معـدالت البطالـة ‪ ،‬إذ أهنا سـتؤدي اىل تراجـع طفيـف يف‬

‫ت ــدمري الوظــائف و تعويض ــها بــأخرى جدي ــدة عن ــد مســتوى أعلى بقلي ــل ‪ ،‬لق ــد افرتض ــوا أن التبــاين قــد يع ــود اىل األث ــر االجيايب‬

‫لتقلبات أسعار النفط عرب ‪. AGC‬‬

‫لقد قام كل من ‪ Davis‬و ‪ Hamilton‬بتحليل بعض االمور الدقيقة اليت تدخل يف إطار أثار عدم استقرار أســعار النفــط و‬

‫خمتلف الطرق اليت تسلكها للتأثري على معدالت البطالة ‪ ،‬و توصـلوا اىل أن تقلبـات أسـعار النفـط تـاثر على قطـاع الصـناعة عـرب‬

‫‪ AC‬و ‪ AGC‬يف أن واحد لكن سنقرتح أن أسعار النفط عرب ‪ AC‬ضعيف للغاية ‪.‬‬

‫‪ ‬منوذج ‪ : Woodford . Rotemberg‬يفــرتض هــذا النمــوذج أن وجــود احتكــارات يف األســواق قــد يفســر أثــر تقلبــات‬

‫أســعار النفــط على االقتصــاد ‪ ،‬إذ توصــلوا أوال اىل أن ارتقــاع أســعار النفــط بـ ‪ %1‬ســيؤدي اىل تراجــع االنتــاج بـ ‪%0,25‬‬

‫خالل ســنة اىل ســنتني ‪ ،‬يف حني ســينخفض األجــر احلقيقي بـ ‪ %0,1‬خالل نفس الفــرتة ‪ ،‬ليتم بعــدها بنــاء منوذج اقتصــادي‬

‫أين يصـبح دالـة االنتـاج دالـة تابعـة لتقلبـات أسـعار النفـط ‪ ،‬و العمالـة و رأس املال ‪ ،‬و لقـد عـدل النمـوذج أوال بـافرتاض تـوفر‬

‫ظــروف املنافســة الكاملــة يف األســواق ليســتنتج أن أثــر ارتفــاع أســعار النفــط ســتظل قائمــة مــدة ‪ 4‬أشــهر لــتزول بعــدها ‪ ،‬كمــا‬

‫‪73‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الحظـوا أن زيـادة معـدالت البطالـة سـتؤدي بـدورها اىل تعـرض دالـة االنتـاج ألثـار واســعة النطـاق مما يعـين حمدوديـة األثــر على‬

‫األجر احلقيقي األمر الذي خيتلف مع النتائج احلقيقية ‪.¹‬‬

‫من خالل العنصــرين الســابقني اســتنتج ‪ Woodford‬و‪ Rotemberg‬أن أثــر تقلبــات أســعار النفــط ال ميكن تفســريها ضــمن‬

‫ظروف منافسة كاملة ‪.‬‬

‫ـــــــ‬

‫‪¹‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪144‬‬

‫‪:‬‬ ‫خالصة الفصل الثالث‬

‫من خالل تناولنـا يف هـذا الفصــل السياسـة املاليـة كــأداة لتحقيـق التــوازن االقتصــادي ‪ ،‬قمنــا بتقــدمي جـانب حـول عالقـة السياسـة‬

‫املاليــة بالسياســة النقديــة ‪ ،‬ألن هلمــا تــأثري مشــرتك على االقتصــاد ‪ ،‬و يســعيان اىل حتقيــق االســتقرار االقتصــادي ‪ ،‬لــذا التنســيق و‬

‫التكامل بني السياستني يعترب أمرا ضروريا ‪ ،‬لوحظ من خالل هذا اجلانب أنه توجد عالقة و أثار متبادلـة بني السياسـات املاليـة‬

‫و النقدية و املتغريات االقتصـادية الكليـة ‪ ،‬فالسياسـة املاليـة هلا تـأثري مباشـر على الـدخل مث الطلب الكلي‪ ،‬بينمـا السياسـة النقديـة‬

‫هلا ت ــأثري غ ــري مباش ــر على الطلب الكلي ‪ ،‬كم ــا أن السياس ــة املالي ــة أك ــثر فعالي ــة يف مواجه ــة الرك ــود االقتص ــادي على عكس‬

‫السياسة النقدية اليت تكون هلا فعالية أكثر يف مواجهة الضغوط التضخمية‪.‬‬

‫كمــا نلخص ان مفهــوم التــوازن قــد تطــور بشــكل ملحــوظ ليحــل التــوازن النــوعي بــدل التــوازن الكمي ‪ ،‬حيث مل يعــد يقتصــر‬

‫على اقامة معادلة متعادلة بني النفقات الالزمة لتسيري مصاحل الدولـة من جهـة ‪ ،‬و بني االيـرادات الضـريبية من جهـة أخـرى ‪ ،‬و‬

‫امنا اصبح له عالقة باجلانب االقتصادي ‪ ،‬و من مث مل يقتصر النظر على التوازن الرقمي للموازنة بل تعداه اىل توازن أكرب ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫فــالتوازن االقتصــادي العــام غرض ـهـ أن تصــل مردوديــة النظــام االقتصــادي اىل أعلى حــد هلا ‪ ،‬و يســاهم ذلــك يف حتقيــق التــوازن‬

‫االقتصادي العام املتمثل بتوازن العرض و الطلب ‪ ،‬توازن االنتاج و االستهالك ‪ ،‬توازن االسترياد و التصدير ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن‬
‫االقتصادي دراسة حالة الجزائر‬
‫( الجانب التطبيقي )‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من خالل الدراســة التطبيقيــة للسياســة املاليــة كأليــة لتحقيــق التــوازن االقتصــادي دراســة حالــة اجلزائــر منــذ (‪ 2004‬ـ‬

‫‪ )2014‬ـ الــيت ســنتناوهلا يف هــذا الفصــل ‪ ،‬حيث نالحــظ أن اجلزائــر قــامت بعــدة اصــالحات و تصــحيحات هيكليــة عملت من‬

‫ورائهــا اىل حتقيــق التــوازن االقتصــادي ( الــداخلي و اخلارجي) من خالل معاجلة مشــاكلها اجتاه السياســة االقتصاديـ ـ ــة ‪ ،‬و الــيت‬

‫ركـ ـ ــزت أساس ــا علـ ـ ـ ــى السياس ــة املالي ــة باعتباره ـ ــا أداة فعال ــة لتحقي ــق التـ ـ ــوازن االقتص ـ ـ ــادي ‪ ،‬و ه ــذا من خالل أدواهتا املالي ــة‬

‫(اإليرادات العامة ‪ ،‬النفقات العامة و املوازنة العامة ) ‪ ، ،‬فاإليرادات العامة للجزائر هي عرضة لالختالالت االقتصادية العاملية‬

‫بســبب اعتمادهــا الكبــري على اجلبايــة البرتوليــة كمصــدر متويــل رئيســي و تأثريهــا بتغــريات أســعار النفــط ‪ ،‬قــامت اجلزائــر بإنشــاء‬

‫صندوق ضبط املوارد من أجل تغطية عجز املوازنة العامة للجزائر‪.‬‬

‫و ملعاجلة هــذا الفصــل قمنــا بعــرض حملة حــول تطــورات االقتصــاد اجلزائــري قيــل ســنة ‪ 2004‬مث تناولنــا البحــوث التاليــة ‪ ،‬حيث‬

‫خصصــنا املبحث االول نظــرة حــول امليزانيــة العامــة يف اجلزائــر أمــا يف املبحث الثــاين نقــوم بدراسـة االيــرادات العامـة يف اجلزائــر و‬

‫دراسة النفقات العامة يف اجلزائر يف املبحث الثالث أما املبحث االخري نقـوم بدراســة دور السياســة املاليــة يف حتقيــق التــوازن االقتصــادي‬

‫يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫لمحة حول تطور االقتصاد الجزائري قبل سنة ‪: 2004‬‬

‫عرف االقتصاد اجلزائري عدة مراحل من خالل اجملهودات املبذولة من طــرف الدولــة إلخــراج البالد من حالـة التخلــف‬

‫و ال ــدفع هبا اىل طري ــق التنمي ــة االش ــرتاكية ‪ ،‬و ذل ــك يف إط ــار مش ــروع تنمي ــة البالد يف اجملالني االقتص ــادي و االجتم ــاعي ‪ ،‬و‬

‫يهدف اىل تدخل القيـادة السياسـية لتوجيـه األعمـال االقتصـادية و االجتماعيـة ‪ ،‬و تقريـر اسـتخدام جممـوع الوسـائل الـيت متلكهـا‬

‫االمة يف االجتاه املطلوب لتحقيق أهداف التنمية الشاملة ‪.‬‬

‫‪ ‬أدى إخالل التوازن العام هليكل االستثمارات بسبب عدم التحكم يف تسيري املشاريع و ختصيص الوسائل ‪ ،‬و جعــل املنطقيــات‬

‫القطاعيــة هي املســيطرة كمــا أن التطــور املعمم بالتــدريج هلا و غــري مرتبطــة فيمــا بينهــا ‪ ،‬أمــا بالنســبة للتوازنــات اخلارجيــة إن‬

‫اللجــوء اىل اخلارج لتغطيــة احلاجــات الضــرورية لتســيري االقتصــاد الوطــين بكيفيــة حســنة ‪ ،‬و بتــدهور شــروط التبــادل قــد زادت‬

‫من حجم استدانة اجلزائر للخارج ‪.‬نتج عن كل هذا العجز يف ميزان السلع و اخلدمات ‪. ¹‬‬

‫‪ ‬اتســمت التوازنــات املاليــة اخلارجيــة بتــدهور املبــادالت و العــروض و عــبئ املديونيــة و هكــذا فــإن الوضــعية الصــعبة الــيت عرفهــا‬

‫االقتصــاد الوطــين من حيث اختالل التــوازن املايل الــداخلي و اخلارجي و تنــاقص االنتــاج و زيــادة حــدة التضــخم الــيت كــانت‬

‫ناجتة عن تشــوهات هيكليـة عميقــة ‪ ،‬هــذا باإلضــافة اىل التــوترات الشــديدة الـيت شــهدها االقتصــاد العــاملي و الـذي متثـل بفشــل‬

‫النظ ــام االش ــرتاكي ‪ .‬يف ظ ــل ه ــذه الظ ــروف القاس ــية ت ــربز احلاج ــة املاس ــة اىل سياس ــة تص ــحيحية ‪ ،‬و هك ــذا اعتم ــدت اجلزائ ــر‬

‫سياسة تصحيحية ذاتية و العمل على حترير االلة االقتصـادية من قبضـة االدارة البريوقراطيـة و االنتقــال من االقتصـاد السـابق و‬

‫املخطــط الســابق و املوجــة الــذي أثبت فشــله ليس يف اجلزائــر فقــط بــل حــىت يف الــدول العظمى يف االقتصــاد احلر أي اقتصــاد‬

‫السوق و يف نفس الوقت عملت اجلزائر على التقارب و خلق جو من التعاون‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬حممدـ بلقاسم حسن هبلول (‪ ، )1999‬سياسة تخطيط التنمية و إعادةـ تنظيم مسارها في الجزائر ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزء الثاين ص ‪123‬‬

‫‪17‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫مـع املؤسسـات املاليـة الدوليـة ( صـندوق النقـد الـدويل ‪ ،‬البنـك العـاملي ) هبدف دفـع عجلـة االصـالحات املتخـذة هبدف إعـادة‬

‫التوازن الداخلي و اخلارجي و حتسني األداء لالقتصاد الكلي ‪.‬‬

‫‪ ‬رغم ذلك عاىن االقتصاد اجلزائري من تدين معدل النمو االقتصادي و ارتفاع عجز امليزانية العامة و ارتفاع معــدالت التضـخم‬

‫و البطالـ ــة و تـ ــدهور اخلدمات العامـ ــة للدولـ ــة ‪ ،‬و تفـ ــاقم عجـ ــز املدفوعات و ارتفـ ــاع حجم املديونيـ ــة اخلارجيـ ــة ‪ ،‬و تـ ــأثرت‬

‫الوضــعية املاليــة للمؤسســات العموميــة نتيجــة القــوانني املفروضــة على األســعار و تســريح العمــال ‪ ،‬و أصــبحت الطاقــة املاليــة‬

‫للجزائــر مرهقــة من جــراء تــدفق األمــوال لتظهــر عــدة إصــالحات مما جعــل الــدخول اىل مرحلــة اقتصــاد الســوق مت يف ظــروف‬

‫مغ ــايرة ملا قب ــل االص ــالحات حيث ص ــدرت جمموع ــة من الق ــوانني و املراس ــيم ال ــيت تص ــب يف اجتاه تعمي ــق االص ــالح ‪ ،‬حيث‬

‫ســجلت االيــرادات اجلبائيــة ارتفاعــا بالنســبة إلمجايل النــاتج الــداخلي و تقليص الطلب االمجايل بعــد فــرض بعض القيــود على‬

‫الواردات ‪ ،‬تراجع حجم االستثمارات العمومية نتيجة ختلي الدولة على متويل املؤسســات االقتصــادية العموميــة ‪ ،‬ان اخنفــاض‬

‫ســعر البــرتول أدى اىل اخنفــاض مــداخيل اجلزائــر اخلارجيــة و منهــا جلأت اجلزائــر اىل املديونيــة اخلارجيــة ‪ ،‬و قــد تضــخم حجم‬

‫الديون اخلارجيـة كمـا زادت معـدالت خدمـة الـدين الـيت أصـبحت تلتهم أكـثر من ‪ % 80‬من حصـيلة الصـادرات ‪ ،‬مـا جيعـل‬

‫اجلزائ ــر تســتدين الس ــترياد املواد الغذائيــة فإهنا أحلقت أض ــرار كب ــرية جبهــاز االنت ــاج الــذي كــان حيتــاج اىل قــروض ‪ ،‬و بالت ــايل‬

‫رفضت اجلزائر اللجوء اىل إعادة جدولة ديوهنا مما جعلهـا ختصــص حنو ‪ %21‬من النـاتج الوطـين اإلمجايل لســد خدمــة الــديون‬

‫ســنة ‪ ، 1990‬كــل هــذه املشــاكل أدت بــاجلزائر باالســتنجاد بصــندوق النقــد الــدويل و ذلــك من خالل حتريــر رســالة القصــد‬

‫( الني ــة) ال ــيت على ض ــوئها تض ــمنت االص ــالحات ال ــيت تن ــوي اجلزائ ــر على تفعيله ــا يف الواق ــع من خالل اس ــرتاتيجية اقتص ــادية‬

‫جديدة ترمي اىل الدخول يف اقتصاد السوق و التخفيف من املشاكل االجتماعية كالبطالة و السكن ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬مدين بن شهرة ( ‪ )2009‬االصالح االقتصادي و سياسة التشغيل ( التجربة الجزائرية) ـ دار حامد للنشر و التوزيع ـ الطبعة األوىل ص ‪. 136‬‬

‫‪18‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬نظرة حول الميزانية العامة للجزائر ‪:‬‬

‫تعتــرب املوازنــة العامــة قلب النظــام املايل ‪ ،‬و هــذا مبا تتمــيز بــه من أمهيــة فهي كــأداة لقيــاس تطــور املمارســة الدميقراطيــة يف‬

‫اجملتمع ‪ ،‬و ذلك من خالل العمليات اليت تقوم هبا احلكومة بتخصيص املوارد املتاحة لتغطية النفقات الالزمة إلشباع احلاجات‬

‫العامة ‪.‬‬

‫النظام المالي الحالي في الجزائر‪:‬‬ ‫‪1‬ـ‬

‫ان قانون املالية يف اجلزائـر حيمـل قواعـد تنظيم قـانون املاليـة لسـنوات املاليـة حيث ورد فيـه عبـارة ابتـداء من عـدة مـرات و جتسـد‬

‫ذلك يف ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ التقدمي املفصل مليزانية التشغيل و التجهيز‪.‬‬

‫‪ ‬ـ سيحدد قانون املالية طبيعة و مبلغ جمموعة النفقات و املوارد الدولة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ ادخال قواعد ذات طبيعة جبائية ‪.‬‬

‫كمــا ان املشــرع كــان كــل مــرة أثنــاء تطــبيق امليزانيـة يــدخل كلمـا كــان ذلــك ضــروريا قواعــد جديــدة عــرب قــوانني ماليـة و هبدف‬

‫الغاء مجيع التشريع الفرنسي و كل مساته كان ينبغي سد مجيع التغريات عن طريق قوانني جزائرية ‪.¹‬‬

‫معىن قانون املالية و أنواعه كما حدد مصادر موارد الدولة و كيفية احلصول عليهــا و النفقـات و تقسـيمها اىل نفقــات التشـغيل‬

‫و نفقات االستثمار و املوازنات امللحقة و اجلماعات و اهليئات العمومية و احلسابات اخلاصة بامليزانية و عمليات اخلزينة ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪19‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )2004‬منهجية الميزانية العامة للدولة في الجزائرـ ‪ ،‬دار الفجر للنشر و التوزيع النزهة اجلديدة القاهرة ‪ ،‬الطبعة االوىل ص ‪. 14‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪ 2‬ـ قانون المالية و أنواعه في الجزائر ‪:‬‬

‫لقــد اعتمــد املشــرع اجلزائــري يف تعريفــه لقــانون املاليــة ‪ ،‬حيث جــاء بــه ان قــوانني املاليــة حتدد الطبيعــة و املبــالغ و التخصيصــات‬

‫لكــل املوارد و االعبــاء العامــة للدولــة مــع مراعــاة التــوازن االقتصــادي و املايل ‪ ،‬و عليــه ان االيــرادات و النفقــات النهائيــة للدولــة‬

‫حتدد سنويا مبوجب قانون املالية كما توزع وفق االحكام التشريعية ‪ ،‬و هي شكل املوازنة العامة للدولة ‪.‬‬

‫من خالل هــذا يتضـح لنــا أن امليزانيـة تتشـكل من االيــرادات و النفقــات فهي إذ عبـارة عن جمموعـة حســابات يف حني أن قـانون‬ ‫‪‬‬

‫املالية يرخص بإجياز هذه النفقات و االيـرادات و بالتـايل فهـو احلامـل للميزانيـة من جمرد وثيقـة حكوميـة اىل قـانون ملـزم التطـبيق‬

‫مبعىن أخر أن قانون املالية ميثل الرخصة التشريعية إلجناز املوازنة و بالتـايل ال ميكن اعتمـاد و تنفيـذ املوازنـة إال من خالل قــوانني‬

‫املالية ‪ ،‬ألن إجازهتا تتم من قبل السلطات التشريعية و تكون على شكل قانون ‪.‬‬

‫ميكن تلخيص مما سـبق تعريـف امليزانيـة العامــة للدولـة يف اجلزائـر بأهنا ‪ :‬وثيقــة تشــريعية سـنوية ‪ ،‬تقــرر املوارد و النفقـات النهائيـة‬ ‫‪‬‬

‫للدولة و ترخص هبا ‪ ،‬من أجل تسيري املرافق العمومية و نفقات التجهيز العمومي و النفقات برأمسال ‪.‬‬

‫و أخريا ميكن القول أن لنظام امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر اىل أن هذا النظام الذي بــدأ مــع االســتقالل مرتكــزا على التشــريع‬

‫الفرنس ــي ‪ ،‬مل يس ــتطع التخلص من تبعيت ــه ‪ ،‬و ظ ــل رغم ص ــدور الق ــانون املتعل ــق بق ــوانني املالي ــة يع ــاين من نق ــائص تش ــريعية و‬

‫تنظيمية ‪ ،‬ال بد من قانون إطار للتكفل هبا ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ‬أنواع القوانين المالية ‪:‬‬

‫تتكــون وثــائق امليزانيــة العامــة للدولــة يف اجلزائــر من قــانون املاليــة األويل و املعــدل و التكميلي ‪ ،‬و اجلداول امللحقــة ‪ ،‬و املراســيم‬

‫التوزيعية لالعتمادات و ملزمات امليزانية العامة اليت توضح االعتمادات املخصصة يف التسيري و التجهيز ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ قانون المالية السنوي ‪ :‬ان قانون املالية خيضع أساسـا اىل مبـادئ املاليـة العامـة مبا يتناسـب مـع مبـدأ السـنوية حيث يتضـمن‬

‫االعتمادات السنوية و حجم املوارد و طبيعتها و مبلغها و طرق حتصيلها ‪ ،‬و منه فإن هذا القانون يــرخص ســنويا االقتطاعــات‬

‫الضــريبية كمــا خيصــص االعتمــادات اخلاصــة بالتســيري و التجهــيز ‪ ،‬و قــانون املاليــة الســنوي يتكــون من جــزئني ‪ :‬األول يتضــمن‬

‫االحكــام املتعلقــة بتحصــيل املوارد العموميــة و احملافظــة على التوازنــات العموميــة املاليــة الداخليــة و اخلارجيــة ‪ ،‬أمــا الثــاين يتضــمن‬

‫املبلــغ االمجايل لالعتمــادات املطبقــة بصــدد املوازنــة العامــة للدولــة و املوزعــة حســب طبيعــة النفقــة ( التســيري و التجهــيز ) الحــظ‬

‫اجلدول ـ أ ـ و اجلدول ـ ب ـ و اجلدول ـ ج ـ يف قائمة املالحق ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ قانون المالية و قوانين المالية التكميلية و المعدلـة ‪ :‬يقــرر و يــرخص قــانون املاليــة للســنة ‪ ،‬بالنســبة لكــل الســنة املدنيــة ‪،‬‬

‫جممل مـوارد الدولـة و أعبائهـا و كـذا الوسـائل املاليـة األخـرى املخصصـة لتسـيري املرافـق العموميـة ‪ ،‬كمـا يقـرر و يـرخص عالوة‬

‫على ذلك املصاريف املخصصة للتجهيزات العمومية و كذلك النفقات بالرأمسال ‪.‬‬

‫و ميكن لقوانني املالية التكميلية أو املعدلة دون سواها ‪ ،‬إمتام أحكام قانون املالية للسنة أو تعديلها خالل السنة اجلارية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ قانون ضبط الميزانية ‪ :‬يشكل هـذا القـانون الوثيقـة الـيت يثبت مبقتضـاها تنفيـد قـانون املاليـة و عنـد االقتضـاء قـانونني املاليـة‬

‫التكميلية أو املعدلة اخلاصة بكل سنة مالية ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و يضم مشروع قانون املالية املودع يف أقصى تاريخ يوم ‪ 30‬سبتمرب من السنة اليت تسبق السنة املالية املعنية ‪ ،‬مواد تتنــاول من‬

‫جديــد و يف صــيغة واضــحة ‪ ،‬األحكــام القانونيــة اجلديــدة أو املعدلــة ‪ ،‬و مييز يف مشــروع قــانون املاليــة بني األحكــام التشــريعية‬

‫الدائمة و األحكام ذات الطابع املؤقت ‪ ،‬و يعد كل حكم يقرتح دون حتديد مدة تطبيقه صراحة حكما ذا طابع دائم ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الجداول الملحقة بقانون المالية ‪:‬‬

‫حتتاج الرخص املمنوحة بواسطة قانون املالية أن تفصل و توضح بواسطة وثــائق تتمثـل يف اجلداول الـيت تنشـر كمالحـق لقــانون‬

‫املالية‬

‫يف اجلزائر جند ثالث جداول باإلضافة اىل امليزانية امللحقة ‪ ،‬هذه اجلداول هي كاآليت ‪:¹‬‬

‫ـ اجلدول " أ " االيرادات النهائية املطبقة على ميزانية الدولة لسـنة ما ‪ :‬هـو اجلدول التقـديري ملختلـف أصـناف إيـرادات الدولـة‬

‫للسنة املعتربة ‪ ،‬و هو جدول خمتصر الن كل واحد من احلسابات التسعة (‪ )09‬لإليـرادات مفصـل اىل حسـابات فرعيـة ‪ ،‬هـذه‬

‫احلسابات تشكل اجملموعة الثانية املسماة عمليات امليزانية العامة يف مدونة حسابات اخلزينة ‪ ،‬مدونة إيــرادات املوازنـة العامـة أو‬

‫ما يعرف باجلدول ( أ ) امللحق بقانون املالية ( أنظر قائمة املالحق ) ‪.‬‬

‫ـ اجلدول "ب" توزيــع االعتمــادات بعنــوان ميزانيــة التســيري حســب كــل دائــرة وزاريــة لســنة مــا ‪ :‬هــو جــدول توزيــع من خاللــه‬

‫االعتم ــادات املفتوح ــة بعن ــوان ميزاني ــة التس ــيري من ط ــرف ق ــانون املالي ــة للس ــنة املعت ــربة ‪ ،‬و ه ــذا حس ــب ال ــدوائر الوزاري ــة طبق ــا‬

‫لتش ــكيلة احلكوم ــة ال ــيت يص ــنف هلا مص ــاحل رئاس ــة اجلمهوري ــة و مص ــاحل رئيس احلكوم ــة املعت ــربة ك ــدوائر وزاري ــة باإلض ــافة اىل‬

‫التكاليف املشرتكة ‪ ( .‬أنظر قائمة املالحق ) ‪.‬‬

‫اجلدول " ج" توزيع النفقات ذات الطابع النهـائي يف املخطـط الوطـين حسـب القطاعـات لسـنة ما ‪ :‬هـو جـدول رخص الـربامج‬

‫املسموح هبا العتمادات ميزانية التجهيز أو االسـتثمار ذات الطـابع النهـائي يف املخطـط الوطـين موزعـة بني خمتلـف القطاعـات و‬
‫‪22‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫العمليــات برأمسال الــيت تقــوم هبا الدولــة ‪ ( .‬أنظــر قائمــة املالحــق ) ‪ ،‬مدونــة النفقــات العامــة الــيت تظهــر يف جــدولني مها اجلدول‬

‫"ب" يتعلق ميزانية التسيري ‪ ،‬أما الثاين ( ج ) خاص مبيزانية التجهيز ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )2004‬المرجع السابق ص ‪. 25‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪ 4‬ـ مبادئ الميزانية العامة في الجزائر ‪ :‬تعترب القواعد الفنية للميزانية العامة هتدف اىل‬

‫متكني السلطة التشــريعية من مراقبـة النشـاط املايل للحكومــة ‪ ،‬و لـذلك فهي تتـأثر بتغـري دور الدولـة ‪ ،‬و مـدى تـدخلها يف احليـاة‬

‫االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و تتكيف مع الوظائف االقتصادية و االجتماعية احلديثة للمالية العامة‬

‫أ ‪ :‬مبــدأ القاعــدة الس ــنوية الميزانيــة العام ــة لدولــة الجزائر ‪ :‬يقص ــد هبذا املب ــدأ أن حيدث توق ــع و إج ــازة لنفق ــات و إرادات‬

‫الدولة بصفة دورية منتظمة كل عام ‪ ،‬و يعـين أيضـا أن امليزانيـة جيب أن تقـرر باعتمـاد سـنوي من السـلطة التشـريعية ‪ ،‬و يرجـع‬

‫ه ــذا املب ــدأ اىل اعتب ــارات سياس ــية و مالي ــة معين ــة ‪ ،‬فاالعتب ــارات السياس ــية تتمث ــل يف أن مب ــدأ س ــنوية امليزاني ــة يكف ــل دوام رقاب ــة‬

‫الســلطة التش ــريعية على أعم ــال الســلطة التنفيذيــة الــيت جتد نفســها مضــطرة اىل الرجــوع اليه ــا و احلصــول على موافقتهــا بص ــفة‬

‫دورية كل عـام ‪ ،‬و هـذا طبقـا ملا ورد يف قـانون ‪ 84‬ـ ‪ ( 17‬أن قـانون املاليـة يقـر و يـرخص عن كـل سـنة مدنيـة مبجمـل مـوارد‬

‫الدولــة و نفقاهتا ) ‪ ،‬و الســنة املدنيــة تضــم الفــرتة ‪ 1‬جــانفي اىل غايــة ‪ 31‬ديســمرب كمــا هــو يف اجلزائــر ‪ ،‬أمــا االعتبــارات املاليــة‬

‫فتتمثــل يف أن فــرتة الســنة هي الفــرتة الــيت متارس يف نطاقهــا أغلب األنشــطة االقتصــادية ‪ ،‬كمــا أهنا تضــمن دقــة تقــدير إيــرادات‬

‫الدولـة و نفقاهتا بصـفة خاصـة ‪ ،‬على اسـاس اجتاهاهتا يف املاضـي القـريب ( السـنة املاليـة منتهيـة) و ذلـك لصـعوبة تقـديرات هـذه‬

‫االيــرادات و النفقــات يف فــرتة أطــول ‪ ،‬و مــا قــد يقــرتن بــذلك من أخطــاء نتيجــة تغــري العوامــل االقتصــادية الــيت تــؤثر يف الــدخل‬

‫القــومي ‪ ،‬و من مت يف حصــيلة الضــرائب و االيــرادات بصــورة عامــة ‪.‬لكــل هــذه االعتبــارات يؤكــد الفكــر املايل التقليــدي على‬

‫ضرورة احـرتام مبـدأ سـنوية املوازنـة ‪ ،‬باعتبـاره ميثـل ضـمانة لتحضـري امليزانيـة على ضـوء تقـديرات حمددة ‪ ،‬و من مت واقعيـة ‪ ،‬اىل‬

‫‪23‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫جــانب مراعاتــه لظــاهرة مومسية بعض النفقــات و االيــرادات ‪ ،‬إضــافة اىل كفالتــه لرقابــة فعالــة و دوريــة على فــرتات قصــرية من‬

‫جانب السلطة التشريعية لإلنفاق احلكومي ‪. ¹‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حسني مصطفى حسني ( ‪ )1987‬المالية العامة ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬ص‪. 60‬‬ ‫‪¹‬‬

‫و يالحظ بعض الدول قد حاولت ان خترج على مبدأ السنوية ‪ ،‬و أن حتل حمله ميزانيــة الــدورات الـيت هتدف اىل حتقيــق التــوازن‬

‫االقتصــادي يف خالل فــرتة طويلــة على أســاس تعــاقب فــرتات الــرواج و الكســاد ‪ ،‬لكن لصــعوبة تقــدير النفقــات و االيــرادات يف‬

‫األجل الطويـل ‪ ،‬مل تنجح هــذه احملاوالت و ال تـزال الغالبيـة العظمى من الـدول تأخـذ مببـدأ السـنوية ‪ ،‬و هــذا يعــين أن احلكومــة‬

‫ملزم ــة بتنفي ــذ امليزاني ــة خالل س ــنة إال أن هن ــاك عملي ــات تف ــوق اإلط ــار الس ــنوي و هلذا ظه ــر على ه ــذا املب ــدأ اس ــتثناءات ( أي‬

‫اخلروج على مبدأ سنوية امليزانية ) و تستنبط هذه االستثناءات من اعتبارين خمتلفني ‪:‬‬

‫ـ من جهة العتبارات فنية و تطبيقية تتعلق بتصحيح أثار مبدأ سنوية امليزانية العامة للدولة ‪.‬‬

‫ـ من جهــة أخــرى العتبــارات سياســية و اقتصــادية متعلقــة مبشــاكل االســتثمارات املخططــة و الــربامج يســمح بإعطــاء الــرتخيص‬

‫املايل أثــر يتعــدى كثــريا اإلطــار الضــيق للســنة ‪ ،‬و ميكن حصــر هــذه االســتثناءات فيمــا يلي ‪ :‬عمليــات بــرامج التجهــيز ‪ ،‬ترحيــل‬

‫االعتمادات ‪ ،‬امليزانية الشهرية ‪ ،‬االعتمادات التكميلية‬

‫ب ـ تقديم قاعدة وحـدة الميزانيـة العامـة للدولـة في الجزائـر ‪ :‬يقصــد مببــدأ وحــدة امليزانيــة ان تــدرج مجيــع نفقــات الدولــة و‬

‫مجيــع إيراداهتا يف وثيقــة واحــدة الــيت يســهل معرفــة مركزهــا املايل ‪ ،‬و حــىت تتمكن أجهــزة الرقابــة املختلفــة من مراقبــة تصــرفات‬

‫الدولــة املاليــة و مطابقتهــا لألهــداف احملددة و االعتمــادات الــواردة يف املوازنــة كمــا وافقت عليهــا الســلطة التشــريعية ‪ ،‬و يــرتتب‬

‫على تطــبيق مبــدأ وحــدة امليزانيــة نتيجــة هامــة تتمثــل يف قاعـدة عـدم تخصـيص االيـرادات ‪ ،‬أي ينبغي أن ختصــص مجيــع مــوارد‬

‫الدولة لتمويل مجيع األنشطة اليت تقوم هبا ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ ـ االس ــتثناءات ال ــيت ت ــرد على مب ــدأ وح ــدة امليزاني ــة ‪ :‬ف ــرغم م ــا ينط ــوي علي ــه مب ــدأ وح ــدة امليزاني ــة من فوائ ــد ف ــإن هن ــاك بعض‬

‫االستثناءات اليت ترد عليه تربرها املالية احلديثة للدولة ‪ ،‬و ميكن حصر هذه االستثناءات فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ امليزانيـة امللحقـة ‪ :‬هنـاك بعض املؤسسـات العموميـة ال تتمتـع بالشخصـية املعنويـة املسـتقلة عن شخصـية الدولـة ‪ ،‬فتعتمـد الدولـة‬

‫منحها ميزانية مستقلة إال أن هذه امليزانية تلحـق املوازنـة العامـة و هـذا مـا نص عليـه قـانون ‪ 84‬ـ ‪ 17‬يف املادة ‪ 44‬ـ ‪ ( 45‬مثـل‬

‫املوازنة اخلاصة بالربيد و املواصالت) ‪.‬‬

‫ـ احلسابات اخلاصة باخلزينة ‪ :‬متثل هذه احلسابات التعديل الثاين على مبدأ وحدة املوازنة العامة للدولة يف اجلزائر و قــد خصــص‬

‫قــانون ‪ 84‬ـ ‪ 17‬هلذه احلســابات ‪ 14‬مــادة ( ‪ 84‬ـ ‪ ) 61‬و تتمثــل هــذه احلســابات يف احلســابات املفتوحــة يف كتابــات اخلزينــة‬

‫تقيـد فيهـا عمليـات االيـرادات و النفقـات ملصـاحل الدولـة ‪ ،‬الـيت جتريهـا تنفيـذا ألحكـام قـانون املاليـة و لكن خـارج امليزانيـة العامـة‬

‫للدول ــة ‪ ،‬و ق ــد ص ــنف ق ــانون ‪ 84‬ـ ‪ 17‬ه ــذه احلس ــابات اىل ‪ :‬حس ــابات جتاري ــة ‪ ،‬حس ــابات التخص ــيص اخلاص ‪ ،‬حس ــابات‬

‫التسبيقات ‪ ،‬حسابات القروض ‪ ،‬حسابات التسوية مع احلكومات األجنبية كاملساعدات للدولة ‪.‬‬

‫ج ـ تقديم قاعدة شمول الميزانية العامةـ للدولة في الجزائر ‪:‬‬

‫يســتلزم حتصــيل االيــرادات العامــة القيــام ببعض النفقــات ‪ ،‬و عليــه فمبــدأ عموميــة امليزانيــة يعــين أن تظهــر يف وثيقــة امليزانيــة كافــة‬

‫تقديرات النفقات و كافة تقديرات االيرادات دون أي مقاصة بني االثنني ‪.‬و هذا املبدأ يكمـل مبـدأ وحـدة امليزانيـة ‪ ،‬فـإذا كـان‬

‫مبدأ وحدة امليزانية يهدف اىل إعداد وثيقة واحدة مليزانية الدولـة و ميثـل اإلطـار اخلارجي للميزانيـة ‪ ،‬فـإن مبـدأ العموميـة يهـدف‬

‫اىل مأل هذا اإلطار عن طريق التسجيل التفصيلي لكل تقدير بنفقة و لكل تقدير بإيراد دون إجراء مقاصــة بني التقــديرين ‪ ،‬أي‬

‫أن مبــدأ عموميــة امليزانيــة ميث ــل املضــمون الــداخلي ملبــدأ وحــدة امليزانيــة باعتبــار أن ه ــذا األخــري ‪ ،‬و على م ــا ســلف هــو اإلطــار‬

‫اخلارجي للميزاني ــة‪ .‬و إذا ك ــان مب ــدأ عمومي ــة امليزاني ــة ي ــرمي اىل أحك ــام رقاب ــة الس ــلطة التش ــريعية على النش ــاط املايل للحكوم ــة‬

‫بإجازهتا لتفاصــيل إيــرادات و نفقــات املرافــق العامــة ‪ ،‬فهنــاك قاعــدتان اىل جانبــه تســتهدفان حتقيــق نفس الغــرض و مها ‪ :‬قاعــدة‬

‫عدم ختصيص اإليرادات و قاعدة ختصيص االعتمادات ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫القاعدة األولى ‪ :‬عدم ختصيص االيرادات‪ :‬و تعين هذه القاعدة أال خيصص إيراد معني من االيــرادات العامـة لإلنفـاق منــه على‬

‫وجه معني من أوجه النفقات ‪ ،‬فال جيوز مثال أن ختصص حصيلة الضريبة االضافية على وقود السيارات‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حسني مصطفى حسني ( ‪ )1987‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 62‬‬ ‫‪¹‬‬

‫إلص ــالح و ص ــيانة الط ــرق ‪ ،‬أو ختص ــص حص ــيلة الرس ــوم االض ــافية على ص ــحف ال ــدعاوى و األوراق القض ــائية إلنش ــاء دور‬

‫احملاكم و إصــالحها و تأسيســها ‪....‬اخل و إمنا ينبغي وفقــا هلذه القاعــدة ان يتم حتصــيل مجيــع االيــرادات أيــا كــان نوعهــا و أيــا‬

‫كــانت الوحــدة الــيت تقــوم بتحصــيلها ‪ ،‬حلســاب اخلزانــة العامــة دون ختصــيص حــىت تتــاح الفرصــة الســتخدام إمجايل االيــرادات‬

‫‪.‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬ ‫العامة و توزيعها على كافة أوجه االنفاق دون التقيد بتوزيع حمدد‬

‫القاعدة الثانية ‪ :‬قاعدة ختصيص االعتمادات ‪ :‬تعـين هـذه القاعـدة الـيت هي أكـثر أمهيـة ‪ ،‬أن اعتمـاد السـلطة التشـريعية للنفقـات‬

‫ال جيوز أن يك ــون إمجاهلا ب ــل جيب أن خيص ــص مبل ــغ معني لك ــل وج ــه من أوج ــه االنف ــاق الع ــام ‪ ،‬فال جيوز أن يك ــون إع ــداد و‬

‫اعتماد النفقات كمبلغ إمجايل يرتك للحكومة أمر توزيعه على أوجه االنفاق املختلفة وفق مشيئتها ‪ ،‬و إال ضاعت احلكمــة من‬

‫رسم الربامج و السياسات لتوجيه املوارد االقتصادية للمجتمع حنو استخدامها املثلى ‪ ،‬و لتعــذر على الســلطة التشــريعية مراقبــة‬

‫االنفاق احلكومي يف تفصيالته و تقييم االداء ‪.‬‬

‫مــع تفصــيل كــل وجــه من وجــوه االنفــاق احلكــومي يف كــل إدارة حكوميــة على حــدة مما يــؤدي اىل إثقــال كاهــل هــذه الســلطة‬

‫بتفاصيل غري ضرورية ‪.‬‬

‫د ـ تقديم قاعدة توازن الميزانية العامة للدولة في الجزائر ‪ :‬لتوازن امليزانية مفهومانـ ‪:‬‬

‫ـ المفهــوم التقليــدي ‪ :‬يعــين هــذا املبــدأ تســاوي مجلــة نفقــات الدولــة مــع إيراداهتا املســتمدة من املصــادر العاديــة دون الزيــادة أو‬

‫النقصان ‪ ،‬حيث ينظر اىل هذا املبدأ نظرة حسابية حبثة ‪ .‬و ذلك خشية حدوث عجز يتجـه بطبيعتـه اىل التزايـد إذا متت تغطيتـه‬

‫عن طريــق االقــرتاض ‪ ،‬أو حــدوث تضــخم إذا مــا متت تغطيــة العجــز عن طريــق االصــدار النقــدي أو حــدوث فــائض يــدفع اىل‬
‫‪26‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫االسراف و التبذير ‪ ،‬و كان يبدو عجـز امليزانيـة يف نظـر املفهـوم التقليـدي يف املاليـة العامـة مبثابـة اخلطـر الرئيسـي ‪ ،‬و يعـد أخطـر‬

‫بكثري من فائض امليزانيـة ‪ ،‬ألن ملواجهـة العجـز تلجـأ الدولـة لتغطيتـه عن طريـق االقـرتاض أو إصـدار أوراق نقديـة جديـدة تـؤدي‬

‫بدورها اىل زيادة األسعار و اهنيار قيمة النقود ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬حسني مصطفى حسني ( ‪ )1987‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 64‬‬

‫ـ المفهوم الحديث لمبدأ توازن الميزانية ‪ :‬أما النظرية احلديثة يف املالية العامـة فلم تعـد تنظــر اىل العجــز يف امليزانيـة على أنــه‬

‫كارثــة ماليــة حمققــة و ذلــك يف ضــوء التطــورات املاليــة و االقتصــادية الــيت متيز القــرن احلايل ‪ ،‬و لكن ليس معــىن ذلــك أن الفكــر‬

‫املايل املعاصــر يســتبعد فكــرة التــوازن ‪ ،‬لكن مييــل اىل أن يســتبدل بفكــرة التــوازن املايل البحث(احملاســيب) فكــرة اوســع منهــا هي‬

‫فكرة التوازن االقتصادي العام حىت و لو أدى هذا اىل حدوث عجز مؤقت يف املوازنة ‪.‬‬

‫هذا االستبدال هو ما يطلق عليه بنظرية العجز المؤقت و المنظم و تتحصـل هـذه النظريـة أنـه يف فـرتات الركـود و الكسـاد‬

‫تنتشر البطالة ‪ ،‬وهذه البطالة هي يف احلقيقة العجز احلقيقي الذي يتعرض له االقتصاد و ليس العجز مبفهومهـ احملاسيب ‪.‬‬

‫و بعبــارة أخــرى تتلخص نظريــة العجــز املنظم يف أنــه يتعني على الدولــة يف حالــة الكســاد ‪ ،‬أي عنــدما يكــون االقتصــاد القــومي‬

‫دون حالة العمالة الكاملة ‪ ،‬أن تعمل كل ما من شأنه زيادة الطلب الكلي الفعلي حىت تنتعش احلياة االقتصادية مرة أخــرى ‪،‬‬

‫و تزداد العمالة اىل احلد الذي تصل فيه اىل تشغيل كل الطاقة االنتاجية لالقتصاد القومي ‪ ،‬أي مرحلة العمالة الكاملة ‪.‬‬

‫و هبذه الطريقة ميكن لالقتصاد القومي أن خيرج من حالة الركود ‪.‬‬

‫و وســيلة الدولــة اىل متويــل عجــز امليزانيــة هي أســاس اإلصــدار النقــدي ‪ ،‬و تشــري نظريــة العجــز املنظم بوجــود عــدم اخلوف من‬

‫التضــخم يف هــذه احلالــة بالــذات ‪ ،‬ألنــه التضــخم نــافع و مفيــد طاملا أن االقتصــاد القــومي دون حالــة العمالــة الكاملــة ‪ ،‬مما يعــين‬

‫وجــود طاقــة انتاجيــة معطلــة ال ينتظــر لتشــغيلها ســوى حــدوث طلب على منتجاهتا و هــذا مــا يكفلــه عجــز امليزانيــة على النحــو‬

‫املشار اليه ‪ ،‬و عندما تعود حالة العمالة الكاملـة اىل االقتصـاد القــومي ‪ ،‬أو حالـة التــوازن االقتصــادي ‪ ،‬فـإن هــذا كفيــل وحـده‬

‫‪27‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫بإعادة ميزانية الدولـة توازهنا احلسـايب ‪ ،‬إن مبـدأ تـوازن امليزانيـة العامـة يف اجلزائـر يوضـع يف إطـار خـاص حيث كـانت النفقـات‬

‫العامة للدولة ( التسيري ‪ ،‬التجهيز ) تظهر يف موازنة عامة ‪.‬‬

‫و ابتداءا من مرحلة تطبيق خمططات التنمية بدأت تظهر االختالالت املالية ‪ ،‬حيث برزت مشــاكل التمويــل الفعلي الــرغم من‬

‫تواضــع حمتــوى املخطـط األول ‪ 1967‬ـ ‪ 1969‬غـري أنـه أحـدث مشــاكل للخزينـة و قـد تتفـاقم هـذه املشـاكل و تــزداد حـدهتا‬

‫خالل املخططــات التنمويـة األخــرى إن مل تنبـع سياسـة ماليـة عقالنيـة لكـون مــوارد امليزانيـة العامـة للدولـة تسـيطر عليهــا اجلبايـة‬

‫البرتولية ‪ ،‬األمر الذي يزيد من حدة مشكل متويل التنمية و اتساع احلاجات االجتماعية ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ اعتماد الميزانية ‪ :‬ال يعتــرب مشــروع امليزانيــة العامــة موازنــة تلــتزم احلكومــة بتنفيــذها اال بعــد اعتمــاده‬

‫‪.‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬ ‫من السلطة املختصة طبقا للنظام السياسي لكل دولة‬

‫أ ـ السلطة المختصة باعتمــاد الميزانيـة ‪ :‬الســلطة املختصــة باعتمــاد و إجــازة امليزانيــة هي الســلطة التشــريعية ‪ ،‬فهــذا االعتمــاد‬

‫هو شرط أساسي ال غىن عنه لوضع امليزانية موضع التنفيذ و ذلك طبقا للقاعدة املشهورة " أسبقية االعتماد على التنفيذ"‪.‬‬

‫و قد نشأ حق السلطة التشريعية يف اعتماد املوازنة و إقرارها من حقها يف املوافقة على الضرائب ‪ ،‬و على مراقبة موارد الدولة‬

‫عامة ‪ ،‬إذ من الواضح هذا احلق يف فرض الضرائب يبدو قليل القيمة إذا مل يعرتف للسـلطة التشـريعية حبق أخـر مقابـل لــه و هــو‬

‫احلق يف املوافق ــة على النفق ــات ‪ ،‬و ه ــذا األم ــر ب ــديهي ‪ ،‬إذ ال فائ ــدة ت ــرجى من مراقب ــة االي ــرادات طاملا أن احلكوم ــة ستس ــتأثر‬

‫بسلطة إنفاقها كيفما حيلو هلا ‪.‬‬

‫و مير اعتماد املوازنة داخل اجمللس التشريعي بثالث مراحل على النحو التايل ‪:‬‬

‫مرحلة المناقشةـ العامة ‪ :‬حيث يعرض مشروع املوازنة العامة للمناقشة العامة يف الربملان ‪ ،‬و هذه املناقشـة تنصــب غالبـا على‬

‫كليات امليزانية العامة و ارتباطها باألهداف القومية كما يراها أعضاء اجمللس ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬حممود عبد الفضيل ‪ ،‬و ‪ .‬حممدـ رضا العدل ‪ ،‬مبادئ المالية العامة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬ص ‪12‬‬

‫مرحلــة المناقش ـةـ التفصــيلية المتخصص ـةـ ‪ :‬و هي جلنــة متخصصــة متفرع ــة عن اجمللي الني ــايب ‪ ،‬و تســتعني مبا تــراه من خــرباء‬

‫استشــاريني من خــارج اجمللس ‪ ،‬و تقــوم اللجنــة مبناقشــة مشــروع امليزانيــة يف جوانبهــا التفصــيلية مث تقــدم بعــد ذلــك تقريرهــا اىل‬

‫اجمللس ‪.‬‬

‫مرحلة المناقشة النهائية ‪ :‬حيث يناقش اجمللس جمتمعا تقرير اللجنة ‪ ،‬مث يصري التصويت على املوازنة العامـة بأبواهبا و فروعهـا‬

‫وفقا للدستور و القوانني املعمول هبا يف هذا الشأن ‪.‬‬

‫ب ـ أداء اعتماد الميزانية ‪:‬‬

‫إذا وافق اجمللس التشريعي على مشروع املوازنة العامة ‪ ،‬فإنه يقـوم بإصـدارها مبقتضـى قـانون يطلـق عليـه "قـانون ربـط املوازنـة "‬

‫و هـو قـانون حيدد الـرقم اإلمجايل لكـل من النفقـات العامــة و االيـرادات العامـة و يرفـق بــه جـدوالن يتضـمن األول بيانـا تفصــيليا‬

‫للنفقات ‪ ،‬و الثاين بيانا تفصيليا لإليرادات ‪.‬‬

‫و جدير باملالحظة أن اعتماد اجمللس النيايب لإليرادات خيتلف يف طبيعتـه عن اعتمـاده للنفقـات ‪ ،‬فاعتمــاده لإليـرادات يعـد مبثابـة‬

‫إجازة منه للحكومة بتحصيلها ‪ ،‬و منه فإن احلكومــة ال تلـتزم فحسـب بتحصـيل املبــالغ املسـتحقة هلا يف حــدود رقم اإليـرادات‬

‫االمجايل ال ــوارد بق ــانون امليزاني ــة ‪ ،‬ب ــل حيق هلا ك ــذلك أن تتع ــدي ه ــذا ال ــرقم دون احلص ــول على إذن مس ــبق من اجمللس الني ــايب‬

‫بذلك ‪ ،‬بذلك إذا اخلطأ يف تقدير االيرادات ال يستوجب بوجه عـام تـدخل مــا من جملس النيـايب للتوفيـق بني اإليـرادات املقـدرة‬

‫و اإليرادات الفعلية ‪.‬‬

‫و خيتلف الوضع عن ذلك كليا يف خصوص اعتماد اجمللس النيايب للنفقات العامـة ‪ ،‬إذ أن هـذا االعتمـاد يعـد إجـازة و ختصيصـا‬

‫ألوجــه إنفاقهــا ‪ .‬مبعــىن أن هــذا االعتمــاد يتم تفصــيال حبيث يعتمــد كــل بــاب على حــدة و ال جيوز للحكومــة جتاوز الــرقم احملدد‬
‫‪29‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫لكــل نــوع منهــا و ال نقــل مبلــغ من اعتمــاد خمصــص لبــاب معني اىل اعتمــاد خمصــص لبــاب أخــر إال مبوافقــة مســبقة من اجمللس‬

‫املذكور احرتاما لقاعدة ختصيص االعتمادات ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬دراسة االيرادات العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫تسعى الدولة جاهدا لتغطية نفقاهتا العامـة عن طريـق حتصـيل االيـرادات العامـة ‪ ،‬فهي تعتـرب الوسـيلة املاليـة للدولـة بتزويـد اخلزينـة‬

‫العامة باألموال الالزمة هلا ‪ ،‬فاإليرادات العامة هي أداة للتأثري يف احلياة العامة و حتقيق أهداف اقتصادية و اجتماعية اىل جــانب‬

‫غرضها املايل يف ظروف تطور فيها حجم النفقات العامة نتيجة تطور و تنوع احلاجات العامة ‪.‬‬

‫لإليرادات العامة عـدت أنـواع ‪ ،‬فهنـاك مـوارد تأخـذها الدولـة دون مقابـل مثـل اهلبـات و االعانـات ‪ ،‬و أخـرى هلا صـفة تعاقديـة‬

‫كــإيرادات الدولــة من أمالكهــا ‪ ،‬و ثالثــة مــوارد إجباريــة ســيادية كالضــرائب حســب القــانون املتعلــق بقــوانني املاليــة ‪ 84‬ـ ‪17‬‬

‫السيما املادة ‪ 11‬منه تصنف إيرادات امليزانية العامة يف اجلزائر اىل ‪: ¹‬‬

‫أ ـ إيرادات ذات الطابع اجلبائي و كذا حاصل الغرامات ‪.‬‬


‫ب ـ مداخيل األمالك التابعة للدولة ‪.‬‬
‫ج ـ التكاليف املدفوعة لقاء اخلدمات املؤدية و األتاوى ‪.‬‬
‫د ـ األموال املخصصة للهدايا و اهلبات و املسامهات ‪.‬‬
‫هـ ـ التسديد برأمسال للقروض و التسبيقات املمنوحة من طرف الدولة من امليزانية العامة و كذا الفوائد املرتتبة عنها ‪.‬‬
‫و ـ خمتلف حواصل امليزانية اليت ينص القانون على حتصيلها ‪.‬‬
‫ح ـ مداخيل املسامهات املالية للدولة من أرباح مؤسسات القطاع العمومي املرخص هبا قانونا ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ تبويب االيرادات الموازنة العامة ‪:‬‬

‫ميكن تصنيف االيرادات املوازنة العامة اىل قسمني ‪ :‬إيرادات إجبارية ‪ ،‬إيرادات اختيارية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أ ـ االيـ ــرادات اإلجبارية ‪ :‬و هي أم ـ ــوال تقتطعه ـ ــا الدول ـ ــة بص ـ ــفة إجباري ـ ــة و دون مقاب ـ ــل يف املداخيل اجلبائيـ ــة و الغرامـ ــات و‬

‫احلصص املستحقة للدولة من أرباح املؤسسات العموميـة و تتمثـل يف ـ االيـرادات اجلبائيـة و الـيت تتكـون من خمتلـف الضـرائب و‬

‫الرسوم و املصنفة ضمن اجلدول ـ أ ـ من املوازنة العامة كما يلي ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )2004‬المرجع السابق ص ‪. 45‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪ ‬ـ الضرائب المباشرة ‪ :‬و هي الضرائب اليت تفرض على خمتلف أنواع املداخيل كاألربـاح الصـناعية و التجاريـة و األربـاح غـري‬

‫التجارية و املرتبات و األجور ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ـ حقوق التسجيل و الطـابع ‪ :‬و هي الضــرائب املوضــوعة على بعض العقــود القانونيــة و كــل الوثــائق املوجهــة للعقــود املدنيــة و‬

‫القضائية مثل حقوق تسجيل نقل امللكية ‪ ،‬و طوابع جوازات السفر و بطاقة التعريف الوطنية ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ ـ الض ــرائب غ ــير المباش ــرة ‪ :‬و تتك ــون أيض ــا من الض ــرائب غ ــري املباش ــرة على االس ــتهالك لكنه ــا ختص فق ــط املنتج ــات غ ــري‬

‫اخلاضعة للرسوم على رقم االعمال ( كالذهب و الكحول ‪...‬اخل )‬

‫ـ الضـ ـ ــرائب على رقم األعمـ ـ ــال‪ :‬و تفـ ـ ـ ــرض على جممـ ـ ـ ــوع املواد االسـ ـ ـ ــتهالكية و بالتـ ـ ـ ــايل فهي ضـ ـ ـ ــرائب غـ ـ ــري مباشـ ـ ــرة على‬

‫االستهالك ‪.‬‬

‫ـ الحقوق الجمركية ‪ :‬خيضع هلذا الرسم مجيع املوارد املوجهة للتصدير و االسترياد ‪.‬‬

‫ـ ـ الجباي ــة البترولية ‪ :‬تتك ــون من جمم ــوع اقتط ــاعني مها ‪ :‬ض ــريبة على إنت ــاج الب ــرتول الس ــائل و الغ ــاز ه ــذا من جه ــة و ض ــريبة‬

‫مباشرة على األرباح الناجتة عن نشاطات البرتولية املتعلقة بالبحث و االستغالل و النقل عرب القنوات ‪.‬‬

‫ـ ـ الحص ــة المس ــتحقة للدول ــة من أرب ــاح المؤسس ــات العمومية ‪ :‬و متث ــل نس ــبة من األرب ــاح الص ــافية للمؤسس ــة بع ــد اقتط ــاع‬
‫اشرتاكات العمال حيث أن هذه الضريبة ختضع للقواعد املطبقة يف مادة الضرائب على االرباح التجارية و الصناعية ‪.‬‬
‫الغرامات ‪ :‬و تتمثل يف العقوبات املالية الصادرة عن هيئة قضائية مثل احملكمة ‪ ،‬جملس احملاســبة ‪...‬اخل ‪ ،‬كمــا قـد تفرضــها هيئــة‬
‫إدارية مثل مفتشية األسعار ‪ ،‬مفتشية اجلمارك ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ب ـ ـ ـ االي ـ ــرادات االختيارية ‪ :‬يتكـ ـ ــون هـ ـ ــذا النـ ـ ــوع من املوارد على املشـ ـ ــاركات و املسـ ـ ــامهات املدفوعـ ـ ــة إيراديـ ــا من طـ ــرف‬
‫األشخاص مقابل استفادهتم بسلعة أو خدمة ما دون غريهم من طرف الدولة و منها ‪:‬‬

‫ـ مداخيل أمواك الدولة و هي املوارد اليت حتصل عليها الدولة مقابل تصفيتها لثرواهتا الطبيعية كاملناجم و الغابات ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )2004‬المرجع السابق ص ‪. 46‬‬ ‫‪¹‬‬

‫ـ ـ التكــاليف املدفوعــة مقابــل اخلدمات املقدمــة من طــرف الدولــة ‪ :‬متثــل هــذه املداخيل كــل املكافــآت الــيت حتصــل عليهــا الدولــة‬

‫مقابل استعمال خدماهتا ‪.‬‬

‫ــ أمــوال المســاهمات و الهــدايا و الهبــات ‪ :‬هــذا النــوع من املوارد تقــدم للدولــة بــدون مقابــل و تتمثــل يف االســهامات املاليــة‬

‫املقدمة من طرف االفراد مبحض ارادهتم هبدف متويل نفقة عمومية ‪.‬‬

‫و بص ــفة عام ــة ميكن الق ــول ان االيــرادات العام ــة النهائيــة املطبقــة على امليزانيــة العامــة للدولــة املعروض ــة عموم ــا حســب الطبيعــة‬

‫القانونية و املصنفة يف اجلدول رقم (‪ )07‬و هو ميثل اجلدول ـ أ ـ امللحق لقانون املالية ‪ (.‬أنظر قائمة املالحق )‬

‫نالحظ من خالل اجلدول ( أ ) ضمن قانون املالية ‪ ،‬الذي يوضح لنا مصادر االيرادات العامة للجزائر ‪ ،‬و اليت تضم كــل من‬

‫املوارد العاديـة و اجلبايـة البرتوليـة ‪ ،‬و تسـاهم يف متويـل االيـرادات العامـة من أجـل تغطيـة النفقـات العامـة ‪ ،‬تعتـرب اجلبايـة البرتوليـة‬

‫أهم مص ــدر يف متوي ــل لإلي ــرادات العام ــة ‪ ،‬فهي املورد الرئيس ــي من بني م ــوارد االي ــرادات العام ــة للدول ــة ‪ ،‬ب ــالرغم من تراج ــع‬

‫معدالت انتاج النفط بسبب اخنفاض أسعار النفط الذي أدى اىل اخنفاض تراجع االيرادات البرتولية للدولة يف نفس الفــرتة ‪ ،‬و‬

‫الـيت بلغت نسـبة اجلبايـة البرتوليـة سـنة ‪ 2014‬حـوايل ‪ %37.40‬من جممـوع العـام لإليـرادات العامـة ‪ ،‬و على الـرغم أيضـا من‬

‫زيادة حصيلة االيرادات الضريبية بفضل االصالح الضرييب يف اجلزائر الذي سـاهم يف تطـوير املوارد العاديـة الـيت أصـبحت تقـدر‬

‫بـ ‪ %62.6‬من جمم ــوع الع ــام لإلي ــرادات من نفس الس ــنة ‪ ،‬إال أهنا مل تكن كافي ــة لتع ــويض نقص ــان ال ــذي س ــجلته االي ــرادات‬

‫البرتولية ‪ ،‬مما أدى اىل تراجع االيـرادات العامـة ‪ ،‬يالحـظ وجـود عالقـة ارتبـاط مـوجب و قـوي بني االيـرادات العامـة و تغـريات‬

‫‪32‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أسعار النفط اليت تـأثر على اجلبايـة البرتوليـة و هي متغـري خـارجي يتـأثر باقتصـاد العـامل ‪ ،‬و منـه نسـتنتج أن اجلبايـة البرتوليـة تعتـرب‬

‫املورد الرئيس ــي لإلي ــرادات العام ــة ب ــالرغم من اخنفاض ــها مقارن ــة بالس ــنوات املاض ــية إال أهنا تبقى دائم ــا أهم م ــورد تعتم ــد علي ــه‬

‫الدولة ‪ ،‬و تشري عالقـات االرتبـاط هـذه بشـكل عـام اىل حمدوديـة املوارد املتاحـة للدولـة و الـدور الـذي تلعبـه السياسـة املاليـة يف‬

‫االقتصاد ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ تطور االيرادات العامة و المنح خالل فترة ‪ 2004‬ـ ‪: 2014‬‬

‫إمجايل االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪. 2014‬‬ ‫الشكل رقم (‪)08‬‬

‫‪00009‬‬ ‫االيرـادات العامة و المنع‬


‫‪00008‬‬
‫‪00007‬‬
‫‪00006‬‬
‫‪00005‬‬
‫‪00004‬‬
‫‪00003‬‬ ‫اـاليراداـت الـعامة وـ‬
‫اـلمنع‬
‫‪00002‬‬
‫‪00001‬‬
‫‪0‬‬
‫‪4002 5002 6002 7002 8002 9002 0102 1102 2102 3102‬‬

‫املص ــدر ‪ :‬ق ــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتض ــمن ق ــانون املالي ــة لس ــنة ‪ 2014‬ص ‪، 396‬ـ ـ ‪ ، 397‬و ق ــوانني املالي ــة لس ــنوات ‪ 2004‬اىل غاي ــة‬
‫‪ 2013‬ص ‪. 383 ، 382‬‬

‫تشــري البيانــات املتاحــة يف الشــكل رقم (‪ )08‬اىل إمجايل االيــرادات العامــة و املنح قــد ارتفعت بنســبة كبــرية للعــام الثــاين بعــدما‬
‫بلغت نسـ ــبتها خالل عـ ــام ‪ 2004‬اىل النـ ــاتج احمللي االمجايل حـ ــوايل ‪ % 30.42‬أي مببلـ ــغ يقـ ــدر بـ ‪ 30,881‬مليـ ــون دوالر‬
‫أمـ ــريكي ‪ ،‬لتصـ ــل عـ ــام ‪ 2005‬نسـ ــبة اىل النـ ــاتج احمللي االمجايل اىل ‪ %40.8‬مبقيمـ ــة تقـ ــدر حـ ــوايل ‪ 42,016‬ملي ــون دوالر‬
‫أمــريكي ‪ ،‬و هــذا مــا نالحظــه أيضــا خالل الســنيت ‪ 2007‬و ‪ 2008‬حيث ارتفعت االمجايل االيــرادات العامــة و املنح مقارنــة‬

‫‪33‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫بالس ــنة الس ــابقة إذ تص ــل خالل س ــنة ‪ 2007‬إىل ‪ % 39.2‬نس ــبة اىل الن ــاتج احمللي االمجايل حبوايل ‪ 53,163‬ملي ــون دوالر‬
‫أمــريكي ‪ ،‬و ارتفعت بشــكل قياســي ســنة ‪ 2008‬لتصــل نســبتها اىل النــاتج احمللي االمجايل⁽‪ ⁾¹‬حــوايل ‪ %47.0‬مببلــغ يقــدر بـ‬
‫‪ 80,385‬مليون دوالر أمريكي ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬النــاتج احمللي االمجايل ‪ :‬هدفــه هــو قيــاس قــدرة االقتصــاد على تلبيــة احتياجــات االفــراد ( الدولــة ‪ ،‬األســرة‪ ،‬املؤسســة) ‪ ،‬و ميثــل جممــوع القيم‬
‫املض ــافة و الرس ــم على القيم ــة املض ــافة م ــع حق ــوق اجلم ــارك ‪ ،‬و القيم ــة املض ــافة هي االنت ــاج ن ــاقص ك ــل ن ــا مت اس ــتهالكه أثن ــاء عملي ــة االنت ــاج‬
‫( استهالكات وسيطية) و هي املؤشر احلقيقي لقياس االنتاج احلقيقي لالقتصاد ‪.‬‬

‫و يعزى االرتفاع الكبري لإليرادات بشكل أساسي الرتفاع أسعار النفط خالل هذه الفرتة ( ‪ 2007‬ـ ‪ ) 2008‬األمــر الــذي‬

‫أدى اىل ارتفــاع االيــرادات النفطيــة الــيت ســامهت بشــكل مباشــر يف ارتفــاع االيــرادات العامــة و املنح⁽‪ ⁾¹‬خالل نفس الفــرتة ‪ ،‬و‬

‫اليت تعترب املورد الرئيسي لإليرادات العامة مليزانية الدولة ‪.‬‬

‫كما سامهت االيرادات الضريبية من جهة أخرى يف ارتفاع االيرادات العامة بسبب االصالح الضرييب الذي واجهته الدولــة ‪،‬‬

‫لقــد كــان لألزمــة املاليــة لســنة ‪ 2009‬الوقــع الكبــري يف االقتصــاد اجلزائــري ‪ ،‬حيث ظهــرت بــوادر االهنيــار بعــد اخنفــاض أســعار‬

‫احملروقات و اليت أظهرت ضعف النظام االقتصادي خاصة فيما يتعلق باحملروقات و احلصول على املوارد املالية املوجهـة لتمويـل‬

‫االقتصــاد واجــه ‪ ،‬نتج عن هــذه األزمــة اخنفــاض أســعار النفــط و بالتــايل تــأثرت االيــرادات النفطيــة بالشــكل الســليب ( اخنفــاض‬

‫االيرادات النفطية) ما يؤثر مباشرة على االيرادات العامة للدولة و هذا ما لوحظ من خالل الشكل رقم (‪. )08‬‬

‫حيث بلغت نس ـ ـ ــبة االي ـ ـ ــرادات العام ـ ـ ــة و املنح اخنفاض ـ ـ ــا حمسوس ـ ـ ــا لتص ـ ـ ــل ‪ %36.9‬نس ـ ـ ــبة اىل الن ـ ـ ــاتج احمللي االمجايل حبوايل‬

‫‪ 50,603‬ملي ــون دوالر أم ــريكي ‪ ،‬و اس ــتمر الوض ــع خالل س ــنة ‪ ، 2010‬لكن س ــرعان م ــا حتس ــن الوض ــع خالل الس ــنوات‬

‫‪ 2011‬و ‪ 2012‬لــرتتفع االيــرادات العامــة و املنح ‪ ،‬األمــر راجــع اىل ارتفــاع أســعار النفــط ولتصــل أعلى نســبة ســنة ‪2012‬‬

‫مقارنــة بسـنوات فــرتة الدراســة لتصــبح االيــرادات العامــة و املنح تقـدر بـ ‪ 81,743‬مليــون دوالر أمــريكي بنســبة حــوايل ‪40.0‬‬

‫‪ %‬اىل الن ــاتج احمللي االمجايل و هي أعلى نس ــبة ‪ ،‬لكن س ــرعان م ــا تراج ــع الوض ــع بنس ــبة ‪ % 33.4‬اىل الن ــاتج احمللي االمجايل‬

‫‪34‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫حبوايل ‪ 75,529‬ملي ــون دوالر أم ــريكي س ــنة ‪ 2013‬بس ــبب تراج ــع أس ــعار النف ــط رغم االص ــالحات الض ــريبية لكن بقيت‬

‫االيرادات النفطية العامل املباشر الذي يؤثر على االيرادات العامة ‪ ،‬و على الرغم‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬املنح ‪ :‬املتحصالت احلكومية بدون مقابل غري واجبة السدد و هي نوعان ‪ :‬األول يرتبط مبشروع أو برنامج حكومي ‪ ،‬و الثاين يــوفر دعمـا لتغطيــة نفقـات احلكومـة‬

‫بشكل عام ‪ ،‬و تضاف املنح اىل االيرادات احلكومية بصفتها عامال يؤدي اىل ختفيض عجز ال اىل متويله ‪.‬‬

‫من اخنفاض مسامهة االيرادات النفطية بسبب اخنفـاض االنتـاج النفطي أو منوه مبعـدالت ضـئيلة مـا ينقص من مسـامهة االيـرادات‬

‫النفطي ــة يف االي ــرادات احلكومية⁽‪ ، ⁾¹‬إال أهنا تبقى املص ــدر الرئيس ــي للم ــوارد املالي ــة بالنس ــبة للدول ــة بس ــبب حمدودي ــة موارده ــا‬

‫األخرى و اليت ال تستطيع التحكم فيها من خالل سياستها املالية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ مساهمة الجباية البترولية في االيرادات العامة للجزائر ‪:‬‬

‫املبالغ بأالف دج‬ ‫الجدول رقم (‪ : )01‬تطور الجباية العادية و الجباية البترولية خالل فترة ‪ 2004‬الى ‪: 2014‬‬

‫المجموع االيرادات العامة‬ ‫النسبة ‪%‬‬ ‫الجباية البترولية‬ ‫النسبة ‪%‬‬ ‫الجباية العادية‬ ‫السنوات‬

‫‪1.528.000.000‬‬ ‫‪56.42‬‬ ‫‪862.200.000‬‬ ‫‪43.58‬‬ ‫‪665.800.000‬‬ ‫‪2004‬‬


‫‪1.635.830.000‬‬ ‫‪54.95‬‬ ‫‪899.000.000‬‬ ‫‪45.05‬‬ ‫‪736.830.000‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪1.667.920.000‬‬ ‫‪54.91‬‬ ‫‪916.000.000‬‬ ‫‪45.09‬‬ ‫‪751.920.000‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪1.802.616.000‬‬ ‫‪53.98‬‬ ‫‪973.000.000‬‬ ‫‪46.02‬‬ ‫‪829.616.000‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪1.924.000.000‬‬ ‫‪50.42‬‬ ‫‪970.200.000‬‬ ‫‪49.58‬‬ ‫‪953.800.000‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪2.786.600.000‬‬ ‫‪58.44‬‬ ‫‪1.628.500.000‬‬ ‫‪41.56‬‬ ‫‪1.158.100.000‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪2.923.400.000‬‬ ‫‪51.36‬‬ ‫‪1.501.700.000‬‬ ‫‪48.64‬‬ ‫‪1.421.700.000‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪2.992.400.000‬‬ ‫‪49.20‬‬ ‫‪1.472.400.000‬‬ ‫‪50.80‬‬ ‫‪1.520.000.000‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪3.455.650.000‬‬ ‫‪45.18‬‬ ‫‪1.561.600.000‬‬ ‫‪54.82‬‬ ‫‪1.894.050.000‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪3.820.000.000‬‬ ‫‪42.30‬‬ ‫‪1.615.900.000‬‬ ‫‪57.70‬‬ ‫‪2.204.100.000‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪4.218.180.000‬‬ ‫‪37.40‬‬ ‫‪1.577.730.000‬‬ ‫‪62.60‬‬ ‫‪2.640.450.000‬‬ ‫‪2014‬‬

‫املصــدر ‪ :‬االرقــام مــأخوذة من القــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضــمن قــانون املاليــة لســنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 398‬ـ ‪ ،399‬ـ ‪ ، 401‬و قــوانني املاليــة‬
‫لسنوات ‪ 2004‬اىل غاية ‪ 2013‬ص ‪. 385 ، 384‬‬
‫‪35‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تحليل جدول تطورات إيرادات الموازنة خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪:2014‬ـ عــرفت ايــرادات املوازنــة العامــة للدولــة زيــادة‬

‫مستمرة خالل فرتة الدراسة اليت استمر اعتمادها بدرجة كبرية على متحصالت الصادرات البرتولية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫االيرادات احلكومة ‪ :‬مجيع املتحصالت احلكومية مبقابل أو بدون مقابل غري واجبة السدد ‪ ،‬و تقسم اىل ايرادات ضريبية و غري ضريبية ‪.‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬

‫‪1‬ـ مساهمة الجباية العادية في ايرادات الموازنة ‪ :‬شهدت إيــرادات اجلبايـة العاديــة تطــورا ملحوظــا إذ انتقلت من ‪66.580‬‬

‫مليون دج خالل سنة ‪ 2004‬اىل ‪ 73.683‬مليـون دج سـنة ‪ ، 2005‬و اسـتمرت هـذه الزيـادة لتصــل اىل ‪ 75.192‬مليـون‬

‫دج ســنة ‪ 2006‬اىل ‪ 95.380‬مليــون دج ســنة ‪ 2008‬حيث بلغت املســامهات يف االيــرادات االمجاليــة ‪ % 49.57‬و هــذا‬

‫راجــع لألداء اجليــد حلصــيلة الضــرائب اخلاصــة بالتجــارة ‪ ،‬كمــا ارتفعت حصــيلة الرســوم اجلمركيــة و ضــريبة القيمــة املضــافة على‬

‫الواردات نتيجة حترير التجارة اخلارجية و توسيع نطاق املبــادالت ‪ ،‬كمـا اجتهت الضـرائب حنو االرتفــاع و ذلــك نتيجـة التـدابري‬

‫املتخــذة ضــمن بــرامج التصــحيح اهليكلي الــذي جــاء فيــه رفــع معــدل الضــريبة على الــدخل االمجايل و التقليــل من االعفــاءات من‬

‫الرس ــم على القيم ــة املض ــافة باإلض ــافة اىل رف ــع مع ــدل الض ــريبة على االرب ــاح املع ــاد اس ــتثمارها من ‪ %5‬اىل ‪ %33‬زي ــادة على‬

‫انتعاش الضرائب غري املباشرة ‪.‬‬

‫لقـ ــد شـ ــهدت ايـ ــرادات اجلبايـ ــة العاديـ ــة تطـ ــورا ملحوظـ ــا حيث بلغت ‪ 115.810‬مليـ ــون دج سـ ــنة ‪ 2009‬لتصـ ــل اىل غايـ ــة‬

‫‪ 142.170‬مليــون دج ســنة ‪ ، 2010‬و خالل الســنوات االخــرية نالحــظ تطــور االيــرادات اجلبايــة العاديــة يفــوق االيــرادات‬

‫اجلبايـة البرتوليـة حيث خالل سـنة ‪ 2011‬سـجلت ‪ 152.000‬مليـون دج لتصــل سـنة ‪ 2012‬اىل ‪ 189.405‬مليــون دج ‪،‬‬

‫و بلغت ‪ 220.410‬ملي ـ ــون دج س ـ ــنة ‪ 2013‬بنس ـ ــبة مس ـ ــامهة يف االي ـ ــرادات االمجالي ـ ــة ‪ ، %57,69‬و قـ ــدرت خالل سـ ــنة‬

‫‪ 2014‬بـ ‪ 264.045‬مليــون دج مــا ميثــل ‪ %62,59‬من االيــرادات االمجاليــة ‪ ،‬و هــذا التحســن يف االيــرادات اجلبايــة العاديــة‬

‫راجع لعدة عوامل نذكر منها تطبيق تقنية االقتطاع من املصـدر فيمـا خيص الضــريبة على الـدخل االمجايل و االجـراءات املتخـذة‬

‫‪36‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من ط ــرف الدولــة يف حمارب ــة الغش الض ــرييب و الته ــرب الض ــرييب باإلض ــافة لتحس ــن الوض ــعية املالي ــة للمؤسســات التبع ــة للقطــاع‬

‫اخلاص بفضل التشجيعات اليت قدمتها الدولة للقطاع اخلاص و من مث ارتفاع حصيلة الضريبة على ارباح الشركات ‪.‬‬

‫و أخريا ميكن تطوير مردودية اجلباية العادية أكثر عن طريق فرض قوانني صارمة و املتابعة على تنفيــذها ‪ ،‬لكــون اجلبايـة العاديـة‬

‫أكثر استقرار و أقل تذبذبا من اجلباية البرتولية و هذا ما يساعد على االستقرار االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مساهمة الجباية البترولية في ايرادات الموازنة ‪:‬تلعب اجلباية البرتولية دورا هاما يف ايرادات املوازنـة العامـة للدولـة و من‬

‫مث تغطية النفقات العامة ‪ ،‬حيث يشكل هذا النوع من اجلباية املصدر االساسي لإليرادات العامة ‪.‬‬

‫من اجلدول يتضــح ان االيــرادات اجلبايــة البرتوليــة خالل ســنة ‪ 2004‬بلغت ‪ 86.220‬مليــون دج مث ارتفعت اىل ‪89.900‬‬

‫مليون دج سنة ‪ ، 2005‬و قد استمرت يف الزيادة لتصل اىل ‪ 91.600‬مليون دج سـنة ‪ 2006‬أي بنسـبة ‪ %54,91‬من‬

‫االيرادات االمجالية لتصل سنة ‪ 2007‬اىل ‪ 97.300‬مليون دج مث تراجعت ســنة ‪ 2008‬اىل ‪ 97.020‬مليــون دج بســبب‬

‫األزم ــة املاليــة الــيت وقعت خالل نفس الســنة رغم ذلــك تبقى املس ــامهات اجلبايــة البرتوليــة أكــرب من املســامهة اجلبايــة العاديــة مث‬

‫حتس ــنت باس ــتمرار لتص ــل س ــنة ‪ 2009‬اىل ‪ 162.850‬ملي ــون دج بس ــبب ارتف ــاع أس ــعار النف ــط عاملي ــا ‪ ،‬لكن س ــرعان م ــا‬

‫تـ ـ ــراجعت خالل سـ ـ ـ ــنيت ‪ 2010‬و ‪ 2011‬بسـ ـ ـ ــبب تراجـ ـ ـ ــع أسـ ـ ـ ــعار النفـ ـ ـ ــط تصـ ـ ـ ــل حـ ـ ـ ــوايل اىل ‪ 150.170‬مليـ ـ ــون دج و‬

‫‪ 147.240‬مليون دج على الرتتيب ‪.‬‬

‫نالحظ خالل سنيت ‪ 2012‬و ‪ 2013‬ارتفعت على الرتتيب اىل ‪ 156.160‬مليــون دج و ‪ 161.590‬مليــون دج حيث‬

‫بلغت نسبة املسامهة يف موارد امليزانية نسـبة ‪ %45.18‬و ‪ % 42,30‬و هي اصـغر نسـبة أي تراجــع اجلبايـة البرتوليـة مقارنـة‬

‫مع اجلباية العادية راجع اىل اخنفاض اسعار النفط ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫عــرفت اجلبايــة البرتوليــة ســنة ‪ 2014‬تراجــع حيث بلغت ‪ 157.773‬مليــون دج أي بنســبة ‪ %37,40‬يف مســامهة ايــرادات‬

‫امليزانيـة ‪ ،‬و هـذا الـرتاجع بسـبب اخنفـاض سـعر برميـل النفـط ‪ ،‬الـذي ينعكس سـلبا على احتياطـات الصـرف و اهنيـار االدخـار و‬

‫من مث االستثمار و النمو ‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪: )09‬‬

‫تطور ايرادات الموازنة العامة ( الجباية العادية و الجباية البترولية ) و خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬

‫‪0000003‬‬

‫‪0000052‬‬

‫‪0000002‬‬

‫‪0000051‬‬
‫الـجباية الـعادية‬
‫الـجباية الـبتروـلية‬
‫‪0000001‬‬

‫‪000005‬‬

‫‪0‬‬
‫‪4002 5002 6002 7002 8002 9002 0102 1102 2102 3102 4102‬‬

‫املصــدر ‪ :‬االرقــام مــأخوذة من القــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضــمن قــانون املاليــة لســنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 398‬ـ ‪ ،399‬ـ ‪ ، 401‬و قــوانني املاليــة‬
‫لسنوات ‪ 2004‬اىل غاية ‪ 2013‬ص ‪. 385 ، 384‬‬

‫توصـلنا اىل أن هنــاك عالقــة عكســية بني املوارد العاديـة (جبائيــة و غــري اجلبائيــة) من جهــة و اجلبايـة البرتوليـة من جهــة أخــرى ‪،‬‬

‫فبســبب تنــاقص اجلبايــة البرتوليــة اضــطرت الدولــة اىل رفــع حاصــل املوارد أخــرى و البحث عن مصــادر جديــدة للتمويــل ‪ ،‬من‬
‫‪38‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫خالل حتليل خمتلف العناصر اليت من املمكن ان تكون عامال من العوامل املؤثرة على االيرادات البرتولية ‪ ،‬توصــلنا اىل ارتفــاع‬

‫اهلام يف االيرادات البرتولية منها ارتفاع اهلام لسعر الصرف (دوالر مقارنة بالدينار الفعلي ) ارتفاع الكمية املنتجة و املصدرة‬

‫خاصة من الغاز الطبيعي ‪ ،‬ارتفاع سعر البرتول ‪ ،‬و هكذا رغم أمهية اجلباية البرتولية يف متويــل خزينــة الدولــة فإهنا تبقى مــوردا‬

‫غري مستقرا الرتباطه و من مت االقتصاد الوطين بعدة عوامل خارجية منها ‪ :‬سـعر الصـرف ‪ ،‬سـعر الربميـل اخلام ‪ ،‬الطلب على‬

‫احملروقات على املستوى الدويل باإلضافة اىل عوامل اخرى ‪ ،‬و من هنا تظهر حتمية تطوير ايرادات اجلباية العادية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬دراسة النفقات العامة في الجزائر ‪:‬‬


‫تعت ــرب النفق ــات العام ــة إح ــدى أدوات السياس ــة املالي ــة ال ــيت تق ــوم الس ــلطات املالي ــة بتنفي ــذها من خالل املوازن ــة العام ــة لتحقي ــق‬

‫االهداف االقتصادية و االجتماعية اليت تسعى من خالهلا الدولة اىل حتقيقها و هذا يف فرتة زمنية معتربة ‪.‬‬

‫تعرف النفقات العامة يف اجلزائر أهنا عبارة عن مبالغ مالية تقوم الدولة بإنفاقها من أجل اشباع حاجات عامة و املنفعة العامة‬

‫و حتقيــق تــدخلها االقتصــادي و االجتمــاعي يف الدولــة ‪ ،‬و تعتــرب النفقــات العامــة صــورة معاكســة لنشــاط الدولــة و أداة حتقيــق‬

‫أهدافها و توجيه اقتصادها و ضمان االستقرار االقتصادي يف البالد ‪.‬‬

‫سنحاول هنا تسليط الضوء على السياسة االنفاقية يف اجلزائر من خالل اجلوانب التالية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تبويب النفقات العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫إن املبدأ األساسي الـذي ينبغي التمسـك بـه يتعلـق بتبـويب أو تصـنيف كـل العمليـات ‪ ،‬لـذلك كلمـا زادت أمهيـة القطـاع العـام‬

‫كلمـ ــا زادت عملي ـ ــات التنص ـ ــيف تعقي ـ ــدا ب ـ ــالنظر اىل حمتواه ـ ــا املايل املتغ ـ ــري ‪ ،‬و هك ـ ــذا و باإلض ـ ــافة اىل احلاجـ ــة اىل النظـ ــام و‬

‫الشــفافية ‪ ،‬فــإن الــدوافع األكــثر أمهيــة و الــيت ميكن تقــدميها لتبيــان تصــنيف عمليــات املوازنــة ‪ ،‬و هي الــدوافع املتعلقــة بالنظــام‬

‫السياسي و االقتصادي ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و بــالنظر اىل طبيعــة الــدور التقليــدي للدولــة فقــد كــان التبــويب االداري هــو الســائد ‪ ،‬و لكن حتت التــأثري املعاصــر للمنظمــات‬

‫الدولية و التخصيص يف احملاسبة الوطنية ‪ ،‬اجته اخلرباء اىل تصنيفات أكثر دقة كالتبويب االقتصادي و التبويب الوظيفي ‪.‬‬

‫أـ التصنيف االداري للنفقات العامة في الجزائر ‪ :‬حيث تصنف النفقات العامة إداريا حبسب معيارين‬

‫ـ التصـنيف حسـب الـوزارات ‪ :‬ميثـل التصـنيف حسـب الـوزارات القاعـدة الـيت تصـنف على أساسـها ميزانيـة التسـيري يف اجلزائـر ‪،‬‬

‫حيث توضع االعتمادات املفتوحة مبوجب قانون املالية حتت تصرف الدوائر الوزارية فيما يتعلق بنفقات التسيري ‪. ¹‬‬

‫ـ التصــنيف حبســب طبيعــة االعتمــادات ‪ :‬تصــنيف النفقــات العامــة يف اجلزائــر أيضــا حســب طبيعــة االعتمــادات املفتوحــة مبوجب‬

‫قــانون املاليــة ‪ ،‬حيث ختصــص االعتمــادات و تــوزع حســب احلاالت على الفصــول أو القطاعــات الــيت تتضــمن النفقــات حبســب‬

‫طبيعتها أو أغراض استعماهلا ‪.²‬‬

‫ب ـ ـ التصــنيف الــوظيفي للنفقــات العامــة في الجزائــر ‪ :‬ال يعت ــرب التص ــنيف ال ــوظيفي جمه ــوال يف اجلزائ ــر حيث أن ــه و رغم أن‬

‫قــانون املاليــة ال يقــدم صــورة عنــه ‪ ،‬غــري أنــه من االدارات املكلفــة بالتخطيــط و املاليــة ‪ ،‬متت حماوالت لتجميــع النفقــات العامــة‬

‫حسب الوظائف الكربى للدولة ‪ ،‬و هذا من أجل حساب عائد و تكلفة اخلدمات العامة األساسية ‪.‬‬

‫و يف هذا االطار تقسم الوظائف يف اجلزائر اىل أربع جمموعات كبرية منها واحدة جتمع النفقات غري القابلة للتخصيص‬

‫‪40‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ اخلدمات العامة و تضم االدارة العامة ‪ ،‬العدل ‪ ،‬الشرطة و الدفاع ‪.‬‬

‫ـ اخلدمات االجتماعية و اجلماعية و تضم التعليم ‪ ،‬الصحة ‪ ،‬النشاط االجتماعي و اخلدمات اجلماعية‬

‫ـ اخلدمات االقتصادية املتعلقة اساس بالفالحة ‪ ،‬الصناعة ‪ ،‬النقل و غريمها ‪.‬‬

‫ـ النفقات غري القابلة للتخصيص ‪ :‬فائدة الدين العام ‪ ،‬رد القروض ‪ ،‬نفقات الشؤون الدينية و غريمها ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ² ، ¹‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش ‪ ،‬بــدون وزارة‪ ،‬قــانون رقم ‪ 84‬ـ ‪ 17‬املؤرخ يف ‪ 08‬شــوال ‪ 1404‬املوافــق لـ ‪ 07‬يوليــو ‪ ، 1984‬املتعلــق بقــوانني املاليــة ( اجلريــدة الرمسية ) العــدد‬

‫‪ 28‬ص ‪.1040‬‬

‫ج ـ ـ التصــنيف االقتصــادي للنفقــات العامــة في الجزائــر‪ :‬ميثــل التبــويب االقتصــادي للنفقــات العامــة أمهيــة كبــرية بــالنظر اىل‬

‫التأثري الكبري للنفقات العامة على االقتصاد ‪ ،‬و وفقا لذلك تقسم النفقات اىل ‪:‬‬

‫ـ نفقات التسيير ( النفقات الجارية ) ‪ :‬هي اليت متثل اجلزء الضروري من النفقات العمومية و هي ختصص للنشــاط العــادي و‬

‫الطبيعي للدولة ‪ ،‬و اليت تسمح بتسيري نشاطات الدولة و التطـبيق الالئـق للمهمـات اجلاريـة ‪ .‬نفقـات التسـيري هي الـيت تـدفع من‬

‫أجـ ــل املصـ ــاحل العموميـ ــة و االداريـ ــة ‪ ،‬أي مهمتهـ ــا ضـ ــمان سـ ــري مصـ ــاحل الدولـ ــة من الناحيـ ــة االداريـ ــة ‪ ،‬و هي تشـ ــمل نفقـ ــات‬

‫املستخدمني و نفقات املعدات ‪.‬‬

‫ـ نفقــات التجهــيز ( رأس المــال) ‪ :‬ان الطبيع ــة االقتص ــادية لنفقــات التجهــيز ختتل ــف عن طبيعــة نفق ــات التســيري ‪،‬حيث تــؤدي‬

‫نفقات التجهيز اىل توسع الثروة العمومية ‪ ،‬و حتسني جتهيز اجلماعات العمومية ‪ ،‬و بواسطة هذه النفقـات ال تتلـف الـثروة ‪ ،‬و‬

‫إمنا حتول فق ــط ‪ ،‬و ميكن أن تس ــاهم يف اإلع ــداد إلجياد ث ــروة جدي ــدة ‪ .‬و هلا ط ــابع االس ــتثمار ال ــذي يتول ــد عن ــه ازدي ــاد الن ــاتج‬

‫الوطــين االمجايل و بالتــايل ازديــاد ثــروة البالد ‪ ،‬كمــا يطلــق على نفقــات التجهــيز اســم ميزانيــة التجهــيز أو ميزانيــة االســتثمار ‪ ،‬و‬

‫‪41‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫بصــفة عامــة ختصــص نفقــات التجهــيز للقطاعــات االقتصــادية للدولــة ( قطــاع الصــناعي ‪ ،‬الفالحي ‪ ...‬اخل ) من أجــل جتهيزهــا‬

‫بوسائل للوصول اىل حتقيق التنمية الشاملة يف الوطن ‪.‬‬

‫ان نفقــات االســتثمار متثــل املخطــط الوطــين الســنوي الــذي يتم إعــداده يف قــانون كوســيلة تنفيذيــة مليزانيــة الــربامج االقتصــادية ‪،‬‬

‫حيث أن هذه النفقات توزع على شكل مشاريع اقتصادية توزع على كافة القطاعات ‪.‬‬

‫إن متويل نفقات التجهيز يتم من قبل اخلزينة العمومية للدولة بنفقات هنائية كما قد يتم متويلها بنفقات مؤقتة يف شكل قروض‬

‫و تسبيقات اخلزينة أو من البنك أي خالل رخص التمويل ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ نفقات الميزانية العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫لقــد صــنفت امليزانيــة العامــة للدولــة يف اجلزائــر اىل عــدة تصــنيفات خمتلفــة تبعــا لتصــنيفات النفقــات العامــة من الناحيــة العلميــة و‬

‫كــذا من الناحيــة الوضــعية الــيت ختتلــف فيهــا الدولــة حاليــا ‪ ،‬إن النظــام املايل يف اجلزائــر قــد اعتمــدت على التصــنيف االداري و‬

‫االقتصادي معا من ناحية التصنيف الوظيفي من ناحية أخرى ‪ ،‬و يتجسد ذلك عمليا من خالل ميزانييت التسيري و التجهيز ‪،‬‬

‫و لذا يكون من املناسب أن نبني من جهة مدونة ميزانية التسيري و من جهة أخرى ميزانية التجهيز ‪.‬‬

‫أ ‪ :‬نفقات التسيير أو ميزانية التسيير ‪ :‬ميزانية التسيري هي امليزانية اليت تكون فيها اعتمادات ماليــة مفتوحـة يف قــانون املاليــة‬

‫خمصصـة للمرافـق العموميـة االداريـة بالدولـة ‪ ،‬وفقـا للتنظيم اهليكلي االداري هلا سـواء كــانت إدارة مركزيـة أو ال مركزيــة ‪ ،‬و‬

‫توضع ميزانية التسيري يف الدولة من أجل ضمان تسيري املرافق العمومية ألدائها خدمات عامة للجمهور ‪ ،‬و لذلك هي تتوافــق‬

‫مع التصنيف االداري الذي يعتمد على املعيار الغري االقتصـادي املتمثـل يف التقسـيم اهليكلي االداري للدولـة ‪ ،‬لكن مـع مراعـاة‬

‫وظيفة كل مرفق عمومي و الغرض من النفقة ‪.‬‬


‫‪42‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫حسب املادة ‪ 24‬من قانون ‪ 84‬ـ ‪ 17‬تنقسم نفقات التسيري اىل أربعة أبواب ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ أعباء الدين العمومي و النفقات احملسومة من االيرادات ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ ختصيصات السلطات العمومية ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ النفقات اخلاصة بوسائل املصاحل ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ التدخالت العمومية ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )2004‬المرجع السابق ص ‪.56‬‬ ‫‪¹‬‬

‫ـ توزيع االعتمــادات بعنــوان ميزانيـة التسـيير لسـنة ‪: 2014‬ـ و الــذي ميثــل اجلدول(ب) ضــمن قــانون املاليــة ( انظــر قائمــة‬

‫املالحق ) ‪ ،‬الحظنا تقسيم املبالغ املالية حسب كل دائرة وزارية ‪ ،‬وهي مبالغ متفاوتة عن بعضها البعض حسـب كـل وزارة‬

‫و النشــاط الــيت تقــوم بــه ‪ ،‬تركــزت نفقــات التســيري حــول أكــرب مبلــغ الــذي حقــق رقمــا قياســيا من جممــوع ميزانيتهــا موجــه اىل‬

‫وزارة الدفاع الوطين ‪ ،‬الذي يعرب عنه بنسبة مئوية حوايل ‪ %20.27‬اىل جمموع ميزانية التسـيري و ميثـل املسـتوى األعلى ‪ ،‬و‬

‫يعرب عنه باإلنفاق العسكري ⁽‪، ⁾¹‬‬

‫تســعى احلكومــة من وراء ذلــك للحفــاظ على األمن و االســتقرار الــداخلي للبالد بالدرجــة االوىل ‪ ،‬و تليــه وزارة الرتبيــة الوطنيــة‬

‫اليت أخدت االهتمام الثاين بعد وزارة الدفاع الوطين الذي حققت نسبة ‪ %14.78‬من جمموع ميزانية التسيري ‪ ،‬و هو يشمل‬

‫كل من التعليم االبتدائي ⁽‪ ⁾²‬و التعليم الثانوي ⁽‪ ، ⁾³‬سعت اليه احلكومــة اىل رفــع من مســتوى التعليم و احلد من نســبة االميــة‬

‫و اجلهــل العلمي و تكــوين األدمغــة بــالتطور التكنولــوجي‪ ،‬من أجــل تطــوير اليــد العاملــة الصــاعدة ‪ ،‬جند أيضــا وزارة الصــحة و‬

‫الســكان و إصــالح املستشــفيات بلغت نســبتها من جممــوع ميزانيــة التســيري ‪ %7.76‬و هي نســبة معتــربة عن بــاقي الــوزارات ‪،‬‬

‫ســعت احلكومــة من خالل ذلــك لــدعم النمــو و مواجهــة مشــاكل الســكن و حماربــة الفقــر و الرفــع من اخلدمات االجتماعيــة ‪،‬‬

‫‪43‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫خاصــة و أهنا ال تســتطيع االعتمــاد بالكامــل على القطــاع اخلاص للقيــام بــدور فعــال يف مواجهــة هــذه التحــديات ‪ ،‬و ذلــك يف‬

‫االجلني القريب و املتوسط ‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬االنفاق العسكري ‪ :‬ما تنفقه وزارة الدفاع على القوات املسلحة‪ ،‬مبا يف ذلـك شـراء اإلمـدادات و املعـدات العسـكرية و االنشـاءات و التجنيـد‪،‬ـ و بـرامج املسـاعدات‬
‫العسكرية‪.‬‬

‫⁽‪ ⁾¹‬التعليمـ االبتــدائي ‪ ( :‬املســتوى األول حســب التصــنيف القياســي الــدويل للتعليم) ‪ ،‬و وظيفتــه األساســيةـ هي توفــري عناصــر التعليم األساســي ‪ ،‬مثــل املدارس األوليــة و‬
‫املدارس االبتدائية ‪.‬‬

‫⁽‪ ⁾²‬التعليمـ الثانوي ‪ :‬التعليم يف املستوى الثاين (املستوى الثاين و املستوى الثالث حسب التصنيف القياسي الدويل للتعليم)ـ ‪ ،‬بعد ما ال يقل عن أربع ســنوات من التعليم‬
‫الســابق يف املســتوى األول‪ .‬و التعليم الثــانوي يــوفر التعليم العــام أو املتخصــص أو كليهمــا ‪ ،‬املدارس املتوســطة‪،‬ـ و املدارس الثانويــة‪ ،‬و املدارس العليــا ‪ ،‬و معاهــد املعلمني‬
‫اليت هي من هذا املستوى و املدارس ذات الطابع املهين أو الفين ‪.‬‬

‫أمــا القطاعــات األخــرى وجهت اليهــا مبــالغ حســب منفعتهــا االجتماعيــة للبالد ‪ ،‬فكــل هــذه النفقــات هنائيــة ليس هلا مقابــل ‪،‬‬

‫حيث أخدت ميزانية التسيري نسبة أعلى من ميزانية التجهيز مقارنة مع اجلدول (ج) الذي سوف نقوم بعرضه الحقا ‪.‬‬

‫ب ـ ـ نفق ــات التجه ــيز أي ميزاني ــة االس ــتثمار‪ :‬ميزانيـ ــة التجهـ ــيز هي امليزانيـ ــة الـ ــيت متنح االعتمـ ــادات املالي ــة يف ق ــانون املالي ــة‬

‫الســنوي ‪ ،‬و ختصــص للقطاعــات االقتصــادية للدولــة ( القطــاع الصــناعي ‪ ،‬القطــاع الفالحي ‪...‬ـ اخل ) و ذلــك من أجــل جتهــيز‬

‫هذه القطاعات بوسائل االنتاج للوصول اىل حتقيق تنمية شاملة يف الوطن ‪ ،‬و متثل تلك النفقات اليت هلا طابع االسـتثمار الـذي‬

‫يتولد عنه ازدياد الناتج الوطين االمجايل و بالتايل ثروة البالد‬

‫إن متويــل ميزانيــة االســتثمار يتم من قبــل اخلزينــة العموميــة للدولــة بنفقــات هنائيــة كمــا قــد يتم متويلهــا بنفقــات مؤقتــة يف صــورة‬

‫قروض و تسبيقات من اخلزينة أو من البنك أي من خالل رخص التحويل ‪.‬‬

‫يتم تقســيم نفقــات التجهــيز حســب املخطــط االمنائي الســنوي امللحــق بقــانون املاليــة حســب القطاعــات و حســب املادة ‪ 35‬من‬

‫قانون ‪ 84‬ـ ‪ 17‬توزع نفقات التجهيز على ثالثة أبواب مدونة كالتايل ‪: ¹‬‬

‫‪44‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫أ ـ جتمع االعتمادات املفتوحة بالنسـبة للميزانيـة العامـة وفقـا للمخطـط االمنائي السـنوي ‪ ،‬لتغطيـة نفقـات االسـتثمار الواقعـة على‬

‫عاتق الدولة ‪ ،‬يف ثالثة عناوين ‪:‬ـ االسـتثمارات املنفـذة من قبـل الدولـة و تتمثـل يف النفقـات الـيت تسـتند إمـا إىل أمالك الدولـة أو‬

‫اىل املنظمات العمومية ـ إعانات االستثمار املمنوحة من قبل الدولة ـ النفقات األخرى برأمسال‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )2004‬المرجع السابق ص ‪59 ،58‬‬ ‫‪¹‬‬

‫ب ـ جتمع نفقات التجهيز يف عنـاوين حسـب القطاعـات ( عشـرة قطاعـات ) و هي ‪ :‬احملروقـات ‪ ،‬الصـناعة التحويليـة ‪ ،‬الطاقـة‬

‫و املن ــاجم ‪ ،‬الفالح ــة و ال ــري ‪ ،‬اخلدمات املنتج ــة ‪ ،‬املنش ــآت األساس ــية االقتص ــادية و االداري ــة ‪ ،‬الرتبي ــة و التك ــوين ‪ ،‬املنش ــآت‬

‫األساســية االجتماعيــة و الثقافيــة ‪ ،‬املبــاين و وســائل التجهــيز ‪ ،‬املخططــات البلديــة للتنميــة مــع االشــارة اىل أن القطــاع قــد يضــم‬

‫عدد معني من الوزارات ‪.‬‬

‫ج ـ تقســم القطاعــات اىل قطاعــات فرعيــة و فصــول و مــواد حيث نتصــور بطريقــة أكــثر وضــوح و دقــة و ذلــك حســب خمتلــف‬

‫النشــاطات االقتصــادية الــيت متثــل هــدف برنــامج االســتثمار ‪ ،‬حيث كــل عمليــة مركبــة من قطــاع ‪ ،‬و قطــاع فــرعي ‪ ،‬و فصــل و‬

‫مادة ‪.‬‬

‫و من خالل اجلدول (ج) ( أنظـ ــر قائمـ ــة املالحـ ــق ) الـ ــذي ميثـ ــل توزيـ ــع النفقـ ــات ذات الطـ ــابع النهـ ــائي لس ــنة ‪ 2014‬حس ــب‬

‫القطاعــات ضــمن قــانون املاليــة ‪ ،‬يــبني لنــا تقســيم املبــالغ املاليــة حســب كــل قطــاع ‪ ،‬هــذا عكس مــا الحظنــاه من خالل اجلدول‬

‫(ب) جدول رقم (‪ )01‬تقسيم املبالغ املالية حسب كل دائرة وزارية ‪ ،‬أول شيء الحظناه أن جمموع ميزانية التســيري أخــدت‬

‫اجلزء األكرب مقارنة مع ميزانية التجهيز من خالل جمموع نفقات املوازنــة العامــة ‪ ،‬حيث ركــزت على نفقــات التسـيري أكــثر من‬

‫نفق ـ ــات التجه ـ ــيز ‪ ،‬جند من خالل اجلدول (ج) أي اجلدول رقم (‪ )02‬أعلى نسـ ــبة من اجملم ـ ــوع ميزاني ـ ــة التجه ـ ــيز موج ـ ــه اىل‬
‫‪45‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫املنشآت القاعدية االقتصادية و االدارية ‪ ،‬و تليهـا مواضـيع خمتلفـة ‪ ،‬نسـبتها ليسـت بقليـل عن األوىل ‪ ،‬و يليهمـا قطـاع الفالحـة‬

‫و ال ــري ال ــذي ح ــدد مببل ــغ معت ــرب من بني جمم ــوع ميزاني ــة التجه ــيز ‪ ،‬على ال ــرغم من أن اجلزائ ــر متل ــك أراض ــي زراعي ــة خص ــبة‬

‫واسعة ‪ ،‬إال أن اهتمام الدولة مل يركز على هذا القطاع اهلام ‪ ،‬و مل متونه مببلغ ماليا قياسيا ‪ ،‬و هذا لالستغالل األمثـل للقطـاع‬

‫و مــا لــه من عوائــد تعــود باملنفعــة للدولــة ‪ ،‬الــيت نعتــرب مــوردا هامــا من املوارد العامــة للموازنــة العامــة ‪ .‬جند أقــل مبلــغ من جممــوع‬

‫ميزانيــة التجهــيز موجــه اىل قطــاع الصــناعة و هــذا لضــعف تكنولوجياهتا و اخلربة و قلــة اليــد العاملــة املؤهلــة ‪ ،‬و يرجــع أيضــا اىل‬

‫عدم استغالل املادة األولية يف هذا القطاع ‪ ،‬فبدال من أن تقوم بتحويل املادة األولية ‪ ،‬تقوم بإصدارها اىل الــدول االخــرى ‪ ،‬و‬

‫إمهال القطاع الصناعي الذي ميثل أهم القطاعات بالنسبة للدول األخـرى ‪.‬فميزانيـة التجهــيز هلا عوائــد تسـتفيد منهــا الدولـة ‪ ،‬و‬

‫تقوم بدعم و متويل االيرادات العامة مليزانية الدولـة ‪ ،‬رغم هــذه األمهيـة مليزانيـة التجهـيز ‪ ،‬إال أن الدولـة أمهلت هـذا الصــنف من‬

‫امليزانيــة موجهــة أعلى قيمــة ماليــة من املوازنــة العامــة اىل ميزانيــة التســيري‪ ،‬و هــذا بســبب تــأثري الظــروف السياســية و االجتماعيــة‬

‫للبالد ‪.‬‬

‫تحديد النفقات العامة و أسباب تزايدها ‪:‬‬ ‫‪ 3‬ـ‬

‫يتح ــدد حجم النفق ــات العام ــة على أس ــاس الفلس ــفة ال ــيت يق ــوم عليه ــا نظ ــام الدول ــة االقتص ــادي و السياس ــي و ذل ــك ألن أمهي ــة‬

‫الفلسفة حتدد الوظائف اليت تقـوم هبا الدولـة و الـيت تتطلب أن ترصـد هلا نفقـات عامـة على أسـاس حجم وظيفـة الدولـة فالدولـة‬

‫احلارس ــة ق ــد احنص ــرت وظيفته ــا يف احلف ــاظ على أمن الدول ــة اخلارجي و ال ــداخلي و القي ــام ببعض األش ــغال العام ــة و قلي ــل من‬

‫اخلدمات االجتماعية العامة و قد بقيت نفقاهتا العامة عند احلد األدىن األمر الذي مل تستطيع الدولة التـدخل أن تلـتزم بــه و عن‬

‫حيادهــا ‪ ،‬إذ أصــبح من مســؤولياهتا األساســية احلفــاظ على التــوازن االقتصــادي و االجتمــاعي و هــو مــا اقتضــى اتســاع نطــاق‬

‫النفقــات بزيــادة الوظــائف الــيت تقــوم هبا الدولــة و الــيت تتطلب نفقــات عامــة ‪ ،‬فضــال عن زيــادة النفقــات العامــة على الوظــائف‬

‫التقليديـة األساسـية ‪ ،‬مث اقتضـى قيـام الدولـة االشـرتاكية باالنتهــاج و التوزيــع زيـادة يف وظــائف الدولـة األمــر الـذي اقتضـى زيـادة‬

‫كبرية يف النفقات العامة تطلبته هذه الوظائف اجلديدة باإلضافة اىل زيادة االنفاق العام على الوظائف األخرى ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و يتصــل هبذا عامــل هــام يــؤثر على حجم اإلنفــاق العــام يف الدولــة إذ أن النفقــات العامــة جيب أن تتحــدد يف البالد املتقدمــة عنــد‬

‫مســتوى الــذي حيقــق تــوازن التشــغيل الكامــل ففي حالــة نقص التشــغيل جيب أن تعمــل النفقــات العامــة على ســد العجــز الالزم‬

‫لتحقيق التشغيل الكامل ‪.‬‬

‫أما يف البالد املتخلفة فإن النفقات العامة جيب أن تصل اىل احلد الالزم لتحقيق معدل التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫فمن الالزم أن يــدخل يف االعتبــار عنــد حتديــد النفقــات العامــة أثــر هــذه النفقــات على ســعر النقــود حــىت ال يــرتتب على االنفــاق‬

‫العام التضخم و ارتفاع األسعار و اهنيار سعر النقود ‪.‬‬

‫و بتطور وظائف الدولة و اتساع نشاطها يف ظل دولـة التــدخل و الدولـة االشـرتاكية اهـتزت قاعـدة أولويـة النفقـات العامـة ‪ ،‬و‬

‫ال ميكن حتديد النفقات العامـة دون إدخـال يف االعتبـار مقـدرة الدولـة على تـدبري االيـرادات الالزمـة لتغطيـة النفقـات العامـة الـيت‬

‫تقتديها وظائفها املختلفة و أصـبح من الضـروريـ ان يـدخل يف االعتبـار مـدى قـدرة الـدخل الوطـين من الناحيـة االقتصـادية على‬

‫حتمل االيرادات العامة اليت حتددها عدة عوامل من الناحية االقتصادية على حتمل االيرادات العامة اليت حتددها عــدة عوامــل من‬

‫أمههــا كيفيــة توزيــع الــدخل الوطــين بني خمتلــف الطبقــات و كفالــة مســتوى معني ملعيشــة األفــراد و احملافظــة يف البالد الــيت تأخــذ‬

‫بالنظام الرأمسايل على رأس املال املنتج و العمل على منوه ‪ ،‬عالوة عن الكيفية اليت يتم هبا توزيع الدخل الوطين يف الدولة ‪.‬‬

‫و من العوامل اليت حتدد حجم النفقات العامة املنفعة اجلماعية ‪ ،‬فالنفقة العامة ختضع لالعتبارات االقتصادية فهي ختضع لفكــرة‬

‫املنفع ــة إذ أن االنف ــاق الع ــام مثل ــه مث ــل االنف ــاق اخلاص ال يك ــون م ــربرا إال إذا حق ــق منفع ــة مس ــاوية على األق ــل ملا ي ــرتتب على‬

‫االنفاق من تضحية ‪.‬‬

‫و أن قياس املنفعـة اجلماعيـة ميثـل صـعوبة كـربى إذ انـه ليس من السـهل قيـاس هـذا النـوع من املنفعـة ‪ ،‬و مل يتفـق علمـاء املاليـة و‬

‫االقتصــاد على معيــار منفعــة النفقــات العامــة و يف احلقيقــة فــإن رجــال السياســة هم الــذين يتولــون يف هنايــة االمــر اختيــار النفقــات‬

‫‪47‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫العامـة يف ضـوء مـا يعتقـدون أنـه حيقـق املنفعـة اجلماعيـة فاختيـار النفقـات العامـة هـو يف األمـر قـرار سياسـي خيضـع لتقريـر السـلطة‬

‫اليت تصدره ‪.‬‬

‫أ ) تطور نفقات التسيير و نفقات التجهيز ‪ 2004‬ـ ‪: 2014‬‬

‫الجدول رقم (‪ )02‬لتطور نفقاتـ التسيير و نفقاتـ التجهيز للجزائر ( بأالف دج )‬

‫نفقات التجهيز اعتماد الدفع‬ ‫نفقات التجهيز رخص‬ ‫نفقات التسيير‬ ‫السنوات‬
‫الربامج‬

‫‪720.000.000‬‬ ‫‪572.657.000‬‬ ‫‪1.200.000.000‬‬ ‫‪2004‬‬


‫‪750.000.000‬‬ ‫‪543.994.000‬‬ ‫‪1.200.000.000‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪1.347.988.000‬‬ ‫‪2.376.868.000‬‬ ‫‪1.283.446.977‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪2.048.815.000‬‬ ‫‪1.477.667.000‬‬ ‫‪1.574.943.361‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪2.304.892.500‬‬ ‫‪1.932.040.400‬‬ ‫‪2.017.969.196‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪2.597.717.000‬‬ ‫‪2.788.434.000‬‬ ‫‪2.593.741.485‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪3.022.861.000‬‬ ‫‪3.331.952.000‬‬ ‫‪3.445.999.823‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪3.184.120.000‬‬ ‫‪2.475.487.500‬‬ ‫‪3.434.306.634‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪2.820.416.581‬‬ ‫‪2.849.854.270‬‬ ‫‪4.608.250.475‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪2.544.206.660‬‬ ‫‪2.240.159.060‬‬ ‫‪4.335.614.484‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪2.941.714.210‬‬ ‫‪2.744.317.600‬‬ ‫‪4.714.452.366‬‬ ‫‪2014‬‬

‫املصدر ‪ :‬اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية لسنوات ‪ 2004‬اىل غاية ‪ 2014‬العدد ‪68 ، 72 ، 72 ، 80 ،49 ، 74 ،85،82 ، 85،85 ، 83‬‬

‫‪48‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من خالل هـ ــذا اجلدول رقم (‪ )02‬الـ ــذي ميثـ ــل تطـ ــور نفقـ ــات املوازنـ ــة العامـ ــة خالل فـ ــرتة الدراسـ ــة ‪ 2004‬ـ ‪ ، 2014‬ميكن‬

‫مالحظــة زيــادة النفقــات العامــة خالل هــذه الســنوات ‪ ،‬إذ تعــد ظــاهرة تزايــد النفقــات العامــة من أبــرز املشــاكل الــيت تعــرض هلا‬

‫علماء املالية العامة ليس من ناحية أسباهبا فحسب ‪ ،‬و لكن من ناحية ما يرتتب عليها من أثار على االيــرادات العامــة ‪ ،‬خاصــة‬

‫و أن الدولة ال تستطيع ان ترفع إيراداهتا بغـري حـدود ‪ ،‬و ال تسـتطيع أن تتجـاوز الدولـة حـدودا معينـة بالنسـبة لفـرض الضـرائب‬

‫أو زيادهتا و إال أخلت باملعـ ــايري االقتصـ ــادية و االجتماعيـ ــة الـ ــيت ينبغي احلفـ ــاظ عليهـ ــا و كـ ــذلك ال ميكن للدولـ ــة أن تلجـ ــأ اىل‬

‫القـروض دون أن تأخـذ يف اعتبارهـا طاقـة االقتصــاد الوطـين و قدرتـه على الوفــاء هبا و ال يعــين أن كـل زيـادة يف النفقــات العامـة‬

‫البد و أن يقابلها زيادة حتمية يف عبء الضرائب ألن زيادة النفقات العامة تقتضي زيادة الدخل الوطين و زيادة الثروة العامــة‬

‫‪ ،‬كمــا أن النفقــات العامــة هلا أثارهــا على زيــادة الــدخل و الــثروات األمــر الــذي قــد يــؤدي حــىت يف ارتفــاع أســعار الضــرائب و‬

‫فرض ضرائب جديدة اىل أن تقرتب أحيانا زيادة الضـريبة مــع مــا قـد حيدث من زيــادة يف دخـل الفـرد أو يف ثروتـه نتيجـة انفـاق‬

‫الدولــة لزيــادة النفقــات العامــة أســباب ظاهريــة و أســباب حقيقيــة ‪.‬كمــا ســجلت نفقــات التجهــيز معــدل منو أســرع باملقارنــة مــع‬

‫نفقـ ــات التسـ ــيري طبقـ ــا ملشـ ــاريع املنشـ ــآت القاعديـ ــة و املشـ ــاريع االخـ ــرى الـ ــيت متت مباشـ ــرها يف إطـ ــار برنـ ــامج دعم االنعـ ــاش‬

‫االقتصادي الذي تبنته احلكومة ابتداءا من سنة ‪ 2001‬ضمن أفق محاية املكتسبات احملققة يف جمال التوازنات االقتصادية املالية‬

‫الكلية ‪ ،‬حيث خصصت املوارد ال بقاء االولوية القطاعية اليت حددهتا احلكومة كقطاع الفالحة و الري و السكن و التعليم و‬

‫الكهرب ــاء الريفي ــة و الغ ــاز ‪...‬اخل و ذل ــك الس ــتجابة أك ــثر اىل متطلب ــات الش ــعب املتع ــددة و خاص ــة الش ــغل و الس ــكن م ــع إهناء‬

‫الربامج اجلارية‬

‫ب ـ تطـور االنفـاق العــام في الجزائر ‪ .‬واجهت اجلزائــر بشــكل عــام حتديات كبــرية خالل فــرتة الدراســة فيمــا يتعلــق بسياســة‬

‫االنف ــاق احلكـ ــومي⁽‪ ، ⁾¹‬فمن ناحيـ ــة بـ ــرزت ضـ ــروريات ملحـ ــة لالسـ ــتجابة للحاجـ ــات االجتماعيـ ــة و حتقي ــق متطلب ــات النم ــو‬

‫االقتص ــادي من خالل رف ــع مس ــتويات االنف ــاق الع ــام بش ــقيه اجلاري و الرأمسايل ‪ ،‬مقاب ــل م ــوارد مالي ــة حمدودة بس ــبب تراج ــع‬

‫االيرادات النفطية و النمو احملدود يف االيرادات الضريبية ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الشكل رقم (‪ )10‬االنفاق العام للجزائر لسنوات ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬

‫االنفاق العامـ‬
‫‪000001‬‬
‫‪00009‬‬
‫‪00008‬‬
‫‪00007‬‬
‫‪00006‬‬
‫االنفاقـ الـعام‬
‫‪00005‬‬
‫‪00004‬‬
‫‪00003‬‬
‫‪00002‬‬
‫‪00001‬‬
‫‪0‬‬
‫‪4002‬‬ ‫‪5002‬‬ ‫‪6002‬‬ ‫‪7002‬‬ ‫‪8002‬‬ ‫‪9002‬‬ ‫‪0102‬‬ ‫‪1102‬‬ ‫‪2102‬‬ ‫‪3102‬‬

‫املصــدر ‪ :‬االرقــام مــأخوذة من القــانون قم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضــمن قــانون املاليــة لســنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 402‬و قــوانني املاليــة لســنوات ‪ 2010‬و‬
‫‪. 387 ،‬‬ ‫‪ 2013‬ص ‪367‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬النفقات احلكومية ‪ :‬مجيع املدفوعات احلكومة مبقابل أو بدون مقابل غري واجبة السداد سواء كانت ألغراض جارية أو رأمسالية‬

‫تشري البيانات املتاحة إىل أن إمجايل النفقات العامة للدولة ارتفعت خالل فرتة الدراسـة (‪ 2004‬ـ ‪ ، )2013‬حيث جند خالل‬

‫الس ــنوات ‪ 2004‬ـ ‪ 2007‬ارتف ــاع النفق ــات العام ــة مبس ــتويات تق ــل عن بعض ــها البعض بنس ــب ض ــئيلة ‪ ،‬س ــنة ‪ 2004‬ك ــان‬

‫االنفاق العام بالنسبة اىل النــاتج احمللي االمجايل يقــدر بـ ‪ %28.00‬حــوايل ‪ 23,737‬مليــون دوالر أمــريكي مقابــل ‪% 29.2‬‬

‫نس ــبة اىل الن ــاتج احمللي االمجايل لس ــنة ‪ ، 2006‬خالل س ــنة ‪ 2008‬ارتف ــاع االنف ــاق الع ــام بنس ــبة معت ــربة حيث ق ــدر ح ــوايل‬

‫‪ 66,823‬مليــون دوالر أمـريكي بنسـبة قـدرت بـ ‪ % 39.1‬اىل النــاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬و تعتــرب سـنة ‪ 2008‬هي نفس السـنة‬

‫الــيت ارتفعت فيهــا االيــرادات العامــة ‪ ،‬يالحــظ ارتبــاط مــوجب و قــوي بني تغــريات االيــرادات و تغــريات النفقــات ‪ ،‬فقــد تــزامن‬

‫ارتفاع ( اخنفاض ) إمجايل النفقات مع ارتفاع ( اخنفـاض ) إمجايل االيـرادات العامـة و املنح ‪ ،‬سـرعان مـا اخنفض االنفـاق العـام‬

‫خالل الس ــنيت ‪ 2009‬و ‪ 2010‬حيث بل ــغ االنف ــاق الع ــام س ــنة ‪ 2009‬ح ــوايل ‪ 60,358‬ملي ــون دوالر أم ــريكي و يف س ــنة‬

‫‪50‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 2010‬بلـغ حـوايل ‪ 61,904‬مليـون دوالر أمـريكي أي بنسـب ‪ %44.0‬و ‪ %38.4‬اىل النـاتج احمللي االمجايل خالل نفس‬

‫السنيت على الرتتيب ‪ ،‬و هذا االخنفاض كما لوحظ خالل نفس الفرتة اليت اخنفضت فيها االيرادات العامة و املنح ‪.‬‬

‫و بعد ما قمنا بعرض سياسة االيرادات العامـة و سياسـة االنفـاق العـام يف اجلزائـر ‪ ،‬سـوف نقـوم بدراسـة العالقـة بينهمـا و ذلـك‬

‫عن طريق تطور امليزانية العامة يف اجلزائر ‪.‬‬

‫الجزائر ‪:‬‬ ‫تطور النفقات العامة و االيرادات العامة في‬ ‫‪ 4‬ـ‬

‫لقدت شهدت امليزانية العامــة يف اجلزائــر عــدة اصـالحات اقتصــادية هتدف اىل تعــديل احمليـط االقتصـادي املؤسسـات العموميـة‬

‫لتنســجم مــع املســار اجلديــد للسياســة االقتصــادية العامــة للدولــة الــيت تتجــه حنو اقتصــاد الســوق بطــابع الرأمسايل ‪ ,‬و قــد تضــمنت‬

‫التشــريعات اجلديــدة تعــديل القــانون املتعلــق بقــوانني املاليــة ‪ ،‬و الــذي حيدد التوزيــع بني القطاعــات االعتمــادات املفتوحــة‬

‫لرخص متويل االستثمارات املخططة ملؤسسات القطاع العمومي من املخطـط السـنوي ‪ ،‬و يهـدف هـذا اإلجـراء للتقليــل‬

‫من نفقــات امليزانيــة العامــة ‪ ،‬غــري ان هــذا ســاهم يف تغطيــة جــزء من عجــز امليزانيــة إال أن أثــره كــان ضــعيفا و مل يبلــغ درجــة‬

‫القضاء الكلي عليه ‪ ،‬حيث سجلت املوازنة العامة يف اجلزائر خالل فرتة الدراسـة فـائض و عجـزا و هـذا مـا حلضـناه من خالل‬

‫تطــور نفقــات العامــة و االيــرادات العامــة للميزانيــة ‪ .‬يالحــظ وجــود عالقــة ارتبــاط مــوجب و قــوي بني تغــريات االنفــاق العــام و‬

‫االيــرادات العامــة و املنح كمــا ذكــر ســابقا ‪ .‬و الشــكل املوايل يوضــح لنــا ذلــك ‪ .‬شــكل رقم ( ‪ )11‬تطــور االيــرادات العامــة و‬

‫النفقات العامة للجزائر ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬

‫‪51‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪000001‬‬

‫‪00009‬‬

‫‪00008‬‬

‫‪00007‬‬

‫‪00006‬‬

‫‪00005‬‬

‫‪00004‬‬ ‫اـالنفاقـ اـلعام‬


‫‪00003‬‬
‫اـاليراداـت‬
‫‪00002‬‬ ‫اـلعامة وـ‬
‫اـلمنع‬
‫‪00001‬‬

‫‪0‬‬
‫‪4002‬‬ ‫‪5002‬‬ ‫‪6002‬‬ ‫‪7002‬‬ ‫‪8002‬‬ ‫‪9002‬‬ ‫‪0102‬‬ ‫‪1102‬‬ ‫‪2102‬‬ ‫‪3102‬‬

‫املصــدر ‪ :‬االرقــام مــأخوذة من القــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضــمن قــانون املاليــة لســنة ‪ 2014‬ص ‪، 397‬ـ ‪ ، 402‬و قــوانني املاليــة لســنوات‬
‫‪.384‬‬ ‫‪، 387 ،‬‬ ‫‪ 2010‬و ‪ 2013‬ص ‪367‬‬

‫من خال الش ــكل أعاله ال حض ــنا ع ــودة ارتف ــاع النفق ــات العام ــة يف س ــنيت ‪ 2011‬و ‪ 2012‬حيث بلغت على الت ــوايل ح ــوايل‬

‫‪ 82,121‬ملي ـ ــون دوالر أم ـ ــريكي و ‪ 91,871‬ملي ـ ــون دوالر أم ـ ــريكي أي بنس ـ ــب ‪ %41.2‬و ‪ ، % 45.0‬و تعتـ ــرب سـ ــنة‬

‫‪ 2012‬متثل املستوى األعلى إلمجايل النفقات العامة و بلغ فيها االنفاق العام أعلى نسـبة مقارنــة مـع السـنوات املدروسـة لنفس‬

‫الفــرتة ‪ ،‬و يعــزى ارتفــاع الكبــري للنفقــات العامــة ســنة ‪ 2012‬اىل ارتفــاع االيــرادات العامــة و املنح لنفس الســنة كمــا لوحــظ يف‬

‫اجلدول رقم (‪ )06‬املذكور سابقا ‪ .‬و كان السبب الرئيسي يف هذه الفرتة هو ارتفاع أســعار النفــط الـيت هي بـدورها أدت اىل‬

‫ارتفاع اجلباية النفطية و اليت تعتـرب املورد الرئيســي ملوارد ميزانيـة الدولـة ‪ ،‬و على هــذه االسـباب سـعت الدولـة التبـاع سياسـات‬

‫ماليــة توســعية و الرفــع من نفقاهتا العامــة ســنة ‪ 2012‬لتغطيــة احتياجــات تطــوير البنيــة التحتيــة و اخلدمات االجتماعيــة ‪ ،‬و دعم‬

‫النمــو و مواجهــة مشــكالت البطالــة و الفقــر و التــدين اخلدمات االجتماعيــة ‪ ،‬خاصــة و أهنا ال تســتطيع االعتمــاد بالكامــل على‬

‫القطــاع اخلاص للقيــام بــدور فاعــل يف مواجهــة هــذه التحــديات ‪ ،‬و ذلــك يف األجلني القــريب و املتوســط ‪ ،‬و بــذلك فــإن أمــام‬

‫احلكومــة اختيــار صــعب بني معاجلة ضــغوط البطالــة و الفقــر و مــا يــرتتب على ذلــك من زيــادة االنفــاق و بني ضــبط و ترشــيد‬

‫االنفاق للحفاظ على االستقرار السياسي ‪.‬‬


‫‪52‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫لكن ســرعان مــا اخنفض االنفــاق العــام ســنة ‪ 2013‬يبلــغ حــوايل ‪ 78,685‬مليــون دوالر أمــريكي بنســبة ‪ %34.8‬اىل النــاتج‬

‫احمللي االمجايل مقارنة بالسنة السابقة ‪ ،‬و يعود هذا االخنفاض يف النفقات العامة اىل اخنفاض االيــرادات العامـة و املنح من نفس‬

‫السنة لألسباب املذكورة سابقا ‪.‬‬

‫و تش ــري عالق ــات االرتب ــاط ه ــذه بش ــكل ع ــام اىل حمدودي ــة ال ــدور ال ــذي تلعب ــه السياس ــة املالي ــة يف االقتص ــاد ‪ ،‬حيث يتم حتدي ــد‬

‫االنف ــاق احلك ــومي من جه ــة بنــاءا على حجم املوارد املتاح ــة و الــيت تعتمــد بــدورها على مســتوى النش ــاط االقتص ــادي ‪ ،‬و يتم‬

‫حتديده من جهة أخرى ‪ ،‬بناءا على أولويات السلطات االقتصادية يف تطوير البين التحتية و مواجهة مشكالت البطالة و الفقــر‬

‫‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ تطور الموازنة العامة خالل فترة ‪ 2004‬ـ ‪: 2014‬‬

‫‪53‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من خالل اجلدول املوايل سوف نقـوم بتبيـان عجـز أو فـائض يف املوازنـة العامـة للدولـة النـاتج جـراء عمليـات حتصـيل االيـرادات‬
‫العامة و النفقات العامة خالل فرتة الدراسة ‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪)03‬‬

‫العجز أو الفائض الكلي في الموازنات العامة لدولة الجزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬


‫النسبة الى الناتج المحلي االجمالي (‪)%‬‬ ‫العجز أو الفائض الكلي (مليون دوالر أمريكي )‬ ‫السنوات‬
‫‪7.1‬‬ ‫‪6,051‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪11,9‬‬ ‫‪12,218‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪13,5‬‬ ‫‪15,838‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪4.7‬‬ ‫‪6,314‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪7.9‬‬ ‫‪13,562‬‬ ‫‪2008‬‬
‫ـ ‪7.1‬‬ ‫ـ ‪9,757‬‬ ‫‪2009‬‬
‫ـ ‪1.8‬‬ ‫ـ ‪2,861‬‬ ‫‪2010‬‬
‫ـ ‪1.3‬‬ ‫ـ ‪2,645‬‬ ‫‪2011‬‬
‫ـ ‪5.0‬‬ ‫ـ ‪10,129‬‬ ‫‪2012‬‬
‫ـ ‪1.4‬‬ ‫ـ ‪3,155‬‬ ‫‪2013‬‬
‫ـ ‪1.3‬‬ ‫ـ ‪2,345‬‬ ‫‪2014‬‬
‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 2014، 2012 ، 2010 ، 2009‬ص ‪ 404 ، 393 ، 372 ، 336‬ـ‬

‫أدت التغريات املشار إليها أعاله ‪ ،‬كمحصلة لتطورات يف جانيب االيرادات العامة و االنفاق العام ‪ ،‬حيث مت تسجيل فائض و‬
‫عجز يف املوازنة العامة يف فرتة الدراسة ( ‪ 2004‬ـ ‪، ) 2014‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫العجز الكلي ‪ :‬زيادة االنفاق مبا فيه االقراض احلكومي على املتحصالت من االيرادات و املنح ‪ ،‬الذي تغطيه احلكومة بااللتزام بالسداد الدين أو السحب من حيازهتا‬
‫من األموال السائلة أو كليها معا ‪.‬‬

‫الفائض الكلي ‪ :‬زيادة املتحصالت من االيرادات و املنح على االنفاق احلكومي مبا فيه االقراض ‪.‬‬

‫هـ ــذا مـ ــا الحظنـ ــاه من خالل اجلدول رقم (‪ )03‬املشـ ــار أعاله ‪ ،‬حققت املوازنـ ــات العامـ ــة فـ ــائض خالل الس ــنوات ‪ 2004‬ـ‬

‫‪ ، 2008‬و الــيت مت تســجيل فــائض قياســا ســنة ‪ 2006‬حــوايل ‪ 15,838‬مليــون دوالر أمــريكي ســواء بقيمــة مطلقــة أو بنســبة‬

‫‪ %13.5‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬كما أنه يرتفــع بكثـري عن ثـاين أعلى فـائض مت حتقيقـه خالل سـنة ‪ 2008‬بنسـبة قـدرت بـ‬

‫‪ %7.9‬اىل النــاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬كمــا ســجلت عجــوز يف موازينهــا الكليــة خالل الســنوات ‪2009‬ـ ‪ ، 2013‬حيث ســجل‬

‫‪54‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫عجـزا سـنة ‪ 2009‬بقيمـة مطلقـة ـ ‪ 9,757‬دوالر أمـريكي مـا يعـادل نسـبة ـ ‪ % 7.1‬اىل النـاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬وهـذا مقابـل‬

‫تراجــع الوضــع املايل خالل هــذه الســنة ‪ ،‬ســرعان مــا حتســن الوضــع املايل حيث اخنفضــت مســتويات العجــز عمــا كــانت عليــه‬

‫خالل الســنوات ‪ 2010‬و ‪ 2011‬لتص ــل كنســبة اىل الن ــاتج احمللي االمجايل ح ــوايل ـ ‪ %1.8‬و ـ ‪ %1.3‬على الت ــوايل بســبب‬

‫تراجع الوضع املايل املذكور سابقا ‪ ،‬لكن سرعان ما حتسن الوضـع املايل ليحقـق رقم قياسـيا يف االيـرادات العامـة و املنح خالل‬

‫ســنة ‪ ، 2012‬و يعــزى هــذا التحســني زيــادة العائــدات النفطيــة كمــا الحظناهــا يف اجلدول رقم (‪ ، )01‬لكن انعكســت ســلبا‬

‫على املوازن ــة العام ــة ال ــيت س ــجلت عج ــزا م ــوازين ق ــدر ب ـ ـ ـ ‪ 10,129‬ملي ــون دوالر أم ــريكي بنس ــبة ـ ‪ %5.0‬اىل الن ــاتج احمللي‬

‫االمجايل ‪ ،‬أن هذا العجز الكلي قد حتقق يف وقت سجل فيه االنفـاق بشـقيه زيــادة كبـرية مقارنـة بـاإليرادات العامـة خالل نفس‬

‫الس ــنة ‪ .‬و س ــنة ‪ 2013‬تعكس س ــنة ‪ ، 2012‬ب ــالرغم من تراج ــع الوض ــع املايل خالل س ــنة ‪ 2013‬إال أهنا س ــجلت تراجع ــا‬

‫بنســبة كبــرية يف العجــز املوازين لنفس الســنة ‪ ،‬حيث بلــغ حــوايل ـ ‪ 3,155‬مليــون دوالر أمــريكي بنســبة ـ ‪ % 1.4‬اىل النــاتج‬

‫احمللي االمجايل ‪ ،‬و ه ــذا نتيج ــة س ــعي احلكوم ــة اىل خفض من نفقاهتا العام ــة مقارنــة بســنة ‪ ، 2012‬ض ــبط و ترش ــيد االنف ــاق‬

‫للحفـ ــاظ على االسـ ــتقرار االقتصـ ــادي ‪ ،‬ويتضـ ــح من دلـ ــك ان أسـ ــباب العجـ ــز قـ ــد تـ ــراكمت و حتكمت يف البنيـ ــة اهليكليـ ــة‬

‫للميزانيــة العامــة يف اجلزائــر ‪،‬و لــدلك فقــد عملت الســلطات العموميــة على وضــع اليــة "صــندوق ضــبط املوارد " لتحكم يف‬

‫عجز امليزانية العامة احملدد بقانون املالية السنوي‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ تطور اجمالي الدين العام الخارجي للجزائر ‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من خالل اجلدول املوايل ســوف نقــوم بتبيــان نســبة إمجايل الــدين العــام اخلارجي⁽‪ ⁾¹‬القــائم اىل النــاتج احمللي االمجايل خالل فــرتة‬
‫الجدول رقم (‪)04‬‬ ‫الدراسة ‪:‬‬

‫نسبة اجمالي الدين العام الخارجي القائم الى الناتج المحلي لدولة الجزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪ ) 2013‬نسبة ‪%‬‬

‫‪2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006‬‬ ‫‪2005 2004‬‬ ‫سنوات‬
‫‪1,5‬‬ ‫‪1,8‬‬ ‫‪2,2‬‬ ‫‪3,4‬‬ ‫‪4.1 5,58 5,60 5.61 17,19 21,82‬‬ ‫النسب‬
‫املصدر ‪ :‬التقرير العريب االقتصادي املوحد لسنوات ‪ 2014 ، 2010 ، 2009‬ص ‪. 450 ، 434 ، 368‬‬

‫و كنس ــبة من الن ــاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬فق ــد س ــجلت أعلى نس ــبة قياس ــيا من إمجايل ال ــدين الع ــام اخلارجي س ــنة ‪ 2004‬بنس ــبة‬

‫قـ ــدرت بـ ‪ % 21.82‬اىل الن ـ ــاتج احمللي االمجايل‪ ،‬و هي أعلى بقلي ـ ــل من ث ـ ــاين نس ـ ــبة من إمجايل ال ـ ــدين العـ ــام اخلارجي حبوايل‬

‫‪ %17.19‬سـنة ‪ ، 2005‬يف املقابــل اخنفضــت نسـبة إمجايل الـدين العــام اخلارجي بأقـل بكثـري إبتـداءا من سـنة ‪ 2006‬مقارنتـا‬

‫بالسنتني السابقتني ‪ ،‬حيث سـجلت نسـبة ‪ %5.61‬اىل النـاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬و اسـتمر هـذا االخنفـاض اىل غايـة ‪ 2013‬الـيت‬

‫س ــجلت أق ــل نس ــبة من إمجايل ال ــدين الع ــام اخلارجي ق ــدرت حبوايل ‪ %1.5‬من الن ــاتج احمللي االمجايل و ه ــذا راج ــع اىل حتس ــن‬

‫األوضاع املالية خالل هذه السنوات ‪ ،‬و سيطرة احلكومة على نفقاهتا العامة و ضبطها ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ال ــدين الع ــام اخلارجي ‪ :‬الـ ــتزام خ ــارجي على دين حكـ ــومي‪ ،‬مبا يف ذلـ ــك احلكوم ــة الوطنيـ ــة ‪ ،‬أو إح ــدى ملحقاهتا من أقس ــام ووك ــاالت ‪ ،‬و األجه ــزة احلكومي ــة‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬
‫املستقلة ‪.‬‬

‫و منذ بدايـة التسـعينات ‪ ،‬شـرعت اجلزائـر يف تطـبيق جمموعـة من االصـالحات االقتصـادية من أجـل تغيـري منط تسـيري االقتصـاد و‬

‫التخفيف من تبعيـة السياسـة املاليـة لإليـرادات االيــرادات النفطيـة ‪ ،‬حبيث مت تبـين قـانون االصــالح الضــرييب سـنة ‪ 1992‬م ‪ ،‬مــع‬

‫‪56‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫تقليل تدخل الدولة يف االقتصاد و فسح اجملال للمبادرة اخلاصة ‪ ،‬غري أن أهم ما ميز هذه املرحلة هو ارتفاع حجم الدين العام‬

‫للدولة نتيجة ارتفاع حجم املديونية اخلارجية و تبين الدولة لسياسة التطهري املايل للمؤسسات العاجزة مما أسفر عن اختالل يف‬

‫املالية العامة للدولة ‪.‬‬

‫ان السري احلسن للسياسة املالية و استقرار معدالت الدين العمومي و العجز املوازين مرهون أول باإليرادات العامة خاصة منها‬

‫اجلبايــة البرتوليــة ‪ ،‬لــذا فــإن القــدرة على حتمــل السياســة املاليــة و العجــز املوازين تبقى بــدورها مرهونــة بتقلبــات أســعار النفــط يف‬

‫األسواق العاملية ‪ ،‬هذا ما يضفي ميزة الضعف على السياسة املالية يف اجلزائر ‪.‬‬

‫وضــعية التضــخم ‪ :‬لقــد وصــلت معــدالت التضــخم يف اجلزائــر اىل مســتويات قياســية هنايــة التســعينات حيث بلغت ‪%30‬‬
‫خالل سنيت ‪ 1994‬و‪( 1995‬سنيت الغاء الدعم احلكومي)‪ ،‬و ذلك نتيجة التحرير االقتصادي الذي قامت به الدولة ابتداء‬
‫من سنة ‪ 1991‬مما أدى اىل تفاقم الضغط التضخمي ‪ ،‬إال ان املعــدالت اخنفضــت اىل ‪ %0.34‬ســنة ‪ 2004‬مث اىل ‪2.59‬‬
‫‪ %‬سنة ‪ 2006‬لرتتفع مرة أخرى اىل ‪ 3.51‬سنة ‪. 2007‬‬

‫ســعر الصــرف في الجزائر ‪ :‬لقــد اصــبحت املصــارف اجلزائريــة غــري بعيــدة عن املنافســة و اصــبح بإمكــان رؤوس االمــوال االجنبيــة‬
‫التوغــل اىل داخــل القطــاع املصــريف نظــرا لصــيغ التعــاون الشــراكة و اخلوصصــة الــيت تعتمــدها الســلطات املصــرفية لتفعيــل هــذا‬
‫القطاع كما مسح قانون النقد و القرض بإنشاء بنوك خاصة ( حملية أو أجنبية ) ‪.‬‬

‫أمــا خبصــوص قيمــة الــدينار وحســب تقريــر البنــك اجلزائــري ‪،‬فــإن العملــة الوطنيــة شــهدت تذبــذبا واضــحا خالل الســنوات‬
‫املاضــية ‪ ،‬و هــذا يف ســياق تقلبــات نســبة الصــرف الهم العمالت الصــعبة على مســتوى االســواق الدوليــة ‪ ،‬حيث انتقلت قيمــة‬
‫الــدوالر من ‪ 73.37‬دينــار ســنة ‪ 2005‬اىل ‪ 69.36‬د ينــار ســنة ‪ ، 2007‬يف حيث أن العملــة االوروبيــة تــراوحت مــا بني‬
‫‪ 93.75‬دينـ ــار هنايـ ــة ‪ 2006‬اىل ‪ 98.33‬د ينـ ــار سـ ــنة ‪ ،2007‬أمـ ــا سـ ــنة ‪ 2008‬فـ ــإن كال من سـ ــعر الص ــرف احلقيقي و‬
‫االمسي قد اخنفضا نسبيا مبتوسط (‪ %0.1‬و ‪ ) %1.2‬خالل املرحلة ما بني جانفي و سبتمرب ‪.‬‬

‫‪:‬دور السياسة المالية في تحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫المبحث الرابع‬

‫‪57‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫للجزائر إمكانيات ضخمة من املوارد الطبيعية اليت تشكل عنصـرا هامـا يف إثـراء االقتصـاد اجلزائـري و دعم قوتـه ‪ ،‬إال أن تسـيري‬

‫هذه املوارد خارج قطاع احملروقات قد اضعف نظرا لنقص احلوافز التشجيعية لتنميـة إنتـاج السـلع خـارج هـذا القطـاع ‪ ،‬و هـذا‬

‫ما كان له أثر واضح على السياسة املالية باجلزائر خاصة اهليكل الضرييب نظرا لكبح تنمية موارد دخل بديلة ‪.‬‬

‫كمــا أن اعتمــاد االقتصــاد اجلزائــري على املوارد البرتوليــة كمصــدر رئيســي للنقــد األجنــيب تــرتب عنــه أثــار على االقتصــاد الكلي‬

‫جعلت من منو إمجايل النـ ــاتج احمللي احلقيقي مرهونـ ــا بتقلبـ ــات أسـ ــعار النفـ ــط الدوليـ ــة ‪ ،‬الـ ــيت كـ ــان هلا فروقـ ــات مقابلـ ــة لقيمـ ــة‬

‫الصــادرات و االيــرادات العموميــة و مــدى تــوفر النقــد االجنــيب ‪ ،‬كمــا كــان هلا أيضــا تــأثري مباشــر على إدارة االنفــاق العــام ‪ ،‬و‬

‫ميكن رد أســباب توســع السياســة املاليــة يف اجلزائــر اىل ثالث حمددات متداخلــة و متكاملــة و هي ‪ :‬احملدد االقتصــادي املتمثــل يف‬

‫حتمية تغيري اهليكل االقتصـادي و املذهيب ‪ ،‬احملدد االجتمـاعي املتمثـل يف ضــغط الطلب على اخلدمات العموميـة و أخــريا احملدد‬

‫األهم و ه ــو احملدد املايل املتمث ــل يف الس ــري املايل الن ــاتج عن قط ــاع احملروق ــات ‪ ،‬إذ أن ــه نظ ــر اىل اس ــعار النف ــط املواتي ــة يف أغلب‬

‫األحيــان على أهنا إشــارة إىل حــدوث زيــادة دائمــة يف الــدخل قــادت اىل مســتويات عاليــة من االنفــاق العــام كــان من الصــعب‬

‫خفضها ‪.‬‬

‫ان اهلدف يف هذا اجلانب املتعلق بدراسة دور السياسة املالية يف دعم التوازن االقتصادي هو معرفة أسباب العجز على التوازن امليزانية‬

‫عن طريق مجلة من النقاط منها ‪:‬‬

‫‪: 2014‬‬ ‫‪ 1‬ـ تطور أداء السياسة المالية في الجزائر خالل فترة ‪ 2004‬ـ‬

‫ع ــرف االقتص ــاد اجلزائ ــري من ــذ االس ــتقالل تغ ــريات عدي ــدة س ــامهت بش ــكل كب ــري يف تغي ــري املف ــاهيم و االي ــديولوجيات و ك ــذا‬

‫االسرتاتيجيات ‪ ،‬و بالتايل تغيري القرارات و االنظمة ‪ ،‬و عليه ميكن رد عوامل تطور السياسة املالية باجلزائر اىل ثالث حمددات‬

‫متداخلة و متكاملة و هي ‪ :‬احملدد االقتصادي و املذهيب املتمثـل يف حتميـة تغيـري اهليكـل االقتصـادي ‪ ،‬احملدد االجتمـاعي املتمثـل‬

‫يف ضغط الطلب على اخلدمات العمومية ‪ ،‬و احملدد املايل املتمثل يف اليسر املايل الناتج عن قطاع احملروقات ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫إن الســري احلســن للسياســة املاليــة و اســتقرار معــدالت الــدين العمــومي و العجــز املوازين هــو مرهــون أوال بــاإليرادات العامــة و‬

‫خاصــة منهــا اجلبايــة البرتوليــة ‪ ،‬و بالتــايل فـإن القــدرة على حتمــل السياسـة املاليــة و العجــز املوازين تبقى بـدورها مرهونــة بتقلبــات‬

‫أســعار النفــط يف األســواق العامليــة ‪ ،‬و هــذا مــا يضــفي مــيزة الضــعف على السياســة املاليــة بــاجلزائر ‪ ،‬و هي أهم مــيزة تتصــف هبا‬

‫النتــائج املوازنيــة بــاجلزائر هي تبعيتهــا الكليــة لتقلبــات أســعار النفــط ‪ ،‬حيث شــهدت فــرتة الدراســة مرحلــتني من فــائض موازنيــا‬

‫خالل السنوات ‪ 2004‬اىل غاية سنة ‪ 2008‬عكس ما لوحظ خالل السنوات ‪ 2009‬ـ ‪ 2014‬عجــزا موازنيــا أساسـيا قــدر‬

‫بـ ‪ %3‬من الناتج احمللي اخلام كمتوسط سنوي هلذه الفرتة ‪.‬‬

‫كما تأثر عجز املوازنة األساسي باإليرادات البرتولية ‪ ،‬مما جعل التوازنات املوازنية باجلزائر تتغري دوريا مع أسعار النفط ‪ ،‬مثال‬

‫اخنفــاض أســعار النفــط ســنة ‪ 2012‬أدى اىل ارتفــاع عجــز املوازنــة العامــة نســبة اىل النــاتج احمللي اخلام حــوايل ‪ % 5.0‬بقيمــة‬

‫بلغت ـ ‪ 10,129‬مليـ ــون دوالر أمـ ــريكي من نفس السـ ــنة ‪ ،‬مما كـ ــان لـ ــه أثـ ــر سـ ــليب على مالءة الدولـ ــة و مـ ــدى القـ ــدرة على‬

‫االستمرار يف حتمل السياسة املالية و العجز املوازين آنذاك ‪.‬‬

‫تــأثرت املاليــة العامــة باألوضــاع االمنيــة و السياســية غــري املواتيــة الــيت شــهدهتا الدولــة خالل هــذه الفــرتة ‪ ،‬حيث ســامهت هــذه‬

‫األوضــاع بشــكل مباشــر يف تعطيــل االنشــطة االقتصــادية و على رأســها االنتــاج النفطي ‪ ،‬مما أثــر ســلبا على حصــيلة االيــرادات‬

‫املالي ــة ‪ ،‬كم ــا أن عملي ــة تعزي ــز مقوم ــات االمن تض ــمنت نفق ــات كب ــرية ‪ ،‬االم ــر ال ــذي القي بض ــغوطات إض ــافية على املوازن ــة‬

‫العامة ‪ ،‬مما شكل حتديات كبرية كان لزاما على احلكومة مواجهتها و التصدي هلا و خاصة أن حيزها املايل حمدود ‪.‬‬

‫و على ض ــوء ه ــذه التط ــورات ‪ ،‬تراج ــع إمجايل االي ــرادات العام ــة للدول ــة س ــنة ‪ 2013‬لتص ــل ح ــوايل ‪ 75,529‬ملي ــون دوالر‬

‫أمــريكي بنســبة بلغت ‪ %33.4‬اىل النــاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬على ضــوء اخنفــاض حصــيلة االيــرادات البرتوليــة حبوايل ‪% 20.7‬‬

‫نسبة اىل النـاتج احمللي االمجايل لتصـل حنو ‪ 46,761‬مليـون دوالر أمـريكي ‪ ،‬مقابـل منو االيـرادات الضـريبية حـوايل ‪25,662‬‬

‫مليــون دوالر أمــريكي من نفس الســنة بعــدما كــانت يف ســنة ‪ 2012‬حــوايل ‪ 24,611‬مليــون دوالر أمــريكي ‪ ،‬و من جهــة‬

‫أخرى اخنفاض إمجايل االنفاق العام سنة ‪ 2013‬بنسبة ‪ %34.8‬اىل الناتج احمللي االمجايل ليصل اىل حوايل ‪ 78,685‬مليون‬
‫‪59‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫دوالر أمـريكي مقارنـة بسـنة ‪ 2012‬الـيت بلغت قيمـة االنفـاق العـام االمجايل حـوايل ‪ 91,871‬مليـون دوالر أمـريكي ‪ ،‬تراجـع‬

‫عجز املوازنة العامة لسنة ‪ 2013‬بنسـبة ـ ‪ % 1.4‬اىل النـاتج احمللي االمجايل حبوايل ـ ‪ 3,155‬مليـون دوالر أمـريكي ‪ ،‬و هـذا‬

‫باخنفاض فائض املوازنات العامة راجع اىل اخنفاض االيرادات العامة بسبب تراجع سـعر النفـط و بالتـايل تراجـع اجلبايـة البرتوليـة‬

‫اليت هي املصدر الرئيسي لإليرادات العامة ‪.‬‬

‫على هذا الضوء سوف نقوم بتحليل كل عنصر من عناصر املوازنة العامة خالل السنوات ‪ 2004‬اىل غاية ‪. 2014‬‬

‫أمــا بالنســبة اىل النــاتج احمللي االمجايل فقــد وصــلت اىل أدىن مســتوياهتا حيث بلغت ‪ 85,340‬مليــون دوالر ســنة ‪ . 2004‬و‬

‫ميكن مالحظة ذلك من خالل اجلدول رقم ( ‪ ( )10‬أنظر قائمة املالحق) ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اثر تراكم اسباب العجز على توازن الميزانية العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫لقــد عــرفت امليزانيــة العامــة للدولــة زيــادة بوتــرية ســنوية متوســطة تقــدر بـ ‪ 26,7‬باملائــة و ذلــك خالل املدة بني ‪ 2004‬و‬

‫‪ ، 2014‬و قد صاحب هذا النمو عجز الزم امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر و من اسبابه ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ صعوبة التحكم يف حجم النفقات العمومية اليت تزداد تضـخما سـنة بعـد سـنة ‪ ،‬مما يسـتدعي االمـر إعـادة النظـر يف جناعتهـا ‪،‬‬

‫من خالل تسيري االموال العمومية بصفة عقالنية و اضفاء الشفافية على النفقات العمومية و ال سيما نفقات التجهيز ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ اعتمـاد امليزانيـة العامـة على عائـدات اجلبايـة البرتوليـة لتمويـل العجــز‪ ،‬و هي ايــرادات غــري عاديـة بـالنظر ملا تتمتـع من تقلبـات‬

‫يف السوق العاملية متس سعر الربميل و تنعكس على ايرادات اجلباية البرتولية ‪.‬‬

‫‪ ‬فقــد تغــريت توازنــات امليزانيــة العامــة بتغــري اســعار احملروقــات يف االســواق العامليــة ‪ ،‬نظــرا حلصــة اجلبايــة البرتوليــة يف جممــوع‬

‫ايرادات امليزانية العامة يف اجلزائر ‪ ،‬و دلك خالل الفرتة املمتدة بني سنة ‪ 1989‬و ‪.2003‬‬

‫‪ ‬وق ــد متيزت الس ــنوات االخ ــرية يف ه ــذه املرحل ــة بت ــدعيم اس ــعار الب ــرتول و العم ــل على اس ــتقرار مس ــتوياهتا ‪ ،‬و دل ــك امت ــداد‬

‫السرتاتيجية منظمة األوبيك الرامية اىل ابقاء اسعار اخلام بني ‪ 22,28‬للربميل ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ‬ـ ضعف حصيلة اجلباية العادية ‪ ،‬لعدة اسباب تضعف من كفاءة النظام الضــرييب و من اجــل اقامـة نظــام جبـائي عصــري يف‬

‫اجلزائــر ‪ ،‬ادخلت خالل العشــر الســنوات االخــرية اصــالحات هامــة ‪ ،‬متثلت يف الرســم على القيمــة املضــافة ‪ ،‬الضــريبة على‬

‫الدخل االمجايل لألشخاص الطبعيني و الضريبة على اربـاح الشـركات و لـذلك فقـد تضـمنت اسـرتاتيجية عصـرنة االدارة‬

‫اجلبائية على التوجيهات التالية ‪:‬‬

‫‪ o‬خلق هيئة خمتصة بكربيات الشركات ألجل التحكم يف تسيري و حتصيل الضرائب اخلاضعني للضريبة االكثر امهية‬

‫‪ o‬اعادة هيكلة مجيع املصاحل اجلبائية ‪.‬‬

‫‪ o‬اصالح االجراءات و املناهج ‪.‬‬

‫‪ o‬ـ ثقل عبئ الديون العمومية على امليزانية العامة للدولة ومما زاد من تفاقمها كون سياسة امليزانية و سياسة القـرض يف اجلزائـر‬

‫تشــكالن املصــادر الرئيســية لتمويــل النشــاط االقتصــادي و ينجــز عن دلــك حتمــا خدمــة املديونيــة بشــكل قــوي يف املوازنــة ‪,‬‬

‫علما ان املديونية تتشكل من اجتماع ثالثة عوامل هي ‪:‬‬

‫تطهري املؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫خسائر الصرف اليت حتملتها اخلزينة العمومية‪.‬‬

‫عملية حشد موارد مالية خارجية من اجل التسيري العادي‪.‬‬

‫و جتدر االشارة اىل ان اللجوء اىل سوق رؤوس االموال اخلارجية من اجل االقرتاض لتمويـل العجــز يف امليزانيـة العامـة للدولـة‬

‫دليل على عدم كفاءة االدوات املالية للدولة و يف مقدمتها االدارة الضريبية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ إجراءات الحكومة الجزائرية الحتواء أثار تقلبات سوف النفط على السياسة المالية ‪:‬‬

‫ضمن النموذج الكينزي احلديث الذي تنتهج اجلزائر يف سياستها املاليـة و بـافرتاض مرونـة تامــة يف االسـعار ‪ ،‬تـؤدي السياســات‬

‫املاليـة التوسـعية اىل ارتفـاع عـام يف االسـعار مما سـيخفض من عـرض النقـود ‪ ،‬و هـذا مـا سـينتج عنـه ارتفـاع يف معـدالت الفائـدة‬
‫‪61‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫اليت ستؤدي بدورها اىل مزامحة القطـاع العـام للقطـاع اخلاص يف حتقيـق أثـار إجيابيـة على النـاتج االمجايل ‪ ،‬أمـا يف حالـة السياسـة‬

‫املالية االنكماشية ‪ ،‬فإن التخفيض يف عجز املوازنة العامة سيؤدي اىل تراجع يف املستوى العام لألسعار و معدالت الفائــدة ‪ ،‬و‬

‫بالتايل حتسن ظـروف االسـتثمار ‪ ،‬لكن يف ظـل التقلبـات احلادة الـيت تشـهدها أسـعار النفـط يف السـوق الدوليـة فضـال عن االجتاه‬

‫العــام لــدى احلكومــة الوطنيــة يف االعتمــاد املباشــر على عائــدات احملروقــات يف دفــع االقتصــاد الوطــين ‪ ،‬نتســائل عن مــا إذا كــانت‬

‫السياســة املاليــة و املوازنــة العامــة يف اجلزائــر تتــأثر بتقلبــات أســعار النفــط الــذي ميثــل متغــريا خارجيــا ؟ كمــا نتســائل عن مــا إذا‬

‫كانت احلكومة قد اختذت إجراءات وقائية الحتواء هذه األثار احملتملة باإلضافة اىل مدى جناحها يف ذلك ‪.‬‬

‫ان الضعف اهليكلي للميزانيات اجلزائرية للسـنوات السـابقة ‪،‬يتمثـل اساسـا يف ضـعف مسـامهة اجلبايـة العاديـة ‪ ،‬و ارتفـاع حصـة‬

‫النفق ــات الض ــرورية ‪ ،‬اض ــافة اىل ض ــرورة ض ــمان املوارد املالي ــة لتش ــجيع مش ــاريع التجه ــيز و اس ــتجابة اىل ك ــل ه ــذا مت إنش ــاء‬

‫صندوق ضبط املوارد بواسطة قانون املالية التكميلي لسنة ‪. 2000‬‬

‫ان موارد هــذا الصـندوق متكونـة من فـائض ايـرادات اجلبايـة البرتوليـة ستخصــص لضـبط تـوازن امليزانيـة ‪ ،‬باإلضـافة اىل ضـبط‬

‫النفقات و ختفيض الدين العمومي ‪.‬‬

‫أ ـ إنشاء صندوق ضبط االيرادات في الجزائر ‪:‬‬

‫من املفــرتض أن يعقــد االعتمــاد الشــديد على إيــرادات النفــط ذات الصــفة املتقلبــة عــاجال أو أجال السياســة املاليــة يف اجلزائــر‪ ،‬و‬

‫ملعاجلة ه ــذه املشــكالت قــامت الكثــري من البلــدان املنتجــة للنفــط من بينهــا اجلزائ ــر بإنشــاء ص ــناديق ث ــروة ســيادية هبدف حتقيــق‬

‫التوازنات االقتصادية حيث مسي يف اجلزائر " صندوق ضبط االيـرادات أو" ‪ " Fonds de régulation des recettes‬و‬

‫قد ختتلف التسميات من صناديق التثبيت اىل صناديق النفط لكن اهلدف واحد ‪:‬‬

‫ـ معاجلة املشكالت الناشئة عن تقلبات أسعار النفط يف االسواق الدولية من أثارها املدمرة على االقتصاديات الوطنية‬
‫‪62‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـ إدخال جزء من إيرادات النفط لألجيال املقبلة و بالتايل فهي ذات طابع ادخاري ‪.‬‬

‫ـ ـ ينتمي صــندوق ضــبط االيــرادات اىل احلســابات اخلاصــة للخزينــة العموميــة يف اجلزائــر و قــد أنشــأ مبوجب املادة ‪ 10‬من قــانون‬

‫‪:‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬ ‫امليزانيــة التكميليــة لســنة ‪ .2000‬قــانون رقم ‪ 2000‬ـ ‪ 02‬املؤرخ يف ‪ 27‬جــوان لســنة ‪ 2000‬و الــيت ينص على التــايل‬

‫يفتح يف كتابــات اخلزينــة حســاب خــاص رقم ‪ 103‬ـ‪ 302‬بعنــوان صــندوق ضــبط املوارد و يقيــد يف هــذا احلســاب من جــانب‬

‫االي ــرادات ‪ :‬ف ــوائض القيم ــة اجلبائي ــة الناجتة عن مس ــتوى أس ــعار احملروق ــات أعلى من ‪ 37‬دوالر كم ــا يض ــمن ك ــل االي ــرادات‬

‫األخرى املتعلقة بسري الصندوق ‪.‬اما من جانب النفقات فتشمل كل من ضبط نفقات وتوازن امليزانية احملددة عن طريق قـانون‬

‫املالي ــة السـ ــنوي و احلد من املديونيـ ــة العموميـ ــة ‪ ،‬ختفيض الـ ــدين العـ ــام ‪ ،‬و يعطى القـ ــانون لـ ــوزير املاليـ ــة احلق يف التصـ ــرف هبذا‬

‫احلساب ضمن قانون املالية ‪،‬و ميكن استنتاج بعض املالحظات املهمة حول هذا الصندوق ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬األزمات النفطية و السياسات المالية في الجزائر ـ دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ـ اجلزائر ص ‪. 194‬‬

‫‪63‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ‬إن صندوق ضبط املوارد هو صندوق ينتمي اىل احلسابات اخلاصة للخزينة العمومية ‪.‬‬

‫‪ ‬وظــائف الصــندوق حــددت أساســا هبدف امتصــاص الفــائض من إيــرادات اجلبايــة البرتوليــة الــيت تفــوق ‪ 37‬دوالر للربميــل ‪ ،‬و‬

‫تســوية و ســد العجــز يف امليزانيــة العامــة للدولــة و الــذي قــد ينتج عنهــا أثــار تضــر باالقتصــاد الوطــين ‪ .‬أخــريا تســديد املديونيــة‬

‫العمومية للدولة بغية احلد منها و ختفيضها ‪.‬‬

‫إن ظروف إنشاء صندوق ضبط االيـرادات معلـوم ان صـندوق ضـبط االيـرادات قـد مت انشـاءه شـهر جـوان ‪ 2000‬والـيت ميزهـا‬

‫تقلبــات حــادة يف اســعار النفــط مقارنــة بالســنوات الــيت ســبقتها‪ ،‬وميثــل هــذا التقلب يف اســعار النفــط الســبب الرئيســي الرتفــاع‬

‫مــداخيل اجلبايــة البرتوليــة من ــذ ذلــك ال ــوقت‪ ،‬حيث أن املوارد اجلبائيــة النفطيــة مرتبطــة ارتباطــا وثيقــا بأســعار النفــط يف الســوق‬

‫الدوليــة الــذي يعتــرب متغــري خــارجي ‪.‬و عليــه أي تقلب يف أســعار احملروقــات ســيؤثر تــأثريا مباشــرا يف وضــعية امليزانيــة العامــة يف‬

‫اجلزائر ⁽‪. ⁾¹‬‬

‫لقــد أصــبح الصــندوق منــذ إنشــائه أداة رئيســية تســتخدمها احلكومــة لتحقيــق أهــداف السياســة املاليــة الــيت تريــد تطبيقهــا ‪ ،‬حيث‬

‫أثبت من خالل التجربة أنه أداة فعالـة المتصـاص األثـار السـلبية للصـدمات اخلارجيـة " مثـل صـدمة أسـعار النفـط " على املوازنـة‬

‫العامة للدولة ‪ ،‬كما أثبت فعاليته يف تسديد املديونية اخلارجية بشقيها الداخلية و اخلارجية ‪.‬‬

‫و يعــود االخنفــاض يف املديونيــة اخلارجيــة اىل اتبــاع سياســة مديونيــة حــذرة تعتمــد على تقليص مســتويات االقــرتاض الــداخلي و‬

‫اخلارجي ‪ ،‬باإلضافة اىل تسديد نسب كبرية ألصول الديون العمومية خاصة الداخلية يف إطار تسوية الديون جتاه البنوك ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪64‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫⁽‪ ⁾¹‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬املرجع السابق ص ‪. 197‬‬

‫ب ـ تأثير صندوق ضبط االيرادات على الموازنة العامة في الجزائر‪:‬‬

‫مبا أن أسعار النفط يف الغالب تكون متقلبة و ال ميكن توقعها و التكهن مبستوياهتا ‪ ،‬فإن حـال إيـرادات النفـط كـذلك مما يعـين‬

‫أن االيــرادات احلقيقيــة كثــريا مــا ختتلــف اىل حــد كبــري عنــد اســقاطها على امليزانيــة العامــة ‪ ،‬الــيت تتطلب يف حالــة حــدوث عجــز‬

‫اللجوء اىل التصحيح املايل للتعويض إما بالتقليص االنفاق العام او من خالل البحث عن طرق بديلة لتمويــل العجــز يف االنفــاق‬

‫اجلاري ‪ ،‬كمــا أن خفض االنفــاق الرأمسايل قــد يعــين التخلي عن املشــروعات االســتثمارية املنتجــة و القــادرة على توليــد مــداخيل‬

‫إضــافية األمــر الــذي كــان سيســاهم يف زيــادة النــاتج احمللي االمجايل ‪ ،‬من ناحيــة أخــرى قــد تقــرر احلكومــات عــرب سياســتها املاليــة‬

‫التوسعية عدم خفض االيرادات و إمنا تلجأ اىل متويل عجـز االيـرادات ‪ ،‬لكن الكثـري من هـذه احلكومـات ال يتـوفر لـديها أصـول‬

‫مالية كبرية الستغالهلا مما يصعب عملية االقراض ‪ ،‬و إذا كانت صدمة ايرادات النفـط دائمـة و الـيت تنشـأ نتيجـة هبـوط حـاد يف‬

‫أسعار النفط العاملية فإن عجز املوازنة العامة قد يواجه صعوبات يف إعادة التوازن ‪ ،‬لكن يظل من الصعب أن يتم ذلك بكفاءة‬

‫إذ أن إنفــاق املال بســرعة يعــين غالبــا إنفاقــه بطريقــة ســيئة إذ ســتتعرض املشــروعات اجلديــدة اىل خطــر التوقــف حني يــتزامن ذلــك‬

‫من تقلبات حادة يف أسعار النفط ⁽‪. ⁾¹‬‬

‫لــذلك فــإن صــندوق ضــبط االيــرادات يف اجلزائــر يهــدف اىل حــل هــذه املشــكلة املتعلقــة بــإيرادات النفــط املتقلبــة و الــيت ال ميكن‬

‫توقــع حــدوثها ‪ ،‬و يتمثــل دور هــذا الصــندوق اىل حتويــل مجيــع االيــرادات النفطيــة اىل بنــود إيراداتــه عنــد جتاوز مســتوى أســعار‬

‫النفط حاجز ‪ 37‬دوالر يف السوق العاملية هبدف ‪ ،‬أما يف حال اخنفاض االيرادات النفطية فسيضمن الصندوق متويـل العجــز يف‬

‫امليزانية العامة هبدف حتقيق االستقرار االقتصادي و تطبيق السياسة املالية يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪65‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫⁽‪ ⁾¹‬سعد اهلل داود (‪ )2013‬املرجع السابق ص ‪. 203‬‬

‫ج ـ تأثير صندوق ضبط الموارد على إيرادات الميزانية العامة ‪:‬‬

‫يعمل صندوق ضبط االيرادات على متهيد و تسيري إيــرادات املوازنـة العامـة و هـو اهلدف العملي لــه‪ ،‬إال أن هــذا اهلدف يتصـادم‬

‫مـع أهـداف السياسـة املاليـة التوســعية يف اجلزائــر املبنيـة على أسـاس دعم االسـتثمار عــرب زيـادة االنفـاق الرأمسايل اجلاري ‪ ،‬و نظـرا‬

‫ألن املوارد قابلة لالستبدال مبستحقات مماثلة أي إيرادات النفطية فإن صندوق ضبط االيرادات سيؤثر سلبا على موارد امليزانيــة‬

‫العامة من خالل حتجيم إيراداهتا ‪.‬‬

‫إن الواقــع يؤكــد أن احلكومــات تســتنجد بصــناديق ضــبط االيــرادات هبدف متويــل عجــز املوازنــة و متويــل الــربامج االســتثمارية يف‬

‫إطار التنمية األمر الذي يدعو للتساؤل عن ماهية دور السياسة املالية يف اجلزائر إذا كان هـذا الصـندوق يقـوم بـذلك عوضـا عن‬

‫متهيد و تسيري اإليرادات العامة ‪.‬‬

‫د ـ االنتقادات الموجهة لصندوق ضبط اإليرادات في الجزائر ‪:‬‬

‫لقد تعرض صندوق ضبط االيرادات يف اجلزائر اىل عدت انتقادات بسبب تـداخل األدوار الـيت يقــوم هبا مـع السياسـة املاليـة أهم‬

‫هذه االنتقادات ‪:‬‬

‫‪ ‬إن صندوق ضبط اإليرادات ضعيف التكامل مع امليزانية العامة للجزائر هذا ما سيؤدي اىل فقدان الرقابة املالية الشاملة و خلق‬

‫ص ــعوبات يف تنس ــيق النفق ــات مث ــل ازدواج النفق ــات و اختاذ ق ــرارات بش ــأن االنف ــاق الرأمسايل دون أن تأخ ــذ بعني االعتب ــار‬

‫تداعياهتا على االنفاق اجلاري يف املستقبل ‪.‬‬

‫‪ ‬قد ختلق برامج االنفاق املنفصلة على امليزانية العامة صعوبات بشأن كيفية حتديد أولويات اإلنفــاق ‪ ،‬باإلضــافة اىل أي من هــذه‬

‫النفقات سيموهلا الصندوق و أي منها ستتكفل به امليزانية ‪.‬‬

‫‪ ‬إن صــندوق ضـبط االيـرادات ميكن أن يقــوم نظـام اإلدارة و الشــفافية و اخلضـوع للمســائلة إذ أن صـناديق الضـبط تقـع بطبيعتهـا‬

‫خــارج نظم امليزانيــة القائمـة كمــا أن سياســاهتا االســتثمارية غالبــا مــا تتســم بعــدم الشــفافية لطبيعتهــا السـيادية األمــر الــذي جيعــل‬

‫‪66‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫عمليــة املراقبــة تنحصــر ضــمن عــدد حمدود من السياســيني املعنــيني ‪ ،‬مم ســيجعلها عرضــة إلســاءة اســتخدام مــوارده و التــدخل‬

‫السياسي ‪ ،‬كما أن طبيعتها املتكاملة من بنود امليزانية العامة جتعل من الصعب على الربملان و الـرأي العـام رصـد اسـتخدامات‬

‫املوارد العامة ‪.‬‬

‫إال أن هن ــاك إشـ ــكالية فيمـ ــا خيص صـ ــندوق ضـ ــبط االيـ ــرادات يف اجلزائـ ــر ‪ ،‬هـ ــل القواعـ ــد و األسـ ــس القانوني ــة ال ــيت حتكم ه ــذا‬

‫الصندوق ال تسمح للحكومة باالستغالل األمثل ملوارد أصول هذا الصندوق ؟ إذ يتطلب على احلكومة يف اجلزائر املواصلة يف‬

‫تنفيذ االصالحات املالية ووضع سياسة ماليـة طويلـة األجـل تركـز على احلفـاظ على موازنـة ماليـة مسـتدامة غـري نفطيـة ‪ ،‬و احلد‬

‫من االعتمــاد املفــرط للحكومــة على صــندوق ضــبط االيــرادات يف حتقيــق تــوازن املوازنــة العامــة ألن مــوارد هــذا الصــندوق غــري‬

‫دائمة و ال ثابتة ‪.‬‬

‫من املفي ــد لص ــندوق ض ــبط االي ــرادات يف قواع ــده التنظيمي ــة املقرتح ــة و سياس ــاته االس ــتثمارية على االقتص ــاد اجلزائ ــري فص ــل‬

‫الصــندوق عن امليزانيـة العامــة و التــداخل مــع أدواره مــع السياسـة املاليــة من خالل إقــراض الصـندوق للميزانيــة العامــة يف حـاالت‬

‫العج ــز بنس ــب حمددة ‪ ،‬مثال إذا وص ــلت نس ــبة العج ــز يف املوازن ــة العام ــة اىل مس ــتوى ‪ %5‬من الن ــاتج احمللي اإلمجايل كم ــا ه ــو‬

‫مطبــق يف االحتاد األورويب يتم التــدخل عــرب سياســته املســطرة ‪ ،‬و من املهم أيضــا أن يصــبح دور الصــندوق التــدخل يف احلاالت‬

‫االستثنائية ملعاجلة االختالالت اهليكلية يف االقتصاد و أثار الصدمات اخلارجية ‪.‬‬

‫أخريا إن جناح االقتصاد اجلزائري يف التخلص من االعتماد املفرط على عائدات احملروقات و تنويـع مـوارد الدولـة أفقيـا سـيعمل‬

‫على جتنيب االقتصاد الوطين الصدمات اخلارجية النامجة من تقلبات أسعار النفط يف األسواق الدولية ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 4‬ـ أثر صدمات السياسة المالية على االنفاق الحكومي في الجزائر ‪:‬‬

‫إن عــودة ارتفــاع أســعار احملروقــات يف الســنوات األخــرية أعطى دفعــا جديــدا للسياســة املاليــة ‪ ،‬حيث ســامهت بشــكل كبــري يف‬

‫حتســني بعض املؤشــرات االقتصــادية الكليــة ‪ ،‬لعــل من أمههــا اخنفــاض حجم املديونيــة اخلارجيــة و نســب البطالــة و ارتفــاع نســب‬

‫النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫و للسياس ــة املالي ــة ت ــأثريات كب ــرية على منو الن ــاتج احمللي اإلمجايل ‪ ،‬و كيفي ــة انعك ــاس ذل ــك على ك ــل من ال ــدخل الشخص ــي و‬

‫أصناف االنفاق ‪ ،‬حماولة يف ذلك اإلجابة على بعض التساؤالت اخلاصة بكيفية تـأثري ضـرائب الـدخل الشخصــية و التحــويالت‬

‫على اس ــتهالك الع ــائالت ‪ ،‬و م ــا م ــدى ت ــأثري الض ــرائب على أرب ــاح الش ــركات و إعان ــات االس ــتغالل املالي ــة املقدم ــة هلا حجم‬

‫االس ــتثمار اخلاص ‪ ،‬و باإلضـ ــافة اىل معرفـ ــة ت ــأثري املتغ ــريات املوازني ــة ( املالي ــة) على ك ــل من معـ ــدل الفائـ ــدة و املس ــتوى الع ــام‬

‫لألسعار و سعر الصرف و حىت أسعار السكنات ‪.‬‬

‫و مقارنــة بطبيعــة تــأثري صــدمات السياســة النقديــة على النشــاط االقتصــادي و هــذا بإمجاع البــالغ لألدبيــات التطبيقيــة ‪ ،‬حظيت‬

‫السياســة املاليــة باهتمــام قليــل خاصــة الدراســات الــيت تعــين باعتمــاد هيكــل اقتصــادها على عائــدات احملروقــات ‪ ،‬و امهل اىل حــد‬

‫منوذجي دورها يف االستقرار االقتصادي ‪ ،‬و قد ادت األزمة املالية األخرية باحلكومـات اىل إعـادة النظـر يف دور السياسـة املاليـة‬

‫اإلسـتقراري و حماولـة إجياد احلقـائق التجريبيـة تقضـي اىل إمجاع حـول طبيعـة تـأثري الصـدمات النوعيـة أو اهليكليـة للسياسـة املاليـة‬

‫على املتغريات االقتصادية الكلية ‪.‬‬

‫ان السياسات االنفاقيـة التوســعية املنتهجـة بـاجلزائر متارس نوعــا من األثـار الالكينزيـة ‪ ،‬إذ أن األثــر االجيايب الضـعيف على النـاتج‬

‫احمللي االمجايل يف املدى القصري سـيؤدي اىل ارتفـاع طفيـف يف حجم الطلب الكلي ( ارتفـاع االســتهالك) يف املدى املتوســط و‬

‫البعيـد ‪ ،‬مما سـينتج عنـه نـوع من الضـغوط التضـخمية املصـاحبة بارتفـاع عـام يف االسـعار ‪ ،‬و يف ظـل تفـاقم عجـز املوازنـة النـاتج‬

‫‪68‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫عن ارتفــاع االنفــاق و اخنفــاض أو ثبــات االيــرادات و ضــرورة التخفيض يف عــرض النقــود للحــد من ضــغوط التضــخمية ‪ ،‬البــد‬

‫ملع ــدالت الفائ ــدة من االرتف ــاع كنتيج ــة حتمي ــة لتط ــبيق ه ــذه االج ــراءات ‪ ،‬مما س ــيؤدي اىل اخنف ــاض يف طلب القط ــاع اخلاص‬

‫للق ــروض و بالت ــايل ظه ــور ن ــوع من أث ــار املزامحة على االس ــتثمار اخلاص ‪ ،‬ال ــيت س ــتمارس ت ــأثريا س ــلبيا على منو الن ــاتج االمجايل‬

‫احلقيقي خالل الفـ ــرتات املتبقيـ ــة يف فـ ــرتة االسـ ــتجابة ‪ ،‬و نتيجـ ــة هلذا االخنفـ ــاض يف النشـ ــاط االقتصـ ــادي س ــتنخفض االيـ ــرادات‬

‫العمومية اخلاصة منها اجلباية العادية ‪.‬‬

‫يب ــدو أن الص ــدمات االجيابي ــة يف االيـ ــرادات العمومي ــة ( ارتف ــاع أسـ ــعار النفـ ــط مثال) متارس نوع ــا من االث ــار الكينزي ــة ‪ ،‬إذ أن‬

‫االرتبــاط الوثيــق لإلنفــاق احلكــومي بــاإليرادات احلكوميــة العموميــة ( اجلبايــة البرتوليــة) جيعلــه يســتجيب بشــكل مباشــر لصــدمات‬

‫هــذه األخــرية ‪ ،‬غــري أن الزيــادة يف االنفــاق احلكــومي ســيكون لــه تــأثري إجيايب على حجم االســتهالك و النشــاط االقتصــادي يف‬

‫املدى القص ــري ‪ ،‬و هــذا مــا ســينعكس إجيابيــا مــرة أخــرة يف املدى املتوس ــط على االيــرادات العموميــة من خالل ارتفــاع اجلبايــة‬

‫العاديـة خاصـة ضـرائب الـدخل و الضـرائب على االسـتهالك ‪ ،‬سـاحما بـذلك بظهـور فـائض يف املوازنـة العامـة ‪ ،‬هـذا الفـائض من‬

‫شــأنه أن يــؤدي اىل التخفيــف من حــدة الضــغوط التضــخمية ( اخنفــاض التمويــل النقــدي للعجــز) و أيضــا تــدين معــدالت الفائــدة‬

‫من جراء ارتفاع االدخار العمومي و بذلك ستكون هذه الوضعية مالئمة و مشـجعة ملنـاخ االسـتثمار مما سـينعكس إجيابيـا مــرة‬

‫أخرى على منو الناتج اإلمجايل احلقيقي ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الشكل رقم (‪: )12‬‬

‫تطور االنفاق الحكومي و الناتج المحلي االجمالي في الجزائر خالل الفترة ‪ 2004‬ـ ‪: 2014‬‬

‫‪000052‬‬

‫‪000002‬‬

‫‪000051‬‬

‫الـناتج اـلمحلـي‬
‫االجمالـي‬
‫‪000001‬‬

‫االنفاقـ الـعام‬
‫‪00005‬‬

‫‪0‬‬
‫‪4002‬‬ ‫‪5002‬‬ ‫‪6002‬‬ ‫‪7002‬‬ ‫‪8002‬‬ ‫‪9002‬‬ ‫‪0102‬‬ ‫‪1102‬‬ ‫‪2102‬‬ ‫‪3102‬‬

‫املصــدر ‪ :‬االرقــام مــأخوذة من القــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضــمن قــانون املاليــة لســنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 402‬ـ ‪ ،333‬و قــوانني املاليــة لســنوات‬
‫‪. 334 ، 387 ،‬‬ ‫‪ 2010‬و ‪ 2013‬ص ‪367‬‬

‫من خالل كــل مــا ذكــر ســابقا تتضــح لنــا القــدرة النســبية للسياســة املاليــة بــاجلزائر على التــأثري يف املتغــريات االقتصــادية ‪ ،‬إذ أن‬

‫السياسة املالية ذات الطـابع الكيـنزي الـيت انتهجتهـا الدولـة عن طريـق رفـع االنفـاق العـام هبدف الرفـع من عـرض االنتـاج الوطـين‬

‫مل يكن هلا أي أثر خيدم هلذا املنظور ‪ ،‬و يرجع هذا بكل بساطة اىل ضعف اجلهاز االنتاجي و حمدودية قدراته ‪ ،‬فرغم ضــخامة‬

‫املوارد املالية املخصصة مل تستطع املؤسسات توسيع إنتاجها ‪ ،‬األمر الذي أدى اىل ضعف أثر املضــاعف احلكـومي مما اسـتدعى‬

‫حتويل هذه املبالغ يف إنشاء اهلياكل القاعدية و تزايد واردات السلع فقط ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 5‬ـ عالقة أسعار النفط بالسياسة المالية في الجزائر‪:‬‬

‫عـرف االقتصـاد اجلزائـري خالل فـرتة الدراسـة ( ‪ 2004‬ـ ‪ ) 2014‬تغـريات عديـدة سـامهت بشـكل كبـري يف تغيـري املفـاهيم و‬

‫اإليــديولوجيات و كــذا االســرتاتيجيات ‪ ،‬و بالتــايل تغيــري القــرارات و األنظمــة ‪ ،‬و عليــه ميكن رد عوامــل تطــور السياســة املاليــة‬

‫بـ ـ ــاجلزائر اىل ثالث حمددات متداخلـ ـ ـ ــة و متكاملـ ـ ـ ــة و هي ‪ :‬احملدد االقتصـ ـ ـ ــادي و املذهيب املتمثـ ـ ـ ــل يف حتميـ ـ ــة تغيـ ـ ــري اهليكـ ـ ــل‬

‫االقتصــادي ‪ ،‬احملدد االجتمــاعي املتمثــل يف ضــغط الطلب على اخلدمات العموميــة ‪ ،‬و احملدد املايل املتمثــل يف اليســر املايل النــاتج‬

‫عن قطاع احملروقات ‪.‬‬

‫إن الســري احلســن للسياســة املاليــة و اســتقرار معــدالت الــدين العمــومي و العجــز املوازين هــو مرهــون أوال بــاإليرادات العامــة و‬

‫خاصــة منهــا اجلبايــة البرتوليــة ‪ ،‬و بالتــايل فـإن القــدرة على حتمــل السياسـة املاليــة و العجــز املوازين تبقى بـدورها مرهونــة بتقلبــات‬

‫أسعار النفط يف األسواق العاملية ‪ ،‬و هذا ما يضفي مـيزة الضـعف على السياسـة املاليـة بـاجلزائر ‪ ،‬و من أجـل توضـيح أكـثر هلذه‬

‫الوضعية لفرتة حمل الدراسة سنستعني يف حتليلنا على األشكال التالية اليت توضح تطورات أسعر النفط ‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪ : )05‬العالقة بين أسعار النفط و إيرادات الجباية البترولية في الجزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫السنوات‬
‫‪96,29‬‬ ‫‪105,87‬‬ ‫‪109,45‬‬ ‫‪107,46‬‬ ‫‪77,38‬‬ ‫‪60,86‬‬ ‫‪94,1‬‬ ‫‪69,04‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪50,59‬‬ ‫متوسـ ـ ـ ـ ــط سـ ـ ـ ـ ــعر ‪36,05‬‬

‫النف ـ ـ ـ ــط للربمي ـ ـ ـ ــل‬

‫"دوالر " ‪¹‬‬


‫‪1577,73‬‬ ‫‪1615,9‬‬ ‫‪1561,6‬‬ ‫‪1472,4‬‬ ‫‪1501,7‬‬ ‫‪1628,5‬‬ ‫‪970,2‬‬ ‫‪973‬‬ ‫‪916‬‬ ‫‪899‬‬ ‫إيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرادات اجلباي ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪862,2‬‬
‫البرتولي ـ ــة ملي ـ ــار دج‬

‫‪²‬‬
‫املصدر ‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com ¹ :‬‬

‫‪71‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ²‬قـانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضـمن قـانون املاليـة لسـنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 398‬و قـوانني املاليـة لسـنوات ‪ 2004‬اىل غايـة ‪ 2013‬ص ‪، 384‬‬
‫‪. 385‬‬

‫الشكل رقم (‪ : )14‬االيرادات الجباية البترولية في الجزائر ‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬ ‫الشكل رقم (‪ : )13‬متوسط سعر البترول للبرميل في الجزائر دوالر‬

‫‪ 2004‬ـ ‪2014‬‬

‫‪021‬‬ ‫‪0081‬‬
‫‪0061‬‬
‫‪001‬‬
‫‪0041‬‬
‫‪08‬‬ ‫‪0021‬‬
‫‪0001‬‬
‫‪06‬‬
‫‪008‬‬
‫‪04‬‬ ‫‪006‬‬
‫‪004‬‬
‫‪02‬‬
‫‪002‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪02‬‬
‫‪02‬‬

‫‪70 2‬‬
‫‪80 2‬‬
‫‪90 2‬‬
‫‪02‬‬
‫‪02‬‬
‫‪02‬‬

‫‪31 2‬‬
‫‪41 2‬‬
‫‪02‬‬
‫‪0‬‬
‫‪0‬‬
‫‪0‬‬

‫‪0‬‬
‫‪0‬‬
‫‪40‬‬
‫‪50‬‬
‫‪60‬‬

‫‪01‬‬
‫‪11‬‬
‫‪21‬‬

‫متوـسطـ أسعار الـنفطـ‬


‫للـبرميلـ في اـلجزاـئر دوـالر‬ ‫اـاليراـداـت الـجبائية لـجزاـئر‬

‫‪.‬‬ ‫املصدر ‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com :‬‬

‫االرقــام مــأخوذة من القــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضــمن قــانون املاليــة لســنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 398‬و قــوانني املاليــة لســنوات ‪ 2004‬اىل غايــة‬
‫‪ 2013‬ص ‪. 385 ، 384‬‬

‫من خالل حتليلنا للشكلني نستنتج أن املوارد اجلبائية النفطية مرتبطة ارتباطا وثيقــا بأســعار النفــط يف الســوق الدوليـة الــذي يعتــرب‬

‫متغري خارجي ‪ ،‬فأي تغري يف أسعار النفط سيؤدي بالضرورةـ اىل حدوث تغري يف هذه املوارد ‪ ،‬فمثال ملا ارتفعت أسعار النفــط‬

‫خالل سنة ‪ 2008‬من ‪ 69,04‬دوالر للربميل اىل ‪ 94,1‬دوالر للربميل تبعتها مــوارد جبائيــة برتوليــة من ‪ 970,2‬مليــار دج‬

‫اىل ‪ 1628,5‬مليــار دج ‪ ،‬و ملا اخنفضــت أســعار النفــط مثال خالل ســنة ‪ 2014‬من ‪ 105,87‬دوالر للربميــل اىل ‪96.29‬‬

‫دوالر للربميل كذلك اخنفضت معها اجلباية البرتولية من ‪ 1615,9‬مليار دج اىل ‪ 1577,73‬مليار دج ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من هــذا املنطــق فــإن أي تقلب يف أســعار احملروقــات ســيؤثر تــأثريا مباشــرا يف وضــعية امليزانيــة العامــة يف اجلزائــر إذ ميكن أن نظهــر‬

‫ذلك من خالل اجلدول التايل ‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪ : )06‬العالقة بين أسعار النفط و رصيد الميزانية في الجزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫السنوات‬
‫‪96,29‬‬ ‫‪105,87‬‬ ‫‪109,45‬‬ ‫‪107,46‬‬ ‫‪77,38‬‬ ‫‪60,86‬‬ ‫‪94,1‬‬ ‫‪69,04‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪50,59‬‬ ‫‪36,05‬‬ ‫متوســط ســعر النفــط‬

‫للربميل "دوالر "‬

‫ـ ‪2,543‬‬ ‫ـ ‪3,155‬‬ ‫ـ ‪10,129‬‬ ‫ـ ‪2,645‬‬ ‫ـ ‪2,861‬‬ ‫ـ ‪9,757‬‬ ‫‪13,56‬‬ ‫‪6,314‬‬ ‫‪15,83‬‬ ‫‪12,218‬‬ ‫‪6,051‬‬ ‫رص ـ ـ ـ ـ ـ ــيد امليزاني ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫مليون دوالر‬
‫املصدر ‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com :‬‬

‫ق ــانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتض ــمن ق ــانون املالي ــة لس ــنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 408‬و ق ــوانني املالي ــة لس ــنوات ‪ 2009‬اىل غاي ــة ‪ 2012‬ص ‪،336‬‬
‫‪. 393 ، 372‬‬

‫و على هذا األساس فإن احلكومة اختذت إجراءات و معايري صـارمة أثنـاء إعـداد امليزانيـة العامـة من خالل اعتمـاد سـعر مـرجعي‬

‫متوق ــع ألس ــعار النف ــط ‪ 37‬دوالر تق ــدر من خالل ــه امليزاني ــة العام ــة ‪ ،‬يف ه ــذا االط ــار نالح ــظ أن احلكوم ــة اعتم ــدت على س ــعر‬

‫مرجعي أثناء إعداد قانون املالية من كل سنة ‪ ،‬خالل فرتة ‪ 2004‬اىل غاية ‪ 2008‬شهدت أسعار النفط ارتفاعا متسارعا يف‬

‫االسواق الدولية و الذي دفع احلكومة اىل جتميع الفائض من املوارد اجلبائية جلعله كاحتياط تستخدمه لتغطية العجز يف امليزانية‬

‫العامة يف املستقبل و هذا عن طريق صندوق سيادي الذي مت إنشائه ( صندوق ضبط املوارد ) ‪ ،‬و هو أداة رئيسية تســتخدمها‬

‫احلكومــة لتحقيــق أهــداف السياســة املاليــة الــيت تريــد تطبيقهــا ‪ ،‬حيث أثبت من خالل التجربــة أنــه أداة فعالــة المتصــاص األثــار‬

‫السلبية للصدمات اخلارجية ‪ ،‬مثل صدمة أسعار النفط على املوازنــة العامــة للدولــة ‪ ،‬و الـيت الحظناهــا من خالل اجلدول رقم (‬

‫‪ )06‬يف السنوات األخرية اخنفاض أسعار النفـط يف األسـواق العامليـة ‪ ،‬مما حققت عجـزا يف ميزانيـة الدولـة خالل نفس الفـرتة ‪،‬‬

‫‪73‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و عليه فإن معظم املؤشرات توحي بأن عدم استقرار االيرادات البرتولية كان هو املصدر األساسي للتقلبات املوازنة باجلزائر و‬

‫هي تتغري دوريا مع أسعار النفط ‪.‬‬

‫و تتمــيز العائــدات الناجتة عن انتــاج و تصــدير احملروقــات خباصــيتني أساســيتني ‪ ،‬االوىل تتعلــق بكميتهــا أي ضــخامة حجمهــا و‬

‫الثانيــة بنوعيتهــا العتبارهــا املصــدر الرئيســي للحصــول على مــوارد بالعملــة الصــعبة ‪ ،‬هلذه االســباب ميزهــا املشــرع عن اجلبايــة‬

‫العادية و املوارد االخرى للميزانية بأن يفتح هلا خطا مستقال يف ميزانية الدولة‪.‬‬

‫شكل رقم (‪ )15‬الفائض أو العجز الموازني للجزائر خالل السنوات ‪ 2004‬ـ ‪: 2014‬‬

‫‪00.81‬‬
‫‪00.61‬‬
‫‪00.41‬‬
‫‪00.21‬‬
‫‪00.01‬‬
‫‪00.8‬‬ ‫اـلعجز أوـ الـفائض الـكلـي‬
‫‪00.6‬‬
‫‪00.4‬‬
‫‪00.2‬‬
‫‪00.0‬‬
‫‪4002 5002 6002 7002 8002 9002 0102 1102 2102 3102 4102‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 2014‬ص ‪ ، 408‬و قوانني املاليــة لســنوات ‪ 2009‬اىل‬

‫غاية ‪ 2012‬ص ‪. 393 ، 372 ،336‬‬

‫من خالل األشــكال الــيت قمنــا بعرضــها ‪ ،‬يتضــح أن أهم مــيزة تتصــف هبا النتــائج املوازنــة يف اجلزائــر هي تبعيتهــا الكليــة لتقلبــات‬

‫أسعار النفط ‪ ،‬و مدى تأثري العجز املوازنة األساسي باإليرادات البرتولية ‪ ،‬مما جعل التوازنات املوازنـة بـاجلزائر تتغـري دوريــا مـع‬

‫أســعار النفــط ‪ ،‬فالصــدمات أســعار النفــط يف األســواق العامليــة ( ارتفــاع أو اخنفــاض ) كــان لــه أثــر فعــال على الدولــة ‪ ،‬فمثال‬

‫اخنفاض أسعار البرتول يف فرتة الدراسـة كـان لـه أثـر سـليب على مالءة الدولـة و مـدى القــدرة على االسـتمرار يف حتمـل السياسـة‬

‫املالية و العجز املوازين ‪.‬مالحظة هامة ‪ :‬اخنفاض مفاجئ ألسعار البرتول سنة ‪ 2015‬ليصل اىل ‪ 52,78‬دوالر للربميل ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 6‬ـ اتجاهات الحالية للنمو و اإلنفاق العام للجزائر ‪:‬‬

‫تعتــرب اجلزائر من البلــدان العربيــة الربعيــة الــيت متيزت يف منو النفقــات العامــة فالوضــعية املاليــة للخزينــة العموميــة كــانت يف تــدهور‬

‫مستمر ‪ ،‬حيث حتول فائض اىل عجز ابتداء من سنة ‪ 2009‬اىل غاية ‪ 2014‬عجزا موازين ‪ ،‬فقــد اخنفض أكــثر من ‪، %70‬‬

‫و هذا راجع اخنفاض اإليرادات مقابل زيادة النفقات العامة و هذا االخنفاض يف اإليرادات ناتج عن اخنفــاض اجلبايــة البرتوليــة و‬

‫اليت بدورها تعود الخنفاض أسعار النفط يف األسواق الدولية ‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪)16‬‬ ‫الشكل املوايل يوضح لنا ‪:‬‬

‫اإلنفاق العام في الجزائر ( اإلنفاق االستهالكي و اإلنفاق االستثماري ) خالل السنوات ‪. 2014 2004‬‬

‫‪0000000005‬‬

‫‪0000000054‬‬

‫‪0000000004‬‬

‫‪0000000053‬‬

‫‪0000000003‬‬

‫‪0000000052‬‬
‫اـالنفاقـ اـالستهالكي‬
‫‪0000000002‬‬ ‫اـالنفاقـ اـالستثماري‬

‫‪0000000051‬‬

‫‪0000000001‬‬

‫‪000000005‬‬

‫‪0‬‬
‫‪4002 5002 6002 7002 8002 9002 0102 1102 2102 3102 4102‬‬

‫املصدر ‪ :‬اجلريدة الرمسية للجمهوريةـ اجلزائرية لسنوات ‪ 2004‬اىل غاية ‪ 2014‬العدد ‪68 ، 72 ، 72 ، 80 ،49 ، 74 ،85،82 ، 85،85 ، 83‬‬

‫‪75‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫يعـ ــد اإلنفـ ــاق االسـ ــتثماري أهم جـ ــوانب اإلنفـ ــاق الكلي يف أي اقتصـ ــاد كـ ــان ‪ ،‬إذ تعتمـ ــد عليـ ــه مسـ ــتويات النمـ ــو و تنافسـ ــية‬

‫االقتصاديات الدول بشكل عام ‪ ،‬لذا يعد استقرار تطور و اجتاه هذا اإلنفاق من العناصر اهلامة من معدات النمو االقتصــاديات‬

‫‪ ،‬و ب ــالنظر اىل اجتاه ــات اإلنف ــاق الكلي يف اجلزائ ــر ‪ ،‬يالح ــظ ان اإلنف ــاق االس ــتثماري ه ــو أك ــثر أن ــواع اإلنف ــاق تقلب ــا ‪ ،‬حيث‬

‫يتض ــح لن ــا من الش ــكل الت ــايل ‪ ،‬أن ه ــذا اإلنف ــاق ميي ــل اىل التقلب بص ــورة واض ــحة من س ــنة اىل أخ ــرى ‪ ،‬و ه ــذا أن أح ــد أهم‬

‫اخلص ــائص السياسـ ــية خلطـ ــط التنميـ ــة الـ ــيت تتبناهـ ــا الدولـ ــة تتمثـ ــل يف ضـ ــرورة ختصـ ــيص اإلنفـ ــاق كبـ ــري على مش ــروعات التنمي ــة‬

‫األساسـية ‪ ،‬مثــل املشــروعات البنيـة التحتيـة و مشـروعات تقـدمي اخلدمات األساسـية من التعليم اىل الرعايـة الصــحية و غريهـا من‬

‫املشاريع اهلامة كما الحظناها من خالل رقم (‪ )07‬ضمن املالحق ‪ ،‬و يعزى تقلب حجم اإلنفاق االســتثماري اىل تقلبــات يف‬

‫حصيلة اإليرادات النفطية ‪ ،‬و ذلك بفعل الدور احملوري الذي يلعبه القطاع النفطي يف إقتصاد البلد ‪.‬‬

‫يالحـ ــظ من خالل الشـ ــكل البيـ ــاين رقم (‪ )16‬لإلنفـ ــاق العـ ــام يف اجلزائـ ــر خالل السـ ــنوات ‪، 2004‬ـ ـ ـ ‪ : 2014‬ان اإلنفـ ــاق‬

‫االستثماري كنسبة من الناتج يف اجلزائر يبقى ضعيف جدا ‪ ،‬و ذلك إذا أخدنا يف االعتبار اإلمكانيات الكبرية للبلد ‪.‬‬

‫تصـل هـذه النسـبة يف فـرتة ‪ 2014-2004‬يف متوسـط اىل ‪ %9.66‬و هـذه النسـبة حمدودة سـواء هلا سـبب ( دول الناميـة) أو‬

‫باملقايس ــة العامليـ ــة ‪ ،‬خصوصـ ــا للـ ــدول الـ ــيت حتقـ ــق فـ ــوائض ماليـ ــة كبـ ــرية يف ميزاهتا مثـ ــل اجلزائـ ــر ‪ ،‬ان هـ ــذه املس ــتويات لإلنف ــاق‬

‫االستثماري يف الدولة تفسري عدم القدرة على التخلص من الذي يوقف انطالق عملية النمو للقطاعات غــري النفطيــة يف اجلزائــر‬

‫‪.‬‬

‫أ ـ إشكالية ترشيد و توجيه اإلنفاق الحكومي و حصة اإلنفاق األمثل ‪:‬‬

‫ان عملي ــة الرتش ــيد و التوجي ــه اإلنف ــاق احلك ــومي يتطلب ت ــوافر جمموع ــة من ال ــدعائم و خاص ــة التحدي ــد ال ــدقيق حلجم اإلنف ــاق‬

‫احلكومي األمثل اليت يتوقف يف حتديده على األسس العلمية ‪ ،‬و كذا انطالقا من الدراسات االقتصادية التطبيقيىة و جند أعمـال‬

‫بــارو حــددت أهم املعــايري لصــياغة احلد األمثــل حلجم االنفــاق احلكــومي و الــذي يتحــدد عنــدما تصــبح انتاجيتــه احلديــة متســاوية‬

‫للصفر ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫قــدم كــل من )‪ barro (1989‬و ) ‪ Armey et Al ( 1995‬و )‪ Rahn et Al (1996‬و )‪Saull(1998-2003‬‬

‫جمموعـة من الدراســات النظريـة و التطبيقيـة و عــرفت هــذه الدراسـات بتحديــد احلد األمثــل للتــدخل احلكــومي من خالل تصــوير‬

‫العالقـة بني حجم التـدخل احلكـومي و النمـو االقتصـادي مبنحـىن يعـرف بـ ‪ BARS‬حيث احملور االفقي يعـرب عن حجم التـدخل‬

‫احلكومي و احملور العمودي يقدم معدالت النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫اهتم العامل األملاين االقتصادي أدولـف فـانغر "‪ " Wagner‬بدراسـة التطـور املايل لدولـة يف سـنة ‪ 1892‬و هـو أول من لفت‬

‫األنظــار اىل ظــاهرة تزايــد النفقــات العامــة ‪ ،‬بعــد أن درس حجم النفقــات العامــة يف هــذه الدولــة قــانون فــانغر ‪ ،‬و كشــف على‬

‫عالقــة بنم ــو النــاتج الوطــين ‪ ،‬و اعتــرب ان الزيــادة يف النفقــات العامــة ‪ ،‬قــانون ع ــام لتط ــور االقتصــادي و مساه ( الق ــانون التزايــد‬

‫املسـتمر للنشـاط احلكـومي ) فحسـب رأي فـانغر أن النشـاط احلكـومي يـزداد كمـا و يتعـدد نوعـا مبعـدل أكـرب من معـدل الزيـادة‬

‫يف النمو االقتصادي و من معدل زيادة السكان ‪ ،‬و يفسر تلك الزيادة بسنة التطور ‪ ،‬فالدولــة تنمــو و تتطــور تــزداد التزاماهتا‬

‫مــع اتســاع دائــرة تــدخلها خلدمــة االفــراد و من مت فــان نفقاهتا تــزداد تبعــا لــذلك ‪ ،‬و بــالرجوع اىل البيانــات االحصــائية لتطــور‬

‫االنفــاق العــام يف العديــد من الــدول بعــد احلرب العامليــة الثانيــة ‪ ،‬تظهــر بوضــوح اجتاه النفقــات العامــة اىل التزايــد بــإطراد بعض‬

‫النظر عن درجة النمو االقتصادي و الفلسفة املذهبية السـائدة فيهـا ‪ ¹‬كمـا يتضـح لنـا من خالل الشـكل املوايل الـذي يوضـح لنـا‬

‫تط ــور االنف ــاق الع ــام و الن ــاتج احمللي االمجايل لبل ــد اجلزائ ــر ‪ ،‬جند واقعي ــة ق ــانون ف ــانغر و فعاليت ــه يف بل ــد اجلزائ ــر كم ــا لوح ــظ يف‬

‫الشــكل رقم (‪ )04‬تطــور االنفــاق العــام و النــاتج احمللي االمجايل للجزائــر ســابقا ‪ .‬وفقــا لقــانون فــانغر ‪ ،‬فــإن هنــاك ثالثــة أســباب‬

‫تعمل على زيادة دور احلكومة يف النشاط االقتصادي ‪:‬‬

‫‪77‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ ) 2012‬جملة االقتصاد و منامجنت ـ منشورات كلية العلوم االقتصادية و التسيري ـ جامعة ابو بكر بلقايد تلمسان عدد ‪ 11‬ـ ص ‪4‬‬ ‫‪ ¹‬يوسفي رشيد‬

‫‪ ) 1‬عامل التصنيع و التحـديث ‪ :‬مما يسـتوجب قيـام السـلطة هبذه االعمـال و يسـتدعي ذلـك زيــادة االنفــاق العــام على اجملاالت‬

‫اليت تضمن فرض العقود و االتفاقات و حفظ االمن و العدل و حكم القانون ‪.‬‬

‫‪ ) 2‬ان النمو يف الدخل احلقيقي يؤدي ال حمالة اىل التوسع النسيب يف االنفاق الرفاهي و الثقايف و التعليم ‪.‬‬

‫‪ ) 3‬أن التطور االقتصادي و التغريات السريعة يف التقانة عامالن يتطلبان أن تســيطر احلكومــة على إدارة االحتكــارات الطبيعيــة‬

‫‪ ،‬و ذلـك من أجـل زيـادة كفـاءة االداء االقتصـادي ‪ ،‬و ذلـك لتوفـري االسـتثمارات الالزمـة يف بعض القطاعـات الـيت حبجم عنهـا‬

‫القطاع اخلاص ‪.‬‬

‫كما الحظنا سـابقا أن السياسـة املاليـة الـيت تتبعهـا دولـة اجلزائـر هي السياسـة املاليـة التوسـعية يف البلـد ‪ ،‬و يؤكـد قابليـة االسـتعانة‬

‫بتط ــبيق ق ــانون ف ــانغر لرس ــم مع ــامل السياس ــة املالي ــة يف االقتص ــاد اجلزائ ــري هبدف ترش ــيد و حتدي ــد احلد االمث ــل حلجم الت ــدخل‬

‫احلكــومي ‪ ،‬يف حني أن السياســات احلاليــة ذات التوجهــات الكينزيــة غــري صــاحلة بالنســبة لالقتصــاد اجلزائــري ‪ ،‬و ذلــك لطبيعــة‬

‫هيكله االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ السياسة المالية و إشكالية التوازن االقتصادي العام للجزائر ‪:‬‬

‫يعتــرب عجــز املوازنــة العامــة للدولــة احــد عوامــل االختالل االساســية الــيت تعبث بأوضــاع التــوان االقتصــادي العــام الــداخلي ‪ ،‬ويف‬

‫اجلزائر ان تزايد اإلنفــاق مبعـدالت أعلى من معـدالت تزايــد اإليـرادات العامـة أدى اىل نشـوء ظـاهرة عجـز املوازنـة والــيت تتزايــد‬

‫‪78‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫معدالتــه من ســنة ألخــرى ‪ ،‬كمــا متثلت أزمــة االقتصــاد الوطــين وتغــريات اســعار النفــط يف اختالل التــوازن الــداخلي واخلارجي‬

‫واختالل عالقات النمو بني قطاعات االقتصاد املختلفة ‪ ،‬عجز املوازنة العامة ونسبة الدين العام اخلارجي ‪.‬‬

‫ويهدف الوقوف علي وضع التوازن االقتصادي العام للجزائر ‪ ،‬سوف نقوم بدراسة التوازن الداخلي والتوازن اخلارجي‬

‫‪ 1‬ـ التــوازن الــداخلي ‪ :‬تتــأثر املاليــة العامــة مبختلــف التوازنــات اخلارجيــة لكــون االيــرادات العامــة تعتمــد علي اجلبايــة البرتوليــة‬

‫والــيت تتــأثر بدرجــة كبــرية ملا يطــرأ على الســوق النفطيــة ‪ ،‬واعتبــارا ملا متثلــه امليزانيــة يف متويــل االقتصــاد وانعاشــه ‪ ،‬فهي معرضــه‬

‫للتبعيــة االقتصــاد العــاملي وخاصــة ان مــداخل اجلزائــر من إيــرادات احملروقــات ‪ ،‬أمــا مــوارد اإليــرادات العامــة فهي مرتبطــة بوتــرية‬

‫النشـاط االقتصــادي و هــذا األخــري تتحكم فيــه املتغــريات اخلارجيـة بدرجـة كبـرية خاصـة ســعر النفــط ‪ ،‬بـالرجوع اىل تطـور بنـود‬

‫املوازنة العامة ( أنظر اجلدول رقم ‪ ، ) 03‬ميكن القول أن النفقات العامة فـاقت االيـرادات العامــة خالل السـنوات األخــرية من‬

‫الدراسة ( ‪ 2009‬ـ ‪ )2014‬و تبعا لذلك تكبدت ماليـة الدولـة عجـز مـزمن حيث أن أسـباب عجــز املوازنـة العامـة ترجـع اىل‬

‫حــد كبــري اىل توســع االنفــاق العــام بوتــرية ســريعة ال ميكن مواصــلتها ‪ ،‬حيث فــاق معــدهلا ســرعة الزيــادة يف قاعــدة االيــرادات‬

‫الضريبية لالقتصاد هذا من جهة ‪ ،‬و من جهة أخرى إن هذه العجوزات اليت عرفتها مالية الدولة تتـأثر بدرجـة كبـرية بـإيرادات‬

‫اجلباي ــة البرتولي ــة ال ــيت س ــامهت يف اي ــرادات املوازن ــة العام ــة بنس ــبة زادت عن ‪ %50‬يف بداي ــة ف ــرتة الدراس ــة ‪ ،‬لكن س ــرعان م ــا‬

‫اخنفض ــت يف الس ــنوات (‪ 2009‬ـ ‪ ، ) 2014‬راج ــع ه ــذا االخنف ــاض اىل ت ــدهور أس ــعار الب ــرتول و اخنفاض ــها ‪ ،‬و رغم ذل ــك‬

‫بقيت اجلبايـ ــة البرتوليـ ــة املورد الرئيسـ ــي للميزانيـ ــة العامـ ــة ‪ ،‬رغم حتسـ ــن اجلبايـ ــة العاديـ ــة الـ ــيت فـ ــاقت اجلبايـ ــة البرتولي ــة يف الس ــنيت‬

‫األخريتني من الدراسة ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫يعترب عجز املوازنة للدولة أحد عوامل االختالل االساسية اليت تبعث بأوضاع التوازن االقتصادي العام الداخلي ‪.‬‬

‫رصيد امليزانية خالل فرتة الدراسة (‪ 2004‬ـ ‪ : ) 2014‬تغري رصيد امليزانية العامـة خالل فــرتة حمل الدراســة من فــائض سـجل‬

‫خالل السـنوات (‪ 2004‬ـ ‪ ) 2008‬نتيجـة االرتفـاع املسـتمر ألسـعار النفـط ‪ ،‬لكن سـرعان مـا تـدهورت أسـعار النفـط خالل‬

‫ســنة ‪ 2009‬حيث اخنفضــت االيــرادات اجلبائيــة و مت تســجيل عجــزا موازنــا خالل نفس الســنة ‪ ،‬إرتفــاع أســعار النفــط خالل‬

‫السنوات ‪ 2011‬و ‪ 2012‬لكن تواصل العجز املوازين خالل هذه السنوات بسبب ارتفاع النفقـات العامـة ‪ ،‬عـودة اخنفـاض‬

‫أسعار النفط و تسجيل عجز موازين مرة أخرى يف السنيت االخريتني ‪.‬‬

‫مما س ــبق يتض ــح لن ــا أن االقتص ــاد اجلزائ ــري متيز بعج ــز م ــزمن يف املوازن ــة العام ــة للدول ــة ‪ ،‬و ال ــذي يعت ــرب أح ــد عوام ــل االختالل‬

‫االساسية اليت حلت بالتوازن املايل الداخلي ‪ ،‬و ميكن حصـر اسـباب اسـتمرار العجـز يف أغلب سـنوات فـرتة الدراسـة اىل سـببني‬

‫مها ‪:‬‬

‫ـ زيادة النفقات العامة للدولة مبعدالت عالية و متزايدة ‪.‬‬

‫ـ اخنفاض االيرادات العامة للدولة و اليت تبقى عرضة التغريات اخلارجية و املتعلقة بأسعار احملروقات على وجه اخلصوص لكــون‬

‫ايرادات املوازنة تعتمد بشكل كبري على اجلباية البرتولية ‪.‬‬

‫و إمجاال ف ــإن الت ــوازن ال ــداخلي لالقتص ــاد الوط ــين يع ــاين من اختالل يتمث ــل يف ع ــدم التناس ــب بني االي ــرادات العام ــة و االنف ــاق‬

‫العام ‪ ،‬و قد متثلت اساسا يف منو النفقات العامة مبعدل أعلى من منو االيرادات العامة املتاحة حمدودة املصادر‬

‫‪ 2‬ـ ـ الت ــوازن الخ ــارجي ‪ :‬حق ــق امليزان التج ــاري فائض ــا خالل الس ــنوات األوىل من ف ــرتة الدراس ــة ‪ ،‬و ج ــاء ه ــذا الف ــائض يف‬

‫مســتوى امليزان التج ــاري نتيجــة ارتف ــاع صــادرات الــيت بلغت قيمته ــا ‪ 79,146‬ملي ــون دوالر مقابــل ‪ 7,9‬مليــون دوالر من‬

‫ال ــواردات خالل ســنة ‪ ( 2008‬أنظــر اجلدول رقم ‪ 13‬قائمــة املالح ــق ) ‪ ،‬غــري أن ه ــذا الفــائض مل يكن ممكن ــا دون االرتف ــاع‬

‫الكبري ألسعار البرتول حىت و إن حدث ذلـك فـإن مـرة أخـرى دليـل قـاطع ملدى تبعيـة االقتصـاد الوطـين للمحروقـات ‪ ،‬فسـرعان‬

‫مـا اخنفضـتـ أسـعار النفـط سـنة ‪ 2008‬اخنفضـت الصـادرات حيث بلغت ‪ 45,080‬مليـون دوالر مقابـل ـ ‪ 7,1‬مليـون دوالر‬

‫‪80‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من الــواردات ‪ ،‬و نالحــظ حتســن االوضــاع يف الصــادرات حيث ارتفعت ســنة ‪ 2011‬و ‪ 2012‬اىل ‪ 72,874‬مليــون دوالر‬

‫و ‪ 71,622‬ملي ــون دوالر مقاب ــل اخنف ــاض مس ــتمر لل ــواردات ال ــذي وص ــلت ـ ‪ 1,3‬ملي ــون دوالر و ـ ‪ 5,0‬ملي ــون دوالر من‬

‫نفس السنة ‪ ،‬و هذا راجـع اىل ارتفـاع أسـعار البـرتول خالل هـذه الفـرتة ‪ ،‬لكن عـودة اخنفـاض أسـعار احملروقـات خالل السـنتني‬

‫االخــريتني من فــرتة الدراســة أدى اىل اخنفــاض من الصــادرات لتصــل اىل ‪ 65,00‬مليــون دوالر مقابــل ـ ‪ 1,4‬مليــون دوالر من‬

‫الواردات ‪.‬‬

‫و ما نستنتجه من هذا املبلغ الزهيد هو عدم وجود سياسة حقيقية لتحفيز الصادرات خارج احملروقات ‪.‬‬

‫و أخــريا ميكن القــول أن التوازنــات املاليــة اخلارجيــة كــانت مرهونــة بأســعار احملروقــات حبيث أن اخنفاضــها يعــود حتمــا على هــذه‬

‫التوازنات ‪.‬‬

‫كما ميكن القول أن ارتفاع او اخنفاض حصة اجلباية البرتولية ضمن اهليكل اجلبائي ميكن ان يكون وفق اربع حاالت‬

‫ـ عن طريق ارتفاع االيرادات البرتولية مع استقرار االيرادات العامة ‪.‬‬

‫ـ عن طريق استقرار االيرادات البرتولية مع اخنفاض اإليرادات العادية ‪.‬‬

‫ـ عن طريق اخنفاض اجلباية البرتولية مع اخنفاض االيرادات العادية لكن مبعدل مرتفع بالنسبة لإليرادات العادية ‪.‬‬

‫ـ منو اجلباية البرتولية و اجلباية العادية و لكن مبعدل أقل بالنسبة للجباية البرتولية ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫خالصة الفصل الرابع ‪:‬‬

‫من خالل دراس ــتنا للسياس ــة املالي ــة يف اجلزائ ــر خالل الف ــرتة (‪ 2004‬ـ ‪ ، )2014‬الحظن ــا أن السياس ــة االنفاقي ــة متيزت بنم ــو‬

‫االنفــاق العــام باســتمرار‪ ،‬نظــرا لتوســع النشــاط االقتصــادي من خالل اتبــاع سياســة ماليــة توســعية ‪ ،‬و أخــذت نفقــات التســيري‬

‫حصــة األســد من النفقــات االمجاليــة ‪ ،‬مث تليهــا نفقــات التجهــيز الــيت عــرفت نوعــا من الزيــادة خالل ســنوات الدراســة ‪ ،‬لكن مــا‬

‫لوحــظ اخفــاض النفقــات العامــة خالل الســنتني االخــريتني من فــرتة الدراســة ‪ ،‬بســبب تراجــع االيــرادات العامــة لنفس الفــرتة ‪،‬‬

‫فعملت السياسة املالية على التقليص من نفقاهتا العامة ‪ ،‬و ذلك بضبط و ترشيد االنفاق للحفاظ على االستقرار االقتصادي ‪.‬‬

‫أم ــا السياس ــة اإلرادي ــة متيزت باعتماده ــا على اجلباي ــة البرتولي ــة ‪ ،‬حيث مثلث أعلى نس ــبة مقارن ــة م ــع اجلباي ــة العادي ــة ‪ ،‬حيث‬

‫تواصــلت نســبة االرتفــاع اىل غايــة ســنة ‪ ، 2010‬عكس مــا الحظنــاه خالل الســنوات املواليــة من هــذه الفــرتة ‪ ،‬حيث اخنفضــت‬

‫اجلباية البرتولية بنسبة كبرية ‪ ،‬راجع اىل اخنفاض أسعار النفط ‪ ،‬الذي يؤثر مباشرة على اجلباية البرتولية ‪ ،‬غري أن اجلباية العادية‬

‫عــرفت نوعــا مــا من التحســن من خالل االصــالحات الضــريبية املنتهجــة ‪ ،‬و باخلصــوص يف الســنوات االخــرية من فــرتة الدراســة‬

‫‪82‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫ارتفعت نسـ ــبة االيـ ــرادات العاديـ ــة مبسـ ــتوى أعلى من االيـ ــرادات اجلبايـ ــة البرتوليـ ــة الـ ــيت تواجـ ــه مشـ ــكلة االخنفاض ــات يف أس ــعار‬

‫النفط ‪ ،‬اليت تؤثر سلبيا على االيرادات العامة ‪ ،‬و الشيء املالحظ أيضا رغم ارتفاع االيرادات العادية ‪ ،‬إال أهنا مل تقم بتغطية‬

‫النــاقص يف اجلباي ــة البرتولي ــة ‪ ،‬و أيض ــا مل تالح ــق زي ــادة النفق ــات العامــة ‪ ،‬مما أدى اىل نتيجــة متثلت يف العج ــز املوازين يف أغلب‬

‫سنوات فرتة الدراسة ‪ ،‬و بالتـايل أصـبح التـوازن الـداخلي خمتـل و راجـع اىل تـأثر التـوازن الــداخلي بـاملتغريات اخلارجيـة العتمـاده‬

‫على االيرادات النفطية ‪.‬‬

‫و أخريا نلخص اىل أن التوازن االقتصادي العـام للجزائـر يعـاين من مشـكالت أساسـية و جوهريـة ‪ ،‬تعكس يف واقـع األمـر حقيقـة التـوازن البـنيوي‬

‫بصـورة عامـة ‪ ،‬و املتمثـل يف العجـز املوازين النـاتج عن زيـادة النفقـات العامـة مبعـدل أكـرب من الزيـادة يف االيـرادات العامـة ‪ ،‬هـذا من جهـة و تقلب‬

‫أسعار النفط من جهة أخرى ‪ ،‬هذا ما جيعلنا نقول على االقتصاد اجلزائري هو اقتصاد ريعي ذو تبعية أجنبية ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫الخاتمة العامة‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫من خالل هذه الدراسة املتعلقة بالسياسة املالية كألية لتحقيـق التـوازن االقتصـادي ‪ ،‬تـبني لنـا األمهيـة الكبـرية الـيت تتمتـع‬

‫هبا السياسة املالية و الـيت متيزهـا عن بـاقي السياسـات االقتصـادية األخـرى ‪ ،‬و مـدى فعاليـة الـدور السياسـي و االجتمـاعي الـذي‬

‫تلعبه السياسة املالية يف إجناح اجلهود التنموية املبذولة من طرف الدولة ‪ ،‬هبدف حتقيق التوازن االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪ ‬تبني لنا أن السياسة املاليـة هلا مكانـة هامـة يف السياسـة االقتصـادية املعاصـرة ‪ ،‬و شـهدت السياسـة املاليـة املعاصـرة عـدة تطـورات‬

‫هي األخــرى كــذلك ‪ ،‬لتصــبح أداة تســيطر على توجيــه النشــاط االقتصــادي لتحقيــق التــوازن العــام ‪ ،‬و من مث فــإن التحكم يف‬

‫النشــاط االقتصــادي مــع ضــبط و ترشـيد نفقاهتا العامــة وفقــا ملواردهــا املاليــة احملدودة و مردوديــة النظــام االقتصــادي الســائد يف‬

‫البالد ‪.‬‬

‫‪ ‬كما أصبحت ألدوات السياسة املالية درجـة كبـرية يف التحكم على اسـتقرار اهليكـل االقتصـادي و االجتمـاعي داخـل البلـد ‪ ،‬و‬

‫قدرهتا على حتقيق التوازن االقتصادي العام ‪ ،‬عن طريق االستغالل األمثل للموارد املالية اليت متلكهـا الدولـة ‪ ،‬و حتقيـق أقصــى‬

‫مردوديــة و التحكم عن طريــق ضــبط نفقاهتا العامــة ‪ .‬باإلضــافة اىل الــدور الــذي تلعبــه أدوات السياســة املاليــة يف التــأثري على‬

‫حجم العمالة و الدخل و مستويات االسعار ‪.‬‬

‫‪ ‬أما العجز الذي يتبع ميزانية الدولـة النـاتج عن التفـاوت الكبـري لنفقاهتا العامـة مقارنـة مـع إيراداهتا املاليـة ‪ ،‬فهـة ال يعتـرب عـائق‪ ،‬و‬

‫هذا بسـبب االوضـاع االقتصـادية و االجتماعيـة للبالد ‪ ،‬و السـعي من خالل إتبـاع السياسـة التوسـعية الـيت هي بـدورها حتتـاج‬

‫اىل نفقات كبرية من أجل حتقيق التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و يكون التوسع يف االتفاق يف فرتة معينة ‪.‬‬

‫‪ ‬و تعترب أدوات السياسة املاليـة من الوسـائل الفعالـة الـيت تسـعى الدولـة من خالهلا اىل حتقيـق التـوازن املايل الـداخلي و اخلارجي ‪،‬‬

‫و من مث التوازن االقتصادي العام ‪.‬‬

‫من خالل معاجلتنــا للسياســة املاليــة و عالقتهــا بالسياســة النقديــة ‪ ،‬تــبني أنــه يوجــد تنســيق بني السياســتني و ملا هلا من‬

‫أمهي ــة يف االقتص ــاد الوط ــين ‪ ،‬و مها يعمالن من أج ــل حتقي ــق ه ــدف واح ــد و ه ــو الت ــوازن االقتص ــادي ‪ ،‬و بالت ــايل ت ــأثري ه ــذين‬

‫‪16‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫السياس ــتني على الت ــوازن االقتص ــادي الع ــام ‪.‬ك ــل ه ــذه النت ــائج مس ــتنبطة من اجلزء النظ ــري ملوض ــوع البحث ‪ ،‬أم ــا نت ــائج اجلزء‬

‫التطبيقي نلخصها يف ما يلي ‪:‬‬

‫قمنــا بتقــدمي حملة حــول االقتصــاد اجلزائــري و املراحـل الـيت مـر هبا و تـأثريه باقتصــاد الـدول االخــرى ‪ ،‬أمــا بالنسـبة لدراسـتنا حــول‬

‫السياسـة املاليـة املطبقـة يف اجلزائـر ضـمن هــذا اجلزء تـبني أن هـذه االخــرية أخـدت الطـابع التوســعي خاصـة يف مرحلـة الدراسـة ‪،‬‬

‫حيث جــاء هــذا بعــد االصــالحات اهليكليــة املربمــة مــع اهليئــات الدوليــة ‪ ،‬مما مكن الدولــة من وضــع برنــامج انفــاقي توســعي ‪ ،‬و‬

‫برنامج االنعاش االقتصادي الذي خصص له مبلغ مايل معترب ‪ ،‬حيث اسـتفادت منـه مجيـع القطاعـات مبا فيـه التنميـة الفالحيـة و‬

‫الصيد البحري و االشغال العمومية و اهلياكل القاعدية مما حسن مناخ االستثمار يف اجلزائر ‪ ،‬حيث نلخصها كما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬متيزت النفق ــات العام ــة يف اجلزائ ــر خالل ف ــرتة الدراس ــة يف تزاي ــد مس ــتمر ‪ ،‬و ه ــذا حس ــب السياس ــة املالي ــة املتناول ــة خالل نفس‬

‫الفرتة ‪ ،‬و من املالحـظ كـانت تتبـع سياسـة توسـعية ‪ ،‬و قـد تـزامن ذلـك مـع ضـرورةـ االسـتجابة للمطـالب الشـعبية الـذي أدت‬

‫اىل ارتفــاع النفقــات االجتماعيــة ‪ ،‬و يف نفس الــوقت تلبيــة متطلبــات التنميــة االقتصــادية للبالد من خالل تعزيــز نفقــات رأس‬

‫املال ‪ ،‬مما شكل حكومة حتديات كبرية كـان لزامـا مواجهتهـا و التصـدي هلا ‪ ،‬خصوصـا و أن املوارد املاليـة للدولـة حمدودة و‬

‫اعتمادها على مصدر متويل واحد و رئيسي املتمثل يف اجلباية البرتولية ‪ ،‬و تركيزهــا على متويــل نفقـات التسـيري الـذي أخــذت‬

‫حصــة األســد من إمجايل النفقــات العامــة ‪ ،‬و هــذا بســبب االوضــاع االقتصــادية و الظــروف االجتماعيــة يف اجلزائــر ‪ .‬كمــا ال‬

‫جنهل نفقات التجهيز مما هلا من أمهية يف إعادة متويل االيرادات العامة عن طريق عوائدها املالية الناجتة عن اســتثمار رأس املال‬

‫‪ ،‬هذا عكس ما لوحظ يف ميزانية التجهيز خالل فرتة الدراسة الـيت مل ختصـص هلا امليزانيـة العامـة نسـب ماليـة معتـربة من أجـل‬

‫عملية التمويل ‪.‬‬

‫‪ ‬يف هــذا االطــار الحظنــا ارتفــاع امجايل النفقــات العامــة خالل فــرتة الدراســة ‪ ،‬حيث ســجلت ســنة ‪ 2012‬رقمــا قياســيا يف نســبة‬

‫النفقات العامة و ال يقل عنها بكثري خالل سنة ‪ ، 2011‬و كان سبب ارتفــاع النفقــات العامــة حتســني األوضــاع االقتصــادية‬

‫و االجتماعي ــة للبالد و ذل ــك من خالل اتب ــاع سياس ــة توس ــعية ‪ ،‬و من جه ــة أخ ــرى ت ــأثري النفق ــات العام ــة باالقتص ــاد الع ــاملي‬

‫‪17‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫حيث متيزت فرتة الدراسة باختالالت يف إقتصاد العاملي خاصة يف أسعار النفــط الـيت تــؤثر على اجلبايــة البرتوليــة و بالتــايل على‬

‫االي ــرادات العام ــة مما تتبعه ــا النفق ــات العام ــة ‪ .‬يف ف ــرتة الدراس ــة تعرض ــت أس ــعار النف ــط اىل تقلب ــات ( ارتف ــاع ‪ ،‬اخنف ــاض ) ‪،‬‬

‫فمرحلة ارتفاع أسـعار النفـط نتج عنهـا الزيـادة يف اجلبايـة البرتوليـة و بالتـايل ارتفـاع االيـرادات العامـة ‪ ،‬و عليـه عملت اجلزائـر‬

‫اىل رف ــع النفقــات العامــة و اســتمرت ه ــذه الزيــادة يف االنفــاق العــام و فــاقت عن زيــادة االيــرادات العام ــة ‪ ،‬لكن ســرعان م ــا‬

‫اخنفضــت أســعار النفــط و بالتــايل اخنفــاض االيــرادات العامــة مما جعلت احلكومــة اجلزائريــة تعمــل على ضــبط و ترشــيد نفقاهتا‬

‫العام ــة لكن مل تتمكن من تقليص نس ــبتها لتتواف ــق م ــع االي ــرادات العام ــة ‪ ،‬أي أص ــبحت النفق ــات العام ــة أك ــرب من االي ــرادات‬

‫العامة ‪ ،‬و هذا راجـع اىل تـأثر املاليـة العامـة باألوضـاع االمنيـة و السياسـية غـري املواتيـة الـيت سـامهت بشـكل مباشـر على تعطيـل‬

‫االنشــطة االقتصــادية و على رأســها االنتــاج النفطي ‪ ،‬مما أثــر ســلبا على حصــيلة االيــرادات العامــة ‪ ،‬جعــل احلكومــة اجلزائريــة‬

‫تس ــعى للتخفيض من نفقاهتا العام ــة و ض ــبطها بس ــبب حمدودي ــة موارده ــا و اعتماده ــا على اجلباي ــة البرتولي ــة كمص ــدر متوي ــل‬

‫رئيســي ‪ ،‬و رغم االصــالحات الضــريبية الــيت أدت بــدوها اىل الزيــادة يف االيــرادات العامــة لكن مل تتمكن من تعــويض نقــائص‬

‫اجلباية البرتولية و تغطية النفقات العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬أم ــا االي ــرادات العام ــة يف اجلزائ ــر ق ــد ع ــرفت ارتف ــاع متواص ــل و ذل ــك من خالل اجلباي ــة البرتولي ــة و مس ــامهتها يف متوي ــل ه ــذا‬

‫االيــراد ‪ ،‬فكــان ارتفــاع االيــرادات العامــة نتيجــة ارتفــاع اجلبايــة البرتوليــة من خالل ارتفــاع أســعار النفــط حيث بلغت أقصــى‬

‫نسبة خالل سنة ‪ 2008‬اليت ارتفعت فيها أســعار النفــط مقارنــة مـع بـاقي السـنوات ‪ ،‬غــري أن هــذه الزيـادة يف اجلبايـة البرتوليـة‬

‫مل تستمر بسبب االوضاع االقتصادية و االزمات اليت تعرض اليها اقتصاد الدول و تأثريها على االنتاج النفطي و بالتايل نتج‬

‫عنه اخنفاض أسعار النفط ‪ ،‬فكان حتميا اخنفاض االيرادات العامة للجزائــر ‪ ،‬هــذا عكس مــا الحظنــاه خالل سـنيت ‪ 2010‬و‬

‫‪ 2011‬بســبب عــودة ارتفــاع أســعار النفــط ســرعان مــا نتج عنهــا ارتفــاع االيــرادات العامــة خالل نفس الفــرتة ‪ ،‬و من املعتقــد‬

‫بعد اخنفاض اسعار النفط مرة أخرى خالل السنيت األخـريتني من الدراسـة أدت حتمـا اىل اخنفـاض االيـرادات العامـة ‪ ،‬و هـذا‬

‫مــا جيعلنــا نقــول أن االقتصــاد الوطــين أصــبح عرضــة للمتغــريات اخلارجيــة و خاصــة املتعلقــة بأســعار النفــط ‪ ،‬و هــو يتــأثر مــع‬

‫التفاعالت االقتصادية العاملية ‪.‬‬


‫‪18‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ ‬و كــان من نتيجــة ذلــك أن املوازنــة العامــة للجزائــر اتصــفت بــالعجز املزمن و املســتمر خالل أغلب ســنوات الدراســة ابتــداءا من‬

‫ســنة ‪ ، 2009‬و يرجــع هــذا العجــز اىل عجــز االيــرادات العامــة عم مالحقــة الزيــادة املســتمرة يف النفقــات العامــة ‪ ،‬بــالرغم من‬

‫االص ــالحات الض ــريبية ال ــيت انتهجته ــا السياس ــة املالي ــة خالل ه ــذه الس ــنوات إال أهنا مل تتمكن من تع ــويض تل ــك النق ــائص يف‬

‫املوازنة العامة و بالتايل تغطية عجز امليزانية العامة للبالد ‪.‬‬

‫‪ ‬و فيمـا يتعلـق بوضــع التــوازن العـام لالقتصــاد اجلزائـري فهـو يعــاين من مشـكلة أساسـية و جوهريـة و هي يف حقيقـة األمــر انعـدام‬

‫التــوازن البــنيوي بصــورة عامــة ‪ ،‬و صــعوبة ضــبط نفقاهتا العامــة املتزايــدة ‪ ،‬و قــد متثلت هــذه املشــاكل يف منو النفقــات العامــة‬

‫مبعدالت أكرب من االيرادات العامة و هذا راجع اىل ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ حمدودية املوارد املالية املتاحة يف جزائر ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ اعتمادها على اجلباية البرتولية كمصدر متويل رئيسي إليراداهتا العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ اقتصاد ريعي ذو تبعية أجنبية ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ االقتصاد اجلزائري أصبح عرضة للمتغريات اخلارجية ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ العمل على حتقيق التنمية االجتماعية و االقتصادية للوطن‪.‬‬

‫‪ ‬ـ تركيز على نفقات التسيري و دعمها بأكرب نسبة من النفقات العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬ان النتــائج الــيت توصــلنا إليهــا قــد تســمح للحكومــات بإعــادة النظــر يف سياســتها املنتهجــة حاليــا ‪ ،‬و بوضــع معــايري لتقســيم اجتاه‬

‫سياسة اإلنفاق يف البلد و حتديد احلد األمثل للتدخل ‪ ،‬و تشمل أهم التحديات اليت يواجهها االقتصـاد اجلزائـري يف املسـتقبل‬

‫ما يلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬ضــرورة توقــف االجتاه احلايل حنو زيــادة اإلنفــاق العــام ‪ ،‬لرفــع قــدرة اجلزائــر على مواجهــة أي صــدمات ســلبية يف اإليــرادات من‬

‫القطاع العام ‪.‬‬

‫‪ )2‬ض ــرورة اهتم ــام احلكوم ــة برف ــع كف ــاءة اإلنف ــاق الع ــام و القي ــام باإلص ــالحات املالي ــة ل ــدعم أف ــاق النم ــو يف اجلزائ ــر ‪ ،‬ففي املدى‬

‫القصــري يتعني على اجلزائــر ان تعمــل على ضــبط أوضــاع املاليــة العامــة للحفــاظ على اســتمرارية اســتخدام اإليــرادات احملققــة من‬
‫‪19‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫قطاع احملروقات ‪ ،‬مع تشجيع التنـوع االقتصـادي و إنشـاء الوظـائف ‪ ،‬و تشـمل التـدابري الداعمـة هلذه األهـداف إعـادة توجيـه‬

‫اإلنفاق حنو القطاعات املنتجة او كذا تنويع قاعدة اإليرادات ‪.‬‬

‫‪ )3‬البد من البحث على مصادر أخرى للدخل و تركيز املزيد من االهتمام على القطاع الصناعي و الزراعي ‪.‬‬

‫كل هذه احللول املقرتحة جتعل و تسمح للسياسة املالية أن تكون سياسة مالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫نلخص احللول املمكنة من أجل السياسة املالية كألية ملعاجلة املشكالت االقتصادية و حتقيق االستقرار و التوازن االقتصادي يف‬
‫اجلزائر كالتايل ‪:‬‬

‫عجز الميزانية ‪ :‬العمــل على خفض االنفــاق احلكــومي مــع خفض نســبة الزيــادة الســنوية ألجــور العــاملني يف الدولــة و‬ ‫‪‬‬

‫زيادة الضرائب والرسوم اجلمركي‪ ،‬و ختفيض الدعم الذي تقدمة الدولة لبعض األنشطة االقتصادية‪.‬‬

‫من أجــل مكافحــة البطالــة ورفــع مســتوى العمالــة ‪ :‬جيب زي ــادة االنف ــاق احلك ــومي بض ــخ االم ــوال اىل مش ــروعات‬ ‫‪‬‬

‫اجتماعية ختلق فرص عمل جديدة ‪.‬‬

‫شــح المــوارد الالزمــة لتحقيــق النمــو االقتصــادي ‪ :‬العمــل على جــذب االســتثمارات االجنبيــة من العــامل اخلارجي ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫اصــدار قــوانني تضــمن احلمايــة لــرؤوس االمــوال االجنبيــة وتشــجيعها مينح بعض االمتيــازات اخلاصــة ‪ ،‬تقــدمي الــدعم و‬

‫التشجيع لقطاعات االنتاج التصدير للخارج ‪.‬‬

‫تآكـ ــل العمالت الوطنيـ ــة و انخفـ ــاض قيمتها ‪ :‬جيب ض ـ ــبط العج ـ ــز يف ميزانيـ ــة الدول ـ ــة ‪ ،‬ض ـ ــبط العج ـ ــز يف م ـ ــيزان‬ ‫‪‬‬
‫املدفوعات ‪ ،‬و اتبـ ـ ـ ــاع سياسـ ـ ـ ــات تـ ـ ـ ــؤدي اىل رفـ ـ ـ ــع النـ ـ ـ ــاتج القـ ـ ـ ــومي االمجايل بتحقيـ ـ ـ ــق أعلى قـ ـ ــدر ممكن من النمـ ـ ــو‬
‫االقتصادي ‪.‬‬
‫س ــوء توزي ــع ال ــدخل بين ش ــرائح المجتم ــع ‪ :‬جيب زي ــادة االنف ــاق على قط ــاع اخلدمات وتق ــدميها جمان ــا أو برس ــوم‬ ‫‪‬‬
‫منخفضــة للطبقــات الفقــرية يف جمال الصــحة و التعليم ‪،‬ـ ـ إتبــاع سياســة الضــرائب التصــاعدية على شــرائح الــدخل بني‬
‫طبقات اجملتمع ‪ ،‬و زيادة الرسوم اجلمركية على السلع ذات الصيغة الرتفيهية و الكمالية ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫العربية ‪:‬‬ ‫قائمة المراجع باللغة‬

‫‪ 1‬ـ حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )2002‬ـ السياسات املالية ـ دار اجلامعية ـ االسكندرية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ حسنب مصطفى حسني (‪ )1987‬ـ املالية العامة ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ خالصي رضا ( ‪ )2005‬النظام اجلبائي اجلزائري احلديث ـ جباية األشخاص الطبيعيني و املعنويني ـ دار هومه للطباعة و‬

‫النشر و التوزيع ـ اجلزء األول ـ اجلزائر‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ سعد اهلل داود (‪ ) 2013‬األزمات النفطية و السياسات املالية يف اجلزائر ـ دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ سالم عبد الكرمي مهدي أل مسيسم (سنة ‪ )2011‬ـ التوازن االقتصادي العام ـ دار جمدالوي للنشر و التوزيع ـ الطبعة‬

‫األوىل ـ عمانـ األردن‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ سوزي عديل ناشد ـ ( ‪ ) 2003‬املالية العامة ـ النفقات العامة ـ االيرادات العامة ـ امليزانية العامة ـ منشورات حليب‬

‫احلقوقية ـ سوريا ـ‬

‫‪ 7‬ـ عادل حشيش و مصطفى رشدي ـ ( ‪ ) 1998‬مقدمة يف االقتصاد العام ( املالية العامة ) ـ دار اجلامعة اجلديدة للنشر ـ‬

‫مصر ـ‬

‫‪ 8‬ـ عباس كاظم الدعمي (‪ ) 2010‬السياسات املالية و النقدية و أداء سوق االمواق املالية ـ دار صفاء للنشر و التوزيع ـ‬

‫الطبعة األولىـ عمان ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ عبد اجمليد بوزيدي (‪ ) 1999‬تسعينيات االقتصاد اجلزائري ـ موفم للنشر ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 10‬ـ عبد اجمليد قدي (‪ ) 2005‬ـ املدخل اىل السياسات االقتصادية الكلية ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ الساحة املركزية ـ‬

‫الطبعة الثانية ـ بن عكنون ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪11‬ـ عبد املطلب عبد احلميد (‪ )2003‬ـ السياسات االقتصادية على مستوى االقتصــاد القــومي (حتليــل كلي) ـ الطبعــة االوىل ـ‬

‫القاهرة ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 12‬ـ عالء فرج الطاهر (‪ ) 2011‬التخطيط االقتصادي ـ دار الراية للنشر و التوزيع اململكة األردنية اهلامشية ‪ .‬الطبعة األوىل ـ‬

‫االردن ‪.‬‬

‫‪ 13‬ـ لعمارة مجال (‪ ) 2004‬منهجية امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر ـ دار الفجر للنشر و التوزيع ‪ ،‬الطبعة االوىل ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 14‬ـ جمدي شهاب ـ ( ‪ ) 1999‬االقتصاد املايل ـ دار اجلامعة اجلديدة للنشر ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 15‬ـ جمدي حممود شهاب (‪ ) 1999‬ـ االقتصاد املايل ـ نظرية مالية الدولة ـ السياسات املالية للنظام الرأمسايل ـدار اجلامعة‬

‫اجلديدة للنشر ـ االسكندرية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 16‬ـ حممد بلقاسم حسن هبلول (‪ ، )1999‬سياسة ختطيط التنمية و إعادة تنظيم مسارها يف اجلزائر ‪ ،‬ديوان املطبوعات‬

‫اجلامعية اجلزء الثاين ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 17‬ـ حممد حلمي الطوايب ( ‪ )2007‬أثر السياسات املالية الشرعية يف حتقيق التوازن املايل يف الدول احلديثةـ دار الفكر‬

‫اجلامعي ـ االسكندرية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 18‬ـ حممد خليل برعي (‪ )1982‬مقدمة يف االقتصاد الدويل ـ مكتبة النهضة الشرق القاهرة ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 19‬ـ حممد طاقة ‪ ،‬هدى العزاوي (‪ )2007‬اقتصاديات املالية العامة ـ دار املسرية للنشر و التوزيع ـ الطبعة األولىعمان ـ‬

‫االردن‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪ 20‬ـ حممود حسني الوادي ‪ ،‬زكريا أمحد عزام ( ‪ )2000‬املالية العامة و النظام املايل يف االسالم ـ دار امليسرة للنشر و‬

‫التوزيع ‪ ،‬عمان ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 21‬ـ حممود حسني الوادي ‪،‬مبادئ املالية العامة ـ دار امليسرة للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 22‬ـ حممود عبد الرازق(‪ )2011‬االقتصاد املايل ـ دار اجلامعية االسكندرية ـ الطبعة االوىل ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 23‬ـ حممود عبد الفضيل ‪ ،‬و ‪ .‬حممد رضا العدل ‪،‬مبادئ المالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 24‬ـ مدحت حممد العقاد (‪ )1983‬مقدمة يف علم االقتصاد ـ دار النهضة العربية للنشر القاهرة مصر ‪.‬‬

‫‪ 25‬ـ مدين بن شهرة (‪ )2009‬االصالح االقتصادي و سياسة التشغيل ( التجربة الجزائرية) ـ دار حامد للنشر و التوزيع ـ‬

‫الطبعة األوىل ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 26‬ـ هشام مصطفى اجلمل ـ دور السياسة املالية يف حتقيق التنمية االجتماعية ـ دار الفكر اجلامعي ـ االسكندرية مصر ـ‬

‫‪ 27‬ـ فؤاد هاشم عوض (‪ )1984‬اقتصاديات النقود و التوازن النقدي ـ دار النهضة العربية القاهرة ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 28‬ـ الرويلي صاحل (‪ )1988‬املالية العامة ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 29‬ـ وحيد مهدي عامر (‪ ) 2010‬السياسات النقدية و املالية و االستقرار االقتصادي ‪ ،‬دار اجلامعة االسكندرية ـ الطبعة‬

‫االوىل ـ مصر ‪.‬‬

‫‪30‬ـ وليد اجليوسي (‪ ) 2009‬ـ أسس التنمية االقتصادية ـ دار جليس الزمان للنشر و التوزيع ـ الطبعة األولىـ األردن‬

‫الفرنسية ‪:‬‬ ‫قائمة المراجع باللغة‬


‫‪31 _Hocine Benissad (année 1994) , ALGERIE : Restructurations et Réformes‬‬
‫‪Economiques (1979 / 1993) , place centrale de ben aknoun Alger .‬‬
‫‪18‬‬
[Titre du document]

32- MUSTAPHA MEKIDECHE . L’ALGERIE ENTER ECONOMI DE RENTE


ET ECONOMI EMERGENTE .1986 . 1999 : EDITION DAHLEB . ALGER
2000.
33 - YOUCEF DEBOUB LE NOUVEAU MECANISME ECONOMIQUE EN
ALGERIE . OPU 1993 .

34 - YAHIA DENDIDENI, LA PRATIQUE DU SYSTEME DGETAIRE DE


L'ETAT ALGERIE, OPU 2002.
35 - YOUCEF DEBOUB, LE NOVEAU MECANISME ECONOMIQUE EN
ALGERIE, OPU, 1993.
36 -SECRETARIAT D'ETAT AU PLAN BILAN PROVISOIRE DES
INVESTISSEMENTS DU PLAN TRIENNAL
1967- 1979 JUILLET 1970.

: ‫المجالت العلمية‬

‫) جملة االقتصاد و منامجنت ـ منشورات كلية العلوم االقتصادية و التسيري ـ جامعة ابو بكر‬2012( ‫ ) يوسفي رشيد‬1

. ‫ ـ اجلزائر‬11 ‫بلقايد تلمسان عدد‬

:‫القوانني و املراسيم‬

، 1984 ‫ يوليو‬07 ‫ املوافق لـ‬1404 ‫ شوال‬08 ‫ املؤرخ يف‬17 ‫ ـ‬84 ‫ قانون رقم‬،‫ بدون وزارة‬، ‫شـ‬.‫د‬.‫ج‬.‫ ـ ج‬1

1040 ‫ ص‬28 ‫املتعلق بقوانني املالية ( اجلريدة الرمسية ) العدد‬

2014 ‫ املتضمن قانون املالية لسنة‬30/12/2013 ‫ املؤرخ يف‬08 ‫ ـ‬13 ‫ ـ قانون رقم‬2

2013 ‫ اىل غاية‬2001 ‫ ـ قوانني املالية لسنوات‬3


19
[Titre du document]

: ‫المواقعااللكترونية‬

2014 ‫ اىل غاية‬2001 ‫ ـ التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات‬1

Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com

20
‫قائمة المالحق‬

‫الجدول رقم (‪ )07‬االيرادات النهائية المطبقة على ميزانية الدولة لسنة ‪2014‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و هو يمثل الجدول ـ أ ـ ضمن قانون المالية‬

‫املبالغ ( بأالف دج )‬ ‫إيرادات امليزانية‬


‫‪1‬ـ املوارد العادية‬
‫‪1‬ـ‪ 1‬اإليرادات اجلبائية ‪:‬‬
‫‪866.120.000‬‬ ‫‪001‬ـ ‪ 201‬ـ حواصل الضرائب املباشرة ‪....................‬‬
‫‪59.300.000‬‬ ‫‪002‬ـ ‪ 201‬ـ حواصل التسجيل و الطابع ‪.....................‬‬
‫‪853.330.000‬‬ ‫‪003‬ـ ‪ 201‬ـ حواصل الرسوم املختلفة على األعمال ‪........‬‬
‫( منها الرسوم على القيمة املضافة على املنتوجات املستورة )‬
‫‪3.000.000‬‬ ‫‪004‬ـ ‪ 201‬ـ حواصل الضرائب غري املباشرة ‪................‬ـ‬
‫‪485.700.000‬‬ ‫‪005‬ـ ‪ 201‬ـ حواصل اجلمارك ‪................................‬ـ‬
‫‪2.267.450.000‬‬ ‫المجموع الفرعي (‪)1‬‬
‫‪1‬ـ‪ 2‬االيرادات العادية ‪:‬‬
‫‪21.000.000‬‬ ‫‪006‬ـ ‪ 201‬ـ حاصل دخل األمالك الوطنية ‪....................‬‬
‫‪64.000.000‬‬ ‫‪007‬ـ ‪ 201‬ـ احلواصل املختلفة للميزانية ‪.....................‬ـ‬
‫ـ‬ ‫‪008‬ـ ‪201‬ـ االيرادات النظامية ‪................................‬ـ‬
‫‪85.000.000‬‬ ‫المجموع الفرعي (‪)2‬‬
‫‪1‬ـ‪3‬ـ االيرادات االخرى ‪:‬‬
‫‪288.000.000‬‬ ‫االيرادات االخرى ‪..............................................‬‬
‫‪288.000.000‬‬ ‫المجموع الفرعي (‪)3‬‬
‫‪2.640.450.000‬‬ ‫مجموع الموارد العادية‬
‫‪2‬ـ الجباية البترولية ‪:‬‬
‫‪1.577.730.000‬‬ ‫‪011‬ـ ‪ 201‬ـ اجلباية البرتولية ‪.................................‬‬
‫‪4.218.180.000‬‬ ‫المجموع العام لإليرادات‬
‫املصدر ‪ :‬قانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪. 2014‬‬

‫اجلدول رقم (‪ )08‬توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيري لسنة ‪ 2014‬لدولة اجلزائر ( حسب كل دائرة وزارية )‬

‫‪16‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫و هو يمثل الجدول ( ب) ضمن قانون المالية‬

‫المبالغ ( دج )‬ ‫الدوائر الوزارية‬


‫‪9.422.733.000‬‬ ‫رئاسة اجلمهورية‪..................................................................‬ـ‬
‫‪2.712.507.000‬‬ ‫مصاحل الوزير األول‪.............................................................‬‬
‫‪955.926.000.000‬‬ ‫وزارة الدفاع الوطين‪..............................................................‬ـ‬
‫‪540.708.651.000‬‬ ‫وزارة الداخلية و اجلماعات احمللية ‪............................................‬‬
‫‪30.617.909.000‬‬ ‫وزارة الشؤون اخلارجية ‪.........................................................‬ـ‬
‫‪72.365.637.000‬‬ ‫وزارة العدل ‪......................................................................‬ـ‬
‫‪87.551.455.000‬‬ ‫وزارة املالية ‪.....................................................................‬‬
‫‪41.050.228.000‬‬ ‫وزارة الطاقة و املناجم‪...........................................................‬ـ‬
‫‪4.452.530.000‬‬ ‫وزارة التنمية الصناعية و ترقية االستثمار ‪.....................................‬‬
‫‪233.232.749.000‬‬ ‫وزارة الفالحة و التنمية الريفية‪..................................................‬‬
‫‪24.260.117.000‬‬ ‫وزارة الشؤون الدينية و األوقاف‪................................................‬‬
‫‪241.274.980.000‬‬ ‫وزارة اجملاهدين‪.................................................................‬ـ‬
‫‪38.922.265.000‬‬ ‫وزارة املوارد املائية ‪...........................................................‬‬
‫‪13.148.714.000‬‬ ‫وزارة النقل‪.......................................................................‬‬
‫‪19.405.864.000‬‬ ‫وزارة األشغال العمومية ‪........................................................‬‬
‫‪19.449.647.000‬‬ ‫وزارة السكن و العمران و املدينة ‪.............................................‬‬
‫‪2.405.141.000‬‬ ‫وزارة التهيئة العمرانية و البيئة‪.................................................‬ـ‬
‫‪18.630.359.000‬‬ ‫وزارة االتصال‪..................................................................‬ـ‬
‫‪696.810.413.000‬‬ ‫وزارة الرتبية الوطنية ‪.........................................................‬‬
‫‪270.742.002.000‬‬ ‫وزارة التعليم العايل و البحث العلمي‪.........................................‬ـ‬
‫‪25.233.155.000‬‬ ‫وزارة الثقافة ‪....................................................................‬‬
‫‪49.491.196.000‬‬ ‫وزارة التكوين و التعليم املهنيني ‪................................................‬‬
‫‪135.822.044.000‬‬ ‫وزارة التضامن الوطين و األسرة و قضايا املرأة ‪............................‬ـ‬
‫‪23.801.125.000‬‬ ‫وزارة التجارة ‪...................................................................‬‬
‫‪277.547.0000‬‬ ‫وزارة العالقات مع الربملان‪....................................................‬‬
‫‪274.291.555.000‬‬ ‫وزارة العمل و التشغيل و الضمان االجتماعي ‪................................‬ـ‬
‫‪365.946.753.000‬‬ ‫وزارة الصحة و السكان و إصالح املستشفيات ‪...............................‬‬
‫‪36.791.134.000‬‬ ‫وزارة الشباب و الرياضة ‪......................................................‬‬
‫‪3.680.186.000‬‬ ‫وزارة الربيد و تكنولوجيات االعالم و االتصال‪...............................‬ـ‬
‫‪3.007.737.000‬‬ ‫وزارة السياحة و الصناعة التقليديةـ ‪............................................‬ـ‬
‫‪2.323.410.000‬‬ ‫وزارة الصيد البحري و املوارد الصيدية‪......................................‬ـ‬
‫‪4.243.755.743.000‬‬ ‫المجموع الفرعي‪................................................................‬‬
‫‪470.696.623.000‬‬ ‫التكاليف املشرتكة‪................................................................‬‬
‫‪4.714.452.366.000‬‬ ‫المجموع العام ‪...................................................................‬‬

‫‪17‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫املصدرـ ‪ :‬قانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪. 2014‬‬

‫اجلدول رقم (‪ )09‬توزيع النفقاتـ ذات الطابع النهائي لسنة ‪ 2014‬حسب القطاعات ( بأالف دج )‬

‫و هو ميثل اجلدول (ج) ضمن قانون املالية‬

‫اعتمادات الدفع‬ ‫رخص الربنامج‬ ‫القطاعات‬


‫‪2.820.500‬‬ ‫‪2.972.000‬‬ ‫الصناعة ‪.........................................‬‬

‫‪203.520.500‬‬ ‫‪229.135.500‬‬ ‫الفالحة و الري ‪..................................‬‬

‫‪29.347.000‬‬ ‫‪34.455.000‬‬ ‫دعم اخلدمات املنتجة ‪............................‬‬

‫‪781.640.900‬‬ ‫‪920.347.600‬‬ ‫املنشآت القاعدية االقتصادية و االدارية ‪........‬‬

‫‪243.865.900‬‬ ‫‪23.721.400‬‬ ‫الرتبية و التكوين ‪.................................‬‬

‫‪236.615.100‬‬ ‫‪219.301.600‬‬ ‫املنشآت القاعدية االجتماعية و الثقافية ‪.........‬‬

‫‪127.536.000‬‬ ‫‪116.384.500‬‬ ‫دعم احلصول على سكن ‪........................‬‬

‫‪18‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫‪360.000.000‬‬ ‫‪510.000.000‬‬ ‫مواضيع خمتلفة ‪.................................‬‬

‫‪65.000.000‬‬ ‫‪65.000.000‬‬ ‫املخططات البلدية للتنمية ‪......................‬‬


‫‪2.050.345.900‬‬ ‫‪2.329.317.600‬‬ ‫اجملموع الفرعي لالستثمار ‪...................‬‬

‫ـ‬ ‫دعم النشاط االقتصادي ( ختصيصات حلسابات‬

‫‪661.368.310‬‬ ‫التخصيص اخلاص و خفض نسب الفوائد )‪...‬‬


‫‪70.000.000‬‬ ‫‪130.000.000‬‬ ‫الربنامج التكميلي لفائدة الواليات ‪..............‬‬
‫‪160.000.000‬‬ ‫‪285.000.000‬‬ ‫احتياطي لنفقات غري متوقعة ‪...................‬‬
‫‪891.368.310‬‬ ‫‪415.000.000‬‬ ‫المجموع الفرعي لعمليات برأس المال‬
‫‪2.941.714.210‬‬ ‫‪2.744.317.600‬‬ ‫مجموع ميزانية التجهيز‬
‫املصدر ‪ :‬قانون رقم ‪ 13‬ـ ‪ 08‬املؤرخ يف ‪ 30/12/2013‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪. 2014‬‬

‫الجدول رقم (‪ )10‬إجمالي االيرادات العامة و المنح لدولة الجزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬
‫النسبة الى الناتج المحلي االجمالي (‪)%‬‬ ‫االيرادات العامة و المنح ( مليون دوالر أمريكي)‬ ‫السنوات‬
‫‪30.42‬‬ ‫‪30,881‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪40.8‬‬ ‫‪42,016‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪42.7‬‬ ‫‪50,103‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪39.2‬‬ ‫‪53,163‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪47.0‬‬ ‫‪80,385‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪36.6‬‬ ‫‪50,603‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪36.3‬‬ ‫‪58,864‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪39.9‬‬ ‫‪79,476‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪40.0‬‬ ‫‪81,743‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪33.4‬‬ ‫‪75,529‬‬ ‫‪2013‬‬
‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 2001‬و ‪ 2010‬و ‪ 2012‬و ‪2014‬‬

‫‪19‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫الجدول رقم (‪)11‬‬

‫االنفاق العام و صافي االقراض الحكومي لدولة الجزائر ( ‪ 2004‬ـ ‪) 2014‬‬

‫النسبة الى الناتج المحلي االجمالي (‪)%‬‬ ‫االنفاق العام ( مليون دوالر أمريكي)‬ ‫السنوات‬
‫‪28.00‬‬ ‫‪23,737‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪28.9‬‬ ‫‪29,798‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪29.2‬‬ ‫‪34,781‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪34.5‬‬ ‫‪46,849‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪39.1‬‬ ‫‪66,823‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪44.0‬‬ ‫‪60,358‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪38.4‬‬ ‫‪61,904‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪41.2‬‬ ‫‪82,121‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪45.0‬‬ ‫‪91,871‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪34.8‬‬ ‫‪78,685‬‬ ‫‪2013‬‬
‫التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 2001‬و ‪ 2010‬و ‪ 2012‬و ‪2014‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪)12‬‬

‫الناتج احمللي االمجايل اجلزائري للفرتة ‪ 2004‬ـ ‪ ( 2013‬مليون دوالر )‬

‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫السنوات‬
‫‪225,933‬‬ ‫‪204,289‬‬ ‫‪199,302‬‬ ‫‪161,159‬‬ ‫‪137,212‬‬ ‫‪170,270‬‬ ‫‪134,160‬‬ ‫‪117,290‬‬ ‫‪103,071 85,340‬‬ ‫نمإ‬
‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب لعام ‪ 2010‬و ‪ 2012‬و ‪.2014‬‬

‫‪20‬‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫اجلدول رقم (‪ )13‬الصادرات و الواردات يف اجلزائر مليون دوالر‬

‫الواردات االمجالية (سيف )‬ ‫الصادرات االمجالية ( فوب)‬ ‫السنوات‬


‫‪17,950.5‬‬ ‫‪32,234.3‬‬ ‫‪2004‬‬

‫‪11.9‬‬ ‫‪12,218‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪13.5‬‬ ‫‪15,838‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪4.7‬‬ ‫‪60,916.0‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪7.9‬‬ ‫‪79,146.0‬‬ ‫‪2008‬‬

‫ـ ‪7.1‬‬ ‫‪45,080‬‬ ‫‪2009‬‬

‫ـ ‪1.8‬‬ ‫‪57,219‬‬ ‫‪2010‬‬

‫ـ ‪1.3‬‬ ‫‪72,874‬‬ ‫‪2011‬‬

‫ـ ‪5.0‬‬ ‫‪71,622‬‬ ‫‪2012‬‬

‫ـ ‪1.4‬‬ ‫‪65,020‬‬ ‫‪2013‬‬


‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب لعام ‪ 2010‬و ‪ 2012‬و ‪.2014‬‬

‫‪21‬‬
The financial policy as a strategy to ensure economic equilibrium (case of Algeria)

Summary: The financial policy as a strategy to ensure economic equilibrium (case of Algeria)
This thesis deals with the analysis of fiscal policy as a mean and strategy for the economic balance for a
developing country like Algeria.
This thesis focuses on the importance of financial policy and it’s differs from other economic policies
adopted and its impact on the political and social aspect, thanks to means such as expenses, revenues, and
the budget.
This financial policy adopts until now to allow a stable economic and social structure and to allow an
economic balance.
In this humble work we have carried an analytical study of fiscal policy in Algeria, taking as essential
point the study of revenues, expenditure, budget of Algeria, and their effect on the economic balance of
Algeria, proposing recommendations to improve the actual financial policy.
Keywords:
financial policy, economic policy, monetary policy, revenues, expenditure, budget.

La politique financière comme stratégie pour assurer l’équilibre


économique ( cas de l’Algérie)

Résumé :
Cette thèse traite l’analyse de la politique financière comme outil et stratégie pour assurer
l’équilibre économique pour un pays en voie de développement tel que d’Algérie.

Cette thèse met le point sur l’importance de la politique financière et la distingue des autres
politiques économiques adoptés et sa répercussion sur le volet politique et sociale et ce grâce à ses outils
tels que les dépenses, les recettes et le budget.

Cette politique financière adopte jusqu’à l’heure actuelle à permet une stabilité de la structure
économique et sociale et une à permet un équilibre économique.

Dans cette humble travail, nous avons procède é une étude analytique de la politique financière en
Algérie, prenant comme point essentiels l’étude les recettes, les dépenses, budget de l’Algérie, et leur
effet sur l’équilibre économique de l’Algérie, en proposant des recommandations pour améliorer la
politique financière actuelle.

Mots clés : Politique financière, politique économique, politique monétaire, recettes, dépenses, budget.

« )‫ (دراسة حالة الجزائر‬H‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي‬ »


:‫الملخص‬
‫ تـبني لنـا األمهيـة الكبـرية الـيت تتمتـع هبا السياسـة املاليـة‬، ‫تعاجل هذه االطروحة السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي دراسة حالة اجلزائـر‬
‫ و مدى فعالية الدور السياسي و االجتمـاعي الــذي تلعبــه السياسـة املاليـة و ذلــك من خالل أدواهتا و‬، ‫و اليت متيزها عن باقي السياسات االخرى‬
‫ و قــدرهتا‬، ‫ و ما حتققه من استقرار اهليكل االقتصادي و االجتماعي داخــل البالد‬، ‫ النفقات العامة و املوازنة العامة‬، ‫املتمثلة يف االيرادات العامة‬
‫ النفقـات و املوازنـة العامـة للجزائـر و‬، ‫ و كما قمنا بدراسة حتليلية للسياسة املالية يف اجلزائر انطالقا من االيـرادات‬، ‫يف حتقيق التوازن االقتصادي‬
. ‫من مت التوازن االقتصادي وصوال اىل نتائج اعتمدنا عليها يف النهاية لتقدمي اقرتاحات و توصيات خبصوص هذا املوضوع‬
‫]‪[Titre du document‬‬

‫كلمات مفتاحيةـ ‪ :‬السياسة املالية ‪ ،‬التوازن االقتصادي ‪ ،‬السياسة النقدية ‪ ،‬االيرادات العامة ‪ ،‬النفقات العامة ‪ ،‬املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like