You are on page 1of 278

‫جامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعة وهـ ـ ـ ـ ـ ـران ‪2‬‬

‫كلية العل ـ ــوم االقتصادية التجارية و علوم التسيري‬


‫مذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة‬
‫للحصول على شهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـادة ماجستري‬
‫يف العلوم االقتصادية‬
‫ختصص ‪ :‬اقتصاد دويل‬

‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي‬


‫(دراسة حالة الجزائر)‬

‫مقدمة ومناقشة علنا من طرف‬


‫السيد(ة)‪ :‬منصور شريفة‬
‫أمام لجن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المناقش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫رئي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسا‬ ‫جامعة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـران ‪2‬‬ ‫أستاذ التعليم العايل‬ ‫كرابيل بغداد‬
‫مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـررا‬ ‫جامعة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـران ‪2‬‬ ‫أستـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاذ حماضر ـأـ‬ ‫حاكمي بوحفص‬
‫من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاقشا‬ ‫جامعة ت ـل ـمـس ـ ـ ــان‬ ‫أستاذة التعليم العايل‬ ‫بوشيخي عائشة‬
‫من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاقشا‬ ‫جامعة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـران ‪2‬‬ ‫أستـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاذ حماضر ـأـ‬ ‫بن محادي عبد القادر‬

‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنة‪ 2102 :‬ـ ‪2102‬‬


‫بسـ ـ ـ ـ ـ م هللا الرحمـ ـ ـ ـ ـ ن الرحيـ ـ ـ ـ ـ م‬

‫۞‬ ‫۞و ما أوتيتم من العلم إال قـليال‬


‫"اآلية ‪ 58‬من سورة اإلسراء"‬
‫االهـــــــداء‬

‫الى الوالدين الكريمين أطال هللا في عمرهما‬

‫الى كل أفراد عائلتي‬

‫الى أساتذتي ‪ ،‬و كل الذين سهروا على تعليمي‬

‫الى أصدقائي و زمالئي‬

‫أهدي ثمرة هذا العمل‬


‫الشكــــر و التقدير‬

‫نحمد و نشكر هللا الواحد الذي أنعم علينا بنعمته العلم و العقل ‪،‬‬
‫بالعزيمة و اإلرادة إلتمام هذا العمل‪.‬‬
‫بصدق الوفاء و االخالص أتقدم بالشكر لألستاذ المشرف الدكتور‬
‫حاكمي بوحفص‪ ،‬الذي بتوجهاته و نصائحه القيمة كان هذا العمل‬
‫بصورته الحالية ‪.‬‬
‫كما ال يفوتني أن أتقدم بالشكر و التقدير الى السادة أعضاء اللجنة‬
‫على قبولهم مناقشة هذه االطروحة ‪.‬‬
‫و أتقدم بخالص شكري و عظيم امتناني الى جميع من قدم لي يد‬
‫المساعدة خالل جميع مراحل إنجاز هذا العمل ‪.‬‬
‫المحتـــويـــــــــــات‬
‫الفهرس‬
‫الفـــــهـــــــــــــــــرس‬

‫‪10‬‬ ‫حمتوايت الفهرس‬

‫‪17‬‬ ‫قائمة اجلداول و األشكال‬

‫‪19‬‬ ‫‪ 1‬ـ التقدمي‬

‫‪01‬‬ ‫‪ 2‬ـ االشكال‬

‫‪00‬‬ ‫‪ 3‬ـ الفرضيات‬

‫‪00‬‬ ‫‪ 4‬ـ منهجية الدراسة‬

‫‪00‬‬ ‫‪ 5‬ـ دراسات سابقة‬

‫‪01‬‬ ‫‪ 6‬ـ حدود الدراسة‬

‫‪01‬‬ ‫‪ 7‬ـ اسباب اختيار املوضوع‬

‫‪03‬‬ ‫‪ 8‬ـ أمهية الدراسة‬

‫‪03‬‬ ‫‪ 9‬ـ املفاهيم اإلجرائية‬

‫‪04‬‬ ‫‪ 01‬ـ أهداف الدراسة‬

‫‪04‬‬ ‫‪ 00‬ـ خطة الدراسة‬

‫السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي (دراسة نظرية)‬

‫‪06‬‬ ‫الفصل األول ‪:‬السياسة املالية‬

‫‪08‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬االقتصاد و مسؤولية الدولة‬

‫‪08‬‬ ‫‪ 0‬ـ الدولة و االقتصاد‬

‫‪10‬‬ ‫‪ 1‬ـ أشكال الدولة‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 3‬ـ السياسة االقتصادية مظهر من مظاهر تدخل الدولة‬

‫‪1‬‬
‫الفـــــهـــــــــــــــــرس‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 4‬ـ مصداقية السياسة االقتصادية و مضموهنا‬

‫‪16‬‬ ‫‪ 5‬ـ أنواع و أهداف السياسة االقتصادية‬

‫‪30‬‬ ‫املبحث الثاين ‪:‬مفهوم السياسة املالية و تطورها‬

‫‪31‬‬ ‫‪ 0‬ـ السياسة املالية يف النظم املالية املعاصرة‬

‫‪33‬‬ ‫‪ 1‬ـ تطور السياسة املالية‬

‫‪39‬‬ ‫‪ 3‬ـ السياسة املالية املتدخلة و مراحلها‬

‫‪40‬‬ ‫‪ 4‬ـ أهداف و مزاايها السياسة املالية‬

‫‪44‬‬ ‫‪ 5‬ـ إمكانيات السياسة املالية املعاصرة‬

‫‪49‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬السياسة املالية و مسؤولية الدولة‬

‫‪49‬‬ ‫‪ 0‬ـ دور الدولة يف النشاط االقتصادي و السياسة املالية‬

‫‪54‬‬ ‫‪ 1‬ـ السياسة املالية و مسؤولية الدولة عن توجيه النشاط االقتصادي خلدمة التنمية املتوازنة‬

‫‪57‬‬ ‫‪ 3‬ـ مدى تكامل السياسات املالية و االقتصادية و االجتماعية لتحقيق التوازن املايل العام‬

‫‪61‬‬ ‫‪ 4‬ـ أثر السياسة املالية يف حتقيق الالمركزية يف نشاط اإلدارة املالية العامة‬

‫‪63‬‬ ‫خالصة الفصل االول‬

‫‪65‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬أدوات السياسة املالية‬

‫‪66‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬النفقات العامة للدولة‬

‫‪67‬‬ ‫‪ 0‬ـ تقسيم النفقات العامة‬

‫‪69‬‬ ‫‪ 1‬ـ ظاهرة تزايد النفقات العامة‬

‫‪71‬‬ ‫‪ 3‬ـ االاثر االقتصادية للنفقات العامة‬

‫‪71‬‬ ‫أ ـ أاثر النفقات العامة على االنتاج القومي‬

‫‪2‬‬
‫الفـــــهـــــــــــــــــرس‬

‫‪74‬‬ ‫ب ـ أاثر النفقات العامة على االستهالك القومي‬

‫‪76‬‬ ‫ج ـ أاثر النفقات العامة على الدخل و التوزيع‬

‫‪78‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬االيرادات العامة للدولة‬

‫‪78‬‬ ‫‪ 0‬ـ االيرادات الضريبية‬

‫‪84‬‬ ‫‪ 1‬ـ مزااي و عيوب الضرائب املباشرة و الضرائب غري املباشرة‬

‫‪84‬‬ ‫‪ 3‬ـ الرس ـ ـ ـ ــوم و القروض‬

‫‪88‬‬ ‫‪ 4‬ـ ايرادات القطاع اخلاص‬

‫‪89‬‬ ‫‪ 5‬ـ االاثر االقتصادية لإليرادااتلعامة‬

‫‪95‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬املوازنة العامة‬

‫‪98‬‬ ‫‪ 0‬ـ أمهية املوازنة العامة للدولة‬

‫‪011‬‬ ‫‪ 1‬ـ املبادئ األساسية إلعداد املوازنة‬

‫‪017‬‬ ‫‪ 3‬ـ اجراءات و أساليب إعداد املوازنة‬

‫‪001‬‬ ‫‪ 4‬ـ تنفيذ امليزانية و الرقابة عليها‬

‫‪009‬‬ ‫خالصة الفصل الثاين‬

‫‪010‬‬ ‫الفصل الثالث ‪:‬السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬

‫املبحث األول ‪ :‬السياسة النقدية و عالقتها ابلسياسة املالية‬


‫‪011‬‬

‫‪013‬‬ ‫‪ 1‬ـ طبيعة السياسة النقدية و دورها يف املدارس االقتصادية‬

‫‪030‬‬ ‫‪ 2‬ـ مميزااتلسياسة النقدية عن السياسة املالية‬

‫‪037‬‬ ‫‪ 3‬ـ أدوات السياسة النقدية و عالقتها ابلسياسة املالية‬

‫‪044‬‬ ‫‪ 4‬ـ استقاللية البنك املركزي و مصداقية السياسة النقدية‬


‫‪3‬‬
‫الفـــــهـــــــــــــــــرس‬

‫‪046‬‬ ‫‪ 5‬ـ طبيعة العالقة ما بني السياستني النقدية و املالية‬


‫‪050‬‬ ‫‪ 6‬ـ السياسة النقدية و املالية و ميزان املدفوعات‬

‫‪055‬‬ ‫املبحث الثاين ‪:‬التوازن االقتصادي العام‬

‫‪055‬‬ ‫‪ 0‬ـ التوازن االقتصادي‬

‫‪058‬‬ ‫‪ 1‬ـ التوازن اجلزئي و التوازن العام‬

‫‪061‬‬ ‫‪ 3‬ـ التفسري النقدي و التوازن العام‬

‫‪061‬‬ ‫‪ 4‬ـ السياسة املالية و التوازن االقتصادي العام‬

‫‪063‬‬ ‫‪ 5‬ـ أثر السياسة املالية يف التوازن الكلي العام‬

‫‪066‬‬ ‫‪ 6‬ـ العالقة بني التوازن املايل للميزانية العامة و التوازن االقتصادي‬

‫‪068‬‬ ‫املبحث الثالث ‪:‬السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬

‫‪068‬‬ ‫‪ 0‬ـ حاالت االختالل يف االقتصاد الوطين و دور امليزانية العامة يف التصحيح‬

‫‪070‬‬ ‫‪ 1‬ـ تصحيح الفجوة االنكماشية و الفجوة التضخمية‬

‫‪071‬‬ ‫‪ 3‬ـ دور املوازنة العامة يف حتقيق التوازن االقتصادي‬

‫‪073‬‬ ‫‪ 4‬ـ الضوابط املوضوعية ملسامهة االنفاق العام يف حتقيق التوازن العام‬

‫‪077‬‬ ‫‪ 5‬ـ ألية أتثري أسعار النفط على السياسة املالية‬

‫‪081‬‬ ‫خالصة الفصل الثالث‬

‫السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي (دراسة تطبيقية على اجلزائر)‬

‫‪080‬‬ ‫الفصل الرابع ‪:‬السياسة املالية يف اجلزائر خالل الفرتة ‪ 2002‬ـ ‪2012‬‬

‫‪084‬‬ ‫املبحث االول ‪ :‬نظرة حول امليزانية العامة للجزائر‬

‫‪084‬‬ ‫‪ 0‬ـ النظام املايل احلايل يف اجلزائر‬

‫‪085‬‬ ‫‪ 1‬ـ قانون املالية و أنواعه يف اجلزائر‬


‫‪4‬‬
‫الفـــــهـــــــــــــــــرس‬

‫‪087‬‬ ‫‪ 3‬ـ اجلداول امللحقة بقانون املالية يف اجلزائر‬

‫‪088‬‬ ‫‪ 4‬ـ مبادئ امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر‬

‫‪093‬‬ ‫‪ 5‬ـ اعتماد امليزانية‬

‫‪095‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬دراسة اإليرادات العامة يف اجلزائر‬

‫‪095‬‬ ‫‪ 0‬ـ تبويب اإليرادات املوازنة العامة‬

‫‪098‬‬ ‫‪ 1‬ـ تطور االيرادات العامة للجزائر‬

‫‪111‬‬ ‫‪ 3‬ـ مسامهة اجلباية البرتولية يف االيرادات العامة للجزائر‬

‫‪114‬‬ ‫املبحث الثالث ‪:‬دراسة النفقات العامة يف اجلزائر‬

‫‪114‬‬ ‫‪0‬ـتبويب النفقات العامة يف اجلزائر‬

‫‪117‬‬ ‫‪ 1‬ـ نفقات امليزانية العامة يف اجلزائر‬

‫‪100‬‬ ‫‪ 3‬ـ حتديد النفقات العامة و أسباب تزايدها‬

‫‪111‬‬ ‫املبحث الرابع ‪:‬دور السياسة املالية يف حتقيق التوازن االقتصادي يف اجلزائر‬

‫‪111‬‬ ‫‪ 0‬ـ تطور أداء السياسة املالية يف اجلزائر خالل فرتة ‪ 1114‬ـ ‪1104‬‬

‫‪114‬‬ ‫‪ 1‬ـ أثر تراكم العجز على توازن امليزانية العامة يف اجلزائر‬

‫‪116‬‬ ‫‪ 3‬ـ إجراءات احلكومة اجلزائرية الحتواء أاثر تقلبات سوق النفط على السياسة املالية‬

‫‪131‬‬ ‫‪ 4‬ـ أثر صدمات السياسة املالية على اإلنفاق احلكومي يف اجلزائر‬

‫‪135‬‬ ‫‪ . 5‬عالقة أسعار النفطبالسياسة املالية يف اجلزائر‬

‫‪139‬‬ ‫‪ 6‬ـ اجتاهات احلالية لل نمو و االنفاق العام يف اجلزائر‬

‫‪141‬‬ ‫‪ 7‬ـ السياسة املالية و إشكالية التوازن االقتصادي العام للجزائر‬

‫‪146‬‬ ‫خالصةالفصل الرابع‬

‫‪5‬‬
‫الفـــــهـــــــــــــــــرس‬

‫‪147‬‬ ‫اخلامتة العامة‬

‫‪151‬‬ ‫قائمة املراجع‬

‫‪156‬‬ ‫قائمةاملالحق‬

‫‪6‬‬
‫قائمة الجداول و األشكال‬

‫‪ 1‬ـ قائمة اجلداول ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان اجلدول‬ ‫رقم‬


‫اجلدول‬
‫‪022‬‬ ‫تطور اجلباية العامة و اجلباية البرتولية للجزائر ‪ 4112‬اىل ‪4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪012‬‬ ‫تطور نفقات التسيري و نفقات التجهيز خالل الفرتة ‪ 4112‬اىل غاية ‪4102‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪012‬‬ ‫العجز أو الفائض الكلي يف املوازانت العامة لدولة اجلزائر ( ‪ 4112‬ـ ‪) 4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪002‬‬ ‫نسبة امجايل الدين العام اخلارجي القائم اىل الناتج احمللي لدولة اجلزائر‬ ‫‪12‬‬

‫‪022‬‬ ‫العالقة بني أسعار النفط و إيرادات اجلباية البرتولية يف اجلزائر ( ‪ 4112‬ـ ‪)4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪022‬‬ ‫العالقة بني أسعار النفط و رصيد امليزانية يف اجلزائر ( ‪ 4112‬ـ ‪) 4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪022‬‬ ‫االيرادات النهائية املطبقة على ميزانية الدولة لسنة ‪4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪029‬‬ ‫توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيري لسنة ‪ 4102‬لدولة اجلزائر‬ ‫‪10‬‬

‫‪011‬‬ ‫توزيع النفقات ذات الطابع النهائي لسنة ‪4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪010‬‬ ‫إمجايل االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر ( ‪ 4112‬ـ ‪) 4102‬‬ ‫‪01‬‬

‫‪012‬‬ ‫االنفاق العام و صايف االقراض احلكومي لدولة اجلزائر ( ‪ 4112‬ـ ‪) 4102‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪012‬‬ ‫الناتج احمللي االمجايل اجلزائري للفرتة ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪04‬‬

‫‪014‬‬ ‫الصادرات و الواردات يف اجلزائر‬ ‫‪00‬‬

‫‪7‬‬
‫قائمة الجداول و األشكال‬

‫‪ 20‬ـ قائمة األشكال ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬

‫‪01‬‬ ‫املربع السحري للسياسة االقتصادية‬ ‫‪10‬‬

‫‪001‬‬ ‫منحىن فيلبس الكالسيكي اجلديد‬ ‫‪14‬‬

‫‪004‬‬ ‫منحنيات (‪ ) BOP , LM , IS‬و التوازن الكلي العام‬ ‫‪10‬‬

‫‪000‬‬ ‫أثر زايدة االنفاق احلكومي و اخنفاض الضرائب يف التوازن‬ ‫‪12‬‬

‫‪000‬‬ ‫أثر اخنفاض االنفاق احلكومي و زايدة الضرائب يف التوازن‬ ‫‪10‬‬

‫‪000‬‬ ‫شكل الفجوة االنكماشية‬ ‫‪10‬‬

‫‪001‬‬ ‫شكل الفجوة التضخمية‬ ‫‪10‬‬

‫‪000‬‬ ‫تطور االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر خالل السنوات ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪410‬‬ ‫تطور اجلباية العادية و اجلباية البرتولية للجزائر ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪402‬‬ ‫تطور االنفاق العام لسنوات ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪01‬‬

‫‪400‬‬ ‫تطور االيرادات العامة و النفقات العامة خالل السنوات ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪402‬‬ ‫‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫تطور االنفاق احلكومي و الناتج احمللي يف اجلزائر خالل الفرتة‬ ‫‪04‬‬

‫‪400‬‬ ‫متوسطسعر البرتول للربميل يف اجلزائر ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪400‬‬ ‫االيرادات اجلباية البرتولية يف اجلزائر ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪02‬‬

‫‪400‬‬ ‫الفائض أو العجز املوازين للجزائر خالل السنوات ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪400‬‬ ‫تطور االنفاق االستهالكي و االنفاق االستثماري للجزائر ‪ 4112‬ـ ‪4102‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪8‬‬
‫مــقــــــــــدمـــــــــــــــة عـــامـــــــــــــة‬

‫‪ 1‬ـ التقديم ‪:‬‬

‫ان املوض ـ ـ ـوع الذي نتناول ـه يف هـذه املذكرة يتعلق ابلسياسـ ـ ـ ـة املالية كألي ـة لتحقيق التـ ـوازن االقتص ـ ـادي (‬

‫حالة اجلزائر ) ‪ ،‬و نظرا لدور الدولة الذايقتصر على تغطية االنفاق العمومي يف إطار نطاق الدولة احلارسة ‪ ،‬و بتطور‬

‫العصور تغري مفهوم الدولة و دورها يف احلياة االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬بسبب التطور املستمر الذي عرفه مفهوم‬

‫الدولة منذ أول ظهور ‪ ،‬أدى لتطوير مهامها فأصبحت تشرف على كل امليادين االجتماعية و االقتصادية ‪ ،‬من أجل‬

‫حتقيق التنمية االجتماعية و التوازن االقتصادي ‪ ،‬و من أجل ذلك كان ال بد على الدولة أن تضع السياسات‬

‫االقتصادية اليت تشمل جمموعة من السياسات ‪ ،‬كالسياسة املالية و السياسة النقدية ‪.‬‬

‫و يف هذا االطار حتتل السياسة املالية مكانة هامة بني السياسات األخرى ‪ ،‬ألهنا تستطيع أن تقوم ابلدور الكبري يف‬

‫حتقيق األهداف املتعددة اليت ينشدها االقتصاد الوطين ‪ ،‬بفضل أدواهتا املتعددة اليت تعد من أهم أدوات إدارة املوارد‬

‫االقتصادية يف حتقيق التنمية االقتصادية و القضاء على املشاكل اليت تعوق االستقرار و التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫و بسبب املكانة اليت حتتلها السياسة املالية يف العصر احلديث ‪ ،‬و اليت أصبحت أكثر تطورا على ما كانت عليه يف‬

‫العصور القدمية ‪ ،‬و هذا التطور نبع من اإلسهام الكبري لالقتصادي الكبري ( جون ماينركينز ‪ 6391‬يف مؤلفه "‬

‫النظرية العامة يف العمالة و الفائدة و النقود " ) ‪ ،‬و ما ترتب عليه يف الواقع العملي من ضرورة تبين أراء كينز اخلاصة‬

‫بتدخل الدولة يف النشاط االقتصادي و االنتقال من نطاق الدولة احلارسة اىل نطاق الدولة املتدخلة بسياسات مالية‬

‫مناسبة ‪.‬‬

‫منذ ذلك احلني اكتسبت السياسة املالية دورا أكثر أمهية ‪ ،‬و أصبحت أداة رئيسية من أدوات السياسة االقتصادية يف‬

‫توجيه املسار االقتصادي ‪ ،‬و معاجلة ما يتعرض له من أزمات اقتصادية ‪ ،‬و السعي اىل حتقيق التوازن االقتصادي العام‬

‫و امنائه ‪ ،‬لقد توسع إطار التوازن و مل يبقى توازان للنفقات و االيرادات يف موازنة الدولة يقتصر على إقامة معادلة‬

‫‪9‬‬
‫مــقــــــــــدمـــــــــــــــة عـــامـــــــــــــة‬

‫متعادلة بني النفقات االدارية لتسيري مصاحل الدولة من جهة و بني االيرادات من جهة أخرى ‪ ،‬بل أصبح على‬

‫السياسة املالية أن توازن مالية الدولة مبا يتفق و يتالءم مع توازن االقتصاد الوطين ‪ ،‬و هبذا يصبح التوازن متعدد الوجوه‬

‫و تزداد أنواعه ابالجتاه من الكم اىل النوع ‪،‬و هذا هو حمور دراستنا هذه ‪.‬‬

‫و على اعتبار اجلزائر إحدى الدول النامية اليت تتدخل الدولة يف اقتصادها ‪ ،‬و اليت تعاين من حمدودية املوارد و‬

‫الضغوطات االنفاقية املتزايدة لتقدمي اخلدمات األساسية ‪ ،‬الذي ينعكس على سياستها املالية ‪ ،‬كما أن تزايد حجم‬

‫النفقات العامة اجلزائرية هو ظاهرة مستمرة بسبب اتباعها السياسة التوسعية ‪ ،‬و ابستخدام أدوات السياسة املالية يف‬

‫إطار ما تسمح به التشريعات القانونية و اإلصالحات الضريبية اليت قامت هبا لدعم مواردها املالية احملدودة هبدف‬

‫حتقيق أهداف السياسة االقتصادية للبالد ‪ ،‬و من هنا تظهر امهية دراسة السياسة املالية املطبقة يف اجلزائر و مدى‬

‫اعتبارها كألية لتحقيق التوازن االقتصادي خالل فرتة حمل الدراسة (‪ 4002‬ـ ‪ ، ) 4062‬و هذا ما نسعى اىل تبيانه‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إشكالية الدراسة ‪:‬‬

‫ملعاجلة املوضوع تطرح الدراسة االشكالية االتية ‪:‬‬

‫أ ) السؤال الرئيسي‪:‬ما دور السياسة املالية يف اجلزائر لتحقيق االستقرار و التوازن االقتصادي ؟‬

‫ب ) االسئلة الفرعية ‪:‬‬

‫‪ 6‬ـ ماهي األهداف الرئيسية و أدوات السياسة املالية ؟‬

‫‪ 4‬ـ ما عالقة السياسة املالية ابلسياسات األخرى ؟‬

‫‪ 9‬ـ ما هي السياسة املالية املطبقة يف اجلزائر ؟ و هل كانت هلا فعالية مثلى لتحقيق التنمية و التوازن االقتصادي ؟‬

‫‪2‬ـ ما هي احللول املمكنة التباع سياسة مالية انجعة لتحقيق التوازن االقتصادي ؟‬

‫‪10‬‬
‫مــقــــــــــدمـــــــــــــــة عـــامـــــــــــــة‬

‫‪ 9‬ـ فرضيات الدراسة ‪:‬تعتمد الدراسة على الفرضية االتية ‪:‬‬

‫‪ ‬تلعب السياسة املالية دورا هاما يف حتقيق التوازن و االستقرار االقتصادي ‪.‬‬

‫‪2‬ـ منهجية الدراسة‪:‬‬

‫تعتمد الدراسة على املنهج الوصفي ‪،‬ابإلضافة اىل املنهج التحليلي ذلك من خالل حتليل البياانت اليت تتوافق مع‬

‫مشكلة البحث ‪ ،‬و ملعاجلة املوضوع قسمت الدراسة اىل ‪:‬‬

‫اجلانب النظري ‪ :‬تناولنا فيه مفاهيم السياسة املالية ‪ ،‬تطورها ‪ ،‬أهدافها ‪ ،‬كما تطرقنا اىل أدوات السياسة املالية ‪،‬‬

‫عالقة السياسة املالية ابلسياسة النقدية و من مت التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫اجلانب التطبيقي ‪ :‬السياسة املالية يف اجلزائر للفرتة ‪ 4002‬ـ ‪ ، 4062‬تناولنا فيهنظرة حول امليزانية العامة ‪،‬‬

‫االيرادات العامة و النفقات العامة يف اجلزائر‪ ،‬و من مت التوازن االقتصادي يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ـ الدراسات السابقة ‪:‬‬ ‫‪5‬‬


‫هناك عدة دراسات سابقة منها ‪:‬‬

‫‪ 6‬ـ هشام مصطفى اجلمل (‪ )4066‬دور السياسة املالية يف حتقيق التنمية االجتماعية ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ـ‬

‫اسكندرية ـ مصر ‪ ،‬حيث عاجل يف هذا املوضوع مفهوم السياسة املالية و تطورها و أدواهتا ‪ ،‬و ايضا دور السياسة‬

‫املالية يف حتقيق التنمية االجتماعية ‪ ،‬و يف االخري توصل اىل أهداف السياسة املالية اليت تساهم يف حتقيق و توفري‬

‫الضمان االجتماعي لكل أفراد اجملتمع ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ وحيد مهدي عامر (‪ ) 4060‬السياسات النقدية و املالية و االستقرار االقتصادي ‪ ،‬دار اجلامعة إسكندرية ـ‬

‫مصر ‪ :‬حيث عاجل يف هذا املوضوع السياسات املالية و دورها يف ادارة الطلب الكلي ‪ ،‬و أيضا السياسات النقدية‬

‫و فعاليتها ‪ ،‬و من مت التوازن الكلي يف النظام االقتصادي و بعض النظرايت االقتصادية ‪ ،‬و يف االخري توصل اىل‬

‫‪11‬‬
‫مــقــــــــــدمـــــــــــــــة عـــامـــــــــــــة‬

‫دور السياسة املالية يف عالج عجز املوازنة و االسباب اليت تؤدي اىل عدم خفض العجز املوازين و مالحظات كينز‬

‫عن الدورة االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ درواسي مسعود (‪ ) 4002‬دور السياسة املالية يف حتقيق التوازن االقتصادي ‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتورة يف‬

‫العلوم االقتصادية كلية العلوم االقتصادية و العلوم التسيري جامعة اجلزائر ‪ :‬حيث تناول يف هذا البحث مفهوم‬

‫السياسة املالية و تطورها مع ذكر أدواهتا املالية ‪ ،‬و أيضا تطرأ اىل التوازن االقتصادي و عالقة السياسة املالية‬

‫ابلسياسة النقدية ‪ ،‬و قام بدراسة تطبيقية حول السياسة املالية لتحقيق التوازن االقتصادي حالة اجلزائر ‪ 6330‬ـ‬

‫‪ 4002‬و متكن من خالل هذا البحث للوصول اىل احللول املمكنة التباع سياسة مالية انجعة تسعى اىل حتقيق‬

‫التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ حدود الدراسة ‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫تعتمد الدراسة على حلدود الزمنية و املكانية االتية ‪:‬‬

‫‪ ‬احلدود الزمنية للدراسة ‪ 4002 :‬ـ ‪4002‬‬

‫‪ ‬احلدود املكانية للدراسة ‪ :‬دراسة حالة اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫هنالك عدة أسباب الختيار املوضوع نذكر منها ‪:‬‬

‫ـ السياسة املالية هلا دورا هاما يف توجيه النشاط االقتصادي ‪ ،‬و ذلك من خالل أدواهتا و ما هلا من أمهية ‪ ،‬فالنفقات‬

‫تدعم النشاط االقتصادي و تسعى لتنمية اجملتمع و حتقيق األمن و االستقرار ‪ ،‬أما االيرادات هي مصدر متويل امليزانية‬

‫العامة و ابلتايل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ أتثر االقتصاد اجلزائري ابلعامل اخلارجي و الذي ينعكس حتما على السياسة املالية ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مــقــــــــــدمـــــــــــــــة عـــامـــــــــــــة‬

‫ـ الرغبة الشخصية يف العمل يف موضوع السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ أهمية الدراسة ‪:‬‬

‫تظهر أمهية الدراسةيف ‪:‬‬

‫ـ مكانة السياسة املالية يف حبتها عن مصادر متويل االيرادات لتغطية النفقات ‪.‬‬

‫ـ تظهر أمهية البحث يف مدى قدرة السياسة املالية بتحقيق الضبط على امليزانيات ‪.‬‬

‫ـ الدور الذي تلعبه السياسة املالية يف ظل اخنفاض أسعار النفط ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ المفاهيم االجرائية ‪:‬‬


‫تعتمد الدراسة على تبيان املفاهيم االتية ‪:‬‬

‫‪ )6‬السياسة املالية ‪ ":‬السياسة اليت مبوجبها تستعمل احلكومة برامج نفقاهتا و إيراداهتا و موازنتها العامة ‪،‬‬

‫ذلك هبدف انتاج أاثر مرغوبة و جتنب االاثر غري املرغوبة يف ظل ما تعتنقه من مبادئ "‪.‬‬

‫‪ )4‬التوازن االقتصادي ‪":‬احلالةاالقتصاديةواملاليةالتيتتعادلفيهاقوىكليةأوجزئيةأوكالمها‪ ،‬وهو الوضع الذي يتسم‬

‫ابالستقرار ما مل تتغري العوامل احملددة له "‪.‬‬

‫‪ 00‬ـ أهداف الدراسة ‪:‬‬

‫هتدف الدراسة اىل حتقيق ‪:‬‬

‫‪ ‬معرفة أمهية السياسة املالية يف االقتصاد ‪.‬‬

‫‪ ‬مكانة السياسة املالية يف حتقيق التوازن و االستقرار االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ ‬عالقة السياسة املالية ابلسياسات االقتصادية االخرى ‪.‬‬

‫‪ ‬اقرتاحاحللول املناسبة من أجل اتباع سياسة مالية انجعة ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مــقــــــــــدمـــــــــــــــة عـــامـــــــــــــة‬

‫ـ خطة الدراسة‪:‬‬ ‫‪11‬‬

‫تعتمدالدراسة على اخلطة االتية ‪:‬‬

‫‪ 6‬ـ التقدمي‬

‫‪ 4‬ـ السياسة املالية‬

‫‪ 9‬ـ أدوات السياسة املالية ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي دراسة حالة اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ اخلامتة ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ان املوضوع الذي نتناوله يف هذا الفصل يتضمن السياسة املالية ‪ ،‬تطورها و أهدافها ‪ ،‬والسياسة املالية و مسؤولية‬

‫الدولة ‪ ،‬ذلك من خالل تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي ‪ ،‬و أتثرها على املتغريات االقتصادية مباشرة ‪ ،‬و يكون‬

‫هذا عن طريق سياستها االقتصادية ‪ ،‬اليت هي جمموعة من السياسات تعمل كال منها على كمية أو أكثر من‬

‫الكميات االقتصادية اهلامة ‪ ،‬كالسياسة املالية اليت حتتل مكانة هامة بني حزم من السياسات االقتصادية يف إطار‬

‫التحول الفكري الذي قدمه كينز لتدخل الدولة يف النشاط االقتصادي ‪ ،‬أعطى للموازنة العامة و ابلتايل السياسة‬

‫املالية و أدواهتا أمهية يف إدارة و توجيه النشاط االقتصادي ‪ ،‬و أتثريها على مجيع املتغريات االقتصادية ‪ ،‬حيث شهدت‬

‫السياسة املالية تطورات جوهرية نتيجة التطور السياسي و االجتماعي ملفهوم الدولة ‪.‬‬

‫إن تطور السياسة املالية مرادفا و مرافقا لتطور املالية العامة‪ ،‬النفقات العامة و االيرادات العامة ‪ ،‬إذ حتتاج معظم‬

‫البلدان اىل االنفاق لتتمكن من القيام بواجباهتا امللقاة على عاتقها و تيسري املصاحل العامة ‪ ،‬و قد حصلت عدة‬

‫تطورات كبرية يف مفهوم املصاحل العامة اليت جيب على البلدان اتمني تسيريها ‪ ،‬ففي الوقت الذي كانت مهام الدولة‬

‫تقتصر على توطيد األمن الداخلي و اخلارجي و إقامة العدالة بني األفراد ( مفهوم تقليدي) ‪ ،‬اصبحت اليوم تشمل‬

‫كل النواحي االقتصادية و االجتماعية و الثقافية ( مفهوم حديث للمالية العامة) ‪.‬‬

‫إن أول من حبث االصول املالية حبثا عميقا كان العامل الفرنسي بودان ( ‪ )Bodin‬عام ( ‪ ، )6571‬مث ظهرت‬

‫مؤلفات حتتوي على قواعد واضحة ألوضاع السياسة املالية و النظام الضرييب يف أوراب و حتت عنوان (روح القوانني) "‬

‫ملونتسيكو"‪ ،‬و يف عام (‪ )6551‬نشر االقتصادي االجنليزي أدم مسيت يف كتابه املعروف ( ثروة األمم ) و فيه القواعد‬

‫الواضحة و الصرحية ملختلف أنواع الضرائب ‪ ،‬مث بعد ذلك جاءت الثورة الفرنسية الكربى اليت قلبت قضااي املالية رأسا‬

‫على عقب و كانت فاحتة عهد جديد يف اتريخ املالية العامة و التشريع املايل ‪ ،‬و يف مطلع القرن العشرين أصبح علم‬

‫املالية علما مستقال له مؤلفاته و قواعده الصرحية و تقاليده ‪.‬‬


‫‪16‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ففي الوقت الذي أمنت فيه النظرية التقليدية مببدأ احلياد املايل يف ظل الدولة احلرسة ‪ ،‬و ان احلكم على سالمة املالية‬

‫العامة يكون يف ضوء مبدا توازن املوازنة و ليس مبدأ التوازن االقتصادي‪ ،‬أعيد النظر هبذه الفكرة بعد االزمة‬

‫االقتصادية الكربى ( ازمة الكساد العظيم) و اصبح للدولة و للسياسة املالية مفهوما جديد خيتلف عن املفهوم‬

‫التقليدي حبيث يسمح بوجود عجز او فائض يف املوازنة العامة ‪ ،‬و ابلتايل إهناء حالة احلياد املايل الذي قامت عليه‬

‫النظرية التقلي دية ‪ ،‬و هكذا فان احلكم على سالمة السياسة املالية مل يقتصر على مبدأ توازن املوازنة و إمنا التأثري يف‬

‫وضع التوازن االقتصادي العام ‪ ،‬مث كانت احلرب العاملية الثانية و أظهرت أمهية الدور الذي ميكن أن تلعبه السياسة‬

‫املالية يف احلد من ظاهرة التضخم و الركود ابستخدام أدواهتا املالية ملعاجلة تلك املشكالت االقتصادية و يف الوقت‬

‫احلاضر أصبح من املعرتف به لدى معظم االقتصاديني و رجال السياسة ‪ ،‬إن السياسة املالية هي اقوى أنواع‬

‫السياسات االقتصادية ‪.‬‬

‫لقد اتضح مما تقدم أن السياسة املالية تعين استخدام احلكومة للضرائب ‪ ،‬االنفاق العام ‪ ،‬و املوازنة العامة من أجل‬

‫حتقيق االستقرار االقتصادي و حتقيق العدالة االجتماعية ‪ ،‬كل ذلك من أجل حتقيق أهداف التنمية االقتصادية و‬

‫االجتماعية ‪ ،‬و على هذا االساس سوف نتناول يف هذا الفصل االقتصاد و مسؤولية الدولة فياملبحث األول‪ ،‬أما‬

‫املبحث الثاين نعرض فيه مفهوم السياسة املالية و تطورها مع ذكر األهداف ‪ ،‬و أخريا السياسة املالية و مسؤولية‬

‫الدولة ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول ‪ :‬االقتصاد و مسؤولية الدولة ‪:‬‬

‫الدولة و االقتصاد ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ‬

‫موضوع تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية يزداد يوم بعد يوم ‪ ،‬ابلرغم من تغيري القناعات و تقلب اخللفيات‬

‫اإليديولوجية للمنظرين و أصحاب القرار االقتصادي ‪ ،‬ذلك أن هناك إدراكا أبن السوق القائمة غري مكتملة ‪ ،‬مما‬

‫جيعلها عاجزة عن إعطاء االشارات السعرية و غريها بشكل سليم ‪ ،‬و كان البد من االدراك أن مستوى معينا لتدخل‬

‫الدولة يف االقتصاد هو أكثر من الضروري ‪ ،‬و هو ما يطرح إشكالية األدوات األكثر جناعة املمكن للدولة استخدامها‬

‫للتأثري يف الواقع االقتصادي و التقليل من الفوارق االجتماعية ‪ ،‬و هو يف النهاية موضوع السياسات االقتصادية و‬

‫شروط استخدامها ‪.‬‬

‫إ ن اجلدال خبصوص فعالية السياسات االقتصادية ليس حديثا ‪ ،‬و إمنا يعود اىل النقاشبني املدارس الفكرية ‪ ،‬خاصة‬

‫بني أنصار املدرسة النقدية و على رأسهم " فريدمان "‪ ،‬و أنصار املدرسة الكينزية و على رأسهم " هيلر " ‪ ،‬و ميكن‬

‫أن نذهب بعيدا هبذا النقاش ‪ ،‬اىل التجاريني و املدرسة التارخيية األملانية و تختلف التيارات االشرتاكية الذين مل لخل‬

‫أطروحاهتم من تقدمي دالئل على ضرورة تدخل الدولة ⁽‪.⁾¹‬‬

‫و يف العصر احلاضر يبدو أن النقاش حسم لصاحل أنصار قلة تدخل الدولة بفعل تبين املنظمات االقتصادية الفاعلية‬

‫لإليديولوجية الليربالية ‪ ،‬و احلجم املتزايد هلذه املنظمات يف صياغة األنظمة االقتصادية و أتثريها على احلكومات يف‬

‫تبين هذا النوع من السياسات أو ذاك ‪.‬‬

‫ـــــ‬

‫⁽‪⁾¹‬وليد اجليوسي ( ‪ ) 9002‬ـ أسس التنمية االقتصادية ـ دار جليس الزمان للنشر و التوزيع ـ األردن ـ الطبعة األوىل ـ ص ‪.92‬‬

‫‪18‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ان دور االقتصادي للدولة حيث أهنا تعترب عوان اقتصاداي ضمن ابقي االعوان االقتصادية ‪ ،‬تقوم منذ ظهورها‬

‫مبجموعة من املهام ‪ ،‬تعترب تقليدية ‪ ،‬و ال زالت هذه املهام قائمة اىل اليوم مثل إقامة العدالة ‪ ،‬ضمان األمن ‪ ،‬محاية‬

‫احلدود االقليمية ‪ ،‬جباية الضرائب و الرسوم ‪ ،‬إال أن مث ة مهام اعتربت متغرية من دولة اىل أخرى ‪ ،‬و من عصر اىل‬

‫أخر ‪ ،‬بفعل الكثري من املتغريات الفكرية و الوقائع االقتصادية من بني العوامل املؤثرة على دور الدولة‪:‬‬

‫أـ العوامل الداعية اىل زايدة تدخل الدولة ‪:‬ميكن أن نذكر من ضمن هذه العوامل‪:‬‬

‫‪ ‬جتربة الكساد العاملي العظيم ‪ 6292‬ـ ‪ 6296‬و أطروحات كينز املرافقة هلا و الداعية اىل زايدة تدخل الدولة عن‬

‫طريق السياسة االقتصادية ‪ ،‬و عن طريق التدخل املباشر لزايدة الطلب الفعلي⁽‪.⁾¹‬‬

‫‪ ‬احلرب العاملية األوىل و الثانية و ما أفرزهتما من دمار مس الدول املشاركة يف احلرب ‪ ،‬دفع احلكومات اىل زايدة‬

‫التدخل إلعادة إعمار ما هدمته احلرب بشكل جعل القوة االنتاجية للدولة تتطور اىل درجة عجز األسواق القومية عن‬

‫استيعاب منتجاهتا ‪.‬‬

‫‪ ‬ظهور الفكر املاركسي و االطروحات االشرتاكية املعادية للملكية اخلاصة ‪ ،‬أدت اىل القيام بتأمينات كبرية و ابلتايل‬

‫تكفل الدول إبدارة العديد من املؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫‪ ‬هيمنة الفكر التجاري على احلكومات األوروبية عند بزوغ الرأمسالية التجارية ‪ ،‬و الذي كان جيعل قوة الدولة رديفة ملا‬

‫حتوزه من ذهب و معدن نفيس ‪ ،‬وهو ما حفز احلكومات اىل البحث عن مناجم املعدن النفيس و قيادة محالت‬

‫للكشوف اجلغرافية صاحبتها موجة استعمارية كأسلحة ‪ ،‬جعلت الدولة يف تصميم العملية االنتاجية ‪.‬‬

‫ــــــ‬

‫⁽‪⁾¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 9009‬ـ املدخل اىل السياسات االقتصادية الكلية ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ الساحة املركزية ـ بن عكنون ـ اجلزائر ـ ص ‪.7‬‬

‫‪19‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ب ـ العوامل الداعية اىل تقلص دور الدولة ‪ :‬ميكن أن نذكر من ضمن هذه العوامل ‪:‬‬

‫‪ ‬انفجار الثورة العلمية التكنولوجية و أتثريها على منو و تطور وسائل االتصال مبا أدى اىل تراجع أمهية املكان ‪ ،‬و‬

‫القضاء على احلدود اجلغرافية يف الكثري من القضااي ‪ ،‬و هذا ما جعل الدولة تفقد وسائل مراقبة اإلقليم من الناحية‬

‫االقتصادية و االتصالية ⁽‪.⁾¹‬‬

‫‪ ‬اهنيار جدار برلني نتيجة لظهور الفكر" البريو سرتويكا " و " الغالسنوست " و كان ذلك مبثابة االعالن عن حتول‬

‫يف العالقات االقتصادية الدولية ‪ ،‬ساهم يف إختفاء املعسكر االشرتاكي ‪ ،‬و منه زوال احلرب الباردة و السباق حنو‬

‫التسلح ‪ ،‬و فتح مثل هذا الوضع اجملال واسعا لسيادة إيديولوجية السوق للتمكن و التعميم ‪ ،‬و تعادي ايديولوجية‬

‫السوق " كثرة تدخل الدولة " ‪.‬‬

‫‪ ‬زايدة نفوذ و وزن املنظمات االقتصادية العاملية ( صندوق النقد الدويل و البنك العاملي و املنظمة العاملية للتجارة )‬

‫يف وضع السياسات االقتصادية بشكل جتاوز منطق املشورة اىل درجة اإللزام ( الشرطية مثال ) من خالل تدابري‬

‫الربامج املدعومة أو شروط االنضمام اىل هذه املنظمات ‪ ،‬و هذا ما جعل الدولة تفقد الكثري من عناصر القدرة‬

‫على الخاد القرارات ‪.‬‬

‫ج ـ العوامل املؤطرة للتدخل احلكومي ‪ :‬العوامل املذكورة سابقا هي عوامل عامة متس احمليط االقتصادي و السياسي‬

‫العاملي ‪ ،‬و هي عوامل خارجية ابلنسبة للدولة ‪ ،‬إال أن مثة عوامل تتعلق بظروف كل بلد هلا انعكاس مباشر على‬

‫اهتماماته و أولوايته بشكل يؤطر جماالت تدخل الدولة ‪ ،‬من أهم هذه العوامل ⁽‪:⁾²‬‬

‫ـــــ‬

‫ـ ص ‪ 1‬و ‪.5‬‬ ‫⁽‪⁾²⁽،⁾¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 9009‬ـ املرجــع السابـق‬

‫‪20‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ـ مستوى التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و خيارات التنمية املعتمدة يف كل بلد ‪ ،‬ذلك أن حتديد حجم تدخل‬

‫الدولة يرتبط يف النهاية مبدى قدرهتا على التدخل ( املوارد و الوسائل) ‪ ،‬كما أن البلد كلما كان متخلفا كلما كانت‬

‫هناك حاجة اىل تدخل الدولة لقيادة ديناميكية التنموية من جهة ‪ ،‬و لتغطية اجملاالت اليت يعجز اخلواص عن تغطيتها‬

‫‪ ،‬و تبقى كيفية التدخل هذه متأثرة ابملنهج التنموي املختار من قبل الدولة ‪.‬‬

‫ـ درجة االنفتاح االقتصادي على التطورات التكنولوجية اليت تولد احلاجة اىل أنظمة خاصة ابلنشاطات اجلديدة ‪،‬‬

‫ذلك أن الدولة قد تلعب دورا حموراي يف دفع البلد اىل االستيعاب حركية االبداع و االخرتاع بدعمها ملؤسسات البحث‬

‫و التطوير ‪ ،‬و حفر املؤسسات االقتصادية يف اعتماد التطبيقات اجلديدة يف جمال االنتاج ابستخدام عدة أساليب‬

‫(ضريبية ‪ ،‬حتويلية‪. )...‬و عموما جند هذا احلفز منعكسا على مستوى النفقات العامة ‪.‬‬

‫ـ طبيعة اجلهاز احلكومي و االداري القائم مبا يعكس إما حالة من التوافق السياسي أو حالة من التنافر السياسي بني‬

‫الفئات املكونة للسلطة ‪ ،‬و عادة ما تؤدي حالة التنافر اىل شلل سياسي عام نتيجته يف النهاية ضعف تدخل الدولة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أشكال الدولة‪:‬‬

‫لقد عرف الفكر االقتصادي التمييز بني عدة أشكال للدولة ‪ ،‬تستعرضها فيما يلي ‪:‬‬

‫أ ـ الدولة احلارسة ‪ :‬و هي دولة تستوحي وظائفها من الفكر الليربايل الذي يدعو اىل حياد الدولة ‪ ،‬وعدم تدخلها‬

‫يف النشاط االقتصادي ‪ ،‬و اقتصار جبايتها للضرائب على ما ميكنها من تغطية وظائفها التقليدية األربع ‪ ،‬ضمان‬

‫األمن العمومي ‪ ،‬محاية االقليم ‪ ،‬التمثيل اخلارجي ‪ ،‬إقامة العدالة ⁽‪.⁾¹‬‬

‫ــــــ‬

‫⁽‪⁾¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 9007‬املرجـ ــع السابـق ص ‪. 69‬‬

‫‪21‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ب ـ الدولة املتدخلة ‪ :‬و هي دولة غري حيادية و متارس النشاط االقتصادي و جيد تدخل الدولة مربرا له يف‬

‫أطروحات التجاريني ‪ :‬ضمان ميزان التجاري موافق و ذلك ابحلد من االسترياد حفاظا على عدم خروج املعدن‬

‫النفيس ‪ ،‬أو يف أطروحات املدرسة التارخيية ‪ ،‬و القاضية بضرورة محاية الصناعات الناشئة ‪ ،‬أو يف أطروحات الكينزيني‬

‫‪ ،‬و القاضية خبلق الطلب الفعلي أو يف بعض األطروحات الداعية اىل توسيع نطاق امللكية العامة للقضاء على‬

‫التناقص املوجود بني املصاحل اخلاصة و املصلحة العامة ‪.‬‬

‫ج ـ دولة الرفاهية ‪:‬وهو شكل للدولة ظهر بعد ‪ 6297‬معتمدا على سياسية امليزانية و على توسع يف احلماية‬

‫االجتماعية ‪ ،‬ذلك أن هذا الشكل للدولة أخد على عاتقه مسؤولية توفري قدر من احلقوق االقتصادية و االجتماعية‬

‫للمواطنني ‪ ،‬و ضمان حتقيق درجة عالية من العدالة و املساواة بينهم ‪ ،‬مستفيدة من سيادة الدميقراطية و املشاركة‬

‫الشعبية يف احلكم اليت ما فتئت تدعم املطالب االجتماعية ‪ ،‬إال أن هذه الدولة عرفت أزمتها بنهاية السبعينات نظرا‬

‫لرتاجع معدالت النمو االقتصادي و هذا ما جعل احلكومات عاجزة عن التكفل مبشاكل كل اجملتمع مثلما كان ذلك‬

‫سابقا ‪.‬‬

‫د ـ دولة التحويالت ‪ :‬و هي عبارة عن تطور سليب يف مسار دولة الرفاهية حيث انطوت على حتويالت ليست‬

‫ابلضرورة من األغنياء للفقراء ‪ ،‬حيث مع مرور الوقت مل يعد الرتكيز منصبا على محاية القطاعات األكثر تعرضا‬

‫لألخطار النامجة عن عدم املساواة املتأتية عن النظام ‪ ،‬و امنا انصب االهتمام على االستمرار يف تعويض الذين لخلفوا‬

‫عن الركب يف سباق الرخاء ‪ ،‬مع ترك القطاعات األضعف قدرة على ممارسة الضغط السياسي على أطراف الطريق ‪.¹‬‬

‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬عبد اجمليد قدي ( سنة ‪ )9009‬ـ املرجـع السابق ص ‪ 69‬و ‪. 69‬‬

‫‪22‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪3‬ـ السياسة االقتصادية مظهر من مظاهر تدخل الدولة ‪:‬‬

‫السياسة االقتصادية أهنا " جمموعة القرارات اليت تتخذها السلطات العمومية هبدف توجيه النشاط يف اجتاه مرغوب فيه‬

‫" جند ذلك ملا تقرر الدولة زايدة العجز املوازين للمحافظة على التشغيل ‪ ،‬وضع معايري الرتفاع األسعار و املداخيل‬

‫للتقليل من التضخم ‪ ،‬اعتماد جباية تفضيلية لدعم الصادرات‪...‬اخل (‪ ،) Xavier Greffe‬و حتدث السياسة‬

‫االقتصادية أاثرها ‪ ،‬إال أنه ال ميكننا دائما إدراك هذه األاثر ابلنظر اىل اآلجال‪ ،‬و ميكن التمييز بني نوعني من اآلجال‬

‫التأخرات يف وضع السياسات االقتصادية ‪.‬‬

‫أجاللداخلي وهو الزمن بني الصدمة املالحظة و تدابري السياسة االقتصادية املعتمدة للتأثري على هذه الصدمة ‪ ،‬و هو‬

‫أجل مزدوج فمن جهة نقوم بتقييم الصدمة و من جهة أخرى نقوم بوضع السياسة املالئمة ‪.‬‬

‫األجل اخلارجي و هو الزمن الذي ميتد بني اللحظة اليت يتم فيها الخاذ تدابري السياسة االقتصادية و اللحظة اليت يظهر‬

‫فيها األثر الفعلي على االقتصاد ‪ ،‬و يفسر هذان األجالن أن أاثر السياسة االقتصادية ‪ ،‬ال ميكن قياسها دائما‬

‫بشكل صحيح ‪ ،‬و ميكن تقديرها بشكل سيئ ‪.‬‬

‫مي كن التمييز بني أنواع السياسة االقتصادية تبعا لألاثر املتوقعة ما إذا كانت يف املدى القصري أو يف املدى الطويل ‪ ،‬و‬

‫عليه منيز بني ‪:¹‬‬

‫‪ ‬السياسة الظرفية ‪ :‬و تتعلق أساسا ابلسياسة امليزانية و السياسة النقدية ‪.‬‬

‫‪ ‬السياسة اهليكلية ‪ :‬و تتعلق أساسا ابلسياسة الصناعية و السياسة االجتماعية ‪.‬‬

‫ــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬مدحت حممد العقاد ( ‪ ) 6229‬ـ مقدمة يف علم االقتصاد ‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر ـ القاهرة ـ مصر ـ ص ‪.97‬‬

‫‪23‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 4‬ـ مصداقية السياسة االقتصادية و مضمونها‪:‬‬

‫تقوم السياسة االقتصادية أساسا على التوقعات ‪ ،‬قد ال تكون هذه التوقعات واحدة ابلنسبة للحكومة و األعوان‬

‫االقتصاديني ‪.‬تكون السياسة االقتصادية ذات مصداقية إذا كان األعوان االقتصاديون مطمئنني اىل أن السلطات‬

‫العمومية ال ترتاجع يف االختيارات املعلن عنها ‪ ،‬و من هنا ينخرط األعوان لتحقيق األهداف املعلنة و يكيفون‬

‫توقعاهتم مع معدل التضخم املراد من قبل السلطات ‪ ،‬إذ يف العادة ما ينتظر اىل جهود احلكومة يف مكافحة التضخم‬

‫على أهنا أساس الختبار مصداقيتها ‪.‬سبق لنا و أن تعرضنا اىل تعريف السياسة االقتصادية ‪ ،‬إال أنه من املفيد هنا أن‬

‫نضيف جمموعة من التعاريف ملفهوم السياسة االقتصادية و من أمهها جند ‪:‬‬

‫السياسة االقتصادية هي جمموع توجيهات كل التصرفات العمومية و اليت هلا انعكاسات على احلياة االقتصادية‪:‬‬

‫نفقات الدولة‪ ،‬النظام النقدي‪ ،‬العالقات اخلارجية‪ ...‬اخل ‪.‬‬

‫السياسة االقتصادية هي جمموع التصرفات الفعلية املتبعة يف اجملال االقتصادي‪ ،‬و جيب أن تكون هذه التصرفات من‬

‫الكثرة حىت تعطي مضموان ملفهوم السياسة االقتصادية ‪.‬‬

‫تعترب السياسة االقتصادية عن تصرف عام للسلطات العمومية واع منسجم و هادف يتم القيام به يف اجملال‬

‫االقتصادي‪ ،‬أي يتعلق ابإلنتاج ‪ ،‬التبادل ‪ ،‬استهالك السلع و اخلدمات و تكون رأس املال ‪.‬‬

‫من مضمون السياسة االقتصاديةأهنا تعترب مظهرا خاصا من مظاهر السياسة العامة و تتضمن ‪:‬‬

‫أ ـ حتديد األهداف ‪ :‬اليت تسعى السلطات اىل حتقيقها ‪ ،‬إال أن العادة جرت أن تكون للسياسة االقتصادية أهداف‬

‫‪ ،‬مثل النمو االقتصادي ‪ ،‬التشغيل الكامل ‪ ،‬توازن ميزان املدفوعات ‪ ،‬تقليص الفوارق ‪،‬تنمية القطاعات‬

‫االسرتاتيجية‪ ،‬استقرار األسعار ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ب ـ وضع التدرج بني األهداف ‪ :‬ذلك أن بعض االهداف تكون غري منسجمة ‪ ،‬فخفض معدل الربح ميكن أن‬

‫يساعد يف التقليل من الفوارق ‪ ،‬و لكنه ميكن أن يؤدي اىل إحداث أزمة يف نظام يكون فيه الربح هو أساس‬

‫االستثمار ‪ ،‬مبا يؤدي اىل عرقلة منو املداخيل و التشغيل ‪.‬‬

‫ج ـ حتليل االرتباطات بني األهداف ‪ :‬عند وضع التدرج بني األهداف البد من وضع منوذج اقتصادي يوضح‬

‫العالقات ‪ ،‬مثل رفع معدل الربح بكبح الكتلة األجرية ‪ ،‬أخذابعني االعتبار أن ذلك ميكن أن يؤثر على االستثمار‬

‫ألن ضعف الطلب ال يشجع على زايدة القدرات االنتاجية ‪.‬‬

‫دـ اختيار الوسائل ‪ :‬اليت البد من وضعها قيد التنفيذ لتحقيق أفضل وضعية بداللة الغاايت اجملسدة يف األهداف ‪ ،‬و‬

‫ترتبط الوسيلة يف العادة ابهلدف املراد ‪.‬‬

‫و هناك العديد من اجملاالت أين ميكن تطبيق السياسات االقتصادية ‪ ،‬فمثال يتم احلديث عن سياسة التهيئة العمرانية‬

‫‪ ،‬سياسة البحث ‪ ،‬سياسة االنتشار الصناعي ‪ ،‬سياسة احملافظة على البيئة ‪...‬اخل‪.¹‬‬

‫ـــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬مدحت حممد العقاد ( ‪ ) 6229‬املرجع السابق ص ‪. 97‬‬

‫‪25‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 5‬ـ أنواع و أهداف السياسة االقتصادية‪:‬‬

‫ميكن التمييز بني األنواع التالية للسياسة االقتصادية ‪:‬‬

‫أ ـ سياسة الضبط ‪ :‬تتعلق سياسة الضبط ابحملافظة على التوازن العام خبفض التضخم ‪ ،‬احملافظة على توازن ميزان‬

‫املدفوعات ‪ ،‬استقرار العملة ‪ ،‬البحث عن التوظيف الكامل ‪ ،‬هذا ابملفهوم الضيق ‪ ،‬أما ابملفهوم الواسع فتعين جمموع‬

‫التصرفات اهلادفة اىل احملافظة على النظام االقتصادي يف وضعه ( تقليص الضغوط االجتماعية ‪ ،‬السياسات املضادة‬

‫لألزمة ) ‪.¹‬‬

‫ب ـ سياسة االنعاش ‪ :‬يهدف االنعاش اىل إعادة إطالق األلة االقتصادية ‪ ،‬مستخدما العجز املوازين ‪ ،‬حفز‬

‫االستثمار ‪ ،‬األجور و االستهالك ‪ ،‬تسهيالت القرض ‪...‬اخل ‪ ،‬و هي مستوحاة من الفكر الكينزي ‪ ،‬و نلجأ يف‬

‫بعض األحيان اىل التمييز بني اإلنعاش عن طريق االستهالك و االنعاش عن طريق االستثمار ‪.‬‬

‫ج ـ سياسة إعادة هيكلة اجلهاز الصناعي ‪ :‬و تعرب عن سياسة اقتصادية هتدف اىل تكييف اجلهاز الصناعي مع‬

‫تطور الطلب العاملي ‪ ،‬و تتميز إبعطاء األولوية للقطاعات املصدرة ‪ ،‬تفضيل التوازن اخلارجي كعامل حمفز للنشاط‬

‫االقتصادي و التشغيل ‪.‬‬

‫د ـ سياسة االنكماش *‪ :‬و هي سياسة هتدف اىل التقليص من ارتفاع األسعار عن طريق وسائل تقليدية مثل‬
‫االقتطاعات االجبارية على الدخل ‪ ،‬جتميد األجور ‪ ،‬مراقبة الكتلة النقدية ‪ ،‬و تؤدي هذه السياسة يف العادة اىل‬
‫تقليص النشاط االقتصادي ‪.‬‬

‫ـــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫*‪Déflation‬‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ )9009‬ـ املرجع السابــق ص ‪. 96‬‬

‫‪26‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫هـ ـ سياسة التوقف مث الذهاب ‪ :‬و هي سياسة مت اعتمادها يف بريطانيا و تتميز ابلتناوب املتسلسل لسياسة االنعاش‬

‫مث االنكماش حسب ألية كالسيكية تعكس بنية اجلهاز االنتاجي ‪.‬‬

‫من بني األهداف األساسية للسياسة االقتصادية جند ‪:‬تعترب أهداف السياسة االقتصادية مرنة ‪ ،‬و غايتها يف النهاية‬

‫حتقيق الرفاهية العامة ‪ ،‬إال أنه تقليداي جرى العرف على تلخيص هذه األهداف ضمن أربعة تعرف ابملربع السحري لـ‬

‫كالدور ‪.¹KAHDOR‬‬

‫أ)البحث عن النمو االقتصادي ‪ :‬وهو اهلدف األكثر عمومية ‪ ،‬حيث يتعلق ابرتفاع مستمر لإلنتاج ‪ ،‬املداخيل ‪،‬‬

‫ثروة ‪ ،‬األمة ‪ ،...‬و عادة ما يتم اعتماد زايدة الناتج احمللي اخلام كأداة لقياس النمو ‪ ،‬إال أن هذا القياس يطرح‬

‫مشاكل تتعلق مبضمون الناتج احمللي اخلام نتيجة اختالف نظم احملاسبة الوطنية يف حتديد حقل االنتاج ‪.‬‬

‫كما أن احملاسبة الوطنية ال ميكنها حاليا إدراج التكاليف الفعلية للحصول على املنتجات مثل تكاليف التلوث ‪،‬‬

‫تدهور البيئة ‪ ،‬األاثر اخلارجية ‪ ،‬كما تواجه أيضا مشكلة االقتصاد املوازي الذي يتكون من األنشطة غري املصرح هبا‬

‫و أحياان غري شرعية ‪ ،‬و يعترب حجم القطاع املوازي هاما يف بعض االقتصادايت إذ يصل فيها إىل ‪ % 90‬من الناتج‬

‫احمللي اخلام ‪.‬إال أنه ابلرغم من هذه املشاكل ‪ ،‬يبقى الناتج احمللي اخلام األداة املستخدمة لقياس النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫ذلك إن النمو االقتصادي هو فعل تراكمي ال ميكن رصده إال بعد مرور فرتة زمنية ‪.‬‬

‫يعرب حماسبيا ‪:‬الناتج احمللي اخلام = جمموع االستهالك النهائي ‪ +‬جمموع الرتاكم اخلام لألصول الثابتة ‪ +‬جمموع تغري‬
‫املخزون ‪ +‬جمموع الصادرات ـ جمموع الواردات ‪.‬‬
‫ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪Stop and go‬‬

‫‪ ¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ )9007‬ـ املرجـع السابـق ص‪ 99‬و ‪. 99‬‬

‫‪27‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫يتم التمييز يف العادة بني الناتج احمللي اخلام االمسي و الناتج احمللي اخلام احلقيقي ‪ ،‬ذلك أن األول يعرب عن قيمة‬

‫االنتاج ابألسعار اجلارية ‪ ،‬و من هنا فإن بعض التغريات اليت ميكن أن حتدث فيه تكون نتيجة تغري األسعار ال‬

‫الكميات ‪ ،‬و من أجل إزالة أثر السعر نلجأ اىل حسا ب الناتج احمللي اخلام احلقيقي الذي ال أيخذ بعني االعتبار إال‬

‫التغري يف الكميات و هذا بقسمة الناتج احمللي اخلام االمسي على مؤشر األسعار ‪.‬‬

‫و ابلتايل فإن حساب معدل النمو يتم انطالق من التغيري الذي حيصل يف الناتج احمللي اخلام من سنة اىل أخرى ‪.‬‬

‫إذا كان معدل النمو يساوي معدل التغري يف الناتج احمللي اخلام احلقيقي ‪ ،‬فغنه من الضروري القيام ابملقارنة الناتج‬

‫احمللي احلقيقي ابلناتج احمللي احملتمل ( الكامن) الذي يعرب عن مستوى االنتاج القابل للتحقيق ابستخدام كامل الطاقة‬

‫االنتاجية لكل عوامل االنتاج ‪ ،‬و بصفة خاصة العمل ‪.‬‬

‫و من هنا فإن الناتج احمللي اخلام الكامن هو الناتج احمللي اخلام الذي يضمن التشغيل الكامل ‪.‬‬

‫ب) البحث عن التشغيل الكامل ‪ :‬يتم البحث عن التشغيل الكامل ألن تعويض البطالني يعترب تكلفة ابلنسبة‬

‫للمجتمع و اليت حتد من إمكانية النمو االقتصادي ‪ ،‬إال أن التشغيل الكامل مبفهومه الواسع ينصرف اىل استعمال‬

‫الكامل لكل عوامل االنتاج و اليت من بينها العمل ‪.‬‬

‫و لتقدير حجم البطالة يف اجملتمع يتم التمييز بني ‪:‬إمجايل السكان و يضم فئتني من السكان النشيطني او غري‬

‫النشيطني ‪ ،‬و ينقسم سكان النشطون اىل عاملني و اىل عاطلني ‪ .‬و يعرف مكتب العمل الدويل العاطل كل من هو‬

‫قادر على العمل و راغب فيه و يبحث عنه و يقبله عند مستوى االجر السائد و لكن دون جدوى ‪.‬‬

‫إن وصول االقتصاد ما اىل درجة التوظيف الكامل ال تعين ابلضرورة أن معدل تشغيل القوة العاملة يساوي ‪%600‬‬

‫أو أن معدل البطالة يساوي الصفر ‪ ،‬ذلك أن هنا ك قدرا من البطالة ال يوجد يف كل حلظة و ال ميكن ذهابه ‪ ،‬فعند‬

‫مستوى التوظيف الكامل لختفي البطالة الدورية ‪ ،‬و يسود عندئذ معدل البطالة الطبيعي ‪ ،‬و ابلتايل يعرب هذا املعدل‬

‫‪28‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫عن السري العادي لسوق العمل و هو غري قابل للضغط ‪.‬هناك عالقة بني النمو و البطالة ‪ ،‬ذلك ان زايدة وترية النمو‬

‫االقتصادي تؤدي ابلضرورة اىل اخنفاض البطالة ‪ ،‬و كل اخنفاض يف وترية النمو االقتصادي تقود اىل ارتفاع يف درجة‬

‫البطالة ‪.‬‬

‫ج)البحث عن التوازن اخلارجي ‪ :‬و هو توازن ميزان املدفوعات ‪ ،‬إذ يعكس وضع ميزان املدفوعات موقف االقتصاد‬

‫القومي جتاه ابقي االقتصادايت ‪ ،‬و يؤدي اختالل ميزان املدفوعات الذي يعرب يف الغالب عن حالة عجز ‪ ،‬اىل زايدة‬

‫مديونية البالد مما جيعلها تعيش فوق إمكانياهتا ‪ ،‬و اىل تدهور قيمة عملتها ‪ ،‬و ابلتايل فإن توازن ميزان املدفوعات‬

‫يسمح ابحلصول على استقرار العملة و تنمية املبادالت االقتصادية ‪ ،‬حيث أن التقلبات املفاجئة يف العملة حتمل‬

‫تخاطر هامة للبالد ذات عمالت ضعيفة ‪.‬‬

‫يؤشر الوضع العام مليزان املدفوعات على مدى ضعف أو قوة االقتصاد القومي ‪ ،‬و يعكس يف ذات الوقت درجة‬

‫تنافسية االقتصاد من خالل زايدة حصة سوق منتجات البلد ‪ ،‬و ال تعود هذه التنافسية اىل عامل واحد كتكلفة‬

‫عوامل االنتاج أو سعر املنتجات ‪ ،‬و إمنا ابإلضافة اىل ذلك هناك عوامل أخرى مثل أصالة املنتجات و جودهتا ‪ ،‬و‬

‫أساليب التسيري املعتمدة ‪ ،‬و التحكم يف تقنيات التسويق الدويل ‪...‬اخل ‪¹‬‬

‫د ) التحكم يف التضخم ‪ :‬و هذا من خالل البحث عن خفض معدل التضخم ‪ ،‬ألن عدم التحكم فيه يؤدي اىل‬

‫تشويه املؤشرات االقتصادية املعتمدة اللخاذ القرارات االقتصادية ‪ ،‬كما أن التضخم زاحفا إذا مل يتحكم فيه ميكن أن‬

‫يتحول اىل تضخم جامع ‪ ،‬فضال عن كون التضخم يؤدي اىل فقدان ثقة االعوان االقتصاديني يف كل التدابري املتخذة‬

‫يف إطار السياسة االقتصادية ‪.‬‬

‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 9009‬ـ املرجع السابق ص ‪. 70‬‬

‫‪29‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫و يعترب التحكم يف التضخم أولوية لدى الكثريين حىت إن كان يتعارض مع أهداف أخرى مثل التشغيل ‪ .‬و منيز يف‬

‫العادة بني‪:‬‬

‫التضخم ابلطلب ‪ :‬و الذي حيدث نتيجة االرتفاع يف النفقات اخلاصة ( للعائالت و املؤسسات ) املمول عن طريق‬

‫القروض أو استخدام االصول املالية ‪ ،‬او االرتفاع يف الطلب اخلارجي ‪ ،‬و ال يكون هناك تضخم إذا كان عرض‬

‫السلع و اخلدمات كافيا لتغطية هذا الطلب ‪ ،‬إال أن هذا عجز العرض ميكن ان حيدث نتيجة عدة عوامل ‪:‬‬

‫ـ عدم وجود قدرات إنتاجية غري مستغلة ‪.‬ـ عجز يف املخزوانت ‪.‬ـ الندرة الناجتة عن عوامل عرضية ( حوادث) ‪.‬‬

‫ـ عدم إمكانية اللجوء اىل االسترياد ‪ ،‬لعدم توفر العملة الصعبة لتمويلها ‪.‬‬

‫التضخم ابلتكاليف ‪ :‬و هو التضخم الناتج عن ارتفاع االسعار الذي يتسبب فيه ارتفاع تكاليف عوامل االنتاج (‬

‫مواد أولية ‪ ،‬أجور ‪ ،‬هوامش ‪ )...‬دون أن يكون هناك يف البداية فائض يف الطلب ‪.‬‬

‫املربع السحري للسياسة االقتصادية‬ ‫الشكل رقم( ‪: )06‬‬

‫النمو‬

‫استقرار‬ ‫التوازن‬
‫األسعار‬

‫التشغيل‬

‫املصدر ‪ :‬حممد خليل برعي ( ‪ ) 9009‬ـ مقدمة يف االقتصاد الدويل ـ مكتبة النهضة الشرق القاهرة ‪ ،‬مصر ـ ص ‪.99‬‬

‫‪30‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪:‬‬ ‫المبحث الثاني ـ مفهوم السياسة المالية و تطورها‬

‫السياسة هي اسم لألحكام و التصرفات اليت تدبر هبا شؤون األمة يف حكومتها و تشريعها و قضائها و يف مجيع‬

‫سلطاهتا و عالقاهتا بغريها من األمم ‪ ،‬أي اهنا كل النظم و التشريعات اليت أتسس هبا األمة يف الداخل و اخلارج‪.‬‬

‫السياسة هي علم أبصول يعرف هبا أنواع الرائسات و السياسات املدنية و أحواهلا و السياسة يف عرف أرابب احلكم‬

‫و احلكماء تتناول فروعا أعظمها ثالثة و هي ‪: ¹‬‬

‫السياسة الداخلية ‪ :‬و هي اليت يطلق عليها اسم السياسة حبصر املعىن ‪ ،‬و تتناول إدارة شؤون البالد و تنظيم‬

‫حكومتها على مقتضى منازع أهاليها و معتقداهتم و أخالقهم و درجة رقيهم يف سلم احلضارة ‪ ،‬و ذلك ابلنظر اىل‬

‫سالمة البالد و راحة العباد‪ .‬و قد لختلف السياسات ابختالف البالد و مواقعها و احتياجاهتا و مصادر ثروهتا و قوهتا‬

‫و درجة مدنيتها ‪ ،‬كما أهنا لختلف يف االرض الواحدة ابختالف االزمنة و الرجال الذين يستلمون أزمة احلكام‪.‬‬

‫ـ السياسة الدولية أو اخلارجية ‪ :‬عرفت أبهنا فن يبحث عن العالئق املتصلة بني الدول و املصاحل املتضاربة و املتباينة‬

‫بينهم ‪ ،‬و غايتها توسيع نطاق االحتادي البشري و دفع املشاكل الناشئة عن تباين الغاايت املختلفة ‪.‬‬

‫ـ السياسة املدنية ‪ :‬و هي تدبري املعاش مع العموم على سنن العدل و االستقامة و هي من أقسام احلكمة العلمية ‪،‬‬

‫و هي يف عرف السياسيني بيان التدابري الالزمة إلدارة أعمال البشر حبيث جيرى االنسان يف عمله على السنن الطبيعية‬

‫الضابطة بسعيه و اجتهاده يف ترقية حاله ‪ ،‬و قد يقال هلا لالقتصاد السياسي‪ ...‬و العلماء تختلفون يف تعريف‬

‫السياسة املدنية " االقتصاد السياسي " الختالفهم يف حتديد أغراضها فجعلها البعض علما و البعض االخر فنا ‪ ،‬و‬

‫قال االخرون أهنا خليط من االثنني ‪.‬‬

‫ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪ ¹‬هشام مصطفى اجلمل ـ دور السياسة املالية يف حتقيق التنمية االجتماعية ـ دار الفكر اجلامعي ـ االسكندرية ـ ص ‪9‬‬

‫‪31‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 1‬ـ السياسة المالية في النظم المالية المعاصرة‪:‬‬

‫كانت السياسة املالية ترادف يف معناها االصلي كال من املالية العامة و ميزانية الدولة ‪ ،‬حيث يرد كتاب املالية العامة‬

‫لفظ " السياسة املالية " اىل كلمة فرنسية قدمية ‪ FISC‬و تعين حافظة النقود أو اخلزانة ‪ ،‬و مع التطور الذي طرأ على‬

‫دور الدولة االقتصادي أصبح هذا املعىن يضيق عن استيعاب الوظائف و املهام اجلديدة اليت أصبحت تؤديها الدول‬

‫يف حياة جمتمعاهتا و على االخص يف اجملاالت االقتصادية ‪ ،‬حيث نلمس اليوم وزان متزايدا لالقتصاد العام يف مقابل‬

‫االقتصاد اخلاص ‪ ،‬و من هذا التطور ‪ ،‬فإنه ميكن تعريف السياسة املالية أبهنا السياسة اليت تعين بدراسة النشاط املايل‬

‫لالقتصاد العام ـ بوحداته املختلفة ذات الطبيعة االقتصادية و االدارية ـ وما يستتبع هذا النشاط من أاثر ابلنسبة‬

‫ملختلف قطاعات االقتصا د القومي ‪ ،‬و هي تتضمن فيما تتضمنه تكييفا كميا حلجم االنفاق العام و االيرادات العامة‬

‫‪ ،‬و كذا تكييفا نوعيا ألوجه هذا االنفاق و مصادر هذه االيرادات بغية حتقيق أهداف معينة يف مقدمتها النهوض‬

‫ابالقتصاد القومي و دفع عجلة التنمية ‪.‬‬

‫وهيسياسة استخدام أدوات املالية ا لعامة من برامج االنفاق و االيرادات العامة لتحريك متغريات االقتصاد الكلي مثل‬

‫الناتج القومي ‪ ،‬العمالة ‪ ،‬االدخار ‪ ،‬االستثمار ‪ ،‬و ذلك من أجل حتقيق االاثر املرغوبة و جتنب االاثر الغري املرغوبة‬

‫فيها على كل من الدخل و الناتج القوميني و مستوى العمالة و غريها من املتغريات االقتصادية ‪¹.‬‬

‫و هي استخدام الدولة إليراداهتا و نفقاهتا مبا حيقق أهدافها االقتصادية و االجتماعية و السياسية يف ظل ما تعتنقه‬

‫من عقائد و يف حدود إمكانياهتا املتاحة مع االخذ يف االعتبار درجة تقدمها و منوها االقتصادي ‪.‬‬

‫ـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ‬


‫‪ ¹‬حممود حسني الوادي ‪ ،‬زكراي أمحد عزام ( ‪ )9000‬املالية العامة و النظام املايل يف االسالم ـ دار امليسرة للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬ص ‪.629‬‬

‫‪32‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫و السياسة املالية ‪ :‬كربانمج لخططه و تنفذه الدولة عن عمد مستخدمة فيه مصادرها اإلرادية و براجمها اإلنفاقية‬

‫ألحداث أاثر مرغوبة و جتنب أاثر غري مرغوبة على كافة متغريات النشاط االقتصادي و االجتماعي و السياسي‬

‫حتقيقا ألهداف اجملتمع ‪. ¹‬‬

‫نلخص من ذلك ‪ :‬السياسة املالية هي السياسة اليت مبوجبها تستعمل احلكومة برامج نفقاهتا و إيراداهتا و موازنتها‬

‫العامة و ذلك هبدف انتاج أاثر مرغوبة و جتنب االاثر غري املرغوبة يف ظل ما تعتنقه من مبادئ ‪.‬‬

‫تطور السياسة المالية ‪:‬‬ ‫‪2‬ـ‬

‫تؤدي الدولة دورا ماليا خيتلف حسب العصور ‪ ،‬و ينعكس و يؤثر هذا الدور على السياسة املالية ‪ ،‬فعندما يربز دور‬

‫الدولة و يكون فعاال ‪ ،‬يبدو دور السياسة املالية ظاهرا و واضحا ‪ ،‬و عندما تغيب الدولة و يغيب دورها كسلطة‬

‫منظمة ‪ ،‬يغيب ابلتايل دور السياسة املالية فيها و يبدو ابهتا ‪ ،‬خالصة القول أن السياسة املالية إمنا هي مرآة لدور‬

‫الدولة املايل و تدخلها يف شؤون اجملتمع يف أي عصر من العصور ‪.‬‬

‫يف ظل التطورات االقتصادية و االجتماعية و السياسية احلالية ‪ ،‬أصبح دور الدولة ضرورة ملحة و ال غىن عنه يف أي‬

‫وقت من األوقات للقيام بدورها املايل يف اجملتمع ‪ ،‬ومن مث أصبح دورها ظاهرا يف احلياة االقتصادية و االجتماعية و‬

‫السياسية ‪ ،‬و لقد مر الفكر املايل يف تطوره حبثا عن املقصود ابلسياسة املالية بثالث مراحل األول منها يتعلق ابلعصور‬

‫القدمية ‪ ،‬أما الثانية تتصل ابلعصور الوسطى ‪ ،‬و املرحلة األخرية تتعلق ابلعصور احلديثة أي الفكر احلديث يف السياسة‬

‫املالية املتدخلة ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )9009‬ـ السياسات املالية ـ دار اجلامعية ـ االسكندرية و بريوت ـ ص ‪.67‬‬

‫‪33‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫أ ـ السياسة املالية قبل العصر احلديث ‪ :‬جند سياسة مالية يف العصور القدمية و العصور الوسطى ‪:‬‬

‫‪ ‬السياسة املالية يف العصور القدمية ‪ :‬دور السياسة املالية يف اجملتمعات القدمية كان ابهتا للغاية ‪ ،‬إذ ال توجد‬

‫دالالت واضحة حول وجود سياسة مالية قائمة و منظمة و منفصلة عن مالية احلكام يف تلك العصور ‪ ،‬حيث‬

‫كانت مالية الدولة مرتبطة مبالية احلاكم وله فيها حق التصرف املطلق و انعدام الرقابة عليه ‪ ،‬يرجع السبب يف أتخر‬

‫تطور األفكار املالية و عدم وجود سياسة مالية واضحة يف تلك العصور اىل أسباب سيكولوجية و أسباب موضوعية‬

‫االسباب السيكولوجية ترجع اىل عدم اهتمام املفكرين القدماء و نظرهم بدون احرتام ملادايت احلياة بصفة عامة ‪ ،‬و‬

‫سيطرة الدولة املطلقة ‪ ،‬و بساطة احلياة االقتصادية ‪.‬أما االسباب املوضوعية فهي تنحصر يف قلة الظواهر االقتصادية‬

‫و ضآلة وزن االعتبارات املالية البحتة ‪.‬‬

‫‪ ‬السياسة املالية يف العصور الوسطى ‪ :‬يطلق الفكر الغريب على هذه الفرتة من الزمن أبهنا عصور اجلهل و الظالم يف‬

‫العامل كله و ال يقصروهنا على أوراب وحدها‪ ،‬نظرا ملا شهدته تلك املرحلة من ركود فكري و اقتصادي ‪ ،‬فإن تلك‬

‫الفرتة كان النظام السائد فيها و املسيطر على أمور الدولة هو النظام االقطاعي ‪ ،‬الذي عمل بدوره على تقلص‬

‫فكرة السلطة العامة ‪ ،‬و ابلتايل ابتعدت الدولة عن املهام اليت كان موكل إليها القيام هبا ‪ ،‬و هي إشباع احلاجات‬

‫العامة للمجتمع و غريها من الوظائف اليت كانت احلكومات تقوم هبا ‪ ،‬و من مث تفرض سيطرهتا على الدولة ‪.‬أما‬

‫االيرادات اليت كانت تع تمد عليها الدولة يف هذا العصر ‪ ،‬فتتمثل يف دخل الدومني اخلاص املتمثل أساسا يف دخل‬

‫األرض الزراعية للسيد االقطاعي أو الكنيسة ‪ ،‬و كان على عكس املستقر عليه االن ابلنسبة للضرائب أن االلتجاء‬

‫إليها يف هذه العهود كان ال يتم إال بصفة استثنائية ‪ ،‬و لذا ظهرت التفرقة بني املالية العادية ‪ ،‬و هي اليت تتمثل يف‬

‫دخل الدومني ‪ ،‬و املالية غري العادية ‪ ،‬و هي تلك اليت تتمثل يف الضرائب و القروض ‪.‬‬

‫لكنه من املالحظ أنه مع ازدايد األعباء العامة و زايدة النفقات امللكية و عدم كفاية املوارد لتغطيتها ‪ ،‬جلأ امللك اىل‬

‫طلب إعاانت من أمراء ا القطاع و بدت كعطية تقدم للسلطة العامة طواعية إلنفاقها يف النفع العام ‪ ،‬و هكذا‬

‫‪34‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫أصبحت هذه الضرائب جتىن بصفة منتظمة مما استتبع أن تفرض السلطة سيطرهتا اثنية على الدولة ‪ ،‬و أصبح من‬

‫الالزم موافقة ممثلي األمة على فرض تلك االسهامات املالية ‪ ،‬مثال ذلك ما حدث يف بريطانيا و ما نص عليه العهد‬

‫األعظم ‪6967‬م‪ ،‬مث تبعتها فرنسا و وجد املبدأ تطبيقه منذ عام ‪6969‬م ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬السياسة املالية يف العصر احلديث ‪ :‬تطور السياسة املالية و تدخل الدولة و دورها يف احلياة االقتصادية و‬

‫انعكاس ذلك علىأدوات سياستها املالية منذ القرن اخلامس عشر ‪ ،‬حني سادت أراء مدرسة التجاريني ‪ ،‬و مرورا‬

‫مبدرسة الطبيعيني ‪ ،‬و حىت أوائل القرن احلايل حيث سيطرت املدرسة الكالسيكية أبفكارها على الدولة احلارسة و‬

‫السياسة املالية احملايدة مث الدولة املتدخلة و السياسة املالية الوظيفية أو املعوضة ‪.‬‬

‫ـ السياسة املالية للتجاريني على عكس العصور الوسطى متاما اليت كان السيد االقطاعي فيها هو كل شيء يف إقطاعتيه‬

‫‪ ،‬و اختفت تبعا لذلك سلطة امللك أو احلكومة على الدولة ‪ ،‬فقد بدأ هذا العصر بتحرر العبيد و هجرة الفالحني‬

‫من االقطاعيات اىل املدن ‪ ،‬و مت التوسع يف النشاط التجاري و ازدادت االسواق ليس على مستوى االقطاعية أو‬

‫الدولة فقط بل زادت أكثر من ذلك على مستوى العامل اخلارجي ‪ ،‬و ذلك بسبب الكشوف اجلغرافية ‪ ،‬و اكتشاف‬

‫طرق جديدة للتجارة كطريق رأس الرجاء الصاحل و األمريكيتني ‪.‬‬

‫كان من مظاهر تدخل الدولة أن فرضت الرسوم اجلمركية الكبرية على الواردات ‪ ،‬و ذلك هبدف محاية املنتج احمللي ‪،‬‬

‫و لخفيض الرسوم على املوارد األولية ‪ ،‬و إعانة الصادرات و منح االمتيازات ‪ ،‬إلنتاج أو تصدير سلع معينة ‪.‬‬

‫كما تدخلت الدولة يف حتديد األجور و االسعار و إنشاء الصناعات و اهتمت بوسائل املواصالت ‪ ،‬فعملت على‬

‫إنشاء األساطيل الضخمة ألماكن نقل منتجاهتا اىل األسواق اخلارجية ‪ ،‬و متهيد الطرق الداخلية لسهولة نقل املواد‬

‫اخلام اىل املصانع ‪ ،‬و شجعت هجرة العمال املهرة إليها من اخلارج ‪ ،‬و ذلك لكي تكون منتجاهتا على درجة كبرية‬

‫من اجلودة و اإلتقان ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫لكن مبالغة التجاريني يف تعظيم دور التجارة اخلارجية و حتقيق فائض يف امليزان التجاري ‪،‬و تقديس املعدن النفيس‬

‫رمز القوة االول ‪ ،‬أدى ذلك اىل مساوئ عديدة كظهور االستعمار أبشكال تختلفة ‪ ،‬و قيام احلروب بني الدولة القوية‬

‫و الدولة الضعيفة ‪ ،‬و بني الدول القوية و مثيالهتا لفتح اسواق جديدة لتصريف منتجاهتا ‪ ،‬و أمهلت ابلتايل الزراعة ‪،‬‬

‫كل ذلك أدى اىل مهامجة مبدأ تدخل الدولة يف الشؤون االقتصادية ‪ ،‬و ظهور مذهب اقتصادي جديد يقوم على‬

‫مبدأ احلرية الفردية أال و هو " املذهب احلر " أو " املذهب الطبيعيني " ‪.‬‬

‫السياسة املالية للطبيعييني طلق على أصحاب هذا املذهب " املذهب احلر " أو املذهب املدرسة الطبيعية أو مذهب‬

‫الفيزو قراط ‪ ،‬و هي كلمة أطلقت على جمموعة من االفكار االقتصادية اليت ظهرت يف فرنسا من طرف " فرانسو‬

‫كيناي " الذي كان طبيبا للويس اخلامس عشر ‪ ،‬و من أهم مؤلفاته اجلدول االقتصادي و القانون الطبيعي ‪.‬‬

‫تقوم فكرة " القانون الطبيعي " على اساس احرتام فكرة امللكية جبميع صورها املختلفة ‪ ،‬كذلك يقوم هذا املذهب‬

‫على احرتام احلرية االقتصادية ‪ ،‬و منها حرية التجارة الداخلية و اخلارجية ‪ ،‬هلذا اندى الطبيعيون بعدم تدخل الدولة‬

‫يف احلياة االقتصادية إال ألجل محاية األمن و إنشاء الطرق و غريها ‪ ،‬و اعتبار الباعث الشخصي هو عامل املصلحة‬

‫و هو احلافز الوحيد للتقدم على أساس عدم تعارضه مع املصاحل األخرى ‪ ،‬و من هنا جاءت عبارهتم الشهرية " دعه‬

‫يعمل دعه مير " ‪.‬‬

‫كذلك اهتم الطبيعيون ابلزراعة على أساس أهنا املصدر احلقيقي للثروة الذي ينتج فائضا صافيا " الناتج الصايف" ‪ ،‬و‬

‫ذلك بعكس القطاعات األخرى اليت وصفوها أبهنا قطاعات عقيمة ‪ ،‬لذا اندوا ابالهتمام ابلزراعة ‪ ،‬و قياس قوة‬

‫الدولة ابلناتج الصايف الذي خيرج من االرض ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫لذا فقد اندى الطبيعيون بفرض الضرائب على الناتج الصايف الذي خيرج من الزراعة فقط و ذلك على مالك األراضي‬

‫‪ ،‬و أن تكون الضرائب غري كبرية حىت ال تؤثر على زراع األرض ‪ ،‬و عدم فرض أي ضرائب على النشاطات األخرى‬

‫‪ ،‬مهما كان نوع هذه الضرائب ‪.‬‬

‫و عليه مل جتد الصناعة و التجارة فرتة تشهد فيه أوج ذروهتا ‪ ،‬من التقدم و الرقي و الوصول اىل أعلى درجات االتقان‬

‫و حتقيق اكرب قدر من الربح دون أن تتحمل أي أعباء عليها من هذه الفرتة ‪ ،‬و ذلك على حساب الزراعة و هذا ما‬

‫مل يرم إليه أو يقصده " الفريو قراط " ‪.‬‬

‫ـ السياسة املالية يف الفكر احلديث ‪:‬يقصد ابملدرسة الكالسيكية جمموعة األفكار االقتصادية اليت وضع أصوهلا‬

‫املفكر االسكتلندي " أدم مسيت" و ذلك يف كتابه الشهري "ثروة األمم" الذي أسهم يف تطويرها كل من مالتس ‪ ،‬و‬

‫جان ابتسيتساي ‪ ،‬ديفيد ريكاردو ‪ ،‬و جون ستيوان مل ‪ ،‬و قد سيطر فكر هذه املدرسة على السياسة املالية و‬

‫االقتصادية يف أورواب منذ منتصف القرن الثامن عشر تقريبا و حىت نشوب احلرب العاملية األوىل سنة ‪ ، 6269‬و‬

‫تعترب املدرسة الكالسيكية هي امتداد ملناقشات من سبقهم ‪ ،‬فقد أتثر أدم مسيت يف الكثري من أرائه أبفكار مدرسة‬

‫الطبيعيني ‪ ،‬ومن مبادئ هذه املدرسة جند ـ أن الفرد هو الوحدة الرئيسية للنشاط االقتصادي ‪ ،‬و خيضع الفرد عند‬

‫قيامه هبذا النشاط اىل مصلحته الفردية و اخلاصة ‪ ،‬هذه املصلحة الشخصية اليت يسعى اليها الفرد تكون جمموع‬

‫املصاحل املشرتكة بني األفراد ‪ ،‬و من مث فال تتعارض مع بعضها البعض ‪ ،‬و تتحقق مع مصلحة اجملتمع ‪ ،‬فالدافع‬

‫الفردي هو أساس السياسة املالية ‪ ،‬و أطلقوا يف هذا الشأن عبارهتم الشهرية " هناك يد خفية توجه املصاحل اخلاصة يف‬

‫تضارهبا و تفاعلها و توجهها الوجهة اليت حتقق املصلحة العامة ‪.¹‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )9009‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪.97‬‬

‫‪37‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬ان مبدأ اليت تقوم عليه هذه املدرسة هو مبدأ احلرية االقتصادية ‪ ،‬و يقصد هبا عدم تدخل الدولة يف النشاط‬

‫االقتصادي ‪ ،‬و اصبح مبدأ أكفأ دور اقتصادي للدولة هو أن ال يكون هلا دور ‪ ،‬و هو املبدأ السائد يف هذه‬

‫املدرسة ‪ .‬و قد قدمت النظرية االقتصادية التقليدية األساس العلمي للدولة احلارسة و ملبدأ عدم التدخل ‪ ،‬فقد‬

‫ذهبت هذه النظرية اىل أن النشاط اخلاص كاف وحده لتحقيق توازن التشغيل الكامل ‪ ،‬و ذلك الفرتاضها أن‬

‫العرض خيلق الطلب املساوي له الن ماال يستهلك يستثمر بفعل حركات الفائدة ‪ ،‬و أن العرض يتجه تلقائيا حنو‬

‫التشغيل الكامل بفعل حركات األجور ‪ ،‬و من مت تستبعد هذه النظرية فرص االكتناز ‪.‬‬

‫‪ ‬و من هنا أصبحت مالية الدولة مالية حمايدة و ضاقت ابلتايل أغراض النظام املايل و السياسة احملققة له ‪ ،‬و من مت‬

‫ميكن إجياز أهم أغراض النظام املايل يف تلك املرحلة فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ نظرا اىل أن دور املالية العامة يقتصر على احلصول على االيرادات الالزمة لتغطية النفقات اليت يسمح هبا دور الدولة‬

‫‪ ،‬فإن النظام املايل عليه أن يهتم بتحقيق العدالة بني أفراد اجملتمع ‪ ،‬و ذلك بتوزيع األعباء العامة حبيث تكون تضحية‬

‫كل فرد مساوية لألخرين ‪.‬‬

‫ـ كذلك خلصت هذه النظرية اىل تطبيق مبادئ املالية اخلاصة يف املالية العامة خاصة مبدأ توزيع الدخل بني أنواع‬

‫تختلفة من النفقات حبيث تتحقق أكرب منفعة ممكنة أبقل نفقة ‪.‬‬

‫ـ كذلك خلصت هذه النظرية اىل تفصيل الضرائب على االستهالك ‪ ،‬أي الضرائب الغري املباشرة ‪ ،‬على الضرائب‬

‫على االدخار ‪ ،‬أي الضرائب املباشرة و ذلك الن االدخار هو مصدر تكوين رؤوس أموال ‪.‬‬

‫أثبتت االزمات االقتصادية بفشل هذه السياسة و عدم مقدرهتا على معاجلة التقلبات االقتصادية ‪ ،‬فمثال ذلك فإنه‬

‫وقفا للسياسة املالية يف الفكر االقتصادي ‪ ،‬يف أوقات الرواج و التضخم تزداد الدخول النقدية فرتتفع حصيلة الضرائب‬

‫فتزداد إيرادات احلكومة مما يدفع احلكومة حتقيقا ملبدأ التوازن احلسايب للموازنة العامة زايدة االنفاق العام ‪ ،‬مما يزيد من‬

‫‪38‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫حدة التضخم و ازدايد الدخول النقدية ‪ ،‬فرتتفع حصيلة الضرائب مرة أخرى ‪ ،‬فتزيد احلكومة من إنفاقها لتوازن‬

‫ميزانيتها مما يس اعد على زايدة حدة التضخم من انحية ‪ ،‬و من انحية أخرى خيرج هذا االنفاق املتزايد الدولة عن‬

‫حيادها املايل ‪ ،‬و قد حيدث عكس ذلك يف أوقات الركود أو الكساد ‪ ،‬مما يدل أبي حال من األحوال على إمكان‬

‫حتقيق مبدأ احلياد املايل للدولة ‪.‬‬

‫و مراحلها ‪:‬‬ ‫السياسة المالية المتدخلة‬ ‫‪ 3‬ـ‬

‫كانت هناك عوامل عديدة أدت اىل تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي و اىل تطور السياسة املالية من سياسة مالية‬

‫حمايدة اىل سياسة مالية متدخلة و من أهم هذه العوامل ما يلي ‪:‬‬

‫‪ ) 6‬األزمات االقتصادية ‪ :‬و ال سيما الكساد الكبري الذي حدث يف الثالثينيات ‪ 6292‬ـ ‪ ، 6299‬و نتج عنه‬

‫أاثر شديدة هزت مجيع الدول اليت كانت أتخذ ابملذهب احلر ‪ ،‬فقد بينت تلك األزمة أن النشاط الفردي ليس قادرا‬

‫وحده على ضمان التوازن االقتصادي و االجتماعي و أنه البد من تدخل الدولة لتحقيق هذا التوازن‪. ¹‬‬

‫‪ ) 9‬التطور السياسي و االقتصادي و االجتماعي ‪ :‬أدى التطور الذي حلق اجملتمعات من منو الوعي القومي اىل‬

‫تدخل الدولة املتزايد ‪ ،‬و تضخم ميزانيات احلكومات إما بسبب احلروب الكبرية و إما ابنتشار الروح الدميقراطية و‬

‫مطالبة األفراد حكوماهتم بضرورة التدخل يف امليدان االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ )9‬التطور التكنولوجي ‪ :‬نظرا للتطور التكنولوجي املذهل الذي حلق هبا و الذي استلزم بدوره استثمارات ضخمة‬

‫لتنفيذها ‪ ،‬و هي جد مكلفة و ال تدر عائدا مباشرا ميكن أن يغطي نفقات إنشائها ‪.‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )9009‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪.97‬‬

‫‪39‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ )9‬الثورة الكينزية ‪ :‬و مردها اىل أفكار االقتصادي االجنليزي الشهري " جون مايناردكينز" و ذلك يف كتابه " النظرية‬

‫العامة للتوظيف و الفائدة و النقود " الذي صدر عام ‪ 6291‬م ‪ ،‬و قد أوضح كينز يف هذا الكتاب أن البطالة ميكن‬

‫أن توجد لفرتات طويلة ‪ ،‬و ميكن أن توجد اىل األبد ما مل تتدخل الدولة ‪ ،‬وواجه كينز نقدا شديدا لقانون "ساي" يف‬

‫األسواق و هو القانون الذي ينصرف اىل أن العرض الكلي خيلق الطلب الكلي املساوي له عند أي مستوى من‬

‫مستوايت التوظيف ‪ ،‬و أثبت عجز السياسة املالية و النقدية الكالسيكية عن حتقيق التوازن االقتصادي و احليلة دون‬

‫حدوث الد ورات االقتصادية ‪ ،‬و أوضح كينز أن هذه االزمات ليست انجتة عن عوامل خارجة عن النظام االقتصادي‬

‫إمنا هي وثيقة الصلة به ‪ ،‬و طالب بضرورة تدخل الدولة لتقضي على البطالة و ترتفع ابلطلب الفعال عند مستوى‬

‫التوظيف الكامل ‪.‬‬

‫كما أوضح " كينز " وجود الكثري من التناقص بني املصلحة الفردية و مصلحة اجملتمع ‪ ،‬فالفرد يسعى اىل حتقيق‬

‫املنفعة اخلاصة ليس دائما ذو سلوك رشيد فقد خيطئ أكثر مما يصيب ‪ ،‬فتدخل الدولة يف بعض النشاطات يكون‬

‫أكثر رشدا و تسعى لتحقيق املنفعة العامة أكثر من املنفعة اخلاصة ‪.‬‬

‫و نتيجة هلذه العوامل و هذا التطور الذي ح دث يف الفكر ‪ ،‬أدى اىل توسع نشاط الدولة و أصبح تدخلها أمر‬

‫مقبوال ‪ ،‬و وجود بعض احلاالت اليت أصبح الزما القيام هبا كالقيام ابخلدمات االقتصادية أو االجتماعية ابإلضافة اىل‬

‫وظائفها األساسية ‪ ،‬و اختلفت ابلتايل السياسة املالية اليت حتقق اهداف اجملتمع و من أهم مالمح هذه املرحلة ‪:‬‬

‫ـ انتقد احلياد املايل للدولة و اصبح مطلواب و ضروراي تدخلها يف النشاط االقتصادي عن عمد و ذلك لضمان‬

‫االستقرار و ضمان استمرار التنمية ‪.‬‬

‫ـ رفض الفكر احلديث فكرة التوازن احلسايب مليزانية الدولة و استخدام اساليب التمويل ابلعجز أو الفائض وفقا‬

‫ملتطلبات النشاط االقتصادي ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 4‬ـ أهداف و مزايا السياسة المالية ‪:‬‬

‫اصبح من الضروري بعد اتساع دور الدولة يف النشاط االقتصادي ان تعمل احلكومة على ان يتناسق نشاطها مع‬

‫نشاط االفراد وينسجم معه وتوحد االهداف واجلهود وال تتعاض أو تتنافس ولذل اصبح لزاما على السياسة املالية ان‬

‫تعمل على حتقيق التوزان يف جوانب االقتصاد القومي ‪ ،‬ومن بني اهداف السياسة املالية ‪ :‬جند منها‬

‫التوازن املايل ‪ :‬ويقصد به استخدام موارد الدولة على احسن وجه فينبغي مثال ان يتسم النظام الضرييب ابلصفات‬

‫اليت جتعله يالئم حاجات اخلزانة العامة حيث املرونة والغزارة ‪ ،‬ويالئم يف الوقت ذاته مصلحة املول من حيث عدالة‬

‫التوزيع ومواعيد اجلباية واالقتصاد وما اىل ذلك ‪ ،‬وايضا ال تستخدم القروض اال ألغراض انتاجية وهكذا‪.‬‬

‫التوازن االقتصادي ‪ :‬مبعىن الوصول اىل حجم االنتاج االمثل ‪ ،‬وهذا يعين انه يتعني على احلكومة ان توازن بني‬

‫نشاط القطاعني اخلاص والعام للوصول اىل اقصى انتاج ممكن ‪ ،‬فكلما كانت املشروعات اخلاصة اقدر على االنتاج‬

‫من املشروعات العامة ‪ ،‬كلما وجب على احلكومة ان متتنع عن التدخل املباشر وان تقصر نشا طها على التوجيه‬

‫بواسطة االعاانت والضرائب اذا دعت احلاجة اىل ذلك ‪ ،‬وينبغي اال تقل النافع اليت حيصل عليها اجملتمع من االنفاق‬

‫احلكومي عن تلك اليت كان ميكن احلصول عليها لو ظلت املوارد يف ايدي االفراد ويتحقق التوازن بني القطاعني العام‬

‫واخلاص عندما يصل جمموع املنافع الناجتة عن املنشآت اخلاصة و النفقات معا اىل أقصى حد مستطاع ‪ ،‬أي عندما‬

‫يصل جمموع الدخل القومي اىل حده األقصى ‪ ،‬أو بعبارة أخرى يتحقق هذا التوازن عندما جند أن املنافع احلدية‬

‫الناجتة ع ن النشاط االقتصادي للحكومة يتعادل مع املنافع احلدية اليت تقتطعها احلكومة بتحصيل إيراداهتا من األفراد‬

‫‪ ،‬فالتوازن هنا بعين استغالل إمكانيات اجملتمع على أحسن وجه للوصول اىل حجم االنتاج األمثل ‪¹‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬عبد املطلب عبد احلميد ( ‪ )9009‬السياسات االقتصادية على مستوى االقتصاد القومي ( حتليل كلي) ـ الطبعة األوىل ـ جمموعة النيل العربية ـ القاهرة‬
‫ـ ص ‪ 99‬و ‪. 97‬‬

‫‪41‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫التوازن االجتماعي ‪ :‬مبعىن أن يصل اجملتمع اىل أعلى مستوى ممكن من الرفاهية لألفراد يف حدود إمكانيات هذا‬

‫اجملتمع و ما تقتضيه العدالة االجتماعية ‪ ،‬و ابلتايل ال ينبغي أن تقف السياسة املالية عند حد زايدة االنتاج ‪ ،‬بل جيب‬

‫أن يقرتن هذا اهلدف بتحسني طرق توزيع املنتجات على األفراد ‪ ،‬إذ ميكن زايدة املنافع اليت حيصل عليها اجملتمع من‬

‫مقدار معني من املنتجات عن طريق إعادة توزيعها على األفراد توزيعا أقرب اىل العدالة (أو املساواة) ‪.‬‬

‫و يستلزم ذلك أن تتدخل احلكومة إلعادة توزيع الدخل القومي أبدوات السياسة املالية ‪.‬‬

‫التوازن العام ‪ :‬أي التوازن بني جمموع االنفاق القومي (نفقات االفراد لالستهالك و االستثمار ابإلضافة اىل نفقات‬

‫احلكومة ) و بني جمموع الناتج القومي ابألسعار الثابتة يف مستوى يسمح بتشغيل مجيع عناصر االنتاج املتاحة ‪ ،‬و‬

‫االدوات اليت تستخدمها احلكومة كثرية و متنوعة للوصول اىل هذا اهلدف و أمهها الضرائب و القروض و االعاانت و‬

‫االعفاءات و املشاركة مع االفراد يف تكوين املشروعات و غريها ‪.‬‬

‫هذا مع مالحظة أنه قد يكون هناك تعارض واضح بني هذه االهداف ‪ ،‬و قد ال ميكن جتنبه ‪ ،‬و لكن هناك ترتيب‬

‫منطقي لألهداف املذكورة جيب أن يؤخذ يف االعتبار ‪ ،‬فاملفروض أن هتدف السياسة املالية اىل حتقيق التوازن العام أوال‬

‫‪ ،‬مث تسعى اىل توفري التوازن االقتصادي ‪ ،‬مث يلي ذلك التوازن االجتماعي على شرط أن ال خيل هذا اهلدف ابحلجم‬

‫االمثل لإلنتاج ‪ ،‬و أخريا اهلدف املايل و تدبري موارد الدولة على أحسن وجه مع مراعاة مقتضيات هدف االستقرار و‬

‫الظروف املالئمة لإلنتاج االمثل و العدالة االجتماعية ‪.‬‬

‫جند أيضا مزااي السياسة املالية و الصعوابت اليت تواجهها ‪:‬تتميز السياسة املالية إبتباع و تنوع جماالت أتثريها يف الدول‬

‫النامية ابلذات ‪ ،‬لذا ميكن عن طريق السياسة املالية التأثري على ‪:‬‬

‫حجم االستثمار بصورة عامة و االستثمار يف السلع الرأمسالية بصورة خاصة و ذلك عن طريق زايدة االنفاق احلكومي‬

‫و االعفاءات أو االمتيازات الضريبية اليت متنح الستثمارات يف جماالت معينة دون غريها ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫مدى وفرة و كفاءة املؤسسات اخلدمية اليت تزود املواطنني مبا حيتاجونه من خدمات تختلفة و ابلتايل فاهنا تلعب دورا‬

‫هاما يف حتديد مستوى الرفاه االقتصادي و االجتماعي يف الدولة ‪.‬‬

‫مدى وفرة فرص العمل للمواطنني و أتمني حصوهلم على حد أدىن للدخل حيقق هلم مستوى معيشي مناسب ‪.‬‬

‫التأثري على تنويع مصادر الدخل القومي بتنويع جماالت استثمار الفوائض املالية املتحققة و عدم االعتماد على مصدر‬

‫واحد كأساس للدخل القومي كما هو احلال يف الدول العربية النفطية ‪.‬‬

‫أما ابلنسبة للصعوابت اليت تواجه السياسة املالية ‪ :‬تعدد املراحل و اخلطوات احلكومية الرمسية الالزمة اللخاذ القرار‬

‫و تنفيذه ‪ ،‬مما يؤدي اىل الطول النسيب للفرتة الزمنية بني التعرف على االجراء املناسب و إقراره مث وضعه موضع التنفيذ‬

‫‪ ،‬و عندما يتحقق ذلك فعال رمبا يكون قد حصل تغري يف الظروف اليت الخذ القرار من أجلها حبيث يصبح غري‬

‫مناسب يف الظروف اجلديدة ‪.‬‬

‫إجراءات السياسة املالية مرتبطة بسنة مالية كاملة ‪ ،‬و جمموعة االجراءات تكون متكاملة مع بعضها البعض مما قد‬

‫يتطلب تعديل بعضها أو إعادة النظر يف بقية االجراءات االخرى املتعلقة ابألبواب املختلفة للموازنة العامة للدولة‬

‫و هذه الصعوبة متثل قيدا كبريا يعوق دون توفر املرونة الكافية لتعديل أو تغيري بعض ابواب املوازنة العامة وفقا لظروف‬

‫أو معطيات اقتصادية جديدة طارئة ‪.‬و بشكل عام تتوقف أمهية السياسة املالية يف الدول النامية على مدى تطور‬

‫األجهزة االدارية احلكومية و على مدى اإلدراك و الوعي للوضع االقتصادي و املشاكل اليت يواجهها االقتصاد القومي‬

‫‪ ،‬إضافة لالعتبارات السياسية و االجتماعية داخل الدولة ‪.‬‬

‫ــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬حممود حسني الوادي ( ‪ )9060‬املرجع السابق ـ ص ‪. 625‬‬

‫‪43‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪:‬‬ ‫إمكانيات السياسة المالية المعاصرة‬ ‫‪ 5‬ـ‬

‫اجلديد يف امكانيات السياسات املالية املعاصرة يف جمال إعادة توزيع الدخول نفرتض أن اختبارات التناسق قد أمجعت‬

‫على رفض هيكل التوزيع القائم و حتديد اهليكل املالئم لتوزيع الدخل القومي ‪ ،‬و هنا تكمن املهمة يف كيفية حتقيق‬

‫هذا ا هليكل املالئم ‪ ،‬أو مبعىن أدق يف امكانية التحول من هيكل الدخل القائم اىل هيكل الدخل املستهدف‬

‫ابستخدام وسائل و أدوات السياسة املالية ‪.‬‬

‫لقد دأبت السياسات املالية التقليدية على تصميم وسائلها و استخدام أدواهتا يف جمال اعادة توزيع الدخول على‬

‫مستوى التجميعي ‪ ، Macro‬فاستخدمت ضرائب الدخل التصاعدية امسا دون تفرقة مثال بني دخول امللكية و‬

‫دخول العمل أو دون تفرقة بني قطاعات النشاط االقتصادي أو بني املناطق اجلغرافية ‪ ،‬و عجزت االدارة الضريبية عن‬

‫متابعتها فسهل التهرب منها ‪ ،‬و قلت فاعليتها و حاولت عالج الفقر بزايدة االعفاءات الضريبية فرتكزت غالبية‬

‫املمولني يف منطقة االعفاء و انعدمت فاعلية السياسة الضريبية ‪ ،‬و جلأت اىل اعفاء العديد من السلع و اخلدمات من‬

‫الضرائب غري املباشرة ابعتبارها سلعا ضرورية ينبغي إعفائها من الضرائب حىت تصل أبسعار يف متناول أيدي الطبقات‬

‫الفقرية ‪ ،‬فاستفادت من ذلك الطبقة الغنية قبل الفقرية ‪ ،‬و جلأت يف سياستها االتفاقية اىل دعم بعض السلع و‬

‫اخلدمات لتصل اىل أيدي األغنياء و الفقراء على السواء على أحسن الفروض ‪.‬‬

‫و حاولت رفع مستوى الدخل احلقيقي للطبقات الفقرية فاحتلت اخلدمات الصحية و التعليمية للجميع دون التفرقة‬

‫ح ىت بني مستوايت دخول املنتفعني ‪ .‬فجاءت سياسات االنفاق االستثماري العام خلوا من أي حماولة لتحقيق عدالة‬

‫التوزيع ‪ ،‬تلك كانت أخطاء السياسات املالية التقليدية يف جمال إعادة توزيع الدخول ‪.¹‬‬

‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )9009‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪. 999‬‬

‫‪44‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫أم ا اجلديد يف السياسات املالية فهو ضرورة رمسها و تصميم حمتوايهتا على املستوى اجلزئي ‪ Micro‬فلو دلت‬

‫البياانت املتاحة و الدراسات التحليلية اليت أجريت أن سوء توزيع الدخل امنا يرجع اغلبه اىل التخلف االقتصادي‬

‫الحد أو بعض املناطق ( االقاليم ‪ ،‬احملافظات) اجلغرافية فعلى السياسة املالية أن تركز أسلحتها و خططها على هذه‬

‫املناطق اجلغرافية دون غريها ‪ ،‬و لو دلت البياانت أن أغلب أفراد الطبقات الفقرية امنا ترتبط مبهمة معينة أو بنشاط‬

‫اقتصادي معني (العمال الزراعيني) أو مبرحلة عمرية معينة (أصحاب املعاشات) فينبغي تصميم السياسة املالية (االيراد‬

‫و االنفاق) اليت تصل اىل هذه الطبقات املباشرة ‪.‬‬

‫فالفكر احلديث يف السياسات املالية يرفض التعميم سواء يف تشخيص املشاكل أو يف رسم السياسات ‪ ،‬و يؤمن أبن‬

‫كل حالة هي نسيج وحدها ‪ ،‬و أن تصميم السياسة املالية املثلى لعالج كل حالة سهل و حمقق مىت توافرت البياانت‬

‫و االحصاءات العلمية الالزمة لتشخيص االسباب احلقيقية للمشكلة و األاثر االقتصادية الالزمة لتحقيق أهداف‬

‫اجملتمع ‪ ،‬و ال شك أن تصميم السياسات املالية على هذا املستوى اجلزئي يقلل من تكلفة السياسة املالية و يضاعف‬

‫من فاعليتها ‪.‬‬

‫اال أن تصميم مثل هذه السيا سات املالية املثلى يتطلب االحاطة التامة و املتعمقة ابملستوايت و املراحل املختلفة اليت‬

‫ميكن فيها استعمال أدوات السياسة املالية إلعادة توزيع الدخل ‪ ،‬و امكانيات هذه االدوات املالية و فاعليتها يف كل‬

‫مرحلة من املراحل ‪ ،‬هذا ال ينبغي استعمال كافة األدوات السياسة املالية و كافة املراحل و املستوايت من أجل ذلك‬

‫‪ ،‬يبقى على مصمم السياسات املالية عبء اختيار و تنسيق تلك اجملموعة من االدوات يف تلك املراحل و املستوايت‬

‫اليت جيدها كفيلة بتحقيق اهليكل املستهدف أبقل التكاليف و األاثر اجلانبية املمكنة ‪ ،‬و دون تعارض بني هذا اهلدف‬

‫و أهداف اجملتمع االخرى ‪ ،‬و ميكن تقسيم تلك املستوايت اليت ميكن للسياسات املالية أن تؤثر فيها على هيكل‬

‫توزيع الدخول اىل أربع مستوايت ‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫أ ـ التأثري على الدخول االمجالية ‪ :‬ملا كان الدخل االمجايل للفرد يتوقف على عاملني سعر الوحدة من عناصر‬

‫االنتاج و على مقدار ما ميتلكه الفرد و يرغب يف عرضه من وحدات هذه العناصر االنتاجية ‪ ،‬فان تغيري من هذين‬

‫العاملني بناء على تدخل احلكومة بسياساهتا املالية سوف يؤدي اىل تغيري حجم الدخول االمجالية لألفراد ‪ ،‬و من مت‬

‫اعادة توزيع الدخل القومي وفقا للهيكل املستهدف ‪.‬‬

‫و حتديد سعر لكل وحدة من عناصر االنتاج امنا يتوقف على العديد من العوامل اليت حتدد قوى العرض و الطلب يف‬

‫أسواق السلع و اخلدمات االنتاجية ‪ ،‬و ال شك ان مدى تدخل احلكومي يعد من بني هذه العوامل احملددة لقوى‬

‫العرض و الطلب يف السوق ‪ ،‬و من مت يف سعر الوحدة ‪ ،‬فالدولة يف ممارستها ألنشطتها االقتصادية املكلفة هبا البد م‬

‫أن تتواجد يف أسواق السلع و اخلدمات االنتاجية على كل من جانيب العرض و الطلب ‪ ،‬و هكذا يصبح من‬

‫البديهي القول أبن تغيري درجة التدخل احلكومي ( ابلزايدة و النقص) على أي من جانيب العرض أو الطلب البد و‬

‫أن يؤدي اىل تغيري سعر الوحدة من عنصر (أو عناصر) االنتاج ‪.‬‬

‫لو افرتضنا ان اهليكل املستهدف لتوزيع الدخول يتطلب لخفيضا نسبيا لدخول االرض و راس املال ‪ ،‬فقد تلجأ‬

‫السياسة املالية اىل التأثري على جانب العرض هلذه العناصر االنتاجية عن طريق عرض مساحات شاسعة من أراضي‬

‫الدولة ل لبيع أو التأجري (تغيري يف ايرادات الدومني العام) فتؤدي اىل لخفيض سعر الوحدة من هذا العنصر االنتاجي و‬

‫ابلتايل الدخل االمجايل ملالكه ‪ ،‬كما تستطيع أن تقرر اعفاء اآلالت و املعدات و االصول الرأمسالية املستوردة من‬

‫الضرائب اجلمركية (تغيري يف السياسة الضريبية ) فتؤدي اىل تدفق هذه العناصر االنتاجية للسوق مع بقاء العوامل‬

‫االخرى على ما هي عليه و لخفيض سعر الوحدة منها ‪.‬‬

‫أما اذا كان اهليكل املستهدف يتطلب منا العمل على زايدة دخول بعض العمال غري املهرة( يف االجل القصري على‬

‫االقل) فقد تلجأ الدولة اىل زايدة الطلب احلكومي نس بيا على هذا العنصر االنتاجي (تغيري يف السياسة االنفاقية) و‬

‫‪46‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫استخدامه يف االعمال اليت تتناسب مع درجة مهارهتم ( بعض أعمال البناء ‪ ،‬رصف الطرق ‪...‬اخل) كما تلجأ الدولة‬

‫يف نفس الوقت اىل اعادة برامج التدريب و التأهيل إلكساهبم درجات أعلى من املهارة و االتقان ‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق إبمكانية تدخل الدولة للتأثري على مقدار ما ميتلكه الفرد من وحدات هذه العناصر االنتاجية (ابلنقص‬

‫أو ابلزايدة) فال شك أن لضرائب الثروة أبنواعها املختلفة و يف مقدمتها ضرائب الرتكات يف املسامهة يف حتقيق اهليكل‬

‫املستهدف ‪.‬‬

‫ب ـ التأثري على الدخول الصافية ‪ :‬و يف هذا املستوى حتاول السياسات املالية أن تعيد توزيع الدخول بعد أن مت‬

‫توزيعها وفقا لقوى السوق و بعد أن مت لعناصر االنتاج حتقيق دخول امجالية معينة ‪ ،‬أي أن السياسة املالية هنا تتدخل‬

‫يف املرحلة ما بني استحقاق الدخل االمجايل للفرد و بني ما يقبضه فعال كدخل متاح ‪ ،‬و يعترب هذا املستوى هو اجملال‬

‫التقليدي الستخدام السياسات املالية يف اعادة توزيع الدخول ‪ ،‬و تسيطر سياسات الضرائب املباشرة أو مبعىن أدق‬

‫ضرائب الدخل على هذا املستوى ‪ ،‬و لقد ركزت السياسات املالية التقليدية كما رأينا على ضرائب الدخل التصاعدية‬

‫مع اعفاء حد أدىن ملستوى املعيشة كسالح أساسي لتحقيق عدالة التوزيع ‪.‬‬

‫أما اجلديد يف السياسات املالية على هذا املستوى فهو يف امكانية استخدام ضرائب الدخل التمييزية لتحقق أتثريها‬

‫على املستوى اجلزئي ‪ ،‬فقد تكون املعاملة التمييزية لضرائب الدخل وفقا ملصدر الدخل ‪ ،‬و قد تكون املعاملة التمييزية‬

‫لضرائب الدخل وفقا للمهمة أو النشاط االقتصادي ( داخل نطاق الضريبة النوعية الواحدة) الذي يزاوله املمول ‪ ،‬و‬

‫قد يكون االختالف يف املعاملة الضريبية وفقا للمنطقة اجلغرافية التابع هلا املمول ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ج ـ التأثري على استعماالت الدخول ‪ :‬من املعروف أن الفرد مىت حصل على دخل صايف فانه يسعى اىل استعمال‬

‫هذا الدخل املتاح يف االنفاق منه على نواحي االستهالك و االدخار املختلفة ‪ ،‬و على هذا املستوى حتاول‬

‫السياسات املالية أن تعيد توزيع الدخول احلقيقية عن طريق التغيري يف حجم السلع و اخلدمات االستهالكية اليت‬

‫‪47‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫حيصل عليها الفرد من الطبقات املختلفة ‪ ،‬و يتم هلا ذلك عن طرقني رئيسيني ‪ ،‬استخدام االسعار التمييزية ملنتجات‬

‫القطاع العام و فرض الضرائب (غري مباشرة) على بعض أنواع السلع و اخلدمات االستهالكية ‪.‬‬

‫من املمكن أن متتد هذه السياسات املالية لتشمل الرسوم التمييزية لبعض اخلدمات العامة اىل جانب االسعار‬

‫التمييزية ملنتجات شركة القطاع العام فتقاضى امثاان تختلفة ( درجة أوىل و اثنية و اثلثة ‪...‬اخل) بفروق ال تتناسب مع‬

‫فروق اخلدمة بوسائل النقل العام ‪ ،‬و متييز أسعار توريد املياه و التيار الكهرابئي وفقا للمنطقة اجلغرافية ‪ ،‬و اختالف‬

‫ا مثان اجراء العمليات اجلراحية يف املستشفيات العامة وفقا حلجم الدخل و احلالة االجتماعية ‪ ،‬و التمييز يف قيمة‬

‫الرسوم التعليمية وفقا للمنطقة اجلغرافية و دخل االسرة ‪ ،‬و التمييز يف قيمة االجيار الشهري ملساكن الدولة وفقا حلجم‬

‫الدخل أو املهنة او املنطقة ‪...‬اىل غري ذلك ‪ ،‬أمثلة إلمكانيات السياسة املالية يف اعادة توزيع الدخول عن طريق‬

‫التأثري على استعماالت الدخل ‪.‬‬

‫أما ابلنسبة للسلع و اخلدمات االستهالكية اليت ينتجها القطاع اخلاص فان السياسات املالية تستطيع أن تصل اىل‬

‫نفس النتائج اليت وصلت اليها ابلتمييز السعري ملنتجات القطاع العام عن طريق فرض الضرائب أبسعار تختلفة على‬

‫هذه السلع و اخلدمات االستهالكية ‪ ،‬و كثريا ما است خدمت هذه الوسيلة يف السياسات املالية التقليدية ‪ ،‬ففرضت‬

‫الضرائب املرتفعة على السلع الكمالية ‪ ،‬و أعفيت أو خفضت أسعار الضرائب على السلع الضرورية ‪ ،‬و كانت‬

‫املشكلة االساسية اليت تواجه املصممني للسياسات املالية هي التعرف على معيار موضوعي للتفرقة بني السلع‬

‫الكمال ية و السلع الضرورية ‪ .‬أما جوهر املشكلة احلقيقية ابلنسبة للسياسات املالية احلديثة يف جمال اعادة توزيع‬

‫الدخول فهي نفس املشكلة اليت تواجه التمييز السعري و ضماانت جناحة ‪ ،‬أي دراسة االمناط االستهالكية للطبقات‬

‫املختلفة و التوصل اىل بعض املتغريات اليت ميكن ربط الضريبة التمييزية هبا ‪ ،‬فلو ربطت الضريبة مبتغري خاطئ الدت‬

‫عمليات اعادة البيع بني املستهلكني اىل فشل السياسة املالية يف حتقيق أهدافها ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬السياسة المالية ومسؤوليةالدولة‪:‬‬

‫الدولة تنظيم اجتماعي يهدف اىل حتديد العالقة بني الفئات أو الطبقات االجتماعية احلاكمة و بني الفئات احلاكمة‬

‫و بني الفئات االجتماعية احملكومة ‪.‬‬

‫و بتتبع دور الدولة يف اجملتمع و أهدافها يف اجملال االقتصادي ‪ ،‬يتضح لنا أن الدولة تقوم بنشاط مايل جوهره حصول‬

‫الدولة على موارد نقدية و إنفاقها ‪ ،‬و هو نشاط ال يقصد لذاته و إمنا هو وسيلة الدولة للقيام ابخلدمات اليت تشبع‬

‫احلاجات العامة ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ دور الدولة في النشاط االقتصادي و السياسة المالية ‪:‬‬

‫خيتلف دور الدولة من جمتمع رأمسايل اىل جمتمع اشرتاكي ‪،‬و بتغيري من دولة متخلفة عنه يف دولة متقدمة‪:‬‬

‫حيث أن يف الفكرالرأمسايل يقوم التنظيم االقتصادي على ترك جهاز السوق للقيام مبهمة االنتاج و لخصيص املوارد من‬

‫أجل اشباع احلاجات االنسانية ‪ ،‬و لكن تتدخل الدولة ابلرقابة و االشراف و االعاانت و االنتاج من أجل تصحيح‬

‫الدور الذي يقوم به السوق ‪.‬‬

‫األصل يف هذا النظام أن يقوم النشاط اخلاص إبشباع احلاجات االنسانية ‪ ،‬و تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية ال‬

‫يكون بديال عنه ‪ ،‬بل مكمال له من أجل عالج عيوب السوق ‪ ،‬و من هنا يضيق نطاق احلاجات العامة يف هذه‬

‫اجملتمعات ‪.‬‬

‫جند أيضا يف الفكر االشرتاكيتتوىل الدولة عن طريق مشروعاهتا العامة مهمة االنتاج ‪ ،‬و لخصيص املوارد إلشباع‬

‫تختلف احلاجات ‪ ،‬و تقتصر مهمة السوق على املساعدة يف توجيه املوارد طبقا ملتطلبات اخلطة و من هنا يتسع‬

‫مفهوم و نطاق احلاجات العامة يف هذه اجملتمعات ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ـ أما يف النظم املالية فإننا جند دور الدولة يف توجيه االنتاج و لخصيص املوارد تتحدد ابعتبارات تقتاضيها ضرورات‬

‫التنمية االقتصادية ‪ ،‬و لذا جند نطاق احلاجات العامة يف هذه اجملتمعات أكثر اتساعا منها يف اجملتمعات الرأمسالية ‪ ،‬و‬

‫أقل اتساعا منها يف اجملتمعات االشرتاكية ‪.‬‬

‫مع بداية القرن العشرين تطور دور الدولة تطورا جوهراي من الدولة احلارسة اىل دور الدولة املتدخلة مث اىل الدولة‬

‫االشرتاكية ‪ (¹‬تعرضنا اليها يف املبحث األول ضمن أشكال الدولة ) ‪.‬‬

‫فبالنسبة للدولة احلارسةساد مفهومها يف القرن السابع عشر و الثامن عشر يف ظل سيادة أفكار النظرية الكالسيكية‬

‫اليت كانت تبىن على أساس ترك النشاط االقتصادي لألفراد دون تدخل من الدولة ‪ ،‬أي احلرية االقتصادية لألفراد ‪،‬‬

‫أي يف ظل ما يسمى ابملذهب احلر هي مسري و حمرك للنشاط االقتصادي ‪ ،‬و قد يرتتب على ذلك عدد من النتائج‬

‫لعل من أمهها ‪:‬‬

‫أن وظيفة الدولة هو القيام فقط أبعمال االمن و احلماية و العدالة و الدفاع و احلمالت العسكرية ‪ ،‬و ال مانع من‬

‫إقامة بعض املرافق العامة ‪ ،‬أي تقف حارسة للنشاط االقتصادي دون التدخل يف األلية اليت يعمل هبا ‪.‬‬

‫أن املبدأ السائد يف جمال املالية العامة للدولة هو مبدأ احلياد املايل أي حتديد اإليرادات اليت ميكن احلصول عليها ‪،‬‬

‫للوفاء ابلتزامات الدولة ألداء وظيفتها دون احلصول على أكثر من ذلك ‪.‬‬

‫ـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عبد املطلب عبد احلميد (‪ )9009‬املرجع السابق ـ ص ‪ 92‬و ‪. 90‬‬ ‫‪¹‬ـ‬

‫‪50‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫أن هدف السياسة املالية و النظام املايل هو إحداث توازن مايل فقط و ترك التوازن االقتصادي و االجتماعي يتحقق‬

‫من خالل يد خفية توفق بني مصاحل االفراد و مصاحل اجملتمع ‪ ،‬و يفهم من ذلك أن دور الدولة يف النشاط‬

‫االقتصادي يكاد ال يذكر ‪.‬‬

‫أما الدولة املتدخلة اتضح من تطور األوضاع االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬ضرورة التخلص من مفهوم الدولة احلارسة ‪،‬‬

‫و حل حمله مفهوم الدولة املتدخلة ‪ ،‬و خاصة بعد أن سادت العامل األزمة االقتصادية الكربى ‪ ،‬أو الكساد العاملي‬

‫الكبري عام ‪ 6292‬و ما بعدها (‪ 6292‬ـ ‪ ، ) 6299‬يف نفس الوقت اليت برزت فيه النظرية الكينزية اليت قامت على‬

‫أساس ضرورة تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي إبقامة بعض املشروعات اليت حترك النشاط االقتصادي من الركود‬

‫الذي قد حيدث يف أوقات معينة ‪ ،‬و يتم حتريك هذا النشاط من خالل االنفاق العام ابعتباره املضخة اليت تنشط‬

‫الدورة الدموية للنشاط االقتصادي ‪ ،‬و يف ظل فشل مذهب ترك احلرية الكاملة لألفراد للقيام ابلنشاط االقتصادي ‪،‬‬

‫و من انحية أخرى أن من املصلحة العامة القيام ببعض املشروعات و اليت يتعذر على األفراد القيام هبا ‪ ،‬و قد يرتتب‬

‫على ذلك عدة نتائج هي ‪:‬‬

‫أن وظيفة الدولة تغريت ‪ ،‬حيث أصبح هلا دور متزايد يف النشاط االقتصادي و االجتماعي ‪ ،‬ابإلضافة اىل الوظائف‬

‫التقليدية للدولة اليت كانت موجودة مثل األمن و احلماية و العدالة و إقامة املرافق التقليدية ‪.‬‬

‫أن املبدأ السائد يف جمال املالية العامة للدولة هو التخلي عن احلياد املايل ‪ ،‬ليحل حمله مفهوم املالية الوظيفية و الذي‬

‫يقر بضرورة حتديد االنفاق العام املطلوب أوال و الذي حيقق أهدافا أكثر من اهلدف املايل فقط ‪ ،‬و ال مانع من أن‬

‫يتحدد إنفاق أكرب من االيرادات العامة ‪ ،‬و ابلتايل من املسموح به حدوث عجز يف املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬و للدولة‬

‫لكي تواجه ذلك أن تقوم ابحلصول على القروض العامة " التمويل ابلعجز " أو تقوم إبصدار نقود جديدة ‪ ،‬أو‬

‫ابلعكس ابللجوء اىل تكوين احتياطي مايل ملواجهة أعباء مستقبلية عن طريق احلصول على االيرادات أكرب من‬

‫االنفاق ‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫ان هدف السياسة املالية و النظام املايل هو إحداث توازن مايل ‪ ،‬و أيضا إحداث التوازن االقتصادي ‪ ،‬و التوازن‬

‫االجتماعي ‪ ،‬من خالل التدخل إلهناء حالة الكساد أو معاجلة التضخم ‪ ،‬و إعادة توزيع الدخل ‪.‬‬

‫و يفهم من ذلك أن دور الدولة يف النشاط اال قتصادي قد ازداد بصورة كبرية للغاية ‪ ،‬و ابلتايل أصبحت مالية الدولة‬

‫ذات وزن كبري ‪.‬‬

‫أما ابلنسبة الدولة االشرتاكية و دورها يف النشاط االقتصادي ففي ظل الدولة االشرتاكية مل تعد الدولة مسؤولة عن‬

‫هذا التوازن فحسب بل أصبحت تقوم أساس ابإلنتاج و التوزيع كما حتددها اخلطة االقتصادية ‪.‬‬

‫و يف ظل اجملال االجتماعي تعمل الدولة على القضاء على الفروق الكبرية بني الدخول ‪.‬‬

‫و قد اقتضى هذا التطور الذي حلق بدور الدولة تطور املبادئ و السياسات املالية و التأثري يف نظرية النفقات العامة و‬

‫االيرادات العامة و امليزانية العامة ‪ ،‬فحينما أ صبح الدولة مسؤولة عن التوازن االقتصادي و االجتماعي مل يعد فرض‬

‫النفقات العامة مقصورا على الوظائف التقليدية ‪.‬‬

‫اىل جانب ذلك كانت هتدف اىل التأثري على الدخل القومي و كيفية توزيعه بني الطبقات الفقرية مما يضمن ارتفاع‬

‫الطبقات ذات الدخل احملدود ‪ ،‬و مل تصبح نظرية االيرادات العامة مقصورة على تغطية النفقات العامة بل أصبحت‬

‫هتدف ابإلضافة اىل ذلك حتقيق قدر من التقارب بني الدخول و الثروات ‪ ،‬أو حماربة التضخم ‪ ،‬أو تكوين احتياطي‬

‫يف املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫قد يتطلب حتقيق هذا التوازن أحداث عجز يف امليزانية و ذلك اباللتجاء اىل القروض أو اإلصدار النقدي اجلديد ‪.‬‬

‫و مل يصبح هدف امليزانية العامة هو ضمان التوازن املايل ‪ ،‬بل أصبحت هتدف اىل حتقيق التوازن االقتصادي و‬

‫االجتماعي ‪ ،‬و حىت اقتضى األمر اخلروج على مبدأ توازن امليزانية ‪.‬‬

‫بذلك أصبح مربرا أن تلجأ الدولة اىل القروض دون التمسك مبربراهتا التقليدية و هي تلك اليت تتمثل يف النفقات‬

‫العامة غري العادية ‪ ،‬أو بغرض التخفيف من عبئ الديون العامة ‪.‬و حينما أصبحت الدولة تتوىل االنتاج و التوزيع (‬

‫الدولة االشرتاكية ) زادت الكميات املالية بصفة مطلقة ‪ ،‬و أيضا نسبتها اىل الدخل القومي ‪ ،‬فأصبح رأس املال العام‬

‫و االيرادات العامة و النفقات العامة و امليزانية العامة تستوعب على التوايل نسبة مرتفعة من رأس املال القومي و‬

‫االنفاق القومي و امليزانية كما أخدت الدولة ابخلطة املالية و اعتربت امليزانية العامة جزء منها ‪.‬و تتجه الدولة االن اىل‬

‫التحول اىل القطاع اخلاص هبدف لخفيف العبء عن كاهل الدولة يف إدارة و تشغيل الوحدات االقتصادية العامة و‬

‫التقليل من فاقد املوارد االقتصادية و إفساح اجملال أما املنافسة احلرة بني املنتجني احملليني ‪.¹‬‬

‫ــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )9005‬أثر السياسات املالية الشرعية يف حتقيق التوازن املايل يف الدولة احلديثة ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ـ ص ‪ 90‬و ‪96‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 2‬ـ السياسة املالية و مسؤولية الدولة عن توجيه النشاط االقتصادي خلدمة التنمية املتوازنة ‪:‬‬

‫كما ذكران عن دور الدولة يف اجملال االقتصادي حلقه الكثري من التطورات ‪ ،‬ففي القرنني املاضيني ظهر ما يسمى‬

‫ابلدولة احلارسة و هي ما تعرف أيضا بدولة املذهب الفردي احلر ‪ ،‬و هي تلك اليت يقتصر دورها على الدفاع و على‬

‫إقامة العدل و القيام ببعض األعمال العامة ‪ ،‬و اليت ال يكفي دخلها لتغطية نفقاهتا ‪.‬‬

‫ل قد احنصر دور الدولة يف هذا النظام املايل على احلصول على االيرادات املالية الالزمة لتغطية النفقات التقليدية ‪ ،‬و‬

‫اصبح دور امليزانية هو ضمان حتقيق التوازن بني االيرادات العامة العادية و النفقات العامة العادية ‪ ،‬و رفض االلتجاء‬

‫اىل عجز امليزانية ‪ ،‬أي اىل القروض لتغطية النفقات العادية ‪ ،‬و ذلك الن العجز هو خيصص لتغطية نفقات‬

‫استهالكية ضار ابالستثمار و يؤدي اىل حدوث تضخم ‪.‬‬

‫فالنظرية التقليدية إذا تؤمن أبن قوة السوق كفيلة بتحقيق التوازن التلقائي لالقتصاد ‪ ،‬و ينجم عن ذلك ضرورة عدم‬

‫تدخل الدولة عن طريق االقرتاض و إال أخلت هبذا التوازن ‪ .‬و بيان ذلك أن االنتاج خيلق طلبا مساواي له من انحية ‪،‬‬

‫و من انحية يتجه حنو التشغيل الكامل أو الشامل ‪ ،‬بفضل حرية حتركات األمثان و انتقال عناصر االنتاج يف ظل‬

‫نظام يسوده احلرية و املنافسة ‪.¹‬‬

‫و ملن تطور دور الدولة من دولة حارسة اىل دولة متدخلة وسع يف نطاق نشاط الدولة فأصبحت مسؤولة عن التوازن‬

‫االقتصادي و االجتماعي ‪ ،‬هذا مع احرتام امللكية الفردية و مع ترك عملية االنتاج بصفة أساسية للنشاط اخلاص‬

‫على أن تقوم الدولة ابلتدخل الذي يلزم إلقامة التوازن ‪.‬‬

‫ـــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )9005‬املرجع السابق ـ ص ‪600‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪54‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫فتدخل الدولة يف جمال االنفاق العام يكون مفيدا و حمققا أل كرب قدر من املنافع العامة ‪ ،‬إذ كانت تكاليف التدخل‬

‫ابلنسبة للجماعة أقل من الفوائد اليت حتصل عليها منه ‪.‬‬

‫و يف جمال االقرتاض العام فان الفكر املايل احلديث يقوم بعدم صحة التوازن التلقائي اليت تقوم هبا النظرية التقليدية ‪،‬‬

‫فاالقتصادايت الرأمسالية عرفت أزمات كثرية تتطلب تدخل الدولة من أجل إعادة التوازن ‪ ،‬و ذلك عن طريق نفقاهتا‬

‫العامة ‪ ،‬و لذلك فإن التجاء الدولة اىل القروض العامة ال خيل بفكرة التوازن التلقائي يف النظرية التقليدية ‪ ،‬بل‬

‫تستخدم القروض العامة كأداة اقتصادية لتوجيه االقتصاد ملنع تقلباته العنيفة ‪.‬‬

‫ابلنسبة للتمويل التضخمي فإن الفكر املايل احلديث يقوم بعدم صحة الفرضيات اليت تقوم عليها نظرية التوازن‬

‫التلقائي ‪ ،‬ذلك الن االقتصادايت الرأمسالية ال تعرف حالة التشغيل الكامل كما كانت تفرتض النظرية التقليدية ‪ ،‬بل‬

‫على العكس من ذلك تعرف هذه البالد ميال حنو نقص التشغيل و البطالة نتيجة لوجود فجوة بني الطلب الفعلي و‬

‫حجم االنتاج املمكن بل تزداد هذه الفجوة اتساعا‪ ،‬و تصل اىل حد األزمة و تتمثل يف افراط االنتاج و يف بطالة كبرية‬

‫‪.‬‬

‫أمام هذا الوضع بوجوب تدخل الدولة بغرض تنشيط الطلب الفعلي ‪ ،‬و ذلك عن تعويض النقص يف الطلب اخلاص‬

‫بزايدة الطلب العام خاصة الطلب االستثماري و هو ما يستتبع زايدة االنفاق العام ‪ .‬و من مت فإن نظرية االيرادات ‪،‬‬

‫تبعا لتطور تبعا لتطور دور الدولة من احلارسة اىل متدخلة ‪ ،‬مل تعد مقصورة على تغطية النفقات العامة ‪ ،‬بل أصبحت‬

‫هتدف اىل حتقيق قدر من التقارب بني الدخول و الثروات و حماربة التضخم ‪ ،‬اندى به " كينز "‪.‬‬

‫أما امليزانية العامة فلم يصبح هدفها ضمان التوازن املايل ‪ ،‬بل اصبحت هتدف اىل حتقيق التوازن االقتصادي و التوازن‬

‫االجتماعي ‪ ،‬حىت و لو اقتضى األمر اخلروج على مبدأ توازن امليزانية ‪ ،‬و بذلك أصبح مربرا أن تلجأ الدولة اىل‬

‫‪55‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫القروض دون التمسك مبربراهتا التقليدية ‪ ،‬كم ا أصبح مربرا االلتجاء اىل االصدار النقدي اجلديد بغرض متويل النفقات‬

‫العادية ‪ ،‬أو بغرض التخفيف من عبء الديون العامة ‪.‬‬

‫و كان من أثر ذلك أن الفكر املايل املعاصر أخد ينادي بتحقيق التوازن العام أبحد طريقتني ‪:‬‬

‫األوىل ‪ :‬ما يعرف مبيزانية الدورة االقتصادية ( التضخم و االنكماش) ‪ ،‬فامليزانية ابعتبارها أداة من أدوات السياسة‬

‫املالية للدولة توضع مبا حيقق للدولة وفرة يف االيرادات ‪ ،‬و ذلك عن طريق زايدة معدل االقتطاع الضرييب ‪ ،‬و التقليل‬

‫من حجم النفقات العامة ‪ ،‬حىت تتمكن احلكومة من امتصاص القوة الشرائية الزائدة أبيدي األفراد ‪ ،‬مث االحتفاظ‬

‫هبذه الزايدات أو الفائض يف االيرادات يف صندوق خاص لإلنفاق يف وقت الكساد ‪ ،‬و و ذلك إذا االقتصاد القومي‬

‫يف حالة تضخم ‪.‬‬

‫أما إن كان مير حبالة كساد أو انكماش ‪ ،‬فإن ميزانية الدولة توضع مبا حيقق الزايدة يف الطلب الكلي الفعال بشقيه‬

‫االنتاجي و االستهالكي ‪ ،‬و من املتصور حتقيقا خفض معدل االستقطاع الضرييب ‪ ،‬و زايدة حجم االنفاق العام حىت‬

‫ميكن إعادة التوازن و االنتعاش اىل االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬العجز املنظم يف امليزانية ‪ ،‬و هو أسلوب األسلوب األكثر إتباعا يف تواقع عملي ‪ ،‬و مقتضاه أنه يف أوقات‬

‫الكساد يتع ني على الدولة خفض االستقطاع الضرييب من دخول و ثروات االفراد اىل أدىن حد ممكن ‪ ،‬و تقدمي‬

‫االعانة لألفراد و املشروعات و تنشيط الطلب الكلي على سلع و خدمات االنتاج الكلي حىت تصل اىل مرحلة‬

‫التشغيل الكامل ‪ ،‬و من مت إعادة التوازن اىل االقتصاد القومي ‪ ،‬فإن االمر و احلالة هذه يوحي بنقص املوارد العامة‬

‫عن تغطية وجوه االنفاق املطلوبة للخروج من حالة الكساد ‪ ،‬و لكي تتوصل الدولة اىل إنفاق مبالغ فعلية تزيد عن‬

‫حجم إيراداهتا العادية احملصلة ‪ ،‬فال بد هلا من اتباع طريقة العجز املنظم يف امليزانية يف امليزانية أي متويل العجز يف‬

‫املوارد العادية عن حجم االنفاق املطلوب عن طريق اإلصدار النقدي اجلديد أي التمويل ابلتضخم ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .3‬مدى تكامل السياسات املالية و االقتصادية و االجتماعية لتحقيق التوازن املايل العام ‪:‬‬

‫من اهم عوامل جناح السياسة املالية املعاصرة هو مراعاة األبعاد االجتماعية االقتصادية لألدوات املالية ‪ ،‬و ذلك‬

‫بتحقيق التكامل بني السياسات املالية و االقتصادية و االجتماعية و عدالة توزيع االنفاق العام بني األقاليم ‪ ،‬و ترتيب‬

‫أولوايت األنفاق العام و لخصيص بعض املوارد املالية العامة لنفقات معينة مع وحدة امليزانية العامة و فرض رقابة‬

‫شديدة على االنفاق العام و الالمركزية يف االدارة املالية ‪.‬‬

‫ـ العدالة يف توزيع املال العام كأداة لتحقيق التوازن املايل العام خلدمة التنمية املتوازنة ‪ :‬لقد استغرقت أحباث العدالة‬

‫جزءا كبريا من الدراسات املالية يف الفكر الوضعي منذ ظهور املالية العامة احلديثة على يد أدم مسيت غري أن هذه‬

‫األحباث كانت تركز على حتقيق العدالة بني املواطنني أمام األعباء العامة أي العدالة يف توزيع أعباء االنفاق العام و‬

‫ليس يف توزيع االنفاق العام بني املواطنني و هو ما يعرف يف الفكر الوضعي ابلعدالة الضريبية ‪ ،‬و لقد شغل هذا املبدأ‬

‫أذهان املفكرين من علماء املالية العامة و االقتصاد منذ زمن بعيد بل منذ بدأ فرض الضريبة و اعتبارها فريضة الزامية‬

‫على االفراد ‪.‬و التحليل االقتصادي ملفهوم العدالة الضريبية يتحدد على النحو التايل ‪:¹‬‬

‫العدالة الضريبية األفقية*‪ :‬و هي تعين املعاملة املتساوية لألشخاص يف الظروف املشاهبة و املعاملة النسبية املالئمة‬

‫لألشخاص يف الظروف املتباينة ‪ ،‬فالعدالة االفقية تفرتض أن األفراد ذوي القدر املتساوي من القدرة على الدفع جيب‬

‫أن يتحملوا ضرائب متساوية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )9005‬املرجع السابق ـ ص ‪696‬‬ ‫‪¹‬‬


‫* العدالة األفقية ‪:‬ويقصد هبا إخضاع أو مماثلة امللزمني ذوي الوضعيات االقتصادية املماثلة معاملة مماثلة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫أما العدالة الضريبية الرأسية* ‪ :‬فتفرتض أن األشخاص ذوي الظروف املتمايزة يف القدرة على الدفع جيب أن يدفعوا‬

‫معايري تختلفة من الضريبة ‪ ،‬و لعل الفكر التقليدي لدراسة العدالة يف توزيع االنفاق العام بني املواطنني ‪ ،‬يرجع اىل أن‬

‫االنفاق العام لديهم جيب قصره على تسيري مرافق الدولة الضرورية و خدمات هذه املرافق من النوع الذي ال يقبل‬

‫التجزئة و امنا حيقق املنفعة العامة جلميع املواطنني و ابلتايل يالحظوا عدم ضرورة دراسة العدالة هبذا املعىن‪¹.‬‬

‫أضف اىل ذلك أن إمهال املالية التقليدية لدراسة أاثر االنفاق العام مما دعا ريكاردو يعتقد أن النفقات العامة ضياع و‬

‫إسراف و أهنا ال تستحق حىت جمرد الدراسة ‪ ،‬و مل ينادي الفكر املايل ابستخدام النفقات العامة كوسيلة لتحقيق‬

‫العدالة يف توزيع الدخل القومي بل أنه كان يرى أن استخدام املال العام يف االنفاق على األغراض االجتماعية له أاثر‬

‫سيئة على احلياة االقتصادية و ذلك عند اقتطاع جزء من مداخيل األغنياء لزايدة دخول الفقراء إمنا يقلل من قدرة‬

‫األغنياء على االدخار و االستثمار و يعوق التقدم االقتصادي ‪.‬‬

‫ابلتايل نستخلص أن الفكر التقليدي مل يهتم بدراسة العدالة يف توزيع االنفاق العام اىل جانب اعرتاضه و انكاره‬

‫الستخدام االنفاق العام يف حتقيق عدالة توزيع الدخل القومي ‪.‬‬

‫أما الفكر املايل احلديث الذي أبرز األاثر االجتماعية و االقتصادية لإلنفاق العام فإنه قد اهتم كذلك إببراز دور‬

‫العدالة يف توزيع الدخل القومي كشرك من شروط حتقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية العامة ‪.‬‬

‫احلقيقة أن ذلك مل أييت رغبة من العدالة يف حد ذاهتا ‪ ،‬و إمنا جاء كوسيلة حلفظ اجملتمع بعد أن أصبحت الطبقات‬

‫الفقرية ذات أتثري فعال على جمرايت األمور السياسية و االقتصادية ‪.‬‬

‫ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )9005‬املرجع السابق ـ ص ‪696‬‬ ‫‪¹‬‬


‫*العدالة العمودية ‪:‬وتقتضي التشخيص والتصاعد ىف حتصيل الضريبة عن طريق حتميل اصحاب الدخول املرتفعة عبئا اكرب من املنخفضة‪ ،‬أي معاملة امللزمني‬
‫ذوي الوضعيات االقتصادية غري املماثلة معاملة غري مماثلة ؛‬

‫‪58‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫فقضى هذا االصالح على سيطرة الطبقة الغنية على التشريع و أزال ما كانت حتصل عليه من مزااي من االنفاق العام ـ‬

‫غري أنه شوهد عقب هذا االصالح اجتاه يرمي اىل خفض مرتبات كبرية و رفع مرتبات صغرية ملا هلذه االخرية من قوة‬

‫انتخابية يعتديها يف نصر حزب على أخر فتنافست االحزاب و حكوماهتا يف رفع مرتبات الوظائف الصغرية إضرارا‬

‫خبزانة الدولة و على حساب الوظائف الكبرية ‪.‬‬

‫ما سبق يت ضح لنا أن توزيع االنفاق العام يف الفكر الوضعي مل جير على سنن العدالة ‪ ،‬سواء يف الفرتة اليت سيطرت‬

‫فيها الطبقة الغنية على الربملان ‪ ،‬أو الفرتة اليت أصبحت فيها لغريها من الطبقات أتثري كبري عليها ‪ ،‬و ان كانت الفرتة‬

‫الثانية شهدت توزيعا أقرب اىل العدالة من الفرتة األوىل حيث أجربت الدولة على أن لخصص بعض األموال لألغراض‬

‫االجتماعية املختلفة مع متويلها من الضرائب التصاعدية لتقليل الفوارق بني الطبقات ‪ ،‬و حتقيق نوع من العدالة يف‬

‫توزيع الدخل القومي ‪.‬‬

‫فالفكر الوضعي التقليدي يرى أن االنفاق على األغراض االجتماعية يضر ابالقتصاد القومي ‪ ،‬و من مث جيب البعد‬

‫عنه ‪ ،‬اما الفكر االشرتاكي فريى يف ظل مبادئه يف التوزيع أن لكل حسب قدرته و لكل حسب عمله ‪.‬‬

‫أما الفكر الرأمسايل احلديث فقد اعرتف ابحلاجة كسبب من أسباب استحقاق املال العام حتت ضغط الظروف‬

‫االجتماعية و االقتصادية ‪ ،‬فأقرتب بذلك من حتقيق العدالة يف توزيع املال العام ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .4‬أثر السياسة املالية يف حتقيق الالمركزية يف نشاط االدارة املالية العامة‪:‬‬

‫العدالة االقليمية يف توزيع االنفاق العام مطلب أساسي لتحقيق التوازن املايل العام ‪ ،‬ذلك ألهنا تقيم جمتمعا تتقارب‬

‫مستوايت أقا ليمه ‪ ،‬و تنعدم فيه الظاهرة اليت كثريا ما تشاهد يف البالد املتخلفة من وجود إقليم معني يكاد أن ينفصل‬

‫متاما عن واقع البلد ‪ ،‬حيث يستأثر مبعظم اخلدمات و ترتكز فيه مظاهر الرقي و التقدم فيكون أشبه من جزيرة من‬

‫التقدم وسط حبر من التخلف الذي حييطه من مجيع اجلهات ‪ ،‬متمثال يف األقاليم اليت حرمت من نصيب عادل من‬

‫االنفاق العام ‪ ،‬إن االثر االقتصادي من هذه العملية هو اختالل عملية التنمية االقتصادية فال تسري سريا متوازاي ‪ ،‬أما‬

‫النمو املتوازن يف احناء الدولة و بني أقاليم البلد الواحد يضاعف من خطى التقدم و يعطي عملية النمو دفعا اىل االمام‬

‫نتيجة للتكامل احلقيقي الذي يقوم بني أقاليم الدولة فيفيد بعظها البعض فيحدث توزيع مرموق يف حجم السوق‬

‫احمللي األمر الذي يشد من قوى النمو و حتركها حنو األمام ‪.¹‬‬

‫فسياسة االنفاق العام إذن جيب أن تعمل على توزيع االستثمار على القطاعات االقتصادية املختلفة ‪ ،‬فال تركز على‬

‫قطاع دون قطاع ‪ ،‬و ذلك ألن تركيز االستثمار العام على القطاعات يف جماالت النشاط اخلدمي دون جماالت‬

‫النشاط االقتصادي املادية ‪ ،‬خاصة قطاعي الزراعة و الصناعة يعمل على إجياد مناخ خصب النتعاش التضخمية يف‬

‫االقتصاد بسبب زايدة الدخول مبعدل أكرب من زايدة العروض من السلع من انحية ‪.‬‬

‫كما أنه يؤدي اىل زايدة االعتماد على العامل اخلارجي يف الوفاء ابلعديد من السلع املطلوبة ‪ ،‬مما يزيد من مشكلة‬

‫العجز يف ميزان املدفوعات ‪.‬‬

‫ــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد حلمي الطوايب (‪ ، )9005‬املرجع السابق ـ ص ‪679‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪60‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫يعد االختالل احلادث بني منو القطاعات االقتصادية املختلفة اليت يتكون منها االقتصاد القومي أحد االختالالت‬

‫اهليكلية املسببة للضغوط التضخمية يف البالد املتخلفة أو دول العامل الثالث ‪ ،‬و ذلك أن هذا االختالل يؤدي يف‬

‫النهاية اىل االختالل يف التوازن بني العرض احلقيقي للسلع و اخلدمات و بني الطلب عليها ‪.‬‬

‫لذا فإن املسار الصحي لعملية التنمية يتطلب أن يكون هناك تناسبا معقوال بني النمو الذي حيدث يف جماالت‬

‫النشاط االنتاجي املادي الذي حيدث يف القطاعات اخلدمية و التوزيعية ‪.‬‬

‫فحىت يتحقق النمو املتوازن ال بد من حتقيق مستوى معقول من النمو يف تختلف القطاعات السلعية و اخلدمية و حنو‬

‫ذلك ‪.‬‬

‫فغالبية املشروعات اليت تنفذ يف احملليات لخطط و متول و تنفذ من جانب احلكومة املركزية و يقتصر دور السلطات‬

‫احمللية على املشروعات الصغرية ‪.‬‬

‫و عالجا هلذا الوضع و ضماان لفاعلية االستثمار العام يف حتقيق التنمية املتوازنة لكافة أقاليم الدولة يتعني إعادة النظر‬

‫يف تقسيم البالد اىل أقاليم لخطيطية على أساس اقتصادي و حبيث يكون كل إقليم وحدة اقتصادية متكاملة تعد هلا‬

‫خطة مستقلة يف ضوء املوارد املتاحة من حيث الكم و النوع و األهداف االنسانية اليت حتدد لألقاليم على أن تكون‬

‫هذه اخلطة املستقلة متكاملة و يف إطار اخلطة العامة للتنمية االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫و من األمور اهلامة اليت ترتبط ابلالمركزية يف اإلدارة املالية لخصيص إيراد معني ملشروعات معينة ‪ ،‬و هو ما تؤمن به‬

‫االجتاهات احلديثة يف املالية العامة استثناء من قاعدة عدم التخصيص ‪ ،‬كقاعدة من قواعد امليزانية العامة ‪ ،‬فإذا كان‬

‫التجاء احلكومة اىل القروض الوطنية لتمويل املشروعات بوجه عام قد ال جيذب اجلماهري فعليها إذن أن تقوم‬

‫بتخصيص قروض كل إقليم ملشروعات هذا االقليم حىت يقبل املواطنون على املسامهة فيها ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫كذلك فإن القروض األجنبية ألغراض التنمية جيب أن تكون تخصصة ملشروعات معينة حىت ميكن تقدير مدى‬

‫مسامهاهتا يف التنمية و هذا معناه ضرورة التحرر من قاعدة عدم التخصيص ‪.‬‬

‫و يرى ضرورة إتباع مبدأ التخصيص على مستوى مجيع اإليرادات سعيا وراء رفع كفاءة االستفادة ابملال العام و هو‬

‫يقرتح ‪ :‬أن لخصص الضرائب املباشرة لنفقات تسيري املرافق العامة حىت يهتم دافعو الضرائب هبذه املرافق و يعملوا على‬

‫املطالبة برفع مستوى ما تقدمه من خدمات اليت متنح للمنتجني يف بعض فروع االنتاج الضروري للطبقات الفقرية‬

‫"هنري لوفان برجر"‪.‬‬

‫مما تقدم يتضح لنا أمهية الالمركزية يف االدارة املالية كأداة لتحقيق التنمية املتوازنة ‪ ،‬ال سيما أن املشاكل االقتصادية‬

‫اليت تواجه البالد ال ميكن أن حتل على مستوى املركزي ‪ ،‬و ال ميكن أن تعاجل بدون مشاركة احملليات ‪ ،‬و حتقيق التوازن‬

‫الدقيق ‪ ،‬و إدراك أمهية التنمية املتوازنة ملعاجلة تختلف املشكالت السياسية و االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫خالصة الفصل األول ‪:‬‬

‫من خالل الفصل املتعلق ابلسياسة املالية ( استعراض نظري ) ‪ ،‬ميكن استخالص مما سبق أن تدخل الدولة يف‬

‫النشاط االقتصادي انعكس على السياسة املالية اليت عرفت تطورا كبريا ‪.‬‬

‫‪ ‬تلعب السياسة املالية دورا كبريا يف تختلف النظم االقتصادية ‪ ،‬ففي النظام االشرتاكي تسعى اىل حتقيق التنمية‬

‫االقتصادية يف حني تتجه يف النظم الرأمسالية اىل حتقيق االستقرار ألن تدخل الدولة يف هذا النظام أقل منه نوعا ما‬

‫يف النظام األول غري أنه ميكن القول أن السياسة املالية يف كال النظامني تسعى اىل حتقيق هدف مشرتك و هو حتقيق‬

‫التنمية االقتصادية و االجتماعية املرغوبة ‪.‬‬

‫‪ ‬ففي العصر القدمي كانت السياسة املالية حمايدة ‪ ،‬شأهنا يف ذلك شأن الفكر الذي تعمل من خالله و كانت تشمل‬

‫مرافق حمدودة ‪ ،‬أما يف العصر احلديث أصبحت السياسة املالية متدخلة يف كافة اجملاالت ‪ ،‬و ذلك بسبب التطورات‬

‫االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ ‬و من جهة أخرى جند السياسة املالية املعاصرة شهدت تطورات جوهرية أين أصبحت أداة دولة لتوجيه االنتاج و‬

‫االشراف على النشاط االقتصادي دون تعرضه ملراحل الكساد و الرواج اليت تعصف به بني حني و االخر ‪.‬‬

‫‪ ‬اتضح لنا أن السياسة املالية ذات أمهية ابلغة ‪ ،‬و ذلك من خالل أدواهتا و ما هلا من أتثري على مجيع التغريات‬

‫االقتصادية ‪ ،‬كما متثل االداة اليت تستخدمها احلكومة ملعاجلة املشكالت االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و هذا لتحقيق‬

‫التوازن االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫السياسة المالية ( استعراض نظري )‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬أن تطور دور الدولة و تعدد وظائفها انعكس على توازن املوازنة ‪ ،‬حيث مل يعد يقتصر على اقامة معادلة متعادلة‬

‫بني النفقات الالزمة لتسيري مصاحل الدولة من جهة ‪ ،‬و بني االيرادات الضريبية من جهة أخرى ‪ ،‬و امنا أصبح له‬

‫عالقة ابجلانب االقتصادي ‪ ،‬و من مث مل يقتصر النظر على التوازن الرقمي للموازنة ‪ ،‬بل تعدد ألية عمل السياسة‬

‫املالية لتحقيق التوازن األكرب من خالل أدواهتا املالية ‪ ،‬و املتمثلة يف السياسة االنفاقية و السياسة اإلرادات ابإلضافة‬

‫اىل املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬و أخريا أن مصطلح السياسة املالية كان و ال يزال حمطة أنظار املهتمني ابحلياة االقتصادية كوهنا من أدوات الدولة‬

‫للتدخل و التحكم و كذا التوجيه ملختلف قطاعاهتا هبدف حتقيق التوازن على املستوى الداخلي و اخلارجي و من مث‬

‫التوازن االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن املوضوع الذي نتناوله يف هذا الفصل هو أدوات السياسة املالية ‪ ،‬فمفهوم السياسة املالية تتعلق أساسا ابإلجراءات‬

‫و القرارات اليت تستخدمها السلطات املالية لتجديد النشاط املايل للدولة ‪ ،‬و أيضا األدوات اليت متكنها من التدخل‬

‫يف النشاط االقتصادي و حتديد امكانية أتثريها على مجيع املتغريات االقتصادية ‪ ،‬و هذا يعين أن السياسة املالية تعين‬

‫استخدام احلكومة االيرادات العامة ‪ ،‬االنفاق العام و املوازنة العامة من أجل حتقيق االستقرار االقتصادي ‪ ،‬و حتقيق‬

‫العدالة االجتماعية يف اطار حتقيق أهداف التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫ملا كانت االيرادات العامة و النفقات العامة و املوازنة العامة العناصر الثالثة الرئيسية حملو النشاط االقتصادي و املايل‬

‫للدولة تكون يف نفس الوقت االدوات الرئيسية لرسم و تنفيذ السياسة املالية للدولة ‪ .‬و عليه سوف نعرض يف هذا‬

‫الفصل املتضمن أدوات السياسة املالية ‪ ،‬النفقات العامة للدولة يف املحبث األو أما املحبث الثاين اإليرادات العامة‬

‫للدولة ـ أما فيما خيص املحبث الثال املوازنة العامة ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول ـ النفقات العامة للدولة ‪:‬‬


‫يلعب االنفاق العام دورا حامسا يف التنمية االقتصادية ‪ ،‬فمن خالله حتافظ احلكومات على اهلوية الوطنية ‪ ،‬و توفر‬

‫الحبنية االساسية الالزمة للتنمية ‪ ،‬و تؤثر معدالت التنمية و يف توزيع منافعها و هتيئة اخلدمات االجتماعية الالزمة‬

‫للوفاء ابالحتياجات االساسية للسكان و تظهر النفقات العامة للدولة عادة يف أحد جانيب املوازنة العامة ‪ ،‬و توضح‬

‫قراءة أرقام هذه النفقات مدى أمهية السياسة االنفاقية و االمهية النسحبية لعناصر هذه النفقات يف اجملتمع ‪.‬‬

‫النفقة هي محبلغ نقدي خيرج من الذمة املالية للدولة أو أحد تنظيماهتا بقصد حتقيق حاجة عامة ‪ ،‬و من خال هذا‬

‫التعريف يتحبني لنا أن للنفقة عناصر ثالثة ‪:‬‬

‫ـ الصفة النقدية للنفقة العامة ‪ :‬العنصر األو من عناصر النفقة هو استعما محبلغ من النقود مثنا ملا حتتاج إليه الدولة‬

‫من خدمات أو مواد أو إنشاءات أو غريها من الوظائف اليت تقوم الدولة أبدائها ‪ ،‬و هذه الصفة مييزها عما كانت‬

‫تتحبعه الدو قدميا من استعما املواطنني و إلزامهم أبداء خدمات عامة بدون مقابل " نظام السخرة " ‪.‬‬

‫ـ صفة القائم ابإلنفاق ‪ :‬العنصر الثاين من عناصر النفقة العامة هو صدورها من الدولة أو أحد ‪.‬‬

‫ـ تنظيماهتا كوحدات احلكم احمللي و غريها ‪ ،‬و خيضع هلا أيضا املشاريع التجارية اليت تنفق عليها الدولة بقصد حتقيق‬

‫الربح ما دامت ختضع إلشراف اجلهاز االداري للدولة ‪.‬‬

‫ـ هدف النفقة العامة ‪ :‬العنصر ا لثال من عناصر النفقة يتمثل يف اهلدف الذي تنشده النفقة العامة و هو إشحباع و‬

‫تلحبية احلاجات العامة كاألمن و االستقرار و احلماية من العدوان الداخلي و اخلارجي و غريها ‪ ،‬فال بد أن هتدف‬

‫النفقة اىل حتقيق مصلثة عامة فال تصرف ملنفعة فرد بعينه أو أفراد معينني ‪ ،‬كتلك اليت كانت تصرف يف املاضي‬

‫لنفقات امللوك و حفالهتم اخلاصة ‪ ،‬و مما مييز النفقة العامة يف الوقت احلايل أهنا البد أن توافق عليها السلطة التشريعية‬

‫‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 1‬ـ تقسيم النفقات العامة ‪:‬‬

‫أدى التطور الذي حلق ابلدولة من دولة حارسة اىل دولة متدخلة مث اىل دولة منتجة اىل تعدد نشاطاهتا االقتصادية ‪ ،‬و‬

‫من مث اىل زايدة نفقاهتا و تنوعها ‪ ،‬و من مث فقد تعددت التقسيمات للنفقات العامة ‪ ،‬و لكن ميكن إرجاعها اىل‬

‫معايري تشرتك كل جمموعة منها يف معيار خاص ‪.‬‬

‫أ) املعايري الغري االقتصادية لتقسيم النفقات العامة ‪ :‬هناك عدة معايري ال تستند على أسس اقتصادية أمهها ‪:‬‬

‫ـ التقسيم على أساس التكرار الدورحيينما تكرر النفقة كل فرتة زمنية معينة كسنة أو أشهر فهو إنفاق عادي مثل‬

‫املرتحبات و املعاشات و صيانة الطرق ‪ ،‬أما عندما تصرف النفقة لظروف غري عادية تنتهي بزواهلا فهو إنفاق غري عادي‬

‫مثل احلروب و الكوارث و الزالز و غريها ⁽‪.⁾¹‬‬

‫ـ التقسيم على أساس طحبيعة اهليئة اليت تقوم ابإلنفاق عندما تقوم الدولة ابإلنفاق على مرافق يعم نفعها مثل األمن و‬

‫الدفاع و القضاء فهذا يسمى إنفاق قوميا ‪ ،‬أما عندما يكون االنفاق على سكان إقليم معني كمرافق املاء و الغاز و‬

‫الكهرابء فهذا يسمى إنفاقا حمليا ‪.‬‬

‫ـ التقسيم تحبعا لطحبيعة اهلدف من اإلنفاق ‪:‬عندما يكون اهلدف من االنفاق على مرافق إشحباع حاجات عامة للمجتمع‬

‫فهذا يسمى إنفاق التخصيص ‪ ،‬أما عندما يكون اهلدف هو إعادة توزيع الدخل فهذا يسمى إنفاقا توزيعيا ‪ ،‬و حينما‬

‫يكون اهلدف حتقيق استقرار االقتصاد فهذا يسمى إنفاقا استقراراي ‪.‬‬

‫ب ) تقسيم النفقات العامة اليت تستند اىل معايري اقتصادية ‪ :‬ينقسم االنفاق العام تحبعا الستخدام القوة الشرائية‬

‫اىل النفقات حقيقية و نفقات حتويلية ‪ ،‬فالنفقات احلقيقية تتمثل يف استخدام الدولة للقوة الشرائية حي ينتج عنها‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬هشام مصطفى اجلمل ( بدون سنة ) ـ دور السياسة املالية يف حتقيق التنمية االجتماعية ـ دار الفكر اجلامعي ـ االسكندرية ص ‪ 481‬و ‪. 481‬‬

‫‪67‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حصوهلا على سلع و خدمات منتجة مثل نفقات مرفق الدفاع و القضاء و التعليم و الصثة و غريها ‪ ،‬و النفقات‬

‫التثويلية هي اليت بدون مقابل أي ال أتخذ الدولة يف مقابلها سلعا و ال خدمات مثل االعاانت و املساعدات‬

‫االجتماعية اليت تدفعها الدولة للمرضى و العجزة و العاطلني ‪.‬‬

‫تقسيم النفقات العامة تحبعا لعالقتها ابلناتج القومي و الدخل القومي اىل ‪:‬‬

‫ـ نفقات إجيابية ‪ :‬و هي اليت يطلق عليها نفقات االنتاج و تتضمن املحبالغ اليت تنفقها الدولة يف سحبيل إنتاج السلع و‬

‫اخلدمات اليت تعود ابلنفع على اجملتمع و مثاهلا نفقات تسيري املرافق العامة كالقضاء و التعليم ‪.‬‬

‫‪ .‬النفقات السلحبية ‪ :‬و هي تلك املحبالغ اليت تقتطع من الناتج القومي مثل النفقات العسكرية و نفقات خدمة الدين‬

‫اخلارجي ‪.‬‬

‫ـ النفقات احملايدة ‪ :‬و هي اليت ال تؤثر على مقدار الثروة القومية و ال على مستوى الناتج القومي و الدخل القومي‬

‫مثل النفقات االجتماعية ‪ ،‬و االعاانت اليت تقدمها الدولة للمشروعات االنتاجية ‪.‬‬

‫ج ) تقسيم النفقة وفقا لعالقتها ابقتصاد السوق ‪:‬‬

‫ـ نفقات عامة ال عالقة هلا ابلنظام االقتصادي و هي تلك املحبالغ الالزمة لوجود الدولة و مثاهلا نفقات الدفاع اخلارجي‬

‫و العالقات اخلارجية ‪.‬‬

‫ـ نفقات عامة تلزم لوجود اقتصاد السوق ‪ ،‬مثل نفقات القضاء و الشرطة ‪ ،‬فهما يساعدان على محاية سلطة احلكومة‬

‫و حيميان أرواح األفراد و ممتلكاهتم و يضمنان استقرار التعامل يف السوق ‪.‬‬

‫ـ نفقات عامة تكمل اقتصاد السوق ‪ ،‬و هذه هتدف اىل إشحباع احلاجات اليت كان ميكن للنشاط اخلاص أن يشحبعها ‪،‬‬

‫و لكنه ال يقدم عليها نظرا لكثرة تكاليفها أو ألهنا ال تدر رحبا يتناسب مع تكلفتها ‪ ،‬مثل النفقات على مشروعات‬

‫استصالح األراضي و غرس الغاابت و مد خطوط السكك احلديدية ‪.‬‬

‫ـ نفقات متثل تصثيثا ألوضاع اقتصاد السوق ‪ ،‬مثل نفقات مرفق التعليم و الصثة ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ظاهرة تزايد النفقة العامة ‪:‬‬ ‫‪2‬ـ‬

‫أصحبثت ظاهرة زايدة النفقة العامة من أكثر الظواهر بروزا يف املالية احلديثة ‪ ،‬و ذلك بعد التطور الذي حلق بدور‬

‫الدولة ـ حارسة ـ متدخلة ـ منتجة ـ و ميكن إرجاع هذه الزايدة اىل عدة أسحباب منها الظاهرية و منها احلقيقية و جنملها‬

‫فيما يلي ‪: ¹‬‬

‫أ ) األسباب الظاهرية ‪:‬‬

‫ـ اخنفاض القوة الشرائية للنقود ‪ :‬يقصد ابخنفاض القوة الشرائية للنقود هو اخنفاض قوة النقود و اخنفاض وحدة النقد‬

‫على السلع و اخلدمات ‪ ،‬و هذا يرجع بدوره اىل الىارتفاع املستوى العام لألسعار ‪ ،‬مما يرتتب عليه زايدة يف النفقات‬

‫ال يقابلها زايدة يف السلع و اخلدمات ‪.‬‬

‫ـ زايدة عدد السكان أو اتساع مساحة االقليم ‪ :‬قد يكون سحبب ازدايد النفقات العامة زايدة عدد السكان أو ازدايد‬

‫مساحة االقليم و من مث زايدة اخلدمات اليت تؤدي للمواطنني كزايدة عدد املدارس و املستشفيات و غريها ‪.‬‬

‫ـ تغري الفن املايل ‪ :‬قد يكون من أسحباب زايدة النفقات العامة التغيري الذي يطرأ على املوازنة العامة للدولة كأن ختتلف‬

‫طريقة إعدادها ـ كأن كان يدرج هبا صايف االيرادات و النفقات مث صار يدرج هبا كافة املصروفات أو أن ختتلف املدة‬

‫كأن تزيد أو تقل ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬األسباب احلقيقية ‪ :‬بعد أن استعرضنا أهم األسحباب الظاهرية لإلنفاق العام نتناو أهم األسحباب احلقيقية اليت‬

‫تؤثر على زايدة اإلنفاق العام و هي ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬هشام مصطفى اجلمل ( بدون سنة ) ـ املرجع السابق ص ‪ 481‬و ‪. 481‬‬

‫‪69‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ األسباب االقتصادية ‪ :‬و من أهم األسحباب االقتصادية اليت تؤثر يف زايدة النفقة العامة ما يلي ‪:‬‬

‫زايدة الدخل القومي ال شك أن منو الدخل القومي للدولة يساعدها على فرض الضرائب على مواطنيها دون تضرر‬

‫منهم ‪ ،‬و منو الدولة االقتصادي يفرض عليها من النفقات ما تستطيع أن تواجه هبا التزاماهتا بصرف النظر عن نظامها‬

‫االقتصادي ‪.‬‬

‫التوسع يف إنشاء املشروعات العامة أدت رغحبة الدولة يف احلصو على موارد إضافية لتمويل اخلزانة العامة ‪ ،‬أو لرغحبتها‬

‫يف حماربة االحتكارات الرأمسالية ‪ ،‬أو بناء املشروعات الضخمة العمالقة اليت ال يستطيع أن يقوم هبا النشاط اخلاص‬

‫اىل زايدة نفقاهتا العامة ‪.‬‬

‫منح إعاانت للمشروعات الوطنية و ذلك حىت تستطيع تلك املشروعات منافسة املنتجات األجنحبية ‪ ،‬أو منثها‬

‫للصمود أمام منافسة تلك املنتجات يف األسواق الوطنية ‪ ،‬أو يهدف تغطية العجز الذي قد يعرتض طريقة سري هذه‬

‫املشروعات ‪ ،‬معاجلة أاثر الدورات االقتصادية يف أوقات الرخاء تزداد إيرادات الدولة فيمكنها ابلتايل أن تزيد من‬

‫نفقاهتا ‪ ،‬أما يف أوقات الكساد فتقل إيرادات الدولة و لكن من الصعب على الدولة أن تقل من نفقاهتا بدرجة كحبرية‬

‫‪ ،‬بل متد الدولة يد العون للعاطلني و غريهم للتخفيف من أاثر الركود االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ األسباب االجتماعية ‪ :‬ترتب على تغيري الفلسفة العامة للدولة و منوها االقتصادي و اجتاهاهتا حنو التنمية االقتصادية‬

‫و إنشائها للمشروعات العمالقة و اجتاهها حنو التصنيع أن ترتتب عليه من الناحية االجتماعية هجرة األيدي العاملة‬

‫من الريف اىل املدن ‪ ،‬و إنشاء جمتمعات صناعية كحبرية ‪ ،‬يلزم هلا توفري اخلدمات األساسية كالتعليم و الصثة و الثقافة‬

‫‪ ،‬و من ح االعاانت للمسنني و العجزة و الفقراء و األرامل و غريها من النفقات االجتماعية اليت أدت اىل زايدة‬

‫النفقات العامة ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ األسباب املالية ‪ :‬من األسحباب اليت أدت اىل زايدة النفقات العامة سهولة اقرتاض الدو من األفراد أو من دولة‬

‫مماثلة ‪ ،‬و ذلك للقيام ابإلنفاق العام ‪ ،‬مما يرتتب على هذه القروض من الفوائد و االقساط من زايدة النفقات العامة ‪،‬‬

‫كذلك مما يساعد على زايدة االنفاق العام وجود فائض يف اإليرادات أو ما احتياطي فيغرى احلكومة على التوسع يف‬

‫االنفاق ‪ ،‬كما يرتتب أيضا على عدم مراعاة بعض القواعد املالية كقاعدة وحدة امليزانية اىل زايدة االنفاق العام ‪.‬‬

‫ـ األسباب االدارية ‪ :‬أدى تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية أن تشعحبت وظائفها ‪ ،‬و ازداد ابلتايل عدد املوظفني‬

‫القائمني بذلك ‪ ،‬مما ترتتب عليه زايدة النفقات العامة اليت تلزم ملرتحباهتم ‪ ،‬و مع قلـةخربة املوظفني و ازدايدهم و سوء‬

‫تنظيم االداري و حرس بعض األحزاب على اجتذاب أنصار هلم كثرت الوظائف اليت ال حاجة للدولة هبا و كثرت‬

‫ابلتايل أعحباؤها و زادت النفقات العامة ‪.‬‬

‫ـ األسباب السياسية ‪ :‬أدى انتشار محبادئ و النظم الدميقراطية أن جلأت احلكومات اىل اإلسراف يف النفقات حىت‬

‫تستطيع كسب الرأي العام ‪،‬كما تقرر مسئوليتها عن أعما موظفيها غري املشروعة اىل حتمل تعويضات اليت حيكم هبا‬

‫القضاء ‪ ،‬و أدت درجة أخالق موظفيها اىل إهدار كثري من األموا نتيجة الرشوة و االختالس و عدم حرصهم على‬

‫أموا الدولة و ابلتايل زايدة االنفاق العام ‪ .‬كما أدى زايدة العالقات الدولية اخلارجية اىل زايدة درجة التمثيل‬

‫الدبلوماسي و الت جاري و االشرتاك يف املؤمترات و اهليئات الدولية و مساعدة الدولة األجنحبية الصديقة و حركات‬

‫التثرير اىل زايدة نفقاهتا ‪.‬‬

‫من ضمن األسحباب السياسة أيضا اتساع نطاق احلروب و ما يتطلب من أالت و معدات حديثة و معقدة لكسب‬

‫احلرب ‪ ،‬مث ما يرتتب على هذه احلروب من نفقات تتع لق ابلدفاع املدين و تعويض ااثر ما خلفته احلرب و غريها اىل‬

‫زايدة االنفاق العام يف الدولة ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 3‬ـ األثار االقتصادية للنفقات العامة ‪:‬‬

‫مل يعد للنظرية الكالسيكية اليت ترى أن االنفاق العام محبلغ خيتفي حالة إنفاقه و ليس له أاثر اقتصادية و اجتماعية أية‬

‫أن التطور الفكر املايل أوضح أن النفقات العامة تشكل أداة هامة من أدوات التأثري يف األوضاع‬ ‫أمهية ‪ ،‬حي‬

‫االقتصادية ‪ ،‬أي بعحبارة أخرى من أدوات السياسة االقتصادية ‪ ،‬و هو ما يدخل يف نطاق دراسة السياسة املالية ‪.¹‬‬

‫و االاثر االقتصادية للنفقات العامة قد تكون محباشرة و هي ما تعرف ابألاثر األولية لإلنفاق العام ‪ ،‬و قد تكون ااثر‬

‫غري محباشرة و هي اليت تنتج من خال ما يعرف بدوره الدخل أي أثر املضاعف و املعجل ‪ ،‬ابإلضافة اىل ذلك فان‬

‫دراسة االاثر االقتصادية للنفقات العامة تشمل أ يضا االاثر اليت تنتج من الكميات املالية ( أي املالية العامة ) و تلك‬

‫اليت تنتج يف الكميات االقتصادية (أي االقتصاد القومي) ‪ ،‬و تتوقف االاثر االقتصادية للنفقات العامة على عوامل‬

‫عديدة منها ‪ :‬طحبيعة هذه النفقات ‪ ،‬هدف النفقات‪ ،‬ـ طحبيعة االيرادات الالزمة لتمويلها ‪،‬الوضع االقتصادي السائد ‪.‬‬

‫أ ) أاثر النفقات العامة على االنتاج القومي ‪ :‬تؤثر النفقات العامة على االنتاج القومي من خال أتثريها يف حجم‬

‫الطلب الكلي الفعلي ‪ ،‬و ذلك الن النفقات اليت تنفذها الدولة تشكل جزءا مهما من هذا الطلب الذي تزداد أمهيته‬

‫كلما زاد حجم تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي و االجتماعي حي ‪:‬‬

‫ـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حممد طاقة ‪ ،‬هدى العزاوي ( ‪ )7002‬اقتصادايت املالية العامة ـ دار املسرية للنشر و التوزيع ـ عمان ـ االردن ـ الطحبعة األوىل ص ‪ 14‬و ‪. 17‬‬

‫‪72‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يعتمد االستثمار على معد سعر الفائدة و الكفاية احلدية لرأس املا ‪ ،‬و ان الكفاية احلدية لرأس املا تعتمد على‬

‫العائد املتوقع و كلفة انتاج راس املا ‪ ،‬يف حني يعتمد االنفاق احلكومي (على االستهالك و االستثمار) محبدئيا على‬

‫األرضية االقتصادية و االجتماعية و السياسية ‪ ،‬و جيوز من وقت ألخر أن تتثكم به ظروف طارئة تؤثر على القوى‬

‫االقتصادية و يتوقف هذا التأثري على درجة مرونة اجلهاز االنتاجي أو مستوى التشغيل و على درجة التنمية املتثققة‬

‫يف االقتصاد ‪.‬‬

‫و للوقوف على أتثري النفقات العامة على االنتاج القومي يتطلب األمر دراسة أاثر األنواع الرئيسية هلذه النفقات و‬

‫اليت منها ‪:‬‬

‫ـ أثر االعاانت االجتماعية على االنتاج القوميتكون هذه النفقات على شكلني ‪ :‬إما إعاانت نقدية ‪ ،‬تكون هبيئة‬

‫نفقات نقدية و من صورها إعاانت الحبطالة (الضمان االجتماعي) اعانة دور العجزة و األحداث و املحبالغ املدفوعة‬

‫لل هيئات اخلريية و العلمية ‪.‬أما إعاانت عينية بشكل سلع و خدمات ‪ ،‬و يعد االنفاق على الصثة و التعليم من اكثر‬

‫االعاانت االجتماعية العينية شيوعا ‪ ،‬و ان أثر هذه النفقات على النشاط االقتصادي و زايدة الكفاءة االنتاجية‬

‫يتضح أمهية ختصيصات النفقات العامة للخدمات التعليمية إذ تساهم يف حتسني نوعية العنصر الحبشري و زايدة‬

‫الكفاءة االنتاجية ‪.‬‬

‫ـ اثر االعاانت االقتصادية على االنتاج القومي ‪ :‬و يقصد هبا االعاانت اليت متنح اىل بعض املشروعات العامة و‬

‫اخلاصة هبدف تشجيع االستثمار و حتقيق التنمية االقتصادية ‪.‬‬

‫تقدم هذه االعاانت بصورة محباشرة كإعاانت نقدية و جتهيز هذه املشروعات ابملعدات و اآلالت الالزمة الستمرار‬

‫نشاطها االنتاجي ‪ ،‬أو بصورة غري محباشرة بشكل إعفاءات ضريحبية مما يشجع املنتجني على االستمرار ابملشروع ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و تسهم هذه االعاانت يف توزيع املشاريع قطاعيا و جغرافيا و ذلك عن طريق التوجه حنو بعض األنشطة االقتصادية‬

‫املطلوب تطويرها و توسيعها بقصد حتقيق التوازن يف النمو قطاعيا ‪ ،‬مثا ذلك االعاانت املقدمة لتشجيع بعض‬

‫املشاريع الصناعية و الزراعية و األساسية كما تستخدم مثل هذه االعاانت لتثقيق التوازن اجلغرايف للمشاريع ‪ ،‬و ذلك‬

‫عن طريق التأثري يف منط استخدام املوارد و توجيهها للتوطن يف املناطق االقل منوا‪.‬‬

‫ب ‪ .‬أثر النفقات العامة على االستهالك القومي ‪:‬مي ثل الطلب على السلع و اخلدمات االستهالكية جانيا هاما من‬

‫النفقات العامة و ابلتايل هناك أاثر محباشرة و أخرى غري محباشرة على االستهالك ‪.‬‬

‫االاثر املحباشرة و تكون من خال الزايدة األولية يف الطلب على السلع و اخلدمات االستهالكية و اليت تتمثل يف‬

‫صورتني ‪:‬‬

‫االوىل شراء الدولة للسلع و اخلدمات االستهالكية املحباشرة(االنفاق االستهالكي احلكومي) و ذلك من خال ما تقوم‬

‫به الدولة أثناء إشحباعها للثاجا ت العامة يف إنفاق قد يتخذ شكل سلع و خدمات تتعلق أبداء الوظيفة العامة و‬

‫املشروعات العامة كما يلي ‪:‬‬

‫سلع استهالكية لتمويل القوات املسلثة‬

‫ااثث و سيارات و خدمات أخرى‬ ‫نفقات شراء‬

‫سلع استهالكية بدون مقابل (تغذية الطلب)‬

‫الثانية نفقات متعلقة ابألجور و الرواتب ـ تظهر أاثر هذه النفقات عندما ختصص الدولة جزء من النفقات العامة‬

‫للرواتب و االجور ملوظفيها و عماهلا مقابل ما يؤديه هؤالء من اعما مما تؤدي اىل زايدة االستهالك و الذي بدوره‬

‫يؤدي اىل زايدة االنتاج من خال األثر الذي حيدثه املضاعف ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األاثر غري املحباشرة ‪ :‬ال تتوقف أاثر النفقات العامة عند األاثر املحباشرة و لكن تتضمن أيضا أاثر غري محباشرة متتابعة‬

‫على الدخل القومي بشقيه االستهالكي و االستثماري ‪ ،‬هذه الزايدة الناشئة عن تتابع الدخو النقدية اليت يسحبحبها‬

‫االنفاق العام و ما يصثحبه من زايدة يف الدخل القومي تتجاوز الزايدة يف االنفاق العام ‪ ،‬و هذا ما يطلق عليه‬

‫ابالستهالك املولد أي أثر املضاعف الذي ينتج استهالكا متتابعا كما يؤدي اىل زايدة يف االستثمار ‪.‬‬

‫أثر املضاعف يعين أن الزايدة األولية يف االنفاق العام تؤدي اىل زايدة تراكمية يف الدخل القومي ‪ ،‬و بذلك تؤدي‬

‫الزايدة األولية يف االنفاق العام اىل توزيع دخو جديدة تقسم بني االستهالك و االدخار يف سلسلة متتالية من الزايدة‬

‫يف االستهالك ‪.‬‬

‫و مبا أن مضاعف االنفاق ميثل العالقة بني الزايدة يف الدخل القومي و الزايدة يف االنفاق ‪ ،‬لذلك فإن الزايدة يف‬

‫الدخل القومي = ‪ 4 / 4‬ـ امليل احلدي لالستهالك = مضاعف االنفاق لدى اجملتمع ككل ‪.‬‬

‫و من أجل التعرف على االاثر غري املحباشرة للمستفيدين من النفقات العامة ال بد من معرفة صورة النفقة كالتايل ‪:‬‬

‫ـ األجور و الرواتب و االعاانت االجتماعية و متثل النفقات اليت يستفيد منها فئة ذوي الدخو احملدودة اليت تزداد‬

‫عندها أاثر املضاعف نتيجة الرتفاع امليل احلدي لالستهالك لديهم ‪.‬‬

‫ـ النفقات العامة اليت توجه للثصو على املواد األولية و السلع الرأمسالية ‪ ،‬و متثل النفقات العامة اليت تكون من‬

‫حصة ذوي الدخو املرتفعة و ابلتايل تنخفض أاثر املضاعف عندها نتيجة اخنفاض امليل احلدي لالستهالك ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج ‪ .‬أاثر النفقات العامة على الدخل و التوزيع ‪:‬‬

‫ختتلف أاثر النفقات العامة على الدخل القومي حسب طحبيعة متويل النفقة العامة ‪ ،‬حي أن النفقة املمولة عن طريق‬

‫الضرائب هلا أاثر خمالفة عن متويلها بواسطة القروض أو االصدار النقدي ‪.‬‬

‫يف حالة متويل النفقات العامة عن طريق الضرائب ‪:‬‬

‫ينخفض دخله‬ ‫يؤدي اىل اقتطاع جزء من دخل املمو‬ ‫فرض الضريحبة‬

‫فيؤثر على استهالكه و على ادخاره ‪.‬‬

‫و ختتلف أاثر الضرائب وفقا لنوعها محباشرة أو غري محباشرة فإذا فرضت ضريحبة غري محباشرة على السلع الضرورية‬

‫لالستهالك و خصصت حصيلتها لوفاء قروض الدولة فان ذلك يؤدي اىل اخنفاض حجم االنفاق الكلي و ختفيض‬

‫مستوى الدخل كما يلي ‪:‬‬

‫اقتطاع جزء من الدخل (القوة الشرائية) لطحبقة ميلها احلدي‬ ‫فرض الضريحبة على السلع الضرورية لالستهالك‬

‫نفقاهتا ‪.‬‬ ‫لالستهالك كحبري‬

‫حتويل القوة الشرائية اىل طحبقة ميلها احلدي لالستهالك‬ ‫و يف حالة ختصيص حصيلتها لسداد القروض‬

‫حتويل جزء من دخل الطحبقة الفقرية اىل الطحبقة الغنية اليت قد تكتنز هذه األموا و ال تنفقها ‪.‬‬ ‫قليل‬

‫أما يف حالة متويل النفقات العامة عن طريق القروض فيكون ‪:‬‬

‫االستثمار‬ ‫الدخل‬ ‫االنفاق‬ ‫القرض من أموا مكتنزة‬

‫االستهالك العام ‪...‬و هكذا ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما ابلنسبة ألاثر النفقات العامة على توزيع الدخل ‪ :‬إن االنفاق االم له أاثر كحبري على التوزيع الدخو و يتكامل‬

‫هذا الدور مع فرض الضرائب و يف هذا الصدد ‪ ،‬اذا كانت أيدولوجية الدولة هتدف اىل التخفيف من الفوارق الطحبقية‬

‫بني أفراد اجملتمع فإهنا تلجأ اىل فرض الضرائب يقع عحبئها االكرب على عاتق الطحبقات ذات الدخو املرتفعة كالضرائب‬

‫التصاعدية و ضرائب الرتكات و الضرائب على األرابح التجارية و الصناعية كذلك على السلع الكمالية‬

‫فالدولة اذا تفرض هذه الضرائب على الطحبقات ذات الدخل املرتفع حتاو التخفيف من الضرائب املفروضة على‬

‫الطحبقات ذات الدخل احملدود أبن تقدم اعفاءات ملستوى معني من الدخو و ان تقلل الضرائب على السلع‬

‫االستهالكية و خاصة الضرورية منها اليت يستهلكها الغالحبية العظمى من املواطنني ‪ ،‬و بنفس الوقت تفرض ضرائب‬

‫ذات سعر مرتفع على الكماليات اليت يقتنيها ذوي الدخو املرتفعة ‪.¹‬‬

‫بعد ذلك تقوم الدولة إبنفاق القسم االكرب من حصيلة هذه الضرائب لصاحل الفئات ذات الدخل احملدود عن طريق‬

‫التوسع يف التثويالت االجتماعية و املساعدات و التوسع يف اخلدمات اجملانية ‪ .‬و هكذا تعمل لصاحل اجملتمع و تعمل‬

‫على تقليل الفوارق الطحبقية ‪.‬‬

‫ــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي شهاب (‪ )4111‬ـ االقتصاد املايل ـ دار اجلامعة اجلديدة للنشر ـ دمشق ـ الطحبعة االوىل ص ‪. 11‬‬

‫‪77‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني ـ االيرادات العامة للدولة ‪:‬‬

‫أدى تدخل الدولة يف نواحي احلياة املتعددة ‪ ،‬و قيامها بتأدية اخلدمات العامة يف نواحي كثرية من احلياة ‪ ،‬اىل‬

‫احتياجها اىل العديد من مصادر االيرادات اليت تستطيع أن تليب هبا هذه االلتزامات ‪.‬‬

‫إزاء تعدد مصادر االيرادات يف النظم املالية املعاصرة فقد اختلف الحباحثون حو تصنيف هذه االيرادات و تقسيمها‬

‫‪ ،‬بناء على ما يتحبعونه من مذاهب خمتلفة ‪ ،‬سواء كانت اقتصادية أو قانونية أو مالية ‪ ،‬أو سواء من حي أسلوب‬

‫النفع العام و اخلاص و غريها من‬ ‫دورية االيرادات أو دفعها مرة واحدة ‪ ،‬أو من حي‬ ‫التثصيل ‪ ،‬أو من حي‬

‫التقسيمات اليت اتحبعوها ‪ ،‬و نظرا هلذه االختالفات يف تقسيم االيرادات سوف نقتصر يف تقسيمها من الناحية املالية‬

‫اىل أنواع ثالثة على النثو التايل ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ االيرادات الضريبية ‪:‬‬

‫تعترب الضرائب املورد االساسي الذي تستند عليه السلطات العامة يف متويل نفقاهتا العامة ‪ ،‬و ان طحبيعة الضرائب و‬

‫أهدافها قد تطور عرب تطور النظم السياسية و االقتصادية و تطور اجلوانب االجتماعية ‪.¹‬‬

‫حتتل الضرائب املرتحبة االوىل من مصادر ايرادات الدولة املعاصرة سواء يف النظم الرأمسالية ‪ ،‬أو يف النظم االشرتاكية ‪ ،‬و‬

‫قد عرفت الضريحبة أبهنا اقتطاع نقدي جربي هنائي من الدولة دون مقابل وفقا ملقدرة املمو على الدفع لتغطية‬

‫النفقات العامة و حتقيق أهداف اجملتمع ‪.‬‬

‫من خال هذا التعريف يتضح لنا أن الضريحبة حتتوي على خصائصثالثة ‪:‬‬

‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬سوزي عديل انشد (‪ )7002‬ـ املالية العامة ـ النفقات العامة ـ االيرادات العامة ـ امليزانية العامة ـ منشورات حليب احلقوقية ـ ص ‪72‬‬

‫‪78‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ اقتطاع مايل ‪ :‬و يقصد به أن الضريحبة إزاء تطورها التارخيي كانت تدفع عينا سواء يف شكل سخرة أو حماصيل اىل‬

‫غري ذلك من األشكا ‪ ،‬أما األن فقد أصحبثت جتىن نقدا حىت تقل نفقات جحبايتها و تتالءم مع االحتياجات‬

‫االقتصادية للمجتمع يف هذا العصر ‪.‬‬

‫ـ الضريبة تفرض و جتىن جربا و بشكل هنايي م الدولة‪ :‬و معىن هذا أن السلطات العامة يف الدولة هي اليت حتدد‬

‫مقدار الضريحبة من املمو أو احلصو على موافقته ‪ ،‬بل و تفرض عليه عقوابت إذا امتنع عن األداء أو التأخر‬

‫ـ عدم احلصول على نفع خاص مقابل الضريبة ‪ :‬عندما تقوم الدولة بتثصيل الضريحبة ‪ ،‬فإهنا ال تنظر اىل النفع‬

‫اخلاص الذي يعود على املمو ‪ ،‬و ال ينظر هو اىل منفعة خاصة مقابل ما يدفعه من الضرائب ‪ ،‬بل يدفعه بصفته‬

‫عضو يف اجملتمع الذي يليب احتياجاته و احتياجات غريه ‪ ،‬و يراعي يف فرضيتها العدالة وفقا ملقدرة املمو على الدفع‬

‫ـ غرض الضريبة حتقق النفع العام ‪ :‬اهلدف من فرض الضريحبة إمنا هو حتقيق النفع العام للمجتمع على وجه العموم ‪،‬‬

‫و هذا يعين عدم استخدام األموا العامة لتثقيق أغراض خاصة ‪ ،‬بل لتثقيق التنمية االقتصادية و االجتماعية للدولة‬

‫‪ ،‬و التأثري يف الحبنيان االقتصادي و االجتماعي للمجتمع ‪.‬‬

‫أ ) املبادئ اليت تستند عليها الضريبة ‪:‬هناك جمموعة من املحبادئ جيب على املشرع أن يضعها يف اعتحباره عند فرض‬

‫الضريحبة حىت ال يرهق املمولني و يكلفهم ماال يطيقون ‪ ،‬و يصحبح النظام الضرييب سليما وواضثا ‪ ،‬و هو ما عرب عنه‬

‫أدم مسيت يف كتابه الشهري " ثروة األمم " و ذلك من وجهة نظر املمو ‪.‬‬

‫ـ العدالة أو املساواة ‪ :‬مبعىن أن لكل فرد من أفراد اجملتمع أن يساهم يف حتمل جزء من الضرائب ‪ ،‬و لكن ليس‬
‫بنسحبة واحدة للجميع ‪ ،‬أو بنسب متساوية ‪ ،‬بل يتثملها كل فرد وفقا ملقدرته التكليفية ‪.‬‬

‫ـ املالءمة ‪ :‬و يقصد هبا مالءمة الضريحبة للممو من حي وقت التثصيل و طريقة الدفع ‪ ،‬أبن يكون يف هناية العام‬
‫و بطريقة غري تعسفية أو حتكمية ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ اليقني و الوضوح ‪ :‬أي جيب أن تكون الضريحبة حمددة و معروف قدرها للممو ‪.‬‬

‫ـ االقتصاد يف اجلباية ‪ :‬مبعىن أن ال تزيد تكلفة جحباية الضريحبة عن مقدارها ‪ ،‬و إال ضاع اهلدف من الضريحبة ‪ ،‬بل‬

‫جيب أن يحبث عن أقل تكلفة ممكنة جلحباية الضريحبة حىت تكون حصيلة اخلزانة أكرب قدر ممكن ‪.‬‬

‫ب ) التنظيم الفين للضريبة ‪ :‬ان الضرائب بشكل عام اما ان تفرض على عوائد عوامل االنتاج و هي االجور و‬

‫الفوائد و االرابح و الريع ‪ ،‬أو تفرض طحبقا لتدفق االنفاق بنوعيه االستهالكي و االستثماري و خاصة االستهالكي‬

‫منه ‪ .‬و ان يتطلب من الدولة أن ختتار من القواعد الفنية ما ميكنها من تنظيم االستقطاع الضرييب بصورة تتفق مع‬

‫أهداف السياسة الضريحبية ‪ ،‬و هكذا ابلتنظيم الفين للضريحبة حتديد العناصر الفنية اليت يستند اليها اهليكل الضرييب و‬

‫التنسيق بينها ‪ ،‬و هو يعين االجراءات املتعلقة بفرضها و حتصيلها و حتديد وعائها و كيفية الوفاء هبا ‪.‬‬

‫ـ اختيار املادة اخلاضعة للضريبة ( وعاء الضريبة) ‪ :‬يقصد بوعاء الضريحبة " ‪ " Source of Taxation‬املوضوع‬

‫الذي تفرض عليه الضريحبة أي املادة اليت تفرض الضريحبة عليها ‪.‬‬

‫و لتثديد هذا الوعاء الضرييب البد من التمييز بني ‪:‬نظام الضريحبة الوحيدة و الضرائب املتعددة ‪ ،‬الضرائب على‬

‫األشخاص و الضرائب على األموا و الضرائب املحباشرة و الضرائب الغري املحباشرة‪.‬‬

‫نظام الضرايب الوحيدة و الضرايب املتعددة ‪ :‬ان نظام الضريحبة الوحيدة كان الطابع املميز لألنظمة الضريحبية الحبدائية‬

‫‪ ،‬و يقصد بنظام الضريحبة الوحيدة اعتماد الدولة يف ايراداهتا على ضريحبة واحدة فقط ‪ ،‬و يقوم على ضريحبة واحدة‬

‫تفرض على موضوع واحد أي وعائها واحد بصفة أساسية كناتج األرض أو الثروة ‪.‬و من أمثلة نظام الضريحبة الواحدة‬

‫ما اندى به الفيزوقراطيون يف ال قرن الثامن عشر من فرض هذه الضريحبة على الناتج الصايف للزراعة و إلغاء نظام‬

‫الضرائب متعددة الذي كان سائدا يف فرنسا أنداك ‪.‬و من مث ال جدوى من فرض الضرائب على األنشطة األخرى‬

‫‪.‬أما نظام الضريحبة املتعددة و هو ما أتخذ به النظم او الضريحبية احلديثة ‪ ،‬يقوم على تنوع الضريحبة و تعدد االوعية‬

‫‪80‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يضم الوعاء الضرييب كل أوجه النشاط االقتصادي ومن أمثلتها ‪ ،‬الضرائب على دخو األفراد ‪،‬‬ ‫الضريحبية حبي‬

‫الضرائب على األعما ‪ ،‬الضرائب على االنفاق ‪ ،‬الضرائب على االنتاج ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ـ الضرايب على االشخاص و الضرايب على األموال ‪ :‬املقصود ابلضريحبة على االشخاص هي الضريحبة اليت تفرض‬

‫على االفراد كوجود طحبيعي ‪ ،‬أي تتخذ األشخاص ذاهتم موضوعا هلا ‪ ،‬لذا مسيت بضريحبة الرؤوس أو الفردة ‪ ،‬و تنقسم‬

‫ضريحبة الفردة اىل قسمني‪ :‬ضريحبة الفردة املوحدة تفرض بسعر واحد (محبلغ واحد) على مجيع االفراد دون تفرقة ‪ ،‬أي مل‬

‫أتخذ بنظر االعتحبار ظروفهم الشخصية و مقدرهتم املالية ‪ ،‬و الثانية ضريحبة الفردة املتدرجة تفرض أبسعار خمتلفة تحبعا‬

‫لتعدد الطحبقات ‪ ،‬و بذلك تتطلب ضريحبة الفردة املتدرجة تقسيم اجملتمع اىل طحبقات اجتماعية تحبعا للثروة اليت متلكها و‬

‫لكل طحبقة سعرها اخلاص هبا دون التمييز بني أفرادها و بذلك تكون أقرب اىل العدالة من ضريحبة الفردة املوحدة ‪ ،‬و‬

‫رغم ذلك فان هذا االسلوب الضرييب ال حيقق العدالة حي أن األفراد يف اجملتمعات احلديثة غري متساويني يف الكفاءة‬

‫املالية ‪ ،‬كما أن حصيلتها ليست كحبرية ابإلضافة اىل زايدة نفقات جحبايتها ‪ ،‬لذا فان هذا النوع من الضرائب ال وجود‬

‫له يف الدولة احلديثة و اصحبثت األموا وحدها هي املادة اليت تفرض عليها الضريحبة ‪.‬‬

‫الضرايب املباشرة و الضرايب غري املباشرة ‪:‬تعترب الدخو و الثروات االوعية احلقيقية لكافة االستقطاعات الضريحبية‬

‫و عليه يلجأ املشرع الضرييب اىل االستعانة بصورة فنية خمتلفة لإلخضاع الضرييب ‪ ،‬ما من هيكل ضرييب حدي يكتفي‬

‫إبخضاع الدخل للضريحبة عن انتاجه و توزيعه ‪ ،‬بل يستدعي األمر متابعة أوجه استخدام هذا الدخل و أوجه إنفاقه ‪،‬‬

‫األمر الذي يتطلب فرض ضرائب محباشرة على الدخل و الثروة و ضرائب غري محباشرة على االنفاق و التداو كما ان‬

‫تفاوت نسب املزج بني هذين النوعني من الضرائب ختتلف من دولة ألخرى ابختالف الظروف االقتصادية ‪،‬‬

‫االجتماعية ‪ ،‬السياسية و القانونية ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الضرايب املباشرة ‪ :‬من بني األنواع الرئيسية للضرائب املحباشرة جند ‪:‬‬

‫ـ الضرائب على الدخل كانت معروفة يف الفكر املايل القدمي ‪ ،‬و لكنها كانت قليلة األمهية ‪ ،‬أما يف الفكر املايل‬

‫احلدي فأهنا تعترب أهم األدوات املالية و اكثرها مرونة لتمويل النفقات العامة ‪ ،‬و تفسر هذه األمهية بسحبب انتشار‬

‫التجارة و الصناعة و ظهور أنواع جديدة من دخو الثروة املنقولة اليت مل تكن موجودة سابقا ‪ ،‬و االعتقاد السائد ابن‬

‫الدخل هو افضل مقياس لقدرة االفراد على دفع الضرائب ‪ ،‬و ان الضريحبة اليت تفرض عليه حتقق العدالة فضال عن‬

‫غزارة إيرادها و مرونته ‪ ،‬و لقد عرف الدخل أبنه عحبارة عن تيار من اإلشحباعات يتدفق خال فرتة زمنية معينة‬

‫االقتصادي "فيشر"‪ ،‬و عرفه ابنه القيمة النقدية للسلع و اخلدمات اليت حيصل عليها الفرد من مصدر معني خال‬

‫فرتة زمنية معينة االقتصادي "هيكنز"‪.¹‬‬

‫ضريحبة رأس املالتتناو عناصر الثروة املكونة للذمة املالية للفرد ‪ ،‬أي قيمة ما ميتلكه الفرد يف حلظة معينة من عقار أو‬

‫منقو قابل للتقييم ‪ ،‬و قد اختلف االقتصاد يون حو أمهية هذه الضريحبة ‪ ،‬هناك من اعترب الضريحبة أداة مالئمة لتوزيع‬

‫األعحباء العامة على ما ميتلكه الفرد من عناصر الثروة يف حلظة معينة ‪ ،‬و هناك من أيدوا فرض ضريحبة رأس املا هم‬

‫الكتاب االشرتاكيون الهنم رأوا فيها تطحبيقا للثد من التفاوت يف توزيع الثروات ‪ ،‬و القسم األخر وقف ضدها ابعتحبار‬

‫ان ضريحبة رأس املا ليس هلا امهية من الناحية العلمية حي أن الضريحبة ال تؤخذ تكون ابلنتيجة و يف مجيع األحوا‬

‫على الدخل ‪ ،‬كذلك أن الضريحبة ال ميكن أن تكون دورية و سنوية ألهنا تقضي على راس املا‬

‫ـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬سوزي عديل انشد (ـ ‪ ) 7002‬ـ املرجع السابق ص ‪. 21‬‬

‫‪82‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الضرايب غري املباشرة ‪ :‬ان الدولة احلديثة ال تستطيع االستغناء عن فرض الضرائب غري املحباشرة ‪ ،‬علما أن هذه‬

‫الضرائب متنوعة و متعددة ‪ ،‬و الذي جيمع بينها اهنا تفرض يف االصل على استعماالت الدخل او أوجه إنفاقه أو‬

‫تفرض على املا مبناسحبة تداوله أو انتقاله من جهة اىل أخرى ‪ ،‬و هكذا ميكن تقسيم الضرائب غري املحباشرة اىل ‪:‬‬

‫ـ الضرائب على تداو األموا ‪ :‬تفرض معظم الدو ضريحبة على التصرفات و املعامالت و على تداو القانوين‬

‫لألموا مثل رسوم التسجيل ‪ ،‬رسوم القضائية ‪ ،‬رسوم الطوابع(الدمغة) على املستندات ‪...‬اخل ‪ ،‬و استخدام الرسوم‬

‫أصحبثت االن تزيد عن قيمة اخلدمة اليت تقدمها الدولة لذا مسيت بضرائب التداو ‪ ،‬و تتميز هذه الضريحبة بسهولة‬

‫األداء ال يشعر هبا دافعها ‪ ،‬كما ان جحبايتها االقتصادية فهي ال تكلف الدولة شيئا يذكر ‪.‬‬

‫ـ الضرائب على االنفاق ‪ :‬تعترب من أهم أنواع الضرائب غري املحباشرة و تفرض على بعض أنواع السلع أو قد تفرض‬

‫كضريحبة عامة على استهالك السلع و اخلدمات ‪ ،‬لذلك تسمى بضريحبة االستهالك ‪ ،‬و ملا كانت هذه الضرائب‬

‫تسري على سلع حا انتاجها أو تداوهلا بني الحبائعني و املشرتين لذا اطلق عليها تسميات خمتلفة حسب املرحلة اليت‬

‫تفرض عليها مثل ضريحبة املحبيعات ضريحبة االنتاج ‪...‬اخل ‪ ،‬لذا عند فرض هذا النوع من الضرائب جيب على املشرع‬

‫املايل ان يوقف بني (الغرض املايل) و وفرة حصيلتها و بني حتقيق األهداف االقتصادية و االجتماعية ألفراد اجملتمع من‬

‫املنتجني و املستهلكني ‪.‬‬

‫ـ الضرائب اجلم ركية ‪ :‬و هي الضرائب املفروضة على السلع اليت جتتاز احلدود مبناسحبة استريادها و تصديرها ‪ .‬و‬

‫تفرض الضرائب اجلمركية اما على اساس نسحبة مئوية من قيمة السلعة و تسمى "ابلضريحبة القيمية" ‪ ،‬أو تفرض مبقدار‬

‫معني على كل وحدة من وزن السلعة أو مقياسها أو عددها أو حجمها و تسمى ابلضريحبة النوعية ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 2‬ـ مزااي و عيوب الضرايب املباشرة و غري املباشرة ‪:‬‬

‫ابلنسحبة للضرائب املحباشرة تتميز بـ ‪ :‬اهنا ذات حصيلة اثبتة لكوهنا تفرض على عناصر اثبتة نسحبيا كامللكية و الدخل فال‬

‫تتأثر ابلتغريات االقتصادية اال حبدود ضيقة ‪ ،‬قابليتها على حتقيق العدالة الضريحبية ‪ ،‬اذ تفرض حسب املقدرة املالية‬

‫للمكلفني‪ ،.‬كوهنا ضريحبة محباشرة فإهنا تشعر الفرد بعحبئها و خصوصا عند ارتفاع سعرها مما يشجع املكلفني على حماولة‬

‫التهرب من دفعها ‪ ،‬يكون حتصيلها متأخرا يف هناية السنة املالية ابإلضافة اىل ثحبات حصيلتها نسحبيا ‪.‬‬

‫مزااي و عيوب ضرائب غري محباشرة ‪:‬يتميز هذا النوع من الضرائب بوفرة حصيلتها خاصة اذا أحسن اختيار وعائها ‪ ،‬اذ‬

‫اهنا تفرض على عمليات التداو و االستهالك و االنتاج ‪...‬اخل ‪ ،‬متتاز مبرونتها لكون هذا النوع من الضرائب يتأثر‬

‫محباشرة ابلتغريات االقتصادية مثل التضخم و الكساد مما جيعلها أداة هامة من أدوات السياسة املالية لتثقيق األهداف‬

‫املالية ‪ ،‬ال يشعر املكلف بعحبئها حي تدمج الضريحبة مع سعر السلعة مما يقلل من حماولة التهرب من دفعها ‪.‬‬

‫تدفع حصيلتها على مدار السنة ألهنا تفرض على عمليات التداو و االنفاق مما جيعلها مصدرا متواصال لتمويل‬

‫املوازنة ‪.‬‬

‫الرســـوم و القروض‪:‬‬ ‫‪ 2‬ـ‬

‫أ ـ الرسوم ‪ :‬تعرف الرسوم أبهنا "اقتطاع نقدي بواسطة الدولة أو أحد اهليئات احمللية يدفعه الفرد جربا مقابل نفع‬

‫خاص حيصل عليه من جراء أتدية الدولة خلدماهتا ‪ ،‬و حتقيق النفع العام ‪.‬‬

‫و هذا ما مييز الرسم عن الضريحبة ‪ ،‬الن يدفع مقابل احلصو على خدمة أو نفع خاص من الدولة أو أحد هيئاهتا‬

‫احمللية و ذلك مثل الرسوم القضائية و رسوم االلتثاق ابجلامعات و اهلدف منه إمنا هو حتقيق النفع العام للمجتمع‬

‫دون النظر للهدف املايل ألنه يفرض غالحبا بسعر رمزي ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما الثم فهو مقابل خدمة تؤديها هيئة عامة نظرا ألمهيتها و ضرورة إاتحة فرصة االنتفاع هبا جلميع األفراد ‪ ،‬أو أهنا‬

‫عرضة لالحتكار و الحبيع بثمن مرتفع ‪ ،‬أو إجياد مورد للخزانة و ذلك مثل توريد املياه للمساكن يف املدن ‪ .‬و يشحبه‬

‫الرسم الثمن العام يف أن كال منها مصدر من مصادر االيرادات ‪ ،‬و أن كال منهما مصدر من مصادر االيرادات ‪ ،‬و‬

‫أن كال منهما يدفع مقابل االنتفاع خبدمة خاصة ‪ ،‬و أنه يدفع يف حالة طلب خدمة فقط ‪ .‬و خيتلف يف أن النفع‬

‫العام الذي يعود على الدافع يكون أكرب يف حالة الرسم عنه يف حالة الثمن العام ‪ ،‬و أن دفع الرسم إجحباري ‪ ،‬أما‬

‫الثمن العام فاختياري ‪.‬‬

‫التفرقة بني الرسم و الثم العام ‪ :‬يدفع الرسم يف االصل مقابال للخدمة اليت حيصل عليها املمو إزاء محبلغ رمزي‬

‫دون النظر اىل التكلفة احلقيقية للخدمة بناء على طلحبه‪.‬‬

‫االيرادات شبه الضريبية ‪ :‬تزايدت يف اآلونة األخرية أمهية مصدر أخر من االيرادات أطلق عليها االيرادات شحبه‬

‫الضريحبية ‪ ،‬أو رسوم شحبه الضريحبية و يقصد هبا االقتطاعات اجلربية اليت تقع على منتفعي بعض املؤسسات العامة أو‬

‫شحبه العامة االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و اليت ختصص من أجل استخدامات حمددة اقتصادية و مهنية و اجتماعية ‪،‬‬

‫و املثا الواضح هلذه االيرادات هي التأمينات االجتماعية ‪ ،‬حي يدفع العاملون يف املنشآت و الشركات نسحبة من‬

‫أجورهم هليئة التأمينات ‪ ،‬كما تدفع اجلهات اليت يعملون هبا نسحبة مماثلة أو أكرب حىت تتوافر لدى اهليئة املوارد الالزمة‬

‫جملاهبة نفقاهتا من تعويضات و إعاانت و مكافآت و غريها للعائلة سواء يف حالة مرض أو الحبطالة‬

‫ب ـ الـق ـ ــروض ‪ :‬تعترب القروض من االيرادات االستثنائية اليت غالحبا ما تلجأ إليها الدولة ‪ ،‬ملواجهة أاثر ظروف‬

‫االستثنائية قد تطرأ عليها ‪ ،‬كما يف حالة عجز املوازنة العامة ‪ ،‬أو لتمويل مشروعات التنمية و االنفاق منها على‬

‫تسديد هذه القروض‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يقصد ابلقروض تلك املحبالغ اليت تستدينها الدولة ‪ ،‬و تتعهد بسدادها وسداد فوائدها و ذلك وفق شروط حمددة‪ .‬و‬

‫ختتلف انواع القروض تحبعا لعدة أوجه ‪: ¹‬‬

‫أ) القروض الداخلية و القروض اخلارجية ‪ :‬القروض الداخلية و هي القروض اليت حتصل عليها الدولة من رعاايها‬

‫ـ أشخاص حقيقية و معنوية ‪ ،‬ومصارف و مؤسسات مالية أخرى ‪ ،‬و بعملتها احمللية ‪ .‬و ال شك أن هذا االجراء‬

‫حيقق فائدتني مها ‪:‬‬

‫ـ ضمان عدم تعرض الدولة للتأثريات اخلارجية اليت تسحبحبها القروض اخلارجية يف احيان كثرية ‪.‬‬

‫ـ كما أن الفوائد اليت تدفعها عن القروض الداخلية تحبقى ضمن دائرة الدخل القومي ‪ ،‬و ال تتسرب اىل اخلارج ‪.‬‬

‫أما القروض اخلارجية هي تلك القروض اليت حتصل عليها الدولة يف احلكومات االجنحبية و اهليئات و املؤسسات‬

‫املالية الدولية مثل الحبنك الدويل لإلنشاء و التعمري و صندوق النقد الدويل ‪.‬‬

‫و من اجلدير ابلذكر ان مشكلة القروض اخلارجية حظيت ابهتمام كحبري ‪ ،‬و عقدت العديد من الندوات و املؤمترات‬

‫الدولية ملناقشتها و حماولة التوصل اىل احللو ووسائل ختفف من حدة هذه املشكلة ‪.‬‬

‫ب) القروض االختيارية و القروض االجحبارية ‪:‬األصل من القرض ان يكون اختياراي ‪ ،‬فتقوم هذه احلكومة بتثديد‬

‫شروط القرض و تفاصيله مث ترتك لألفراد و اهليئات حرية االكتتاب فيه ‪ ،‬و لكي تتمكن الدولة من احلصو على‬

‫القرض جيب أن تراعي الظروف السائدة يف االسواق املالية ‪.‬‬

‫ــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬حممد طاقة و هدى العزاوي (‪ )7002‬املرجع السابق ص ‪ 412‬و ‪.411‬‬

‫‪86‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و تتميز هذه القروض أبن سعر الفائدة فيها يكون مساواي ان مل يكن أكثر من السعر اجلاري للفائدة ‪.‬‬

‫و مع ذلك فقد تلجأ احلكومة يف حاالت معينة اىل القروض اإلجحبارية من هذه احلاالت ‪:‬‬

‫ـ ضعف ثقة األفراد يف احلكومة فال يقحبلوا على إقراضها ‪.‬‬

‫ـ و يف اغلب االحيان تلجأ الدولة اىل القروض االجحبارية كأحسن وسيلة لتمويل احلروب و احلاالت االستثنائية ‪ ،‬و‬

‫هذه القروض قد تعطي فائدة أقل من الفائدة اجلارية يف السوق أو بدون فائدة ‪.‬‬

‫ـ يف حاالت وجود موجات تضخمية يف االقتصاد ‪ ،‬و ذلك هبدف امتصاص القوة الشرائية الزائدة و تقليل كمية‬

‫النقود املتداولة ‪ ،‬حي تقوم احلكومة إبعادة محبالغ القرض بعد معاجلة التضخم ‪.‬‬

‫ـ أحياان تلجأ احلكومة عند حلو أجل القرض اىل مد األجل ‪ ،‬و هذ يعين نشأة قرض اجحباري جديد ‪.‬‬

‫جـ ـ القروض املؤبدة و القروض املؤقتة ‪ :‬القروض املؤبدة هي اليت ال حتدد الدولة اترخيا معينا لسداد قيمتها ‪ ،‬و تلتزم‬

‫بدفع فائدة عنها ‪ ،‬أما القروض املؤقتة هي اليت حتدد الدولة مقدما أجل الوفاء هبا ‪ ،‬و تنقسم القروض املؤقتة من‬

‫حي أجاهلا اىل قروض قصرية أو متوسطة أو طويلة األجل ‪ ،‬فالقروض القصرية األجل ال تزيد مدهتا عن سنة مثل‬

‫حواالت اخلزينة ‪ ،‬و القروض الطويلة األجل تزيد مدهتا عن عشر سنوات فأكثر ‪ ،‬أما القروض املتوسطة األجل فهي‬

‫اليت تقع بني االثنني ‪ ،‬و قد حتدد الدولة اترخيا واحدا لسدادها ‪ ،‬كما حتدد اترخيني حيق هلا أن تسدد القرض يف‬

‫ابعادها ‪ ،‬وواضح ان حتديد اترخيني للسداد يعطي للدولة فرصة لتخفيف من اعحباء القرض قحبل حلو أجله عليه‪.‬‬

‫االصدار النقدي ‪ :‬يعد االصدار النقدي أحد الوسائل التمويلية إليرادات الدولة متلك الدولة وحدها حق إصداره ‪،‬‬

‫و عادة ما تلجأ إليه الدولة إما لتمويل برانمج استثماري له أمهية خاصة ال تتاح له موارد متويل أخرى ‪ ،‬أو لسد ما‬

‫‪87‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قد تعجز املوارد األخرى مثال الضرائب أو القروض أو غريها عن توفري األموا الالزمة له ‪ ،‬و إما لتمويل النفقات‬

‫احلربية اليت تتزايد كل يوم ‪ ،‬أو يف حالة عجز املوازنة العامة للدولة ‪.‬‬

‫و مع أمهية هذا املورد فقد أاثر كثريا من النقاش و كثرت حوله التثفظات ‪ ،‬نظرا ملا حيدثه من أاثر سيئة على‬

‫االقتصاد القومي كثالة تضخم اليت ترفع بسحبحبها األسعار وهو ما ميثل ضريحبة غري مرئية و جمافية للعدالة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ إيرادات القطاع العام ‪ :‬يقصد هبا ممتلكات الدولة وهو ما يسمى ابلدومني سواء‬

‫كان عاما أو خاصا ‪ ،‬و نشاط الدولة يف متلكها للوحدات االنتاجية سواء كان كليا أو جزئيا ‪ ،‬و االحتكارات‬

‫املالية و من مث فسوف نقسم تلك االيرادات اىل ثالث مصادر ‪: ¹‬‬

‫‪1‬ـ الدومني ‪ :‬و يقصد به أمالك الدولة سواء كان ع اما أو خاصا ‪ ،‬و العام غري قابل للتصرف فيه و ذلك مثل األهنار‬

‫و الطرق و شواطئ الحبثار إال أنه قد يستغل أبسعار رمزية و ذلك كرسم دخو احلدائق و دخو بعض الشواطئ ‪،‬‬

‫أما الدومني اخلاص فهو خيضع للقانون اخلاص و ذلك كاألراضي اليت تتوىل احلكومة بيعها أو أتجريها أو السيارات و‬

‫األجهزة و غريها فإهنا تعترب موردا هاما من موارد اخلزانة العامة ‪.‬‬

‫‪2‬ـ القطاع العام " ابملعىن الضيق " ‪ :‬ختتلف إيرادات القطاع العام تحبعا لسياسة الدولة املالية ‪ ،‬فإذا فتثت الدولة‬

‫اجملا للقطاع اخلاص و أدخلته يف أغلب ميادين احلياة االقتصادية قلت ابلتايل حصيلة إيراداهتا من القطاع العام ‪ ،‬أما‬

‫إذا تدخلت الدولة بشكل أكرب يف النشاط االقتصادي سواء يف امليادين الصناعية أو الزراعية أو التجارية ‪ ،‬فإن‬

‫إيراداهتا تزيد من هذا املورد و يتثقق فائض كحبري تستطيع الدولة أن تستخدمه كمصدر متويلي لنفقاهتا ‪.‬‬

‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬عاد حشيش و مصطفى رشدي ( ‪ )4118‬ـ املرجع السابقـ ص ‪. 11‬‬

‫‪88‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 2‬ـ االحتكارات املالية ‪ :‬و يقصد هبا أن تقوم الدولة ابحتكار إنتاج سلعة معينة و بيعها أو احتكار بيعها فقط و ذلك‬

‫بدال من أ ن يرتك بيعها حرا و يفرض عليها ضريحبة كحبرية إذا كان من السهل التهرب منها ‪ ،‬مثل احتكار احلكومة‬

‫الفرنسية لصناعة و بيع الدخان و الكربيت و غريها ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ األثــار االقـتـصــاديـــة لإليـــرادات ‪:‬‬

‫أ) األاثر القروض العامة ‪ :‬تعترب القروض العامة أداة رئيسية من أدوات السياسة املالية ملا تنطوي عليه من أتثري على‬

‫توزيع العبء املايل العام بني خمتلف الفئات و خمتلف األجيا ‪ ،‬على مستوى الدخل القومي و منط توزيعه فضال عن‬

‫اسهامها يف متويل االنفاق العام ‪ ،‬و تعترب أداة هامة لتثقيق التنسيق بني السياستني املالية و النقدية ‪ ،‬نتيجة ألاثرها‬

‫الواضثة على الكمية النقدية املطروحة يف التداو ‪ ،‬عموما فإن أاثر القروض العامة تنقسم اىل أاثر سلحبية و أخرى‬

‫إجيابية ‪:‬‬

‫‪ ‬األاثر السلبية ‪ :‬مت ثل القروض اخلارجية عحبئا على ميزان املدفوعات تتثملها األجيا املستقحبلة و ذلك يف حالة ما‬

‫إذا استخدمت القروض يف مصروفات استهالكية ‪ ،‬أما إذا استخدمت يف مشروعات استثمارية فإن وقع العبء‬

‫يكون ضعيفا و يقلل من عجز ميزان املدفوعات نظرا لزايدة االنتاج و زايدة الصادرات ‪.‬‬

‫مت ثل ظاهرة االقراض من األفراد للدولة نظرية سلحبية ‪ ،‬و ذلك ملا متنثه الدولة من مزااي تغري هبا األفراد على االكتتاب‬

‫يف تلك القروض ‪ ،‬مما يؤثر ابلسلب على الدخل القومي و سوء توزيعه ‪ ،‬ألنه يصرف مدخرات األفراد عن‬

‫االستثمارات اخلاصة ‪.‬‬

‫قد تعجز الدولة عن سداد هذه القروض يف مواعيدها ‪ ،‬مما يضطر الدولة اىل تغيري شروط السداد مما يعرض احلكومة‬

‫لفقد الثقة من جانب املقرضني ‪ ،‬هذا يف حالة القروض الداخلية ‪ ،‬أما يف حالة القروض اخلارجية فإن عجز الدولة عن‬

‫السداد قد يعرضها لغزو الدولة املقرضة ‪ ،‬أو فرض الوصاية عليها ‪ ،‬أو تقع يف حالة تحبعية سياسية للدولة املقرتضة ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و قد تلجأ الدولة يف حالة سدادها لتلك القروض اىل زايدة اإلصدار النقدي ‪ ،‬مما ينتج عنه حالة من التضخم ‪ ،‬قد‬

‫يسحبب أاثر سيئة على االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫‪ ‬األاثر اإلجيابية ‪ :‬إن الدولة و هي يف حالة قيامها بواجحباهتا من االنفاق العام قد ال تكفي إيراداهتا لسد تلك‬

‫النفقات يف جزء معني من السنة ‪ ،‬فتلجأ اىل االقرتاض حىت تستطيع أن جتىب إيراداهتا يف أخر العام فتتالىف ابلتايل‬

‫أي عجز قد يطرأ ابملوازنة ‪.‬‬

‫أن القروض العامة قد تستخدم يف املشروعات االستثمارية الكحبرية اليت سوف تؤدي أاثرها ألجيا مقحبلة و اليت ال‬

‫تستطيع الدولة أن تنشئها من ميزانياهتا فتتثقق بذلك التنمية االقتصادية للدولة ‪.‬‬

‫يف حالة الظروف االستثنائية كاحلروب و الكوارث و الدفاع عن كيان الدولة و مواطنيها متثل القروض ضرورة حقيقية‬

‫ال تستطيع الدو أن تنفصل منها ‪.‬‬

‫ب) األاثر العامة للضرايب يف االقتصاد القومي ‪:‬للضريحبة أاثر على املتغريات االقتصادية الكلية مثل حجم‬

‫االستهالك و االدخار و االنتاج و كذلك على الحبنيان االجتماعي للطحبقات ‪ .‬و ان أتثري على خمتلف اجملاالت‬

‫االقتصادية ‪ ،‬يتم من خال ختفيض الدخو النقدية أو من خال رفع أسعار املنتجات ‪ .‬و من اجلدير ابلذكر أن‬

‫الضرائب املحباشرة تعمل كقاعدة عامة من خال ختفيض الدخو النقدية ‪ ،‬أما الضرائب الغري املحباشرة فيظهر أتثريها‬

‫من خال رفع أسعار املنتجات ‪.‬و من بني األاثر اليت ترتكها الضرائب يف االقتصاد القومي ‪:‬‬

‫‪ ‬أاثر الضرايب على االستهالك ‪ :‬ابلتأكيد أن فرض الضريحبة يؤدي اىل استقطاع جزء من الدخل مما يؤدي اىل احلد‬

‫من االستهالك و ابلتايل ينخفض الطلب على السلع و اخلدمات ‪ ،‬و ان كان ذلك يتوقف على مرونة الطلب على‬

‫هذه السلع و اخلدمات ‪ ،‬فيقل أتثري فرض الضريحبة على السلع الضرورية (الخنفاض مرونة الطلب عليها)‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يف حني يربز هنا التأثري ابلنسحبة للسلع غري الضرورية بسحبب ارتفاع مرونة الطلب عليها ‪ ،‬و لكن أتثري الضريحبة يف احلد‬

‫من االستهالك ابلنسحبة للدخو الكحبرية أقل من أتثريها على الدخو الصغرية اليت خيصص معظمها لالستهالك عادة ‪.‬‬

‫و من انحية أخرى البد من التعرف على برامج االنفاق احلكومي حلصيلة الضرائب و االاثر الناجتة عنه ‪ ،‬حي ان‬

‫االاثر النهائية للسياسة الضريحبية ترتحبط ارتحباطا وثيقا أباثر السياسة االنفاقية العامة و على مستوى النشاط االقتصادي‬

‫فاذا قامت احلكومة بتوجيه هذه الزايدات لإلنفاق العام و يف صورة الطلب على السلع و اخلدمات يؤدي ذلك اىل‬

‫احال الطلب احلكومي حمل الطلب اخلاص ـ األمر الذي جيعل الطلب الكلي ال يتأثر حي أن ‪ :‬الطلب الكلي =‬

‫الطلب اخلاص ‪ +‬الطلب العام ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الضريبة على االدخار ‪ :‬من الواضح أن الضريحبة تؤدي اىل استقطاع جزء من دخو األفراد ‪ ،‬مما يؤدي ذلك‬

‫اىل ختفيض االدخار ‪ ،‬و أن أتثري الضريحبة على االدخارات يتوقف على عدة عوامل من بينها حجم الدخل الفردي‬

‫‪ ،‬مستوى املعيشة ‪ ،‬التنظيم الفين ألسعار الضريحبة و مدى رغحبة الفرد يف العمل و االنتاج ‪.‬‬

‫ان ارتفاع الضرائب على الدخو الرأمسالية (أي دخو االستثمارات) وهي الريع و الفوائد و األرابح يؤدي اىل‬

‫اخنفاض امليل لالدخار ‪ .‬كما ان اخنفاضها يؤدي اىل العكس من ذلك ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الضريبة يف االنتاج ‪:‬للضريحبة أاثر يف االنتاج القومي منها االنكماشية و منها أاثر توسعية ‪:‬‬

‫ـ األاثر االنكماشية ‪ :‬ان الضريحبة املفروضة على املواد املنتجة ستقلل من استهالكها أي من الطلب عليها مما يؤدي‬

‫ابلنتيجة اىل تراكمها يف األسواق و عليه ستقلل إنتاجها ‪ ،‬كما أن اقتطاع الضريحبة جلزء من الدخو سيقلل من‬

‫االدخارات أي قلة رؤوس األموا مما يؤدي اىل اخنفاض يف مستوى االستثمار ‪ ،‬كما أن فرض الضريحبة التصاعدية على‬

‫األرابح يقلل من احلوافز اليت تدفع املستثمرين اىل زايدة االستثمار لزايدة أرابحهم ‪ ،‬ان ارتفاع الضرائب على دخو‬

‫‪91‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العاملني مبا فيهم أصثاب املهن احلرة ‪ ،‬إضافة اىل انه خيفض من دخوهلم احلقيقية فانه حيد من حوافز العمل لديهم مما‬

‫يؤدي اىل اخنفاض انتاجيتهم ‪.‬‬

‫االاثر التوسعية ‪ :‬أحياان قد تؤدي اىل التوسع عن طريق دفعها للمنتجني حنو مضاعفة جهودهم للتعويض يف النقص‬

‫الناجم عنها ‪ ،‬فأصثاب املصانع حياولون مضاعفة اجلهد و ضغط النفقات و إعادة تنظيم العمل يف مشاريعهم‬

‫لالستفادة من االمكانيات املوجودة على احسن وجه و ذلك لرفع االنتاجية بنفس االمكانية املتاحة ‪.‬‬

‫كما أن فرض الضرائب على دخو العاملني قد تدفعهم اىل مضاعفة اجلهد و زايدة النشاط لتعويض ما استقطعت‬

‫الضريحبة حافزا على التطور االقتصادي و زايدة االنتاجية ‪.‬‬

‫‪ ‬أثر الضرايب يف إعادة توزيع الدخول ‪ :‬تستخدم الضرائب للثد من تفاوت الدخو بني الطحبقات االجتماعية‬

‫املختلفة ‪ ،‬و ذلك بفرض ضرائب تصاعدية ذات سعر مرتفع على الدخو الكحبرية ‪ ،‬و ذلك يعين أن الضرائب و‬

‫هي تقوم بتوزيع االعحباء العامة بني املكلفني تشكل اداة هامة من ادوات سياسة إعادة توزيع الدخل القومي ‪.‬‬

‫و دور الضريحبة يف توزيع الدخل يتحبع السياسة العامة للدولة و أخذها بعني االعتحبار مصلثة هذه الفئة االجتماعية او‬

‫تلك ‪ ،‬فالضرائب املحباشرة تؤدي اىل ختفيض الدخو النقدية ‪ ،‬و ابلتايل اىل ختفيض الطلب الكلي على السلع‬

‫االستهالك و اهنا تؤدي بقدر ما تستطيع اىل اخنفاض املستوى العام لألمثان( أي ارتفاع القوة الشرائية للنقود) و هذا‬

‫يعين إعادة توزيع الدخل القومي يف صاحل اصثاب الدخو النقدية الثابتة ( الفوائد و ريع العقارات و املعاشات ) و‬

‫يف صاحل اصثاب الدخو احملدودة التغيري ( األجور و املرتحبات ) لكنه يف غري صاحل املنظمني و ارابب االعما ‪.‬‬

‫اما الضرائب الغري املحباشرة فإهنا تؤدي ا ىل رفع مستوى األسعار ( أي ختفيض القوة الشرائية للنقود ) و هذا يعين إعادة‬

‫توزيع الدخل لصاحل املنظمني و ارابب االعما ‪ ،‬و لكنها يف غري صاحل الدخو النقدية الثابتة و اصثاب الدخو‬

‫احملددة التغيري ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 6‬ـ مشاكل الضريبية عند التطبيق ‪:‬من بني مشاكل الضريحبية جند ‪:‬‬

‫أ) االزدواج الضرييب ‪ :‬و نعين به فرض على مادة واحدة اكثر من ضريحبة واحدة و هذا ما يطلق عليه االزدواج‬

‫الضرييب و اليت تتثقق عندما خيضع نفس الشخص لنفس الضريحبة اكثر من مرة على نفس املصدر و خال نفس‬

‫الفرتة الضريحبية ‪ ،‬لذا لالزدواج الضرييب ‪.‬‬

‫ب ) التهرب الضرييب ‪ :‬يقصد به ختلص املكلف من دفع الضريحبة املتوجحبة عليه كليا أو جزئيا ‪.‬‬

‫و التهرب الضرييب نوعان التهرب املشروع و هو الذي ال يتضمن اية خمالفة قانونية و ذلك ابالستفادة من بعض‬

‫التغريات املوجودة يف التشريع الضرييب نتيجة عدم صياغة بعض االحكام القانونية بدقة ‪ ،‬و هبذا ال يرتك املكلف اية‬

‫خمالفة قانونية و ابلتايل ال ميكن مالحقته أو فرض أية عقوبة عليه مثال جتنب تطحبيق املعدالت التصاعدية بتثويل جزء‬

‫من األرابح اىل رواتب و أجور ‪ ،‬أما النوع الثاين التهرب غري املشروع ‪ ،‬يتضمن خمالفة ألحكام و القوانني و األنظمة‬

‫يعمد املكلفون التحباع بعض أساليب الغش و اخلداع لذلك يطلق عليه اصطالح الغش الضرييب ‪ ،‬و يتخذ‬ ‫حي‬

‫أشكاال و صورا خمتلفة و متنوعة من الصعب حتديدها مثال قيام املكلف ابالمتناع عن تقدمي أي تصريح أبرابحه ‪ ،‬أو‬

‫تقدمي تصاريح انقصة أو كاذبة أو ادخا بعض السلع املستوردة دون ان متر ابملراكز اجلمركية للتهرب من دفع الرسوم‬

‫اجلمركية ‪.‬‬

‫ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممد طاقة و هدى العزاوي (‪ )7002‬املرجع السابق ص‪ 441‬و ‪441‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪93‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج ) عبء الضريبة (راجعيتها) ‪ :‬ان معىن انتقا عبء الضريحبة ‪ ،‬هو ان املكلف الذي يدفعها للخزينة ال يتثمل هبا‬

‫هنائيا ‪ ،‬بل حياو نقلها اىل غريه ‪ ،‬و معىن راجعيتها أي استقرارها بشكل هنائي على عاتق شخص معني ‪.‬‬

‫و هنا جيب ان منيز بني العبء القانوين و العبء احلقيقي للضريحبة فالشخص الذي يتثمل عبء الضريحبة القانوين‬

‫املحباشر ‪ ،‬قد يستطيع نقل عبء الضريحبة اىل شخص أخر او أشخاص اخرين و بذلك يكون من استقرت عليه‬

‫الضريحبة هنائيا هو الذي يتثمل عحبأها احلقيقي ‪ ،‬و هنا تكون عملية النقل كليا ‪.‬‬

‫و قد ال ينجح املكلف القانوين من نقل عبء الضريحبة و يف هذه فان املكلف القانوين هو نفسه املكلف احلقيقي و‬

‫ابلتايل ال وجود لعملية نقل العبء الضرييب ‪.‬‬

‫و يف بعض احلاالت قد ال يتم نقل العبء الضرييب أبكمله بل ينقل جزءا من عبء الضريحبة و هنا تسمى ابلنقل‬

‫اجلزئي لعب الضريحبة ‪.‬‬

‫و تتوقف امكانية نقل عبء الضريحبة على عوامل مؤثرة منها ‪ :‬نوع السوق إذا كان يف حالة منافسة اتمة أو جزئية او‬

‫يف حالة احتكار ‪ ،‬و على درجة مرونة العرض و الطلب ‪ ،‬فاذا كان عرض الحبضاعة مران أي إبمكانية املنتجني‬

‫التخفيض منه ‪ ،‬استطاعوا رفع الثمن عن طريق زايدة الطلب املتأيت من قلة العرض ‪ ،‬و عكس ذلك أي وفرة الحبضائع‬

‫ال متكنهم من رفع السعر الذي يقتضيه تقل عبء الضريحبة على عاتق املستهلك ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثالثا ـ الموازنةالعامة‪:‬‬

‫موازنة الدولة هي التقدير املعتمد لنفقات الدولة و إيراداهتا خال مدة مقحبلة ‪ ،‬فهي تعرض للنشاط االقتصادي الذي‬

‫يف وسائل متويل هذا النشاط ‪ ،‬و إبجياز شديد إهنا تتضمن خطة عمل احلكومة‬ ‫ستقوم الدولة بتثقيقه ‪ ،‬و تحبث‬

‫خال مدة حمددة من الزمن ‪.‬‬

‫من هذا التعريف يتضح أن املوازنة العامة تتضمن تقديرا احتماليا لنفقات الدولة و ايراداهتا ‪ ،‬و أن هذا التقدير يتم‬

‫اعتماده ‪ ،‬كما أنه ينصرف اىل مدة معينة مقحبلة ‪.‬‬

‫فاملوازنة تتضمن أوال تقديرات احتمالية لنفقات الدولة و إيراداهتا ‪ ،‬و هذا ما دفعها للقو أهنا تعد مبثابة خطة عمل‬

‫احلكومة ‪ :‬تقديراهتا حلجم االنفاق العام ‪ ،‬و كيفية توزيعه على خمتلف اخلدمات العامة من جهة ‪ ،‬و تقديراهتا حلجم‬

‫االيرادات العامة ‪ ،‬و كيفية حتصيلها من جهة أخرى ‪ ،‬و ينحبغي أن تكون هذه التقديرات مفصلة حىت ميكن التعرف‬

‫بسهولة على أهداف املوازنة و تقييمها و تقرير اعتمادها من عدمه ‪.‬‬

‫هذا ما مييز املوازنة ذاهتا عن مشروعات املوازنة املختلفة اليت تعدها احلكومة و هي بصدد رسم خطة عملها‬

‫االقتصادي ‪ ،‬فاملوازنة تتضمن تقديرات معتمدة و مصدق عليها من ممثلي االمة ‪ ،‬و من مت فإهنا تتضمن اذان‬

‫للثكومة ابإلنفاق يف احلدود و األوجه املعتمدة ‪ ،‬كما أهنا تتضمن اذان أخر جبحباية االيرادات على النثو املقرر و‬

‫الالزم لتغطية النفقات املعتمدة ‪.‬‬

‫املوازنة العامة تتميز أخريا أبهنا مقيدة مبدة معينة مقحبلة ‪ ،‬فالتقديرات املعتمدة للنفقات و االيرادات تنصرف اىل مدة‬

‫تتثدد عادة بسنة مستقلة ‪ ،‬و على ضوء هذه العناصر الثالثة ميكننا التمييز بني املوازنة العامة للدولة و بعض الواثئق‬

‫املالية و احملاسحبية القريحبة منها ‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فم اجلهة األوىل ‪ :‬ختتلف املوازنة عما يسمى ابحلساب اخلتامي يف أهنا حتتوي على التقديرات لنفقات الدولة و‬

‫ايراداهتا لسنة مقحبلة ‪ ،‬أما احلساب اخلتامي فهو يشمل النفقات و االيرادات الفعلية للسنة ذاهتا بعد انقضائها ‪ ،‬أي أنه‬

‫يحبني لنا النفقات اليت انفقت فعال و االيرادات اليت حصلت فعال خال السنة املالية املنقضية ‪ ،‬و ميكننا مبقارنة أرقام‬

‫املوازنة أبرقام احلساب اخلتامي معرفة مدى صثة التقديرات اليت جاءت يف املوازنة و مطابقتها ابلوقائع ‪ ،‬و إذا كانت‬

‫املوازنة تستقي أمهيتها من كوهنا خطة عمل احلكومة ‪ ،‬و تتضمن برانجمها االقتصادي ‪ ،‬فان احلساب اخلتامي يستثق‬

‫هو األخر أن نوليه الكثري من األمهية ألنه يسجل لنا مدى أمانة احلكومة و حرصها على تنفيذ برانجمها ‪ ،‬إال أن‬

‫املالحظ يف احلياة السياسية أن ممثلي الشعب كثريا ما يهتمون مبناقشة مشروعات املوازنة ملا تعنيه من أمهية سياسية‪.‬‬

‫م جهة اثنية ‪ :‬ختتلف املوازنة عن املوازانت التقديرية للمشروعات العامة ‪ ،‬ذلك أن املوازانت األخرية ال تعدو أن‬

‫تكون تقديرا ألهداف هذه املشروعات ‪ ،‬و كيفية بلوغها فهي و ان كانت تتضمن تصورا دقيقا للنفقات الالزمة‬

‫لتثقيق هذه االهداف و االيرادات الالزمة لتمويلها ‪ ،‬إال أهنا تفتقر اىل عنصر اإللزام الذي تتميز به موازنة الدولة‬

‫لدى اعتمادها ‪ ،‬فكما سحبقنا و أن ذكران فان املوازنة العامة للدولة ال تقتصر على جمرد تقدير النفقات و االيرادات‬

‫ملدة مقحبلة ‪ ،‬و إمنا يتعدى ذلك اىل التصريح للثكومة ابلعمل يف حدود األرقام املعتمدة من ممثلي األمة ‪.‬‬

‫و م جهة اثلثة ‪ :‬ختتلف املوازنة العامة للدولة عن املوازنة القومية ‪ ،‬فحبينما تنثصر املوازنة العامة للدولة يف تقدير‬

‫النفقات و االيرادات املتوقعة لألمة شاملة دون التفرقة بني احلكومات و املشروعات و األفراد ‪ ،‬و تحبدو احلكمة من‬

‫حتضري املوازنة القومية يف أمهية التعرف على املعطيات األساسية لالقتصاد القومي من إنفاق كلي و انتج كلي حىت‬

‫ميكن على ضوئها حتديد السياسة املالية املناسحبة ‪ ،‬و من املفيد أن نلفت النظر اىل أمهية العالقة بني كل من املوازنة‬

‫القومية و املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬إذ تعمل احلكومات جاهدة االن على حتضري موازانهتا و حجم كل من نفقاهتا و‬

‫إيراداهتا العا مة على ضوء االجتاهات االقتصادية العامة اليت تستخلصها من واقع بياانت املوازنة القومية ‪ ،‬فإذا كانت‬

‫هذه الحبياانت تشري على سحبيل املثا اىل اخنفاض يف حجم االنفاق الكلي نظرا مليل األفراد اىل زايدة نسحبة املدخر من‬

‫‪96‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫دخوهلم بصورة هتدد بحبقاء جزء كحبري من املدخرات القوم ية دون استثمار ‪ ،‬فإنه ينحبغي على احلكومة حينئذ أن تعمل‬

‫على تعويض ذلك من خال زايدة أنفاقها العام مبا يكفل احملافظة على مستوى االنفاق الكلي حلماية االقتصاد‬

‫القومي من االنكماش ‪.‬‬

‫و م جهة رابعة ‪ :‬ختتلف املوازنة العامة للدولة عن املوازنة النقدية للدولة اليت تشمل من انحية تقديرا للموارد املتوقع‬

‫حتصيلها خال العام على مستوى االقتصاد القومي كله من النقد األجنيب نتيجة تصدير السلع و اخلدمات للخارج و‬

‫ذات املدة‬ ‫تدفق رأس املا األجنيب للداخل و تقديرا من انحية أخرى لالستخدامات املتوقعة هلذه احلصيلة خال‬

‫لتمويل الواردات و االستثمارات الوطنية يف اخلارج ‪ ،‬و تلفت املوازنة النقدية اهتمام الحباحثني بصفة خاصة يف الدو‬

‫املهددة دائما بتثقيق عجز يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬إذ ميكن من خال مفاضلة بنود االستخدامات املختلفة للنقد‬

‫األجنيب حتديد أولوايت للواردات و حماولة ضغط بعضها مبا يكفل التوزيع األمثل للتثصيل من العمالت األجنحبية ‪ ،‬و‬

‫لعل هذا يوضح الشحبه بني هذه املوازنة و املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬فكلتامها تسعى اىل بيان االستخدام األفضل و األمثل‬

‫ملوارد حمدودة يف إشحباع العديد من احلاجات ‪ ،‬و ابإلضافة اىل ذلك فان العالقة بني هاتني املوازنتني تحبدو وثيقة يف‬

‫أحيان كثرية ‪ ،‬إذ أن قيام الدولة بحبعض اخلدمات العامة يستلزم عادة توفر حصيلة من النقد األجنيب ‪ ،‬و من مت فان‬

‫االنفاق العام املتعلق هبذه اخلدمات يتم حتديده وفقا للموارد املتوقعة من العمليات األجنحبية و كيفية توزيعها على‬

‫خمتلف االستخدامات ‪ ،‬عدا هذا التشابه فإن املوازنة النقدية و املوازنة العامة للدولة ختتلفان بصورة واضثة فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ تقتصر املوازنة العامة للدولة على تقدير نفقات و ايرادات القطاع احلكومي فقط دون غريه من قطاعات االقتصاد‬

‫القومي ‪ ،‬بينما تشمل تقديرات املوازنة النقدية متثصالت و استخدامات النقد األجنيب ابلنسحبة لكافة قطاعات‬

‫االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يتم تقدير النفقات و االيرادات يف املوازنة العامة للدولة ابلعملة الوطنية حىت لو تعلق األمر إبيرادات أجنحبية أو بنفقات‬

‫ستتم بعملية غري وطنية ‪ ،‬أما املوازنة النقدية فيتم حصر املوارد فيها وفقا للعمالت األجنحبية املتوقع تدفقها بعد تقسيمها‬

‫اىل عمالت صعحبة قابلة للتثويل و عمالت سهلة غري قابلة للتثويل ‪ ،‬و يتم توزيع االستخدامات فيها بنفس الوسيلة‬

‫مبا يكفل حتقيق املوازنة بني جمموع املتثصل و املستخدم من كل طائفة من العمالت األجنحبية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أهمية الموازنة العامة للدولة ‪:‬‬

‫تتفق مج يع نظم احلكم الدكتاتورية منها و الدميقراطية و الرائسية و النيابية ‪ ،‬االهتمام بتنظيم نفقاهتا و إيراداهتا العامة‬

‫يف صورة موازنة عامة للدولة ‪ ،‬إذ ال يتصور مطلقا أن تسري املصاحل العامة بشكل منتظم و مرض دون تنسيق كاف‬

‫بني خمتلف املرافق العامة ‪ ،‬و إذا وضعنا يف احل سحبان ضخامة املحبالغ اليت تتناوهلا املوازانت العامة عادة ‪ ،‬فإن هذا‬

‫التنسيق يحبدو ملثا حىت ميكن من جهة موازنة جمموع النفقات العامة مبجموع االيرادات العامة و حىت ميكن من جهة‬

‫أخرى املفاضلة بني نوعيات االنفاق املختلفة مبا يكفل إشحباع أكثر احلاجات إحلاحا و جتنب أي تحبذير أو إسراف من‬

‫جانب القائمني على إدارة املرافق العامة‬

‫يشرتط‬ ‫غري أن من املؤكد أن املوازنة العامة للدولة أتخذ أمهية سياسية خاصة يف ظل الدميقراطيات النيابية ‪ ،‬حي‬

‫لتنفيذ املوازنة أن يعتمد مشروعها من جانب الربملان و يعترب هذا االعتماد مبثابة موافقة من ممثلي األمة على خطة‬

‫عمل احلكومة و على سياستها املالية و االقتصادية بصفة عامة ‪ ،‬و اليت ال تعدو املوازنة أن تكون مرأة دقيقة هلا ‪ ،‬و‬

‫قد أصحبح اعتماد الربملان للموازنة من املحبادئ الدستورية الراسخة يف كل الدو ذات احلكومات النيابية ‪.‬‬

‫و من جهة أخرى تزداد أمهية املوا زنة العامة للدولة من الناحية االقتصادية يف الدو اليت تسعى إىل توجيه إقتصادايهتا‬

‫من خال ختطيط االستثمار و االنفاق إذ تعدو املوازنة حينئذ أداة أساسية من أدوات التخطيط احلكومي ‪ ،‬و يتم‬

‫ربطها بصورة واضثة ابخلطة القومية للدولة ‪ ،‬حبي يتم حتديد حجم االستثمارات العامة و توزيعها على خمتلف أبواب‬

‫‪98‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و فصو املوازنة من واقع هذه اخلطة ‪ ،‬و من املالحظ بصفة عامة منذ انتهاء احلرب العاملية الثانية أن العالقة بني‬

‫املوازن العامة و اخلطة القومية أخذة يف التوثق يف معظم دو العامل ‪ ،‬فالدو ذات االقتصاد املوجه تعترب املوازنة األداة‬

‫الرئيسية للتدخل يف احلياة االقتصادية و توجيهها حنو حتقيق أهداف التوازن االقتصادي و التنمية ‪ ،‬بينما تنظر اليها‬

‫الدو اليت أتخذ مبحبدأ التخطيط الشامل لالقتصاد القومي ابعتحبارها جزءا أو شرحية من اخلطط متوسطة أو طويلة‬

‫األجل املوضوعة من قحبل أجهزة التخطيط املركزية ‪.‬‬

‫و من الناحية االدارية و احملاسحبية فإن املوازنة العامة للدولة تحبدو على درجة كحبرية من األمهية و خاصة فيما يتعلق‬

‫ابإلنفاق العام ‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت االيرادات العامة حتصل طحبقا للقوانني اخلاصة هبا بغض النظر عن األرقام املقدرة‬

‫ميتنع على‬ ‫هلا يف املوازنة فإن النفقات العا مة ينحبغي أن تتم يف حدود األرقام املقدرة و املعتمدة هلا يف املوازنة حبي‬

‫حماسيب املرافق العامة صرف أي محبلغ إال يف حدود األرقام و االعتمادات املقررة ‪ ،‬ووفقا لألوضاع و التعليمات املالية‬

‫املقررة ‪ ،‬و ابإلضافة اىل ما سحبق فإن أمهية املوازنة تحبدو واضثة من الناحية احملاسحبية فيما يتعلق بتثديد أنواع‬

‫حساابت االيرادات و النفقات اليت ينحبغي على املصاحل احلكومة إمساكها لتنظيم معامالهتا املالية ‪ ،‬إذ ميسك لكل نوع‬

‫من االيرادات و النفقات حساب خاص خيتلف من سنة ألخرى وفقا لطريقة و مدة اعتماد املوازنة ‪.‬‬

‫أيضا للموازنة أمه يتها من الناحية القانونية يكفي للتدليل على ذلك أن نذكر أن املوازنة ال تصحبح قابلة للتنفيذ إال بعد‬

‫اعتمادها من السلطة التشريعية و صدور قانون يربطها ‪ ،‬غري أنه من الضروري أن ننحبه يف هذا اجملا أن املوازنة تعترب‬

‫ابلرغم من ذلك عمال إداراي حمضا ‪ ،‬و ليس قانوان ‪ ،‬فهي من حي املوضوع ال تقرر قواعد عامة و دائمة مثلما هو‬

‫الشكل ال تعد أيضا تشريعا ‪ ،‬إذ أهنا ال تعدو أن تكون جمرد وسيلة‬ ‫احلا يف التشريعات ‪ ،‬و هي من حي‬

‫تستخدمها احلكومة لتنظيم إيراداهتا و نفقاهتا خال مدة حمددة ‪ ،‬أما اجلاين التشريعي للموازنة فيقتصر على قانون‬

‫الشكل فقط ‪ ،‬نظرا لصدوره عن السلطة التشريعية ‪ ،‬أما من حي‬ ‫ربطها و هو يعترب عمال تشريعيا من حي‬

‫املوضوع فهو ال يعدو أن يكون عمال إداراي حمضا ألنه ال حيتوي على أية قاعدة عامة جديدة ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و من املقرر يف هذا الشأن أن قانون ربط املوازنة ال يعطي للثكومة أي سلطة أو حق مل يكن مقررا هلا من قحبل‬

‫مبقتضى القوانني السارية ‪ ،‬و من مت فإنه ينحبغي أال حيتوي مشروع املوازنة على إيرادات أو نفقات ال جتد أساسا هلا يف‬

‫قانون قائم فعال ‪.¹‬‬

‫‪ 2‬ـ المبادئ األساسية إلعداد الموازنة ‪:‬‬

‫تتفق الكتاابت التقليدية يف علم املالية العامة على وضع جمموعة من القواعد الفنية اليت تلتزم السلطة التنفيذية‬

‫ابحرتامها عند حتضريها للموازنة العامة للدولة ‪ ،‬و هتدف هذه القواعد يف جمموعها اىل ضمان تيسري الرقابة الربملانية‬

‫على السياسة املالية للدولة و ضمان حتضري املوازنة أبسلوب اقتصادي مقحبو بقدر االمكان عن التحبذير و االسراف ‪،‬‬

‫و لعله من السهل تفسري احلرص على حتقيق هذين اهلدفني ‪ ،‬فاحلكومة حتصل األموا و تنفقها حلساب الغري ‪ ،‬و‬

‫هذا يف حد ذاته ال يشجع على جتنب االسراف ‪ ،‬و من مت فإنه يحبدو من الضروري تقييد حتضري املوازنة العامة‬

‫مبجموعة من القواعد تكفل تسهيل مهمة ممثلي األمة يف مراقحبة التصرفات املالية للثكومة ‪ ،‬و ابإلضافة اىل ذلك ‪،‬‬

‫فإن الدور اليت تلعحبه املوازنة يف توجيه االقتصاد القومي جتعل اجلميع مهتما حبسن توظيف األموا العامة على حنو‬

‫يتضمن تنمية املوارد االنتاجية للمجتمع و احلفاظ على التوازن االقتصادي و االجتماعي داخل الدولة ‪.‬‬

‫قد تشكلت هذه القواعد خال القرن التاسع عشر ‪ ،‬و بدأت ملسات التطور تلثقها مع تزايد تدخل الدولة يف احلياة‬

‫االقتصادية بعد احلرب العاملية األوىل ‪.‬‬

‫ــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي حممود شهاب ( ‪ )4111‬ـ املرجع السابقص ‪ 712‬و ‪. 718‬‬

‫‪100‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أ) املبادئ الفنية ملوازنة الدولة ‪ :‬تتمثل هذه القواعد يف محبادئ مخسة و هي ‪ :‬وحدة املوازنة ‪ ،‬سنوية املوازنة مشولية‬

‫أو عمومية املوازنة ‪ ،‬عدم التخصيص االيرادات ‪ ،‬توازن املوازنة ‪.‬‬

‫‪ ‬وحدة املوازنة* ‪ :‬تستوجب قاعدة وحدة املوازنة أن تدرج كافة اإليرادات و النفقات العامة يف وثيقة واحدة حبي‬

‫يسهل عرض املوازنة يف أبسط صورة ممكنة كي يتسىن ملن يريد االطالع على املركز املايل للدولة أن يعرف ألو وهلة‬

‫و مبجرد النظر للموازنة مدى توازهنا ‪.‬‬

‫‪ ‬سنوية املوازنة ** ‪ :‬يتم إعداد املوازنة ملدة سنة بصفة عامة إذ جرت العادة على اعتحبار هذه املدة منوذجية لتقدير‬

‫نفقات و إيرادات الدولة و الداللة على ذلك فإن علينا أن نتصور املصاعب اليت قد تنجم عن اعداد املوازنة لفرتة‬

‫أطو أو أقل من العام ‪.‬‬

‫‪ ‬عمومية أو مشولية املوازنة ***‪ :‬هناك صلة وثيقة بني حتصيل االيرادات العامة و انفاقها ‪ ،‬فتثصيل أي إيراد عام‬

‫يستلزم إنفاق محبالغ عامة يف صورة مرتحبات للموظفني القائمني ابلتثصيل ‪ ،‬و لألجهزة املشرفة على العمليات‬

‫احملاسحبية اخلاصة به ‪ ،‬و ابملثل فإن القيام إبنفاق بعض املحبالغ العامة قد يرتتب عليه إنتاج إيراد للدولة ‪ ،‬فإنشاء دور‬

‫للتعليم و دفع مرتحبات للمدرسني يقابله حتصيل رسوم من طاليب العلم ‪ ،‬و إبجياز فإن معظم املرافق العامة يف الدولة‬

‫تتكون موازانهتا من جانب للنفقات ‪ ،‬و جانب أخر لإليرادات ‪ ،‬و هذا ما يدفعنا اىل التساؤ عن كيفية تناوهلا و‬

‫عرض موقفها املايل يف املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬هل ينحبغي إدراج كافة نفقاهتا و إيراداهتا ابلتفصيل أم أنه ميكن االكتفاء‬

‫بتدوين احلساب الصايف لكل مرفق محباشرة؟ ان األخذ ابحلل األو يعين اتحباع محبدأ مشو أو عمومية املوازنة ‪ ،‬بينما‬

‫يعين األخذ ابحلل الثاين اتحباع محبدأ الناتج الصايف يف تدوين حساابت املرافق العامة ‪.‬‬

‫ــــــ‬
‫‪*unité du budget‬‬
‫‪** Annualité du budget‬‬
‫‪*** Généralité du budget‬‬

‫‪101‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مما ال شك فيه أن األخذ مبحبدأ الناتج الصايف يتيح لنا الفرصة ملعرفة موقف كل مرفق من املرافق العامة على حدة‬

‫بصورة محبسطة و سهلة ‪ ،‬إذ ميكن معه مبجرد االطالع على املوازنة العامة حتديد ما إذا كان املرفق ميثل مصدرا من‬

‫مصادر االيرادات العامة يف الدولة أم أنه مل يعدو أن يكون اباب من أبواب االنفاق العام ‪ ،‬و ابإلضافة اىل ذلك فإن‬

‫تطحبيق محبدأ الناتج الصايف جينب احلكومة إدراج الكثري من التفاصيل قليلة األمهية يف املوازنة و مينع من مث تضخم‬

‫حجمها و تعقيد عرضها ‪ ،‬و هذه و ال شك ميزة كربى يف وقتنا احلاضر الذي تتميز فيه املوازانت العامة للدو بكثرة‬

‫األرقام الواردة هبا بصورة تعرقل من مراقحبة ممثلي األمة للحبياانت الواردة هبا نظرا لعدم قدرهتم على االملام بكل ما هبا من‬

‫تقديرات ‪.‬غري أن هذا التصور لألمور يحبدو قاصرا يف أعني الكثريين الذين يرون أن االكتفاء بتدوين صايف حساابت‬

‫املرافق العامة يفوت على الرقابة الربملانية فرصة االشراف على نفقات كل مصلثة حكومية على حدة و التعرف بدقة‬

‫على مدى سالمة تصرفات القائمني عليها ‪.‬‬

‫و ابإلضافة اىل ذلك فإن تدوين صايف حساابت املرافق العامة يعين أساسا ختصيص إيرادات كل مرفق بداءة لنفقاته و‬

‫هذا عالوة على ما قد يؤدي اليه من إسراف و تحبذير يتضمن إخالال مبحبدأ عدم ختصيص االيرادات الذي هو ضمن‬

‫محبادئ املوازنة ‪ ،‬و لعل يف هذه االعتحبارات ما يفسر متسك املفكرين التقليديني بقاعدة عمومية امليزانية ابعتحبارها متثل‬

‫الضمانة األساسية ألحكام الرقابة على األعما احلكومية و التعرف بدقة على سالمة ما تتخذه احلكومة من قرارات‬

‫و هي بصدد أنفاق املوارد العامة للدولة ‪.‬‬

‫عدم ختصيص اإليرادات*‪ :‬يتفق املفكرون التقليديون على ضرورة حتصيل كافة االيرادات العامة لصاحل خزانة الدولة مث‬

‫االنفاق منها على كافة املرافق العامة دون أدىن ختصيص ‪ ،‬و مبعىن أخر فإن جمموع االيرادات يكون موقوفا على‬

‫ـــــــ‬
‫‪*Non spécification des Revenus‬‬

‫‪102‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫جمموع النفقات العامة حبي حيظر على احلكومة ختصيص إيراد ما لنفقة معينة ‪ ،‬و على ذلك فإنه ميتنع على احلكومة‬

‫ختصيص حصيلة الضرائب احملصلة من ساكين حي من األحياء يف حتسني اخلدمات العامة يف هذا احلي ‪ ،‬كما حيظر‬

‫عليها ختصيص إيرادات مرفق من املرافق العامة لإلنفاق على اخلدمات اليت يقدمها فثسب فطحبقا لقاعدة عدم‬

‫ختصيص االيرادات ينحبغي أن تواجه مجيع إيرادات الدولة بكافة نفقاهتا العامة ‪.‬‬

‫وابإلضافة اىل هذا التفسري السياسي ملحبدأ عدم ختصيص االيرادات فإن هناك تفسريا اقتصاداي يدعمه بقوة ‪ ،‬ذلك أن‬

‫االخذ هب ذا املحبدأ ميثل ضمانة حلسن توزيع املوارد العامة دون تحبذير خمتلف احلاجات العامة ‪ ،‬و لنتصور للداللة على‬

‫ذلك ما ميكن حدوثه يف حالة عدم احرتام هذا املحبدأ ‪ ،‬فإذا ارتحبطت املصروفات املخصصة خلدمات مرفق معني إبيراد‬

‫حمدد و زادت نفقات هذا املرفق عن هذا االيراد فإنه من الطحبيعي أن يتعذر على القائمني على إدارته تقدمي اخلدمات‬

‫العامة املنوط هبم تقدميها على وجه مرضي ‪ ،‬و ابلعكس فإنه إذا زاد االيراد عن حاجة املرفق فإنه من املتصور أن‬

‫يدفعهم ذلك اىل التحبذير يف االنفاق ‪ ،‬و من الواضح أنه ميكننا تاليف هذه املخاطر إذ رفضنا ربط أي إيراد أبية نفقة‬

‫من النفقات العامة ‪ ،‬إذ سيتيسر حينئذ توزيع املوارد العامة على خمتلف املرافق الدولة مبا يضمن االستخدامات املثلى‬

‫هلا‪.‬‬

‫توازن املوازنة* ‪ :‬كانت الغالحبية العظمى من االقتصاديني التقليديني تعتنق املذهب احلر و تؤمن بضرورة احلد من‬

‫تدخل الدولة يف احليا ة االقتصادية ‪ ،‬كما كانت تؤمن مبيل االقتصاد التلقائي حنو التوازن ‪ ،‬فاالدخار و االستثمار‬

‫مييالن دائما اىل التعاد عن طريق تغريات يف سعر الفائدة ‪ ،‬كما أن التوازن االقتصادي يتحدد عند مستوى‬

‫التشغيل الكامل لكل طاقات اجملتمع االنتاجية طاملا ظلت الدولة حريصة على عدالة التدخل يف امليدان االقتصادي‬

‫و على عدم عرقلة حركة االقتصاد القومي حنو التوازن ‪،‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪*Equilibre du budget‬‬

‫‪103‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يف ظل هذه املعتقدات فإن محبدأ توازن املوازنة ال بد و أن حياط هبالة ضخمة من التقدير ابعتحباره ميثل إحدى‬

‫الضماانت األساسية حليدة السياسة املالية للدولة ‪ ،‬و رغحبة احلكومة يف عدم التأثري على جمرايت احلياة االقتصادية ‪،‬‬

‫هذا و تعترب املوازنة متوازنة مىت تساوت إيرا داهتا بنفقاهتا ‪ ،‬و ملا كان التوازن احلسايب للموازنة أمرا حمتما ‪ ،‬فإن املقصود‬

‫بتوازهنا يف هذا اجملال هو التوازن االقتصادي الذي يعرف على النحو التايل ‪ :‬كافة االيرادات العادية ملواجهة‬

‫كافة النفقات الواردة ابملوازنة ‪ ،‬و املقصود ابإليرادات العادية يف هذا الصدد حصيلة الضرايب و الرسوم و‬

‫االيرادات الناجتة ع استغالل ممتلكات الدولة ‪ ،‬أما إذا تحبني أن هذه احلصيلة غري كافية ملواجهة النفقات العامة و‬

‫أن الدولة مضطرة اىل اللجوء لالقرتاض أو االصدار النقدي لتمويل بعض نفقاهتا ‪ ،‬فإن املوازنة تعترب يف حالة عجز ‪،‬‬

‫و ابلعكس فإنه إذا تحبني أن االيرادات العادية تفوق جمموع النفقات الواردة يف املوازنة ‪ ،‬فإن هذه تعترب يف حالة فائض‬

‫‪.‬‬

‫و ينتقد الفكر التقليدي حاليت العجز و الفائض على حد سواء و خماطر مها ‪: ¹‬‬

‫خماطر عجز امليزانية ‪ :‬تقتضي مواجهة عجز املوازنة اللجوء حلل من اثنني أوهلما زايدة حجم الدين العام عن طريق‬

‫طرح قرض جديد لالكتتاب ‪ ،‬اثنيهما متويل املوازنة ابلعجز عن طريق االصدار النقدي ‪ ،‬و ينتقد املفكرون التقليديون‬

‫هذين احللني معا ملا يرتتب على األخذ هبما من إخال ابلتوازن التلقائي لالقتصاد القومي ‪.‬‬

‫ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي حممود شهاب ( ‪ )4111‬ـ االقتصاد املايل ـ املرجع السابقص ‪. 728‬‬

‫‪104‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فإذا ما واجهت احلكومة عجز املوازنة عن طريق االقرتاض من االفراد ‪ ،‬فإن ذلك سيؤدي اىل حرمان بعض القطاعات‬

‫االنتاجية يف االقتصاد القومي من رؤوس األموا الالزمة لتنميتها ‪ ،‬و يرى التقليديون أن زايدة الدين العام تتضمن يف‬

‫حقيقة األمر خطرا مزدوجا على سري النشاط االقتصادي ‪ ،‬فهي من جهة حترم الصناعة و التجارة من االستثمارات‬

‫اليت كان ميكن القيام هبا يف حالة عدم زايدة الدين العام ‪ ،‬كما أهنا من جهة أخرى تستلزم زايدة الضرائب لدفع فوائد‬

‫الدين و تسديده فيما بعد ‪ ،‬و قد تؤدي زايدة الضرائب اىل هروب رأس املا اىل اخلارج أو أحجام األفراد عن العمل‬

‫‪ .‬فإن متويل عجز املوازنة عن طريق القروض العامة يهدد بتثميل بعض األجيا أبعحباء مالية ال شأن هلا هبا ‪.‬‬

‫و ملواجهة هلذه االنتقادات فقد يقرتح الحبعض متويل عجز املوازنة عن طريق اإلصدار النقدي ‪ ،‬إال أن هذا احلل ال يقل‬

‫خطورة عن سابقه نظرا ملا يثريه من موجات تضخمية يف االقتصاد القومي ‪ ،‬ذلك أن استخدام النقود اجلديدة اليت‬

‫أصدرهتا احلكومة لسد عجز املوازنة يزيد من كمية وسائل الدفع دون أن يساهم يف زايدة السلع االستهالكية مما يرتتب‬

‫عليه ارتفاع االسعار و اخنفاض قيمة النقود أي تدهور قوهتا الشرائية ‪ ،‬و تحبدو خطورة هذا االمر بوجه خاص عندما‬

‫يرتاكم عجز املوازنة عاما بعد عام مما يؤدي اىل زايدة عرض النقود و زايدة حدة املوجة التضخمية النامجة عن ذلك ‪.‬‬

‫و يحبدي املفكرون التقليديون تشاؤما ملثوظا جتاه وقف هذه املوجة التضخمية إذ ان التضخم انجم عن عجز املوازنة‬

‫مييل يف تصورهم اىل ازايد من تلقاء نفسه ‪ ،‬ذلك أن ارتفاع األسعار يؤدي اىل زايدة االنفاق العام و من مث اىل زايدة‬

‫العجز من جديد مما يدفع احلكومة اىل اصدار نقود جديدة ملواجهة هذا العجز ‪ ،‬و هذا اإلصدار اجلديد يؤدي اىل‬

‫رفع ا ملوجة التضخمية لألمام و هكذا يدور االقتصاد القومي يف حلقة مفرغة من االصدار النقدي و ارتفاع االسعار ‪،‬‬

‫و ليس من الصعب أن نتصور خطورة هذا الوضع على النظامني االقتصادي و السياسي يف الدولة ‪.‬‬

‫و هكذا يلخص التقليديون اىل تحبيان خماطر عجز املوازنة العامة لينتقلوا اىل شرح مساوئ املوازنة اليت حتقق فائضا يف‬

‫االيرادات ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خماطر فايض املوازنة ‪:‬لعل اخلطر األساسي لفائض املوازنة يف نظر التقليديينيتمثل فيما يعنيه حتقيق هذا الفائض من‬

‫تعسف السلطة التنفيذية يف استخدام سلطتها يف فرض الضرائب ‪ ،‬ففائض املوازنة يعين بحبساطة أن الدولة حتصل من‬

‫مواطنيها قدرا من الضرائب يفوق حاجتها أي أهنا حترمهم دون وجه حق من االستفادة أبمواهلم اخلاصة ‪ ،‬و هذا يغري‬

‫شكل تصرف سيئ من جانحبها ‪ ،‬على أن ما يزيد هذا التصرف سوءا هو أن الفائض يغري ابلتوسع مستقحبال يف‬

‫النفقات العامة ‪ ،‬إذ أن حتقيق فائض يف سنة من السنوات يشجع كال من الربملان و احلكومة على زايدة االفاق العام‬

‫يف السنة املقحبلة يف أوجه إنفاق جديدة قد ال تكون ضرورية او أساسية مما يعين التحبذير يف استخدام موارد الدولة ‪،‬‬

‫تصحبح هذه النفقات اجلديدة أعحباء دائمة يف املستقحبل و يصحبح من العسري التخلص منها ‪ ،‬و هكذا فإن‬ ‫حي‬

‫الفائض املؤقت قد يرتتب عليه توليد عجز دائم وضار يف املستقحبل ‪.¹‬‬

‫و ابإلضافة اىل هذه االعتحبارات فان حتقيق فائض يف املوازنة يعين أيضا ححبس جزء من الدخل القومي عن التداو ‪ ،‬و‬

‫من مث حرمان املشروعات االنتاجية من رؤوس االموا الالزمة لتنمية النشاط االقتصادي ‪ ،‬عالوة على جتميد جزء من‬

‫القوة الشرائية مما سيرتتب عليه اخنفاض الطلب الكلي ‪ ،‬و ظهور بوادر أزمة انكماشية يف االقتصاد القومي إذ يستتحبع‬

‫هذا االخنفاض انكماش يف حجم االنتاج ‪ ،‬األمر الذي سينعكس على سوق العمالة يف صورة عدد العاطلني ‪ ،‬و من‬

‫مث تناقص الدخو املوزعة ‪ ،‬و هكذا ندور يف حلقة مفرغة من تناقص الدخل القومي و الحبطالة و انكماش حجم‬

‫االنتاج كل هذا يدفع ابلتقليديني اىل نحبذ فكرة حتقيق فائض يف املوازنة و تفضيل احلد من الضرائب العامة لتاليف هذا‬

‫الفائض و إاتحة الفرصة للمواطنني لالستفادة من دخوهلم بصورة أفضل ‪.‬‬

‫ـــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬جمدي حممود شهاب ( ‪ )4111‬ـ املرجع السابقص ‪. 780‬‬

‫‪106‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و ينتهي على هذا النثو اىل التأكد على ضرورة احرتام محبدأ توازن املوازنة ابعتحباره الوسيلة لتثقيق التوازن االقتصادي‬

‫القومي ‪ ،‬و من املفيد أن نشري يف هذا املحبدأ اىل أن قاعدة توازن املوازنة تعترب امتداد طحبيعيا لقاعدة سنوية املوازنة ذلك‬

‫أن جتاوز الدولة اىل اإليرادات غري العادية مثل القروض العامة ملواجهة النفقات العامة يف سنة معينة يعين حتميل‬

‫املوازانت التالية جبزء من أعحباء هذه النفقات ‪ ،‬و ذلك يف صورة دفع فوائد الدين أو رد الدين ذاته ‪ ،‬و هذا ما يتعارض‬

‫صراحة مع التطحبيق الدقيق لقاعدة سنوية املوازنة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ اجراءات و أساليب إعداد الموازنة ‪:‬‬

‫يعترب اعداد املوازنة العامة للدولة إحدى مسئوليات السلطة التنفيذية ‪ ،‬فاحلكومة هي املنوط هبا عادة إجراء الدراسات‬

‫املتعلقة بتثديد الوسائل املثلى إلشحباع احلاجات العامة و حتضري املوازانت على ضوئها ‪ ،‬هذا و قد تطورت أساليب‬

‫إعداد هذه السلطة للموازنة تطورا كحبريا يف السنوات األخرية ‪ ،‬فتضخم حجم املوازنة و تزايد أمهية أتثريها على احلياة‬

‫االقتصادية و االجتماعية جعل من عملية حتضريها مسألة فنية دقيقة ال يحبخل االقتصاديون من جتنيد أدوات التثليل‬

‫احلديثة من أجل تطويرها و جعلها مالئمة للمعطيات االقتصادية املعاصرة ‪.‬‬

‫أ)السلطة املختصة إبعداد املوازنة ‪:‬إن إعداد املوازنة يعترب من األعما اإلدارية الفنية اليت يفضل تركها للثكومة نظرا‬

‫لكوهنا أقدر السلطات على تقدير إيرادات الدولة ‪ ،‬و على اإلملام مبختلف احلاجات املطلوب إشحباعها ‪ ،‬و ابإلضافة‬

‫فإن اجملالس النيابية معروفة من جهة مبيلها للتوسع يف االنفاق ‪ ،‬رغحبة يف إرضاء الناخحبني ‪ ،‬و من جهة أخرى بعدم‬

‫قدرهتا على االلتزام بتصور شامل لإلنفاق العام فكل انئب حريص على حتقيق مصاحل دائرته االنتخابية بغض النظر‬

‫عن ترتيحبها يف األولوايت القومية لذا فإنه من األفضل أبعاد هذه اجملالس عن عملية إعداد املوازنة حىت تسهل موازنتها‬

‫‪ ،‬و حىت ميكن احلفاظ على تناسقها ‪ ،‬على أن يكتفي ابعتمادها منها يف مرحلة الحقة ‪ ،‬غري أنه من املتصور أن‬

‫يطالب اجمللس النيايب السلطة ال تنفيذية مبراعاة بعض االعتحبارات يف عملية االعداد كأن يلزمها على سحبيل املثا ابحرتام‬

‫‪107‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫على أن دوره ينحبغي أن يتوقف عند حد‬ ‫اخلطة االقتصادية العامة للدولة اليت سحبق له االقرتاع عليها ابملوافقة ‪.‬‬

‫التوجيهات العامة و دون الدخو يف تفاصيل عملية االعداد حىت ال يضيف اىل مشاكل االعداد تعقيدات جديدة ‪.‬‬

‫هذا و يتثمل وزير املالية العبء األكرب من إعداد املوازنة ‪ ،‬فهو بوجه عام يقوم بوظائف أساسية ثالث يف هذا‬

‫الصدد‪:‬ـ جتميع مقرتحات االنفاق املقدمة من املرافق العامة املختلفة ‪.‬ـ حصر إيرادات الدولة و تقديرها ‪.‬ـ املوازنة بني‬

‫مقرتحات االنفاق و االيرادات املتوقعة ‪.‬‬

‫و من الطحبيعي أن يثري قيام وزير املالية ابلوظيفة األخرية مشاكل دقيقة خاصة عندما يزيد جمموع النفقات املقرتحة عن‬

‫جمموع االيرادات املتوقعة ‪ ،‬إذ يتعني يف هذه احلالة حتديد سلطة هذا الوزير يف ختفيض بعض مقرتحات االنفاق ‪ ،‬و يف‬

‫واقع األمر فإن موازنة نفقات الدولة إبيراداهتا هي مسؤولية وزير املالية ‪ ،‬و من الطحبيعي حي توجد املسؤولية أن توجد‬

‫السلطة أيضا ‪ ،‬لذا فإنه يحبدوا لنا منطقيا أن يتمتع هذا الوزير بسلطة ختفيض النفقات املقرتحة مبا حيقق التوازن املنشود‬

‫فإعداد املوازنة بواسطة وزير املالية كان يتمشى مع املفهوم التقليدي للمالية العامة عندما كان دور الدولة حمدودا يف‬

‫أداء اخلدمات العامة األساسية و كان اهلدف من إعداد امليزانية تغطية النفقات العامة اإلدارية فثسب ‪ .‬أما و قد‬

‫تغري مفهوم املالية و أصحبثت املوازنة تستخدم أيضا لتثقيق تدخل الدولة بصورة واسعة يف امليدانني االقتصادي و‬

‫االجتماعي ‪ ،‬فإنه من أجدر برئيس احلكومة االشراف بنفسه على إعدادها خاصة و أن مشروع املوازنة يعد مبثابة‬

‫اخلطة التفصيلية للعمل احلكومي مما جيعل من األوفق قيام احلكومة أبكملها و على قمتها رئيسها مبهمة توزيع موارد‬

‫الدولة على أوجه االنفاق املختلفة ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ب)األسـالـيـب الفـنـيـة إلعــداد مـ ــوازن ــة الدول ــة ‪:‬تطورت أساليب إعداد املوازنة بصورة ملثوظة يف اآلونة األخرية‬

‫من األسلوب التقليدي لإلعداد اىل األسلوب احلدي اليت تستخدمه بعض الدو املتقدمة اقتصاداي يف إعداد موازانهتا‬

‫ـ األسلوب ا لتقليدي إلعداد املوازنة ‪ :‬لشرح هذا األسلوب أنخذ منوذج إلعداد موازنة الدولة على هذا النثو ‪:‬تقوم‬

‫إدارة املوازنة بوزارة املالية يف بداية كل عام إبرسا منشور دوري لكافة الوزارات و املصاحل حتدد فيه األسس و القواعد‬

‫الالزمة إلعداد مشروع املوازنة اجلديدة ‪ ،‬و على ض وء هذا املنشور تقوم املرافق العامة إبعداد موازانهتا و توايف هبا الوزارة‬

‫التابعة هلا ‪ ،‬و بعد ذلك تضع كل وزارة مشروعا مبوازانهتا و موازانت املصاحل التابعة هلا ‪ ،‬و ينحبغي أن تراعي يف إعداده‬

‫األهداف الواردة ابخلطة العامة للدولة ‪ ،‬و كذا املوارد املتاحة هلا يف موازنة النقد األجنيب ‪ ،‬هذا و حتدد وزارة املالية يف‬

‫منشورها الدوري السابق اإلشارة إليه النظام الذي يتحبع يف إعداد املوازنة من حي تقدير النفقات و توزيعها و تحبويحبها‬

‫و املستندات و النماذج اليت ترفق مبشروع املوازنة لتدبري أي تعديل مقرتح يف هذا اخلصوص ‪ ،‬و تلتزم كل جهة‬

‫بتوضيح احتياجاهتا من النقد األجنيب و التسهيالت االئتمانية اليت تنتظر احلصو عليها ملواجهة هذه االحتياجات ‪.‬‬

‫و تثري عملية االعداد بوجه عام نوعني من املشاكل يتعلق أوهلا بتقدير النفقات و االيرادات الواردة ابملوازنة ‪ ،‬و‬

‫اثنيهما بوضع جدو أبولوايت االنفاق أو حتديد كيفية توزيع املوارد العامة على جماالت االنفاق املختلفة ‪.¹‬‬

‫ـــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬عاد حشيش و ‪ .‬مصطفى رشدي (‪ ، )4118‬املرجع السابق ص ‪.420‬‬

‫‪109‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج )تقدير النفقات و االيرادات العامة ‪ :‬أن موازنة الدولة هي التقدير املعتمد لنفقات الدولة و إيراداهتا خال مدة‬

‫مقحبلة ‪ ،‬و من الطحبيعي أن يواجه معدي املوازنة العديد من الصعوابت و هم بصدد تقدير تلك النفقات و االيرادات ‪،‬‬

‫و بصفة عامة هذا التقدير ينحبغي أن يستند على جمموعة من احلقائق و القواعد الفنية حىت ال حييد كثريا عن الواقع مما‬

‫قد ينجم عنه صعوبة تنفيذ املوازنة فيما بعد ‪.‬‬

‫فحبالنس حبة للنفقات العامة جرت العادة على أن يتم تقديرها محباشرة بواسطة املوظفني املختصني يف كل مرفق من املرافق‬

‫العامة ‪ ،‬فاألمر مرتوك خلربهتم و قدرهتم على حتديد حاجيات مرافقهم ‪ ،‬على أنه جيب على القائمني إبعداد املشروع‬

‫النهائي للموازنة التأكد من عدم مغاالة بعض املرافق يف تقدير مصروفاهتا خاصة و أن الكثريين من املسؤولني عن إدارة‬

‫املرافق احلكومية مييلون اىل التوسع يف تقدير احتياجاهتم حرصا منهم على حتقيق أفضل الظروف املالية لعملهم و حىت‬

‫يتأكدوا من قدرهتم على مواجهة أي طارئ خال السنة املالية ‪.‬‬

‫و ميكن بطحبيعة احلا االسرتشا د أبرقام النفقات العامة الواردة ابملوازانت السابقة مع مراعاة أال تكون منطوية على‬

‫إسراف أو متضمنة لحبعض النفقات العارضة أو االستثنائية كما ينحبغي على معدي املوازنة أن أيخذوا يف اعتحبارهم نتائج‬

‫الدراسات و األحباث املتعلقة ابألحوا االقتصادية احمللية و الدولية السائدة و التغريات املتوقع حدوثها خال السنة‬

‫املالية املقحبلة ‪.‬‬

‫أما ابلنسحبة لإليرادات العامة فإن االمور تحبدو أكثر تعقيدا ‪ ،‬ذلك أن تقديرها بدقة يقتضي اإلملام بكافة املتغريات‬

‫االقتصادية املؤثرة يف حجم الدخل القومي ‪ ،‬و من مث يف حصيلة الضرائب و الرسوم احملصلة حلساب الدولة ‪.‬‬

‫و ملا كانت طريقة التقدير املحباشر تعطي للقائمني على إعداد املوازنة حرية واسعة يف حتديد االيرادات املتوقع حتصيلها‬

‫فإنه من املتصور أن خيطئ هؤالء يف تقديراهتم و يغلب عليهم التفاؤ مما يشجع على التوسع يف النفقات العامة دون‬

‫أساس صثيح ‪ .‬و للتغلب على هذه املخاطر تعمد بعض الدو اىل وضع قواعد فنية حمددة يلتزم معدو املوازنة‬

‫‪110‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مبراعاهتا و هم بصدد تقدير االيرادات و يطلق شراح املالية العامة على هذه القواعد إصالح " التقدير األيل" لإليرادات‬

‫العامة ‪.‬‬

‫د )حتديد أولوايت االنفاق ‪ :‬تعترب مشكلة توزيع املوارد العامة على خمتلف أوجه االفاق من أكثر مشاكل إعداد‬

‫املوازنة دقة على االطالق ‪ ،‬فاحلاجات العامة املطلوب اشحباعها دائما ما تزيد عن قدرات الدولة احملدودة مما يتعني معه‬

‫الفصل يف أكثر احلاجات إحلاحا ‪ ،‬و أفضلها يف حتقيق النفع العام ‪ ،‬و من مث أوالها مبوارد الدولة ‪ ،‬و من الطحبيعي أن‬

‫ختتلف حجم هذه املشكلة و أسلوب معاجلتها حبسب نوعية املفهوم االقتصادي و املايل السائد يف الدولة ‪.‬‬

‫يسود تعريف ضيق للثاجات العامة يقصرها أساسا على خدمات األمن و‬ ‫ففي ظل مفهوم الدولة احلارسة حي‬

‫القضاء تتضاء أمهية هذه املشكلة اىل حد بعيد فاملوارد العامة حمدودة أصال و أتثريها على مستوى النشاط‬

‫االقتصادي و على معيشة االفراد حمدود بدوره ‪ ،‬لذا فإنه من النادر أن يهتم هؤالء كثريا بكيفية توزيع املوارد العامة‬

‫على مرافق الدولة ‪ ،‬و غالحبا ما يتم هذا التوزيع وفقا ملعايري سياسية ابعتحبار رجا السياسة هم أقدر أفراد اجملتمع يف‬

‫مثل هذه الظروف على تلمس احلاجات العامة و حتديد أولوايهتا مث حتديد أنواع االنفاق احملققة ألكرب قدر من النفع‬

‫العام يف ضوء ذلك ‪ .‬و على العكس من ذلك فإن الوضع خيتلف بصورة جدرية يف ظل املفهوم االشرتاكي حي تتنوع‬

‫احلاجات العامة و تتزايد أمهيتها ‪ ،‬و ابلرغم من ذلك فإن توزيع موارد املوازنة على خمتلف أوجه االنفاق اندرا ما يثري‬

‫املشاكل ابعتحبار أن " نفقات الدولة خمططة و االقتصاد القومي خمطط و الدولة االشرتاكية تلعب دورا هاما يف التنمية‬

‫االقتصادية تعرب عنه وظائفها كمنظم اقتصادي ‪ ،‬فتوزيع و استخدام موارد املوازنة ينحبغي أن يتم على حنو يتمشى مع‬

‫اخلطة االقتصادية القومية ‪.‬‬

‫ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪¹‬الرويلي صاحل (‪ ، ) 4188‬املالية العامة ‪ ،‬ديوان املطحبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬ص ‪421‬‬

‫‪111‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما حي تثور مشكلة توزيع املوارد بصورة حادة ففي الدو اليت أتخذ مفهوم التدخل يف احلياة االقتصادية ‪ ،‬بغرض‬

‫توجيه االقتصاد القومي حنو إشحباع أكرب قدر ممكن من املنافع ‪ ،‬فتزايد حجم النفقات العامة يف هذه الدولة جعل من‬

‫الضروري االتفاق على معايري اقتصادية واضثة لتوزيع موارد الدولة الضخمة على خمتلف بنود االنفاق يف املوازنة ‪،‬‬

‫ذلك أن االعتماد على تقدير السياسيني للمنافع العامة يتضمن بغري شك الكثري من اجملازفة و إذا كانت هذه اجملازفة‬

‫مقحبولة يف ظل التدخل احملدود للدولة يف الشئون االقتصادية فإهنا تحبدو بغري منازع ابلغة اخلطورة يف عصران احلاضر‬

‫الذي يتميز بتدخل متزايد من جانب الدولة يف حياة األفراد مبا يتحبع ذلك من تضخم حجم االنفاق العام و تزايد‬

‫أتثريه على جوانب احلياة االقتصادية و االجتماعية املختلفة ‪.‬‬

‫و الرقابة عليها ‪:‬‬ ‫ـ تنفيذ الميزانية‬ ‫‪4‬‬

‫تعد مرحلة تنفيذ امليزانية العامة ‪ ،‬و هي أهم املراحل و أكثرها خطورة و هي املرحلة األخرية من مراحل امليزانية ‪ ،‬و‬

‫يقصد هبا وضع بنودها املختلفة موضوع التنفيذ ‪ ،‬و ختتص هبا السلطة التنفيذية ‪ ،‬و تشرف على هذا التنفيذ وزارة‬

‫املالية اليت تعترب أهم أجزاء اجلهاز اإلداري للدولة ‪.‬فهذه املرحلة متثل انتقا املوازنة العامة من التطحبيق النظري اىل حيز‬

‫التطحبيق العملي امللموس ‪ ،‬فتتوىل احلكومة ممثلة يف وزارة املال ية ‪ ،‬حتصيل و جحباية االيرادات الواردة و املقدرة يف امليزانية‬

‫‪ ،‬كما تتوىل االنفاق يف االوجه املدرجة يف امليزانية‬

‫أ) عمليات حتصيل اإليرادات و النفقات ‪:‬تتوىل وزارة املالية ‪ ،‬ابعتحبارها عضوا من أعضاء السلطة التنفيذية ‪ ،‬مهمة‬

‫تنفيذ امليزانية ‪ ،‬عن طريق جتميع إرادات الدولة من خمتلف مصادرها و إيداعها يف خزانتها العامة أو يف الحبنك املركزي‬

‫وفقا لنظام حساابت احلكومة املعمو به ‪ ،‬كما يتم االنفاق يف احلدود الواردة يف اعتمادات امليزانية ‪ .‬و يتم تسجيل‬

‫إيرادات الدولة يف خزانة الدولة أو الحبنك املركزي و تسثب منها النفقات اليت تلتزم بدفعها ‪.¹‬‬

‫ــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪¹‬عاد حشيش و ‪ .‬مصطفى رشدي ( ‪ ، ) 4118‬املرجع السابق ص ‪418‬‬

‫‪112‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ عملية حتصيل االيرادات‪:‬و يتم حتصيل االيرادات العامة بواسطة موظفني خمتصني يف وزارة املالية محباشرة أو اتبعني‬

‫جلهات حكومية تتحبع وزارة املالية ‪ ،‬و تراعي عدة قواعد عامة يف عمليات حتصيل االيرادات العامة منها ‪:‬‬

‫أن يتم حتصيل اإليرادات يف مواعيد معينة و طريقة معينة وفقا لنص القانون ‪ ،‬وأنه جيب حتصيل مستثقات الدولة فور‬

‫نشوء حقوقها لدى الغري ‪ ،‬و قد كفل املشروع حق الدولة يف حتصيل إيراداهتا يف أسرع وقت ممكن ‪ ،‬إبعطاء احلكومة‬

‫حق امتياز على أموا املدين عن سائر الدائنني ‪ .‬كما ميز حق الدولة يف حتصيل دين الضريحبة بتقريره أن املنازعة يف‬

‫دين الضريحبة ال يوفق دفعها ‪ ،‬فيتم الدفع أوال مث التظلم فيما بعد ‪ ،‬لضمان دقة و سالمة التثصيل ‪ ،‬فإنه من املقرر ‪،‬‬

‫و وفقا للقواعد التنظيمية الفصل يف عمليات التثصيل بني املوظفني املختصني بتثديد مقدار الضريحبة و األخرين‬

‫املختصني جبحبايتها‪.‬‬

‫ـ عمليات النفقات ‪:‬إن إجازة السلطة التشريعية العتمادات النفقات ال يعين التزام الدولة إبنفاق كافة محبالغ‬

‫االعتمادات ‪ ،‬و لكنه يعين اإلجازة و الرتخيص للدولة أن تقوم بنفقاهتا العامة يف حدود هذه املحبالغ دون أن تتعداها‬

‫أبي حا من األحوا إال بعد احلصو على موافقة صرحية من السلطة التشريعية املختصة يف ذلك ‪.‬و لضمان عدم‬

‫إساءة استعما أموا الدولة ‪ ،‬و التأكد من إنفاقها على النثو املالئم ‪ ،‬فقد نظم القانون عمليات صرف األموا‬

‫العامة على أربع خطوات وهي ‪:‬‬

‫االرتحباط ابلنفقة ‪ :‬و ينشأ االرتحباط ابلنفقة نتيجة قيام السلطة االدارية ابختاذ قرار لتثقيق عمل معني يستلزم إنفاقا‬

‫من جانب الدولة من أجل حتق يق املنفعة العامة مثال إنشاء طريق جديد ‪ ،‬أيضا قد ينشأ االرتحباط ابلنفقة نتيجة واقعة‬

‫معينة يرتتب عليها التزام الدولة إبنفاق محبلغ ما ‪ ،‬مثال أن تتسحبب سيارة حكومية يف إصابة مواطن ‪ ،‬مما يضطر الدولة‬

‫يف دفع محبلغ تعويض ‪ ،‬فالواقعة هنا مادية و غري إدارية ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حتديد الن فقة ‪ :‬بعد أن يتم االرتحباط ابلنفقة ‪ ،‬أتيت اخلطوة الثانية املتعلقة بتثديد محبلغ النفقة الواجب على الدولة‬

‫دفعها ‪ ،‬فيتم تقدير املحبلغ املستثق للدائن و خصمه من االعتماد املقرر يف امليزانية ‪ ،‬مع ضرورة التأكد من أن‬

‫الشخص الدائن غري مدين للدولة بشيء حىت ميكن إجراء املقاصة بني الدينني ‪.‬‬

‫األمر ابلدفع ‪ :‬بعد أن يتم حتديد محبلغ النفقة أو الدين ‪ ،‬يصدر قرار من اجلهة االدارية املختصة يتضمن أمرا بدفع‬

‫محبلغ النفقة ‪ ،‬و يصدر هذا األمر من وزير املالية أو ما ينوب عنه ‪.‬‬

‫الصرف ‪ :‬و يقصد به أن يتم دفع املحبلغ احملدد يف االمر عن طريق موظف اتبع لوزارة املالية ‪ ،‬و من املقرر أن يقوم‬

‫بعملية الصرف موظف غري الذي يصدر عنه أمر الدفع منعا للتالعب ‪ ،‬و غالحبا ما يتم هذا يف صورة إذن على الحبنك‬

‫املركزي الذي حتتفظ فيه الدولة حبساابهتا ‪.‬‬

‫ب ) الرقابة على تنفيذ امليزانية ‪ :‬تعد هذه املرحلة هي املرحلة األخرية اليت متر هبا امليزانية العامة للدولة ‪ ،‬و تسمى‬

‫مرحلة تنفيذ املوازنة ‪ ،‬و اهلدف منها هو التأكد من أن تنفيذ املوازنة قد مت على الوجه احملدد للسياسة اليت وضعتها‬

‫السلطة التنفيذية و أجازهتا السلطة التشريعية ‪.‬‬

‫و أتخذ الرقابة على تنفيذ امليزانية عدة صور خمتلفة ‪ ،‬و هي الرقابة االدارية و الرقابة التشريعية و الرقابة املستقلة ‪. ¹‬‬

‫ـ الرقابة االدارية ‪ :‬تتوىل وزارة املالية الرقابة االدارية على تنفيذ امليزانية ‪ ،‬حي يقوم الرؤساء من موظفي احلكومة‬

‫مبراقحبة مرؤوسهم ‪ ،‬و كذلك مراقحبة موظفي وزارة املالية عن طريق السكرتريين املاليني و مديري احلساابت على عمليات‬

‫املصروفات اليت أيمر بدفعها الوزراء املختصون أو من ينوبون عنهم ‪.‬‬

‫و تتم الرقابة االدارية من الناحية العملية يف طريقتني أساسيتني ‪:‬‬

‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫سوزي عريب انشد (سنة ‪ ) 7002‬ـ املالية العامة ـ النفقات العامة االيرادات العامة ـ امليزانية العامة ‪،‬ص ‪214‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪114‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ الرقابة املوضوعية ‪ :‬و تعىن انتقا الرئيس اىل مكان عمل املرؤوس ليتأكد من محباشرته لعمله على حنو دقيق ‪ ،‬مثال‬

‫أن ينتقل مدير املالية العامة اىل مكاتب رؤساء املصاحل ‪ ،‬و رئيس املصلثة اىل مكاتب رؤساء الدوائر ‪ ،‬و رئيس‬

‫الدائرة اىل مكاتب سائر املوظفني التابعني له و هكذا ‪.‬‬

‫ـ الرقابة على أساس املستندات ‪ :‬و هنا ال ينتقل الرئيس اىل حمل عمل املرؤوسني ‪ ،‬و لكن يقوم بفثص أعماهلم‬

‫من خال التقارير و الواثئق و املستندات ‪.‬‬

‫و تنقسم الرقابة االدارية من حي توقيتها ‪ ،‬اىل رقابة قحبل تنفيذ امليزانية و أخرى الحقة لتنفيذ امليزانية‬

‫ـ الرقابة السابقة ‪ :‬متثل اجلزء األكرب و االهم من الرقابة االدارية ‪ ،‬و يكون مهمتها عدم صرف أي محبلغ إال إذا كان‬

‫مطحبقا لقواعد املالية املعمو هبا سواء كانت قواعد امليزانية أو القواعد املقررة يف اللوائح االدارية املختلفة ‪.‬‬

‫و قد نص قانون املوازن العامة على وجوب امتناع مديري احلساابت و رؤسائهم و وكالئهم عن التأشري عن كل أمر‬

‫بصرف محبلغ إذا مل يكن هناك اعتماد أصال ‪ ،‬أو إذا طلب اخلصم على اعتماد غري خمصص هلذا الصرف ‪ ،‬كما نص‬

‫أيضا هذا القانون على أنه يتعني على املسؤولني املاليني ابجلهاز االداري للثكومة و وحدات احلكم احمللي و‬

‫الوحدات االقتصادية إخطار وزارة املالية و اجلهاز املركزي للمثاسحبات أبي خمالفة مالية ‪.‬‬

‫ـ الرقابة الالحقة على تنفيذ امليزانية ‪ :‬و يقصد هبا الرقابة االدارية الالحقة على احلساابت ‪ ،‬و تتلخص يف إعداد‬

‫احلساابت الشهرية و ربع سنوية و سنوية ‪ ،‬و يقوم املراقب املايل يف كل وزارة أو مصلثة ‪ ،‬مبناسحبة إعدادها بفثصها‬

‫للتأكد من سالمة املركز املايل للوزارة أو املصلثة و مبراجعة دفاتر احلساابت املختلفة ‪ ،‬و يضع عن كل هذا تقريرا‬

‫يرسله مع احلساابت اىل إدارة امليزانية يف وزارة املالية ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ الرقابة التشريعية ‪:‬‬

‫تتوىل اجملالس النيابية يف الدو الدميقراطية محباشرة الرقابة التشريعية على تنفيذ امليزانية العامة للدولة ‪ ،‬فإذا كانت تلك‬

‫اجملالس هي اليت تقوم ابعتماد ميزانية الدولة ‪ ،‬فانه من الطحبيعي أن مينح هلا حق الرقابة على تنفيذها للتأكد من‬

‫سالمة وصثة تنفيذها على النثو الذي اعتمدهتا و اجازهتا به ‪.‬‬

‫و يطلق عليها أيضا الرقابة السياسية ‪ ،‬يف مطالحبة اجملالس النيابية للثكومة بتقدمي االيضاحات و املعلومات اليت‬

‫تساهم يف التأكيد من سري العمليات اخلاص ة ابلنفقات و االيرادات العامة ‪ ،‬و يكون ذلك يف صورة أسئلة شفوية أو‬

‫خطية أو حىت استجواابت ‪.‬‬

‫كما قد تتمثل الرقابة التشريعية عن طريق مناقشة احلساب اخلتامي عن السنة املالية السابقة ‪ ،‬و على هذا فإن الرقابة‬

‫التشريعية على املوازنة العامة تتمثل يف مرحلتني ‪:‬‬

‫ـ املرحلة املعاصرة لتنفيذ امليزانية ‪ :‬و ختتص ابلرقابة التشريعية جلنة الشؤون املالية يف اجملالس النيابية و هي " جلنة‬

‫اخلطة و املوازنة " اليت هلا أن تطلب الحبياانت و املستندات و الواثئق الالزمة عن تنفيذ املوازنة العامة أثناء السنة املالية‬

‫‪ ،‬فإذا تحبني أن هناك خمالفة للقواعد املالية اخلاصة بتنفيذ امليزانية ‪ ،‬فإنه يكون من حقها تقدمي اسئلة و استجواابت اىل‬

‫الوزراء املختصني عن كيفية تنفيذ امليزانية ‪ ،‬بل و أيضا حتريك مسؤولية السياسية ضد كل من يثحبت يف حقه ارتكاب‬

‫خمالفة للقواعد املالية املتعلقة بسري و تنفيذ امليزانية ‪.‬‬

‫ـ املرحلة الالحقة على تنفيذ امليزانية ‪ :‬تتعلق تلك املرحلة بعرض احلساب اخلتامي عن السنة املالية املنتهية ملناقشته‬

‫و اعتماده إما يف شكل قانون أو يف شكل قرار من رئيس الدولة ‪ ،‬فاجملالس النيابية تقوم ابعتماد للميزانية بعد تنفيذها‬

‫مما يستتحبع ذلك منطقيا ‪ ،‬أن تعرض عليها نفس امليزانية بعد تنفيذها للتأكد من تطحبيقها على حنو اعتمادها هلا ‪،‬‬

‫فتقوم ابالطالع على النتائج الفعلية للثساب املايل للدولة عن السنة املالية هلذه امليزانية و مدى مطابقتها للميزانية‬

‫يف الصورة اليت اعتمدهتا سواء ابلنسحبة للنفقات املعتمدة أو حصيلة االيرادات ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و تكون الرقابة أكثر فاعلية إذا متكنت السلطة التشريعية من مناقشة احلساب اخلتامي محبكرا بعد انتهاء السنة املالية‬

‫محباشرة ‪ ،‬إذ ليس خيفى أن تغيري الوزارات و الوزراء قد جيعل منها جمرد رقابة شكلية أكثر منها موضوعية ‪.‬‬

‫و ابلرغم من فاعلية الرقابة التشريعية ‪ ،‬فيعاب عليها أن أعضاء السلطة التشريعية ال يكون لديهم الوقت الكايف و‬

‫اخلربة الفنية و احملاسحبية الكافية ملناقشة احلساب اخلتامي الذي قد يصل اىل أالف الصفثات و األرقام مناقشة‬

‫تفصيلية ‪.‬‬

‫ـ الرقابة املستقلة ‪:‬‬

‫تعترب هذه الرقابة أكثر أنواع الرقابة فاعلية ‪ ،‬و يقصد هبا الرقابة على تنفيذ امليزانية العامة للدولة عن طريق هيئة مستقلة‬

‫عن كل من االدارة و السلطة التشريعية تنثصر مهمتها يف رقابة تنفيذ امليزانية و التأكد من أن عمليات النفقات و‬

‫االيرادات قد متت على النثو الصادرة به إجازة السلطة التشريعية و طحبقا للقواعد املالية املقررة يف الدولة ‪.‬‬

‫و ختتلف هذه اهليئة اليت تقوم ابلرقابة املستقلة من دولة ألخرى ‪ ،‬ففي فرنسا تتوىل الرقابة على تنفيذ امليزانية هيئة‬

‫قضائية مستقلة هي حمكمة احلساابت ‪ ، la cour des comptes‬و هي حمكمة إدارية منظمة تنظيما قضائيا ‪،‬‬

‫و تتوىل مهمة احلكم على كافة احلساابت العامة ما عدى احلساابت اليت يعطي املشرع اختصاص النظر فيها اىل‬

‫جهات أخرى ‪ ،‬و تتكون هذه احملكمة من عدة دوائر يرأس كل منها مستشار ‪ ،‬و يعمل هبا عدد من احملاسحبني يتولون‬

‫حتضري التقارير احملاسحبية و الفنية اليت تطلحبها منهم احملكمة ‪ ،‬و ميثل احلكومة هبا انئب عام و حمامون عامون ‪.‬‬

‫تنقسم الرقابة اليت ميارسها اجلهاز على هذه اجلهات اىل رقابة مالية و حماسحبية و رقابة فنية ‪:‬‬

‫ـ الرقابة املالية و احملاسبية ‪ :‬و يقصد هبا قيام اجلهاز املركزي للمثاسحبات مبراقحبة االيرادات و النفقات اليت تتضمنها‬

‫حساابت الدولة ‪ ،‬للتأكد من تنفيذها بص ورة سليمة دون ارتكاب خمالفات للقواعد املالية ‪ ،‬و مراجعة حساابت‬

‫املعاشات و التأمينات االجتماعية و فثص القرارات املتعلقة بشؤون العاملني و مراجعة حساابت التسوية و السلف‬

‫و القروض و التسهيالت االئتمانية و الرقابة على املخازن و مراجعة احلساابت اخلتامية للشركات و منشآت القطاع‬

‫‪117‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العام بفثص سجالت و دفاتر و مستندات التثصيل و الصرف و كشف حوادث االختالس و اإلمها و‬

‫أسحباهبا و وسائل تالفيها مستقحبال ‪ ،‬و مبراجعة تقارير مراقيب احلساابت و الشركات اليت‬ ‫املخالفات املالية و حب‬

‫تدخل يف اختصاصه ‪.‬‬

‫و يكون للجهاز املركزي للمثاسحبات يف سحبيل أتدية مهمته أن يفثص السجالت و احلساابت و املستندات املؤيدة‬

‫هلا و أي مستند أو سجل أو أوراق أخرى يرى لزومها للقيام ابختصاصاته على الوجه االكمل ‪ ،‬كما حيق له معاينة و‬

‫تفتيش األعما للتأكد من أن املصروفات صرفت يف الوجه املقررة له من جهة ‪ ،‬و لتقيم نتائجها من جهة أخرى ‪.‬‬

‫ـ الرقابة الفنية ‪ :‬يكون للجهاز املركزي للمثاسحبات أن يقيم تصرفات املشرفني على اهليئات العامة و شركاهتا فيما‬

‫يتعلق أبعما االدارة و التنظيم ‪ ،‬إذ من اجلائز أن تكون هذه التصرفات سليمة من الناحية املالية و احملاسحبية و لكنها‬

‫معيحبة من الناحية الفني ة ‪ ،‬لكوهنا تراعي تنظيم العمل أبسلوب اقتصادي مقحبو ‪ ،‬مما يستلزم مراجعته حلساابت‬

‫تكاليف أعما هذه اجلهات و مراجعة نتائج أعماهلا و حتديد العائد منها ‪ .‬و من مهام اجلهاز املركزي متابعة تنفيذ‬

‫امليزانية العامة من الناحية املالية و احلسابية و كذلك الناحية الفنية ‪ ،‬حيت يتأكد من أن نتائج االنفاق تتفق مع النتائج‬

‫املرجوة له دون تحبذير أو إسراف ‪ ،‬و يقوم اجلهاز بوضع تقارير ربع سنوية اىل جاين تقارير سنوية عن نتائج أعماله و‬

‫مسئولياته ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خالصة الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪ ‬بعد استعراضنا ألدوات السياسة املالية و املتمثلة يف السياسة االنفاقية و سياسة االيرادات العامة و كذا املوازنة العامة‬

‫‪ ،‬اتضح لنا أمهية السياسة املالية و فعاليتها تكمن عن طريق أدواهتا و ما هلا من أتثري على مجيع التغريات االقتصادية‬

‫‪ ‬كما تسعى احلكومة من خال أ دوات السياسة املالية اىل معاجلة املشكالت االقتصادية و االجتماعية و حتقيق‬

‫االستقرار و التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ ‬جند ظاهرة ارتفاع النفقات العامة من أكثر الظواهر بروزا يف املالية العامة ‪ ،‬و ملا تتعرض له من أسحباب تدفعها لذلك‬

‫و املتمثلة يف اخنفاض القوة الشرائية و زاي دة الكثافة السكانية ‪ ،‬خاصة ملا تتحبع الدولة السياسة التوسعية و الذي‬

‫يعترب السحبب املحباشر يف االرتفاع املستمر للنفقات العامة ‪ ،‬و هذا من أجل حتقيق النمو االقتصادي و االجتاه حنو‬

‫التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪.‬‬

‫‪ ‬جند الدولة من خال االيرادات العامة تقوم بتغطية نفقاهتا العامة ‪ ،‬و كما تعمل بحبذ جهود من أجل احلصو على‬

‫مصادر متويل خمتلفة و كيفية حتصيلها من أجل متويل إيراداهتا العامة جند منها االيرادات الضريحبية و الرسم و القروض‬

‫‪،‬و اليت تسعى من خالهلا اىل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ ‬تقوم الدولة بوضع املوازنة العامة اليت تشمل كل من االيرادات العامة و النفقات العامة ‪ ،‬و هي عحبارة عن تقديرات‬

‫احتمالية هلذه االيرادات و النفقات ‪ ،‬كما تعترب خطة عمل احلكومة تسعى من خالهلا اىل ضحبط و ترشيد نفقاهتا‬

‫العامة و كيفية توزيعها على مجيع القطاعات من أجل حتقيق املنفعة العامة و االستقرار و التنمية االجتماعية و‬

‫االقتصادية ‪ ،‬أما تقديرات حلجم االيرادات العامة و الحبث عن مصادر متويل خمتلفة من جهة أخرى ‪ ،‬و ينحبغي أن‬

‫تكون هذه التقديرات للنفقات و االيرادات متوازنة و مقيدة ملدة زمنية معينة ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫أدوات السياسة المالية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬لذلك جند أدوات السياسة املالية هلا دورا هاما ميكنها تعديل كل من اهليكل االقتصادي و االجتماعي للمجتمع‬

‫فضال على قدرهتا على استخدام األمثل ملواردها املالية و حتقيق أقصى عائد من وراء ذلك ‪.‬‬

‫‪ ‬كما الحظنا أتثري أدوات السياسة املالية على حجم العمالة و إعادة التوزيع الدخل الوطين و على مستوايت‬

‫األسعار ‪ ،‬هلذا فإن السياسة املالية هلا أمهية ابلغة من خال أدواهتا و هي أداة فعالة تستخدمها الدولة لتثقيق‬

‫التوازن املايل و من مث التوازن االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ان املوضوع الذي نتناوله يف هذا الفصل هو السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي ‪ ،‬فبعد تعرضنا للسياسة‬

‫االقتصادية و اليت عرفناها أهنا تشمل حزمة من السياسات ‪ ،‬كالسياسة املالية و النقدية و التجارية و سياسة سعر‬

‫الصرف ‪ ،‬هتدف بصفة عامة اىل حتقيق التوازن االقتصادي عند مستوى العمالة الكاملة غري املصحوب ابرتفاع‬

‫املستوى العام لألسعار‪ ،‬و ابلطبع هذا لن يتحقق دون اللجوء اىل سياسات عمدية منشطة ‪ ،‬و هذه السياسة قد‬

‫تكون السياسة املالية كما قد تكون السياسة النقدية أو خليط منهما معا ‪.‬‬

‫حتتل السياسة النقدية و املالية مكانة هامة ضمن السياسات االقتصادية ‪ ،‬ابعتبار ان السياسة املالية مدعمة للسياسة‬

‫النقدية و مها ميثالن العناصر االساسية للسياسة االقتصادية للدولة ‪ ،‬و يرتبط بعضها ببعض ارتباط وثيقا مما يستلزم‬

‫وجود توافق مع االجراءات و التدابري املتخذة من أجل حتقيق التوازن االقتصادي ‪ ،‬الذي أصبح على السياسة املالية‬

‫أن توازن مالية الدولة مبا يتفق و يتالءم مع توازن االقتصاد الوطين ‪.‬‬

‫كما أصبح التوازن متعدد األوجه و عالقته مع السياسة النقدية و السياسة املالية ‪ ،‬و على هذا االساس سوف نتناول‬

‫يف هذا الفصل املباحث التالية السياسة النقدية و عالقتها ابلسياسة املالية يف املبحث األول مث يليه املبحث الثاين‬

‫نعرض فيه التوازن االقتصادي العام ‪ ،‬و أخرياالسياسة املالية كأداةلتحقيق التوازن االقتصادي‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث األول‪:‬السياسة النقدية و عالقتها بالسياسة المالية ‪:‬‬

‫تعترب السياسة النقدية إحدى أهم اجملاالت السياسة االقتصادية ‪ ،‬اليت تتخذ من املعطيات النقدية موضوعا لتدخلها‬

‫أخذة بعني االعتبار لعالقة النقود ابلنشاط االقتصادي من جهة ‪ ،‬و ملا يشكله االستقرار النقدي من مناخ مالئم‬

‫ملمارسة النشاط االقتصادي من جهة أخرى ‪.‬‬

‫غىن عن القول أن للسياسات النقدية و املالية دورا حموراي يف إرساء املقومات األساسية للنمو االقتصادي القابل‬

‫لالستمرار ‪ ،‬ذلك ألن اهلدف الرئيسي لتلك السياسات هو حتقيق االستقرار النقدي و مكافحة معدالت البطالة‬

‫املرتفعة عن طريق حتفيز االستثمارات احمللية و جذب االستثمارات اخلارجية و اليت متثل احملرك االساس لعجلة النشاط‬

‫االقتصادي ‪.‬‬

‫تعد السوق املالية حيزا جيدا لتطبيق تلك السياسات ( النقدية و املالية ) فسوق االوراق املالية حيزا مناسبا لتطبيق‬

‫السياسة النقدية و ال سيما عند استخدام االدوات الكمية غري املباشرة ‪ ،‬االمر الذي يسهل من عمل السلطة النقدية‬

‫يف حماولتها للسيطرة على تغيريات عرض النقد و من مث على قيمة النقود ‪ ،‬و تعد السوق النقدية أيضا حيزا مناسبا‬

‫لتطبيق السياسة املالية و ال سيما سياسة العجز املايل ذلك من خالل توفري املوارد املالية الالزمة لتمويل االنفاق‬

‫احلكومي ‪ ،‬و يف كال االجتاهني تعمل السوق املالية على خلق السيولة الالزمة لتيسري عملية النمو االقتصادي و زايدة‬

‫معدالته ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ 1‬ـ طبيعة السياسة النقدية و دورها في المدارس االقتصادية‪:‬‬

‫تعرب السياسة النقدية عن االجراءات الالزمة اليت متكن السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أو التوسع النقدي‬

‫ليتماشى و حاجة املتعاملني االقتصاديني ‪ ،‬و هي هدف البنك املركزي يف ممارسته يف الرقابة على النقود ‪ ،‬و على‬

‫معدالت الفائدة و على شروط القروض ‪ ،‬و ميكن هلذه السياسة أن تكون تقييدية ‪ ،‬مبعىن أهنا تسعى اىل تقليص‬

‫عرض النقود و رفع معدالت الفائدة قصد كبح منو الناتج احمللي اخلام ‪ ،‬خفض التضخم أو رفع سعر صرف العملة‬

‫الوطن ية ‪ ،‬و ميكن هلذه السياسة أن تكون توسعية ( سياسة نقود سوق جيد ) ‪ ،‬و تسعى اىل زايدة عرض النقود قصد‬

‫ختفيض معدالت الفائدة ‪ ،‬تشجيعا لزايدة االستثمار و منه منو الناتج احمللي اخلام ‪.‬‬

‫يعرفها علىأهنا جمموعة التدابري املتخذة من قبل السلطات النقدية قصد إحداث أثر على االقتصاد ‪ ،‬و من أجل‬

‫ضمان استقرار أسعار الصرف (‪. ) George Pariente‬‬

‫هي التدخل (املباشر) املعتمد من طرف السلطة النقدية هبدف التأثري على الفعاليات االقتصادية ‪ ،‬عن طريق تغيري‬

‫عرض النقود و توجيه االئتمان ابستخدام وسائل الرقابة على النشاط االئتماين للبنوك التجارية‪.‬‬

‫انطالقا مما تقدم جند أن السلطة النقدية هتتم مبراقبة حالة األسواق من اختالل أو توازن على املستوى الكلي لفهم‬

‫طبيعة االختالل إذا كان داخليا أو خارجيا ‪ ،‬ملعرفة التدابري الواجب اختاذها ‪ ،‬و يتوقف ذلك على املعلومات املتاحة‬

‫عن وضع االقتصاد و إمكاانته ‪ .‬هذا ابملعىن الضيق‪.¹‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬السياسات املالية و النقدية و أداء سوق االمواق املالية ـ دار صفاء للنشر و التوزيع ـ عمان ـ الطبعة األوىل ـ ص ‪. 02‬‬

‫‪123‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫السياسة النقدية ابملعىن الواسع ‪ :‬تعين مجيع االجراءات النقدية و املصرفية اليت تستهدف مراقبة حجم النقد املتيسر يف‬

‫االقتصاد القومي و هي بذلك تعين العمل الذي يوجه للتأثري يف النقد و االئتمان و كذلك االقرتاض احلكومي أي‬

‫حجم و تركيب الدين احلكومي ‪ .‬و هلذا حترص ال سلطات النقدية على مجع املعلومات من خمتلف القطاعات‬

‫االقتصادية قصد استخدامها بطريقة سليمة على ضوء ما هو متاح من أدوات و وسائل ‪.‬‬

‫ـ السياسة النقدية يف التحليل الكالسيكي و النيوكالسيكي ‪:‬يرتبط موقف االقتصاديني الكالسيك من السياسة‬

‫النقدية بنظرهتم اىل النقود و وظائفها ‪ ،‬إذ جاءت النظرة الكالسيكية للنقود على أهنا جمرد وسيط يف عملية التبادل و‬

‫خيفي وراءه العمليات احلقيقية يف االقتصاد القومي ‪ ،‬و اسقطوا متاما من حساابهتم وظيفتها‬ ‫‪Neil‬‬ ‫هي مبنزلة ستار‬

‫بوصفها أداة لالدخار او لالكتناز ‪ ،‬فالنقود جمرد عربة حتمل عليها القيم التبادلية يف األسواق ‪.¹‬‬

‫لقد جاءت الفروض الكالسيكية حول دور النقود يف االقتصاد إمياان منهم أبن هناك نظاما اقتصاداي يسوده التوافق‬

‫بني العالقات احلقيقية يف االقتصاد إذا ما تركت دون تدخل من لدن السلطات العامة ( قانون ساي (‪)say’s law‬‬

‫فإن النقود تظل حمايدة ال أثر هلا يف الظواهر االقتصادية احلقيقية ‪ ،‬إذ إن التحليل الكالسيكي قائم على أساس‬

‫الفصل ما بني العوامل احلقيقية و العوامل النقدية أو التقسيم ما بني القطاع احلقيقي و القطاع النقدي ‪ ،‬ففي القطاع‬

‫احلقيقي تتحدد العوامل احلقيقية كالدخل و االستخدام و االنتاج مبعزل عن العوامل النقدية ‪ ،‬أما القطاع النقدي‬

‫فيتحدد فيه كمية النقود ‪ ،‬و هذا ما تذهب اليه نظرية كمية النقود اليت تشري اىل أن تغري كمية عرض النقود تؤدي اىل‬

‫تغريات متناسبة طرداي يف املستوى العام لأل سعار ‪ ،‬و من مث تغريات متناسبة عكسيا يف قيمة النقود و ابلتايل فإنه‬

‫ابإلمكان استنباط السياسة النقدية من التحليل الكالسيكي لنظرية كمية النقود ‪.‬‬

‫ـــــ‬
‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابقـ ص ‪. 02‬‬

‫‪124‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫لدى اعترب الكالسيك السياسة النقدية هي سياسة حمايدة يتمثل دورها يف خلق النقود الواجب توفرها ‪ ،‬و هذا ما‬

‫استطاعوا الوصول اليه ألن النقود حلد هذه احلقبة من الزمن ال تزال تعد وسيلة لتسهيل احلياة االقتصادية و تتمتع‬

‫ابحليادية ‪ ،‬و ابلتايل حيادية السياسة النقدية خال ل مدة الكالسيك و النيوكالسيك فعالقة النقود موجودة فقط مع‬

‫املستوى العام لألسعار ال غريها ‪.‬‬

‫ـ السياسة النقدية يف التحليل الكنزي ‪ :‬بدأ كينز حتليله النقدي بنقد الفصل بني نظرية القيمة و نظرية النقود و‬

‫االسعار اليت أشار إليها الكالسيك ‪ ،‬فلقد كان ظهور كتاب النظرية العامة يف التشغيل و الفائدة و النقود * سنة‬

‫‪ 0391‬و املشهورة ابسم النظرية العامة حداث ابرزا يف اتريخ االقتصاد خاصة بعد أن مر النظام االقتصادي العاملي‬

‫أبعنف أزمة اقتصادية عرفت اترخييا االزمة الكربى و عجز التحليل الكالسيكي عن معاجلة هذه األزمة ‪ ،‬لتعد النظرية‬

‫الكينزية مبنزلة ثورة حقيقية يف النظامني النقدي و االقتصادي ‪ ،‬ففي الوقت اليت تؤمن فيه النظرية الكالسيكية حبيادية‬

‫النقود ‪ ،‬تقوم النظرية الكينزية على أساس أمهية الدور الذي ميكن أن تلعبه النقود عل مستوى االقتصاد القومي ‪ ،‬مبعىن‬

‫أن تغري كمية النقود يؤثر ابلتبعية يف املتغريات االقتصادية سواء العمالة و االنتاج و االستهالك و االدخار و االستثمار‬

‫و ابلتايل يؤثر يف الوضع االقتصادي ككل ‪ ،‬و هبذا فإن وجهة النظر النقدية عند كينيز قد قامت على فروض ختالف‬

‫يف فروض نظرية كمية النقود عند الكالسيك ‪¹.‬‬

‫ـــــــــــ‬

‫*‪The General Theory of Employment , Interest Rate and money‬‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪. 03‬‬

‫‪125‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و قد شهدت سنة ‪ 0391‬ظهور كتاب ( النظرية العامة ) لكينز ‪ ،‬إذ يوجد تشابه كبري بني كتاب النظرية العامة و‬

‫التطورات الفكرية اليت أحدثها فكسل (‪ ، ) wicksell‬فقد قيل ان كينز فقد قام بنقل و نسخ أفكار فكسل ‪ ،‬و أن‬

‫كل جمد و فخر لكينز ينبغي أن يكون لفكسل ‪ ،‬إذ جاء التحليل النقدي لفكسل مناهضا للتحليل النقدي‬

‫الكالسيكي عند كل من هيوم و ريكاردو و ميل و فيشر ‪ ،‬من خالل تركيزه على معدل الفائدة و األسعار و عالقاهتا‬

‫مبستوى األسعار أو قيمة النقود ‪ ،‬و فضال عن ذلك فقد حاول أن يتجاوز الفصل يف النظرية االقتصادية ‪ ،‬أبن يدمج‬

‫ما بني النظرية النقدية و نظرية القيمة ‪ ،‬أي حتويل األسعار النسبية اىل أسعار نقدية أو مطلقة عن طريق تطبيق فكريت‬

‫العرض و الطلب على املستوى العام لألسعار ‪ ،‬و هذا ما قام عليه التحليل الكينزي ‪.‬‬

‫لقد عد كينز السياسة املالية أكثر فعالية و أتثريا يف حل املشكالت االقتصادية ‪ ،‬اال انه أقر للسياسة النقدية يلعب‬

‫دور املساعد لتلك السياسة و يعود أتكيده عل دور السياسة النقدية اىل جانب السياسة املالية إلميانه على خالف‬

‫الكالسيك أبن للنقود وظيفة أخرى مهمة ‪ ،‬غري كوهنا وسيلة للمبادلة ‪ ،‬و إمنا هي خمزن للقيمة جاعال للنقود الدور‬

‫احملرك يف التغيري االقتصادي من خالل الدخل و االنتاج و االستخدام ‪ ،‬إذ ان االحتفاظ ابلنقود بدال من استثمارها‬

‫جاء نتيجة عنصر الشك و املخاطر ابملستقبل الذي يسيطر على األفراد ‪ ،‬و مبا يؤديه ارتفاع ( سعر الفائدة ) من‬

‫انكماش يف حجم االستثمار ومن مث نقص يف الطلب الكلي الفعال ‪ ،‬و الذي ينعكس بدوره على مستوايت الدخل‬

‫و االنتاج و االستخدام و حيصل العكس مبيل التفضيل النقدي لالخنفاض ‪ ،‬و هكذا يعد التفضيل النقدي طبقا‬

‫للتحليل الكنزي مصدرا مهما من مصادر التقلبات االقتصادية ‪.‬‬

‫ـ السياسة النقدية يف التحليل النقدي ‪ :‬مثلما بدأ كينز أفكاره كالسيكيا لينتهي معارضا و بشدة للفروض و املبادئ‬

‫االساسية للتحليل الكالسيكية ‪ ،‬فان االفكار و املبادئ االساسية للتحليل الكينزي قد تعرضت هي االخرى‬

‫النتقادات ع دة من لدن أصحاب (مدرسة شيكاغو) أو املساواة ( املدرسة النقودية) و اليت يتزعمها االقتصادي‬

‫االمريكي ملنت فريدمان(‪. )Milton Friedman‬‬

‫‪126‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و يبىن أصحاب هذه املدرسة أراءهم ابإلشارة اىل مدرسة أخرى يطلق عليها مدرسة املنفعة ( ‪The Utility‬‬

‫‪ ) school‬و اليت تفرتض أن النقود تعطي منفعة حلائزها مثلها يف ذلك مثل السلع و بذلك فإن إدخال الناتج‬

‫االمجايل يف الطلب على النقود يرجع اىل أن الناتج االمجايل يف الطلب على النقود يرجع اىل أن الناتج االمجايل ميثل‬

‫قيدا لإلنفاق ( أي حد أعلى لإلنفاق) فهو مبنزلة مقياس للحجم (‪ )Scale Variable‬يقابل الدخل يف دالة‬

‫االستهالك و يستخدم أصحاب هذه املدرسة تعريفا عريضا للنقود ‪.‬‬

‫فبعد تراجع نظرية كمية النقود الكالسيكية على مسرح الفكر االقتصادي ملدة عقدين من الزمن تقريبا ‪ ،‬أعيدت احلياة‬

‫اىل هذه النظرية و ابلتحديد سنة ( ‪ )0321‬على يد االق تصادي املعروف ملنت فريدمان ‪ ،‬إذ انصب اهتمامه على‬

‫دور النقود و السياسة النقدية يف االقتصاد و شدد أمهية معادلة التبادل بوصفها وسيلة حتليلية ‪ ،‬و على أمهية النظرية‬

‫الكمية للنقود كأداة للسياسة االقتصادية بوصفها خري تعبري عن دور كمية النقود ‪ ،‬و يف الوقت نفسه تعد مهزة وصل‬

‫بني السياسة النقدية و مقدار االنفاق الكلي يف االقتصاد ‪.¹‬‬

‫و طبقا لفريدمان و شوارتز فإن زايدة عرض النقود من خالل زايدة عمليات السوق املفتوحة لألوراق املالية احلكومية‬

‫سيؤدي اىل ارتفاع أسعار األوراق املالية و اخنفاض العائد ‪ ،‬مما يغري معه ترتيب حمفظة األوراق املالية لدى االفراد محلة‬

‫األصول فاألفراد سوف ميلكون املزيد من النقود مقابل ملكية قليلة من األوراق املالية و مبا ان االفراد ال يرغبون‬

‫ابالحتفاظ ابألرصدة النقدية فأهنم سيحاولون إعادة ترتيب حمافظة األوراق املالية من أجل ختفيض حيازهتم النقدية ‪،‬‬

‫ــــــ‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪. 93‬‬

‫‪127‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و هذا يدفعهم حنو شراء أوراق مالية مرحبة‪ ،‬و ابلتايل سيقوم هذا الشراء اىل تزايد أسعار السندات و اخنفاض العائد‬

‫عليها ‪ ،‬االمر الذي يزداد فيه الطلب على األصول األخرى مبا فيها األسهم و االصول العينة العقارات االرض و مع‬

‫زايدة هذه االصول فإن اسعارها سوف تزداد و هلذه الزايدة أتثريات إضافية متمثلة ابرتفاع االسعار و تنشيط انتاج‬

‫هذه االصول و الذي يزداد معه الطلب على املوارد املستخدمة يف إنتاجها ‪ ،‬و هذا يعين ان زايدة عرض النقود‬

‫ستسبب زايدة يف االنفاق على االصول العينية ‪ ،‬و ابلتايل على اخلدمات ‪ ،‬إذ تتضمن هذه الزايدة يف النفقات زايدة‬

‫االنفاق على كل من االستثمار و االستهالك ‪.‬‬

‫فقد اشار فريدمان اىل أن الزايدة يف عرض النقود ستؤدي اىل زايدة مهمة يف الطلب الكلي ‪ ،‬ففي االمد القصري‬

‫ستسبب زايدة املعروض النقدي زايدة يف الناتج و االسعار معا ‪ ،‬يف حني إن الزايدة يف عرض النقد ستؤدي و بشكل‬

‫رئيس اىل زايدة املستوى العام لألسعار خالل االمد الطويل ‪ ،‬و هكذا اعترب فريدمان ان معدل النمو طويل األجل‬

‫ابلنسبة اىل الناتج يتحدد بعوامل حقيقية معدل االدخار و هيكل الصناعة ‪ ،‬و من مث فإن الزايدة السريعة يف املعروض‬

‫النقدي خالل املدة الطويلة تسبب ارتفاعا يف معدل التضخم و ليس ارتفاع معدل النمو يف الناتج ‪ ،‬طاملا أهنم ينظرون‬

‫اىل التضخم على أنه ظاهرة نقدية حبثة ‪ ،‬و ابلتايل ‪ ،‬فإهنم يعطون مكافحته األمهية القصوى يف صالح النظام الرأمسايل‬

‫‪.¹‬‬

‫ـــــــ‬

‫‪ ¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪ 02‬و ‪. 00‬‬

‫‪128‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ السياسة النقدية يف حتليل التوقعات العقالنية ‪:‬‬

‫بىن فريدمان منوذجه على انتقاده للنموذج الكنيزي فإنه تعرض هو االخر النتقادات عديدة من لدن أصحاب مدرسة‬

‫التوقعات العقالنية اليت ظهرت خالل عقد السبعينات من القرن املاضي بقيادة (روبرت لو كاس ) من جامعة‬

‫شيكاغو ‪،‬و ( روبرت ابرو) من جامعة هار فارد و غريهم ‪ ،‬و ينبع هذا املنهج من روح املنهج الكالسيكي الذي‬

‫سبق حبثه من انحية التأكيد دور األسعار و االجور املرنة يف حتقيق التوازن ما بني العرض و الطلب ‪ ،‬و لكنه يضيف‬

‫مسة جديدة هلذا التحليل أال و هي مسة التوقعات العقالنية للوحدات االقتصادية ( األفراد ـ املنشاة ) ‪.‬‬

‫و يف ظل فرضية التوقعات العقالنية ‪ ،‬يرى الكالسيك اجلدد حيادية النقود ‪ ،‬إذ يرون أن زايدة الكتلة النقدية مع بقاء‬

‫االشياء األخرى على حاهلا دون تغيري سوف ترتجم اىل ارتفاع متكافئ يف املستوى العام لألسعار ‪ ،‬و إهنم بذلك‬

‫يتفقون م ع التحليل الفريدماين أيضا ‪ ،‬و هم بذلك يرجحون فكرة اومتاتيكية التأثري للتوقعات العقالنية ‪ ،‬فالسياسة‬

‫النقدية على وفق نظريتهم ال تقوم إبحداث أي أتثري على مستوى االنتاج ما عدى التضخم املفاجئ أو غري املتوقع‬

‫من لدن االفراد ملا يسمح ابخنفاض وقيت ملعدل البطالة حتت املستوى الطبيعي و هم بذلك يرفضون فكرة وجود عالقة‬

‫ما بني التضخم و البطالة حتت املستوى الطبيعي ‪ ،‬وهم بذلك يرفضون فكرة وجود عالقة ما بني التضخم و البطالة‬

‫خالل االمد الطويل ‪ ،‬و أيضا عدم وجود هذه العالقة حىت يف االمد القصري ‪ ،‬فمثال تطبيق سياسة نقدية جديدة‬

‫يستد عي املزيد من الزايدات يف عرض النقود ‪ ،‬و ذلك عندما يتأكد األفراد أن هذه الزايدة يف عرض النقود تشري اىل‬

‫معدل مرتفع للتضخم ‪ ،‬فإن األجور و األسعار ال بد من أن تتعدل يف احلال ابفرتاض املرونة يف إطار التوقعات‬

‫العقالنية ‪ ،‬و ابفرتاض العمالة الكاملة فإن األجور و األسعار سوف تزداد نسبيا اتركة األجر احلقيقي دون تغيري ‪ ،‬و‬

‫ابلتايل معدل البطالة دون تغيري على الرغم من تزايد معدل التضخم ‪ ،‬لذلك فإن منحىن فيليبس أيخذ عندهم اخلط‬

‫املستقيم العمودي على احملور األفقي ‪ ،‬كما هو موضح يف الشكل التايل ‪:‬‬

‫‪129‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫منحىن فيلبس الكالسيكي اجلديد‬ ‫الشكل رقم (‪)02‬‬

‫معدل الزايدة يف االجور‬

‫‪ B‬منحىن فيلبس قصري املدى ظاهري‬ ‫‪D‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪A‬‬ ‫منحىن فيلبس‬

‫‪C‬‬

‫معدل البطالة‬

‫املصدر ‪ :‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪. 00‬‬

‫وفقا التباع املدرسة الكالسيكية اجلديدة ( التوقعات العقالنية ) فإن منحىن فيليبس احلقيقي يكون عموداي ‪ ،‬أي‬

‫موازي للمحور العمودي و لكننا ميكن مالحظة منحىن فيلبس ظاهري قصري املدى مير عرب النقاط (‪، )A,b,c‬‬

‫فالنقطة (‪ ) b‬تنشأ عند توقع صدمة تضخمية االجور النقدية فوق مستوايهتا املتوقعة ‪ ،‬فيتشوش العمال و يعتقدون أن‬

‫األجور احلقيقية قد ارتفعت فيقرروا العمل أكثر و تنخفض البطالة و بذلك ينتقل االقتصاد من النقطة ( ‪ A‬اىل ‪)b‬‬

‫و ميكن تتبع كيف يرتك العمال وظائفهم و يولدوا النقطة ( ‪. )c‬‬

‫و على الرغم من قبول فكرة التوقعات العقالنية من الناحية النظرية ‪ ،‬إال أهنا من الناحية الواقعية مل تلق أتثريا كبريا من‬

‫لدن املفكرين االقتصاديني أو صانعي القرار السياسي ‪ ،‬إذ وجهت هلا انتقادات أساسية جعلت صالحيتها أداة حتليل‬

‫نظري لرسم السياسات االقتصادية يف موضع شك و تساؤل ‪ ،‬و اهم هذه االنتقادات ‪:‬‬

‫‪130‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ أكثر الدالئل االحصائية تشري اىل عدم تغري االسعار مبرونة كبرية و ان تغريها إذا حصل يف مدة معينة فأنه بطيء ‪ ،‬و‬

‫كذلك األجور يف البلدان املتقدمة ‪ ،‬إذ تتنفذ يف أسواق العمل نقاابت العمل القومية تتحدد األجور العمالية بعقود ال‬

‫تقل مدهتا عن سنة كاملة ‪.‬‬

‫ـ عجز النظرية عن اإلجابة عن كيفية تفسري ارتفاع معدالت البطالة اىل ‪ % 02‬ـ ـ ‪ % 02‬و للفرتات طويلة يف بعض‬

‫األحيان ‪ ،‬طاملا أهنا كانت تفرتض إن سوق العمل يتجه دائما حنو التوازن ‪ ،‬و بشكل تلقائي بفضل مرونة األجور ‪.‬‬

‫ـ حتمل هذه املدرسة قصورا واضحة يف فرضياهتا ‪ ،‬و يكون هذا القصور أكثر وضوحا يف اقتصادايت البلدان النامية و‬

‫اليت تتصف بنقص يف الب ياانت و كذلك عدم وجود اتفاق و تناسق يف املعطيات ‪ ،‬ابإلضافة اىل التضارب الرقمي و‬

‫عدم توافر مناذج تصف االقتصاد ابلشكل املطلوب فما أسهل صياغة الفروض لبناء النماذج و لكن ما أصعب بناء‬

‫فرضيات من الواقع ملعاجلة الواقع ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪2‬ـ مميزات السياسة النقدية عن السياسة المالية‬

‫طاملا أن السياسة النقدية ما هي إال مظهر من مظاهر السياسة االقتصادية فإهنا تسعى يف الواقع اىل إدراك نفس‬

‫أهدافها ‪ ،‬و رغم ذلك تبقى للسياسة النقدية أهدافها اخلاصة اليت متيزها عن غريها من السياسات األخرى ‪:‬‬

‫أ ـ األهداف النهائية للسياسة النقدية ‪ :‬من اجلدير ابلذكر ان هذه األهداف ليست حمل االتفاق من حيث عددها ‪،‬‬

‫ذلك أن تشريعات النقدية تتباين من حيث التوسع و التصنيف يف هذه األهداف ‪ ،‬فمثال ينص القانون ‪02/32‬‬

‫املتعلق ابلنقد و القرض يف اجلزائر على ‪:¹‬‬

‫ــــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 0229‬ـ املرجع السابق ـ ص‪. 20‬‬

‫‪131‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تتمثل مهمة البنك املركزي يف جمال النقد و القرض و الصرف على توفري افضل الشروط لنمو منتظم لالقتصاد الوطين‬
‫و احلفاظ عليها إبمناء مجيع الطاقات االنتاجية الوطنية مع السهر على االستقرار الداخلي و اخلارجي للنقد‪.‬‬

‫و هلذا الغرض يكلف بتنظيم احلركة النقدية و يوجه و يراقب جبميع الوسائل املالئمة توزيع القرض و يسهر على حسن‬

‫إدارة التعهدات املالية جتاه اخلارج و استقرار سوق الصرف ‪.‬‬

‫و عموما جند األهداف يف البالد العربية نتيجة استقراء التشريعات تدور حول العناصر التالية ‪:‬‬

‫ـ حتقيق االستقرار النقدي ‪.‬‬

‫ـ ضمان قابلية صرف العملة و احلفاظ على قيمتها اخلارجية ‪.‬‬

‫ـ تشجيع النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ املسامهة يف إنشاء أسواق مالية و نقدية متطورة ‪.‬‬

‫ـ حتقيق التوازن الداخلي و اخلارجي ‪.‬‬

‫و يف الدول الصناعية هناك اجتاه متزايد حنو عدم التوسع يف االهداف ‪ ،‬و االقتصار على هدف واحد للسياسة‬

‫النقدية يتمثل يف استقرار األسعار ‪ ،‬أي استهداف التضخم بوضع معدالت يستخدم البنك املركزي األدوات املمكنة‬

‫من الوصول اىل هذه املعدالت ‪.‬‬

‫و ميكن للبنوك املركزية بناء املصداقية إذ حققت سجال جيدا إبجناز أهداف التضخم املعلنة ‪ ،‬و عادة ما تقوم البنوك‬

‫املركزية إبصدار تقارير دورية عن السياسة النقدية تعرف بتقارير التضخم ‪ ،‬توضح نوااي البنوك املركزية حول املسار‬

‫املقبل للسياسة النقدية ‪ ،‬و تفسر الفوارق بني معدالت التضخم الفعلية و املستهدفة ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ب ـ األهداف الوسيطة للسياسة النقدية ‪ :‬حتاول السلطات النقدية حتقيق األهداف النهائية من خالل التأثري على‬

‫متغريات وسيطة ‪ ،‬لعدم قدرة هذه السلطات التأثري مباشرة ‪ ،‬مثال على الناتج احمللي اخلام و مكوانته ‪ ،‬و هلذا حتاول‬

‫التأثري على متغريات تؤثر على الناتج احمللي اخلام ‪¹.‬‬

‫و تعترب األهداف الوسيطة عن تلك املتغريات النقدية اليت ميكن عن طريق مراقبتها و إدارهتا الوصول اىل حتقيق بعض‬

‫أو كل األهداف النهائية ‪ ،‬و يشرتط األهداف الوسيطة أن تستجيب ملا يلي ـ وجود عالقة مستقرة بينها و بني اهلدف‬

‫أو األهداف النهائية ‪.‬ـ إمكانية مراقبتها مبا للسلطات النقدية من أدوات ‪.‬‬

‫تتمثل هذه األهداف يف ‪:‬‬

‫ـ اجملمعات النقدية ‪ :‬هي عبارة عن مؤشرات إحصائية لكمية النقود املتداولة و تعكس قدرة األعوان املاليني املقيمني‬

‫على اإلنفاق ‪ ،‬مبعىن أهنا تضم وسائل الدفع لدى هؤالء األعوان ‪ ،‬و من بني وسائل التوظيف تلك اليت ميكن حتويلها‬

‫بيسر و سرعة و دون خماطر خسارة يف رأس املال اىل وسائل الدفع ‪ ،‬و يرتبط عدد هذه اجملمعات بطبيعة االقتصاد و‬

‫درجة تطور الصناعة املصرفية و املنتجات املالية ‪ ،‬و تعطى هذه اجملمعات معلومات للسلطات النقدية عن وترية منو‬

‫خمتلف السيوالت ‪ ،‬و قبل الوصول اىل حتديد هذه اجملمعات و مستوايهتا البد من احلديث عن طلب و عرض النقود‬

‫‪ ،‬فالطلب على النقود من أجل مستوى مالئم للكتلة النقدية ‪ ،‬البد من حتديد املستوى املرغوب من املقبوضات‬

‫لالحتفاظ به بداللة أهداف التضخم و النمو ‪ ،‬ينتج الطلب على النقود من احلاجة اىل احلصول على مقبوضات‬

‫نقدية ‪ ،‬سواء للقيام ابملشرتايت العادية أو لتكوين االحتياطات ‪.‬‬

‫ــــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 0229‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪. 10‬‬

‫‪133‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫مييز كينز بني ثالثة دوافع للطلب على النقد ‪:‬‬

‫‪ ‬دافع املعامالت ‪ :‬حيث يرغب األعوان االقتصاديون يف االحتفاظ مبقدار من النقود يف شكل سائل ملواجهة نفقاهتم‬

‫العادية ‪ ،‬و الطلب على النقود بدافع املعامالت هو دالة يف الدخل ذات ميل موجب ‪.‬‬

‫‪ ‬دافع االحتياط ‪ :‬و هذا يعين أن النقود تطلب بغرض مواجهة الطوارئ ‪ ،‬كاملرض و البطالة ابلنسبة لألفراد ‪ ،‬و‬

‫الطلب على النقود بغرض االحتياط هو دالة كذلك يف الدخل ذات ميل موجب ‪.‬‬

‫‪ ‬دافع املضاربة ‪ :‬و ينطلق ذلك من كون النقود خمزان للقيمة ‪ ،‬و حيتفظ االفراد بنقود سائلة ملواجهة احتماالت‬

‫املستقبل النامجة عن ارتفاع و اخنفاض معدالت الفائدة ‪ ،‬حبيث إذا توقع املضارب ارتفاعا يف سعر الفائدة ‪ ،‬فإنه‬

‫يؤجل شراءه لألوراق املالية حمتفظا ابلنقود السائلة اىل غاية اخنفاض أسعارها ‪ ،‬و عندما يتوقع ارتفاع قيمة األوراق‬

‫املالية يقوم ببيعها ‪ ،‬و الطلب على النقود ألغراض املضاربة هو دالة يف أسعار الفائدة ذات ميل سالب ‪.‬‬

‫أما عرض النقود فهو ملعرفة الوسائل املمكن استخدامها للتأثري على اجملمعات النقدية ‪ ،‬البد من فهم و حتليل عملية‬

‫تكوين الكتلة النقدية ‪ ،‬و هذا ما يتطلب حتليل ثالثة أنواع من احلساابت‪:‬‬

‫ـ املسح أو الوضع النقدي ‪ :‬هو وسيلة متكن من القيام بتحليل اجملمعات النقدية اليت تتأثر بقدر كبري بسلوك‬

‫السلطات النقدية ‪ ،‬و اليت هلا دور فعال يف التأثري على اجملمعات االقتصادية االخرى ‪ ،‬و لتحقيق هذا اهلدف يتم‬

‫دمج بياانت امليزانية العمومية جلم يع املصارف التجارية مع امليزانية العمومية للسلطات النقدية و توحيدها يف أصناف‬

‫قليلة ‪ ،‬ذات أمهية كبرية ابلنسبة لالقتصاديني وواضعي السياسة ‪ ،‬و يتكون املسح النقدي من صايف األصول األجنبية‬

‫و االئتمان احمللي ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ حساب البنك املركزي ( السلطة النقدية) ‪ :‬يسعى هذا احلساب اىل إظهار أنشطة البنك املركزي حيث يتضمن يف‬

‫اخلصوم العملة املتداولة خارج اجلهاز املصريف ‪ ،‬االحتياطات البنكية ‪ ،‬االلتزامات اخلارجية ‪ ،‬ودائع احلكومة ‪ ،‬أما يف‬

‫جهة األصول فيتضمن احلساب املتحصالت اخلارجية ‪ ،‬احلقوق على احلكومة احلقوق على البنوك التجارية ‪.‬‬

‫ب ـ معدالت الفائدة ‪ :‬تسعى السلطة النقدية أحياان اىل اختاذ الوصول اىل معدل الفائدة احلقيقي هدفا وسيطا‬

‫للسياسة النقدية ‪ ،‬إال أن هذا اهلدف يطرح مشاكل عديدة من بينها طبيعة العالقة بني معدالت الفائدة طويلة أو‬

‫قصرية املدى و النقود ‪ ،‬فلقد تبني يف الوالايت املتحدة األمريكية أن متغريا للدخل مقرتان بسعر فائدة على املدى‬

‫القصري يعطي دالة ابلغة االستقرار للطلب على النقود ‪ ،‬يف الوقت الذي ظهر فيه أن مزجيا من متغري الدخل و أخر‬

‫لسعر الفائدة على املدى الطويل يؤدي اىل حتقيق أفضل مستوايت الكتلة النقدية مبعناها الواسع يف بريطانيا ‪.‬‬

‫و املشكل يف اعتماد سعر الفائدة كهدف وسيط للسياسة النقدية ‪ ،‬هو أن أسعار الفائدة تتضمن عنصر التوقعات‬

‫التضخمية و هو ما يعقد داللة أسعار الفائدة احلقيقية ‪ ،‬مما يفقدها أمهيتها كمؤشر ‪ ،‬كما أن التغريات يف سعر‬

‫الفائدة ال تعكس يف ا لواقع نتائج جهود السياسة النقدية وحدها ‪ ،‬و إمنا أيضا عوامل السوق ‪ ،‬ذلك أن معدالت‬

‫الفائدة تتجه حنو االرتفاع أو االخنفاض تبعا للوضعية اليت مير هبا االقتصاد ( الدورة االقتصادية ) ‪.‬‬

‫ج ـ سعر الصرف ‪ :‬يستخدم سعر الصرف كهدف للسلطة النقدية ذلك أن اخنفاض أسعار الصرف يعمل على‬

‫حتسني وضعية ميزان املدفوعات ‪ ،‬كما أن استقرار هذا املعدل ( سعر الصرف ) يشكل ضماان الستقرار وضعية البالد‬

‫جتاه اخلارج ‪ ،‬و هلذا تعمل بعض الدول على ربط عمالهتا بعمالت قوية قابلة للتحويل ‪ ،‬و احلرص على استقرار‬

‫صرف عملتها مقابل تلك العمالت ‪ .‬إال أن التقل بات اليت حتدث يف سوق الصرف تكون نتيجة املضاربة الشديدة‬

‫على العمالت ‪ ،‬مما يؤدي اىل عدم القدرة على السيطرة و التحكم يف هذا اهلدف ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ قنوات إبالغ السياسة النقدية ‪:‬‬

‫تعرب قنوات " اإلبالغ " عن الطريق الذي من خالله يبلغ أثر أدوات السياسة النقدية اىل اهلدف النهائي تبعا الختيار‬

‫اهلدف الوسيط ‪ ،‬و تنحصر هذه القنوات يف أربعة ‪:‬‬

‫‪ ‬قناة سعر الفائدة ‪ :‬و هي قناة تقليدية النتقال أثر السياسة النقدية اىل هدف النمو ‪ ،‬ذلك أن السياسة النقدية‬

‫التقييدية تعمل على ارتفاع أسعار الفائدة االمسية مما يعمل على ارتفاع سعرها احلقيقي و منه ارتفاع تكلفة رأس املال‬

‫‪ ،‬و هذا ما يؤدي اىل تقليص الطلب على االستثمار ‪ ،‬كما قد يضعف طلب العائالت على السلع املعمرة ‪ ،‬و‬

‫التحول اىل االستثمار يف العقار مما يؤدي اىل النهاية اىل اخنفاض الطلب الكلي و منه النمو ‪.‬‬

‫‪ ‬قناة سعر الصرف ‪ :‬تستخدم هذه القناة للتأثري على الصادرات من جهة ‪ ،‬و من جهة أخرى تستعمل اىل جانب‬

‫معدالت الفائدة يف استقطاب االستثمار األجنيب ‪ ،‬و تعود أمهية سعر الصرف اىل أن أتثري تغريه يصل اىل االقتصاد‬

‫احمللي من خالل أتثريه على حجم التجارة اخلارجية ‪ ،‬و على حجم تدفقات االستثمار االجنيب ‪.‬‬

‫‪ ‬قناة أسعار السندات املالية ‪ :‬و هذه القناة هي تعبري عن وجهات أنصار املدرسة النقدوية يف حتليلهم ألثر السياسة‬

‫النقدية على االقتصاد ‪ ،‬حيث يعتربون أن أتثري السياسة النقدية على االقتصاد ينتقل على قناتني ‪ :‬قناة توبني‬

‫لالستثمار و اليت تعتمد على ما يعرف مبؤثر توبني لالستثمار أي عالقة بني القيمة البورصية للمؤسسات و خمزون‬

‫رأس املال الصايف ‪ ،‬و قناة أثر الثروة على االستهالك ‪.‬‬

‫‪ ‬قناة اإلئتمان ‪ :‬و تنقسم هذه القناة بدورها اىل قناتني ‪:‬‬

‫ـ قناة االقراض املصريف حيث يؤدي اخنفاض العرض النقدي اىل اخنفاض حجم الودائع لدى املصارف ‪ ،‬و منه‬

‫ينخفض حجم االئتمان املصريف املمكن تقدميه مما يقلل من االستثمار و ابلتايل احلد من النمو ‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ قناة ميزانية املؤسسات يؤدي اخنفاض عرض النقود اىل االخنفاض يف صايف قيمة املؤسسات و الضماانت اليت ميكن‬

‫للمقرتضني تقدميها عند االقرتاض ‪ ،‬و يؤدي ارتفاع سعر الفائدة اىل ختفيض التدفقات النقدية حنو املؤسسات الصغرية‬

‫‪ ،‬مما يزيد من خماطر إقراضها ‪ ،‬و هو ما يؤثر على استثمار القطاع اخلاص و ابلتايل منو الناتج احمللي اخلام‬

‫‪3‬ـ أدوات السياسة النقدية و عالقتها بالسياسة المالية‪:‬‬

‫تعرب أدوات السياسة النقدية عن املعدالت و الكميات اليت تقع حتت التحكم املباشر للسلطة النقدية ‪ ،‬مبا ميكنها من‬

‫تعديل مستوايهتا للوصول اىل حتقيق األهداف النهائية ‪:‬‬

‫تتمثل أدوات السياسة النقدية نوعني من الوسائل ‪ ،‬مباشرة أو إنتقائية و تستهدف أنواعا حمددة من االئتمان موجهة‬

‫لقطاعات معينة أو ألغراض حمددة من االنفاق ‪ ،‬و غري مباشرة و تستهدف احلجم الكلي لالئتمان املتاح دون حماولة‬

‫التأثري على ختصيصه بني خمتلف االستعماالت ‪.‬‬

‫ـ األدوات املباشرة للسياسة النقدية ‪:‬‬

‫تستخدم هذه األدوات قصد التأثري على حجم االئتمان املوجه لقطاع أو لقطاعات ما ‪ ،‬و تعمل على احلد من حرية‬

‫ممارسة املؤسسات املالية لبعض األنشطة كما و نوعا ‪ ،‬و من أمهها ‪:¹‬‬

‫أ ـ أتطري االئتمان ‪ :‬و هو إجراء تنظيمي تقوم مبوجبه السلطات النقدية بتحديد سقوف لتطور القروض املمنوحة من‬

‫قبل البنوك التجارية بكيفية إدارية مباشرة وفق نسب حمددة خالل العام ‪ ،‬كاال يتجاوز ارتفاع جمموع القروض املوزعة‬

‫نسبة معينة ‪ ،‬و يف حالة االخالل هبذه االجراءات تتعرض البنوك اىل عقوابت ‪ ،‬تتباين من دولة ألخرى ‪،‬‬

‫ـــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 0229‬ـ املرجع السابقـ ص ‪. 32‬‬

‫‪137‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و اعتماد هذا األسلوب ينبع من سعي السلطات النقدية اىل التأثري على توزيع القروض يف اجتاه القطاعات املعتربة‬

‫أكثر حيوية ابلنسبة للتنمية ‪ ،‬أو اليت تتطلب موارد مالية كبرية ‪.‬‬

‫ب ـ النسبة الدنيا للسيولة ‪ :‬و يقتضي هذا األسلوب أن يقوم البنك املركزي إبجبار البنوك التجارية على االحتفاظ‬

‫بنسبة دنيا يتم حتديدها عن طريق بعض األصول منسوبة اىل بعض مكوانت اخلصوم ‪ ،‬و هذا خلوف السلطات‬

‫النقدية من خطر االفراط يف االقراض من قبل البنوك التجارية بسبب ما لديها من أصول مرتفعة السيولة ‪ ،‬و هذا‬

‫بتجميد بعض هذه األصول يف حمافظ البنوك التجارية ‪ ،‬و بذلك ميكن احلد من القدرة على إقراض القطاع‬

‫االقتصادي ‪.‬‬

‫ج ـ الودائع املشروطة من أجل االسترياد ‪ :‬و يستخدم هذا األسلوب لدفع املستوردين اىل إيداع املبلغ الالزم لتسديد‬

‫مثن الواردات يف صورة ودائع لدى البنك املركزي ملدة حمددة ‪ ،‬و مبا أن املستوردين يف الغالب يكونون غري قادرين على‬

‫جتميد أمواهلم اخلاصة ‪ ،‬فيدفعهم ذلك اىل االقرتاض املصريف لضمان االموال الالزمة لإليداع و هذا من شأنه التقليل‬

‫من حجم القروض املمكن توجيهها لباقي االقتصاد ‪ ،‬و يؤدي بدوره اىل رفع تكلفة الواردات ‪.‬‬

‫د ـ قيام البنك املركزي ببعض العمليات املصرفية ‪ :‬و تستعمل البنوك املركزية هذا االسلوب يف البلدان اليت تكون فيها‬

‫أدوات السياسة النقدية حمدودة األثر ‪ ،‬حيث تقوم البنوك املركزية مبنافسة البنوك التجارية أبدائها لبعض االعمال‬

‫املصرفية بصورة دائمة أو استثنائية ‪ ،‬كتقدميها القروض لبعض القطاعات األساسية يف االقتصاد ملا متتنع أو تعجز‬

‫البنوك التجارية عن ذلك ‪.‬‬

‫هـ ـ التأثري و االقناع األديب ‪ :‬و هي وسيلة تستخدمها البنوك املركزية بطلبها بطرق ودية و غري رمسية من البنوك‬

‫التجارية تنفيذ سياسة معينة يف جمال منح االئتمان ‪ ،‬و يعتمد جناح هذا االسلوب على طبيعة العالقة القائمة بني‬

‫‪138‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫البنوك التجارية و البنك املركزي ‪ ،‬و هذا ما يفسر جناحا يف كندا ‪ ،‬اسرتاليا ‪ ،‬نيوزيلندا و إخفاقه يف الوالايت املتحدة‬

‫األمريكية ‪.‬‬

‫إن اعتماد األسلوب املباشر إلدارة السياسة النقدية و الرقابة على اإلئتمان ما فتئ التخلي عنه يتزايد من سنة اىل‬

‫أخرى خاصة يف العشريتني األخريتني من القرن العشرين لصاحل األساليب غري املباشرة سواء يف الدول املتقدمة أو‬

‫الدول النامية ‪.‬‬

‫ـ األدوات غري املباشرة للسياسة النقدية ‪:‬‬

‫تعتمد األدوات غري املباشرة على استخدام السوق للتعديل النقدي هبدف التأثري على عرض و طلب النقود بطريقة‬

‫تسمح إبدراك األهداف الوسيطة املتعلقة أساسا ابجلمعات النقدية ‪.‬‬

‫يسمح اللجوء اىل هذه األساليب لقوى السوق أن تعمل على ختصيص القروض ‪ ،‬و من أهم االدوات غري املباشرة‬

‫نذكر ‪:¹‬‬

‫أ ـ معدل االحتياطي القانوين ‪ :‬يقضي االحتياط القانوين إبلزام البنوك التجارية ابالحتفاظ بنسبة معينة من ودائعها يف‬

‫شكل سائل لدى البنك املركزي ‪ ،‬و يستخدم تغيري معدل االحتياطي القانوين للتأثري يف حجم االئتمان الذي تقدمه‬

‫البنوك التجارية ‪.‬‬

‫ـــــ‬

‫‪¹‬فؤاد هاشم عوض ( ‪ ) 0330‬اقتصادايت النقود و التوازن النقدي ـ دار النهضة العربية ـ القاهرة ـ مصر ـ ص ‪. 39‬‬

‫‪139‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و تعترب الوالايت املتحدة أول دولة يف العامل تطبق أداة االحتياطي اإلجباري منذ ‪ ، 0399‬لينتشر بعد ذلك‬

‫استخدامها يف ابقي دول العامل ‪ ،‬ففي فرنسا مل تعتمد هذه األداة إال سنة ‪ ، 0311‬و يف اجلزائر مل يكن ذلك ممكنا‬

‫إال بعد ظهور القانون ‪ 02/32‬املتعلق ابلنقد و القرض الصادر يف ‪ 00‬أفريل ‪ 0332‬الذي نص يف مادته على ما‬

‫يلي " حيق للبنك املركزي أن يفرض على البنوك أن تودع لديه يف حساب جممد ينتج فوائد أو ال ينتجها احتياطيا‬

‫حيسب على جمموع ودائعها أو على بعض أنواع الودائع أو على جمموع توظيفاهتا أو على بعض هذه التوظيفات ‪ ،‬و‬

‫ذلك ابلعملة الوطنية أو ابلعمالت األجنبية ‪.‬‬

‫يدعى هذا االحتياط ابالحتياطي االلزامي‪.‬‬

‫ال ميكن ان يتعدى االحتياطي االلزامي ‪ %03‬من املبالغ املعتمدة كأساس الحتسابه ‪ ،‬إال أنه جيوز للبنك املركزي أن‬

‫حيدد نسبة أعلى يف حالة الضرورة ‪.‬‬

‫و االحتياطات القانونية اإلجبارية ذات هدف مزدوج فهي من جهة أداة حلماية املودعني و متكينهم من ضمان‬

‫السحب عند احلاجة لودائعهم ‪ ،‬و من جهة اثنية أداة للتأثري على قدرة البنوك التجارية يف منح االئتمان ‪ ،‬ففي‬

‫أوقات الكساد و يف حالة رغبة البنك املركزي توفري حجم أكرب من االئتمان لتشجيع االستثمار ‪ ،‬يقوم بتخفيض‬

‫معدل االحتياطي القانوين ‪ ،‬مما يزيد من قدرة البنوك التجارية على االقراض ‪ ،‬و يف حالة وجود تضخم يقوم البنك‬

‫املركزي بزايدة معدل االحتياطي القانوين ‪ ،‬و هذا من شأنه تقليص قدرة البنوك املركزية على منح االئتمان ‪ ،‬مما يؤدي‬

‫اىل اخنفاض االستثمار و معدالت التوظيف و منه اخنفاض الطلب ‪ ،‬و ابلتايل اخنفاض األسعار ‪.‬‬

‫ب ـ معدل إعادة اخلصم ‪ :‬و هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك املركزي مقابل إعادة خصمه األوراق‬

‫التجارية اليت تقدمها البنوك التجارية خلصمها ‪ ،‬و االقرتاض منه ابعتباره املالذ االخري لإلقراض ‪ ،‬و يسمى أيضا سعر‬

‫البنك ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و تعترب عملية إعادة اخلصم شكال من أشكال إعادة التمويل اليت يقوم هبا البنك املركزي لتزويد البنوك التجارية‬

‫ابلسيولة ‪.‬‬

‫و هناك عالقة بني معدل إعادة اخلصم و أسعار الفائدة ذات الطابع إجيايب يف اجتاه واحد ‪ ،‬و تؤدي زايدة معدالت‬

‫إعادة اخل صم اىل خفض حجم النقود يف اجملتمع ‪ ،‬و هلذا تلجأ البنوك املركزية عند إرادهتا التأثري على تقليص عرض‬

‫النقود اىل رفع معدل إعادة اخلصم مما يؤدي اىل ارتفاع معدالت الفائدة يف األواق املالية ‪ ،‬و منه عدم تشجيع‬

‫االقرتاض يف البنوك التجارية ‪ ،‬و ابلتايل اخنفاض االئتمان ‪ ،‬و يتم خفض هذا املعدل عند الرغبة يف زايدة حجم‬

‫االئتمان ‪ ،‬يؤدي تغيري معدالت إعادة اخلصم اىل تغيري معدالت الفائدة ‪ ،‬األمر الذي يؤثر على حجم االستثمار‬

‫نتيجة العالقة العكسية بني االستثمار و معدالت الفائدة ‪.‬‬

‫يعتمد معدل إعادة اخلصم يف حتقيق أهدافه على مدى أتثريه على أسعار الفائدة يف السوق ‪ ،‬ابعتبار أن معدالت‬

‫الفائدة هي العامل املؤثر املباشر يف حجم االئتمان ‪ ،‬و من هنا فإن جناح معدل إعادة اخلصم يتوقف على مدى أتثريه‬

‫على أسعار الفائدة يف السوق ‪ ،‬و هذا يتوقف بدوره على درجة تنظيم و كفاءة اجلهاز املصريف بشكل يؤدي اىل أن‬

‫أي تغيري يف سعر اخلصم يؤدي اىل تغيري يف اسعار الفائدة ‪ ،‬و هذه الوضعية ال تنسجم على األقل مع أوضاع اجلهاز‬

‫املصريف يف الكثري من الدول النامية ‪ .‬و تؤثر الظروف االقتصادية السائدة يف فعالية هذه االداء ‪ ،‬ففي فرتات الكساد‬

‫تلجأ البنوك املركزية اىل خفض معدل إعا دة اخلصم ليؤدي اىل اخنفاض معدالت الفائدة يف االسواق املالية ‪ ،‬فليس‬

‫هناك ضمان لزايدة حجم االئتمان ‪ ،‬الن حجم االستثمار يتوقف على عوامل عديدة ( مستوى الدخل ‪ ،‬العائد‬

‫املتوقع ‪ ،‬أسعار الفائدة ‪ ،‬االستقرار السياسي ‪ ،‬مستوى اجلباية ‪...‬اخل )‪.‬‬

‫ـــــــ‬

‫‪¹‬فؤاد هاشم عوض ( ‪ ) 0330‬املرجع السابق ـ ص ‪.002‬‬

‫‪141‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ج ـ عملية السوق املفتوحة ‪ :‬تعين عملية السوق املفتوحة إمكانية جلوء البنك املركزي اىل السوق املالية أو النقدية ابئعا‬

‫أو مشرتاي األوراق املالية و الذهب و العمالت األجنبية و كذا السندات العمومية و أذوانت اخلزينة رغبة منه يف ضخ‬

‫السيولة أو امتصاصها ‪ ،‬و هذا ما يعمل يف ذات الوقت على اخنفاض معدالت الفائدة أو ارتفاعها ‪.‬‬

‫و تسمح هذه العملية للسلطات النقدية بتوجيه تطور أسعار الفائدة يف اجتاه الذي يبدو هلم أكثر مالئمة ‪.‬‬

‫و قد ظهرت امهية هذه األداء بعد ‪ 0392‬بعد اكتشاف حمدودية أداء معدل إعادة اخلصم ‪ ،‬و يتم األن استخدامها‬

‫على نطاق واسع ‪.‬‬

‫يؤدي استخدام هذه األداة اىل تغيري حجم النقد املتداول و يؤثر على قدرة البنوك التجارية على خلق االئتمان ‪،‬‬

‫فشراء السندات العمومية و أذوانت اخلزينة و الذهب و االوراق املالية يؤدي اىل زايدة النقد املتداول ‪ ،‬و منه تزداد‬

‫قدرة البنوك التجارية على خلق االئتمان يف حالة الشراء ‪ ،‬و تنخفض يف حالة البيع اعتبارا أن عمليات الشراء و البيع‬

‫تتم للبنوك التجارية ‪ ،‬أو للجمهور ‪ ،‬و ابلتايل يقوم البنك املركزي إبصدار شيكات لصاحلهم بقيمة األوراق املالية يتم‬

‫وضعها يف حساابهتم لدى الب نوك التجارية ‪ ،‬يف حالة الشراء ‪ ،‬أما يف حالة البيع فيقوم اجلمهور إبصدار الشيكات‬

‫مسحوبة من حساابهتم يف البنوك التجارية لصاحل البنك املركزي ‪.‬‬

‫يؤدي قيام البنك املركزي ببيع األوراق املالية اىل زايدة املعروض منها مما يكون له أثر على أسعارها ‪ ،‬و هذا من شأنه‬

‫التأث ري على املركز املايل للبنك و من هنا على البنك املركزي العمل على استقرار أسعار هذه األوراق حىت يضمن‬

‫احملافظة على مركزه املايل ‪.‬‬

‫و نستنتج من مجيع ما ذكر أن أدوات السياسة النقدية و عالقتها مع السياسة املالية ‪ ،‬مالمها تسعيان لتحقيق هدف‬

‫واحد و هو االستقرار و التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫البنك امل ـرك ـ ـزي كـسـلـطـ ـة ن ـقـ ـدي ـ ـ ـة ‪:‬‬

‫يعرف دليل االحصاءات النقدية و املصرفية لسنة ‪ 0330‬السلطة النقدية على أهنا تقوم مبهام عديدة ‪ ،‬و بوصفها‬

‫اجلهة املسؤولة عن إصدار العملة تقوم السلطات النقدية بتزويد االقتصاد أبوراق نقدية و عمالت معدنية يتم تداوهلا‬

‫حبرية كوسيلة الدفع املعرتف هبا ‪ ،‬و يوصفها اجلهة احلائزة لالحتياطات الدولية ابالقتصاد فان السلطات النقدية‬

‫مستعدة لقبول او توفري نقد أجنيب مقابل عمالهتا ألغراض ميزان املدفوعات ‪ ،‬و إن مت ذلك أحياان يف ظل قيود ‪ ،‬أو‬

‫إلجراء تعديالت بسعر صرف العملة الوطنية ‪ ،‬و يطلب االشراف على النظام املايل قيام السلطات النقدية بتحديد‬

‫املستوايت املالئمة للسيولة ابالقتصاد احمللي و لدى البنوك أيضا ‪ ،‬و ابلتأثري على تطور أصول و خصوم املؤسسات‬

‫املالية تبعا لذلك ‪ ،‬و يوصفها الوكيل املايل األصلي للحكومة املركزية ‪ ،‬ختتص السلطات النقدية بدعم معامالت‬

‫احلكومة بتوفري االئتمان ‪ ،‬مبا يتفق و القيود القانونية و ابمتصاص فائض أموال احلكومة ‪.‬‬

‫و ميكن تعريف البنك املركزي على أنه " املؤسسة املالية الوحيدة اليت تشبه بقدر كبري السلطة النقدية املعرفة وظيفتها ‪،‬‬

‫و ابلرغم من االختالفات بني البلدان يف التسميات و الشكل القانوين ‪ ،‬اندرا ما توجد أي شكوك بشأن املؤسسة‬

‫املالية املتوجب اعتبارها البنك املركزي " ‪ ،‬و يشري هذا التعريف اىل إمكانية ممارسة السلطة النقدية من قبل هيئات من‬

‫غري البنك املركزي ‪ ،‬كما كان سائدا يف بريطانيا ‪.¹ 0331‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 0229‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪. 30‬‬

‫‪143‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ إدارة السياسة النقدية ‪:‬متارس البنوك املركزية مهامها كسلطة نقدية على مستوى ‪:‬‬

‫أ ـ حتديد توجهات السياسة النقدية ‪ :‬ذلك ان تدخل البنوك املركزية خيتلف حبسب درجة استقالليتها عن السلطة‬

‫التنفيذية ‪ ،‬و هذا ما جيعل املهام ختتلف حبسب هذه االستقاللية ‪.‬‬

‫ب ـ اختيار الوسائل املالئمة النقدية ‪ :‬ذلك أن هذه الوسائل ممكن ان تتعدد وفقا للهيكل املايل و الوضع االقتصادي‬

‫للبالد ‪ ،‬و منها وسيلة معدالت الفائدة اليت شاع استعماهلا لكوهنا تعتمد على اليات السوق من جهة و نظرا لتحرير‬

‫حركة رؤوس األموال من جهة اخرى ‪ ،‬و هذا على حساب وسائل اخرى ‪.‬‬

‫ج ـ حتديد األهداف الوسيطة للسياسة النقدية ‪ :‬تبعا للتطور الظرفية االقتصادية و هي عملية دقيقة جدا ‪ ،‬و جتعل‬

‫السلطة النقدية احياان يف مواجهة السلطة التنفيذية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ استقاللية البنك المركزي و مصداقية السياسة النقدية ‪:‬‬

‫تعين استقاللية البنوك املركزي استقاللية هذه البنوك هي إدارة السياسة النقدية بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية ‪ ،‬و‬

‫مبا ال يسمح بتسخري السياسة النقدية كأداة لتمويل العجز يف امليزانية العامة ‪ ،‬و هو ما ميكن ان يؤدي اىل ارتفاع‬

‫التضخم ‪ ،‬و ترتبط استقاللية البنك املركزي بطبيعة أهداف السياسة النقدية فبقدر ما تكون ملتصقة هبدف استقرار‬

‫االسعار بقدر ما تكون مستقلة ‪ ،‬و عندما تكلف أبهداف أخرى فإن ذلك حيد من استقالليتها ألن العمل على‬

‫حتقيق هذه األهداف ميكن أن يعيق السلطة النقدية من حتقيق هدفها الرئيسي ‪.‬‬

‫تعمل استقاللية البنك املركزي على ضمان مصداقية السياسة النقدية ‪ ،‬ذلك أن السلطة النقدية املستقلة تكون أكثر‬

‫جدارة من السلطات السياسية يف احملافظة على استقرار عملها و مهامها لتحقيق هدفها ‪ ،‬ألهنا تكون بعيدة على‬

‫التناقضات و الصراعات السياسية ‪ ،‬كما أن السلطة املستقلة إبمكاهنا نشر و توفري املعلومات النقدية و املالية‬

‫للجمهور مبنط ق ضرورة الشفافية ‪ ،‬إذ أن الشفافية تؤدي دورا أساسيا يف ترسيخ فكرة االعتماد على البنوك املركزية‬

‫‪144‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫لدى املتعاملني االقتصاديني و ذلك ملا حتققه من نتائج تؤدي اىل زايدة انضباط النظام يف رسم السياسة النقدية و يف‬

‫تطبيقها ‪.‬‬

‫أ ـ مؤشرات استقاللية البنك املركزي ‪:‬‬

‫هناك ا عرتاف على نطاق واسع بدور البنك املركزي يف جمال السياسة النقدية ‪ ،‬حىت و إن كان ذلك ابلتشاور مع‬

‫السلطات السياسية ‪ ،‬و هذا ما يقودان اىل التسليم بوجود درجات متفاوتة الستقاللية البنوك املركزية ‪ ،‬فعلى سبيل‬

‫املثال يعترب البندزابنك األملاين و البنك الوطين السويسري أكثر البنوك املركزية استقاللية ‪ ،‬فالبندزابنك ليس مطلواب منه‬

‫أن أيخذ بعني االعتبار سياسة احلكومة إذ كانت غري منسجمة مع دوره القانوين يف احلفاظ على استقرار القيمة‬

‫اخلارجية و الداخلية للعملة ‪ ،‬يف حني يعترب بنك فرنسا و إجنلرتا مستشارين و منفذين للسياسة النقدية و تقع على‬

‫احلكومة مسؤولية القرارات اهلامة املتعلقة ابلسياسة النقدية ‪ ،‬و يتمتع البنك املركزي اهلولندي و النيوزيالندي‬

‫ابستقاللية كبرية يف جمال السياسة النقدية ‪ ،‬لكن إبمكان احلكومة فرض وجهة نظرها عليه ‪.¹‬‬

‫ـــــ‬

‫‪¹‬عبد اجمليد قدي ( ‪ ) 0229‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪.32‬‬

‫‪145‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ 5‬ـ طبيعة العالقة ما بين السياستين النقدية و المالية ‪:‬‬

‫أ ـ السياسة النقدية و املالية معا ‪:‬‬

‫أن هناك تكامال هاما و قواي ما بني السياستني لتحقيق األهداف االقتصادية بشكل عام و االستقرار االقتصادي‬

‫على وجه اخلصوص ‪ ،‬إذ يعود هذا الرتابط بينهما اىل ان مكوانت الطلب الكلي تتأثر مبستوى سعر الفائدة السائد‬

‫من جهة كما إهنا تتأثر مبستوى الضرائب و االنفاق و تغرياهتما من جهة أخرى ‪ ،‬ابإلضافة اىل ذلك أتثرها بطريقة‬

‫متويل فائض أو عجز املوازنة و يرتتب على ذلك ابلضرورة وجود تنسيق ما بني السياستني لتحقيق األهداف و بكفاءة‬

‫عالية مما يقضي بضرورة استخدام مزيج من السياستني معا ‪.¹‬‬

‫فالسياسة النقدية أبدواهتا املختلفة تؤثر بشكل مباشر يف النقود املتوافرة لدى البنوك التجارية ‪ ،‬إذ تؤثر أسعار الفائدة‬

‫يف التسهيالت االئتمانية املمنوحة من لدن البنوك لألفراد و املشروعات ‪ ،‬األمر الذي يولد أتثريا يف احلجم الكلي‬

‫لإلنفاق على السلع و اخلدمات و ابلتايل يف حجم االستثمار و من مث يف حجم الطلب الكلي ‪ ،‬إذ جاء أتثري‬

‫السياسة النقدية بشكل غري مباشر و انتقل عرب قناة سعر الفائدة ‪ ،‬أما ابلنسبة اىل السياسة املالية فهي تؤثر مباشرة يف‬

‫التشغيل و االنتاج و الدخل من خالل االنفاق احلكومي و السياسة الضريبية ‪ ،‬إذ ان االنفاق احلكومي يؤثر بصورة‬

‫مباشرة يف الدخل و اال نتاج ‪ ،‬فعند زايدة االنفاق بشقيه اجلاري و االستثماري سيؤدي ذلك اىل زايدة الدخول و‬

‫ابلتايل زايدة الطلب الكلي الذي يرتتب عليه زايدة يف االنتاج ‪ ،‬و ميكن أن تلعب السياسة الضريبية الدور نفسه فيما‬

‫يتعلق إبعادة توزيع الدخول ‪.‬‬

‫ـــــ‬

‫عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪ 32‬و ‪. 31‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪146‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إذ تسعى معظم النظم الضريبية اىل زايدة االقتطاع من ذوى الدخول املرتفعة و إعادة توزيعها اىل الفئات الفقرية ذات‬

‫امليل احلدي لالستهالك املرتفع على شكل إعاانت مما يؤدي اىل زايدة الطلب الكلي و زايدة االنتاج ‪.‬‬

‫و الن العمليات املالية و النقدية هي وسائل فعالة يف الرقابة االقتصادية العامة ‪ ،‬فان التنسيق و اجلمع بينهما يصبح‬

‫األمر ضروراي و ملحا لتفادي التعارض مع بعضها بصورة تضعفهما و يف نفس الوقت متنع السلطة احلكومية من‬

‫حتقيق أهدافها املرسومة ‪ ،‬و يشدد على هذه ضرورة التداخل املوجود بني هذين النوعني من العمليات ‪ ،‬فالسياسة‬

‫املالية تنادي بزايدة االنفاق أو ختفيض الضرائب لتحريك عجلة النشاط االقتصادي عندما يكون االقتصاد يعمل يف‬

‫ظروف أقل من مستوى التوظيف الكامل ‪ ،‬يف هذه احلالة البد أن جتعل السياسة النقدية ابالجتاه نفسه حبيث يضمن‬

‫عدم ارتفاع سعر الفائ دة و أال أدى ذلك اىل اخنفاض حجم االستثمار و من مث حجم الطلب الكلي مما يتسبب يف‬

‫عدم جناح السياسة املالية ‪ ،‬األمر الذي يتطلب أن تعمل هذه السياسة ( النقدية) من جانبها على ختفيض سعر‬

‫الفائدة اىل املستوى الذي يضمن معه رفع حجم االستثمار النعاش االقتصاد الوطين ‪ ،‬و لعالج التضخم تنادي‬

‫السياسة املالية بتخفيض النفاق احلكومي أو زايدة الضرائب حبيث يؤدي ذلك اىل ختفيض حجم الطلب الكلي يف‬

‫اجملتمع و القضاء على الفجوة التضخمية ‪ ،‬ففي هذه احلالة البد أن تعمل السياسة النقدية على عدم ختفيض سعر‬

‫الفائدة من خالل عمليات السوق املفتوح ة حىت ال تؤدي ذلك اىل زايدة حجم االستثمار لريتفع معه الطلب الكلي ‪،‬‬

‫إن التنسيق بني التدابري املالية أو النقدية أمر ضروري و ذلك بسبب االختالف ما بني طبيعة كل منهما على النحو‬

‫التايل ‪:‬‬

‫ـ متيل العمليات املالية اىل أن تكون واسعة النطاق من حيث حجمها و مداها ‪ ،‬يف حني تتجه العمليات النقدية اىل‬

‫أن تكون حمدودة ألهنا تنحصر بصورة رئيسة يف القطاع املايل و املصريف ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ متيل التدابري املالية من انحية أخرى اىل أن تكون بطيئة و متصلبة ألسباب دستورية و قانونية عموما ‪ ،‬يف حني أن‬

‫االجراءات النقدية سريعة و مرنة نسبيا و ميكن تغيريه ا يف وقت قصري جدا من خالل التغيريات يف نسب االحتياطي‬

‫القانوين و أسعار الفائدة و اخلصم‪.‬‬

‫ـ متيل االجراءات املالية اىل ان تكون ذات قيمة بصفة خاصة يف تشجيع التوسع االقتصادي و لكنها قد تكون أقل‬

‫قدرة على إيقاف التضخم ‪ ،‬إما االجراءات النقدية فإهنا تكون ذات أثر ضئيل يف تشجيع التوسع و لكنها قد حتد و‬

‫بصورة فعالة من االجتاهات التضخمية ‪.‬‬

‫و هلذه االسباب جمتمعة جتعل التنسيق فيما بني السياستني من حيث االجتاه و التوقيت يصبح أمرا ضروراي جدا ال‬

‫ميكن أن تتغاضى عنه ‪.‬‬

‫ب ) السياسة النقدية و املالية و اجلدل بني الكينزيني و النقوديني ‪:‬‬

‫عن قدرة و فعالية السياسات املالية و النقدية مسألة يثار حوهلا اجلدل ‪ ،‬و ليس هناك اتفاق بني العديد من املدارس‬

‫االقتصادية ‪ ،‬و ال سيما بني املدرستني الكينزية و النقودية ‪ ،‬ففي الوقت الذي يذهب فيه أنصار الكينزية اىل تعظيم‬

‫دور السياسة املالية يف الن شاط االقتصادي على حساب السياسة النقدية ‪ ،‬جند أن النقوديني يشككون يف فعالية‬

‫السياسة املالية و كفاءهتا و يعظمون السياسة النقدية يف التأثري يف جممل النشاط االقتصادي بوصفها األداة الوحيدة‬

‫الفعالة ‪.¹‬‬

‫ــــــ‬

‫‪¹‬عباس كاظم الدعمي ( ‪ )0202‬املرجع السابق ـص ‪ 31‬و ‪. 33‬‬

‫‪148‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إن االختالف بني املدرستني ال يزال قائما و مل يستطع االقتصاديون إثبات صحة أحدمها و نفي األخر بشكل قاطع‬

‫و لكن من الناحية التطبيقية ‪ ،‬استطاعت كل من املدرستني ابستخدام الدراسات االحصائية أن تبني فاعلية سياستها‬

‫خالل مدة زمنية خمتلفة ‪ ،‬فأظهرت املدرسة الكي نزية فاعلية السياسة املالية يف مدد معينة ‪ ،‬بينما أكدت الدراسات‬

‫االحصائية النقدية فاعلية السياسة النقدية يف مدد أخرى ‪ ،‬و ميكن مقارنة النظرية النقدية مع املناهج الكينزية احلديثة‬

‫‪ ،‬على الرغم من التقارب الكبري يف وجهات النظر بني املدرستني خالل العقود الثالثة املاضية ‪ ،‬و االختالفات بينهما‬

‫قائم يف أتكيد أي سياستني أكثر فاعلية عمليا يف التأثري يف الطلب و العرض االمجاليني ‪ ،‬ففي الوقت الذي يؤكد فيه‬

‫أنصار املدرسة النقودية على دور السياسة النقدية و عدم استخدامها السياسة املالية انطالقا من موقفهم ضد التدخل‬

‫احلكومي الواسع و اعتقادهم ان االقتصاد احلر هو اقتصاد مستقر و ال حيتاج اىل تدخل حكومي واسع ‪،‬‬

‫فأننا جند إن املدرسة الكينزية تؤكد أبن كال السياستني تؤثران يف الطلب الكلي ‪ ،‬أال أن فعالية السياسة املالية تفوق‬

‫كثريا فاعلية السياسة النقدية و خاصة يف مدد الركود أو الكساد االقتصادي الطويل األجل ‪ ،‬و يربز من ذلك أن‬

‫هناك اختالفات رئيسة ما بني املدرستني أمهها ‪:‬‬

‫ال تتفق املدرستان حول القوى احملركة للطلب الكلي ‪ ،‬إذ يعتقد النقوديون أن الطلب االمجايل يتأثر فقط و بشكل‬

‫رئيسي ابلعرض من النقود و عن أتثري النقود يف الطلب االمجايل مستقر و ميكن االعتماد عليه ‪ ،‬يف الوقت الذي يؤكد‬

‫فيه النقوديني إن تطبيق السياسة املالية التوسعية من لدن احلكومة يؤدي اىل مزامحة القطاع اخلاص من خالل السوق‬

‫املايل ‪ ،‬االمر الذي يؤثر سلبا يف النفاق االستثماري اخلاص ‪ ،‬و هذا يعين ان السياسة املالية سوف لن يكون هلا إال‬

‫أتثري ضئيل ميكن إمهاله ‪.‬‬

‫مثة اختالفات أخرى بني املدرستني حول فاعلية السياستني ‪ ،‬إذ يعتقد النقوديون من خالل استنتاجات النظرية‬

‫الكالسيكية بفاعلية السياسة النقدية على افرتاض ثبات سرعة دوران النقود خالل األجل القصري و استقرار الطلب‬

‫‪149‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫على النقود مع التغريات احلاصلة يف الناتج القومي و الدخل القومي ‪ ،‬أال أن الكنزيني احملدثيني يعتقدون و من خالل‬

‫التجارب يف العديد من بلدان العامل إحصائيا و تطبيقيا ‪ ،‬أبن سرعة دوران النقود ليست اثبتة و مستقرة ‪ ،‬و هذا ما‬

‫يضعف فاعلية السياسة النقدية يف التأثري يف الطلب االمجايل ‪ ،‬و خاصة عندما تكون التغريات يف سرعة دوران النقود‬

‫معاكسة للتغريات يف كمية النقود ‪ ،‬فاخنفاض سرعة دوران النقود يف ازمنة الركود االقتصادي جيعل زايدة كمية النقود‬

‫ضعيفة التأثري ‪ ،‬بينما يزيد ارتفاعها يف ازمنة االنتعاش من الضغوط التضخمية و ارتفاع االسعار ‪ ،‬و يقلل أتثري‬

‫السياسة النقدية االنكماشية ‪.‬‬

‫مثة اختالف أخر ما بني املدرستني حول فاعلية السياستني ‪ ،‬إذ يعتقد النقوديني إن سياسة عجز امليزانية اليت يؤمن هبا‬

‫الكينزيون حمددة ابلقبول السياسي و بربامج اقتصادية و اجتماعية ال ميكن الرتاجع عنها ‪ ،‬فهي يف حالة التوسع حمددة‬

‫ابلقبول ا لسياسي للعجز يف امليزانية العامة ‪ ،‬و يف حالة االنكماش حمددة و مقيدة بربامج اقتصادية و اجتماعية ال‬

‫ميكن التخلي عنها ‪ ،‬يف حني يعتقد الكينزيون ان سياسة العجز احلكومي أو السياسة املالية التوسعية ميكن ان تسهم‬

‫يف تنشيط االقتصاد اىل جانب السياسة النقدية مع إعطاء دور اكرب للسياسة احلكومية املالية ‪.‬‬

‫و لكن يف مجيع احلاالت هناك اتفاق اتم بني املدرستني على اهلدف الرئيس من السياستني يتلخص بتحقيق االستقرار‬

‫االقتصادي و السعي اىل الوصول اىل أعلى استغالل ممكن من الطاقة االنتاجية و على هذا االساس فإن اإلجابة عن‬

‫أي سياستني جيب أن يستخدم من لدن الدولة لتحقيق هذه األدوات ميكن إجيازها ابلنقط االتية ‪:‬‬

‫تستطيع السياسات احلكومية استخدام أي من السياستني أو كليهما يف معاجلة التقلبات االقتادية مع االخذ بنظر‬

‫االعتبار حمددات كل منها ‪.‬يعتمد املزج بني السياستني على الظروف اليت مير هبا االقتصاد و على أتثري كل منهما يف‬

‫القطاعات االقتصادية احمللية ‪ ،‬أي أن املزيج من السياستني البد و أن يتغري مع تغري احلاالت االقتصادية و السياسية‬

‫‪150‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و لعل من أهم اخلصائص اليت جيب ان تؤخذ بعني االعتبار حالة الركود أو الكساد و االنتعاش أو االزدهار ‪ ،‬كذلك‬

‫املدة الزمنية اليت حيتاجها تغيري أو تعديل كال السياستني ‪.‬‬

‫‪ 1‬ــ السياسة النقدية و المالية مع ميزان المدفوعات ‪:‬‬

‫أ ـ السياسة النقدية و ميزان املدفوعات ‪ :‬للمتغريات النقدية مهمة يف ميزان املدفوعات و أسعار الصرف بني‬

‫العمالت الوطنية ‪ ،‬إذ تسبب يف األغلب األعم عجزا أو فائضا يف ميزان املدفوعات لبلدا ما و اليت تعكس بدورها‬

‫أاثرا على النظام االقتصادي داخل البلد ‪ ،‬و ميكن استخدام السياسة النقدية يف أحياان كثرية لتعديل حاالت عدم‬

‫التوازن و اليت قد يعاين منها ميزان املدفوعات ‪ ،‬و يف الوقت نفسه ميكن هلا أن تعاجل التقلبات اليت حتدث يف أسعار‬

‫الصرف ابعتبار تلك التقلبات مصدر للمتاعب االقتصادية احمللية من خالل التأثري يف قيمة العملة احمللية يف السوق‬

‫الدولية ‪.‬‬

‫و تلعب السياسة النقدية دورا كبريا يف تصحيح االختالل يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬إذ تستند الطريقة النقدية اىل التمييز‬

‫بني النقود من مصدر خارجي ( االحتياطيات الدولية) و النقود من مصدر داخلي ( السيولة احمللية) ‪ ،‬فضال عن‬

‫ذلك يعد ميزان املدفوعات ظاهرة نقدية ‪ ،‬ففي اقتصاد مفتوح و يف ظل ثبات سعر الصرف فان عرض النقود هو‬

‫متغري داخلي * يتأثربفائض أو عجز ميزان املدفوعات ‪ ،‬لذا فإن عرض النقود ليس أداة سياسة مستقلة ** ‪ ،‬مثلما‬

‫هو احلال يف ظل اقتصاد مغلق إذ يعد عرض النقود متغري مستقال يستطيع التأثري يف وضع ميزان املدفوعات ‪ ،‬و من‬

‫خالل النهج النقدي ميكن اشتقاق عالقة مفيدة ما بني االئتماين املصريف احمللي و التغري يف االحتياطات الدولية ـ ـ‬

‫‪*endogènes‬‬

‫‪** Exogènes Policy instrument‬‬

‫‪151‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و ميارس سعر الصرف هو االخر أتثريا واضحا يف أسعار الواردات و الصادرات ابعتباره حيدد قيمة العملة احمللية مقابل‬

‫العمالت االخرى ‪ ،‬إذ تعد أسعار الصرف من وسائل السياسة النقدية األكثر شيوعا يف توحيد قيم رؤوس األموال‬

‫الدولية ‪ ،‬فهي تقوم بربط اقتصادايت الدول بعضها ابلبعض االخر ‪ ،‬طاملا أن حركة رؤوس األموال الدولية تتمثل يف‬

‫الطلب احمللي أو األجنيب على املوجودات األجنبية و احمللية معا ‪ ،‬و من مث ينعكس ذلك على استقرار و توازن ميزان‬

‫املدفوعات ‪ ،‬و يظهر سلوك سعر الصرف يف اجتاهني ‪ ،‬األول يتمثل ابلعالقة ما بني سعر الصرف و املوجودات‬

‫االجنبية ‪ ،‬و الثاين يف القدرة التنافسية الدولية لالقتصاد و اليت يعرب عنها بسعر الصرف احلقيقي للعملة الوطنية ‪.‬‬

‫ب ـ السياسة املالية و ميزان املدفوعات ‪ :‬من املعروف أنه ال يوجد يف العامل املعاصر بلد ال يرتبط بعالقات متشعبة‬

‫مع بقية بلدان العامل اخلارجي على اختالف مستوايت هذه العالقات و االرتباطات ‪ ،‬و حتظى تلك العالقات‬

‫االقتصادية الدولية ابهتمام كبري من صانعي السياسات االقتصادية الن على أساسها يتم ختصيص املوارد على وفق‬

‫نظرايت االقتصاد الدويل املختلفة مما جعل حتقيق التوازن الداخلي و اخلارجي هدفا رئيسيا من أهداف السياسات‬

‫البلدان املختلفة و خصوصا السياسة املالية اليت ميكن أن تسهم و من خالل استخدام أدواهتا يف التأثري و احملافظة‬

‫على توازن املدفوعات و كذلك التأثري على سعر الصرف العملة الوطنية و موقفها يف سوق الصرف االجنيب ‪ ،‬و لعل‬

‫أبرز ا دوات السياسة املالية اليت تستخدمها السلطة املالية للتأثري على ميزان املدفوعات و أسعار الصرف هي السياسة‬

‫االنفاقية و الضريبية ‪.‬‬

‫و يشهد االقتصاد العاملي اختالالت حادة يف التوازانت االقتصادية ‪ ،‬و ال سيما بعد أن اجتاحته العديد من‬

‫املتغريات االقتصادية ‪ ،‬إذ أن هناك عالقة قوية ما بني توازن ميزان املدفوعات ( التوازن اخلارجي ) و توازن املوازنة‬

‫العامة (التوازن الداخلي ) و خصوصا بعد اقتصادات املتقدمة ‪ ،‬فنشأة االختالل تؤدي اىل زايدة تدفق األموال فيها‬

‫بينهما ‪ ،‬فاقتصادات العجز تواجه ضغطا لنزوح األموال اخلاصة منها اىل اخلارج ‪ ،‬األمر الذي يولد تفاقما يف االجتاه‬

‫النزويل يف سعر صرف عمالهتا ‪ ،‬يف حني ان اقتصادات الفائض عادة متثل انسيااب لرؤوس األموال حنوها ‪ ،‬و من مث‬

‫‪152‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فهي تعاين أيضا من مضاعفة االختالل ‪ ،‬مبعىن زايدة حدة االختالالت ‪ ،‬فإذا ما تفحصنا أتثري التغريات يف‬

‫الصادرات و ال واردات يف األسعار و العمالة و الناتج و من مث على التوازن يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬فإننا نستطيع القول‬

‫أن السلطة املالية و ابستخدام أدواهتا املالية ‪ ،‬تتمكن من التأثري يف وضع ميزان املدفوعات عن طريق أتثريها يف الطلب‬

‫الكلي ‪ ،‬و ابلتايل يف الناتج ‪¹.‬‬

‫فإذا كان البلد ي واجه فائضا يف ميزان املدفوعات فإن الزايدة يف الطلب الكلي تقود اىل خفض هذا الفائض أو‬

‫التخلص منه إذ تنخفض الصادرات بسبب الزايدة يف الناتج و االسعار احمللية ابلنسبة اىل األسعار األجنبية ‪ ،‬يف حني‬

‫تزداد الواردات بسبب زايدة يف الطلب الكلي و االسعار احمللية ابلنسبة اىل األسعار االجنبية ‪ ،‬و هكذا تصبح‬

‫السياسات املالية التوسعية مرغوبة إذا ما واجه البلد البطالة و الفائض يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬يف حني إذا واجه البلد‬

‫تضخما جبذب الطلب و عجزا يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬فإن السياسات املالية املقيدة تكون أنسب من غريها ‪ ،‬و لكن‬

‫إذا واجه البلد البطالة و عجز يف ميزان املدفوعات أو تضخما جبذب الطلب و فائضا يف امليزان ‪ ،‬فإن السياسة‬

‫املالئمة حلل املشكلة حمليا ختتلف و تتعارض مع السياسة املالئمة حلل املشكلة دوليا ‪ ،‬ففي الوقت الذي تكون فيه‬

‫السياسة املالئمة لعالج البطالة هي سياسة مالية توسعية تكون السياسة االنكماشية أو املقيدة هي املالئمة لعالج‬

‫العجز يف ميزان املدفوعات ‪ ،‬و ابلتايل ال ميكن حتقيق العمالة الكاملة و التوازن يف ميزان املدفوعات مبجموعة واحدة‬

‫من السياسات ‪ ،‬أي من الضروري استخدام جمموعتني من السياسات ( التوسعية و االنكماشية) ‪ ،‬و قد يكون من‬

‫الضروري استخدام السياسة التوسعية إلجناز العمالة يف حني أن سياسة ختفيض قيمة العملة قد تكون مطلوبة لتحقيق‬

‫التوازن يف ميزان املدفوعات ‪.‬‬

‫ــــــ‬
‫‪¹‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابقـص ‪. 30‬‬

‫‪153‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و ال ميكن اغفال أثر السياسة الضريبية يف التأثري يف سعر الصرف بطريقة غري مباشرة و من خالل أتثريها يف أنشطة‬

‫أخرى يف االقتصاد ‪ ،‬فزايدة الضرائب مثال ( الضرائب على الدخول) تؤثر يف قدره األفراد يف االنفاق من خالل‬

‫أتثريها يف اخنفاض دخوهلم املخصصة لإلنفاق ‪ ،‬أي االخنفاض أبشكاله املختلفة ( االستهالكي و االستثماري) مما‬

‫يؤدي اىل اخنفاض الدخول و كذلك األجور و كل ذلك يؤدي اىل اخنفاض عرض النقود و األسعار ‪ ،‬االمر الذي‬

‫يرتتب عليه زايدة الطلب االجنيب على السلع احمللية بسبب اخنفاض أسعارها مقارنة مع البلدان اليت تكون فيها‬

‫األس عار مرتفعة ‪ ،‬مما يرتتب عليه ارتفاع يف سعر صرف العملة احمللية مقابل اخنفاض سعر الصر ف العلمة اال جنبية‬

‫املقابلة هلا‪ ،‬وميكن ان نتصور احلالة ابالجتاه املعاكس يف حالة خفض الضرائب على الد خول ‪،‬اذ ميكننا ان ندرك يف‬

‫احياان كثرية ما تؤديه الز اي د ة يف الضرائب يف ارتفاع االسعار من خالل أتثريها يف االنتاج ‪،‬اذ تعمل على ختفيض‬

‫االنتاج الرتفاع تكاليفه ‪،‬االمر الذي يرتتب عليه اخنفاض الطلب األجنيب على السلع احمللية بسبب ارتفاع اسعارها‬

‫مقارنة مع البلدان اليت تكون فيها االسعار منخفضة ‪ ،‬مما يؤدي اىل اخنفاض يف سعر صرف العملة احمللية مقابل‬

‫ارتفاع يف سعر صرف العملة االجنبية املقابلة هلا ‪ ،‬و ميكن أن نتصور احلالة ابالجتاه املعاكس يف حالة خفض‬

‫الضرائب على االنتاج ‪ ،‬و هذا يعين أن للضرائب أتثريها يف أسعار صرف العملة من خالل أتثريها على الدخول و‬

‫عرض النقود و االنتاج و ابلتايل األسعار و الصادرات و امليزان التجاري ‪ ،‬و هكذا فان احلكومة ميكن أن متارس من‬

‫خالل سياساهتا االنفاقية و الضريبية دورا يف التأثري يف وضع ميزان املدفوعات ‪.¹‬‬

‫ـــــ‬

‫‪¹‬فؤاد هاشم عوض ( ‪ ) 0330‬املرجع السابقـ ص ‪. 010‬‬

‫‪154‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التوازن االقتصادي العام‬

‫يعد التوازن االقتصادي العام هاجسا فكراي ملقرري السياسة االقتصادية يف دول العامل ‪ ،‬و كان و ما يزال كغريه من‬

‫املوضوعات ال ينفك أن يكون وجها من االيديولوجية االقتصادية القائمة يف ذلك اجملتمع ‪ ،‬و من مث فهو انعكاس‬

‫للفلسفة السائدة يف ذلك اجملتمع على وفق صانعي القرار و ألياته ‪.‬‬

‫و ميثل التوازن االقتصادي حبد ذاته حتداي أمام صانع القرار االقتصادي و السياسي ملا له من عالقة مبفاصل حياة ذلك‬

‫اجملتمع من استثمار و ادخار و معدالت البطالة و االستهالك و غريها ‪ ،‬لذا فقد أوضحت املدارس االقتصادية رؤاها‬

‫جتاه هذا املفصل املهم يف السياسة االقت صادية ‪ ،‬حىت و أن غاب التحديدي املباشر ‪ ،‬و يبقى اهلدف احلقيقي منصبا‬

‫حول حتقيق التوازن االقتصادي يف املستقبل سعيا حنو استقرار اقتصادي للمجتمع ‪ ،‬و كما يبقى االختالف يف تفسري‬

‫هذا التوازن و معناه و أبعاده ‪ ،‬و من مث حتديد ألياته اعتمادا على حتديد األيديولوجية املوجهة لذلك اجملتمع ‪ ،‬و من‬

‫هنا يربز اختالف مهم يتعلق مبفهوم التوازن ‪ ،‬و هذا االختالف انبع من فهم و حتديد مفاهيمي ملصطلح ( التوازن‬

‫االقتصادي ) و هو ما ينسحب على أليات تطبيق السياسة االقتصادية اليت تكفل الوصول اىل مرحلة التوازن ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪ 0‬ـ التوازن االقتصادي‬

‫ينط لق املوقف الكالسيكي يف تفسريه للتوازن االقتصادي اجلزئي منه و الكلي عن طريق ألية العمل االقتصادي اليت‬

‫ترمسها النظرية االقتصادية القتصاد السوق ‪ ،‬و ينطلق ذلك ابختصار من أركان ثالثة ‪ ،‬تستوعبها فرضيتان يقوم‬

‫عليهما التفسري الرأمسايل أللية االقتصادية ‪ ،‬و هذه األركان ختتص ابلتايل ‪: ¹‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ¹‬سالم عبد الكرمي مهدي أل مسيسم (‪ )0200‬ـ التوازن االقتصادي العام ـ دار جمدالوي للنشر و التوزيع ـ عمان ـ األردن ـ الطبعة األوىل‬

‫‪155‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ منط السوق و شكلها فيما إذا كانت تنافسية ‪ ،‬احتكارية و ما اىل ذلك ‪.‬‬

‫ـ ألية السعر املرتبط بشكل وثيق بنمط السوق و الشكل السائد يف التعامل االقتصادي ‪.‬‬

‫ـ حتمية التوازن ‪ ،‬و هذه نقطة مهمة ال يبتعد عنها الفكر االقتصادي ‪ ،‬إذ أن التوازن حتمي ال حمالة ‪ ،‬و ان ما‬

‫حيصل من خلل هو يف احلاالت اليت يشكل فيها االبتعاد عن التوازن القضية األساس يف هذه املعطيات ‪ ،‬و انطالقا‬

‫من ذلك ‪ ،‬فإن لدينا فرضيتني ‪:‬‬

‫الفرضية األوىل ‪:‬تتعلق الفرضية األوىل بسيادة املنافسة التامة ( سوق املنافسة التامة) إذ متثل حالة املنافسة منوذجا‬

‫مثاليا يصعب حتقيقه بسبب الفرضيات و الشروط اليت تقوم عليها ‪ ،‬األمر الذي سيجعل حتديد السعر يف سوق ما ‪،‬‬

‫و حتت ظروف املنافسة التامة عن طريق واحد فقط هو تقاطع منحىن الطلب السوقي و منحىن العرض السوقي‬

‫للسلعة ‪ ،‬و من مث تكون املنشأة حتت ظروف املنافسة التامة هي املتقبلة للسعر ‪ Price taker‬و ميكنها بيع أي‬

‫كمية ابلسعر السائد ‪ ،‬و يتضح من هذا أن الظرف املتأيت من هذه السوق سيتضمن دخول أو خروج املستهلكني‬

‫أو املنتجني (و هم هبذا العدد غري احملدود) من دون أي أتثري يف األلية اليت تعمل هبا السوق ‪ ،‬و يدعم ذلك التجانس‬

‫يف الناتج اليت تكلفه حرية حتريك مجيع املوارد مع وجود املعرفة التامة ابألسعار إذ يدعم ذلك رشادة املستهلك و املنتج‬

‫معا يف تلخيص فكرة مهمة إال و هي تعظيم املردود مع تدنية التكاليف ‪.‬‬

‫الفرضية الثانية ‪:‬أتيت الفرضية الثانية متممة للمسار الفكري الذي مهدت له الفرضية األوىل ‪ ،‬و مفادها( تكون مجيع‬

‫االسواق يف حالة توازن ) ‪ ،‬مبعىن تتحدد األسعار حبيث ال يكون هناك أي عامل اقتصادي غري راض عن التبادالت‬

‫اليت تتم يف السوق ‪ ،‬و يتم تفسري ذلك ابفرتاض دالة عرض يف سوق تنافسية واحدة ‪ ،‬إذ يعد تدفق كميات السلع‬

‫املخططة او املرغوبة دالة مب اشرة لسعر السوق ‪ ،‬و يتم جعل دالة طلب هذا السوق من هذه الكميات املخططة أو‬

‫املرغوب فيها دالة ذات عالقة عكسية للسعر ‪ ،‬بينما تستجيب تدفقات العرض طرداي للتغري يف سعر السلعة‬

‫‪156‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫األساسية ‪ ،‬و سوف يكون هناك سعر توازين تتعادل عنده املشرتايت املخططة أو املرغوبة مع املبيعات املخططة أو‬

‫املرغوبة ‪ ،‬و هنا حتديدا و عند نقطة التوازن هذه تقوم عملية التبادل ‪ ،‬و من مث فإن التبادل الذي يتم عند هذا السعر‬

‫التوازين لن يرتك أي ابئع أو مشرت من دون أن حيقق مبيعاته أو مشرتايته اليت يرغب فيها ‪ ،‬و يتغري هذا السعر التوازين‬

‫بصورة مستمرة بطبيع ة احلال‪ ،‬إذا حدث تغري يف دالة الطلب أو دالة العرض ‪ ،‬أي أنه البد و أن يكون هناك توازن أو‬

‫اجتاه مؤكد حنو حتقيق التوازن ‪ ،‬و ان ذلك البد و ان يكون مضموان أبلية السوق مع ضمان احلرية الفردية اليت تفرز‬

‫اليد اخلفية اليت تكفل حل املشاكل اليت جتابه األلية اليت تتم عندها العملية االقتصادية ‪.‬‬

‫تداخل الفرضيتني ‪ :‬تتداخل الفرضيتان يف مكامن مفاصل عملهما ‪ ،‬إذ تتداخل سوق املنافسة و التوازن يف ظل‬

‫نظرايت السوق التقليدية ‪ ،‬إذ يعرف كل من البائعني و املشرتين أسعار السلعة اليت يرومون شرائها إضافة إىل أسعار‬

‫سلع أخرى ‪ ،‬و من مث تؤهل املعرفة السعرية و توفر املعلومات عملية صنع قرارات ضمن مستوايت التوازن و ختصيصا‬

‫عند نقطة التوازن‪ ،‬و من مث تعطي هذه األلية يف صنع القرار مرونة للعملية مبجملها كي تواجه أي احتمال للخطأ أو‬

‫عدم التيقن وصوال اىل السعر الذي حيقق التوازن ‪.‬‬

‫يعتمد ضمان جناح كل ذلك على مرونة سعرية احادية ‪ ،‬مما يشري اىل اجتاه التغيري يف األسعار ابلنسبة لألسعار اجلارية‬

‫(احلالية) أو املستقبلية ‪ ،‬و ال سيما و أن أتثري التوقعات يف النظرية االقتصادية الكلية التقليدية حمدودة األثر ‪ ،‬بسبب‬

‫النظرة احملدودة للعملية االقتصادية برمتها داخل هذه اجملتمعات من جهة ‪ ،‬و بسبب الرؤية الستاتيكية األصلية اليت‬

‫رافقت العملية و اليت اجتازت ذلك يف ما بعد اىل استاتيكية ديناميكية ‪ ،‬و مل تكن لتكون ديناميكية حبتة ‪ ،‬و هذا‬

‫األمر مرافق لبواكري نشوء النظرية و انعكس عليها يف ما بعد عن طريق االفرتاضات و املرافق اليت قامت عليها هذه‬

‫النظرية ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تنسحب هذه االفرتاضات بكل ألياهتا املعتمدة يف االقتصاد اجلزئي لتطبق على نظرايت االقتصاد الكلي ‪ ،‬و ال يرجع‬

‫السبب اىل أن كل أو بعض هذه االفرتاضات ال تعطي وصفا دقيقا لألسواق اجلزئية النموذجية ‪ ،‬فإن غياب هذه‬

‫الشروط اليت مت افرتاضها قد يزيل أو يضعف أية إمكانية الجتاه املستوايت العامة لألسعار أو الكميات الكلية ( للناتج‬

‫و التوظيف و غريمها) حنو التوازن و االستقرار ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ التوازن الجزئي و التوازن العام ‪:‬‬

‫متيز النظرية االقتصادية اجلزئية بني التوازن اجلزئي و التوازن العام ‪ ،‬فطريقة نظرية التوازن هي الطريقة املتميزة ابلبساطة‬

‫اليت سارع عليها التحليل االقتصادي ملدة طويلة ‪ ،‬كما أهنا ذات ميزة كبرية يف إعطاء نتائج اجيابية ميكن تطبيقها على‬

‫جمال كبري من خمتلف االستعماالت املتنوعة و املتعددة ‪ ،‬إذ تنطبق هذه النظرية يف الدراسات اخلاصة ابلصناعة ‪ ،‬و‬

‫هي حتليل التجارة اخلارجية ‪ ،‬و فرض الضرائب على السلع الفردية ‪ ،‬و يف برامج دعم األسعار و املنتوجات الزراعية‬

‫(و لكن طريقة حتليل نظرية التوازن اجلزئي تنقصها النظرية الكلية الشاملة حلقيقة التوازن يف السوق ‪ ،‬و تستمد هذه‬

‫النظرية أصوهلا عن طريق السلوك الكلي للمستهلكني و السلوك الكلي للمنتجني ‪ ،‬و مدى حقيقة عالقات االرتباط‬

‫و التشابك فيما بينها ‪.‬‬

‫و يرى االقتصاديون الكالسيك حتمية حتقق التوازن الكلي لالقتصاد عند مستوى التوظف الكامل و بذا يكون‬

‫ارتباطا تلقائيا ‪ ،‬فكالمها يضمن حتقيق األخر ‪ ،‬و يتحقق أوهلما عندما يصل االقتصاد اىل مستوى التوظف الكامل ‪،‬‬

‫فإذا مل يصل مل يتحقق التوازن ‪ ،‬و تقود هذه األلية اىل نقطة جوهرية إال و هي ارتباط التوازن االقتصادي يف املفهوم‬

‫الوضعي التقليدي ابلتوظف الكامل إذ يتعادل الطلب الكلي بصفة مستمرة مع العرض الكلي ملا يفرتضونه يف أن‬

‫العرض خيلق طلبه املساوي له ‪ ،‬و هلذا يفرتضون ( التوظف الكامل) ‪ ،‬بل و يعتمدون عليه يف االستناد املنطقي‬

‫للمنهج التحليلي املتبع من قبلهم ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كان هذا بداية طريق الرتابط بني مستوى التوظف و مستوى االقتصاد يف اندماج مؤثر يف الصياغة النظرية للنهج‬

‫الفكري الوضعي الذي يربر هذه السياسات وصوال اىل مستوى التوازن االقتصادي املنشور و حتميته ‪ ،‬و نرى أن كينز‬

‫رفض حتمية التوازن و ليس ضرورته ‪ ،‬و من هنا كان رفضه و انتقاده العنيف لساي و لقانونه الشهري ‪.‬‬

‫و من مث يستبعد الكالسيك حدوث إفراط يف االنتاج ‪ ،‬و من مث فال وجود لتحليل يتعلق ابقتصاد من دون التوظيف‬

‫الكامل ‪ ،‬و هذا عكس ما أكد عليه كينز الذي اهتم بتثبيت مستوى النشاط االقتصادي ‪ ،‬و ذلك ما انعكس يف‬

‫كتاابته العديدة اليت عاجلت حالة االقتصاد الكلي للدولة يف ظروف الكساد و البطالة و إعادة تقييم مهام الدولة ‪ ،‬و‬

‫من مث حتقيق مستوى عال و اثبت من النشاط االقتصادي ‪ ،‬كما أكد كينز دائما على أنه ليس من الضروري حتقيق‬

‫التعادل بني الطلب الكلي و العرض الكلي عند مستوى تشغيل كامل ‪ ،‬بل و من احملتمل حدوثه عند مستوى أقل‬

‫من مستوى التشغيل الكامل ‪ ،‬و هذه إحدى أهم مميزات التحليل الكينزي ‪ ،‬و ابألحرى الرؤاي الكينزية للتوازن ‪.‬‬

‫لقد اهتم التحليل ال كينزي بصورة عامة ‪ ،‬و ال سيما قضية التوازن االقتصادي ‪ ،‬ابألجل القصري و ليس الطويل ‪،‬‬

‫حيث ركز على األجل القصري من أجل عالج التقلبات يف النشاط االقتصادي ‪ ،‬بينما اهتم يف األجل الطويل بتحقيق‬

‫التشغيل الكامل ‪ ،‬و استقرار االسعار ‪ ،‬و النمو املستمر لالقتصاد يف اإلطار املمكن هلذه األهداف مع حتاشي‬

‫التضخم و الركود طويل األجل يف االقتصاد ‪ ،‬و ال سيما و انه يركز على أن الطلب الكلي هو العامل املؤثر يف حتقيق‬

‫التوازن لعدم ثبات العرض الكلي يف األجل القصري ‪ ،‬بينما العكس هو األرجح ‪ ،‬فالعرض الكلي يف األمد القصري ال‬

‫يكون اثبتا إال إذا بلغ االقتصاد مستوى التشغيل الكامل ‪.‬‬

‫و أييت التحول يف دور الدولة ( من الدولة احلارسة اىل الدولة القائدة) متناغما مع تعاظم حجم الشركات اليت بدت‬

‫فعاليتها تؤثر سلبا أو إجيابيا يف أوضاع االقتصاد القومي ‪ ،‬و على ما أعقب ذلك من أاثر اقتصادية و سياسية‬

‫انعكست ع لى حالة الصراع العاملي احملكوم ابلرؤى السياسية ـ األيديولوجية و املنفذة أبدوات اقتصادية ‪ ،‬و بناءا على‬

‫‪159‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫هذا جاءت الوصفة الكينزية مبثابة العالج إلعادة احلياة للرأمسالية بعدما عجز اإلرث الكالسيكي و النيوكالسيكي عن‬

‫إخراج الرأمسالية من أزمتها و االقتصاد من وهدة الكساد ‪ .‬فلم يبق األمل ابلتوازن األوتوماتيكي املزعوم و املفرتض ‪،‬‬

‫وهو ما أشار إليه مالثوس يف مراسالته مع ريكاردو عام ‪ ، 0300‬و توصل إليه كالسكي قبل كينز عام ‪ ، 0303‬و‬

‫هذا يرجعنا اىل نقطة البداية من حيث اختالفه مع الكالسيكيني يف اعتمادهم على قانون ساي من أن العرض خيلق‬

‫طلبه ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ التفسير النقدي و التوازن العام‪:‬من خالل النظرية الكالسيكية‬

‫الحظنا أن السياسة النقدية غري فعالة فال تؤثر تغريات كمية النقود يف القيم التوازنية للمتغريات احلقيقية ( كالدخل ـ‬

‫التشغيل ـ سعر الفائدة) و اليت تتحدد بدورها يف اجلانب احلقيقي للنظام االقتصادي ( فصل جانب النقدي عن‬

‫اجلانب احلقيقي يف التحليل ) و قد ظل هذا الفكر سائدا و مقبوال حىت بداية الثالثنيات من القرن املاضي و‬

‫ابلتحديد بعد األزمة االقتصادية العاملية العام ( ‪ )0303‬و ما نتج عنها من اخنفاض يف الطلب الفعلي ‪ ،‬مما ادى اىل‬

‫ظهور تيار فكري جديد حول تقدمي صورة أكثر تطورا لنموذج يتحقق فيه التكامل ما بني املتغريات النقدية و‬

‫املتغريات احلقيقية ‪ ،‬و مبا أن كينز أول من ربط بني القطاعني النقدي و احلقيقي يف نظرية واحدة من خالل استخدام‬

‫سعر الفائدة و الدخل لتحقيق التوازن بينهما و عرب منحنيات (‪ )LM‬التوازن النقدي (‪ ) IS‬التوازن السلعي ‪ ،‬فإننا‬

‫ميكن استخدام النموذج الكينزي لتوضيح هذا التوازن ‪ ،‬مثلما استخدمه االقتصادي االجنليزي هيكس (‪) HICKS‬‬

‫ألول مرة يف التواصل اىل منوذج التوازن العام ‪ ،‬لذا فإن نقطة االنطالق يف هذا النموذج تبدأ من التوازن الكلي العام ‪.‬‬

‫ـــــــ‬

‫عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪.12‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪160‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أما سعر الفائدة ال ميكن تقديره بشكل مؤكد ‪ ،‬إال إذا عرفنا مسبقا مستوى الدخل احلقيقي أو افرتضناه اثبتا ‪ ،‬و هذا‬

‫يقودان اىل استنتاج أبن سعر الفائدة و الدخل احلقيقي البد أن يتقررا معا ‪ ،‬و هذا ال يتحقق إال إذا حتقق التوازن‬

‫الكلي العام يف االقتصاد ‪ ،‬و قبل الشروع يف كيفية أتثري عرض النقود يف وضع التوازن العام البد من توضيح بعض‬

‫مفاهيم هذا التوازن ‪ ،‬إذ ينقسم االقتصاد الكلي على ثالثة قطاعات رئيسة هي ‪:‬‬

‫ـ قطاع السلع و اخلدمات و هو ما يسمى ابلقطاع احلقيقي و يتمثل بسوق املنتجات ‪ ،‬و هو عبارة عن جمموعة‬

‫أسواق للسلع و اخلدمات املنتجة يف البلد ‪ ،‬و التوازن يف هذا القطاع يتطلب تساوي الطلب الكلي مع العرض الكلي‬

‫( االستثمار املخطط مع االدخار املخطط) ‪ ،‬إذ متثل حالة التوازن يف القطاع احلقيقي ابملنحى (‪ ، ) IS‬و إن أي‬

‫نقطة على هذا املنحىن متثل توليفة من الدخل و سعر الفائدة و جتعل سوق السلع و اخلدمات يف التوازن ‪.‬‬

‫ـ القطاع النقدي و يتمثل بسوق النقود و يف حالة استخدام نظرية األموال القابلة لإلقراض فإنه سيمثل بسوق‬

‫األموال القابلة لإلقراض ‪ ،‬أو سوق االئتمان ‪ ،‬و التوازن يف هذا القطاع يتطلب تساوي عرض النقود مع الطلب عليها‬

‫‪ ،‬او عرض األموال القابلة لإلقراض مع الطلب عليها ‪ ،‬و متثل حالة التوازن يف هذا القطاع ابملنحىن (‪ ، )LM‬و إن‬

‫أي نقطة على هذا املنحىن متثل توليفة من الدخل(‪ )Y‬و سعر الفائدة (‪ )R‬جتعل سوق النقود يف التوازن ‪.‬‬

‫ـ القطاع اخلارجي يشمل مجيع املعامالت احلقيقية ( صادرات و استريادات سلعية و خدمية ) ‪ ،‬و املعامالت النقدية‬

‫مع البلدان األخرى ‪ ،‬و تظهر هذه املعامالت يف ميزان املدفوعات اخلارجية و سوق املعامالت األجنبية و التوازن يف‬

‫هذا القطاع يتطلب تساوي صايف الصادرات احلقيقية مع صايف التدفقات املالية او النقدية ‪ ،‬و يتحقق هذا يف حالة‬

‫توازن ميزان املدفوعات اخلارجية و توازن سوق العمالت االجنبية و متثل حالة التوازن يف هذا القطاع ابملنحىن‬

‫(‪ ، ) BOP‬و إن أية نقطة على هذا املنحىن متثل احملل اهلندسي جلميع إحداثيات الدخل و سعر الفائدة ‪ ،‬و الذي‬

‫ي عكس بدوره توازان بني تدفق رأس املال و ميزان احلساب اجلاري ‪ ،‬و عندما منحنيات الثالثة ( ‪BOP , LM ,‬‬

‫‪161‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ) IS‬يف شكل واحد فإهنا تعكس توليفة من الدخل و سعر الفائدة يتحقق من خالهلا التوازن يف االسواق الثالث (‬

‫التوازن الكلي العام ) ‪ ،‬و مثلما هو موضح يف الشكل رقم ‪29‬التايل ‪:‬‬

‫شكل رقم (‪: )29‬منحنيات (‪ ) BOP , LM , IS‬و التوازن الكلي العام‬

‫‪ R‬سعر الفائدة‬

‫‪LM‬‬

‫‪BOP‬سعر الفائدةالتوازين‬

‫‪IS‬‬

‫‪Y‬‬ ‫الدخل‬

‫عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابقـ ص ‪. 10‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫‪ 4‬ـ السياسة المالية و التوازن االقتصادي العام ‪:‬‬

‫بناء على ما سبق فإن التوازن الكلي العام و تقرير مستوى الدخل احلقيقي و سعر الفائدة يتم من خالل استخدام‬

‫منحنيات (‪ ) LM , IS‬اذ أن التصحيح يف سوق النقود يكون مصدره تغريات يف عرض النقود و أتثريها يف سعر‬

‫الفائدة ‪ ،‬بينما أييت التصحيح لالختالالت يف سوق السلع من خالل تغريات يف مستوى الدخل (االنتاج) ‪ ،‬و الذي‬

‫يهمنا هنا أن نتعرف على العوامل اليت جتعل الدخل احلقيقي و سعر الفائدة يتغريان ‪ ،‬أي العوامل اليت جتعل املنحنيات‬

‫(‪ ) LM , IS‬ينتقالن اىل األعلى أو اىل األسفل أو اىل اليمني او اليسار الن القيم التوازنية لكل من سعر الفائدة و‬

‫الدخل احلقيقي تتأثر ابنتقال املنحنيني ‪ ،‬فإن أتثري السياسة املالية من خالل السياسة االنفاقية و الضريبة يف انتقال‬

‫منحىن الناتج (‪ ) IS‬جيب ان أتخذ ابحلسبان عرب أتثر سعر الفائدة الزايدة أو النقصان ابالستثمارات اخلاصة و من مث‬

‫ابلطلب الكلي ‪ ،‬و ابلتايل يف انتقال منحى (‪ )IS‬هي متغريات السياسة املالية للدولة اليت تتضمن تغريات يف االنفاق‬

‫‪162‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫احلكومي أو الضرائب أو يف االثنني معا ‪ ،‬و هناك احتمال أن تلجأ احلكومة اىل تبين سياسة مالية توسعية أو‬

‫انكماشية يف ظل افرتاض ثبات السياسة النقدية ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ أثر السياسة المالية في التوازن الكلي العام ‪:‬‬

‫الشكل رقم( ‪ :)04‬أثر زايدة االنفاق احلكومي و اخنفاض الضرائب يف التوازن‬

‫‪ R‬سعر الفائدة‬ ‫‪IS1‬‬ ‫‪IS2‬‬ ‫‪LM‬‬

‫ـ‪R2‬‬ ‫‪C‬‬

‫‪BAR1‬‬

‫الدخل احلقيقي‪Y Y1Y2Y3‬‬

‫الشكل رقم (‪: )05‬أثر اخنفاض االنفاق احلكومي و زايدة الضرائب يف التوازن‬

‫‪ LMR‬سعر الفائدة‬

‫‪R1‬‬ ‫‪B‬‬ ‫‪A‬‬

‫‪R2‬‬ ‫‪C‬‬ ‫ـ‬ ‫‪IS1‬‬

‫‪IS2A‬‬
‫الدخل‪Y2Y1Y3‬‬

‫املصدر (شكل ‪0‬و ‪ )2‬عباس كاظم الدعمي (‪ )0202‬املرجع السابق ـ ص ‪.11‬‬

‫‪163‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫نالحظ من خالل هذا الشكل أن التوسع يف االنفاق احلكومي يؤدي اىل انتقال منحىن (‪ )IS‬من ( ‪IS1‬اىل‬

‫‪ )IS2‬والذي يؤدي بدوره اىل ارتفاع القيم التوازنية كسعر الفائدة من ( ‪R1‬اىل ‪ )R2‬مع ارتفاع الدخل احلقيقي‬

‫من ( ‪ Y1‬اىل ‪ ، ) Y3‬و لكن اذا كان اهلدف من التوسع يف اال نفاق احلكومي يستهدف احلفاظ على حالة‬

‫التوازن يف سوق السلع ‪،‬فإن هذا ال يتطلب احداث تغري يف سعر الفائدة ‪،‬ألن الدخل يرتفع من ( ‪ Y1‬اىل ‪)Y2‬‬

‫‪ ،‬اال ان عند النقطة (‪ )B‬يصبح سوق النقود يف وضع عدم التوازن وتكون هناك حالة عجز يف التوازن العام ‪ ،‬ألن‬

‫الزايدة يف الدخل تتطلب زايدة يف الطلب على النقود من اجل امتام معامالت التبادل االضافية ‪،‬وحىت يتناقص‬

‫الطلب على النقود ال بد ان ترتفع املكافأة املقدمة ملن يقلل الطلب عليها ( سعر الفائدة) ‪ ،‬و أييت هذا من خالل‬

‫ارتفاع سعر الفائدة من ( ‪R1‬اىل ‪ )R2‬و يرتتب على ذلك االرتفاع اخنفاض يف مستوى االنفاق اخلاص على‬

‫االستهالك و من مث مستوى االستثمار و يكون ذلك يف النقطة (‪ )C‬اليت يعود فيها سوق النقود اىل التوازن ( مع‬

‫احلفاظ على حالة التوازن يف سوق السلع على طول املنطقة ما بني ‪ C ,B‬على منحىن (‪ ، )IS‬و يف هناية املطاف‬

‫يتناقص الدخل احلقيقي من ( ‪ Y2‬ـ ـ ‪ )Y3‬نتيجة تناقص االستهالك و االستثمار الناتج عن ارتفاع سعر الفائدة ‪،‬‬

‫أال أن (‪ )Y3‬يبقى أكرب من (‪ ، ) Y2‬و تعين أن اتباع سياسة مالية توسعية تؤدي اىل ارتفاع الطلب الكلي و‬

‫االنتاج الكلي ومن مث تنشيط االقتصاد ‪ ،‬أال أنه ميكن مالحظة مسألة مهمة جدا ‪ ،‬و هي أن السياسة املالية‬

‫التوسعية زامحت القطاع اخلاص على املدخرات املالية ‪ ،‬األمر الذي يرتتب عليه رفع سعر الفائدة و اخنفاض االنفاق‬

‫االستثماري اخلاص ‪ ،‬األمر الذي يرتتب عليه رفع سعر الفائدة و اخنفاض االنفاق االستثماري اخلاص ‪ ،‬و هذا‬

‫يتطلب اتباع سياسة نقدية توسعية ملواجهة الزايدة يف سعر الفائدة ‪ ،‬و ال ميكن افرتاض سياسة نقدية اثبتة ‪ ،‬مبعىن‬

‫أن السياسة املالية اىل جانب السياسة النقدية تعمل بكفاءة و دقة عالية يف إحداث التوازن العام ‪ ،‬و ميكن أن‬

‫نتصور العكس يف اتباع سياسة مالية انكماشية ‪ ،‬و اليت تؤدي بطبيعة احلال اىل انتقال منحىن (‪ )IS‬اىل اليسار‬

‫نتيجة اخنفاض االنفاق احلكومي و زايدة معدل الضرائب ‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فإن إتباع احلكومة السياسة املالية التوسعية هبدف انعاش االقتصاد يتطلب معرفة الكيفية اليت تعتمد عليها احلكومة‬

‫يف متويل الزايدة يف االنفاق ‪ ،‬إذ غالبا ما تلجأ احلكومة للتمويل عن طريق زايدة الضرائب و إصدار الدين احلكومي‬

‫لبيع االوراق املالية احلكومية للقطاع اخلاص و االصدار النقدي اجلديد و بيع االوراق املالية احلكومية للبنك املركزي و‬

‫هذا يعين أن االنفاق احلكومي مقيد و حمدد ابلعائد الذي تستطيع احلكومة أن حتصل عليه من خمتلف املصادر ‪ ،‬و‬

‫‪∆G=PT+∆B+∆H‬‬ ‫ميكن كتابة قيد امليزانية ابلصيغة الرايضية التالية ‪:‬‬

‫إذ (‪ )∆G‬متثل مقدار التغري يف القيمة االمسية لإلنفاق احلكومي و (‪ )T P‬متثل القيمة االمسية للحصيلة الضريبية و‬

‫(‪ )∆B‬ميثل التغري يف القيمة االمسية لدين احلكومة و (‪ )∆H‬متثل التغري يف االصدار النقدي اجلديد ( القاعدة‬

‫النقدية) ‪ ،‬و تشري املعادلة أعاله اىل إن احلكومة ينبغي أن متول االنفاق احلكومي من خالل الضرائب أو الدين‬

‫احلكومي أو االصدار النقدي ( أو التوليفة من هذه الوسائل) ‪ ،‬فإذا قامت احلكومة بتمويل الزايدة يف االنفاق عن‬

‫طريق زايدة الضرائب أو االقرتاض من القطاع اخلاص ‪ ،‬فلن حيدث أي تغيري يف عرض النقود ‪ ،‬يف حني إذا مولت‬

‫الزايدة عن طريق االقرتاض من البنك املركزي ‪ ،‬فإن القاعدة النقدية (‪ )H‬تزداد مبقدار مبيعات السندات احلكومية ‪،‬‬

‫و تكون للزايدة يف القاعدة النقدية التأثريات نفسها يف عرض النقود كأية زايدة أخرى يف القاعدة النقدية‪.‬‬

‫ففي األجل القصري و عند املستوى التوازين للدخل ‪ ،‬فان االنفاق احلكومي من احملتمل أن يتجاوز االيرادات الضريبية‬

‫‪ ،‬فان احلكومة جيب أن متول هذه الزايدة ابإلصدار النقدي ‪ ،‬األمر الذي يرتتب عليه زايدة يف عرض النقود ‪ ،‬و‬

‫ابلتايل انفاق انتقال منحىن (‪ )LM‬اىل اليمني ( طاملا يزيد الثروة فإن االستهالك هو األخر يتزايد و ينتقل املنحى ‪IS‬‬

‫اىل اليمني ) ‪ ،‬و ميكن مالحظة احلالة نفسها عندما ميول العجز عن طريق إصدار سندات ‪ ،‬و لكن االستمرار يف‬

‫تلك الت غريات خالل املدة الزمنية سوف يصل فيها الدخل اىل مستواه التوازين طويل األجل ‪ ،‬و عند هذا املستوى‬

‫يكون االنفاق احلكومي مساواي لإليرادات الضريبية ( إذ وصل الدخل اىل مستوى التوازين طويل األجل ‪ ،‬الضريبة‬

‫الكافية لتدعيم املستوى األعلى اجلديد لإلنفاق احلكومي ‪ ،‬و هكذا لكي يبقى الدخل عند مستواه التوازين الطويل‬

‫‪165‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫األجل فإن التغيري يف القاعدة النقدية (∆‪ )H‬البد أن يساوي صفرا‪ ،‬و هكذا ففي األجل القصرية أي زايدة يف‬

‫االنفاق احلكومي متول عن طريق اصدار نقدي و اليت تكون حافزا لالقتصاد القومي اكرب مما تفعله زايدة مساوية يف‬

‫االنفاق احلكومي متول عن طريق االيرادات الضريبية أو إصدار الدين ‪ ،‬و يف املدة الطويلة يصبح العكس صحيحا ‪،‬‬

‫و عندئذ جيب على السلطات املالية أن تستخدم االجل أو الطويلة دليال أويل لسياستها ‪ ،‬على أن الوضع االقتصادي‬

‫يتغري يف األجل الطويلة و ان السياسات جيب ان تتحول ملواجهة الظروف اجلديدة ‪ ،‬و بذلك فان نتائج املدة القصرية‬

‫تقدم دليال أفضل لصانعي السياسة ‪.‬‬

‫‪6‬العالقة بين التوازن المالي للميزانية العامة و التوازن االقتصادي‬

‫ان املهام االساسي للموازنة العامة يف املفهوم احلديث ان تسهل عملية تقومي مقرتحات املشروعات العامة اليت ميكن‬

‫تعريفها على أهنا وحدة اقتصادية متلكها الدولة إما كليا أو جزئيا ‪ ،‬مستقله عن اجلهاز اإلداري للدولة ‪ ،‬تتوىل انتاج‬

‫السلع و اخلدمات و تعمل يف نطاق األهداف االقتصادية و االجتماعية اليت تسعى الدولة لتحقيقها ‪ ،‬إن مشاريع‬

‫الدولة يفرتض فيها حتقيق التوا زن املايل أو حتقيق جدوى اقتصادية من استخدام األموال فيها و ربح و عائد معقولني ‪،‬‬

‫فإنه يف الوقت نفسه يفرتض فيها زايدة يف الدخل الوطين وصوال اىل حتقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫أ ـ توازن املوازنة و التوازن االقتصادي العام ‪ :‬يتكامل التوازن االقتصادي للموازنة العامة مع التوازن االقتصادي العام‬

‫حيث يفرض التوازن االقتصادي للموازنة العامة رفع مردودية النظام االقتصادي مبا يتطلبه من حتليل دقيق حلدود‬

‫االقتطاع العام نوعا و كما حبيث مينع هذا التوازن أن تقوم الدولة ابقتطاع أموال من القطاع اخلاص و تقوم بعدها‬

‫إبنفاقها حبيث ال تكون زايدة يف الدخل الوطين معادلة على األقل لزايدته فيما لو بقيت هذه األموال لدى القطاع‬

‫اخلاص‬

‫‪166‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فالسياسة املالية السلبية هي اليت تسعى من خالهلا الدولة اىل حتقيق التوازن اقتصادي كلي جديد أعلى من سابقه‬

‫احملتمل قبل القيام ابالقتطاع و االنفاق ‪¹.‬‬

‫يتكامل التوازن االجتماعي للمالية العامة مع التوازن االقتصادي العام ألنه يقوم على اساس االقتطاع الضرييب من‬

‫املداخيل املرتفعة مث إعادة التوزيع لصاحل املداخيل املنخفضة و هذا يعين حتقيق زايدة يف قدرة الطبقات ذات الدخل‬

‫الضئيل على اإلنف اق و يعمل على رفع مستواها املعيشي ‪ ،‬و يؤثر ذلك على الوضع االقتصادي العام ألنه يؤدي اىل‬

‫زايدة االستهالك و ابلتايل يؤدي اىل زايدة االنتاج و االستثمار يف اجملتمع و حتقيق منو يف الدخل الوطين و توازن‬

‫اقتصادي عام ‪.‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪ ¹‬سعد هللا داود (‪ )0209‬ـ األزمات النفطية و السياسات املالية يف اجلزائر ـ دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع اجلزائر ـ ص ‪030‬‬

‫‪167‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬

‫تكمن ألية عمل السياسة املالية يف التحكم يف حجم االنفاق و الضرائب و الدين العام هبدف السيطرة على التضخم‬

‫و االنكماش ‪ ،‬فبواسطة السياسة املالية ميكن للحكومة استخدام قواها الضريبية و االنفاقية لتحقيق العمالة الكاملة ‪،‬‬

‫رفع معدالت منو الناتج القومي ‪ ،‬استقرار األسعار و االجور ‪ ،‬العدالة يف توزيع الدخل ‪ ،‬إذ تستطيع احلكومة حتقيق‬

‫هذه األهداف من خالل زايدة أو خفض االنفاق العام و الضرائب وفقا للوضع االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ حاالت االختالل يف االقتصاد الوطين و دور امليزانية العامة يف التصحيح ‪:‬‬

‫تسعى مجيع الدول اىل حتقيق مستوى توازن الناتج الوطين و لكن قد يبتعد االقتصاد عن وضع التوازن ‪ ،‬إذ ميكن أن‬

‫تظهر هذه احلاالت فيما يسمى ابلفجوات التضخمية و االنكماشية يف حالة اختالف املستوى التوازين للناتج عن‬

‫مستوى التوظف الكامل ‪.‬‬

‫الفجوة االنكماشية نعين هبا عجز الطلب الكلي عن العرض الكلي ‪ ،‬حتدث إذ كان االقتصاد الوطين يعاين من‬

‫اخنفاض الطلب الكلي عن املستوى الالزم لتحقيق التوظف الكامل ‪.‬‬

‫أما الفجوة التضخمية حتدث إذا كان االقتصاد الوطين يعاين من ارتفاع الطلب الكلي عن املستوى الالزم لتحقيق إىل‬

‫توظف الكامل ‪.‬‬

‫‪ ‬الفجوة االنكماشية ‪ ( :‬عجز الطلب الكلي عن العرض الكلي) ‪ ،‬حتدث الفجوة االنكماشية إذا كان االقتصاد‬

‫الوطين يعاين من اخنفاض الطلب الكلي عن املستوى الالزم لتحقيق التوظف الكامل ‪ ،‬مثال ‪ :‬لنفرض دالة‬

‫االستهالك التالية ‪C = 200 + 0,75 R:‬‬

‫و االنفاق االستثماري التلقائي (وحدة نقدية ‪ ) I = 300‬و ابفرتاض أننا نتعامل مع اقتصاد مغلق ( ال يتعامل مع‬

‫اخلارج) بناء على هذا االفرتاض فإن املستوى التوازين للدخل يكون يف الشكل التايل ‪:‬‬
‫‪168‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪R=C+I‬‬ ‫‪R = 200 + 0,75R + 300‬‬


‫‪R – 0,75 R = 500‬‬

‫‪R = 200‬‬

‫فإذا افرتضنا أن مستوى الدخل الذي حيقق التوظف الكامل يعادل ( ‪ 0222‬وحدة نقدية ) فإن هذا يعين وجود‬

‫فجوة إنكماشية ‪ ،‬حيث من الواضح أن هذا املستوى الفعلي للطلب الكلي أقل من املستوى الالزم لتحقيق التوظف‬

‫الكامل أي أن هناك فجوة إنكماشية قدرها ( ‪ 222‬وحدة نقدية) ‪.‬‬

‫و من مث تستشري هذه الفجوة أيضا اىل كمية االنفاق الالزم إضافتها للطلب الكلي مبا يسمح له لالرتفاع مبستوى‬

‫الدخل اىل مستوى التوظف الكامل ‪ ،‬و هذا يعين أنه من الضروري أن ترتفع دالة الطلب الكلي مبقدار (‪ 222‬وحدة‬

‫نقدية) هذه الزايدة يف الطلب الكلي ستؤدي اىل ارتفاع مستوى الدخل من ‪ R1‬اىل ‪ R2‬مبقدار يعادل هذه الزايدة‬

‫مضروبة يف قيمة املضاعف ‪ 222 = 0 × 002‬وحدة نقدية ( متثل ‪ 002‬مقدار االنفاق الالزم إضافته للطلب‬

‫الكلي حىت يتحقق التشغيل الكامل ‪ 0 ،‬متثل قيمة املضاعف ‪ 222 ،‬متثل الفجوة االنكماشية املطلوب تغطيتها‬

‫للوصول اىل حالة التشغيل الكامل ) ‪ ،‬كما هو موضح يف الشكل التايل ‪:‬الشكل رقم (‪ )21‬الفجوة االنكماشية‬

‫االنفاق الكلي‬ ‫الفجوة االنكماشية‬ ‫عك‬

‫ن‬ ‫طك‬

‫الدخل‬
‫‪R1 2000‬‬ ‫‪R2 2500‬‬

‫سعد هللا داود (‪ )0209‬ـ املرجع السابق ـ ص‪031‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫‪169‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬الفجوة التضخمية ‪ :‬حتدث الفجوة التضخمية إذا كان االقتصاد الوطين يعاين من ارتفاع الطلب الكلي عن‬

‫املستوى الالزم لتحقيق اىل توظف الكامل ‪ ،‬فإذا فرضنا يف املثال السابق أن مستوى الدخل احلايل هو ( ‪0222‬‬

‫وحدة نقدية ) و هو أعلى من مستوى التوظف الكامل املرغوب فيه و هو ( ‪ 0222‬وحدة نقدية ) أي أن هناك‬

‫فجوة تضخمية قدرها ( ‪ 222‬وحدة نقدية ) و الشكل التايل يوضح ذلك ‪:‬‬

‫الشكل رقم (‪ : )21‬شكل الفجوة التضخمية‬

‫ع ك الفجوة االتضخميةاالنفاق الكلي‬

‫ن‬ ‫طك‬

‫الدخل‬

‫ل‪0‬‬ ‫ل‪0‬‬

‫سعد هللا داود (‪ )0209‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪033‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫‪170‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ 2‬ـ تصحيح الفجوة االنكماشية و الفجوة التضخمية ‪:‬‬

‫‪ ‬تصحيح الفجوة االنكماشية ‪ :‬زايدة الطلب الكلي عن العرض الكلي ( السياسة املالية التوسعية) ‪ ،‬إن السياسة‬

‫املالية التوسعية تتحقق من خالل زايدة النفقات العامة و ختفيض الضرائب و عجز املوازنة هبدف تنشيط الطلب‬

‫الكلي ‪ ،‬و منه ميكن عالج الفجوة االنكماشية من خالل أدوات السياسة املالية عن طريق إحدى البدائل التالية ‪:‬‬

‫قيام احلكومة ابلعمل على زايدة مستوى االنفاق العام وفقا ملا اندى به كينز عند حدوث أزمة الكساد العاملي ‪.‬‬

‫قيام احلكومة بتخفيض الضرائب أو تقدمي إعفاءات ضريبية األمر الذي سيؤدي اىل زايدة يف املداخيل و ارتفاع ميل‬

‫االستثمار و ابلتايل القوة الشرائية ‪.‬‬

‫‪ ‬تصحيح الفجوة التضخمية ( السياسة املالية االنكماشية ) ‪ :‬ميكن اللجوء اىل هذه السياسة لفرض ختفيض الطلب‬

‫الكلي و التحكم يف التضخم من خالل خت فيض النفقات العامة أو زايدة الضرائب من خالل أدوات السياسة املالية‬

‫كالتايل ‪:‬‬

‫ـ ختفيض حجم االنفاق العام مما سيؤدي اىل ختفيض حجم االستهالك و ابلتايل حدوث اخنفاض يف الطلب الكلي و‬

‫من مت تراجع املستوى العام لألسعار ‪.‬‬

‫ـ زايدة معدالت الضرائب حبيث تنخفض مداخيل األفراد و ابلتايل اخنفاض الطلب الكلي ‪.‬‬

‫ان مضمون السياسة املالية التوسعية هو أنه يف حالة الركود االقتصادي يصبح االقتصاد الوطين يعمل بطاقة أقل من‬

‫قدرته االنتاجية الكاملة ‪ ،‬يف هذه احلالة تلجأ احلكومة اىل حترير االقتصاد عرب توسع النفاق العام و إحداث عجز يف‬

‫املوازنة العامة للدولة اىل ان يصل االقتصاد اىل التشغيل الكامل ‪ ،‬غري أن احلكومات يف العادة متيل اىل استخدام‬

‫السياسة املالية التوسعية أكثر من استخدامها للسياسة املالية االنكماشية لألسباب األتية ‪:‬‬

‫‪171‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ االهتمام الزائد أبهداف التنمية و الرغبة يف التوظيف الكامل لعوامل االنتاج ‪.‬‬

‫ـ زايدة االنفاق العام و احلد من ارتفاع الضرائب عامل اساسي من عوامل الدعم السياسي فضال عن منو النفقات‬

‫العامة ‪.‬‬

‫ـ دعم و تشجيع النشاطات االقتصادية اليت تساعد يف التقدم و النمو ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ دور الموازنة العامة في تحقيق التوازن االقتصادي ‪:‬‬

‫من املهام االساسية للموازنة يف املفهوم احلديث أن تسهل عملية تقومي مقرتحات املشروعات العامة و ميكن تعريف‬

‫املشروعات العامة أبهنا وحدة اقتصادية متلكها الدولة كليا أو جزئيا مستقلة عن اجلهاز اإلداري للدولة تتوىل إنتاج‬

‫السلع و اخلدمات حيث تعمل يف نطاق األهداف االقتصادية و االجتماعية اليت تسعى الدولة لتحقيقها " ابإلضافة‬

‫اىل وضع صورة واضحة ألاثر النشاط املايل للحكومة على حالة االقتصاد ‪ .‬إن التخطيط االقتصادي ال خيرج عن‬

‫كونه تفكريا منطقيا منظما بني كيفية توزيع املوارد االقتصادية املتاحة للمجتمع و بني االستخدامات املختلفة من أجل‬

‫حتقيق األهداف الوطنية للمجتمع خالل فرتة زمنية ‪ ،‬لقد أصبحت املوازنة يف الوقت املعاصر أداة من أدوات السياسة‬

‫االقتصادية ‪ ،‬تستخدمها احلكومة للتأثري على النشاط االقتصادي من أجل حتقيق االهداف اليت يسعى إليها اجملتمع ‪.‬‬

‫فمن املعتاد أن تكون املوازنة متوازنة يف بداية الفرتة لكن كثريا ما ينتهي هذا التوازن اىل عدم توازن عند هناية السنة‬

‫املالية ‪ ،‬من خالل هذه النقطة يبدأ االندماج االقتصادي للموازنة يف التوازن االقتصادي الكلي‪. ¹‬‬

‫ــــــ‬
‫‪ ¹‬سعد هللا داود (‪ )0209‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪039‬‬

‫‪172‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تحقيق‬ ‫في‬ ‫العام‬ ‫االنفاق‬ ‫لمساهمة‬ ‫الموضوعية‬ ‫الضوابط‬ ‫‪4‬ـ‬

‫التوازن العام ‪:‬‬

‫أ ‪ .‬ضرورة ترتيب أولوايت االنفاق العام و توجيه النفقات العامة لتحقيق التنمية االقتصادية ‪:‬هناك عدة‬

‫مفكرون قاموا بوضع ترتيب املرافق العامة حبسب أمهيتها و أمهها ترتيب "ابستابل" التارخيي و ترتيب "أومز " حبسب‬

‫طبيعة كل مرافق و ترت يب العالمة األملاين " كون " و العامل االمريكي " كارل بلني" حيث ذهبا األخريان اىل ترتيب‬

‫املرافق العامة حبسب املنتفعني هبا مث أخري ترتيب "دالتون" الذي يتخذ من األمر الواقع مرشدا اتركا النظر العقلي الذي‬

‫يعتمد عليه الرتتيبات السابقة ‪.¹‬‬

‫ـ الرتتيب التارخيي ‪ :‬أرا د أن يتجنب عبء التقديرات الذاتية فقام برتتيب املرافق تبعا لنشوئها التارخيي ‪ ،‬فاملرافق اليت‬

‫تولتها احلكومة قبل سواها هلا عنده من املنزلة األوىل ‪ ،‬الن توىل احلكومة هلا قبل غريها دليل على أثرها يف عمارة‬

‫الدولة أكثر من املرافق اليت تولتها بعد ذلك و تبعا هلذه النظرية يرتب املرافق كما يلي " نظرية ابستابل"‪:‬‬

‫‪0‬ـ مرفق العدل و بث االمن‬ ‫‪0‬ـ مرفق الدفاع‬

‫‪0‬ـ مرفق التعليم و الدين‬ ‫‪9‬ـ مرفق رقابة الدولة على نشاط األفراد‬

‫‪1‬ـ مرفق عمال الدولة القائمني بسلطاهتا الثالث‬ ‫‪2‬ـ مرفق إمناء االنتاج القومي‬

‫ــــــ‬

‫‪ ¹‬حممد حلمي الطوايب ـ (‪ )0221‬املرجع السابق ـ ص ‪ 011‬و ‪. 011‬‬

‫‪173‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ـ ترتيب املرافق حبسب املنتفعني هبا ‪ :‬يرتبان املرافق حبسب املنتفعني هبا و ما إذا كان مجيع الشعب أو طائفة معينة‬

‫ميكن حتديد النفع العائد عليها أو ال ميكن ‪ ،‬و هل تستطيع أن تتحمل تكلفة هذه املنافع أو ال تستطيع ؟ و يرتبان‬

‫املرافق العامة كما يلي " نظرية كون و بلني " ‪:‬‬

‫ـ املرفق اليت تبث منفعة عامة للمواطنني مجيعا ‪ ،‬و ال طاقة هلا ابحتمال تكلفتها فتتوالها الدولة ‪.‬‬

‫ـ املرافق اليت يتولد عنها منفعتان يف أن واحد ‪ ،‬إحدامها لألفراد ميكن تعني املنتفع منها ‪ ،‬و األخرى للجماعة ككل‬

‫املرافق اليت متنح لألفراد ( دون اجلماعة ) منفعة ميكن تعيينها و ختصيصها ‪.‬‬

‫ـ ترتيب املرافق حسب الواقع العملي ‪ :‬مل يرتضي الكثري من املفكرين أي من الرتتيبات السابقة اليت تقوم على هذه‬

‫الرتتيبات ‪ ،‬و من مث قرروا أن يعتمدوا على هذا الواقع يف ترتيب املرافق العامة و من هؤالء " دالتون " الذي جيعل‬

‫املرافق العامة مراتب السبع و هي ‪:‬‬

‫‪ 0‬ـ القضاء و العدالة‬ ‫‪ 0‬ـ القوات املسلحة‬

‫‪ 0‬ـ إدارة احلكومة املدنية‬ ‫‪9‬ـ نفقات رئيس الدولة‬

‫‪1‬ـ نفقات تنمية الصناعة و التجارة‬ ‫‪2‬ـ تكاليف الدين العام‬

‫‪1‬ـ االنفاق االجتماعي من صحة تعليم و معاشات الشيخوخة و إسعاف الفقراء و العاطلني‪.‬‬

‫هذا جممل الرتتيبات العقلية و الواقعية للمرافق العامة كما يقررها الفكر الوضعي ‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ب ‪ .‬بيان دور النفقات العامة يف حتقيق التنمية االقتصادية ‪:‬‬

‫التنمية االقتصادية عند بعض الكتاب هي االستثمار يف الصناعات أو القطاعات االنتاجية ‪ ،‬و يعرفها البعض األخر‬

‫أبهنا ارتفاع الدخل احلقيقي للفرد مع إغفال حقيقة أن زايدة االنتاج تصبح غري كافية إذا كانت زايدة السكان تبتلع‬

‫زايدة االنتاج احلقيقي و تبقى دخل الفرد يف مستوى الفاقة ‪ ،‬كذلك فإن زايدة إمجايل الناتج القومي تكون غري مقبولة‬

‫اال إذا تضمنت حتسني حظ غالبية الناس ‪ ،‬الن التنمية االقتصادية هلا جانب اجتماعي و جانب توزيعي ابإلضافة اىل‬

‫جانبها االقتصادي ‪.‬‬

‫و السؤال املطروح ‪ :‬كيف تساهم النفقات العامة يف حتقيق التنمية االقتصادية؟‬

‫تتم النفقات العامة يف صور متعددة لتحقيق التنمية االقتصادية ‪ ،‬و من أكثر هذه الصور ذيوعا االعاانت االقتصادية‬

‫و تعرف االعاانت أبهنا النفقات اجلماعية اليت تؤل اىل املشروعات االنتاجية اخلاصة أو العامة اليت ال ميكن اعتبارها‬

‫كمقابل أو عوض اقتصادي ألموال أو أنشطة للمستفيدين منها ‪.‬‬

‫و تستخدم االعاانت االقتصاد ية كأداة للتنمية االقتصادية و تتخذ عدة صور أمهها ‪ :‬إعاانت االنتاج ـ إعاانت‬

‫رأمسالية أبسعار فائدة خمفضة أو معفاة منها و ذلك ‪:‬‬

‫دور إعاانت االنتاج ‪ :‬تقوم غالبية الدول على منح اعاانت االنتاج هبدف تشجيع املشروعات على زايدة إنتاجها ‪،‬‬

‫مثال ختصص فرنسا لصاحل زراع ة الكتان و غزل احلرير و زراعة العنب ‪ ،‬و يف بريطانيا و إيرلندا لصناعة السكر ‪ ،‬و‬

‫يف بلجيكا لزراعة بنجر السكر و زراعة القمح ‪.‬‬

‫و الدولة عن طريق توزيع االعاانت تؤدي اىل ظهور دخول صافية أو على األقل مسامهة يف االنتاج ‪ ،‬و األثر املباشر‬

‫لإلعاانت هو تغيري شروط تكوين األسعار و تنظيم االنتاج ‪ ،‬و نتيجة االعاانت تكون أكثر ميزة عندما تكون‬

‫خمصصة لإلنتاج املفيد ذي العائد املتزايد ‪.‬‬


‫‪175‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كذلك تساعد االعاانت املشروعات الناشئة على جتاوز البداايت الصعبة و الصمود أمام املنافسة القوية ‪.‬‬

‫االعاانت االقتصادية و دعم التصدير ‪ :‬قد هتدف االعاانت االقتصادية دعم صادرات البلد مما يؤدي اىل حتسني‬

‫الوضع ابلنسبة مليزان املدفوعات ‪ ،‬و من مت ابلنسبة للنشاط االقتصادي يف جمموعه و حتقق إعاانت التصدير هذا‬

‫الغرض يف احلاالت التالية ‪:‬‬

‫أـ احلالة اليت يكون فيها نسبة الضرائب غري املباشرة مرتفعة لدرجة ال تقوى معها الصادرات على منافسة السلع‬

‫األجنبية املثيلة ‪.‬‬

‫ب ـ احلالة اليت متنع فيها االعانة ملقابلة أاثر سعر صرف يتضمن تقديرا عاليا بقيمة العملة الوطنية ‪.‬‬

‫جـ ـ حالة الكساد حيث تعترب إعاانت التصدير جزء من السياسة اليت هتدف اىل حتقيق االستقرار االقتصادي عن‬

‫طريق رف ع مستوى النشاط االقتصادي إذا كانت االعانة تشجع على االنتاج للتصدير ‪ ،‬و ترتب على إعاانت‬

‫التصدير نقل بعض املوارد االنتاجية اليت كانت من املمكن أن تستخدم يف إنتاج سلع و خدمات تستعمل يف الداخل‬

‫اىل سلع انتاج و خدمات ختصص للسوق اخلارجي ‪.‬‬

‫هكذا يتضح لنا أن االعاانت االقتصادية هتدف يف النهاية اىل زايدة االنتاج ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ 5‬ـ ألية تأثير أسعار النفط على السياسة المالية ‪:‬‬

‫لقد اختلف االقتصاديون يف تفسري و إجياد االثبااتت مليكانزم أتثري التقلبات احلادة اليت تشهدها أسواق النفط الدولية‬

‫على االقتصاد الكلي و السياسة املالية ‪ ،‬ابلرغم من التقاء رأيهم يف أن أسعار النفط املتقلبة ذات أاثر مباشرة على‬

‫االقتصاد ‪ ،‬و هنا سوف حناول إظهار خمتلف اآلراء اليت تفسر طرق أتثري تقلبات أسعار النفط على االقتصاد الكلي‬

‫‪ ‬منوذج ‪ : Hamilton‬لتفسري كيفية أتثر تراجع الناتج احمللي اإلمجايل بسبب تقلبات أسعار النفط ‪ ،‬يف سنة‬

‫‪ 0333‬طور منوذجا يتميز مبرونة أكرب لألسعار و األجور حبيث تؤدي تقلبات أسعار النفط اىل تراجع مستوايت‬

‫األجور و الوظائف يف قطاع اقتصادي ‪ ،‬ابفرتاض أتخري يف وجود وظائف جديدة ‪ ،‬ستؤدي اىل ظهور بطالة‬

‫احتكاكية فضال عن احتمال عدم اقدام االفراد على وظائف يف قطاعات بعينها بسبب تقديرهم أبن وظائفهم‬

‫القدمية ستصبح مرحبة كما كانت عليه قبل تقلبات أسعار النفط ‪ ،‬و ابلتايل من املمكن أن تفوق اخلسائر يف الفرتة‬

‫القصرية قيمة الطاقة املفقودة هبامش أعلى ‪ ،‬موضحا بذلك االحتمال الكبري لتأثري تقلبات أسعار النفط على‬

‫االنتاج و البطالة ‪ Hamilton ،‬أوضح أيضا أن منوذجه من املمكن أن يرتجم من خالل اجتاهني ‪ ،‬تراجع الطلب‬

‫على وظائف قطاع معني قد يكون بسبب كثافة استخدام هذا القطاع للطاقة يف مدخالته و اليت من املمكن‬

‫مالحظتها بوضوح يف الصناعة التحويلية ‪ ،‬أو من خالل خمرجات قطاع اليت تستخدم الطاقة بكثافة مثل صناعة‬

‫السيارات كبرية احلجم عكس تلك صغرية احلجم ‪.¹‬‬

‫‪ ‬منوذج ‪ Davis‬و ‪ : Haltiwanger‬سنة ‪ 0220‬وصفا هذه املكنز ميات بـ " ‪al locative‬‬

‫‪ " ChannelAC‬أي قدرة تقلبات أسعار النفط على تغيري توزيع الوظائف و مدخالت رأس املال ‪²،‬‬

‫ــــــ‬

‫‪²⁻¹‬سعد هللا داود (‪ )0209‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪002‬‬

‫‪177‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫و قام الباحثان بدراسة تطبيقية على منوذج ‪ Hamilton‬من خالل تطبيقه على صناعة السيارات ‪ ،‬أدت‬

‫الصدمة النفطية سنة ‪ 0319‬اىل زايدة الطلب على السيارات صغرية احلجم بتزامن مع اخنفاض الطلب على‬

‫السيارات الكبرية ‪ ،‬لكن صناعة السيارات األمريكية مثال مل تستطع االستجابة لتقلبات أسعار النفط بسبب أن‬

‫رأمساهلا و القوة العاملة فيها كانت موجهة النتاج السيارات كبرية احلجم ‪ .‬يستنتج ‪ Hamilton‬أن احتمال ظهور‬

‫بطالة مرتبط فقط ابلبطالة االحتكاكية ‪ ،‬و نفور األفراد من التوجه اىل الوظائف ذات الدخل املنخفض يف ظل‬

‫توقعهم ظهور وظائف جيدة األجر جمددا ‪Davis .‬و ‪ Haltiwanger‬من جهتهم يفرتضان أن القطاع الذي‬

‫ارتفع الطلب فيه " صناعة السيارات صغرية احلجم " ال ميكنه توظيف العمال املسرحني من القطاع الذي اخنفض‬

‫الطلب على منتجاته " صناعة السيارات كبرية احلجم بسبب الطبيعة املادية رأس املال ‪.‬‬

‫ان حتليل رأي ‪ Davis‬و ‪ Haltiwanger‬يدعوان اىل حتليل‪ ،AGCAggregate channels‬إذ أن مثل هذا‬

‫‪Davis‬و‬ ‫الرتاجع العرض املوضح يف التفسري األول و أثر الطلب على السياسة النقدية ‪ ،‬و لقد قاس‬

‫‪ Haltiwanger‬االمهية النسبية لكل من ‪ al locative Channel‬و ‪ Aggregate channels‬إذ‬

‫الحظوا أن ‪ AGC‬جيب أن تؤدي اىل زايدة يف توزيع و خلق الوظائف عند ارتفاع أسعار النفط ‪ ،‬ففي ظل منو‬

‫الطلب على الوظائف يف بعض القطاعات املفضلة ‪ AGC ،‬م املفرتض أن تزيد من توزيع الوظائف و اخنفاض يف‬

‫خلق أخر ‪ .‬أكثر من ذلك ‪ AC‬و ‪ AGC‬من املفرتض أت تتجاوب بصفة خمتلفة من االخنفاض يف أسعار النفط‬

‫‪ ،‬إذ أن اخنفاض األسعار قد يؤدي اىل نفس التأثري من جانب ‪ AC‬و ‪ AGC‬ستؤدي اىل زايدة يف الوظائف ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كما وجدوا أيضا أن التقلبات أسعار النفط السلبية هلا أثر بسيط على معدالت البطالة ‪ ،‬إذ أهنا ستؤدي اىل تراجع‬

‫طفيف يف تدمري الوظائف و تعويضها أبخرى جديدة عند مستوى أعلى بقليل ‪ ،‬لقد افرتضوا أن التباين قد يعود اىل‬

‫األثر االجيايب لتقلبات أسعار النفط عرب ‪. AGC‬‬

‫لقد قام كل من ‪ Davis‬و ‪ Hamilton‬بتحليل بعض االمور الدقيقة اليت تدخل يف إطار أاثر عدم استقرار أسعار‬

‫النفط و خمتلف الطرق اليت تسلكها للتأثري على معدالت البطالة ‪ ،‬و توصلوا اىل أن تقلبات أسعار النفط اتثر على‬

‫قطاع الصناعة عرب ‪ AC‬و ‪ AGC‬يف أن واحد لكن سنقرتح أن أسعار النفط عرب ‪ AC‬ضعيف للغاية ‪.‬‬

‫‪ ‬منوذج ‪ : Woodford . Rotemberg‬يفرتض هذا النموذج أن وجود احتكارات يف األسواق قد يفسر أثر‬

‫تقلبات أسعار النفط على االقتصاد ‪ ،‬إذ توصلوا أوال اىل أن ارتقاع أسعار النفط بـ ‪ %0‬سيؤدي اىل تراجع االنتاج بـ‬

‫‪ %2202‬خالل سنة اىل سنتني ‪ ،‬يف حني سينخفض األجر احلقيقي بـ ‪ %220‬خالل نفس الفرتة ‪ ،‬ليتم بعدها‬

‫بناء منوذج اقتصادي أين يصبح دالة االنتاج دالة اتبعة لتقلبات أسعار النفط ‪ ،‬و العمالة و رأس املال ‪ ،‬و لقد عدل‬

‫النموذج أوال ابفرتاض توفر ظروف املنافسة الكاملة يف األسواق ليستنتج أن أثر ارتفاع أسعار النفط ستظل قائمة‬

‫مدة ‪ 0‬أشهر لتزول بعدها ‪ ،‬كما الحظوا أن زايدة معدالت البطالة ستؤدي بدورها اىل تعرض دالة االنتاج ألاثر‬

‫واسعة النطاق مما يعين حمدودية األثر على األجر احلقيقي األمر الذي خيتلف مع النتائج احلقيقية ‪.¹‬‬

‫من خالل العنصرين السابقني استنتج ‪Woodford‬و‪ Rotemberg‬أن أثر تقلبات أسعار النفط ال ميكن‬

‫تفسريها ضمن ظروف منافسة كاملة ‪.‬‬

‫ـــــــ‬

‫‪¹‬سعد هللا داود (‪ )0209‬ـ املرجع السابق ـ ص ‪000‬‬

‫‪179‬‬
‫السياسة المالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪:‬‬ ‫خالصة الفصل الثالث‬

‫من خالل تناولنا يف هذا الفصل السياسة املالية كأداة لتحقيق التوازن االقتصادي ‪ ،‬قمنا بتقدمي جانب حول عالقة‬

‫السياسة املالية ابلسياسة النقدية ‪ ،‬ألن هلما أتثري مشرتك على االقتصاد ‪ ،‬و يسعيان اىل حتقيق االستقرار االقتصادي ‪،‬‬

‫لذا التنسيق و التكامل بني السياستني يعترب أمرا ضروراي ‪ ،‬لوحظ من خالل هذا اجلانب أنه توجد عالقة و أاثر‬

‫متبادلة بني السياسات املالية و النقدية و املتغريات االقتصادية الكلية ‪ ،‬فالسياسة املالية هلا أتثري مباشر على الدخل‬

‫مث الطلب الكلي‪ ،‬بينما السياسة النقدية هلا أتثري غري مباشر على الطلب الكلي ‪ ،‬كما أن السياسة املالية أكثر فعالية‬

‫يف مواجهة الركود االقتصادي على عكس السياسة النقدية اليت تكون هلا فعالية أكثر يف مواجهة الضغوط التضخمية‪.‬‬

‫كما نلخص ان مفهوم التوازن قد تطور بشكل ملحوظ ليحل التوازن النوعي بدل التوازن الكمي ‪ ،‬حيث مل يعد‬

‫يقتصر على اقامة معادلة متعادلة بني النفق ات الالزمة لتسيري مصاحل الدولة من جهة ‪ ،‬و بني االيرادات الضريبية من‬

‫جهة أخرى ‪ ،‬و امنا اصبح له عالقة ابجلانب االقتصادي ‪ ،‬و من مث مل يقتصر النظر على التوازن الرقمي للموازنة بل‬

‫تعداه اىل توازن أكرب ‪.‬‬

‫فالتوازن االقتصادي العام غرضه أن تصل مردودية النظام االقتصادي اىل أعلى حد هلا ‪ ،‬و يساهم ذلك يف حتقيق‬

‫التوازن االقتصادي العام املتمثل بتوازن العرض و الطلب ‪ ،‬توازن االنتاج و االستهالك ‪ ،‬توازن االسترياد و التصدير ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫السياسة المالية كألية لتحقيق التوازن‬
‫االقتصادي دراسة حالة الجزائر‬
‫( الجانب التطبيقي )‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من خالل الدراسة التطبيقية للسياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي دراسة حالة اجلزائر منذ‬

‫(‪ 4002‬ـ ‪ )4002‬اليت سنتناوهلا يف هذا الفصل ‪ ،‬حيث نالحظ أن اجلزائر قامت بعدة اصالحات و تصحيحات‬

‫هيكلية عملت من ورائها اىل حتقيق التوازن االقتصادي ( الداخلي و اخلارجي) من خالل معاجلة مشاكلها اجتاه‬

‫السياسة االقتصادي ـ ـة ‪ ،‬و اليت ركـ ـزت أساسا علـ ـ ـى السياسة املالية ابعتباره ـا أداة فعالة لتحقيق التـ ـوازن االقتص ـ ـادي ‪،‬‬

‫و هذا من خالل أدواهتا املالية (اإليرادات العامة ‪ ،‬النفقات العامة و املوازنة العامة ) ‪ ، ،‬فاإليرادات العامة للجزائر‬

‫هي عرضة لالختالالت االقتصادية العاملية بسبب اعتمادها الكبري على اجلباية البرتولية كمصدر متويل رئيسي و‬

‫أتثريها بتغريات أسعار النفط ‪ ،‬قامت اجلزائر إبنشاء صندوق ضبط املوارد من أجل تغطية عجز املوازنة العامة للجزائر‪.‬‬

‫و ملعاجلة هذا الفصل قمنا بعرض حملة حول تطورات االقتصاد اجلزائري قيل سنة ‪ 4002‬مث تناولنا البحوث التالية ‪،‬‬

‫حيث خصصنا املبحث االول نظرة حول امليزانية العامة يف اجلزائر أما يف املبحث الثاين نقوم بدراسة االيرادات العامة‬

‫يف اجلزائر و دراسة النفقات العامة يف اجلزائر يف املبحث الثالث أما املبحث االخري نقوم بدراسة دور السياسة املالية يف‬

‫حتقيق التوازن االقتصادي يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫لمحة حول تطور االقتصاد الجزائري قبل سنة ‪: 4002‬‬

‫عرف االقتصاد اجلزائري عدة مراحل من خالل اجملهودات املبذولة من طرف الدولة إلخراج البالد من حالة‬

‫التخلف و الدفع هبا اىل طريق التنمية االشرتاكية ‪ ،‬و ذلك يف إطار مشروع تنمية البالد يف اجملالني االقتصادي و‬

‫االجتماعي ‪ ،‬و يهدف اىل تدخل القيادة السياسية لتوجيه األعمال االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و تقرير استخدام‬

‫جمموع الوسائل اليت متلكها االمة يف االجتاه املطلوب لتحقيق أهداف التنمية الشاملة ‪.‬‬

‫‪ ‬أدى إخالل التوازن العام هليكل االستثمارات بسبب عدم التحكم يف تسيري املشاريع و ختصيص الوسائل ‪ ،‬و جعل‬

‫املنطقيات القطاعية هي املسيطرة كما أن التطور املعمم ابلتدريج هلا و غري مرتبطة فيما بينها ‪ ،‬أما ابلنسبة للتوازانت‬

‫اخلارجية إن اللجوء اىل اخلارج لتغطية احلاجات الضرورية لتسيري االقتصاد الوطين بكيفية حسنة ‪ ،‬و بتدهور شروط‬

‫التبادل قد زادت من حجم استدانة اجلزائر للخارج ‪.‬نتج عن كل هذا العجز يف ميزان السلع و اخلدمات ‪. ¹‬‬

‫‪ ‬اتسمت التوازانت املالية اخلارجية بتدهور املبادالت و العروض و عبئ املديونية و هكذا فإن الوضعية الصعبة اليت‬

‫عرفها االقتصاد الوطين من حيث اختالل التوازن املايل الداخلي و اخلارجي و تناقص االنتاج و زايدة حدة التضخم‬

‫اليت كانت انجتة عن تشوهات هيكلية عميقة ‪ ،‬هذا ابإلضافة اىل التوترات الشديدة اليت شهدها االقتصاد العاملي و‬

‫الذي متثل بفشل النظام االشرتاكي ‪ .‬يف ظل هذه الظروف القاسية تربز احلاجة املاسة اىل سياسة تصحيحية ‪ ،‬و‬

‫هكذا اعتمدت اجلزائر سياسة تصحيحية ذاتية و العمل على حترير االلة االقتصادية من قبضة االدارة البريوقراطية و‬

‫االنتقال من االقتصاد السابق و املخطط السابق و املوجة الذي أثبت فشله ليس يف اجلزائر فقط بل حىت يف الدول‬

‫العظمى يف االقتصاد احلر أي اقتصاد السوق و يف نفس الوقت عملت اجلزائر على التقارب و خلق جو من التعاون‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ¹‬حممد بلقاسم حسن هبلول (‪ ، )0111‬سياسة ختطيط التنمية و إعادة تنظيم مسارها يف اجلزائر ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزء الثاين ص‬
‫‪041‬‬

‫‪182‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫مع املؤسسات املالية الدولية ( صندوق النقد الدويل ‪ ،‬البنك العاملي ) هبدف دفع عجلة االصالحات املتخذة‬

‫هبدف إعادة التوازن الداخلي و اخلارجي و حتسني األداء لالقتصاد الكلي ‪.‬‬

‫‪ ‬رغم ذلك عاىن االقتصاد اجلزائري من تدين معدل النمو االقتصادي و ارتفاع عجز امليزانية العامة و ارتفاع معدالت‬

‫التضخم و البطالة و تدهور اخلدمات العامة للدولة ‪ ،‬و تفاقم عجز املدفوعات و ارتفاع حجم املديونية اخلارجية ‪ ،‬و‬

‫أتثرت الوضعية املالية للمؤسسات العمومية نتيجة القوانني املفروضة على األسعار و تسريح العمال ‪ ،‬و أصبحت‬

‫الطاقة املالية للجزائر مرهقة م ن جراء تدفق األموال لتظهر عدة إصالحات مما جعل الدخول اىل مرحلة اقتصاد‬

‫السوق مت يف ظروف مغايرة ملا قبل االصالحات حيث صدرت جمموعة من القوانني و املراسيم اليت تصب يف اجتاه‬

‫تعميق االصالح ‪ ،‬حيث سجلت االيرادات اجلبائية ارتفاعا ابلنسبة إلمجايل الناتج الداخلي و تقليص الطلب‬

‫االمجايل بعد فرض بعض القيود على الواردات ‪ ،‬تراجع حجم االستثمارات العمومية نتيجة ختلي الدولة على متويل‬

‫املؤسسات االقتصادية العمومية ‪ ،‬ان اخنفاض سعر البرتول أدى اىل اخنفاض مداخيل اجلزائر اخلارجية و منها جلأت‬

‫اجلزائر اىل املديونية اخلارجية ‪ ،‬و قد تضخم حجم الديون اخلارجية كما زادت معدالت خدمة الدين اليت أصبحت‬

‫تلتهم أكثر من ‪ % 00‬من حصيلة الصادرات ‪ ،‬ما جيعل اجلزائر تستدين السترياد املواد الغذائية فإهنا أحلقت أضرار‬

‫كبرية جبهاز االنتاج الذي كان حيتاج اىل قروض ‪ ،‬و ابلتايل رفضت اجلزائر اللجوء اىل إعادة جدولة ديوهنا مما جعلها‬

‫ختصص حنو ‪ %40‬من الناتج الوطين اإلمجايل لسد خدمة الديون سنة ‪ ، 0110‬كل هذه املشاكل أدت ابجلزائر‬

‫ابالستنجاد بصندوق النقد الدويل و ذلك من خالل حترير رسالة القصد ( النية) اليت على ضوئها تضمنت‬

‫االصالحات اليت تنوي اجلزائر على تفعيلها يف الواقع من خالل اسرتاتيجية اقتصادية جديدة ترمي اىل الدخول يف‬

‫اقتصاد السوق و التخفيف من املشاكل االجتماعية كالبطالة و السكن ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ¹‬مدين بن شهرة ( ‪ )4001‬االصالح االقتصادي و سياسة التشغيل ( التجربة اجلزائرية) ـ دار حامد للنشر و التوزيع ـ الطبعة األوىل ص ‪. 011‬‬

‫‪183‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث األول ‪ :‬نظرة حول الميزانية العامة للجزائر ‪:‬‬

‫تعترب املوازنة العامة قلب النظام املايل ‪ ،‬و هذا مبا تتميز به من أمهية فهي كأداة لقياس تطور املمارسة الدميقراطية‬

‫يف اجملتمع ‪ ،‬و ذلك من خالل العمليات اليت تقوم هبا احلكومة بتخصيص املوارد املتاحة لتغطية النفقات الالزمة‬

‫إلشباع احلاجات العامة ‪.‬‬

‫النظام المالي الحالي في الجزائر‪:‬‬ ‫‪1‬ـ‬

‫ان قانون املالية يف اجلزائر حيمل قواعد تنظيم قانون املالية لسنوات املالية حيث ورد فيه عبارة ابتداء من عدة مرات و‬

‫جتسد ذلك يف ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ التقدمي املفصل مليزانية التشغيل و التجهيز‪.‬‬

‫‪ ‬ـ سيحدد قانون املالية طبيعة و مبلغ جمموعة النفقات و املوارد الدولة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ ادخال قواعد ذات طبيعة جبائية ‪.‬‬

‫كما ان املشرع كان كل مرة أثناء تطبيق امليزانية يدخل كلما كان ذلك ضروراي قواعد جديدة عرب قوانني مالية و‬

‫هبدف الغاء مجيع التشريع الفرنسي و كل مساته كان ينبغي سد مجيع التغريات عن طريق قوانني جزائرية ‪.¹‬‬

‫معىن قانون املالية و أنواعه كما حدد مصادر موارد الدولة و كيفية احلصول عليها و النفقات و تقسيمها اىل نفقات‬

‫التشغيل و نفقات االستثمار و املوازانت امللحقة و اجلماعات و اهليئات العمومية و احلساابت اخلاصة ابمليزانية و‬

‫عمليات اخلزينة ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )4002‬منهجية امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر ‪ ،‬دار الفجر للنشر و التوزيع النزهة اجلديدة القاهرة ‪ ،‬الطبعة االوىل ص ‪. 02‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪184‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 4‬ـ قانون المالية و أنواعه في الجزائر ‪:‬‬

‫لقد اعتمد املشرع اجلزائري يف تعريفه لقانون املالية ‪ ،‬حيث جاء به ان قوانني املالية حتدد الطبيعة و املبالغ و‬

‫التخصيصات لكل املوارد و االعباء العامة للدولة مع مراعاة التوازن االقتصادي و املايل ‪ ،‬و عليه ان االيرادات و‬

‫النفقات النهائية للدولة حتدد سنواي مبوجب قانون املالية كما توزع وفق االحكام التشريعية ‪ ،‬و هي شكل املوازنة‬

‫العامة للدولة ‪.‬‬

‫‪ ‬من خالل هذا يتضح لنا أن امليزانية تتشكل من االيرادات و النفقات فهي إذ عبارة عن جمموعة حساابت يف حني أن‬

‫قانون املالية يرخص إبجياز هذه النفقات و االيرادات و ابلتايل فهو احلامل للميزانية من جمرد وثيقة حكومية اىل قانون‬

‫ملزم التطبيق مبعىن أخر أن قانون املالية ميثل الرخصة التشريعية إلجناز املوازنة و ابلتايل ال ميكن اعتماد و تنفيذ املوازنة‬

‫إال من خالل قوانني املالية ‪ ،‬ألن إجازهتا تتم من قبل السلطات التشريعية و تكون على شكل قانون ‪.‬‬

‫‪ ‬مي كن تلخيص مما سبق تعريف امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر نأهنا ‪ :‬وثيقة تشريعية سنوية ‪ ،‬تقرر املوارد و النفقات‬

‫النهائية للدولة و ترخص هبا ‪ ،‬من أجل تسيري املرافق العمومية و نفقات التجهيز العمومي و النفقات برأمسال ‪.‬‬

‫و أخريا ميكن القول أن لنظام امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر اىل أن هذا النظام الذي بدأ مع االستقالل مرتكزا على‬

‫التشريع ا لفرنسي ‪ ،‬مل يستطع التخلص من تبعيته ‪ ،‬و ظل رغم صدور القانون املتعلق بقوانني املالية يعاين من نقائص‬

‫تشريعية و تنظيمية ‪ ،‬ال بد من قانون إطار للتكفل هبا ‪.‬‬

‫‪ ‬أنواع القوانني املالية ‪:‬‬

‫تتكون واثئق امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر من قانون املالية األويل و املعدل و التكميلي ‪ ،‬و اجلداول امللحقة ‪ ،‬و‬

‫املراسيم التوزيعية لالعتمادات و ملزمات امليزانية العامة اليت توضح االعتمادات املخصصة يف التسيري و التجهيز ‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 0‬ـ قانون املالية السنوي ‪ :‬ان قانون املالية خيضع أساسا اىل مبادئ املالية العامة مبا يتناسب مع مبدأ السنوية حيث‬

‫يتضمن االعتمادات السنوية و حجم املوارد و طبيعتها و مبلغها و طرق حتصيلها ‪ ،‬و منه فإن هذا القانون يرخص‬

‫سنواي االقتطاعات الضريبية كما خيصص االعتمادات اخلاصة ابلتسيري و التجهيز ‪ ،‬و قانون املالية السنوي يتكون من‬

‫جزئني ‪ :‬األول يتضمن االحكام املتعلقة بتحصيل املوارد العمومية و احملافظة على التوازانت العمومية املالية الداخلية و‬

‫اخلارجية ‪ ،‬أما الثاين يتضمن املبلغ االمجايل لالعتمادات املطبقة بصدد املوازنة العامة للدولة و املوزعة حسب طبيعة‬

‫النفقة ( التسيري و التجهيز ) الحظ اجلدول ـ أ ـ و اجلدول ـ ب ـ و اجلدول ـ ج ـ يف قائمة املالحق ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ قانون املالية و قوانني املالية التكميلية و املعدلة ‪ :‬يقرر و يرخص قانون املالية للسنة ‪ ،‬ابلنسبة لكل السنة‬

‫املدنية ‪ ،‬جممل موارد الدولة و أعبائها و كذا الوسائل املالية األخرى املخصصة لتسيري املرافق العمومية ‪ ،‬كما يقرر و‬

‫يرخص عالوة على ذلك املصاريف املخصصة للتجهيزات العمومية و كذلك النفقات ابلرأمسال ‪.‬‬

‫و ميكن لقوانني املالية التكميلية أو املعدلة دون سواها ‪ ،‬إمتام أحكام قانون املالية للسنة أو تعديلها خالل السنة‬

‫اجلارية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ قانون ضبط امليزانية ‪ :‬يشكل هذا القانون الوثيقة اليت يثبت مبقتضاها تنفيد قانون املالية و عند االقتضاء قانونني‬

‫املالية التكميلية أو املعدلة اخلاصة بكل سنة مالية ‪.‬‬

‫و يضم مشروع قانون املالية املودع يف أقصى اتريخ يوم ‪ 10‬سبتمرب من السنة اليت تسبق السنة املالية املعنية ‪ ،‬مواد‬

‫تتناول من جديد و يف صيغة واضحة ‪ ،‬األحكام القانونية اجلديدة أو املعدلة ‪ ،‬و مييز يف مشروع قانون املالية بني‬

‫األحكام التشريعية الد ائمة و األحكام ذات الطابع املؤقت ‪ ،‬و يعد كل حكم يقرتح دون حتديد مدة تطبيقه صراحة‬

‫حكما ذا طابع دائم ‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 3‬ـ الجداول الملحقة بقانون المالية ‪:‬‬

‫حتتاج الرخص املمنوحة بواسطة قانون املالية أن تفصل و توضح بواسطة واثئق تتمثل يف اجلداول اليت تنشر كمالحق‬

‫لقانون املالية ‪.‬‬

‫يف اجلزائر جند ثالث جداول ابإلضافة اىل امليزانية امللحقة ‪ ،‬هذه اجلداول هي كاآليت ‪:¹‬‬

‫ـ اجلدول " أ " االيرادات النهائية املطبقة على ميزانية الدولة لسنة ما ‪ :‬هو اجلدول التقديري ملختلف أصناف إيرادات‬

‫الدولة للسنة املعتربة ‪ ،‬و هو جدول خمتصر الن كل واحد من احلساابت التسعة (‪ )01‬لإليرادات مفصل اىل‬

‫حساابت فرعية ‪ ،‬هذه احلساابت تشكل اجملموعة الثانية املسماة عمليات امليزانية العامة يف مدونة حساابت اخلزينة ‪،‬‬

‫مدونة إيرادات املوازنة العامة أو ما يعرف ابجلدول ( أ ) امللحق بقانون املالية ( أنظر قائمة املالحق ) ‪.‬‬

‫ـ اجلدول "ب" توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيري حسب كل دائرة وزارية لسنة ما ‪ :‬هو جدول توزيع من خالله‬

‫االعتمادات املفتوحة بعنوان ميزانية التسيري من طرف قانون املالية للسنة املعتربة ‪ ،‬و هذا حسب الدوائر الوزارية طبقا‬

‫لتشكيلة احلكومة اليت يصنف هلا مصاحل رائسة اجلمهورية و مصاحل رئيس احلكومة املعتربة كدوائر وزارية ابإلضافة اىل‬

‫التكاليف املشرتكة ‪ ( .‬أنظر قائمة املالحق ) ‪.‬‬

‫اجلدول " ج" توزيع النفقات ذات الطابع النهائي يف املخطط الوطين حسب القطاعات لسنة ما ‪ :‬هو جدول رخص‬

‫الربامج املسموح هبا العتمادات ميزانية التجهيز أو االستثمار ذات الطابع النهائي يف املخطط الوطين موزعة بني‬

‫خمتلف القطاعات و العمليات برأمسال اليت تقوم هبا الدولة ‪ ( .‬أنظر قائمة املالحق ) ‪ ،‬مدونة النفقات العامة اليت‬

‫تظهر يف جدولني مها اجلدول "ب" يتعلق ميزانية التسيري ‪ ،‬أما الثاين ( ج ) خاص مبيزانية التجهيز ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )4002‬املرجع السابق ص ‪. 42‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪187‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 2‬ـ مبادئ الميزانية العامة في الجزائر ‪ :‬تعترب القواعد الفنية للميزانية العامة‬

‫هتدف اىل متكني السلطة التشريعية من مراقبة النشاط املايل للحكومة ‪ ،‬و لذلك فهي تتأثر بتغري دور الدولة ‪ ،‬و مدى‬

‫تدخلها يف احلياة االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و تتكيف مع الوظائف االقتصادية و االجتماعية احلديثة للمالية العامة‬

‫أ ‪ :‬مبدأ القاعدة السنوية امليزانية العامة لدولة اجلزائر ‪ :‬يقصد هبذا املبدأ أن حيدث توقع و إجازة لنفقات و إرادات‬

‫الدولة بصفة دورية منتظمة كل عام ‪ ،‬و يعين أيضا أن امليزانية جيب أن تقرر ابعتماد سنوي من السلطة التشريعية ‪ ،‬و‬

‫يرجع هذا املبدأ اىل اعتبارات سياسية و مالية معينة ‪ ،‬فاالعتبارات السياسية تتمثل يف أن مبدأ سنوية امليزانية يكفل‬

‫دوام رقابة السلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية اليت جتد نفسها مضطرة اىل الرجوع اليها و احلصول على‬

‫موافقتها بصفة دورية كل عام ‪ ،‬و هذا طبقا ملا ورد يف قانون ‪ 02‬ـ ‪ ( 01‬أن قانون املالية يقر و يرخص عن كل سنة‬

‫مدنية مبجمل موارد الدولة و نفقاهتا ) ‪ ،‬و السنة املدنية تضم الفرتة ‪ 0‬جانفي اىل غاية ‪ 10‬ديسمرب كما هو يف‬

‫اجلزائر ‪ ،‬أما االعتبارات املالية فتتمثل يف أن فرتة السنة هي الفرتة اليت متارس يف نطاقها أغلب األنشطة االقتصادية ‪،‬‬

‫كما أهنا تضمن دقة تقدير إيرادات الدولة و نفقاهتا بصفة خاصة ‪ ،‬على اساس اجتاهاهتا يف املاضي القريب ( السنة‬

‫املالية منتهية) و ذلك لصعوبة تقديرات هذه االيرادات و النفقات يف فرتة أطول ‪ ،‬و ما قد يقرتن بذلك من أخطاء‬

‫نتيجة تغري العوامل االقتصادية اليت تؤثر يف الد خل القومي ‪ ،‬و من مت يف حصيلة الضرائب و االيرادات بصورة عامة‬

‫‪.‬لكل هذه االعتبارات يؤكد الفكر املايل التقليدي على ضرورة احرتام مبدأ سنوية املوازنة ‪ ،‬ابعتباره ميثل ضمانة‬

‫لتحضري امليزانية على ضوء تقديرات حمددة ‪ ،‬و من مت واقعية ‪ ،‬اىل جانب مراعاته لظاهرة مومسية بعض النفقات و‬

‫االيرادات ‪ ،‬إضافة اىل كفالته لرقابة فعالة و دورية على فرتات قصرية من جانب السلطة التشريعية لإلنفاق احلكومي ‪¹‬‬

‫‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حسني مصطفى حسني ( ‪ )0101‬املالية العامة ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬ص‪. 10‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪188‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و يالحظ بعض الدول قد حاولت ان خترج على مبدأ السنوية ‪ ،‬و أن حتل حمله ميزانية الدورات اليت هتدف اىل حتقيق‬

‫التوازن االقتصادي يف خالل فرتة طويلة على أساس تعاقب فرتات الرواج و الكساد ‪ ،‬لكن لصعوبة تقدير النفقات و‬

‫االيرادات يف األجل الطويل ‪ ،‬مل تنجح هذه احملاوالت و ال تزال الغالبية العظمى من الدول أتخذ مببدأ السنوية ‪ ،‬و‬

‫هذا يعين أن احلكومة ملزمة بتنفيذ امليزانية خالل سنة إال أن هناك عمليات تفوق اإلطار السنوي و هلذا ظهر على‬

‫هذا املبدأ استثناءات ( أي اخلروج على مبدأ سنوية امليزانية ) و تستنبط هذه االستثناءات من اعتبارين خمتلفني ‪:‬‬

‫ـ من جهة العتبارات فنية و تطبيقية تتعلق بتصحيح أاثر مبدأ سنوية امليزانية العامة للدولة ‪.‬‬

‫ـ من جهة أخرى العتبارات سياسية و اقتصادية متعلقة مبشاكل االستثمارات املخططة و الربامج يسمح إبعطاء‬

‫الرتخيص املايل أثر يتعدى كثريا اإلطار الضيق للسنة ‪ ،‬و ميكن حص ر هذه االستثناءات فيما يلي ‪ :‬عمليات برامج‬

‫التجهيز ‪ ،‬ترحيل االعتمادات ‪ ،‬امليزانية الشهرية ‪ ،‬االعتمادات التكميلية‬

‫ب ـ تقدمي قاعدة وحدة امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر ‪ :‬يقصد مببدأ وحدة امليزانية ان تدرج مجيع نفقات الدولة و‬

‫مجيع إيراداهتا يف وثيقة واحدة اليت يسهل معرفة مركزها املايل ‪ ،‬و حىت تتمكن أجهزة الرقابة املختلفة من مراقبة‬

‫تصرفات الدولة املالية و مطابقتها لألهداف احملددة و االعتمادات الواردة يف املوازنة كما وافقت عليها السلطة‬

‫التشريعية ‪ ،‬و يرتتب على تطبيق مبدأ وحدة امليزانية نتيجة هامة تتمثل يف قاعدة عدم ختصيص االيرادات ‪ ،‬أي‬

‫ينبغي أن ختصص مجيع موارد الدولة لتمويل مجيع األنشطة اليت تقوم هبا ‪.‬‬

‫ـ االستثناءات اليت ترد على مبدأ وحدة امليزانية ‪ :‬فرغم ما ينطوي عليه مبدأ وحدة امليزانية من فوائد فإن هناك بعض‬

‫االستثناءات اليت ترد عليه تربرها املالية احلديثة للدولة ‪ ،‬و ميكن حصر هذه االستثناءات فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ امليزانية امللحقة ‪ :‬هناك بعض املؤسسات العمومية ال تتمتع ابلشخصية املعنوية املستقلة عن شخصية الدولة ‪ ،‬فتعتمد‬

‫الدولة منحها ميزانية مستقلة إال أن هذه امليزانية تلحق املوازنة العامة و هذا ما نص عليه قانون ‪ 02‬ـ ‪ 01‬يف املادة‬

‫‪ 22‬ـ ‪ ( 22‬مثل املوازنة اخلاصة ابلربيد و املواصالت) ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ـ احلساابت اخلاصة ابخلزينة ‪ :‬متثل هذه احلساابت التعديل الثاين على مبدأ وحدة املوازنة العامة للدولة يف اجلزائر و قد‬

‫خصص قانون ‪ 02‬ـ ‪ 01‬هلذه احلساابت ‪ 02‬مادة ( ‪ 02‬ـ ‪ ) 10‬و تتمثل هذه احلساابت يف احلساابت املفتوحة يف‬

‫كتاابت اخلزينة تقيد فيها عمليات االيرادات و النفقات ملصاحل الدولة ‪ ،‬اليت جتريها تنفيذا ألحكام قانون املالية و لكن‬

‫خارج امليزانية العامة للدولة ‪ ،‬و قد صنف قانون ‪ 02‬ـ ‪ 01‬هذه احلساابت اىل ‪ :‬حساابت جتارية ‪ ،‬حساابت‬

‫التخصيص اخلاص ‪ ،‬حساابت التسبيقات ‪ ،‬حساابت القروض ‪ ،‬حساابت التسوية مع احلكومات األجنبية‬

‫كاملساعدات للدولة ‪.‬‬

‫ج ـ تقدمي قاعدة مشول امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر ‪:‬‬

‫يستلزم حتصيل االيرادات العامة القيام ببعض النفقات ‪ ،‬و عليه فمبدأ عمومية امليزانية يعين أن تظهر يف وثيقة امليزانية‬

‫كا فة تقديرات النفقات و كافة تقديرات االيرادات دون أي مقاصة بني االثنني ‪.‬و هذا املبدأ يكمل مبدأ وحدة امليزانية‬

‫‪ ،‬فإذا كان مبدأ وحدة امليزانية يهدف اىل إعداد وثيقة واحدة مليزانية الدولة و ميثل اإلطار اخلارجي للميزانية ‪ ،‬فإن مبدأ‬

‫العمومية يهدف اىل مأل هذا اإلطا ر عن طريق التسجيل التفصيلي لكل تقدير بنفقة و لكل تقدير إبيراد دون إجراء‬

‫مقاصة بني التقديرين ‪ ،‬أي أن مبدأ عمومية امليزانية ميثل املضمون الداخلي ملبدأ وحدة امليزانية ابعتبار أن هذا األخري ‪،‬‬

‫و على ما سلف هو اإلطار اخلارجي للميزانية‪ .‬و إذا كان مبدأ عمومية امليزانية يرمي اىل أحكام رقابة السلطة التشريعية‬

‫على النشاط املايل للحكومة إبجازهتا لتفاصيل إيرادات و نفقات املرافق العامة ‪ ،‬فهناك قاعداتن اىل جانبه تستهدفان‬

‫حتقيق نفس الغرض و مها ‪ :‬قاعدة عدم ختصيص اإليرادات و قاعدة ختصيص االعتمادات ‪.‬‬

‫القاعدة األوىل ‪ :‬عدم ختصيص االيرادات ‪ :‬و تعين هذه القاعدة أال خيصص إيراد معني من االيرادات العامة لإلنفاق‬

‫منه على وجه معني من أوجه النفقات ‪ ،‬فال جيوز مثال أن ختصص حصيلة الضريبة االضافية على وقود السيارات‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حسني مصطفى حسني ( ‪ )0101‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 14‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪190‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إلصالح و صيانة الطرق ‪ ،‬أو ختصص حصيلة الرسوم االضافية على صحف الدعاوى و األوراق القضائية إلنشاء‬

‫دور احملاكم و إصالحها و أتسيسها ‪....‬اخل و إمنا ينبغي وفقا هلذه القاعدة ان يتم حتصيل مجيع االيرادات أاي كان‬

‫نوعها و أاي كانت الوحدة اليت تقوم بتحصيلها ‪ ،‬حلساب اخلزانة العامة دون ختصيص حىت تتاح الفرصة الستخدام‬

‫‪.‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬ ‫إمجايل االيرادات العامة و توزيعها على كافة أوجه االنفاق دون التقيد بتوزيع حمدد‬

‫القاعدة الثانية ‪ :‬قاعدة ختصيص االعتمادات ‪ :‬تعين هذه القاعدة اليت هي أكثر أمهية ‪ ،‬أن اعتماد السلطة التشريعية‬

‫للنفقات ال جيوز أن يكون إمجاهلا بل جيب أن خيصص مبلغ معني لكل وجه من أوجه االنفاق العام ‪ ،‬فال جيوز أن‬

‫يكون إعداد و اعتماد النفقات كمبلغ إمجايل يرتك للحكومة أمر توزيعه على أوجه االنفاق املختلفة وفق مشيئتها ‪ ،‬و‬

‫إال ضاعت احلكمة من رسم الربامج و السياسات لتوجيه املوارد االقتصادية للمجتمع حنو استخدامها املثلى ‪ ،‬و‬

‫لتعذر على السلطة التشريعية مراقبة االنفاق احلكومي يف تفصيالته و تقييم االداء ‪.‬‬

‫مع تفصيل كل وجه من وجوه االنفاق احلكومي يف كل إدارة حكومية على حدة مما يؤدي اىل إثقال كاهل هذه‬

‫السلطة بتفاصيل غري ضرورية ‪.‬‬

‫د ـ تقدمي قاعدة توازن امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر ‪ :‬لتوازن امليزانية مفهومان ‪:‬‬

‫ـ املفهوم التقليدي ‪ :‬يعين هذا املبدأ تساوي مجلة نفقات الدولة مع إيراداهتا املستمدة من املصادر العادية دون الزايدة‬

‫أو النقصان ‪ ،‬حيث ينظر اىل هذا املبدأ نظرة حسابية حبثة ‪ .‬و ذل ك خشية حدوث عجز يتجه بطبيعته اىل التزايد إذا‬

‫متت تغطيته عن طريق االقرتاض ‪ ،‬أو حدوث تضخم إذا ما متت تغطية العجز عن طريق االصدار النقدي أو حدوث‬

‫فائض يدفع اىل االسراف و التبذير ‪ ،‬و كان يبدو عجز امليزانية يف نظر املفهوم التقليدي يف املالية العامة مبثابة اخلطر‬

‫الرئيسي ‪ ،‬و يعد أخطر بكثري من فائض امليزانية ‪ ،‬ألن ملواجهة العجز تلجأ الدولة لتغطيته عن طريق االقرتاض أو‬

‫إصدار أوراق نقدية جديدة تؤدي بدورها اىل زايدة األسعار و اهنيار قيمة النقود ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ‬


‫حسني مصطفى حسني ( ‪ )0101‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 12‬‬ ‫‪¹‬‬
‫‪191‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ـ املفهوم احلديث ملبدأ توازن امليزانية ‪ :‬أما النظرية احلديثة يف املالية العامة فلم تعد تنظر اىل العجز يف امليزانية على‬

‫أنه كارثة مالية حمققة و ذلك يف ضوء التطورات املالية و االقتصادية اليت متيز القرن احلايل ‪ ،‬و لكن ليس معىن ذلك‬

‫أن الفكر املايل املعاصر يستبعد فكرة التوازن ‪ ،‬لكن مييل اىل أن يستبدل بفكرة التوازن املايل البحث(احملاسيب) فكرة‬

‫اوسع منها هي فكرة التوازن االقتصادي العام حىت و لو أدى هذا اىل حدوث عجز مؤقت يف املوازنة ‪.‬‬

‫هذا االستبدال هو ما يطلق عليه بنظرية العجز املؤقت و املنظم و تتحصل هذه النظرية أنه يف فرتات الركود و‬

‫الكساد تنتشر البطالة ‪ ،‬وهذه البطالة هي يف احلقيقة العجز احلقيقي الذي يتعرض له االقتصاد و ليس العجز‬

‫مبفهومه احملاسيب ‪.‬‬

‫و بعبارة أخرى تتلخص نظرية العجز املنظم يف أنه يتعني على الدولة يف حالة الكساد ‪ ،‬أي عندما يكون االقتصاد‬

‫القومي دون حالة العمالة الكاملة ‪ ،‬أن تعمل كل ما من شأنه زايدة الطلب الكلي الفعلي حىت تنتعش احلياة‬

‫االقتصادية مرة أخرى ‪ ،‬و تزداد العمالة اىل احلد الذي تصل فيه اىل تشغيل كل الطاقة االنتاجية لالقتصاد القومي ‪،‬‬

‫أي مرحلة العمالة الكاملة ‪.‬‬

‫و هبذه الطريقة ميكن لالقتصاد القومي أن خيرج من حالة الركود ‪.‬‬

‫و وسيلة الدولة اىل متويل عجز امليزانية هي أساس اإلصدار النقدي ‪ ،‬و تشري نظرية العجز املنظم بوجود عدم اخلوف‬

‫من التضخم يف هذه احلالة ابلذات ‪ ،‬ألنه التضخم انفع و مفيد طاملا أن االقتصاد القومي دون حالة العمالة الكاملة‬

‫‪ ،‬مما يعين وجود طاقة انتاجية معطلة ال ينتظر لتشغيلها سوى حدوث طلب على منتجاهتا و هذا ما يكفله عجز‬

‫امليزانية على النحو املشار اليه ‪ ،‬و عندما تعود حالة العمالة الكاملة اىل االقتصاد القومي ‪ ،‬أو حالة التوازن‬

‫االقتصادي ‪ ،‬فإن هذا كفيل وحده إبعادة ميزانية الدولة توازهنا احلسايب ‪ ،‬إن مبدأ توازن امليزانية العامة يف اجلزائر‬

‫يوضع يف إطار خاص حيث كانت النفقات العامة للدولة ( التسيري ‪ ،‬التجهيز ) تظهر يف موازنة عامة ‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و ابتداءا من مرحلة تطبيق خمططات التنمية بدأت تظهر االختالالت املالية ‪ ،‬حيث برزت مشاكل التمويل الفعلي‬

‫الرغم من تواضع حمتوى املخطط األول ‪ 0111‬ـ ‪ 0111‬غري أنه أحدث مشاكل للخزينة و قد تتفاقم هذه املشاكل‬

‫و تزداد حدهتا خالل املخططات التنموية األخرى إن مل تنبع سياسة مالية عقالنية لكون موارد امليزانية العامة للدولة‬

‫تسيطر عليها اجلباية البرتولية ‪ ،‬األمر الذي يزيد من حدة مشكل متويل التنمية و اتساع احلاجات االجتماعية ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ اعتماد الميزانية ‪ :‬ال يعترب مشروع امليزانية العامة موازنة تلتزم احلكومة بتنفيذها اال بعد‬

‫‪.‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬ ‫اعتماده من السلطة املختصة طبقا للنظام السياسي لكل دولة‬

‫أ ـ السلطة املختصة ابعتماد امليزانية ‪ :‬السلطة املختصة ابعتماد و إجازة امليزانية هي السلطة التشريعية ‪ ،‬فهذا‬

‫االعتماد هو شرط أساسي ال غىن عنه لوضع امليزانية موضع التنفيذ و ذلك طبقا للقاعدة املشهورة " أسبقية االعتماد‬

‫على التنفيذ"‪.‬‬

‫و قد نشأ حق السلطة التشريعية يف اعتماد املوازنة و إقرارها من حقها يف املوافقة على الضرائب ‪ ،‬و على مراقبة موارد‬

‫الدولة عامة ‪ ،‬إذ من الواضح هذا احلق يف فرض الضرائب يبدو قليل القيمة إذا مل يعرتف للسلطة التشريعية حبق أخر‬

‫مقابل له و هو احلق يف املوافقة على النفقات ‪ ،‬و هذا األمر بديهي ‪ ،‬إذ ال فائدة ترجى من مراقبة االيرادات طاملا أن‬

‫احلكومة ستستأثر بسلطة إنفاقها كيفما حيلو هلا ‪.‬‬

‫و مير اعتماد املوازنة داخل اجمللس التشريعي بثالث مراحل على النحو التايل ‪:‬‬

‫مرحلة املناقشة العامة ‪ :‬حيث يعرض مشروع املوازنة العامة للمناقشة العامة يف الربملان ‪ ،‬و هذه املناقشة تنصب‬

‫غالبا على كليات امليزانية العامة و ارتباطها ابألهداف القومية كما يراها أعضاء اجمللس ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬حممود عبد الفضيل ‪ ،‬و ‪ .‬حممد رضا العدل ‪ ،‬مبادئ املالية العامة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬ص ‪04‬‬

‫‪193‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫مرحلة املناقشة التفصيلية املتخصصة ‪ :‬و هي جلنة متخصصة متفرعة عن اجمللي النيايب ‪ ،‬و تستعني مبا تراه من‬

‫خرباء استشاريني من خارج اجمللس ‪ ،‬و تقوم اللجنة مبناقشة مشروع امليزانية يف جوانبها التفصيلية مث تقدم بعد ذلك‬

‫تقريرها اىل اجمللس ‪.‬‬

‫مرحلة املناقشة النهائية ‪ :‬حيث يناقش اجمللس جمتمعا تقرير اللجنة ‪ ،‬مث يصري التصويت على املوازنة العامة نأبواهبا و‬

‫فروعها وفقا للدستور و القوانني املعمول هبا يف هذا الشأن ‪.‬‬

‫ب ـ أداء اعتماد امليزانية ‪:‬‬

‫إذا وافق اجمللس التشريعي على مشروع املوازنة العامة ‪ ،‬فإنه يقوم إبصدارها مبقتضى قانون يطلق عليه "قانون ربط‬

‫املوازنة " و هو قانون حيدد الرقم اإلمجايل لكل من النفقات العامة و االيرادات العامة و يرفق به جدوالن يتضمن‬

‫األول بياان تفصيليا للنفقات ‪ ،‬و الثاين بياان تفصيليا لإليرادات ‪.‬‬

‫و جدير ابملالحظة أن اعتماد اجمللس النيايب لإليرادات خيتلف يف طبيعته عن اعتماده للنفقات ‪ ،‬فاعتماده لإليرادات‬

‫يعد مبثابة إجازة منه للحكومة بتحصيلها ‪ ،‬و منه فإن احلكومة ال تلتزم فحسب بتحصيل املبالغ املستحقة هلا يف‬

‫حدود رقم اإليرادات االمجايل الوارد بقانون امليزانية ‪ ،‬بل حيق هلا كذلك أن تتعدي هذا الرقم دون احلصول على إذن‬

‫مسبق من اجمللس النيايب بذلك ‪ ،‬بذلك إذا اخلطأ يف تقدير االيرادات ال يستوجب بوجه عام تدخل ما من جملس‬

‫النيايب للتوفيق بني اإليرادات املقدرة و اإليرادات الفعلية ‪.‬‬

‫و خيتلف الوضع عن ذلك كليا يف خصوص اعتماد اجمللس النيايب للنفقات العامة ‪ ،‬إذ أن هذا االعتماد يعد إجازة و‬

‫ختصيصا ألوجه إنفاقها ‪ .‬مبعىن أن هذا االعتماد يتم تفصيال حبيث يعتمد كل ابب على حدة و ال جيوز للحكومة‬

‫جتاوز الرقم احملدد لكل نوع منها و ال نقل مبلغ من اعتماد خمصص لباب معني اىل اعتماد خمصص لباب أخر إال‬

‫مبوافقة مسبقة من اجمللس املذكور احرتاما لقاعدة ختصيص االعتمادات ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬دراسة االيرادات العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫تسعى الدولة جاهدا لتغطية نفقاهتا العامة عن طريق حتصيل االيرادات العامة ‪ ،‬فهي تعترب الوسيلة املالية للدولة بتزويد‬

‫اخلزينة العامة ابألموال الالزمة هلا ‪ ،‬فاإليرادات العامة هي أداة للتأثري يف احلياة العامة و حتقيق أهداف اقتصادية و‬

‫اجتماعية اىل جانب غرضها املايل يف ظروف تطور فيها حجم النفقات العامة نتيجة تطور و تنوع احلاجات العامة ‪.‬‬

‫لإليرادات العامة عدت أنواع ‪ ،‬فهناك موارد أتخذها الدولة دون مقابل مثل اهلبات و االعاانت ‪ ،‬و أخرى هلا صفة‬

‫تعاقدية كإيرادات الدولة من أمالكها ‪ ،‬و اثلثة موارد إجبارية سيادية كالضرائب حسب القانون املتعلق بقوانني املالية‬

‫‪ 02‬ـ ‪ 01‬السيما املادة ‪ 00‬منه تصنف إيرادات امليزانية العامة يف اجلزائر اىل ‪: ¹‬‬

‫أ ـ إيرادات ذات الطابع اجلبائي و كذا حاصل الغرامات ‪.‬‬


‫ب ـ مداخيل األمالك التابعة للدولة ‪.‬‬
‫ج ـ التكاليف املدفوعة لقاء اخلدمات املؤدية و األاتوى ‪.‬‬
‫د ـ األموال املخصصة للهدااي و اهلبات و املسامهات ‪.‬‬
‫هـ ـ التسديد برأمسال للقروض و التسبيقات املمنوحة من طرف الدولة من امليزانية العامة و كذا الفوائد املرتتبة عنها ‪.‬‬
‫و ـ خمتلف حواصل امليزانية اليت ينص القانون على حتصيلها ‪.‬‬
‫ح ـ مداخيل املسامهات املالية للدولة من أرابح مؤسسات القطاع العمومي املرخص هبا قانوان ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ تبويب االيرادات الموازنة العامة ‪:‬‬

‫ميكن تصنيف االيرادات املوازنة العامة اىل قسمني ‪ :‬إيرادات إجبارية ‪ ،‬إيرادات اختيارية ‪.‬‬

‫أ ـ االيرادات اإلجبارية ‪ :‬و هي أموال تقتطعها الدولة بصفة إجبارية و دون مقابل يف املداخيل اجلبائية و الغرامات و‬

‫احلصص املستحقة للدولة من أرابح املؤسسات العمومية و تتمثل يف ـ االيرادات اجلبائية و اليت تتكون من خمتلف‬

‫الضرائب و الرسوم و املصنفة ضمن اجلدول ـ أ ـ من املوازنة العامة كما يلي ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )4002‬املرجع السابق ص ‪. 22‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪195‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬ـ الضرائب املباشرة ‪ :‬و هي الضرائب اليت تفرض على خمتلف أنواع املداخيل كاألرابح الصناعية و التجارية و‬

‫األرابح غري التجارية و املرتبات و األجور ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ـ حقوق التسجيل و الطابع ‪ :‬و هي الضرائب املوضوعة على بعض العقود القانونية و كل الواثئق املوجهة للعقود‬

‫املدنية و القضائية مثل حقوق تسجيل نقل امللكية ‪ ،‬و طوابع جوازات السفر و بطاقة التعريف الوطنية ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ الضرائب غري املباشرة ‪ :‬و تتكون أيضا من الضرائب غري املباشرة على االستهالك لكنها ختص فقط املنتجات‬

‫غري اخلاضعة للرسوم على رقم االعمال ( كالذهب و الكحول ‪...‬اخل )‬

‫ـ الضرائب على رقم األعمال ‪ :‬و تفرض على جمموع املواد االستهالكية و ابلتايل فهي ضرائب غري مباشرة على‬

‫االستهالك ‪.‬‬

‫ـ احلقوق اجلمركية ‪ :‬خيضع هلذا الرسم مجيع املوارد املوجهة للتصدير و االسترياد ‪.‬‬

‫ـ اجلباية البرتولية ‪ :‬تتكون من جمموع اقتطاعني مها ‪ :‬ضريبة على إنتاج البرتول السائل و الغاز هذا من جهة و ضريبة‬

‫مباشرة على األرابح الناجتة عن نشاطات البرتولية املتعلقة ابلبحث و االستغالل و النقل عرب القنوات ‪.‬‬

‫ـ احلصة املستحقة للدولة من أرابح املؤسسات العمومية ‪ :‬و متثل نسبة من األرابح الصافية للمؤسسة بعد اقتطاع‬
‫اشرتاكات العمال حيث أن هذه الضريبة ختضع للقواعد املطبقة يف مادة الضرائب على االرابح التجارية و الصناعية ‪.‬‬
‫الغرامات ‪ :‬و تتمثل يف العقوابت املالية الصادرة عن هيئة قضائية مثل احملكمة ‪ ،‬جملس احملاسبة ‪...‬اخل ‪ ،‬كما قد‬
‫تفرضها هيئة إدارية مثل مفتشية األسعار ‪ ،‬مفتشية اجلمارك ‪.‬‬

‫ب ـ االيرادات االختيارية ‪ :‬يتكون هذا النوع من املوارد على املشاركات و املسامهات املدفوعة إيراداي من طرف‬
‫األشخاص مقابل استفادهتم بسلعة أو خدمة ما دون غريهم من طرف الدولة و منها ‪:‬‬

‫ـ مداخيل أمواك الدولة و هي املوارد اليت حتصل عليها الدولة مقابل تصفيتها لثرواهتا الطبيعية كاملناجم و الغاابت‬
‫‪...‬اخل ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )4002‬املرجع السابق ص ‪. 21‬‬ ‫‪¹‬‬


‫‪196‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ـ التكاليف املدفوعة مقابل اخلدمات املقدمة من طرف الدولة ‪ :‬متثل هذه املداخيل كل املكافآت اليت حتصل عليها‬

‫الدولة مقابل استعمال خدماهتا ‪.‬‬

‫ـ أموال املسامهات و اهلدااي و اهلبات ‪ :‬هذا النوع من املوارد تقدم للدولة بدون مقابل و تتمثل يف االسهامات املالية‬

‫املقدمة من طرف االفراد مبحض ارادهتم هبدف متويل نفقة عمومية ‪.‬‬

‫و بصفة عامة ميكن القول ان االيرادات العامة النهائية املطبقة على امليزانية العامة للدولة املعروضة عموما حسب‬

‫الطبيعة القانونية و املصنفة يف اجلدول رقم (‪ )01‬و هو ميثل اجلدول ـ أ ـ امللحق لقانون املالية ‪ (.‬أنظر قائمة املالحق )‬

‫نالحظ من خالل اجلدول ( أ ) ضمن قانون املالية ‪ ،‬الذي يوضح لنا مصادر االيرادات العامة للجزائر ‪ ،‬و اليت تضم‬

‫كل من املوارد العادية و اجلباية البرتولية ‪ ،‬و تساهم يف متويل االيرادات العامة من أجل تغطية النفقات العامة ‪ ،‬تعترب‬

‫اجلباية البرتولية أهم مصدر يف متويل لإليرادات العامة ‪ ،‬فهي املورد الرئيسي من بني موارد االيرادات العامة للدولة ‪،‬‬

‫ابلرغم من تراجع معدالت انتاج النفط بسبب اخنفاض أسعار النفط الذي أدى اىل اخنفاض تراجع االيرادات البرتولية‬

‫للدولة يف نفس الفرتة ‪ ،‬و اليت بلغت نسبة اجلباية البرتولية سنة ‪ 4002‬حوايل ‪ %11.20‬من جمموع العام لإليرادات‬

‫العامة ‪ ،‬و على الرغم أيضا من زايدة حصيلة االيرادات الضريبية بفضل االصالح الضرييب يف اجلزائر الذي ساهم يف‬

‫تطوير املوارد العادية اليت أصبحت تقدر بـ ‪ %14.1‬من جمموع العام لإليرادات من نفس السنة ‪ ،‬إال أهنا مل تكن‬

‫كافية لتعويض نقصان الذي سجلته االيرادات البرتولية ‪ ،‬مما أدى اىل تراجع االيرادات العامة ‪ ،‬يالحظ وجود عالقة‬

‫ارتباط موجب و قوي بني االيرادات العامة و تغريات أسعار النفط اليت أتثر على اجلباية البرتولية و هي متغري خارجي‬

‫يتأثر ابقتصاد العامل ‪ ،‬و منه نستنتج أن اجلباية البرتولية تعترب املورد الرئيسي لإليرادات العامة ابلرغم من اخنفاضها‬

‫مقارنة ابلسنوات املاضية إال أهنا تبقى دائما أهم مورد تعتمد عليه الدولة ‪ ،‬و تشري عالقات االرتباط هذه بشكل عام‬

‫اىل حمدودية املوارد املتاحة للدولة و الدور الذي تلعبه السياسة املالية يف االقتصاد ‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 2‬ـ تطور االيرادات العامة و املنح خالل فرتة ‪ 2002‬ـ ‪: 2012‬‬

‫إمجايل االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر خالل السنوات ‪ 4002‬ـ ‪. 4002‬‬ ‫الشكل رقم (‪)00‬‬

‫االيرادات العامة و املنع‬


‫‪90000‬‬
‫‪80000‬‬
‫‪70000‬‬
‫‪60000‬‬
‫‪50000‬‬
‫‪40000‬‬
‫‪30000‬‬ ‫االيرادات العامة و…‬
‫‪20000‬‬
‫‪10000‬‬
‫‪0‬‬
‫‪2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013‬‬

‫املصدر ‪ :‬قانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 111 ، 111‬و قوانني املالية لسنوات ‪ 4002‬اىل‬
‫غاية ‪ 4001‬ص ‪. 101 ، 104‬‬

‫تشري البياانت املتاحة يف الشكل رقم (‪ )00‬اىل إمجايل االيرادات العامة و املنح قد ارتفعت بنسبة كبرية للعام الثاين‬
‫بعدما بلغت نسبتها خالل عام ‪ 4002‬اىل الناتج احمللي االمجايل حوايل ‪ % 10.24‬أي مببلغ يقدر بـ ‪108000‬‬
‫مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬لتصل عام ‪ 4002‬نسبة اىل الناتج احمللي االمجايل اىل ‪ %20.0‬مبقيمة تقدر حوايل‬
‫‪ 248001‬مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬و هذا ما نالحظه أيضا خالل السنيت ‪ 4001‬و ‪ 4000‬حيث ارتفعت االمجايل‬
‫االيرادات العامة و املنح مقارنة ابلسنة السابقة إذ تصل خالل سنة ‪ 4001‬إىل ‪ % 11.4‬نسبة اىل الناتج احمللي‬
‫االمجايل حبوايل ‪ 218011‬مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬و ارتفعت بشكل قياسي سنة ‪ 4000‬لتصل نسبتها اىل الناتج‬
‫احمللي االمجايل⁽‪ ⁾¹‬حوايل ‪ %21.0‬مببلغ يقدر بـ ‪ 008102‬مليون دوالر أمريكي ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬الناتج احمللي االمجايل ‪ :‬هدفه هو قياس قدرة االقتصاد على تلبية احتياجات االفراد ( الدولة ‪ ،‬األسرة‪ ،‬املؤسسة) ‪ ،‬و ميثل جمموع‬
‫القيم املضافة و الرسم على القيمة املضافة مع حقوق اجلمارك ‪ ،‬و القيمة املضافة هي االنتاج انقص كل ان مت استهالكه أثناء عملية‬
‫االنتاج ( استهالكات وسيطية) و هي املؤشر احلقيقي لقياس االنتاج احلقيقي لالقتصاد ‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و يعزى االرتفاع الكبري لإليرادات بشكل أساسي الرتفاع أسعار النفط خالل هذه الفرتة ( ‪ 4001‬ـ ‪) 4000‬‬

‫األمر الذي أدى اىل ارتفاع االيرادات النفطية اليت سامهت بشكل مباشر يف ارتفاع االيرادات العامة و املنح⁽‪ ⁾¹‬خالل‬

‫نفس الفرتة ‪ ،‬و اليت تعترب املورد الرئيسي لإليرادات العامة مليزانية الدولة ‪.‬‬

‫كما سامهت االيرادات الضريبية من جهة أخرى يف ارتفاع االيرادات العامة بسبب االصالح الضرييب الذي واجهته‬

‫الدولة ‪ ،‬لقد كان لألزمة املالية لسنة ‪ 4001‬الوقع الكبري يف االقتصاد اجلزائري ‪ ،‬حيث ظهرت بوادر االهنيار بعد‬

‫اخنفاض أسعار احملروقات و اليت أظهرت ضعف النظام االقتصادي خاصة فيما يتعلق ابحملروقات و احلصول على‬

‫املوارد املالية املوجهة لتمويل االقتصاد واجه ‪ ،‬نتج عن هذه األزمة اخنفاض أسعار النفط و ابلتايل أتثرت االيرادات‬

‫النفطية ابلشكل السليب ( اخنفاض االيرادات النفطية) ما يؤثر مباشرة على االيرادات العامة للدولة و هذا ما لوحظ‬

‫من خالل الشكل رقم (‪. )00‬‬

‫حيث بلغت نسبة االيرادات العامة و املنح اخنفاضا حمسوسا لتصل ‪ %11.1‬نسبة اىل الناتج احمللي االمجايل حبوايل‬

‫‪ 208101‬مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬و استمر الوضع خالل سنة ‪ ، 4000‬لكن سرعان ما حتسن الوضع خالل‬

‫السنوات ‪ 4000‬و ‪ 4004‬لرتتفع اال يرادات العامة و املنح ‪ ،‬األمر راجع اىل ارتفاع أسعار النفط ولتصل أعلى نسبة‬

‫سنة ‪ 4004‬مقارنة بسنوات فرتة الدراسة لتصبح االيرادات العامة و املنح تقدر بـ ‪ 008121‬مليون دوالر أمريكي‬

‫بنسبة حوايل ‪ % 20.0‬اىل الناتج احمللي االمجايل و هي أعلى نسبة ‪ ،‬لكن سرعان ما تراجع الوضع بنسبة ‪11.2‬‬

‫‪ %‬اىل الناتج احمللي االمجايل حبوايل ‪ 128241‬مليون دوالر أمريكي سنة ‪ 4001‬بسبب تراجع أسعار النفط رغم‬

‫االصالحات الضريبية لكن بقيت االيرادات النفطية العامل املباشر الذي يؤثر على االيرادات العامة ‪ ،‬و على الرغم‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬املنح ‪ :‬املتحصالت احلكومية بدون مقابل غري واجبة السدد و هي نوعان ‪ :‬األول يرتبط مبشروع أو برانمج حكومي ‪ ،‬و الثاين يوفر دعما لتغطية نفقات‬

‫احلكومة بشكل عام ‪ ،‬و تضاف املنح اىل االيرادات احلكومية بصفتها عامال يؤدي اىل ختفيض عجز ال اىل متويله ‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من اخنفاض مسامهة االيرادات النفطية بسبب اخنفاض االنتاج النفطي أو منوه مبعدالت ضئيلة ما ينقص من مسامهة‬

‫االيرادات النفطية يف االيرادات احلكومية⁽‪ ، ⁾¹‬إال أهنا تبقى املصدر الرئيسي للموارد املالية ابلنسبة للدولة بسبب‬

‫حمدودية مواردها األخرى و اليت ال تستطيع التحكم فيها من خالل سياستها املالية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ مسامهة اجلباية البرتولية يف االيرادات العامة للجزائر ‪:‬‬

‫املبالغ نأالف دج‬ ‫اجلدول رقم (‪ : )01‬تطور اجلباية العادية و اجلباية البرتولية خالل فرتة ‪ 2002‬اىل ‪: 2012‬‬

‫اجملموع االيرادات العامة‬ ‫النسبة ‪%‬‬ ‫اجلباية البرتولية‬ ‫النسبة ‪%‬‬ ‫اجلباية العادية‬ ‫السنوات‬

‫‪0.240.000.000‬‬ ‫‪21.24‬‬ ‫‪014.400.000‬‬ ‫‪21.20‬‬ ‫‪112.000.000‬‬ ‫‪4002‬‬


‫‪0.112.010.000‬‬ ‫‪22.12‬‬ ‫‪011.000.000‬‬ ‫‪22.02‬‬ ‫‪111.010.000‬‬ ‫‪4002‬‬
‫‪0.111.140.000‬‬ ‫‪22.10‬‬ ‫‪101.000.000‬‬ ‫‪22.01‬‬ ‫‪120.140.000‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪0.004.101.000‬‬ ‫‪21.10‬‬ ‫‪111.000.000‬‬ ‫‪21.04‬‬ ‫‪041.101.000‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪0.142.000.000‬‬ ‫‪20.24‬‬ ‫‪110.400.000‬‬ ‫‪21.20‬‬ ‫‪121.000.000‬‬ ‫‪4000‬‬
‫‪4.101.100.000‬‬ ‫‪20.22‬‬ ‫‪0.140.200.000‬‬ ‫‪20.21‬‬ ‫‪0.020.000.000‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪4.141.200.000‬‬ ‫‪20.11‬‬ ‫‪0.200.100.000‬‬ ‫‪20.12‬‬ ‫‪0.240.100.000‬‬ ‫‪4000‬‬
‫‪4.114.200.000‬‬ ‫‪21.40‬‬ ‫‪0.214.200.000‬‬ ‫‪20.00‬‬ ‫‪0.240.000.000‬‬ ‫‪4000‬‬
‫‪1.222.120.000‬‬ ‫‪22.00‬‬ ‫‪0.210.100.000‬‬ ‫‪22.04‬‬ ‫‪0.012.020.000‬‬ ‫‪4004‬‬
‫‪1.040.000.000‬‬ ‫‪24.10‬‬ ‫‪0.102.100.000‬‬ ‫‪21.10‬‬ ‫‪4.402.000.000‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪2.400.000.000‬‬ ‫‪11.20‬‬ ‫‪0.211.110.000‬‬ ‫‪14.10‬‬ ‫‪4.120.220.000‬‬ ‫‪4002‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 200 ،111 ، 110‬و قوانني‬
‫املالية لسنوات ‪ 4002‬اىل غاية ‪ 4001‬ص ‪. 102 ، 102‬‬

‫حتليل جدول تطورات إيرادات املوازنة خالل السنوات ‪ 2002‬ـ ‪ :2012‬عرفت ايرادات املوازنة العامة للدولة‬

‫زايدة مستمرة خالل فرتة الدراسة اليت استمر اعتمادها بدرجة كبرية على متحصالت الصادرات البرتولية ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫االيرادات احلكومة ‪ :‬مجيع املتحصالت احلكومية مبقابل أو بدون مقابل غري واجبة السدد ‪ ،‬و تقسم اىل ايرادات ضريبية و غري ضريبية ‪.‬‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬

‫‪200‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪0‬ـ مسامهة اجلباية العادية يف ايرادات املوازنة ‪ :‬شهدت إيرادات اجلباية العادية تطورا ملحوظا إذ انتقلت من‬

‫‪ 11.200‬مليون دج خالل سنة ‪ 4002‬اىل ‪ 11.101‬مليون دج سنة ‪ ، 4002‬و استمرت هذه الزايدة لتصل‬

‫اىل ‪ 12.014‬مليون دج سنة ‪ 4001‬اىل ‪ 12.100‬مليون دج سنة ‪ 4000‬حيث بلغت املسامهات يف االيرادات‬

‫االمجالية ‪ % 21.21‬و هذا راجع لألداء اجليد حلصيلة الضرائب اخلاصة ابلتجارة ‪ ،‬كما ارتفعت حصيلة الرسوم‬

‫اجلمركية و ضريبة القيمة املضافة على الواردات نتيجة حترير التجارة اخلارجية و توسيع نطاق املبادالت ‪ ،‬كما اجتهت‬

‫الضرائب حنو االرتفاع و ذلك نتيجة التدابري املتخذة ضمن برامج التصحيح اهليكلي الذي جاء فيه رفع معدل الضريبة‬

‫على الدخل االمجايل و التقليل من االعفاءات من الرسم على القيمة املضافة ابإلضافة اىل رفع معدل الضريبة على‬

‫االرابح املعاد استثمارها من ‪ %2‬اىل ‪ %11‬زايدة على انتعاش الضرائب غري املباشرة ‪.‬‬

‫لقد شهدت ايرادات اجلباية العادية تطورا ملحوظا حيث بلغت ‪ 002.000‬مليون دج سنة ‪ 4001‬لتصل اىل غاية‬

‫‪ 024.010‬مليون دج سنة ‪ ، 4000‬و خالل السنوات االخرية نالحظ تطور االيرادات اجلباية العادية يفوق‬

‫االيرادات اجلباية البرتولية حيث خالل سنة ‪ 4000‬سجلت ‪ 024.000‬مليون دج لتصل سنة ‪ 4004‬اىل‬

‫‪ 001.202‬مليون دج ‪ ،‬و بلغت ‪ 440.200‬مليون دج سنة ‪ 4001‬بنسبة مسامهة يف االيرادات االمجالية‬

‫‪ ، %21811‬و قدرت خالل سنة ‪ 4002‬بـ ‪ 412.022‬مليون دج ما ميثل ‪ %14821‬من االيرادات االمجالية ‪،‬‬

‫و هذا التحسن يف االيرادات اجلباية العادية راجع لعدة عوامل نذكر منها تطبيق تقنية االقتطاع من املصدر فيما خيص‬

‫الضريبة على الدخل االمجايل و االجراءات املتخذة من طرف الدولة يف حماربة الغش الضرييب و التهرب الضرييب‬

‫ابإلضافة لتحسن الوضعية املالية للمؤسسات التبعة للقطاع اخلاص بفضل التشجيعات اليت قدمتها الدولة للقطاع‬

‫اخلاص و من مث ارتفاع حصيلة الضريبة على ارابح الشركات ‪.‬‬

‫و أخريا ميكن تطوير مردودية اجلباية العادية أكثر عن طريق فرض قوانني صارمة و املتابعة على تنفيذها ‪ ،‬لكون اجلباية‬

‫العادية أكثر استقرار و أقل تذبذاب من اجلباية البرتولية و هذا ما يساعد على االستقرار االقتصادي ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 4‬ـ مسامهة اجلباية البرتولية يف ايرادات املوازنة ‪ :‬تلعب اجلباية البرتولية دورا هاما يف ايرادات املوازنة العامة للدولة و‬

‫من مث تغطية النفقات العامة ‪ ،‬حيث يشكل هذا النوع من اجلباية املصدر االساسي لإليرادات العامة ‪.‬‬

‫من اجلدول يتضح ان االيرادات اجلباية البرتولية خالل سنة ‪ 4002‬بلغت ‪ 01.440‬مليون دج مث ارتفعت اىل‬

‫‪ 01.100‬مليون دج سنة ‪ ، 4002‬و قد استمرت يف الزايدة لتصل اىل ‪ 10.100‬مليون دج سنة ‪ 4001‬أي‬

‫بنسبة ‪ %22810‬من االيرادات االمجالية لتصل سنة ‪ 4001‬اىل ‪ 11.100‬مليون دج مث تراجعت سنة ‪4000‬‬

‫اىل ‪ 11.040‬مليون دج بسبب األزمة املالية اليت وقعت خالل نفس السنة رغم ذلك تبقى املسامهات اجلباية‬

‫البرتولية أكرب من املسامهة اجلباية العادية مث حتسنت ابستمرار لتصل سنة ‪ 4001‬اىل ‪ 014.020‬مليون دج بسبب‬

‫ارتفاع أسعار النف ط عامليا ‪ ،‬لكن سرعان ما تراجعت خالل سنيت ‪ 4000‬و ‪ 4000‬بسبب تراجع أسعار النفط‬

‫تصل حوايل اىل ‪ 020.010‬مليون دج و ‪ 021.420‬مليون دج على الرتتيب ‪.‬‬

‫نالحظ خالل سنيت ‪ 4004‬و ‪ 4001‬ارتفعت على الرتتيب اىل ‪ 021.010‬مليون دج و ‪ 010.210‬مليون‬

‫دج حيث بلغت نسبة املسامهة يف موارد امليزانية نسبة ‪ %22.00‬و ‪ % 24810‬و هي اصغر نسبة أي تراجع‬

‫اجلباية البرتولية مقارنة مع اجلباية العادية راجع اىل اخنفاض اسعار النفط ‪.‬‬

‫عرفت اجلباية البرتولية سنة ‪ 4002‬تراجع حيث بلغت ‪ 021.111‬مليون دج أي بنسبة ‪ %11820‬يف مسامهة‬

‫ايرادات امليزانية ‪ ،‬و هذا الرتاجع بسبب اخنفاض سعر برميل النفط ‪ ،‬الذي ينعكس سلبا على احتياطات الصرف و‬

‫اهنيار االدخار و من مث االستثمار و النمو ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الشكل رقم (‪: )00‬‬

‫تطور ايرادات املوازنة العامة ( اجلباية العادية و اجلباية البرتولية ) و خالل السنوات ‪ 2002‬ـ ‪2012‬‬

‫‪3000000‬‬

‫‪2500000‬‬

‫‪2000000‬‬

‫‪1500000‬‬ ‫الجباية العادية‬


‫الجباية البترولية‬
‫‪1000000‬‬

‫‪500000‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 200 ،111 ، 110‬و قوانني‬
‫املالية لسنوات ‪ 4002‬اىل غاية ‪ 4001‬ص ‪. 102 ، 102‬‬

‫توصلنا اىل أن هناك عالقة عكسية بني املوارد العادية (جبائية و غري اجلبائية) من جهة و اجلباية البرتولية من جهة‬

‫أخرى ‪ ،‬فب سبب تناقص اجلباية البرتولية اضطرت الدولة اىل رفع حاصل املوارد أخرى و البحث عن مصادر جديدة‬

‫للتمويل ‪ ،‬من خالل حتليل خمتلف العناصر اليت من املمكن ان تكون عامال من العوامل املؤثرة على االيرادات‬

‫البرتولية ‪ ،‬توصلنا اىل ارتفاع اهلام يف االيرادات البرتولية منها ارتفاع اهلام لسعر الصرف (دوالر مقارنة ابلدينار الفعلي‬

‫) ارتفاع الكمية املنتجة و املصدرة خاصة من الغاز الطبيعي ‪ ،‬ارتفاع سعر البرتول ‪ ،‬و هكذا رغم أمهية اجلباية‬

‫البرتولية يف متويل خزينة الدولة فإهنا تبقى موردا غري مستقرا الرتباطه و من مت االقتصاد الوطين بعدة عوامل خارجية‬

‫منها ‪ :‬سعر الصرف ‪ ،‬سعر الربميل اخلام ‪ ،‬الطلب على احملروقات على املستوى الدويل ابإلضافة اىل عوامل اخرى ‪،‬‬

‫و من هنا تظهر حتمية تطوير ايرادات اجلباية العادية ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬دراسة النفقات العامة في الجزائر ‪:‬‬


‫تعترب النفقات العامة إحدى أدوات السياسة املالية اليت تقوم السلطات املالية بتنفيذها من خالل املوازنة العامة‬

‫لتحقيق االهداف االقتصادية و االجتماعية اليت تسعى من خالهلا الدولة اىل حتقيقها و هذا يف فرتة زمنية معتربة ‪.‬‬

‫تعرف النفقات العامة يف اجلزائر أهنا عبارة عن مبالغ مالية تقوم الدولة إبنفاقها من أجل اشباع حاجات عامة و‬

‫املنفعة العامة و حتقيق تدخلها االقتصادي و االجتماعي يف الدولة ‪ ،‬و تعترب النفقات العامة صورة معاكسة لنشاط‬

‫الدولة و أداة حتقيق أهدافها و توجيه اقتصادها و ضمان االستقرار االقتصادي يف البالد ‪.‬‬

‫سنحاول هنا تسليط الضوء على السياسة االنفاقية يف اجلزائر من خالل اجلوانب التالية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تبويب النفقات العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫إن املبدأ األساسي الذي ينبغي التمسك به يتعلق بتبويب أو تصنيف كل العمليات ‪ ،‬لذلك كلما زادت أمهية القطاع‬

‫العام كلما زادت عمليات التنصيف تعقيدا ابلنظر اىل حمتواها املايل املتغري ‪ ،‬و هكذا و ابإلضافة اىل احلاجة اىل‬

‫النظام و الشفافية ‪ ،‬فإن الدوافع األكثر أمهية و اليت ميكن تقدميها لتبيان تصنيف عمليات املوازنة ‪ ،‬و هي الدوافع‬

‫املتعلقة ابلنظام السياسي و االقتصادي ‪.‬‬

‫و ابلنظر اىل طبيعة الدور التقليدي للدولة فقد كان التبويب االداري هو السائد ‪ ،‬و لكن حتت التأثري املعاصر‬

‫للمنظمات الدولية و التخصيص يف احملاسبة الوطنية ‪ ،‬اجته اخلرباء اىل تصنيفات أكثر دقة كالتبويب االقتصادي و‬

‫التبويب الوظيفي ‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أـ التصنيف االداري للنفقات العامة يف اجلزائر ‪ :‬حيث تصنف النفقات العامة إداراي حبسب معيارين‬

‫ـ التصنيف حسب الوزارات ‪ :‬ميثل التصنيف حسب الوزارات القاعدة اليت تصنف على أساسها ميزانية التسيري يف‬

‫اجلزائر ‪ ،‬حيث توضع االعتمادات املفتوحة مبوجب قانون املالية حتت تصرف الدوائر الوزارية فيما يتعلق بنفقات‬

‫التسيري ‪. ¹‬‬

‫ـ التصنيف حبسب طبيعة االعتمادات ‪ :‬تصنيف النفقات العامة يف اجلزائر أيضا حسب طبيعة االعتمادات املفتوحة‬

‫مبوجب قانون املالية ‪ ،‬حيث ختصص االعتمادات و توزع حسب احلاالت على الفصول أو القطاعات اليت تتضمن‬

‫النفقات حبسب طبيعتها أو أغراض استعماهلا ‪.²‬‬

‫ب ـ التصنيف الوظيفي للنفقات العامة يف اجلزائر ‪ :‬ال يعترب التصنيف الوظيفي جمهوال يف اجلزائر حيث أنه و رغم أن‬

‫قانون املالية ال يقدم صورة عنه ‪ ،‬غري أنه من االدارات املكلفة ابلتخطيط و املالية ‪ ،‬متت حماوالت لتجميع النفقات‬

‫العامة حسب الوظائف الكربى للدولة ‪ ،‬و هذا من أجل حساب عائد و تكلفة اخلدمات العامة األساسية ‪.‬‬

‫و يف هذا االطار تقسم الوظائف يف اجلزائر اىل أربع جمموعات كبرية منها واحدة جتمع النفقات غري القابلة للتخصيص‬

‫ـ اخلدمات العامة و تضم االدارة العامة ‪ ،‬العدل ‪ ،‬الشرطة و الدفاع ‪.‬‬

‫ـ اخلدمات االجتماعية و اجلماعية و تضم التعليم ‪ ،‬الصحة ‪ ،‬النشاط االجتماعي و اخلدمات اجلماعية‬

‫ـ اخلدمات االقتصادية املتعلقة اساس ابلفالحة ‪ ،‬الصناعة ‪ ،‬النقل و غريمها ‪.‬‬

‫ـ النفقات غري القابلة للتخصيص ‪ :‬فائدة الدين العام ‪ ،‬رد القروض ‪ ،‬نفقات الشؤون الدينية و غريمها ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ² ، ¹‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش ‪ ،‬بدون وزارة‪ ،‬قانون رقم ‪ 02‬ـ ‪ 01‬املؤرخ يف ‪ 00‬شوال ‪ 0202‬املوافق لـ ‪ 01‬يوليو ‪ ، 0102‬املتعلق بقوانني املالية ( اجلريدة الرمسية )‬

‫العدد ‪ 40‬ص ‪.0020‬‬

‫‪205‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ج ـ التصنيف االقتصادي للنفقات العامة يف اجلزائر‪ :‬ميثل التبويب االقتصادي للنفقات العامة أمهية كبرية ابلنظر‬

‫اىل التأثري الكبري للنفقات العامة على االقتصاد ‪ ،‬و وفقا لذلك تقسم النفقات اىل ‪:‬‬

‫ـ نفقات التسيري ( النفقات اجلارية ) ‪ :‬هي اليت متثل اجلزء الضروري من النفقات العمومية و هي ختصص للنشاط‬

‫العادي و الطبيعي للدولة ‪ ،‬و اليت تسمح بتسيري نشاطات الدولة و التطبيق الالئق للمهمات اجلارية ‪ .‬نفقات التسيري‬

‫هي اليت تدفع من أجل املصاحل العمومية و االدارية ‪ ،‬أي مهمتها ضمان سري مصاحل الدولة من الناحية االدارية ‪ ،‬و‬

‫هي تشمل نفقات املستخدمني و نفقات املعدات ‪.‬‬

‫ـ نفقات التجهيز ( رأس املال) ‪ :‬ان الطبيعة االقتصادية لنفقات التجهيز ختتلف عن طبيعة نفقات التسيري ‪،‬حيث‬

‫تؤدي نفقات التجهيز اىل توسع الثروة العمومية ‪ ،‬و حتسني جتهيز اجلماعات العمومية ‪ ،‬و بواسطة هذه النفقات ال‬

‫تتلف الثروة ‪ ،‬و إمنا حتول فقط ‪ ،‬و ميكن أن تساهم يف اإلعداد إلجياد ثروة جديدة ‪ .‬و هلا طابع االستثمار الذي‬

‫يتولد عنه ازدايد الناتج الوطين االمجايل و ابلتايل ازدايد ثروة البالد ‪ ،‬كما يطلق على نفقات التجهيز اسم ميزانية‬

‫التجهيز أو ميزانية االستثمار ‪ ،‬و بصفة عامة ختصص نفقات التجهيز للقطاعات االقتصادية للدولة ( قطاع الصناعي‬

‫‪ ،‬الفالحي ‪ ...‬اخل ) من أجل جتهيزها بوسائل للوصول اىل حتقيق التنمية الشاملة يف الوطن ‪.‬‬

‫ان نفقات االستثمار متثل املخطط الوطين السنوي الذي يتم إعداده يف قانون كوسيلة تنفيذية مليزانية الربامج‬

‫االقتصادية ‪ ،‬حيث أن هذه النفقات توزع على شكل مشاريع اقتصادية توزع على كافة القطاعات ‪.‬‬

‫إن متويل نفقات التجهيز يتم من قبل اخلزينة العمومية للدولة بنفقات هنائية كما قد يتم متويلها بنفقات مؤقتة يف شكل‬

‫قروض و تسبيقات اخلزينة أو من البنك أي خالل رخص التمويل ‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 4‬ـ نفقات الميزانية العامة في الجزائر ‪:‬‬

‫لقد صنفت امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر اىل عدة تصنيفات خمتلفة تبعا لتصنيفات النفقات العامة من الناحية‬

‫العلمية و كذا من الناحية الوضعية اليت ختتلف فيها الدولة حاليا ‪ ،‬إن النظام املايل يف اجلزائر قد اعتمدت على‬

‫التصنيف االداري و االقتصادي معا من انحية التصنيف الوظيفي من انحية أخرى ‪ ،‬و يتجسد ذلك عمليا من‬

‫خالل ميزانييت التسيري و التجهيز ‪ ،‬و لذا يكون من املناسب أن نبني من جهة مدونة ميزانية التسيري و من جهة‬

‫أخرى ميزانية التجهيز ‪.‬‬

‫أ ‪ :‬نفقات التسيري أو ميزانية التسيري ‪ :‬ميزانية التسيري هي امليزانية اليت تكون فيها اعتمادات مالية مفتوحة يف‬

‫قانون املالية خمصصة للمرافق العمومية االدارية ابلدولة ‪ ،‬وفقا للتنظيم اهليكلي االداري هلا سواء كانت إدارة مركزية أو‬

‫ال مركزية ‪ ،‬و توضع ميزانية التسيري يف الدولة من أجل ضمان تسيري املرافق العمومية ألدائها خدمات عامة للجمهور‬

‫‪ ،‬و لذلك هي تتوافق مع التصنيف االداري الذي يعتمد على املعيار الغري االقتصادي املتمثل يف التقسيم اهليكلي‬

‫االداري للدولة ‪ ،‬لكن مع مراعاة وظيفة كل مرفق عمومي و الغرض من النفقة ‪.‬‬

‫حسب املادة ‪ 42‬من قانون ‪ 02‬ـ ‪ 01‬تنقسم نفقات التسيري اىل أربعة أبواب ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ أعباء الدين العمومي و النفقات احملسومة من االيرادات ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ ختصيصات السلطات العمومية ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ النفقات اخلاصة بوسائل املصاحل ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ التدخالت العمومية ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )4002‬املرجع السابق ص ‪.21‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪207‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ـ توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيري لسنة ‪ : 2012‬و الذي ميثل اجلدول(ب) ضمن قانون املالية ( انظر‬

‫قائمة املالحق ) ‪ ،‬الحظنا تقسيم املبالغ املالية حسب كل دائرة وزارية ‪ ،‬وهي مبالغ متفاوتة عن بعضها البعض‬

‫حسب كل وزارة و النشاط اليت تقوم به ‪ ،‬تركزت نفقات التسيري حول أكرب مبلغ الذي حقق رقما قياسيا من جمموع‬

‫ميزانيتها موجه اىل وزارة الدفاع الوطين ‪ ،‬الذي يعرب عنه بنسبة مئوية حوايل ‪ %40.41‬اىل جمموع ميزانية التسيري و‬

‫ميثل املستوى األعلى ‪ ،‬و يعرب عنه ابإلنفاق العسكري ⁽‪، ⁾¹‬‬

‫تسعى احلكومة من وراء ذلك للحفاظ على األمن و االستقرار الداخلي للبالد ابلدرجة االوىل ‪ ،‬و تليه وزارة الرتبية‬

‫الوطنية اليت أخدت االهتمام الثاين بعد وزارة الدفاع الوطين الذي حققت نسبة ‪ %02.10‬من جمموع ميزانية التسيري‬

‫‪ ،‬و هو يشمل كل من التعليم االبتدائي ⁽‪ ⁾²‬و التعليم الثانوي ⁽‪ ، ⁾³‬سعت اليه احلكومة اىل رفع من مستوى التعليم‬

‫و احلد من نسبة االمية و اجلهل العلمي و تكوين األدمغة ابلتطور التكنولوجي‪ ،‬من أجل تطوير اليد العاملة الصاعدة‬

‫‪ ،‬جند أيضا وزارة الصحة و السكان و إصالح املستشفيات بلغت نسبتها من جمموع ميزانية التسيري ‪ %1.11‬و هي‬

‫نسبة معتربة عن ابقي الوزارات ‪ ،‬سعت احلكومة من خالل ذلك لدعم النمو و مواجهة مشاكل السكن و حماربة‬

‫الفقر و الرفع من اخلدمات االجتماعية ‪ ،‬خاصة و أهنا ال تستطيع االعتماد ابلكامل على القطاع اخلاص للقيام بدور‬

‫فعال يف مواجهة هذه التحدايت ‪ ،‬و ذلك يف االجلني القريب و املتوسط ‪،‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬االنفاق العسكري ‪ :‬ما تنفقه وزارة الدفاع على القوات املسلحة‪ ،‬مبا يف ذل ك شراء اإلمدادات و املعدات العسكرية و االنشاءات و التجنيد‪ ،‬و برامج‬
‫املساعدات العسكرية‪.‬‬

‫⁽‪ ⁾¹‬التعليم االبتدائي ‪ ( :‬املستوى األول حسب التصنيف القياسي الدويل للتعليم) ‪ ،‬و وظيفته األساسية هي توفري عناصر التعليم األساسي ‪ ،‬مثل املدارس‬
‫األولية و املدارس االبتدائية ‪.‬‬

‫⁽‪ ⁾²‬التعليم الثانوي ‪ :‬التعليم يف املستوى الثاين (املستوى الثاين و املستوى الثالث حسب التصنيف القياسي الدويل للتعليم) ‪ ،‬بعد ما ال يقل عن أربع سنوات‬
‫من التعليم السابق يف املستوى األول‪ .‬و التعليم الثانوي يوفر التعليم العام أو املتخصص أو كليهما ‪ ،‬املدارس املتوسطة‪ ،‬و املدارس الثانوية‪ ،‬و املدارس العليا ‪،‬‬
‫و معاهد املعلمني اليت هي من هذا املستوى و املدارس ذات الطابع املهين أو الفين ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أما القطاعات األخرى وجهت اليها مبالغ حسب منفعتها االجتماعية للبالد ‪ ،‬فكل هذه النفقات هنائية ليس هلا‬

‫مقابل ‪ ،‬حيث أخدت ميزانية التسيري نسبة أعلى من ميزانية التجهيز مقارنة مع اجلدول (ج) الذي سوف نقوم بعرضه‬

‫الحقا ‪.‬‬

‫ب ـ نفقات التجهيز أي ميزانية االستثمار‪ :‬ميزانية التجهيز هي امليزانية اليت متنح االعتمادات املالية يف قانون املالية‬

‫السنوي ‪ ،‬و ختصص للقطاعات االقتصادية للدولة ( القطاع الصناعي ‪ ،‬القطاع الفالحي ‪ ...‬اخل ) و ذلك من أجل‬

‫جتهيز هذه القطاعات بوسائل االنتاج للوصول اىل حتقيق تنمية شاملة يف الوطن ‪ ،‬و متثل تلك النفقات اليت هلا طابع‬

‫االستثمار الذي يتولد عنه ازدايد الناتج الوطين االمجايل و ابلتايل ثروة البالد‬

‫إن متويل ميزانية االستثمار يتم من قبل اخلزينة العمومية للدولة بنفقات هنائية كما قد يتم متويلها بنفقات مؤقتة يف‬

‫صورة قروض و تسبيقات من اخلزينة أو من البنك أي من خالل رخص التحويل ‪.‬‬

‫يتم تقسيم نفقات التجهيز حسب املخطط االمنائي السنوي امللحق بقانون املالية حسب القطاعات و حسب املادة‬

‫‪ 12‬من قانون ‪ 02‬ـ ‪ 01‬توزع نفقات التجهيز على ثالثة أبواب مدونة كالتايل ‪: ¹‬‬

‫أ ـ جتمع االعتمادات املفتوحة ابلنسبة للميزانية العامة وفقا للمخطط االمنائي السنوي ‪ ،‬لتغطية نفقات االستثمار‬

‫الواقعة على عاتق الدولة ‪ ،‬يف ثالثة عناوين ‪:‬ـ االستثمارات املنفذة من قبل الدولة و تتمثل يف النفقات اليت تستند إما‬

‫إىل أمالك الدولة أو اىل املنظمات العمومية ـ إعاانت االستثمار املمنوحة من قبل الدولة ـ النفقات األخرى برأمسال‪.‬‬

‫ـــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعمارة مجال ( ‪ )4002‬املرجع السابق ص ‪21 ،20‬‬ ‫‪¹‬‬

‫‪209‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ب ـ جتمع نفقات التجهيز يف عناوين حسب القطاعات ( عشرة قطاعات ) و هي ‪ :‬احملروقات ‪ ،‬الصناعة التحويلية‬

‫‪ ،‬الطاقة و املناجم ‪ ،‬الفالحة و الري ‪ ،‬اخلدمات املنتجة ‪ ،‬املنشآت األساسية االقتصادية و االدارية ‪ ،‬الرتبية و‬

‫التكوين ‪ ،‬املنشآت األساسية االجتماعية و الثقافية ‪ ،‬املباين و وسائل التجهيز ‪ ،‬املخططات البلدية للتنمية مع‬

‫االشارة اىل أن القطاع قد يضم عدد معني من الوزارات ‪.‬‬

‫ج ـ تقسم القطاعات اىل قطاعات فرعية و فصول و مواد حيث نتصور بطريقة أكثر وضوح و دقة و ذلك حسب‬

‫خمتلف النشاطات االقتصادية اليت متثل هدف برانمج االستثمار ‪ ،‬حيث كل عملية مركبة من قطاع ‪ ،‬و قطاع فرعي ‪،‬‬

‫و فصل و مادة ‪.‬‬

‫و من خالل اجلدول (ج) ( أنظر قائمة املالحق ) الذي ميثل توزيع النفقات ذات الطابع النهائي لسنة ‪4002‬‬

‫حسب القطاعات ضمن قانون املالية ‪ ،‬يبني لنا تقسيم املبالغ املالية حسب كل قطاع ‪ ،‬هذا عكس ما الحظناه من‬

‫خالل اجلدول (ب) جدول رقم (‪ )00‬تقسيم املبالغ املالية حسب كل دائرة وزارية ‪ ،‬أول شيء الحظناه أن جمموع‬

‫ميزانية التسيري أخدت اجلزء األكرب مقارنة مع ميزانية التجهيز من خالل جمموع نفقات املوازنة العامة ‪ ،‬حيث ركزت‬

‫على نفقات التسيري أكثر من نفقات التجهيز ‪ ،‬جند من خالل اجلدول (ج) أي اجلدول رقم (‪ )04‬أعلى نسبة من‬

‫اجملموع ميزانية التجهيز موجه اىل املنشآت القاعدية االقتصادية و االدارية ‪ ،‬و تليها مواضيع خمتلفة ‪ ،‬نسبتها ليست‬

‫بقليل عن األوىل ‪ ،‬و يليهما قطاع الفالحة و الري الذي حدد مببلغ معترب من بني جمموع ميزانية التجهيز ‪ ،‬على الرغم‬

‫من أن اجلزائر متلك أراضي زراعية خصبة واسعة ‪ ،‬إال أن اهتمام الدولة مل يركز على هذا القطاع اهلام ‪ ،‬و مل متونه مببلغ‬

‫ماليا قياسيا ‪ ،‬و هذا لالستغالل األمثل للقطاع و ما له من عوائد تعود ابملنفعة للدولة ‪ ،‬اليت نعترب موردا هاما من‬

‫املوارد العامة للموازنة العامة ‪ .‬جند أقل مبلغ من جمموع ميزانية التجهيز موجه اىل قطاع الصناعة و هذا لضعف‬

‫تكنولوجياهتا و اخلربة و قلة اليد العاملة املؤهلة ‪ ،‬و يرجع أيضا اىل عدم استغالل املادة األولية يف هذا القطاع ‪ ،‬فبدال‬

‫من أن تقوم بتحويل املادة األولية ‪ ،‬تقوم إبصدارها اىل الدول االخرى ‪ ،‬و إمهال القطاع الصناعي الذي ميثل أهم‬

‫‪210‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫القطاعات ابلنسبة للدول األخرى ‪ .‬فميزانية التجهيز هلا عوائد تستفيد منها الدولة ‪ ،‬و تقوم بدعم و متويل االيرادات‬

‫العامة مليزانية الدولة ‪ ،‬رغم هذه األمهية مليزانية التجهيز ‪ ،‬إال أن الدولة أمهلت هذا الصنف من امليزانية موجهة أعلى‬

‫قيمة مالية من املوازنة العامة اىل ميزانية التسيري‪ ،‬و هذا بسبب أتثري الظروف السياسية و االجتماعية للبالد ‪.‬‬

‫تحديد النفقات العامة و أسباب تزايدها ‪:‬‬ ‫‪ 3‬ـ‬

‫يتحدد حجم النفقات العامة على أساس الفلسفة اليت يقوم عليها نظام الدولة االقتصادي و السياسي و ذلك ألن‬

‫أمهية الفلسفة حتدد الوظائف اليت تقوم هبا الدولة و اليت تتطلب أن ترصد هلا نفقات عامة على أساس حجم وظيفة‬

‫الدولة فالدولة احلارسة قد احنصرت وظيفتها يف احلفاظ على أمن الدولة اخلارجي و الداخلي و القيام ببعض األشغال‬

‫العامة و قليل من اخلدمات االجتماعية العامة و قد بقيت نفقاهتا العامة عند احلد األدىن األمر الذي مل تستطيع‬

‫الدولة التدخل أن تلتزم به و عن حيادها ‪ ،‬إذ أصبح من مسؤولياهتا األساسية احلفاظ على التوازن االقتصادي و‬

‫االجتماعي و هو ما اقتضى اتساع نطاق النفقات بزايدة الوظائف اليت تقوم هبا الدولة و اليت تتطلب نفقات عامة ‪،‬‬

‫فضال عن زايدة النفقات العامة على الوظائف التقليدية األساسية ‪ ،‬مث اقتضى قيام الدولة االشرتاكية ابالنتهاج و‬

‫التوزيع زايدة يف وظائف الدولة األمر الذي اقتضى زايدة كبرية يف النفقات العامة تطلبته هذه الوظائف اجلديدة‬

‫ابإلضافة اىل زايدة االنفاق العام على الوظائف األخرى ‪.‬‬

‫و يتصل هبذا عامل هام يؤثر على حجم اإلنفاق العام يف الدولة إذ أن النفقات العامة جيب أن تتحدد يف البالد‬

‫املتقدمة عند مستوى الذي حيقق توازن التشغيل الكامل ففي حالة نقص التشغيل جيب أن تعمل النفقات العامة على‬

‫سد العجز الالزم لتحقيق التشغيل الكامل ‪.‬‬

‫أما يف البالد املتخلفة فإن النفقات العامة جيب أن تصل اىل احلد الالزم لتحقيق معدل التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫فمن الالزم أن يدخل يف االعتبار عند حتديد النفقات العامة أثر هذه النفقات على سعر النقود حىت ال يرتتب على‬

‫االنفاق العام التضخم و ارتفاع األسعار و اهنيار سعر النقود ‪.‬‬

‫و بتطور وظائف الدولة و اتساع نشاطها يف ظل دولة التدخل و الدولة االشرتاكية اهتزت قاعدة أولوية النفقات‬

‫العامة ‪ ،‬و ال ميكن حتديد النفقات العامة دون إدخال يف االعتبار مقدرة الدولة على تدبري االيرادات الالزمة لتغطية‬

‫النفقات العامة اليت تقتديها وظائفها املختلفة و أصبح من الضروري ان يدخل يف االعتبار مدى قدرة الدخل الوطين‬

‫من الناحية االقتصادية على حتمل االيرادات العامة اليت حتددها عدة عوامل من الناحية االقتصادية على حتمل‬

‫االيرادات العامة اليت حتددها عدة عوامل من أمهها كيفية توزيع الدخل الوطين بني خمتلف الطبقات و كفالة مستوى‬

‫معني ملعيشة األفراد و احملافظة يف البالد اليت أتخذ ابلنظام الرأمسايل على رأس املال املنتج و العمل على منوه ‪ ،‬عالوة‬

‫عن الكيفية اليت يتم هبا توزيع الدخل الوطين يف الدولة ‪.‬‬

‫و من العوامل اليت حتدد حجم النفقات العامة املنفعة اجلماعية ‪ ،‬فالنفقة العامة ختضع لالعتبارات االقتصادية فهي‬

‫ختضع لفكرة املنفعة إذ أن االنفاق العام مثله مثل االنفاق اخلاص ال يكون مربرا إال إذا حقق منفعة مساوية على‬

‫األقل ملا يرتتب على االنفاق من تضحية ‪.‬‬

‫و أن قياس املنفعة اجلماعية ميثل صعوبة كربى إذ انه ليس من السهل قياس هذا النوع من املنفعة ‪ ،‬و مل يتفق علماء‬

‫املالية و االقتصاد على معيار منفعة النفقات العامة و يف احلقيقة فإن رجال السياسة هم الذين يتولون يف هناية االمر‬

‫اختيار النفقات العامة يف ضوء ما يعتقدون أنه حيقق املنفعة اجلماعية فاختيار النفقات العامة هو يف األمر قرار‬

‫سياسي خيضع لتقرير السلطة اليت تصدره ‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أ ) تطور نفقات التسيري و نفقات التجهيز ‪ 2002‬ـ ‪: 2012‬‬

‫اجلدول رقم (‪ )02‬لتطور نفقات التسيري و نفقات التجهيز للجزائر ( أبالف دج )‬

‫نفقات التجهيز اعتماد الدفع‬ ‫نفقات التجهيز رخص الربامج‬ ‫نفقات التسيري‬ ‫السنوات‬

‫‪140.000.000‬‬ ‫‪214.121.000‬‬ ‫‪0.400.000.000‬‬ ‫‪4002‬‬


‫‪120.000.000‬‬ ‫‪221.112.000‬‬ ‫‪0.400.000.000‬‬ ‫‪4002‬‬
‫‪0.121.100.000‬‬ ‫‪4.111.010.000‬‬ ‫‪0.401.221.111‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪4.020.002.000‬‬ ‫‪0.211.111.000‬‬ ‫‪0.212.121.110‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪4.102.014.200‬‬ ‫‪0.114.020.200‬‬ ‫‪4.001.111.011‬‬ ‫‪4000‬‬
‫‪4.211.101.000‬‬ ‫‪4.100.212.000‬‬ ‫‪4.211.120.202‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪1.044.010.000‬‬ ‫‪1.110.124.000‬‬ ‫‪1.222.111.041‬‬ ‫‪4000‬‬
‫‪1.002.040.000‬‬ ‫‪4.212.201.200‬‬ ‫‪1.212.101.112‬‬ ‫‪4000‬‬
‫‪4.040.201.200‬‬ ‫‪4.021.022.410‬‬ ‫‪2.100.420.212‬‬ ‫‪4004‬‬
‫‪4.222.401.110‬‬ ‫‪4.420.021.010‬‬ ‫‪2.112.102.202‬‬ ‫‪4001‬‬
‫‪4.120.102.400‬‬ ‫‪4.122.101.100‬‬ ‫‪2.102.224.111‬‬ ‫‪4002‬‬

‫املصدر ‪ :‬اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية لسنوات ‪ 4002‬اىل غاية ‪ 4002‬العدد ‪10 ، 14 ، 14 ، 00 ،21 ، 12 ،02،04 ، 02،02 ، 01‬‬

‫من خالل هذا اجلدول رقم (‪ )04‬الذي ميثل تطور نفقات املوازنة العامة خالل فرتة الدراسة ‪ 4002‬ـ ‪، 4002‬‬

‫ميكن مالحظة زايدة النفقات العامة خالل هذه السنوات ‪ ،‬إذ تعد ظاهرة تزايد النفقات العامة من أبرز املشاكل اليت‬

‫تعرض هلا علماء املالية العامة ليس من انحية أسباهبا فحسب ‪ ،‬و لكن من انحية ما يرتتب عليها من أاثر على‬

‫االيرادات العامة ‪ ،‬خاصة و أن الدولة ال تستطيع ان ترفع إيراداهتا بغري حدود ‪ ،‬و ال تستطيع أن تتجاوز الدولة‬

‫حدودا معينة ابلنسبة لفرض الضرائب أو زايدهتا و إال أخلت ابملعايري االقتصادية و االجتماعية اليت ينبغي احلفاظ‬

‫عليها و كذلك ال ميكن للدولة أن تلجأ اىل القروض دون أن أتخذ يف اعتبارها طاقة االقتصاد الوطين و قدرته على‬

‫ا لوفاء هبا و ال يعين أن كل زايدة يف النفقات العامة البد و أن يقابلها زايدة حتمية يف عبء الضرائب ألن زايدة‬

‫النفقات العامة تقتضي زايدة الدخل الوطين و زايدة الثروة العامة ‪ ،‬كما أن النفقات العامة هلا أاثرها على زايدة الدخل‬

‫و الثروات األمر الذي قد يؤدي حىت يف ارتفاع أسعار الضرائب و فرض ضرائب جديدة اىل أن تقرتب أحياان زايدة‬

‫‪213‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الضريبة مع ما قد حيدث من زايدة يف دخل الفرد أو يف ثروته نتيجة انفاق الدولة لزايدة النفقات العامة أسباب ظاهرية‬

‫و أسباب حقيقية ‪ .‬كما سجلت نفقات التجهيز معدل منو أسرع ابملقارنة مع نفقات التسيري طبقا ملشاريع املنشآت‬

‫القاعدية و املشاريع االخرى اليت متت مباشرها يف إطار برانمج دعم االنعاش االقتصادي الذي تبنته احلكومة ابتداءا‬

‫من سنة ‪ 4000‬ضمن أفق محاية املكتسبات احملققة يف جمال التوازانت االقتصادية املالية الكلية ‪ ،‬حيث خصصت‬

‫املوارد ال بقاء االولوية القطاع ية اليت حددهتا احلكومة كقطاع الفالحة و الري و السكن و التعليم و الكهرابء الريفية و‬

‫الغاز ‪...‬اخل و ذلك الستجابة أكثر اىل متطلبات الشعب املتعددة و خاصة الشغل و السكن مع إهناء الربامج اجلارية‬

‫ب ـ تطور االنفاق العام يف اجلزائر ‪ .‬واجهت اجلزائر بشكل عام حتدايت كبرية خالل فرتة الدراسة فيما يتعلق‬

‫بسياسة االنفاق احلكومي⁽‪ ، ⁾¹‬فمن انحية برزت ضرورايت ملحة لالستجابة للحاجات االجتماعية و حتقيق‬

‫متطلبات النمو االقتصادي من خالل رفع مستوايت االنفاق العام بشقيه اجلاري و الرأمسايل ‪ ،‬مقابل موارد مالية‬

‫حمدودة بسبب تراجع االيرادات النفطية و النمو احملدود يف االيرادات الضريبية ‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ )00‬االنفاق العام للجزائر لسنوات ‪ 4002‬ـ ‪4002‬‬

‫االنفاق العام‬
‫‪100000‬‬

‫‪80000‬‬

‫‪60000‬‬

‫‪40000‬‬ ‫االنفاق العام‬

‫‪20000‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون قم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 204‬و قوانني املالية لسنوات‬
‫‪. 101 ،‬‬ ‫‪ 4000‬و ‪ 4001‬ص ‪111‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬النفقات احلكومية ‪ :‬مجيع املدفوعات احلكومة مبقابل أو بدون مقابل غري واجبة السداد سواء كانت ألغراض جارية أو رأمسالية‬

‫‪214‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تشري البياانت املتاحة إىل أن إمجايل النفقات العامة للدولة ارتفعت خالل فرتة الدراسة (‪ 4002‬ـ ‪ ، )4001‬حيث‬

‫جند خالل السنوات ‪ 4002‬ـ ‪ 4001‬ارتفاع النفقات العامة مبستوايت تقل عن بعضها البعض بنسب ضئيلة ‪ ،‬سنة‬

‫‪ 4002‬كان االنفاق العام ابلنسبة اىل الناتج احمللي االمجايل يقدر بـ ‪ %40.00‬حوايل ‪ 418111‬مليون دوالر‬

‫أمريكي مقابل ‪ % 41.4‬نسبة اىل الناتج احمللي االمجايل لسنة ‪ ، 4001‬خالل سنة ‪ 4000‬ارتفاع االنفاق العام‬

‫بنسبة معتربة حيث قدر حوايل ‪ 118041‬مليون دوالر أمريكي بنسبة قدرت بـ ‪ % 11.0‬اىل الناتج احمللي االمجايل‬

‫‪ ،‬و تعترب سنة ‪ 4000‬هي نفس السنة اليت ارتفعت فيها االيرادات العامة ‪ ،‬يالحظ ارتباط موجب و قوي بني‬

‫تغريات االيرادات و تغريات النفقات ‪ ،‬فقد تزامن ارتفاع ( اخنفاض ) إمجايل النفقات مع ارتفاع ( اخنفاض ) إمجايل‬

‫االيرادات العامة و املنح ‪ ،‬سرعان ما اخنفض االنفاق العام خالل السنيت ‪ 4001‬و ‪ 4000‬حيث بلغ االنفاق العام‬

‫سنة ‪ 4001‬حوايل ‪ 108120‬مليون دوالر أمريكي و يف سنة ‪ 4000‬بلغ حوايل ‪ 108102‬مليون دوالر أمريكي‬

‫أي بنسب ‪ %22.0‬و ‪ %10.2‬اىل الناتج احمللي االمجايل خالل نفس السنيت على الرتتيب ‪ ،‬و هذا االخنفاض كما‬

‫لوحظ خالل نفس الفرتة اليت اخنفضت فيها االيرادات العامة و املنح ‪.‬‬

‫و بعد ما قمنا بعرض سياسة االيرادات العامة و سياسة االنفاق العام يف اجلزائر ‪ ،‬سوف نقوم بدراسة العالقة بينهما‬

‫و ذلك عن طريق تطور امليزانية العامة يف اجلزائر ‪.‬‬

‫الجزائر ‪:‬‬ ‫تطور النفقات العامة و االيرادات العامة في‬ ‫‪ 2‬ـ‬

‫لقدت شهدت امليزانية العامة يف اجلزائر عدة اصالحات اقتصادية هتدف اىل تعديل احمليط االقتصادي املؤسسات‬

‫العمومية لتنسجم مع املسار اجلديد للسياسة االقتصادية العامة للدولة اليت تتجه حنو اقتصاد السوق بطابع الرأمسايل‬

‫‪ 8‬و قد تضمنت التشريعات اجلديدة تعديل القا نون املتعلق بقوانني املالية ‪ ،‬و الذي حيدد التوزيع بني القطاعات‬

‫االعتمادات املفتوحة لرخص متويل االستثمارات املخططة ملؤسسات القطاع العمومي من املخطط السنوي ‪،‬‬

‫‪215‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و يهدف هذا اإلجراء للتقليل من نفقات امليزانية العامة ‪ ،‬غري ان هذا ساهم يف تغطية جزء من عجز امليزانية إال أن‬

‫أثره كان ضعيفا و مل يبلغ درجة القضاء الكلي عليه ‪ ،‬حيث سجلت املوازنة العامة يف اجلزائر خالل فرتة الدراسة‬

‫فائض و عجزا و هذا ما حلضناه من خالل تطور نفقات العامة و االيرادات العامة للميزانية ‪ .‬يالحظ وجود عالقة‬

‫ارتباط موجب و قوي بني تغريات االنفاق العام و االيرادات العامة و املنح كما ذكر سابقا ‪ .‬و الشكل املوايل يوضح‬

‫لنا ذلك ‪ .‬شكل رقم (‪ )00‬تطور االيرادات العامة و النفقات العامة للجزائر ‪ 4002‬ـ ‪4002‬‬

‫‪100000‬‬

‫‪90000‬‬

‫‪80000‬‬

‫‪70000‬‬

‫‪60000‬‬

‫‪50000‬‬

‫‪40000‬‬ ‫االنفاق العام‬

‫‪30000‬‬

‫‪20000‬‬ ‫االيرادات‬
‫العامة و المنع‬
‫‪10000‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 204 ، 111‬و قوانني املالية‬
‫‪.102‬‬ ‫‪، 101 ،‬‬ ‫لسنوات ‪ 4000‬و ‪ 4001‬ص ‪111‬‬

‫من خال الشكل أعاله ال حضنا عودة ارتفاع النفقات العامة يف سنيت ‪ 4000‬و ‪ 4004‬حيث بلغت على التوايل‬

‫حوايل ‪ 048040‬مليون دوالر أمريكي و ‪ 108010‬مليون دوالر أمريكي أي بنسب ‪ %20.4‬و ‪ ، % 22.0‬و‬

‫تعترب سنة ‪ 4004‬متثل املستوى األعلى إلمجايل النفقات العامة و بلغ فيها االنفاق العام أعلى نسبة مقارنة مع‬

‫السنوات املدروسة لنفس الفرتة ‪ ،‬و يعزى ارتفاع الكبري للنفقات العامة سنة ‪ 4004‬اىل ارتفاع االيرادات العامة و‬

‫املنح لنفس السنة كما لوحظ يف اجلدول رقم (‪ ) 01‬املذكور سابقا ‪ .‬و كان السبب الرئيسي يف هذه الفرتة هو ارتفاع‬

‫‪216‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أسعار النفط اليت هي بدورها أدت اىل ارتفاع اجلباية النفطية و اليت تعترب املورد الرئيسي ملوارد ميزانية الدولة ‪ ،‬و على‬

‫هذه االسباب سعت الدولة التباع سياسات مالية توسعية و الرفع من نفقاهتا العامة سنة ‪ 4004‬لتغطية احتياجات‬

‫تطوير البنية التحتية و اخلدمات االجتماعية ‪ ،‬و دعم النمو و مواجهة مشكالت البطالة و الفقر و التدين اخلدمات‬

‫االجتماعية ‪ ،‬خاصة و أهنا ال تستطيع االعتماد ابلكامل على القطاع اخلاص للقيام بدور فاعل يف مواجهة هذه‬

‫التحدايت ‪ ،‬و ذلك يف األجلني القريب و املتوسط ‪ ،‬و بذلك فإن أمام احلكومة اختيار صعب بني معاجلة ضغوط‬

‫البطالة و الفقر و ما يرتتب على ذلك من زايدة االنفاق و بني ضبط و ترشيد االنفاق للحفاظ على االستقرار‬

‫السياسي ‪.‬‬

‫لكن سرعان ما اخنفض االنفاق العام سنة ‪ 4001‬يبلغ حوايل ‪ 108102‬مليون دوالر أمريكي بنسبة ‪ %12.0‬اىل‬

‫الناتج احمللي االمجايل مقارنة ابلسنة السابقة ‪ ،‬و يعود هذا االخنفاض يف النفقات العامة اىل اخنفاض االيرادات العامة‬

‫و املنح من نفس السنة لألسباب املذكورة سابقا ‪.‬‬

‫و تشري عالقات االرتباط هذه بشكل عام اىل حمدودية الدور الذي تلعبه السياسة املالية يف االقتصاد ‪ ،‬حيث يتم‬

‫حتديد االنفاق احلكومي من جهة بناءا على حجم املوارد املتاحة و اليت تعتمد بدورها على مستوى النشاط‬

‫االقتصادي ‪ ،‬و يتم حتديده من جهة أخرى ‪ ،‬بناءا على أولوايت السلطات االقتصادية يف تطوير البين التحتية و‬

‫مواجهة مشكالت البطالة و الفقر ‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 5‬ـ تطور املوازنة العامة خالل فرتة ‪ 2002‬ـ ‪: 2012‬‬

‫من خالل اجلدول املوايل سوف نقوم بتبيان عجز أو فائض يف املوازنة العامة للدولة الناتج جراء عمليات حتصيل‬
‫االيرادات العامة و النفقات العامة خالل فرتة الدراسة ‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪)03‬‬

‫العجز أو الفائض الكلي يف املوازانت العامة لدولة اجلزائر ( ‪ 2002‬ـ ‪) 2012‬‬


‫النسبة اىل الناتج احمللي االمجايل (‪)%‬‬ ‫العجز أو الفائض الكلي (مليون دوالر أمريكي )‬ ‫السنوات‬

‫‪1.0‬‬ ‫‪18020‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪0081‬‬ ‫‪048400‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪0182‬‬ ‫‪028010‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪2.1‬‬ ‫‪18102‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪1.1‬‬ ‫‪018214‬‬ ‫‪2002‬‬

‫ـ ‪1.0‬‬ ‫ـ ‪18121‬‬ ‫‪2000‬‬

‫ـ ‪0.0‬‬ ‫ـ ‪48010‬‬ ‫‪2010‬‬

‫ـ ‪0.1‬‬ ‫ـ ‪48122‬‬ ‫‪2011‬‬

‫ـ ‪2.0‬‬ ‫ـ ‪008041‬‬ ‫‪2012‬‬

‫ـ ‪0.2‬‬ ‫ـ ‪18022‬‬ ‫‪2013‬‬

‫ـ ‪0.1‬‬ ‫ـ ‪48122‬‬ ‫‪2012‬‬

‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 4002، 4004 ، 4000 ، 4001‬ص ‪ 202 ، 111 ، 114 ، 111‬ـ‬

‫أدت التغريات املشار إليها أعاله ‪ ،‬كمحصلة لتطورات يف جانيب االيرادات العامة و االنفاق العام ‪ ،‬حيث مت تسجيل‬
‫فائض و عجز يف املوازنة العامة يف فرتة الدراسة ( ‪ 4002‬ـ ‪، ) 4002‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ‬
‫العجز الكلي ‪ :‬زايدة االنفاق مبا فيه االقراض احلكومي على املتحصالت من االيرادات و املنح ‪ ،‬الذي تغطيه احلكومة اباللتزام ابلسداد الدين أو السحب‬
‫من حيازهتا من األموال السائلة أو كليها معا ‪.‬‬

‫الفائض الكلي ‪ :‬زايدة املتحصالت من االيرادات و املنح على االنفاق احلكومي مبا فيه االقراض ‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫هذا ما الحظناه من خالل اجلدول رقم (‪ ) 01‬املشار أعاله ‪ ،‬حققت املوازانت العامة فائض خالل السنوات‬

‫‪ 4002‬ـ ‪ ، 4000‬و اليت مت تسجيل فائض قياسا سنة ‪ 4001‬حوايل ‪ 028010‬مليون دوالر أمريكي سواء بقيمة‬

‫مطلقة أو بنسبة ‪ %01.2‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬كما أنه يرتفع بكثري عن اثين أعلى فائض مت حتقيقه خالل سنة‬

‫‪ 4000‬بنسبة قدرت بـ ‪ %1.1‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬كما سجلت عجوز يف موازينها الكلية خالل السنوات‬

‫‪4001‬ـ ‪ ، 4001‬حيث سجل عجزا سنة ‪ 4001‬بقيمة مطلقة ـ ‪ 18121‬دوالر أمريكي ما يعادل نسبة ـ ‪1.0‬‬

‫‪ %‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬وهذا مقابل تراجع الوضع املايل خالل هذه السنة ‪ ،‬سرعان ما حتسن الوضع املايل‬

‫حيث اخنفضت مستوايت العجز عما كانت عليه خالل السنوات ‪ 4000‬و ‪ 4000‬لتصل كنسبة اىل الناتج احمللي‬

‫االمجايل حوايل ـ ‪ %0.0‬و ـ ‪ %0.1‬على التوايل بسبب تراجع الوضع املايل املذكور سابقا ‪ ،‬لكن سرعان ما حتسن‬

‫الوضع املايل ليحقق رقم قياسيا يف االيرادات العامة و املنح خالل سنة ‪ ، 4004‬و يعزى هذا التحسني زايدة‬

‫العائدات النفطية كما الحظناها يف اجلدول رقم (‪ ، )00‬لكن انعكست سلبا على املوازنة العامة اليت سجلت عجزا‬

‫موازين قدر بـ ـ ‪ 008041‬مليون دوالر أمريكي بنسبة ـ ‪ %2.0‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬أن هذا العجز الكلي قد‬

‫حتقق يف وقت سجل فيه االنفاق بشقيه زايدة كبرية مقارنة ابإليرادات العامة خالل نفس السنة ‪ .‬و سنة ‪4001‬‬

‫تعكس سنة ‪ ، 4004‬ابلرغم من تراجع الوضع املايل خالل سنة ‪ 4001‬إال أهنا سجلت تراجعا بنسبة كبرية يف‬

‫العجز املوازين لنفس السنة ‪ ،‬حيث بلغ حوايل ـ ‪ 18022‬مليون دوالر أمريكي بنسبة ـ ‪ % 0.2‬اىل الناتج احمللي‬

‫االمجايل ‪ ،‬و هذا نتيجة سعي احلكومة اىل خفض من نفقاهتا العامة مقارنة بسنة ‪ ، 4004‬ضبط و ترشيد االنفاق‬

‫للحفاظ على االستقرار االقتصادي ‪ ،‬ويتضح من دلك ان أسباب العجز قد تراكمت و حتكمت يف البنية اهليكلية‬

‫للميزانية العامة يف اجلزائر ‪،‬و لدلك فقد عملت السلطات العمومية على وضع الية "صندوق ضبط املوارد "‬

‫لتحكم يف عجز امليزانية العامة احملدد بقانون املالية السنوي‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 2‬ـ تطور امجايل الدين العام اخلارجي للجزائر ‪:‬‬

‫من خالل اجلدول املوايل سوف نقوم بتبيان نسبة إمجايل الدين العام اخلارجي⁽‪ ⁾¹‬القائم اىل الناتج احمللي االمجايل‬
‫اجلدول رقم (‪)02‬‬ ‫خالل فرتة الدراسة ‪:‬‬

‫نسبة امجايل الدين العام اخلارجي القائم اىل الناتج احمللي لدولة اجلزائر ( ‪ 2002‬ـ ‪ ) 2013‬نسبة ‪%‬‬

‫‪4001 4004 4000 4000 4001 4000 4001 4001‬‬ ‫سنوات ‪4002 4002‬‬

‫‪082‬‬ ‫‪080‬‬ ‫‪484‬‬ ‫‪182‬‬ ‫النسب ‪2.0 2820 2810 2.10 01801 40804‬‬

‫املصدر ‪ :‬التقرير العريب االقتصادي املوحد لسنوات ‪ 4002 ، 4000 ، 4001‬ص ‪. 220 ، 212 ، 110‬‬

‫و كنسبة من الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬فقد سجلت أعلى نسبة قياسيا من إمجايل الدين العام اخلارجي سنة ‪4002‬‬

‫بنسبة قدرت بـ ‪ % 40.04‬اىل الناتج احمللي االمجايل‪ ،‬و هي أعلى بقليل من اثين نسبة من إمجايل الدين العام‬

‫اخلارجي حبوايل ‪ %01.01‬سنة ‪ ، 4002‬يف املقابل اخنفضت نسبة إمجايل الدين العام اخلارجي نأقل بكثري إبتداءا‬

‫من سنة ‪ 4001‬مقارنتا ابلسنتني السابقتني ‪ ،‬حيث سجلت نسبة ‪ %2.10‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬و استمر‬

‫هذا االخنفاض اىل غاية ‪ 4001‬اليت سجلت أقل نسبة من إمجايل الدين العام اخلارجي قدرت حبوايل ‪ %0.2‬من‬

‫الناتج احمللي االمجايل و هذا راجع اىل حتسن األوضاع املالية خالل هذه السنوات ‪ ،‬و سيطرة احلكومة على نفقاهتا‬

‫العامة و ضبطها ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الدين العام اخلارجي ‪ :‬التزام خارجي على دين حكومي‪ ،‬مبا يف ذلك احلكومة الوطنية ‪ ،‬أو إحدى ملحقاهتا من أقسام ووكاالت ‪ ،‬و األجهزة احلكومية‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬

‫املستقلة ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و منذ بداية التسعينات ‪ ،‬شرعت اجلزائر يف تطبيق جمموعة من االصالحات االقتصادية من أجل تغيري منط تسيري‬

‫االقتصا د و التخفيف من تبعية السياسة املالية لإليرادات االيرادات النفطية ‪ ،‬حبيث مت تبين قانون االصالح الضرييب‬

‫سنة ‪ 0114‬م ‪ ،‬مع تقليل تدخل الدولة يف االقتصاد و فسح اجملال للمبادرة اخلاصة ‪ ،‬غري أن أهم ما ميز هذه‬

‫املرحلة هو ارتفاع حجم الدين العام للدولة نتيجة ارتفاع حجم املديونية اخلارجية و تبين الدولة لسياسة التطهري املايل‬

‫للمؤسسات العاجزة مما أسفر عن اختالل يف املالية العامة للدولة ‪.‬‬

‫ان السري احلسن للسياسة املالية و استقرار معدالت الدين العمومي و العجز املوازين مرهون أول ابإليرادات العامة‬

‫خاصة منها اجلباية البرتولية ‪ ،‬لذا فإن القدرة على حتمل السياسة املالية و العجز املوازين تبقى بدورها مرهونة بتقلبات‬

‫أسعار النفط يف األسواق العاملية ‪ ،‬هذا ما يضفي ميزة الضعف على السياسة املالية يف اجلزائر ‪.‬‬

‫وضعية التضخم ‪ :‬لقد وصلت معدالت التضخم يف اجلزائر اىل مستوايت قياسية هناية التسعينات حيث بلغت‬
‫‪ %10‬خالل سنيت ‪ 0112‬و‪( 0112‬سنيت الغاء الدعم احلكومي)‪ ،‬و ذلك نتيجة التحرير االقتصادي الذي‬
‫قامت به الدولة ابتداء من سنة ‪ 0110‬مما أدى اىل تفاقم الضغط التضخمي ‪ ،‬إال ان املعدالت اخنفضت اىل‬
‫‪ %0.12‬سنة ‪ 4002‬مث اىل ‪ % 4.21‬سنة ‪ 4001‬لرتتفع مرة أخرى اىل ‪ 1.20‬سنة ‪. 4001‬‬

‫سعر الصرف يف اجلزائر ‪ :‬لقد اصبحت املصارف اجلزائرية غري بعيدة عن املنافسة و اصبح إبمكان رؤوس االموال‬
‫االجنبية التوغل اىل داخل القطاع املصريف نظرا لصيغ التعاون الشراكة و اخلوصصة اليت تعتمدها السلطات املصرفية‬
‫لتفعيل هذا القطاع كما مسح قانون النقد و القرض إبنشاء بنوك خاصة ( حملية أو أجنبية ) ‪.‬‬

‫أما خبصوص قيمة الدينار وحسب تقرير البنك اجلزائري ‪،‬فإن العملة الوطنية شهدت تذبذاب واضحا خالل‬
‫السنوات املاضية ‪ ،‬و هذا يف سياق تقلبات نسبة الصرف الهم العمالت الصعبة على مستوى االسواق الدولية ‪،‬‬
‫حيث انتقلت قيمة الدوالر من ‪ 11.11‬دينار سنة ‪ 4002‬اىل ‪ 11.11‬د ينار سنة ‪ ، 4001‬يف حيث أن العملة‬
‫االوروبية تراوحت ما بني ‪ 11.12‬دينار هناية ‪ 4001‬اىل ‪ 10.11‬د ينار سنة ‪ ،4001‬أما سنة ‪ 4000‬فإن كال‬
‫من سعر الصرف احلقيقي و االمسي قد اخنفضا نسبيا مبتوسط (‪ %0.0‬و ‪ ) %0.4‬خالل املرحلة ما بني جانفي‬
‫و سبتمرب ‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪:‬دور السياسة المالية في تحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫المبحث الرابع‬

‫للجزائر إمكانيات ضخمة من املوارد الطبيعية اليت تشكل عنصرا هاما يف إثراء االقتصاد اجلزائري و دعم قوته ‪ ،‬إال أن‬

‫تسيري هذه املوارد خارج قطاع احملروقات قد اضعف نظرا لنقص احلوافز التشجيعية لتنمية إنتاج السلع خارج هذا‬

‫القطاع ‪ ،‬و هذا ما كان له أثر واضح على السياسة املالية ابجلزائر خاصة اهليكل الضرييب نظرا لكبح تنمية موارد دخل‬

‫بديلة ‪.‬‬

‫كما أن اعتماد االقتصاد اجلزائري على املوارد البرتولية كمصدر رئيسي للنقد األجنيب ترتب عنه أاثر على االقتصاد‬

‫الكلي جعلت من منو إمجايل الناتج احمللي احلقيقي مرهوان بتقلبات أسعار النفط الدولية ‪ ،‬اليت كان هلا فروقات مقابلة‬

‫لقيمة الصادرات و االيرادات العمومية و مدى توفر النقد االجنيب ‪ ،‬كما كان هلا أيضا أتثري مباشر على إدارة االنفاق‬

‫العام ‪ ،‬و ميكن رد أسباب توسع السياسة املالية يف اجلزائر اىل ثالث حمددات متداخلة و متكاملة و هي ‪ :‬احملدد‬

‫االقتصادي املتمثل يف حتمية تغيري اهليكل االقتصادي و املذهيب ‪ ،‬احملدد االجتماعي املتمثل يف ضغط الطلب على‬

‫اخلدمات العمومية و أخريا احملدد األهم و هو احملدد املايل املتمثل يف السري املايل الناتج عن قطاع احملروقات ‪ ،‬إذ أنه‬

‫نظر اىل اسعار النفط املواتية يف أغلب األحيان على أهنا إشارة إىل حدوث زايدة دائمة يف الدخل قادت اىل‬

‫مستوايت عالية من االنفاق العام كان من الصعب خفضها ‪.‬‬

‫ان اهلدف يف هذا اجلانب املتعلق بدراسة دور السياسة املالية يف دعم التوازن االقتصادي هو معرفة أسباب العجز على التوازن‬

‫امليزانية عن طريق مجلة من النقاط منها ‪:‬‬

‫‪: 4012‬‬ ‫‪ 1‬ـ تطور أداء السياسة المالية في الجزائر خالل فترة ‪ 4002‬ـ‬

‫عرف االقتصاد اجلزائري منذ االستقالل تغريات عديدة سامهت بشكل كبري يف تغيري املفاهيم و االيديولوجيات و كذا‬

‫االسرتاتيجيات ‪ ،‬و ابلتايل تغيري القرارات و االنظمة ‪ ،‬و عليه ميكن رد عوامل تطور السياسة املالية ابجلزائر اىل ثالث‬

‫‪222‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫حمددات متداخلة و متكاملة و هي ‪ :‬احملدد االقتصادي و املذهيب املتمثل يف حتمية تغيري اهليكل االقتصادي ‪ ،‬احملدد‬

‫االجتماعي املتمثل يف ضغط الطلب على اخلدمات العمومية ‪ ،‬و احملدد املايل املتمثل يف اليسر املايل الناتج عن قطاع‬

‫احملروقات ‪.‬‬

‫إن السري احلسن للسياسة املالية و استقرار معدالت الدين العمومي و العجز املوازين هو مرهون أوال ابإليرادات العامة‬

‫و خاصة منها اجلباية البرتولية ‪ ،‬و ابلتايل فإن القدرة على حتمل السياسة املالية و العجز املوازين تبقى بدورها مرهونة‬

‫بتقلبات أسعار النفط يف األسواق العاملية ‪ ،‬و هذا ما يضفي ميزة الضعف على السياسة املالية ابجلزائر ‪ ،‬و هي أهم‬

‫ميزة تتصف هبا النتائج املوازنية ابجلزائر هي تبعيتها الكلية لتقلبات أسعار النفط ‪ ،‬حيث شهدت فرتة الدراسة مرحلتني‬

‫من فائض موازنيا خالل السنوات ‪ 4002‬اىل غاية سنة ‪ 4000‬عكس ما لوحظ خالل السنوات ‪ 4001‬ـ ‪4002‬‬

‫عجزا موازنيا أساسيا قدر بـ ‪ %1‬من الناتج احمللي اخلام كمتوسط سنوي هلذه الفرتة ‪.‬‬

‫كما أتثر عجز املوازنة األساسي ابإليرادات البرتولية ‪ ،‬مما جعل التوازانت املوازنية ابجلزائر تتغري دوراي مع أسعار النفط‬

‫‪ ،‬مثال اخنفاض أسعار النفط سنة ‪ 4004‬أدى اىل ارتفاع عجز املوازنة العامة نسبة اىل الناتج احمللي اخلام حوايل‬

‫‪ % 2.0‬بقيمة بلغت ـ ‪ 008041‬مليون دوالر أمريكي من نفس السنة ‪ ،‬مما كان له أثر سليب على مالءة الدولة و‬

‫مدى القدرة على االستمرار يف حتمل السياسة املالية و العجز املوازين آنذاك ‪.‬‬

‫أتثرت املالية العامة ابألوضاع االمنية و السياسية غري املواتية اليت شهدهتا الدولة خالل هذه الفرتة ‪ ،‬حيث سامهت‬

‫هذه األوضاع بشكل مباشر يف تعطيل االنشطة االقتصادية و على رأسها االنتاج النفطي ‪ ،‬مما أثر سلبا على حصيلة‬

‫االيرادات املالية ‪ ،‬كما أن عملية تعزيز مقومات االمن تضمنت نفقات كبرية ‪ ،‬االمر الذي القي بضغوطات إضافية‬

‫على املوازنة العامة ‪ ،‬مما شكل حتدايت كبرية كان لزاما على احلكومة مواجهتها و التصدي هلا و خاصة أن حيزها‬

‫املايل حمدود ‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و على ضوء هذه التطورات ‪ ،‬تراجع إمجايل االيرادات العامة للدولة سنة ‪ 4001‬لتصل حوايل ‪ 128241‬مليون‬

‫دوالر أمريكي بنسبة بلغت ‪ %11.2‬اىل الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬على ضوء اخنفاض حصيلة االيرادات البرتولية حبوايل‬

‫‪ % 40.1‬نسبة اىل الناتج احمللي االمجايل لتصل حنو ‪ 218110‬مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬مقابل منو االيرادات الضريبية‬

‫حوايل ‪ 428114‬مليون دوالر أمريكي من نفس السنة بعدما كانت يف سنة ‪ 4004‬حوايل ‪ 428100‬مليون دوالر‬

‫أمريكي ‪ ،‬و من جهة أخرى اخنفاض إمجايل االنفاق العام سنة ‪ 4001‬بنسبة ‪ %12.0‬اىل الناتج احمللي االمجايل‬

‫ليصل اىل حوايل ‪ 108102‬مليون دوالر أمريكي مقارنة بسنة ‪ 4004‬اليت بلغت قيمة االنفاق العام االمجايل حوايل‬

‫‪ 108010‬مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬تراجع عجز املوازنة العامة لسنة ‪ 4001‬بنسبة ـ ‪ % 0.2‬اىل الناتج احمللي‬

‫االمجايل حبوايل ـ ‪ 18022‬مليون دوالر أمريكي ‪ ،‬و هذا ابخنفاض فائض املوازانت العامة راجع اىل اخنفاض االيرادات‬

‫العامة بسبب تراجع سعر النفط و ابلتايل تراجع اجلباية البرتولية اليت هي املصدر الرئيسي لإليرادات العامة ‪.‬‬

‫على هذا الضوء سوف نقوم بتحليل كل عنصر من عناصر املوازنة العامة خالل السنوات ‪ 4002‬اىل غاية ‪. 4002‬‬

‫أما ابلنسبة اىل الناتج احمللي االمجايل فقد وصلت اىل أدىن مستوايهتا حيث بلغت ‪ 028120‬مليون دوالر سنة‬

‫‪ . 4002‬و ميكن مالحظة ذلك من خالل اجلدول رقم ( ‪ ( )00‬أنظر قائمة املالحق) ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اثر تراكم اسباب العجز على توازن امليزانية العامة يف اجلزائر ‪:‬‬

‫لقد عرفت امليزانية العامة للدولة زايدة بوترية سنوية متوسطة تقدر بـ ‪ 26,7‬ابملائة و ذلك خالل املدة بني ‪4002‬‬

‫و ‪ ، 4002‬و قد صاحب هذا النمو عجز الزم امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر و من اسبابه ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ صعوبة التحكم يف حجم النفقات العمومية اليت تزداد تضخما سنة بعد سنة ‪ ،‬مما يستدعي االمر إعادة النظر يف‬

‫جناعتها ‪ ،‬من خالل تسيري االموال العمومية بصفة عقالنية و اضفاء الشفافية على النفقات العمومية و ال سيما‬

‫نفقات التجهيز ‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬ـ اعتماد امليزانية العامة على عائدات اجلباية البرتولية لتمويل العجز‪ ،‬و هي ايرادات غري عادية ابلنظر ملا تتمتع من‬

‫تقلبات يف السوق العاملية متس سعر الربميل و تنعكس على ايرادات اجلباية البرتولية ‪.‬‬

‫‪ ‬فقد تغريت توازانت امليزانية العامة بتغري اسعار احملروقات يف االسواق العاملية ‪ ،‬نظرا حلصة اجلباية البرتولية يف‬

‫جمموع ايرادات امليزانية العامة يف اجلزائر ‪ ،‬و دلك خالل الفرتة املمتدة بني سنة ‪ 1989‬و ‪.2003‬‬

‫‪ ‬وقد متيزت السنوات االخرية يف هذه املرحلة بتدعيم اسعار البرتول و العمل على استقرار مستوايهتا ‪ ،‬و دلك‬

‫امتداد السرتاتيجية منظمة األوبيك الرامية اىل ابقاء اسعار اخلام بني ‪ 22,28‬للربميل ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ ضعف حصيلة اجلباية العادية ‪ ،‬لعدة اسباب تضعف من كفاءة النظام الضرييب و من اجل اقامة نظام جبائي‬

‫عصري يف اجلزائر ‪ ،‬ادخلت خالل العشر السنوات االخرية اصالحات هامة ‪ ،‬متثلت يف الرسم على القيمة‬

‫املضافة ‪ ،‬الضريبة على الدخل االمجايل لألشخاص الطبعيني و الضريبة على ارابح الشركات و لذلك فقد‬

‫تضمنت اسرتاتيجية عصرنة االدارة اجلبائية على التوجيهات التالية ‪:‬‬

‫‪ o‬خلق هيئة خمتصة بكربايت الشركات ألجل التحكم يف تسيري و حتصيل الضرائب اخلاضعني للضريبة االكثر امهية‬

‫‪ o‬اعادة هيكلة مجيع املصاحل اجلبائية ‪.‬‬

‫‪ o‬اصالح االجراءات و املناهج ‪.‬‬

‫‪ o‬ـ ثقل عبئ الديون العمومية على امليزانية العامة للدولة ومما زاد من تفاقمها كون سياسة امليزانية و سياسة القرض يف‬

‫اجلزائر تشكالن املصادر الرئيسية لتمويل النشاط االقتصادي و ينجز عن دلك حتما خدمة املديونية بشكل‬

‫قوي يف املوازنة ‪ 8‬علما ان املديونية تتشكل من اجتماع ثالثة عوامل هي ‪:‬‬

‫تطهري املؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫خسائر الصرف اليت حتملتها اخلزينة العمومية‪.‬‬

‫عملية حشد موارد مالية خارجية من اجل التسيري العادي‪.‬‬


‫‪225‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و جتدر االشارة اىل ان اللجوء اىل سوق رؤوس االموال اخلارجية من اجل االقرتاض لتمويل العجز يف امليزانية العامة‬

‫للدولة دليل على عدم كفاءة االدوات املالية للدولة و يف مقدمتها االدارة الضريبية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ إجراءات احلكومة اجلزائرية الحتواء أاثر تقلبات سوف النفط على السياسة املالية ‪:‬‬

‫ضمن النموذج الكينزي احلديث الذي تنتهج اجلزائر يف سياستها املالية و ابفرتاض مرونة اتمة يف االسعار ‪ ،‬تؤدي‬

‫السياسات املالية التوسعية اىل ارتفاع عام يف االسعار مما سيخفض من عرض النقود ‪ ،‬و هذا ما سينتج عنه ارتفاع يف‬

‫معدالت الفائدة اليت ستؤدي بدورها اىل مزامحة القطاع العام للقطاع اخلاص يف حتقيق أاثر إجيابية على الناتج االمجايل‬

‫‪ ،‬أما يف حالة السياسة املالية االنكماشية ‪ ،‬فإن التخفيض يف عجز املوازنة العامة سيؤدي اىل تراجع يف املستوى العام‬

‫لألسعار و معدالت الفائدة ‪ ،‬و ابلتايل حتسن ظروف االستثمار ‪ ،‬لكن يف ظل التقلبات احلادة اليت تشهدها أسعار‬

‫النفط يف السوق الدولية فضال عن االجتاه العام لدى احلكومة الوطنية يف االعتماد املباشر على عائدات احملروقات يف‬

‫دفع االقتصاد الوطين ‪ ،‬نتسائل عن ما إذا كانت السياسة املالية و املوازنة العامة يف اجلزائر تتأثر بتقلبات أسعار النفط‬

‫الذي ميثل متغريا خارجيا ؟ كما نتسائل عن ما إذا كانت احلكومة قد اختذت إجراءات وقائية الحتواء هذه األاثر‬

‫احملتملة ابإلضافة اىل مدى جناحها يف ذلك ‪.‬‬

‫ان الضعف اهليكلي للميزانيات اجلزائرية للسنوات السابقة ‪،‬يتمثل اساسا يف ضعف مسامهة اجلباية العادية ‪ ،‬و ارتفاع‬

‫حصة النفقات الضرورية ‪ ،‬اضافة اىل ضرورة ضمان املوارد املالية لتشجيع مشاريع التجهيز و استجابة اىل كل هذا مت‬

‫إنشاء صندوق ضبط املوارد بواسطة قانون املالية التكميلي لسنة ‪.2000‬‬

‫ان موارد هذا الصندوق متكونة من فائض ايرادات اجلباية البرتولية ستخصص لضبط توازن امليزانية ‪ ،‬ابإلضافة اىل‬

‫ضبط النفقات و ختفيض الدين العمومي ‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أ ـ إنشاء صندوق ضبط االيرادات يف اجلزائر ‪:‬‬

‫من املفرتض أن يعقد االعتماد الشديد على إيرادات النفط ذات الصفة املتقلبة عاجال أو أجال السياسة املالية يف‬

‫اجلزائر‪ ،‬و ملعاجلة هذه املشكالت قامت الكثري من البلدان املنتجة للنفط من بينها اجلزائر إبنشاء صناديق ثروة سيادية‬

‫هبدف حتقيق التوازانت االقتصادية حيث مسي يف اجلزائر " صندوق ضبط االيرادات أو" ‪Fonds de régulation‬‬

‫‪ " des recettes‬و قد ختتلف التسميات من صناديق التثبيت اىل صناديق النفط لكن اهلدف واحد ‪:‬‬

‫ـ معاجلة املشكالت الناشئة عن تقلبات أسعار النفط يف االسواق الدولية من أاثرها املدمرة على االقتصادايت الوطنية‬

‫ـ إدخال جزء من إيرادات النفط لألجيال املقبلة و ابلتايل فهي ذات طابع ادخاري ‪.‬‬

‫ـ ينتمي صندوق ضبط االيرادات اىل احلساابت اخلاصة للخزينة العمومية يف اجلزائر و قد أنشأ مبوجب املادة ‪ 00‬من‬

‫قانون امليزانية التكميلية لسنة ‪ .4000‬قانون رقم ‪ 4000‬ـ ‪ 04‬املؤرخ يف ‪ 41‬جوان لسنة ‪ 4000‬و اليت ينص على‬

‫‪ :‬يفتح يف كتاابت اخلزينة حساب خاص رقم ‪001‬ـ‪ 104‬بعنوان صندوق ضبط املوارد و يقيد يف هذا‬ ‫⁽‪⁾¹‬‬ ‫التايل‬

‫احلساب من جانب االيرادات ‪ :‬فوائض القيمة اجلبائية الناجتة عن مستوى أسعار احملروقات أعلى من ‪ 11‬دوالر كما‬

‫يضمن كل االيرادات األخرى املتعلقة بسري الصندوق ‪.‬اما من جانب النفقات فتشمل كل من ضبط نفقات وتوازن‬

‫امليزانية احملددة عن طريق قانون املالية السنوي و احلد من املديونية العمومية ‪ ،‬ختفيض الدين العام ‪ ،‬و يعطى القانون‬

‫لوزير املالية احلق يف التصرف هبذا احلساب ضمن قانون املالية ‪،‬و ميكن استنتاج بعض املالحظات املهمة حول هذا‬

‫الصندوق ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬سعد هللا داود (‪ )4001‬األزمات النفطية و السياسات املالية يف اجلزائر ـ دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ـ اجلزائر ص ‪. 012‬‬

‫‪227‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬إن صندوق ضبط املوارد هو صندوق ينتمي اىل احلساابت اخلاصة للخزينة العمومية ‪.‬‬

‫‪ ‬وظائف الصندوق حددت أساسا هبدف امتصاص الفائض من إيرادات اجلباية البرتولية اليت تفوق ‪ 11‬دوالر للربميل‬

‫‪ ،‬و تسوي ة و سد العجز يف امليزانية العامة للدولة و الذي قد ينتج عنها أاثر تضر ابالقتصاد الوطين ‪ .‬أخريا تسديد‬

‫املديونية العمومية للدولة بغية احلد منها و ختفيضها ‪.‬‬

‫إن ظروف إنشاء صندوق ضبط االيرادات معلوم ان صندوق ضبط االيرادات قد مت انشاءه شهر جوان ‪ 4000‬واليت‬

‫ميزها تقلبات حادة يف اسعار النفط مقارنة ابلسنوات اليت سبقتها‪ ،‬وميثل هذا التقلب يف اسعار النفط السبب الرئيسي‬

‫الرتفاع مداخيل اجلباية البرتولية منذ ذلك الوقت‪ ،‬حيث أن املوارد اجلبائية النفطية مرتبطة ارتباطا وثيقا نأسعار النفط‬

‫يف السوق الدولية الذي يعترب متغري خارجي ‪.‬و عليه أي تقلب يف أسعار احملروقات سيؤثر أتثريا مباشرا يف وضعية‬

‫امليزانية العامة يف اجلزائر ⁽‪. ⁾¹‬‬

‫لقد أصبح الصندوق منذ إنشائه أداة رئيسية تستخدمها احلكومة لتحقيق أهداف السياسة املالية اليت تريد تطبيقها ‪،‬‬

‫حيث أثبت من خالل التجربة أنه أداة فعالة المتصاص األاثر السلبية للصدمات اخلارجية " مثل صدمة أسعار النفط‬

‫" على املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬كما أثبت فعاليته يف تسديد املديونية اخلارجية بشقيها الداخلية و اخلارجية ‪.‬‬

‫و يعود االخنفاض يف املديونية اخلارجية اىل اتباع سياسة مديونية حذرة تعتمد على تقليص مستوايت االقرتاض‬

‫الداخلي و اخلارجي ‪ ،‬ابإلضافة اىل تسديد نسب كبرية ألصول الديون العمومية خاصة الداخلية يف إطار تسوية‬

‫الديون جتاه البنوك ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬سعد هللا داود (‪ )4001‬املرجع السابق ص ‪. 011‬‬

‫‪228‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ب ـ أتثري صندوق ضبط االيرادات على املوازنة العامة يف اجلزائر‪:‬‬

‫مبا أن أسعار النفط يف الغالب تكون متقلبة و ال ميكن توقعها و التكهن مبستوايهتا ‪ ،‬فإن حال إيرادات النفط كذلك‬

‫مما يعين أن االيرادات احلقيقية كثريا ما ختتلف اىل حد كبري عند اسقاطها على امليزانية العامة ‪ ،‬اليت تتطلب يف حالة‬

‫حدوث عجز اللجوء اىل التصحيح املايل للتعويض إما ابلتقليص االنفاق العام او من خالل البحث عن طرق بديلة‬

‫لتمويل العجز يف االنفاق اجلاري ‪ ،‬كما أن خفض االنفاق الرأمسايل قد يعين التخلي عن املشروعات االستثمارية‬

‫املنتجة و القادرة على توليد مداخيل إضافية األمر الذي كان سيساهم يف زايدة الناتج احمللي االمجايل ‪ ،‬من انحية‬

‫أخرى قد تقرر احلكومات عرب سياستها املالية التوسعية عدم خفض االيرادات و إمنا تلجأ اىل متويل عجز االيرادات ‪،‬‬

‫لكن الكثري من هذه احلكومات ال يتوفر لديها أصول مالية كبرية الستغالهلا مما يصعب عملية االقراض ‪ ،‬و إذا كانت‬

‫صدمة ايرادات النفط دائمة و اليت تنشأ نتيجة هبوط حاد يف أسعار النفط العاملية فإن عجز املوازنة العامة قد يواجه‬

‫صعوابت يف إعادة التوازن ‪ ،‬لكن يظل من الصعب أن يتم ذلك بكفاءة إذ أن إنفاق املال بسرعة يعين غالبا إنفاقه‬

‫بطريقة سيئة إذ ستتعرض املشروعات اجلديدة اىل خطر التوقف حني يتزامن ذلك من تقلبات حادة يف أسعار النفط‬

‫⁽‪. ⁾¹‬‬

‫لذلك فإن صندوق ضبط االيرادات يف اجلزائر يهدف اىل حل هذه املشكلة املتعلقة إبيرادات النفط املتقلبة و اليت ال‬

‫ميكن توقع حدوثها ‪ ،‬و يتمثل دور هذا الصندوق اىل حتويل مجيع االيرادات النفطية اىل بنود إيراداته عند جتاوز‬

‫مستوى أسعار النفط حاجز ‪ 11‬دوالر يف السوق العاملية هبدف ‪ ،‬أما يف حال اخنفاض االيرادات النفطية فسيضمن‬

‫الصندوق متويل العجز يف امليزانية العامة هبدف حتقيق االستقرار االقتصادي و تطبيق السياسة املالية يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫⁽‪ ⁾¹‬سعد هللا داود (‪ )4001‬املرجع السابق ص ‪. 401‬‬

‫‪229‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ج ـ أتثري صندوق ضبط املوارد على إيرادات امليزانية العامة ‪:‬‬

‫يعمل صندوق ضبط االيرادات على متهيد و تسيري إيرادات املوازنة العامة و هو اهلدف العملي له‪ ،‬إال أن هذا اهلدف‬

‫يتصادم مع أهداف السياسة املالية التوسعية يف اجلزائر املبنية على أساس دعم االستثمار عرب زايدة االنفاق الرأمسايل‬

‫اجلاري ‪ ،‬و نظرا ألن املوارد قابلة لالستبدال مبستحقات مماثلة أي إيرادات النفطية فإن صندوق ضبط االيرادات سيؤثر‬

‫سلبا على موارد امليزانية العامة من خالل حتجيم إيراداهتا ‪.‬‬

‫إن الواقع يؤكد أن احلكومات تستنجد بصناديق ضبط االيرادات هبدف متويل عجز املوازنة و متويل الربامج االستثمارية‬

‫يف إطار التنمية األمر الذ ي يدعو للتساؤل عن ماهية دور السياسة املالية يف اجلزائر إذا كان هذا الصندوق يقوم بذلك‬

‫عوضا عن متهيد و تسيري اإليرادات العامة ‪.‬‬

‫د ـ االنتقادات املوجهة لصندوق ضبط اإليرادات يف اجلزائر ‪:‬‬

‫لقد تعرض صندوق ضبط االيرادات يف اجلزائر اىل عدت انتقادات بسبب تداخل األدوار اليت يقوم هبا مع السياسة‬

‫املالية أهم هذه االنتقادات ‪:‬‬

‫‪ ‬إن صندوق ضبط اإليرادات ضعيف التكامل مع امليزانية العامة للجزائر هذا ما سيؤدي اىل فقدان الرقابة املالية‬

‫الشاملة و خلق صعوابت يف تنسيق النفقات مثل ازدواج النفقات و اختاذ قرارات بشأن االنفاق الرأمسايل دون أن‬

‫أتخذ بعني االعتبار تداعياهتا على االنفاق اجلاري يف املستقبل ‪.‬‬

‫‪ ‬قد ختلق برامج االنفاق املنفصلة على امليزانية العامة صعوابت بشأن كيفية حتديد أولوايت اإلنفاق ‪ ،‬ابإلضافة اىل‬

‫أي من هذه النفقات سيموهلا الصندوق و أي منها ستتكفل به امليزانية ‪.‬‬

‫‪ ‬إن صندوق ضبط االيرادات ميكن أن يقوم نظام اإلدارة و الشفافية و اخلضوع للمسائلة إذ أن صناديق الضبط تقع‬

‫بطبيعتها خارج نظم امليزانية القائمة كما أن سياساهتا االستثمارية غالبا ما تتسم بعدم الشفافية لطبيعتها السيادية‬

‫األمر الذي جيعل عملية املراقبة تنحصر ضمن عدد حمدود من السياسيني املعنيني ‪ ،‬مم سيجعلها عرضة إلساءة‬

‫‪230‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫استخدام موارده و التدخل السياسي ‪ ،‬كما أن طبيعتها املتكاملة من بنود امليزانية العامة جتعل من الصعب على‬

‫الربملان و الرأي العام رصد استخدامات املوارد العامة ‪.‬‬

‫إال أن هناك إشكالية فيما خيص صندوق ضبط االيرادات يف اجلزائر ‪ ،‬هل القواعد و األسس القانونية اليت حتكم هذا‬

‫الصندوق ال تسمح للحكومة ابالستغالل األمثل ملوارد أصول هذا الصندوق ؟ إذ يتطلب على احلكومة يف اجلزائر‬

‫املواصلة يف تنفيذ االصالحات املالية ووضع سياسة مالية طويلة األجل تركز على احلفاظ على موازنة مالية مستدامة‬

‫غري نفطية ‪ ،‬و احلد من االعتماد املفرط للحكومة على صندوق ضبط االيرادات يف حتقيق توازن املوازنة العامة ألن‬

‫موارد هذا الصندوق غري دائمة و ال اثبتة ‪.‬‬

‫من املفيد لصندوق ضبط االيرادات يف قواعده التنظيمية املقرتحة و سياساته االستثمارية على االقتصاد اجلزائري فصل‬

‫الصندوق عن امليزانية العامة و التداخل مع أدواره مع السياسة املالية من خالل إقراض الصندوق للميزانية العامة يف‬

‫حاالت العجز بنسب حمددة ‪ ،‬مثال إذا وصلت نسبة العجز يف املوازنة العامة اىل مستوى ‪ %2‬من الناتج احمللي‬

‫اإلمجايل كما هو مطبق يف االحتاد األورويب يتم التدخل عرب سياسته املسطرة ‪ ،‬و من املهم أيضا أن يصبح دور‬

‫الصندوق التدخل يف احلاالت االستثنائية ملعاجلة االختالالت اهليكلية يف االقتصاد و أاثر الصدمات اخلارجية ‪.‬‬

‫أخريا إن جناح االقتصاد اجلزائري يف التخلص من االعتماد املفرط على عائدات احملروقات و تنويع موارد الدولة أفقيا‬

‫سيعمل على جتنيب االقتصاد الوطين الصدمات اخلارجية النامجة من تقلبات أسعار النفط يف األسواق الدولية ‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 2‬ـ أثر صدمات السياسة املالية على االنفاق احلكومي يف اجلزائر ‪:‬‬

‫إن عودة ارتفاع أسعار احملروقات يف السنوات األخرية أعطى دفعا جديدا للسياسة املالية ‪ ،‬حيث سامهت بشكل كبري‬

‫يف حتسني بعض املؤشرات االقتصادية الكلية ‪ ،‬لعل من أمهها اخنفاض حجم املديونية اخلارجية و نسب البطالة و‬

‫ارتفاع نسب النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫و للسياسة املالية أتثريات كبرية على منو الناتج احمللي اإلمجايل ‪ ،‬و كيفية انعكاس ذلك على كل من الدخل الشخصي‬

‫و أصناف االنفاق ‪ ،‬حماولة يف ذلك اإلجابة على بعض التساؤالت اخلاصة بكيفية أتثري ضرائب الدخل الشخصية و‬

‫التحويالت على استهالك العائالت ‪ ،‬و ما مدى أتثري الضرائب على أرابح الشركات و إعاانت االستغالل املالية‬

‫املقدمة هلا حجم االستثمار اخلاص ‪ ،‬و ابإلضافة اىل معرفة أتثري املتغريات املوازنية ( املالية) على كل من معدل الفائدة‬

‫و املستوى العام لألسعار و سعر الصرف و حىت أسعار السكنات ‪.‬‬

‫و مقارنة بطبيعة أتثري صدمات السياسة النقدية على النشاط االقتصادي و هذا إبمجاع البالغ لألدبيات التطبيقية ‪،‬‬

‫حظيت السياسة املالية ابهتمام ق ليل خاصة الدراسات اليت تعين ابعتماد هيكل اقتصادها على عائدات احملروقات ‪ ،‬و‬

‫امهل اىل حد منوذجي دورها يف االستقرار االقتصادي ‪ ،‬و قد ادت األزمة املالية األخرية ابحلكومات اىل إعادة النظر‬

‫يف دور السياسة املالية اإلستقراري و حماولة إجياد احلقائق التجريبية تقضي اىل إمجاع حول طبيعة أتثري الصدمات‬

‫النوعية أو اهليكلية للسياسة املالية على املتغريات االقتصادية الكلية ‪.‬‬

‫ان السياسات االنفاقية التوسعية املنتهجة ابجلزائر متارس نوعا من األاثر الالكينزية ‪ ،‬إذ أن األثر االجيايب الضعيف على‬

‫الناتج احمللي االمجايل يف املدى القصري سيؤدي اىل ارتفاع طفيف يف حجم الطلب الكلي ( ارتفاع االستهالك) يف‬

‫املدى املتوسط و البعيد ‪ ،‬مما سينتج عنه نوع من الضغوط التضخمية املصاحبة ابرتفاع عام يف االسعار ‪ ،‬و يف ظل‬

‫تفاقم عجز املوازنة الناتج عن ارتفاع االنفاق و اخنفاض أو ثبات االيرادات و ضرورة التخفيض يف عرض النقود للحد‬

‫‪232‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من ضغوط التضخمية ‪ ،‬البد ملعدالت الفائدة من االرتفاع كنتيجة حتمية لتطبيق هذه االجراءات ‪ ،‬مما سيؤدي اىل‬

‫اخنفاض يف طلب القطاع اخلاص للقروض و ابلتايل ظهور نوع من أاثر املزامحة على االستثمار اخلاص ‪ ،‬اليت ستمارس‬

‫أتثريا سلبيا على منو الناتج اال مجايل احلقيقي خالل الفرتات املتبقية يف فرتة االستجابة ‪ ،‬و نتيجة هلذا االخنفاض يف‬

‫النشاط االقتصادي ستنخفض االيرادات العمومية اخلاصة منها اجلباية العادية ‪.‬‬

‫يبدو أن الصدمات االجيابية يف االيرادات العمومية ( ارتفاع أسعار النفط مثال) متارس نوعا من االاثر الكينزية ‪ ،‬إذ أن‬

‫االرتباط الوثيق لإلنفاق احلكومي ابإليرادات احلكومية العمومية ( اجلباية البرتولية) جيعله يستجيب بشكل مباشر‬

‫لصدمات هذه األخرية ‪ ،‬غري أن الزايدة يف االنفاق احلكومي سيكون له أتثري إجيايب على حجم االستهالك و النشاط‬

‫االقتصادي يف املدى القصري ‪ ،‬و هذا ما سينعكس إجيابيا مرة أخرة يف املدى املتوسط على االيرادات العمومية من‬

‫خالل ارتفاع اجلباية العادية خاصة ضرائب الدخل و الضرائب على االستهالك ‪ ،‬ساحما بذلك بظهور فائض يف‬

‫املوازنة العامة ‪ ،‬هذا الفائض من شأنه أن يؤدي اىل التخفيف من حدة الضغوط التضخمية ( اخنفاض التمويل النقدي‬

‫للعجز) و أيضا تدين معدالت الفائدة من جراء ارتفاع االدخار العمومي و بذلك ستكون هذه الوضعية مالئمة و‬

‫مشجعة ملناخ االستثمار مما سينعكس إجيابيا مرة أخرى على منو الناتج اإلمجايل احلقيقي ‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الشكل رقم (‪: )04‬‬

‫تطور االنفاق احلكومي و الناتج احمللي االمجايل يف اجلزائر خالل الفرتة ‪ 2002‬ـ ‪: 2012‬‬

‫‪250000‬‬

‫‪200000‬‬

‫‪150000‬‬
‫الناتج المحلي‬
‫االجمالي‬
‫‪100000‬‬
‫االنفاق العام‬

‫‪50000‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ،111 ، 204‬و قوانني املالية‬
‫‪. 112 ، 101 ،‬‬ ‫لسنوات ‪ 4000‬و ‪ 4001‬ص ‪111‬‬

‫من خالل كل ما ذكر سابقا تتضح لنا القدرة النسبية للسياسة املالية ابجلزائر على التأثري يف املتغريات االقتصادية ‪ ،‬إذ‬

‫أن السياسة املالية ذات الطابع الكينزي اليت انتهجتها الدولة عن طريق رفع االنفاق العام هبدف الرفع من عرض‬

‫االنتاج الوطين مل يكن هلا أي أثر خيدم هل ذا املنظور ‪ ،‬و يرجع هذا بكل بساطة اىل ضعف اجلهاز االنتاجي و حمدودية‬

‫قدراته ‪ ،‬فرغم ضخامة املوارد املالية املخصصة مل تستطع املؤسسات توسيع إنتاجها ‪ ،‬األمر الذي أدى اىل ضعف أثر‬

‫املضاعف احلكومي مما استدعى حتويل هذه املبالغ يف إنشاء اهلياكل القاعدية و تزايد واردات السلع فقط ‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 5‬ـ عالقة أسعار النفط ابلسياسة املالية يف اجلزائر‪:‬‬

‫عرف االقتصاد اجلزائري خالل فرتة الدراسة ( ‪ 4002‬ـ ‪ ) 4002‬تغريات عديدة سامهت بشكل كبري يف تغيري‬

‫املفاهيم و اإليديولوجيات و كذا االسرتاتيجيات ‪ ،‬و ابلتايل تغيري القرارات و األنظمة ‪ ،‬و عليه ميكن رد عوامل تطور‬

‫السياسة املالية ابجلزائر اىل ثالث حمددات متداخلة و متكاملة و هي ‪ :‬احملدد االقتصادي و املذهيب املتمثل يف حتمية‬

‫تغيري اهليكل االقتصادي ‪ ،‬احملدد االجتماعي املتمثل يف ضغط الطلب على اخلدمات العمومية ‪ ،‬و احملدد املايل املتمثل‬

‫يف اليسر املايل الناتج عن قطاع احملروقات ‪.‬‬

‫إن السري احلسن للسياسة املالية و استقرار معدالت الدين العمومي و العجز املوازين هو مرهون أوال ابإليرادات العامة‬

‫و خاصة منها اجلباية البرتولية ‪ ،‬و ابلتايل فإن القدرة على حتمل السياسة املالية و العجز املوازين تبقى بدورها مرهونة‬

‫بتقلبات أسعار النفط يف األسواق العاملية ‪ ،‬و هذا ما يضفي ميزة الضعف على السياسة املالية ابجلزائر ‪ ،‬و من أجل‬

‫توضيح أكثر هلذه الوضعية لفرتة حمل الدراسة سنستعني يف حتليلنا على األشكال التالية اليت توضح تطورات أسعر‬

‫النفط ‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪ : )05‬العالقة بني أسعار النفط و إيرادات اجلباية البرتولية يف اجلزائر ( ‪ 2002‬ـ ‪) 2012‬‬

‫‪4002‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4004‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4002‬‬ ‫‪4002‬‬ ‫السنوات‬

‫‪11841‬‬ ‫‪002801‬‬ ‫‪001822‬‬ ‫‪001821‬‬ ‫‪11810‬‬ ‫‪10801‬‬ ‫‪1280‬‬ ‫‪11802‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪20821‬‬ ‫سعر ‪11802‬‬ ‫متوسط‬

‫للربميل‬ ‫النفط‬

‫"دوالر " ‪¹‬‬

‫‪0211811‬‬ ‫‪010281‬‬ ‫‪021081‬‬ ‫‪021482‬‬ ‫‪020081‬‬ ‫‪014082‬‬ ‫‪11084‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪011‬‬ ‫اجلباية ‪01484‬‬ ‫إيرادات‬

‫البرتولية مليار دج ‪²‬‬

‫املصدر ‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com ¹ :‬‬

‫‪ ²‬قانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 110‬و قوانني املالية لسنوات ‪ 4002‬اىل غاية ‪ 4001‬ص‬
‫‪. 102 ، 102‬‬

‫‪235‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الشكل رقم (‪ : )02‬االيرادات اجلباية البرتولية يف اجلزائر ‪ 2002‬ـ ‪2012‬‬ ‫الشكل رقم (‪ : )01‬متوسط سعر البرتول للربميل يف اجلزائر دوالر‬

‫‪ 4002‬ـ ‪4002‬‬

‫‪1800‬‬ ‫‪120‬‬
‫‪1600‬‬
‫‪100‬‬
‫‪1400‬‬
‫‪1200‬‬ ‫‪80‬‬
‫‪1000‬‬
‫‪60‬‬
‫‪800‬‬
‫‪600‬‬ ‫‪40‬‬
‫‪400‬‬
‫‪20‬‬
‫‪200‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪2004‬‬
‫‪2005‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2013‬‬
‫‪2014‬‬

‫‪2004‬‬
‫‪2005‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2013‬‬
‫‪2014‬‬
‫متوسط أسعار النفط للبرميل‬
‫االيرادات الجبائية للجزائر‬
‫في الجزائر دوالر‬

‫‪.‬‬ ‫املصدر ‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com :‬‬

‫االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 110‬و قوانني املالية لسنوات ‪4002‬‬
‫اىل غاية ‪ 4001‬ص ‪. 102 ، 102‬‬

‫من خالل حتليلنا للشكلني نستنتج أن املوارد اجلبائية النفطية مرتبطة ارتباطا وثيقا نأسعار النفط يف السوق الدولية‬

‫الذي يعترب متغري خارجي ‪ ،‬فأي تغري يف أسعار النفط سيؤدي ابلضرورة اىل حدوث تغري يف هذه املوارد ‪ ،‬فمثال ملا‬

‫ارتفعت أسعار النفط خالل سنة ‪ 4000‬من ‪ 11802‬دوالر للربميل اىل ‪ 1280‬دوالر للربميل تبعتها موارد جبائية‬

‫برتولية من ‪ 11084‬مليار دج اىل ‪ 014082‬مليار دج ‪ ،‬و ملا اخنفضت أسعار النفط مثال خالل سنة ‪ 4002‬من‬

‫‪ 002801‬دوالر للربميل اىل ‪ 11.41‬دوالر للربميل كذلك اخنفضت معها اجلباية البرتولية من ‪ 010281‬مليار دج‬

‫اىل ‪ 0211811‬مليار دج ‪.‬‬

‫من هذا املنطق فإن أي تقلب يف أسعار احملروقات سيؤثر أتثريا مباشرا يف وضعية امليزانية العامة يف اجلزائر إذ ميكن أن‬

‫نظهر ذلك من خالل اجلدول التايل ‪:‬‬


‫‪236‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫اجلدول رقم (‪ : )02‬العالقة بني أسعار النفط و رصيد امليزانية يف اجلزائر ( ‪ 2002‬ـ ‪) 2012‬‬

‫‪4002‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4004‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4001‬‬ ‫‪4002‬‬ ‫‪4002‬‬ ‫السنوات‬

‫‪11841‬‬ ‫‪002801‬‬ ‫‪001822‬‬ ‫‪001821‬‬ ‫‪11810‬‬ ‫‪10801‬‬ ‫‪1280‬‬ ‫‪11802‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪20821‬‬ ‫متوسط سعر النفط ‪11802‬‬

‫للربميل "دوالر "‬

‫ـ ‪48221‬‬ ‫ـ ‪18022‬‬ ‫ـ ‪008041‬‬ ‫ـ ‪48122‬‬ ‫ـ ‪48010‬‬ ‫ـ ‪18121‬‬ ‫‪018214‬‬ ‫‪18102‬‬ ‫‪028010‬‬ ‫‪048400‬‬ ‫‪18020‬‬ ‫رصيد امليزانية مليون‬

‫دوالر‬

‫املصدر ‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com :‬‬

‫قانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 200‬و قوانني املالية لسنوات ‪ 4001‬اىل غاية ‪ 4004‬ص‬
‫‪. 111 ، 114 ،111‬‬

‫و على هذا األساس فإن احلكومة اختذت إجراءات و معايري صارمة أثناء إعداد امليزانية العامة من خالل اعتماد سعر‬

‫مرجعي متوقع ألسعار النفط ‪ 11‬دوالر تقدر من خالله امليزانية العامة ‪ ،‬يف هذا االطار نالحظ أن احلكومة اعتمدت‬

‫على سعر مرجعي أثناء إعداد قانون املالية من كل سنة ‪ ،‬خالل فرتة ‪ 4002‬اىل غاية ‪ 4000‬شهدت أسعار النفط‬

‫ارتفاعا متسارعا يف االسواق الدولية و الذي دفع احلكومة اىل جتميع الفائض من املوارد اجلبائية جلعله كاحتياط‬

‫تستخدمه لتغطية العجز يف امليزانية العامة يف املستقبل و هذا عن طريق صندوق سيادي الذي مت إنشائه ( صندوق‬

‫ضبط املوارد ) ‪ ،‬و هو أداة رئيسية تستخدمها احلكومة لتحقيق أهداف السياسة املالية اليت تريد تطبيقها ‪ ،‬حيث‬

‫أثبت من خالل التجربة أنه أداة فعالة المتصاص األاثر السلبية للصدمات اخلارجية ‪ ،‬مثل صدمة أسعار النفط على‬

‫املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬و اليت الحظناها من خالل اجلدول رقم (‪ )01‬يف السنوات األخرية اخنفاض أسعار النفط يف‬

‫األسواق العاملية ‪ ،‬مما حققت عجزا يف ميزانية الدولة خالل نفس الفرتة ‪ ،‬و عليه فإن معظم املؤشرات توحي نأن عدم‬

‫استقرار االيرادات البرتولية كان هو املصدر األساسي للتقلبات املوازنة ابجلزائر و هي تتغري دوراي مع أسعار النفط ‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و تتميز العائدات الناجتة عن انتاج و تصدير احملروقات خباصيتني أساسيتني ‪ ،‬االوىل تتعلق بكميتها أي ضخامة‬

‫حجمها و الثانية بنوعيتها العتبارها املصدر الرئيسي للحصول على موارد ابلعملة الصعبة ‪ ،‬هلذه االسباب ميزها‬

‫املشرع عن اجلباية العادية و املوارد االخرى للميزانية نأن يفتح هلا خطا مستقال يف ميزانية الدولة‪.‬‬

‫شكل رقم (‪ )15‬الفائض أو العجز املوازين للجزائر خالل السنوات ‪ 2002‬ـ ‪: 2012‬‬

‫‪18,00‬‬
‫‪16,00‬‬
‫‪14,00‬‬
‫‪12,00‬‬
‫‪10,00‬‬
‫‪8,00‬‬ ‫العجز أو الفائض الكلي‬
‫‪6,00‬‬
‫‪4,00‬‬
‫‪2,00‬‬
‫‪0,00‬‬
‫‪2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014‬‬

‫املصدر ‪ :‬االرقام مأخوذة من القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 4001/04/10‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪ 4002‬ص ‪ ، 200‬و قوانني املالية لسنوات‬

‫‪ 4001‬اىل غاية ‪ 4004‬ص ‪. 111 ، 114 ،111‬‬

‫من خالل األشكال اليت قمنا بعرضها ‪ ،‬يتضح أن أهم ميزة تتصف هبا النتائج املوازنة يف اجلزائر هي تبعيتها الكلية‬

‫لتقلبات أسعا ر النفط ‪ ،‬و مدى أتثري العجز املوازنة األساسي ابإليرادات البرتولية ‪ ،‬مما جعل التوازانت املوازنة ابجلزائر‬

‫تتغري دوراي مع أسعار النفط ‪ ،‬فالصدمات أسعار النفط يف األسواق العاملية ( ارتفاع أو اخنفاض ) كان له أثر فعال‬

‫على الدولة ‪ ،‬فمثال اخنفاض أسعار البرتول يف فرتة الدراسة كان له أثر سليب على مالءة الدولة و مدى القدرة على‬

‫االستمرار يف حتمل السياسة املالية و العجز املوازين ‪.‬مالحظة هامة ‪ :‬اخنفاض مفاجئ ألسعار البرتول سنة ‪4002‬‬

‫ليصل اىل ‪ 24810‬دوالر للربميل ‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ 2‬ـ اجتاهات احلالية للنمو و اإلنفاق العام للجزائر ‪:‬‬

‫تعترب اجلزائر من البلدان العربية الرب عية اليت متيزت يف منو النفقات العامة فالوضعية املالية للخزينة العمومية كانت يف‬

‫تدهور مستمر ‪ ،‬حيث حتول فائض اىل عجز ابتداء من سنة ‪ 4001‬اىل غاية ‪ 4002‬عجزا موازين ‪ ،‬فقد اخنفض‬

‫أكثر من ‪ ، %10‬و هذا راجع اخنفاض اإليرادات مقابل زايدة النفقات العامة و هذا االخنفاض يف اإليرادات انتج‬

‫عن اخنفاض اجلباية البرتولية و اليت بدورها تعود الخنفاض أسعار النفط يف األسواق الدولية ‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪)01‬‬ ‫الشكل املوايل يوضح لنا ‪:‬‬

‫اإلنفاق العام يف اجلزائر ( اإلنفاق االستهالكي و اإلنفاق االستثماري ) خالل السنوات ‪. 2012 2002‬‬

‫‪5E+09‬‬

‫‪4,5E+09‬‬

‫‪4E+09‬‬

‫‪3,5E+09‬‬

‫‪3E+09‬‬

‫‪2,5E+09‬‬
‫االنفاق االستهالكي‬
‫‪2E+09‬‬ ‫االنفاق االستثماري‬

‫‪1,5E+09‬‬

‫‪1E+09‬‬

‫‪500000000‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014‬‬

‫املصدر ‪ :‬اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية لسنوات ‪ 4002‬اىل غاية ‪ 4002‬العدد ‪10 ، 14 ، 14 ، 00 ،21 ، 12 ،02،04 ، 02،02 ، 01‬‬

‫يعد اإلنفاق االستثماري أهم جوانب اإلنفاق الكلي يف أي اقتصاد كان ‪ ،‬إذ تعتمد عليه مستوايت النمو و تنافسية‬

‫االقتصادايت الدول بشكل عام ‪ ،‬لذا يعد استقرار تطور و اجتاه هذا اإلنفاق من العناصر اهلامة من معدات النمو‬

‫‪239‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫االقتصادايت ‪ ،‬و ابلنظر اىل اجتاهات اإلنفاق الكلي يف اجلزائر ‪ ،‬يالحظ ان اإلنفاق االستثماري هو أكثر أنواع‬

‫اإلنفاق تقلبا ‪ ،‬حيث يتضح لنا من الشكل التايل ‪ ،‬أن هذا اإلنفاق مييل اىل التقلب بصورة واضحة من سنة اىل‬

‫أخرى ‪ ،‬و هذا أن أحد أهم اخلصائص السياسية خلطط التنمية اليت تتبناها الدولة تتمثل يف ضرورة ختصيص اإلنفاق‬

‫كبري على مشروعات التنمية األساسية ‪ ،‬مثل املشروعات البنية التحتية و مشروعات تقدمي اخلدمات األساسية من‬

‫التعليم اىل الرعاية الصحية و غريها من املشاريع اهلامة كما الحظناها من خالل رقم (‪ )01‬ضمن املالحق ‪ ،‬و يعزى‬

‫تقلب حجم اإلنفاق االستثماري اىل تقلبات يف حصيلة اإليرادات النفطية ‪ ،‬و ذلك بفعل الدور احملوري الذي يلعبه‬

‫القطاع النفطي يف إقتصاد البلد ‪.‬‬

‫يالحظ من خالل الشكل البياين رقم (‪ )01‬لإلنفاق العام يف اجلزائر خالل السنوات ‪ : 4002 ، 4002‬ان اإلنفاق‬

‫االستثماري كنسبة من الناتج يف اجلزائر يبقى ضعيف جدا ‪ ،‬و ذلك إذا أخدان يف االعتبار اإلمكانيات الكبرية للبلد ‪.‬‬

‫تصل هذه النسبة يف فرتة ‪ 4002-4002‬يف متوسط اىل ‪ %1.11‬و هذه النسبة حمدودة سواء هلا سبب ( دول‬

‫النامية) أو ابملقايسة العاملية ‪ ،‬خصوصا للدول اليت حتقق فوائض مالية كبرية يف ميزاهتا مثل اجلزائر ‪ ،‬ان هذه املستوايت‬

‫لإلنفاق االستثماري يف الدولة تفسري عدم القدرة على التخلص من الذي يوقف انطالق عملية النمو للقطاعات غري‬

‫النفطية يف اجلزائر ‪.‬‬

‫أ ـ إشكالية ترشيد و توجيه اإلنفاق احلكومي و حصة اإلنفاق األمثل ‪:‬‬

‫ان عملية الرتشيد و التوجيه اإلنفاق احلكومي يتطلب توافر جمموعة من الدعائم و خاصة التحديد الدقيق حلجم‬

‫اإلنفاق احلكومي األمثل اليت يتوقف يف حتديده على األسس العلمية ‪ ،‬و كذا انطالقا من الدراسات االقتصادية‬

‫التطبيقيىة و جند أعمال ابرو حددت أهم املعايري لصياغة احلد األمثل حلجم االنفاق احلكومي و الذي يتحدد عندما‬

‫تصبح انتاجيته احلدية متساوية للصفر ‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫قدم كل من ‪ )0101( barro‬و ‪ ) 0112 ( Armey et Al‬و ‪ )0111( Rahn et Al‬و ‪-0110(Saull‬‬

‫‪ ) 4001‬جمموعة من الدراسات النظرية و التطبيقية و عرفت هذه الدراسات بتحديد احلد األمثل للتدخل احلكومي‬

‫من خالل تصوير العالقة بني حجم التدخل احلكومي و النمو االقتصادي مبنحىن يعرف بـ ‪ BARS‬حيث احملور‬

‫االفقي يعرب عن حجم التدخل احلكومي و احملور العمودي يقدم معدالت النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫اهتم العامل األملاين االقتصادي أدولف فانغر "‪ " Wagner‬بدراسة التطور املايل لدولة يف سنة ‪ 0014‬و هو أول‬

‫من لفت األنظار اىل ظاهرة تزايد النفقات العامة ‪ ،‬بعد أن درس حجم النفقات العامة يف هذه الدولة قانون فانغر ‪ ،‬و‬

‫كشف على عالقة بنمو الن اتج الوطين ‪ ،‬و اعترب ان الزايدة يف النفقات العامة ‪ ،‬قانون عام لتطور االقتصادي و مساه‬

‫( القانون التزايد املستمر للنشاط احلكومي ) فحسب رأي فانغر أن النشاط احلكومي يزداد كما و يتعدد نوعا مبعدل‬

‫أكرب من معدل الزايدة يف النمو االقتصادي و من معدل زايدة السكان ‪ ،‬و يفسر تلك الزايدة بسنة التطور ‪،‬‬

‫فالدولة تنمو و تتطور تزداد التزاماهتا مع اتساع دائرة تدخلها خلدمة االفراد و من مت فان نفقاهتا تزداد تبعا لذلك ‪ ،‬و‬

‫ابلرجوع اىل البياانت االحصائية لتطور االنفاق العام يف العديد من الدول بعد احلرب العاملية الثانية ‪ ،‬تظهر بوضوح‬

‫اجتاه النفقات العامة اىل التزايد إبطراد بعض النظر عن درجة النمو االقتصادي و الفلسفة املذهبية السائدة فيها ‪ ¹‬كما‬

‫يتضح لنا من خالل الشكل املوايل الذي يوضح لنا تطور االنفاق العام و الناتج احمللي االمجايل لبلد اجلزائر ‪ ،‬جند‬

‫واقعية قانون فانغر و فعاليته يف بلد اجلزائر كما لوحظ يف الشكل رقم (‪ )02‬تطور االنفاق العام و الناتج احمللي‬

‫االمجايل للجزائر سابقا ‪ .‬وفقا لقانون فانغر ‪ ،‬فإن هناك ثالثة أسباب تعمل على زايدة دور احلكومة يف النشاط‬

‫االقتصادي ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )4004‬جم لة االقتصاد و منامجنت ـ منشورات كلية العلوم االقتصادية و التسيري ـ جامعة ابو بكر بلقايد تلمسان عدد ‪ 00‬ـ ص ‪2‬‬ ‫‪ ¹‬يوسفي رشيد‬

‫‪241‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ ) 0‬عامل التصنيع و التحديث ‪ :‬مما يستوجب قيام السلطة هبذه االعمال و يستدعي ذلك زايدة االنفاق العام على‬

‫اجملاالت اليت تضمن فرض العقود و االتفاقات و حفظ االمن و العدل و حكم القانون ‪.‬‬

‫‪ ) 4‬ان النمو يف الدخل احلقيقي يؤدي ال حمالة اىل التوسع النسيب يف االنفاق الرفاهي و الثقايف و التعليم ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬أن التطور االقتصادي و التغريات السريعة يف التقانة عامالن يتطلبان أن تسيطر احلكومة على إدارة االحتكارات‬

‫الطبيعية ‪ ،‬و ذلك من أجل زايدة كفاءة االداء االقتصادي ‪ ،‬و ذلك لتوفري االستثمارات الالزمة يف بعض القطاعات‬

‫اليت حبجم عنها القطاع اخلاص ‪.‬‬

‫كما الحظنا سابقا أن السياسة املالية اليت تتبعها دولة اجلزائر هي السياسة املالية التوسعية يف البلد ‪ ،‬و يؤكد قابلية‬

‫االستعانة بتطبيق قانون فانغر لرسم معامل السياسة املالي ة يف االقتصاد اجلزائري هبدف ترشيد و حتديد احلد االمثل‬

‫حلجم التدخل احلكومي ‪ ،‬يف حني أن السياسات احلالية ذات التوجهات الكينزية غري صاحلة ابلنسبة لالقتصاد‬

‫اجلزائري ‪ ،‬و ذلك لطبيعة هيكله االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ السياسة املالية و إشكالية التوازن االقتصادي العام للجزائر ‪:‬‬

‫يعترب عجز املوازنة العامة للدولة احد عوامل االختالل االساسية اليت تعبث نأوضاع التوان االقتصادي العام الداخلي ‪،‬‬

‫ويف اجلزائر ان تزايد اإلنفاق مبعدالت أعلى من معدالت تزايد اإليرادات العامة أدى اىل نشوء ظاهرة عجز املوازنة‬

‫واليت تتزايد معدالته من سنة ألخرى ‪ ،‬كما متثلت أزمة االقتصاد الوطين وتغريات اسعار النفط يف اختالل التوازن‬

‫الداخلي واخلارجي واختالل عالقات النمو بني قطاعات االقتصاد املختلفة ‪ ،‬عجز املوازنة العامة ونسبة الدين العام‬

‫اخلارجي ‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ويهدف الوقوف علي وضع التوازن االقتصادي العام للجزائر ‪ ،‬سوف نقوم بدراسة التوازن الداخلي والتوازن اخلارجي‬

‫‪ 1‬ـ التوازن الداخلي ‪ :‬تتأثر املالية العامة مبختلف التوازانت اخلارجية لكون االيرادات العامة تعتمد علي اجلباية‬

‫البرتولية واليت تتأثر بدرجة كبرية ملا يطرأ على السوق النفطية ‪ ،‬واعتبارا ملا متثله امليزانية يف متويل االقتصاد وانعاشه ‪،‬‬

‫فهي معرضه للتبعية االقتصاد العاملي وخاصة ان مداخل اجلزائر من إيرادات احملروقات ‪ ،‬أما موارد اإليرادات العامة‬

‫فهي مرتبطة بوترية النشاط االقتصادي و هذا األخري تتحكم فيه املتغريات اخلارجية بدرجة كبرية خاصة سعر النفط ‪،‬‬

‫ابلرجوع اىل تطور بنود املوازنة العامة ( أنظر اجلدول رقم ‪ ، ) 01‬ميكن القول أن النفقات العامة فاقت االيرادات‬

‫العامة خالل السنوات األخرية من الدراسة ( ‪ 4001‬ـ ‪ ) 4002‬و تبعا لذلك تكبدت مالية الدولة عجز مزمن‬

‫حيث أن أسباب عجز املوازنة العامة ترجع اىل حد كبري اىل توسع االنفاق العام بوترية سريعة ال ميكن مواصلتها ‪،‬‬

‫حيث فاق معدهلا سرعة الزايدة يف قاعدة االيرادات الضريبية لالقتصاد هذا من جهة ‪ ،‬و من جهة أخرى إن هذه‬

‫العجوزات اليت عرفتها مالية الدولة تتأثر بدرجة كبرية إبيرادات اجلباية البرتولية اليت سامهت يف ايرادات املوازنة العامة‬

‫بنسبة زادت عن ‪ %20‬يف بداية فرتة الدراسة ‪ ،‬لكن سرعان ما اخنفضت يف السنوات (‪ 4001‬ـ ‪ ، ) 4002‬راجع‬

‫هذا االخنفاض اىل تدهور أسعار البرتول و اخنفاضها ‪ ،‬و رغم ذلك بقيت اجلباية البرتولية املورد الرئيسي للميزانية‬

‫العامة ‪ ،‬رغم حتسن اجلباية العادية اليت فاقت اجلباية البرتولية يف السنيت األخريتني من الدراسة ‪.‬‬

‫يعترب عجز املوازنة للدولة أحد عوامل االختالل االساسية اليت تبعث نأوضاع التوازن االقتصادي العام الداخلي ‪.‬‬

‫رصيد امليزانية خالل فرتة الدراسة (‪ 4002‬ـ ‪ : ) 4002‬تغري رصيد امليزانية العامة خالل فرتة حمل الدراسة من فائض‬

‫سجل خالل السنوات (‪ 4002‬ـ ‪ ) 4000‬نتيجة االرتفاع املستمر ألسعار النفط ‪ ،‬لكن سرعان ما تدهورت أسعار‬

‫النفط خالل سنة ‪ 4001‬حيث اخنفضت االيرادات اجلبائية و مت تسجيل عجزا موازان خالل نفس السنة ‪ ،‬إرتفاع‬

‫‪243‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أسعار النفط خالل السنوات ‪ 4000‬و ‪ 4004‬لكن تواصل العجز املوازين خالل هذه السنوات بسبب ارتفاع‬

‫النفقات العامة ‪ ،‬عودة اخنفاض أسعار النفط و تسجيل عجز موازين مرة أخرى يف السنيت االخريتني ‪.‬‬

‫مما سبق يتضح لنا أن االقتصا د اجلزائري متيز بعجز مزمن يف املوازنة العامة للدولة ‪ ،‬و الذي يعترب أحد عوامل االختالل‬

‫االساسية اليت حلت ابلتوازن املايل الداخلي ‪ ،‬و ميكن حصر اسباب استمرار العجز يف أغلب سنوات فرتة الدراسة اىل‬

‫سببني مها ‪:‬‬

‫ـ زايدة النفقات العامة للدولة مبعدالت عالية و متزايدة ‪.‬‬

‫ـ اخنفاض االيرادات العامة للدولة و اليت تبقى عرضة التغريات اخلارجية و املتعلقة نأسعار احملروقات على وجه‬

‫اخلصوص لكون ايرادات املوازنة تعتمد بشكل كبري على اجلباية البرتولية ‪.‬‬

‫و إمجاال فإن التوازن الداخلي لالقتصاد الوطين يعاين من اختالل يتمثل يف عدم التناسب بني االيرادات العامة و‬

‫االنفاق العام ‪ ،‬و قد متثلت اساسا يف منو النفقات العامة مبعدل أعلى من منو االيرادات العامة املتاحة حمدودة املصادر‬

‫‪ 2‬ـ التوازن اخلارجي ‪ :‬حقق امليزان التجاري فائضا خالل السنوات األوىل من فرتة الدراسة ‪ ،‬و جاء هذا الفائض يف‬

‫مستوى امليزان التجاري نتيجة ارتفاع صادرات اليت بلغت قيمتها ‪ 118021‬مليون دوالر مقابل ‪ 181‬مليون دوالر‬

‫من الواردات خالل سنة ‪ ( 4000‬أنظر اجلدول رقم ‪ 01‬قائمة املالحق ) ‪ ،‬غري أن هذا الفائض مل يكن ممكنا دون‬

‫االرتفاع الكبري ألسعار البرتول حىت و إن حدث ذلك فإن مرة أخرى دليل قاطع ملدى تبعية االقتصاد الوطين‬

‫للمحروقات ‪ ،‬فسرعان ما اخنفضت أسعار النفط سنة ‪ 4000‬اخنفضت الصادرات حيث بلغت ‪ 228000‬مليون‬

‫دوالر مقابل ـ ‪ 180‬مليون دوالر من الواردات ‪ ،‬و نالحظ حتسن االوضاع يف الصادرات حيث ارتفعت سنة ‪4000‬‬

‫و ‪ 4004‬اىل ‪ 148012‬مليون دوالر و ‪ 108144‬مليون دوالر مقابل اخنفاض مستمر للواردات الذي وصلت ـ‬

‫‪ 081‬مليون دوالر و ـ ‪ 280‬مليون دوالر من نفس السنة ‪ ،‬و هذا راجع اىل ارتفاع أسعار البرتول خالل هذه الفرتة ‪،‬‬

‫‪244‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫لكن عودة اخنفاض أسعار احملروقات خالل السنتني االخريتني من فرتة الدراسة أدى اىل اخنفاض من الصادرات لتصل‬

‫اىل ‪ 12800‬مليون دوالر مقابل ـ ‪ 082‬مليون دوالر من الواردات ‪.‬‬

‫و ما نستنتجه من هذا املبلغ الزهيد هو عدم وجود سياسة حقيقية لتحفيز الصادرات خارج احملروقات ‪.‬‬

‫و أخريا ميكن القول أن التوازانت املالية اخلارجية كانت مرهونة نأسعار احملروقات حبيث أن اخنفاضها يعود حتما على‬

‫هذه التوازانت ‪.‬‬

‫كما ميكن القول أن ارتفاع او اخنفاض حصة اجلباية البرتولية ضمن اهليكل اجلبائي ميكن ان يكون وفق اربع حاالت‬

‫ـ عن طريق ارتفاع االيرادات البرتولية مع استقرار االيرادات العامة ‪.‬‬

‫ـ عن طريق استقرار االيرادات البرتولية مع اخنفاض اإليرادات العادية ‪.‬‬

‫ـ عن طريق اخنفاض اجلباية البرتولية مع اخنفاض االيرادات العادية لكن مبعدل مرتفع ابلنسبة لإليرادات العادية ‪.‬‬

‫ـ منو اجلباية البرتولية و اجلباية العادية و لكن مبعدل أقل ابلنسبة للجباية البرتولية ‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫السياسة المالية في الجزائر (الجزء التطبيقي)‬ ‫الفصل الرابع‬

‫خالصة الفصل الرابع ‪:‬‬

‫من خالل دراستنا للسياسة املالية يف اجلزائر خالل الفرتة (‪ 4002‬ـ ‪ ، )4002‬الحظنا أن السياسة االنفاقية متيزت‬

‫بنمو االنفاق العام ابستمرار‪ ،‬نظرا لتوسع النشاط االقتصادي من خالل اتباع سياسة مالية توسعية ‪ ،‬و أخذت نفقات‬

‫التسيري حصة األسد من النفقات االمجالية ‪ ،‬مث تليها نفقات التجهيز اليت عرفت نوعا من الزايدة خالل سنوات‬

‫الدراسة ‪ ،‬لكن ما لوحظ اخفاض النفقات العامة خالل السنتني االخريتني من فرتة الدراسة ‪ ،‬بسبب تراجع االيرادات‬

‫العامة لنف س الفرتة ‪ ،‬فعملت السياسة املالية على التقليص من نفقاهتا العامة ‪ ،‬و ذلك بضبط و ترشيد االنفاق‬

‫للحفاظ على االستقرار االقتصادي ‪.‬‬

‫أما السياسة اإلرادية متيزت ابعتمادها على اجلباية البرتولية ‪ ،‬حيث مثلث أعلى نسبة مقارنة مع اجلباية العادية ‪،‬‬

‫حيث تواصلت نسبة االرتفاع اىل غاية سنة ‪ ، 4000‬عكس ما الحظناه خالل السنوات املوالية من هذه الفرتة ‪،‬‬

‫حيث اخنفضت اجلباية البرتولية بنسبة كبرية ‪ ،‬راجع اىل اخنفاض أسعار النفط ‪ ،‬الذي يؤثر مباشرة على اجلباية البرتولية‬

‫‪ ،‬غري أن اجلباية العادية عرفت نوعا ما من التحسن من خالل االصالحات الضريبية املنتهجة ‪ ،‬و ابخلصوص يف‬

‫السنوات االخرية من فرتة الدراسة ارتفعت نسبة االيرادات العادية مبستوى أعلى من االيرادات اجلباية البرتولية اليت‬

‫تواجه مشكلة االخنفاضات يف أسعار النفط ‪ ،‬اليت تؤثر سلبيا على االيرادات العامة ‪ ،‬و الشيء املالحظ أيضا رغم‬

‫ارتف اع االيرادات العادية ‪ ،‬إال أهنا مل تقم بتغطية الناقص يف اجلباية البرتولية ‪ ،‬و أيضا مل تالحق زايدة النفقات العامة ‪،‬‬

‫مما أدى اىل نتيجة متثلت يف العجز املوازين يف أغلب سنوات فرتة الدراسة ‪ ،‬و ابلتايل أصبح التوازن الداخلي خمتل و‬

‫راجع اىل أتثر التوازن الداخلي ابملتغريات اخلارجية العتماده على االيرادات النفطية ‪.‬‬

‫و أخريا نلخص اىل أن التوازن االقتصادي العام للجزائر يعاين من مشكالت أساسية و جوهرية ‪ ،‬تعكس يف واقع األمر حقيقة التوازن‬

‫البنيوي بصورة عامة ‪ ،‬و املتمثل يف العجز املوازين الناتج عن زايدة النفقات العامة مبعدل أكرب من الزايدة يف االيرادات العامة ‪ ،‬هذا من‬

‫جهة و تقلب أسعار النفط من جهة أخرى ‪ ،‬هذا ما جيعلنا نقول على االقتصاد اجلزائري هو اقتصاد ريعي ذو تبعية أجنبية ‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫الخـــــــــــــــاتـــــــمـــــة العـــــــــامـــــــــــــــة‬

‫من خالل هذه الدراسة املتعلقة ابلسياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي ‪ ،‬تبني لنا األمهية الكبرية‬

‫اليت تتمتع هبا السياسة املالية و اليت متيزها عن ابقي السياسات االقتصادية األخرى ‪ ،‬و مدى فعالية الدور السياسي و‬

‫االجتماعي الذي تلعبه السياسة املالية يف إجناح اجلهود التنموية املبذولة من طرف الدولة ‪ ،‬هبدف حتقيق التوازن‬

‫االقتصادي العام ‪.‬‬

‫‪ ‬تبني لنا أن السياسة املالية هلا مكانة هامة يف السياسة االقتصادية املعاصرة ‪ ،‬و شهدت السياسة املالية املعاصرة عدة‬

‫تطورات هي األخرى كذلك ‪ ،‬لتصبح أداة تسيطر على توجيه النشاط االقتصادي لتحقيق التوازن العام ‪ ،‬و من مث‬

‫فإن التحكم يف النشاط االقتصادي مع ضبط و ترشيد نفقاهتا العامة وفقا ملواردها املالية احملدودة و مردودية النظام‬

‫االقتصادي السائد يف البالد ‪.‬‬

‫‪ ‬كما أصبحت ألدوات السياسة املالية درجة كبرية يف التحكم على استقرار اهليكل االقتصادي و االجتماعي داخل‬

‫البلد ‪ ،‬و قدرهتا على حتقيق التوازن االقتصادي العام ‪ ،‬عن طريق االستغالل األمثل للموارد املالية اليت متلكها الدولة‬

‫‪ ،‬و حتقيق أقصى مردودية و التحكم عن طريق ضبط نفقاهتا العامة ‪ .‬ابإلضافة اىل الدور الذي تلعبه أدوات‬

‫السياسة املالية يف التأثري على حجم العمالة و الدخل و مستوايت االسعار ‪.‬‬

‫‪ ‬أما العجز الذي يتبع ميزانية الدولة الناتج عن التفاوت الكبري لنفقاهتا العامة مقارنة مع إيراداهتا املالية ‪ ،‬فهة ال يعترب‬

‫عائق ‪ ،‬و هذا بسبب االوضاع االقتصادية و االجتماعية للبالد ‪ ،‬و السعي من خالل إتباع السياسة التوسعية اليت‬

‫هي بدورها حتتاج اىل نفقات كبرية من أجل حتقيق التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و يكون التوسع يف االتفاق‬

‫يف فرتة معينة ‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫الخـــــــــــــــاتـــــــمـــــة العـــــــــامـــــــــــــــة‬

‫‪ ‬و تعترب أدوات السياسة املالية من الوسائل الفعالة اليت تسعى الدولة من خالهلا اىل حتقيق التوازن املايل الداخلي و‬

‫اخلارجي ‪ ،‬و من مث التوازن االقتصادي العام ‪.‬‬

‫من خالل معاجلتنا للسياسة املالية و عالقتها ابلسياسة النقدية ‪ ،‬تبني أنه يوجد تنسيق بني السياستني و ملا‬

‫هلا من أمهية يف االقتصاد الوطين ‪ ،‬و مها يعمالن من أجل حتقيق هدف واحد و هو التوازن االقتصادي ‪ ،‬و ابلتايل‬

‫أتثري هذين السياستني على التوازن االقتصادي العام ‪.‬كل هذه النتائج مستنبطة من اجلزء النظري ملوضوع البحث ‪،‬‬

‫أما نتائج اجلزء التطبيقي نلخصها يف ما يلي ‪:‬‬

‫قمنا بتقدمي حملة حول االقتصاد اجلزائري و املراحل اليت مر هبا و أتثريه ابقتصاد الدول االخرى ‪ ،‬أما ابلنسبة لدراستنا‬

‫حول السياسة املالية املطبقة يف اجلزائر ضمن هذا اجلزء تبني أن هذه االخرية أخدت الطابع التوسعي خاصة يف‬

‫مرحلة الدراسة ‪ ،‬حيث جاء هذا بعد االصالحات اهليكلية املربمة مع اهليئات الدولية ‪ ،‬مما مكن الدولة من وضع‬

‫برانمج انفاقي توسعي ‪ ،‬و برانمج االنعاش االقتصادي الذي خصص له مبلغ مايل معترب ‪ ،‬حيث استفادت منه مجيع‬

‫القطاعات مبا فيه التنمية الفالحية و الصيد البحري و االشغال العمومية و اهلياكل القاعدية مما حسن مناخ االستثمار‬

‫يف اجلزائر ‪ ،‬حيث نلخصها كما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬متيزت النفقات العامة يف اجلزائر خالل فرتة الدراسة يف تزايد مستمر ‪ ،‬و هذا حسب السياسة املالية املتناولة خالل‬

‫نفس الفرتة ‪ ،‬و من املالحظ كانت تتبع سياسة توسعية ‪ ،‬و قد تزامن ذلك مع ضرورة االستجابة للمطالب الشعبية‬

‫الذي أدت اىل ارتفاع النفقات االجتماعية ‪ ،‬و يف نفس الوقت تلبية متطلبات التنمية االقتصادية للبالد من خالل‬

‫تعزيز نفقات رأس املال ‪ ،‬مما شكل حكومة حتدايت كبرية كان لزاما مواجهتها و التصدي هلا ‪ ،‬خصوصا و أن‬

‫املوارد املالية للدولة حمدودة و اعتمادها على مصدر متويل واحد و رئيسي املتمثل يف اجلباية البرتولية ‪ ،‬و تركيزها على‬

‫متويل نفقات التسيري الذي أخذت حصة األسد من إمجايل النفقات العامة ‪ ،‬و هذا بسبب االوضاع االقتصادية و‬

‫‪248‬‬
‫الخـــــــــــــــاتـــــــمـــــة العـــــــــامـــــــــــــــة‬

‫الظروف االجتماعية يف اجلزائر ‪ .‬كما ال جنهل نفقات التجهيز مما هلا من أمهية يف إعادة متويل االيرادات العامة عن‬

‫طريق عوائدها املالية الناجتة عن استثمار رأس املال ‪ ،‬هذا عكس ما لوحظ يف ميزانية التجهيز خالل فرتة الدراسة‬

‫اليت مل ختصص هلا امليزانية العامة نسب مالية معتربة من أجل عملية التمويل ‪.‬‬

‫‪ ‬يف هذا االطار الحظنا ارتفاع امجايل النفقات العامة خالل فرتة الدراسة ‪ ،‬حيث سجلت سنة ‪ 2102‬رقما قياسيا‬

‫يف نسبة النفقات العامة و ال يقل عنها بكثري خالل سنة ‪ ، 2100‬و كان سبب ارتفاع النفقات العامة حتسني‬

‫األوضاع االقتصادية و االجتماعية للبالد و ذلك من خالل اتباع سياسة توسعية ‪ ،‬و من جهة أخرى أتثري النفقات‬

‫العامة ابالقتصاد العاملي حيث متيزت فرتة الدراسة ابختالالت يف إقتصاد العاملي خاصة يف أسعار النفط اليت تؤثر‬

‫على اجلباية البرتولية و ابلتايل على االيرادات العامة مما تتبعها النفقات العامة ‪ .‬يف فرتة الدراسة تعرضت أسعار‬

‫النفط اىل تقلبات ( ارتفاع ‪ ،‬اخنفاض ) ‪ ،‬فمرحلة ارتفاع أسعار النفط نتج عنها الزايدة يف اجلباية البرتولية و ابلتايل‬

‫ارتفاع االيرادات العامة ‪ ،‬و عليه عملت اجلزائر اىل رفع النفقات العامة و استمرت هذه الزايدة يف االنفاق العام و‬

‫فاقت عن زايدة االيرادات العامة ‪ ،‬لكن سرعان ما اخنفضت أسعار النفط و ابلتايل اخنفاض االيرادات العامة مما‬

‫جعلت احلكومة اجلزائرية تعمل على ضبط و ترشيد نفقاهتا العامة لكن مل تتمكن من تقليص نسبتها لتتوافق مع‬

‫االيرادات العامة ‪ ،‬أي أصبحت النفقات العامة أكرب من االيرادات العامة ‪ ،‬و هذا راجع اىل أتثر املالية العامة‬

‫ابألوضاع االمنية و السياسية غري املواتية اليت سامهت بشكل مباشر على تعطيل االنشطة االقتصادية و على رأسها‬

‫االنتاج النفطي ‪ ،‬مما أثر سلبا على حصيلة االيرادات العامة ‪ ،‬جعل احلكومة اجلزائرية تسعى للتخفيض من نفقاهتا‬

‫العامة و ضبطها بسبب حمدودية مواردها و اعتمادها على اجلباية البرتولية كمصدر متويل رئيسي ‪ ،‬و رغم‬

‫االصالحات الضريبية اليت أدت بدوها اىل الزايدة يف االيرادات العامة لكن مل تتمكن من تعويض نقائص اجلباية‬

‫البرتولية و تغطية النفقات العامة ‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫الخـــــــــــــــاتـــــــمـــــة العـــــــــامـــــــــــــــة‬

‫‪ ‬أما االيراد ات العامة يف اجلزائر قد عرفت ارتفاع متواصل و ذلك من خالل اجلباية البرتولية و مسامهتها يف متويل هذا‬

‫االيراد ‪ ،‬فكان ارتفاع االيرادات العامة نتيجة ارتفاع اجلباية البرتولية من خالل ارتفاع أسعار النفط حيث بلغت‬

‫أقصى نسبة خالل سنة ‪ 2112‬اليت ارتفعت فيها أسعار النفط مقارنة مع ابقي السنوات ‪ ،‬غري أن هذه الزايدة يف‬

‫اجلباية البرتولية مل تستمر بسبب االوضاع االقتصادية و االزمات اليت تعرض اليها اقتصاد الدول و أتثريها على‬

‫االنتاج النفطي و ابلتايل نتج عنه اخنفاض أسعار النفط ‪ ،‬فكان حتميا اخنفاض االيرادات العامة للجزائر ‪ ،‬هذا‬

‫عكس ما الحظناه خالل سنيت ‪ 2101‬و ‪ 2100‬بسبب عودة ارتفاع أسعار النفط سرعان ما نتج عنها ارتفاع‬

‫االيرادات العامة خالل نفس الفرتة ‪ ،‬و من املعتقد بعد اخنفاض اسعار النفط مرة أخرى خالل السنيت األخريتني من‬

‫الدراسة أدت حتما اىل اخنفاض االيرادات العامة ‪ ،‬و هذا ما جيعلنا نقول أن االقتصاد الوطين أصبح عرضة‬

‫للمتغريات اخلارجية و خاصة املتعلقة أبسعار النفط ‪ ،‬و هو يتأثر مع التفاعالت االقتصادية العاملية ‪.‬‬

‫‪ ‬و كان من نتيجة ذلك أن املوازنة العامة للجزائر اتصفت ابلعجز املزمن و املستمر خالل أغلب سنوات الدراسة‬

‫ابتداءا من سنة ‪ ، 2112‬و يرجع هذا العجز اىل عجز االيرادات العامة عم مالحقة الزايدة املستمرة يف النفقات‬

‫العامة ‪ ،‬ابلرغم من االصالحات الضريبية اليت انتهجتها السياسة املالية خالل هذه السنوات إال أهنا مل تتمكن من‬

‫تعويض تلك النقائص يف املوازنة العامة و ابلتايل تغطية عجز امليزانية العامة للبالد ‪.‬‬

‫‪ ‬و فيما يتعلق بوضع التوازن العام لالقتصاد اجلزائري فهو يعاين من مشكلة أساسية و جوهرية و هي يف حقيقة األمر‬

‫انعدام التوازن البنيوي بصورة عامة ‪ ،‬و صعوبة ضبط نفقاهتا العامة املتزايدة ‪ ،‬و قد متثلت هذه املشاكل يف منو‬

‫النفقات العامة مبعدالت أكرب من االيرادات العامة و هذا راجع اىل ‪:‬‬

‫‪ ‬ـ حمدودية املوارد املالية املتاحة يف جزائر ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ اعتمادها على اجلباية البرتولية كمصدر متويل رئيسي إليراداهتا العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ اقتصاد ريعي ذو تبعية أجنبية ‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫الخـــــــــــــــاتـــــــمـــــة العـــــــــامـــــــــــــــة‬

‫‪ ‬ـ االقتصاد اجلزائري أصبح عرضة للمتغريات اخلارجية ‪.‬‬

‫‪ ‬ـ العمل على حتقيق التنمية االجتماعية و االقتصادية للوطن‪.‬‬

‫‪ ‬ـ تركيز على نفقات التسيري و دعمها أبكرب نسبة من النفقات العامة ‪.‬‬

‫‪ ‬ان النتائج اليت توصلنا إليها قد تسمح للحكومات إبعادة النظر يف سياستها املنتهجة حاليا ‪ ،‬و بوضع معايري‬

‫لتقسيم اجتاه سياسة اإلنفاق يف البلد و حتديد احلد األمثل للتدخل ‪ ،‬و تشمل أهم التحدايت اليت يواجهها‬

‫االقتصاد اجلزائري يف املستقبل ما يلي ‪:‬‬

‫‪ )0‬ضرورة توقف االجتا ه احلايل حنو زايدة اإلنفاق العام ‪ ،‬لرفع قدرة اجلزائر على مواجهة أي صدمات سلبية يف‬

‫اإليرادات من القطاع العام ‪.‬‬

‫‪ )2‬ضرورة اهتمام احلكومة برفع كفاءة اإلنفاق العام و القيام ابإلصالحات املالية لدعم أفاق النمو يف اجلزائر ‪ ،‬ففي‬

‫املدى القصري يتعني على اجلزائر ان تعمل على ضبط أوضاع املالية العامة للحفاظ على استمرارية استخدام‬

‫اإليرادات احملققة من قطاع احملروقات ‪ ،‬مع تشجيع التنوع االقتصادي و إنشاء الوظائف ‪ ،‬و تشمل التدابري الداعمة‬

‫هلذه األهداف إعادة توجيه اإلنفاق حنو القطاعات املنتجة او كذا تنويع قاعدة اإليرادات ‪.‬‬

‫‪ )3‬البد من البحث على مصادر أخرى للدخل و تركيز املزيد من االهتمام على القطاع الصناعي و الزراعي ‪.‬‬

‫كل هذه احللول املقرتحة جتعل و تسمح للسياسة املالية أن تكون سياسة مالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي ‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫الخـــــــــــــــاتـــــــمـــــة العـــــــــامـــــــــــــــة‬

‫نلخص احللول املمكنة من أجل السياسة املالية كألية ملعاجلة املشكالت االقتصادية و حتقيق االستقرار و التوازن‬
‫االقتصادي يف اجلزائر كالتايل ‪:‬‬

‫‪ ‬عجز امليزانية ‪ :‬العمل على خفض االنفاق احلكومي مع خفض نسبة الزايدة السنوية ألجور العاملني يف‬

‫الدولة و زايدة الضرائب والرسوم اجلمركي‪ ،‬و ختفيض الدعم الذي تقدمة الدولة لبعض األنشطة االقتصادية‪.‬‬

‫‪ ‬من أجل مكافحة البطالة ورفع مستوى العمالة ‪ :‬جيب زايدة االنفاق احلكومي بضخ االموال اىل‬

‫مشروعات اجتماعية ختلق فرص عمل جديدة ‪.‬‬

‫‪ ‬شح املوارد الالزمة لتحقيق النمو االقتصادي ‪ :‬العمل على جذب االستثمارات االجنبية من العامل‬

‫اخلارجي ‪ ،‬اصدار قوانني تضمن احلماية لرؤوس االموال االجنبية وتشجيعها مينح بعض االمتيازات اخلاصة ‪،‬‬

‫تقدمي الدعم و التشجيع لقطاعات االنتاج التصدير للخارج ‪.‬‬

‫قيمتاا ‪ :‬جيب ضبط العجز يف ميزانية الدولة ‪ ،‬ضبط العجز يف ميزان‬ ‫‪ ‬آتكل العمالت الوطنية و اخنافا‬
‫املدفوعات ‪ ،‬و اتباع سياسات تؤدي اىل رفع الناتج القومي االمجايل بتحقيق أعلى قدر ممكن من النمو‬
‫االقتصادي ‪.‬‬
‫‪ ‬سوء توزيع الدخل بني شرائح اجملتمع ‪ :‬جيب زايدة االنفاق على قطاع اخلدمات وتقدميها جماان أو برسوم‬
‫منخفضة للطبقات الفقرية يف جمال الصحة و التعليم ‪،‬ـ إتباع سياسة الضرائب التصاعدية على شرائح الدخل‬
‫بني طبقات اجملتمع ‪ ،‬و زايدة الرسوم اجلمركية على السلع ذات الصيغة الرتفيهية و الكمالية ‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قـــــــــــائــمــــة المـــــــراجــــــــــــع‬

‫العربية ‪:‬‬ ‫قائمة املراجع ابللغة‬

‫‪1‬ـ حامد عبد اجمليد دراز ( ‪ )2002‬ـ السياسات املالية ـ دار اجلامعية ـ االسكندرية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ حسنب مصطفى حسني (‪ )7891‬ـ املالية العامة ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ خالصي رضا ( ‪ )2002‬النظام اجلبائي اجلزائري احلديث ـ جباية األشخاص الطبيعيني و املعنويني ـ دار هومه‬

‫للطباعة و النشر و التوزيع ـ اجلزء األول ـ اجلزائر‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ سعد هللا داود (‪ ) 2073‬األزمات النفطية و السياسات املالية يف اجلزائر ـ دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ـ‬

‫اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ سالم عبد الكرمي مهدي أل مسيسم (سنة ‪ )2077‬ـ التوازن االقتصادي العام ـ دار جمدالوي للنشر و التوزيع ـ‬

‫الطبعة األوىل ـ عمانـ األردن‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ سوزي عديل انشد ـ ( ‪ ) 2003‬املالية العامة ـ النفقات العامة ـ االيرادات العامة ـ امليزانية العامة ـ منشورات حليب‬

‫احلقوقية ـ سوراي ـ‬

‫‪ 1‬ـ عادل حشيش و مصطفى رشدي ـ ( ‪ ) 7889‬مقدمة يف االقتصاد العام ( املالية العامة ) ـ دار اجلامعة اجلديدة‬

‫للنشر ـ مصر ـ‬

‫‪ 9‬ـ عباس كاظم الدعمي (‪ )2070‬السياسات املالية و النقدية و أداء سوق االمواق املالية ـ دار صفاء للنشر و‬

‫التوزيع ـ الطبعة األولىـ عمان ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ عبد اجمليد بوزيدي (‪ ) 7888‬تسعينيات االقتصاد اجلزائري ـ موفم للنشر ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫قـــــــــــائــمــــة المـــــــراجــــــــــــع‬

‫‪ 70‬ـ عبد اجمليد قدي (‪ )2002‬ـ املدخل اىل السياسات االقتصادية الكلية ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ الساحة‬

‫املركزية ـ الطبعة الثانية ـ بن عكنون ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪77‬ـ عبد املطلب عبد احلميد (‪ ) 2003‬ـ السياسات االقتصادية على مستوى االقتصاد القومي (حتليل كلي) ـ‬

‫الطبعة االوىل ـ القاهرة ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 72‬ـ عالء فرج الطاهر (‪ ) 2077‬التخطيط االقتصادي ـ دار الراية للنشر و التوزيع اململكة األردنية اهلامشية ‪ .‬الطبعة‬

‫األوىل ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 73‬ـ لعمارة مجال (‪ )2004‬منهجية امليزانية العامة للدولة يف اجلزائر ـ دار الفجر للنشر و التوزيع ‪ ،‬الطبعة االوىل ـ‬

‫اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 74‬ـ جمدي شهاب ـ ( ‪ ) 7888‬االقتصاد املايل ـ دار اجلامعة اجلديدة للنشر ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 72‬ـ جمدي حممود شهاب (‪ )7888‬ـ االقتصاد املايل ـ نظرية مالية الدولة ـ السياسات املالية للنظام الرأمسايل ـدار‬

‫اجلامعة اجلديدة للنشر ـ االسكندرية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 76‬ـ حممد بلقاسم حسن هبلول (‪ ، )7888‬سياسة ختطيط التنمية و إعادة تنظيم مسارها يف اجلزائر ‪ ،‬ديوان‬

‫املطبوعات اجلامعية اجلزء الثاي ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 71‬ـ حممد حلمي الطوايب ( ‪ )2001‬أثر السياسات املالية الشرعية يف حتقيق التوازن املايل يف الدول احلديثةـ دار‬

‫الفكر اجلامعي ـ االسكندرية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 79‬ـ حممد خليل برعي (‪ )7892‬مقدمة يف االقتصاد الدويل ـ مكتبة النهضة الشرق القاهرة ـ مصر ‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫قـــــــــــائــمــــة المـــــــراجــــــــــــع‬

‫‪ 78‬ـ حممد طاقة ‪ ،‬هدى العزاوي (‪ )2001‬اقتصادايت املالية العامة ـ دار املسرية للنشر و التوزيع ـ الطبعة األولىعمان‬

‫ـ االردن‪.‬‬

‫‪ 20‬ـ حممود حسني الوادي ‪ ،‬زكراي أمحد عزام ( ‪ )2000‬املالية العامة و النظام املايل يف االسالم ـ دار امليسرة للنشر‬

‫و التوزيع ‪ ،‬عمان ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 27‬ـ حممود حسني الوادي ‪،‬مبادئ املالية العامة ـ دار امليسرة للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ـ االردن ‪.‬‬

‫‪ 22‬ـ حممود عبد الرازق(‪ )2077‬االقتصاد املايل ـ دار اجلامعية االسكندرية ـ الطبعة االوىل ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 23‬ـ حممود عبد الفضيل ‪ ،‬و ‪ .‬حممد رضا العدل ‪،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 24‬ـ مدحت حممد العقاد (‪ )7893‬مقدمة يف علم االقتصاد ـ دار النهضة العربية للنشر القاهرة مصر ‪.‬‬

‫‪ 22‬ـ مدي بن شهرة (‪ )2008‬االصالح االقتصادي و سياسة التشغيل ( التجربة اجلزائرية) ـ دار حامد للنشر و‬

‫التوزيع ـ الطبعة األوىل ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 26‬ـ هشام مصطفى اجلمل ـ دور السياسة املالية يف حتقيق التنمية االجتماعية ـ دار الفكر اجلامعي ـ االسكندرية‬

‫مصر ـ‬

‫‪ 21‬ـ فؤاد هاشم عوض (‪ )7894‬اقتصادايت النقود و التوازن النقدي ـ دار النهضة العربية القاهرة ـ مصر ‪.‬‬

‫‪ 29‬ـ الرويلي صاحل (‪ )7899‬املالية العامة ـ ديوان املطبوعات اجلامعية ـ اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ 28‬ـ وحيد مهدي عامر (‪ ) 2070‬السياسات النقدية و املالية و االستقرار االقتصادي ‪ ،‬دار اجلامعة االسكندرية ـ‬

‫الطبعة االوىل ـ مصر ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫قـــــــــــائــمــــة المـــــــراجــــــــــــع‬

‫ ) ـ أسس التنمية االقتصادية ـ دار جليس الزمان للنشر و التوزيع ـ الطبعة األولىـ األردن‬2008( ‫ـ وليد اجليوسي‬30

: ‫الفرنسية‬ ‫قائمة املراجع ابللغة‬


13 _Hocine Benissad (année 1994) , ALGERIE : Restructurations et
Réformes Economiques (1979 / 1993) , place centrale de ben aknoun
Alger .
13- MUSTAPHA MEKIDECHE . L’ALGERIE ENTER ECONOMI DE
RENTE ET ECONOMI EMERGENTE .1986 . 1999 : EDITION
DAHLEB . ALGER 2000.
11 - YOUCEF DEBOUB LE NOUVEAU MECANISME
ECONOMIQUE EN ALGERIE . OPU 1993 .

13 - YAHIA DENDIDENI, LA PRATIQUE DU SYSTEME DGETAIRE


DE L'ETAT ALGERIE, OPU 2002.
13 - YOUCEF DEBOUB, LE NOVEAU MECANISME ECONOMIQUE
EN ALGERIE, OPU, 1993.
36 -SECRETARIAT D'ETAT AU PLAN BILAN PROVISOIRE DES
INVESTISSEMENTS DU PLAN TRIENNAL
1967- 1979 JUILLET 1970.

: ‫اجملالت العلمية‬

‫) جملة االقتصاد و منامجنت ـ منشورات كلية العلوم االقتصادية و التسيري ـ جامعة‬2072( ‫ ) يوسفي رشيد‬7

. ‫ ـ اجلزائر‬77 ‫ابو بكر بلقايد تلمسان عدد‬

256
‫قـــــــــــائــمــــة المـــــــراجــــــــــــع‬

‫القوانني و املراسيم‪:‬‬

‫‪ 3‬ـ ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش ‪ ،‬بدون وزارة‪ ،‬قانون رقم ‪ 94‬ـ ‪ 71‬املؤرخ يف ‪ 09‬شوال ‪ 7404‬املوافق لـ ‪ 01‬يوليو ‪7894‬‬

‫‪ ،‬املتعلق بقوانني املالية ( اجلريدة الرمسية ) العدد ‪ 29‬ص ‪7040‬‬

‫‪ 2‬ـ قانون رقم ‪ 73‬ـ ‪ 09‬املؤرخ يف ‪ 2073/72/30‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪2074‬‬

‫‪ 3‬ـ قوانني املالية لسنوات ‪ 2007‬اىل غاية ‪2073‬‬

‫املواقعااللكرتونية ‪:‬‬

‫‪ 7‬ـ التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 2007‬اىل غاية ‪2074‬‬

‫‪Statistics and studies from more than 18000 sources www.statista.com‬‬

‫‪257‬‬
‫قائمة المالحق‬
‫قائمة المالحق‬

‫اجلدول رقم (‪ )70‬االيرادات النهائية املطبقة على ميزانية الدولة لسنة ‪4702‬‬

‫و هو ميثل اجلدول ـ أ ـ ضمن قانون املالية‬

‫املبالغ ( أبالف دج )‬ ‫إيرادات امليزانية‬

‫‪1‬ـ املوارد العادية‬


‫‪1‬ـ‪ 1‬اإليرادات اجلبائية ‪:‬‬
‫‪000.110.000‬‬ ‫‪001‬ـ ‪ 101‬ـ حواصل الضرائب املباشرة ‪....................‬‬
‫‪00.000.000‬‬ ‫‪001‬ـ ‪ 101‬ـ حواصل التسجيل و الطابع ‪.....................‬‬
‫‪000.000.000‬‬ ‫‪000‬ـ ‪ 101‬ـ حواصل الرسوم املختلفة على األعمال ‪........‬‬
‫( منها الرسوم على القيمة املضافة على املنتوجات املستورة )‬
‫‪0.000.000‬‬ ‫‪000‬ـ ‪ 101‬ـ حواصل الضرائب غري املباشرة ‪................‬‬
‫‪000.000.000‬‬ ‫‪000‬ـ ‪ 101‬ـ حواصل اجلمارك ‪................................‬‬
‫‪464.062.76777‬‬ ‫اجملموع الفرعي (‪)0‬‬
‫‪0‬ـ‪ 4‬االيرادات العادية ‪:‬‬
‫‪11.000.000‬‬ ‫‪000‬ـ ‪ 101‬ـ حاصل دخل األمالك الوطنية ‪....................‬‬
‫‪00.000.000‬‬ ‫‪000‬ـ ‪ 101‬ـ احلواصل املختلفة للميزانية ‪.....................‬‬
‫ـ‬ ‫‪000‬ـ ‪101‬ـ االيرادات النظامية ‪................................‬‬
‫‪0.67776777‬‬ ‫اجملموع الفرعي (‪)4‬‬
‫‪1‬ـ‪0‬ـ االيرادات االخرى ‪:‬‬
‫‪100.000.000‬‬ ‫االيرادات االخرى ‪..............................................‬‬
‫‪40067776777‬‬ ‫اجملموع الفرعي (‪)3‬‬
‫‪46.2762.76777‬‬ ‫جمموع املوارد العادية‬
‫‪4‬ـ اجلباية البرتولية ‪:‬‬
‫‪1.000.000.000‬‬ ‫‪011‬ـ ‪ 101‬ـ اجلباية البرتولية ‪.................................‬‬
‫‪2640060076777‬‬ ‫اجملموع العام لإليرادات‬
‫املصدر ‪ :‬قانون رقم ‪ 10‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 1010/11/00‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪. 1010‬‬

‫‪258‬‬
‫قائمة المالحق‬

‫اجلدول رقم (‪ )00‬توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيري لسنة ‪ 1010‬لدولة اجلزائر ( حسب كل دائرة وزارية )‬

‫و هو ميثل اجلدول ( ب) ضمن قانون املالية‬

‫املبالغ ( دج )‬ ‫الدوائر الوزارية‬

‫‪0.011.000.000‬‬ ‫رائسة اجلمهورية‪..................................................................‬‬

‫‪1.011.000.000‬‬ ‫مصاحل الوزير األول‪.............................................................‬‬

‫‪000.010.000.000‬‬ ‫وزارة الدفاع الوطين‪..............................................................‬‬

‫‪000.000.001.000‬‬ ‫وزارة الداخلية و اجلماعات احمللية ‪............................................‬‬

‫‪00.010.000.000‬‬ ‫وزارة الشؤون اخلارجية ‪.........................................................‬‬

‫‪01.000.000.000‬‬ ‫وزارة العدل ‪......................................................................‬‬

‫‪00.001.000.000‬‬ ‫وزارة املالية ‪.....................................................................‬‬

‫‪01.000.110.000‬‬ ‫وزارة الطاقة و املناجم‪...........................................................‬‬

‫‪0.001.000.000‬‬ ‫وزارة التنمية الصناعية و ترقية االستثمار ‪.....................................‬‬

‫‪100.101.000.000‬‬ ‫وزارة الفالحة و التنمية الريفية‪..................................................‬‬

‫‪10.100.110.000‬‬ ‫وزارة الشؤون الدينية و األوقاف‪................................................‬‬

‫‪101.100.000.000‬‬ ‫وزارة اجملاهدين‪.................................................................‬‬

‫‪00.011.100.000‬‬ ‫وزارة املوارد املائية ‪...........................................................‬‬

‫‪10.100.010.000‬‬ ‫وزارة النقل‪.......................................................................‬‬

‫‪10.000.000.000‬‬ ‫وزارة األشغال العمومية ‪........................................................‬‬

‫‪10.000.000.000‬‬ ‫وزارة السكن و العمران و املدينة ‪.............................................‬‬

‫‪1.000.101.000‬‬ ‫وزارة التهيئة العمرانية و البيئة‪.................................................‬‬

‫‪10.000.000.000‬‬ ‫وزارة االتصال‪..................................................................‬‬

‫‪000.010.010.000‬‬ ‫وزارة الرتبية الوطنية ‪.........................................................‬‬

‫‪100.001.001.000‬‬ ‫وزارة التعليم العايل و البحث العلمي‪.........................................‬‬

‫‪259‬‬
‫قائمة المالحق‬

‫‪10.100.100.000‬‬ ‫وزارة الثقافة ‪....................................................................‬‬

‫‪00.001.100.000‬‬ ‫وزارة التكوين و التعليم املهنيني ‪................................................‬‬

‫‪100.011.000.000‬‬ ‫وزارة التضامن الوطين و األسرة و قضااي املرأة ‪............................‬‬

‫‪10.001.110.000‬‬ ‫وزارة التجارة ‪...................................................................‬‬

‫‪100.000.0000‬‬ ‫وزارة العالقات مع الربملان‪....................................................‬‬

‫‪100.101.000.000‬‬ ‫وزارة العمل و التشغيل و الضمان االجتماعي ‪................................‬‬

‫‪000.000.000.000‬‬ ‫وزارة الصحة و السكان و إصالح املستشفيات ‪...............................‬‬

‫‪00.001.100.000‬‬ ‫وزارة الشباب و الرايضة ‪......................................................‬‬

‫‪0.000.100.000‬‬ ‫وزارة الربيد و تكنولوجيات االعالم و االتصال‪...............................‬‬

‫‪0.000.000.000‬‬ ‫وزارة السياحة و الصناعة التقليدية ‪............................................‬‬

‫‪1.010.010.000‬‬ ‫وزارة الصيد البحري و املوارد الصيدية‪......................................‬‬

‫‪2642360..60236777‬‬ ‫اجملموع الفرعي‪6666666666666666666666666666666666666666666666666666666666666666‬‬

‫‪000.000.010.000‬‬ ‫التكاليف املشرتكة‪................................................................‬‬

‫‪2600262.463..6777‬‬ ‫اجملموع العام ‪6666666666666666666666666666666666666666666666666666666666666666666‬‬

‫املصدر ‪ :‬قانون رقم ‪ 10‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 1010/11/00‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪. 1010‬‬

‫‪260‬‬
‫قائمة المالحق‬

‫اجلدول رقم (‪ )00‬توزيع النفقات ذات الطابع النهائي لسنة ‪ 4702‬حسب القطاعات ( أبالف دج )‬

‫و هو ميثل اجلدول (ج) ضمن قانون املالية‬

‫اعتمادات الدفع‬ ‫رخص الربانمج‬ ‫القطاعات‬

‫‪1.010.000‬‬ ‫‪1.001.000‬‬ ‫الصناعة ‪.........................................‬‬

‫‪100.010.000‬‬ ‫‪110.100.000‬‬ ‫الفالحة و الري ‪..................................‬‬

‫‪10.000.000‬‬ ‫‪00.000.000‬‬ ‫دعم اخلدمات املنتجة ‪............................‬‬

‫‪001.000.000‬‬ ‫‪010.000.000‬‬ ‫املنشآت القاعدية االقتصادية و االدارية ‪........‬‬

‫‪100.000.000‬‬ ‫‪10.011.000‬‬ ‫الرتبية و التكوين ‪.................................‬‬

‫‪100.010.100‬‬ ‫‪110.001.000‬‬ ‫املنشآت القاعدية االجتماعية و الثقافية ‪.........‬‬

‫‪110.000.000‬‬ ‫‪110.000.000‬‬ ‫دعم احلصول على سكن ‪........................‬‬

‫‪000.000.000‬‬ ‫‪010.000.000‬‬ ‫مواضيع خمتلفة ‪.................................‬‬

‫‪00.000.000‬‬ ‫‪00.000.000‬‬ ‫املخططات البلدية للتنمية ‪......................‬‬

‫‪467.7632.6777‬‬ ‫‪4634763006.77‬‬ ‫اجملموع الفرعي لالستثمار ‪...................‬‬

‫ـ‬ ‫دعم النشاط االقتصادي ( ختصيصات حلساابت‬

‫‪001.000.010‬‬ ‫التخصيص اخلاص و خفض نسب الفوائد )‪...‬‬

‫‪00.000.000‬‬ ‫‪100.000.000‬‬ ‫الربانمج التكميلي لفائدة الوالايت ‪..............‬‬

‫‪100.000.000‬‬ ‫‪100.000.000‬‬ ‫احتياطي لنفقات غري متوقعة ‪...................‬‬

‫‪07063.06307‬‬ ‫‪20.67776777‬‬ ‫اجملموع الفرعي لعمليات برأس املال‬

‫‪4672060026407‬‬ ‫‪4602263006.77‬‬ ‫جمموع ميزانية التجهيز‬

‫املصدر ‪ :‬قانون رقم ‪ 10‬ـ ‪ 00‬املؤرخ يف ‪ 1010/11/00‬املتضمن قانون املالية لسنة ‪. 1010‬‬

‫‪261‬‬
‫قائمة المالحق‬

‫اجلدول رقم (‪ )07‬إمجايل االيرادات العامة و املنح لدولة اجلزائر ( ‪ 4772‬ـ ‪) 4702‬‬
‫النسبة اىل الناتج احمللي االمجايل (‪)%‬‬ ‫االيرادات العامة و املنح ( مليون دوالر أمريكي)‬ ‫السنوات‬
‫‪00.01‬‬ ‫‪008001‬‬ ‫‪4772‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪018010‬‬ ‫‪477.‬‬

‫‪01.0‬‬ ‫‪008100‬‬ ‫‪477.‬‬

‫‪00.1‬‬ ‫‪008100‬‬ ‫‪4770‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4770‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4777‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4707‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4700‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪018000‬‬ ‫‪4704‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008010‬‬ ‫‪4703‬‬

‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 1001‬و ‪ 1010‬و ‪ 1011‬و ‪1010‬‬

‫‪262‬‬
‫قائمة المالحق‬

‫اجلدول رقم (‪)00‬‬

‫االنفاق العام و صايف االقراض احلكومي لدولة اجلزائر ( ‪ 4772‬ـ ‪) 4702‬‬

‫النسبة اىل الناتج احمللي االمجايل (‪)%‬‬ ‫االنفاق العام ( مليون دوالر أمريكي)‬ ‫السنوات‬

‫‪10.00‬‬ ‫‪108000‬‬ ‫‪4772‬‬

‫‪10.0‬‬ ‫‪108000‬‬ ‫‪477.‬‬

‫‪10.1‬‬ ‫‪008001‬‬ ‫‪477.‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4770‬‬

‫‪00.1‬‬ ‫‪008010‬‬ ‫‪4770‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4777‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪018000‬‬ ‫‪4707‬‬

‫‪01.1‬‬ ‫‪018111‬‬ ‫‪4700‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪018001‬‬ ‫‪4704‬‬

‫‪00.0‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪4703‬‬

‫التقرير االقتصادي العريب املوحد لسنوات ‪ 1001‬و ‪ 1010‬و ‪ 1011‬و ‪1010‬‬ ‫املصدر ‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪)04‬‬

‫الناتج احمللي االمجايل اجلزائري للفرتة ‪ 1000‬ـ ‪ ( 1010‬مليون دوالر )‬

‫‪1010‬‬ ‫‪1011‬‬ ‫‪1011‬‬ ‫‪1010‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫السنوات‬

‫‪1108000 1008100 1008001 1018100 1008111 1008100‬‬ ‫‪1008100 1108100 1008001 008000‬‬ ‫نمإ‬

‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب لعام ‪ 1010‬و ‪ 1011‬و ‪.1010‬‬

‫‪263‬‬
‫قائمة المالحق‬

‫اجلدول رقم (‪ )10‬الصادرات و الواردات يف اجلزائر مليون دوالر‬

‫الواردات االمجالية (سيف )‬ ‫الصادرات االمجالية ( فوب)‬ ‫السنوات‬

‫‪108000.0‬‬ ‫‪018100.0‬‬ ‫‪1000‬‬

‫‪11.0‬‬ ‫‪118110‬‬ ‫‪1000‬‬

‫‪10.0‬‬ ‫‪108000‬‬ ‫‪1000‬‬

‫‪0.0‬‬ ‫‪008010.0‬‬ ‫‪1000‬‬

‫‪0.0‬‬ ‫‪008100.0‬‬ ‫‪1000‬‬

‫ـ ‪0.1‬‬ ‫‪008000‬‬ ‫‪1000‬‬

‫ـ ‪1.0‬‬ ‫‪008110‬‬ ‫‪1010‬‬

‫ـ ‪1.0‬‬ ‫‪018000‬‬ ‫‪1011‬‬

‫ـ ‪0.0‬‬ ‫‪018011‬‬ ‫‪1011‬‬

‫ـ ‪1.0‬‬ ‫‪008010‬‬ ‫‪1010‬‬

‫املصدر ‪ :‬التقرير االقتصادي العريب لعام ‪ 1010‬و ‪ 1011‬و ‪.1010‬‬

‫‪264‬‬
: ‫ملخص‬

‫ تبني لنا األمهية الكبرية اليت‬، ‫تعاجل هذه االطروحة السياسة املالية كألية لتحقيق التوازن االقتصادي دراسة حالة اجلزائر‬
‫ و مدى فعالية‬، ‫تتمتع هبا السياسة املالية و اليت تتمتع هبا السياسة املالية و اليت متيزها عن ابقي السياسات االخرى‬
، ‫الدور السياسي و االجتماعي الذي تلعبه السياسة املالية و ذلك من خالل أدواهتا و املتمثلة يف االيرادات العامة‬
‫ و قدرهتا يف‬، ‫ و ما حتققه من استقرار اهليكل االقتصادي و االجتماعي داخل البالد‬، ‫النفقات العامة و املوازنة العامة‬
‫ النفقات و‬، ‫ و كما قمنا بدراسة حتليلية للسياسة املالية يف اجلزائر انطالقا من االيرادات‬، ‫حتقيق التوازن االقتصادي‬
‫املوازنة العامة للجزائر و من مت التوازن االقتصادي وصوال اىل نتائج اعتمدان عليها يف النهاية لتقدمي اقرتاحات و‬
. ‫توصيات خبصوص هذا املوضوع‬

، ‫ النفقات العامة‬، ‫ االيرادات العامة‬، ‫ السياسة النقدية‬، ‫ التوازن االقتصادي‬، ‫ السياسة املالية‬: ‫كلمات مفتاحية‬
. ‫املوازنة العامة‬
Résumé : La politique financière comme stratégie pour assurer l’équilibre
économique( cas de l’Algérie)
Cette thèse traite l’analyse de la politique financière comme outil et stratégie pour assurer
l’équilibre économique pour un pays en voie de développement tel que d’Algérie.

Cette thèse met le point sur l’importance de la politique financière et la distingue des autres
politiques économiques adoptés et sa répercussion sur le volet politique et sociale et ce grace à
ses outils tels que les dépenses, les recettes et le budget.

Cette politique financière adopte jusqu’à l’heure actuelle à permet une stabilité de la structure
économique et sociale et une à permet un équilibre économique.

Dans cette humble travail, nous avons procède é une étude analytique de la politique financière
en Algérie, prenant comme point essentiels l’étude les recettes, les dépenses, budget de l’Algérie,
et leur effet sur l’équilibre économique de l’Algérie, en proposant des recommandations pour
améliorer la politique financière actuelle.

Mots clés :
Politique financière, politique économique, politique monétaire, recettes, dépenses,
budget.

You might also like