You are on page 1of 17

‫خطة البحث‪:‬‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية التجارة الخارجية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التجارة الخارجية وأسباب قيامها‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية وأهداف التجارة الخارجية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نظريات التجارة الخارجية‬

‫المطلب األول‪ :‬النظريات الكالسيكية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النظريات النيوكالسيكية‬

‫خاتمة‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد قطاع التجارة الخارجية من أهم الركائز التي ينبني عليها إقتصاد دولة كونه يتيح لها املجال للحصول‬
‫على العملة الصعبة من خالل عمليات التبادل مع العالم الخارجي‪ ،‬فالتجارة الخارجية هي عبارة عن جسر‬
‫للتعامل مع دول العالم بما فيها الدول النامية التي أدركت الدور الفعال الذي تلعبه التجارة الخارجية في‬
‫تقويم اإلقتصاد الوطني‪ .‬فقد شكلت التجارة الخارجية محورا أساسيا في أبحاث املفكرين االقتصاديين‬
‫األوائل‪ ،‬حيث تناولتها مختلف النظريات بالطرحً أساسيا والتحليل‪ ،‬وال تزال تشغل فكر الباحثين‬
‫وأصحاب القرار‪ ،‬وتحاول نظريات التجارة الخارجية تحليل األسس التي تقوم عليها قيام التجارة‬
‫الخارجية‪ ،‬وكذا تحليل املكاسب املتوقعة من التبادل التجاري‪ ،‬حيث تقوم النظريات بتجريد الحدث‬
‫االقتصادي‪ ،‬وذلك بعزل املتغيرات القليلة التي تؤثر في عملية التبادل حتى يتمكن املفكر من التنبؤ‬
‫وتفسيره‪.‬‬

‫من خالل ما سبق يمكننا سياق اإلشكالية التالية ‪ :‬ماهية التجارة الخارجية وأسباب قيامها؟ وماهي‬
‫نظريات التجارة الخارجية؟‬
‫ماهية التجارة الخارجية وأسباب قيامها‪:‬‬
‫تعتبر التجارة الخارجية من القطاعات الحيوية لكل البلدان سواء املتقدمة أو النامية على حد سواء‪،‬‬
‫فالتجارة الخارجية تربط بين الدول واملجتمعات ببعضها البعض‪ ،‬ويعد التبادل التجاري بين الدول‬
‫حقيقة ال يتصور العالم من غيره اليوم‪ ،‬فال يمكن لدولة ما أن تستقل باقتصادها عن بقية العالم‪ ،‬كما‬
‫يمكن اعتبارها الجسر الذي يربط بين الدول وتسمح لها بتصريف الفائض من إنتاجها واستيراد حاجياتها‬
‫من فائض إنتاج الدول األخر ى‪.‬‬

‫مفهوم التجارة الخارجية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬


‫تعددت الصيغ لتعريف التجارة الخارجية بناء على الهدف من دراستها‪ ،‬ومن أهم التعاريف نذكر‪:‬‬

‫عرفت التجارة الخارجية أيضا بأنها "عملية انتقال السلع والخدمات بين الدول والتي تنظم من خالل‬
‫مجموعة من السياسات والقوانين واألنظمة التي تعقد بين الدول بهدف تحقيق املنافع املتبادلة ألطراف‬
‫التجارة‪ ." 1‬يبين التعريف مكونات الصادرات والواردات بحيث تشمل السلع والخدمات النهائية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى مدخالت اإلنتاج‪ ،‬كما يوضح الهدف الرئيسي من خالل تحقيق املنافع املختلفة من التجارة الخارجية‪.‬‬

‫أما التعريف األشمل للتجارة الخارجية هو أنها تمثل "املعامالت التجارية الدولية في صورها الثالثة‬
‫املتمثلة في انتقال السلع والخدمات‪ ،‬واألفراد‪ ،‬ورؤوس األموال‪ ،‬تنشأ بين أفراد يقيمون في وحدات‬
‫سياسية مختلفة‪ ،‬أو بين حكومات أو بين منظمات اقتصادية تقطن وحدات سياسية مختلفة"‪ 2‬ويمكن‬
‫‪3‬‬
‫تصنيف الصفقات التجارية التي تتضمنها التجارة الخارجية كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تبادل السلع املادية‪ :‬تشمل السلع االستهالكية والسلع اإلنتاجية واملواد األولية والسلع نصف املصنعة‬
‫والسلع الوسيطية‪.‬‬

‫‪ -‬تبادل الخدمات‪ :‬التي تتضمن خدمات النقل‪ ،‬والتأمين والشحن‪ ،‬والخدمات املصرفية والسياحية‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫‪ -‬تبادل النقود‪ :‬تشمل حركة رؤوس األموال ألغراض االستثمار سواء على املدى القصير أو الطويل‪،‬‬
‫كما تشمل القروض الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬تبادل عنصر العمل‪ :‬ويشمل انتقال اليد العاملة من بلد إلى آخر‪ ،‬باإلضافة إلى الهجرة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عطا اهللا‪ ،‬علي الزبون‪ :‬التجارة الخارجية‪ ،‬دار اليازوري للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ 2015، ،‬ص‪9. :‬‬
‫‪2‬‬
‫جمال‪ ،‬جويدان الجميل‪ :‬التجارة الدولية‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عمان‪ 2006، ،‬ص‪11. :‬‬
‫‪3‬‬
‫موسى‪ ،‬سعيد مطر وآخرون‪ :‬التجارة الخارجية‪ ،‬دار صفاء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ 2001، ،‬ص‪ .‬ص‪1 :‬‬
‫يمكن القول بأن التجارة الخارجية هي تلك املعامالت التجارية في شكل انتقال السلع والخدمات ورؤوس‬
‫األموال واألفراد بين مختلف الدول واألقاليم‪ ،‬وكذا مختلف السياسات التجارية املطبقة من طرف كل‬
‫دولة‪.‬‬

‫أسبـاب قيـام التجارة الخارجية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬


‫بحث االقتصاديون في األسباب التي تؤدي الى قيام التجارة الخارجية‪ ،‬وخالل القرنين السابع‬
‫عشر والثامن عشر ساد املذهب التجاري الذي وضع أولى األسس في نظرية التجارة الخارجية‪،‬‬
‫ويعتقد التجاريون أن الدولة إذا ما أرادت أن تغتني فإن عليها أن تصدر أكثر مما تستورد‪ ،‬وأن‬
‫على الحكومة أن تسعى لتنشيط الصادرات وإعاقة الواردات (وخاصة من السلع الكمالية) في‬
‫الوقت نفسه ‪ ،‬وحجتهم في ذلك أن الدولة التي تحقق ذلك سيكون لديها فائض في التصدير‬
‫وسيتدفق الذهب والفضة إليها وبذا تصبح غنية وقوية ‪.‬‬
‫لكن الوقائع االقتصادية أثبتت الخطأ الذي إنبنت عليه سياسة التجاريين‪ ،‬فقد أنتجت اختالالت‬
‫اقتصادية أبرزها ارتفاع األسعار في البلدان األوربية التي طبقت أفكار التجاريين ‪ ،‬لذا نشأ فكر‬
‫جديد جاء كرد فعل على أفكار التجاريين‪ ،‬بما يتالئم مع التطورالذي لحق بالنظام االقتصادي‬
‫الرأسمالي‪.‬‬
‫وفيما بعد وضع آدم سميث أسس نظرية امليزة املطلقة وقد انطلق في تفسيره أسباب قيام‬
‫التجارة الخارجية من مبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي طبقه على التجارة الخارجية ‪ ،‬فقد‬
‫بين أن حرية التجارة تدعم زيادة ثروة األمم بسبب هذا التخصص الذي ينشأ بين الدول ‪،‬وقال‬
‫أن كل دولة سيكون من مصلحتها أن تستورد السلع التي تكلفتها أقل مما لو أنتجت فيها ‪ ،‬وان‬
‫تتخصص في إنتاج السلع التي لها في إنتاجها ميزة مطلقة ثم يكون تبادل تلك السلع بالسلع التي‬
‫تتخصص بها دول أخرى ويعني مفهوم امليزة املطلقة إذا كانت إحدى الدول أكثر كفاءة (أي لها‬
‫ميزة مطلقة) من غيرها في إنتاج إحدى السلع لكنها أقل كفاءة (أي عديمة امليزة املطلقة) بالنسبة‬
‫لغيرها من الدول في انتاج سلعة معينة‪ ،‬فان الدولتين يمكن أن تحصال على منافع عندما‬
‫تتخصص كل منهما في السلعة التي تكون لها فيها ميزة مطلقة‪ ،‬وتتبادال السلعتين عبر التجارة‬
‫الخارجية‪.‬‬
‫لكن النظرية األكثر قبوال هي نظرية امليزة النسبية التي تعتبر واحدة من إبداعات االقتصادي‬
‫البريطاني دافيد ريكاردو الذي يعتبر واحدا من ابرز أعالم املدرسة الكالسيكية‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص ما سبق في النقاط التالية‪:‬‬
‫ليس لكل دولة نفس اإلمكانيات التي تكفي إلنتاج كل السلع والخدمات؛‬ ‫‪‬‬
‫اختالف تكاليف إنتاج السلع بين الدول املختلفة نظرا الختالف العوامل البيئية؛‬ ‫‪‬‬
‫اختالف مستوى التكنولوجيا من دولة ألخرى وسعي املواطنين للحصول على‬ ‫‪‬‬
‫املنتجات ذات التكنولوجيا األفضل؛‬
‫وجود فائض في اإلنتاج؛‬ ‫‪‬‬
‫الحصول على أرباح من التجارة الخارجية بسبب الفروق السعرية أو بسبب وفرة‬ ‫‪‬‬
‫عوامل اإلنتاج وبالتالي انخفاض أسعارها وتحقيق ميزة املنافسة السعرية؛‬
‫أهمية التجارة الخارجية‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫للتجارة الخارجية دور كبير على مستوى االقتصاد املحلي والدولي‪ ،‬ويعتبر مستوى التجارة الخارجية‬
‫مؤشرا للنمو االقتصادي فيها‪ ،‬والذي ينعكس على مختلف النواحي االجتماعية والعلمية والسياسية في‬
‫الدولة‪ .‬ويعتبر الهدف األساسي للتجارة الخارجية هو تبادل السلع والخدمات بين الدول‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫الندرة لتلك السلع في الدول املستوردة‪ ،‬ويترتب عنها فوائد تنعكس بدورها على مختلف الجوانب‬
‫‪4‬‬
‫االجتماعية والسياسية في املجتمعات‪ ،‬ولعل أبرز ها يتلخص في قدرا على إيجاد أو توفير ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التجارة الخارجية تعمل على تحريك وتنمية األموال وزيادة رؤوس األموال التي تنتج من خالل العمل‬
‫التجار ي الخارجي‪.‬‬

‫‪ -‬تعد التجارة الخارجية مصدرا أساسيا في الحصول على العمالت األجنبية الرئيسية أو النادرة منها‪ ،‬مما‬
‫يعزز قدرة الدولة من السيولة النقدية التي تعد من مرتكزات العمليات االقتصادية خصوصا عمليات‬
‫التمويل واالستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬تعمل التجارة الخارجية على تطوير وتنمية األنشطة االقتصادية سواء منها اإلنتاجية أم االستهالكية أم‬
‫الخدماتية‪ ،‬ويتم ذلك من خالل تفعيل الحركة التجارية في تلك املصادر االقتصادية الناتجة عن عمليات‬
‫التصدير أو استيرادها‪.‬‬

‫‪ -‬ينجم عن التجارة الخارجية من الصادرات عائد مالي يمكن استخدامه كمصدر تمويلي للمشاريع‬
‫التنموية‪ ،‬أو الخدمات التي تحتاجها الدولة ما يسمى باإلنفاق الجاري‪.‬‬

‫‪ -‬تحاول الدول من خالل التجارة الخارجية إيجاد نوع من التوازن في وضعها االقتصادي‪ ،‬فال شك أن‬
‫الصادرات إذا زادت فإنها تعمل على إحداث توازن مع الواردات خصوصا إذا كانت تلك الواردات تنمو‬
‫وبشكل مضطرد‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫عطا اهللا‪ ،‬علي الزبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.‬ص‪19. 17- :‬‬
‫‪ -‬كما أن التجارة الخارجية املتوازنة تعمل على إحداث التوازن في ميزان املدفوعات من خالل ما يترتب‬
‫على الدولة من متطلبات‪ ،‬وما تحققه من إيرادات تعمل على تخفيض العجز وعدم التوازن إذا توازنت‬
‫مع الصادرات‪.‬‬

‫‪ -‬تأمين احتياجات الدول النامية من املتطلبات األساسية للتنمية االقتصادية‪ ،‬مثل رؤوس األموال‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬ومصادر العمالت األجنبية واإلدارة الحديثة‪ ،‬التي تساعد على تنشيط القطاعات‬
‫‪5‬‬
‫االقتصادية املختلفة في االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫أهداف التجارة الخارجية‪:‬‬ ‫‪.4‬‬


‫‪6‬‬
‫يمكن إبراز األهداف التي تسعى إلى تحقيقها التجارة الخارجية في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬االستفادة القصوى من فائض اإلنتاج‪ ،‬إذ التصدير يؤدي إلى زيادة الناتج الوطني مما ينعكس على وضع‬
‫العمالة‪ ،‬وتوفير السلع الضرورية واألساسية‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬إذ أن ضعف التصدير يؤدي إلى خسارة‬
‫في الناتج الوطني وتخفيض مساهمة الدولة وزيادة البطالة وتدهور املستوى املعيشي لألفراد‪.‬‬

‫‪ -‬استيراد السلع الضرورية التي ال يمكن إنتاجها محليا لسبب ما‪ ،‬فعلى سبيل املثال يمكن استيراد اآلالت‬
‫واملعدات الضرورية الالزمة لبناء مصنع نسيج‪ ،‬إذ يمكن أن يوفر هذا املصنع العديد من فرص العمل‪،‬‬
‫وبالتالي املساهمة في عملية التنمية‪.‬‬

‫‪ -‬إحالل الواردات‪ ،‬وهذا يتوقف على عنصر التكلفة‪ ،‬فإذا كانت السلع يمكن إنتاجها محليا بتكاليف‬
‫معقولة‪ ،‬فإن مثل هذا اإلنتاج يمكن أن يسبب مشاكل إدارية ورأسمالية ومشاكل في القدرات الفنية‬
‫أيضا‪ ،‬إال أنه يساعد على ترويج السياسة التجارية‪ ،‬وبالتالي يمكن من القيام بعمليات التصدير املهمة‪.‬‬

‫‪ -‬نقل التكنولوجيا والتقنية لبناء و إعادة هيكلة البنى التحتية للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة السياسات التجارية املتبعة من قبل تلك الدول في مجال التجارة الخارجية كسياسة الحماية أو‬
‫الحرية وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة العالقات الدولية في إطار التكتالت الدولية وسماتها املميزة‪.‬‬

‫النظريات الكالسيكية المفسرة لقيام التجارة الدولية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 5‬طيمة‪ ،‬حاجي‪ :‬المدخل إلى التجارة الخارجية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ 2017، ،‬ص‪25.‬‬
‫‪ 6‬شقيري‪ ،‬نوري موسى وآخرون‪ :‬التمويل الدولي ونظريات التجارة الخارجية‪ ،‬ط ‪ 2،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2015، ،‬‬
‫ص‪ .‬ص‪2-22. :‬‬
‫تعد النظرية الكالسيكية أولى النظريات املتكاملة التي حاولت تفسير أسباب قيام التجارة بين البلدان‪،‬‬
‫منذ ظهورها في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التـاسع عشر‪ ،‬حـيث تشكل األساس النظري‬
‫الذي تقوم عليه النظريات الحديثة في التجارة الخارجية ‪ ،‬فقـد حـاول رواد هذه النظرية بحـث أهمية‬
‫وحقيقة القضايا املتعمقة بالسـياسة التجارية بناء عمـى أسبـاب ظـهور املكاسب مـن التجارة‪ ،‬واستندوا فـي‬
‫ذلك عمى مجموعة مـن الفـرضيات املرتبطة باملذهب االقتصادي الحر‪ ،‬الـذي نشأ عمى أنقاض أفكار‬
‫املدرسة التجارية‪ ،‬منـذ القـرن السادس عشر‪ .‬وحتى أوائل القرن الثامن عشر‪ ،‬واملدرسة الطبيعية التي‬
‫ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية الميزة المطلقة‪:‬‬

‫جوهر النظرية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬


‫صاحب هذه النظرية هو ادم سميث وهو أول االقتصاديين الذي بحث التفسير املنطقي وراء التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬وقد استخدم في كتابه “ثروة األمم” (‪)1776‬مبدأ (نظرية) امليزة املطلقة كتفسير للتجارة الدولية‬
‫وفقا لهذا املبدأ فإن على الدولة أن تنتج وتصدر السلع التي تكو ن تكلفتها اقل من الدول األخرى‪،‬‬
‫وباملقابل فإن عليها أن تستورد السلع التي تكلفتها أعلى لو أنتجتها بنفسها‪ ،‬بمعنى أن تتخصص كل دولة في‬
‫‪7‬‬
‫إنتاج السلع التي تحقق لها ميزة مطلقة‪.‬‬

‫وفي رأي ادم سميث‪ ،‬أن هناك وظيفتين تهتم بهما التجارة الدولية‪:‬‬

‫‪ -‬وظيفة تصريف اإلنتاج الفائض عن حاجة السوق املحلي استبداله بشيء أكثر نفعا؛‬

‫‪ -‬وظيفة التغلب على ضيق السوق املحلية‪.‬‬

‫تحليل واقعي للنظرية‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫الدولة (ب)‬ ‫الدولة (أ)‬


‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫القمح طن لكل ساعة عمل‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫القماش متر لكل ساعة عمل‬
‫نالحظ ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ساعة عمل لعامل واحد تنتج ‪ 6‬طن من القمح في الدولة (أ) ‪ ،‬ولكنها ال تنتج سوى ‪ 1‬طن من نفس‬
‫السلعة في الدولة (ب)‪.‬‬

‫‪ -‬ساعة عمل لعامل واحد تنتج ‪ 5‬أمتار من القماش في الدولة (ب)‪ ،‬ولكنها ال تنتج سوى ‪ 4‬أمتار من‬
‫نفس السلعة في الدولة (أ)‪.‬‬

‫‪ 7‬بول كروجمان وموريس‪ ،‬االقتصاد الدولي النظرية والسياسة‪ ،‬ج‪ 1،‬ترجمة محمد بن عبدهللا الجراح و حمد بن سليمان البازعي‪،‬‬
‫دار الزهراء للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪2010. ،‬‬
‫اذن نستنتج أن‪:‬‬

‫‪ -‬الدولة (أ) أكثر كفاءة ولديها ميزة مطلقة أفضل من الدولة (ب) في إنتاج القمح‪.‬‬

‫‪ -‬الدولة (ب) أكثر كفاءة ولديها ميزة مطلقة أفضل من الدولة (أ) في إنتاج القماش‪.‬‬

‫وبالتالي عند قيام التجارة بين الدولتين‪ :‬من الواضح أن تتخصص الدولة (أ) في إنتاج القمح وتصدره‬
‫مقابل ذلك تقوم باستيراد القماش من الدولة (ب)‪ .‬في حين تتخصص الدولة(ب) في إنتاج القماش‬
‫وتصدره إلى الدولة (أ) وتستورد منها القمح ‪ .‬إذن هذا التخصص من كال الدولتين سوف يعود بالنفع‬
‫عليهما من خالل زيادة اإلنتاج الكلي من السلعتين‪ .‬مما يتيح املجال القتسام هذه الزيادة بينهما عن طريق‬
‫التجارة‪.‬‬

‫معظلة نظرية آدم سميث وعيوبها‪:‬‬ ‫‪)3‬‬


‫لكن املشكل في نموذجه هو في حالة عدم توفر ميزة مطلقة كيف تتم املبادالت ؟ ومن مثالبها يمكن ذكر‬
‫منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬هناك لبس في إشكالية اختالف إنتاجية العامل من بلد آلخر؛‬

‫‪ -‬إشكالية لو تتمتع كل ما بميزة مطلقة في إنتاج كيال السلعتين؛‬

‫‪ -‬لم توضح هذه النظرية بعد التوزيع أي كيف توزع مكاسب التجارة على األفراد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية الميزة النسبية‪:‬‬


‫جاء ريكاردو ‪ )) Ricardo‬سنة ‪ 1817‬بكتابه ‪ Taxation and Economy Poitical of Principls‬حيث طرح‬
‫نظرية جديدة في التجارة الخارجية تحت عنوان امليزة النسبية‪ ،‬وهذا للرد على آدم سميث وإيجاد بديل‬
‫لنظرية امليزة املطلقة وطرح حل للمأزق الذي وصل إليه أدم سميث واملتمثل في عدم إمكانية التبادل‬
‫الخارجي في حالة عدم تمتع بلد بميزة مطلقة ‪.‬‬

‫تحليل النظرية‪ :‬ينصب جوهر نظرية امليزة النسبية حول قدرة دولة على إنتاج سلعة معينة‬ ‫‪)1‬‬
‫بتكلفة أقل وجودة أعلى من أي دولة أخرى‪ ،‬مع ذلك يكون من املفيد أن تنتج مع دولة ثانية إذا‬
‫كان لديها تكلفة الفرصة البديلة أقل ‪.‬‬

‫وملزيد من الشرح نستعين باملثال التالي‪:‬‬

‫الجدول إمكانيات اإلنتاج خالل فترة زمنية محددة‬

‫وحدة األغذية‬ ‫وحدة األقمشة‬


‫‪120‬‬ ‫‪100‬‬ ‫األردن‬
‫‪80‬‬ ‫‪90‬‬ ‫لبنان‬
‫من الواضح أن لبنان تتمتع بميزة مطلقة على األردن في إنتاج كال السلعتين ولكن بنسب مختلفة ‪،‬لذلك‬
‫ومع هذا فان من مصلحة لبنان أن يتخصص في إنتاج إحدى هاتين السلعتين تاركا لألردن التخصص في‬
‫إنتاج السلعة الثانية‪،‬وهذا االختالف في النفقة النسبية إلنتاج السلعتين هو الشرط الكافي لقيام تبادل‬
‫تجاري بين الدولتين وإمكانية استفادة كل منهما من هذا التبادل‪،‬وهناك طريقتان متكافئتان للتوصل إلى‬
‫النفقة النسبية املقارنة فيما يتعلق بهاتين السلعتين‪.‬‬

‫وحدة األغذية‬ ‫وحدة األقمشة‬


‫‪1.2=120/100‬‬ ‫‪0.83=100/120‬‬ ‫تكلفة إنتاج (‪)x‬بالنسبة إلى‬
‫تكلفة إنتاج (‪ )y‬في األردن‬
‫‪0.88=80/90‬‬ ‫‪1.125=90/80‬‬ ‫تكلفة إنتاج (‪ )x‬بالنسبة إلى‬
‫تكلفة إنتاج (‪ )y‬في لبنان‬
‫من خالل املثال نجد أن تكلفة إنتاج األغذية بالنسبة إلى تكلفة إنتاج األقمشة في لبنان هي ‪0.88=90/80‬‬
‫من وحدة إنتاج األقمشة ‪ ،‬أما في األردن فان إنتاج وحدة األغذية إلى تكلفة إنتاج األقمشة تساوي‬
‫‪ 1.2=100/120‬وحدة من األقمشة ‪،‬وبالتالي تكون تكلفة إنتاج األغذية بالنسبة إلى األقمشة في لبنان أقل‬
‫من هذه النفقة ذاتها في األردن ‪،‬مما يعني أن النفقة النسبية إلنتاج األغذية في لبنان هي اقل من النفقة‬
‫النسبية إلنتاجها في األردن‬

‫وهكذا يكون من مصلحة لبنان أن تتخصص في إنتاج األغذية ألنها تتمتع بميزة نسبية أكبر (بنفقات إنتاج‬
‫أقل) باملقارنة مع األردن‪ ،‬أما األردن في مصلحتها أن تتخصص في إنتاج األقمشة ألنها تتمتع فيها بميزة‬
‫نسبية أكبر ( نفقات إنتاج أقل) باملقارنة مع لبنان ‪.‬‬

‫وكذلك األمر فيما يتعلق بالتخصص في إنتاج األقمشة لكال الدولتين ‪،‬فالعبرة بالتكلفة النسبية إلنتاج‬
‫السلعة وليس بتكلفة إنتاجها املطلقة‪.‬‬

‫أوجه قصور نظرية ريكاردو‪:‬‬ ‫‪)2‬‬


‫يمكن ذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫يفترض نموذج ريكاردو أن املبادالت التجارية تكون في شكل عملية املقايضة للسلع(تحييد الدور‬ ‫‪‬‬
‫النقدي)؛‬
‫تعتمد النظرية على وجود سلعتين ودولتين وهذا أمر ال يالمس الحقيقة الواقعية؛‬ ‫‪‬‬
‫محدودية النموذج في ضبط معدالت التبادل الدولي الفعلي؛‬ ‫‪‬‬
‫استخدام عامل العمل بنسب ثابتة في إنتاج كل السلع وهذا ال يقبل واقعيا؛‬ ‫‪‬‬
‫قيام ريكاردو بتثبيت كمية اإلنتاج والتركيز على جانب العرض دون االهتمام بالطلب؛‬ ‫‪‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية تكلفة الفرصة البديلة‪.‬‬

‫صاحب وخلفية النظرية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬


‫استطاع هابرلر من خالل نظرية الفرصة البديلة التي أتى بها سنة ‪ 1936‬من تحرير نظرية امليزة النسبية‬
‫لدافيد ريكاردو من القيود التي فرضتها عليه نظرية العمل للقيمة‪ ،‬حيث عملت النظرية على طرح فكرة‬
‫جديدة مفادها أن تكلفة اإلنتاج ال تقاس بناء على العمل أو كمية العمل الضرورية لإلنتاج وإنما حسب‬
‫كمية السلعة الثانية املضحى بها أي تكلفة الفرصة البديلة ‪.‬‬

‫محتوى النظرية‪:‬‬ ‫‪)2‬‬


‫تنص نظرية الفرصة البديلة على أن العمل ليس هو العنصر الوحيد لإلنتاج فهناك عناصر أخرى كرأس‬
‫املال واألرض‪.‬فكرة تكلفة الفرصة البديلة تتيح لنا إمكانية مقارنة املزايا التي تتوفر في بلد معين إلنتاج‬
‫سلعة معينة بالنسبة ملزاياه فبإنتاج سلعة أخرى‪ ،‬وعندئذ يمكننا مقارنة تكلفة استبدال كل السلع‬
‫بالسلعة النموذجية التي تكسب البلد التفوق‪ .‬بكل بساطة تتخصص الدولة في إنتاج السلعة التي تنتجها‬
‫بتكلفة أقل وتتخلى عن السلع األخرى التي تنتجها بتكلفة نسبية أعلى من السلعة النموذجية‪.‬‬

‫بناء على ما سبق نقول بأن أسعار السلع داخل كل دولة تتناسب مع نفقات االستبدال السلع فيما بينها‪،‬‬
‫والبلد القادر على تحقيق ميزة نسبية في إنتاج هذه السلع يستطيع أن يستفيد من مزايا التبادل الدولي‪.‬‬
‫للعلم فأن التبادل الدولي متوقف كذلك على تالقي قوى العرض والطلب في البلدين معا أي أن امليزة‬
‫النسبية لوحدها غير كافية لقيام التجارة الدولية‪.‬‬

‫أوجه القصور في النظرية‪:‬‬ ‫‪)3‬‬


‫ما يعاب على هذه النظرية هو عدم اهتمامها بتفسير أسباب اختالف النفقات النسبية بين الدول‪ ،‬وهو‬
‫الشيء الذي انكبت عليه نظرية امليزة النسبية لعوامل اإلنتاج‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬نظرية القيم الدولية لجون ستورات ميل‪)john stuart mill( :‬‬

‫محتوى النظرية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬


‫يحاول ميل من خالل هذه النظرية تحليل العوامل التي تحكم التبادل الدولي‪ ،‬وذلك من خالل تحليل‬
‫القيم الدولية للسلع املختلفة املنتجة في الدول (قيمة السلعة في دولة مقارنة بالدول األخرى)‪ ،‬أو املعدل‬
‫التي يتم من خالله مبادلة السلع بين الدول‪ ،‬وهو ما أطلق عليه معدل التبادل الدولي أو معدل التجارة‪.‬‬
‫ركز جون ستورات ميل على تحليل العوامل التي تحكم التبادل الدولي من خالل نظريته حول القيم‬
‫‪ )international values) theory of‬سنة ‪ 1848‬في كتابه‪ :‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ .‬التي‬ ‫الدولية‬
‫تحاول تحليل القيمة الدولية للسلع املختلفة أي قيمة سلعة تنتج في دولة معينة مقارنة مع السلعة الثانية‬
‫التي تنتج في دولة ثانية‪ .‬أو البحث عن تحديد الوضع الذي تستقر عنده نسبة التبادل الدولي واملعروف‬
‫باسم معدل التجارة‪ .‬لقد حاول ميل استكمال النقص الذي ظهر في نظرية ريكاردو عن طريق تحديد‬
‫معدل التبادل الفعلي وليس املحتمل الذي تتم عنده التجارة‪ .‬ويقصد ميل بمعدل التبادل الدولي‪ :‬عدد‬
‫الوحدات من سلعة ما التي يتم تصديرها لقاء الحصول على وحدة واحدة من السلعة املستوردة‪ ،‬بمعنى‬
‫آخر عبارة عن السعر العالمي بين السلعتين بصيغ املقايضة السلعي‪.‬‬

‫تحليل النظرية‪:‬‬ ‫‪)2‬‬


‫لقد أخذ ميل جانبي العرض والطلب في الحسبان (عكس سابقوه )‪ ،‬فبدال من أن يأخذ ما تنتجه الدولة‬
‫من السلع كثوابت مع اختالف تكلفة العمل فقد افترض وجود كمية معينة من العمل في كل دولة ولكن‬
‫إنتاجية مختلفة لوحدة العمل وبهذا يرفض ميل التفسير الذي يعتبر أن إنتاجية العمل واحدة في كل‬
‫الدول أطراف التبادل الدولي‪ .‬ومن هذا املنطلق ركز ميل في نظريته على مصطلح الكفاءة النسبية للعمل (‬
‫‪ ) comparative effectiveness of labor‬كبديل للتكلفة النسبية للعمل التي جاء بها ريكاردو‪.‬‬

‫مثال تفسيري‪:‬‬

‫معدل التبادل‬ ‫السلعة (‪)y‬‬ ‫السلعة (‪)x‬‬ ‫الدولة‬ ‫كمية العمل المستخدم‬
‫الداخلي‬
‫‪2=1‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫دولة (‪(1‬‬ ‫‪ 10‬رجال‪ /‬سنة‬

‫‪5=1‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪10‬‬ ‫دولة (‪(2‬‬ ‫‪ 10‬رجال ‪ /‬سنة‬

‫الشرح‪:‬‬

‫يمكن مالحظة ما يلي‪:‬‬

‫في الدولة (‪ :)1‬وحدة واحدة من السلعة (‪ 2 = )x‬وحدات من السلعة (‪ .)y‬في حين في الدولة (‪ )2‬فإن وحدة‬
‫واحدة من السلعة (‪ 5= )x‬وحدات من السلعة (‪.)y‬‬

‫وهذا يعني‪ :‬أنه يمكن الحصول على السلعة (‪ )x‬بسعر ارخص نسبيا في الدولة (‪ )1‬مقارنة بالدولة (‪،(2‬‬
‫بحيث يمكن استبدال وحدة منها وحدتين بدال من ‪ 5‬وحدات كما هو الحال في الدولة (‪.)2‬‬
‫وعلى أساس هذه املقارنة فإن الدولة(‪ )1‬لها ميزة نسبية في إنتاج السلعة (‪ )x‬بينما تملك الدولة (‪ )2‬ميزة‬
‫نسبية في إنتاج السلعة (‪ .)y‬ولقد تم الحصول على هذه النتيجة من خالل مقارنة معدالت التبادل بين‬
‫السلعتين كما تحددت داخل الدولتين قبل قيام التجارة الدولية‪.‬‬

‫ومنه نطرح السؤال التالي‪:‬‬

‫متى ستحقق كل من الدولة (‪ )1‬والدولة (‪ )2‬مكاسب بعد قيام التجارة الدولية؟‬

‫تحقق الدولة (‪ ) 1‬مكسبا من التجارة إذا استطاعت أن تحصل على أكثر من وحدة من السلعة(‪ )x‬مقابل‬
‫‪ 2‬وحدات من السلعة (‪( )y‬أي شرط تبادل أفضل من شرط التبادل الداخلي)‪ .‬وتحقق الدولة (‪ )2‬مكسبا‬
‫من التجارة إذا استطاعت أن تحصل على وحدة من السلعة (‪ )y‬بأقل من ‪ 5‬وحدات من السلعة (‪. )x‬‬
‫ويمكن توضيح ذلك من خالل الرسم التالي‪:‬‬

‫نسبة التبادل في الدولة (‪(1‬‬

‫‪20x‬‬ ‫معدل التبادل‬


‫الدولي يكون‬
‫محصور بين‬ ‫‪10x‬‬
‫أكثر من ‪20x‬‬
‫واقل من ‪50y‬‬

‫‪50y-‬‬ ‫نسبة التبادل في الدولة (‪)2‬‬

‫نقائص نظرية القيمة‪:‬‬ ‫‪)3‬‬

‫ضمن التحليل السابق لنظرية القيمة وجدناها أنها تفترض بأن قيمة أو سعر السلعة يساوي أو‬
‫يمكن أن يستنتج من حجم العمل املبذول في إنتاج هذه السلعة مما يبين أن‪:‬‬
‫العمل هو عامل اإلنتاج الوحيد (افتراض غير صحيح)؛‬ ‫‪‬‬
‫العمل يستخدم بنفس النسبة الثابتة في اإلنتاج في جميع السلع(افتراض غير صحيح(؛‬ ‫‪‬‬
‫عنصر العمل متجانس(غير صحيح) ؛‬ ‫‪‬‬

‫النظريات النيوكالسيكية المفسرة لقيام التجارة الدولية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫كنا تكلمنا في التحليل السابق أن من بين أسباب وجود التجارة الدولية يرجع باألساس إلى االختالف في‬
‫األسعار النسبية ما بين البلدان والذي يؤدي بدوره إلى اختالف في طبيعة املزايا النسبية ومن ثمة‬
‫التخصص الدولي‪ .‬ولكن السؤال املطروح مالذا تختلف األسعار النسبية بين الدول؟ لعل إجابة هذا‬
‫السؤال تدفعنا إلى البحث عن العوامل املحددة لألسعار في اقتصاد ما‪ ،‬وهذا بعدما الحظنا قصور‬
‫النظريات السابقة عن إيجاد جواب لهذا اإلشكال‪ .‬ولعل أول من تفطن إلى هذا القصور هو االقتصادي‬
‫السويدي هكشر(‪ ) 1919‬ومن بعده تلميذه اولين‪ .‬ولإلشارة فقط أن هذا العمل البحثي الذي قام به‬
‫هذين االقتصاديين يعتبر تكملة وإثراء ملا سبق‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية دوال اإلنتاج (نسب عناصر اإلنتاج) لـ ( ‪)Heckscher & Ohlin‬‬

‫محتوى النموذج‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫لقد جاء هذا النموذج الكتاب الذي أصدره هكشر بعنوان‪" :‬آثار التجارة الخارجية على التوزيع ‪".1919‬‬
‫وتلميذه أولين من خالل كتابه‪" :‬التجارة اإلقليمية والتجارة الدولية سنة ‪ "1933‬حيث تركز النظرية على‬
‫االختالف النسبي في عوامل اإلنتاج أو أسعار عوامل اإلنتاج بين الدول كأهم عامل محدد لقيام التجارة‬
‫الدولية‪ .‬حيث هناك سلع كثيفة العمل وأخرى كثيفة رأس املال وأخرى كثيفة األرض‪ .‬يسعى النموذج‬
‫إلى إثبات أن االختالف في نسب أو كثافة عناصر اإلنتاج تؤدي إلى اختالف التكاليف و األسعار النسبية‬
‫للدولة الواحدة‪ .‬ومن ثمة استيراد السلعة من الخارج بتكلفة إنتاج اقل مما لو تم إنتاجها محليا‪.‬‬

‫مرتكزات النموذج‪:‬‬ ‫‪)1‬‬


‫تؤدي االختالفات الدولية في نسب عناصر اإلنتاج إلى اختالفات مشابهة في هيكل التكاليف‬ ‫‪‬‬
‫واألسعار النسبية للسلع بحيث تسهل بدورها قيام التجارة الدولية؛‬
‫يؤدي قيام التجارة الدولية مع مرور الزمن إلى تعادل جزئي على األقل ألسعار السلع‬ ‫‪‬‬
‫والخدمات والتي تؤدي بدورها إلى التعادل الجزئي ألسعار عناصر اإلنتاج(األجور و أسعار‬
‫الفائدة)‪.‬‬
‫فرضيات النموذج‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫إضافة إلى الفرضيات السابقة نذكر ما يلي‪:‬‬

‫تماثل دوال اإلنتاج بين الدولتين؛‬ ‫‪‬‬


‫تكون السلعة( ‪ )x‬كثيفة العمل‪ intensive Labor‬أما السلعة (‪ )y‬تكون كثيفة رأس املال ‪capital‬‬ ‫‪‬‬
‫‪. intensive‬‬
‫يتماش إنتاج السلعتين مع قانون الغلة الثابتة ‪scale to return constant .‬‬ ‫‪‬‬

‫تفسير نموذج هكشر– أولين‪:‬‬


‫شرح تصورالنموذج‪:‬‬ ‫‪)3‬‬
‫يمكن توضيح اآللية التي يسير عليها نموذج هكشر اولين وفق الشكل التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم(‪ :)05‬سيرورة نموذج هكشر اولين‬

‫سلع كثيفة رأس المال‬


‫دولة "‪"A‬‬ ‫دولة"‪"B‬‬
‫كثيفة العمل‬ ‫كثيفة رأس‬
‫المال‬
‫سلع كثيفة العمل‬

‫بناء على الشكل السابق تقوم الدولة "‪" A‬بتصدير السلعة التي يتطلب إنتاجها لإلستخدام املكثف لعنصر‬
‫اإلنتاج املتوفر نسبيا لديها والرخيص وتستورد من الدولة "‪" B‬السلعة التي يتطلب إنتاجها كثافة في رأس‬
‫املال‪.‬‬

‫لغز ليونتيف * (‪:)Leontief‬‬ ‫‪)4‬‬


‫نعرف أن الواليات املتحدة األمريكية تتمتع بميزة نسبية في إنتاج السلع التي تتطلب كثافة رأس‬
‫املال‪ ،‬وحسب نظرية ( ‪) O-H‬فإنها يجب أن تتجه إلى تصدير السلع كثيفة رأس املال‪ ،‬إال أن‬
‫النتيجة التي توصل إليها ليونتيف قد أوضحت أن الواليات املتحدة تقوم بتصدير السلع كثيفة‬
‫العمل بينما تستورد سلع كثيفة رأس املال‪ .‬وقد عرف هذا التناقض بين النظرية والبحث‬
‫االستقرائي باسم " لغز ليونتيف ‪ Leontief Paradox ".‬حيث حاول هذا األخير أن يفسر هذا‬
‫اللغز بأخذ متوسط إنتاجية العامل األمريكي في الحسبان واألهم ما في األمر هو أن محاولة‬
‫ليونتيف قد فتحت الباب أمام العديد من الدراسات‪ ،‬التي أسفرت معظمها عن عدم تأييدها‬
‫لنظرية التوافر النسبي لعوامل اإلنتاج ليس من ناحية صحتها املنطقية ولكن من ناحية تطبيقها‬
‫عملي‪.‬‬
‫عيوب نظرية هكشر اولين‪:‬‬ ‫‪)5‬‬
‫مثلها مثل بقيت النماذج النظرية السابقة سجلت عليها بعض العيوب ونذكر منها‪:‬‬

‫تركز على اإلختالف الكمي في عناصر اإلنتاج (الندرة والوفرة) مهملة االختالف النوعي في هذه‬ ‫‪‬‬
‫العناصر؛‬
‫إشكالية تحديد كثافة عناصر اإلنتاج في السلع املتاجر بها دوليا في حالة وجود أكثر من عامل‬ ‫‪‬‬
‫إنتاج؛‬
‫تحليل ساكن دون مراعاة كل الحاالت؛‬ ‫‪‬‬
‫تعرضت النتقادات تطبيقية خاصة عندما حاول ليونتيف تطبيق نموذج هكشر اولين‬ ‫‪‬‬
‫علىالتجارة الخارجية للواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫واجهت النظرية التقليدية للتجارة املصاعب ألنها غالبا ماال تستطيع تفسير األنماط التجارية‬
‫الفعلية‪ .‬وقد أظهرت الدارسات التجريبية التي أجريت بعناية بأن الكثير من االفتراضات‬
‫األساسية للنظرية – كالتنافس املثالي‪ ،‬والتوظيف التام‪ ،‬والحركية املثالية للعناصر داخل‬
‫البلدان‪ ،‬والعناصر غير املتحركة بين البلدان‪ -‬غير واقعية وال تتوافق مع التوقعات النظرية‪.‬‬
‫وعند تخفيف صرامة تلك االفتراضات‪ ،‬تصبح حالة الرفاه وغيرها من النتائج أقل وضوًح ا‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن تطبيق افتراضات حول التأثيرات املتفاوتة للتعليم‪ ،‬والتأثيرات الخارجية‬
‫اإليجابية والتغييرات الفنية املقترنة بأنشطة اقتصادية مختلفة‪ ،‬يخلق احتمالية نظرية بتحقيق‬
‫مكاسب ضعيفة (إن وجدت) من التجارة بالنسبة لبلدان تتخصص في منتجات متدنية القيمة‬
‫املضافة و كثيفة العمالة‪.‬‬
‫لقد حاول العديد من املحللين تعديل بعض استنتاجات النظرية التقليدية في التجارة أو‬
‫توسيعها أو رفضها‪ .‬يستشهد أصحاب النظرية الجديدة في التجارة بدور وفورات الحجم (‬
‫‪ ) economies scale‬واألسواق منقوصة التنافس في تحديد األنماط التجارية الواقعة ضمن‬
‫مجتمعات صناعية في الدول الصناعية‪ .‬وقد قادت هذه الرؤية واضعي النظريات التجارية‬
‫االستراتيجيين إلى تبنى رؤى مؤيدة لدعم صناعات معينة بهدف منحها أفضلية استراتيجية في‬
‫األسواق العاملمية املحتكرة من قبل فئة قليلة‪ .‬كما أن الكتابات الحديثة في موضوع التجارة‬
‫والنمو تؤكد بأنه يمكن استحداث امليزة املقارنة – من نواحي ديناميكية‪ .‬استنادا على رأس املال‬
‫البشري والتعلم والتكنولوجيا واإلنتاجية‪ .‬كما أنه يمكنها أن تتغير مع مرور الوقت اعتمادا على‬
‫السياسة االقتصادية ‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪.‬التجارة الخارجية‪ ،‬دار اليازوري للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪-‬‬

‫‪.‬التجارة الدولية‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عمان ‪-‬‬

‫‪.‬التجارة الخارجية‪ ،‬دار صفاء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪-‬‬

‫‪.‬المدخل إلى التجارة الخارجية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪-‬‬

‫‪.‬التمويل الدولي ونظريات التجارة الخارجية‪ ،‬ط ‪ 2،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪-‬‬
‫محاضرات معمقة في نظريات التجارة الخارجية‪ ،‬د‪ /‬حليس عبدالقادر‪ ،‬جامعة الجلفة – ‪-‬‬
‫‪-‬الجزائر‬

You might also like