Professional Documents
Culture Documents
1
ARA 321 ARABIC RHETORIC II ( al- Ma'ani)
2
NATIONAL OPEN UNIVERSITY OF NIGERIA
National Open University of Nigeria
Headquarters
Plot 91, Cadastral Zone, University Village,
Nnamdi Azikiwe Expressway,
Jabi, Abuja
Nigeria.
e-mail: @nou.edu.ng
URL: .nou.edu.ng
ISBN:
3
CONTENTS PAGE
Introduction …..……………………….……………………….…….……………1
What You Will Learn in This Course ……………..…….…………………………5
Course Aims …………………………………………..……………………..……5
Course Objectives ………………………………..………………………….…….5
Working through this Course ……………………………………………………...6
Course Materials ………………………… ………………………………….……6
Study Units………………………………………….…………………………….6
Textbooks and References ……………………………….…..…………………...7
Assessment……………………………………………………….…..……………7
Tutor Marked Assignments …………………………..………….………………..7
Final Examination and Grading …………………………...…….………………..7
Course Marking Scheme……………………………………...…………………...8
How to Get the most from this course……………………..………………..….…8
Tutor and Tutorials.…..…………………….………………………...……….…...9
Summary……………………………………………………………………….…..9
4
Introduction
Welcome
ARA 321 Arabic Rhetoric II is a two-Credit Unit Course for the first semester
of the third year of students in the B.A. Degree (Arabic Language and
Literature) programme. It consists of fourteen units which include basic
Components of Arabic rhetoric, with emphasis on the parts of speech and style
i.e.
This Course Guide provides information on what the course is all about, what
you are expected to know in each unit, what course materials you will be using
and how you can work your way through these materials. It also tells you about
assessments, and periodic tutorial classes that are available for the course.
Course Aims
The aims of this Course can be summarized as follows:
Introducing you to the basic components of Arabic Rhetoric.
Preparing you for expressing yourself in rhetorically perfect spoken and
written Arabic.
Enabling you to identify various styles in using nouns, verbs and particles
with their meaning in Arabic Language.
Course Objectives
To achieve the aims set out above, each unit of ARA 321 has specific
objectives which are stated for you at its beginning. I advise that you read them
before you start working through the unit. You may want to refer to them
during your study to check your progress.
Here are the wider objectives of ARA 321 course as a whole. By meeting the
objectives, you can count yourself as having met the aims of the course. On
successful completion of the course, you should be able to:
Highlight the styles in Arabic language; identify and utilize nouns, verbs and
particles with their meaning in written and spoken Arabic.
Recognize the various types and tenses of Arabic language verbs in written
forms and utilize them in spoken Arabic.
State the Arabic language particles, their meaning, uses and effects in Arabic
rhetoric.
Use Arabic pronouns and identify correct use of them in oral and written
expressions.
5
Construct and recognize styles and meaning of rhetorically perfect of Arabic
language.
Course Materials
The major materials you will need for this course are:
i) Course guide
ii) Study units
iii) Text books
iv) Presentation Schedule
Study Units
There are fourteen Units in this course broken into three modules. They are
listed below.
6
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
Abdul-Raof, Hussein (2006). Arabic Rhetoric. A Pragmatic Analysis.
London & New York: Routledge. (Specifically pp.196-238).
7
Abubakre, R.D. (1989) Bayan in Arabic Rhetoric: An analysis of the core
of Balāgha. Ibadan: Intec Printer Limited.
8
Sādiq, ‘Abd al-Ridā (1395AH/1975CE) Editor, al-Balāgha, 4th edition,
Baghdad: Ministry of Education.
Assignment Files
An assessment file and a marking scheme will be made available to you. In the
assessment file, you will find details of the works you must submit to your
tutor for marking. There are two aspects of the assessment of this course; the
tutor marked and the written examination. The marks you obtain in these two
areas will make up your final marks.
The assignment must be submitted to your tutor for formal assessment in
accordance with the deadline stated in the presentation schedule and the
Assignment file. The work you submit to your tutor for assessment will count
for 30% of your total score.
9
Each unit contains a number of self-tests. These self-test questions on the
sections you have just covered are meant to help to evaluate your progress and
to reinforce your understanding of the materials. Alongside with your tutor-
marked assignments, these exercises will assist you in achieving the stated
learning objectives of the individuals units and of the course.
Assessment Mark
Three Assignments Marked = 30%
Total 100%
Module 1
. وواضعه، موضعه، التعريف بعلم المعاني:الفصل األول
:التوطئة
10
المتكلم بصورة تناسب أحوال المخاطبين ،وإذا ً البُد لطالب
ِّ ُصوره
ِّ َّ
إن الكالم البليغ :هو الذي ي
ص َّور به كالمه في كل حالة ،فيجعل لكلالبالغة أن يدرس هذه األحوال ،ويَعرف ما يجب أن يُ َ
مقام مقَاال.
تتمحور الدراسة في هذه السطور في التعريف هذا الفن من الفنون البالغية ومباحثه منطلقا من
التعريف ،وموضوعه ،وواضعه.
الهدف:
معرفة أحوال كالم
العرب.
تأدية الكالم مطابقا للحال والمقام.
يحترز بهذا العلم الوقوع في الخطأ عند أداء المعنى المقصود.
الحال هو األمر الداعي للمتكلم إلى إيراد خصوصية في الكالم ،وتلك الخصوصية هي مقتضى
الحال -مثال إن كان بينك وبين مخاطبك عهد بشيء -فالعهد حال يقتضي إيراد الكالم معرفا،
11
والتعريف هو مقتضى الحال ،فالحال هو ما بعد الم التعليل المذكورة بعد كل خصوصية كقولك
في الذكر :ذكر لكون ذكره األصل وفي الحذف :حذف لالستغناء عنه -وهلم جرا.
تحتذى
َ )ب) والوقوف على أسرار البالغة والفصاحة :في َمنثور كالم العرب ومنظومه كي
س َج على منواله ،وتَفرقَ بين َج ِّيد الكالم َوردِّيئه.
حذوه ،وت َن ُ
(المسند إليه) على َوج ٍه يُفيد الحكم باحداهما على األخرى :ثُبوتا ً -أو نفيا ً نحو :هللا واحدٌ ال
شريك له.
قادر.
قادر» من قولك -هللا ٌ
)(1خبر المبتدأ -نحو « ٌ
أعارف
ٌ الوصف ال ُمستغنى عن الخبر بمرفوعه -نحو «عارف» من قولك -
ُ )(4والمبتدأ
قدر اإلنصاف.
أخوك َ
ونظائرها.
ُ ائرها َّ -
وإن ظ ُ )َ (5وأخبار النَّواسخ «كان ونَ َ
ألرى وأخواتها.
)(7والمفعول الثالث َ -
)(1الفاع ُل «للفعل التام أو شبهه» نحو «فؤاد -وأبوه» من قولك حضر فؤادٌ العالم ابوه.
ألرى واخواتها.
)(5والمفعول الثاني َ -
)(2وإما ان يكونا كلمتين ُحكما -نحو (ال إله إال هللا ينجو قائلها من النار) أي (توحيد ُ
االله نجاة من النار(
) (3وإما أن يكون المسند إليه كلمة حكما ،والمسند كلمة حقيقة نحو «تسمع بالمعيدي
خير من أن تراه) أي (سماعك بالمعيدي خير من رؤيته)
ٌ
الخالصة:
يستفاد من هذه السطور السالفة بعض المسائل األساسية من تعريف علم المعاني ودوره
بين العلوم البالغية في توظيف الكلمات واستخدامها فيما يناسب من أوجه الكالم ،وذكر واضعه،
وأني استمداده من كالم العرب ،وتطرق إلى ذكر بعض االصطالحات البالغية وكيفية
استخدامها.
التمرين:
الواجب المنزلي:
المراجع والمصادر:
القرآن الكريم.
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
14
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
15
Module 2.
التوطئة:
في هذا الباب يتركز الكالم على بعض أجزاء الكالم وتقسيمه إلى الخبر واإلنشاء ،ويبين
أوجههما وأنواعهما ،وما يستفاد من معاني الخبر وأضربه ،كما يتطرق إلى اإلنشاء وقسميه ثم ما
يبحث عنه في هذا الصدد ،أي يذكر اعتناء البالغيين باإلنشاء الطلبي غير أخيه (اإلنشاء غير
الطلبي) في هذا البحث.
الهدف:
بيان أوجه اإلنشاء وكيفية استخدامه ،وقسميه ثم الكالم عن اإلنشاء الطلبي وأقسامه مع
البيان عن الجميع.
الخبر هو ما يتحقق مدلولهُ في الخارج بدون النطق به نحو :العلم ناف ٌع ،
ُ وإن شئت فقل
فقد أثبتنا صفة النَّفع للعلم ،وتلك ال َّ
صفة ثابتة له (سواء تلفظت بالجملة السابقة أم لم تتلفظ) ألن نفع
أمر حاصل في الحقيقة والواقع ،وإنما أنت تحكى ما اتَّفق عليه الناس قاطبة ،وقضت به
العلم ٌ
الشرائع ،وهدت إليه العقولُ ،بدون نظر إلى إثبات جديد.
16
والمراد :بصدق الخبر ُمطابقته للواقع ونفس األمر.
والمراد بكذبه عدم مطابقته له ،فجملة :العلم نافع -ان كانت نسبتُه الكالميَّة (وهي ثبوت
النفع المفهومة من تلك الجملة) مطابقةً للنسبة الخارجية -أي موافقة لما في الخارج والواقع
ٌ
فصدق» وإال «فكذب» نحو «الجهل نافع» فنسبته الكالمية ليست مطابقة وموافقة للنسبة«
الخارجية.
)أ) إما إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة ،إذا كان جاهال له ،ويسمى هذا النوع
«فائدة الخبر» نحو «الدين المعاملة.
)ب) وإما إفادة المخاطب أن المتكلم عالم أيضا بأنه يعلم الخبر كما تقولُ :لتلميذ أخفى
عليك نجاحه في االمتحان -وعلمته من طريق آخر :أنت نجحت في االمتحان ،ويسمى هذا
النوع.
وقد يخرج الخبر عن الغرضين السابقين إلى أغراض أخرى تستفاد بالقرائن ،ومن سياق
الكالم :أهمها :
)(2وتحريكُ الهمة إلى ما يلزم تحصيله ،نحو :ليس سواء عالم وجهول.
مني( ّْ
(رب إني َوهنَ العظم ّْ )(3وإظهار الضعف والخشوع ،نحو
)(4وإظهار التحسر على شيء محبوب نحو (رب إني وضعتها أنثى(
)(5وإظهار الفرح بمقبل -والشماتة بمدبر ،نحو (جاء الحق وزهق الباطل(
)(7التَّذكير بما بين المراتب من التَّفاوت -نحو ( :ال يستوي كسالن ونشيط(
َّ
منهن كوكب فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبدُ
وقد يجيء ألغراض أخرى -والمرجع في معرفة ذلك إلى الذوق والعقل السليم.
حيث كان الغرض من الكالم اإلفصاح واإلظهار ،يجب أن يكون المتكلم مع المخاطب كالطبيب
مع المريض ،يشخص حالته ،ويعطيه ما يناسبها.
فحق الكالم :أن يكون بقدر الحاجة ،ال زائدا ً عنها ،لئال يكون عبثاً ،وال ناقصا ً عنها ،
لئال يخل بالغرض ،وهو (اإلفصاح والبيان)
18
لهذا -تختلف صور الخبر في اساليب اللغة باختالف أحوال المخاطب الذي يعتريه ثالث
أحوال:
أوال -أن يكون المخاطب خالي الذهن من الخبر ،غير متردد فيه.
وال منكر له -وفي هذه الحال ال يؤكد له الكالم ،لعدم الحاجة إلى التوكيد نحو قوله
تعالى « -المال والبنون زينة الحياة الدنيا.
ويسمى هذا الضرب من الخبر (ابتدائياً) ويستعمل هذا الضرب حين يكون المخاطب
خالي الذهن من مدلول الخبر فيتمكن فيه لمصادفته اياه خاليا
ثانيا ً -أن يكون المخاطب مترددا ً في الخبر ،طالبا ً الوصول لمعرفته ،والوقوف على
حقيقته فيستحسن تأكيد ( )1الكالم ال ُملقى إليه تقوية للحكم ،ليتمكن من نفسه ،ويطرح الخالف
منتصر.
ٌ وراء ظهره ،نحو -إن األمير
ويسمى هذا الضرب من الخبر (طلبياً) ويؤتى بالخبر من هذا الضرب حين يكون
المخاطب شا َّكا في مدلول الخبر ،طالبا ً التثبت من صدقه.
ثالثا ً -أن يكون المخاطب منكرا ً للخبر الذي يراد إلقاؤه إليه ،معتقدا ً خالفه فيجب تأكيد
أكثر ،على حسب حاله من االنكار ،قوة -وضعفا ً نحو :إن أخاك
الكالم له بمؤكد أو مؤكدين أو َ
قاد ٌم -أو إنه لقادم -أو وهللا إنه لقادم أو لعمري :إن الحق يعلو وال يُعلى عليه.
ويسمى هذا الضرب من الخبر (إنكارياً) ويؤتى بالخبر من هذا الضرب حين يكون
المخاطب ُمنكرا ،واعلم أنه كما يكون التأكيد في االثبات ،يكون في النفي أيضا ً ،نحو :ما
المقتصد بمفتقر ،ونحو :وهللا ما ال ُمستشير بنادم.
تنبيهات
األول :لتوكيد الخبر أدوات كثيرة ،وأشهرها إن ،وأن ،والم االبتداء ،وأحرف التنبيه،
والقسم ،ونونا التوكيد ،والحروف الزائدة (كتفعل واستفعل) والتكرار ،وقد ،وأما الشرطية ،وإنما
وإسمية الجملة ،وضمير الفصل ،وتقديم الفاعل المعنوي.
19
المبحث الثالث :في حقيقة االنشاء وتقسيمه:
اإلنشاء لغة :اإليجاد ،واصطالحا ً :كال ٌم ال يحتمل صدقا ً وال كذبا ً لذاته .نحو اغفر -
وارحم ،فال ينسب إلى قائله صدق -أو كذب وإن شئت فقل في تعريف اإلنشاء «وهو ما ال
يحصل مضمونه وال يتحقق إال تلفظت به» فطلب الفعل في «افعل» وطلب الكف في «ال تفعل»
و طلب المحبوب في «التمني» وطلب الفهم في «االستفهام» وطلب االقبال في «النداء» كل ذلك
ما حصل إال بنفس الصيغ المتلفظ بها.
وينقسم االنشاء إلى نوعين :انشاء طلبي – وانشاء غير طلبي « ،فاالنشاء غير الطلبي»
ما ال يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب -ويكون :بصيغ المدح ،والذم ،وصيغ العقود ،
والقسم ،و التعجب والرجاء ،وكذا يكون بربَّ ولع َّل ،وكم الخبرية.
)(1أما المدح والذم فيكونان :بنعم وبئس – وما جرى مجراهما نحو حبذا ،واألفعال
ي نفسا ً ،وخبث بكر أصالً.
المحولة إلى فعل نحو طاب عل ٌّ
)(2وأما العقود :فتكون بالماضي كثيرا ً ،نحو بعتُ واشتريتُ ووهبتُ – وأعتقتُ –
حر لوجه هللا تعالى.
وبغيره قليال – نحو أنا بائع ،وعبدي ٌ
)(3وأما القسم :فيكون :بالواو – والباء – والتاء – وبغيرها نحو :لعمرك ما فعلت كذا.
20
)(4وأما التعجب :فيكون قياسا ً بصيغتين ،ما أفعله – وأفعل به وسماعا ً بغيرهما ،نحو
:هلل دره عالما – كيف تكفرون باهلل وكنتم أمواتا ً فأحياكم.
)(5وأما الرجاء :فيكون :بعسى – وحرى – واخلولق ،نحو :عسى هللا أن يأتي
بالفتح.
واعلم أن االنشاء غير الطلبي ال تبحث عند علماء البالغة ،ألن أكثر صيغه في االصل
أخبار نقلت إلى اإلنشاء.
ٌ
واُنما المبحوث عنه في علم المعاني هو (اإلنشاء الطلبي) لما يمتاز به من لطائف بالغية.
وأنواعه خمسة ،األمر ،والنهي ،واالستفهام ،والتمني ،والنداء ( )2وفي هذا الباب
خمسة مباحث:
األمر :هو طلب حصول الفعل من المخاطب :على وجه االستعالء ( )3
)(4والمصدر النائب عن فعل األمر – نحو سعيا ً في سبيل الخير وقد تخرج صيغ األمر
عن معناه األصلي وهو (اإل يجاب وااللزام) إلى معان أخرى :تستفاد من سياق الكالم ،وقرائن
االحوال.
21
بدين إلى أج ٍل مسمى فاكتبوه ،وليكتب بينكم
ٍ )(3واالرشاد – كقوله تعالى «إذا تداينتم
كاتبٌ بالعدل.
)(6واإلباحة – كقوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط األبيض من الخيط
األسود من الفجر(
بسالم آمنين(
ٍ )(8واالكرام – كقوله تعالى (ادخلوها
أالَ أيها الليل الطويل أال انجلي ** بصبح وما االصباح منك بأمثل
22
القسم الثاني :في النهي.
النهي -هو طلب الكف عن الشيء على وجه االستعالء ( )1مع اإللزام ،وله صيغة
واحدة ،وهي المضارع المقرون بال الناهية :كقوله تعالى «وال تفسدوا في األرض بعد إصالحها
معان أخر ،
ٍ وال تجسسوا وال يغتب بعضكم بعضا ً» وقد تخرج هذه الصيغة عن أصل معناها إلى
تستفاد من سياق الكالم وقرائن األحوال.
)(4والدوام -كقوله تعالى (وال تحسبن هللا غافال عما يعمل الظالمون(
)(5وبيان العاقبة -نحو قوله تعالى (وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل هللا أمواتا ً بل أحياء(
( )6والتيئيس -نحو قوله تعالى «ال تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم»
)(12والتحقير -كقوله:
ال تطلب المجد إن المجد سلمه صعب ،وعش مستريحا ً ناعم البال
وكقوله:
23
القسم الثالث :في االستفهام.
االستفهام :هو طلب العلم بشيء لم يكن معلوما ً من قبل وذلك بأداة من إحدى أدواته
اآلتية -وهي:
الهمزة ،وهل ،وما ،ومتى ،وأيان ،وكيف ،وأين ،وأنى ،وكم ،وأي ،
)جـ) وما يطلب به التصور فقط ،وهو بقية الفاظ االستفهام اآلتية:
)(1فالتصور :هو إدراك المفرد ( )1نحو أعلي مسافر أم سعيد ،تعتقد أن السفر حصل
من أحدهما ،ولكن تطلب تعيينه ،ولذا يجاب فيه بالتعيين ويقال سعيد مثالً وحكم الهمزة التي
لطلب التصور ،أن يليها المسؤول عنه بها ،سواء – أكان :
أيوم الخميس قدمت أم يوم الجمعة ،ويذكر المسئول عنه في َ )(5أم ظرفا – نحو :
التصور بعد الهمزة ،ويكون له معادل يذكر بعد أم غالبا ً :وتسمى متصلة.
وقد يستغنى عن ذكر المعادل :نحو :أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم
24
)ب) والتصديق «هو إدراك وقوع نسبة تامة بين المسند والمسند إليه – أو عدم وقوعها» بحيث
يكون المتكلم خالي الذهن مما استفهم عنه في جملته ،مصدقا للجواب – إثباتا ً «بنعم» -أو نفيا ً
«بال» وهمزة االستفهام تدل على التصديق إذا أريد بها النسبة ويكثر التصديق في الجمل الفعلية
– كقولك :أحضر األمير
تستفهم عن ثبوت النسبة ونفيها – وفي هذه الحالة يجاب بلفظة :نعم – أو – ال.
ويمتنع أن يذكر مع همزة التصديق معاد ٌل – كما مثل فإن جاءت «أم» بعدها :قدرت
منقطعة وتكون بمعنى (بل) فتدل على استئناف الكالم بعدها – كقوله :
ونحو :
هل
يطلب بها التصديق فقط – أي معرفة وقوع النسبة ،أو عدم وقوعها ال غير – نحو هل
حافظ المصريون على مجد أسالفهم.
وألجل اختصاصها بطلب التصديق ال يذكر معها المعادل بعد أم المتصلة – فلذا.
)(1امتنع – هل سعد قام أم سعيد :ألن وقوع المفرد وهو سعيد بعد «أم» الواقعة في
حيز االستفهام دليل على أن أم متصلة ،وهي لطلب تعيين أحد األمرين – والبدَّ حينئذ أن يعلم بها
أوال أصل الحكم.
)وهل) ال يناسبها ذلك – ألنها لطلب الحكم فقط ،فالحكم فيها غير معلوم ،وإال لم يُستفهم
عنه بها ،وحينئذ يؤدي الجمع بين (هل – وأم) إلى التناقض.
ألن (هل) تفيد أن السائل جاهل بالحكم ألنها لطلبه «وأم» المتصلة :تفيد أن السائل عالم
به ،وإنما يطلب تعيين أحد األمرين – فإن جاءت أم كذلك ،كانت منقطعة بمعنى بل التي تفيد
االضراب نحو :هل جاء صديقك أم عدوك.
25
)ب) وقبح استعمال «هل» في تركيب هو مظنة للعلم بحصول أصل النسبة ،وهو ما يتقدم فيه
المعمول على الفعل ،نحو هل خليال أكرمت فتقديم المعمول على الفعل ،يقتضى غالباًًً حصول
ٌ
عبث. العلم للمتكلم وتكون هل لطلب حصول الحاصل وهو
تنبيهات
األول – هل – كالسين وسوف تُخلص المضارع لالستقبال ،فال يقال :هل تصديق ؟
جوابا ً لمن قال أحبك اآلن ،بل تقول له ،أتصدق ؟ وألجل اختصاصها بالتصديق ،وتخليصها
المضارع لالستقبال قوى اتصالها بالفعل لفظا ً أو تقديرا ً نحو هل يجيء علي – أو هل علي يجيء
؟ فإن عدل عن الفعل إلى االسم البراز ما يحصل في صورة الحاصل داللة على كمال العناية
بحصوله كان هذا العدول أبلغ في إفادة المقصود كقوله تعالى «فهل أنتم شاكرون» فهذا التركيب
أدل على طلب الشكر من قولك ،هل تشكرون – وذلك ألن الفعل الزم بعد هل والعدول عنه يدل
على قوة الداعي لذلك ،لما ذكر
( أ) فالبسيطة هي التي يستفهم بها عن وجود شيء في نفسه ،أو عدم وجوده ،نحو هل العنقاء (
)1موجودة – ونحو :هل الخل الوفي موجود(.ب) والمركبة – هي التي يستفهم بها عن وجود
شيء لشيء وعدم وجوده له – نحو هل المريخ مسكون ؟ -هل النبات حساس ؟
26
واعلم :أن الهمزة – وهل – يُسأل بهما عما بعدهما – ألنهما حرفان ليس لهما معنى
ُمستقال.
الرابع – بقية ادوات االستفهام موضوعة (للتصور) فقط – فيُسأل بها عن معناها – وهي
:
الجواب
ُ ما ،ومن ،ومتى ،وايان ،وكيف ،وأينَ ،وانى ،و َكم ،وأي ،ولهذا يكون
معها بتعيين المسئُول عنه.
ما – ومن
)أ) إيضاح االسم :نحو ما العسجد ؟ فيقال في الجواب إنه ذهبٌ .
ُطلب بها بيان الصفة نحو :ما خلي ٌل ؟ -وجوابه طويل أو قصير :مثال
)ج) أو ي ُ
وتقع هل البسيطةُ في الترتيب العقلي بين «ما» التي لشرح االسم ،و «ما» التي للحقيقة
فَمن يجه ُل معنى البشر مثال يسأل أوالً «بما» عن شرحه :فيجاب بانسان ،ثم «بهل»
البسيطة عن وجوده ،فيجاب بنعم
متى – وأيَّان
َعيين َّ
الزمان ،سواء أكان ماضيا أو مستقبال – ويطلب بها ت ُ
ُ متى – موضوعة لالستفهام ،
عمر ؟ ومت َى نح َ
ظى بالحرية. ُ نحو متى تولَّى الخالفة
27
تعيين َّ
الزمان ال ُمستقبل خاصة وتكون في ُ ويطلب بها
ُ وأيَّان – موضوعة لالستفهام ،
موضع (التهويل والتفخيم) دون غيره كقوله تعالى (يسا ُل أيان يوم القيامة)
ُ
تعيين الحا ُل :كقوله تعالى «فكيف إذا جئنا من ويطلب بها
ُ كيف :موضوعة لالستفهام –
كل أم ٍة بشهيد» وكقوله :
ُ
تعيين المكان نحو :أين شركاؤكم وأنى : ويطلب بها
ُ وأين موضوعة لالستفهام
موضوعة لالستفهام – وتأتى لمعان كثيرة
كيف – كقوله تعالى «أنَّى يُح ِّيي هذ ِّه هللاُ بعد موتها(
)(1فتكون بمعنى َ
لك هذا(
)(2وتكون بمعنى ِّمن أين – كقوله تعالى (يا مري ُم أنى ِّ
عد ٍد ُم ٍ
بهم كقوله تعالى (كم لبثتم( وكم – موضوعة لالستفهام :ويُطلب بها تعيين َ
28
(أغير هللاِّ ت َدعون(
َ )(5واإلنكار )3 ( -كقوله تعالى
)(6والتشويق – كقوله تعالى (هل أدُلكم على تجارةٍ تنجيكم من عذاب أليم(
)(10واالستبعاد – كقوله تعالى (أنَّى لهم الذِّكرى وقد جاءهم رسول مبين) – ونحو :
قول الشاعر :
عام ويَمشي في األسواق) – )(13والتَّع ُّجب – كقوله تعالى – (ما لهذا َ الرسول يأكل َّ
الط َ
وكقول الشاعر :
صم أو تهدى العُمى( )(18والتَّنبيه على الباطل – كقوله تعالى (أفأنت ت ُ ِّ
سمع ال ُّ
)(19والتَّح ُّ
سر – كقول شمس الدين الكوفي
29
)(20والتَّنبيه على ضالل الطريق – كقوله تعالى (فأين تذهبون) والتَّكثير – كقول أبي
المعري :
ِّ ال َعالء
التمني :هو طلب الشيء المحبوب الذي ال يُرجى ،وال يتوقَّع حصوله
المشيب
ُ اب يعودُ يوما ** فأخبَره بما فع َل
أال ليتَ الشب َ
)(2وإما لكونه ممكنا ً غير مطموعٍ في نيله -كقوله تعالى (يا ليت لنا مثل ما أوتي
قارون(
أطير
ُ سرب القَطا هل من يعير جناحهُ ** لعلي إلى من قد هويت
َ ا
30
وألجل استعمال هذه األدوات في التمني ينُ ُ
صب المضارع الواقع في جوابها.
طلب المت َكلم إقبال المخاطب عليه بحرف نائب مناب «أنادي» المنقول من
ُ النِّداء -هو
الخبر إلى االنشاء -وأدواته ثمان الهمزة ،واي ،ويا ،وآي ،وأ َيا َوهيا ،ووا .
وقد يُنز ُل البعيد منزلة القريب – فينادي بالهمزة واي ،إشارة ً إلى أنه لشدة استحضاره
في ذهن المتكلم صار كالحاضر معه ،ال يغيب عن القلب ،وكأنه ماث ٌل َ
أمام العين – كقول الشاعر
:
س ُ
كان األراك تيقَّنوا ** بأن ُكم في ربع قلبي ُ
ِّ نعمان
ِّ سكانَ
أ ُ
علُو مرتبته ،فيجع ُل بعدُ المنزلة كأنه بُعد في المكان كقوله «أيا موالي»
)أ) إشارة إلى ُ
وانت معه للدالل ِّة على ان ال ُمنادي عظي ُم القدر ،رفي ُع الشأن.
)ب) أو إشارة إلى انحطاط منزلته ودرجته – كقولك «ايا هذا» لمن هو معك.
31
وقد تخرج ألفاظ النداء عن معناه األصلي إلى معان أخرى ،تفهم من السِّياق بمعونة
القرائن ومن أهم ذلك
سر والتَّو ُّجع – كقوله تعالى (يا ليتني كنتُ ترابا ً)
)(6والتح ُّ
أيا منزلي سلمى سال ٌم عليكما ** هل األز ٌمن الالتي مضينَ رواجع
نحو قوله تعالى « :رحمةُ هللا وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميدٌ مجيد» ونحو :نحن
العلما َء ورثة األنبياء :
32
)أ) إ َّما للتَّفاخر – نحو :أنا أكر ُم الضيف أيها الرجل.
الفقير المسكين ُ أيها الرجل ونحو :اللهم اغفر لنا أيَّتها العصابَة.
ُ )ب) وإما للتَّوا ُ
ضع – نحو :أنا
الخالصة:
في هذه السطور بيان عن الكالم من منطلق تجزئه إلى الخبر واإلنشاء ،وتوضيح كيفية
استخدام الخبر وخروجه عن معناه األصلي ثم بيان أضرب الخبر ،كما تطرق إلى الكالم عن
اإلنشاء وقسميه وكالم البالغيين في كليهما من عدم البحث عن اإلنشاء غير الطلبي ،وكيف أولى
اإلنشاء الطلبي بالبحث وتقسيمه إلى خمسة أقسام مع بيان كل منها على حدة.
التمرين:
الواجب المنزلي:
المراجع والمصادر:
القرآن الكريم.
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
33
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد 2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
Module 3
التوطئة:
ينوى في السطور التالية الجانب األسلوبي مما يميز العربية عن بعض لغات العالم في
اعتنائها باألساليب نطقا وكتابة ،ويراعي في هذا الصدد ما يذكر وما يحذف من الكلمات ثم ما
يؤدي إلى استخدام أي من هذه األوجه عند التركيب ،وأشار إلى شيء من دواعي الذكر والحذف.
34
الهدف:
المسند إليه :هو المبتدأ الذي له خبر ،والفاعل ،ونائبه ،وأسماؤه وأحواله هي النواسخ
:الذكر ،والحذف ،والتعريف ،والتنكير ،والتَّقديم ،والتأخير وغيرها ،وفي هذا الباب عدة
مباحث.
وإال كان الكالم ُمع ًّمى مبهما ً ،ال يستبينَ المرادُ منه وقد يترجح الذكر وجود قرينة تمكن
من الحذف ،حين ال يكون منه مانع ،فمن ُمرجحات الذكر.
زيادة ُ التقرير وااليضاح للسامع -كقوله تعالى (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم
المفلحون)
وكقول الشاعر
نحو سعدٌ نعم الزعيم :تقول ذلك إذا سبق لك ذكر سعد ،وطال عهد السامع به ،أو ذُكر
معه كالم في شأن غيره
الرد على ال ُمخاطب :نحو :هللا واحدٌ ،ردا على من قال :هللا ثالث ثالثة:
)َّ (3
35
)(4التَّلذذُ نحو :هللا ربي ،هللا حسبي.
التعريض بغباوة السامع :نحو سعيدٌ قال كذا -في جواب :ماذا قال سعيد ؟
ُ )(5
)(6التسجيل على السامع ،حتى ال يتأتى له اإلنكار -كما إذا قال الحاكم لشاهد -هل اقر
زيد هذا بأن عليه كذا ؟ فيقول الشاهد نعم زيد هذا أقر بأن عليه كذا.
سارق ؟
سارق قادم ،في جواب من قال :هل حضر ال َّ
)(9اإلهانة -نحو ال َّ
)أ) قس ٌم يظهر فيه المحذوف عند اإلعراب :كقولهم -أهال وسهال فإن نصبهما يدل على
ناصب محذوف يُقدر بنحو :جئت أهال ونزلت مكانا ً سهالً -وليس هذا القسم من البالغة في
شيء.
)ب) وقسم ال يظهر فيه المحذوف عند االعراب – وإنما تعلم مكانه إذا أنت تصفحت المعنى ،
ووجدت َه ال يتم إال بمراعاته ،نحو يعطي – ويمنع أي – يُعطى من يشاء ،ويمنع من يشاء –
الرونق.
ولكن ال سبيل إلى إظهار ذلك المحذوف ،ولو أنت أظهرته زالت البهجة ،وضاع ذلك َّ
ومن دواعي الحذف :إذا دلت عليه قرينة ،وتعلق بتركه غرض من األغراض اآلتية :
)(1ظهوره بداللة القرائن عليه – نحو :فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم «أي أنا
عجوز».
36
)(2إخفا ُء األمر عن غير المخاطب – نحو أقبل «تُريد عليا مثال».
ست إليه الحاجة – نحو (لئيم خسيس) بعد ذكر شخص ال تذكر
)(3تيسر االنكار إن م َّ
اسمه ليتأتَّى لك عند الحاجة أن تقول ما أردته وال قصدته.
)(5اختبار تنبه السامع له عند القرينة – أو مقدار تنبهه – نحو نوره مستفادٌ من نور
الشمس – أو هو واسطة عقد الكواكب «أي القمر» في كل من المثالين
سهر دائ ٌم و ُح ٌ
زن طويل. ٌ قال لي كيف أنت قلت علي ٌل
وما الما ُل واألهلون إال ودائع والبُدَّ يوما ً أن تردَّ الودائ ُع.
ي والَ ليا.
راض بان أحم َل الهوى ** وأخلص منه ال عل َّ
ٍ على أنني
)(10كون المسند إليه معينا ً معلوما ً «حقيقة» نحو ( :عالم الغيب والشهادة) «أي – هللا»
-أو معلوما ً «ادعاء» نحو و َّه ُ
اب األلوف (أي فالن(
)(11إتباع االستعمال الوارد على تركه – نحو :رميةٌ من غير رام «أي هذه رمية»
ونحو :نعم الزعيم سعدٌ :أي هو سعد ٌ.
)(12إشعار أن في تركه تطهيرا ً له عن لسانك ،أو تطهيرا ً للسانك عنه ،مثال األول
ي(
عم ٌ
قرر للشرائع ،موض ٌح للدالئل) تريد صاحب الشريعة ومثال الثاني (ص ٌم بُك ٌم ُ
( ُم ٌ
37
فصبر جميل (أي فأمري صبر جميل(
ٌ ير الفائدة – نحو :
)(13تكث ُ
)(14تعيُّنه بالعهدية – نحو ( :واستوت على الجودي أي السفينة ونحو «حتى توارت
بالحجاب» أي الشمس.
ومرجع ذلك إلى الذوق األدبي فهو الذي يُوحى إليك بما في القول من بالغة وحسن بيان.
الخالصة:
يحصل الكالم في هذا الصدد على أحوال المسند إليه وكيفية استخدامه في كالم العرب،
وقد يدعى الحال إلى ذكره في بعض األحوال ،كما يحرز الكاتب أو المتكلم إلى حذفه نظرا
لألحوال المحيطة به.
التمرين:
الواجب المنزلي:
المراجع والمصادر:
القرآن الكريم.
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
38
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد 2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
39
Module 4.
التوطئة:
يحرص الكاتب على بيان القصر وما يؤدي إليه منطلقا من تعريفه لغة واصطالحا،
وبيان أنواعه والطريقة إليه ،ثم بيان أدوات القصر في األسلوب العربي.
الهدف:
القصر :لغة الحبس -قال هللا تعالى (حور مقصورات في الخيام) واصطالحا ً :هو
تخصيص شيء بشيء بطريق مخصوص.
نحو :ما شوقي إال شاعر ،فمعناه تخصيص (شوقي بالشعر) وقصره عليه ،ونفى صفة
(الكتابة) عنه ( -ردَّا على من ظن أنَّه شاعر :وكاتب) والذي د َّل على هذا التخصيص هو النفي
بكلمة (ما) المتقدمة ،واالستثناء بكلمة (إال) التي قبل الخبر.
فما قبل «إال» وهو «شوقي» يُسمى مقصورا ً عليه ،وما بعدها وهو (شاعر) يسمى
مقصورا ً ( -وما -وإال) طريق القصر وادواته.
شاعر) بدون (نفي واستثناء) ما فُهم هذا التخصيص ولهذا :يكون لكل
ٌ ولو قلت (شوقي
قصر طرفان «مقصور ،ومقصور عليه» ويُعرف (المقصور) بأنه هو الذي يُؤلف مع
40
(المقصور عليه) الجملة األصلية في الكالم ومن هذا تعلم أن القصر :هو تخصيص الحكم
بالمذكور في الكالم ونفيه عن سواه بطريق من الطرق اآلتية:
للقصر ُ
ط ُرق كثيرة -وأشهرها في االستعمال أربعة:
واعلم أن «غير» كإال :في إفادة القصرين ،وفي امتناع اجتماعه مع ال العاطفة ،فال
يقال :ما على غير شاعر ال منجم ،وما شاعر غير على ال نصر.
وهي :
أوالً :يكون القصر (بالنفي واالستثناء) ( ، )1نحو :ما شوقي إال شاعر أو :ما شاعر
إالَّ شوقي.
ثانيا ً :يكون القصر (بإنَّما) – نحو « :إنما يخشى هللا من عباده العلماء»
باألثمان
ِّ وكقوله :إنما يشتري المحامدَ ُح ٌّر طاب نفسا ً ل ُهن
ثالثا ً :يكون القصر (بالعطف بال – وبل – ولكن) – نحو :األرض متحركة ال ثابتة ،
وكقول الشاعر :
ثالثا ً -يكون للقصر (بإنما) مزيَّة على العطف ،ألنها تفيد االثبات للشيء ،والنفي عن
غيره دفعة واحدة ،بخالف العطف ،فانه يفهم منه االثبات أوال ،ثم النفي ثانيا ً -أو عكسه.
رابعا ً -التقديم َ :يدُل على القصر بطريق الذَّوق السليم ،والفكر الصائب ،بخالف الثالثة
الباقية فتدل على القصر بالوضع اللغوي (األدوات(
خامسا ً -األص ُل أن يتأخر المعمول عن عامله إال لضرورة و َمن يتتبع أساليب البلغاء في
تقديم ما حقُّه التأخير :يجد أنهم يريدون بذلك :التخصيص.
41
المبحث الثاني :في تقسيم القصر باعتبار الحقيقة والواقع إلى قسمين:
)ب) وقصر إضافي -وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه بحسب اإلضافة والنسبة
إلى شيء آخر معين ،ال لجميع ما عداه ،نحو :ما خليل إال مسافر :فانك تقصد قصر السفر
عليه بالنسبة لشخص غيره ،كمحمود مثال وليس قصدك أنه ال يوجد ُمسافر سواه ،إذ الواقع
يشهد ببطالنه.
الرابع -األصل في (إنما) أن تجيء المر من شأنه أال بجهله المخاطب ،وال
تنبيهات
42
األول -االصل في العطف أن ينص فيه على المثبت له الحكم ،والمنفي عنه اال إذا خيف
التطويل -وفي الثالثة الباقية ينص على المثبت فقط.
الثاني -النفي بال العاطفة -ال يجتمع مع (النفي واالستثناء) فال تقول ما محمد اال ذكي
الغبي ،الن شرط جواز النفي (بال) أن يكون ما قبلها منفيا بغيرها.
ويجتمع النفي بال العاطفة مع كل من (انما -والتقديم) ،فتقول :انما محمد ذكي ال غبي
وبالذكاء يتقدم محمد ال بالغباوة.
وكقوله :ما نال في دُنياهُ وان بُغيةً لكن أخو حزم يَجد ويَع َمل
رابعا ً :يكون القصر (بتقديم ما حقه التأخير) نحو :إياك نعبدُ وإياك نستعين – (أي :
نخصك بالعبادة واالستعانة(
فالمقصور عليه «في النفي واالستثناء» هو المذكور بعد أداة االستثناء – نحو :وما
توفيقي إال باهلل.
2-والمقصور عليه :مع (إنَّما) هو المذكور بعدها ،ويكون مؤخرا في الجملة وجوبا ً ،
نحو :إنما الدنيا ُ
غرور.
3-والمقصور عليه :مع (ال) العاطفة :هو المذكور قبلها وال ُمقابَل لما بعدها ،نحو :
الفخر بالعلم ال بالمال.
ّْ
(لكن) العاطفتين :هو المذكور ما بعدهما ،نحو :ما 4-والمقصور عليه مع ( َب ّْل) أو
سب لكن بالتقوى.
الفخر بالمال بل بالعلم – ونحو :ما الفخر بالن َّ
5-والمقصور عليه :في (تقديم ماحقُّه التأخير) هو المذكور المتقدم نحو :على هللا توكلنا
تنبي :
– وكقول ال ُم ِّ
مالحظات
كل من «بل – ولكن» أن تُسبق بنفي ،أو :نهي وأن يكون المعطوف
أوال – يشترط في ٍ
بهما مفردا ً ،وأالَّ تقترن (لكن) بالواو.
43
ثانيا ً – يشترط في «ال» إفراد معطوفها ،وان تُسبق بإثبات ،وأال يكون ما بعدها داخال
في عموم ما قبلها.
واألصل في العطف (بال) أن يتقدم عليه مثبت ،ويتأخر منفي بعده ،وقد يترك ايضاحه
اختصارا ً ،مثل :علي يجيد السباحة ال غير ،أي ال المصارعة -وال المالكمة وال غير ذلك من
الصفات.
الثالث -األصل في (النفي واالستثناء) أن يجيء ألمر ينكره المخاطب -أو يشك فيه -أو
لما هو منزل هذه المنزلة :ومن االخير قوله تعالى ( :وما أنت بمسمع من في القبور ،إن أنت إال
نذير(
ينكره ،وإنما يراد تنبيه فقط ،أو لما هو منزل هذه المنزلة ،فمن األول قوله تعالى :
(إنما يستجيب الذين يسمعون) وقوله تعالى (إنما عليك البالغ وعلينا الحساب) ومن الثاني قوله
تعالى حكاية عن اليهود (إنما نحن مصلحون) فهم قد ادعوا أن إصالحهم أمر جلي ال شك فيه -
وقال الشاعر:
أسباب ونتائج
ونحو :وما المرىء طول الخلود ** وإنما يخلده طول الثناء فيخلد
و (ذو الفقار) لقب سيف االمام علي (كرم هللا وجهه) ،وسيف العاص بن منبه والقصر :
قد ينحو فيه األديب مناحي شيء ،كان يتجه إلى القصر االضافي ،رغبة في المبالغة -كقوله:
44
وما الدنيا سوى حلم لذيذ تنبهه تباشير الصباح
وقد يكون من مرامي القصر التعريض -كقوله تعالى (إنما يتذكر أولوا األلباب) إذ ليس
الغرض من اآلية الكريمة أن يعلم السامعون ظاهر معناها ،ولكنها تعريض بالمشركين الذين في
حكم من ال عقل له.
) أ) قصر صفة على موصوف :هو أن تحبس الصفة على موصوفها وتختص به ،فال
يتَّصف بها غيره ،وقد يتَّصف هذا الموصوف بغيرها من الصفات.
)ب) قصر موصوف على صفة ،هو أن يحبس الموصوف على الصفة ويختص بها ،
دون غيرها ،وقد يشاركه غيره فيها.
ومثاله من اإلضافي ،قوله تعالى (وما محمدٌ إال رسو ٌل ( )2قد خلت من قبله الرسل ،
أَفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ،ومن ينقلب على عقبيه فلن ي َّ
ُضر هللا شيئا.
45
المبحث الرابع :في تقسيم القصر اإلضافي:
ينقسم القصر اإلضافي بنوعيه السابقين ( )3على حسب حال المخاطب إلى ثالثة أنواع.
)أ) قصر إفراد – إذا اعتقد المخاطب الشركة ،نحو :إنَّما هللا إله واحدٌ ردا ً على من
اعتقد َّ
أن هللا ثالث ثالث ٍة
)ب) قصر قَلب – إذا اعتقد المخاطب عكس الحكم الذي تثبته نحو :ما سافر إال علي
)جـ) قصر تعيين – إذا كان المخاطب يتردد في الحكم :كما إذا كان مترددا في كون
األرض متحركةً أو ثابتة ،فتقول له :األرض متحركة ال ثابتة «ردا على من شك وتردد في ذلك
ال ُحكم»
وأعلم أن القصر بنوعيه يقع بين المبتدأ والخبر ،وبين الفعل والفاعل وبين الفاعل
القصر مع المفعول معه.
ُ والمفعول ،وبين الحال وصاحبها – وغير ذلك من المتعلقات ،وال يق ُع
والقصر من ضروب االيجاز الذي هو أعظم ركن من أركان البالغة ،إذ أن جملة القصر
في مقام جملتين ،فقولك (ما كامل إال هللا) تعادل قولك :الكمال هلل ،وليس كامال غيره.
صر يحدد المعاني تحديدا ً كامالً ،ويكثر ذلك في المسائل العلمية :وما يماثلها.
وأيضا ً :الق ُ
الخالصة:
46
أوضح الكاتب في هذه السطور القصر مع بيان تعريفه وأنواعه ،وكيفية بنائه في
األسلوب الفني النصيح ،وأشار إلى بيان طريقته وأدواته ،وأوجه استخدامه ودوره البالغي في
أداء المعنى والتركيب الفصيح.
التمرين:
الواجب المنزلي:
المراجع والمصادر:
القرآن الكريم.
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
47
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد 2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
Module 5.
48
الباب الخامس :في الوصل والفصل.
التوطئة:
العل ُم بمواقع الجمل ،والوقوف على ما ينبغي أن يُصنع فيها من العطف واالستئناف،
والتهدي إلى كيفية إيقاع حروف العطف في مواقعها أو تركها عند عدم الحاجة اليها صعب
المسلك ،ال يُوفق للصواب فيه إال من أوتى قسطا ً موفورا ً من البالغة ،وطبع على إدراك
ورزق حظا من المعرفة في ذوق الكالم ،وذلك لغموض هذا الباب ،ودقة مسلكه ،
محاسنهاُ ،
َوعظيم خطره ؟ وكثير فائدته :يدل لهذا ،أنهم جعلوه حدَّا للبالغة فقد سئل عنها بعض البُلغاء ،
فقال :هي (معرفة الفصل والوصل(
الهدف:
الوصل عطف جملة على أخرى بالواو – والفصل ترك هذا العطف.
بين الجملتين ،والمجىء بها منثورة ،تستأنف واحدة منها بعد األخرى
فالجملة الثانية :تأتي في االساليب البليغة مفصولة أحيانا ً ،وموصولة أحيانا ً فمن الفصل
ُ
أحسن» فجملة (ادفع) مفصولة عما ،قوله تعالى «وال تستوي الحسنة وال السيئةُ إدفع بالتي هي
قبلها ،ولو قيل :وادفع بالتي هي أحسن ،لما كان بليغا ً.
ومن الوصل قوله تعالى «يأيُها الذين آمنوا اتقوا هللا وكونوا مع الصادقين» عطف جملة :
وكونوا على ما قبلها
49
ومن هذا يُعلم أن الوصل جمع وربط بين ُجملتين (بالواو خاصة) لصلة بينهما في
الصورة والمعنى :أو لدفع اللَّبس
والفصل :ترك الربط بين ال ُجملتين ،إ َّما ألنهما ُمتحدتان صورة ومعنى ،أو بمنزلة
المتحدتين ،وإ َّما ألنه ال صلة بينهما في الصورة أو في المعنى
بالغة الوصل
وبالغة الوصل :ال تتحقق إال (بالواو) العاطفة فقط دون بقية حروف العطف – ألن
(الواو) هي األداة التي تخفى الحاجة اليها ،ويحتاج العطف بها إلى لُطف في الفهم ،ودِّقة في
اإلدراك ،إذ ال تفيد إالَّ ُمجردَ الربط ،وتَشريكَ ما بعدها لما قبلها في الحكم نحو :مضى وقت
الكسل وجاء زمن العمل ،وقُم واس َع في الخير.
بخالف العطف بغير (الواو) فيفيد مع التشريك معاني أخرى – كالترتيب مع التعقيب في
(الفاء) وكالترتيب مع التراخي في (ث ُ َّم) وهكذا باقي حروف العطف التي إذا عطف بواحد منها
ظهرت الفائدة ،وال يقع اشتباه في استعماله.
ويكتب
ُ وشرط العطف (بالواو) أن يكون بين الجملتين (جامع) كالموافقة :في نحو :يقرا
،وكال ُمضادة :في نحو :يضحك ويبكي وإنما كانت المضادة في حكم ال ُموافقة َّ ،
ألن الذهن
يتصور أحد الضدين عند تصور اآلخر ( ،فالعلم) يخطر على الباب عند ذكر (الجهل) كما تخطر
(الكتابة) عند ذكر (القراءة(
)والجامع) يجب أن يكون باعتبار المسند إليه والمسند جميعا ً فال يقال :خليل قادم ،والبعير ذاهب
،لعدم الجامع بين المسند اليهما كما ال يقال :سعيد عالم ،وخليل قصير ،لعدم الجامع بين
المسندين وفي هذا الباب مبحثان.
األول -إذا إتحدت الجملتان في الخبرية واإلنشائية لفظا ً ومعنى أو معنى فقط ولم يكن
هناك سببٌ يقتضي الفصل بينهما وكانت بينهما مناسبة تامة في المعنى -فمثال الخبريتين قوله
ع واستقم تعالى َّ
(إن األبرار لفي نعيم ،وإن الفجار لفي جحيم) ومثال االنشائيتين قوله تعالى (فاد ُ
كما أمرت) وقوله تعالى (واعبدوا هللا وال تشركوا به شيئا) ،وصل جملة «وال تشركوا» بجملة
50
يجب على االنسان أن يؤدِّيه لخالقه ،
ُ «واعبدوا» التحادهما في االنشاء ،وألن المطلوب بهما مما
صه به ومن هذا النوع قول المرحوم شوقي بك:
ويخت َّ
فقد وصل بين ثالث جمل ،تتناسب في أنها مما يتعلق بأمر (الحكمة) وبواجب (الشباب)
في طلبها ،واالنتفاع بها.
ومثال المختلفين ،قوله تعالى (إني أشهدُ هللاَ ،واشهدوا أنى برى ٌء مما تشركون(
أي :إني اشهدُ هللاَ وأشهدُ ُكم ،فتكون الجملة الثانية في هذه اآلية :إنشائية لفظا ً ،ولكنها
خبرية في المعنى.
ونحو :إذهب إلى فالن ،وتقول له كذا ،فتكون الجملة الثانية من هذا المثال خبرية لفظا ً
،ولكنها إنشائية معنى «أي :وقل له»
فاالختالف في اللفظ ،ال في المعنى المعُول عليه ،ولهذا (وجب الوصل) وعطف الجملة
الثانية على األولى لوجود الجامع بينهما ،ولم يكن هناك سبب يقتضي الفصل بينهما ،وكل من
الجملتين ال موضع له من اإلعراب.
الثاني – دفع توهم غير المراد ،وذلك إذا اختلفت الجملتان في الخبرية واإلنشائية ،وكان
الفصل يُوهم خالف المقصود ،كما تقول مجيبا ً لشخص بالنفي «ال – شفاه هللا.
سامع.
ي من المرض ؟ فترك الواو يُوهم ال َّ
لمن يسألك :هل برىء عل ٌّ
المصورة بلفظ
َّ وعطف (الجملة الثانية) الدُعائية اإلنشائية على (الجملة األولى) الخبرية
«ال» لدفع اإليهام ،وكل من الجملتين ال محل له من االعراب.
الثالث – إذا كان (للجملة األولى) مح ٌل من االعراب ،وقصد تشريك (الجملة الثانية) لها
في االعراب حيث ال مان َع ،نحو :علي يقول ،ويفعل.
51
المبحث الثالث :في تفصيل مواضع الفصل الخمسة السابقة.
تتقارب ال ُجم ُل في معناها تقاربا ً تاما ،حتى تكون الجملة الثانية كانها الجملة
ُ أحيانا ً :
صلة بينهما
األولى ،وقد تنقطع ال َّ
إ َّما :الختالفهما في الصورة ،كأن تكون إحدى الجملتين إنشائية واألخرى خبرية.
وإما لتباعد معناهما ،بحيث ال يكون بين المعنيين ُمناسبة ،وفي هذه األحوال يجب
الفص ُل في كل موضع من المواضع الخمسة اآلتية -وهي:
الموضع األول « -كمال االتصال» وهو اتحادُ الجملتين اتحادا ً تاما ً :وامتزاجا ً معنويا ً -
نزل الثانية من األولى منزلةَ نفسها.
بحيث ت ُ َّ
)أ) بأن تكون الجملة الثانية بمنزلة البدل من الجملة األولى ،نحو ( :واتقوا الذي أمدكم
بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين)
52
سوس
َ )ب) أو :بأن تكون الجملة الثانية بيانا إلبهام في الجملة األولى كقوله تعالى (فَ َو
ُ
الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد) فجملة (قال يا آدم) :بيان لما وسوس به إليه
الشيطان اليه.
)جـ) أو :بأن تكون الجملة الثانية مؤكدة للجملة األولى (بما يشبه أن يكون توكيدا لفظيا ً
أو معنوياً) كقوله تعالى (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) وكقوله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا
باهلل وباليوم اآلخر وما هم بمؤمنين يخادعون هللا والذين آمنوا) فالمانع من العطف في هذا
الموضع اتحادا لجملتين اتحادا ً تاما ً يمنع عطف الشيء على نفسه (ويوجب الفصل(
الموضع الثاني « -كمال االنقطاع» وهو اختالف الجملتين اختالفا ً تاما ً.
)أ) بأن يختلفا خبرا ً وإنشاء :لفظا ً ومعنا ً ،أو معنى فقط ،نحو :حضر األمير حفظه هللا
،ونحو :تكلم إني مصغ اليك – وكقول الشاعر :
(ب) أو :بأال تكون بين الجملتين مناسبة في المعنى وال ارتباط ،بل كل منهما مستقل بنفسه –
كقولك :علي كاتب – الحمام طائر ،فاُنه ال مناسبة بين كتابة علي وطيران الحمام.
ٌ
رهن بما لديه وكقوله :إنما المرء بأصغري ِّه كل امرىء
فالمانع من العطف في هذا الموضع «أمر ذاتي» ال يمكن دفعه أصال وهو التباين بين
الجملتين ،ولهذا وجب الفصل ،وترك العطف.
َّ
ألن العطف يكون للربط ،وال ربط بين جملتين في شدَّة التباعد وكمال االنقطاع.
الموضع الثالث « -شبه كمال االتصال» وهو كون الجملة الثانية قوية االرتباط
باألولى ،لوقوعها جوابا ً عن سؤال يفهم من الجملة األولى فتُفص ُل عنها ،كما يفصل
الجواب عن السؤال – كقوله تعالى :
)أ) أن تكون الثانية توكيدا ً لالولى – مثل قوله تعالى (ما هذا بشرا ً إن هذا إال ملك كريم)
)ب) أن تكون الثانية بدال من األولى – مثل أطعت هللا – أديت الصالة.
)جـ) ان تكون الثانية بيانا ً لألولى – مثل بثني شكواه ،قال إني ال أجد قوت يومي.
ثانيا ً – أن تكون الثانية مباينة لالولى تمام المباينة ،فيجب ترك العطف ألن العطف يكون
للربط ،وال ربط بين المتباينين ،فيقال بين الجملتين كمال االنقطاع ،ومواضع ذلك.
إال إذا أوهم ترك العطف خالف المقصود فيجب العطف نحو ال وشفاك هللا «ب» أن
تنحدا خبرا وإنشاء ،ولكن ال يوجد بينهما رابط ،مثل القمر طالع – أكلت كثيرا
ثالثا ً – أن تكون الجملتان متناسبتين وبينهما رابطة ،ويسمى ذلك التوسط بين الكمالين –
وذلك على نوعين
)ب) أن يمنع من العطف مانع وهو عدم قصد التشريك في الحكم ،فيمتنع العطف مثل
قوله تعالى (وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مشتهزئون هللا يستهزىء بهم)
رابعا – أن تكون الثانية قوية الرابطة باالولى ،النها جواب عن سؤال يفهم من االولى ،
فهذه الرابطة القوية تمنع العطف ،ألنها أشبهت حالة اتحاد الجملتين (ويسمى ذلك (شبه كمال
االتصال) – مثل رأيته مبتسما ،أظنه نجح(
خامسا ً – أن تكون األخيرة مناسبة لالولى ،وال مانع من عطفها عليها ،ولكن يعرض
حائل بينهما ،وهو جملة أخرى ثالثة متوسطة ،فلو عطفت الثالثة على األولى لمناسبة لها ،
لتوهم أنها معطوفة على المتوسطة ،فامتنع العطف بتاتا ،وأصبحت الجملتان كأنهما منقطعتان
بهذا الحائل – ويسمى ذلك (شبه كمال االنقطاع) ،نحو :قول الشاعر
54
واعلم أن التركيب الذي تجاذبت فيه أسباب الوصل وتعاضدت دواعيه قد يفصل إما لمانع
من تشريك الجملة الثانية مع األولى ويسمى قطعا كما سبق ،وإما لجعله جواب سؤال مقدر
ألغناء السامع عنه ،أو لكراهة سماعه له لو سأل ،أو لكراهة انقطاع كالمه بكالم السائل ،أو
لالختصار ،ويسمى الفصل لذلك استئنافا – كقوله :
على تقدير أنه جواب – كيف ينطق ؟ ؟ وهو رضيع لم يبلغ أوان النطق.
ب
ونحو :السيف اصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللع ِّ
الموضع الرابع «شبه كمال االنقطاع» وهو أن تُسبق جملة بجملتين يص ُح عطفها على
بالمرة :
َّ األولى لوجود المناسبة ،ولكن في عطفها على الثانية فساد في المعنى ،فيُترك العطف
دفعا ً لتوهم أنه معطوف على الثانية – نحو
وت ُ
ظن سلمى أنَّني أبغى بها بدالً أراها في الضالل ت َهي ُم
والمانع من العطف في هذا الموضع «أمر خارجي احتمالي» يمكن دفعه بمعونة قرينة»
-ومن هذا :ومما سبق ،يُفهم الفرق بين كل من (كمال االنقطاع – وشبه كمال االنقطاع(
«الموضع الخامس – التَّوسط بين الكمالين مع قيام المانع» وهو كون الجملتين ُمتناسبتين
:وبينهما رابطة قوية – لكن يمنع من العطف مانع ،وهو عدم قصد التشريك في ال ُحكم – كقوله
(واذا َخلَوا إلى شياطينهم قالوا إنا م َعكم إنما ُ
نحن ُمستهزئون هللا يستهزئ بهم( تعالى َ
فجملة «هللا يستهزئ بهم» ال يصح عطفها على جملة إنا معكم» القتضائه أنه من مقول
المنافقين :والحال أنه من مقولة تعالى «دعاء عليهم» وال على جملة «قالوا» لئال يُتوهم مشاركته
55
له في التقييد بالظرف – وأن استهزاء هللا بهم مقيد بحال ُخلوهم إلى شياطينهم «والواقع أن
غير مقيد بحال من األحوال – ولهذا (وجب أيضا ً الفصل(
استهزاء هللا بالمنافقين ُ
تنبيهان
األول – لما كانت الحال تجيء جملة ،وقد تقترن بالواو ،وقد ال تقترن فأشبهت الوصل
والفصل ،ولهذا يجب وصل الجملة الحالية بما قبلها بالواو إذا خلت من ضمير صاحبتها – نحو
جاء فؤاد والشمس طالعة.
الثانية – الحال الواقعة بعد عاطف نحو (فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون(
الثالثة – المؤكدة لمضمون الجملة – نحو (هو الحق ال شك فيه ،ذلك الكتاب ال ريب
فيه)
الرابعة – الماضي التالي إال – نحو ما تكلم زيد اال قال خيرا ً – وقيل يجوز اقترانه بالواو
– ما ورد في قوله :
الخامسة – الماضي المتلو باو ،نحو – ألضربنه ذهب أو مكث – ومنه قول الشاعر
كن للخليل نصيرا ً جار أو عدال وال تشح عليه جاد أو بخال
السادسة – المضارع المنفي بال – نحو وما لنا ال نؤمن باهلل ،ما لي ال أرى الهدهد –
وقوله
وأبعد الجمل في الصالح للحالية الجملة األسمية لدالتها على الثبوت – ال على الحصول
والمقارنة ،فيجب فيها الواو -نحو (فال تجعلوا هلل أندادا ً وأنتم تعلمون ) وقد يكتفى فيها بالضمير
ندورا – نحو كلمته فوه إلى في – أي مشافهة – ثم الماضي مثبتا لعدم المقارنة فيحسن معها الواو
،الن الماضي يدل على الحصول المتقدم ال الحصول حال النسبة.
56
وتجب «قد» تحقيقا أو تقديرا ً – لتقربه من الحال ،أي لتجعل (قد) الفعل الماضي الدال
على حصول متقدم – ال حصول حال النسبة قريبا من حال النسبة ،ال من حال التكلم – إذ الالزم
في الحال مقارنتها لزمان النسبة ال لزمان التكلم – وإنما اكتفى بهذا التقريب في صحة الحال وان
كان الالزم االقتران – إما ألنه ينزل قرب الحال إلى زمان النسبة منزلة المقارنة مجازا ً – وإما
ألنه يعتبر قربها في الفعل هيئة للفعل -فاذا قلت جاءني زيد وقد ركب – فكأنك نزلت قرب
ركوبه من مجيه منزلة مقارنته له – أو جعلت كون مجيئه بحيث يقرب منه ركوبه هيئة لمجيئه ،
وحاال له – قالوا – وتمتنع (قد) مع الماضي الممتنع ربطه بالواو ،وهو التالي إال والمتلو بأو –
لكن في (شرح الرضي ) – أنهما قد يجتمعان بعد إال – نحو ما لقيته إال وقد أكرمني ،ويلي
الماضي المثبت ،الماضي المنفي ،ألنه هيئة للفعل بالتأويل ،الن قولك جاء زيد ليس راكبا –
في قوة جاء زيد ماشيا ،فيتحقق الحصول ويستمر غالبا ً ،فيقارن كذلك فيحسن ترك الواو نظرا ً
إلى تحقق الحصول والمقارنة – ويجوز ذكرها أيضا نظرا ً إلى كونه ما كان هيئة للفعل اال بعد
دائمي واألحسن في الظرف اُذا وقع حاال ترك الواو
ً تأويل – ونظرا ً إلى كون استمراره أغلبيا ً ال
نظرا ً للتقدير بمفرد ،تقول نظرت الهالل بين السحاب ،ومثله الجار والمجرور ن نحو فخرج
على قومه في زينته – ونحو أبصرت البدر في السماء – وان جوزوا الواو بتقدير فعل ماض ،
وما يخشى فيه التباس
الحال بالصفة أتى فيه بالواو وجوبا ً ،ليتميز الحال ،فيقال جاء رجل ويسعى – إذا لو قيل
:يسعى – اللتبس الحال بالصفة في مثله.
)(1إذا كان فعلها ماضيا ً تاليا ً «إال» -أو وقع ذلك الماضي قبل «أو» التي للتسوية –
نحو ما تكلم فؤاد إال قال خيرا ً – وكقول الشاعر
)(2إذا كان فعلها مضارعا ُمثبتا أو منفيا ً «بما – أو – ال» نحو ( :وجاءوا أباهم عشاء
(وما لنا ال نؤمن باهلل) ونحو :
يبكون) ونحو َ :
عهدتُ :ما تصبو وفيك شبيةٌ فما لكَ بعد الشيب صبَّا ُمتيَّما
57
)(3إذا كانت جملة اسمية واقعة بعد حرف عطف – أو كانت اسمية مؤكدة لمضمون ما
قبلها – كقوله تعالى (فجاءها بأسنا بياتا ً أو هم قائلون) وكقوله تعالى (ذلك الكتاب ال ريب فيه
هدى للمتقين)
الثاني – علم مما تقدم أن من مواضع الوصل اتفاق الجملتين في الخبرية واالنشائية –
والبد مع اتفاقهما من (جهة) بها يتجاذبان ،وأمر (جامع) به يتأخذان ،وذلك (الجامع) :إما –
عقلي – أو :وهمي
الخالصة:
يستخلص من هذه السطور تعريف الوصل والفصل وموقعهما البالغي ،وذكر الدواعي
التي تؤدي إلى استعمال أي منهما وأنى يأتي بالمعنى المطلوب منها ،وبين مهمتهما الفنية
والبيانية.
التمرين:
الواجب المنزلي:
المراجع والمصادر:
القرآن الكريم.
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
58
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد 2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
Module 6.
التوطئة:
علم المعاني يتألف من جزأين هامين هما :التراكيب واألسلوب ،فالقسم األول هو الذي
قدم فيه الكالم في هذه الكراسة ،انطالقا من أوجه الكالم وكيفية تأديته كتقديم وتأخير ،أو ذكر
وحذف ،أو وصل وفصل وغيرها ،وهذه تتعلق بالتراكيب.
59
فكل ما يخطر ببال المتكلم من
أما القسم األخير منه وهو الذي يتعلق بأسلوب األداءِّ ،
ُسهب) ،وتارة يأتي المعاني فله في التعبير عنه بإحدى هذه الطرق الثالث ،فتارة ً (ي ُ
وجز) وتارة (ي ُ
بالعبارة (بين بين) وال يُعد الكالم في صورة من هذه الصور بليغا ً :إال إذا كان مطابقا ً ل ُمقتضى
حال المخاطب ،ويدعو إليه مواطن الخطاب ،فاذا كان المقام لألطناب مثال ،وعدلت عنه إلى :
االيجاز ،أو المساواة لم يكن كالمك بليغا ً
الهدف:
أوالً – إذا جاء التعبير على قدر المعنى ،بحيث يكون اللفظ مساويا ً ألصل ذلك المعنى –
فهذا هو (المساواة(
وهي األصل الذي يكون أكثر الكالم على صورته ،والدستور الذي يقاس عليه.
ثانيا ً – إذا اراد التعبير على قدر المعنى لفائدة ،فذاك هو «اإلطناب» فإن لم تكن الزيادة
لفائدة فهي حشو :أو تطويل.
ثالثا -إذا نقص التعبير على قدر المعنى الكثير ،فذلك هو «االيجاز»
االيجاز -هو وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل منها ،وافية بالغرض المقصود ،مع
وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين(
ُ اإلبانة واإلفصاح ،كقوله تعالى (خذ العفو
ُ
الخلق واألمر) فهذه اآلية القصيرة جمعت مكارم األخالق بأسرها -وكقوله تعالى (أال لهُ
وكقوله عليه الصالة والسالم «إنما األعمال بالنِّيات» فاذا لم تف العبارة بالغرض سمى «إخالال
وحذفا ً رديئا» كقول اليشكري
60
خير في ظال ل النوك ممن عاش كدا
والعيش ٌ
قصر
ٍ مقبوال وينقسم اإليجاز إلى قسمين ،إيجاز
وإيجاز حذف (فإيجاز القصر) «ويسمى إيجاز البالغة» يكون بتضمين المعاني الكثيرة
في ألفاظ قليلة من غير حذف ،كقوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) ،فان معناه كثير ،ولفظه
يسير ،إذ المراد بأن االنسان إذا علم أنه متى قتل قُتل :امتنع عن القتل ،وفي ذلك حياته وحياة
غيره ،ألن القتل أنفى للقتل وبذلك تطول األعمار ،وتكثر الذرية ،ويقبل كل واحد على ما يعود
عليه بالنفع ،ويتم النظام ،ويكثر العمران.
فالقصاص :هو سبب ابتعاد الناس عن القتل ،فهو الحافظ للحياة وهذا القسم مطمح نظر
سئل عن (البالغة) فقال :هي «إيجاز القصر»
البلغاء ،وبه تتفاوت أقدارهم ،حتى أن بعضهم ُ
وقال أكثم بن صيفي خطيب العرب «البالغة اإليجاز» (وايجاز الحذف) يكون بحذف شيء من
العبارة ال يخل بالفهم ،عند وجود ما يدل على المحذوف ،من قرينة لفظية _ أو معنوية وذلك
المحذوف – إما أن يكون.
)(2أو اسما ً مضافا ً نحو – (وجاهدوا في هللا حق جهاده) أي :في سبيل هللا
)(4أو اسما موصوفا ً – كقوله تعالى (ومن تاب وعمل صالحاً) أي :عمال صالحا ً.
)(5أو اسما صفةً – نحو (فزادتهم رجسا ً إلى رجسهم) أي :مضافا إلى رجسهم.
)(7أو جواب شرط – نحو (ولو ترى إذ وقفوا على النار) أي :لرأيت أمرا ً فظيعا ً.
61
)(8أو مسندا ً – نحو (ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن هللا) أي :خلقهن
هللا.
أماوى ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما ً وضاق بها الصدر
)(10أو ُمتعلقا – نحو ( :ال يُسأل عما يفعل وهم يسألون) أي عما يفعلون
ُ
الصديق) )(12أو ُج َمال – كقوله تعالى (فأرسلون يوسف أيها
أي فأرسلوني إلى يوسف ألستعبره الرؤيا ،فأرسلوه فأتاه ،وقال له :يوسف والعلم أن
دواعي اإليجاز كثيرة -منها االختصار ،وتسهيل الحفظ وتقريب الفهم ،وضيق المقام ،وإخفاء
سامع ،والضجر والسآمة ،وتحصيل المعنى الكثير باللفظ اليسير -الخ.
األمر على غير ال َّ
62
المبحث الثاني في اإلطناب وأقسامه
اإلطناب :زيادة اللفظ على المعنى لفائدة ،أو هو تأدية المعنى بعبارة زائدة عن متعارف
أوساط البلغاء :لفائدة تقويته وتوكيده -نحو (رب إني وهنَ العظم مني واشتعل الرأس شيبا) -أي
:كبرتُ فاذا لم تكن في الزيادة فائدة ،يسمى «تطويال» إن كانت الزيادة في الكالم غير متعينة.
ويسمى «حشوا ً» إن كانت الزيادة في الكالم متعينة ال يفسد بها المعنى فالتطويل -كقول
عدي العبادي :في جذيمةَ األبرش
فالمين والكذب بمعنى واحد .ولم يتعين الزائد منهما ،ألن العطف بالواو :ال يفيد ترتيبا ً
ُ
وال تعقيبا ً وال معية ،فال يتغير المعنى بإسقاط أيهما شئت والحشو – كقول زهير بن أبي سلمى :
واعلم ان دواعي االطناب كثيرة ،منها تثبيت المعنى ،وتوضيح المراد والتوكيد ،ودفع
االيهام ،وإثارة الحمية – وغير ذلك وأنواع االطناب كثيرة:
)(1منها – ذكر الخاص بعد العام :كقوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصالة
آخر ،
الوسطى) وفائدته التنبيه على مزية :وفض ٍل في الخاص حتى كأنه لفضله ورفعته ،جز ٌء ُ
مغاير لما قبله ولهذا خص الصالة الوسطى (وهي العصر) بالذكر لزيادة فضلها.
63
)(2ومنها – ذكر العام بعد الخاص :كقوله تعالى( :رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل
بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات(
وفائدته شمول بقية األفراد ،واالهتمام بالخاص لذكره ثانيا ً في عنوان عام ،بعد ذكره
أوال في عنوان خاص.
ومنها – اإليضاح بعد اإلبهام ،لتقرير المعنى في ذهن السامع بذكره مرتين ،مرة على
سبيل اإلبهام واألجمال ،ومرة على سبيل التفصيل واإليضاح ،فيزيده ذلك نبال وشرفا ً كقوله تعالى
( :يأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون باهلل ورسوله وتجاهدون
في سبيل هللا بأموالكم وأنفسكم) – وكقوله تعالى (وقضينا إليه ذلك األمر أن دابر هؤالء مقطوعٌ
مصبحين) فقوله (أن دابر هؤالء) تفسير وتوضيح لذلك (األمر) المبهم وفائدته توجيه الذهن إلى
معرفته ،وتفخيم شأن المبين ،وتمكينه في النفس فأبهم في كلمة (األمر) ثم وضحه بعد ذلك تهويال
ألمر العذاب.
)(4ومنها – التوشيع :وهو أن يؤتى في آخر الكالم بمثنى مفسر بمفردين ليُرى المعنى
في صورتين ،يخرج فيهما من الخفاء المستوحش إلى الظهور المأنوس ،نحو :العلم علمان ،
علم األبدان ،وعلم األديان.
األول – التأكيد وتقرير المعنى في النفس كقوله تعالى (كال سوف تعلمون ثم كال سوف
تعلمون)
الثاني – طول الفصل – لئال يجيء مبتورا ً ليس له طالوة كقوله تعالى «يا أب ِّ
ت إني رأيت
أحد عشر كوكبا ً والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين» ،فكرر (رأيت) لطول الفصل – ومن هذا
قول الشاعر :
َّ
وإن امرأ دامت مواثيق عهده على مثل هذا إنه لكري ُم
الثالث – قصد االستيعاب :نحو – قرأت الكتاب بابا ً بابا ً – وفهمته كلمة كلمة
64
الرابع – زيادة الترغيب في العفو – كقوله تعالى (إن من أزواجكم وأوالدكم عدوا لكم
فاحذروهم ،وإن تعفو وتصفحوا وتغفروا فإن هللا غفور رحيم(
الخامس – الترغيب في قبول النصح باستمالة المخاطب لقبول الخطاب كقوله تعالى
ع وإن اآلخرة
(وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متا ٌ
هي دار القرار) – ففي تكرير (يا قوم) تعطيف لقلوبهم ،حتى ال يشكوا في إخالصه لهم في
نصحه.
السادس – التنويه بشأن المخاطب :نحو – إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن
يعقوب بن ابراهيم.
السابع – الترديد :وهو تكرار اللفظ متعلقا ً بغير ما تعلق به أوال نحو – السخي :قريب
من هللا ،قريب ٌ من الناس ،قريب من الجنة والبخيل :بعيدٌ من هللا ،بعيدٌ من الناس ،بعيدٌ من
الجنة.
...سقى هللا نجدا ً والسالم على نجد و يا حبذا نجد على القُرب والبعد
التاسع – االرشاد إلى الطريقة المثلى ،كقوله تعالى (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى(
)(6ومنها – االعتراض لغرض يقصده المتكلم – وهو أن يؤتى في اثناء الكالم ،أو بين
كالمين متَّصلين في المعنى ،بجملة معترضة :أو أكثر ،ال محل لها من االعراب.
مريض.
ٌ )أ) كالدعاء – نحو :إني «حفظك هللا»
65
)جـ) والتنزيه – كقوله تعالى (ويجعلون هلل البنات سبحانه ولهم ما يشتهون(
)(7ومنها اإليغال – وهو ختم الكالم بما يُفيد نُكتة ،يتم المعنى بدونها -كالمبالغة :في
قول الخنساء :
نار
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه عل ٌم في رأسه ُ
فقولها « :كأنه علم» وافٍ بالمقصود ،لكنها أعقبته بقولها «في رأسه نار «لزيادة
المبالغة ،ونحو :قوله تعالى (وهللا يرزق من يشاء بغير حساب(
)(8ومنها التذيي ُل – وهو تعقيب جملة بجملة أخرى مستقلة ،تشتمل على معناها ،تأكيدا ً
لمنطوق األولى ،أو لمفهومها -نحو :قوله تعالى (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان
زهوقا)
ونحو :قوله تعالى (ذلكَ جزينا هم بما كفروا وهل نجازي إال الكفور(
والتَّذيي ُل «قسمان» قس ٌم يستق ُّل بمعناه ،لجريانه مجرى المثل وقس ٌم ال يستقل بمعناه ،
لعدم جريانه مجرى المثل ،فاألول :الجاري مجرى األمثال ،الستقالل معناه ،واستغنائه عما
قبله كقول طرفةَ :
كلكم أرو ُ
غ من ثعلب ما أشبه الليلة بالبارحة
والثاني :غير الجاري مجرى األمثال ،لعدم استغنائه عما قبله ،ولعدم استقالله بإفادة
المعنى المراد ،كقول النابغة:
66
لم يُبق ُجودك لي شيئا ً ِّ
أؤملهُ تر َكتني أصحب الدنيا بال أم ِّل
فالشطر الثاني :مؤكد لألول ،وليس مستقال عنه ،فلم يجر مجرى المثل.
)(9ومنها االحتراس – ويقال له التكميل ،وهو أن يُؤتى في كالم يوهم خالف المقصود ،
بما يدفع ذلك الوهم.
فاالحتراس :يوجد حينما يأتي المتكلم بمعنى ،يمكن أن يدخل عليه فيه لو ٌم ،فيفطن لذلك
:ويأتي بما يخلصه ،سواء أوقع االحتراس في وسط الكالم.
أو وقع االحتراس في آخره ،نحو ( :ويُعمون الطعام على حبه أي :مع حب الطعام :
واشتهائهم له ،وذلك أبلغ في الكرم ،فلفظ على حبه فضلة لالحتراس ولزيادة التحسين في المعنى
،وكقول أعرابية لرجل (أذ َّل هللا كل عدو لك إال نفسك(
)(10ومنها التَّتميم – وهو زيادة ُ فضلة ،كمفعول – أو حال أو تمييز – أو جار ومجرور
،توجد في المعنى ُحسنا بحيث لو حذفت صار الكالم مبتذال كقول ابن المعتز يصف فرسا ً
إذ لو حذف (ظالمين) لكان الكالم ُمبتذال ،ال رقة فيه وال طالوة وتو َّهم أنها بليدة تستحق
الضرب ،ويُستحسن اإلطناب في الصلح بين العشائر ،والمدح ،والثناء ،والذم والهجاء ،
والوعظ ،واإلرشاد ،والخطابة :في أمر من األمور العامة ،والتهنئة ومنشورات الحكومة إلى
األمة ،وكتب الوالة إلى الملوك ،الخبارهم بما يحدث لديهم من َمهام األمور ،وهناك أنواع
أخرى من اإلطناب ،كما تقول في الشيء المستبعد :رأيته بعيني ،وسمعته بأدنى ،وذقته بفمي :
تقول ذلك لتأكيد المعنى وتقريره.
والمختار :أن الحاجة إلى كل من االطناب ،واإليجاز ،ماسة :وكل موضع ال يسد
أحدهما مكان اآلخر فيه
ال ُمساواة -هي تأديةُ المعنى المراد :بعبارة مساوية له بأن تكون األلفاظ على قدر
المعاني ،ال يزيد بعضها على بعض ،ولسنا بحاجة إلى الكالم على المساواة ،فإنها هي األصل
المقيس عليه ،والدستور الذي يُعتمد عليه ،كقوله تعالى (وما تقدموا ألنفسكم من خير تجدوه عند
هللا) ،وكقوله تعالى (كل امرىء بما كسب رهين) وكقوله تعالى (من كفر فعليه ُكفره) ،وكقوله
68
صلى هللا عليه وسلم (إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) فإن اللفظ فيه على قدر
المعنى ،ال ينقص عنه ،وال يزيد عليه ،وكقول طرفةَ بن العبد :
هذه أمثلة للمساواة ،ال يستغنى الكالم فيها عن لفظ منه ،ولو ُحذف منه شيء ألخل
بمعناه.
الخالصة:
هذا الباب تناول جزأ هاما من أجزاء علم المعاني وهو ما يتعلق بأسلوب األداء ،وقد يأتي
التعبير عند البالغيين في ثالثة مراتب وهي :اإليجاز واإلطناب والمساواة وهذه الطرق الثالثة
على منوالها يبنى الكالم عند العرب.
التمرين:
الواجب المنزلي:
المراجع والمصادر.
القرآن الكريم.
ابن األثير ،ضياء الدين1935( ،م) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،بتحقيق أحمد الخوفي،
ود .بدوي طبانة ،دار نهضة ،مصر.
ابن جعفر ،قدامة ،نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،مكتبة الخانجي.
ابن جني ،أبو الفتح ،عثمان ،الخصائص ،تحقيق علي النجار مطبعة دار الكتب المصرية.
ابن سالم ،محمد الجمحي ،طبقات فحول الشعراء ،دار المعارف ،القاهرة.
ابن سنان ،الخفاجي1956( ،م) سر الفصاحة ،مطبعة محمد علي صبح ،القاهرة.
ابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن ،تحقيق أحمد شاكر ،دار التراث ،القاهرة.
ابن منظور ،محمد بن المكرم ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان.
أبو موسى ،محمد بن حسنين ،البالغة القرآنية في تفسير الزمخشري وآثارها في الدراسات
البالغية ،دار الفكر العربي.
أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تعليق محمد باسل عيون السود ،مكتبة عباس ،أحمد البار،
مكتبة المكرمة.
أغاك ،عبد الباقي شعيب2005( ،م) أساليب بالغية في ديوان األستاذ عبد هللا بن فودي ،الطبعة
الثانية ،مركز المضيف لخدمات الكمبيوتر والطباعة والنشر ،إلورن ،والية كوارا ،نيجيريا.
اإللوري ،آدم عبد هللا1969( ،م) دروس في البالغة العربية ،مطبعة الثقافة اإلسالمية ،أغيغي،
الغوس ،نيجيريا.
69
الباقالني ،أبوبكر محمد بن الطيب1349( ،هـ) إعجاز القرآن ،دار المعارف ،مصر ،القاهرة.
بدوي ،طبانة ،البيان العربي دراسة في تطور الفكر البالغية ومصادرها الكبرى.
بدوي ،طبانة1975( ،م) دراسات في النقد األدبي من الجاهلية إلى القرن الثالث الهجري ،مكتبة
األنجلو المصرية.
البغدادي ،عبد الباقي بن نافيا ،الحمان في تشبيهات القرآن ،مكتبة األنجلو ،المصرية.
بنت الشاطئ ،عائشة عبد الرحمن ،إعجاز القرآن ومسائل بن األرزق ،دار المعارف.
الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر (1949م) البيان والتبيين ،دار الفكر.
الجارمي ،علي ،ومصطفى أمين ،البالغة الواضحة.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،دالئل اإلعجاز ،مطبعة المنار.
الجرجاني ،عبد القاهر بن عبد الرحمن ،أسرار البالغة ،تحقيق األستاذ رشيد رضا.
حسيب غالب ،وأديب صيعبي ،بيان العرب في المعاني والبيان والبديع والعروض ،مكتبة
المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر.
خفي ،بك ناصيف ،ومحمد بك دباب ،والشيخ مصطفى طنطاوي ،ومحمود أفندي عمر ،وسلطان
بك محمد ،قواعد اللغة العربية لتالميذ المدارس الثانوية ،الطبعة الثالثة عشرة.
الخفاجي ،محمد علي رزق ،علم الفصاحة العربية ،دار المعارف.
الزمخشري ،أبو القاسم محمد بن عمر ،أساس البالغة ،دار الفكر.
السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر اإلتقان في علوم القرآن ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأوالده بمصر.
العسكري ،أبو هالل الحسن ين عيد هللا ،كتاب الصناعتين ،مطبعة األستانة.
القزويني ،اإليضاح في علوم البالغة تحقيق وتعليق وتنقيح ،د .محمد عبد المنعم الخفاجي ،دار
الجبل ،بيروت.
الهاشمي ،أحمد السيد 2003( ،م) جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،دار الفكر ،بيروت،
لبنان.
70