Professional Documents
Culture Documents
الصورولوجيا في الأدب المقارن (الصورة الأدبية للآخر) imagologie
الصورولوجيا في الأدب المقارن (الصورة الأدبية للآخر) imagologie
نصيرة كبير
The authors, and especially the writers who have been assigned their role in defining their
counterparts in the West Bank, have taken the image of the other in the best literary work since ancient
times. Thus, theology appeared in comparative literature and focused on the formation of a picture of
a special style about the Islamic East. Between the positive and the looting across the ages.
اهتم األدباء بنقل صورة األْخر في األدب المقارن ألبناء وطنهم لتعريفهم بها عن قرب ،وهذا العمل لم يكن
حديثا إذ كانت له جهود معتبرة منذ البدايات الألولى له والتي ظهرت بظهور األدب المقارن .إذا فمتى ظهرت
الصورولوجيا في األدب المقارن ؟ و ماهي نمطية الصورة التي يشكلها أدب ما عن أمة ما؟ وكيف ظهرت
صورولوجيا الشرق اإلسالمي في كتابات أدباء الغرب ؟
)1ظهور الصورولوجيا في األدب المقارن:
تعود البدايات األولى لدراسة صورة اآلخر في األدب المقارن إلى النصف األول من القرن التاسع عشر
الميالدي(19م) وذلك بعد زيارة مدام دي ستايل الفرنسية Mme De staëlإلى ألمانيا ،والتي مكثت بها مدة
طويلة نقلت خاللها صورة الشعب األلماني إلى الشعب الفرنسي ،متفاجئة بما إكتشفته عن ذلك الشعب فيما المست
فيه عن قرب لما يتمتع به من ناحية الجمال أوال ،كنهر الراين ،و الغابة السوداء ،و بالمناقب المتميزة ثانيا ،
كالطيبة والصدق واالنضباط السلوكي ،و بالفكر ثالثا ،كالثراء األدبي والفلسفي األلمانيين ،وما ارتقوا إليه من
مكانة رفيعة عموما.
وهذا كله إنما سجلته األديبة الفرنسية مدام دي ستايل في كتابها "عن ألمانيا " " "De L’Allemagneإذ به
قامت بـ "تصحيح ما في أذهان الفرنسيين من صورة مشوهة عن األلمان وبالدهم وثقافتهَم ،لهذا بإمكاننا أن نعد
()1
هذا الكتاب بداية لما أصبح يعرف بالدراسة األدبية لآلخر (الصورولوجيا) ".
)2مكونات الصورولوجيا :
ال ريب أنه في أي مجال يراد البحث فيه ،البد له من عناصر تكونه ،و الصورولوجيا واحدة من هذه المجاالت
إذ ثمة عنص ار أوليا للصورة التي نحاول تشكيلها .وهو ذلك المخزون الواسع من الكلمات التي تنقل صورة اآلخر
لنا ( ،)2وهذا المدخر الواسع من الكلمات واأللفاظ إنما المقصود به فيض من المفاهيم و المشاعر ،والعواطف
المشكلة للحقول المعجمية التي تشترك من ناحية المبدأ بين المؤلف و المتلقي.
وبما أن "الصورولوجيا" فعل ثقافي فإنه "يجب أن تدرس كمادة وممارسة أنثروبولوجية (علم االنسان) لها
مكانتها ووظيفتها ضمن العالم الرمزي المسمى هنا (خياليا) ،والذي ال ينفصل عن أية مؤسسة اجتماعية أو ثقافية
ألن المجتمع يرى نفسه ،ويكتب عنها ويفكر فيها ويعلم بها من خالل هذا العالم الرمزي"( ،)3و بهذا يعد الخيال
من العناصر المكونة "للصورولوجيا " في نطاق البحث في التاريخ الوقائعي واالجتماعي و السياسي والثقافي
وغيره.
ومما يدخل في تشكيل الصورة أيضا "العدو الموروث واالستعمار و نتائجه اإليديولوجية الثقافية "( ،)4وهذه لها
ّ
ارتباط بالخيال وذلك لربطها له بما يحفل به المجتمع من ماض له تاريخه العريق.
ومكونات "الصورولوجيا" وعواملها كثيرة مما ساعد األدباء في المساهمة بنقلها في اآلداب المقارنة ،إذ من
خاللها عرفت شعوب و أقوام لدى بعضها البعض ،و تأثرت ببعضها البعض ،واكتسبت ثقافات خارجة عن حدود
المادية و المعنوية على اختالفها.
)3نمطية الصورولوجيا التي يشكلها أدب ما عن أمة ما:
تخضع "الصورولوجيا" لنمط يعد شكال أوليا لها ،ومن العناصر التي تخضع له إما إيجابيا فيعبر عن اآلخر،
ويصفه بعيدا عن التنويه ،ينقل إلى المتنقل الصورة الحقيقية التي يتميز بها اآلخر,مثلما نقل عن الشرق وما يسوده
من دفء إنساني وروح اإلخاء .واما سلبيا فينقل صورة اآلخر مشوهة ،رغم ما يتميز به من فكر وانفتاح ونضوج،
فينقل كل هذا بصورة عكسية ويقدمه على أنه متخلف وجاهل و همجي ليس له حضارة آنفة وال آنية معا.
وقد كان لألدباء إسهام كبير في تشكيل صورة أدب أمة ما أو ألمة بذاتها في أدب أمة أخرى ،فيكون له بذلك
()5
وما يربطها من صالت متباينة الدور البارز في الكشف "عن طبيعة العالقة التي تسود بين األمم والشعوب"
إما مختلفة و إما متوافقة على حد السواء .
ودون شك أن هذا النقل التصويري لتلك البالد وما تحويه ،البد وأن يكون له صدى ينعكس على بلد األديب
الناقل وفق طريقة وصفه لذلك البلد ،فإذا كان الوصف مستوفيا جميع النواحي يكون صدى االنعكاس إيجابي
متميز ،أما إذا كان الوصف ناقصا سطحيا يكون لالنعكاس صدى سلبيا بطبعه ،حيث ان الصورة التي رسمها
االديب لم تكن مكتملة الجوانب بل مبتورة مثلما هو الشأن بالنسبة لالدباء العرب الذين ارتحلوا وزاروا اسبانيا عن
قرب ،ولكن لم يروا منها اال الجانب االسالمي فظلوا ينتحبون لفقدانهم لها ( .)6وربما هذا ما يجعل األدب وبخاصة
الرحلي منه يشكل صورة ذات نمطين ألي أمة من األمم ومن بين هذه األمم األمة العربية اإلسالمية الكائنة
كون لها الرحالة الغرب صورة نمطية سلبية تختلف عن صورته النمطية االيجابية التي كونها الرحالة
بالشرق ،والتي ّ
العرب له هو.
أ) صورة ذات نمط سلبي :
ولعلها هي التي أشار اليها ناقد االستشراق والمقارن الكبير ادوارد سعيد في كتابه "االستشراق" والذي يرى ان
الشرق الذي يراه وينظر اليه ،ويتحدث عنه المفكرون الغربيون ،وبما فيهم المستشرقون على الصعيد األولي ،أنه
شرق غير موجود وغير واقعي ،فهم يتحدثون عنه على أنه شرق من صنع األخيلية الغربية ،وهو ما يدعمه بقوله":
في زيارة لبيروت في أثناء الحرب األهلية الرهيبة (1975م1976-م) كتب صحفي فرنسي بلهجة آسفة لدمار
الوسط الحيوي للمدينة ":لقد بدت ذات يوم كأنها تنتمي الى شرق شاتوبريان ونرفال " ولقد كان على حق ،فيما قاله
عن المكان خصوصا من وجهة نظر األوربي فقد كان الشرق تقريبا اختراعا غربيا وكان منذ القدم مكانا للكائنات
()7
الغربية المدهشة و الذكريات و المشاهد الشاحبة و التجارب االستثنائية ".
ومن غير الغريب ان الغربي ،وان كانت له أبعاد في رسم صورة نمطية عن الشرق ،يجسد صورة سلبية عن
ذلك الشرق ،وبخاصة العربي ،وذلك إنما يكون من خالل رحالت قام بها أرمدة من األدباء الرحالة الغرب ،نذكر
منهم على سبيل المثال :
-رحلة ادوارد لين ، Edward laneصاحب أشهر مؤلف صدر له سنة 1836م بعنوان ":عادات المصريين
المحدثين وتقاليدهم " " " Manners and customs of the modern égyptiensالذي أرضى به نزعة
الغربيين في البحث عن الصورة المثيرة التي رسمها عن الشرقي وشرقه دون شرقنته فعليا وما يؤكده من عالقة بين
عالم الخيال و الواقع.
-كتابات لورانس ،T I Lawrenceالمعروف بلورانس العرب صاحب كتابات أعمدة الحكمة السبعة ".والذي
يرسم صورة نمطية للشرق ،ويؤكد بها الرؤى السابقة الدوارد لين حيث صور الشرقيين على ان "عقولهم غريبة
مظلمة مليئة بالكآبة والشعور غير السوي باألهمية ،عقول تفتقر إلى الهداية لكن فيها الحماسة و الخصوبة في
()8
اإليمان أكثر من عقول الناس أجمعين "
وهؤالء الرحالة الغرب الذين ذكرناهم كنماذج ،غير بعيدين عن غيرهم مما سبقهم من الرحالة ،إذ أنهم صوروا
الشرق بصورة مثيرة رسموها بطريقتهم الخاصة ،والتي استهوتها أنفسهم و راقتها أذواقهم ،فقدموها ألبناء جلدتهم في
حلّة سلبية باهتة كنموذج يعرفهم بالشرقي وشرقه دون شرقنته شرقنة عميقة.
_ رحلة نورف _أ 1795(:م_1869م) :وهذا األديب زار مصر و فلسطين هو اآلخر ،والعديد من البالد الشرقية،
()19
وخصهم بالوصف في كتاب دقيق التفصيل ،تحت عنوان ":رحلة إلى اآلراضي المقدسة" .
و المالحظ من خالل االطالع على األدباء الذين نقلوا صورة الشرق اإلسالمي عن قرب ،أنهم يمثلون الفئة
الغالبة على الذين نقلوا تلك الصورة عن بعد .فقد كانت لهم مساهمات ذات قيمة أدبية ،نقلوا عبرها تجربتهم الحية
التي استقوها من الواقع المعاش على طبيعته الساحرة الفاتنة ،بكتاباتهم عن الشرق للتعريف به لدى مواطنيهم .ولقد
عما نقله شهود عيان،
القت هذه الكتابات نجاحا وترحيبا كبيرين لدى القراء الروس ،لما حملته من مصداقية ّ
إضافة إلى ما قام به األدباء الروس أنفسهم من دراسات متميزة في اللغة واألدب والتاريخ والمخطوطات الخاصة
()20
بالعرب وعلى رأسهم اغناطيوس كراتشكوفسكي مؤسس المدرسة االستشراقية الروسية.
ج) سمات صورولوجيا الشرق اإلسالمي لدى أدباء الرحلة:
لقد عني أدباء الغرب بالشرق الساحر ,فنقلوها في منجزاتهم و إبداعاتهم في صورة متفاوتة الرؤى ،اتسمت
بسمتين هامتين هما:
()21
وهذه الرؤية قد التكون واقعية تشمل في ذاتها حقائق الشرق " )1رؤية الشرق بعين أوربية وليس بعين شرقية" .
وما يدور فيه ،ألن هذا األوربي يقوم بنقل صورة سطحية عما رآه وشاهده بعينه عن الشرق ،وليس صورة معمقة
غاص في باطنها ،فنقل ما اكتشفه عن هذا الشرق وخباياه ،والعكس صحيح إذا نظر الشرقي للغربي و بيئته.
والواقع أن هذه الصورة السطحية كان أكبر عامل ساهم فيها هي قصص الليالي العربية (ألف ليلة وليلة ) المؤثرة
في أبناء أوربا بكاملها .
") 2إن صورة الشرق تلبي من الناحية اإلنتاجية واالستقبالية حاجات ثقافية أوربية ،وعلى رأسها حاجتان :الحاجة
()22
الغرائبية ،والحاجة الى تأكيد الهوية الخاصة" .
ولعل صورة الشرق هنا تقوم بإنماء الفكر الثقافي األوربي ،بناء على حاجات عديدة منها مثال :الغرائبية و ما
تحمله من قيم ترفيهية مرتبطة بالمغامرات ،فنقل صورة الشرق أو اصطدامها من الغربي تجعله يتمسك أكثر فأكثر
بهويته الثقافية كونه متفوقا ثقافيا ،وبذلك يكون أكثر حفاظا عليها خوفا من الذوبان واالنصهار في شخصية اآلخر
واالنطماس فيها .والمالحظ أن له من الدوافع واإلمكانات ما تجعله يكترث لمعرفتها أكثر فأكثر ،في الوقت الذي
نهمش فيه نحن "التدخل في تقديم صورتنا إليه ،وهو أننا نتركه ح ار في اختبار ما يرغب به "هو"من دون إعارة
اعتبار لم نرغب به "نحن" ،وما يتبع ذلك يتمثل من الناحية الواقعية ،في استمرار إغفال األعمال األكثر قوة وتمثيال
لروح األدب العربي وانسانه ،وهو أمر يتعدى في كثير من األحيان المصادفة أو الرغبة المجردة وحدها ،ليخلق
()23
ضر ار بأصل الصورة نفسها.
وربما ما دفع الكثير من األدباء الغربيين للتصوير في آثارهم عدة مجتمعات وما يحيط بهم من بيئة ،قد تكون
توفر لهم الحرية و األمن و السالم مما دفعهم إلى تمجيدها بأجمل الحلل بتصويرها لهم ،مثلما حدث مع العديد
من أولئك األدباء وعلى رأسهم األديب األلماني يوهان فولفغانغ غوته ،إضافة إلى مؤلفين آخرين انعكست صورة
الشرق في مؤلفاتهم المتعددة منها" :هلينا" لـ "ألفريد دوغي "عام 1820م ،وأنشودة الحج األخيرة "لهارولد"
لـ"المارتين"عام 1825م ,و"الكزوال" لـ"ميرميه ".وكانت هذه المؤلفات مشوبة بروح واقعية تمثل الواقع الشرقي نوعا
()24
ما في طياتها.
غيرأن هناك الكثير من األدباء الغربيين ،الذين قاموا بعكس ذلك إذ أنهم صوروا الحضارة العربية اإلسالمية
على أنها ال تستحق التقدير و االحترام واإلعجاب ،وذلك بدافع الكراهية والحقد والعداء ،مما ولد لديهم رغبة في
تحطيم وطمس هذه الحضارة العريقة ،المشعة بنورها وعلمائها بشتى الوسائل عسكريا وفكريا .
وعليه فاننا نستخلص مما سبق أن صورولوجيا الشرق شكلت جانبا أساسيا جذبت انتباه األدباء والمؤلفين
الغرب ،واستهوتهم إلى حد نقلهم لصورة الشرق ،إما عن قرب واما عن بعد ،وبذلك كانت لهم نفس النظرة للشرق
اإلسالمي خاصة ،وان تمايزت في بعض األحيان بين الواقع والخيال ،وبين اإلنصاف والتعصب ،ورغم ذلك فقد
وجد منهم من نقل صورولوجيا الشرق اإلسالمي بحيادية إيجابية بعيدة عن العنصرية واالنحياز لقوميته ،فجاءت
تلك الصورة مكتملة في معظمها في جميع جوانبها وفي حلة تستدعي التقدير واالحترام.
)1ماجدة حمود ،مقاربات تطبيقية في االدب المقارن،دط(،دراسة) منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق ،سوريا2000،م ،ص .109
)2المرجع نفسه ،ص .114 -113
)3نفسه ،ص . 114
)4نفسه ،الصفحة نفسها.
)5يوسف بكار ،وخليل الشيخ ،األدب المقارن،دط ،الشركة الوطنية للتسويق و التوريدات ،القاهرة،جمهورية مصر العربية2009 ،م،
ص.210
)6محمد غنيمي هالل ،األدب المقارن،ط ،5دار العودة و دار الثقافة ،بيروت ،لبنلن1987 ،م ،ص.421
)7ادوارد سعيد ،االستشراق ،د ط ،تر :كمال أبو ديب ،مكتبة ديوان العرب ،د ت ،ص .29 -28
)8حلمي ساري ،صورة العرب في الصحافة البريطانية ،د ط ،تر :عطا عبد الوهاب ،مركز الوحدة العربية ،بيروت ،لبنان1988 ،م،
ص .57
)9ينظر :يوسف بكار ،وخليل الشيخ ،األدب المقارن ،ص . 213
)10ينظر :المرجع السابق ،الصفحة نفسها .
)11نفسه ،الصفحة نفسها .
)12محمد غنيمي هالل ،األدب المقارن ،ص. 420
)13ينظر :المرجع السابق ،ص.422