You are on page 1of 5

‫تنبيه‪ :‬التعليق على الصور باألزرق‬

‫العصر‬
‫ِ‬ ‫في ال ِّذكرى الـ ‪ 43‬لوفاة روالن بارت‪ :‬قارُئ العالمات األمه ُر و ُمتاب ُع ِ‬
‫آثار‬
‫األكثر تنويعًا في المناهج‬
‫(‪)26.03.1980-12.11.1915‬‬
‫‪ .01‬بارت مدرِّ سًا في مدرسة الدراسات العليا في العلوم االجتماعيَّة (باريس‪.)1972 ،‬‬
‫ق ك ِّل المدارس‬
‫خارج وفو َ‬
‫َ‬ ‫‪ .1‬ناق ٌد‬
‫صدمه بشاحنة نقل صغيرة‬ ‫ُ‬ ‫إثر حادثة سير (‬ ‫البشر‪ ،‬ووفاةٍ مأساويَّة َ‬
‫ِ‬ ‫بين ميالدٍ عا ٍد‪ ،‬ككلِّ‬
‫وهو ذاهب إلى مق ِّر عمله في الكوليج دو فرانس) مســار أكــاديم ّيٌ وكتــاب ّيٌ يضــجُّ — إذ‬
‫ـدار للرَّجــل‪ ،‬حتَّى لــو كــان مقـااًل صــغيرًا ومر َّك ًزا‪ ،‬حــدثًا ثقافيًّــا فرنســيا‪،‬‬
‫كــان كــلُّ إصـ ٍ‬
‫ي والماركس ـ ّي‬ ‫صيّة تــراوحت بين البــنيو ّ‬ ‫وأكاديميًّا عالميًّا — بابتكار مفاهيم وقراءات ن ّ‬
‫منهج سـابق‬
‫ٍ‬ ‫والعالمتي (السيميولوج ِّي)ـ إلى الخـارج عن كـ ِّل‬
‫ِّ‬ ‫واإليقون ّي إلى األسطور ّ‬
‫ي‬
‫ت ومناهج توليد المعنى‪.‬‬ ‫خالص على مستوى اآلليَّا ِ‬
‫ٍ‬ ‫أو مدرسة قائمة‪ ،‬في إبداع شبه‬
‫ومفهو ُم النَّصِّ أساسُ ك ِّل اجتهاداته وكتاباتِه النَّقدية‪ ،‬فقب َل بارت كان النَّصُّ في صيغ ٍة‬
‫ـار النَّصُّ ال فقــط نســيجًا لغويًّــا بشــريًّا يخضــع‬
‫مكتوبــة حصــرا وحســبُ ؛ أ َّما مع ـهُ فصـ َ‬
‫ت قابلــة‬
‫مجموع عالما ٍ‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ت الكالسيكيَّة؛ وإنَّما أ َّ‬‫ت أفقية وعموديَّة‪ ،‬كما في النَّظريَّا ِ‬ ‫لعالقا ٍ‬
‫علم جدي ـ ٍد‪ ،‬أســه َم فيــه بــارت بشــكل أساســي ضــمن‬ ‫ث ٍ‬ ‫للقــراء ِة؛ وهكــذا ت َّم ابتكــا ُر َم ْب ِح ِ‬
‫مجموعــة طليعيَّة باريس ـيَّ ٍة أطلقت على نفســها اســم ”جماعــة كمــا هــو ‪Groupe Tel‬‬
‫قت حول مجلَّة بنفس االسم‪ ،‬وسلسلة منشورات لدى دار غاليمــار‪ .‬صــارت‬ ‫‪ ،“quel‬تحلَّ ْ‬
‫أواخر‬
‫َ‬ ‫ث قراء ِة العالمات)‪ ،‬بذلكَ ‪ ،‬أ َّم العلوم اإلنسانيَّة وبغيةَ كلِّ ناقد‪،‬‬ ‫السيميولوجيا ( َم ْب َح ُ‬
‫القرن الماضي‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ت من‬ ‫ت وبدايةَ السبعينا ِ‬ ‫الستينا ِ‬
‫‪ .02‬جماعة ”كما هو“ في زيارة للصِّ ين‪ .‬من اليمين إلى اليسار‪ :‬بارت‪ ،‬مترجم صيني‬
‫‪ ،1‬مارسُالن پْلِ ْينِي‪ ،‬جوليا كريستيڨا‪ ،‬مترجم صيني ‪ ،2‬فرنسوا وا ْهلْ ‪( .‬ساحةُ تيانانمين‪،‬‬
‫‪.)1974‬‬
‫ص‪ ،‬مكتوبًا وملفوظًا ومرسوما‪ ،‬في ك ِّل أشكال ِه‬
‫‪ .2‬ابتكا ُر قا َّر ٍة جديدة‪ :‬النَّ ُّ‬
‫صا‪ ،‬ينبغي فقط تفكيكه إلى وحدات‬ ‫صا َر كلُّ شي ٍء قابال للقراءة‪ ،‬صار كلُّ شي ٍء ن ًّ‬
‫ت‪ ،‬لوحـةً‪،‬‬ ‫ـروف مرســومة وأصــوا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صغرى ومجموعة عالئــق‪ .‬صــار النَّصُ تجميـ َع حـ‬
‫فوتوغرافًا‪ ،‬خربشةً في جدار‪ ،‬سلوكا اجتماعيا‪ ،‬لباسًا‪ ،‬وجه ممثِّل مسرحي أو سينمائ ٍّي‪،‬‬
‫َّين‪ ،‬مســرحيَّةً‪ ،‬فيل ًمــا‪ ..‬انفت َح‪ ،‬بــذلك‪ ،‬النصُّ على كــل عــالَم‬ ‫شــريطًا أو ملصــقًا دعــائي ِ‬
‫ـوم اإلنســانيَّ ِة بشــكل‬ ‫العالمات‪ ،‬واتَّسع مجال العلوم االجتماعيَّ ِة والمتن القِ ُّ‬
‫رائي لك ـ ِّل العلـ ِ‬
‫تطبيقات بارت لهذه النَّظريَّ ِة التي صــيغت جماعيــا‪ ،‬ولكنــه رفـدَها‪ ،‬هــو‬ ‫ُ‬ ‫أرحب‪ .‬وتوالت‬
‫َ‬
‫ب الناق َد األرأس ضمن الجماعة‪ ،‬إن لم‬ ‫َّ‬ ‫فرديًّا‪ ،‬بأهم وأضخم وأعمق التحاليل‪ ،‬حتى احت ِس َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫يكن في كامل تاريخ النقد األدبي‬
‫وخلخلت التقالي َد المدرسيَّة الفرنسية في دراسة‬ ‫ْ‬ ‫التآليف الَّتي رج ْ‬
‫َّت مناهج القراءة‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫فتوال ِ‬
‫ت‬
‫السـجاال ِ‬ ‫ت وأعطت للصــحافة الثقافيَّ ِة مــا َّدةً خصــبةً للمتابعــة وفتح ِّ‬ ‫النصوص والمؤلَّفا ِ‬
‫الفكرية بين أنصار التجديد (بــنيويُّون‪ ،‬بينويُّونَ تكويــنيون‪ ،‬ماركســيون غــير عقائــديِّينَ ‪،‬‬
‫والمــدارس التقليديَّة‬
‫ِـ‬ ‫مخرجــو الموجــة الجديــدة من الســينما الفرنســيَّة‪)..‬‬ ‫ِ‬ ‫شــكالنيُّونَ ‪،‬‬
‫االرتكاسية في تمسُّكها بما أرسته المدرسة الفرنسيَّة من ُذ ثورات و ِحراكات أوائل القــرن‬
‫ت الحركــات‬ ‫‪ ،19‬والــتي بــاتت قاصــرةً عن مواكبـ ِة الفــورة الفكريَّة الباريسـيَّ ِة وتراكمــا ِ‬
‫الطليعيَّ ِة اإلبداعيَّ ِة‪.‬‬
‫‪ .3‬ك ُّل ما في العالَم عالمةٌ قابلةٌ للقراءات والتَّآوي ِل‬
‫‪ .03‬الطَّبعة الفرنسيَّة األولى والفخمة لِـ‪” :‬إمبراطوريَّة العالما ِ‬
‫ت“‪.‬‬

‫حيث تنويع مناهج القراءة والمتــون وزوايــا النَّظـ ِ‬


‫ـر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ب لبارت‪ ،‬من‬ ‫وربَّما كان أشمل كتا ٍ‬
‫ت“‪ ،‬الــذي صــدر في ‪ ،1970‬في طبعــة فخمــة من حيث‬ ‫كتابــه ”إمبراطوريَّة العالمــا ِ‬
‫ور الفوتوغرافيَّ ِة واللوحات التشكيليَّ ِة؛ وهو‬ ‫قطعها الورقي المربَّع والكبير‪ ،‬وغناها بالصُّ ِ‬
‫كتاب ر َّكز فيه بارت على قراء ِة ج ِّل العالمات التي تميِّ ُز الثقافة اليابانيَّ ِة‪ ،‬والــتي عاينَهــا‬
‫خال َل رحلة له إلى هنــاك‪ ،‬مستكشــفا عــوال َم المســرح اليابــاني (النُّو والكــابوكي ووجــوه‬
‫وفن الخ ـطِّ والموســيقى والمالهي والمــراقص‬ ‫الممثِّلين المسرحيين)‪ ،‬والشعر(الهايكو)‪،‬ـ َّ‬
‫ت مت َرعــة بالعالمــات الــتي ينبغي‬ ‫ـربي‪ ،‬كفضــاءا ٍ‬‫ســوا ٌء كــانت تقليديَّة أو ذات طــابع غـ ٍّ‬
‫ت دالالتها العميقة‪.‬‬ ‫استنطاقها كي تجود بمكنونا ِ‬
‫نصـه‬ ‫ـراق ِّ‬ ‫وكانت فرادةُ بارت في هذا الكتاب تناو ُل العالمات اليابانيَّ ِة بالتَّحليــل دون إغـ ِ‬
‫ال باإلحــاالت النظريَّة المبهَمــة وال باالصــطالحات الرَّنانــة الــتي قــد تحيــد عن ُم َحايَثَ ـ ِة‬
‫ـكل يعــزو‬ ‫ـالم‪ ،‬شـ ٍ‬
‫ي في العـ ِ‬ ‫شكل شــعر ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫تناول أشه َر وأوجزَ‬
‫َ‬ ‫موضوع التحليل؛ فهكذا مثال‬
‫الجمي ُع ابتكاره إلى اليابانيِّينَ أال وهو قصيدة الهايكو‪:‬‬
‫الهايكو وانتهاك المعنى‬
‫صيّة اإليهاميّة بعض ال ّشيء‪ ،‬وهي أنّنا نتخيّل دوما قدرتنا على صــناعة‬ ‫للهايكو تلك الخا ّ‬
‫بعضها بأنفسنا وبك ّل سهولة‪ .‬نقول في دخيلتنا‪ :‬وهل ث ّمة مــا هــو أســهل منــاال من كتابــة‬
‫ي“‪ .‬الهــايكو مثــير‬ ‫عفويّة كهذا [لِبوسون]‪” :‬إنّه المساء‪ ،‬الخري‪BB‬ف‪ ،‬أف ّك‪BB‬ر فق‪BB‬ط في وال‪BB‬د ّ‬
‫لل ّرغبات‪ :‬فكم من القرّاء الغربيّين لم يحلموا بالتّن ّزه في الحياة‪ ،‬متناولين كرّاسة في اليد‪،‬‬
‫مد ّونين هنا وهناك بعض ”االنطباعات“‪ ،‬والّتي قد تضمن وجازتهــا كمالهــا‪ ،‬والّــتي قــد‬
‫ق كالســيك ّي‪ ،‬يجعــل من‬ ‫تق ـ ّر بســاطتها عمقهــا [بمقتضــى أســطورة مزدوجــة؛ لهــا ش ـ ّ‬
‫ق رومـــانتيك ّي‪ ،‬يعطي قســـطا من ّ‬
‫الصـــدق‬ ‫االقتضـــاب دليال على القيمـــة الفنّيّـــة؛ وشـــ ّ‬
‫الش ـرط المــزدوج يبــدو‬ ‫لالرتجال]‪ .‬مع كونه جليّا‪ ،‬ال يسعى الهايكو لقول شــيء‪ ،‬وبهــذا ّ‬
‫موهوبا للمعنى‪ ،‬بطريقة جاهزة بصورة خاصّة‪ ،‬بطريقــة خدومــة‪ ،‬على شــاكلة مضــيف‬
‫والسـعة؛ متصـرّفين حســب أهوائنــا‪ ،‬وقيمنــا‬ ‫ّ‬ ‫مهذب يسمح لنا باإلقامة لديه على الـرّحب‬ ‫ّ‬
‫ورموزنا؛ ”غيــاب“ الهــايكو [مثلمــا نتحـ ّدث عن روح خياليّــة أو عن ماّل ك على ســفر]‬
‫يستدعي اإلغواء‪ ،‬االنتهاك‪ ،‬في كلمــة‪ ،‬االشــتهاء األكــبر‪ ،‬اشــتهاء المعــنى‪ .‬هــذا المعــنى‬
‫أن الهــايكو – مخلّصــا من‬ ‫الثّمين‪ ،‬الحيويّ‪ ،‬المرغوبـ فيه كالنّصيب [حظّا وماال]‪ ،‬يبدو ّ‬
‫اإلكراهات العروضيّة [في التّرجمات الّتي نتوفّر عليها] – يمنحنا إيّاه بــوفرة‪ ،‬رخيصــا‬
‫كأن ال ّرمز‪ ،‬واالستعارة والعبرة في الهايكو ال تكلّف تقريبا شــيئا‪ :‬بالكــاد‬ ‫وتحت الطّلب؛ ّ‬
‫بعض كلمات‪ ،‬صورة‪ ،‬شعور – ث ّمة حيث تتطلّب آدابنـا الغربيّـة‪ ،‬في األحـوال العاديّـة‪،‬‬
‫قصيدة‪ ،‬إسهابا أو [في األجناس األدبيّة القصيرة] فكرة من ّمقة‪ ،‬باختصار صنعة بالغيّــة‬
‫أن الهــايكو يمنح الغــرب حقوقــا تمنعهــا عنــه آدابــه‪ ،‬وتســهيالت‬ ‫طويلــة‪ .‬بالتّــالي‪ ،‬يبــدو ّ‬
‫إن لنــا حقّــا في أن نكــون تــافهين‪ ،‬مــوجزين‪ ،‬عــاديّين؛‬ ‫تســاومه عليهــا‪ .‬الهــايكو يقــول ّ‬
‫تحسـون بـه في أفــق دقيـق من الكلمـات‪ ،‬وسـتكونون مثــيرين‬ ‫ّ‬ ‫احصــروا مـا ترونـه‪ ،‬مـا‬
‫ّ‬
‫الخاصـة‬ ‫ق في أن تستندوا بأنفســكم [وانطالقــا من أنفســكم] لوجــاهتكم‬ ‫لالهتمام؛ لكم الح ّ‬
‫بكم؛ ساعتها‪ ،‬وكيفما كانت جملتكم‪ ،‬فإنّها ســتنطق بــالعبرة‪ ،‬ســتحرّر الرّمــز‪ ،‬ســتكونون‬
‫عميقين؛ بتكاليف أقلّ‪ ،‬ستكون كتابتكم ممتلئة‪.‬‬
‫[إمبراطورريَّةُ العالمات]‬
‫‪ .4‬قت ُل المؤلِّف لقتل النزعة السوسيولوجيَّة‪ B‬البئيسة‪B‬‬
‫وابتكــار‬
‫ِ‬ ‫مفهوم النَّصِّ‬
‫ِ‬ ‫البارتي‪ ،‬بعد توسيع‬
‫ُّ‬ ‫المفاهيم الَّتي يقوم عليها الصَّرح النقديُّ‬ ‫ِ‬ ‫ثاني‬
‫ت جديدة لقراءاته في مستويات ومن زوايا متعدِّدة‪ ،‬هو مفهــوم مــوت المؤلّف؛ الــذي‬ ‫آليَّا ٍ‬
‫أرا َد به ناقدنا تخليص الدراســات األدبيَّة (والعلــوم اإلنســانيَّة بشــكل شــامل) من النزعــة‬
‫السوسيولوجيَّة التي تُسقطُ حياةَ ال ُكتَّاب والفنَّانين‪ ،‬ســياقاتِهم التَّاريخيَّةَ‪ ،‬إســقاطا ميكانيكيًّــا‬
‫مجحفًا على مؤلَّفاتهم وإبداعاتهم‪ ،‬إســقاطًا كثــيرًا مـا يهمـل الحمولـة الجماليَّةَ للنُّصـوص‬ ‫ِ‬
‫والثَّورةَ الـــتي تحـــدثها على مســـتوى الشـــكل واألســـلوب‪ ،‬وبالتَّالي على ذهن القـــارئ‬
‫والمشا ِهد‪ ،‬وبالتَّالي على ذهن الجماعــات‪ .‬بهــذا المفهــوم‪ ،‬صــار شــعا ُر النُّقَّا ِد الحــديثين‪:‬‬
‫يعرِّف بــارت مفهوم ـهَ لمــوت المؤلِّف كمــا‬ ‫ُ‬ ‫”النَّصُّ ‪ ،‬ك ًّل النَّصِّ ‪ ،‬وال شي َء غي َر النَّصِّ “‪.‬‬
‫ي أبدا بالقارئ؛ بالنّســبة لــه‪ ،‬مــا من إنســان آخــر في األدب إاّل‬ ‫يلي‪” :‬لم يهت ّم النّقد التّقليد ّ‬
‫ذاك الّذي يكتب‪ .‬لقد بدأنا اآلن نستفيق من غفلة هذه الجمل المقلوبة المعنى‪ ،‬الّــتي يج ـرّم‬
‫بالضـبط على الهـامش‪ ،‬مـا يتجاهلـه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي ببراعـة لمصـلحة مـا يضـعه‬ ‫فيها المجتمع السّو ّ‬
‫يخنقه أو يحطّمه؛ صرنا نعرف اآلن — كي نعيد للكتابة مستقبلها — أنّه يتوجّب علينــا‬
‫قلب األســطورة‪:‬ـ ميالد القــارئ ينبغي أن يجــازى بمــوت المؤلّــف“‪”[ .‬هســيس اللّغــة“‪،‬‬
‫‪1984‬؛]‬
‫‪ .4‬بارت والثَّقافةُ العربيَّة‪ :‬بارت مقي ًما بين ظهرانينا ومؤثِّ ًرا في مناهجنا النَّقديَّة‬
‫اإلشارات إلى الثَّقافة العربيَّ ِة قليلةٌ ضمنيًّا في متن كتب بارت‪ ،‬فيما خال شذرةً من كتابــه‬
‫”روالن بارت بقلم روالن بارت“ (‪:)1975‬‬
‫أبو نواس واالستعارة‬
‫ليست ال ّرغبة ذات موضوع‪ .‬عندما تنظر إحدى القيان ألبي نواس‪ ،‬فهو يقرأ في عينيهــا‬
‫ال الرّغبة في ال ّدنانير‪ ،‬لكن الرّغبة فحسب — ليتأثّر لــذلك‪ .‬فلتكن هــذه أمثولــة لكـ ّل علم‬
‫ّ‬
‫ويؤسـس‬ ‫الحاسـة الهائمــة‪ ،‬مــا ه ّم حـ ّدا المســير‪ :‬وحــده يه ّم‬
‫ّ‬ ‫يدرس تغيّر الحال‪ :‬ما ه ّمت‬
‫االستعارة الهيام بذاته‪.‬‬
‫وكتابًا له‪ ،‬صد َر بعـ َد وفاتِـه‪ ،‬وهـو عبـارةٌ يوميـات كتبهـا خالل تدريسـه بجامعـة محمـد‬
‫ـامعي ‪ ،1970-1969‬وخالل زياراتــه التَّاليَّ ِة لهــذه‬
‫ِّ‬ ‫الخامس بالربــاط‪ ،‬خالل الموســم الجـ‬
‫السَّنة مدعوا إلى لقاءات ثقافيَّ ٍة وندوات دراسيَّة‪:‬‬
‫‪ .04‬كتاب ”عابرات“ (‪.)1987‬‬
‫عابرات‬
‫سوق مرّاكش‪:‬ـ ورود قرويّة في أكوام النّعناع‪.‬‬
‫‪‬‬
‫مزارع هرم بجاّل بيّة [بلون الخــرق العميــق] يحمــل في هيــأة ح ّمالــة على الكتــف جديلــة‬
‫ي النّحاس‪.‬‬ ‫ضخمة من حبّات البصل الكبيرة ذات اللّون الورد ّ‬
‫‪‬‬
‫نزل نادل الخ ّمارة‪ ،‬في إحدى المحطّات‪ ،‬ليقطف زهرة إبرة الرّاعي الحمــراء‪ ،‬وضــعها‬
‫البن والخزنة القذرة حيث أهمل فناجين ومحرمات متّسخة‪.‬‬
‫في كأس ماء‪ ،‬بين عصّارة ّ‬

‫إن كانَ للنَّقد المغــربي ِم ْن ريَّادة عربيًّــا‪ ،‬إضــافةً لإلنتــاج التَّرجم ِّي‪ ،‬فبفضــل الجمــع بين‬
‫العربي القديم وإنتاجاتِنا المعاصرة بمنــاهج وآليــات تحليــل ثراثيَّة ممزوجـةً‬ ‫ِّ‬ ‫قراءة تراثنا‬
‫بأخرى غربيَّة‪ُ ،‬جلُّها فرنسي‪ ،‬ولبارت ضمن الحصَّة الفرنسيَّة نصيبُ األسد‪.‬‬
‫أن ألمــع قُـرَّا ِء تراثنــا العــرب ِّي راهنــا‪ ،‬عبــد الفتَّاح كيليطــو‪ ،‬كــان‬ ‫تكفي فقط اإلشــارة إلى َّ‬
‫زمياًل لبارت في جامعــة مح َّمد الخــامس بالرِّبــاط‪ ،‬ومن األكي ـ ِد أنَّهُ ”تتلم ـ َذ“ على نِتاجــه‬
‫ق ”ألــف ليلــة وليلة“‪ ،‬و”كليلــة ودمنة“‪ ،‬والتَّوحيــدي‬ ‫النَّقدي‪ ،‬الــذي ســاع َدهُ في فــكِّ َم َغــالِ ِ‬
‫وغيرهم من خالدينا األموات واألحيا ِء‪.‬‬
‫ـوص (الطَّبعــة الفرنس ـيَّةُ)‪” :‬روالن بــارت بقلم روالن بــارت“ (‪)1975‬؛‬
‫ِ‬ ‫مصادر النُّصـ‬
‫ـذة النّصّ “ (‪)1973‬؛ ”عــابرات“ (‪)1987‬؛ ”إمبراطوريّــة العالمــات“ (‪،)1970‬‬ ‫”لـ ّ‬
‫”هَسْيسُ اللُّ َغ ِة“ (‪.)1984‬‬

You might also like