Professional Documents
Culture Documents
روبي الثالث
روبي الثالث
-1-
العربيــــــــــــــــــــــــــــــةـ اململكــــــــة
الســــــــعودية
وزارةالــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــدفاع رئاســـــــــة
األركــــــــــــــــــــــــــــــان هيئـــــــــة
العامـــــــــة كليـــــة القيــــادة واألركـــــان للقــــوا
املسلحــــــةـ
أطروحة يـفـ
إشـــراف
الفصل الثالث
السيربانية خصائص احلروب
ومسؤوليتها الدولية
محظ
ور
الفصل الثالث
خصائص احلروب السيربانية
ومسؤوليتها الدولية
1.عام .
2.اخلصائص اليت تتميز بها احلرب السيربانية .
احلرب 3.املسؤولية الدولية املرتتبة على
السيربانية.
محظ
ور
الفصل الثالث
با بإمكان الدولة املهامجة بث الفوضى املعلوماتية يف البلد املستهدف ،عرب نشر معلوما مغلوطة ،قد تكون
ذا تأثريا وارتدادا سياسية بالغة ،كما قد
حيصل مثال يف فرتة االنتخابا .وعلى مستوى الفاعلني ،تركت احلروب
السيربانية تأثريا هامة يف طبيعة املواجها ،حيث با باإلمكان أن يكون هناك أطراف فاعلة من غري
الدول ،إذ أن األسلحة املستخدمة يف هذه احلروب ليست
يرتدد الوصف للحروب السيربانية بأنها حروب غري حكراً بيد الدولة ،وحبيث با
عائ ٌد إىل التكلفة املتدنية نسبيا أللدوا االلزمة لشن هكذا
تناظرية وذلك
حروب .فلكي ينخرط فيها طرف من غري الدول ،فليس هناك حاجة ألن يقوم بتصنيع اسلحة مكلفة جدا ،مثل
حامال الطائرا واملقاتال املتطورة لتفرض
تهديدا خطريا وحقيقيا على االطراف األخرى ،وامنا يكفي تطوير الربجميا
االلزمة وامتالك األجهزة احالسوبية .وهكذا ،با بإمكان وصف اجمالل
اإللكرتوني للمواجها باعتباره ليس حكرا على الدول فقط ،ولكن أيضا
تنخرط فيه اجلها الفاعلة من غري الدول .ويتصل بذلك إحدى أهم خصائص حرب
الفضاء اإللكرتوني ،وهي فشل إمكانية تطبيق فكرة ومبدأ الردع يف حروب
الفضاء اإللكرتوني ،واليت عادة ما تستخدم من قبل دولة ضد دولة اخرى يف إطار منظومة احلروب
التقليدية أو النووية ،أما يف احلروب اإللكرتونية فهذا اجالنب غائب .وذلك عائد إىل خصائص عدة ،إذ أن
هناك معضلة يف حتديد الدولة واجلهة
اليت قامت باهلجوم ،فبإمكان القوة املهامجة شن هجوم على دولة لصاحل دولة،
انطالقا من دولة ثالثة عرب استخدام خوادم تكون موجودة هناك (ورمبا يكون
هناك يكون طرف ثالث ي ريد إشاعة اخاللفا بني دولتني فيقوم باهلجوم على
محظ
ور
إحداهما حتى تظن أن الثانية هامجتها وبالتالي تتوتر العالقا بينهما ) )1(.إن مناذج الردع املعروفة يف احلروب التقليدية،
واحلروب غري التقليدية النووية والبيولوجية
والكيميائية تفشل يف هذه احلروب ،فهي غري ممكنة يف العامل املعلوماتي ،إذ
يتعذر إظهار القوة اإللكرتونية املهامجة ،حبيث يتم ردع العدو عن اهلجوم فالردع
باالنتقام أو العقاب ال ينطبق على هذه احلروب ،على عكس احلروب التقليدية،
-من أماكن حمددة ،يتم
– على سبيل املثال حيث ينطلق الصاروخ املهاجم
رصدها ،ومن ثم يكون باإلمكان الرد على اجلهة املهامجة .خالفا مال هو احالل
عليه يف حروب الفضاء اإللكرتوني ،إذ يكون من الصعوبة مبكان ،بل ومن
املستحيل يف كثري من األحيان ،حتديد مصدر اهلجما اإللكرتونية .وحتى إذا ما مت تتبع مصدر اهلجما
اإللكرتونية ،وتبني أنها تعود إىل دول حمددة ،أو فاعلني غري حكوميني ،فإنه يف هذه احاللة لن يكون لديهم
قواعد أو فضاءا مادية حتى
يتم الرد إليها عرب استهدافها .كما أن بعض اهلجما قد تتطلب أشهرا لرصدها،
وهو ما يلغي مفعول الردع باالنتقام ،عرب توجيه ضربة تالية للضربة األوىل اليت وجهها الطرف البادئ
باهلجوم .ويقرتن بهذه اخالصية ،خاصية أخرى متيز حروب الفضاء اإللكرتوني عن احلروب التقليدية،
وهي أنه ال توجد حدود جغرافية واضحة يف هذه احلروب .كما ال يتواجد مفهوم "السيادة" ،مبعناه السائد يف
العامل الواقعي ،حبيث يتم منع األطراف األخرى من الدخول إىل املناطق اخالضعة لسيادة دولة ما مثال .بل
إنه باإلمكان وصف احلدود يف الفضاء اإللكرتوني بأنها حدود
مائعة .وباالحرى ،فإنه ال توجد حدود يف العامل االفرتاضي ،إذ أن احلدود تتداخل
مع بعضها ،حيث أن كل الدول ،صغرية وكبرية ،تشرتك يف نفس الشبكا ،
محظ
ور
اليت ميكن اعتبارها مبثابة سحابة واحدة .وحتى خوادم الشبكا ( Network
أو لوحة املفاتيح ،أو الشاشة، أو حمرك األق ارص الضوئية CD Drive CPU
وكذلك الكابال ،واألقمار الصناعية .وتربز االخرتاقا كأحد أهم أساليب
اهلجوم يف احلرب السيربانية ،وهي تعتمد على برامج فعالة لسرقة املعلوما
احلساسة .كذلك هناك تكتيك احلرمان من خدمة املوزع ،ويؤدي هذا النوع من
اهلجما دورا رئيسيا عرب حماولة جعل مورد احالسوب غري متوفر للمستخدمني
املقصودين به وتتنوع الربجميا املستخدمة يف عمليا التسللـ واالخرتاق .
،والربوتوكوالن اإلضافيان ،إذ مل يكن للهجما السيربانية خالل إبرامها مجي َعا أي وجود يذكر ) ( )1وبالتالي،
مل يقع تنظيمها بشك ٍل صريح ،ما استدعى احالجة اللجتهاد بعد بروزها .إال إن إشكاليا عدة سرعان ما
ظهر إزاء ذلك ،ومتثلت بشكل أساسي يف صعوبة القدرة على حتديد طبيعتها وعناصرها ،إضافة إىل
تنسيبها هال ،عدا عن كون أغلب اهلجما السيربانية ال تعلن الدول رمسيا
إشكالية عدم القدرة على إثبا الدليل امالدي على استخدام اهلجما االلكرتونية ،على عكس
وامنا فقط طرق القتال األخرى املعروفة ،إذ يف بعض اهلجما ال يكون حتى هناك دمار ملنشآ
تالعب وتعطيل ألنظمة ،خالفا
ملموسا جزئي أو باألسلحة التقليدية وغري التقليدية اليت ختلف دمارا للهجما
كليا .كل ذلك شكل حتديا أمام املختصني يف القانون الدولي ،وعنى صعوبة
يف حتديد نطاقها ضمن القانون الدولي اإلنساني ،وما يرتتب عليها من تبعا املسؤولية الدولية .وقد وقع
اختالف يف آراء املختصني القانونيني ،ما بني من يرى أن
املبادئ والقواعد اليت أرساها القانون الدولي اإلنساني تنطبق على تلك اهلجما ،
-إىل أن املُدة اليت جرى فيها تقنني القواعد
-مثل إمييلي هاسالم ومن يذهب
القانونية ذا الصلة باستخدام وسائل وط ارئق القتال ،مل يكن الستخدام االنظمة االلكرتونية أللغراض العسكرية
اهلجومية وجود يذكر ،ما يعين أنها غري مقننة ،وغري منظمة وفقا للقواعد الدولية أي أنها خارج التنظيم
القانوني الدولي ،وهي حباجة لقوانني جديدة صرحية تنص على تنظيمها بشكل ال يدع أي جمال اللجتهاد
والتأويل ( ))2وكان أهم املبادئ القانونية الذي فتح جماال أمام القياس وانزال حالة
Haslam, Emily (2000). Information Warfare: Technological Changes and International Law. Journal of
Conflict and Security Law. Vol (5). No (2). Pp: 521
محظ
ور
احلروب اإللكرتونية عليه هو مبدأ االمتناع عن استخدام القوة عموما من قبل أي دولة ضد أي دولة أخرى ،والذي
جاء النص عليه يف الفقرة ال اربعة من امالدة الثانية
يف عالقاتهم الدولية (ميتنع أعضاء اهليئة مجيعا من ميثاق األمم املتحدة ،ونصها:
عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سالمة األراضي أو االستقالل السياسي ألية دولة أو على أي
وجه آخر ال يتفق ومقاصد األمم املتحدة( ))1هنا ظهر اجلدل حول إمكانية اعتبار اهلجما اإللكرتونية مبثابة
خرق واضح حلكم هذه
على التهديد أو االستخدام الفعلي للقوا املسلحة فحسب، تقتصر النها الفقرة
حيث يكون هذا التفسري خاص بالدول املتفوقة يف جمال احلرب اإللكرتونية ،أما الدول األخرى فتميل اىل
توسعة نطاق مدلول كلمة "القوة" يف الفقرة ،لتشمل
اإللكرتونية أيضا .أما املبدأ القانوني الثاني الذي باإلمكان تكييف اهلجما
اإللكرتونية وفقا له فهو مبدأ وجوب التمييز بني املدنيني واملقاتلني ،وخصوصا إن
جانب كبري من اهلجما اإللكرتونية يستهدف القطاعا االقتصادية ،واألمنية ،والزارعية ،والصناعية وغريها
من القطاعا املدنية اليت ال غنى عنها لبقاء السكان املدنيني على قيد احلياة ،وال تقتصر يف أهدافها على
املنشآ واألهداف
امللحق من الربوتوكول اإلضايف األول العسكرية .وقد جاء يف امالدة ()48
باتفاقيا جنيف( :تعمل أطراف النزاع على لتمييز بني السكان املدنيني واملقاتلني
وبني األعيان املدنية واألهداف العسكرية ،ومن ثم توجه عملياتها ضد االهداف العسكرية دون غريها ،وذلك من
أجل تأمني احرتام ومحاية السكان املدنيني
من الربوتوكول على( :ال ونصت الفقرة الثانية من امالدة ()50 واألعيان املدنية())2
جيوز أن يكون السكان املدنيون بوصفهم هذا ،وكذا األشخاص املدنيون ،حمال
https://www.icrc.org
محظ
ور
للهجوم ،وحتظر أعمال العنف أو التهديد الرامية إىل بث الذعر بني املدنيني .أما الفقرة الرابعة من امالدة)
(50فقد نصت على عدم جواز استعمال وسائل وطرق قتال من شأنها أن تؤدي إىل هجما عشوائية،
وحددتها بأنها :تلك اليت ال توجه إىل هدف عسكري حمدد .أو تلك اليت تستخدم طرق ووسائل للقتال ال
ميكن أن توجه إىل هدف عسكري حمدد .أو تلك اليت تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال ال ميكن حصر آثارها
على النحو الذي يتطلبه هذا امللحق ،ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب يف كل حالة كهذه األهداف العسكرية
واألشخاص املدنيني أو األعيان املدنية دون
يدفع باجتاه ضرورة حتديد الوضع القانوني للهجما ( )1منطلق قانوني آخر متييز)
اإللكرتونية يتمثل يف ما جاء بامالدة) (31من الربوتوكول اإلضايف األول لعام امللحق باتفاقيا جنيف ،واليت
نصت على( :يلتزم أي طرف سا ٍم متعاقد ،عند دراسة سالح جديد أو تطويره أو اقتنائه أو أداة حرب أو اتباع
أسلوب للحرب ،بأن يتحقق مما إذا
كان ذلك حمظورا يف األحوال كافة أو يف بعضها مبقتضىـ هذا امللحق
الربوتوكولـ أو أي قاعدة أخرى من قواعد القانون الدولي اليت يلتزم بها ذلك الطرف السامي املتعاقد
بالتالي ،فإن هذه امالدة تنص على ضرورة التنظيم القانوني لوسائل وأساليب القتال اجلديدة ،ومن بينها بالطبع
الوسائل اإللكرتونية املستخدمة يف شن اهلجما اإللكرتونية .هكذا ،يُالحظ بأ ن التكييف القانونيـ للهجما
اإللكرتون ية ال ازل ضمن مستوى القياس واالجتهاد ،ومل يصل بعد إىل مرحلة إبرام اتفاقيا دولية صرحية
خاصة به ،تكون متعددة األطراف ،وتنظم
اهلجما اإللكرتونية وفق قواعد قانونية صرحية ،وهو ما يُعزى إىل أسباب عدة،
يأتي يف مقدمتها وجود عوائق تضعها الدول املهيمنة يف جمال احلروب السيربانية ،
محظ
ور
مثل الواليا املتحدة األمريكية ،وروسيا ،والصني .إذ ان هذه الدول ال تفضل طرح
موضوع التنظيم على املنابر الدولية حتى ال تفقد موقعها املهم بني الدول املهيمنة ،وهو ما يضر بأمنها القومي.
يضاف إىل ذلك ،أن بقاء املوضوع خارج حدود القضايا القانونية يتيح للدول مساحة واسعة لكي تتحرك يف
توظيف أسلحتها اإللكرتونية لتحقيق أهدافها ،وهي بذلك تبقى خارج نطاق املسائلة القانونية يرتتب على ذلك كله
مسألة أخرى أخرى تتعلق بطبيعة املواجها يف الفضاء اإللكرتوني ،إذ أن من الصعوبة مبكان إثبا املسؤولية
عن اهلجما ،واليت تتخذ من الفضاء اإللكرتوني
جماهال الرحب ،لكونها تصرفا غري مادية ،وال ميكن إثباتها بالطرق العادية .بالرغم من ذلك ،فقد برز
بعض احمالوال لبلورة اتفاقيا دول ية بهذا الشأن ،إال أنها مل تر َق إىل مستوى تنظيم احلروب واهلجما
اإللكرتونية ،بقدر ما كانت أقرب إلقرار أطر مال با يعرف باجلرائم اإللكرتونية ،ذا الطابع اجلنائي ،وذلك
حتديدا على املستويا الوطنية .ومن أبرز هذه املساعي اتفاقية جملس أوروبا
املتعلقة باجلرمية السيربانية ،املقرة يف نوفمرب2021م ،واليت تعرف أيضا باسم
"معاهدة بودابست ملكافحة جرائم الفضاء املعلوماتي ".وقد ُبي َن عليها الحقا
تشريعا وطنية استند إليها ،سواء يف أوروبا أو غريها من الدول حول العامل ())1
ألطر قانونية للسلوك االلكرتوني املُجرم ،ووضع
تضمنت هذه االتفاقية إقرارا ٍ
اجلزاءا الواجب إيقاعها على املتهم بارتكابها .وجند امالدة الثانية من اتفاقية
جملس أوروبا حتدد بأن( :كل دولة طرف يف املعاهدة تعتمد ما قد يلزم من تدابري
تشريعية وتدابري اخرى لتجريم الفعل التالي يف قانونها ،إذا ما ارتكب عمدا وبغري حق :الدخول على كامل او جزء
من منظومة كمبيوتر .االعرتاض باستخدام وسائل
محظ
ور
فنية ،لعمليا إرسال غري عمومية لبيانا كمبيوتر أو من خالل منظومة كمبيوتر .إتالف أو حمو او إفساد أو
تعديل او تدمري بيانا موجودة على الكمبيوتر .اإلعاقة اخلطرية لعمل منظومة الكومبيوتر عن طريق
إدخال او إرسال أو إتالف أو حمو او
تغيري أو تبديل او تدمري بيانا كمبيوتر( ))1وبالتالي فإن مفهوم اجلرمية
االلكرتونية ،وفقا هلذه االتفاقية ،قد اقتصر على هذه احالال ،ومل يتطرق إىل
مستوى اهلجما واحلروب اإللكرتونية اليت تك ون أطرافها من الدول أو من
املنظما املرتبطة بها .ومن ثم جاء القرار الصادر عن اجلمعية العامة أللمم املتحدة
يف يناير 2021م ،واملوسوم بـ "مكافحة إساءة استعمال تكنولوجيا املعلوما ".
والذي جاء فيه( :دعوة الدول األعضاء ،لوضع قوانني وسياسا وممارسا وطنية
ملكافحة إساءة استعمال تكنولوجيـا املعلومـا ألغراض إجرامية).التحدي األكرب الذي يواجه تنظيم اهلجما
يف الفضاء اإللكرتوني قانونيا هو عدم وجود إرادة
جملس األمن ،حيث تغيب دولية على صعيد املفاوضا أو على صعيد ق قرارا
اإلرادة الدولية االلزمة للدفع باجتاه ذلك ،وخصوصا من قبل الدول املهيمنة يف هذا
اجمالل .أن القانون الدولي اإلنساني يذهب إىل تنظيم استخدام األسلحة بصورتها
التقليد ية وغري التقليد ية ،يف حني ال يبدو أن اهلجما اإللكرتونية ،حتى اآلن ،تصنف على هذا النحو،
باعتبارها أسلحة مادية ،وذلك باعتبار بقاء النظر هال باعتبارها تعمل يف احليز االفت ارضي غري امالدي ،كما
يف عمليا االستحواذ على
ملفا رقمية أو تعطيل مواقع إلكرتونية.
https://cas.coe.int