You are on page 1of 15

‫محظور‬

‫‪-1-‬‬

‫العربيــــــــــــــــــــــــــــــةـ‬ ‫اململكــــــــة‬
‫الســــــــعودية‬
‫وزارةالــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــدفاع رئاســـــــــة‬
‫األركــــــــــــــــــــــــــــــان‬ ‫هيئـــــــــة‬
‫العامـــــــــة كليـــــة القيــــادة واألركـــــان للقــــوا‬
‫املسلحــــــةـ‬

‫أطروحة يـفـ‬

‫عزيز الدفاع العسكري السيرباني ملواجهة احلرب السيربانية‬


‫إعـــــداد‬

‫الرائد‪ /‬روبيـ جايريل ساندرا‬

‫سجل رقم )‪(490‬‬

‫إشـــراف‬

‫العقيد البحري الركن‪ /‬حممد بن حسني العتييب‬

‫الدورة الثامنة واألربعون‬

‫سنة اإلعداد ‪(1443‬هـ) املوافق ‪(2022/2021‬م)‬


‫محظ‬
‫ور‬

‫الفصل الثالث‬
‫السيربانية‬ ‫خصائص احلروب‬
‫ومسؤوليتها الدولية‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫الفصل الثالث‬
‫خصائص احلروب السيربانية‬
‫ومسؤوليتها الدولية‬
‫‪ 1.‬عام ‪.‬‬
‫‪ 2.‬اخلصائص اليت تتميز بها احلرب السيربانية ‪.‬‬
‫احلرب‬ ‫‪ 3.‬املسؤولية الدولية املرتتبة على‬
‫السيربانية‪.‬‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫الفصل الثالث‬

‫ومسؤوليتها الدولية‬ ‫السيربانية‬ ‫خصائص احلروب‬

‫باتت ركن أساسي يف الصراعا حول العامل‪،‬‬


‫السيربانية‬ ‫‪ .‬احلروب‬ ‫‪ 1.‬عـــام‬
‫أن‬
‫وقد حدث ذلك بالتزامن مع دخول عصر الثورة الصناعية االربعة‪ ،‬وما نتج عنها من طمس للخطوط الفاصلة‬
‫بني اجمالال امالدية والرقمية‪ ،‬والتحول املتسارع باجتاه االقتصاد الرقمي‪ ،‬وكذلك التحول العسكر ي حنو‬
‫تطوير األسلحة الروبو ‪ ،‬اليت تعتمد على أنظمة التحكم عن بعد والذكاء االصطناعي ‪،‬كل ذلك جعل‬
‫من الفضاء اإللكرتوني املعلوماتي جماال أكثر إغراءا لتوجيه الضربا للخصوم واألعداء‪ ،‬حيث با سببا‬
‫إلحالق أضرار بالغة وشديدة التأثري باخلصم‪ ،‬وذلك مع‬
‫ألن هذا الفضاء الذي جتري فيه هذه احلروب‬ ‫نسبياَ ‪ ،‬ونظرا‬ ‫إنفاق كلف متدنية‬
‫هو فضاء افرتاضي‪ ،‬وأن طبيعته مغايرة لطبيعة وخصائص العامل امالدي‪ ،‬فإن ذلك انعكس على خصائص‬
‫وطبيعة هذه املواجها ‪ ،‬فهي ال تعرف احلدود املكانية واجلغرافية‪ ،‬ومن املتعذر فيها حتديد مصدر الضربا‬
‫وخط سريها‪ ،‬وال يوجد فيها‬
‫أي من االعتبارا والتكتيكاـ العسكرية السائدة يف احلروب التقليدية‪ ،‬والقائمة على أساس التنقل واحلركة‬
‫والتكتيك امليداني‪ ،‬يف جماال البحر واجلو واليابسة‪ ،‬كل ذلك جعل منها نوعا جديدا من املواجها مغايرا‬
‫مال عرفته البشرية‬
‫(‪)1‬‬
‫عرب تارخيها‪ ،‬وهو ما ترك تأثريه على العقائد العسكرية وقواعداالشتباك املتبعة‪.‬‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫جاء التحول املتزايد من‬


‫‪ 2.‬اخلصائص اليت تتميز بها احلرب السيربانية ‪.‬‬
‫قبل الدول والفاعلني السياسيني حنو االعتماد بصورة متزايدة على خيار املواجهة يف‬
‫الفضاء اإللكرتوني بسبب ما تتمتع به من خصائص ويأتي يف مقدمتها اخنفاض‬
‫تكلفة املواجهة فيها نسبيا ‪ ،‬باملقارنة مع احلروب التقليدية فهي ال حتتاج ملعدا وجيوش جمهزة‪ ،‬كما أن احتمالية‬
‫وقوع الضحايا واخلسائرـ البشريةـ يف صفوف القوة املهامجة تكون منعدمة وبالتالي‪ ،‬فإن التوجه املتزايد‬
‫حنوها يأتي من مبدأ السعي لتحمل أقل كلفة‪ ،‬مع إحالق أكرب ضرر بالعدو) (‪ . )1‬وال يقف تدني الكلفة عند‬
‫النواحي امالدية والبشرية‪ ،‬وامنا تكون كذلك أيضا من ناحية املسؤولية‪ .‬إذ أن هذه اهلجما تضمن حتقيق مبدأ‬
‫إخالء املسؤولية‪ ،‬وذلك بالنظر إىل صعوبة حتديد اجلهة واملكان الذي صدر منه اهلجوم‪ .‬وكذلك إمكانية‬
‫التالعب والتمويه‬
‫السيرباني‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫توجيه وشن اهلجوم‬ ‫العالية فيما يتعلق مبصدر ومكان‬
‫إمكانية استخدام سلسلة من الوكالء يف شن اهلجوم مبا يبدأ يف احتمالية تتبع‬
‫احلروب‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬استدعت‬ ‫مباشر للدولة صاحبة القرار يف شن اهلجوم ‪.‬‬
‫األهداف وعلى مستوى الفاعلني ‪.‬من ناحية‬
‫على مستوى‬ ‫حدوث تغريا‬ ‫السيربانية‬
‫األهداف‪ ،‬فإن هذه احلروب تتجه حنو استهداف بنك متنوع من األهداف‪ ،‬فهي تستهدف البنى التحتية املدنية‪،‬‬
‫وال تقتصر على العسكرية‪ .‬واألساس يف اهلدف بالنسبة هال هو أن يكون مرتبطا بشبكا املعلوما ‪ ،‬وهو ما با‬
‫يتوافر بشكل‬
‫متزايد يف شتى مناحي احلياة واملصاحل احليوية حول العامل‪ ،‬وذلك بفعل التحول‬
‫املتسارع حنو الرقمنة ملختلف األنشطة واملنشآ ‪ .‬حبيث باتت التعامال التجارية معتمدة على الفضاء‬
‫اإللكرتوني‪ ،‬وكذلك الصحة والتعليم‪ ،‬وصوال حتى‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫شبكا املياه والكهرباء‪ ،‬وكذلك املؤسسا واملعامال احلكوم ية ) لطامال‬


‫الربية‪ ،‬البحرية‪،‬‬
‫(اجلوية‪،‬‬ ‫دار املواجها العسكرية ضمن أربعة فضاءا ‪،‬‬
‫والصاروخية)‪ ،‬ولكن يف عصر املعلوماتية‪ ،‬ظهر فضاء جديد تدور فيه املعارك‬
‫واحلروب‪ ،‬وهو الفضاء السيرباني‪ ،‬ما استدعى حدوث تطويرا على أساليب‬
‫القتال واهلجوم والدفاع ‪،‬وغري من طبيعة األسلحة املستخدمة‪ ،‬والعقائد العسكر‬
‫ية‪ ،‬وقواعد االشتباك املتبعة‪ .‬وباإلمكان اعتبار (حروب فضاء اإللكرتوني مبثابة‬
‫االنعكاس واملخرجا للثورة الرقمية وااللكرتونية يف امليدان العسكر ي‪ ،‬وهي‬
‫تقوم على أساس شن اهلجما على هياكل تكنولوجيا املعلوما احليوية للخصم‪ ،‬واليت تكون مشغلة ملصاحله‬
‫مواز ومعادل للقصف العسكري املباشر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫املدنية وقدراته العسكرية‪ ،‬وحبيث يكون إحالق الضرر بها‬
‫بواسطة األسلحة التقليدية‬
‫كل ذلك أدى إىل توسعة بنك األهداف‬ ‫)‪(1‬‬
‫وغري التقليدية‪ ،‬يف العصر الصناعي)‬
‫املتاحة أمام هجما أسلحة الفضاء اإللكرتوني‪ ،‬وجعل من خماطرها متعدية‬
‫للمواقع العسكر ية‪ ،‬إذا تتعداها إىل استهداف البُنى التحتية واحلساسة يف البلدان‬
‫املستهدفة‪ ،‬وهو أمر أصبح واقعيا يف ظل القدرة على استهداف شبكا‬
‫الكهرباء‪ ،‬واملياه‪ ،‬والطاقة ‪،‬وشبكا النقل‪ ،‬والنظام اماللي‪ ،‬واملنشآ الصناعية‪ ،‬بواسطة فريوس ميكنه‬
‫إحداث أضرار مادية حقيقية تؤدي إىل وقوع انفجارا أو دمار هائل‪ .‬وقد تصاعد خطورة مثل هذه‬
‫اهلجما مع حتول معظم قطاعا االقتصاد حنو الرقمنة‪ ،‬وحبيث باتت تعتمد على التكنولوجيا‪ ،‬من البنوك‬
‫والتعامال اماللية‪ ،‬إىل قطاع االتصاال ‪ ،‬إىل قطاع التجارة اإللكرتونية املتنامي‪ .‬وكذلك مع االعتماد واالنتشار‬
‫املتزايد للمعلوما وتداوهال عرب الشبكا ‪ ،‬حيث‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫با بإمكان الدولة املهامجة بث الفوضى املعلوماتية يف البلد املستهدف‪ ،‬عرب نشر معلوما مغلوطة‪ ،‬قد تكون‬
‫ذا تأثريا وارتدادا سياسية بالغة‪ ،‬كما قد‬
‫حيصل مثال يف فرتة االنتخابا ‪ .‬وعلى مستوى الفاعلني‪ ،‬تركت احلروب‬
‫السيربانية تأثريا هامة يف طبيعة املواجها ‪،‬حيث با باإلمكان أن يكون هناك أطراف فاعلة من غري‬
‫الدول‪ ،‬إذ أن األسلحة املستخدمة يف هذه احلروب ليست‬
‫يرتدد الوصف للحروب السيربانية بأنها حروب غري‬ ‫حكراً بيد الدولة‪ ،‬وحبيث با‬
‫عائ ٌد إىل التكلفة املتدنية نسبيا أللدوا االلزمة لشن هكذا‬
‫تناظرية وذلك‬
‫حروب‪ .‬فلكي ينخرط فيها طرف من غري الدول‪ ،‬فليس هناك حاجة ألن يقوم بتصنيع اسلحة مكلفة جدا ‪ ،‬مثل‬
‫حامال الطائرا واملقاتال املتطورة لتفرض‬
‫تهديدا خطريا وحقيقيا على االطراف األخرى‪ ،‬وامنا يكفي تطوير الربجميا‬
‫االلزمة وامتالك األجهزة احالسوبية‪ .‬وهكذا‪ ،‬با بإمكان وصف اجمالل‬
‫اإللكرتوني للمواجها باعتباره ليس حكرا على الدول فقط‪ ،‬ولكن أيضا‬
‫تنخرط فيه اجلها الفاعلة من غري الدول‪ .‬ويتصل بذلك إحدى أهم خصائص حرب‬
‫الفضاء اإللكرتوني‪ ،‬وهي فشل إمكانية تطبيق فكرة ومبدأ الردع يف حروب‬
‫الفضاء اإللكرتوني‪ ،‬واليت عادة ما تستخدم من قبل دولة ضد دولة اخرى يف إطار منظومة احلروب‬
‫التقليدية أو النووية‪ ،‬أما يف احلروب اإللكرتونية فهذا اجالنب غائب‪ .‬وذلك عائد إىل خصائص عدة‪ ،‬إذ أن‬
‫هناك معضلة يف حتديد الدولة واجلهة‬
‫اليت قامت باهلجوم‪ ،‬فبإمكان القوة املهامجة شن هجوم على دولة لصاحل دولة‪،‬‬
‫انطالقا من دولة ثالثة عرب استخدام خوادم تكون موجودة هناك (ورمبا يكون‬
‫هناك يكون طرف ثالث ي ريد إشاعة اخاللفا بني دولتني فيقوم باهلجوم على‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫إحداهما حتى تظن أن الثانية هامجتها وبالتالي تتوتر العالقا بينهما ) ‪)1(.‬إن مناذج الردع املعروفة يف احلروب التقليدية‪،‬‬
‫واحلروب غري التقليدية النووية والبيولوجية‬
‫والكيميائية تفشل يف هذه احلروب‪ ،‬فهي غري ممكنة يف العامل املعلوماتي‪ ،‬إذ‬
‫يتعذر إظهار القوة اإللكرتونية املهامجة‪ ،‬حبيث يتم ردع العدو عن اهلجوم فالردع‬
‫باالنتقام أو العقاب ال ينطبق على هذه احلروب‪ ،‬على عكس احلروب التقليدية‪،‬‬
‫‪ -‬من أماكن حمددة‪ ،‬يتم‬
‫– على سبيل املثال‬ ‫حيث ينطلق الصاروخ املهاجم‬
‫رصدها‪ ،‬ومن ثم يكون باإلمكان الرد على اجلهة املهامجة ‪.‬خالفا مال هو احالل‬
‫عليه يف حروب الفضاء اإللكرتوني‪ ،‬إذ يكون من الصعوبة مبكان‪ ،‬بل ومن‬
‫املستحيل يف كثري من األحيان‪ ،‬حتديد مصدر اهلجما اإللكرتونية‪ .‬وحتى إذا ما مت تتبع مصدر اهلجما‬
‫اإللكرتونية‪ ،‬وتبني أنها تعود إىل دول حمددة‪ ،‬أو فاعلني غري حكوميني‪ ،‬فإنه يف هذه احاللة لن يكون لديهم‬
‫قواعد أو فضاءا مادية حتى‬
‫يتم الرد إليها عرب استهدافها‪ .‬كما أن بعض اهلجما قد تتطلب أشهرا لرصدها‪،‬‬
‫وهو ما يلغي مفعول الردع باالنتقام‪ ،‬عرب توجيه ضربة تالية للضربة األوىل اليت وجهها الطرف البادئ‬
‫باهلجوم‪ .‬ويقرتن بهذه اخالصية‪ ،‬خاصية أخرى متيز حروب الفضاء اإللكرتوني عن احلروب التقليدية‪،‬‬
‫وهي أنه ال توجد حدود جغرافية واضحة يف هذه احلروب‪ .‬كما ال يتواجد مفهوم "السيادة"‪ ،‬مبعناه السائد يف‬
‫العامل الواقعي‪ ،‬حبيث يتم منع األطراف األخرى من الدخول إىل املناطق اخالضعة لسيادة دولة ما مثال ‪ .‬بل‬
‫إنه باإلمكان وصف احلدود يف الفضاء اإللكرتوني بأنها حدود‬
‫مائعة‪ .‬وباالحرى‪ ،‬فإنه ال توجد حدود يف العامل االفرتاضي‪ ،‬إذ أن احلدود تتداخل‬
‫مع بعضها‪ ،‬حيث أن كل الدول‪ ،‬صغرية وكبرية‪ ،‬تشرتك يف نفس الشبكا ‪،‬‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫اليت ميكن اعتبارها مبثابة سحابة واحدة‪ .‬وحتى خوادم الشبكا ( ‪Network‬‬

‫)‪ Servers‬تكون يف كثري من األحيان موجود يف بلدان أخرى‪ ،‬غري البلدان‬


‫املستخدمة هال واملشغلة هال‪ .‬وبالتالي فإنه باإلمكان التأكيد على أن مفهوم السيادة يف العامل اإللكرتوني مفهوم مائع‪،‬‬
‫وذلك مما يقتضيه طبيعة العامل االفرتاضي‬
‫املتداخلة‪ .‬وبالنظر مال تتمتع به هذه احلروب من خصائص و مميزا ‪ ،‬جعلتها ذا طبيعة خمتلفة عن املواجها‬
‫يف احلروب التقليدية‪ ،‬فإن قواعد االشتباك فيها ال تنطبق على قواعد االشتباك املتبعة يف احلروب التقليدية‪.‬‬
‫وباحلديث عن قواعد‬
‫االشتباك يف العامل االفرتاضي‪ ،‬فإنه باإلمكان احلديث عن مراحل تسري وفقها‪،‬‬
‫(فهناك بداية مرحلة ميكن تسميتها مبرحلة التحضري للحرب‪ ،‬يسود فيها عمليا‬
‫التجسس واالستطالع ومجع املعلوما ‪ ،‬وتطوير الربجميا ‪ ،‬وجتنيد املخرتقني(‪))1‬‬
‫وتأتي مرحلة التصعيد‪ ،‬واليت جيري فيها اهلجوم على األهداف‪ ،‬ضمن هجما متفرقة ومتباعدة‪ ،‬سواء‬
‫أكانت شخصيا أو مؤسسا ‪ .‬واليت تتم وفق ما مت‬
‫إعداده ومجعه أثناء حتضري بنك األهداف اإللكرتونية‪ .‬واليت تتنوع ما بني‬
‫استهداف أنظمة القطاع اخالص‪ ،‬أو استهداف أنظمة القطاع العام واملرافق العامة‪ .‬ويف هذه املرحلة تتخذ‬
‫اهل َجما شكل عمليا االخرتاق للمواقع اإللكرتونية وقواعد البيانا املستهدفة‪ ،‬ومن ثم املباشرة يف ختريبها‬
‫أو مسحها أو سرقة‬
‫املعلوما منها أو التجسس عليها أو تعطيل املواقع مجلة والعبث مبا يرتبط بها من‬
‫أنظمة وحسابا ‪ .‬أما خبصوص طبيعة األسلحة واألدوا املستخدمة وأنواعها يف احلرب اإللكرتونية‪ .‬فإ ن‬
‫القوة اإللكرتوني ة تعتمد بصفة أساسية على األجهزة‬
‫والربامج‪ .‬األجهزة تشتمل على أنظمة احالسوب‪ ،‬مثل وحدة املعاجلة املركزية)‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫أو لوحة املفاتيح‪ ،‬أو الشاشة‪،‬‬ ‫أو حمرك األق ارص الضوئية ‪CD Drive‬‬ ‫‪CPU‬‬
‫وكذلك الكابال ‪ ،‬واألقمار الصناعية ‪ .‬وتربز االخرتاقا كأحد أهم أساليب‬
‫اهلجوم يف احلرب السيربانية‪ ،‬وهي تعتمد على برامج فعالة لسرقة املعلوما‬
‫احلساسة‪ .‬كذلك هناك تكتيك احلرمان من خدمة املوزع‪ ،‬ويؤدي هذا النوع من‬
‫اهلجما دورا رئيسيا عرب حماولة جعل مورد احالسوب غري متوفر للمستخدمني‬
‫املقصودين به وتتنوع الربجميا املستخدمة يف عمليا التسللـ واالخرتاق ‪.‬‬

‫تطور منظومة‬ ‫‪ 3.‬املسؤولية الدولية املرتتبة على احلرب السيربانية ‪.‬‬


‫القانون الدولي املعنية بتنظيم احلروب قانونيا بالتزامن مع تطور احلروب وأدوا وأساليب القتال والسالح‬
‫املستخدم فيها‪ .‬هذا التطور يفرتض أن يكون مستمرا‬
‫باستمرار تطور أساليب القتال وأدواته‪ .‬ومع تزايد االعتماد على الشبكا وتكنولوجياـ املعلوما يف النواحي‬
‫العسكرية ويف إدارة خمتلف مناحي وشؤون احلياة‪ ،‬بدأ نوع جديد من املواجها بالظهور‪ ،‬يتخذ من الفضاء‬
‫اإللكرتوني ميدانا له‪ ،‬ما فرض حتديا جديدا يف ميدان القانون الدولي حول التنظيم والتأطري القانوني‬
‫هلذه اهلجما ‪ ،‬وذلك من حيث إدانة األطراف الضالعة بها‪ ،‬وما يرتتب‬
‫عليها من مسؤولية دولية جراء ذلك‪ .‬مع تزايد اهلجما اإللكرتونية وبروزها منذ‬
‫العقد األول من األلفية الثالثة‪ ،‬بدأ تربز بالتزامن مع ذلك معضلة التكييف القانوني هلذه اهلجما ‪ .‬وبرز‬
‫بالتحديد التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق مبادئ‬
‫وقواعد القانون الدولي اإلنساني على هذا الشكل اجلديد من احلروب‪ .‬وجاء‬
‫االتفاقيا اليت صاغت مبادئ وقواعد القانون‬
‫املعضلة بسبب من توقيت عقد‬
‫(بالنظر إىل تواريخ‬
‫منذ منتصف القرن الثامن عشر وما بعدها‪.‬‬ ‫اليت بدا‬ ‫الدولي‪،‬‬
‫أهم االتفاقيا جند اتفاقية الهاي األوىل ‪ ،‬والثانية ومن ثم اتفاقيا جنيف‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫‪،‬والربوتوكوالن اإلضافيان ‪ ،‬إذ مل يكن للهجما السيربانية خالل إبرامها مجي َعا أي وجود يذكر ) (‪ )1‬وبالتالي‪،‬‬
‫مل يقع تنظيمها بشك ٍل صريح‪ ،‬ما استدعى احالجة اللجتهاد بعد بروزها‪ .‬إال إن إشكاليا عدة سرعان ما‬
‫ظهر إزاء ذلك‪ ،‬ومتثلت بشكل أساسي يف صعوبة القدرة على حتديد طبيعتها وعناصرها‪ ،‬إضافة إىل‬
‫تنسيبها هال ‪،‬عدا عن‬ ‫كون أغلب اهلجما السيربانية ال تعلن الدول رمسيا‬
‫إشكالية عدم القدرة على إثبا الدليل امالدي على استخدام اهلجما االلكرتونية‪ ،‬على عكس‬
‫وامنا فقط‬ ‫طرق القتال األخرى املعروفة‪ ،‬إذ يف بعض اهلجما ال يكون حتى هناك دمار ملنشآ‬
‫تالعب وتعطيل ألنظمة ‪،‬خالفا‬
‫ملموسا جزئي أو‬ ‫باألسلحة التقليدية وغري التقليدية اليت ختلف دمارا‬ ‫للهجما‬
‫كليا ‪ .‬كل ذلك شكل حتديا أمام املختصني يف القانون الدولي‪ ،‬وعنى صعوبة‬
‫يف حتديد نطاقها ضمن القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وما يرتتب عليها من تبعا املسؤولية الدولية‪ .‬وقد وقع‬
‫اختالف يف آراء املختصني القانونيني ‪ ،‬ما بني من يرى أن‬
‫املبادئ والقواعد اليت أرساها القانون الدولي اإلنساني تنطبق على تلك اهلجما ‪،‬‬
‫‪ -‬إىل أن املُدة اليت جرى فيها تقنني القواعد‬
‫‪ -‬مثل إمييلي هاسالم‬ ‫ومن يذهب‬
‫القانونية ذا الصلة باستخدام وسائل وط ارئق القتال‪ ،‬مل يكن الستخدام االنظمة االلكرتونية أللغراض العسكرية‬
‫اهلجومية وجود يذكر‪ ،‬ما يعين أنها غري مقننة ‪،‬وغري منظمة وفقا للقواعد الدولية أي أنها خارج التنظيم‬
‫القانوني الدولي‪ ،‬وهي حباجة لقوانني جديدة صرحية تنص على تنظيمها بشكل ال يدع أي جمال اللجتهاد‬
‫والتأويل (‪ ))2‬وكان أهم املبادئ القانونية الذي فتح جماال أمام القياس وانزال حالة‬

‫‪Haslam, Emily (2000). Information Warfare: Technological Changes and International Law. Journal of‬‬
‫‪Conflict and Security Law. Vol (5). No (2). Pp: 521‬‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫احلروب اإللكرتونية عليه هو مبدأ االمتناع عن استخدام القوة عموما من قبل أي دولة ضد أي دولة أخرى‪ ،‬والذي‬
‫جاء النص عليه يف الفقرة ال اربعة من امالدة الثانية‬
‫يف عالقاتهم الدولية‬ ‫(ميتنع أعضاء اهليئة مجيعا‬ ‫من ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬ونصها‪:‬‬
‫عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سالمة األراضي أو االستقالل السياسي ألية دولة أو على أي‬
‫وجه آخر ال يتفق ومقاصد األمم املتحدة(‪ ))1‬هنا ظهر اجلدل حول إمكانية اعتبار اهلجما اإللكرتونية مبثابة‬
‫خرق واضح حلكم هذه‬
‫على التهديد أو االستخدام الفعلي للقوا املسلحة فحسب‪،‬‬ ‫تقتصر‬ ‫النها‬ ‫الفقرة‬
‫حيث يكون هذا التفسري خاص بالدول املتفوقة يف جمال احلرب اإللكرتونية‪ ،‬أما الدول األخرى فتميل اىل‬
‫توسعة نطاق مدلول كلمة "القوة" يف الفقرة‪ ،‬لتشمل‬
‫اإللكرتونية أيضا ‪ .‬أما املبدأ القانوني الثاني الذي باإلمكان تكييف اهلجما‬
‫اإللكرتونية وفقا له فهو مبدأ وجوب التمييز بني املدنيني واملقاتلني‪ ،‬وخصوصا إن‬
‫جانب كبري من اهلجما اإللكرتونية يستهدف القطاعا االقتصادية‪ ،‬واألمنية‪ ،‬والزارعية‪ ،‬والصناعية وغريها‬
‫من القطاعا املدنية اليت ال غنى عنها لبقاء السكان املدنيني على قيد احلياة‪ ،‬وال تقتصر يف أهدافها على‬
‫املنشآ واألهداف‬
‫امللحق‬ ‫من الربوتوكول اإلضايف األول‬ ‫العسكرية‪ .‬وقد جاء يف امالدة (‪)48‬‬
‫باتفاقيا جنيف‪( :‬تعمل أطراف النزاع على لتمييز بني السكان املدنيني واملقاتلني‬
‫وبني األعيان املدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬ومن ثم توجه عملياتها ضد االهداف العسكرية دون غريها‪ ،‬وذلك من‬
‫أجل تأمني احرتام ومحاية السكان املدنيني‬
‫من الربوتوكول على‪( :‬ال‬ ‫ونصت الفقرة الثانية من امالدة (‪)50‬‬ ‫واألعيان املدنية(‪))2‬‬
‫جيوز أن يكون السكان املدنيون بوصفهم هذا‪ ،‬وكذا األشخاص املدنيون‪ ،‬حمال‬

‫‪https://www.icrc.org‬‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫للهجوم‪ ،‬وحتظر أعمال العنف أو التهديد الرامية إىل بث الذعر بني املدنيني‪ .‬أما الفقرة الرابعة من امالدة)‬
‫‪ (50‬فقد نصت على عدم جواز استعمال وسائل وطرق قتال من شأنها أن تؤدي إىل هجما عشوائية‪،‬‬
‫وحددتها بأنها‪ :‬تلك اليت ال توجه إىل هدف عسكري حمدد‪ .‬أو تلك اليت تستخدم طرق ووسائل للقتال ال‬
‫ميكن أن توجه إىل هدف عسكري حمدد‪ .‬أو تلك اليت تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال ال ميكن حصر آثارها‬
‫على النحو الذي يتطلبه هذا امللحق‪ ،‬ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب يف كل حالة كهذه األهداف العسكرية‬
‫واألشخاص املدنيني أو األعيان املدنية دون‬
‫يدفع باجتاه ضرورة حتديد الوضع القانوني للهجما‬ ‫(‪ )1‬منطلق قانوني آخر‬ ‫متييز)‬
‫اإللكرتونية يتمثل يف ما جاء بامالدة)‪ (31‬من الربوتوكول اإلضايف األول لعام امللحق باتفاقيا جنيف‪ ،‬واليت‬
‫نصت على‪( :‬يلتزم أي طرف سا ٍم متعاقد‪ ،‬عند دراسة سالح جديد أو تطويره أو اقتنائه أو أداة حرب أو اتباع‬
‫أسلوب للحرب‪ ،‬بأن يتحقق مما إذا‬
‫كان ذلك حمظورا يف األحوال كافة أو يف بعضها مبقتضىـ هذا امللحق‬
‫الربوتوكولـ أو أي قاعدة أخرى من قواعد القانون الدولي اليت يلتزم بها ذلك الطرف السامي املتعاقد‬
‫بالتالي‪ ،‬فإن هذه امالدة تنص على ضرورة التنظيم القانوني لوسائل وأساليب القتال اجلديدة‪ ،‬ومن بينها بالطبع‬
‫الوسائل اإللكرتونية املستخدمة يف شن اهلجما اإللكرتونية‪ .‬هكذا‪ ،‬يُالحظ بأ ن التكييف القانونيـ للهجما‬
‫اإللكرتون ية ال ازل ضمن مستوى القياس واالجتهاد‪ ،‬ومل يصل بعد إىل مرحلة إبرام اتفاقيا دولية صرحية‬
‫خاصة به‪ ،‬تكون متعددة األطراف‪ ،‬وتنظم‬
‫اهلجما اإللكرتونية وفق قواعد قانونية صرحية‪ ،‬وهو ما يُعزى إىل أسباب عدة‪،‬‬
‫يأتي يف مقدمتها وجود عوائق تضعها الدول املهيمنة يف جمال احلروب السيربانية ‪،‬‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫مثل الواليا املتحدة األمريكية‪ ،‬وروسيا‪ ،‬والصني‪ .‬إذ ان هذه الدول ال تفضل طرح‬
‫موضوع التنظيم على املنابر الدولية حتى ال تفقد موقعها املهم بني الدول املهيمنة‪ ،‬وهو ما يضر بأمنها القومي‪.‬‬
‫يضاف إىل ذلك‪ ،‬أن بقاء املوضوع خارج حدود القضايا القانونية يتيح للدول مساحة واسعة لكي تتحرك يف‬
‫توظيف أسلحتها اإللكرتونية لتحقيق أهدافها‪ ،‬وهي بذلك تبقى خارج نطاق املسائلة القانونية يرتتب على ذلك كله‬
‫مسألة أخرى أخرى تتعلق بطبيعة املواجها يف الفضاء اإللكرتوني‪ ،‬إذ أن من الصعوبة مبكان إثبا املسؤولية‬
‫عن اهلجما ‪ ،‬واليت تتخذ من الفضاء اإللكرتوني‬
‫جماهال الرحب‪ ،‬لكونها تصرفا غري مادية‪ ،‬وال ميكن إثباتها بالطرق العادية‪ .‬بالرغم من ذلك‪ ،‬فقد برز‬
‫بعض احمالوال لبلورة اتفاقيا دول ية بهذا الشأن‪ ،‬إال أنها مل تر َق إىل مستوى تنظيم احلروب واهلجما‬
‫اإللكرتونية‪ ،‬بقدر ما كانت أقرب إلقرار أطر مال با يعرف باجلرائم اإللكرتونية‪ ،‬ذا الطابع اجلنائي‪ ،‬وذلك‬
‫حتديدا على املستويا الوطنية‪ .‬ومن أبرز هذه املساعي اتفاقية جملس أوروبا‬
‫املتعلقة باجلرمية السيربانية‪ ،‬املقرة يف نوفمرب‪2021‬م ‪ ،‬واليت تعرف أيضا باسم‬
‫"معاهدة بودابست ملكافحة جرائم الفضاء املعلوماتي‪ ".‬وقد ُبي َن عليها الحقا‬
‫تشريعا وطنية استند إليها‪ ،‬سواء يف أوروبا أو غريها من الدول حول العامل (‪))1‬‬
‫ألطر قانونية للسلوك االلكرتوني املُجرم‪ ،‬ووضع‬
‫تضمنت هذه االتفاقية إقرارا ٍ‬
‫اجلزاءا الواجب إيقاعها على املتهم بارتكابها‪ .‬وجند امالدة الثانية من اتفاقية‬
‫جملس أوروبا حتدد بأن‪( :‬كل دولة طرف يف املعاهدة تعتمد ما قد يلزم من تدابري‬
‫تشريعية وتدابري اخرى لتجريم الفعل التالي يف قانونها ‪،‬إذا ما ارتكب عمدا وبغري حق‪ :‬الدخول على كامل او جزء‬
‫من منظومة كمبيوتر‪ .‬االعرتاض باستخدام وسائل‬
‫محظ‬
‫ور‬

‫فنية‪ ،‬لعمليا إرسال غري عمومية لبيانا كمبيوتر أو من خالل منظومة كمبيوتر‪ .‬إتالف أو حمو او إفساد أو‬
‫تعديل او تدمري بيانا موجودة على الكمبيوتر‪ .‬اإلعاقة اخلطرية لعمل منظومة الكومبيوتر عن طريق‬
‫إدخال او إرسال أو إتالف أو حمو او‬
‫تغيري أو تبديل او تدمري بيانا كمبيوتر(‪ ))1‬وبالتالي فإن مفهوم اجلرمية‬
‫االلكرتونية‪ ،‬وفقا هلذه االتفاقية‪ ،‬قد اقتصر على هذه احالال ‪ ،‬ومل يتطرق إىل‬
‫مستوى اهلجما واحلروب اإللكرتونية اليت تك ون أطرافها من الدول أو من‬
‫املنظما املرتبطة بها‪ .‬ومن ثم جاء القرار الصادر عن اجلمعية العامة أللمم املتحدة‬
‫يف يناير ‪2021‬م‪ ،‬واملوسوم بـ "مكافحة إساءة استعمال تكنولوجيا املعلوما ‪".‬‬
‫والذي جاء فيه‪( :‬دعوة الدول األعضاء‪ ،‬لوضع قوانني وسياسا وممارسا وطنية‬
‫ملكافحة إساءة استعمال تكنولوجيـا املعلومـا ألغراض إجرامية‪).‬التحدي األكرب الذي يواجه تنظيم اهلجما‬
‫يف الفضاء اإللكرتوني قانونيا هو عدم وجود إرادة‬
‫جملس األمن‪ ،‬حيث تغيب‬ ‫دولية على صعيد املفاوضا أو على صعيد ق قرارا‬
‫اإلرادة الدولية االلزمة للدفع باجتاه ذلك‪ ،‬وخصوصا من قبل الدول املهيمنة يف هذا‬
‫اجمالل‪ .‬أن القانون الدولي اإلنساني يذهب إىل تنظيم استخدام األسلحة بصورتها‬
‫التقليد ية وغري التقليد ية‪ ،‬يف حني ال يبدو أن اهلجما اإللكرتونية‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬تصنف على هذا النحو‪،‬‬
‫باعتبارها أسلحة مادية‪ ،‬وذلك باعتبار بقاء النظر هال باعتبارها تعمل يف احليز االفت ارضي غري امالدي‪ ،‬كما‬
‫يف عمليا االستحواذ على‬
‫ملفا رقمية أو تعطيل مواقع إلكرتونية‪.‬‬

‫‪https://cas.coe.int‬‬

You might also like