Professional Documents
Culture Documents
متهيد:
ال طمتلف اثنان أن الشغل الشاغل ألي قائم ابالتصال مه ما كان انتماؤىم الفردي واجلماعي ،ىو
كيف صمعل من العملية االتصالية اليت يقودىا انجحة ،كما أن أساس االتصال ىو حتقيق االنتشار والشيوع
لفكرة أو موضوع أو منشأة أو قضية كما توضحو التعاريف األوذل لالتصال .ونظرا لكون االتصال عملية
اجتماعية معقدة حتكمها العديد من ادلتغَتات السياسية ،االقتصادية ،والبيئية ...فيصعب حتقيق ذماحو
ابلتأثَت على األفكار واالجتاىات والسلوك إذا دل يتم االىتمام بكل تفاصيلو وعناصره.
فتحق يق ذماح العملية االتصالية ال يتأتى إال بفعالية كل عناصره من مرسل ،ورسالة ،ومستقبل ومتلقي .لذا
فسنخصص ىذه احملاضرة للحديث عن فعالية العملية االتصالية من خالل فعالية عناصرىا.
وضحنا سابقا أن ادلصدر (ادلرسل) من بُت أىم عناصر العملية االتصالية حيث يعترب احملرك
األساسي ذلا من خالل حتكمو يف العناصر األخرى لذا يعترب ذماحو مهما يف حتقيق خطوات مهمة يف ذماح
العملية االتصالية .وقد قدم الباحث ( )Alkssisse Tanثالث عوامل جتعل ادلصدر مؤثرا يف إقناع
1
اجلماىَت وىي:
1
- Tan. A, Mass Communication Theories and Research Columbus, Gid
Publishihg, Inc,Ohio,1981,P 105
- 81 -
- 1املصداقيةCredibility :
وتتمثل يف مدى صدق وموضوعية ادلصدر يف صياغة ونقل رسائلو إذل ادلرسل ،وكلما أتكد ادلستقبل
من مصداقية صاحب الرسالة ارتبط بو وزادت قابليتو وإقبالو لتلقي رسائل أخرى ،وتعترب فقدان ادلصداقية يف
نظر ادلستقبل أمرا خطَتا فإذا أخذ ادلرسل انطباعا بعدم مصداقية مصدر معُت ،ابتعد عن رسائلو .وارتبطت
اخلربة :ويقصد هبا ادلدى الذي يتم فيو رؤية ادلصدر كخبَت يدرك اإلجاابت الصحيحة ،ويعتمد اكتساب
زايدة الثقة يف القائم ابالتصال ،وتبٌت تلك الثقة من خالل احلرص على تقدمي ادلعلومة الصحيحة دون حتيز
- 2اجلاذبيةAttractiveness :
يقصد هبا مدى قرب ادلرسل من اجلمهور من النواحي النفسية ،واالجتماعية واإلديولوجية ،إذ أننا
رمب ادلرسل الذي يساعدان على التخلص من القلق والتوتر وعدم األمان ،كما ننجذب إذل األشخاص
الذين يشبهوننا يف اخلصائص الدظموغرافية ،النفسية ،االجتماعية ،العقائدية ،الفكرية ...وىذا ما يفسر
اإلقبال على الرسائل االتصالية للمراىقُت من مراىق مثلهم أو ادلدمنُت من قائم ابالتصال يشعر مبعاانهتم
- 1دمحم عبد احلميد ،نظرايت اإلعالم واجتاىات التأثَت ،عادل الكتب ،القاىرة ،مصر ،ط ،2222 ،2ص .66
- 82 -
- 3قوة املصدر (النفوذ) Power :
ادلصدر النافذ أو يف موقع السلطة ظمكنو تقدمي الثواب والعقاب ،وابلتارل االستجابة لرسائلو تكون
ابإلذعان لتلك القوة والسلطة من طرف ادلتلقُت .كما ظمكن أن تكون االستجابة نتيجة لطبيعة ادلعلومات
واعتمادا على العناصر الثالث راجع الباحث (الكسيس اتن) دراسات تتعلق بفعالية ادلصدر توصل إذل
1
استنتاجات مهمة رأينا ضرورة لعرضها ومناقشتها نظرا لألشمية اليت تكتسيها:
-تؤدي ادلصدا قية العالية للمصدر إذل تغيَت فوري لدى ادلتلقي أسرع من ادلصادر ذات ادلصداقية ادلنخفضة
-ال تؤثر مصداقية ادلصدر على تذكر الرسالة وإن كان تقييم الرسالة يتم من ذوي ادلصداقية ادلرتفعة بشكل
-ادلصادر ادلتحيزة يف الغالب أقل أتثَتا من ادلصادر غَت ادلتحيزة لكنها تكون أكثر فاعلية يف تعزيز اآلراء
-ادلصادر اجلذابة غالبا ما تكون أشذ أتثَتا من ادلصادر اجلذابة وتتمثل اجلاذبية يف الشكل او اجلاذبية
الود.
اجلسدية والشبو واأللفة و ّ
-القائم ابالتصال يكون أكثر إقناعا عندما يعد ادلتلقُت ابلثواب أو ادلكافأة أكثر دما إذا وعد ابلتهديد أو
العقاب.
- 1حسن عماد مكاوي ،ليلى حسُت السيد ،مرجع سبق ذكره ،ص .54
- 83 -
تؤثر الرسالة ومصداقية ادلصدر على اإلقناع ويظهر االختالف للتأثَت اإلقناعي بُت ادلصداقية العالية
وا دلصداقية ادلنخفضة عندما يكون ىناك تدعيم ضعيف الستنتاجات الرسالة .
-مصداقية ادلصدر ذلا أتثَت أكرب من جاذبيتها ورمن نتأثر أكثر إذا كان ادلصدر خبَتا من كونو صديقا لنا.
ىي إذن مجلة من االستنتاجات اليت توصل إليها اتن يف مقارنتو بُت العوامل ادلساشمة يف مصداقية
ادلصدر وفقا لدراسات ختتلف يف سياقاهتا االجتماعية وادلعرفية على سياقاتنا ،غَت أننا نراىا مهمة ومنطقية
تعترب الرسالة نتاجا للمرسل ،وتقييم ادلرسل والنظر يف مدى ذماحو مرتبط مبستوى الرسالة اليت
يصدرىا .حيث يتطلب مراعاة سهولة استعاهبا من طرف ادلتلقُت ،وقد حدد (جورج كلَت) مخس متغَتات
1
أسلوبية صمب مراعاهتا يف صياغة الرسالة االتصالية وىي:
-اإلنقرائية (قابلة للقراءة) ،أو انسماعية (قابلة لالستماع) :حبيث حتوي الرسالة كلمات سهلة بسيطة،
وعبارات قصَتة ،خاصة يف الرسائل اجلماىَتية أين تكون اجلماىَت غَت متجانسة.
-أن تتضمن الرسالة اىتمامات ادلتلقي ومصاحلو :فالرسالة اليت حتقق ما ضمتاجو اجلمهور يهتم هبا ويتجاوب
-جتنب تكرار ادلفردات والتنويع من م فرداهتا فاللغة ثرية مبفردات كثَتة معربة عن نفس ادلعٌت.
- 84 -
-القابلية لالختبار من قبل ادلستقبلُت :بفضل اعتمادىا على معطيات ظمكن اختبارىا يف الواقع والتأكد من
صدق الرسالة.
1
كما وقد حدد الباحثُت متغَتا ت مرتبطة ابالستماالت ادلستخدمة يف الرسائل وىي على النحو اآليت:
- 1االستمالة العاطفية :وتشمل إصماد مشاعر مالئمة لدى ادلتلقي من خالل خماطبة القيم والعواطف ،أو
من خالل وضعو يف جو سعيد عند استقبال الرسالة ،ومثال استعمال ىذه االستمالة يف الالفتات ادلرورية
لل مساشمة يف التقليل من حوادث ادلرور ذمد مثال عبارات" :ال تسرع عائلتك يف انتظارك ".حيث مت استمالة
- 2االستمالة العقلية :وىى تستخدم ادلنطق والشواىد التجريبية لتأكيد الرسالة .وذلك من خالل
االحصائيات واألرقا م مثال ،خاصة عند خماطبة النخبة ،والفرق واضح بُت العبارتُت اآلتُت:
"شهدت نسبة االنتحار أرقام مذىلة خالل السداسي األول من السنة احلالية" و "يتم تسجيل حالة انتحار
- 3استمالة التخويف :وىى ختاطب غريزة اخلوف عند ادلتلقي .حيث ذمد استعماذلا واسعا يف الرسائل
التحسيسية ضد أمراض معينة أو حوادث منزلية ،أو غَتىا .والغرض منها استجابة ادلستقبلُت للرسالة من
أجل احلد من ادلشكل حمل ادلعاجلة .وينصح علماء االتصال اللجوء إذل ىذه االستمالة يف حاالت حمدودة
- 85 -
- 3عوامل فعالية الوسيلة:
لعل من أىم ما يشغل ادلتلقي اختيار الوسيلة ادلناسبة لبث رسائلو وماىي الوسيلة األكثر أتثَتا من
غَتىا يف تغيَت اجتاىات ادلتلقُت .حيث يلخص لنا يف ىذا الصدد ( )Tanبعض نتائج الدراسات حول
1
فعالية الوسائل اإلعالمية يف التأثَت وىي:
وخصوصا إذا كانت الرسائل معقدة ،وإذا قيس التذكر بعد تقدمي الرسالة.
-يتفاعل شكل االتصال مع درجة تعقيد الرسالة يف حتديد تغَت االجتاىات من عند ادلتلقُت ،وتكون ادلواد
الرسائل ادلكتوبة.
الرسالة سهلة فإن أشرطة الفيديو تكون أكثر فعاليّة من ّ
الرسالة صعبة .أما عندما تكون ّ
ّ
الرسائل ادلكتوبة تكون أفضل من القدرة على فهم
الرسالة صعبة فإ ّن قدرة ادلتل ّقُت على فهم ّ
-عندما تكون ّ
الرسائل ادلسموعة أو ادلرئيّة.
ّ
-يتفاعل شكل االتّصال مع درجة مصداقيّة ادلصدر يف حتديد تغيَت اجتاىات ادلتل ّقُت ،وعند استخدام
-يتفاعل ادلتلقي مع التّلفزيون أكثر من تفاعلو مع الراديو ،ويتفاعل مع الراديو أكثر من ادلواد ادلطبوعة.
1
- Tan. A, Ibid, P 110
- 86 -
- 4عوامل فعالية املتلقي:
يشكل ادلتلقي احللقة األساسية يف العملية االتصالية ،وذماحها مرتبط مبدى استجابة ادلتلقي
لالتصال استجابة تظهر يف سلوكياتو وحتقق اذلدف ادلرجو من ال عملية .غَت أنو وبعدما كان ادلتلقي العنصر
األخَت يف احللقة االتصالية أصبح ىو األول يف البحوث االتصالية احلديثة حيث يتطلب من مرسل الرسالة
ومصممها إجراء دراسات للجمهور ادلستهدف قبل البدء أصال يف تصميم الرسالة ،أي معرفة من زماطب
-الدراسات النفسية :وتتمثل يف معرفة الدوافع التأثَتية ،وادلعرفية ،احلالة ادلزاجية ،احلاجة إذل النشاط،
-الدراسات االجتماعية :وتشمل معرفة ادلكانة االجتماعية للمتلقي ومدى ارتباطو ابألسرة واجملتمع ،ومعرفة
-الدراسات الدظموغرافية :وتشمل معرفة السن ،اجلنس ،الدخل ،الوضع االجتماعي ،االنتماء العرقي
والديٍت.
وبناء على نتائج ىذه الدراسات يصيغ ادلرسل رسالتو ليضمن جانبا كبَتا من االستجابة والتأثَت .كما قد
تتدخل بعض ادلتغَتات لتحول دون ذلك فاالتصال عملية معقدة كما أشران إذل ذلك مسبقا .ومن ىذا
ادلنطلق وصلت بعد الدراسات اإلعالمية إذل نتائج مهمة نوردىا فيما يلي:
- 87 -
ابلضرورة أن يتجنب الناس ادلعلومات اليت تناقض آرائهم واختياراهتم وسلوكهم .فهناك العديد من
-ليس ّ
الرسائل ذات التأثَت ادلهم يف حتديد انتباه اجلمهور .كأن حتمل الرسالة إاثبة للملتقي ،أو تلغي
خصائص ّ
الرسالة ال ظمكن جتنبها.
إزعاجا حمتمال يصدر من معلومات متناقضة دلا لديو ،فإن مثل ىذه ّ
-اإلدراك غالبا ما يكون ذاتيّا ،فنحن لدينا اجتاه لتنظيم ظروفنا ،حىت عندما تكون ادلعلومات ادلالئمة غَت
نتصور األشياء ابعتبارىا حت ّقق لنا ىدفا فوراي ،ولتحقيق حاجة ،أو تدعيم موقف
متاحة ،ورمن غالبا ما ّ
عقلي أو قيمة ثقافيّة.
للرسائل ادلعارضة آلرائهم. -ىناك دالئل على أّن ادلتلقُت يعَتون انتباىا ّ
للرسائل التّدعيميّة أكثر من ميلهم ّ
الرسائل للتّقليل
الرسائل ذات الطّبيعة اخلالفيّة مع ادلتل ّقُت ،يقوم بتعديل ّ
-لكي ضم ّقق القائم ابالتّصال ذماح ّ
تطرف اجلمهور ،وأتكيد أوجو التّشابو بُت أفراده .وتتيح ىذه االسًتاتيجيّة قبول
من االختالفات بُت ّ
للرسائل".
اجلمهور ّ
تبُت ىذه النتائج بعض ما ذىبنا إليو من ضرورة معرفة القائمُت ابالتصال خلصائص اجلمهور
ادلستهدف وبعض االجتهادات اليت توصلت إليو الدراسات يف سبيل اقناع ادلتلقُت برسائل ضرورية توصيلها
ذلم وان اختلفت مع ما يرغبون تلقيو .وال يتأتى للمرسل ذلك إال مبعرفة نوع اجلمهور معرفة دقيقة كما وقد
1
قدم صنف "دينيس ىوويت" اجلمهور إذل نوعُت رئيسيُّت شما:
-اجلمهور العنيد :وىو اجلمهور الّذي ال يستس لم دتاما لوسائل اإلعالم اليت تسعى إذل تغيَت آراءه ومواقفو
السيطرة عليو .فيفًتض ىنا أن وسائل اإلعالم ليس ذلا ّقوة إقناعيو كبَتة لتغيَت عقول النّاس،
واجتاىاتو و ّ
1
- Dennis Howitt , The Media Society : Evidence about Mass Communication in
America, Brown Company , Dubuque, Iowa 1978, P 21
- 88 -
وذلك بسبب عوامل االنتقائيّة تؤثر على فعالية وسائل االتّصال وتتمثّل يف :التعرض االنتقائي ،واإلدراك
االنتقائي ،والتذكر االنتقائي .ومثال ذلك اجلمهور النخبوي من طلبة ،مثقفُت ،أكادظميُت...،اخل
احلساس :حيث يرى أن وسائل اإلعالم ال تؤثر يف كل فرد ،وإسما ىناك بعض األفراد الذين
-اجلمهور ّ
الشخصيّة ،إذ أنو ال توجد دالئل
يتأثرون بوسائل اإلعالم أكثر من غَتىم ،وىذا ليس انبعا من خصائصهم ّ
لكن األمر يتعلّق
ابلرسائل االتصالية .و ّ
قوية ،تؤّكد الفكرة أبن بعض األشخاص أكثر اقتناعا من غَتىم ّ
الشباب
أبفراد أكثر حساسيّة يفًتض فيهم أن يكونوا حباجة أكثر إذل احلماية مثل :األطفال وادلراىقُت و ّ
السن...اخل
والنّساء وكبار ّ
كما يضيف الباحث (صاحل أبو أصبع) يف كتابو االتصال واإلعالم يف اجملتمعات ادلعاصرة نوعا اثلثا من
اجلمهور مساه بـ "اجل مهور الالمبارل" وىو اجلمهور الذي ال يقف موقفا رافضا مثل :اجلمهور العنيد ،وال
احلساس ،ولكنو يتعامل مع الرسائل اإلعالمية إبشمال اتم وال مباالة ،وىو مجهور غَت
موافقا مثل :اجلمهور ّ
احلساس
الرسالة ولكنّو ال يستجيب ذلا ،واجلمهور ّ
يهمو ّ
معٍت ابلرسالة على عكس اجلمهور العنيد الّذي ّ
الّذي يتأثّر بسهولة أكرب بوسائل اإلعالم.
- 89 -
أنواع اجلمهور ادلتلقي
من خالل ما تقدم ظمكننا القول أن عوامل ذماح العملية االتصالية مرتبطة بعوامل النجاح ادلتعلقة
بكل عنصر من عناصر االتصال ،حيث أوردان تلك العوامل ابلشرح والتفسَت والتحليل ووفقا لنتائج
دراسات اإلعالم ية االتصالية خمتلفة قاربت الظاىرة االتصالية يف سياقات تلك سياقات اجتماعية وثقافية
واترطمية معينة ،ومبا أن االتصال مرتبط ابإلنسان وىو كائن معقد يف تركيباتو االجتماعية والنفسية فقد تكون
ىناك حمددات أخرى لفعالية طرف من أطراف العملية االتصالية ظمكن أن تتوصل إليها الدراسات مستقبال.
- 90 -