Professional Documents
Culture Documents
الساسة النقدية
الساسة النقدية
مقدمة أدركت الجزائر على غرار مختلف الدول املتحولة إلى اقتصاد السوق أهمية اعتماد سياسة
نقدي ة مس تندة إلى ق وى الس وق ،وبن اء نظ ام مص رفي وم الي س ليم لض مان اس تقرار األس عار وزيادة
مع دالت النم و االقتص ادي .أك دت تج ارب تح ول ال دول االش تراكية إلى اقتص اد الس وق أن إص الح
القط اع النق دي واملص رفي ،يعت بر مح ددا هام ا لالس تقرار االقتص ادي الكلي ،وي ؤدي دور الق اطرة
إلص الح النظ ام املالي كك ل .كم ا يمكن أن يس اهم نج اح اإلص الحات النقدي ة واملص رفية في 1إنج اح
إصالحات القطاع الحقيقي ،بما تفرضه من صرامة في التمويل .حرصت الجزائر على تحقيق ذلك
بإصدار قانون النقد والقرض 90-في 14 10أفريل ، 1990باعتباره إصالحا شامال إلطار السياسة
النقدي ة ،وملساهمته في إرس اء نظ ر لقانون النق د والق رض على أنه " ُ الش روط املواتية للتح ول إلى
اقتص اد الس وق .ي ق انون-برن امج" ،ألن ه ال يتوق ف عن د تق نين املم ار س ات واإلج راءات املنص وص
عليه ا فق ط ،ب ل أدخ ل قواع د جدي دة في مج ال النق د واملص ارف .ويعت بر 2بمثاب ة مش روع إلط ار
مؤسس اتي جدي د للنظ ام املص رفي والنق دي يتالءم م ع آلي ات اقتص اد الس وق .اس تطاعت السياس ة
النقدية خالل فترة سيادة قانون النقد والقرض(عشرية التسعينيات من القرن املاضي) من احتواء
اإلختالالت النقدي ة املتراكم ة لف ترة التس يير االش تراكي .كم ا أرس ت عملي ا لتقالي د هام ة في تس يير
الوض ع النق دي؛ لق د أص بحت م ع éاي ة التس عينيات أس عار الفائ دة الحقيقي ة موجب ة ،ومع دالت
التضخم متحكم فيها عند مستويات منخفضة تعكس استقرارا في املستوى العام لألسعار ،مع بداية
استعمال األدوات غير املباشرة ،استقاللية كبيرة للدائرة النقدية 3عن دارئة ميزانية الدولة وإعادة
االعتبار ملع دل الفائدة وسعر الص رف .ت زامنت بداية األلفية الثالثة مع تحسن مؤشرات التوازن
االقتص ادي الكلي الرتف اع أس عار النف ط .ومن الج انب النق دي واملص رفي ،انتق ل النظ ام املص رفي إلى
حالة فائض السيولة ،وشهد إطار وممارسة السياسة النقدية تغييرا بإجراء تعديالت عديدة لقانون
النقد والقرض .وكان من املنتظر أن تتجه هذه األخيرة إلى تعميق وترسيخ ممارسة سياسة نقدية
مستندة إلى قوى السوق ،تأخذ بعين االعتبار املكاسب السابقة ،وتستفيد من التطورات الكبيرة في
الفكر النقدي وتطبيقاته في عدة دول متقدمة وحتى نامية.
أهداف السياسة النقدية :نصت المادة من 35األم ر ، 11 03-المتعل ق بالنق د والق رض ،الص ادر في 26أوت ، 2003المع دل
والمتمم لقانون النقد والقرض على" :تتمثل مهمة بنك الجزائر في ميادين النقد والقرض والصرف في توفير أفضل الش روط والحف اظ
عليها لنمو سريع لالقتصاد مع السهر على االستقرار ال داخلي والخ ارجي للنق د" .انطالق ا من الم ادة الس ابقة يمكن تق ديم مالحظ تين؛
أولهما هي استخدام مصطلح "س ريع" ذو الدالل ة الكمي ة ،ب دال من مص طلح "منتظم" ذو الدالل ة الكيفي ة(ال وارد في الفق رة األولى من
المادة 55من قانون النقد والقرض) .يعكس هذا التغير ب أن وظيف ة التفض يل لص انع السياس ات فق دت طابعه ا االس تراتيجي الطوي ل
األجل .وبالرغم من أن هناك احتمال كبير ألن يكون اقتصار الرؤي ة اإلس تراتيجية المس تقبلية لتنمي ة االقتص اد الوط ني -تحت ت أثير
ظروف الركو د في عشرية التس عينات ِ -ز لص الح إنع اش النم و االقتص ادي ،وال ذي س يكون في ل ه دف التنمي ة ُ ت ْ أس رع وقت
ممكن .لكن في مقابل ذلكُ ،أخ الطويل األجل في تحقيق هدف قص ير أو متوس ط األج ل ممثال في النم و االقتص ادي الس ريع .ي ترتب
على ذلك ،أن تكون األهداف النهائية للسياسة النقدية هي استقرار األسعار(وسعر الصرف) ،بما يتواف ق م ع مع دالت النم و األع ل ى
الممكن تحقيقها لتعزيز التنمية السريعة لالقتصاد .وثانيهما هي أن األمر 11 03-أبقى على تعدد األه داف النهائي ة للسياس ة النقدي ة،
أي لم يستفد من التطور الحاص ل في ا ال النق دي في ع دة دول ،وال ذي حص ر أه داف السياس ة النقدي ة في اس تقرار المس توى الع ام
لألسعار ،هذا من جهة .ومن جهة أخرى ،يتمثل الهدف الرئيسي للسياسة النقدية في الواقع العملي في استقرار األس عار ،إذ احتف ظ ب ه
بنك الجزائر بص راحة ،كه دف éائي وحي د من ذ ، 2001من دون رد فع ل أي ة هي أة .تعكس ه ذه الحال ة ،وج ود مش كلة في التناس ق
والمصداقية المؤسساتية وأهميتهما لحسن سير المرحلة 5االنتقالية .ويتأكد في هذا الصدد من ع دة تق ارير لبن ك الجزائ ر ،أن اله دف
النهائي للسياسة النقدية هو استقرار المس توى الع ام لألس عار ،خالف ا لنص الم ادة 35من األم ر 11 03-؛ لق د ورد في تقري ر بن ك
الجزائر لسنتي 2001و 2002أن" :الهدف النهائي للسياسة النقدية هو استقرار األسعار ،والذي يعرف على أن ه ارتف اع مح دود في
مؤش ر 6أس عار المس تهلكين" .كم ا ورد في تقري ر بن ك الجزائ ر لس نة : "2003اله دف النه ائي للسياس ة النقدي ة ه و الحف اظ على
االستقرار النقدي من خالل استقرار األسعار ،الذي يعرف بأنه زيادة محدودة في مؤشر أسعار المستهلكين" .و تعدى هذا الوض ع إلى
تحدي د مع دل تض خم مس تهدف ،إذ ورد في نفس التقري ر" :في المحص لة ،اله دف النه ائي للسياس ة النقدي ة 7المع بر عن ه باس تقرار
األسعار في المدى المتوسط ،بمعنى معدل تضخم أقل من %، 3قد تم بلوغه في سنة ".2003اس تمر بن ك الجزائ ر بالتص ريح بنفس
النسبة لمعدل التضخم كهدف éائي للسياسة النقدية إلى غاية éاية . 2006بدأ 8منذ سنة ، 2007بالتصريح بمجال لمعدل التضخم ما
بين 4و % 3واستمر إلى غاية éاية .2008وأصبح من ً 9يستهدف بدء 2009معدل .%4
مما سبق ،نالحظ أن بنك الجزائر انتقل من التصريح باستقرار األسعار كهدف éائي للسياسة النقدي ة ،إلى تحدي د مع دل مس تهدف ،ثم
مجال ثم معدل .يتعارض ذلك مع األهداف النهائية الواردة في المادة 35من األمر 11 ، 03-ألنه استثنى اس تقرار س عر الص رف
وهدف النمو السريع لالقتصاد .واستمر هذا الوضع إلى غاية إص دار األم ر رقم ، 04 10-بت اريخ 26أوت . 2010نص ت الفق رة
األولى من المادة الثانية منه ،المعدلة والمتممة للمادة 35من األم ر ، 11 03-على " :تتمث ل مهم ة بن ك الجزائ ر في الح رص على
استقرار األسعار كهدف éائي للسياسة النقدية ،وفي توفير أفضل الشروط في مي ادين النق د والق رض والص رف والحف اظ على عليه ا
لنمو مدعم لالقتصا د مع السهر على االستقرار النقدي والمالي" .يتضح من نص المادة السابقة ،أن اس تقرار المس توى الع ام لألس عار
هو الهدف النهائي الوحيد للسياسة النقدية ،وبالتالي ،فإن هذا التعديل تجاوز القص ور ال وارد في األم ر ، 11 03-والمتمث ل في تع دد
أهداف السياسة النقدية .سمح هذا التعديل بتجاوز مشكلة قصور الرؤي ة اإلس تراتيجية لواض عي السياس ات ،بالتأكي د على أن مس اهمة
السياسة النقدية (مع باقي أدوات السياسة االقتصادية) ستكون بتوفير أفضل الشروط في ميادين النقد ،والقرض والصرف والحفاظ
عليها لتحقيق نمو مدعم (ب دال من س ريع) لالقتص اد ،وال ذي س يكون نم وا منتظم ا ومس تمرا في الم دى الطوي ل .ي دل إض افة ه دف
االستقرار النقدي والمالي على أن بنك الجزائر أخذ بعين االعتبار تطورات الفكر المصرفي والنقدي بع د 10أزم ة ال رهن العق اري،
والتي استوجب أن تتضمن أهداف البنك المركزي هدف االستقرار المالي
1.2. .أدوات السياسة النقدية :مع انتقال النظام المصرفي إلى حالة ف ائض الس يولة المص رفية من ذ éاي ة ، 2001أص بحت ب ذلك
مختلف أدوات السياسة النقدية لعشرية التسعينات من القرن الماض ي غ ير مس تعملة ،بم ا فيه ا أداة إع ادة الخص م .ل ذلك أع اد تنش يط
االحتياطي اإلجباري بالتعليمة رقم ، 01 01-الصادرة في 11فيفري . 2001أما فيما يخص التطورات ال تي ج اء ±ا األم ر 03-
11حول أدوات السياسة النقدية ،فالمالحظ أن المواد 42 ، 41 ،و 45 43أعادت صياغة نفس األدوات ال واردة في ق انون النق د
والق رض والمتعلق ة بإع ادة الخص م واألخ ذ على س بيل األمان ة(الم ادة (، 41أداة التس بيقات(الم ادة (، 42أداة الق روض بالحس اب
الجاري(المادة (، 43وعمليات السوق المفتوحة(المادة (، 45لكن مع تع ديالت مهم ة يمكن توض يحها في ثالث نق اط؛ أولهم ا هي أن
هذا التعديل ألغى الجوانب التفصيلية الستعمال هذه األدوات والواردة في قانون النقد والقرض ، 10 90-سواء أتعل ق األم ر ،ب أنواع
السندات والقروض التي تكون محال لهذه األدوات ،أو المدة ،أو طبيعة الض مانات والنس ب .وت رك ا ال لس النق د والق رض لتحدي دها
بنظام سيصدر عنه بنص المادة 41من األمر ، 11 03-والتي نصت على":يحدد النظام الصادر عن مجلس النق د والق رض كيفي ات
وشروط إعادة الخصم وأخذ ووضع تحت نظام األمانة أو تسبيقات من سندات بالعملة الوطنية من قبل بنك الجزائر" .كما نصت المادة
45من نفس األمر دائما على" :يمكن لبنك الجزائر ضمن الحدود ووفق الش روط ال تي يح ددها مجلس النق د والق رض أن يت دخل في
سوق النقد وأن يشتري ويبيع على الخصوص سندات عمومية وسندات خاصة يمكن قبولها إلعادة الخصم أو لمنح تس بيقات ."....لكن
عمليا بقي هذا النظام وهذه الشروط غائبين إلى غاية إصدار النظام رقم ، 02 09-المتعلق بعمليات السياسة النقدية وأدواµا وإج راءا
µا ،في 26ماي . 2009وثانيهما هي إلغاء القيد الوارد في المادة 77من قانون النقد والقرض ، 10 90-إذ نصت الفقرة الثانية من
الم ادة 41من األم ر ، 11 03-على ":وتح دد حس م العملي ات المنص بة على الس ندات العمومي ة ال تي يق وم ±ا البن ك المرك زي
والمنصوص عليها في المواد السابقة ،وفقا ألهداف السياسة النقدية" ،ما يفتح ا ال واسعا إلمكانية عودة التمويل غير المباشر لميزاني ة
الدولة ،خاصة إذا تطورت األوضاع االقتصادية باتجاه شح الموارد وهو ما نشهده حاليا .أضف إلى ذل ك ،نص ت الم ادة 46من نفس
األمر في فقرµا الثالثة على ":كما يرخص لبنك الجزائر أن يمنح الخزين ة العمومي ة بص فة اس تثنائية ،تس بيقا يوج ه حص ريا للتس يير
النشط للمديونية الخارجية" ،ويعتبر تعديال عميقا لنص المادة 78من ق انون النق د والق رض ، 10 90-ألن ه يفتح ا ال لع ودة الت أثير
المباشر والسلبي لدائرة ميزانية الدولة على الدائرة النقدية ،عن طريق تمويل عجز الموازنة باإلصدار النقدي ،ويعتبر تط ورا خط يرا
باتجاه تق ليص استقاللية السلطةالنقدية الممنوحة بموجب قانون النقد والق رض .وثالثهم ا هي إلغ اء األم ر ، 11 03-للم ادة 93من
قانون النقد والقرض ،والتي نصت على مختلف الجوانب المتعلقة بأداة االحتياطي اإلجب اري ،ب الرغم من أهميته ا الكب يرة خالل ه ذه
المرحلة لبروز فائض السيولة المصرفية ،وعدم استعمال باقي األدوات األخ رى .ثم ق ام مجلس النق د والق رض بع د أق ل من س نة من
صدور األمر 11 03-بإعادة إدراجها بإصدار النظام رقم 02 04-المؤرخ في 4مارس ، 2004والذي يحدد شروط تكوين الح د
األدنى لالحتياطي اإلجباري .أصبحت أداة االحتياطي اإلجباري لو حدها غير كافية للتأثير فعليا في ف ائض الس يولة المص رفية ،ل ذلك
تم إدخال أدوات أخرى غير مباشرة ،تتمثل في استرجاع السيولة عن طريق النداء للعرض(بم وجب تعليم ة بن ك الجزائ ر رقم ً 02-
في 11 02أفريل (، 2002وتتم عملية استرجاع السيولة لفترة 7من ج أيام ،وثالثة أشهر ،وبدء انفي ، 2013تم إضافة اس ترجاع
السيولة لمدة 6أشهر .كما تم في سنة ، 2005إدخال أداة جدي دة المتص اص ف ائض الس يولة المص رفية ،هي تس هيلة الودائ ع المغل ة
للفائدة (بموجب تعليمة بنك الجزائر رقم 04-في 14 05جوان (. 2005لكن بالرغم من تك ثيف اس تخدام ه ذه األدوات لتتالءم م ع
فائض السيولة المصرفية ،قام بنك الجزائر بإدارµا واستخدامها على غرار باقي عملي ات السياس ة النقدي ة بل وائح قانوني ة متفرق ة إلى
غاية سنة ، 2009تاريخ إصدار النظام رقم 11 02 ، 09-المتعلق بعمليات السياسة النقدية ،أدواµا وإجراءاµا ،والم ؤرخ في 26
ماي 2009
خاتمة تأكد من عرض أدوات وأهداف السياسة النقدية في القوانين المصرفية ،أن األمر 11 03-لم يس تفد من التط ور الحاص ل في
الفك ر النق دي وتطبيقات ه في ع دة دول ،وال ذي حص ر أه داف السياس ة النقدي ة في اس تقرار األس عار ،كم ا ألغى الج وانب التفص يلية
الستعمال أدوات السياسة النقدية ،وتمت إدارµا بلوائح قانوني ة متفرق ة إلى غاي ة . 2009اس تخدم بن ك الجزائ ر ع دة أدوات ،وش هد
معدل التضخم بشكل عام انخفاضا. zلكن ال يمكن أن يكون هذا االنخف اض للسياس ة النقدي ة لوح دها .لق د تأك دنا ب أن بن ك الجزائ ر ال
يتحكم كفاية في القاع دة النقدي ة ،لنق ل قرارات ه ً نتيج ة لى إ الع رض النق دي والق روض المص رفية كأه داف وس يطة ،لع دم اس تقرار
المضاعف النقدي ومضاعف القروض ،كما ال تنعكس تغيرات العرض النقدي في المس توى الع ام لألس عار كامل ة وفي نفس االتج اه.
يمكن إرجاع انخفاض معدالت التضخم خالل هذه المرحل ة إلى ج انب ت أثير السياس ة النقدي ة ،إلى إحج ام المص ارف عن اإلق راض،
بالرغم من امتال كها للفوائض ،ما أدى إلى استمرار ضعف القروض المصرفية كهدف وسيط للسياسة النقدية .ساهمت رغبة الحكومة
في تكوين فوائض في صندوق ضبط اإليرادات في امتصاص السيولة ،واإلبقاء على معدالت تضخم منخفضة .يجب أن تتجه الجه ود
إلى تبني إصالحات هيكلية تسمح بتنويع مصادر توليد الدخل وتطوير الج انب المؤسس ي بم ا يض من تحس ين من اخ االس تثمار وآف اق
النمو ،وتفعيل السياسة النقدية ودور الوساطة المصرفية في التنمية.