‫اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي وأﺛﺮه ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺮﯾﺎت‪ :‬اﻟﻜﺴﺐ‪ ،‬واﻟﻜﻼم‬

‫اﻟﻨﻔﺴﻲ‪ ،‬واﻟﺘﻌﻠﯿﻞ‬
‫‪/alamanaweb.ma‬اﻟﺪرس‪-‬اﻟﻜﻼﻣﻲ‪-‬اﻷﺷﻌﺮي‪-‬وأﺛﺮه‪-‬ﻓﻲ‪-‬أﺻﻮل‪-‬ال‪/‬‬

‫ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻛﺘﻮر‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ اﻷﻧﺼﺎري‬

‫اﻟﻤﺸﺮف‪ :‬اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻠﺤﺴﺎن‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ ﻃﻔﯿﻞ اﻟﻘﻨﯿﻄﺮة‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ 4 :‬ﺟﻤﺎدى اﻷوﻟﻰ ‪ 1441‬ﻫـ‪ 30/‬دﺟﻨﺒﺮ ‪.2019‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻤﻮﺿﻮع وإﺷﻜﺎﻟﯿﺘﻪ وأﻫﺪاﻓﻪ‬

‫ﯾﺘﻜﻮن ﻋﻨﻮان اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺮح ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﯿﺎن‬
‫ﻣﻔﺮداﺗﻬﺎ ﺛﻢ ﺑﯿﺎن اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﯿﻨﻬﺎ أﯾﻀﺎ‪ .‬وﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻫﻲ‪ :‬اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي‪ ،‬أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪،‬‬
‫اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻜﺴﺐ‪ ،‬اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ‪ ،‬اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ‪ .‬وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﺑﯿﺎن ﻣﻮﺟﺰ ﻟﻬﺎ ﯾﺘﻠﻮه ﺷﺮح ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻨﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل ﺗﻮﺿﯿﺢ اﻟﻌﻨﻮان‪:‬‬
‫ـ اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي‪ :‬أﻗﺼﺪ ﺑﻪ ﺟﻤﻠﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻷﺷﻌﺮي ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﺳﻌﻰ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮن اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ إﻟﻰ ﻧﺼﺮة اﻟﻤﺬﻫﺐ واﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﯿﻦ‪ .‬وﻗﺪ ﻋﺮف ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺘﻌﺎرﯾﻒ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ أوﻓﻘﻬﺎ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺴﻌﺪ اﻟﺘﻔﺘﺎزاﻧﻲ )‪793‬ه( ﻓﻲ “ﺷﺮح اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ” ﺣﯿﺚ ﻗﺎل‪» :‬ﻓﻈﻬﺮ‬
‫أﻧﻪ )ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم( اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎدﯾﺔ اﻟﻤﻜﺘﺴﺐ ﻣﻦ أدﻟﺘﻬﺎ اﻟﯿﻘﯿﻨﯿﺔ‪ «.‬وﻣﻌﻨﻰ ﻧﺴﺒﺔ ذﻟﻚ‬
‫اﻟﻜﻼم إﻟﻰ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻷﺷﻌﺮي اﻧﺘﻈﺎﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺬي أﺳﺴﻪ اﻹﻣﺎم أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻷﺷﻌﺮي )‪324‬ه(‬
‫ﻟﻨﺼﺮة ﻋﻘﺎﺋﺪ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺤﺮﻓﯿﻦ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎدات‪ .‬وﻗﺪ ﺗﺒﻌﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎر‬
‫اﻟﺬﯾﻦ اﺷﺘﻐﻠﻮا ﺑﺎﻷﺻﻠﯿﻦ‪ :‬أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ وأﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬وﻗﺪ ﻋﺮف ﻫﺬا اﻟﻤﺬﻫﺐ ﺗﻄﻮرات أدت إﻟﻰ وﺟﻮد‬
‫ﻃﺮق وﻣﺪارس ﻓﯿﻪ أﺛﺮت ﻋﻠﻰ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻤﻨﻬﺞ أو ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻤﻀﻤﻮن‪.‬‬
‫ـ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ :‬ﻋﺮف ﺑﺘﻌﺎرﯾﻒ ﻛﺜﯿﺮة ﺟﺪا ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻻﺻﻄﻼﺣﻲ اﻟﺬي أورده اﻹﻣﺎم اﻟﺰرﻛﺸﻲ‬
‫)‪794‬ه( وﯾﻜﺜﺮ ﺗﺪاول ﻣﻌﻨﺎه‪» :‬ﻣﺠﻤﻮع ﻃﺮق اﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ أﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻹﺟﻤﺎل‪ ،‬وﻛﯿﻔﯿﺔ‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪل ﺑﻬﺎ‪ «.‬وﻗﺪ ﺗﻀﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻛﺘﺐ‬
‫أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬وﻫﻲ‪ :‬اﻷدﻟﺔ واﻷﻣﺎرات اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮق اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬واﻫﺘﻤﺎم اﻷﺻﻮﻟﻲ ﺑﻬﺎ‬
‫إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻹﺟﻤﺎل ﻻ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ دﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻜﺎم ﺗﻔﺼﯿﻼ‪ .‬ﺛﻢ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ وذﻟﻚ‬
‫ﻫﻮ ﻣﺒﺤﺚ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬أﻣﺎ ﺣﺎل اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﺪ ﻓﺎﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻪ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻷﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻔﯿﺪ‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ أدﻟﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ـ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ‪ :‬ﯾﻄﻠﻖ ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ وﯾﺮاد ﺑﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻘﻀﯿﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ وﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ‬
‫ﺗﻔﺴﯿﺮﻫﺎ ﺗﻔﺴﯿﺮا ﻛﻠﯿﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻧﻈﺮة ﺷﻤﻮﻟﯿﺔ وﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻨﻬﺎ‪ .‬وﻗﺪ ﺻﺎر ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﻣﺘﺪاوﻻ‬
‫ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وﻛﺜﺮ إﯾﺮاده ﻓﻲ ﻋﻨﺎوﯾﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺆﻟﻔﺎت‪ .‬وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ‬
‫ﻣﻦ ﺿﺒﻂ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﺑﺘﺪﻗﯿﻖ اﻻﺻﻄﻼح ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺻﺪق اﻹﻃﻼق‪ .‬ﻟﻘﺪ ورد ﻓﻲ ﻋﻨﻮان اﻟﻤﻮﺿﻮع ذﻛﺮ‬
‫ﻟﺜﻼث ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت ﻫﻲ‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ‪ ،‬وﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ‪ ،‬وﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ‪ .‬وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﺑﯿﺎن‬
‫ﻟﻮﺟﺎﻫﺔ ﻫﺬا اﻹﻃﻼق‪:‬‬

‫‪1/5‬‬
 ‫ـ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ‪ :‬ﺗﻌﺪ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ أو أﻓﻌﺎل اﻟﻌﺒﺎد ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺖ اﻟﻔﻜﺮ‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﺳﻌﺖ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺪارس ذﻟﻚ اﻟﻔﻜﺮ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻧﻈﺮﯾﺎت ﺗﻔﺴﺮ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻌﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل إﺛﺒﺎت اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻌﻞ وﺻﺎﺣﺒﻪ ﺛﻢ ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ .‬وﻗﺪ ﺗﺒﺎﯾﻨﺖ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻧﺰﻋﺘﯿﻦ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﺘﯿﻦ ﻫﻤﺎ‪ :‬اﻟﺠﺒﺮﯾﺔ واﻟﻘﺪرﯾﺔ‪ .‬وﺑﯿﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺰﻋﺘﯿﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻮاﻗﻒ وﺳﻄﯿﺔ‬
‫ﺗﻌﺪ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻜﺴﺐ إذن ﻫﻮ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ ﻟﻸﺷﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻔﻌﻞ‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﯿﺮ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﻜﻠﯿﻒ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻛﻤﺎ ﺳﯿﺘﻀﺢ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻠﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻷول ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ‪.‬‬
‫ـ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻞ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ “ﺻﻔﺔ اﻟﻜﻼم” ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻹﻟﻬﯿﺔ أﺣﺪ أﻫﻢ‬
‫أﺳﺒﺎب اﻟﺨﻼف اﻟﻜﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ .‬وﻗﺪ ﺳﻌﻰ اﻷﺷﺎﻋﺮة إﻟﻰ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻹﺷﻜﺎﻻت‬
‫اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺼﻔﺔ ﻋﺒﺮ ﻧﻈﺮﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ أﺧﺺ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻷﺷﻌﺮي‪ .‬ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬
‫اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﺟﺬورﻫﺎ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﻛﻼب‬
‫)‪ 241‬ه( ﺑﯿﻦ اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻟﻤﺪﻟﻮل‪ ،‬وﺗﻠﻘﺎﻫﺎ ﻋﻨﻪ اﻹﻣﺎم أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻷﺷﻌﺮي )‪330‬ه ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ(‪ .‬وﻗﺪ ﻃﻮر‬
‫اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺿﺒﻂ أﻫﻢ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ‪ :‬ﻣﺎﻫﯿﺔ اﻟﻜﻼم‪ ،‬وﻗﺪﻣﻪ‪ ،‬وإﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‬
‫اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺘﻌﺪد ﻓﯿﻪ‪ .‬وﻗﺪ أﺛﺮت ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﯿﺎرات اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻓﻲ‬
‫ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻷﻟﻔﺎظ واﻟﺨﻄﺎب ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬وﻗﺪ أدى ﻃﺮد أﺻﻞ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ وﺣﻔﻈﻪ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬
‫إﻟﻰ ﺗﻔﺮدﻫﻢ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻵراء اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻌﺖ اﻟﺪراﺳﺔ إﻟﻰ ﻛﺸﻔﻬﺎ وﺗﺨﺮﯾﺠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‬
‫اﻷﺻﻞ‪.‬‬
‫ـ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ‪ :‬ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻣﺠﺎﻻت ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ‪ :‬اﻟﻤﺠﺎل اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺤﺚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ‬
‫اﻷﺳﺒﺎب واﻟﻤﺴﺒﱠﺒﺎت‪ ،‬واﻟﻤﺠﺎل اﻟﻜﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ أﺛﯿﺮ ﻣﻦ ﻛﻼم ﻋﻦ ﺗﻌﻠﯿﻞ أﻓﻌﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫اﻟﻤﺠﺎل اﻷﺻﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻌﻠﯿﻞ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﺳﻌﻰ اﻷﺷﺎﻋﺮة إﻟﻰ ﺑﻨﺎء ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺘﻨﺎﺳﻖ‬
‫وﻣﻨﺴﺠﻢ ﯾﺠﯿﺐ ﻋﻦ إﺷﻜﺎﻻت اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺜﻼﺛﺔ وﯾﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﯿﻦ ﻓﯿﻬﺎ‪ .‬ﻓﻨﺘﺞ ﻋﻦ‬
‫ذﻟﻚ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻌﺎدة واﻻﻗﺘﺮان ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ‪ ،‬وﻧﻔﻲ ﺗﻌﻠﯿﻞ أﻓﻌﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﻜﻼﻣﻲ‪،‬‬
‫وإﺛﺒﺎت ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ اﻻﺳﻤﻲ اﻟﻤﻌ ﱢﺮف ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻷﺻﻮﻟﻲ‪ .‬وﻗﺪ أدى ﺣﻔﻆ اﻷﺻﻞ اﻷﺧﯿﺮ ﻓﻲ أﺻﻮل‬
‫اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑﯿﻦ اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻟﻘﯿﺎس وﺗﻔﺎﺻﯿﻠﻪ‪.‬‬
‫إن اﻟﻐﺮض ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻮ إﺛﺒﺎت اﻷﺛﺮ اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت‪.‬‬
‫ﻓﻬﻮ ﺑﺤﺚ ﯾﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﻋﺒﺮ ﺿﺒﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت واﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮرﻫﺎ وأﻫﻢ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت‬
‫اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻓﯿﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺎل اﻷﺻﻮﻟﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺛﺮﻫﺎ وأﻫﻢ اﻟﻔﺮوع‬
‫واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺑﻨﯿﺖ ﻋﻠﯿﻬﺎ‪ .‬وﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻠﻮغ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺮدﯾﺪ اﻟﻨﻈﺮ وإﺟﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺪوﻧﺘﯿﻦ اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ واﻷﺻﻮﻟﯿﺔ اﻷﺷﻌﺮﯾﺘﯿﻦ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯿﺎ‪ :‬اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ‬
‫ﻧﻈﺮا ﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﯾﺰدوج ﻓﯿﻪ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻜﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻷﺻﻮﻟﻲ‪ ،‬وﻫﺪﻓﻪ اﻟﺬي ﯾﺴﻌﻰ‬
‫ﻟﻠﺘﺄﺻﯿﻞ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﺮوع اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ ﻓﺈﻧﻲ ﺗﻮﺳﻠﺖ ﺑﻠﻔﯿﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ‪ .‬وﻫﻲ‪ :‬اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻮﺻﻔﻲ‪،‬‬
‫واﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺤﻠﯿﻠﻲ‪ ،‬واﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻤﻘﺎرن‪.‬‬
‫ـ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻮﺻﻔﻲ‪ :‬اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻪ ﻓﻲ وﺻﻒ وﺗﺘﺒﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ واﻷﺻﻮﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻈﺂﻧﻬﺎ‪ .‬وﻗﺪ‬
‫ﺷﻜﻞ اﻟﻤﺘﻦ اﻟﻜﻼﻣﻲ واﻷﺻﻮﻟﻲ اﻷﺷﻌﺮي أﻏﻠﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻈﺂن‪ .‬وﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﻆ أن أﻏﻠﺐ اﻟﻨﻈﺎر‬
‫اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻗﺪ أﻟﻔﻮا ﻓﻲ اﻷﺻﻠﯿﻦ ﺟﻤﯿﻌﺎ‪ .‬وﻗﺪ ﺗﺘﺒﻌﺖ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻮاردة ﻣﻊ اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺛﯿﻖ‬
‫اﻟﻨﻘﻮل ﻋﻨﻬﻢ وﺗﺪﻗﯿﻖ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻗﻮال إﻟﯿﻬﻢ‪.‬‬
‫ـ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺤﻠﯿﻠﻲ‪ :‬إن ﻋﻤﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮد اﻟﻮﺻﻒ ﺑﻞ ﯾﺠﺐ أن ﯾﺘﺮﻗﻰ إﻟﻰ‬
‫ﺗﺤﻠﯿﻞ اﻷﻗﻮال واﻵراء‪ .‬ﻓﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﺗﺨﻔﯿﻪ ﻋﺒﺎرات اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺮازات ﺛﺎوﯾﺔ ﺧﻠﻒ‬
‫اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﺑﻠﻔﻆ دون ﻟﻔﻆ‪ .‬وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻟﺰاﻣﺎ أن ﯾﺨﻀﻊ اﻟﻘﻮل اﻷﺻﻮﻟﻲ ﻟﻠﺘﺤﻠﯿﻞ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻷﺻﻮل‬
‫اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﯿﺔ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ واﻵراء اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﻌﺾ ﺗﻮﻗﻔﺎت‬
‫اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ وﻋﺪول ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ إﻟﻰ ﻏﯿﺮﻫﺎ‪.‬‬
‫‪2/5‬‬
 ‫ـ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻤﻘﺎرن‪ :‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺣﺎﺿﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﻤﺴﺘﻮﯾﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ‪ :‬ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺧﺎرﺟﯿﺔ‪ ،‬وﻣﻘﺎرﻧﺔ‬
‫داﺧﻠﯿﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻓﺘﻤﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻮاﻗﻒ وآراء اﻷﺷﺎﻋﺮة ﺑﺂراء ﻏﯿﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺬاﻫﺐ‬
‫اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ واﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻌﻘﺪﯾﺔ‪ .‬وﻫﻜﺬا ﺳﻨﺠﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﺑﯿﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة واﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ واﻟﻈﺎﻫﺮﯾﺔ وأﻫﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ‬
‫واﻷﺛﺮ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪ .‬وﻗﺪ اﺗﺨﺬت ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺎت أﺷﻜﺎﻻ ﻋﺪة ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬إﯾﺮاد اﻻﻧﺘﻘﺎدات اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ‬
‫ﻟﻸﺻﻮل اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﯿﻦ‪ .‬واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺨﻠﻔﯿﺎت اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ اﻷﺷﻌﺮي‪ .‬ﺛﻢ إﯾﺮاد‬
‫اﻟﺮدود ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻻﻧﺘﻘﺎدات وﻣﺴﺎﻟﻚ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺠﺎوزﻫﺎ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ﻓﺎﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﻘﻮل اﻟﻜﻼﻣﻲ واﻷﺻﻮﻟﻲ اﻷﺷﻌﺮي داﺧﻠﯿﺎ‪ .‬أي ﻣﻘﺎرﻧﺔ‬
‫ﻗﻮل إﻣﺎم ﻣﻌﯿﻦ ﻣﻊ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﺧﺘﻼف ﻗﻮل ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟﻮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ رأي ﻟﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ .‬وﻗﺪ أﻓﺮزت ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺎت وﺿﻊ ﺧﺮﯾﻄﺔ ﻟﺘﻄﻮر اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي وﺑﯿﺎن أﺛﺮ‬
‫ذﻟﻚ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﻤﻬﯿﺪي ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﯿﻀﻊ اﻟﺼﻮى ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﺮﯾﻄﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﻀﺢ ﻣﻮﺿﻮﻋﯿﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺑﻮاب اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﺗﺘﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻹﻃﺎر اﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻟﻠﺒﺤﺚ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﺗﻤﻬﯿﺪي اﻟﻐﺮض ﻣﻨﻪ‬
‫ﺗﻮﺿﯿﺢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻮاب ﺧﺼﺺ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺔ‬
‫اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ ﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻟﺜﻼث ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺒﺤﺚ ﺛﻢ ﺑﯿﺎن أﺛﺮﻫﺎ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬وﺧﺘﻢ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺮﺿﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﻫﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺘﻮﺻﻞ إﻟﯿﻬﺎ‪ .‬وﻫﻜﺬا ﯾﻤﻜﻦ إﯾﺠﺎز ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫ـ ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫ـ ﻓﺼﻞ ﺗﻤﻬﯿﺪي‪ :‬اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺄﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬
‫ـ اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول‪ :‬ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﺑﺄﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ‬
‫ـ اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﺗﻄﻮر اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي وأﺛﺮه ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬
‫ـ اﻟﺒﺎب اﻷول‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻞ اﻟﻜﻼﻣﻲ ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﻃﯿﺮ ﻣﺒﺎﺣﺚ‬
‫اﻟﺘﻜﻠﯿﻒ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬
‫ـ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ أو اﻟﺤﻞ اﻷﺷﻌﺮي ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ‬
‫ـ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ إﻃﺎرا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﺘﻜﻠﯿﻒ ﻋﻨﺪ اﻷﺷﺎﻋﺮة‬
‫ـ اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻣﻦ إﺷﻜﺎﻻت ﺻﻔﺔ اﻟﻜﻼم إﻟﻰ ﺗﺄﻃﯿﺮ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻟﺨﻄﺎب ﻓﻲ‬
‫أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‬
‫ـ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ‬
‫ـ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ إﻃﺎرا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﻷﺷﺎﻋﺮة‬
‫ـ اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي وأﺛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻟﻘﯿﺎس اﻷﺻﻮﻟﻲ‬
‫ـ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﺴﺒﺒﯿﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي‬
‫ـ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻘﯿﺎس اﻷﺻﻮﻟﻲ ﻋﻨﺪ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﺑﯿﻦ ﺣﻔﻆ اﻷﺻﻮل اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ واﻟﻀﺮورة‬
‫اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ‬
‫ـ ﺧﺎﺗﻤﺔ‬
‫راﺑﻌﺎ‪ :‬أﻫﻢ ﺧﻼﺻﺎت وﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﻟﻘﺪ ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺑﻮاب ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻓﺼﻠﻪ اﻟﺘﻤﻬﯿﺪي ﻣﺪارﺳﺔ إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﻋﻠﻢ‬
‫أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم‪ .‬وﻗﺪ ﺗﻄﻠﺒﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪارﺳﺔ ﺟﻮﻻت ﻃﻮﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻨﯿﻦ اﻟﻜﻼﻣﻲ واﻷﺻﻮﻟﻲ‬
‫اﻷﺷﻌﺮﯾﯿﻦ وﻏﯿﺮ اﻷﺷﻌﺮﯾﯿﻦ‪ .‬وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﺗﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻀﻤﻨﺘﻬﺎ ﺗﻀﺎﻋﯿﻒ اﻟﺪراﺳﺔ‪.‬‬
‫وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﺗﺬﻛﯿﺮ ﺑﺄﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪:‬‬
‫ـ إن ﻋﻼﻗﺔ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻓﯿﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ‪ .‬وﻣﻦ أﻫﻢ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ‪ :‬اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ واﻟﻤﻨﻬﺠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﯿﺰ اﻟﻌﻠﻤﯿﻦ اﻷﺻﻠﯿﻦ وﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻻﻟﺘﻘﺎء‬
‫ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﺣﺘﻤﯿﺔ ﻣﻌﺮﻓﯿﺔ وﺣﻘﯿﻘﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ‪ .‬ﺛﻢ ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺬﻫﺒﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎدي‬
‫اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺘﺪاﻓﻊ واﻟﺠﺪال اﻟﻜﻼﻣﻲ‪.‬‬
‫‪3/5‬‬
 ‫ـ إن أي ﺗﻘﻮﯾﻢ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم وأﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻻ ﯾﺴﺘﺤﻀﺮ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ واﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ‬
‫ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن ﺗﻘﻮﯾﻤﺎ ﺳﺪﯾﺪا وﻻ ﺣﻜﻤﺎ رﺷﯿﺪا‪ .‬وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﻘﺪ ﺳﻌﻰ اﻟﺒﺎﺣﺚ إﻟﻰ‬
‫اﺳﺘﺠﻼء ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻮاﻧﺐ وﺗﻌﺪاد اﻵﺛﺎر اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ واﻟﺴﻠﺒﯿﺔ ﻻﻣﺘﺰاج اﻷﺻﻠﯿﻦ واﺧﺘﻼط ﻣﺒﺎﺣﺜﻬﻤﺎ‪.‬‬
‫ـ ﻟﻘﺪ َﻣ ّﻜﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﺗﻄﻮر اﻟﺪرس اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي ورﺻﺪ أﺛﺮ ذﻟﻚ اﻟﺘﻄﻮر ﻋﻠﻰ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﯾﺪ‬
‫ﻣﺤﻄﺎت ﻣﻔﺼﻠﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻷﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة‪ .‬وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺆﺳﺲ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻷﺷﻌﺮي ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻜﻼم واﻷﺻﻮل ﻋﻨﺪه‬
‫ﺟﺪﻟﯿﺔ وﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ‪ .‬ﻓﻘﺪ اﺣﺘﺎج ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم اﻷﺷﻌﺮي ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺳﻞ ﺑﺎﻟﻤﻨﻬﺞ اﻷﺻﻮﻟﻲ ﻹﺛﺒﺎت‬
‫اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ وﻧﺼﺮﺗﻬﺎ واﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﯿﻦ‪ .‬ﻛﻤﺎ أن ﺣﻔﻆ اﻷﺻﻮل اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ وﻃﺮدﻫﺎ ﻗﺪ أدى إﻟﻰ ﺗﻔﺮد‬
‫اﻷﺷﺎﻋﺮة ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ واﻵراء اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻵراء اﻟﺘﻲ ﺳﯿﺘﻢ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﻓﻲ إﻃﺎر ﻧﻈﺮﯾﺎت‬
‫ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ أﺑﻮاب اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ‪.‬‬
‫ـ ﺑﺮز ﺑﻌﺪ اﻹﻣﺎم اﻷﺷﻌﺮي ﻣﺘﻜﻠﻤﻮن وأﺻﻮﻟﯿﻮن ﻛﺒﺎر ﻣﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﺗﺮﻛﻮا آﺛﺎرا واﺿﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻤﯿﻦ‪.‬‬
‫وﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺎﻗﻼﻧﻲ اﻟﻲ ﺣﺮص ﻋﻠﻰ ﻃﺮد اﻷﺻﻮل اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ واﻟﺮد‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص‪ .‬ﺛﻢ ﺗﺒﻌﻪ إﻣﺎم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ ﻓﻲ أوﻟﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻤﯿﺰ ﺑﺂﺧﺮة ﺑﺂراء وﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ‬
‫ﺑﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﯿﺎراﺗﻪ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻓﻲ اﻟﻜﻼم اﻟﺘﻲ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب “اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻨﻈﺎﻣﯿﺔ ﻓﻲ اﻷرﻛﺎن اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ”‪.‬‬
‫وﺟﺎء ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﻣﻮاﻓﻘﺎ ﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺒﺎﻗﻼﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻀﻤﻮن ﻣﻊ إدﺧﺎل اﻟﻤﻨﻄﻖ‬
‫وﺗﻮﻇﯿﻔﻪ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬واﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ ﻣﺜﻞ اﻹﻣﺎﻣﯿﻦ اﻟﺮازي‬
‫واﻵﻣﺪي اﻟﺬﯾﻦ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺘﺤﺮﯾﺮ ﻣﺤﻞ اﻟﻨﺰاع وﺗﻔﺮﯾﻊ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ وﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﯿﻬﻤﺎ وﺿﻌﺖ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮات‬
‫واﻟﺸﺮوح اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ زﺑﺪة ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ‪.‬‬
‫ـ ﺗﻌﺪ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ اﻟﺤﻞ اﻷﺷﻌﺮي ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﺳﻌﻰ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﻮل اﻟﺴﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪر وﺧﻠﻖ اﻷﻓﻌﺎل وﺑﯿﻦ ﺗﺒﻘﯿﺔ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﻜﻠﯿﻒ‪ .‬وﻗﺪ ﻛﺎن‬
‫ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺨﺎﺻﯿﺔ اﻟﺘﻮﻓﯿﻘﯿﺔ دور ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻏﻤﻮض اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ وﻓﻲ اﺧﺘﻼف وﺗﻨﻮع ﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﻨﻈﺎر اﻷﺷﺎﻋﺮة‬
‫ﻓﻲ ﺣﻞ ﺑﻌﺾ إﺷﻜﺎﻻﺗﻬﺎ‪ .‬وﻗﺪ اﻧﻌﻜﺴﺖ اﺧﺘﯿﺎرات ﻛﻞ إﻣﺎم ﻋﻠﻰ آراﺋﻪ اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ‬
‫ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ‪.‬‬
‫ـ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺨﻼف اﻷﺻﻮﻟﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ إﻟﻰ ﻧﻮﻋﯿﻦ‪ :‬ﺧﻼف ﻋﺎل أو ﺧﺎرﺟﻲ‪،‬‬
‫وﺧﻼف ﻧﺎزل أو داﺧﻠﻲ‪ .‬ﻓﺎﻷول ﯾﺤﻜﻤﻪ اﻻﻧﺘﻈﺎم »ﻟﻠﻘﺪر اﻟﻤﺠﻤﻊ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺤﺎب« ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ‬
‫وﯾﻮﺟﻪ ﺧﻼﻓﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻘﺪر‪ .‬وﻫﺬا اﻟﻘﺪر اﻟﻤﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮم اﻹرادة وإﻃﻼق اﻟﻘﺪرة‬
‫اﻹﻟﻬﯿﺔ واﻟﺨﻠﻖ اﻟﻤﺘﻨﺎول ﻟﻜﻞ ﻣﺨﻠﻮق ﯾﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﺂﺧﺬ اﻟﺨﻼف ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص‪.‬‬
‫ـ ﺗﺸﻜﻞ ﺑﻌﺾ ﻓﺮوع ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﺴﺐ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻼف اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة‪ .‬وﺟﻤﺎع ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻔﺮوع ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﺒﺎﺣﺚ اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻘﺪور ﺑﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻋﻠﯿﻪ أو ﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﺎ ﻟﻪ‪.‬‬
‫وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻋﺪت اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ اﻟﻤﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻣﺠﺎﻻ ﺧﺼﺒﺎ ﻟﻠﺨﻼف اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺑﯿﻦ‬
‫اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻷﺷﺎﻋﺮة‪.‬‬
‫ـ ﺗﻌﺪ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻤﯿﺰة ﻟﻠﻜﻼم اﻷﺷﻌﺮي‪ .‬وﻗﺪ أﻗﺎم ﻧﻈﺎر اﻟﻤﺬﻫﺐ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ‬
‫أﺳﺲ ﯾﺠﻤﻊ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ اﻷﺟﻮﺑﺔ ﻋﻦ إﺷﻜﺎﻻت ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ إﻣﺎ ﺑﻤﺎﻫﯿﺔ اﻟﻜﻼم‪ ،‬أو ﺑﻮﺟﻮده وإﺛﺒﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻣﺎﻫﯿﺘﻪ‪ ،‬ﺛﻢ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻪ‪ ،‬وأﺧﯿﺮا إﺛﺒﺎت وﺣﺪﺗﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺻﻔﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ ﻗﺪﯾﻤﺔ رﻏﻢ ﺗﻌﺪد‬
‫أﻗﺴﺎﻣﻪ ﻣﻦ أﻣﺮ‪ ،‬وﻧﻬﻲ‪ ،‬وﺧﺒﺮ‪ ،‬واﺳﺘﺨﺒﺎر‪ ،‬وﻧﺪاء‪ .‬وﻗﺪ ﺗﻤﯿﺰ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي ﻓﻲ ﻫﺬه‬
‫اﻹﺷﻜﺎﻻت ﺑﺘﻨﻮع وﺗﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ وﻃﺮق اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ‪.‬‬
‫ـ ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ إﻃﺎرا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺸﺮﻋﻲ وﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﻓﻲ أﺻﻮل‬
‫اﻟﻔﻘﻪ‪ .‬ﻛﻤﺎ أن ﺣﻔﻆ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﯾﻌﺪ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺗﻤﯿﺰ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ واﻵراء اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ‬
‫ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻟﻠﻔﻈﯿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺎب أو ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﻌﻨﻮﯾﺔ‪.‬‬
‫ـ ﻓﺈﺷﻜﺎﻟﯿﺔ وﺣﺪة اﻟﻜﻼم وﺗﻌﺪد أﻗﺴﺎﻣﻪ ﻣﺜﻼ ﻛﺎﻧﺖ وراء ﺗﻮﻗﻒ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺻﯿﻎ وﻣﻘﺘﻀﯿﺎت‬
‫اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﻬﻲ واﻟﻌﻤﻮم‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﻗﻒ أو اﻹﻧﻜﺎر اﻟﺬي ﺗﻤﯿﺰ ﺑﻪ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮص اﻹﻣﺎم‬
‫اﻟﺒﺎﻗﻼﻧﻲ ﻗﺪ ﺗﻌﺮض ﻻﻧﺘﻘﺎدات ﻛﺒﯿﺮة ﺳﻮاء ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﯿﻦ ﻟﻸﺷﺎﻋﺮة أو ﻣﻦ ﻃﺮف ﺑﻌﺾ‬
‫‪4/5‬‬
‫اﻷﺷﺎﻋﺮة أﯾﻀﺎ‪ .‬وﻫﺬا اﻟﻨﻘﺪ ﻗﺪ أدى إﻟﻰ ﺗﻄﻮر اﻟﺪرس اﻷﺻﻮﻟﻲ اﻷﺷﻌﺮي ﺗﻄﻮرا ﻛﺒﯿﺮا وﺑﺮوز ﺗﯿﺎرات‬
‫داﺧﻞ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ اﻷﺷﻌﺮﯾﺔ‪.‬‬
‫ـ ﻟﻘﺪ اﻧﻄﻠﻖ اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﺒﺒﯿﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻛﻼﻣﯿﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ إﻓﺮاد اﷲ ﻋﺰ‬
‫وﺟﻞ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ وﻧﻔﻲ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻤﻦ ﺳﻮاه‪ .‬ﻫﺬه اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻗﺪ أﺛﺮت ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺳﻮاء‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺒﯿﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﻮر اﻷﺷﺎﻋﺮة ﻓﯿﻪ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻌﺎدة أو اﻻﻗﺘﺮان‪ .‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﻌﻠﯿﻞ أﻓﻌﺎل اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻨﺠﺪ ﺣﻀﻮرا ﻟﻠﺨﻼف اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﻲ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﺣﻜﻤﻮا‬
‫اﻷﺻﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻬﻢ اﻟﺨﻤﺴﺔ وﻫﻮ “اﻟﻌﺪل” أوﺟﺒﻮا ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺼﻼح واﻷﺻﻠﺢ‬
‫واﻟﺤﻜﻤﺔ ورﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ‪.‬‬
‫ـ ﻟﻜﻦ ﺗﻘﻠﯿﺐ اﻟﻤﺘﻦ اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻷﺷﻌﺮي ﯾﺒﺮز ﻟﻨﺎ أن اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻟﯿﺲ واﺣﺪا‪ ،‬ﻓﻬﻨﺎك أﻏﻠﺒﯿﺔ ﺗﺜﺒﺖ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻷﻣﺮ واﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻋﻠﻰ أي وﺟﻪ وﻗﻊ وﻻ ﺗﻤﺎﻧﻊ ﻓﻲ إﻃﻼق اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ‬
‫واﻟﺤﻜﻤﺔ ﺑﻬﺬه اﻹﺿﺎﻓﺔ‪ .‬وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺆﺳﺲ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻷﺷﻌﺮي وﻣﻮﻗﻒ ﻛﺒﺎر اﻟﻨﻈﺎر‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ واﻟﻤﺘﺄﺧﺮﯾﻦ‪ .‬ﻟﻜﻦ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻫﻨﺎك ﻣﺬﻫﺐ ﻷﻗﻠﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮﯾﻦ ﻣﻤﻦ ﯾﺤﯿﻞ‬
‫اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل أو ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎم‪ .‬وﻗﺪ ﺗﻮﻟﻰ اﻹﻣﺎم ﻓﺨﺮ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺮازي ﺑﺴﻂ ﻫﺬا اﻟﻤﺬﻫﺐ‬
‫واﻻﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﯿﻪ وﻫﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ أﺷﺪ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﺧﺘﯿﺎره اﻟﺠﺒﺮي ﻓﻲ أﻓﻌﺎل اﻟﻌﺒﺎد أﯾﻀﺎ‪.‬‬
‫ـ ﺗﻘﻮم ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻘﯿﺎس اﻷﺻﻮﻟﻲ ﻋﻨﺪ اﻻﺷﺎﻋﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ ﺣﻔﻆ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ اﻟﻜﻼﻣﻲ وﺿﺮورة‬
‫اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس واﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻪ واﻟﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺮﯾﻪ‪ .‬ﻫﺬه اﻟﺨﺎﺻﯿﺔ ﻗﺪ أﺛﺮت ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺎج‬
‫اﻷﺻﻮﻟﻲ اﻷﺷﻌﺮي ﺳﻮاء ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺤﺪﯾﺪ ﻣﺎﻫﯿﺔ اﻟﻘﯿﺎس وأرﻛﺎﻧﻪ وﺷﺮوﻃﻪ‪ .‬أو ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻣﺴﺎﻟﻚ‬
‫اﻟﻌﻠﺔ وإﺛﺒﺎت اﻟﻤﻌﺘﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ واﻟﻤﻠﻐﻰ ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ إﺛﺒﺎت اﻟﻘﯿﺎس ﺣﺠﺔ ودﻟﯿﻼ ﺷﺮﻋﯿﺎ واﻟﺮد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺎﺗﻪ‬
‫وﺳﺎﺋﺮ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺒﻄﻠﯿﻦ ﻟﻪ‪.‬‬

‫‪5/5‬‬