Professional Documents
Culture Documents
التعبير عن االرادة تعبير االصيل و تعبير النائب :إن العبير عن االرادة قد يصدر من شخص األصيل في التعاقد ،و قد يصدر من
نائب عنه و هذا ما يعرف بالنيابة في التعاقد طبقا للمواد 73و ما يليها ق.م.ج .نتناول أوال التعبير الصادر من األصيل وثانيا نتناول
التعبير الصادر عن النائب أو النيابة في التعاقد .التعبير الصادر عن األصيل جوهر االرادة و مظهر التعبير عنها :أن االرادة حقيقة
كامنة في النفس يجب إبرازها للعالم الخارجي و ذلك بالتعبير عنها ألن اإلرادة الباطنة الكامنة في النفس هي عمل نفسي و ليست
عمال قانونيا ألنه ال يمكن معرفة@ ما يضمره الشخص إال إذا تم التعبير عنها صراحة أو ضمنا أي بأحد مظاهر التعبير عن االرادة .
صور التعبير عن اإلرادة تنص المادة 60ق.م.ج ( التعبير عن االرادة يكون باللفظ و بالكتابة أو باإلشارة المتداولة عرفا ،كما يكون
باتخاذ موقف ال يدع أي شك في داللته على مقصود صاحبه و يجوز أن يكون التعبير عن االرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق
الطرفان على أن يكون صريحا ) فالتعبير عن االرادة هو مظهرها الخارجي و عنصرها المادي المحسوس ،سواء كان تعبيرا
صريحا أو ضمنيا .وحسب نص المادة 60ق.م سالفة الذكر يكون التعبير عن اإلرادة صريحا إذا كان المظهر الذي اتخذه كالما أو
كتابة أو اشارة أة نحو ذلك أي مظهرا يكشف في ذاته عن االرادة حسب المألوف بين الناس .التعبير الصريح يكون بالكالم أي
باأللفاظ الدالة على المعنى الذي تقصده اإلرادة ،وقد يعبر الشخص بلسانه مباشرة كما قد يستخدم وسائط تقنية و الكترونية بالهاتف و
الفاكس و االنترنيت أو عن طريق ارسال رسول ال يتمتع بصفة النائب .قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 3و قد يكون التعبير
الصريح بالكتابة مهما كان شكلها عرفية كانت أو رسمية سواء على الورق أو كتابة إلكتونية ،سواء في شكل محرر مكتوب أو رسالة
أو نشرة او إعالن بصرف النظر سواء كانت الكتابة باليد أو بآلة كاتبة او طابعة .كما قد يكون التعبير باالشارة المتداولة عرفا حسب
تعبير النص كاشارة االخرس المتداولة بين الناس أو أية اشارة اخرى من عموم الناس تواضعوا عليها على أن لها معنى خاصا كهز
الرأس عموديا للداللة على القبول أو أفقيا للداللة على الرفض .ويكون أخيرا التعبير الصريح باتخاذ أي موقف اخر ال تدع ظروف
الحال شكا في داللته على مقصود صاحبه كعرض التاجر سلعة للجمهور مع بيان أثمانها فذلك يعد ايجابا من صاحب السلعة ينتظر
قبوال ،كذلك وقوف سيارات األجرة في األماكن المعدة لها ووضع االت ميكانيكية لتقديم خدمة معينة كاالت ب يع الطوابع و
المأكوالت و المشروبات و كذلك الموازين كل هذا يعد تعبيرا صريحا .التعبير الضمني خالفا للتعبير الصريح كما سلف القول يكون
التعبير الضمني عن االرادة اذا كان المظهر الذي اتخذه ليس في ذاته موضوعا للكشف عن االرادة ،ولكنه مع ذلك ال يمكن تفسيره
دون أن يفترض وجود هذه االرادة بمعنى أنه تعبير غير متعارف عليه بين الناس و لكنه في ظروف العالقة الخاصة بين الطرفين ال
يمكن تفسيره اال باعتباره تعبيرا عن االرادة من ذلك أن يبيع شخص الخر شيئا غير مملوك له وعده مالكه بأن يبيعه اياه اذا أراد
شراءه بثمن معين فيعتبر تصرفه ببيع هذا الشيء قبل تملكه بالشراءمن صاحبه قبوال منه للوعد بالبيع .و كذلك قيام الدائن بتسليم سند
الدين إلى المدين فيعتبر ذلك تعبيرا منه عن ابراء المدين من الدين ،و كذلك بقاء المستاجر في العين المؤجرة بعد انقضاء مدة
االيجار فيعتبر ذلك تعبيرا ضمنيا منه عن الرغبة في تجديد عقد االيجار .االستثناءات الواردة عن القاعدة سالفة الذكر - 1اذا
اشترط القانون شكال خاصا البرام العقد كابرام عقد الرهن الرسمي طبقا للمادة 383ق.م .و عقد بيع العقار المادة 324مكرر 1
ق.م - 2 .عندما يشترط القانون الكتابة لالثبات عمال بنص المادة 333ق.م و هذه الكتابة تعد شرطا الثبات التعبير عن االرادة و
ليس إل برام التصرف كما هو في التصرفات الرسمية السالفة قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 4الذكر التي تكون الكتابة ركنا فيها
و ليس مجرد شرط الثباتها مثل عقد الكفالة التي ال تثبت إال بالكتابة عمال بنص المادة 645ق.م - 3في بعض الح االت يشترط
القانون أن يكون التعبير عن االرادة صريحا مثلما نصت عليه المادة 331ق.م من أن الدفاتر المنزلية حجة على من صدرت منه
متى ذكر فيها صراحة أنه استوفى دينا أو ذكر فيها صراحة أنه قصد بما دونه فيها أن تقوم مقام السند عنده - 4 .اذا اشترط
المتعاقدان أن يكون التعبير عن االرادة صريحا أو يتم في شكل خاص ففي هذه الحالة ال يعتد بالتعبير الضمني و ينبغي تطبيق االتفاق
و تعطيل نص المادة 60ق.م .التي اتت بالقاعدة العامة في التعبير عن االرادة ،و اعتبرت كل من التعبير الصريح و التعبير الضمني
عن االرادة متساويان في القيمة و ال يستثنى منها اال الحاالت االربعة سالفة الذكر السكوت لقد مر معنا ضرورة التعبير عن االرادة
سواء بتعبير صريح أو بتعبير ضمني ،غير أن السؤال المطروح هل يمكن اعتبار السكوت وسيلة للتعبير أو حالة من حاالت التعبير
عن االرادة؟ المبدأ العام ال يمكن تصور السكوت تعبيرا عن االرادة في االيجاب أي ال محل للكالم باعتبار السكوت يعبر عن
االيجاب ،ألن االيجاب هو العرض الجاد الذي يبادر به أحد المتعاقدين ( الموجب) لآلخر الموجه إليه االيجاب تاركا له أمر قبوله أو
رفضه وباعتباره أول مرحلة من مراحل العقد فال بد أن يتضمن بيانا واضحا لطبيعة العقد و شروطه و تحديد المسائل الجوهرية في
العقد ،و ال يمكن ان يكون السكوت وسيلة لهذا البيان فهل يجوز ان يكون السكوت معبرا عن القبول؟ السكوت بوجه عام اذا كان
مجردا من أي ظرف مالبس له فهو موقف سلبي بحت ال يعبر عن االرادة سواء ايجابا أو قبوال النه ال ينسب لساكت@ قول وال يعد
السكوت ارادة ضمنية ألن هذه األخيرة تستخلص من ظروف ايجابية تدل عليها ،اما السكوت فهو و العدم سواء بمعنى أنه ال ينسب
لساكت ارادة أو عمل قانوني سواء قبول االيجاب أو رفضه و بالتالي اذا عرض شخص على اخر شيئا لشرائه أو استئجاره فسكت@
فان العقد ال ينعقد ،ألن السكوت المجرد ال يمكن اعتباره قبوال و هناك الكثير من األمثلة التي عالجها القضاء المقارن فمثال قضى
باعتبارالسكوت المجرد ال يعد قبوال من هذه القضايا أنه اذا ارسل صاحب دار نشر الى شخص مجلة دورية و سكت@ الشخص
المرسل اليه و لم يرد قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 5على الناشر فانه ال يعد قابال باالشتراك في المجلة لمجرد عدم رده
بالرفض حتى ولو ذكر في الخطاب المرسل إليه مع المجلة أن عدم رد المجلة يعتبر قبوال في االشتراك فيها و من االمثلة ايضا انه
اذا تم ارسال رسالة من البنك الى احد زبائنه يخطره أنه كتب اسمه في قائمة المكتتبين في مشروع معين و انه تم خصم مبلغ مالي
من رصيده بعنوان أسهم فان سكوت الزبون و عدم رده بالرفض ال يعتبر قبوال منه لهذا االكتتاب .حاالت صالحية السكوت للتعبير
عن القبول (السكوت المالبس) ان المبدا العام السابق الذي يقضي بانه ال ينسب لساكت@ قول ترد عليه استثناءات اقرها القضاء
المقارن و اكدتها التشريعات المقارنة بنصوص صريحة منها نص المادة 68مدني جزائري التي تقضي ( اذا كانت طبيعة المعاملة
أو العرف التجاري أو غير ذلك من الظروف تدل على ان الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول فان العقد يعتبر قد تم اذا لم
يرفض االيجاب في وقت مناسب .و يعتبر السكوت عن الرد قبوال اذا اتصل االيجاب بتعامل سابق بين المتعاقدين او اذا كان
االيجاب في مصلحة من وجه اليه ) .و يستخلص من النص السابق أن السكوت يعتبر قبوال اذا احاطت به ظروف مالبسة من شأنها
أن تجعله يدل عن القبول و هذا ما يعرف عند الفقهاء بالسكوت في معرض الحاجة بيان أي اقتران السكوت بظروف ترجح أنه قبول
عندما ال يتوقع الموجب الرد بالقبول و لكن يتوقع الرد بالرفض فقط ز هذه الحاالت الثالثة وردت كما سلف القول في نص المادة 68
ق.م كما يلي 1 .حالة وجود تعامل سابق بين المتعاقدين يعتبر السكوت قبوال اذا اتصل االيجاب بهذا التعامل السابق كما اذا اعتاد
تاجر تجزئة التعامل مع تاجر الجملة في سلعة معينة و طلب تاجر التجزئة كمية من سلعة معينة بالشروط المتفق عليها و لم يرد عليه
تاجر الجملة بالرفض اعتبر سكوته قبوال ،ألنه كان يجب عليه الرد بارفض اذا لم يكن لديه نية القبول .قانون مدني ليسانس د.علي
بوقرة 6كذلك اذا اعتاد زبون استيراد البضائع من تاجر معين بالمراسلة فيقوم تاجر الجملة بارسال البضاعة له حسب الطلب فانه اذا
قام هذا الزبون بتوجيه طلبه كالعادة و سكت تاجر الجملة كالعادة أيضا فان سكوته يعد قبوال بارسال البضاعة لتاجر التجزئة كما
عوده سابقا .كذلك في حالة وجود عقد سابق بين الطرفين و ارسل احد المتعاقدين رسالة تتضمن تعديال لهذا العقد أو فسخا@ اذا كان
العقد الجديد من مكمالت تنفيذ العقد السابق فيعتبر سكوت الموجه اليه الخطاب قبوال 2 .اذا كان العرف و العادات قد جرت على ان
الموجه اليه االيجاب يعتبر قابال له كما اذا ارسل البنك بيانا لزبونه عن حسابه المصرفي و ذكر ان عدم الرد باالعتراض على هذا
البيان يعد اقرارا بالحساب .أو كانت طبيعة المعاملة تقضي بذلك كما في حالة ما اذا تم ارسال بضاعة من تاجر الجملة الى تاجر
التجزئة بطلب من هذا االخيرو اضاف في الفاتورة شروطا مستجدة سكت عنها المشتري و لم يبادر الى رفضها 3 .اذا تمخض
االيجاب لمصلحة من وجه اليه و سكت@ فيعد سكوته قبوال كعرض الهبة على الموهوب له فيسكت وال يبادر الى الرفض و كذلك
عارية االستعمال بدون مقابل .مع المالحظة ان االمثلة الثالثة السابقة لم ترد على سبيل الحصر بل ان كل سكوت مالبس يدل على
القبول كما في حالة علم الموكل بتجاوز الووكيل حدود وكالته و يسكت عن ذلك فيعد ذلك قبوال منه لهذا التجاوز و اجازة له ،و
كذلك علم المالك الحقيقي بالبيع الذي قام به الغير في بيع ملك الغير و سكوته دون عذر مقبول فان ذلك يعد قبوال لعقد البيع النه كان
عليه ان يبادر الى الرفض اذا لم يقبل بهذا البيع .كما انه قد يقر القانون في بعض االحيان على اعتبار السكوت قبوال مثلما ورد في
نص المادة 355/1مدني جزائري بقولها في البيع على شرط التجربة يجوز للمشتري ان يقبل البيع او يرفضه و على البائع ان
يمكنه من التجربة فاذا رفض المشتري المبيع يجب عليه ان يعلن الرفض في المدة المتفق عليها ،فاذا انقضت هذه المدة و سكت
المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبوال .قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 7االرادة الباطنة و االرادة الظاهرة ال
يعتد القانون باالرادة الكامنة في النفس بل يشترط لالعتداد بها ان يظهرها صاحبها الى العالم الخارجي بالتعبير عنها .فاذا عبر عنها
صاحبها و لم يختلف هذا التعبير عن االرادة عن االرادة الباطنة و جاء هذا التعبير صادقا و مطابقا لالرادة الحقيقية فانه ال يثار اي
اشكال ألنه ال فرق بين االرادة الباطنة والتعبيرعنها لتطابق هذا االخير مع حقيقة االرادة .اما اذا اختلفت االرادة الظاهرة عن االرادة
الباطنة كما اذا امضى شخص على بند في العقد كان سيرفضه لو علم به قبل امضاء العقد ،او نزول شخص في منتزه بشروط و
اسعار ال يعلمها و لكنها كانت معلقة في غرفته و لم ينتبه لها و االمثلة كثيرة كشخص يؤشر على شراء اثاث مكتب و هو يريد في
الحقيقة ان يؤشر على شراء اثاث غرفة االستقبال أو اراد ان يبيع سيارة رونو غير انه عبر عن ارادته ببع سيارة نوع بيجو التي
يمملكها ايضا مع سيارة رونو فانه في هذه االمثلة يك ون التعبير عن االرادة مخالفا لما تقصده االرادة الحقيقية للشخص فما هو
الوضع اذا اختلفت االرادة الظاهرة عن االرادة الحقيقية ؟ و ماهي االرادة التي يعتد بها القانون ؟ أوال نظرية االرادة الباطنة تعتد هذه
النظرية باالرادة الحقيقية الباطنة و تبحث فيما تخفيه النفس و تنطوي عليه ،اما مظهر التعبير عنها فهو قرينة عليها قابلة الثبات
العكس و بالتالي في ظل هذه النظرية فانه اذا اختلف التعبير عن االرادة عن حقيقة االرادة يجب استبعاد التعبير الن العقد يستمد قوته
من االرادة الحقيقية و طبقا لهذه النظرية الالتينية التقليدية ،فانه اذا ثبت اختالف التعبير عن االرادة عن حقيقة هذه االرادة يجب
استيعاد هذا التعبير و االخذ باالرادة الباطنة .و اذا تعذر الوصول الى معرفة االرادة الباطنة عن طريق الجزم فال يبقى على القاضي
اال البحث عن افتراض االرادة الحقيقية ،أي ارادة حرة مختارة غير متأثرة بالغش و ال باكراه او غلط او تدليس او استغالل فهي
اساس االلتزام االرادي و جوهر التصرف القانوني ،اما التعبير عنها فهو مجرد ثوب لها و العبرة بالجوهر ال بالمظهر،أي يجب
التعويل عن االرادة في ذاتها و ليس على مجرد اللفظ المعبر عنها ،وتستند هذه النظرية الى عدة حجج منها 1حجة تاريخية وهي
التطور الذي طرأ على التصرفات@ القانونية التي كانت تخضع الى اشكال وطقوس وإجراءات معينة ،ومع مرور الوقت –بدأالقانون
الروماني -الذي كان غارقا قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 8في الشكل يتحرر من هذا الغلو ،و تطورت التصرفات@ القانونية نحو
الرضائية التي أصبحت تسود القوانين الحديثة التي تعتد بالرضا نفسه و ليس بشكله وساد بعد ذلك مبدأ سلطان اإلرادة 2 .حجة
منطقية تتمثل في ان اساس التزام المتعاقدين هو االرادة الحقيقية و ليس مجرد اعالن خاطئ لهذه االرادة 3 .حجة اقتصادية أن
المتعاقد ال يطمئن الى اثار عقد وجد نفسه ملزما به نتيجة اعالن االرادة الخاطئ الذي ينتج عنه الزام شخص بأمر لم يرتضيه و لم
يقصده ثانيا ن ظرية االرادة الظاهرة و تسمى بنظرية االرادة المعلنة تبنى هذه النظرية فقهاء المان في النصف الثاني من القرن 19
و خلصت هذه النظريةة الى نقد نظرية االرادة الباطنة النها شيء كامن في النفس .و يرى أنصار هذه النظرية أن االرادة التي يعتد
بها القانون هي االرادة في مظهرها االجتماعي ( ارادة اجتماعية) وذلك باالفصاح عنها بالتعبير المادي الذي يمكن للقانون ان يحيط
به و يرتب أحكامه دون حاجة الى البحث في اغوار النفس و ما يختلجها لتحسس ما تنطوي عليه هذه النفس من نوايا ،ألن العقد عند
أنصار هذه النظرية ظاهرة اجتماعية و ليس ظاهرة نفسية فردية و بالتالي يجب اخراج االرادة الكامنة الى العالم الخارجي بالتعبير
عنها و في هذا استقرار التعامل و اطمئنان االفراد بعضهم لبعض و عدم مفاجأتهم@ بنوايا أخرى للمتعاقد معهم غير تلك المستخلصة
من الطريق الذي اختاره للتعبير عن هذه النية و يعتبر اصحاب هذا المذهب انه ال يشترط طريقا خاصا لمظهر التعبير عن االرادة
سواء كان صريحا او ضمنيا او بالسكوت في بعض االحيان .كما يعتبرون أن التعبيرعن االرادة دليل على االرادة الحقيقية ال يقبل
اثبات العكس عندهم ،فال يجوز نقضه أو االنحراف عنه ،و ال يقبل اإلدعاء بأنه يخالف نيته الحقيقية طالما اختار هذا التعبير و
خالصة القول حسب تعبير السنهوري ال يسمح لشخص يدعي انه اضمر غير ما اظهره مادام قد اراد هذا التعبير الذي اختاره الرادته
.و قد اخذ بهذا الرأي القانون االلماني و القانون االنجليزي .قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 9اما موقف الشريعة االسالمية فانها
تبنت القاعدة التي تقول ان العبرة بالمعاني أي باالرادة الحقيقية للمتعاقدين اال أن الفقهاء يقفون عند المعاني الظاهرة من األلفاظ و ال
يتعدونها الى المعاني الكامنة في السرائرألن العبرة بالمقاصد و المعاني و ليس باأللفاظ و المباني أي باالرادة الحقيقية تقدير
النظريتين و موقف القانون الجزائري عند التمعن في النظريتين فان نظرية االرادة الباطنة ذات النزعة الفردية و الشخصية تعتمد
حقيقة االرادة و ال تعتد بمجرد المظهر الخارجي لها المتمثل في التعبير عنها .اما نظرية االرادة الظاهرة ذات النزعة المادية
الموضوعية فانها تؤدي الى استقرار المعامالت@ و تحمي الشخص الذي اطمأن الى التعبير عن هذه االرادة و اعتد به و لو كان مخالفا
لحقيقة االرادة الذي قد ينتج عنه التضحية بالعقد الحقيقي .و من الناحية التاريخية لقد سادت نظرية االرادة الباطنة خالل التسليم
المطلق بمبدأ سلطان االرادة و تأثر بها واضعوا القانون المدني الفرنسي قانون نابوليون ،غير أنه بعد تقلص مبدأ سلطان االرادة و
انتشار المذهب االشتراكي بحث الفقهاء االلمان نظرية االرادة الظاهرة و قد تاثر بها القانون االلماني كما سلف القول .و تظهر
الفروق بين النظريتين من الناحية النظرية غير انه من الناحية العملية فهذه الفروق محدودة األثرألن القوانين المعاصرة تأثرت
بالنظريتين و لم تأخذ بنظرية على اطالقها@ و بكل النتائج المترتبة عنها ،و معظم القوانين اخذت من كال النظريتين و ان القوانين التي
اعتنقت نظرية االرادة الباطنة حرصت كل الحرص على تكملتها ببعض نتائج نظرية االرادة الظاهرة و ذلك حفاظا على استقرار
المعامالت .و كذلك الحال في القوانين التي اعتنقت نظرية االرادة الظاهرة لم تهمل االرادة الباطنة خاصة اذا امكن التعرف على تلك
االرادة رغم التعبير عنها تعبيرا غير صادق موقف القانون الجزائري القانون المدني الجزائري و ان جاء متأثرا بالقانون المدني
الفرنسي الذي يغلب النظرة الشخصية الذاتية و يعتنق االرادة الباطنة كمبدأ ،غير ان القانون الجزائري لم يقف عند االرادة الباطنة
بالوجه المطلق بل اخذ باالرادة الظاهرة حتى يكفل استقرار المعامالت@ غير انه قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 10لم يطلق في
االخذ بهذه النظرية االخيرة مثلما فعل القانون االلماني ،فهذا االخير اكمل نظرية االرادة الظاهرة بنظرية االرادة الباطنة ،و القانون
الجزائري و قبله القانون المصري كانا على عكس ذلك وأكمل نظرية االرادة الباطلة بنظرية االرادة الظاهرة ،و يتضح من ذلك1 :
ان القانون الجزائري ال يعتد في قيام العقد بالتعبير عن االرادة اال اذا اتى هذا التعبير مطابقا لحقيقة مقصود صاحبه بدليل نص المادة
59مدني التي تستلزم التطابق بين االرادتين اي قيام العقد على االرادة ذاتها و ليس على مجرد التعبير عنها (االرادة الظاهرة)2 .
في تكوين العقد ال يعتد القانون اال باالرادة الحرة السليمة الخالية من العيوب كالغلط و التلديس و االكراه و االستغالل ،وقد وصل
المشرع اال الحد الذي يعتد فيه بالباعث الدافع لهذه االرادة ،فإذا كان الباعث غير مشروع يتعطل اثر االرادة و يبطل التصرف .و
فيما يتعلق بتفسير العقد يأخذ القانون كمبدأ باالرادة الباطنة اذا كانت عبارة النص غير واضحة بما يستوجب البحث عن النية
المشتركة بين الطرفين 3 .العبرة بالعقد الحقيقي و ليس و بالعقد الصوري فيما بين المتعاقدين .غير ان القانون المدني الجزائري غلب
االرادة الظاهرة في حاالت ضمانا السقرار المعامالت@ من ذلك 1 :نص المادة : 61اذا عدل القابل عن قبوله بموجب رسالة و وصل
القبول قبل رسالة العدول ينعقد العقد على اساس االرادة الضاهرة و ليس االرادة الباطنة (العدول) 2تنص المادة : 62اذا مات من
صدر منه التعبير عن االرادة او فقد اهليته قبل ان ينتج التعبير اثره فان ذلك ال يمنع من ترتب هذا االثر عن اتصال التعبير بعلم من
وجه اليه هذا ما لم يتبين العكس من التعبير او من طبيعة التعامل 3 .صدور التدليس او االكراه من غير المتعاقدين فال يؤدي ذلك الى
طلب ابطال العقد ما لم يثبت ان المتعاقد االخر كان يعلم او كان من المفروض حتما ان يعلم بهذا التدليس او االكراه عمال بنص
المادتين 87و . 89قانون مدني ليسانس د.علي بوقرة 4 11تفسير العقد طبقا للمادة : )111يالحظ ان اللمشرع يأخذ باالرادة
الظاهرة اذا كانت عبارة العقد واضحة فال يجوز االنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف على ارادة المتعاقدين )..الخالصة ان
المشرع الجزائري و ان كان اخذ من حيث المبدأ با الرادة الحقيقية اال انه لم يهمل االخذ باالرادة الظاهرة عندما يقتضي ذلك حماية
استقرار المعامالت .اعالن االرادة و متى ينتج التعبير اثره ال ينتج التعبير عن االرادة اثره سواء كان ايجابا او قبوال اال اذا وصل
الى علم من وجه اليه ألن التعبير عن االرادة بمجرد صدوره عن صاحبه يصبح له وجود مادي و ال يتوفر على وجود قانوني اال اذا
وصل الى علم من وجه اليه ،ففي هذه الحالة يستكمل وجوده القانوني و يصبح صالحا ألن ينتج اثره .فاذا كان التعبير ايجابا فال ينتج
اثره اال اذا وصل الى علم الموجه اليه االيجاب و يكون صالحا الن يقترن به قبول مطابق له .و اذا كان التعبير قبوال فانه ال ينتج
اثره اال اذا وصل الى علم الموجب و اقترانه بااليجاب و هنا نكون امام تبادل التعبير عن ارادتين متطابقتين على حد تعبير نص
المادة 59ق.م ،اي انعقاد العقد ،و بهذا يكون المشرع كما سنرى الحقا فصل في مسألة كانت محل خالف و اخذ بنظرية العلم
بالقبول في التعاقد بين غائبين .و نظرا الن العلم متعذر االثبات فقد جعل المشرع من قرينة وصول التعبير الى من وجه اليه قرينة
على العلم به غير انها تبقى قرينة بسيطة قابلة الثبات العكس كاثبات الغياب او المرض الذي حال دون العلم به .و يالحظ ان الموجب
او القابل قد يتراجع عن ايجابه او قبوله حتى بعد ان ينتج االيجاب اثره على النحو السالف الذكر و يكون ذلك بشرط ان يصل العدول
او الرجوع قبل وصول االيجاب او القبول .غير انه اذا تم تعيين ميعاد للقبول التزم الشخص الموجب بالبقاء على ايجابه الى غاية
انقضاء االجل و هذا ما يسمى بااليجاب الملزم و يكون للموجب الرجوع عن ايجابه قبل ان يصل الى علم من وجه اليه ،فاذا وصل
هذا االيجاب ال يمكن بعد ذلك الرجوع او التعديل فيه.