You are on page 1of 4

‫محضرات لقانون المدني‬

‫التعبير عن االرادة تعبير االصيل و تعبير النائب ‪ :‬إن العبير عن االرادة قد يصدر من شخص األصيل في التعاقد‪ ،‬و قد يصدر من‬
‫نائب عنه و هذا ما يعرف بالنيابة في التعاقد طبقا للمواد ‪ 73‬و ما يليها ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬نتناول أوال التعبير الصادر من األصيل وثانيا نتناول‬
‫التعبير الصادر عن النائب أو النيابة في التعاقد ‪ .‬التعبير الصادر عن األصيل جوهر االرادة و مظهر التعبير عنها‪ :‬أن االرادة حقيقة‬
‫كامنة في النفس يجب إبرازها للعالم الخارجي و ذلك بالتعبير عنها ألن اإلرادة الباطنة الكامنة في النفس هي عمل نفسي و ليست‬
‫عمال قانونيا ألنه ال يمكن معرفة@ ما يضمره الشخص إال إذا تم التعبير عنها صراحة أو ضمنا أي بأحد مظاهر التعبير عن االرادة ‪.‬‬
‫صور التعبير عن اإلرادة تنص المادة ‪ 60‬ق‪.‬م‪.‬ج ( التعبير عن االرادة يكون باللفظ و بالكتابة أو باإلشارة المتداولة عرفا ‪ ،‬كما يكون‬
‫باتخاذ موقف ال يدع أي شك في داللته على مقصود صاحبه و يجوز أن يكون التعبير عن االرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق‬
‫الطرفان على أن يكون صريحا ) فالتعبير عن االرادة هو مظهرها الخارجي و عنصرها المادي المحسوس ‪ ،‬سواء كان تعبيرا‬
‫صريحا أو ضمنيا‪ .‬وحسب نص المادة ‪ 60‬ق‪.‬م سالفة الذكر يكون التعبير عن اإلرادة صريحا إذا كان المظهر الذي اتخذه كالما أو‬
‫كتابة أو اشارة أة نحو ذلك أي مظهرا يكشف في ذاته عن االرادة حسب المألوف بين الناس ‪ .‬التعبير الصريح يكون بالكالم أي‬
‫باأللفاظ الدالة على المعنى الذي تقصده اإلرادة ‪ ،‬وقد يعبر الشخص بلسانه مباشرة كما قد يستخدم وسائط تقنية و الكترونية بالهاتف و‬
‫الفاكس و االنترنيت أو عن طريق ارسال رسول ال يتمتع بصفة النائب‪ .‬قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 3‬و قد يكون التعبير‬
‫الصريح بالكتابة مهما كان شكلها عرفية كانت أو رسمية سواء على الورق أو كتابة إلكتونية‪ ،‬سواء في شكل محرر مكتوب أو رسالة‬
‫أو نشرة او إعالن بصرف النظر سواء كانت الكتابة باليد أو بآلة كاتبة او طابعة‪ .‬كما قد يكون التعبير باالشارة المتداولة عرفا حسب‬
‫تعبير النص كاشارة االخرس المتداولة بين الناس أو أية اشارة اخرى من عموم الناس تواضعوا عليها على أن لها معنى خاصا كهز‬
‫الرأس عموديا للداللة على القبول أو أفقيا للداللة على الرفض ‪ .‬ويكون أخيرا التعبير الصريح باتخاذ أي موقف اخر ال تدع ظروف‬
‫الحال شكا في داللته على مقصود صاحبه كعرض التاجر سلعة للجمهور مع بيان أثمانها فذلك يعد ايجابا من صاحب السلعة ينتظر‬
‫قبوال ‪ ،‬كذلك وقوف سيارات األجرة في األماكن المعدة لها ووضع االت ميكانيكية لتقديم خدمة معينة كاالت ب يع الطوابع و‬
‫المأكوالت و المشروبات و كذلك الموازين كل هذا يعد تعبيرا صريحا ‪ .‬التعبير الضمني خالفا للتعبير الصريح كما سلف القول يكون‬
‫التعبير الضمني عن االرادة اذا كان المظهر الذي اتخذه ليس في ذاته موضوعا للكشف عن االرادة ‪ ،‬ولكنه مع ذلك ال يمكن تفسيره‬
‫دون أن يفترض وجود هذه االرادة بمعنى أنه تعبير غير متعارف عليه بين الناس و لكنه في ظروف العالقة الخاصة بين الطرفين ال‬
‫يمكن تفسيره اال باعتباره تعبيرا عن االرادة من ذلك أن يبيع شخص الخر شيئا غير مملوك له وعده مالكه بأن يبيعه اياه اذا أراد‬
‫شراءه بثمن معين فيعتبر تصرفه ببيع هذا الشيء قبل تملكه بالشراءمن صاحبه قبوال منه للوعد بالبيع ‪ .‬و كذلك قيام الدائن بتسليم سند‬
‫الدين إلى المدين فيعتبر ذلك تعبيرا منه عن ابراء المدين من الدين ‪ ،‬و كذلك بقاء المستاجر في العين المؤجرة بعد انقضاء مدة‬
‫االيجار فيعتبر ذلك تعبيرا ضمنيا منه عن الرغبة في تجديد عقد االيجار ‪ .‬االستثناءات الواردة عن القاعدة سالفة الذكر ‪ - 1‬اذا‬
‫اشترط القانون شكال خاصا البرام العقد كابرام عقد الرهن الرسمي طبقا للمادة ‪ 383‬ق‪.‬م‪ .‬و عقد بيع العقار المادة ‪ 324‬مكرر ‪1‬‬
‫ق‪.‬م ‪ - 2 .‬عندما يشترط القانون الكتابة لالثبات عمال بنص المادة ‪ 333‬ق‪.‬م و هذه الكتابة تعد شرطا الثبات التعبير عن االرادة و‬
‫ليس إل برام التصرف كما هو في التصرفات الرسمية السالفة قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 4‬الذكر التي تكون الكتابة ركنا فيها‬
‫و ليس مجرد شرط الثباتها مثل عقد الكفالة التي ال تثبت إال بالكتابة عمال بنص المادة ‪ 645‬ق‪.‬م ‪ - 3‬في بعض الح االت يشترط‬
‫القانون أن يكون التعبير عن االرادة صريحا مثلما نصت عليه المادة ‪ 331‬ق‪.‬م من أن الدفاتر المنزلية حجة على من صدرت منه‬
‫متى ذكر فيها صراحة أنه استوفى دينا أو ذكر فيها صراحة أنه قصد بما دونه فيها أن تقوم مقام السند عنده‪ - 4 .‬اذا اشترط‬
‫المتعاقدان أن يكون التعبير عن االرادة صريحا أو يتم في شكل خاص ففي هذه الحالة ال يعتد بالتعبير الضمني و ينبغي تطبيق االتفاق‬
‫و تعطيل نص المادة ‪ 60‬ق‪.‬م‪ .‬التي اتت بالقاعدة العامة في التعبير عن االرادة‪ ،‬و اعتبرت كل من التعبير الصريح و التعبير الضمني‬
‫عن االرادة متساويان في القيمة و ال يستثنى منها اال الحاالت االربعة سالفة الذكر السكوت لقد مر معنا ضرورة التعبير عن االرادة‬
‫سواء بتعبير صريح أو بتعبير ضمني ‪ ،‬غير أن السؤال المطروح هل يمكن اعتبار السكوت وسيلة للتعبير أو حالة من حاالت التعبير‬
‫عن االرادة؟ المبدأ العام ال يمكن تصور السكوت تعبيرا عن االرادة في االيجاب أي ال محل للكالم باعتبار السكوت يعبر عن‬
‫االيجاب ‪،‬ألن االيجاب هو العرض الجاد الذي يبادر به أحد المتعاقدين ( الموجب) لآلخر الموجه إليه االيجاب تاركا له أمر قبوله أو‬
‫رفضه وباعتباره أول مرحلة من مراحل العقد فال بد أن يتضمن بيانا واضحا لطبيعة العقد و شروطه و تحديد المسائل الجوهرية في‬
‫العقد ‪ ،‬و ال يمكن ان يكون السكوت وسيلة لهذا البيان فهل يجوز ان يكون السكوت معبرا عن القبول؟ السكوت بوجه عام اذا كان‬
‫مجردا من أي ظرف مالبس له فهو موقف سلبي بحت ال يعبر عن االرادة سواء ايجابا أو قبوال النه ال ينسب لساكت@ قول وال يعد‬
‫السكوت ارادة ضمنية ألن هذه األخيرة تستخلص من ظروف ايجابية تدل عليها ‪ ،‬اما السكوت فهو و العدم سواء بمعنى أنه ال ينسب‬
‫لساكت ارادة أو عمل قانوني سواء قبول االيجاب أو رفضه و بالتالي اذا عرض شخص على اخر شيئا لشرائه أو استئجاره فسكت@‬
‫فان العقد ال ينعقد ‪ ،‬ألن السكوت المجرد ال يمكن اعتباره قبوال و هناك الكثير من األمثلة التي عالجها القضاء المقارن فمثال قضى‬
‫باعتبارالسكوت المجرد ال يعد قبوال من هذه القضايا أنه اذا ارسل صاحب دار نشر الى شخص مجلة دورية و سكت@ الشخص‬
‫المرسل اليه و لم يرد قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 5‬على الناشر فانه ال يعد قابال باالشتراك في المجلة لمجرد عدم رده‬
‫بالرفض حتى ولو ذكر في الخطاب المرسل إليه مع المجلة أن عدم رد المجلة يعتبر قبوال في االشتراك فيها و من االمثلة ايضا انه‬
‫اذا تم ارسال رسالة من البنك الى احد زبائنه يخطره أنه كتب اسمه في قائمة المكتتبين في مشروع معين و انه تم خصم مبلغ مالي‬
‫من رصيده بعنوان أسهم فان سكوت الزبون و عدم رده بالرفض ال يعتبر قبوال منه لهذا االكتتاب ‪ .‬حاالت صالحية السكوت للتعبير‬
‫عن القبول (السكوت المالبس) ان المبدا العام السابق الذي يقضي بانه ال ينسب لساكت@ قول ترد عليه استثناءات اقرها القضاء‬
‫المقارن و اكدتها التشريعات المقارنة بنصوص صريحة منها نص المادة ‪ 68‬مدني جزائري التي تقضي ( اذا كانت طبيعة المعاملة‬
‫أو العرف التجاري أو غير ذلك من الظروف تدل على ان الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول فان العقد يعتبر قد تم اذا لم‬
‫يرفض االيجاب في وقت مناسب ‪ .‬و يعتبر السكوت عن الرد قبوال اذا اتصل االيجاب بتعامل سابق بين المتعاقدين او اذا كان‬
‫االيجاب في مصلحة من وجه اليه )‪ .‬و يستخلص من النص السابق أن السكوت يعتبر قبوال اذا احاطت به ظروف مالبسة من شأنها‬
‫أن تجعله يدل عن القبول و هذا ما يعرف عند الفقهاء بالسكوت في معرض الحاجة بيان أي اقتران السكوت بظروف ترجح أنه قبول‬
‫عندما ال يتوقع الموجب الرد بالقبول و لكن يتوقع الرد بالرفض فقط ز هذه الحاالت الثالثة وردت كما سلف القول في نص المادة ‪68‬‬
‫ق‪.‬م كما يلي ‪ 1 .‬حالة وجود تعامل سابق بين المتعاقدين يعتبر السكوت قبوال اذا اتصل االيجاب بهذا التعامل السابق كما اذا اعتاد‬
‫تاجر تجزئة التعامل مع تاجر الجملة في سلعة معينة و طلب تاجر التجزئة كمية من سلعة معينة بالشروط المتفق عليها و لم يرد عليه‬
‫تاجر الجملة بالرفض اعتبر سكوته قبوال ‪ ،‬ألنه كان يجب عليه الرد بارفض اذا لم يكن لديه نية القبول‪ .‬قانون مدني ليسانس د‪.‬علي‬
‫بوقرة ‪ 6‬كذلك اذا اعتاد زبون استيراد البضائع من تاجر معين بالمراسلة فيقوم تاجر الجملة بارسال البضاعة له حسب الطلب فانه اذا‬
‫قام هذا الزبون بتوجيه طلبه كالعادة و سكت تاجر الجملة كالعادة أيضا فان سكوته يعد قبوال بارسال البضاعة لتاجر التجزئة كما‬
‫عوده سابقا ‪ .‬كذلك في حالة وجود عقد سابق بين الطرفين و ارسل احد المتعاقدين رسالة تتضمن تعديال لهذا العقد أو فسخا@ اذا كان‬
‫العقد الجديد من مكمالت تنفيذ العقد السابق فيعتبر سكوت الموجه اليه الخطاب قبوال ‪ 2 .‬اذا كان العرف و العادات قد جرت على ان‬
‫الموجه اليه االيجاب يعتبر قابال له كما اذا ارسل البنك بيانا لزبونه عن حسابه المصرفي و ذكر ان عدم الرد باالعتراض على هذا‬
‫البيان يعد اقرارا بالحساب ‪ .‬أو كانت طبيعة المعاملة تقضي بذلك كما في حالة ما اذا تم ارسال بضاعة من تاجر الجملة الى تاجر‬
‫التجزئة بطلب من هذا االخيرو اضاف في الفاتورة شروطا مستجدة سكت عنها المشتري و لم يبادر الى رفضها ‪ 3 .‬اذا تمخض‬
‫االيجاب لمصلحة من وجه اليه و سكت@ فيعد سكوته قبوال كعرض الهبة على الموهوب له فيسكت وال يبادر الى الرفض و كذلك‬
‫عارية االستعمال بدون مقابل‪ .‬مع المالحظة ان االمثلة الثالثة السابقة لم ترد على سبيل الحصر بل ان كل سكوت مالبس يدل على‬
‫القبول كما في حالة علم الموكل بتجاوز الووكيل حدود وكالته و يسكت عن ذلك فيعد ذلك قبوال منه لهذا التجاوز و اجازة له ‪ ،‬و‬
‫كذلك علم المالك الحقيقي بالبيع الذي قام به الغير في بيع ملك الغير و سكوته دون عذر مقبول فان ذلك يعد قبوال لعقد البيع النه كان‬
‫عليه ان يبادر الى الرفض اذا لم يقبل بهذا البيع ‪ .‬كما انه قد يقر القانون في بعض االحيان على اعتبار السكوت قبوال مثلما ورد في‬
‫نص المادة ‪ 355/1‬مدني جزائري بقولها في البيع على شرط التجربة يجوز للمشتري ان يقبل البيع او يرفضه و على البائع ان‬
‫يمكنه من التجربة فاذا رفض المشتري المبيع يجب عليه ان يعلن الرفض في المدة المتفق عليها ‪ ،‬فاذا انقضت هذه المدة و سكت‬
‫المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبوال ‪ .‬قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 7‬االرادة الباطنة و االرادة الظاهرة ال‬
‫يعتد القانون باالرادة الكامنة في النفس بل يشترط لالعتداد بها ان يظهرها صاحبها الى العالم الخارجي بالتعبير عنها ‪.‬فاذا عبر عنها‬
‫صاحبها و لم يختلف هذا التعبير عن االرادة عن االرادة الباطنة و جاء هذا التعبير صادقا و مطابقا لالرادة الحقيقية فانه ال يثار اي‬
‫اشكال ألنه ال فرق بين االرادة الباطنة والتعبيرعنها لتطابق هذا االخير مع حقيقة االرادة ‪ .‬اما اذا اختلفت االرادة الظاهرة عن االرادة‬
‫الباطنة كما اذا امضى شخص على بند في العقد كان سيرفضه لو علم به قبل امضاء العقد ‪ ،‬او نزول شخص في منتزه بشروط و‬
‫اسعار ال يعلمها و لكنها كانت معلقة في غرفته و لم ينتبه لها و االمثلة كثيرة كشخص يؤشر على شراء اثاث مكتب و هو يريد في‬
‫الحقيقة ان يؤشر على شراء اثاث غرفة االستقبال أو اراد ان يبيع سيارة رونو غير انه عبر عن ارادته ببع سيارة نوع بيجو التي‬
‫يمملكها ايضا مع سيارة رونو فانه في هذه االمثلة يك ون التعبير عن االرادة مخالفا لما تقصده االرادة الحقيقية للشخص فما هو‬
‫الوضع اذا اختلفت االرادة الظاهرة عن االرادة الحقيقية ؟ و ماهي االرادة التي يعتد بها القانون ؟ أوال نظرية االرادة الباطنة تعتد هذه‬
‫النظرية باالرادة الحقيقية الباطنة و تبحث فيما تخفيه النفس و تنطوي عليه ‪ ،‬اما مظهر التعبير عنها فهو قرينة عليها قابلة الثبات‬
‫العكس و بالتالي في ظل هذه النظرية فانه اذا اختلف التعبير عن االرادة عن حقيقة االرادة يجب استبعاد التعبير الن العقد يستمد قوته‬
‫من االرادة الحقيقية و طبقا لهذه النظرية الالتينية التقليدية ‪ ،‬فانه اذا ثبت اختالف التعبير عن االرادة عن حقيقة هذه االرادة يجب‬
‫استيعاد هذا التعبير و االخذ باالرادة الباطنة‪ .‬و اذا تعذر الوصول الى معرفة االرادة الباطنة عن طريق الجزم فال يبقى على القاضي‬
‫اال البحث عن افتراض االرادة الحقيقية‪ ،‬أي ارادة حرة مختارة غير متأثرة بالغش و ال باكراه او غلط او تدليس او استغالل فهي‬
‫اساس االلتزام االرادي و جوهر التصرف القانوني ‪ ،‬اما التعبير عنها فهو مجرد ثوب لها و العبرة بالجوهر ال بالمظهر‪،‬أي يجب‬
‫التعويل عن االرادة في ذاتها و ليس على مجرد اللفظ المعبر عنها ‪ ،‬وتستند هذه النظرية الى عدة حجج منها ‪ 1‬حجة تاريخية وهي‬
‫التطور الذي طرأ على التصرفات@ القانونية التي كانت تخضع الى اشكال وطقوس وإجراءات معينة‪ ،‬ومع مرور الوقت –بدأالقانون‬
‫الروماني ‪ -‬الذي كان غارقا قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 8‬في الشكل يتحرر من هذا الغلو‪ ،‬و تطورت التصرفات@ القانونية نحو‬
‫الرضائية التي أصبحت تسود القوانين الحديثة التي تعتد بالرضا نفسه و ليس بشكله وساد بعد ذلك مبدأ سلطان اإلرادة‪ 2 .‬حجة‬
‫منطقية تتمثل في ان اساس التزام المتعاقدين هو االرادة الحقيقية و ليس مجرد اعالن خاطئ لهذه االرادة‪ 3 .‬حجة اقتصادية أن‬
‫المتعاقد ال يطمئن الى اثار عقد وجد نفسه ملزما به نتيجة اعالن االرادة الخاطئ الذي ينتج عنه الزام شخص بأمر لم يرتضيه و لم‬
‫يقصده ثانيا ن ظرية االرادة الظاهرة و تسمى بنظرية االرادة المعلنة تبنى هذه النظرية فقهاء المان في النصف الثاني من القرن ‪19‬‬
‫و خلصت هذه النظريةة الى نقد نظرية االرادة الباطنة النها شيء كامن في النفس ‪ .‬و يرى أنصار هذه النظرية أن االرادة التي يعتد‬
‫بها القانون هي االرادة في مظهرها االجتماعي ( ارادة اجتماعية) وذلك باالفصاح عنها بالتعبير المادي الذي يمكن للقانون ان يحيط‬
‫به و يرتب أحكامه دون حاجة الى البحث في اغوار النفس و ما يختلجها لتحسس ما تنطوي عليه هذه النفس من نوايا ‪ ،‬ألن العقد عند‬
‫أنصار هذه النظرية ظاهرة اجتماعية و ليس ظاهرة نفسية فردية و بالتالي يجب اخراج االرادة الكامنة الى العالم الخارجي بالتعبير‬
‫عنها و في هذا استقرار التعامل و اطمئنان االفراد بعضهم لبعض و عدم مفاجأتهم@ بنوايا أخرى للمتعاقد معهم غير تلك المستخلصة‬
‫من الطريق الذي اختاره للتعبير عن هذه النية و يعتبر اصحاب هذا المذهب انه ال يشترط طريقا خاصا لمظهر التعبير عن االرادة‬
‫سواء كان صريحا او ضمنيا او بالسكوت في بعض االحيان ‪ .‬كما يعتبرون أن التعبيرعن االرادة دليل على االرادة الحقيقية ال يقبل‬
‫اثبات العكس عندهم‪ ،‬فال يجوز نقضه أو االنحراف عنه ‪ ،‬و ال يقبل اإلدعاء بأنه يخالف نيته الحقيقية طالما اختار هذا التعبير و‬
‫خالصة القول حسب تعبير السنهوري ال يسمح لشخص يدعي انه اضمر غير ما اظهره مادام قد اراد هذا التعبير الذي اختاره الرادته‬
‫‪ .‬و قد اخذ بهذا الرأي القانون االلماني و القانون االنجليزي‪ .‬قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 9‬اما موقف الشريعة االسالمية فانها‬
‫تبنت القاعدة التي تقول ان العبرة بالمعاني أي باالرادة الحقيقية للمتعاقدين اال أن الفقهاء يقفون عند المعاني الظاهرة من األلفاظ و ال‬
‫يتعدونها الى المعاني الكامنة في السرائرألن العبرة بالمقاصد و المعاني و ليس باأللفاظ و المباني أي باالرادة الحقيقية تقدير‬
‫النظريتين و موقف القانون الجزائري عند التمعن في النظريتين فان نظرية االرادة الباطنة ذات النزعة الفردية و الشخصية تعتمد‬
‫حقيقة االرادة و ال تعتد بمجرد المظهر الخارجي لها المتمثل في التعبير عنها ‪ .‬اما نظرية االرادة الظاهرة ذات النزعة المادية‬
‫الموضوعية فانها تؤدي الى استقرار المعامالت@ و تحمي الشخص الذي اطمأن الى التعبير عن هذه االرادة و اعتد به و لو كان مخالفا‬
‫لحقيقة االرادة الذي قد ينتج عنه التضحية بالعقد الحقيقي ‪ .‬و من الناحية التاريخية لقد سادت نظرية االرادة الباطنة خالل التسليم‬
‫المطلق بمبدأ سلطان االرادة و تأثر بها واضعوا القانون المدني الفرنسي قانون نابوليون ‪ ،‬غير أنه بعد تقلص مبدأ سلطان االرادة و‬
‫انتشار المذهب االشتراكي بحث الفقهاء االلمان نظرية االرادة الظاهرة و قد تاثر بها القانون االلماني كما سلف القول ‪ .‬و تظهر‬
‫الفروق بين النظريتين من الناحية النظرية غير انه من الناحية العملية فهذه الفروق محدودة األثرألن القوانين المعاصرة تأثرت‬
‫بالنظريتين و لم تأخذ بنظرية على اطالقها@ و بكل النتائج المترتبة عنها ‪ ،‬و معظم القوانين اخذت من كال النظريتين و ان القوانين التي‬
‫اعتنقت نظرية االرادة الباطنة حرصت كل الحرص على تكملتها ببعض نتائج نظرية االرادة الظاهرة و ذلك حفاظا على استقرار‬
‫المعامالت‪ .‬و كذلك الحال في القوانين التي اعتنقت نظرية االرادة الظاهرة لم تهمل االرادة الباطنة خاصة اذا امكن التعرف على تلك‬
‫االرادة رغم التعبير عنها تعبيرا غير صادق موقف القانون الجزائري القانون المدني الجزائري و ان جاء متأثرا بالقانون المدني‬
‫الفرنسي الذي يغلب النظرة الشخصية الذاتية و يعتنق االرادة الباطنة كمبدأ ‪ ،‬غير ان القانون الجزائري لم يقف عند االرادة الباطنة‬
‫بالوجه المطلق بل اخذ باالرادة الظاهرة حتى يكفل استقرار المعامالت@ غير انه قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 10‬لم يطلق في‬
‫االخذ بهذه النظرية االخيرة مثلما فعل القانون االلماني ‪ ،‬فهذا االخير اكمل نظرية االرادة الظاهرة بنظرية االرادة الباطنة ‪ ،‬و القانون‬
‫الجزائري و قبله القانون المصري كانا على عكس ذلك وأكمل نظرية االرادة الباطلة بنظرية االرادة الظاهرة ‪ ،‬و يتضح من ذلك‪1 :‬‬
‫ان القانون الجزائري ال يعتد في قيام العقد بالتعبير عن االرادة اال اذا اتى هذا التعبير مطابقا لحقيقة مقصود صاحبه بدليل نص المادة‬
‫‪ 59‬مدني التي تستلزم التطابق بين االرادتين اي قيام العقد على االرادة ذاتها و ليس على مجرد التعبير عنها (االرادة الظاهرة)‪2 .‬‬
‫في تكوين العقد ال يعتد القانون اال باالرادة الحرة السليمة الخالية من العيوب كالغلط و التلديس و االكراه و االستغالل ‪ ،‬وقد وصل‬
‫المشرع اال الحد الذي يعتد فيه بالباعث الدافع لهذه االرادة ‪ ،‬فإذا كان الباعث غير مشروع يتعطل اثر االرادة و يبطل التصرف‪ .‬و‬
‫فيما يتعلق بتفسير العقد يأخذ القانون كمبدأ باالرادة الباطنة اذا كانت عبارة النص غير واضحة بما يستوجب البحث عن النية‬
‫المشتركة بين الطرفين‪ 3 .‬العبرة بالعقد الحقيقي و ليس و بالعقد الصوري فيما بين المتعاقدين‪ .‬غير ان القانون المدني الجزائري غلب‬
‫االرادة الظاهرة في حاالت ضمانا السقرار المعامالت@ من ذلك‪ 1 :‬نص المادة ‪ : 61‬اذا عدل القابل عن قبوله بموجب رسالة و وصل‬
‫القبول قبل رسالة العدول ينعقد العقد على اساس االرادة الضاهرة و ليس االرادة الباطنة (العدول) ‪ 2‬تنص المادة ‪ : 62‬اذا مات من‬
‫صدر منه التعبير عن االرادة او فقد اهليته قبل ان ينتج التعبير اثره فان ذلك ال يمنع من ترتب هذا االثر عن اتصال التعبير بعلم من‬
‫وجه اليه هذا ما لم يتبين العكس من التعبير او من طبيعة التعامل‪ 3 .‬صدور التدليس او االكراه من غير المتعاقدين فال يؤدي ذلك الى‬
‫طلب ابطال العقد ما لم يثبت ان المتعاقد االخر كان يعلم او كان من المفروض حتما ان يعلم بهذا التدليس او االكراه عمال بنص‬
‫المادتين ‪ 87‬و ‪ . 89‬قانون مدني ليسانس د‪.‬علي بوقرة ‪ 4 11‬تفسير العقد طبقا للمادة ‪ : )111‬يالحظ ان اللمشرع يأخذ باالرادة‬
‫الظاهرة اذا كانت عبارة العقد واضحة فال يجوز االنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف على ارادة المتعاقدين‪ )..‬الخالصة ان‬
‫المشرع الجزائري و ان كان اخذ من حيث المبدأ با الرادة الحقيقية اال انه لم يهمل االخذ باالرادة الظاهرة عندما يقتضي ذلك حماية‬
‫استقرار المعامالت‪ .‬اعالن االرادة و متى ينتج التعبير اثره ال ينتج التعبير عن االرادة اثره سواء كان ايجابا او قبوال اال اذا وصل‬
‫الى علم من وجه اليه ألن التعبير عن االرادة بمجرد صدوره عن صاحبه يصبح له وجود مادي و ال يتوفر على وجود قانوني اال اذا‬
‫وصل الى علم من وجه اليه ‪ ،‬ففي هذه الحالة يستكمل وجوده القانوني و يصبح صالحا ألن ينتج اثره‪ .‬فاذا كان التعبير ايجابا فال ينتج‬
‫اثره اال اذا وصل الى علم الموجه اليه االيجاب و يكون صالحا الن يقترن به قبول مطابق له‪ .‬و اذا كان التعبير قبوال فانه ال ينتج‬
‫اثره اال اذا وصل الى علم الموجب و اقترانه بااليجاب و هنا نكون امام تبادل التعبير عن ارادتين متطابقتين على حد تعبير نص‬
‫المادة ‪ 59‬ق‪.‬م ‪ ،‬اي انعقاد العقد ‪ ،‬و بهذا يكون المشرع كما سنرى الحقا فصل في مسألة كانت محل خالف و اخذ بنظرية العلم‬
‫بالقبول في التعاقد بين غائبين‪ .‬و نظرا الن العلم متعذر االثبات فقد جعل المشرع من قرينة وصول التعبير الى من وجه اليه قرينة‬
‫على العلم به غير انها تبقى قرينة بسيطة قابلة الثبات العكس كاثبات الغياب او المرض الذي حال دون العلم به‪ .‬و يالحظ ان الموجب‬
‫او القابل قد يتراجع عن ايجابه او قبوله حتى بعد ان ينتج االيجاب اثره على النحو السالف الذكر و يكون ذلك بشرط ان يصل العدول‬
‫او الرجوع قبل وصول االيجاب او القبول‪ .‬غير انه اذا تم تعيين ميعاد للقبول التزم الشخص الموجب بالبقاء على ايجابه الى غاية‬
‫انقضاء االجل و هذا ما يسمى بااليجاب الملزم و يكون للموجب الرجوع عن ايجابه قبل ان يصل الى علم من وجه اليه‪ ،‬فاذا وصل‬
‫هذا االيجاب ال يمكن بعد ذلك الرجوع او التعديل فيه‪.‬‬

You might also like