You are on page 1of 18

‫وره‬

‫ُ‬ ‫ود‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫س‬‫َأل‬ ‫وجهُ ا‬
‫بحسب القديس إفرام السرياني‬

‫دراسة أع ّدها الخوري إيلي سعادة ‪200000306‬‬

‫تقدَّم لحضرة األب نجم شهوان ر ل م المحترم‬

‫الكسليك‪ -‬لبنان‬
‫‪2011-2012‬‬
‫‪1‬‬

‫جامعة الروح القدس‬


‫كليّة الالهوت الحبريّة‬
‫معهد الليتورجيّا‬

‫وره‬ ‫وجهُ اُألس ُقف َ‬


‫ود ُ‬
‫بحسب القديس إفرام السرياني‬

‫‪200000306‬‬ ‫دراسة أع ّدها الطالب الخوري إيلي سعادة‬


‫تق ّدم لحضرة األب نجم شهوان ر ل م المحترم‬

‫الكسليك‪ -‬لبنان‬
‫‪2‬‬

‫‪2011-2012‬‬

‫تصميم الدراسة‬

‫المقدمة‬
‫‪ -1‬من هو أفرام السرياني‬
‫‪ -2‬وضع المسيحيين في كنيسة نصيبين‪ ،‬وأساقفتها أيام إفرام السريانيّ‬
‫أ‪ -‬األسقف يعقوب‬
‫ب‪ -‬األسقف بابو‬
‫ج‪ -‬األسقف ولغاش‬
‫د‪ -‬األسقف إبراهيم‬
‫‪ -3‬وجه األسقف ودوره في أناشيد مار أفرام ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تواصل مع الرسل‬
‫ب‪ -‬األسقف كقائد ورأس الكنيسة‬
‫ج‪ -‬نقاوة األسقف‬
‫د‪ -‬األسقف كعريس لكنيسته‬
‫ھ‪ -‬وظائف األسقف‬
‫و‪ -‬سلطة األسقف والسلطة المدنيّة‬
‫خاتمة‬
‫‪3‬‬

‫السرياني ؟‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬من هو أفرام‬

‫ولد مار أفرام في مدين ة نص يبين‪( ‬مقاب ل مدين ة القامش لي الي وم) في الوالي ة الس ورية من اإلمبراطوري ة‬
‫البيزنطية‪ .‬حيث كان س ّكان المدينة القدماء ي دينون بالمجوس ية واعتنق وا النص رانية بك رازة م اري تلمي ذ‬
‫أ ّدي رسول الرُّ ها‪.‬‬

‫وتحديداً في بيت (ع ََربَايا) برأي المؤرخين العرب واختلفت الروايات حول سنة والدته فبعضهم ق ال س نة‬
‫‪ 300‬للميالد وقال غيرهم سنة ‪ 203‬وغيرهم ‪ ،306‬وهذا ما ي ذهب ب ه المستش رقون‪ .‬واختلف وا في تحدي د‬
‫دين الوالدين فبعضهم يرى أن أباه كان رهاويا ً وكاهنا ً للمجوس‪ ،‬وأن أم ه ك انت مس يحية من (آ ِم ْد) وحين‬
‫علم والد أفرام بميل ابنه الشاب إلى المسيحية غض ب وط رده من ال بيت فلج أ إلى يعق وب أس قف المدين ة‬
‫وتتلمذ له‪ .‬والرأي األرجح أنه ولد من أبويين مسيحيين ألن الرُّ ها قَبِلَ ْ‬
‫ت الدين المسيحي حوالي ‪ 50‬ميالدي ة‬
‫ي المسيح نفسه‪ ،‬فكيف يك ون وال د أف رام رهاويّ ا ً ووثنيّ اً؟ بع د‬
‫والبعض يقول في أثناء حياة يسوع الناصر ّ‬
‫‪ 300‬سنة من شيوع المسيحية فيها وقبل سنوات قليل ة من إعالن اإلمبراطوري ة الروماني ة المس يحيةَ دين ا ً‬
‫رسميا ً للدولة‪.‬‬

‫وقد ذكر مار أفرام في إحدى قصائده أن والديه ثقفاه في اإليمان المسيحي وأدب اه بتق وى هللا وق ال إن اس م‬
‫أبيه كان يوسف‪.‬‬

‫دخل أفرام مدرسة نصيبين الشهيرة وسرعان ما لفت إليه األنظار بج ده وذكائ ه وفض يلته‪ .‬وبع د أن بلغت‬
‫أخباره مار يعقوب أسقف المدينة اتخذه أمينا ً لسره وش ّماسا ً لخدمته وعيّنه في م ا بع د أس تاذاً في مدرس ته‪.‬‬
‫ونال أفرام إعجاب راعيه بتف ّوقه وفصاحته بحيث حسب قول البعض‪ ،‬اصطحبه معه إلى المجمع النيق اوي‬
‫المسكوني سنة ‪.325‬‬

‫وظل أفرام معلما ً في جامعة نصيبين طيل ة ثم ان وثالثين س نة‪ .‬ك انت ه ذه الحقب ة زاخ رة بنش اطه األدبي‬
‫والروحي‪ ،‬وأيضا ً بالنزاعات والحروب بين الفرس والبيزنطيين وبحكم موقعها على الح دود بين ال دولتين‬
‫الكبيرتين‪ ،‬ولهذا سميت نصيبين بمدينة (الحدود)‪ ،‬إذ نالها الكثير من أهوال الحصار والمجاعة والحروب‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫وفي سنة ‪ 363‬قام يوليانس الجاحد بحملة على الم دن الفارس ية انتهت بكارث ة حربي ة اض طر على أثره ا‬
‫اإلمبراطور جوفيان خلفه (‪ 363‬ـ ‪ )364‬إلى أن يعقد مع شابور الث اني (‪ 309‬ـ ‪ )379‬ص لحا ً مش ينا ً ت رك‬
‫فيه ألعدائه فيما ترك مدينة نصيبين‪.‬‬

‫وعن دما س لمت نص يبين إلى الف رس س نة ‪363‬م هجره ا م ار أف رام وبرفقت ه نخب ة طيب ة من أس اتذة‬
‫توقف قليالً‬
‫مدرستها وتالمذتها وجاؤوا إلى الرها‪ .‬قيل أنه عند وصول مار أفرام إلى ضواحي الرها ّ‬
‫على ضفة نهر ديصان المحيط بالمدينة‪ ،‬وكانت هناك نسوة يغسلن ثياباً‪ ،‬فرنت إليه أحداهن‪ ،‬فساء ذلك‬
‫منه ا وزجره ا ق ائالً‪ » :‬اخفض ي نظ رك أيته ا الم رأة وتطلعي إلى األرض»‪ ،‬فأجابت ه‪ » :‬لي أن أنظ ر‬
‫إليك أيها الرجل ألني منك أخذت‪ ،‬ولك أن تخفض نظرك إلى األرض ألنك منها جبلت»‪ .‬فأعجب مار‬
‫ترى!‬
‫أفرام بحكمة هذه المرأة وقال‪ » :‬إن كنت هذه حكمة نساء الرها‪ ،‬فما هي درجة حكمة رجالها يا ُ‬
‫»‪.‬‬
‫وك ان م ار أف رام ت ارة يتنس ك في مغ ارة في جب ل الره ا المق دس‪ ،‬وت ارة يتف رغ للت دريس في مدرس تها‬
‫الش هيرة ال تي ك انت ق د أسس ت في فج ر المس يحية‪ ‬فج ددها م ار أف رام وص حبه وازده رت على أي ديهم‪،‬‬
‫ودامت ح تى ع ام ‪ .489‬وك ان تالمي ذتها – وأغلبهم من بالد ف ارس‪ -‬يتلق ون دروس اً في ش رح الكت اب‬
‫بعهديه معتمدين بذلك على تفسير مار أفرام وهو أقدم من فسر الكتاب المقدس عند السريان‪،‬‬‫المقدس َ‬
‫كما كانوا يأخذون عنه العلوم الالهوتية إلثبات حقائق الدين المبين ومناهضة تعاليم طيطيانس ومرقيون‬
‫وبرديص ان وم اني وأري وس‪ ،‬وب دعهم الوخيم ة‪ .‬فع دت كتابات ه مث االً للتع اليم الالهوتي ة في الكنيس ة‬
‫السريانية‪.‬‬

‫أسس أول جوقة للفتيات لإلنشاد الديني مدركا ً في وقت مبكر جداً دور الغن اء واإلنش اد في ترس يخ العقائ د‬
‫ونقل التراث الوطني الديني والقومي إلى األجيال الالحقة‪ .‬يُ َع ُد مار أفرام السرياني أهم من وضع المقامات‬
‫الموسيقية واأللحان السريانية وتعد شروحه ألسفار العهد القديم من كنوز التراث اإلنساني العالمي‪.‬‬

‫حارب البُدع والهراطق ة ودافح عن اإليم ان زاه داً في ال دنيا رافض ا ً مناص ب الرئاس ة والزعام ة الديني ة‬
‫والدنيوية خادما ً شعبه في أثناء المحن واألوبئة معززاً فيه روح الصمود والمقاومة أثناء حص ار نص يبين‪،‬‬
‫وق د اس تطاع أن يكتب في عش ر س نوات م ا يعج ز عن كتابت ه الرج ال‪ .‬ذهب إلى روم ا وأغلب الظن أن‬
‫تاريخ وفاته كان في التاسع أو الثامن عشر من حزيران لعام (‪ )373‬على األرجح‪.‬‬

‫يعت بر م ار أف رام الس وري الس رياني أح د أهم أعالم الكنيس ة األرمني ة واليوناني ة والقبطي ة والحبش ية‬
‫والرومانية‪ .‬درسه على مدى العصور عشرات ال ب ل مئ ات الدارس ين وم ا زال أغلب نتاج ه قي د ال درس‬
‫والتحقيق العلمي‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫مؤلفاته‬

‫تأثر شعر مار أفرام السرياني بأنماط الشعر السومري واآلك ادي وخصوص ا ً في المح اورات ال تي ي دعي‬
‫بعض الباحثين ممن لم يتعرفوا إلى أنم اط الش عر الس وري الق ديم‪ ،‬أن ه نحله ا عن المح اورات األغريقي ة‬
‫السائدة في األدب اليوناني العتيق ويرى البعض أن شعر مار أفرام السرياني لم يعرف القافية في حين أن ه‬
‫كتب قصيدة مؤلفة من ست عشرة بيتا ً مقفى قافيته بالسريانية مفعوالً مطلقا ً وبهذه القصيدة يك ون ق د س بق‬
‫أقدم قصيدة عربية عرفت نظام القافية بقرنين من الزمان نعني بها معلقة أمرئ القيس‪.‬‬

‫كتب مار أفرام السرياني ح والي ثالث ة ماليين بيت من الش عر وال يع رف مق دار م ا نُ ِس َ‬
‫ب إلي ه منه ا وال‬
‫ب إلى غيره أو على مؤلِّف مجهول‪.‬‬
‫مقدار ما كتب منها ونُ ِس َ‬

‫أشهر قصائده ميامر العذراء مريم وقصيدة الفردوس وقصائد الميالد‪.‬‬

‫امت از ش عره بالوض وح وبجزال ة اللُّغ ة وعم ق المع اني وبالبالغ ة وب الجمع بين النق ائض وباس تخدام‬
‫المحسنات البديعية كالطباق والجناس والمقابلة وعرف التص ريع وض روب التقش ية وال تركيخ المعروف ة‬
‫في الشعر السرياني‪.‬‬

‫أدرك مار أفرام اللغة السريانية نقية صافية خالة من العجمة وسائر الشوائب‪ ،‬وغنية واسعة طيعة في‬
‫التعبير عن مختلف األهداف الفكرية‪ ،‬وشتى األغراض الكالمية‪ ،‬فكتب فيها تفاسيره نظم اً ونثراً‪ ،‬ودبج‬
‫روائعه وبدائعه التي صارت مفخرة األدب السرياني‪.‬‬
‫تناول مار أفرام الكتاب المقدس بعهديه شرحاً وتفسيراً‪ ،‬وقد اعتمد الترجمة البسيطة‪ ،‬ولكثرة شروحه‬
‫صرح بعضهم قائالً‪ " :‬لو نفذت ترجمة الكتاب المقدس السريانية األصلية لتيسر جمع نصوصها من‬
‫تصانيف مار أفرام"‪ .‬وقد اتبع بالتفسير طريقة مدرسة أنطاكية بشرح النص آية آية بالمعنى الحرفي‬
‫بمفهوم ه الحقيقي والمج ازي‪  .‬ولم يب ق من تفاس يره ه ذه س وى ش رح س فر التك وين وج زء من س فر‬
‫الخروج‪ ،‬ونصوص متفرقة من أسفار العهد القديم‪ ‬نجدها في مجموعة الراهب سويريوس (‪.)861+‬‬
‫أما تفاسيره لإلنجيل المختلط المعروف بالدياطسرون الذي وضعه ططيانس عام ‪170‬م فلم يصل إلى‬
‫أيدينا سوى الترجمة األرمنية‪ ،‬كما لم يبق من تفاسيره لرسائل الرسول بولس سوى آيات يسيرة ضمن‬
‫تفسير اإلنجيل ليشوعداد المروزي أسقف الحديثة النسطوري (‪. )853 -845‬وله مواعظ هي شروح‬
‫لفصول من الكتاب المقدس‪ ،‬وله أيض اً مقاالت في محبة العلي وفصول مختارة من كتاب ُوسم بكتاب‬
‫اآلراء وهو في حياة النسك والرهبن ة‪ ‬وأرسل خطابين‪ :‬األول إلى دمنوس في نقض الهراطقة‪ ،‬والثاني‬
‫‪6‬‬

‫الجب ال‪،‬‬ ‫إلى هيب اتيوس رداً على مرقي ون وبرديص ان وم اني‪ ،‬ورس الة بعث به ا إلى الرهب ان س اكني‬
‫ومجموع ة ق وانين في الرهبن ة فق د أص لها الس رياني وحف ظ النق ل اليون اني أورد ذكره ا غريغوري وس‬
‫النوسي (‪ ،)396+‬ولم يبق من القصص التي ألفها سوى قصة بطرس الرسول‪ .‬وقد نسب إليه كتاب‬
‫ُوسم بـ (غار الكنوز) وهو قصة آدم وحواء بعد أن طردا من الجنة‪ ،‬كما وضع عليه خطأ عظة في‬
‫نهاية العالم ورد فيها ذكر غزوة الهون التي حصلت في تموز سنة ‪ 396‬أي بعد وفاته بثالث وعشرين‬
‫سنة‪ .‬وكذلك عزي إليه تأبين للقديس باسيليوس الكبير الذي مات بعد موت أفرام بست سنوات‪ ‬لقد نظم‬
‫فسمي أيض اً‬
‫مار أفرام الشعر السرياني على البحر السباعي خاصة‪ ،‬وأرتأى بعضهم أنه قد استنبطه ّ‬
‫باألفرامي أو أنه أخذه عمن سبقه من الشعراء الذين فُقد شعرهم‪ ،‬وتعد أبيات بعض قصائده باآلالف‪.‬‬
‫كم ا نظم الم داريش أي األناش يد وهي أبي ات من الش عر تص اغ على أوزان مختلف ة وألح ان ش تى بل غ‬
‫عددها الخمسمائة استنبطها برديصان (‪ .)222+‬ولم يعتمد مار أفرام القافية في نظمه‪ ،‬ألن السريان لم‬
‫يدخلوها في شعرهم حتى صدر القرن التاسع متأثرين بذلك بالعرب‪ ،‬وال نعرف عدد قصائده وأناشيده‬
‫التي ضاع جانب كبير منها‪ ،‬وما تبقى منها اليوم يعد بالمئات‪.‬‬
‫فبج ل الس يد المس يح‪ ،‬وط ّوب أم ه‬
‫وق د تن اول بش عره ش تى المواض يع الديني ة‪ ،‬العقائدي ة منه ا الروحي ة‪ّ ،‬‬
‫العذراء مريم‪ ،‬ومدح األبرار والصالحين غبط الزهاد والمتوحدين‪ ،‬ورثى النفس الخاطئة وحثها على‬
‫وقرع البدع والمبدعين خاصة ماني‬ ‫التوبة‪ ،‬وهجا الكفرة وكفرهم بشخص يوليان اإلمبراطور الجاحد‪ّ ،‬‬
‫ومرقيون وبرديصان وأريوس‪ ،‬وأكثر من سرد ِ‬
‫الح َكم في قصائده النفيسة‪ ،‬وأناشيده البديعة‪ ،‬التي كانت‬
‫تعبر عما احتواه قلبه الكبير من اإليمان‪ ،‬وما استوعبه عقله الجبار من الحكمة‪ ،‬وقد حازت مكانة القمة‬
‫حي‪.‬‬
‫في الكنيسة السريانية فأدخلت الطقس البيعي وهو ّ‬
‫وألهمية مؤلفات مار أفرام نقلت إلى اليونانية وهو حي أو في العقد األول بعد وفاته‪ ،‬كما نقلت بعدئذ‬
‫إلى لغات شتى نخص بالذكر منها لغة الضاد فقد نقل إليها ابراهيم بن يوحنا األنطاكي سنة ‪ 980‬عدداً‬
‫من مقاالته في الرهبنة‪ ،‬كما وصل إلينا منها أيضاً إحدى وخمسون مقالة نقلت من اليونانية إليها حوالي‬
‫الق رن الح ادي عش ر نقالً في ه الجي د وفي ه الملح ون وأص لها الس رياني مفق ود ‪.‬ومن ذ الق رن الث امن عش ر‬
‫وحتى اليوم حقق علماء االستشراق األفذاذ وبعض اشرقين‪ ،‬أغلب مؤلفات مار أفرام الشعرية والنثرية‬
‫ونشروها بالطبع وترجموها إلى للغات الالتينية واالنكليزية والفرنسية واأللمانية وااليطالية وغيرها‪» .‬‬
‫ومن محاسن مؤلفات مار أفرام أن ترجمتها لم تفقد شيئاً من عذوبة فصاحتها الفطرية فهي إذا قرئت‬
‫باليونانية مثالً أحدثت نفس التأثير واإلعجاب الذي تدثه قراءتها في أصلها السرياني‪.‬‬
‫لقد زينت آثار مار أفرام مكتبات الشرق والغرب وهي تعبير من نفائس المخطوطات في دنيا المكتبات‬
‫ونظ ر العلم والفن‪ ،‬إذ يرج ع ت اريخ بعض ها إلى القرون الخ امس والس ادس والس ابع للميالد‪ .‬وتوجد في‬
‫مكتبات معظم حواضر الشرق العربي الشهيرة‪ ،‬ومدينة الفاتيكان‪ ،‬والمتحف البريطاني‪ ،‬وأوكسفورد‪،‬‬
‫وبرمنكهام‪ ،‬وكمبرج‪ ،‬وباريس‪ ،‬وشيكاغو وغيرها‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫السرياني‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬وضع المسيحيين في كنيسة نصيبين‪ ،‬وأساقفتها أيام إفرام‬

‫الروماني ة من ذ س نة ‪ 297‬ب‪.‬م‪ ،‬وق د جع ل منه ا‬


‫ّ‬ ‫لألمبراطوري ة‬
‫ّ‬ ‫ك انت نص يبين مدين ة تابع ة‬
‫األمبراطوري ة الفارس ّية‬
‫ّ‬ ‫األم براطور ديقليس يانوس إح دى أق وى القالع في الش رق‪ ،‬وهي على الح دود‬
‫تجارية ومركز تبادل بضائع بين األمبراطوريتين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وصلة وصل‬
‫يحيون فيه ا من ذ نهاي ة الق رن األول‪ ،‬إالّ ّأنهم‪ ،‬ومن ذ دخ ول الروم ان إليهم‪ ،‬س يذوقّون‬
‫وق د تواج د المس ّ‬
‫الديني ة‪ .‬وستش هد‬
‫ّ‬ ‫بالحري ة‬
‫ّ‬ ‫األض طهاد ح تى س نة ‪ 313‬حين س يعلن دس تور ميالن و‪ ،‬وس ينعم المس يحيون‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نصيبين آنذاك تأسيس كرسي أسقفي‪ ،‬نظراً لمكانتها‬
‫عادي ة‪ ،‬إلى م تروبوليت في‬
‫قفية ّ‬‫ت والى األس اقفة على كرس ي نص يبين‪ ،‬ال تي م ا لبثت ان انتقلت من أس ّ‬
‫بداية القرن الراب ع بفضل الكاثوليكوس ستيسيفونوس‪ ،‬وغير واض ح إذا ك انت تابعة لكنيسة الفرس ام‬
‫كانت مستقلّة ‪.‬‬
‫وتأتي شهادة مار أفرام السرياني حول أساقفة نصيبين في أناشيد كتبها‪ ،‬وتدعى ‪Carmina Nisibena‬‬
‫مرت بها تلك المدينة العظيمة ‪:‬‬
‫لتعبر عن ثالثة منهم مقارنة مع ثالث مراحل ّ‬
‫أو أناشيد نصيبين‪ّ ،‬‬
‫يقوم‬
‫المسيحية في المدين ة‪ ،‬وطفولته ا مع األسقف يعقوب‪ .‬نصيبين صبية بحاج ة إلى من ّ‬
‫ّ‬ ‫أوالً ‪ :‬والدة‬
‫الرب او من أسقفها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫طريقها‪ ،‬إن من‬
‫أسقفية بابو‪ ،‬عندما عرفت "سيف" هجوم األعداء و"قانون" األسقف‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬مراهقتها‪ :‬في زمان‬
‫قفية ولغ اش في العه د ال ذي نعمت ب الفرح والراح ة‪ ،‬على األق ّل في بداي ة‬
‫ثالث اً‪ :‬نض وجها‪ ،‬في ظ ل أس ّ‬
‫رعايته‪.‬‬
‫وسيقارن أفرام في مكان آخر بين األسقف يعقوب بقسطنطين الملك ( أول ملك وأول أسقف)‪ ،‬وولغاش‬
‫بإبن الملك قسطانت ( كالهما لطيف وهادئ)‪.‬‬

‫أ‪ -‬األسقف يعقوب ‪" :‬بالنعومة* وبالقضيب "‬


‫‪8‬‬

‫األسقفية سنة ‪ .309-308‬بالنسبة ألفرام فوالدة نصيبين لإليمان تعود أليام يعقوب‪.‬‬‫ّ‬ ‫رقّي يعقوب إلى‬
‫إن نص يبين هي‬‫ه و وال دها‪ ،‬أل ذي "أول دها وغ ّذاها ب الحليب في طفولته ا"‪ ،‬و"حمله ا طفل ةً في حض نه‪ّ ".‬‬
‫بحق " إبنة يعقوب" ‪( .‬نشيد ‪.) 20-17 :16‬‬ ‫ٍّ‬
‫ويص ف أف رام ‪ ،‬األس قف يعق وب‪ ،‬الم دفون في ترب ة المدين ة‪ ،‬بنه ر نص يبين ميق**دونيوس ‪ :‬فالمدين ة‬
‫مخفي ة"‪" ،‬نب ع داخلي" س ينقذها ع دة م ّرات من‬
‫ّ‬ ‫المزروع ة على ض فة "النه ر الخ ارجي"‪ ،‬تمل ك "مياه اً‬
‫أألخطار‪.‬‬
‫سيص ف اف رام‪ ،‬يعق وب معلّم ه‪ ،‬باألس قف " الك ّرام" (نش يد ‪ ،)19 :18‬ال ذي س يرعى المدين ة " بالنعوم ة‬
‫هوة ومن‬‫والقض يب"‪ .‬ويعق وب بالنس بة لنص يبين‪" ،‬معلّم يع رف" كي ف ُيه اب‪ ،‬وكي ف ينقله ا من الش ّ‬
‫الخطيئة" (نشيد ‪.)17،19 :17‬‬
‫َّ‬
‫يتخل بعد عنها المسيحيين‪.‬‬ ‫الوثنية التي لم‬ ‫يلمح إلى بعض العادات‬
‫ّ‬ ‫أن أفرام‪ّ ،‬‬
‫ويبدو ّ‬
‫سيبني يعقوب أول كنيسة كبيرة سنة ‪( ،313‬غير موجودة حالياً) وقد اخذ سبع سنوات لينهيها ‪.‬‬
‫شارك يعقوب بمجمع نيقيا‪ ،‬سنة ‪ ،325‬وعند عودته سيؤسس اول مدرسة "مدرسة نصيبين " ‪.‬‬
‫عرف عصر أسقفية يعقوب بالسلم‪ ،‬خاصة بين بيزطية والفرس‪ ،‬وسيشرح أفرام " أتى النظام والهدوء‬
‫معه (مع يعقوب)‪ ،‬وذهبا معه " وبعد موته " عادت الحرب بسبب خطايانا " (‪.)15،14،6،5،4 :13‬‬
‫ولكنها ستنجو " بفضل صلوات يعقوب "‪.‬‬
‫حاصر نصيبين من سافور للمرة األولى‪ّ ،‬‬‫سنة ‪ ،338‬ستُ َ‬
‫أسقفية فولوجيز‪ ،‬سيكتب أفرام النشيد الثالث عشر وينصح فيه صبايا‬
‫ّ‬ ‫عز‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّأنه‪ ،‬وفي ّ‬
‫نصيبين المحافظات‪ ،‬بالتمثّل بمدينتهم‪ " ،‬التي تحوي جسد يعقوب‪ ،‬كي يصبح هو‪ ،‬سوراً خارجها" ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬بابو ‪ " :‬بالسيف وبالقانون" ‪.‬‬

‫إذا حكم يعق وب نص يبين "بالنعوم ة والقض يب"‪ ،‬س تُكمل المدين ة تعلّمه ا‪ ،‬تحت حكم ب ابو " بالس يف‬
‫وبالقانون" ‪ ،‬كما يشرح أفرام ‪.‬‬
‫كان بابو في المدينة سنة ‪ 345‬حين دخلها األمبراطور كونسطانس"مما أفرح كنائسنا" (نشيد‪.)15 :13‬‬
‫وك ان حاض راً أثن اء ح رب الفرس واحتاللها لم دة س تة أش هر سنة ‪( 346‬نش يد ‪ 2 :13‬و‪ ،9-4‬و‪:14‬‬
‫‪.)15‬‬
‫سيتغنى أفرام بمحبة بابو التي تجلّت بإطالق سراح المأسورين بالمال‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ُيظه ر أف رام ب ابو بالقاس ي‪ ،‬ويص فه على ّأن ه حكم " بالس يف وبالق انون" ق ائالً على لس ان نص يبين" ك ان‬
‫قاسياً بقدر ما أحافظ على أخالق أوالدي‪ ،‬وكان متساهالً بقدر حكمة كبار السن"‬
‫‪9‬‬

‫يش رح اف رام كي ف ح ارب ذل ك األس قف الب دع ال تي ب دأت تخ ل المدين ة‪ ،‬ويمكن أن تك ون اآلريوس ية‬
‫أحدها‪ .‬ومن جهة أخرى سينصح فيما بعد األسقف الخلف‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬أن يكون كسلفه بابو رحوم اً (نشيد‬
‫‪.)11 :12‬‬

‫توفي بابو سنة ‪ ،350‬عندما كان أفرام يكتب نشيد‪ ،14‬وخلفه األسقف الثالث فولوجيز ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ولغاش " الهدوء والفرح"‬

‫س تنتقل نص يبين من عص ر الفت اة الص غيرة‪ ،‬إلى المراهق ة‪ ،‬إلى النض وج وس تنعم ب ال" ه دوء والف رح‬
‫برعاية األسقف الثالث ال " هادئ والناعم " ولغاش ‪.‬‬
‫في حكم ولغ اش‪ ،‬س نة ‪ ،358‬س يكتب أف رام أناش يد ‪ 13‬و ‪ .14‬وفي س نة ‪ ،359‬س نة بن اء بيت‬
‫فسيخصص بالكامل إلى ولغاش‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعمودية‪ ،‬سيكتب أناشيد ‪15‬و‪ .16‬أما نشيد ‪15‬‬
‫ّ‬
‫يصفه أفرام "بكنز الصفات" ‪ " :‬ممتاز بين الواعظين‪ ،‬حكيم بين القارئين‪ ،‬فصيح بين الحكماء‪ ،‬عفيف‬
‫إختصاصي في الشريعة" و " فتح قلبه للكتب المقدسة " ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بين رفاقه ‪" .‬‬
‫ان البعض أعتقد هذا الهدوء ّأنه عالمة للفشل ‪.‬‬ ‫وقد عرف ولغاش بهدوئه حتى ّ‬
‫أن ولغ اش‪،‬‬
‫وي ذكر أف رام‪ ،‬ال ذي كم ا يب دو ق د ت أثّر كث يراً بشخص ية ه ذا األس قف‪ ،‬في نش يده ‪ ،15‬كي ف ّ‬
‫وأم ام مش كلة ألّمت بالمدين ة‪ ،‬لم ي ذكر م ا هي‪ " ،‬كثّ ف أدعيت ه‪ ،‬و ص لواته ال تي ك انت بالخفي ة هي ال تي‬
‫أعادت ِ‬
‫اللحمة ألنشقاقاتنا " ‪.‬‬
‫وق د ش هدت نهاي ة عص ر أس قفية ولغ اش‪ ،‬محاول ة يولي انس األم براطور س نة ‪ ،361‬في نش ر عب ادات‬
‫ليتم تقديم الذبائح لها ‪.‬‬
‫وثنية‪ ،‬وإ حضاره أصناماً لنصيبين ّ‬
‫ّ‬
‫المحلي ة‪ ،‬عن نهاية ذلك األسقف هارب اً من وجه يوليانس مع بعض من أبناء أبرشيته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتتحدث التقاليد‬
‫يفوق عددهم الثالثمائة ألف‪ ،‬ولجوئهم إلى المغاور‪ ،‬حيث زرعوا صلباناً و مذابح‪ .‬وتوفي هذا األسقف‬
‫القديس وهو طاعن في السن سنة ‪. 361‬‬

‫د‪ -‬األسقف إبراهيم‬

‫خصص له األناشيد من ‪ 12‬حتى ‪ ،21‬ويبدو أنذ‬


‫األسقف األخير‪ ،‬المعاصر ألفرام‪ ،‬كان إبراهيم‪ ،‬الذي ّ‬
‫آخرها كانت قد أرسلت غليه كرسائل من الرها ‪.‬‬
‫كان إبراهيم تلميذاً لولغاش‪ ،‬ونائبه العام (نشيد‪1 :12‬و‪ 6 :19 ،5‬و ‪.)2 :20‬‬
‫‪10‬‬

‫قفية‪ ،‬ف رح أف رام وأوع ز إلي ه ببعض النص ائح‪ .‬بإختص ار‪ ،‬ك ان إب راهيم‪،‬‬
‫تمت ترقيت ه إلى األس ّ‬
‫حين ّ‬
‫شاباً‪ ،‬حين حارب‬
‫تمرس في دوره منذ كان ّ‬‫صورة أمينة لمعلمه ولغاش(نشيد ‪ .)1 :13 ،11 :12‬وقد ّ‬
‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫مشجعاً إياه‪ ،‬إلى إعادة‬
‫ّ‬ ‫لوثني ة وال تي انطف أت اآلن كالدخان (نشيد ‪ . )5: 13‬وس يدعوه أفرام‪،‬‬
‫ّ‬
‫"لع روس ش بابه" نص يبين " أع دها‪ ،‬لتتج دد‪ ،‬ولكي تع رف من هي وم ا هي علي ه ‪ ...‬إن زع منه ا‪ ،‬أيه ا‬
‫المزارع‪ ،‬الزؤان الذي اختلط في قمحها ‪( "...‬نشيد ‪. )3-1 :20‬‬
‫وفي نش يد ‪ 21‬يش دد أف رام " كن الن ور المت ألق وأخ ِ‬
‫ف الظلم ة‪ ،‬أنت ي ا من تحب إدارة ولغ اش معلم ك‪،‬‬
‫سترث كنز حكمته" (نشيد ‪1 :21‬و‪.)2‬‬
‫سيش هد اف رام م وت االم براطور يولي انوس وتس لّم جفي انوس الحكم‪ .‬وك ذلك توقي ع المعاه دة س نة ‪363‬‬
‫يزنطيون للس كان ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وال تي فيه ا سيس لّم الب يزنطيون للف رس خمس والي ات ومنه ا نص يبين‪ .‬وس يعطي الب‬
‫األكثري ة من س كان تل ك المن اطق‪ ،‬وبقي من‬
‫ّ‬ ‫مهل ة ثالث ة أي ام لل نزوح إلى القط اع الروم اني‪ .‬ف نزح‬
‫سيخص ص أف رام في نش يد ل ه ض د‬
‫ّ‬ ‫المس يحيين‪ ،‬ومنهم أف رام في المدين ة‪ ،‬ح تى ول و ل وقت قلي ل‪ .‬ال ب ل‬
‫يولي انس‪ ،‬تكريم اً للمل ك الفارس ي س افور ال ذي فاج أ المس يحيين ال ذين بق وا في م دنهم‪ ،‬بإزال ة مظ اهر‬
‫المس بهم‪ ،‬بل سعى الى دمج السكان على اختالف أديانهم مما أرجع لنصيبين‬
‫الرومانية‪ ،‬وعدم ّ‬
‫ّ‬ ‫الوثنية‬
‫ّ‬
‫دورها التجاري‪.‬‬
‫السريانية إلى الكنيسة‬
‫ّ‬ ‫وستنضم الجماعة‬
‫ّ‬ ‫الفارسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اليوناني ة الى‬
‫ّ‬ ‫الهوي ة‬
‫ّ‬ ‫تحوالً‪ ،‬بفقدانها‬
‫ستشهد نصيبين ّ‬
‫الفارسية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهنال ك‪ ،‬في نص يبين‪ ،‬بع د ق رن من ال زمن‪ ،‬سينش ئ المتوب وليت برص وما‪ ،‬مدرس ة الف رس بفض ل‬
‫السريانية‬
‫ّ‬ ‫بتدخل من نرساي‪ ،‬حركة نسطرت (من النساطرة) الكنيسة‬
‫نرساي‪ ،‬وسيخرج من نصيبين‪ّ ،‬‬
‫الشرقية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويب دو أن أف رام س يبقى ح تى س نة ‪ ،369‬وينتق ل بع دها إلى الره ا‪ ،‬وس يخترك وراءه في نص يبين‪ ،‬ال‬
‫ذك راه فق ط‪ ،‬وب ل الن افور الخ اص ب ه‪ ،‬وال ذي سيس تخدم في المدين ة ح تى توحي د الليتورجي ا م ع مجيء‬
‫البطريرك يشوعياب الثالث الحديابي في نصف القرن السابع ‪.‬‬
‫توفي أفرام في الرها‪ ،‬في ‪ 9‬حزيران ‪ 373‬ودفن في المكان الذي سيصبح فيما بعد‪ ،‬دير مار سركيس‬
‫شرقي اورفا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لالرمن‪،‬‬

‫سيحضر االساقفة األربعة‪ ،‬الطريق الذي سيجعل من نصيبين‪ ،‬في القرن الذي سيأتي‪ ،‬نبع العلوم وملكة‬
‫ّ‬
‫ليتم ذلك‪ ،‬سيظهر ملفان آخر في الكنيسة‬
‫المدن‪ّ ،‬أم العلوم والمعرفة‪ ،‬رأس بالد ما بين النهرين‪ .‬ولكن ّ‬
‫هو نرساي‪.‬‬

‫‪ -3‬وجه األسقف ودوره في أناشيد مار أفرام‬


‫‪11‬‬

‫ليس أفرام‪ ،‬أستاذ نصيبين والرها الهوتي اً نظري اً وتأملي اً وحسب‪ ،‬بل عملي اً أيض اً‪ ،‬فهو خبير بالالهوت‬
‫شماس اً‪ ،‬نراه يتحدث عن األساقفة العظام الذين عرفهم في نصيبين والرها‬‫الرعائي وبالرغم من كونه ّ‬
‫ّ‬
‫وح ران‪ .‬ان ه ي رنم نش اطهم الرع ائي محلّالً اي اه بدق ة م ع اطالع ك اف على واقعهم الرس ولي بص ورة‬
‫عميقة ومتّزنة‪.‬‬

‫أن اهلل أخ ذه وادخل ه ك النفس( ܪܥܝܝܐ ) في جس م الكنيس ة الكب ير‪،‬‬


‫فمن ه**و األس**قف؟ يجيب أف رام‪ّ ،‬‬
‫إن األس قفية هب ة‬
‫واحاط ه بأعض ائها كي يس تمدوا من ه الحي اة والتعليم والخ بز الجدي د (نش يد‪ّ .) 3 :17‬‬
‫ق إخض اعها لس لطة اخ رى في ه ذا الع الم لكي ال يس تعبدها الش يطان معت براً‬
‫س ماوية ال بش رية‪ ،‬فال يح ّ‬
‫اياها سلطة بشرية (‪.)10 :17‬‬

‫تواصل مع الرسل‬ ‫أ‪-‬‬

‫ويلح أف رام أن يك ون ثم ة اتص ال بين‬


‫ويف ترض ذل ك أن يك ون األس اقفة الخلف اء الش رعيين للرس ل‪ّ .‬‬
‫األس اقفة ال ذين يتع اقبون على الكرس ي الواح د‪ .‬فه و اذ يتكلم عن إب راهيم اس قف نص يبين يق ول‪ :‬ان‬
‫األساقفة السابقين كانوا سيفرحون بتسليم القطيع لكي يرعاه األسقف الجديد كما رعوه هم سابقاً (‪:17‬‬
‫تنم عن األص ل ال ذي ي ديم العذوب ة‪ ،‬ف ابراهيم‬
‫‪ ،)3‬اذا ب ابراهيم يعيش ولغ اش معلم ه(‪ )1 :18‬والثم رة ّ‬
‫يحق ق بأعمال ه كلم ات ولغ اش الفص يحة‪ ،‬ان ه يجس د في حيات ه وتعاليم ه‪ ،‬ثم في كمال ه وأبع اده س ابقه‪،‬‬
‫فابراهيم الراعي الشاب استلم قطيعه بمحبة كما فعل موسى (‪.)3-1 :18‬‬

‫وال يقدم افرام اية اشارة بشأن انتخاب السقف‪ ،‬اال انه يبرز فضائله قبل قبوله األسقفية بقوله‪":‬اختاره‬
‫اهلل من بين الكث ير من الرع اة ألن ه اخت بر ثبات ه‪ .‬وامتحن ه م دة من ال زمن في القطي ع وفحص ه كم ا في‬
‫منا ‪ .‬ليكن صومك سالحاً لبلدنا وصالتك حرساً لمدينتنا" (‬
‫البوتقة‪ .‬ألنه ضبط ذاته وصار سوراً للكثير ّ‬
‫‪ .)4 :17‬كان ولغاش راعي اً البراهيم‪ ،‬وارتفع كعمود في مدينة الشعب المرتعب واسندها بصلواتك‪.‬‬
‫ليكن ممجداً ذاك الذي جعلك عموداً (‪.) 5 :17‬‬

‫جعلت هذه الصفات من ابراهيم بطالً مقداماً‪ .‬وافرام يرتل هذه الرجولة بحماس‪ ":‬لكان أمراً زري اً لو‬
‫انتصرت الوثنية التي جددها يوليانس الجاحد‪ ،‬بفضل رجل شيخ‪ ،‬غير ان هذه الشيخوخة تدانت حين‬
‫‪12‬‬

‫انتص ر الش باب في عه ده‪ ،‬ألن المب ارز الش اب احتم ل الص راع الع نيف ص اداً م ا ش نته الوثني ة‪ ،‬فك ان‬
‫أقوى‪ ،‬وتالشت الوثنية مثل دخان‪ ،‬بحيث طابقت نهايتها بدايتها" (‪.)5 :18‬‬

‫ب‪ -‬األسقف* قائد ورأس الكنيسة‬

‫األس قف ه و القائ د ورأس الكنيس ة المحلي ة‪ ":‬ليس ثم ة حس د بين أعض اء الجس د‪ ،‬ألنه ا خاض عة لل رأس‬

‫بمحب ة‪ ،‬وه و ينظ ر اليه ا بعط ف‪ .‬ال رأس ينظ ر الى الجمي ع ك رقيب (ܕܘܩܐ) لألعض اء ‪ ،‬وبم ا أن ه‬
‫األعلى ينحني بلطف نحو األعضاء لكي ينتشلها من كل ضرر (‪.)4 :18‬‬

‫بأن السبب في سير المؤمنين في‬


‫"لو لم يكن ولغاش رأس اً مستقيماً ‪ ،‬لكان بإمكان األعضاء التش ّكي‪ّ ،‬‬
‫طريق الخطأ هو الرأس‪ .‬ولو اردنا تحميل سبب تعاستنا الى رأسنا الجميل لفعلنا‪ ،‬أكثر مما هو الرأس‬
‫تعيس‪ .‬حتى يصل التذمر باألشخاص المتشكين منه الى اهلل الذي هو عذوبة‪ ،‬فكونوا انتم ايها األعضاء‬
‫شبيهين بالرأس‪ ،‬وفتشوا عن السالم بنقاوته‪ ،‬وعن العذوبة بصفائها‪ ،‬وعن المجد بقداسته‪ ،‬وعن التعليم‬
‫بحكمته" (‪.)2-1 :15‬‬

‫ج‪ -‬نقاوة األسقف‬

‫أن النقاوة الكبيرة التي ينبغي ان يمتلكها األسقف في نفسه ويديه ولسانه وجسده كله‪ ،‬ذلك‬
‫ويشدد افرام ّ‬
‫ّ‬
‫ألنه مثل الوسيط ( ܡܨܥܝܐ) بين اهلل والبشر‪(.‬نشيد‪.)12 :18‬‬

‫وفي الحديث عن اسقف حران‪ ،‬واسمه فيتوس‪ ،‬نرى معلم الرها يمتدحه بقوله‪ ":‬ان راعيك يا رب ش بيه‬
‫ب ك في ك ل ش يء‪ ،‬وكم ا ان ع اره يش به األهان ة ال تي قبلته ا‪ ،‬فليكن ش بيهاً بارتفاع ك لكي يس مو ف وق‬
‫مذبحك (‪.)6 :13‬‬

‫د‪ -‬األسقف كعريس لكنيسته‪.‬‬

‫األسقف عريس قطيعه‪ ،‬فقد كانت ألبينا إبراهيم عروسه‪ .‬أما عروس األسقف ابراهيم فهو قطيعه (‪:19‬‬
‫‪ .)1‬وكم جمي ل هو ثم ر العف ة‪ ،‬نمتل ك كهن وت اإلبن ال ذي قب ل المس حة ك داود بوض ع األي دي‪ ،‬فاكتس ب‬

‫إن اف رام ي دعو اب راهيم لكي يك ون غي وراً‬


‫حب كنيس ته‪ ،‬واس تلم الم ذبح والع رش واكليليهم ا (‪ّ .)2 :19‬‬
‫على كنيس ته يحميه ا بعنايت ه‪ ":‬ايه ا الع ريس البت ولي ان ني أود ان اث ير غيرت ك بش ان عروس ة ش بابك‪،‬‬
‫‪13‬‬

‫ف اقطع اإللف ة ال تي ك انت له ا في ص باها م ع الكث يرين (ذل ك اش ارة الى التل وث الهرط وقي)‪ ،‬واردعه ا‬
‫إن‬
‫وتش جع ثاني ة لكي تع رف من هي وم ا هي‪ ،‬فتحب المس يح في ك ألن ه عريس ها الحقيقي "( ‪ّ . )1 :20‬‬
‫كنيسة نصيبين المدللة كعروس لألسقف ابراهيم تحمل اسم المسيح عريسها‪ ،‬فال يحق أن تفسد بأسماء‬
‫غريبة ألنها لم تعتمد بأي اسم إال إسم الثالوث" (‪.)5-4 :20‬‬

‫ويث ني م ار اف رام على اإللف ة الكب يرة ال تي تق وم بين األس قف وعروس ه‪ ،‬اي كنيس ته وقطيع ه‪ .‬أم ا الغنم‬
‫ألن‬
‫وتتمج د بن ا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فنتمج د ب ك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فعلى خطى ال راعي تس ير " كن انت قائ دنا األك بر ونحن زه ر اكليل ك‬
‫الشعب والكاهن يتبادلون المجد حين يقوم بينهم وئام" (‪.)12 :19‬‬

‫أن الراعي صورة‬


‫إن هذا االتحاد الوثيق بين األسقف وكنيسته هو األساس في فكر افرام الكتابي ‪ ،‬اي ّ‬
‫ّ‬
‫رعيته‪ .‬ويؤيد ذلك اسقف نصيبين‪ ":‬تقاس اخالقهم بالنسبة الى معلميهم فهي مع السيد الالمبالي تصبح‬
‫ممج دة ش بيهة ب المرآة " (‪ )12 :19‬وال يجب خ دش الم رآة (‪:18‬‬
‫ال مبالي ة وم ع الس يد الجلي ل تك ون ّ‬
‫‪ .)20‬وتص ير الكنيس ة المحلي ة كم ا يص ير ال راعي‪ .‬من هن ا يمكنن ا فهم أمني ات ال تي يق ّدمها ش اعر‬
‫ذوب أفكارنا وأعطنا‬
‫ولتتزين الكنيسة بجمالك (‪ّ ،)5 :21‬‬
‫ّ‬ ‫نصيبين‪ :‬لينتصر العهد (اي القطيع) بحياتك‪،‬‬
‫صورة جديدة‪ ،‬وليكن ممجداً ذاك الذي يصهرنا في بوتقته (‪.)6 :21‬‬

‫ھ ‪ -‬وظائف االسقف وفضائله‬

‫بيبلية اخرى يعلمنا افرام وظائف اخرى لألسقف‪.‬‬


‫وباستخدامه صوراً ّ‬

‫فهو الزارع الذي ينبغي ان يزرع كلمة اهلل في األرض وعليه تنقيتها من زؤان األخطاء (‪، 9-8 :18‬‬
‫‪ّ .) 2 :20‬إن ه ن**ور وملح لكنيس ته بفض ل وض وح تعليم ه ومثال ه (‪ 10 :18‬و ‪ّ .)1 :21‬إن ه الط**بيب‬
‫يوزع لك ّل واحد احتياجاته‪ :‬األدوية للشفاء والوقاية من األمراض‪ .‬فيكتب افرام‪ ":‬خذ معك‬
‫الماهر الذي ّ‬
‫األدوي ة وانهض‪ ،‬تج ّول في الم روج‪ ،‬اعطي للم ريض ال دواء وللس ليم الوقاي ة‪ .‬ال تعطي ال دواء نفس ه‬
‫للجميع‪ ،‬خوف اً من عدم فائدته للمرض‪ ،‬وإ نما ضاعف المساعدات لكي يشفى المريض‪ ،‬ولكي تكتسب‬
‫أنت المزيد من الخبرة (‪ .)11 :19‬وأالسقف‪ ،‬بالنسبة ألفرام‪ ،‬صياد البشر (‪.)10 :19‬‬

‫ال ينبغي لألس قف أن ينف رد بس لطته ب ل علي ه ان يخت ار ل ه مستش ارين (‪ )9 :17‬خ براء في الق انون‪،‬‬
‫معين اً لك ل منهم مهمت ه (‪ .)13 :18‬كم ا علي ه ان يب ني عالق ات م ع ك ل طبق ات‬
‫ومراق بين‪ ،‬ومرش دين‪ّ ،‬‬
‫أن زائرك يعرفك من خالل األمر الذي‬
‫المجتمع " دع الشيخ يتكلّم‪ ،‬واطلب من الشاب الصمت‪ ،‬حتى ّ‬
‫‪14‬‬

‫أص درته لألول والث اني والث الث"‪ )10 :21( .‬كم ا ينبغي التمي يز بين المتص وفين والع ذارى‪ .‬يجب‬
‫ٍ‬
‫بشرف‪ ،‬والسلطات الكنسية بعذوبة‪ ،‬والعلمانيين بالعدل(‪. )3 :19‬‬ ‫معاملة الكهنة‬

‫وعلى ال راعي ان يك ون "أخ اً للكهن ة‪ ،‬مربي اً للشمامس ة‪ ،‬معلم اً لألطف ال‪ ،‬عك ازاً واي ٍاد للش يوخ وس وراً‬
‫يتكي ف وف ق احتياج ات ك ل واح د " ينبغي ان يك ون‬
‫للع ذارى المكرس ات هلل" (‪ .)5 :21‬كم ا علي ه ان ّ‬
‫حدة متعددة‪ .‬ليكن في قلبك صورة الحقيقة‪،‬أما في وجهك كل العالمات‪ ،‬الحزن‪،‬‬
‫صوتك واحداً‪ ،‬واعتمد ّ‬
‫الفرح‪ ،‬والضعف‪ .‬تجاه الجاهل كن عبوساً‪ ،‬وامام العفيف اظهر فرحك‪ .‬كن انت ذاتك مع اهلل‪ ،‬ومتعدد‬
‫دوري اً‪ ،‬بشكل يمكنه معرفة العدد‬
‫ّ‬ ‫الوجه ازاء البشر"(‪ .)11 :21‬و" على االسقف ان يزور ك ّل قطيعه‬
‫ألن إس م وع دد ه ذا‬
‫ات‪.‬ألن القطي ع مش ترى ب دم ال راعي الكب ير‪ .‬ن ادي إذاً و تباع اً بأس مائهم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والحاج‬
‫مدون في سفر الحياة" (‪.)3 :20‬‬
‫القطيع ّ‬

‫واألهم من التبش ير‪ ،‬هوش هادة للفض ائل االنجيلي ة‪ .‬اذ على ال راعي ان يس بق‬
‫ّ‬ ‫ال واجب األول لألس قف‪،‬‬
‫قطيعه بمثاله‪ .‬وكثيراً ما يمدح افرام فضائل األسقف ابراهيم او يوصي بها مشدداً ‪ .‬القناعة والصوم‬
‫محب ة الم ال مث ل س معان بط رس‪ ،‬ه و الذي م ا " يربط ه‬
‫مث ل داني ال‪ .‬العف ة مث ل يوس ف‪ .‬والتغلب على ّ‬
‫على األرض" يكون مربوطاً في السماء‪ .‬فليكن ايمانك شبيهاً بإيمان ذاك(‪.)4-3 :21‬‬

‫وتجدر مالحظة إلحاح افرام على فقر األسقف‪ .‬فيوصي ابراهيم برفض الغنى الذي يقيد حريته لكي‬
‫يتالشى هذا المرض المزمن والمشوق (‪ .)7 :21‬ويشكو ناسك نصيبين من الغنى الذي اقلق الكنيسة‪،‬‬
‫فيدعو الى ان يكون السقف فقيراً‪ ،‬وكذلك كنيسته‪ " .‬فعلى الكنيسة ان ال تتملك خيرات أخرى‪ ،‬بل لتكن‬
‫فرحة بامتالكها النفوس‪ ،‬وهي بفضل ذلك ستثير االعجاب (‪. )7 :21‬‬

‫إن مجموعة هذه الفضائل تجعل من األسقف شخصاً مثالياً ومحبوباً‪ ،‬مع تحليه بالوداعة والبشاشة تجاه‬
‫ّ‬
‫الجميع‪ .‬فليس مسموحاً ألحد ان يقوم ضد األسقف ابراهيم بسبب تواضعه‪ ،‬بسبب مناقشاته ومشاركاته‬
‫بالمهام الصعبة‪.)10-9 :19( .‬‬

‫راع س ليمة‪ .‬ومن جه ة أخ رى‪ ،‬على الم زارع ان ي زرع‬


‫ومهم ة ال راعي الرئيس ّية تغذي ة قطيع ه في م ٍ‬
‫زرع الحقيقة ويقتلع الزؤان‪ ،‬وهو عمل مضن (‪ .)2 :20‬وإ ذا كانت الكلمات غير كافية‪ ،‬ينبغي حرث‬
‫ألن "عمل واحد صالح يضاهي عشرات االف الكلمات" (‪.)9 :18‬‬
‫األرض باألعمال‪ّ ،‬‬
‫‪15‬‬

‫على الراعي ان يحفظ غنمه سليمة ويعني بالمريض منها‪ ،‬ويحرس الجميع ويغذيها في مراعي الكتب‬
‫المقدسة‪ ،‬ويسقيها التعليم القويم‪" :‬ليكن الثبات سوراً لك‪ ،‬والصليب عكازك والحقيقة والسالم (‪.)4 :19‬‬
‫على ال راعي الش جاع اإلقت داء بق وة ب رج داود "ال ذي ان تزع الخ راف الض الة من حل ق األس د‪ ،‬فكم‬
‫باألحرى ينبغي تحرير النفس المشتراة بدم المسيح من الشيطان؟" ( ‪ .)5 :19‬ولمار افرام ثقة عظيمة‬
‫يحول الذئاب الى‬
‫بعمل األسقف الروحي‪ ،‬فهو يهنىء اسقف حران بقوله‪ " :‬من يعطي لهذا األسقف ان ّ‬
‫خراف؟ من يمنح للمزارع من تحويل الزؤان الى قمح؟" (‪.)33 :31‬‬

‫والكنسية‬
‫ّ‬ ‫و‪ -‬السلطة المدنية‬

‫وبن برة مليئ ة ب اللوم ين وح اف رام على الره ا بس بب التس ابق على الكراس ي األس قفية‪ .‬وبس بب تل وث‬
‫المصادر التعليمية بهرطقات الشعب واألساقفة‪ .‬ازاء هذا الخطر يص لّي أفرام المحدق بالقطيع ‪ ":‬ن ِ‬
‫ق يا‬
‫رب الينبوع الذي لوثه اساقفة قطيعك" ‪.‬‬

‫وثمة حقل آخر يتناول عالقة األسقف بالسلطة المدنية‪ .‬وقد برزت المشكلة بوضوح عندما اعترف‬
‫االم براطور بأن ه مس يحي ارثوذكس ي‪ ،‬كم ا ك انت الح ال م ع جوفي ان ال ذي ح دد مع الم السياس ة الديني ة‬
‫القسطنطنية‪ .‬فينصح افرام السقف ابراهيم الذي عاش قليالً تحت حكم هذا النظام ويعطيه قواعد للعمل‬
‫النزي ه ال تي تش ترك ب ه الس لطتان ‪ ":‬على الكهن ة ان يكون وا الن ور‪ ،‬وعلى المل وك ان يكون وا الش عاع‪،‬‬
‫ألن ه ال يج در ان تك ون الس لطتان حليم تين‪ ،‬واص عب من ذل ك ان‬
‫وعلى الح اكمين ان يكون وا البه اء‪ّ ،‬‬
‫تكون ا ص ارمتين‪ ،‬ب ل على الواح دة ان تك ون ص ارمة‪ ،‬وعلى األخ رى ان تك ون حليم ة‪ .‬ينبغي دمج‬
‫الرعب والرحمة بحكمة وفطنة‪ .‬ليكن كهنوتنا عذباً ومملكتنا قوية" (‪ .)21،21‬وتتكامل هاتان السلطتان‬
‫في المجتم ع ب روح العم ل المش ترك المخلص‪ .‬فال نس تغربن ان معن ا ملفانن ا (اس تاذنا) بوج ه ه ذا‬
‫التح ريض‪ ":‬على الكهن ة ان يض رعوا من اج ل األب اطرة لكي يكون وا س وراً للجنس البش ري‪ .‬النص ر‬
‫لألب اطرة وااليم ان للكهن ة‪ .‬فالنص ر يخلص الجس د واإليم ان النف وس‪ .‬على األب اطرة انه اء الح روب‪،‬‬
‫فض الجداالت‪ .‬لكي ينقطع دابر الخصومات والجدل" (‪.)22 :21‬‬
‫وعلى الكهنة ّ‬

‫فيقدم لنا معلم نصيبين (في النشيدين ‪ 1‬و‬


‫ويعرف افرام اساليب مختلفة اكثر مالئمة لألزمات واألزمنة‪ّ .‬‬
‫‪ )14‬األساقفة الثالثة يعقوب وبابو وولغاش‪ ،‬ذاكراً كيف ان كال منهم رفع كنيسته الى النضوج الكامل‪.‬‬
‫بينم ا يخص ص الترنيم ة ‪ 15‬للثن اء على ولغ اش‪ .‬وكم ا ان الش مس في ش روقها وعن د الظه ر وفي‬
‫‪16‬‬

‫الغروب هي جلية في الصباح‪ ،‬وقوية ظهراً‪ ،‬وصافية عند الغروب ‪ ،‬هكذا هم األساقفة الثالثة (‪:13‬‬
‫‪ . )8-7‬يعق وب ي داعب الكنيس ة الطفل ة بحن ان وب ابو اس تهمل الص رامة م ع البنت الص غيرة‪ ،‬وولغ اش‬
‫الحلم م ع البالغ ة (‪ .)18 :14‬وك ل راع منهم فتح باب اً مختلف اًن ك ل بمفتاح ه (‪ ،)19،3‬فبينم ا غ رس‬
‫يعق وب الكرم ة‪ ،‬س ّيجها ب ابو‪ ،‬وب نى والغ اش اإله راء للثم ار (‪ .)3-2 :14‬يعق وب " أرض ع اوالده‬
‫بكلمات بسيطة"‪ ،‬واستخدم بابو التعابير السهلة‪ ،‬بينما عبر ولغاش عن ذاته بكلمات البالغين (‪-15 :14‬‬
‫‪ .)19‬ويمكن القول ان األساقفة الثالثة تابعوا وجهاً من أوجه كنيسة نصيبين بخط تقدمي وتربية كاملة‪،‬‬
‫فاجتازوا بذلك من الطفولة الى النضج التعليمي الغني‪ ،‬حتى الوصول الى البالغ الحكيم ولغاش‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫يرتكز تعليم الق ديس أف رام‪ ،‬في تعاليم ه لألس اقفة‪ ،‬على اإلنجي ل‪ ،‬وتع اليم الق ديس ب ولس‪ ،‬وعلى‬
‫إحساس مرهف وفهم واضح للوضع النفسي ومعرفة شاملة للمجتمع الذي يحيطه‪.‬‬

‫أورثوذكسية التعليم‪ ،‬وعلى المثل الصالح الذي يجب على األساقفة التحلّي بها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يشدد أفرام على‬
‫ّ‬

‫دبيري‪ ،‬قفّ ة القطي ع في عمل ه‬


‫ّ‬ ‫فعلى األس قف أن يحم ل م يزان بقف تين‪ :‬قف ة الكهن ة كش ركاء لعمل ه الت‬
‫التقديسي‪.‬‬

‫وأن تكون عصاته‪ ،‬صولجان حكمة وإ يمان‪.‬‬

‫ويكون تاجه‪ ،‬تعليم األنجيل وتقليد الكنيسة ‪.‬‬

‫الرب‪ ،‬بها يمثّ ل المسيح‪،‬‬


‫ّ‬ ‫استمرارية لعمل الكهنوت الذي منحه إياه‬
‫ّ‬ ‫األسقفية هي‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫وأن يتذ ّكر دوم اً ّ‬
‫الراعي األوحد‪ ،‬ومن خاللها يرعى نفس القطيع نفسه ‪ ،‬ال كالراعي األجير إنما كالراعي األمين ‪.‬‬
17

Bibliographie

1- Ortiz de Urbina, L’évêque et son rôle d’après Saint Éphrem, in : Parole de
l’orient, vol.4, n 1-2(1973), pp137-146
2- Fiey, Jean M. , Les évêques de Nisibe au temps de Saint Ephrem, vol. 4, n°
1-2 (1973), pp. 123-135.
3- Saint Ephrem, Les Chants de Nisibe, Traduction de paul Feghali, et Claude
Navarre, ed.Antioche Chretienne III, Paris ,1989

You might also like