Professional Documents
Culture Documents
البدل في اللغة
البدل في اللغة
:البدل لغة
قبل الشروع في دراسة البدل ال بد لنا من الوقوف عليه من ناحيته اللغوية فالبدل
هو الخلف والتغيير ،البدل وبدل الشئ أي غيره ،وتبدل الشئ وتبدل به واستبدل به
كله بمعنى اتخذ منه بدال ،وأبدل الشئ من الشئ وبد له :أتخذه منه بدال وإن لم تأتي
ببدل ،واألصل في التبديل تغيير الشئ عن حاله ،واألصل في اإلبدال جعل شئ مكان
شئ اخر كإبدالك من الواو تاء " و تاهلل " ،البدل من الباء والدال والالم أصل واحد
وهو قيام الشئ مقام الشئ الذاهب ،يقال هذا بدل الشئ وبديله ،1واستبدلت ثوبا
مكان ثوب وأخا مكان أخ ،وبدل الشئ 2،وقوله عز وجل ":وما بدلوا تبديال" معناه
أنهم ماتوا على دينهم غير مبدلين ،والبدل بمنعنى التغييرواملبادلة وعلى هذا املعنى جاء
".قوله عز وجل " :كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب
:البدل اصطالحا
تعريف البدل مر عند النحاة عبر مراحل بدءا من سيبويه وصوال إلى ابن مالك ،يعتبر
سيبويه(180ه) من أوائل من عرف البدل فقال " :هذا باب من الفعل يستعمل في
االسم ،ثم يبدل مكان هذا االسم اسم اخر ،فيعمل فيها كما عمل في األول ،وذلك
ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر بيروت ،المجلد الحادي عشر ،ص.48 : 1
2
الخليل الفراهيدي ،معجم العين ،تحقيق الدكتور مهدي المخزومي ، %الدكتور %إبراهيم السامرائي،الطبعة
.الثانية ،الجزء الثامن ،ص45 :
1
قولك :رأيت قومك أكثرهم" .3فمن امللحوظ هنا أن سيبويه يوضح لنا البدل من
.خالل تقديم أمثلة وال يعرفه باملعنى االصطالحي الذي عرف الحقا
أما املبرد ( 210ه) فيعده تعيينا ،ويعلل لتسمية البدل قائال :قيل بدل ألن الذي
عمل في الذي قبله قد صار يعمل فيه بأن فرغ له ،وحول عالقة البدل باملبدل منه
يستطرد قائال ":اعلم أن البدل في جميع العربية يحل محل املبدل منه ،وذلك قولك
:مررت برجل زيد ،وبأخيك عبد هللا ،فكأنك قلت مررت بزيد ،ومررت بأبي عبد
هللا" .4ثم عرفه ابن السراج( 316ه) بقوله " وحق البدل وتقديره أن يعمل العامل
في الثاني كأنه خال من األول ،وفي نفس الصدد عرفه ابن جني بقوله 5":اعلم أن
،والتخصيص " 6وهو يعني من كالمه أن البدل يجمع بين التوكيد والنعت
7
وقد ذكر لنا الرماني البدل في تعريفه فقال ":البدل قول يقدر في موضع األول"
وعلى النقيض منه نجد الزمخشري يعرف البدل" ذلك الذي يعتمد الحديث ،وإنما
يذكر األول لنحو من التوطئة ،وليفاد بمجموعها فضل تأكيد وتبيين ال يكون في
اإلفراد" ، 8فالزمخشري فصل في التعريف وبين الغاية منه وهي التأكيد والتبيين،
3
عمر بن عثمان بن قنبر سيبويه ( 180ه) ،الكتاب تحقيق عبد السالم محمد هارون ،مكتبة الخانجي بالقاهرة /دار الرفاعي ) 3-
.بالرباط ،طبعة ثانية 1402ه ،جزء 1ص150 :
4
أبو العباس محمد بن يزيد المبرد ( ،) 210المقتضب ،تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة ،مطابع األهرام،،الجزء الرابع ،ص-) :
295.
5
.أبي بكر بن سهل ابن السراج 316(،ه) األصول في النحو ج ،2تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلى ،دار الرسالة ،ص)304 :
6
.أبو الفتح عثمان بن جني( 392ه) ،اللمع في العربية ،المحقق :فائز فارس الناشر :دار الكتب الثقافية ،ص- ) 27 :
7
.علي بن عيسى الرماني ،الحدود في النحو ،ص) 6 :
8
أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري( 538ه)،المفصل في علم العربية ،دراسة وتحقيق الدكتور فخر صالح قدارة ،دار )8-
.عمار ،ص123 :
2
وإذا اطلعنا على حد ابن يعيش سنجد أنه يقارب حد الرماني كما أشرنا له سلفا،
حيث قال" البدل ثان يقدر في موضع األول ،نحو قولك" مررت بأخيك زيد ،فزيد
ثان من حيث كان تابعا لألول في إعرابه ،واعتباره بأن يقدر في موضع األول ،حتى
كأنك قلت :مررت بزيد فيعمل فيه العامل ،كأنه خال من األول.والغرض من ذلك
البيان ،وذلك بأن يكون للشخص اسمان ،أو أسماء ،ويشتهر ببعضها عند قوم،
ووبعضها عند اخرين ،فإذا ذكر أحد االسمين ،خاف أن اليكون ذلك االسم
مشتهرا عند املخاطب ويذكر االسم االخر على سبيل بدل أحدهما من االخر للبيان
وإزالة ذلك التوهم ،فإذا قلت :مررت بعبد هللا زيد ،فقد يجوز أن يكون املخاطب
يعرف عبد هللا ،وال يعلم أنه زيد ،وقد يجوز أن يكون عارفا بزيد ،وال يعلم أنه
عبد هللا ،فتتأتي باالسمين جميعا ملعرفة املخاطب" .9فيما يخص ابن الحاجب فهو
ثم ذكره في كتاب اإليضاح قائال :تابع مقصود بالذكر ،وذكر متبوع قبله للتوطئة
والتمهيد ،وقولنا (تابع) يجمع التوابع كلها ،وقولنا مقصود بالذكر يفصل الصفة
والتأكيد وعطف البيان ،وقولنا )ذكر املتبوع ) إلى اخر يفصله عن املعطوف فإنه
9
هوامش )9 أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش الموصلي(643ه) ،شرح المفصل للزمخشري ج ،2قدم له ووضع
وفهارس الدكتور راميل بديع يعقوب ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ص25:
10
.ابن الحاجب(646ه) ،شرح الشافية في نظم الكافية ج ،3تحقيق موسى بناي العليلي ،ص) 268 :
11
.ابن الحاجب ،االيضاح في شرح المفصل ج ،1تحقيق موسى بناي العليلي ،ص) 449:
3
أما ابن عصفور (669ه) قدم تعريفا للبدل من خالل هذا القول االتي " :إعالم
السامع بمجموع اسمين ،أو فعلين على جهة تبيين األول ،أو تأكيده ،وعلى أن ينوي
باألول منهما الطرح معنى ال لفظا ،فمثال مجيئه للتبيين قولك ( :قام أخوك زيد)
ومثال مجيئه للتأكيد (جدعت زيدا أنفه ) ،فمعلوم من قولك جدعت زيدا ،إن
املجدوع أنفه والدليل على أن األول ينوي به الطرح 12"،ويالحظ على حد ابن عصفور
مايلي:
أوال :أن افتتاحه بقوله (إعالم السامع) غير فني ،ألنه يجعل الحد بيانا للبدل
ثانيا :مجموع اسمين أو فعلين بمعنى أن البدل واملبدل منه إما اسمان معا ،وإما
وقدم ابن مالك بدوره حدين للبدل ،فقد عرفه في منظومته :
13
واسطة هو املسمى بدال" "التابع املقصود بالحكم بال
وجاء به في كتابه تسهيل الفوائد وتكميل املقاصد "هو التابع املستقل بمقتضى
14
العامل تقديرا دون متبع"¥.
12
.ابن عصفور االشبيلي ،المقرب ج ،1تحقيق االستاذ صالح سعد محمد المليطى ،دار األفاق العربية ،ص ) 242:
13
.محمد بن عبد هللا بن مالك األندلسي ،ألفية بن مالك ،المكتبة الشعبية ،بيروت ،لبنان ،ص) 39 :
14
.ابن مالك ،تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ،تحقيق كامل بركات ،دار الكاتب العربي ،ص) 127 :
4
وعلى نفس املنوال جاء الجرجاني (816ه) بتعريف البدل فقال " :تابع مقصود بما
نسب إلى املتبوع دونه ،فقوله (مقصودة بما نسب إلى املتبوع يخرج عن النعت ،
والتوكيد ،وعطف البيان ،ألنها ليست بمقصودة بما نسب إلى املتبوع ،وبقوله
(دونه) يخرج عنه العطف بالحروف ،ألنه وإن كان تابعا مقصودا بما نسب إلى
وقد وضع أيضا هؤالء النحاة من ابن الناظم (686ه) ،وابن هشام(761ه) ،وابن
عقيل(769ه) ،والسيوطي (911ه) حدا للبدل فقد نقلوا التعريف من ابن مالك
ولم يخرجوا عن ما ذكره " التابع املقصود بالحكم بال واسطة" ويفهم من هذا
التعريف مايلي:
أن البدل يتبع املبدل منه في إعرابه من رفع ونصب وخفض وجزم فالبدل -
هو محور الكالم واملقصود بالحكم مطلقا بدون واسطة بينه وبين متبوعه
هذا الحد يخرج بقية التوابع فقوله هو التابع املقصود بالحكم أخرج -
وليست مقصودة بالحكم وقوله( بال واسطة ) أخرج عطف النسق ألنه
15
.علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني :معجم التعريفات ،تحقيق محمد صديق المنشاوي ،دار الفضيلة ،ص ) 39:
5
ويعد البدل من مصطلحات البصريين ،وقد استعمله سيبويه ،وعند الكوفيين
يسميه األخفش الترجمة والتبيين ،ويسميه ابن كيسان بالتكرير ،يسمى كذلك
املردود.
استنتاج:
انطالقا من دراسة ماجاءت به من أنامل أهم معظم النحاة القدامى يمكن أن
يعتبر حد البدل البن مالك هو الحد النهائي لهذا املصطلح ،هنا توقف -
الكوفيون يسمونه بالتكرير والترجمة ،أما تسمية( Oبدل) فهي تسمية -
البصريين .
1992م) يعرفه بقوله " هو التابع املقصود بالحكم بال واسطة بينه وبين
متبوعه" ،16وفي نفس منواله ذهب راميل بديع يعقوب (1994م) وقال" :هو التابع
16
.مصطفى الغالييني :جامع الدروس العربية ،موسوعة في ثالث أجزاء ،مكتبة الصفا للنشر والتوزيع ،ص ) 588
6
املقصود بالحكم دون واسطة بينه وبين متبوعه ،نحو كان الخليفة عمر
عادال".17
وقد تحدث عباس حسن بدوره عن البدل ،فهو لم يعرفه كاصطالح وإنما توجه إلى
مايقوله باقي النحاة في تعريف البدل وقال "إنه التابع املقصود وحده بالحكم
املنسوب إلى تابعه ،من غير أن تتوسط في األغلب واسطة لفظية بين التابع
واملتبوع" ، 18فقد بين لنا عباس حسن من خالل هذا التعريف الفرق الحاصل بين البدل
والتوابع األخرى :فالنعت والتوكيد وعطف البيان ليست مقصودة بالحكم ،وإنما هي
وقد سار فاضل السامرائي في نهجه فاستسقى تعريفا للبدل من معين القدماء
وقدم تفسيرا له مما جاء به ابن يعيش في املفصل واملبرد والسيرافي وال يعنون
بذلك" أن املبدل منه ال فائدة فيه وليس له غرض ،بل على معنى أن البدل مستقل
بنفسه وإنما العامل كأنما باشر البدل" 19.كما أن عبده الراجحي أشار في كتابه إل
تعريف البدل ووضح لنا من هذا التعريف أنه لم يخرج عما ذكره القدماء بصدد
حد البدل فنجده يقول " :هو تابع مقصود بالحكم أي إن معنى الكالم يتوجه إليه
.20وإذا ذهبنا إلى وحده ومع ذلك فهو يتبع اسما سابقا عليه يسمى املبدل منه "
توجه مهدي املخزومي سيتضح لنا أنه رفض تعريف القدماء للبدل ويحاول أن
17
.راميل بديع يعقوب :موسوعة النحو والصرف واالعراب ،دار العلم للماليين ،1994الطبعة ، 3ص) 196 :
18
عباس حسن :النحو الوافي ج ، 2القسم الموجز لطلبة الدراسات النحوية والصرفية بالجامعات ،دار المعارف بمصر ،مكتبة )18-
.لسان العرب ،ص664:
19
.فاضل صالح السامرائي ج :معاني النحو ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة1420 ،1ه ،ص-) 206 :
20
عبده الراجحي :التطبيق النحوي ،أستاذ العلوم اللغوية وعضو مجمع اللغة العربية ،دار الصحابة للتراث بطنطا ،الطبعة 20-) ، 1
1430.ه ،ص354 :
7
يرده قائال ":أما البدل عندهم تابع بال واسطة ،وهو عندهم املقصود بالحكم
" ، 21وظاهر ما في هذا القول من تعارض ،فكونه تابعا يعني أن املقصود بالحكم هو
املتبوع ،فإذا كان البدل هو املقصود بالحكم فينبغي أن يكون هو املسند لم يكن
تابعا.
خالصة :أكثر املحدثين من النحاة يوافقون القدماء في تعريف البدل وال يخرجون
عند الحد الذي وضعه ابن مالك وشاع عند الذين جاءوا بعده.
سبق وأن عرفنا البدل التابع املقصود بالحكم بال واسطة بينه وبين متبوعه وما
املبدل إال تمهيدا وتوطئة له ،ألن البدل هو املعتمد في الكالم ،وما وظيفة البدل
إال إزالة اللبس واالبهام عنه وتقريب الداللة في نفس املخاطب .
وفي حديثنا عن غرض وفائدة البدل فإننا نجد ابن األنباري عنه" البدل عموما يفيد
االيضاح ورفع االلتباس وإزالة التوسع واملجاز 22".كما وضحه أيضا ابن يعيش
وقال " :والغرض من ذلك البيان ،وذلك بأن يكون للشخص اسمان ،أو أسماء ،
ويشتهر ببعضها عند قوم ،وببعضها عند اخرين ،فإذا ذكر أحد االسمين ،خاف
أن ال يكون ذلك االسم مشتهرا عند املخاطب ،ويذكر االسم االخر على سبيل أحدهما
من االخر للبيان وإزالة ذلك التوهم ،فإذا قلت :مررت بعبد هللا زيد ،فقد يجوز أن
21
.مهدي المخزومي:في النحو العربي قواعد وتطبيق ،دار الرائد العربي ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الثانية 1406،ه ،ص21-) 190:
22
.أبو بكر بن األنباري :أسرار العربية ،تحقيق يوسف هبود ،طبعة 1420 ،1ه ،ص22-) 298 :
8
يكون املخاطب يعرف عبد هللا ،وال يعلم أنه زيد ،وقد يجوز أن يكون عارفا بزيد ،
وال يعلم أنه عبد هللا ،فتأتي باالسمين جميعا ملعرفة املخاطب" .23واتجه عباس حسن
إلى أن الغرض األصيل من البدل "هو في الغالب تقرير الحكم السابق وتقويته
بتعيين املراد ،وإيضاحه ،ورفع االحتمال عنه ،ألن هذا الحكم ينسب أوال للمتبوع
فيكون ذكر املتبوع تمهيدا للتابع الذي سيجئ وتوجيها للنفس الستقباله
بشوق ولهفة .فإذا استقبلته ¥وعرفته استقبلت معه الحكم وعرفته أيضا ،فكأن
الحكم قد ذكر مرتين ،وفي هذا تقوية للحكم وتوكيد ،وألجل تحقيق هذا الغرض
24
ال يصح أن يتحد لفظ البدل واملبدل منه إال إذا أفاد الثاني زيادة بيان وإيضاح".
وبالتالي نخلص إلى أن الوظيفة األساس للبدل هي االيضاح والبيان والتي قد أجمع
لقد شكل تقسيم البدل منحيين اثنين ،أما األول فقد سار على نهج القدماء في
تقسيمهم للبدل منهم من قسمه إلى أربعة أقسام وهي (بدل الكل ،بدل البعض ،بدل
االشتمال ،بدل الغلط والنسيان) ،ومن أمثالهم :ابن جني ،ابن يعيش ،ابن
الحاجب ،ونجد بعض القدماء أضافوا نوعا خامسا (بدل الكل ،بدل البعض ،بدل
االشتمال ،بدل البداء ،بدل االضراب والغلط) ،ومن أمثالهم ابن مالك،
السيوطي ،أما بخصوص الثاني فقد ثار على ماجاء به القدماء فنجد بعض األبحاث
23
.ابن يعيش ،شرح المفصل للزمخشري ج ،2ص23-) 256 :
24
.عباس حسن :النحو الوافي ج ،3ص24-) 665 :
9
التي وقعها ثلة من النحويين املحدثين ومنهم مصطفى الغالييني وعباس حسن
وعبده الراجحي ،قسموه إلى أربعة أقسام وهي (البدل املطابق ،بدل البعض ،بدل
االشتمال ،البدل املباين ،هذا األخير قسموه إلى ثالثة أقسام وهي :بدل غلط ،بدل
إن الخالف حول أنواع البدل راجع ال محالة إلى بيان داللته بدقة وذلك إلزاحة
الغموض واللبس والتردد عنها ،ومادام تقسيم مصطفى الغالييني وعباس حسن
أقسام البدل األربعة املشهورة ،وكل منها هو املقصود وحده بالحكم :
أولها :بدل كل من كل ":ويسمى بدل املطابقة ،أو بدل املطابق من مطابقه" ، 25وهو
بدل الشئ مما كان طبق معناه كقوله تعالى " اهدنا الصراط املستقيم صراط
الذين أنعمت عليهم" فالصراط املستقيم ،وصراط املنعم عليهم متطابقان معنى،
27
ألنهما كليهما بدالن على معنى واحد26 ".وقد أشار إليه سيبويه باسم "هوهو"
ثانيا :بدل البعض من الكل" :وهو بدل الجزء من كله ،قليال كان ذلك الجزء أو
مساويا للنصف أو أكثر منه ،نحو جاءت القبيلة ربعها أو نصفها " ،28وذكره في
نفس املنوال عباس حسن فقال ":ضابطه أن يكون البدل جزءا حقيقيا من املبدل منه
25
.عباس حسن :النحو الوافي ج ،3ص25-) 665 :
.مصطفى الغالييني :جامع الدروس العربية ،ص26-) 577 :
26
27
.عمر بن عثمان ابن قنبر سيبويه ،الكتاب ج ،1ص27-) 151 :
28
.مصطفى الغالييني :جامع الدروس العربية ،ص28-) 578 :
10
(سواء أكان هذا الجزء أكبر من باقي األجزاء أم أصغر منها ،أم مساويا) وأن يصح
االستغناء عنه باملبدل منه ،فال يفسد املعنى بحذفه (،أكلت البطيخة ثلثها،
29
والبرتقالة ثلثيها)".
هو بدل الشئ مما يشتمل عليه على شرط أن ال يكون جزءا منه نحو" ،نفعني
املعلم علمه" و "أعجبت ¥بعلي خلقه الكريم" فاملعلم يشتمل على العلم ،وعلي
يشتمل على الخلق ،وكل من العلم والخلق ليس جزءا ممن يشتمل عليه" .30وبين
لنا عباس حسن "أن بدل االشتمال مقصود لتعيين أمر في متبوعه ،وأن هذا األمر
عرضي طارئ وليس جزءا أصيال من املتبوع وأن أساس االشتمال وموضعه الحق هو
"العامل" بمعناه ،ال التابع وال املتبوع .وبدل االشتمال كبدل البعض ال بد
31
لصحته من صحة االستغناء عنه باملبدل منه وعدم فساد املعنى بحذفه".
هو بدل الشئ مما يباينه ،بحيث ال يكون مطابقا له ،وال بعضا منه وال يكون
29
.عباس حسن ،النحوالوافي ج ،3ص29-)666:
30
.مصطفى الغالييني :جامع الدروس العربية ،ص30-) 578:
31
.عباس حسن:النحو الوافي ج .3ص31-) 667 :
11
" ما ذكر ليكون بدال من اللفظ الذي سبق إليه اللسان فذكر غلطا نحو "جاء
املعلم التلميذ" أردت أن تذكر التلميذ فسبق لسانك فذكرت املعلم غلطا،
فتذكرت غلطك فأبدلت منه التلميذ" .32وهذا النوع قد انتبه إليه سيبويه
وغيره نحو "مررت برجل حمار" أردت أن تخبر بحمار فسبق لسانك إلى رجل ثم
33
أبدلت منه الحمار.
بدل النسيان " :ما ذكر ليكون بدال من لفظ تبين لك بعد ذكره فساد قصده ب-
نحو " سافر علي إلى دمشق ،بعلبك " توهمت أنه سافر إلى دمشق فأدرك
فساد رأيك فأبدلت بعلبك من دمشق34 ".وذكر عباس حسن الفرق بين البدل
ج -بدل االضراب ":هو الذي يذكر فيه املبدل منه قصدا ولكن يضرب عنه
املتكلم من غيره أن يتعرض له بنفي أو إثبات كأنه لم يذكره ويتجه إلى البدل ،نحو
"سافر في قطار ،سيارة ،فقد نص املتكلم على القطار أوال ثم أضرب عنه تاركا
أمره ،ونص على السيارة بعد ذلك ،فهي بدل مقصود من القطار" 35.ووضحه
الغالييني في هذا املثال :خذ القلم ،الورقة أمرته بأخذ القلم ،ثم أضربت عن األمر
بأخذه إلى أمره بأخذ الورقة ،وجعلت األول في حكم املتروك .وهذا النوع تحدث
32
32-) 578 .مصطفى الغالييني ،المرجع السابق ،ص:
33
.سيبويه ،المرجع السابق ،ص33-) 151 :
34
.مصطفى الغالييني ،نفس المرجع ،ص34-) 579 /578 :
35
.عباس حسن ،النحو الوافي ج ،3ص35-) 671 :
12
عنه سيبويه في مثال " رأيت زيدا عمرا " أن يكون أضرب عن ذلك فنحاه وجعل عمرا
36
مكانه".
خالصة :ينقسم البدل إلى أربعة أقسام هما :البدل املطابق ،بدل البعض من الكل،
بدل الكل من الكل ،والبدل املباين ،الذي ينقسم بدوره إلى ثالث عناصر أساس
وضع النحاة فروقا بين النعت والبدل ،ورسموا حدودا بين هذين التابعين ،للفصل
النعت لفظ يتبع املوصوف في إعرابه تحلية وتخصيصا له بذكر معنى في -
املوصوف ،ويأتي النعت إلزالة تلك الشركة ونفي اللبس ،فصفة املعرفة
والبدل كالهما للتوضيح والبيان ،غير أن البيان في البدل مقدم وفي النعت
مؤخر ،فالبدل ليس تتمة للمبدل منه عكس النعت فهو تتمة وتكملة
بيانية للمنعوت،
37
.ابن يعيش ،شرح المفصل للزمخشري ،جزء ،2ص37-) 233 :
13
البدل واملبدل منه كالنعت واملنعوت ،فيلزم تطابقهما في التعريف و -
التنكير كما كان ذلك في النعت ،ألن النعت من تمام املنعوت وتحلية له ،
38
والبدل منقطع من املبدل منه يقدر في موضع األول على ماذكرناه".
البدل اسم جامد جار على ما قبله ،لكن ليس جريانه جريان النعت ألن -
البدل على نية تكرار العامل" ،39واألغلب في البدل أن يكون جامدا ،ومن
يجري البدل في املضمر واملظهر ،والنعت ليس كذلك إذ ال ينعت املضمر -
وال ينعت به .وفي هذا الصدد يقول ابن يعيش " :اعلم أن البدل يتجاذبه
شبهان :شبه النعت ،وشبه التأكيد ،فكما املضمرات تؤكد ،فكذلك يبدل
منها ،فهو في ذلك كاملظهر ،وليس األمر فيه كالنعت على ما تقدم ".
عالقة النعت باملنعوت أشد وأقوى من عالقة البدل واملبدل منه وهذه -
الفكرة يؤكدها ابن يعيش حين قال " :وجب للنعت أن يكون تابعا
ما يلحق االسم يلحق النعت ،وإنما قلنا إنهما كالشئ الواحد من قبل أن
39
.ناظر الجيش :تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ج ،7تحقيق علي محمد ناضر،دار السالم للطباعة والنشر ،ص39-)3380:
40
.عباس حسن ،المرجع السابق ،ص40-) 669 :
41
.ابن مالك :شرح التسهيل ج ، 3تحقيق الدكتور عبد الرحمن السيد ،هجر للطباعة والنشر ،ص41-) 306 :
14
إنسان ،واملنعوت وحده بمنزلة حيوان ،كذلك النعت واملنعوت أخص من
اسم االشارة قد تكون بدال ونعتا في نفس الوقت " ،فعلى هذا -
تقول ":مررت بزيد هذا" ،فيكون (هذا) نعتا لزيد .هذا على مذهب من
يرى أن (هذا) أنقص من العلم جعله بدال ،ال نعتا ،وتقول " :جاءني هذا
الرجل" ،فتصف (هذا) بما فيه األلف والالم ،ألن ما فيه األلف والالم
أنقص تعريفا من أسماء اإلشارة .ولو قلت " :مررت بالرجل هذا"،
فتصف ما فيه األلف الالم باسم اإلشارة ،لم يجز ،ألن االسم ال يوصف
بما هو أتم تعريفا منه ،فإن جعلته بدال أو عطف بيان ،جاز ،فاعرفه".
43
اختلف ¥النحويون في تحديد عامل البدل ،إذ يرى سيبويه أن العامل في البدل هو
العامل في املبدل منه فنراه يقول " :هذا باب من الفعل يستعمل في االسم ثم يبدل
مكان ذلك االسم اسم اخر فيعمل فيه كما عمل في األول" ،44و وافقه املبرد
بعد أن أورد مثاال على بدل الكل ،وإنما هو في الحقيقة تبيين ولكن قيل بدل ،ألن
42
.ابن يعيش :المرجع السابق ،ص 42-) 244:
43
.ابن يعيش :المرجع السابق ،ص43-) 250 :
44
سيبويه :الكتاب ج ،1ص-) 15044 :
15
الذي عمل في الذي قبله قد صار يعمل فيه بأن فرغ له " 45وذهب معهم في نفس
الرأي ابن الحاجب من خالل قوله ":والفرق االخر أن البدل في حكم تكرير العامل
" ، 46وذكر لنا ابن يعيش أن سيبويه ،وأبو العباس محمد بن يزيد ،والسيرافي من
املتأخرين إلى أن العامل في البدل هو العامل في املبدل منه ،كالنعت والتأكيد ،وذلك
لتعلقهما به من طريق واحد ،وأما ظهور العامل في بعض املواضع ،فقد يكون
توكيدا كما يتكرر العامل في الشئ الواحد" .47وبعض النحاة ذهبوا إلى أن العامل في
البدل غير العامل في املبدل منه ،فهذا ابن األنباري يقول " :يحكى عن أبي علي
الفارسي أنه قيل له؟ كيف يكون البدل إيضاحا للمبدل منه وهو من غير جملته؟
فقال ملا لم يظهر العامل في البدل ،وإنما دل عليه العامل في املبدل واتصل البدل
باملبدل في اللفظ جاز أن يوضحه ،والذي يدل على أن العامل في البدل غير العامل
ويمكن أن نخلص من هنا إلى أن اختالف النحاة في عامل البدل ،باعتباره هو الذي
يحدد الحالة االعرابية في نظرهم ،فمنهم من ذهب إلى أن العامل في متبوعه ،
45
.المبرد :المقتضب ج ،4ص45-) 295 :
46
.ابن الحاجب :شرح الرضى لكافية ابن الحاجب ج ،1ص46-) 1079 :
47
-
48
.أبو بكر ابن األنباري :أسرار العربية ،تحقيق يوسف هبود ،طبعة1420 ،1ه ،ص47-) 218 :
16
17
18