Professional Documents
Culture Documents
عنوان الترجمة العربية:سافرة :كيف يم ّكن الليبراليون الغربيون األصولية والتشدد اإلسالمي.
ز
غضبان ترجمة :ز
معت
عشي. ترجمة و مراجعة الصياغة :لؤي ر
ز
المومن ،و وفاء البحري. مراجعة تامة للتجمة :إحسان
translationsproject.org
2
translationsproject.org
3
يجب أن يقرأ هذا الكتاب كل المهتمين بقدرة البشر ،وكيفية تغلبهم على المحن.
إن ياسمين إحدى أشجع الشخصيات في عصرنا ،إنها قدوة مشرقة لنا جميعًا. َّ
ي؛ مؤلفة كتاب "كافرة".ايان هرسي عل ّ
صف ،والتي يؤدي أن الضحايا الرئيسيين للقسوة الهائلة التي ال تو َ يفش ُل العديد منا في إدراك َّ
إليها االلتزام المتشدد ،والمتحمس لإلسالم (ناهيك عن ذكر التسلط ،والهوس بالتحكم اللذين
يهيمنان َحتّى على أصغر تفاصيل الحياة اليومية) هم ال ُم ْس ِلمون أنفسهم ،وخاصةً النِسا َء .كتاب
ياسمين محمد المحرك للمشاعر ،وال ُمد ِْمي للقلب ،و المكتوب بجمالية ؛يوضح هذا األمر بطريقة
أخيرا على تغيير رأي َحتّى أشد العقول تضلُّ ًال من المدافعين عن اإلسالم ً يجب أن تكون قادرة
في وسطنا ،وبيئتنا الليبرالية حسنة النية.
ريتشارد دوكينز؛ مؤلف كتاب وهم االله.
ت َ ِرث النِساء ،و المفكرون األحرار في المجتمعات ال ُم ْس ِلمة التقليدية عبئًا مضاعفًا .فإذا أرادوا
العيش في العالم الحديث ،عليهم ليس فقط مواجهة الثيوقراطيين (المتعصبين دينيًّا) في منازلهم
الكثير من الليبراليين العلمانيين بال مباالتهم ،ونفاقهم ،وتقواهم الزائفة،
َ ضا
ومدارسهم ،بل وأي ً
وهَلوسا ِتهم بخصوص "العنصرية" ،والذين يضيفون حجابًا آخر على معاناتهم .تقبل ياسمين
محمد في كتابها "سافرة" هذا التحدي ب ُك ّل ما في العالم من شجاعةُ ،مكذِّبةً الفكرة الخطيرة
القائلة بأن نقد اإلسالم ضرب من ضروب التعصب .فلتكن شجاعتها وحكمتها ملهمة لك.
س؛ مؤلف كتاب نهاية اإليمان. هار ْ
سام ِ
تمثل القصص الحقيقية الشخصية شهادات قوية .قصة ياسمين تحرك المشاعر بعمق وقد
ضا مليئًة باألمل في ما يمكن أن يكونً ،
بدال من الرضا تصيب المرء باالكتئاب أحيانا؛ ِلكنَّها أي ً
بالواقع بما هو كائن ،وهي ليست قصة استثنائية .إن النِساء اللواتي تركن اإلسالم هن على
خيارا شخصيًا آخر قد
ً ضا لالضطهاد في العالم .أتحداكم أن تذكروا األرجح أكثر األقليات تعر ً
يقود الى العنف من أجل الشرف؛ باالضافة الى اإلعدام من قبل حشود العامة في دول نعتبرها
سه ليبراليًّا أن يدّعي الليبرالية حين يتجاهل هذه األقليات داخل حليفةً لنا .ليس لمن يسمي نف َ
شتَّى أصقاع العالم أن يدركوا هذا االستبداد السلطوي الذي يقبع األقليات .وعلى ال ُم ْس ِلمين في َ
بينهم.
translationsproject.org
4
أرجو أن تستطيع قصة ياسمين الشخصية والشجاعة المساهمةً في خلق هذا الوعي الالزم بشدة.
ماجد نواز؛ مؤلف كتاب الراديكالي.
إن ياسمين محمد إمرأة ً شجاعةً جدًا ،وقدوة رائعة ل ُك ّل النِساء الالتي واجهن ،ويواجهنَ العنف
َّ
تحت غطاء الدّيْن ،أو الثقافة .قصة ياسمين مأساوية ،وآسرة في نفس الوقت؛ فقد تحملت أشياء
ضا من قصص الشجاعة والعزيمة ألنه "ال مبرر ال ينبغي أن يتعرض لها إنسان .قصتها أي ً
للتعنيف واإلساءة".
راحيل رازا؛ مؤلف كتاب جهادهم ليس جهادي.
translationsproject.org
5
جدول المحتويات
إهداء9 …………………………………………………………..
مقدمة…………………………………………………………10 .
تمهيد…………………………………………………………13 ..
العنف (17 ..…………………………………………………… )1
الصالة………………………………………………………… 22
27 اإلخضاع .……………………………………………………1
صر…………………………………………………………36 .
ِم ْ
41 الشرف ………………………………………………………
45 سانتا الخفي ……………………………………………………
التحرش………………………………………………………49 ..
اليهود…………………………………………………………52 .
57 اإلخضاع .……………………………………………………2
62 الحجاب………………………………………………………..
68 المدرسة اإلسالمية………………………………………………
الخيانة………………………………………………………… 71
78 األمهات……………………………………………………….
82 االكتئاب ..……………………………………………………1
85 تيفرز ...............................................................................
90 منبوذة…………………………………………………………
96 االكتئاب ..……………………………………………………2
translationsproject.org
6
100 العثورعلى موطئ قدمي…………………………………………..
105 الوطن…………………………………………………………
111 اإلخضاع ……………………………………………………3
135 العنف ………………………………………………………2
147 طفلتي الرضيعة…………………………………………………
القاعدة………………………………………………………… 154
161 الهروب………………………………………………………..
167 إقامة جبرية…………………………………………………….
معتمدين على أنفسنا……………………………………………… 175
178 الفيل…………………………………………………………..
الحرية………………………………………………………… 185
الشك…………………………………………………………191 ..
199 إعادة البناء……………………………………………………..
205 واين…………………………………………………………..
الدوحة………………………………………………………… 208
219 الحب………………………………………………………….
المقاومة………………………………………………………226 ..
230 األمل………………………………………………………….
239 عرفان بالجميل………………………………………………….
translationsproject.org
7
إهداء
لذكرى ِتيفرز
translationsproject.org
8
إهداء
يحس أنه مسحوق تحت الضغط الهائل ،والتهديدات المرعبة ُّ أهدي هذا الكتاب إلى ُك ّل إنسان
لإلسالم .أرجو أن تساعدك قصتي وتلهمك لكي تنتزع حريتك وتبسط جناحيك الرائعين.
ضا ُمهدى إلى من يشعرون أنَّ ُهم ملزَ مون في تشويه ،وشيطنة صورة ُك ّل ال ُم ْس ِلمين هذا الكتاب أي ً
تر ْوا أننا ُكلّنا بشر ،وأننا ُكلّنا لدينا شياطيننا التي نحاربها.
.آ َم ُل أن َ
هذا الكتاب ل ُك ّل من يرى أن عليه واجبًا للدفاع عن اإلسالم ضد التمحيص والنقد .آ َم ُل أن تفهم
فإنك تمنع النور من أن يشع على الماليين من الناس َحبيسي الظالم. أنك ُكلّما تمنع النقدَ ،
آخرا؛ أهدي هذا الكتاب الى زمالئي في الكفاح؛ الى ال ُم ْس ِلمين السابقين ورفاقي أخيرا ،وليس ً ً و
الملحدين ،ورفاقي المفكرين األحرار ،ورفاقي المشاغبين مثلي.
translationsproject.org
9
مقدمة
بقلم ريك فابرو
يوم (الـ )17من شهر يوليو سنة (2018م)؛ في تمام الساعة ( )11:26صبا ًحا .إ ّني رن هاتفي َ َّ
ي تطبيق على هاتفي؛ ولذلك أخذتُ أقلّب عبر اإليميل، ي رن ٍة تترافق ،وتدل على أ ّ ال أتَذكر أ ّ
أخيرا على الرسالة
ً وفيسبوك ،وتويتر ،وألعاب الكلمات التي ألعبها مع أصدقائي؛ إلى أن عثرت
النصية ،وفتحتها.
"مرحبًا سيد /فابرو .لقد ُك ْنتُ إحدى طالباتك في الصف الثامن في مادة المسرح سنة
أنك تَتذكرني"...(1989/1988م) ...لست متأكدة َ
ي بصمت. ش َحت العَبرات خدَّ َّ خفقَ قلبي عند قراءتي للرسالة ،وو َّ
ت كثيرة ً جدًّا على مر الثالثين سنة
فيك مرا ٍ
"ياسمين؛ إني لست أتذكرك فحسب؛ بل لقد فكرت ِ
الماضية!".
ذكراي عن تلك الفتاة الشجاعة ذات (الـ )13سنة؛ التي َ ت لي مرة أخرى بوضوح شديد خطر َْ
ت ضدها والتي تتحدى قدرة المرء على جلست قبالتي في مكتبي تصف البشاعات التي ارت ُ ِك َب ْ
التصديق بأن إنسانًا يمكن أن يكون بمثل هذه الوحشية تجاه غيره ،ناهيك عن فتاة عديمة الحيلة،
ووديعة غير مؤذيةَ .كانَت مصممة على أن ترفع أمرها الى السلطات علها تُنقذها من العذاب
المروع البغيض.
ِّ الذي تعيشه في بيتها
تدخلت السلطات ،ولم أرها مرة ثانية .افترضت أنَّ ُهم أودَعوها مالذًا آمنًا ،وأن ُك ّل شيء صار
في النهاية على ما يرام .في نهاية العام انتقلتُ إلى مدرسة أخرى و ُك ْنتُ أتساء ُل عن مآل
ياسمين.
"أردت فقط أن أشكرك .األمور لم تسر على ما يرام؛ ألن القاضي حكم بأن عنف عائلتي ضدي
يدخل تحت طائلة "الحريات الثقافية".
بدال من أن أتساءل عن تطورات حياتها خالل الثالثين كاد قلبي يتوقف عن الخفقان؛ حينئ ٍذ ً
ي .اتفقنا على اللقاء ،ثم تعانقنا ،وتحدثنا ،وبكينا، سنة الماضية ،صرت مسكونًا بأسئلة تلح عل َّ
وطلبت مني أن أقرأ مسودة هذا الكتاب.
كتاب "سافرة" يحكي قصةَ الخضوع كاملةً ،ويجيب عن األسئلةُ .ك ّل من سلطة العائلة ،و ُ
سلطة الدولة،وسلطة الدّيْن ،والثقافة؛ حاولت فرض جبروتها عليها .إنها تحكي في هذا الكتاب
translationsproject.org
10
كيف أن إرادتها ،وشجاعتها -على الرغم من لحظات ضعفها وشعورها بالهزيمة -قد انتصرت
في النهاية.
translationsproject.org
11
ي أح ٍد حول مشاكلي،لَ ْم أ َ ُك ْن قادرة على مواجهة ُك ْنتُ أجد أنه من المستحيل ْ
أن أحدِّث أ ّ
ت مني في طفولتي .لكن ي حال فإنني ال أملك الشجاعة؛ ُك ّل شجاعتي ُ
س ِل َب ْ اإلحراج ،وعلى أ ّ
صا ب ُك ّل شيء. اآلن ،وفجأة؛ أجد في نفسي رغبةً شديدة في أن أحدّث شخ ً
روالد داهل؛ ماتيلدا
translationsproject.org
12
تمهيد
نشأتي ك ُم ْس ِلمة ينبغي أال تكون أكثر من ذكرى بعيدة ،فقد تركت ذلك العالَم سنة (2004م)،
لكن العالَم المؤلم المسبب للصدمات الذي ترعرعت فيه؛ حدد معالم شخصيتي .إنه في عظامي،
ويجري في عروقي مجرى الدم ،وال أجد منه مهربًا؛ ظننت أَنّي يمكنني الهروب منه ،وأن أبدأ
حياتي من جديد ،وأعيد نحت ذاتي ،وأن أعيش حياتي كما أريد؛ لك ِنّي اكتشفت أن ال مهرب لي
من نفسي؛ ال سلطان لي على الصالت التي تسكن ذهني ،وردات الفعل العنيفة العميقة التي
ذلك ،وال أستطيع أن أعيد نحت أو بناء ذاتي من ي من َ ي تحكم في أ ّ
يصدرها جسدي؛ ليس لي أ ّ
وف أستطيع أن أعيش حياة "طبيعية"؛ لكن الصفر .قد أظن أني تغلبت على ُك ّل شيء ،وأني َ
س َ
ما أن أسترخي ً
قليال َحتّى تطل برأسها إحدى الذكريات القبيحة الهاجعة.
مين بالخداع ،و الخوف ،واألكاذيب التربة التي أنبتتني ،والماء الذي رواني كالهما َكانَا ُمس َّم ِ
وإلن بدَ ْوتُ شجرة ملؤها الحياة ْ ،والخيانة ،والغضب ،والحزن ،والكثير الكثير من التعنيف؛
والصحة من الخارج ،إال أن الحقيقة تكمن في جذوري .أتمكن من مخاتلة ُك ّل من يحيط بي،
و َحتّى األصدقاء الذين عرفتهم لسنين ليس لَدَيهم فكرة عن الحقيقة؛ إذ يقولون أشياء مثل" :لكنك
أنك سليمة نفسيًّا ،وعصبيًّا؟" ،أو "ما ُك ْنتُ أل َ ْح ِز َر!".
تبدين عادية للغاية" ،أو "كيف ِ
َحتّى زوجي يعجز عن التوفيق بين قصص هذه الفتاة -التي تختلف حياتها عن حياته للغاية-
ت بعائلتي .لَ ْم أ َ ُك ْن قد
مع هذه المرأة التي يحبها .لقد التقينا بعد بضع سنوات من قطعي الصال ِ
ي حال من األحوال؛ بيد أَنّي ُك ْنتُ قد تعلمتُ كيف أبتلع آالمي .لَ ْم تَ ُك ْن لَدَي طريقة شفيت بعد بأ ّ
للتعبير عن تلك اآلالم؛ لَ ْم َي ُك ْن أحد ليفهمُ .ك ْنتُ أعلَ ْم أن الناس ال يرتاحون للحديث حول اإلسالم؛
ولذلك دفعت ُك ّل الفكرة بعيدًا فقط.
لَ ْم أعثر إال بعد سنوات من تركي اإلسالم على صفحة بيل مار على الفيسبوكَ .كانَ بعض
س هار ْ
ال ُم ْس ِلمين السابقين (الذين تركوا اإلسالم) يردون على رد فعل بن أفليك على انتقاد سام ِ
لإلسالم .إن صراخه وهو يقول "مقزز" و"عنصري" صار أسطوريًّا اآلن بل ،وكليشيهيًّا
مبتذَ ًال .لَ ْم أ َ ُك ْن قد سمعت قبل ذلك بعبارة " ُم ْس ِلم سابق" ،ولَ ْم يَ ُك ْن لَدَي فكرة أنه يوجد آخرون
مثلي؛فقد احتفظت بأسراري البائسة لنفسي،وحياتي ال تتماشى مع الصوابية السياسية ،وال
translationsproject.org
13
تتالءم مع السردية المفضلة ،فقصة حياتي حقيقة غير مريحة ،والناس يفضلون أكاذيبهم
المريحة؛ بيد أن ردة فعلهم تجاه غضب بن أفليك جعلتني أرغب في المشاركة في الجدل.
س عالم األعصاب ،ومؤلف الكتاب الريادي؛ والمثير للجدل "نهاية اإليمان" َكانَ قد هار ْ
سام ِ
حضر في عرض (برنامج شو) بيل مار في أكتوبر (سنة 2014م) متحدثًا عن اإلسالم ،وتكلَ ْم
بطريقته الشهيرة المميَّزة التي تجمع بين الصرامة ،واللين؛ لقد تناول الموضوع بنفس الصرامة
ي ٍ من بحوثه حول أديان العالَ ْم ،فتحدَّث عن اإلسالم بنفس الطريقة
األكاديمية التي يطبقها على أ ّ
ي التي تحدث بها عن المسيحية ،واليهودية ،والكثير من الديانات ،واأليديولوجيات األخرى؛أ ّ
"بذِكر الحقائق".
استهل هو ،وبيل مار حديثهما بالتحسر على حقيقة فشل ،أو تقصير الليبراليين في الدفاع عن
القيم الليبر الية؛ تحدث بيل حول :كيف أن جمهوره يضج بالتصفيق لقيم مثل حرية التعبير
،وحرية المعتقد ،والمساواة بين الجنسين ،وحقوق األقليات ،وحقوق المثليين ،و مختلفي الميول
الجنسية؛ لَ ِكنَّه ما يلبث أن يلتزم الصمت إذا ما أشار أ ّ
ي أحد إلى أن هذه المبادئ ال تجد لها دع ًما
في العالم اإلسالمي؛ أما سام فقد أضاف أن الليبراليين ال يتوانون عن انتقاد الدول الدّيْنية
(الثيوقراطية) ذات العنصر األبيض ،والحكم الدّيْني المسيحي ،ولَ ِكنَّهم يحجمون عن انتقاد نفس
كدين يختلف جدًّا ،وليس مرادفًا
ٍ هذه الشرور في العالم اإلسالمي؛ كما أنه وضح أن اإلسالم
وناس.
ٍ ب،لل ُم ْس ِلمين كشعو ٍ
وكما َكانَ ُمتوقَّعًا ،يبدو أن بن أفليك-الذي مث َّ َل من قبل دور مالك ساقط في فيلم "دوغما" أو
"عقيدة" -قرر أن يتطوع ليصبح الدليل (أ) لتجسيد نفس الصورة الكاريكاتيرية الساخرية
لليبرالي المشوش التي تطرق إليها سام ؛ بإلقاء تهمة العنصرية على ك ٍّل من بيل ،وسام؛ وشبههم
بأولئك الذي يستعملون مصطلحات مثل "اليهودي المخادع" ،أو القائلين بأن "السود يريدون
دائ ًما إطالق النار على بعضهم البعض"؛ وأصر على أن ال ُم ْس ِلمين "ال يريدون إال أن يأكلوا
سدًا بالمثال نفس ذلك النفاق الذي تحدث عنه سام .هل َكانَ بن أفليك -الذي السندويتشات"؛ مج ِ ّ
مثل في فيلم يركز على نحو خاص ،وأساسي على نقد المسيحية ،والسخرية منها -يرى أنه تخطٍ
س ،وبيل مار أن يمارسا نقاشا حضاريًّا ،ومبنيًّا على هار ْ
للحدود وغير مقبول بالنسبة لسام ِ
الحقائق حول اإلسالم؟
translationsproject.org
14
كال من بيل ،وسام استشهدا بإحصائيات من مركز بيو لألبحاث ،والتي على الرغم من أن ًّ
صريين يعتقدون أنه يجب قتل األشخاص لتركهم دينهم؛ الم ْ
توضح بأن قرابة ( )90بالمئة من ِ
فقد أصر بيل على أن هذه األفكار السيئة ال يعتنقها إال عددا ً ضئيالً من ال ُم ْس ِلمين.
من وجهة نظري؛ ال يُ ْغ َفر لبن أفليك رفضه لنقد هذه األيديولوجيا التي قد سببت الكثير من
َّ
قتلهن المعاناة في العالم؛ إ ْذ في الغرب -على نح ٍو ٍ
عام -ال يهتم أحد لسجن ال ِنساء ال ُم ْس ِلمات ،أو
في إيران ،والسعودية لعدم تغطيتهن شعورهن .ال أحد يهتم لكون المدونين في بنجالدِش
يُض َْربون َحتّى الموت في الشوارع؛ ألنَّ ُهم تجرؤوا على الكتابة حول المذهب اإلنساني؛ كما أن
ُضربون َحتّى الموت؛ ألنَّ ُهم ش َّككوا في اإلسالم؛ لكن اآلن، ال أحد يبالي بأن الطلبة في باكستان ي َ
وأخيرا صار عموم الناس يتحدثون على وسائل اإلعالم الرئيسية حول هذه المشاكل التي ابت ُ ِل َي ً
بها العالم االسالمي ألكثر من ( 1400سنة) ؛ بينما يقف هذا الرجل -الذي يبدو على أنه حسن
ضا طريق الناقدين!؛ ُك ْنتُ غاضبةً من ذلك. النوايا ،وحامل لعقد ذنب الرجل األبيض -معتر ً
س في أتَذ َّكر أَنّي أردت أن أتكلم بحرية؛ أردت أن أصرخ بقوة؛ أردت االنضمام الى سام ِ
هار ْ
ضا مرعوبة .أحسست أَنّي أقف على حافة جرف تحته محيط معركة األفكار هذه؛ َل ِكنّي ُك ْنتُ أي ً
شاسع؛ ُك ْنتُ في أمان على اليابسة ،وقد حررت نفسي من المياه الخطيرة التي في األسفل؛ بِيدَ
أَنّي صرت أحس برغبة جارفة في الغطس مجددًا؛ أردت أن ألتقي آخرين مروا بنفس ما مررت
به ،.وأن أشاركهم ،وعموم الناس قصتي .أردت مجموعة من الناس تستطيع تَف ُّهم مخاوفي
الدفينة ،وقلقي ،وهواجسي.
لقد َكانَت مخاطرة ً كبرى ؛إذ لَ ْم َي ُك ْن أحد في حياتي يعرف خلفيتي؛ ال أحد .الشخص الوحيد
الذي َكانَ يعرف توفي منذ سنوات؛ لَ ْم يَ ُك ْن لَدَي شهود على قيد الحياةُ .ك ْنتُ أستطيع أن أعيش
متجنبةً ُك ّل هذه األنشطة ،واألحداث الجارية ،وأن أقرر عدم القفز من ذلك الجرف نحو ذلك
المحيط؛ ُك ْنتُ سأظل متوارية عن األنظار.
أو َكانَ بإمكاني كخيار آخر أن أكون شجاعة؛ َكانَ بإمكاني أن أقرر الغوص مجددًا ،وأَبتَّل
بالمياه المالحة ،وتغطيني الطحالب ،وأغامر َحتّى باحتمالية غرقي؛ َكانَ بإمكاني أن أختار
مشاركة وجهة نظري؛ َكانَ بإمكاني أن أقرر تصحيح وجهة نظر أصدقائي الذين يصرون على
أن اإلسالم دين سالم؛ َكانَ بإمكاني أن أختار إزعاج الناس بحكايتي؛ َكانَ بإمكاني أن أختار
وف يبتعدون عني ،والتهديدات بالقتل.
س َمواجهة ردود الفعل العنيفة ،واألصدقاء الذين َ
translationsproject.org
15
شخص أكثر تعقُّ ًال َكانَ ليختار أن يدير ظهره ،ويترك ذلك المحيط وراءه؛ ُك ْنتُ أعلم جيدًا ما
أنا مقدمة عليه؛ إذ ُك ْنتُ في ذلك العالم سابقًاَ .كانَت إدارة ظهري لتكون أسهل للغاية ،ومواصلة
حياتي على اليابسة اآلمنة التي ُك ْنتُ قد خاطرت بحياتي بالفعل للوصول إليها.
الغوص مجددًا.
َ لَ ِكنّي اخترتُ
translationsproject.org
16
العنف1 -
أرجوك!".
ِ "أرجوك :ال؛ أنا آسفة؛ يا ماما! يا ماما!
ِ
ُك ْنتُ مستلقيةً على الفراش -كما أ ُ ِم ْرتُ ، -وأتوسل بطريق ٍة هستيرية؛ كما فعلتُ العديدَ من
المرات السابقة؛ ينتابني الخوف من هذا المشهد المألوف لي كأَنّي أراه أمامي اآلن؛ وهو يقبض
على كاحلي ،و َيربطني بمقدمة الفراش بعنف؛ أحاول مقاومة الرغبة في سحب قدمي ألَنّي أعلَ ْم
أن األمر سيكون أسوأ لو فعلتُ ؛ أبكي بشدة بدون انقطاع ؛ َحتّى ال أكاد أجد ُمتسعًا السترداد
أنفاسي ،وهو يستعم ُل الحبل الذي أستعمله للعب نط الحبل ،كي يربط قدم َّ
ي بالسرير.
يتناول عصاه البرتقالية البالستيكية المفضلة -التي حلت محل العصي الخشبية التي ما فَتأت
تنكسرُ -ك ْنتُ فَ ِرحةً في البداية؛ إذ على األقل لَ ْن تنغرز شظاياها في جسدي؛ لكن ما ُك ْنتُ
وف أكره اللون البرتقالي ما تبقى
س َوف تؤلم أكثر بكثير من العصي األخرى؛ َ س َ
أجهله :هو أنها َ
من حياتي؛ يجلد باطن قدمي ،فهو م َكانَه المفضل؛ ألنه ال يمكن للمعلمين مالحظة الندوب
هناك؛ َكانَ عمري ست سنوات ،و َكانَ هذا عقابي ألَنّي لَ ْم أحفظ جيدًا بعض سور القرآن.
يدك؛ كي تحميني ؟ لمصوتك ،أو ِِ أنظر إلى أ ُ ّمي بتوسل؛ ولسان حالي يقول " :لم ال ترفعي
تكتفي بالوقوف هناك إلى جانبه؟"
ما ال ُمحتمل؛ الذي َكانَ يمنعها؟ أ َكانَت تخافه؟ ؛هي من طلبت حضوره؛ هل تتحمل جزء من
المالم؟ في تلك اللحظة َل ْم أستطع تَف ُهم َّ
أن امي -الوالدة الوحيدة التي أعتبرها أحد الوالدّيْن وقتها-
عا لكي أُقَيَّدَ ،وأ ُ ْجلَدَ؛ هو الشرير ،وليست أ ُ ّمي؛ َكانَ ينبغي بالنسبة لي أن
ترضى أن تُسلُّمني طو ً
تكون هذه هي الحقيقة الوحيدة؛ إذن :لماذا اتصلت به على الهاتف ،وطلبت منه المجيء؟ لماذا؟
"في المرة القادمة التي آتي فيها إلى هنا؛ أريد سماع جميع السور الثالث؛ أتفهمين؟"
"نعم"...
translationsproject.org
17
"ما هي السور التي أتحدث عنها؟"
أتردد للحظة ،فيرفع يده مرة أخرى ،و عيناه تُبرقان ترقبًا.
ي المتورمتين المكدومتين، عندما ال تجد ضرباته ِجلدًا طاز ًجا تَ ُحط عليه ،فإنها تَ ُحط على قَدم ّ
طر عرقًا ،وقلبي َيخفق بعنف؛ أجد صعوبةً في التنفس ،لَ ِكنّي أعلم جيدًا والممزقتين؛ جسدي يَق ُ
أن هذا لَ ْن ينتهي أبدًا؛ إلى أن أستجمع ِقواي ،وأجيب.
"الفاتحة ،والكوثر ..…،واالخالص"؛ ثالث سور قصيرة ضرورية إلقامة الصلوات الخمس
اليومية؛ خرجت الكلمات من حلقي بصوت مبحوح خشن ،ومختنق؛ وبالكاد يمكن سماعها.
"إذا ارتكبت خطأ ً واحدًا -خطأ واحدًا -سأريك مقدار األلم الذي يُمكنّي في الحقيقة أن أسبب
لك".
ِ
ضا ،ويخرج؛أستلقي في مكاني منتظرة أ ُ ّمي؛ لتأتي، وأخيرا ي ِفك عقدة الحبل ويلقيه أر ً
ً
َ
وتواسيني؛ وهي ال تأتِ؛ أنتظرها بعد ُك ّل ضرب؛ ل ِكنّها ال تأ ِ
ت أبدًا؛ هي تتبعه دائ ًما نحو الباب،
ضحكاتهما ،وهما يتبادالن الحكايات ،والضحك؛ أنتظر محتبسةَ األنفاس صوتيهما ،و َأصغي إلى َ
سماع إغالق الباب؛ فأنا ال أستطيع أن أتنفس الصعداء ،وأسترخي؛ َحتّى أتيَقن أنه ترك الشقة؛ َ
ِمنَ الصعب أن أسترجع استقرار أنفاسي .بينما أنا أشاهد أضواء السيارات من الشارع في
األسفل تترك انعكاساتها عبر سقف غرفتي ،ومعها أزيز المحركات؛ في النهاية؛ انكمش على
نفسي في وضعية الجنين؛ كالكرة ،وأضع إبهامي في فمي.
ط في ي ،والشهقات الالإرادية التي تَنفُخ صدري بقوة؛ أ َ ُ
غ ُ عصف نبضات األلم في قد َم َّ رغم َ
صراعٍ يهدد بإهالك كيانك نفسه. ت إال بعدَ ِت عميق؛ من النوع الذي ال يأ ِ سبا ٍ
أستيقظ بضعف؛ مترنحةً في منتصف الليل ،مع تلك البقعة المبتلة الباردة المعهودة تحتي؛
ش َّق
ت َمضجعي؛ أعلم أن علي أن أ ُ ض ْ ي قد المست تلك البقعة ،ولَسعات األلم أق َإحدى قدم ّ
ي المتورمتين تجعل عيناي تغرورقان طريقي نحو الحمام؛ لكن مجرد فكرة الوقوف على قدم َّ
ي من على حافة الفراش بحذر شديد؛ إنهما متورمتان ،وتغطيهما فقاقيع الدم؛ بالدموع؛ أدلي بقدم ّ
وف ينفجران س َي؛ أعلم أَنّي إذا وضعت ُك ّل حملي عليهما ،ف َ أستجمع قواي قبل أن أقف على قدم ّ
translationsproject.org
18
ُ
يحرق الجرو َح المفتوحة؛ أسير على حافة أل ًما ،ود ًما؛ َل ِك َّن علي أن أُسارع الى غس ِل البول الذي
أعرج ببطءٍ ُمتئكةً في ك ِل خطوة؛ ً
أوال :على فراشي ،ثم ي؛ كي ال تلمس الجروح السجاد؛ ُ قدم ّ
باعتصار الجروح ،وهي تتمزق
ِ خزانتي ،ثم ِمقبض الباب ،ثم جدار الرواق؛ إن إحساسي
الوطء عليها -ال أزال أتذكره إلى اليوم بعد مرور قُرابةَ
ِ ُمنفتحةً على نح ٍو محتوم -بسبب
أربعين سنة.
َيع ُج اليوتيوب بڤيديوهات ألطفا ٍل يتعرضون لعنفٍ شديد في المدارس القرآنية؛ فتياتٌ
وفتيان يُجلَدون ،وي ُْر َكلون؛ إلى أن
ٌ َّ
شعورهن على األرض؛ لعدم ِلبسهن الحجاب، ي ُْج َر ْرنَ من
يقعوا على األرض .العنف الذي تعرضت له -على همجيته -ضئي ٌل مقارنةً ببعض القصص التي
سمعتها؛ حدثتني فتاة صومالية عن كيف أن أمها سكبت الزيت الساخن في َحلق أخيها -بينما هو
مقيد ٌ إلى الفراش -وأرغَمت إخوتَه على المشاهدة.
وفقًا للتقارير المعاصرة؛ يتعرض أكثر من ( )%70من األطفال الذين تتراوح أعمارهم بين
ق األوسط ،وشما ِل العامين ،واألربعة عش ََر عا ًما -في الدول ذات الغالبي ِة ال ُم ْس ِلمة في الشر ِ
صر؛ وم ْ
أفريقيا -إلى التأديب باستخدام العنف؛ ففي بعض الدول مثل اليمن ،وتونس ،وفلسطينِ ،
يقول أكثر من( )%90من األطفال أنَّ ُهم تعرضوا للعنف الشديد؛ ما سبب هذا؟ِ .ل َم ينتشر العنف
أن ُكلّها تت َّ ِبع ن ْ
َفس الدّيْن؛ الدّيْن الذي يدعو ضدَ األطفال في هذ ِه الدول؟ .ما يجمع هذه الدول هوَّ :
الحديث ال ُمح َّمديُ " :مروا صبيانَكم بالصالة إذا بلغوا سبعًا، ُ ب أطفا ِلهم؛ يقو ُل
الناس إلى ضر ِ
(حديث صحيح؛ حسب األلباني ؛في صحيحِ الجامع ٌ عشرا". واضربوهم عليها إذا بلغوا َ
أدب لهم"( .صححه األلباني سوط؛ حيث يراه أهل البيت ،فهو ٌ ا":علّقوا ال َ
ِ ض
)5868؛ كما قال أي ً
في صحيح الجامع .)4022
translationsproject.org
19
وأهل البيت في الحديث هم :األبناء ،والزوجة -أو الزوجات ، -والعبيد.
كما تَرون؛ من واجب ،ومسؤولية الوالدّيْن -في تعاليم اإلسالم -الحرص على حفظ األبناء
المسطر لهم؛ "أ َ َال ُكلُّ ُك ْم َراعٍَ ،و ُكلُّ ُك ْم َّ ،وأال تفوتَهم صالة ،وأن يتّبعوا السبي َل الضيق َّ للقرآن
علَى الر ُج ُل َراعٍ َ ع ْن َر ِعيَّتِ ِهَ ،و َّاس َراعٍَ ،و ُه َو َم ْسئُو ٌل َ علَى النَّ ِ ير الَّذِي َ ع ْن َر ِعيَّتِ ِه ،فَ ْاأل َ ِم ُ
َم ْسئُو ٌل َ
ع ْن ُه ْمَ ،و ْال َع ْبدُ
ي َم ْسئُولَةٌ َ ت َب ْع ِل َها؛ َو َولَ ِدهَِ ،و ِه َ أ َ ْه ِل َب ْي ِت ِهَ ،و ُه َو َم ْسئُو ٌل َع ْن ُه ْمَ ،و ْال َم ْرأَة ُ َرا ِع َيةٌ َ
علَى َب ْي ِ
ع ْن َر ِعيَّتِ ِه" (رواه ع ْنهُ ،أ َ َال فَ ُكلُّ ُك ْم َراعٍَ ،و ُكلُّ ُك ْم َم ْسئُو ٌل َ س ِيّ ِدهَِ ،و ُه َو َم ْسئُو ٌل َ علَى َما ِل َ َراعٍ َ
البخاري 583و ُم ْس ِلم 1829وغيرهما).
أن ( )7من ضمن ( )10أطفال -في المتوسط -يتعرضون للعنف النفسي، تُ ْ
ظ ِه ُر األبحاث َّ :
وهذه النسبة تبلغ أعالها في اليمن 90(-بالمئة)-؛ بينما يتعرض ()6أطفال من ضمن ()10
صر ،واليمن ،وجمهورية أفريقيا ُ
حيث تبلغ هذ ِه النسب أعالها في ِم ْ أطفال إلى العقاب الجسدي؛
الوسطى (أكثر من 80بالمئة).
فإن معظم األطفال -في ب األحيان تَستخدم العائالت تشكيلةً من أساليب التربية العنيفة؛ َّفي أغل ِ
ب نفسية ،وكذلك جسدية؛ مما يؤكد َّ
أن أغلب هذه الدول ،أو المناطق -يتعرضونَ الى أساليب عقا ٍ
وكثيرا ما يستخدمان معًا في ِسياق التربية؛
ً هذين األسلوبين من العقوبات يتداخالن في الغالب،
التعرض المكثف ألنواعٍ متعددة ً من العنف؛ يَزيد ،ويُفاقم من احتماالت األضرار المحتملة
َ َّ
إن
؛التي تحدث للطفل على المدى القصير ،والبعيد على السواء.
20
حرا ًما؛ فالموسيقى من الشيطان -بنظر المتشددين -ورغم ذلك؛ عندما ُك ْنتُ أصبح وحدي في
المنزلُ ،ك ْنتُ أُدير المذياع إلى محطة ( ، )73LGثم أستمع إلى آخر أغاني موسيقى البوب؛ لقد
س)؛ محقًّا " :اآلباء ال يفهمون شيئًا"؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ بر ْن ْ
َكانَ ويل سميث في مسلسل (ذا فريش ِ
أخاف غضب هللا ،فقد ُك ْنتُ أصمت؛ ُكلّما غنيت مع جون لينون أغنية "تخيل"؛ عند وصوله إلى
مقطع "تخيل أن العالم بال دين"؛ ُك ْنتُ أخاف للغاية َحتّى أن أُهَمهم بها ،فأصير كافرة؛ َألن يكون
كافرا ،أو مرتدًّا؛ لهي أكبر كبيرة ممكنة في اإلسالم ،وعقوبتها الموت؛ أتَذَكر أَنّي ُك ْنتُ ً المر ُء
أتساءل :كيف لي أن أحب ( 99بالمئة) من األغنية؛ لكنّي أتفادى بالكامل هذا المقطع؟ متج ِنّبةً له
ي به؛ هل يمكن أنه لو أن لينون قد أصاب في للغاية؛ َحتّى أَنّي ُك ْنتُ ال أستطيع أن أحرك شفت َّ
ضا؟
صاب في هذا المقطعِ أي ً
َ باقي األغنية ،فقد أ َ
ق
بر شقو ِ
ع َأنوار تسللت متألقةً للحظات َ
ٍ لَدَي بضع من الذكريات المشابهه لهذه؛ ذكريات عن
المطوقة؛ التي َكانَت تَدفنني بطبقاتها العديدة طوال طفولتي.
ِّ خرسانة اإلسالم
translationsproject.org
21
الصالة
ال ُم ْس ِلمون مطالَبون االلتزام بأركان اإلسالم الخمسة :الشهادتان ،والصلوات الخمس اليومية،
والزكاة ،وصو ُم رمضان ،والحج إلى الكعبة في مكة .تكرار نفس األَفعال الروتينية ،وغَمغَمة
نوم مغناطيسيًّا -أثناء الصلوات الخمس -يضعنا ُكلّنا إلى األبد على الكلمات بلغة أجنبية ؛ كال ُم َ
يك للزيغِ عن الطريق المستقيم؛ إذا ما َكانَت الصالةوقت لَدَ َ
َ السراط أو الطريق المرسوم ،فال
ضع طبقةٌ إسمنتية جديدة.شقُق الخرسانة؛ ألنه سرعان ما تُو َتنتظرك دائ ًما؛ال مجال ِلت َ
ُ التالية
ملال ،وال مجال فيها ألقل تغيير في أيّما حركة؛ ف ُك ّل حرك ٍة الصلوات متكررة مخدرة للعقل ً
طقسيةٍ ،و ُك ّل عبارةٍ؛ محددة ً بدق ٍة ونظامية ُمتزَ متة؛ وبذلك فهي تنزع عن األُمة (المجتمع ال ُم ْس ِلم)
ج إلى أي مجال للفردانية؛ است ِق ْم في الصف ،واتبَ ْع القطيع ،وال تَتبّع ال ُملهيات ،أما أثناء ال َح ّ ِ
الكعبة في مكة؛ ت ُ ْنزَ ع األزياء الفردية للجميع ،وعلى ال ُح َّجاج ارتداء الزي األبيض البسيط
المتشابه المو َّحد.
أما االستعداد للصالة فهو َكتراتبية الصالة نفسها؛ الخطوة األولى :هي الوضوء كنظاف ٍة
َسل اليدين ثالثًا ،ثم َمض َمضة
طقسية ،و ُك ّل خطوة من الوضوء يجب تكرارها ثالث مرات :غ ْ َ
َسل اليدين من المعصمين الى َسل الوج ِه ثالثًا ،ثم غ ْاألنف ثالثًا ،ثم غ ْ
ِ الفم ثالثًا ،ثم غ ْ
َسل ِ
المرفقين ثالثًا ،ثم مسح األذنين ثالثًا ،وأخيرا ً غسل القدمين ثالثاً.
ت الصالة بخطواتها الطقسية التراتبية المحددة بالتفصيل؛ إذ يجب عليك أن تتوجه إلى الحقا ً تأ ِ
ي إلى القبلة وهي مكة في المملكة العربية السعودية .ال يُلزَ م األوالد أن يرتدوا أ ّ
ي جه ٍة محددة ،أ ّ
ي محد ٍد للصالة؛ لكن على الفتيات تغطية ُك ّل بوصة من أجسادهن بالكامل باستثناء وجوههن ز ّ
translationsproject.org
22
وأيديهن؛ ُك ْنتُ أكره ارتداء الجوارب لَ ِك َّن هللا ال يقبل صلوات الفتيات ذوات أصابع القدمين
َّ
المكشوفة ،فهو يَقبلها من األوالد فقط .
َكانَ أخي يَشرع باألذان ؛ مناديا ً للصالة؛ لم َي ُك ْن هنالك داعيًا لذلك؛ بما أننا كنا ُكلّنا موجودين
صا على أن يص َل صوته الى أبعد في غرفة المعيشة بالفعلَ .كانَ يُدير رأسه يمنةً ،و يسرة حر ً
مكان ممكن.
ٍ
لصف األول ،والفتيات في الصف الخلفي .في ِ ف؛ بحيث يكون األوالد في ا ثم كنا نص َ
ط ُّ
المسجد الذي كنا نتردد عليه؛ َكانَ يدخل الرجال من البوابة الرئيسية؛ بينما تدخل ال ِنساء من
بواب ٍة خلفية تحاذي المطبخ ،وقرب مقالب القمامة؛ ولقد لَفَت اإلصالحيون ال ُم ْس ِلمون مثل
مقاال في (الواشنطن (إسراء نعماني) االنتباه إلى مسألة الفصل الجندري في المساجد؛ فلقد كتبت ً
ذات مرةٍ من األبواب الرئيسية مع والدها؛ وكيف تعرضت هي، بوست) حو َل دخو ِلها المسجد َ
ووالدها إلى المضايقة؛ إلى أن غادرت المنطقة ،وانضمت إلى ال ِنساء في القبو؛ حيث المكان
ليس فحسب بإقامة مساجد بال تمييز ،وفص ٍل أوروباَ ، الذي تنتمي له! تكافح النِساء اآلن في ُ
ضا بإقامة مساج ٍد تَؤمها نسا ٌء إمامات! هذه بالطبع ليست مساجد دائمة؛ جندري فيها؛ بل وأي ً
حيث تتعبد هؤالء النِساء عموما ً في الكنائس التي يتكرم القَساوسة َكريمي ال ُخلق؛ بفتح أبواب
الكنائس لهن أيّام الجمعة؛ كي يستطعن الصالة هناك دون خوفٍ من االنتقام ،أو التنكيل؛هن لسن
هن يت َحدين الفصل الجندري -المقبول على نحو واسع ،وعام في إال عددًا ً
قليال من ال ِنساء؛ لَ ِكنَّ َّ
اإلسالم . -إنهن يُ َغ ِيّ ْرنَ مكان العبادة أسبوعيًّا؛ تفاديًا ،وخوفًا من هجمات المتطرفين الذين
ت أخرى من ال ُم ْس ِلمين؛ الذين مردهن؛ كما توجد مجموعا ٍ يرسلون إليهن رسائ َل تهديدٍ؛ بسبب تَ ُ
المثليين ،وأصحاب الميول الجنسية يَتَحدّون المتطرفين؛ عبر إقامة مساجد تسمح للمصلين من ْ
المثليين ،وأصحاب الميول الجنسية المختلفة المختلفة بالدخول فيها ،و َحتّى قبول أئم ٍة من ْ
عم من ُك ّل قلبي؛ ال ُم ْس ِلمين المنفتحين لقبولهم ُك ّل ( LGBTمجتمع ،أو مجتمع الميم)! إني أد َ
الناس ،والمساواة بينهم ،وكذلك الذين يعارضون التمييز.
translationsproject.org
23
تتالمس أكتافهم ،وأقدامهم ؛
ُ صلون متالصقين؛ بحيث
طف ال ُم َصفوف الجنسين المنفصلة ،يَص ُ
كي ال يتم ّكن الشيطان من الدخول بينهم.
اليوم في الصالة ،فإن الشك وجدَ طريقَه إلى فكري؛ تمنيتُ لو
ِ بالرغم ِمن أنّي قضيتُ ُم َ
عظم ِ
ُ كانَ بإمكاني ْ
أن أخضع(أ ْس ِل َم) ،وينتهي األمر؛ فهذا في النهاية هو معنى اإلسالم الحقيقي؛
واجبا ،لما روي زف صحيح ً يعتته أهل السنة والجماعة ز
اليمن عىل الشمال بالصالة ،ر 1التكتف زف الصالة أو القبض وهو وضع اليد
َ
اليمن عىل اليشى» .وقد ذهب الشيعة إىل حرمته وبطالن الصالة به ،فن ُصوصهم ز ُم ْس ِلم« :وكان صىل هللا عليه وسلم يضع يده
تحرمه وتقول ببطالن الصالة به -المتجم .
و"ناطقي بالعربية"؛ بسبب سوء التعليم زف معظم أفراد شعوب هم ال يفهمون كالم العربية
ز ً
"عربا"، ي ممن يسمون بي ال ُم ْس ِلم ز2ح ّن ز
كأنها لغة غريبة عنهم؛ العتمادهم عىل لهجات عامية نتاج عصور متطاولة من الجهل ،ورداءة التعليم ،والفقر ،واإلفقار لشعوبنا
العتقاد زف نيل األجر ،
ٍ والشقية ،وأغلبهم يقرؤون القرآن ال لفهم ،وتفكر ،ودراسة زف معانيه؛ بل مجرد ترديد طقس تعبدي العربية ،ر
ُ ُ ً
يعن ال يختلف عن ترديد الهندوس لنص ڤيدي سنسكرين ،بدون أي فهم تقريبا لمعظم الكالم ،رغم أنهم عرب كما يفتض!- والثواب ،ز
المتجم.
translationsproject.org
24
فال ُم ْس ِلمون الحقيقيون؛ ال َيت َمردوا ،وال يُقاوموا ،ويستسلمون؛ خاضعين لإلسمنت الذي يُج ّمد ُهم
يجف رويدًا رويدًا.
ُ في أما ِك ِنهم ؛ وهو
كيف لي أن أكون ف قط عن المقاومةَ ،ل ِكنّي امتألتُ آنذاك ِب ُكره الذات نتيجةً لذلك؛ إذ َ َل ْم أَتو َق ْ
ضع فقط؟ لَ ْم َيبد ُ لي أن أخي ،وأختي َكانَت لهما أ ّ
ي ُم ْس ِلمة حقيقية إذا لَ ْم أستسلَ ْم(أُس ِلم) ،وأخ َ
صمتني أ ُ ّمي بلقب
ي حال؛ بسبب سلوكي هذا َو َ مشاكل؛ ليست المشاكل التي َحدثاني عنها على أ ّ
أن الشيطان هو الذي َيجعلُني أتساءل."الناشزة ،أو مس ِبّبة العار للعائلة"؛ َكانَت تقول َّ
حوارا
ً كلما َك ِب ْرتُ ؛ غَدت األسئلة أكثر استعصا ًء على اإلجابة؛ أَتَذكر على وج ِه الخصوص
سن المراهقة ،مع أ ُ ّمي ،والذي يكشف عن الكثير:
لي في ِ
متجاوزا الخمسين عا ًما ،ويتزوج من ابن ِة ست سنوات؟" ً "كيف له أن يكون عمره
"وما المشكلة؟ أتَظني أننا نعلم أكثر من رسول هللا؟ ؛ ومن أنتِ؛ كي تُش ّككي في أفعاله؟"
"هل َكانَ بيدوفيليًّا [محبًّا لألطفال؟؟"
نس معها إال عندما صارت إمرأة؛ عندما جاءتها دورتها الج َ
ُمارس ِْ "ال!؛ بالتأكيد ال!؛ إنه لَ ْم ي
يفعل إال األشياء األخرى؛ إلعدادها؛ كي تجد الراحة النفسية ْ الشهرية األولى؛ أما قب َل ذلك ،فلَ ْم
معه عندما يأتي اليوم .سبحان هللا! رسول هللا َكانَ دائ ًما رحي ًما ،ومراعيًا هكذا".
"أوه ،إذن فقد َكانَت بالغةً ُمكتملةَ النمو؟"
"نعم .في نظر هللا َكانَت مكتملة النمو؛ تصيرين إمرأة عندما تأتيك عادتك الشهرية األولى،
س َجل خطاياك". سبة؛ أنت طفلة قبل ذلك ،وال ت ُ َ وعندئذ تصيرين مكلفةً محا َ
عمرها إذن؟"
ُ "كم َكانَ
ذات تسع سنوات". " َكانَت َ
"تسعة؟ ال يمكن اعتبارها إمرأة!" صرخت بقوة عند ذلك.
ت مليئةً بالقَرف ،وال ُكره، ردت أ ُ ّمي على تساؤالتي ال ُم ِلحة بصفع ٍة على وجهي؛ مشفوعةً بكلما ٍ
ويوسوس لي
ُ صار يس ُكن عقلي،َ مصدر أسئلتي ،وتَشكيكي؛ هو الشيطان الذي
َ مع تذكيرا ٍ
ت أن
بهذ ِه األفكار؛ وأن الشيطان أقوى مني ،وأَنّي ال أستطيع مقاومته .حاولتُ ابتال َ
ع أسئلتي؛ َل ِكنّي لَ ْم
أخاف للغاية َحتّى التساؤ َل ،أو ُ أ ُك ْن أستطيع من َع نفسي أحيانًا ،وعندما احتدمت المعركة؛ صرت
translationsproject.org
25
سيُعاقبني لش ّكي فيه،
التشكيك في األمور داخل عقلي؛ بيني ،ونفسي؛ ألن هللا سيعلم أفكاري ،و َ
ضع ْفي؛ بسبب تأثيري؛ َكانَ يُعت َبر من َفك ُل شيءٍ ايجابي؛ َكانَ يُعتبَر من هللا ،وك ُل شيءٍ سلب ّ
ي .لَ ْم أشعر يو ًما أَنّي أتملَّكُ حياتي ،وأتح ّك ُم فيها.
الشيطان عل ّ
ت التي واجهتني في ترك اإلسالم :اتخاذ القرارات ،واإلصغاء الى هذه إحدى أصعب العقبا ِ
ي اآلن عل َّ
صار ِلزا ًما َ
َ بانتظام في الماضي؛ ٍ الداخلي؛ الذي لطالما قُ ِم َع وأ ُ ْس ِك َ
ت ِ أفكاري ،وصوتي
أستحض َر تلك األفكار ،وأن أتعلم اإلصغا َء إلى نفسي ،وأ ِثقَ فيها .لَ ْم َيت ْم تَعليمي أن أفكر؛ بل ِ أن
كانَ يتم النَهي عن التفكير؛ وفي الحقيقة َكانَ التفكير ُمعاقَباً؛ ت َ َّم تَعليمي أن أُنفذ األوامر كما أُؤْ َمر
ضا بدقة؛ لَ ْم ت َ ُكن قراراتي بيدي :بِد ًء من كيفية ط ًرا؛ َمفرو ً س َّ
بها ،وكانَ ك ُل جزءٍ من حياتي ُم َ
ظافري؛ إلى كيفية انتعال ِحذائي -وما بينها استخدام الحمام؛ وكيفية شرب الماء؛ وكيفية َقص أ َ
من ُك ّل شيء-؛ ُكل هذا كانَ ُمحدَّدًا بعناية ،فلَ ْم أ ُك ْن أكثر من ُمجرد وعاء لنقل رسالة هللا ،و -كما
َكانَ يُؤْ َم ُل وي ُْر َجى -تكريس حياتي لهذا ال َمس َعى؛ تلك هي حياة ال ُم ْس ِلم(ة) المثالية بال ِزيادة ،وال
نُقصان.
translationsproject.org
26
اإلخضاع 1
ي خَرسانة ما ُك ْنت يو ًما قانعةً؛أو سعيدة ً بالدور المرسوم لي .تَذ ّكرتُ زمنًا؛ ُك ْنتُ فيه ُحرة ً من أ ّ
الر ُج ُل الفظي ُع َحياتَنا ،وهكذا وجدت نفسي أُصارع ُك َّل طبق ٍة من ُمك ِبّلة؛ قبل أن يدخل ذلك َ
سبقت ُمقابلة أ ُ ّمي إياه ،واعتناقِها صبُّ علي؛ أَتَذَ َّكر السنوات التي َ نت؛تلك التي َكانَت ت ُ َ
َ اإلس َم
شعرها ،وتَصف ُك ّل شيءٍ بأنه حرام؛ أَتَذَ َّكر أَنّي َ اإلسالم األصولي ال ُمتطرف ،فبدأت تُغطي ُ َ
ي االستيقاظُ َ َّ َ
سا في السباحة ،وألعب في الحديقة العامة؛ أتَذَكر كيف أنه ل ْم ي ُكن عل َّ ّ
ُك ْنتُ أتَلقى درو ً
كيف كانَ َمسمو ًحا لي اللعب بد ُمى باربي َ ُ
سجادةٍ وأغَم ِغ ُم لها؛ أَتَذَ َّكرغ جبهتي في َ فجرا؛ كي أ ُ ّ
مر َ ً
َ
صتي ،واللعب مع أطفال الجيران غير ال ُم ْس ِلمين؛ أتَذَ َّكر االحتفال بأعيا ِد الميالد ،والسباحة، خا َّ
ار َحرا ًما حينذاك.
ص َ وأكل بسكويت أوريو؛ ك ُّل تلك األمور ،وغيرها الكثير َ
صر-ت مثل هذه التربية في ِم ْهذا على الرغم من أنّي ُك ْنتُ أعيش في كندا -لَ ْم ت َ ُك ْن أ ُ ّمي قد ُر ِبّيَ ْ
باألبيض واألسود؛ َكانَت أ ُ ّمي في الصورةِ ي التي َكانَت ُك ْنتُ أحدق بحسد في صور زواج وا ِلدَ َّ
شعرها على شكل كعكة ،و َكانَت َ ترتدي فُستانَ زفافٍ كاشفٍ من عند الركبتين ،و َكانَت ترب ُ
ط
تستعمل مكيا ًجا صاخبًا حول عينيها ،وتضع رمشين صناعيين كبيرين حادين؛و في ُك ّل الصور
رقص شرقي؛ جميلةٌ ،وأنيقةُ .ك ْنتُ أحدق في صور الزفاف تلك فيَص ِد ُمني ٍ تقريبًا تُرى راقصةَ
الفرق التام بين العالم الذي أتت منه ،والعالم الذي آلت إليه.
الكثير للغاية من األشياء في تلك الصور َكانَ حرا ًما ،فقد َكانَت ساقا أ ُ ّمي عاريتين؛ وفستانها
ضيقًا؛ واألكمام تنتهي عند مرفقيها 3؛وتضع مكيا ًجا؛ و شعرها مكشوفًاَ ،حتّى طريقة ربطها
خمر ،وغناء ،وموسيقى ،ورقص؛ ٌ شعرها على شكل كعكة َكانَت حراما في اإلسالمَ .كانَ هناك َ
و ُك ّل هذه األشياء حرا ٌم في اإلسالم.
بل لع َّل أ ُ ّمي لَ ْم تسمع على األرجح كلمة حرام قط في تربيتها؛ لقد عاشت حياة ً رائعة؛ َفعَ ُّم أبيها
صر وبالتالي كانوا فاحشي الثراء ،وذوي نفوذ؛ لقد َكانَ َجدّي ُمتزو ًجا وله رئيس ِلم ْ
ٍ َكانَ أو َل
هرتَه الجديدة؛ فقرر رغم ذلك أن يَستغ َّل ُ
ش َ َ صر،
ع َمه أقوى رج ٍل في ِم ْ
صار َ
َ ثالثةُ أطفا ٍل؛ عندما
لر ُجل كبير السن كي َيجدَ لنفسِه زوجةً بيضا َء البشرة؛ َكانَ يريدُ هذه الزوجة الشابة -الغنيمة َ
3المرفق :الكوع.
translationsproject.org
27
أوروبية؛ ِبشرط أن تكون من أتباع الدّيْن المالئم ،لذلك َحص َل لون ،ومالمح ُ
ذات ٍ ثري ٍ مثلهَ -
لنف ِس ِه على فتاةٍ شابةً تركية؛ كي تصب َح زوجةً ثانيةً له -مع زوجتِه األولى.-
صلّون في كنائِسِهم ،و َحتّى صر -لألسف -بالمئات وهم يُ َ في هذا العصر يُ ْقتَ ُل َمسيحيو ِم ْ
صر، ال ُم ْس ِلمون -الذين يرى المتطرفون من السنة أن إسالمهم ناقص؛ كالصوفية -يُقتَلونَ في ِم ْ
صر- ق األوسط ،وشمال أفريقيا -بما في ذلك ِم ْ صار ُك ّل الشر ِ
َ جوامعهم؛ لقد
ِ صلّون في
وهم يُ َ
ضا؛ إنهم ال أكثر تطرفًا ،وأخذَ هؤالء المتطرفون بالتسرب إلى أوروبا ،وأمريكا الشَمالية أي ً َ
متطرف؛ ُمسل ًما أحمديًّا؛
ٌ ي يتسامحون َحتّى مع طوائف ال ُم ْس ِلمين األخرى؛ لقد قَت َل ُمسل ٌم ُ
سن ٌّ
صاحب مح ٍل في المملكة المتحدة (بريطانيا)؛ فقط ألنه تَمنَّى لزبائِن ِه؛ عيدَ فصحٍ سعيدَّ ،
إن َ
سنةُ؛ هم غالبيةُ ال ُم ْس ِلمين ( 90بالمئة) ،بينما يُمثّل الشيعةُ بطوائِفهم؛ ثاني أكبر الطوائف (قُرابةَ ال ُ
ً ّ
10بالمئة)؛ بينما ال تُمثل بقية الطوائف ُمجتمعة َحتّى (1بالمئة)؛ حينَ أتحدث عن ال ُم ْس ِلمين في
translationsproject.org
28
إن هذه تجربتي الشخصية .في ُ
حيث َّ سنيّة؛
صد الغالبية العظمى ال ُهذا الكتاب عمو ًما؛ فإنما أنا أق ُ
سهم ك ُم ْس ِلمين على نحو حر ،ولَ ْم يكونوا يأخذون الدّينَُعرفون أنف َ
الناس ي ِ ّ
ُ زمن شباب أ ّمي َكانَ
الناس َيشربون الخَمر ،و َكانَ اإلسالم
ِ بعض
ُ بجدي ٍة للغاية؛ لَ ْم ت َ ُك ْن ال ِنساء َيلبسنَ الحجاب ،و َكانَ
ديانة تُتَّبَع دونَ تَز ُّمت؛ تما ًما كما هو األمر بالنسبة الى أغلب المسيحيين اليوم؛ لكن الوضع تغيَّر
جذريًّا.
سنى أل ُ ّمي أن تعيش حياة ً باهيةً؛ بينما أُر ِغمتُ أنا على دراسة سور من ُك ْنتُ غاضبةً ألنه قد تَ َّ
ب الدراجة خَوفًا ِمن أن أف ِقدَ عذريتي ،أو أن أتعلّم السباحة؛ أل َّن القرآن ،و لَ ْم يُس َم ْح لي بركو ِ
بنفس الحريات التي َكانَت ِ الكثير من الجسم؛ لماذا ل ْم ت ُ ِر ْد لي أن أتَمتَّع
َ تكشف
ُ مالبس السباحة
َ
َ ّ ْ ُ َ
هي قد َحصلت عليها؟ لقد كانَ لها أصدقا ٌء َمسيحيون؛ بينما ل ْم يَكن يُس َمح لي َحتى بالل ِعب مع
ق المجاورة؛ ألنَّ ُهما َكانَتا كافرتينَ -كانَتا يو ًما بعد يوم ي تشيلسي ،وليندسي من الشق ِ صديقت ّ
تطرقان باب شقتنا:-
الر ُج ُل الذي اتَّخذَ أُمي زوجةً ثانية؛ "ال َعم" ُمنير؛ لقد َكانَ دُ ُخولهَكانَت تلك القُنبُلة؛ هي ذلك َ
تغير اتجاه الريح ،بل تواجدَ إنذارا؛ ولَ ْم يَ ْ
ً س ِمعنا
األرض؛ وال َ
ُ رتعش
ْ انفجارا؛ لَ ْم ت َ
ً في حياتِنا؛ ً
فعال
تحم حياتَنا، (عدو للمجتمع؛ ُمعتَّل اجتماعيًّا) عنيف؛ اقَ َ ٌ ي سوسيوباتي مريض نَفس ٌّ
ٌ هناك فجأة؛
بتلك اللحية الشَعثاء ،و يديه الث َ ِفنَتين قاسيتي الجلد -وكأنَّه يملكه ،لَ ْم ي ُك ْن ومزقها؛ دخل بيتنَاَ -
translationsproject.org
29
أر ُجل سريري .لَ ْم أ َ ُك ْن أدري أن أ ُ ّمي زوجة ثانية. يتفاعل معي أبدًا؛ اال إذا َكانَ ِلتوثيق قدم َّ
ي في َ
ع ّم" ،و َكانَت له زوجته وأطفاله ،ولَ ْم تكشف لي أ ُ ّمي الحقيقة؛ اال عندما صرت في كنا نناديه " َ
ُ
مخالف للقانون في كندا الديمقراطية الليبرالية؛ ولذلك لَ ْم ت َ ُك ْن أمي ٌ الجامعة؛ فتعد ُد الزوجات
تأتمننا -ونحن أطفال -على معلوم ٍة بمث ِل هذه الخطورة؛ بْيدَ أنها لم تَ ُك ْن تعرف أن حكو َمتنا ِل ِ
َض الطرف عن ال ُم ْس ِلمين ُمعددي الزوجات؛ ماليين الدوالرات من األموا ِل الحكومية اعتادت غ َ
قادرا على إعال ِة ُك ّلً يخرق القانون؛ إذا لَ ْم َي ُك ْن َر ُج ٌل
ُ الر ُجل الذي
لدعم أمثال هذا َ ِ َكانَت تذهب
زوجاتِه ،فإنه يجعلهن يتقدَ ْمنَ بطلب إعان ٍة اجتماعية؛ على اعتبار أنهن أمهات عازبات؛ وها
ت؛ وبما أن أ ُ ّمي َكانَت زوجته دينيًّا وليس قانونيًّا ،فقد َكانَت إحدى أولئك هي المشكلة قد ُحلَّ ْ
تغض
ُ النِساء ،ف َكانَت قادرة ً على الحصول على إعانة اجتماعية بصفة ٍأم عازبة ،و َكانَت الدولة
ضربًا من ضروب الر ُجل؛ ألن التدَّخل في األمر َكانَ لَيُعتَبر َ الطرف عن أنها متزوجة من هذا َ
العنصرية أو ،شيئًا من هذا القبيل.
على الرغم من أنه َكانَ زو ُج أ ُ ّمي( )stepfather؛ ّإال أَنّي لَ ْم أنادِه بهذه الصفة أبدًا (صفة
ب ،وابنته؛ لقد َكانَ فقط عالقةً كتلك التي بين األ ِاألب االعتباري) ،ولَ ْم تَ ُك ْن بيننا يو ًما قَط؛ َ
حين آلخر مع أ ُ ِمنا.
الجنس من ٍَ يمارس
ُ ضربُنا؛ و -كما عرفت الحقا- الر ُج ُل الذي يَ ِ
َ
غرف ِة االستحمام؛ لَ ْم أكترث ،إذ آنذاك ُكنا أنا، سمعتُهما معًا في ُ مرة ً ذهبتُ الستعما ِل الحمام؛ ف َ
وأمام زوجتِه (أُمي)-ولسب ٍ
ب ال أتَذ َّك َره -زَ َّل َ ضا نَستح ُّم معًا في ذلك الوقت ،الحقًا؛ وأخي أي ً
األمر بشدة؛َ غرف ِة االستحمام ،فأن َك َر هو ،وأ ُ ّمي ِلساني بذِكر؛ أنَّ ُهما َكانَا معًا في ُ
قائلَين" :ماذا؟ هذا َ
ليس صحي ًحا!"
صرين - ظال ُم َّ سمعتُكما كال ُكما بداخلهِ ".بيدَ أنَّ ُهما ّ أصررتُ قائلةً" :بلى؛ لقد ُكنتما معًا ،وقد َ
غير قاب ٍل للتفسير -على أنّي ُك ْنتُ أتوهَم ،ولَ ْم أفه ْم لماذا. على نح ٍو َ
translationsproject.org
30
صرين على ظنها قادرة ً على ذلك ،وظال ُم َّ أن أ َمك تكذب؛ لَ ْم أ َ ُك ْن أ ُ
أن تعلم َّشعور غريب؛ ْ ٌ إنَّه لَ
ي ُمخطئةٌ ،وأتو َّهم ،وفي نهاي ِة األمر؛ وجدت نفسي أوافِقُها؛ رغم أن ذلك َكانَ يُناقض ما َكانَ أَنّ ّ
عكسِه ،و َكانَ عليأسمع ما سمعت؛ ألنها قالت ما هو ِبخال ِفه و َ ْ رأيت ،ولَ ْم
ْ أر ما ً
ماثال أمامي؛ لَ ْم َ
ضختُ في أكثر من نفسي؛ لذلك ر َ أن أُصدّقَها؛ إذ أنها أ ُ ّمي ،بالرغم من ُك ّل شيء؛ لقد َوثَقتُ فيها َ ْ
النهاية ،واقتنعتُ أنَّ ُهما لَ ْم يكونا معًا في الحمام؛ البُدَّ أنّي ُك ْنتُ أتَو َّهم.
أن يتوقف عن وف تتحدث معه ،وتطلب إليه؛ ْ س َ راودني نفس الشعور؛ عندما أخبرتني أنها َ
ت
فو َاليوم التالي .كيف َكانَ يعلم إذا َّ
ِ رغم أنه كانَ يُعيد ال َك َّرة مباشرة ً في
َ ضربي ،وصدَّقتُها؛ َ
ُّ
لكالمها تلك القوة للتغَلب على الواقع الماثِل
ِ ب ما كانَأ َ َحد ُنا صالةً؟ لم ي ُك ْن َحتّى موجودًا ،ولسب ٍ
أمامي.
عةً بكثير قب َل غَز ِو ِه لبيتِنا؛ فقد كانَ لَدَينا َحوض ِسباح ٍة في البناية التي نعيش حياة ً َ
أكثر َودا َ ُ ُكنَّا
الماء؛ لَ ِكنّي لَ ْم أ ُكن قَد أت َقنتُ َبع ْد َكيفية
ِ فوا على ط ًطن فيها ،و ُك ْنتُ قَد تعلَّمت فقط السباحة َ نَق ُ
ازمةً على تَ َعلُّم ذلك؛ كما َكانَت لَدينا أي ً
ضا؛ بتحريك الذراعين؛ ِبيدَ أنّي ُك ْنتُ َ
ع ِ ِ األمام
ِ السباحة إلى
ت فيها؛ لقد ُك ْنتُ أركب دراجتي َمساحةً ِللَّ ِعب في المبنى الذي نس ُكن فيه ،والتي ُك ْنتُ ألعب لساعا ٍ
صتي -مع أصدقائِيُ .ك ْنتُ أنا ،وإخوتي نَتمتَّع ب ُحري ٍة كبيرة؛ ُكنَّا أصغر وألعب بِدُمى باربي -خَا َّ
َ
إهماال في حقيق ِة األمر؛ فقد ُكنا نعتقد أ َّن ال ُحريةَ تَعني فقط: ً ً
ظنناهُ ُحرية؛ َكانَِم ْن أ َ ْن نفهم؛ أ َ َّن ما َ
أنَّه يُم ِكنُنا البقا ُء خار َج المنز ِل ،واللَّعب قَد َْر ما نشاء؛ وعندما َكانَ ُك ُّل أصدقائي َيعودون إلى
ب معه؛ ُك ْنتُ أَص َعد ُ الساللم عائدة ً إلى بيو ِتهم لتناول ال َعشاء ،وال َيتبقَّى أحد ٌ هنالك أحد ٌ؛ كي أل َع َ
ي عشاءٍ على طاولتنا قط. لكن -دَو ًما -لَ ْم ي ُكن هنالك أ ُّ
بيتنا؛ ْ
translationsproject.org
31
ُذور َعبّاد الشمسومها وهي تُشا ِهد المسلسالت االجتماعية ،وتَأ ُكل ب َ َكانَت أ ُ ّمي تَقضي ُم َ
عظم يَ ِ
ُ
الفارق بارح َمكانَها؛ و َكانَ (اللُّب السوري)؛ ُك ْنتُ أ ُ ُ
غادر إلى المدرس ِة ،ث ُ َّم أعود؛ كي ِ
أجدها ل ْم ت ُ ِ
ي َكي
عل َّ
صي ُح َ شور تكون قد ارتَفعت ،و َكانَت َبينَ الفَين ِة ،واألُخرى ت َ ْ الوحيدُ؛ هو أ َ َّن َكو َمةَ القُ ِ
أُغ ِيّ َر لها القناة.
ِبإدركٍ ُمتأخر؛ ي َُر َّجح أ َّنها َكانَت مكتئبةً .كانَ وا ِلدَاي قد التقيا في الجامعة في ِم ْ
صر ،ث ُ َّم انتقال
ب ،والسالم ،وثقاف ِة الهيبي في سان فرانسيسكو في الستينيات ّام الح ِ
إلى سان فرانسيسكو معًا؛ أي َ
غم ُكل شيء.
انهار َر َ
َ َّ
ولكن زوا َجهما بزواجهما ،فانتقال الى ڤانكوڤر بكندا، ِ أَ َ
ض َّرت
ً
عموما بطبيعة الحال .وه والكتان المسيح ،واليهودي، بالتعابت ذات األصل ز
اإلنچلتية ،والغربية مليئة ز
إنچلتي ؛ وثقافة اللغة 4تعبت
ر َّ ُ َّ ُ ّ ُ ِّ ّ َ
تعن حرفيا :الحالة الن يعتقد مسيح متدين أنه وصلها؛ حيث أن ذنوبه قد غ ِفرت وأنه سيدخل الجنة ،وبتعريف آخر :عمل هللا الذيًّ ز
ًّ / ًّ ًّ ز ز . ر
يهب أعظم عطاء للبش لكن المعن هنا إنسان عام ،وليس مسيحيا أو الهوتيا دينيا -المتجم
translationsproject.org
32
سهم تركون أنفُ َ
طست برأ ِسها ِمث َل المسيحيين المولودين ِوالدة ً جديدة [روحيًّا؟؛ الذين "يَ ُ غ َ
َ
"تولي َعجلة القيادة"؛ فهي لَ ْم تَ ُك ْن تُريد أن تكون مسؤولةً عن إتخاذ للرب" ،ويَدعون يَسوع إلى َّ
سها مؤهلةً ألخذِها ،و َكانَ القرارات؛ فقد َكانَت تريدُ من هللا أن يأخذَ ك َّل القرارات؛ التي ل ْم ت َ َر نف َ
أن ت ُ َر ِ ّجح ،وتُوازن بين الخيارات الكثيرة المتاحةُ س ْكينَة لها؛ فلَ ْم ي ُك ْن عليها ْفي ذلك الكثير من ال َ
ي سيناريو ُمعَيَّن؛ لقد َكانَ ك ُل شيءٍ سا ِلك؛ التي َيجب اتخاذُها في أ ّ أقوم ال َم َ
قرر ما هي َ لها ؛ كي ت ُ ّ
ق
ق الضي ِ وأن تَسير في الطري ِ أن تت َبع ،وتُطيع؛ ْ ُمحددًا ُمسبقًا لها ،فَ ُك ُل ما َكانَ علي َها؛ هو ْ
[بنظرها؟َ .كانَت ُمنتَشيةً ثَ ِملةً بإمكانية النجاح؛ ِ المستقيم؛ الذي يُقد ُمه الدّيْن؛ يَا لَها ِم ْن َعطيّ ٍة إلهية
ضا نظام إعالةٍ ،أو دعم ،بل أي ً ِ ب عليها ،ودون ليس بالتأقلُ ِم ف َحسبْ في بل ٍد غري ٍ لقد سم َح لها هذا َ
بوجود ثالثةَ أطفا ٍل؛ َكثيري ال َجلَبة؛ ُمحتاجين لإلعّالة.
بالرضَّع ،وإعجا ِبهم ستغرب َو َل َع اآلخرين ُ حب األطفال؛ َكانَت ت َ ِ كثيرا ما أخ َب َرتني أنَّها ال ت ُ ُ ً
ب سائ ٍل ،وبكاءٍ كثير؟ هذا ما َكانَ ذات لعا ٍ بهم ،ول ْم ت ُكن تَفه ْم ما هو ال ُمثير في الموضوع؛ ُك َرة ٌ َ
عدم إنجاب َيار؛ َ عرعت فيها؛ ل ْم ت ُكن ِلتسم َح لها بخ ِ الرضَّع يُمث ّ ُ
لون لها ،لَ ِك َّن الثقافةَ التي ت َ َر َ ُ
ُ
أطفال؛ إذ هذا ما كانَ ُمتوقَّعًا منها [من جانب المجتمع ،واألسرة؟ .ل ْم أحس يو ًما أنها أرادت أيًّا
أنضا َجعلت من ال ُمستحيل ْ حم ُل ذَ ّرة ً من األمومة في ُك ِّل كيانها؛ ثَقافَتُها أي ً ِمنّا ،أو أنها َكانَت ت َ ِ
ضد َ كثيرا ما تكون األمهات -في الثقافات التي تتحيَّز ِ ً لطان على حيا ِتها؛ لألسف س ٍ ي ُ يكونَ لها أ ُّ
علي ُه َّن ،وهو سلطةَ لها؛ ّإال َ ت على َبناتِهن؛ إذ أنَّه ال ُ ساجونية)ُ -مؤذِياتٍ ،وقاسيا ٍ النِساء (المي َ
اهتمامها باألطفال -حتّى أطفا ِلها -هو ما ِ عدم سه؛ َكانَ َ أن تمار َسلط ِة الوحيد المقبو َل لها ْ َمجا ُل ال ُ
زوجها؛ التي َكانَت ُمغتَ ِر َبةً؛ ُمقيمةً
ِ ترك أخي ،وأُختي في السعودية؛ َكي تُربي ُهما عائلةَ َج َعلَها ت َ ُ
ي ،ث ُ َّم َح ِملت أ ُ ّمي بي.
ت َجدَّ َّ هناك؛ لقد قَضى أخي ،وأُختي سنتين في بي ِ
بوب
ناول ُح َ س ٍة َكي تَمنَ َع أبي ِم ْن تَر ِكها؛ تَوقَّفت أ ُ ّمي ِخلسةً عن ت َ ُ
حاول ٍة يائ َ
على ما َيبدو؛ في ُم َ
أمال ِمنها في حام ٌل ُمجددًا (بي أنا)؛ ً تر َكها؛ أعلَ َمتَهُ أنَّها ِ شك ْ
أن يَ ُ على َو ِ نع الحمل؛ فعندما َكانَ َ
َم ِ
سابق .-لَ ِكنَّه ل ْم َيهتم هذ ِه المرة ،وتَ َر َكها على أن َيمنَ َعه ذلك ِمن تَر ِكها -كما َمن َعهُ ذلك في ال َّ ْ
ض ْرتُ إلى هذا العالَم ألج ِلها ،ف ُكنتُ أداء َمه َّمتي الوحيدة؛ التي أ ُ ْح ِ غم ِم ْن ذلك؛ لقد فَ ِشلتُ في ِ
الر ِ
َّ
األضرار الجانبي ِة ،أو التبعية.
ِ بِال فائدَة؛ وزائدة ً عن الحاجة؛ وأحدَ
33
حش؛ بأ َ ْن يَد ُخ َل في حيا ِتنا؛ ألنَّه يَخ ِد ُم أطفا ٍل آخرينَ ،وت ُ ِر ْكنا َكي تُر ِبّيَنا إمرأة ً نَرجسِيةً؛ َ
س َمحت ِل َو ٍ
حا َجتَها.
عرفه في الحقيق ِة أبدًا؛ فقد َكانَ رغم أ َ ّني َل ْم أ ِ َ أن يأتي أبي كي يُن ِقذَني؛ كثيرا ما ُك ْنتُ أحلُم ْ ً
ظى بثالث ِة أطفا ٍل ُجدد؛ ي قب َل عي ِد ميالدي الثاني ،و َكانَ قب َل أن يتزَ وج ثانيةً ،ويَح َ ط ُ
الق والدَ َّ َ
زورنا دَوريًّا؛ َكانَ يأ ُخذنا إلى ماكدونالدز ،وإلى حديق ِة األسماك .أَتذ ّكر أنّه أخذني ذَ َ
ات يأتي ل َي َ
ت خَليلت ِه ،وتركني أل َعب ب َعرائِسها الروسية؛ َل ِكنَّه لَ ْم َي ُكن بالنسب ِة لي أبًا أبدًاَ .كانَ من َمرةٍ؛ إلى بي ِ
حاضرا قط؛ كي يُدافِ َع عن نفسِه، ً السه ِل على أ ُ ّمي أن تَختَلقَ لنا ِحكايا ٍ
ت حو َل ش َّرهِ؛ ألنَّه ل ْم يَ ُكن
شرع ِض ادِّعاءاتِها ،لقد رأيتُه ِخال َل حياتي ،وأراهُ ِبمعدَّل مرة ً ُك ّل َ ول ْم ي ُكن موجودًا قط؛ كي َيد َح َ
سنوات.
34
فأجابت أ ُ ّمي" :ألن هذه ُكلُّها َحرام!"
ي ي ْ
أن أمن َع عن نفسي أ ّ عل َّ ثير َحنَقي؛ وحتَّى هذا اليوم يَ ُ
ش ُّق َ ستَتغ ََّو ُل هذه الكلمة؛ كي ت ُ َ
َحرام؛ َكم َ
ب السنوات التي ُح ِرمتُ فيها ِمن ُك ِّل شيءٍ تقريبًا. شيءٍ ؛ بسب ِ
translationsproject.org
35
صر
ِم ْ
ط ٍن خَفيف ،ورا ِئ َحةَ ع َار ،مع َ شت َ ُم را ِئ َحتَها؛ َرا ِئحةَ الغُ َب ِ
أن تَشعُر ِبحرارةِ القاهرة ،فإنَّك ت َ ّ قَب َل ْ
صر ي؛ انتقلت ِبنا أ ُ ّمي ِمن َكندا إلى ِم ْ ص ِح ّرف ال ّ ص ِ يح ِمياه ال َ خور ُمحت َ ِرقَةٍَ ،مع نَ ْفح ٍة ِم ْن ِر ِ
ص ٍ ُ
إنذار ،أو إشعار؛ َبل أ ُ
ظنُّها لَ ْم تَ َر لنا ٍ سنَتي الثانية من الدراسة؛ دونَ عندما ُك ْنتُ في ُمنتَصف َ
َسير خَلفَها َك ِفراخِ ال َبط ال ُمتَ َبختِرةَ
أن ن َ ليس لنا إال ْظنُّها َكانَت تَرى أنَّه َ أصال؛ أ ًُ َعلم
أن ن َ َحا َجةً؛ في ْ
َوراء أ ُ ِ ّمها؛ لَ ِكنَّنا -في النهاية -قد نَستَنج ما الذي حدث.
سنةَ ب ُم َع ِلّم ِة ال َ
حررنَا ِمنَ "ال َع ّم"؛ كما ه ََربتُ ِمن ُرع ِ ض َل شيءٍ ؛ أننا تَ َّ رغم ذلك؛ فقد كانَ أف َ َ
ي ٍ يو ًما؛ضدةٍ على طف ٍل شَق ّ بمن َ َ َ
عم عنها -ألقت ِ ُ
ْب ما ز َ الدراسية الثانية؛ السيدة نيهولت؛ التي َ -حس َ
عرف؛ ما الذي قد فأنت ال يُم ِكنُ َك أن تَ ِ
َ س أنفاسي؛ ي ُمش ِكلة؛ َل ِكنَّي ُك ْنتُ أَح ِب َ
لَ ْم ت ُكن لي َمعها أ َّ
بار أبدًا.
ُغضب ال ِك َ
ُ ي
ت ت الصياح ال ُمز ِعج لألذَان -ندا ُء الصالةِ الذي يَصد ُ ُح من ُم َك ِبّرات الصو ِ صو ِاستيقظتُ على َ
من هواء الليل البارد ؛ والرائحة ،فقد كانَ لُك ِّل أعلَى المساجد في ُك ّل االتجاهات -؛ وما ت َ َبقَّى ْ
بنايةٍ؛ ِمزبَلةً خاصةً بها؛ و َكانَ يُلقَى بالقُما َم ِة ِمنَ الشبابيك فوقَ َكو َم ِة القُما َمة التي في الشارع
ب القاهر ِة طط السائبة؛ كثيرة ً كعد ِد الذُباب؛ كنا نعيش في قَل ِ صراصير ،وال ِق َ فقط؛ َكانَت ال َ
صحي ،أو صرف ال ِ ّ وحارة الجو [في الصيف؟ ،والتي تَغ ُم ُرك برائح ِة القُ َمامة ،أو ال َ َّ ظة؛ال ُم ّكت َ َّ
ِكليهما معًا.
غص َبطني ال ُمست َ ِ ّمرة. ي ٍ من ذلك؛ لَ ْم تُز ِعجني ِسوى َ
آالم َم ِ بِيدَ أَنّي ل ْم أَشت َ ِك؛ من أ ّ
translationsproject.org
36
ل ْم ت ُكن أ ُ ّمي ُم ِ
تعاطفةً معي بتاتًا.
أن نَسيت َكيفيةَ الحياةِ دونَ ألَم؛ أعلَ ُم طوي ٍل للغاية؛ إلى ْ ت َ مر لنفسي؛ لوق ٍ ظ باأل َ ِ
قررتُ االحتفا َ فَ َّ
أعراضها يوميًّا؛ لَ ْم
ِ عانيتُ من صر؛ والتي َ اآلن أنَّه َكانَت قد أصابتني ُجرثومةَ َمعدةٍ في ِم ْ
طباء في َكندا أن يفحصوني من جهة هذه طر على بَا ِل األ َ ّ ص ألكثر من ثالثين سنة؛ فلَ ْم َيخ ُ ش َّخ ْ أُ َ
صر في شؤون في الدو ِل النامية؛ وقد َكانَت ِم ْ البكتيريا بالتحديد؛ ألنَّها ال توجد إال عند الذين يُ َن َّ
أوائ ِل الثمانينيات؛ ينطبق عليها ذلك تما ًما.
غص ال َمعد ِة بِسرور؛ في ُمقابل َّأال يسيرا أدفَعَه ،و ُك ْنتُ ألحتَم َل َم ُ ً رغم ذلك فقد َكانَ ليكون ثمنًا
صر؛ بعيدًا نعيش في ِم ْ
َ سنذهب َكي أرى وجهَ "ع ّمي" القبيح؛ ُك ْنتُ ُمتح ِ ّمسةً عندما ِقي َل لي أننا َ
أن أراه ُ ي ْأطير منَ الفَرحة؛ ألنَّه َل ْن يكون عل َّ
ُ ع َوهُ؛ ِكدتُ
أن تد ُللغاية عنه؛ بحيث ال يُمكن أل ُ ّمي ْ
ُمجدَّدًا أبدًا.
حاجز اللغة ،والتخلُف عن بقي ِة ِ سي؛ ثم اشترينا ُكتبًا ،وأقال ًما؛ ُك ْنتُ قَ ِلقةً مني َمدر ِ ّ فُ ِ ّ
ص َل لي ِز ٌ
ألن السنة ف ُكل التالميذ اآلخرينُ -ك ْنتُ قلقةً َّ التالميذ -ألَنّي لَ ْم أ َ ُك ْن أتكلَ ْم العربية جيدًا؛ ِبخال ِ
الدراسية قد بَدأت بالفعل منذ أشهر ،وأنّي ُك ْنتُ ألكافح ،وأُعْنى؛ كي ألحق ببقي ِة التالميذ .لَ ِك َّن
سوف يساعدونني ،وبأنَّه ليس هناك داعٍ ِأل َ ْن أقلَق. طمأنوني؛ بأنَّ ُهم َ أقاربي َ
صرية؛ انقَلبَت األمور ،وعادت ُكلُها وبينما ُك ْنتُ أ ِعدُّ نفسي؛ نفسيًّا لدُخو ِل مدرس ٍة ُحكومي ٍة ِم ْ
قاش ،أو تفسير ،وفجأة ً َوجدنا أنفُ َ
سنا نَستَق ُّل الطائرة كما َكانَت؛ قَ َّررت أ ُ ّمي تَرك ِمصر دونَ نِ ٍ
أكثر من ُمح َبطة.
َ عائدين الى كندا؛ ُك ْنتُ
أن تُجيب على تَسا ِؤل طفلة. وف نشتري غيرها"؛ قالت أ ُ ّمي ،وهي ُمنزعجةً من َّ
أن عليها ْ س َ" َ
غير مؤدبةَ .كانَ من المفترض علي أن أغلق فمي وأخضع كبقية اخوتي.
translationsproject.org
37
وف نعيش؟" س َ قُلتُ لها" :لكن أين َ
صا بنا". وف نم ُكث مع العم ُمنير؛ إلى ْ
أن نجد مكانًا خا ًّ س َ
فأجابتَ " :
تَوقَّ َ
ف قَلبي عن الخفقان.
ي؛ لقد تفاجأتُ أرجوك! ال!" قُلت لها وأنا أبكي بال سيطرةٍ ،والدموع تَ ُ
نهمر على خَد َّ ِ "ال! أ ُ ّمي
أكثر منها عددًا هذه
َ ي في ثورتي؛ ففي العادة َكانَت ِلتَصفعُني؛ لَ ِكنَّنا ُكنا أن إخوتي انضموا إل َّ َّ
ت تكتي ًكا جديدًا. جربَ ْ
المرة ،ولذلك َّ
ث (معه) لوق ٍ
ت طويل". قصير فقط؛ لَ ْن نم ُك َ
ٍ تأن هذه المرة ستكون لوق ٍ "أعد ُكم َّ
سلنا ُكلُّنا يائسين" :أتَعدينَنا؟"
تَو َّ
الخاص بنا؛ حا َل ما ْ
إن نَقد َِر على ذلك". ُ وف نعيش في منز ِلنا س َ"نعم؛ ال تقلقوا؛ َ
ي أ ُ ّمي الكثير الكثير من األكاذيب؛ على َم ِ ّر السنين ،لكن هذه ال ِكذبة؛ ال تزا ُل تُؤ ِل ُمني َكذَبت َ
عل َّ
ب ُك َّلقرارا يُر ِع ُ
ً كيف أل ُ ٍم أن تَت َّ ِخذ
َ صرتُ أ ُ ًّما اآلن- من غيرها؛ ال أستطي ُع أن أفهم -وقد ِ أكثر ْ
َ
أطفا ِلها بهذه الشدة! َكانَت تعلم أنَنا نَكر ُهه ،وتعلم السبب ،و َكانَت تعلم أنها تكذِب علينا ،ولَ ِكنّها ل ْمَ
تكترث.
ضمنَ العائلة الكبيرة يدعمونها؛ فهي لَ ْم ت َ ُك ْن وحيدة؛ لَ ِكنَّهن صر َكانَت أخَواتها ،وأقاربها ِ في ِم ْ
نهن؛ َكانَ بإمكانها أن تُنقذُنا من أذى ُمنير ،وكنا ت بأنها أدنى ِم َّ س ْ ُك َّن جميعًا ُمتزوجات؛ فأح َّ
سها عديمةَ القيمة؛ إن لَ ْم َي ُك ْن لها طلقةً ،و َكانَت ترى نف َ نستطي ُع البقا َء في ِمصر؛ لَ ِكنَّها َكانَت ُم َ
ِب أطفالَها؛ لذلك فَضَّلت أن ضرب ،ويُعذّ َ َر ُج ٌل ت ُ ْل َحقَ به؛ َحتّى لو َكانَ ذلك الرجل عنيفًا ،ويَ ِ
بؤس طالما أنَّه يؤدِّي إلى تمكينها من االلتحاق برجل. نعيش ُكلنا في ٍ َ
نوم خاصةً ِب ِه ؛في التسوية التي لَ ْم ت ُكن مكتملة التشطيب في كولومبيا وهكذا انتقلنا إلى ُ
غرف ِة ٍ
غرفة المعيشة؛تجانس بين ُ
ٍ غير ُم
طا غريبًا َ البريطانية في كندا؛ لَ ْم نَحس به كمنز ٍل؛ فقد َكانَ خلي ً
صا قانونيًا؛ كي ينتهي من تشطيب وغرفة األكل؛ وغرفة النوم؛ والمخزن .لَ ْم َي ُك ْن يملك ترخي ً
صد بنظام السكن التشديد القبو ،ومن ث َ َّم َكانَ علينا أن نعيش في مكان ال يصلُح للعيش؛ لقد َكانَ يُق َ
على التراتبية الطبقية؛ فقد عاش منير مع زوجته الحقيقية ،وأطفاله الحقيقيين في الطابق العلوي؛
ت أ ُ ّمي -لكونها الزوجة الثانية؛ غير القانونية؛ األدنى مكانةً -إلى القبو مع أطفالها. بينما أ ُ ْن ِز ْل ْ
translationsproject.org
38
صر؛ َكانَ ابنه األكبر ُمولَعًا بالمخدرات ،و َكانَت زوجته
عاد أبناؤه من أونتاريو بينما كنا في ِم ْ
السابقة تخشى تأثيره السيء على الطفلين اآلخرين ،ولذا أرسلتهم كلهم كي يعيشوا مع أبيهم،
وانتقلت هي إلى ِمصر -بعض الناس يظلّون ينجبون األطفال ،ويتركونهم هنا ،وهناك في ُك ّل
بشرا -تركت أ ُ ّمي؛ أخي ،وأختي في السعودية ،وهجر أبي ثالثتنا مكان؛ كأنَّ ُهم أشياء ،وليسوا ً
(أبنا َءه)؛ وترك "عمي" أبناءه ،واآلن تترك زوجته السابقة أطفالهما الثالثة؛ لستُ أدري كيف
يقدر الناس على فعل هذا ! لكن يبدو أنها قصة شائعة في حياتي.
الزوجة الحالية (رقم )1هي فرنسية-كندية؛ أسلَ َمت ،ومثلي َكانَت غير سعيدة بمنظومة عيشنا؛
ال أدري كيف تحملت األمر ،أو كيف قبلت بأن يحضر زوجها زوجة ثانية ،وأطفالها الثالثة كي
يعيشوا في َقب ِوهم.
َكانَ تاري ُخها يُفسر فقط جز ًءا من األمر ،فقد ترعرعت ضمن أسرةٍ كاثوليكية رومانية على
جزيرةٍ صغيرةٍ في مقاطعة كيبيك؛ ولكوني قابلت بعض األشخاص من نفس تلك الجزيرة ع ِل ْمتُ
أن الزمن كأنه توقف عندهم؛ فال تزال النِساء هناك يُعَا َم ْلنَ على أنهن في مرتبة أدنى ،وكلمة
وأن ال ِنساءت في محيط تعلمت فيه أن الرجال أسياد ٌَّ ،النسوية كلمة سيئة عندهم؛ إذن فهي كب َُر ْ
ممتلكات ،لذلك َكانَ انتقالها الى اإلسالم مجرد نقلة بسيطة؛ لَ ْم َي ُك ْن َلدَيها حظ في األمور
وف تصير راهبة على األرجح ،واستعدادًا لحياة الراهبات عملت س َالعاطفية ،واعتقد والداها أنها َ
كممرضة -ليس كممرضة حقيقية بل َكانَت "تغسل م َباول التبول في الفراش (نونيات األ ِس َّرة)
صري ت فيه؛ بحارس أمن ِم ْ فقط" كما َكانَت تذكر أ ُ ّمي بحماس -التقت في المستشفى الذي ِ
عملَ ْ
متزوج ،وله ثالثة أطفال؛ َل ِكنَّهما أقاما عالقة على الرغم من ذلك .لم؟ ال أحد يعلم .هل كانَ هو
المتالك "اللحم األبيض"فقط ؟ هل َكانَت هي متحمسة للحصول على انتباه َر ُجل فقط ، ِ سا
متحم ً
ْ ُ 5
ِخلطة الرجل :أصدقائه ،ورفاقه.
translationsproject.org
39
ي َر ُجل؟ في النهاية ترك زوجته األولى في أونتاريو ،وانتقل إلى كولومبيا البريطانية مع أ ّ
زوجته الجديدة التي أسلَمت ،لقد َكانَ هذا تقريبًا في نفس الفترة التي ترك فيها أبي زوجته،
ي نحن-؛ في كولومبيا البريطانية ،وانتقل إلى كيبيك .كم َكانَت أ ُ ّمي تتقن اختيار وأبناءه الثالثة -أ ّ
الرجال المناسبين حقًّا!
فازت إذن تلك التي أس َلمت ،قد ترك زوجته وابنائه الثالثة في أونتاريو ،وانتقل معها إلى
كولومبيا البريطانية؛ فازت بجائزتها؛ و َكانَت تنتقل معه من مكان الى آخر في البلد ،لَ ِك َّن األمور
رغم أنها استطاعت إخراج زوجته األولى من حياته؛ فها هي اآلن َ ط لها؛ إذ لَ ْم تسر كما ُخ ِ ّ
ط َ
ضا زوجة جديدة (ثالثة) ،وأبناؤها الثالثة؛ ليكون عليها أن لَدَيها ليس أبناؤه الثالثة فحسب ،بل أي ً
ضا.
سهم أي ً
تناف َ
متكرر بوعدها:
ٍ لفترةٍ طويلة ظللتُ أُذ ّكر أ ُ ّمي على نحو
ً
طويال؛ لقد وع ْد ِتنا". ت أننا لَ ْن نمكث هنا"قل ِ
"نعم .قريبًا".
غير مشروط؛ ووثِقتُ بها على نحو ُمطلق؛ رغم أنها لَ ْم ألَنّي ُك ْنتُ غبية؛ ألَنّي أحببت أ ُ ّمي حبًّا َ
أن غريزة األمومة الطبيعية فيها؛ ستستيقظ فجأة ً فتقرر ب لذلك؛ ُك ْنتُ ال أزال آمل َّ ي سب ٍتمنحني أ َّ
حماية أطفالها؛ ربما ألنَّه لَ ْم يَ ُك ْن لَدَي خيار آخر؛ َكانَت هي ُك ّل ما لَدَي.
translationsproject.org
40
الشرف
في منز ٍل يع ُّج باألطفال؛ َكانَ على "الوا ِلدِين" الثالثة أن يجدوا طريقةً يتح َّكمون بها بنا؛ َكانَ
لنا ُكلّنا برنامج علينا أن نلتزم به؛ َكانَ لَدَينا "ملتقى عائلي" أسبوعي نُسا َءل فيه ،ونُعاقَب على
ُحاضروننا حول بعض ال ُخروقات ،ثم َيقضون بقيةَ الوقت في توبيخنا على بعض أفعالنا؛ كانوا ي ِ ِ
أمور كثيرة.
ٍ
َكانَ ُمنير يقود هذه االجتماعات في العادة؛ َل ِك َّن أ ُ ّمي َكانَت تضيف أحيانًا خيا َنتَها اللعينةَ لنا
ت على ذِكر ذلك؛ َكانَت زوجتَه في العادة تلتزم ص ْ ت أحد ُنا صالةً؛ ِ
حر َ [باإلبالغ عنا؟؛ فإذا فَ َّو َ
الصمت؛ إال اذا َكانَ لَدَيها شيئًا تقوله بخصوص طفليه المتبقيين اللذَي ِْن َكانَا يعيشان معها في
نادرا ما تحدثت عنا نحن األطفال الثالثة الذين يقطنون القبو ،و َكانَت ً الطابق العلوي؛
ت دون استثناء بجلد أحدنا .لعل هذه َكانَت نسختَهم من؛ ساحة االجتماعات تنتهي على نحو ثاب ٍ
الجلد ،وقطع الرقاب؛ واأليدي في السعودية؛ َكانَ هدفهم اإلهانة العلنية ل ُمرتكب الخطأ.
ص َرف أحيانًا؛ كي ننظر في برامجنا؛ كي نت َحقق مما َيتو َجب علينا بعد هذه االجتماعات كنا نُ ْ
ت أخرى َكانَت تنتهي اجتماعاتنا بوجب ٍة نتناولها معًا. أن نكونَه ،وما علينا أن نفعلَه ،وفي مرا ٍ ْ
َكانَت زوجته هي التي تطهو في العادة ألن أ ُ ّمي لَ ْم ت َ ُك ْن تُجيد الطبخ؛ ثم كنا نحن البنات الثالثة
صحون؛ بينما تغسل الثالثة نُنظف؛ َكانَت إحدانا تُنظف ،وتمسح الطاولة؛ وتغسِل األخرى ال ُ
ضا الالتيصرنا نحن أي ً ت صالحات ،وفي النهاية ِ ب على أن نكون زوجا ٍ المالبس؛ كنا نُدَ َّر ُ
نطبخ الطعام .الحقًا في السنة الثامنة من المدرسة عندما درستُ مادة الطبخ في المدرسة تفوقتُ
فيها بسهولة؛ ُك ْنتُ محترفة ،إ ْذ ُك ْنتُ أطبخ لثمانية أشخاص ُك ّل ليلة وعلى مدى سنوات بحلول
ذلك الوقت.
translationsproject.org
41
ت ُمسلم؛ هو قَ ٌ
در أسوأ من رغم ذلك ،فلَ ْم َي ُك ْن هذا إال جز ًءا من التدريب؛ ْ
فأن تكوني فتاة ً في بي ٍ
ُعلّمونك ْ
أن تَشعُري بالعار؛ من ُك ّل شيء تفعلينه؛ ُك ّل شيءٍ هو أنتِ. الجحيم ،فهم ي ِ
ت فتاة!""ال تضحكي هكذا؛ أن ِ
ت فتاة!" "ال تجلسي هكذا؛ أن ِ
ت فتاة!"
"أخ ِفضي من صوتك؛ أن ِ
ت فتاة!" صرك؛ أن ِ "أخفضي ب َ
الر ُجل ،وعائلته بالفتيات ،ويزيد شرفه بازدياد سيطرته على زوجته ،وبناته؛ شرف َ
ُ يقُاس
فمن واجبه الحرص على حراسة شرف عائلته ،وذلك بالحرص على َّ
أن نسا َء األسرة يلبسن
مالبس متواضعة؛ محتشمة ،ويلبسن الحجاب ،وأن يتصر ْفنَ "بشرفٍ "؛ بإبقاء أصواتهن
هن اتجاه األرض؛ وبأن ي ُك َّن محتشماتٍ .أما أهم مظاهر شرف الفتاة هو وأبصار َّ
ِ خفيضةً؛
ركوب الدراجات ،أو الخيل،
َ عذريتها ،ويجب الحفاظ عليها مهما َكانَ الثمن؛ فال يُ ْس َمح للفتيات ُ
أو ممارسة الرياضة؛ كي ال يتمزق ِغشاء َب َكارتها ،ويجب على العائالت أن تُراقب الفتيات
عذريتهن؛ سوا ًء إذا فعلت الفتاة ذلك برغبتها ،أو ُلوثْنَ شرف العائلة؛ بفُقدان ُ
بحرص؛ كي ال ي ّ ِ
تعرضها لالغتصاب؛ فال يهم ،وغير ذي صلةٍ؛ فالهدف هو التأكد من أن "خَت َمها" ال بسبب ُ
أن غطاء "علبة الزبادي" ض -مثل غطاء علبة الڤيتامين ،أو الزبادي -ويجب الحرص على َّ يُفَ ُّ
سليم قبل تسليم الفتاة إلى زوجها.
translationsproject.org
42
سا غربيًّا للغاية ،أو غير إسالمي على نح ٍو كافٍ ،أو شرف العائلة؛ بلبسها لبا ً
َ وإذا لوثت فتاة ٌ
ي شيء آخر عادي ،فإنها يمكن أن تدفع حياتها ثمنًا لهذا ذكورا ،أو فرط نشاطها ،أو أ ّ ً بمصادقتها
ب فيإن العنف ألجل الشرف و /أو القتل ألجل الشرف شيئان منتشران على نح ٍو مرع ٍ التمردَّ .
المجتمعات االسالمية عبر أنحاء العالم ،وتوجد آالف الحاالت سنويًّا؛ كما توجد أدلة قوية على
يض ال يُبَلَّغ عنه؛ كثي ًرا جدًّا ما ت ُ ِبلّ ُغ العائالتُ
ضا من فَ ٍ أن عدد الحاالت المبلَّغ عنه؛ ليس إال غي ً
هربْن ،أو تُصر عائالت ُ َّ
هن أنَّهن انت َح ْرنَ . بأن فتياتها قد َ
ال تقتصر هذه الحاالت على الدول ذات الغالبية ال ُم ْس ِلمة؛ بل توجد حاالت العنف و /أو القتل
بالرصاص؛ ابنتيه في تكساس،ِ ي من أجل الشرف في ُك ّل أنحاء ُ
أوروبا؛ فقد قت َل َر ُج ٌل ِمصر ّ
حصر لها ،وتعيش َ رأس امرأته .هذه القصص مخيفة ،وكثيرة ال َ طع باكستاني وفي نيويورك قَ َ
ص َر ُخ علينا بكلمة "عيب" في مختلف اللغات؛ لتذكيرنا بأننا إن لَ ْم الفتيات في خوفٍ دائم .يُ ْ
وف نُزَ َّو ُج باإلكراه ،أو َحتّى ما
س َونحرص على شرف العائلة؛ ف َ ِ نخضع للنظام ،ونطيع األوامر،
هو أسوأ.
ِبيدَ أن الفتيان ال يخضعون لمثل هذه القواعد في عائالتهم ،وبالكاد يسمعون تلك الكلمة ت ُ ْر َمى
ي أعمال منزلية .أتَذَ َّكر عندما بدأت في رفض غسل مالبس أخي؛ عليهم ،وال يساعدون في أ ّ
ٌ
حينَ ُك ْنتُ مراهقةً ،و َكانَ أكبر مني؛ فأبلَ َغ عني ،و َحدَثت مشكلة كبيرة ،لكن َكانَ علي أن أقاوم.
وكما يُمكن لك أن تتوقَّع،إنَّه أنا من وقعت في ورطةٍ؛ بسبب طريقة كالمي؛ لَ ِكنّي لَ ْم أهت ْم ،ولَ ْم
سه بعد ذلك قط. أغسل مالب َ
بالمقابل َكانَت أختي كآلة بال عقل؛ تُطيع األوامر بما في ذلك غس َل مالبس أخي .لَ ْم تَتَش َّكك،
غير مسموع؛ قبلت تسأل عن شيء ،أو تقاوم ،أو َحتّى تُغم ِغم بالتعبير عن ضي ِقها؛ بصو ٍ
ت َ ْ أو
ومحاص ًرا؛ َو َجدَتْه هي
ِ دورها كشاةٍ في القطيع ،وبينما و َجدتُ سيل القواعد المستمر خانقًا،تما ًما َ
أن تفكر بنفسها ،و َكانَت مرتاحةً لتتبع مري ًحا ،ومطم ِئنًا للغاية؛ و َكانَت ُممتنةً؛ ألنه َ
ليس عليها ْ
translationsproject.org
43
بوضوح؛ فبالنسب ِة إليها َكانَ هذا يجع ُل حياتَها؛ بسيطةً ،وسهلةً؛ بالتأكيد.ٍ الطريقَ الذي ُر ِس َم لها
ي روح ،وخالية من السعادة؛ أو الحب؛ أو الغرام ،والشهوة؛ أو َكانَت حياتها ُمفرغةً من أ ّ
الحزن ،أو خيب ِة األمل ،أو اإلحباط ،أو التَّحيُّر.
ِ ضا أنها خالية من الفضول ،لَ ِك َّن ذلك َكانَ يعني أي ً
وف تَتَ َم ّكن من تجنُّب ُك ّلس َ َكانَت ُمستعدة ً للتخلي عن ُك ّل اإليجابيات؛ طالما ذلك يعني أنَّها َ
السلبيات؛ أرادت لحيا ِتها أن تَتهادى ببطءٍ على الطريق المرسوم لها؛ إلى أن تصل الى الموت؛
جهنم الى األبد؛ لَ ْم تجذِبها الجنة؛ بل خافت من َ هدفُها الرئيس أن تتفادى االحتراق في ِ
نار
ضاالجحيم ،و َكانَ ذلك دافعها؛ َكانَت سعيدة ال ِت ّباعها الطريقَ الذي يَقيها َجهنم؛ ُك ْنتُ بالتأكيد أنا أي ً
باستمرار،
ٍ بنفس نجاحها في إطفاء عقلي ،وإلغائه؛ ُك ْنتُ أقاوم ِ خائفة من جهنم ،لَ ِكنّي لَ ْم أنجح
وانتظام ،أو على األقل أت َّ ِقد ُ تمردًا في قَرارةِ نفسي ،وأَغلي بداخلي.
ٍ
أن أختي ليست حليفةً ليَ .كانَت تتشنج إذا قلت صغري؛ َّ وألَنّي ُك ْنتُ ِجدٌّ مختلفة؛ ف ِهمت ُمنذ ِ
وف تشي بي؛ ورغم أن أختي ،وابنة "عمي" َكانَتا س َ ي شيء أمامها ،و ُك ْنتُ أعرف جيدًا أنها َ أ ّ
أكثر تقاربًا عاطفيًّا إلى بعضنا البعض؛ مما َكانَ بيني أكثر تقاربًا عمريًّا ،اال أنَّه؛ أنا ،وابنته كنا َ
ضا على نح ٍو تا ٍ ّم؛ لَ ِكنَّنا كنا نُ َّ
نفس عن كبتنا وإحباطاتنا عبر تباد ِل و أختي؛ لَ ْم نكن نثق ببعضنا بع ً
النظرات ،أو برفع أعيننا إلى أعلى ؛من حين إلى حين؛ لَ ِك َّن األهل كانوا حريصين على عدم
6
ت بيننا؛ فكانوا غالبًا ما َيبُثون الفُرقة ،والمشاكل بيننا؛ وإنه َل ِمن الغريب على السماح بتحالفا ٍ
أن سلو َكهم على قسوتِه ،وتقلُّب ِه الدائم؛ َكانَ الشيء الثابت الوحيد في حياتنا؛ وقد أبقانا نحو كافٍ ؛ َّ
تحت السيطرة.
ُ ً
تقريبا يوجد زف ك ّل الثقافات أو أغلبها.
ً عالمة عىل االنزعاج أو الغضب أو عدم التصديق ،وهو تعبت جسدي عالم 6
translationsproject.org
44
سانتا الخفي
تخلّفة عن الصف الثالث في المدرسة االبتدائية المحلية ،وألنّه انتهى بي األمر إلى ْ
أن أنض َّم ُم ِ
فاتتني نهاية الصف الثاني ،وبداية الصف الثالث؛ فقد تعثرتُ في الرياضيات؛ لقد استطعت
ألن الرياضيات من نوع المواد التي لها َمنهج تراكمي التدارك في ُك ّل المواد األخرى؛ لكن َّ
ُ
ُّ
ت في تَعلمي الرياضيات. ُمترابط كالسلسلة ،فقد صارت لَدَ َّ
ي فجوا ٍ
الخبر المثير.
َ عدت الى البيت ،وأخبرت أ ُ ّمي
ُ
تصرف نَظرها
ِ ي شيء لتلك الكافرة ،و ِلعيدها الكافر؛ الغبي" .قالت ذلك ،وهي" َل ْن أشتري أ ّ
ِلبُره ٍة قصيرةٍ عن شاشة التلفاز.
سألتُها" :هل لي أن آ ُخذَ معي شيئًا من المنزل؟ هل نستطيع على األقل شراء ورق لف الهدايا؟"
وكلّي أملٌ ،ورجاء.
يِ ، فاركةً يدَ َّ
وقَ ْفتُ ِ
أن ُمصادَقتهم َحرام؟ أتريدين أن "لم تُحبين الكفار إلى هذه الدرجة؟"انفجرت صائحة" أال تدرين َّ َ
ُحب من يحبون أعداءه"؛ ثم استدارت مرة ً أخرى ل ُمشاهدةِ التلفاز.
يل َعن َِك هللا؟ هللاُ ال ي َ
أن تُغ ِيّر رأ َيها .أردتُ منها فقط لمر ٍة واحدةٍ؛توقَّف قلبي عن الخَفقان؛ إذ علمتُ أنَّه ال مجا َل ْ
أن تُو ِلي اهتما َمها ِلما هو ُمهم لي؛ أردت منها فقط أن تُن ِ ّحي دينَها لمرةٍ واحدةٍ جانبًا؛ لكنّي علمتُ
ز 7
إلهدائهم
ِ الغرن حيث يقتع شخص أو مجموعة أشخاص عىل اختيار شخص أو أشخاص إلهدائه هدية ،أو ر تقليد حديث ف عيد الكريسماس
ًّ
تدريجيا إىل ما يعرف اليوم بال Secret Santaأو سانتا الشي ،حيث يتبادلون هدايا ،عىل أن تظل هوية معط الهدية رسية .وقد حول الناس الفكرة
ز
الهدايا بشية ف فتة عيد الميالد.
translationsproject.org
45
وف يَظل دائ ًما أكثر األشياء أهميةً لها؛ وله السيادة ،مهما
س َ أن ذلك لَ ْن يحدث أبدًاَّ ،
وأن دينَها َ َّ
أعيش فيه وأتح َّملَه.
َ َكانَ البؤس الذي يستلزم ذلك الدّي ُْن ْ
أن
تحرم على ال ُم ْس ِلمين ُمصادقةَ اليهود ،والمسيحيين ،و ُك ّل غير ُك ْنتُ أعرف عن آيات القرآن التي ّ
المؤمنين؛ يقول القرآن في اآلية ( )51من سورة المائدة":يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُواْ الَ تَت َّ ِخذُواْ ْاليَ ُهودَ
ّللا الَ َي ْهدِي ْالقَ ْو َمض َو َمن َيت َ َولَّ ُهم ِ ّمن ُك ْم فَإِنَّهُ ِم ْن ُه ْم ِإ َّن ّ َ
ض ُه ْم أ َ ْو ِل َيا ُء َب ْع ٍ
ارى أ َ ْو ِل َيا َء َب ْع ُ
ص ََوالنَّ َ
يعتبرك هللا من الظالمين؛ ألنك تصادقهم؟ َ أنالظا ِل ِمينَ " .فما الذي يمكن أن يكون أكث َ َر سو ًء ِمن ْ َّ
صديقتهم. لكنّي مع ذلك أردتُ أن أكون َ
اشتروه من هدايا؛
َ خالل بضعة أيّام التي تسبق يوم تباد ُ ِل الهداياَ ،كانَ ُك ّل أصدقائي يتحدثون َ
ع َّما
وحزن في داخلي.
ٍ س ْستُ ٍ
بألم و ُكلّما ازدادت حماستُهم أح َ
لهن أنك ال تريدين المشاركة بأي شيء ت َّ"ذلك ألنك ضعيفة؛ فلو ُك ْنتُ قوية ل ُك ْنتُ ذهبتِ ،وقل ِ
سلي. فريَّة .".هذا ما قالته أ ُ ّمي وقد َكانَت َ
غير عابئة بتو ّ في سخافتهم ال ُك ِ
يوم تبادُل الهدايا .شعرت باإلحراج ،واإلذالل؛ ألن أ ُ ّمي تفعل هذا بي .لَ ْم أ َ ُك ْن ألَتعافَى
بَ َكيْتُ َ
قط من حرج أن أكون الطفلة الوحيدة التي ال تحمل هدية لصديقتها.
قبل تلك اللحظة ُك ْنتُ قد استطعت أن أتجاوز بنجاحٍ مشاكل األعياد .8في عيد الفصح زيَّنتُ
البيض في مدرستنا بعناية شديدة ،و ُك ْنتُ أتحدث مع أصدقائي دون حرج على نحو خيالي عن َ
صا عن ِزيي التنكري ،و ُك ّل 9
البحث عن بيض عيد الفصح ؛ وفي أثناء عيد الهالوين اختلقتُ قص ً
الحلوى التي حصلت عليها؛ وفي عيد الميالد (الكريسماس) السابق؛ ُك ْنتُ قد تم َّك ْنتُ من
االستماع إلى ما سردَه األطفا ُل اآلخرون حو َل هدايا ِهم؛ فكررته عندما سألوني ع َّما حصلتُ
عليه من هدايا.
ضا حصلت على جوارب ،وبيجاما ،وقميص من صوف (سويتر)"... "أوه؟ وأنا أي ً
8
الغربية المسيحية بطبيعة الحال -المتجم.
َُ ُ ْ
المزين الذي ُيلون ضمن تقاليد االحتفال بعيد الفصح تقليديا بيض عيد الفصح بيض دجاج يزخرف ويلون بألوان زاهية،
ًّ ّ 9
. بيض الفصح هو البيض
ي .ولعبة البحث عن بيض يي عىل اختالف أديانهم عادة شبيهة زف عيد شم النسيم ،ما عدا سلفن ومتشددي المرص ز
يي ال ُم ْس ِلم ز ولدى عموم المرص ز
عيد الفصح زف دول الغرب لعبة يخبأ فيها البيض الملون عن األطفال ويبحثون عنه.
ُ
translationsproject.org
46
انكشف أمري؛ ُك ْنتُ كاذبة .الحقيقة هي أن سانتا َكانَ دائما يتجاهل َ
دارنا. َ لكن في النهاية
جلست في الدائرة وأنا أُمسك د ُمية قط ٍة من ال ُمخمل القطيفة؛ التي منحتني اياها صديقتي ،شاعرة
بأن داخلي به ِحم ٌم بركانية ُمنصهرة.
10
ظريف جدًّا؛ كدت أحتفظ به لنفسي" .قالت صديقتي مقهقهةً.ٌ "إنَّه
"فلتَحتفظي ِبه إذن يا كارا؛ ال بأس"؛ ناشدتُها.
أحضرتِه لي!"
ْ "ال ،هاهاها بالتأكيد ال .أريد ما
"نعم سأجرب قول ذلك"؛ قلتُ ذلك ،وأنا أعرف أَنّي لَ ْن أتجرأ أبدًا على ذلك.
10القهقهة :الضحك.
(باإلنچلتية :)Anne of Green Gables :رواية صدرت عام 1908للكاتبة الكندية لوس مود مونتغمري ر
(نشتها باسم ز ز
الخرصاء آن الجملونات
11
ز ُ ُ
ل .م .مونتغمري) .كتبت هذه الرواية لتناسب جميع األعمار ،واعت رتت رواية أطفال كالسيكية منذ منتصف القرن ر
العشين .تدور أحداث الرواية ف
ز ز عش ،وتشد مغامرات آن شتىل ،وه فتاة يتيمة زف الحادية ر أواخر القرن التاسع ر
أرسلت عن طريق الخطأ إىل شقيقي ف منتصف عشة من عمرهاِ ،
ز ز ز ً ز َ ُ
العمر ،هما ماثيو وماريال كزبتت ،اللذان كانا ينويان ف األصل أن يتبنيا صبيا يساعدهما ف أعمال مزرعتهما ف بلدة أفونىل الخيالية الواقعة ف جزيرة
translationsproject.org
47
باحتقار ،وذ ٍ ّم.
ٍ لَ ِك َّن كلمة؛ ُح َّرة َكانَت كلمة سيئة وال يُلفَ ُ
ظ بها إال
"آه؛ أتريدين أن تكوني ُح َّرة مث َل صديقاتِك الكافرات؟"
أردتُ ذلك؛ فالحرية شي ٌء إيجابّي ت َّم تشوي َهه ،وتَحويلَه بطريق ٍة ما إلى شيءنعم بالطبع؛ َ
أعيش حياتي بسعادة ،ولم أتكلم
ُ شريرُ .ك ْنتُ في المدرسة أتخلَّص من ُك ّل قلقي ،وتوتري؛ ُك ْنتُ
كيف َكانَت حياتي في البيت؛ لم أرغبْ في التفكير في األمر .أعتقد أَنّي ُك ْنتُ أعيشَ يو ًما عن
حياة ً مزدوجة على نحو ما؛ شخصيتي الحقيقية َكانَت في المدرسة؛ أ ّما نُسختي ،أو شخصيتي
ال ُمزيفة؛ التي َكانَت تبتل ُع حزنَها ،وغض َبها -ألن التعبير عنهما لَ ْن يؤدي إال إلى التعذيب
الجسديَ -كانَت الفتاة التي تعيش في المنزل.
48
التحرش
ُّ
يتحرش بي ِجنسيًّا؛ َّ أن "زو َجها" َكانَت السنة الدراسية الرابعة ؛ السنةَ التي أخبرتُ فيها أ ُ ّمي َّ
لم أ ُكن أمتَلك المصطلحات؛ َكي أ ُ َع ِبّر عن ذلك؛ لَ ِكنَّي أخبرتُها بما َكانَ يفعله بي؛ كانوا قد
عصيتُ .-ولذلك ضربُني؛ ْ
إن َ وف َي ِس َ علَّموني "أن أُصغي دائ ًما الى الكبار-خاصةً؛ الكبير الذي َ
لم أفكر يو ًما في استنكار أفعا ِله؛ ُك ْنتُ قد اعت َدتُ أذاهُ لي َجسديًّا ،واعتدت أن أكونَ ُمرغَمةً على
درك الفارق. َفس الشيء ،ولم أ ُ ِ التح ُّمل؛ دون حماية من أ ُ ّمي؛ فَبدا هذا كاستمرارية ،أو تَكملة لن ِ
شك شخص ما في الرواق؛ جعلتني أ ُ ٍ سماعِ حركة لكن؛ َكانَ هناك شيء في ردَّ ِة فِع ِل ِه على َ
خبر أ ُ ّمي على سبيل االحتياط. أن أ ُ َ
نكرا .ل ْم أ ُك ْن ُمتأكدة؛ لكن ف َّكرتُ ْ ت فِ ً
عال ُم ً عرفَتِ ِه أنَّه يأ ِ
بِ َم ِ
َكانَت َردة ُ فِع ِلها األولى؛ هي الغضب ِتجاهي ،وا ِت ّهامي بالتحريض ،أو اإلغراء على التحرش
منطقيَّةً بالنسبة لي .أما َردَّة
بي؛ وقد تَحيَّرتُ من تسلسل [أو مجموعة؟ أسئلتِها؛ التي ل ْم ت ُك ْن ِ
ِفعلها الثانية؛ فقد َكانَت تجا ُهلي؛ تراءى لي أنّي َح َّركتُ شيئًا فيها؛ عندما أخبرتُها أو َل مرة،
وتكراراُ ،ك ْنتُ أُخبرها بما فعلَه
ً مرارا،
ً ذات الشيء أن أُحرك فيها َفواصلت إخبارها على أمل ْ
بي بالضبط؛ وكيف َكانَت زوجتَه تشاركهُ المؤامرة ،لكنَّها واصلت تجا ُهلي فقطَ .كانَت تتركني
ي ر ِد فعل. أتكلم ،وتصغي إلي؛ لكنَّها ال ُ
ترد ،وال تعطي أ َّ
ُك ْنتُ صغيرة للغاية؛ كي أفهم َحتّى ما الذي كانَ يفعَلَهُ ،أو لماذا ،و ُك ْنتُ خائفةً جدًّا من َّأال أفعل
أن ال أتحرك؛ فاستلقيت على وذهب الى الحمام ،وأ َ َمرني ْ
َ ما أُؤ َم ُر به .تَركني مرة ً في غرفتِه،
وملتُ باتجاه فَتحة التهوية ،و َهمستُ إلى أ ُ ّمي في األسفل ،وأنا خائفة ِم ْن أ َ ْن يَس َم َعني، بطنيِ ،
وآملَةً بال ُمبرر ،أو سبب؛ أنَّها قد تَس َم َعني؛ لكن ُمنذُ أ َ ْن ُك ْنتُ في ِس ِّن الخامسة؛ لم تُن ِقذني منه ِ
سيختلف هذه المرة؟ َ يو ًما ،فَ ِل َم إذن َ
ظنَنتُ أ َّن األمر َ
كوابيس
ٍ أن أهرب -إلى أن عائلةً ما؛ تتبناني ،أو ْ ظة -التي ُك ْنتُ أتخيَّل فيها َّ تحولت أَحال ُم ال َي َق َ
َّ
س ِتها؛ لكنَّها
عبَتني أحالمي؛ ِب َوحشِيتها ،وشَرا َ َ
طع قَضي َبه؛ و ُك ْنتُ أستَمتِع بذلك .أر َ أَط َعنَهُ فيها ،وأق َ
طمأنين ِة ،والسالم؛ ب ُمشاهدةِ دَ َمهُ يَتَدفَّق .ل ْم ت َ ُمر ليلةً؛ ل ْم تُراودني فيها ضا؛ لقد شَعرتُ بال َ َهدَّأتني أي ً
صا آخر ينزف س بالسعاد ِة ،والطمأنين ِة الشديدين؛ لرؤي ِت ِه شخ ً َ
كيف أل َح ٍد أن َي ِح َّ َ تلك األحالم؛ َ
translationsproject.org
49
وكرهتُ َكوني وحشيةً للغاية ،و ُك ْنتُ غاضبةً من نفسي؛ِ َحتّى الموت؟ شعرتُ أَنّي َوحش،
ِلشعوري بتلك الراحة تغ ُم ُرني؛ عندما تُراودني تلك األفكار البَشعة.
ت الغالبية ال ُم ْس ِلمةُ -مقززة ًاإلحصائيات عن َمدى شيوع هذا النوع ِمنَ التحرش -في الدول ذا ِ
حقًّا .الحاالت الشهيرة إعالميًّا لدى الجماهير؛ ِمثل حالة الطفلة زَ ينب أنصاري -من باكستان-
ذات الست سنوات؛ والتي ُو ِجدَت ُجثَتها ُملقاة ً في َكو َم ِة قُمامة؛ بعد اغتصا ِبها ،ث ُ َّم قت ِلها؛ أجبرت
ولّي على اإلهتمام باألمر ؛ حسب ُمنظمة ساهيل غير الحكومية التي ُّ
12
مقرها في ال ُمجتم َع الدَ ِ
فإن ال ُمعدل المتوسط هو؛( )11حالة تحرش و /أو اعتداء جنسي على األطفال يُبلَّ ُغ إسالم أبادَّ ،
ْ 13
عشر طفالت قُتِلنَ في مدينة قصور ِ عنها يوميًّا عبر أنحاء باكستانَ .كانَت زينب واحدة من
Kasurفي مقاطعة بنجاب سنة (.)2018
أن أغلب حاالت التحرش باألطفال /انتهاك، ما يُر ِعب أكثر بكثير من هذه األرقام؛ هو إدراك َّ
[مثال؟ لم يُبلَّغ عنهاُ .هنالك عار؛ وصمة؛ شعور ً واغتصاب األطفال؛ ال يُبلَّغ عنها أبدًا .حالتي
سبَّب في ذلك ،وجل َبهُ عليها ،أو أن الطفل ،أو الطفلة َكانَ بأنه خطأ البنت ،أو أنها فعلت شيئًا ت َ َ
صبها .هنالك الزواج من ُمغت َ ِ
ِ يستطيع إيقاف األمر؛ وفي بعض الدول يُمكن أن تُجبَر الفتاة على
أسباب كثيرة للغاية؛ تُخيف البنات ،وتُر ِغم ُّهن على الصمت.
ٌ
األمر على البنات؛ ففي المجتمعات ال ُمس ِلمة -التي تمارس الفصل بين الجنسين ُ قتصر
ُ وال يَ
ً
سبيال للوصول إلى البنات؛ إال إذا َكانَ لدى ال ُمتحرش ابنة ،لكن لَدَيهم بتشد ُد -ال َيجد ال ُمتحرشون
ً ً ز 12
كثتا ف الدول المتدينة النامية مقارنة بندرته الشديدة هذه حالة اختطاف واغتصاب وتعذيب وقتل شخص غريب عن األرسة لطفلة ،وهذا يحدث
ر ز ز
ف الدول المتقدمة والعلمانية .لكن ال توجد إحصائيات رسمية عن التحرشات واالغتصاب ف نطاق العائالت نفسها ،ك ال تحرج الشعوب الشقية
وحكوماتها من مواجهة هذه المسائل أغلب األحيان ،وه عىل األرجح كثتة.
ز ز ز 13كن اثنن ر
الجان بنفس الطريقة ،وف يوم السبت 17رفتاير 2018م أصدرت محكمة مكافحة اإلرهاب ف باكستان عش طفلة اختطفهن واعتدى عليهن وقتلهن
ز ً
حكما باإلعدام عىل عمران عىل أرشد ف قضية اغتصاب وقتل الطفلة زينب بعد إثبات التهمة عليه باألدلة الجنائية واعتافه.
ُ ز
ف 26يناير 2018بثت وسائل إعالم باكستانية ڤيديو مشب للقاتل عمران عىل أرشد وهو يروي تفاصيل حادثة القتل .تضمن اعتاف عمران عىل أنه اعتضها،
ز ز ز َ
واستدرجها صباح 4يناير حي كانت ف طريق عودتها من درس تالوة القرآن الكريم إىل بيت خالتها ف مدينة قصور بإقليم البنجاب ،والذي أقامت فيه خالل فتة
ز
انتظار عودة والديها من قضاء مناسك العمرة ف المملكة العربية السعودية ،وذلك بخداعها أن والديها قد عادا من السعودية وأن بإمكانه اصطحابها إليهما .ثم
متلها .اعتف المتهم أنه فر بعد ارتكاب الجريمة بحق الطفلة زينب إىل مدينة باكبتان ثم اغتصبها عدة مرات قبل خنقها ورم جثتها زف مكب للنفايات بالقرب من ز ز
َ ً ُ
غادر إىل مدينة أريفواال ،ليعود الحقا إىل مدينة قصور حيث شارك زف جنازة زينب زف 10يناير والن كانت بعد يوم من العثور عىل جثتها وعودة والديها من السعودية.
الشع الذي رأرسف عىل عملية تشي ح جثة الطفلة الباكستانية زينب األنصاري ،والذي تسلمته المحكمة العليا زف الهور ،تأكد الطبيب ر أظهرت نتائج تقرير رسم عن ر
ز ز ز ر
تشي ح الطفلة أنها لقيت مرصعها قبل حواىل يومي ،وهو ما يرجح أنها ظلت مختطفة لفتة تتاوح من يومي إىل 4أيام ،منذ خطفها يوم 4يناير ف الفتة من 9 - 7
آن .وقال أن هناك أدلة عىل تعرض الطفلة لالغتصاب قبل خنقها بقوة ما أدى إىل تهشيم عظام أسفل الفك ،كما وجدت حي َكانت زف طريقها إىل درس قر ز
مساء زً
ً
جروح غائرة عىل اللسان من جراء ضغط األسنان عليه ،وأن هناك عالمات عىل األنف والرقبة تدل عىل تعرض الطفلة للتعذيب أيضا .أدت الجريمة والمظاهرات إىل
ز
المخطوفي لعام 2019م إصدار إعالن زينب أو إعالن تأهب زينب ،قانون االستجابة وإنقاذ األطفال
translationsproject.org
50
قدرة على الوصول إلى األوالد؛ في أفغانستان تعني عبارة "باشا بازي" "لعب األوالد"
(بالفارسية :بچه بازى ) ويقصد بها؛ ولد ٌ صغير َيستغَّله الرجا ُل جنسيًّا .في رواية َ
14
عدَّاء الطائرة
الورقية؛ التي كتبها األفغاني األمريكي خالد حسيني سنة ( ، )2003والتي ت ُ َّ
15
صور ممارسة
"باشا بازي" -في الحبكة يتم إرغام إبن األخ (األخت) غير الشقيق لبطل الرواية على أن يُص ِب َح
َفس هذا المسؤول؛ الرتبة في طالبان ،و َكانَ ن ْصا ،ومستعبَدًا جنسيًّا لدى مسؤول عالي ُ ُ
غال ًما راق ً
السن)؛ و َكانَ المسؤول ُمراهقًا.
ِّ َ
(حديث أب الطفل ُمنذ سنوات؛ عندما كانَ َحدَثًا
قد اغتصب َ
ي لألطفال؛ ُمح َّمد -أعظ ُم قُدوة لالنسانية لألسف؛ يَق َبل ،ويُش َْر ِع ُن اإلسال ُم االستغال َل الجنس َّ
ليس تابو[ أو اغتصاب األطفال َ َ ذات ِست سنوات؛ ولذلك َّ
فإن على مر العصور -تزو َّج طفلةً َ
حظورا؟ بل يُبَ َّجل في الحقيقة؛ طالما أن الشخص ُمتزوج من الطفلة ،ولذلك َّ
فإن زوا َج ً حرا ًما َم
ض دعوات لرفع سن ت الغالبية ال ُم ْس ِلمة .في باكستان ،وإيران تُج َه ُ األطفال ُمتَفشيَّا في البلدان ذا ِ
عمرها أق ُل من زوج بنتٌ ُص ُم بأنَّها مخالفة لإلسالمُ .ك ّل ثانيتين من الزمن تقريبًا؛ ت ُ َّ الزواج ،وتو َ
ت؛ بل ثمانية عشر عا ًما ،وفي بعض تلك الحاالت؛ يكون سبب الزواج هو أن الطفلة اغت ُ ِ
صبَ ْ
غتصبها،
صبة من ُم ِ وسنَّت العديد من الدول ذات الغالبية ال ُم ْس ِلمة؛ قوانين تُش ِ َّرع زواج ال ُمغت َ
ألن ال أحدَ آخر صبها؛ َّ زوج ِمن ُمغتَ ِ ت فتاةُ؛ فإنَّها يجب أن ت ُ َ والتي تَنُص على أنَّه :إذا اغت ُ ِ
صبَ ْ
ض.سيق َب ُل بها؛ فهي ِبضاعةٌ ُمستع َملة وخَت ُمها قد فُ َّ َ
تفكيرهم؛ بقدرة
ِ ير هؤالء القوم طريقةَ من المهم أن َنتَذ َّكر َّ
أن هذه األفكار عابرة ً للحدود .ال يُ ِغّ ُ
قادر ،أو بطريق ٍة سحرية؛ عندما ينتقلون إلى دول ٍة أخرى .تتعرض البنات ال ُم ْس ِلمات عبر أنحاء
العالم الى نَفس المعاملة غير االنسانية؛ َحتّى وإن َكانَت تُخالف قوانين الدول الالتي يَعشن فيها،
ي على الدول الغربية؛ أن تحمي ُمواطناتها الفتيات من العائالت، ولهذا فإنَّه واجب أساس ّ
والمجتمعات الوحشية الرجعية؛ التي تنخرط في تلك الممارسات الوحشية.
51
اليهود
سكب الماء البارد على وجهي؛ كيظ من النوم قبل طلوع الشمس؛ ب َ بأن أ ُ ُوقَ َ
َكانَت أيّامي تبدأ ْ
خوف من
ٌ ص ِلّي صالة الفجر .كانَ ُك ّل األطفال [في البيت؟ يُوقَظون هكذا؛ وإلى اآلن لَدَي أُ َ
الغَرق.
حرقُني عيناي ،و َيثقُل رأسي؛ أُمارس الطقوس المتكررة التي حرمتني النوم .بعد ذلك وبينما تَ ِ
ضى تلك الساعات في أجد أنه ما زالت هناك ساعات على وقت الذهاب الى المدرسة .ف َكانَت ت ُ ْق َ
قراءة القرآنُ .ك ْنتُ أنو ُح بال فهم ،أو اكتراث بذلك الكالم األجنبّي اللغة -الذي ال أفهمه -بصو ٍ
ت
عديد من السنوات الحقًا. عان شريرة مشؤومة تعل ّمتُها بعد َمتناغم َرتيب ،والذي له َم ٍ
ٍ ي ٍ أخنفأنف ّ
ُك ْنتُ بالكاد أرى الكلمات في الصفحات عبر دموعي ،وتعبي؛ لكن القراءة الخاطئة َكانَت لتجلب
لي ضربةً على الرأس ،ف ُك ْنتُ أقرأ ،وأقرأ ،وأقرأ ،وأُغم ِغم الكلمات بصو ٍ
ت عا ٍل ،وأنا أتأرجح
إلى األمام ،وإلى الخلف.
ي حال [فهم معاني؟ ما تَتلوه .ك ُم ْس ِلم ال خيار لك إال أن تقبل به وال يوجد لم َي ُك ْن مه ًما على أ ّ
ص بوضوح جدًّا في اآلية الثانية من سورة البقرة" :ذَ ِل َك شك؛ فالقرآن ينُ ُّ مجال للتساؤل ،أو ال َّ
فكر نقدِّي؛ بما أنَّه بذهن منفتح ،و ٍ ٍ ْب فِي ِه ُهدًى ِلّ ْل ُمتَّقِينَ " .فما الفائدة إذن من تِالوته اب الَ َري َ ْال ِكت َ ُ
خيارا متا ًحا َحتّى .ك ُم ْس ِلم عليك أن ً ي حال؟ فهذا ليس ي كلمة فيه؛ على أ ّ ال يُ ْس َم ُح لك بالشك في أ ّ
ص على أنه { :فَإِن لَّ ْم ت َ ْف َعلُواَْ ،ولَن ت َ ْف َعلُواْطا ُك ّل هذا الكتاب بما فيه ،ألن القرآن َينُ ُّ تصدِّق اعتبا ً
16
ارة ُ أ ُ ِعد ْ
َّت ِل ْل َكافِ ِرينَ }؛(البقرة.)24 : اسَ ،و ْال ِح َج َ
ار الَّتِي َوقُودُهَا النَّ ُ
؛فَاتَّقُواْ النَّ َ
52
كبيرا في اإلسمنت الذي َكانَ ت تلك المعرفة شر ًخا ً عندما فهمت في النهاية ما ُك ْنتُ أتلوه؛ تَ َر َك ْ
[كفيال؟؛ بالتسبب في ً كامالً؛ فما فَهمتُه َكانَ كافيًايحيطني؛ إذ لم أ َ ُك ْن َحتّى في حاجة إلى فهمه ِ
صد ُوعٍ في اإلسمنت؛ الذي َكانَ يُس َكب عل َّ
17
ي يوميًّا. ُ
أصف -عشرينَ مرةٍ يوميًا تقريبا ً -غير ال ُم ْس ِلمين؛ ضت؛ ُك ْنتُ ِ تعلَّمتُ أ ِنّي ِطوال بضعِ سنين م َ
َّ
،وأن 18
أن ال ُم ْس ِلمين الذين يصادقون غير ال ُم ْس ِلمين؛ َمصيرهم جهنم أنَّهم أعداء هللا ،و ُك ْنتُ أتلو َّ
أن اليهود غير ال ُم ْس ِلمين هم أدنى من الحيوان مرتبة ،و ال فائدة منهم؛ إال َكوقو ٍد لجهنم ،و َّ
20 19
َ
22
َ
كثير من اآليات تنعت غير ال ُم ْس ِلمين؛ بالكاذبين الذين ال يمكن الثقة بهم. 21
أدنى من البشر ٌ .
أؤمن بتلك األشياء! .لم غ ِش ْشتُ ،و ُخ ِد ْعتُ .لم أرغب في التلفُّظ بتلك األشياء ،ولم ِ شعرت بأَنّي ُ
أحب أصدقائي؛ بل وفي الحقيقة قد كانوا ُ ب كراهي ٍة يوميًّا؛ لقد ُك ْنتُ أ ُك ْن أعلم أَنّي أُغم ِغم بخطا ِ
الشيء اإليجابي الوحيد في حياتي.
سبي؟ ،أو
في اإلسالم؛ ال ُم ْس ِلمون فقط لهم قيمة ،فال مان َع ِمن اغتصاب غير ال ُم ْس ِلمات [ال َّ
استِعباد غير ال ُم ْس ِلمين ،وغير ال ُم ْس ِلماتُ .ك ّل من هم ليسوا من ال ُم ْس ِلمين ال ُم ْخ ِلصين يتعرضون
53
لدرجات متباينة من ال ُكره ،و أكثر الذين يكرههم ال ُم ْس ِلمون من بين الناس جميعًا هم اليهود،
ي 23جدًّا ،وعميق ،وال لِينَ فيه. ليس ُمبالَغًا فيه؛ َّ
إن ُكره اليهود في اإلسالم َج ِل ٌّ وقَولي هذا َ
لخيار في أن إحدى عماتي [أو خاالتي؟ ؛ -عندما ُك ْنتُ في ِمصر -تح َّ
س َرت لكون ا ِ أَتَذ َّكر َّ
السوق َكانَ أصغر تلك السنة؛ ألن اليهود كانوا َيدُّسون السرطان في الخَضروات! َحتّى و أنا
أن هذه فكرة ٌ سخيفة؛ ال يمكن وضع السرطان في الخضروات؛ مع ذات سبعِ سنوات ع ِل ْمتُ َّ
أن عمتي لم تَ ُك ْن َحتّى متد ِيّنة.
العلم َّ
عادية[ر ُجل الشارع ،أو العامة؟ .ال أقدرَ لشخص ُم ْس ِلم ،أو ُم ْس ِلمة
ٍ هذا هو الخطاب العادي
أن أقارنه؛ اال برهاب الشيوعيين أثناء المكارثية في أمريكاِ .بيدَ أن ال ُم ْس ِلمين يعيشون هذا ْ
ظ َل األطفال ال ُم ْس ِلمون يتعرضون إلى غسيل جيال بعد جيل َ الرهاب منذ أكثر من( 1400سنة)ً .
الدماغ ؛ كي يكرهوا ُك ّل اليهود كما يكرههم هللا؛ دون سبب ،أو َمغزى َ .حتّى أينشتاين لم َي ْسلَ ْم
من هذا؛ لقد نبذَ ال ُم ْس ِلمون ك َّل مساهماتِه العلمية باستخفافٍ ،وتحقير " :أيشنتاين؟ ما هو إال
يعرفهُ أينشتاين؟"
ي؛ غبي؛ قذر؛ ما الذي ِ
يهود ٌّ
شر َفني؛ بتسميتي فلسطين .لكن ما أن علمت أ ُ ّمي معنى أن أبي فلسطيني ،فقد أرادَ أن يُ ِ ّ بما َّ
طق ياسمين- الكلمة في اإلنچليزية غيرته الى اسم له لفظ مشابه في الصوتيات -بالعربية اسمي يُن َ
َ .كانَ الخطاب الداعم لفلسطين ،و المعادي إلسرائيل جز ًء من حياتي منذ طفولتي؛ لقد َكانَ ُكرهَ
إسرائيل ،و ُك ّل يهود العالم ُخبزَ نا اليومي الذي نأكل منذ بداية حياتي ،و َكانَ دائما من المسلَّمات
ي التي ال يجوز تغييرها .منعتني أ ُ ّمي من مشاهدة ساين ِفلد؛ ألنَّه ي ِع ُّج باليهود؛ َكانَت َ
تكره أ ّ
أن اسمه كانَ يبدو يهوديًّاَ .كانَت كلمة "يهودي" تُستخدم لسب أحقر الناس؛ هذه فورا لو َّ
شخص ً
الكراهية لدى ال ُم ْس ِلمين معتادة عمو ًما لدرجة التُخمة.
عليك أن تُخفف من َ طا في المجال العام ،فسيكون لكن في الغرب ،وخاصةً إن َ
كنت ُم ْس ِل ًما ناش ً
ت أن هذه مهمة صعبة على بعض ال ُم ْس ِلمين السياسيين ،وسبب حدة معاداتِك للسامية ،وقد أُثْ ِب َ
أن معاداة ً
مقبوال هو؛ َّ الصعوبة عليهم في معرفة ما هو مقبو ٌل التغريد به على تويتر ،وما ليس
السامية تحيط بهم؛ كما يحيط الماء بالسمكة .من المهم اإلشارة إلى أن الكثير من العرب،
لكن أولئك األشخاص لألسف يُ ْس َكتُون؛ ألنَّ ُهم ال يلتزمون وال ُم ْس ِلمين ليسوا معادين للسامية؛ َّ
54
بالسردية ،أو األدبيات المقبولة ال ُمهيمنة؛ فاألشخاص مثل باسم عيد يُ ْق َ
ص ْونَ إعالميًّا ،أو يُ ِت ّ َه ُمون
بخيانة دينهم ،أو ِعرقهم .ما عليك إال أن تبحث في جوجل عن " ُم ْس ِلم مؤيد للصهيونية ،أو
بدال من أن يحتفي صهيوني" وستجد الكثيرين الذي يحاولون إيصال أصواتهم .من المؤسف أنه ً
الغرب بأصوات المختلفين ،والمنش ِقّين في مجتمعاتهم ،والتي يخاطر أصحابها بسالمتهم،
وحيواتهم منادين بالحب ،وقبول اآلخر ،والتعايش ،فإن الغرب يدعم ال ُم ْس ِلمين المعادين للسامية
الذين يكررون نفس الكالم النمطي فقط.
ب وحشي ِتها ،وسوء إدارتها للموارد تظاهر الكثير من الفلسطينيين في غزة ضدَّ حماس بسب ِ
ت في شراء قصور لقادةِ ُفترض أن تصل إلى الفلسطينيين؛ است ُ ْع ِملَ ْ المالية؛ فاألموال التي َكانَ ي َ
حماس ،أو لشراء قذائف ،وصواريخ .يتظاهر الغ ِ َّزيون عبر التمرد في الشارع ،ويُقتَلون
بالرصاص بوحشيةٍ ،وال يُغطي اإلعالم مظاهراتهم؛ إال على نح ٍو هزيل ،وال يكترث أحد ٌ بهم.
ال أحد مهتم بالسماع عن هؤالء الثوار الشجعان الذين يخاطرون بحياتهم ليقولوا أنَّ ُهم سئموا
لكن حماس ال زاهرا ألطفالهم؛ َّ ً ً
مستقبال الحرب؛ إنهم يريدون السالم مع إسرائيل ،و يريدون
تريد السالم؛ حماس تريد إبادة اسرائيل وك َّل من فيها ،وهي ال تُخفي ذلك؛ بل تعلنه .يظهر هذا
نظم في ُك ّل مكان في العالم َحتّى في ت [إسالمية؟ للقدس ،والتي ت ُ َّ ي أح ٍد شاهد تظاهرا ٍ جليًّا أل ّ
الدول الغربية سنويًّا .المناداة بخطاب كراهية في الشارع غير مقبول عمو ًما في تلك الدول
الغربية؛ إال إذا َكانَ معاديًا للسامية بغي ً
ضا ،فعندئ ٍذ يُتجاهَل.
24
ترندات أو أحداث وأمور تجذب الجمهور
translationsproject.org
55
يُقال أنَّه ال يوجد دُخان بال نار؛ وهنالك َك ٌم هائِ ٌل من الدخان ينبعث من ك ِّل أرجاء ال ُكرة
ت يوميًّا -أكثر من مليار خمس مرا ٍ
ُ نارا تَست ِع ُر؛ فعلى األقل؛-
أن هناك ً شك َّ
األرضية ،فال يوجد ٌّ
ُصيب
ُ شخص في العالم َيتْلُ ُونَ دا ِع ِين إلى قتل غير ال ُم ْس ِلمين؛ فَغسي ُل الدماغِ هذا؛ دون شك ي
أن(1بالمئة) فقط ِمن هؤالء المليار شخص؛ لُ ِقّنوا هذه العقيدة، الكثير من العقول؛ و َحتّى لو َّ َ
غير أن الحقيقة -
وتشربوا بها ،لكانَ سيكون عددهم (16مليون) شخص؛ يعتقد بهذه التعاليم؛ َ َ َّ
لألسف -هي أنَّ ُهم أكثر بكثير من ( 1بالمئة).
translationsproject.org
56
اإلخضاع 2
كرر الحركات ،وأهَم ِهم ل ُحسن الحظ؛ لم أ َ ُك ْن من الذين تم غَس ِل أدمغ ِتهم بنجاح؛ ُك ْنتُ فقط أ ُ ّ
فرقة بين كلمة ،وغيرها .لقد ُك ْنتُ أنتَ ِحل شخصيةً في بالكلمات األجنبية؛ دون أن أقدِر على الت َ ِ
بيتي .في إحدى المرات؛ الحظت أ ُ ّمي أنّي ُك ْنتُ قد كتبتُ اسمي "جاسمين" باإلنچليزية؛ ِع َو ً
ضا
عن ياسمين بالنطق العربي (وهي ترجمة مباشرة السمي من العربية إلى اإلنچليزية) ،فَفَقدت
صوابَها ألج ِل ذلك.
ُّ
يستحق عقابًا ال أن هذا التصرف في محاولة التشبه بالكفار قرر؛ َّ
أ َّما زو ُجها المزيَّف؛ فقد َّ
سخرية؛ إذ َّ
أن زمال َءه في العمل كانوا ينادونه مايك. ثير لل ُ
يمكن أن أنساه؛ وهذا ُم ٌ
جلستُ ُمحدقةً في الجدار؛ متمنيةً أن أختفي عبر خزانة الثياب إلى عالم نارنيا25؛ لم أ ُ ِرد حتَّى
علّي أستطيع أن وف يبتكرها هذه المرة؛ ِ س َ أن أُجازف ِبت َخيُّل نو َ
ع الخط ِة الشيطانية للعقاب؛ التي َ ْ
ي أجد حديقةً سرية؛ البد أن هنالك طريقةً للهروب من حياة العذاب هذه التي أعيشها؛ َكانَ َ
عل َّ
فقط أن أجدها.
قبل أن أجد مهربًا سمعتهم ينادون باسمي؛ اقتادني إلى مرآب السيارة (الجراج)؛ حيث قيَّدَ
بأن أستلقي على أرضية أدر ما كانَ ينوي فِعلَه بي؛ عندما أمرني ْ
ي معًا ورا َء ظهري؛ لم ِ معص َم َّ
توترا مألوفًا؛ هذا ال ً ي معًا بحبل ،فشعرت بشعور مألوف جلب لي ي قد َم َّ المرآب؛ ث ُ َّم أوثَق ِ
كاحلَ َّ
ي ذكريات ودَدتُ لو نسيتها .استلقيتُ على أرضي ِة الجراج ،وقد أصابني ما أعرف يزا ُل يثير ف َّ
بالخطاف الذي يستعمله َّ ب
سا على عق ٍاليوم أنَّه نوبة هلع ،وأنا في تلك الحالة؛ علقني مقلوبةً رأ ً
ذبيح؛ ُك ْنتُ
ٍ كحيوان
ٍ ب؛ ابتكر خطةً لتعليقي مقلوبةً رأ ً
سا على عق ٍ َ لتعليق ذبيحة خروف العيد؛ لقد
ي ،ويستطي َع واقف على ُكرسي؛ كي يَصل إلى قد َم َّ ٌ أتأر َجح إلى األمام ،والى الخلف ،وهو
جلدَ ُهما.
ُ 25
سجالت نارنيا أو كرونيكلز أوف نارنيا The Chronicles of Narnia:سلسلة فانتازيا خيالية تتكون من سبع روايات من تأليف المؤلف الشهت
ز
س .إس .لويس ،تشتهر هذه السلسة ف أدب األطفال ،وه من أعظم أعمال الكاتب .لقد بيع ما يقرب من 100مليون نسخة بحواىل 47لغة .نارنيا
ز ُ
عالم خياىل يتضمن السحر ؛و وحوش خرافية وحيوانات متكلمة .تحك السلسلة عن مغامرات مجموعة من األطفال الذين يلعبون أدوار هامة ف
الكشف عن تاري خ هذا العالم ،فيما عدا رواية الحصان وصبيه حيث أن أبطال هذه الرواية ،عكس باف الروايات ،أطفال يأتون من العالم الحقيف .قد
جاءوا إىل نارنيا بواسطة السحر وقد طلب منهم ازالن األسد أن يحموا نارنيا من كل ررس وأن يعيدوا العرش إىل الوريث الحقيف.
translationsproject.org
57
وبينما أنا ُمعلَّقةً؛ كخروفٍ بعدَ ذبحه ،والدم يندفع إلى رأسي ،والدموع ،وال ُمخاط ؛يمأل ُ ك َل
إحساس بجسديُ .ك ْنتُ قد قرأت حديثًا للممثلة ٍ تجاويف وجهي ،اكتشفتُ طريقةً أ ُ
سدُّ بها ك َّل
شيرلي ماكلين عن تجرب ٍة لها في الخروج من الجسد ،و ُك ْنتُ أحاول معرفة كيفية فعل ذلك؛ َكانَ
أكثر ما أريده هو أن أخرج من هذا الجسد ،من هذه الحياة التي أنا عالقة فيها.
ُك ْنتُ قد َحظيتُ بالكثير من الفرص ،والوقت لتحسين ،وصقل قدراتي خالل السنوات،
انكمش على
ُ ي شيء حقًّا؛ ُك ْنتُ وفاجأت نفسي في الحقيقة؛ بمدى قدرتي على عدم الشعور بأ ّ
صراخي، راض ،ومستا ًء من عدم ُ ٍ غير
فرغ من تعذيبِه ،ولكونه َنفسي في وضعية ،وأنتظر أن يَ َ
وأكثر من مرة شاهدته َ يضربني بإبزيمه الحديدي،
ِ يقلب حزا َمه؛ كيُ أو محاولتي الهرب؛ َكانَ
ِق بي؛ ُمتح ِيّ ًرا ،وحبات العرق تتصبَّب من جبينه؛ أظنه َكانَ يشعر أَنّي أسخَر من قوتِه يحدّ ُ
الذُكورية؛ من خالل عدم رد الفعل ،ألن ذلك فقط يغضبه ،ويحثُّه على مواصلة ضربي .كنا
وكثيرا ما ُك ْنتُ أُطلق بضع صرخاتٍ؛ كي يحس بالرضا ويتركني. ً ق مسدود، نصل إلى طري ٍ
توجد أجزاء من كياني قد تضررت على نحو ال عالج له ،على األرجح أكثر مما أريد أن
أعترف به لنفسي .و قد تطلب مني األمر سنوات َحتّى تعود لي القدرة على التعاطف مع
اآلخرين كما أتعاطف اآلن .عندما تقطع اإلحساس بجسدك فأنت تقطع دون إرادة منك عواطفك
[مثال؟ بالدغدغة اآلن .توجد صورة أخذها لي أبي ،وأنا أضحك بينما ً ضا .فأنا لم أعد أحسأي ً
يدغدغني إخوتي على العشب في حديقة الملكة إليزابيث؛ عندما َكانَ عمري ثالث ،أو أربع
سنوات .أنظر الى تلك الصورة محاولة استرجاع ماهية اإلحساس بالدغدغة ،وكيف َكانَت بهجة
ذلك الضحك .لكن عبثًا أفعل ذلك إذ أَنّي قد فقدت الشعور بذلك وحسب.
translationsproject.org
58
طرا؛ لكن ما زالت بي رغبة يائسة؛ في أن تُحبني أ ّمي. ُك ْنتُ حزينةً للغاية ،و َكانَ قلبي ُمن َف ً
ُك ْنتُ عالقةً؛ ُممزَ قةً في قِسم ٍة ثنائية؛ بين رغبتي في أن تحبني أ ُ ّمي؛ وتقبَلَني؛ وتقدّ َِرني ،وبين
أن أبتعد عنها بأقصى قَ ٍ
در ممكن. رغبتي المساوية لذلك؛ في ْ
مكرا بحسب الميثولوجيا اإلغريقية ،حيث استطاع أن يخدع إله أكت الشخصيات ً ستيف أو سيسيفوس َكان أحد ر ستيفوس ،ز ستيف أو ز 26كمهمة ز
الموت ثاناتوس مما أغضب كبت اآللهة زيوس ،فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إىل أعاله ،فإذا وصل القمة تدحرجت إىل الوادي ،فيعود إىل
رفعها إىل القمة ،ويظل هكذا إىل األبد ،فأصبح رمز العذاب األبدي.
ونشها زورا بالشقة ،كتبها لويس ساشار ر 27 Holes by Louis Sacharرواية عن طفل ُيرسل إىل مخيم إصالح زف صحراء تكساس بعد اتهامه ً
ُ ز
نقديا وتجا ًريا.
ً ً
نجاحا والتشد واأل ّمية والزواج المرتب .حقق الكتاب
ر ألول مرة عام ،1998وتتطرق الرواية ف حبكتها إىل موضوعات مثل العنرصية
ز
المسجوني. ز
الملوني والشباب تركز الكثت من الثناء عىل الكتاب حول حبكة الكتاب المعقدة ،والشخصيات المثتة لالهتمام ،وتمثيل األشخاص
زً ز ر ز
تمتا ف األدب األمريك األكت الوطن األمريكية لعام 1998ألدب الشباب وميدالية نيوبري لعام 1999عن "المساهمة وفازت بجائزة الكتاب
ز ر ز
لألطفال" .ف عام ، 2012احتلت المرتبة السادسة بي روايات األطفال استطالع نشته مجلة ، School Library Journalوف عام 2003
ز
فيلما مقتب ًسا عن الرواية. ز
ديزن ً أصدرت والت
translationsproject.org
59
أحد َمهماتنا األخرى؛ َكانَت جمع الصخور .كنا نخرج قبل الفجر ،وبعد الصالة ،ف ُك ْنتُ ُُ أمأل
سا من الصخور التي كنا نجمعها من الشاطئ .كنا نذهب إلى سا ،وأكيا ًوأخواي؛ أكيا ً
َ أنا،
وبأذرعٍ متورمة ،بينما َكانَ األطفال اآلخرون
ُ متر ِنّحين؛ ومحرومين من النوم؛
المدرسة ُمت َعبين؛ َ
يدخلون المدرسة بعد تناولهم فطور الصباح ؛مع ذَوي ِهم على األرجح.
الخراف ،أو
هو إرغامنا على تناول "أطعمة"؛ مثل أمعاء ِ َكانَ أحد أمورهم المفضَّلة لَدَيهم؛ َ
ب عدا التأكيد على سيطرتِهم.
ي ِ سب ٍ لسانَ البقرة ،أو خصيتي ،أو مخ حيوانات أخرى؛ دون أ ّ
افعل ما يُطلب منك؛ مهما َكانَت درجة ُكرهك له .ترا َجع؛ وأ َ ْذ ِع ْن؛ واستس ِلم؛ واخضع .فكيف
يمكن َّأال َ
أكره حياتي؟
الشيء الوحيد الذي كرهته أكثر؛ َكانَ نَفسي؛ ألَنّي رغم قَلع األعشاب ،وجمع الصخور؛
ب قط ،رغم أنه ظللتُ حيةً في تلك الحياةُ ،ك ْنتُ ال أزال أُقاوم .أنا سعيدة ً جدًّا ألن النور لم ْ
يخ ُ َ
اليوم.
َ صا .لو انطفأ ذلك النور؛ لَما ُك ْنتُ حيةً
مرت بي أوقات؛ َكانَ النور فيها بالكاد بَصي ً
كيانك
َ ُعلّموك؛ َّ
أن علَّموني أن ذلك النور الذي تشبَّثتُ به؛ َكانَ الشيطانَ في الحقيق ِة .تَخيَّل ْ
أن ي ِ َ
صا "صال ًحا" ُ
شَر؛ فما تحبهُ ،وتجد نفسك فيه؛ هو الشر .فتحاول أن تغير نفسكَ ،كي تصبِ َح؛ شخ ًُ
،و ُمستحقًّا لمحبة هللا ،لكنَّك ال تستطيع ذلك أبدًا؛ ألنَّك شرير .هذا الصراع المتواصل؛ ُم ٌ
تعب،
ويَسحق رو َحك ،ورغ َبتك في الحياة.
ِلذا يتشابه في هذه؛ ال ُم ْس ِلمون السابقون ،وأفراد مجتمع الميم -المثليّون ،و مختلفي الميول
أسر متدينة .لقد َخ ِب ْرنا 28شعور أن يقال لك أن كثيرا ،خاصةً ال ُم ْس ِلمين الذين نشأوا في ٍ
الجنسيةً -
جوهر ذاتك شرير .يستخدم ال ُم ْس ِلمون السابقون عبارات مثل "في الخزانة" ،و "الخروج الى
َحس،
ي جنسيًّا؛ فهي ن ٌ ضا؛ أ َّما معاناة ال ُم ْس ِلم المثل ّ
العلن"؛ ألنها تتناسب مع حالتهم بنفس القدر أي ً
المثليَّة ال ُم ْس ِلمة؛ فهي
سه فيه؛ أما المرأة ِ شخص نف ٌَ عفة؛ وهي أسوأ سيناريو قد يجد ولعنةً مضا َ
أتعس األقدار الممكنة؛ أما نصيبي من هذا المحتوى ؛ وعلى الرغم من أنه أمر سيء [إسالميًّا؟ ،
ويجعلني نَجسة؛ إال أَنّي ُك ْنتُ أحب األوالد؛ فقد َكانَ أول "كراش" ،أو إعجاب لي في روضة
األطفال؛ لكن مع كثرة األمور المتنافسة فيما بينها لجعلي "شريرة" أو "ظالمة" ،فقد َكانَت تلك
ْ 28
خ ِرتنا :عرفنا
translationsproject.org
60
أن صرتُ في السنة الدراسية الرابعة فقط صار األوالد [في نظري؟ أسهلها تَر ًكا؛ فبمجرد ْ
29
مقززين ،ومق َّملين.
لت مرة ً أخرى إلى مدرسة أخرى .لكن التغيير هذه المرة
مع دُخولي السنة الدراسية الخامسة نُ ِق ْ
َكانَ شديدًا.
وبينما كنا ال نزال نعيش في ذلك القبو؛ الرطب؛ البارد؛ القبيح؛ الذي ال يليق بالبشر قانونيًّا،
مؤخرا.
ً قررت أ ُ ّمي أن تُدخلنا مدرسة إسالمية ،والتي َكانَت قد فتحت أبوابَها
في الحقيقة فإن تسميتها مدرسة؛ سيكون تضخي ًما من شأنها؛ لقد َكانَ األمر في الحقيقة مجرد
حفنة من اآلباء الذين قرروا أن يجمعوا أطفالهم معًا في غرفة المسجد متعددة األغراض،
والتداول على تدريسهم موادًا مختلفةَ .كانَ على نح ٍو أساسي ٍ تعلي ًما منزليًّا لكن دون أ ّ
ي نظام
مناهج رسمية.
29
مصابون بالقمل .
translationsproject.org
61
الحجاب
عندما بلغت سن التاسعة ألبسوني الحجاب ألول مرة ،والذي صرتُ ُملزَ مةً بارتدائه .كرهته
ي أن الوهلة األولى .كرهته ما أن بدأت أ ُ ّمي في لبسه ،وصرتُ أكرهه أكثر عندما فُ ِر َ
ض عل َّ منذ َ
سه .توسلت إليهم كي يمنحوني بدائل عنه. ألب َ
بدال من ذلك؟ ماذا إذا لبست باروكةً؟"
"رجاء هل لي أن أحلق رأسي ً
"مثل اليهود؟ أتريدين أن تصيري مثل اليهود؟"
ف حول ذلك. حاولت أن أُفاوض ؛ َكي ألت َ َّ
ضا "جاهلةً"؛ كم تمنيت لو َمن َحت ِني إرجاء الحكم (أو اإلعفاء) الذي كم تمنيتُ لو َكانَت هي أي ً
ُمنِ َح لَهاَ .ج َّربت ك َّل حيل ٍة اهتدى إليها عقلي الطفولي ذو التسع سنواتٍ؛ دون جدوىُ .م ِن ْعتُ من
ُك ّل مالبسي [السابقة؟ ،ولم َيعُد مسمو ًحا لي؛ بلبس السراويل .أصبح علي حينذاك أن أ ُ ّ
غطي ُك ّل
يَ .كانَ هذا آخر مسمار د َُّق في ِ
نعش طفولتي. بوص ٍة من جسدي؛ ما عدا وجهي ويدَ َّ
شعرت أَنّي غير مرتاحة للغاية ،وغريب َة المظهر ،خَرقاء الشكل ،وشاعرة ً ِب َح ٍر شديد -في
تلك المالبس الفضفاضة األكبر من حجمي -؛ َكانَ ُك ّل جسدي يختنق؛ َكانَ رأسي ينبُض ،
أن ارتداء مالبس الكفار؛ هو فع ٌل سام جسدي ،وكانوا يخبروني يوميًّا َّ وال َعرق َي ِن ُّز من ُك ّل َم ِ
شرير ،وأَنّي سأذهب إلى الجحيم؛ إذا ارتَدَيْتُ بتلك الطريقة؛ باإلضافة إلى ذلك ،فعندما تقو ُم
الخالفة لو ُك ْنتُ ال تلبسين الحجاب فكيف سيستطيعون تمييزك عن الكفار؛ فلو ُك ْنتُ تشبهينهم ِ
وف ت ُ ْقت َ ِل ِينَ مث َلهم.
س َف َ
62
انضمامهم ؛
ِ العالم االنضمام إلى داعش ،ثم أحرقوا جوازات سفرهم ،ومنهم ناس يصعب تفسير
ت مرموقة في دول غربيةَ .كانَ تحليل "الخبراء، ِمثل طلبة الجامعات الذين هم من عائال ٍ
والمثقفين" هو أنَّ ُهم افترضوا أن هؤالء األشخاص ُج ِنّدُوا كلُّهم من خال ِل اإلنترنت .ياله من
سريع حقًّا! ؛ ِبيدَ أن السبب وراء االنضمام السريع جدًّا ل ُك ّل هؤالء الشبان ،والنِساء إلى ٍ تجني ٍد
أن من واجبهم االنضمام إلى األ َّمة ضدَ الكفار، داعش هو أنَّهم -مثليُ -ربُّوا على سماعِ ،وتلقين َّ
الخالفة عندما تنشأ ،وعلى األرجح أنَّ ُهم -مثلي- تحت راية ِ َ أن من واج ِبهم االنضمام ع ِلّ ُموا َّ
و ُ
إن برزت إلى اليوم أبدًا؛ َل ِكنّها عادت .دولةً إسالمية؛ وما ْ
َ ضا؛ ل ْم يعتقدوا أنَّ ُهم سيشهدون ذلك أي ً
أن عليهم االنضمام إليها؛ عليهم ِفعلَهُ؛ فقد تعلموا من قَ ْب ُل َّف هؤالء الناس ما َيتو َجب َ ع ِر َ
الوجودَ ،
لقد لُ ِقّنوا هذا و ُح ِف َر في أذهانِهم ُمنذ طفولتهم.
َكانَت أ ُ ّمي تُجلسني أما َمها ،وتجعلني أق ِس ُم؛ بأنّي سأكون ُمستعدة ً لقتل الكفار؛ عندما يحين وقت
ذلك.
و ُك ْنتُ أُجيبُها ِبنبرة رتيبة" :نعم ،بالتأكيد".
وأن أُقسِم
حاضرُ .ك ْنتُ أُرغَم على الصالة ،وحفظ القرآنْ ،ٌ ع من اإلكراه َكانَ هناك دائ ًما نو ٌ
على قت ِل أصدقائي ،ولبس هذا الحجاب الكريه بالتأكيد؛ لقد استخدموا ُك ّل أساليب اإلكراه الممكن
تصورها ،من التخويف ،والترغيب بإرضاء هللا ،و االبتزاز العاطفي؛ لقد َكانَ هذا إلى ما ال
إن تلبسي مثل الكفار؛ فإنك تختارين نهاية .ال تدخل الجنةَ؛ َّإال الفتياتُ ؛ ال ُم ْس ِلمات؛ المطيعاتْ .
بذلك جهنم؛ هذا هو ُكره الذات؛ الذي ُ
عبّئتُ به منذ سن التاسعة.
ق إيداعٍ
ستلبسينه في إصبَعك؛ أم ستؤ ِ ّمنِينَه في صندو ِ
ت تملكين خاتم من ال َماس؛ فهل َ "لو ُكن ِ
آمن؟"
ٍ
"سأل َبسه في اصبعي".
عليك حمايته من اللصوص". ِ سرقتِه! سيتَم َّكن أ ّ
ي أحد ِم ْن َ "ال؛ هذا غباءَ .
translationsproject.org
63
"إذن ما الفائدة من امتالك خَاتم جميل؛ إذا ل ْم تستطيعي أن تلبسيه أبدًا؟ ما الفائدة منه وهو في
صندوق؟"
تتعودين عليه وتحبينه؛ ستفهمين عندما تكبرين". وف ّ " ُك ِفّي عن الجدال! هذا لمصلحتكَ .
س َ
أوال إذن ،ألَنّي ال"......
"هل أستطيع االنتظار إلى أن أكبر ،وأفهم ً
إن لم تفهمي"."ال .علي أن أفعل ما هو في مصلحتك َحتّى ْ
ي أن ألبس الحجاب قُرابةَ عشرين سنة تقريبًا ،ولم أفهم قط .ذهبت - "لم أفهم األمر قطَ .كانَ عل َّ
ي الدراسة الخامسة ،والسادسة .لم يفهم هو أزور أبي في مونتريال -في الصيف بين سنت َّ َ كي
ضا .حاول أن يجعلني أخلعه ،وقد ر ِغبتُ في ذلك بالتأكيد؛ لكنّي ُك ْنتُ خائفة من أننا؛ حالما أي ً
وف َيشي أخي بي؛ ولذلك لبست قبعة راعي بقر سوداء طوال ذلك الصيف س َ نعود إلى المنزل َ
َّ ً
بدال من ذلك .قَ ِبل أبي بذلك؛ ألنه لم يَ ُك ْن ذلك الحجاب ال َمقيتَ .كانَ شَعري ُمغطى؛ وبالتالي لم
يَ ُك ْن ألخي أن يشي بي.
بالعودة إلى المقام األصلي؛ في مدرسة ال ُمسلمات َكانَت ُك ّل الفتيات يَل َبسنَ الحجاب و ُك َّن جميعًا
بعض
َ ضا؛ لَقد وجدنابعضهم بع ً أن البائِسين يُحبون رفقة ِ يكرهنه بنفس درجة ُكرهي له .صحي ٌح َّ َ
ُ
سلوى؛ في حقيق ِة أننا ُكلنا أ ْر ِغ ْمنا على ارتداء تلك القطعة من القماش على رؤوسنا؛ لبسناه ال َ
أكثر.
ضا َ الحجاب -من بعضنا بع ً
َ ُكلّناَّ ،
وقر َبنَا -ازدراؤنا
يكر ْهنَهُ عبر
في العصر الحالي ،وبفضل وسائل التواصل االجتماعي؛ تستطيع النِساء -الالتي َ
أنحاء العالم ،وي ُْرغ َْمنَ رغم ذلك على لبسه -التواصل معًا ،وأن َي ِج ْدنَ المواساة َ في بعضهن
ضمن هاشتاغ "حريتي السرية أو ،ال ُمختَلَسة" . 30من إيران َكانَ ُهنا ِلك ڤيديو وذلك ِ
َ ضا؛
َبع ً
تصرخ (أو تبكي) ،وتُمزق الحجاب عن رأسها؛ ُ انتشر بشَك ٍل واسعٍ؛ لفتاةٍ؛ ذات سبع سنوات
تذ ّكرني بنفسي ،لكنّي لم أ َ ُك ْن بمثل تلك الشجاعة ،أو التحدي؛ لقد َكانَت غاضبةً؛ ألن والدَيها
أخبَراها؛ أنَّه لن يُس َمح لها بالذهاب إلى المدرسة؛ إال إذا ل ِبست الحجاب على رأ ِسها؛ بينما
يستطيع أخوها بالتأكيد أن يلبس ما يريد أيًّا ما يكون .نشرت الفتيات الصغيرات والنِساء البالغات
صورا ،وڤيديوهات تحت هاشتاغ " ُمن َعتقةً من الحجاب" ،31وكانَ ً من شتَّى أصقاع العالم
ز 30آزادی یواشك زنان درایران . My Stealthy Freedomه حركة بدأت كصفحة عىل الفيسبوك منذ عام 2014م ر
تنش فيها غت الراغبات ف
لبس الحجاب باإلكراه صورهن بدونه عىل سبيل االعتاض واالحتجاج.
31
#FreeFromHijab
translationsproject.org
64
غا َقد صنعنه لتوفير مكان يجدن فيه بعضهن َبع ً
ضا؛ ويجدن فيه التضامن ،والدعم - هاشتا ً
واألكثر أهميةً -توفير ِمنبر َّ
لهن َكي َي ْك ِش ْفنَ هذه الوحشية للعالم.
إنه لمن المهم توضيح الفرق بين الثقافة ،والدّيْن عندما نتحدث عن الحجاب؛ فمن الردود
ي الثقافات يقصدون؟ فالنِساء في إيران ،والسعودية، أن الحجاب "لباس ثقافي"؛ لكن أ ّ الشائعة َّ
ب ثقافيةٍ؛ إذ ليس بينهن أطعمة؛ أو تقاليد؛ أو لغة والصومال ،وإندونيسيا؛ ال َيتشار ْكنَ أي جوان ٍ
تشاركنه هو الدّيْن؛ فتلبس النِساء في ُك ّل هذه الدول الحجاب مشتركة ،إ َن َّما الشي الوحيد الذي َي َ
وخواء االدعاءباس ثقافّي؛ فهو إدعا ٌء بنفس سخافةِ ، بسبب دين اإلسالم؛ أ َّما إدِّعاء أن الحجاب ِل ٌ
لباس ثقافي .الكاثوليك في الفلبين وإيطاليا وقارة أمريكا الجنوبية ال يتشاركون ٌ أن قُبعةَ البابا هيَّ
ي خصائص ثقافية لكنهم يتشاركون دينًا واحدًا .يوجد خلط ُمت َع َّمد بين الدّي ِْن ،والثقافة؛ الذي ال أ ّ
غايةَ منه؛ ِسوى َمحو الثقافات ،وإبدالها باإلسالم .لقد خَسرت عشرات البلدان ثقافا ِتها؛ بسبب
أن ُك ّل ال ُم ْس ِلمين يتشاركون نفس الثقافة؛ ال تزال متغلغلة اإلسالم .من ال ُمحزن مالحظة فكرة؛ َّ
األمر كذلك؛ لك ٍل منهم ثقافتهم المميَّزة بهم؛ والتي يُغطيّها اإلسالم؛ بنفس ُ منتشرة .ال؛ ليس
ْ
بحيث يَظ َه ْرنَ جميعًا متشابهات. ُ الطريقة التي يُخفي بها الحجاب شخصيةَ ُك ّل فتاة ؛
ت مثل :اليوم العالمي للحجاب في األول حو للثقافة الفردية؛ يت ُّم تَأبيدُهُ من ِخالل حمال ٍ
هذا ال َم َ
ناس في شتَّى أنحاء العالم؛ ففي ذلك اليوم تضع النِساء ُ
من شهر فبراير ،وهو يو ٌم يحتفل به أ ٌ
ال ُم ْس ِلمات أكشا ًكا في أماكن العمل ،والمدارس؛ ِلتشجيع غير ال ُم ْس ِلمات على لبس الحجاب لمدة
يوم واحد .أما الرد المباشر على هذا؛ هو أن يكون لَدَينا يوم نش ّجع فيه ال ِنساء ال ُم ْس ِلمات على
خلع الحجاب ليوم واحد ،لكنّا بالتأكيد؛ لن نستطيع فعل ذلك؛ فَقد ت ُ ْقتَ َل نسا ٌء ،وفتيات لخَلع ّهن
ذات ستة عشر عا ًما؛ و َكانَت تعيش في كندا؛ خَنقَها أبوها ، الحجاب .أقصى بارڤيز؛ هي فتاة ٌ َ
وأخوها َحتّى الموت؛ ِبحجا ِبها الذي رفضت أن تلب َ
32
سه .
ولذلك فقد أعلنتُ يوم األول من شهر فبراير يوم "عدم ارتداء الحجاب" [أو يوم ال
للحجاب؟ ،33وشجعتُ الجميع على التضامن مع ال ِنساء ،والفتيات عبر أنحاء العالم اللواتي ال
ز َ 32
ديسمت ) 2007كانت ضحية جريمة قتل ف ميسيسوجا ،أونتاريو ،كندا .خالل محاكمة القتل ،أقر رئيس ر أقض بارڤيز ( 22أبريل - 10 1991
ً ً ر
المحكمة العليا بروس دورنو بأن جريمة القتل ه "جريمة رسف "،مشتا إىل أنه وجد أنه من ُدواع القلق البالغ أن طفلة تبلغ من العمر 16عاما
يمكن أن تقتل عىل يد أبيها وشقيقها بغرض إنقاذ كتياء العائلة ،إلنقاذهم مما يعتتانه إحر ً
اجا لألرسة أو العائلة " .شنق أقض شقيقها وقاص وأبوها، ر ً ر
عندما اختارت عدم ارتداء الحجاب .حيث أثارت الحادثة جدًل عىل مستوى العالم.
33
#NoHijabDay
translationsproject.org
65
وأسر ِه َّن على لبسهَ .كانَ ذلك اليو ُم
ِ هن ،ومجتمعا ِت َّ
هن، ي ُِر ْدنَ لبس الحجاب؛ لكن ت ُ ْج ِب ُر ُه َّن حكوما ِت َّ
ناج ًحا؛ نجا ًحا ُمب ِه ًجا!؛ إذ نَشرت نسا ٌء من السعودية ،واليمن ڤيديوهات يضعن فيها ُخ ُم َر ِه َّن
حرقنَها ،وبدأت نساء من تركيا بنشر صور لهن في أثناء ( ُح ُج َب ِه َّن) أو نُقُ َب ِه َّن تحت أر ُج َّ
لهن ،أو َي ِ
أيّام ارتدائهن الحجاب؛ ث ُ َّم بعد خلع ِه َّن إياه .ت ُ ْس َج ُن النِساء في إيران -وهن أشجع النِساء من بين
الجميع -لعشرات السنين؛ ل ُمشاركتهن في حملة "األربعاء األبيض"؛ حيث يلبَسْنَ حجابًا أبيض،
ُظ ِه ْرنَ مقاومتَهن للقوانين التمييزية. أو َيخلعن ُح ُج ِب ِه َّن؛ لي ْ
هناك نساء يقاومن [من المجتمعات ،واألوساط اإلسالمية؟ في ُك ّل أنحاء العالم .بعض النِساء
في باكستان َي ْر َكبْنَ دَراجاتِهن في األماكن العامة ،والنِساء في إيران َيرقصن في الشوارع،
والنِساء في السعودية يلبَسن عباءاتهن بالمقلوب (الداخل إلى الخارج) للتعرف على بقية
ضا .بعض الرجال في إيران -بدرجة أقل بكثير مما المتمردات في الشارع .الرجال يشاركون أي ً
ض ّمون؛ لدعم النِساء ال ُمحتجات على قوانين الحجاب.
في السعودية -ين َ
طالما سمعت الناس يتساءلون :ما المشكلة العويصة في لبس قطعة قماش على رأسك؟ األمر
ضا من فيض؛ سلطة على أجسادهن! فالحجاب ليس ّإال غي ً أن ت ُ ْح َر َم النِساء؛ َحتّى من ال ُ
الخطير ْ
قِ َّمة جبل الجليد؛ إنه الت َمظهر الجسدي لإلخضاع ،والتشييء ،ونزع الصفة اإلنسانية ،والتمييز
الجندري؛ المنتشر (أو االستبدادي) في أجزاء عديدة؛ من أرجاء العالم ذا الغالبية ال ُم ْس ِلمة.
بينما وصلت النِساء في الغرب الى درجة من الحرية تسمح لهن اآلن بالدعوة من جانب
َّ
بعضهن لحملة "تحرير حلمة الثدي" في األماكن العامة ،فال تزال النِساء في العديد من أرجاء
العالم االسالمي يُطالبن بالحرية لوجوههن ،وشعورهن!
ضا في مقاومتهن ،لكن من المهم أن نَذ ُكر أنَّه في في الغرب عمو ًما ،تدعم النِساء بعضهن بع ً
ضا؛ ف ُك ّل إمرأةالمجتمعات األبويَّة الصارمة ،والكارهة للنساء؛ قلَّما تدعم ال ِنساء بعضهن بع ً
translationsproject.org
66
منشغلة للغاية بمحاولة إنقاذ نفسِها؛ َحتّى أ َّنها ال تجدُ ُمتسعًا للتفكير بإنقاذ إمرأة ً أخرى .هذه
منظومة موضوعة هكذا على نحو ُمتع َّم ٍد بالتأكيد ،ألنه إذا انشغلت النِساء بالتنافس فيما بينهن؛
-بما أن أزواجهن يستطيعون التزوج بأربعة نساء معًا -فمن ث َ َّم ينتفي تهديد عملهن المتحا ِلف
يصرن مشغوال ٍ
ت جدًّا ،وال ضد العدو المشترك .اجعل النِساء يحاربن بعضهن البعض؛ كي ِ
قامعيهن ،وظالمي ِه َّن.
َّ يَ ِج ْدنَ متسعًا من الوقت؛ لتوحيد قوا ُه َّن ضد
لكن اإلنترنت اآلن يغير ُك ّل ذلك ،وهذا هام ،وغير مسبوق؛ النِساء لَسنَ فقط يخلعن ُح ُج ِب ِه َّن
الدراجات ،ويركضن في األماكن َّ ضا؛ يرقُصن علنًا ،ويُغنين علنًا ،ويَركبن علنًا ،لكنَّهن أي ً
عواقب
ٌ العامة؛ َجميع هذه األنشطة البسيطة؛ إ َّما ُمخالفة للقانون في بعض الدول ،أو تَتَأتَّى عنها
اجتماعية شديدة.
translationsproject.org
67
المدرسة اإلسالمية
ي منا ُمقتنعةًلم أحب المدرسة اإلسالمية بما يمكن تخيُّله ،لكنّي أحببتُ صديقاتي .لم ت َ ُك ْن أ ّ
المكياج ِس ًرا ،ونحكي ئ في الحمامات ،ونُدْخل ِ بالهراء الذي يُل ِقموننا إياه بِ ُحلوقِناُ .كنَّا نختب ُ
شوقة؛ ال ُمرة؛ ال ُحلوة ِلقدوم دور ِتنا الشهريَّة،
صا عن األوالد ،وعن اإلثارة ال ُم ّ ِ ضا قص ً لبعضنا بع ً
حيضها؛ نجسة؛ ِ والذي يَعفينا ُمؤقتًا -خالل حدوثه -من الصلوات اليومية المملة؛ فالمرأة في
لمس القرآن ،وال أن تَقرأَهُ ،وال حتَّى أن تد ُخ َل مسجدًا .يخلقُك هللا صلي ،وال أن ت َ َ وليس لها أن ت ُ َّ
هكذا ثم يح ُكم عليك بلعنة ألجل ذلك .يا له من عدل!
َكانَت أ ُ ّمي معلمة اللغة العربية ،والدراسات اإلسالمية في تلك المدرسة ،ولذلك َكانَت دائ ًما
أن نتصرف ،ونتَّخذ دور األطفال المطيعين .في البداية َكانَت بقية الفتيات تؤكد على أهمية ْ
ع ِل ْمنَ أَنّي أكرهها يبتعدن عنيَ .كانَت أ ُ ّمي صارمة ،ولذلك ُك َّن ُمتخوفات مني؛ لكن َ
سرعانَ ما َ
بنفس درجة ُكر ِههن لها ،وأنَّه يُمكننا أن َ
نكرهَها معًا.
ي ذِكرى ضح في ذهني؛ فقد َكانَت لَدَ َّ لكن األمور بدأت تت ِ ّ ي معرف ٍة لي باألمر؛ َّ أنكَرتُ أ َّ
ُ
عرق؛ عاري الصدر؛ أسود؛ َكانَ يأخذ ُ أ ّمي إلى غرف ِة النوم ،ويُغلق ضخم؛ ُمت َ ِ ّ
ٍ ُمب َهمة؛ عن ر ُج ٍل
تخرج ،و َكانَت بين الفَينة، ُ ط على الباب كي وأخبِ ُ
ْ الباب عليهما؛ أتَذ َّكر؛ أَنّي ُك ْنتُ أبكي َ
غير ُمرتدي ٍة إال مال ِبسها الداخلية؛ كي تطلب مني أن أخرس .لم أ َ ُك ْن أستطي ُع تخرج؛ َ واألُخرى؛ ُ
ختلق األمور،فَهم هذه الذِكرى .سألتها عن األمر عديدَ من المرات؛ لطالما َكانَت تُخبرني؛ أَنّي أ َ ُ
أن هذا َكانَ حقيقيًّا.أن األمر َكانَ ُمجرد حلم؛ لكنّي ع ِلمت َّ أو َّ
translationsproject.org
68
َّاألمر ُكلّه َكذِبة .ال أحدَ يريد أن
َ أن أُصدِّق أ ُ ّمي؛ في قو ِلها أن
أردت ْ
ُّ رغم هذ ِه الذِكرى؛
أن اليوم التالي؛ أل ُ َ
خبر ذلك الفتى؛ َّ ِ عدت الى المدرسة في خربةُ بيوتَ ،مع أَنّي ُ أن أ ُ َمه ُم ِ ّ
صدِّق َّ
يُ َ
بأن أ ّمي هي الكاذبة الحقيقية في هذا السيناريو. ُ إحساس ُمزع ٌج؛ َّ
ٌ مر اختلط عليه؛ َكانَ لَدَ َّ
ي األ َ َ
لكن-ومثل ُك ّل مر ٍة -ن َجحت كلماتُ أ ُ ّمي في أن تكونَ أقوى من الحقيقة.
أكثر ما َكانَ يُخيفني منها؛ هو أنها َكانَت قادرة على تزويجي باإلكراه إلى َر ُجل عجوز في
أعرف أنَّها إذا اتخذت ذلك القرار ،فسينتهي ِ باستمرار ،و ُك ْنتُ
ٍ ِمصر؛ فقد َكانَت تُهددني بذلك
جرا كي تن ِفّذَ رغباتِها؛ كما َكانَت
نقاشَ .كانَت لت ُجر ِنّي ًّ ٌ مهرب ،وال
ٌ أمري؛ ما َكانَ ِل ُ
يكونَ هناك
أمور كثيرة رغ ًما عني في السابق. ٍ ت َ ُج ُرني ،وتُجبرني؛ على
أن المدرسة اإلسالمية َكانَت فقط للمرحل ِة الدراسية السابعة [الثاني اإلعدادي؟ ،فقد َكانَ بما َّ
لكن الفتيات ُك َّن خائفات مما سيحدث لَهنَ .كانَ
ُك ّل األوالد متشوقين لدخول المدرسة الثانويةَّ ،
الصيف قبل المدرسة الثانوية معروفًا بأنَّه الصيف الذي َكانَت تختفي فيه الفتيات؛ فقد َكانَ الوقت
أن يالحظ أحد ٌ ذلك .في الحاالت القُصوى َكانَ وقتًا مألوفًاالمثالّي إلعاد ِت ّهن إلى بُلدانهن؛ دون ْ ِ
الرتكاب ما يُس َّمى بحاالت القتل من أجل "الشرف" .إن بعضهم يرتكب هذا في العادة كرد فعل
بكثيرهو التهديدَ
ٍ عا
األكثر ِشيو ً
َ على َكون الفتاة "غَربيَّة الطباع 34أكثر من الالزم"؛ ْ
لكن َكانَ
عرفتُها في حياتي؛ من المألوف لَدَيها عبارة "سأعيدك إلى البالد؛ كي بالتزويجِ .ك ُّل فتاةٍ ُم ْس ِلمة َ
ز
الغربيي ،أو متبنية بعض ذلك. 34أو بتجمة عربية أخرى :متف ِرنجة ،متبنية لمالبس وطريقة حياة وتقاليد وثقافة وقيم
translationsproject.org
69
أن هذا جرد تَهدي ٍد فارغٍ؛ بالنسبة لنا؛ إذ ُكنَّا ن ِ
َعرف؛ َّ كثير من ُم َّ
أكثر ِب ٍ
َ يَت ُّم تزوي َج ِك"؛ َكانَ هذا
ُم ٌ
مكن جدًّا.
ت صديقتي المفضلة إلى فيجي 35كي تُزَ َّو َج؛ ُك ْنتُ خائفةً تَأ َكدَّت ُك َّل َمخاوفي؛ عندما أ ُ ْر ِسلَ ْ
عليها ،وعلى نَفسي؛ لم ي ُك ْن هنالك إيميل (بريد إلكتروني) ،أو وسائل تواصل اجتماعي آنذاك؛
أن تُن َقل إحدا ُه َّن إلى دول ٍة أخرى؛
ي وسيل ٍة إلنقاذِها؛ وال لالتصال بها آنذاك؛ ما ْ فلم ت َ ُك ْن هنالك أ َّ
كأن األرض ق ْد ابتل َعتها. األمر؛ و َّ
َ َحتّى يُص ِب َح
ز ز ز
ميالنتيا ف جنوب المحيط الهادئ عىل بعد نحو 2000كلم شمال ررسق الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا .فأقرب
35
فيح :دولة جزرية ف جمهورية جزر ر
الشف وتونغا إىل ر
الشق و جاراتها فانواتو إىل الغرب وكاليدونيا الجديدة التابعة لفرنسا إىل الجنوب الغرن و كرماديك التابعة لنيوزيلندا إىل الجنوب ر
ر
واليس وفوتونا التابعة لفرنسا وساموا إىل الشمال ر
الشف وتوڤالو إىل الشمال.
translationsproject.org
70
الخيانة
ِ
ب أن يُرسلوني َبعيدًا لتَزويجي ،ابتلعتُ ك َّل أسئلتي ،وشكوكي؛ وواصلتُ لَ ِع َ إلر ِتعابي من ْ
دور؛ االبنةَ؛ ال ُم ْس ِلمةَ؛ ال ُمطيعة .بالنسبة للسنة الدراسية الثامنة (الثالثة اإلعدادية) أدخلوني َ
ا لمدرسة اإلعدادية الحكومة المحلية؛ فوجدت نفسي مرة أخرى في حاجة إلى تكوين صداقات
جديدة في بيئ ٍة تعليمية جديدة؛ ما صعَّب األمور أكثر؛ هو أَنّي دخلتُ المدرسة اإلعدادية ألول
مرة؛ البسةً قماشة على رأسي .لم َي ُك ْن األمر مثل المدرسة االسالمية؛ حيث َكانَ الجميع يلبسْنَ
أحكام من اآلخرين؛ أ َّما األمر في هذه المدرسة فقد َكانٍَ تلك القماشة ،ومن ث َ َّم لم أتعرض الى
مختلفًا .ما َكانَ أحدٌ ليراني فيها على حقيقتي ،بل َكانَ ُك ّل ما َي َرونَه؛ هو قطعة القماش الغبية
عرفُني ،وتُحدد هويتيُ .ك ْنتُ غاضبة جدًّا بسبب هذا؛ َ
فتلك لم ت ُك ْن حقيقتي ،ولم تلك ،والتي َكانَت ت ُ ِ ّ
ت َ ُك ْن هذه هي الصورة؛ التي أردتُ أن أ ُ ِر َيها للعالَم.
ت معسأكون صداقا ٍ
ِّ ساخطةً؛ ألَنّي مزقت الورقة ِ ومصدر قل ِقها؛ لقد َّ
ُ لكن هذا لم ي ُكن شا ِغلُها،
الكثير من ال ُكفّار؛ أعتقد أنها َكانَت قد افترضت؛ أَنّي سأكون انطوائية؛ لقد َ
ظنَّت َّ
أن التالميذ لن
ضير في إرسالي ت أنَّه ال َعجيبةٍ؛ لَدَيها شي ٌء على رأ ِسها؛ لقد َح ِس َب ْ
َيرغَبوا في ُمصاحب ِة فتا ٍة َ
translationsproject.org
71
سينبذونني في ُك ّل الحاالت ،ث َّم سأشفَى .ظنَّت أنَّهم كانوا؛ لمدرس ٍة مليئة بالكفار؛ ألنَّهم َ
أن أُبادلهم الكراهية ،والرفض ي خيار؛ سوى ْ ليكرهونني ،ويرفضونني ،وأنَّه لن يكون لَدَ َّ
ي أ َّ
بالمقابل.
.
حاولت أ ُ ّمي في البداية إخراجي من هذه المدرسة على نح ٍو فور ّ
يٍ .لقد هددتني بهذا لَ ِكنّها لم
ضا عن ذلك؛ أخبرتني بأن أستمتع بآخر سن ٍة لي في المدرسة ،ألَنّي لن أعود تفعله .لَ ِكنّها ِعو ً
عبني هذا؛ إذا أخرجوني من المدرسة -التي هي صلتي الوحيدة بالعالم الواقعي -؛ إليها أبدًا .أر َ
وخوف لم يكونا قد غَادرانِي َحتّى ٌ ٌ
حزن، طعم السعادة ثانية؛ ُك ْنتُ يائسة .غلبني
َ فلن أعرف
عندما ُك ْنتُ في المدرسة .في العادةَ ،كانَت شخصيتي تتغير بين شخصية المدرسة ،وشخصية
المنزل؛ بين األبيض واألسود ،لكنّي حينذاك ُك ْنتُ قد صرت رمادية طوال الوقت.
سنِي كمشعل ضوء في سألني السيد فَابرو مدرس مادة المسرح إن ُك ْنتُ على ما يرام .سؤاله م َّ
بئر مظلم عميقُ .ك ْنتُ سعيدة ً للغاية بإخباري له ب ُك ّل شيء .لم أتراجع .قابلته وأريته آثار
ي .وفي نوع من الحبكة األُورولية (نسبة إلى الكاتب ع َّ
الضرب والكدمات والتورمات على ذرا َ
ق؛ ُمحتَ َّجا؛
ب ناظر المدرسة في َح َن ٍ جورج أورويل) ؛بعدَ بضع ِة أي ٍّام؛ اندفع زَ و ُج أ ُ ّمي إلى مكت ِ
درس الذَ َكر؛ على رؤية غاضبًا؛ ألن السيد فابرو رأى ذِراعي .كم هو وقح؛ كيف يَتَ َّجرأ هذا ال ُم ّ
الكدمات ،والتورمات التي تسبب بها هو لهذه الطفلة! َكانَت المشكلة الكبرى -حسب اعتقاده -هي
أن َر ُج ًال ؛ لست متزوجة به ؛ قد رأى ذراعي؛ وليس أنَّه هو قَد ضربني. َّ
دار للرعاية؛ وأَنّي قدحذَّرني السيد فابرو أَنّي اذا اتخذت هذا السبيل؛ فقد ينتهي بي األمر في ٍ
أطير من
ُ ال أرى عائلتي ثانية أبدًا ،وسألني إن ُك ْنتُ مستعدة لذلك؛ ُك ْنتُ متحمسةً جدًّا؛ ِكدت
الفرح ابتها ًجا باحتمالية أال أضطر لرؤية هؤالء األشخاص مجدَّدًاُ .ك ْنتُ أتمنى فقط أن جرس
translationsproject.org
72
وف يحميني من إخراجي من المدرسة؛ تفكرت" :هل أقبل بأن أُؤخَذ من س َاإلنذار الذي قرعته؛ َ
منزل األسرة؟ ....هل تمزح معي؟ بال شك ،ال شيء في العالم يمكن أن يسعدني أكثر من
ي أن أكون قويةً ،ومستعدةً؛ للوقوف أمام المحكمة ْ
وأن ضا بأنه سيتوجب عل َّ ذلك!" .ون َبهني أي ً
أُخبر القاضي؛ ب ُك ّل ما أخبرته هو به؛ أتَذ ّكر دائ ًما أَنّي وعدته بأن أظ َّل قوية .تخيَّلت أنّي سأُشير
إليه بشجاعة في المحكمة؛ كأَنّي في حلقة من ماتلوك"ُ .36ك ْنتُ مستعدة.
انتقل التحقيق من مقابالت معي في المدرسة إلى استجواب الشرطة للجميع في بيتنا .بصقت
وأخيرا رأيتُ بَصي ً
صا ً أ ُ ّمي حرفيًّا في وجهي ،وقالت لي بأنها تكرهني للغاية؛ لَ ِكنّي ظللتُ قوية؛
ألن أُصب َح حرة!
عبر طبقات الخرسانة ،و ُك ْنتُ في طريقي ْ ض َ ُوم ُ
من الضوء ؛ ي ِ
قليالَ .كانَت دائما تتصرف؛ وكأنه َكانَ جزء مني مستغربًا من أنَّها لم ت َ ُك ْن أكثر دع ًما لي؛ ولو ً
ي شيء ِحيا َل ذلك .حسنًا، ال قوة ،أو سيطرة لها لمن ِعه من ضر ِبنا ،وكأنَّه لم َي ُك ْن بوسعها فعل أ ّ
ها أنا أفعل شيئًا حيال هذا! عندئ ٍذ اكتشفت أنها َكانَت تكذب ،وأنَّها في الحقيقة َكانَت تَخدع،
وتُرا ِوغ .بالتأكيد َكانَت تعلم جيدًا ما الذي يفعله بنا؛ لَ ِكنّها تظاهرت بأنَّه ليس لَدَيها أ ّ
ي ِ فكرة،
عديمة الحيلة؛ ألنها لم ت ُ ِرد أن نكرهها؛ لقد استحقَّت ُكرهَنا حقًّا ،وقد َكانَت َجبانة.
وأنها َ
عندما استَجوبتها الشرطة؛ أنكرت ك َّل شيء ،وادَّعت أنّي كاذبة ،وفع َل أخي ،وأختي نفس
ضا .من بين خمسة أطفال ُك ْنتُ أنا الوحيدة التي تقول الحقيقة، كذب ِطفال ُمنير أي ً َ الشيء؛ كما
ي بالبقاء في هذه النوعية من الحياة؛ لقد كانوا خائفين وبسبب أكاذي ِبهم كانوا جميعًا يحكمون عل َّ
ً
احتماال؛ في أنّي لن أتم َّكن من مغادرة ب قول الحقيقة .لقد أدركتُ أ َّن هناك للغاية من عواق ِ
وف ينتهي بي األمر؛ بأن أُواصل العيش س َ المنزل ،وأنّي لن أ ُ ُودَ َ
ع ملجأ َ رعاي ٍة لألطفال ،وأنه َ
والتحرش بهاَ .كانَت هذه
ُّ معهم؛ بعدما حاولت الز َّج به في السجن؛ لجريمة إساءة معاملة طفلة،
أكثر األفكار ُرعبًا التي س ُك ْنتُ ذهني طوال حياتي.
بأن العقاب الجسدي ليس مخالفًا للقانون في كندا؛ وأنه بسبب "ثقاف ِتنا" قد تكون
حكم القاضي َّ
هذه العقوبات أحيانًا أقسى من غيرها في عموم العائالت الكندية .أكثر أفكاري رعبًا ،و القابعة
ُ
36ماتلوك Matlockمسلسل دراما قضائية أ ِنتج زف الواليات المتحدة .يلعب فيه أندي جريفيث دور محام الدفاع الجنان ز
بي ماتلوك.
وهو مسلسل نجح بشعبية كبتة زف الغرب فقد استمر لتسعة مواسم كاملة من 3مارس 1986ح ّن 8مايو 1992عىل قناة ،NBC
ُ
وع ِرض عىل قنوات أخرى كذلك.
translationsproject.org
73
طرقة القاضي .لم أشعر قط بخيان ٍة شديدةٍ لي في في ذهني؛ صارت واقعًا بضرب ٍة سريعةٍ؛ من ِم َ
ط َم .كم من ال ُمقزز أن حياتي؛ مثلما احسستُ بها ذلك اليوم .لقد َكانَ هذا أملي الوحيد؛ وقد ُح ِ ّ
ب ،والتعذيب ل ُمجرد أن ال ُمعذّب؛ ُمسيء المعاملة؛ صود َ
ِف أنَّه أتى ض طف ٍل؛ للضر ِتعر َتَسمح ُّ
س ُك ّل األطفال؛ بنفس َّ
الحق في الحمايةَ .ي ِح ُّ من بل ٍد آخر .ما عالقةَ هذا باألمر؟ لكل األطفال
سرهم .الضرب، صرف النظر عن اختالف ثقافات أ ُ ِ مقدار األلم الجسدي ،والعاطفي ،والنفسي؛ ب َ
والتحرش الجنسي؛ لهما نفس الضرر على ُك ّل األطفال؛ أيًّا َكانَت ثقافتهم .هل َكانَ ليطلق سراح
تحرش بي؛ إذا َكانَ من أص ٍل جرماني (ألماني) ،أو هولندي؟ أ َما َكانَ ِليُ ْس َجنَ ؟ كيف ُمعذبي ،وال ُم ِ
ق في هذا؟ي منط ٍ
يمكن أن يكون هناك أ ّ
ص ُّور عدد األطفال الذين يُتجا َهلُون ال تزال هذه القوانين ساريةً في كندا .ال أستطيع َحتّى ت َ َ
حدث لي .تواصل معي العديد من موظفي الشؤون َ عرين األسد؛ مثلما ويُعاد إلقاؤهم إلى َ
سفهمَ .ر ُجل منهم االجتماعية المختصين في مواجهة إساءة معاملة األطفال؛ البالغي بشدةِ أ َ
تتعرض 37للعنف ،والتحرش إلى َ ضطر للتخلي عن طفلة؛ وت رك ها ِل ٌ انزعج للغاية؛ لحقيقة أنه ُم
درجة أنه غي ََّر عمله في الوزارة؛ فهو لم يعد يستطيع القيام بذلك .أخبرني أنه تسكنه آالم
ُكرسون حيواتهم لحماية الذكريات على ما أ ُ ْر ِغ َم على فعله لمدة ( 31سنة) .األشخاص الذين ي ِ ّ
األطفال؛ ي ُْج َبرون على ترك األطفال يتعرضون للتعذيب ،والتحرش ألن حكومتهم شغلها
الشاغل الذي ال يهمها سواه؛ هو النسبية الثقافية ،واألخالقية .الحاجة إلى أن يبدوا "مؤيدين
لحم ،ودم -من العُنف. للتنوع الثقافي"؛ تطغَى على الحاجة إلى إنقاذ األطفال -الذين هم من ٍ
صبذات "حساسي ٍة ثقافية"؛ انتهى بها األمر الى التع ُّ َ دَولَتي؛ في َمسعاها إلى أن تكون
الشرير تجاهي .لقد ع ِلمتُ أنّي لو ُك ْنتُ أتيت من عائلة ذات والدّيْن "أبيضين" ل ُك ْنتُ ُحمٍ ِيتُ .هذه
النتيجة الطبيعية ِلفكر اليساريين؛ الرجعيين؛ أو النُكوصيين 38؛ فعندما تصبح عقولهم منفتحة
37هنا الالم الم المآل والمصت ،وليست الم التعليل.
ز الليتالية الرجعية) :كنية ازدرائية تطلق عىل جناح من اليسار ز ً ً 38
المتهمي بالتناقض مع أنفسهم والتبشت بأفكار رجعية يي اليسار الرجع (وأيضا ر
ز ً
اإلسالميي ومع العنرصية المعكوسة بدعوى تعدد الثقافات والنسبية ِبتصالحهم مع مبادئ وأيديولوجيات غت متحررة ،خصوصا تصالحهم مع
ً ز ر ُ ز ز ز الثقافية .شارك سام هار ْ
سبتمت من عام ،2015والذي نش الحقا ف ر س وماجد نواز ف منتدى عام استضافه معهد السياسة ف جامعة هارفارد ف ِ
ز ز .
كتاب قصت بعنوان اإلسالم ومستقبل التسامح ( )2015أشار الكاتب السياس بريان ستيورات ف مراجعة للكتاب ف مجلة ناشيونال ريفيو أونالين،
الميي يشكلون نسبة كبتةز ز
الجهاديي واإلس ز ز
الرجعيي» ف الغرب يتجاهلون حقيقة أن س فإن «اليسار ز
يي وفقا ل ُك ّل من ماجد نواز وسام هار ْ ً
إىل أنه
ِ
س) من المجتمع ال ُم ْس ِلم العالم واألقلية ال ُم ْس ِلمة داخل الغرب ،عىل الرغم من أن هذه الفصائل تعارض القيم ر
الليتالية مثل ( %20زف تقدير هار ْ
ِ
الليتاىل المتناقضس بالموقف االنعزاىل غت ر المثليي ،إلخ .ندد نواز وهار ْ
ز االستقاللية الفردية وحرية التعبت والديمقراطية وحقوق المرأة وحقوق
ز ً ِ
ر ز
الليتاليي األكت ضعفا الذين يعيشون ف المجتمع ً ّ
الليتالية العالمية ،وعن دعم األفراد ر
تخليا عن القيم ر عتتانها
تجاه أي انتقاد لهذه الظاهرة ،الن ي ر
ً ْ ز ز ُ ْ
مت من عام ،2015المصطلح مرارا خالل محادثاته مع هارس ف أكتوبر ونوڤ ر النساء والمثليي والمرتدين والدفاع عنهم .استخدم سام ِ المس ِلم ،مثل ِ
translationsproject.org
74
39
ُمرتكب ق ،وإثنيَّة
ير ْونَ إال لونَ بشرةِ ،وعر ِ أكثر من الالزم؛ تقع منها أدمغتهم .إنهم ال َ
الجريمة ،وليس جرائمه التي ارتكبها.
سينعتُه الجميع بالتزمت، إذا رفض خباز أبيض أن يخبز كعكةَ حفل زفاف زوج من المثليين؛ ف َ
غير مقبول؛ لكن عندما تفعل مخابز ال ُم ْس ِلمين ذلك؛ يكون ردُّ الفع ِل هو؛ أمر َ أن هذا ٌ ويؤ ِ ّكدون َّ
صرنا إسالموفو ِبيين؛ ُمتعصبين! الصمت ال ُم ْ
ط ِبقَ .انها ثقافتهم ،وعلينا احترام معتقداتِهم؛ وإال ِ َ
ال يوجد غباء ،أو ازدواجية في المعايير أكثر من هذا في العصر الحالي .علينا أن ننظر إلى
الفعلة ،والحادثة؛ ال إلى لون بشرة؛ أو عرق؛ أو إثنية؛ أو دين؛ ُمرتكب الفعل؛ ال عالقة لكل هذا
باألمر .الفعل غير األخالقي؛ يظ ُّل غير أخالقي؛ بغض النظر عن هوي ِة فاعله .يجب علينا جميعًا
أن ننتقد التعصب ،والتمييز الجندري ،وتعنيف األطفال؛ وكل األفعال األخرى المعادية
لإلنسانية .لماذا نهتم بـ هوية مرتكب الفعل؟؛ في كل الحاالت؛ فإن الفعل خاطئ بنفس الدرجة.
إن خفض سقف التوقعات[ 40تجاه فئة من البشر؟ ؛ هو أشنع أنواع العنصرية ،وعلينا أن نحاكم
كل البشر حسب نفس المعايير.
َكانَت هذه أول مرة في حياتي أحاول فيها أن أستق َّل بنفسي؛ ُك ْنتُ قويةً ،و ُك ْنتُ ِم ْ
صرة ً على أن
سنح لي الفرصة قط؛ بالكاد وقفتُ ً
قليال على أنظر الى ُمنير في عينيه؛ في المحكمة؛ لكن لم ت َ ْ
الجثو على األرض.ِّ ي ،وتُرغمني على العودة إلى ي للحظة؛ قبل أن تقطع دَولَتي؛ َر ُجلَ َّ
قدم َّ
تركني هذا شاعرةً؛ بأن هذا مكاني الطبيعي الذي سأم ُكث فيه إلى األبد؛ ُك ْنتُ أكثر من ُم َّ
حطمة.
ً ً
األكت هو أن «اليسار الرجع» مستعد للتخىل عن حرية التعبت «خوفا من اإلساءة لألقليات» ،األمر الذي سيؤدي إىل وسائل اإلعالم ،قائًل إن الخطر ر
ز ً
الرقابة الن تفرضها تلك األقليات ،نقًل عن ترصيحات الصحف األمريك چ ز
اإلرهان عىل صحيفة شارىل إبدو كمثال. ر لي چرينوالد حول حادثة الهجوم
س أن رضا أصالن ونعوم تشومسك من اليسار الرجع. يعتت هار ْ
ر
ز ًُ ز ِ
التيطان والمؤلف التامج بيل مار وعالم األحياء رذكرت صحيفة واشنطن تايمز ف أكتوبر عام 2015أن كًل من الممثل األمريك الكوميدي ومقدم ر
ليت ز ُ ز ز ز دوكت « ر زز
اليي عندما يتعلق األمر باإلسالم». الرجعيي الذين فشلوا ف فهم أنهم ليسوا ر اليساريي يرن الملحد ريتشارد
39
يعرفون بعضهم البعض عىل أساس أوجه الشبه مثل ِ الذين الناس من فئة ه العربية") جمات الت "حسب العرقية أو اإلثنية، (أو اإلثنية المجموعة
السلف ،اللغة ،المجتمع ،الثقافة أو األمة .عادة ما تكون اإلثنية حالة موروثة عىل أساس المجتمع الذي يعيش فيه الفرد .االنتماء إىل مجموعة إثنية
ز ً
يميل إىل أن يكون محددا باالشتاك بالتاث الثقاف ،أو السلف ،أو أسطورة األصل ،أو التاري خ ،أو الوطن ،أو اللغة ،أو اللهجة ،األنظمة الرمزية مثل
ز َّ ز
الميثولوجيا والطقوس ،المطبخ ،أسلوب المالبس ،والفن .المجموعات اإلثنية المستمدة من نفس تأثت المؤسس التاريح ،غالبا ما تستمر ف تكلم
والتبن ،يمكن أحيانا لألفراد أو الجماعات ترك مجموعة إثنية ز لغات مرتبطة وتتبادل تجميعة الجينات متماثلة .عن طريق التحول اللغوي ،التثاقف،
يعتت العرق واإلثنية
ر . للعضوية أساس كمعيار العرف النقاء عىل معينة وأن يصبحوا جزءا من مجموعة أخرى (باستثناء المجموعات اإلثنية الن تؤكد
ز
مفاهيم متصلة .غالبا ما يفتض أن تكون اإلثنية نوعا من الهوية الثقافية لمجموعة ما ،كثتا ما تقوم عىل أساس النسب واللغة والتقاليد الثقافية ،ف
حي يفتض أن يكون العرق تصنيفا بيولوجيا صارما يستند إىل الحمض النووي والبنية العظمية. ز
ز ز 40
عبارة أو مصطلح مستمد من جملة للكاتب والخطيب التلفزيون األمريك مايكل جتسون Michael Gersonف قوله (التعصب الناعم الخاص
بخفض سقف التوقعات) "."the soft bigotry of low expectations
translationsproject.org
75
ي أم ٍل آخر؛ لم َي ُك ْن لَدَي أ ّ
ي شيء آخر أن ذلك َكانَ أملي الوحيد ،ولم َي ُك ْن لي أ َّ
ق َّ
أحسست بصد ٍ
أعيش ألج ِله.
ُ
وف أُعاقَب بقسوة على خيانتي بني قومي ،والتجا ِئي لل ُكفار؛ فهذه أعلى درجات الخيانة. س ََ
َ ٌ َّ ّ
كانوا دائما يُعلموني؛ أن الحياة َ معركة بيننا ،وبينهم؛ وأنا قد لجأتُ للعدو بِطلب المساعدة .هذا
أمرا ال يُ ْغت َ َفر.
َكانَ ً
صنعلإلسالم مفهوم متصلب جدًّا عن القَدَر؛ ف ُك ّل شيء ُمقد ًَّرا ُمسبقًا؛ ف ُك ّل َمسعى لمحاولة ُ
بنفسك؛ ال معنى له؛ فما يريدهُ هللاُ سيحدث في النهايةُ .ك ّل حيا ِتك مكتوبةٌ قب َل َحتّى ْ
أن َ قَدَ ِر َك
سيطرةً، س َك األول؛ وقد قَ َّوى و َمتَّنَ هذا الموقف؛ هذه التعاليم ،والمعتقدات فِ َّ
ي .لم أ ُك ْن ُم َ تتنفس نَفَ َ
ي فقط أن أقبَ َل ما أرادهُ هللا ،ول ْم ي ُكن هنالك أ ّ
ي تغيير نصيبي في الحياة؛ َكانَ عل َِّ وال قادرة ً على
نطق ِم ْن مواصلة المعركة. معنى ،أو َم ِ
ت عديدة؛ بعد ثالثين سنة؛ عاودتُ االتصال بالسيد فابرو .لحظ َة رأيتُه انفجرتُ في بعد سنوا ٍ
دار رعايةٍ .كاد ال يُصدِّقافترض أنّي قد أو ِد ْعتُ َ
َ ي فكرة ع َّما حدث لي؛ لقد البكاء .لم يَ ُك ْن لَدَيه أ َّ
مديرا تنفيذيًّا ،وتحدثّنا
ً ضينا اليوم في المطعم الذي يعمل به ابنُه أن النظام القضائي؛ قد خَذلني .قَ َ َّ
ضا تلك األيّام حيث قابلنا زو َجته .تذ َّكرت هي أي ً ُ عن ُك ّل شيء .دعاني أنا ،وزوجي الى بيتِه؛
مر عليها الكثير من الزمنَ .كانَ األمر أشبه بالحلم؛ ُك ْنتُ سعيدة للغاية ،وتجتاحني المشاعر التي َّ
بعود ِته إلى حياتي؛ قضيت اليوم التالي بالبكاء؛ ألن ُك ّل الذكريات عادت إلى السطح واندفعت
أغادر بيته قال لي
َ إلى رأسي بعدما قابلته؛ بكيتُ ألج ِل تلك الفتاةِ الصغيرة [التي ُك ْنت ُها؟ .قبل أن
اك".السيد فابرو باقتناعُ " :ك ْنتُ ألتبنّ ِ
"نعم؛ كنا لنف َعل ذلك"؛ وافَقتهُ زو َجته.
translationsproject.org
76
ت َ َّ
حطم قلبي لذلك إلى شظايا؛ ك ْم َكانَت حياتي لَتكون ُمختلفة.
لم تسمح لي أ ُ ّمي بالعودة إلى المدرسة السنة التالية .وبحلول الوقتُ الذي عدتُ فيه لهاَ ،كانَ
أن بدأتُ كتابةَ هذا الكتاب. السيد فابرو قد غادر .لم تَتقاطع َ
طريقانا مجددًا؛ إلى ْ
translationsproject.org
77
األ ُ َّمهات
سنتي الدراسيَّةَ التاسعةَ في المدرسة االسالمية؛ أتب ُع أ ُ ّمي ك ُمساعدتها الخاصة .إذ َكانَت قضيت َ
دور فيٌ أخيرا صار لها ً ت إلى منصب رئيسة قسم الدراسات العربية واإلسالمية .و قد ُر ِقّ َي ْ
المجتمع؛ حيث أصبحت تُقدَّر وت ُ َوقَّرَ .كانَت تأخذُ عملَها بجديَّة كبيرهُ ،متَخيّلةً نف َ
سها على أنَّها أحد
الناس به،
ُ أعمدة المجتمع؛ لفترةٍ طويلة ظ َّل هذا الدور الذي تل َعبَهُ؛ متماس ًكا؛ قويًّا؛ فاقتنع
وتقدير ،و َمها َبة.
ٍ باحترام،
ٍ وساعدوها على لَعبه ،وعاملوها
سرعان ما صارت هناك حافالت أخذت المدرسة اإلسالمية تكبر أكثر يو ًما بعد يوم؛ و َ
غ َرف أطفاال من مناطق تبعد أ َ ً
مياال .كنا ال نزال ليس لَدَينا منهج تعليمي الئق ،أو ُ ً مدرسية تَجلب
ي شيءٍ يجعل منها مدرسةً .في لحظ ٍة ما ،الحظت الدولة ذلك ،وصارت المدرسةُ صفّية ،أو أ ََّ
أن أخذَت األموال تتدَّفق من المملكة العربية السعودية .فم َّكنَمهددة ً فجأة ً باإلغالق .لكن ما لَ ِبث ْ
جهزتين بأحدث ذلك الما ُل من تشييد َمبنيين؛ ُمخصصين لمدرستين ابتدائية ،وثانوية؛ ُم َّ
ضا التعاليم الدّيْنية السعودية الوهابية؛الت َ ُك ْنولوجيات ال ُمتاحة .مع المال السعودي؛ أتت أي ً
ال ُم ْس ِلمون المتطرفون ،أو األصوليون الذين سمعتم عنهم بال شك .أولئك الذين يف ِ ّجرون المباني،
طح البنايات؛ ُكلّهم ينتمون الى ويحرقون أطفال المدارس أحيا ًء ،ويُلقون بالمثليين من على أس ُ ِ
نفس المدرسة الفكرية.
ضاض ،وانتزاع مكانَتها ّ دوة ً حينذاك؛ ِمصريةٌ ِمثلها؛ من بلدِها؛ تحاول االن ِق صار أل ُ ّمي َ
ع َّ َ
ُ
طلب النُصح من أ ّمي ،وصاروا يُق ِبلون على َّ
منها؛ كقائدةٍ للنساء في مجتم ِعنا؛ فتوقف الناس عن َ
غطي مساحةً من جسدِها؛ أكثر تَقوى من أ ُ ّمي؛ ألنَّها ت ُ ِ ّ
َ بدال منها .كانوا يعتبرون النينجا النينجا ً
ضها أ ُ ّميِ ،بيدَ أنّها حاولت إق َحامي في أكثر من أ ُ ّمي .لم أ َ ُك ْن أكتَرث لل ُمنافسة التي تَخو َُ
ي ما َ َ َّ ُ ُ
الموضوع ،لكنّي ك ْنتُ متآمرة ال فائدة َ منها .فقد ك ْنتُ قد تَخليت عن الحياةِ ،ول ْم يَع ْد لدَ َّ
أُعطيه.
translationsproject.org
78
صدَفةً خاويةً .لَ ْم
ي الطاقةَ ِلتحقيقهاُ .ك ْنتُ َ أفكار انتحارية يوميًا؛ لكن لَ ْم ت ُك ْن لَدَ َّ ٌ َكانَت تُراودني
ت الحياة ،وكانَ ُك ُّل شيءٍ عبر تيارا ِ ش ٍة َ
كشبح ،وكري َ ٍ ي غضبُ .ك ْنتُ أ ُم ُّر يعد يتبقى لَدَ ّ
ي َحتّى أ ّ
ي رغباتٌ ،أو آمال ،أو طموحات ،أو أفكار ،أو أحاسيس. فاقدًا لطعم ،ولون الحياة .لَ ْم ت َ ُك ْن لَدَ َّ
ُك ْنتُ فقط موجودة.
نجحت أ ُ ّمي -بُمساعدة النظام القضائي لكولومبيا البريطانية -في َكسري؛ و َكانَت فخورة ً
بذلك؛ َكانَت تفاخر بذلك وهي تأ ُمرني بالقيام بعم ٍل ُمهين تِ َلو اآلخر .لَ ْم أقاوم قط و ُك ْنتُ أقوم بما
ض َعتنيَ .كانَت في الصباح األمر منها؛ عشر سنوات؛ لكنَّها في النهاية أخ َ ُ طلَّب
ُطلَب مني؛ ت َ ي ْ
أن أر َك َع عندَ قد َميها؛ وأُقبلّ ُهما؛ ثُم أُعد لها شاي تويننجز لوس إيرل جراي ؛حسب ما
41
تأ ُمرني؛ ْ
الكوب
ُ َّ
تحطم ذات مرةٍ
ُعرضني لضرب ٍة على رأسي؛ َ غير َمضبوط؛ ي ِ ّ ي مقدار َ تُحدده ،وتحبه .أ ّ
أن تتصل سلت إليها ْ ي د ًما؛ إذ نَزَ فت الجروح منهما كالنافورة؛ تَو َّ بِفعل الحرارة ،وامتألت عينا َّ
باإلسعاف؛ لَ ِكنّها رفضت.
ي" :بالتأكيد!؛ َحتّى يلقوا بي في السجن ،أليس كذلك؟ أتعتقدين أَنّي ال أعرف ما َت ف َّصرخ ْ َ
تريدين؟ أتريدين أن تجربي مرة أخرى؟" َ
صرت العدوة ،و ُك ْنتُ أُعا َمل على ذلك األساس. ُ
أن هذا األمر بعد العديد من السنوات ،وعندما صرتُ ناشطةً في المجتمع المدَني؛ الحظتُ َّ
سلطانَ لهاُمشترك؛ فالعديد ِمنَّا نحن الفتيات؛ أسا َءت لنا أُمهاتُنا ،وآذ ْينَنا نَفسيًّا .المرأة التي ال ُ
تتو ُق إلى الت َح ُّكم ،وتوجد فقط مجاالت قليلة تكون فيها سيطرتَها مقبولة؛ في حدود على حياتِها؛ ُ
زوجها ،أو اب ِنها؛ لكن
ِ سلطة على عائلتها المباشرة ،وأقار ِبها األقربين؛ فال َي ِح ُّق لها ممارسة ال ُ
عدوانيتها ،وإحباطاتِها في ذلك االتجاه الوحيد. لها أن تَفعل ما تُريد بابن ِتها؛ فت ُ ِ
فرغ َجا َّم ُ
41
التچموت (برتقال البيك ،الليمون الشعتي).
شاي أسود ذو نكهة حمضية ليمونية معد بنكهة فاكهة ر
translationsproject.org
79
ُقر ْرنَ َمصير ت ْ
أن ي ِ ّ أقدام األُمهات" 42؛ فإن لألمها ِ
ِ بما أنَّه َحسب الحديث "ال َجنَةُ تَ َ
حت
سلطةٌ هائلةً جدًّا الستخدامها على أبنائِهن بين الجنة ،أو االحتراق في الجحيم إلى األبد .هذه ُ
ُ
صلت عليها أ ٌّم ُمسيئة؛ سلطة؛ نتائج تراجيدية مأساوية؛ إذا تَح َّ أن يكون لهذه ال ُ فمنَ ال ُمم ِكن ْ
طفل؛ ِ
أن تُصبحي عليك ِْ حيث يُمكنها أن تُسيء استغالل هذه الم َكانَة ،وتستَعم َلها للتح ُّكم ،والتالعب؛
ودعمها ،وقبو ِلها؛ ولكي -وهذا هو األهم -تَدخلي ِ صلي على عط ِفها، أ َ َمةً (أو عبدًا)؛ ُمطيعةً؛ ِلتح ُ
سحب منك مباركتها؛ متى شاءت ،ومن ث َ َّم تتحكم فيك ِطوال َ (أو تدخل) الجنة ذات يوم ،ولها أن ت َ
الحياة.
ثيرا؛ ِبعنوان "ما الّذي سيقولُه الناس" .الفيلم حو َل فتاةٍ ؤخرا فيل ًما ت َماهيتُ معه َك ًشاهدت ُم ً
بالعجز ،وقِل ِة الحيلة؛ في َمشه ٍد
ِ ش َع َرت
ضدَ إرادتِها؛ لقد َ ت في باكستان ِ باكستانية؛ بريطانية ت ُ ِر َك ْ
طا بعنفٍ ؛ إنَّه َمشهد ٌ قصير؛ لكنَّه من النوع الذي َيعلَق غير َمفهوم -قِ ًّ
ب َ سبَ ٍضرب ِ -ل َمن الفيلم ت َ ُ
تبحث عن ُمتَنفَّس.
ُ سلطانَ لها َبتاتًا على حياتِها؛بذا ِك َرتك .في ذلك المشه ِد رأَيْتُ فتاة ً صغيرةً؛ ال ُ
ي دونَ تَجميل. لقد َكانَ فيل ًما يُصيبُك بالغثيان ،وانقباض القلب .لكنَّه واقع ٌّ
كأن أ ُ ّمي استَمتَعت بطريق ٍة ساديةٍ؛ بتعذيبيَ .كانَ ذلك األمر؛ َّ
ُ في بيتنا ُك ْنتُ أنا ال ِق َّ
طةَ .كانَ
ضيةً لَدَيها؛ -ولألَسف -لَ ْم ت َ ُكن هي الوحيدة؛ عندما تحدثت مع نساءٍ ُم ْس ِلمات يُرضي حاجةً َم َر ِ
سلوكي؛ شائ ٌع لدى األ ُ َّمهات ال ُم ْس ِلمات؛ على نح ٍو ملحوظ. أن هذا النمط ال ُ سابقات؛ وجدت َّ
غ َرفِهن؛ ألشهر؛ هذا يَ ْس ُه ُل أن أُمهاتَهن ُك َّن يَح ِبس َن ُه َّن في ُ
بعض النِساء السعوديات؛ َّ ُ أخبرتني
ي حماي ٍة قانوني ٍة فِعلُه على نح ٍو غير عادي في بلد مثل المملكة العربية السعودية؛ حيث ال توجد أ َّ
للفتيات اللواتي تُساء معاملَت َ ُه َّن .أخبرتني إمرأة أخرى كيف أنها بعد هروبها الى الواليات
نزف من وذات يوم تعث َّ َرت؛ فسقطت ،وأخذت ت َ ِ َ المتحدة األمريكية؛ بدأت تواعد َر ُج ًال أمريكيًّا؛
عليها؛ صرخ َ ت منه أن َي ُ ت)؛ لقد توقَّ َع ْ ضا؛ فأجفَلَت (فَ ِز َ
ع ْ حيث كشطت نفسها؛ أتى صدي َقها راك ً
ز ز ٌ ً َ 42
هذا الحديث وإن كان إسناد لفظه ضعيفا إال أنه ورد بمعناه حديث آخر صحيح؛ رواه اإلمام أحمد ف مسنده ،والنسان -واللف له -وابن ماجه ف
ز ز ُ
الذهن ،وأقره المنذري ،من ُحديث معاوية بن جاهمة :أنه جاء ر ووافقه
َ وصححه الحاكم َ َ حسن، َ والطتان ف «المعجم الكبت» بإسناد
ر ننهما»،«س ِ
ْ ْ ْ ٍّ ْ ْ َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ ْ ُ ْ ُ َّ
هللا أردت أن أغزو ،وقد ِجئتك أست ِش ُتك ،فقال" :هل لك ِمن أم"؟ قال :نعم ،قال" :فالزمها؛ ف ِإن ْالن ِرن صىل هللا عليه وآله وسلم فقال :يا رسول ِ
الجنة ت ْحت ِر ْج ِلها".
ُ ز من ر
الشوح :قال اإلمام المناوي ف (فيض القدير)" :األمهات يلتمس رضاهن المبلغ إىل الجنة بالتواضع لهن ،وإلقاء النفس تحت أقدامهن والتذلل
لهن".
َ َ
"الجن ُة ت ْحت أ ْقد ِام األمهات؛ من ِش ز
ي أ ْدخ ْلن ،وم ْن ِشيز ْ
وأما ما رواه ابن عدي ،ونصه عن ابن عباس قال :قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم:
َْ
أخر ْجن" ،قال ابن عدي :موس بن ُمحمد المقدس منكر الحديث -المتجم
translationsproject.org
80
أن يسألها لماذا هي خرقاء للغاية ،وال تعرف كيف تمشي؛ لقَد ذ ُ ِهلَ ْ
ت أو يخبرها كم هي غبية ،أو ْ
بخير؟" لَ ْم تَ ُك ْن تلك ردة الفعل التي اعتادت على سما ِعها.
ٍ عندما َكانَ أول كالمه" :هل أن ِ
ت
ُمارس بحيث؛ أنَّك ستُ بنفسي ُمرتبطةً تما ًما بحكايتها؛ لقد َ
أدركتُ ِمقدار التَعّنيف؛ الذي ي َ س ّ
أح َ
وف تُعتَبَر ُمذ ِنبًا ،وتُها َجم ؛ ألج ِل ذلك.
س َ فعلت ،ومهما حد َ
ث؛ ف َ َ مهما
سها باالسم المستعار "السيدة المرتدة" Sayeda سمي نَف َ توجد إمرأة أخرى على تويتر؛ ت ُ َّ
أن أ ُ َمها َكانَت تمارس عليها سيطرةٍ سا ِديَّةٍ؛ منذ سن الثالثة أو كيف َّ
َ ؛ َ Murtadaر َوت لي؛
عضَّاضتها فلَ ْم تتوقف ،فوضعت لها الفلفل الرابعة؛ حاولت أ ُ ُمها جعلَها تتوقف عن استعمال َ
فمها .لَ ْم تبا ِل بمقدار األلَ ْماألحمر الحار في فَ ِمها؛ وإذا َبكت َكانَت أ ُ ُمها ت ُ ْق ِح ُم ُخفَّها القذر في ِ
الهائل غير القابل للقياس الذي احتاجت إليقاعه بابنتها؛ طالما أنه سيُ َم ِ ّكنُها من التحكم فيها
والفوز في النهاية.
غرس تصاعدَ هذا العنف ِبنيَّة التح ُّكم؛ إلى أن أصبحت تُلقي عليها األشياء ،وتخنُقها ،وت َ ِ
سها في ضرب رأ َشعرها ،وت َ ِ ف د ًما ،و َكانَت تَص َف َعها ،وتُمسكها من ِ أظافرها في رقبتها؛ َحتّى تَ ِ
نز َ
صنادل ،والمالعق الخشبية .ذات يوم كسرت الشوبك (مرقاق العجين) وتضربها بال َّ
ِ الجدار،
ق ابنتها ،وانفجرت ضاحكةً: الخشبي على سا ِ
"هذه العاهرة ال تشعر بشيء" هذا ما قالت عن ابنتها "سيدة".
ضى ذلك رغبات أ ُ ِ ّمها الشيطانية، لو استسلمت "سيدة"؛ ِلتَ َح ُّكم أ ُ ِ ّمها بها -مثلما فعلت أختي -ألر َ
أكثر وحشيةً معنا. َ لك المقاومة؛ هي ما جعلت أ ُ َّمهاتنا َي ِ
ص ْرنَ لكنَّها -مثلي -؛ َ
قاو َمت ،و َكانَت تِ َ
لَقَد ُكنَّا الشيء الوحيد الذي يُم ِكن ُه َّن ممارسة السيطرة عليه؛ وقد فَش ِْلنَ في ذلك.
translationsproject.org
81
االكتئاب 1
بدون تمهيدُ ،ح ِ ّر ْرتُ من استعبا ِد أ ُ ّمي؛ لكي يُس َمح لي بالعودة إلى المدرسة الحكومية في
سبتمبر التالي؛ فَيو ًما ُك ْنتُ عبدتها ،وفي اليوم التالي أَص َبحت ِتلميذة ً في المدرسة الثانوية .لَ ْم
كثيرا في البداية .ما أتَذَ َّكره على نحو رئيس عن تلك الفترة؛ هو أَنّي ُك ْنتُ أحس ً يؤ ِث ّر هذا ف َّ
ي
نفسي خاويةً.
طلي الذي الحظ أَنّي ُمكتئبة؛ َكانَ صديقًا للعائلة .أعتقد أن األمر َكانَ بعد سنوات علمتُ أن بَ َ
بديهيًّا -إن لَ ْم َي ُك ْن واض ًحا مباشرة ً -للذين َكانَوا األقرب اليَ .كانَ لَدَيه بنتان في حوالي نفس
سلطات؛ بزواج أ ُ ّمي التعددي غير القانوني إذا لَ ْم ُخبر ال ُ سني ،و َكانَ قد رآنا نكبر معا؛ َهدَدَّ ْ
أن ي َ
سبَبَّ ذلك في قَطع يسمحوا لي بالذهاب الى المدرسة؛ حدثت مشكلة كبيرة بسبب ذلك ،وت َ
ي الصداقة التي دامت لعقو ٍد بين عائلتينا .إلى اليوم ال أدري ِل َم فعل ذلك ألجلي؛ فهو لَ ْم يتحدث إل َّ
صل بين الرجال ،والنِساءَ .كانَت نادرا ما ُك ْنتُ قد تحدثتُ إليه؛ إ ْذ َكانَ دائما يُف َ
قط عن األمر؛ بل ً
أ ُ ّمي ُمتَح ِيّرة ً مثلما ُك ْنتُ ،وقد عب ََّرت عن هذا بنفس طريق ِتها الحاقدة؛ السامة؛ المعتادة لها؛
43
ي أح ٍد بأمرك؟ ِل َم قد يتخلى أحدهم عن صداق ٍة بريِب ٍة ؛ وقالت" :لماذا يهتم أ ُّ نظرت لي ِ
ألج ِل ِك؟"
سها أنها مهددة في أم ِنها -مرة ً أخرى بسببي ،-أعطاها سببًا إضافيًا لتكرهني. أن إحسا َيبدو َّ
ُك ْنتُ [في نظرها؟ لعنةً غير عادية في حياتها ،والتي هي السبب الالنهائي لألذى ،والصدمات
لها .لَ ْم تُدرك ،أو تقبل قط االعتراف بدورها في تَسبُّب هذه المواقف لنفسِها؛ وهكذا -في ظل
س ِم َح لي بالعودة الى المدرسة الحكومية في سبتمبر. التهديد بالعواقب القانونية -؛ ُ
يَ .كانَ َكانَت تلك السنة -سنتي الدراسية العاشرة [تعادل األولى الثانوية؟ -سنةً قاسيةً عل َّ
الظالم يُخ ِيّم على نَفسي من ُك ّل ا ِت ّجاه .صارت عندي صديقةً؛ اس ُمها آمبر ،و ُك ْنتُ أنا ،وإيّاها
نمشي ُمتهادِيتين معًا ،ونحن نغني أغاني إنيا ،أو سينياد أوكونور ،ونَضيع في عالَم الروايات
الرومانسية؛ التاريخيةَ .ل ْم أ َ ُك ْن في الحقيقة استمتع بالموسيقى ،أو الكتب؛ ُك ْنتُ فقط أت َبعُها في ُك ّل
ط ِلقَما تريد القيام به؛ أيًّا ما َكانَ .لَ ْم تَ ُك ْن لي رغبات أو تفضيالت شخصية؛ ربما كانَ قد أ ُ ْ
سراحي من السجن جسديًّا؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ ال أزال سجينةً داخل عقلي .لَ ْم يَ ُك ْن هناك جدوى في أن
ي شيء. ي شيء؛ ألَنّي لن أحصل عليه أبدًا في ُك ّل الحاالت ،ولذلك َكانَ األسهل َّأال أريدَ أ ّ
أريد أ ّ
ّ 43
الريبة :الشك
translationsproject.org
82
مرت سنتان منذ أن خانني ذلك القاضي ،ولَ ْم أفكر َحتّى في إمكانية أن أشفَى من حالتي النفسية
وف أُزَ َّوج َ
لر ُج ٍل غريب، س َفرغة ،وأَنّي يو ًما ما َ ي وقت .قبلت فقط حياتي الجديدة ال ُم َ في أ ّ
ُ
وف يصير لَدَينا أطفال أعلمهم الصالة َ؛ كي َيتَجنَّبوا االحتراقَ في الجحيم.
س َو َ
في ذلك الصيف؛ الذي بين الصفين الدراسيين العاشر ،والحادي عشر 44؛ تناولتُ َحفنةً من
ي بؤسي؛ ُك ْنتُ حقًّا خائفة من أَنّي قد أموت بالفعل؛ َّ حبوب تايلينول 45؛ ِآملةً ْ ُ
ألن االنتحار أن أ ْن ِه َ
مباشر الى َجهنم؛ لذلك فكرت في أن أتناول أكثر من الالزم "من غير قصد" .ل َّ
كن هللا ٌ ٌ
طريق
كرهتُ يعرف ما تفكر فيه ،ومن ث َ َّم فهو يعرف أَنّي أردت تناول الحبوب؛ ُك ْنتُ ضائعة وعالقة؛ ِ
حياتي؛ لكنّي لَ ْم أستطع إنهائهاُ .ك ّل الطرق تؤدي إلى الجحيم؛ سواء هنا على األرض أو في
اآلخرة .لَ ِكنّي تناولت الحبوب في النهاية .إذا أراد هللا لي الحياة فَسأحيا؛ سأتركُ األمر له.
وجدت ُكراسةً قديمةً ،وقد تَبَقَّت بها بضع صفحات ،وبدأت أكتب .كتبت ُك ّل الطرق المحتملة
و ُك ّل الحواجز التي تعيقني .في النهاية وبعد أن فحصت مأزقي من ُك ّل الزوايا أدركت أن
المخرج الوحيد من هذا هو أن أت َ َح َّمل السنوات القليلة المتبقيةَ .كانَ سن البلوغ يبدو لي بعيدًا لكنه
َكانَ الضوء الوحيد في نهاية هذا النفق ال ُمظلم.
بدال من تَخيُل نفسي أطعن ُمنير ،وأُريق د َمه ،صرت وصرت؛ َكي أُهد ِهد نفسي َحتّى أنامً ،
وف يكون لي يو ًما من األيّامُ .ك ْنتُ أتخيل نفسي داخلةً من
س َأُجبر نفسي على تَخيُّل المنزل الذي َ
الباب األمامي ،و َكانَت هناك سالل ٌم على اليمين؛ تقود الى األعلى ،وغرفةُ معيش ٍة إلى اليسار.
ظر إلى غرفة المعيشة؛ رأيتُ ظهر األريكة ،والتلفاز أمامي؛ تَخيَّلت نفسي؛ عندما استدرتُ ِألن ُ
على أَنّي سأجلس دائ ًما على تلك األريكة ،و آكل الفشار ،أو المثلجات ،و ُك ْنتُ أتخيل نفسي أقف،
ز
الثانويي. ز ز ز 44
والثان الصفي األول العرن
ر يعادالن عىل األرجح ف بعض دول العالم
ز ً
نشته الطبية :إذا تناول المريض جرعة زائدة يتعرض لتسمم كبدي خطت وقد يكون مميتا ف بعض األحيان. ز
45دواء مسكن وخافض للحرارة ،ف ر
translationsproject.org
83
وأذهب الى المطبخ؛ أحيانًا ُك ْنتُ أذهب إلى غرفة النوم ،وأُزينها بنفس الطريقة ُك ّل ليلةٍ ،وأُضيف
بطانية؛ َكانَت هنالك نافذة ً ناتئة؛ بارزة إلى الخارج [نوع من الشرفات؟ في وسائد جميلة ،وأضع َّ
ضوء الشمس؛ ال ُملقي بتألقه على غرفتي؛ ُك ْنتُ غرف ِة نومي ،حيث ُك ْنتُ أجلس ،وأقرأ كتابًا في َ
ت األطفال ،وهم يلعبون في الشارع في األسفل. ع أصوا ِ
أستطيع سما َ
translationsproject.org
84
46
تيفرز
ي آمال .افترضتُ َّ
أن السعادة َ؛ شي ٌء عندما بدأ الصف الدراسي الحادي عشر َل ْم ت َ ُك ْن َلدَي أ ّ
يشعر به األشخاص اآلخرون ،وق ِبلت قَدَري فقط :هذا ما قَدَّره هللاُ لي.
أن قَ َب ً
سا من النار ال َكانَت تلك السنة التي تعرفت فيها على تيفاني .ساعدتني على اكتشاف َّ
وأخرجتني من
َ بحماس على تلك الشرارات الصغيرة، ٍ س َكبت َ
الوقود زا َل يَتَّقد داخلي؛ لقد َ
غرقَ لوحةَ مفاتيح كمبيوتري أن أ ُ ِ
الرمادي؛ ال أستطيع أن أكتب عن تيفاني؛ دونَ ْ اكتئابي َ
بدموعي؛ فَقدتُها منذ بضعِ سنوات ،و لن أكونَ كما ُك ْنتُ ؛ من بعدِها.
لحدَة منذ سنوات؛ قب َل وقت فقداني إياها ،فعند فقدان تيفاني َكانَت رغم أَنّي ُك ْنتُ قد صرت ُم ِ
المرة األولى منذ تركت اإلسالم التي تمنيت فيها لو أَنّي ُك ْنتُ ال أزال أُؤمن بالجنَّة؛ ألخَفف ْ
من
وفس َ وأن هنالك َجنةً ،وأَنّي َ
أن هذا صحيحَّ ، ت قليل ُك ْنتُ أتَخيَّل ََّوطأة األمر؛ على نَفسي؛ لوق ٍ
أرى تيفرز مرة ً أخرى حقًّا؛ لكن هذا ال يجوز في اإلسالم في ُك ّل الحاالت؛ كنا لنحترقَ معًا في
أردتُ اإليمان بالجن ِة؛ كما يتصورها المسيحيون ،لكنّي بقَدر ما الجحيم [بحسب عقيدة اإلسالم؟َ .
تحس باإلحباط أعرف أنَّها ُكلّها أكاذيب؛ تُش ِعرنا باالرتياح؛ َكانَت تيفاني لَ ِ
أردتُ اإليمانَ ؛ ُك ْنتُ ِ
بسببي؛ َكانَت لَتعود فقط كي يطاردُني شَب ُحها ،وكي تُخبرني؛ أَنّي أتصرف بغباء.
ومعن تيفرز ر
ز تدليل تيف زان،
ز 46
الثمي الذي ال يدرك الناس العاديون قيمته. السء
translationsproject.org
85
بعض الشيء؛ أال تظنين؟"
َ غريب
ٌ "هذا
"نعم أعتقد ذلك".
ي رو ًحا؛ َكانَت قد تَضا َءلت؛ َحتّى كادت تصير ال ي؛ أيق َ
ظ ْ
ت ف َّ ت عينَ َّت حياتي ،وفَتَ َح ْ غي ََّر ْ
إلمرأةٍ ضعيف ٍة جسديًّا؛ َكانَت تيفاني َ شيءَ .كانَت أقوى إمرأة سارت على هذا الكوكب بالنسبة
ي ٍ في القلبَ .كانَت ُك ّل سنة تعيشها معجزة؛ تترك األطباء في َحيرةٍ النهائي ٍة ض خَلق ّتُعاني من مر ٍ
بعض
َ ضا
وكذلك أي ً
َ نحن االثنتين، ُ أمرهم؛ َل ِكنّها لَ ْم تَ ُك ْن خَائِفةً؛ َكانَت لَدَيها شَجاعة تَكفينامن ِ
لحم
سندويتش َ
َ س ْلمان ُرشدي؛ الذي أكل وهو صغير األُخريات غيري .أتَذَ َّكر أنّي قرأت عن َ
َ
أن اإلسالم ُمجرد أكاذيب. ي شيءٍ سيء؛ استنتج َّ سرا؛ ثم عندما اكتشف أنَّه لَ ْم يحد ُث له أ َّ خنزير ًّ
ٍ
شجاعا حقًّا في قيامه بهذا وحدَهُ! لكن َحتّى مع القوة التي ُك ْنتُ اكتسبها من تيفاني -وهي َكانَ ُ
ق شديدٍ.تدفعني إلى القيام بأشياء مماثلة-؛ ُك ْنتُ ال أزا ُل متشَربةً بالتعاليم الدّيْنية؛ بعُم ٍ
بدال من اليمنى ،ثمأوال؛ ً "ما رأيك لو تُجربي هذه المرة فقط؛ دخول الحمام بسا ِقك اليسرى ً
ي شيء". فلنر ما إذا سيحدث أ ّ
تخرجين بساقك اليمنى؟ َ
"ال ؛ال أستطيع .أنت ال تفهمين[ "...أقول لنفسي:؟ لهذا َكانَ ِمنَ األفضل؛ َّأال أخبر الناس عن
ي اآلنَ أن أتعامل مع هذا الضغط. حياتي .صار ِلزا ًما عل َّ
"حسنًا ،أطيعي ِني فقط".
ي شيءٍ عن "أوه ،يا إلهي؛ ال .أنا خائفةً للغاية" .تمنيت لو أَنّي َكذبت عليها ،ولَ ْم أُخبرها أ َّ
حياتي.
ليس صعبًا". ضا؛ فقط أُدخلي الحمام الملعون يا ياسمين .هذا َ ي ِ أدعي ٍة أي ً"و ال تُتم ِتمي بأ ّ
نصف مازح ٍة فقط؛ لقد علَّموني َّ
أن َ سني الشيطان ،وسيكون هذا بسببك ُكلّيًا" .تَذ َّمرتُ وف يَلب َ
س َ " َ
وف َُ تلبسهم
س َ الناس الذين يدخلون الحمام بالقدم الخطأ ،أو دون أن يَتلوا الدعا َء القصيرَ ،
الشياطين الذين يعيشون في الحمام.
لك َممسوسةً؟ أتعتقدين َّ
أن ُك َّل هؤالء الناس َوطت في حياتي؟ هل أبدو ِ "هل تدرين كم مرة تَغ ُّ
قصيرا قب َل دخول الحمام بأقدامهم اليسرى؛ ممسوسون؟" ً الذين ال َيتلون دعا ًء
إنكار أنَّها قدَّمت حجةً قويةً.َ "ال أدري" .قلت لها؛ لكنّي ما استطعتُ
translationsproject.org
86
أوال؛ خائفةً للغاية ،وقلبي َيخ ِفق كالطبل .انتهيت من األمر
بحذر؛ بقدَمي اليُمنى ً
ٍ دخلتُ الحم َ
ام
بأسرع ما يمكن ،وخرجت َجريًا في النهاية؛ الهثةً بصو ٍ
ت عا ٍل.
"هل أنت ممسوسةً اآلن؟"
"ال".
"حسنًا ،فلنذهب لتناول بعض الغداء".
ٌ
صديق للعائلة فقط". "ال...ال؛ هو
"صديق للعائلة؛ تُمارس معه الجنس".
"ال .ال ...هو متزوج".
صل على شيءٍ أن تسم َح ِل َر ُج ٍل؛ أن يفع َل هذا بأطفا ِلها؛ إال إذا َكانَت تح ُ "ال يمكن المرأةٍ ْ
بالمقابل".
األمر ليس كذلك". ُ "ال يا تي ِفرز؛ صدقيني؛
أن أ ُ ّمي ُمخربة بيوت ،وال َم َّرة؛ ُك ْنتُ حقًّا أصدّق
لَ ْم أدرك كم َكانَ األمر واض ًحا .لَ ْم أشكُ َقط؛ َّ
ُك ّل األكاذيب التي َكانَت تخبرني بها.
األمر سنواتٍ؛ َحتّى تُثمر في النهاية.
ُ بذورا تطلَّب
ً ُذور الشك؛ يب َ
لكن تيفاني؛ زرعت فِ ََّّ
عرفي على تيفاني؛ تراخَت صالبةَ اإلسمنت؛ َحتّى صرت أستطيع بعدَ حوالي سنةً من ت َ ُّ
تحريك أصابع قدمي َعبره؛ َكانَت تيفاني َحبل النجاة بالنسبة لي؛ ُك ْنتُ أستمدُّ القوة ،والشجاعة
منها؛ لكن لَ ْم أ َ ُك ْن قد صرتُ قادرة ً بعد ُ؛ على السير بمفردي.
87
ي حيوان آخرَ ،كانَت تعطي ُك ّل األنواع من الحيوانات السواء؛ ال يعودان كافيين الستيعاب أ ّ
المنبوذة ،والضعيفة -مما تساعده -لعائلتها ،وأصدقائهاَ .كانَ لَدَيها العاطفة ،والشغف ،والصبر،
والقدرة على إعادة تأهيل الحيوانات التي أُسيئت معاملتها ،وأ ُ ْه ِملَ ْ
ت .و َلعلّي ُك ْنتُ أول الحاالت
التي تعاملت معها.
صف الدراسي الثاني عشر-آخر سنوات المدرسة الثانوية -سنةٌ اختَلَطت فيها مشاعري. َكانَ ال َّ
ُك ْنتُ أعلم أنَّها َكانَت آخر فرصة في أن يكون لي عالقة هشة بالواقع .لقد علمتُ أنه حالما تنتهي
كثيرا أَنّي حالما أنتهي
ً وف أُزَ َّو ُج ،وهو تهديد َكانَ يَلُو ُح ل ي دائ ًما .أخبرتني أ ُ ّمي
س َ
المدرسة ف َ
وف تتخلص مني .عرضت علي س َمن المدرسة وأبتعد عن براثن (ودعم) أصدقائي الكفار فإنها َ
تيفاني أن تسمح لي باالنتقال معها إلى بيتهاَ .كانَ لدى أسرتها منزل ضخم من ثالثة طوابق به
عرضهاُ .ك ْنتُ متأكدة أنَّها َكانَت مجرد لفتةِ أستط ْع قبو َل
ِ مسبح ويطل على المحيط .لَ ِكنّي لَ ْم
لتعيش معه في منزله .حاولت االستمتاع بسنتي َ مهذبة .ما َكانَ أحد ِليريدَ حقًّا هذه القمامةَ
األخيرة بأقصى قدر أستطيعه ،فقد علمتُ أنَّها آخر سنة لي أتذوق فيها طعم الحرية.
في تلك السنة قدِم خالي (أو عمي) الحقيقي لزيارتنا من نيويورك ،وأقنع أ ُ ّمي بأن تغادر القبو.
لقد عاتَبها على تربيتها أطفالها في مثل هذه الظروف .لقد ساعدنا على حزم أغراضنا ،وانتقلنا
أخيرا.
ً
كثيرا ما َكانَت أ ُ ّمي تتذمر من تكاليف ُك ّل عناصر المعيشة ،وته ِدد ُنا بالعودةِ بنا إلى القبو. ً
تمك ْنتُ في النهاية من إقناعها؛ أن تسم َح لي بالعمل -ك ُمتلقي ٍة لمكالمات الطلبات -في محل للبيتزا
بقرش واحد لنفسيُ .ك ْنتُ سعيدة ً ٍ ؛كي أساعد في النفقاتُ .ك ْنتُ أعطيها ُك َّل أجري ،ولَ ْم أحتفظ قَط
أجر يمكن أن أحصل عليه؛ وطالما َكانَ ذلك أكبر ٍ َ بخروجي من قَبو ذلك المنزل ،و َكانَ ذلك
يساعد في عدم العودة أبدًا للعيش في قبو الرعب ،فإني ُك ْنتُ سعيدة ً بالمساعدة في ذلك.
ت
حجر من المدرسة ،ويبعُد حوالي( 15دقيقة)عن بي ِ
ٍ َكانَ المنزل الذي أ َّج ْرناه على َمرمى
تيفاني؛ ومن ث َ َّم ُك ْنتُ أنا ،وتيفرز نسير معًا ُمنتصف المسافة إلى المنزل؛ ثم ننفصل كي تسير
ُك ٍّل منا باقي طريقها إلى منز ِلها .أخبرتني في إحدى مرات ِ
سيرنا؛ بأنَّها سمعت كلمات أغنية
translationsproject.org
88
أن تُؤذي مشاعري ،لكنَّها في النهاية قالتها. ذ َّكرتها بي؛ َكانَت ُمترددة في إخباري؛ ِلخوفها ِم ْن ْ
47
َكانَت جملةً من أغنية ِلبيتي ميدلر بعنوان "الوردة":
تخاف الموت؛ ال تتعلَّم الحياة". ُ "الروح التي
بإيجاز .نخاف ك ُم ْس ِلمين على
ٍ حسنًا ،هذا َكانَ يَصفُ ِني -إن لَ ْم يَ ُك ْن وصفًا ل ُك ّل ُم ْس ِل ٍم ،و ُم ْس ِلمة-
ار ،واليهودَ ،والشيطانَ والكبائر ،والكفَّ َ
َ والجحيم ،واللعنةَ،َ نح ٍو ال نهايةَ له؛ يخاف ال ُم ْس ِلمون هللاَ،
إن هذه المخاوف ال تنتهيَ .كانَ هنالك خوف ينتشر في ب) .يا للهول! َّ ِين (الحسا ِ
،ويوم ا ِلد ِ
َ
أن ً
ي شيء ،ويجعلني خائفة للغاية من ْ أفكاري كالسرطان ِطوال الوقت ،ويمنعني من عمل أ ّ
أتحرك.
وف تبدأ الحياة َ
س َ وما كنا لنتعلم كيف نعيش ألن ذلك لَ ْم َي ُك ْن الهدف؛ َكانَ الهدف أن تموت؛ حينها َ
[في الحياة األخرى؟ ،فما هذه الحياة إال امتحان؛ إنَّها وه ٌم ،و َمتاع الغ َُرور؛ ال شيء يهم؛ فالحياة
الحقيقية المهمة تأتي الحقًا.
47
"BetteُMidler’sُsongُ"TheُRose
translationsproject.org
89
منبوذة
بينما يتحدث بقية المتخرجين من الثانوية عن الذهاب إلى الجامعة ،أو اتخاذ سنة استراحة،
أجبتهم عن ُك ّل أسئلتهم عن خططي الخاصة ؛ بعبارة "ال أعرف" ،وذلك ألَنّي لَ ْم أعرف حقًّا .لَ ْم
أعرف ما تخططه لي أ ُ ّمي .لَ ْم تبلغني ،أو تشاورني ،أو تسألني عن رأيي يو ًما؛ فبالطبع لَ ْم َي ُك ْن
ي مسألة ،على كل حال. لي رأي؛ في أ ّ
أن هذه ستكون نهاية حياتي ،ولَ ْن تكون لي فرصةً أخرى أبدًا للحياة؛ إذا ُك ْنتُ خائفةً للغاية من َّ
ف لي شَعري ،ثم لَ ْم أقتَنصها اآلن .سألتني صديقة ما إذا َكانَ يُمكنها أن تضع لي َمكيا ًجا ،وتص ِف َّ
طت يُ .ك ْنتُ مرعوبةً؛ لَ ِكنّي وافقت؛ ضبَّ َ وف َيتَ َّ
عرفون عل َّ س َنجلب أصدقاءنا ،ونرى ما إذا َكانوا َ
هيئتي ثم نادت أصدقاءنا؛ َكانَ من بينهم ولد ٌ ُك ْنتُ ُمعجبةً به ،لكن ما الجدوى من إعجابي بولدٍ؟
وكسر للقلب .ومن ث َ َّم لَ ْم أسمحٍ ق مسدود ،إلى بركة من الدموع، سينتهي بي األمر إلى طري ٍ
لنفسي؛ َحتّى باالستمتاع (أو بقبول)إعجابي الساذج به؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ أراقب ردة فعله باهتمام؛ َكانَ
يتصرف بال مباالة أمام أصدقائه؛ لكنّه أخذ يعاملني بطريقة مختلفة بعد ذلكَ .كانَ يبتدع الطرق؛
ضا ،وذات مرة ِكدنا نُق ِبّل بعضنا في سيارته؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ خائفة للغاية من كي ننفرد ببعضنا بع ً
ي
ب أبد ّ أسمح لهذا بالحدوث .ما الجدوى؟ السنة الدراسية قاربت على االنتهاءِ .ل َم أخاطر بعذا ٍ
في جهنم؛ ألجل خلي ٍل أقضي معه فقط بضعة أيّام؟
أن تأتي ليأردت الذهاب إلى حفلة تخرج الثانوية بشدة ،و ُك ْنتُ قد خططتُ في الحقيقة؛ ْ
طحبني؛ لكن في الليلة التي سبقت الحفلة ذهبت عائلتي إلى بيت أسرة صديقةً بالسيارة ،وتَص َ
صديقة لنا في مدينة مجاورة ،وبِتنا عندهم ليلتين؛ مبيتًا ُمرت َ َج ًال .كم َكانَ ذلك ُمحط ًما لقلبي؛ لقد
حرمتني أ ُ ّمي من فرصتي في أن يكون لي نهاية سعيدة لفترة حياتي ،مع أصدقائي.
ت جامعية منذ ذلك الوقت ،وفاتتني ُك ّل حفلة من حفالت تخرجها ث شهادا ٍحصلتُ على ثال ِ
ضا .ما الفائدة من الوقوف على المنصة؛ الستالم الشهادة إذا لَ ْم َي ُك ْن هناك أحد بين الحضور
أي ً
يهتم ألمرك ،ويصفق لك ،ويلتقط لك الصور ،ويجلب لك الورود ،و يُهنئك؟ َكانَ ذلك ليكون
ي ٍ من حفالت توزيعمؤلم لي؛ بأَنّي وحيدة في العالَ ْم ،ولذلك لَ ْم أذهب قط إلى أ ّ
ٍ مجرد تذكير
شهاداتي.
translationsproject.org
90
أوروبا ،وذهبتُ أنا مع عائلتيبعد التخرج من المدرسة الثانوية؛ ذَ َهبَت تيفاني إلى أفريقيا؛ ثم ُ
صر ظل الجميع يسألونني عن خططي للمستقبل؛ تما ًما صر؛ للمرة الثانية في حياتي .في ِم ْالى ِم ْ
مثل أصدقاء المدرسة الثانوية الذين تركتهم في كندا ،و ُك ْنتُ كذلك أجيب بأَنّي ال أعرف.
translationsproject.org
91
ع ّم صيَّاد ِج ّن؛ شَبيه سام ،ودين وينشستر في مسلسل "سوبرناتشورال"َ .كانَ الناس لي َ
ي ،أو َكانَ لَدَيهم طفل يتصرف بطريقة غريبة، أن بيتَهم يسكنُه جن ٌّ يَتواصلونَ َمعَهُ؛ ُكلّما اعتقدوا َّ
الج َّن في ُك ِّل أو إذا لَ ْم تتمكن إمرأة من الحمل -ل ُك ّل األسباب ال ُمختَلفةَ .-كانَ لَدَيهم اعتقاد جاد َّ
أن ِ
ضهم يُس ِبّبون الخَراب ،ويثيرون وأن بع َأرواح تعيش معنا؛ َّ رالج ُّن في القرآن على أنَّهم َ مكان .ذُ ِك ِ
ضهم في الحب مع البشر، يتجول البعض اآلخر فقط؛ يقع بع ُ َّ المشاكل ،والمتاعب؛ بينما
ست إحدى صدات بهم) .أح َّ الحقات؛ ال ُمتر ّ بهن (أو كال ُم ِ فيتصرفون كال ُمالحقين؛ ال ُمترصدين َّ
َيور
ي الغ َ استحوذَ على ابن ِتها؛ بحيث َكانَ يُعيق َحملَها من زوجها؛ َّ
ألن الجن َّ َ َّ
الجن قد النِساء َّ
أن
َكانَ يُحبها!
أشخاص بالغون ،ومتعلمون؛ َكانَوا ناجحين في حيواتهم ،وبكامل أه ِليَّتهم العقلية؛ لكنَّهم ٌ هؤالء
َكانَوا يؤمنون بهذا؛ بنفس القوة التي أعتقد بها أنا ،وأنت أنَّنا نحتا ُج األوكسجين كي نعيش؛ لقد
والرقَى الشرعيَّة،
ُ الج ّن،
تشكيك فيهاَ .كانَ تَلبُّس ِ َ نقاش ،أو
َ َكانَ هذا [في اعتقادهم؟ حقيقةً؛ ال
تشرعُ في الحديث عن حكايتك نتشرا هناك مثل عدوى البرد المنتشرة .حالما َ وطرد الشياطين ُم ً
الج ّن؛ تجد الجميع لَدَيه عالج لك.
مع ِ
أن ِجنًّا َكانَ يس ُكنها".
"هذا صحيح .جدتي عانت من هذه المشكلة مرة .وتبيَّنَ َّ
أن المشكلة فيهم هم. ط ْر على بالي قط ؛ َّ أن خَطبًا ما يعتريني .لَ ْم يخ ُأشعر َّ
ُ ُك ْنتُ بين أولئك الناس
أن البالغين قد يقولون ،أو يفعلون ،أو يؤمنون لكن ُك ّل ذلك بدأ يتغير؛ فَبدأت أفهم تدريجيًّا؛ َّ
بأشياء غبية.
َكانَ َ
ع ِ ّمي يأكل قطعة شيكوالتة يو ًما ما وقال:
"أتساءل ما هذه األشياء المقر َمشة التي بداخل الشيكوالتة؟"
48
األرز المنفوش".
أجبته" :إنه ُ
فصاح ضاح ًكا" :ماذا؟"
قرمش .هل لَدَيكم يا قوم؛ حبوب فطور أرز
"أرز كريسبيز" ال ُم ِ األرز المنفوش؛ مثل ُ ُ "إنه
صر؟"كريسبيز في ِم ْ
ز ُ
نحو شائع ف المأكوالت التقليدية لجنوب ررسق آسيا األرز المنفوخ أو المقرمش أو المفرقع ُيصنع من حبوب األرز المنفوخة الن ت
48
تناول عىل ٍ ز ز ًّ ُ
تجاريا ف الغرب منذ عام 1904وهو مشهور ف حبوب اإلفطار واألطعمة الخفيفة األخرى .تشمل الطرق ورسق آسيا وجنوب آسيا .كما تنتج ر
ز ز
عال ف وجود
الغرن عن طريق تسخي حبات األرز تحت ضغط ٍ ر التقليدية لنفش األرز أو فقعه القىل بالزيت .عادة ما يصنع األرز المنفوش التجاري
َ
كحشوات ألطعمة أخرى.
ٍ البخار ،ورغم اختالف طريقة التصنيع عىل نطاق واسع ،فإنه يؤكل إما كحبوب سائبة أو ُيحول إىل كعك أرز منتفخ أو
translationsproject.org
92
ضا بداخلها؟"
خضارا ،ودجا ًجا مشويًا أي ً
ً أرز؟ لعلي إذن أجد قال مستهزئًا" :ما الذي تقولينه؟ ُ
َكانَ يضحك بشدة َحتّى أنَّه بالكاد استطاع أن يُكمل الشيكوالتة.
قلت له" :اقرأ المكونات".
"ال تكوني سخيفة".
قلت له مرة أخرى" :اقرأ المكونات".
أر ًّزا" .استمر في الضحك بينما تدور "ال تكوني غبية؛ ال أحتاج قراءة َ المكونات .أعلَ ْم أنَّه ليس ُ
عيناه ورمى غالف الشيكوالتة.
هي عقلية ال ُم ْس ِلمين باختصار :ال أحتاج أن أعلَ ْم الحقيقة؛ فأنا أعلَ ُمها مسبقًا .ال أحتاج لك َ تِ َ
َ
ي شيء آخر؛ ألنّي أعلم ُّ
قراءة المكونات ،وال أحتاج قراءة الكتب العلمية ،وال أحتاج تعل َم أ ّ
ي ِ شيءٍ . ظن أنَّك ت َ ْعلَ ُم؛ َحت ّى تَنتفي لَدَيك الرغبة في تعلُّ ِم أ ّ
مسبقًا .و ما أن ت ُ
ي مكانُ .ك ْنتُ أُبقيها في حقيب ٍةذات صباح عندما ذهبت ألرتدي مالبسي؛ َل ْم أجدها في أ ّ
مكان؛ فبدأت أسأل َمن حولي ،وفي النهاية وجدت الحقيبة ٍ زرقاء؛ لَ ِكنّي لَ ْم أجد الحقيبةَ في أ ّ
ي
ص َعداء؛ ألَنّي أستطيع اآلن ارتدا َء مالبسي؛ لَ ِكنّي ست ال ُ ث فيها أ ُ ّمي؛ تَنَف ّ في الغرفة التي تم ُك ُ
ي مما فيها يخصني. عندما فتحت الحقيبة؛ لَ ْم َي ُك ْن أ ٌّ
سألتُ أ ُ ّمي" :أينَ ُك ُّل أشيائي؟" ْ
"احتجتُ الحقيبةَ".
"حسنا؛ لكن أين ُك ّل مالبسي؟"
ي مالبس". "ليس لَدَ ِ
يك أ ّ
ي مالبسَ .كانَت ُكلّها في هذه الحقيبة!". "ماذا؟ بَلى ،لَدَ َّ
"لقد منحتُها ُكلّها أقار َب ِك".
"لَ ْماذا؟ كيف؟ وما الذي سأرتديه أنا؟"
ي ِ حال؛ أنت بدينةٌ جدًا، عليك؛ على أ ّ
ِ "تستطيعين شراء مالبس جديدةَ .كانَت ُكلّها تبدو قبيحةً
وقبيحة؛ يُحرجني أنَّك ابنتي".
وإحساس باإلهانة؛ والنقمة .بدأت ٍ ب ،وارتباك، عيناي بالدموع؛ َكانَت دموع غض ٍ َ امتألت
سبَّتني بأفظع الكالم إلسكاتي. أُجادلُها؛ لَ ِكنّها كالعادة َ
translationsproject.org
93
مجرد
َّ غو ُ
طتك .أنت ت جسمي؛ لقد ت َ َت سوى فضال ِ "لقد ت َ َبولت ُ ِك .هل تَسمعيني؟ أنت َبولي؛ لس ِ
ي التخلص منه .ال َيحق لك أن تُسائِليني .أن ِ
ت ال شيء". غائِط َكانَ عل َّ
أن تُعاملني كإنسانة؛ لكن َحتّى بالنسبة لها َكانَ هذا أدنى مستوى وصلت له ؛ لَ ْم ِ
أدر لَ ْم أعت َ ْد على ْ
كيفية رأب صدع ذلك.
صوتي ال ُمرتعش" :إذن سنذهب ألشتري مالبس جديدة تالئم مقاسي ب َ سألتُها وأنا بالكاد أغا ِل ُ
عندما نعود إلى كندا؟"
"نعم بالتأكيد؛ إن شاء هللا .واآلن أُغربي عن وجهي".
"وما الذي سألبَسه اليوم؟ أو على َمتن الطائرة غدًا؟"
اغربي عن وجهي". "ال َي ُهم ِني؛ قُلتُ ؛ ُ
translationsproject.org
94
ت شديد في البيت؛ شعرتُ باالستغراب؛ َّ
ألن الشمس في الصباحِ التالي؛ استيقظتُ على صم ٍ
َكانَت قد أشرقت .قلتُ في نَفسي" :يا إلهي! هل فاتَتنا الطائرة؟ َكانَ علينا المغادرة إلى المطار
منذ ساعات!
َخفَق قلبي بينما أسرعت بحث ًا عن أ ُ ّمي؛ لَ ْم أجدها ،ولَ ْم أجد الحقائب .اختفت أختي أي ً
ضا ،وكذلك
أخي .ما الذي يحدث؟
95
االكتئاب 2
ظلمة التي عشتُها َكانَت أشد على نح ٍو خاص .في لكن هذه ال ُي؛ َّلَ ْم يَ ُك ْن االكتئاب جديدًا عل َّ
سبب أستيقظ ألجله في الصباح؛ سوا ُء التباع أ ُ ّمي أينما تمضي في المدرسة ٌ السابق َكانَ لَدَي
ب بنفسي إلى المدرسة [اإلعدادية /الثانوية؟َ .كانَ يجب علي أن أكون في اإلسالمية ،أو للذَها ِ
الفراش ألجله ،ولذلك لَ ِزمت
َ صر لَ ْم َي ُك ْن لَدَي ما أغادر
م َكانَ ما أفعل شيئًا ما؛ لكن هنا في ِم ْ
الفراش.
تركتني أ ُ ّمي في رعاية أخ ِتها التوأمَ .كانَ من الصعب تحديد أيّ ُهن تستحق وصف التوأم الشريرة،
الشر ،والتالعب.فكالهما َكانَت متساويتين في ِ ّ
قارب
ُ الشهر في النوم؛ ُكنَّا نَرقُب الساعة الحائطية ،وعندما ت ُ
ِ في كنداَ ،كانَت أ ُ ّمي تَقضي كام َل
الشمس على الغروب؛ نُعدُّ لعشائِنا باكتة 50؛من مستر نودلز [أندومي؟ ،أو كرافت دِينَر [مكرونة ُ
سريعة التحضير بالجبن؟َ .كانَ العيد رتيبًا على نح ٍو مماثل في كندا .لَ ْم تَ ُك ْن هنالك والئم مع
96
صر؛ يتداولون صرَ .كانَت العائالت ،والجيران في ِم ْالعائلة ،أو األصدقاء؛ كالتي يقيمونَها في ِم ْ
ضطروا للطهي يوميًّا؛ فكنا في أغلب أي ِّام الشهرضا؛ كي ال يَ َّ طبخ األطعمة لبعضهم بع ً على َ
إفطار ضخمة.ٍ نذهب الى منزل أحدهم لتناول وليمةَ
ُ
تدريب األمة على الحرب ،وظرو ِفها .إذا استطعت أن ُ السبب الحقيقي هو؛
َ علمت الحقًا؛ َّ
أن
ً
جاهزا؛ وف تصير ُم َعدًّا
س َأكثر كفاءة ً بكثير؛ َ
َ ً
كامال دونَ طعام ،فَستُص ِبح ُجنديًا نهارا
ً تقضي
لتح ُّمل شدائد الحرب ،وظروفها القاسية؛ عندما يأتي الوقت الذي تُدعى فيه للقتال؛ ْ
من أجل
إرساء الخالفة .لهذا حدثت معظم المعارك [اإلسالمية؟ في رمضان؛ هذا مقنع أكثر بكثير. ِ
َكانَت لَدَي شرفة في غرفتي و َكانَت ُمتنفسي الوحيد؛ ُك ْنتُ أجلس هناك أشاهد حركة السيارات
ي ،أو الحارقة ،أو الرمال التي تدخل عين َّ ِ باألسفل؛ قدر ما أستطيع قبل أن تُعيدني الحرارة
الرائحة النتنة للصرف الصحي؛ إلى الفراش مرة أخرى .لَ ْم َي ُك ْن ُهنا ِلك إيميل آنذاك ،وال وسائ َل
ي طريق ٍة للتواصل؛ عبر المسافات البعيدةَ .حتّى يَ ،وال آيفون؛ لَ ْم تَ ُك ْن هنالك أ ّ
تواص ٍل اجتماع ّ
االتصاالت بعيدة المسافات؛ لَ ْم َي ُك ْن يمكن عملها من المنزل؛ إذ َكانَ عليك الذهاب الى م َكانَ
هاتف عمومي؛ تدفع له ُمس َبقًا؛ كي تدخ َل غرفةَ كابينة هاتف ،وتصرخ في ٌ [سنترال عمومي؟ به
سط ضجيج الهاتف؛ َحتّى يستطيع الشخص الذي على الجانب اآلخرُ -متَلقي المكالمة -سما َ
ع َك؛ َو َ
translationsproject.org
97
زحام الناس؛ المحيط بك .لَ ْم ت َ ُك ْن بالضبط أفضل وسيلة اتصال باألصدقاء في وطني كندا،
وأحسستُ بالعزلة التامة.
صا من األمل؛ عندما أخبرتني إحدى الجارات عن جهاز جديد اشترته يدعى لمحت بصي ً
الفاكس .صرت أستطيع أن أراسل تيفاني عبر الفاكس؛ ُك ْنتُ مبتهجةً؛ تحمست بجنون ،وأنا
أخيرا صلةً بالعالم الخارجي! ً أشاهد أحرف رسالتها تظهر ببطء من آلة الفاكس؛ لقد وجدتُ
ي شيء آخر أفعله .أخبرتني في رسائِلها عن كتبت لها رسائالً طوال الوقت؛ إذ لَ ْم َي ُك ْن لَدَي أ ّ
عبرها .أما أنا فلَ ْم تَ ُك ْن
مباشر َ
ٍ مغامراتِها حو َل العالَ ْم ،وصرتُ مرة ً أخرى أعيش على نح ٍو َ
غير
ي أخبار أحدثها عنها؛ ُك ْنتُ فقط أسألها عن مغامراتها ،وأخبرها عن مدى اشتياقي إليها ،و لَدَي أ ّ
كيف ال أطيق االنتظار لرؤيتها مرة ً أخرى.
اكتشَفت خالتي أننا نتحدث؛ فبدأت في حبسي في الشقة .على نحو واضح ،بالنسبة لَهم أن
ُ
نحترق جميعًا س
يتحدث ولد ٌ ،وبنت فهذا سيقود بالضرورة الى الجنس خارج إطار الزواج ،ثم َ
ي الشقة؛ كما لو ُك ْنتُ سجينةً في قلعةٍ ،أو سجن .في كندا تُصنَع في الجحيم ،ومن ث َ َّم أغلقت َ
عل َّ
صر يمكن أن تَحبس الناس داخل األبواب لمنع الغرباء من دخول المنازل ،لَ ِك َّن األبواب في ِم ْ
ضا.
المنازل أي ً
َكانَت أُخت أ ُ ّمي التوأم تمنَعُني من الوصول إلى الشيء الوحيد الذي يبقيني على قيد الحياة ،أ ّ
ي
ي َق َب ٍس إيجابي؛ ألم ٍل قد
إطفاء أ ّ
ِ جهاز الفاكسَ .كانَت لَدَيها نفس القدرة العجيبة -مثل أ ُ ّمي -على
أخاف أ ُ ّمي،
ُ َف منها كما يبدأ في اال ِت ّقاد بداخلي؛ كرهتُها؛ بنفس قدر كرهي أل ُ ّمي؛ لَ ِكنّي لَ ْم أخ ْ
ي تلك األفضلية. ولذلك َكانَت لَدَ َّ
translationsproject.org
98
أن من جملة أسباب كرهها الشديد لي؛ أَنّي أخبرتها أَنّي لَ ْن أتزوج ابنها أبدًا .ارتَعشتُ ، ش َككت َّ َ
شر وجهي باشمئزاز ،-وقلتُ لها أَنّي لَ ْن أتزوج أحد أقاربي من الدرجة ض ِحكتُ -بينما ُكنت أ َك ّ و َ
ت أ ّمي التوأم؛ لقد َكانَ عمليًّا أ ًخا لي! َكانَ ابنَها الوحيد ،ومنُ ُ
ابن أخ ِ
األولى أبدًا ،نا ِهيك عن ِ
وجه ِة نظرها (في مجتمع يشيع فيه زواج أقارب الدرجة األولى) ،فقد اعتبرت اشمئزازي من
سها؛ على أنَّه ُمو َّجه البنها المحبَّب لها على وجه التخصيص؛ فكيف أقدِر أنا؛ ومن أنا؛ الفكرة نف َ
أميرها الصغير؟ أرفض َ َ كي
في المرة التالية التي ذهبنا فيها الى بيت خالتي الصغرى للعشاء؛ رفضتُ العودة؛ ضربتني
ضتيها ال ُمغلقتين؛ -لقد َكانَ وزنها أكثر من(300رطل) [ 136كيلوغرام ؟ .-لَ ْم توأم أ ُ ّمي ب َقب َ
ً
حمال عبر الساللم؛ لتُلقي بي في أكتَرث لذلك ،ولَ ْم أ َ ُك ْن ألُغادر؛ إال إذا َكانَت مستعدة ْ
أن تَحملني
سيارة تاكسي .أنا لَ ْن أغادر.
هي في النهاية،ت َ بعدما أطلَقت ِعنان لسانها؛ بالسباب ،والشتائم ،والصراخ المتكرر؛ است َ ْسلَ َم ْ
طرت خالتي ايمان بتَحدِّي أختَها الكبرى ،ووفَّرت لي مكانًا في بيتها ،وكم ُك ْنتُ ت .خا َوغادَ َر ْ
ي أن أتشارك غرفةً مع ابنتيها، ممتنةً لذلك .لَ ْم تعد لي غرفتي الخاصة بي بعد اآلن؛ إذ صار َ
عل َّ
لَ ِكنّي لَ ْم أمانع ذلك؛ إذ مع خالتي الشريرة َكانَ لي غرفتي الخاصة بي؛ لَ ِكنّي لَ ْم أشعر إال
أكثر سعادةً؛ بالهروب َ ي خالتي الصغيرتين ،و ُك ْنتُ بالوحدةُ .ك ْنتُ سعيدة بتشارك الغرفة مع بنت َ ََّ
من تلك الحيزبون ال ُمستبدة.
translationsproject.org
99
العثور على موطئ قدمي
ألول مرة في حياتي غيرتُ قدري .نجحت في تغيير المسار الذي اتخذته حياتي .رغم ذلك ،لَ ْم
أدرك أهمية تلك اللحظة .لَ ْم يتسنى لي الوقت كي أتأمل ،وأميز أَنّي أصبحتُ أمتلك القدرة على
التحكم في حياتيُ .ك ْنتُ سعيدة؛ لكن َكانَ ُك ّل الفضل-باعتقادي -يعود هللُ .ك ْنتُ ممتنة ألنَّه سمح
بحدوث ذلك.
عمال كموظفة استقبال في شرك ٍة يملُكها ً اتصلت بابن الجيران ،و َكانَ عند وعدِه؛ إذ وجدَ لي
عملت مع إمرأةٍ أخرى ،و َكانَت تقوم بالعمل سار على ما يرام؛ ِ َ صديقه .الحمد هلل أن ُك َّل شيءٍ
تأهال حقيقيًّا؛ ُك ْنتُ فقط أُجيب على مكالمات الهاتف؛ ألثير ً الحقيقي ُكلَّه؛ ألنَّها َكانَت مؤهلة
وأجلس معهم في االجتماعات؛ َ إعجاب العمالء بلغتي اإلنچليزية المثالية؛ ُك ْنتُ ألتقي العمالء،
بإتقان تا ٍ ّم.
ٍ أن لدى شركتهم؛ موظفةٌ تتكلم اإلنچليزية دونَ داعٍ ؛إال كي يروا َّ
عملت هناك لبضعة أشهر ،وفي ذلك الوقت بدأت أتعافىَ .كانَت حياتي إلى ذلك الحين تبدو
لي؛ سلسلةً من الخيبات ،والصفعات العنيفةُ .ك ْنتُ كطفلة ُكلّما حاولت الوقوف على قدميها؛
ي مرة ً أخرى ،وأنا مراهقة ، يعيدونها إلى األرض ،وفي آخر األمر حاولت الوقوف على قدم َّ
وحدث نفس األمر .بعد ُك ّل ضربة ُك ْنتُ أحتاج وقتًا أق َّل؛ فأق َّل؛ كي أتعافى ،ثم ُه ِج ْرتُ ،وت ُ ِر ْكتُ
صر لسنة واحدة فقط؛ أصبحتُ أقوى. في ِم ْ
ثُرتُ لكرامتي ،وقررتُ ؛ أَنّي سئمت ركوب الحافلة يوميًّا إلى العمل ،والتعرض للتحرش من
قبل أعداد غفيرة من الرجال المقززين؛ في بلد مزدحم للغاية .ال تسلَ ْم منهم أ ّ
ي إمرأة تسير دون
كأن ُك ّل الرجال يمارسون
َر ُجل يصحبُها؛ مهما َكانَ سنها ،ومهما َكانَ جسدها مغطى .بدا األمر َّ
نفس السلوك المتشابه ،يتحرشون بالنِساء كأنَّه واجب وطني عليهم .تظهر الدراسات َّ
أن
ض ِه َّن للتحرش الجنسي. صر في االستبيانات أ ْبلَ ْغنَ بتعر ِ
( )%99.3من النِساء في ِم ْ
سيراَ .كانَت هنالك مدرسة دولية خاصة قريبةٌ قررت إيجاد عمل قريب أستطيع الذهاب إليه ً
مديرها ،وأخبرته أَنّي حصلت على الشهادة الثانوية فقطَ ،ل ِكنّي أريد
َ من بيت خالتي؛ ذهبت ألكلم
تدريس اإلنچليزية .حاول إقناعي بتدريس التالميذ في السنوات األعلى لَ ِكنّي رفضت ،وفضَّلت
translationsproject.org
100
أحب األطفال األصغر سنًّا ،وألَنّي َل ْم أَ ُك ْن واثقة في
ُ أدرس أطفال الروضة ،ألَنّي ُك ْنتُأن ّ
قدراتي التعليمية -التي َكانَت ال وجود لها آنذاك .-النَ في نهاية األمر؛ لكن بشرط ؛أن أقب َل ً
أجرا
صل على( 100دوالر) شهريًّا مقابل التدريس لدوام كامل .و ُك ْنتُ سعيدة. أقلُ .ك ْنتُ أح ُ
َّ
معهن، ت أخر ُج أجد بهجةً في الحياة؛ أصب َح لي صديقات من زميالتي ال ُمدّرساتَ ،وبِ ُّ بدأت ِ
منازلهن ،ونذهب للتسوق معًا .كنا نت َجول معًا، َّ َّ
أزورهن في إنسان حقيقي؛ وصرتٍ وأعيش مثل
فسارعت كي تُنهي ذلك َ س ْمع أ ُ ّمي؛
ق تلك .تناهى هذا إلى َ
ب هذه؛ وصدي ِ و نتحدث عن خطي ِ
وف أتلوث ،ويلحقني س َ س ِم َح لي بالتجول مع النِساء العامالت ،فإ ِنّي َ
فورا[ .ففي نظرها؟ إذا ُ
ً
العار.
سألتني بصوت أ َجش ضاغطةً على كالمها" :هل أولئك النِساء ُم ْس ِلمات ،أم مسيحيات؟"
"ال أدري" .رددتُ عليها ،وأنا أرف ُع صوتي داخ َل ُحجيرة الهاتف؛ للتغلب على الضجيج في
الخلفية.
"هل يَ ْلبَسْنَ الحجاب؟"
"ال".
األمر".
َ صي "إذن تق ِ ّ
سألتُها" :و كيف لي أن أعلَ ْم؟"
هل يقلن ان شاء هللا؟".
"نعم."...
ضا؛ قولي شيئًا عن أن هللاَ يعني؛ إله ُهم المسيحي أي ً ضهم يعتقد َّ "حسنًا ،ال يُمكنك التأ ُّكد أبدًا؛ بع ُ
لهن" :صلي على النبي". سيدّنا ُم َح َّمد لتتأكدي؛ في المرة القادمة عندما تكونين معهن قولي َّ
إن ُك َّن ُم ْس ِلماتٍ ،أو غير
"وكيف ستتسنى لي الفرصة ألقول هذا؟ و ِل َم سأفعل هذا؟ ال ي ُهمني ْ
ُم ْس ِلمات".
َّ
أنهن لسن ُم ْس ِلمات". "ذلك ألنَّك تحبين الكفار .إذا لَ ْم ي ُِجبْنَ بـ -صلى هللا عليه وسلم -فذلك يعني
"حسنًا".
لك ب ُمصادقتهن!" "إذا لَ ْم يَ ُك َّن ُم ْس ِلمات ،فال يُ ْس َم ُح ِ
برها؛ بسبب استقالليتي الجديدة. ص َهن؛ بكلمة ِسر ال ُم ْس ِلمين؛ وأخذت أ ُ ّمي تف ِقد ُ َ لَ ْم أختبر قط إيما ِن َّ
وأخرجتني من المدرسة ،وتركتني في بال ٍد أجنبية َ بدا أنَّه ال يمكن إيقافي .ألبستني الحجاب،
translationsproject.org
101
؛لَ ِكنّي لَ ْم أتوقف عن أن أكون قويةً؛ قادرة ً على التعافي؛ على نح ٍو مزعجٍ لها؛ فقررت أ ُ ّمي
االنتقال إلى إجراءا ٍ
ت أقسى.
ت ،بدأت أ ُ ّمي ،وعائلتها حملةً جديدة؛ لتزويجي أن حملة تزويجي البن خالتي األول فشلَ ْ وبما َّ
من ابن خالتي الثانيُ .ك ْنتُ في الثامنة عشرة من عمري ،ولَ ْم أرغب في الزواج؛ لَ ِك َّن أ ُ ّمي َكانَت
ضاعي؛ َكانَت الخطة هي ترويضي؛ صر؛ لتَرويضي ،وإخ َ ُمتعنتةً ُمصرةًَ .كانَت قد تَركتني في ِم ْ
التحرر؛ من سيطرة أخ ِتها التوأم؛ وصرت اآلن أعمل ،وأجني ُّ بدال من ذلك نجحتُ في لكن ً
َططت له؛ فصار ي شيء يسير كما خ َّالمال ،وصرت واثقةً من نفسي ،وأقوى ،ومستقلةً .لَ ْم يَ ُك ْن أ ّ
ِلزا ًما عليها أن تضع نهايةً لهذا على نح ٍو فوري .لَ ْم َي ُك ْن الضغط آتيًا منها فحسب ،بل وكذلك؛
من خاالتي ،وأخوالي ،وأقاربي ،و َحتّى الجيران.
ستفعلينَه غير الزواج؟ ال يُمكنك العمل فقط لبقي ِة حياتك .عليك أن تتزوجي"َ .كانَ
"ما الذي َ
أقاربي يُلحون.
خططه هللا لي) ،وتركتُهم يدفعونني إلى دوامة االستعدادات َّ قبلت نصيبي (قدري؛ الذي
ي أن أكون ي اختيار فستاني؛ ومجوهراتي؛ واألزهار؛ وغير ذلك ،و َكانَ َ
عل َّ عل َّللزَ فافَ .كانَ َ
ي رغبة ،أو اهتمام؛ لَ ِكنّي لَ ْم ُمطيعةً ،وأقبل ُك ّل ما قد أ ُ ْك ِر ْهتُ عليه في الحقيقة .لَ ْم ت َ ُك ْن لَدَي أ ّ
أقاوم ذلك .لَ ْم ت َ ُك ْن هنالك بدائلَ .كانَ هذا ما يتوقعونه مني ،و َكانَ الجميع سعدا َء للغاية ،وطبعًا
تركتُ عملي.
طلبتُ من أ ُ ّمي؛ أن ترس َل لي تذكرة طائرة كي أتمكن من العودة إلى ذات يوم عبر الهاتف َ
الوطن؛ لتوديع كندا للمرةِ األخيرة.
translationsproject.org
102
صر ،صحيح؟ أت ُ
ظنين أ ِنّي غبية؟ فقالت" :أوه ،نعم ،بالتأكيد .لكي تأتي إلى هنا ،وال تعودي الى ِم ْ
أنت تحاولين الهرب من ذلك الزواج فقط".
لَ ْم أطلب منها ُمجددًا أن أعود إلى الوطنُ .ك ْنتُ أُثرثر بحماس لها فقط عن خطيبي،
حيث لَ ْم أُظهر ألحد ؛أ ّ
ي داللة على أن لي ُ وتحضيرات الزفافَ .كانَت مقتنعة؛ أَنّي أقول الحقيقة؛
أدنى اهتمام بالعودة إلى الوطن.
أختار معه شقة؛ َكانَ سيدفع عربونًا َ بدأت األمور تصير خطيرةً؛ عندما طلب مني خطيبي أن
أن خطتي لو َن َج َحت، يشتري شقةً كبيرة للغاية بالنسبة إلى َر ُجل أعزب .بدأت أقلق من َّ َ َكي
أن عليه أن يختار شقته طا في هذه الشقة الفسيحة .حذَّرته؛ َّ سه متور ًوعدتُ إلى كندا؛ فسيجد نف َ
ألن من يدري ما قد يحدث بيننا ،فأنت ال تستطيع أبدًا أن تعرف ما قد أعدَّهُ هللا؛ ماذا إذا وحده؛ َّ
إخباره أَنّي آ َم ُل
َ أستطع
ْ انتهى به األمر مع خطيبة أخرى ،ولَ ْم يُعجبها ذَوقي في الشقق؟ لَ ْم
أن تكون له شقة كبيرة ،وجميلة؛ صر ،وعدم العودة لها أبدًا؛ ثم فكرت أنَّه ال ضير في ْمغادرة ِم ْ
َكانَ من الخطر للغاية إخباره بالحقيقة.
إكليال من ورود بالستيكية فوق حجابي ً عقدنا الخطوبة وأقمنا الحفلة و ُك ّل شيء .لبست
ي أح ٍد أدنى فكرةٍ؛ ع َّما أُخط ُ
ط له ،ولَ ْم ت َ ُك ْن لَدَي أ ّ
ي وشعرت أَنّي (وبدوت) كالغبية .لَ ْم يَ ُكن أل ّ
وف أبقى في س َ وف تنجح؛ أم ال ؛ف ُك ْنتُ أتصرف بحذر كأَنّي َ س َ فكرة؛ ع َّما إذا َكانَت خطتي َ
صر؛ كي ال أجد نفسي في مأزق؛ إذا فشلت خطتي ،ولَ ْم أستطع العودة إلى الوطن. ِم ْ
َل ِك َّن خطتي-أو باألحرى خطتها نجحت-؛ وافقت أ ُ ّمي على منحي تذكرة إلى الوطن (كندا).
حصر لها .نجحتُ
َ تمك ْنتُ من التالعب بأ ُ ّمي؛ كما َكانَت قد تالعبت هي بي من قَبْل؛ مرا ٍ
ت ال
قرارا ،وعملت على تنفيذِه ،ونفذتُه .لعل هذا ممكن ،وحقيق ّ
ي ً مرة ً ثانية؛ من تغيير قدري .اتَّخذت
فعال ،وليس مجرد حظ! ً
translationsproject.org
103
ما أن صارت التذكرة في يدي؛ َحتّى أخبرتُ خطيبي بالحقيقةَ .ل ْم َي ُك ْن َر ُج ًال سيئًا؛ لَ ِكنّي ما
صر، األمر مقبول تما ًما في ِم ْ ُ ضا ،وبالتأكيد ما ُك ْنتُ ِألتزو َّج ابن خالتي؛
ُك ْنتُ ِألن َجذب إليه أبدًا أي ً
وفي ُك ّل أنحاء العالَ ْم االسالمي؛ فقد كادَ أخي أن يتزوج من ابنة خالته ،ال أحد [من ال ُم ْس ِلمين؟
طفال؛ ذا ثالثة أعين .أخبرتُه يرفض هذا النوع من الزواج ،أو يتَحفَّظ عليه؛ لَ ِكنّي ما ُك ْنتُ ِأللدَ ً
ظن؛ أَنّي قد أَنّي عائدة الى كندا ،وأَنّي في حاجة إلى أن يَكتِم السر ،وأخبرته أَنّي ال أريده أن يَ ُ
هجرته؛ أعدت له الشَبكة ،وهي مجوهرات يعطيها الخطيب لخطيبتِه-وهي نوع من أنواع
صر.-المهر ،أو البائنة في ِم ْ
اعتذرت إليه بشدة ،وودعته .شعرتُ بالذنب؛ لَ ِكنّي لَ ْم أ َ ُك ْن ِألسم َح لذلك بإثنا ِئي؛ أعددتُ حقائبي
بنشاطٍ ،وأنا أكاد أقفز فر ًحا.
وف تعودين بعد شهر فقط". س َ قال ابن خالتي الصغيرِ " :ل َم تأخذين ُك َّل شيء؟ َ
"ال .لَ ْن أعود إلى هذا البلد أبدًا".
سأراك مرة أخرى؟"ِ "ماذا؟ حقًّا؟ لَ ْم؟ متى
شهر بالتأكيد".
"قد أعود بعد عشر سنوات ،أو نحو ذلك ،لكن ليس بعد ٍ
ي شيءٍ أن َيحول بيني ،والمطار. سر؛ لَ ْم أُرد أل ّ مرة أخرى جعلت قَريبي يُقسِم على ْ
أن َيكتِم ال ّ
وتكرارا،
ً مرارا،
ً ُك ْنتُ ألمس تذكرتي بعاطفة ،وأقرأ شروطها ،وأحكامها المكتوبة بخط صغير
واستذكر شعار الخطوط البريطانية ،وأقرأ تفاصيل مسار الطائرة؛ ُك ْنتُ أعد الدقائق.
translationsproject.org
104
الوطن
أطير فَر ًحا! ؛ ُك ْنتُ أنوي أن أقو َل أل ُ ّمي َ
نفس الكالم الذي ُ أخيرا؛ ِكدتُ
ً عندما است َقليتُ الطائرة
حمال؛ إلى الطائرة العائدة إلىً توأمها الكريهة؛ ِمثلها" :ما لَ ْم تكوني عازمةً على حملي قُلته ِل ِ
ي م َكانَ !"صر ،فإني لَ ْن أذهب إلى أ ِّم ْ
علّم ِة
ما أن أعود الى كندا؛ َحتّى أحصل على قرض طلبة ،وأذهب إلى الجامعة ،ثم أصير ُم ِ
شرقًا ،وما ُك ْنتُ ِألسم َح ألح ٍد أن يقف في طريقي مرة
حضانة أطفا ٍل حقيقيةَ .كانَ مستقبلي ُم ِ
أخرى أبدًا!
سلمونَ .كانَت مطبوخةً أن "وجبة الترحيب بي" َكانَت سمك ال َ عدنا إلى شقتها ،و َجدتُ َّ
حالما ُ
ً
أصال ،لَ ِكنَّه السمك
َ قززَ .كانَت تعلَ ْم أَنّي ال أحب
بكاملها في الفرن؛ دون نزع العيون؛ كم هذا ُم ّ
كمبر ٍر النتزاعه من زوجته ،و ِّ َكانَ طعامه المفضل؛ لقد استغلت على األرجح مناسبة عودتي؛
َكانَت تحاول الظفر باستحسانِه .ال أدري إن شعر بعدم ارتياح أكثر مما شعرتُ ،لَ ِك َّن شعوره
َكانَ مقاربًا لنفس درجة شعوري يقينًا (متبادَ ًال مع شعوري).
ي شيء الى أن يحين وقت صر؛ لَ ْم أ َ ُك ْن أنوي قول أ ّاستمتَعت بإخبار أ ُ ّمي؛ أَنّي لَ ْن أعود الى ِم ْ
الر ُج َل الذي آذاني بوحشية إلى المطار؛ ثم جل َبته ت َ أحضر ْ
َ الرجوع ،لَ ِكنّي غضبت للغاية ألنَّها
صقَ انتصاري في وجهها بأسرع ما أستطيع. أن أب ُمعها إلى شقتها؛ أردتُ ْ
ص ِد َمت في البداية.
ُ
"لكن ماذا عن الزواج؟! والمجوهرات؟! والشقة؟!" َكانَت تَصيح تقريبًا.ْ
ي من هذا" .قلت ذلك ،وأنّا أنظر في عينيها؛ فتغيَّر أسلوبها ً
فورا؛ "ال أهتم أل ّ
ز ز 51
االشمتاز الغثيان :الرغبة ف التقيؤ،
translationsproject.org
105
قالت بنَبرة ُمظلمة ،ومليئة بال ِغ ّلُ " :ك ْنتُ أعرف هذا"؛ " ُك ْنتُ أعرف أنك فتاةً؛ مريضةً؛ شيطانية.
أحرص وف ِ س َأن هذه خطتك؛ أنت ملعونة .لَ ْن تذهبي إلى الجنة أبدًا دونَ رضاي!؛ َ ُك ْنتُ أعرف َّ
بك في منزلي! أن تَحتَرقي في الجحيم إلى األبد؛ لطالما كرهت ُ ِك دائ ًما؛ لَ ْم تعودي ُمرحبًّا ِ على؛ ْ
أُخرجي من منزلي أيّتها العاهرة القذرة".
52
سئمتُ ُكرهها ان آخر أذهب اليه"َ . ضا ال أريد البقاء هنا ،لكن ليس لَدَي م َك ٌ قلت لها" :حسنًا؛ أنا أي ً
ي صر لَ ْم أ َ ُك ْن ابنةَ أحدٍ ،ولَ ْم يَ ُك ْن أحد يُملي َ
عل َّ لي ،و ُك ْنتُ أقاومها بطريقة لَ ْم تع َهدها من قبل .في ِم ْ
ي ،أو يش ِتمني؛ لَ ْم يُ ِه ِنّي أحد .جربتُ ألول مرة أفعاليِ .طوال السنة الماضية؛ لَ ْم يصرخ أحدٌ َ
عل َّ
إحساس أن تُعا َم َل كإنسان ،ولَ ْم أ َ ُك ْن ألتناز َل عن ذلك؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ عالقة باضطراري للعيش في
بيت أ ُ ّمي-على األقل بالنسبة لذلك الوقت.-
طالبي ،وبدأت قرض ُ ٍ أن أ ُ ّمي حاربتني في ُك ّل خطوة؛ إال أنّي تم ُك ْنتُ من الحصول على رغم َّ
تفرق ُك ّلأدرس في ال ُكلّية المحليةَ .كانَت قد مرت سنتان؛ منذ أن غادرت كندا؛ ومن ث َ َّم فقد َّ
سبُ َل حيوا ِتهم المختلفةَ .تعرفت على أصدقاءٍ ُجدد في ال ُكلّية، أصحابي من الثانوية ،واتخذوا ُ
وبدأتُ َحتّى أعمل في متجر "دوالر ستور" في المول المقابل ِل َحرم ال ُكلّية.
أعيش ُك َّل ٍ
يوم ُ ي خطةً على المدى الطويل؛ إذ ُك ْنتُ َكانَت األمور تسير بسالسة؛ ولَ ْم تَ ُك ْن لَدَ َّ
بيومه .حاولت تجاهل تذ ُّمر أ ُ ّمي اليومي؛ من َكوني خيبةَ أم ٍل لها.
ً
عمال ،وتعيشين بمفردك وف تتركين المنزل ،وتجدين
س َ ظنين أنَّك َ "لم تذهبين الى ال ُكلّية ؟ أت ُ
كعاهرة؟"
" أريد أن أصير كاتبة".
أن الكذب حرام؟""تريدين أن تصيري كاذبة؟ أال تعلمين َّ
"لقد قلتُ أَنّي أريد أن أصير؛ كاتبةً".
وف تُصبحين كاذبةً؛ فال ُكتّاب يحكون حكايات ال أكثر؛ فهل حكاياتهم صحيحة؟ س َ "نعم ،ومن ث َّم ف َ
ال بالتأكيد؛ ُكلّهم كاذبون".
ز اإلنچلتية المستعملة هنا ه ،filthy cuntوه شتيمة سوقية بذيئة تشبهها بعض الشتائم ال ِم ْرصية والعربية الن تأن
ز 52
بمعن العاهرة الكلمة
ر
أكت سوقية. والقحبة لكن بلف
translationsproject.org
106
حاولت دون جدوى أال أسمح لهذا أن يؤ ِث ّر بي؛ في النهاية غيَّرت تخصصي من الكتابة
اإلبداعية؛ الى األدب اإلنچليزي؛ إلرضائها؛ث ُ َم الحقًا غيرته مرة أخرى إلى اللغة اإلنچليزية؛
وف أُدَ ِ ّرس اللغة اإلنچليزية -فالتعليم مهنة مقبولة بالنسبة إلى إمرأة ُم ْس ِلمة.-
س َعندما قررت أَنّي َ
ضر الحصص ،والتقي مع أصحابي فيما بين الحصص .ذات يوم في قَضيتُ أيّامي أَ ْح ُ
الكافيتيريا حدثَّتْنا فتاة اسمها سارة ً
قليال عن حياتها؛ إنها من عائلة ُم ْس ِلمة ،ولذلك لَدَيهم دائ ًما تلك
القواعد "الصارمة" عندما يتعلق األمر باألوالد؛ أضع كلمة "الصارمة" بين شارتين معقوفتين؛
ألنَّه بالمقارنة مع حياتي في منزل أسرتي ،فإن منزلها لَ ْم يَ ُك ْن صار ًما على اإلطالق.
شم نفسها؛ برسم ورقة شجرة القيقب؛ ألنَّها ممتنة لوجودها في كندا ،وكيف أخبرتنا أنَّها تريد َو َ
خطط للهرب مع خليلها. أنَّها تَحدَّت والَدَيها طوال الوقت ،و َكانَت ت ُ ِ ّ
َحسد ُتها على هذا؛ تمنَّيت لو َكانَ لَدَي خليل أهرب معه .أردت الهروب بشدة؛ لَ ِكنّي ِخ ْفتُ من
صديقاتي الذين عرفتهم في ال ُكلّية ؛ في نفس الوضعية معتمدة ً على نفسيَ .كانَت ُك ّل َ ِ فعل ذلك
تشاركنا ُكلّنا
َ مثلي؛ َكانَت إحداهن من عائلة صينية صارمة ،واألخرى من عائلة سيخية متشددة؛
ي شيء ِحيا َل ت من عمل أ ّ الرغبة في الهروب من حيواتنا الحالية آنذاك ،لَ ِكنَّنا ُكلّنا كنا خائفا ٍ
ي ٍ منا؛ بالذهاب إلى بيوت األخريات ،ولذلك كنا نلتقي فقط في المول بين ذلك .لَ ْم َي ُك ْن يُ ْس َم ُح أل ّ
ي ٍ مناضا على الهروب؛ ألنَّه لَ ْم ت َ ُك ْن لدى أ ّ ضنا بَع ً حصص المحاضرات؛ لَ ِكنَّنا لَ ْم نش ِ ّج ْع بع َ
الشجاعة؛ للقيام بذلك.
حاولت التواصل مع أصدقاء قدماء؛ قد يُساعدونَني على ترك المنزل؛ لكن إعادة التواصل
أن تكون أرقام هواتف منازلهم؛ ال زالت َكانَت صعبة في تلك األيّام؛ إذ َكانَ عليك أن تت َّمنى؛ ْ
هي نفسها ،وأن تتص َّل بوالدَيهم ،وتطلب منهما بيانات االتصال الجديدة الخاصة بهمَ .كانَت
تيفاني بالتأكيد أو َّل من اتصلت به ،لَ ِك َّن والديها أخبراني؛ أنَّها صارت تعيش في السويد مع
أن أحدَهم انتقل إلى جزيرة ڤانكوفر قربين اآلخرين ،ووجدت َّ صديقها ،فاتصلت بأصدقائِي ال ُم َّ
مع صديقته ،بينما صار اآلخر يعيش في مونتريال آنذاك .لَ ْم أجد َحب َل نجاة في أ ّ
ي م َكانَ .
خاص في ذلك ٍ ذات يوم التقيتُ صديقًا قدي ًما من الثانوية ُ -ك ْنتُ أحس بالشجاعة على نح ٍو
اليوم ،-فأخبرته أَنّي معجبة به؛ لَ ِكنَّه أخبرني أنَّه ليس ُمنج ِذبًا لي .بالتأكيد ،هو ال يجدني جذَّابة
ض أن يتغاضى عن قربين؛ َل ِكنَّه لَ ْم يرت َ ِ
ي شخص آخر .كنا صديقين ُم َّ جسديًّا؛ ولَ ْن ينجذب إل َّ
يأ ّ
translationsproject.org
107
أن يتغاضى عن هذا الغطاء على رأسي، ي أح ٍد -له بصرْ - قُبحي الجسدي؛ كيف يمكن أل ّ
أن نكونَ معًا ،إذا َكانَ َحتّى أصدقائي المقربين جدًّا؛ لَ ْم يستطيعوا
ويجد ُني جذابة؛ فَيرغَبْ في ْ
التغاضي عن ذلك؟
ضهم و َكانَ ُك ّل منهم أفظع (أو أقبح) من سابقه .لَ ْم أستَسِتغ فكرة َ االستسالم؛ لَ ِكنّي قابلتُ بع َ
ضا من المقاومة؛ الحقيقة هي أَنّي ُك ْنتُ مرهقة ،و ُك ْنتُ ال أزال أريد أن تحبني ُك ْنتُ قد تعبتُ أي ً
أن أعيش حياة ً سلسةً؛ هادئة لمرة .أردت إخماد هذا الرفض المستمر أ ُ ّمي ،وتَفخَر بي ،وأردتُ ْ
ي حال؟ ما هدفي الذي َكانَ يختلج في قلبي ،وروحي ،وعقلي؛ ما الذي أقاوم ألج ِله على أ ّ
أن الطريقة ي شيء؛ هو أن أحس بالحب ،والتقبُّل ،وبدَا َّ أكثر من أ ّ
النهائي؟ ما أردته في الحقيقة؛ َ
الوحيدة للحصول على هذا هي؛ االستسالم ،واالنقياد أل ُ ّمي.
translationsproject.org
108
وف أتبع س َ
أصغي إليها بقلب مفتوح .ال مزيد من المقاومة بعد اآلنَ . َ قررت في النهاية أن
إالم 53سيقود .علّي أجد السالم ،والحب اللذين أتوق إليهما .ربما إذا فعلت ُك ّل ما طريقها ،وأرى َ
أخيرا شعور المعاملةً تريده؛ لَ ْن تشعر بالتقزز بعد اآلن عندما تنظر لي .علَّها تحبني .علَّي أشعر
التي تُعا َمل بها أختي.
الر ُجل الذي َكانَ يضربني ،ويتحرش بي وأنا تزوجت أختي الكبيرة؛ الصالحة؛ الطائعة ابنَ َ
طفلة .أتَذَ َّكر أَنّي ُك ْنتُ مرعوبة وساءلت أ ُ ّمي ،فقالت:
"ال شأن لك بمن تتزوج".
"هل أخبرتها بما فعله بي حموها (أبو زوجها) المستقبلي؟"
"ال علم لي بما فعله بك" .و َكانَ إنكارها حاس ًما.
أن تزوجته ،وأنجبت ثالثة أطفال ،وبعد أن خانَها كثير من المراتِ ،وطلقها بعد سنوات ،بعد ْ
ي: في النهاية ،وجدتها على الفيسبوك؛ فأخبرتُها بالحقيقة ،فردَّت َ
عل َّ
" ِل َم إذن لَ ْم يفعل بي نفس الشيء؟"
أن هذا سيحدث. أعرف َّ
ي أن ِ َكانَ هذا ردها :اإلنكار ،والمراوغة .ال أدري ِل َم آلمني هذا؛ َكانَ َ
عل َّ
أحسست أنَّها خرجت من الكمبيوتر ،وطعنتني في الوجه ،والقلب .بعد ُك ّل هذه السنوات؛ وجدتُ
جهرا؛ و َكانَ هذا ردُّها.
ً أخيرا الشجاعة للحديث ً
صا من النوع الذي ُك ْنتُ أقتدي به؛ لَ ِكنّها َكانَت مهجة أ ُ ّمي ،وأردتُ أن لَ ْم ت َ ُك ْن اختي أبدًا شخ ً
أحس نفس اإلحساس.
ي شيء؛ لقد أصغت لها ،واتبَّعت نصائ َحها دائ ًما؛ مهما لَ ْم تقاوم ،أو تتشاجر أختي مع أ ُ ّمي في أ ّ
َكانَت درجة جنون تلك النصائح .بعد عملية بضع الفرج 54؛ اقترحت عليها أ ُ ّمي أن تجلس في
حوض (بانيو) مليء بالماء ال َم ِلح ،وفعلت ذلك .أتَذَ َّكر أَنّي ُك ْنتُ أحدّق فيها باستغراب؛ مفتوحة
تسرد ذلك لي.
العينين ،وهي ُ
ت المل َح على الجرح المفتوح حرفيًّا يا "ريما"! كيف أمكنك فعل ذلك؟"
"لقد وضع ِ
"أ ُ ّمي قالت لي ذلك".
53
إالم :إىل ماذا سيؤدي ،إىل ما سيؤدي إليه.
ُ . ز :
العجان episiotomyشق جراح مخطط عىل العجان وجدار المهبل الخلف خالل المرحلة الثانية من المخاض ويعمل
54
بضع الفرج أو شق ِ
أكت اإلجراءات الطبية الشج أو بزاوية مائلة ،تحت مخدر موضعُ ،
ويخاط بعد الوالدة .وه إحدى ر الشق بزاوية 90درجة من الفرج باتجاه فتحة ر
شيوعا ،رغم انخفاض معدل استعماله زف العقود األختة.ً
translationsproject.org
109
وف يؤلمك".
س َ أن ذلك َ "نعمَ .ل ِكنَّك ُك ْنتُ تعرفين َّ
"اعتقدت أنَّه سوف يؤلمني؛ لَ ِك َّن أ ُ ّمي أدرى مني ،ولذلك اعتقدت أَنّي ُك ْنتُ مخطئة".
ى دائ ًما؟""كيف يمكنك أن تنقادي لها بعَ َم ً
أن نصائح أ ُ ّمي قادتها إلى المآزق، َل ْم تتغير أختي قط .واصلت اتباع أوامر أ ُ ّمي؛ رغم َّ
والضياع ،والبؤس .أقنعتها أ ُ ّمي أن تتخلى عن أطفالها؛ ألبيهم إثر الطالق؛ ألنَّه "ال يوجد َر ُجل
ُ
حيث يستطيع أبدًا يريد إمرأة لديها ثالثة أطفال" .أخذ زوجها األطفال ،ورحل بهم إلى بلد ُم ْس ِلم؛
الزواج من زوجات عديدات بحرية.
آخر مرة رأيت فيها أبناء أختيَ ،كانَ عمر أصغرهم ؛ أرب َع سنوات ،و َكانَت هي ،وأختها
ترتديان الحجاب.
translationsproject.org
110
اإلخضاع 3
ب ،أو آلخرُ .ك ْنتُ قد
تلو اآلخر ،ورفضتهم جميعًا لسب ٍ
الخطبة؛ واحدًا َ واصلت مقابلة طالبي ِ
ق.
شخص الئ ٍ
ٍ أن أتزوج من ُ
اعتزمت الزوا َج؛ إرضا ًء أل ّمي؛ لَ ِكنّي ِأم ْلتُ على األقل ْ
طالب خطوب ٍة آخ َُر ،ر َّحبت أ ُ ّمي به كالمعتاد.عندما أخذ يتحدث مع أ ُ ّمي بالعربية؛ َ قابلنا
شخص ال يتقن اإلنچليزية ،لذا
ٍ انفصلت ذهنيًّا؛ فقد ُك ْنتُ قد اتخذت قراري ُمسبقًا عدم الزواج من
توقَّفت عن االنتباه .وبينما كنت أحدق في نمط السجادة؛ وأفكر في أحد الواجبات الجامعية التي
ي القيام بها ،قفزت أ ُ ّمي من كرسيها ،قائلة: عل َّ
يجب َ
"أنت هو! أنت الذي ُك ْنتُ أبحث عنه طوال حياتي!"
الر ُجل الذي بدا متفاجئًا قَد ِْري؛ ال أعلَ ْم ما الذي قاله؛ كي يثير حماسها بهذه الطريقة؛
نظرت إلى َ
لَ ِكنّها بالتأكيد َكانَت متحمسة لهذا الشخص.
ِّ
(مقز ًزا). حاولَت الحقًا َجعلي أوافق على الزواج منه؛ َل ِكنّي ظللتُ أرفض؛ لقد وجدته من ِفّ ًرا
ألجلك .لَ ْم اتمكن من أن أعيش حياتي؛ ألَنّي ضحيت بها ألجل سعادتك.
ِ "عشت ُك ّل حياتي
ُك ْنتُ أستطيع ترككم جميعًا مع أبيكم ،والزواج مرة أخرى ،واالستمتاع بحياتي ،ونسيانكم تما ًما
كأم عزباء لثالث أبناء عا ِقّين ،وحيدة ً في بالد
ضا من ذلك؛ عانيت ٍ كما فعل هو! لَ ِكنّي ِع َو ً
يمكنك
ِ غريبةُ ،ك ّل ذلك ألجلكمُ .ك ّل ما أطلبه ِ
منك؛ أن تفعلي هذا الشيء الوحيد من أجلي ،وال
ِفع َل ذلك؟"
َكانَت دو ًما عمليات َجعلي أحس بالذنب ،واالبتزاز العاطفي أكثر فاعليةً من التهديدات .أردتُ
أخيرا،
ً الر ُجل؛ علّها تحبني فعال إسعاد أ ُ ّمي ،وظننت َّ
أن هذا هو ما سيحقق ذلك .إذا تزوجتُ هذا َ ً
translationsproject.org
111
أخيرا؛ ُك ْنتُ أ ِل ِي ُن ً
قليال لَ ِكنّي بَقيت ً أو علَّها تتوقف -على األقل -عن كرهي تلك الكراهيةَ الشديدة َ
إجبار نفسي على الموافقة.
َ ال أستطيع
معك؛
ِ لكن إذا تزوجتِ ِه أنتِ ،وعشتُ قالت لي" :افعلي هذا ألجلي ،أنا ال أستطيع الزواج منه؛ ْ
وف أستطي ُع أن أكون معه". س َ ف َ
َكانَ هذا كال ًما عجيبًا جدًّا؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ ال أزال غير معتادة على تحديها بجدية.
ضغطها الحثيث قط .إن اعتقدتُ أنَّها َكانَت سامةً شريرة ً قبل ذلك ،فقد َكانَت وردة ً َل ْم ينكفئ َ
رقيقةً تما ًما مقارنةً بما أصبحت عليه االن .لعدة شهور تلت أصبحت عنيفة جدًا في ضغطها
ضاَ .كانَ يخبرها أنَّه رآني في ٍ
حلم ط منه هو أي ً ف ضغ ٌ الر ُجل؛ كما أ ُ ِ
ضيِ َ ي كي أتزوج هذا َعل ََّ
ي أن أتزوجه. عل َّ َ
أقرأ له القرآن ،وغيرها من العالمات التي تٌشيرأنّه ينبغي َ
translationsproject.org
112
ض أ َّم َك؛ ف َل ْن تدخل الجنةَ .كانَ هذا يعلّمنا اإلسالم َّ
أن الجنة تحت قدم أمك ؛ فإذا لَ ْم ت ُ ْر ِ
55
ي االدّعاء يحكم حياتي ،و ُك ْنتُ مرعوبة من أنَّها قد تحرمني من فرصة دخول الجنة ،وتحكم َ
عل َّ
بالعيش في العذاب األبديَ .كانَت لَدَيها السلطة لفعل ذلك [من المنظور اإلسالمي؟َ ..كانَت
ض أن أشعر بها تجاه هللا ،كنت بالنسبة لي تجسدًا هللَ .كانَت عالقة الحب ،والخوف التي َكانَ يُ ْفت َ َر َ
أشعرها في الحقيقة تجاهها هيَ .كانَت تمسك آخرتي بيدها.
قدمك في الجنة
ِ أدعك تضعينِ إن لَ ْم تتزوجيه؛ فلَ ْن
"أعدك أنَّك ستحترقين في جهنم إلى األبدْ .
بك؛ لَ ْن يُس َم َح ِ
لك َحتّى أن تحضري ي عالقة ِأبدًا؛ لَ ْن تشمي َحتّى رائحة الجنة! لَ ْن يكون لي أ ّ
وف أحرص على أن يعلم الجميع أنَّك لَ ْم تعودي ابنتي". س َ
جنازتي! َ
ط َهدةَ .كانَت دائما قادرة على أن تكون أ ُ ّمي مفارقة غريبةُ .ك ْنتُ أدعوها األميرة المض َ
در َك هذا االنفصام. سيطرة ،وفي نفس الوقت الضحية؛ تَطلَّب األمر الكثير من الوقت كي أ ُ ِ ال ُم ِ
كبيرا من ال ُم ْس ِلمين يمكثون
ً أُدرك اآلن أنَّها ليست الوحيدة الحاملة لهذه العقلية .أرى عددًا
بارتياح في نفس الدور؛ ففي األخبار ترى ال ُم ْس ِلمين غاضبين؛ وميَّالين للمجابهة ،والعدوانية
بسبب كوكاكوال الحمية ،أو رفض بعض نسائهن المصافحة ،أو حق [المنتقبات من؟ نسائهن في
تغطية وجوههن في مراسم منح الجنسية.
فرض طلباتك في بل ٍد أنت لست َحتّى أحد مواطنيها؛ هو عجرفة ،وتعا ٍل إلى أقصى حدِ .بيدَ أنَّه
مبر ٍر -أنَّها حاالت اضطهاد ،وأنَّهم ضحايا؛ يُعلَن عن هذه المواقف -على نح ٍو غير مف َّ
س ٍر ،أو َّ
يقوض بالتأكيد ادعا َءهم
ضح تعا ِليًا ،وتب ُج ًحا مما ّ ِ
كيف ألحد أن يكون ضحية؛ في نفس الوقت ين َ
أنَّ ُهم ضحايا؟!
113
ألن بشرتهم سمراء أو غير بيضاء؛ يُعتبَ ُرون تلقائيًّاما هو أكثر غَرابَة؛ أنَّ ُهم ينجحون في هذاَّ .
الر ُجل األبيض؛ غير المنطقية لصالحهم .طالبت إمرأة في عقدة ذنب َ ط َهدة؛ فيستعملون ُأقلية ُمض َ
أن هذا َكانَ ضد القانون .في كندا بالحق في تغطية وجهها أثناء مراسم منح الموا َ
طنة؛ رغم َّ
أن تصبح مواطنة)؛ هي تعلَ ْم جيدًا أنَّها ليست النهاية نجحت في تغيير قَوانينَا (قبل َحتّى ْ
طهدة في كندا ،وتع َل ْم أنَّها هي التي تُمارس التسلط ،واالستئساد؛ لَ ِكنّها تلعب دور الضحية ُمض َ
كلما صلُ َح ذلك كوسيلة مالئمة لتحقيق هدف.
ألن زوجة انظر إلى حالة ال ُم ْس ِلمين الذين تظاهروا في المملكة المتحدة (بريطانيا) غاضبينَّ ،
ت عا ٍل إرهابي معروف أخذتها الشرطة الستجوابها .صاحوا في ُمكبرات الصوت بصو ٍ
وعدواني ٍة قائلين" :فلتذهب بريطانيا الى الجحيم .فلتذهب الشرطة البريطانية إلى الجحيم"،
ت تقول "الشريعة هي الحل"؛ و"الشرطة البريطانية؛ إرهابية، ورفعوا أعال ًما سوداء ،والفتا ٍ
ومتطرفة" .بعد أن انتهت إمرأة ُمنقبَّة من توبيخ إمرأة بريطانية ألنَّها تسير في الشارع "عاريةً"
طويال ،-وسألتها "من الذي تحاولين إغراؤه؟" و ً على حد قولها َ -كانَت في الحقيقة تلبس ردا ًء
سبب
َ سِرة ًضا "ضعي بعض المالبس"؛ نفس هذه المرأة قالت في المظاهرة الحقًا مف ّ قالت لها أي ً
ال ُمظاهرة أنَّه "رسالة إليقاف االضطهاد"؛ هذه ال ُمفارقة المثيرة للسخرية َكانَت ستكون مضحكةً
لوال أنَّها ُمحزنةٌ للغاية.
ي أكاديمية غس ِل دماغ؛ ذهب هؤالء ُكلُّهم! -التي علَّ َمتهم نفس طريقة التفكير ال أدري؛ إلى أ ّ
ُ
والعمل ،-لَ ِك ْن أرى نس ًخا من أ ّمي في ُك ّل األخبار يوميًّا .لقد س َّمى كريستوفر ِهتْ ِش ْنز ذلك
"الثالوث المرعب ِمن؛ كراهية الذات ،واستقامة الذات ،وشفقة على الذات" .كأنَّه قد ربته عائلة
ُم ْس ِلمة؛ إذ كيف أمكن له أن يحلل هذه العقلية ،ويضرب في الصميم؛ بهذه الدقة؟
َكانَ لَدَي ِميزَ ة ً إضافية ألنَّه ت َ َّم تنشئتي من قِ َبل إمرأة تملك تعاليًا ال ينبع فحسب من كو ِنها
تتحدث العربية -إذ فضَّل هللاُ أن يوحي القرآن بالعربية؛ ألنَّه يحب العرب أكثر من غيرهم .إذ
ي العرب ،والصلوات ال يمكن أن أن هللا اختار رسوله من بين "أفضل القوم" أ ّ يقال في القرآن َّ
ضا؛ َكانَت من أصول تؤدَّى إال بالعربية ،واتجاه شبه جزيرة العرب (مكة) ،وغير ذلك ،-بل أي ً
ُ
أن بالدَهم -حسب اعتقادهم -هي؛ أ ُّم الدنياَ .كانَت أ ّمي تعاني من صريون َّ الم ْ
صرية ؛ إذ يتفاخر ِِم ْ
سهُ!
عقدة حب سيطرة؛ تنافس بها ُم َح َّمدًا نف َ
translationsproject.org
114
ي دون انقطاع؛ تُراوح بين "واحزناه؛ أنت ال تريدين استَ َم َّرت أ ُ ّمي في ممارسة الضغط َ
عل َّ
ُرؤيتي سعيدةً" ،و "أرجو أن تستمتعي في جهنم؛ ألنَّك لَ ْن تَري السعادة أبدًا" .حت ًما؛ قد تعبت
أردتُ السالم ،وأردتُ ح َبها ،وقبولَها لي. أردت؛ َ من هذا الضغط المستمرَ .كانَ هذا عكس ما َ
سام الذي ُك ْنتُ أعيش فيه؛ صار ال يُطاق. وف تَلين؛ لَ ِكنّها لَ ْم ت َ ِل ْن قط .البيت ال َّ
س َافترضت أنَّها َ
أردت منها فقط أن تتوقَّف عن ُكرهي.
قلتُ لها باكيةً أَنّي قد استسلمتُ ؛ فلَ ْم تَنت ِقص دموعي من فرحتِها .تخليت ُمنذ ُ وقت طويل عن
سة المعتادة منها .اكتشفت حينذاك الخ َّ
غير مسبوق من ِ ضربًا َ أمل أن تحميني أ ُ ّمي ،لَ ِك َّن ذلك َكانَ َ
أن أ ُ ّمي تضعني دائما بحماس في مواقفٍ ،وأوضاع أكرهها؛ كي تستمتع بذلك .عانقتني َّ
القرار الصحيح.َ أخيرا صارت فخورة ً بي ،وأنَّها سعيدة ً للغاية؛ ألَنّي اتَّخذت ً وأخبرتني؛ أنَّها
تالحظ درجةَ بؤسي؛ ناهيك أن تهت َّم لذلك. ْ شعرتُ بالغثيان؛ ُك ْنتُ مكتئبةً ،وقانطةً للغاية؛ ألنَّها لَ ْم
أخيرا .
ً بطعم ُحب األم
ِ لكن؛ ربما اآلن؛ سأشعر ك ُّل ما َكانَت تراه؛ هو تَحقُّق رغباتهاْ .
ع َقدنا ال ِقران ( كتب الكتاب) .منَ التقاليد ال ُم ِلزمة بين أسرتّي العريس،
بعدها مباشرة ً تقريبًا َ
مهرا؛ إذ تم التأكيد لي كمهر؛ في حالَتي قُدِّم لي القرآن ً
ٍ والعروس؛ أن تُقدم عائلة العريس مبلغًا
أن تلك الهدية َكانَت ُ
على أنَّه أثمنَ هدي ٍة يُمكن له أن َيهديها لي؛ لَ ْم يعترف هو-وال أ ّمي كذلكَّ -
إحدى مئات آالف النسخ التي تط َبعها ،وتوزعها السعودية مجانًا في شتَّى أنحاء العالَ ْم.
اتفق ِعصام مع أ ُ ّمي؛ على تأجيل الزواج (الدخلة)؛ الى أن نصبح متزوجين رسميًّا؛ وفقًا
للقانون الكندي .لَ ِك َّن كتب الكتاب حلَّل لنا؛ أن نكون معًا في نفس الغرفة.
أن يجعلني ألعب بعضوه الذكري ،أو أخذ يأتي دوريًا؛ من أجل دروس في اإلنچليزية ،وحاول ْ
ضتُها؟؛ لَ ْم أ َ ُك ْن أعلَ ْم كيفية تحقيق مطالبه،
سا فمويًّا ،لَ ِك َّن طلباته َكانَت غير ُم ْجدِية [رفَ ْ أمنحه جن ً
لَ ْم أ َ ُك ْن َحتّى قد قب َّْلتُ َر ُج ًال من َق ْبلُ.
السوء في مرحلة "التعارف" هذهَ .حتّى أنَّه اتصل بي في عيد ميالدي ليهنئَني،
ِ َل ْم َي ُك ْن بالغ
وهو تصرف فيه معصية [حسب عقيدة المتشددين المتطرفين؟؛ َّ
ألن أعياد الميالد حرام ،وال
يجوز االحتفال ،أو االعتراف بها.
translationsproject.org
115
مسيط ًرا على نفسه في تلك الفترة؛هل َكانَ خائفًا من مخالفة بنودَ
ِ كثيرا ما تساءلتُ ؛ لماذا َكانَ ً
أن تُلغي الزواج؟ الزوا ُج مني َكانَ بالنسبة إليه؛ ُ
العقد الذي عقده مع أ ّمي؟ هل َكانَ خائفًا من ْ
تذكرة نحو المستقبل ألَنّي في النهاية؛ طريقه نحو الجنسية الكندية؛ لكن حالما صارت الزيجة
ي من هذا مه ًما ،لقد اغتصبني بالقوة؛ باعتباره حقَّه وفقًا للشريعة اإلسالمية. رسميةً ،لَ ْم َيعُ ْد أ ٌّ
َكانَت مراسم الزواج اإلسالمية "زفافًا" غريبًا ،وغبيًّاَ .كانَت النِساء في الطابق العلوي،
أر َحتّى المخلوق الذي أتزوجه؛ جلستُ فقط في غرفة المعيشة والرجال في الطابق السفلي؛ لَ ْم َ
ي؛ ث ُ َّم سألني اإلمام األسئلة ال ُمعتادة؛ لَ ْم تَ ُك ْن موافقتي
أخمص قدم َّ
ِ مرتديةً األسود من رأسي إلى
ضون دقائق
ِ أن السكوت عالمة الرضى -حسب الشريعة االسالمية -وفي ُ
غ ضرورية؛ إذ َّ
صرت زو َجته ،و ُملكيته.
غرف ِة نوم زوجها المزيف -حيث أ ُ ْج ِب ْرتُ على أوضاعٍ خسيسةٍ؛ بإنضباطٍ تام ،وفي نفس ُ
ي االحتفال بزواجي .جلست هناك خسيس ،وأنا بالغة؛ أ ّ
ٍ وضع
ٍ عندما ُك ْنتُ ُُ طفلةً -أ ُ ْج ِب ْرتُ على
بينما قامت نسا ٌء غريبات بتصفيف شعري ،وتزيين وجهي؛ ظللتُ أبكي؛ ُمفسدة ً عملَ ُه َّن؛ لَ ِكنَّهن
أن؛ هذه الشابة ي من تلك الحيزبونات؛ عديمات الرحمة؛ في غَرابة َّ ظلَ ْلنَ يُ ِع ْدنَ ذلك .لَ ْم تفكر أ ّ
أن تقو َل أل ُ ّمي" :ما الذي تفعلينه بها؟" على األرجح منهن في ْ
َّ تستمر في البكاء؛ لَ ْم تفكر أ ٌّ
ي
الشيء ببنا ِتهن دون تردد.
ِ نفس
يفعلنَ َ ألنَّهن ُ -كلّهنْ -
ضا َّ
ألن األحمق الذي ي صور أي ً طأ ّلكن بدون موسيقى ألنَّها حرام .لَ ْم ت ُ ْلت َ َق ْ
َكانَ هناك طعام ْ
ي شيء به وجوه محرم َحتّىضا .أ ّ
أن الصور حرام أي ً ُك ْنتُ على وشك أن أتزوجه َكانَ يعتقد َّ
الد ُمى.
مر،وأن أتخلَّص من الضغط؛ْ ي أن أتركها تن َهأمرا صعبًا لَ ْم أستَطعه؛ َكانَ َعل َّ
َكانَ َكبح دموعي ً
ب تفاديها مهما َكانَ الثمن؛ فنوبات الهلع وإال انتهى بي األمرإلى نوب ِة َهلَعٍ تامة أخرى ،و َج َ
أن أ ُ ّمي ستغضب -إلحراجي إيَّاها -إال أَنّي أطلقتُ العَنان مؤلمةً ،و ُمرعبةً للغاية .رغم ِعلمي َّ
لدموعي؛ التي ُك ْنتُ أح ِبسها .أدار الضيوف ظهورهم لي؛ أظن أنَّهم شعروا بالحرج ،وعدم
االرتياح لرؤيتي جالسةً هناك باكيةً على ذلك النحو ،لذلك تجاهلوني فقط وملؤوا صحونهم مزيدًا
translationsproject.org
116
من الطعام .جلست هناك أحدق في هذا المشهد السريالي العبثي الجاري من حولي محاولةً منع
نفسي من فقدان الوعي.
أن النِساء ال ُمطلقات يتمتعن بحرية قُبوالً ل َقدَري حاولتُ إيجاد أسبابًا متفائلةً؛ فذ َّك ْرتُ نفسي َّ
أكبر في العالَ ْم اإلسالمي؛ فما إن تفقد النِساء عذريتهن؛ َحتّى ال يعد يهتم بهن أحد بعد ذلك .إنَّهنَ
بضاعةً مستعملة .لذا َخ َّمنت أَنّي سأحاول إنجاح الزواج؛ ولَ ْم َي ُك ْن لينجح على نحو واضح؛ -
وف تتركني وشأَني؛ حدَّثتُ
س َ لكن؛ على األقل سأُثبت حينَها أل ُ ّمي أَنّي قد حاولتُ -وبعد طال ِقنا َ
شخص صغير مني؛ أحبه ،ويحبني ٌ أخيرا
ً ص ُل َحتّى على طفل من هذا؛ نفسي أَنّي قد أح ُ
بالمقابل.
أن هذه المشاعر ،والتسويغات -التي أقنعت نفسي بها -منتشرة للغاية؛ فقد الت َقيتُ ضا َّ
ع ِل ْمتُ أي ً
أنفسهن بنفس األشياء؛ عندما ُك َّن في نفس الوضع .يا لها من َّ ت حدَّثْنَنسا ًء ،وقرأْتُ عن أُخريَا ٍ
موح ٍش الصل ٍة حزينة؛ تُشاركها مع الكثير من الناسُ .كلّنا شعرنا؛ أنَّنا وحيدات تما ًما على نح ٍو ِ ِ
أن هنالك ماليين مثلَنا في شتَّى أنحاء العالَ ْم. يُصدَّق ،بينما الحقيقة هي َّ
translationsproject.org
117
سب القانون
بدأ تقليد كتب الكتاب؛ عندما أراد ُم َح َّمد الزواج من عائشة -ذات الست سنواتَ .-ح َ
بذلك ُمل َكه؛ لَ ِكنَّه لَ ْم يَ ُك ْن ليدخل بها إال في الموعد المتفق عليه؛ وهو بداية
َ اإلسالمي؛ أصب َحت
ذلك اليو ُم المشؤوم ،وهي في ِس ِّن التاسعة.سب الحديث؛ جا َء َ ال َحيضَ .ح َ
يض فتاةٍ في سن التاسعة؛ خارج فَضا َء اإلحتمال؛ لكنَّه ُمب ِكر بِشَك ًل ُمريب. ال يُعَد بدايةَ َح ِ
بكرا في الصحراء؛ وهذا أن البنات يبلُغنَ ُم ً يصرون؛ َّ ّ أن المدافعين عن اإلسالم المضحك؛ هو َّ
ببساطة غير صحيح .رغم السمعة التي يتمتع بها ُمح َّمد عند ال ُم ْس ِلمين؛ كقُدوة إنسانية في ُك ّل
العصور ،فإن قرار ُم َح َّمد باغتصاب طفلة دمر حياة ماليين -إن لَ ْم نقل مليارات -من البنات في
ضت. شتَّى أنحاء الكوكب خالل أربَ َع عشرة َ ِ
ألف سن ٍة َم َ
translationsproject.org
118
)1968( ي
َّ حفل خطوبة والد
translationsproject.org
119
(1977)عندما َكانَ أخواي يُدغدغاني
translationsproject.org
120
والجلد حرا ًما ( .)1978أنا الصغرى التي على اليسار
أيّامنا السعيدة قبل أن يصير كشف الشعر ِ
في الصورة.
translationsproject.org
121
)1988( قطعة من مذكراتي
translationsproject.org
122
)1999( قطعة أخرى من مذكراتي
translationsproject.org
123
ترجمة قطعة المذكرة:
سابقًا ،عندما ُك ْنتُ أسمع عن أشخاص يريدون االنتحارُ ،ك ْنتُ أعتقد أنَّهم أغبياء ،وجبناء .لَ ْم
أن اإلنسان قد تحيطه السحب أتصور أَنّي سأفهم هذا يو ًما ،مثلما صرت أفهمه اليوم .أعلَ ْم َّ
المظلمة َحتّى يستحيل عليه رؤية النور ،هذه هي األوقات التي ُك ْنتُ أفقد فيها األمل.
أن كل شخص لمرة واحدة في حياته شعر كأنَّه يموت .عندما تمتلئ حياتك بسجل أنا متأكدة َّ
أن من تحسبه صديقك ،أو اإلخفاقات ،عندما تتعثَّر ،وتسقط في وسط الزحام ،عندما تجد َّ
صديقتك المفضَّل األكثر قربًا منك؛ ليس صديقًا حقيقيًّا.
لكن عندما تصير األمور غير محت َملة ،ومتكررة يوميًّا ،فإن الحياة تصير غير محت َملة ً
فعال؛
هذا عندما يكون الشخص قد تحمل ما يكفي ،ويريد العثور على مخرج [من بؤس حياته؟ْ ،
لكن
ال يوجد مخرج.
ق طرق مفتر ِ
َ حسنًا ،أنا محظوظة ألَنّه ال يزال لَدَي كل حياتي أمامي حقًّا ،فأنا لَ ْم أصل إلى
عهُ،
ينتز َ َّ
الحق ،أو ِ الحق في أن أعيش ،أن أعيش حياة ً جيدةً ،وال أحد له أن يغ ِيّر َ
ذلك َّ إن ليبَ ْعد َُّ .
اآلخر [بدل االنتحار؟ هو االنتظار.
َ أو يجعلَني أغ ِيّ ُره ،لذلك فإن خياري
االنتظار إلى أن أصل إلى مفترق الطرق ألختار طريقي .إني أتطلع قُد ُ ًما؛ لَ ِكنّي أخشى ذلك
ب فه ُمهُ.
صع ُ ُ
شخص يَ ْ
ُ أكثر .إني
translationsproject.org
124
مع بعض صديقاتي من المدرسة الثانوية (تيفاني على يساري) ()1992
translationsproject.org
125
جزء من رسالة من تيفاني ،أرسلتها لي عندما ُك ْنتُ عالقةً في ِم ْ
صر ()1993
translationsproject.org
126
ي
األم ِر ِك ّ
عصام حافظ وصل محمد مرزوق ،صورة أرشيفية من مكتب التحقيقات الفيدرالي ِ
(غير معلومة التاريخ)
translationsproject.org
127
ض ِب َ
ط به مزور َكانَ يحمله و ُ
صورتان لعصام مرزوق ،إحداهما من جواز سفر سعودي َّ
translationsproject.org
128
صرية ()1997
الم ْ
عصام مرزوق أمام النيابة ِ
translationsproject.org
129
أنا وتوشا (إلى اليسار) في نا ٍد ليل ّ
ي ٍ مع صديقاتنا)(2002
translationsproject.org
130
وبناتنا،أنا وتيفاني
translationsproject.org
131
)2007( في حفل زفافنا
translationsproject.org
132
نخرج ُكلّنا في اإلجازات التي كان ال يُس َمح لي باالحتفال بها (الكريسماس ،او عيد الميالد عام
)2012
translationsproject.org
133
صغيرنا "نور ِب ْرت"
َ يُعتقَد في اإلسالم َّ
أن الكالب نجسة ،أما نحن فنحب
translationsproject.org
134
العنف 2
في البدايةَ ،كانَت الخطة أن ننتقل ثالثتنا للعيش معًا .وبتلك الطريقة تستطيع أ ُ ّمي أن تعيش مع
ً
منزال يتسع لنا، هذا الوحش الذي بدت أنَّها مندفعة للتقارب معه .لكن بما أنَّه َكانَ صعبًا أن نجد
فاكتَفَيْنا باالستقرار في شقتين منفصلتين في نفس البنايةَ .كانَت أ ُ ّمي في شقة في أحد األدوار
األدنى ،بينما عشتُ أنا والوحش في الطابق السابع عشر ،أ ّ
ي في أعلى البناية.
صراعيهافي غضون األسبوع األول من زواجنا عاد الى المنزل ليجد الستائر مفتوحة على ِم ْ
في يوم مشمس وضيء ،فقال لي:
"هل أنت عاهرة؟"
صدَه."ماذا؟" لَ ْم أعرف ما الذي قَ َ
"هل تريدين من جميع الناس أن يروك متبختِرة ً مكشوفةَ الشعر؟"
"إني لَ ْم أغادر هذه الشقةَ طوا َل اليوم".
أن الشبابيك غير كاشفة؟ هل أنتأن الناس يستطيعون رؤيتك؟ أتعتقدين َّ "الشبابيك! أال تعتقدين َّ
غبية؟ تسيرين هكذا مثل عاهرة غبية عارية؟"
فهمت في النهاية مشكلته ،فقلتُ له" :إنه الطابق السابع عشر! ال يستطيع أحد أن يرى الطابق
السابع عشر في األعلى ،من داخله .هل أنت قلق من وجود شخص يركب هليكوبتر تطير"...؛
ي؟"
عل َّقلت له" :انتظر َحتّى أخبر أ ُ ّمي؛ لقد انتهى هذا الزواج .كيف تَجرؤ على وضع يدك َ
حزَ ْمتُ حقائبي ،وأنا أخبره أَنّي سأذهب إلى شقة أ ُ ّمي ،ولَ ْن أعودَ أبدًاُ .ك ْنتُ دائخةً من االنفعال،
عا كي األمر إال أسبو ً
ُ وأنا أنزل في المصعدَ .كانَ لَدَي عذر ممتازَ .كانَ هذا ً
سهال جدًّا .لَ ْم يتطلب
يضر َبنِي (ترجمة بديلة :لي ُْخ ِفقَ )!
translationsproject.org
135
للر ُجل أن يضرب زوجته؟ أال تعرفين قالت دون اكتراث" :وما المشكلة؟ أال تعرفين أن هللا حلَّ َل َ
ي خطأ".قرآنك؟ كيف لك أن تكوني ُم ْس ِلمة دون أن تعرفي هذا؟ لَ ْم يرتكب زوجك أ ّ
الحجاب؛
َ غير البس ٍة
أن أحدهم يستطيع رؤيتي وأنا في الطابق السابع عشر َ "إنه مخبول! يظن َّ
لَ ْن أعود الى هناك أبدًا".
"بلى ستعودين؛ عليك أن تعودي؛ ال يمكنك البقاء هنا".
"لَ ْم تفعلين هذا؟ لَ ْم ال تحميني؟"
"أحميك من ماذا؟ من زوجك؟ أنت ِمل َكه ،وله ُك ّل الحق في فعل أيًّا ما كانَ يريده ِ
بك".
"ال أكترث لماهية حقوقه؛ لَ ْن أعيش معه".
م َكثْتُ في شقة أ ُ ّمي أيّا ًما؛ بينما هي تحاول إصالح ما بيننا؛ لَ ْم َي ُك ْن هنالك ما يمكن إصالحه .لقد
ألن الضرب ضمن حقوقه .وقفت أ ُ ّمي في صفه تما ًما .فحسب القرآن في (اآلية رفض االعتذارَّ ،
)34من سورة النِساء يو ِ ّجهُ هللاُ الرجا َل؛ أن يضربوا زوجاتهن؛ إذا كن "ناشزات" أ ّ
ي:
عاصيات ،أومغرورات ،أو متر ِفّعات.
ي عدديًّا ،و ُك ْنتُ خائفةً .كيف لي أن أحارب تعاليم هللا الواضحة؟ ومع ذلك بقيت
تفوقوا عل َّ
رافضةً العودة إلى شقته في األعلى.
المجرب-؛
َّ أن تكتيكها القسري فشل؛ فقد لجأت إلى االبتزاز العاطفي "حسنًا" قالت أ ُ ّمي- .بما َّ
مبكرا؛ فسيظن ُك ّل الناس أنَّه طلَّقك؛
ً ت أطو َل ً
قليال؛ إذا انتهى الزواج "اذهبي ،وعيشي معه لوق ٍ
ألنَّ ِك لَ ْم تكوني عذراء".
"ال أكترث لما يظنه الناس! "
"أنا أكترث؛ أنا إمرأة محترمة في هذا المجتمع؛ هل تريدين تلطيخ اسمي في الوحل؟ هل تريدين
أن بعض الناس لي العار؟ بعد ُك ّل ما فعلته كي أصل إلى م َكانَتي في هذا المجتمع؟ أال تعرفين َّ
يحبون أن يعرفوا شيئًا سيئًا عني؛ ليتحدثوا به؟ امكثي معه بضعة أشهر فقط؛ َحتّى تنتفي
الشكوك".
ضعت احتياجاتَها؛ قبل احتياجاتي مرة مرة أخرى أرهقني إكراه أ ُ ّمي المستمر اللجوج .و َ
أن ليس لي خيار؛ سوى العودة للعيش مع ب مكسور ،وعلى كراه ٍة قلت لنفسيْ : أخرى ،وبقل ٍ
ذلك الوحشُ .ك ْنتُ مرعوبة من العودة؛ فقد تضيع فرصتي في المغادرة إلى األبد؛ ُك ْنتُ خائفة
translationsproject.org
136
أن هذه قد تكون فرصتي األخيرةُ .ك ْنتُ خائفة من أَنّي قد أحمل منه؛ ثم أضطر ألن أظل من َّ
متزوجةً منه .أخبرت أ ُ ّمي ب ُك ّل مخاوفي فقالت:
"ال تقلقي ،سيكون ُك ّل شيء على ما يرام .ال أحد يَحمل بهذه السرعة".
وباب المصع ِد يُ ْغ ِل ُق خلفي.
ُ "حسنًا ،لَ ْن أتركه يلمسني ،من باب االحتياط ".غمغ َْمتُ ؛
"ال يمكنك فعل ذلك".
"ما الذي تعنينَه؟"
ت ُمل َكه .إذا رفضتِ ِه؛ فستلعنُ ِك ُك ّل المالئكة إلى الصباح".
"ال يُسمح لك برفضه؛ إنه حرام؛ أن ِ
حوصرت في ذلك المصعد؛ كأنَّه لَ ْم يعد هنالك هواء في العالَ ْم ُكلّهُ .ك ّل قوانين ِ أحسست أَنّي قد
يضربُها ،ويغتَصبُها. ِ صر المرأة في زواج قسري؛ مع َر ُج ٍل اإلسالم موضوعةً بوضوحٍ كي تُحا َ
56
ُك ُّل هذا يُصادِق عليه هللا.
شتَّى أنحاء العالَ ْم -ذي األغلبية ال ُم ْس ِلمة-؛ أن يضرب الرجال زوجاتهن. ِمنَ الشائع جدًّا في َ
بث فقرة ً حول كيفيةمشهورا في المغرب؛ َّ ً األمر منتشر في الحقيقة إلى درجة َّ
أن برنام ًجا يوميًا
تغطية المرأة العينَ المتورمة؛ بالمكياج .ضرب الزوجة ليس مخالفًا للقانون في أغلب الدول
صر توجد حوارات على التلفاز؛ ُحرم ما حلله هللا .في ِم ْ ال ُم ْس ِلمة ؛ألنَّه ال يستطيع أ َّ
ي إنسان أن ي ِ ّ
لكن سرعان ما تُح َبط حيث تحاول نساء القول؛ أنَّه يجب على الرجال عدم ضرب زوجاتهنْ ،
عا إلى (اآلية )34من السورة الرابعة[57النِساء؟ فتصبح حجتهن باطلة .ال هن رجو ً محاوال ِت َّ
يستطيع أي إنسان منازعة كلمة هللا الحرفية [حسب اعتقاد ال ُم ْس ِلمين؟ .يحاول البعض اإلصرار
أن الخفةالخفيفِ ،بيدَ أن كلمة خفيف؛ ال أثر لها إطالقًا في اآلية .كما َّ َ الضرب
َ أن هللا قَ َ
صد َ على َّ
مفهوم ذاتي جدًّا.في نهاية األمر ال يجوز ألحد أن يضرب زوجتَه أبدًا ،لَ ِك ْن هذه الحجة لَ ْن تص ُمدَ
أبدًا في مجتمعات قد قبلت العكس.
جته ،يقبله ،يستصوبه ،يؤيده. الشعية ،يوافق عليه ،يسمح بهُ ،ي ز يشعنه ،يعطيه ر يشعه أو ر 56يصادق عليه :ر ِّ
ظاتٌ لّ ِْلغَ ْي ِ
ب ِب َما َح ِف َ صا ِل َحاتُ قَانِت َاتٌ َحافِ َ ض َو ِب َما أَنفَقُوا مِ ْن أ َ ْم َوا ِل ِه ْم ُ فَال َّعلَ ٰى َب ْع ٍ ساءِ ِب َما فَ َّعلَى النِّ َ {الر َجا ُل قَ َّوا ُمونَ َ
57
ظ َّ
ّللاُ ض ُه ْم َ ض َل َّ
ّللاُ َب ْع َ ِّ
يراع ِليًّا َكبِ ً يال ُ إِ َّن َّ
ّللاَ َكانَ َ سبِ ً
علَ ْي ِه َّن َ اجعِ َواض ِْربُوه َُّن ُ فَإ ِ ْن أ َ َ
ط ْعنَ ُك ْم فَ َال ت َ ْبغُوا َ ض ِ ظوه َُّن َوا ْه ُج ُروه َُّن فِي ْال َم َ شوزَ ه َُّن فَ ِع ُالالتِي تَخَافُونَ نُ ُ ُ َو َّ
( })34النِساء
translationsproject.org
137
باإلضافة الى الضرب ،تُها َجم النِساء في باكستان ،وإيران على نحو شائع؛ بإلقاء حمض
الكبريتي ك (ماء النار) عليهن بسبب مخالفات مثل؛ ارتداء المالبس الغربية للغاية ،أو عدم ارتداء
ضعنَ على أجسادهن .ليس الحجاب ،أو قص شعورهن .ال يسمح للنساء َحتّى بحرية اختيار ما َي َ
ي سلطان ،أو حكم مستقل على أنفسهن.
لهن أ ّ
فرض هذا التحكم في ال ِنساء .جزء كبير من هذا ُك ّل هذا ينبع من تعاليم ثقافة الشرف؛ ثقافةٌ ت َ ِ
َّ
ألزواجهن. الجهد هدفه التحكم في النِساء؛ َحتّى ال يفقدن عذريتهن قبل َمنح ُه َّن
بعد عشرين سنة من القلق ،والخشية -نتيجة الشعور بالذنب بسبب األفكار "النجسة" ،والحفاظ
"على نفسي" ألجل زوجي ،-والكبت المتراكم عشرين سنة .لَ ْم َي ُك ْن يمكن لإلحباط أن يكون
أكثر من ذلك في الناحية الجنسية .58لَ ْم ت َ ُك ْن قُبلَتي األولى جميلة ،ورائعة مثل َمشا ِهد أفالم
يلمسني؛ لَ ِك َّن
أن ِالر ُجل ،ولَ ْم ِأرد ْ
ديزني؛ َبل َكانَت قَسرية ،ومقززة ،ومخيفة .لَ ْم يعجبني هذا َ
زوجها؛ َحتّى لو ِ ي الحق في المقاومة .ليس للمرأة أن تمنع نفسها عن دِيني َكانَ واض ًحا :ليس لَدَ َّ
ب لي .تمنيت؛ لو أَنّي أن هذا هو النصيب الذي ُك ِت َ
َكانَت على قتب جملُ .59ك ْنتُ تعيسة ،ومحبطة َّ
ُك ْنتُ قد قب َّْلتُ ذلك الفتى من الثانوية الذي ُك ْنتُ مع َجبةً به في سيارته .عندئذ ُك ْنتُ سأكون على
األقل قد جربت قبلة واحدة جميلة قبل موتي .لَ ِكنّي لَ ْم أَعتَد الحصول على أشياء جيدة؛ فقد َمنَحني
58يوجد هنا تالعب لفظي جميل من المؤلفة ،و ُك ّل تعبيراتها مليئة بالفصاحة اإلنجليزيةthe climax could not have been more .
anticlimactic
َ َ
الر ُج ُل ا ْم َرأتَهُ إِلى ف َِرا ِش ِهعا َّ سل َم« :إِذا دَ َ َ َّ َ
عل ْي ِه َو َ صلى هللاُ َ َّ ّللاِ َ سو ُل َّ َ
عنهُ ،قالَ :قا َل َر َُ ْ ّللاُ َ ي َّ ض َ عن أبِي ه َُري َْرة َ َر ِ َ ْ روى البخاريَ ... 3237 :
59
ع ِن األ َ ْع َم ِش //وروى أحمد بن ش ْعبَةَُ ،وأَبُو َح ْمزَ ة ََ ،وا ْبنُ دَ ُاودََ ،وأَبُو ُمعَا ِويَةََ ، صبِ َح» ت َابَعَهُ ُ علَ ْي َها لَعَنَتْ َها ال َمالَئِ َكةُ َحتَّى ت ُ ْ ضبَانَ َ غ ْ فَأَبَتْ فَبَاتَ َ
ساقِفَتِ َها ،فَ َر َّوى فِي ارقَتِ َها َوأ َ َ ط ِ ارى ت َ ْس ُجد ُ ِلبَ َ ص َ ام ،فَ َرأَى النَّ َ ش َ ْ
حنبل 19403وابن ماجه ،1853واللفظ ألحمد ...:قَد َِم ُمعَاذٌ اليَ َمنَ ،أ َ ْو قَالَ :ال َّ
ساقِفَتِ َها ،فَ َر َّوأْتُ فِي ارقَتِ َها َوأ ََ ِ َ
ط ب
َ ل
ِ ُ دجُ س
ْ َ ت ى ار
َ َ ص َّ ن ال ْتُ ي َ أر َ ،ِ هللا سو َل ظ َم ،فَلَ َّما قَد َِم ،قَالَ :يَا َر ُ سلَّ َم أ َ َح ُّق أ َ ْن يُ َع َّعلَ ْي ِه َو َ صلَّى هللاُ َ سو َل هللاِ َ نَ ْف ِس ِه أ َ َّن َر ُ
ع َّز َو َج َّل
ِ َ هللا َّ
ق ح ُ
َْ َةَ أر م الْ ِي ّ د ؤ
َ ُ ت ال َ و ا، ه
ُ َ ْ ِ َ َ ج و ِزَل د ج س
ْ َ ت ْ
ن َ أ َ ة َ أ رَْ م ْ
ال تُ ر
َْ مَ َ
أل ٍ،
د حَ أل
ِ د
َ ُ َ َ ج س
ْ ي نْ َ أ ًا دح َ َ أ ) 1 ( ر
ُ ُم آ تُ نْ ُ
ك و
ْ َ ل " َ:
ل اَ قَ ف ،م َّ
ظ
َ َ ع ُ ت ْ
ن َ أ قُّ نَ ْفسِي أَنَّكَ أ َ َ
ح
ب أل ْعطته إِيَّاهُ .صححه األلباني في صحيح ابن ماجه ُ ْ َ َ َ على ظ ْه ِر قت ٍَ َ َ َ ِي َ س َها َوه َ ْ
سأل َها نَف َ َ َ َ َّ
عل ْي َها كلهَُ ،حتى ل ْو َ َّ ُ َ ِي َحق زَ ْو ِج َها َ َّ علَ ْي َها ُكلَّهَُ ،حتى ت َؤد َ
ّ ُ َّ َ
1515وصحيح الترغيب ، 1943لكن ضعفه آخرون كلجنة محققي طبعة الرسالة لمسند أحمد.
وفي جامع أحاديث الشيعة للبروجردي ،نذكر كمثال من ج /20ص ،221من الكافي ومن ال يحضره الفقيه )2( 703 :كا 507ج - 5
وفقيه 276ج ُ 3م ْسلِم عن أبي جعفر عليه السالم قال جاءت امرأة إلى النبي صلى هللا عليه وآله فقالت يا رسول هللا ما حق الزوج على
المرأة فقال لها أن تطيعه وال تعصيه وال تصدق من بيته إال بإذنه وال تصوم تطوعا اال باذنه وال تمنعه نفسها وإن كَانَت على ظهر قتب وال
تخرج من بيتها إال بإذنه وان خرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها مالئكة السماء ومالئكة األرض ومالئكة الغضب ومالئكة الرحمة َحتّى
ترجع إلى بيتها....ومن لفظ )4( 705كا 508ج 5فقال أن تجيبه إلى حاجته وان كَانَت على قتب ( )5وال تعطي شيئا إال باذنه فان فعلت
فعليها الوزر وله األجر وال تبيت ليلة وهو عليها ساخط قالت يا رسول هللا وان َكانَ ظالما قال نعم .قالت والذي بعثك بالحق ال تزوجت
زوجا أبدا.
translationsproject.org
138
َض األشياء ،ولذلك فقد اعتدت األمر ،ولَ ْم أتذَ َّمر ،وتح َّملت؛ أ َمالً َّ
أن هذه التضحية "هللا" عادة ً أبغ َ
ستقربُني من الجنة ،وت ُ ْب ِعد ُني عن النار.
ِّ
حدث ما َل ْم أ َ ُك ْن أتوقعه؛ ِ
حملت منهُ .ك ْنتُ عالقة؛ َل ِكنّي أي ً
ضا ُك ْنتُ معتادة على االستسالم
لقَدَري ،لذلك ر َّكزت على كم هو رائ ٌع؛ أن يكون لي طفل صغير أحبه ،ويحبني بالمقابل؛ تمنيّت
أن تكونَ بنتًاُ .ك ْنتُ أعرف أَنّي سأصبح أ ًّما عزباء في يوم ما ،وسيكون من األسهل التعامل مع
أعز صديقتين. شك ،سأكون أنا ،وابنتي َّ بنت؛ بال ٍّ
انتقلنا ثالثَتُنا للعيش في بيت من طابقين وانتقلت أ ُ ّمي معنا .ما إن وصلنا؛ َحتّى َجا َل في
ي أح ٍد منالشمس ،ويمنع أ َّ
َ المنزل ،ولصق على ُك ّل النوافذ ورقَ تغليف اللحم البني؛ كي يح ُج َ
ب
أكثر.
ضا ،كي يتأكد َ صدفة .ثم غطى النوافذ بستائر أي ً
رؤيتي ُ
ع ْد أغادر المنزل [منذ ذلك الحين؟ قط؛ إال لمواعيد طبيبة النِساء ،والتوليد .صارت تلك لَ ْم أ ُ
لكن بقدر ما تستطيع تنسم الهواء من النُزهات فرصتي الوحيدة الستنشاق بعض الهواء المنعشْ ،
ي؛ الذي أتى كامالً تقريبًا الز ّخالل قطعة قماش تغطي وجهك .مرة في الشهر ُك ْنتُ أرتدي ذلك ِ
سوداوانَ .كانَ من السعودية :جوربان أسودان سميكان ،وعباءة سوداء ،وحجاب ،ونقاب َ
ي، عدا عي َن َّ عن قطعة قماش سوداء مربعة ذات طبقتين؛ طبقةٌ ت ُ ّ
غطي ُك َّل وجهي َ ال ِنقاب؛ ِعبارة َ
يِ؛ قفازين سوداوين .حينَ ي .و َكانَ الجزء األخير من ِ
الز ّ وأخرى َرقيقة فوقها كي تُغطي عي َن َّ
أكون جاهزة ً لمغادرة المنزل ،ومستعدة ً لزيارة ُ تُصبح ُك َّل بُوص ٍة من ِجلدي ُمغطاة ً باألسود،
برفقة َر ُج ٍل َم ْح َرم بالتأكيد.
الطبيبة ِ
بالتأكيد َكانَ ِلزا ًما أن تكونَ الطبيبة أُنثى؛ إذ من الحرام أن أخاطب َر ُج ًال إال في الحاالت
أن تقولي: أن َر ُج ًال على َوشك الوقوع في بئر ،فيجوز ِ
لك ْ ً
"مثال ،لو َّ ال ُملحة االضطرارية.
ت منخفض " .هذا َكال ٌم اقتبَستُه عن أ ُ ّمي حرفيًّا ،متر َج ًما ِمن العربية.
60
"إحذر"؛ لكن بصو ٍ
139
المنزل؛ في البيت ُك ْنتُ أشاهد ُ أوبرا ألجدَ لي صلةً بالعا َل ْم ِ صرت أرهَب الخرو َج من
أن هذه الصلة َكانَت أُحادية الجانب؛ إال أنَّها َكانَت شبيهةً بالتفاعل االجتماعي. الخارجي؛ رغم َّ
ُك ْنتُ ُمتماهيةً مع أوبرا ،وضيوفِها ،و َكانَ ذلك يُله ُمني ،ويُش ِعرني؛ أَنّي جز ٌء من العالَ ْم ،و ُك ْنتُ
أتعلَ ُم منهم جميعًا.
ُعيق قدرتَ ِك سك ،فهو ي ُ تحر ُمك من حوا ِ ّ سِين أنَّ ِك في كابين ٍة ُمتن ِقّلة؛ ِ عندما تلبسين النقاب؛ تَح ّ
أشعر أَنّي أموتُ ببُطءٍ داخلَه وأ ْذ ِوي ِ ُ .ك ْنتُ أعاني
61
ُ شمُ .ك ْنتُ
واللمس ،وال َّ
ِ سمع،على الرؤي ِة ،وال َ
ق أحد ٌ إلى معايير زوجي الدّيْنية .لَ ْم جسديًّا ،وعاطفيًّا .لَ ْم يُسمح لي بتكوين صداقات؛ ألنَّه لَ ْم يرت ِ
صا على اإلطالقَ .كانَت أفعالي يوم شخ ً ذات ٍ َ أصال ،وال َحتّى ما إذا ُك ْنتُ ً أعد أعرف من أنا
يِ َ
مباشرا ألفعا ِله هو .لَ ْم أ ُك ْن أجرؤ على التنفُّس؛ إال إذا حدَّد لي في أ ّ ً الوحيدة التي أفعلُها؛ نتا ًجا
سبةً القولُ؛ أَنّي أسير على قشر البيض .لكن ِمنَ األكثر منا َ ُ أزفُ ُر .يُمكنني القَول؛ أَنّي ُك ْنتُ
اتجا ٍه ْ
ي اتجا ٍه أستديرَ .كانَ ُم َع ِنّفًا ،و ُمسيئًاأمره لي في أ ّ ُك ْنتُ أ ِقف متوترة ً على قشر البيض؛ و ُمنتظرة ً َ
َحسب المعايير تما ًما .أدركتُ الحقًا أنَّه َكانَ يتبع (ينطبق عليه نمط) الدورة الموصوفة في كتبي
سها في المدرسة. الدراسية الخاصة بعلم النفس بدقة الساعة ،كما لو َكانَ قد دَ َر َ
140
َكانَت هنالك مرات نادرة أشعرني فيها أَنّي ُم َميزةَ .كانَ هذا مه ًّما ،خاصة في بداية العالقة كي
يجذبَني.
كك؛ أتمنَّى لو ُك ْنتُ الذهاب إلى العمل"؛ َكانَ يقول بحزن في الصباح؛ "ال أريد أن ُ
أتر ِ َ "ال أريد
أقدر أن أص ِغّ َر ِك؛ كي أضعَ ِك في جيبي؛ فتكوني معي ِطوال اليوم؛ في هذا الجيب" ،و َكانَ
ب قميصه "كي تكوني قريبةً من قلبي". يقول وهو يُر ِبّت على جي ِ
ي؟ الذي عانيته بين هذه اللحظات، لقد ر ُج َح ،وفاقَ هذا الفُتات من اإليجابية؛ التجوي ُع [النفس ُّ
سيكون فيها لطيفًا ،أو ُمراعيًا ،أو َحتّى
ُ ُ
حيث عشت ألج ِل الفُتات القادم؛ ألج ِل المرة التالية؛ التي
عديم الوحشية فقط.
كي تكتمل الدورة ؛ بهدف خضوعي تما ًما تحت لعن ِة تعنيفه ليَ ،كانَ يستخدم أسلوب اإلشراط
أن ُك ّل شيء حرام،
جرس طعام باڤلوڤ .ظننتُ من قَب ُل ََّ الكالسيكي .62حلَّت لكمةً على َوجهي؛
ُ
تكون حرا ًما. لَ ِكنّي لَ ْم أ ُكن أعلَ ْم؛ كم من األشياء األخرى قد
ذات مرة ُك ْنتُ أبحث عن شيء في دليل الهاتف؛ فبدأتُ أغني بشرودٍ:
“ "A B C D E F G … H I J
ي" :ما الذي تفعلين؛ بحق الجحيم؟" ثم ضربني على فمي بظهر يده. صا َح ف َّ
َكانَت هذه إحدى المرات التي وجدت نفسي فيها في َحيرةٍ من أمري؛ ما الذي فعلتُه بالضبط؟
ماذا َكانَت مخالفتي هذه المرة؟
" ِل َم تُغني في بيتي؟ تحاولين دعوة الشيطان إليه؟"
"إنه ترتيب األبجدية؛ ُك ْنتُ فقط"...
ز 62ر
االستجان :classical conditioningمصطلح ف علم النفس السلوك ،يصف أحد أشكال التعلم التابط، ر اإلرساط الكالسيك أو الباڤلوڤي أو
معي القدرة عىل استحضار استجابة الفرد الخاصة بمنبه آخر .ظهر المصطلح عىل يد عالم النفس الروس إيڤان ز ر
خارح حيث يكتسب منبه
ً
محايدا؛ أيّ ر
باڤلوڤ عام ،1903وقام جون واتسون فيما بعد بدراسته عىل األطفال المثت الشط ( )Conditional Stimulusالمثت الذي يكون
: .
ً ز ال يولد استجابة متوقعة زف بادئ األمر .ولكن من خالل تواجده قبل المثت غت ر
الشط ،أو ف نفس الوقت معه فإنه يصبح قادرا عىل إحداث
ً
حدثا يقع ضمن نطاق مدى إحساس الكائن المراد رإرساطه ،كما أنه ال ز
ينبع أن الشط أنه ينب زع أن يكون
بي مقومات المثت ر
الشطية .ومن ز االستجابة ر
ر ر
أي خصائص قبل اإلرساط شأنها أن تؤدي إىل إحداث االستجابات.االستجابة الشطية ( :)Conditioned Responseاالنعكاس المتعلم يكون له ّ
ر ر
الجديد والذي يحدث نتيجة اقتان المثت الشط مع المثت الغت رسط.
translationsproject.org
141
ألعذارك الغبية".
ِ "ال أكترث
وأن الموسيقى فقط َحرام؛ لكن ال .تبيَّن َّ
أن حتَّى ذلك الحين ُك ْنتُ أعتقد َّ
أن الغنا َء مسموحَّ ،
ستحض ُر ال َّ
شيطانَ . ِ ي ٍ-؛ يَ
ِغناء األبجدية -كي تساعد نفسك في البحث عن شيء بتسلس ٍل أبجد ّ
ت بطني ،ازداد ضربُه المستمر ليُ .ك ْنتُ خائفة منه للغاية إلى درجة أَنّي ُكنت اتفاداه ُكلّما َك َ
بر ْ
طرقَ الباب؛ ألَنّي لَ ْم أشَأ التفاعل
در ممكن؛ َحتّى عندما يكون في الحمام؛ ُك ْنتُ أتفادى َ بأقصى قَ ٍ
معه .لَ ْم أعرف قط مواقع األلغام ،ولَ ْم أعرف قط ما الذي قد يتسبب لي بالضرب.
في أسوأ لحظات لي ،بينما أطال هو في الحمام ،وبطني ال ُمتضخمة -من الحمل -تضغط على
استحمام من سلة الغسيل ،وجلست عليها ألتبول؛ لقد اخترتُ أن أتبَّول في ٍ طويت منشفة مثانتيَ ،
مالبسي؛ ً
بدال من ْ
أن أكل َمه.
أن أغلب الضرب الذي تعرضت له؛ َكانَ بسبب رغم أَنّي َل ْم أعرف ما الذي قد يغضبه؛ إال َّ
الطعام .تسببت لي تلك السنوات في حالة َجزع ِمنَ الطعام؛ لدرجة أنَّه َحتّى بعد عق ٍد كامل،
الر ُجل الذي أحب ،بقيتُ ال أستطيع أن أطهو له الطعام .جعلتني تلك السنوات عندما تزوجت َ
أن مجردَّ التفكير في إعداد وجبة لشخص؛ تملؤني بأحاسيس أكره الطبخ للغاية؛ إلى درجة َّ
الخوف ،والتوتر من الطبخ عمو ًما ،لَ ِكنّي ال زلت ال أطبخ
َ الذُعر ،والخوف .في النهاية تجاوزت
ي أصناف عربية. أ ّ
طبخ الطعام فقط؛ َكانَ هذا هو ما يشغَل ُك ّل حياتيَ .كانَ آنذاك َكانَت أيّامي تتمحور حول َ
ي أن تب طبخ ،ويُلصق أوراق مالحظات على صور الوجبات التي يحبها ،و َكانَ َ
عل َّ يشتري ُك َ
أطبخها؛ وبالتأكيد الوجبات التي طبختها لَ ْم تُطا ِب ْق تما ًما األطعمة التي يحبها؛ ف َكانَت ردة فعله
ي.
عل َّ
المعتادة إلقاء الصحنَ َ
في المرات التي َكانَ يأكل فيها الطعام الذي طبختهَ ،كانَ يُ َقدّم خالصة تفصيلية؛ عن كيفية
ي شيء ساَ .ل ْم يَ ُك ْن يحب أ ّ
تحسين الطبق في المرةِ القادمة؛ َكانَ دقيقًا جدًّا في طلباته؛ بل مهوو ً
فيه صلصة ،وال وضع الطعام في كسرولة ،ولَ ْم َي ُك ْن يُحب إال األطعمة التي على شكل األصابع،
ممال في عمله جدًّا؛ ألنَّه أن ُك ّل ما َكانَ يطلبه؛ َكانَ ُمتعبًاُ ،و ًّ
عنَى هذا بالتأكيد؛ َّأو ال ُمق ِبّالت.لقد َ
طع ٍة على حدة.يجب إعداد ُكل ِق َ
translationsproject.org
142
ذات مرة ُك ْنتُ أحدث صديقة عبر الهاتف ،وسألتني عن سبب كون صوتي يبدو حزينًا ،فأجبتُها:
"إنه غاضب من العشاء الذي أعدَ ْدتُه".
"ما الذي أعددتِ ِه؟"
أر ًّزا ،وسلطةً".
"دجا ًجا مشويًّا ،و ُ
"هذا يبدو رائعا!" قالت لي؛ بما أنَّها طالبة جامعية فإن وجباتها َكانَت جاهزة ً في العادة.
إنَّها ُمحقة .ينبغي عليه أن يكونَ ُممتنًّا؛ ألنَّه يجد الوجبات الطيبة ُمعدة ً له .الوغد؛ حاولت
التواصل معه من وجهة نظر إسالمية؛ أخبرته أنَّه يجب عليه أن يكون ُممتنًّا لما لَدَيه ،ولما
حيث قال؛ أَنّي
ُ دره؛ طةً من قَ ِ أعددته له؛ لكن انتهى بي األمر بوج ٍه ُمتورم؛ ألنَّه وجد كلماتي ُم ِح َّ
أتهمه؛ بقلة الدّيْن ،وأنَّه ُم ْس ِلم سيء.
علَّقتُها على الحائط أما َمه طلبت من أ ُ ّمي لوحةً؛ كانت ُمعلَّقة في شقتها ن ُّ
صها؛ "الحمد ُ هلل"؛ ث ُ َّم َ
في م َكانَ جلوسه لتناول العشاء؛ إذا لَ ْم َي ُك ْن بمقدوري مخاطبته ،فعلى األقل سأحاول أن أرسل له
بدال من ذلك.مبطنةً (باطنية ال شعورية) ً رسالة َّ
ذات ليلة ُك ْنتُ أعد أحد األ طباق الكندية الشهية التقليدية؛ وهي حساء المكرونة بالدجاج .علمت
أنَّه سيعود إلى المنزل قريبًا ،وأَنّه ال زال أمامي الكثير للقيام بهُ .ك ْنتُ مشغولة بخ َْلي ِ لحم الدجاج
ي الحرص على ي شيء آخر غير اللحمَ .كانَ َ
عل َّ المغلي؛ من العظام ،والغضاريف ،والجلد ،وأ ّ
ي الصافي إلى حسائه (شوربته)َ .حتّى قطع الدجاج ي شيء غير لحم الدجاج المخل ّ أال أضيف أ ّ
الداكنة اللون أكثر من الالزم َكانَت تجعله يغضبُ .ك ْنتُ خائفة من التسرع في العملية لكن َكانَ
أنظف البيت ،وأستَحم ،وأرتدي مالبسي. َ ي أنعل َّ
ال يزال َ
طلبت من أ ُ ّمي المساعدة بخجل.
translationsproject.org
143
الصدر ،فإذا َل ْم تجدي الكثير
َ "أرجوك كوني حريصةً؛ ضعي أنقى قطع اللحم فقط؛ لقد َّ
قط ْعتُ ِ
وف يف ِقد صوابه .فقط أضيفي س َ ير اللحم كأول شيء ،ف َ طبعَهُ ،إذا لَ ْم َ
فال بأس .أنت تعرفين َ
63
الدجاج إلى هذه الطنجرة".
"حسنًا حسنًا .لستُ غبيةً .اذهبي فقط".
أرجوك أن تَحذري .أتعلَ ْمين ،انسي األمر؛ يوجد ما يكفي من الدجاج فيه بالفعل". ِ "أعلَ ْم .لكن
ُك ْنتُ جد متوترة ،ولَ ْم أَ ُك ْن ِألترك هذه المهمة لها ،وعدم إجادة عمل طعامه َكانَت دائ ًما لها
عواقب أليمة مخيفة.
"قلت لك أعرف .فقط اذهبي ،ونظفي نفسك؛ قبل أن يأتي زوجك ،فيراك هكذا".
المغرفة في الطنجرة ألضع له الحساء ،وعندما الحقًا عندما جلس لتناول العشاء ،غمستُ ِ
أن المغرفة في يدي؛ امتألت بعظام ،ودهن ،وجلد الدجاج؛ فأنزلت ت لرؤيتي َّ صد ِْم ْ رفعتُها ُ
المغرفة بسرعة قبل أن يتمكن من لمحها.
"لم ُك ّل هذا التباطؤ؟"
"أنا "...توقف عقلي عن التفكير.
"لم هي غبية للغاية؟" سأل أ ُ ّمي.
ردت أ ُ ّمي بقهقهة.
غَمستُ المغرفة ثانية ،ووجدت نفس الخليط من عظام الدجاج .لَ ْم أستوعب كيف ل ُك ّل هذه القذارة
كأن قطع عظام أن تصل إلى هناك عن طريق الخطأ؛ إذ لَ ْم تَ ُك ْن عظمةً ،أو اثنتين؛ َكانَ األمر َّ
ت مباشرة ً من المصفاة إلى الطنجرة. الدجاج؛ قد أ ُ ْل ِقيَ ْ
َكانَ قد بدأ يفقد صبره.
ملعون؛ محترم على ٍ ي" .أال تستطيعين َحتّى وضع طب ٍ
ق؛ "لقد عملت طوال اليوم!" صرخ ف َّ
الطاولة في الوقت السليم؟ أنت تجلسين في البيت ،وال تفعلين شيئًا طوال اليوم!"
ْ 63
طنجرة :حلةِ ،قدرِ ،مرجل ،نونية ،غالية
translationsproject.org
144
نظرت إلى المصفاة التي تكون في العادة مليئة بالعظام ،والفضالت األخرى ،ف َكانَت فارغةً.
مصدومةً لهذا ،نَظرتُ الى أ ُ ّمي بسرعة .بدت كأنَّها مهتمة جدًّا بالتحديق في مفرش الطاولة عن
ي.
أن تنظر في عين َّ
دهاك؟" قفز من مقعدِه ،ث ُ َّم وقف إلى جانبي ً
قافزا" .ضعي الحساء اللعين!" ِ "ما الذي
ي خَيار؛ سوى أن أغمس المغرفة ثانية ،وهو يشاهدني؛ فخرجت مليئةً بالعظام؛ كما لَ ْم يَ ُك ْن لَدَ َّ
خرجت في المرتين السابقتين.
"ما هذا؟" همس مه ِدّدًا.
"أنا .......لقد َكانَ لَدَي الكثير لفعله؛ هذا الحمل يُتعبني؛ فطلبت من أ ُ ّمي أن تساعدني على طهو
الدجاج".
ي ألجل هذا؟" عل َّ
"ماذا؟ أستلقين باللوم َ
لوم؟ كيف تعرف ما الذي ُك ْنتُ سأقوله؟ َكانَت ال تزال جالسة على الطاولة .كيف لها أن ترى ي ٍ أ ُّ
ما َكانَ في المغرفة؟ َحتّى تلك اللحظة ُك ْنتُ أعتقد أنَّه خطأ بريء .لَ ْم أستوعب كيف يمكن أن
سهوا ،وخطئًا ،لَ ِكنّي لَ ْم أكن قد قدرت على فهم البديل .حينذاك ،لَ ْم يعدتكون قد وضعت ُك َّل هذا ً
لَدَي خيار سوى أن أرى الحقيقةَ.
ُك ُّل تلك السنوات؛ وأنا أجد ُ لها األعذار ،وأظن أَنّي أسيء فه َمها ،وأقبل تبريرا ِتها ،وأستمر في
منحها الثقةَ ،وأعيش ألجل ُحبها ،وألوم نفسي ،وأكره نفسيُ .ك ّل تلك السنوات ،وأنا أقبل أَنّي ِ
فاشلة ،واكافح إلرضائها ،وأضع رغباتها ،واحتياجاتها قبل رغباتي .انكشف ُك ُّل شيء ،وانهار
ي سبي ٍل لإلنكار .نظرتُ إليه متوقعة أن يقتُلني؛ يأ ّفي هذه الحادثة الواضحة؛ بحيث لَ ْم يَ ُك ْن لَدَ َّ
ي ضربة جسدية أن تضاهي األلَ ْم النفسي الذي ُك ْنتُ أشعر به. لكن لَ ْم َي ُك ْن ُمم ِكنًا أل ّ
أغرب شيء؛ قال" :ال بأس؛ دعينا نتجاوزَ الحساء ؛ ما الذي لَدَينا غيره للعشاء؟" َ َ
حدث ثم
وأدرك أنَّها أوقَعت بي .لقد رأى في عينَ َّ
ي َ أن أ ُ ّمي؛ هي التي فعلت هذا، هم َّ
ي؛ لقد فَ َ عل َّ
لقد أشفقَ َ
ُ
ضا؛ لقد فهم أنَّها تُريد أن تراني أض َْرب مرة أخرى ،وبينما أنا أصرخ أَنّي قد عرفتُ ذلك أي ً
مستنجدة ً بها ،وهو يسحبني من شعري ،ويلكمني في وجهي َكانَت لتقول -كما َكانَت تقول دائ ًما:- ِ
ْ ُ
وف يسمعُك الجيران ،هل تريدينَ أن يُ ْس َجنَ ؟" س َ "اخرسي؛ َ
translationsproject.org
145
الر ُجل الشرير -الذي سأع َل ْم الحقًا؛ أنَّه متورط في تفجيرات قتلت المئات من الناس، هذا َ
64
صر ،والتي ليس والذي حوكم ضمن من حو ِكموا؛ في أكبر محاكمة إلرهابيين في تاريخ ِم ْ
ُ أكبر منها إال محاكمة الذين اغتالوا الرئيس أنور الساداتَ -كانَ لَدَيه رحمةً َ
أكثر من أ ّمي!
146
طفلتي الرضيعة
أن أ ُ ّمي خسيسة ،وشريرة ،لَ ِكنّي احتَ ْجتُها .فقد ُك ْنتُ قد تجاوزتُ ذكرى ميالدي لقد علمتُ َّ
الثانية والعشرين للتو ،وصرتُ مسؤولةً عن حيا ٍة جديدةُ .ك ْنتُ بالكاد قادرة على العناية بنفسي
ناهيك عن االعتناء بشخص آخرُ .ك ْنتُ خائفة ومتوترةُ .ك ْنتُ ممتلئة بالحب لطفلتي الصغيرة
الرضَّع ،لكن عندما
ضا بنفس القدر تحت وطأة الشعور بالمسؤولية .أحب األطفال ُ لَ ِكنّي ُك ْنتُ أي ً
ي أنعل َّ
ي هذا الرضيع لي .كيف َ لكن اآلنَ أُع ِ
ْط َ ينطلقون في البكاء ُك ْنتُ أُعيدهم إلى أمهاتِهمْ .
أعرف كيفية التصرف؟
الطفل الوحيد الذي اعتنيت به سابقا َكانَ ابن أختي بينما َكانَت هي في المستشفى ت َ ِلد المزيد من
الرضَّع.
ُ
قالت أ ُ ّمي وهي ت ُغيّر حفاظته؛ "أواه؛ انظري إلى حجمه .إنه ضخم مثل جده".
ع َّم الصمتُ أرجا َء الغرفة ،وأصا َبتني الحقيقة البشعة؛ في َّ
أن "أيّهم؟" تساءلت أختي ساخرةً؛ َ
أُمي قد مارست الجنس مع َجدَّيه ِكال ُهما؛ " إيو" ؛ زَ فرتُ بصو ٍ
ت خَفيض.
رغم ك ّل عيو ِبها؛ َكانَت أ ُ ّمي المرأة الوحيدة القادرة على مساعدتي في العناية ِب ِطفلتيَ .كانَت
أكثر مني .لَ ْم أ َ ُك ْن أعرف
َ تعرف
ُ الوحيدة معي في ال ُمستشفى وأنا أ ِلد .رغم كل عيوبها َكانَت
شة. كيف أعتني بهذه الحياة الضئيلة اله َّ
ً
اتصاال هاتفيًّا من ال ُممرضةَ .كانَت خدمة مقدمة من بعد بضعة أيّام من والدتي طفلتي؛ تلقيتُ
الحكومة لألمهات حديثات الوالدة.
سألتني" :هل تنام جيدًا؟"
ضا".
وكثيرا في النهار أي ً
ً "تنام جيدًا حقًّا .تنام كامل الليل
"كيف حال رضاعتها ؟"
" بالكاد ترضع .إنها نائمة دائ ًما".
كثيرا؟"
سألتني الممرضة بعد سكتة قصيرة" :أوه .هل تبكي ً
"ال ،على اإلطالق .هي سعيدة بالنوم في أرجوحتها .إنها طفلة رائعة".
translationsproject.org
147
"أود زيارتك َل ِكنّي ال أستطيع فعل ذلك اليوم ،لذلك أحتاجك أن تفعلي شيئًا .أنظري إلى بياض
أصفرا".
ً عينيها وأخبريني إن َكانَ
كثيرا هكذا". ضع ً "هل هي بخير؟ إنها فقط طفلة هادئة .قالت لي أ ُ ّمي أنَّه من الطبيعي أن ينام ُّ
الر َ
"ال .يجب أن تتغذى ُك َّل ساعتين؛ يا ياسمين ،إنها ال تتغذى على نح ٍو كافٍ ".
التفتت كي أتفَقدَها؛ وهي نائمة في مهدِها جانبي؛ َكانَت بالفعل تنا ُم أكثر من الالزمُ .ك ْنتُ أعلَ ْم
أن خطبًا ما يعتريها؛ ُك ْنتُ أ ُسرع أحيانًا ألتفقد استمرار تنفُسِها هذا! أخبرت أ ُ ّمي أَنّي أحسست َّ
أصفرا.
ً بياض عينيها َكانَ بالفعل
َ أن ً
طويال للغاية؛ فز ْعتُ عندما وجدت َّ ألنَّها تنام
قالت لي الممرضة" :خذيها إلى الطوارئ بأسرع ما يمكن .أخبريهم أنَّها تعاني من اليرقان".
أن رض َخ في النهاية ،وأ َخذَنا الى أصررتُ على هذا مع أ ُ ّمي ،وأبيها [أبي الرضيعة؟ ،إلى ْ َ
المستشفى.
66
دم لتفَقُّد معدل البيليروبين لَدَيها .لَ ْم تَ ْجفَ ْل َحتّى. قدمها ألخذ عينة ٍ
كعب ِ
َ
65
َوخ َُز ُوا
ت!" "كم هي طفلة رائعة .حتى أنها ما َب َك ْ
قالت الممرضة" :هذه ليست عالمة جيدة".
توقف قلبي لكلماتِها؛ بالتأكيد هذا ليس جيدًا .كيف لها أن تنام بعمق إلى درجة أنَّها ال تحس َحتّى
بوخزة كافية لسحب الدم؟ اعترتني حالة من الهلع التام مباشرة.
65
بإبرة ونحوه.
وخز :شكٍ ،
66تجف ُل :تفزع ،تتاجع ،ت ْن ُكصُ
translationsproject.org
148
فورا ،وت َّم َوض َعها تحت األضواء فوق البنفسجية.
أخذوها مني ً
قالوا لي" :دعيها هناك ،ال تحمليها".
فراش بالستيكي شفافَ ،و َب َكيْتُ ُ .ك ْنتُ عاجزةُ .ك ّل ما ُك ْنتُ أستطيع ٍ جلست أشاهدها عاريةً في
فعله هو التحديق بها ،والبكاء .لَ ْم أحب أحدًا في حياتي قط مثلما أحببت هذه الكتلة الصغيرة التي
تزن بالكاد خمسة أرطال [ 2.25كيلوغرام؟ .لَ ْم أعرف َحتّى أنَّه يمكن لإلنسان ْ
أن ي ُِحبَّ بهذا
القدر .أحسست بألَ ْم في ذراعي ،وجسدي ،و َكانَ ك ُّل ما أردتُ فِعلَهُ هو َح ْم َلها.
ي غريزيًّا ،وبدأت
ع َّ
أخيرا ،وبدأت تتحرك .وصلت إليها ،وحملتها بين ذرا َ ً َفت َحت عينيها
أرضعهاُ .ك ْنتُ سعيدة للغاية ألنَّها تجاوبت معي.
صاحت الممرضةُ" :ارجعيها تحت الضوء! تريدينها أن تتحسن أم ال؟ حملُها لَ ْن يساعد في ذلك.
أ َ ْن ِز ِليها".
وف تبكي".
س َ"لكن ما أن أعيدها َ
أن األمر صعب عليكَ ،ل ِكنَّه ال يتعلق بك .عليك أن تفعلي "و ماذا إذن؟ ُك ّل الرضع يبكون .أعلَ ْم َّ
حملَها".ت ْ ً
طويال للغاية إذا واصل ِ وف يتطلب تعافيها وقتًا س َما هو في مصلحتهاَ .
لقد فزت للتو بمعركة ضد أ ُ ّمي ألَنّي أصررتُ على االستماع إلى غرائزي بخصوص ابنتي.
ي شخص آخر ي أن أبدأ في االنتباه لغريزة األمومة لَدَي .لَ ْن أثق في أ ُ ّمي ،أو أ ّ عل َّ
أنا أم اآلن و َ
أصريت على أخذ ابنتي إلى اإلسعاف َّ ُ
ت صحة غريزتي عندما إلخباري بمصلحة ابنتي .لقد ثبت َ ْ
ي من قَ ْبلُ ،لذلك وث ْقتُ في أَنّيرغم إصرار أ ُ ّمي على أنَّها بخير .لقد أصابت غريزة األمومة لَدَ َّ
ينبغي أن أت َّ ِب َعها مرة ً أخرى .رغم أوامر الممرضة راتشيت حملت ابنتي ،وعانقتُها ،وأرضعتها
ُكلّما استطعت .قدم الطبيب ،وعلَّقَ في الحقيقة على سرعة تعافيها .تحت مسمعك أيّتها الممرضة
أن األبحاث أثبتت َّ
أن راتشيت! ع ِل ْمتُ أن السبب في ذلك حملي لها .علمت بعد سنوات الحقًا َّ
الرضع يتعافون من اليرقان أسرع إذا َكانَ هنالك اتصال مباشر ببشرة األم.
translationsproject.org
149
تركيزا أكثر على رضيعتي .لَ ْم أعد أتركها في َم ْهدِها، 67أو في األرجوحة؛ كي أطبخ
ً اكتسبتُ
كثيري
َ له عشا َءه ،أو أغسل مالبس أ ُ ّمي ،وصرت أضع احتياجاتها في المرتبة األولىَ .كانَا
المطالب ،ولئي َمي ِْن ،بينما َكانَت هي تمكث فقط في م َكانَها كمالك ،لذلك جعلتُ لها األولويةَ
عليهما .ال مزيد من ذلك.
َكانَ يعود إلى البيت متى شاء ،ويعلّق على فوضى البيت ،أو ينظر من تحت أنفه إلى شعري
المنكوش ،ويبصق على قميصي.
ت ُمقززة .ولماذا هذا البيتُ ليس نظيفًا؟"
"نظفي نفسك؛ أن ِ
كوني محبطةً ،ولَ ْم أنم جيدًا ،وغاضبة ،وغير مهتمة؛ فقدت قدرتي في الحكم على األمور
للحظة .بالعربية كما بالفرنسية األسماء لها جنس .عندما نتحدث عن المنزل ،فإن السؤال يترجم
كاآلتي :لم البيت ليس (وال نقول ليست) نظيفًا؟
أسألك أنتِ".
ِ ي" :أنا
صرخ ف َّ
ي أنَّه َكانَ يحدثني أنا وليس البيت؛ فانفجرت ضاحكة- .أعتقد َّ
أن العناية أذهلتني سخافة إجابته؛ أ ّ
بطفلة وحدك تما ًما دون إنترنت يرشد ُِك ،أو أصدقاء تتصلين بهم ،أو ُمتنَفَّسُ ،ك ّل ذلك قد أضر
باتزاني-؛ أطلقت عنان قهقه ٍة من القلب؛ فضربني ضربًا كاد يفقدني التنفس ردًّا على ذلك.
َكانَت إحدى أقسى مرات الضرب التي ضربها لي .لَ ْم يتقبل كبرياؤه أن أضحك عليهُ .ك ْنتُ
مجرد إمرأة تضحك عليه ،فقرر أن ي ُِر َيني من هو القائدُ .ك ْنتُ جد متعبة من العناية بطفلته
67
المهد :الشير
translationsproject.org
150
فبالكاد َكانَ لي ردة فعل .لَ ْم يعد هنالك أذى إضافي يمكن إلحاقه بي؛ فقد ُك ْنتُ قد صرت
ُمستنزَ فة.
ُك ْنتُ متزوجة لَ ِكنّي ُك ْنتُ على نحو جوهري أ ُ ًّما عزبا َء؛ فهو لَ ْم يُظهر قط أدنى اهتمام بابنته.
لكن ذات يوم فعل ذلك!
بإحكام حول إصبعي؛ انحنى عليها ،وسألني: ٍ بينما كنت أق ِبّل أصابعها الصغيرة التي تلتف
"هل هي مط َّهرة؟"
قلت له" :نعم لقد حممتها اآلن".
مقومة أو معالَجة)؟""ال ،أقصد هل هي مضبَّطة (أو َّ
"ال أفهم ما تقصده"
تدخلت أ ُ ّمي قائلةً" :ال ال ".أجابته أ ُ ّمي" .سنفعل ذلك الحقًا عندما تكون أكبر".
ثم فهمت .لقد َكانَ يتكلَ ْم عن البتر التناسلي لإلناث (ختان اإلناث) .أراد أن يتناول شفرة ،ويبتر
ي شديد؛ كحمم البركان ،والذي لَ ْم أ َ ُك ْن أدري أَنّي ال غضب دفاع ٌّ
ٌ مالكي الصغيرة .انفجر مني
أزال أمتلكه .لَ ْم ت َ ُك ْن لي أبدًا الشجاعة للدفاع عن نفسي ،لَ ِكنّي ُك ْنتُ مستعدة للقفز من النافذة مع
ابنتي كي أبعدها عنه؛ لكن إجابة أ ُ ّمي منحتني بعض الوقت.
وف أحارب من أجل ابنتي .قررت أ َ ْن س َ شعرت بضرورة التصرف العاجل؛ لقد علمتُ أَنّي َ
وف أحرص على أن تكون حرة منهما س َ أخرجها من هذا البيت؛ قبل أن يتمكنا من إيذائهاَ .
كليهما قبل َحتّى أن تصير كبيرة على نحو يكفي؛ ألن تحتفظ بذكريات عن هَويتيهما.
المرة األخرى الوحيدة التي قال فيها شيئًا عن ابنتيَ ،كانَ كال ًما له ٌ
قدر مسا ٍو من الشناعة .لقد
ردَّدَ سجعًا لها عندما رآني أُغ ِيّر لها مالبسها.
translationsproject.org
151
68
"البس جديدًا وعش حميدًا ومت شهيدًا".
أوال :ما عالقة ارتداء المالبس الجديدة بالموت شهيدةً؟ وثانيًا :ال تتحدث عن موت ابنتي!
ُك ْنتُ ُُ جدَّ غاضبةٍ ،وخائفة ،ومنزعجة ،وحزينة بسبب تلك الكلمات الغبية .فعلت ُك ّل ما بوسعي
لتفادي تغيير مالبسها أمامه .منذ ذلك الوقت رأيت ڤيديوهات ِلرجال يرسلون أطفالهم -كحصان
طروادة -ليموتوا "شهدا َء" في تفجيرات انتحارية .هذه سلطة غسل الدماغ .إنها تتغلب على
دوافعك الطبيعية الغريزية البشرية الخاصة بالحب ،والتعاطف .إنها تتطلب منك أن تتصرف
أن هذا ما يريده هللا .عليك أن تتغلب على بطريقة الأخالقية ،وفاسدة تجاه أطفالك؛ بزعم َّ
غرائزك األكثر أساسيةً التي تدعوك إلى حماية طفلك؛ َحتّى تلبي مطالب الدّيْن ،مثل قصة
جنون .لَ ِك َّن هذه الفعلة
ٌ إبراهيم؛ الذي َكانَ مستعدًّا لذبح ابنه ألجل هللا .هذه ليست فضيلةً؛ بل
ي رب متعطش للدماء؛ مجنون يطلب مطلبًا ث ديانات عالمية .أ ّجوهر ثال ِ
َ ت للغاية ،ومثَّلَ ْ
ت بُ ِ ّجلَ ْ
تصو ِره .لَ ِك َّن
ُّ كهذا من مخلوقاته؟ كأنَّها لقطة من أحد أكثر األفالم رعبًا ،مخيف جدًّا َحتّى في
هذه قمة الفضيلة [في نظر تلك األديان؟ :أن تكون مستعدًّا للتضحية بابنك هلل.
سميت ابنتي على اسم أ ُ ّميَ .كانَت اخر محاولة لي للفوز بحبهاُ .ك ْنتُ في أقصى درجات اليأس
عندما فعلت ذلكُ .ك ْنتُ قد حاولت ُك ّل شيء لجلبها الى صفي؛ يجب أن تنجح هذه المحاولة؛
أن أ ُ ّمي ستكون أحن عليها إذا حملت نفس ندمت على ذلك في الحال؛ لَ ِكنّي أقنعت نفسي بتبرير َّ
إسمها ،و ُك ْنتُ محقةَ .كانَ هذا غرور أ ُ ّمي؛ حيث أنَّها فضلت ابنتي بفظاظة على نفس النحو الذي
بدال من أن أبتهج برؤية بنات أختي يُ ْنزَ ْلنَ إلى قاس؛ ً
قدر ٍ
ي؛ يا له من ٍ َكانَت تفضل أختي به َ
عل َّ
ت من المرتبة الثانية عند أ ُ ّميُ ،ك ْنتُ متقززة .لم أرد البنتي أن تحس بالترفُّع على بنات حفيدا ٍ
ق تجرب ٍة كيف كن خالتها ،وانفطر قلبي ألولئك الفتيات الصغيرات ،ألَنّي أعلَ ْم شخصيًّا عن ساب ِ
يشعُ ْرنَ بالضبط.
ُك ْنتُ معتادة على تحيُّري بين رغبتي في أن تحبني أ ُ ّمي ،ورغبتي في االبتعاد عنها بأقصى
قدر ممكن .لكن في تلك األيّام ُك ْنتُ أ ُ ّميل إلى االبتعاد عنها .عندما حملت ابنتي بين ذراع َّ
ي؛
152
أخيرا ُك ّل شيء من منظور مختلف .فجأة ً ً وأحسستُ بذلك الحب الجارف الغريب ،صرت أرى
لَ ْم أقدر على تصور كيف أل ُ ّمي أن تكون بمثل تلك القسوة معي طوال تلك السنين .ما ُك ْنتُ
ي شيء؛ َحتّى حياتي! كيف أمكنَ لها فعل ُك ّل تلك ألتردَّدَ في الدفاع عن ابنتي دون اعتبار أل ّ
حرك ساكنًا بينما َكانَ الرجال الذي تُد ِْخلُهم في حياتي يعذبونني؟
األشياء لي؟ كيف أمكن لها َّأال ت ُ ّ
كيف أمكن لها أال تحميني؟
صتُ إلى أنَّه ال يمكن أن تكون قد شعرت بنفس شعوري الذي شعرته تجاه ابنتي؛ لَ ْم أ َ ُك ْن خل ُ ْ
متأكدة ً من السبب؛ لست متأكدة ً هل ُك ْنتُ أنا السبب أم هي .لكن كيف يمكن أن أكون أنا السبب؟
ُ
ي الحقًا، عل َّ ي شيء وأنا طفلة .لقد أ ْل ِق َ
ي اللوم َ ُك ْنتُ طفلة .لَ ْم َي ُك ْن باإلمكان لومي على أ ّ
باطال ،وأنَّها حت ًما لَ ْم تشعر قط هذا بمثل هذا ً أن ُك ّل ذلك َكانَ اللوم .69لَ ِكنّي اآلن أفهم َّ
َ ط ْنتُواست ْب َ
الشعور األمومي نحوي .ال يمكنك أن تشعري بهذا الشعور؛ ثم تفقدينه بعد بضع سنوات .هذا
حب مغ ٍيّر للحياة ،والروح ،وعميق ،وغير مشروط .لَ ْم أتسبب في كرهها لي؛ بطبيعتي الذميمة
كما أقنعتني هي؛ لَ ْم تَ ُك ْن لي الفرصة أبدًا .إنها لَ ْم تحبني قط منذ البداية.
حاجة لمثت ر
خارح. ًّ
داخليا دون ينبع من داخلها، ّ 69
أي صار اللوم ُ
ٍ
translationsproject.org
153
القاعدة
ي منهما َكانَ ُك ْنتُ ال أزال عالقةً مع أ ُ ّمي‘ والوحش الذي أرغَمتني على الزواج منه .لَ ْم أدر أ ّ
األسوأ؛ ألنَّهما بدوا كأنَّهما يتبادالن األدوار .الوقت الوحيد الذي َكانَت خاللَه تُصبح الحياة
تعاضدان؛ ُكنتُ أنا أُجلَد، ُمحت َملةً؛ َكانَ عندما يُغادران المنزل لسبب ،أو آلخر .طالما كانا ُم ِ
وتو َجهُ لي لَ َكما ِ
ت تَندُّر ِهما.
عزَ ْوتُ 70ذلك إلى َكو ِنهما يَتكلَّمان َكانَ ِكال ُهما ُمتالزمين على نح ٍو غير ُمعتاد؛ في البداية َ
فليخرجا
ُ ي ِ حا ٍل؛
ي ٍ منهما على أ ّ نفس اللغة .لَ ْم أ َ ُك ْن مهتمةً -في الحقيقة -بتمضية الوقت؛ مع أ ّ
سرا ذات معًا ،ويبتعدا عني؛ لقد ُك ْنتُ سعيدة ً بقضاء الوقت مع رضيعتي .لذلك عندما حدَّثني ًّ
ليلة ،وقال لي أنَّه يريد أن ننتقل من البيت مع رضيعتنا؛ ُك ْنتُ متفاجئةً حقًّا.
صا صال ًحا"
مك ليست شخ ً "أ ُ ِ
حسنًا ،نعم .أنا أعرف ذلك .لكن كيف عرف هو هذا؟
صيص زرعٍ واحدٍ". "ما الذي تتحدث عنه؟ إنكما متالزمان دائ ًما كحبتي بازالء في إ ّ
ت أن نكون متقاربين .أنت ي أنا ،وأن ِ عل َّ
"وهذا خطأ .ال يجب علينا أن نكون هكذا؛ يجب َ
زوجتي ،وليست هي".
ألن أ ُ ّمي َكانَت معي عند إنجابي طفلي األول في العادةَ ،كانَ الناس سيقولون أَنّي محظوظة؛ َّ
ستعتقدون ذلك ،لَ ِك َّن األمر لَ ْم يَ ُك ْن كذلك؛ فقد َكانَت أ ُ ّمي عبئًا إضافيًّاَ .كانَت ُمتَ ِ
طلّبة مثله تما ًما.
أن تكونَ في هائال لخدمة كليهما ،و َكانَت ابنتي-بالنسبة إليهما -يُتوقَّع دائ ًما ْ ً ُك ْنتُ أبذل جهدًا
المرتبة الثالثة.
154
قررتُ َقبو َل عرضه واالنتقال من طالما بَ ِقيا في هذا التحالف الملعون؛ فقد ُك ْنتُ في ورطةَّ .
فسوف أتم َّكن ِمنَ التعامل مع ك ٍّل
َ ألن ذلك سي َفرقهما .فكرت أَنّي إذا تم ُك ْنتُ من فص ِل ِهما؛
البيت؛ َّ
وأن تجنب أ ُ ّمي والفَكاك منها أسهل من تَجنبه هوَ .خلُصت إلى أنَّه؛ حالما منهما على حدةَّ ،
سيمكنّي -بطريقة ما -أن أنتق َل إلى جانبها. فَ َّرقتُ بينهما ،ف َ
ظننت أنها ستغضب ،أو تشعر باإلهانة ،أو الجرح؛ لَ ِكنّي أخبرت أ ُ ّمي أنه يريد أن يبتعد عنهاَ .
لَ ْم أ َ ُك ْن مستعدة لرد فعلها االنفجاري على ذلك النحو؛ لقد استشاطت غَضبًا؛ بطريقة تثير الع َج َ
ب؛
َحتّى بالنسبة إلى إمرأة تَفقد صوا َبها على نح ٍو ُمنتظمَ ،و ُمتكرر مثلها.
منزال بالفعل ،وً قال لي" :سوف أبيت في منز ِل َع ْم ٍرو الليلة.؛ اجمعي ُك َّل متا ِعنا؛لقد وجدتُ
نستطيع المغادرة غدًا".
ُ
يحدث بينهما. خطيرا كانًَ أمرا
أن ً غدا؟ يبدو َّ
هناك ليس َمعها؛
َ وتصرخ؛ مع أنَّه؛ لَ ْم َي ُك ْن
ُ ذرع الغرفة ،وتشتِم، واستمرت أ ُ ّمي ت َ َ
َّ غادر مجددًا،
َ
حض َر لها كوبًا من الماء، ُ
فهر ْع إلى المطبخ؛ كي أ ِ تُ فأكثر؛ َ
َ أكثر؛
سعالها َ ُ َّ َ
ثم بَدأت تسعُل ،واشتد ُ
وعندما عدت َكانَت منحنية على حوض الحمام ،وهي تَسعُل د ًما ،وفي نفس الوقت َكانَ الد ُمً
ينزف من أن ِفها .حدَّقتُ بها ،وبيدي كوب الماء ،وأنا غير قادرة على الحركة .استطاعت في ِ
النهاية أن تغُ َّق (تُبق ِبق) بصعوبة بين نوبات السعال قائلةً:
""!911
ضتُ إلى الهاتف في ص ِع ْقتُ ؛ ألَنّي لَ ْم أ َ ُك ْن قد رأيتُ من قَ ْب ُل قط؛ هذه الكمية من الدم .ر َك ْ ُ
األسفل؛ ثم عدت إليها مسرعةً ،ثم مرة أخرى إلى األسفل ،ثم إلى األعلى ،ال أعرف كم مرة ً
برقم اإلسعاف. الهاتف ،واتَّصل ِ
َ فعلتُ ذلك قبل أن أتوقف في النهاية ،وأُمسك
155
معهم أنا ،ورضيعتي في سيارة اإلسعاف .عندما وصلنا الى المستشفى سارعوا بأ ُ ّمي ،وتركونا
لس في غرفة االنتظار. أنا ،وابنتي ن َْج َ
يقترب منَّا َر ُجلٌ ،وإمرأة.
َ كثيرا هناك؛ قبل أن لَ ْم يَ ِطل بنا الوقت ً
همس. "هل أنت ياسمين؟"؛ سألتني المرأة بلطفٍ ،وهي تكاد ت َ ِ
أخبارا عن أ ُ ّمي؛ فبدأتُ أسأل؛ عن سبب شروع النزيف لَدَيها فجأة ً ً أن لَدَيهما
افترضتُ ؛ َّ "نعم"َ .
بهذه الطريقة.
71
قالت لي" :ال .نحن من السي إس آي إس".
أن ذلك؛ اسم جناح في المستشفى. ضةً َّ "هل أخرجوها من قسم الطوارئ؟ "؛ سألتُ ؛ ُم ِ
فتر َ
اختصار جهاز االستخبارات األمنية الكندي". ُ "ال .سي إس آي إس؛ هو
صدينه؛ ما الذي يحدث؟". "ال أدري ما الذي تق ُ
الر ُجل" :إنها مثل السي آي إيه ،هي مثل السي آي إيه الكندية". أجابني َ
"أوه .لَ ْم أدر أن لَدَينا واحدة".
ُك ْنتُ ما زلت ال أفهم لماذا َك ُمنَا لي هكذا في المستشفى .فسألتُهما" :هل ارتكبتُ خطأً؟ ِل َم أنتما
72
هنا؟"
إليك منذ وقت طويل ،ولَ ْم نجد الفرصة قط ؛لإلنفراد معك .لَ ِكنَّنا أرد ْنا أن نتحدث ِ ِ "ال ،ال مشكلةَ
أخيرا للتحدث معك".
ً بك .نحن في الحقيقة سعيدون جدًّا بالحصول على هذه الفرصة ِ
"عن ماذا؟"
"هل سيأتي زو ُجك إلى المستشفى؟"
ي شيء؟ ف َّك ْرتُ :زوجي؟ ما عالقته بأ ّ
ق له". وف يبيت في منز ِل صدي ٍ س َ
"الَ .
َكانَ هذا قبل أن تصير الهواتف المحمولة منتشرة ً مألوفةًُ .ك ْنتُ قد تركت له ورقةً في البيت في
رقم هاتف صدي َقه. حال إن عادَ قَب َلنا؛ إذ لَ ْم َي ُك ْن لَدَي َ
"إذن فهو ال يعلَ ْم أنَّك هنا؟"
"ال .إال إذا رجع إلى المنزل ،و قرأ الورقة".
َ 71
اختصار :جهاز (أو خدمة) االستخبارات األمنية الكندي Canadian Security Intelligence Service
كمن :ترصد ،ترقبُ 72
translationsproject.org
156
73
في رضيعتي النائمة في مهدها ذي العجالت، تحدَّثا بصوت خافت معًا؛ بينما كنت أحدِّق
متسائلةً هل ستعيش أ ُ ّمي؛ أم ستموت.
ت إلى ُ
غرف ٍة منزوي ٍة نتحدث ،وسيبقى شريكي هنا .إذا جاء زو ُجك "حسنًا .سنذهب أنا ،وأن ِ
وف يأتي ليخبرنا .اتفقنا؟"
س َ ف َ
أجبتُها" :حسنًا".
لَ ْم ت َ ُك ْن لَدَي أدنى فكرة عما يحدثَ ،ل ِكنّي ما ُكنتُ أشك في ضابط من السي إس آي إس (جهاز
االستخبارات األمنية الكندي).
قادتني أنا ،ورضيعتي النائمة إلى غرف ٍة أخرى .وشرحت لي أ َ ّني متزوجة من عضو في
تنظيم القاعدة .لَ ْم يَ ُك ْن لَدَي فكرة عما يعنيه ذلكَ .كانَ هذا قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر،
ولَ ْم َي ُك ْن العالَ ْم الغربي عمو ًما عارفًا بتلك المجموعة .سألتني ُك ّل أنواع األسئلة ،ولَ ْم أستطع
ي مرة ،فنظرتُ إلى اإلجابة عن أغلبها؛ ثم سألتني إن ُك ْنتُ قد سم ْعتُ باسم أسامة بن الدن في أ ّ
عينيها بنظرةٍ خاطفة.
"هل ذكر ذلك االسم؟"
"حسنًا ،لقد وجد مرة مجلَّة بها صورة أسامة بن الدن ،واضطرب لذلك حقًّا .سألني عن سببي
امتالكي للمجلة ،وع َّما إذا ُك ْنتُ أعرف من ذلك الشخص؛ ثم طلب مني التخلص منها بأسرع ما
يمكن .ل ْم أعرف ِل َم َكانَ يتصرف بتلك الطريقة المبالَغ فيها؛ بدا كأنَّه يته ُمني بشيء ما".
ضا ِل َم تسألني هذه المرأة من جهاز االستخبارات األمنية الكندي عن بن الدن. لَ ْم أدر أي ً
ي شيء آخر؛ لَ ْم نتكلَ ْم عنه قد يكون مه ًّما". إن كانَ هناك أ ّ "حسنًا حاولي تَذ ُّكر؛ ْ
ً
أصال ما الذي نتكلَ ْم عنه". "ال أدري ما المهم .ال أدري
أنك سمعتِه؟"
ي شيء يُحتمل ِ ي أصدقاء آخرين لَ ْم تذكريهم؟ أ ّ ي شيء .أ ّ"أ ّ
نادرا ،وهو دائم الخروج ،ودائ ًما يقضي "ال أعتقد ذلك .هو ال يُحضر أحدًا معه إلى البيت إال ً
الوقت في بيت صديقه عمرو .أحيانا يمضي أيّا ًما هناك".
لَ ْم يكونوا مهتمين بـ عمرو البتةَ.
حدث ُك ّل ذلك؟"
َ "من أين يأتي بالنقود؟ لقد أنشأ شركة للتو ،فكيف
َّ
73حدق :تمىل وأمعن النظر.
translationsproject.org
157
عاطال عن العمل عندما تزوجته .أرسلت سيرته الذاتية عشوائيًّا ً "ليست َلدَي أدنى فكرةَ .كانَ
ل ُك ّل الشركات ،وفي النهاية اتصل به مستودع أطعمة بحرية .هو يعمل هناك منذ بضعة أشهر.
ي شيء في الحقيقة عن الشركة .ما أعرفه فقط َّ
أن اسمها "فور يو إنتربرايزس". ال أعرف أ ّ
ي مهارات تعرفينها؟ ما مجال نشاط شركته؟" "هل لَدَيه أ ّ
"ال أعرف .هو ليس متعل ًما جيدًا".
"كيف تعرفين ذلك؟"
أن إنچليزيته لَ ْم تَ ُك ْن جيدة ،لَ ِكنّي رأيته يكتب اسمه بالعربية ذات مرة ،وبدا كأنَّما كتبه"أعلَ ْم َّ
طفلَ .حتّى أَنّي أكثر َمقدِره منه؛ على الكتابة ،والقراءة بالعربية".
لَ ْم ت َ ُك ْن لَدَي أدنى فكرة عن نوع نشاط شركته الذي بدأ فيه ،أو من أين أتى بمالهَ .كانَت وظيفته
تدفع الحد األدنى من األجورَ ،ل ِكنَّه بطريقة ما َكانَ دائ ًما معه مالَ .كانَ دائما يقول " "911في
أن هذا غريب على نح ٍو كافٍ كي أسأله ت عا ٍل مع أصدقائه ثم يضحك .ظننتُ َّ الهاتف بصو ٍ
كثيرا ما يفعل .هكذا َكانَ يصرفني بإشارة تعني (إلى ً عنه ،فأشار إلى الباب بإصبعه؛ كما َكانَ
الخارج) ،مثلما تُز َجر حشرة.
لَ ْم أُخبرها حول حكاية ( )11/9الغريبة ألنَّها لَ ْم تبدُ مسألة مهمة آنذاكْ .
لكن أدرك اآلن أنَّها
َكانَت ُمهمةً للغاية ،لَ ِكنّي أشك أنَّهم َكانَوا سيتمكنون من ربط األمور ببعضها؛ على أ ّ
ي حال.
158
مت ُمبارك في بيتك ،وسمعكصر؛ إذا شت َ َش ٌر خطير؛ ففي ِم ْ لكن في النهاية َل ْم َي ُك ْن هذا ُمؤ ِ ّ
عليك في اليوم التالي .لذلك لَم يَ ُك ْن مفاجئَا لي؛ أن يكون جهاز الشرطة فاسدًا. َ جارك؛ فقد يُقبَض
َكانَت البالد كلها فاسدة.
ي أن أكون أكثر خوفًا ،ورهبةً منه؛ لَ ِكن لَ ْم يَ ُك ْن لَدَي فكرة عن القُدرات الحقيقية َكانَ َ
عل َّ
للقاعدة ،أو ما على شاكلتهاَ .كانَ هناك الكثير من الذين يريدون أن يصبحوا مجاهدين في العالَ ْم
اإلسالمي و َكانَوا دائ ًما يصيحون" :الموت ألمريكا" ،ويتذمرون من أن الناس ليسوا متدينين بما
صر .إنك تعرفهم من تلك اللحية الشعثاء (بدون شارب)، شت َّى أنحاء ِم ْ
فيه الكفاية .رأيتهم في َ
والسراويل المرتفعة بمقدار بوصة فوق كعوبهم ،فهم يلبسون كما َكانَ الرسول ُم َح َّمد يلبس .لَ ْم
يَ ُك ْن أحد يأخذَهم على محمل الجدَ .كانَوا في العادة َجهلَة؛ و منبوذين من بقية المجتمعَ .كانَ لَدَيهم
ُدركون (أو ال وألن الناس ال ي َِّ كثير من الغضب ،واإلحباط؛ كونهم يشعرون أنَّهم أكثر صال ًحا؛
ضا ،ألنه بحذر أي ً
ٍ ظ َمتِهم؛ فقد َكانَ الناس َيسخَرون منهم؛ لَ ِكنَّهم َكانَوا يتعاملون معهم يعترفون) ب َع َ
ضا ألولئك معروف عنهم سرعة الغضب .وألكون صادقة َكانَ هنالك كثير من االحترام أي ً
الرجال اآلخذين دينهم على محمل الجد للغاية ،فذلك يجعل ال ُم ْس ِل ْمين اآلخرين يشعرون بالخجل؛
ألنَّهم ليسوا بنفس الدرجة من اإلخالص ،والتديُّن .هدفهم أن يضحوا بحياتهم هلل في تفجير
ي انتحاري أو شيء مشابه .يتركز أغلبهم في فلسطين كجزء من تنظيم حماس ،ويجتمعون في أ ّ
م َكانَ يوجد فيه ُم ْس ِل ْمون في حرب مع غيرهم ،بحثًا عن فرصة لالستشهاد .لَ ِك َّن أيًّا من ذلك لَ ْم
يَ ُك ْن يهم كندا .لَ ْم تَ ُك ْن لَدَيهم أ ّ
ي قوة هنا.
طفال عاش مع ً سألته الحقًا عن سبب ذهابه إلى أفغانستان من األصل .أخبرني أنَّه عندما َكانَ
صر .ثم عندما صار مراهقًا حصل والده (مهندس) على وظيفة جيدة، أسرته في أفقر مناطق ِم ْ
فانتَقلوا للعيش في حي خاص بطبقة اجتماعية أعلى .الفروقات ،والتمييز بين طبقات المجتمع في
ضا على مستوى اللغة ،والسلوك ،و ذوق صر صارخ .الفوارق ليست فقط جغرافية ،بل أي ً ِم ْ
المالبس؛ َكانَ ُك ّل شيء مختلفًّا بشدةٍ .وجد عصام صعوبة في التأقلم مع الشباب األغنياء؛ الذين
سخروا منه بسبب أصوله الفقيرةَ .كانَ منبوذًا بين أقرانه ؛ فت َ َّم التواصل معه ِمن ِقبَل الجهاديين.
شروه َّ
أن -وهذه قصة شائعة في كيفية تجنيد األشخاص في الجماعات اإلرهابية والعصابات .-بَ َّ
قدَ َره؛ أسمى من أقدار الذين يتنمرون عليه .وهو أن يذهب إلى مواضع في الجنة ال يد ُخلها إال
ض ْوهُ برسالتهم البسيطة ذات الغرض ،وصار األبرار الذين ماتوا في سبيل هللا .احتضنوه ،وأر َ
translationsproject.org
159
عضوا في نادي ،أو مجموعة شباب ذوي عالقة متماسكة .صارت لَدَيه ُك ّل الرفقة التي ُح ِر َم ً
74
منها في مدرسته النخبوية .صار له انتماء.
سألتُه إن َكانَ هذا صحي ًحا وإذا ما َكانَت له أنشطة أكثر من ذلكَ ،ل ِكنَّه َل ْم يقدم لي قط ردًّا
صري ًحا؛ بغرابة َكانَ يبدو غير مرتا ًحا وهو يجيبني .وعلى نحو ما ،عندما َكانَت األسئلة تصد ُر
ت عا ٍل بأنشطته مع اآلخرين، خزية .أتخيل أنَّه َكانَ يتفاخر بصو ٍ منيَ ،كانَ يشعر َّ
أن إجاباته ُم ِ
ي فعله لحماية اخوتي" عل َّ لكن معي َكانَ يكتفي بقول عبارات عامة خجلة ،مثل" :فعلت ما َكانَ َ
،و "القتل في سبيل هللا ليس خطأً ،بل هو أسمى شرف".
ي شيء قد يساعد جهاز االستخبارات لَ ِكنّي مع ذلك ساءلتُه بفتور ،وحاولت االستماع إلى أ ّ
لكن َكانَ تركيزي الرئيس هو الهروب منه بأقرب ما يمكنَ .كانَت عالقته بأ ُ ّمي
األمنية الكنديْ .
قد انتهت دون ّ
شك.
أن غضبها الشديد منه رفع ضغط دمها بشدة لدرجة أنَّها نزفت من أنفها ،و فمها؛ من الواضح َّ
ي صلة به.فلَ ْم تعد تريد أن تكون لها أ ّ
ي فقط أن خبرا جيدًا بالنسبة لي ألنَّها اآلن قد تساعدني على الهرب منهَ .كانَ َ
عل َّ َكانَ هذا ً
أنتظر اللحظة المناسبة .أردت أل ُ ّمي أن تستقر في شقتها الجديدةَ ،حتّى انضَّم إليها ،ورضيعتي.
ترددت ألَنّي ُك ْنتُ خائفةُ .ك ْنتُ أنتظر أن تصبح الظروف أكثر مواتاة ً كي أصير أق َّل خوفًا.
160
الهروب
بينما ُك ْنتُ أنتظر اللحظة المناسبة للهروب اكتشفت أَنّي حامل مرة أخرىُ .ك ْنتُ وحدي مع
ابنتي ذات التسعة أشهر عندما استخدمت اختبار الحملَ .كانَ قد أخبرني هو ،وأ ُ ّمي أَنّه ال يمكن
أن حياتي أن كالهما َكانَا على خطأ .اآلن أفكر في كيف َّ ضع .لكن من الواضح َّ أن أحمل وأنا أ ُ ْر ِ
َكانَت ستتكشف لو كان لدي منفذ آنذاك مشابه لالنترنت في الوقت الحالي .صرخت ،ونحت،
أنوبكيت ،ولعنت لساعتين َحتّى تهتَّكت حنجرتي ،وجفت دموعيُ .ك ْنتُ منهكةً ،و ُك ْنتُ مستعدة ً ْ
أن قدري َكانَ محتو ًما. أكون أ ًما عزباء لطفلة واحدة .لكن كيف لي أن أنفق على اثنتين؟ شعرت َّ
ي أن أغادر؛ لماذا انتظرتُ ؟ ُك ْنتُ أستطي ُع هذا الطفل هو نهايتي ،وحياتي قد انتهتَ .كانَ َ
عل َّ
ي أن أخضع تما ًما؛ فلَ ْم يعد لَدَي مهرب .هذه هي حياتي ،كما عل َّ
التحرر ،لكن انتهى األمر اآلن؛ َ
صى من النِساء ال ُم ْس ِل ْمات األخريات. ضا حياة أ ُ ّمي ،و حيوات عدد ال يُح َ َكانَت أي ً
ض ِربْتُ
عشت في هذا الخوف ،والغضب ،والحزن ألسابيع ،في غضون ذلك الوقت -بالتأكيدُ -
ب دائ ًما بنفس االنتظام؛ في مرة َكانَ يركلني في ظهري وأنا مستلقية في وضعية كما ُك ْنتُ أُض َْر ُ
وف يؤذي الطفل الذي في أحشائي لَ ِكنَّه لَ ْم يُبا ِل.س َ الجنين على األرض .حاولت إخباره أنَّه َ
استلقيت هناك فقط غير مكترثة بفعل االكتئاب الشديد .استخدمت حيلتي القديمة باالنكماش على
بَ .كانَ ظهري ،ومؤخرتي مكدومين للغاية نفسي ،وإيقاف الشعور باأللَ ْم ،وانتظرتُ ْ
أن يت َع َ
لدرجة أَنّي لَ ْم أستطع الجلوس بارتياح أليّام.
لكي أهدئ مخاوفي من أن يكون قد آذى الطفل ،قمت باختبار حمل ثان ،فوجدتُ أنَّه ال يزال
أن اختبار الحمل يكشف فقط عن أن ُك ّل شيء على ما يرام .لَ ْم أ َ ُك ْن أعرف َّ إيجابيًّا ،ولذلك ظننت َّ
وجود هرمون معيَّنَ ،ل ِكنَّه ال يحدد ما إذا َكانَ الجنين حيًّا أم ال ..أثناء فحصي بالموجات فوق
الصوتية توقفت التِ َقنِيَّةُ 75في وسط اإلجراء ،وغادَ َر ْ
ت الغرفةَ.
"ما الذي يحدث؟" سألتها عندما َر َج َع ْ
ت.
"عليك أن تذهبي إلى طبيبتك ً
حاال". ِ
"لم ال تخبريني؟"
ُ
75الفنية متخصصة األشعة و /أو الموجات فوق الصوتية.
translationsproject.org
161
تنتظر ِك .أرجو أن تزوريها في هذه العيادة ،اآلن"؛ ثم قدَّمت
ُ "ال أستطيع إخبارك ،لكن طبيبتك
لي عنوانها على ورق ٍة صغيرة ،وأوصلتني إلى الباب.
بالكاد َكانَ لَدَي وقت للتعامل مع ظني أَنّي قتلت طفلي ،فسرعان ما وضعوني في تخدير
كامل ،وأخرجوا مني الطفل الذي قتلتُه حسب ظني ،وصار بإم َكانَي العودة إلى البيت.
رغم شدة وطأة الشعور بالذنب الذي شعرتُ به لسنين بعد ذلك ،إال أَنّي أي َق ْنتُ أَنّي لَ ْن أضيع
فرصتي في الهرب مرة أخرى .لَ ْن أنتظر اللحظة األنسب للهرب؛ سأغادر اآلن .لقد رأيت لمحةً
وف أقوم س َ نفس الخطأ مجدَّدًاَ . َ أرتكب
َ عما ستؤول إليه حياتي إذا ترددتُ ؛ لذلك قررت َّأال
بقطيعة تامة ،وبداية جديدة ألنقذ طفلتي التي ال تزال على قيد الحياة .أخبرته أَنّي أريد أن أذهب
الى بيت أ ُ ّمي قُرابة أسبوع كي أت َعافى من العمليةَ .كانَ مترددًا؛ لَ ِكنَّه أخذني في النهاية إليها؛ ألنَّه
َكانَ قلقًا من أن يُضطر إلى المساعدة في العناية بطفلته.
في الصباح التالي ،بعدما غادرت أ ُ ّمي إلى عملها ،بحثت مباشرة في دليل الهاتف عن رقم
محام
ٍ شركة محاماة (شركة خدمة اإلحالة إلى محامين ،وتوفُرهم) للحصول على معلومات عن
مستع ٍدّ لمساعدتي في الحصول على الطالق ،وأمر قضائي بعدم التعرض، 76وحضانة كاملة في
أقرب وقت ممكن .حالفني الحظ؛ وجدت محامية على َمقربة مني .غطيت نفسيُ -ك ّل بوصة من
جلَدَيَ ،حتّى عين َّ
ي -بكفني األسود ،ولبست القفازين السميكين ،والجوربين اآلتيين من السعودية،
162
وخرجت من المنزل .ركبت الحافلة مع أ ُ ّمي ،وهلعتُ للحظة من فكرة أال أستطيع العودة قبل أن
تعود أ ُ ّمي إلى البيت من تدريسها الدراسا ِ
ت اإلسالميةَ في المدرسة اإلسالمية.
وجدت البناية بسهولةَ .كانَ قلبي يخفق بسرعة جدًّا؛ وأنا أدخل عبر األبواب الزجاجية؛ ومنها
إلى المصعد ،حاملة طفلتي في مهدها ذي العجالت بطريقة خرقاءُ .ك ْنتُ ممتنةً ألنَّها َكانَت
ي إلهاءٍ آخر .عندما دخلت مكتب المحاماة، أسرع ،ولَ ْم َي ُك ْن لَدَي الوقت أل ّ
ي أن ِ نائمة؛ َكانَ َ
عل َّ
وجدت امرأتين تتبادالن أطراف الحديث .التفتَتا إلي فجأة ،والصدمة في عينيهما .وقفت إحداهما
في مكانها تحدق بي ،بينما اقتربت مني األخرى ،وحيتني كأنَّها َكانَت تنتظرنيَ .كانَت هي
المحامية.
"تعالي ،اجلسي .هل أنت بخير؟ أتريدين كوبًا من الماء؟"
ت ُك ّل هذا االهتمام ،والتعاطف تجاهي .أنا متأكدة أَنّي لَ ْم أ َ ُك ْن أول إمرأة تعجبت لماذا أبدَ ْ
تتصل بها للحصول على الحضانة الكاملة ،أو الطالق ،أو األمر الزجري بعدم التعرض .لَ ْم
ً
داخال إلى مكتبها َل ْم يَ ُك ْن شيئًا يحدث لَدَيهم أن منظر شخص مغلف بكامله بالسواد يخطر لي قط َّ
ُك ّل يوم!!
163
وف يكون ُك ّل شيء على ما يرام" .
س َ"حسنا .اتصلي بي غدًاَ .
شعورا سيئًا؛ ِالضطراري ً دوث ذلك .وقد شعرتُمغدورا ،ومتفاجئًا ،فهو لَ ْم يتوقع ُح َ ً َكانَ
أن أ ُ ّمي َكانَت تضغط عليه؛ كي يمارس انتقم مني حين أخبرني؛ َّ
َ الغدر به؛ بهذه الطريقة؛ لَ ِكنَّه
َ
ّ َ َّ
الجنس؛ ِطوا َل فترةِ زواجنا تقريبًا .أخبرني أنه حاول إقناعها بأن تتركه وشأنه؛ ل ِكنها َ معها
قراره بترك المنزل لالبتعاد عنها .أخبرتُه أَنّي ال أصدّق أكاذي َبه، ِ رفضت ،وقال أن هذا سبب
يقين تا ٍ ّم؛ أنَّه َكانَ صادقًا في
ينتقم مني ..لَ ِكنّي على ٍ
َ وأنَّها قصة ُمختلَقة ،ومقززة جدًّا؛ اختلَقها كي
ُك ِّل كلم ٍة قالها عن ذلك.
ُريدك عصام؟"
ِ سألتني أ ُ ّمي ذات مرة" :متى ي
"ما الذي تقصدينَه؟ ال أدري؛ متى أراد ذلك".
"ال .حاولي أن تفكري؛ هل هو وقتٌ معيَّن في اليوم؟ هل يكون ذلك عندما تلبسين شيئًا معيَّنًا؟"
" ِل َم تسأليني؟ ال أعرف! أعتقد ُكلّما ل ِبست روب الحمام أمامه؛ لذلك ال أحبُّ االستحمام ،و هو
في البيت".
"أوه ،حسنًا".
164
"فقط انتظري".
"ما الذي أنتظره؟"
"سترين".
غير مرتدي ٍة شيئًا؛ سوى منشفةً ،مبتلَّةً من االستحمامَ .كانَت تحمل في يدها وعندئذ ٍدخلت أ ُ ّمي َ
صورة لها باللونين األبيض ،واألسود عندما َكانَت في سن العشرينيات.
ت عصا ًما ،و عيناها ترمقني" :ما الذي تفعله هنا؟" سأَلَ ْ
ت هنا؟" "رد عليها بسؤا ِلها" :ما الذي تفعلينه أن ِ
"ل ...لقد أحضرت لك هذه الصورة".
بدال من ذلك نظر لي وأو َمأ كي آخذها منها ،فأخذتُها من يدِها. لَ ْم يمد يده ألخذ الصورة ،بل ً
قلت لها" :ال أفهم ما الذي يحدث هنا .لماذا تأتين هنا في منشفة حاملةً له صورةً؟ هذا غريب
للغاية".
ت لي هذه الصورة َ؟" سألها عصام" :لم أحضر ِ
ظ بها!" قالت له ذلك ،وانتزعت الصورة من يدي ،واستدارت، سأحتف ُ
نت ال تريدها؛ ف َ "إذا ُك َ
ت بتحدٍّ.وغادر ْ
َ
عا القبل أن يغلق السماعة قال لي أنَّه ال يهتم بما أفعله بقوانيني الكندية السخيفة؛ ألَنّي شر ً
أزال زوجته؛ وعندما أموت؛ إذا دخلت الجنة؛ فسأكون ال أزال زوجته ،أما إذا لَ ْم أدخل الجنة؛
ب وف أكون زوجتَهُ إلى األبد .ال َ
مهر َ س َ وف يطلبني ،و َ س َ فسيدخلها هو ألنَّه سيكون شهيدًا ،و َ
الر ُجل فقط يستطيع تطليق زوجته ،وال يجوز العكس .في نظر هللا هناك .سأظل زوجته؛ َّ
ألن َ
سأظل متزوجةً منه ،إال إذا َ
قرر هو أن يُ ْن ِه َ
ي الزوا َج.
translationsproject.org
165
ت طالق" ثالث من ث َ َّم طلبتُ منه تطليقي .يفعل الزوج ال ُم ْس ِل ْم ذلك ببساطة بأن ينطق جملةَ "أن ِ
مرات بالعربية؛ وهكذا يكون الزواج قد انتهى؛ لكنَّه رفض قول ذلك ،وأعلمني أنَّه سيأتي
ليأخذني.
بالتأكيد عندما أتى لَ ْم أُد ِْخ ْله .تجاهلتُ الهاتف ،وأطفأتُ ك َّل األنوار ،وتظاهرت أَنّي لَ ْم أ َ ُك ْن في
البيت؛ وقف في مدخل البناية ،وأخذ يصرخ بالعربية:
أنك
ظني ِ ي زوجتي! أُريد ُ زوجتي؛ انتظري َحتّى أمسك بك؛ سأمزق وجهك! أت ُ "أعيدوا إل َّ
ت لي؛ هل تسمعين؟ إما أن تكوني ي َر ُجل؛ عندما أنتهي منك .أن ِتستطيعين تَركي؟ لَ ْن يريدك أ ّ
لي ،أو تكوني ميتة".
ي؛ منتظرة ً أن يغادر ،أو أن تأتي الشرطة ،أيّهما جلست في الظالم؛ أُهد ِهد ابنتي بين ذرا َ
ع َّ
أسبقُ .ك ْنتُ خائفة للغاية من أن يدخل ،أو يخرج أحد من س َكان البناية ،ويسمح له بدخولها.
translationsproject.org
166
إقامة جبرية
ُ
حيث أنَّه ظار إنهاء إجراءات الطالق.
عشت في خوفٍ مستمر طوال السنة التالية؛ في إن ِت ِ
ي أن أنتظر سنة؛ َحتّى يحدث الطالق بتوقيعي فقط. رفَ َ
ض توقي َع أوراق الطالق؛ َكانَ َ
عل َّ
أن ُهروبي منهي حال؛ فقد أخبرني عدة مرات؛ َّ لن َيمنحني الطالق القانوني حريةً كبيرة على أ ّ
مؤقتًا فقط؛ ألنَّه سيمزقني إربًا في الجنة.
بما أ َ ّني لَ ْم أ ُ َ
طلَّ ْق حسب الشريعة االسالمية ،فإ ِنّي ُك ْنتُ ال أزال زوجته في نظر هللا .يُسمح
للر ُجل في الجنة اختيار َمن يرغب ؛ ِمن زوجاته في الحياةِ الد ُنيا؛ في أن ترافقه في الجنة .بما َ
وف يكون ت واحد)؛ فمن المعقول تما ًما أنَّه َ
س َ للر ُجل ان تكون له أربع زوجات (في وق ٍ أنَّه يُسمح َ
مرهِ .قد ال يرغَب أن يَ ُك َّن جميعًا معهُ في الجنة ؛ ِلذا يستطيع
ع ِلَدَيه كثير من الزوجات خالل ُ
اختيار المفضلة؛ أو المفضالت لَدَيه منهن؛ للعيش معه في الجنة .في الجنة ليس ُملز ًما
باالقتصار على أربعة ،بل يستطيع الحصول على ما يريد من زوجات.
اولئك الزوجات ؛ -بالتأكيد -يُضاف إلي ُهن؛ الحور (حور العين) -وهن ِإما ٌء جنسياتٌ َ
78
ولهن أثداء كبيرة مستديرة ،و ال َّ عذراوات ،وبياض بشرتهن يسمح لك برؤية عروقهن،
ي إرادة ،ويفعلن ُك ّل ما يطلب
يتغوطن ،وال يَش َهدن الدورة الشهرية ،وليس لهن أ ّ بولن ،وال َ يت َ ْ
المقلّدة للشكل الحقيقي ،قبل اختراع
79
ِ باختصار فقد اخترع ُم َح َّمد الدُّمى الجنسية
ٍ إليهن فعله.-
اليابانيين لها.
الطتي ... :عن ابن ُجري ج ،قال :الكواعب :النواهد. ز َْ ً َ َْ ً ً { 78إن ِل ْل ُمت ِق ز
ي مفازا ( )31حد ِائق وأع َنابا ( )32وكو ِاعب أترابا ( })33من سورة َ النبأ ،وف تفست ر ِ
ْ َ
....قال ابن زيد ،زف قوله{ :وكو ِاعب أتر ًابا} قال :الكواعب :الن قد نهدت وكعب ثديها ،وقال :أترابا :مستويات ،فالنة تربة فالنة ،قال :األتراب:
َ
العي هو مما ورد زف كتب الحديث ،مثل ما رواه البخاري..... -3245 :ع ْن أن ُهر ْيرة ر زض َّ ُ ِّ
اَلل ع ْن ُه ،قال: ِ ز اللدات .وباف المذكور من صفات الحور
ُ ِر ْ ُ ْ ُ ُ ْ ََْ ُ ُ ُُ ْ َ ُ ْ َ ُ ُ َّ ْ ُ َ َّ َّ ُ ُ
اَلل صىل َ هللا علي ِه وسلم« :أول زمرٍة ت ِلج الجنة صورتهم عىل صورِة القم ِر ليلة البد ِر ،ال يبصقون ِفيها ،وال يمت ِخطون ،وال يتغوطون، قال رسول ِ
َّ
وق ِهما ِم ْن ور ِاء الل ْح ِم سآني ُت ُه ْم فيها الذه ُب ،أ ْمش ُاط ُه ْم من الذهب والفضة ،ومجام ُر ُه ُم األ ُلو ُة ،ور ْش ُح ُه ُم الم ْس ُك ،ول ُك ِّل واحد م ْن ُه ْم ز ْوجتانُ ،يرى ُم ُّخ ُ
ُ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ َّ ْ ِ ً ُ ِ ُ ُِ ِ ْ ِ ِ ْ ِ ِ
ز ٌ
وب ُه ْم قل ٌب و ِاحدُ ،يس ِّب ُحون اَلل ُبكرة وع ِش ًّيا» ،وف لف حديث رقم (ِ 3254لك ِّل ْام ِر ٍئ ز ْوجت ِان ِمن اختالف ب ْين ُه ْم وال تباغض ،قل ُ
ِمن الحس ِن ،ال ِ
ُ ْ
ي). الع ز ُ
ور ِ ِ الح ِ
79
realistic sex dollsدم مطاطية تستخدم لممارسة الجنس
translationsproject.org
167
مدرب الكالب؛ ال يخاطب الكلب مباشرةً ،بل َ إال في عالقتهن بالرجال .ألوضح األمر بمثالَّ ،
ان
يخاطب ما ِل َكه ،ويخبره كيف يتعامل مع ذلك الكلب ،هذه هي العالقة بين هللا (ال ُمدرب) ،والنِساء
80
(الكالب).
لهذا؛ لَ ْم يرد في القرآن ذكر؛ لمن ستقضي المرأة آخرتها في الجنة معه ،ولَ ْم يُشَر إلى هذا َحتّى؛
فال أحد يسأل أ َ َمةً (عبدةً) جنسية في سوق العبيد عما إذا َكانَت تريد أن تكون مع ما ِلكها .سيكون
هذا سخيفًا.
ركن ماَ .كانَ قد وصف لي بالتفصيل ما ٍ أن يكونَ كامنًا في لَ ْم أغادر الشقة قط؛ خوفًا من ْ
ُقطع وجهي بحيث أصبح أن ي ِ ّسيفعله بي إذا حاولتُ تر َكهُ ،وقد صدَّ ْقتُ ُك ّل كلم ٍة قالها؛ لقد تَوعَّد ْ
ناهيك عن لَ ْمسيَ .كانَ
َ ي،
النظر إل َّ
َ قبيحةً ،ومشوهة للغاية؛ إلى درجة عدم رغبة أي َر ُج َل في
حسب اعتقادِه ،و َكانَت فكرة أن يلمس َر ُجل آخر ُملكيته َ هذا شغله الشاغل األهمُ .ك ْنتُ ُمل َكه
تُ ِ
غضبُه.
ُ َ َ 80ز
من ُجهة ُ
ساء ل ِّمحم َد َ الن
ولوال ُلفت نظر بعض ِ ج ُل َْ ،
ذكر النساء إال ككائنات تابعة خاضعة للر ُ
ِ
ً
ونادرا ما ت ف معظم نصوص القرآن ُيذكر الرجال فقط،
ْ ُ ِّ ُ ِّ ز ُّ ُ َ ْ ً ًّ ٌ ُ َ
النساء لما كان صاغ محمدنصا أو آية كهذه {فاستجاب له ْم رب هم أن ًل أ ِضيع عمل ع ِام ٍل منكم من ذك ٍر أو أ ر ٰ
نن ۖ لمخاطبة ْ ِ تجاهل القرآن وهللا المزعوم
ُْ َ ْ ُ ُ ُ َ ِّ ُ ُ ُ ز ُ َّ ُ ُ
ات ت ْج ِري ِمن ت ْح ِتها ٍ ض ۖ فال ِذين هاج ُروا وأخ ِر ُجوا ِمن ِدي ِار ِه ْم وأوذوا ِف س ِب ِيىل وقاتلوا وق ِتلوا أل كفرن عن ُه ْم س ِّيئ ِات ِه ْم وألد ِخلن ُه ْم جن ٍ ب ْعضكم ِّمن ب ْع
ً ز ُ َ ُ ْ ُ ُ ُ َّ َّ ْ ِّ ً ْ ْ ُ
الطتي مثًل... :عن اب ( ،})195وبحسب التفاست كان هذا بسبب اقتاح إحدى زوجات َ محمد ،فف ر اَلل ۗ واَلل ِعنده حسن الثو ِ ند ِ األنهار ثوابا من ِع ِ
زّ النساء ف الهجرة ر ز
عامل منكم من ٍ بسء؟ فأنزل هللا تعاىل " :فاستجاب لهم رب هم أن ال أضيع عمل أم سلمة :أنها قالت :يا رسول هللا ال أسمع هللا ذكر ِ
ز ز ز ذكر أو ر
أنن" .والحديث رواه بأسانيد صحيحة الحاكم ف مستدركه 3174وسعيد بن منصور ف سننه 525وف مسند أحمد بن حنبل 26575و
ر ّ ُ ز ز ز
النن صىل هللا عليه و سلم فقالت ما أرى كل سء إال للرجال ،26603وف سي التمذي .... - 3211 :عن عكرمة عن أم عمارة األنصارية :أنها أتت ر
والمؤمني والمؤمنات} األحزاب 35 :اآلية .-المتجم ز ي وال ُم ْس ِلمات
فتلت هذه اآلية {إن ال ُم ْس ِلم ز بسء؟ ز ز النساء يذكرن ر وما أرى ِ
translationsproject.org
168
صر؛ َكانَت عيناه ممتلئتين بغضب قاتل ،و َكانَت بالفعل صورته ،و َكانَ خلف القُضبان في ِم ْ
ومحبوس في قفصُ .ك ْنت
ٌ عار)،
س ِب (ال ُ تعابيره الجسدية مخيفةًَ .كانَ حرفيًا كحيوان ُمصاب بال َكلَ ِ
ب شديد؛ كأنَّه
برع ٍ أعرف أَنّي أُمسك قُصاصةً من صحيفة باألبيض واألسود؛ لَ ِك َّن قلبي خفق ُ
تلك الصورة في ذهني إلى األبد ،صورة الغضب ،والعدوانية الهائلين، يقف أمامي .ع ِلقت َ
بس إعصار؛ لقد بدا وكأنَّه سيقتلع القضبان القضبان .لَ ْم أتصور أنَّه يمكن َح َ
ِ والمحت َجزَ ي ِْن وراء
ي لحظة .ال أستطيع تصور كيف َكانَ يجد مخر ًجا ل ُك ّل تلك الطاقة ،مع عدم من الجدار في أ ّ
81
وجود طريقة للتخلص منها .ففي العادة ُك ْنت أنا ذلك المخرج.
169
يموت شهيدًا ،وليس أن تحبسه الدولة
َ الحبس في سجن مبارك .لقد أراد أن
َ َكانَت اكبر مخاوفه
ً
إذالال لَهُ بوجوده هناك .شعرتُ في الحقيق ِة باألسف التي َكانَ يحتقرهاَ .كانَ ذلك أكثر المآزق
عليه ،لَ ِكنّي شعرت باالرتياح الشديد في نفس الوقت.
فبقدر ما كان األمر مرعباً ،كان غريبا أن أفكر في أني قادرة على البدء في إعادة بناء حياتي
من جديد .في آخر زيارةٍ لي؛ أهدتني ضابطةٌ أمن جهاز االستخبارات األمنية الكندية؛ حقيبةً
أن هذه الحقيبة لي؛ كي أستعم َلها حينَ أُنهي دراستي ،وأصير ُم ِ
علّمة .لقد جلديةً جميلة ،وقالت لي َّ
وف أتوقَعَهُ من الكفار ،-و َهنَّأتني على ّ
حريتي. س َت لي ذلك اللطف الجارف؛ -الذي َأظهر ْ
َ
ضا؟ ال لَ ْم
صري هو أي ً عمرو قد اختفى في نفس الوقت .هل َكانَ في سجن ِم ْ آنذاك َّ
أن َ َ علمت
يَ ُك ْن كذلكَ .كانَت هنالك تقارير تقول أنَّه قُ ِت َل في الضربة األمريكية لمعسكر التدريب األفغاني
عمرو َكانَ يعمل س ِجنَ فيه عصام تقريبًاُ .ك ْنتُ قد افترضتُ َّ
أن َ الجهادي ،في نفس الوقت الذي ُ
ي شيء قلته عنه. ْ
تكترث المخابرات الكندية أل ّ مع اإلف بي آي؛ لذلك لَ ْم
رغم أنَّه قد ذهب ،وصديقه كذلكَ ،ل ْم َي ُك ْن األمر بسهولة ضغط زر؛ فقد عشت لسنوات في
يٍ؛ شعور بشعور غير عقالن ّ
ٍ يوم .شعرتُ ذات ٍ عالق ٍة عنيف ٍة ُمسيئة؛ د َّمرت الشخصية التي ُك ْنتُها َ
بالذنب كونه في السجن؛ قَلقتُ بصد ِد ما يأ ُكلّه ،فقد َكانَ انتقائيًّا ،ومد ِقّقًا في طعامه .لَ ِكنّي أفهم
82
اآلن أَنّي ُك ْنتُ أعاني بشدة من متالزمة ستوكهولم.
82
متالزمة ستوكهولم Stockholm syndrome :ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من
ْ ً ً المختطف مع ُ ُ
األشكال ،أو يظهر بعض عالمات الوالء له مثل أن يتعاطف ُ
المخت ِطف .وتسم أيضا برابطة األرس أو الخطف .ويمكن اعتبار متالزمة
ز ز ز ز
ستوكهولم كنوع من االرتباط الذي له عالقة بالصدمة ،وال يتطلب بالرصورة وجود حالة خطف ،فهو ترابط عاطف قوي يتكون بي شخصي أحدهما
ويرصب ويخيف اآلخر بشكل متقطع ومتناوب.إحدى الفرضيات الن تفش هذا السلوك ،تفتض أن هذا االرتباط هو استجابة يضايق ويعتدي وي هدد ز
المعتدي فإن
ِ ز . .
الفرد للصدمة وتحوله لضحية فالتضامن مع المعتدي هو إحدى ُ الطرق للدفاع عن الذات فالضحية حي تؤمن بنفس أفكار وقيم
ز ً
تعتتها الضحية تهديدا أو تخويفا .وأطلق عىل هذه الحالة اسم «متالزمة ستوكهولم» نسبة إىل حادثة حدثت ف َ ْ
ً هذه األفكار والترصفات لن ر
ز ز ز ز
موظف كريديتبانكي Kreditbankenهناك ف عام ،1973واتخذوا بعضا من ستوكهولم ف السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص عىل بنك
ً
البنك رهائن لمدة ستة أيام ،خالل تلك الفتة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفيا مع الجناة ،ودافعوا عنهم بعد إطالق رساحهم -المتجم.
translationsproject.org
170
ي أن أتعامل مع مسؤولياتي كأ ّم .في باإلضافة إلى ُك ّل هذه الصراعات الداخليةَ ،كانَ َ
عل َّ
سا عن بُعد عن طريق اإلنترنت من جامعة األشهر الالحقة القليلة عشت مع أ ُ ّمي ،وتلقيت درو ً
ضا
محلية ،وحاولت إعادة بناء حياتي .اخترت الدروس عن بُعد ألكون في المنزل مع ابنتي؛ أي ً
ألَنّي ُك ْنتُ ال أزال أخاف الخروج إلى الشارع.
وغير
َ س ِجنَ المرء لفترة طويلة على نحو كافٍ ،تصبح الحرية بالنسبة له شيئًا غريبًا، إن ُ
معتادٍ ،وغير مريح .رغم أَنّي لَ ْم أغادر البيت آنذاك إال ً
نادرا ،فعندما ُك ْنتُ أغادره ُك ْنتُ ال أزال
النقاب؛ فلَ ْم أُمزقه عن وجهي في لحظة واحدة معيَّنة كي أتنفس الهواء المنعش؛ بل َكانَت َ أرتدي
عملية بطيئة ،ومرهقة ،ومألى بالشك في الذات ،والحزن ،و َك ٌم هائ ٌل من الخوف .مرة ً أخرى
الخوف المو ِهن من ضربة نفسية أخرى .مرة ً ِ ي محاولة التعافي من غدر القَدَر ،ومن َكانَ َ
عل َّ
أكثر
َ ي؛ لَ ِكنّي في تلك المرة ُك ْنتُ مكسورةً ،ومت َعبةً
ي السعي للوقوف على قد َم َّ أخرى َكانَ َ
عل َّ
بكثير ،و ُك ْنتُ أحمل ِعبء مسؤولية طفل ٍة بين ذراع َّ
ي. ٍ
ضا ،بعدما فقد وظيفته؛ ألنَّه َكانَ دائ ًما يتأخر عن موعد عملهَ .كانَ انتقل أخي للعيش معنا أي ً
يعيش في شقة فوق م َكانَ عمله في وسط المدينة؛ فلَ ْم يَ ُك ْن عليه حرفيًّا إال ركوب المصعد لينزل
به ،لَ ِكنَّه مع ذلك َكانَ دائما يتأخر ،لذلك فصلوه من العمل؛ ث ُ َّم هرب من شقته في منتصف الليل؛
ي: يتهرب من دفع إيجار الشهر السابق؛ مع هذا َكانَ لَدَيه الوقاحة ليحكم َ
عل َّ كي َّ
ستفعلينه بحياتك اآلن؟""ما الذي َ
وف أعيش". س َ" َ
"ما الذي يعنيه هذا؟ كيف ستعيشين؟".
المشي
َ ذات صباح َكانَ يشارك ابنتي الصغيرة صحنًا من العنب ،و َكانَت طفلة دارجةً تتعلَ ْم
آنذاك.
قال بانزعاج" :لم ال تتركني أضع العنب في فمها؟"
قلت له" :إنها تحب إطعام نفسها بنفسها ،لقد علمتها كيف تمضغ العنب كي ال تختنق به".
ساخرا" :ما المشكلة؟ تستطيع وضع حبة كاملة في فمها!" ً قال
"إنه خطر االختناق .ال تزال طفلة ومن األفضل لها أن تمضغه".
"ال أفهم لم ال يمكنها رميها مباشرة في فمها".
"ما دخلك في األمر؟" ؛ ُك ْنتُ قد بدأت أنزعج آنذاك.
translationsproject.org
171
"أريد إطعامها!"
"حسنًا ،لَ ِكنّها تريد إطعام نفسها .دعها وشأنَها فقط".
"عليها أن تتعلم أن تسمع الكالم .قلت لك ضعيه في فمك!"
ب؛ بعنفٍ في َكانَ يصرخ بينما أمسك بالطفلة ،وقلَبها على ظهرها ،وحشَر َحفنةً من حبا ِ
ت عن ٍ
فمها ،وهي تَصرخ.
قَفزت ،وألقيت نفسي بينه ،و ابنتي أل ُح ُو َل دونها؛ ردًّا على ذلك ل َكمني ،وركلني .تجاهلته قدر
ما أستطيع ،وركزت ُك ّل طاقتي ،وانتباهي على التأكد من أنَّها قد بصقت ُك ّل حبات العنب ،وأنَّها
صعدا َء؛ مرهقَةً لكن ُمطمئنةً.
أن فمها فارغ ،وأنَّها لَ ْم تختنق؛ تنفست ال ُبخير .ما إن تأكدت ٍَّ
أخذَ يل ُكم وجهي ِبيدَ واحدة؛ بينما يُمسك شَعري بيده األخرى؛ كي يمن َعني من الهرب .تراجعت
نادرا ما لجأت إلى حيلة االنكماش على ذاتي في كما اعتدتُ الى داخلي ،وتوقفت عن الحركةً .
تركيزا ،وأقصر .لكمة واحدة قوية ً أثناء فترة زواجي من عصامَ .كانَ أذى عصام في العادة أكثر
في الوجه .لكن ضرب أخي َكانَ أشبه بالعنف الذي تعرضت له في طفولتي ،ضرب متواصل
شعوره باإلحباط.
ِ إلى أن أفرغ ُك َّل
ً
رجال َكانَ يع ِنّفُني، ألَ ْن أهرب يو ًما من هذه الحياة؟ نشَأْتُ في بيت ُك ْنتُ أ ُ َ
عنَّ ُ
ف فيه ،وتزوجتُ
ت يعنفني فيه أخي .كيف سأ ُ ْخ ِر ُج نفسي من دائرة العنف هذه قبل أن وهربْتُ من ذلك إلى بي ٍ َ
ضا؟ ُك ْنتُ ألمح ابنتي بين الل َكمات ،لَ ْم تَ ُك ْن قد بلغت عمر السنتين َحتّى ،وهي تنزلق فيها ابنتي أي ً
ب بوحشية ،ولَ ْم يزعجها ذلك المنظر ولو ً
قليال ،وهو يحدث أما َمهاَ .كانَ األمر تشاهد أمها تُض َْر ُ
معتادًا بالنسبة لها كما َكانَ بالنسبة لي.
يجب أن يتوقف هذا .يجب أن أ ُ ْن ِهي هذه الحلقة من العنف؛ لَ ْن أسمح بأن تصبح هي الطرف
المتل ِقّي للعنف يو ًما بسبب عجزي عن حمايتها من هذه الحياة.
يبدو أن جسمي الذي لَ ْم يعد يتجاوب؛ أَ ْخ َر َج أخي من نوبة غضبه المنفعل الشيطاني .هزني فجأة
ليتأكد أَنّي ال أزال على قَيد ال َحياة.
"ظننت أَنّي قتلتك" قالها وهو يشهق بصو ٍ
ت عا ٍل.
"ابتعد عني".
translationsproject.org
172
ت بخير؟ ِل َم؛ لَ ْم تكوني تتحركين؟"
"هل أن ِ
َكانَت هذه آخر مرة يضربني فيها أخي .ناد ًرا ما رأيته بعد ذلك .لقد تحدث معي عن ذلك،
أن هذا أخافَهُ ،وأعلَ ْم أنَّه ظل يحمل ذلك الخوف بداخله لسنوات الحقة .لكن ذلك
لذلك فأنا أعلَ ْم َّ
الخوف لَ ْم َي ُك ْن كافيًا لمنعه من ضرب النِساء األخريات الالتي دخلن حياته بعد ذلك .لقد ُ
س ِجنَ
بسبب إدانته بتهم العنف الزوجي مرات عديدة ،و َكانَ يعاني من اإلدمان ومن مشاكل نفسية.
َحتّى أنَّه تشرد أحيانًا بال بيتٍ.
أكثر مني بال شك ،و َكانَت أ ُ ّمي ،والوحش َ لقد عانى أخي أكثر مني وهو يكبُر؛ َكانَ يُض َْر ُ
ب
الر ُجل الحقيقي"؛ الذي "تزوجته"؛ يُشك َكانَ دائ ًما في "رجولته" .ففي نظرهما؛ يجب أن يكون " َ
متسلّ ً
طا؛ و لَ ْم َي ُك ْن أخي يتوافق مع ذلك ِ ب مستبدًّا مكر ٍر مقولَ ٍ
َّ عدوانيًّا على نح ٍو زائدٍ ،وذا نمطٍ
ُ
ب ألعاب الڤيديو ،ولَ ْم َي ُك ْن يهتم بالرياضة ،أو ت الطبيعة ،ولَ ِع َ النمطَ .كانَ يفضل وثائقيا ِ
ي من هوايات ،وتسليات الذكور النمطيين ال ُمقولَبين .لقد تعرض إلى الكثير من المصارعة ،أو أ ّ
ُ
التعنيف ،وظهرت عليه عالمات االضطراب النفسي في مراهقته .تجاهلت أ ّمي األدوية التي
ي
وصفها له طبيب العائلة ،وفضَّلت أن تدعو له؛ كي يَزول اكتئابَه واضطرابَه اإللزام َّ
فإن صلواتِها لَ ْم تحقق شيئًا،
االستحواذي (وسواسه القهري)؛ وغير ذلك .على نح ٍو واضحٍ َّ
مؤخراَ ،كانَ يغضب ً واستمرت حالة أخي في التدهور .خالل الفترة القصيرة التي مكثها معنا
ألنَّه "سمعنا" أنا ،وزوجي نتحدث عنه على نحو سيء خلف ظهره .اعترف بأنَّه لَ ْم يعد يميز
بين الواقع ،واألوهام التي تلعب بعقله عندما يسمع أصواتًا .لَ ِكنَّه وجد صعوبةً في تصديقي عندما
أن ذلك لَ ْم يَ ُك ْن حقيقيًّا .ساءت األمور بتسارع ؛ عندما تزايدَ غضبه أكثر ،وقطعنا عالقتنا أخبرته َّ
في النهايةُ .ك ْنتُ ألكون مثله لو لَ ْم انتش َل نفسي من ذلك العالَ ْم.
ي أحد في اليوم الذي تعرضت فيه آلخر مرة للضرب من َر ُجل -أخي -أدركتُ أ َ ْن ليس لي أ ّ
أعتمد عليه في هذا الكوكب حرفيًّا .هل هللا في األعلى يرعاني؟ لم يبدُ ذلك منطقيًّا جدًّا؛ لَ ِكنّي لَ ْم
ي معونة ميتافيزيقيةَ .كانَ ذلك شبح أ َ ُك ْن في وضعٍ يسمح لي بالبدء في التفكير في أ َ ّن ليس لَدَي أ ّ
ي األمل الوحيد الذي لَدَي .حسب علمي لَ ْم يَ ُك ْن هناك أحد على هذا الكوكب لمساعدتيَ .كانَ َ
عل َّ
أن أتدبَّر شؤون حياتي بنفسي.
translationsproject.org
173
ي اخراج ابنتي من هذا عل َّ صرتُ غير قادرة على مواصلة العيش مع أ ُ ّمي ،وأخي .أي َق ْنتُ َّ
أن َ
ي في هذه الحياة ،و ُك ْنتُ أنا ُك ّل ما غدرا ،ووحشيةً ،وعنفًاَ .كانَت هي ُك ّل ما لَدَ َّ البيت الذي ينضح ً
إن دوري هو رعايتها؛ ليس ُممكنًا أن أتَطلَّع إليها لُمساندتيَّ . لَدَيهاُ .ك ْنتُ المسؤولة عنها ،لَ ِكن َ
ي إخرا ُجها من دائرة الخطر .تمنيت لو أَنّي أخرجتها أب َك َر من ذلك .إن ذكرى صدمة ف َكانَ َ
عل َّ
محوها من ذهن ابنتي؛ فهي إلى اليوم ال تزال تخشى االختناق وهي تأكل؛ ُ هذا اليوم ال يمكن
وتحتاج أن يكون إلى جانبها كوب ماء ُك َّل وجبة طوال حياتها ،ألنَّها تصاب بالهلع من خَشية
الممزق لقلبي ألَنّي لَ ْم أُبعدهاِّ ي أن أشعر بالذنب ،والندم االختناقُ .ك ّل وجبة تأكلها في حياتها َ
عل َّ
عن األذى بسرعة كافية؛ هي اآلن تحمل هذه الندوب الداخلية إلى األبد بسببي.
translationsproject.org
174
معتمدين على أنفسنا
َكانَت أ ُ ّمي ضد فكرة انتقالي من المنزل بالتأكيدَ ،ل ْم تستطع فهم كيف لي َحتّى أن أقترح هذا.
النِساء ال ُم ْس ِل ْمات المحترمات ال يَ ِع ْشنَ وحدَ ُه َّن .ال ينتقلن من بيوت آبائهن إال إلى بيوت
أزواجهنَ .كانَت فكرة أن تعيش ابنتها وحدها مزعجةً لهاَ .ل ِكنّي لَ ْم أستطع البقاء هناك.
قدمت طلبًا من أجل المعونة االجتماعية ،وتحدثت إلى مدير البناية التي تعيش فيها أ ُ ّمي.
أن لَدَيه شقة ذاتأخف وطأةً؛ إذا بقيتُ في نفس البناية .أخبرني َّ
ُ فكرت َّ
أن اعتراضها سيكون
غرفة واحدة يمكنه تأجيرها لي ،لَ ِكنّها َكانَت في طابق مختلف .فكرت في االنتظار الى أن تشغر
شقة في طابقها ،لَ ِكنّي تراجعت عن ذلك .إن َكوني في نفس البناية هي مسافة قريبة على نح ٍو
كافٍ كي تراقبَني؛ لم يعد األمر كما لو كنت عذراء! فبعد الزواج ال تخضع المرأة المسلمة
أن ذلك لن يُرضيها؛ لَ ِكنّي فكرت أنَّها
لسيطرة عائلتها بشدة .انتقلت بأسرع ما يمكن .علمتُ َّ
ستتوافق معي كوني في نفس البناية.
لَ ِك َّن أ ُ ّمي اشتعل غضبها عندما غادرت شقتها؛ َكانَ األمر كأَنّي أ َّج ْرتُ بيتًا في الجهة األخرى
من المدينة .سبَّتْني ب ُك ّل مرادفات كلمة "عاهرة" استطاعت أن تقولها ،ورغم ُك ّل ذلك انتقَ ْلتُ .
في يومي األول في الشقة الجديدة مألتُ طلبات انتساب الى الجامعات القريبة .قُبِ ْلتُ في
الجامعة التي فض َّْلتُها على غيرها؛ فاشتعل غضب أ ُ ّمي ألَنّي تقدمت لدخول الجامعة .أخذت
تحاول جعلي أقابل طالبي خطوبة آخرين ،أزواج آخرين محت َملين ،لَ ِكنّي ما ُك ْنتُ ِألَقَ َع في نفس
الحفرة مرة ثانية.
في األشهر القليلة التالية -وأنا أنتظر بدء الدروس -بدأت أتعا َفى ببطء .أتَذَ َّكر كيف نزعت
أسير عاريةَ
ُ عار .شعرت بالضعف ،والخجل كما لو ُك ْنتُأن وجهي ٍ النقاب ألول مرة ،وشعرت َّ
translationsproject.org
175
سوف يحدِّقون بوجهي المكشوف؛ لكن َل ْم يهتم أحدَ .كانَت ابنتي
َ الصدر .توهمت َّ
أن الجميع
الحجاب على وجهي لتغطيَه
َ حاولَ ْ
ت أن تنزل الصغيرة الوحيدة التي استغربت كشف83وجهي .لقد َ
بدال من العباءة .وأخذت ببطءٍ أعيد اكتشاف ما ت طويلة ًمجددًا .أخذتُ بالتدريج ألبس تنورا ٍ
ُك ْنتُ عليه قبل الزواج.
أل َ ّني ُك ْنتُ ال أزال أشعر بالحاجة إلى إرضاء أ ُ ّمي بحصولي على شقة في نفس البناية ،فقد
َكانَ اإليجار أعلى بكثير مما ُك ْنتُ أقدر عليه .وألنَّها ما َكانَت لتسمح لي باالنتقال الى شقة
أستطيع تحمل نفقة إيجارهاُ ،ك ْنت أحيانًا أطلب منها المال من أجل اإليجار ،أو الطعام.
فلك ذلك .افعلي ُك َّل شيء ت ِفعل ُك ّل شيء وحدك؛ ِ ت سيدة ً مستقلة؟ إذا أرد ِ َكانَت ترد" :ال ،ألس ِ
وحدك!"
"هل أستطيع فقط استعارة بعض المال لشراء البقالة إذَ ْن؟ ليس لَدَي َحتّى الحليب .لَدَي مال كافٍ
لدفع اإليجار فقط".
ت في حاجة إلى دفع إيجار؛ تستطيعين العودة للعيش معي .لَ ْن أُضيّع نقودي". "لس ِ
"حسنا .لكن هل أستطيع استعارة بعض المال مؤقتًا؟"
"قلت ال!"
عا؟""هل ستتركين حفيدتك تموت جو ً
أدخلتُ يدي في حقيبتها ،واخذت بطاقتَها االئتمانية.
ت". وف أتصل بالبنك ،وأ ُعلمهم؛ أنَّها قد ُ
س ِرقَ ْ س َت استعمالها؛ف َ "إذا حاول ِ
"ال ،لَ ْن تفعلي؛ أنت تعلمين أَنّي أحتا ُج شرا َء الطعام لها .إنها حفيدتك".
ت أخذوعليك أن تَتعايشي معها .وإذا حاول ِ ِ ت هذه القرارات الغبية، ت اتَّخذ ِ
"ال ي ُهمني .أن ِ
ضا".
ت أي ً س ِرقَ ْ
وف أتصل بالشرطة ،وأخبرهم أنَّها ُ س َسيارتي؛ ف َ
قلتُ لها أنَّها تُخادعني؛ ث ُ َّم أخذتُ ابنتي ،ومفاتيح سيارتها ،و بطاقتَها االئتمانية ،و ذهبت
سوق؛ أعطيتُ أل ُ ّمي فرصةً أخيرة ً في عقلي .إذا اتصلت ي حال .أثناء الت َ َّلشراء الطعام على أ ّ
بالبنك أو ،الشرطة؛ فستكون القشة التي قسمت ظهر البعير؛ َحتّى بالنسبة أل ُ ّمي بَدا هذا الفعل
بكثير.
ٍ ً
تجاوزا الحد ُم
83
تنورة :جيبة ،سكتت
translationsproject.org
176
جرد ش ِ ّكي؛ كان غريبًا بحد ذا ِته.-عندما ذهبتُ لدفع ثمن ال ِبقالة ،أبلغني ال ُمحا ِسب؛ أعتبر َّ
أن ُم َّ ُ -
كثيرا ما ُك ْنتُ أتردد على محل البقالة ذلك للتبضع. أن البطاقة مسروقةَ .كانَ يعرفني ألَنّي ً َّ
حينما عدت إلى السيارة؛ َكانَ ُك ّل ما استطعت التفكير فيه؛ أنَّها على األرجح قد اتصلت
ي العودة الى ي مع ابنتي؛ ف َكانَ َ
عل َّ عل َّ
ضا .واآلن قد يُقبَض َ
بالشرطة وأبلغت عن سرقة سيارتها أي ً
البيت في أقرب وقت ممكن.
َكانَ ذلك هو اليوم الذي أدركتُ فيه؛ أنَّه ال يوجد شيء؛ أحقر من أ ُ ّمي حرفيًّاَ .كانَت لَدَي علبة
حليب مجفف مفتوحة ُك ْنتُ قد أخذتها من مطبخ المسجد .أخبرت نفسي أنَّها لم تَ ُك ْن سرقة بل
بدال من المسجد. َكانَت هناك كي يستعملها الناس .فما الذي سيحدث إذا استعملتها في البيت ً
خلطتها بالماء ،وغذَّيْتُ بها ابنتيَ .كانَ ذلك عشا َءهاَ ،كانَ عمرها آنذاك سنتين و قارورة واحدة
من الحليب؛ لم ت َ ُك ْن وجبة كافية .تمنيت لو أَنّي لم أتوقف عن إرضاعها؛ َكانَ ذلك طعا ًما مجانيًّا
على األقل؛ َل ِكنّي اضطررت إلى التوقف عندما اكتشفت أَنّي حامل بأخيها .استلقيت ،وبكيت
َحتّى نمت.
ْ ْ ُْ ُ
يك ُم َّ ُ ًَ ْ ُْ ْ ْ ْ ْ ْ ُ رْ ُ ُْۤ ٰ َ ُّ َّ
س فال يقر ُبوا ٱلم ْس ِجد ٱلحرام ب ْعد ع ِام ِه ْم ه ٰ ذا و ِإن ِخفت ْم ع ْيلة فسوف يغ ِنشكون نج ٌ 84
ٱَلل ِمن فض ِل ِه ِإن شآء ِإن َّ كقوله{ :يأيها ٱل ِذين آمنوا ِإنما ٱلم ِ
يعن ه شتيمة ي نجاسة معنوية ال حقيقة مادية ،ز يم} التوبة 28 :وبحسب التفاست والفقه فإنها بحسب اعتقاد كثت من فقهاء ال ُم ْس ِلم ز يم حك ٌ
ِ
ٱَلل عل ٌ
ِ
الطتي يقول كذلك :حدثنا ابن وكيع ،قال: ز ّ ز ز ْ ُ
فقط،مثل كثت من الشتائم الن يزخر بها القرآن ضد ُغت المس ِلمي المخالفي .لكن هناك رأي ف التفاست؛ ر
تصافحوهم ،فمن صافحهم فليتوضأ. ِ س } قال :الالم رْشكون نج ٌ ثنا ابن فضيل ،عن أشعث ،عن الحسن { :إنما ُ
ِ
translationsproject.org
177
الفيل
صعوبة .احتجتُ المال لشراء الكتب ،وتموين ت األمور أكثَر ُ ما إن دخلت الجامعة؛ َحتّى أم َ
س ْ
طررت إلى العودة للعيش الطعام ،والمواصالت ،و حضانة ابنتي؛ لم يعد بإم َكا ِني فعل هذا .اض َ
ي أن مع أ ُ ّمي ،وأخي؛ ث ُ َّم انتقلنا نحن األربعة الى منز ٍل من طابقين في مدينة مجاورة؛ ف َكانَ َ
عل َّ
ت ذهابًا الى الجامعة وأربعة باصات للعودة إلى المنزل. أستق َّل أرب َع حافال ٍ
نوم هانئةٍ؛ إذا نمتُ أربع ساعاتَ .كانَت َلدَي خمسة كورسات في الفصل ُك ْنتُ أعتبرها ليلةَ ٍ
الدراسي الواحد ،إذ أردتُ أن أُنهي دراستي الجامعية في أقصر وقت؛ للحصول على شهادتي
أخيراَ .كانَت
ً علّمة .بعد ذلك أستطيع أن أصبح معلمة ،وأن أبدأ في الحصول على بعض النقود ك ُم ِ
ي ،ومن ث َ َّم سيذهب معظم مالي المستقبلي في سداد ُك ّل تلك عل َّ
القروض الطالبية تتكدس َ
ي فقط أن أعيش ُك ّل ٍ
يوم القروض في النهاية .لَ ِكنّي لم أستطع شغل تفكيري بذلك آنذاكَ .كانَ َ
عل َّ
على حدةٍ.
قابال للتحمل؛ عدا تذَ ُّمر ،وضغط أ ُ ّمي المتواصل؛ لقد لكن ً
َكانَ ُك ّل شيء في حياتي صعبًا؛ ْ
أرد بال ُمقابل. َكانَت تثير جنوني ،و ُك ْنتُ أحاول أن أقلل من شجارناَ ،ل ِك َّن أحيانًا َكانَ َعل َّ
ي أن ُ
178
صل األمر إلى شجار كبير ،وصرت أنا البنت العاقَّة التي ال تتقبل الهدية بامتنان .أما حقيقة و َ
أنَّها َكانَت تحاول إلباس طفلتي باإلكراه شيئًا لم تشأ هي ارتداؤه؛ فليست مسألةً ذات صلة .ر َب َّما
ُجبرك أحد على ارتداء شيءٍ ال تريد ارتدا َءه،
ِ كانَ ردُّ فِعلي ُمبال ٌغ فيه ،لَ ِكنّي أعرف شعور أن ي
ولم أ َ ُك ْن ألسمح أن تَ ُم َّر ابنتي بهذا الشعور.
ي غضبًا جهنميًّا. أن نَعتَها ابنتي بالغبية ألنَّها ال تحب نفس األشياء التي تحبها هي؛ أثار ف َّ
كما َّ
ي بطريقة شديدة لدرجة أَنّي ُك ْنتُ اختصارا لكامل حياتي التي عشتها .السعي للتحكم ف َّ
ً َكانَ ذلك
وف تختار س َ قد نسيتُ أن لي آرائي الخاصة بي! لَ ْن أسمح أن تمر ابنتي بنفس التجربةَ .
وسوف تكون لها آراؤها الخاصة بها؛ وإذا أرادت أن تلبس الزهري ،أو البنفسجي َ سها،مالب َ
وف تلبسه.
س َ فقط ،فهذا ما َ
ألَنّي صرت ادرس في الجامعة؛ تنامت ثقتي في نفسي ،وش َّج َعني هذا على تحدي أ ُ ّميُ .ك ْنتُ
أكبَ َر ببضع سنوات من أغلب زمالئيِ ،لذا َكانَت لَدَي خبرة في الحياة أكثر منهم؛ ساعدني هذا
كثيرا على وجه الخصوص في منهج علم نفس الطفل الذي ُك ْنتُ أَدرسه .بما أَنّي ُك ْنتُ الوحيدة ً
باإلضافة إلى األستاذ(ة) التي َكانَت لَدَيها طفلة ،فغالبًا ما ُك ْنتُ أنا الطالبة الوحيدة في القاعة
القادرة على فهم متكامل ،وبسيط لما تتحدث (أو يتحدث) عنه األستاذ(ة)َ .كانَت نقاشاتنا في
القاعة في أغلب األحيان هي محاوالت أستاذتي،وأنا شرح األمور لزمالئي األصغر مني سنًّا.
صار صوتي أكثر أهمية ،وصارت آرائي ،وتجاربي جديرة ً بالتقدير .لم أعد تلك التي َكانَوا
يعتبرونها؛ غبيةً ،و ُمغفلة ،وعديمة الفائدة في البيت.
بدأت في الحقيقة َحتّى؛ في اكتشاف األخطاء في آراء أ ُ ّمي؛ لكن هل سأكون وقحة للغاية لو
ً
مستحيال ،لَ ِكنّي قررت أن أختبر شكي. فكرت أَنّه يمكن أن أكون أذكى منها؟ بدا هذا
أرادت أ ُ ّمي شراء سيارة ڤولڤو؛ لسبب ما َكانَت ُمصممة على هذه الفكرة؛ ف َكانَت أولى
خطواتها التواصل مع بائعي السيارات المستعملة ال ُم ْس ِل ْمين َّ
ألن -بالتأكيد -ال ُم ْس ِل ْمين فقط يمكن
الثقة بهم؛ َكانَت هذه الفكرة بالنسبة لي مضحكةٌ ،وسخيفة.
مؤشرا على مدى تمكنه في الميكانيكا". ً "اإلله الذي يعبده المرء؛ ليس
وف يكون أمينًا".
س َ"إذا َكانَ ُم ْس ِل ْما ف َ
translationsproject.org
179
"هذا ليس بالضرورة صحي ًحا"..
"بلى .إنه صحيح؛ فال ُم ْس ِلم الحقيقي؛ ال يغش ُم ْس ِل ًما آخر ؛ قد يغش الكفار -ربما-؛ َل ِكنَّه لَ ْن يغش
85
ُ
انزعجتُ لتضييع أ ّمي مالَها على هذه السيارة الرثة؛ من ٍ
بائع ُمثير للريبَة ،بينما َكانَت هنالك
سيارة ڤولڤو جيدة معروضة للبيع لدى وكيل ذي سمعة طيبة؛ لقد َكانَت أغلى بـ ( 500دوالر)
فقط ،لكن على األقل َكانَت مضمونة من جهة كونِها ستع َمل!
في العادة؛ عندما أتعارك مع أ ُ ّمي حول أمر ما؛ ُك ْنتُ أرض ُخ لتقديرها "الحكيم"؛ ألَنّي ُك ْنتُ ال
أثق في تقديري ،ورأيي .لَ ِكنّي ُك ْنتُ متأكدة أَنّي على حق هذه المرة؛ لم يحدث هذا من قَب ُل قط؛
عم ُل شعورا غريبًا .في الجامعة بدأت أُنمي مهارات التفكير النقدي لَدَي ،وصرت أ ُ ِ ً َكانَ هذا
ومثيرا؛ أردت المزيد ،وأحببت وضع ً عقلي بطريقة لم اعهدها من قبلَ .كانَ هذا جديدًا،
الفرضيات ،واختبار مختلف الزوايا ،ووجهات النظر للوصول إلى االستنتاج في النهاية؛ َكانَ
أني ِفعلَه ،وكيفية ِفعلَه؛ إلى درجة َّ
عل َّ ش ً
طا للغاية.إذ ُك ْنتُ معتادة للغاية على تل ِقّي ما يجب َ هذا من ِ ّ
هذه المهارة الجديدة الكتشاف كيفية تقرير ما أريد فعله؛ َكانَت كاإلدمان ،ونشواهُ لي .قررت في
النهاية أن أسبر إمكانية أن أكون على حق ،وأ ُ ّمي على خطأ.
لقد َكانَ مالَها و َكانَت حرة في شراء ما تريد به؛ توقفت عن نُص َحها؛ في الحقيقة شجعتها على
المضي قُد ًما ،والشراء من البائع ال ُم ْس ِلم ال ُمريب.
تن َّحيتُ جانبُا ،ث ُ َّم انتظرت ألرى ما إذا َكانَت هي على صواب؛ أم أنا .إذا َكانَت على حق؛
فسأظل دائ ًما رهن رأيها .وإذا ُك ْنتُ أنا على حق؛ فأعرف أنَّه يُمكنني الوثوق في قدرتي على
أكثر صوابًا من تقديرها.
التقدير ،والحكم- ،في الحقيقة -فإنه قد يكون َ
ً 85ز
مثًل ف صحيح ُم ْس ِلم.... ] 101 [ :عن رأن هريرة أن رسول هللا صىل هللا عليه وسلم قال من حمل علينا السالح فليس منا ومن غشنا فليس منا
[ ....] 102عن رأن هريرة أن رسول هللا صىل هللا عليه وسلم مر عىل ر
صتة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بلال فقال ما هذا يا صاحب الطعام
قال أصابته السماء يا رسول هللا قال أفال جعلته فوق الطعام ك يراه الناس من غش فليس ز
من
translationsproject.org
180
استخدامها ،ورفض البائع أن يرجع إليها مالها.
ِ تعطلت السيارة عن العمل بعد يومين فقط ِمن
عرض عليها فقط أن "يصل َحها" .ثم تعطلت عن العمل ثانية بعد بضعة أيّام .وصارت السيارة
خطيرة جدًّا ألنَّها َكانَت تتوقف في وسط الزحام ،فاضطرت في النهاية لالستسالم لألمر الواقع.
َكانَت هذه لحظة فارقة بالنسبة لي؛ لقد اختبرت فرضيتي ،وتبيَّن أنَّها صحيحة .فتح هذا عالَ ًما
غير قاب ٍل للجدل؛ على أَنّي أستطيع أن أثق في كامال أمام عقليَ .كانَ هذا ً
دليال قاطعًا َ ً جديدًا
أحكامي ،وحدسي ،وقدرتي على اتخاذ قرارا ٍ
ت صحيحة.
في نهاية الفصل الدراسي الثاني من سنتي الجامعية األولى ،بينما ُك ْنتُ أجري امتحانًا في
غير قادرة على كتابة جملة كاملةَ .كانَت اإلجابات تعوم في مادة علم النفس وجدتُ نفسي فجأة ً َ
ي طريقة .لم أشعر من قبل قط بمثل ذهني؛ لَ ِكنّي لم أعد قادرة على كتابتها على ورقة اإلجابة بأ ّ
هذا االنقطاع بين عقلي ،وجسدي؛ فقد ُك ْنتُ استنزف نفسي منذ وقت طويل ،ولم أعد أنام َحتّى
ليال ،و ُك ْنتُ محرومةً من النوم بشدة؛ باإلضافة إلى ذلك ُكله؛ ُك ْنتُ ُُ قد َم ِر ْ
ضتُ األربع ساعات ً
ضا ،و َكانَ جسمي يقاوم الڤَي َْروس .لَ ِكنّي ُك ْنتُ أ ًّما عزبا َء تذهب إلى الجامعة في حضور دوام أي ً
سا خصوصية في الليل ،فلم َي ُك ْن لَدَي الوقت كامل ،و ُك ْنتُ باإلضافة إلى ذلك أعطي درو ً
للمرض؛ لذلك تناولت كميات كبيرة خطيرة من مضادات الهستامين ،ومسكنات األلم ألبعد
الحبوب ببعض النيو ستران ،وهو دواء مهدئ للسعال، َ األعراض؛ لَ ِكنّها ظلت مستمرة فأتْ َب ْعتُ
ومزيل لالحتقان .لم يَ ُك ْن لَدَي الوقت (وال المال) لألكل في الجامعة؛ ُك ْنتُ على العموم دائ ًما إما
مستعجلة للغاية ،أو مرهقة للغاية بحيث ال أستطيع إعداد طعام لنفسي ألخذه معي قبل مغادرة
البيت .باختصار؛ ال طعام ،إضافة إلى الكثير من الحبوب ،ومعها نيوسيتران ،ومع ضغط نفسي
ذلك ال يؤدي الى نتيجة جيدة. ساحقَ ،
ُك ْنتُ محبطة للغاية ،وخائفة ألَنّي سأفعل شيئًا لم أفعله منذ وقت طويل .منذ آخر مرة مع السيد
فابرو عندما أتت األمور بنتائج عكسية .لقد طلبت المساعدة.
ي المتعرقتين .ركزت بشدة كي سرت بحذر إلى األستاذة ،قابضةً على ورقة االمتحان بيد َّ
أصيغ العبارات ،وأحاول شرح حالتي .توقعت منها أن تأمرني بأن أتَجلَّد ،وأجلس ،وأجيب عن
translationsproject.org
181
االمتحان‘ أو أسلم ورقة اإلجابة كما هي .توقعت أن تن َهرني العتقادي أَنّي قد أجد بعض
التعاطف ،أو المعاملة التمييزية منها.
ألن أول رد فعل لها َكانَ قولها" :أوه"قلت لها" :نيوسيتران" .البد أَنّي ُك ْنت في حالة سيئة جدًّا َّ
سطت ذراعيها .أتَذَ َّكر أنَّها كتبت "نيوسيتران" في أعلى ورقة امتحاني. ثم اتسعت عيناها ،و بَ َ
وف تتركني أذهب .ث َّمُس َ َ
أدركتُ من خالل نظرة عينيها؛ أنَّه يُمكنني التوقُف عن التوتر ،وأنها َ
ي؛ أن أتصل بها الحقًا لننظر في كيفية تعويض االمتحان .لم أشعر أعطتني بطاقتَها ،وطلبت ال َّ
بمثل هذا االرتياح التام من قَبل؛ فانتقلت من اليأس؛ إلى الشعور بالخالص في أقل من دقيقة،
وانهمرت دموعي؛ لم يَ ُك ْن نشي ًجا ،بل فقط دموع تنهمر على وجهي .استطعتُ أن أشكرها رغم
أن حنجرتي َكانَت متورمة وتؤلمني .خرجت من القاعة ،وأخذت أول حافلة إلى البيت. َّ
تفاجأتُ من لط ِفها؛ عندما قابلتها الحقًا في مكتبهاَ .كانَ يُفترض أن يكرهني الكفار؛ لقد
ي أال اثقَ بهم .لَ ِكنّها أظهرت تعاطفًا تجاهي؛ ال يزال يجعلني عل َّ علَّموني أنَّهم أعدائيَّ ،
وأن َ
طف أ ُ ّمي بي قط مثلما فعلت هي.
أذرف الدموع إلى اليوم؛ رغم مرور ُك ّل تلك السنوات .لم تَل ُ
ُ
والتوتر.
َ ت بأَنّي أبدو متحملةً فوق طاقتي ،وربما مكتئبة ،لَ ِكنّي بالتأكيد أعاني اإلجهادَ، علَّقَ ْ
أصر أسناني في الليل بشدة ّ أخبرتها أَنّي أمر بفترة صعبة ،وأَنّي أكافح بجه ٍد هائ ٍل .أخبرتها أَنّي
ستشارا نفسيًا؛
ً أن أعا ِود ُمصت ْإلى درجة أَنّي أستيقظ في الصباح مع ألم يستمر طوال اليوم؛ فأو َ
كي أخفف من حدة الضغط .بما أنَّها َكانَت ُمرشدة نفسية ؛ طلبتُ إليها أن تكون ُمعالجتي؛
ي ،لَ ِكنّي َه ِل ْعتُ .لقد وجدتُ شخ ً
صا وحاولَ ْ
ت اقترا َح بدائ ِل عل َّ َ دورها،
أن هذا ليس َ ضحت لي َّ فأو َ
واحدًا يعاملني بلطف ،ويريد مساعدتي ،فما احتمالية إيجاد شخص آخر؟ أخبرتها أَنّي أريد فقط
ي شخص آخر. أن أتحدث إليها؛ ألَنّي أثق بها؛ وال أستطيع أن أثق بأ ّ
ال أستطيع تخيل كم بدوت يائسة .بإدراكٍ ُمتأ ّخر ،فمن الواضح أني كنتُ أعاني من االكتئاب،
إن لم تقبل ُمساعدتي؛ فلَ ْن أسعىوالقلق ،و العديد من األشياء األخرى .أعتقد أنَّها عرفت؛ ْ
ي م َكان آخر؛ وستكون ُمحقَّة بذلك؛ ألني ما كنتُ ألفعل.
للحصول على المساعدة من أ ّ
وأصر ْرتُ على أن أدفع لها نفس األجرة َ ُك ْنتُ ُُ ممتنةً للغاية أ َّنها قبلت عمل جلسات لي؛
ت بذلك في ي حوالي ( 100دوالر) في الساعة .قَبِلَ ْ بالساعة الخاصة بالمعالجين النفسيين ،أ ّ
الشيك بعد جلستنا
َ النهاية ،لَ ِكنّها أخبرتني أنَّها لَ ْن تستطيع أن تراني إال لبضع جلساتٍ .أعطيتها
translationsproject.org
182
الثالثة وأنا أعلم أَنّي ال أستطيع تحمل تكلفة جلسة أخرى معهاُ .ك ْنتُ قلقة ،وحريصة جدًّا على أن
يكون لَدَي ما ٌل كافٍ في حسابي لتغطية مبلغ الشيك .لكن بعد بضعة أسابيع اكتشفت أنه لم َي ُك ْن
أوال المحامية ،ثم كاشير السوبرماركت، تصرفَهُ .لقد قابلت مالكي الكافرة الثالثةً ،
ِ لها نية في أن
واآلن معلمتي الخاصة بمادة علم النفس.
أردت أن أعود للتحدث إليها أكثرَ ،ل ِكنّي لم أستطع السماح لنفسي باستغالل طيبتها .أل َ ّني
ي أن أتوقف عن زيارتها .قررت ً
بدال ع ِل ْمتُ أنها ستظل ترفض صرف الشيكات ،لذلك َكانَ َ
عل َّ
من ذلك أن أُث ّمن كرمها بتطبيق دروس الحياة التي علمتني إياها .إنها ال تدري إلى هذا اليوم كم
غي ََّر ْ
ت حياتي.
حدثتها عن رغبتي في التخلص من قبضة أ ُ ّمي الحديدية (سيطرتها الشديدة) .بعد أن شرحت
ي ذلك ،أنهيت كالمي لها ُك ّل األسباب التي ألجلها أريد ذلك ،واألسباب التي ألجلها ينبغي َعل َّ
بعبارة "لكني ال أستطيع".
"لم ال ؟"
سألتنيَ :
عائلتك ،أو مع
ِ أن تعيشي إما مع عليك َّ
ِ "ألَنّي ال أستطيع؛ ال تستطيع النِساء العيش بمفردهن.
زوجك .ال يجوز للنساء أبدًا أن يعشن وحدَهن .ال أستطيع جلب هذا العار على أ ُ ّمي .ال
أستطيع".
"تخيلي أنَّك ال تستطيعين قول ال أستطيع".
من َكانَ يعلم مدى التأثير العميق الذي سيكون لهذه الكلمات على حياتي؟ لعلها َكانَت تعرف،
لَ ِكنّي لستُ متأكدةً .يا لها من نقطة تحول .البد َّ
أن هذا َكانَ نفس شعور ُك ّل شخص عندما اكتشفوا
أن األرض ليست مسطحةً. َّ
أن هنالك احتمالية وجود شيء يتجاوز عبارة "ال أستطيع" .وها أنا لم يخطر على بالي يو ًما َّ
اآلن أحدّق في أفق ال نهاية له .في إحدى محاضرات نفس منهج مادة علم النفس ،تعلمنا عن
(صغار
ُ الفيلة حديثة الوالدة التي تُقيَّد ببالطات خرسانية ثقيلة منذ مولدها .تكافح تلك الدَغافِ ُل
األفيا ِل) ب ُك ّل قوتها للتحررَ ،ل ِكنّها ال تستطيع .تنزف أرجلها وهي تصرخ ،وتصارع ،لَ ِك َّن
مصيرها. َ التحرر فتستسلم ،وتق َبل
َ الخرسانة ال تتزحزح .في النهاية تفهم الدغافل أنَّها ال تستطيع
translationsproject.org
183
وألن الفيلة ال تنسى أبدًا ،فإنك ترى الفيلة الكبيرة التي تستطيع تحريك شاحنة بنابيها لو أرادت َّ
صغير في األرض .لقد قبلت تلك الفيلة قدرها منذ
ٍ ذلك ،مربوطة بحب ٍل بسيطٍ من أرجلها إلى وت ٍد
زمن بعيد ،وتوقفت عن المحاولة ألنَّها تعتقد أنَّها ال تقدر .لو علمت تلك الفيلة فقط أنَّها لو
حركت أقدامها أقل حركة صغيرة ستصبح ُح َّره.
ُك ْنتُ أنا إحدى تلك الفيلة.
ي أن أتجاوز الخوف الذي تلك َكانَت أول مرة أُد ِْرك فيها أَنّي العائق الوحيد أمام نفسيَ .
عل َّ
ع في عقلي .لقد أراد الجميع أن أؤمن أَنّي ال أستطيع أن أنجح وحدي ،وصدقتهم .لكن ما ُز ِر َ
أجمل ذلك االكتشاف المفاجئ الجميل أَنّي أستطيع! وأنَّهم ال يعرفون أَنّي أعرف! و يظنون أَنّي
ال أزال أصدق ذلك! يبتعدون ويتركوني موثوقة إلى ذلك الوتد في األرض ظانين أَنّي لَ ْن اقتلعه
ليال واثقين أنَّهم أقنعوني أَنّي ضعيفة بال حيلة .لكن كان لي اليد العليا .لقد عرفت أبدًا! ينامون ً
اأنّني قويّة!
تركت هذه المعرفة تستقر ،وتتغلغل ،وتكبر في داخلي؛ بينما أعيش حياتي اليومية كالمعتاد.
ُك ْنت خائفة جدًّا؛ لَ ِكنّي واصلت السير إلى األمام رغم الخوف .بالتأكيد لَ ْن يحرقني هللا في الجحيم
إلى األبد لمجرد أَنّي أحاول إنقاذ ابنتي من نفس الحياة التي عشتها! سوف يتف َّهم أَنّي أردت
إخراجها من ذلك الوسط المسموم ،بعيدًا عن أ ُ ّمي ،وأخي .سأشرح كل ذلك إلى هللا وسوف
ي فقط أن أنتظرها .لم أ َ ُك ْن قادرة ً على إثارة يتف َّهم .أدركت أَنّي سأجد فرصةً في النهاية ،لكن َ
عل َّ
ي تحركات مفاجئة.الريبة بأ ّ
لم يطل األمر بعد اكتشافي لقدرات ذاتيَ ،حتّى بدأت أ ُ ّمي تستعد لزيارة أختي في ِ
فلورداَ .كانَت
تلك فرصتي!
َكانَ إلحدى صديقاتي جار يبني شقة غير قانونية في القبو .وقد احتاج أن يؤجرها بهدوء
وسرية .ممتاز! لم ت َ ُك ْن َلدَي السمعة المالية ،وال المراجع ،وال الضمانات الالزمة إليجار شقة
ي حال .ثم إني سأتمكن من العيش بالقرب من صديقتي! ومن ث َ َّم خططتُ ل ُك ّل هذا رسمية على أ ّ
فلوردا؛ سأجمع أغراضي ،وأغراض ابنتي ،وسنغادر هذا الم َكان ِ ُ
سرا .عندما تكون أ ّمي في ًّ
عقَبة واحدة .غادرت هي فجمعت أغراضنا ،وانتق على ع َج ٍل! ذلك ما حدث بالضبط دون َ
translationsproject.org
184
الحرية
َكانَت مجرد شقة في قبو لَ ِكنّها َكانَت لي؛ كجنة ساحرة من الحريةَ .كانَت حرية باهظة الثمن؛
لَ ِكنّها تستحق ُك ّل قرش .لم تَ ُك ْن شقتي كبيرة -إذ ُك ْنت تستطيع رؤية ( 95بالمئة) منها من الباب-
لكن بالنسبة لي َكانَت ال تقدر بثمن .أتَذَ َّكر أَنّي قلتُ لصديق(ة) أَنّي مستعدة لدفع إيجار أكثر من
المطلوب .ما من ثمن يغلو على الحرية.
إذا مشيت بضع خطوات من الباب األمامي إلى غرفة المعيشة /النوم ،ستجد المطبخ ً
أوال ،ثم
مالبس،
َ شا ،وخزانةَ الحمام على يمينك ،وغرفة نوم ابنتي أمامك .وضعت لها هناك فرا ً
وصندوق ألعاب .لم تَ ُك ْن لَدَي غرفتي الخاصة بي عندما ُك ْنتُ في سنها ،لذلك ُك ْنتُ سعيدة ً ألَنّي
زاهي األلوان ،وزينت جدران َ استطعتُ أن أو ِفّر لها غرفتها الخاصة بها، .اشتريتُ لها ِلحافًا
غرفتها بملصقات .شغ ْفتُ بتلك الغرفة ،ألنَّها َكانَت أول خطوة في شفائيَ .كانَ إعطاء ابنتي
شعورا باإلنجاز .لم أعد أحزن ،أو ً ضيًا ،ومح ِقّقًا
األشياء التي لم أحظ بها قط في طفولتي ُم ْر ِ
أتو َّجع على الفرص الضائعة ،إ ْذ أن إعطائها ُك ّل تلك الفرص عالجني ،عالج تلك الطفلة في
داخلي؛ التي تعرضت للخيانة ،والنسيان ،والتجاهل .لم أستطع أن أعوض تلك الطفلة بداخلي
بدال من ذلك للتركيز على ابنتي الصغيرة .أردت أن تكون حياتها ُك ّل شيء لم فات ،فس َعيْت ً
عما َ
ت َ ُك ْن عليه حياتي.
عام ،و َكانَت تلك الشهور رحلة اكتشاف عشنا في تلك الشقة ذات غرفة النوم الواحدة حوالي ٍ
ي شيء .ال مزيد من الذات .أدخلتُ ابنتي حضانةً نهاريةً قريبةً ،ولم أعد أعتمد على أ ُ ّمي في أ ّ
العناية بالطفلة أو المساعدة المالية .ال شيء .صرت أنا وابنتي وحدنا في مواجهة العالم ولَ ْن
يوقفنا شيء.
185
مذكرات امتنان .رغم أنَّها كبرت اآلن ،فهي ال تزال تحتفظ بمذكرة مماثلة .تَعلُّم كيفية العناية
سهال ،لكن عندما أنظر إليها اليوم أُد ِْركُ أَنّي أ َ َ
صبْتُ . بطف ٍل صغير آنذاك لم َي ُك ْن ً
كثيرا باحثين عن إيجار أرخصَ .كانَ هدفي في تلك ً لم ت َ ُك ْن تلك السنوات سهلة .كنا ننتقل
الفترة تحسين وضعي بأسرع ما يمكن؛ كي ال تتذكر ابنتي وقتًا؛ لم تَ ُك ْن َلدَينا فيه نقود للطعام ،أو
اضطررنا للعيش في شقة ذات غرفة واحدة (شقة استوديو أو غرفة) ،أو اضطررنا فيه للنوم
على فرشة أرضية (فوتون) .لم أرد لها أن ت َ ْذ ُك َرني هكذا .أردت أن أكون قدوة تستطيع أن ت َ ْفخ ََر
بها.
أن أمامي وقتًا إلى أن يصير ِسنها ست سنواتٍ .ففي مثل ذلك بنا ًء على تقديراتي؛ َحسبتُ َّ
ي الكثير من عمرها ثالثة أعوام؛إذَن لم يَعُد لَدَ َّ
السن بدأت تتش َّكل لدي ذكريات واضحةَ .كانَ ُ
وكثيرا ،وبالكاد ُك ْنتُ أنام .ثا َبرتُ
ً الوقت؛ لَ ِكنّي ُك ْنتُ على المسارالصحيحَ .ع ِملت ِ
بجدٍ ،وبسرعة،
على ذلك المنوال لسنوات .و ُك ْنتُ على يقين من أَنّي سأحقق ما أريد قبل التاريخ النهائي .لم يَ ُك ْن
لَدَي خيار آخرُ .ك ْنتُ أذهب إلى الجامعة بدوام حضور كامل ،وأعمل في نفس الوقت ،وصرت
قادرة على الشعور بالحب ،وعمل عالقات صداقة جيدة مع أصدقاء جدد.
وكما قال األديب تشارلز د َي ُك ْنزَ " ,كانَت أفضل األوقات وأسوأها"َ .كانَت لَدَي حريتي ولم َي ُك ْن
ضا أن أتعامل مع شيء لم أ َ ُك ْن أعرف عنه شيئًا: ي أي ً هناك شيء أفضل من ذلك .لكن َكانَ َ
عل َّ
ي فعلهَ .كانَ التفكير النقدي ،واتخاذ عل َّ
الحياة .ففيما مضى ،كان يت ُّم إخباري بما يتو َّجب َ
ُ ُ
القرارات ،والتخطيط ،والنظر في العواقب مفاهيم غريبة عني .ت َّم تعليمي؛ أن أصغي ،وأطيع،
ي أن أكتشف ،وأقرر ُك َّل شيءٍ بنفسي .كيف سأذهب إلى الجامعة أن أُفكر .فجأة صار َ
عل َّ وال ْ
وكثيرا
ً ي اتخاذها ال تنتهي، يوميا؟ كيف سأدفع أجرة الحضانة النهارية؟ َكانَت القرارات التي َ
عل َّ
ما فشلت.
صرية في آلة التذاكر (التي تعمل بالوزن) في م َكانَ أتَذَ َّكر توتري وأنا أضع عمالت نقدية ِم ْ
ي أن أستقل دفع األجرة لكي أستطيع الذهاب إلى الجامعة بالحافلةَ .كانَت نقودي تنفد ،و َكانَ َ
عل َّ
بوضوح لم أ َ ُك ْن أعيش في أفضل األماكن
ٍ ثالث حافالت بين البيت والجامعة .من ث َ َّم فإني
جغرافيًّا ،لَ ِكنَّه َكانَ األرخص ،واألفضل ماليًّا.
translationsproject.org
186
ت .ثم َكانَت هنالك أيام أوصل صرية التي َلدَي َحتّى نفذَ ْ استخدمت ُك ّل العمالت المعدنية ِ
الم ْ
فيها ابنتي إلى الحضانة النهارية كي أعود إلى البيت ألبكي .لم َي ُك ْن لَدَي مال يكفي أجرة الحافلة.
سني. لو زارني أصدقائي يو ًما ،واشتريت طعاما زائدًا َكانَ هذا يُف ِل ُ
ألن الجامعة َكانَت فرصتي الوحيدة .إذا لم أدرس جيدًا؛ فلَ ْن أحقق
كثيرا ًَّ ُك ْنتُ أغضب من نفسي
هدفي أبدًا .ذلك الغضب ،والحزن ،واإلحساس بالفشل ،والخوف دفعني إلى الحرص على أن
تكون أيّام تغيبي قليلة ،ومتبا ِعدة.
لكن عندما طلبت ابنتي علبة كيك بسكويت وافل مجمدة باهظة الثمن فقلتُ لها ال؛ ألَنّي ال
أملك النقود ،شعرت بشعور أسوأ ،وأصعب من شعوري بسبب التغيب عن حضور الجامعة.
ُك ْنتُ أخيّب أمل االنسانة الوحيدة التي أردتُ إسعادَها ،و َكانَ ذلك بالنسبة لي أسوأ ما يمكن أن
أصير فيه ،شعور أَنّي في القاع.
َ
لَ ِكنّي عدت إلى السطح مجددًا ،وأنا ألعن غالء كيك الوافل ،واستطعتُ أن أعود إلى الحالة
التي ُك ْنتُ فيهاُ .ك ْنتُ كحصاة تنزلق على سطح الماء خوفًا من أن أغرق مجددًا ،وال أخرج أبدًا.
قليال؛ فسوف أغرق. ُك ْنتُ ممتلئة باألدرينالين ،وأعلم أَنّه ال يمكنني أن أتوقف .إذا أبطأتُ ولو ً
ي هو يوم ي أن أواصل التحرك؛ ولَ ِك َّن األمر َكانَ صعبًا للغايةَ .كانَ أصعب يوم َ
عل َّ َكانَ َ
عل َّ
اضطررت لبيع سوار جدتي.
بعد موت جدي في حادث قارب انتقلت جدتي من السعودية إلى مونتريال .وألنَّهما لم يكونا
سعوديين فقد َكانَ لزا ًما عليهما الحصول على توقيع مشترك من سعودي على ُك ّل ممتلكاتهما
ي شيء في السعودية .لكن ما إن وأعمالهما ،ألنَّه ال يُ ْس َمح لألجانب غير السعوديين بتملك أ ّ
توفي جدي َحتّى استولى السعودي المشارك في التوقيع على ُك ّل شيء تار ًكا جدتي معدَمةً .لم
ي أبي .-وقد ذهبتُ إلى مونتريال لزيارتها بعد يَ ُك ْن لَدَيها خيار إال السفر للعيش مع ابنها -أ ّ
حوالَ ْي سنتين من موت جدي.
َكانَت ضعيفة جدًّا ،و َكانَت عيناها بيضاوين بسبب الچلوكوما (الماء األزرق) .رغم أنَّها َكانَت
ً
طويال .لقد َكانَ للحياة مع أبي ،و ال تزال صغيرة نسبيًّا ،إال أنَّه َكانَ من الواضح أنَّها لَ ْن تعيش
translationsproject.org
187
أثر سي ٌء عليهاَ .كانَ قد دفعها على الجدار ،وكسر ذراعها؛ ثم رفض أخذها الى
زوجته الفظيعة ٌّ
الطبيب مته ًما إياها بالتدلل ،وبالكذب في قولها َّ
أن ذراعها انكسرت.
جلسنا على أريكة أبي ،وبكت وهي تعطيني آخر سوار ذهبي حول معصمهاَ .كانَ لَدَيها دائما
( )6أساور تتدلى من معصمها لَ ِكنّها آنذاك؛ لم يعد لَدَيها إال واحد.
"آسفة أنَّها ليست جديدة .أكره أن أعطيك شيئا قدي ًما ورثًّا لَ ِك ّنها كل ما أملك .أريدك أن تلبسيها
دائما" .قالت ذلك لي وهي تعطيني إياها" .أذكريني بعد مماتي".
"ال أرجوك .احتفظي بها .ال تتحدثي هكذا .أنا ال أحتاج شيئًا كي أتذكرك .ال تقولي أشياء كهذه".
لَ ِكنّها أصرت .وأخذتُها فقط كي تتوقف عن البكاء ،وأقسمت َّأال أخل َعها أبدًا .حافظتُ على
وعدي ألطول فترة استطعتُهاَ .كانَ السوار آخر األشياء القيمة التي أملك .بعته كي أغطي
تكاليف اإليجار ،والدراسة الجامعية ،والطعام .أعتقد أن ذلك َكانَ الحضيض .ال أستطيع التفكير
في لحظة أسوأ في حياتي.
وأخيرا انتهت
ً حصلت في نفس السنة على منحة من الجامعة بقيمة ( 3000آالف) دوالر،
شعور باالرتياح الشديد.
ٌ مشاكل الحافلة .أستطيع اآلن شراء سيارة؛ غ َم َرني
لَ ِكنّي ُك ْنتُ خائفة جدًّا من إنفاق ُك ّل المال على سيارة مستعملة؛ ألَنّه ليس لَدَي أدنى فكرة عن
استئجار سيارةٍ ً
بدال من ذلك. َ كيفية التعامل مع أي مشاكل ميكانيكية .ففض َّْلتُ
في محل وكالة إيجار السيارات الذي َكانَ قريبًا من بيتي حاولت اقناع البائع أن يؤجر لي
سيارة.
translationsproject.org
188
يك موثوقية ائتمانية؛ كما أنَّك طالبة بدوام حضور كامل، قال لي" :عليك أن تفهمي ،ليس َلدَ ِ
يك دخل ثابت .أنت تمثلين مخاطرة ائتمانية عالية .لَ ْن يوافق البنك أبدًا". وليس لَدَ ِ
وف أحافظ عليها جيدًا .عليك أن تصدقني". س َ "أقسم أَنّي سأدفع ُك ّل الد ُفعات في وقتها ،و َ
َكانَت معدتي تتقلَّب كما لو ُك ْنتُ راكبةً في قطار المالهي األفعواني.
ي شخص يمكن "لَ ْن يوافقوا إال إذا دفعت ( 3000دوالر) كوديعة ،وضمن َِك شخص .هل َلدَ ِ
يك أ ّ
ْ
أن يضمن َِك؟"
أكثر.
ب َ تضطر ُ
ِ "ال .ليس لي أحد" .أحسست بمعدتي
ي أحد في حياتك له رصيد؟". "ال أ َّم ،أو أبَّ ،أو عمة ،أو ع َّم (أو خالة،أو خال)؟" أليس هناك أ ّ
أن أطلب ذلك من أبي .لم أتحدث إليه منذ سنين". "أعتقد أَنّي يمكنني ْ
قال لي" :حاولي ذلك .تفضلي .تستطيعين استخدام هاتفي".
"إنها مسافة بعيدة ،إنه يعيش في مونتريال".
"ال بأس ،اِمضي في ذلك".
189
أحسست بالغثيان؛ وأنا أتَذَ َّكر وقوفي تحت المطر مع ابنتي في موقف الحافلة بينما أشاهد آالف
السيارات تمر بسرعة جوارنا.
ف"انظري؛ يا مامي .هنالك الكثير من السيارات!"َ .كانَت تقول..." .وانظري"َ .كانَت تهت ُ ُ
مشيرة ً إلى موقف سيارات ممتلئ" .هنالك الكثير منها في ُك ّل مكان! لم ال نحصل على واحدة
فقط؟"
أن أجلب لنا سيارة يا حبيبتي .أعدك" "أعدك ْ
و اآلن لَ ْن أقدر على الوفاء بوعدي.
ي أن يوقع هو عل َّ
وف يعرض َ
س َاقترب مني البائع عندما رآني أبكي ممسكةً بهاتفه .اعتقدت أنَّه َ
بنفسهَ .بدا حزينًا مثلي.
ي د ُفعة .أعدك .عليك أن تصدقني .ال أعرف ما الذي يمكنني "أرجوك أبي .لَ ْن أتخلف عن دفع أ ّ
قوله غير هذا .أنا أحتاج هذه السيارة .لم أطلب منك شيئًا من قبل ،ولَ ْن أطلب منك شيئًا آخر
أبدًا".
"لَ ْن يعجب هذا زوجتي لهذا .لَدَينا الكثير من الفواتير فعليًّا".
لم أهتم مقدار ذرة لزوجته.
ت أيَّا منها .أعدك .أرجوك". فوتُ دُفعةً ،ولَ ْن ّ ِ
أفو َ "لَ ْن تعرف إال اذا َّ
بعد توسالت كثيرة له ،وكثير من توجيهاته؛ قَبِ َل أن يو ِقّ َع على مضض .حصلت على
ي دفعة فيي سيارة في العالم .لم أتخلف عن دفع أ ّ
سيارتي ،واعتنيت بها أفضل اعتناء نالته أ ّ
السنوات الثالث التي َكانَت لَدَي فيها السيارة .بعد نهاية عقد اإليجار دفعت ( 200دوالر)
لتنظيف ،وتلميع السيارة ،وقال لي البائع أنه لم ير قط سيارة ً تعود إليه في مثل تلك الحالة
المثاليةُ .ك ْنتُ ممتنة جدًّا للوكيل ألنَّه خاطر معي ،وكنت عازمة على أن أردّ له الجميل.
translationsproject.org
190
الشك
وإ ْذ صرتُ أكثر ارتيا ًحا في حياتي الجديدة اخترتُ عشوائيًّا مادة ً اختياريةً تتالءم مع جدول
مواعيدي ،وهي مادة تاريخ األديان .ركزت تلك المادة على الديانات اإلبراهيمية الثالث ،وبما
أَنّي أرغمت على تعلم الدراسات اإلسالمية منذ حداثة سني ،علمتُ أن ثلث المنهج على األقل
سيكون ً
سهال .لم يَ ُك ْن لَدَي فكرة كم ستغير تلك المادة حياتي.
خالل تلك األسابيع االثنتي عشرة تف َّك َك ُك ّل ما ُك ْنت أعرفه ببطء .لم أ َ ُك ْن قد نظرت إلى
اإلسالم نظرة ً مو ضوعية من قبل .صرت أستطيع أن أرى السخافات ،و الالمعقولية فيه بنفس
الوضوح الذي أستطيع أن أرى به السخافات ،و الالمعقولية في األديان األخرىَ .كانَ من السهل
إدراك عدم منطقية ،وعقالنية الثالوث ،أو تقديس البقر ،لكن عندما يكون عدم المنطقية،
أصعب.
َ والعقالنية هو الخاص بدينك يكون إدراكه
أن القرآن ليس س ِمح لي ألول مرة بالنظر إلى اإلسالم من منظور نقدي ،وسرعان ما اكتشفت َّ ُ
ي كتاب آخر كتبه البشرَ .كانَ األمر واض ًحا على نحو ي فلسفة قديمة أخرى ،أو أ ّ مختلفًا عن أ ّ
بأن األرض مسطحة كالسجادة ،أو حديث مفضوح .اإلسالم مليء بالسخافات مثل قول القرآن َّ
شرب بول البعير لعالج األمراض .من الجلّي أنَّه كتابة أشخاص جاهلون .اكتشفت أنَّه لم يَ ُك ْن
ْ
يخلق وحيًا ،وكال ًما إلهيًّا من إله قدير؛ فاإلله الذي خلق السماوات ،واألرض َكانَ ِليعلم أنَّه لم
األرض مسطحةً!
َ
ألن أغلبه سرقات أدبية رديئة.أن فكرة استثنائية القرآن ،وقُدسيته هي فكرة ً باطلة؛ َّ
ثبت َّ
كما َ
بل وهناك َحتّى أمثلة عديدة على وجود كلمات من لغات غير عربية؛ كال ِعبرية ،والسريانية،
معان غامضة
ٍ واإلثيوبية في نص القرآن العربي .86لقد أخبرونا بالطبع أن تلك الكلمات ذات
ز 86
األلفاظ األعجمية أو األجنبية ف القرآن هو مما تعتف به الكثت من كتب علوم القرآن اإلسالمية ذاتها وكتب التفست ،وقد ترجم األخ العراف ذو
ز
االسم المستعار ابن المقفع فقرات كبتة من كتاب العالمة آرثر جيفري (األلفاظ األجنبية ف القرآن) ويمكن تحميله من هذا الرابط:
https://drive.google.com/file/d/1mvA9PrELz1vLrXB mB-LMjn9_rbpliXrK/view?usp=sharing
ز
وقد طرح لوكسمبورج أطروحته عن األلفاظ الشيانية ف القرآن..
ومن الكتب الن تكشف عن مصادر أساطت وقصص اإلسالم والقرآن كتاب كلت تسدل (مصادر اإلسالم) ،وكتاب آخر لجون س بلت بنفس االسم،
كالهما تتوفر ترجمته العربية عىل اإلنتنت،
translationsproject.org
191
سرية ال يعلم تأويلها إال هللا .لكن ال .لقد َكانَت فقط سرقة أدبية رديئة .لقد ُر ِقّ َع القرآن من
التعاليم ،والخرافات التي َكانَ يحكيها ،ويعلَ َمها أفراد ،وقبائل اليهود ،والمسيحيين العرب في
شبه جزيرة العرب.
أخيرا حقيقةَ أنَّه ليس اإلسالم وحدَه فحسب دينًا مختَلَقًا ،بل في الحقيقة إن ُك ّل الديانات
ً قبلت
أخيرا من عقدة الذنب الوهمي المق ِيّدة التي عانيت منها لسنوات! لم ً مختلَقة .ا ْبتَ َه ْجتُ بتخلصي
ي أن أشعر بالنقص ألَنّي ال أؤمن بتلك الحكايات الخرافية السخيفة ،والعنيفة على نحو عل َّ
يعد َ
عجيبُ .ك ْنتُ أنا العاقلة المحقة طوال الوقت!
أخيرا تنفس هوا ًء خاليًا من الشعور بالذنب الوهمي .أردت أن أشرب ً كم هو مريح أن أستطيع
الخمر ،وأذهب الى النوادي الليلية ،وأفعل ُك ّل األشياء التي تفعلها ال ِنساء العازبات الحرائر.
لَ ِك َّن األمر لم َي ُك ْن بتلك السهولة .فمثلما لم أستطع أن أتخلص من النقاب ،والحجاب مباشرةً،
غ ِسلَ ْ
ت بها دماغي منذ أن ُك ْنتُ كذلك لم أستطع التخلص مباشرة ً من ُك ّل تلقين التعاليم الدّيْنية التي ُ
أن ُك ّل شيء َكانَ يعتقد بصحته أكاذيب. في سن الخامسة .من الصادم للغاية أن يدرك المرء فجأة ً َّ
شعرتُ مثل جيم كاري في فيلم "ذا ترومان شو" [عرض ترومان؟ .العواطف الجياشة،
والغضب كوني ُخ ِد ْعتُ ،والحزن ألَنّي أضعت ُك ّل تلك السنين ،والخوف من أَنّي قد أكون على
خطأ ،والحرج من أَنّي ُك ْنتُ بهذا الغباءُ ،ك ّل ذلك اجتاحني .لكن في خضم تلك العمليات َكانَت
ي أوقات أقرر فيها أال أفكر أكثر من الالزم ،وأن أستمتع بحريتي. عل َّ
تأتي َ
من حسن حظي أنَّه َكانَت لَدَي صديقة رائعة تُدعى توشا ،والتي َكانَت دليلي في عالمي الحر
الجديدَ .كانَت تعرف ُك ّل شيء عن الشعر ،والمكياج و ُك ْنتُ طالبتها المطيعة .كنا نقضي كامل
األسبوع في الدراسة معًا نعمل بجد ،وفي إجازة األسبوع تساعدني في اختيار ما ألبسه ،ث ُ َّم
أخيرا أهرب من سجني ،وأحطم آخر ً نذهب معًا إلى النوادي الليلية ،لقد َكانَ ذلك رائعًا! ُك ْنتُ
أسوار سجني اإلسمنتي ،وأعيش الحياة بطريقة لم أتخيل قط أَنّي قد أستطيع أن أعيشَها.
translationsproject.org
192
"أتعلمين؟ أُمك مجرد إمرأة" قالت لي" .هي مجرد إمرأة مثلك ،ومثلي ،ومثل ُك ّل ال ِنساء .نحن
نُعلي من شأن أمهاتنا بسخافة ،ونرا ُه َّن مختلفات عن بقية اإلنسانية؛ لَ ِكنَّهن لسنَ كذلك .إنهن
مجرد نساء".
كنا في سيارتها و َكانَت كلماتها مثل إزميل يكسر أكبر كتلة اسمنت تغطيني .حدَّقت فقط في
زجاج السيارة األمامي محاولةً استيعاب ما تقوله .عندما وصلنا إلى وجهتنا قفزت تلقائيًّا من
ي رد ،وأخبرتها الحقًا بعظيم امتناني لها .لقد صنع بيان الحقيقة هذا فرقًا عميقًا السيارة دون أ ّ
التغلب عليهما ،وقد ساعدتني توشا َ في منظوري .أ ُ ّمي ،وخوفي منها َكانَا آخر شيئين احتجتُ
على ذلك.
يُعطي اإلسالم لألم م َكانَةً شبه إلهية .يستطعن تقرير ما إذا ُك ْنت ستحترق إلى األبد في الجحيم
أن أ ُ ّمي ال تمتلك قدرات خارقة للطبيعة ،وأنَّها مجرد أم ال .هذه سلطة كبيرة جدًّا .لكن إدراك َّ
إنسانة عادية تخطئ مثل بقيتنا كبشرَ ،كانَ إدرا ًكا مغ ِيّ ًرا لذهنيتي.
لم أعد أعيش مع أ ُ ّمي ،لَ ِكنّي ُك ْنتُ ال أزال أخاف بشدة من أن تكتشف أَنّي أخلع الحجاب
أحيانًاُ .ك ْنتُ أعيش حياة مزدوجة .في الليل ُك ْنتُ ال ألبس الحجاب لَ ِكنّي ظللت ألبسه في الجامعة
أن أحتا َج اإلجابةَ عن أسئلة .كنا نعيش مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر و َكانَ ألَنّي لم أ ُ ِر ْد ْ
الناس منتبهين لمن يلبَسْنَ الحجاب.
لم تتفجع أ ُ ّمي -على نحو متوقَّعٍ -إال على ال ُم ْس ِلمين الذين ماتوا في برجي التجارة العالميين.
قلتُ لها" :أتعلمين أنَّه َكانَت هنالك حضانة في أحد ذينك البرجين".
"حسنًا ،في ُك ّل حرب يوجد ضحايا".
"تلك لم ت َ ُك ْن حربًا ،بل َكانَت هجو ًما على مدنيين أبرياء".
"ال تكوني غبية .ال ُم ْس ِلمون دائ ًما في حرب مع الكفار .تلك مشكلتك .أنت لم تفهمي ذلك قط.
وف تُقتَلين معهم على األرجح .عندما تعيشين معهم تصبحين غير قابلة للتميز عنهم، س َولذلك َ
وف ينالك". س َوف تستحقين ما َ س َولذلك َ
ضا".
"أنت تعيشين معهم أي ً
translationsproject.org
193
"ليس مثلك؛ وليس َلدَي أصدقاء كفار .أكرههم ،وأكره بالدهم ،وسأعود إلى بلَدي في أقرب
وقت يمكن فيه ذلك .أنت تحبين الحياة هنا ،وتحبينهم ،وتَعتبرين نفسك منهم .لكن لَ ْن يكون لك
وف ت ُ ْقت َ ِل ِينَ معهم مثل الكلبة".
س َخيار إال االنضمام إلى الخالفة عندما نغلبهم ،وإال ف َ
لم تَ ُك ْن نظرة أ ُ ّمي الى العالم مختلفة عن خاطفي طائرات ( )9/11وال عن داعشُ .كلّهم
اإلسالم
ِ أن واجب ال ُم ْس ِلم القتال إلى أن يصير ُك ّل الناس ُم ْس ِلمين ،وإلى أن تح ُك َم شريعةُ
يؤمنون َّ
العالم .لذلك عندما برزت داعش مدعيةً الخالفةَ في العراق ،وسوريا؛ تدفق ُم ْس ِلمون من ِ ك َّل
أن شبانًا ونسا ًء من دول شتَّى أصقاع األرض لالنضمام إليها في القتالَ .كانَ منافيًا للمنطق َّ َ
فهم سبب هذا .لَ ِك َّن ذلك َكانَ منطقيًّا
الناس َ
ُ غربية يختارون الذهاب إلى منطقة حرب ،لم يستطع
أن من واجبهم دعم دولة اإلسالم. جدًّا .لقد علّموا هؤالء األشخاص -مثلما علّموني -منذ طفولتهم َّ
ما إن حصلت داعش على السلطة َكانَ المجندون المتطوعون مشبَّعين مسبقًا بالتعاليم الجهادية،
سهم على أنَّهم ومستعدين لالنضمام إليها .لم يكونوا يرون أنفسهم كإرهابيين بل َكانَوا يرون أنف َ
يحققون المشيئة االلهية.
بعد الحادي عشر من سبتمبر َكانَت العجرفة ،و الشماتة ،والفرحة هي الموقف الذي ُك ْنت أراه
بين ال ُم ْس ِلمين الذين في حياتي .بينما َكانَ العكس بين الكفار الذين أعرفهم في تعاملهم معي.
ي مضايقة كرد فعل .لقد قتل ُم ْس ِلمون استدعاني عميد ُكلّيتي ليسألني عما إذا تعرضت إلى أ ّ
أن ال أحد يضايقني .آه يا كندا!للتو آالفًا من االمريكيين ،و َكانَ أول شيء يثير قلقه هو التأكد من َّ
أن مخاوفك تثير عجبي .ال .لم يضايقني أحد .بل في لو تدرين ما الذي تتعاملين معه ،وكيف َّ
صا لكي يتأكدوا من أَنّي مرتاحة دائ ًما .أردت أن أقول للعميد" :هل
الحقيقة كانوا يبذلون جهدًا خا ً
تمازحني؟" نحن ندعو الى قتلكم ،وأنتم قلقون من أن تتأذى مشاعرنا؟"
مثيرا للغثيان ،و ُمذ ًِّال بصراحة .لم أ َ ُك ْن قطعة ثلجية هشة تحتاج إلى العناية الزائدة
ً َكانَ األمر
سا من نفس الدّيْن الذي أنا عليه كانوا قتلةَ .كانَ األمر برمته سخيفًاَ .كانَ األجدر أن َّ
ألن أنا ً
ألن حيواتنا كلنا صارت مختلفة اآلن ،ونحن في نقطة الالعودة .لَ ْن نتعامل مع الصدمة النفسية َّ
هوج َم مركز عالمنا للتو ،و َكانَ ال ُك ّل يحاول استيعاب
ِ نستطيع الشعور باألمان بعد اآلن .لقد
األمرَ .كانَ الجميع في حالة صدمة.
translationsproject.org
194
أن هذه القماشة التي على رأسي ي نح ٍو .كم كرهت َّ استَأْتُ من ربطي بأولئك الوحوش على أ ّ
جعلتني أبدو متورطة معهمُ .ك ْنتُ خائفة من اإلرهابيين مثل الجميع ،وقد تزعزعت حياتي مثلهم
جميعًا .تحطم قلبي حزنًا على ُك ّل الضحايا مثل الجميع ،ولم تَ ُك ْن لي أحاسيس أخرى أُخفيها ،أو
ذات وجهين.
ي صلة بيني ،وبينهم .لَ ِك َّنع هذه القماشة ،وإزالة أ ّ ي شيء آخر ,أردت انتزا َ أكثر من أ ّ
َ أردتُ
خيارا مطرو ًحا .قبل الحادي عشر من سبتمبر لم ً نزع الحجاب ،وأنا تحت المجهر بالفعل لم َي ُك ْن
َي ُك ْن الناس ليهتموا على األرجح ،لكن ال يمكن العودة إلى عالم ما قبل الحادي عشر من سبتمبر.
وف أُثير االنتبا ٍه لي أكثر مما أرتاح له ،وقد ُك ْنتُ حضرتُ يو ُما دون الحجاب؛ ف َ
س َ ْ تخيلت أَنّي إذا
الناس يسألوني إذا ُك ْنتُ ال أزال ُم ْس ِلمة ،فكيف سأجيب َ أنال انتبا ًها َ
أكثر مما أريد ُ فعليًّا .تخيَّلت
عن هذا السؤال؟؛ ُك ْنتُ ال أزال أتصارع مع نفسي في ذلك السؤال.
ت عنصرية قد يأخذون خلعي للحجاب؛ إشارة إلى أنَّه يمكنهم الحديث عن ال ُم ْس ِلمين بعبارا ٍ
أمامي مثل "الصحراويين" القذرين ،باعتبار أَنّي قد تركت اإلسالم فأنا بالطبع -كما قد
يتصورون -يجب أن أكره ُك ّل ال ُم ْس ِلمين ،بالتأكيد لم أرد أن يفهموا على نحو خاطئ رحلتي
الشخصية لترك اإليمان على أنَّها دعوة لكره الذين ال يزالون ُمس ِلمين .أردت تفادي وضع نفسي
في موقف غير مالئم اضطر فيه للدفاع عن موقفي ،وتفسيري؛ ألَنّي ُك ْنتُ لم أحدد بَعد -في
نظرا للمشا ُك ّل المحيطة بقراري أن أتبنى اتجا ًها أو آخر ،فقد
الحقيقة -موقفي ،أو تفسيري بعدً .
ُك ْنتُ ُُ ُمح َّجبةً في النهار ،ورو ٌح حرة ً في الليل.
ُك ْنتُ أبدو للعالم كإمرأة ُم ْس ِلمة لَ ِكنّي ُك ْنتُ في داخلي امرأة فقط .بدأت أفقد ببطءٍ هويتي
ك ُم ْس ِلمة ،لَ ِكنّي ُك ْنتُ لم أجد بعد ما أتَّخذهُ كهوية بديلةُ .ك ْنتُ أتعايش مع الحياة يو ًما بيوم وأحاول
العيش بين هويتين.
خالل ذلك الوقت؛ تَلقيّتُ ُمكال َمة من أ ُ ّمي تطلب مني؛ أن أشغّل التلفاز على نشرة أخبار البي
بي سيَ .كانَ هنالك مراسل يقف على أنقاض أحد مواقع القاعدة في كابول و َكانَت األوراق
تتطاير من حوله .انحنى المراسل والتقط ورقة عشوائيًّا ،وقرأها على الهواء مباشرة.
"مكتوب في هذه الورقة شركة فوريو إنتربرايزس ،ريتشموند ،بريتيش كولومبيا ،كندا .نحن ال
نعرف ماهية هذه الشركة؛ أو إن َكانَت لها أ ّ
ي عالقة ،لكن."..
translationsproject.org
195
من بين ُك ّل األوراق التي َكانَ يمكن له أن يلتق َ
طها ،لم يلتقط إال هذه؟ ما احتماالت ذلك؟
ً
طويال؛ قبل أن يجدوني وامتأل جهاز الرد اآللي في هاتفي بالرسائل. مض وقتًا
لم يَ ِ
"أهال .أنا أتصل من صحيفة الناشونال بوست .أردت الحديث معك بخصوص شركة زوجكً
السابق؛ شركة فوريو إنتربرايزس .هل يمكن أن تعاودي االتصال لو سمحتِ؟"
سكر أمام بنايتي منتظرين أن َكانَ المتصلون مثابرين ال يتوقفون ،وفي النهاية بدأوا في التع ّ
أغادر .شعرت بـ انتهاك خصوصيتي ،وبالخوفِ .ل َم يقتحم ذلك العالَ ُم عالمي الجديد؟ لم تَ ُك ْن لي
عالقة باألمر .وصل أحد المراسلين إلى باب بيتي.
"هل لَدَيك لحظة للحديث حول زوجك السابق؟"
"ال .اتركني وشأَنّي .ال أريد أن أتحدث إلى أحد .ال أعرف شيئا عنه! رجا ًء دعني وشأني!"
"لَ ْن نتركك وشأنك َحتّى تتحدثي إلينا .سوف يرحل بقيتُنا فقط إذا تحدثت إلى أحدنا .نحن في
حاجة إلى تصريح فقط".
"ليس لَدَي ما أصرح به".
"احتفظي ببطاقتي ،واتصلي بي عندما تكونين مستعدة ً للحديث .لَ ْن يتوقف هاتفُ ِك عن الرنين
ولَ ْن نبتعد عن بنايتك إلى أن تتحدثي".
ب .أردت فقط أن يرحلوا .شعرت باستغراب خيارا إال الرضوخ بغض ٍ
ً لم يترك لي تهديده
ي ٍ منها .بعد حديثنا عبر الهاتف
إياي في أحداث ليس لي بها عالقة .ليس لي عالقة بأ ّ
َ اقحامهم
صارت قصتي على الصفحة األولى من الجريدة الوطنية .وكما ُو ِعدْت تركني الجميع في حالي
بعد ذلك.
translationsproject.org
196
بحماس" :هل هي أنتِ؟ ال اصدق أنك في صفي .لقد قيل أ َّنها طالبة في اليو بي ٍ قال األستاذ
أن االحتمال ضئيل .واتضح لي أنَّها بالفعل أنت".سي (جامعة بريتيش كولومبيا) ففكرت َّ
"نعم ،وال أريد الحديث حقًّا في األمر" .وابتعدتُ عنه.
"حسنًا ،هذا األمر ُكلّه مثير بالتأكيد".
واصلت السير.
أن أحد عناصر ي .كشف المقال َّ احتوى المقال على كثير من المعلومات التي َكانَت جديدة ً َ
عل َّ
ض عليهم باتهامات ذات صلة باإلرهابَ ،كانَ هو الذي دفع كفالة عصام عندما القاعدة الذين قُ ِب َ
ض عليه عند دخوله كندا باستخدام جواز سفر سعودي مزيف؛ وتحدَّث المقال بتفصي ٍل شديد قُ ِب َ
أن هذا العنصر؛ قد و َّجهه بن الدن شخصيًّا لسحب نقود من حساب في كاليفورنيا عن كيف َّ
وأعطاها لعنصر آخر في بريتيش كولومبيا [بكندا؟.
أن هذه المهمة الجهادية لتحرير عصام قامت على أساس قال الرجال الذين َكانوا جهاديين َّ
طا مع بن الدن منذ أن عصام َكانَ منخر ً
توجيهات مباشرة من أسامة بن الدن .وأشار المقال إلى َّ
الحرب ضد السوڤييتيين في أفغانستان ،ويعتقدون أنَّه الشخص الذي درب مرتكبي تفجيرات
سفارتي الواليات المتحدة األمريكية في كينيا ،وتنزانيا سنة (1998م) والتي قُ ِت َل فيها أكثر من
مئتي شخص.
صرب في عندما أخبرته أَنّي سأحصل على تطليقي منه ،غادر كندا ،وذهب لمحاربة ال ِ ّ
ض عليه بعد سن ٍة تقريبًا في أذربيجان ،وأ ُ ْر ِس َل إلى ِم ْ
ص َر ليُ ْس َجنَ .و َكانَت تلك كوسوڤو؛ لَ ِكنَّه قُ ِب َ
صورته التي أراني إياها جهاز االستخبارت األمنية الكندي (سي إس آي إس) منذ عدة سنوات.
أن تلك َكانَت نهاية ذلك الفصل من حياتيُ .ك ْنتُ أتجاوز األمر ،وأمضي قُدُ ًما،
ُك ْنتُ قد تمنيت َّ
ولم أرد لهذا األمر أن يالحقني بقيةَ حياتي.
197
صر تُد َعى جماعة الجهاد اإلسالمي و َكانَ منض ًّما إلى جماعة ذات طبيعة عسكرية أكثر في ِم ْ
صري للقاعدة .لإلسالميين ،والجهاديين الم ْ
صر) والذين كانوا الجناح ِ (أو تنظيم الجهاد في ِم ْ
ي نشر اإلسالم ،لَ ِكنَّهم يتبنون وسائل ،ومناهج مختلفة .اإلسالميون يريدون فعل نفس الهدف أ ّ
ذلك عبر وسائل سلبية ،وأكثر سلمية مثل السياسة ،والهجرة ،واالنجاب .بينما يفضل الجهاديون
الوسيلة التي استعملها ال ُم ْس ِلمون األوائل :السيف (العنف) .هناك حديث يقول فيه ُم َح َّمد أن أفضل
ال ُم ْس ِلمين هم جيله؛ ثم يضعف ال ُم ْس ِلمون تدريجيًّا بمرور الزمن .لذلك فعلى نحو طبيعي من
المنظور السلفي أن ُك ّل جيل حالي من ال ُم ْس ِلمين هو أسوأ جيل دائ ًما .ال يجب على ال ُم ْس ِلمين أن
يسمحوا بتطور اإلسالم ،بل عليهم أن يكافحوا دائ ًما لتقليد ما َكانَ ُم َح َّمد وأصحابه يفعلون منذ
من ( 1400سنة) .لذلك يعتبر الجهاديون اإلسالميين أقل تقوى ،ونقا ًء ،وخدم أمريكا أكثر ْ
َ
الخائنين الذين يحلقون لحاهم ،ويلبسون البدالت .ال ُم ْس ِلمون الحقيقيون يلبسون مثل الرسول،
أن ُمرسي َكانَ إسالميًّا فقد فضل ترك الجهاديين مثل عصام خلف القضبان؛ ويعيشون مثله .بما َّ
فقد تكون لهم نفس األهداف لَ ِكنَّهم ليسوا حلفاء.
ي أصدقاء ،أو حلفاء كانوا لَدَيه أن عصام ميت اآلن على األرجحَّ ،
وأن أ ّ أرغب في االعتقاد؛ َّ
ضا .لو أنَّه ال يزال حيًّا؛ فسيكون عمره اآلن -الذين لديهم االستعداد؛ إليذائنا انتقا ًما لهَ -موتى أي ً
( 60سنة) .لقد ُح ِك َم عليه بالسجن( 15سنة) مع األشغال الشاقة ،من ث َ َّم يمكن أن يكون قد خرج
من السجن اآلن؛ لكن من غير المر َّجح أن يكون جسده ال يزال بنفس القوة بعد قضاء تلك المدة
صري .أستطيع أن أطمئن على األقل إلى أنَّه لَ ْن يمثل تهديدًا ماديًّا لنا .ال الطويلة في سجن ِم ْ
أتخيل أن الحكومة الكندية ستسمح له بالعودة أبدًا .علمت من مقال منشور في النيويورك تايمز
على اإلنترنت أنَّه َكانَ همزة الوصل لخلية بن الدن اإلرهابية في كندا ،ومن ث َ َّم يستحيل عليه
على األرجح العودة إلى هنا .أدخل دائ ًما على صفحته على الويكيبيديا؛َ 87كي أتحقق مما إذا َكانَ
مات ً
فعال. يوجد تحديث للمعلومات عنه .سأقرأ يو ًما ما تأكيدًا لكونِ ِه قد َ
87
https://en.m.wikipedia.org/wiki/Essam_Marzouk
translationsproject.org
198
إعادة البناء
رغم الصعوبات المالية إال أَنّه َكانَت لي بعض األوقات الجميلة في تلك السنوات التي ُك ْنتُ
أفكك فيها ذاتي ال ُم ْس ِلمة ،وأعيد بناء نفسي قطعة قطعةُ .ك ْنتُ أستضيف صديقات الطفولة؛ فنقوم
ضا ،ونضع المكياج لبعضنا البعض ،ونش ِغّل الموسيقى ،ونرقص؛ -أ ّ
ي بتصفيف شعر بعضنا بع ً
ت في العشرينيات من العمر ُك ّل األشياء التي َكانَت ممنوعة في بيوت عائالتنا-؛ كنَّا مجرد فتيا ٍ
ُمارسنَ حريَّتهن؛ و َكانَت لي شعبية بينهن لذلك.
ي ِ
َكانَت تلك الفتيات ال يزَ ْلنَ عالقات في بيوتهن -إحداهن َكانَت متزوجةً زوا ًجا ُر ِت ّ َ
ب لها ال حُبَّ
حرائر .صديقتي -التي ساعدتني على إيجاد َ فيه -و َكانَ بيتي المكان الذي يستطعن أن َي ُك ْن فيه
عى واين .ذات مرة بينما ُك ْنتُ مع الشقة التي في البدرومَ -كانَ لها أخ ،و َكانَ أعز أصدقائه يُ ْد َ
صديقاتي أتى َواين دون سابق إنذارُ .ك ْنتُ ال أزال ألبس الحجاب ،لذلك لم َي ُك ْن قد رأى شعري
من قبل- .ال أعتقد أنَّه توقع أن يكون شكلي مختلفًا جدًّا دون الحجاب ،-استطعتُ أن أرى
ت تفو ْ
غير مرتاح ٍة لشعور االنتباه لي .لم ّ ِ َ بوضوح أنَّه فوجئ .فقهقهتُ ،وركضتُ بعيدًا،
صديقاتي تلك الحادثة.
إليك؟""أرأيتِ ...الطريقة التي َكانَ ينظر بها ِ
"نعم .حسنًا ،أظن أنَّه َكانَ يحسبني صلعاء".
ت
رآك أن ِ ِ ي منا تلبس الحجاب! إنه لم ينظر إلينا َحتّى .كأنَّنا لم نكن هناك! لقد "لكن لم تَ ُك ْن أ ٌّ
فقط!"
َكانَ ما قلنَه صحي ًحا وقد شعرتُ باإلطراء لذلك .لَ ِك َّن الصديقات يبال ْغنَ في تلك األمور دائ ًما.
لذلك تفاجأت حقًّا عندما عاد في تلك الليلة الحقًا وقال بوضوح أنَّه يبحث عما هو أكثر من
ضا.
الصداقة .أصابني الدوار ،بقدر ما فرحت بالفكرة؛ فقد أرعبتني بنفس القد ِْر أي ً
ُك ْنتُ قد اتخذت خطوة االنتقال إلى بيت مستقل ،لكن أن يكون لي حبيب فتلك َكانَت مسألة
صا غير ُم ْس ِلم -محرمة في
أخرى تما ًما .العالقة مع شخص من الجنس المقابل -خاصة شخ ً
اإلسالم تما ًما .لم يَ ُك ْن هنالك فقط الجحيم الذي تدخله بعد الموت ِعقابًا لك حسب عقيدة اإلسالم،
translationsproject.org
199
ضا خطر محت َمل عليك هنا على األرض .أما العار ،واإلحساس بالذنب فذلك ُمرهق
بل هناك أي ً
للغاية.
أن أصاب بنوبة هلع عندما بدأنا نمارس الجنس معًا في البداية؛ فَ ِز ْعتُ للغاية َحتّى أَنّي ِكدت ْ
الر ُجل الكريه في ُك ّل مرة .و لكي أهدئ نفسي ُك ْنتُ أتخيل أنَّنا متزوجانُ .ك ْنتُ أتخيل أنَّه نفس َ
والعنيف ،والفظيع الذي ُك ْنتُ متزوجة ًمنه ،و َكانَ ذلك يهدئني! ُك ْنتُ خائفة للغاية من ممارسة
الجنس مع َر ُجل لستُ متزوجةً منه إلى درجة أَنّي ُك ْنتُ أتخيل أَنّي مع َر ُجل لم أرد أن أكون معه
ي حقًّاَ :كانَ واين حرا ًما ،و َكانَ
عل َّ
سطوة قوية َ صاحب َ ِ كي أتجاوز األمر .لقد َكانَ غسيل الدماغ
وكرهتُ عصامُ .ك ْنتُ أستطيع فقط تهدئة حالال؛ رغم أَنّي أردت أن أكون مع واينِ ، ً عصام
نفسي كي أمارس الجنس مع واين عن طريق تخيل نفسي مع عصامَ .كانَ ذلك مربِ ًكا للمشاعر
حقًّا.
تصارعت بشدة مع فكرة أن يكون هناك َر ُجل غير ُم ْس ِلم في حياتي .يسمح للرجال ال ُم ْس ِلمين أن
منهن شريكَّ تكون لهم شريكات غير ُم ْس ِلمات ،لكن ال يُسمح للنساء ال ُم ْس ِلمات بأن يكون للواحدة
غير ُم ْس ِلمُ .ك ْنتُ أخرق العديد من التعاليم األساسية.
لكن َكانَ من الرائع أن يكون لي شخص أعتمد عليه ،أن تكون هناك يد ُمواسية أمسك بها،
وأن يكون هناك عناق دافئ في نهاية يوم صعب .لم يَ ُك ْن واين مؤذيًا بتاتًا ،وقد أحبني .و َكانَ
َف قط أكثر مما أحبه .أعطاني ذلك سيطرة ،ولم أَخ ْ هناك راحة كبيرة لي في معرفتي أنَّه يحبني َ
من أنَّه قد يؤذيني أبدًا.
كيف لشخص أن يقول مثل هذا الكالم لي؟ َكانَ ذلك سرياليًّا عجيبًا بالنسبة ليَ .كانَت كلماته مثل
إكسير قُدِّم لشخص مريض للغاية ولم يعرف إحساس األصحاء أبدًا.ٍ
مشاعر الذنب ،والخوف وسمحت للعالقة أن تحدث بشكل طبيعي .لم نعلن عالقتنا أبدًا َ حاربتُ
في الواقع ،لَ ِكنَّه َكانَ دائ ًما موجودًا.
translationsproject.org
200
بمرور السنين ،انتقلنا من الصداقة؛ إلى مرحلة كوننا خليلين؛ ث ُ َّم الزواج في نهاية األمر .لم
نُ ِقم حف َل زواج؛ بل مجرد مراسم مدنية سريعة في المحكمة .أعتقد أَنّي تزوجته فقط لتخفيف ُك ّل
سيُغفر لي ذنوبي السابقة. مشاعر الذنب التي ُك ْنتُ أشعرها لنومي معه .إذا تزوجنا؛ َ
لقد قابل أ ُ ّمي مرة واحدة ،لكن بعد أن نطق بالشهادة؛ وأسلم [شكليًّا؟.
"ماذا إذا سألوني أسئلة؟"
"لَ ْن يفعلوا .فقط كرر العبارات التي يقولها اإلمام".
ثوان حتَّى يصير ُم ْس ِل ًماَ .كانَ مستعدًّا لدخول اإلسالم ،وتعلُّم ُك َّل شيء
ٍ شر
ع ُتطلَّب منه األمر؛ َ
ي شيء أريده. عنه ،وفعل أ ّ
"لَ ْن آكل لحم الخنزير".
لحم الخنزير الذي تريد ،يا حبيبي ،أرجوك .أنا أقدِّر ما تَفعلهُ ألجلي؛ لَ ِكنّي لَ ْن قلتُ له" :بل ُك ْل َ
ي شيء أكثر من ذلك". أطلب منك فعل أ ّ
ُك ّل ما أردته هو أن يغمغم كلمات "ال إله اال هللا؛ ُم َح َّمدًا رسول هللا"؛ ِب ُحضور ٍ
إمام ؛ كي ال
تكرهنا أ ُ ّمي.
أن حد الردة القتل .لم أخبره بالكثير من األشياء .لم َي ُك ْن في حاجة إلى معرفة أ ّ
ي من لم أخبره َّ
أن ُك ّل ذلك َكانَ شكليًّا فقط. ذلك ألَنّي ُك ْنتُ في أواخر إيماني آنذاك على أ ّ
ي حال ،و ُك ْنتُ أعلم َّ
َهارا ،ألجل
ي أن أواصل لبس الحجاب ن ً َل ِكنّي ُك ْنتُ أُدَ ِ ّرس في مدرسة إسالمية ،ف َكانَ َ
عل َّ
ً
فبدال أن ألبسه اآلن في النهار في التظاهر فقط؛ فقد ُك ْنتُ ال أزال أعيش حياة ً مزدوجةً.
الجامعة ،صرت البسه في العمل.
translationsproject.org
201
أعرف الكثير ِم َّمن كانوا ُم ْس ِلمين الذين يعيشون هذه الحياة المزدوجة ،ويعيشون مع والَدَيهم.
ي تَخيُّل حدوث ذلك .أن تتحمل ذلك النوع من الحياة ،وأنت مغسول الدماغ أمر؛ أما يَصعُب عل َّ
ب تخيُّله .البد َّ
أن هذا عذاب. أن ت ُ ْج َبر على الحياة على هذا النحو ،وعقلك حر؟ هذا ٌ
أمر يصعُ ُ
حيث ِعشنا حياتين منفصلتين في مدينتين بعيدتين .لَ ِكنّها اتصلت بي ذاتُ نادرا ما أراها؛ً ُكنتُ
يوم؛ تطلب مني أن أوصلها إلى موعد طبيب بسيارتي .بشجاعةٍ ،وثقة تلك التي اكتسبتها من
دراسة مادة تاريخ األديان ،ومن الحكمة المغ ِيّرة للذهن التي تعلمتها من توشا ،ومن إدراكي أن
ي -وأَنّي لَ ْن أهلَك دونَها-؛ قررت أن أذهب إليها سافرةً ،كما أفعل ك َّل ٍ
يوم في ال سيطرة أل ُ ّمي َ
عل َّ
مشاويري األخرى.
بحماس ،وقلق في ذات الوقت" .أتريدين أن ٍ "هل أنت متأكدة مما تفعلينه؟" قال لي َواين
أصحبَ ِك؟"
ي يوم آخر"ال .قد يجعل هذا األمر أسوأ .يجب أن أفعل هذا في النهاية .هذا اليوم مناسب مثلما أ ّ
مناسب لذلك".
طا كي ألبسه إذا فقدت شجاعتي في أخذتُ معي حجابًا وتركته في المقعد الخلفي للسيارة احتيا ً
فعال أن أفقدها؛ لَ ِكنّي عزمتُ على مواصلة القيادة ،وعدم إعطاء نفسي آخر لحظة ،و كدت ً
باب السيارة ونظرت لي نظرة ً ت َ فرصةً لوضع الحجاب .عندما توقفت كي آخذها معي ،فت َح ْ
ت في الصراخ َمذعوره: واحدة ً ثم بدأ َ ْ
translationsproject.org
202
معك وأنت عارية كعاهرة .كيف ال تخجلين من نفسك ِ دهاك؟ لَ ْن أركبِ ت عارية؟ ما الذي
" ِل َم أن ِ
ت تسيرين هكذا؟ أعوذ باهلل! أستغفر هللا! أنا متقززة منك ألنَّ ِك عارية كالحيوان .كيف وأن ِ
تجرؤين؟"
أجبتها بصوت هادئ جدًّا ،و خفيض" :أتريدين الركوب للذهاب إلى الطبيب أم ال؟"
"لَ ْن أركب معك السيارة أيّتها العاهرة القذرة!"
"حسنًا ،إذ ن أغلقي باب السيارة من فضلك ،كي أعود أدراجي"؛ كم تفاجأت من ركوبها السيارة.
لكن وابل شتائمها المتواصل لم يتوقف.
"اللعنة عليك .فلتذهبي إلى الجحيم .ست ُ ْح َرقينَ .ل ْن أسمح لك َحتّى بأن تشمي رائحة الجنة أبدًا.
أن أقتلك بيدي ي َّ
عل َّ تستحقين العذاب إلى األبد .يجب أن ت ُ ْقت َ ِلي .لو كنا في ِم ْ
صر لقتلت ُ ِكَ .
المجردتين! إذَ ْن ،هل أنت كافرة اآلن؟ هل خرجت من دينك تما ًما؟ هل أنت كافرة نجسة اآلن؟"
"ال .أنا فقط ال أريد لبس الحجاب بعد اآلن".
ت أجسادهن على ُك ّل َر ُجل "بالطبع .ألنك عاهرة! العاهرات فقط ي ُِر ْدنَ التجول عاريات عارضا ٍ
ي أن أقتلك وأدفنك في الباحة الخلفية .يا للعار .يا للعار .ال عل َّ
ت مقززةَ .ُشتهون! أن ِ
كي ي ْ
أنك ُك ْنت قد
تحضري جنازتي .لست أمك .أنت ال تمثلين شيئًا لي .أنت ميتة بالنسبة لي .أتمنى لو ِ
لك أن تفعلي هذا بي؟"ت .كيف ِ ِم ّ ِ
صا ت إليه .توقعتُ ذلك .لكن مثلما تزوجت عصام متمنيةً أن يصير شخ ً لم يفاجئني ما وصلَ ْ
محتر ًما ،فقد تمنيتُ أال تصل أ ُ ّمي إلى مثل هذا االستنتاج الحتمي .لَ ِك َّن األمر َكانَ منطقيًّاَ .كانَ
دينها دائ ًما قبل حاجاتي ،ورغباتي ،وسعادتي ،و َحتّى سالمتي ،ذلك منذ أن َكانَ سني ست
translationsproject.org
203
سنوات عندما ُك ْنتُ أُض َْرب بسبب عدم الصالة .لذلك ِل َم ستكون األمور مختلفة فجأة ً اآلن؟!
ي شيء آخر. َكانَت تعاليم الدّيْن تأتي دائ ًما قبل ُك ّل شيء آخر ،و َكانَت أوامر هللا أهم من أ ّ
translationsproject.org
204
واين
بعد أن أوصلتها في ذلك اليوم لم أرها مجددًا قط .و َكانَ ذلك سنة ( )2004اتصلت بها بعد
ذلك مرتين من م َكانَ بعيد آمن لم أخبرها عنه .لكن لم يطل الوقت بعد ذلك اليوم البغيض َحتّى
نضجتُ ،
ْ تقب َّْلتُ أن ال جدوى من محاولة الحفاظ على العالقة بيننا .لم أعد مهتمة برضاها .لقد
وتجاوزتُ ذلك؛ لقد َكانَ ذلك عماد عالقتنا الوحيد؛ َكانَت تمنعني حبها َحتّى أرضخ ألوامرها ،
وأفعل ُك ّل شيء أستطيعه لنيل رضاها .انكسرت تلك الحلقة اآلن ،ألَنّي تقبلت حقيقةَ أَنّي مهما
فعلت فلَ ْن يكون ذلك كافيًا ،ولَ ْن تكون هناك مرحلة ،أو لحظة تأتي ِلتمنحني عندها الحب،
الر ُجل الذي اختارته هي،والتقبل الذين سعيت ألجلهما ب ُك ّل ما أوتيت من قوة؛ َحتّى زواجي من َ
ضها.
وعيشي كشبح إنسان دون شعور بالذات لم ي ُْر ِ
ي حال ،لكن لم َي ُك ْن لهذا تأثير على حياتنا اليومية؛ ألنَّها لم ت َ ُك ْن حاضرة ً في حياتنا على أ ّ
ث ،موت االحتمال الذي َكانَ يمكن أن يحدث .حاولت فعل األشياء ت قد حدَ َاألمر َكانَ أشبه بمو ٍ
كما أرادت هيَ ،ل ِكنّي لم أرد أن أمضي حياتي أتمرغ في الوحل من أجل وعد الجنة .لم ت ْبد ُ
ذكر ،لكن بالنسبة للنساء فإنهاقت الجنة إلغراء عق ِل ٍ ت سخيفة .لقد اخت ُ ِل ْ الجنة َحتّى مغرية بل بدَ ْ
ي من تلك الجوائز أو حبات الجزَ ر الخيالية المح ِفّزة .ال شيء تبدو مملةً .كما أَنّي لم أعد أؤمن بأ ّ
88
حقيقي ،ومضمون إال النَفَس الذي أتنفسه .اغتنم اللحظةَ واستمتع بالحياة!
تطلب األمر مني بضع سنوات كي أتغلب على حقيقة أنَّها لَ ْن تتصل بي أبدًا ،وأنَّها لَ ْن تقبلني
كما أنا أبدًا .لَ ْن تكون األم التي أردتها أن تكون لي أبدًا .لم َي ُك ْن لَدَي خيار إال أن أتقبَّل أَنّي
ضا صارت ميتةً بالنسبة لي. صرت ميتةً بالنسبة لها حقًّا ،وأنَّها هي أي ً
ز 88
بالالتينية ف األصل.Carpe diem :
translationsproject.org
205
َل ِك َّن الحياة استمرت ،وانتقلت أنا وابنتي ،وواين إلى بيت جديد رائع .لقد اشترينا ُك ّل األثاث
كأن لَدَينا ُك ّل شيء نحتاجه.
معًاَ .كانَت لَدَينا سيارتانَ .كانَت األمور من الخارج تبدو َّ
أتَذَ َّكر أَنّي ُك ْنتُ أجلس الئمةً نفسي على عدم شعوري بالسعادة .فما الذي يمكن أن أريده أكثر
من هذا؟َ ،كانَ لَدَي ُك ّل شيء يرى المجتمع أنَّك تحتاجه لتكون سعيدًا .لكن لسب ٍ
ب ما لم يَ ُك ْن ذلك
كافيًا .لقد مررت بالكثير ،و ُك ْنتُ مر َهقًة ،لكن بطريقة ما فإن القبول بالعادي جعل ُك ّل ذلك عبثًا.
عندما التقينا كنا نحن االثنين في فترة انتقالية من حياتناُ .ك ْنتُ أنتقل من كوني ُم ْس ِلمة تحت
سيطرة أ ُ ّمي إلى صيرورتي إمرأة مستقلة ،وأ ًّما ،وطالبة أشق طريقي معت ِمدة ً على نفسي.
و َكانَ هو ق ْد َف َقد أمه بسبب السرطان قبل سنة من التقائنا .أعتقد أ َّننا احتجنا نحن االثنين
االستقرار الذي يمنحه الزواج .كالنا كنا نتوق إلى الجو العائلي الذي افتقدناه في حياتنا.
قدمنا هذا لبعضناَ ،ل ِكنَّنا لم نكن قادرين على تقديم ما هو أكثر من ذلك .كنا غير متالئمين في
ُك ّل شيء آخر .بحسب علم النفس الرائج ،أو الشعبي ،فقد كنا كالنا أ ًخا أصغر ،أو أختًا صغرى
ي منا يرغب في أن يقود السفينة .كان هناك شيء من الحقيقية في أسرة ك ٍّل منا ،ومن ث َ َّم لم يَ ُك ْن أ ّ
في ذلك القول؛ فقد َكانَ يبحث عن شخصية أمومية ،و ُك ْنتُ أبحث عن شريك قوي يهتم بي،
صا آخر أعتني به.
ويساعدني على خلق جو عائلي مستقر لي ،والبنتي .لم أرد شخ ً
بينما كنا ثالثتنا جالسين نتناول الفطور قبل نهاية زواجنا القصير جدًّا ،بدأت أضع المربى
على قطعة الخبز المحمص التوست الخاصة بي.
سألتني ابنتي" :هل لي بنصفها؟"
فقلتُ لها" :بالتأكيد".
فسألني َواين" :هل لي بالنصف اآلخر؟"
صا لحياتيَ .كانَت هذهتوقفت لجزء من الثانية ثم أعطيته النصف اآلخر .لقد عشت للتو ملخ ً
وف أعطي دائ ًما ،وال آخذ شيئًا.
س َهي بالضبط .طالما أنا معه فستكون حياتي هكذاَ .
translationsproject.org
206
تعلمت الكثير من َواين؛ تعلمت أَنّي أستحق الحب ،وجربت إحساس أن أكون في عالقة حب.
وف يحدث! رغم أَنّي س َ وأن ال شيء َتعلمت أَنّي أستطيع أن أواصل كسر الحواجز ،وتحدي هللاَّ ،
أن الخوف ،والشك أَنّي قد أكون على خطأ َكانَا يتسلالن إلى ُك ْنتُ لم أعد أؤمن بهذا الهراء؛ إال َّ
وجداني بين الفينة ،واألخرى .لَ ِكنّي مارست الجنس خارج الزواج ،وهي أكبر الكبائر بالنسبة
إلى امرأة ،وال أزال بخير .لقد أدركتُ أَنّي تزوجته ألنَّه َكانَ آمنًا ،وواثقا من نفسه؛ بينما ُك ْنتُ أنا
شةً ،ومكسورة .لقد أدركتُ أنَّه َكانَ رائعًا ،ومناسبًا لي آنذاك ،وأنا ممتنة ألنَّنا كنا موجودين من ه َّ
ضا .ال أستطيع أن أقول بصدق أَنّي ُك ْنتُ مغرمة به؛ ضنا بع ً احتجنا بع َ
ْ أجل بعضنا البعض عندما
لكن هذا ال يكفي الستمرار الزواج. لَ ِكنّي بالتأكيد أحببته؛ َّ
غاَكانَ الطالق منه مخيفًاُ .ك ْنتُ قد خسرت للتو ك َّل شيءٍ بما في ذلك هويتيَ .كانَ قد مأل فرا ً
هائال في حياتي؛ لَ ِكنّي عرفتُ أَنّي لَ ْن أحبه أبدًا بالطريقة التي أرادني أن أحبه بها .لقد تزوجتُ
ً
أو َل فتى رأى شعري ،ووجدني جذابةَ .كانَ من الممكن أن أقابل فتيانًا آخرين ،و ُك ْنتُ ألختار
واحدًا آخر؛ ذلك الذي َكانَ ليح ِ ّمص الخبز من أجلي ،وليس َم ْن يأخذ خبزي المح َّمص.
translationsproject.org
207
الدَّوحة
في السنة التي سبقت وصولي إلى سن الثالثين قبلت بوظيفة تدريس في جامعة في الشرق
ي قرارات األوسط ،في الدوحة ،قطر .دولة لم أ َ ُك ْن قد سمعت بها من قبلُ .ك ْنتُ خائفة من اتخاذ أ ّ
خاصَ .كانَت هذه أول مرة أعتمد فيها ٍّ كبيرا ،ومخيفًا على نح ٍو
ً في حياتي ،لكن هذا القرار َكانَ
تما ًما على تقديري ،وحكمي الشخصي ،وقدرتي على اتخاذ قرارات سليمة .إذا فشلت؛ فسوف
أُد ّمر حياة ابنتي أي ً
ضا.
وف أظل حيةً" ،وأغنية فرانك سيناترا "طريقي" ،وس َاستمعت إلى أغنية غلوريا غاينور " َ
إيمينيم "انغمس في األمر"؛ على نحو متكرر كي اشجع نفسي .كما َكانَت أغنية "اإليمان" أغنية ِ
لجورج مايكل ،وأغنية "فلتبدأ الحفلة" لب ِينك ضمن مختارات ذلك السي دي.
ي فِعل ذلك .لقد ي أن أحافظ على هدوئي ،وتركيزي ،وأُس ِكت ُك ّل الشكوك؛ َكانَ َ
عل َّ َكانَ َ
عل َّ
سهال؛ كنُزه ٍة في حديقة مقارنةً ب ُك ّل ذلك.
أن هذا سيكون ًمررت بالكثير ،لذلك قلتُ لنفسي َّ
َكانَ الشيء ال ُمقلق الحقيقي الوحيد لي؛ هو أَنّي سأعيش في بل ٍد ُم ْس ِلم؛ َكانَ لَدَي لقب َواين ،ولم
صرية مسيحية أن أ ُ ّمي ِم ْ
أبد ُ عربية؛ ما أقلقني فقط هو اسميَ ،ل ِكنّي فكرت أن أكتفي بالقول َّ
translationsproject.org
208
قبطيةَ .كانَ اسمي عربيًّا لكن ليس إسالميًّا .يمكنني النجاة من ذلك بأال أخبر أحدًا؛ أ َنّي ُك ْنتُ يو ًما
ما ُم ْس ِلمة.
عد ُم ْس ِلمة ،إال أَنّي لم أ َ ُك ْن قد قررت بعد ُ ما الذي سوف أعتقده؛ فقد مررت بعدة رغم أَنّي لم أ ُ
ي ديانة مؤسسية مراحل .أوال صرت ُم ْس ِلمة غير ممارسة للشعائر ،ثم صرتُ ال أعتقد بأ ّ
غير متد ِيّنةٍ ،ثم صرتُ ال أدرية ،وفي النهاية اخترتُ هويتي َ نظامية ،ثم صرت روحانيةً
كملحدة .اكتشفت في النهاية مصطلح " ُم ْس ِلمة سابقة (أو ُم ْس ِلم سابق)" ،لَ ِك َّن ذلك حدث بعد
سنوات عديدة .خالل تلك المراحل ُك ْنتُ أعتقد صدقًا أَنّي الوحيدة التي تمر بهذه التجربة .لم أ َ ُك ْن
خيارا متا ًحا .اإلسالم جزء من ً ي ُم ْس ِلم ترك اإلسالم .لم َي ُك ْن ذلك قد عرفت ،أو سمعت من قبل بأ ّ
هويتك .األمر أشبه بأن تختار أال تصير أسود بعد اآلن .ال يمكنك ذلك؛ إنها هويتك.
أن اإلسالم ليس هوية .اإلسالم أيديولوجيا؛ أنت تطلب مني األمر سنوات كي أكتشف ،وأفهم َّ
تختار أن تتبعها ،أو ال .إذا اخترت عدم ا ِت ّباعها؛ فسوف يتسبب ذلك بحكم إعدام على نفسك
أن اإلسالم لم َي ُك ْن جز ًءا من ذاتيَ .كانَ في استطاعتي التخلص منه وقد بالتأكيد ،لكن المقصود َّ
فعلت.
وعرا،
ً ي المرور عبر العديد من خبرات التعلُّمَ .كانَ طريقًا عل َّلكن قبل القيام بذلك َكانَ َ
شا .يجد ال ُم ْس ِلمون السابقون في العصر الحالي وسائل التواصل االجتماعي التي تساعدهم، وموح ً
وعرا مظل ًماَ ،ل ِكنَّه على األقل لم يعد موح ً
شا مليئًا بالوحدة. ً ُ
الطريق وترشدهم ،ال يزال
من الغريب اآلن أن نقرأ عن مدى شيوع مقولة ال ُم ْس ِلمين السابقين" :اعتقدتُ أَنّي ُك ْنتُ الوحيد
ضا ،ذلك َل ِك َّن هنالك ماليين اآلخرين الذين فعال أَنّي الوحيدة أي ً
[على هذا الطريق؟" .لقد اعتقدتُ ً
اعتقدوا ويعتقدون مثلي أنَّهم الوحيدون.
اإلسالم يعزلك بهذه الطريقة .هذا مثل سرب سمك يسير ُكلّه في اتجاه واحد ،وإذا خرجت عن
المسار تُنبَذ وتُعتَبَر مختلفًا .يخبرونك ب ُك ّل الطرق أنَّك مكسورّ ،
وأن الشيطان يتلبسك ،وأنَّهم في
عار .فتشعر أنَّك منبوذ .كيف لك أن تفكر
حاجة إلى إرشادك ،وإصالح أمورك ،أو إنقاذك .إنه ٌ
ي أحد غيرك؟ َحتّى في مشاركة أفكارك القذرة مع أ ّ
translationsproject.org
209
ُك ّل هذا جزء من المنهج الخبيث الماكر للمحافظة على السيطرة على األُمة .كيف تسيطر على
األفراد؟ َح ّ ِو ْلهم الى روبوتات دون عقول .تالعب بعقولهم منذ طفولتهم ؛ كي يؤمنوا حقًّا بأنَّه ال
يوجد إال طريق واحد .ذلك ما يخبرونهم به يوميًّا منذ الوقت الذي يبدأون فيه في القدرة على فهم
الكالم.
سرعان ما صرت محاطة بسرب السمك هذا بعدما حطت طائرتي في قطر .في الواقع ،لقد
عة نحوي بينما َكانَ ذلك منذ أول محاضرة تعارف .أتتني إمرأة محجبة متحمسة للغاية مسر ً
ُك ْنتُ أخرج من الحمام ،وسألتني:
ت عربية؟" "اسمك ياسمين! هل أن ِ
ي أن أقول ال فقط. صرية"َ .كانَ َ
عل َّ رددت عليها" :نوعا ما .أ ُ ّمي ِم ْ
ضا".
صرية أي ً ً
وسهال .أنا ِم ْ "أوهً .
أهال
وفجأة صرت محاطة بسرب من ال ِنساء ال ُمتع ِ ّجبات من حولي .حاولت تجاوزهن بدفعهن برفق
ي.
كي أغسل يدَ َّ
فورا أَنّي غبية.
"أهال بيكي!" وشعرتُ ً ً جاوبتُها قائلةً:
ت من القاهرة؟ كم أشعر صر قط؟ أين عشت؟ هل أن ِ ت في ِم ْ "أوه .تتكلمين العربية! هل عش ِ
باإلثارة للقائك .نجتمع معًأ للرقص الشرقي ُك ّل يوم جمعة .هل تودين القدوم؟ هل تحبين عمرو
دياب؟ هل تعرفينه؟"
ُك ْنتُ حقًّا أحس باختناق؛ وأنا أحاول المرور من مكان المناديل الورقية إلى باب الخروج.
مقتحمات ،وفضوليات،
ِ َكانَت هؤالء النِساء يحاولن فقط أن يَ ُك َّن لطيفات ،لَ ِكنّي شعرت بأنَّهن
وارتعبتُ .
لم أرد أن يعرف الناس أَنّي ُك ْنتُ ُم ْس ِلمةُ .ك ْنتُ أعيش في بلد تحكمها الشريعة ،وعقوبة الردة
هي الموت .ليس هناك استثناءات في ذلك .هذا أخطر ما في اإلسالم في العصر الحالي:
الشريعة.
ي دول دينية ثيوقراطية في العالم اليوم ما عدا الدول التي تحكمها الشريعة
ال توجد أ ّ
اإلسالمية ،والتي تتضمن بالطبع سبع وخمسين دولة من األعضاء في منظمة التعاون اإلسالمي.
translationsproject.org
210
هذا مرعب .طالما تتبع هذه الدول الشرائع اإلسالمية ف َل ْن تتقدم أبدًا ،وتتجاوز شرائع القرن
الس ابع الميالدي الهمجية الميساجونية (الذكورية المعادية للنساء) ،والمعادية للحريات ،والهومو
فوبيا المعادية للمثليين .يحق للناس أن يؤمنوا ب ُك ّل اآلباء الذين في السماء ،والخرافات طالما هم
أن يفرضوا عقائد ،وتعاليم أصدقائهم الخياليين على لكن ال يحق لهم ْ
يختارون أن يؤمنوا بهْ ،
غيرهم .هذا على األقل ال يحدث في الديمقراطيات الحديثة.
كوني ُو ِلدْتُ في دولة علمانية ليبرالية ديمقراطية ،فإني لم أ َ ُك ْن أعرف ما الذي وضعت نفسي
فيه؛ وهذا َكانَ في صالحي .فلو أدركت على نحو كامل مدى الخطر الذي وضعت نفسي وابنتي
فيه لما ذهبت قط.
ال توجد قوانين علمانية ،أو مبدأ حرية دينية يحميني هنا؛ وفقًا لحكم الشريعة ،إذا تركت اإلسالم،
س َك .نهاية القصة بال نقاش. وف تُق َ
طع رأ ُ س َف َ
بينما كنت أحاول أال أصاب بنوبة هلع ،وتسارع تنفس ،وأهرب من هناك دون الرد على
ي ُّ ٍُ من أسئلتهن ،دخلت زميلةَ .كانَت تعمل في قسم الموارد البشريةَ .كانَ اسمها جينيفر أ ّ
و ُك ْنتُ للتو سمعتها تتكلم في محاضرة التعارف األولى .لم أَ ُك ْن أعرف شيئا عنها لكن رؤيتها
سمحت لي أن أتنفس الصعداء مجدَّدًا .مددت يدي نحوها غريزيًّا ،مثلما تفعل لو ُك ْنتُ تغرق في
فوقك.
َ حمام سباحة وترى ًّ
ظال
"هل أنت بخير؟" سألتني وهي تأخذ بيدي.
"ال .ال أحس أَنّي بخير .أعتقد أَنّي أحتاج بعض الماء".
"أُوه" .تفرق سرب النِساء وتركوني أمر.
اصطحبتني زميلتي إلى صنبور ماء الشرب ،أخذت تتحدث بهدوء عن حرارة الصحراء
ي أن أحرص على شرب كثير من الماء. عل َّ وكيف أنَّها تصل أحيانًا إلى ( 50درجة مئوية)َّ ،
وأن َ
ألخبرها أن الحقيقة؛ في أَنّي ُك ْنتُ منزعجة بسبب النِساء في الحمام.
َ قاطعتها
"ما الذي فَعلنَه ليج َع ْلن َِك منزعجةً ؟"
"ال أعرف".
translationsproject.org
211
ما الذي َكانَ يمكنني قوله؟ لم أرد وضع أولئك النِساء في مشكلة فقط ألنَّهن كن ودودات ،لَ ِكنّي
صرية، في نفس الوقت شعرت بالحاجة إلى إعادة ضبط أموري .لم ِأر ْد أن يعرفن أَنّي نصف ِم ْ
أن حقيقة ولم أرد أن يعتقدن أَنّي واحدة منهن ،ولم أرد أن أقع في متاعب؛ ُك ْنتُ خائفة للغاية من َّ
غير
أن تنكشف ال إراديًّا .لم أستطع أن أكون معهن .غمغمت على نحو غير واضحَ ، خلفيتي ْ
قائل ٍة شيئًا ،و في النهاية تجاوزت زميلتي األمر.
وف أُخاطبهن". س َ "حسنًاَ .
قلت لها" :لقد كن فقط ودودات فقط .ال أريد أن يقعن في مشكلة".
"ال ،ال بأس .أنا أتفهم األمر".
بعد ذلك حرصت على َّأال أكشف أَنّي أفهم العربية أبدًا ،وأال أنطق أ ّ
ي كلمة عربية أبدًا .كما لم
كن زميالت كنديات بالتأكيد .و َحتّى معهن ُك ْنتُ حذرة صرية إال إذا َّ أفصح قط عن أَنّي نصف ِم ْ
في مقدار المعلومات التي أفصح بها.
لحسن الحظ أنَّه مقارنة بالدول العربية ،فإن هوس الهوية غير موجود تقريبًا في كندا متعددة
ي شيء عن ماضيك [الواحد أو الواحدة الثقافات .أغلب الكنديين ال يكترثون في الحقيقة بمعرفة أ ّ
منهم قد تسألك فقط؟:
ي مكان في كندا أنتِ؟" "من أ ّ
"ڤانكوڤر".
"حسنًا ،عظيم".
انتهى الحوار.
أما لو َكانَ المخاطب عربيًّا لقضى عشرين دقيقة في محادثة الستخراج ُك ّل شيء عن خلفيتي
اإلثنية ،والدّيْنية ،والجغرافية؛ كي يضمن أن يصنفني ب ُك ّل األفكار ،والتصورات ،واالفتراضات
المحاصرة
ِ النمطية ذات العالقةُ .ك ْنتُ معتادة على هذه الحياة المنتهكة للخصوصية الشمولية
صر. س َم ِك الزينة في الحوض الزجاجي الشفاف .أتَذَ َّكر ذلك منذ أن ُك ْنتُ في ِم ْ التي تجعلك َك َ
فورا بنفور كالغثيان من أن أعود للحياة على هذا النح ِو مرة ً أخرى .ليس ُك ّل العالم لَدَيه شعرتُ ً
نظام طبقات اجتماعية دينية هندوسي ،لَ ِكنَّه قد يكون كذلك.
translationsproject.org
212
ً
عمال جديدًا في بلد جديد (قطر)، إذن فقد حدث الكثير وفي وقت قصير بسرعة .فبدأت
وصرت أعيش في بيت جديد ،وبدأت ابنتي تذهب إلى مدرسة جديدة؛ ك ُّل شيءٍ كان في فوضى،
وفوق ذلك كله؛ ُك ْنتُ أمر بإجراءات الطالق .في إحدى المرات بينما كنت أخرج البقالة من
األكياس؛ انهرت لرؤيتي علبة مربى.
َكانَت ابنتي تفضل ساندويتشات المربى بزبدة الفول السوداني التي يعدها واين على
ساندويتشاتي؛ ألنَّه َكانَ دائ ًما يحسن وضع المقادير.
صراعيه؛
بعدما بكيت على األرض ،وبين ذراعي علبة مربى ،و باب الثالجة مفتوح على ِم ْ
ث ُ َّم نهضت ،ونفضت الغبار عن نفسي ،وواصلت رص البقالة .ال وقت لَدَي للبكاء على الماضي.
ي أن أواصل المسير .هكذا تعاملت مع ُك ّل المآسي في حياتي ،وهكذا
عل َّ
ال وقت للتعامل مع هذاَ .
تعلمت ،وهكذا ُك ْنتُ أعيش بالضبط ؛ إلى أن قررت أن أجلس ،وأن أكتب هذا الكتاب.
بعد مضي عدة أشهر؛ توقف ُك ّل شيء فجأة عندما فجرت سيارة مفخخة مسر ًحا محليًاَ .كانَ
بالبريطانيين ،و األمريكيين ،واألُستراليين،
ِ صا لألجانب فقط ،و َكانَ ُمكت ً
ظا ذلك المسرح مخص ً
ألن ابنتي كانت متوعكة.والكنديينَ .كانَت لَدَي تذاكر لحضورعرض تلك الليلة؛ لَ ِكنّي لم أذهب َّ
صري الذي صدم السيارة في المبنى على الفور ،واستطاع جميع من كان في الم ْ
توفي ِ
ي االصطدام الهائل .حالما خرجوا ُكلّهم ،عاد مدير المسرح الهرب؛ عندما سمعوا دو َّ
َ المسرح
إلى الداخل للتأكد من َّ
أن الجميع قد غادر ،وعندئذ انفجرت القنبلة ،ولم َين ُج المدير.
ي مثل َوقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر. َكانَ َوق ُع ذلك اليوم َ
عل َّ
فكرت جديًّا في أن أجمع أغراضي ،وأعود أدراجي .لكن أعود إلى أين؟ لم أعد أنا ،وواين
ي أن متزوجين .ال يمكنني العودة للعيش مع أ ُ ّمي .على األقل لَدَي بيت ،وعمل هناَ .كانَ َ
عل َّ
ي شيء آخر أنجح .قررت أن أمنح األمر فرصة ثانية متمنيةً أال أندم على ذلك .إذا حدث أ ّ
فسوف أستقل أول طائرة إلى كندا.
translationsproject.org
213
تطور َلدَي تشنج عصبي (غمز ال إرادي) في عيني اليمنى ولم يتوقف إال بعد ستة شهور.
عدا ذلك ،و تلك المرة في الجامعة التي شلت فيها ذراعي قبل امتحان ،ونوبات الهلع التي َكانَت
ي أعراض جسدية ناتجة عن ت َوتري .أرعبني ذلك تصيبني من وقت إلى آخر ،استطعت تفادي أ ّ
ضيْتُ قُد ُ ًما.
التشنج لَ ِكنّي تجاهلته ،وم َ
ي هجمات إرهابية أخرى؛ فبدأت أسترخي ،وأستمتع بحياتي الجديدةَ .كانَت فرصة لم تحدث أ ّ
ي أحد في قطر، جديدة غريبة كي أنسى ُك ّل الماضي ،وأبدأ حياتي من جديد .لم َي ُك ْن يعرفني أ ّ
ي شيءٍ عنيُ .ك ْنتُ قادرة على إعادة صنع نفسي على النحو الذي أريد .بحلول وال عرف أحد ٌ أ ّ
ذلك الوقتُ ،ك ْنتُ قد تم ُك ْنتُ من تفكيك ذاتي ال ُم ْس ِلمة بالكامل .ومن ث َ َّم َكانَ الوقت قد حان
نادرا ما يحصل عليها الناس ،وهي فرصة استغلَلتُها إلى إلعادة بناء نفسي من جديد .إنها فرصة ً
أقصى حدٍّ.
ومبررة ِّ أخيرا قادرة على أن أكون نسوية حقيقية وليس نسوية ُم ْس ِلمة مرتبكة ً صرت آنذاك
هللا
إعطاء ِ ِ أعذارا لتبرير
ً ي أن أختلق عل َّومدافعة عن أخطاء تعاليم اإلسالم باستمرار .لم يعد َ
الر ُجل أو سبب اعتبار المحاكم الشرعية شهادة المرأة بقيمة ث َ نصف ميرا ِ
َ المزعوم المرأة َ
ِ
أن المرأة ناقصة عقل .صرت قادرة على التنديد الر ُجل أو سبب قول ُم َح َّمد َّ نصف شهادة َ
َ
باطمئنان ب ُك ّل الميساجونية (العنصرية والكراهية ضد النِساء) دون أن أشعر بالخوف من أنّي قد
بفخر لنفسي والبنتي أننا ذواتا قيمة ،وأنَّنا ٍ أعاقب في حياة أخرى .صرت قادرة على أن أقول
ي أحد.لسنا في مرتبة ثانية بالنسبة إلى أ ّ
لالسف ُك ْنتُ في بلد َكانَ فيه المجتمع في خالف تام في ُك ّل شيء؛ مع موقفي النسوي الجديد
بحرا من ال ِنساء في زي أسود ال تميزهن من بعضهن غير المدافع عن عيوب الدّيْنُ .ك ْنتُ أرى ً
البعضُ ،كلّهن مكفَّنات باألسود ،وممحيات الشخصية .إنه م َكان لم تجد النسوية فيه بعد موطئ
أن النِساء مساويات في المجتمع للرجال؛ قدم لها بعد .ال أحد َ -حتّى النِساءَ -كانَ مستعدًا للتفكير َّ
ألن ذلك يناقض دينهن الذي يتمسكن به بقوة .برؤيتي أولئك النِساء ،وتفاعلي مع الطالبات فهمت َّ
أن النِساء اللواتي يذبلن تحت األزياء الخانقة؛ كن متعطشات للحرية أن ذلك موطن الداء .علمت َّ َّ
واالستقالل ،على األقل بعضهن كن كذلك .إنها الطبيعة البشرية .كن قادرات على الكذب على
ى بعيدٍ ،ثم كثيرا .يمكن أن يستمر التنافر المعرفي ،والكذب على الذات إلى مد ً ً أنفسهن فقط
تواجه مرحلةً يتقاطع فيها الواقع مع خيالك .إذا َكانَت النِساء ملكات في اإلسالم ،وإذا َكانَ ُم َح َّمد
translationsproject.org
214
أول نسوي ،فلم لم يَ ُك ْن بوسعي تطليق زوجي العنيف؟ يسمح له الدّيْن بضربي ،واغتصابي ،وال
وف تعرف النِساء ال ُم ْس ِلمات الواقعات في المصيدة يو ًما ما سبب أَس ِْر ِه َّن.س َ يسمح لي بتطليقهَ .
وف يتمردنَ ، س َ ص ْلنَ على حريتهن ،وسعادتهن كما فعلتُ ُ .
أثق أنَّهن َ َّ
لهن جميعًا أن يح ُ تمنيتُ
أن أ َ ْش َهدَ هذا.
وينهضْنَ في النهاية ،أتمنى فقط أن أحيا إلى ْ
بقدر ما أردت أن أتواصل مع أولئك ال ِنساء ،وأن أُساعدهن فقد ُك ْنتُ مشغولة بثورتي،
واضطراب حياتي الخاصين بي .لم تَ ُك ْن حياتي سهلة؛ كوني ُك ْنتُ أعيش في دولة دينية ،فقد
ُك ْنتُ متوترة دائ ًما ألَنّي ال أعرف ما الذي قد يحدثُ .ك ْنتُ واعية جدًّا بأَنّي لم أَ ُك ْن في وطني،
إشعار ألصغر تصرف ،أو خطوة خاطئة ٍ وأَنّي ُك ْنتُ في بلدهم ،ويمكنهم طردي في لحظ ٍة بال
ي طفلةً .لم أتحرر من ُك ّل الضغط الذي أرتكبهاَ .كانَ هذا مخيفًا مرهقًا لألعصاب خاصةً َّ
ألن لَدَ َّ
ُك ْنتُ أعيشه إال بعد سنتين من عودتي إلى األراضي الكندية ،ولم أ َ ُك ْن أدرك َحتّى أَنّي ال أزال
مصابةً بذلك الضغط.
ضا بـ اإلمالءات بد ًءا بمكانك في التراتبية العرقية :العرب َكانَ ُك ّل شيء في قطر مفرو ً
القطريون في القمة؛ث ُ َّم الغربيون (األمريكيون ،وال َكنديون ،و األستراليون ،والبريطانيون) ،ثم
صريون والسوريون إلخ )...ثم الفلبينيون، والم ْ
ِ الخليجيون ،ثم العرب اآلخرون (اللبنانيون
وأخيرا في القاع األشخاص الذين من جنوب آسيا (الهنود ،والبا ِكستانيون ،والَبنغاليون) .يملون ً
عليك ما تلبسه ،وخاصةً بالنسبة للنساء ،كذلك ما تأكله ،وتشربه ،وأين تذهب ،وأين تعيش .لَدَيك
فعليك أن تعرف موقعك في المجتمع َ تعيش في قطر؛
َ أردت ْ
أن َ مكان محدَّد في ذلك المجتمع.إذا
وتلزَ َمهُ.
ضا .أحببت صداقاتي المقربة ،وأحببت تضاؤل قُروضي كرهت ذلك البلدَ ،وأحببته أي ً
الطالبية ،وأحببت قدرتي على السفر ،وأَنّي صرت متشجعة لتجربة أشياء جديدة .كما أَنّي
صرت متشجعةً على أن أسمح البنتي أن تجرب أشياء جديدةَ .كانَت أم صديقتها المفضلة
غريبة ،ودائ ًما تجرب أشياء جديدة .عندما َكانَت الفتاتان في سن السابعة فقط ،تحالفت ضدي في
عصابة مع طفالتنا ،لتقنعني أن أدع بناتنا تركب قطار المالهي .لم أ َ ُك ْن خائفة فحسب من قطار
نام فيه معايير السالمة منخفضة ،أو منعدمة. ضا خائفة من كونها في بل ٍد ٍ المالهيُ ،ك ْنتُ أي ً
ت في رضخت في النهاية َل ِكنّي شعرت بالسقم .قضيت ُك ّل الوقت الذي َكانَت فيه البنات راكبا ٍ
تحكم؛ إلى أن عادت لي ابنتي بين ذراعي .في نفس ذلك الصيف ذهبت ٍ قطار المالهي باكيةً بال
translationsproject.org
215
البنات لممارسة القفز من األماكن المرتفعة بالحبال المطاطية في تايالندُ .ك ْنتُ أ ُ ْدفَ ُع حقًا خارج
منطقة راحتي وشعوري باالمان.
َكانَت السنة األولى صعبة حقًّا ،لكن َكانَت أفضل األوقات عندما أتت تيفاني لزيارتي.
"كأن هذا الم َكانَ قد بناه الدكتُر /سوس .ال شيء منطقي هنا ،و ُك ّل شيء غريب للغاية" قالت
تيفاني هذا كأول انطباع لها عن الدوحة.
وجدتها تبكي ذات يوم وهي تشاهد التلفاز.
"ما المشكلة؟"
صاحت" :انظري ،أشجار!"
َكانَ العيش في صحراء قطر الجرداء بالنسبة إلى شخص من الساحل الغربي لكندا أشبه بالعيش
على سطح القمر.
أن عليك أن تتظاهر باألمر الى أن يصير حقيقة .حسنًا ،لقد تظاهرت باألمرُ .ك ْنتُ يقولون َّ
أستاذة جامعية ،وذكية ،وواثقةُ .ك ْنتُ إمرأة قويةُ .ك ْنتُ المرأة الوحيدة القوية بما فيه الكفاية لكي
أكون أ َّما عزباء في مثل هذا المجتمع الميسوجيني الذكوري المعادي للنساء .صرت المرأة التي
أردتُ أن أكونَها .صرت إياها على نحو جيد َحتّى أدركت في مرحلة أَنّي لم أعد أتظاهر .لقد
أن أصير .أدركت هذا ألول مرة عندما علق عميد الكلية بعد متابعته صرت ً
فعال ما أردتُ ْ
صفي:
"أنت واثقة من نفسك .ول ُك ّل ُك ّل الحق في هذا .أنت أستاذة ممتازة".
translationsproject.org
216
"واثقة؟"
لم آبه بإطرائه على قدرتي التعليمية ،ألن هذه َكانَت المرة األولى التي يصفني فيها أ ّ
ي أحد
أَنّي واثقة من نفسي .هل انتهيت من التظاهر؟ هل صرت ً
فعال واثقة من نفسي؟
شكرا".
ً "ال أشعر بالثقة في نفسي على اإلطالقْ .
لكن
س َره بالتأكيد تطلب حصولي على الثقة في النفس حوالي عام ولم يَ ُك ْن بالعمل السهلْ .
لكن قد ي َّ
كوني واحدة من قلة قليلة للغاية من النِساء العازبات في بلد يعج بالرجال العازبينَ .كانَ معظم
مقبوال تما ًما منحرفين مقززين. ً الرجال القادمين من دول يُ ْعتَبَ ُر فيها التلصص على النساء ً
أمرا
أن الرجال من شبه القارة الهندية وجنوب صر سيئين الى أن اكتشفت َّ ظننت أن الرجا َل في ِم ْ
ي منهم يتجرأ على آسيا أسوأ بكثيرَ .ل ِكنَّهم على األقل حافظوا على مسافتهم مني .ما َكانَ أ ّ
الحديث إلي ،تفاديت النظر في أعينهم فقط وحافظت على مسافتي.
translationsproject.org
217
في السنة األولى لي في قطر ،دخلت في عالقة عاطفية مع زميل لي في العمل .بحلول نهاية
تلك السنة ُك ْنتُ قد تحولت إلى امرأة مختلفة عن المرأة التي ان َجذب إليها في البداية .لم أعد تلك
المرأة المتوترة ،و المتزعزعة ،وغير الواثقة في نفسها ،والتي َكانَت تعيد بناء حياتها ببطء.
صرت آنذاك المرأة التي أردت أن أكون :إمرأة قدوة إلبنَتهاُ .ك ْنتُ في البداية متقبلة لنوبات
عصبيته ،لكن رفضت ذلك بعدئذٍ .صرت أعرف أَنّي أستحق أفضل من هذا.
translationsproject.org
218
الحب
ابتدأت سنتي الثانية بطريقة مختلفة جدًّا .صرتُ واثقةً من نفسي ،ومط َمئنةً ،وشاعرة ً باألمان
في هويتي الجديدة ،وصرت مستقرة تما ًما في هوية المرأة التي طالما أردت أن أكون ،وصرت
أخيرا أن أتقبَّل الحياة ،وأستمتع بها كامرأة عزباء .أردت أن أكون
ً مستعدة لمواجهة العالم .أردت
مثل آلي ماكبيل ،أو إحدى نساء سلسلة أفالم "الجنس والمدينة" سكس آند ذا سيتي.
لم يطل األمر بعد بداية السنة َحتّى التقيت على نحو غير متوقع بحب حياتي.
في ُك ّل مرة صدَ ْدتُه فيها؛ َكانَ يقول لي ب ُك ّل لطفٍ أنَّه يفضل أن نظل صديقين؛ على أال أكون
في حياتِه على اإلطالقَ .كانَ دائ ًما يعرف بالضبط ما الذي يجب عليه قوله ،و َما الذي َيجب علي ِه
بأن عالقتنا لَ ْن تنجح، فعله؛ ليس لَدَي أدنى فكرة كيف َكانَ يفعل ذلكُ .ك ْنتُ أجد أسبابا ً لالعتقاد َّ
وما إن أراه مجدَّدًا؛ َحتّى يمحو ُك َّل األسباب أيًّا ما َكانَتَ ،حتّى وإن لم أقل له شيئًا؛ فقد َكانَ َي ْعلَم
بالغريزة.
translationsproject.org
219
َكانَت هذه أول مرة -على اإلطالق -في حياتي أعيش فيها عالقة حب .المرة األولى التي
يٍ .تطلب مني األمر وقتا ً لكي أتعرف على عرفت فيها شعور أن ت ُ ِحبَّ ،وت ُ َحبَّ على نح ٍو حقيق ّ
هذا الشعور الغريب المجتاح لي؛ وهو السعادة؛ فانح َّل الضيق الذي َكانَ في صدري ،وهدأ
شعوري بالغضب؛ ُك ْنتُ فوق السحب أعيش حل ًما سحريًا أكثر مما َكانَ يمكن لي أن أتخيل.
ثم جرحني .بالنسبة لمر ِت ِبطي ِْن عاديَّي ِْن ربما َكانَ أسهل عليهما تجاوز تلك األمور ،لَ ِكنّي لم
أ َ ُك ْن إمرأة ً عادية؛ فما عرفتُ سوى انفطار القلب ،واأللم ،والمعاناة ،والشقاء و َكانَت تلك أول
أن لَدَي الفرصة ألعيش واقعًا مختلفًاُ .ك ْنتُ قد وثِقتُ فيه ،وصدَّقته. مرة في حياتي أؤمن فيها َّ
واعتقدت حقًّا أَنّي أستحق ُك ّل هذا الحب ،واإلعجاب .لكن اآلن أخذت شياطيني الداخلية تتحداني.
ي أن أسمح لنفسي أن [فصرت أقول لنفسي:؟ كم أنا غبية كي أكون بهذه السذاجة .ما َكانَ َ
عل َّ
أكون ضعيفة .وبالطبع -مثلما هو متوقَّع من ُك ّل شخص في حياتي -فقد جرحني.
عاش حياة ساحرة ،ولم َ أن المتضادات تتجاذب؛ كان هذا منطبق تما ًما على حالتنا .لقد يُقال َّ
َي ُك ْن لدي ِه أدنى فكرةٍ عن َماهية ال ُمعاناة الحقيقية .فَكلمة "الضغط العصبي" بالنسبة له كانت
ضا لم يجربه ولم يَ ُك ْن لَدَيه فكرة عن ماهية الشعور به .بينما أنا بالمقابل لم أ َ ُك ْن
مصطل ًحا غام ً
أعرف ماهية شعور الحياة دون ذلك الضغط .في السنوات العشر التي سبقت لقاءنا َكانَ يقضي
ي مشاغل ،في تناقض صارخ مع الكيفية التي عشتُ بها أوربا دون أ ّ
وقته في السفر عبر أنحاء ُ
آخر عشر سنوات من حياتي قبل معرفته.
كنا من عالَمين مختلفين تما ًما .لو لم نلتق في الشرق األوسط؛ لما كنا التقينا في كندا أبدًا .كنا
من ساحلين متقابلين في البلد ،وبيننا آالف األ ُ ّميال .كنا متباعدين ليس فقط جغرافيًّا بل أي ً
ضا ب ُك ّل
الطرق الممكنة؛ كنا مثل الين واليانچ.
لكن يوجد شيء في القوى المتضادة يخلق عالقة تعايشَ .كانَ انعدام توتره الترياق المناسب
لحياتي التي لم يَ ُك ْن بها إال التوترَ .كانَت طريقة عيشه اللحظة دون أ ّ
ي هم العالج السليم لقلقي
المتواصل حيال المستقبل.
علمني أن أنفق الكثير من المال على الطعام الشهي (لكن ُكلّه سينتهي إلى المرحاض .يا له
من تبذير) .علمني أن أسافر (لكن ماذا إذا حدث طارئ و نحن بعيدان عن البلد؟)ُ .ك ْنتُ
translationsproject.org
220
شخصية تفزع وتخاف بسهولة ،بينما َكانَ هو مطمئنًا متأكدًا جدًّا من أنَّنا لَ ْن نتعرض لكوارث.
وأردت تصديقه.
ولذلك حاربتُ ألجل عالقتنا .ال أعتقد أنَّه سيقدِّر أبدًا كم حاربت ألجلنا .ال يمكنه أن يعرف
أبدًا كم الجهد الذي بذلتُهُ كي أقدر على أن أثق به مجدَّدًا ،وكم َكانَ ذلك صعبًا بالنسبة لي.
لم أتجاوز هذا حقًّا إال عندما جرحته بالمقابل بطريقة طفولية ،وخطيرة جدًّا .أنا سعيدة للغاية
ألنَّه حارب ألجل عالقتنا آنذاك .انقلبت األمور ،وأثبت لي أنَّه ملتزم بإخالص لي ،و لزواجنا،
باهرا!
ً ولعائلتناَ .كانَ ذلك آخر اختباراته وقد نجح فيه نجا ًحا
عدنا إلى الس فيغاس حيث كنا قد تزوجنا ،من أجل ذكرى زواجنا العاشرة ،لتجديد عهود
أخيرا أستطيع القول باقتناع أَنّي تخليت عن تلك ً الزواج ،لَ ِك َّن هذه المرة تَولَّى ألڤيس ال َمه َّمة.
ظ بها َكمال ٍذ ِآمن .لم أعد أحسب باستمرار القطعة الصغيرة المتبقية من قلبي التي ُك ْنتُ أحتف ُ
وبنتاي في لحظةٍ .أخيرا لمَ مصاريفنا ألحرص على أنَّه يوجد ما يكفي من المال كي أهرب أنا،
أخيرا شعرت باألمان بما يكفي؛ كي أدخل ً وقدم في الخارج.89 ٍ بقدم في الداخل،
أعد أحتفظ ٍ
البيت ،وأغلق الباب ورائي دون خوف .لم أظن قط أَنّي سأصل إلى ذلك .لم أ َ ُك ْن أعتبر ذلك َحتّى
[بمنح ِه
ِ أن التصرف بتلك الطريقة هدفًا واقعيًّا .ألَنّي لم أعتقد أنَّه يمكن الحصول عليه ،واعتقدتُ َّ
الثقةَ التامةَ؟ سيكون تصرفًا طائ ً
شا.
أن الحياة َ لَيست ِحكايةً أن السعادة ،والحب قد غَمراني؛ فنَسيتُ َّ وأنا أستذكر األمر ،أعتقد َّ
أنور َاوحتُ بينَ نَقيضين .لم تعد حياتي قصة رعب ،وال قِصةً خيالية كذلك .تعلمت َّ خَياليَّةَ ،
آمن ،ومريح بين االثنين. ٌ
الحياة مالذ ٌ
translationsproject.org
221
فعال ولم أظن قط أ َ َّن بإمكاني اإلحساس بهذا النوع من الحب؛ إلنسان آخر لم أنجبه.
أنا أحبه ً
قلبه كبير ،وهو بطبيعته على نحو تلقائي؛ ُك ّل شيء أحتاجهَ ،حتّى وهو ال يفهم لذلك سببًا .إنه
ضوئي في آخر النفق المظلم. ي ،ومثابرتي .إنه َ جائزتي على نجاتي من ُك ّل صدمات ِ
ماض َّ
وحلوها َكانَ صوت تيفاني .لقد أن ما جعلني أتماسك في مروري بتقلبات الحياة ُم ّرهاِ ، أعتقد َّ
عجبَت ب ِه ،و ُك ْنتُ أثق في حكمها أكثر من حكمي .بعد سنة من زواجنا خضعت تيفاني لبعض أُ ِ
االختبارات الروتينية؛ لَ ِكنّها لم تغادر المستشفى حيةً قطَ .كانَ لَدَيها عيب خَلقي في قلبها؛ نتيجة
حامال بهاَ .كانَ قلب تيفاني أشبه بلحافًٍ وصف أحد مشتقات الثاليدوميد 90أل ِ ّمها عندما َكانَت
َمشغو ٍل ِمن ُرقَعٍ ُمختلفة ،و َكانَ طبيب القلب الخاص بها وحده فقط يفهم كيفية تركيبه ،وكيفية
عمله .لم َي ُك ْن طبيبها موجودًا عندما خضعت تيفاني للتصوير المقطعي الكمبيوتري .فت َ َّم َحقنَها
بصبغ كي يتم َّكن األطباء ِمن رؤية كيفية انتقاله عبر شرايينها .حدثت تعقيدات في أثناء التصوير
المقطعي الكمبيوتري باألشعة ،وقد مرت بذلك من قبل العديد من المرات؛ لكن في هذه المرة لم
يَ ُك ْن طبيبها موجودًا.
بأن وفاتها دمرتني سيكون تهوينًا من األمر؛ شعرتُ حقًّا أنَّه لم تعد لي صلة بهذا
القول َّ
ي َحتّى تحولي إلى المرأة التي الكوكبَ .كانَت تيفاني اإلنسانة الوحيدة التي ظلت معي منذ ِ
ماض َّ
صرتُ عليها اآلن .فقدنا االتصال بضع سنوات عندما ُك ْنتُ متزوجة من عصام لَ ِكنّي وجدتها
مجددًا بالسرعة الممكنة؛ بعد هروبيَ .كانَت الشاهد الوحيد على حياتي ،بل؛ هَل كنتُ َألبقى
دونَها؟ توفيت تيفاني في نفس شهر عيد ميالدها ،في نوڤمبر .لذلك صرت أغرق في اكتئاب
مظلم سنويًّا؛ فيما بين عيد الهالوين ،و عيد الميالد (الكريسماس) .من المؤسف أن عيدي ميالد
ز ز 90زف أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن ر
أكت كارثة طبية من صنع اإلنسان عىل العشين ،أدى استخدام الثاليدومايد ف ال ِنساء الحوامل ف 46دولة إىل ر
ز ُ ُّ اإلطالق ،مما أدى إىل والدة ر
أكت من 12000طفل مع مجموعة من التشوهات الشديدة ،مثل تفقم األطراف ،وآالف حاالت اإلجهاض .قدمت الثاليدومايد ف عام
ُ ِّ
1956وسوقته بقوة ررسكة األدوية األلمانية Chemie Grünenthalتحت االسم التجاري Conterganكدواء للقلق ومشاكل النوم والتوتر وغثيان الصباح .وقدم
َ ً
آمنا زف أثناء الحمل ،ولكن ر ز ُ ز ز
الشكة المنتجة كانت مخطئة فقد ُو ِلد آالف حي اعت ِرت ف البداية النساء الحوامل .ف
كمسكن ودواء لغثيان الصباح دون اختباره عىل ِ
ز ز
أيد .تسبب الدواء بتشوهات خلقية لكثت من األطفال المولودين ف خمسينيات ومطلع ستينيات القرن ر
العشين .وف كثت من الحاالت الوخيمة األطفال بال أقدام أو ٍ
َ
أيد أو أر ُجل .كما كانت هناك والدات أخرى بأيد أو أر ُجل شبيهة بالزعانف وه حالة تعرف باسم فقمية األطراف .واشتملت التشوهات األخرى فقد و ِلد أطفال بدون ٍ
ُ
ز ر ز ز
األذني أو تشوهها أو شذوذ ف تكون الحبل الشوك أو القلب أو بعض األعضاء األخرى .بحلول عام 1957م ،انتش استخدام عقار الثاليدوميد ف ألمانيا وكندا واليابان
ز ِّ
النساء الحوامل من غثيان الصباح .أما ف الواليات المتحدة األمريكية فقد منعت إدارة الغذاء مسكن ومهدئ ،ولعالج ِ وغتها من الدول .فقد وصفه األطباء كعالج
ز .ز ُ ز َ
والدواء استخدام هذا الدواء ودخوله األوىل فلم تبع ف أسواقها وف عام 1960م ،هال األطباء األعداد المتايدة من األطفال المولودين بتشوهات خلقية ،وثبت
ز ّ ز
للباحثي مسؤولية الثاليدوميد عن هذه التشوهات .وأيقن العلماء حتمية ظهور هذه التشوهات حن لو تعاطت السيدة الحامل هذا العقار مرة واحدة ف شهور
ُ
الحمل األوىل وح ِظر استخدام هذا العقار عام 1962م .يمنع الثاليدوميد نمو األوعية الدموية الجديدة بجسم اإلنسان مما يسبب التشوهات الخلقية .فاألوعية
الدموية الجديدة مهمة لنمو أطراف األجنة -.المتجم
translationsproject.org
222
ي أن أُج ِب َر نفسي كي أنظم الحفالت ،وأختار المالبس ،وأشتري عل َّ
ي كليهما في تلك الفترةَ . ابنتَ َّ
الهدايا ،وأضع الزينات ،بينما تكون الفكرة الوحيدة التي تريِ ُحني هي فكرة إنهاء حياتي .إنها
أن أكافح هذاي ْ عل َّ الفكرة الوحيدة التي تبدو صحيحةً ،ومنطقية .أواصل تَذكير نفسي دائ ًما َّ
أن َ
الدافع َحتّى الربيع فقط .لَ ِك َّن هذا متعب ،وأخشى أَنّي في إحدى تلك الشتاءات ال ُمظ ِلمة لَ ْن يكون
لَدَي الطاقة للمقاومة أكثر.
لَ ِكنّي أكافح في الحياة كما ُك ْنتُ أفعل دائ ًما ،عندما ال تكون الحياة مظلمة تكون مجيدة .أنا
ُممتنَّة ألجل ُك ّل يوم مشمس ،و ُك ّل نَفَ ٍس أتنفَسه ،وأنا ُممتنة للغاية ألجل زوجي ،وبنتَ َّ
ي.
صغرى ،وهي ذكية ،ومراعية ،وظريفة ،ورائعة ،ومذهلة في ُك ّل شيء .إنها تشفي لَدَينا ابنتنا ال ُ
جروحي كما تفعل أختها .لَدَيها الفرصة كي تكبر في بيت مستقر ،ومحب .لَدَيها أخت كبرى
ومرورا ب البيانو،
ً ي شيء ،بد ًءا من كرة القدم، رائعة تحبها .إنها ناجحة في ُك ّل شيء وأ ّ
ورقص الهيب هوب ،وتعلُّم اللغات .لَدَيها ُك ّل الفرص التي يمكن أن يرغب بها طفل وهي ال
ي شيء لحماية حياتها الخالية من التأذِّي .إنها ُك ّل ما يُمكن أن تُضّيع أيًّا منها .أنا مستعدة لفعل أ ّ
نكونَهُ؛ لو لَ ْم يتم تشوهنا في طفولتنا.
ُ
َل ْن يقابل زوجي ،وال ابنتي الصغرى أ ُ ّمي أبدًا ،فقد انقطع تواصلي معها منذ ( .)2004في
البداية َكانَ ألمي شديدًا للغاية إلى درجة أنَّه َكانَ سرعان ما يهيمن عليه غضبي ،ث ُ َّم ينصهرا معًا
على نحو ُمعقّد بال انفصال .لكن؛ ال أحد يستطيع أن يعيش هكذا إلى األبد .ال أشعر بشيءٍ اآلن.
طويال على نح ٍو هائ ٍل ،لَ ِكنّي في النهاية -بأمانة ،وصدق -لم أعد ً لقد تطلب األمر مني وقتًا
أكترث لما يحدث لها .لم أعد أريد رضاها منذ وقت طويل ،لَ ِكن ظللتُ مع هذا االحتياج الساخط
الغاضب إلى اعتذارها لي ،وتح ّملها المسؤولية عن ُك ّل األلم الذي سببته لي.
ي شيء أخيرا .لم أعد أريد ،أو أحتاج أ ًّ أنا ممتنة ألَنّي أستطيع أن أقول أَنّي تجاوزت ُك ّل ذلك
منها.
ضا. ي صلة مع إخوتي ،أو أفراد العائلة اآلخرين أي ً ألن أ ُ ّمي تحكم العائلة فلم تعد لَدَي أ ّ
و َّ
أن أ ُ ّمي مليئة بالكراهية ومتالعبة بنا- ،اكتشف جمعني لقاء قصير بأخي؛ عندما اكتشف مثلي َّ
هو ذلك بعد عشر سنوات من اكتشافي ذلك .-لكن بسبب ُك ّل السنوات التي تباعدنا فيها ،و ُك ّل
قصيرا ولم يَد ُم.
ً صلَنا َكانَ
الصدمات ،والغضب ،والضغينة فإن توا ُ
translationsproject.org
223
أنا أسارع اآلن إلى قطع ُك ّل العالقات المؤذية السامة .لم أعد أضيع الوقت في الغفران،
وتكرارا مثلما ُك ْنتُ أفعل سابقًا .لذلك عندما اتهمتني أختي بالكذب بخصوص
ً مرارا،
ً والمحاولة
تحرش "زوج" أمنا السابق بي ،قطعت صلتي بها .إنها متشددة ،وغارقة عميقًا في ُحفر ِة أرنب
إن عالمينا صارا أبعد َحتّى عن أن يكونا في كونين متجاورين. ي حال؛ َّتعاليم اإلسالم؛ على أ ّ
ك ٌّل من ابنتيها -إحداهن أكبر سنًا من ابنتي بقلي ٍل ،واألخرى أصغر منها -متزوجتان ،أما ابنها
فهو يدرس في إحدى أفضل جامعات كندا ،وبذلك تستمر تلك الحلقة المألوفة المتكررة بال
انقطاع ،أو ع َقبَات.
لَدَي خال واحد أتحدث إليه بين الفترة واألخرى .لقد اعتنى بي عندما اضطرت أ ُ ّمي الى
العودة الى العمل منذ فترة طفولتي األولى َحتّى سن السنتين من عمري .ولذلك لَدَينا صلة
خاصة .يدعوني جيسي وال أدري لماذا لَ ِكنّي أحب ذلك اللقب وأحبه هو .هو عائلتي الموسعة
ي أحد آخر.الوحيدة منذ سنة ( )2004وليس لي اتصال بأ ّ
أن لَدَي قريبة -أبوها أخ غير شقيق أل ُ ّمي -منفصلة ،ومنبوذة من ثم ذكر خالي ذات مرة َّ
ضا مرفوضة من العائلة، فورا ،وأخبرتُها أَنّي أنا أي ً
العائلة؛ ألنَّها تزوجت يهوديًّا .اتصلت بها ً
فورا ،وسرعان ما أتت لزيارتيَ .كانَ رائعًا أن ألت ِق َ
ي تقي بها .تجاوبت معي ً وأَنّي آ َمل أن أل َ
ُم ْس ِلمةً سابقةً أخرى من العائلة؛ فالكلمات ال تكفي لتعبر عن سعادتي ،وشعوري أَنّي محظوظة
ضا أنَّهبأن تكون لَدَي قريبة أخرى في حياتي تحبني ،وتفهمني على نحو كامل ،وأنا سعيدة أي ً
ي عمةٌ.
صارت البنتَ َّ
أنا حزينة ألَنّي لم أولد في عائلة محبة ،لَ ِكنّي لست الوحيدة بالتأكيد التي عانت ذلك .ينشأ
سا ناجحين جدًّا .أنا لست حزينة بنفس الكثير من األشخاص بين وا ِلدين سيئين ،لَ ِكنَّهم يصيرون نا ً
مقدار حزن ُم ْس ِلمين سابقين أعرفهم أحبوا آبا َءهم ،ونشأوا في بيوت سعيدة مليئة بالحب .أن
ينبذك أبوك (و /أو أمك و /أو أقاربك) ألنَّك تركت دينك بينما ُك ْنت قبل ذلك ابنته المفضلة البد
أن هذا مؤلم أكثر بكثير لهمَ .كانَ أبي بالكاد يعرفني .لكن أن تتخلى عنك أمك التي ُك ْنت َّ
أن هذا أن ذلك مؤلم أكثر بكثير .رغم َّ تحترمينها ،األم التي َكانَت تعانقك ُكلّما آلمتك الحياة فالبد َّ
صورها ،وقَطعًا ُمخيفًا للعالقات ،فقد َكانَ أقل أدى إلى شعور بالوحدة الرهيبة؛ التي ال يمكن تَ َ
الخيارات إيال ًما ليُ .ك ْنتُ مستعدة لدفع الثمن من أجل فرصة لحياة أفضل لي و-على نحو أكثر
أهمية -الب ْنت َ َّ
ي.
translationsproject.org
224
ُحرم التصوير أنا حزينة ألَنّه ليست َلدَي صور البنتي وهي طفلة رضيعةَ .كانَ والدها ي ّ
وتطلَّب األمر مني بضع سنوات بعد هروبي منه؛ كي أستطيع شراء آلة تصوير .لكن وجه ابنتي
أتفرس في وجهها؛ بينما ُك ْنت أ ِعد ُها أنَّها
ت كثيرة ً َّ
الغالية منقوش في ذهني .لقد قضيتُ ساعا ٍ
ستحظى بحياة أفضل ،وأنَّها ستعرف طعم السعادة ،والحرية.
translationsproject.org
225
المقاومة
َكانَت كتابة هذا الكتاب رحلة شاقة لكن مثمرةَ .كانَت شاقة ألسباب واضحة؛ ال أظن أَنّي بكيت
قط في ُك ّل حياتي بقدر ما بكيت في أثناء كتابتي هذا الكتاب .اضطررت للعودة إلى غياهب
ق .رفعت األغطية وسمحت ل ُك ّل الوحوش بالخروج من تحت ذكريات مظلمة َكانَت مدفونةً بعم ٍ
الفراشُ .ك ّل هذه التجارب التي لم أح ِكها ألصدقائي ،أو زوجي ،ولم أسمح لنفسي َحتّى
باالعتراف بها ،لقد كتبتها ليقرأها العالم ُكلّه.
لك أن تتوقع للتخلص من ُك ّل تلك الشياطين. َكانَت الكتابة عال ًجا مفيدًا ،ومط ِ ّه ًرا للذات كما َ
وحالما يشع عليها النور ال تعود مخيفةً بعد اآلنَ .كانَ لَدَي أستاذ كتابة قال لنا َ
ذات مرةٍ أنَّنا نبتلع
ريقنا دائ ًما ال إراديًّا طوال الوقت ،وأنَّنا لو بصقناه على مكاتبنا فلَ ْن نلعقه ،ونبتلعه ثانية أبدًا.
إن ت ُ ْخ ِرج شيئًا َحتّى ال يعود كما َكانَ من
صل الفكرة .ما ْطريقة فظة للتعبير عن األمر ،لَ ِكنّها تو ِ ّ
قبل؛ واألهم أنَّه ال يبقى داخلك بعد ذلك.
لقد َكانَت كتابته مفيدة ً مجديةً لي؛ ألنَّه جعلني أتعرف على الكثير من األشخاص الرائعين عن
طريق اإلنترنت .أتمنى لو استطعتُ أن أجمعكم جميعًا في عناق ضخم .م َّكنَني النشر في مدونتي
على تمبلر ،وصحفتي على فيسبوك ،وحسابي على وتويتر من التواصل مع كثير من األشخاص
الرائعين؛ المهذبين؛ المحبين .حقًّا لم أتمكن من القيام بهذا إال بفضل تشجيعكم ،ودعمكم .ف ُكلّما
وصلتني رسالة؛ سواء من أحد أصدقائي القدامى من المدرسة الثانوية ،أو من ُم ْس ِلمات سابقات
سرا في السعودية ،أو طفل أحد زمالئي في العملَ ،كانَ هذا لي؛ كجرعة ُمتخفيات تركن اإلسالم ًّ
سجين أعطتني الطاقة ألواصل الكفاح. من األك ُ
َكانَت هنالك الكثير من األوقات التي ُك ْنتُ لم أعد أطيق فيها فكرة الجلوس للكتابة ،و"دخول
غياهب الظالم" كما صرت أُس ّمي األمر .لكن عندئذ ُك ْنتُ أجد رسالة نابعة من القلب في أحد
صناديق بريدي من شخص وجد نفسه في كتاباتي ،أو أراد التعبير عن امتنانه ،وتقديره .لذلك
استمريتُ .أردت أن أكون شجاعة ألجلكم جميعًا .سمعتكم تشجعونني من ُك ّل أنحاء العالم .من
َّ
صر ،وإيران ،وباكستان ،وغيرها من الدول ،ومن وم ْ
فرنسا ،وآيسلندا ،وإيطاليا ،وبولنداِ ،
translationsproject.org
226
حديقتي الخلفية في أمريكا ،وكندا .تشجيعكم َعنَى لي الكثير ،وال يزال كذلك .أعلم أَنّي ما ُك ْنتُ
إنجاز هذا دون مساعدتكم.
تفردة ،لَ ِكنّها ليست قصة فريدة .فمنذ أن خرجت إلى العلن تَلَقَّيت ً
وابال من أعلم أنَّها قصتي ال ُم ِ ّ
الرسائل من نساء ،ورجال وجدوا أنفسهم في قصتي .حاولتُ قصارى جهدي أن أدعم ُك ّل
ي أحد في حياتهم يستطيعون الوثوق بهَ ،ل ِكنَّهم وثقوا
شخص منهم .لقد علمتُ أنَّه لم َي ُك ْن لَدَيهم أ ّ
بي ،و َكانَ ذلك شرفًا ،ومسؤولية لم أتهاون بهما.
لقد أخذتها على محمل الجد للغاية إلى درجة أنَّها كادت تقتلني إرهاقًا .لم أذق طعم الراحة ولم
كال من أ َ ُك ْن مهنية .لم يَ ُك ْن لَدَي سبيل للفصل بين ذاتي والقصص التي ُك ْنتُ أسمعها .شعرتُ َّ
كأن ً
هؤالء األشخاص أبنائي ،بينما أخذ أطفالي الطبيعيون يدفعون إلى أولوية ثانوية .تلقيت ذات مرة
ي الرد عليه. عل َّ اتصاال من الصومال ،وشعرتُ َّ
أن َ ً في وسط مباراة كرة قدم تلعب فيها ابنتي
أن أباها قد أخبر مجموعة إرهابية محلية (الشباب) أنَّها وعلمتُ أنَّه من فتاة َكانَت خائفة من َّ
تركت اإلسالمَ .كانوا سوف يخيرونها بين التوبة في ثالثة أيام ،وإال يقتلوها .أكيد َّ
أن هذا َكانَ
أهم من مشاهدة ابنتي تسجل بعض األهداف.
لكن في النهاية تضررت حياتي ،وانهرت .ضربني ُك ّل ذلك كطن من حجارة القرميد على
رأسي .صرت ال أستطيع العمل بدون نوبات هلع مستمرة مرهقة َكانَت دائما مختبئة في أركان
وجداني .أخبرت زوجي أَنّي أشعر بنفسي كورقة تعصف بها عاصفة مطرية ،وتحاول تفادي
أن شيئًا جوهريًّا يجب أن يتغير.
قطرات المطر .علمتُ َّ
حاولت العثور على متخصص أستطيع أن أحيل إليه ُك ّل هؤالء األشخاص .متخصص
يستطيع تفهم مأزق هؤالء ال ُم ْس ِلمين السابقين العالقين في بلدان ذات غالبية ُم ْس ِلمة ،حيث عقوبة
ترك الدّيْن قد تصل إلى حد اإلعدام من الدولةُ .91ك ْنتُ قد زرت العديد من المعالجين النفسيين
الذين نصحوني نصائح مثل "تحدثي إلى أمك" أو "ربما تستطيعين حل المشكلة" .وهي نصيحة
صلُ َح على اإلطالق في ذلك السياق .فلو تحدث هؤالء بسيطة على نحو مضحك ما َكانَت ِلت َ ْ
ز
بعض الدول اإلسالمية فيها قانون لحد الردة وتنفذه ،ودول ليس فيها قانون مماثل ك ِم ْرص لكن قد يقتلك غوغاء الناس ف هجمة أو يقتلك
91
إرهان
ر
ز ر ز
مبارسة ف معتقل أو تموت نتيجة ظروف االعتقال غت اآلدمية ،واعتقال المفكر الحر ف دول ك ِم ْرص مسألة تخضع لهوى أو ح ّن يقتلك أمن الدولة
السلطة ،لحاجة الحكومة للمفكرين األحرار لمواجهة وطأة وشدة تأثت انتشار أفكار التخلف والجماعات المتطرفة -المتجم
translationsproject.org
227
األشخاص إلى أمهاتهم فقد يُقتَلُونَ .وفي أثناء بحثي وقعت على جيمي بانچاش ،وهو ُم ْس ِلم سابق
صا في التدريب على أصل باكستاني يعيش في بريطانيا نبذته عائلته ألنَّه مثل ٌّ
يَ .كانَ متخص ً من
الحياة و َكانَ يدرس دراسات عليا في الجامعة للحصول على الماجستير في علم النفس 92
اإلرشاديَ .كانَ هو ضالتي المنشودة .وسرعان ما أنشأت "قلوب حرة ،عقول حرة" ( Free
)Hearts Free Minds, FHFMوبدأت أرسل لهم العمالءَ .كانَ هذا هو الحل المثالي .صار بإمكاني
أن أجد المساعدة المهنية للناس الذين يتصلون بي .إننا نعطي األولوية للنساء الالتي في
السعودية وأفراد مجتمع الميم ،لَ ِكنَّنا نساعد العدد األقصى من األشخاص الذي نقدر عليه .إذا
زرت مو قعنا على اإلنترنت فسيمكنك أن تقرأ شهادات من بعض األشخاص الذين ساعدناهم.
من الرائع أن أكون عضوة في تلك المنظمة .إننا نديرها بالتبرعات فقط ،و ُك ّل قرش يذهب إلى
مساعدة الناس وإنقاذ حياتهم .فرجاء زوروا موقعنا على اإلنترنت واقرؤوا أكثر عنه ونأمل أن
تتبرعوا إذا أمكن www.freeheartsfreeminds.com
باالضافة الى عملي الممتع في "قلوب حرة عقول حرة" ،FHFMفإني أجد مكافأة ً يوميةً
تتمثل في النِساء الالتي يستعملن هاشتاغ (وسم) منعتقة من الحجاب (.)#FreeForm Hijab
إحدى النِساء الالتي أتواصل معهن بالرسائل على نحو شخصي خاص (ألنَّها لم تتوافق مع
معايير منظمة "قلوب حرة عقول حرة" ألنَّها في كندا وليست في بلد ذي غالبية ُم ْس ِلمة) َكانَت
كثيرا مع مسألة اإليمان .فقررت في يوم ال للحجاب (أو يوم خلع الحجاب No Hijab ً تعاني
الكامرة ألول مرة .انتشر الڤيديو الخاص بها كالنار في الهشيم ،لقد ِ )أن تخلع حجابها علىْ #Day
قالت بيانًا عن تحرير المرأة بالعربية ،واإلنچليزية ،والفرنسية؛ ثم خلعت حجابها ،وينتهي
أن تشجيع الجمهور الڤيديو بابتسامتها المشرقة .حصل الڤيديو على الكثير من االنتباه لدرجة َّ
ضا .لقد بدأت حريتها بنزع الحجاب لكن تلك الغفير لها شجعها على ترك زوجها المع ِنّف لها أي ً
َكانَت الخطوة األولى فقط .هي اآلن حرة تما ًما في جسدها ،وفي عقلها .هذه قوة وسائل التواصل
أن الضغط على أيقونة اإلعجاب ،أو المشاركة ال يؤدي إلى شيء َل ِكنَّه االجتماعي .يعتقد الناس َّ
في الواقع قد يغير حيوات بعض الناس تما ًما .إ ِنّي أرى هذا يحدث ُك ّل يوم.
92
التدريب عىل الحياة )life coach(:عملية مساعدة الناس عىل تحديد وتحقيق األهداف الشخصية من خالل تطوير السلوك والمهارات الن
تؤدي إىل التحكم زف حياتنا بطريقة إيجابية .يتناول هذا النوع من التدريب قضايا عامة مثل التوازن ز
بي العمل والحياة والتغتات المهنية.
translationsproject.org
228
ي غطين وجوههن ،ثم يظهرن شعورهن ،وهن ال يزلن يغطين وجوههن؛ ثم في النهاية يظهرن
ُك ّل ذواتهن الجميلة بفخر .إنه لشرف كبير أن أكون جز ًءا من هذا .عندما َّ
در ْستُ في حضانة
أن ُك ّل كلمة إنچليزية على
صر شعرت بمردود معنوي كبير؛بحيث كانت مكافأتي َّ أطفال في ِم ْ
ف يقرؤها هؤالء األطفال في المستقبل ستكون بسبب تعليمي إياها لهم .أنا أحصل سو َاألرجح َ
على نفس هذا الشعور من خالل عملي في مساعدة هؤالء النِساء اآلن .إن مشاركة ،وتشجيع
النِساء على تحرير أنفسهن ،والعيش بحرية؛ هو أفضل ما يمكنني ِفعلهُ في حياتي.
translationsproject.org
229
األمل
للر ُجل". وف يعترف فيه العالم بأسره َّ
أن المرأة مساوية َ س َ"لقد اقترب اليوم الذي َ
سوزان .ب .أنتوني
قالت سوزان ب .أنتوني هذه الكلمات منذ( 135سنة) .لألسف لم يأت بعد اليوم الذي توقعت
قدومه.
منذ( 135سنة) في أمريكا َكانَت النِساء يُ ْعتَ َب ْرنَ ملكية آبائهن؛ ثم أزواجهن .كانوا ي ُْملُونَ
لهن عملها ،والرجال الذين سيتزوج َن ُه َّن .خالل
عليهن ما يل َب ْسنَهُ ،وكذلك األعمال التي يُم ِكن َّ
َّ
القرن الماضي كافحت النِساء من أجل تحرير أنفُسِهن من خالل الموجة األولى؛ ث ُ َّم الموجة
الثانية؛ ثم الثالثة؛ واآلن الموجة النسوية الرابعة المعاصرة .لكن رغم روعة ُك ّل هذه الموجات
ى خارج العالم الغربي. فهي بالكاد تحدث صد ً
يوجد فارق وانقطاع كبير بين النسويات في العالم الغربي ،والنسويات في الدول ذات الغالبية
ال ُم ْس ِلمة .لنشأتي كأول جيل كندي في عائلة ُم ْس ِلمة أصولية متشددة؛ فقد جعلني هذا أقضي الكثير
من الوقت عالقة بين هذين العالَمين.
ي أن ألبس الحجاب لحماية نفسي علَّموني في المنزل أَنّه منذ أن يصير عمري ( 9سنوات) َ
عل َّ
من الرجال الذين يريدون التحرش بي .بينما تعلّمت من مجتمعي َّ
أن هذا يسمى لوم الضحية.
translationsproject.org
230
أن البنات الصالحات الطاهرات يلبسن الحجابَّ ،
وأن البنات القذرات علَّموني في البيت َّ
نحالت ال ُمحتقَرات ال يلبسنه .بينما تعلّمتُ من مجتمعي َّ
أن هذا يسمى الوصم بالعهر (أو ال ُم َّ
93
الوصم ِبعار الفسق).
ُ
حيث حق التصويت؛ عندما ُك ْنتُ طفلة قرأت عن بطالت التاريخ المطالبات بمنحِ ال ِن ِ
ساء َّ
واجهت تلك األٌقلية من النِساء المحاربات من أجل الحرية السجن ،وخاطرن بحيواتهن ،بل
ض َّحيْنَ برضا بحيواتهن لجلب االنتباه إلى معاناتهنَ .كانَت تلك النِساء منبوذات من و َحتّى َ
خطرا على النظام؛ وليس الرجال فحسب من ً ُزعزعنَ أركان الوضع القائمُ .ك َّنالمجتمع ،وكن ي ِ
؛ألن قضيتهن تقاوم وتضادُّ مباشرة ً المجتمع الذكوري الذي يهيمن عليه َّ كان يعتبرهن تهديدًا
ي ضا .هؤالء ال ِنساء ّ
كن بطالتي .لم أرد أ ّ الذكر ،بل حتى بعض ال ِنساء كانت تعتبرهن تهديدًا أي ً
شيء أكثر من أن أكون شجاعة مثلما ُك َّن.
شتَّى أنحاء اآلن وأنا إمرأة بالغة أعمل يوميًّا مع نساء يطالبن مثلهن بالحق في االنتخاب من َ
العالم .ومثلي ،رأت هؤالء النِساء كال العالَميْنَ واخترن المخاطرة في حياتهن؛ من أجل العيش
لرفض ِه َّن لبس قطعة قماش على رؤوسهن؛ ِ حرائر .من ُه َّن نساء في ايران ُي ُْجلَ ْدنَ ،ويُ ْس َج َّن
َ كنساءٍ
َّ
تفرضها الحكومة الدّيْنية الحاكمة بالشريعة اإلسالمية .ومنهن نساء من السعودية يُ َعذبْنَ في
السجون لمطالبتِ ِه َّن بالحق في قيادة السيارة و /أو السفر بدون الحصول على ِ
إذن َم ْح َر ٍم َر ُج ٍل.
ومنهن فتيات صغيرات في أفغانستان يُطلَق الرصاص عليهن في رؤو ِس ِه َّن ألنَّ ُه َّن ي ُِر ْدنَ الذهاب
النساء والفتيات ،الذين ُينظر إليهم عىل أن ُهم ينتهكون توقعات السلوك والمظهر فيما يتعلق
93
عار الفسق هو ممارسة االنتقاد لألشخاص ،وخاصة ِ
ً ز ز
النساء والفتيات والرجال من إدارة حياتهم الجنسية .يمكن استخدامه أيضا تمكي ِ بالقضايا المتعلقة بالجنس .يستخدم المصطلح ف إطار تيار
نادرا ما يتعرض الرجال ُرفضا السلوكيات الجنسية الن تعتت منحلة زف بعض المجتمعاتً . ً ز
المغايرون ر المثليي ،الذين قد يواجهون لإلشارة إىل الرجال
ُ : .
جنسيا لعار الفسق تتضمن أمثلة عار الفسق االنتقاد أو المعاقبة عىل انتهاك سياسات نظام اللباس من خالل ارتداء المالبس بطرق ينظر إليها عىل ً
ً . ً
أنها مثتة جنسيا ،وطلب الوصول إىل وسائل تحديد النسل ،وممارسة الجنس خارج نطاق الزواج يمكن أن يشمل أيضا إلقاء اللوم عىل الضحية
لمخالفتهن قواعد بسبب تعرضها لالغتصاب أو االعتداء الجنس .يتضمن عار الفسق انتقاد النساء أو أذيتهن نفسيا اجتماعيا أو جسديا أو قتلهن ُ
ِ
أي لومهن عىل السلوك أو المالبس أو الرغبات أو األفعال الجنسية الن تخالف معايت المجتمع .يمكن اعتبار عار الفسق السلوك الجنس المقبولةّ ،
ز ز ز ً ز ً
شكًل من أشكال العقاب االجتماع وهو جانب من جوانب التميت عىل أساس الجنس ،فضًل عن استخدامه ف المنافسة الجنسية بي اإلناث ف
النساء ،ألن عار بعض المجتمعات األصولية .يلف موضوع عار الفسق الضوء عىل القضايا االجتماعية المرتبطة بالمعايت المزدوجة ز
بي الرجال و ِ ً
النساء ،وال يتعرض الفتيان والرجال عادة له -المتجم
الفسق عادة ما يكون تجاه الفتيات و ِ
translationsproject.org
231
إلى المدرسة .ومنهن فتيات صغيرات في السودان يحرقن أنفسهن ألنهن ال ي ُِر ْدنَ أن يُزَ َّو ْجنَ
أن تُش ََّوهَصر يكافحن لالحتفاظ بأجسا ِد ِه َّن كما ُو ِل ْدنَ بها دون ْ قسرا ،ومنهن شابات في ِم ْ
ً
باألمواس ،أو المباضع [في جريمة ختان اإلناث؟.
تخاف العديد من النسويات في العالم الغربي من أنَّهن بدعمهن ألخواتهن في الكفاح فقد يسيء
ي ،أو عنصريةٌ؛ واألسوأ من تجاهلهن فقط ،أن ب ِإثْ ِن ٌّ
ي ثقاف ٌّ البعض تفسير ذلك على أنَّه تع ُّ
ص ٌ
الشركات الغربية تدعم أحيانًا نفس األشياء التي تكافح ضدها هؤالء النِساء الشجاعات .في العدد
المصورة ( Sports
َّ المخصص لمالبس السباحة من مجلة سبورتس إلسترايتد ،أو الرياضات
)Illustratedلسنة ( )2019تظهر صور للبوركيني (زي سباحة ال ِنساء اإلسالمي)؛ وظهر
على غالف مجلة مسيرة النِساء ( )Women's Marchصورة إمرأة متحجبة.
ما َكانَت النسويات في أمريكا ِل َي ْق َب ْلنَ أبدًا وضع شركة نايكي لشعارها على المالبس الداخلية
المورمونية ،لَ ِكنَّهن يدعمن وضعه على المالبس المحتشمة التي تفرضها ديانة أخرى .كيف
يمكن أن نحارب البطريركية في الغرب ،وفي نفس الوقت ندعم البطريركية االسالمية؟! أرجو
أن يكون هذا الكتاب قد دحض بعض األساطير ،وسوء الفهم الذي يقود إلى مثل هذه
االنفصامات النفاقية الخطيرة .يحاول بعض األشخاص في البلدان ذات الغالبية ال ُم ْس ِلمة أن
يطوروا ثقافتهم تماما كما فعلت الثقافة الغربية ذلك من قَ ْبلُ .لقد تم ُك ْنتُم من إلغاء الرق ،وتم ُك ْنتُم
من الكفاح من أجل مساواة المرأة؛ ال نريد إال فعل نفس الشيءِ .ل َم عندما نحاول التقدم يصبح
صف باإلسالموفوبيا لنق ِدنَا الشريعةَ ،والدفع نحو التغييرِ .ل َم علينا االحتفاظ األمر سيئًا فجأةً؟ .نُو َ
الميساوجينية الهو ُموفوبية (العنصرية ضد النِساء ،والمعادية للمثليين ،وسائر مجتمع ِ بثقافتنا
ت الثقافات لتواكب تقدم اإلنسان؛ هذا ليس الميم)؟؛ الثقافات ليست مقدسة بل هي ديناميكيةُ .ج ِعلَ ْ
باألمر السيء .لم َي ُك ْن شيئًا سيئًا بالنسبة لكم ،وهو ليس شيئًا سيئًا بالنسبة لنا نحن أي ً
ضا.
94
الباسالت :الشجاعات
translationsproject.org
232
ما َكانَ الفصل العنصري (األبارتايد) ِلي ُْلغَى في جمهورية جنوب أفريقيا ،لوال ضغوطات
المجتمع الدولي ،وما َكانَ جدار برلين ليسقط ،وما َكانَت العبودية لَتُلغى .إن أعظم إنجازات
عدَ األقوياء من يحتاجون ال َعون .لقد نجوت من الظالم ،وزحفت نحو البشرية ال تتحقق إال إذا سا َ
ً ْ
النور؛ اآلن وأنا هنا أشعر بنفسي ُملزَ َمة بمد يد المساعدة للنساء األخريات كي يُحقّقنَ حريتهن.
شتَّى أنحاء أود المساعدة في تحويل تلك الترددات الضعيفة من النسوية إلى موجا ٍ
ت تتردد عبر َ
العالم.
ت طويل .فكيف سيحدث التقدم إذا اعتُبِ َر النقد ُ لقد تَ َّمت حماية العالَم اإلسالمي من النقد لوق ٍ
أن نقد اإلسالم مقزز ،وعنصري؛ لم الر ُجل الذي قال َّ
أن نفس َتعصبًا؟؛ إنَّه لمن المثير للسخرية؛ َّ
مقززا ،وعنصريًّا؟ لماذا ً يجد مشكلةً في عمل فيلم يسخر من المسيحية .لماذا لم يَ ُك ْن ذلك أي ً
ضا
حكرا لصالح دين "الناس البنيين الهمج"؟ أليس هذا تطرف االحتقار، ً يكون هذا الموقف الذليل
بخفض التوقعات؟؛ أال يحق لل ُم ْس ِلمين أن يمروا بالتنوير ،واإلصالح مثلما فعل مسيحيو العالم
الغربي؟؛ ألم يحدث ذلك بسبب األشخاص الذين انتقدوا الكنيسة؟ ألم يؤ ِدّ ذلك النقد في النهاية إلى
الفصل بين الكنيسة ،و الدولة؟ كيف سيحدث ذلك في العالم ال ُم ْس ِلم بينما هناك أناس بهذا الموقف
أن بن أفليك هو المقزز، البطريركي؛ يمنعون التقدم عن ال ُم ْس ِلمين؟ أال يستطيعون ْ
أن يَ َر ْوا َّ
والعنصري في الحقيقة؟ أال يرون أنَّه هو الذي استخدم معايير مختلفة باختالف إثنية الناس؟.
ص ْلتُ رسالتي .آمل أن يبدأ الناس في تقييم بعضهم البعض ،والتعامل مع آمل أن أكون قد و َّ
بعضهم بناء على األفكار ،وليس على الهويات .آمل أال ينحني الناس أمام إثنّية األبوين حينما
أن ُك ّل البنات الصغيرات يُ َ
صبْنَ بالكدمات يلتقون بطفلة أو فتاة تضربُها عائلتها .آمل أن يدركوا َّ
وف يحكم عليها بحياةس َ أن تبرير الضرب باسم إثنية والَدَيها َمهما َكانَت إثْ ِنيَّ ِت ِه َّن .آمل أن يفهموا َّ
مليئة بالعذاب الجسدي ،والنفسي الذي سيبقى معها إلى أن تموت ،مهما َكانَ لون بشرتها .آمل أن
يختاروا حماية الطفل؛ عوضا ً عن حماية ثقافة ،أو دين؛ بال وجه أو اسم ،ال يستحق الحماية .ال
ً
مقززا، أن فعلهم هذا ليس يمكن للحقوق الدّيْنية أن ت ُ ِب ِط َل حقوق اإلنسان .آمل أن يفهموا َّ
ضا غير إنساني.وعنصريًّا فقط ؛ بل هو أي ً
آ مل أن تعبر عن أفكارك الحقيقية عندما تكون في مكان عملك ،أو على إحدى صفحات
الفيسبوك ،وأال تخضع للصمت خشيةَ التنمر ،والهجوم عليك .قوانين التَكفير في الدول اإلسالمية
ضا الصمت بسبب قوانين تَكفيريّة نفرضها على تُرغم الناس على الصمت .إذا اخترنا نحن أي ً
translationsproject.org
233
أنفسنا ،فمن الذي سيتكلم؟ إنها مسؤوليتنا ،وواجبنا ،وشرف لنا أن نقول ما نفكر فيه .لقد قُتِ َل
الكثير من األشخاص كي يكون لك ،ولي الحق في التعبير عن رأيك .فيالها من إهانة لذكراهم لو
ضيَّ ْعنا هذه الهدية التي قدموها لنا.
عا عن النِساءُ ،ك ّل النِساء .ش ِهدْتُ خالل حياتي األمور تتغير ضا التكلم دفا ً
آمل أن تختار أي ً
ي تقريبًا .لم َي ُك ْن تغييرا فجائيًّا نتَ َج عن حمالت إحراق نحو األفضل بالنسبة للنساء على نح ٍو يوم ٍّ
حماالت الصدر ،أو غيرها من المظاهرات ،بل َكانَ تغييرا بطيئا بينما كنا نكافح للحصول على
بأن النِساء مساويات للرجال في المجتمع. االعتراف َّ
ت األفالم ،واإلعالنات ،والڤيديوهات ُ
حيث أخذَ ْ لقد ش ِهدْتُ تغيرات جذرية تحدث في اإلعالم،
الموسيقية (الڤيديو ْك ِلبَّات) تتفادى الصور النمطية الميساجونية ،وتَسمح للنساء بلعب أدوار
عميقة ،وكبيرة .شاهدت شيريل ساندبرج تصل الى القمة بكتابها ( Lean inتقدمي إلى األمام؛
المرأة ،والعمل ،وإرادة القيادة .)95لقد تعلمت منها ،ومن أوبرا وينفري ،ومن ميشيل أوباما ،و
من بيونسيه ،ومن عدد ال يُحصى من النِساء األخريات المشهورات اللواتي هن قدوة تُحتذَى
ريبريزنتيشن":
ِ للشابات في أمريكا الشمالية .وكما قالت جينا دي ِڤس في برنامجها الوثائقي "ميس
"ال يمكنك أن تكوني ما ال ترينه" .لَ ِكنّي أرى العديد من ال ِنساء الالتي أعتَبر ُه َّن بطالتٍ.
ضا ،ويردن أن أن الكثير من النِساء الشابات من الجيل التالي لجيلي يَ َر ْونَ ُه َّن بطال ٍ
ت أي ً أعتقد َّ
ضا ي ُِر ْدنَ أن َي ُك َّن قدوةً ،وإلها ًما ،وأن يواصلنَ تعبيد الطريق
ض َّمنَ مثلي إلى الكفاح .هن أي ً
َين َ
الذي بدأته النِساء الشجاعات قبلنا .لَ ِكنَّهن عكس النِساء قبلنا الالتي َكانَ عليهن إزالة أشجار
حجر رصفٍ تلو اآلخ َِر؛ فهؤالء الشابات قد َ تعمرها ألف سنة؛ إلنشاء طريق جديد واضعا ٍ
هن في جهودهن .لقد فزنا ع َم َّصرفِهن تد َ ُو ِل ْدنَ في عالم توجد فيه جرافات (بلدوزرات) تحت ت َ ُ
جوهريًّا هاهنا بالمعركة .لم نحتج إلقناع أحد بالحاجة إلى طريق نحو المساواة َّ
ألن الجميع كانوا
مقتنعين في العالم الغربي.
95تتوفر له ترجمة عربية بالعنوان العرن المذكور ،من ترجمة وتحقيق :محمد السيد ،الدار العربية للعلوم ر
نارسون ر
translationsproject.org
234
حول ما إذا يجب عليهن تسمية أنفسهن ،womxn96وما إذا َكانَت تهيئة مكيف الهواء في العمل
ميسوجينية متحيزة جنسيًّا!؛ و كيفية مكافحة ظاهرة فتح الرجال ألرجلهم في األماكن العامة.97
اخترعْنَ مشاكل كي يرضينَ فعندما لم يجدن مشاكل قانونية تحتاج إلى التغلب عليها ،وحلها،
رغبتهن بحلها.
لو علمت أولئك الشابات فقط أن هنالك طريقة للسفر عبر الزمن ،والتضامن مع البطالت
الالتي صنعن التاريخ الالتي يخاطرن بحياتهن للكفاح من أجل الحرية .هناك طريقة تُمكنهن من
استخدام طاقتِهن في دعم النِساء الالتي يردن أن يعا َملن مساويات للرجال في مجتمعاتهن .هنالك
طريقة تم ِ ّكنُهن من دعم البنات الالتي يرغبن في الذهاب إلى المدرسة فقط بدون الخوف من أن
يتلقَّيْنَ رصاصةً في الرأس .هنالك طريقة تم ِ ّكنُهن من دعم البنات الالتي ال يردن أن يُزَ َّو ْجنَ في
سن الطفولةُ .ك ّل هذه المشاكل وغيرها الكثير تقبع أمام أعيننا .نحن ال نحتاج آلة الزمن الخيالية
ديلوريان للعودة قرونًا إلى الوراء إليجاد هؤالء النِساء ،إ ْذ ُه َّن موجوداتٌ اليوم .إنهن النِساء
الالتي يُعتَقَ ْلنَ ،وي ُْخفَيْنَ ألنَّهن يتجرأن على خلع الحجاب في إيران .إنهن النِساء الالتي يُعتَقَ ْلنَ ،
وي ُْخفَيْنَ ألنَّهن يتجرأن على قيادة السيارة في السعودية .إنهن النِساء الالتي يُعتَقَ ْلنَ ،أو يُ ْقت َ ْلنَ في
هن (يظهرن دون الحجاب) على وسائل وشعور َّ
َ باكستان ،والعراق ألنَّهن ي ْ
ُظ ِه ْرنَ وجو َّه ُه َّن،
التواصل االجتماعي .توجد هؤالء ال ِنساء الباسالت في عالمنا ،وال ي ُِردْن أكثر من دعم النسويات
لهن في الغرب.
ر
شخص أو إنسان إمرأة أو أنن /أنوثية ،وشبيه به لف womynوهو تهجئة مختلفة لكلمة womenلنفس السبب.
أكت من المساحة المخصصة لراكب متباعدتي زف وسائل النقل العامة؛ بحيث يحتل الشخص ر
ز ز
بساقي مانستيدينج :manspreadingالجلوس ال
97
ر
ز ْ ز ز ز ً
وطن ِمرص ف المواصالت والعزائم ف البيوت والمناسبات واحد .الحظت أن كثتا من الرجال يجلسون بهذه الطريقة عىل نحو تلقان ف محيط
ُ ز َ ّ ز
األرسية وربما ح ّن ف الجلسات الرسمية الحكومية وأماكن العمل ،وربما تبدو جلسة سخيفة ،ل ِكنها حرية شخصية ما لم تك ْن ف مواصلة عامة ال
ز ً ً
أماكن فسيحة فيها ،ورأيت صورا عىل جوجل لناشطة تسكب ازجاجة ماء ز
بي رجىل من يكون فاتحا رجليه من الرجال ف المتو ،والمشكلة أنها فعلت
ً ً ً ً ز
متر ف متو به عدة أماكن فارغة بحيث يمكن للشخص الجلوس كما شاء فعًل لعدم ضيق المكان .يبدو هذا سلوكا ومطالبة متطرفة ،طالما ذلك دون ر
ز ْ ّ
نطالب بحرية جسد المرأة ورفض أفكار زي وسلوك الحشمة الدين ،فمن حق الرجال كذلك حرية السلوكيات الشخصية ومنها طريقة الجلوس ما لم
ز ز ُ
تك ْن مواصلة مزدحمة ،ولعل آخر ما قالته المؤلفة ف هذه الفقرة عن اختاع النسويات الغربيات لمشاكل لحلها لعدم وجود مشاكل كبتة ف حقوق
ز َ ز ز
المرأة ف الغرب ف عرصنا يدل عىل رؤيتها أن تلك األمور مبالغ فيها ومتطرفة وهو نفس رأن .بدأت المناقشة العامة حول طريقة الجلوس هذه ف عام
ز ز
2013ف حملة مكافحة التحرش الجنس ف موقع التواصل االجتماع تمبلر؛ وظهر المصطلح بعد عام .وبحسب ويكيبيديا :استعملت الحركات
المانستيدينج اعتداء عىل
ر يدينج أحد أشكال التحرش الجنس ،ومن جهة أخرى رأى الكثت من الناس أن ست ِ
واعتتت المان ر
ر النسوية المصطلح
ز ُ ْ
كتعبت عن
ٍ فاتحات أرجلهن
ٍ الجنسي ،ون رِشت ُالكثت من الصور ِلنساء يشغلن مساحة مفرطة بطريقة ُجلوسهن مساحة الغت يمكن أن يمارسه كال
لتي زف أغسطس - 2015المتجم. انتقاد طريقة جلوس بعض الرجال بهذه الطريقة .وقد أضيف المصطلح زف قاموس أكسفورد اإلنچ ز
ِ
translationsproject.org
235
تخيلوا لو َكانَت سوزان ب .أنتوني وبقية المطا ِلبات بحق التصويت على قيد الحياة اليوم،
بدال من أن تساعدهن في كفاحهن من أجل التحرر تقرر تجاهلهن ألنَّك تخاف أن دعمك لَ ِكنَّك ً
لهن قد يساء تفسيره على أنه تعصب أو عنصرية؟ فما بالك باألسوأ إذا اخترت أن تدعم الناس
ت تحت السيطرة؟ لألسف ،هذا ما يحدث الذين يريدون إبقاء هؤالء النِساء الباسالت خاضعا ٍ
بالضبط في العصر الحالي .هذا بالضبط ما تفعله اليوم الكثير من الشركات الغربية الكبرى،
فبدال من االحتفاء بهؤالء الشجاعات المحاربات من أجل الحرية ومجموعات نسوية غربيةً .
اللواتي ال يردن إال حريتهن الشخصية ،يحتفي الغرب بذات الشي الذي تحارب النِسا ُء ضده.
ورمزا لألنوثة والنسوية حجابًا لكي ال تغري ً تلبس باربي اآلن التي َكانَت ذات يوم منارة ً
ضا بَنانا ِر ِيبَ ْب ِل ْك؛
الرجال على اغتصابها .ويبيع ماركس وسبنسر -أحد أكبر متاجر بريطانيا -وأي ً
الحجاب .يدعم الغرب الحر -الذي َكانَت هؤالء الفتيات وال ِنساء الشجاعات ينظرن إليه على أنَّه
شعلة ضوء وأمل-؛ قامعي ،وظالمي النِساء ،ويحاربون ضد تقدمهن ،وتحررهن في نهاية األمر
يِ،بالعص ّ
ِ النقاب ،بينما تَربط النِساء في إيران األحجبة
َ نتيجةً لذلك .تَ ْح ِر ُق النِسا ُء في السعودية
ويلوحن بها في صمتٍ ،وتح ٍد في الشوارع ،وهن يُ ْعتَقَ ْلنَ بالعشرات .بينما في الغرب تضع نايكي
شعارها على الحجاب. َ
نحن نقبل ،وندعم طواعيةً إخضاع أخواتنا في الشرق ،رغم أنَّنا ما كنا لنقبل ذلك أبدًا ألنفسنا،
ت على "تحرير حلمة الثدي"، أو أخواتنا في الغرب .نحن نطالب هنا بأن تكون النِساء قادرا ٍ
س ُه َّن.
بينما ندعم من يطالبون في الشرق بأن تغطي ال ِنساء رؤو َ
من المحزن مشاهدة هذا االنفصام .تبحث الشابات هنا عن معركة ،بينما الشابات هناك في
أن َي ُك ْن أفضل رفيقات داعمات .لو قررت ت يقفن معهن .من المفترض َّ س الحاج ِة إلى محاربا ٍ
أ َم َّ
ضا؛ عبر حدود الدول لما بقيت البطريركية .ال تستطيع النِساء فقط أن يدعمن بعضهن بع ً
البطريركية التواجد دون مشاركة فعلية من النِساء .يفضل الرجال زوجة مختونة لَ ِك َّن األمهات
ور ُه َّن ،ويشوهن أعضاءهن التناسلية .نحن هن اللواتي يأخذن بناتهن لكي تَبتُر نساء أخريات بُ ُ
ظ َ
نمسك ببناتنا ذوات الخمس سنوات ،وهن يصرخن ،ونسمح إلمرأة باستعمال مشرط للتقطيع من
رجاال يفضلون جعل ال ِنساء كذلك .علينا أن ننهض ،ونقول ال .يجب ً أعضائهن التناسلية؛ َّ
ألن
بدال من مقاتلة بعضنا على النِساء أن يقفن من أجل بناتهن .علينا أن نقاتل البطريركية معًا ً
translationsproject.org
236
البعض .يجب أن تقف األخوات مع بعضهن البعض ،ويجب على الجارات أن يقفن مع بعضهن
البعض.
ال يوجد خيار للنساء في الدول ال ُم ْس ِلمة إال الكفاح ،أو الهروب ،أو الخضوع ،وفي العادة
يخترن الخضوع .كلمة اختيار ليست هي الكلمة الصحيحة هنا في هذا السياق .النِساء يَ ْقبَ ْلنَ ،وال
ض ْعنَ .في عالم أنت فيه سمكة سلمون وحيدة تسبح ضد تيار جارف يجب أن َي ْخت َ ْرنَ ،إنهن َي ْخ َ
الر ُجل الذي اختير لك ،وتتزوجين َ ت ِ نتفهم أنَّه ال خيار لك إال الخضوع .تقبلين بالحياة التي ُر ِس َم ْ
لك ،وتنجبين له أطفاله .ثم تموتين على أمل أنَّه بعد موتك تتركين جهنم إلى الجنة.
ضا خيار غير شائع وهو الهرب .توجد قصص كثيرة حول نساء ه ََربْنَ من عائالتهن، يوجد أي ً
ت على أنفس ِه َّن في دول أخرى ليس لَدَيهن معتمدا ٍ
ِ أو أزواجهن ،وحاولن البقاء على قيد الحياة
أن بعض فيها دعم من عائلة ،أو مجتمع ،أو أصدقاء ،أو موارد .انه خيار صعب؛ واألسوأ هو َّ
النِساء -مثل دينا علي -لم ينجونَ .فقد حاولت دينا(سنة )2017الهروب من عائلتها في السعودية
ت من ركوب رحلتها إلى أستراليا .أخبرت بقية لكن في أثناء توقفها في مطار مانيال ُم ِن َع ْ
وف يقتلها .كتبت على وأن أباها قادم الستالمها ،وأنَّه َ
س َ المسافرات أنَّها خائفة على حياتهاَّ ،
ت دينا من يديها ،وقدميها تويتر ،وتوسلت إلى العالم كي ينقذها َل ِكنَّنا لم نحرك ساكنًا .قُ ِيّدَ ْ
بأشرطة الصقة غليظة ،وأ ُ ْر ِغ َمت على ركوب طائرة عائدة إلى السعودية ،وقال شهود عيان
ت باإلكراه إلى كانوا على الطائرة أنَّها َكانَت تبكي ،وتطلب المساعدة ،وإنقاذها بعدما ُح ِملَ ْ
الطائرة .لم يسمع أحد عنها شيئا منذ ذلك الوقت.
وختا ًما الخيار األخطر وهو الكفاح ،والمقاومة .النِساء الالتي يعشن في مجتمعات القمع،
ويقا ِو ْمنَ ت ُ ْس ِكت ُ ُه َّن عائالت ُ ُه َّن ،أو حكومات الدول اإلسالمية ،وأجهزتها األمنية القمعية .إحدى
الحاالت الكثيرة الشهيرة هي حالة لُ َجيْن الهذلول .دَ َرست لُجين في نفس الجامعة التي درست
فيها في كندا .بعد تخرجها صارت إحدى أعتى ال ُمناديات بحقوق النِساء في السعودية .فازت
بالعديد من جوائز المساعي اإلنسانية لجهودها ،وكفاحها الذي ال يكل ،وال يمل من أجل حق
النِساء في السعودية في قيادة السيارة ،وفي أن يعُا َم ْلنَ كمواطنات مساويات للرجال ،ومن أجل
باستمرار ،وكأنَّهن يعشن
ٍ تت تابعا ٍ ت خاضعا ٍ إلغاء قوانين الوالية التي تجعل من ال ِنساء سجينا ٍ
في سجن في الهواء الطلق .وفقًا ِلقوانين الفصل ،والعزل العنصري الجندري هذه ،ال يمكن
الر ُجل ،يجب أن تحصل على للمرأة عمل أبسط األشياء دون إذن ،وتصريح َوص ِيّها ،أو و ِل ِيّها َ
translationsproject.org
237
تسافر ،وفي بعض الحاالت َحتّى لكي تتمكن من َ إذنه قبل أن تفتح لنفسها حسابًا بنكيًّا ،أو
َت دولةُ المملك ِة العربي ِة السعودي ِة لُجين ،والعشرات من
س َجن ْالحصول على العالج الطبي! وقد َ
نشاطهن.
ِ ال ِنساء الناشطات بسبب
ورغم ُك ّل كفاح النِساء في العالم ال ُم ْس ِلم؛ فلَ ْن ننجح إال إذا اتحدّنا ُكلّنا .يجب على النِساء في
الشرق العمل معًا .أما بالنسبة الى ال ِنساء في الغرب؛ أرجو ُك َّن أن تمدُّن أيد َي ُك ْن إلى ال ِنساء في
معكن .يا ُك ّل من يؤمن بالحرية َّ الشرق ،وتساعدوهن على طريق الوصول إلى المساواة
والمساواة؛ ارجوكم ادعموا المكافحات من أجل الحرية في الدول ذات الغالبية ال ُم ْس ِلمة .إنهن
َي ْحت َ ْجنَ إليكم.
translationsproject.org
238
عرفان بالجميل
أوال وفي المقام األول شكر زوجي على دعمه لي خالل رحلتي المؤلمة نفسيًّا في كتابة أود ً
شكرا ألنَّك سرت معي وأنا في حالة اضطراب جامودي إلى الشاطئ كي أشاهد
98
ً هذا الكتاب.
األمواج َحتّى أحسست نفسي أعود إلى جسدي مجددا .شكرا ألنك ساعدتني على استعادة مزاجي
الطبيعي ُك ّل مرة عبر ُمسايرتي؛ ُكلّما رغبت في أكل الكعك ،أو الدجاج المقلي .كم أنا سعيدة
ألَنّي وجدتك؛ أنا أكثر ال ِنساء ح ً
ظا في العالم.
ي ِ اللتَي ِْن تح َّملتا نوبات بكائي العشوائية ،وحاجتي المفاجأة لتدوين ذكرى ُك ّل فترة
وأشكر ابنتَ ّ
شكرا لكما لت َح ُّملكما إياي ،وأنا أحكي ذكرياتي على غرار:
ً على هاتفي ألنَّها قد داهمتني بغتة.
ي عيد ميالد في صغري" .شكرا ألنَّكما أكثر البنات أح َ
ظ بأ ّ "أوه ،أتعتقدين أن هذا سيء؟ لم ْ
َّ
عليهن. روعةً ،ومحبةً ،ومراعاةً ،وعنايةً ،وإدها ً
شا يمكن أل ٍ ّم أن تحصل
ي على تمهيد الطريق لنا ُكلّنا ،وعلى اإللهام الذي تقدمه من خالل أشكر إيان هرسي عل ّ
شجاعتها ،وقوتها ،وتهذيبها ،ولطفها .دون مثالك على الشجاعة ما ُك ْنتُ أبدًا ألجد الشجاعة في
ت الطريقَ لي ،وللماليين مثلي .شكرا ل ُك ّل شكرا ألنَّك أنر ِ
ً شق طريقي من الصفر مثلك. ِّ
ال ُم ْس ِلمين السابقين اآلخرين الذين َكانَت لهم الشجاعة الكافية إلظهار وجوههم ،والتكلم علنًا.
تتمت بحركات غت طبيعية ،الالحركية ،سلوكيات غت طبيعية وانسحاب .قد ز شذوذ الحركة أو الجامود هو متالزمة سلوكية عصبية نفسية معقدة
98
. ًّ
يكون بدء الجامود حادا أو غت ملحوظ واألعراض قد تخف أو تتضاءل أو تتغت خالل النوب هناك عدة أنواع فرعية للجامود مثل الجامود الالحرك،
ز ز
الذهان والسلوكيات المتعمدة إليذاء النفس ف التوحد.عىل الرغم من ارتباط الجامود التار ز
يح بالفصام الجامود االنفعاىل ،الجامود الخبيث ،الهوس
ز ُ ً ز
غالبا ما يشاهد ف االضطراب المز راح .من المعروف حاليا أن أعراض الجامود غت محددة ويمكن أن تشاهد ف العديد من (الفصام الجامودي) َلكنه ً
ِ
الختاء) بل ُيستخدمر طبيا بحد ذاته (عىل الرغم من معارضة بعض ً
تشخيصا ً االضطرابات النفسية والعصبية والطبية األخرى .الجامود ليس
المصطلح لوصف سمة لالضطراب المستبطن.المتجم
translationsproject.org
239
شكرا ألنَّكم ألهمتم اآلخرين كي يعيشوا حياة حقيقية خالية من الزيف ،وأل َّنكم شاطرتموهم
المغامرة .كلما خرج عدد أكبر منا إلى العلن ،صرنا ُكلّنا في أمان أكثر .أنتم أبطالي.
لقد َكانَ ذلك الشعور هو ما دفعني إلى هذا العالم من النشاط دفعًا .كيف لي أن أجلس دون
ِحراك ،وأنا محاطة بأشخاص يتصرفون بسخافة ،وعلى نح ٍو منافٍ للعقل؟ أردت أن أقول لهم
ً
مقززا ،وعنصريًّا بل بن أفليك .فهو الذي َكانَ يعامل الناس بطرق مختلفة أنَّه ليس سام الذي َكانَ
بنا ًء على إثنيّتهم .وذلك هو التعريف الحقيقي للعنصرية.
translationsproject.org
240
ت َرث النِساء ،والمفكرون األحرار في المجتمعات ال ُم ْس ِلمة التقليدية عبئًا مضاعفًا .فإذا أرادوا العيش في العالم
الكثير
َ ضا
الحديث فعليهم ليس فقط مواجهة الثيوقراطيين (المتعصبين دينيًّا) في منازلهم ،ومدارسهم ،بل وأي ً
ساتهم بخصوص العنصرية الذين من الليبراليين العلمانيين لعدم مباالتهم ،ونفاقهم ،وتقواهم الزائفة ،وهلو َ
ُ
يضيفون حجابًا آخر على معاناتهم .تقبل ياسمين ُم َح َّمد في كتابها السافرة هذا التحدي بك ّل ما في العالم من
بأن نقد اإلسالم ضرب من ضروب التعصب .فلتُلهمك شجاعتها شجاعة مكذبة الفكرة الخطيرة القائة َّ
وحكمتها".
س؛ مؤلف كتاب نهاية اإليمان هار ْ
سام ِ
منذ الحادي عشر من سبتمبر( ،)2001والعالم الغربي منشغل باإلسالم ودوره في اإلرهاب .إال َّ
أن النقاش
السالم ،بينما يدعي الطرف اآلخر
ِ باعتبار ِه دينَ
ِ طب في جهتين ،أحدهما يمتدحه العام حول دين اإلسالم مستق َ
أن ُك ّال الطرفين خاطئان على نحو
أن ُك ّل ال ُم ْس ِلمين إرهابيون .تعتقد ياسمين ُم َح َّمد الناشطة في حقوق اإلنسان َّ
َّ
شديد.
في كتابها ،وقصة حياتها "سافرة كيف يم ّكن الليبراليون الغربيون األصولية والتشدد اإلسالمي" ،تتحدث
ي ٍ متشدد .رغم ت في العالم الغربي؛ لَ ِكنّها ُر ِبّيَ ْ
ت في بي ٍ
ت إسالم ّ ياسمين عن الحقيقة التي مرت بها كإمرأةٍ ُو ِلدَ ْ
كونها أول جيل كندي من أسرتها ،فقد عاشت فترة كبيرة من طفولتها كأنَّها تعيش في غير وطنِها كندا ،ورغم
أنَّها ذهبت إلى مدارس إسالمية ،وألبسوها الحجاب منذ سن التاسعة ،فإن ياسمين لم تتواءم أبدًا مع أسرتها
ضا .ولكون ياسمين عاشت بين العالَمين الغربي ،واإلسالمي بهذه الطريقة ،فهي قادرة إلى حد كبير ال ُم ْس ِلمة أي ً
على أن ترى كليهما بطريقة موضوعية من الخارج ،وفي نفس الوقت قريبة من كال العالَمين كي تراهما
بأمانة ،وصدق.
ي في كتابها وقصتها "كافرة" ،ورواية "حكاية ِل َكون مذكرات ياسمين أشبه بمزيج من قصة أيان هرسي عل ّ
عالم أغلب الغربيين غير ُم َّ
ط ِلعين عليه .تهدف األ َمة" للكاتبة الكندية مارچريت آتوود ،فإنها ت ُ ْ
ط ِل ُع القرا َء على ٍ
ألكثر من خمسة عشر سنة إلى أن تكشف عن الحقيقة .هل تشويه ،وبتر األعضاء َ ياسمين كأستاذة جامعية
التناسلية لإلناث (الختان) ممارسة إسالمية أم ثقافية؟ هل الحجاب باإلجبار ،أم هو اختيار؟ هل تمثل داعش
اإلسالم "الحقيقي" ؛أم انحرافًا متطرفًا؟ ولماذا هناك تضارب كبير للغاية في المعلومات؟ و كمعظم
المجتمعات المنعزلة؛ فإن العالم اإلسالم لَدَيه "خطاب متطرف" ،و"خطاب معتدل" ؛وغالبًا ما يتحدث باألول
مع أفراده ،وفي مجتمعاته ،بينما يخاطب باألخير الغرب ،والدول غير اإلسالمية .فمن المستحيل على المشاهد
المتابع أن يحصل على إجابة صحيحة دون اطالع ودراسة.
ودون إخبار الناس مباشرة ً بما عليهم أن يعتقدوا به ،فإن كتاب أو مذكرات "سافرة" يخطي الخطابة ،ويرشد
الباحثين عن الحقيقة في روايات وتقارير اإلعالم ،والصوابية السياسية ،واألكاذيب الفجة إلى تجاوزهذه
المصادر ،ويش ِ ّجع القرا َء على الوصول إلى استنتاجاتهم الخاصة بهم.
translationsproject.org
241
ناشطة حقوق اإلنسان الكندية ياسمين ُم َح َّمد ال ُمناصرة لحقوق ال ِنساء
الالتي يعشنَ في الدول ذات األغلبية ال ُم ْس ِلمة ،والالتي يكافحن ضد التشدد
ضا مؤسسة "قلوب حرة ،عقول طه .ياسمين هي أي ً الدّيْني الذي يعشن وس َ
ي لل ُم ْس ِلمين السابقين الذين يعيشون الدعم النفس َّ
َ حرة" ،وهي مؤسسة تقدم
في الدول ذات الغالبية اإلسالمية ،حيث هناك عقوبة قانونية تفرضها كثير
من تلك الدول على ترك اإلسالم بالقتل ،أو يؤدي ترك اإلسالم في بعضها
اآلخر إلى خطر القتل على يد األفراد اآلخرين في المجتمع أو الجماعات.
َعرهما الرائع ينساب اليوم مع ابنتيها في كندا ،اللتين تُط ِلقان ش َ َ إنها تعيش
ي فكرة عن بال حجاب ،ومع زوجها المحبّ ِ المسان ِد لها الذي لم يَ ُك ْن لَدَيه أ ّ
قصة حياتها عندما تزوجها منذ أكثر من عق ٍد من الزمان .إن كتابها وقصة
حياتها "سافرة كيف يمكن الليبراليون الغربيون األصولية والتشدد
اإلسالمي" هو أول كتاب لها.
يمكنك التحدث مع ياسمين عن طريق موقع اإلنترنت
www.YasmineMohammed.com
translationsproject.org
242