Professional Documents
Culture Documents
سيغموند فرويد
()1901
ترجمة
محمد أبو خريمة
أبكالو 2021
المحتوى
طور البروفيسور فرويد نظام التحليل النفسي الخاص به أثناء دراسة ما يسمى بحاالت
حدود األمراض العقلية ،مثل الهستيريا والعصاب القهري .من خالل التخلص من طرق العالج
القديمة ومحاوالته الصارمة لدراسة حياة المرضى ،اكتشف فرويد أن األعراض التي لم يتم فهمها
حتى اآلن لها معنى محدد وأنه ال يوجد شيء عشوائي في أي مظهر مرضي .إذ أظهر التحليل
النفسي إنه دائًم ا ما تشير هذه االضطرابات الى وجود مشاكل أو صراعات نفسية لدى المرضى
الموضوعين تحت االختبار .أثناء مقارنته بين ما هو طبيعي إلى ما يمكن اعتباره عصابي ،اكتشف
البروفيسور فرويد مدى دقة الفاصل بين الشخص الطبيعي والعصابي ،وأن اليات التفكير المرضية
التي لوحظت بشكل صارخ في المصابين باالضطرابات النفسية والذهان يمكن عادًة إظهارها
بدرجات أقل في األشخاص الطبيعيين .وهذا ما دفعه إلى دراسة التصرفات الغير منطقية اليومية
لألشخاص المعرفين على انهم طبيعيين ،وبعد ذلك إلى نشر كتاب علم النفس المرضي في الحياة
اليومية ،وهو كتاب مر بأربع طبعات في ألمانيا ويعتبر العمل األكثر شعبية للمؤلف .ببراعة وعمق
كبيرين ،يلقي المؤلف الكثير من الضوء على المشكالت المعقدة للسلوك البشري ويوضح بإسهاب
أن الفجوة غير الواضحة بين الحاالت العقلية الطبيعية وغير الطبيعية هي أكثر وضوًح ا مما كان
يعتقد.
تم ترجمة هذا الكتاب من الطبعة األلمانية الرابعة ،وبينما تم اتباع النص األصلي بدقة،
غالًبا ما جعلت الصعوبات اللغوية من الضروري تعديل بعض حاالت المؤلف أو استبدالها بأمثلة
يمكن للقارئ الناطق باللغة اإلنجليزية فهمها.
نيويورك 1914-
الفصل األول
نسيان األسماء المألوفة
خالل عام ،1898قمت بنشر مقال قصير عن اآللية النفسية للنسيان في المجلة الشهرية
للطب النفسي .سأكرر اآلن محتوياته وأعتبره نقطة انطالق لمزيد من المناقشة والتحليل .لقد
أجريت في تلك المقالة تحلياًل نفسًيا للسبب الرئيسي لنسيان األسماء المؤقت ،ومن خالل مالحظاتي
الخاصة ،توصلت إلى استنتاج مفاده أن هذا التكرار لفشل وظيفة عقلية -الذاكرة -يحتاج تفسيرا
يتجاوز سبب حدوث هذه الحالة .أذ أنه إذا ُطلب من أي طبيب نفسي أن يشرح سبب حدوث ألفشل
المؤقت في تذكر اسم نحن على يقين من أننا نعرفه ،فمن المحتمل أن يكتفي باإلجابة بأن األسماء
المألوفة أكثر قابلية للنسيان من غيرها .وقد يعطي أسباًبا معقولة لهذا "النسيان العقلي التفضيلي"
ألسماء العلم ،لكنه لن يفترض أي محدد عميق ألسباب حدوث ذلك.
لقد قمت بدراسة ظاهرة النسيان المؤقت باستفاضة من خالل مالحظة بعض السمات
المميزة ،والتي ،على الرغم من أنها ليست عامة ،يمكن مع ذلك رؤيتها بوضوح في بعض
الحاالت.
في هذه الحاالت ،ال يحدث النسيان فحسب ،بل هناك أيًض ا التذُّكر الخاطئ الذي يسعى
للحصول على االسم الذي ال يمكن تذكره فيقوم بجلب أسماء بديلة .هذه االسماء التي ،على الرغم
من االعتراف على الفور بأنها زائفة ،إال أنها تفرض نفسها على الوعي بإصرار كبير .العملية
التي تؤدي إلى استبدال االسم المفقود باسم بديل وبالتالي تجعل االسم الغير صحيح مشابها
للصحيح .اعتمادا على افتراضاتي فأن إزاحة االسم الصحيح واستبداله بغير الصحيح ليست بعملية
عشوائية ،ولكنها تتبع مسارات عقلية منطقية .بعبارة أخرى ،أفترض شخصيا أن االسم البديل (أو
األسماء) يرتبط ارتباًطا مباشًر ا باالسم المفقود ،وآمل إذا نجحت في إثبات هذا الترابط ان يتم القاء
الضوء على أصل وسبب نسيان األسماء.
في المثال الذي اخترته للتحليل في عام ،1898جاهدت دون جدوى لتذكر اسم الفنان الذي
صنع اللوحات الجدارية المهيبة المسماة "القيامة األخيرة" في كنيسة آورفيو في ايطاليا .بدًال من
االسم المفقود (سنيوريلي) قفز الى ذاكرتي اسمان آخران للفنانين بوتيتشيلي وبولترافيو والتي
رفضتها على الفور لمعرفتي على أنها غير صحيحة .عندما ذكر لي االسم الصحيح تعرفت عليه
في الحال دون أي تردد .أدت مراجعتي لمسارات التأثير واالرتباط التي تسببت في النزوح من
سنيوريلي إلى بوتيتشيلي وبولترافيو إلى النتائج التالية:
(أ) سبب هروب اسم سنيوريلي من ذاكرتي ال يجب اعتباره غير مألوفا وال في الطابع
النفسي لالسم وعالقته التأثيرية بذاكرتي .أذ كان االسم المنسي مألوًفا بالنسبة لي تماًم ا مثل أحد
األسماء البديلة -بوتيتشيلي -وهو مألوف إلى حد ما أكثر من البديل اآلخر -بولترافيو -الذي ال
أستطيع أن أقول عنه أكثر من أنه ينتمي إلى مدرسة ميالنو الفنية .وبدا لي أيًض ا ان ما حدث من
نسيان السم سنيوريلي لم يكن مؤذيٍا ولم يفض إلى مزيد من التفسير .حدث هذا عندما سافرت على
متن عربة مع شخص غريب من راغوزا ،دالماشيا (في كرواتيا حاليا) ،إلى محطة في الهرسك.
انجرف حديثنا إلى السفر إلى إيطاليا ،وسألت رفيقي عما إذا كان في أورفيتو وهل شاهد هناك
اللوحات الجدارية الشهيرة ل (نسيت االسم)
(ب) ال يمكن تفسير نسيان االسم إال بعد أن تذكرت الموضوع الذي نوقش مباشرة قبل هذه
المحادثة .هذا النسيان بعد ذلك جعل نفسه ُيعرف بأنه اضطراب في الموضوع الناشئ حديًثا بسبب
الموضوع الذي يسبقه .باختصار ،قبل أن أسأل رفيقي في السفر عما إذا كان في أورفيتو كنا نناقش
عادات األتراك الذين يعيشون في البوسنة والهرسك .لقد رويت ما سمعته من زميل كان يمارس
الطب بينهم ،وهو أنهم يبدون ثقة كاملة بالطبيب واستسالًم ا تاًم ا للمصير .عندما يضطر المرء
إلبالغهم بعدم وجود مساعدة للمريض ،يجيبون" :سيدي (هير -سيدي باأللمانية) ،ماذا يمكنني أن
أقول؟ أعلم أنه إذا كان من الممكن أن ينقذ ،فسوف تنقذه" .في هذه الجمل وحدها يمكننا أن نجد
الكلمات واألسماء :البوسنة (بوسنيا) ،الهرسك (هرتزيجوفينا) ،وهير (سيدي) ،والتي يمكن
إدراجها في سلسلة ارتباط بين بوتيتشيلي ،بولترافيو وسنيوريلي.
(ت) أفترض أن تيار األفكار المتعلقة بعادات األتراك في البوسنة كان قادًر ا على إرباك
الفكرة التالية التي اردت قولها ألنني تجاهلت اكمال الفكرة االولى .إذ تذكرت أنني كنت أرغب في
سرد حكاية ثانية يمكن اعتبار انها كانت بجانب األولى في ذاكرتي .أذ يقدر هؤالء األتراك المتعة
الجنسية قبل أي شيء آخر ،وعند االضطرابات الجنسية يندمجون في اليأس المطلق الذي يتناقض
بشكل غريب مع استعدادهم لفقدان حياتهم .قال لزميلي أحد مرضاه ذات مرة" :كما تعلم يا سيدي
(هير) ،إذا توقف ذلك ،فلن يكون للحياة أي سحر" .لقد امتنعت عن نقل هذه الميزة ألنني لم أرغب
في التطرق إلى مثل هذا الموضوع الدقيق في محادثة مع شخص غريب .كما أنني صرفت انتباهي
عن استمرار الفكرة التي ربما ارتبطت بشكل مباشر بموضوع "الموت والجنس" .كنت في ذلك
الوقت متأثر برسالة تلقيتها قبل أسابيع قليلة ،خالل فترة إقامتي القصيرة في ترافوي (إيطاليا
الحالية) .إذ وردني في تلك الرسالة اخبار سيئة عن مريض كنت قد بذلت الكثير من الجهد معه قام
بأنهاء حياته بسبب اضطراب جنسي غير قابل للشفاء .أعلم بشكل مؤكد أن هذا الحدث المحزن،
وكل ما يتعلق به ،لم يأت إلى ذاكرتي الواعية في تلك الرحلة في الهرسك .ومع ذلك ،فإن التشابه
بين ترافوي وبولترافيو يجبرني على افتراض أن هذه الذكريات في ذلك الوقت قد تم تنشيطها على
الرغم من محاوالتي لتشتيت انتباهي عنها.
(ث) لم يعد بإمكاني تصور نسيان اسم سنيوريلي على أنه حدث عرضي .لذا يجب أن
أدرك في هذه العملية تأثير وماهية الدوافع التي أدت إلى االنقطاع في تسلسل أفكاري (فيما يتعلق
بعادات األتراك في البوسنة) ،والتي أثرت علّي فيما بعد الستبعاد الفكرة المرتبطة بها من وعيي.
والتي ربما أدت إلى الرسالة المتعلقة بحادثة ترافوي -أي أردت أن أنسى شيًئا ما ،لقد قمت بقمع
شيء ما .من المؤكد أنني تمنيت أن أنسى شيًئا آخر غير اسم فنان أورفيتو؛ لكن هذا الفكر اآلخر
أحدث عالقة ترابطية بينه وبين هذا االسم حتى أن فعل إرادتي أخطأ الهدف ،ونسيت أحدهما رغمًا
عني ،بينما تمنيت عن قصد أن أنسى اآلخر .إن عدم الرغبة في التذكر وجه نفسه ضد المحتوى
االول؛ لذا ظهر عدم القدرة على التذكر في المحتوى االخر .كان من الواضح أن القضية كانت
ستكون أبسط إذا كان هذا النفور وعدم القدرة على التذكر يتعلقان بنفس المحتوى .لم تعد األسماء
البديلة تبدو مبررة تماًم ا كما كانت قبل هذا التفسير .إنهم يذكرونني (بعد محاولة التسوية) بالقدر
نفسه لمحاولتي النسيان ويظهر لي أن موضوعي لنسيان شيء ما لم يكن نجاًح ا تاًم ا وال فشاًل تاما.
(ج) إن طبيعة االرتباط المتكون بين االسم المفقود والموضوع المكبوت (الموت والجنس،
إلخ) ،الذي يحتوي على أسماء البوسنة والهرسك ،وترافوي ،هي أيًض ا غريبة جًدا .في المخطط
الُم درج ادناه ،والذي ظهر في األصل عام ،1898جرت محاولة لتمثيل هذه االرتباطات بيانيًا.
وهكذا تم تقسيم اسم سنيوريلي إلى قسمين ليبقى (يلي) دون تغيير في أحد البدائل ،بينما
اكتسب اآلخر عالقات عديدة ومتنوعة لالسم الوارد في الموضوع المكبوت من خالل ترجمة
سنيور (تعني سيد بااليطالية) لكنه فقد خالل التحليل (في المخطط) .تم تشكيل استبداله بطريقة
تشير إلى حدوث نزوح مباشر من نفس المتشابهات " -البوسنة والهرسك " -بغض النظر عن
المعنى والترسيم الصوتي .لذلك تم التعامل مع األسماء في هذه العملية مثل الصور المكتوبة للجملة
او لغز لغوي) .لم يتم إعطاء أي معلومات للوعي التي سيتم تحويلها إلى صورة أحجية (ريبوس
فيما يتعلق بالعملية برمتها ،والتي ،بدًال من االسم سنيوريلي ،تم تغييرها إلى األسماء البديلة .للوهلة
األولى ،ال توجد عالقة واضحة بين الموضوع الذي احتوى على اسم سنيوريلي والموضوع
المكبوت الذي سبقه مباشرة.
ربما ليس من غير الضروري أن نالحظ أن التفسير المقدم ال يتعارض مع شروط إعادة
إنتاج الذاكرة والنسيان التي يفترضها علماء النفس اآلخرون ،والتي يبحثون عنها في عالقات
وميول معينة .ما عدا اضافتنا لدوافع أخرى في بعض الحاالت الى العوامل التي لطالما اعتبرنا
أنها سبب في نسيان األسماء ،وبالتالي وضعنا آلية لفهم الذاكرة الخاطئة.
ال غنى عن التصرفات المفترضة أيًض ا في حالتنا ،من أجل تمكين العنصر المكبوت من
السيطرة بشكل ارتباطي على االسم المطلوب ونقله إلى منطقة القمع .ربما لم يكن هذا ليحدث في
اسم آخر يتمتع بظروف أفضل للتحليل في المخطط .ألنه من المحتمل تماًم ا أن يسعى العنصر
المكبوت باستمرار إلى تأكيد نفسه بطريقة أخرى ،لكنه ال يحقق هذا النجاح إال عندما يلبي الشروط
المناسبة .في أوقات أخرى ،ينجح القمع دون اضطراب في الوظيفة ،أو ،كما قد نقول بحق ،بدون
أعراض.
● إمكانية إنشاء ارتباط خارجي بين االسم المعني والعنصر الذي تم إلغاؤه مسبًقا.
من المحتمل أال يكون هناك حاجة إلى المبالغة في تقدير الشرط األخير ،ألن أدنى ادعاء
بشأن الترابط يمكن اعتباره ناهضا في معظم الحاالت .لكنه سؤال مختلف وبعيد المدى عما إذا كان
هذا االرتباط الخارجي يمكن أن يوفر حًقا الشرط المناسب لتمكين العنصر المكبوت من إزعاج
استبدال االسم المطلوب ،أو ما إذا كان هناك اتصال أكثر ترابطا بين الموضوعين والذي ال يكون
بالضرورة مطلوًبا .في االعتبار السطحي ،قد يكون المرء على استعداد لرفض الشرط األخير
واعتبار االجتماع الزمني مع محتوياته المختلفة تماًم ا كافًيا .ولكن عند الفحص األكثر شموًال ،يجد
المرء أكثر فأكثر أن العنصرين (المكبوت والعنصر الجديد) المتصلين من خالل ارتباط خارجي،
يمتلكان ايضا ارتباط في المحتوى ،ويمكن أيًض ا توضيح ذلك في المثال ،سنيوريلي .تعتمد قيمة
الفهم المكتسبة من خالل تحليل مثال سنيوريلي بشكل طبيعي على ما إذا كان يجب علينا اعتبار
وشرح هذه الحالة كعملية نموذجية أو كعملية منفصلة .يجب أن أؤكد اآلن أن نسيان االسم المرتبط
باالسم البديل الخاطئ غالًبا ما يتبع نفس العملية كما تم توضيحه في حالة سنيوريلي .في كل مرة
تقريًبا الحظت فيها هذه الظاهرة بنفسي ،كنت قادًر ا على تفسيرها بالطريقة المشار إليها أعاله على
أن سببها هو قمع االفكار .ويجب أن أذكر أيضا انها وجهة نظر أخرى لصالح طبيعة تحليلنا على
اعتباره نموذجيا .وأعتقد أنه ليس هناك ما يبرر فصل حاالت نسيان األسماء مع التذكر الخاطئ
عن تلك التي لم تقفز فيها األسماء البديلة غير الصحيحة الى الذاكرة النشطة .تبرز هذه األسماء
البديلة تلقائًيا في عدد من الحاالت؛ اما في الحاالت أخرى ،حيث ال تظهر بشكل تلقائي ،يمكن
إخراجها إلى السطح من خالل التركيز العقلي ،ثم تظهر نفس العالقة مع العنصر المكبوت واالسم
المفقود مثل تلك التي تأتي تلقائًيا .فيبدو أن هناك عاملين يلعبان دوًر ا في جلب األسماء البديلة
للوعي :األول ،التركيز ،والثاني هو المحددات النفسية المرتبطة بالموضوع .ويمكنني أن أجد ان
األخير هو العامل االهم الذي يشكل االرتباطات الخارجية المطلوبة بين العنصرين .وبالتالي ،فإن
عدًدا كبيًر ا من حاالت نسيان األسماء التي تحدث دون تذكر خاطئ ،تنتمي إلى الحاالت التي يتكون
فيها االسم البديل ،والتي تتوافق آليتها مع تلك الموجودة في مثال سنيوريلي .لكنني بالتأكيد لن
أجرؤ على التأكيد على أن جميع حاالت نسيان األسماء تنتمي إلى نفس المجموعة .فال شك أن
هناك حاالت لنسيان األسماء تتم بطريقة أبسط بكثير .سنقوم بتمثيل هذه الحالة بعناية كافية إذا أكدنا
أنه إلى جانب النسيان البسيط لألسماء المألوفة ،هناك نسيان آخر سببه قمع الذاكرة.
الفصل الثاني
نسيان الكلمات األجنبية
يبدو أن المفردات العادية في لغتنا محمية من النسيان ضمن حدود وظيفتها العادية ،لكن
الحالة تختلف تماًم ا مع الكلمات األجنبية .الميل إلى نسيان مثل هذه الكلمات يمتد إلى جميع أجزاء
الكالم .في الواقع ،اعتماًدا على حالتنا العامة ودرجة التعب .فيظهر أول مظهر من مظاهر
االضطراب الوظيفي نفسه في عدم انتظام تمكننا من المفردات األجنبية .في بعض الحاالت ،يتبع
هذا النسيان نفس اآللية التي تم الكشف عنها في مثال سنيوريلي .كتوضيح لذلك ،سأقدم مثاال عن
تحليل يتميز بخصائص قيمة تتعلق بنسيان كلمة ،وليس اسًم ا ،من اقتباس التيني .قبل المتابعة،
اسمحوا لي أن أقدم وصًفا كامًال وواضًح ا لهذا المثال .في الصيف الماضي ،أثناء رحلتي في
إجازتي ،تعرفت على شاب حاصل على تعليم أكاديمي والذي ،كما الحظت الحقا ،كان ملًم ا ببعض
أعمالي .في حديثنا( ،ال أتذكر تحديدا ما قادنا الى التسلسل بالحديث) انجرفنا إلى الموقف
االجتماعي للعرق الذي ننتمي إليه كالنا .وألنه يملك طموحا عاليا ،فقد تحسر على حقيقة أن جيله،
كما عبر عن ذلك ،كان مقدًر ا عليه أن ينمو مشلواًل ،وأنه ُم نع من تنمية مواهبه ومن إشباع
رغباته.
كان كالنا يعرف أنه أخطأ ولذلك قال بانزعاج" :من فضلك ال تقوم بعمل هذا الوجه
الساخر ،كما لو كنت تتشمت بإحراجي ،ولكن ساعدني .هناك شيء مفقود في هذا المقطع .كيف
تقرأ في شكلها الصحيح؟
قال" :من الغباء أن ننسى مثل هذه الكلمة"" .بالمناسبة ،أتفهم ادعائك بأن هنالك أسباب لهذا
النسيان ،وعليه يجب أن أكون فضولًيا أكثر لمعرفة سبب عدم تذكري لهذا الضمير غير المحدد
(تعني شخص بالالتينية )aliquis -
كان وقع ذلك علي لطيفا ،حيث كنت أتمنى الحصول على إضافة إلى مجموعتي من
االمثلة ،وقلت" :يمكننا القيام بذلك بسهولة ،لكن يجب أن أطلب منك أن تخبرني بصراحة ودون أي
"3. احراج كل ما يحدث في عقلك بعد أن تركز انتباهك ،دون أي نية مسبقة ،على الكلمة المنسية
أنا " -حسًنا ،تأتيني الفكرة السخيفة ألقسم الكلمة على النحو التالي:
A+Liquis
Reliques
قال وهو يضحك ساخًر ا" :أفكر اآلن في سيمون الترينت ،4الذي رأيت آثاره قبل عامين في
كنيسة في ترينت .أفكر في االتهام القديم الذي تم توجيهه ضد اليهود مرة أخرى ،وفي اعمال
رودولف كالينبول ،5الذي يرى في هذه الذبائح المفترضة طريقة إلحياء المخلص ،إذا جاز
التعبير.
أنا "-تيارات األفكار هذه لها صلة بالموضوع الذي ناقشناه قبل أن تفلت منك الكلمة
الالتينية".
الشاب "-أنت على حق .أفكر اآلن في مقال في مجلة إيطالية قرأته مؤخًر ا .أعتقد أنه كان
بعنوان ":ما قاله القديس أوغستين عن المرأة " .ماذا يمكنك أن تفهم من ذلك؟"
الشاب "-أوه! أتذكر رجاًل وسيًم ا كبيرا في العمر قابلته في رحلتي األسبوع الماضي .كان
حًقا رجال مميزا (اصيال .)Original -بدا وكأنه طائر كبير جارح .اسمه ،إذا كنت مهتًم ا
بمعرفته ،هو بنيديكت".
أنا "-حسًنا ،على األقل يبدو انك تذكر مجموعة من القديسين وآباء الكنيسة مثل القديس
سيمون ،والقديس أوغسطينوس ،والقديس بنديكتوس .وكذلك أعتقد أنه كان هناك أًبا للكنيسة
ُيدعى اوريجينيس( .)Originesثالثة من هؤالء ،عالوة على ذلك ،هي أسماء مسيحية ،مثل بول
في اسم كلينبول ".
الشاب "-اآلن أفكر في القديس جانواريوس ومعجزة دمه -أجد أن األفكار تعمل
بميكانيكية".
أنا "-فقط توقف لحظة؛ كل من القديس جانواريوس والقديس أوغسطين لهما عالقة بالتقويم.
هل تتذكر معجزة قارورة الدم؟"
"أال تعلم عن ذلك؟ دم القديس جانواريوس محفوظ في قنينة بكنيسة في نابولي ،وفي يوم
معين من كل سنة تحدث معجزة بتحول الدم الى سائل .يعتقد الناس بالكثير من هذه المعجزات،
وتصبح الناس متحمسة جًدا إذا تأخرت عملية التسييل ،كما حدث مرة واحدة أثناء االحتالل
الفرنسي أليطاليا .القائد الفرنسي كان الجنرال غاريبالدي ،إذا لم أكن مخطًئا – الذي قام بأخذ
الكاهن جانًبا ،وبإشارة منه تجمع الجنود في المكان ،وأعرب عندها عن أمله في حدوث المعجزة
قريًبا .وقد حدثت بالفعل " ...
الشاب "-حدث شيء ما حًقا بالنسبة لي ...ولكنه أمر شخصي جًدا وال يمكن ان اذكره ...
إلى جانب ذلك ،ال أرى أي ارتباط وبالتالي ال ضرورة إلخبارك بذلك.
أنا "-سأهتم باالرتباط .بالطبع ،فال يمكنني إجبارك على الكشف عما ال ترغب بكشفه
بالنسبة لك ،ولكن بهذه الطريقة ال يمكنني أخبارك لماذا نسيت كلمة"aliquis".
الشاب "-حًقا؟ هل تعتقد ذلك؟ حسًنا ،فكرت فجأة في امرأة من المحتمل أن أتلقى منها
رسالة قد تكون مزعجة جًدا لكلينا".
الشاب "-كان ذلك بدون قصد بالتأكيد .وهل تعتقد حًقا أن عدم قدرتي على تذكر كلمة
" "aliquisكان سببه قلقي من الرسالة المنتظرة؟"
أنا "-هذا يبدو لي واضحا .أال تتذكرون تقسيمنا إلى ( )a+Liquisوكلمة ()reliques
والتي تحمل معان التسييل والسوائل؟ وكيف ان القديس سيميون تمت التضحية به عندما كان طفال؟
"
الشاب "-من فضلك توقف .آمل أال تأخذ هذه األفكار على محمل الجد والتي قد يبدوا أنك
استمتعت بها .ومع ذلك ،سأعترف لك أن السيدة إيطالية وأنني زرت نابولي برفقتها .ولكن هل من
الممكن ان ال يكون كل هذا من قبيل الصدفة؟ "
أنا "-يجب أن أترك لتقديرك الخاص ما إذا كان بإمكانك شرح كل هذه الترابط من خالل
افتراض أنها محض مصادفة .ومع ذلك ،يمكنني اخبارك أن كل حالة مماثلة تقوم بتحليلها ستقودك
إلى مثل هذه" الصدف "الرائعة!"
لدي أكثر من سبب لتقييم هذا المثال الصغير ،والذي أنا مدين به لرفيقي في السفر.
أوًال ،ألنه في هذه الحالة ،تمكنت من استخدام مصدر ال يمكنني الوصول إليه بخالف ذلك.
معظم األمثلة على االضطرابات النفسية في الحياة اليومية التي جمعتها هنا كنت مجبر على أخذها
من مالحظتي لنفسي .لقد حاولت أن أتجنب المواد األكثر ثراًء التي قدمها لي مرضاي المصابون
بالعصاب ألنه كان على أن أستبعدها ألنها من مظاهر العصاب .لذلك كان من المهم بالنسبة لي أن
يكون الشخص الذي احلل سبب نسيانه غريًبا عني وغير عصابي .يعتبر هذا التحليل مهًم ا أيًض ا
في نواٍح أخرى ،حيث أنه يوضح حالة نسيان للكلمات دون إعادة تذكرها ،وبالتالي يؤكد المبدأ
الذي تمت صياغته أعاله ،وبالتالي ظهور أو عدم ظهور الكلمات البديلة ال تشكل فرقا كبيرا 6.لكن
القيمة األبرز للمثال ( )aliquisتكمن في تمييز آخر له عن الحالة ( .)Signorelliففي المثال
األخير ( ،)Signorelliيصبح استبدال االسم مضطرًبا من خالل التأثيرات الالحقة لسريان
االفكار الذي بدأ قبل فترة وجيزة وتم اعتراضه وكبته ،ولكن محتواه ليس له عالقة ارتباط واضحة
بالموضوع الجديد الذي احتوى على االسم ( .)Signorelliبين قمع الفكرة وموضوع االسم
المنسي ،لم يكن هناك سوى عالقة ارتباط زمني ،والتي واصلت حتى النهاية حتى يتمكن االثنان
من تكوين اتصال من خالل عامل ارتباط خارجي .من ناحية أخرى ،في المثال ( ،)aliquisيمكن
للمرء أن يالحظ عدم وجود أي ترابط أو أثر لهذا الترابط لمثل هذا الموضوع المكبوت المستقل
الذي يمكن أن يشغل الفكر الواعي مباشرة قبل ان يعيد اظهاره كاضطراب صوتي يعيد اظهار
نفسه باستمرار .7اضطراب االسم البديل يستمر هنا من الجزء المخفي الذي يتناوله الموضوع
والذي تم جلبه للفكر الواعي مع حقيقة ان هنالك تعارضا ظهر ضد الفكرة (الرغبة) الموضوعة
االقتباس8. بين عالمات
يجب تفسير األصل على النحو التالي :استنكر المتحدث حقيقة أن الجيل الحالي من اقرانه
كان محروًم ا من حقوقه ،ومثل ديدو ،تنبأ بأن جياًل جديًدا سينتقم ممن ظلموه .لذلك أعلن عن ايمانه
وتمنياته من اجل األجيال القادمة .في هذه اللحظة قاطعته الفكرة المتناقضة" :هل تتمنى حًقا الكثير
من أجل األجيال القادمة؟ هذا ليس صحيًح ا .فقط فكر في المأزق الذي قد تكون عليه إذا تلقيت اآلن
المعلومات التي يجب أن تتوقعها لألجيال القادمة مما تعتقده! ال ،ال تريد أي ذرية بقدر حاجتك
لالنتقام .يؤكد هذا التناقض نفسه ،تماًم ا كما في مثال سنيوريلي ،من خالل تكوين ارتباط خارجي
بين أحد عناصر الفكرة المطروحة وعنصر من عناصر الفكرة المكبوتة ،ولكن هنا يتم إحضارها
بأكثر الطرق توترًا من خالل ما يبدو أنه انعطاف مصطنع للترابطات .نقطة مهمة أخرى مع
المثال سنيوريلي ينتج من حقيقة أن التناقض ينشأ من مصادر مكبوتة وينبع من األفكار التي من
شأنها أن تسبب تشتيتا للوعي .في كال المثالين هناك تنوع في االرتباطات الداخلية والية نسيان
األسماء .لقد تعلمنا أن نعرف آلية ثانية للنسيان ،أال وهي اضطراب الفكر من خالل تناقض داخلي
ينبع من القمع (كما في حالة الشاب) .في سياق هذه المناقشة سنلتقي مراًر ا وتكراًر ا بهذه العملية،
والتي تبدو لي من ألسهل فهمها.
الفصل الثالث
نسيان األسماء وترتيب الكلمات.
إن تجارب مثل تلك المذكورة فيما يتعلق بعملية النسيان ،بعيدا عن ترتيب الكلمات من لغة
أجنبية ،قد تدفع المرء إلى التساؤل عما إذا كان نسيان ترتيب الكلمات بلغته يتطلب تفسيرا مختلفا
في األساس .ال شك أن المرء ال ينبغي أن يندهش إذا كان من الممكن بعد فترة أن يستذكر صيغة
ما أو نص معين تعلمهما سابقا على نحو غير مثالي .ومع ذلك ،بما أن هذا النسيان ال يؤثر بنفس
القدر على جميع األشياء التي تعلمناها معا ،ولكن يبدو أنه ينتقي أجزاء محددة من النسيان ،فقد
يكون من الجدير بنا أن نتحرى تحليليا بعض األمثلة على مثل إعادة اإلنتاج الخاطئة هذه.
"بينما كان يتحدث في يوم من األيام مع امرأة شابة رائعة جدا ،كان لديها فرصة لتقتبس من
كيتس .10كانت القصيدة بعنوان "نشيد ألبولو" ،وقرأت النص التالي- :
تعيش في دولتك،
" في قاعتك المذهبة الغربية حيث كنت جالسا ،الشعراء ،أولئك الذين يروون بشكل
متعمد األعمال البطولية واغنيات القدر"
"لقد استغربت من أخطائها الكثيرة ،وأرجعتها إلى فشل الذاكرة .ولكن إستطعت أن أقنعها
بسهولة بأنه لم يكن هناك اضطراب كيفي أو كمي في الذاكرة في قضيتها ،واستذكرت حديثها
مباشرة قبل أن أقتبس هذا النص.
"كنا نناقش المبالغة في تقدير الشخصية بين العشاق ،واعتقدت هي أن فيكتور هوجو هو
من قال إن الحب هو أعظم شيء في العالم ألنه يصنع المالك أو اإلله من محاسب في بقالة.
وتابعت" :فقط عندما نكون واقعين في الحب ،فإننا نؤمن إيمانا أعمى باإلنسانية؛ كل شيء كامل،
كل شيء جميل ،وكل شيء شاعريا .ومع ذلك فهي تجربة رائعة؛ تستحق أن نمر بها ،على الرغم
من خيبات األمل الرهيبة التي تأتي في أعقاب ذلك عادة .إنه يضعنا في مستوى اآللهة ويحثنا على
جميع أنواع األنشطة الفنية .أصبحنا شعراء حقيقيين؛ فنحن ال نحفظ الشعر ونقتبس منه فحسب ،بل
أنفسنا .ثم اقتبست هي عن السطور المذكورة أعاله التي نسيت أجزاء إننا غالبا ما نصبح أبولو
منها.
"عندما سألت في أي مناسبة حفظت هذه االبيات لم تستطع تذكرها .كمدرسة للخطابة ،لم
يكن من العجيب أن تحفظ كثيرا ،وفي كثير من األحيان كان من الصعب أن تعرف متى حفظت
هذه االبيات" .بالحكم من خالل المحادثة" ،اقترحت" ،يبدو أن هذه القصيدة مرتبطة ارتباطا وثيقا
بفكرة المبالغة في تقدير شخصية شخص ما واقع في الحب .هل حفظت هذه القصيدة عندما كنت
في مثل هذه الحالة؟ لقد فكرت لوهلة وسرعان ما تذكرت الحقائق التالية :قبل اثني عشر سنة،
عندما كانت في الثامنة عشرة ،وقعت في الحب .وكانت التقت الشاب أثناء مشاركته في عرض
مسرحي للهواة .كان حينها يدرس المسرح ،وكان يفترض أن يكون يوما ما نجما مسرحيا .فقد
كانت لديه كل الصفات الالزمة لذلك .لقد كان ذو بنية جيدة ،ساحرا ،مندفعا ،ذكي جدا ،ولكنه
متقلب التفكير .لقد تم تحذيرها منه ،ولكنها لم تلتفت ،مرجعة كل ذلك إلى حسد مستشاريها.
كل شيء سار على ما يرام لبضعة أشهر ،عندما تلقت فجأة خبر بأن "أبولو" هذا ،الذي
حفظت من اجله هذه االبيات ،كان قد خطب امرأة شابة ثرية جدا وتزوج منها .وبعد بضع سنوات
سمعت أنه يعيش في مدينة غربية ،حيث كان يتولى رعاية مصالح والده.
"االبيات المقتبسة بشكل خاطئ اآلن باتت واضحة .فالنقاش حول التقدير المفرط للشخصية
بين العشاق استدعى لها ،دون وعي ،تجربة غير مقبولة ،عندما قدرت بشكل مفرط شخصية
الرجل الذي أحببته .اعتقدت أنه إله ،لكنه تبين أنه أسوأ من االنسان العادي .لم يكن من الممكن أن
تظهر القضية الى السطح ألنها مصحوبة بأفكار مزعجة ومؤلمة للغاية ،ولكن التغيرات ألالواعية
في القصيدة أظهرت بوضوح حالتها النفسية الحالية .ولم تتغير التعابير الشعرية إلى تعبيرات
ساحرة فحسب ،بل تلمح بوضوح إلى الموضوع باكمله.
مثال آخر على نسيان ترتيب كلمات قصيدة معروفة جيدا للشخص الذي سأستشهد به من
الدكتور جونغ 11مقتبسا كلمات المؤلف- :
"أراد رجل ان يقرأ القصيدة المألوفة" ،شجرة الصنوبر تقف وحدها" .12في البيت الذي
يبدأ ب "شعر بالنعاس" أصبح عالقا في عبارة "مع الورقة البيضاء" دون ان يتذكر ما بعدها .يبدو
لي أن هذا النسيان ألبيات معروفة جدا غريب نوعا ما ،ولذلك طلبت منه أن يعيد إنتاج ما يتبادر
إلى ذهنه عندما فكر في عبارة "مع الورقة البيضاء" .لقد أعطى سلسلة من الروابط التالية :الورقة
البيضاء تجعل المرء يفكر في ورقة بيضاء على جثة -ورقة كتان تغطي أحدها جثة هامدة -
[توقف]
-اآلن أفكر في صديق قريب -أخوه مات مؤخرا -من المفترض أنه توفي بسبب مرض
في القلب
-كان أيضا مبتهجا جدا -صديقي أيضا مبهر ،وكنت أعتقد أنه قد يواجه نفس المصير
-على األرجح أنه ال يمارس الرياضة بما فيه الكفاية -عندما سمعت بهذا الموت فجأة
أصبحت خائفا :وقد يحدث لي نفس الشيء ،حيث أن افرادا من أسرتي سبق لهم أن تعرضو للسمنة
-فقد توفي جدي بسبب مرض في القلب -كما أنني سمين بعض الشيء ،ولهذا السبب بدأت عالجا
للسمنة منذ بضعة أيام.
ويعلق جونغ :واضاف ان "الرجل تعرف على الفور دون وعي على نفسه بشجرة الصنوبر
التي كانت مغطاة بغطاء ابيض".
على سبيل المثال التالي لنسيان ترتيب الكلمات أنا مدين لصديقي الدكتور فيرينزي من
بودابست .بعكس االمثلة السابقة ،ال تذكر أي مقطع او ابيات مأخوذة من الشعر ،بل إلى اقتباسات.
وقد تظهر لنا أيضا الحالة غير العادية التي يضع فيها نسيان االماكن نفسه تحت تصرف سلطة
الكبت عندما يكون االخير في خطر االستسالم لرغبة مؤقتة .وبالتالي فإن الخطأ ينحدر ليصبح
وظيفة مفيدة .بعد أن ننتبه ونركز يمكننا ان نبرر ذلك الصراع الداخلي الذي ال يمكن أن يظهر إال
من خالل عدم القدرة ،كما في النسيان أو العجز الجنسي النفسي.
"في حفل اجتماعي اقتبس أحد االشخاص (لكي تفهم كل شيء عليك ان تغفر كل شيء) ،ان
الجزء االول من الجملة يكفي ،ألن "الغفران" هو استثناء يجب ان يترك هلل وللقس .أحد الضيوف
ظن أن هذه المالحظة جيدة جدا ،والتي بدورها شجعتني على اكمال ذكر المالحظات -ربما للتأكد
من رأيي الجيد كناقد ،-التي كنت اعتبرها أفضل من المالحظة التي ذكرتها .ولكن عندما كنت
على وشك تكرار هذه الفكرة الذكية لم أتمكن من تذكرها .فانسحبت فورا من المجموعة وكتبت
أفكاري المخفية .في البداية تذكرت اسم الصديق الذي شهد والدة هذه الفكرة (المرغوب فيها)،
والشارع في بودابست حيث حدثت ،ثم اسم صديق آخر ،اسمه ماكس ،الذي كنا نسميه عادة
ماكسي .وقد قادني ذلك إلى كلمة "مكسيم "13وإلى فكرة أنه في ذلك الوقت ،كما في الحالة الراهنة،
كان سؤاال مختلفا عن القواعد المعروفة .والغريب أنني لم أتذكر أي قاعدة غير الجملة التالية:
خلق هللا االنسان على صورته الخاصة "،وتغير مفهومه" ،خلق االنسان ربه على
صورته الخاصة"
عندها سرعان ما تذكرت ذلك" .قال لي صديقي في ذلك الوقت في شارع أندريسي"' ،ال
شيء إنساني غريب علي" .والتي علقت عليها ،بناء على تجربة التحليل النفسي ،يجب أن
تذهب أبعد من ذلك وتعترف ب "ال شيء حيواني غريب بالنسبة لك"
"لكن بعد أن وجدت الذكريات التي اريد ذكرها لم أستطع قولها في هذا التجمع االجتماعي.
كانت زوجة صديقي الشابة ،التي ذكرتها بحيوانية الالوعي ،من بين الحاضرين أيضا ،ولقد
تذكرت أنها لم تكن مستعدة على اإلطالق الستقبال مثل هذا النوع من اآلراء .لقد دفعني النسيان
إلى تفادي عدد من األسئلة المزعجة منها وإلى مناقشة ميؤوس منها معها ،وال بد أن هذا كان
الدافع وراء "فقدان الذاكرة المؤقت".
"من المثير لالهتمام أن نالحظ أنه مع وجود فكرة مخفية ظهرت جملة تحويل األلوهية إلى
أختراع بشري ،بينما في الجملة المطلوبة كان هناك إشارة إلى الحيوانية في االنسان .وبالتالي فإن
واضح في الحالتين .المسألة برمتها كانت على ما يبدو مجرد مسألة تقليل القيمة المعنوية
مواصلة تيار الفكر المتعلق بالتفاهم والغفران الذي حفزته المناقشة .وقد يكون السبب في ذلك هو
أنني انسحبت إلى غرفة شاغرة بعيدا عن المجموعة وبدون رقابتهم .وقد حللت منذ ذلك الحين
عددا كبيرا من حاالت تناسي أو استبدال ترتيب الكلمات ،وقد قادتني النتيجة الثابتة لهذه التحقيقات
تكاد تكون ذات إلى االفتراض بأن آليات النسيان كما أثبتت في األمثلة aliquisونشيد أبولو
تطبيق عالمي .وليس من المالئم دائما اإلبالغ عن مثل هذه التحليالت ،ألنها ،كما ورد ذكرها،
تؤدي عادة إلى أمور حميمة ومؤلمة في الشخص الذي يحلل؛ ولذلك ،لن أضيف أكثر إلى عدد هذه
األمثلة.
ما هو شائع في كل هذه الحاالت ،بغض النظر عن المادة ،أن المادة المنسية أو المشوهة تصبح
مرتبطة عبر طريق ترابطي مع تيار من التفكير الالواعي (المكبوت) ،مما يؤدي إلى التأثير الذي
يظهر على أنه نسيان.
وأنا أعود اآلن إلى نسيان األسماء ،التي لم ننظر فيها حتى اآلن على نحو شامل ،ال
عناصره الرمزية وال دوافعه .وبما ان هذا الشكل من االعمال الخاطئة يمكن مالحظته كثيرا في
بعض االحيان ،فأنا لست في حيرة من امثال ذلك .أما النوبات الطفيفة التي أصابني بها الصداع
النصفي والتي ما زلت أعاني منها ،فلن يعلن عن نفسه قبل ساعات من نسيان األسماء ،وفي ذروة
الهجوم الذي لم أجبر على التخلي عن عملي معه ،كثيرا ما ال أستطيع تذكر كل األسماء المناسبة.
ومع ذلك ،فإن حاالت مثل حالتي قد تزودنا بالسبب في االعتراض القوي على جهودنا التحليلية.
أال ينبغي إرغام المرء على االستنتاج من هذه المالحظات بأن سبب النسيان ،وخاصة نسيان
األسماء ،هو حدوث اضطرابات دورية أو وظيفية في الدماغ ،ويجنب نفسه عناء البحث عن
تفسيرات نفسية لهذه الظواهر؟ ال على اإلطالق؛ وهذا يعني تبادل آلية العملية ،التي هي نفسها في
جميع االمثلة ،مع تنوعها .ولكن بدال من التحليل سأستشهد بمقارنة لدعم الحجة.
فلنفترض أنني كنت متهورا إلى الحد الذي جعلني أسير ليال في حي غير مسكون في مدينة
كبيرة ،فتعرضت للهجوم وسرقة ساعتي وحقيبتي .وفي أقرب مركز شرطة ،أبلغ عن المسألة
بالكلمات التالية" :كنت في هذا الشارع أو ذاك ،وعندما كنت هناك سرقت ساعتي وحقيبتي بوحشية
وسط الظالم" .وعلى الرغم من أن هذه الكلمات لن تعبر عن أي شيء غير صحيح ،إال أنني قد
أخاطر بالتفكير في األمر استنادا إلى صياغة هذا التقرير باعتبارها غير صحيحة تماما في رأسي.
وفي الحقيقة ،ال يمكن وصف الحالة إال بقولي إنني ،بفضل طول المكان وظالمه ،سرقت أمتعتي
الثمينة من قبل فاعلين مجهولين.
اآلن ،إذا ،ال ينبغي أن تكون حالة النسيان مختلفة .فبفضل اإلنهاك ،واالضطرابات الدموية،
والتسمم ،تعرضت للسطو من قبل قوة نفسية غير معروفة وما تمت سرقته هو استذكار األسماء
المألوفة التي تنتمي إلى ذاكرتي؛ وهي نفس القوة التي قد تؤدي في حاالت أخرى إلى نفس فشل
الذاكرة أثناء الصحة الكاملة والقدرة العقلية .عندما أقوم بتحليل حاالت نسيان األسماء التي تحدث
في نفسي ،أجد أن االسم المقتطع يظهر بعض العالقة مع موضوع يتعلق بشخصي ،وهو قادر على
إثارة مشاعر قوية ومؤلمة في كثير من األحيان .واتباعا للممارسة المريحة والجديرة بالثناء
لمدرسة زيوريخ (بليولير ،يونج ،ريكلين) ،14يمكنني ان اعبر عن الشيء نفسه بالشكل التالي:
االسم المقتطع مس "عقدة شخصية" في داخلي .عالقة اسمي بشخصتي غير متوقعة ،وغالبا ما تتم
من خالل روابط سطحية (كلمات ذات معنى مزدوج وأصوات مماثلة)؛ ويمكن أن تكون عموما
روابط جانبية .والواقع أن بعض األمثلة البسيطة سوف توضح على أفضل وجه طبيعة نفس
الشيء— :
أ) طلب مني أحد المرضى ان اوصي به بمصحة في الريفييرا .كنت أعرف مكانا قريبا
جدا من جنوة ،كما ذكرت اسم الزميل األلماني الذي كان مسؤوال عن المكان ،ولكن المكان نفسه لم
أستطع أن أسميه ،على الرغم من انني اعتقدت بأنني أعرفه .لم يبق شيء سوى أن تطلب من
المريض أن ينتظر وأن يناشد بسرعة نساء العائلة علهن يتذكرن".ما هو اسم المكان القريب من
جنوة حيث كان الدكتور س" "بالطبع ستنسى اسم هذا النوع .االسم نيرف."15بالتأكيد ،لدي ما يكفي
من العالقة مع األعصاب.
ب) تكلم مريض آخر عن منتجع صيفي مجاور ،وقال إنه إلى جانب هذين المنتجعين
المألوفين هناك ثالث .لقد شككت في وجود أي منتجع ثالث ،وأشرت إلى أنني قضيت سبعة فصول
صيفية في المنطقة المجاورة ،وبالتالي كنت أعلم عن المكان أكثر منه .وبسبب اصراري على
مناقضته ،تذكر االسم .االسم الثالث كان "هوتشوارتنر" .بطبيعة الحال ،كان على أن أعترف بذلك؛
وبالفعل ،أجبرت على االعتراف أنني عشت في سبعة فصول من الصيف بالقرب من هذا المنزل
الذي أنكرت بشدة وجوده .لكن لماذا نسيت االسم والشكل؟ وأعتقدت أن االسم يشبه كثيرا اسم زميل
فيينا الذي مارس نفس تخصصي .لقد أثر في "عقدة المهنة".
ت) في مناسبة أخرى ،عندما كنت على وشك شراء تذكرة سكة حديد في محطة رايشنهال،
لم يكن بوسعي أن أتذكر االسم المألوف جدا لمحطة السكك الحديدية الكبرى التالية التي مررت بها
كثيرا .أجبرت على البحث عنه على الطاولة .وكان االسم روزهوم (الحقيقي هو روزنهايم).
سرعان ما اكتشفت من خالل ما نسيته انني قبل ساعة زرت أختي في منزلها بالقرب من
رايشنهال؛ اسم أختي روز .هذا االسم أخذته من "عقد العائلة".
ث) هذا التأثير الشديد ل " عقد العائلة" أستطيع أن أوضحه في سلسلة كاملة من العقد .في
يوم من األيام ،استشرت من قبل شاب ،وهو األخ األصغر لواحدة من مريضاتي ،والذي كنت قد
رأيته عدة مرات ،وكنت أناديه باسمه األول .الحقا ،بينما كنت أرغب في الحديث عن زيارته،
نسيت اسمه األول ،ال شيء غير عادي ،وال أستطيع تذكره بأي شكل من األشكال .مشيت إلى
الشارع ألقرأ لوحات تعريف االعمال لكي اتذكر االسم بمجرد ان اراه.
وقد اظهر التحليل انني شكلت مقارنة بين الشاب وأخي الذي تضمن السؤال" :هل كان
سيتصرف أخي في حالة مماثلة معه أو بشكل أكثر تعقيدا؟ " لقد أصبح االتصال الخارجي بين
األفكار المتعلقة بالشاب وأسرتي ممكنا من خالل الحادث أن اسم األمهات في كل حالة هو نفسه،
أميليا .وبعد ذلك فهمت أيضا االسماء البديلة ،دانيال وفرانك ،التي اظهرت نفسها دون أي تفسير.
16؛ وجميعهم مرتبطون بنكتة وهذه األسماء ،فضال عن أميليا ،تنتمي إلى مسرحية شيلر اللصوص
عابر السبيل في فيينا ،دانييل سبيتزر.
ج) في مناسبة أخرى لم أتمكن من العثور على اسم المريض الذي كان له إشارة معينة إلى
حياتي المبكرة .كان يجب متابعة التحليل على طريق طويل منحرف قبل اكتشاف االسم المرغوب.
أبدى المريض تخوفه من أن يفقد بصره؛ هذا يذكرنا بشاب اعمى بطلقة نارية ،وهذا مرة أخرى
أدى إلى صورة لشاب آخر أطلق النار على نفسه ،وقد حمل هذا األخير نفس اسم مريضي األول،
ولكن ليس له أي عالقة به على اإلطالق .ولكن لم يعرف لي االسم إال بعد أن تم نقل القلق من
هاتين الحالتين إلى شخص من عائلتي .وهكذا يتدفق تيار مستمر من "المرجعية الذاتية" من خالل
أفكاري التي عادة ما ال أغفل عنها ،بل تغدر نفسها من خالل هذا النسيان .يبدو وكأنني أجبرت
على المقارنة بشخصي كل ما أسمعه عن الغرباء وكأن عقدي الشخصية تثير حفيظتها أي معلومة
عن االخرين .يبدو من المستحيل أن تكون هذه الميزة فردية في شخصيتي؛ بل على العكس من
ذلك ،يجب أن تشير إلى الطريقة التي نفهم بها األمور الخارجية بشكل عام كبشر .لدي أسباب
لنفترض أن أفرادا آخرين يجرون تجارب مشابهة لتجربتي .أفضل مثال من هذا النوع أبلغني به
رجل اسمه ليدرير كتجربة شخصية .فأثناء رحلته إلى زفافه في البندقية ،وجد رجال لم يكن على
دراية به إال قليال ،وكان مضطرا إلى تعريفه لزوجته من باب اللباقة .وعندما نسي اسم الغريب،
اخرج نفسه من الحرج ألول مرة بتمتمة االسم بصوت خفي .ولكن عندما التقى الرجل مرة ثانية،
كما هو حتمي في البندقية ،أخذه جانبا وطلب منه أن يساعده على الخروج من الصعوبة بإخباره
باسمه الذي نسيه لألسف .ويشير جواب ذلك الشخص إلى معرفة متفوقة بالطبيعة البشرية" :أعتقد
بسهولة أنك لم تفهم اسمي .اسمي مثل اسمك -ليدرر!" ال يستطيع المرء أن يقمع شعورا
باالشمئزاز حين يكتشف اسمه عند غريب .لقد شعرت في اآلونة األخيرة بذلك بوضوح شديد
عندما استشرت خالل ساعات عملي من قبل رجل يدعى س .فرويد .ولكن أحد نقادي أكد لي أنه
يتصرف في هذا الصدد بطريقة عكسية تماما.
جونغ17. ح) يمكن االعتراف أيضا بأثر العالقة الشخصية في األمثلة التالية التي أبلغ عنها
"السيد ص يقع في حب سيدة تتزوج بعد ذلك بوقت قصير من السيد س .وعلى الرغم من أن السيد
ص كان من معارف السيد س وكان له عالقات عمل معه ،فقد نسي االسم مرارا ،وفي عدد من
المناسبات وعندما أراد أن يستجيب لشيء متعلق ب ص كان ملزما بأن يطلب من اآلخرين أن
يستذكروا اسمه" .بيد أن الدافع وراء النسيان في هذه الحالة أكثر وضوحا من الدافع في الحاالت
السابقة ،التي كانت تحت شبكة المرجعية الشخصية .وهنا يتبين لنا أن النسيان نتيجة مباشرة
لحساسية ص تجاه المنافس السعيد س؛لذا ال يريد أن يعرف عنه شيئا.
خ) تظهر الحالة التالية ،التي أبلغ عنها فيرينزي ،والتي يكون تحليلها مفيدا بشكل خاص
) ،بطريقة من خالل تفسير األفكار البديلة (مثل بوتيسيلي -بولترافيو إلى سينغوريلي
مختلفة بعض الشيء كيف تؤدي المرجعية الشخصية إلى نسيان اسم ما" — :لم تستطع سيدة
سمعت شيئا عن التحليل النفسي تذكر اسم الطبيب النفساني يونغ (يونج)" .بدال من ذلك ،ظهرت
لها األسماء التالية:
ج (اسم) – ويلد -نيتشه -هاوبتمان" .لم أقل لها االسم ،وطلبت منها أن تكرر تصورها
الحر بكل اسم" .بالنسبة للدرجة األولى ،كانت تفكر في مرة واحدة في السيدة ج ،بأنها شخص مثير
للنظر وتبدوا أصغر من عمرها كثيرا كإنها ال تتقدم في العمر .وكمفهوم عام ورئيسي لوايلد و
نيتشه ،منحت الرابط "المرض العقلي" .ثم أضافت بتهور :سيواصل الفرويديون البحث عن أسباب
األمراض العقلية حتى يصبحون أنفسهم مجانين .وتابعت :ال أستطيع تحمل وايلد ونيتشه .ال
) (رغم أنها قالت في هذه أفهمها .سمعت أنهما مثليان .لقد قضى وايلد وقته مع الشباب(يونغ
الجملة االسم الصحيح الذي ما زالت ال تستطيع تذكره)" .لقد ربطت هاوبتمان بالكلمات نصف و
شباب ،ولم تدرك أنها تبحث عن اسم يونج إال بعد أن لفتت انتباهها إلى كلمة الشباب .ومن 18
الواضح أن هذه السيدة ،التي فقدت زوجها في التاسعة والثالثين من العمر ،ولم يكن لديها أي
احتمال في الزواج مرة ثانية ،كان لديها ما يكفي لتجنب تذكر الشباب والشيخوخة .الشيء الرائع
هو أن األفكار المخفية لالسم المرغوب وصلت إلى السطح كروابط بسيطة المحتوى بدون أي
اقترانات صوتية.
د) ما زال هناك أختالف ودوافع دقيقة جدا ،وهو مثال على تناسي األسماء الذي شرحه
الشخص المعني نفسه" .أثناء دراستي للفلسفة كمادة ثانوية إستجوبني الممتحن حول تعاليم
هو غاسندي19 أبيقوروس وسألني عما إذا كنت أعلم من بدأ تعاليمه بعد قرون .فأجبت ان بيار
الذي قام بإعادة نشر تعاليمه اذا كنت قبل يومين جالسا في مقهى وسمعت عنه بانه من أنصار
أبيقوروس (ابيكوروس) .وردا على سؤال عن كيفية معرفتي بهذا ،أجبت بجرأة بأنني قد اهتمت
،20ولكن لألسف لم أستطع بغاسندي لفترة طويلة .وقد أدى ذلك إلى شهادة مع مرتبة الشرف
تذكر اسم غاسندي في حاالت اخرى .وأعتقد أنه بسبب ذنب الضمير ال يمكنني حتى اآلن االحتفاظ
بهذا االسم رغم كل الجهود ولم أكن أعرف ذلك حينها .ولكي نفهم قصده فالبد وأن نكون قد أدركنا
مدى تقديره لشهادة الطب التي لديه ،وكم عدد الترابطات االخرى التي يمكن ان تنتج البديل.
وأضيف هنا مثاًال آخر على نسيان اسم مدينة ،وهو مثال قد ال يكون بسيطا كما كان في السابق،
ولكنه يبدو ذا مصداقية وقيمة بالنسبة لمن هم أكثر دراية بهذه التحقيقات .لقد كبت اسم مدينة
إيطالية من الذاكرة لتشابهها الصوتي البعيد المدى مع االسم األول المرأة ،الذي كان بدوره مرتبطا
بمختلف الذكريات العاطفية التي ال تعالج على نحو كامل في هذا التحليل .كان فيرينزي ،21الذي
الحظ هذه الحالة من النسيان في نفسه ،يتعامل مع األمر على نحو عادل للغاية كتحليل لحلم أو
فكرة جنسية" .زرت اليوم بعض األصدقاء القدامى ،ودار الحديث عن مدن شمال إيطاليا .وكيف
أنهم ما زالوا يظهرون بعض النفوذ النمساوي واستشهد بقليل من هذه المدن .وكنت أيضا أتمنى
ذكر واحدة ،ولكن االسم لم يأت إلى ،رغم أنني كنت أعلم أنني قضيت هناك يومين ممتعين للغاية؛
وهذا بطبيعة الحال ال يتفق تماما مع نظرية فرويد في النسيان .وبدال من االسم المرغوب في
المدينة انبهر أنفسهم االفكار التالية" :كابوا -بريسيا -أسد بريسيا" .هذا األسد الذي رأيته بعيني
بدقة كان على شكل تمثال رخامي ،لكنني سرعان ما الحظت أنه يشبه أسد تمثال الحرية في بريسيا
(الذي رأيته في صورة فقط) أكثر من األسد الرخام اآلخر الذي رأيته في لوسيرن على النصب
التذكاري تكريما للحرس السويسري الذي سقط في التويلريس .22وأخيرا تذكرت اسم المدينة :كان
فيرونا" .عرفت في الحال سبب فقدان الذاكرة .لم يكن سوى خادمة سابقة للعائلة زرتها في ذلك
الوقت .كان اسمها فيرونيكا؛ في فيرونا الهنغارية .فقد شعرت بكراهية عظيمة لتقاسيم وجهها،23
فضال عن صوتها القاسي واالجش وعنجهيتها التي ال تطاق (والذي ظنت أنها تستحقه بسبب
خدمتها الطويلة) .كما ان الطغيان الذي عاملت فيه اطفال عائلتي كان مقلقا لي .اآلن عرفت أهمية
األسماء البديلة.
.24كثيرا ما قارنت رأس "وإلى كابوا ،قمت على الفور باالرتباط براس الموتى
فيرونيكا بجمجمة .ومن المؤكد أن كلمة كابزوي الهنغارية (الجشع بعد الحصول على المال)
25
كانت بمثابة العامل المحدد للكبت .كما وجدت بطبيعة الحال تلك الترابطات األكثر مباشرة التي
ربطت بين أفكار كابوا وفيروناس 26الجغرافية وكلمات إيطالية بنفس اإليقاع" .ويصدق نفس القول
على بريشيا؛ وهنا أيضا ،وجدت مسارات جانبية مخفية من ارتباطات األفكار" .كانت كراهيتي في
ذلك الوقت عنيفة جدا لدرجة أنني كنت أعتقد أن فيرونيكا قبيحة جدا ،وكثيرا ما أعربت عن
دهشتي من حقيقة أن هنالك شخص يمكنه أن يحبها :قلت" :لماذا؟ ،أن تقبلها ،يجب أن تثير عندك
الغثيان"" .بريسيا ،على األقل في المجر ،ال يربط اسمها باألسد بل في أسم حيوان وحشي أخر هو
الضبع .أكثر األسماء كراهية في هذا البلد ،وكذلك في شمال إيطاليا ،هو اسم الجنرال هايناو،27
الذي يشار إليه بإيجاز باسم ضبع بريسيا .من الطاغية المكروهة هايناو ،يقود تيار من األفكار الى
بريسيا ثم إلى مدينة فيرونا ،ويقود التيار اآلخر الى فكرة الحيوان (األسطوري) حافر القبور (الذي
واعضائها الجنسية يتوافق مع فكرة نصب تذكاري للموتى) ،إلى الجمجمة ،وإلى فيرونيكا
الكريهة ،والذي كان مهينا بقسوة في عقلي الالواعي .كانت فيرونيكا في زمنها تحكم بطغيان كما
كان حال الجنرال النمساوي بعد نضال المجر وايطاليا من أجل الحرية.
"ترتبط لوسيرن بفكرة الصيف التي أمضتها فيرونيكا مع عائلتي في مكان بالقرب من
لوسيرن .وتذكرت الحرس السويسري مرة أخرى ألنها لم تستبد األطفال فحسب ،بل أيضا أفراد
األسرة البالغين ،لذا لعبت دورا مصاحبا" .
الحظت صراحة أن هذه كراهية ضد فيرونيكا من قبلي وهي تنتمي في الالوعي .ومنذ ذلك
الوقت تغيرت في مظهرها وأسلوبها ،إلى حد كبير لالفضل ،بحيث أستطيع أن أقابلها ببالغ التقدير
(على يقين من أنني بالكاد أجد مثل هذه المناسبة) .ولكن كالمعتاد ،فإن الالوعي يلتصق بشكل أكثر
تواترا بهذه االنطباعات؛ فهو قديم في االستياء منها.
"تويلرس تمثل إشارة إلى شخصية ثانية ،سيدة فرنسية مسنة تقوم بحراسة نساء البيت،
تدريسي اللواتي كن في غاية االحترام ويخافن الجميع نوعا ما .ولفترة طويلة كانت مهنتها
عندها .وتذكرت كلمة " ايلييف" عندما زرت صهر مضيفي ايلييف28 المحادثة الفرنسية أي كنت
الحالي في شمال بوهيميا ،واضطررت إلى الضحك كثيرا ألن سكان الريف كانوا يشيرون إلى
كما أن ذكريات اللطيفة هذه ربما تكون قد شاركت 29.
تالميذ المدرسة (ايلييف) في الغابات كأسود
في إزاحة الضبع باألسد".
ذ) ويمكن للمثال التالي أن يبين أيضا كيف يمكن لعقدة شخصية ان تجعل الشخص ،بطرق
ما30. ملتوبة ،إلى نسيان اسم
وقد تبادل رجالن ،أحدهما شيخ واآلخر أصغر سنا ،كانا قد سافرا معا في صقلية قبل ستة
أشهر ،ذكريات تلك األيام السعيدة والمثيرة لالهتمام .سأل الشاب" :لنرى ،ما هو اسم ذلك المكان"،
"أين مررنا الليلة قبل الذهاب إلى سيلينونت؟ أليس كذلك؟ رفض الشيخ ذلك قائال" :بالتأكيد ال؛
ولكنني نسيت االسم أيضا ،رغم أنني أستطيع أن أتذكر تماما كل تفاصيل المكان .كلما سمعت
أحدهم ينسى اسما يقوم عقلي بالنسيان ايضا .دعنا نبحث عن االسم ،ال يمكنني التفكير في أي اسم
،وهذا بالتأكيد غير صحيح .قال الشاب :ال ،يبدأ االسم بالحرف wأو آخر عدا كالتانيسيتا
."w يحتوي عليه" .رد الشيخ قائال" :لكن اللغة اإليطالية ال تحتوي على
لقد عنيت vحقا ،وقلت ألنني معتاد على تبادلهم بلغتي األم.
في العصور القديمة؟ على سبيل المثال ،ما هو اسم المكان الواقع على علو سمي إينا
"أوه ،أنا أعلم ذلك :كاستروجيوفاني .في اللحظة التالية اكتشف الشاب االسم المفقود.
صرخ كاستلفيترانو" ،وسعد أن يكون قادرا على تبيين الحرف .v
وللحظة ما كان الشيخ يفتقر إلى الشعور بالتقدير ،ولكن بعد ان قبل االسم تمكن من ذكر
سبب فراره منه.
.وأنا فكر الشيخ" :من الواضح ان النصف الثاني- ،فيترانو ،وتعني محاربين قدامى
أدرك أنني لست حريصا إلى حد كبير على التفكير في الشيخوخة ،او أن أتفاعل بشكل غريب حين
،ذكرت مؤخرا صديقا مقتدرا جدا بعبارات أتذكر هذه الشيخوخة .وهكذا ،على سبيل المثال
ال لبس فيها أنه "مضى زمن بعيد على سنوات شبابه" ،ألنه قبل ذلك كان قد علق ذات مرة
تظهر بانبهار ،لم أعد شابا .ان مقاومتي كانت موجهة ضد النصف الثاني من اسم كاستلفيترانو
من واقع ان الصوت االول لنفس الشيء عاد باالسم البديل كالتانيسيتا" .ماذا عن اسم كالتانيسيتا
نفسها؟ " سأل الشاب.
اعترف ذلك الشيخ قائال :كان ذلك يبدو لي دائما كأسم المرأة شابة.
كان أيضا اسما بديال .واآلن يبدو لي أن اسمثم أضاف الحقا إلى حد ما" :ان اسم إينا
كاستروجيوفاني ،الذي ابرز نفسه بمساعدة التقسيمات ،يشير على نحو صريح إلى جيوفاني
(شاب) ،واالسم األخير ،كاستيلفيترانو( ،المحاربين القدماء) .اعتقد الرجل االكبر ان ذلك
هو سبب نسيانه لالسم .لم يتم التحقيق في الدافع الذي دفع الشاب إلى فشل ذاكرته .في بعض
الحاالت ،يجب اللجوء بدقة لتقنيات التحليل النفسي لشرح نسيان اسم ما .أما الذين يرغبون في
قراءة مثال على هذا العمل ،فأشير إلى رسالة من البروفيسور إ .جونز.31
يمكنني أن اضرب أمثلة نسيان األسماء وأطيل النقاش أكثر لو لم أكن أود أن اتجنب
توضيح جميع وجهات النظر التي سينظر فيها في مواضيع الحقة .مع ذلك ،يجب أن يأخذ في
االعتبار نتائج التحليالت المذكورة هنا باختصار.
إن آلية النسيان ،أو باألحرى فقدان اسم ما أو نسيانه مؤقتا ،تكمن في اضطراب استبدال
االسم البديل لالسم المفقود من خالل تيار غريب من التفكير الالواعي في ذلك الوقت.
توجد صالت بين االسم المفقود والعقد النفسية إما من البداية أو أن صلة من هذا القبيل
تشكلت -ربما بوسائل اصطناعية -عن طريق روابط سطحية (خارجية) .وتثبت أن العقد النفسية
الفردية (الشخصية أو األسرية أو المهنية) هو أكثر العقد فعالية .االسم المألوف يعود في كثير من
األحيان ،بحكم معانيه الكثيرة ،إلى عدد من العقد النفسية لكنه يرتبط بالعقدة األقوى .إن تجنب إيقاظ
األلم من خالل الذاكرة هو أحد الدوافع الرئيسية لهذه االضطرابات .وقد يفرق المرء عموما بين
حالتين رئيسيتين من حاالت نسيان األسماء؛ عندما يمس االسم نفسه شيئا غير سار في الذاكرة ،أو
عندما يكون متصال بعقد أخرى يتأثر بسببها .إن استعراض هذه المبادئ العامة يقنعنا بسهولة بأن
النسيان المؤقت لالسم ينظر إليه على أنه الفعل الخاطئ األكثر تواترا في وظائفنا العقلية .إال أننا ما
زلنا بعيدين عن وصف كل خصائص هذه الظاهرة .وأود أيضا أن أشير إلى أن مسألة نسيان
األسماء شديدة العدوى .في محادثة بين شخصين ،غالبا ما يكفي مجرد ذكر نسيان هذا االسم أو
ذاك من قبل شخص ما لحث نفس انزالق الذاكرة في اآلخر .ولكن كلما تم استحثاث النسيان ،كان
من السهل أن يظهر االسم المطلوب .كما أن هناك تناسيا مستمرا لألسماء تسحب فيها سالسل
كاملة من األسماء من الذاكرة .وإذا كان المرء ،في محاولة الكتشاف اسم هارب ،يجد اسما آخر
يرتبط به ارتباطا وثيقا ،غالبا ما يحدث ان هذه االسماء الجديدة تفلت أيضا من الذاكرة .وهكذا
ينتقل النسيان من اسم إلى آخر ،كما لو كان يظهر كعقبة ال يمكن إزالتها بسهولة.
الفصل الرابع
الطفولة وإخفاء الذكريات
في مقال ثان ،32تمكنت من إظهار الطبيعة الحقيقية لذكرياتنا في مجال غير متوقع .لقد
بدأت بحقيقة الفتة للنظر ،وهي أن أوائل عمليات جمع المعلومات او الذكريات لطفل ما غالبا ما
تبدو وكأنها تخزن غير المهم والعارض (على الرغم من أنه ليس بشكل عام) ،في حين ال يوجد
أثر في ذاكرة البالغين لوزن هذه الفترة وانطباعاتها العاطفية .وكما هو معروف ،فإن الذاكرة
تمارس اختيارا معينا بين االنطباعات التي تحت تصرفها ،يبدو من المنطقي االفتراض بأن هذا
االختيار يتبع مبادئ مختلفة تماما في مرحلة الطفولة عن وقت النضج الفكري .بيد أن التحقيق
الوثيق يشير إلى أن هذا االفتراض غير ضروري .إن ذكريات الطفولة غير المبالى بتخزينها تدين
بوجودها لعملية نزوح .33كما يتضح من التحليل النفسي أنها في إعادة انتاج الذاكرة تمثل البديل
النطباعات أخرى مهمة جدا ،حيث أن جلبها للذاكرة الفعالة يتم مواجهتهه ببعض المقاومة التي ال
يدينون بوجودها إلى محتوياتها ،بل الى عالقات ترابطية لمحتويات آخرى مكبوتة ،لذا يستحقون
لقب "الذكريات المخفية" الذي وصفتهم بها.
في المقال المذكور لم أتطرق إال إلى األصناف في عالقات ومعاني الذكريات المخفية،
ولكن لم تكن بصورة مفصلة بأي حال من األحوال .وفي المثال المعطى الذي تم تحليله بشكل
كامل ،أكدت بصفة خاصة على وجود غرابة في العالقة الزمنية بين إخفاء محتويات الذاكرة
المخفية بها.
إن محتوى الذاكرة المخفية في ذلك المثال يعود إلى إحدى أيام الطفولة االولى ،في حين أن
األفكار تمثل تلك الذاكرة التي ظلت غير واعية عمليا ،والتي تنتمي إلى فترة الحقة.
● وقد وصفت هذا الشكل من أشكال إزاحة الذكريات بانه ذو أثر رجعي أي انه يجلب
لألفكار صدى الذاكرة المخفية.
● ولعل المرء يجد في أغلب األحيان أن العالقة العكسية التي تعزى ببساطة في وجودها
إلى ارتباط مع تجربة سابقة ،التي توجد في مواجهتها مقاومات ضد إعادة إنتاجها المباشر كافكار.
أي أن االنطباعات الالواعية من أبعد فترة في حياة الطفل تصبح ذاكرة مخفية في الوعي وقد
نسميها بالتعدي أو التشويش على الذكريات.
● وأخيرا ،قد تكون هناك حالة ثالثة محتملة ،وهي أن إخفاء الذاكرة قد يكون مرتبطا
بالتأثير الذي يخفيه ،ليس فقط من خالل محتوياته ،بل من خالل التالصق الزمني؛ هذا هو ذاكرة
اإلخفاء المتزامنة أو المتالصقة.
كم جزء من مجموع ذاكرتنا ينتمي إلى فئة الذكريات المخفية؟ ،وما الجزء الذي يلعبه في
عمليات مخفية عصبية مختلفة؟ هذه االسئلة التي لم استفسر عنها ولن أدخل هنا في تفاصيلها .ال
يهمني إال التأكيد على مدى التشابه بين تناسي األسماء المألوفة التي ال يتذكرها الشخص ،وبين
إخفاء الذكريات.
للوهلة األولى ،يبدو أن تنوع كال الظاهرتين أكثر تعقيدا من امثلتهما .هناك نتعامل مع
األسماء الصحيحة ،هنا مع انطباعات كاملة سواء في الواقع أو في التفكير؛ هناك نتعامل مع فشل
واضح في وظيفة الذاكرة ،هنا مع عمل ذاكرة يبدو غريبا بالنسبة لنا .مرة أخرى ،نحن نتعامل مع
اضطراب وقتي -ألن االسم الذي نسيته ربما تم استرجاعه بشكل صحيح مائة مرة من قبل،
وسوف يعود من الغد فصاعدا؛ وهنا نتعامل مع الحيازة الدائمة دون فشل ،ألن ذكريات الطفولة
غير الواعية تبدو قادرة على مرافقتنا في جزء كبير من الحياة .وفي كل من هاتين الحالتين ،يبدو
أن األحجية تحل بطريقة مختلفة تماما .ها هو النسيان ،بينما ها هو التذكر الذي يثير فضولنا
العلمي.
وبعد تفكير أعمق ،يدرك المرء أنه على الرغم من وجود تنوع في المادة النفسية وفي مدة
هاتين الظاهرتين ،فأن هذه األمور تفوق كثيرا التشابهات والتطابقات بينهما .في كلتا الحالتين ،نحن
نتعامل مع الفشل في تذكر ما يجب أن يتم استرجاعه بشكل صحيح بسبب فشل الذاكرة في
الظهور ،وبدال من ذلك ،يأتي شيء آخر كبديل .في حالة الحصول على اسم ،ال يوجد نقص في
وظيفة الذاكرة في الية إستبدال االسم .إن تشكيل ذاكرة مخفية يعتمد على نسيان انطباعات أخرى
مهمة .وفي كلتا الحالتين ،يذكرنا شعور فكري بتدخل اضطراب يتخذ في كل حالة شكال مختلفا.
في حالة نسيان األسماء ،نحن ندرك أن األسماء البديلة غير صحيحة ،وفي إخفاء الذكريات ،نحن
متفاجئون من أننا نمتلكها على اإلطالق .ومن هنا ،إذا أظهر التحليل النفسي أن التكوين البديل في
كل حالة يتم تحقيقه بنفس الطريقة -أي من خالل إزاحة إرتباط سطحي -يمكننا تبرير القول بأن
التنوع في المواد ،في مدة الزمن ،وفي تركيز كلتا الظاهرتين يعزز توقعاتنا ،بأننا اكتشفنا شيئا
مهما ذا قيمة عالية .وتهدف هذه الصفة العامة إلى أن إيقاف وتقييد وظيفة إعادة انتاج الكلمات
يشيران في كثير من األحيان إلى أن هناك تدخال في اتجاه يفضل ذاكرة واحدة ويعمل في الوقت
نفسه ضد أخرى .إن موضوع ذكريات الطفولة يبدو لي مهما ومثيرا لالهتمام لدرجة أنني أود أن
أكرس له بضع مالحظات إضافية تتجاوز اآلراء المعرب عنها حتى اآلن.
من اهم األسئلة هو سؤال إلى أي مدى يمكن لذكرياتنا العودة في مرحلة الطفولة؟ وأعلم
.هنري و س .هنري 34وبوتوين .35الذين اكدوا ان ببعض التحقيقات بشأن هذه المسألة من قبل ف
هذه التجارب تظهر تباينات فردية واسعة ،إذ ان البعض يتتبع أول ذكرياته إلى الشهر السادس من
الحياة ،في حين ال يمكن لآلخرين تذكر شيئا من حياتهم قبل نهاية السنة السادسة أو حتى الثامنة.
ولكن ما هي العالقة بين هذه التغيرات في سلوك الذكريات في الطفولة وما أهميتها؟ ويبدو أنه ال
يكفي الحصول على المواد البحثية لهذه المسألة ببساطة ألجراء التحقيقات ،ولكن يجب أن تخضع
لدراسة موسعة يجب أن يشارك فيها كل شخص يقدم المعلومات.
وأعتقد أننا نتقبل دون مباالة حقيقة فقدان الذاكرة الطفولي أي فشل الذاكرة في السنوات
األولى من حياتنا ونفشل في العثور فيها على انها لغزغريب .وننسى ما يمكن أن يحققه الطفل ذو
األربع سنوات من إنجازات فكرية عظيمة وما يمكن أن يحمله من مشاعر معقدة .وينبغي لنا أن
نتساءل حقا لماذا احتفظت ذاكرة السنوات الالحقة ،كقاعدة عامة ،بالقليل جدا من هذه العمليات
النفسية ،خاصة وأن لدينا كل األسباب التي تدفعنا إلى افتراض أن أنشطة الطفولة المنسية نفسها لم
تنزلق دون ترك أثر في نمو الشخص ،ولكنها تركت تأثيرا محددا طوال الوقت في المستقبل .ولكن
على الرغم من هذه الفعالية التي لم يسبق لها مثيل فقد نسيت! وهذا يشير إلى وجود ظروف خاصة
مشكلة من الذاكرة (بمعنى إعادة االنتاج الواعي للكلمات واالفكار) ،حتى اآلن لم نتمكن من فهمها.
فمن المحتمل أن نسيان فترة الطفولة يعطينا مفتاح فهم فقدان الذاكرة الذي ،وفقا لدراستنا الجديدة،
يحتوي على أساس تكوين كل األعراض العصابية .ومن بين اثار الطفولة المحتفظ بها ،يبدو لنا
بعض المفاهيم سهلة الفهم ،في حين تبدو أخريات غريبة أو غير مفهومة .وليس من الصعب
تصحيح بعض األخطاء فيما يتعلق بالنوعين .إذ أن شوارد الذكريات لو خضعت الختبار تحليلي،
يمكن التأكد بسهولة من عدم وجود ضمان لصوابها .بعض صور الذاكرة مزيفة وناقصة ،أو
مشردة في وقت ومكان ما .تأكيدات األشخاص الذين خضعوا للدراسة ذكرت أن ذكرياتهم األولى
ربما تعود إلى عامها الثاني ،وال يمكن االعتماد عليها بوضوح .وسرعان ما تكتشف الدوافع التي
تفسر التشوه وتشريد هذه التجارب ،ولكنها تظهر أيضا أن هفوات الذاكرة هذه ليست نتيجة ذاكرة
ال يمكن االعتماد عليها .التجارب القوية في الفترات الالحقة قللت من سعة الذاكرة لتجارب
طفولتنا ،وربما يرجع السبب في ذلك الى أن فهم طفولتنا بشكل عام غريب جدا بالنسبة لنا.
كما هو معروف ،يجري التذكر عند البالغين من خالل طرق نفسية مختلفة .يستعيد البعض
ذكرياته من خالل الصور البصرية والذين تكون ذكرياتهم ذات طابع مرئي .36آخرون يستطيعون
التذكر بصورة سمعية 37البعض لديهم ما يسمى بالذاكرة الحركية .38بينما هنالك ممن لديهم تشكيلة
مختلفة التنويع من هذه االليات .39تتالشى هذه االختالفات في األحالم بال شك؛ اذ ان كل أحالمنا
مرئية رائعة .ولكن هذا التطور موجود أيضا في ذكريات الطفولة؛ ففيها تكون الذاكرة بالستيكية
(أي غير قابلة للتغير) وبصرية في ذات الوقت ،حتى في أولئك األشخاص الذين تفتقر ذاكرتهم
البالغة إلى العنصر البصري .وبالتالي فإن الذاكرة المرئية تحتفظ بالذكريات الطفولية التي تمثل
على شكل مشاهد صور بالستيكية ،ويمكن تشبيهها بإعدادات المسرح.
في هذه المشاهد من الطفولة ،سواء كانت صحيحة أو كاذبة ،عادة ما يرى المرء شخصيته
الطفولية بشكل شبحي (كونتوري) وبمالبس .ويجب أن تثير هذه الحالة دهشتنا ،ألن البالغين ال
يرون أنفسهم في تأمالتهم عن التجارب الالحقة وعالوة على ذلك ،فإنه من واقع تجاربنا أن
نفترض أن اهتمام الطفل خالل تجربته يتركز على نفسه وليس على االنطباعات الخارجية وحدها.
فالمصادر المختلفة تجبرنا على افتراض ان ما يسمى بعمليات استرجاع الذكريات المبكرة لألطفال
ليست آثارا حقيقية للذاكرة ،بل توسع في التفاصيل التي قد تكون غير حقيقية والتي قد تخضع
لتأثيرات العديد من القوى النفسية الالحقة .وهكذا ،فإن "ذكريات الطفولة" لألفراد تجعلنا في قبال
معنى "الذكريات المخفية" ،وبالتالي تشكل تشبيه جدير بالمالحظة بين حقائق الطفولة وكيفية رسم
األمم الساطيرها.
أيا كان من فحص ذهنيا عددا من االشخاص بطريقة التحليل النفسي يجب ان يكون قد جمع
في هذا العمل أمثلة عديدة على إخفاء ذكريات كل وصف .ولكن نظرا للطبيعة التي نوقشت سابقا
في عالقات الطفولة في تذكر البدايات ،يصبح من الصعب للغاية التوثيق عن مثل هذه األمثلة.
فبغية تبيين قيمة الذاكرة المخفية ،من الضروري في كثير من األحيان تقديم تاريخ حياة الشخص
المعني بكاملها .ونادرا ما يكون من الممكن ،كما في المثال الجيد التالي ،الخروج من السياق
وتوثيق ذاكرة طفولة موحدة.
حفظ رجل في الرابعة والعشرين من عمره الصورة التالية من السنة الخامسة من حياته:
في حديقة منزل صيفي جلس على كرسي بجانب عمته ،التي كانت منهمكة في تعليمه
األبجدية .وجد صعوبة في التمييز بين الحرفين mو ،nوطلب منها أن تخبره كيف يميز أحدهما
عن اآلخر .لفتت عمته انتباهه إلى أن الحرف mيحتوي على جزء كامل (خط اضافي) أكثر من
الحرف .nولم يكن هناك من األسباب ما يدعو إلى التشكيك في مصداقية هذه الذكريات الطفولية؛
ولكن تم اكتشاف معناها في وقت الحق فقط ،عندما أظهرت نفسها بأنها التمثيل الرمزي لصبيانيته.
ألنه كما أراد أن يعرف الفرق بين mو nفي ذلك الوقت كان يهتم بنفسه ويريد ان يعرف الفرق
بين الصبيان والفتيات ،وفي نفس الوقت كان يرغب في أن تكون هذه العمة هي معلمته
.
كما اكتشف أن االختالف مماثل؛ اذ أن الولد لديه جزء أكثر من الفتاة ،وعند هذا اإلدراك استيقظت
ذاكرته على التالعب الطفولي في ذاكرته.
وأود أن أعرض بمثال آخر اإلحساس الذي يمكن أن يكتسبه الطفل في استذكاره من خالل
العمل التحليلي ،على الرغم من أنه قد يبدو غير ذي معنى من قبل .في السنة الثالثة واألربعين،
عندما بدأت أهتم بما تبقى في ذاكرة طفولتي ،صدمني مشهد كان لفترة طويلة ،كما اعتقدت بعد
ذلك ،قد ورد الى ذاكرتي مرارا وتكرارا ،والذي يمكن تتبعه إلى فترة ما قبل أن أكمل سنتي الثالثة.
رأيت نفسي أمام صندوق ،الباب مفتوح من قبل أخي غير الشقيق ،الذي يكبرني 20عاما .وقفت
هناك أطالب بشيء وأصرخ؛ ثم دخلت أمي جميلة وخفيفة الى الغرفة فجأة ،وكأنها تعود من
الشارع .بهذه الكلمات صاغت هذا المشهد بوضوح شديد ،الذي لم يقدم أي فكرة أخرى .سواء كان
أخي يرغب في فتح أو قفل الصندوق ،في التفسير األول كان "خزانة" ،لماذا بكيت ،وأي تأثير
احدثه وصول أمي .كل هذه األسئلة كانت خافية علي .حاولت أن أشرح لنفسي أني تعاملت مع
ذكرى خادعة ذكرها أخي األكبر والتي قاطعتها أمي .والواقع أن سوء فهم مشاهد الطفولة المحتفظ
بها في الذاكرة ليس باألمر المألوف؛ الننا نتذكر الموقف ،ولكنه ليس مركزيا؛ وال نعرف أي من
العناصر النفسية التي يجب التركيز عليها .قادني الجهد التحليلي إلى حل غير متوقع تماما
للصورة .اشتقت لوالدتي وبدأت أشك أنها كانت حبيسة الخزانة أو الصندوق ،ولذلك طلبت من أخي
أن يفتحهم .عندما بين لي ،واقتنعت بأنها ليست في الصندوق ،بدأت بالبكاء؛ هذه هي اللحظة التي
احتفظت بها بقوة في الذاكرة ،والتي تبعتها مباشرة ظهور أمي ،التي ازالت قلقي.
ولكن كيف حصل الطفل على فكرة البحث عن األم الغائبة في الصندوق؟ األحالم التي
حدثت في الوقت نفسه أشارت ايضا إلى ممرضة ،أبقي على ذكريات أخرى عنها؛ على سبيل
المثال ،انها حثتني على ان ادفع اليها عمالتي الصغيرة التي تسلمتها كهدايا ،تفاصيل قد تبرز بحد
ذاتها قيمة إخفاء الذكريات للذكريات الالحقة.
ثم أختتم:
لتسهيل مهمة التفسير بنفسي هذه المرة ،سألت أمي اآلن عن تلك الممرضة .لقد اكتشفت كل
شيء ،من بين أشياء أخرى أن هذه االنسانة المخادعة وغير األمينة قد ارتكب عمليات سطو
واسعة النطاق أثناء عدم تواجد أمي وأن أخي غير الشقيق كان له دور كبير في تقديمها للعدالة.
هذه المعلومات أعطتني مفاتيح فهم ما حولي منذ الطفولة ،كنوع من اإللهام .كان االختفاء المفاجئ
للممرضة نوع من عدم المباالة بي؛ كنت قد سألت هذا األخ عن مكان تواجدها ،ربما ألنني
الحظت أنه لعب دورا في االختفاء ،فأجاب وهو يراوغ وهو حتى اليوم بأنها "تم االغالق
عليها" .40فهمت هذه اإلجابة بطريقة طفولية ،ولكن لم أسأل بعد ،حيث لم يكن هناك شيء آخر
يمكن اكتشافه .وعندما غادرت امي بعد ذلك بوقت قصير كنت اشك في ان االخ الشقي كان يعاملها
بنفس الطريقة التي يعامل بها الممرضة ،ولذلك ظهر الصندوق .كما أنني أفهم اآلن لماذا تم إبراز
رقة أمي في ترجمة مشهد الطفولة المرئية؛ ال بد ألنها استرجعتني من الممرضة عندها حديثا .أنا
أكبر من اختي التي ولدت في ذلك الوقت بسنة ونصف ،وعندما كنت في الثالثة من عمري فصلت
عن أخي غير الشقيق.
الفصل الخامس
أخطاء في الكالم
على الرغم من أن المادة العادية من كالم لغتنا األم تبدو محمية ضد النسيان ،إال أن تطبيقها
كثيرا ما يستسلم الضطراب آخر مألوف بالنسبة لنا بوصفه "زالت اللسان" .وما نالحظه في
االشخاص الطبيعيين كزالت اللسان يعطي انطباعا مماثال للخطوة االولى لما يسمى
"بارافاسياس" 41التي تظهر نفسها في ظروف مرضية.
اناقش في هذا المقطع وضعا استثنائيا لكوني على وشك اإلشارة إلى عمل سابق حول
دراسة عن االخطاء في الكالم ماير42 الموضوع .في سنة 1895نشر ميرنجر وس.
مع وجهات نظرهم التي ال أوافق عليها .وأحد المؤلفين ،وهو المتحدث باسم النص ،هو والقراءة،
عالم في اللغة لديه اهتمام لغوي لدراسة القواعد التي تحكم تلك الزالت .كان يأمل أن يستنتج من
هذه القواعد وجود آلية نفسية محددة حيث أصوات كلمة أو جملة أو حتى كلمات أنفسهم ،سيكونون
مرتبطين ومتشابكين مع بعضهم البعض بطريقة ما.
● جمع المؤلفون أمثلة ألخطاء الكالم التي جمعوها أوال أعطوا وجهات نظر وصفية بحتة،
مايلو من فينوس بدال من مايلو الفينوسي)، مثل التبادل (على سبيل المثال،
● كتوقعات (على سبيل المثال ،الحذاء جعل رجلها ناعمة ....الحذاء جعل قدميها
أذهب قريبا إلى وأراه " ،بدال من أن أذهب قريبا إلى البيت ،أخطاء تراتيب (مثل، تؤلماها)43
وأراه")،
● االستبدال (على سبيل المثال" ،لقد عهد أمواله إلى "سنك االدخار" ،بدال من "بنك
االدخار)".
● إلى جانب هذه الفئات الرئيسية هناك فئات أخرى كذلك أقل أهمية (أو أقل أهمية بالنسبة
للغرض) .في هذا التجمع ال فرق سواء كان التشوه أو االندماج ،إلخ ،يؤثر على األصوات المنفردة
للكلمة أو المقاطع ،أو كلمات الجملة المعنية بأكملها.
ولتفسير مختلف أشكال الكالم الخاطئ ،يفترض ميرنجر قيمة نفسية متنوعة للمقاطع
الصوتية .بمجرد أن تقطع الكلمة األولى ،أو الكلمة األولى من الجملة ،تبدأ عملية التحفيز فورا في
األصوات التالية ،والكلمات التالية ،وبقدر ما تكون متزامنة فإنها قد تحدث بعض التغييرات في
بعضها البعض.
تحفيز الصوت المكثف الذهني لكلمة "-ringحلقة" يستمر في ترديد صدى الصوت،
وبالتالي يخل بفخامة صوت الكلمة .لذلك من الضروري تحديد أهم األصوات في الكلمة .ويقول
ميرنجر:
"إذا كان المرء يرغب في معرفة أي صوت كلمة له أكبر شدة يجب ان يفحص نفسه بينما
يبحث عن كلمة منسية ،مثال ،اسم .ذلك الذي يعود أوال إلى الوعي كان دائما أقوى شدة قبل
النسيان .وهكذا فإن أكثر األصوات أهمية هي الصوت األولي لجذر المقطع والصوت األولي
للكلمة ذاتها ،وكذلك صوت واحد أو آخر من األصوات الحادة في الكل.
وهنا ال أستطيع سوى ابداء اعتراضي .فسواء كان الصوت األولي لالسم ينتمي إلى أهم
عناصر الكلمة أم ال ،فمن المؤكد أنه ليس صحيحا أنه في حالة نسيان الكلمة فإنها اول من تعود
إلى الوعي؛ وبالتالي فإن القاعدة المذكورة أعاله ال فائدة منها .عندما نراقب أنفسنا أثناء البحث عن
اسم منسي ،فإننا غالبا ما نضطر إلى التعبير بأنه يبدأ بحرف معين .وتثبت هذه الطريقة أنها قد
تكون نافعة وقد تكون العكس .بل إنني أود أن أقول إن المرء في معظم الحاالت يستنسخ صوتا
،تنبؤ االسم البديل كان يفتقر للصوت األولي ،وكانت أوليا زائفا .في مثالنا أيضا سينيوريلي
المقاطع الرئيسية قد فقدت؛ من ناحية أخرى ،اعاد المقطعان المهمان [-إيلي] إلى الوعي باالسم
البديل بوتيسيلي.
مدى تاثر األسماء البديلة بالمقاطع الصوتية لألسماء المفقودة يمكن تعلمها من الحالة التالية.
في أحد األيام وجدت أنه من المستحيل تذكر اسم الدولة الصغيرة التي عاصمتها مونت كارلو.
.سرعان ما ظهر وفيما يلي األسماء البديلة :بييمونتي ،ألبانيا ،مونتيفيديو ،كواليكو
الجبل األسود بدال من ألبانيا ثم صدمني أن المقطع مونت (نطقت مون) قد حدث في جميع
44
األسماء باستثناء آخر األسماء التي كانت بديلة .لذلك أصبح من السهل على ان أجد من اسم االمير
التسلسل الخطي وايقاع االسم المنسي. ألبرت اسم موناكو المنسي .وعمليا تقلد كلمة كواليكو
وإذا اعترفنا بتخمين أن آلية مماثلة لتلك التي أشير إليها في أسماء النسيان قد تلعب أيضا
دورا في األخطاء الكالمية في الظواهر ،فهذا يقودنا إلى تقييم أكثر صالبة ألسباب األخطاء
الكالمية .فاالضطراب الكالمي الذي يظهر خطأ في الكالم قد يحدث في المقام األول من جراء
تأثير عنصر آخر من نفس الخطاب ،من خالل صوت أو صدى ،أو من خالل معنى آخر في
الجملة أو السياق يختلف عما يرغب المتحدث في قوله .في المقام الثاني ،على أي حال ،يمكن أن
من خالل التأثيرات خارج هذه الكلمة أو يكون التشويش مماثال للعملية في مثال سنيوريلي،
الحكم أو السياق ،من عناصر لم نعتزم التعبير عنها ،والتي أصبحنا ندرك تأثيرها فقط من خالل
االضطرابات .وفي كل من طريقتي منشأ الخطأ في التعبير فإن العنصر المشترك يكمن في تزامن
المحفزات ،في حين تكمن العناصر المميزة في ترتيب نفس الجملة أو السياق .والفارق ال يبدو في
البداية على نفس القدر من االتساع حين يؤخذ في االعتبار بعض االستنتاجات المستمدة من
أعراض أخطاء الكالم .ولكن من الواضح أنه في الحالة األولى فقط هناك احتمال الستخالص
إستنتاجات من مظاهر أخطاء الكالم فيما يتعلق بآلية ترابط األصوات والكلمات معا من أجل التأثير
المتبادل لصياغتها؛ والتي هي استنتاجات عالم لغة يتمنى أن يستفيد من دراسة األخطاء الكالمية.
وفي حالة االضطراب من خالل التأثير الخارجي لنفس الجملة أو السياق ،فإن األمر قبل كل شيء
يتعلق بالتعرف على العناصر المزعجة ،ومن ثم يطرح السؤال عما إذا كانت آلية هذا االضطراب
ال يمكن أن تقترح أيضا القوانين المحتملة لتكوين الكالم.
ال يمكننا القول ان ميرنجر وماير قد تجاهال امكانية اضطراب الكالم من خالل "التأثيرات
النفسية المعقدة" ،أي من خالل عناصر خارج نفس الكلمة أو الجملة أو نفس تسلسل الكلمات.
والواقع أنهم البد وأن يالحظوا أن نظرية التباين النفسي لألصوات تنطبق ،بشكل صارم ،فقط على
تفسير االضطرابات عالوة على األصوات الصادرة في المقدمة .حيث ال يمكن أن تختصر كلمة
اضطرابات إلى اضطرابات صوتية .فمثال ،أن التبديالت واالخطاء في حروف الكلمات التي كانت
هي أيضا ،دون تردد ،قد برزت على انها سبب الخطأ في الخطاب خارج السياق المقصود ،وأثبتت
هذه الحالة من خالل أمثلة مالئمة .ووفقا لفهم صاحب الكتاب نفسه ،فإن هناك بعض التشابه بين
كلمة معينة في الجملة مقصودة وأخرى غير مقصودة ،مما يسمح للثانية بأن تثبت نفسها في الوعي
بالتسبب في التشوه أوالتكوين التوافقي (الخطا في حروف الكلمة) .اآلن ،في عملي على تفسير
األحالم ،أظهرت الدور الذي لعبته عملية التكثف في أصل ما يسمى بالمحتويات الواضحة للحلم
من األفكار الكامنة في الحلم .أي تشابه بين األشياء أو بين الكلمات بين عناصر المادة الالواعية
يعتبر سببا لتشكيل ثالث ،وهو تكوين مركب أو حل وسط .ويمثل هذا العنصر كال المكونات في
محتوى األحالم ،ونظرا لهذا األصل ،كثيرا ما تكون له محددات فردية متناقضة عديدة .وبالتالي
فإن تشكيل الحلول وأخطاء الكالم هو بداية عمل التكثف الذي نجده يأخذ الجزء األكثر نشاطا في
بناء الحلم.
في مقال صغير موجه للقارئ العام ،45قدم ميرنجر نظرية ذات مغزى عملي جدا لبعض
حاالت تبادل الكلمات ،وخصوصا في تلك الحاالت حيث تحل كلمة واحدة محل كلمة أخرى ذات
معنى معاكس .يقول" :ربما ما زلنا نتذكر الطريقة التي افتتح بها رئيس مجلس النواب النمساوي
الجلسة قبل فترة" :أيها السادة االكارم! أعلن حضور هذا العدد الكبير من السادة ،وبالتالي أعلن أن
الجلسة "مغلقة"! لقد جذب الجنرال انتباهه أوال وقام بتصحيح خطئه .والتفسير المحتمل في هذه
الحالة هو أن الرئيس كان يتمنى لنفسه أن يتمكن من أختتام هذه الدورة ،التي لم يكن لديه ما يتوقعه
منها إال القليل من الخير ،واندلعت هذه الفكرة جزئيا على األقل -وهو مظهر متكرر أدى إلى
إستخدامه "مغلق" بدال من "مفتوح" ،أي عكس المقصود .ولكن العديد من المالحظات علمتني أننا
نستخدم كلمات متناقضة؛ فهي بالفعل مرتبطة بوعينا الخطابي؛ قريبة من بعضها البعض وبالتالي
بسهولة يمكن الخلط بينهم.
ومع ذلك ،ليس في جميع حاالت التباين يحل األمر بهذه البساطة كما في مثال الرئيس
بحيث يبدو معقوال أن الخطأ الخطابي ال يحدث إال كتناقض ينشأ في الفكر الداخلي للمتكلم
؛
المعارض للجملة .ولقد وجدنا اآللية المماثلة في تحليل المثال alquisفالتناقض الداخلي يؤكد
نفسه على هيئة نسيان كلمة بدال من االستعاضة عنها بعكس ذلك .ولكن من أجل تعديل االختالف
قد نالحظ ان الكلمة الصغيرة غير قادرة على التباين مثل "اقفال" و"فتح" ،وان كلمة "فتح" ال يمكن
ان تخضع للنسيان بسبب كونها عنصرا مشتركا في الكالم.
بعد ان اظهر االمثلة االخيرة من ميرينزر وماي ان اضطراب الكالم يمكن ان يحدث من
خالل تأثير االصوات ،بعد االصوات ،كلمات من نفس الجملة التي كان القصد منها التعبير ،وكذلك
من خالل تأثير كلمات خارج الجملة المقصودة ،التي لوال ذلك لم يكن من المشتبه في
تحفيزها ،سوف نود بعد ذلك ان نكتشف ما إذا كان بإمكاننا بالتأكيد فصل الفئتين من األخطاء في
الكالم ،وكيف يمكننا التمييز بين األمثلة .ولكن في هذه المرحلة من النقاش يجب أن نفكر أيضا في
اللغة47. تأكيدات وندت ،46الذي يتعامل مع مظاهر أخطاء الكالم في عمله األخير في تطوير
والتأثيرات النفسية ،وفقا لما ذكره وندت ،موجودة في هذه الظواهر ،وكذلك في ظواهر أخرى
التي تحفزها األصوات تتعلق بها .إن التيار غير المنضبط من روابط الصوت والكلمات
المنطوقة يظهر في المقام األول كمحدد ايجابي .وهذا يدعم كعامل سلبي من خالل تخفيف أو قمع
التأثيرات الواعية التي تكبح هذا التيار ،ومن خالل االهتمام النشط الذي يظهر هنا كوظيفة ارادية.
وسواء كان هذه التالعب اللفظي يظهر نفسه في حقيقة أن الصوت القادم متوقع أو أن الصوت
السابق اعيد انتاجه ،أو ما إذا كان الصوت المألوف يتم تبادله بين الصفتين ،أو في النهاية ،ما إذا
كان يعبر عن نفسه في حقيقة أن األصوات المختلفة المرتبطة باألصوات المنطوقة تماما تؤثر على
هذه األصوات -كل هذه األسئلة ال تحدد إال االختالفات في اإلتجاه ،وفي أغلب األحيان في عملية
الربط التي تحدث ولكن ليس في الطبيعة العامة لنفس األصوات .وفي بعض الحاالت قد يكون من
المشكوك فيه أيضا أي شكل من أشكال االنزعاج يمكن أن يعزى إليه ،أو ما إذا كان أكثر من ذلك.
وأنا أعتبر هذه المالحظات التي أبداها وندت مبررة تماما ومفيدة جدا .وربما كان بوسعنا أن نؤكد
بقدر أعظم من الجزم مقارنة بوندت أن العامل اإليجابي الذي يحابي األخطاء في التعبير (تيار
الروابط غير المقيد ،ومقابله السلبي ،وتخفيف االنتباه المقيد) يحقق بشكل منتظم تزامنا ،بحيث ال
يختلف العامالن إال في العوامل المختلفة المحددة لنفس العملية .ومع االسترخاء ،أو الضغط بشكل
هذا االسترخاء ،لالهتمام غير المقيد ،يصبح التيار غير المقيد أكثر وضوحا ،من خالل
للمرادفات نشطا .من بين أمثلة األخطاء التي جمعتها بالكاد أستطيع أن أجد واحدة في أنني قد أكون
ملزما بأن أنسب اضطراب الكالم ببساطة وفقط إلى ما يسميه وندت "تأثير االتصال للصوت".
دائما ما أكتشف إلى جانب هذا تأثير مزعج ،شيء خارج الخطاب المقصود .والعنصر المزعج إما
أن يكون فكرة واحدة غير واعية تأتي للضوء من خالل الخطأ الشخصي ،وال يمكن أن تصل إلى
الوعي إال من خالل تحليل البحث ،أو أنه دافع نفسي عام ،يوجه ضد الخطاب بأكمله.
() عندما رأيت ابنتي تصنع وجها غير سار بينما كانت تعض في تفاحة ،كنت أتمنى أن أ
أقتبس من المقطع التالي" - :القرد منظره مضحك ،عندما يتناول قضمة من التفاحة " لكنني بدأت:
" القرداحة ".. . .يبدو أن هذا الخطأ "القرد" و"التفاحة" ،قد ينظر إليه أيضا على أنه ترقب لكلمة
"التفاحة" .بيد أن الحالة الحقيقية كانت كالتالي :بدأت االقتباس مرة من قبل ،ولم أخطأ في ذلك
المرة األولى .لم أخطئ إال أثناء التكرار ،األمر الذي كان ضروريا ألن ابنتي ،بعد أن تشتت
انتباهي إلى جانب آخر ،لم تستمع إلى .هذا التكرار مع عدم الصبر االضافي في تخليصي من قول
الجملة .الجملة التي يجب أن أضمها في الدافع إلى خطأ الكالم ،الذي مثل نفسه كوظيفة للتكاثف.
( ) قالت ابنتي" :كتبت إلى السيدة شريزينجر ".كان اسم المرأة شليسنجر .وقد يعتمد هذاب
الكالم الخاطئ على الميل إلى تسهيل اللفظ .ولكن ال بد لي من القول إن هذا الخطأ إرتكبته ابنتي
.إن األخطاء في الكالم معدية إلى بعد لحظات قليلة من خطاي بقول القرداحة ،بدال من القرد
حد كبير؛ كما الحظ ميرينجر وماير غرابة مماثلة في نسيان األسماء .ال أعرف أي سبب لهذه
القابلية النتقال العدوى.
( ) "أغلب كسكين جيب" ،كتبت مريضة في بداية العالج ،بدل "أغلق" .وهذا يشير إلى ت
صعوبة في اللفظ قد يكون ذريعة لتداخل األصوات .وعندما تم لفت انتباهها إلى خطأ الخطاب،
أجابت على الفور" :نعم ،حدث ذلك ألنك قلت 'إيرنشت' بدال من 'إيرنست' .وفي الحقيقة ،فقد
وصلتها مع مالحظة" :سنذهب اليوم الى ايرنست" (ألن هذه كانت آخر ساعة قبل خروجها من
العالج) ،لكنني غيرت الكلمة مازحا إلى أيرنشت .في خالل الساعة التي تواجدت بها تكررت
األخطاء مرارا وتكرارا في حديثها ،وأخيرا الحظت أنها فقط قلدتني دون شعور في ال وعيها الذي
استخدم كلمة إيرنست كاسم وليس كاسم مكان.48
( ) قالت امرأة تتحدث عن لعبة اخترعها أوالدها وأسموها "الرجل في الصندوق" "المان ث
في البوق" .49إستطعت بسهولة فهم خطأها .وكان ذلك أثناء تحليل حلمها ،حيث يصور زوجها
وكأنه كريم للغاية في األمور المالية وهو ما يعكس الواقع الذي ظهر في خطابها .وفي اليوم السابق
طلبت من زوجها مجموعة جديدة من الفراء ،األمر الذي رفضه زوجها ،زاعما أنه ال يستطيع أن
ينفق الكثير من المال .وبخته على بخله" ،اخراج الكثير من الصندوق القوي" ،وذكرت صديقا
دخله دون دخل زوجها ،ومع ذلك قدم لزوجته معطفا من الفراء بمناسبة عيد ميالدها .واآلن بات
الخطأ مفهوما .كلمة "مانكس" تقلل من أهمية "المينك" التي تتوق إليها ،والصندوق يشير إلى بخل
زوجها.
( ) وتظهر آلية مماثلة في خطأ مريض آخر هجرتها ذاكرتها في وسط إستذكار طفولتها ج
المنسية منذ فترة طويلة .لم تسعفها ذاكرتها على أي جزء من الجسم كانت امتدت يد الشخص الذي
لمسها .وبعد ذلك بوقت قصير ،زارت أحد أصدقائها ،الذي ناقشت معه البيوت الصيفية .وعند
سؤالها عن مكان كوخها أجابت" :قرب خاصرة الجبلي" بدال من "أسفل الجبل".50
( ) أجابت مريضة أخرى سألتها في نهاية زيارتها كيف كان عمها" :ال أدري ،فقط أراه ح
قالت انه وحيد وكانت تريد ان تقول انها تراه قليال .في اليوم فضيحة"51. اآلن عندما تكون هنالك
التالي قالت :أشعر بالخجل من نفسي ألني أعطيتك باألمس مثل هذا الجواب الغبي .بطبيعة الحال،
ال بد أنك ظنتني شخصا غير متعلم كثيرا ما يخطئ في معنى الكلمات األجنبية التي كنت أتمنى أن
أقولها .لم نكن نعرف وقتها أنها حصلت على الكلمات األجنبية المستخدمة بشكل غير صحيح،
لكنها خالل الجلسة نفسها استنسخت إستذكارا باعتباره إستمرارا للموضوع من اليوم السابق ،حيث
تم ضبطها في وضع فاضح .ولذلك فإن الخطأ الذي وقع في اليوم السابق كان يتوقع أنه تم
بإسترجاع الذكريات التي لم تصبح بعد واعية.
( ) وعند مناقشة خططها الصيفية ،قالت إحدى المرضى" :سأبقى معظم الصيف في خ
إلبرلون" .الحظت خطأها ،وطلبت مني تحليله .وقد كتبت مرادفات إلبرتون التي ذكرتها :شواطئ
البحر على ساحل جيرزي -منتجع صيفي -رحلة عطلة .وهذا ما تذكره السفر إلى أوروبا مع ابن
عمها ،وهو موضوع ناقشناه في اليوم السابق أثناء تحليل أحد األحالم .وتناول الحلم عدم اكتراثها
بابن عمها هذا ،واعترفت بأن ذلك يعود إلى أن الرجل الثاني هو المفضل عندها الذي التقياه أثناء
سفرهما إلى الخارج .خالل تحليل األحالم ،لم تذكر اسم المدينة التي قابلوا فيها هذا الرجل ،ولم
أبذل أي جهد ممكن لجلبه إلى وعيها ،حيث انخرطنا في مشكلة مختلفة تماما .وعندما طلبت تركيز
انتباهها مرة أخرى على إلبرتون وإعادة إنتاج جمعياتها ،قالت" :إنه يذكرنا بإلبرالون-الونفيلد-
وإلبرفيلد" .وكان "إلبرلد" االسم المفقود للمدينة في ألمانيا .هنا كان الخطأ يوصل إلى الوعي
بطريقة مخفية ذكرى متصلة بإحساس مؤلم.
( ) قالت لي امرأة" :إذا كنت ترغب في شراء السجاد ،اذهب إلى التاجر (كوفمان) في د
شارع ماثيو (ماثدسغاسي)" .كررت" :ثم الى ماثيو -أعني الى التاجر "-يبدو أن تكرار اسم واحد
بدال من االسم اآلخر كان ببساطة نتيجة للتشتيت .كانت مالحظة المرأة حقا تشعرني ،إذ حولت
انتباهي إلى شيء آخر أكثر حيوية بالنسبة لي من السجاد .في شارع ماثيو يقف البيت الذي تعيش
فيه زوجتي كعروس ،كان مدخل البيت في شارع آخر ،واآلن الحظت أنني نسيت اسمه وال يسعني
إال إسترجاعه بطريقة دورانبة .وهكذا فإن اسم ماثيو ،الذي لم يحفظه سوى االهتمام ،هو اسم بديل
لالسم المنسي للشارع .إنها أكثر مالءمة من اسم التاجر ،ألن ماثيو هو اسم لشخص فقط ،بينما
التاجر صفة .والشارع المنسى أيضا يحمل اسم شخص :راديتسكي.
( ) استشارتني مريضة للمرة األولى بسبب العصبية ،واتضح أن سبب عصبيتها كان حياة ذ
زوجية تعيسة إلى حد كبير .دون أي تشجيع دخلت في تفاصيل مشاكلها الزوجية .لم تكن تعيش مع
زوجها منذ حوالي ستة أشهر ،وكانت آخر مرة تراه في المسرح عندما رأته في المسرحية
666 الضابط .٦٠٦وانتبهت إلى الخطأ ،وسرعان ما صححت نفسها قائلة إنها تقول الضابط
(اسم مسرحية شعبية حديثة) .قررت معرفة سبب الخطأ ،وبينما كان المريض يأتي للعالج
التحليلي ،اكتشفت أن السبب المباشر لالنقطاع بينها وبين الزوج هو المرض الذي يعالج ب
“.52"606
( ) أتصل بي بالهاتف مريض من أجل تحديد موعد ،كما كان يرغب في الحصول على ر
معلومات عن رسوم االستشارة .وقيل له إن االستشارة األولى كانت عشرة دوالرات؛ بعد ان انتهى
الفحص مرة أخرى كما كان عليه ان يدفع ،وأضاف" :ال أحب أن أدين ألي شخص بالمال،
وخاصة األطباء؛ أفضل الدفع حاال .بدال من أن يقول الدفع قال اللعب .مالحظاته الطوعية األخيرة
وخطأه جعلتني في حالة من الترقب ،ولكن بعد بضع مالحظات أخرى لم يكن لها داع ،قام بإخراج
المال من جيبه .حسب أربع دوالرات ورقية وكان متعبا جدا ومتفاجئا جدا ألنه لم يعد لديه مال معه
ووعد بأن يرسل لي شيكا بنكيا .كنت متأكدا من أن غلطته خانته ،أنه كان يلعب معي فقط ،ولكن لم
يكن هناك شيء يجب فعله .وفي نهاية بضعة أسابيع أرسلت له فاتورة ،وأعيدت الرسالة إلى من
قبل البريد وتحمل عالمة "لم يتم العثور عليه".
( ) وتحدثت اآلنسة س بحرارة شديدة عن السيد ص ،.الذي كان غريبا إلى حد ما ،كما ز
كانت في السابق تعرب عن عدم اكتراثها ،ال عن إحتقارها له .وعندما سئلت عن هذا التغير
المفاجئ في قلبها قالت" :لم يكن لدي أي شيء ضده؛ كان دائما لطيفا معي ،لكني لم أعطيه فرصة
لتنمية معرفتنا" .وكان انبأء بالخطوبة القادمة.53
س
( ) مثال آلليات األخطاء االمالئية والتكثيف بالمثال التالي .بالحديث عن اآلنسة ع،
جدا لم يعطى فرصة للراحة ،إلخ .علقت اآلنسة "ممزق"54 صورتها اآلنسة ص على أنها شخص
إكس" .نعم ،هذا وصف مميز جدا ،لقد كانت تبدوا دائما على أنها 'حادة جدا' ."55هنا حل الخطأ
نفسه في شكل متشابك وقصير ،والذي كان مطابقا لرأي اآلنسة ص في اآلنسة ع.
( ) وسأقتبس عددا من األمثلة عن ورقة زميلي الدكتور ستيكيل ،56التي ظهرت في ش
إجتماع برلين في كانون الثاني/يناير ١٩٠٤بعنوان "االعترافات الالواعية"" .لقد كشف المثال
التالي عن حيلة غير سارة من أفكاري غير السارة :بداية ،قد أذكر أنني بصفتي طبيب ال أفكر أبدا
في أجوري :أفكر دائما بمصلحة المريض أوال .مع قولنا هذا ،كنت أزور مريضا كان يعاني من
مرض خطير .لقد مررنا بأيام وليالي صعبة .فرحت لتحسن حالته ،وكلمته عن ملذات رحلتي في
أوباتيا التي اردته ان يزورها ،مختتما" :إذا ،كما آمل ،لن تغادر سريرك قريبا ".ومن الواضح أن
هذا جاء من دافع أناني غير واعي ،ألتمكن من االستمرار في عالج المرضى األثرياء ،وهي أمنية
غريبة تماما وعيي ،والتي أرفضها بال شك.
( ) مثال آخر عن (الدكتور ستيكيل) :فقد التقت زوجتي بمدرسة فرنسية في فترة ما بعدص
الظهر ،ثم في وقت الحق ،توصلت إلى إتفاق مرضي ،فكانت ترغب في االحتفاظ بشهادتها،
وقالت " ما زلت أبحث بعد الظهر-العفو ،اريد استراحة فترة ما بعد الظهر ".وكانت ابدت رغبتها
في االحتفاظ بشهادتها سابقا .لتنتقل بعد فترة الى عمل جديد ربما يدفع أفضل.
( ) كان على أن ألقي محاضرة دينية المرأة .وكان زوجها ،الذي تم ذلك بناء على ض
طلبه ،واقفا خلف الباب مستمعا .وفي نهاية محاضرتي ،الذي ترك انطباعا واضحا ،قلت" :وداعا
سيدي!" لذلك يبدوا انني حقيقة كنت اوجه الكلمات إلى الزوج وليس للزوجة.
( ) يذكر الدكتور ستيكيل عن نفسه أنه كان يخضع للعالج مريضان من تريست في نفس ط
الوقت ،وكان يخاطب كل واحد منهما بشكل غير صحيح" .صباح الخير يا سيد بلوني!" كان يقول
ألسكولي ،ويقول لبلوني" ،صباح الخير ،سيد أسكولي!" وكان مياال في البداية إلى عدم إرجاع أي
دافع أعمق إلى هذا الخطأ ،بل إلى شرحه من خالل عدد من أوجه التشابه في كل من الشخصين.
إال أنه اقنع نفسه بسهولة بأن تبادل األسماء هنا يتطلب نوعا من التباهي -أي أنه كان يعرف كل
مرضاه اإليطاليين حقيقة أنهم لم يكونوا الوحيدين الذين جاءوا إلى فيينا بحثا عن نصائحه الطبية،
من سكان تريست.
( ) توقفت امرأتان أمام صيدلية ،وقالت إحداهن لصاحبها" ،إذا كنت ستنتظر بضع دقائق ظ
سأعود قريبا" ،لكنها قالت حركة بدال من دقائق .وكانت في طريقها لشراء بعض زيت الخروع
لطفلها57.
( ) تحدث إلى السيد س ،وهو يفضل أن يجري االتصال به بدال من ان يتصل ،اتصل ع
عبر الهاتف من منتجع صيفي قريب .كان يريد أن يعرف متى أقوم بزيارته .وذكرته بأن هذا دوره
في زيارتي ،ووجهت انتباهه إلى أنه المالك السعيد لسيارة لذا يسهل عليه المجيء لي( .كنا في
منتجعات صيفية مختلفة ،ويفصلنا رحلة في القطارتستغرق نصف ساعة) .فوعد بالقدوم فسأل:
"ماذا عن عيد العمال ( ١أيلول/سبتمبر) ،هل سيكون مناسبا لك؟ " وعندما أجبت باإليجاب قال:
"حسنا ،إذا ،اعتبر اني اتيتك قبل يوم االنتخابات" (تشرين الثاني) .كان خطؤه واضحا .إنه يحب
زيارتي ،ولكن كان السفر حتى اآلن غير مالئم له .وفي شهر نوفمبر سنكون في المدينة ،لقد أثبت
تحليلي أنه صحيح.
( ) وصف لي صديق مريضا متوترا ،وطلب معرفة ما إذا كان بامكاني االستفادة منه. غ
قلت" :أعتقد أنه في الوقت المناسب يمكنني إزالة جميع أعراضه عن طريق التحليل النفسي ألنها
حالة دائمة" راغب في قول "قابل للشفاء"!
( ) لقد خاطبت مريضي مرارا وتكرارا باسم السيدة سميث ،اسم ابنتها المتزوجة ،بينما ف
كان اسمها الحقيقي السيدة جيمس .بعد أن تم لفت انتباهي لذلك ،سرعان ما اكتشفت أنني كنت أملك
مريضا آخر بنفس االسم رفض أن يدفع ثمن العالج .كانت السيدة سميث أيضا مريضتي ودفعت
فواتيرها بسرعة.
ق
( ) اللغة المتخلفة تشكل أحيانا سمة معينة .قالت امرأة شابة ،والتي كانت الروح الحقيقية
في بيتها ،عن زوجها المريض انه تشاور مع الطبيب بشأن نظام غذائي صحي له ثم أضاف :قال
" بحماس الطبيب أن النظام الغذائي ال عالقة له بمرضه وأنه يستطيع أن يأكل ويشرب ما أريد
وتحت ضغط الكثير من العواطف السرية" :نعم ،المرأة يجب أن تكون جميلة إذا أرادت إرضاء
الرجال .الرجل أفضل حاال بكثير .وطالما أن لديه خمسة أطراف مستقيمة ،فإنه ال يحتاج إلى
المزيد!
يتيح لنا هذا المثال رؤية جيدة لآلليات الحميمة للخطأ في الخطاب عن طريق التكثف
واالخطاء االمالئية .من الواضح جدا أن لدينا هنا إنصهار لطريقتين مماثلتين في التعبير- :
أو قد يكون مصطلح "مستقيم" العنصر المشترك في التعبيرين المقصودين - :طالما أن لديه
أطرافه المستقيمة.
كما يمكن االفتراض أن كال من طريقتي التعبير -أي تلك التي هي من الحواس الخمسة
وتلك التي في الخمسة المستقيمة -قد تعاونتا لتعريفهما في الجملة عن األطراف المستقيمة أوال
بالرقم ثم الخمس الغامضة بدال من األربعة البسيطة .ولكن من المؤكد أن هذا االندماج ما كان
لينجح لو لم يكن قد عبر عن الحس السليم في الشكل الناتج عن الخطأ؛ ولو لم يعبر عن حقيقة
ساخرة ،ال يمكن بطبيعة الحال أن ينطق بها دون أن يخفي ،كما فعلت المرأة .وأخيرا ،لن نتردد في
لفت االنتباه إلى أن قول المرأة ،بعد الصياغة ،يمكن أن يكون خطأ في الكالم .إنه ببساطة سؤال
حول ما إذا كانت تتحدث عن هذه الكلمات بنية واعية أو غير واعية .ال شك أن سلوك المتحدث في
هذه الحالة ينفي النية الواعية ،ويستبعد الذكاء.
( ) نظرا لتشابه المواد ،أضيف هنا حالة أخرى من خطأ الكالم ،الذي يتطلب تفسيره ك
مهارات أقل .حاول بروفسور في علم التشريح تفسير خط األنف ،والذي ،كما هو معروف ،هو
هيكل تشريحي صعب جدا .وعلى سؤاله عما إذا كان جمهوره قد استوعب أفكاره فقد تلقى ردا
إيجابيا .فعلق األستاذ المعروف باحترام الذات" :ال أستطيع تصديق ذلك ،فعدد األشخاص الذين
يفهمون خط االنف ،حتى في مدينة تضم الماليين مثل فيينا ،يمكن عدهم على إصابعي -عفوا ،لقد
قصدت أن أقول على أصابع اليد".
( ) أنا مدين للدكتور أ .روبيتسك ،من فيينا ،للفت انتباهي إلى خطأين من كاتب فرنسي ل
قديم ،والذي سوف أذكره بلغته األصلية.
"مارست الجنس مع سيدة أخرى كانت معجبة بجمال امرأة أخرى قالت عنها انها
"جنسية بدل قولها ناضجة
في العالج النفسي الذي أقوم به في حل وإزالة األعراض العصبية ،غالبا ما أواجه مهمة
اكتشاف محتويات األفكار من األقوال والعقد المرضية للمريض ،والتي وإن كانت تسعى إلى
االختفاء فإنها تخون نفسها عن عمد .وفي القيام بذلك كثيرا ما تؤدي األخطاء الخدمة األكثر قيمة،
كما أستطيع أن أبين من خالل أكثر األمثلة إقناعا واألكثر فردية.
على سبيل المثال ،يتحدث مريض عن خالته ثم فيما بعد ،دون أن ينتبه ،ينعتها ب "أمي ،أو
نعت زوجها "كأخ" .وبهذه الطريقة يجذبني انتباهي إلى أنهم "حددوا" قرابة بعضهم من بعض،
وأنهم وضعوهم في نفس الفئة .أو ان شابا عمره عشرين سنة يقدم نفسه خالل ساعات عملي بهذه
الكلمات" :والدي ن .ن ،.الذي كان مريضك ،عفوا ،أعني اخي؛ هو أكبر مني بأربع سنوات فقط.
وأنا أتفهم أن هذا الخطأ هو الذي يرغب في التعبير عنه أنه هو أيضا ،مثل األخ ،مريض بالخطأ
الذي ارتكبه األب؛ فهو ،شأنه شأن أخيه ،يرغب في أن يشفى ،ولكن األب هو أكثر الناس حاجة
للعالج .وفي أحيان أخرى يكون ترتيب الكلمات غير العادي أو التعبير القسري كافيا ليكشف في
خطاب المريض عن مشاركة فكر مكبوت له دافع مختلف.
ومن هنا ،وفي اضطرابات الكالم الدقيقة واضطرابات الكالم الحادة ،التي يمكن ،مع ذلك،
تلخيصها على أنها "أخطاء في الكالم" ،أجد أن آثار االتصال التي تخلفها األفكار خارج الخطاب
المقصود هي التي تحدد أصل خطأ الكالم ،كما أنها كافية لشرح األخطاء الجديدة في الخطاب .ال
أشك في الحاالت التي تحدث فيها األصوات تغييرات على بعضها البعض ،لكنها وحدها ال تبدو لي
بالقوة الكافية لتشويه التعبير الصحيح للكالم .وفي تلك الحاالت التي درست فيها وتحققت فيها عن
كثب ،فإنها ال تمثل سوى اآللية التي سبق ان تم تشكيلها ،والتي يستغلها بسهولة دافع نفسي أكثر
بعدا.
بيد أن هذه األخيرة ال تشكل جزءا من مجال تأثير هذه العالقات السمعية .وفي عدد كبير
من التبديالت التي تسببها األخطاء في التحدث ،هناك غياب كامل لهذه القوانين اللفظية .وفي هذا
الصدد ،أنا متفق تماما مع وندت ،الذي يفترض على نحو مماثل أن الظروف الكامنة وراء أخطاء
التعبير معقدة وتتجاوز تأثير االتصال باألصوات.
إذا قبلت "هذه التأثيرات النفسية البعيدة" ،وفقا لتعبير وندت ،ال شيء هناك يمنعني من أن
أخفي أيضا أنه في اي خطاب متسارع ،مع قدر معين من االنتباه الشارد ،قد تكون أسباب خطأ
الكالم مقتصرة بسهولة على القانون المحدد لميرنجر وماير .بيد أن هناك في عدد من األمثلة التي
جمعها هؤالء المؤلفون حال أكثر تعقيدًا.
وفي بعض أشكال األخطاء الخطابية ،قد نفترض أن العامل المزعج يتلخص في تجنب
الكلمات والمعاني الفاحشة .إن التشوه وتشويه الكلمات والعبارات ،الذي يحظى بشعبية كبيرة بين
األشخاص المبتذلين ،ال يهدف إال إلى توظيف دافع غير ضار للتذكرة بالخطأ .وهذه الممارسة
متكررة جدا لدرجة أنها لن تكون جديرة بالمالحظة على اإلطالق إذا ظهرت بشكل غير مقصود
وبخالف مع اإلرادة.
وأنا على ثقة بأن القراء لن ينالوا من قيمة هذه التفسيرات التي ال يوجد لها دليل ،ومن هذه
األمثلة التي جمعتها بنفسي وشرحتها بواسطة التحليل .ولكن إذا كنت سرا ال أزال أعتز بالتوقعات
بأن حتى الخطأ الخطابي البسيط ظاهريا سوف يرجع إلى اضطراب ناتج عن فكرة نصف مكبوتة
تقطع السياق المقصود ،فأنا أشعر باإلنجذاب إلى مالحظات ميرنجر .يؤكد ميرنجر أنه من الالفت
للنظر أن ال أحد يرغب في االعتراف بأنه ارتكب خطأ في التحدث .هناك العديد من األشخاص
األذكياء والصادقين الذين يشعرون باإلهانة إذا أخبرناهم بأنهم إرتكبوا خطأ عند التحدث .لن
أجازف بجعل هذا التأكيد عاما مثل ميرنجر ،باستخدام مصطلح "ال أحد" .ولكن األثر العاطفي
الذي يتمسك بإظهار الخطأ ،الذي ينتمي بوضوح إلى نوع من العار ،له أهميته .قد يظهر على
شكل غضب يظهر من عدم القدرة على تذكر اسم منسي ،والدهشة من هفوة ذاكرة تبدو غير مهمة،
والتي تشير دائما إلى أثر دافع ما في تشكيل التشويش.
إن تشويه األسماء يرقى إلى درجة اإلهانة عندما يتم بشكل متعمد ،وقد يكون له نفس
التصنيف في الحاالت التي يبدو فيها أنه أخطاء الكالم تمت بشكل غير مقصود .فالشخص الذي،
وفقا لتقرير ماير ،قال ذات مرة" :فرودر" بدال من "فرويد" ،ألنه قبل وقت قصير ذكر اسم
"بروير" ،وتحدث في وقت آخر عن طريقة "فروير -بروديان" ،لم يكن متحمسا بالتأكيد لهذا
التحليل .في فصل الحق ،وفي إطار األخطاء المكتوبة ،سأبلغ عن حالة تشوه ألسماء ال تعترف
بالتأكيد بأي تفسير آخر.
وكعنصر قلق في هذه الحاالت ،هناك خلط بين النقد الذي ينبغي إغفاله ،ألنه ال يتفق في
الوقت الحاضر مع نية المتحدث .أو قد يكون العكس تماما؛ كاالسم البديل ،أو اعتماد االسم
الغريب ،يدل على تقدير له .إن التعريف الذي يحدث عن طريق الخطأ يعادل االعتراف الذي يجب
أن يظل في الخلفية في الوقت الحالي .وهناك تجربة من هذا النوع من أيام دراسة الدكتور
فيرينزي— :
"بينما كنت في السنة األولى في الكلية ،اضطررت إللقاء قصيدة قبال الصف بأكمله .كانت
التجربة األولى من هذا النوع في حياتي ،ولكنني كنت على إستعداد جيد .ما ان بدأت تالوتي حتى
انزعجت من موجة الضحك .ثم شرح لي االستاذ الحقا هذا االستقبال الغريب .بدأت بإعطاء عنوان
"من المسافة" ،الذي كان صحيحا ،ولكن بدًال من إعطاء اسم المؤلف الحقيقي ،ذكرت اسمي .اسم
الشاعر هو ألكسندر بيتفي .كان االسم األول هو اسمي المفضل ،ولكن السبب الحقيقي كان بكل
تأكيد حقيقة أنني عرفت نفسي في ذلك الوقت مع الشاعر البطل المحتفى به .حتى وأنا واع ،كنت
أضمر إليه الحب واالحترام الذي قد يصل الى العشق .إن الطموح كان يتخفي تحت هذا التصرف
الخاطئ.
وقد أبلغت بحالة مماثلة تتعلق بطبيب شاب قدم نفسه بخجل وتبجيل إلى الفيرشو بكلمات:
"أنا دكتور فيرشو ".فالتفت اليه األستاذ المدهش وسأله" :هل اسمك أيضا فيرشو" ،ال أعرف كيف
برر الشاب الطموح خطأه في الكالم ،سواء فكر في انه تافها مقارنة بهذا الرجل العظيم الى درجة
انه نسى اسمه ،أو ما إذا كان لديه الشجاعة لالعتراف بأنه هو أيضا يأمل أن يكون يوما ما رجال
عظيما كفيرشو.
وبسبب دوافع شخصية جدا ،ال بد لي أن أحسم ما إذا كان يمكن تطبيق تفسير مماثل في
القضية التي ينبغي االستشهاد بها .في المؤتمر الدولي الذي عقد في أمستردام في عام ،1907
كانت نظرياتي المتعلقة بالهستيريا موضوع مناقشة حية .كان أكثر خصومي عنفا ،في خطابه الذي
وجهه إلى ،يرتكب األخطاء مرارا وتكرارا في خطاب جعل نفسه في مكاني ويتكلم باسمي .فقد قال
على سبيل المثال" :أنا وبروير ،كما هو معروف جيدا ،قد أظهرنا" ،إلخ .عندما أراد أن يقول
"بروير وفرويد" .ال يظهر اسم هذا الخصم أدنى تشابه صوتي مع اسمي .ومن هذا المثال ،وأيضا
من حاالت أخرى من األسماء المتغيرة في أخطاء التعبير ،نتذكر أن خطأ الخطابة من الممكن أن
يتخلى تماما عن التشابهات التي تتسبب من خالل أصوات مماثلة ،ومن الممكن أن يحقق الغرض
منه إذا كان مدعوما فقط في المحتوى من خالل عالقات مخفية.
وفي حاالت أخرى أكثر أهمية ،يكون األمر عبارة عن نقد ذاتي ،وتناقض داخلي ضد قول
المرء ذاته ،والذي يؤدي إلى خطأ الخطابة ،بل ويفرض حتى االستعاضة المتقابلة عن المقصود.
ثم نالحظ بدهشة كيف تزيل صياغة التأكيد الغرض من ذلك ،وكيف يكشف الخطأ في الكالم عن
عدم األمانة الداخلية .وهنا يصبح الخطأ اللغوي شكال من أشكال التعبير ،في كثير من األحيان في
الواقع ،للتعبير عما ال يرغب المرء في قوله .وهي بالتالي وسيلة للخيانة الذاتية.
يروي بريل" :لقد استشرت مؤخرا من قبل امرأة أبدت الكثير من مظاهر جنون العظمة،
ونظرا لعدم وجود أقارب لها يمكنهم التعاون معي ،فقد حثثتها على دخول مستشفى حكومي
كمريضة طوعية .كانت على إستعداد للقيام بذلك ،ولكنها أخبرتني في اليوم التالي أن أصدقائها
الذين أجرت معهم إحدى الشقق اعترضوا على ذهابها إلى المستشفى ألنها ستؤثر في خططهم،
وهكذا .فقدت صبر وقلت :ال فائدة من االستماع إلى أصدقائك الذين ال يعرفون شيئا عن حالتك
العقلية؛ أنت غير كفء تماما لتهتم بشؤونك الخاصة .حين قصدت أن أقول "كفؤ" .هنا الخطأ عبر
عن رأيي الحقيقي.
غالبا ما تعطي مادة الخطاب ،بالصدفة ،منشا ألمثلة من أخطاء الكالم التي تؤدي إلى
الكشف الواضح أو التأثير الهزلي الكامل للمخفي من القول ،كما تظهر االمثلة التالية التي ذكرها
بريل— :
"مضيف ثري ولكن ليس كريما جدا دعا أصدقائه إلى حفلة مسائية .كان كل شيء يسير
على ما يرام حتى حوالي الساعة 11:30مساء ،عندما كان يفترض أن يكون العشاء .لم يكن هناك
عشاء وبدال من ذلك ،تناولوا السندويشات الصغيرة وعصيرالليمون .كان حينها موعد االنتخابات
قريبا ،وتركزت المحادثات على المرشحين المختلفين؛ ومع أزدياد سخونة النقاش ،ذكر للمضيف
أحد الضيوف ،المعجب الشديد بمرشح الحزب التقدمي :يمكنك ان تذكر رأيك بالمرشح تيدي ،ولكن
هناك شيء واحد يمكن االعتماد عليه دائما؛ دائما ما يعطيك وجبة عادلة ،رغبة في قول صفقة
عادلة .انفجر الضيوف المجتمعون في زئير من الضحك الكبير إحرج المتحدث والمضيف الذين
فهم كل منهما االخر.
"بينما كنت أكتب وصفة طبية المرأة تأثرت بشكل خاص باألعباء المالية المترتبة على
العالج ،كنت مهتم بسماع قولها فجأة :أرجوك ال تعطيني فواتير كبيرة ألنني ال أستطيع إبتالعها.
بالطبع كانت تقول حبوب.
يوضح حالة خطيرة من خيانة الذات من خالل خطأ في الكالم .كما ذكره التالي59 المثال
ألول مرة الدكتور أ .أ .بريل.60
"بينما كنا نسير في إحدى الليالي مع الدكتور فرينك التقينا بالصدفة بأحد الزمالء وهو
الدكتور ب .الذي لم أره منذ سنوات ،ولم أكن أعلم شيئا عن حياته الخاصة .وقد سعدنا كثيرا أن
نلتقي مرة أخرى ،وبدعوتي رافقنا إلى مقهى ،حيث قضينا ساعتين تقريبا في محادثة سارة.
وسؤالي عما إذا كان متزوجا أعطى إجابة بال ،وأضاف :لماذا يجب أن يكون رجل مثلي متزوجا؟
"عند مغادرته للمقهى ،إستدار نحوي فجأة وقال :أريد أن أعرف ما رأيك في حالة مثل هذه :أعرف
ممرضة دخلت في قضية طالق كشاهد .الزوجة رفعت دعوى ضد الزوج لطالقها ،وحصل على
الطالق .قاطعته قائال :تعني أنها حصل(ت) على الطالق .وعلى الفور صحح نفسه قائال" :نعم لقد
حصلت على الطالق" ،واستمر في سرد كيف أثر حماس المحاكمة على هذه الممرضة لدرجة انها
أصبحت عصبية وأخذت تشرب .أراد مني أن أنصحه بكيفية معاملتها.
حالما أصلحت خطأه طلبت منه الشرح ،لكن كما هو الحال في العادة تفاجأ بسؤالي .أراد أن
يعرف ما إذا كان الشخص ال يملك الحق في إرتكاب أخطاء في الكالم .شرحت له أن هناك سببا
لكل خطأ وأنه لو لم يخبرني بأنه غير متزوج لقلت بإنه بطل قضية الطالق المذكورة وأن الخطأ
أظهر أنه أراد الطالق بدال من زوجته حتى ال يضطر لدفع النفقة ويسمح له بالزواج ثانية في والية
نيويورك.
لقد أنكر بشدة تفسيري ،لكن انفعاله العاطفي ،الذي أعقبه ضحك بصوت عال ،عزز
شكوكي .وقد قلت له أنه يجب أن يقول الحقيقة من أجل العلم.
إال انه اجاب بان علي ان اصدقه كي اليكذب علي النه لم يكن متزوجا من قبل و تحليلي
النفسي مخطأ .ولكنه أضاف أنه من الخطورة بمكان أن يكون المرء مع شخص يهتم بمثل هذه
األشياء الصغيرة .ثم تذكر فجأة انه كان لديه موعد آخر وتركنا" .انا والدكتور فرينك كنا مقتنعين
بأن تفسيري كان صائبا ،فقررت إثبات ذلك أو دحضه بالمزيد من التحقيقات .في اليوم التالي
وجدت جار وصديقا قديما للدكتور ب ،.الذي أكد تفسيري على وجه الخصوص .وقد منح الطالق
لزوجة الدكتور ب .قبل بضعة أسابيع ،وتم تعيين ممرضة في قائمة المشتركين في الدفاع عن
الطالق .وبعد بضعة أسابيع التقيت بالدكتور ب .وقال لي انه مقتنع تماما باآلليات الفرودوية.
—61 الخيانة الذاتية واضحة تماما في الحالة التالية التي أبلغ عنها أوتو رانك:
كان أحد االباء خاليا من كل المشاعر الوطنية وكان راغبا في تعليم أبنائه ان يكونوا أحرارا
من هذه المشاعر الزائدة ،ووجه اللوم إلى ولديه لمشاركتهم في مظاهرة وطنية ،ورفض االشارة
إلى سلوك مماثل لعمهم بهذه الكلمات" :لستم مجبرون على تقليده؛ لماذا؟ هل النه غبي" .مالمح
دهشة األطفال في نبرة أبيهم الغريبة دفعته إلى إرتكاب خطأ ،فأجاب معتذرا بالطبع تمنيت قول
وطني .عندما يحدث خطأ كالمي كهذا في مشاحنات خطيرة فانه قد يعكس المقصود.
وهذا يبين بوضوح أنه على الرغم من عدم رغبة الناس في قبول نظرية تصوري وعدم
ميلهم إلى التخلي عن المالءمة المرتبطة بالتسامح مع الفعل الخاطئ ،فإنهم يفسرون مع ذلك
األخطاء الخطابية وغيرها من األفعال الخاطئة بطريقة مشابهة لتلك التي عرضتها في هذا الكتاب.
فاالستهزاء والسخرية اللذين يصاحبان هذه األخطاء اللغوية يتكلمان بشكل قاطع ضد الفكرة القائلة
بأن مثل هذه االخطاء ال أهمية لها من الناحية النفسية .ولم يكن غير المستشار األلماني األمير بولو
هو الذي سعى إلى إنقاذ الموقف من خالل مثل هذه االحتجاجات حين تحولت صياغة دفاعه عن
إمبراطوره (نوفمبر/تشرين الثاني )١٩٠٧إلى العكس من خالل الخطب
"وفيما يتعلق بالحاضر ،العهد الجديد لإلمبراطور ولهلم الثاني ،ال يسعني إال أن أكرر ما
قلته قبل سنة ،أنه سيكون من غير العدل ومن الظلم أن نتحدث عن حشد من المستشارين
المسؤولين حول امبرطورنا -للحديث عن مستشارين غير مسؤولين".
هناك مثال جميل لخطأ الكالم ،الذي ال يهدف كثيرا إلى خيانة المتحدث كما في تنوير
المستمع خارج المشهد ،في (بيكولميني ،الفصل األول ،المشهد ،)٥ويظهر لنا أن الشاعر الذي
يستخدم هذه الوسيلة ضليع في آلية وحشد المتلقين .في المشهد السابق ،كان ماكس بيكولوميني يؤيد
بحماس حزب البط ،وكان متحمسا لبركات السالم التي عرفها خالل رحلة بينما كان يرافق ابنة
فالينشتاين إلى المخيم .فهو يترك والده وسفير المحكمة ،كويستنبرج ،في حالة من الذعر الشديد.
ويمضي المشهد كما يلي— :
"كويسنبرغ .ويل لنا! فهل االمور كذلك؟ايها الصديق ،هل ينبغي علينا ان نسمح له الذهاب
إلى هناك مع هذا الراي الباطل ،وال نذكره في وقت واحد لفتح عينيه؟.
أوكتافيو (يحس بتأمل عميق) .لقد فتح عيني ،وأرى ألكثير مما يسرني.
أوكتافيو .تعال! يتعين علي أن أتابع على الفور المسار غير المحظوظ ،وأن أرى بعيني،
تعال!
الخطأ الطفيف الذي وقع على (ها) بدال منه (ه) وضحت لنا حقيقة أن األب قد رأى من
خالل دافع ابنه لتبني القضية األخرى ،بينما تشتكي صاحبة المحكمة من أنه "يتحدث إليه بالكامل
باأللغاز".
مثال آخر يستخدمه الشاعر لخطأ في الكالم أكتشفه أوتو راينج في شكسبير .إن الخطاب
الشعري ،المحفز بحرص شديد ،والذي يستخدم من الناحية الفنية على نحو الفت للنظر ،كما أشار
إليه فرويد في فالينشتاين ،ال يثبت فقط أن الشعراء يعرفون آلية هذا الخطأ والشعور به ،بل
ويستلزم أيضا فهمه من جانب سامعيهم كما في مثال تاجر البندقية ).وبإرادة آبائها كانت بورشيا
ملزمة باختيار زوج من خالل اليانصيب .لقد هربت من كل خطابها المزعجين بالصدفة .وعندما
وجدت أخيرا في باسانيو العريس الذي يسعى وراء قلبها ،كان لديها ما يدعو إلى الخوف خشية أن
يسحب الصندوق غير المحظوظ .وفي المشهد كانت تقول له إنه حتى لو اختار خطأ ،فقد يكون
واثقا من الحب .ولكنها معوقة بسبب نذرها .في هذا الصراع العقلي يضع الشاعر هذه الكلمات في
فمها ،موجهة إلى الخاطب المرحب به :ــ هناك شيء يخبرني (لكنه ليس حبا) بانني لن اخسرك؛
وانت تعرف ان الكراهية ال تفرز مثل هذا الشعور .ولكن لكي تفهمني جيدا (والشابة ال تقول ذلك
بل تفكر به)،
سأراك هنا بعد شهر أو شهرين ،قبل أن تغامر من أجلي .أستطيع أن أعلمك كيف ان تختار
بشكل صحيح ،ولكن بعد ذلك لن أقسم ألي شيء كي ال أكون؛ كي تشتاق لي؛
لكن إذا فعلت ذلك ،ستجعلني أتمنى ألخطيئة .ابشر عيونك الذين قسمنني :نصفي هو لك،
والنصف اآلخر لي وكل ما لي فهو لك".
"الشيء الذي تود أن تلمح إليه بلطف ،أنها حقا يجب أن تبقيه لها ،أي أنه حتى قبل القرعة
فهي له بالكامل -أنها تحبه .يسمح الشاعر ،بحساسية نفسية مثيرة لإلعجاب ،أن يظهر على السطح
خطأ في الكالم .ومن خالل هذه الكلمات يتمكن من تهدئة حالة عدم اليقين التي ال تطاق لدى
الحبيب وكذلك التوتر المشابه عند القارئ بشأن نتيجة القرعة.
ويبرر االهتمام الذي يستحقه تأكيد مفهومنا لألخطاء الكالمية من خالل الشعراء الكبار
االقتباس من مثال ثالث ورد في تقرير الدكتور إ .جونز.62
"إن الروائي العظيم ،جورج مريديث ،في تحفته بعنوان األيغوتي ،تظهر فهما أدق لآللية.
قصة الرواية هي كما يلي :السير ويلوبي فورميشن ،أرستقراطي نال إعجاب كبير من دائرته،
أصبح منخرطا مع اآلنسة كونستانتيا دورهام .تكتشف فيه انانية شديدة ،يخفيها ببراعة عن العالم،
ولتهرب من الزواج تكون عالقة مع كابتن من أوكسفورد .بعد عدة سنوات ،تنخرط "فورمينت" في
مسابقة ملكة جمال ميدلتون ،ومعظم الكتاب يتم تناوله مع وصف مفصل للصراع الذي ينشأ في
ذهنها أيضا عند اكتشاف أنانيته .فالظروف الخارجية وفهمها للشرف يفرض تمسكها بتعهداتها،
بينما يصبح أكثر فظاظة في عينيها .تنشأ عالقة مع قريبه وسكرتيره فيرنون ويتفورد ،الرجل الذي
تتزوج منه في نهاية المطاف.
"في سوليلوكي كالرا تتحدث على النحو التالي :كيف يمكن ألحد النبالء أن يراني كما أنا
وال يساعدني! يا إلهي ،يجب أن أخرج من سجن الشوك والعوسج هذا ،ال يمكنني أن أفقد طريقي.
أنا جبانة ،إشارة إصبع ستغيرني ،أعتقد .كان بإمكاني أن أطير نازفة إلى رفيق ما"
"كونستانتيا التقت جنديا .ربما صليت واجيبت صلواتها .لقد تمرضت .ولكن ،أوه ،كم
أحببتها من اجل ذلك! كان اسمه هاري أوكسفورد... .لم تنزل من قدر نفسها ،لقد قطعت كل
الروابط ،وحررت نفسها .أوه ،فتاة شجاعة ،ما رأيك بي؟ ليس لدي هاري ويتفورد؛ أنا لوحدي..
وعت بصورة مفاجئة بتبديل اسم أكسفورد ب ويتفورد.
"من الواضح أن انتهاء اسمي الرجلين في 'فورد' يجعل من الخطآ أكثر سهولة ،ويرى
الكثيرون أنه سبب كاف لذلك ،ولكن الدافع الحقيقي وراء ذلك يشير الكاتب له بوضوح .ففي فقرة
أخرى تحدث الهفوة نفسها ،ويتبع ذلك تردد وتغيير بالموضوع .يقول سير ويلوبي بشكل متعالي
عن ويتفورد' :تنبيه خاطئ .إن قرار القيام بأي شيء غير معهود يفوق كثيرا قرار فيرنون العجوز
المسكين .أجابت كالرا :لكن إذا كان السيد أوكسفورد ...ويتفورد ( ...تغير الموضوع) بجعاتك،
يسبحون في البحيرة؛ جميلون!
كنت سأسالكم ،بالتأكيد سيثبط بطبيعة الحال الرجال الذين يشهدون إعجابا ملحوظا بشخص
آخر للمرآة؟ السير ويلوغت يبتسم فاهما لما حدث .وفي لحظة اخرى فان كالرا تخون رغبتها
السرية بأنها كانت في وقفة حميمة مع فيرنون ويتفورد .تحدثت إلى صديق لها ،تقول ،أخبر السيد
فيرنون( -أخبر السيد ويتفورد).
ويمكن التحقق بسهولة من مفهوم األخطاء الكالمية المدافع عنها هنا في أصغر التفاصيل.
ولقد تمكنت من إثبات مرارا وتكرارا أن أكثر حاالت اإلخطاء الكالمية وأكثرها طبيعية لها منطقها
السليم ،واالعتراف بنفس تفسير األمثلة األكثر وضوحا .فقد قررت إحدى المرضى ،خالفا لرغباتي
ولكن بدوافع شخصية ،أن تقوم برحلة قصيرة إلى بودابست قائلة إنها كانت لمدة ثالثة أيام فقط،
ولكنها قالت مخطئة لثالثة أسابيع فقط .لقد خانت مشاعرها السرية التي كانت ،على الرغم من
حزني ،فضلت قضاء ثالثة أسابيع إلى ثالثة أيام في ذلك المجتمع الذي اعتبرته غير صالح لها.
ذات مساء ،كنت أتمنى أن أعتذر لعدم مرافقة زوجتي الى المسرح ،فقلت" :كنت في
المسرح بعد عشر دقائق بعد العاشرة ".تم تصحيحي" :قصدت أن تقول الساعة العاشرة ".بطبيعة
الحال ،أردت أن أقول قبل العاشرة .وبعد العاشرة لن يكون ذلك مبررا بكل تأكيد .كنت قد أخبرت
أن البرنامج المسرحي كتب عليه "ينتهي قبل العاشرة ".وصلنا إلى المسرح ووجدت البهو مظلم
والمسرح فارغا .من الواضح ان العرض انتهى مبكرا زوجتي لم تنتظرني .عندما نظرت إلى
الساعة ،ما زالت خمس دقائق إلى عشر دقائق قبل العاشرة .لقد عقدت العزم على جعل قضيتي أكثر
مالءمة في البيت ،وقلت إن األمر كان عشر دقائق إلى عشر دقائق .ولكن لألسف ،أفسدت الخطبة،
واظهرت عدم صدقي ،حيث بينت ما هو أكثر من مجرد اعتراف.
يقودنا هذا إلى تلك االضطرابات الكالمية التي لم يعد من الممكن وصفها بأنها أخطاء
فادحة في الكالم ،ألنها ال تؤذي الكلمة الفردية ولكنها تؤثر على إيقاع الكالم وتنفيذه ،مثل التلعثم.
ولكن هنا ،كما في الحاالت السابقة ،فإن الصراع الداخلي هو السبب من خالل اضطراب الكالم .ال
أعتقد حًقا أن أي شخص سوف يرتكب أخطاء في التحدث مع جاللة الملك ،في إعالن حب جاد ،أو
في الدفاع عن اسمه وشرف أمام هيئة محلفين .باختصار ،ال يرتكب الناس أي أخطاء حيث
يوجدون جميًعا كما يقول المثل .حتى في انتقاد أسلوب المؤلفُ ،يسمح لنا وتعودنا على اتباع مبدأ
التفسيرات المختلفة ،وهو ما ال يمكننا تفويته في أصل خطأ خطاب واحد .توضح لنا طريقة الكتابة
الواضحة والصريحة أن المؤلف هنا في وئام مع نفسه ،ولكن عندما نجد تعبيًر ا قسرًيا ومشارًكا
يهدف إلى هدف أكثر ،كما تم التعبير عنه بشكل مناسب ،يمكننا بالتالي التعرف على مشاركة فكرة
للمؤلف63. غير مكتملة ومعقدة ،أو يمكننا أن نسمع من خالله صوت خنق النقد الذاتي
الفصل السادس
أخطاء القراءة والكتابة
الواقع أن نفس وجهات النظر والمراقبة البد وأن تنطبق على األخطاء في القراءة والكتابة،
كما هي الحال مع الهفوات في الكالم ،ليس باألمر المستغرب على اإلطالق عندما يتذكر المرء
العالقة الداخلية بين هذه الوظائف .وسأقتصر هنا على التقارير الواردة في عدة أمثلة محللة بعناية
ولن أحاول إدراج جميع الظواهر.
اللبس في القراءة.
() عندما كنت أنظر إلى عدد من مجلة ،Leipziger Alomertnالذي كنت أمسكه بشكل أ
مائل ،قرأت عنوانا لصورة الصفحة األولى" ،إحتفال زفاف في األوديسي" .ومع دهشتي وانتباهي،
نقلت الصفحة إلى المكان الصحيح فقط ألقرأ بشكل صحيح "عرس في بحر البلطيق" .كيف حدث
هذا الخطأ الفاضح في القراءة؟
وسرعان ما تحولت أفكاري إلى كتاب لروث بعنوان" تحقيقات تجريبية في
االطياف الموسيقية" ،الخ ،.التي كنت قد شغلت بها مؤخرا ،إذ انها أثارت عن كثب
64
المشاكل النفسية التي تهمني .ووعد صاحب الكتاب بعمل في المستقبل القريب يدعى تحليل
ومبادئ ظواهر األحالم .ال عجب أنني ،بعد أن نشرت للتو تأويل األحالم ،انتظرت ظهور
وجدت اعالنا في بداية الموسيقية65 هذا الكتاب باهتمام شديد .في عمل روث فيما يتعلق باالطياف
جدول محتويات الدليل التحقيقي المفصل ان الخرافات والتقاليد الهيلينية القديمة نشأت أساسا من
الغفوات والموسيقى الطيفية ،كظواهر في الحلم والغفوات .فدخلت فورا في النص إلعرف ما إذا
كان يدرك أيضا ان المشهد الذي يظهر فيه أوديسيوس امام نوسيا يستند إلى حلم العري .ولقد وجه
،66والذي يفسر أحد أصدقائي انتباهي إلى مقطع ذكي في كتاب جي كيلر جرونيم هاينريش
هذه الواقعة في ملحمة أوديسيا باعتبارها تمثيال موضوعيا لحلم البحارة الذين يبتعدون عن وطنهم.
االحالم67. أضفت إليها إشارة إلى حلم العري في كتابي عن
األسهم68. ب
( ) المرأة التي تتوق بشدة إلى إنجاب األطفال تقرأ دائما اللقلق بدال من
(ت) في يوم ما تلقيت رسالة تحتوي على أخبار مزعجة جدا .اتصلت على الفور بزوجتي
وأخبرتها بأن السيدة المسكينة و .م .مريضة جدا وقد تخلى عنه األطباء .ال بد أن هناك نغمة كاذبة
للكلمات التي عبرت فيها عن تعاطفي ،إذ ارتابت زوجتي وطلبت رؤية الرسالة ،وأعربت عن
رأيها بأنها ال يمكنها أن تجد ما ذكرت ،ألن ال أحد ينادي الزوجة باسم الزوج .وعالوة على ذلك،
كان المراسل على دراية تامة باالسم المسيحي للمرأة المعنية .ودافعت عن توكيدي بعناد ،وأشارت
إلى بطاقات الزيارة المعتادة ،التي تحدد المرأة نفسها باسم زوجها المسيحي .أجبرت أخيرا على
أخذ الرسالة ،وفي الواقع ،قرأنا فيها المسكين الدكتور و .م .ما هو أكثر من ذلك ،أنني أغفلت
الدكتور المسكين و .خطأي في القراءة يدل على وعي مشوش ،إذا جاز التعبير ،لتحويل الخبر
المحزن من الرجل إلى المرأة .فالعنوان بين الصفة واالسم لم يكن جيدا مع دعائي ان المرأة يجب
ان تكون المقصودة .ولذلك أخطأت في القراءة .لم يكن الدافع وراء هذا التزوير أن المرأة كانت
أقل تعاطفا من الرجل ،لكن مصير هذا الرجل المسكين أثار مخاوفي على شخص آخر قريب لي،
والذي كنت على علم بأنه كان مصابا بنفس المرض.
( ) كثيرا ما أخطأ اخطائا مثيرة للضحك والقلق عندما أتجول في شوارع مدينة غريبة ث
على كل الفتة تجارية تظهر أقل تشابه للكلمة؛ هذا يظهر خالل عطالتي .ثم أقرأ كلمة انتيكات
روح جامع االنتيكات لدي.
( ) في عمله الهام 69يذكر بليولر" :بينما كنت أقرأ ،كان لدي إحساس فكري لرؤية اسمي ج
تحت سطرين من السطر الذي اقرأه .لدهشتي لم أجد سوى كلمات الخليات الدموية .70ومن بين
اآلالف من الثغرات في القراءة في المحيط الخارجي وفي مجال الرؤية المركزي الذي قمت
بتحليله ،كانت هذه هي الحالة األكثر بروزا .كلما تخيلت أنني رأيت اسمي ،كانت الكلمة التي
حفزت هذا الوهم تظهر عادة تشابه أكبر مع اسمي من كلمة الخليات الدموية .في معظم الحاالت،
كان يجب أن تكون كل الحروف التي تحمل اسمي قريبة من بعضها البعض قبل أن أتمكن من
إرتكاب مثل هذا الخطأ .ولكن في هذه الحالة ،أستطيع أن أشرح بسهولة هذا الوهم .ما قرأته للتو
هو نهاية جملة علمية تمت كتابتها بشكل سيئ ،وهو خطأ لست منزه عنه تماما".
اللبس في الكتابة:
() على ورقة تحتوي أساسا على مالحظات قصيرة يومية ذات أهمية لعملي ،فوجئت أ
بالتاريخ غير الصحيح ،يوم الخميس 20تشرين األول/أكتوبر ،الوارد بين معقوفتين في التاريخ
الصحيح وهو شهر أيلول/سبتمبر .ولم يكن من الصعب تفسير هذا التوقع باعتباره تعبيرا عن
الرغبة في العمل .اذ عدت قبل أيام قليلة من إجازتي وشعرت أنني مستعد ألي قدر من العمل،
ولكن لم يكن هناك سوى عدد قليل من المرضى .لدى وصولي وجدت رسالة من مريضة تعلن عن
وصولها في 20تشرين االول .فكتبت نفس التاريخ في سبتمبر وربما كنت فكرت بان المريضة
س .يجب أن تكون هنا بالفعل؛ يا له من خطأ ،شهر كامل! وبهذه الفكرة دفعت الموعد الحالي شهرا
كامال .في هذه الحالة فإن هذا الفكرة المزعجة ال يمكن أن يطلق عليه وصف غير سار؛ لذلك بعد
أن الحظت هذا الخطأ في الكتابة ،علمت على الفور الحل .في خريف السنة التالية ،شهدت هفوة
مماثلة تماما وحافزا اخر لكتابة التاريخ بصورة خاطئة .وقد قام جونز بدراسة حاالت مماثلة،
ووجد أن معظم األخطاء في كتابة التواريخ تتضمن دوافع.
( ) تلقيت أوراق إثبات عن مساهمتي في التقرير السنوي عن علم األعصاب والطب ب
النفسي ،وكان من الطبيعي أن أقوم بمراجعة أسماء المؤلفين بعناية خاصة ،والتي ،بسبب العديد من
الجنسيات المختلفة الممثلة ،كانت هنالك صعوبات واجهها المحرر .في الواقع ،وجدت بعض
األسماء الغريبة ال تزال في حاجة إلى تصحيح؛ ولكن ،من الغريب ،أن المحرر قام بتصحيح اسم
واحد في مقالتي ،ولسبب وجيه جدا .كنت قد كتبت باكرهارد ،الذي ظن أنه بوركهارد
.فقد أثنيت
على طروحات طبيب التوليد هذا بعنوان تأثير الوالدة على أصل شلل األطفال ،ولم أكن
مدركا للخطأ في االسم .ولكن أحد الكتاب في فيينا ،الذي أغضبني بسبب االنتقادات السلبية التي
،يحمل نفس االسم .وكأنه في كتابة اسم بوركهارد ،أي وجهت إلى كتابي الصدمات النفسية
طبيب التوليد ،فكرة شريرة تتعلق بالشخص اآلخر .إن تحريف االسم ،كما سبق أن ذكرت فيما
الشخص71. يتعلق بالثغرات في الكالم ،غالبا ما يدل على تقليل لقيمة
( ) وفيما يلي حالة خطيرة على ما يبدو من حاالت األخطاء الكالمية ،ومن الصحيح ت
أيضا وصفه بأنه عمل تم تنفيذه خطأ .كنت أنوي أن أسحب من بنك المدخرات البريدية مبلغ 300
كرونا ،كنت أرغب في إرسالها إلى أحد أقاربي الغائبين لتمكينه من العالج في أحد ألمنتجعات
الصحية .الحظت أن حسابي كان 4380كرونا ،وقررت أن أنزله إلى رقم بأصفار هو 4000
كرونا ،لم يكن من المقرر أن اتصرف به في المستقبل القريب .بعد إجراء الفحص العادي الحظت
فجأة أنني لم أكتب ٣٨٠كرونا ،كما كنت أنوي ،ولكن بالضبط 438كرونا .كنت خائفا من عدم
الثقة في خطوتي .سرعان ما أدركت أن خوفي ال أساس له من الصحة ،ألنني لم أكن قد أصبحت
أكثر فقرا مما كنت عليه من قبل .ولكن كان على أن أفكر لفترة طويلة حتى أكتشف ما هو التأثير
الذي حولني عن نيتي األولى دون معرفتي.
في البداية بدأت في سلوك مسار خاطئ :لقد طرحت 380من ،438ولكن بعد ذلك لم
أكن أعرف ما الذي على فعله بالفرق .وأخيرا ،خطرت لي فكرة بينت لي الصلة الحقيقية438 .
هو بالضبط 10في المائة من كامل الحساب الذي يبلغ !4380ولكن بائع الكتب أيضا اعطاني
خصم بنسبة 10في المائة! تذكرت أنني قبل أيام قليلة من إختياري عدة كتب لم أعد مهتما بها
عرضتها على بائع الكتب ب ٣٠٠كرونا .كان يعتقد أن الثمن باهظ جدا ،لكنه وعد بأن يعطيني
إجابة نهائية في غضون األيام القليلة القادمة .إذا قبل أول عرض لي سيحل محل المبلغ بالضبط
الذي أنفقه على المريض .وال شك في أنني كنت آسف لهذا اإلنفاق .يمكن فهم العاطفة في تحقيق
أخطائي بسهولة أكبر على أنها خوف من زيادة الفقر من خالل مثل هذه النفقات .ولكن الحزن على
هذه النفقة والخوف من الفقر المرتبط بها كليهما كانا غريبين عن وعيي؛ لم أندم على هذه النفقات
عندما وعدت بالمبلغ ،وكنت سأضحك على فكرة وجود مثل هذا الدافع .ربما ما كان ينبغي على أن
أسند لنفسي مثل هذه المشاعر لوال أن ممارستي التحليلية النفسية جعلتني على دراية تامة بالعناصر
المكبوتة في ال وعيي ،ولو لم يكن لدي حلم مشابه قبل بضعة أيام ما كان ليأتيني هذا الفهم.
( ) على الرغم من أنه من الصعب عادة العثور على الشخص المسؤول عن أخطاء ث
الطابعات ،إال أن اآلليات النفسية الكامنة وراءها هي نفسها في األخطاء األخرى .كما تظهر
األخطاء الطباعية بوضوح حقيقة مفادها أن الناس ليسوا على اإلطالق غير مبالين بمثل هذه
التفاهات بوصفها "أخطاء" ،وإذا حكمنا من خالل ردود الفعل الساخطة من جانب األطراف
المعنية ،فإن المرء يضطر إلى إستنتاج مفاده أن عامة الناس ال يتعاملون مع األخطاء باعتبارها
مجرد حوادث .وقد أوجزت هذه الحالة بشكل جيد جدا في المقالة التالية من صحيفة نيويورك
تايمز في 14نيسان .1913واألمر األكثر إثارة لالهتمام هو تعليقات المحرر الحريص على
االطالع ،والذي يبدو وكأنه يتقاسم وجهات نظرنا- :
ومنذ فترة ليست بالبعيدة كان هناك خطأ مدهش أكثر من ذلك والذي
تسلل إلى مراجعة لكتاب لنا -كان الخطأ مؤثرا الن الكتاب علمي .فقد كانت
عبارة عن استعاضة كلمة "كاريبو" بكلمة "الكربون" في الفقرة التي تتناول
72
التركيب الكيميائي للنجوم .وفي هذه الحالة ،فإن انتفاضة الكاتب الذاتية
الشرسة معقولة على األقل ،حيث أنه يبدو من غير الممكن أن يكتب "كاريبو"
عندما كان ينوي كتابة "الكربون" ،وكانت لديه الثقة بما فيه الكفاية لعدم إجراء
تحقيق عميق في األمر".
(ج) أذكر الحالة التالية التي ساهم فيها الدكتور دبليو .ستيكيل ،والتي أستطيع أن أصادق
عليها:
"حدث مثال ال يصدق تقريبا على سوء الكتابة والقراءة في تحرير مجلة
أسبوعية واسعة االنتشار .وهي تتعلق بمادة للدفاع والتشهير كتبت بحرارة
شديدة وبمرضاة عظيمة .وقد قرأ رئيس تحرير الصحيفة المقالة ،في حين
قرأها المؤلف بنفسه بشكل طبيعي من المخطوطة وأوراق اإلثبات أكثر من
مرة .كان الجميع راضيا ،عندما الحظ قارئ الطابعة فجأة خطأ طفيفا تجاوزت
انتباه الجميع .وهناك كان خطأ واضح بما فيه الكفاية لجذب االنتباه" :سيشهد
القراء على أننا تصرفنا دائما بطريقة أنانية من أجل خير المجتمع .من الواضح
تماما أنه كان المقصود منه أن يقول غير أنانية .بيد أن األفكار الحقيقية قد
كسرت الخطاب بصورة مثيرة للشفقة".
(ح) المثال التالي للطباعة الخاطئة مأخوذ من جريدة غربية :كان المدرس يقدم ورقة
تعليمية عن األساليب الرياضية ،وتحدث عن خطة لتعليم الشباب الذي قد ال يتم تنفيذه.
(خ) حتى الكتاب المقدس لم يفلت من البصمات الخاطئة .وهكذا يكون لدينا "الكتاب المقدس
الشرير" ،73اذ كان السبب خطا في الوصية السابعة (ال تمارس الزنا) اذ حذفت ال ال .وقد نشرت
هذه الطبعة المصرح بها من الكتاب المقدس في لندن في سنة ،1631وقيل ان على الطابعة ان
تدفع غرامة قدرها ألفي جنيه بسبب االغفال.
وتعود نسخة أخرى من الكتاب المقدس باللغة االلمانية إلى سنة ،1580وهي موجودة في
الكتاب المقدس لمكتبة ولفنسبوتل الشهيرة ،في هيسيه .في فقرة التكوين حيث يخبر هللا حواء ان آدم
سيكون سيدها ويحكم عليها .استبدل كلمة سيدها الى االحمق .74ويبدو أن األدلة المكتشفة حديثا
تظهر أن الخطأ كان ذكيا اذ ان زوجة الطابع ،كانت ترفض أن يحكمها زوجها.
د
( ) يكتب الدكتور إرنست جونز عن القضية التالية المتعلقة ب أ .أ .بريل" :على الرغم من
أنه كان عادة ال يشرب ،إال أنه استسلم لدعوة صديق في إحدى األمسيات ،من أجل تجنب اإلساءة
إليه ،وأخذ بعض الخمر .وخالل الصباح التالي ،أدى تفاقم الصداع العيني إلى األسف على هذا
التساهل الطفيف ،ووجدت انعكاساته على الموضوع بالتعبير خطأ بالكتابة .إذ كان يكتب اسم فتاة
مريضة اسمها ايثيل لكنه كتبها آثيل .75وصادف أن الفتاة المعنية كانت مغرقة في الشراب ،وفي
مزاج الدكتور برايل في ذلك الوقت كانت هذه السمة من خصائصها واضحة المعالم.
( ) كتبت امرأة إلى أختها ،مباركة لها بمناسبة حصولها على مسكن جديد وواسع. ذ
والحظت صديقة حضرت ان الكاتبة وضعت العنوان الخاطئ على الخطاب ،وما كان الفتا للنظر
هو انها لم ترسله الى عنوانها السابق بل الى عنوان اقدم كانت خرجت منه منذ وقت طويل عندما
تزوجت قبلها .عندها لفتت صديقتها انتباهها للخطأ .قالت لها الكاتبة :أنت محقة؛ ولكن ما الذي
جعلني أفعل هذا؟ فأجابت صديقتها" :ربما تحسدينها على البيت الكبير الجديد الذي انتقلت إليه للتو
ألنك نفسك محشورة بفضاء ضيق ،ولهذا السبب وضعتها في منزلها األول ،حيث لم تكن أفضل
منك" .اعترفت بصدق :بالطبع أحسدها على البيت الجديد .وأضافت" :إنه لمن المؤسف أن يشعر
المرء بهذا الشكل في مثل تلك األمور".
( ) يذكر إرنست جونز المثال التالي الذي قدمه له الدكتور أ .أ .بريل .وفي رسالة إلى ر
الدكتور برايل ،حاول أحد المرضى أن يبين توتره ومخاوفه التجارية خالل أزمة القطن .وتابع
قائال" :كل ما لدي من مشاكل يعود إلى تلك الموجة الباردة؛ وال يوجد حتى أي
بذرة يمكن الحصول عليها من أجل محاصيل جديدة ".وأشار إلى موجة برد دمرت
محاصيل القطن ،لكنه بدال من كتابة "موجة" كتب "زوجة" .وفي أعماق قلبه كان يعير زوجته
بسبب عقمها وعدم انجابها ،ولم يكن بعيدا عن اإلدراك بأن عدم االنجاب لم يكن له دور يذكر في
التسبب في مرضه.
فاإلغفاالت المكتوبة تفسر بطبيعة الحال بنفس الطريقة التي تفسر بها األخطاء المكتوبة.
ففي إحدى المواد تاريخية76 وقد ذكر الدكتور ب .داتنر مثاال رائعا على اإلغفال ذي أهمية
القانونية التي تتناول االلتزامات المالية لكال البلدين ،التي وضعت في عام ١٨٦٧أثناء إعادة
عن غير قصد في الترجمة الهنغارية .يعتقد "فعال"77 العالقات بين النمسا وهنغاريا ،حذفت كلمة
داتنر أن الرغبة الالواعية من جانب المشرعين الهنغاريين في منح النمسا أقل المزايا الممكنة لها
عالقة بهذا اإلغفال.
وهناك مثال آخر على اإلغفال ذكره برايل" :مريض محتمل ،كان يناظرني فيما يتعلق
بالعالج ،وأخيرا كتب من أجل موعد ليوم معين .بدال من ان يحظر الموعد فقد أرسل اعتذارا بدأ
ب ’ :بسبب الظروف المتوقعة
ال أستطيع القدوم في الموعد‘ .لقد كان من المفروض أن يكتب
غير المتوقعة .وأخيرا جاء إلي بعد أشهر ،وخالل التحليل اكتشفت أن شكوكي في ذلك الوقت
كانت مبررة؛ فلم تكن هناك أي ظروف غير متوقعة لمنع قدومه في ذلك الوقت؛ لقد نصح بعدم
المجيء إلى .الالوعي ال يكذب.
ويورد ويندت دليال جديرا بالمالحظة على حقيقة يسهل التأكد منها وهي أننا نرتكب أخطاء
كتابية بسهولة أكبر من الكالم ويقول" :في سياق المحادثات الطبيعية ،يتم توجيه وظيفة المنع
اإلرادي باستمرار نحو تحقيق االنسجام في مسار األفكار مع حركة الصياغة .وإذا ما أصبحت
الصياغة التي تتبع األفكار بطيئة ألسباب ميكانيكية ،كما في الكتابة ،فإن مثل هذه االخطاء سرعان
ما تظهر".
إن مالحظة المحددات التي تحدث بسببها الثغرات في القراءة تثير شكوكا ،ال أحب أن
أغادر دون ذكرها ،ألنني أرى أنها قد تصبح نقطة انطالق لتحقيق مثمر .إنها حقيقة مألوفة أنه عند
القراءة بصوت عال ،غالبا ما يتراجع انتباه القارئ عن النص ويتجه نحو أفكاره الخاصة .وغالبا
ما تكون نتائج هذا االنحراف في االهتمام بحيث أنه عندما ينقطع ويشكك ال يستطيع حتى أن يذكر
ما قرأه .وبعبارة أخرى ،لقد قرأ قراءة تلقائية ،رغم أن القراءة كانت دائما تقريبا صحيحة .وال
أعتقد أن مثل هذه الظروف تحبذ حدوث زيادة ملحوظة في األخطاء .لقد اعتدنا على تولي سلسلة
كاملة من المهام التي تؤدى على وجه الدقة عندما يتم ذلك تلقائيا ،دون أي قدر يذكر من االهتمام
الواعي .وهذا يزعم أن الشروط التي تحكم االنتباه في األخطاء في التحدث والكتابة والقراءة البد
أن تتحدد بشكل مختلف عن الظروف التي يفرضها وندت (توقف أو تقليص االهتمام) .فاألمثلة
التي خضناها للتحليل لم تمنحنا حقا حق إعتبار التناقص الكمي في االهتمام أمرا مسلما به .وجدنا
ما هو على األرجح شيء مغاير ،إضطرابا لالنتباه من خالل فكر غريب بارز.
الفصل السابع
نسيان االنطباعات والقرارات
وإذا كان ألي شخص أن يميل إلى المبالغة في تقدير حالة معرفتنا الحالية بالنفس البشرية،
فإن كل ما قد يلزم إلرغامه على إتخاذ موقف متواضع يتلخص في تذكيره بوظيفة الذاكرة .اذ لم
تتمكن أي نظرية نفسية حتى اآلن من تفسير االرتباط بين الظواهر األساسية المتمثلة في التذكر
والنسيان؛ والواقع أن حتى التحليل الكامل لذلك الذي يستطيع المرء أن يراقبه بالكاد ان يستوعبه
حتى اآلن .ولعل النسيان اليوم أصبح أكثر إثارة للحيرة من التذكر ،وخاصة بعد أن تعلمنا من
دراسة األحالم والحاالت المرضية أن حتى ما كنا نعتقد لفترة طويلة أننا نسيناه قد يعود فجأة إلى
الوعي .ال شك أننا نمتلك بعض وجهات النظر التي نأمل أن تحظى بالتقدير بشكل عام .لذلك
نفترض ان النسيان عملية عفوية يمكن ان نعزو اليها فترة زمنية معينة.
ونشدد على أنه كما هو الحال بين وحدات كل انطباع أو تجربة (في النسيان أيضا) يجري
إختيار معين بين االنطباعات القائمة .ونحن على دراية ببعض الشروط التي تشكل األساس
للذكريات المستمرة وصحوة الذكريات التي كانت لتظل منسية لوال ذلك .ومع ذلك ،يمكننا أن
نالحظ في حاالت ال تحصى من الحياة اليومية مدى عدم موثوقية معرفتنا باآللية وعدم ادراكنا لها.
وهكذا قد نستمع إلى شخصين يتبادالن استذكارات تتعلق بنفس االنطباعات الخارجية ،ولنقل عن
رحلة اتخذوها معا في وقت ما من قبل .وما يظل في ذاكرة الواحد أكثر رسوخا غالبا ما ينساه
اآلخر ،كما لو أنه لم يحدث قط ،حتى وإن لم يكن هناك أدنى سبب يجعلنا نفترض أن هذا االنطباع
أكثر أهمية نفسية بالنسبة لآلخر من غيره .من الواضح أن العديد من هذه العوامل التي تحدد القوة
االنتقائية للذاكرة ال تزال خارج إطار فهمنا.
وبهدف اضافة مساهمة صغيرة إلى معرفة ظروف النسيان ،لم أكن أخضع لتحليل نفسي
لتلك الحاالت التي كان النسيان يهمني فيها شخصيا .وكقاعدة ،لم أتناول سوى مجموعة معينة من
تلك الحاالت ،وهي الحاالت التي أذهلني فيها النسيان ،ألنني ،في رأيي ،كان ينبغي أن أتذكر
التجربة المعنية .كما أود أن أشير إلى أنني عموما ال أميل إلى النسيان (عن األشياء التي اختبرت،
وليس عن األشياء التي تعلمتها) ،وأنه خالل فترة قصيرة من شبابي استطعت أن أقدم إنجازات
استثنائية في الذاكرة .عندما كنت تلميذا كان من الطبيعي جدا بالنسبة لي أن أكرر من الذاكرة
صفحة كتاب قرأته؛ وقبل وقت قصير من دخولي الجامعة كان بإمكاني كتابة المحاضرات في
المواد العلمية بصورة حرفية مباشرة بعد سماعها .في توتر االمتحان الطبي النهائي ال بد أنني
استغللت ما تبقى من هذه القدرة ،ففي مواضيع معينة قدمت أجوبة آلية على ما يبدو ،وثبت انها
اعادة إنتاج دقيقة للكتاب بنصه ،الذي كنت قد طالعته بسرعة كبيرة.
ومنذ تلك األيام فقدت السيطرة على ذاكرتي؛ ولكن في اآلونة األخيرة ،أصبحت مقتنعا
بأنني بمساعدة مهن معينة أستطيع أن أتذكر أكثر كثيرا مما كنت ألعتمد على نفسي بالتذكر .على
سبيل المثال ،عندما يقول أحد المرضى ،أثناء ساعات عملي ،أنني قد رأيته من قبل وال أستطيع أن
أتذكر الحقيقة أو الوقت ،فأنا أساعد نفسي من خالل التخمين وهذا يعني أنني أسمح لعدد من
السنوات ،بداية من الوقت الحاضر ،بأن تأتي إلى ذهني بسرعة .وكلما كان من الممكن السيطرة
على هذا األمر بواسطة سجالت معلومات محددة من المريض ،كان من الواضح دوما أنني في
أكثر من عشر سنوات نادرا ما تفقده ذاكرتي ألكثر من ستة أشهر .ويحدث نفس الشيء عندما
ألتقي ببعض معارفي العاديون ،ومن التهذيب ،أسألهم عن طفلهم الصغير .عندما يخبروني عن
تقدمهم العمري أحاول أن أتخيل كم يبلغ عمر الطفل اآلن .أنا أتحكم في تقديري بالمعلومات التي
قدمها األب ،وأخطئ في أكثر األحوال بمعدل شهر ،وفي األطفال األكبر سنا لمدة ثالثة أشهر.
ولكن ال يسعني أن أذكر األساس الذي يستند إليه هذا التقدير .في وقت متأخر أصبحت جريء إلى
الحد الذي جعلني أعرض تقديراتي بشكل عفوي ،ومع ذلك ال أجازف بإغضاب األب بإظهار
جهلي فيما يتصل بذريته .لذا فإنني أمدد ذاكرتي الواعية باستحضار ذاكرتي الالواعية األكبر.
سأقدم تقريرا عن بعض األمثلة المذهلة للنسيان التي راقبتها بنفسي .إنني أميز بين
االنطباعات والتجارب ،أي نسيان المعرفة ،من نسيان القرارات ،أي نسيان السهو .النتيجة الموحدة
لمجمل سلسلة المالحظات التي يمكنني صياغتها كما يلي :لقد ثبت أن النسيان في كل
األحوال يحدث بدافع االستياء من شيء ما.
() خالل فصل الصيف أغضبتني زوجتي مرة واحدة ،رغم أن القضية بحد ذاتها كانت أ
خانقة .جلسنا في مطعم مقابل رجل من فيينا عرفته ،وكان لديه سبب ليعرفني ،وكان لدي أسباب
لعدم رغبتي في التعارف مع جلسائه .لم تعرف زوجتي شيئا عن سخطي من الرجل المقابل لها،
وأظهرت من أفعالها أنها كانت تستمع إلى حديثه مع جلسائه ،ومن حين آلخر ،سألتني أسئلة
تناولت موضوع حديثهم .صبرت في البداية وغضبت أخيرا .وبعد بضعة أسابيع اشتكيت إلى أحد
أقاربي من هذا السلوك من جانب زوجتي ،ولكنني لم أستطع تذكر ولو كلمة واحدة من حديث السيد
المذكور .عادة ال أستطيع أن أنسى حادثة واحدة من األحداث التي أزعجتني ،فإن فقدان ذاكرتي في
هذه الحالة تم تحديدها دون شك باحترام زوجتي.
قبل فترة قصيرة كان لدي تجربة مماثلة .كنت أتمنى أن امازح صديق حميم على تصريح
أدلت به زوجتي قبل ساعات قليلة فقط ،ولكنني وجدت نفسي معوقا بسبب الحقيقة الجديرة بالذكر
وهي أنني نسيت تماما التصريح .كان علّي أوال أن أتوسل لزوجتي أن تعيد ذكر التصريح لي .من
السهل فهم أن نسياني في هذه الحالة قد يكون مماثال لالضطراب النموذجي في الحكم الذي يهيمن
علينا حين يتعلق األمر بأولئك األقرب إلينا.
( ) لحث امرأة كانت غريبة في فيينا ،تعهدت باخبارها بشراء قاصة حديدية صغيرة ب
لحفظ الوثائق واألموال .عندما ذكرت لها ذلك ،كانت هنالك صورة لمتجر في قلب المدينة حيث
كنت متأكدا من أنني قد رأيت مثل هذه الخزائن تطفو قبلي بوصف مرئي دقيق .بالتأكيد ،لم أستطع
تذكر اسم الشارع ،لكنني كنت متأكدا من أنني سأكتشف المتجر في نزهة في المدينة ،ألن ذاكرتي
أخبرتني أنني مررت به مرات ال تحصى .لم أجد هذه المؤسسة مع الخزائن ،رغم أنني مشيت في
الجزء الداخلي من المدينة في كل اتجاه .وقد خلصت إلى أن الشيء الوحيد المتبقي هو البحث في
دليل األعمال ،وإذا فشل ذلك ،محاولة تحديد المتجر في جولة ثانية في المدينة .ولكن األمر لم
يتطلب قدرا كبيرا من الجهد؛ من بين العناوين الموجودة في الدليل وجدت واحدة قدمت نفسها على
الفور على أنها التي نسيت .صحيح أنني مررت بنافذة المتجر مرات ال تحصى ،ولكن في كل
مرة ،عندما كنت أزور العائلة م ،.التي عاشت سنوات عديدة في المبنى نفسه .وبعد ان تحولت هذه
الصداقة الحميمة إلى قطيعة مطلقة ،كنت اهتم بتجنب الحي وكذلك المنزل .في مشواري في المدينة
بحثا عن القاصات في نافذة العرض كنت قد مررت بكل الشوارع في الحي ماعدا العنوان
الصحيح ،وقد تجنبت هذا كما لو كانت أرضا محظورة.
وبالتالي فإن دافع االستياء الذي كان في أعماق سهوي مفهوم .ولكن آلية النسيان لم تعد
بهذه البساطة كما كانت الحال في المثال السابق .وهنا ال يمتد نفوري بطبيعة الحال إلى بائع
الخزائن ،بل إلى شخص آخر ،ال أريد أن أعرف عنه شيئا ،ثم ينتقل فيما بعد من األخير إلى هذا
المذكورة سابقا ،فإن الحقد على الحادث الذي يستحضرالنسيان .وبالمثل ،في حالة بوركهارد
الشخص الذي تسبب في الخطأ تعني كتابة اسم اآلخر .إن تشابه األسماء التي أسست هنا صلة بين
جانبين مختلفين في األساس من األفكار قد تحقق في حالة نافذة العرض من خالل تالصق الفضاء
والبيئة التي ال يمكن فصلها .وعالوة على ذلك ،كانت هذه الحالة األخيرة أكثر تماسكا ،فقد لعب
المال دورا كبيرا في إثارة القطيعة مع األسرة التي تعيش في هذا البيت.
( ) طلبت مني شركة بي .آر .أن أقوم بإجراء مكالمة احترافية مع أحد موظفيهم .في ت
طريقي إليه ،كنت منهمك في فكرة أنني البد أنني قد كنت بالفعل في المبنى الذي تحتله الشركة.
كان يبدو وكأنني كنت أرى الفتتهم في الطابق األرضي بينما كانت زيارتي الحقيقية الى طابق
أعلى .ولم أستطع ان أذكر في أي بناية كانت الشركة وال وقت زيارتها .ورغم أن المسألة برمتها
لم تكن مهمة ولم تكن لها أي تداعيات ،إال أنني شغلت نفسي بها ،وتعلمت أخيرا بطريقة ملفوفة
معتادة ،بجمع األفكار التي حدثت لي في هذا الصدد ،فإن في طابق واحد اعلى من الطابق الذي
تحتله الشركة بي .آر .هو نزل راش فيشر ،حيث زرت بعض المرضى مرارا .ثم تذكرت المبنى
الذي كان يحوي كل من الشركة والنزل .ولكن كنت ما زلت محتارا بشأن الدافع الذي دخل في هذا
،أو المرضى النسيان .لم أجد شيئا غير مقبول في ذاكرتي فيما يتصل بالشركة ذاتها أو الموتيل
الذين يعيشون هناك .كما كنت أدرك أنه لم اتعامل مع أي شيء مؤلم جدا هنا ،وإال ما كنت ألكون
ناجحا في تعقب الشيء المنسي بطريقة غير مباشرة دون اللجوء إلى المساعدات الخارجية ،كما
حدث في المثال السابق .أخيرا ،تذكرت بانه قبل قليل ،بينما كنت في طريقي الى مريض جديد،
رأيت رجال لم أستطع معرفته في البداية لكنني قبل بضعة أشهر رأيت هذا الرجل في حالة خطيرة
وشخصت حالته بمرض الشلل العام ولكنني علمت الحقا بشفائه ،وبالتالي فإن رأيي كان غير
صحيح .ألم يكن من الممكن أن يكون لدينا في هذه الحالة إعادة تجاوب ،والتي عادة ما يجدها المرء
؟ في هذه الحالة ،ال يزال تشخيصي مبررا .التأثير الناجم عن هذا االجتماع في الشلل العام
جعلني أنسى حي شركة بي .آر .واهتمامي باكتشاف الشيء المنسي تم نقله من حالة التشخيص
الخاطئة .الربط في هذه العالقة الداخلية الفضفاضة كان متأثرا بتشابه األسماء :فقد كان الرجل الذي
تعافى ،خالفا لما كان متوقعا ،يعمل أيضا كموظف في شركة كبيرة ترسل لي المرضى .والطبيب
الذي رأيت معه الحالة سابقا يحمل اسم فيشر ،اسم النزل
في البناية.
(ث) إن إساءة وضع شيء ما لها نفس أهمية نسيان المكان الذي وضعناه فيه .وكأغلب
الناس الذين يتنقلون بين الكراسات والكتب ،فأنا أهتم بمكتبي بصورة جيدة ويمكنني إنتاج ما أريد
بجلسة واحدة .ما يبدو لآلخرين أنه اضطراب أصبح بالنسبة لي نظاما مثاليا .لماذا إذن أخطأت في
وضع كتالوج أرسل إلى منذ فترة ليست ببعيدة حتى ال يمكن العثور عليه؟ واألكثر من ذلك أنني كنت
،78ألنه من تأليف كاتب أحب أسلوبه الحماسي أنوي أن أطلب كتابا من خالله بعنوان حول اللغة
المذهل ،والذي تعلمت أن أقدر رؤيته في علم النفس ومعرفة العالم الثقافي .أعتقد أن هذا هو السبب
الذي جعلني أسيء وضع الكتالوج .لقد كانت عادتي أن أقرض كتب هذا الكاتب ألصدقائي من أجل
تنويرهم ،وقبل بضعة أيام ،عند إرجاع أحد الكتب ،قال أحدهم" :أسلوبه يذكرني بأسلوبك ،وطريقته
في التفكير متطابقة" .لم يكن المتحدث يعلم ما الذي كان يثيره بهذا التصريح .قبل سنوات ،عندما
كنت أصغر سنا وفي حاجة أكبر لتشكيل صداقات ،قيل لي عمليا نفس الشيء من قبل زميل أكبر
سنا ،الذي أوصيته بكتابات كاتب طبي مألوف لي .ألضعها في كلماته" ،إنها طريقتك وأسلوبك
تماما ".لقد تأثرت كثيرا بهذه المالحظات لدرجة أنني كتبت رسالة إلى هذا الكاتب بهدف عمل عالقة
أوثق ،لكن اإلجابة الهادئة نوعا ما وضعتني "في مكاني" .وربما كانت تجارب مثبطة في وقت سابق
تخفي نفسها خلف هذه التجربة األخيرة ،ألنني لم أجد الكاتالوج .ولهذا السبب ،منعت فعال من طلب
الكتاب الذي اريد ،رغم ان إختفاء الكتالوج لم يشكل عائقا حقيقيا ،الني تذكرت جيدا اسم الكتاب
والمؤلف.
( ) وهناك حالة أخرى من سوء الخزن تستحق اهتمامنا بسبب الظروف التي أعيد فيها ج
اكتشاف المشروع .يروي شاب ما يلي" :منذ عدة سنوات كان هناك بعض سوء التفاهم بيني وبين
زوجتي .لقد وجدتها باردة جدا ،ورغم أنني قدرت تماما صفاتها الممتازة ،فقد عشنا معا دون أن
نتوق إلى أي شعور بالرقة لبعضنا البعض .وفي أحد األيام في عودتها من المشي أعطتني كتابا
كانت قد اشترته ألنها اعتقدت أنه سيهمني .شكرتها على هذه العالمة من "االهتمام" ،ووعدت
بقراءة الكتاب ،وضعته في مكان ما ،ولم أجده مرة أخرى .مرت أشهر ،تذكرت فيها الكتاب
المفقود ،وحاولت عبثا العثور عليه.
"بعد حوالي ستة أشهر ،أصيبت أمي الحبيبة ،التي لم تكن تعيش معنا ،بالمرض .غادرت
زوجتي المنزل لتهتم بحماتها .واصبحت حالة امي خطيرة وأعطت لزوجتي الفرصة إلظهار
الجانب االفضل من نفسها .ذات مساء ،عدت إلى المنزل متحمسا بما أنجزته زوجتي ،وشعرت
بامتنان كبير لها .لقد تقدمت إلى مكتبي وبدون نية محددة وكانني اسير نائما ،فتحت درج ما ،وفي
قمته وجدت الكتاب مفقود.والمثال التالي ل "سوء الخزن" يعود إلى نوع معروف لدى كل محلل
نفسي .ويجب أن أضيف أن المريض الذي تعرض لهذا الوضع قد وجد بنفسه الحل.
هذا المريض ،الذي كان انقطع عن العالج النفسي خالل العطلة الصيفية عندما كان في
حالة مقاومة لذاته واشتداد لمرضه ،وضع مفاتيحه في المساء في مكانهم المعتاد ،أو هكذا فكر .ثم
تذكر انه يرغب في اخذ بعض االشياء من مكتبه ،حيث وضع أيضا المال الذي يحتاجه في الرحلة.
ومن المقرر ان يغادر في اليوم التالي الذي كان آخر يوم للعالج وتاريخ استحقاق رسم الطبيب.
لكن المفاتيح اختفت .بدأ البحث الشامل والمنظم في شقته الصغيرة .وقد أصبح متحمسا أكثر فأكثر
إليجادهم ،لكن بحثه لم ينجح .وكما أدرك أن "سوء الخزن" هذا فعل عارضي -أي أنه كان متعمدا
–لذا طلب من خادمه مواصلة بحثه النه شخص "غير متحيز" .وبعد ساعة أخرى تخلى عن
البحث وخشى أن يكون قد فقد المفاتيح لألبد.
في صباح اليوم التالي ،طلب صنع مفاتيح جديدة ،وصنعت له على عجل .اثنان من معارفه
كانوا معه في سيارة أجرة استذكروا سماع شيء يسقط على األرض عند خروجه من العربة ،لذلك
كان مقتنعا بأن المفاتيح قد سقطت من جيبه .وقد وجدهم الحقا بين كتاب سميك وكتيب رقيق ،وهو
عمل ألحد تالميذي ،كان يرغب في اخذه معه لقرائته في إجازته .كانت المفاتيح موضوعة بمهارة
جدا بحيث لم يكن أحد ليفترض انهم هناك .ولم يستطع هو نفسه أن يفكر ان وضع المفاتيح في ذلك
الموضع يجعلهم غير مرئيين .إن مهارة الالواعي التي يكون بها المخزون في غير محله ألسباب
سرية ولكنها قوية تذكرنا ب “السير خالل النوم" .كان الدافع بطبيعة الحال وهميا بسبب انقطاع
العالج والغضب السري إزاء حقيقة مفادها أنه كان مضطرا إلى دفع مثل هذه الرسوم المرتفعة
عندما شعر بالمرض.
حثت زوجة رجل ما على حضور مناسبة اجتماعية لم مشابهه79: ح
( ) يذكر برايل حادثة
يهتم بها حقا .فبدأ يأخذ بذلة لباسه من الصندوق عندما فكر فجأة في الحالقة .وبعد ان انجز ذلك
عاد إلى الصندوق فوجده مقفال .على الرغم من البحث الطويل والجدي ،لم يمكن العثور على
المفتاح .لم يمكن العثور على صانع اقفال مساء األحد ،حتى كان على الزوجان إرسال اعتذارهما.
عند فتح الصندوق في الصباح التالي تم العثور على المفتاح المفقود في داخل الصندوق .وكان
الزوج قد أسقط المفتاح في الصندوق عن بعد وأسرع الى قفله .وقد أكد لي أن هذا األمر غير
مقصود تماما وغير واع ،ولكننا نعلم أنه ال يرغب في الذهاب إلى هذه المسألة االجتماعية .ولذلك
فإن سوء خزن المفتاح ال يفتقر إلى دافع.
الحظ آرنست جونز في نفسه أنه كان معتادا أن يضيع أنبوبه كلما عانى من آثار التدخين
المفرط .ثم يعثر على االنبوب في مكان غير عادي حيث ال يجدر به ان يكون عادة .وإذا نظرنا
إلى حاالت سوء الخزن فسوف يكون من الصعب أن نفترض أنه ليس ناتجا عن نية غير واعية.
( ) في صيف عام ،1901أشرت مرة إلى صديق كنت آنذاك اتبادل األفكار معه بشأن خ
بعض المسائل العلمية" :هذه المشاكل العصبية ال يمكن حلها إال إذا أخذنا موقف القبول المطلق
لالنجذاب لكال الجنسين من قبل الفرد ".فأجاب" :لقد قلت لك ذلك منذ عامين ونصف عندما كنا
نسير في مسيرة مسائية في بر .في ذلك الوقت لن تستمع إليه.
ومن المؤلم حقا أن نجد ان افكارنا ليست أصيلة .وال أستطيع أن أذكر هذه المحادثة التي
يذكرها صديقي .البد أن يكون أحدنا مخطئا؛ ووفقا لمبدأ سؤال من المستفيد
؟ 80فال بد أنه أنا.
وفي الواقع ،خالل األسابيع التالية عاد كل شيء إلى كما يتذكر صديقي ذلك .تذكرت نفسي أنني في
ذلك الوقت قدمت الجواب :لم أصل بعد إلى هذا الحد ،وال يهمني أن أناقش األمر .ولكن منذ هذه
الحادثة أصبحت أكثر تسامحا عندما ال يذكر اسمي في المنشورات الطبية فيما يتعلق بأفكار تستحق
ان اذكر فيها.
ومن غير المستغرب في كثير من األحيان أن تتطلب األمثلة العديدة للنسيان التي جمعت
دون أي إختيار أن يقدم كحل لها مواضيع مؤلمة مثل الكشف عن زوجة الشخص؛ صداقة تحولت
إلى العكس؛ خطأ في التشخيص الطبي؛ العداوة بسبب مساع مماثلة ،أو اقتراض أفكار شخص ما.
وأنا ميال إلى االعتقاد لو أن كل شخص يجري تحقيقا في الدوافع الكامنة وراء نسيانه سوف يكون
قادرا على ملء عينة مماثلة من الظروف الغريبة .يبدو لي أن الميل إلى نسيان ما هو غير مقبول
أمر عام تماما؛ وتتطور القدرة عليها بشكل مختلف بطبيعة الحال في مختلف األشخاص.
يبدو لي أن الميل إلى نسيان ما هو غير مقبول أمر عام تماما؛ وتتطور القدرة عليها بشكل
مختلف بطبيعة الحال في مختلف األشخاص .بعض النفي الذي نواجهه في الممارسة الطبية ربما
وفهمنا لهذا النسيان يحد من التمييز بين هذا السلوك وبين العالقات بالنسيان81. يكون مرتبطا
النفسية البحتة ويسمح لنا بأن نرى في كال الشكلين من ردود الفعل التعبير عن نفس الدافع .من
األمثلة العديدة على إنكار ذكريات غير سارة والتي الحظتها بين أقرباء المرضى ،ال يزال شخص
في ذاكرتي كحالة خاص.
قالت لي أم عن طفولة ابنها العصابي ،اآلن في سن البلوغ ،أنه مثل أخوته و أخواته ،كان
عرضة لتبليل الفراش طوال طفولته ،وهو عرض بالتأكيد له بعض األهمية في تاريخ المريض
النفسي .وبعد بضعة أسابيع ،وأثناء البحث عن معلومات تتعلق بالعالج ،سنحت لي الفرصة لتوجيه
انتباهها إلى عالمات قابلية المريض الوراثية لالمراض ،وفي الوقت نفسه أشرت إلى حالة تبليل
الفراش عند المريض .ولدهشتي ،اعترضت على هذه الحقيقة بالنسبة له ،نافية ذلك أيضا بالنسبة
لألطفال اآلخرين ،وسألتني كيف يمكنني معرفة ذلك .أخيرا أخبرتها انها هي نفسها قالت لي قبل
قصير82. ذلك بوقت
كما يجد المرء مؤشرات وفيرة تظهر أنه حتى في األشخاص األصحاء وليس العصابيين
ولكن المغزى المؤلمة83. المقاومة موجودة ضد ذكرى االنطباعات غير المقبولة وفكرة األفكار
الكامل لهذه الحقيقة ال يمكن تقديره إال عندما ندخل في سيكولوجية األمراض العصبية لألشخاص.
فالمرء مجبر على جعل هذا الكفاح الدفاعي األولي ضد األفكار التي يمكن أن توقظ مشاعر مؤلمة.
كفاح ال يمكن وصفه جنبا إلى جنب إال مع ردة فعل الهرب بسبب مؤثرات مؤلمة ،بوصفه الركيزة
األساسية لآللية التي تحمل األعراض الهيستيرية .وال ينبغي للمرء أن يبدي أي اعتراض على
قبول هذا الميل الدفاعي على أساس أننا كثيرا ما نجد أنه من المستحيل تخليص أنفسنا من ذكريات
مؤلمة تتمسك بنا ،أو التخلص من مشاعر مؤلمة مثل الندم وتعيير الضمير .وال أحد يؤكد أن هذا
الميل الدفاعي يكتسب دوما اليد العليا ،وأنه في مسرحية القوى النفسية قد ال يهاجم العوامل التي
تثير الشعور المضاد ألغراض أخرى وتتسبب فيه رغم ذلك.
وكما هي الحال في تناسي األسماء تقريبا ،فإن الذكريات الخاطئة قد تظهر أيضا في نسيان
االنطباعات ،وحين يجدون التصديق فقد يوصفون بأنهم أوهام في الذاكرة .وقد يؤدى اضطراب
الذاكرة في الحاالت المرضية (في جنون الشك واالضطهاد الذي يمارسه في الواقع دور العامل
الذي يساهم في تشكيل األوهام) إلى تسليط الضوء على دراسات واسعة النطاق حيث ال توجد أي
إشارة إلى الدافع وراء ذلك .وبما ان هذا الموضوع ينتمي أيضا إلى سيكولوجية االعصاب فهو
يتجاوز العالج الحالي .وبدال من ذلك ،سأعطي من تجربتي الخاصة مثاال غريبا عن اضطراب
الذاكرة يظهر تصميما بوضوح وبما فيه الكفاية من خالل المواد المكبوتة الالواعية والربط بها.
أثناء كتابتي الفصول األخيرة من كتابي عن تفسير األحالم ،تصادف أنني كنت في منتجع صيفي
بدون مكتبات وكتب مرجعية ،حتى اضطررت إلى تقديم كل أنواع المراجع واالقتباسات من
الذاكرة .هذه بطبيعة الحال كانت محجوزة للتصحيح في المستقبل .في فصل أحالم اليقظة ،فكرت
،التي كان الكاتب يصفها بأحالمه اليومية .تخيلت أنني تذكرت خياال في شخصية مرموقة في نابا
واحدا من هذا الرجل ،الذي اسماه السيد جوسلين ،والذي حلم به أثناء المشي في شوارع باريس،
وبدأ في إعادة إنتاجه من الذاكرة .وصف هذا الحلم كيف ألقى السيد جوسلين نفسه بجرأة على
حصان جامح وجعله في حالة من الجمود؛ كيف فتح باب العربة واندفع شخص عظيم من داخل
العربة ،ضغط على يد السيد جوسلين وقال" :أنت مخلصي -أنا مدين لك بحياتي! ماذا يمكنني أن
أفعل لك؟
وأكدت لنفسي أنه يمكن بسهولة تصحيح عدم الدقة في تسليم هذا الخيال في المنزل بعد
لمقارنته بمخطوطة ،وجدت في مخزي وإثارة التشاور مع الكتاب .ولكن عندما كنت أتأمل نابا
الذعر أنه لم يكن هناك ما يشير إلى حلم كهذا للسيد جوسلين؛ والواقع أن صاحب الكتاب المسكين
لم يحمل حتى هذا االسم -فقد كان يدعى السيد جويس .ثم كان هذا الخطأ الثاني بمثابة المفتاح إلى
حل الخطأ األول ،أال وهو استذكار الخطأ.
الشكل األنثوي ،كانت الكلمة الوحيدة الممكنة التي ستترجم جويوز87 جويو ،86التي تعد
إلى الفرنسية .فمن أين جاء هذا زورا ذكرا للخيال الذي نسبته لدوديت؟ يمكن أن اسمي فرويد
يكون فقط نتاج ذاتي ،حلم النهار الذي سبقته أنا شخصيا ،والذي لم يصبح واعيا ،أو الذي كان يوما
واعيا ومنذ ذلك الحين نسي تماما .ربما إخترعتها بنفسي في باريس ،حيث كنت كثيرا ما أتجول
في الشوارع وحدي ،مليئ بالحنين إلى مساعد وحامي ،إلى أن أخذني شاركوت إلى دائرته .كثيرا
في منزل شاركوت .ولكن الجزء المثير في األمر كله هو حقيقة أنه ال يوجد ما التقيت بمؤلف نابا
شيء عدائي إلى هذا الحد بقدر ما هو مجرد فكرة كون المرء ربيبا لحريته .ما نراه في بلدنا يفسد
كل الرغبة فيه ،وشخصيتي ال تتناسب إال مع دور الطفل المحمي .لقد كنت دائما أتمتع برغبة هائلة
في "أن أكون الرجل القوي بنفسي" .وكان يجب تذكيري بحلم كهذا ،بالتأكيد ،لم يتحقق قط! وفضال
عن ذلك ،فإن هذا الحادث مثال جيد على كيفية تقييد المرء لذاته ،الذي ينتصر بجنون العظمة،
ويضيق صدورنا ويورطنا في فهم األشياء فهما دقيقا.
وهناك حالة أخرى من جمع الذكريات الخاطئة التي يمكن تفسيرها بشكل مرض تشبه
التي ستتم مناقشتها في وقت الحق .لقد ربطت بواحد من مرضاي ،رجل عملية االستطالع
طموح وقادر جدا ،الذي قبله طالب شاب مؤخرا في دائرة تالميذي من اجل عمل مثير لالهتمام،
.88بعد سنة وربع من ذلك ،كان هذا العمل دير كونستلر ،فيرسوينر سكولوسكيولوجي
مطبوع ،أكد مريضي انه تذكر بكل تأكيد انه قرأ في مكان ما ،ربما في اعالن بائع الكتب ،اعالن
نفس الكتاب حتى قبل ان ذكرته له اوال .وذكر أن هذا اإلعالن كان في ذهنه في ذلك الوقت ،وتأكد
من أن صاحب البالغ قد غير اللقب وأنه لم يعد يقرأ بصفة ذكورية" بل "أنسيتز زو آينر
سيسوزولوسنتال"89.
وقد أثبت التحري الدقيق عن المؤلف ومقارنة كل التواريخ بشكل قاطع أن مريضي كان
يحاول تذكر المستحيل .ولم يظهر أي إشعار بهذا العمل في أي مكان قبل صدوره ،بالتأكيد ليس
قبل سنة وربع قبل أن يطبع .لكنني أهملت البحث عن حل لهذه الذكريات الباطلة حتى جلب الرجل
نفسه تجديدا له قيمة مماثلة .اعتقد انه الحظ مؤخرا عمال في "اغرافوبيا" في نافذة عرض مكتبة،
وبينما هو يبحث عنه اآلن في جميع الكتالوجات المتاحة ،استطعت ان اشرح له لماذا يجب ان تبقى
جهوده بال ثمر .لم يكن العمل على الفوبيا موجودا إال في خياله كحل غير واعي لكتابة هذا الكتاب
بنفسه .وكان طموحه إلى محاكاة ذلك الشاب ،ومن خالل هذا العمل العلمي لكي يصبح أحد
تالميذي ،سببا في دفعه إلى جمع ذكريات خاطئة أخرى .كما ذكر الحقا أن وقد تناول إعالن بائع
زوغونغ ("التكوين، الكتب الذي أثار ذكرياته الباطلة عمال بعنوان التكوين ،داس غيسيتز در
قانون الجيل") .ولكن التغيير في العنوان كما ذكر هو كان بالفعل محرضا مني؛ تذكرت أنني
".90شخصيا ارتكبت نفس الخطأ في تكرار اللقب بقولي أنتسيز" بدال من "فيرستس
ب .نسيان النوايا.
ال توجد مجموعة أخرى من الظواهر مؤهلة بشكل أفضل إلثبات الفرضية القائلة بأن
االفتقار إلى االهتمام ال يكفي في حد ذاته لتفسير األفعال الخاطئة باعتبارها نسيان النوايا .والنية
هي دافع لفعل وجد إستحسان بالفعل ،ولكن تنفيذه يؤجل لمناسبة .اآلن ،في الفترة التي تفصل بينهما
قد يحدث تغيير كاف في الدافع لمنع النية من الوصول إلى التنفيذ .بيد أنه ال ينسى ،بل هو ببساطة
ينقح ويغفل.
بطبيعة الحال نحن لسنا معتادين على تفسير تناسي النوايا الذي نعيشه يوميا في كل حالة
ممكنة بسبب تغير حديث في تعديل الدوافع .ونحن نتركها عموما دون تفسير ،أو نلتمس تفسيرا
ذهنيا على افتراض أنه وقت التنفيذ لم يعد هناك االهتمام المطلوب لإلجراء ،الذي كان شرطا ال
غنى عنه لوقوع النية ،وكان ذلك تحت تصرف الفعل نفسه .إن مراقبة سلوكنا الطبيعي تجاه النوايا
تحثنا على رفض هذا التفسير المؤقت باعتباره تعسفيا .وإذا ما عقدت العزم في الصباح على القيام
بنوايا معينة في المساء ،يمكن تذكيري بذلك عدة مرات خالل النهار ،ولكن ليس من الضروري
على اإلطالق أن يصبح واعيًا طوال اليوم .وعندما يقترب موعد تنفيذه يحدث ذلك فجأة لي ويحثني
على القيام باإلعداد الالزم للفعل المقصود .إذا ذهبت للسير وأخذت رسالة معي ألنشرها ،ليس من
الضروري أبدا أن أحملها بيدي ،كشخص عادي غير متوتر ،وأن أبحث باستمرار عن صندوق
رسائل .في الحقيقة أنا معتاد على وضعه في جيبي وأطلق العنان ألفكاري في طريقي ،وأشعر
بالثقة في أن أول صندوق لألحرف سيجذب انتباهي وسيدفعني إلى وضع يدي في جيبي
وإستخالص الرسالة .هذا السلوك الطبيعي في النية المتكونة يتوافق تماما مع المنتج التجريبي
سلوك األشخاص الذين يخضعون لما يسمى "اقتراح ما بعد التنويم المغناطيسي" للقيام
اعتدنا على وصف الظاهرة بالطريقة التالية :لقد انحسرت النية معينة91. بشيء ما بعد فترة
المقترحة في الشخص المعني إلى حين اقتراب موعد تنفيذها عندها يصحو ويستثار الفعل.
وفي موقعين من الحياة ،يدرك حتى الشخص العادي أن نسيان اإلشارة إلى األغراض
المقصودة ال يمكن بأي حال من األحوال اعتبار أنها ظاهرة أولية ال يمكن اختزالها ،ولكنه يدرك
أن ذلك يعتمد في نهاية المطاف على دوافع غير مقبولة .أنا أشير إلى شؤون الحب والخدمة
العسكرية .الحبيب المتأخر عن موعده سيقول بغرور لحبيبته أنه لألسف نسي وقت الموعد .ولن
تتردد في اإلجابة عليه" :قبل عام ما كنت لتنسى .من الواضح أنك لم تعد تعتني بي" حتى لو كان
عليه أن يفهم التفسير النفسي المشار إليه أعاله ،وأن يرغب في تبرير نسيانه لنداء العمل المهم،
فإنه لن يحصل إال على اإلجابة من المرأة التي أصبحت حريصة على النظر مثل الطبيب في
العالج التحليلي النفسي "كيف
من الملفت للنظر أن هذه األشياء لم تحدث من قبل!" بطبيعة الحال ،ال ترغب المرأة في
إنكار إمكانية النسيان؛ ولكنها تعتقد ،وليس من دون سبب ،أن نفس االستنتاج من عدم رغبة ما قد
يستمد من النسيان غير المقصود ،كما هو الحال من الخمول الواعي .وعلى نحو مماثل ،في الخدمة
العسكرية ،ال يعترف بأي تمييز بين االمتناع عن النسيان وبين التفرقة الناجمة عن اإلهمال
المتعمد .وهذا صحيح .الجندي ال ينسى شيئا تطلبه الخدمة العسكرية منه .إذا نسي رغم ذلك حتى
عندما اطلع على المطالب فترجع إلى ان الدوافع التي تحث على تنفيذ االعمال العسكرية تعارض
لسنة واحدة الذي ينادي عند التفتيش لنسيانه صقل ازراره 92 بدوافع آخري .وهكذا فإن المتطوع
سيعاقب بالتأكيد .لكن هذه العقوبة صغيرة قياسا بما يحاكم إذا اعترف لرؤسائه أن الدافع وراء
تقصيره "ألن هذه الخدمة البائسة مقرفة تماما بالنسبة لي" .وبسبب هذا االدخار للعقاب ألسباب
"اقتصادية" ،فإنه يستخدم النسيان كذريعة ،أو باعتباره حال وسطا.
وتفرض خدمة المرأة (وكذلك الخدمة العسكرية للدولة) أال يكون أي شيء يتصل بتلك
الخدمة موضع نسيان .وبالتالي فإن هذا يشير إلى أن النسيان مباح في أمور غير مهمة ،ولكن في
المسائل ذات األهمية الثقيلة ،فإن حدوثه يشير إلى أن المرء يرغب في التعامل مع األمور ذات
والواقع أن وجهة نظر عليها93. األهمية البالغة باعتبارها غير مهمة :أي أن أهميتها متنازع
الصحة النفسية ال ينبغي لنا أن نناقش هنا .ال ينسى أي شخص أن يقوم بأفعال تبدو مهمة لنفسه
دون أن يعرض نفسه لشك أنه يعاني من الضعف العقلي .ولذلك ،فإن تحقيقاتنا ال يمكن أن تمتد إال
إلى نسيان نوايا ثانوية أو أقل ،ألننا ال نرى أي نية غير مهمة على اإلطالق ،وإال ما كانت لتشكل
أبدا.
كما في االضطرابات الوظيفية السابقة ،جمعت حاالت اإلهمال بنسياني التي راقبتها بنفسي،
وحاولت شرحها .ولقد وجدت أنها يمكن تتبع مسارها دوما إلى بعض التداخالت في دوافع غير
معروفة وغير مقبولة أو أنها ،كما قد يقال ،كانت راجعة إلى إرادة مضادة .في عدد من هذه
الحاالت ،وجدت نفسي في موقف يشبه الموقف الذي كنت فيه في خدمة رهيبة :كنت تحت قيود لم
أستقيل منها تماما حتى أظهرت احتجاجي في شكل نسيان .وهذا يفسر حقيقة أنني أميل بشكل
خاص إلى نسيان إرسال التهاني في مناسبات مثل أعياد الميالد ،والفرح ،واحتفاالت الزفاف،
والترقيات إلى المرتبة األعلى .وأواصل اتخاذ قرارات جديدة ،ولكنني مقتنع أكثر من أي وقت
مضى بأنني لن أنجح .وأنا اآلن على وشك التخلي عنها تماما ،واالعتراف بوعي بالدوافع
المكافحة .في فترة انتقالية ،أخبرت صديقا طلب مني أن أرسل له برقية تهنئة ،في وقت كنت
سأبعث به بنفسي ،ربما أنسى كالهما .ولم يكن من المستغرب أن تتحقق النبوة .ال شك أنني ال
أستطيع أن أعبر عن التعاطف في الحياة بسبب تجارب مؤلمة ،حيث ال بد من المبالغة في هذا
التعبير ،ألن الشعور الصغير ال يعترف بالتعبير المقابل .وبما أنني علمت أنني كثيرا ما خالفت
التعاطف مع اآلخرين بشكل حقيقي ،فأنا أتمرد على اتفاقيات التعبير عن التعاطف ،وهي النفعية
االجتماعية التي أعترف بها بطبيعة الحال .تستثنى العزاء في حاالت الوفاة من هذه المعاملة
المزدوجة؛ عندما أقرر أرسالهم ال أهملهم .وعندما ال يكون لمشاركتي العاطفية أي عالقة أكثر
بالواجب االجتماعي ،فإن تعبيرها ال يكبح أبدا من النسيان.
والحاالت التي ننسى فيها القيام بأعمال تعهدنا بالقيام بها لصالح اآلخرين يمكن شرحها
على نحو مماثل على أنها معادية للواجب التقليدي وكرأي داخلي غير محبب .وهنا تثبت صحة
األمر بانتظام ،حيث يؤمن الشخص الذي لجأ للنسيان إيمانا بقوة النسيان التي تستعصي ،في حين ال
شك في ان اإلجابة الصحيحة :ال مصلحة له في هذه المسألة ،وإال ما كان لينساها .هناك من
يوصف بأنه كثير النسيان ،ونحن نعذر زالتهم بنفس الطريقة التي نعذر بها من قصر نظره وهم ال
يميزوننا في الشارع.
هؤالء األشخاص ينسون كل الوعود الصغيرة التي قطعوها؛ فهي تترك كل األوامر التي
تلقتها دون تنفيذ؛ فهي تثبت أنها غير جديرة بالثقة في بعض األمور؛ وفي الوقت نفسه نطالب بعدم
أخذ هذه المخالفات الطفيفة أي أنها ال تريد منا أن ننسب هذه اإلخفاقات إلى الخصائص الشخصية
عضوية94. بل أن نحولها إلى خاصية
أنا لست واحدا من هؤالء األشخاص ،وليس لدي الفرصة لتحليل تصرفات مثل هذا
الشخص من أجل أن أكتشف من اختيار النسيان والدافع وراء ذلك .ولكن ال يمكنني أن أتنازل عن
التخمين بطريقة مماثلة ،أن الدافع هنا هو كمية كبيرة غير اعتيادية من عدم االكتراث غير الرسمي
ما95. لآلخرين والذي يستغل عامل مؤثر
في حاالت أخرى ،فإن دوافع النسيان أقل سهولة في االكتشاف ،وحين يتبين لنا ذلك فإنها
تثير قدرا أعظم من الدهشة .وهكذا ،الحظت في السنوات السابقة ان عددا كبيرا من الكشوفات
المهنية نسيت منها فقط تلك التي كنت أريد ان أقدمها للمرضى الذين عاملتهم دون مقابل أو مع
زمالء .وقد قادني هذا االكتشاف إلى أن أنوه كتابيا كل صباح بمواعيدي كشكل من أشكال الحل.
وال أدري ما إذا كان أطباء آخرون قد وصلوا إلى نفس الممارسة في طريق مماثل.
يصنع العصابي96 وهكذا نحصل على فكرة عن األسباب التي تجعل ما يسمى بالمجهد
مذكرة بمواعيده التي يرغب في تقديمها للطبيب .ويبدو أنه يفتقر إلى الثقة في القدرة اإلنجابية
لذاكرته .هذا صحيح ،لكن المشهد عادة ما يتقدم بهذه الطريقة .فقد يروى المريض مختلف شكاواه
واستفساراته بإسهاب كبير .وبعد أن ينتهي يتوقف لحظة ،يسحب المذكرة ويقول معتذرا "لقد كتبت
بعض المالحظات ألنني ال أستطيع تذكر أي شيء" .وكقاعدة ال يجد شيئا جديدا في المذكرة .يكرر
كل نقطة ويجيب عليها بنفسه" :نعم ،لقد سألت بالفعل عن ذلك" .ومن خالل المذكرة ،ربما يظهر
على االرجح أحد أعراضه ،وهو التردد الذي تزعزع به قراراته من خالل التدخل في دوافع
غامضة.
فضال عن ذلك فأنا متلمس حالة يعاني منها حتى أغلب معارفي األصحاء ،حين أعترف
بأنني اعتدت في السنوات السابقة على نحو خاص أن أنسى بسهولة لمدة طويلة اعادة الكتب
المقترضة ،وأيضا أنني كثيرا ما أجلت سداد الدين من خالل النسيان .في صباح أحد األيام،
غادرت محل التبغ حيث أقوم بشرائي اليومي من السيجار بدون دفع .كان ذلك إغفاال غير مؤذ،
كما أعرف هناك ،ولذلك كان من الممكن أن أتذكر ديوني في الصباح التالي .ولكن هذا اإلهمال
الطفيف لم يكن واردا بكل تأكيد مع تأمالت تتعلق بالميزانية التي شغلت بها نفسي طيلة اليوم
السابق .وحتى بين ما يسمى بالناس المحترمين يمكن للمرء أن يظهر بسهولة سلوكا مزدوجا حين
يتعلق األمر بموضوع المال والحيازة .والجشع البدائي الذي يرغب في االستيالء على كل شيء
والتدريب97. (من أجل وضعه في فمه) لم يكن مكبوتا بشكل كامل إال من خالل الثقافة
وأخشى أنه في جميع األمثلة التي قدمت حتى اآلن ،أصبحت شائعا .لكن من دواعي
سروري فقط لو حدثت في أمور مألوفة يفهمها كل شخص ،ألن هدفي الرئيسي هو جمع المواد
اليومية واستخدامها علميا .وال أستطيع أن أتصور لماذا ينبغي حرمان الحكمة ،التي هي ،إذا جاز
التعبير ،رواسب التجارب اليومية ،من القبول بين اكتساب المعرفة .فتنوع المواضيع ليس هو
الطريقة األكثر صرامة للتحقق والسعي إلى إقامة صالت بعيدة المدى تشكل الطابع األساسي للعمل
العلمي.
ولقد وجدنا دوما أن النوايا ذات بعض األهمية تصبح منسية عندما تنشأ دوافع غامضة
تزعجهم .وفي نوايا أقل أهمية ،نجد آلية ثانية للنسيان .هنا يتم نقل اإلرادة المضادة إلى القرار من
شيء آخر بعد تشكيل ترابط خارجي بين األخيرة ومحتوى القرار .ويوضح المثال التالي الذي ورد
في تقرير بريل ما يلي" :وجدت إحدى المرضى انها أصبحت فجأة مقصرة جدا في مراسالتها.
كانت في غاية الدقة والمتعة في كتابة الرسائل ،ولكنها لم تستطع ببساطة خالل األسابيع القليلة
الماضية إحضار نفسها لكتابة رسالة دون بذل أقصى جهد ممكن .كان التفسير بسيطا للغاية .قبل
بضعة أسابيع من تسلمها رسالة مهمة تدعوها إلى اإلجابة القاطعة .لم تقرر ماذا تقول ،ولذلك لم
تجب على اإلطالق .وقد تم نقل هذا القرار غير الواعي في شكل قيد إلى أحرف أخرى وتسبب في
منع كتابة الرسائل بشكل عام.
توجد إرادة مضادة مباشرة ودوافع أكثر بعدا في المثال التالي للتأخير :كنت قد كتبت
.وقد أرسل لي ،حيث قدمت خالصة كتابي تفسير األحالم معينة98 أطروحات قصيرة لسلسة
الناشر بورتمان أوراق اإلثبات وطلب العودة السريعة لها كما أراد إصدار الكتيب من قبل عيد
الميالد .صححت األوراق في تلك الليلة ووضعتها على مكتبي لكي آخذها إلى مكتب البريد في
الصباح التالي .في الصباح نسيت كل شيء عنه ،وفكرت به فقط في الظهيرة عند منظر غالف
الورق على مكتبي .بنفس الطريقة نسيت البراهين في ذلك المساء وفي الصباح التالي ،وحتى بعد
ظهر اليوم الثاني ،عندما أخذتهم بسرعة إلى صندوق الرسائل ،متسائلين ما قد يكون أساس هذا
التسويف .من الواضح أنني لم أرد أن أرسلهم بعيدا ،رغم أنني لم أجد أي تفسير لهذا الموقف.
بعد نشر الرسالة دخلت محل ناشر فيينا ،الذي أخرج تفسيري لألحالم .تركت بعض
الطلبيات؛ ثم ،كما لو كان اتته بفكرة مفاجئة ،قال" :أنت تعرف بال شك أنني اعدت كتابة مقالتك؟ "
"اهدئ نفسك"،
تدخلت؛ إنها مجرد دراسة قصيرة لمجموعة لوينفيلد-كوريال .ولكنه رغم ذلك لم يكن
راضيا؛ كان يخشى أن يضر المقال ببيع الكتاب .إختلفت معه ،وأخيرا سألت:
"لو كنت قد جئت إليك من قبل ،هل كنت ستعترض على المنشور؟
"ال"
؛ في أي ظرف من الظروف .شخصيا ،أعتقد أنني تصرفت ضمن كامل حقوقي ولم أفعل
شيئا يتعارض مع الممارسة العامة؛ ومع ذلك ،يبدو من المؤكد لي أن فكرة مماثلة لتلك التي تسلمها
الناشر كانت دافعا لتأجيل إرسال أالوراق.
وهذا االنعكاس يعود إلى مناسبة سابقة عندما أثار ناشر آخر بعض الصعوبات ألنني
اضطررت إلى إخراج عدة صفحات من النص من عمل سابق عن شلل األطفال الدماغي،
ووضعها دون تغيير في عمل حول الموضوع نفسه في كتيب نوثناغل .ومرة أخرى لم يكن من
المعيب أالعتراف؛ ففي تلك المرة أيضا ،أبلغت الناشر (نفس الناشر الذي نشر تفسير األحالم
)
بنيتي.
ولكن إذا تابعت هذه السلسلة من عمليات إسترجاع الممتلكات إلى ما هو أبعد من ذلك ،فإنها
تسلط الضوء على مناسبة ما زالت سابقة تتعلق بترجمة من الفرنسيين ،حيث انتهكت حقا من
حقوق الملكية التي ينبغي النظر فيها في منشور .وقد أضفت مالحظات إلى النص دون أن أطلب
إذن من صاحب المقال ،وبعد ذلك بسنوات ،كان لدي سبب لالعتقاد بأن صاحب المقال غير راض
عن هذا اإلجراء التعسفي.
هناك مثل يشير إلى المعرفة الشعبية بأن نسيان النوايا ليس عرضيا .تقول" :ما ينسى مرة
ينسى فيها مرة أخرى ".والواقع أننا في بعض األحيان ال نستطيع أن نشعر بأننا مهما قيل عن
النسيان وأالفعال الخطأ ،الموضوع كله معروف للجميع بالفعل بأنه شيء بديهي .غريب بما فيه
الكفاية أنه ما زال من الضروري دفع مثل هذه الحقائق المعروفة جيدا أمام الوعي .كم مرة سمعت
الناس يالحظون" :أرجوك ال تطلب مني أن أفعل هذا ،سوف أنساه بالتأكيد ".ال شك أن الحقيقة
القادمة في هذه النبوة في وقت الحق ليست غامضة في حد ذاتها .ومن يتحدث بهذا فهو يدرك
القرار الداخلي الذي ال يسمح له بتنفيذ الطلب ،وال يتردد إال في االعتراف به بنفسه.
ويلقى الكثير من الضوء على نسيان القرارات من خالل شئ يمكن وصفه بانه " تشكيل
قرارات خاطئة " .كنت قد وعدت ذات مرة كاتبا شابا بكتابة مراجعة لعمله القصير ،ولكن بسبب
المقاومة الداخلية ،التي لم تكن معروفة لي ،وعدته بأن يتم ذلك في نفس الليلة .لقد كانت لدي حقا
نوايا جادة للقيام بذلك ،ولكنني نسيت أنني وضعت جانبا تلك الليلة إلعداد شهادة خبير ال يمكن
تأجيلها .وبعد أن أدركت أن قراري زائف ،تخليت عن المقاومة ورفضت طلب صاحب المقال.
الفصل الثامن
األفعال المرتكبة خطأ
سأعطي فقرة أخرى من عمل ميرنغر وماير المذكور أعاله" :ال تقف الهفوات في الكالم
بمفردها تماما .إنها تشبه األخطاء التي كثيرا ما تحدث في أنشطتنا األخرى ،ويطلق عليها بحماقة
"النسيان"" .ولذلك ،فإنني ال أعتقد بأي حال من األحوال أن هناك إحساسا وهدفا وراء
إذا كان سقوط الكالم، األصحاء99. االضطرابات الوظيفية الطفيفة في الحياة اليومية لألشخاص
الذي هو بال شك وظيفة حركية ،يعترف بهذا المفهوم ،لذلك فمن الطبيعي جدا ان ينتقل إلى هفوات
وظائفنا الحركية االخرى .لقد كونت هنا مجموعتين من القضايا؛ وكل هذه الحاالت التي يبدو فيها
تأثير الخطأ عنصرا أساسيا أي االنحراف عن النية .المجموعة األخرى ،التي يبدو فيها التصرف
برمته غير مالئم إلى حد ما ،والتي أسميها تصرفات األعراض والصدفة .بيد أنه ال يوجد خط
واضح من الترسيم يمكن تشكيله؛ والواقع أننا مجبرون على االستنتاج بأن جميع األنواع الواردة
في هذا الفصل لها أهمية وصفية فقط وتتعارض مع الوحدة الداخلية للتحليل.
كما أن الفهم النفسي لألفعال الخاطئة يبدو أنه ال يكسب إال القليل من الوضوح عندما نضعه
وخاصة تحت ما يصطلح عليه ب “التنّكس القشرّي " .101ولفعل "االختالجات"100 تحت مصطلح
ذلك ،سأستعين مرة أخرى بالمالحظات الشخصية ،التي لم أتمكن من الحصول عليها كثيرا بنفسي.
(أ) في السنوات السابقة ،عندما كنت أزور منازل المرضى أكثر مما أقوم به في الوقت
الحاضر ،غالبا ما يحدث ذلك ،عندما كنت واقفا امام باب كان ينبغي ان اقرع الباب أو اضرب
الجرس ،كنت اسحب مفتاح بيتي من جيبي ،فقط إلعادته ،وانا مشوش جدا .وعندما حققت فيما
حدث في بيوت المرضى ،كان على أن أعترف بأن الخطأ الذي حدث هو أخذ مفتاحي بدال من
رنين الجرس يشير إلى تقديم بعض التقدير للمنزل الذي وقع فيه الخطأ .كانت مكافئة لفكرة "أشعر
هنا في منزلي" ،حيث أنها حدثت فقط حيث كنت أملك اهتمام بالمريض( .بطبيعة الحال ،لم أرن
جرس بيتي قط) .وعلى هذا فإن هذا التصرف الخاطئ كان بمثابة تمثيل رمزي لفكرة محددة لم
تكن مقبولة على نحو واع باعتبارها خطيرة؛ فالواقع ان طبيب االعصاب يدرك جيدا ان المريض
ال يسعى اليه إال ما دام يتوقع ان يستفيد منه وأن اهتمامه الدافئ جدا لمرضه ال يثبت اال كوسيلة
للمعالجة النفسية.
ويصف السيد أ .ميدر تكرار تجربتي تقريبا" :102لقد حدث أحيانا أن يأخذ أي شخص
أغراضه ،عندما يصل إلى باب أحد أصدقائه الغاليين ،ليفاجأ نفسه ،إذا جاز التعبير ،ويفتح بمفتاحه
الخاص كما هو الحال في بيته .إنه تأخير ،ألنه يجب أن تتأخر على أي حال ،لكنه دليل على
شعورك -أو رغبتك في الشعور -في المنزل مع ذلك الصديق".
يتحدث جونز عن استخدام المفاتيح" :103ان استخدام المفاتيح هو مصدر متكرر لتكرار من
هذا النوع ،ويمكن اعطاء مثالين له .إذا كنت منزعجا في خضم بعض العمل المنهك في المنزل من
خالل الذهاب إلى المستشفى للقيام ببعض األعمال الروتينية ،فمن المالئم جدا أن أجد نفسي أحاول
فتح باب مختبري هناك مع مفتاح مكتبي في المنزل ،على الرغم من أن مفتاحي مختلفين تماما.
يظهر الخطأ دون وعي إلى أين أفضل أن أكون في هذه اللحظة.
وقال قبل سنوات كنت أتصرف في موقع تابع في مؤسسة معينة كان الباب األمامي فيها
دائما مقفل ،لذا كان من الضروري طلب الدخول .في مناسبات عديدة وجدت نفسي أحاول بجدية
فتح الباب بمفتاح منزلي .وكل موظف من الموظفين الزائرين الدائمين ،الذين كنت أطمح أن أكون
عضوا فيهم ،تم تزويده بمفتاح لتفادي مشكلة االضطرار إلى االنتظار عند الباب .لذا فقد عبر عن
خطأي الرغبة في أن يكون على قدم المساواة وأن يكون "في البيت" هناك" .وهناك تجربة مماثلة
أبلغ عنها الدكتور هانز ساكس من فيينا" :دائما ما أحمل معي مفتاحين ،أحدهما لباب مكتبي
واآلخر إلقامتي .فهي ليست سهلة بأي حال من األحوال ،حيث أن مفتاح المكتب أكبر بثالث مرات
على األقل من مفتاح منزلي .كما أنني أحمل األول في جيب سروالي واآلخر في جيب السترة
الخاص بي .ومع ذلك غالبا ما الحظت عند الوصول إلى الباب أنني أثناء صعودي الدرج أخذت
المفتاح الخطأ .قررت إجراء فحص إحصائي؛ كما كنت يوميا في نفس الحالة العاطفية تقريبا عندما
كنت واقفا أمام كال البابين ،كنت أعتقد أن تداخل مفتاحين يجب أن يظهر نزعة منتظمة ،إذا كان
هناك تحديد نفسي مختلف .وقد اظهرت مراقبة ما حدث الحقا انني اخذت بشكل منتظم مفتاح منزلي
قبل باب المكتب .وفي مناسبة واحدة فقط انعكس هذا اإلتجاه :عدت إلى البيت متعب ،عارف انني
سأجد هناك ضيفا .لقد بذلت محاولة لفتح الباب مع مفتاح المكتب ،الكبير بطبيعة الحال.
(ب) في وقت معين ،مرتين يوميا لمدة ست سنوات كنت معتادا انتظار الدخول قبل الباب
في المستوى الثاني من نفس المبنى ،وخالل هذه الفترة الطويلة من الزمن حدث مرتين (في فترة
قصيرة) ،ذهبت إلى مستوى أعلى من المستوى الذي أنا فيه ،حيث أعمل .في أول هذه المناسبات
كنت أمر بيوم حالم بطموح ،مما سمح لي "بالصعود دائما أعلى وأعلى" .في الواقع ،في ذلك
الوقت سمعت الباب يفتح وأنا أضع قدمي في الخطوة األولى للطابق الثالث .وفي المناسبة األخرى
ذهبت مرة أخرى إلى أبعد مما ينبغي "انهمكت في التفكير" .وبمجرد أن أدركت ذلك ،عدت إلى
الوراء وسعيت إلى انتزاع الخيال المهيمن؛ وجدت أنني غضبت بسبب انتقاد بعض أعمالي ،حيث
جرى وصفي بأنني “أذهب دائما بعيدا" ،والذي استبدلها تفكيري بعبارة أقل احتراما "تسلق ألعلى
مما ينبغي".
(ت) لسنوات عديدة ،كانت هناك مطرقة طبيب وشوكة موجية ترقد جنبا إلى جنب على
مكتبي .ذات يوم ،سارعت إلى اإلياب في نهاية ساعات عملي ،حيث كنت أتمنى أن أذهب بقطار
معين ،وعلى الرغم من ضوء النهار ،وضعت الشوكة في جيب معطفي بدال من المطرقة
المنعكسة .انتبهت إلى الخطأ من خالل وزن الجسم الذي يسحب جيبي .وأي شخص غير معتاد
على التأمل في مثل هذه األحداث الطفيفة من شأنه دون تردد أن يفسر هذا التصرف الخاطئ
بسرعة هذه اللحظة ،وأن يعذره .ومع ذلك ،فضلت أن أسأل نفسي لماذا أخذت الشوكة بدال من
المطرقة .كما أن من الممكن ان العجلة كانت أيضا دافعا إلى تنفيذ اإلجراء على ذلك النحو حتى ال
اضيع الوقت.
"ولكن ما معنى هذه الكلمة المسيئة؟ يجب أن نستكشف الموقف هنا .أسرعت إلى استشارة
في مكان على سكة الحديد الغربية لرؤية مريض ،والذي حسب ما تلقيته ،سقط من شرفة قبل
بضعة أشهر ،ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من المشي .كتب الطبيب الذي دعاني أنه ال يزال غير قادر
على معرفة ما إذا كان يتعامل مع إصابة في العمود الفقري أو هستيريا عصبية مرضية .كان هذا
ما سأقرره .وعلى هذا فقد يكون هذا بمثابة تذكرة بضرورة توخي الحذر بشكل خاص في هذا
التشخيص التفاضلي الدقيق .وكما هي الحال اآلن ،يعتقد زمالئي أن تشخيص الهستيريا يتم على
نحو ال مبال إلى الحد الذي يجعل األمور أكثر خطورة .ولكن اإلساءة ال مبرر لها بعد .نعم ،كان
االرتباط التالي هو أن محطة السكك الحديدية الصغيرة هي نفس المكان الذي رأيت فيه ،قبل بضع
سنوات ،شابا لم يستطع المشي بشكل صحيح بعد تجربة عاطفية معينة .وفي ذلك الوقت شخصت
حالته بأنها هستيريا ،ثم وضعته في وقت الحق تحت العالج النفسي؛ ولكن تبين بعد ذلك أن
تشخيصي لم يكن غير صحيح ولكنه ليس صحيحا ايضا .كان عدد كبير من أعراض المريض
هستيرية ،وسرعان ما اختفوا أثناء العالج .ولكن مع هذه االعراض كانت هنالك اعراض غير
واضحة وال يمكن الوصول إليها عن طريق العالج ،وال يمكن اإلشارة إليها إال كشلل جزئي .ولم
يجد الذين رأوا المريض من بعدي صعوبة في التعرف على الخلل العضوي .لم يكن بوسعي إال أن
أتصرف أو أحكم على نحو مختلف ،ورغم ذلك كان االنطباع قائما على خطأ فادح؛ بطبيعة الحال،
ال يمكن الوفاء بوعد العالج الذي أعطيته له.
وبالتالي فإن الخطأ في إمساك الشوكة بدال من المطرقة يمكن ترجمته للكلمات التالية" :يا
أحمق ،يا حمار ،استجمع قواك هذه المرة ،وتحذر أال تشخص مرة أخرى حالة هيستيريا حيث
يوجد مرض ال شفاء منه ،كما فعلت في هذا المكان منذ سنوات في حالة الرجل المسكين!" ولحسن
الحظ لهذا التحليل الصغير ،حتى لو كان لسوء الحظ بالنسبة لمزاجي ،هذا الرجل نفسه ،اآلن لديه
مشية مرنة جدا ،كان في مكتبي قبل بضعة أيام ،بعد يوم واحد من فحص الطفل االحمق".
ونالحظ هذه المرة أن صوت النقد الذاتي هو الذي يجعل نفسه مدركا من خالل الخطأ في
اإلمساك به .فالفعل الذي يجري خطأ مناسب بشكل خاص للتعبير عن التعيير الذاتي .يحاول الخطأ
الحالي أن يمثل الخطأ الذي ارتكب في مكان آخر.
(ث) ومن الواضح تماما أن إستيعاب الشيء الخطأ قد يخدم أيضا سلسلة كاملة من
األغراض الغامضة األخرى .إليكم المثال األول :نادرا ما أكسر أي شيء .أنا لست رشيق بشكل
خاص ،ولكن بحكم سالمة جهازي العصبي والعضلي ال يوجد في الظاهر أي أساس لمثل هذه
الحركات الغريبة مع نتائج غير مرغوب فيها .وال أستطيع أن أتذكر أي شيء في بيتي قد كسرته
في أي وقت مضى .وبسبب ضيق الدراسة ،كان من الضروري في كثير من األحيان أن أعمل في
موقف غير مريح بين الكثير من التماثيل الطينية العتيقة واألجسام الحجرية ،والتي لدي مجموعة
صغيرة منها .وان كان الكثير من المتفرجين عبروا عن خوفهم من أن أهدم شيئا ما .ولكن هذا لم
يحدث قط .إذا ،لماذا تركت غطاء محبرتي البسيطة يسقط وينقسم إلى أجزاء؟ قاعدة محبرتي
مصنوعة من قطعة رخامية مسطحة محفور فيها من أجل جلوس المحبرة الزجاجية فيها؛ وللمحبرة
غطاء رخامي ذو مقبض من نفس الحجر .وهناك دائرة من التمثال البرونزي مع أرقام تيراكوتا
الصغيرة تقف وراء حافة المحبرة هذه .جلست نفسي في المكتب للكتابة ،قمت بحركة خارجية
غريبة جدا مع اليد الممسكة بحامل الحبر ،وهكذا جرفت غطاء حامل الحبر ،الذي كان ملقى بالفعل
على المكتب ،إلى األرض.
ليس من الصعب أن نجد التفسير لهذا .قبل ساعات من وجود أختي في الغرفة للنظر في
بعض من مقتنياتي الجديدة .وجدتها جميلة جدا ،ثم قالت" :يبدو المكتب اآلن على ما يرام ،ولكن
غطاء الحبر ال يناسبك .يجب أن تحصل على أفضل واحدة .رافقت أختي إلى الخارج ولم أعد لعدة
ساعات .ولكن بعد ذلك ،كما يبدو ،قمت بتنفيذ موقف حافة الهاوية المفتعل .هل استنتجت من كالم
أختي أنها كانت تنوي أن تقدم لي واحدة أفضل؟ وإذا كان األمر كذلك ،فإن حركتي المتأرجحة
كانت محرجة على ما يبدو؛ لكنها في الواقع ،كانت أكثر مهارة وتصميما ،إذ أنها تفهم كيف تتفادى
كل األشياء القيمة الموجودة بالقرب منها.
في الواقع أعتقد أنه يجب أن نقبل هذا التفسير لسلسلة كاملة من الحركات المحرجة التي
تبدو غير مقصودة .صحيح أن هذه الحركات تظهر على السطح شيئا عنيفا وغير منتظم ،شبيه
بالحركات غير البديهية ،ولكن عند الفحص يبدو أنها تهيمن عليها بعض النوايا ،وهي تحقق هدفها
بشكل مؤكد ال يمكن أن يعزى إليه عموما حركات تعسفية واعية .وفي كال الصورتين ،تظهر
القوة ،فضال عن الهدف المؤكد ،إلى جانب التشابه مع المظاهر الحركية للمصاب بالعصبية
الهستيرية ،وأيضا جزئيا كحركة ال ارادية ،وهنا كما هناك فانها تشير إلى نفس الحركة غير
المعتادة لوظائف االعصاب.
في السنوات األخيرة ،عندما كنت أجمع مثل هذه المالحظات ،حدث عدة مرات أنني
حطمت وكسرت أشياء ذات قيمة .لقد أقنعني فحص هذه الحاالت بأنها لم تكن أبدا نتيجة حادث أو
إرتباك غير مقصود .وهكذا ،في صباح أحد األيام بينما كنت أرتدي رداء الحمام والنعال ،احسست
بدفعة مفاجئة عندما مررت بغرفة ،وانزلقت من قدمي واحدة من النعال إلى الحائط بحيث أسقطت
التمثال الرخامي الصغير الجميل من القوس .104وعندما سقطت منثورة ،قرأت النص التالي من
بوش-:105
هذا العمل المجنون وهدوئي عند رؤية الضرر يتم شرحه في الوضع القائم آنذاك .كان لدينا
شخص مريض جدا في العائلة ،كان شفائها ميئوس منه مني شخصيا في ذلك الصباح تم إخباري
بأن هناك تحسنا كبيرا؛ أعلم أنني قلت لنفسي" ،بعد كل شيء ستعيش ".لذا فإن هجومي المدمر كان
تعبيرا عن شعوري باالمتنان تجاه المصير ،وقد منحني فرصة القيام بعمل تضحية ،تماما كما لو
كنت قد أقسمت على أنها إذا اصبحت على ما يرام ،سأعطي هذا أو ذاك تضحية .وكان إختيار
فينوس مديتشي كهذه التضحية مجرد تضحية لنقاهتها .ولكن حتى اليوم ما زال من غير المفهوم
بالنسبة لي كيف أنني قررت بسرعة بالغة ،وبهذه الدقة ،ولم أتطرق إلى أي جسم آخر على مسافة
قريبة.
وكسر آخر أستخدمت فيه حامل قلم يسقط من يدي يدل أيضا على التضحية ،ولكن هذه
المرة كان تقدمة تقوى لتالفي الشر .لقد سمحت لنفسي مرة بأن أعير صديقا حقيقيا جديرا باالهتمام
ال لسبب سوى بعض المظاهر التي فسرتها من نشاطه الالواعي .فأخذ األمر بحيلة وكتب لي
رسالة طلب فيها مني فيها أال أعامل أصدقائي عن طريق التحليل النفسي .كان على أن أعترف
بأنه كان على حق واسترضائه بإجابتي .أثناء كتابتي لهذه الرسالة كان أمامي آخر ما حصلت عليه
-شخصية مصرية صغيرة جميلة .كسرته بالطريقة المذكورة ،ثم علمت فورا انني جعلت هذا الشر
يحول دون وقوع شر أكبر .لحسن الحظ ،يمكن إصالح كل من تلك الصداقة وذلك التمثال بحيث ال
يمكن مالحظة الصدع .وهناك حالة ثالثة من حاالت االنهيار كانت أقل خطورة؛ كان مجرد
"إعدام" مستتر ،باستخدام تعبير لفيتشر" ،مجسم لم يعد مالئما لذوقي" .ولفترة من الوقت كنت
أحمل عصا ذات مقبض فضة؛ من دون خطإ مني أصيبت الفضة مرة لالتالف ولم تصلح بصورة
صحيحة .بعد ان استلمت العصا بوقت قصير استعملت المقبض كزاوية ساق لسرير أحد أوالدي.
بهذه الطريقة ،انكسر بشكل طبيعي ،وتخلصت منه .وال شك أن عدم االكتراث الذي نتقبل به
الضرر الناجم عن هذه الحاالت قد يعتبر دليال على وجود غرض غير واعي في تنفيذها.
(ج) كما يتبين أحيانا من تحليل أو إسقاط األشياء أو كسرها ،كثيرا ما تستخدم كتعبير عن
الجداول الفكرية الالواعية ،ولكنها غالبا ما تمثل المدلوالت الخرافية أو الغريبة المرتبطة بها في
األقوال الشعبية .إن المعاني المرتبطة بسفك الملح ،وانقالب البول ،وإلصاق سكين أسقطت على
األرض ،وهلم جرا ،معروفة جيدا .وسأناقش الحقا الحق في التحقيق في هذه التفسيرات الخرافية؛
وهنا سوف أرى ببساطة أن األفعال الفردية المحرجة ال تحمل دوما نفس المعنى بأي حال من
األحوال ،بل إنها طبقا للظروف تمثل اآلن هذا الغرض أو ذاك.
مررنا مؤخرا بفترة في منزلي تكسر فيها عدد غير عادي من األطباق الزجاجية والصينية.
وأنا شخصيا ساهمت إلى حد كبير في هذا الضرر .وقد فسر هذا االمر الصغير بسهولة بأنه يسبق
الخطبة العامة البنتي الكبرى .وفي هذه االحتفالية يعتاد ان يكسر بعض االطباق ويطلق في الوقت
نفسه بعض عبارات التشجيع .وقد تعني هذه العادة التضحية أو التعبير عن أي معنى رمزي آخر.
عندما يدمر الخدم األشياء الهشة من خالل السقوط من أيديهم ،ال نفكر بالتأكيد في المقام
األول في الدافع النفسي لذلك؛ ورغم ذلك فإن بعض الدوافع الغامضة ليست بعيدة االحتمال حتى
هنا .ال شيء أبعد من غير المتعلمين من تقدير الفن واألعمال الفنية ،فخدامنا يهيمن عليهم عداء
أحمق ضد هذه األعمال ،خصوصا عندما تصبح األشياء (التي ال يدركون قيمتها) مصدر عمل
كبير لهم .ومن ناحية أخرى ،كثيرا ما يميز األشخاص المتعلمين والعاملين في المؤسسات العلمية
أنفسهم بقدر كبير من الكفاءة والموثوقية في التعامل مع األشياء الدقيقة ،بمجرد أن يبدؤوا في
التعرف على أنفسهم في محيط عملهم واعتبارهم أنفسهم جزءا أساسيا من الموظفين.
سأضيف هنا تقرير المهندس الميكانيكي الشاب ،الذي يعطي بعض التبصر في آلية تدمير
األشياء" .منذ فترة عملت مع كثيرين آخرين في مختبر المدرسة الثانوية على سلسلة من التجارب
المعقدة حول موضوع المرونة .لقد كان عمال قمنا به بإرادتنا ،ولكن تبين أنه استغرق من وقتنا
أكثر مما كنا نتوقع .في أحد األيام ،بينما كنت ذاهبا إلى المختبر مع ف ،.اشتكى من فقدان الكثير
من الوقت ،خاصة في هذا اليوم ،عندما كان لديه الكثير من األشياء األخرى للقيام بها في المنزل.
لم يكن بوسعي إال أن أتفق معه ،وأضاف نصف مازحا ،في إشارة إلى حادثة وقعت في األسبوع
الماضي" :لنأمل أن ترفض اآللة العمل ،حتى نتمكن من مقاطعة التجربة والعودة إلى البيت في
وقت مبكر".
وإضاف في ترتيب العمل ،حدث ان ف .كان مكلفا بتنظيم صمام الضغط ،أي انه كان من
واجبه فتح الصمام بعناية والسماح للمائع تحت الضغط بالتدفق من التراكم إلى أسطوانة الضغط
الهيدروليكي .وقف قائد التجربة على مقياس االختبار ودعا بصوت عال "توقف!" عند الوصول
إلى أقصى ضغط .وفي هذا األمر ،أمسك ف .الصمام ودوره بكل قوته إلى اليسار (كل
الصمامات ،من دون أي إستثناء ،مغلقة على اليمين) .تسبب ذلك في ضغط كامل مفاجئ في مركم
الضغط ،ونظرا لعدم وجود منفذ ،انفجرت أنبوب التوصيل .كان ذلك حادثة خانقة لآللة ،لكن ما
يكفي إلجبارنا على التوقف عن عملنا لليوم والعودة إلى المنزل.
"وعالوة على ذلك ،من المألوف أن صديقي ف .لم يستطع بعد فترة من الوقت ،عند مناقشة
هذه الحادثة ،تذكر المالحظة التي أدلي بها وانا أتذكرها بوضوح" .على نحو مماثل ،ال ينبغي لنا
أن نفسر الوقوع في خطأ فادح ،أو االنزالق إليه ،باعتباره خطأ غير مقصود في إرتكاب فعل
حركي .ويشير المعنى اللغوي المزدوج لهذه العبارات إلى أوهام مخفية متنوعة ،والتي قد تقدم
نفسها من خالل التخلي عن التوازن الجسدي .وأذكر عددا من األمراض العصبية األخف التي
تصيب النساء والفتيات والتي ظهرت على وجوههن بعد أن سقطن دون إصابة ،والتي صورت
على أنها هستيريا صادمة نتيجة لصدمة السقوط .في ذلك الوقت كنت أتصور بالفعل أن هذه
الظروف لها عالقة مختلفة ،أن السقوط كان بالفعل تحضير لإلختالالت العصبية ،وتعبيرا عن نفس
الخيال الالواعي للمحتوى الجنسي الذي قد يتخذ كقوى متحركة وراء األعراض .لم يكن هذا
ظهرها!"107 المقصود في المثل الذي يقول" ،عندما تسقط فتاة ،تقع على
كما يمكننا أن نضيف إلى هذه األخطاء حالة الشخص الذي يعطي الشحات قطعة ذهبية بدال
من النحاس أو العملة الفضية .والواقع أن حل مثل هذا السوء بالتصرف بسيط :بل إنه عمل تضحية
مصمم لتقويض المصير ،وتجنب الشر ،وما إلى ذلك .إذا سمعنا أم أو خالة لطيفة تعرب عن قلقها
بشأن صحة الطفل ،مباشرة قبل أن تمشي من المكان ستقدم على عمل خيري ما ،خالفا لعادتها
المعتادة ،ال يمكننا بعد اآلن أن نشك في اإلحساس بهذا الحادث الذي يبدو غير مرغوب فيه .وبهذه
الطريقة ،فإن أفعالنا الخاطئة تجعل من الممكن ممارسة كل تلك العادات المتدينة والخرافية التي
يجب أن تنأى عن الوعي ،بسبب التشديد عليهم بعقولنا غير المؤمنة.
(ح) إذا كانت األفعال العرضية مقصودة حقا ،فلن نجد صدقا أعظم في أي مجال آخر غير
النشاط الجنسي ،حيث يبدو أن الحدود بين النية والحادث ال يمكن تمييزها ،وأن حركة يبدو أنها
خرقاء قد تستخدم على نحو أكثر دقة لألغراض الجنسية أستطيع التحقق منها؛ مثال جميل من
تجربتي الخاصة .في بيت صديق التقيت فتاة صغيرة كانت تحمس في نفسي بشعور من الود الذي
طالما آمنت أنه انقرض ،فوضعتني في مزاج مرح ولطيف .وفي ذلك الوقت ،حاولت معرفة كيف
حدث ذلك ،إذ لم يكن لهذه الفتاة أي تأثير علي قبل سنة من ذلك .وعندما دخل عم الفتاة ،وهو رجل
كبير في السن ،الغرفة ،قفزنا االثنان لجلب كرسيا له كان يقف في الزاوية .كانت أكثر رشاقة مني
وأقرب إلى الكرسي ،حتى أنها كانت أول من استولى على الكرسي .وحملته بظهره اليها ،ممسكة
بكلتا يديه على حافة المقعد .وبينما وصلت انا إليها لكي أقوم بحمل الكرسي بدال عنها ،وقفت فجأة
إلى الخلف مباشرة لها ،وكلتا ذراعي كانتا تلمس يدي الكرسي من خلفها ،وللحظة لمس يدي
خصرها .لقد قمت بشكل طبيعي بحل الوضع بسرعة كما حدث .كما لم يخطر على بال أحد منا
بأنني كنت قد استغليت هذه الحركة المحرجة.
أحيانا ،كان علي أن أعترف لنفسي بأن هذا الحدث المزعج والمحرج للتنحي في الشارع
عن طريق شخص اخر ،والذي فيه لثواني محدودة تقفز خطوة هنا و خطوة هناك ،ولكن دائما في
نفس اتجاه الشخص اآلخر ،إلى أن يتوقف كالكما أخيرا بمواجهة بعضكما البعض ،أن هذا
"االعتراض" يعيد تكرار تصرفات خاطئة ،تحرض على السلوك بسلوك محرج في أوقات سابقة
وتخفي أغراضا جنسية تحت قناع الحرج .ومن خالل تحليلي النفسي لمرضى األعصاب أعلم أن
ما يسمى بالسذاجة بين الشباب واألطفال غالبا ما يكون مجرد قناع ،يتم استخدامه حتى يستطيع
الشخص المعني أن يقول أو يقوم بخدش الحياء دون تقييد.
وقد أبلغ دبليو .ستيكيل عن مالحظات مماثلة فيما يتصل بنفسه" :دخلت منزال وعرضت
يدي اليمنى على المضيفة .بطريقة الفتة للنظر جدا ،خففت القوس الذي كان يجمع ثيابها الصباحية
الفضفاضة .كنت مدركا لعدم وجود نية غير شريفة ،ومع ذلك نفذت هذه الحركة المحرجة بخفة
العب سرك.
(خ) تكون اآلثار الناجمة عن أخطاء األشخاص الطبيعيين ،كقاعدة عامة ،ذات طابع غير
مؤذ .ولهذا السبب فقط سيكون من المثير لالهتمام معرفة ما إذا كانت األخطاء ذات األهمية
الكبيرة ،والتي يمكن أن تتبعها نتائج خطيرة ،مثل ،على سبيل المثال ،أخطاء األطباء أو الصيادلة،
والتي تقع ضمن نطاق وجهة نظرنا .حيث أنني نادرا ما أكون في وضع يسمح لي بالتعامل مع
األمور الطبية النشطة ،فأنا أستطيع أن أقدم تقريرا عن خطأ واحد من تجربتي الخاصة.
تعاملت مع امرأة عجوز جدا ،زرتها مرتين يوميا لعدة سنوات .اقتصرت نشاطاتي الطبية
على عملين ،أديتهما خالل زياراتي الصباحية :لقد أسقطت بضع قطرات من حقن العين في عينيها
وأعطيتها حقنة المورفين تحت الجلد .لقد أعددت بشكل منتظم قارورتين زرقاء ،تحتويان على حقن
العين ،وقارورة بيضاء ،تحتوي على محلول المورفين .أثناء أدائي لهذه الواجبات كانت أفكاري
مشغولة في الغالب بشيء آخر ،ألنها كانت تتكرر كثيرا بحيث كان الوعي يتصرف بحرية .في
صباح أحد األيام الحظت أن عادتي كانت على معكوسة؛ لقد وضعت القطارة في اللون األبيض
بدال من الزجاجة الزرقاء ،وأسقطت في العيون المورفين بدال من الحمية .كنت خائفا جدا ،ولكن
من المورفين لن بعد ذلك هدأت نفسي من خالل انعكاس أن بضع قطرات من حل 2في المائة
تلحق أي أذى حتى لو تركت في جفن العين .وكان من الواضح أن السبب وراء ذلك كان قادما من
مكان آخر.
وفي محاولة لتحليل الخطأ الطفيف فكرت أوال في عبارة "االستيالء على العجوز عن
طريق الخطأ" ،التي أشارت إلى الطريق القصير إلى الحل .لقد أعجبت بحلم أخبرني به شاب في
غرابة أمه108. الليلة السابقة ،وال يمكن تفسير مضمونه إال على أساس الممارسة الجنسية مع
حقيقة أن أسطورة أوديب ال تقلل من عمر الملكة جوكاستا بدت لي أنها تتفق مع افتراض أنه في
حب المرء أمه ال نتعامل أبدا مع الشخصية الحالية ،ولكن مع صورة ذكراها الشابة التي كانت
تحملها منذ طفولتنا .وتظهر هذه التباينات دائما نفسها حيث يصبح خيال واحد يتذبذب بين فترتين
واعيا ،ومن ثم يرتبط بفترة محددة واحدة.
وفي أعماق أفكاري من هذا القبيل ،وصلت إلى مريضتي التي تجاوزت التسعين عاما؛ وال
بد أنني كنت في الطريق الصحيح إلى فهم الطابع الكوني ألوديب الذي يمكن تصويره كعالقة بين
المصير الذي تصرح به العرافة ،ألنني ارتكبت خطأ في اإلشارة إلى المرأة العجوز .وهنا ،مرة
أخرى ،كان الخطأ غير ضار؛ من بين الخطأين المحتملين ،أخذ محلول المورفين للعين ،أو غالف
العين للحقن ،أخترت واحد إلى حد بعيد األقل ضررا .ما زال السؤال مفتوحا عما إذا كان من
الممكن في األخطاء التي قد تسبب ضررا خطيرا أن نتخذ نية غير واعية كما في الحاالت التي
نوقشت هنا .القضية التالية من تجربة برايل تؤكد االفتراض بأنه حتى األخطاء الخطيرة يتم
تحديدها عن طريق النوايا الالواعية" :تلقى طبيب برقية يخبره فيها أن عمه كان مريضا جدا.
وعلى الرغم من أهمية شؤون األسرة في البيت ،فقد سافر في الحال إلى تلك البلدة البعيدة ألن عمه
كان بمثابة والده ،الذي كان يعتني به منذ كان عمره سنة ونصف ،عندما توفي والده .وعند وصوله
إلى هناك وجد عمه يعاني من االلتهاب الرئوي ،وكما كان الرجل المسن في الثمانين من عمره،
فإن األطباء لم يأملوا بشفائه .كان قرار الطبيب المحلي "المسألة مجرد يوم أو يومين" .وعلى
الرغم من أنه طبيب بارز في مدينة كبيرة ،إال أنه رفض التعاون في العالج ،حيث وجد أن القضية
تدار بشكل صحيح من قبل الطبيب المحلي ،ولم يستطع اقتراح أي شيء لتحسين الوضع.
"وبما ان الموت كان متوقعا يوميا ،قرر البقاء حتى النهاية .انتظر بضعة أيام ،ولكن الرجل
المريض كان يكافح بشدة ،ورغم أنه لم يكن هناك أي شك في التعافي ،بسبب التعقيدات الجديدة
العديدة التي نشأت ،بدا الموت مؤجال لبعض الوقت .قبل ليلة من تقاعده ذهب إلى غرفة المرضى
وأخذ نبض عمه .وعندما كان ضعيفا جدا ،قرر عدم انتظار الطبيب ،وأدار حقنة تحت الجلد.
تدهور وضع المريض بسرعة ومات في غضون ساعات قليلة.
كان هناك شيء غريب في األعراض األخيرة ،ففي وقت الحق حاول إستبدال علبة الدواء
التحت جلدي ،ووجد في حالة من الذعر أنه أخرج األنبوب الخطأ ،وبدال من الجرعة الصغيرة من
الديجيتاليس أعطى جرعة كبيرة من الهايوسين.109
واتفقنا أوديب110. "هذه الحالة احيلت لي من قبل الطبيب بعد أن قرأ ورقتي على مجمع
على ان هذا الخطأ لم يتحدد فقط بنفاذ صبره ليعود إلى البيت لطفله المريض ،بل أيضا باستياء قديم
وعداء غير واعي تجاه عمه (والده)".
ومن المعروف أنه في الحاالت األكثر خطورة من االمراض النفسية يجد المرء أحيانا
تشويه نفسه كأعراض للمرض .وال يمكن أبدا إستبعاد انتهاء الصراع النفسي في هذه الحاالت.
وهكذا أعلم من التجربة ،التي سأؤيدها يوما ما بأمثلة مقنعة ،أن العديد من اإلصابات العارضة التي
يبدو أنها تحدث لهؤالء المرضى هي بالفعل من صنع الذات .ويحدث ذلك عن وجود ميل دائم إلى
العقاب الذاتي ،وهو ما يعبر عادة عن نفسه في عار ذاتي ،أو يسهم في تكوين عرض ،يستغل
ببراعة وضع خارجي .فالحالة الخارجية المطلوبة قد تظهر نفسها عن طريق الخطأ ،أو قد يساعد
الميل إلى العقاب حتى يكون الطريق مفتوحا أمام التأثير الضار المرغوب فيه .وهذه الحوادث
ليست نادرة بأي حال من األحوال حتى في حاالت الشدة المعتدلة ،وتخون جزءا من النية الالواعية
من خالل سلسلة من السمات الخاصة -على سبيل المثال ،من خالل الحضور المذهل للعقل الذي
المزعومة111. يظهره المرضى في الحوادث
وسأقدم تقريرا شامال بدال من العديد من هذه األمثلة من تجربتي المهنية .كسرت شابة
ساقها تحت الركبة في حادث عربة ،مما أدى إلى ان تكون طريحة فراشها ألسابيع .وكان الجزء
الالفت في األمر هو عدم وجود أي مظهر من مظاهر األلم والهدوء الذي حملت به مآربها .ولقد
أدت هذه الكارثة إلى مرض عصبي طويل وخطير ،والذي تمكنت أخيرا من عالجه النفسي منه.
وخالل فترة العالج اكتشفت الظروف المحيطة بالحادث ،وانطباعات معينة سبقته .أمضت الشابة
مع زوجها الغيور بعض الوقت في مزرعة أختها المتزوجة ،بصحبة أخوتها وأخواتها الكثيرين مع
زوجاتهم وازواجهم .وفي إحدى األمسيات ،قدمت عرضا إلحدى مواهبها قبال هذه الدائرة الحميمة
مصحوبة بفرح اقاربها ،ولكن إلى حد االنزعاج الشديد من "الكانكان"112 من االشخاص؛ رقصت
زوجها ،الذي همس لها بعد ذلك" ،مرة أخرى تصرفت كعاهرة" .وأصبحت الكلمات سارية؛
سنترك األمر بدون تحديد ما إذا كان ذلك بسبب الرقص وحده .في تلك الليلة كانت قلقة في نومها،
وفي الظهيرة التالية قررت الخروج لجولة في العربة .أختارت الخيل بنفسها رافضة مجموعة
وتطالب أخرى .كانت أختها الصغرى ترغب في أن يكون طفلها مع مرضعتها ،ولكنها عارضت
ذلك بشدة .أثناء القيادة كانت عصبية؛ ذكرت سائق العربة أن الخيول كانت تتزلج ،وكما قامت
الحيوانات الثقيلة بالفعل بتحرك مؤقت سريع قفزت من العربة في خوف وكسرت ساقها ،بينما بقية
الراكبين في العربة لم يصب منهم أحد .وعلى الرغم من أننا بعد الكشف عن هذه التفاصيل ال
نستطيع أن نشك في أن هذا الحادث قد وقع بالفعل ،إال أننا ال نستطيع أن نفشل في إالعجاب
بالمهارة التي أرغمت الحادث على تنفيذ عقوبة تتناسب مع الجريمة .ألنه ما حصل مع "كانكان"
الرقص معها أصبح ال يطاق لفترة طويلة .ألنه كما حصل "كنكان" الرقص معها أصبح مستحيال
لفترة طويلة.
اإلصابات التي تسببت فيها بنفسها ،في تجربتي الشخصية ،ال يمكنني اإلبالغ عن أي شيء
حصل معي في األوقات الهادئة ،ولكن في الظروف غير العادية قد تحدث .الظروف التي أعتقد
معها أنني قادر على القيام بمثل هذه األعمال .عندما يشتكي أحد أفراد عائلتي من أنه قد لدغ لسانه،
او ضرب إصبعه ،الخ ،كإظهار للغضب ،بدال من التعاطف المتوقع وضعت السؤال" ،لماذا فعل
ذلك؟ " ولكنني ضغطت على إبهامي بشكل مؤلم للغاية ،بعد أن قال لي مريض شاب أثناء فترة
عالجه بنيته (بطبيعة الحال لم أخذه على محمل الجد) في الزواج من ابنتي الكبرى ،في حين علمت
أنها كانت في ذلك الوقت في مستشفى خاص في خطر بالغ قد يتمثل في فقدانها لحياتها.
واحد من أوالدي ،الذي جعلت مزاجه المشاغب من الصعب جدا تمريضه والعناية به .كان
ينتابه الغضب في صباح أحد األيام ألنه أمر بالبقاء في سريره في وقت الظهيرة ،وهدد بقتل نفسه
بطريقة قرأها في احدى الصحف .وفي المساء أراني تورما على جانب صدره كان نتيجة صدمه
بمقبض الباب .ولسؤالي المفارق عن سبب فعله ذلك ،وماذا عنى به ،شرح الطفل البالغ من العمر
١١عاما" ،تلك كانت محاولتي لالنتحار التي هددت بها هذا الصباح" .بيد أنني ال أعتقد أن آرائي
بشأن إلحاق إالصابات بالنفس كانت متاحة ألطفالي في ذلك الوقت.
ومن يؤمن بوقوع إصابات شبه مقصودة ناجمة عن الذات -إذا سمح بهذا التعبير المحرج
-فإنه يصبح مستعدا لقبول حقيقة أنه إلى جانب االنتحار المتعمد هناك أيضا التدمير شبه المقصود
-بنية غير واعية -الذي يمكن أن يستغل على نحو مالئم تهديدا للحياة وأن يخفي ذلك على أنه
حادث غير مقصود .وهذه اآللية ليست نادرة بأي حال من األحوال .ألن الميل إلى التدمير الذاتي
موجود إلى حد ما في عدد أكبر بكثير من األشخاص من أولئك الذين يجلونه إلى االكتمال.
واإلصابات التي يحدثها الذات هي ،كقاعدة عامة ،تسوية بين هذا الدافع والقوى التي تعمل ضده،
وحتى عندما يتعلق األمر باالنتحار حقا ،فإن الميل موجود منذ فترة طويلة في ظل قوة أقل أو
نزعة غير واعية وقمعية.
وحتى االنتحار الذي يرتكب بوعي يختار وقته ووسائله وفرصته؛ فمن الطبيعي جدا أن
ينتظر اإلنتحار الالواعي الدافع ليأخذ على نفسه جزءا من السببية وبالتالي يحرره من قمعه بضم
هذه ليست بأي حال من األحوال مناقشات خاملة التي أثرتها هنا؛ فقد للشخص113. القوى الدفاعية
أصبحت أكثر من حالة مصيبة عرضية ظاهريا (على الحصان أو خارج العربة) معروفة لي،
حيث كانت الظروف المحيطة تبرر االشتباه في االنتحار.
فعلى سبيل المثال ،سقط أحد راكبي احصنة السباق من حصانه خالل سباق الخيل الذي
خاضه الضباط ،وأصيب بجروح خطيرة جدا حتى أنه توفي بعد بضعة أيام متأثرا بجراحه .كان
سلوكه بعد استعادة وعيه ملحوظا في أكثر من طريقة ،وكان سلوكه السابق للحادث ال يزال أكثر
إبهارا .فقد أصيب باإلحباط الشديد بسبب وفاة أمه الحبيبة ،وكان يصرخ في مجتمع رفاقه ،وذكر
لصديقه الموثوق عدم رغبته في الحياة .وكان يرغب في ترك الخدمة لكي يشارك في حرب في
إفريقيا ال مصلحة له فيها .كان سابقا راكبا حريصا ،وكان قد تهرب في وقت الحق من ركوب الخيل
كلما كان ذلك ممكنا .وأخيرا ،قبل سباق الخيل ،الذي لم يستطع أن ينسحب منه ،أعرب عن نذير
محزن ،والذي من المتوقع أن يكون أقرب إلى الحقيقة في ضوء تصورنا .وقد يزعم البعض أنه من
المفهوم تماما دون أي سبب آخر أن الشخص في حالة من االكتئاب العصبي هذه ال يمكنه إدارة
الحصان في األيام العادية .إنني أتفق تماما مع ذلك ،أود فقط أن أبحث عن آلية هذا التثبيط الحركي
عليها114. من خالل "التوتر" في نية التدمير الذاتي هنا التي تم التأكيد
لقد ترك لي الدكتور فيرينزي للنشر تحليال إلصابة عرضية ظاهريا عن طريق إطالق
النار ،وهو ما فسره بأنه محاولة فاقدة الوعي لالنتحار .ال يسعني إال أن أتفق معه- :
"ج .وهو نجار عمره 22سنة زارني في 18كانون الثاني .1908وأعرب عن رغبته
فى معرفة ما إذا كان يمكن أو يجب إزالة الرصاصة التى إخترقت صدغه االيسر يوم 20مارس
عام 1907عن طريق العملية .وبعيدا عن نوبات الصداع العرضية غير الحادة ،فقد شعر بتحسن
كبير ،كما أن الفحص الموضوعي لم يظهر شيئا سوى الجرح المميز للرصاصة في الصدغ
األيسر ،فنصحته بعدم إجراء عملية .وعندما سألته عن مالبسات القضية أكد انه اصاب نفسه عن
طريق الخطأ .كان يلعب مع مسدس أخيه .اعتقد أنه لم يكن محمال ،ضغط عليه بيده اليسرى :في
مواجهة الصدغ األيسر (وهو ليس أعسر) ،وضع إصبعه على الزناد ،وانفجرت الرصاصة.
وكانت هناك ثالث رصاصات فى المسدس" .سألته كيف جاء ليحمل المسدس ،فأجاب أنه في وقت
التجنيد في الجيش ،أخذه إلى النزل مساء ألنه كان يخشى الشجارات .وفي فحص الجيش ،اعتبر
غير صالح للخدمة بسبب ألدوالي ،مما تسبب في إصابته بكثير من الهبوط .ذهب إلى البيت ولعب
بالمسدس .ولم يكن لديه نية في إيذاء نفسه ،ولكن الحادث وقع .وعند سؤاله أكثر عما إذا كان
راضيا عن مصيره ،أجاب بصيحه ،وربط الموضوع بعالقة حب مع فتاة أحببته ،ولكنها تركته مع
ذلك .لقد هاجرت إلى أمريكا .أراد أن يتبعها من مجرد الهلع ،لكن والديه منعاه .وغادرت السيدة
في 20كانون الثاني (يناير) ،1907قبل شهرين فقط من وقوع الحادث.
وأضاف "على الرغم من كل هذه العناصر المشبوهة ،أصر المريض على أن إطالق النار
كان "حادثا" .لكنني كنت مقتنعا بشدة بأن عدم معرفة ما إذا كان المسدس قد تم تحميله قبل أن يبدأ
اللعب مع ذلك ،باالضافة إلى االصابة التي سببها الذات ،كانت محددة ذهنيا .كان ال يزال تحت
سيطرة آثار محبطة لعالقة الحب غير السعيدة ،وعلى ما يبدو أراد "نسيان كل شيء" في الجيش.
وعندما انتزع هذا األمل أيضا منه ،لجأ إلى اللعب بالسالح أي محاولة فاقدة الوعي لالنتحار.
وحقيقة أنه لم يمسك بالمسدس في اليمين ،بل في اليسار تتحدث بشكل قاطع لصالح حقيقة أنه كان
"يلعب" فقط -أي أنه لم يرغب في االنتحار بوعي" .وذكر تحليل آخر لجرح يبدو عرضيا ناجم
نفسه"115 عن نفسه ،ذكره لي شاهد ما قائال :من يحفر حفرة لآلخرين يقع فيها
"السيدة س ،.التي تنتمي إلى أسرة جيدة من الطبقة المتوسطة ،متزوجة ولديها ثالثة أطفال.
عصابية بعض الشيء ،ولكنها لم تكن في حاجة قط إلى أي عالج مجهد ،ألنها قادرة على تكييف
نفسها بالقدر الكافي مع الحياة .في أحد األيام أصيبت بتشوه غير ملحوظ ،وإن كان مؤقتا ،في
وجهها بالطريقة التالية :تعثرت في شارع كان في طريقه لإلصالح ،وضربت وجهها على جدار
المنزل .كان الوجه كله منتفخ ،والجفون زرقاء وبيضاء ،والنها كانت تخشى أن يحدث شيء ما
لعينيها أرسلت للطبيب .وبعد أن هدأت سألتها :ولكن لماذا وقعت بهذه الطريقة؟ أجابت أنها قبل هذا
الحادث مباشرة أرادت أن يكون زوجها ،الذي كان يعاني منذ أشهر من االم في المفاصل ،ان يكون
حريصا جدا عند السير في الشارع ،وغالبا ما كانت لديها الحالة التي تحدث معها األشياء التي
حذرت اآلخرين منها.
وأضاف ”:لم أكن راضيا عن هذا كسبب للحادث ،فسألتها إن كانت لديها شيئا آخر تخبرني
به.
نعم ،قبل الحادث مباشرة الحظت صورة جميلة في محل في الجهة األخرى أو الشارع،
والتي فجأة أرادت أن اشتريها كزينة لغرفة اطفالها .فدخلت إلى المحل دون أن تنظر إلى الشارع،
وتعثرت بكومة من الحجارة ،وسقطت بوجهها على الحائط دون أن تبذل أدنى جهد لحماية نفسها
بيدها .لقد نسيت النية لشراء الصورة على الفور ،ومشت إلى المنزل بسرعة.
"أوه! أجابت" :ربما كان عقاب على تلك المشكلة التي ذكرتها لك سابقا!" "
"نعم ،الحقا ندمت عليها كثيرا؛ كنت أعتبر نفسي شربرة ،مجرمة ،وغير أخالقية ،لكني في
ذلك الوقت كنت اشبه بالمجنونة القلقة.
وكان يتعين أن تعمله عند طبيب متعلم116 "وأشارت إلى اإلجهاض الذي بدأه طبيب غير
أمراض النساء إلى مرحلة االكتمال .وقد بدأ هذا اإلجهاض بموافقة زوجها ،كما يود كالهما ،نظرا
لظروفهما المالية ،لكي ينجو من التمتع بمباركة إضافية من األطفال.
"قالت :كنت كثيرا ما أعير نفسي بكلمات" ،لقد قتلت ولدك حقا "،وخشيت أن مثل هذه
الجريمة ال يمكن أن تبقى دون عقاب .واآلن بعد أن أكدت لي أنه ال يوجد خطأ خطير في عيني،
فإنني على يقين تام بأنني قد عوقبت بما فيه الكفاية".
"لذلك كان هذا الحادث قصاصا عن خطيتها ،لكنه من جهة أخرى قد يكون هربا من عقاب
أبشع خشيت لعدة أشهر .في اللحظة التي ركضت فيها إلى المتجر لشراء صورة ذاكرة هذا التاريخ
كله ،مع مخاوفها (التي كانت نشطة جدا في الالوعي في الوقت الذي حذرت فيه زوجها) ،أصبحت
مهزومة فكريا وربما وجدت تعبيرات مثل هذه :ولكن لماذا تريدي زينة للحضانة؟ أنت من قتل
طفلك! أنت قاتلة! بالتأكيد إن العقاب العظيم يقترب!
"هذه الفكرة لم تصبح واعية ،بل إستغلت الوضع بدال منها -ربما أقول من اللحظة النفسية -
أن تستخدم بطريقة مألوفة كومة الحجارة لفرض هذه العقوبة على نفسها .ولهذا السبب ،لم تحاول
حتى وضع ذراعيها وهي تسقط ولم تكن خائفة كثيرا .أما العامل الثاني ،وربما األقل أهمية ،في
تحديد الحادثة التي وقعت فيها ،فكان من الواضح أن عقابها الذاتي هو رغبة المرأة الالواعية في
التخلص من زوجها ،الذي كان شريكا في الجريمة في هذه القضية .وقد خانها ذلك تحذيرها الزائد
عن الحاجة إلى الحذر في الشارع بسبب الحجارة .ألنه بسبب ضعف ساقيه ،كان حريصا جدا في
المشي.
إذا كان هذا الغضب ضد سالمة المرء نفسه وحياته الخاصة يمكن أن تكون مخفية وراء
االرتباك غير المقصود الواضح والحركة غير الصحيحة للجسم ،فإنه ليس خطوة كبيرة إلى األمام
الستيعاب إمكانية نقل المفهوم نفسه إلى أخطاء تهدد حياة وصحة اآلخرين بشكل خطير .ما يمكنني
تقديمه كدليل على صحة هذا التصور كان مأخوذ من تجربتي مع علم األعصاب ،وبالتالي ال يلبي
تماما متطلبات هذا الوضع .وسأبلغ عن حالة لم تكن فيها عمال تم تنفيذه خطأ ،ولكن ما يمكن
تسميته على نحو أكثر دقة بأنه عمل رمزي أو فرصة أعطتني فكرة مكنتني الحقا من حل صراع
مع مريض.
لقد تعهدت ذات مرة بتحسين عالقات الزواج لرجل ذكي جدا ،الذي يمكن بالتأكيد تتبع
خالفاته مع زوجته الصغيرة ألسباب حقيقية ،ولكن كما اعترف هو نفسه ،ال يمكن شرحها تماما
من خاللهما .لقد كان دائما يشغل نفسه بفكرة االنفصال ،التي رفضها مرارا وتكرارا ألنه أحب
طفليه الصغيرين بشدة .وبالرغم من ذلك ،فإنه يعود دائما إلى ذلك القرار وال يسعى إلى إيجاد
وسيلة لجعل الحالة محتملة على نفسه .إن عدم تسوية هذا الصراع أثبت لي أن هناك دوافع واعية
وقمعية فرضت األفكار الواعية المتضاربة ،وفي هذه الحاالت أتعهد دائما بإنهاء الصراع عن
طريق التحليل النفسي .ذات يوم ،ذكر لي الرجل حدث بسيط كان قد اخافه بشدة .كان يلعب مع
الطفل األكبر سنا ،والذي يعتبره إلى حد بعيد المفضل لديه .رماه عاليا في الهواء وكرر هذا الرمي
حتى دفعه أخيرا إلى أعلى درجة بحيث كاد رأسه يضرب الثريا الضخمة .تقريبا ،ولكن ليس
تماما ،أو قل "تقريبا ضربها!" لم يحدث شيء للطفل إال أنه أصبح مشوشا .وكان األب مشوشا
ايضا والطفل بين ذراعيه ،بينما اندمجت األم في هجوم هستيري .حركة اإلهمال هذه ،مع رد الفعل
العنيف من األبوين ،اقترح على ان انظر إلى هذا الحادث على أنه عمل رمزي يعبر عن نية
شريرة تجاه الطفل الحبيب.
استطعت أن أزيل التناقض الحقيقي في شعور هذا األب تجاه طفله ،وذلك بإحالة الدافع إلى
إصابته إلى الوقت الذي كان فيه الطفل هو الشخص الوحيد معه ،وهو صغير جدا لدرجة أن األب
لم يكن لديه فرصة حتى اآلن العتباره مهما بالقدر الكافي .ثم كان من السهل ان نفترض ان هذا
الرجل ،الذي كان مرتاحا جدا لزوجته في ذلك الوقت ،ربما فكر" :إذا كان هذا الكائن الصغير الذي
ال أحس باهميته كان ينبغي أن يموت ،فسأكون حرا وأستطيع االنفصال عن زوجتي ".ولذلك فإن
الرغبة في موت هذا الشخص المحبوب كثيرا ما استمرت دون وعي .من هنا كان من السهل إيجاد
الطريق إلى إصالح الالواعي لهذه األمنية.
كان هناك في الواقع محدد قوي في ذاكرة طفولة المريض :وأشارت إلى وفاة األخ الصغير
الذي تركته األم مع والده المهمل فمات ،مما أدى إلى مشاجرات خطيرة مع تهديدات بالفصل بين
الوالدين .وقد أكد مجرى حياة مريضي المستمر والنجاح العالجي على تحليلي.
الفصل التاسع
األعراض واألفعال المصادفة.
اإلجراءات الموصوفة حتى اآلن ،والتي نعترف فيها بتنفيذ النية الالواعية ،ظهرت
كاضطرابات من أعمال أخرى غير مقصودة ،واختبأت تحت ذريعة االرتباك .فأفعال المصادفة،
التي سنناقشها اآلن ،تختلف عن األفعال التي ترتكب خطأ من حيث أنها ال تستهين بتأييد نية واعية
وال تحتاج حقا إلى ذريعة .فهي تظهر بشكل مستقل ومقبول ألن المرء ال ينسب إليها أي هدف أو
غرض .نقوم بتنفيذهم "دون التفكير في أي شيء منهم"" ،بالصدفة"" ،فقط إلبقاء األيدي مشغولة"،
ونحن على ثقة بأن هذه المعلومات ستكون كافية تماما في حال التساؤل عن أهميتها .ولكي نتمتع
بميزة هذا الموقف االستثنائي ،فإن هذه األفعال التي لم تعد تدعي االرتباك كحجة البد أن تفي
بشروط معينة:
وقد جمعت عددا كبيرا من هذه "افعال الصدفة" من نفسي ومن غيري ،وبعد إجراء تحقيق
شامل في األمثلة الفردية ،أعتقد أن اسم "األفعال العرضية" مناسب أكثر .فهي تعبر عن شيء ال
يشك فيه الفاعل نفسه فيها ،وهي قاعدة ال ينوي نقلها إلى اآلخرين ،ولكنها تهدف إلى االحتفاظ بها
بنفسه .وعلى غرار الظواهر األخرى التي تم النظر فيها حتى اآلن ،فإنها تلعب دور االعراض.
والواقع أن أكثر النتائج ثراءا في مثل هذه المصادفات أو األعراض يتم الحصول عليها في المقام
األول باستخدام العالج التحليلي النفسي لألعصاب .ال أستطيع أن أنكر نفسي متعة عرض مثالين
من هذا النوع ،وكيف أن تحديد هذه الحوادث البسيطة بدقة تتغذى على األفكار الالواعية .إن خط
الترسيم بين األفعال التي تظهر أعراضها واألفعال التي ارتكبت خطأ يتسم بالغموض إلى الحد
الذي كان بإمكاني التخلص من هذه األمثلة في الفصل السابق.
(أ) خالل التحليل ،تذكرت شابة هذه الفكرة التي فجأة ظهرت لها .في الماضي كانت تقلم
اظافرها "وقد دخلت في الجلد بينما كانت تعمل على قطع االظفر" .وهذا ال يثير قدرا كبيرا من
االهتمام لدرجة أننا نتساءل عن سبب تذكره أو ذكره على اإلطالق ،وبالتالي نتوصل إلى إستنتاج
أننا نتعامل مع تصرف يدل على أعراض .لقد كان اإلصبع الذي إرتدت فيه خاتم الزفاف هو الذي
أصيب خالل هذا االرتباك الطفيف .كما حدث هذا في يوم زفافها ،مما يعطي معنى واضح جدا
وسهل التخمين إلصابة الجلد الدقيق .وفي الوقت نفسه ،ربطت أيضا حلما اشار إلى إرتباك زوجها
وتخديرها كامرأة .ولكن لماذا جرحت إصبع الحلقة من يدها اليسرى عندما ترتدى الحلقة على
اليمين؟ زوجها حقوقي" ،دكتوراة في القوانين" (حرفيا طبيب الحقوق ،)117وحبها االول كفتاة
يعود لطبيب كان يدعى بشكل الفت للنظر دوكتور دير لينكه (حرفيا ،طبيب اليسار في األلمانية).
لذا فهي تلبسه في اليسار.
(ب) وتروي إحدى الشابات" :باألمس ،ومن غير قصد ،مزقت ورقة بمئة دوالر وأعطيت
نصفها المرأة كانت تزورني .هل هذا أيضا تصرف يدل على أعراض؟ وبعد إجراء تحقيق دقيق،
انتزعت مسألة ورقة المائة دوالر ما يلي :خصصت جزءا من وقتها وثروتها لألعمال الخيرية.
وكانت ترعى مع امرأة أخرى تربية يتيم .مئة دوالر كانت المساهمة التي أرسلتها تلك المرأة ،التي
أرسلتها في ظرف وأودعته مؤقتا على مكتبها .كانت الزائرة امرأة بارزة ارتبطت معها بعمل
خيري آخر .هذا وقالت إن المرأة ترغب في أن تالحظ أسماء عدد من األشخاص الذين يمكنها أن
تطلب إليهم المساعدة الخيرية .لم تكن هناك ورقة ،فامسكت مريضتي بامظرف من مكتبها ،ومن
دون ان تفكر في محتوياته مزقته الى قطعتين حفظت إحداهما ،ليكون لها قائمة اسماء مكررة،
وأعطت االخرى لزائرتها .الحظ الضرر الناجم عن هذا الحدوث الذي ال هدف له .ومن المعروف
ان سعر مئة دوالر ال يخسر في قيمته عندما يمزق ،شرط ان تجمع كل القطع .إن عدم رمي المرأة
للورقة من قبل أهمية األسماء التي عليها ،ولم يكن هناك شك في أنها ستعيد المحتوى القيم بمجرد
أن تالحظه.
ولكن إلى أي فكرة ال واعية يجب ان تعطي التعبير عن هذا الفعل الذي صار ممكنا من
خالل النسيان؟ كان للزائرة في هذه الحالة عالقة محددة جدا بمريضتي وبي .كانت هي التي
أوصتني في وقت من األوقات كطبيب للفتاة ذاتها ،وإذا لم ١أكن مخطئا ،تعتبر المريضة نفسها
مدينة لهذه النصيحة .هل يجب ان تمثل هذه المئة دوالر رسما لوساطتها؟ ال يزال ذلك غامضا.
لكن تفاصيل أخرى أضيفت إلى هذه البداية .فقبل عدة أيام من قيام امرأة وسيطة بالسؤال
عما إذا كانت السيدة الشابة الكريمة ترغب في التعرف على رجل معين .وفي ذلك الصباح ،قبل
ساعات من زيارة المرأة ،وصل خطاب التودد من العريس ،معطيا مناسبة لفرح كبير .لذلك ،عندما
فتحت السيدة الخطاب بالسؤال عن صحة مريضتي ،كان يمكن ان تفكر االخيرة" :لقد وجدت
بالتأكيد الطبيب المناسب ،ولكن إذا كان بوسعك مساعدتي في الحصول على الزوج المناسب
(والطفل) ،فال بد أن أكون أكثر امتنانا".
وصار كال الوساطتين منغمسين في هذا الفكر المكبوت ،وسلمت للطبيب (انا) الرسوم التي
كان خيالها على إستعداد العطاء الوسيط االخر ايضا .لقد أصبح هذا القرار مقنعا تماما عندما
أضفت أنني أخبرتها بمثل هذه الفرصة أو األعراض في الليلة السابقة فقط .ثم إستغلت الفرصة
التالية إلنتاج عمل مماثل.
يمكننا القيام بتجميع هذه الفرص المتكررة للغاية واألعمال التي تظهر بأعراض وفقا
لحدوثها كالمعتاد ،المنتظم في ظروف معينة وغير المنتظم في ظروف أخرى.
● المجموعة األولى (مثل اللعب بسلسلة الرقبة ،تمشيط لحية الشخص باصابعه ،وهلم
جرا) ،والتي يمكن أن تكون تقريبا سمة من سمات الشخص المعني ،ترتبط بالحركات العديدة،
وتستحق بالتأكيد فهمها لكي يتم التعامل معها.
● في المجموعة الثانية أضع اللعب بالعصا ،الخربشة بالقلم ،رج العمالت في الجيب،
عجن العجين وغيرها من المواد المرنة ،طرق لبس مالبس الشخص ،والكثير من األعمال األخرى
المشابهه.
وهذه األفعال المرحة أثناء العالج النفسي تخفي بانتظام الحس والمعنى اللذين ال يمكن
التعبير عنهما بطريقة أخرى .عموما الشخص المعني ال يعرف شيئا عنه؛ فهو ال يعلم ما إذا كان
يفعل نفس الشيء أو ما إذا كان قد قام ببعض التعديالت في حركاته المعتادة ،كما أنه ال يرى أو
يسمع آثار هذه األفعال .فهو مثال ال يسمع الضوضاء التي تنتج عن جلجلة العمالت المعدنية،
ويدهش ويتزايد عندما يوجه انتباهه إليها .ومما ال يقل أهمية بالنسبة للطبيب ،ويستحق مالحظته،
هو كل ما يفعله المرء بلباسه غالبا دون أن يالحظ ذلك .كل تغيير في اللباس العرفي ،كل إهمال
بسيط ،مثل زر غير مثبت ،كل أثر من آثار التعرض يعني التعبير عن شيء ال يرغب مرتادو
اللباس في قوله مباشرة ،عادة ما يكون فاقد الوعي منه تماما .وتفسير هذه األفعال ذات الفرص
الضئيلة ،فضال عن الدليل على تفسيرها ،يمكن أن يبرهن في كل مرة بقدر كاف من اليقين من
الظروف المحيطة أثناء الفعل .مثل المواضيع قيد المناقشة واألفكار التي تظهر على السطح عندما
يكون االهتمام موجه للحدث الظاهري .ولهذا الغرض ،سأمتنع عن دعم تأكيداتي بتقديم أمثلة
بتحليالتها .لكنني أذكر هذه األمور ألنني أعتقد أنها تحمل نفس المعنى في األشخاص الطبيعيين
كحال مرضاي.
بيد أنني ال أستطيع أن أمتنع عن أن أعرض بمثال واحد على األقل كيف يمكن أن يكون
العمل الرمزي الذي تم إنجازه عادة مرتبطا بالجزء األكثر حميمية وأهمية من حياة الفرد
العادي118.
"وكما علمنا األستاذ فرويد ،فإن الرمزية في حياة الطفولة العادية تلعب دورا أكبر من
المتوقع من تجارب التحليل النفسي السابقة .وبالنظر إلى ذلك ،قد يكون للتحليل الموجز التالي
أهمية عامة ،ال سيما بسبب جوانبه الطبية".
"كان هنالك طبيب كان يقوم بإعادة ترتيب أثاث منزله الجديد فوجد سماعة طبيب خشبية،
وبعد أن توقف ليقرر أين ينبغي عليه وضعها ،اضطر إلى وضعها على جانب مكتبه في وضع
يجعلها واقفة تماما بين كرسيه وذاك المخصص لمرضاه .الفعل في حد ذاته كان غريبا جدا النه
في المقام االول لم يستخدم السماعة ألنه دائما يستخدم السماعة الثنائية؛ وفي المرتبة الثانية كانت
دائما كل أجهزته الطبية وأدواته في األدراج باستثناء هذا فقط .لكنه لم يفكر في األمر إال في يوم
ما ،حيث حضر مريض لم يسبق له قط أن رأى سماعة خشبية ،فسأله ما هذا؟ وعندما أخبره ،سأله
لماذا أبقاه هناك .فاجاب ان ذلك المكان جيد كأي مكان آخر .ولكنه بدأ يفكر في هذا األمر ،وتساءل
عما إذا كان هناك دافع الواعي في عمله .وألنه مهتم بطريقة التحليل النفسي ،طلب مني التحقيق
في المسألة.
"أول ذكرى مرت به كانت حقيقة أنه كان يعرف طالبا متدربا في الطب كان يحمل في يده
دائما سماعة خشبية في زياراته في جناح المستشفى ،على الرغم من أنه لم يستخدمه قط .لقد
أعجب كثيرا بهذا التدريب الداخلي ،وكان مرتبطا به كثيرا .وفي وقت الحق ،عندما أصبح هو
نفسه متدربا ،كان قد انشغل بنفس العادة ،وكان يشعر بعدم االرتياح الشديد إذا غادر الغرفة عن
طريق الخطأ دون أن يكون لديه آلة للتأرجح في يده .فقد ظهر االستياء من هذه العادة ،ليس فقط
بسبب أن السماعة الوحيدة التي استخدمها كانت ثنائية ويحملها في جيبه ،ولكن استمر في فعل ذلك
عندما كان متدربا في الطقوس الدينية ولم يكن بحاجة إلى أي سماعة على اإلطالق.
"ومن هذا المنطلق ،كان من الواضح أن فكرة األداة المعنية قد استثمرت بطريقة أو بأخرى
بقدر أكبر من األهمية النفسية أكثر مما تنتمى إليه عادة -وبعبارة أخرى ،فإن االداة بالنسبة له أكثر
اهمية مما هي بالنسبة ألشخاص آخرين .والبد أن الفكرة ارتبطت على نحو غير واع بفكرة
أخرى ،ترمز إليها ،والتي استمدت منها ملؤها اإلضافي للمعنى .وسوف أحبط بقية التحليل بقولي
ما كانت عليه هذه الفكرة الثانوية أو على وجه التحديد الفكرة الشبه جنسية هذه؛ والطريقة التي تم
بها تشكيل هذه الرابطة الغريبة ستكون مرتبطة في الحاضر .كان االنزعاج الذي تعرض له في
المستشفى بشأن فقدانه األداة ،والراحة التي قدمها له ايجادها ،مرتبطا بما يعرف باسم "عقدة
اإلخصاء" أو على وجه التحديد ،الخوف من الطفولة ،الذي كثيرا ما يستمر في هيئة مستترة إلى
الحياة بالغة ،خشية أن ينتزع منه جزء خاص من جسمه ،تماما كما كانت األمور في كثير من
األحيان .كان الخوف راجعا إلى تهديدات األب بأنه سوف ينقطع عن التواجد معه إذا لم يكن ولدا
صالحا ،وخاصة في إتجاه معين .وهذا معقد للغاية ،وهو مسؤول عن قدر كبير من العصبية العامة
واالفتقار إلى الثقة في السنوات الالحقة.
"ثم جاءت عدة ذكريات طفولية تتعلق بطبيب عائلته .كان قد تعلق بقوة بهذا الطبيب عندما
كان طفال ،وأثناء التحليل تم إسترجاع ذكريات مدفونة منذ فترة طويلة من وهم مزدوج كان يمتلكه
بالنسبة له نفسه الطفلة119 في عامه الرابع فيما يتصل بوالدة أخت أصغر سنا وهي أنها كانت
ولوالدته ،فيما ال ذكر لألب )2( ،ويذكر الطبيب على انه هو نفسه الطبيب والطفلة؛ وفي هذا لعب
دورا ذكوريا ومؤنثا ]2[.في ذلك الوقت ،عندما كان الحدث يثير فضوله ،لم يكن بوسعه إال أن
يالحظ؛ النصيب البارز للطبيب في الدعوى ،والموقف الفرعي الذي يشغله االب :وسوف يشار في
الوقت الحاضر إلى أهمية ذلك بالنسبة لحياته الالحقة.
وأضاف تشكل رابط السماعة من خالل العديد من االتصاالت .في المقام األول ،كان
المظهر المادي لهذه األداة األنبوب المستقيم الجامد المجوف ،الذي يحتوي على قمة ضخمة صغيرة
على طرف واحد وقاعدة عريضة على الطرف اآلخر وحقيقة كونها جزءا أساسيا من األدوات
الطبية ،أو األداة التي عمل بها الطبيب على تحقيق إنجازات سحرية مثيرة لالهتمام ،من األمور
التي جذبت انتباهه الصبياني .وكان قد فحص صدره مرارا من قبل الطبيب في السادسة من عمره،
وتذكر بوضوح اإلحساس الهائل الذي يشعر به رأس األخير بالقرب منه الضغط على جهاز التنفس
الخشبي في صدره ،وعلى حركة الجهاز التنفسي المتناغم .فقد كان قد صدمه عادة الطبيب في
حمل سماعة الطبيب داخل قبعته؛ فقد وجد أنه من المثير لالهتمام أن الطبيب ينبغي أن يحمل أدلته
الرئيسية التي أخفيت في مالبسه ،وهي أداة مفيدة دائما عندما ذهب لرؤية المرضى ،وأنه كان عليه
أن ينزع قبعته فقط (أي جزء من مالبسه) وأن "يسحبه" .120وفي الثامنة من عمره ،تأثر عندما
قال له ولد كبير في السن ان عادة الطبيب هي الذهاب إلى الفراش مع مرضاه .من المؤكد أن
الطبيب ،الذي كان شابا وسيما ،كان يتمتع بشعبية كبيرة بين نساء الحي ،بما في ذلك أم الشخص
نفسه .لذلك كان الطبيب و"آلته" موضع اهتمام كبير طوال فترة طفولته.
ومن المحتمل ،كما هو الحال في حاالت أخرى كثيرة ،أن تكون الهوية الالواعية لطبيب
األسرة دافعا رئيسيا في تحديد إختيار الشخص لمهنته .وكان هنا مشروطا مرتين:
واعترف هذا الشخص بأنه كان قد تعرض في عدة مناسبات إلغراءات جنسية فيما يتعلق
بمرضاه؛ فقد وقع مرتين في حب أحدهما ،وأخيرا تزوج أحدهما.
"الذاكرة التالية كانت حلم ،بوضوح ذات طبيعة مازوخية مثلية؛ وفيها هاجم رجل ،الذي
ثبت انه شخصية بديلة لطبيب العائلة ،المريض بسيف .إن فكرة السيف ،كما هي الحال في األحالم
في كثير من األحيان ،كانت تمثل نفس الفكرة التي ذكرت أعاله الرتباطها بهيئة السماعة الخشبية.
،122حيث ينام سيغورد بسيفه العاري ذكر فكرة السيف الشخص بمقطع في ساغا نيبيلونج
(غرام) بينه وبين برونيهيلدا ،وهو حادث لطالما كان له تأثير كبير على مخيلته.
وأضاف أن معنى فعل االعراض أصبح واضحا أخيرا .ووضع الشخص سماعته الخشبية
بينه وبين مرضاه ،تماما كما وضع سيغورد سيفه (رمز مكافئ) بينه وبين الفتاة التي لم يكن
ليلمسها .وكان هذا العمل بمثابة حل وسط؛ فقد كان بمثابة اإلشباع في مخيلته للرغبة المكبوتة في
الدخول في عالقات أقرب مع المرضى الجذابين (التداخل الجنسي) ،وعند (تداخل السيف) .إنه
وفي الوقت نفسه ،كان تذكيره بأن هذه الرغبة لم تكن لتتحول إلى حقيقة واقعة ،بل مجرد فتنة
وإغراء.
اللورد ليتون ترك انطباعا كبيرا "يمكنني ان اضيف ان المقطع التالي من ريشيليو
123
وقد أصبح كاتب مقتدر ويستخدم قلم نافورة كبير بشكل غير عادي .وعندما سألته عن
حاجته إلى هذا القلم ،أجاب بطريقة مميزة" :لدي الكثير ألعبر عنه".
"يذكرنا هذا التحليل مرة أخرى بوجهات النظر العميقة التي تقدم لنا في الحياة النفسية من
خالل االعمال "غير المؤذية" و "المجنونة" ،وكيف ان الميل إلى الرمزية في وقت مبكر من الحياة
ينمو بمرور الزمن".
كما أستطيع أن أربط بين تجربتي العالجية الذهنية التي قدمت فيها اليد التي تلعب بكتلة من
عجين الخبز ،دليل على شيء ما .كان مريضي ولدا لم يبلغ الثالثة عشرة من العمر ،وكان قد
أصيب بحالة هستيرية شديدة لمدة عامين .وأخيرا أخذته للعالج بالتحليل النفسي ،بعد أن أثبتت فترة
طويلة من اإلقامة في مؤسسة عالجية مائية عدم جدواها .وكان رأيي أنه ال بد أنه كان لديه تجارب
جنسية ،وأنه ،مقارنة بعمره ،كان مضطربا بسبب مسائل جنسية؛ ولكنني كنت حذرا في مساعدته
في الحصول على تفسيرات بقدر ما كنت أرغب في إختبار افتراضي .لذلك كنت فضوليا للطريقة
التي يمكن بها لالفتراضات ان تظهر نفسها فيه.
وذات يوم صدمني أنه كان يلف بين أصابع يده اليمنى قطعا من العجين؛ كان يدفعها إلى
جيبه وهناك يواصل اللعب بها ،ثم يشكلها مرة أخرى ،وهكذا .لم أسأل عما في يده؛ لكن عندما فتح
يده فجأة الرى عجين خبز شكله ككتلة .وفي الجلسة التالية جلب مرة أخرى كتلة من العجين صنع
منها مجسما خالل حديثنا ،على الرغم من أن عينيه مغلقتان ،بسرعة مذهلة أثارت اهتمامي .ال شك
أنه كان مجسما مثل مجسمات ما قبل التاريخ ،مع رأس ،ذراعين ،ساقين ،وزائدة بين الساقين
شكلها كقضيب طويل.
ولم ينتظر لفترة طويلة قبل ان يعيد تشكيلها الى كتلة مرة أخرى .وفي وقت الحق شكله
بالشكل االول وابقاه ،ولكنه صمم زائدة مماثلة في منتصف ظهره وعلى أجزاء أخرى ربما من
أجل حجب معنى األول .كنت أتمنى أن أريه أنني فهمته ،ولكنني في الوقت نفسه أردت حرمانه
من التهرب الذي لم يفكر فيه أثناء تشكيل هذه األشكال بنشاط .خالل ذلك ،سألته عما إذا كان يتذكر
في حديقته .لم يرد الفتى أن يتذكر ما بانتومية125 قصة الملك الروماني الذي أعطى ابنه إجابة
يجب أن يكون قد تعلمه مؤخرا أكثر مني .وسأل إذا كانت هذه هي قصة العبد الذي كتبت االجابة
على رأسه االقرع .فقلت له" :ال ،التي تنتمي إلى التاريخ اليوناني" ،وذكرت ما يلي" :لقد حث
الملك تاركينيوس ابنه سكستوس على احتالل مدينة التينية وسلبها .أرسل االبن ،الذي حصل الحقا
على موطئ قدم في المدينة ،رسوال إلى الملك يسأل عن الخطوات التي ينبغي أن يتخذها الحقا .لم
يعط الملك أي إجابة ،لكنه ذهب إلى حديقته ،وكان السؤال يتكرر هناك من قبل الرسل ،لكنه واصل
صمته وجلس عند رؤوس أكبر ازهار الخشخاش وأكثرها جماال في الحديقة وقطعها .وكل ما كان
على الرسول ان يفعله هو إبالغ سكستس ،الذي فهم والده ،وجعل المواطنين األكثر تميزا في
المدينة يتم اغتيالهم.
بينما كنت أتحدث توقف الطفل عن الجلوس على ركبتيه ،وبينما كنت أربط ما فعله الملك
في حديقته ،الحظت أنه عند كلمة "قطعها" قطع رأس التمثال بحركة سريعة مثل البرق .لذلك
فهمني وأظهر انه كان أيضا يعرف بأنني فهمته .اآلن أستطيع أن أسأله مباشرة ،وأعطيه
المعلومات التي كان يرغب بها ،وفي وقت قصير انتهى مرضه العصابي.
ذات يوم كنت أفحص شابا غريبا في منزل أمه .وفيما هو قادم إلى ،انجذبت إلى بقعة كبيرة
على سرواله ،وبسبب الحواف الصلبة يبدو انها نتاج سائل ابيض .بعد لحظة من الحرج ،أعقب
الشاب انه أحس بحشرجة في بلعومه ،وبالتالي شرب بيضة خام ،وأن بعض البيض الزلق من
البيضة ربما سقط على مالبسه .وللتأكيد على تصريحاته ،أظهر قشرة البيض التي ال تزال في
طبق صغير في الغرفة .وعلى هذا فقد تم تفسير البقعة المشبوهة بهذه الطريقة غير الضارة؛ لكن
عندما تركتنا أمه وشأنها ،شكرته على أنه سهل كثيرا التشخيص بالنسبة لي ،ودون مزيد من االدلة
أخذت كموضوع لمناقشتنا معاناته من آثار االستمناء.
مرة أخرى استدعيت للكشف المرأة غنية على قدر ما كانت بائسة وحمقاء ،كانت عادة ما
تعطي الطبيب مهمة شاقة عبر كومة من الشكاوى قبل ان يتمكن من الوصول إلى سبب بسيط
لحالتها .بينما دخلت كانت جالسة على طاولة صغيرة ،تقوم بترتيب الدوالرات الفضية في أكوام
صغيرة وسقطت منها بعضها على األرض وقامت برفعها من األرض .ساعدتها على التقاطها،
ولكن قاطعت حالة بؤسها بتمتها" :هل أنفق صهرك الصالح الكثير من أموالك مرة أخرى؟ " لقد
نفت بشدة هذا األمر عندما سألتها عن الموضوع ،لكنها لم تذكر إال بعد لحظات قليلة القصة
البغيضة عن التأزيم الذي سببه إسراف صهرها .وهي لم ترسل لي منذ ذلك الحين.
ال أستطيع أن اقول إن الشخص بإمكانه ان يصنع دائما األصدقاء إذا كان يخبرهم عن
معنى أعراضهم .ومن يراقب رفاقه اثناء وجوده على الطاولة سيمكنه ان يتحقق فيهم من أحلى
واسوأ ما يظهر من اعراض.
ويروي الدكتور هانس ساكس 126ما يلي- :
"صادف أنني كنت حاضرا عندما حضر زوجان مسنان العشاء معي .وتعاني السيدة من
مشكلة في المعدة وأجبرت على اتباع نظام غذائي صارم .وضع اللحم المشوي امام الزوج وطلب
من امرأته التي لم يسمح لها بالمشاركة في هذا الطعام ان تعطيه الخردل .فتحت الزوجة الخزانة
وأخرجت زجاجة صغيرة من قطرات دواء المعدة ،ووضعتها على الطاولة أمام زوجها .وبين
زجاج الخردل ذي الشكل االسطواني وزجاجة الدواء الصغيرة لم يكن هناك بطبيعة الحال أي
تشابه من النوع الذي يمكن من خالله تفسير االشتباه؛ ومع ذلك لم تالحظ الزوجة الخطأ إال بعد أن
لفت زوجها انتباهها إليه ضاحكا .إن الشعور بهذا العرض ال يحتاج إلى أي تفسير.
سأذكر مثاال ممتازا لهذا النوع من الحاالت الذي تم تحليله ببراعة ،فإنني أدين للدكتور
برن .داتنر 127من فيينا:
"تناولت العشاء في مطعم مع زميلي إتش ،دكتور فلسفة .وتحدث عن الظلم الذي تعرض له
بعض الطالب معيدي االختبار في جامعته ،وأضاف أنه حتى قبل أن ينهي دراسته ،عين أمينا
للسفير ،أو باألحرى وزيرا فوق العادة في تشيلي .وأضاف "لكن تم نقل الوزير بعد ذلك ،ولم أبذل
أي جهد للقاء مع من تم تعيينه حديثا" .بينما كان ينطق الجملة األخيرة كان يرفع قطعة من الفطيرة
إلى فمه ،لكنه تركها تسقط كما لو كانت تسقط من الحرج .لقد أدركت على الفور الحس الخفي لهذا
العرض وعلقت على ذلك لجليس لنا لم يكن على دراية بالتحليل النفسي ،لقد سمح لفطيرة لذيذة جدا
ان تسقط من فمه .لكنه لم يدرك أن كالمي يمكن أن يشير بنفس القدر إلى ما بينه من أعراض،
وكرر نفس الكلمات التي قلتها بوضوح غريب ومثير للدهشة ،كما لو أنني في الواقع أخذت
الكلمات من فمه :لقد كانت حقا خيارا جيدا سمحت له باإلفالت مني .ثم تابع هذه المالحظة مع
وصف تفصيلي لسوء تصرفه ،والذي كلفه هذا المنصب المهم.
"يصبح اإلحساس بهذا البيان الرمزي أكثر وضوحا إذا تذكرنا أن زميلي كان راغبا في
إخباري ،وانا غريب تماما بالنسبة له ،عن وضعه المادي الهش ،وأن فكرته المكبوتة اتخذت قناع
األعراض الذي يعبر بشكل رمزي عما كان المقصود إخفاؤه ،وبالتالي فقد شعر المتحدث باالرتياح
من عدم وعيه".
وقد يتبين من األمثلة التالية أن أخذ األشياء أو عدم أخذها دون نية واضحة هو أمر حسي.
(أ) يروي الدكتور ب .داتنر" :قام أحد األصدقاء بأول زيارة بعد الزواج لسيدة تحظى
بتقدير كبير عنده من أيام شبابه .وأخبرني بهذه الزيارة ،وأعرب عن دهشته لعدم تمكنه في اتخاذ
قراره بزيارتها إال بزيارتها لوقت قصير ،ثم أبلغني عن خطأ غريب حدث له هناك.
وقال كان زوج هذا الصديقة ،الذي شارك في المحادثة ،يبحث عن صندوق من اعواد
الثقاب كان واثقا أنه على الطاولة عندما جاء إلى هناك .وكانت صديقتي أيضا تنظر في جيوبه
للتأكد مما إذا كان لم يضعه في جيبه ،ولكن دون جدوى .بعد ذلك بوقت ما وجده في جيبه،
وأدهشته حقيقة أنه كان هناك عود واحد في الصندوق.
"بعد أيام قليلة ،رأى حلم فيه صندوق الثقاب ذاك كرمزية وإشارة إلى صديقة شبابه الذي
أكد تفسيري الحقا .فقد كان زوجها يعلن عن حقه واولويته وتفرد حيازته بها (ال يحتوي إال على
عود واحد).
ويروي الدكتور هانز ساكس ما يلي" :طباختنا تحب كثيرا نوع معين من الفطيرة .وال شك
في ذلك ،فهو النوع الوحيد من المعجنات الذي تحضره دائما بصورة جيدة .وفي إحدى المرات
أحضرت هذه الفطيرة إلى الطاولة وأخرجتها من طبق الفطيرة ،وشرعت في إزالة الصحون
المستخدمة في الوجبة السابقة ،ولكنها وضعت الفطيرة على قمة هذه الكومة من الصحون الفارغة،
واخذتها معها الى المطبخ .في البداية اعتقدنا أن لديها شيئا لتحسينه على الفطيرة ،ولكن عندما
فشلت في أن تظهر ضربت زوجتي الجرس وسألت ،بيتي ،ماذا حدث للفطيرة؟ أجابت عليها الفتاة
دون أن يكون السؤال مفهوما ،كيف ذلك؟ كان علينا أن نلفت انتباهها إلى حقيقة أنها نقلت الفطيرة
إلى المطبخ .كانت قد وضعتها على أكوام األطباق ،وأخذتها ،ووضعتها بعيدا "دون أن تالحظ
ذلك".
"في اليوم التالي ،عندما كنا على وشك إستهالك بقية الفطيرة ،الحظت زوجتي أن الفطيرة
التي بقيت من اليوم السابق لم تاكل الفتاة منها حصتها -أي أن الفتاة لم تأكل طبق الطعام المفضل
لديها .وتساءلت زوجتي لماذا لم تأكل الفطيرة ،فأجابت ،محرجة بعض الشيء ،أنها ال تحب اكلها.
"وموقف الطفولية ملحوظ بوضوح في المناسبتين ،أولهما النهم الطفولي في رفض مشاركة
أي شخص شيء يحبه ،ثم رد الفعل الحاقد الذي هو طفولي ايضا :إذا ضيقت علي ،أبقيها لنفسك،
ال أريد شيئا منها".
وغالبا ما تكون للصدفة أو األعراض التي تحدث في شؤون الحياة الزوجية أهمية بالغة،
ويمكن أن تدفع أولئك الذين ال يهتمون بعلم النفس الالواعي إلى االعتقاد في الطواطم .128إنها
ليست بداية مبشرة إذا فقدت شابة خاتم زواجها في جولة زفافها ،حتى لو كانت لفترة قصيرة.
أعرف أن امرأة ،كانت في إدارة شؤون أعمالها كثيرا ما وقعت اسم عائلتها االصلي بسهو
قبل ان تعود الستخدامه الحقا بعد ان تطلقت .عندما كنت ضيفا على متزوجين حديثا وسمعت الفتاة
وهي تروي بضحك تجربتها األخيرة ،كيف أنها في اليوم التالي لعودتها من جولة العرس ،طلبت
من أختها العزباء الذهاب معها كما كانت في الماضي ،بينما كان زوجها يحضر اعماله .وفجأة
الحظت رجال في الجهة المقابلة من الشارع؛ فأجلت أختها قائلة" :اوه ،هذا بالتأكيد سيد ل ".نسيت
أن هذا الرجل كان زوجها ألسابيع .لقد شعرت بالفزع إزاء هذه الحكاية ،ولكنني لم أجرؤ على
استخالص أي استنتاج .عادت القصة الصغيرة إلى بعد عدة سنوات فقط ،بعد أن انتهى هذا الزواج
رسميا .وقد أخذت المالحظة التالية ،التي كان يمكن أن تجد مكانا بين أمثلة النسيان ،من عمل
ميدر129 جدير بالذكر نشره باللغة الفرنسية بواسطة أ.
"أخبرتني سيدة مؤخرا أنها نسيت محاولة إرتداء فستان زفافها وتذكرته في الليلة التي
سبقت العرس ،في الساعة الثامنة مساء ،كانت المصممة يائسة لرؤية موكلها لكنها لم تحضر في
الوقت المتفق عليه .هذه التفاصيل كافية إلظهار أن الخطيبة ال تشعر بالسعادة الكبيرة الرتدائها
فستان الزفاف ،فسعت إلى نسيان هذا التمثيل المؤلم .إنها اآلن ..مطلقة".
هنالك صديقة تعلمت أن تالحظ العالمات مني ،فالحظت بأن الممثلة العظيمة إليانورا
تقدم عرضا في أحد عروضها يظهر بشكل رائع العمق الذي تظهره في تمثيلها .إنها دوس130
دراما تتناول الزنا؛ كانت للتو تناقش مع زوجها وهي اآلن تقف صامتة قبل أن يظهر الشخص
الذي اغراها .خالل هذه الفترة القصيرة ،لعبت بخاتم زفافها ،تقوم بسحبه ،وتضعه على الطاولة ،ثم
تلبسه من جديد .وهذا يعني انها اآلن مستعدة للشخص األخر.
أعرف عن رجل مسن تزوج فتاة صغيرة ،وبدال من أن يبدأ في جولة زفافه قرر قضاء
الليلة في فندق .بالكاد وصال إلى الفندق ،عندما الحظ ضاحكا أنه ال يملك محفظته ،حيث كان لديه
كل المال لجولة الزفاف؛ ال بد أنه نسيه أو فقده .كان ال يزال قادرا على الوصول إلى خادمه عبر
الهاتف؛ فوجد األخير المحفظة المفقودة في معطف ملقى مع المالبس التي لم ينوي اخذها في
سفره ،فجلب الخادم المحفظة إلى الفندق إلى العريس المنتظر ،الذي كان قد دخل في زواجه من
دون اقتناع.
ومن العزاء أن نعتقد أن "فقدان األشياء" من قبل الناس هو مجرد فعل غير مشتبه به ،فعل
اعتيادي ،وبالتالي فهو مرحب به على األقل في النية السرية للفاقد.
غالبا ما يكون فقط تعبيرا عن التقدير القليل للشيء المفقود ،أو كرهه له سرا ،أو ربما عدم
تقديره للشخص الذي اهداه اياه ،أو ان الرغبة في فقدان هذا الشيء نقلت إليه من أشياء أخرى أكثر
أهمية من خالل ارتباط رمزي معين .إن فقدان االشياء القيمة يخدم كتعبير عن مشاعر متنوعة؛ بل
قد تمثل بشكل رمزي فكرة مكبوتة -بمعنى أنها قد تعيد إلى الذاكرة األشياء التي ال يرغب المرء
في سماعها -وقد تمثل تلك الفكرة مجرد تضحية للقوى الغامضة لتبديل المصير ،االرتباط الديني
معنا131. الذي لم ينقرض بعد تماما حتى
يقول الدكتور ب .داتنر" :أخبرني زميل أنه فقد قلمه الرصاص الميكانيكي الذي كان يمتلكه
ألكثر من عامين ،والذي كان ثمينا للغاية بسبب جودته الفائقة .أثار التحليل الحقائق التالية :قبل يوم
من استالمه رسالة غير مقبولة جدا من صهره ،كان النص في الجملة الختامية' :في الوقت الحاضر
ال أملك الرغبة وال الوقت لمساعدتكم في كسلكم وتقاعسكم '.لقد كان التأثير المرتبط بهذه الرسالة
قويا جدا بحيث أنه في اليوم التالي قام على وجه السرعة بالتضحية بالقلم الرصاص الذي كان هدية
من صهره هذا من أجل أال يكون مثقال بمحاباته.
يذكر بريل المثال التالي" :استثنى أحد األطباء االقتباس التالي في كتابي "نحن ال نفقد ما
نريده حقا" .زوجته ،التي تهتم كثيرا بمواضيع نفسية ،قرأت معه الفصل عن "علم األمراض
النفسية في الحياة اليومية"؛ فقد كان كل منهما معجبا إلى حد كبير بحداثة األفكار ،وما إلى ذلك،
وكانا على استعداد تام لقبول أغلب المعلومات المذكورة .ولكنه لم يستطع أن يتفق مع االقتباس
المذكور أعاله ألنه كما قال لزوجته "بالتأكيد لم أكن أرغب في فقدان سكيني" .وأشار إلى سكين
ثمين أعطته إياه زوجته ،والذي اعتز به كثيرا ،ففقدانه سبب له الكثير من األلم.
"لم يستغرق األمر طويال من قبل زوجته حتى تكتشف الحل لهذه الخسارة بطريقة تقنعهم
بدقة .عندما قدمت له هذه السكين كان غير متقبل لذلك بصورة كبيرة .ومع انه اعتبر نفسه متحررا
جدا ،اال انه استقبل بعض الخرافات حول اعطاء أو قبول سكين كهدية ،ألنه قيل ان السكين يقطع
الصداقة .حتى انه ذكر ذلك لزوجته التي ضحكت على خرافاته .كان لديه السكين لسنوات قبل أن
تختفي" .التحليل يبين أن اختفاء السكين كان مرتبطا مباشرة بفترة كانت هناك مشاجرات عنيفة بينه
وبين زوجته ،التي هددت باالنفصال .لقد عاشوا معا بسعادة إلى أن جاءت ابنته (التي كانت من
زواجه الثاني) للعيش معهم .كانت ابنته السبب في العديد من سوء الفهم ،وكان في ذروة هذه
المشاجرات فقده للسكين.
"يظهر النشاط الالواعي بشكل لطيف جدا في هذا العرض .وعلى الرغم مما يبدو أنه
متحرر من الخرافات ،فإنه ال يزال يعتقد بدون وعي أن السكين المتبرع بها قد يقطع الصداقة بين
األشخاص المعنيين .وكان فقدانه مجرد دفاع غير واعي ضد فقدان زوجته ،وبالتضحية بالسكين
جعل الحظر الخرافي عاجزا عن فعل ذلك.
وفي نقاش مطول وبمساعدة تحليل األحالم 132أوضح أوتو رانك ان الميل للفداء فيه دوافع
عميقة .وال بد من القول إن مثل هذه األفعال التي تظهر في افعال األعراض غالبا ما تتيح لنا
الوصول إلى فهم الحياة النفسية الحميمة للشخص.
من بين العديد من األفعال الفردية التي تسنح لي الفرصة لكتابتها ،سأكتب مثاال واحدا
يظهر معنى أعمق حتى بدون تحليل .يوضح هذا المثال بوضوح الظروف التي قد تكون فيها هذه
األعراض ناتجة بشكل عرضي ،وتظهر أيضا أنه يمكن أن يدرج معها مالحظة ذات أهمية عملية.
خالل جولة صيفية ،حدث أن انتظرت عدة أيام في مكان معين لوصول رفاقي المسافرين.
في هذه االثناء تعرفت على شاب ،بدا أيضا وحيدا وكان مستعدا لالنضمام إلى .بينما كنا نعيش في
نفس الفندق كان من الطبيعي جدا أن نشتري الوجبات ونتشاركها.
في ظهر اليوم الثالث أخبرني فجأة أنه يتوقع وصول زوجته على متن قطار سريع في تلك
الليلة .لقد أثار اهتمامي النفسي اآلن ،كما كان قد صدمني في ذلك الصباح أن رفيقي رفض
اقتراحي للقيام بالمشي لمكان بعيد ،وفي مسيرنا القصير اعترض على طريق معين على أنه شديد
االنحدار والخطر .خالل مشينا بعد الظهر ظن فجأة أنني يجب أن أكون جائعا وأصر على أال
أتأخر عن وجبتي المسائية من اجله ،وأنه لن يتعشى قبل وصول زوجته .فهمت التلميح وجلست
على الطاولة بينما كان يذهب إلى المحطة.
في صباح اليوم التالي التقينا في قاعة استقبال الفندق .قدم لي لزوجته ،وأضاف" ،بالطبع،
ستفطر معنا؟ " كان على أن أحضر أوال مسألة صغيرة في الشارع ،لكن أكدت له أنني سأعود
قريبا .الحقا ،عندما دخلت غرفة الفطور الحظت أن الزوجين كانا جالسين على طاولة صغيرة
بالقرب من النافذة ،ويجلس كالهما على نفس الجانب .وعلى الجانب المقابل ،كان هناك كرسي
واحد فقط غطي بمعطف الرجل الكبير والثقيل .فهمت جيدا معنى هذا ال “غير مقصود" .هذا
يعني" :ال مجال لكم هنا ،أنتم غير ضروريين اآلن".
لم يلحظ الرجل أنني بقيت واقفا أمام الطاولة ،لكوني غير قادر على شغل المقعد ،لكن
زوجته الحظت ذلك ،وسرعان ما دقت زوجها وهمست" :لماذا غطيت مكان السيد بمعطفك".
هذه وغيرها من التجارب المشابهة جعلتني أفكر أن األفعال التي يتم تنفيذها عن غير قصد
ستصبح حتما مصدر سوء فهم في العالقات اإلنسانية .وال يأخذ مرتكب الفعل ،الذي ال يعلم بأي
نية مرتبطة به ،في االعتبار انه مخطأ وال يحمل نفسه المسؤولية عنه.
ومن ناحية أخرى ،فإن الطرف الثاني ،بعد أن يستخدم التحليل ويستخلص النتائج بشأن
الغرض والمعنى ،يدرك المزيد من األعمال الغريبة والعمليات النفسية التي ال يجرؤ الطرف
األول االعتراف بها.
فيشعر بالسخط حين ينظر إلى هذه االستنتاجات التي يستخلص منها من األفعال التي تظهر
على أعراضه؛ فهو يعلن أنها ال أساس لها ألنه ال يرى أي نية واعية في تنفيذها ،ويشتكي من أن
اآلخر أساء فهمها .وتبين الدراسة الدقيقة أن هذا الفهم الخاطئ يستند إلى حقيقة مفادها أن الشخص
على درجة كبيرة من الدقة في المراقبة ويفهم الكثير الذي يجعل االخرين يرفضون افتراضاته.
فكلما زاد "عصبية" ،كلما اعطى كل منهما اآلخر سببا للخالف ،الذي يقوم على حقيقة أن أحدهما
ينكر في داخله ما هو متأكد من تقبل اآلخر له.
وهذا في الواقع هو العقاب على عدم الصدق الداخلي الذي يمنح الناس التعبير تحت ستار
"النسيان" من األفعال الخاطئة والعواطف العرضية ،وهو الشعور الذي من األفضل لهم أن يعترفوا
به بأنفسهم ولآلخرين عندما ال يستطيعون السيطرة على كتمه .وفي الواقع ،يمكن التأكيد عموما
على أن كل شخص يمارس باستمرار التحليل النفسي على محاوريه ،وبالتالي يتعلم أن يعرفهم
أفضل مما يعرفه كل فرد بنفسه .والطريق الذي يتبع التحذير الذاتي يقودنا من خالل دراسة االفعال
العارضة التي يبدو للمرء انه ال يعرف شيئا عنها.
الفصل العاشر
األخطاء
وتتميز أخطاء الذاكرة عن النسيان والذكريات الكاذبة من خالل سمة واحدة فقط ،وهي أن
تذكر الخطأ غير معترف به على هذا النحو ،بل تجد المصداقية في تذكر الخطأ .ومع ذلك ،يبدو أن
إستخدام تعبير "الخطأ" يعتمد على شرط آخر .فنحن نتحدث عن "تضليل" بدال من "التذكر
الكاذب" حيث يتم التأكيد على طبيعة الواقع الموضوعي في المواد النفسية التي سيتم تذكرها -أي
عندما يتذكر شيء آخر غير حقيقي من حقائق حياتي النفسية الخاصة بي ،أو باألحرى شيء يتم
تأكيده أو تفنيده من خالل ذاكرة اآلخرين .عكس الخطأ في الذاكرة اذ انه بهذا المعنى يتشكل
بالجهل.
كنت مسؤوال عن سلسلة من األخطاء في التاريخ وفوق في كتابي تفسير األحالم ،
133
ذلك كلها في حقائق مواضيع متعلقة بمادة الكتاب والتي ذهلت الكتشافها بعد ظهور الكتاب .كلما
راجعتها اكتشفت أنها لم تكن نابعة من جهلي ،ولكن يمكن تتبعها إلى أخطاء في الذاكرة يمكن
تفسيرها من خالل التحليل.
(أ) في الصفحة 361أشرت إلى مسقط رأس شيلر بانه مدينة ماربورغ ،وهو اسم مدينة
في ستيريا-النمسا .الخطأ موجود في تحليل حلم خالل رحلة ليلية أيقظني منها قائد الشرطة وهو
ينادي باسم محطة ماربورغ .في مضمون التحقيق في الحلم يجري البحث عن كتاب شيلر
.
شيلر لم يولد فى بلدة ماربورج الجامعية بل فى مدينة مارباخ فى سوابيان -المانيا .أنا أصر على
أنني كنت أعرف هذا دائما.
.كان هذا الخطأ مزعجا (ب) في الصفحة 165يدعى والد هنيبال ب هاسدروبل
بالنسبة لي بشكل خاص ،ولكنه كان مستندت إلى حد كبير لتصوري بإمكانية حدوث هذه األخطاء.
لكنهعدد قليل جدا من القراء للكتاب قد يكونون أكثر اطالعا من المؤلف بتاريخ الباركيدس
كتب هذا الخطأ وتجاوزه في ثالث براهين ذكرها .وكان اسم والد هانيبال هو هاملكار باركاس؛
وكان هاسدروبل اسم شقيق هانيبال وكذلك اسم صهره وسلفه في القيادة.
(ت) في الصفحتين 217و 492أؤكد ان زيوس يقلل من شان كرونوس ابيه ويقيمه من
العرش .هذا الرعب الذي قدمته كخطأ بين االجيال؛ فوفقا لألساطير اليونانية كان كرونوس هو
134من ارتكب ذلك في أباه أورانوس.
كيف يمكن تفسير أن ذاكرتي قدمت لي مواد كاذبة في هذه النقاط ،في حين أنها عادة ما
تضع في حوزتي أكثر المواد بعدا عن المألوف ،كما يستطيع قراء كتبي تأكيد ذلك؟ واألكثر من
ذلك ،في ثالث مراجعات تم تنفيذها بعناية مررت بها فوق هذه األخطاء كما لو أنني أصبت
بالعمى.
قال جوته عن ليشتنبرغ" :حيث يقول الشخص نكتة ،هناك مشكلة خفية" .وعلى نحو
مماثل ،نستطيع أن نؤكد على هذه الفقرات التي أستشهد بها كتابي :يرجع كل خطأ إلى القمع .لكي
أكون أكثر دقة :الخطأ یخفي الكذب ،فالتشويه الذي يظهر في النهاية بسبب المواد المكبوتة .في
تحليل األحالم ،اضطرتني طبيعة الموضوع الذي ترتبط به أفكار الحلم ،من جهة ،إلى قطع التحليل
في بعض األماكن قبل أن يصل إلى نهايته ،ومن جهة أخرى ،إلزالة تفاصيل غير متحفظة من
خالل تشويه طفيف للخطوط العريضة .لم يكن بوسعي أن أتصرف بشكل مختلف ،ولم يكن لدي
خيار آخر اال إن كنت سأعرض أمثلة ورسومات .إن موقفي المقيد كان بالضرورة ناتجا عن
غرابة األحالم ،التي تعبر عن األفكار المكبوتة ،أو المواد غير القادرة على أن تصبح واعية.
وعلى الرغم من ذلك ،يقال إن ما زال هناك ما يكفي من المواد إلثارة غضب النفوس األكثر
حساسية .إن التشويه أو إخفاء األفكار المستمرة المعروفة لدي ال يمكن أن يتم دون ترك بعض
األثر .إن ما كنت أرغب في قمعه كثيرا ما ينقلب ضد إرادتي ،ويبرز نفسه في هذه المسألة
باعتباره خطأ غير ملحوظ .والواقع أن كل من األمثلة الثالثة المقدمة يستند إلى نفس الموضوع:
األخطاء هي نتيجة أفكار مكبوتة تشغل نفسها بوالدي المتوفي كما تبين لي بعد التحليل.
(أ) من يقرأ الحلم الذي تم تحليله في الصفحة 361سيجد بعض األجزاء التي تم الكشف
عنها؛ وفي بعض االجزاء سيكون قادرا على استلهام تلميحات باني كسرت سلسلة االفكار التي
كانت ستتضمن انتقادات غير محببة البي .في إستمرار هذا الخط من األفكار والذكريات ،هناك
،دورا؛ وهو قصة مزعجة ،حيث تلعب الكتب وصديق والدي رجل األعمال ،المسمى ماربورغ
االسم نفسه الذي اثارني في محطة السكك الحديدية الجنوبية .كنت أود أن أخفي هذا السيد
في التحليل الذي أجريته بنفسي ومن قرائي :انتقم من نفسه عندما اقتحم المكان الذي لم ماربورغ
يكن ينتمي إليه ،غير اسم مسقط رأس شيلر من مارباخ إلى ماربورغ
.
(ب) ان الخطأ هدروبل بدال من هاملكار ،اسم االخ بدال من اسم االب ،ناشئ من ترابط
تناول أوهامي عن هانيبال في سنوات دراستي واستيائي من تصرف ابي تجاه "اعداء شعبنا".135
كان بإمكاني أن أستمر وأروي كيف تغير موقفي تجاه والدي من خالل زيارة إلى إنجلترا ،حيث
تعرفت على أخي غير الشقيق ،من خالل زواج سابق لوالدي .كان أكبر أبناء أخي بعمري
بالضبط .وهكذا ،لم يكن فارق العمر عائقا امام خيال يمكن ذكره :كم هو جميل لو ولدت ابن أخي
بدل ابن ابي! فقمعت هذا الخيال ثم زورت نص كتابي عند النقطة التي كسرت فيها التحليل،
بإجباري على وضع اسم أخي السم األب.
(ت) ان تأثير ذاكرتي عن هذا االخ نفسه هو المسؤول عن تقدمي بخطأي المرعب بين
االجيال االسطورية لآللهة اليونانية .أحد نصائح أخي ظلت طويال في ذاكرتي .قال" :ال تنسى شيئا
يتعلق بسلوكك في الحياة"" :أنت لست من الجيل الثاني بل تنتمي إلى الجيل الثالث من أبيك".
تزوج أبينا مرة اخرى في مرحلة متقدمة جدا في السن ولذلك كان عجوزا ألوالده في الزواج
الثاني .قمت بالخطأ في المكان الذي ناقشت فيه التقوى بين الوالدين واالوالد.
وفي مرات عديدة ،لفت أصدقائي والمرضى انتباهي إلى حقيقة أنني حين أتحدث عن
أحالمهم أو ألمحت إليها في تحليالت األحالم ،كنت أتطرق بشكل غير دقيق للظروف التي نشترك
فيها .وهي أيضا أخطاء تاريخية .وعند إعادة النظر في هذه الحاالت الفردية ،وجدت أن
استرجاعي للحقائق لم يكن موثوقا به إال عندما كنت عمدا أشوه أو أخفي شيئا في التحليل .وهنا
.أيضا يقع خطأ غير ملحوظ كبديل لإلخفاء المتعمد أو القمع
ومن بين هذه األخطاء ،التي تنشأ عن القمع ،يتعين علينا أن نميز بشكل حاد تلك التي تقوم
على الجهل الفعلي .على سبيل المثال ،كان جهال عندما ذهبت في رحلتي إلى واتشاو كنت أعتقد
أنني تجاوزت مثوى الزعيم الثوري فيشوف .136واالسم فقط ما يجمع بين كال المكانين .تقع
في كارنثين ولكنني لم أكن أعلم أكثر من ذلك. إمرسدورف
اذكر خطأ آخر محرج ولكنه مفيد ،وهو مثال للجهل المؤقت إن شئت .ذات يوم ذكرني أحد
المرضى باعطائه الكتابين عن البندقية اللذين وعدته بهما ،إذ أراد إستخدامهما في التخطيط لجولته
في عيد الفصح .فذهبت إلى المكتبة إلحضارهم ،مع ان حقيقة االمر هي انني نسيت البحث عنهم،
ألنني لم اوافق تماما على رحلة مريضي ،النه انقطاع غير ضروري للعالج ،وخسارة مادية.
فقمت بإجراء مسح سريع للمكتبة للكتب.
أحدهما كان "البندقية كمركز فني" ،وإلى جانب هذا تخيلت أن لدي عمال تاريخيا شبيه .ال
؛ أخذته وأحضرتهم إليه ،ثم ،بأحراج ،اعترفت بخطئي .بالطبع كنت أعلم شك أنه الميديتشي
حقا أن الميديتشي ال عالقة له بمدينة البندقية ،ولكن لفترة قصيرة لم يبدو لي أنها غير
صحيحة على اإلطالق .اآلن أجبرت على ممارسة العدالة؛ فكما كنت كثيرا ما أفسر تصرفات
مريضي التي تظهر على أعراضي ،لم يكن بوسعي إال أن أنقذ هيبتي من خالل الصراحة
واالعتراف له بالدوافع السرية لخطأي وعالقته برحلته.
وقد نتسبب في دهشة عامة حين نعلم كم هو صعب ارضاء الدافع لقول الحقيقة مما يفترض
عادة .ربما نتيجة لعملي مع التحليل النفسي بالكاد أستطيع الكذب أكثر من ذلك .كما في كثير من
األحيان وأنا أحاول التشويه استسلم لخطأ ما غير صحيح ،وهو أمر ينم عن عدم صدقي ،كما كان
واضحا في هذا وفي األمثلة السابقة.
من بين كل األفعال الخاطئة تبدو آليات الخطأ أكثر سطحية .أي أن حدوث الخطأ يدل دائما
على أن النشاط العقلي المعني كان عليه أن يكافح بعض التأثير المزعج ،رغم أنه ال يلزم تحديد
طبيعة الخطأ ،بل إن نوعية الفكرة المزعجة ظلت غامضة .وليس من المستبعد أن نضيف أن
الحالة ذاتها قد تكون في كثير من الحاالت البسيطة من حاالت التأخر في الكالم والكتابة .وفي كل
مرة نلتزم بالتحدث أو الكتابة قد نستنتج أنه من خالل العمليات العقلية قد حدث اضطراب يتجاوز
هدفنا .بيد أنه يمكن التسليم بأن الثغرات في الكالم والكتابة غالبا ما تتبع قوانين التشابه والمالءمة،
أو الميل إلى التسارع ،دون السماح للعنصر المزعج بأن يترك أثرا من شخصيته في الخطأ الناجم
عن الثغرات في الكالم أو الكتابة .إن إستجابة المادة اللغوية هي التي تجعل من الممكن في البداية
تحديد الخطأ ،ولكنها أيضا تحد من األمر نفسه.
ولكيال أقتصر على األخطاء الشخصية فقط ،سأكتب بعض األمثلة التي يمكن أن تكون
أيضا قد تراوحت بين "االخطاء في الكالم" أو تحت "األفعال المرتكبة بالخطأ" ،وألن هذه األشكال
من األفعال الخاطئة لها نفس القيمة التي يمكن مناقشتها هنا أيضا.
(أ) لقد منعت مريضا من التحدث عبر الهاتف إلى حبيبته ،التي كان هو نفسه على إستعداد
لقطع كل العالقات معها ،حيث أن كل محادثة تجدد الكفاح ضدها .وكان من المقرر أن يكتب لها
قراره النهائي ،على الرغم من وجود بعض الصعوبات في طريقة تسليم الرسالة إليها .زارني في
الساعة الواحدة ليخبرني أنه وجد طريقة لتجنب هذه الصعوبات ،ومن بين أشياء أخرى سألني عما
إذا كان قد يشير إلى بصفتي المهنية.
في الساعة الثانية عندما كان منهمك في كتابة خطاب الرفض ،قاطع نفسه فجأة ،وقال المه،
"حسنا ،نسيت أن أسأل األستاذ ما إذا كنت قد أستخدم اسمه في الرسالة ".أسرع إلى الهاتف ،ثم
وصل إلى االتصال ،وطرح السؤال" ،هل لي أن أتحدث إلى األستاذ بعد العشاء؟ " لكنه استغرب
الرد "أدولف ،هل جننت؟ " كان الصوت هو الصوت الذي كان من المفروض انه قد استمع إليه
آلخر مرة بأمري .لقد "ارتكب خطأ" ،وبدال من رقم الطبيب اتصل بحبيته.
(ب) وخالل عطلة صيفية ،كانت مدرسة ،شابة فقيرة لكنها ممتازة ،تجتهد مع ابنة مقيم
صيفي ،إلى أن وقعت الفتاة بحب عاطفي معه ،بل كانت مصرة وفارضة رأيها على عائلتها
للزواج منه رغم اختالف المواقف واالعراق .ولكن في أحد االيام كتبت المدرسة ألخيها رسالة
قالت فيها" :أيها الجميل ،الحبيبة ليست على أفضل حال ،لكنها حتى اآلن ليست بحالة سيئة .ولكنها
ال تعرف بعد إذا ما كانت تستطيع الزواج من يهودي" .وصلت هذه الرسالة في يد خطيبها الذي
وضع حدا للخطبة ،بينما كان أخوها في الوقت نفسه يتساءل عن سبب مخاطبته بصيغة الحب هذه.
أكد لي المخبر أن هذا كان خطأ حقا وليس خدعة ماكرة.
وأنا على دراية بقضية أخرى ،حيث ان امرأة كانت غير راضية عن طبيبها القديم ،ولم تكن
ترغب في تسريحه علنا فعملت لهذا الغرض من خالل تبادل الرسائل .137وهنا ،على األقل ،أستطيع
أن أؤكد بكل ثقة أن هذا الدافع الكوميدي المألوف كان خطأ وليس مجرد خبث واعي.
عن امرأة ،تستفسر عن صديقتها المشتركة ،اتصلت بها خطأ ببيت بريل138 (ت) يذكر
عائلتها .وبعد أن وجه انتباهها إلى هذا الخطأ ،كان عليها أن تعترف بأنها ال تحب زوج صديقتها
وأنها لم تكن قط راضية عن زواجها.
ويروي ميدر 139مثاال جيدا على كيف يمكن االكتفاء برغبة مكبوتة على مضض من خالل
"خطأ" .أراد أحد الزمالء أن يستمتع بيوم إجازته دون إزعاج على اإلطالق ،ولكنه شعر أيضا أنه
يجب عليه أن يذهب إلى لوسيرن للكشف عن مريض ال يتوقع بان ينال أي متعة .ولكن بعد تفكير
طويل ،استنتج ان عليه يذهب .ولقضاء وقت في القطار ،قرأ الصحف اليومية .سافر من زيوريخ
إلى أرث غولداو ،حيث غير القطارات من أجل لوسيرن ،كان طوال الوقت منهمكا في القراءة.
وفي وقت الوصول أبلغه محصل التذاكر في القطار أنه كان في القطار الخطأ ،أي أنه دخل القطار
الذي كان عائدا من غولداو إلى زيوريخ ،في حين ان تذكرته كانت للوسيرن.
خدعة مشابهة جدا لعبتها في اآلونة األخيرة .كنت قد وعدت أخي األكبر بأن اقوم بزيارة
طويلة على شاطئ البحر في إنجلترا؛ ولما كان الوقت قصيرا شعرت بأنني مضطر للسفر في
أقصر الطرق وبدون انقطاع .طلبت من اخي اإلقامة ليوم في هولندا ،لكنه كان يعتقد أنني أستطيع
التوقف هناك في رحلة العودة .وعليه ،انتقلت من ميونيخ مرورا بكولونيا إلى روتردام هوالند -
خطاف هولندا -حيث كنت سآخذ الباخرة منتصف الليل إلى هارويتش .في كولونيا كان على تغيير
القطار؛ تركت قطاري للذهاب إلى قطار روتردام السريع ،ولكن لم يتم العثور عليه .سألت العديد
من موظفي السكك الحديدية،الذين تم إرسالهم من منصة إلى أخرى ،وقعت في حالة بالغة من
اليأس ،وكان من السهل أن أحسب أنني خالل هذا البحث العقيم على األرجح لم الحق بالقطار.
وبعد تأكيد ذلك ،فكرت فيما إذا كان ينبغي أن أقضي الليلة في كولونيا أم ال .وكان هذا هو المفضل
بسبب شعوري بالتقوى ،وذلك تقليد قديم من التقاليد األسرية ،فقد طرد أسالفي من هذه المدينة أثناء
اضطهاد اليهود .ولكن في النهاية توصلت إلى قرار آخر؛ أخذت قطارا الحقا إلى روتردام ،حيث
وصلت في وقت متأخر من الليل ،وبالتالي أجبرت على قضاء يوم في هولندا .وهذا ما جلب لي
تحقيق أمنية قديمة -مشهد لوحات رامبرانت الجميلة في الهاي وفي المتحف الملكي في أمستردام.
ليس قبل الظهر التالي ،أثناء انغماسي في التفكير أثناء رحلة القطار الى إنجلترا ،تذكرت بان على
بعد بضع خطوات فقط من المكان الذي نزلت فيه إلى محطة السكك الحديدية في كولونيا ،في
الواقع ،على نفس المنصة ،رأيت في االمس الفتة كبيرة" ،روتردام -خطاف هولندا ".وقف هناك
القطار الذي كان يجب أن أتابع فيه رحلتي.
إذا لم يكن المرء يرغب في االفتراض ،خالفا ألوامر أخي ،أنني كنت حقا عازما على
رؤية لوحات رامبرانت في طريقي إليه ،فإن حقيقة أنه على الرغم من اللوحات التعريفية الواضحة
اال انني ابتعدت عنها وبحثت عن قطار آخر كأنني عميت .الشيء المحير االخر ،والذي تصرفت
به جيدا ،ظهور نية التقوى لكي اقضي الليلة في كولونيا كان مجرد تواطؤ إلخفاء قراري إلى أن
يتم إنجازه بالكامل.
قد ال يكون المرء راغبا في النظر إلى فئة األخطاء التي شرحتها هنا على أنها كثيرة جدا
أو ذات أهمية خاصة .ولكنني أترك لكم النظر فيما إذا لم يكن هناك أي أساس لتمديد سقف وجهات
النظر تلك أيضا إلى األخطاء األكثر أهمية في الحكم ،كما تظهر في الناس في الحياة والعلوم.
ولكن يبدو أن العقول األكثر انتقادا واألكثر توازنا؛ من الممكن أن تحرس الصورة المتصورة
للواقع الخارجي ضد التشوه الذي كان يخضع له أثناء مرورها من خالل الفردية النفسية لدى
الشخص الذي يالحظه.
هناك مثاالن من األمثلة األخيرة ،وهما خطأي الذي نقل المديتشي إلى البندقية ،وخطأ ذلك
الشاب الذي كان يعرف كيف يتحايل على أمر ما في محادثة هاتفية مع حبيبته ،لم تتم مناقشته
بشكل كامل ،ألنه بعد دراسة متأنية قد يتبين أنهما يمثالن إتحاد النسيان مع الخطأ .أستطيع أن
أظهر نفس االتحاد بشكل أكثر وضوحا في بعض األمثلة األخرى.
(أ) كان لي صديق ما في التجربة التالية" :قبل سنوات وافقت على ترشيحي في إحدى
مؤسسات المجتمع األدبي ،حيث من المفترض أن استغل هذه المنظمة بعض الوقت في مساعدتي
في إنتاج درامي .وعلى الرغم من عدم اهتمامي كثيرا ،فقد حضرت االجتماعات بانتظام كل يوم
جمعة .وبعد بضعة أشهر ،كنت مطمئنا أن أحد مسرحياتي سيقدم على المسرح .ومنذ ذلك الوقت
كان يحدث بانتظام نسياني إلجتماع الجمعية .عندما قرأت اعالنات لبرنامج عملهم في صحيفة ما
شعرت بالخجل من نسياني .عيرت نفسي ،وشعرت أنه من الوقاحة بالتأكيد أن أبقى بعيدا اآلن
عندما لم أعد بحاجة إليهم ،وقررت أنني لن أنسى يوم الجمعة المقبل بالتأكيد .وقد ذكرت نفسي
باستمرار بهذا القرار إلى أن أتت الساعة ووقفت أمام باب غرفة االجتماعات .لدهشتي أنه كان
مقفال؛ االجتماع :انتهى بالفعل .لقد أخطأت يومي؛ لقد كان السبت!
(ب) والمثال التالي هو مزيج من األفعال التي تظهر أعراضا مع حالة من سوء الوضع؛
وصلني عن بعد عن طريق بعض المصادر الموثوق بها.
سافرت امرأة إلى روما مع صهرها ،وهو فنان معروف .وقد حظي الزائر بشرف كبير من
سكان روما االلمان ،وحصل من بين أشياء أخرى على ميدالية ذهبية اثرية .كانت المرأة تشعر
بالحزن ألن صهرها لم يقدر قيمة هذه الهدية الجميلة بما فيه الكفاية .وبعد عودتها إلى المنزل
اكتشفت أثناء كشف أمتعتها أنها -دون أن تعرف كيف -قد أحضرت الميدالية معها إلى المنزل.
وسرعان ما أخبرت صهرها بذلك برسالة ،وأخبرته أنها ستعيدها إلى روما في اليوم التالي .ولكن
في اليوم التالي ،كانت الميدالية مفقودة كليا وال يمكن العثور عليها وال يمكن إرجاعها ثم فكرت
المرأة بان فقدانها يعني أنها ترغب في االحتفاظ بالميدالية لنفسها.
(ت) وفيما يلي بعض الحاالت التي يكرر فيها الفعل المزيف نفسه باستمرار ،وفي الوقت
نفسه يغير أيضا طريقة عمله- :
رسالة لعدة أيام على مكتبه ،متناسيا كل مرة جونز140 وبسبب دوافع غير معروفة ،ترك
أن ينشرها .وفي نهاية المطاف قام بنشر هذه الرسالة ،ولكنها عادت إليه من مكتب البريد ألنه نسي
أن يعنون هذه الرسالة .بعد أن عنونت وارسلها مرة ثانية عادت إليه ،هذه المرة ألنها بدون طابع.
لذا أجبر على االعتراف بمعارضة الالواعي إلرسال الرسالة.
حالة من النسيان على نحو مثير لإلعجاب (فيينا)141 (ث) وصف الدكتور كارل ويس
للجهود العقيمة إلنجاز شيء في مواجهة معارضة الالوعي" .وما مدى إصرار النشاط الالواعي
على تحقيق هدفه إذا كان له سبب يمنع تنفيذ حل ،وما مدى صعوبة الوقاية من هذا الميل ،سيتضح
من الحادثة التالية :طلب مني أحد معارفي أن أعره كتابا وأحضره إليه في اليوم التالي .ووعدت
بذلك ،ولكن شعرت بإحساس واضح باالستياء لم أتمكن من شرحه في ذلك الوقت .الحقا اتضح
لي :كان هذا الصديق يدين لي لسنوات مبلغا من المال لم يكن ينوي على ما يبدو أن يعيده .لم أعد
أفكر في هذا األمر ،ولكنني تذكرت ذلك في الظهيرة التالية مع نفس الشعور باإلحباط ،وقلت
لنفسي :سيرى الالوعي أنك تنسى الكتاب ،لكنك ال ترغب في أن تظهر بانك غير ملزم بجلب
الكتاب ،ولذلك ستبذل كل ما في وسعك كي ال تنسى ذلك .عدت إلى المنزل ،ولففت الكتاب في
الورق ،ووضعته بالقرب مني على المكتب بينما كنت أكتب بعض الرسائل" .بعد فترة قصيرة
ذهبت بعيدا ،ولكن بعد خطوات قليلة ،علمت أنني تركت على المكتب الرسائل التي كنت أرغب في
نشرها( .بالمناسبة ،كتبت إحدى الرسائل إلى شخص حثني على القيام بشيء غير مقبول ).عدت
وأخذت الرسائل ثم غادرت مرة أخرى .وبينما كنت في السيارة في الشارع ،تبين لي أنني كنت قد
تعهدت بشراء شيء لزوجتي ،وكنت مسرورا من فكرة أنه سيكون مجرد حزمة صغيرة .وفجأة
تذكرت ارتباط "رزمة صغيرة" بالكتاب -وعندها فقط الحظت أنني ال أملك الكتاب معي .لم أنسه
فقط عندما غادرت منزلي ألول مرة ،بل أغفلته مرة أخرى عندما حصلت على الرسائل التي كانت
قريبة منه.
(ج) تظهر آلية مماثلة في المالحظة التالية التي تم تحليلها تحليال كامال من قبل أوتو رانك:
-تحدث رجل دقيق ومرتب بدقة عالية عن الحادثة التالية التي اعتبرها الفتة للنظر :في أحد األيام
في الشارع كان يرغب في معرفة الوقت ،فاكتشف أنه ترك ساعته في المنزل ،وهو إغفال لم
يحدث من قبل على حد علمه .وبما أنه كان على عالقة في مكان آخر ولم يكن لديه الوقت الكافي
للعودة إلى ساعته ،فقد استغل زيارة إحدى صديقاته الستعارة ساعتها في المساء .كان هذا أكثر
طريقة مالئمة للخروج من المأزق ،حيث كان لديه موعد سابق لزيارة هذه السيدة في اليوم التالي.
وبناء على ذلك ،وعد بأن يعيد ساعتها في ذلك الوقت" .ولكن في اليوم التالي عندما كان على وشك
اللقاء بها ،فوجئ أنه ترك الساعة في المنزل؛ وساعته الخاصة معه .ثم قرر بحزم أن يعيد
ممتلكات السيدة بعد ظهر ذلك اليوم نفسه ،بل وقد نفذ قراره .ولكنه عندما أراد ان يرى الوقت عند
مغادرته دهش النه نسي مرة أخرى ان يأخذ ساعته الخاصة.
"إن تكرار هذا الفعل الخاطئ يبدو مرضيا جدا بالنسبة لهذا الرجل المحب للنظام لدرجة أنه
كان متلهف لمعرفة الفكرة الذهنية التي تحيط به ،وعندما كان يتساءل عما إذا كان قد جرب أي
شيء في اليوم الحرج للنسيان األول ،وفي أي جانب حدث ،تم العثور على الدافع على الفور .ذكر
انه كان قد اجتمع مع امه بعد الغداء ،قبل ان يغادر البيت بقليل .وأخبرته أن أحد األقارب غير
المسؤولين ،والذي تسبب بالفعل في إثارة قدر كبير من القلق وفقدان المال ،رهن ساعة قريبه،
وألهمية وجودها في المنزل ،كان األقارب قد طلب المال لفك ذلك .هذا القرض "القسري" تقريبا
أثر على رجلنا بشكل مؤلم جدا ،وأعاده إلى ذاكرته كل األحداث الغير مقبولة التي ارتكبها هذا
القريب لسنوات عديدة.
"ولذلك فإن ما فعله من أعراض يثبت على نحو محدد .أوال ،إنه يعبر عن تيار من األفكار
التي قد تكون كالتالي' :لن أسمح بإبتزاز أموالي بهذه الطريقة ،وإذا أحتاج األمر إلى ساعة سأبقى
في المنزل' .ولكن النه كان في حاجتها لكي يذهب الى موعده في المساء ،فإن هذه النية ال يمكن أن
تتحقق إال على مسار غير واع في شكل فعل أعراض .وثانيا ،يعبر النسيان عن شعور أشبه بما
يلي :هذه التضحية االبدية بالمال من أجل قليل الخير هذا ستخربني تماما ،حتى أضطر إلى التخلي
عن كل شيء.مع ان الغضب ،بحسب تقرير هذا الرجل ،كان للحظات فقط.يظهر نفس الفعل
االعتيادي غير الواعي بشكل قاطع أنه استمر في التصرف بشكل مكرر ومستمر ،وقد يكون
اذ لن يدهشنا لو أن ساعة رأسي142 معادال للتعبير الواعي .ال يمكنني إخراج هذه القصة من
السيدة ستلقى الحقا نفس المصير بعد أن تتعرض آلثار هذا الموقف الالواعي.
"ومع ذلك ،قد تكون هناك دوافع أخرى خاصة تحبذ عملية النقل للسيدة البريئة .ولعل الدافع
األقرب إلى هذا هو أنه كان ليرغب في اإلبقاء عليه كبديل لساعته التي ضحى بها ،ومن ثم نسي
إعادته في اليوم التالي .وربما كان يحب ان يحصل على هذه الساعة كتذكار من السيدة .وعالوة
على ذلك ،فإن نسيان ساعة السيدة أعطاه ذريعة للقاء السيدة مرة ثانية؛ فقد اضطر إلى زيارتها
صباحا في إشارة إلى أمر آخر ،وبنسيان الساعة بدا وكأنه يشير إلى ان هذه الزيارة التي جرى
تعيينها منذ زمن كانت جيدة جدا بحيث ال يمكن إستخدامه لمجرد اعادة الساعة".
"إن نسيان ساعته مرتين وبالتالي جعل استبدال ساعة السيدة ممكنا يشير إلى أن رجلنا
سعى دون وعي إلى تجنب حمل الساعتين معا في وقت واحد .ومن الواضح أنه فكر في تجنب
الظهور بشكل مستمر لدى المرأة الذي قد يكون على النقيض من رغبة األقارب؛ ولكنه من ناحية
أخرى استغل هذا كنصح ذاتي ضد نيته الواضحة في الزواج من هذه السيدة ،مذكرا نفسه بأنه
مرتبط بعائلته (والدته) بالتزامات ال تنفصم .وأخيرا ،قد يكون هناك سبب آخر لنسيان ساعة
السيدة ،إذ أنه في المساء قابل أصدقائه وألنه كان أعزب لذا خجل من رؤيته مع ساعة نسائية،
فكان ينظر إليها بتلصص ،وللتهرب من تكرار هذه الحالة المؤلمة ،لم يستطع أن يكمل السهرة.
وألنه كان مضطرا إلعادتها ،نتج عن ذلك عرض لم يكن شعوريا ،أثبت أنه حل وسط بين
المشاعر العاطفية المتضاربة ،وانتصار الوعيه.
وفي نفس النقاش أيضا انتبه رانك للعالقة المثيرة لالهتمام بين "التصرفات واألحالم
الحاملة لالخطاء" والتي ال يمكن أن تتبع هنا دون تحليل شامل للحلم الذي ترتبط به تلك األفعال
الخاطئة .حلمت ذات مرة مطوال بأنني فقدت دفتر مالحظاتي الجيبي .في الصباح بينما كنت أرتدي
مالبس لم اجده؛ اذ انني لم اخرجه من جيب بنطالي عند تغييري لمالبسي ليال قبل ان يحدث الحلم
ولم اضعه في مكانه المعتاد ،لم يكن هذا النسيان غير معروف لدي؛ ربما كان التعبير عن فكرة
غير واعية كانت جاهزة للظهور في محتوى الحلم .وال أقصد هنا التأكيد على أن مثل هذه الحاالت
من األفعال المغلوطة مجتمعة قادرة على تعليم أي شيء جديد لم نشهده من قبل في الحاالت
الفردية .ولكن هذا التغيير في هيئة الفعل الخاطئ ،والذي على الرغم من ذلك يحقق نفس النتيجة،
يعطي انطباعا بالستيكيا عن إرادة تعمل نحو نهاية محددة ،وعلى نحو أكثر نشاطا يتناقض مع
فكرة أن الفعل الخاطئ يمثل شيئا غير عادي وال يحتاج إلى تفسير .واألمر الالفت للنظر هو حقيقة
أن النية الواعية تفشل تماما في التحقق من نجاح العمل الخاطئ .وعلى الرغم من كل شيء ،لم يقم
صديقي بزيارته الجتماع المجتمع األدبي ،ووجدت المرأة أنه من المستحيل التخلي عن الميدالية.
هذا الشيء الالواعي الذي نجح ضد هذه القرارات وجد منفذا آخر بعد إغالق الطريق األول له.
فهي تتطلب شيئا غير الدقة المضادة الواعية للتغلب على الدافع المجهول؛ فهو يتطلب عمال روحيا
يجعل المجهول معروفا بالوعي.
في الواقع أن بعض أوجه القصور تعيب قدراتنا النفسية وسوف تكون الشخصية النموذجية
المشتركة أكثر فهما في القريب العاجل فهناك بعض العروض التي من الواضح أنها غير مقصودة
تثبت أنها تتمتع بقدر كبير من التحفيز عندما تخضع للتحقيق التحليلي النفسي ،وهي تتحدد من
خالل الوعي بدوافع مجهولة .ومن أجل االنتماء إلى هذه الفئة من الظواهر ،يوضح ذلك ان العمل
النفسي الخاطئ يجب ان يرضي الشروط التالية— :
(أ) يجب أال يتجاوز حدا معينا يعرف بقوة من خالل تقديراتنا ،ويصنفه تعبير "ضمن
الحدود العادية".
نفس الفعل كان سابقا يتم بشكل أكثر صحة أو يجب أن نعتمد دائما على أنفسنا لنقوم به
بشكل صحيح؛ إذا صححنا اآلخرون فعلينا أن ندرك على الفور حقيقة التصحيح وعدم صحة
تصرفاتنا النفسية.
(ت) إذا أدركنا على اإلطالق خطأ ما ،يجب أال ندرك في أنفسنا أي دافع له ،بل يجب أن
نحاول تفسيره من خالل "عدم االهتمام" أو نسبته إلى "حادث".
وهكذا تبقى في هذه المجموعة حاالت النسيان واألخطاء ،على الرغم من المعرفة الجيدة،
الثغرات في الكالم والقراءة والكتابة ،واألفعال الخاطئة التي ارتكبت ،وما يسمى بأفعال الصدفة.
وتربط تفسيرات هذه العمليات النفسية المحددة بسلسلة من المالحظات التي قد تثير قدرا أكبر من
االهتمام.
بالتخلي عن جزء من قدرتنا النفسية التي ال يمكن تفسيرها من خالل األفكار القاطعة
نتجاهل واقع الحتمية في حياتنا العقلية .وهنا ،وكما هي الحال في مجاالت أخرى ،تمتد الحتمية إلى
مسافة أبعد مما نتصور .في سنة 1900قرأت مقاال نشر في الديزايت كتبه المؤرخ األدبي ر .م.
مير ،الذي يؤكد فيه ،ويوضح بأمثلة ،أنه من المستحيل تكوين هراء متعمدا بصورة اعتباطية،
ولبعض الوقت كنت أدرك أنه من المستحيل التفكير في عدد ،أو حتى اسم ،بإرادة حرة .وإذا تحقق
المرء في هذا التكوين الطوعي الظاهري ،دعونا نقول ،من عدد من األرقام الكثيرة التي تنطق في
مرح غير مقيد ،فإنه يثبت دوما أنه مصمم بدقة إلى الحد الذي يجعل التحديد يبدو مستحيال.
سأناقش اآلن بإيجاز مثاال على االسم األول "المختار بشكل اعتباطي" ،ثم أقوم بتحليل مثال مماثل:
رقم "غير قابل للتصديق".
خالل تحضيري لتاريخ أحد مرضاي للنشر ،فكرت في االسم األول الذي يجب أن أعطيه
لها في المقالة .وبدا األمر وكأننا أمام خيار واسع؛ بالطبع ،هناك أسماء معينة استبعدتني في الحال،
في المقام األول االسم الحقيقي ،ثم أسماء أفراد عائلتي التي كنت أعترض عليها ،وأيضا بعض
األسماء األنثوية التي لها نطق غريب .ولكن باستثناء هذه ،ما كان ينبغي لنا أن نحيص بشأن مثل
هذا االسم .كان يعتقد ،وأنا شخصيا ،أن الكثير من األسماء األنثوية ستوضع تحت تصرفي .فبدال
من هذا انتفض واحد فقط ،ال يوجد غيره؛ كان االسم دورا.
سألت عن السبب" :من أيضا يسمى دورا؟ كنت أتمنى أن أرفض الفكرة التالية باعتبارها
تدريجية؛ حدث أن ممرضة أطفال اختي كان اسمها دورا .ولكنني أملك الكثير من التحكم الذاتي،
أو ممارسة التحليل ،إن شئتم ،بحيث تمسكت بشدة بالفكرة وتقدمت .ثم حدث بسيط في الليلة السابقة
سرعان ما انفجر في ذهني مما جلب تركيزي إلى سبب االختيار .على طاولة غرفة الطعام
الخاصة بأختي الحظت رسالة تحمل عنوان "اآلنسة روزا دبليو ".استغربت من كان هذا االسم،
وأبلغوني أن االسم الصحيح للدورا المزعومة هو روزا ،وأنه عند قبولها المنصب كان عليها
التخلي عن اسمها ،ألن روزا ستشير أيضا إلى شقيقتي .فقلت بغضب :الفقراء! ال يمكنهم حتى
االحتفاظ بأسمائهم! وأذكر اآلن أنني عند االستماع إلى هذا األمر أصبحت صامتا للحظة وبدأت
أفكر في كل أنواع األمور الخطيرة التي اندمجت في الغموض ،ولكن ما أستطيع أن أجلبه اآلن
بسهولة؛ في وعيي .وهكذا ،عندما طلبت اسما لشخص لم يستطع االحتفاظ باسمه ،لم يخطر لي
شيء سوى "دورا" .التفرد هنا يستند ،عالوة على ذلك ،إلى روابط داخلية أكثر حزما ،ألنه في
تاريخ مريضتي كانت الغريبة في البيت ،مديرة منزل ،الذي مارس تأثيرا حاسما على مسار
العالج .وقد وجد هذا الحادث الطفيف استمراره غير المتوقع بعد سنوات عديدة .أثناء مناقشة في
محاضرة في تاريخ نشر الفتاة المسماة دورا منذ فترة طويلة ،اتضح لي أن واحدة من تلميذاتي
كانت تحمل نفس االسم "دورا" الذي كنت مضطرا إلى التحدث عنه كثيرا في مختلف روابط
القضية.
التفت إلى الطالبة الشابة التي أعرفها شخصيا ،مع االعتذار الني لم أكن أعتقد حقا أنها
تحمل نفس االسم ،وأنني كنت على استعداد الستبداله باسم آخر في محاضرتي .لقد واجهت اآلن
مهمة اختيار اسم آخر بسرعة ،وعكست أنه يجب على أال أختار اآلن االسم األول للطالبة األخرى،
وهكذا أضرب مثاال سيئا للصف ،الذي كان بالفعل صفا خبيرا بالتحليل النفسي .لذا سررت كثيرا
عندما كان اسم "أنا" بديال عن دورا ،فكانت إيرنا في الخطاب .بعد المحاضرة سألت نفسي من أين
كان من الممكن أن يكون اسم "إرنا" قد نشأ ،واضطررت إلى الضحك عندما الحظت أن االحتمال
المروع في اختيار االسم البديل قد أصبح ممكنا ،جزئيا على األقل .وكان اسم عائلة السيدة األخرى
لوسيرنا ،التي كان إيرنا جزءا منها.
وفي رسالة إلى صديق ،أبلغته أنني أنهيت قراءة ألنسخة قبل النهائية لكتاب تفسير األحالم،
وأنه لم أنوي إدخال أي تغييرات أخرى عليها" ،حتى وإن كانت تحتوي على 2467خطأ".
حاولت على الفور أن أشرح لنفسي الرقم ،وأضفت هذا التحليل الصغير كبريد للرسالة .سيكون من
األفضل أن أقتبس ذلك اآلن كما كتبته عندما وقعت نفسي في هذه الصفقة - :سوف أضيف على
عجل مساهمة أخرى في علم األمراض النفسية في الحياة اليومية .ستجدون في الرسالة رقم
2467كتقدير اعتباطي لعدد األخطاء التي يمكن العثور عليها في كتاب األحالم .قصدت أن أكتب:
بغض النظر عن حجم العدد ،وهذا قدم نفسه .ولكن ال يوجد شيء تعسفي أو غير محدد في الحياة
النفسية .ولذلك ،ستظنون بحق أن الالوعي أسرع لتحديد الرقم الذي يحرره الوعي .وقبل ذلك
بوقت قصير قرأت في الورقة أن الجنرال إ .م .قد تقاعد من منصب المفتش العام للذخيرة .عليك
أن تعرف أنني مهتم بهذا الرجل .وبينما كنت أخدم كطالب طب عسكري ،جاء عقيد مرة إلى
المستشفى وقال للطبيب :يجب أن تجعلوني بخير خالل ثمانية أيام ،الن لدي بعض العمل الذي
ينتظره اإلمبراطور.
"في ذلك الوقت قررت أن أتبع مهنة هذا الرجل ،وفكرت أنه في نهاية المطاف ()1899
هو المفتش العام للقوات المسلحة وقد تقاعد بالفعل .كنت أرغب في معرفة الوقت الذي غطى فيه
هذه الوظيفة ،وافترضت أنني رأيته في المستشفى عام .1882وهذا قد يستغرق 17عاما .لقد
ذكرت ذلك لزوجتي ،فقالت" :إذا أنت أيضا يجب أن تتقاعد" فاحتججت" :حاشا هلل!" بعد هذه
المحادثة جلست على الطاولة ألكتب إليك .لقد استمر قطار الفكر السابق ،ولسبب وجيه .كان
االكتشاف غير صحيح؛ كان لدي ذكر واضح للظروف التي في ذهني .كنت قد إحتفلت بقدومي
لعيد ميالدي الرابع والعشرين في السجن العسكري (بسبب غيابي بدون إذن) .لذلك ال بد أنني
رأيته في عام ،1880الذي جعله قبل 19عامًا .ثم لديك الرقم 24في !2467اآلن خذ الرقم
الذي يمثل عمري ،43 ،وقم بإضافة 24سنة إليه وتحصل على !67هذا هو السؤال عما إذا كنت
أريد التقاعد كنت قد أعربت عن رغبتي في العمل أكثر بـ 24عاما .من الواضح أنني منزعج من
أنه في الفترة التي تابعت فيها العقيد م .لم أنجز الكثير بنفسي ،ومع ذلك هناك نوع من االنتصار
في حقيقة أنه قد تقاعد بالفعل ،بينما ال يزال لدي كل شيء أمامي .لذلك قد نقول بحق أنه حتى إلقاء
العدد 2467من دون قصد يرجع تصميمه من الالوعي.
منذ حالة المثال األول لتفسير اختيار اعتباطي ظاهريا لعدد قمت باختياره ،قمت بتكرار
اختبار مماثل بنفس النتيجة؛ ولكن أغلب الحاالت تشتمل على محتوى حميمي إلى الحد الذي يجعلها
ال تكون واضحة األسباب على االطالق .ولهذا السبب ،لن أتردد في إضافة تحليل مثير جدا
لالهتمام ل “رقم الحظ " الذي تلقاه الدكتور ألفريد أدلر (فيينا) من رجل "سليم تماما".143
كتب لي" :كرست نفسي الليلة الماضية لعلم األمراض السيكوباتية في الحياة اليومية ،وكنت
ألقرأها كلها لو لم يعيقها مصادفة رائعة .عندما قرأت أن كل عدد يبدو أننا نجعله بشكل اعتباطي
في وعينا له معنى محدد ،قررت أن أختبره .الرقم 1734خطر على بالي .ثم جاءت االرتباطات
التالية:
102=1734٪17
34=102٪6
أعتقد أني قلت لك مرة أنني أعتبر 34عاما آخر سنة للشباب ،ولهذا شعرت بالبؤس في
عيد ميالدي األخير .كانت نهاية السنة السابعة عشر لي بداية فترة جميلة جدا ومثيرة لالهتمام من
تطوري .قسمت حياتي إلى فترة 17سنة .هل تعني هذه االنقسامات شيئا؟ يشير الرقم 102إلى
أن المجلد 102من مكتبة ريكالم العالمية هو مسرحية كوتزبوي (الكراهية اإلنسانية والتوبة).144
"حالتي النفسية الحالية هي 'كراهية إنسانية وتوبة' .رقم 6يحمل ارتباطا (أعرف عددا
كبيرا من األرقام عن ظهر قلب تحمل معاني) بمسرحية "الخطيئة" لمولنر .145أنا منزعج
باستمرار من فكرة أنه من خالل خطئي الخاص لم أصبح ما يمكنني أن أكون عليه على الرغم من
قدراتي .ثم سألت نفسي" :ما يعني رقم 17؟ " لكن لم أستطع تذكر ذلك .ولكن كما كنت أعلم ذلك
من قبل ،افترضت أنني كنت أتمنى أن أنسى هذا العدد كانه انعكاس للباطل .تمنيت أن أستمر في
قراءتي ،لكني لم أقرأ إال بطريقة آلية دون أن أفهم كلمة ،إذ كنت منزعجا من الرقم .17أطفأت
الضوء وتابعت بحثي .أخيرا جاءني أن الرقم 17يجب أن يكون مسرحية لشكسبير .لكن أي
واحدة! فكرت في هيرو وليندر .على ما يبدو محاولة غبية إللهائي .وأخيرا بحثت واستشرت
فهرس مكتبة ريكالم العالمية عن رقم 17كان ماكبيث! تفاجأت باكتشاف أنني لم أعرف شيئا عن
المسرحية ،على الرغم من أنها ال تهمني أقل من أي مسرحية لشكسبير أخرى .فكرت فقط في
القتل ،ليدي ماكبث ،الساحرات" ،الطيبة قبح" ،وأنني وجدت نسخة شيلر عن ماكبث لطيفة جدا.
وال شك أنني كنت أتمنى أيضا أن أنسى المسرحية .ثم حدث لي أن 17و 34يمكن تقسيمها إلى
17ونتج عنها 1و .2الرقمان 1و 2في فهرس المكتبة .هو فاوست لجوته .146سابقا وجدت
الكثير من فوست 147في داخلي.
وعلينا أن نأسف ألن تقدير الطبيب لم يسمح لنا بأن نرى تفاصيل اكثر عن القضية .الحظ
أدلر أن الرجل لم ينجح في تبرير تحليله .ال تستحق ارتباطاته اإلبالغ عنها -فإستمرارهم سينتج
شيئا من شأنه أن يعطينا مفتاح فهم الرقم ١،٧٣٤والمجموعة الكاملة من األفكار دون معنى
حقيقي.
ألقتبس المزيد" :بالتأكيد هذا الصباح كان لدي تجربة تتحدث كثيرا عن صحة مفهوم
فرويد .سألتني زوجتي ،التي إستيقظت أثناء إستيقاظي ليال ،عما أريد في قائمة مكتبة ريكالم .لقد
وجدت كل ذلك هراء ولكني اعتقد انه مثير جدا لالهتمام .ماكبيث التي سببت لي الكثير من
المشاكل ،لكن بالنسبة لها مر الموضوع ببساطة وعادت لالستلقاء .قالت إنه لم يخطر ببالها شيء
عندما فكرت في عدد .أجبت" :لنجرب ذلك" .وسمت الرقم .117وعلى الفور؛ أجبت 17 :تشير
إلى ما قلته لكي للتو؛ عالوة على ذلك ،أخبرتكم البارحة أنه إذا كانت الزوجة في عمر 82والزوج
في عمر 35فيجب أن يكون سوء فهم كبير بينهما .خالل األيام القليلة الماضية كنت أمازح
زوجتي من خالل قولي على أنها كان عمرها كمن تكون في سن ال 82سنة= 35 + 82 .
.117
الرجل الذي ال يعرف كيف يحدد رقمه الخاص في الحال وجد الحل عندما قامت زوجته
بتسمية رقم يبدو انه تم إختياره بشكل اعتباطي .والواقع أن المرأة فهمت جيدا جدا من أي عقدة نشأ
عدد زوجها ،لذا اختارت رقمها من نفس العقدة ،التي يشتركان فيها بالتأكيد ،كما تعاملت في حالة
فرق األعمار بين الزوجين النسبية .اآلن ،نجد أنه من السهل تفسير الرقم الذي ظهر للرجل .وكما
يشير د .أدلر ،فقد عبر عن رغبة مكبوتة من الزوج ،متقدمة بالكامل اصال ،تقول" :بالنسبة لرجل
يبلغ من العمر 34عاما مثلي ،فإن امرأة فقط تبلغ من العمر 17عاما ستكون مناسبة".
لئال يفكر المرء باستخفاف بمثل هذه "األالعيب" ،سأضيف أنني قد أبلغني الدكتور أدلر
زوجته148. مؤخرا أنه بعد عام من نشر هذا التحليل ،انفصل الرجل عن
يقدم أدلر تفسيرا مماثال ألصل األرقام الوسواسية .كما أن إختيار ما يسمى "باألرقام
المفضلة" ال يخلو من عالقة بحياة الشخص المعني ،وال يفتقر إلى اهتمام نفسي معين .فالرجل
الذي أبدى تحيزا معينا لألرقام 17و 19يمكن أن يحدد ،بعد تفكير قصير ،أنه في سن 17سنة،
حقق الحرية األكاديمية التي طال انتظارها جدا بقبوله في الجامعة ،أنه في 19سنة قام بأول رحلة
طويلة ،وبعد ذلك بفترة قصيرة قام بأول اكتشاف علمي له .لكن تثبيت هذا التفضيل للرقن أعقب
ذلك الحقا ،بعد مغامرتان عاطفيتان مؤلمتان ،عندها ربط نفس العدد مع األهمية بـ "حياته
العاطفية".
والواقع أنه حتى األرقام التي نستخدمها في ارتباطات معينة كثيرا جدا وباعتباط واضح
يمكن تتبعها من خالل التحليل إلى معنى غير متوقع .وهكذا ،في يوم ما أصاب أحد مرضاي أنه
كان مولعا جدا بالقول" ،لقد أخبرتكم هذا من 17إلى 36مرة ".149وسأل نفسه عما إذا كان هناك
أي دافع لذلك .سرعان ما تبين له أنه ولد في اليوم السابع والعشرين من الشهر ،وأن أخاه األصغر
ولد في اليوم السادس والعشرين من الشهر الذي يسبقه ،وكان لديه سبب للشكوى بأن القدر قد سلبه
الكثير من فوائد الحياة فقط ليضفيها على أخيه األصغر .وهكذا مثل تحيز القدر هذا باقتطاع 10
ايام من تاريخ والدته وإضافته إلى تاريخ ميالد أخيه .اذ يقول أنا االكبر ومع ذلك أنا "منقوص"
جدًا.
سأبقى لفترة أطول قليال عند تحليل أرقام االحتماالت ،ألنني ال أعرف أي مالحظة فردية
أخرى من شأنها أن تظهر بسهولة وجود عمليات تفكير عالية التنظيم ال يعرف عنها الوعي.
وعالوة على ذلك ،ال يوجد مثال أفضل للتحليل الذي يجعل اقتراح الموقف المزيف ،وهو اتهام
متكرر ،غير وارد على اإلطالق .لذلك سأبلغ عن تحليل عدد اعتباطي من أحد مرضاي
(بموافقته) ،الذي سأضيف إليه أنه أصغر األطفال في عائلته ،وأنه فقد والده الحبيب في سنوات
صغره.
بينما هو في مزاج سعيد بشكل خاص ظل الرقم 426718يتبادر إلى ذهنه ،ويضع لنفسه
السؤال" ،حسنا ،ما الذي يجلبه ذلك إلى عقلك؟ " في البداية تذكر نكتة سمعها :وإذا تمت معالجة
انسداد األنف من قبل طبيب ،فإنها تدوم 42يوما ،إذا لم تتم معالجتها ستدوم 6أسابيع .هذا يتوافق
مع الرقم األول ( .)7 × 6 = 42خالل التعطيل الذي أعقب هذا الحل األول لفت انتباهه إلى أن
عدد الخانات الست التي اختارها لديه يحوي جميع األرقام األولى عدا 3و .5وفي الحال وجد
استمرارا لهذا الحل- :
كنا جميعا سبعة أطفال ،وكنت األصغر .الرقم 3في ترتيب األطفال يتوافق مع أختي أ،.
و 5مع أخي ل.؛ كالهما كانا عدائي ضدي .كطفل كنت أصلي إلى الرب كل ليلة ان يخرج من
حياتي هاتين الروحين المعذبتين .يبدو لي أنني أوفبت نفسي بهذه األمنية '3' :و ' ،'5تم حذف األخ
الشرير واألخ المكروه" .إذا كان الرقم ينطبق على أخوانكم وأخواتكم ،ما هي األهمية التي تكون
عند 18في النهاية؟ كنا في مجموعنا 7فقط.
"كثيرا ما اعتقدت أنه لو كان والدي قد عاش مدة أطول لما كنت أصغر طفل .لو كان هناك
شخص آخر ليأتي ،كان يجب أن نكون ،8وكان ليكون هناك طفل أصغر ،كان يمكن أن أؤدي فيه
دور األكبر سنا .وبهذا تم شرح العدد ،ولكننا ما زلنا نرغب في إيجاد صلة بين الجزء األول من
التفسير والجزء الذي يتبعه .وقد جاء ذلك بسهولة من الشرط المطلوب لألرقام األخيرة -إذا كان
األب قد عاش لفترة أطول 7 × 6 = 42 .تشير إلى السخرية الموجهة ضد االطباء الذين لم
يتمكنوا من مساعدة األب ،وبهذه الطريقة تعرب عن الرغبة في إستمرار وجود االب .الرقم كله
يتوافق حقا مع تحقق أمنيتين له في إشارة إلى دائرة أسرته -أي أن األخ والشقيقة الشريران يجب
أن يموتا وأن طفال صغيرا آخر يجب أن يتبعه .أو ،عبر عنها بإيجاز :لو كان هذان فقط قد توفيا
والدي!150 عوضا عن
ترك رجل من معارفه الرقم 986يخطر جونز151. تحليل آخر لألرقام التي أخذتها من
على ذهنه ،وتحدى أن يربطه بأي شيء له أهمية خاصة في عقله" .قبل ست سنوات ،وفي أحر
يوم كان يتذكر ،كان قد رأى نكتة في صحيفة مسائية ذكرت ان مقياس الحرارة كان 9806درجة
فهرنهايت ،ومن الواضح انها كانت مبالغة في 9806درجة فهرنهايت .كنا في ذلك الوقت جالسين
امام نار حارة جدا ،كان قد انسحب من قربها لتوه ،وقال ،ربما بشكل صحيح ،ان الحرارة اثارت
ذاكرته الساكنة .ومع ذلك ،كنت فضوليًا أن أعرف لماذا استمرت هذه الذاكرة بهذه الحيوية بحيث
يمكن ان تخرج بسهولة ،ألنه مع معظم الناس كان من المؤكد ان تنسى ،ما لم تصبح مرتبطة
بتجارب ذهنية أخرى أكثر أهمية.
"أخبرني أنه عندما قرأ النكتة ضحك بغضب ،وأنه في العديد من المناسبات الالحقة تذكر
النكتة بخصوصية كبيرة .وكما كانت النكتة من طبيعة هشة للغاية ،فقد عزز هذا من توقعاتي بأن
وراءها كان المزيد .فكرته التالية كانت االنعكاس العام اذ انه لطالما أعجب بمفهوم الحرارة بشدة،
أن الحرارة كانت أهم شيء في الكون ،مصدر الحياة ،وهلم جرا .كان هذا الموقف الرائع من شاب
ساخر يحتاج بالتأكيد إلى بعض التفسير ،لذا طلبت منه أن يواصل سرد االرتباطات .الفكرة التالية
كانت عن مدخنة المصنع التي كان يستطيع رؤيتها من نافذة غرفة نومه .وغالبا ما وقف في أمسية
يراقب الشعلة والدخان الخارج منها ،ويفكر في هذا الهدر المؤسف للطاقة .الحرارة ،الشعلة،
مصدر الحياة ،مضيعة الطاقة الحيوية التي تصدر من أنبوب مستقيم ومجوف -لم يكن من الصعب
االفتراض من مثل هذه االرتباطات أن أفكار الحرارة والنار كانت غير واعية ومرتبطة في ذهنه
بفكرة الحب ،كما هو متكرر في التفكير الرمزي ،وأن هناك حاضرا قويا لعقدة االستمناء ،وهو
االستنتاج الذي أكده الحقًا.
أما الذين يرغبون في الحصول على انطباع جيد عن الطريقة التي يتم بها تطوير مواد
جونج 152وجونز153. األرقام في التفكير الالواعي ،فإنني أشير إلى ورقتين من
في التحليل الشخصي لهذا النوع من األمور كان هناك شيئان مميزان بشكل خاص .فأوال،
اليقين الالواعي المطلق الذي ناقشت به النقطة الموضوعية غير المعروفة ،والذي اندمج إلى قطار
فكري رياضياتي ،والذي امتد فجأة إلى الرقم الذي يبحث عنه المرء ،والسرعة التي أديت بها كل
العمل الالحق .ثانيا ،حقيقة أن األرقام كانت دائما تحت تصرف ذهني الالواعي ،في حين أنني في
الواقع رياضياتي فقير أجد أنه من الصعب جدا أن أتذكر بشكل واع السنوات ،أرقام المنازل ،وما
إلى ذلك .وعالوة على ذلك ،في هذه العمليات العقلية الالواعية مع األرقام ،وجدت ميال إلى
الخرافة ،التي ظل منشأها غير معروف بالنسبة لي لفترة طويلة.
ولن يدهشنا أن نجد أن األحداث العقلية ،من مختلف أنواع الكلمات ،ال تقتصر على األرقام
فحسب ،بل إنها تثبت بصورة منتظمة أن التحقيقات التحليلية البد وأن تكون دقيقة.
ويروي برايل" :أثناء عملي على النسخة اإلنجليزية من هذا الكتاب كنت مهووسا في صباح
أحد األيام بالكلمة الغريبة "كارديالك" .وبإصرار على عملي ،رفضت في البداية االهتمام به ،ولكن
كما هي الحال عادة ،لم يكن بوسعي ببساطة أن أفعل أي شيء آخر" .كارديالك" كان دائما في
ذهني .بعد أن أدركت أن رفض االعتراف كان مجرد مقاومة ،قررت تحليله .حدثت لي الروابط
التالية :كارديالك ،القلب ،كارفور ،كاديالك.
"استذكرت القلب الكاردلوجيا -ألم القلب -وهو صديق طبيب أخبرني مؤخرا بسرية أنه
يخشى أن تكون له سكتة قلبية ألنه عانى من بعض اآلالم في منطقة قلبه .ومن منطلق معرفتي به
بشكل جيد فقد رفضت نظريته في ذات الوقت ،وقلت له إن ازماته القلبية كانت ذات طبيعة
عصبية ،وأن األمراض الجسدية األخرى التي يعاني منها كانت أيضا مجرد تعبير عن عصابيته.
"ربما أضيف أنه قبل أن يخبرني عن مشاكله القلبية تحدث عن مسألة تجارية ذات أهمية حيوية
بالنسبة له التي أصبحت فجأة بال جدوى .وكونه رجل ذو طموحات ال حدود لها ،فقد كان مكتئبا
جدا بسبب انتكاسات كثيرة مماثلة تعرض لها مؤخرا .ولكن صراعاته العصبية أصبحت واضحة
قبل بضعة أشهر من هذه الكارثة .وبعد موت والده مباشرة ترك تجارة كبيرة كانت في متناول
يديه .وبما أن العمل ال يمكن أن يستمر إال في ظل إدارة صديقي ،فإنه لم يتمكن من اتخاذ قرار
بشأن ما إذا كان سيدخل الحياة التجارية أم أنه سيتابع مسيرته المهنية المختارة .وكان طموحه
العظيم أن يصبح طبيبا ناجحا ،ورغم أنه مارس الطب بنجاح لسنوات عديدة ،فإنه لم يكن راضيا
بالكامل عن التقلبات المالية لدخله المهني .ومن ناحية أخرى ،وعدت شركة والده بعودة مضمونة،
وإن كانت محدودة .وباختصار ،كان "في مفترق طرق ولم يكن يعرف في أي طريق عليه ان
يذهب".
ثم ذكرت كلمة كارفور ،154وهي بالفرنسية "العبور" ،وقد تبين لي أنني أثناء عملي في
مستشفى في باريس ،عشت بالقرب من "كارفور سانت الزارري" .واآلن أستطيع أن أفهم ما
عالقة كل هذه االرتباطات بي.
"عندما قررت مغادرة المستشفى الحكومي اتخذت القرار أوال ،ألنني أردت الزواج ،وثانيا،
ألنني رغبت في الدخول في ممارسة خاصة .وقد أثار هذا مشكلة جديدة .وعلى الرغم من أن
خدمة المستشفى الحكومي كانت ناجحة تماما ،فبحكم الترقيات وما إلى ذلك ،شعرت كأنني ككثير
من الناس في نفس الحالة ،أال وهو أن تدريبي لم يكن مناسبا للممارسة الخاصة .وكان التخصص
في العمل العقلي مهمة جريئة بالنسبة لشخص ال يملك المال وال العالقات االجتماعية .كما شعرت
أن أفضل ما يمكنني فعله للمرضى لو جاءوا في طريقي هو أن ألزمهم بأحد المستشفيات ،حيث
أنني ال أثق كثيرا في العالج المنزلي بشكل عام .وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي أحرز في
السنوات األخيرة في مجال العمل العقلي ،فإنني "المتخصص" اكاد اكون عاجزا حين اواجه
الحاالت المتوسطة من الجنون .ويمكن أن يعزى ذلك جزئيا إلى أن هذه الحاالت تجلب إلي بعد أن
تكون قد تطورت تماما من اإلصابة بالمرض النفسي عندما يكون العالج في المستشفى غير
مجدي .ومن بين أعظم جيش من االضطرابات العقلية الدافئة ،فإن ما يسمى بحاالت حدود الجنون،
والتي تشكل القسم األعظم من العيادات والعمل الخاص والتي تنتمي بحق إلى المتخصصين في
األمراض العقلية ،لم أكن أعرف إال أقل القليل ،وذلك ألن هؤالء المرضى نادرا ،أو لم يأتوا أبدا،
إلى مستشفى الوالية ،وما أعرفه فيما يتصل بمعالجة الربو العصبي 155والربو الذهني لم يكن كافيا
لجعلي أكثر تفاؤال بالنجاح في الممارسة الخاصة.
"في هذه الحالة ،جئت إلى باريس ،حيث كنت أتمنى أن أتعلم ما يكفي عن علم النفس
ليمكنني من مواصلة تخصصي في الممارسة الخاصة ،وان أشعر أنني أستطيع أن أفعل شيئا
لمرضاي .ولكن ما رأيته في باريس لم يساعد في تغيير فكري .وهناك أيضا ،كان أغلب العمل
موجها إلى األنسجة الميتة(تشريح العقل) .وعلى هذا فإن الجوانب العقلية تلقى قدرا ضئيال من
االهتمام .لذلك كنت أفكر جديا في التخلي عن عملي العقلي لبعض التخصصات األخرى .وكما
يتضح ،واجهت حالة شبيهة بحالة صديقي الطبيب .فأنا أيضا كنت في معبر ولم أكن أعرف أي
طريق للذهاب فيه .وسرعان ما انتهى تشويقي .في أحد األيام ،تلقيت رسالة من صديقي البروفسور
بيترسون ،الذي كان على فكرة مسؤوال عن دخولي إلى المستشفى الحكومي .في هذه الرسالة
نصحني بعدم التخلي عن عملي ،واقترح عيادة الطب النفسي في زيوريخ ،حيث اعتقد انه يمكنني
العثور على ما أريد.
"ولكن ماذا يعني كاديالك؟ كاديالك هو اسم فندق وسيارة .قبل أيام قليلة في بلد كنت أنا
وصديقتي الطبيبة نحاول أن نستأجر سيارة ،ولكن لم يكن هناك أي شيء .ولقد عبر كل منا عن
رغبته في امتالك سيارة ومرة أخرى كان طموحا لم يتحقق .كما ذكرت أن شارع كارفور
الزارري كان دائما ما يثيرني باعتباره واحدا من أكثر الشوارع أزدحاما في باريس .كانت دائما
مزدحمة بالسيارات .وتذكر كاديالك أيضا أنه قبل أيام قليلة فقط في طريقي إلى عيادتي الحظت
عالمة كبيرة فوق مبنى أعلن أنه في يوم معين 'كان هذا المبنى يشغله كاديالك' ،إلخ .في البداية
جعلني هذا أفكر في فندق كاديالك ،ولكن في النظرة الثانية الحظت أنه يشير إلى سيارة كاديالك.
كانت هناك عقبة مفاجئة هنا لبضع لحظات .عادت كلمة كاديالك إلى الظهور وباقتران سليم
ظهرت لي قائمة الكلمات.
لقد أعادت هذه الكلمة إلى األذهان حادثة مروعة للغاية من أصل حديث ،والذي كان الدافع
وراء ذلك هو الطموح المزعج مرة أخرى" .عندما يرغب المرء في اإلبالغ عن أي تحليل ذاتي،
يجب ان يكون مستعدا ليعطي الكثير من االمور الحميمة عن حياته .إن أي شخص يقرأ بعناية
أعمال البروفيسور فرويد من غير الممكن أن يفشل في التعرف على نحو وثيق معه ومع أسرته.
كثيرا ما يسألني أشخاص يدعون أنهم قرأوا ودرسوا أعمال فرويد مثل :كم عمر فرويد؟ هل فرويد
متزوج؟ كم طفل لديه؟ الخ .كلما سمعت هذه األسئلة أو أسئلة مماثلة ،أعرف أن السائل قد كذب
عندما قدم هذه التأكيدات ،أو أنه ،على أن يكون قارئ مهمل وسطحي جدا .كل هذه االسئلة والكثير
منها يجيب عليها في أعمال فرويد .التحليالت التلقائية هي السير الذاتية بامتياز؛ ولكن في حين أن
كاتب سيرة ذاتية قد يخفي بشكل واع وبال وعي العديد من الحقائق عن حياته ،فإن المحلل الذاتي ال
يكتفي بإخبار الحقيقة بوعي ،بل إن القوة الذاتية تضيء شخصيته الحميمة بالكامل .ولهذه األسباب
نجد أنه من غير السار اإلبالغ عن تحليالته التلقائية .ولكن ،إذ غالبا ما نبلغ عن إنتاج مرضانا
الالواعي ،من العدل ان نضحي بأنفسنا على مذبح الدعاية عندما يتطلب االمر .هذا اعتذاري
إلرغام القارئ على قراءة بعض شؤوني الشخصية ،وإجباره على االستمرار لفترة أطول في نفس
الضغط.
"قبل أن أستطرد في المالحظات األخيرة ،ذكرت أن كلمة كاديالك جلبت كتالوج الروابط
للتفكير .لقد أعاد هذا االرتباط التذكير بفترة مهمة آخرى في حياتي كان البروفيسور بيترسون
متصال بها .في شهر مايو/أيار الماضي أبلغني أمين الكلية بأنني عينت رئيسا لعيادة قسم الطب
النفسي .وال يسعني إال أن أقول إنني سعيد جدا بهذا التكريم -في المقام األول ،ألنه كان تحقيق
طموح لم أجرؤ على تحقيقه إال في ظل آمالي الخاصة؛ وثانيا ،كان بمثابة تعويض عن االنتقادات
العديدة غير المستحقة من أولئك الذين يعترضون بشكل أعمى وغير معقول على بعض عملي.
وبعد ذلك بوقت قصير ،اتصلت بكاتبة القسم وتحدثت إليها عن تصحيح يجرى باسمي عند طباعته
في الدليل .لسبب غير معروف (ربما التحيز العنصري) ،ال بد ان هذه السيدة ألمسيحية ،قد بدأت
بكراهيتي .منذ حوالي ثالث سنوات طلبت منها مرارا أن تقوم بهذا التصحيح ،لكنها لم تلتفت إلي.
ال شك أنها كانت تعد دوما بتلبية هذا الوعد ،ولكن الخطأ ظل بال تصحيح" .عندما رأيتها في مايو/
أيار الماضي ذكرتها مرة أخرى بهذا التصحيح ،كما اثرت انتباهها إلى حقيقة أنني كنت عند تعييني
رئيسا للعيادة ،كنت حريصا بشكل خاص على طباعة اسمي بشكل صحيح في الكتالوج .اعتذرت
عن "اشتباهها" وأكدت لي أن كل شيء يجب أن يكون كما طلبت .تخيلوا دهشتي وغضبي عندما
قمت باستالم الكتالوج الجديد وجدت أنه بينما كان التصحيح قد تم باسمي اال أني لم أكن مدرجا
كرئيس للعيادة .عندما سألتها عن هذا كانت محتارة؛ وقالت إنها لم تكن لديها أدنى فكرة أنني عينت
رئيسا للعيادة .كان عليها أن تستشير محاضر الكلية ،التي كتبتها بنفسها ،قبل أن تقتنع بها .وتجدر
وقوعها156. اإلشارة إلى أن من واجبها ،ككاتبة في القسم ،معرفة كل هذه األمور بمجرد
أنا مدين للدكتور هيتشمان بحل قضية أخرى حيث تكررت تالوة شعر في الذهن في مكان
معين دون أن يظهر أي أثر ألصله او أي عالقة.
كتب د .ي" :.قبل ست سنوات سافرت من بيرريتز إلى سان سيباستيان .يعبر القطار عبر
نهر بيداساو -وهو نهر يشكل هنا الحدود بين فرنسا وإسبانيا .على الجسر نرى منظر رائع ،على
جانب الوادي العريض لجبال بايرينيس وعلى الجانب االخر البحر .كان يوما صيفيا رائعا؛ كل
شيء امتأل بالشمس والضوء .كنت في عطلة وسعدت برحلتي إلى إسبانيا .فجأة جاءتني الكلمات
التالية" :ولكن الروح حرة بالفعل ،تطفو على بحر من الضوء" ".في ذلك الوقت كنت أحاول أن
أتذكر من أين أتت هذه االبيات ،ولكن لم أستطع أن أتذكر؛ وبالحكم من خالل اإليقاع ،يجب أن
تكون الكلمات جزءا من قصيدة ،التي ،مع ذلك ،افلتت تماما من ذاكرتي .وفي وقت الحق عندما
عادت االبيات إلى ذهني مرارا وتكرارا ،سألت الكثير من الناس عنها دون الحصول على أي
معلومات" .في العام الماضي عبرت نفس الجسر في رحلة العودة من إسبانيا .كانت ليلة مظلمة
جدا وأمطرت .نظرت من خالل النافذة للتأكد مما إذا كنا قد وصلنا بالفعل إلى المحطة الحدودية
والحظت أننا على جسر بيداساو .فورا عادت االبيات المذكورة أعاله إلى ذاكرتي ،ومرة أخرى لم
أتمكن من تذكر أصلها" .بعد عدة أشهر من منزلي ،وجدت قصائد أهالند .فتحت الصوت فوقع
نظري على اآلبيات :لكن الروح حرة ،تطفو على بحر من الضوء ،التي كانت الخطوط الختامية
لقصيدة بعنوان "الحاج ."159قرأت القصيدة وتذكرت بهدوء أنني عرفتها منذ سنوات عديدة .مشهد
الحركة في إسبانيا ،وهذا يبدو لي أنه العالقة الوحيدة بين االبيات المقتبسة والمكان في رحلة السكك
الحديدية التي وصفتها لي .كنت راض عن اكتشافي فقط في النصف ،واستمررت في تصفح
الكتاب ميكانيكيا .عند فتح الصفحة التالية وجدت قصيدة بعنوان "جسر بيدا ساو".
"يمكنني ان اضيف ان محتويات هذه القصيدة بدت لي أكثر غرابة من محتويات القصيدة
االولى ،وان المقطع االول منها يقول" :على جسر بيداساو يقف قديسا جعله الزمن رصاصيا،
يبارك إلى اليمين الجبل االسباني ،وإلى اليسار يبارك األرض الفرنسية".
ربما يساهم هذا الفهم لتحديد األسماء واألرقام والكلمات التي يبدو أنها مختارة بشكل تعسفي
في حل مشكلة أخرى .وكما هو معروف ،فإن العديد من األشخاص يجادلون ضد افتراض الحتمية
النفسية المطلقة باإلشارة إلى الشعور الشديد باالقتناع بأن هناك إرادة حرة .إن هذا الشعور
باالقتناع موجود ،ولكنه ال يتعارض مع اإليمان بالحتمية .ومثل كل المشاعر الطبيعية ،فالبد وأن
يكون مبرره بشيء ما .ولكن بقدر ما أستطيع أن أرى أنها ال تظهر في ميزان القرارات المهمة؛
وفي هذه المناسبات ،يشعر المرء بقدر أكبر من الشعور بإجباره النفسي ،ويسره ان يعود اليه.
(قارن لوثر "ها أنا واقف ،ال أستطيع أن أفعل أي شيء آخر") ومن ناحية أخرى ،فإن القرارات
التافهة والالمبالية هي أن المرء يشعر بأنه كان بإمكانه أن يتصرف بطريقة مختلفة بنفس السهولة،
وأنه تصرف بإرادته الحرة ،وبدون أي دوافع .ولذلك ،فإننا ال نحتاج من تحليالتنا إلى الطعن في
حق الشعور باالقتناع بأن هناك إرادة حرة .وإذا ميزنا الوعي عن الدافع الالواعي ،فإننا نبلغ بذلك
شعورنا باالقتناع بأن الدافع الواعي ال يمتد على كل قراراتنا الحركية "على األقل" .وبالتالي فإن
ما يترك حرا من جانب واحد يتلقى دافعه من الجانب اآلخر ،من الجانب الالواعي ،وبالتالي فإن
الحتمية والتحديد في المجال النفسي تسير بشكل سلس160.ورغم أن الفكر الواعي البد وأن يكون
جاهال تماما بدوافع األفعال الخاطئة الموصوفة أعاله ،فمن المرغوب فيه رغم ذلك أن نكتشف
برهانا عقليا على وجوده؛ والواقع أن األسباب التي تم التوصل إليها من خالل معرفة أعمق حول
الالوعي تجعل من المحتمل اكتشاف مثل هذه البراهين في مكان ما .وفي الواقع ،يمكن إثبات
الظواهر في مجالين يبدو أنهما يتالءمان مع الالوعي وبالتالي مع معرفة معينة بهذه الدوافع.
(أ) من الملفت للنظر والمعترف به عموما في سلوك جنون العظمة ،أنها تولي أهمية كبرى
للتفاصيل التافهة في سلوك اآلخرين .تفاصيل غالبا ما يتغاضى عنها اآلخرون ويعتبرونها أساسا
الستنتاجات بعيدة المدى .فعلى سبيل المثال ،استنتج آخر مصاب بجنون العظمة الذي شاهدته لي
أن هناك اتفاقا عاما بين الناس في محيطه ،ألنهم قاموا ،عند مغادرته محطة السكك الحديدية،
بحركة معينة بيد واحدة .والحظ آخر كيف سار الناس في الشارع ،وكيف يلوحون بعصي المشي
ذلك161. بطريقة تستفزه ،وما إلى
وبالتالي فإن فئة العارض التي ال تتطلب أي دافع ،والتي تسمح للشخص العادي بتمريرها
كجزء من أنشطته النفسية وأفعاله الخاطئة ،مرفوضة بسبب جنون العظمة عند العصابيين .كل ما
يراقبه في اآلخرين مليء بالمعاني ،كل شيء قابل للتفسير .ولكن كيف ينظر إليها بهذه الطريقة؟
ربما هنا كما في العديد من الحاالت األخرى ،يقوم بتسليط الضوء على الحياة العقلية لآلخرين ما
يوجد في نشاطه الالواعي .فالعديد من األشياء تنبئ بالوعي في جنون العظمة الذي ال يمكن في
األشخاص الطبيعيين والعصابيين إال أن يظهر من خالل التحليل النفسي وكما هو موجود في
الالوعي162.
(ب) تعطي ظاهرة الخرافات مؤشرا آخر على الدافع الالواعي في المصادفة واألفعال
العارضة .وسوف أوضح قولي من خالل مناقشة تجربة بسيطة أعطتني نقطة البداية لهذه
االنعكاسات .بعد عودتي من اإلجازة ،تحولت أفكاري فورا إلى المرضى الذين كنت سأشغل نفسي
معهم في بداية عملي في السنة .كانت زيارتي األولى المرأة عجوز جدا ،كنت أزورها مرتين
يوميا وعمل نفس الخدمات لسنوات عديدة .وبسبب هذه األفكار غير الواعية الرتيبة ،غالبا ما
وجدت تعبيرات في الطريق إلى المريضة وأثناء فترة عملي معها .كانت فوق التسعين من عمرها؛
لذلك كان يسأل المرء نفسه في بداية كل سنة كم من الوقت كان مقدر ان تعيش فيه.
في ذلك اليوم الذي أتحدث فيه كنت أسرع وأستقل عربة إلى منزلها .كان كل سائق عربة
بالقرب من منزلي يعرف عنوان المرأة العجوز ،حيث ان كلهم قادوني إلى هناك مسبقا .حدث هذا
اليوم أن السائق لم يتوقف أمام منزلها ،ولكن قبال أحد البيوت التي تحمل نفس الرقم في شارع
قريب ومشابه حقا .الحظت الخطأ وذكرتهه للشاب الذي اعتذر عنه.
هل هنالك أي مغزى عندما يأخذني إلى بيت ال توجد فيه العجوز؟ بالتأكيد ال؛ لكن لو كنت
اهتم بالفأل سآقول ان في هذه الحادثة تلميحة عن ان السنة هي االخيرة للعجوز .والواقع أن العديد
من العالمات التي درستها لم تكن مبنية على رمزية أفضل .بالطبع ،أفسر الحادثة بأنها حادثة دون
معنى .كانت القضية مختلفة تماما لو أتيت سيرا على األقدام و"سرحت في التفكير" أو "من خالل
التشتيت" ،كنت قد ذهبت إلى المنزل في الشارع الموازي بدال من المنزل الصحيح .لم أكن ألشرح
ذلك على أنه حادث ،بل على أنه عمل ال واعي ،يتطلب االستحضار الذهني .وتفسيري لهذا
"االنهماك في المشي" ربما هو أنني كنت أتوقع أن الوقت سيأتي قريبا عندما ال أقابل المرأة
العجوز بعد ذلك .لذلك اختلف عن الشخص الخرافي بالطريقة التالية:
ال أعتقد أن وقوع حدث ال تشارك فيه حياتي العقلية يمكن أن يعلمني أي شيء مخفي فيما
يتعلق بتشكيل الواقع في المستقبل؛ لكنني أعتقد أن مظهرا غير مقصود لنشاطي العقلي يحتوي
بالتأكيد على شيء مخفي ينتمي فقط إلى حياتي العقلية أي أنني أؤمن بالفرصة الخارجية
(الحقيقية) ،ولكن ليس في الحوادث الداخلية (النفسية) .مع الشخص المؤمن بالخرافة تنقلب القضية:
فهو ال يعرف شيئا عن الدافع وراء فرصته وأفعاله العارضة؛ هو يؤمن بوجود حالة طوارئ
نفسية؛ ولذلك فهو يميل إلى إعطاء معنى للصدفة الخارجية ،التي تظهر في الواقع الفعلي ،وإلى أن
يرى في الحادث وسيلة للتعبير عن شيء مخفي خارجه .هناك اختالفان بيني وبين الشخص
المؤمن بالخرافات :فهو:
ومن الصعب أن نعبر عنها بعبارات أخرى؛ والبد أن يأتي قياس جنون العظمة هنا
لمساعدتنا .ونحن نغامر بشرح أساطير الجنة وسقوط اإلنسان ،أو هللا ،أو الخير والشر ،أو الخلود،
وما إلى ذلك بمعنى تحويل الميتافيزيقية إلى فن علم النفس .والواقع أن الفجوة بين نزوح المصابين
بجنون العظمة وبين نزوح الخرافات أضيق مما قد يبدو للوهلة األولى .عندما بدأ البشر في
التفكير ،كانوا مجبرين بوضوح على تفسير العالم الخارجي بالمعنى البشري من قبل عدد كبير من
الشخصيات في صورتهم الخاصة؛ وبالتالي فإن الحوادث التي أوضحوها خلسة هي أفعال وتعابير
عن األشخاص .وفي هذا الصدد ،تصرفوا تماما كما يتصرف من لديه جنون الشك ،الذين
يستخلصون إستنتاجات من عالمات ال تذكر يعطيها اآلخرون ،وشأنهم شأن جميع األشخاص
الطبيعيين الذين يتخذون عن حق األفعال غير المقصودة من جانب أخوتهم البشر أساسا لتقدير
شخصياتهم .في فلسفتنا الحديثة فقط ،التي لم تنتهي بعد الى ملخص ،تبدو وجهات نظر الحياة
الدينية خرافية وال تنتمي الى عصرنا :فمن وجهة نظر حياة أزمنة وأمم ما قبل العصر الحديث،
كان ذلك مبررا ومتسقا.
وكان الروماني الذي يتخلى عن مهمة هامة ألنه رأى قطيعا من الطيور سيئة السمعة على
حق نسبيا؛ وكان عمله متسقا مع مبادئه .ولكن لم يكن ليفعل ذلك إي ينسحب من مهمة ما ألنه تعثر
على عتبته ،فقد كان متفوقا للغاية في ذلك حتى علينا غير المؤمنين .كان طبيبا نفسيا أفضل مما
نسعى لنصبح عليه .فعثرته يمكن ان تثبت له وجود شك ،تيار داخلي مضاد يمكن ان تضعف قوته
قوة نيته لحظة تنفيذه.
كيف يجيب شيلر ،الذي تردد كثيرا في إطالق السهم على التفاحة من رأس ابنه ،على
سؤال مبعوث المحكمة لماذا زود نفسه بسهم ثان! "بالسهم الثاني كنت ألخترق قلبك لو ضربت
ابني العزيز؛ حقا ،لن أخفق في الوصول إليك.
وأيا كان الشخص الذي أتيحت له الفرصة لدراسة المشاعر النفسية الخفية لألشخاص عن
طريق التحليل النفسي ،فإنه يمكنه أيضا أن يخبر شيئا جديدا فيما يتعلق بجودة الدوافع الالواعية،
التي تعبر عن نفسها في الخرافات .فاألشخاص المتوترون الذين يعانون من التفكير القهري
والوضعيات القهرية ،الذين هم في كثير من األحيان أذكياء جدا ،يظهرون بوضوح أن الخرافات
تنشأ من الذرائع العدائية والقاسية المكبوتة .إن الجزء األكبر من الخرافات يدل على الخوف من
الشر الوشيك ،ومن كان يتمنى الشر في كثير من األحيان لآلخرين ،ولكن بسبب نشأة جيدة قمعت
نفس الشيء في الالوعي ،سوف يكون من المالئم بشكل خاص أن يتوقع عقابا على مثل هذا الشر
الالواعي في هيئة محنة تهدده :من خارج.
إذا اعترفنا بأنه ال يوجد لدينا أي شيء قد أستنفد سيكولوجية الخرافة في هذه المالحظات،
يجب علينا ،من ناحية أخرى ،أن نتطرق على األقل إلى السؤال عما إذا كان يجب إنكار الجذور
الحقيقية للخرافات ،سواء كان هناك حقا ال وجود لبشارات الهية ،أحالم نبوية ،تجارب تخاطر،
مظاهر القوى الخارقة ،وما إلى ذلك .وأنا اآلن بعيد عن الرغبة في التنديد دون أي شيء آخر بكل
هذه الظواهر ،التي نمتلك بشأنها الكثير من المالحظات الدقيقة منا ومن الرجال ذوي األهمية
الفكرية العالية في هذا المجال ،والتي ينبغي بالتأكيد أن تشكل أساسا لمزيد من التحقيق .بل إننا
نرسم خريطة لألمل في أن تفسر بعض هذه المالحظات بمعرفتنا الحالية للعمليات النفسية الالواعية
دون الحاجة إلى تغييرات جذرية في وضعنا الحالي .وإذا كان ال يزال هناك ظواهر أخرى ،مثل
الظواهر التي يتمسك بها الروحانيون ،ينبغي عندئذ النظر في تعديل "قوانينا" كما تطالب بها
التجربة الجديدة ،دون الخلط بينها وبين عالقة األشياء في هذا العالم.
وفي مجال هذه التحليالت ،ال يسعني إال أن أجيب على األسئلة المطروحة هنا بشكل
شخصي أي وفقا لتجربتي الشخصية .يؤسفني أن أعترف بأنني أنتمي إلى تلك الفئة من األفراد
غير الجديرين الذين تتوقف أرواحهم من قبلهم عن أنشطتهم ويختفي ما هو فوق الطبيعي ،حتى
أنني لم أكن قط في وضع يسمح لي بتجربة أي شيء شخصيا من شأنه أن يحفز اإليمان بالمعجزة.
ومثلي كمثل أي شخص آخر ،كان لدي بشائر ومعاناة؛ ولكن كال منهما تهرب من اآلخر ،لكن لم
يتبع البشرى شيء ،وقد صدمتني المعاناة دون سابق انذار .عندما كنت شابا أعيش وحيدا في مدينة
غريبة ،كثيرا ما سمعت اسمي فجأة بصوت شخص عزيز ال لبس فيه ،ثم انتبهت إلى لحظة
الهلوسة بالضبط من أجل السؤال بعناية عما حدث في ذلك الوقت .لم يكن هناك شيء .من ناحية
أخرى ،عملت في وقت الحق بين مرضاي بهدوء وبدون خجل ،بينما كان طفلي ينزف حد الموت
تقريبا .ولم أتمكن قط من رؤية أي شيء غير بشري مما أبلغني به مرضاي.
ان االيمان باالحالم النبوية يرمز إلى كثيرين من أتباعها ،ألنه يمكن ان يدعمه حقيقة ان
بعض االشياء تحدث حقا في المستقبل كما انبأت بها مسبقا رغبة الحلم .ولكن في هذا ال يسعنا إال
أن نتساءل ،حيث أن العديد من االنحرافات البعيدة المدى قد تظهر بشكل منتظم بين الحلم وبين
واقعه الذي تفضل عقيدة الحالم أن تهمله.
مثال جميل اخر ،مثال يمكن ان يدعى بحق نبويا ،جلب إلى ذات مرة للتحليل الشامل
مريضة ذكية جدا ومحبة للحقيقة .ورصدت أنها كانت تحلم ذات مرة بأنها قابلت صديقا سابقا
وطبيب أسرتها أمام متجر معين في شارع معين ،وفي الصباح التالي عندما ذهبت إلى المدينة
قابلته بالفعل في المكان المسمى في الحلم .قد أرى أن أهمية هذه المصادفة الرائعة لم تثبت أنها
ترجع إلى أي حدث الحق -أي أنها ال يمكن تبريرها من خالل أحداث مستقبلية .لقد أثبت الفحص
الدقيق بكل تأكيد عدم وجود أي دليل على أن المرأة إستعادت الحلم في الصباح الذي يلي ليلة الحلم
أي قبل المشي وقبل االجتماع .لم يكن بإمكانها أن تبدي أي اعتراض عندما قدمت هذه الحالة
بطريقة سلبت هذه الحادثة من كل شيء عجائبي ،ولم تترك سوى مشكلة نفسية مثيرة لالهتمام.
وذات صباح مرت في هذا الشارع ،والتقت بطبيب عائلتها القديم قبل ذلك المحل ،وعندما رأته
تلقى االقتناع بأنها حلمت بهذا االجتماع في هذا المكان خالل الليلة السابقة.
ثم أظهر التحليل باحتمال كبير كيف توصلت إلى هذه اإلستدالل ،الذي ال يمكننا ،وفقا
للقاعدة العامة ،إنكار المصداقية .اجتماع في مكان محدد بعد توقع سابق يصف حقيقة كلمة موعد
عاطفي .أيقظ طبيب العائلة ذكرياتها القديمة ،عندما كانت االجتماعات تكون عادة مع شخص
ثالث ،وهو أيضا صديق الطبيب ،ذو اهمية ملحوظة لها .ومنذ ذلك الوقت ،إستمرت في عالقتها
بهذا الشخص ،وقبل يوم من الحلم المذكور ،انتظرته دون جدوى .إذا إستطعت أن أبلغ بتفصيل
أكبر عن الظروف التي تحيط بنا هنا ،أستطيع بسهولة أن أظهر أن وهم الحلم النبوي الذي تعيشه
هو في الحقيقة شيء يعادل ما يلي :آه ،أيها الطبيب ،أنت تذكرني اآلن باألوقات التي مرت دون أن
أضطر أبدا إلى االنتظار عبثا ،عندما كنا ننظم إجتماعا ستكون حاظرا على عكس صديقك.
وقد الحظت في نفسي مثاال بسيطا وسهال ،وهو على االرجح نموذج جيد لتكرار مثل هذه
الحوادث المألوفة "صدف أستثنائية" حيث نلتقي بشخص كنا نفكر فيه .خالل جولة داخل المدينة
بعد أيام قليلة من نيلي للقب "بروفيسور" والذي يحمل معه الكثير من الهيبة حتى في المدن الملكية،
اندمجت أفكاري فجأة في خيال طفولي انتقامي ضد زوجين متزوجين .فقبل بضعة أشهر كانوا قد
دعوني لفحص ابنتهم الصغيرة التي عانت من مظهر قهري مثير لالهتمام عقب رؤيتها لحلم.
أخذت اهتماما كبيرا بالقضية ،التي اعتقدت أنني أستطيع أن أعالجها ،لكن اآلباء كانوا غير راضين
عن عالجي ،وقالوا إنهم يفكرون في الطلب من معالج أجنبي يعالج مرضاه من خالل التنويم
المغناطيسي .لكنني فكرت انه بعد فشل هذه المحاولة ،سيتوسل لي اآلباء استئناف عالجي ،وأنهم
اآلن لديهم ثقة كاملة بي ،إلخ .ولكني سأجيب" :اآلن بعد أن أصبحت بروفيسور ،فإن لديكم الثقة
بي .العنوان لم يغير من قدرتي؛ إذا لم تستطع أن تستخدمني عندما كنت طبيبا معالجا يمكنك أن
تتواصل بدوني اآلن ألنني بروفيسور" .في هذه اللحظة قاطعني خيالي بصوت عال "مساء الخير
يا بروفيسور!" وبينما كنت أنظر إلى األعلى هناك مرت صورة نفس الزوجين اللذين اخذت منهما
للتو هذه االنتقام الخيالي.
التأمل التالي دمر مظهر العجائبية .كنت افكر انني أسير باتجاه هذين الزوجين في شارع
مستقيم ،مهجور تقريبا؛ عندما نظرت بسرعة إلى مسافة ربما عشرين خطوة مني ،كنت أدركت
حظورهم الفخم؛ ولكن هذا التصور ،في أعقاب هلوستي السلبية ،وضع جانبا بفعل دوافع عاطفية
محددة ثم أكد على نفسه في وهم الظهور التلقائي.
وهناك تجربة مماثلة مرتبطة ببرايل ،والتي تلقي أيضا بعض الضوء على طبيعة التخاطر.
"بينما كنت منهمك في المحادثة خالل عشاء مساء األحد المعتاد في أحد المطاعم الكبيرة في
نيويورك ،توقفت فجأة وذكرت لزوجتي" ،أتساءل كيف حال الدكتور ر .في بيتسبرج ".نظرت إلى
بتعجب وقالت :ماذا! ،هذا بالضبط ما كنت أفكر فيه خالل الثواني القليلة الماضية! إما أنك نقلت
هذه الفكرة إلى أو أنني قمت بنقلها إليك .كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة الغريبة؟ كان على أن
أعترف بأنني ال أستطيع تقديم حل .لم تظهر محادثتنا خالل العشاء أي عالقة بالدكتور ر ،.كما لم
نكن قد سمعنا عنه أو تحدثنا عنه لبعض الوقت .لكوني متشكك ،رفضت االعتراف بأن هناك أي
شيء غامض حول ذلك ،على الرغم من أنني شعرت بعدم اليقين .وألكون صريحا ،كنت متحيرا
بعض الشيء.
"لكننا لم نبق طويال في هذه الحالة الذهنية ،فعندما نظرنا نحو غرفة المالبس فوجئنا برؤية
الدكتور ر .ورغم أن الفحص الدقيق أظهر خطأنا ،فوجئنا بتشابه هذا الغريب مع الدكتور ر .من
موقع جلوسنا ،أجبرنا على استنتاج أن هذا الغريب قد تجاوز مائدتنا .بسبب انغماسنا في حديثنا ،لم
نالحظه عن وعي ،لكن الصورة البصرية أشعلت رابطة الطبيب .ر .وان توارد افكارنا كان امرا
طبيعيا جدا .الكلمة األخيرة من صديقنا كانت أنه قد بدأ ممارسة خاصة في بيتسبيرغ ،وألنه مدرك
للتقلبات التي تحيط بالمبتدئ ،كان من الطبيعي جدا أن نتساءل ان كان قد ابتسم له الحظ.
"ما وعد بأن يكون مظهرا خارقا للطبيعة كان يفسر بسهولة على أساس طبيعي؛ ولكن لو
لم نلحظ الغريب قبل أن يغادر المطعم ،لكان من المستحيل استبعاد الغموض .وأنا أغامر بأن أقول
إن هذه اآلليات البسيطة في قاع أكثر مظاهر التخاطر تعقيدا؛ على األقل كانت تلك هي تجربتي في
جميع الحاالت التي يمكن التحقيق فيها.
كما ذكر اوتو رانك164حال آخر لقضية مشابهة أخرى" :منذ فترة ،كنت قد مررت بتنوع
ملحوظ في تلك المصادفات الغريبة ،حيث يلتقي المرء بشخص كان يشغل أفكاره للتو .قبل
الكريسماس بوقت قصير ذهبت إلى البنك األسترالي المجري من أجل الحصول على عشر قطع
جديدة من عمالت التاج الفضية المخصصة كهدايا لعيد الميالد .لقد تحولت إلى شارع ضيق في
طريقي إلى البنك ،بعد أن امتألت في أوهام طموحة تناولت التباين بين قدراتي الهزيلة وبين المبالغ
الهائلة في البنك .أمام الباب رأيت سيارة والعديد من الناس يدخلون ويخرجون .قلت لنفسي:
سيكون لدى المسؤولين الكثير من الوقت من أجل عمالتي الجديدة؛ بطبيعة الحال سأكون سريعا في
هذا الشأن؛ سوف أضع األوراق النقدية التي سيتم تبادلها ،وأقول" ،من فضلك أعطني العمالت
الذهبية" .لقد أدركت خطأي في الحال -كان على أن أطلب الفضة -واستيقظت من أوهامي.
"كنت اآلن أمام المدخل بخطوات قليلة ،والحظت وجود شاب يقترب مني يبدو مألوفا ،لكني
لم أستطع تحديد هويته بالتأكيد بسبب قصر نظري .وعندما اقترب منه تعرفت عليه كزميل في
الصف ألخي الذي كان اسمه غولد ومن أخيه ،وهو صحافي معروف جيدا ،كانت لدي توقعات كبيرة
في بداية حياتي األدبية .ولكن هذه التوقعات لم تتحقق ،ومع هذه التوقعات إختفى النجاح المادي
المأمول الذي كانت أوهامي تحتله؛ هم معي في الطريق إلى البنك .ولذلك ،انتابني شعور بأن السيد
غولد هو الذي أظهر نفسه في تفكيري بينما كنت أحلم بالنجاح المادي ،مما جعلني أطلب من أمين
الصندوق الحصول على الذهب بدال من الفضة .ولكن من ناحية أخرى ،قد تفسر الحقيقة المفارقة
المتمثلة في قدرة الالوعي على إدراك شيء ما قبل أن تدرك العين ذلك الشيء جزئيا باالستعداد
للتعقيد الذي يذكره بيولر .فعقلي كان منسجما للتفكير في المادة ،وعلى عكس معرفتي ،وجهت
خطواتي من البداية إلى المباني التي يتم تبادل الذهب فيها مع األوراق النقدية.
إضافة الى ذلك ،قد نضيف أيضا ذلك الشعور الغريب الذي نلحظه في لحظات معينة و
مواقف معينة عندما يبدو أننا قد كان لدينا بالفعل نفس التجربة بالضبط ،أو قد وجدنا أنفسنا سابقا
في نفس الموقف .ورغم هذا فإننا لم ننجح قط في جهودنا الرامية إلى التذكر بوضوح؛ تلك
التجارب والحاالت السابقة .أعرف أنني أتبع فقط العامية الفضفاضة عندما أقوم بتحديد ما يحفزنا
في لحظات مثل "الشعور" .ال شك أننا نتعامل مع حكم تقديري ،بل إننا نتعامل مع حكم إدراكي؛
ولكن هذه الحاالت لها طابع خاص بها ،وإلى جانب ذلك ،يجب أال نتجاهل حقيقة أننا ال نتذكر أبدا
ما نسعى إليه .وال أدري ما إذا كانت ظاهرة ديجا فو هذه قد عرضت بجدية في أي وقت مضى
كدليل على وجود نفسي سابق للفرد؛ ولكن من المؤكد أن علماء النفس قد اهتموا بها ،وحاولوا حل
األحجية بطرق عديدة .ال يبدو لي أن أي من التفسيرات التجريبية المقترحة صحيحة ،ألن ال شيء
يأخذ في االعتبار سوى المظاهر المرافقة لهذه الظاهرة والظروف المؤيدة لها .إن هذه العمليات
النفسية التي ،حسب مالحظتي ،هي وحدها المسؤولة عن تفسير "ديجا فو" -أي الخيال الالواعي -
يتم إهمالها عموما من قبل علماء النفس حتى اليوم .أعتقد أنه من الخطأ أن نحدد الشعور بالخبرة
من قبل كوهم .بل على العكس من ذلك ،في مثل هذه اللحظات ،يبدو األمر وكأن شيئا ما قد شهدناه
بالفعل ،ولكننا ال نستطيع أن نسترجع الذكرى بوعي ألنه لم يكن واعيا قط .باختصار ،يتوافق
الشعور الذي يشعر به "ديجا فو" مع ذاكرة وهم فاقد الوعي .وهناك أوهام الوعي (أو أحالم
اليقضة) تماما كما توجد إبداعات واعية مماثلة ،والتي يعرفها الجميع من خالل الخبرة الشخصية.
وأدرك أن الموضوع جدير بأكثر دراسة دقيقة ،ولكنني هنا سأعطي تحليل حالة واحدة فقط
من حالة "ديجا فو" التي اتسم فيها الشعور بكثافة وإصرار محددين .أكدت امرأة عمرها سبعة
وثالثين عاما أنها تذكرت بوضوح أنها في سن الثانية عشرة والنصف قامت بأول زيارة لها لبعض
أصدقاء المدرسة في البالد ،وأثناء دخولها إلى الحديقة شعورها على الفور بأنها كانت هناك من
قبل .وقد تكرر هذا الشعور أثناء مرورها في غرف المعيشة ،بحيث أنها تعتقد أنها كانت تعرف
مسبقا مدى ضخامة الغرفة المجاورة ،وما هي اآلشياء التي يجدر للمرء أن ينظر إليها ،إلخ .ولكن
االعتقاد بأن هذا الشعور بالتقدير قد يكون له مصدره في زيارة سابقة إلى البيت والحديقة ،ربما
كانت زيارة في طفولتها االولى ،مستثنى تماما من تصريحات والديها .ولم تطلب المرأة التي
ربطت ذلك تفسيرا نفسيا ،ولكنها رأت في ظهور هذا الشعور إشارة نبوية إلى األهمية التي تولى
هؤالء األصدقاء الحقا في حياتها العاطفية .ولكن عند األخذ في االعتبار الظرف الذي قدمت فيه
هذه الظاهرة نفسها لها ،وجدنا الطريق إلى تصور آخر.
وعندما قررت في هذه الزيارة ،علمت أن هؤالء الفتيات ليس لهن إال أخا ،كان مريضا
جدا .وخالل الزيارة ،رأته بالفعل .لقد وجدته يبدو سيئا جدا ،وفكرت لنفسها أنه سيموت قريبا.
(الخناق) قبل بضعة أشهر، الدفتريا165 ولكن حدث أن أخاها الوحيد تعرض لهجوم خطير من
وأثناء مرضه كانت تعيش ألسابيع مع أقرباء بعيدين عن منزلها الوالدي .وتعتقد أن أخاها كان
مشاركا في هذه الزيارة إلى البلد ،وتتصور حتى أن هذه هي رحلته الطويلة األولى منذ مرضه؛
ومع ذلك ،كانت ذاكرتها غير مميزة بشكل ملحوظ فيما يتعلق بهذه النقاط ،في حين أن كل
التفاصيل األخرى ،وخاصة اللباس الذي كانت ترتديه في ذلك اليوم ،ظلت واضحة أمام عينيها.
لن يكون من الصعب االستنتاج من هذه االقتراحات ان توقع وفاة أخيها كان له دور كبير
في عقل الفتاة في ذلك الوقت ،وانه اما لم يكن مدرك ابدا أو كان مكبوتا بقوة أكثر بعد قضية
المرض .وفي ظروف أخرى كانت لتضطر إلى إرتداء ثوب آخر وهو ثياب الحداد .وألنها وجدت
موقفا مماثال في بيت أصدقائها؛ كان أخوهم الوحيد في خطر الموت المبكر ،حدث بالفعل بعد فترة
قصيرة .ربما كانت تتذكر بوعي أنها عاشت حالة مماثلة في األشهر القليلة الماضية ،ولكنها بدال
من أن تتذكر ما كان يحبط من خالل القمع نقلت الشعور بالذاكرة إلى المنطقة ،إلى الحديقة
والمنزل ،ودمجها ببناء خاطئ للذكريات الذي اعتبرت معه انها سبق لها أن رأت كل شيء تماما
كما كان.
ومن واقع القمع قد نستنتج أن التوقع السابق لوفاة أخيها لم يكن بعيدا عن إضفاء طابع
التمني .كانت ستصبح حينها الطفلة الوحيدة .وفي مرضها العصبي الالحق عانت أشد معاناة من
الخوف من فقدان والديها ،حيث كشف التحليل من ورائه ،كالعادة ،الرغبة الالواعية في المحتوى
نفسه.
إن تجربتي الشخصية في ديجا فو أستطيع أن اتتبع بطريقة مماثلة التركيبة العاطفية لهذه
اللحظة .وسأعبر بقولي" :ستكون تلك مناسبة أخرى إليقاظ بعض األوهام (الالواعية وغير
الوضع"166. المعروفة) التي شكلت في وقت معين رغبة في تحسين
مؤخرا ،عندما سنحت لي الفرصة ألقرأ على زميل له دور فلسفي في علم النفس بعض
أمثلة نسيان االسم ،بتحليالتهم ،سارع إلى الرد" :كل هذا جيد جدا ،لكن تناسي اسم يحدث معي
بطريقة مختلفة" .ومن الواضح أن المرء ال يستطيع أن يرفض هذه المسألة باعتبارها ببساطة
كذلك؛ وال أعتقد أن زميلي قد فكر في أي وقت مضى في تحليل لنسيان اسم ما ،كما أنه ال يستطيع
أن يقول كيف اختلفت العملية فيه .ولكن مالحظته ،مع ذلك ،تمس مشكلة يميل الكثيرون إلى
وضعها في المقدمة .هل ينطبق الحل المعطى لألفعال العارضة والمصادفة بشكل عام أو فقط في
حاالت معينة ،وإذا لم يكن ذلك إال في الحاالت األخيرة ،فما هي الشروط التي يمكن أن تستخدم في
ظلها أيضا في تفسير الظواهر األخرى؟
في اإلجابة على هذا السؤال ،تجربتي تتركني محتارا .وال يسعني إال أن أحث على إعتبار
االتصاالت الواضحة نادرة ،فكلما أجريت االختبار بنفسي ومع مرضاي ،كان من المؤكد أنه كان
مثبتا تماما كما هي الحال في األمثلة المذكورة ،أو على األقل كانت هناك أسباب وجيهة لنفترض
ذلك .ولكن ال ينبغي للمرء أن يندهش عندما ال ينجح المرء في كل مرة في العثور على المعنى
المستتر للفعل العارض ،حيث أن مقدار المقاومة الداخلية التي تتراوح بين نفسها والحل يجب أن
يعتبر عامال حاسما .كما أنه ليس من الممكن دائما تفسير كل حلم فردي لذاته من المرضى.
وإلثبات صحة النظرية عموما ،يكفي أن يخترق المرء مسافة معينة في الروابط الخفية .والحلم
الذي يثبت صدقه عندما يحاول ايجاد الحل في اليوم التالي يمكن غالبا ان يسرق سرا ليستخدم بعد
أسبوع أو شهر ،عندما تخفت العوامل النفسية التي تحارب بعضها البعض نتيجة لتغيير حقيقي
حدث في الوقت نفسه .وينطبق نفس القول على حل التصرفات الخاطئة واألعراض .ومن الخطأ
إذن أن نؤكد على كل الحاالت التي تقاوم التحليل أنها ناجمة عن آلية نفسية أخرى غير تلك التي
يكشف عنها هنا؛ ويتطلب هذا االفتراض أكثر من مجرد البراهين السلبية؛ فضال عن ذلك فإن
االستعداد لالعتقاد في تفسير االختالف بين األفعال الخاطئة واألعراض ،والتي قد تكون موجودة
على مستوى العالم في كل األشخاص الطبيعيين ،ال يثبت أي شيء؛ ومن الواضح أنه تعبير عن
نفس القوى النفسية التي أنتجت السر ،الذي يسعى بالتالي إلى حماية نفسه ومكافحة اجهاره .ومن
ناحية أخرى ،يجب أال نغفل حقيقة أن األفكار والمشاعر المكبوتة ليست مستقلة في التعبير عن
األفعال التي تظهر في األعراض واألخطاء .والبد من توفير اإلمكانية الفنية لمثل هذا التعديل
لالستغرابات بصورة مستقلة عنها ،ومن ثم يتم إستغالل هذه اإلمكانية بكل سرور بنية المواد
المكبوتة في التعبير الواعي .وفي حالة األفعال اللغوية الخاطئة ،قام الفالسفة وعلماء اللغة بمحاولة
التحقق من العالقات الهيكلية والوظيفية التي تدخل في خدمة هذه النية من خالل المالحظات
الدقيقة .وإذا ما فصلنا الدافع الالواعي في تحديد األفعال المعيبة واألعراض عن عالقاته الفيزيائية
الفسيولوجية والنفسية الفعالة ،فإن السؤال يظل مفتوحا حول ما إذا كانت هناك عوامل أخرى في
حدود طبيعية قد تؤدي ،مثل الدافع الالواعي ،وفي مكانها ،إلى تصرفات خاطئة وأعراضية عن
طريق العالقات .ليست مهمتي أن أجيب على هذا السؤال.
منذ مناقشة األخطاء الخطابية كنا راضين عن إظهار أن األفعال الخاطئة لها دافع خفي،
ومن خالل التحليل النفسي تتبعنا طريقنا إلى معرفة دوافعها .الطابع العام وخصوصيات العوامل
النفسية التي ظهرت في هذه األعمال الخاطئة التي تركناها حتى اآلن دون اعتبار؛ وعلى أية حال،
لم نحاول تعريفها بدقة أكبر أو دراسة شرعيتها .كما أننا لن نحاول اآلن توضيحا شامال
للموضوع ،حيث أن الخطوات األولى علمتنا بالفعل أنه من الممكن إدخال هذا الهيكل من جانب
آخر .وهنا يمكننا أن نضع أمام أنفسنا بعض األسئلة التي سأستشهد بها في ترتيبهم.
( )1ما هو محتوى ومنشأ األفكار والمشاعر التي تظهر نفسها من خالل أفعال خاطئة
ومعقدة؟
( )2ما هي الشروط التي تجبر الفكر أو الشعور على االستفادة من هذه الحوادث كوسيلة
للتعبير ووضعها في موضع يسمح لها بالعمل بموجب المادة.
( )3يمكن إظهار الروابط الثابتة والمحددة بين طريقة الفعل الخاطئ والصفات التي يتم
التعبير عنها من خالله.
سأبدأ بجمع بعض المواد لإلجابة عن السؤال األخير .في مناقشة أمثلة أخطاء الكالم وجدنا
أنه من الضروري تجاوز محتويات الخطاب المقصود ،وكان علينا البحث عن سبب اضطراب
الخطاب خارج النية .وكان هذا األخير واضحا تماما في سلسلة من الحاالت ،كما عرف بوعي
المتحدث .في المثال الذي بدا بسيطا وشفافا ،كان المفهوم يبدو مماثال ولكنه مختلفا لنفس الفكرة،
والذي كان يزعج تعبيرها دون أن يتمكن أحد من أن يجزم لماذا استسلم االول ثم ظهر اآلخر إلى
السطح.
وفي مجموعة ثانية من الحاالت ،استسلم أحد التصورات لدافع غير قوي بما فيه الكفاية
ليتسبب في الغمر الكامل .وكان المفهوم الذي حجب يعرض بوضوح على الوعي .وال يمكننا إال
أن نؤكد دون تحفظ أن الفكرة المزعجة تختلف عن الفكرة المقصودة ،ومن الواضح أنها قد تميز
بإختالف جوهري .والفكرة المزعجة إما أن تكون مرتبطة باالنزعاج من خالل إرتباط فكري
(تشويش من خالل التناقض الداخلي) ،أو أنها غريبة إلى حد كبير عنها ،أو أن مجرد كلمة
مضطربة مرتبطة بالفكر المزعج من خالل إرتباط خارجي مفاجئ ،وهو في كثير من األحيان
غير واعي .في األمثلة التي أعطيتها من تحليالتي النفسية ،وجدت أن الخطاب كله إما تحت تأثير
األفكار التي أصبحت نشطة في نفس الوقت ،أو تحت األفكار الالواعية تماما التي تخون أنفسهم إما
من خالل االضطرابات نفسها ،أو التي تعطي تأثيرا غير مباشر بجعل بإمكان األجزاء الفردية من
الخطاب غير المقصود أن تشتت بعضها البعض .األفكار الالواعية المحتفظ بها والتي تنطلق منها
االضطرابات في الكالم من أصل أكثر تنوعا .وال تكشف الدراسة االستقصائية العامة عن أي إتجاه
محدد .فالفحوص المقارنة ألمثلة أخطاء القراءة والكتابة تقودني إلى نفس االستنتاجات .ويبدو أن
الحاالت المعزولة ،كما هي الحال في أخطاء الكالم ،مدينة بأصلها لعمل تكثفي غير محفوف (على
سبيل المثال ،آبيل) .ولكن ينبغي أن يسرنا أن نعرف ما إذا كان يجب عدم استيفاء شروط خاصة
لكي يتم هذا التكثف ،الذي يعتبر قانونيا في عمل األحالم والعيب في أفكارنا المستيقظة .وال يمكن
الحصول على أي معلومات تتعلق بذلك من األمثلة ذاتها .ولكنني أرفض من هذا أن استنتج أنه ال
توجد مثل هذه الظروف ،مثل إسترخاء االهتمام الواعي؛ فقد تعلمت في أماكن أخرى أن األفعال
التلقائية تتسم بشكل خاص بالصواب واالعتمادية .وأود أن أشدد على أن العالقات الطبيعية ،أو تلك
التي تقترب من الحالة الطبيعية ،هي ،كما يحدث في كثير من األحيان في علم األحياء ،أشياء أقل
مالءمة للتحقيق من تلك التي هي مرضية .وما يظل غامضا في تفسير هذه االضطرابات األكثر
بساطة سوف يتضح من خالل تفسير االضطرابات األكثر خطورة ،وفقا لتوقعي .كما أن األخطاء
في القراءة والكتابة ال تفتقر إلى األمثلة التي يمكن فيها التعرف على الدافع البعيد واألكثر تعقيدا .ال
شك أن االضطرابات التي تخلفها وظائف الخطاب تحدث بسهولة أكبر وتخفض الطلب على القوى
المزعجة مقارنة باألفعال النفسية األخرى.
فالفحوص المقارنة ألمثلة أخطاء القراءة والكتابة تقودني إلى نفس االستنتاجات .ويبدو أن
الحاالت المعزولة ،كما هي الحال في أخطاء الكالم ،مدينة بأصلها لعمل تكثفي غير محفوف (على
سبيل المثال ،القرداحة) .ولكن ينبغي أن يسرنا أن نعرف ما إذا كان يجب عدم استيفاء شروط
خاصة لكي يتم هذا التكثف ،الذي يعتبر منطقيا في عمل األحالم وعيبا خالل الوعي .وال يمكن
الحصول على أي معلومات تتعلق بذلك من األمثلة ذاتها .ولكنني أرفض من هذا أن استنتج أنه ال
توجد مثل هذه الظروف ،مثل استرخاء االهتمام الواعي؛ فقد تعلمت في أماكن أخرى أن األفعال
التلقائية تتسم بشكل خاص بالصواب واالعتمادية .وأود أن أشدد على أن العالقات الطبيعية ،أو تلك
التي تقترب من الحالة الطبيعية ،هي ،كما يحدث في كثير من األحيان في علم األحياء ،أشياء أقل
مالءمة للتحقيق فيها من تلك التي هي مرضية .وما يظل غامضا في تفسير هذه االضطرابات
األكثر بساطة سوف يتضح من خالل تفسير االضطرابات األكثر خطورة ،وفقا لتوقعي .كما أن
األخطاء في القراءة والكتابة ال تفتقر إلى األمثلة التي يمكن فيها التعرف على الدافع البعيد واألكثر
تعقيدا .ال شك أن االضطرابات التي تخلفها وظائف الخطاب تحدث بسهولة أكبر وتخفض الطلب
على القوى المزعجة مقارنة باألفعال النفسية األخرى.
ولكن المرء على أرض مختلفة عندما يتعلق األمر بدراسة النسيان بالمعنى الحرفي مثل
نسيان التجارب السابقة( .لتمييز هذا النسيان عن اآلخرين ،نسميهم بنسيان األسماء المألوفة
والكلمات األجنبية ،كما في الفصلين األول والثاني ،ب "الهفوات"؛ ونسيان القرارات على أنها
كما يذكرنا بحقيقة معروفة167. "إغفاالت" ).فالظروف الرئيسية للعملية العادية في النسيان غير
أنه ال ينسى كل شيء كما نعتقد .شرحنا هنا ال يتناول إال الحاالت التي يثير فيها النسيان دهشتنا،
بقدر ما ينتهك قاعدة أن غير المهم ينسى ،بينما المسألة الهامة تحرسها الذاكرة .وتحليل هذه األمثلة
على النسيان هو دائما عدم رغبة في تذكر شيء قد يثير مشاعر مؤلمة .وقد نأتي إلى التخمين بأن
هذا الدافع يسعى إلى التعبير في الحياة النفسية ،ولكنه يحجم عن اإلظهار بقوى أخرى وبقوى
مخالفة لذلك .والواقع أن مدى وأهمية هذا الكره في تذكر االنطباعات المؤلمة تبدو جديرة
بالتحريات النفسية األكثر تفصيال .والسؤال اآلن هو ما هي الشروط الخاصة التي تجعل من
الممكن حل مسألة النسيان في الحاالت الفردية من خالل االرتباطات اإلضافية.
هناك عامل مختلف يظهر إلى المقدمة في نسيان القرارات؛ فالصراع المفترض الذي يؤدي
إلى قمع الذاكرة المؤلمة يصبح ملموسا ،وفي تحليل األمثلة التي يعترف المرء عادة بإرادة مضادة
تعارضها لكنها ال تضع حدا للقرار .وكما حدث في الفعل الخطأ الذي تمت مناقشته سابقا ،فإننا هنا
ندرك أيضا نوعين من العملية النفسية :فإما أن يتحول الرد مباشرة ضد القرار (في النوايا التي قد
تترتب عليها بعض العواقب) أو أنه أجنبي وغريب إلى حد كبير عن القرار ذاته ويرسخ عالقته به
من خالل رابطة خارجية (في قرارات تكاد تكون غير مبال بها) .ويحكم نفس النزاع ظاهرة
األفعال المرتكبة خطأ .وكثيرا ما يكون الدافع الذي يظهر في االضطرابات التي يشهدها الفعل
دافعا عكسيا .إال أنه في أغلب األحوال يشكل دافعا غريبا ال يستفيد إال من الفرصة للتعبير عن
نفسه من خالل اضطراب في تنفيذ اإلجراء .الحاالت التي يكون فيها االضطراب نتيجة للتناقض
الداخلي هي األكثر أهمية ،كما أنها تعالج األنشطة األكثر أهمية.
ومن الممكن إستخالص إستنتاج مهم من هذا التوليفة :إن األسلوب الغريب في العملية،
والذي نستطيع أن نتعرف على أكثر وظائفه إثارة للدهشة في محتوى الحلم ،ال ينبغي لنا أن نحكم
عليه فقط بالحالة النائمة للوعي عندما نمتلك أدلة وفيرة على نشاطه أثناء فترة االستيقاظ في هيئة
تصرفات خاطئة .كما أن نفس الصلة تمنعنا من افتراض أن هذه العمليات النفسية التي تبهرنا بأنها
الوظيفة168. غير طبيعية وغريبة تتحدد باإلنحالل العميق للنشاط النفسي أو بحالة من سوء
إن الفهم الصحيح لهذا العمل النفسي الغريب الذي يسمح لألفعال الخاطئة بأن تنشأ مثل
صور األحالم لن يكون ممكنا إال بعد أن نكتشف أن األعراض النفسية العصبية ،وخاصة
التكوينات النفسية للهيستيريا والعصابة المعقدة ،تكرر في آلياتها كل السمات األساسية لهذا النمط
من العمليات .ولذلك فإن مواصلة تحقيقنا يجب أن تبدأ في هذه المرحلة.
وال تزال هناك مصلحة خاصة أخرى لنا في النظر إلى األفعال المغلوطة والصدف
واألعراض في ضوء هذا القياس األخير .وإذا قارناها بوظيفة الجهاز العصبي المركزي وأعراض
األعراض العصبية ،فإن الجملتين المتضادتين في كثير من األحيان تكتسبان قدرا عظيما من الحس
والدعم أو على وجه التحديد ،أن خط الحدود بين الحاالت المتوترة ،والطبيعية ،وغير الطبيعية غير
واضح ،وأننا جميعا نشعر بالتوتر بعض الشيء .وبصرف النظر عن كل الخبرات الطبية ،فقد يجد
المرء أنواعا مختلفة من مثل هذه العصبية التي بالكاد توحي بالعصبية ،وهي التشوهات العصبية.
وقد تظهر في بعض الحاالت أعراض قليلة ،أو قد تظهر نفسها نادرا أو باعتدال؛ ويجوز نقل
التمدد إلى العدد أو الكثافة أو إلى التوسع الزمني للتجلي المؤثر .وقد يحدث أيضا أن هذا النوع
فقط ،الذي يشكل االنتقال األكثر تكرارا بين الصحيح والمريض ،لذا قد ال يتم اكتشافه أبدا .ويتميز
نوع االنتقال ،الذي تأتي مظاهره الرديئة في شكل تصرفات خاطئة وأعراضية ،بحقيقة أن
األعراض تتحول إلى أقل األنشطة النفسية أهمية ،في حين أن كل ما يمكن أن يدعي أنه أعلى قيمة
نفسية ال يزال خاليا من االضطرابات .وعندما يتم التخلص من األعراض بطريقة عكسية -أي
عندما تظهر في أهم األنشطة الفردية واالجتماعية بطريقة تعكر وظائف التغذية والعالقات الجنسية
والحياة المهنية واالجتماعية -فإن هذا التصرف يوجد في الحاالت الشديدة للعصابيين ،وربما يكون
أكثر سمات هذه األخيرة في حاالت الوسواس القهري .ولكن الطابع المشترك ألكثر الحاالت حدة،
فضال عن أقسى الحاالت ،التي تسهم فيها األفعال المغلوطة والصدفة ،يكمن في القدرة على إحالة
هذه الظاهرة إلى مواد غير مرحب بها وقمعها ،وإن كانت قد دفعت بعيدا عن الوعي ،فإنها مع ذلك
ستجد الطريقة التي تقوم بالتعبير بها عن نفسها.
Notes
[←]1
ديدو وأينيس هي أوبرا مكونة من مقدمة وثالثة فصول كتبها الملحن اإلنجليزي الباروكي هنري بورسيل مع نص
ليبريتو من تأليف ناحوم تيت مأخوذة عن احدى كتابات فيرجل.
[←]2
أي ان الكلمة التي نسيت هي بشخصك ترجمة هذا المقطع تعني "فلتقم (بشخصك) من عظامنا لتكون منتقًم ا"
[←]3
هذه هي الطريقة المعتادة إلحضار األفكار المخفية إلى الوعي .راجع تفسير األحالم ،ص -83الفصل ،4ترجمة
أ.أ.بريل ،شركة ماكميالن ،نيويورك ،وألين ،لندن.
[←]4
كان سيمون الترينتي ،المعروف أيًضا باسم سيمون ،صبًيا من مدينة ترينت ،في االمارة األسقفية لترينت ،حيث
تم إلقاء اللوم على اختفائه ووفاته على قادة المجتمع اليهودي في المدينة ،بناًء على اعترافات اليهود التي تم
الحصول عليها من خالل التعذيب الذي فرضته عليهم المحكمة.
[←]5
كاتب الماني ()1914-1845
[←]6
بعد مراجعة هذا المثال تبين لي بانه لم يكن هنالك فارق كبير بين المقدمات والنتائج في تحليلي لمثالي سنيوريلي
ومثال ضمير شخص في الالتينية التي نساها الشاب.
هنا أيًضا ،يبدو أن النسيان كان مصحوًبا بإيجاد كلمات بديلة.
عندما سألت رفيقي فيما بعد عما إذا كان في محاولته لتذكر الكلمة المنسية لم يفكر في بعض االستبدال ،أخبرني
أنه كان يميل في البداية إلى وضع حرف
)(ab
في المقطع:
)(nostris ab ossibus
( (aliquisربما الجزء المفكك من
وبسبب كونه مشككا ،أضاف أن ذلك يرجع على ما يبدو إلى حقيقة أنها كانت الكلمة األولى في المقطع .لكن عندما
طلبت منه أن يركز انتباهه على الكلمات المشابهة أعطاني كلمة طرد األرواح الشريرة
(exorcism).
هذا يجعلني أعتقد أن قوة الكلمة
)(exoriare
في التحليل له بالفعل قيمة في مثل هذا االستبدال .ربما جاء ذلك من خالل افتراض طرد األرواح الشريرة من
أسماء القديسين .ومع ذلك ،فهذه تحسينات على التحليل ال تحتاج إلى وضع أي اضافة .يبدو اآلن من الممكن
تماًم ا القول بأن ظهور أي نوع من الكلمات البديلة (والتي قد تكون عميقة ومضللة) هو حالة ثابتة للنسيان
المتعمد الذي يحركه قمع األفكار .قد يؤدي هذا االستبدال أيًضا إلى تقوية التفكير بعنصر مشابه للعنصر الذي
تم محاولة قمعه ،حتى في حالة فشل األسماء البديلة غير الصحيحة في الظهور .وهكذا ،في مثال سنيوريلي،
طالما ظل اسم الرسام بعيًدا عني ،على الرغم من كوني لدي أكثر من ذاكرة بصرية واضحة لتقوس لوحاته
الجدارية وصورته الشخصية في الزاوية؛ على األقل كانت أكثر كثافة من أي آثر أخر للذاكرة البصرية .في
حالة أخرى ،ذكرت أيًضا في مقالتي عام ،١٨٩٨بأنني كنت قد نسيت اسم الشارع والعنوان المرتبطين
بزيارة غير محببة قمت بها في مدينة غريبة ،ولكن -وكما لو كان األمر يسخر مني -بدا رقم المنزل واضًح ا
بشكل غريب ،في حين أن األرقام عادة ما تسبب لي صعوبة في التذكر.
[←]7
لست مقتنًعا تماًم ا بعدم وجود اتصال داخلي بين سرياني االفكار في حالة سنيوريلي .من خالل متابعة الفكر
المكبوت فيما يتعلق بموضوع الموت والحياة الجنسية ،يواجه المرء فكرة تظهر عالقة واضحة مع اللوحات
الجدارية ألورفيتو.
[←]8
يقصد الحوارية مع الشاب
[←]9
أبراهام أردن بريل ( )1948-1874طبيب نفسي نمساوي المولد
[←]10
جون كيتس ،شاعر رومانسي إنجليزي(.)1821-1795
[←]11
كارل جوستاف يونج طبيب نفسي ومحلل نفسي سويسري أسس علم النفس التحليلي (.)1961-1875
[←]12
A Pine-tree Stands Alone
[←]13
تعني مبدأ او قاعدة
[←]14
فرانز ريكلين ،كارل يونج ،يوجين بليولر
[←]15
ترجمتها اعصاب
[←]16
اللصوص هي الدراما األولى للكاتب المسرحي األلماني فريدريش شيلر.
[←]17
علم النفس في الخرف المبكر ص.45 .
[←]18
Halfوyoung
[←]19
Pierre Gassendi
[←]20
magna cum laude
[←]21
كان ساندور فيرينزي محلال نفسيا مجريا ،ومنظرا رئيسيا لمدرسة التحليل النفسي ،وزميال مقربا لسيغموند فرويد
[←]22
Tuileries battle-معركة تويليرس
[←]23
من باب علم الفراسة
[←]24
caput mortuumتعني راس الموتى في الالتينية
[←]25
kapzoi
]26←[
Capua and Veronaas
]27←[
يوليوس جاكوب فون هايناو
]28←[
تعني طالبÉlève
]29←[
löwen
]30←[
Zentralb. t. Psychoanalyse, I. 9, 1911
]31←[
"Analyse eines Falles von Namenvergessen," Zentralb. f. Psychoanalyse,
Jahrg. II, Heft 2, 1911.
]32←[
Monatschrift f. Psychiatrie u. Neurologie. 1899
]33←[
تقدم. وتشير إلى أن ذلك يرجع إلى عدم توفر الذاكرة،اإلزاحة تسعى إلى تفسير النسيان في الذاكرة قصيرة المدى
.نظرية النزوح تفسيرا بسيطا جدا للنسيان
]34←[
"Enquête sur les premiers souvenirs de l'enfance." L'Annêe psychologique, iii.,
1897.
]35←[
"Studyof Early Memories,"' Psychological Review, 1901.
]36←[
Visuels
]37←[
Auditifs
[←]38
Moteurs
[←]39
جان مارتن شاركو هو من درس وحدد هذه االليات.
[←]40
""boxed in.
[←]41
Paraphasias
[←]42
Meringer and C. Mayer
[←]43
the shoes made her sorft, or, the shoes made her feet sore
[←]44
Montenegro
[←]45
Neue Freie Presse, August 23, 1900: "Wie man sich versprechen kann
[←]46
Wundt
[←]47
Völker psychologie, vol. I., pt. I., p. 371, ect., 1900
[←]48
وتبين أنها كانت تحت تأثير األفكار الواعية المتعلقة بالحمل ومنع الحمل .فبكلمات " أغلق كسكين جيب" ،التي
تنطق بها بوعي كشكوى ،قصدت أن تصف وضع الطفل في الرحم .ذكرت لها كلمة "ايرنست" في مالحظتي
باسم (س .إرنست) اذ ان شركة فيينا المعروفة لألعمال التجارية في كارتنر ستراسي ،التي كانت تعلن عن
بيع مواد لمنع الحمل.
[←]49
" "the man in the boxبدال من" "the manx in the boc.قالت
]50←[
" بدال منmountain lane."" قالتNear the mountain loin"
]51←[
"I don't know, Ionly (lonley) see him now in flagranti."
]52←[
السفلس او الزهري
]53←[
cultivate وذكرت أيضا كلمةcaptivate لكنها ارادت قولcuptivateقالت
]54←[
straitlaced
]55←[
straicet-brazed
]56←[
Wilhelm Stekel
]57←[
يستخدم اليقاف االسهال
]58←[
إشارة للتواصل الجنسي
]59←[
Zentralb. f. Psychoanalyse, ii., Jahrg. I. Cf. also Brill's Psychanalysis: Its
Theories and Practical Application, p. 202. Saunders, Philadelphia and
London.
]60←[
المترجم
]61←[
, أوتو رانك كاتب و محلل نفسي نمساوي
]62←[
Alfred Ernest Jones, Papers on Psycho-analysis
]63←[
“Ce qu’on conçoit bien Sénonce clairement, Et les mots pour le dire Arrivent
aisément.” Boileau, Art Poétique.
]64←[
Experimental Investigations of "Music Phantoms, by Ruth.
]65←[
الموسيقى التي يسمعها الوعي في الدماغ
]66←[
Grünem Heinrich
]67←[
The Interpretation of Dreams, p. 208.
]68←[
Storks بدال منStocks
]69←[
Bleuler, Affektivität Suggestibilität,Paranoia, p. 121, Halle. Marhold, 1906.
]70←[
blood corpuscles
]71←[
:ثمة حالة مماثلة تحدث في مسرحية يوليوس
.اسمي سينا:"سينا
." بغض النظر؛ اسمه سينا؛ اقلع االسم من قلبه واتركه يذهب:بورغر
]72←[
احد أنواع الغزالن
[←]73
Wicked bible of 1631.
[←]74
Nerrبدل herr
[←]75
Ethylبدال من Ethel
[←]76
Zentralbl. f. Psychoanalyse,i. 12.
[←]77
Effective
[←]78
Ueber die Sbrache
[←]79
Brill, loc. cit., p. 197.
[←]80
Cui bono
[←]81
إذا تساءلنا عما إذا كان قد اصيب بعدوى الذعة قبل عشر أو خمس عشرة سنة ،فمن غير الممكن ان ننسى ان
المريض بطريقة نفسية نظر إلى هذا المرض بطريقة مختلفة تماما عما هو عليه ،لنقل ،هجوم حاد من
الروماتيزم .وفي العذر الذي يقدمه اآلباء عن بناتهم العصبيات ،ال يمكن بأي درجة من اليقين التمييز بين
الجزء المنسي عن ذلك الخفي ،ألن أي شيء يحول دون زواج الفتاة في المستقبل يتم وضعه جانبا بشكل
منهجي من قبل الوالدين ،أي أنه يصبح قمعا .أخبرني رجل فقد مؤخرا زوجته الحبيبة بسبب التهاب الرئتين
الحالة التالية من تضليل الطبيب ،والتي ال يمكن تفسيرها إال بنظرية مثل هذا النسيان" .بما أن التهاب مرضي
زوجتي لم يختف بعد أسابيع عديدة ،تم استدعاء الدكتور للتشاور .وبينما كان يأخذ التاريخ ،طرح بعض
األسئلة المعتادة عما إذا كانت هناك أي حاالت مشاكل الرئة في عائلة زوجتي .نفت زوجتي أي حالة من هذا
القبيل ،وحتى أنا شخصيا لم أستطع أن أتذكر أي حالة .بينما كان الدكتور يغادر الحديث بالصدفة إلى
الرحالت ،فقالت زوجتي :نعم ،حتى الى الندجيرسدورف ،حيث دفن أخي المسكين ،الرحلة طويلة .توفي هذا
االخ قبل نحو خمس عشرة سنة بعد ان عانى لسنوات من السل .كانت زوجتي مولعة به جدا ،وكثيرا ما
تحدثت عنه .والواقع أنني أتذكر أنها عندما تم تشخيص مرضها على أنه مرض يبعث على القلق الشديد علقت
بحزن :توفي أخي أيضا بسبب مشاكل في الرئة .لكن الذاكرة كانت مكبوتة جدا لدرجة انه حتى بعد الحديث
المذكور آنفا عن الرحالت لم ترى الحاجة لتصحيح معلوماتها المتعلقة باألمراض في عائلتها .لقد شعرت
شخصيا بالضيق من هذا النسيان في اللحظة التي بدأت فيها الحديث عن الندجيرسدورف .وهناك تجربة
مماثلة تماما ترتبط بإرنست جونز في عمله .قال لها طبيب عانت زوجته من مرض في البطن الغامض :إنه
لمن المريح أن تفكر أنه لم يكن هناك مرض السل بين أفراد أسرتك .التفتت اليه بهتاف شديد وقالت" :هل
نسيت ان امي ماتت بمرض السل ،وان أختي تعافت منها فقط بعد ان استسلم االطباء؟ "
[←]82
خالل األيام التي كنت فيها أكتب هذه الصفحات ،حدثت لي حالة تكاد ال تصدق من النسيان .في األول من يناير/
كانون الثاني ،فحصت مالحظاتي حتى أتمكن من إرسال فواتيري .في شهر يونيو ،عرفت اسم م .ل ،ولم
أستطع تذكر الشخص الذي ينتمي إليه .تفاجأت عندما الحظت من كتبي أنني عالجت الحالة في المصحة ،وأنه
منذ أسابيع كنت قد اتصلت بالمريض يوميا .ونادرا ما ينسى الطبيب المريض الذي يعالجه في ظل هذه
الظروف في غضون اقل من ستة أشهر .سألت نفسي إن كان يمكن أن يكون الرجل قضية غير مهمة؟
وأخيرا ،فإن المالحظة حول الرسوم التي تم الحصول عليها جلبت إلى ذاكرتي كل المعرفة التي تحاول
خداعي .كانت فتاة في الرابعة عشرة من العمر ،كانت الحالة األكثر إبهارا في السنوات األخيرة ،حالة علمتني
درسا من غير المرجح أن أنساه أبدا ،قضية أعطتني اثناءها الكثير من الساعات المؤلمة .أصيبت الطفلة
بهستيريا ال لبس فيها ،تحسنت بسرعة ودقة تحت رعايتي .بعد هذا التحسن ،أخذ اآلباء الطفلة مني .وال تزال
تشتكي من آالم البطن التي أدت دورا في أعراض الهيستيريا .وبعد شهرين توفيت بسبب قرحة في الغدد
البطنية .كانت الهيستريا التي تفوقت عليها كثيرا ،تعتبر تشكيل الورم عامال استفزازيا ،وأنا مفتون بمظاهر
الهيستريا الصاخبة والغير مؤذية ،ربما تغاضيت عن أول عالمة تدل على المرض الخفي والعديم الشفاء.
[←]83
فقد جمع أ .بيك مؤخرا عددا من المؤلفين الذين يدركون قيمة تأثير العوامل الفعالة على الذاكرة ،والذين يدركون
بوضوح إلى حد ما أن الكفاح الدفاعي ضد األلم من الممكن أن يؤدي إلى النسيان .ولكن ال أحد منا كان قادرا
على تمثيل هذه الظاهرة وتصميمها الذهني على نحو شامل ،وفي نفس الوقت على نحو فعال ،كما فعل نيتشه
في أحد أقواله" :لقد فعلت ذلك "،تقول ذاكرتي .ويقول فخري :لم أكن ألستطيع أن أفعل ذلك ،البقى محبطا.
وأخيرا ،تنتج ذاكرتي.
[←]84
Cf. Hans Gross, Kriminal Psychologie, 1898.
[←]85
في سيرة داروين الذاتية يجد المرء المقطع التالي الذي ينسب الفضل إلى صراحته العلمية ولغته النفسية" :كنت
خالل سنوات عديدة أتبع قاعدة ذهبية ،وهي أنه كلما صادفت حقيقة منشورة ،مالحظة أو فكر جديد ،مما
يتعارض مع نتائجي العامة ،وضعت كمذكرة في نفس الوقت؛ فقد وجدت من خالل التجربة أن مثل هذه
الحقائق واألفكار أكثر قدرة على الفرار من الذاكرة من تلك المفضلة".
[←]86
Joyeux
[←]87
Joyeuse
[←]88
Der Künstler, Versuch einer Sexualpsychologie
[←]89
Ansätze zu einer Sexualpsychologie
[←]90
’‘Ansätzeبدال من’’Versuch
[←]91
Cf. Bernheim, Neue Studien über Hypnotismus, Suggetion und Psychotherapie,
1892.
[←]92
الشباب المتعلمين الذين يمكنهم النجاح في االمتحانات ودفع تكاليف الخدمة يخدمون سنة واحدة بدال من الخدمة
اإللزامية لمدة سنتين.
[←]93
في مسرحية برناردشو ،يصور عدم اكتراث قيصر وكليوباترا بكليوباترا وهجومها السافر بسبب مغادرة مصر
وكأنه لم ينسى شيء .وأخيرا تمكن من تذكر ما نسي أال وهو كليوباترا نفسها وهذا بكل تأكيد يتفق تماما مع
الحقيقة التاريخية .كم فكر قيصر في االميرة المصرية!
[←]94
فالمرأة ،بفهمها الدقيق للعمليات العقلية الالواعية ،هي ،كقاعدة عامة ،أكثر قابلية لإلساءة عندما ال نعرفها في
الشارع ،وبالتالي عدم تحيتها ،وعدم قبولها أكثر التفسيرات وضوحا ،انهماك الشخص في التفكير وبأنه لم
يراها .ويستنتجون أنهم كانوا سيالحظون بالتأكيد لو لم يتجاهلوا.
[←]95
يخبرنا الدكتور فيرينزي أنه شخص مشتت بنفسه ،وقد اعتبره أصدقاؤه غريبا بسبب تواتر غرابة فشله .ولكن
عالمات هذا النوع من عدم االهتمام اختفت تقريبا منذ بدأ يمارس التحليل النفسي مع المرضى ،واضطر إلى
تحويل انتباهه إلى تحليل غروره .وهو يعتقد أن المرء ينبذ هذه اإلخفاقات عندما يتعلم المرء أن يمدد بما هو
أكبر من مسؤوليات نفسه .ولذلك فهو يؤكد عن حق أن التشتت هو حالة تعتمد على الذكريات الالواعية،
ويمكن عالجه بالتحليل النفسي .ذات يوم كان يعير نفسه الرتكابه خطأ فنيا في التحليل النفسي لمريض ،وفي
هذا اليوم ظهرت كل ملهياته السابقة .وقد تعثر أثناء سيره في الشارع ،ونسى دفتر جيبه في المنزل ،ولم يكن
لديه األجرة الكافية للتنقل ،ولم يكوي مالبسه بشكل صحيح ،إلخ.
ويعلق إي .جونز على ذلك :واضاف غالبا ما تكون المقاومة ذات امر عام .وهكذا ينسى رجل مشغول ان
يرسل اليه رسالة من زوجته ،تماما كما قد "ينسى" ان يقوم بأوامر التسوق.
[←]96
Neurasthenic
[←]97
من أجل وحدة الموضوع أود أن أحيد هنا عن التبرير المقبول ،وأضيف أن للذاكرة البشرية تحيز معين فيما يتعلق
بمسائل المال .وكثيرا ما تكون استذكارات زائفة بأنها دفعت بالفعل شيئا كبيرا للغاية ،كما أعرف من التجربة
الشخصية .عندما يتم منح السلطة للنوايا الخبيثة خارج المصالح الجادة للحياة ،عندما يتم االنغماس فيها في
روح المرح ،كما في اللعب بالبطاقات ،عندها نجد أن أكثر الشرفاء يظهر ميال للخطيئة واألخطاء في الذاكرة
والحسابات ،ودون أن يدركوا كيف ،يجدون أنفسهم متورطين في عمليات االحتيال الصغيرة .إن مثل هذه
الحريات تعتمد في جزء بسيط منها أيضا على الشخصية المنعشة ذهنيا في اللعب .فالقول إننا في اللعب يمكن
ان نتعلم شخصية الشخص يمكن ان نعترف إذا كان بإمكاننا اضافة "الشخصية المكبوتة" .وإذا ارتكب النادل
في أي وقت من األوقات أخطاء غير مقصودة ،فمن الواضح أن ذلك يرجع إلى نفس اآللية .ومن بين التجار
نستطيع أن نالحظ في كثير من األحيان تأخيرا معينا في دفع مبالغ من المال ،في دفع الفواتير وما إلى ذلك،
وهو ما ال يحقق الربح للمالك وال يمكن فهمه نفسيا إال على أنه تعبير عن إرادة مضادة ضد التخلي عن المال.
[←]98
Grenzfragen des Nerven - und
[←]99
وفي منشور ثان لميرنجر ،اتضح لي الحقا كم كنت ظالما جدا لهذا الكاتب عندما نسبت إليه فهما كثيرا.
[←]100
Ataxia
[←]101
Cortical Ataxia
[←]102
Contrib. à la psychopathologie de la vie quotidienne," Arch.de Psychol., vi.,
1906
[←]103
Jones, loc. cit., p. 79.
[←]104
فينوس ميديتشي:تمثال الفروديت
[←]105
Busch
[←]106
آه! زهرة ميديشي ضاعت!
[←]107
”“When a maiden falls, she falls on her back
[←]108
حلم أوديب كما كنت أريد أن أسميه ،ألنه يحتوي مفتاح فهم أسطورة الملك أوديب .وفي نص سوفوكليس ،توضع
عالقة هذا الحلم في فم جوكاستا.
[←]109
Digitalisبدال من ال Hyoscine
[←]110
New York Medical Journal, September, 1912. Reprinted in large form as
Chapter X of Psychoanalysis, etc., Saunders. Philadelphia.
[←]111
فضال عن ذلك فإن اإلصابة التي يحدثها الذات والتي ال تميل بالكامل إلى اإلبادة الذاتية لم يكن لها أي خيار آخر
في حالتنا الحضارية الحالية أكثر من االختباء خلف العارض ،أو االنغماس في محاكاة لألمراض العفوية .في
السابق ،كانت عالمة حداد عرفية ،عبرت في أحيان أخرى عن نفسها في أفكار التقوى والتخلي عن العالم.
[←]112
Cancan
[←]113
وتتطابق القضية بعد ذلك مع هجوم جنسي على امرأة ،حيث ال يمكن درء هجوم الرجل من خالل القوة العضلية
الكاملة للمرأة ،ألن جزءا من المشاعر الالواعية التي يوجهها الشخص المهاجم يقابله بقبول جاهز .من المؤكد
أن مثل هذا الموقف يشل قوة المرأة؛ وال نحتاج إال إلى إضافة أسباب هذا الشلل .وبقدر ما كان الحكم الباهر
الذي صدر عن سانشو بانزا ،والذي أعلن عنه بوصفه حاكما للجزيرة ،ظالما من الناحية النفسية (دون
كيشوت ،المجلد الثاني .الفصل الخامس .امرأة نقلت امام القاضي رجل كان من المفترض ان يسرق شرفها
بقوة العنف .وقد عوضها سانشو بحقيبة كاملة أخذها من المتهم ،ولكن بعد خروج المرأة سمح للمتهم
بمالحقتها وانتزاعها من حقيبتها .كالهما عاد للمصارعة ،المرأة افتخرت لسانشو بأن الشرير لم يستطع اخذ
الحقيبة .فتكلم سانشو :ولو كنت قد أظهرت نفسك جشعا وبأسا للدفاع عن جسدك (بل وحتى نصفه) كما فعلت
للدفاع عن حقيبتك ،لما أجبرتك قوة هرقل).
[←]114
ومن الواضح أن حالة ميدان المعركة هي تلبية شرط النية االنتحارية الواعية التي تجنبت مع ذلك الطريقة
المباشرة .راجع في فالينشتاين كلمات القبطان السويدي بشأن وفاة ماكس بيكوليني" :يقولون إنه يرغب في
الموت".
[←]115
"Selbstbestrafung wegen Abortus von Dr. J. E. G. van Emden," Haag (Holland),
Zentralb. f. Psychoanalyse, ii, 12.
[←]116
Quack
[←]117
Doctor of Rightsوتعني طبيب اليمين أو الحقوق.
[←]118
"Beitrag zur Symbolik im Alltag von Ernest Jones," Zentralb. f. Psychoanalyse,
i. 3, 1911
[←]119
وقد أظهرت األبحاث التحليلية النفسانية ،مع انتشار فقدان الذاكرة لدى األطفال ،أن هذا التطور السابق ألوانه
الواضح أقل من كونه حدثا غير طبيعي مقارنة بما كان مفترضا من قبل.
[←]120
إشارة جنسية
[←]121
مصطلح "األسئلة الطبية" هو محيط مشترك ل "المسائل الجنسية".
[←]122
Nibelung Saga
[←]123
Richelieu
[←]124
قارن أولدهام" :أنا أرتدي قلمي كما يفعل اآلخرون مع سيوفهم".
[←]125
Pentomicويقصد بها ايحائية بدون كالم
[←]126
Hans Sachs
[←]127
Bernh. Dattner
[←]128
الرموز المقدسة
[←]129
Maeder, "Contribution a la psychologie de la vie quotidienne," Arch. des
psychologie, T. vi. 1906.
[←]130
Eleanora Duse
[←]131
هذه مجموعة صغيرة أخرى من مختلف األعراض في األشخاص الطبيعيين والعصابيين.
. 1زميل مسن ال يحب أن يخسر بأوراق اللعب كان عليه أن يدفع في مساء ما مبلغا ضخما من المال نتيجة
لخسارته؛ قام بذلك دون شكوى ،ولكن بمزاج غريب .بعد مغادرته ،تبين انه ترك في هذا المكان تقريبا كل ما
كان معه ،النظارات ،السيجار ،ومنديله! وسيترجم ذلك بسهولة إلى الكلمات التالية" :لقد نهبوني اللصوص
بشكل لطيف".
. 2ويروي رجل يعاني من عجز جنسي عرضي ،له أصله في تصوراته للعالقة الحميمة مع والدته خالل
طفولته ،أنه عادة يرسم ويكتب في كراساته ومذكراته الحرف س ،وهو الحرف األول السم امه .وال يمكنه أن
يحمل فكرة أن الرسائل القادمة من بيته تأتي على اتصال بمراسالت أخرى غير "مقدسة" بالنسبة له ،وبالتالي
يجد أنه من الضروري إبقاء الرسائل منفصلة.
. 3وفجأة تفتح امرأة صغيرة باب غرفة االستشارات فيما ال يزال سلفها حاضرا .اعتذرت على أساس انها
"لم تفكر"؛ وسرعان ما كشفت عن فضولها الذي جعلها في وقت سابق تدخل إلى غرفة نوم والديها.
. 4الفتيات الفخورات بشعرهن الجميل يعرفن جيدا كيف يستخدمن دبابيس الشعر ،مع ذلك فان شعرهن في
خضم الحديث يكون اغلب األحيان محلوال.
. 5أثناء العالج (في الوضع الذي يحسون معه بالتقصير) يشتت بعض الرجال اهتمامهم عن جيوبهم وتسقط
منهم بعض االموال ،وبالتالي يدفعون ضمنا ثمن ساعة العالج؛ ويتناسب المبلغ المبعثر مع تقديرهم للعمل.
. 6إن كل من ينسى االشياء في مكتب الطبيب ،مثل نظارات العين ،والقفازات ،والحقائب ،يشير عموما إلى
أنه ال يستطيع أن يغادر ويتوق إلى العودة قريبا .يقول إرنست جونز" :يمكن للمرء أن يقيس تقريبا مدى نجاح
الطبيب في ممارسة العالج النفسي ،على سبيل المثال ،من خالل حجم المفقودات لديه خالل شهر.فأبسط
العادات واألفعال التي يتم القيام بها بأقل قدر من االهتمام ،مثل ضبط الساعة قبل أن يخلد للنوم ،وإطفاء
األضواء قبل مغادرة الغرفة ،وما إلى ذلك ،تتعرض أحيانا الضطرابات تظهر بوضوح تأثير عقد الالوعي،
وتحديدا االضطرابات التي يعتقد أنها أقوى "العادات".
. 7في مجلة "كونوبيوم" ،يتناول ميدر طبيبا في المستشفى كان يرغب ،بسبب مسألة مهمة ،في الوصول إلى
المدينة في ذلك المساء ،رغم أنه كان في الخدمة ولم يكن له حق مغادرة المستشفى لكنه غادر .وفي عودته
الحظ دهشته لوجود ضوء في غرفته .عند مغادرته الغرفة نسي أن يطفئها ،شيء لم يحدث من قبل .ولكنه
سرعان ما أدرك الدافع وراء هذا النسيان .البد أن رئيس المستشفى الذي كان يعيش في منزل األطباء قد
استنتج من النور في الغرفة أنه في المستشفى.
. 8رجل مثقل بالمخاوف وخاضع لالكتئاب أحيانا أكد لي أنه ينسى أن يضبط منبه ساعته في تلك األمسيات
عندما تبدو الحياة صعبة وغير ودية .وفي هذا االمتناع عن ضبط ساعته عبر بشكل رمزي عن أن األمر
يتعلق بعدم االكتراث ان كان يعيش ليرى اليوم التالي.
. 9وكتب رجل آخر لم يكن معروفا شخصيا لي" :بعد ان صدمت بمصيبة رهيبة ،بدت الحياة قاسية جدا وغير
متعاطفة ،حتى انني تخيلت انه ليس لدي قوة كافية للعيش ألرى اليوم التالي .ثم الحظت أنني نسيت أن أظبط
ساعتي كل يوم تقريبا ،وهو أمر لم أغفله عنه من قبل قط .كنت عادة أقوم بذلك بانتظام قبل أن أتوقف بطريقة
ميكانيكية وغير واعية تقريبا .نادرا ما فكرت في ذلك ،لكن عندما كان لدي شيء مهم لليوم التالي والذي كان
يثير اهتمامي تذكرت ظبط ساعتي" .هل ينبغي إعتبار ذلك عرضا؟ ال أستطيع شرحه حقا.
. 10أيا كان الشخص الذي سيواجه المشكلة ،مثل يونج ،أو مولدر العطي اهتماما لألنغام التي يهمهم المرء
بها بداخله دون قصد ودون وعي ألنه سوف يكتشف بطريقة ما عالقة نص اللحن بقضية تشغل الشخص في
ذلك الوقت.
[←]132
Das Verlieren als Symptom-handlung," Zentralb. f. Psychoanalyse, i. 10-11.
[←]133
Translated by A. A. Brill. The Macmillan Company, New York; George Allen
Company, London.
[←]134
هذا ليس خطأ كامال .وفقا للصيغة المعدلة لألسطورة ،تم تقليل الشأن من قبل زيوس على والده كرونوس.
[←]135
كان فرويد يهوديا
[←]136
Adolf Fischof
[←]137
أي انها أرسلت رسالة لشخص اخر تقول له انها غير راضية عن الطبيب
[←]138
Loc. cit., p. 191.
[←]139
Nouvelles contributions, etc., Arch. de Psych., vi. 1908.
[←]140
Loc. cit., p. 42.
[←]141
Zentralb.f. Psychoanalyse, ii. 9.
[←]142
وقد ظهر هذا الفعل المستمر في الالوعي مرة في شكل حلم يتبع الفعل الخاطئ ،ومرة أخرى في تكرار ذلك أو في
إغفال التصحيح.
[←]143
Alfred Adler, "Drei Psychoanalysen von Zahlen einfällen und obsedierenden
·Zahlen," Psych. Neur. Wochenschr., No. 28, 1905
[←]144
Kotzebue's play Menschenhass und Reu
[←]145
The Guilt, 1813, by Adolf Müllner
[←]146
Goethe's Faust, 1829
[←]147
فوست أراد المعرفة فاتفق مع الشيطان على بيع روحه.
[←]148
وكتفسير لماكبث ،رقم ،17أعلمني الدكتور أدلر أن الرجل في عامه السابع عشر انضم هذا إلى مجتمع فوضوي
اناركي كان هدفه قتل األعداء ومحو وجودهم .ربما هذا هو السبب في نسيانه مضمون مسرحية ماكبث .نفس
الشخص اخترع في ذلك الوقت شفرة سرية حيث األرقام تحل محل الحروف.
[←]149
كانه يقول انه 7من 27و 6من 26لكن 10اخذت من 27واضيفت لـ 26أخيه لتصبح 17و 36لتعظيم
الفرق.
[←]150
For the sake of simplicity, I have omitted some of the not less suitable thoughts
of the patients.
[←]151
Loc. cit., p. 36.
[←]152
"Ein Beitrag zur Kenntnis des Zahlentraumes," Zentralb. f. Psychoanalyse, i. 12.
[←]153
"Unconscious Manipulation of Numbers" (ibid., ii. 5, 1912).
[←]154
Carrefour
[←]155
أزمات التنفس الحاد العصبية
[←]156
هذا مثال ممتاز آخر يظهر كيف أن النية الواعية كانت عاجزة عن مواجهة المقاومة الالواعية
[←]157
قلبي
[←]158
الكالم ال يزال على لسان بريل(المترجم)
[←]159
The pilgrim, Uhland.
[←]160
والواقع أن هذه المفاهيم من الحتمية الصارمة في التصرفات تبدو تعسفية وأثمرت بالفعل في علم النفس وربما
أيضا في إدارة العدالة .وقد استوعب بليولر ويونج بهذه الطريقة رد الفعل فيما يسمى بتجارب االرتباط ،حيث
يجيب الشخص المختبر على كلمة معينة تحدث له (رد فعال تحفيزي) ،في حين أن الوقت يمضي بين كلمة
التحفيز واإلجابة يقاس (وقت رد الفعل) .وقد اظهر يونج في كتابه "التشخيص" ،١٩٠٦ ،أي عامل جيد
للظواهر النفسية التي تظهرها هذه التجربة .وقد طور من هذه التجارب ثالثة طالب في علم الجريمة ،هم
غروس ،من براغ ،وفيرثيميار وكيين ،تقنية لتشخيص الحقائق (تشخيصات الجرائم) في الحاالت الجنائية،
التي يخضع فحصها اآلن من قبل علماء النفس والمختصين.
[←]161
وانطالقا من وجهة نظر أخرى ،اعتبر هذا التفسير التافه والعارض من قبل المريض "خداعا مرجعيا".
[←]162
على سبيل المثال ،كثيرا ما تتوافق أوهام الهيستيريا المتعلقة باالعتداء الجنسي والقاسي التي يعي التحليل صحتها،
بكل التفاصيل مع الشكاوى من جنون االضطهاد .إنه ألمر مذهل ولكن ليس غير متوقع تماما أننا نلتقي أيضا
بالمحتوى نفسه باعتباره حقيقة واقعة في مفاهيم المنحرفين فكريا من أجل إرضاء رغباتهم.
[←]163
التي بطبيعة الحال ال تحمل أي شيء من طبيعة اإلدراك.
[←]164
Zenltralb. f. Psychoanalyse, ii. 5.
[←]165
Diphtheria
[←]166
وحتى اآلن ،كان هذا التفسير لديجا فو موضع تقدير من جانب مراقب واحد فقط .كتب لي الدكتور فيرينزي ،الذي
يدين له الطبعة الثالثة من هذا الكتاب بالكثير من المساهمات ،فيما يتعلق بهذا" :لقد اقتنعت ،من خالل نفسي
وغيرها ،بأن الشعور غير القابل للتفسير باإللمام يمكن أن يشير إلى أوهام غير واعية يذكرنا بها دون وعي
في حالة فعلية .مع أحد مرضاي كانت العملية مختلفة على ما يبدو لكنها في الواقع كانت مشابهة جدا .وقد
عاد إليه هذا الشعور في كثير من األحيان ،ولكنه أظهر نفسه بانتظام وكأنه ناشئ في جزء منسي (مكبوت)
من حلم في ليلة سابقة .وهكذا يبدو ان ديجا فو يمكن ان ينبع ليس من االحالم النهارية فحسب بل أيضا من
االحالم الليلية.
[←]167
وربما أستطيع أن أقدم الخطوط العريضة التالية فيما يتعلق بآلية النسيان الفعلي .تستسلم مادة الذاكرة بشكل عام
لتأثيرين ،التكثيف والتشوه .التشوه هو عمل النزعات المهيمنة على الحياة النفسية ،ويوجه نفسه قبل كل شيء
ضد بقايا الذاكرة العاطفية التي تحافظ على موقف مقاوم أكثر تجاه التكثف .اآلثار التي أصبحت غير مبال بها
تندمج في عملية تكثف دون معارضة؛ وباإلضافة إلى ذلك ،يمكن مالحظة أن نزعات التشوه تطعم أيضا
المواد الالمبالية ،ألنها لم تكن راضية عندما رغبت في إظهار نفسها .ومع استمرار عمليات التكثف والتشوه
هذه لفترات طويلة حيث تعمل كل التجارب الجديدة على تحويل محتوى الذاكرة ،فإننا نعتقد أن الوقت قد حان
لجعل الذاكرة غير مؤكدة وغير واضحة .من المحتمل جدا أنه عند النسيان ال يمكن أن يكون هناك أي شك
في وظيفة مباشرة من الزمن .من الذاكرة المكبوتة يتأكد أنها ال تعاني أي تغيير حتى في أطول الفترات .إن
الالوعي ،في كل األحداث ،ال يعرف حدا زمنيا .إن أكثر األمور أهمية ،فضال عن أكثر أشكال التمييز
الروحي غرابة ،تكمن في حقيقة مفادها أن كل االنطباعات من ناحية تحتفظ بنفس الشكل الذي يتلقاه المرء،
وأيضا في األشكال التي افترضوها خالل تطورهم اإلضافي .وال يمكن توضيح هذه الحالة بأي مقارنة مع أي
مجال آخر .وبناء على هذه النظرية ،يمكن إستعادة كل حالة سابقة من محتوى الذاكرة ،رغم أن كل العالقات
األصلية قد استبدلت لفترة طويلة بأخرى جديدة.
[←]168
Cf. here The Interpretation of Dreams, p. 483· Macmillan: New York; and Allen:
London.