You are on page 1of 186

 

 
 

 
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫سيغموند فرويد‬
‫‪ ‬‬

‫علم النفس المرضي



‫في حياتنا اليومية‬

‫(‪)1901‬‬
‫‪ ‬‬

‫ترجمة

‫محمد أبو خريمة‬
‫‪ ‬‬

‫مكتبة الحبر اإللكتروني


‫مكتبة العرب الحصرية‬



‫أبكالو ‪2021‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫المحتوى‬

‫‪ ‬‬

‫‪7‬‬ ‫مقدمة المترجم للطبعة من األلمانية لإلنكليزية‬

‫‪9‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬نسيان األسماء المألوفة‬

‫‪19‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬نسيان الكلمات األجنبية‬

‫‪29‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬نسيان األسماء وترتيب الكلمات‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬الطفولة وإخفاء الذكريات‬

‫‪63‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬أخطاء في الكالم‬

‫‪99‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬أخطاء القراءة والكتابة‬

‫‪99‬‬ ‫اللبس في القراءة‬

‫‪102‬‬ ‫اللبس في الكتابة‬

‫‪113‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬نسيان االنطباعات والقرارات‬

‫‪116‬‬ ‫نسيان االنطباعات والمعرفة‬


‫‪133‬‬ ‫ب‪ .‬نسيان النوايا‬

‫‪147‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬األفعال المرتكبة خطأ‬

‫‪177‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬األعراض واألفعال المصادفة‪.‬‬

‫‪205‬‬ ‫الفصل العاشر‪ :‬األخطاء‬

‫‪217‬‬ ‫الفصل الحادي عشر‪ :‬األخطاء المزدوجة‬

‫‪225‬‬ ‫الفصل الثاني عشر‪ :‬وجهات نظر الحتمية ــ الصدفة ــ‬


‫والمعتقدات الخرافية‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫مقدمة المترجم للطبعة من األلمانية لإلنكليزية‬

‫طور البروفيسور فرويد نظام التحليل النفسي الخاص به أثناء دراسة ما يسمى بحاالت‬
‫حدود األمراض العقلية‪ ،‬مثل الهستيريا والعصاب القهري‪ .‬من خالل التخلص من طرق العالج‬
‫القديمة ومحاوالته الصارمة لدراسة حياة المرضى‪ ،‬اكتشف فرويد أن األعراض التي لم يتم فهمها‬
‫حتى اآلن لها معنى محدد وأنه ال يوجد شيء عشوائي في أي مظهر مرضي‪ .‬إذ أظهر التحليل‬
‫النفسي إنه دائًم ا ما تشير هذه االضطرابات الى وجود مشاكل أو صراعات نفسية لدى المرضى‬
‫الموضوعين تحت االختبار‪ .‬أثناء مقارنته بين ما هو طبيعي إلى ما يمكن اعتباره عصابي‪ ،‬اكتشف‬
‫البروفيسور فرويد مدى دقة الفاصل بين الشخص الطبيعي والعصابي‪ ،‬وأن اليات التفكير المرضية‬
‫التي لوحظت بشكل صارخ في المصابين باالضطرابات النفسية والذهان يمكن عادًة إظهارها‬
‫بدرجات أقل في األشخاص الطبيعيين‪ .‬وهذا ما دفعه إلى دراسة التصرفات الغير منطقية اليومية‬
‫لألشخاص المعرفين على انهم طبيعيين‪ ،‬وبعد ذلك إلى نشر كتاب علم النفس المرضي في الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬وهو كتاب مر بأربع طبعات في ألمانيا ويعتبر العمل األكثر شعبية للمؤلف‪ .‬ببراعة وعمق‬
‫كبيرين‪ ،‬يلقي المؤلف الكثير من الضوء على المشكالت المعقدة للسلوك البشري ويوضح بإسهاب‬
‫أن الفجوة غير الواضحة بين الحاالت العقلية الطبيعية وغير الطبيعية هي أكثر وضوًح ا مما كان‬
‫يعتقد‪.‬‬

‫تم ترجمة هذا الكتاب من الطبعة األلمانية الرابعة‪ ،‬وبينما تم اتباع النص األصلي بدقة‪،‬‬
‫غالًبا ما جعلت الصعوبات اللغوية من الضروري تعديل بعض حاالت المؤلف أو استبدالها بأمثلة‬
‫يمكن للقارئ الناطق باللغة اإلنجليزية فهمها‪.‬‬

‫نيويورك ‪1914-‬‬

‫أ‪ .‬أ‪ .‬بريل‪.‬‬


 
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل األول

‫نسيان األسماء المألوفة‬

‫‪ ‬‬

‫خالل عام ‪ ،1898‬قمت بنشر مقال قصير عن اآللية النفسية للنسيان في المجلة الشهرية‬
‫للطب النفسي‪ .‬سأكرر اآلن محتوياته وأعتبره نقطة انطالق لمزيد من المناقشة والتحليل‪ .‬لقد‬
‫أجريت في تلك المقالة تحلياًل نفسًيا للسبب الرئيسي لنسيان األسماء المؤقت‪ ،‬ومن خالل مالحظاتي‬
‫الخاصة‪ ،‬توصلت إلى استنتاج مفاده أن هذا التكرار لفشل وظيفة عقلية ‪ -‬الذاكرة ‪ -‬يحتاج تفسيرا‬
‫يتجاوز سبب حدوث هذه الحالة‪ .‬أذ أنه إذا ُطلب من أي طبيب نفسي أن يشرح سبب حدوث ألفشل‬
‫المؤقت في تذكر اسم نحن على يقين من أننا نعرفه‪ ،‬فمن المحتمل أن يكتفي باإلجابة بأن األسماء‬
‫المألوفة أكثر قابلية للنسيان من غيرها‪ .‬وقد يعطي أسباًبا معقولة لهذا "النسيان العقلي التفضيلي"‬
‫ألسماء العلم‪ ،‬لكنه لن يفترض أي محدد عميق ألسباب حدوث ذلك‪.‬‬

‫لقد قمت بدراسة ظاهرة النسيان المؤقت باستفاضة من خالل مالحظة بعض السمات‬
‫المميزة‪ ،‬والتي‪ ،‬على الرغم من أنها ليست عامة‪ ،‬يمكن مع ذلك رؤيتها بوضوح في بعض‬
‫الحاالت‪.‬‬

‫في هذه الحاالت‪ ،‬ال يحدث النسيان فحسب‪ ،‬بل هناك أيًض ا التذُّكر الخاطئ الذي يسعى‬
‫للحصول على االسم الذي ال يمكن تذكره فيقوم بجلب أسماء بديلة‪ .‬هذه االسماء التي‪ ،‬على الرغم‬
‫من االعتراف على الفور بأنها زائفة‪ ،‬إال أنها تفرض نفسها على الوعي بإصرار كبير‪ .‬العملية‬
‫التي تؤدي إلى استبدال االسم المفقود باسم بديل وبالتالي تجعل االسم الغير صحيح مشابها‬
‫للصحيح‪ .‬اعتمادا على افتراضاتي فأن إزاحة االسم الصحيح واستبداله بغير الصحيح ليست بعملية‬
‫عشوائية‪ ،‬ولكنها تتبع مسارات عقلية منطقية‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬أفترض شخصيا أن االسم البديل (أو‬
‫األسماء) يرتبط ارتباًطا مباشًر ا باالسم المفقود‪ ،‬وآمل إذا نجحت في إثبات هذا الترابط ان يتم القاء‬
‫الضوء على أصل وسبب نسيان األسماء‪.‬‬

‫في المثال الذي اخترته للتحليل في عام ‪ ،1898‬جاهدت دون جدوى لتذكر اسم الفنان الذي‬
‫صنع اللوحات الجدارية المهيبة المسماة "القيامة األخيرة" في كنيسة آورفيو في ايطاليا‪ .‬بدًال من‬
‫االسم المفقود (سنيوريلي) قفز الى ذاكرتي اسمان آخران للفنانين بوتيتشيلي وبولترافيو والتي‬
‫رفضتها على الفور لمعرفتي على أنها غير صحيحة‪ .‬عندما ذكر لي االسم الصحيح تعرفت عليه‬
‫في الحال دون أي تردد‪ .‬أدت مراجعتي لمسارات التأثير واالرتباط التي تسببت في النزوح من‬
‫سنيوريلي إلى بوتيتشيلي وبولترافيو إلى النتائج التالية‪:‬‬

‫(أ‌) سبب هروب اسم سنيوريلي من ذاكرتي ال يجب اعتباره غير مألوفا وال في الطابع‬
‫النفسي لالسم وعالقته التأثيرية بذاكرتي‪ .‬أذ كان االسم المنسي مألوًفا بالنسبة لي تماًم ا مثل أحد‬
‫األسماء البديلة ‪ -‬بوتيتشيلي ‪ -‬وهو مألوف إلى حد ما أكثر من البديل اآلخر ‪ -‬بولترافيو ‪ -‬الذي ال‬
‫أستطيع أن أقول عنه أكثر من أنه ينتمي إلى مدرسة ميالنو الفنية‪ .‬وبدا لي أيًض ا ان ما حدث من‬
‫نسيان السم سنيوريلي لم يكن مؤذيٍا ولم يفض إلى مزيد من التفسير‪ .‬حدث هذا عندما سافرت على‬
‫متن عربة مع شخص غريب من راغوزا‪ ،‬دالماشيا (في كرواتيا حاليا)‪ ،‬إلى محطة في الهرسك‪.‬‬
‫انجرف حديثنا إلى السفر إلى إيطاليا‪ ،‬وسألت رفيقي عما إذا كان في أورفيتو وهل شاهد هناك‬
‫اللوحات الجدارية الشهيرة ل (نسيت االسم)‬

‫(ب‌) ال يمكن تفسير نسيان االسم إال بعد أن تذكرت الموضوع الذي نوقش مباشرة قبل هذه‬
‫المحادثة‪ .‬هذا النسيان بعد ذلك جعل نفسه ُيعرف بأنه اضطراب في الموضوع الناشئ حديًثا بسبب‬
‫الموضوع الذي يسبقه‪ .‬باختصار‪ ،‬قبل أن أسأل رفيقي في السفر عما إذا كان في أورفيتو كنا نناقش‬
‫عادات األتراك الذين يعيشون في البوسنة والهرسك‪ .‬لقد رويت ما سمعته من زميل كان يمارس‬
‫الطب بينهم‪ ،‬وهو أنهم يبدون ثقة كاملة بالطبيب واستسالًم ا تاًم ا للمصير‪ .‬عندما يضطر المرء‬
‫إلبالغهم بعدم وجود مساعدة للمريض‪ ،‬يجيبون‪" :‬سيدي (هير ‪ -‬سيدي باأللمانية)‪ ،‬ماذا يمكنني أن‬
‫أقول؟ أعلم أنه إذا كان من الممكن أن ينقذ‪ ،‬فسوف تنقذه"‪ .‬في هذه الجمل وحدها يمكننا أن نجد‬
‫الكلمات واألسماء‪ :‬البوسنة (بوسنيا)‪ ،‬الهرسك (هرتزيجوفينا)‪ ،‬وهير (سيدي)‪ ،‬والتي يمكن‬
‫إدراجها في سلسلة ارتباط بين بوتيتشيلي‪ ،‬بولترافيو وسنيوريلي‪.‬‬
‫(ت‌) أفترض أن تيار األفكار المتعلقة بعادات األتراك في البوسنة كان قادًر ا على إرباك‬
‫الفكرة التالية التي اردت قولها ألنني تجاهلت اكمال الفكرة االولى‪ .‬إذ تذكرت أنني كنت أرغب في‬
‫سرد حكاية ثانية يمكن اعتبار انها كانت بجانب األولى في ذاكرتي‪ .‬أذ يقدر هؤالء األتراك المتعة‬
‫الجنسية قبل أي شيء آخر‪ ،‬وعند االضطرابات الجنسية يندمجون في اليأس المطلق الذي يتناقض‬
‫بشكل غريب مع استعدادهم لفقدان حياتهم‪ .‬قال لزميلي أحد مرضاه ذات مرة‪" :‬كما تعلم يا سيدي‬
‫(هير)‪ ،‬إذا توقف ذلك‪ ،‬فلن يكون للحياة أي سحر"‪ .‬لقد امتنعت عن نقل هذه الميزة ألنني لم أرغب‬
‫في التطرق إلى مثل هذا الموضوع الدقيق في محادثة مع شخص غريب‪ .‬كما أنني صرفت انتباهي‬
‫عن استمرار الفكرة التي ربما ارتبطت بشكل مباشر بموضوع "الموت والجنس"‪ .‬كنت في ذلك‬
‫الوقت متأثر برسالة تلقيتها قبل أسابيع قليلة‪ ،‬خالل فترة إقامتي القصيرة في ترافوي (إيطاليا‬
‫الحالية)‪ .‬إذ وردني في تلك الرسالة اخبار سيئة عن مريض كنت قد بذلت الكثير من الجهد معه قام‬
‫بأنهاء حياته بسبب اضطراب جنسي غير قابل للشفاء‪ .‬أعلم بشكل مؤكد أن هذا الحدث المحزن‪،‬‬
‫وكل ما يتعلق به‪ ،‬لم يأت إلى ذاكرتي الواعية في تلك الرحلة في الهرسك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن التشابه‬
‫بين ترافوي وبولترافيو يجبرني على افتراض أن هذه الذكريات في ذلك الوقت قد تم تنشيطها على‬
‫الرغم من محاوالتي لتشتيت انتباهي عنها‪.‬‬

‫(ث‌) لم يعد بإمكاني تصور نسيان اسم سنيوريلي على أنه حدث عرضي‪ .‬لذا يجب أن‬
‫أدرك في هذه العملية تأثير وماهية الدوافع التي أدت إلى االنقطاع في تسلسل أفكاري (فيما يتعلق‬
‫بعادات األتراك في البوسنة)‪ ،‬والتي أثرت علّي فيما بعد الستبعاد الفكرة المرتبطة بها من وعيي‪.‬‬
‫والتي ربما أدت إلى الرسالة المتعلقة بحادثة ترافوي ‪ -‬أي أردت أن أنسى شيًئا ما‪ ،‬لقد قمت بقمع‬
‫شيء ما‪ .‬من المؤكد أنني تمنيت أن أنسى شيًئا آخر غير اسم فنان أورفيتو؛ لكن هذا الفكر اآلخر‬
‫أحدث عالقة ترابطية بينه وبين هذا االسم حتى أن فعل إرادتي أخطأ الهدف‪ ،‬ونسيت أحدهما رغمًا‬
‫عني‪ ،‬بينما تمنيت عن قصد أن أنسى اآلخر‪ .‬إن عدم الرغبة في التذكر وجه نفسه ضد المحتوى‬
‫االول؛ لذا ظهر عدم القدرة على التذكر في المحتوى االخر‪ .‬كان من الواضح أن القضية كانت‬
‫ستكون أبسط إذا كان هذا النفور وعدم القدرة على التذكر يتعلقان بنفس المحتوى‪ .‬لم تعد األسماء‬
‫البديلة تبدو مبررة تماًم ا كما كانت قبل هذا التفسير‪ .‬إنهم يذكرونني (بعد محاولة التسوية) بالقدر‬
‫نفسه لمحاولتي النسيان ويظهر لي أن موضوعي لنسيان شيء ما لم يكن نجاًح ا تاًم ا وال فشاًل تاما‪.‬‬
‫(ج‌) إن طبيعة االرتباط المتكون بين االسم المفقود والموضوع المكبوت (الموت والجنس‪،‬‬
‫إلخ)‪ ،‬الذي يحتوي على أسماء البوسنة والهرسك‪ ،‬وترافوي‪ ،‬هي أيًض ا غريبة جًدا‪ .‬في المخطط‬
‫الُم درج ادناه‪ ،‬والذي ظهر في األصل عام ‪ ،1898‬جرت محاولة لتمثيل هذه االرتباطات بيانيًا‪.‬‬

‫وهكذا تم تقسيم اسم سنيوريلي إلى قسمين ليبقى (يلي) دون تغيير في أحد البدائل‪ ،‬بينما‬
‫اكتسب اآلخر عالقات عديدة ومتنوعة لالسم الوارد في الموضوع المكبوت من خالل ترجمة‬
‫سنيور (تعني سيد بااليطالية) لكنه فقد خالل التحليل (في المخطط)‪ .‬تم تشكيل استبداله بطريقة‬
‫تشير إلى حدوث نزوح مباشر من نفس المتشابهات ‪" -‬البوسنة والهرسك " ‪ -‬بغض النظر عن‬
‫المعنى والترسيم الصوتي‪ .‬لذلك تم التعامل مع األسماء في هذه العملية مثل الصور المكتوبة للجملة‬
‫او لغز لغوي)‪ .‬لم يتم إعطاء أي معلومات للوعي‬ ‫التي سيتم تحويلها إلى صورة أحجية (ريبوس‬
‫فيما يتعلق بالعملية برمتها‪ ،‬والتي‪ ،‬بدًال من االسم سنيوريلي‪ ،‬تم تغييرها إلى األسماء البديلة‪ .‬للوهلة‬
‫األولى‪ ،‬ال توجد عالقة واضحة بين الموضوع الذي احتوى على اسم سنيوريلي والموضوع‬
‫المكبوت الذي سبقه مباشرة‪.‬‬

‫ربما ليس من غير الضروري أن نالحظ أن التفسير المقدم ال يتعارض مع شروط إعادة‬
‫إنتاج الذاكرة والنسيان التي يفترضها علماء النفس اآلخرون‪ ،‬والتي يبحثون عنها في عالقات‬
‫وميول معينة‪ .‬ما عدا اضافتنا لدوافع أخرى في بعض الحاالت الى العوامل التي لطالما اعتبرنا‬
‫أنها سبب في نسيان األسماء‪ ،‬وبالتالي وضعنا آلية لفهم الذاكرة الخاطئة‪.‬‬

‫ال غنى عن التصرفات المفترضة أيًض ا في حالتنا‪ ،‬من أجل تمكين العنصر المكبوت من‬
‫السيطرة بشكل ارتباطي على االسم المطلوب ونقله إلى منطقة القمع‪ .‬ربما لم يكن هذا ليحدث في‬
‫اسم آخر يتمتع بظروف أفضل للتحليل في المخطط‪ .‬ألنه من المحتمل تماًم ا أن يسعى العنصر‬
‫المكبوت باستمرار إلى تأكيد نفسه بطريقة أخرى‪ ،‬لكنه ال يحقق هذا النجاح إال عندما يلبي الشروط‬
‫المناسبة‪ .‬في أوقات أخرى‪ ،‬ينجح القمع دون اضطراب في الوظيفة‪ ،‬أو‪ ،‬كما قد نقول بحق‪ ،‬بدون‬
‫أعراض‪.‬‬

‫عندما نلخص شروط نسيان اسم مع تذكر خاطئ نجد‪:‬‬

‫● نزعة معينة لنسيان نفس الشيء‬

‫● عملية قمع حدثت قبل فترة وجيزة‬

‫● إمكانية إنشاء ارتباط خارجي بين االسم المعني والعنصر الذي تم إلغاؤه مسبًقا‪.‬‬

‫من المحتمل أال يكون هناك حاجة إلى المبالغة في تقدير الشرط األخير‪ ،‬ألن أدنى ادعاء‬
‫بشأن الترابط يمكن اعتباره ناهضا في معظم الحاالت‪ .‬لكنه سؤال مختلف وبعيد المدى عما إذا كان‬
‫هذا االرتباط الخارجي يمكن أن يوفر حًقا الشرط المناسب لتمكين العنصر المكبوت من إزعاج‬
‫استبدال االسم المطلوب‪ ،‬أو ما إذا كان هناك اتصال أكثر ترابطا بين الموضوعين والذي ال يكون‬
‫بالضرورة مطلوًبا‪ .‬في االعتبار السطحي‪ ،‬قد يكون المرء على استعداد لرفض الشرط األخير‬
‫واعتبار االجتماع الزمني مع محتوياته المختلفة تماًم ا كافًيا‪ .‬ولكن عند الفحص األكثر شموًال‪ ،‬يجد‬
‫المرء أكثر فأكثر أن العنصرين (المكبوت والعنصر الجديد) المتصلين من خالل ارتباط خارجي‪،‬‬
‫يمتلكان ايضا ارتباط في المحتوى‪ ،‬ويمكن أيًض ا توضيح ذلك في المثال‪ ،‬سنيوريلي‪ .‬تعتمد قيمة‬
‫الفهم المكتسبة من خالل تحليل مثال سنيوريلي بشكل طبيعي على ما إذا كان يجب علينا اعتبار‬
‫وشرح هذه الحالة كعملية نموذجية أو كعملية منفصلة‪ .‬يجب أن أؤكد اآلن أن نسيان االسم المرتبط‬
‫باالسم البديل الخاطئ غالًبا ما يتبع نفس العملية كما تم توضيحه في حالة سنيوريلي‪ .‬في كل مرة‬
‫تقريًبا الحظت فيها هذه الظاهرة بنفسي‪ ،‬كنت قادًر ا على تفسيرها بالطريقة المشار إليها أعاله على‬
‫أن سببها هو قمع االفكار‪ .‬ويجب أن أذكر أيضا انها وجهة نظر أخرى لصالح طبيعة تحليلنا على‬
‫اعتباره نموذجيا‪ .‬وأعتقد أنه ليس هناك ما يبرر فصل حاالت نسيان األسماء مع التذكر الخاطئ‬
‫عن تلك التي لم تقفز فيها األسماء البديلة غير الصحيحة الى الذاكرة النشطة‪ .‬تبرز هذه األسماء‬
‫البديلة تلقائًيا في عدد من الحاالت؛ اما في الحاالت أخرى‪ ،‬حيث ال تظهر بشكل تلقائي‪ ،‬يمكن‬
‫إخراجها إلى السطح من خالل التركيز العقلي‪ ،‬ثم تظهر نفس العالقة مع العنصر المكبوت واالسم‬
‫المفقود مثل تلك التي تأتي تلقائًيا‪ .‬فيبدو أن هناك عاملين يلعبان دوًر ا في جلب األسماء البديلة‬
‫للوعي‪ :‬األول‪ ،‬التركيز‪ ،‬والثاني هو المحددات النفسية المرتبطة بالموضوع‪ .‬ويمكنني أن أجد ان‬
‫األخير هو العامل االهم الذي يشكل االرتباطات الخارجية المطلوبة بين العنصرين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن‬
‫عدًدا كبيًر ا من حاالت نسيان األسماء التي تحدث دون تذكر خاطئ‪ ،‬تنتمي إلى الحاالت التي يتكون‬
‫فيها االسم البديل‪ ،‬والتي تتوافق آليتها مع تلك الموجودة في مثال سنيوريلي‪ .‬لكنني بالتأكيد لن‬
‫أجرؤ على التأكيد على أن جميع حاالت نسيان األسماء تنتمي إلى نفس المجموعة‪ .‬فال شك أن‬
‫هناك حاالت لنسيان األسماء تتم بطريقة أبسط بكثير‪ .‬سنقوم بتمثيل هذه الحالة بعناية كافية إذا أكدنا‬
‫أنه إلى جانب النسيان البسيط لألسماء المألوفة‪ ،‬هناك نسيان آخر سببه قمع الذاكرة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الثاني

‫نسيان الكلمات األجنبية‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫يبدو أن المفردات العادية في لغتنا محمية من النسيان ضمن حدود وظيفتها العادية‪ ،‬لكن‬
‫الحالة تختلف تماًم ا مع الكلمات األجنبية‪ .‬الميل إلى نسيان مثل هذه الكلمات يمتد إلى جميع أجزاء‬
‫الكالم‪ .‬في الواقع‪ ،‬اعتماًدا على حالتنا العامة ودرجة التعب‪ .‬فيظهر أول مظهر من مظاهر‬
‫االضطراب الوظيفي نفسه في عدم انتظام تمكننا من المفردات األجنبية‪ .‬في بعض الحاالت‪ ،‬يتبع‬
‫هذا النسيان نفس اآللية التي تم الكشف عنها في مثال سنيوريلي‪ .‬كتوضيح لذلك‪ ،‬سأقدم مثاال عن‬
‫تحليل يتميز بخصائص قيمة تتعلق بنسيان كلمة‪ ،‬وليس اسًم ا‪ ،‬من اقتباس التيني‪ .‬قبل المتابعة‪،‬‬
‫اسمحوا لي أن أقدم وصًفا كامًال وواضًح ا لهذا المثال‪ .‬في الصيف الماضي‪ ،‬أثناء رحلتي في‬
‫إجازتي‪ ،‬تعرفت على شاب حاصل على تعليم أكاديمي والذي‪ ،‬كما الحظت الحقا‪ ،‬كان ملًم ا ببعض‬
‫أعمالي‪ .‬في حديثنا‪( ،‬ال أتذكر تحديدا ما قادنا الى التسلسل بالحديث) انجرفنا إلى الموقف‬
‫االجتماعي للعرق الذي ننتمي إليه كالنا‪ .‬وألنه يملك طموحا عاليا‪ ،‬فقد تحسر على حقيقة أن جيله‪،‬‬
‫كما عبر عن ذلك‪ ،‬كان مقدًر ا عليه أن ينمو مشلواًل ‪ ،‬وأنه ُم نع من تنمية مواهبه ومن إشباع‬
‫رغباته‪.‬‬

‫اختتم حديثه الحماسي بالمقطع المعروف من فيرجيل ( اكسورياري ‪ )Exoriare -‬حيث‬


‫تترك ديدو التعيسة ثأرها على أينيس لألجيال القادمة‪ .1‬ربما كان من األفضل ان أقول بدًال من "‬
‫اختتم"‪ ،‬كان يجب أن يقول "تمنى أن يختم"‪ ،‬ألنه لم يستطع إنهاء االقتباس‪ ،‬وحاول إخفاء الفجوة‬
‫المفتوحة في ذاكرته عن طريق نقل الكلمات‪:‬‬
‫“ !‪“Exoriar(e) ex nostris ossibus ultor‬‬

‫كان كالنا يعرف أنه أخطأ ولذلك قال بانزعاج‪" :‬من فضلك ال تقوم بعمل هذا الوجه‬
‫الساخر‪ ،‬كما لو كنت تتشمت بإحراجي‪ ،‬ولكن ساعدني‪ .‬هناك شيء مفقود في هذا المقطع‪ .‬كيف‬
‫تقرأ في شكلها الصحيح؟‬

‫أجبته "بسرور"‪ ،‬واستشهدت به بشكل صحيح‪:‬‬

‫)‪2“Exoriar(e‬‬ ‫”!‪aliquis nostris ex ossibus ultor‬‬

‫قال‪" :‬من الغباء أن ننسى مثل هذه الكلمة"‪" .‬بالمناسبة‪ ،‬أتفهم ادعائك بأن هنالك أسباب لهذا‬
‫النسيان‪ ،‬وعليه يجب أن أكون فضولًيا أكثر لمعرفة سبب عدم تذكري لهذا الضمير غير المحدد‬
‫(تعني شخص بالالتينية ‪)aliquis -‬‬

‫كان وقع ذلك علي لطيفا‪ ،‬حيث كنت أتمنى الحصول على إضافة إلى مجموعتي من‬
‫االمثلة‪ ،‬وقلت‪" :‬يمكننا القيام بذلك بسهولة‪ ،‬لكن يجب أن أطلب منك أن تخبرني بصراحة ودون أي‬
‫"‪3.‬‬ ‫احراج كل ما يحدث في عقلك بعد أن تركز انتباهك‪ ،‬دون أي نية مسبقة‪ ،‬على الكلمة المنسية‬

‫أنا ‪" -‬حسًنا‪ ،‬تأتيني الفكرة السخيفة ألقسم الكلمة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪A+Liquis‬‬

‫ماذا يعني ذلك؟"‬

‫الشاب ‪" -‬ال أدري‪ ،‬ال أعرف"‪.‬‬

‫أنا ‪"-‬ماذا يذكرك هذا أيًض ا؟"‬

‫"الفكر يستمر إلى‬

‫‪Reliques‬‬

‫وهي قريبة من كلمة‬


‫‪Liquify‬‬

‫والتي تحمل عدة معان ك التصفية ‪ -‬السيولة ‪ -‬السائل‪".‬‬

‫"هل هذا يعني لك أي شيء اآلن؟"‬

‫الشاب ‪"-‬ال‪ ،‬ليس قريبا"‪.‬‬

‫أنا ‪"-‬فقط فكر أكثر"‬

‫قال وهو يضحك ساخًر ا‪" :‬أفكر اآلن في سيمون الترينت‪ ،4‬الذي رأيت آثاره قبل عامين في‬
‫كنيسة في ترينت‪ .‬أفكر في االتهام القديم الذي تم توجيهه ضد اليهود مرة أخرى‪ ،‬وفي اعمال‬
‫رودولف كالينبول‪ ،5‬الذي يرى في هذه الذبائح المفترضة طريقة إلحياء المخلص‪ ،‬إذا جاز‬
‫التعبير‪.‬‬

‫أنا ‪"-‬تيارات األفكار هذه لها صلة بالموضوع الذي ناقشناه قبل أن تفلت منك الكلمة‬
‫الالتينية‪".‬‬

‫الشاب ‪"-‬أنت على حق‪ .‬أفكر اآلن في مقال في مجلة إيطالية قرأته مؤخًر ا‪ .‬أعتقد أنه كان‬
‫بعنوان‪ ":‬ما قاله القديس أوغستين عن المرأة "‪ .‬ماذا يمكنك أن تفهم من ذلك؟"‬

‫انتظرت بعض الشيء‪.‬‬

‫الشاب ‪"-‬اآلن أفكر في شيء ال عالقة له بالتأكيد بالموضوع‪".‬‬

‫أنا ‪"-‬أوه ‪ ،‬من فضلك امتنع عن المماطلة‪ ،‬و‪"....‬‬

‫الشاب ‪"-‬أوه! أتذكر رجاًل وسيًم ا كبيرا في العمر قابلته في رحلتي األسبوع الماضي‪ .‬كان‬
‫حًقا رجال مميزا (اصيال ‪ .)Original -‬بدا وكأنه طائر كبير جارح‪ .‬اسمه‪ ،‬إذا كنت مهتًم ا‬
‫بمعرفته‪ ،‬هو بنيديكت"‪.‬‬

‫أنا ‪"-‬حسًنا‪ ،‬على األقل يبدو انك تذكر مجموعة من القديسين وآباء الكنيسة مثل القديس‬
‫سيمون ‪ ،‬والقديس أوغسطينوس ‪ ،‬والقديس بنديكتوس‪ .‬وكذلك أعتقد أنه كان هناك أًبا للكنيسة‬
‫ُيدعى اوريجينيس(‪ .)Origines‬ثالثة من هؤالء‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬هي أسماء مسيحية‪ ،‬مثل بول‬
‫في اسم كلينبول ‪".‬‬

‫الشاب ‪"-‬اآلن أفكر في القديس جانواريوس ومعجزة دمه ‪ -‬أجد أن األفكار تعمل‬
‫بميكانيكية‪".‬‬

‫أنا ‪"-‬فقط توقف لحظة؛ كل من القديس جانواريوس والقديس أوغسطين لهما عالقة بالتقويم‪.‬‬
‫هل تتذكر معجزة قارورة الدم؟"‬

‫"أال تعلم عن ذلك؟ دم القديس جانواريوس محفوظ في قنينة بكنيسة في نابولي‪ ،‬وفي يوم‬
‫معين من كل سنة تحدث معجزة بتحول الدم الى سائل‪ .‬يعتقد الناس بالكثير من هذه المعجزات‪،‬‬
‫وتصبح الناس متحمسة جًدا إذا تأخرت عملية التسييل‪ ،‬كما حدث مرة واحدة أثناء االحتالل‬
‫الفرنسي أليطاليا‪ .‬القائد الفرنسي كان الجنرال غاريبالدي‪ ،‬إذا لم أكن مخطًئا – الذي قام بأخذ‬
‫الكاهن جانًبا‪ ،‬وبإشارة منه تجمع الجنود في المكان‪ ،‬وأعرب عندها عن أمله في حدوث المعجزة‬
‫قريًبا‪ .‬وقد حدثت بالفعل ‪" ...‬‬

‫أنا ‪"-‬حسًنا‪ ،‬ما الذي يخطر ببالك؟ لماذا تتردد؟"‬

‫الشاب ‪"-‬حدث شيء ما حًقا بالنسبة لي ‪ ...‬ولكنه أمر شخصي جًدا وال يمكن ان اذكره ‪...‬‬
‫إلى جانب ذلك‪ ،‬ال أرى أي ارتباط وبالتالي ال ضرورة إلخبارك بذلك‪.‬‬

‫أنا ‪"-‬سأهتم باالرتباط‪ .‬بالطبع‪ ،‬فال يمكنني إجبارك على الكشف عما ال ترغب بكشفه‬
‫بالنسبة لك‪ ،‬ولكن بهذه الطريقة ال يمكنني أخبارك لماذا نسيت كلمة‪"aliquis".‬‬

‫الشاب ‪"-‬حًقا؟ هل تعتقد ذلك؟ حسًنا‪ ،‬فكرت فجأة في امرأة من المحتمل أن أتلقى منها‬
‫رسالة قد تكون مزعجة جًدا لكلينا"‪.‬‬

‫أنا ‪"-‬هل فاتتها دورتها الشهرية؟"‬

‫الشاب ‪"-‬كيف تمكنت من تخمين مثل هذا الشيء؟"‬


‫أنا ‪"-‬لم يكن ذلك صعًبا للغاية‪ .‬لقد أعددتني لفهم ذلك لفترة كافية‪ .‬فكر فقط في قديسي‬
‫التقويم‪ ،‬وإفراز الدم في يوم معين‪ ،‬والحماس إذا لم يحدث الحدث‪ ،‬والتهديد الواضح بأن يجب أن‬
‫تحدث المعجزة من قبل القائد الفرنسي ‪ ...‬في الواقع‪ ،‬لقد طورت معجزة القديس جانوريوس في‬
‫إشارة ذكية إلى حيض المرأة "‪.‬‬

‫الشاب ‪"-‬كان ذلك بدون قصد بالتأكيد‪ .‬وهل تعتقد حًقا أن عدم قدرتي على تذكر كلمة‬
‫"‪ "aliquis‬كان سببه قلقي من الرسالة المنتظرة؟"‬

‫أنا ‪"-‬هذا يبدو لي واضحا‪ .‬أال تتذكرون تقسيمنا إلى (‪ )a+Liquis‬وكلمة (‪)reliques‬‬
‫والتي تحمل معان التسييل والسوائل؟ وكيف ان القديس سيميون تمت التضحية به عندما كان طفال؟‬
‫"‬

‫الشاب ‪ "-‬من فضلك توقف‪ .‬آمل أال تأخذ هذه األفكار على محمل الجد والتي قد يبدوا أنك‬
‫استمتعت بها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬سأعترف لك أن السيدة إيطالية وأنني زرت نابولي برفقتها‪ .‬ولكن هل من‬
‫الممكن ان ال يكون كل هذا من قبيل الصدفة؟ "‬

‫أنا ‪"-‬يجب أن أترك لتقديرك الخاص ما إذا كان بإمكانك شرح كل هذه الترابط من خالل‬
‫افتراض أنها محض مصادفة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكنني اخبارك أن كل حالة مماثلة تقوم بتحليلها ستقودك‬
‫إلى مثل هذه" الصدف "الرائعة!"‬

‫لدي أكثر من سبب لتقييم هذا المثال الصغير‪ ،‬والذي أنا مدين به لرفيقي في السفر‪.‬‬

‫أوًال‪ ،‬ألنه في هذه الحالة‪ ،‬تمكنت من استخدام مصدر ال يمكنني الوصول إليه بخالف ذلك‪.‬‬
‫معظم األمثلة على االضطرابات النفسية في الحياة اليومية التي جمعتها هنا كنت مجبر على أخذها‬
‫من مالحظتي لنفسي‪ .‬لقد حاولت أن أتجنب المواد األكثر ثراًء التي قدمها لي مرضاي المصابون‬
‫بالعصاب ألنه كان على أن أستبعدها ألنها من مظاهر العصاب‪ .‬لذلك كان من المهم بالنسبة لي أن‬
‫يكون الشخص الذي احلل سبب نسيانه غريًبا عني وغير عصابي‪ .‬يعتبر هذا التحليل مهًم ا أيًض ا‬
‫في نواٍح أخرى‪ ،‬حيث أنه يوضح حالة نسيان للكلمات دون إعادة تذكرها‪ ،‬وبالتالي يؤكد المبدأ‬
‫الذي تمت صياغته أعاله‪ ،‬وبالتالي ظهور أو عدم ظهور الكلمات البديلة ال تشكل فرقا كبيرا‪ 6.‬لكن‬
‫القيمة األبرز للمثال (‪ )aliquis‬تكمن في تمييز آخر له عن الحالة (‪ .)Signorelli‬ففي المثال‬
‫األخير (‪ ،)Signorelli‬يصبح استبدال االسم مضطرًبا من خالل التأثيرات الالحقة لسريان‬
‫االفكار الذي بدأ قبل فترة وجيزة وتم اعتراضه وكبته‪ ،‬ولكن محتواه ليس له عالقة ارتباط واضحة‬
‫بالموضوع الجديد الذي احتوى على االسم (‪ .)Signorelli‬بين قمع الفكرة وموضوع االسم‬
‫المنسي‪ ،‬لم يكن هناك سوى عالقة ارتباط زمني‪ ،‬والتي واصلت حتى النهاية حتى يتمكن االثنان‬
‫من تكوين اتصال من خالل عامل ارتباط خارجي‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬في المثال (‪ ،)aliquis‬يمكن‬
‫للمرء أن يالحظ عدم وجود أي ترابط أو أثر لهذا الترابط لمثل هذا الموضوع المكبوت المستقل‬
‫الذي يمكن أن يشغل الفكر الواعي مباشرة قبل ان يعيد اظهاره كاضطراب صوتي يعيد اظهار‬
‫نفسه باستمرار‪ .7‬اضطراب االسم البديل يستمر هنا من الجزء المخفي الذي يتناوله الموضوع‬
‫والذي تم جلبه للفكر الواعي مع حقيقة ان هنالك تعارضا ظهر ضد الفكرة (الرغبة) الموضوعة‬
‫االقتباس‪8.‬‬ ‫بين عالمات‬

‫يجب تفسير األصل على النحو التالي‪ :‬استنكر المتحدث حقيقة أن الجيل الحالي من اقرانه‬
‫كان محروًم ا من حقوقه‪ ،‬ومثل ديدو‪ ،‬تنبأ بأن جياًل جديًدا سينتقم ممن ظلموه‪ .‬لذلك أعلن عن ايمانه‬
‫وتمنياته من اجل األجيال القادمة‪ .‬في هذه اللحظة قاطعته الفكرة المتناقضة‪" :‬هل تتمنى حًقا الكثير‬
‫من أجل األجيال القادمة؟ هذا ليس صحيًح ا‪ .‬فقط فكر في المأزق الذي قد تكون عليه إذا تلقيت اآلن‬
‫المعلومات التي يجب أن تتوقعها لألجيال القادمة مما تعتقده! ال‪ ،‬ال تريد أي ذرية بقدر حاجتك‬
‫لالنتقام‪ .‬يؤكد هذا التناقض نفسه‪ ،‬تماًم ا كما في مثال سنيوريلي‪ ،‬من خالل تكوين ارتباط خارجي‬
‫بين أحد عناصر الفكرة المطروحة وعنصر من عناصر الفكرة المكبوتة‪ ،‬ولكن هنا يتم إحضارها‬
‫بأكثر الطرق توترًا من خالل ما يبدو أنه انعطاف مصطنع للترابطات‪ .‬نقطة مهمة أخرى مع‬
‫المثال سنيوريلي ينتج من حقيقة أن التناقض ينشأ من مصادر مكبوتة وينبع من األفكار التي من‬
‫شأنها أن تسبب تشتيتا للوعي‪ .‬في كال المثالين هناك تنوع في االرتباطات الداخلية والية نسيان‬
‫األسماء‪ .‬لقد تعلمنا أن نعرف آلية ثانية للنسيان‪ ،‬أال وهي اضطراب الفكر من خالل تناقض داخلي‬
‫ينبع من القمع (كما في حالة الشاب)‪ .‬في سياق هذه المناقشة سنلتقي مراًر ا وتكراًر ا بهذه العملية‪،‬‬
‫والتي تبدو لي من ألسهل فهمها‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الثالث

‫نسيان األسماء وترتيب الكلمات‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫إن تجارب مثل تلك المذكورة فيما يتعلق بعملية النسيان‪ ،‬بعيدا عن ترتيب الكلمات من لغة‬
‫أجنبية‪ ،‬قد تدفع المرء إلى التساؤل عما إذا كان نسيان ترتيب الكلمات بلغته يتطلب تفسيرا مختلفا‬
‫في األساس‪ .‬ال شك أن المرء ال ينبغي أن يندهش إذا كان من الممكن بعد فترة أن يستذكر صيغة‬
‫ما أو نص معين تعلمهما سابقا على نحو غير مثالي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بما أن هذا النسيان ال يؤثر بنفس‬
‫القدر على جميع األشياء التي تعلمناها معا‪ ،‬ولكن يبدو أنه ينتقي أجزاء محددة من النسيان‪ ،‬فقد‬
‫يكون من الجدير بنا أن نتحرى تحليليا بعض األمثلة على مثل إعادة اإلنتاج الخاطئة هذه‪.‬‬

‫يذكر بريل‪ 9‬المثال التالي‪- :‬‬

‫"بينما كان يتحدث في يوم من األيام مع امرأة شابة رائعة جدا‪ ،‬كان لديها فرصة لتقتبس من‬
‫كيتس‪ .10‬كانت القصيدة بعنوان "نشيد ألبولو"‪ ،‬وقرأت النص التالي‪- :‬‬

‫"في البيت المذهب الغربي حيث انت‬

‫تعيش في دولتك‪،‬‬

‫الشعراء‪ ،‬التي كانت ذات مرة تروى بشكل متعمد‬

‫الحقائق الساحرة التي جاءت متأخرة جدا"‬


‫لقد ترددت مرات عديدة أثناء تالوتها للحضور‪ ،‬متاكدة أن هناك خطأ في السطر األخير‪.‬‬
‫ولدهشتها الشديدة‪ ،‬عندما راجعت الكتاب وجدت انه ليس فقط الخط االخير الذي تم اقتباسه بطريقة‬
‫خاطئة ولكن هنالك أخطاء كثيرة أخرى‪ .‬السطور الصحيحة كما يلي‪:‬‬

‫" في قاعتك المذهبة الغربية حيث كنت جالسا‪ ،‬الشعراء‪ ،‬أولئك الذين يروون بشكل‬
‫متعمد األعمال البطولية واغنيات القدر"‬

‫الكلمات المائلة هي تلك التي نسيت واستبدلت باخرى خالل التالوة‪.‬‬

‫"لقد استغربت من أخطائها الكثيرة‪ ،‬وأرجعتها إلى فشل الذاكرة‪ .‬ولكن إستطعت أن أقنعها‬
‫بسهولة بأنه لم يكن هناك اضطراب كيفي أو كمي في الذاكرة في قضيتها‪ ،‬واستذكرت حديثها‬
‫مباشرة قبل أن أقتبس هذا النص‪.‬‬

‫"كنا نناقش المبالغة في تقدير الشخصية بين العشاق‪ ،‬واعتقدت هي أن فيكتور هوجو هو‬
‫من قال إن الحب هو أعظم شيء في العالم ألنه يصنع المالك أو اإلله من محاسب في بقالة‪.‬‬
‫وتابعت‪" :‬فقط عندما نكون واقعين في الحب‪ ،‬فإننا نؤمن إيمانا أعمى باإلنسانية؛ كل شيء كامل‪،‬‬
‫كل شيء جميل‪ ،‬وكل شيء شاعريا‪ .‬ومع ذلك فهي تجربة رائعة؛ تستحق أن نمر بها‪ ،‬على الرغم‬
‫من خيبات األمل الرهيبة التي تأتي في أعقاب ذلك عادة‪ .‬إنه يضعنا في مستوى اآللهة ويحثنا على‬
‫جميع أنواع األنشطة الفنية‪ .‬أصبحنا شعراء حقيقيين؛ فنحن ال نحفظ الشعر ونقتبس منه فحسب‪ ،‬بل‬
‫أنفسنا‪ .‬ثم اقتبست هي عن السطور المذكورة أعاله التي نسيت أجزاء‬ ‫إننا غالبا ما نصبح أبولو‬
‫منها‪.‬‬

‫"عندما سألت في أي مناسبة حفظت هذه االبيات لم تستطع تذكرها‪ .‬كمدرسة للخطابة‪ ،‬لم‬
‫يكن من العجيب أن تحفظ كثيرا‪ ،‬وفي كثير من األحيان كان من الصعب أن تعرف متى حفظت‬
‫هذه االبيات‪" .‬بالحكم من خالل المحادثة"‪ ،‬اقترحت‪" ،‬يبدو أن هذه القصيدة مرتبطة ارتباطا وثيقا‬
‫بفكرة المبالغة في تقدير شخصية شخص ما واقع في الحب‪ .‬هل حفظت هذه القصيدة عندما كنت‬
‫في مثل هذه الحالة؟ لقد فكرت لوهلة وسرعان ما تذكرت الحقائق التالية‪ :‬قبل اثني عشر سنة‪،‬‬
‫عندما كانت في الثامنة عشرة‪ ،‬وقعت في الحب‪ .‬وكانت التقت الشاب أثناء مشاركته في عرض‬
‫مسرحي للهواة‪ .‬كان حينها يدرس المسرح‪ ،‬وكان يفترض أن يكون يوما ما نجما مسرحيا‪ .‬فقد‬
‫كانت لديه كل الصفات الالزمة لذلك‪ .‬لقد كان ذو بنية جيدة‪ ،‬ساحرا‪ ،‬مندفعا‪ ،‬ذكي جدا‪ ،‬ولكنه‬
‫متقلب التفكير‪ .‬لقد تم تحذيرها منه‪ ،‬ولكنها لم تلتفت‪ ،‬مرجعة كل ذلك إلى حسد مستشاريها‪.‬‬

‫كل شيء سار على ما يرام لبضعة أشهر‪ ،‬عندما تلقت فجأة خبر بأن "أبولو" هذا‪ ،‬الذي‬
‫حفظت من اجله هذه االبيات‪ ،‬كان قد خطب امرأة شابة ثرية جدا وتزوج منها‪ .‬وبعد بضع سنوات‬
‫سمعت أنه يعيش في مدينة غربية‪ ،‬حيث كان يتولى رعاية مصالح والده‪.‬‬

‫"االبيات المقتبسة بشكل خاطئ اآلن باتت واضحة‪ .‬فالنقاش حول التقدير المفرط للشخصية‬
‫بين العشاق استدعى لها‪ ،‬دون وعي‪ ،‬تجربة غير مقبولة‪ ،‬عندما قدرت بشكل مفرط شخصية‬
‫الرجل الذي أحببته‪ .‬اعتقدت أنه إله‪ ،‬لكنه تبين أنه أسوأ من االنسان العادي‪ .‬لم يكن من الممكن أن‬
‫تظهر القضية الى السطح ألنها مصحوبة بأفكار مزعجة ومؤلمة للغاية‪ ،‬ولكن التغيرات ألالواعية‬
‫في القصيدة أظهرت بوضوح حالتها النفسية الحالية‪ .‬ولم تتغير التعابير الشعرية إلى تعبيرات‬
‫ساحرة فحسب‪ ،‬بل تلمح بوضوح إلى الموضوع باكمله‪.‬‬

‫مثال آخر على نسيان ترتيب كلمات قصيدة معروفة جيدا للشخص الذي سأستشهد به من‬
‫الدكتور جونغ‪ 11‬مقتبسا كلمات المؤلف‪- :‬‬

‫"أراد رجل ان يقرأ القصيدة المألوفة‪" ،‬شجرة الصنوبر تقف وحدها"‪ .12‬في البيت الذي‬
‫يبدأ ب "شعر بالنعاس" أصبح عالقا في عبارة "مع الورقة البيضاء" دون ان يتذكر ما بعدها‪ .‬يبدو‬
‫لي أن هذا النسيان ألبيات معروفة جدا غريب نوعا ما‪ ،‬ولذلك طلبت منه أن يعيد إنتاج ما يتبادر‬
‫إلى ذهنه عندما فكر في عبارة "مع الورقة البيضاء"‪ .‬لقد أعطى سلسلة من الروابط التالية‪ :‬الورقة‬
‫البيضاء تجعل المرء يفكر في ورقة بيضاء على جثة ‪ -‬ورقة كتان تغطي أحدها جثة هامدة ‪-‬‬
‫[توقف]‬

‫‪ -‬اآلن أفكر في صديق قريب ‪ -‬أخوه مات مؤخرا ‪ -‬من المفترض أنه توفي بسبب مرض‬
‫في القلب‬

‫‪ -‬كان أيضا مبتهجا جدا ‪ -‬صديقي أيضا مبهر‪ ،‬وكنت أعتقد أنه قد يواجه نفس المصير‬
‫‪ -‬على األرجح أنه ال يمارس الرياضة بما فيه الكفاية ‪ -‬عندما سمعت بهذا الموت فجأة‬
‫أصبحت خائفا‪ :‬وقد يحدث لي نفس الشيء‪ ،‬حيث أن افرادا من أسرتي سبق لهم أن تعرضو للسمنة‬
‫‪ -‬فقد توفي جدي بسبب مرض في القلب ‪ -‬كما أنني سمين بعض الشيء‪ ،‬ولهذا السبب بدأت عالجا‬
‫للسمنة منذ بضعة أيام‪.‬‬

‫ويعلق جونغ‪ :‬واضاف ان "الرجل تعرف على الفور دون وعي على نفسه بشجرة الصنوبر‬
‫التي كانت مغطاة بغطاء ابيض"‪.‬‬

‫على سبيل المثال التالي لنسيان ترتيب الكلمات أنا مدين لصديقي الدكتور فيرينزي من‬
‫بودابست‪ .‬بعكس االمثلة السابقة‪ ،‬ال تذكر أي مقطع او ابيات مأخوذة من الشعر‪ ،‬بل إلى اقتباسات‪.‬‬
‫وقد تظهر لنا أيضا الحالة غير العادية التي يضع فيها نسيان االماكن نفسه تحت تصرف سلطة‬
‫الكبت عندما يكون االخير في خطر االستسالم لرغبة مؤقتة‪ .‬وبالتالي فإن الخطأ ينحدر ليصبح‬
‫وظيفة مفيدة‪ .‬بعد أن ننتبه ونركز يمكننا ان نبرر ذلك الصراع الداخلي الذي ال يمكن أن يظهر إال‬
‫من خالل عدم القدرة‪ ،‬كما في النسيان أو العجز الجنسي النفسي‪.‬‬

‫"في حفل اجتماعي اقتبس أحد االشخاص (لكي تفهم كل شيء عليك ان تغفر كل شيء)‪ ،‬ان‬
‫الجزء االول من الجملة يكفي‪ ،‬ألن "الغفران" هو استثناء يجب ان يترك هلل وللقس‪ .‬أحد الضيوف‬
‫ظن أن هذه المالحظة جيدة جدا‪ ،‬والتي بدورها شجعتني على اكمال ذكر المالحظات ‪ -‬ربما للتأكد‬
‫من رأيي الجيد كناقد ‪ ،-‬التي كنت اعتبرها أفضل من المالحظة التي ذكرتها‪ .‬ولكن عندما كنت‬
‫على وشك تكرار هذه الفكرة الذكية لم أتمكن من تذكرها‪ .‬فانسحبت فورا من المجموعة وكتبت‬
‫أفكاري المخفية‪ .‬في البداية تذكرت اسم الصديق الذي شهد والدة هذه الفكرة (المرغوب فيها)‪،‬‬
‫والشارع في بودابست حيث حدثت‪ ،‬ثم اسم صديق آخر‪ ،‬اسمه ماكس‪ ،‬الذي كنا نسميه عادة‬
‫ماكسي‪ .‬وقد قادني ذلك إلى كلمة "مكسيم‪ "13‬وإلى فكرة أنه في ذلك الوقت‪ ،‬كما في الحالة الراهنة‪،‬‬
‫كان سؤاال مختلفا عن القواعد المعروفة‪ .‬والغريب أنني لم أتذكر أي قاعدة غير الجملة التالية‪:‬‬
‫خلق هللا االنسان على صورته الخاصة‪ "،‬وتغير مفهومه‪" ،‬خلق االنسان ربه على‬
‫صورته الخاصة"‬
‫عندها سرعان ما تذكرت ذلك‪" .‬قال لي صديقي في ذلك الوقت في شارع أندريسي‪"' ،‬ال‬
‫شيء إنساني غريب علي"‪ .‬والتي علقت عليها‪ ،‬بناء على تجربة التحليل النفسي‪ ،‬يجب أن‬
‫تذهب أبعد من ذلك وتعترف ب "ال شيء حيواني غريب بالنسبة لك"‬

‫"لكن بعد أن وجدت الذكريات التي اريد ذكرها لم أستطع قولها في هذا التجمع االجتماعي‪.‬‬
‫كانت زوجة صديقي الشابة‪ ،‬التي ذكرتها بحيوانية الالوعي‪ ،‬من بين الحاضرين أيضا‪ ،‬ولقد‬
‫تذكرت أنها لم تكن مستعدة على اإلطالق الستقبال مثل هذا النوع من اآلراء‪ .‬لقد دفعني النسيان‬
‫إلى تفادي عدد من األسئلة المزعجة منها وإلى مناقشة ميؤوس منها معها‪ ،‬وال بد أن هذا كان‬
‫الدافع وراء "فقدان الذاكرة المؤقت"‪.‬‬

‫"من المثير لالهتمام أن نالحظ أنه مع وجود فكرة مخفية ظهرت جملة تحويل األلوهية إلى‬
‫أختراع بشري‪ ،‬بينما في الجملة المطلوبة كان هناك إشارة إلى الحيوانية في االنسان‪ .‬وبالتالي فإن‬
‫واضح في الحالتين‪ .‬المسألة برمتها كانت على ما يبدو مجرد مسألة‬ ‫تقليل القيمة المعنوية‬
‫مواصلة تيار الفكر المتعلق بالتفاهم والغفران الذي حفزته المناقشة‪ .‬وقد يكون السبب في ذلك هو‬
‫أنني انسحبت إلى غرفة شاغرة بعيدا عن المجموعة وبدون رقابتهم‪ .‬وقد حللت منذ ذلك الحين‬
‫عددا كبيرا من حاالت تناسي أو استبدال ترتيب الكلمات‪ ،‬وقد قادتني النتيجة الثابتة لهذه التحقيقات‬
‫تكاد تكون ذات‬ ‫إلى االفتراض بأن آليات النسيان كما أثبتت في األمثلة ‪ aliquis‬ونشيد أبولو‬
‫تطبيق عالمي‪ .‬وليس من المالئم دائما اإلبالغ عن مثل هذه التحليالت‪ ،‬ألنها‪ ،‬كما ورد ذكرها‪،‬‬
‫تؤدي عادة إلى أمور حميمة ومؤلمة في الشخص الذي يحلل؛ ولذلك‪ ،‬لن أضيف أكثر إلى عدد هذه‬
‫األمثلة‪.‬‬

‫ما هو شائع في كل هذه الحاالت‪ ،‬بغض النظر عن المادة‪ ،‬أن المادة المنسية أو المشوهة تصبح‬
‫مرتبطة عبر طريق ترابطي مع تيار من التفكير الالواعي (المكبوت)‪ ،‬مما يؤدي إلى التأثير الذي‬
‫يظهر على أنه نسيان‪.‬‬

‫وأنا أعود اآلن إلى نسيان األسماء‪ ،‬التي لم ننظر فيها حتى اآلن على نحو شامل‪ ،‬ال‬
‫عناصره الرمزية وال دوافعه‪ .‬وبما ان هذا الشكل من االعمال الخاطئة يمكن مالحظته كثيرا في‬
‫بعض االحيان‪ ،‬فأنا لست في حيرة من امثال ذلك‪ .‬أما النوبات الطفيفة التي أصابني بها الصداع‬
‫النصفي والتي ما زلت أعاني منها‪ ،‬فلن يعلن عن نفسه قبل ساعات من نسيان األسماء‪ ،‬وفي ذروة‬
‫الهجوم الذي لم أجبر على التخلي عن عملي معه‪ ،‬كثيرا ما ال أستطيع تذكر كل األسماء المناسبة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن حاالت مثل حالتي قد تزودنا بالسبب في االعتراض القوي على جهودنا التحليلية‪.‬‬
‫أال ينبغي إرغام المرء على االستنتاج من هذه المالحظات بأن سبب النسيان‪ ،‬وخاصة نسيان‬
‫األسماء‪ ،‬هو حدوث اضطرابات دورية أو وظيفية في الدماغ‪ ،‬ويجنب نفسه عناء البحث عن‬
‫تفسيرات نفسية لهذه الظواهر؟ ال على اإلطالق؛ وهذا يعني تبادل آلية العملية‪ ،‬التي هي نفسها في‬
‫جميع االمثلة‪ ،‬مع تنوعها‪ .‬ولكن بدال من التحليل سأستشهد بمقارنة لدعم الحجة‪.‬‬

‫فلنفترض أنني كنت متهورا إلى الحد الذي جعلني أسير ليال في حي غير مسكون في مدينة‬
‫كبيرة‪ ،‬فتعرضت للهجوم وسرقة ساعتي وحقيبتي‪ .‬وفي أقرب مركز شرطة‪ ،‬أبلغ عن المسألة‬
‫بالكلمات التالية‪" :‬كنت في هذا الشارع أو ذاك‪ ،‬وعندما كنت هناك سرقت ساعتي وحقيبتي بوحشية‬
‫وسط الظالم"‪ .‬وعلى الرغم من أن هذه الكلمات لن تعبر عن أي شيء غير صحيح‪ ،‬إال أنني قد‬
‫أخاطر بالتفكير في األمر استنادا إلى صياغة هذا التقرير باعتبارها غير صحيحة تماما في رأسي‪.‬‬
‫وفي الحقيقة‪ ،‬ال يمكن وصف الحالة إال بقولي إنني‪ ،‬بفضل طول المكان وظالمه‪ ،‬سرقت أمتعتي‬
‫الثمينة من قبل فاعلين مجهولين‪.‬‬

‫اآلن‪ ،‬إذا‪ ،‬ال ينبغي أن تكون حالة النسيان مختلفة‪ .‬فبفضل اإلنهاك‪ ،‬واالضطرابات الدموية‪،‬‬
‫والتسمم‪ ،‬تعرضت للسطو من قبل قوة نفسية غير معروفة وما تمت سرقته هو استذكار األسماء‬
‫المألوفة التي تنتمي إلى ذاكرتي؛ وهي نفس القوة التي قد تؤدي في حاالت أخرى إلى نفس فشل‬
‫الذاكرة أثناء الصحة الكاملة والقدرة العقلية‪ .‬عندما أقوم بتحليل حاالت نسيان األسماء التي تحدث‬
‫في نفسي‪ ،‬أجد أن االسم المقتطع يظهر بعض العالقة مع موضوع يتعلق بشخصي‪ ،‬وهو قادر على‬
‫إثارة مشاعر قوية ومؤلمة في كثير من األحيان‪ .‬واتباعا للممارسة المريحة والجديرة بالثناء‬
‫لمدرسة زيوريخ (بليولير‪ ،‬يونج‪ ،‬ريكلين)‪ ،14‬يمكنني ان اعبر عن الشيء نفسه بالشكل التالي‪:‬‬
‫االسم المقتطع مس "عقدة شخصية" في داخلي‪ .‬عالقة اسمي بشخصتي غير متوقعة‪ ،‬وغالبا ما تتم‬
‫من خالل روابط سطحية (كلمات ذات معنى مزدوج وأصوات مماثلة)؛ ويمكن أن تكون عموما‬
‫روابط جانبية‪ .‬والواقع أن بعض األمثلة البسيطة سوف توضح على أفضل وجه طبيعة نفس‬
‫الشيء‪— :‬‬
‫أ‌) طلب مني أحد المرضى ان اوصي به بمصحة في الريفييرا‪ .‬كنت أعرف مكانا قريبا‬
‫جدا من جنوة‪ ،‬كما ذكرت اسم الزميل األلماني الذي كان مسؤوال عن المكان‪ ،‬ولكن المكان نفسه لم‬
‫أستطع أن أسميه‪ ،‬على الرغم من انني اعتقدت بأنني أعرفه‪ .‬لم يبق شيء سوى أن تطلب من‬
‫المريض أن ينتظر وأن يناشد بسرعة نساء العائلة علهن يتذكرن‪".‬ما هو اسم المكان القريب من‬
‫جنوة حيث كان الدكتور س" "بالطبع ستنسى اسم هذا النوع‪ .‬االسم نيرف‪."15‬بالتأكيد‪ ،‬لدي ما يكفي‬
‫من العالقة مع األعصاب‪.‬‬

‫ب‌) تكلم مريض آخر عن منتجع صيفي مجاور‪ ،‬وقال إنه إلى جانب هذين المنتجعين‬
‫المألوفين هناك ثالث‪ .‬لقد شككت في وجود أي منتجع ثالث‪ ،‬وأشرت إلى أنني قضيت سبعة فصول‬
‫صيفية في المنطقة المجاورة‪ ،‬وبالتالي كنت أعلم عن المكان أكثر منه‪ .‬وبسبب اصراري على‬
‫مناقضته‪ ،‬تذكر االسم‪ .‬االسم الثالث كان "هوتشوارتنر"‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬كان على أن أعترف بذلك؛‬
‫وبالفعل‪ ،‬أجبرت على االعتراف أنني عشت في سبعة فصول من الصيف بالقرب من هذا المنزل‬
‫الذي أنكرت بشدة وجوده‪ .‬لكن لماذا نسيت االسم والشكل؟ وأعتقدت أن االسم يشبه كثيرا اسم زميل‬
‫فيينا الذي مارس نفس تخصصي‪ .‬لقد أثر في "عقدة المهنة"‪.‬‬

‫ت‌) في مناسبة أخرى‪ ،‬عندما كنت على وشك شراء تذكرة سكة حديد في محطة رايشنهال‪،‬‬
‫لم يكن بوسعي أن أتذكر االسم المألوف جدا لمحطة السكك الحديدية الكبرى التالية التي مررت بها‬
‫كثيرا‪ .‬أجبرت على البحث عنه على الطاولة‪ .‬وكان االسم روزهوم (الحقيقي هو روزنهايم)‪.‬‬
‫سرعان ما اكتشفت من خالل ما نسيته انني قبل ساعة زرت أختي في منزلها بالقرب من‬
‫رايشنهال؛ اسم أختي روز‪ .‬هذا االسم أخذته من "عقد العائلة"‪.‬‬

‫ث‌) هذا التأثير الشديد ل " عقد العائلة" أستطيع أن أوضحه في سلسلة كاملة من العقد‪ .‬في‬
‫يوم من األيام‪ ،‬استشرت من قبل شاب‪ ،‬وهو األخ األصغر لواحدة من مريضاتي‪ ،‬والذي كنت قد‬
‫رأيته عدة مرات‪ ،‬وكنت أناديه باسمه األول‪ .‬الحقا‪ ،‬بينما كنت أرغب في الحديث عن زيارته‪،‬‬
‫نسيت اسمه األول‪ ،‬ال شيء غير عادي‪ ،‬وال أستطيع تذكره بأي شكل من األشكال‪ .‬مشيت إلى‬
‫الشارع ألقرأ لوحات تعريف االعمال لكي اتذكر االسم بمجرد ان اراه‪.‬‬
‫وقد اظهر التحليل انني شكلت مقارنة بين الشاب وأخي الذي تضمن السؤال‪" :‬هل كان‬
‫سيتصرف أخي في حالة مماثلة معه أو بشكل أكثر تعقيدا؟ " لقد أصبح االتصال الخارجي بين‬
‫األفكار المتعلقة بالشاب وأسرتي ممكنا من خالل الحادث أن اسم األمهات في كل حالة هو نفسه‪،‬‬
‫أميليا‪ .‬وبعد ذلك فهمت أيضا االسماء البديلة‪ ،‬دانيال وفرانك‪ ،‬التي اظهرت نفسها دون أي تفسير‪.‬‬
‫‪16‬؛ وجميعهم مرتبطون بنكتة‬ ‫وهذه األسماء‪ ،‬فضال عن أميليا‪ ،‬تنتمي إلى مسرحية شيلر اللصوص‬
‫عابر السبيل في فيينا‪ ،‬دانييل سبيتزر‪.‬‬

‫ج‌) في مناسبة أخرى لم أتمكن من العثور على اسم المريض الذي كان له إشارة معينة إلى‬
‫حياتي المبكرة‪ .‬كان يجب متابعة التحليل على طريق طويل منحرف قبل اكتشاف االسم المرغوب‪.‬‬
‫أبدى المريض تخوفه من أن يفقد بصره؛ هذا يذكرنا بشاب اعمى بطلقة نارية‪ ،‬وهذا مرة أخرى‬
‫أدى إلى صورة لشاب آخر أطلق النار على نفسه‪ ،‬وقد حمل هذا األخير نفس اسم مريضي األول‪،‬‬
‫ولكن ليس له أي عالقة به على اإلطالق‪ .‬ولكن لم يعرف لي االسم إال بعد أن تم نقل القلق من‬
‫هاتين الحالتين إلى شخص من عائلتي‪ .‬وهكذا يتدفق تيار مستمر من "المرجعية الذاتية" من خالل‬
‫أفكاري التي عادة ما ال أغفل عنها‪ ،‬بل تغدر نفسها من خالل هذا النسيان‪ .‬يبدو وكأنني أجبرت‬
‫على المقارنة بشخصي كل ما أسمعه عن الغرباء وكأن عقدي الشخصية تثير حفيظتها أي معلومة‬
‫عن االخرين‪ .‬يبدو من المستحيل أن تكون هذه الميزة فردية في شخصيتي؛ بل على العكس من‬
‫ذلك‪ ،‬يجب أن تشير إلى الطريقة التي نفهم بها األمور الخارجية بشكل عام كبشر‪ .‬لدي أسباب‬
‫لنفترض أن أفرادا آخرين يجرون تجارب مشابهة لتجربتي‪ .‬أفضل مثال من هذا النوع أبلغني به‬
‫رجل اسمه ليدرير كتجربة شخصية‪ .‬فأثناء رحلته إلى زفافه في البندقية‪ ،‬وجد رجال لم يكن على‬
‫دراية به إال قليال‪ ،‬وكان مضطرا إلى تعريفه لزوجته من باب اللباقة‪ .‬وعندما نسي اسم الغريب‪،‬‬
‫اخرج نفسه من الحرج ألول مرة بتمتمة االسم بصوت خفي‪ .‬ولكن عندما التقى الرجل مرة ثانية‪،‬‬
‫كما هو حتمي في البندقية‪ ،‬أخذه جانبا وطلب منه أن يساعده على الخروج من الصعوبة بإخباره‬
‫باسمه الذي نسيه لألسف‪ .‬ويشير جواب ذلك الشخص إلى معرفة متفوقة بالطبيعة البشرية‪" :‬أعتقد‬
‫بسهولة أنك لم تفهم اسمي‪ .‬اسمي مثل اسمك ‪ -‬ليدرر!" ال يستطيع المرء أن يقمع شعورا‬
‫باالشمئزاز حين يكتشف اسمه عند غريب‪ .‬لقد شعرت في اآلونة األخيرة بذلك بوضوح شديد‬
‫عندما استشرت خالل ساعات عملي من قبل رجل يدعى س‪ .‬فرويد‪ .‬ولكن أحد نقادي أكد لي أنه‬
‫يتصرف في هذا الصدد بطريقة عكسية تماما‪.‬‬
‫جونغ‪17.‬‬ ‫ح‌) يمكن االعتراف أيضا بأثر العالقة الشخصية في األمثلة التالية التي أبلغ عنها‬
‫"السيد ص يقع في حب سيدة تتزوج بعد ذلك بوقت قصير من السيد س‪ .‬وعلى الرغم من أن السيد‬
‫ص كان من معارف السيد س وكان له عالقات عمل معه‪ ،‬فقد نسي االسم مرارا‪ ،‬وفي عدد من‬
‫المناسبات وعندما أراد أن يستجيب لشيء متعلق ب ص كان ملزما بأن يطلب من اآلخرين أن‬
‫يستذكروا اسمه"‪ .‬بيد أن الدافع وراء النسيان في هذه الحالة أكثر وضوحا من الدافع في الحاالت‬
‫السابقة‪ ،‬التي كانت تحت شبكة المرجعية الشخصية‪ .‬وهنا يتبين لنا أن النسيان نتيجة مباشرة‬
‫لحساسية ص تجاه المنافس السعيد س؛لذا ال يريد أن يعرف عنه شيئا‪.‬‬

‫خ‌) تظهر الحالة التالية‪ ،‬التي أبلغ عنها فيرينزي‪ ،‬والتي يكون تحليلها مفيدا بشكل خاص‬
‫)‪ ،‬بطريقة‬ ‫من خالل تفسير األفكار البديلة (مثل بوتيسيلي ‪ -‬بولترافيو إلى سينغوريلي‬
‫مختلفة بعض الشيء كيف تؤدي المرجعية الشخصية إلى نسيان اسم ما‪" — :‬لم تستطع سيدة‬
‫سمعت شيئا عن التحليل النفسي تذكر اسم الطبيب النفساني يونغ (يونج)‪" .‬بدال من ذلك‪ ،‬ظهرت‬
‫لها األسماء التالية‪:‬‬

‫ج (اسم) – ويلد‪ -‬نيتشه ‪ -‬هاوبتمان‪" .‬لم أقل لها االسم‪ ،‬وطلبت منها أن تكرر تصورها‬
‫الحر بكل اسم‪" .‬بالنسبة للدرجة األولى‪ ،‬كانت تفكر في مرة واحدة في السيدة ج‪ ،‬بأنها شخص مثير‬
‫للنظر وتبدوا أصغر من عمرها كثيرا كإنها ال تتقدم في العمر‪ .‬وكمفهوم عام ورئيسي لوايلد و‬
‫نيتشه‪ ،‬منحت الرابط "المرض العقلي"‪ .‬ثم أضافت بتهور‪ :‬سيواصل الفرويديون البحث عن أسباب‬
‫األمراض العقلية حتى يصبحون أنفسهم مجانين‪ .‬وتابعت‪ :‬ال أستطيع تحمل وايلد ونيتشه‪ .‬ال‬
‫) (رغم أنها قالت في هذه‬ ‫أفهمها‪ .‬سمعت أنهما مثليان‪ .‬لقد قضى وايلد وقته مع الشباب(يونغ‬
‫الجملة االسم الصحيح الذي ما زالت ال تستطيع تذكره)‪" .‬لقد ربطت هاوبتمان بالكلمات نصف و‬
‫شباب ‪ ،‬ولم تدرك أنها تبحث عن اسم يونج إال بعد أن لفتت انتباهها إلى كلمة الشباب‪ .‬ومن‬ ‫‪18‬‬

‫الواضح أن هذه السيدة‪ ،‬التي فقدت زوجها في التاسعة والثالثين من العمر‪ ،‬ولم يكن لديها أي‬
‫احتمال في الزواج مرة ثانية‪ ،‬كان لديها ما يكفي لتجنب تذكر الشباب والشيخوخة‪ .‬الشيء الرائع‬
‫هو أن األفكار المخفية لالسم المرغوب وصلت إلى السطح كروابط بسيطة المحتوى بدون أي‬
‫اقترانات صوتية‪.‬‬
‫د‌) ما زال هناك أختالف ودوافع دقيقة جدا‪ ،‬وهو مثال على تناسي األسماء الذي شرحه‬
‫الشخص المعني نفسه‪" .‬أثناء دراستي للفلسفة كمادة ثانوية إستجوبني الممتحن حول تعاليم‬
‫هو‬ ‫غاسندي‪19‬‬ ‫أبيقوروس وسألني عما إذا كنت أعلم من بدأ تعاليمه بعد قرون‪ .‬فأجبت ان بيار‬
‫الذي قام بإعادة نشر تعاليمه اذا كنت قبل يومين جالسا في مقهى وسمعت عنه بانه من أنصار‬
‫أبيقوروس (ابيكوروس)‪ .‬وردا على سؤال عن كيفية معرفتي بهذا‪ ،‬أجبت بجرأة بأنني قد اهتمت‬
‫‪ ،20‬ولكن لألسف لم أستطع‬ ‫بغاسندي لفترة طويلة‪ .‬وقد أدى ذلك إلى شهادة مع مرتبة الشرف‬
‫تذكر اسم غاسندي في حاالت اخرى‪ .‬وأعتقد أنه بسبب ذنب الضمير ال يمكنني حتى اآلن االحتفاظ‬
‫بهذا االسم رغم كل الجهود ولم أكن أعرف ذلك حينها‪ .‬ولكي نفهم قصده فالبد وأن نكون قد أدركنا‬
‫مدى تقديره لشهادة الطب التي لديه‪ ،‬وكم عدد الترابطات االخرى التي يمكن ان تنتج البديل‪.‬‬
‫وأضيف هنا مثاًال آخر على نسيان اسم مدينة‪ ،‬وهو مثال قد ال يكون بسيطا كما كان في السابق‪،‬‬
‫ولكنه يبدو ذا مصداقية وقيمة بالنسبة لمن هم أكثر دراية بهذه التحقيقات‪ .‬لقد كبت اسم مدينة‬
‫إيطالية من الذاكرة لتشابهها الصوتي البعيد المدى مع االسم األول المرأة‪ ،‬الذي كان بدوره مرتبطا‬
‫بمختلف الذكريات العاطفية التي ال تعالج على نحو كامل في هذا التحليل‪ .‬كان فيرينزي‪ ،21‬الذي‬
‫الحظ هذه الحالة من النسيان في نفسه‪ ،‬يتعامل مع األمر على نحو عادل للغاية كتحليل لحلم أو‬
‫فكرة جنسية‪" .‬زرت اليوم بعض األصدقاء القدامى‪ ،‬ودار الحديث عن مدن شمال إيطاليا‪ .‬وكيف‬
‫أنهم ما زالوا يظهرون بعض النفوذ النمساوي واستشهد بقليل من هذه المدن‪ .‬وكنت أيضا أتمنى‬
‫ذكر واحدة‪ ،‬ولكن االسم لم يأت إلى‪ ،‬رغم أنني كنت أعلم أنني قضيت هناك يومين ممتعين للغاية؛‬
‫وهذا بطبيعة الحال ال يتفق تماما مع نظرية فرويد في النسيان‪ .‬وبدال من االسم المرغوب في‬
‫المدينة انبهر أنفسهم االفكار التالية‪" :‬كابوا ‪ -‬بريسيا ‪ -‬أسد بريسيا"‪ .‬هذا األسد الذي رأيته بعيني‬
‫بدقة كان على شكل تمثال رخامي‪ ،‬لكنني سرعان ما الحظت أنه يشبه أسد تمثال الحرية في بريسيا‬
‫(الذي رأيته في صورة فقط) أكثر من األسد الرخام اآلخر الذي رأيته في لوسيرن على النصب‬
‫التذكاري تكريما للحرس السويسري الذي سقط في التويلريس‪ .22‬وأخيرا تذكرت اسم المدينة‪ :‬كان‬
‫فيرونا‪" .‬عرفت في الحال سبب فقدان الذاكرة‪ .‬لم يكن سوى خادمة سابقة للعائلة زرتها في ذلك‬
‫الوقت‪ .‬كان اسمها فيرونيكا؛ في فيرونا الهنغارية‪ .‬فقد شعرت بكراهية عظيمة لتقاسيم وجهها‪،23‬‬
‫فضال عن صوتها القاسي واالجش وعنجهيتها التي ال تطاق (والذي ظنت أنها تستحقه بسبب‬
‫خدمتها الطويلة)‪ .‬كما ان الطغيان الذي عاملت فيه اطفال عائلتي كان مقلقا لي‪ .‬اآلن عرفت أهمية‬
‫األسماء البديلة‪.‬‬

‫‪ .24‬كثيرا ما قارنت رأس‬ ‫"وإلى كابوا‪ ،‬قمت على الفور باالرتباط براس الموتى‬
‫فيرونيكا بجمجمة‪ .‬ومن المؤكد أن كلمة كابزوي الهنغارية (الجشع بعد الحصول على المال)‬
‫‪25‬‬

‫كانت بمثابة العامل المحدد للكبت‪ .‬كما وجدت بطبيعة الحال تلك الترابطات األكثر مباشرة التي‬
‫ربطت بين أفكار كابوا وفيروناس‪ 26‬الجغرافية وكلمات إيطالية بنفس اإليقاع"‪ .‬ويصدق نفس القول‬
‫على بريشيا؛ وهنا أيضا‪ ،‬وجدت مسارات جانبية مخفية من ارتباطات األفكار‪" .‬كانت كراهيتي في‬
‫ذلك الوقت عنيفة جدا لدرجة أنني كنت أعتقد أن فيرونيكا قبيحة جدا‪ ،‬وكثيرا ما أعربت عن‬
‫دهشتي من حقيقة أن هنالك شخص يمكنه أن يحبها‪ :‬قلت‪" :‬لماذا؟‪ ،‬أن تقبلها‪ ،‬يجب أن تثير عندك‬
‫الغثيان"‪" .‬بريسيا‪ ،‬على األقل في المجر‪ ،‬ال يربط اسمها باألسد بل في أسم حيوان وحشي أخر هو‬
‫الضبع‪ .‬أكثر األسماء كراهية في هذا البلد‪ ،‬وكذلك في شمال إيطاليا‪ ،‬هو اسم الجنرال هايناو‪،27‬‬
‫الذي يشار إليه بإيجاز باسم ضبع بريسيا‪ .‬من الطاغية المكروهة هايناو‪ ،‬يقود تيار من األفكار الى‬
‫بريسيا ثم إلى مدينة فيرونا‪ ،‬ويقود التيار اآلخر الى فكرة الحيوان (األسطوري) حافر القبور (الذي‬
‫واعضائها الجنسية‬ ‫يتوافق مع فكرة نصب تذكاري للموتى)‪ ،‬إلى الجمجمة‪ ،‬وإلى فيرونيكا‬
‫الكريهة‪ ،‬والذي كان مهينا بقسوة في عقلي الالواعي‪ .‬كانت فيرونيكا في زمنها تحكم بطغيان كما‬
‫كان حال الجنرال النمساوي بعد نضال المجر وايطاليا من أجل الحرية‪.‬‬

‫"ترتبط لوسيرن بفكرة الصيف التي أمضتها فيرونيكا مع عائلتي في مكان بالقرب من‬
‫لوسيرن‪ .‬وتذكرت الحرس السويسري مرة أخرى ألنها لم تستبد األطفال فحسب‪ ،‬بل أيضا أفراد‬
‫األسرة البالغين‪ ،‬لذا لعبت دورا مصاحبا‪" .‬‬

‫الحظت صراحة أن هذه كراهية ضد فيرونيكا من قبلي وهي تنتمي في الالوعي‪ .‬ومنذ ذلك‬
‫الوقت تغيرت في مظهرها وأسلوبها‪ ،‬إلى حد كبير لالفضل‪ ،‬بحيث أستطيع أن أقابلها ببالغ التقدير‬
‫(على يقين من أنني بالكاد أجد مثل هذه المناسبة)‪ .‬ولكن كالمعتاد‪ ،‬فإن الالوعي يلتصق بشكل أكثر‬
‫تواترا بهذه االنطباعات؛ فهو قديم في االستياء منها‪.‬‬
‫"تويلرس تمثل إشارة إلى شخصية ثانية‪ ،‬سيدة فرنسية مسنة تقوم بحراسة نساء البيت‪،‬‬
‫تدريسي‬ ‫اللواتي كن في غاية االحترام ويخافن الجميع نوعا ما‪ .‬ولفترة طويلة كانت مهنتها‬
‫عندها‪ .‬وتذكرت كلمة " ايلييف" عندما زرت صهر مضيفي‬ ‫ايلييف‪28‬‬ ‫المحادثة الفرنسية أي كنت‬
‫الحالي في شمال بوهيميا‪ ،‬واضطررت إلى الضحك كثيرا ألن سكان الريف كانوا يشيرون إلى‬
‫كما أن ذكريات اللطيفة هذه ربما تكون قد شاركت‬ ‫‪29.‬‬
‫تالميذ المدرسة (ايلييف) في الغابات كأسود‬
‫في إزاحة الضبع باألسد‪".‬‬

‫ذ‌) ويمكن للمثال التالي أن يبين أيضا كيف يمكن لعقدة شخصية ان تجعل الشخص‪ ،‬بطرق‬
‫ما‪30.‬‬ ‫ملتوبة‪ ،‬إلى نسيان اسم‬

‫وقد تبادل رجالن‪ ،‬أحدهما شيخ واآلخر أصغر سنا‪ ،‬كانا قد سافرا معا في صقلية قبل ستة‬
‫أشهر‪ ،‬ذكريات تلك األيام السعيدة والمثيرة لالهتمام‪ .‬سأل الشاب‪" :‬لنرى‪ ،‬ما هو اسم ذلك المكان"‪،‬‬
‫"أين مررنا الليلة قبل الذهاب إلى سيلينونت؟ أليس كذلك؟ رفض الشيخ ذلك قائال‪" :‬بالتأكيد ال؛‬
‫ولكنني نسيت االسم أيضا‪ ،‬رغم أنني أستطيع أن أتذكر تماما كل تفاصيل المكان‪ .‬كلما سمعت‬
‫أحدهم ينسى اسما يقوم عقلي بالنسيان ايضا‪ .‬دعنا نبحث عن االسم‪ ،‬ال يمكنني التفكير في أي اسم‬
‫‪ ،‬وهذا بالتأكيد غير صحيح‪ .‬قال الشاب‪ :‬ال‪ ،‬يبدأ االسم بالحرف ‪ w‬أو‬ ‫آخر عدا كالتانيسيتا‬
‫‪."w‬‬ ‫يحتوي عليه"‪ .‬رد الشيخ قائال‪" :‬لكن اللغة اإليطالية ال تحتوي على‬
‫لقد عنيت ‪ v‬حقا‪ ،‬وقلت ألنني معتاد على تبادلهم بلغتي األم‪.‬‬

‫العبارة‪.‬‬ ‫لكن الشيخ اعترض على هذه‬


‫"أعتقد أنني نسيت بالفعل العديد من األسماء الصقلية‪ .‬لنفترض أننا نحاول معرفة ذلك‪.‬‬

‫في العصور القديمة؟‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬ما هو اسم المكان الواقع على علو سمي إينا‬
‫"أوه‪ ،‬أنا أعلم ذلك‪ :‬كاستروجيوفاني‪ .‬في اللحظة التالية اكتشف الشاب االسم المفقود‪.‬‬
‫صرخ كاستلفيترانو"‪ ،‬وسعد أن يكون قادرا على تبيين الحرف ‪.v‬‬
‫وللحظة ما كان الشيخ يفتقر إلى الشعور بالتقدير‪ ،‬ولكن بعد ان قبل االسم تمكن من ذكر‬
‫سبب فراره منه‪.‬‬

‫‪ .‬وأنا‬ ‫فكر الشيخ‪" :‬من الواضح ان النصف الثاني‪- ،‬فيترانو‪ ،‬وتعني محاربين قدامى‬
‫أدرك أنني لست حريصا إلى حد كبير على التفكير في الشيخوخة‪ ،‬او أن أتفاعل بشكل غريب حين‬
‫‪ ،‬ذكرت مؤخرا صديقا مقتدرا جدا بعبارات‬ ‫أتذكر هذه الشيخوخة‪ .‬وهكذا‪ ،‬على سبيل المثال‬
‫ال لبس فيها أنه "مضى زمن بعيد على سنوات شبابه"‪ ،‬ألنه قبل ذلك كان قد علق ذات مرة‬
‫تظهر‬ ‫بانبهار‪ ،‬لم أعد شابا‪ .‬ان مقاومتي كانت موجهة ضد النصف الثاني من اسم كاستلفيترانو‬
‫من واقع ان الصوت االول لنفس الشيء عاد باالسم البديل كالتانيسيتا‪" .‬ماذا عن اسم كالتانيسيتا‬
‫نفسها؟ " سأل الشاب‪.‬‬

‫اعترف ذلك الشيخ قائال‪ :‬كان ذلك يبدو لي دائما كأسم المرأة شابة‪.‬‬

‫كان أيضا اسما بديال‪ .‬واآلن يبدو لي أن اسم‬‫ثم أضاف الحقا إلى حد ما‪" :‬ان اسم إينا‬
‫كاستروجيوفاني‪ ،‬الذي ابرز نفسه بمساعدة التقسيمات‪ ،‬يشير على نحو صريح إلى جيوفاني‬
‫(شاب)‪ ،‬واالسم األخير‪ ،‬كاستيلفيترانو‪( ،‬المحاربين القدماء)‪ .‬اعتقد الرجل االكبر ان ذلك‬
‫هو سبب نسيانه لالسم‪ .‬لم يتم التحقيق في الدافع الذي دفع الشاب إلى فشل ذاكرته‪ .‬في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬يجب اللجوء بدقة لتقنيات التحليل النفسي لشرح نسيان اسم ما‪ .‬أما الذين يرغبون في‬
‫قراءة مثال على هذا العمل‪ ،‬فأشير إلى رسالة من البروفيسور إ‪ .‬جونز‪.31‬‬

‫يمكنني أن اضرب أمثلة نسيان األسماء وأطيل النقاش أكثر لو لم أكن أود أن اتجنب‬
‫توضيح جميع وجهات النظر التي سينظر فيها في مواضيع الحقة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬يجب أن يأخذ في‬
‫االعتبار نتائج التحليالت المذكورة هنا باختصار‪.‬‬

‫إن آلية النسيان‪ ،‬أو باألحرى فقدان اسم ما أو نسيانه مؤقتا‪ ،‬تكمن في اضطراب استبدال‬
‫االسم البديل لالسم المفقود من خالل تيار غريب من التفكير الالواعي في ذلك الوقت‪.‬‬

‫توجد صالت بين االسم المفقود والعقد النفسية إما من البداية أو أن صلة من هذا القبيل‬
‫تشكلت ‪ -‬ربما بوسائل اصطناعية ‪ -‬عن طريق روابط سطحية (خارجية)‪ .‬وتثبت أن العقد النفسية‬
‫الفردية (الشخصية أو األسرية أو المهنية) هو أكثر العقد فعالية‪ .‬االسم المألوف يعود في كثير من‬
‫األحيان‪ ،‬بحكم معانيه الكثيرة‪ ،‬إلى عدد من العقد النفسية لكنه يرتبط بالعقدة األقوى‪ .‬إن تجنب إيقاظ‬
‫األلم من خالل الذاكرة هو أحد الدوافع الرئيسية لهذه االضطرابات‪ .‬وقد يفرق المرء عموما بين‬
‫حالتين رئيسيتين من حاالت نسيان األسماء؛ عندما يمس االسم نفسه شيئا غير سار في الذاكرة‪ ،‬أو‬
‫عندما يكون متصال بعقد أخرى يتأثر بسببها‪ .‬إن استعراض هذه المبادئ العامة يقنعنا بسهولة بأن‬
‫النسيان المؤقت لالسم ينظر إليه على أنه الفعل الخاطئ األكثر تواترا في وظائفنا العقلية‪ .‬إال أننا ما‬
‫زلنا بعيدين عن وصف كل خصائص هذه الظاهرة‪ .‬وأود أيضا أن أشير إلى أن مسألة نسيان‬
‫األسماء شديدة العدوى‪ .‬في محادثة بين شخصين‪ ،‬غالبا ما يكفي مجرد ذكر نسيان هذا االسم أو‬
‫ذاك من قبل شخص ما لحث نفس انزالق الذاكرة في اآلخر‪ .‬ولكن كلما تم استحثاث النسيان‪ ،‬كان‬
‫من السهل أن يظهر االسم المطلوب‪ .‬كما أن هناك تناسيا مستمرا لألسماء تسحب فيها سالسل‬
‫كاملة من األسماء من الذاكرة‪ .‬وإذا كان المرء‪ ،‬في محاولة الكتشاف اسم هارب‪ ،‬يجد اسما آخر‬
‫يرتبط به ارتباطا وثيقا‪ ،‬غالبا ما يحدث ان هذه االسماء الجديدة تفلت أيضا من الذاكرة‪ .‬وهكذا‬
‫ينتقل النسيان من اسم إلى آخر‪ ،‬كما لو كان يظهر كعقبة ال يمكن إزالتها بسهولة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الرابع

‫الطفولة وإخفاء الذكريات‬

‫‪ ‬‬

‫في مقال ثان‪ ،32‬تمكنت من إظهار الطبيعة الحقيقية لذكرياتنا في مجال غير متوقع‪ .‬لقد‬
‫بدأت بحقيقة الفتة للنظر‪ ،‬وهي أن أوائل عمليات جمع المعلومات او الذكريات لطفل ما غالبا ما‬
‫تبدو وكأنها تخزن غير المهم والعارض (على الرغم من أنه ليس بشكل عام)‪ ،‬في حين ال يوجد‬
‫أثر في ذاكرة البالغين لوزن هذه الفترة وانطباعاتها العاطفية‪ .‬وكما هو معروف‪ ،‬فإن الذاكرة‬
‫تمارس اختيارا معينا بين االنطباعات التي تحت تصرفها‪ ،‬يبدو من المنطقي االفتراض بأن هذا‬
‫االختيار يتبع مبادئ مختلفة تماما في مرحلة الطفولة عن وقت النضج الفكري‪ .‬بيد أن التحقيق‬
‫الوثيق يشير إلى أن هذا االفتراض غير ضروري‪ .‬إن ذكريات الطفولة غير المبالى بتخزينها تدين‬
‫بوجودها لعملية نزوح‪ .33‬كما يتضح من التحليل النفسي أنها في إعادة انتاج الذاكرة تمثل البديل‬
‫النطباعات أخرى مهمة جدا‪ ،‬حيث أن جلبها للذاكرة الفعالة يتم مواجهتهه ببعض المقاومة التي ال‬
‫يدينون بوجودها إلى محتوياتها‪ ،‬بل الى عالقات ترابطية لمحتويات آخرى مكبوتة‪ ،‬لذا يستحقون‬
‫لقب "الذكريات المخفية" الذي وصفتهم بها‪.‬‬

‫في المقال المذكور لم أتطرق إال إلى األصناف في عالقات ومعاني الذكريات المخفية‪،‬‬
‫ولكن لم تكن بصورة مفصلة بأي حال من األحوال‪ .‬وفي المثال المعطى الذي تم تحليله بشكل‬
‫كامل‪ ،‬أكدت بصفة خاصة على وجود غرابة في العالقة الزمنية بين إخفاء محتويات الذاكرة‬
‫المخفية بها‪.‬‬
‫إن محتوى الذاكرة المخفية في ذلك المثال يعود إلى إحدى أيام الطفولة االولى‪ ،‬في حين أن‬
‫األفكار تمثل تلك الذاكرة التي ظلت غير واعية عمليا‪ ،‬والتي تنتمي إلى فترة الحقة‪.‬‬

‫● وقد وصفت هذا الشكل من أشكال إزاحة الذكريات بانه ذو أثر رجعي أي انه يجلب‬
‫لألفكار صدى الذاكرة المخفية‪.‬‬

‫● ولعل المرء يجد في أغلب األحيان أن العالقة العكسية التي تعزى ببساطة في وجودها‬
‫إلى ارتباط مع تجربة سابقة‪ ،‬التي توجد في مواجهتها مقاومات ضد إعادة إنتاجها المباشر كافكار‪.‬‬
‫أي أن االنطباعات الالواعية من أبعد فترة في حياة الطفل تصبح ذاكرة مخفية في الوعي وقد‬
‫نسميها بالتعدي أو التشويش على الذكريات‪.‬‬

‫● وأخيرا‪ ،‬قد تكون هناك حالة ثالثة محتملة‪ ،‬وهي أن إخفاء الذاكرة قد يكون مرتبطا‬
‫بالتأثير الذي يخفيه‪ ،‬ليس فقط من خالل محتوياته‪ ،‬بل من خالل التالصق الزمني؛ هذا هو ذاكرة‬
‫اإلخفاء المتزامنة أو المتالصقة‪.‬‬

‫كم جزء من مجموع ذاكرتنا ينتمي إلى فئة الذكريات المخفية؟‪ ،‬وما الجزء الذي يلعبه في‬
‫عمليات مخفية عصبية مختلفة؟ هذه االسئلة التي لم استفسر عنها ولن أدخل هنا في تفاصيلها‪ .‬ال‬
‫يهمني إال التأكيد على مدى التشابه بين تناسي األسماء المألوفة التي ال يتذكرها الشخص‪ ،‬وبين‬
‫إخفاء الذكريات‪.‬‬

‫للوهلة األولى‪ ،‬يبدو أن تنوع كال الظاهرتين أكثر تعقيدا من امثلتهما‪ .‬هناك نتعامل مع‬
‫األسماء الصحيحة‪ ،‬هنا مع انطباعات كاملة سواء في الواقع أو في التفكير؛ هناك نتعامل مع فشل‬
‫واضح في وظيفة الذاكرة‪ ،‬هنا مع عمل ذاكرة يبدو غريبا بالنسبة لنا‪ .‬مرة أخرى‪ ،‬نحن نتعامل مع‬
‫اضطراب وقتي ‪ -‬ألن االسم الذي نسيته ربما تم استرجاعه بشكل صحيح مائة مرة من قبل‪،‬‬
‫وسوف يعود من الغد فصاعدا؛ وهنا نتعامل مع الحيازة الدائمة دون فشل‪ ،‬ألن ذكريات الطفولة‬
‫غير الواعية تبدو قادرة على مرافقتنا في جزء كبير من الحياة‪ .‬وفي كل من هاتين الحالتين‪ ،‬يبدو‬
‫أن األحجية تحل بطريقة مختلفة تماما‪ .‬ها هو النسيان‪ ،‬بينما ها هو التذكر الذي يثير فضولنا‬
‫العلمي‪.‬‬
‫وبعد تفكير أعمق‪ ،‬يدرك المرء أنه على الرغم من وجود تنوع في المادة النفسية وفي مدة‬
‫هاتين الظاهرتين‪ ،‬فأن هذه األمور تفوق كثيرا التشابهات والتطابقات بينهما‪ .‬في كلتا الحالتين‪ ،‬نحن‬
‫نتعامل مع الفشل في تذكر ما يجب أن يتم استرجاعه بشكل صحيح بسبب فشل الذاكرة في‬
‫الظهور‪ ،‬وبدال من ذلك‪ ،‬يأتي شيء آخر كبديل‪ .‬في حالة الحصول على اسم‪ ،‬ال يوجد نقص في‬
‫وظيفة الذاكرة في الية إستبدال االسم‪ .‬إن تشكيل ذاكرة مخفية يعتمد على نسيان انطباعات أخرى‬
‫مهمة‪ .‬وفي كلتا الحالتين‪ ،‬يذكرنا شعور فكري بتدخل اضطراب يتخذ في كل حالة شكال مختلفا‪.‬‬
‫في حالة نسيان األسماء‪ ،‬نحن ندرك أن األسماء البديلة غير صحيحة‪ ،‬وفي إخفاء الذكريات‪ ،‬نحن‬
‫متفاجئون من أننا نمتلكها على اإلطالق‪ .‬ومن هنا‪ ،‬إذا أظهر التحليل النفسي أن التكوين البديل في‬
‫كل حالة يتم تحقيقه بنفس الطريقة ‪ -‬أي من خالل إزاحة إرتباط سطحي ‪ -‬يمكننا تبرير القول بأن‬
‫التنوع في المواد‪ ،‬في مدة الزمن‪ ،‬وفي تركيز كلتا الظاهرتين يعزز توقعاتنا‪ ،‬بأننا اكتشفنا شيئا‬
‫مهما ذا قيمة عالية‪ .‬وتهدف هذه الصفة العامة إلى أن إيقاف وتقييد وظيفة إعادة انتاج الكلمات‬
‫يشيران في كثير من األحيان إلى أن هناك تدخال في اتجاه يفضل ذاكرة واحدة ويعمل في الوقت‬
‫نفسه ضد أخرى‪ .‬إن موضوع ذكريات الطفولة يبدو لي مهما ومثيرا لالهتمام لدرجة أنني أود أن‬
‫أكرس له بضع مالحظات إضافية تتجاوز اآلراء المعرب عنها حتى اآلن‪.‬‬

‫من اهم األسئلة هو سؤال إلى أي مدى يمكن لذكرياتنا العودة في مرحلة الطفولة؟ وأعلم‬
‫‪ .‬هنري و س‪ .‬هنري‪ 34‬وبوتوين‪ .35‬الذين اكدوا ان‬ ‫ببعض التحقيقات بشأن هذه المسألة من قبل ف‬
‫هذه التجارب تظهر تباينات فردية واسعة‪ ،‬إذ ان البعض يتتبع أول ذكرياته إلى الشهر السادس من‬
‫الحياة‪ ،‬في حين ال يمكن لآلخرين تذكر شيئا من حياتهم قبل نهاية السنة السادسة أو حتى الثامنة‪.‬‬
‫ولكن ما هي العالقة بين هذه التغيرات في سلوك الذكريات في الطفولة وما أهميتها؟ ويبدو أنه ال‬
‫يكفي الحصول على المواد البحثية لهذه المسألة ببساطة ألجراء التحقيقات‪ ،‬ولكن يجب أن تخضع‬
‫لدراسة موسعة يجب أن يشارك فيها كل شخص يقدم المعلومات‪.‬‬

‫وأعتقد أننا نتقبل دون مباالة حقيقة فقدان الذاكرة الطفولي أي فشل الذاكرة في السنوات‬
‫األولى من حياتنا ونفشل في العثور فيها على انها لغزغريب‪ .‬وننسى ما يمكن أن يحققه الطفل ذو‬
‫األربع سنوات من إنجازات فكرية عظيمة وما يمكن أن يحمله من مشاعر معقدة‪ .‬وينبغي لنا أن‬
‫نتساءل حقا لماذا احتفظت ذاكرة السنوات الالحقة‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬بالقليل جدا من هذه العمليات‬
‫النفسية‪ ،‬خاصة وأن لدينا كل األسباب التي تدفعنا إلى افتراض أن أنشطة الطفولة المنسية نفسها لم‬
‫تنزلق دون ترك أثر في نمو الشخص‪ ،‬ولكنها تركت تأثيرا محددا طوال الوقت في المستقبل‪ .‬ولكن‬
‫على الرغم من هذه الفعالية التي لم يسبق لها مثيل فقد نسيت! وهذا يشير إلى وجود ظروف خاصة‬
‫مشكلة من الذاكرة (بمعنى إعادة االنتاج الواعي للكلمات واالفكار)‪ ،‬حتى اآلن لم نتمكن من فهمها‪.‬‬
‫فمن المحتمل أن نسيان فترة الطفولة يعطينا مفتاح فهم فقدان الذاكرة الذي‪ ،‬وفقا لدراستنا الجديدة‪،‬‬
‫يحتوي على أساس تكوين كل األعراض العصابية‪ .‬ومن بين اثار الطفولة المحتفظ بها‪ ،‬يبدو لنا‬
‫بعض المفاهيم سهلة الفهم‪ ،‬في حين تبدو أخريات غريبة أو غير مفهومة‪ .‬وليس من الصعب‬
‫تصحيح بعض األخطاء فيما يتعلق بالنوعين‪ .‬إذ أن شوارد الذكريات لو خضعت الختبار تحليلي‪،‬‬
‫يمكن التأكد بسهولة من عدم وجود ضمان لصوابها‪ .‬بعض صور الذاكرة مزيفة وناقصة‪ ،‬أو‬
‫مشردة في وقت ومكان ما‪ .‬تأكيدات األشخاص الذين خضعوا للدراسة ذكرت أن ذكرياتهم األولى‬
‫ربما تعود إلى عامها الثاني‪ ،‬وال يمكن االعتماد عليها بوضوح‪ .‬وسرعان ما تكتشف الدوافع التي‬
‫تفسر التشوه وتشريد هذه التجارب‪ ،‬ولكنها تظهر أيضا أن هفوات الذاكرة هذه ليست نتيجة ذاكرة‬
‫ال يمكن االعتماد عليها‪ .‬التجارب القوية في الفترات الالحقة قللت من سعة الذاكرة لتجارب‬
‫طفولتنا‪ ،‬وربما يرجع السبب في ذلك الى أن فهم طفولتنا بشكل عام غريب جدا بالنسبة لنا‪.‬‬

‫كما هو معروف‪ ،‬يجري التذكر عند البالغين من خالل طرق نفسية مختلفة‪ .‬يستعيد البعض‬
‫ذكرياته من خالل الصور البصرية والذين تكون ذكرياتهم ذات طابع مرئي‪ .36‬آخرون يستطيعون‬
‫التذكر بصورة سمعية‪ 37‬البعض لديهم ما يسمى بالذاكرة الحركية‪ .38‬بينما هنالك ممن لديهم تشكيلة‬
‫مختلفة التنويع من هذه االليات‪ .39‬تتالشى هذه االختالفات في األحالم بال شك؛ اذ ان كل أحالمنا‬
‫مرئية رائعة‪ .‬ولكن هذا التطور موجود أيضا في ذكريات الطفولة؛ ففيها تكون الذاكرة بالستيكية‬
‫(أي غير قابلة للتغير) وبصرية في ذات الوقت‪ ،‬حتى في أولئك األشخاص الذين تفتقر ذاكرتهم‬
‫البالغة إلى العنصر البصري‪ .‬وبالتالي فإن الذاكرة المرئية تحتفظ بالذكريات الطفولية التي تمثل‬
‫على شكل مشاهد صور بالستيكية‪ ،‬ويمكن تشبيهها بإعدادات المسرح‪.‬‬

‫في هذه المشاهد من الطفولة‪ ،‬سواء كانت صحيحة أو كاذبة‪ ،‬عادة ما يرى المرء شخصيته‬
‫الطفولية بشكل شبحي (كونتوري) وبمالبس‪ .‬ويجب أن تثير هذه الحالة دهشتنا‪ ،‬ألن البالغين ال‬
‫يرون أنفسهم في تأمالتهم عن التجارب الالحقة وعالوة على ذلك‪ ،‬فإنه من واقع تجاربنا أن‬
‫نفترض أن اهتمام الطفل خالل تجربته يتركز على نفسه وليس على االنطباعات الخارجية وحدها‪.‬‬
‫فالمصادر المختلفة تجبرنا على افتراض ان ما يسمى بعمليات استرجاع الذكريات المبكرة لألطفال‬
‫ليست آثارا حقيقية للذاكرة‪ ،‬بل توسع في التفاصيل التي قد تكون غير حقيقية والتي قد تخضع‬
‫لتأثيرات العديد من القوى النفسية الالحقة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن "ذكريات الطفولة" لألفراد تجعلنا في قبال‬
‫معنى "الذكريات المخفية"‪ ،‬وبالتالي تشكل تشبيه جدير بالمالحظة بين حقائق الطفولة وكيفية رسم‬
‫األمم الساطيرها‪.‬‬

‫أيا كان من فحص ذهنيا عددا من االشخاص بطريقة التحليل النفسي يجب ان يكون قد جمع‬
‫في هذا العمل أمثلة عديدة على إخفاء ذكريات كل وصف‪ .‬ولكن نظرا للطبيعة التي نوقشت سابقا‬
‫في عالقات الطفولة في تذكر البدايات‪ ،‬يصبح من الصعب للغاية التوثيق عن مثل هذه األمثلة‪.‬‬
‫فبغية تبيين قيمة الذاكرة المخفية‪ ،‬من الضروري في كثير من األحيان تقديم تاريخ حياة الشخص‬
‫المعني بكاملها‪ .‬ونادرا ما يكون من الممكن‪ ،‬كما في المثال الجيد التالي‪ ،‬الخروج من السياق‬
‫وتوثيق ذاكرة طفولة موحدة‪.‬‬

‫حفظ رجل في الرابعة والعشرين من عمره الصورة التالية من السنة الخامسة من حياته‪:‬‬

‫في حديقة منزل صيفي جلس على كرسي بجانب عمته‪ ،‬التي كانت منهمكة في تعليمه‬
‫األبجدية‪ .‬وجد صعوبة في التمييز بين الحرفين ‪ m‬و ‪ ،n‬وطلب منها أن تخبره كيف يميز أحدهما‬
‫عن اآلخر‪ .‬لفتت عمته انتباهه إلى أن الحرف ‪ m‬يحتوي على جزء كامل (خط اضافي) أكثر من‬
‫الحرف ‪ .n‬ولم يكن هناك من األسباب ما يدعو إلى التشكيك في مصداقية هذه الذكريات الطفولية؛‬
‫ولكن تم اكتشاف معناها في وقت الحق فقط‪ ،‬عندما أظهرت نفسها بأنها التمثيل الرمزي لصبيانيته‪.‬‬
‫ألنه كما أراد أن يعرف الفرق بين ‪ m‬و‪ n‬في ذلك الوقت كان يهتم بنفسه ويريد ان يعرف الفرق‬
‫بين الصبيان والفتيات‪ ،‬وفي نفس الوقت كان يرغب في أن تكون هذه العمة هي معلمته‪
.‬‬
‫كما اكتشف أن االختالف مماثل؛ اذ أن الولد لديه جزء أكثر من الفتاة‪ ،‬وعند هذا اإلدراك استيقظت‬
‫ذاكرته على التالعب الطفولي في ذاكرته‪.‬‬

‫وأود أن أعرض بمثال آخر اإلحساس الذي يمكن أن يكتسبه الطفل في استذكاره من خالل‬
‫العمل التحليلي‪ ،‬على الرغم من أنه قد يبدو غير ذي معنى من قبل‪ .‬في السنة الثالثة واألربعين‪،‬‬
‫عندما بدأت أهتم بما تبقى في ذاكرة طفولتي‪ ،‬صدمني مشهد كان لفترة طويلة‪ ،‬كما اعتقدت بعد‬
‫ذلك‪ ،‬قد ورد الى ذاكرتي مرارا وتكرارا‪ ،‬والذي يمكن تتبعه إلى فترة ما قبل أن أكمل سنتي الثالثة‪.‬‬
‫رأيت نفسي أمام صندوق‪ ،‬الباب مفتوح من قبل أخي غير الشقيق‪ ،‬الذي يكبرني ‪ 20‬عاما‪ .‬وقفت‬
‫هناك أطالب بشيء وأصرخ؛ ثم دخلت أمي جميلة وخفيفة الى الغرفة فجأة‪ ،‬وكأنها تعود من‬
‫الشارع‪ .‬بهذه الكلمات صاغت هذا المشهد بوضوح شديد‪ ،‬الذي لم يقدم أي فكرة أخرى‪ .‬سواء كان‬
‫أخي يرغب في فتح أو قفل الصندوق‪ ،‬في التفسير األول كان "خزانة"‪ ،‬لماذا بكيت‪ ،‬وأي تأثير‬
‫احدثه وصول أمي‪ .‬كل هذه األسئلة كانت خافية علي‪ .‬حاولت أن أشرح لنفسي أني تعاملت مع‬
‫ذكرى خادعة ذكرها أخي األكبر والتي قاطعتها أمي‪ .‬والواقع أن سوء فهم مشاهد الطفولة المحتفظ‬
‫بها في الذاكرة ليس باألمر المألوف؛ الننا نتذكر الموقف‪ ،‬ولكنه ليس مركزيا؛ وال نعرف أي من‬
‫العناصر النفسية التي يجب التركيز عليها‪ .‬قادني الجهد التحليلي إلى حل غير متوقع تماما‬
‫للصورة‪ .‬اشتقت لوالدتي وبدأت أشك أنها كانت حبيسة الخزانة أو الصندوق‪ ،‬ولذلك طلبت من أخي‬
‫أن يفتحهم‪ .‬عندما بين لي‪ ،‬واقتنعت بأنها ليست في الصندوق‪ ،‬بدأت بالبكاء؛ هذه هي اللحظة التي‬
‫احتفظت بها بقوة في الذاكرة‪ ،‬والتي تبعتها مباشرة ظهور أمي‪ ،‬التي ازالت قلقي‪.‬‬

‫ولكن كيف حصل الطفل على فكرة البحث عن األم الغائبة في الصندوق؟ األحالم التي‬
‫حدثت في الوقت نفسه أشارت ايضا إلى ممرضة‪ ،‬أبقي على ذكريات أخرى عنها؛ على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬انها حثتني على ان ادفع اليها عمالتي الصغيرة التي تسلمتها كهدايا‪ ،‬تفاصيل قد تبرز بحد‬
‫ذاتها قيمة إخفاء الذكريات للذكريات الالحقة‪.‬‬

‫ثم أختتم‪:‬‬

‫لتسهيل مهمة التفسير بنفسي هذه المرة‪ ،‬سألت أمي اآلن عن تلك الممرضة‪ .‬لقد اكتشفت كل‬
‫شيء‪ ،‬من بين أشياء أخرى أن هذه االنسانة المخادعة وغير األمينة قد ارتكب عمليات سطو‬
‫واسعة النطاق أثناء عدم تواجد أمي وأن أخي غير الشقيق كان له دور كبير في تقديمها للعدالة‪.‬‬
‫هذه المعلومات أعطتني مفاتيح فهم ما حولي منذ الطفولة‪ ،‬كنوع من اإللهام‪ .‬كان االختفاء المفاجئ‬
‫للممرضة نوع من عدم المباالة بي؛ كنت قد سألت هذا األخ عن مكان تواجدها‪ ،‬ربما ألنني‬
‫الحظت أنه لعب دورا في االختفاء‪ ،‬فأجاب وهو يراوغ وهو حتى اليوم بأنها "تم االغالق‬
‫عليها"‪ .40‬فهمت هذه اإلجابة بطريقة طفولية‪ ،‬ولكن لم أسأل بعد‪ ،‬حيث لم يكن هناك شيء آخر‬
‫يمكن اكتشافه‪ .‬وعندما غادرت امي بعد ذلك بوقت قصير كنت اشك في ان االخ الشقي كان يعاملها‬
‫بنفس الطريقة التي يعامل بها الممرضة‪ ،‬ولذلك ظهر الصندوق‪ .‬كما أنني أفهم اآلن لماذا تم إبراز‬
‫رقة أمي في ترجمة مشهد الطفولة المرئية؛ ال بد ألنها استرجعتني من الممرضة عندها حديثا‪ .‬أنا‬
‫أكبر من اختي التي ولدت في ذلك الوقت بسنة ونصف‪ ،‬وعندما كنت في الثالثة من عمري فصلت‬
‫عن أخي غير الشقيق‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الخامس

‫أخطاء في الكالم‬

‫‪ ‬‬

‫على الرغم من أن المادة العادية من كالم لغتنا األم تبدو محمية ضد النسيان‪ ،‬إال أن تطبيقها‬
‫كثيرا ما يستسلم الضطراب آخر مألوف بالنسبة لنا بوصفه "زالت اللسان"‪ .‬وما نالحظه في‬
‫االشخاص الطبيعيين كزالت اللسان يعطي انطباعا مماثال للخطوة االولى لما يسمى‬
‫"بارافاسياس"‪ 41‬التي تظهر نفسها في ظروف مرضية‪.‬‬

‫اناقش في هذا المقطع وضعا استثنائيا لكوني على وشك اإلشارة إلى عمل سابق حول‬
‫دراسة عن االخطاء في الكالم‬ ‫ماير‪42‬‬ ‫الموضوع‪ .‬في سنة ‪ 1895‬نشر ميرنجر وس‪.‬‬
‫مع وجهات نظرهم التي ال أوافق عليها‪ .‬وأحد المؤلفين‪ ،‬وهو المتحدث باسم النص‪ ،‬هو‬ ‫والقراءة‪،‬‬
‫عالم في اللغة لديه اهتمام لغوي لدراسة القواعد التي تحكم تلك الزالت‪ .‬كان يأمل أن يستنتج من‬
‫هذه القواعد وجود آلية نفسية محددة حيث أصوات كلمة أو جملة أو حتى كلمات أنفسهم‪ ،‬سيكونون‬
‫مرتبطين ومتشابكين مع بعضهم البعض بطريقة ما‪.‬‬

‫● جمع المؤلفون أمثلة ألخطاء الكالم التي جمعوها أوال أعطوا وجهات نظر وصفية بحتة‪،‬‬
‫مايلو من فينوس بدال من مايلو الفينوسي)‪،‬‬ ‫مثل التبادل (على سبيل المثال‪،‬‬
‫● كتوقعات (على سبيل المثال‪ ،‬الحذاء جعل رجلها ناعمة‪ ....‬الحذاء جعل قدميها‬
‫أذهب قريبا إلى وأراه "‪ ،‬بدال من أن أذهب قريبا إلى البيت‬ ‫‪ ،‬أخطاء تراتيب (مثل‪،‬‬ ‫تؤلماها)‪43‬‬

‫وأراه")‪،‬‬
‫● االستبدال (على سبيل المثال‪" ،‬لقد عهد أمواله إلى "سنك االدخار"‪ ،‬بدال من "بنك‬
‫االدخار‪)".‬‬

‫● إلى جانب هذه الفئات الرئيسية هناك فئات أخرى كذلك أقل أهمية (أو أقل أهمية بالنسبة‬
‫للغرض)‪ .‬في هذا التجمع ال فرق سواء كان التشوه أو االندماج‪ ،‬إلخ‪ ،‬يؤثر على األصوات المنفردة‬
‫للكلمة أو المقاطع‪ ،‬أو كلمات الجملة المعنية بأكملها‪.‬‬

‫ولتفسير مختلف أشكال الكالم الخاطئ‪ ،‬يفترض ميرنجر قيمة نفسية متنوعة للمقاطع‬
‫الصوتية‪ .‬بمجرد أن تقطع الكلمة األولى‪ ،‬أو الكلمة األولى من الجملة‪ ،‬تبدأ عملية التحفيز فورا في‬
‫األصوات التالية‪ ،‬والكلمات التالية‪ ،‬وبقدر ما تكون متزامنة فإنها قد تحدث بعض التغييرات في‬
‫بعضها البعض‪.‬‬

‫تحفيز الصوت المكثف الذهني لكلمة "‪-ring‬حلقة" يستمر في ترديد صدى الصوت‪،‬‬
‫وبالتالي يخل بفخامة صوت الكلمة‪ .‬لذلك من الضروري تحديد أهم األصوات في الكلمة‪ .‬ويقول‬
‫ميرنجر‪:‬‬

‫"إذا كان المرء يرغب في معرفة أي صوت كلمة له أكبر شدة يجب ان يفحص نفسه بينما‬
‫يبحث عن كلمة منسية‪ ،‬مثال‪ ،‬اسم‪ .‬ذلك الذي يعود أوال إلى الوعي كان دائما أقوى شدة قبل‬
‫النسيان‪ .‬وهكذا فإن أكثر األصوات أهمية هي الصوت األولي لجذر المقطع والصوت األولي‬
‫للكلمة ذاتها‪ ،‬وكذلك صوت واحد أو آخر من األصوات الحادة في الكل‪.‬‬

‫وهنا ال أستطيع سوى ابداء اعتراضي‪ .‬فسواء كان الصوت األولي لالسم ينتمي إلى أهم‬
‫عناصر الكلمة أم ال‪ ،‬فمن المؤكد أنه ليس صحيحا أنه في حالة نسيان الكلمة فإنها اول من تعود‬
‫إلى الوعي؛ وبالتالي فإن القاعدة المذكورة أعاله ال فائدة منها‪ .‬عندما نراقب أنفسنا أثناء البحث عن‬
‫اسم منسي‪ ،‬فإننا غالبا ما نضطر إلى التعبير بأنه يبدأ بحرف معين‪ .‬وتثبت هذه الطريقة أنها قد‬
‫تكون نافعة وقد تكون العكس‪ .‬بل إنني أود أن أقول إن المرء في معظم الحاالت يستنسخ صوتا‬
‫‪ ،‬تنبؤ االسم البديل كان يفتقر للصوت األولي‪ ،‬وكانت‬ ‫أوليا زائفا‪ .‬في مثالنا أيضا سينيوريلي‬
‫المقاطع الرئيسية قد فقدت؛ من ناحية أخرى‪ ،‬اعاد المقطعان المهمان [‪-‬إيلي] إلى الوعي باالسم‬
‫البديل بوتيسيلي‪.‬‬
‫مدى تاثر األسماء البديلة بالمقاطع الصوتية لألسماء المفقودة يمكن تعلمها من الحالة التالية‪.‬‬
‫في أحد األيام وجدت أنه من المستحيل تذكر اسم الدولة الصغيرة التي عاصمتها مونت كارلو‪.‬‬
‫‪ .‬سرعان ما ظهر‬ ‫وفيما يلي األسماء البديلة‪ :‬بييمونتي‪ ،‬ألبانيا‪ ،‬مونتيفيديو‪ ،‬كواليكو‬
‫الجبل األسود بدال من ألبانيا ثم صدمني أن المقطع مونت (نطقت مون) قد حدث في جميع‬
‫‪44‬‬

‫األسماء باستثناء آخر األسماء التي كانت بديلة‪ .‬لذلك أصبح من السهل على ان أجد من اسم االمير‬
‫التسلسل الخطي وايقاع االسم المنسي‪.‬‬ ‫ألبرت اسم موناكو المنسي‪ .‬وعمليا تقلد كلمة كواليكو‬
‫وإذا اعترفنا بتخمين أن آلية مماثلة لتلك التي أشير إليها في أسماء النسيان قد تلعب أيضا‬
‫دورا في األخطاء الكالمية في الظواهر‪ ،‬فهذا يقودنا إلى تقييم أكثر صالبة ألسباب األخطاء‬
‫الكالمية‪ .‬فاالضطراب الكالمي الذي يظهر خطأ في الكالم قد يحدث في المقام األول من جراء‬
‫تأثير عنصر آخر من نفس الخطاب‪ ،‬من خالل صوت أو صدى‪ ،‬أو من خالل معنى آخر في‬
‫الجملة أو السياق يختلف عما يرغب المتحدث في قوله‪ .‬في المقام الثاني‪ ،‬على أي حال‪ ،‬يمكن أن‬
‫من خالل التأثيرات خارج هذه الكلمة أو‬ ‫يكون التشويش مماثال للعملية في مثال سنيوريلي‪،‬‬
‫الحكم أو السياق‪ ،‬من عناصر لم نعتزم التعبير عنها‪ ،‬والتي أصبحنا ندرك تأثيرها فقط من خالل‬
‫االضطرابات‪ .‬وفي كل من طريقتي منشأ الخطأ في التعبير فإن العنصر المشترك يكمن في تزامن‬
‫المحفزات‪ ،‬في حين تكمن العناصر المميزة في ترتيب نفس الجملة أو السياق‪ .‬والفارق ال يبدو في‬
‫البداية على نفس القدر من االتساع حين يؤخذ في االعتبار بعض االستنتاجات المستمدة من‬
‫أعراض أخطاء الكالم‪ .‬ولكن من الواضح أنه في الحالة األولى فقط هناك احتمال الستخالص‬
‫إستنتاجات من مظاهر أخطاء الكالم فيما يتعلق بآلية ترابط األصوات والكلمات معا من أجل التأثير‬
‫المتبادل لصياغتها؛ والتي هي استنتاجات عالم لغة يتمنى أن يستفيد من دراسة األخطاء الكالمية‪.‬‬
‫وفي حالة االضطراب من خالل التأثير الخارجي لنفس الجملة أو السياق‪ ،‬فإن األمر قبل كل شيء‬
‫يتعلق بالتعرف على العناصر المزعجة‪ ،‬ومن ثم يطرح السؤال عما إذا كانت آلية هذا االضطراب‬
‫ال يمكن أن تقترح أيضا القوانين المحتملة لتكوين الكالم‪.‬‬

‫ال يمكننا القول ان ميرنجر وماير قد تجاهال امكانية اضطراب الكالم من خالل "التأثيرات‬
‫النفسية المعقدة"‪ ،‬أي من خالل عناصر خارج نفس الكلمة أو الجملة أو نفس تسلسل الكلمات‪.‬‬
‫والواقع أنهم البد وأن يالحظوا أن نظرية التباين النفسي لألصوات تنطبق‪ ،‬بشكل صارم‪ ،‬فقط على‬
‫تفسير االضطرابات عالوة على األصوات الصادرة في المقدمة‪ .‬حيث ال يمكن أن تختصر كلمة‬
‫اضطرابات إلى اضطرابات صوتية‪ .‬فمثال‪ ،‬أن التبديالت واالخطاء في حروف الكلمات التي كانت‬
‫هي أيضا‪ ،‬دون تردد‪ ،‬قد برزت على انها سبب الخطأ في الخطاب خارج السياق المقصود‪ ،‬وأثبتت‬
‫هذه الحالة من خالل أمثلة مالئمة‪ .‬ووفقا لفهم صاحب الكتاب نفسه‪ ،‬فإن هناك بعض التشابه بين‬
‫كلمة معينة في الجملة مقصودة وأخرى غير مقصودة‪ ،‬مما يسمح للثانية بأن تثبت نفسها في الوعي‬
‫بالتسبب في التشوه أوالتكوين التوافقي (الخطا في حروف الكلمة)‪ .‬اآلن‪ ،‬في عملي على تفسير‬
‫األحالم‪ ،‬أظهرت الدور الذي لعبته عملية التكثف في أصل ما يسمى بالمحتويات الواضحة للحلم‬
‫من األفكار الكامنة في الحلم‪ .‬أي تشابه بين األشياء أو بين الكلمات بين عناصر المادة الالواعية‬
‫يعتبر سببا لتشكيل ثالث‪ ،‬وهو تكوين مركب أو حل وسط‪ .‬ويمثل هذا العنصر كال المكونات في‬
‫محتوى األحالم‪ ،‬ونظرا لهذا األصل‪ ،‬كثيرا ما تكون له محددات فردية متناقضة عديدة‪ .‬وبالتالي‬
‫فإن تشكيل الحلول وأخطاء الكالم هو بداية عمل التكثف الذي نجده يأخذ الجزء األكثر نشاطا في‬
‫بناء الحلم‪.‬‬

‫في مقال صغير موجه للقارئ العام‪ ،45‬قدم ميرنجر نظرية ذات مغزى عملي جدا لبعض‬
‫حاالت تبادل الكلمات‪ ،‬وخصوصا في تلك الحاالت حيث تحل كلمة واحدة محل كلمة أخرى ذات‬
‫معنى معاكس‪ .‬يقول‪" :‬ربما ما زلنا نتذكر الطريقة التي افتتح بها رئيس مجلس النواب النمساوي‬
‫الجلسة قبل فترة‪" :‬أيها السادة االكارم! أعلن حضور هذا العدد الكبير من السادة‪ ،‬وبالتالي أعلن أن‬
‫الجلسة "مغلقة"! لقد جذب الجنرال انتباهه أوال وقام بتصحيح خطئه‪ .‬والتفسير المحتمل في هذه‬
‫الحالة هو أن الرئيس كان يتمنى لنفسه أن يتمكن من أختتام هذه الدورة‪ ،‬التي لم يكن لديه ما يتوقعه‬
‫منها إال القليل من الخير‪ ،‬واندلعت هذه الفكرة جزئيا على األقل ‪ -‬وهو مظهر متكرر أدى إلى‬
‫إستخدامه "مغلق" بدال من "مفتوح"‪ ،‬أي عكس المقصود‪ .‬ولكن العديد من المالحظات علمتني أننا‬
‫نستخدم كلمات متناقضة؛ فهي بالفعل مرتبطة بوعينا الخطابي؛ قريبة من بعضها البعض وبالتالي‬
‫بسهولة يمكن الخلط بينهم‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬ليس في جميع حاالت التباين يحل األمر بهذه البساطة كما في مثال الرئيس‬
‫بحيث يبدو معقوال أن الخطأ الخطابي ال يحدث إال كتناقض ينشأ في الفكر الداخلي للمتكلم‬
‫؛‬
‫المعارض للجملة‪ .‬ولقد وجدنا اآللية المماثلة في تحليل المثال ‪ alquis‬فالتناقض الداخلي يؤكد‬
‫نفسه على هيئة نسيان كلمة بدال من االستعاضة عنها بعكس ذلك‪ .‬ولكن من أجل تعديل االختالف‬
‫قد نالحظ ان الكلمة الصغيرة غير قادرة على التباين مثل "اقفال" و"فتح"‪ ،‬وان كلمة "فتح" ال يمكن‬
‫ان تخضع للنسيان بسبب كونها عنصرا مشتركا في الكالم‪.‬‬

‫بعد ان اظهر االمثلة االخيرة من ميرينزر وماي ان اضطراب الكالم يمكن ان يحدث من‬
‫خالل تأثير االصوات‪ ،‬بعد االصوات‪ ،‬كلمات من نفس الجملة التي كان القصد منها التعبير‪ ،‬وكذلك‬
‫من خالل تأثير كلمات خارج الجملة المقصودة‪ ،‬التي لوال ذلك لم يكن من المشتبه في‬
‫تحفيزها‪ ،‬سوف نود بعد ذلك ان نكتشف ما إذا كان بإمكاننا بالتأكيد فصل الفئتين من األخطاء في‬
‫الكالم‪ ،‬وكيف يمكننا التمييز بين األمثلة‪ .‬ولكن في هذه المرحلة من النقاش يجب أن نفكر أيضا في‬
‫اللغة‪47.‬‬ ‫تأكيدات وندت‪ ،46‬الذي يتعامل مع مظاهر أخطاء الكالم في عمله األخير في تطوير‬
‫والتأثيرات النفسية‪ ،‬وفقا لما ذكره وندت‪ ،‬موجودة في هذه الظواهر‪ ،‬وكذلك في ظواهر أخرى‬
‫التي تحفزها األصوات‬ ‫تتعلق بها‪ .‬إن التيار غير المنضبط من روابط الصوت والكلمات‬
‫المنطوقة يظهر في المقام األول كمحدد ايجابي‪ .‬وهذا يدعم كعامل سلبي من خالل تخفيف أو قمع‬
‫التأثيرات الواعية التي تكبح هذا التيار‪ ،‬ومن خالل االهتمام النشط الذي يظهر هنا كوظيفة ارادية‪.‬‬
‫وسواء كان هذه التالعب اللفظي يظهر نفسه في حقيقة أن الصوت القادم متوقع أو أن الصوت‬
‫السابق اعيد انتاجه‪ ،‬أو ما إذا كان الصوت المألوف يتم تبادله بين الصفتين‪ ،‬أو في النهاية‪ ،‬ما إذا‬
‫كان يعبر عن نفسه في حقيقة أن األصوات المختلفة المرتبطة باألصوات المنطوقة تماما تؤثر على‬
‫هذه األصوات ‪ -‬كل هذه األسئلة ال تحدد إال االختالفات في اإلتجاه‪ ،‬وفي أغلب األحيان في عملية‬
‫الربط التي تحدث ولكن ليس في الطبيعة العامة لنفس األصوات‪ .‬وفي بعض الحاالت قد يكون من‬
‫المشكوك فيه أيضا أي شكل من أشكال االنزعاج يمكن أن يعزى إليه‪ ،‬أو ما إذا كان أكثر من ذلك‪.‬‬
‫وأنا أعتبر هذه المالحظات التي أبداها وندت مبررة تماما ومفيدة جدا‪ .‬وربما كان بوسعنا أن نؤكد‬
‫بقدر أعظم من الجزم مقارنة بوندت أن العامل اإليجابي الذي يحابي األخطاء في التعبير (تيار‬
‫الروابط غير المقيد‪ ،‬ومقابله السلبي‪ ،‬وتخفيف االنتباه المقيد) يحقق بشكل منتظم تزامنا‪ ،‬بحيث ال‬
‫يختلف العامالن إال في العوامل المختلفة المحددة لنفس العملية‪ .‬ومع االسترخاء‪ ،‬أو الضغط بشكل‬
‫هذا االسترخاء‪ ،‬لالهتمام غير المقيد‪ ،‬يصبح التيار غير المقيد‬ ‫أكثر وضوحا‪ ،‬من خالل‬
‫للمرادفات نشطا‪ .‬من بين أمثلة األخطاء التي جمعتها بالكاد أستطيع أن أجد واحدة في أنني قد أكون‬
‫ملزما بأن أنسب اضطراب الكالم ببساطة وفقط إلى ما يسميه وندت "تأثير االتصال للصوت"‪.‬‬
‫دائما ما أكتشف إلى جانب هذا تأثير مزعج‪ ،‬شيء خارج الخطاب المقصود‪ .‬والعنصر المزعج إما‬
‫أن يكون فكرة واحدة غير واعية تأتي للضوء من خالل الخطأ الشخصي‪ ،‬وال يمكن أن تصل إلى‬
‫الوعي إال من خالل تحليل البحث‪ ،‬أو أنه دافع نفسي عام‪ ،‬يوجه ضد الخطاب بأكمله‪.‬‬

‫(‌) عندما رأيت ابنتي تصنع وجها غير سار بينما كانت تعض في تفاحة‪ ،‬كنت أتمنى أن‬ ‫أ‬
‫أقتبس من المقطع التالي‪" - :‬القرد منظره مضحك‪ ،‬عندما يتناول قضمة من التفاحة " لكنني بدأت‪:‬‬
‫" القرداحة ‪ ".. . .‬يبدو أن هذا الخطأ "القرد" و"التفاحة"‪ ،‬قد ينظر إليه أيضا على أنه ترقب لكلمة‬
‫"التفاحة"‪ .‬بيد أن الحالة الحقيقية كانت كالتالي‪ :‬بدأت االقتباس مرة من قبل‪ ،‬ولم أخطأ في ذلك‬
‫المرة األولى‪ .‬لم أخطئ إال أثناء التكرار‪ ،‬األمر الذي كان ضروريا ألن ابنتي‪ ،‬بعد أن تشتت‬
‫انتباهي إلى جانب آخر‪ ،‬لم تستمع إلى‪ .‬هذا التكرار مع عدم الصبر االضافي في تخليصي من قول‬
‫الجملة‪ .‬الجملة التي يجب أن أضمها في الدافع إلى خطأ الكالم‪ ،‬الذي مثل نفسه كوظيفة للتكاثف‪.‬‬

‫( ‌) قالت ابنتي‪" :‬كتبت إلى السيدة شريزينجر‪ ".‬كان اسم المرأة شليسنجر‪ .‬وقد يعتمد هذا‬‫ب‬
‫الكالم الخاطئ على الميل إلى تسهيل اللفظ‪ .‬ولكن ال بد لي من القول إن هذا الخطأ إرتكبته ابنتي‬
‫‪ .‬إن األخطاء في الكالم معدية إلى‬ ‫بعد لحظات قليلة من خطاي بقول القرداحة‪ ،‬بدال من القرد‬
‫حد كبير؛ كما الحظ ميرينجر وماير غرابة مماثلة في نسيان األسماء‪ .‬ال أعرف أي سبب لهذه‬
‫القابلية النتقال العدوى‪.‬‬

‫( ‌) "أغلب كسكين جيب"‪ ،‬كتبت مريضة في بداية العالج‪ ،‬بدل "أغلق"‪ .‬وهذا يشير إلى‬ ‫ت‬
‫صعوبة في اللفظ قد يكون ذريعة لتداخل األصوات‪ .‬وعندما تم لفت انتباهها إلى خطأ الخطاب‪،‬‬
‫أجابت على الفور‪" :‬نعم‪ ،‬حدث ذلك ألنك قلت 'إيرنشت' بدال من 'إيرنست'‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬فقد‬
‫وصلتها مع مالحظة‪" :‬سنذهب اليوم الى ايرنست" (ألن هذه كانت آخر ساعة قبل خروجها من‬
‫العالج)‪ ،‬لكنني غيرت الكلمة مازحا إلى أيرنشت‪ .‬في خالل الساعة التي تواجدت بها تكررت‬
‫األخطاء مرارا وتكرارا في حديثها‪ ،‬وأخيرا الحظت أنها فقط قلدتني دون شعور في ال وعيها الذي‬
‫استخدم كلمة إيرنست كاسم وليس كاسم مكان‪.48‬‬

‫( ‌) قالت امرأة تتحدث عن لعبة اخترعها أوالدها وأسموها "الرجل في الصندوق" "المان‬ ‫ث‬
‫في البوق"‪ .49‬إستطعت بسهولة فهم خطأها‪ .‬وكان ذلك أثناء تحليل حلمها‪ ،‬حيث يصور زوجها‬
‫وكأنه كريم للغاية في األمور المالية وهو ما يعكس الواقع الذي ظهر في خطابها‪ .‬وفي اليوم السابق‬
‫طلبت من زوجها مجموعة جديدة من الفراء‪ ،‬األمر الذي رفضه زوجها‪ ،‬زاعما أنه ال يستطيع أن‬
‫ينفق الكثير من المال‪ .‬وبخته على بخله‪" ،‬اخراج الكثير من الصندوق القوي"‪ ،‬وذكرت صديقا‬
‫دخله دون دخل زوجها‪ ،‬ومع ذلك قدم لزوجته معطفا من الفراء بمناسبة عيد ميالدها‪ .‬واآلن بات‬
‫الخطأ مفهوما‪ .‬كلمة "مانكس" تقلل من أهمية "المينك" التي تتوق إليها‪ ،‬والصندوق يشير إلى بخل‬
‫زوجها‪.‬‬

‫( ‌) وتظهر آلية مماثلة في خطأ مريض آخر هجرتها ذاكرتها في وسط إستذكار طفولتها‬ ‫ج‬
‫المنسية منذ فترة طويلة‪ .‬لم تسعفها ذاكرتها على أي جزء من الجسم كانت امتدت يد الشخص الذي‬
‫لمسها‪ .‬وبعد ذلك بوقت قصير‪ ،‬زارت أحد أصدقائها‪ ،‬الذي ناقشت معه البيوت الصيفية‪ .‬وعند‬
‫سؤالها عن مكان كوخها أجابت‪" :‬قرب خاصرة الجبلي" بدال من "أسفل الجبل"‪.50‬‬

‫( ‌) أجابت مريضة أخرى سألتها في نهاية زيارتها كيف كان عمها‪" :‬ال أدري‪ ،‬فقط أراه‬ ‫ح‬
‫قالت انه وحيد وكانت تريد ان تقول انها تراه قليال‪ .‬في اليوم‬ ‫فضيحة"‪51.‬‬ ‫اآلن عندما تكون هنالك‬
‫التالي قالت‪ :‬أشعر بالخجل من نفسي ألني أعطيتك باألمس مثل هذا الجواب الغبي‪ .‬بطبيعة الحال‪،‬‬
‫ال بد أنك ظنتني شخصا غير متعلم كثيرا ما يخطئ في معنى الكلمات األجنبية التي كنت أتمنى أن‬
‫أقولها‪ .‬لم نكن نعرف وقتها أنها حصلت على الكلمات األجنبية المستخدمة بشكل غير صحيح‪،‬‬
‫لكنها خالل الجلسة نفسها استنسخت إستذكارا باعتباره إستمرارا للموضوع من اليوم السابق‪ ،‬حيث‬
‫تم ضبطها في وضع فاضح‪ .‬ولذلك فإن الخطأ الذي وقع في اليوم السابق كان يتوقع أنه تم‬
‫بإسترجاع الذكريات التي لم تصبح بعد واعية‪.‬‬

‫( ‌) وعند مناقشة خططها الصيفية‪ ،‬قالت إحدى المرضى‪" :‬سأبقى معظم الصيف في‬ ‫خ‬
‫إلبرلون"‪ .‬الحظت خطأها‪ ،‬وطلبت مني تحليله‪ .‬وقد كتبت مرادفات إلبرتون التي ذكرتها‪ :‬شواطئ‬
‫البحر على ساحل جيرزي ‪ -‬منتجع صيفي ‪ -‬رحلة عطلة‪ .‬وهذا ما تذكره السفر إلى أوروبا مع ابن‬
‫عمها‪ ،‬وهو موضوع ناقشناه في اليوم السابق أثناء تحليل أحد األحالم‪ .‬وتناول الحلم عدم اكتراثها‬
‫بابن عمها هذا‪ ،‬واعترفت بأن ذلك يعود إلى أن الرجل الثاني هو المفضل عندها الذي التقياه أثناء‬
‫سفرهما إلى الخارج‪ .‬خالل تحليل األحالم‪ ،‬لم تذكر اسم المدينة التي قابلوا فيها هذا الرجل‪ ،‬ولم‬
‫أبذل أي جهد ممكن لجلبه إلى وعيها‪ ،‬حيث انخرطنا في مشكلة مختلفة تماما‪ .‬وعندما طلبت تركيز‬
‫انتباهها مرة أخرى على إلبرتون وإعادة إنتاج جمعياتها‪ ،‬قالت‪" :‬إنه يذكرنا بإلبرالون‪-‬الونفيلد‪-‬‬
‫وإلبرفيلد"‪ .‬وكان "إلبرلد" االسم المفقود للمدينة في ألمانيا‪ .‬هنا كان الخطأ يوصل إلى الوعي‬
‫بطريقة مخفية ذكرى متصلة بإحساس مؤلم‪.‬‬

‫( ‌) قالت لي امرأة‪" :‬إذا كنت ترغب في شراء السجاد‪ ،‬اذهب إلى التاجر (كوفمان) في‬ ‫د‬
‫شارع ماثيو (ماثدسغاسي)"‪ .‬كررت‪" :‬ثم الى ماثيو ‪ -‬أعني الى التاجر ‪ "-‬يبدو أن تكرار اسم واحد‬
‫بدال من االسم اآلخر كان ببساطة نتيجة للتشتيت‪ .‬كانت مالحظة المرأة حقا تشعرني‪ ،‬إذ حولت‬
‫انتباهي إلى شيء آخر أكثر حيوية بالنسبة لي من السجاد‪ .‬في شارع ماثيو يقف البيت الذي تعيش‬
‫فيه زوجتي كعروس‪ ،‬كان مدخل البيت في شارع آخر‪ ،‬واآلن الحظت أنني نسيت اسمه وال يسعني‬
‫إال إسترجاعه بطريقة دورانبة‪ .‬وهكذا فإن اسم ماثيو‪ ،‬الذي لم يحفظه سوى االهتمام‪ ،‬هو اسم بديل‬
‫لالسم المنسي للشارع‪ .‬إنها أكثر مالءمة من اسم التاجر‪ ،‬ألن ماثيو هو اسم لشخص فقط‪ ،‬بينما‬
‫التاجر صفة‪ .‬والشارع المنسى أيضا يحمل اسم شخص‪ :‬راديتسكي‪.‬‬

‫( ‌) استشارتني مريضة للمرة األولى بسبب العصبية‪ ،‬واتضح أن سبب عصبيتها كان حياة‬ ‫ذ‬
‫زوجية تعيسة إلى حد كبير‪ .‬دون أي تشجيع دخلت في تفاصيل مشاكلها الزوجية‪ .‬لم تكن تعيش مع‬
‫زوجها منذ حوالي ستة أشهر‪ ،‬وكانت آخر مرة تراه في المسرح عندما رأته في المسرحية‬
‫‪666‬‬ ‫الضابط ‪ .٦٠٦‬وانتبهت إلى الخطأ‪ ،‬وسرعان ما صححت نفسها قائلة إنها تقول الضابط‬
‫(اسم مسرحية شعبية حديثة)‪ .‬قررت معرفة سبب الخطأ‪ ،‬وبينما كان المريض يأتي للعالج‬
‫التحليلي‪ ،‬اكتشفت أن السبب المباشر لالنقطاع بينها وبين الزوج هو المرض الذي يعالج ب‬
‫“‪.52"606‬‬

‫( ‌) أتصل بي بالهاتف مريض من أجل تحديد موعد‪ ،‬كما كان يرغب في الحصول على‬ ‫ر‬
‫معلومات عن رسوم االستشارة‪ .‬وقيل له إن االستشارة األولى كانت عشرة دوالرات؛ بعد ان انتهى‬
‫الفحص مرة أخرى كما كان عليه ان يدفع‪ ،‬وأضاف‪" :‬ال أحب أن أدين ألي شخص بالمال‪،‬‬
‫وخاصة األطباء؛ أفضل الدفع حاال‪ .‬بدال من أن يقول الدفع قال اللعب‪ .‬مالحظاته الطوعية األخيرة‬
‫وخطأه جعلتني في حالة من الترقب‪ ،‬ولكن بعد بضع مالحظات أخرى لم يكن لها داع‪ ،‬قام بإخراج‬
‫المال من جيبه‪ .‬حسب أربع دوالرات ورقية وكان متعبا جدا ومتفاجئا جدا ألنه لم يعد لديه مال معه‬
‫ووعد بأن يرسل لي شيكا بنكيا‪ .‬كنت متأكدا من أن غلطته خانته‪ ،‬أنه كان يلعب معي فقط‪ ،‬ولكن لم‬
‫يكن هناك شيء يجب فعله‪ .‬وفي نهاية بضعة أسابيع أرسلت له فاتورة‪ ،‬وأعيدت الرسالة إلى من‬
‫قبل البريد وتحمل عالمة "لم يتم العثور عليه"‪.‬‬

‫( ‌) وتحدثت اآلنسة س بحرارة شديدة عن السيد ص‪ ،.‬الذي كان غريبا إلى حد ما‪ ،‬كما‬ ‫ز‬
‫كانت في السابق تعرب عن عدم اكتراثها‪ ،‬ال عن إحتقارها له‪ .‬وعندما سئلت عن هذا التغير‬
‫المفاجئ في قلبها قالت‪" :‬لم يكن لدي أي شيء ضده؛ كان دائما لطيفا معي‪ ،‬لكني لم أعطيه فرصة‬
‫لتنمية معرفتنا"‪ .‬وكان انبأء بالخطوبة القادمة‪.53‬‬

‫س‬
‫( ‌) مثال آلليات األخطاء االمالئية والتكثيف بالمثال التالي‪ .‬بالحديث عن اآلنسة ع‪،‬‬
‫جدا لم يعطى فرصة للراحة‪ ،‬إلخ‪ .‬علقت اآلنسة‬ ‫"ممزق"‪54‬‬ ‫صورتها اآلنسة ص على أنها شخص‬
‫إكس‪" .‬نعم‪ ،‬هذا وصف مميز جدا‪ ،‬لقد كانت تبدوا دائما على أنها 'حادة جدا'‪ ."55‬هنا حل الخطأ‬
‫نفسه في شكل متشابك وقصير‪ ،‬والذي كان مطابقا لرأي اآلنسة ص في اآلنسة ع‪.‬‬

‫( ‌) وسأقتبس عددا من األمثلة عن ورقة زميلي الدكتور ستيكيل‪ ،56‬التي ظهرت في‬ ‫ش‬
‫إجتماع برلين في كانون الثاني‪/‬يناير ‪ ١٩٠٤‬بعنوان "االعترافات الالواعية"‪" .‬لقد كشف المثال‬
‫التالي عن حيلة غير سارة من أفكاري غير السارة‪ :‬بداية‪ ،‬قد أذكر أنني بصفتي طبيب ال أفكر أبدا‬
‫في أجوري‪ :‬أفكر دائما بمصلحة المريض أوال‪ .‬مع قولنا هذا‪ ،‬كنت أزور مريضا كان يعاني من‬
‫مرض خطير‪ .‬لقد مررنا بأيام وليالي صعبة‪ .‬فرحت لتحسن حالته‪ ،‬وكلمته عن ملذات رحلتي في‬
‫أوباتيا التي اردته ان يزورها‪ ،‬مختتما‪" :‬إذا‪ ،‬كما آمل‪ ،‬لن تغادر سريرك قريبا‪ ".‬ومن الواضح أن‬
‫هذا جاء من دافع أناني غير واعي‪ ،‬ألتمكن من االستمرار في عالج المرضى األثرياء‪ ،‬وهي أمنية‬
‫غريبة تماما وعيي‪ ،‬والتي أرفضها بال شك‪.‬‬

‫( ‌) مثال آخر عن (الدكتور ستيكيل)‪ :‬فقد التقت زوجتي بمدرسة فرنسية في فترة ما بعد‬‫ص‬
‫الظهر‪ ،‬ثم في وقت الحق‪ ،‬توصلت إلى إتفاق مرضي‪ ،‬فكانت ترغب في االحتفاظ بشهادتها‪،‬‬
‫وقالت " ما زلت أبحث بعد الظهر‪-‬العفو‪ ،‬اريد استراحة فترة ما بعد الظهر‪ ".‬وكانت ابدت رغبتها‬
‫في االحتفاظ بشهادتها سابقا‪ .‬لتنتقل بعد فترة الى عمل جديد ربما يدفع أفضل‪.‬‬
‫( ‌) كان على أن ألقي محاضرة دينية المرأة‪ .‬وكان زوجها‪ ،‬الذي تم ذلك بناء على‬ ‫ض‬
‫طلبه‪ ،‬واقفا خلف الباب مستمعا‪ .‬وفي نهاية محاضرتي‪ ،‬الذي ترك انطباعا واضحا‪ ،‬قلت‪" :‬وداعا‬
‫سيدي!" لذلك يبدوا انني حقيقة كنت اوجه الكلمات إلى الزوج وليس للزوجة‪.‬‬

‫( ‌) يذكر الدكتور ستيكيل عن نفسه أنه كان يخضع للعالج مريضان من تريست في نفس‬ ‫ط‬
‫الوقت‪ ،‬وكان يخاطب كل واحد منهما بشكل غير صحيح‪" .‬صباح الخير يا سيد بلوني!" كان يقول‬
‫ألسكولي‪ ،‬ويقول لبلوني‪" ،‬صباح الخير‪ ،‬سيد أسكولي!" وكان مياال في البداية إلى عدم إرجاع أي‬
‫دافع أعمق إلى هذا الخطأ‪ ،‬بل إلى شرحه من خالل عدد من أوجه التشابه في كل من الشخصين‪.‬‬
‫إال أنه اقنع نفسه بسهولة بأن تبادل األسماء هنا يتطلب نوعا من التباهي ‪ -‬أي أنه كان يعرف كل‬
‫مرضاه اإليطاليين حقيقة أنهم لم يكونوا الوحيدين الذين جاءوا إلى فيينا بحثا عن نصائحه الطبية‪،‬‬
‫من سكان تريست‪.‬‬

‫( ‌) توقفت امرأتان أمام صيدلية‪ ،‬وقالت إحداهن لصاحبها‪" ،‬إذا كنت ستنتظر بضع دقائق‬ ‫ظ‬
‫سأعود قريبا"‪ ،‬لكنها قالت حركة بدال من دقائق‪ .‬وكانت في طريقها لشراء بعض زيت الخروع‬
‫لطفلها‪57.‬‬

‫( ‌) تحدث إلى السيد س‪ ،‬وهو يفضل أن يجري االتصال به بدال من ان يتصل‪ ،‬اتصل‬ ‫ع‬
‫عبر الهاتف من منتجع صيفي قريب‪ .‬كان يريد أن يعرف متى أقوم بزيارته‪ .‬وذكرته بأن هذا دوره‬
‫في زيارتي‪ ،‬ووجهت انتباهه إلى أنه المالك السعيد لسيارة لذا يسهل عليه المجيء لي‪( .‬كنا في‬
‫منتجعات صيفية مختلفة‪ ،‬ويفصلنا رحلة في القطارتستغرق نصف ساعة)‪ .‬فوعد بالقدوم فسأل‪:‬‬
‫"ماذا عن عيد العمال (‪ ١‬أيلول‪/‬سبتمبر)‪ ،‬هل سيكون مناسبا لك؟ " وعندما أجبت باإليجاب قال‪:‬‬
‫"حسنا‪ ،‬إذا‪ ،‬اعتبر اني اتيتك قبل يوم االنتخابات" (تشرين الثاني)‪ .‬كان خطؤه واضحا‪ .‬إنه يحب‬
‫زيارتي‪ ،‬ولكن كان السفر حتى اآلن غير مالئم له‪ .‬وفي شهر نوفمبر سنكون في المدينة‪ ،‬لقد أثبت‬
‫تحليلي أنه صحيح‪.‬‬

‫( ‌) وصف لي صديق مريضا متوترا‪ ،‬وطلب معرفة ما إذا كان بامكاني االستفادة منه‪.‬‬ ‫غ‬
‫قلت‪" :‬أعتقد أنه في الوقت المناسب يمكنني إزالة جميع أعراضه عن طريق التحليل النفسي ألنها‬
‫حالة دائمة" راغب في قول "قابل للشفاء"!‬
‫( ‌) لقد خاطبت مريضي مرارا وتكرارا باسم السيدة سميث‪ ،‬اسم ابنتها المتزوجة‪ ،‬بينما‬ ‫ف‬
‫كان اسمها الحقيقي السيدة جيمس‪ .‬بعد أن تم لفت انتباهي لذلك‪ ،‬سرعان ما اكتشفت أنني كنت أملك‬
‫مريضا آخر بنفس االسم رفض أن يدفع ثمن العالج‪ .‬كانت السيدة سميث أيضا مريضتي ودفعت‬
‫فواتيرها بسرعة‪.‬‬

‫ق‬
‫( ‌) اللغة المتخلفة تشكل أحيانا سمة معينة‪ .‬قالت امرأة شابة‪ ،‬والتي كانت الروح الحقيقية‬
‫في بيتها‪ ،‬عن زوجها المريض انه تشاور مع الطبيب بشأن نظام غذائي صحي له ثم أضاف‪ :‬قال‬
‫" بحماس‬ ‫الطبيب أن النظام الغذائي ال عالقة له بمرضه وأنه يستطيع أن يأكل ويشرب ما أريد‬
‫وتحت ضغط الكثير من العواطف السرية‪" :‬نعم‪ ،‬المرأة يجب أن تكون جميلة إذا أرادت إرضاء‬
‫الرجال‪ .‬الرجل أفضل حاال بكثير‪ .‬وطالما أن لديه خمسة أطراف مستقيمة‪ ،‬فإنه ال يحتاج إلى‬
‫المزيد!‬

‫يتيح لنا هذا المثال رؤية جيدة لآلليات الحميمة للخطأ في الخطاب عن طريق التكثف‬
‫واالخطاء االمالئية‪ .‬من الواضح جدا أن لدينا هنا إنصهار لطريقتين مماثلتين في التعبير‪- :‬‬

‫طالما أن له أطرافه األربعة المستقيمة‪.‬‬

‫"ما دام لديه حواسه الخمس‪".‬‬

‫أو قد يكون مصطلح "مستقيم" العنصر المشترك في التعبيرين المقصودين‪ - :‬طالما أن لديه‬
‫أطرافه المستقيمة‪.‬‬

‫يجب أن تكون حواسه الخمسة مستقيمة‪.‬‬

‫كما يمكن االفتراض أن كال من طريقتي التعبير ‪ -‬أي تلك التي هي من الحواس الخمسة‬
‫وتلك التي في الخمسة المستقيمة ‪ -‬قد تعاونتا لتعريفهما في الجملة عن األطراف المستقيمة أوال‬
‫بالرقم ثم الخمس الغامضة بدال من األربعة البسيطة‪ .‬ولكن من المؤكد أن هذا االندماج ما كان‬
‫لينجح لو لم يكن قد عبر عن الحس السليم في الشكل الناتج عن الخطأ؛ ولو لم يعبر عن حقيقة‬
‫ساخرة‪ ،‬ال يمكن بطبيعة الحال أن ينطق بها دون أن يخفي‪ ،‬كما فعلت المرأة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬لن نتردد في‬
‫لفت االنتباه إلى أن قول المرأة‪ ،‬بعد الصياغة‪ ،‬يمكن أن يكون خطأ في الكالم‪ .‬إنه ببساطة سؤال‬
‫حول ما إذا كانت تتحدث عن هذه الكلمات بنية واعية أو غير واعية‪ .‬ال شك أن سلوك المتحدث في‬
‫هذه الحالة ينفي النية الواعية‪ ،‬ويستبعد الذكاء‪.‬‬

‫( ‌) نظرا لتشابه المواد‪ ،‬أضيف هنا حالة أخرى من خطأ الكالم‪ ،‬الذي يتطلب تفسيره‬ ‫ك‬
‫مهارات أقل‪ .‬حاول بروفسور في علم التشريح تفسير خط األنف‪ ،‬والذي‪ ،‬كما هو معروف‪ ،‬هو‬
‫هيكل تشريحي صعب جدا‪ .‬وعلى سؤاله عما إذا كان جمهوره قد استوعب أفكاره فقد تلقى ردا‬
‫إيجابيا‪ .‬فعلق األستاذ المعروف باحترام الذات‪" :‬ال أستطيع تصديق ذلك‪ ،‬فعدد األشخاص الذين‬
‫يفهمون خط االنف‪ ،‬حتى في مدينة تضم الماليين مثل فيينا‪ ،‬يمكن عدهم على إصابعي ‪ -‬عفوا‪ ،‬لقد‬
‫قصدت أن أقول على أصابع اليد"‪.‬‬

‫( ‌) أنا مدين للدكتور أ‪ .‬روبيتسك‪ ،‬من فيينا‪ ،‬للفت انتباهي إلى خطأين من كاتب فرنسي‬ ‫ل‬
‫قديم‪ ،‬والذي سوف أذكره بلغته األصلية‪.‬‬

‫‪ ،‬الخطاب الثاني‪" :‬مارست الجنس‬ ‫برانتوم (‪ ،)1614-1527‬حياة سيدات غاالنترات‬


‫مع سيدة جميلة جدا وصادقة غير فرنسية‪ ،‬قالت للقاضي في محكمة شؤون الحرب‪ :‬ال أستطيع أن‬
‫أقول لكم أن روي كسر كل "القيم" في هذا البلد‪ ،‬إنها تعني الجسور‪".58‬‬

‫"مارست الجنس مع سيدة أخرى كانت معجبة بجمال امرأة أخرى قالت عنها انها‬
‫"‬‫جنسية بدل قولها ناضجة‬
‫في العالج النفسي الذي أقوم به في حل وإزالة األعراض العصبية‪ ،‬غالبا ما أواجه مهمة‬
‫اكتشاف محتويات األفكار من األقوال والعقد المرضية للمريض‪ ،‬والتي وإن كانت تسعى إلى‬
‫االختفاء فإنها تخون نفسها عن عمد‪ .‬وفي القيام بذلك كثيرا ما تؤدي األخطاء الخدمة األكثر قيمة‪،‬‬
‫كما أستطيع أن أبين من خالل أكثر األمثلة إقناعا واألكثر فردية‪.‬‬

‫على سبيل المثال‪ ،‬يتحدث مريض عن خالته ثم فيما بعد‪ ،‬دون أن ينتبه‪ ،‬ينعتها ب "أمي‪ ،‬أو‬
‫نعت زوجها "كأخ"‪ .‬وبهذه الطريقة يجذبني انتباهي إلى أنهم "حددوا" قرابة بعضهم من بعض‪،‬‬
‫وأنهم وضعوهم في نفس الفئة‪ .‬أو ان شابا عمره عشرين سنة يقدم نفسه خالل ساعات عملي بهذه‬
‫الكلمات‪" :‬والدي ن‪ .‬ن‪ ،.‬الذي كان مريضك‪ ،‬عفوا‪ ،‬أعني اخي؛ هو أكبر مني بأربع سنوات فقط‪.‬‬
‫وأنا أتفهم أن هذا الخطأ هو الذي يرغب في التعبير عنه أنه هو أيضا‪ ،‬مثل األخ‪ ،‬مريض بالخطأ‬
‫الذي ارتكبه األب؛ فهو‪ ،‬شأنه شأن أخيه‪ ،‬يرغب في أن يشفى‪ ،‬ولكن األب هو أكثر الناس حاجة‬
‫للعالج‪ .‬وفي أحيان أخرى يكون ترتيب الكلمات غير العادي أو التعبير القسري كافيا ليكشف في‬
‫خطاب المريض عن مشاركة فكر مكبوت له دافع مختلف‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬وفي اضطرابات الكالم الدقيقة واضطرابات الكالم الحادة‪ ،‬التي يمكن‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬
‫تلخيصها على أنها "أخطاء في الكالم"‪ ،‬أجد أن آثار االتصال التي تخلفها األفكار خارج الخطاب‬
‫المقصود هي التي تحدد أصل خطأ الكالم‪ ،‬كما أنها كافية لشرح األخطاء الجديدة في الخطاب‪ .‬ال‬
‫أشك في الحاالت التي تحدث فيها األصوات تغييرات على بعضها البعض‪ ،‬لكنها وحدها ال تبدو لي‬
‫بالقوة الكافية لتشويه التعبير الصحيح للكالم‪ .‬وفي تلك الحاالت التي درست فيها وتحققت فيها عن‬
‫كثب‪ ،‬فإنها ال تمثل سوى اآللية التي سبق ان تم تشكيلها‪ ،‬والتي يستغلها بسهولة دافع نفسي أكثر‬
‫بعدا‪.‬‬

‫بيد أن هذه األخيرة ال تشكل جزءا من مجال تأثير هذه العالقات السمعية‪ .‬وفي عدد كبير‬
‫من التبديالت التي تسببها األخطاء في التحدث‪ ،‬هناك غياب كامل لهذه القوانين اللفظية‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬أنا متفق تماما مع وندت‪ ،‬الذي يفترض على نحو مماثل أن الظروف الكامنة وراء أخطاء‬
‫التعبير معقدة وتتجاوز تأثير االتصال باألصوات‪.‬‬

‫إذا قبلت "هذه التأثيرات النفسية البعيدة"‪ ،‬وفقا لتعبير وندت‪ ،‬ال شيء هناك يمنعني من أن‬
‫أخفي أيضا أنه في اي خطاب متسارع‪ ،‬مع قدر معين من االنتباه الشارد‪ ،‬قد تكون أسباب خطأ‬
‫الكالم مقتصرة بسهولة على القانون المحدد لميرنجر وماير‪ .‬بيد أن هناك في عدد من األمثلة التي‬
‫جمعها هؤالء المؤلفون حال أكثر تعقيدًا‪.‬‬

‫وفي بعض أشكال األخطاء الخطابية‪ ،‬قد نفترض أن العامل المزعج يتلخص في تجنب‬
‫الكلمات والمعاني الفاحشة‪ .‬إن التشوه وتشويه الكلمات والعبارات‪ ،‬الذي يحظى بشعبية كبيرة بين‬
‫األشخاص المبتذلين‪ ،‬ال يهدف إال إلى توظيف دافع غير ضار للتذكرة بالخطأ‪ .‬وهذه الممارسة‬
‫متكررة جدا لدرجة أنها لن تكون جديرة بالمالحظة على اإلطالق إذا ظهرت بشكل غير مقصود‬
‫وبخالف مع اإلرادة‪.‬‬
‫وأنا على ثقة بأن القراء لن ينالوا من قيمة هذه التفسيرات التي ال يوجد لها دليل‪ ،‬ومن هذه‬
‫األمثلة التي جمعتها بنفسي وشرحتها بواسطة التحليل‪ .‬ولكن إذا كنت سرا ال أزال أعتز بالتوقعات‬
‫بأن حتى الخطأ الخطابي البسيط ظاهريا سوف يرجع إلى اضطراب ناتج عن فكرة نصف مكبوتة‬
‫تقطع السياق المقصود‪ ،‬فأنا أشعر باإلنجذاب إلى مالحظات ميرنجر‪ .‬يؤكد ميرنجر أنه من الالفت‬
‫للنظر أن ال أحد يرغب في االعتراف بأنه ارتكب خطأ في التحدث‪ .‬هناك العديد من األشخاص‬
‫األذكياء والصادقين الذين يشعرون باإلهانة إذا أخبرناهم بأنهم إرتكبوا خطأ عند التحدث‪ .‬لن‬
‫أجازف بجعل هذا التأكيد عاما مثل ميرنجر‪ ،‬باستخدام مصطلح "ال أحد"‪ .‬ولكن األثر العاطفي‬
‫الذي يتمسك بإظهار الخطأ‪ ،‬الذي ينتمي بوضوح إلى نوع من العار‪ ،‬له أهميته‪ .‬قد يظهر على‬
‫شكل غضب يظهر من عدم القدرة على تذكر اسم منسي‪ ،‬والدهشة من هفوة ذاكرة تبدو غير مهمة‪،‬‬
‫والتي تشير دائما إلى أثر دافع ما في تشكيل التشويش‪.‬‬

‫إن تشويه األسماء يرقى إلى درجة اإلهانة عندما يتم بشكل متعمد‪ ،‬وقد يكون له نفس‬
‫التصنيف في الحاالت التي يبدو فيها أنه أخطاء الكالم تمت بشكل غير مقصود‪ .‬فالشخص الذي‪،‬‬
‫وفقا لتقرير ماير‪ ،‬قال ذات مرة‪" :‬فرودر" بدال من "فرويد"‪ ،‬ألنه قبل وقت قصير ذكر اسم‬
‫"بروير"‪ ،‬وتحدث في وقت آخر عن طريقة "فروير ‪ -‬بروديان"‪ ،‬لم يكن متحمسا بالتأكيد لهذا‬
‫التحليل‪ .‬في فصل الحق‪ ،‬وفي إطار األخطاء المكتوبة‪ ،‬سأبلغ عن حالة تشوه ألسماء ال تعترف‬
‫بالتأكيد بأي تفسير آخر‪.‬‬

‫وكعنصر قلق في هذه الحاالت‪ ،‬هناك خلط بين النقد الذي ينبغي إغفاله‪ ،‬ألنه ال يتفق في‬
‫الوقت الحاضر مع نية المتحدث‪ .‬أو قد يكون العكس تماما؛ كاالسم البديل‪ ،‬أو اعتماد االسم‬
‫الغريب‪ ،‬يدل على تقدير له‪ .‬إن التعريف الذي يحدث عن طريق الخطأ يعادل االعتراف الذي يجب‬
‫أن يظل في الخلفية في الوقت الحالي‪ .‬وهناك تجربة من هذا النوع من أيام دراسة الدكتور‬
‫فيرينزي‪— :‬‬

‫"بينما كنت في السنة األولى في الكلية‪ ،‬اضطررت إللقاء قصيدة قبال الصف بأكمله‪ .‬كانت‬
‫التجربة األولى من هذا النوع في حياتي‪ ،‬ولكنني كنت على إستعداد جيد‪ .‬ما ان بدأت تالوتي حتى‬
‫انزعجت من موجة الضحك‪ .‬ثم شرح لي االستاذ الحقا هذا االستقبال الغريب‪ .‬بدأت بإعطاء عنوان‬
‫"من المسافة"‪ ،‬الذي كان صحيحا‪ ،‬ولكن بدًال من إعطاء اسم المؤلف الحقيقي‪ ،‬ذكرت اسمي‪ .‬اسم‬
‫الشاعر هو ألكسندر بيتفي‪ .‬كان االسم األول هو اسمي المفضل‪ ،‬ولكن السبب الحقيقي كان بكل‬
‫تأكيد حقيقة أنني عرفت نفسي في ذلك الوقت مع الشاعر البطل المحتفى به‪ .‬حتى وأنا واع‪ ،‬كنت‬
‫أضمر إليه الحب واالحترام الذي قد يصل الى العشق‪ .‬إن الطموح كان يتخفي تحت هذا التصرف‬
‫الخاطئ‪.‬‬

‫وقد أبلغت بحالة مماثلة تتعلق بطبيب شاب قدم نفسه بخجل وتبجيل إلى الفيرشو بكلمات‪:‬‬
‫"أنا دكتور فيرشو‪ ".‬فالتفت اليه األستاذ المدهش وسأله‪" :‬هل اسمك أيضا فيرشو"‪ ،‬ال أعرف كيف‬
‫برر الشاب الطموح خطأه في الكالم‪ ،‬سواء فكر في انه تافها مقارنة بهذا الرجل العظيم الى درجة‬
‫انه نسى اسمه‪ ،‬أو ما إذا كان لديه الشجاعة لالعتراف بأنه هو أيضا يأمل أن يكون يوما ما رجال‬
‫عظيما كفيرشو‪.‬‬

‫وبسبب دوافع شخصية جدا‪ ،‬ال بد لي أن أحسم ما إذا كان يمكن تطبيق تفسير مماثل في‬
‫القضية التي ينبغي االستشهاد بها‪ .‬في المؤتمر الدولي الذي عقد في أمستردام في عام ‪،1907‬‬
‫كانت نظرياتي المتعلقة بالهستيريا موضوع مناقشة حية‪ .‬كان أكثر خصومي عنفا‪ ،‬في خطابه الذي‬
‫وجهه إلى‪ ،‬يرتكب األخطاء مرارا وتكرارا في خطاب جعل نفسه في مكاني ويتكلم باسمي‪ .‬فقد قال‬
‫على سبيل المثال‪" :‬أنا وبروير‪ ،‬كما هو معروف جيدا‪ ،‬قد أظهرنا"‪ ،‬إلخ‪ .‬عندما أراد أن يقول‬
‫"بروير وفرويد"‪ .‬ال يظهر اسم هذا الخصم أدنى تشابه صوتي مع اسمي‪ .‬ومن هذا المثال‪ ،‬وأيضا‬
‫من حاالت أخرى من األسماء المتغيرة في أخطاء التعبير‪ ،‬نتذكر أن خطأ الخطابة من الممكن أن‬
‫يتخلى تماما عن التشابهات التي تتسبب من خالل أصوات مماثلة‪ ،‬ومن الممكن أن يحقق الغرض‬
‫منه إذا كان مدعوما فقط في المحتوى من خالل عالقات مخفية‪.‬‬

‫وفي حاالت أخرى أكثر أهمية‪ ،‬يكون األمر عبارة عن نقد ذاتي‪ ،‬وتناقض داخلي ضد قول‬
‫المرء ذاته‪ ،‬والذي يؤدي إلى خطأ الخطابة‪ ،‬بل ويفرض حتى االستعاضة المتقابلة عن المقصود‪.‬‬
‫ثم نالحظ بدهشة كيف تزيل صياغة التأكيد الغرض من ذلك‪ ،‬وكيف يكشف الخطأ في الكالم عن‬
‫عدم األمانة الداخلية‪ .‬وهنا يصبح الخطأ اللغوي شكال من أشكال التعبير‪ ،‬في كثير من األحيان في‬
‫الواقع‪ ،‬للتعبير عما ال يرغب المرء في قوله‪ .‬وهي بالتالي وسيلة للخيانة الذاتية‪.‬‬

‫يروي بريل‪" :‬لقد استشرت مؤخرا من قبل امرأة أبدت الكثير من مظاهر جنون العظمة‪،‬‬
‫ونظرا لعدم وجود أقارب لها يمكنهم التعاون معي‪ ،‬فقد حثثتها على دخول مستشفى حكومي‬
‫كمريضة طوعية‪ .‬كانت على إستعداد للقيام بذلك‪ ،‬ولكنها أخبرتني في اليوم التالي أن أصدقائها‬
‫الذين أجرت معهم إحدى الشقق اعترضوا على ذهابها إلى المستشفى ألنها ستؤثر في خططهم‪،‬‬
‫وهكذا‪ .‬فقدت صبر وقلت‪ :‬ال فائدة من االستماع إلى أصدقائك الذين ال يعرفون شيئا عن حالتك‬
‫العقلية؛ أنت غير كفء تماما لتهتم بشؤونك الخاصة‪ .‬حين قصدت أن أقول "كفؤ"‪ .‬هنا الخطأ عبر‬
‫عن رأيي الحقيقي‪.‬‬

‫غالبا ما تعطي مادة الخطاب‪ ،‬بالصدفة‪ ،‬منشا ألمثلة من أخطاء الكالم التي تؤدي إلى‬
‫الكشف الواضح أو التأثير الهزلي الكامل للمخفي من القول‪ ،‬كما تظهر االمثلة التالية التي ذكرها‬
‫بريل‪— :‬‬

‫"مضيف ثري ولكن ليس كريما جدا دعا أصدقائه إلى حفلة مسائية‪ .‬كان كل شيء يسير‬
‫على ما يرام حتى حوالي الساعة ‪ 11:30‬مساء‪ ،‬عندما كان يفترض أن يكون العشاء‪ .‬لم يكن هناك‬
‫عشاء وبدال من ذلك‪ ،‬تناولوا السندويشات الصغيرة وعصيرالليمون‪ .‬كان حينها موعد االنتخابات‬
‫قريبا‪ ،‬وتركزت المحادثات على المرشحين المختلفين؛ ومع أزدياد سخونة النقاش‪ ،‬ذكر للمضيف‬
‫أحد الضيوف‪ ،‬المعجب الشديد بمرشح الحزب التقدمي‪ :‬يمكنك ان تذكر رأيك بالمرشح تيدي‪ ،‬ولكن‬
‫هناك شيء واحد يمكن االعتماد عليه دائما؛ دائما ما يعطيك وجبة عادلة‪ ،‬رغبة في قول صفقة‬
‫عادلة‪ .‬انفجر الضيوف المجتمعون في زئير من الضحك الكبير إحرج المتحدث والمضيف الذين‬
‫فهم كل منهما االخر‪.‬‬

‫"بينما كنت أكتب وصفة طبية المرأة تأثرت بشكل خاص باألعباء المالية المترتبة على‬
‫العالج‪ ،‬كنت مهتم بسماع قولها فجأة‪ :‬أرجوك ال تعطيني فواتير كبيرة ألنني ال أستطيع إبتالعها‪.‬‬
‫بالطبع كانت تقول حبوب‪.‬‬

‫يوضح حالة خطيرة من خيانة الذات من خالل خطأ في الكالم‪ .‬كما ذكره‬ ‫التالي‪59‬‬ ‫المثال‬
‫ألول مرة الدكتور أ‪ .‬أ‪ .‬بريل‪.60‬‬

‫"بينما كنا نسير في إحدى الليالي مع الدكتور فرينك التقينا بالصدفة بأحد الزمالء وهو‬
‫الدكتور ب‪ .‬الذي لم أره منذ سنوات‪ ،‬ولم أكن أعلم شيئا عن حياته الخاصة‪ .‬وقد سعدنا كثيرا أن‬
‫نلتقي مرة أخرى‪ ،‬وبدعوتي رافقنا إلى مقهى‪ ،‬حيث قضينا ساعتين تقريبا في محادثة سارة‪.‬‬
‫وسؤالي عما إذا كان متزوجا أعطى إجابة بال‪ ،‬وأضاف‪ :‬لماذا يجب أن يكون رجل مثلي متزوجا؟‬
‫"عند مغادرته للمقهى‪ ،‬إستدار نحوي فجأة وقال‪ :‬أريد أن أعرف ما رأيك في حالة مثل هذه‪ :‬أعرف‬
‫ممرضة دخلت في قضية طالق كشاهد‪ .‬الزوجة رفعت دعوى ضد الزوج لطالقها‪ ،‬وحصل على‬
‫الطالق‪ .‬قاطعته قائال‪ :‬تعني أنها حصل(ت) على الطالق‪ .‬وعلى الفور صحح نفسه قائال‪" :‬نعم لقد‬
‫حصلت على الطالق"‪ ،‬واستمر في سرد كيف أثر حماس المحاكمة على هذه الممرضة لدرجة انها‬
‫أصبحت عصبية وأخذت تشرب‪ .‬أراد مني أن أنصحه بكيفية معاملتها‪.‬‬

‫حالما أصلحت خطأه طلبت منه الشرح‪ ،‬لكن كما هو الحال في العادة تفاجأ بسؤالي‪ .‬أراد أن‬
‫يعرف ما إذا كان الشخص ال يملك الحق في إرتكاب أخطاء في الكالم‪ .‬شرحت له أن هناك سببا‬
‫لكل خطأ وأنه لو لم يخبرني بأنه غير متزوج لقلت بإنه بطل قضية الطالق المذكورة وأن الخطأ‬
‫أظهر أنه أراد الطالق بدال من زوجته حتى ال يضطر لدفع النفقة ويسمح له بالزواج ثانية في والية‬
‫نيويورك‪.‬‬

‫لقد أنكر بشدة تفسيري‪ ،‬لكن انفعاله العاطفي‪ ،‬الذي أعقبه ضحك بصوت عال‪ ،‬عزز‬
‫شكوكي‪ .‬وقد قلت له أنه يجب أن يقول الحقيقة من أجل العلم‪.‬‬

‫إال انه اجاب بان علي ان اصدقه كي اليكذب علي النه لم يكن متزوجا من قبل و تحليلي‬
‫النفسي مخطأ‪ .‬ولكنه أضاف أنه من الخطورة بمكان أن يكون المرء مع شخص يهتم بمثل هذه‬
‫األشياء الصغيرة‪ .‬ثم تذكر فجأة انه كان لديه موعد آخر وتركنا‪" .‬انا والدكتور فرينك كنا مقتنعين‬
‫بأن تفسيري كان صائبا‪ ،‬فقررت إثبات ذلك أو دحضه بالمزيد من التحقيقات‪ .‬في اليوم التالي‬
‫وجدت جار وصديقا قديما للدكتور ب‪ ،.‬الذي أكد تفسيري على وجه الخصوص‪ .‬وقد منح الطالق‬
‫لزوجة الدكتور ب‪ .‬قبل بضعة أسابيع‪ ،‬وتم تعيين ممرضة في قائمة المشتركين في الدفاع عن‬
‫الطالق‪ .‬وبعد بضعة أسابيع التقيت بالدكتور ب‪ .‬وقال لي انه مقتنع تماما باآلليات الفرودوية‪.‬‬

‫—‪61‬‬ ‫الخيانة الذاتية واضحة تماما في الحالة التالية التي أبلغ عنها أوتو رانك‪:‬‬

‫كان أحد االباء خاليا من كل المشاعر الوطنية وكان راغبا في تعليم أبنائه ان يكونوا أحرارا‬
‫من هذه المشاعر الزائدة‪ ،‬ووجه اللوم إلى ولديه لمشاركتهم في مظاهرة وطنية‪ ،‬ورفض االشارة‬
‫إلى سلوك مماثل لعمهم بهذه الكلمات‪" :‬لستم مجبرون على تقليده؛ لماذا؟ هل النه غبي"‪ .‬مالمح‬
‫دهشة األطفال في نبرة أبيهم الغريبة دفعته إلى إرتكاب خطأ‪ ،‬فأجاب معتذرا بالطبع تمنيت قول‬
‫وطني‪ .‬عندما يحدث خطأ كالمي كهذا في مشاحنات خطيرة فانه قد يعكس المقصود‪.‬‬

‫وهذا يبين بوضوح أنه على الرغم من عدم رغبة الناس في قبول نظرية تصوري وعدم‬
‫ميلهم إلى التخلي عن المالءمة المرتبطة بالتسامح مع الفعل الخاطئ‪ ،‬فإنهم يفسرون مع ذلك‬
‫األخطاء الخطابية وغيرها من األفعال الخاطئة بطريقة مشابهة لتلك التي عرضتها في هذا الكتاب‪.‬‬
‫فاالستهزاء والسخرية اللذين يصاحبان هذه األخطاء اللغوية يتكلمان بشكل قاطع ضد الفكرة القائلة‬
‫بأن مثل هذه االخطاء ال أهمية لها من الناحية النفسية‪ .‬ولم يكن غير المستشار األلماني األمير بولو‬
‫هو الذي سعى إلى إنقاذ الموقف من خالل مثل هذه االحتجاجات حين تحولت صياغة دفاعه عن‬
‫إمبراطوره (نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ )١٩٠٧‬إلى العكس من خالل الخطب‬

‫"وفيما يتعلق بالحاضر‪ ،‬العهد الجديد لإلمبراطور ولهلم الثاني‪ ،‬ال يسعني إال أن أكرر ما‬
‫قلته قبل سنة‪ ،‬أنه سيكون من غير العدل ومن الظلم أن نتحدث عن حشد من المستشارين‬
‫المسؤولين حول امبرطورنا ‪ -‬للحديث عن مستشارين غير مسؤولين‪".‬‬

‫هناك مثال جميل لخطأ الكالم‪ ،‬الذي ال يهدف كثيرا إلى خيانة المتحدث كما في تنوير‬
‫المستمع خارج المشهد‪ ،‬في (بيكولميني‪ ،‬الفصل األول‪ ،‬المشهد ‪ ،)٥‬ويظهر لنا أن الشاعر الذي‬
‫يستخدم هذه الوسيلة ضليع في آلية وحشد المتلقين‪ .‬في المشهد السابق‪ ،‬كان ماكس بيكولوميني يؤيد‬
‫بحماس حزب البط‪ ،‬وكان متحمسا لبركات السالم التي عرفها خالل رحلة بينما كان يرافق ابنة‬
‫فالينشتاين إلى المخيم‪ .‬فهو يترك والده وسفير المحكمة‪ ،‬كويستنبرج‪ ،‬في حالة من الذعر الشديد‪.‬‬
‫ويمضي المشهد كما يلي‪— :‬‬

‫"كويسنبرغ‪ .‬ويل لنا! فهل االمور كذلك؟ايها الصديق‪ ،‬هل ينبغي علينا ان نسمح له الذهاب‬
‫إلى هناك مع هذا الراي الباطل‪ ،‬وال نذكره في وقت واحد لفتح عينيه؟‪.‬‬

‫أوكتافيو (يحس بتأمل عميق)‪ .‬لقد فتح عيني‪ ،‬وأرى ألكثير مما يسرني‪.‬‬

‫كويسنبرغ‪ .‬ما األمر يا صديقي؟‬

‫أوكتافيو‪ .‬اللعنة على تلك الرحلة!‬


‫كويسنبرغ‪ .‬لماذا؟ ما هناك؟‬

‫أوكتافيو‪ .‬تعال! يتعين علي أن أتابع على الفور المسار غير المحظوظ‪ ،‬وأن أرى بعيني‪،‬‬
‫تعال!‬

‫كويسنبرغ‪ .‬ما األمر؟ أين؟‬

‫أوكتافيو (الحث)‪ .‬بالنسبة لها!‬

‫كويسنبرغ‪ .‬إلى —؟‬

‫أوكتافيو (يصحح نفسه)‪ .‬اليه‪ ،‬إلى الدوق! دعونا نذهب‪ ،‬إلخ"‪.‬‬

‫الخطأ الطفيف الذي وقع على (ها) بدال منه (ه) وضحت لنا حقيقة أن األب قد رأى من‬
‫خالل دافع ابنه لتبني القضية األخرى‪ ،‬بينما تشتكي صاحبة المحكمة من أنه "يتحدث إليه بالكامل‬
‫باأللغاز‪".‬‬

‫مثال آخر يستخدمه الشاعر لخطأ في الكالم أكتشفه أوتو راينج في شكسبير‪ .‬إن الخطاب‬
‫الشعري‪ ،‬المحفز بحرص شديد‪ ،‬والذي يستخدم من الناحية الفنية على نحو الفت للنظر‪ ،‬كما أشار‬
‫إليه فرويد في فالينشتاين‪ ،‬ال يثبت فقط أن الشعراء يعرفون آلية هذا الخطأ والشعور به‪ ،‬بل‬
‫ويستلزم أيضا فهمه من جانب سامعيهم كما في مثال تاجر البندقية‪ ).‬وبإرادة آبائها كانت بورشيا‬
‫ملزمة باختيار زوج من خالل اليانصيب‪ .‬لقد هربت من كل خطابها المزعجين بالصدفة‪ .‬وعندما‬
‫وجدت أخيرا في باسانيو العريس الذي يسعى وراء قلبها‪ ،‬كان لديها ما يدعو إلى الخوف خشية أن‬
‫يسحب الصندوق غير المحظوظ‪ .‬وفي المشهد كانت تقول له إنه حتى لو اختار خطأ‪ ،‬فقد يكون‬
‫واثقا من الحب‪ .‬ولكنها معوقة بسبب نذرها‪ .‬في هذا الصراع العقلي يضع الشاعر هذه الكلمات في‬
‫فمها‪ ،‬موجهة إلى الخاطب المرحب به‪ :‬ــ هناك شيء يخبرني (لكنه ليس حبا) بانني لن اخسرك؛‬
‫وانت تعرف ان الكراهية ال تفرز مثل هذا الشعور‪ .‬ولكن لكي تفهمني جيدا (والشابة ال تقول ذلك‬
‫بل تفكر به)‪،‬‬

‫سأراك هنا بعد شهر أو شهرين‪ ،‬قبل أن تغامر من أجلي‪ .‬أستطيع أن أعلمك كيف ان تختار‬
‫بشكل صحيح‪ ،‬ولكن بعد ذلك لن أقسم ألي شيء كي ال أكون؛ كي تشتاق لي؛‬
‫لكن إذا فعلت ذلك‪ ،‬ستجعلني أتمنى ألخطيئة‪ .‬ابشر عيونك الذين قسمنني‪ :‬نصفي هو لك‪،‬‬
‫والنصف اآلخر لي وكل ما لي فهو لك"‪.‬‬

‫"الشيء الذي تود أن تلمح إليه بلطف‪ ،‬أنها حقا يجب أن تبقيه لها‪ ،‬أي أنه حتى قبل القرعة‬
‫فهي له بالكامل ‪ -‬أنها تحبه‪ .‬يسمح الشاعر‪ ،‬بحساسية نفسية مثيرة لإلعجاب‪ ،‬أن يظهر على السطح‬
‫خطأ في الكالم‪ .‬ومن خالل هذه الكلمات يتمكن من تهدئة حالة عدم اليقين التي ال تطاق لدى‬
‫الحبيب وكذلك التوتر المشابه عند القارئ بشأن نتيجة القرعة‪.‬‬

‫ويبرر االهتمام الذي يستحقه تأكيد مفهومنا لألخطاء الكالمية من خالل الشعراء الكبار‬
‫االقتباس من مثال ثالث ورد في تقرير الدكتور إ‪ .‬جونز‪.62‬‬

‫"إن الروائي العظيم‪ ،‬جورج مريديث‪ ،‬في تحفته بعنوان األيغوتي‪ ،‬تظهر فهما أدق لآللية‪.‬‬
‫قصة الرواية هي كما يلي‪ :‬السير ويلوبي فورميشن‪ ،‬أرستقراطي نال إعجاب كبير من دائرته‪،‬‬
‫أصبح منخرطا مع اآلنسة كونستانتيا دورهام‪ .‬تكتشف فيه انانية شديدة‪ ،‬يخفيها ببراعة عن العالم‪،‬‬
‫ولتهرب من الزواج تكون عالقة مع كابتن من أوكسفورد‪ .‬بعد عدة سنوات‪ ،‬تنخرط "فورمينت" في‬
‫مسابقة ملكة جمال ميدلتون‪ ،‬ومعظم الكتاب يتم تناوله مع وصف مفصل للصراع الذي ينشأ في‬
‫ذهنها أيضا عند اكتشاف أنانيته‪ .‬فالظروف الخارجية وفهمها للشرف يفرض تمسكها بتعهداتها‪،‬‬
‫بينما يصبح أكثر فظاظة في عينيها‪ .‬تنشأ عالقة مع قريبه وسكرتيره فيرنون ويتفورد‪ ،‬الرجل الذي‬
‫تتزوج منه في نهاية المطاف‪.‬‬

‫"في سوليلوكي كالرا تتحدث على النحو التالي‪ :‬كيف يمكن ألحد النبالء أن يراني كما أنا‬
‫وال يساعدني! يا إلهي‪ ،‬يجب أن أخرج من سجن الشوك والعوسج هذا‪ ،‬ال يمكنني أن أفقد طريقي‪.‬‬
‫أنا جبانة‪ ،‬إشارة إصبع ستغيرني‪ ،‬أعتقد‪ .‬كان بإمكاني أن أطير نازفة إلى رفيق ما"‬

‫"كونستانتيا التقت جنديا‪ .‬ربما صليت واجيبت صلواتها‪ .‬لقد تمرضت‪ .‬ولكن‪ ،‬أوه‪ ،‬كم‬
‫أحببتها من اجل ذلك! كان اسمه هاري أوكسفورد‪... .‬لم تنزل من قدر نفسها‪ ،‬لقد قطعت كل‬
‫الروابط‪ ،‬وحررت نفسها‪ .‬أوه‪ ،‬فتاة شجاعة‪ ،‬ما رأيك بي؟ ليس لدي هاري ويتفورد؛ أنا لوحدي‪..‬‬
‫وعت بصورة مفاجئة بتبديل اسم أكسفورد ب ويتفورد‪.‬‬
‫"من الواضح أن انتهاء اسمي الرجلين في 'فورد' يجعل من الخطآ أكثر سهولة‪ ،‬ويرى‬
‫الكثيرون أنه سبب كاف لذلك‪ ،‬ولكن الدافع الحقيقي وراء ذلك يشير الكاتب له بوضوح‪ .‬ففي فقرة‬
‫أخرى تحدث الهفوة نفسها‪ ،‬ويتبع ذلك تردد وتغيير بالموضوع‪ .‬يقول سير ويلوبي بشكل متعالي‬
‫عن ويتفورد‪' :‬تنبيه خاطئ‪ .‬إن قرار القيام بأي شيء غير معهود يفوق كثيرا قرار فيرنون العجوز‬
‫المسكين‪ .‬أجابت كالرا‪ :‬لكن إذا كان السيد أوكسفورد ‪ ...‬ويتفورد ‪( ...‬تغير الموضوع) بجعاتك‪،‬‬
‫يسبحون في البحيرة؛ جميلون!‬

‫كنت سأسالكم‪ ،‬بالتأكيد سيثبط بطبيعة الحال الرجال الذين يشهدون إعجابا ملحوظا بشخص‬
‫آخر للمرآة؟ السير ويلوغت يبتسم فاهما لما حدث‪ .‬وفي لحظة اخرى فان كالرا تخون رغبتها‬
‫السرية بأنها كانت في وقفة حميمة مع فيرنون ويتفورد‪ .‬تحدثت إلى صديق لها‪ ،‬تقول‪ ،‬أخبر السيد‬
‫فيرنون‪( -‬أخبر السيد ويتفورد)‪.‬‬

‫ويمكن التحقق بسهولة من مفهوم األخطاء الكالمية المدافع عنها هنا في أصغر التفاصيل‪.‬‬
‫ولقد تمكنت من إثبات مرارا وتكرارا أن أكثر حاالت اإلخطاء الكالمية وأكثرها طبيعية لها منطقها‬
‫السليم‪ ،‬واالعتراف بنفس تفسير األمثلة األكثر وضوحا‪ .‬فقد قررت إحدى المرضى‪ ،‬خالفا لرغباتي‬
‫ولكن بدوافع شخصية‪ ،‬أن تقوم برحلة قصيرة إلى بودابست قائلة إنها كانت لمدة ثالثة أيام فقط‪،‬‬
‫ولكنها قالت مخطئة لثالثة أسابيع فقط‪ .‬لقد خانت مشاعرها السرية التي كانت‪ ،‬على الرغم من‬
‫حزني‪ ،‬فضلت قضاء ثالثة أسابيع إلى ثالثة أيام في ذلك المجتمع الذي اعتبرته غير صالح لها‪.‬‬

‫ذات مساء‪ ،‬كنت أتمنى أن أعتذر لعدم مرافقة زوجتي الى المسرح‪ ،‬فقلت‪" :‬كنت في‬
‫المسرح بعد عشر دقائق بعد العاشرة‪ ".‬تم تصحيحي‪" :‬قصدت أن تقول الساعة العاشرة‪ ".‬بطبيعة‬
‫الحال‪ ،‬أردت أن أقول قبل العاشرة‪ .‬وبعد العاشرة لن يكون ذلك مبررا بكل تأكيد‪ .‬كنت قد أخبرت‬
‫أن البرنامج المسرحي كتب عليه "ينتهي قبل العاشرة‪ ".‬وصلنا إلى المسرح ووجدت البهو مظلم‬
‫والمسرح فارغا‪ .‬من الواضح ان العرض انتهى مبكرا زوجتي لم تنتظرني‪ .‬عندما نظرت إلى‬
‫الساعة‪ ،‬ما زالت خمس دقائق إلى عشر دقائق قبل العاشرة‪ .‬لقد عقدت العزم على جعل قضيتي أكثر‬
‫مالءمة في البيت‪ ،‬وقلت إن األمر كان عشر دقائق إلى عشر دقائق‪ .‬ولكن لألسف‪ ،‬أفسدت الخطبة‪،‬‬
‫واظهرت عدم صدقي‪ ،‬حيث بينت ما هو أكثر من مجرد اعتراف‪.‬‬
‫يقودنا هذا إلى تلك االضطرابات الكالمية التي لم يعد من الممكن وصفها بأنها أخطاء‬
‫فادحة في الكالم‪ ،‬ألنها ال تؤذي الكلمة الفردية ولكنها تؤثر على إيقاع الكالم وتنفيذه‪ ،‬مثل التلعثم‪.‬‬
‫ولكن هنا‪ ،‬كما في الحاالت السابقة‪ ،‬فإن الصراع الداخلي هو السبب من خالل اضطراب الكالم‪ .‬ال‬
‫أعتقد حًقا أن أي شخص سوف يرتكب أخطاء في التحدث مع جاللة الملك‪ ،‬في إعالن حب جاد‪ ،‬أو‬
‫في الدفاع عن اسمه وشرف أمام هيئة محلفين‪ .‬باختصار‪ ،‬ال يرتكب الناس أي أخطاء حيث‬
‫يوجدون جميًعا كما يقول المثل‪ .‬حتى في انتقاد أسلوب المؤلف‪ُ ،‬يسمح لنا وتعودنا على اتباع مبدأ‬
‫التفسيرات المختلفة‪ ،‬وهو ما ال يمكننا تفويته في أصل خطأ خطاب واحد‪ .‬توضح لنا طريقة الكتابة‬
‫الواضحة والصريحة أن المؤلف هنا في وئام مع نفسه‪ ،‬ولكن عندما نجد تعبيًر ا قسرًيا ومشارًكا‬
‫يهدف إلى هدف أكثر‪ ،‬كما تم التعبير عنه بشكل مناسب‪ ،‬يمكننا بالتالي التعرف على مشاركة فكرة‬
‫للمؤلف‪63.‬‬ ‫غير مكتملة ومعقدة‪ ،‬أو يمكننا أن نسمع من خالله صوت خنق النقد الذاتي‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل السادس

‫أخطاء القراءة والكتابة‬

‫‪ ‬‬

‫الواقع أن نفس وجهات النظر والمراقبة البد وأن تنطبق على األخطاء في القراءة والكتابة‪،‬‬
‫كما هي الحال مع الهفوات في الكالم‪ ،‬ليس باألمر المستغرب على اإلطالق عندما يتذكر المرء‬
‫العالقة الداخلية بين هذه الوظائف‪ .‬وسأقتصر هنا على التقارير الواردة في عدة أمثلة محللة بعناية‬
‫ولن أحاول إدراج جميع الظواهر‪.‬‬

‫اللبس في القراءة‪.‬‬

‫(‌) عندما كنت أنظر إلى عدد من مجلة ‪ ،Leipziger Alomertn‬الذي كنت أمسكه بشكل‬ ‫أ‬
‫مائل‪ ،‬قرأت عنوانا لصورة الصفحة األولى‪" ،‬إحتفال زفاف في األوديسي"‪ .‬ومع دهشتي وانتباهي‪،‬‬
‫نقلت الصفحة إلى المكان الصحيح فقط ألقرأ بشكل صحيح "عرس في بحر البلطيق"‪ .‬كيف حدث‬
‫هذا الخطأ الفاضح في القراءة؟‬

‫وسرعان ما تحولت أفكاري إلى كتاب لروث بعنوان" تحقيقات تجريبية في‬
‫االطياف الموسيقية" ‪ ،‬الخ‪ ،.‬التي كنت قد شغلت بها مؤخرا‪ ،‬إذ انها أثارت عن كثب‬
‫‪64‬‬

‫المشاكل النفسية التي تهمني‪ .‬ووعد صاحب الكتاب بعمل في المستقبل القريب يدعى تحليل‬
‫ومبادئ ظواهر األحالم‪ .‬ال عجب أنني‪ ،‬بعد أن نشرت للتو تأويل األحالم‪ ،‬انتظرت ظهور‬
‫وجدت اعالنا في بداية‬ ‫الموسيقية‪65‬‬ ‫هذا الكتاب باهتمام شديد‪ .‬في عمل روث فيما يتعلق باالطياف‬
‫جدول محتويات الدليل التحقيقي المفصل ان الخرافات والتقاليد الهيلينية القديمة نشأت أساسا من‬
‫الغفوات والموسيقى الطيفية‪ ،‬كظواهر في الحلم والغفوات‪ .‬فدخلت فورا في النص إلعرف ما إذا‬
‫كان يدرك أيضا ان المشهد الذي يظهر فيه أوديسيوس امام نوسيا يستند إلى حلم العري‪ .‬ولقد وجه‬
‫‪ ،66‬والذي يفسر‬ ‫أحد أصدقائي انتباهي إلى مقطع ذكي في كتاب جي كيلر جرونيم هاينريش‬
‫هذه الواقعة في ملحمة أوديسيا باعتبارها تمثيال موضوعيا لحلم البحارة الذين يبتعدون عن وطنهم‪.‬‬
‫االحالم‪67.‬‬ ‫أضفت إليها إشارة إلى حلم العري في كتابي عن‬

‫األسهم‪68.‬‬ ‫ب‬
‫( ‌) المرأة التي تتوق بشدة إلى إنجاب األطفال تقرأ دائما اللقلق بدال من‬

‫(ت‌) في يوم ما تلقيت رسالة تحتوي على أخبار مزعجة جدا‪ .‬اتصلت على الفور بزوجتي‬
‫وأخبرتها بأن السيدة المسكينة و‪ .‬م‪ .‬مريضة جدا وقد تخلى عنه األطباء‪ .‬ال بد أن هناك نغمة كاذبة‬
‫للكلمات التي عبرت فيها عن تعاطفي‪ ،‬إذ ارتابت زوجتي وطلبت رؤية الرسالة‪ ،‬وأعربت عن‬
‫رأيها بأنها ال يمكنها أن تجد ما ذكرت‪ ،‬ألن ال أحد ينادي الزوجة باسم الزوج‪ .‬وعالوة على ذلك‪،‬‬
‫كان المراسل على دراية تامة باالسم المسيحي للمرأة المعنية‪ .‬ودافعت عن توكيدي بعناد‪ ،‬وأشارت‬
‫إلى بطاقات الزيارة المعتادة‪ ،‬التي تحدد المرأة نفسها باسم زوجها المسيحي‪ .‬أجبرت أخيرا على‬
‫أخذ الرسالة‪ ،‬وفي الواقع‪ ،‬قرأنا فيها المسكين الدكتور و‪ .‬م‪ .‬ما هو أكثر من ذلك‪ ،‬أنني أغفلت‬
‫الدكتور المسكين و‪ .‬خطأي في القراءة يدل على وعي مشوش‪ ،‬إذا جاز التعبير‪ ،‬لتحويل الخبر‬
‫المحزن من الرجل إلى المرأة‪ .‬فالعنوان بين الصفة واالسم لم يكن جيدا مع دعائي ان المرأة يجب‬
‫ان تكون المقصودة‪ .‬ولذلك أخطأت في القراءة‪ .‬لم يكن الدافع وراء هذا التزوير أن المرأة كانت‬
‫أقل تعاطفا من الرجل‪ ،‬لكن مصير هذا الرجل المسكين أثار مخاوفي على شخص آخر قريب لي‪،‬‬
‫والذي كنت على علم بأنه كان مصابا بنفس المرض‪.‬‬

‫( ‌) كثيرا ما أخطأ اخطائا مثيرة للضحك والقلق عندما أتجول في شوارع مدينة غريبة‬ ‫ث‬
‫على كل الفتة تجارية تظهر أقل تشابه للكلمة؛ هذا يظهر‬ ‫خالل عطالتي‪ .‬ثم أقرأ كلمة انتيكات‬
‫روح جامع االنتيكات لدي‪.‬‬

‫( ‌) في عمله الهام‪ 69‬يذكر بليولر‪" :‬بينما كنت أقرأ‪ ،‬كان لدي إحساس فكري لرؤية اسمي‬ ‫ج‬
‫تحت سطرين من السطر الذي اقرأه‪ .‬لدهشتي لم أجد سوى كلمات الخليات الدموية‪ .70‬ومن بين‬
‫اآلالف من الثغرات في القراءة في المحيط الخارجي وفي مجال الرؤية المركزي الذي قمت‬
‫بتحليله‪ ،‬كانت هذه هي الحالة األكثر بروزا‪ .‬كلما تخيلت أنني رأيت اسمي‪ ،‬كانت الكلمة التي‬
‫حفزت هذا الوهم تظهر عادة تشابه أكبر مع اسمي من كلمة الخليات الدموية‪ .‬في معظم الحاالت‪،‬‬
‫كان يجب أن تكون كل الحروف التي تحمل اسمي قريبة من بعضها البعض قبل أن أتمكن من‬
‫إرتكاب مثل هذا الخطأ‪ .‬ولكن في هذه الحالة‪ ،‬أستطيع أن أشرح بسهولة هذا الوهم‪ .‬ما قرأته للتو‬
‫هو نهاية جملة علمية تمت كتابتها بشكل سيئ‪ ،‬وهو خطأ لست منزه عنه تماما‪".‬‬

‫اللبس في الكتابة‪:‬‬

‫(‌) على ورقة تحتوي أساسا على مالحظات قصيرة يومية ذات أهمية لعملي‪ ،‬فوجئت‬ ‫أ‬
‫بالتاريخ غير الصحيح‪ ،‬يوم الخميس ‪ 20‬تشرين األول‪/‬أكتوبر‪ ،‬الوارد بين معقوفتين في التاريخ‬
‫الصحيح وهو شهر أيلول‪/‬سبتمبر‪ .‬ولم يكن من الصعب تفسير هذا التوقع باعتباره تعبيرا عن‬
‫الرغبة في العمل‪ .‬اذ عدت قبل أيام قليلة من إجازتي وشعرت أنني مستعد ألي قدر من العمل‪،‬‬
‫ولكن لم يكن هناك سوى عدد قليل من المرضى‪ .‬لدى وصولي وجدت رسالة من مريضة تعلن عن‬
‫وصولها في ‪ 20‬تشرين االول‪ .‬فكتبت نفس التاريخ في سبتمبر وربما كنت فكرت بان المريضة‬
‫س‪ .‬يجب أن تكون هنا بالفعل؛ يا له من خطأ‪ ،‬شهر كامل! وبهذه الفكرة دفعت الموعد الحالي شهرا‬
‫كامال‪ .‬في هذه الحالة فإن هذا الفكرة المزعجة ال يمكن أن يطلق عليه وصف غير سار؛ لذلك بعد‬
‫أن الحظت هذا الخطأ في الكتابة‪ ،‬علمت على الفور الحل‪ .‬في خريف السنة التالية‪ ،‬شهدت هفوة‬
‫مماثلة تماما وحافزا اخر لكتابة التاريخ بصورة خاطئة‪ .‬وقد قام جونز بدراسة حاالت مماثلة‪،‬‬
‫ووجد أن معظم األخطاء في كتابة التواريخ تتضمن دوافع‪.‬‬

‫( ‌) تلقيت أوراق إثبات عن مساهمتي في التقرير السنوي عن علم األعصاب والطب‬ ‫ب‬
‫النفسي‪ ،‬وكان من الطبيعي أن أقوم بمراجعة أسماء المؤلفين بعناية خاصة‪ ،‬والتي‪ ،‬بسبب العديد من‬
‫الجنسيات المختلفة الممثلة‪ ،‬كانت هنالك صعوبات واجهها المحرر‪ .‬في الواقع‪ ،‬وجدت بعض‬
‫األسماء الغريبة ال تزال في حاجة إلى تصحيح؛ ولكن‪ ،‬من الغريب‪ ،‬أن المحرر قام بتصحيح اسم‬
‫واحد في مقالتي‪ ،‬ولسبب وجيه جدا‪ .‬كنت قد كتبت باكرهارد‪ ،‬الذي ظن أنه بوركهارد‬
‫‪ .‬فقد أثنيت‬
‫على طروحات طبيب التوليد هذا بعنوان تأثير الوالدة على أصل شلل األطفال‪ ،‬ولم أكن‬
‫مدركا للخطأ في االسم‪ .‬ولكن أحد الكتاب في فيينا‪ ،‬الذي أغضبني بسبب االنتقادات السلبية التي‬
‫‪ ،‬يحمل نفس االسم‪ .‬وكأنه في كتابة اسم بوركهارد‪ ،‬أي‬ ‫وجهت إلى كتابي الصدمات النفسية‬
‫طبيب التوليد‪ ،‬فكرة شريرة تتعلق بالشخص اآلخر‪ .‬إن تحريف االسم‪ ،‬كما سبق أن ذكرت فيما‬
‫الشخص‪71.‬‬ ‫يتعلق بالثغرات في الكالم‪ ،‬غالبا ما يدل على تقليل لقيمة‬

‫( ‌) وفيما يلي حالة خطيرة على ما يبدو من حاالت األخطاء الكالمية‪ ،‬ومن الصحيح‬ ‫ت‬
‫أيضا وصفه بأنه عمل تم تنفيذه خطأ‪ .‬كنت أنوي أن أسحب من بنك المدخرات البريدية مبلغ ‪300‬‬
‫كرونا‪ ،‬كنت أرغب في إرسالها إلى أحد أقاربي الغائبين لتمكينه من العالج في أحد ألمنتجعات‬
‫الصحية‪ .‬الحظت أن حسابي كان ‪ 4380‬كرونا‪ ،‬وقررت أن أنزله إلى رقم بأصفار هو ‪4000‬‬
‫كرونا‪ ،‬لم يكن من المقرر أن اتصرف به في المستقبل القريب‪ .‬بعد إجراء الفحص العادي الحظت‬
‫فجأة أنني لم أكتب ‪ ٣٨٠‬كرونا‪ ،‬كما كنت أنوي‪ ،‬ولكن بالضبط ‪ 438‬كرونا‪ .‬كنت خائفا من عدم‬
‫الثقة في خطوتي‪ .‬سرعان ما أدركت أن خوفي ال أساس له من الصحة‪ ،‬ألنني لم أكن قد أصبحت‬
‫أكثر فقرا مما كنت عليه من قبل‪ .‬ولكن كان على أن أفكر لفترة طويلة حتى أكتشف ما هو التأثير‬
‫الذي حولني عن نيتي األولى دون معرفتي‪.‬‬

‫في البداية بدأت في سلوك مسار خاطئ‪ :‬لقد طرحت ‪ 380‬من ‪ ،438‬ولكن بعد ذلك لم‬
‫أكن أعرف ما الذي على فعله بالفرق‪ .‬وأخيرا‪ ،‬خطرت لي فكرة بينت لي الصلة الحقيقية‪438 .‬‬
‫هو بالضبط ‪ 10‬في المائة من كامل الحساب الذي يبلغ ‪ !4380‬ولكن بائع الكتب أيضا اعطاني‬
‫خصم بنسبة ‪ 10‬في المائة! تذكرت أنني قبل أيام قليلة من إختياري عدة كتب لم أعد مهتما بها‬
‫عرضتها على بائع الكتب ب‪ ٣٠٠‬كرونا‪ .‬كان يعتقد أن الثمن باهظ جدا‪ ،‬لكنه وعد بأن يعطيني‬
‫إجابة نهائية في غضون األيام القليلة القادمة‪ .‬إذا قبل أول عرض لي سيحل محل المبلغ بالضبط‬
‫الذي أنفقه على المريض‪ .‬وال شك في أنني كنت آسف لهذا اإلنفاق‪ .‬يمكن فهم العاطفة في تحقيق‬
‫أخطائي بسهولة أكبر على أنها خوف من زيادة الفقر من خالل مثل هذه النفقات‪ .‬ولكن الحزن على‬
‫هذه النفقة والخوف من الفقر المرتبط بها كليهما كانا غريبين عن وعيي؛ لم أندم على هذه النفقات‬
‫عندما وعدت بالمبلغ‪ ،‬وكنت سأضحك على فكرة وجود مثل هذا الدافع‪ .‬ربما ما كان ينبغي على أن‬
‫أسند لنفسي مثل هذه المشاعر لوال أن ممارستي التحليلية النفسية جعلتني على دراية تامة بالعناصر‬
‫المكبوتة في ال وعيي‪ ،‬ولو لم يكن لدي حلم مشابه قبل بضعة أيام ما كان ليأتيني هذا الفهم‪.‬‬

‫( ‌) على الرغم من أنه من الصعب عادة العثور على الشخص المسؤول عن أخطاء‬ ‫ث‬
‫الطابعات‪ ،‬إال أن اآلليات النفسية الكامنة وراءها هي نفسها في األخطاء األخرى‪ .‬كما تظهر‬
‫األخطاء الطباعية بوضوح حقيقة مفادها أن الناس ليسوا على اإلطالق غير مبالين بمثل هذه‬
‫التفاهات بوصفها "أخطاء"‪ ،‬وإذا حكمنا من خالل ردود الفعل الساخطة من جانب األطراف‬
‫المعنية‪ ،‬فإن المرء يضطر إلى إستنتاج مفاده أن عامة الناس ال يتعاملون مع األخطاء باعتبارها‬
‫مجرد حوادث‪ .‬وقد أوجزت هذه الحالة بشكل جيد جدا في المقالة التالية من صحيفة نيويورك‬
‫تايمز في ‪ 14‬نيسان ‪ .1913‬واألمر األكثر إثارة لالهتمام هو تعليقات المحرر الحريص على‬
‫االطالع‪ ،‬والذي يبدو وكأنه يتقاسم وجهات نظرنا‪- :‬‬

‫"خطأ مؤسف حقا‬


‫‪.‬‬

‫تحدث األخطاء المطبعية في كثير من األحيان حتى من المطابع األفضل‬


‫تنظيما‪ .‬فهي دائما تافهة‪ ،‬وكثيرا ما تكون سببا للغضب‪ ،‬وخطيرة في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬ولكنها اآلن وآنذاك مسلية بشكل واضح‪ .‬وهذه الصفة األخيرة هي‬
‫أكثر مالءمة عندما يتم تقديمها في مكتب جار صحفي‪ ،‬وهي حقيقة ربما‬
‫تفسر لماذا يمكننا أن نقرأ بنظرة مبتسمة اعتذارا تحريريا مفصال يظهر في‬
‫هارتفورد كورانت‪.‬‬

‫حاول المعلق السياسي في اليوم التالي أن يقول لسوء الحظ‬


‫لكونيكتيكت‪ .‬فان السيد س لم يعد عضوا في الكونغرس‪ .‬المحرر والطابع‬
‫كالهما معا حرما اإلعالن من جزئه السلبي‪ .‬على األقل‪ ،‬يعلن المعلق‬
‫السياسي المقتدر هذا‪ ،‬ولن نشكك في قدرته الكتابة؛ ولكن التجربة علمتنا‬
‫أنه من األسلم أال يتم الطبع قبل التأكد‪ .‬وربما ‪ -‬ربما فقط – فان الكاتب قد‬
‫كتب لحسن الحظ‪ ،‬ألن ذلك ما كان ينوي كتابته‪ ،‬ولم يشك انه مذنب قبل أن‬
‫يرى المنشور‪ .‬كونها كذلك‪ ،‬فقد تغير معنى الجملة بشكل فظيع‪ ،‬وكانت سببا‬
‫في اهانة صديق‪.‬‬

‫ومنذ فترة ليست بالبعيدة كان هناك خطأ مدهش أكثر من ذلك والذي‬
‫تسلل إلى مراجعة لكتاب لنا ‪ -‬كان الخطأ مؤثرا الن الكتاب علمي‪ .‬فقد كانت‬
‫عبارة عن استعاضة كلمة "كاريبو" بكلمة "الكربون" في الفقرة التي تتناول‬
‫‪72‬‬
‫التركيب الكيميائي للنجوم‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬فإن انتفاضة الكاتب الذاتية‬
‫الشرسة معقولة على األقل‪ ،‬حيث أنه يبدو من غير الممكن أن يكتب "كاريبو"‬
‫عندما كان ينوي كتابة "الكربون"‪ ،‬وكانت لديه الثقة بما فيه الكفاية لعدم إجراء‬
‫تحقيق عميق في األمر‪".‬‬

‫(ج‌) أذكر الحالة التالية التي ساهم فيها الدكتور دبليو‪ .‬ستيكيل‪ ،‬والتي أستطيع أن أصادق‬
‫عليها‪:‬‬

‫"حدث مثال ال يصدق تقريبا على سوء الكتابة والقراءة في تحرير مجلة‬
‫أسبوعية واسعة االنتشار‪ .‬وهي تتعلق بمادة للدفاع والتشهير كتبت بحرارة‬
‫شديدة وبمرضاة عظيمة‪ .‬وقد قرأ رئيس تحرير الصحيفة المقالة‪ ،‬في حين‬
‫قرأها المؤلف بنفسه بشكل طبيعي من المخطوطة وأوراق اإلثبات أكثر من‬
‫مرة‪ .‬كان الجميع راضيا‪ ،‬عندما الحظ قارئ الطابعة فجأة خطأ طفيفا تجاوزت‬
‫انتباه الجميع‪ .‬وهناك كان خطأ واضح بما فيه الكفاية لجذب االنتباه‪" :‬سيشهد‬
‫القراء على أننا تصرفنا دائما بطريقة أنانية من أجل خير المجتمع‪ .‬من الواضح‬
‫تماما أنه كان المقصود منه أن يقول غير أنانية‪ .‬بيد أن األفكار الحقيقية قد‬
‫كسرت الخطاب بصورة مثيرة للشفقة‪".‬‬

‫(ح‌) المثال التالي للطباعة الخاطئة مأخوذ من جريدة غربية‪ :‬كان المدرس يقدم ورقة‬
‫تعليمية عن األساليب الرياضية‪ ،‬وتحدث عن خطة لتعليم الشباب الذي قد ال يتم تنفيذه‪.‬‬

‫(خ‌) حتى الكتاب المقدس لم يفلت من البصمات الخاطئة‪ .‬وهكذا يكون لدينا "الكتاب المقدس‬
‫الشرير"‪ ،73‬اذ كان السبب خطا في الوصية السابعة (ال تمارس الزنا) اذ حذفت ال ال‪ .‬وقد نشرت‬
‫هذه الطبعة المصرح بها من الكتاب المقدس في لندن في سنة ‪ ،1631‬وقيل ان على الطابعة ان‬
‫تدفع غرامة قدرها ألفي جنيه بسبب االغفال‪.‬‬

‫وتعود نسخة أخرى من الكتاب المقدس باللغة االلمانية إلى سنة ‪ ،1580‬وهي موجودة في‬
‫الكتاب المقدس لمكتبة ولفنسبوتل الشهيرة‪ ،‬في هيسيه‪ .‬في فقرة التكوين حيث يخبر هللا حواء ان آدم‬
‫سيكون سيدها ويحكم عليها‪ .‬استبدل كلمة سيدها الى االحمق‪ .74‬ويبدو أن األدلة المكتشفة حديثا‬
‫تظهر أن الخطأ كان ذكيا اذ ان زوجة الطابع‪ ،‬كانت ترفض أن يحكمها زوجها‪.‬‬

‫د‬
‫( ‌) يكتب الدكتور إرنست جونز عن القضية التالية المتعلقة ب أ‪ .‬أ‪ .‬بريل‪" :‬على الرغم من‬
‫أنه كان عادة ال يشرب‪ ،‬إال أنه استسلم لدعوة صديق في إحدى األمسيات‪ ،‬من أجل تجنب اإلساءة‬
‫إليه‪ ،‬وأخذ بعض الخمر‪ .‬وخالل الصباح التالي‪ ،‬أدى تفاقم الصداع العيني إلى األسف على هذا‬
‫التساهل الطفيف‪ ،‬ووجدت انعكاساته على الموضوع بالتعبير خطأ بالكتابة‪ .‬إذ كان يكتب اسم فتاة‬
‫مريضة اسمها ايثيل لكنه كتبها آثيل‪ .75‬وصادف أن الفتاة المعنية كانت مغرقة في الشراب‪ ،‬وفي‬
‫مزاج الدكتور برايل في ذلك الوقت كانت هذه السمة من خصائصها واضحة المعالم‪.‬‬

‫( ‌) كتبت امرأة إلى أختها‪ ،‬مباركة لها بمناسبة حصولها على مسكن جديد وواسع‪.‬‬ ‫ذ‬
‫والحظت صديقة حضرت ان الكاتبة وضعت العنوان الخاطئ على الخطاب‪ ،‬وما كان الفتا للنظر‬
‫هو انها لم ترسله الى عنوانها السابق بل الى عنوان اقدم كانت خرجت منه منذ وقت طويل عندما‬
‫تزوجت قبلها‪ .‬عندها لفتت صديقتها انتباهها للخطأ‪ .‬قالت لها الكاتبة‪ :‬أنت محقة؛ ولكن ما الذي‬
‫جعلني أفعل هذا؟ فأجابت صديقتها‪" :‬ربما تحسدينها على البيت الكبير الجديد الذي انتقلت إليه للتو‬
‫ألنك نفسك محشورة بفضاء ضيق‪ ،‬ولهذا السبب وضعتها في منزلها األول‪ ،‬حيث لم تكن أفضل‬
‫منك"‪ .‬اعترفت بصدق‪ :‬بالطبع أحسدها على البيت الجديد‪ .‬وأضافت‪" :‬إنه لمن المؤسف أن يشعر‬
‫المرء بهذا الشكل في مثل تلك األمور‪".‬‬

‫( ‌) يذكر إرنست جونز المثال التالي الذي قدمه له الدكتور أ‪ .‬أ‪ .‬بريل‪ .‬وفي رسالة إلى‬ ‫ر‬
‫الدكتور برايل‪ ،‬حاول أحد المرضى أن يبين توتره ومخاوفه التجارية خالل أزمة القطن‪ .‬وتابع‬
‫قائال‪" :‬كل ما لدي من مشاكل يعود إلى تلك الموجة الباردة؛ وال يوجد حتى أي‬
‫بذرة يمكن الحصول عليها من أجل محاصيل جديدة‪ ".‬وأشار إلى موجة برد دمرت‬
‫محاصيل القطن‪ ،‬لكنه بدال من كتابة "موجة" كتب "زوجة"‪ .‬وفي أعماق قلبه كان يعير زوجته‬
‫بسبب عقمها وعدم انجابها‪ ،‬ولم يكن بعيدا عن اإلدراك بأن عدم االنجاب لم يكن له دور يذكر في‬
‫التسبب في مرضه‪.‬‬
‫فاإلغفاالت المكتوبة تفسر بطبيعة الحال بنفس الطريقة التي تفسر بها األخطاء المكتوبة‪.‬‬
‫ففي إحدى المواد‬ ‫تاريخية‪76‬‬ ‫وقد ذكر الدكتور ب‪ .‬داتنر مثاال رائعا على اإلغفال ذي أهمية‬
‫القانونية التي تتناول االلتزامات المالية لكال البلدين‪ ،‬التي وضعت في عام ‪ ١٨٦٧‬أثناء إعادة‬
‫عن غير قصد في الترجمة الهنغارية‪ .‬يعتقد‬ ‫"فعال"‪77‬‬ ‫العالقات بين النمسا وهنغاريا‪ ،‬حذفت كلمة‬
‫داتنر أن الرغبة الالواعية من جانب المشرعين الهنغاريين في منح النمسا أقل المزايا الممكنة لها‬
‫عالقة بهذا اإلغفال‪.‬‬

‫وهناك مثال آخر على اإلغفال ذكره برايل‪" :‬مريض محتمل‪ ،‬كان يناظرني فيما يتعلق‬
‫بالعالج‪ ،‬وأخيرا كتب من أجل موعد ليوم معين‪ .‬بدال من ان يحظر الموعد فقد أرسل اعتذارا بدأ‬
‫ب‪ ’ :‬بسبب الظروف المتوقعة‬
‫ال أستطيع القدوم في الموعد‪‘ .‬لقد كان من المفروض أن يكتب‬
‫غير المتوقعة‪ .‬وأخيرا جاء إلي بعد أشهر‪ ،‬وخالل التحليل اكتشفت أن شكوكي في ذلك الوقت‬
‫كانت مبررة؛ فلم تكن هناك أي ظروف غير متوقعة لمنع قدومه في ذلك الوقت؛ لقد نصح بعدم‬
‫المجيء إلى‪ .‬الالوعي ال يكذب‪.‬‬

‫ويورد ويندت دليال جديرا بالمالحظة على حقيقة يسهل التأكد منها وهي أننا نرتكب أخطاء‬
‫كتابية بسهولة أكبر من الكالم ويقول‪" :‬في سياق المحادثات الطبيعية‪ ،‬يتم توجيه وظيفة المنع‬
‫اإلرادي باستمرار نحو تحقيق االنسجام في مسار األفكار مع حركة الصياغة‪ .‬وإذا ما أصبحت‬
‫الصياغة التي تتبع األفكار بطيئة ألسباب ميكانيكية‪ ،‬كما في الكتابة‪ ،‬فإن مثل هذه االخطاء سرعان‬
‫ما تظهر‪".‬‬

‫إن مالحظة المحددات التي تحدث بسببها الثغرات في القراءة تثير شكوكا‪ ،‬ال أحب أن‬
‫أغادر دون ذكرها‪ ،‬ألنني أرى أنها قد تصبح نقطة انطالق لتحقيق مثمر‪ .‬إنها حقيقة مألوفة أنه عند‬
‫القراءة بصوت عال‪ ،‬غالبا ما يتراجع انتباه القارئ عن النص ويتجه نحو أفكاره الخاصة‪ .‬وغالبا‬
‫ما تكون نتائج هذا االنحراف في االهتمام بحيث أنه عندما ينقطع ويشكك ال يستطيع حتى أن يذكر‬
‫ما قرأه‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬لقد قرأ قراءة تلقائية‪ ،‬رغم أن القراءة كانت دائما تقريبا صحيحة‪ .‬وال‬
‫أعتقد أن مثل هذه الظروف تحبذ حدوث زيادة ملحوظة في األخطاء‪ .‬لقد اعتدنا على تولي سلسلة‬
‫كاملة من المهام التي تؤدى على وجه الدقة عندما يتم ذلك تلقائيا‪ ،‬دون أي قدر يذكر من االهتمام‬
‫الواعي‪ .‬وهذا يزعم أن الشروط التي تحكم االنتباه في األخطاء في التحدث والكتابة والقراءة البد‬
‫أن تتحدد بشكل مختلف عن الظروف التي يفرضها وندت (توقف أو تقليص االهتمام)‪ .‬فاألمثلة‬
‫التي خضناها للتحليل لم تمنحنا حقا حق إعتبار التناقص الكمي في االهتمام أمرا مسلما به‪ .‬وجدنا‬
‫ما هو على األرجح شيء مغاير‪ ،‬إضطرابا لالنتباه من خالل فكر غريب بارز‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل السابع

‫نسيان االنطباعات والقرارات‬

‫‪ ‬‬

‫وإذا كان ألي شخص أن يميل إلى المبالغة في تقدير حالة معرفتنا الحالية بالنفس البشرية‪،‬‬
‫فإن كل ما قد يلزم إلرغامه على إتخاذ موقف متواضع يتلخص في تذكيره بوظيفة الذاكرة‪ .‬اذ لم‬
‫تتمكن أي نظرية نفسية حتى اآلن من تفسير االرتباط بين الظواهر األساسية المتمثلة في التذكر‬
‫والنسيان؛ والواقع أن حتى التحليل الكامل لذلك الذي يستطيع المرء أن يراقبه بالكاد ان يستوعبه‬
‫حتى اآلن‪ .‬ولعل النسيان اليوم أصبح أكثر إثارة للحيرة من التذكر‪ ،‬وخاصة بعد أن تعلمنا من‬
‫دراسة األحالم والحاالت المرضية أن حتى ما كنا نعتقد لفترة طويلة أننا نسيناه قد يعود فجأة إلى‬
‫الوعي‪ .‬ال شك أننا نمتلك بعض وجهات النظر التي نأمل أن تحظى بالتقدير بشكل عام‪ .‬لذلك‬
‫نفترض ان النسيان عملية عفوية يمكن ان نعزو اليها فترة زمنية معينة‪.‬‬

‫ونشدد على أنه كما هو الحال بين وحدات كل انطباع أو تجربة (في النسيان أيضا) يجري‬
‫إختيار معين بين االنطباعات القائمة‪ .‬ونحن على دراية ببعض الشروط التي تشكل األساس‬
‫للذكريات المستمرة وصحوة الذكريات التي كانت لتظل منسية لوال ذلك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكننا أن‬
‫نالحظ في حاالت ال تحصى من الحياة اليومية مدى عدم موثوقية معرفتنا باآللية وعدم ادراكنا لها‪.‬‬
‫وهكذا قد نستمع إلى شخصين يتبادالن استذكارات تتعلق بنفس االنطباعات الخارجية‪ ،‬ولنقل عن‬
‫رحلة اتخذوها معا في وقت ما من قبل‪ .‬وما يظل في ذاكرة الواحد أكثر رسوخا غالبا ما ينساه‬
‫اآلخر‪ ،‬كما لو أنه لم يحدث قط‪ ،‬حتى وإن لم يكن هناك أدنى سبب يجعلنا نفترض أن هذا االنطباع‬
‫أكثر أهمية نفسية بالنسبة لآلخر من غيره‪ .‬من الواضح أن العديد من هذه العوامل التي تحدد القوة‬
‫االنتقائية للذاكرة ال تزال خارج إطار فهمنا‪.‬‬
‫وبهدف اضافة مساهمة صغيرة إلى معرفة ظروف النسيان‪ ،‬لم أكن أخضع لتحليل نفسي‬
‫لتلك الحاالت التي كان النسيان يهمني فيها شخصيا‪ .‬وكقاعدة‪ ،‬لم أتناول سوى مجموعة معينة من‬
‫تلك الحاالت‪ ،‬وهي الحاالت التي أذهلني فيها النسيان‪ ،‬ألنني‪ ،‬في رأيي‪ ،‬كان ينبغي أن أتذكر‬
‫التجربة المعنية‪ .‬كما أود أن أشير إلى أنني عموما ال أميل إلى النسيان (عن األشياء التي اختبرت‪،‬‬
‫وليس عن األشياء التي تعلمتها)‪ ،‬وأنه خالل فترة قصيرة من شبابي استطعت أن أقدم إنجازات‬
‫استثنائية في الذاكرة‪ .‬عندما كنت تلميذا كان من الطبيعي جدا بالنسبة لي أن أكرر من الذاكرة‬
‫صفحة كتاب قرأته؛ وقبل وقت قصير من دخولي الجامعة كان بإمكاني كتابة المحاضرات في‬
‫المواد العلمية بصورة حرفية مباشرة بعد سماعها‪ .‬في توتر االمتحان الطبي النهائي ال بد أنني‬
‫استغللت ما تبقى من هذه القدرة‪ ،‬ففي مواضيع معينة قدمت أجوبة آلية على ما يبدو‪ ،‬وثبت انها‬
‫اعادة إنتاج دقيقة للكتاب بنصه‪ ،‬الذي كنت قد طالعته بسرعة كبيرة‪.‬‬

‫ومنذ تلك األيام فقدت السيطرة على ذاكرتي؛ ولكن في اآلونة األخيرة‪ ،‬أصبحت مقتنعا‬
‫بأنني بمساعدة مهن معينة أستطيع أن أتذكر أكثر كثيرا مما كنت ألعتمد على نفسي بالتذكر‪ .‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬عندما يقول أحد المرضى‪ ،‬أثناء ساعات عملي‪ ،‬أنني قد رأيته من قبل وال أستطيع أن‬
‫أتذكر الحقيقة أو الوقت‪ ،‬فأنا أساعد نفسي من خالل التخمين وهذا يعني أنني أسمح لعدد من‬
‫السنوات‪ ،‬بداية من الوقت الحاضر‪ ،‬بأن تأتي إلى ذهني بسرعة‪ .‬وكلما كان من الممكن السيطرة‬
‫على هذا األمر بواسطة سجالت معلومات محددة من المريض‪ ،‬كان من الواضح دوما أنني في‬
‫أكثر من عشر سنوات نادرا ما تفقده ذاكرتي ألكثر من ستة أشهر‪ .‬ويحدث نفس الشيء عندما‬
‫ألتقي ببعض معارفي العاديون‪ ،‬ومن التهذيب‪ ،‬أسألهم عن طفلهم الصغير‪ .‬عندما يخبروني عن‬
‫تقدمهم العمري أحاول أن أتخيل كم يبلغ عمر الطفل اآلن‪ .‬أنا أتحكم في تقديري بالمعلومات التي‬
‫قدمها األب‪ ،‬وأخطئ في أكثر األحوال بمعدل شهر‪ ،‬وفي األطفال األكبر سنا لمدة ثالثة أشهر‪.‬‬
‫ولكن ال يسعني أن أذكر األساس الذي يستند إليه هذا التقدير‪ .‬في وقت متأخر أصبحت جريء إلى‬
‫الحد الذي جعلني أعرض تقديراتي بشكل عفوي‪ ،‬ومع ذلك ال أجازف بإغضاب األب بإظهار‬
‫جهلي فيما يتصل بذريته‪ .‬لذا فإنني أمدد ذاكرتي الواعية باستحضار ذاكرتي الالواعية األكبر‪.‬‬

‫سأقدم تقريرا عن بعض األمثلة المذهلة للنسيان التي راقبتها بنفسي‪ .‬إنني أميز بين‬
‫االنطباعات والتجارب‪ ،‬أي نسيان المعرفة‪ ،‬من نسيان القرارات‪ ،‬أي نسيان السهو‪ .‬النتيجة الموحدة‬
‫لمجمل سلسلة المالحظات التي يمكنني صياغتها كما يلي‪ :‬لقد ثبت أن النسيان في كل‬
‫األحوال يحدث بدافع االستياء من شيء ما‪.‬‬

‫نسيان االنطباعات والمعرفة‪:‬‬

‫(‌) خالل فصل الصيف أغضبتني زوجتي مرة واحدة‪ ،‬رغم أن القضية بحد ذاتها كانت‬ ‫أ‬
‫خانقة‪ .‬جلسنا في مطعم مقابل رجل من فيينا عرفته‪ ،‬وكان لديه سبب ليعرفني‪ ،‬وكان لدي أسباب‬
‫لعدم رغبتي في التعارف مع جلسائه‪ .‬لم تعرف زوجتي شيئا عن سخطي من الرجل المقابل لها‪،‬‬
‫وأظهرت من أفعالها أنها كانت تستمع إلى حديثه مع جلسائه‪ ،‬ومن حين آلخر‪ ،‬سألتني أسئلة‬
‫تناولت موضوع حديثهم‪ .‬صبرت في البداية وغضبت أخيرا‪ .‬وبعد بضعة أسابيع اشتكيت إلى أحد‬
‫أقاربي من هذا السلوك من جانب زوجتي‪ ،‬ولكنني لم أستطع تذكر ولو كلمة واحدة من حديث السيد‬
‫المذكور‪ .‬عادة ال أستطيع أن أنسى حادثة واحدة من األحداث التي أزعجتني‪ ،‬فإن فقدان ذاكرتي في‬
‫هذه الحالة تم تحديدها دون شك باحترام زوجتي‪.‬‬

‫قبل فترة قصيرة كان لدي تجربة مماثلة‪ .‬كنت أتمنى أن امازح صديق حميم على تصريح‬
‫أدلت به زوجتي قبل ساعات قليلة فقط‪ ،‬ولكنني وجدت نفسي معوقا بسبب الحقيقة الجديرة بالذكر‬
‫وهي أنني نسيت تماما التصريح‪ .‬كان علّي أوال أن أتوسل لزوجتي أن تعيد ذكر التصريح لي‪ .‬من‬
‫السهل فهم أن نسياني في هذه الحالة قد يكون مماثال لالضطراب النموذجي في الحكم الذي يهيمن‬
‫علينا حين يتعلق األمر بأولئك األقرب إلينا‪.‬‬

‫( ‌) لحث امرأة كانت غريبة في فيينا‪ ،‬تعهدت باخبارها بشراء قاصة حديدية صغيرة‬ ‫ب‬
‫لحفظ الوثائق واألموال‪ .‬عندما ذكرت لها ذلك‪ ،‬كانت هنالك صورة لمتجر في قلب المدينة حيث‬
‫كنت متأكدا من أنني قد رأيت مثل هذه الخزائن تطفو قبلي بوصف مرئي دقيق‪ .‬بالتأكيد‪ ،‬لم أستطع‬
‫تذكر اسم الشارع‪ ،‬لكنني كنت متأكدا من أنني سأكتشف المتجر في نزهة في المدينة‪ ،‬ألن ذاكرتي‬
‫أخبرتني أنني مررت به مرات ال تحصى‪ .‬لم أجد هذه المؤسسة مع الخزائن‪ ،‬رغم أنني مشيت في‬
‫الجزء الداخلي من المدينة في كل اتجاه‪ .‬وقد خلصت إلى أن الشيء الوحيد المتبقي هو البحث في‬
‫دليل األعمال‪ ،‬وإذا فشل ذلك‪ ،‬محاولة تحديد المتجر في جولة ثانية في المدينة‪ .‬ولكن األمر لم‬
‫يتطلب قدرا كبيرا من الجهد؛ من بين العناوين الموجودة في الدليل وجدت واحدة قدمت نفسها على‬
‫الفور على أنها التي نسيت‪ .‬صحيح أنني مررت بنافذة المتجر مرات ال تحصى‪ ،‬ولكن في كل‬
‫مرة‪ ،‬عندما كنت أزور العائلة م‪ ،.‬التي عاشت سنوات عديدة في المبنى نفسه‪ .‬وبعد ان تحولت هذه‬
‫الصداقة الحميمة إلى قطيعة مطلقة‪ ،‬كنت اهتم بتجنب الحي وكذلك المنزل‪ .‬في مشواري في المدينة‬
‫بحثا عن القاصات في نافذة العرض كنت قد مررت بكل الشوارع في الحي ماعدا العنوان‬
‫الصحيح‪ ،‬وقد تجنبت هذا كما لو كانت أرضا محظورة‪.‬‬

‫وبالتالي فإن دافع االستياء الذي كان في أعماق سهوي مفهوم‪ .‬ولكن آلية النسيان لم تعد‬
‫بهذه البساطة كما كانت الحال في المثال السابق‪ .‬وهنا ال يمتد نفوري بطبيعة الحال إلى بائع‬
‫الخزائن‪ ،‬بل إلى شخص آخر‪ ،‬ال أريد أن أعرف عنه شيئا‪ ،‬ثم ينتقل فيما بعد من األخير إلى هذا‬
‫المذكورة سابقا‪ ،‬فإن الحقد على‬ ‫الحادث الذي يستحضرالنسيان‪ .‬وبالمثل‪ ،‬في حالة بوركهارد‬
‫الشخص الذي تسبب في الخطأ تعني كتابة اسم اآلخر‪ .‬إن تشابه األسماء التي أسست هنا صلة بين‬
‫جانبين مختلفين في األساس من األفكار قد تحقق في حالة نافذة العرض من خالل تالصق الفضاء‬
‫والبيئة التي ال يمكن فصلها‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬كانت هذه الحالة األخيرة أكثر تماسكا‪ ،‬فقد لعب‬
‫المال دورا كبيرا في إثارة القطيعة مع األسرة التي تعيش في هذا البيت‪.‬‬

‫( ‌) طلبت مني شركة بي‪ .‬آر‪ .‬أن أقوم بإجراء مكالمة احترافية مع أحد موظفيهم‪ .‬في‬ ‫ت‬
‫طريقي إليه‪ ،‬كنت منهمك في فكرة أنني البد أنني قد كنت بالفعل في المبنى الذي تحتله الشركة‪.‬‬
‫كان يبدو وكأنني كنت أرى الفتتهم في الطابق األرضي بينما كانت زيارتي الحقيقية الى طابق‬
‫أعلى‪ .‬ولم أستطع ان أذكر في أي بناية كانت الشركة وال وقت زيارتها‪ .‬ورغم أن المسألة برمتها‬
‫لم تكن مهمة ولم تكن لها أي تداعيات‪ ،‬إال أنني شغلت نفسي بها‪ ،‬وتعلمت أخيرا بطريقة ملفوفة‬
‫معتادة‪ ،‬بجمع األفكار التي حدثت لي في هذا الصدد‪ ،‬فإن في طابق واحد اعلى من الطابق الذي‬
‫تحتله الشركة بي‪ .‬آر‪ .‬هو نزل راش فيشر‪ ،‬حيث زرت بعض المرضى مرارا‪ .‬ثم تذكرت المبنى‬
‫الذي كان يحوي كل من الشركة والنزل‪ .‬ولكن كنت ما زلت محتارا بشأن الدافع الذي دخل في هذا‬
‫‪ ،‬أو المرضى‬ ‫النسيان‪ .‬لم أجد شيئا غير مقبول في ذاكرتي فيما يتصل بالشركة ذاتها أو الموتيل‬
‫الذين يعيشون هناك‪ .‬كما كنت أدرك أنه لم اتعامل مع أي شيء مؤلم جدا هنا‪ ،‬وإال ما كنت ألكون‬
‫ناجحا في تعقب الشيء المنسي بطريقة غير مباشرة دون اللجوء إلى المساعدات الخارجية‪ ،‬كما‬
‫حدث في المثال السابق‪ .‬أخيرا‪ ،‬تذكرت بانه قبل قليل‪ ،‬بينما كنت في طريقي الى مريض جديد‪،‬‬
‫رأيت رجال لم أستطع معرفته في البداية لكنني قبل بضعة أشهر رأيت هذا الرجل في حالة خطيرة‬
‫وشخصت حالته بمرض الشلل العام ولكنني علمت الحقا بشفائه‪ ،‬وبالتالي فإن رأيي كان غير‬
‫صحيح‪ .‬ألم يكن من الممكن أن يكون لدينا في هذه الحالة إعادة تجاوب‪ ،‬والتي عادة ما يجدها المرء‬
‫؟ في هذه الحالة‪ ،‬ال يزال تشخيصي مبررا‪ .‬التأثير الناجم عن هذا االجتماع‬ ‫في الشلل العام‬
‫جعلني أنسى حي شركة بي‪ .‬آر‪ .‬واهتمامي باكتشاف الشيء المنسي تم نقله من حالة التشخيص‬
‫الخاطئة‪ .‬الربط في هذه العالقة الداخلية الفضفاضة كان متأثرا بتشابه األسماء‪ :‬فقد كان الرجل الذي‬
‫تعافى‪ ،‬خالفا لما كان متوقعا‪ ،‬يعمل أيضا كموظف في شركة كبيرة ترسل لي المرضى‪ .‬والطبيب‬
‫الذي رأيت معه الحالة سابقا يحمل اسم فيشر‪ ،‬اسم النزل‬
‫في البناية‪.‬‬

‫(ث‌) إن إساءة وضع شيء ما لها نفس أهمية نسيان المكان الذي وضعناه فيه‪ .‬وكأغلب‬
‫الناس الذين يتنقلون بين الكراسات والكتب‪ ،‬فأنا أهتم بمكتبي بصورة جيدة ويمكنني إنتاج ما أريد‬
‫بجلسة واحدة‪ .‬ما يبدو لآلخرين أنه اضطراب أصبح بالنسبة لي نظاما مثاليا‪ .‬لماذا إذن أخطأت في‬
‫وضع كتالوج أرسل إلى منذ فترة ليست ببعيدة حتى ال يمكن العثور عليه؟ واألكثر من ذلك أنني كنت‬
‫‪ ،78‬ألنه من تأليف كاتب أحب أسلوبه الحماسي‬ ‫أنوي أن أطلب كتابا من خالله بعنوان حول اللغة‬
‫المذهل‪ ،‬والذي تعلمت أن أقدر رؤيته في علم النفس ومعرفة العالم الثقافي‪ .‬أعتقد أن هذا هو السبب‬
‫الذي جعلني أسيء وضع الكتالوج‪ .‬لقد كانت عادتي أن أقرض كتب هذا الكاتب ألصدقائي من أجل‬
‫تنويرهم‪ ،‬وقبل بضعة أيام‪ ،‬عند إرجاع أحد الكتب‪ ،‬قال أحدهم‪" :‬أسلوبه يذكرني بأسلوبك‪ ،‬وطريقته‬
‫في التفكير متطابقة"‪ .‬لم يكن المتحدث يعلم ما الذي كان يثيره بهذا التصريح‪ .‬قبل سنوات‪ ،‬عندما‬
‫كنت أصغر سنا وفي حاجة أكبر لتشكيل صداقات‪ ،‬قيل لي عمليا نفس الشيء من قبل زميل أكبر‬
‫سنا‪ ،‬الذي أوصيته بكتابات كاتب طبي مألوف لي‪ .‬ألضعها في كلماته‪" ،‬إنها طريقتك وأسلوبك‬
‫تماما‪ ".‬لقد تأثرت كثيرا بهذه المالحظات لدرجة أنني كتبت رسالة إلى هذا الكاتب بهدف عمل عالقة‬
‫أوثق‪ ،‬لكن اإلجابة الهادئة نوعا ما وضعتني "في مكاني"‪ .‬وربما كانت تجارب مثبطة في وقت سابق‬
‫تخفي نفسها خلف هذه التجربة األخيرة‪ ،‬ألنني لم أجد الكاتالوج‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬منعت فعال من طلب‬
‫الكتاب الذي اريد‪ ،‬رغم ان إختفاء الكتالوج لم يشكل عائقا حقيقيا‪ ،‬الني تذكرت جيدا اسم الكتاب‬
‫والمؤلف‪.‬‬

‫( ‌) وهناك حالة أخرى من سوء الخزن تستحق اهتمامنا بسبب الظروف التي أعيد فيها‬ ‫ج‬
‫اكتشاف المشروع‪ .‬يروي شاب ما يلي‪" :‬منذ عدة سنوات كان هناك بعض سوء التفاهم بيني وبين‬
‫زوجتي‪ .‬لقد وجدتها باردة جدا‪ ،‬ورغم أنني قدرت تماما صفاتها الممتازة‪ ،‬فقد عشنا معا دون أن‬
‫نتوق إلى أي شعور بالرقة لبعضنا البعض‪ .‬وفي أحد األيام في عودتها من المشي أعطتني كتابا‬
‫كانت قد اشترته ألنها اعتقدت أنه سيهمني‪ .‬شكرتها على هذه العالمة من "االهتمام"‪ ،‬ووعدت‬
‫بقراءة الكتاب‪ ،‬وضعته في مكان ما‪ ،‬ولم أجده مرة أخرى‪ .‬مرت أشهر‪ ،‬تذكرت فيها الكتاب‬
‫المفقود‪ ،‬وحاولت عبثا العثور عليه‪.‬‬

‫"بعد حوالي ستة أشهر‪ ،‬أصيبت أمي الحبيبة‪ ،‬التي لم تكن تعيش معنا‪ ،‬بالمرض‪ .‬غادرت‬
‫زوجتي المنزل لتهتم بحماتها‪ .‬واصبحت حالة امي خطيرة وأعطت لزوجتي الفرصة إلظهار‬
‫الجانب االفضل من نفسها‪ .‬ذات مساء‪ ،‬عدت إلى المنزل متحمسا بما أنجزته زوجتي‪ ،‬وشعرت‬
‫بامتنان كبير لها‪ .‬لقد تقدمت إلى مكتبي وبدون نية محددة وكانني اسير نائما‪ ،‬فتحت درج ما‪ ،‬وفي‬
‫قمته وجدت الكتاب مفقود‪.‬والمثال التالي ل "سوء الخزن" يعود إلى نوع معروف لدى كل محلل‬
‫نفسي‪ .‬ويجب أن أضيف أن المريض الذي تعرض لهذا الوضع قد وجد بنفسه الحل‪.‬‬

‫هذا المريض‪ ،‬الذي كان انقطع عن العالج النفسي خالل العطلة الصيفية عندما كان في‬
‫حالة مقاومة لذاته واشتداد لمرضه‪ ،‬وضع مفاتيحه في المساء في مكانهم المعتاد‪ ،‬أو هكذا فكر‪ .‬ثم‬
‫تذكر انه يرغب في اخذ بعض االشياء من مكتبه‪ ،‬حيث وضع أيضا المال الذي يحتاجه في الرحلة‪.‬‬
‫ومن المقرر ان يغادر في اليوم التالي الذي كان آخر يوم للعالج وتاريخ استحقاق رسم الطبيب‪.‬‬
‫لكن المفاتيح اختفت‪ .‬بدأ البحث الشامل والمنظم في شقته الصغيرة‪ .‬وقد أصبح متحمسا أكثر فأكثر‬
‫إليجادهم‪ ،‬لكن بحثه لم ينجح‪ .‬وكما أدرك أن "سوء الخزن" هذا فعل عارضي ‪ -‬أي أنه كان متعمدا‬
‫–لذا طلب من خادمه مواصلة بحثه النه شخص "غير متحيز"‪ .‬وبعد ساعة أخرى تخلى عن‬
‫البحث وخشى أن يكون قد فقد المفاتيح لألبد‪.‬‬

‫في صباح اليوم التالي‪ ،‬طلب صنع مفاتيح جديدة‪ ،‬وصنعت له على عجل‪ .‬اثنان من معارفه‬
‫كانوا معه في سيارة أجرة استذكروا سماع شيء يسقط على األرض عند خروجه من العربة‪ ،‬لذلك‬
‫كان مقتنعا بأن المفاتيح قد سقطت من جيبه‪ .‬وقد وجدهم الحقا بين كتاب سميك وكتيب رقيق‪ ،‬وهو‬
‫عمل ألحد تالميذي‪ ،‬كان يرغب في اخذه معه لقرائته في إجازته‪ .‬كانت المفاتيح موضوعة بمهارة‬
‫جدا بحيث لم يكن أحد ليفترض انهم هناك‪ .‬ولم يستطع هو نفسه أن يفكر ان وضع المفاتيح في ذلك‬
‫الموضع يجعلهم غير مرئيين‪ .‬إن مهارة الالواعي التي يكون بها المخزون في غير محله ألسباب‬
‫سرية ولكنها قوية تذكرنا ب “السير خالل النوم"‪ .‬كان الدافع بطبيعة الحال وهميا بسبب انقطاع‬
‫العالج والغضب السري إزاء حقيقة مفادها أنه كان مضطرا إلى دفع مثل هذه الرسوم المرتفعة‬
‫عندما شعر بالمرض‪.‬‬

‫حثت زوجة رجل ما على حضور مناسبة اجتماعية لم‬ ‫مشابهه‪79:‬‬ ‫ح‬
‫( ‌) يذكر برايل حادثة‬
‫يهتم بها حقا‪ .‬فبدأ يأخذ بذلة لباسه من الصندوق عندما فكر فجأة في الحالقة‪ .‬وبعد ان انجز ذلك‬
‫عاد إلى الصندوق فوجده مقفال‪ .‬على الرغم من البحث الطويل والجدي‪ ،‬لم يمكن العثور على‬
‫المفتاح‪ .‬لم يمكن العثور على صانع اقفال مساء األحد‪ ،‬حتى كان على الزوجان إرسال اعتذارهما‪.‬‬
‫عند فتح الصندوق في الصباح التالي تم العثور على المفتاح المفقود في داخل الصندوق‪ .‬وكان‬
‫الزوج قد أسقط المفتاح في الصندوق عن بعد وأسرع الى قفله‪ .‬وقد أكد لي أن هذا األمر غير‬
‫مقصود تماما وغير واع‪ ،‬ولكننا نعلم أنه ال يرغب في الذهاب إلى هذه المسألة االجتماعية‪ .‬ولذلك‬
‫فإن سوء خزن المفتاح ال يفتقر إلى دافع‪.‬‬

‫الحظ آرنست جونز في نفسه أنه كان معتادا أن يضيع أنبوبه كلما عانى من آثار التدخين‬
‫المفرط‪ .‬ثم يعثر على االنبوب في مكان غير عادي حيث ال يجدر به ان يكون عادة‪ .‬وإذا نظرنا‬
‫إلى حاالت سوء الخزن فسوف يكون من الصعب أن نفترض أنه ليس ناتجا عن نية غير واعية‪.‬‬

‫( ‌) في صيف عام ‪ ،1901‬أشرت مرة إلى صديق كنت آنذاك اتبادل األفكار معه بشأن‬ ‫خ‬
‫بعض المسائل العلمية‪" :‬هذه المشاكل العصبية ال يمكن حلها إال إذا أخذنا موقف القبول المطلق‬
‫لالنجذاب لكال الجنسين من قبل الفرد‪ ".‬فأجاب‪" :‬لقد قلت لك ذلك منذ عامين ونصف عندما كنا‬
‫نسير في مسيرة مسائية في بر‪ .‬في ذلك الوقت لن تستمع إليه‪.‬‬

‫ومن المؤلم حقا أن نجد ان افكارنا ليست أصيلة‪ .‬وال أستطيع أن أذكر هذه المحادثة التي‬
‫يذكرها صديقي‪ .‬البد أن يكون أحدنا مخطئا؛ ووفقا لمبدأ سؤال من المستفيد‬
‫؟‪ 80‬فال بد أنه أنا‪.‬‬
‫وفي الواقع‪ ،‬خالل األسابيع التالية عاد كل شيء إلى كما يتذكر صديقي ذلك‪ .‬تذكرت نفسي أنني في‬
‫ذلك الوقت قدمت الجواب‪ :‬لم أصل بعد إلى هذا الحد‪ ،‬وال يهمني أن أناقش األمر‪ .‬ولكن منذ هذه‬
‫الحادثة أصبحت أكثر تسامحا عندما ال يذكر اسمي في المنشورات الطبية فيما يتعلق بأفكار تستحق‬
‫ان اذكر فيها‪.‬‬
‫ومن غير المستغرب في كثير من األحيان أن تتطلب األمثلة العديدة للنسيان التي جمعت‬
‫دون أي إختيار أن يقدم كحل لها مواضيع مؤلمة مثل الكشف عن زوجة الشخص؛ صداقة تحولت‬
‫إلى العكس؛ خطأ في التشخيص الطبي؛ العداوة بسبب مساع مماثلة‪ ،‬أو اقتراض أفكار شخص ما‪.‬‬
‫وأنا ميال إلى االعتقاد لو أن كل شخص يجري تحقيقا في الدوافع الكامنة وراء نسيانه سوف يكون‬
‫قادرا على ملء عينة مماثلة من الظروف الغريبة‪ .‬يبدو لي أن الميل إلى نسيان ما هو غير مقبول‬
‫أمر عام تماما؛ وتتطور القدرة عليها بشكل مختلف بطبيعة الحال في مختلف األشخاص‪.‬‬

‫يبدو لي أن الميل إلى نسيان ما هو غير مقبول أمر عام تماما؛ وتتطور القدرة عليها بشكل‬
‫مختلف بطبيعة الحال في مختلف األشخاص‪ .‬بعض النفي الذي نواجهه في الممارسة الطبية ربما‬
‫وفهمنا لهذا النسيان يحد من التمييز بين هذا السلوك وبين العالقات‬ ‫بالنسيان‪81.‬‬ ‫يكون مرتبطا‬
‫النفسية البحتة ويسمح لنا بأن نرى في كال الشكلين من ردود الفعل التعبير عن نفس الدافع‪ .‬من‬
‫األمثلة العديدة على إنكار ذكريات غير سارة والتي الحظتها بين أقرباء المرضى‪ ،‬ال يزال شخص‬
‫في ذاكرتي كحالة خاص‪.‬‬

‫قالت لي أم عن طفولة ابنها العصابي‪ ،‬اآلن في سن البلوغ‪ ،‬أنه مثل أخوته و أخواته‪ ،‬كان‬
‫عرضة لتبليل الفراش طوال طفولته‪ ،‬وهو عرض بالتأكيد له بعض األهمية في تاريخ المريض‬
‫النفسي‪ .‬وبعد بضعة أسابيع‪ ،‬وأثناء البحث عن معلومات تتعلق بالعالج‪ ،‬سنحت لي الفرصة لتوجيه‬
‫انتباهها إلى عالمات قابلية المريض الوراثية لالمراض‪ ،‬وفي الوقت نفسه أشرت إلى حالة تبليل‬
‫الفراش عند المريض‪ .‬ولدهشتي‪ ،‬اعترضت على هذه الحقيقة بالنسبة له‪ ،‬نافية ذلك أيضا بالنسبة‬
‫لألطفال اآلخرين‪ ،‬وسألتني كيف يمكنني معرفة ذلك‪ .‬أخيرا أخبرتها انها هي نفسها قالت لي قبل‬
‫قصير‪82.‬‬ ‫ذلك بوقت‬

‫كما يجد المرء مؤشرات وفيرة تظهر أنه حتى في األشخاص األصحاء وليس العصابيين‬
‫ولكن المغزى‬ ‫المؤلمة‪83.‬‬ ‫المقاومة موجودة ضد ذكرى االنطباعات غير المقبولة وفكرة األفكار‬
‫الكامل لهذه الحقيقة ال يمكن تقديره إال عندما ندخل في سيكولوجية األمراض العصبية لألشخاص‪.‬‬
‫فالمرء مجبر على جعل هذا الكفاح الدفاعي األولي ضد األفكار التي يمكن أن توقظ مشاعر مؤلمة‪.‬‬
‫كفاح ال يمكن وصفه جنبا إلى جنب إال مع ردة فعل الهرب بسبب مؤثرات مؤلمة‪ ،‬بوصفه الركيزة‬
‫األساسية لآللية التي تحمل األعراض الهيستيرية‪ .‬وال ينبغي للمرء أن يبدي أي اعتراض على‬
‫قبول هذا الميل الدفاعي على أساس أننا كثيرا ما نجد أنه من المستحيل تخليص أنفسنا من ذكريات‬
‫مؤلمة تتمسك بنا‪ ،‬أو التخلص من مشاعر مؤلمة مثل الندم وتعيير الضمير‪ .‬وال أحد يؤكد أن هذا‬
‫الميل الدفاعي يكتسب دوما اليد العليا‪ ،‬وأنه في مسرحية القوى النفسية قد ال يهاجم العوامل التي‬
‫تثير الشعور المضاد ألغراض أخرى وتتسبب فيه رغم ذلك‪.‬‬

‫وكمبدأ لهرمية الجهاز النفسي يمكن أن نخمن تشطيرا أو بنية معينة‬


‫من الحاالت المودعة في الطبقات‪ .‬ومن الممكن جدا أن هذا الميل الدفاعي ينتمي إلى حالة‬
‫نفسية أدنى‪ ،‬ويمنع حدوث حاالت أعلى‪ .‬في كل األحداث‪ ،‬تتحدث عن وجود وقوة هذا الميل‬
‫الدفاعي‪ ،‬عندما نستطيع تتبعها إلى عمليات مثل تلك الموجودة في مثالنا للنسيان‪ .‬ثم نرى أن شيئا‬
‫ما ينسى من أجله‪ ،‬وحيث ال يمكن أن يكون هذا الميل الدفاعي يفتقد الهدف ويتسبب في نسيان‬
‫شيء آخر أقل أهمية‪ ،‬ولكنه سقط في إرتباط مع المادة غير المقبولة‪ .‬وقد تطورت اآلراء هنا‪ ،‬وهي‬
‫أن الذكريات المؤلمة تندمج لتنتج دوافع للنسيان بسهولة خاصة‪ ،‬وتستحق التطبيق في العديد من‬
‫المجاالت حيث لم تجد حتى اآلن أي اعتراف‪ ،‬أو نادرا ما تجد أي اعتراف‪ .‬وهكذا يبدو لي أنه لم‬
‫يتم التركيز بعد بقوة كافية على مقدار تقدير الشهادة التي يدلي بها في المحكمة‪ 84‬حيث يؤدي وضع‬
‫شاهد تحت القسم بوضوح إلى وضع ثقة كبيرة جدا في تأثير مسرحيته النفسية للقوى النفسية‪ .‬ومن‬
‫المعترف به عالميا أنه من اجل وضع تقاليد وفلكلور لشعب فيجب إزالة الدافع من الذاكرة‪ ،‬النه‬
‫سيكون مؤلما للشعور الوطني‪ .‬وربما يكون من الممكن‪ ،‬عند إجراء تحقيق أوثق‪ ،‬أن يشكل قياسا‬
‫كامال بين طريقة تطور التقاليد الوطنية وطفولة الفرد‪ .‬لقد وضع العظيم داروين " القاعدة الذهبية "‬
‫النسيان‪85.‬‬ ‫للعامل العلمي من خالل رؤيته لهذه الفكرة‬

‫وكما هي الحال في تناسي األسماء تقريبا‪ ،‬فإن الذكريات الخاطئة قد تظهر أيضا في نسيان‬
‫االنطباعات‪ ،‬وحين يجدون التصديق فقد يوصفون بأنهم أوهام في الذاكرة‪ .‬وقد يؤدى اضطراب‬
‫الذاكرة في الحاالت المرضية (في جنون الشك واالضطهاد الذي يمارسه في الواقع دور العامل‬
‫الذي يساهم في تشكيل األوهام) إلى تسليط الضوء على دراسات واسعة النطاق حيث ال توجد أي‬
‫إشارة إلى الدافع وراء ذلك‪ .‬وبما ان هذا الموضوع ينتمي أيضا إلى سيكولوجية االعصاب فهو‬
‫يتجاوز العالج الحالي‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬سأعطي من تجربتي الخاصة مثاال غريبا عن اضطراب‬
‫الذاكرة يظهر تصميما بوضوح وبما فيه الكفاية من خالل المواد المكبوتة الالواعية والربط بها‪.‬‬
‫أثناء كتابتي الفصول األخيرة من كتابي عن تفسير األحالم‪ ،‬تصادف أنني كنت في منتجع صيفي‬
‫بدون مكتبات وكتب مرجعية‪ ،‬حتى اضطررت إلى تقديم كل أنواع المراجع واالقتباسات من‬
‫الذاكرة‪ .‬هذه بطبيعة الحال كانت محجوزة للتصحيح في المستقبل‪ .‬في فصل أحالم اليقظة‪ ،‬فكرت‬
‫‪ ،‬التي كان الكاتب يصفها بأحالمه اليومية‪ .‬تخيلت أنني تذكرت خياال‬ ‫في شخصية مرموقة في نابا‬
‫واحدا من هذا الرجل‪ ،‬الذي اسماه السيد جوسلين‪ ،‬والذي حلم به أثناء المشي في شوارع باريس‪،‬‬
‫وبدأ في إعادة إنتاجه من الذاكرة‪ .‬وصف هذا الحلم كيف ألقى السيد جوسلين نفسه بجرأة على‬
‫حصان جامح وجعله في حالة من الجمود؛ كيف فتح باب العربة واندفع شخص عظيم من داخل‬
‫العربة‪ ،‬ضغط على يد السيد جوسلين وقال‪" :‬أنت مخلصي ‪ -‬أنا مدين لك بحياتي! ماذا يمكنني أن‬
‫أفعل لك؟‬

‫وأكدت لنفسي أنه يمكن بسهولة تصحيح عدم الدقة في تسليم هذا الخيال في المنزل بعد‬
‫لمقارنته بمخطوطة‪ ،‬وجدت في مخزي وإثارة‬ ‫التشاور مع الكتاب‪ .‬ولكن عندما كنت أتأمل نابا‬
‫الذعر أنه لم يكن هناك ما يشير إلى حلم كهذا للسيد جوسلين؛ والواقع أن صاحب الكتاب المسكين‬
‫لم يحمل حتى هذا االسم ‪ -‬فقد كان يدعى السيد جويس‪ .‬ثم كان هذا الخطأ الثاني بمثابة المفتاح إلى‬
‫حل الخطأ األول‪ ،‬أال وهو استذكار الخطأ‪.‬‬

‫الشكل األنثوي‪ ،‬كانت الكلمة الوحيدة الممكنة التي ستترجم‬ ‫جويوز‪87‬‬ ‫جويو‪ ،86‬التي تعد‬
‫إلى الفرنسية‪ .‬فمن أين جاء هذا زورا ذكرا للخيال الذي نسبته لدوديت؟ يمكن أن‬ ‫اسمي فرويد‬
‫يكون فقط نتاج ذاتي‪ ،‬حلم النهار الذي سبقته أنا شخصيا‪ ،‬والذي لم يصبح واعيا‪ ،‬أو الذي كان يوما‬
‫واعيا ومنذ ذلك الحين نسي تماما‪ .‬ربما إخترعتها بنفسي في باريس‪ ،‬حيث كنت كثيرا ما أتجول‬
‫في الشوارع وحدي‪ ،‬مليئ بالحنين إلى مساعد وحامي‪ ،‬إلى أن أخذني شاركوت إلى دائرته‪ .‬كثيرا‬
‫في منزل شاركوت‪ .‬ولكن الجزء المثير في األمر كله هو حقيقة أنه ال يوجد‬ ‫ما التقيت بمؤلف نابا‬
‫شيء عدائي إلى هذا الحد بقدر ما هو مجرد فكرة كون المرء ربيبا لحريته‪ .‬ما نراه في بلدنا يفسد‬
‫كل الرغبة فيه‪ ،‬وشخصيتي ال تتناسب إال مع دور الطفل المحمي‪ .‬لقد كنت دائما أتمتع برغبة هائلة‬
‫في "أن أكون الرجل القوي بنفسي"‪ .‬وكان يجب تذكيري بحلم كهذا‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬لم يتحقق قط! وفضال‬
‫عن ذلك‪ ،‬فإن هذا الحادث مثال جيد على كيفية تقييد المرء لذاته‪ ،‬الذي ينتصر بجنون العظمة‪،‬‬
‫ويضيق صدورنا ويورطنا في فهم األشياء فهما دقيقا‪.‬‬
‫وهناك حالة أخرى من جمع الذكريات الخاطئة التي يمكن تفسيرها بشكل مرض تشبه‬
‫التي ستتم مناقشتها في وقت الحق‪ .‬لقد ربطت بواحد من مرضاي‪ ،‬رجل‬ ‫عملية االستطالع‬
‫طموح وقادر جدا‪ ،‬الذي قبله طالب شاب مؤخرا في دائرة تالميذي من اجل عمل مثير لالهتمام‪،‬‬
‫‪ .88‬بعد سنة وربع من ذلك‪ ،‬كان هذا العمل‬ ‫دير كونستلر‪ ،‬فيرسوينر سكولوسكيولوجي‬
‫مطبوع‪ ،‬أكد مريضي انه تذكر بكل تأكيد انه قرأ في مكان ما‪ ،‬ربما في اعالن بائع الكتب‪ ،‬اعالن‬
‫نفس الكتاب حتى قبل ان ذكرته له اوال‪ .‬وذكر أن هذا اإلعالن كان في ذهنه في ذلك الوقت‪ ،‬وتأكد‬
‫من أن صاحب البالغ قد غير اللقب وأنه لم يعد يقرأ بصفة ذكورية" بل "أنسيتز زو آينر‬
‫سيسوزولوسنتال"‪89.‬‬

‫وقد أثبت التحري الدقيق عن المؤلف ومقارنة كل التواريخ بشكل قاطع أن مريضي كان‬
‫يحاول تذكر المستحيل‪ .‬ولم يظهر أي إشعار بهذا العمل في أي مكان قبل صدوره‪ ،‬بالتأكيد ليس‬
‫قبل سنة وربع قبل أن يطبع‪ .‬لكنني أهملت البحث عن حل لهذه الذكريات الباطلة حتى جلب الرجل‬
‫نفسه تجديدا له قيمة مماثلة‪ .‬اعتقد انه الحظ مؤخرا عمال في "اغرافوبيا" في نافذة عرض مكتبة‪،‬‬
‫وبينما هو يبحث عنه اآلن في جميع الكتالوجات المتاحة‪ ،‬استطعت ان اشرح له لماذا يجب ان تبقى‬
‫جهوده بال ثمر‪ .‬لم يكن العمل على الفوبيا موجودا إال في خياله كحل غير واعي لكتابة هذا الكتاب‬
‫بنفسه‪ .‬وكان طموحه إلى محاكاة ذلك الشاب‪ ،‬ومن خالل هذا العمل العلمي لكي يصبح أحد‬
‫تالميذي‪ ،‬سببا في دفعه إلى جمع ذكريات خاطئة أخرى‪ .‬كما ذكر الحقا أن وقد تناول إعالن بائع‬
‫زوغونغ ("التكوين‪،‬‬ ‫الكتب الذي أثار ذكرياته الباطلة عمال بعنوان التكوين‪ ،‬داس غيسيتز در‬
‫قانون الجيل")‪ .‬ولكن التغيير في العنوان كما ذكر هو كان بالفعل محرضا مني؛ تذكرت أنني‬
‫"‪.90‬‬‫شخصيا ارتكبت نفس الخطأ في تكرار اللقب بقولي أنتسيز" بدال من "فيرستس‬
‫ب‪ .‬نسيان النوايا‪.‬‬

‫ال توجد مجموعة أخرى من الظواهر مؤهلة بشكل أفضل إلثبات الفرضية القائلة بأن‬
‫االفتقار إلى االهتمام ال يكفي في حد ذاته لتفسير األفعال الخاطئة باعتبارها نسيان النوايا‪ .‬والنية‬
‫هي دافع لفعل وجد إستحسان بالفعل‪ ،‬ولكن تنفيذه يؤجل لمناسبة‪ .‬اآلن‪ ،‬في الفترة التي تفصل بينهما‬
‫قد يحدث تغيير كاف في الدافع لمنع النية من الوصول إلى التنفيذ‪ .‬بيد أنه ال ينسى‪ ،‬بل هو ببساطة‬
‫ينقح ويغفل‪.‬‬

‫بطبيعة الحال نحن لسنا معتادين على تفسير تناسي النوايا الذي نعيشه يوميا في كل حالة‬
‫ممكنة بسبب تغير حديث في تعديل الدوافع‪ .‬ونحن نتركها عموما دون تفسير‪ ،‬أو نلتمس تفسيرا‬
‫ذهنيا على افتراض أنه وقت التنفيذ لم يعد هناك االهتمام المطلوب لإلجراء‪ ،‬الذي كان شرطا ال‬
‫غنى عنه لوقوع النية‪ ،‬وكان ذلك تحت تصرف الفعل نفسه‪ .‬إن مراقبة سلوكنا الطبيعي تجاه النوايا‬
‫تحثنا على رفض هذا التفسير المؤقت باعتباره تعسفيا‪ .‬وإذا ما عقدت العزم في الصباح على القيام‬
‫بنوايا معينة في المساء‪ ،‬يمكن تذكيري بذلك عدة مرات خالل النهار‪ ،‬ولكن ليس من الضروري‬
‫على اإلطالق أن يصبح واعيًا طوال اليوم‪ .‬وعندما يقترب موعد تنفيذه يحدث ذلك فجأة لي ويحثني‬
‫على القيام باإلعداد الالزم للفعل المقصود‪ .‬إذا ذهبت للسير وأخذت رسالة معي ألنشرها‪ ،‬ليس من‬
‫الضروري أبدا أن أحملها بيدي‪ ،‬كشخص عادي غير متوتر‪ ،‬وأن أبحث باستمرار عن صندوق‬
‫رسائل‪ .‬في الحقيقة أنا معتاد على وضعه في جيبي وأطلق العنان ألفكاري في طريقي‪ ،‬وأشعر‬
‫بالثقة في أن أول صندوق لألحرف سيجذب انتباهي وسيدفعني إلى وضع يدي في جيبي‬
‫وإستخالص الرسالة‪ .‬هذا السلوك الطبيعي في النية المتكونة يتوافق تماما مع المنتج التجريبي‬

‫سلوك األشخاص الذين يخضعون لما يسمى "اقتراح ما بعد التنويم المغناطيسي" للقيام‬
‫اعتدنا على وصف الظاهرة بالطريقة التالية‪ :‬لقد انحسرت النية‬ ‫معينة‪91.‬‬ ‫بشيء ما بعد فترة‬
‫المقترحة في الشخص المعني إلى حين اقتراب موعد تنفيذها عندها يصحو ويستثار الفعل‪.‬‬

‫وفي موقعين من الحياة‪ ،‬يدرك حتى الشخص العادي أن نسيان اإلشارة إلى األغراض‬
‫المقصودة ال يمكن بأي حال من األحوال اعتبار أنها ظاهرة أولية ال يمكن اختزالها‪ ،‬ولكنه يدرك‬
‫أن ذلك يعتمد في نهاية المطاف على دوافع غير مقبولة‪ .‬أنا أشير إلى شؤون الحب والخدمة‬
‫العسكرية‪ .‬الحبيب المتأخر عن موعده سيقول بغرور لحبيبته أنه لألسف نسي وقت الموعد‪ .‬ولن‬
‫تتردد في اإلجابة عليه‪" :‬قبل عام ما كنت لتنسى‪ .‬من الواضح أنك لم تعد تعتني بي" حتى لو كان‬
‫عليه أن يفهم التفسير النفسي المشار إليه أعاله‪ ،‬وأن يرغب في تبرير نسيانه لنداء العمل المهم‪،‬‬
‫فإنه لن يحصل إال على اإلجابة من المرأة التي أصبحت حريصة على النظر مثل الطبيب في‬
‫العالج التحليلي النفسي "كيف‬
‫من الملفت للنظر أن هذه األشياء لم تحدث من قبل!" بطبيعة الحال‪ ،‬ال ترغب المرأة في‬
‫إنكار إمكانية النسيان؛ ولكنها تعتقد‪ ،‬وليس من دون سبب‪ ،‬أن نفس االستنتاج من عدم رغبة ما قد‬
‫يستمد من النسيان غير المقصود‪ ،‬كما هو الحال من الخمول الواعي‪ .‬وعلى نحو مماثل‪ ،‬في الخدمة‬
‫العسكرية‪ ،‬ال يعترف بأي تمييز بين االمتناع عن النسيان وبين التفرقة الناجمة عن اإلهمال‬
‫المتعمد‪ .‬وهذا صحيح‪ .‬الجندي ال ينسى شيئا تطلبه الخدمة العسكرية منه‪ .‬إذا نسي رغم ذلك حتى‬
‫عندما اطلع على المطالب فترجع إلى ان الدوافع التي تحث على تنفيذ االعمال العسكرية تعارض‬
‫لسنة واحدة الذي ينادي عند التفتيش لنسيانه صقل ازراره‬ ‫‪92‬‬ ‫بدوافع آخري‪ .‬وهكذا فإن المتطوع‬
‫سيعاقب بالتأكيد‪ .‬لكن هذه العقوبة صغيرة قياسا بما يحاكم إذا اعترف لرؤسائه أن الدافع وراء‬
‫تقصيره "ألن هذه الخدمة البائسة مقرفة تماما بالنسبة لي"‪ .‬وبسبب هذا االدخار للعقاب ألسباب‬
‫"اقتصادية"‪ ،‬فإنه يستخدم النسيان كذريعة‪ ،‬أو باعتباره حال وسطا‪.‬‬

‫وتفرض خدمة المرأة (وكذلك الخدمة العسكرية للدولة) أال يكون أي شيء يتصل بتلك‬
‫الخدمة موضع نسيان‪ .‬وبالتالي فإن هذا يشير إلى أن النسيان مباح في أمور غير مهمة‪ ،‬ولكن في‬
‫المسائل ذات األهمية الثقيلة‪ ،‬فإن حدوثه يشير إلى أن المرء يرغب في التعامل مع األمور ذات‬
‫والواقع أن وجهة نظر‬ ‫عليها‪93.‬‬ ‫األهمية البالغة باعتبارها غير مهمة‪ :‬أي أن أهميتها متنازع‬
‫الصحة النفسية ال ينبغي لنا أن نناقش هنا‪ .‬ال ينسى أي شخص أن يقوم بأفعال تبدو مهمة لنفسه‬
‫دون أن يعرض نفسه لشك أنه يعاني من الضعف العقلي‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإن تحقيقاتنا ال يمكن أن تمتد إال‬
‫إلى نسيان نوايا ثانوية أو أقل‪ ،‬ألننا ال نرى أي نية غير مهمة على اإلطالق‪ ،‬وإال ما كانت لتشكل‬
‫أبدا‪.‬‬

‫كما في االضطرابات الوظيفية السابقة‪ ،‬جمعت حاالت اإلهمال بنسياني التي راقبتها بنفسي‪،‬‬
‫وحاولت شرحها‪ .‬ولقد وجدت أنها يمكن تتبع مسارها دوما إلى بعض التداخالت في دوافع غير‬
‫معروفة وغير مقبولة أو أنها‪ ،‬كما قد يقال‪ ،‬كانت راجعة إلى إرادة مضادة‪ .‬في عدد من هذه‬
‫الحاالت‪ ،‬وجدت نفسي في موقف يشبه الموقف الذي كنت فيه في خدمة رهيبة‪ :‬كنت تحت قيود لم‬
‫أستقيل منها تماما حتى أظهرت احتجاجي في شكل نسيان‪ .‬وهذا يفسر حقيقة أنني أميل بشكل‬
‫خاص إلى نسيان إرسال التهاني في مناسبات مثل أعياد الميالد‪ ،‬والفرح‪ ،‬واحتفاالت الزفاف‪،‬‬
‫والترقيات إلى المرتبة األعلى‪ .‬وأواصل اتخاذ قرارات جديدة‪ ،‬ولكنني مقتنع أكثر من أي وقت‬
‫مضى بأنني لن أنجح‪ .‬وأنا اآلن على وشك التخلي عنها تماما‪ ،‬واالعتراف بوعي بالدوافع‬
‫المكافحة‪ .‬في فترة انتقالية‪ ،‬أخبرت صديقا طلب مني أن أرسل له برقية تهنئة‪ ،‬في وقت كنت‬
‫سأبعث به بنفسي‪ ،‬ربما أنسى كالهما‪ .‬ولم يكن من المستغرب أن تتحقق النبوة‪ .‬ال شك أنني ال‬
‫أستطيع أن أعبر عن التعاطف في الحياة بسبب تجارب مؤلمة‪ ،‬حيث ال بد من المبالغة في هذا‬
‫التعبير‪ ،‬ألن الشعور الصغير ال يعترف بالتعبير المقابل‪ .‬وبما أنني علمت أنني كثيرا ما خالفت‬
‫التعاطف مع اآلخرين بشكل حقيقي‪ ،‬فأنا أتمرد على اتفاقيات التعبير عن التعاطف‪ ،‬وهي النفعية‬
‫االجتماعية التي أعترف بها بطبيعة الحال‪ .‬تستثنى العزاء في حاالت الوفاة من هذه المعاملة‬
‫المزدوجة؛ عندما أقرر أرسالهم ال أهملهم‪ .‬وعندما ال يكون لمشاركتي العاطفية أي عالقة أكثر‬
‫بالواجب االجتماعي‪ ،‬فإن تعبيرها ال يكبح أبدا من النسيان‪.‬‬

‫والحاالت التي ننسى فيها القيام بأعمال تعهدنا بالقيام بها لصالح اآلخرين يمكن شرحها‬
‫على نحو مماثل على أنها معادية للواجب التقليدي وكرأي داخلي غير محبب‪ .‬وهنا تثبت صحة‬
‫األمر بانتظام‪ ،‬حيث يؤمن الشخص الذي لجأ للنسيان إيمانا بقوة النسيان التي تستعصي‪ ،‬في حين ال‬
‫شك في ان اإلجابة الصحيحة‪ :‬ال مصلحة له في هذه المسألة‪ ،‬وإال ما كان لينساها‪ .‬هناك من‬
‫يوصف بأنه كثير النسيان‪ ،‬ونحن نعذر زالتهم بنفس الطريقة التي نعذر بها من قصر نظره وهم ال‬
‫يميزوننا في الشارع‪.‬‬

‫هؤالء األشخاص ينسون كل الوعود الصغيرة التي قطعوها؛ فهي تترك كل األوامر التي‬
‫تلقتها دون تنفيذ؛ فهي تثبت أنها غير جديرة بالثقة في بعض األمور؛ وفي الوقت نفسه نطالب بعدم‬
‫أخذ هذه المخالفات الطفيفة أي أنها ال تريد منا أن ننسب هذه اإلخفاقات إلى الخصائص الشخصية‬
‫عضوية‪94.‬‬ ‫بل أن نحولها إلى خاصية‬

‫أنا لست واحدا من هؤالء األشخاص‪ ،‬وليس لدي الفرصة لتحليل تصرفات مثل هذا‬
‫الشخص من أجل أن أكتشف من اختيار النسيان والدافع وراء ذلك‪ .‬ولكن ال يمكنني أن أتنازل عن‬
‫التخمين بطريقة مماثلة‪ ،‬أن الدافع هنا هو كمية كبيرة غير اعتيادية من عدم االكتراث غير الرسمي‬
‫ما‪95.‬‬ ‫لآلخرين والذي يستغل عامل مؤثر‬
‫في حاالت أخرى‪ ،‬فإن دوافع النسيان أقل سهولة في االكتشاف‪ ،‬وحين يتبين لنا ذلك فإنها‬
‫تثير قدرا أعظم من الدهشة‪ .‬وهكذا‪ ،‬الحظت في السنوات السابقة ان عددا كبيرا من الكشوفات‬
‫المهنية نسيت منها فقط تلك التي كنت أريد ان أقدمها للمرضى الذين عاملتهم دون مقابل أو مع‬
‫زمالء‪ .‬وقد قادني هذا االكتشاف إلى أن أنوه كتابيا كل صباح بمواعيدي كشكل من أشكال الحل‪.‬‬
‫وال أدري ما إذا كان أطباء آخرون قد وصلوا إلى نفس الممارسة في طريق مماثل‪.‬‬

‫يصنع‬ ‫العصابي‪96‬‬ ‫وهكذا نحصل على فكرة عن األسباب التي تجعل ما يسمى بالمجهد‬
‫مذكرة بمواعيده التي يرغب في تقديمها للطبيب‪ .‬ويبدو أنه يفتقر إلى الثقة في القدرة اإلنجابية‬
‫لذاكرته‪ .‬هذا صحيح‪ ،‬لكن المشهد عادة ما يتقدم بهذه الطريقة‪ .‬فقد يروى المريض مختلف شكاواه‬
‫واستفساراته بإسهاب كبير‪ .‬وبعد أن ينتهي يتوقف لحظة‪ ،‬يسحب المذكرة ويقول معتذرا "لقد كتبت‬
‫بعض المالحظات ألنني ال أستطيع تذكر أي شيء"‪ .‬وكقاعدة ال يجد شيئا جديدا في المذكرة‪ .‬يكرر‬
‫كل نقطة ويجيب عليها بنفسه‪" :‬نعم‪ ،‬لقد سألت بالفعل عن ذلك"‪ .‬ومن خالل المذكرة‪ ،‬ربما يظهر‬
‫على االرجح أحد أعراضه‪ ،‬وهو التردد الذي تزعزع به قراراته من خالل التدخل في دوافع‬
‫غامضة‪.‬‬

‫فضال عن ذلك فأنا متلمس حالة يعاني منها حتى أغلب معارفي األصحاء‪ ،‬حين أعترف‬
‫بأنني اعتدت في السنوات السابقة على نحو خاص أن أنسى بسهولة لمدة طويلة اعادة الكتب‬
‫المقترضة‪ ،‬وأيضا أنني كثيرا ما أجلت سداد الدين من خالل النسيان‪ .‬في صباح أحد األيام‪،‬‬
‫غادرت محل التبغ حيث أقوم بشرائي اليومي من السيجار بدون دفع‪ .‬كان ذلك إغفاال غير مؤذ‪،‬‬
‫كما أعرف هناك‪ ،‬ولذلك كان من الممكن أن أتذكر ديوني في الصباح التالي‪ .‬ولكن هذا اإلهمال‬
‫الطفيف لم يكن واردا بكل تأكيد مع تأمالت تتعلق بالميزانية التي شغلت بها نفسي طيلة اليوم‬
‫السابق‪ .‬وحتى بين ما يسمى بالناس المحترمين يمكن للمرء أن يظهر بسهولة سلوكا مزدوجا حين‬
‫يتعلق األمر بموضوع المال والحيازة‪ .‬والجشع البدائي الذي يرغب في االستيالء على كل شيء‬
‫والتدريب‪97.‬‬ ‫(من أجل وضعه في فمه) لم يكن مكبوتا بشكل كامل إال من خالل الثقافة‬

‫وأخشى أنه في جميع األمثلة التي قدمت حتى اآلن‪ ،‬أصبحت شائعا‪ .‬لكن من دواعي‬
‫سروري فقط لو حدثت في أمور مألوفة يفهمها كل شخص‪ ،‬ألن هدفي الرئيسي هو جمع المواد‬
‫اليومية واستخدامها علميا‪ .‬وال أستطيع أن أتصور لماذا ينبغي حرمان الحكمة‪ ،‬التي هي‪ ،‬إذا جاز‬
‫التعبير‪ ،‬رواسب التجارب اليومية‪ ،‬من القبول بين اكتساب المعرفة‪ .‬فتنوع المواضيع ليس هو‬
‫الطريقة األكثر صرامة للتحقق والسعي إلى إقامة صالت بعيدة المدى تشكل الطابع األساسي للعمل‬
‫العلمي‪.‬‬

‫ولقد وجدنا دوما أن النوايا ذات بعض األهمية تصبح منسية عندما تنشأ دوافع غامضة‬
‫تزعجهم‪ .‬وفي نوايا أقل أهمية‪ ،‬نجد آلية ثانية للنسيان‪ .‬هنا يتم نقل اإلرادة المضادة إلى القرار من‬
‫شيء آخر بعد تشكيل ترابط خارجي بين األخيرة ومحتوى القرار‪ .‬ويوضح المثال التالي الذي ورد‬
‫في تقرير بريل ما يلي‪" :‬وجدت إحدى المرضى انها أصبحت فجأة مقصرة جدا في مراسالتها‪.‬‬
‫كانت في غاية الدقة والمتعة في كتابة الرسائل‪ ،‬ولكنها لم تستطع ببساطة خالل األسابيع القليلة‬
‫الماضية إحضار نفسها لكتابة رسالة دون بذل أقصى جهد ممكن‪ .‬كان التفسير بسيطا للغاية‪ .‬قبل‬
‫بضعة أسابيع من تسلمها رسالة مهمة تدعوها إلى اإلجابة القاطعة‪ .‬لم تقرر ماذا تقول‪ ،‬ولذلك لم‬
‫تجب على اإلطالق‪ .‬وقد تم نقل هذا القرار غير الواعي في شكل قيد إلى أحرف أخرى وتسبب في‬
‫منع كتابة الرسائل بشكل عام‪.‬‬

‫توجد إرادة مضادة مباشرة ودوافع أكثر بعدا في المثال التالي للتأخير‪ :‬كنت قد كتبت‬
‫‪ .‬وقد أرسل لي‬ ‫‪ ،‬حيث قدمت خالصة كتابي تفسير األحالم‬ ‫معينة‪98‬‬ ‫أطروحات قصيرة لسلسة‬
‫الناشر بورتمان أوراق اإلثبات وطلب العودة السريعة لها كما أراد إصدار الكتيب من قبل عيد‬
‫الميالد‪ .‬صححت األوراق في تلك الليلة ووضعتها على مكتبي لكي آخذها إلى مكتب البريد في‬
‫الصباح التالي‪ .‬في الصباح نسيت كل شيء عنه‪ ،‬وفكرت به فقط في الظهيرة عند منظر غالف‬
‫الورق على مكتبي‪ .‬بنفس الطريقة نسيت البراهين في ذلك المساء وفي الصباح التالي‪ ،‬وحتى بعد‬
‫ظهر اليوم الثاني‪ ،‬عندما أخذتهم بسرعة إلى صندوق الرسائل‪ ،‬متسائلين ما قد يكون أساس هذا‬
‫التسويف‪ .‬من الواضح أنني لم أرد أن أرسلهم بعيدا‪ ،‬رغم أنني لم أجد أي تفسير لهذا الموقف‪.‬‬

‫بعد نشر الرسالة دخلت محل ناشر فيينا‪ ،‬الذي أخرج تفسيري لألحالم‪ .‬تركت بعض‬
‫الطلبيات؛ ثم‪ ،‬كما لو كان اتته بفكرة مفاجئة‪ ،‬قال‪" :‬أنت تعرف بال شك أنني اعدت كتابة مقالتك؟ "‬

‫‪" :‬يجب أن أطلب منك"‬

‫"اهدئ نفسك"‪،‬‬
‫تدخلت؛ إنها مجرد دراسة قصيرة لمجموعة لوينفيلد‪-‬كوريال‪ .‬ولكنه رغم ذلك لم يكن‬
‫راضيا؛ كان يخشى أن يضر المقال ببيع الكتاب‪ .‬إختلفت معه‪ ،‬وأخيرا سألت‪:‬‬

‫"لو كنت قد جئت إليك من قبل‪ ،‬هل كنت ستعترض على المنشور؟‬

‫"ال"‬

‫؛ في أي ظرف من الظروف‪ .‬شخصيا‪ ،‬أعتقد أنني تصرفت ضمن كامل حقوقي ولم أفعل‬
‫شيئا يتعارض مع الممارسة العامة؛ ومع ذلك‪ ،‬يبدو من المؤكد لي أن فكرة مماثلة لتلك التي تسلمها‬
‫الناشر كانت دافعا لتأجيل إرسال أالوراق‪.‬‬

‫وهذا االنعكاس يعود إلى مناسبة سابقة عندما أثار ناشر آخر بعض الصعوبات ألنني‬
‫اضطررت إلى إخراج عدة صفحات من النص من عمل سابق عن شلل األطفال الدماغي‪،‬‬
‫ووضعها دون تغيير في عمل حول الموضوع نفسه في كتيب نوثناغل‪ .‬ومرة أخرى لم يكن من‬
‫المعيب أالعتراف؛ ففي تلك المرة أيضا‪ ،‬أبلغت الناشر (نفس الناشر الذي نشر تفسير األحالم‬
‫)‬
‫بنيتي‪.‬‬

‫ولكن إذا تابعت هذه السلسلة من عمليات إسترجاع الممتلكات إلى ما هو أبعد من ذلك‪ ،‬فإنها‬
‫تسلط الضوء على مناسبة ما زالت سابقة تتعلق بترجمة من الفرنسيين‪ ،‬حيث انتهكت حقا من‬
‫حقوق الملكية التي ينبغي النظر فيها في منشور‪ .‬وقد أضفت مالحظات إلى النص دون أن أطلب‬
‫إذن من صاحب المقال‪ ،‬وبعد ذلك بسنوات‪ ،‬كان لدي سبب لالعتقاد بأن صاحب المقال غير راض‬
‫عن هذا اإلجراء التعسفي‪.‬‬

‫هناك مثل يشير إلى المعرفة الشعبية بأن نسيان النوايا ليس عرضيا‪ .‬تقول‪" :‬ما ينسى مرة‬
‫ينسى فيها مرة أخرى‪ ".‬والواقع أننا في بعض األحيان ال نستطيع أن نشعر بأننا مهما قيل عن‬
‫النسيان وأالفعال الخطأ‪ ،‬الموضوع كله معروف للجميع بالفعل بأنه شيء بديهي‪ .‬غريب بما فيه‬
‫الكفاية أنه ما زال من الضروري دفع مثل هذه الحقائق المعروفة جيدا أمام الوعي‪ .‬كم مرة سمعت‬
‫الناس يالحظون‪" :‬أرجوك ال تطلب مني أن أفعل هذا‪ ،‬سوف أنساه بالتأكيد‪ ".‬ال شك أن الحقيقة‬
‫القادمة في هذه النبوة في وقت الحق ليست غامضة في حد ذاتها‪ .‬ومن يتحدث بهذا فهو يدرك‬
‫القرار الداخلي الذي ال يسمح له بتنفيذ الطلب‪ ،‬وال يتردد إال في االعتراف به بنفسه‪.‬‬
‫ويلقى الكثير من الضوء على نسيان القرارات من خالل شئ يمكن وصفه بانه " تشكيل‬
‫قرارات خاطئة "‪ .‬كنت قد وعدت ذات مرة كاتبا شابا بكتابة مراجعة لعمله القصير‪ ،‬ولكن بسبب‬
‫المقاومة الداخلية‪ ،‬التي لم تكن معروفة لي‪ ،‬وعدته بأن يتم ذلك في نفس الليلة‪ .‬لقد كانت لدي حقا‬
‫نوايا جادة للقيام بذلك‪ ،‬ولكنني نسيت أنني وضعت جانبا تلك الليلة إلعداد شهادة خبير ال يمكن‬
‫تأجيلها‪ .‬وبعد أن أدركت أن قراري زائف‪ ،‬تخليت عن المقاومة ورفضت طلب صاحب المقال‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الثامن

‫األفعال المرتكبة خطأ‬

‫‪ ‬‬

‫سأعطي فقرة أخرى من عمل ميرنغر وماير المذكور أعاله‪" :‬ال تقف الهفوات في الكالم‬
‫بمفردها تماما‪ .‬إنها تشبه األخطاء التي كثيرا ما تحدث في أنشطتنا األخرى‪ ،‬ويطلق عليها بحماقة‬
‫"النسيان""‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإنني ال أعتقد بأي حال من األحوال أن هناك إحساسا وهدفا وراء‬
‫إذا كان سقوط الكالم‪،‬‬ ‫األصحاء‪99.‬‬ ‫االضطرابات الوظيفية الطفيفة في الحياة اليومية لألشخاص‬
‫الذي هو بال شك وظيفة حركية‪ ،‬يعترف بهذا المفهوم‪ ،‬لذلك فمن الطبيعي جدا ان ينتقل إلى هفوات‬
‫وظائفنا الحركية االخرى‪ .‬لقد كونت هنا مجموعتين من القضايا؛ وكل هذه الحاالت التي يبدو فيها‬
‫تأثير الخطأ عنصرا أساسيا أي االنحراف عن النية‪ .‬المجموعة األخرى‪ ،‬التي يبدو فيها التصرف‬
‫برمته غير مالئم إلى حد ما‪ ،‬والتي أسميها تصرفات األعراض والصدفة‪ .‬بيد أنه ال يوجد خط‬
‫واضح من الترسيم يمكن تشكيله؛ والواقع أننا مجبرون على االستنتاج بأن جميع األنواع الواردة‬
‫في هذا الفصل لها أهمية وصفية فقط وتتعارض مع الوحدة الداخلية للتحليل‪.‬‬

‫كما أن الفهم النفسي لألفعال الخاطئة يبدو أنه ال يكسب إال القليل من الوضوح عندما نضعه‬
‫وخاصة تحت ما يصطلح عليه ب “التنّكس القشرّي "‪ .101‬ولفعل‬ ‫"االختالجات"‪100‬‬ ‫تحت مصطلح‬
‫ذلك‪ ،‬سأستعين مرة أخرى بالمالحظات الشخصية‪ ،‬التي لم أتمكن من الحصول عليها كثيرا بنفسي‪.‬‬

‫(أ‌) في السنوات السابقة‪ ،‬عندما كنت أزور منازل المرضى أكثر مما أقوم به في الوقت‬
‫الحاضر‪ ،‬غالبا ما يحدث ذلك‪ ،‬عندما كنت واقفا امام باب كان ينبغي ان اقرع الباب أو اضرب‬
‫الجرس‪ ،‬كنت اسحب مفتاح بيتي من جيبي‪ ،‬فقط إلعادته‪ ،‬وانا مشوش جدا‪ .‬وعندما حققت فيما‬
‫حدث في بيوت المرضى‪ ،‬كان على أن أعترف بأن الخطأ الذي حدث هو أخذ مفتاحي بدال من‬
‫رنين الجرس يشير إلى تقديم بعض التقدير للمنزل الذي وقع فيه الخطأ‪ .‬كانت مكافئة لفكرة "أشعر‬
‫هنا في منزلي"‪ ،‬حيث أنها حدثت فقط حيث كنت أملك اهتمام بالمريض‪( .‬بطبيعة الحال‪ ،‬لم أرن‬
‫جرس بيتي قط)‪ .‬وعلى هذا فإن هذا التصرف الخاطئ كان بمثابة تمثيل رمزي لفكرة محددة لم‬
‫تكن مقبولة على نحو واع باعتبارها خطيرة؛ فالواقع ان طبيب االعصاب يدرك جيدا ان المريض‬
‫ال يسعى اليه إال ما دام يتوقع ان يستفيد منه وأن اهتمامه الدافئ جدا لمرضه ال يثبت اال كوسيلة‬
‫للمعالجة النفسية‪.‬‬

‫ويصف السيد أ‪ .‬ميدر تكرار تجربتي تقريبا‪" :102‬لقد حدث أحيانا أن يأخذ أي شخص‬
‫أغراضه‪ ،‬عندما يصل إلى باب أحد أصدقائه الغاليين‪ ،‬ليفاجأ نفسه‪ ،‬إذا جاز التعبير‪ ،‬ويفتح بمفتاحه‬
‫الخاص كما هو الحال في بيته‪ .‬إنه تأخير‪ ،‬ألنه يجب أن تتأخر على أي حال‪ ،‬لكنه دليل على‬
‫شعورك ‪ -‬أو رغبتك في الشعور ‪ -‬في المنزل مع ذلك الصديق"‪.‬‬

‫يتحدث جونز عن استخدام المفاتيح‪" :103‬ان استخدام المفاتيح هو مصدر متكرر لتكرار من‬
‫هذا النوع‪ ،‬ويمكن اعطاء مثالين له‪ .‬إذا كنت منزعجا في خضم بعض العمل المنهك في المنزل من‬
‫خالل الذهاب إلى المستشفى للقيام ببعض األعمال الروتينية‪ ،‬فمن المالئم جدا أن أجد نفسي أحاول‬
‫فتح باب مختبري هناك مع مفتاح مكتبي في المنزل‪ ،‬على الرغم من أن مفتاحي مختلفين تماما‪.‬‬
‫يظهر الخطأ دون وعي إلى أين أفضل أن أكون في هذه اللحظة‪.‬‬

‫وقال قبل سنوات كنت أتصرف في موقع تابع في مؤسسة معينة كان الباب األمامي فيها‬
‫دائما مقفل‪ ،‬لذا كان من الضروري طلب الدخول‪ .‬في مناسبات عديدة وجدت نفسي أحاول بجدية‬
‫فتح الباب بمفتاح منزلي‪ .‬وكل موظف من الموظفين الزائرين الدائمين‪ ،‬الذين كنت أطمح أن أكون‬
‫عضوا فيهم‪ ،‬تم تزويده بمفتاح لتفادي مشكلة االضطرار إلى االنتظار عند الباب‪ .‬لذا فقد عبر عن‬
‫خطأي الرغبة في أن يكون على قدم المساواة وأن يكون "في البيت" هناك"‪ .‬وهناك تجربة مماثلة‬
‫أبلغ عنها الدكتور هانز ساكس من فيينا‪" :‬دائما ما أحمل معي مفتاحين‪ ،‬أحدهما لباب مكتبي‬
‫واآلخر إلقامتي‪ .‬فهي ليست سهلة بأي حال من األحوال‪ ،‬حيث أن مفتاح المكتب أكبر بثالث مرات‬
‫على األقل من مفتاح منزلي‪ .‬كما أنني أحمل األول في جيب سروالي واآلخر في جيب السترة‬
‫الخاص بي‪ .‬ومع ذلك غالبا ما الحظت عند الوصول إلى الباب أنني أثناء صعودي الدرج أخذت‬
‫المفتاح الخطأ‪ .‬قررت إجراء فحص إحصائي؛ كما كنت يوميا في نفس الحالة العاطفية تقريبا عندما‬
‫كنت واقفا أمام كال البابين‪ ،‬كنت أعتقد أن تداخل مفتاحين يجب أن يظهر نزعة منتظمة‪ ،‬إذا كان‬
‫هناك تحديد نفسي مختلف‪ .‬وقد اظهرت مراقبة ما حدث الحقا انني اخذت بشكل منتظم مفتاح منزلي‬
‫قبل باب المكتب‪ .‬وفي مناسبة واحدة فقط انعكس هذا اإلتجاه‪ :‬عدت إلى البيت متعب‪ ،‬عارف انني‬
‫سأجد هناك ضيفا‪ .‬لقد بذلت محاولة لفتح الباب مع مفتاح المكتب‪ ،‬الكبير بطبيعة الحال‪.‬‬

‫(ب‌) في وقت معين‪ ،‬مرتين يوميا لمدة ست سنوات كنت معتادا انتظار الدخول قبل الباب‬
‫في المستوى الثاني من نفس المبنى‪ ،‬وخالل هذه الفترة الطويلة من الزمن حدث مرتين (في فترة‬
‫قصيرة)‪ ،‬ذهبت إلى مستوى أعلى من المستوى الذي أنا فيه‪ ،‬حيث أعمل‪ .‬في أول هذه المناسبات‬
‫كنت أمر بيوم حالم بطموح‪ ،‬مما سمح لي "بالصعود دائما أعلى وأعلى"‪ .‬في الواقع‪ ،‬في ذلك‬
‫الوقت سمعت الباب يفتح وأنا أضع قدمي في الخطوة األولى للطابق الثالث‪ .‬وفي المناسبة األخرى‬
‫ذهبت مرة أخرى إلى أبعد مما ينبغي "انهمكت في التفكير"‪ .‬وبمجرد أن أدركت ذلك‪ ،‬عدت إلى‬
‫الوراء وسعيت إلى انتزاع الخيال المهيمن؛ وجدت أنني غضبت بسبب انتقاد بعض أعمالي‪ ،‬حيث‬
‫جرى وصفي بأنني “أذهب دائما بعيدا"‪ ،‬والذي استبدلها تفكيري بعبارة أقل احتراما "تسلق ألعلى‬
‫مما ينبغي"‪.‬‬

‫(ت‌) لسنوات عديدة‪ ،‬كانت هناك مطرقة طبيب وشوكة موجية ترقد جنبا إلى جنب على‬
‫مكتبي‪ .‬ذات يوم‪ ،‬سارعت إلى اإلياب في نهاية ساعات عملي‪ ،‬حيث كنت أتمنى أن أذهب بقطار‬
‫معين‪ ،‬وعلى الرغم من ضوء النهار‪ ،‬وضعت الشوكة في جيب معطفي بدال من المطرقة‬
‫المنعكسة‪ .‬انتبهت إلى الخطأ من خالل وزن الجسم الذي يسحب جيبي‪ .‬وأي شخص غير معتاد‬
‫على التأمل في مثل هذه األحداث الطفيفة من شأنه دون تردد أن يفسر هذا التصرف الخاطئ‬
‫بسرعة هذه اللحظة‪ ،‬وأن يعذره‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فضلت أن أسأل نفسي لماذا أخذت الشوكة بدال من‬
‫المطرقة‪ .‬كما أن من الممكن ان العجلة كانت أيضا دافعا إلى تنفيذ اإلجراء على ذلك النحو حتى ال‬
‫اضيع الوقت‪.‬‬

‫"ولكن ما معنى هذه الكلمة المسيئة؟ يجب أن نستكشف الموقف هنا‪ .‬أسرعت إلى استشارة‬
‫في مكان على سكة الحديد الغربية لرؤية مريض‪ ،‬والذي حسب ما تلقيته‪ ،‬سقط من شرفة قبل‬
‫بضعة أشهر‪ ،‬ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من المشي‪ .‬كتب الطبيب الذي دعاني أنه ال يزال غير قادر‬
‫على معرفة ما إذا كان يتعامل مع إصابة في العمود الفقري أو هستيريا عصبية مرضية‪ .‬كان هذا‬
‫ما سأقرره‪ .‬وعلى هذا فقد يكون هذا بمثابة تذكرة بضرورة توخي الحذر بشكل خاص في هذا‬
‫التشخيص التفاضلي الدقيق‪ .‬وكما هي الحال اآلن‪ ،‬يعتقد زمالئي أن تشخيص الهستيريا يتم على‬
‫نحو ال مبال إلى الحد الذي يجعل األمور أكثر خطورة‪ .‬ولكن اإلساءة ال مبرر لها بعد‪ .‬نعم‪ ،‬كان‬
‫االرتباط التالي هو أن محطة السكك الحديدية الصغيرة هي نفس المكان الذي رأيت فيه‪ ،‬قبل بضع‬
‫سنوات‪ ،‬شابا لم يستطع المشي بشكل صحيح بعد تجربة عاطفية معينة‪ .‬وفي ذلك الوقت شخصت‬
‫حالته بأنها هستيريا‪ ،‬ثم وضعته في وقت الحق تحت العالج النفسي؛ ولكن تبين بعد ذلك أن‬
‫تشخيصي لم يكن غير صحيح ولكنه ليس صحيحا ايضا‪ .‬كان عدد كبير من أعراض المريض‬
‫هستيرية‪ ،‬وسرعان ما اختفوا أثناء العالج‪ .‬ولكن مع هذه االعراض كانت هنالك اعراض غير‬
‫واضحة وال يمكن الوصول إليها عن طريق العالج‪ ،‬وال يمكن اإلشارة إليها إال كشلل جزئي‪ .‬ولم‬
‫يجد الذين رأوا المريض من بعدي صعوبة في التعرف على الخلل العضوي‪ .‬لم يكن بوسعي إال أن‬
‫أتصرف أو أحكم على نحو مختلف‪ ،‬ورغم ذلك كان االنطباع قائما على خطأ فادح؛ بطبيعة الحال‪،‬‬
‫ال يمكن الوفاء بوعد العالج الذي أعطيته له‪.‬‬

‫وبالتالي فإن الخطأ في إمساك الشوكة بدال من المطرقة يمكن ترجمته للكلمات التالية‪" :‬يا‬
‫أحمق‪ ،‬يا حمار‪ ،‬استجمع قواك هذه المرة‪ ،‬وتحذر أال تشخص مرة أخرى حالة هيستيريا حيث‬
‫يوجد مرض ال شفاء منه‪ ،‬كما فعلت في هذا المكان منذ سنوات في حالة الرجل المسكين!" ولحسن‬
‫الحظ لهذا التحليل الصغير‪ ،‬حتى لو كان لسوء الحظ بالنسبة لمزاجي‪ ،‬هذا الرجل نفسه‪ ،‬اآلن لديه‬
‫مشية مرنة جدا‪ ،‬كان في مكتبي قبل بضعة أيام‪ ،‬بعد يوم واحد من فحص الطفل االحمق‪".‬‬

‫ونالحظ هذه المرة أن صوت النقد الذاتي هو الذي يجعل نفسه مدركا من خالل الخطأ في‬
‫اإلمساك به‪ .‬فالفعل الذي يجري خطأ مناسب بشكل خاص للتعبير عن التعيير الذاتي‪ .‬يحاول الخطأ‬
‫الحالي أن يمثل الخطأ الذي ارتكب في مكان آخر‪.‬‬

‫(ث‌) ومن الواضح تماما أن إستيعاب الشيء الخطأ قد يخدم أيضا سلسلة كاملة من‬
‫األغراض الغامضة األخرى‪ .‬إليكم المثال األول‪ :‬نادرا ما أكسر أي شيء‪ .‬أنا لست رشيق بشكل‬
‫خاص‪ ،‬ولكن بحكم سالمة جهازي العصبي والعضلي ال يوجد في الظاهر أي أساس لمثل هذه‬
‫الحركات الغريبة مع نتائج غير مرغوب فيها‪ .‬وال أستطيع أن أتذكر أي شيء في بيتي قد كسرته‬
‫في أي وقت مضى‪ .‬وبسبب ضيق الدراسة‪ ،‬كان من الضروري في كثير من األحيان أن أعمل في‬
‫موقف غير مريح بين الكثير من التماثيل الطينية العتيقة واألجسام الحجرية‪ ،‬والتي لدي مجموعة‬
‫صغيرة منها‪ .‬وان كان الكثير من المتفرجين عبروا عن خوفهم من أن أهدم شيئا ما‪ .‬ولكن هذا لم‬
‫يحدث قط‪ .‬إذا‪ ،‬لماذا تركت غطاء محبرتي البسيطة يسقط وينقسم إلى أجزاء؟ قاعدة محبرتي‬
‫مصنوعة من قطعة رخامية مسطحة محفور فيها من أجل جلوس المحبرة الزجاجية فيها؛ وللمحبرة‬
‫غطاء رخامي ذو مقبض من نفس الحجر‪ .‬وهناك دائرة من التمثال البرونزي مع أرقام تيراكوتا‬
‫الصغيرة تقف وراء حافة المحبرة هذه‪ .‬جلست نفسي في المكتب للكتابة‪ ،‬قمت بحركة خارجية‬
‫غريبة جدا مع اليد الممسكة بحامل الحبر‪ ،‬وهكذا جرفت غطاء حامل الحبر‪ ،‬الذي كان ملقى بالفعل‬
‫على المكتب‪ ،‬إلى األرض‪.‬‬

‫ليس من الصعب أن نجد التفسير لهذا‪ .‬قبل ساعات من وجود أختي في الغرفة للنظر في‬
‫بعض من مقتنياتي الجديدة‪ .‬وجدتها جميلة جدا‪ ،‬ثم قالت‪" :‬يبدو المكتب اآلن على ما يرام‪ ،‬ولكن‬
‫غطاء الحبر ال يناسبك‪ .‬يجب أن تحصل على أفضل واحدة‪ .‬رافقت أختي إلى الخارج ولم أعد لعدة‬
‫ساعات‪ .‬ولكن بعد ذلك‪ ،‬كما يبدو‪ ،‬قمت بتنفيذ موقف حافة الهاوية المفتعل‪ .‬هل استنتجت من كالم‬
‫أختي أنها كانت تنوي أن تقدم لي واحدة أفضل؟ وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإن حركتي المتأرجحة‬
‫كانت محرجة على ما يبدو؛ لكنها في الواقع‪ ،‬كانت أكثر مهارة وتصميما‪ ،‬إذ أنها تفهم كيف تتفادى‬
‫كل األشياء القيمة الموجودة بالقرب منها‪.‬‬

‫في الواقع أعتقد أنه يجب أن نقبل هذا التفسير لسلسلة كاملة من الحركات المحرجة التي‬
‫تبدو غير مقصودة‪ .‬صحيح أن هذه الحركات تظهر على السطح شيئا عنيفا وغير منتظم‪ ،‬شبيه‬
‫بالحركات غير البديهية‪ ،‬ولكن عند الفحص يبدو أنها تهيمن عليها بعض النوايا‪ ،‬وهي تحقق هدفها‬
‫بشكل مؤكد ال يمكن أن يعزى إليه عموما حركات تعسفية واعية‪ .‬وفي كال الصورتين‪ ،‬تظهر‬
‫القوة‪ ،‬فضال عن الهدف المؤكد‪ ،‬إلى جانب التشابه مع المظاهر الحركية للمصاب بالعصبية‬
‫الهستيرية‪ ،‬وأيضا جزئيا كحركة ال ارادية‪ ،‬وهنا كما هناك فانها تشير إلى نفس الحركة غير‬
‫المعتادة لوظائف االعصاب‪.‬‬

‫في السنوات األخيرة‪ ،‬عندما كنت أجمع مثل هذه المالحظات‪ ،‬حدث عدة مرات أنني‬
‫حطمت وكسرت أشياء ذات قيمة‪ .‬لقد أقنعني فحص هذه الحاالت بأنها لم تكن أبدا نتيجة حادث أو‬
‫إرتباك غير مقصود‪ .‬وهكذا‪ ،‬في صباح أحد األيام بينما كنت أرتدي رداء الحمام والنعال‪ ،‬احسست‬
‫بدفعة مفاجئة عندما مررت بغرفة‪ ،‬وانزلقت من قدمي واحدة من النعال إلى الحائط بحيث أسقطت‬
‫التمثال الرخامي الصغير الجميل من القوس‪ .104‬وعندما سقطت منثورة‪ ،‬قرأت النص التالي من‬
‫بوش‪-:105‬‬

‫" اه! فينوس هي عبارة عن‪ 106..‬نقرات! من ميديشي!"‬

‫هذا العمل المجنون وهدوئي عند رؤية الضرر يتم شرحه في الوضع القائم آنذاك‪ .‬كان لدينا‬
‫شخص مريض جدا في العائلة‪ ،‬كان شفائها ميئوس منه مني شخصيا في ذلك الصباح تم إخباري‬
‫بأن هناك تحسنا كبيرا؛ أعلم أنني قلت لنفسي‪" ،‬بعد كل شيء ستعيش‪ ".‬لذا فإن هجومي المدمر كان‬
‫تعبيرا عن شعوري باالمتنان تجاه المصير‪ ،‬وقد منحني فرصة القيام بعمل تضحية‪ ،‬تماما كما لو‬
‫كنت قد أقسمت على أنها إذا اصبحت على ما يرام‪ ،‬سأعطي هذا أو ذاك تضحية‪ .‬وكان إختيار‬
‫فينوس مديتشي كهذه التضحية مجرد تضحية لنقاهتها‪ .‬ولكن حتى اليوم ما زال من غير المفهوم‬
‫بالنسبة لي كيف أنني قررت بسرعة بالغة‪ ،‬وبهذه الدقة‪ ،‬ولم أتطرق إلى أي جسم آخر على مسافة‬
‫قريبة‪.‬‬

‫وكسر آخر أستخدمت فيه حامل قلم يسقط من يدي يدل أيضا على التضحية‪ ،‬ولكن هذه‬
‫المرة كان تقدمة تقوى لتالفي الشر‪ .‬لقد سمحت لنفسي مرة بأن أعير صديقا حقيقيا جديرا باالهتمام‬
‫ال لسبب سوى بعض المظاهر التي فسرتها من نشاطه الالواعي‪ .‬فأخذ األمر بحيلة وكتب لي‬
‫رسالة طلب فيها مني فيها أال أعامل أصدقائي عن طريق التحليل النفسي‪ .‬كان على أن أعترف‬
‫بأنه كان على حق واسترضائه بإجابتي‪ .‬أثناء كتابتي لهذه الرسالة كان أمامي آخر ما حصلت عليه‬
‫‪ -‬شخصية مصرية صغيرة جميلة‪ .‬كسرته بالطريقة المذكورة‪ ،‬ثم علمت فورا انني جعلت هذا الشر‬
‫يحول دون وقوع شر أكبر‪ .‬لحسن الحظ‪ ،‬يمكن إصالح كل من تلك الصداقة وذلك التمثال بحيث ال‬
‫يمكن مالحظة الصدع‪ .‬وهناك حالة ثالثة من حاالت االنهيار كانت أقل خطورة؛ كان مجرد‬
‫"إعدام" مستتر‪ ،‬باستخدام تعبير لفيتشر‪" ،‬مجسم لم يعد مالئما لذوقي"‪ .‬ولفترة من الوقت كنت‬
‫أحمل عصا ذات مقبض فضة؛ من دون خطإ مني أصيبت الفضة مرة لالتالف ولم تصلح بصورة‬
‫صحيحة‪ .‬بعد ان استلمت العصا بوقت قصير استعملت المقبض كزاوية ساق لسرير أحد أوالدي‪.‬‬
‫بهذه الطريقة‪ ،‬انكسر بشكل طبيعي‪ ،‬وتخلصت منه‪ .‬وال شك أن عدم االكتراث الذي نتقبل به‬
‫الضرر الناجم عن هذه الحاالت قد يعتبر دليال على وجود غرض غير واعي في تنفيذها‪.‬‬

‫(ج‌) كما يتبين أحيانا من تحليل أو إسقاط األشياء أو كسرها‪ ،‬كثيرا ما تستخدم كتعبير عن‬
‫الجداول الفكرية الالواعية‪ ،‬ولكنها غالبا ما تمثل المدلوالت الخرافية أو الغريبة المرتبطة بها في‬
‫األقوال الشعبية‪ .‬إن المعاني المرتبطة بسفك الملح‪ ،‬وانقالب البول‪ ،‬وإلصاق سكين أسقطت على‬
‫األرض‪ ،‬وهلم جرا‪ ،‬معروفة جيدا‪ .‬وسأناقش الحقا الحق في التحقيق في هذه التفسيرات الخرافية؛‬
‫وهنا سوف أرى ببساطة أن األفعال الفردية المحرجة ال تحمل دوما نفس المعنى بأي حال من‬
‫األحوال‪ ،‬بل إنها طبقا للظروف تمثل اآلن هذا الغرض أو ذاك‪.‬‬

‫مررنا مؤخرا بفترة في منزلي تكسر فيها عدد غير عادي من األطباق الزجاجية والصينية‪.‬‬
‫وأنا شخصيا ساهمت إلى حد كبير في هذا الضرر‪ .‬وقد فسر هذا االمر الصغير بسهولة بأنه يسبق‬
‫الخطبة العامة البنتي الكبرى‪ .‬وفي هذه االحتفالية يعتاد ان يكسر بعض االطباق ويطلق في الوقت‬
‫نفسه بعض عبارات التشجيع‪ .‬وقد تعني هذه العادة التضحية أو التعبير عن أي معنى رمزي آخر‪.‬‬

‫عندما يدمر الخدم األشياء الهشة من خالل السقوط من أيديهم‪ ،‬ال نفكر بالتأكيد في المقام‬
‫األول في الدافع النفسي لذلك؛ ورغم ذلك فإن بعض الدوافع الغامضة ليست بعيدة االحتمال حتى‬
‫هنا‪ .‬ال شيء أبعد من غير المتعلمين من تقدير الفن واألعمال الفنية‪ ،‬فخدامنا يهيمن عليهم عداء‬
‫أحمق ضد هذه األعمال‪ ،‬خصوصا عندما تصبح األشياء (التي ال يدركون قيمتها) مصدر عمل‬
‫كبير لهم‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬كثيرا ما يميز األشخاص المتعلمين والعاملين في المؤسسات العلمية‬
‫أنفسهم بقدر كبير من الكفاءة والموثوقية في التعامل مع األشياء الدقيقة‪ ،‬بمجرد أن يبدؤوا في‬
‫التعرف على أنفسهم في محيط عملهم واعتبارهم أنفسهم جزءا أساسيا من الموظفين‪.‬‬

‫سأضيف هنا تقرير المهندس الميكانيكي الشاب‪ ،‬الذي يعطي بعض التبصر في آلية تدمير‬
‫األشياء‪" .‬منذ فترة عملت مع كثيرين آخرين في مختبر المدرسة الثانوية على سلسلة من التجارب‬
‫المعقدة حول موضوع المرونة‪ .‬لقد كان عمال قمنا به بإرادتنا‪ ،‬ولكن تبين أنه استغرق من وقتنا‬
‫أكثر مما كنا نتوقع‪ .‬في أحد األيام‪ ،‬بينما كنت ذاهبا إلى المختبر مع ف‪ ،.‬اشتكى من فقدان الكثير‬
‫من الوقت‪ ،‬خاصة في هذا اليوم‪ ،‬عندما كان لديه الكثير من األشياء األخرى للقيام بها في المنزل‪.‬‬
‫لم يكن بوسعي إال أن أتفق معه‪ ،‬وأضاف نصف مازحا‪ ،‬في إشارة إلى حادثة وقعت في األسبوع‬
‫الماضي‪" :‬لنأمل أن ترفض اآللة العمل‪ ،‬حتى نتمكن من مقاطعة التجربة والعودة إلى البيت في‬
‫وقت مبكر"‪.‬‬

‫وإضاف في ترتيب العمل‪ ،‬حدث ان ف‪ .‬كان مكلفا بتنظيم صمام الضغط‪ ،‬أي انه كان من‬
‫واجبه فتح الصمام بعناية والسماح للمائع تحت الضغط بالتدفق من التراكم إلى أسطوانة الضغط‬
‫الهيدروليكي‪ .‬وقف قائد التجربة على مقياس االختبار ودعا بصوت عال "توقف!" عند الوصول‬
‫إلى أقصى ضغط‪ .‬وفي هذا األمر‪ ،‬أمسك ف‪ .‬الصمام ودوره بكل قوته إلى اليسار (كل‬
‫الصمامات‪ ،‬من دون أي إستثناء‪ ،‬مغلقة على اليمين)‪ .‬تسبب ذلك في ضغط كامل مفاجئ في مركم‬
‫الضغط‪ ،‬ونظرا لعدم وجود منفذ‪ ،‬انفجرت أنبوب التوصيل‪ .‬كان ذلك حادثة خانقة لآللة‪ ،‬لكن ما‬
‫يكفي إلجبارنا على التوقف عن عملنا لليوم والعودة إلى المنزل‪.‬‬

‫"وعالوة على ذلك‪ ،‬من المألوف أن صديقي ف‪ .‬لم يستطع بعد فترة من الوقت‪ ،‬عند مناقشة‬
‫هذه الحادثة‪ ،‬تذكر المالحظة التي أدلي بها وانا أتذكرها بوضوح"‪ .‬على نحو مماثل‪ ،‬ال ينبغي لنا‬
‫أن نفسر الوقوع في خطأ فادح‪ ،‬أو االنزالق إليه‪ ،‬باعتباره خطأ غير مقصود في إرتكاب فعل‬
‫حركي‪ .‬ويشير المعنى اللغوي المزدوج لهذه العبارات إلى أوهام مخفية متنوعة‪ ،‬والتي قد تقدم‬
‫نفسها من خالل التخلي عن التوازن الجسدي‪ .‬وأذكر عددا من األمراض العصبية األخف التي‬
‫تصيب النساء والفتيات والتي ظهرت على وجوههن بعد أن سقطن دون إصابة‪ ،‬والتي صورت‬
‫على أنها هستيريا صادمة نتيجة لصدمة السقوط‪ .‬في ذلك الوقت كنت أتصور بالفعل أن هذه‬
‫الظروف لها عالقة مختلفة‪ ،‬أن السقوط كان بالفعل تحضير لإلختالالت العصبية‪ ،‬وتعبيرا عن نفس‬
‫الخيال الالواعي للمحتوى الجنسي الذي قد يتخذ كقوى متحركة وراء األعراض‪ .‬لم يكن هذا‬
‫ظهرها!"‪107‬‬ ‫المقصود في المثل الذي يقول‪" ،‬عندما تسقط فتاة‪ ،‬تقع على‬

‫كما يمكننا أن نضيف إلى هذه األخطاء حالة الشخص الذي يعطي الشحات قطعة ذهبية بدال‬
‫من النحاس أو العملة الفضية‪ .‬والواقع أن حل مثل هذا السوء بالتصرف بسيط‪ :‬بل إنه عمل تضحية‬
‫مصمم لتقويض المصير‪ ،‬وتجنب الشر‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬إذا سمعنا أم أو خالة لطيفة تعرب عن قلقها‬
‫بشأن صحة الطفل‪ ،‬مباشرة قبل أن تمشي من المكان ستقدم على عمل خيري ما‪ ،‬خالفا لعادتها‬
‫المعتادة‪ ،‬ال يمكننا بعد اآلن أن نشك في اإلحساس بهذا الحادث الذي يبدو غير مرغوب فيه‪ .‬وبهذه‬
‫الطريقة‪ ،‬فإن أفعالنا الخاطئة تجعل من الممكن ممارسة كل تلك العادات المتدينة والخرافية التي‬
‫يجب أن تنأى عن الوعي‪ ،‬بسبب التشديد عليهم بعقولنا غير المؤمنة‪.‬‬

‫(ح‌) إذا كانت األفعال العرضية مقصودة حقا‪ ،‬فلن نجد صدقا أعظم في أي مجال آخر غير‬
‫النشاط الجنسي‪ ،‬حيث يبدو أن الحدود بين النية والحادث ال يمكن تمييزها‪ ،‬وأن حركة يبدو أنها‬
‫خرقاء قد تستخدم على نحو أكثر دقة لألغراض الجنسية أستطيع التحقق منها؛ مثال جميل من‬
‫تجربتي الخاصة‪ .‬في بيت صديق التقيت فتاة صغيرة كانت تحمس في نفسي بشعور من الود الذي‬
‫طالما آمنت أنه انقرض‪ ،‬فوضعتني في مزاج مرح ولطيف‪ .‬وفي ذلك الوقت‪ ،‬حاولت معرفة كيف‬
‫حدث ذلك‪ ،‬إذ لم يكن لهذه الفتاة أي تأثير علي قبل سنة من ذلك‪ .‬وعندما دخل عم الفتاة‪ ،‬وهو رجل‬
‫كبير في السن‪ ،‬الغرفة‪ ،‬قفزنا االثنان لجلب كرسيا له كان يقف في الزاوية‪ .‬كانت أكثر رشاقة مني‬
‫وأقرب إلى الكرسي‪ ،‬حتى أنها كانت أول من استولى على الكرسي‪ .‬وحملته بظهره اليها‪ ،‬ممسكة‬
‫بكلتا يديه على حافة المقعد‪ .‬وبينما وصلت انا إليها لكي أقوم بحمل الكرسي بدال عنها‪ ،‬وقفت فجأة‬
‫إلى الخلف مباشرة لها‪ ،‬وكلتا ذراعي كانتا تلمس يدي الكرسي من خلفها‪ ،‬وللحظة لمس يدي‬
‫خصرها‪ .‬لقد قمت بشكل طبيعي بحل الوضع بسرعة كما حدث‪ .‬كما لم يخطر على بال أحد منا‬
‫بأنني كنت قد استغليت هذه الحركة المحرجة‪.‬‬

‫أحيانا‪ ،‬كان علي أن أعترف لنفسي بأن هذا الحدث المزعج والمحرج للتنحي في الشارع‬
‫عن طريق شخص اخر‪ ،‬والذي فيه لثواني محدودة تقفز خطوة هنا و خطوة هناك‪ ،‬ولكن دائما في‬
‫نفس اتجاه الشخص اآلخر‪ ،‬إلى أن يتوقف كالكما أخيرا بمواجهة بعضكما البعض‪ ،‬أن هذا‬
‫"االعتراض" يعيد تكرار تصرفات خاطئة‪ ،‬تحرض على السلوك بسلوك محرج في أوقات سابقة‬
‫وتخفي أغراضا جنسية تحت قناع الحرج‪ .‬ومن خالل تحليلي النفسي لمرضى األعصاب أعلم أن‬
‫ما يسمى بالسذاجة بين الشباب واألطفال غالبا ما يكون مجرد قناع‪ ،‬يتم استخدامه حتى يستطيع‬
‫الشخص المعني أن يقول أو يقوم بخدش الحياء دون تقييد‪.‬‬

‫وقد أبلغ دبليو‪ .‬ستيكيل عن مالحظات مماثلة فيما يتصل بنفسه‪" :‬دخلت منزال وعرضت‬
‫يدي اليمنى على المضيفة‪ .‬بطريقة الفتة للنظر جدا‪ ،‬خففت القوس الذي كان يجمع ثيابها الصباحية‬
‫الفضفاضة‪ .‬كنت مدركا لعدم وجود نية غير شريفة‪ ،‬ومع ذلك نفذت هذه الحركة المحرجة بخفة‬
‫العب سرك‪.‬‬
‫(خ‌) تكون اآلثار الناجمة عن أخطاء األشخاص الطبيعيين‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬ذات طابع غير‬
‫مؤذ‪ .‬ولهذا السبب فقط سيكون من المثير لالهتمام معرفة ما إذا كانت األخطاء ذات األهمية‬
‫الكبيرة‪ ،‬والتي يمكن أن تتبعها نتائج خطيرة‪ ،‬مثل‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أخطاء األطباء أو الصيادلة‪،‬‬
‫والتي تقع ضمن نطاق وجهة نظرنا‪ .‬حيث أنني نادرا ما أكون في وضع يسمح لي بالتعامل مع‬
‫األمور الطبية النشطة‪ ،‬فأنا أستطيع أن أقدم تقريرا عن خطأ واحد من تجربتي الخاصة‪.‬‬

‫تعاملت مع امرأة عجوز جدا‪ ،‬زرتها مرتين يوميا لعدة سنوات‪ .‬اقتصرت نشاطاتي الطبية‬
‫على عملين‪ ،‬أديتهما خالل زياراتي الصباحية‪ :‬لقد أسقطت بضع قطرات من حقن العين في عينيها‬
‫وأعطيتها حقنة المورفين تحت الجلد‪ .‬لقد أعددت بشكل منتظم قارورتين زرقاء‪ ،‬تحتويان على حقن‬
‫العين‪ ،‬وقارورة بيضاء‪ ،‬تحتوي على محلول المورفين‪ .‬أثناء أدائي لهذه الواجبات كانت أفكاري‬
‫مشغولة في الغالب بشيء آخر‪ ،‬ألنها كانت تتكرر كثيرا بحيث كان الوعي يتصرف بحرية‪ .‬في‬
‫صباح أحد األيام الحظت أن عادتي كانت على معكوسة؛ لقد وضعت القطارة في اللون األبيض‬
‫بدال من الزجاجة الزرقاء‪ ،‬وأسقطت في العيون المورفين بدال من الحمية‪ .‬كنت خائفا جدا‪ ،‬ولكن‬
‫من المورفين لن‬ ‫بعد ذلك هدأت نفسي من خالل انعكاس أن بضع قطرات من حل ‪ 2‬في المائة‬
‫تلحق أي أذى حتى لو تركت في جفن العين‪ .‬وكان من الواضح أن السبب وراء ذلك كان قادما من‬
‫مكان آخر‪.‬‬

‫وفي محاولة لتحليل الخطأ الطفيف فكرت أوال في عبارة "االستيالء على العجوز عن‬
‫طريق الخطأ"‪ ،‬التي أشارت إلى الطريق القصير إلى الحل‪ .‬لقد أعجبت بحلم أخبرني به شاب في‬
‫غرابة‬ ‫أمه‪108.‬‬ ‫الليلة السابقة‪ ،‬وال يمكن تفسير مضمونه إال على أساس الممارسة الجنسية مع‬
‫حقيقة أن أسطورة أوديب ال تقلل من عمر الملكة جوكاستا بدت لي أنها تتفق مع افتراض أنه في‬
‫حب المرء أمه ال نتعامل أبدا مع الشخصية الحالية‪ ،‬ولكن مع صورة ذكراها الشابة التي كانت‬
‫تحملها منذ طفولتنا‪ .‬وتظهر هذه التباينات دائما نفسها حيث يصبح خيال واحد يتذبذب بين فترتين‬
‫واعيا‪ ،‬ومن ثم يرتبط بفترة محددة واحدة‪.‬‬

‫وفي أعماق أفكاري من هذا القبيل‪ ،‬وصلت إلى مريضتي التي تجاوزت التسعين عاما؛ وال‬
‫بد أنني كنت في الطريق الصحيح إلى فهم الطابع الكوني ألوديب الذي يمكن تصويره كعالقة بين‬
‫المصير الذي تصرح به العرافة‪ ،‬ألنني ارتكبت خطأ في اإلشارة إلى المرأة العجوز‪ .‬وهنا‪ ،‬مرة‬
‫أخرى‪ ،‬كان الخطأ غير ضار؛ من بين الخطأين المحتملين‪ ،‬أخذ محلول المورفين للعين‪ ،‬أو غالف‬
‫العين للحقن‪ ،‬أخترت واحد إلى حد بعيد األقل ضررا‪ .‬ما زال السؤال مفتوحا عما إذا كان من‬
‫الممكن في األخطاء التي قد تسبب ضررا خطيرا أن نتخذ نية غير واعية كما في الحاالت التي‬
‫نوقشت هنا‪ .‬القضية التالية من تجربة برايل تؤكد االفتراض بأنه حتى األخطاء الخطيرة يتم‬
‫تحديدها عن طريق النوايا الالواعية‪" :‬تلقى طبيب برقية يخبره فيها أن عمه كان مريضا جدا‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أهمية شؤون األسرة في البيت‪ ،‬فقد سافر في الحال إلى تلك البلدة البعيدة ألن عمه‬
‫كان بمثابة والده‪ ،‬الذي كان يعتني به منذ كان عمره سنة ونصف‪ ،‬عندما توفي والده‪ .‬وعند وصوله‬
‫إلى هناك وجد عمه يعاني من االلتهاب الرئوي‪ ،‬وكما كان الرجل المسن في الثمانين من عمره‪،‬‬
‫فإن األطباء لم يأملوا بشفائه‪ .‬كان قرار الطبيب المحلي "المسألة مجرد يوم أو يومين"‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من أنه طبيب بارز في مدينة كبيرة‪ ،‬إال أنه رفض التعاون في العالج‪ ،‬حيث وجد أن القضية‬
‫تدار بشكل صحيح من قبل الطبيب المحلي‪ ،‬ولم يستطع اقتراح أي شيء لتحسين الوضع‪.‬‬

‫"وبما ان الموت كان متوقعا يوميا‪ ،‬قرر البقاء حتى النهاية‪ .‬انتظر بضعة أيام‪ ،‬ولكن الرجل‬
‫المريض كان يكافح بشدة‪ ،‬ورغم أنه لم يكن هناك أي شك في التعافي‪ ،‬بسبب التعقيدات الجديدة‬
‫العديدة التي نشأت‪ ،‬بدا الموت مؤجال لبعض الوقت‪ .‬قبل ليلة من تقاعده ذهب إلى غرفة المرضى‬
‫وأخذ نبض عمه‪ .‬وعندما كان ضعيفا جدا‪ ،‬قرر عدم انتظار الطبيب‪ ،‬وأدار حقنة تحت الجلد‪.‬‬
‫تدهور وضع المريض بسرعة ومات في غضون ساعات قليلة‪.‬‬

‫كان هناك شيء غريب في األعراض األخيرة‪ ،‬ففي وقت الحق حاول إستبدال علبة الدواء‬
‫التحت جلدي‪ ،‬ووجد في حالة من الذعر أنه أخرج األنبوب الخطأ‪ ،‬وبدال من الجرعة الصغيرة من‬
‫الديجيتاليس أعطى جرعة كبيرة من الهايوسين‪.109‬‬

‫واتفقنا‬ ‫أوديب‪110.‬‬ ‫"هذه الحالة احيلت لي من قبل الطبيب بعد أن قرأ ورقتي على مجمع‬
‫على ان هذا الخطأ لم يتحدد فقط بنفاذ صبره ليعود إلى البيت لطفله المريض‪ ،‬بل أيضا باستياء قديم‬
‫وعداء غير واعي تجاه عمه (والده)‪".‬‬

‫ومن المعروف أنه في الحاالت األكثر خطورة من االمراض النفسية يجد المرء أحيانا‬
‫تشويه نفسه كأعراض للمرض‪ .‬وال يمكن أبدا إستبعاد انتهاء الصراع النفسي في هذه الحاالت‪.‬‬
‫وهكذا أعلم من التجربة‪ ،‬التي سأؤيدها يوما ما بأمثلة مقنعة‪ ،‬أن العديد من اإلصابات العارضة التي‬
‫يبدو أنها تحدث لهؤالء المرضى هي بالفعل من صنع الذات‪ .‬ويحدث ذلك عن وجود ميل دائم إلى‬
‫العقاب الذاتي‪ ،‬وهو ما يعبر عادة عن نفسه في عار ذاتي‪ ،‬أو يسهم في تكوين عرض‪ ،‬يستغل‬
‫ببراعة وضع خارجي‪ .‬فالحالة الخارجية المطلوبة قد تظهر نفسها عن طريق الخطأ‪ ،‬أو قد يساعد‬
‫الميل إلى العقاب حتى يكون الطريق مفتوحا أمام التأثير الضار المرغوب فيه‪ .‬وهذه الحوادث‬
‫ليست نادرة بأي حال من األحوال حتى في حاالت الشدة المعتدلة‪ ،‬وتخون جزءا من النية الالواعية‬
‫من خالل سلسلة من السمات الخاصة ‪ -‬على سبيل المثال‪ ،‬من خالل الحضور المذهل للعقل الذي‬
‫المزعومة‪111.‬‬ ‫يظهره المرضى في الحوادث‬

‫وسأقدم تقريرا شامال بدال من العديد من هذه األمثلة من تجربتي المهنية‪ .‬كسرت شابة‬
‫ساقها تحت الركبة في حادث عربة‪ ،‬مما أدى إلى ان تكون طريحة فراشها ألسابيع‪ .‬وكان الجزء‬
‫الالفت في األمر هو عدم وجود أي مظهر من مظاهر األلم والهدوء الذي حملت به مآربها‪ .‬ولقد‬
‫أدت هذه الكارثة إلى مرض عصبي طويل وخطير‪ ،‬والذي تمكنت أخيرا من عالجه النفسي منه‪.‬‬
‫وخالل فترة العالج اكتشفت الظروف المحيطة بالحادث‪ ،‬وانطباعات معينة سبقته‪ .‬أمضت الشابة‬
‫مع زوجها الغيور بعض الوقت في مزرعة أختها المتزوجة‪ ،‬بصحبة أخوتها وأخواتها الكثيرين مع‬
‫زوجاتهم وازواجهم‪ .‬وفي إحدى األمسيات‪ ،‬قدمت عرضا إلحدى مواهبها قبال هذه الدائرة الحميمة‬
‫مصحوبة بفرح اقاربها‪ ،‬ولكن إلى حد االنزعاج الشديد من‬ ‫"الكانكان"‪112‬‬ ‫من االشخاص؛ رقصت‬
‫زوجها‪ ،‬الذي همس لها بعد ذلك‪" ،‬مرة أخرى تصرفت كعاهرة"‪ .‬وأصبحت الكلمات سارية؛‬
‫سنترك األمر بدون تحديد ما إذا كان ذلك بسبب الرقص وحده‪ .‬في تلك الليلة كانت قلقة في نومها‪،‬‬
‫وفي الظهيرة التالية قررت الخروج لجولة في العربة‪ .‬أختارت الخيل بنفسها رافضة مجموعة‬
‫وتطالب أخرى‪ .‬كانت أختها الصغرى ترغب في أن يكون طفلها مع مرضعتها‪ ،‬ولكنها عارضت‬
‫ذلك بشدة‪ .‬أثناء القيادة كانت عصبية؛ ذكرت سائق العربة أن الخيول كانت تتزلج‪ ،‬وكما قامت‬
‫الحيوانات الثقيلة بالفعل بتحرك مؤقت سريع قفزت من العربة في خوف وكسرت ساقها‪ ،‬بينما بقية‬
‫الراكبين في العربة لم يصب منهم أحد‪ .‬وعلى الرغم من أننا بعد الكشف عن هذه التفاصيل ال‬
‫نستطيع أن نشك في أن هذا الحادث قد وقع بالفعل‪ ،‬إال أننا ال نستطيع أن نفشل في إالعجاب‬
‫بالمهارة التي أرغمت الحادث على تنفيذ عقوبة تتناسب مع الجريمة‪ .‬ألنه ما حصل مع "كانكان"‬
‫الرقص معها أصبح ال يطاق لفترة طويلة‪ .‬ألنه كما حصل "كنكان" الرقص معها أصبح مستحيال‬
‫لفترة طويلة‪.‬‬

‫اإلصابات التي تسببت فيها بنفسها‪ ،‬في تجربتي الشخصية‪ ،‬ال يمكنني اإلبالغ عن أي شيء‬
‫حصل معي في األوقات الهادئة‪ ،‬ولكن في الظروف غير العادية قد تحدث‪ .‬الظروف التي أعتقد‬
‫معها أنني قادر على القيام بمثل هذه األعمال‪ .‬عندما يشتكي أحد أفراد عائلتي من أنه قد لدغ لسانه‪،‬‬
‫او ضرب إصبعه‪ ،‬الخ‪ ،‬كإظهار للغضب‪ ،‬بدال من التعاطف المتوقع وضعت السؤال‪" ،‬لماذا فعل‬
‫ذلك؟ " ولكنني ضغطت على إبهامي بشكل مؤلم للغاية‪ ،‬بعد أن قال لي مريض شاب أثناء فترة‬
‫عالجه بنيته (بطبيعة الحال لم أخذه على محمل الجد) في الزواج من ابنتي الكبرى‪ ،‬في حين علمت‬
‫أنها كانت في ذلك الوقت في مستشفى خاص في خطر بالغ قد يتمثل في فقدانها لحياتها‪.‬‬

‫واحد من أوالدي‪ ،‬الذي جعلت مزاجه المشاغب من الصعب جدا تمريضه والعناية به‪ .‬كان‬
‫ينتابه الغضب في صباح أحد األيام ألنه أمر بالبقاء في سريره في وقت الظهيرة‪ ،‬وهدد بقتل نفسه‬
‫بطريقة قرأها في احدى الصحف‪ .‬وفي المساء أراني تورما على جانب صدره كان نتيجة صدمه‬
‫بمقبض الباب‪ .‬ولسؤالي المفارق عن سبب فعله ذلك‪ ،‬وماذا عنى به‪ ،‬شرح الطفل البالغ من العمر‬
‫‪ ١١‬عاما‪" ،‬تلك كانت محاولتي لالنتحار التي هددت بها هذا الصباح"‪ .‬بيد أنني ال أعتقد أن آرائي‬
‫بشأن إلحاق إالصابات بالنفس كانت متاحة ألطفالي في ذلك الوقت‪.‬‬

‫ومن يؤمن بوقوع إصابات شبه مقصودة ناجمة عن الذات ‪ -‬إذا سمح بهذا التعبير المحرج‬
‫‪ -‬فإنه يصبح مستعدا لقبول حقيقة أنه إلى جانب االنتحار المتعمد هناك أيضا التدمير شبه المقصود‬
‫‪ -‬بنية غير واعية ‪ -‬الذي يمكن أن يستغل على نحو مالئم تهديدا للحياة وأن يخفي ذلك على أنه‬
‫حادث غير مقصود‪ .‬وهذه اآللية ليست نادرة بأي حال من األحوال‪ .‬ألن الميل إلى التدمير الذاتي‬
‫موجود إلى حد ما في عدد أكبر بكثير من األشخاص من أولئك الذين يجلونه إلى االكتمال‪.‬‬
‫واإلصابات التي يحدثها الذات هي‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬تسوية بين هذا الدافع والقوى التي تعمل ضده‪،‬‬
‫وحتى عندما يتعلق األمر باالنتحار حقا‪ ،‬فإن الميل موجود منذ فترة طويلة في ظل قوة أقل أو‬
‫نزعة غير واعية وقمعية‪.‬‬

‫وحتى االنتحار الذي يرتكب بوعي يختار وقته ووسائله وفرصته؛ فمن الطبيعي جدا أن‬
‫ينتظر اإلنتحار الالواعي الدافع ليأخذ على نفسه جزءا من السببية وبالتالي يحرره من قمعه بضم‬
‫هذه ليست بأي حال من األحوال مناقشات خاملة التي أثرتها هنا؛ فقد‬ ‫للشخص‪113.‬‬ ‫القوى الدفاعية‬
‫أصبحت أكثر من حالة مصيبة عرضية ظاهريا (على الحصان أو خارج العربة) معروفة لي‪،‬‬
‫حيث كانت الظروف المحيطة تبرر االشتباه في االنتحار‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬سقط أحد راكبي احصنة السباق من حصانه خالل سباق الخيل الذي‬
‫خاضه الضباط‪ ،‬وأصيب بجروح خطيرة جدا حتى أنه توفي بعد بضعة أيام متأثرا بجراحه‪ .‬كان‬
‫سلوكه بعد استعادة وعيه ملحوظا في أكثر من طريقة‪ ،‬وكان سلوكه السابق للحادث ال يزال أكثر‬
‫إبهارا‪ .‬فقد أصيب باإلحباط الشديد بسبب وفاة أمه الحبيبة‪ ،‬وكان يصرخ في مجتمع رفاقه‪ ،‬وذكر‬
‫لصديقه الموثوق عدم رغبته في الحياة‪ .‬وكان يرغب في ترك الخدمة لكي يشارك في حرب في‬
‫إفريقيا ال مصلحة له فيها‪ .‬كان سابقا راكبا حريصا‪ ،‬وكان قد تهرب في وقت الحق من ركوب الخيل‬
‫كلما كان ذلك ممكنا‪ .‬وأخيرا‪ ،‬قبل سباق الخيل‪ ،‬الذي لم يستطع أن ينسحب منه‪ ،‬أعرب عن نذير‬
‫محزن‪ ،‬والذي من المتوقع أن يكون أقرب إلى الحقيقة في ضوء تصورنا‪ .‬وقد يزعم البعض أنه من‬
‫المفهوم تماما دون أي سبب آخر أن الشخص في حالة من االكتئاب العصبي هذه ال يمكنه إدارة‬
‫الحصان في األيام العادية‪ .‬إنني أتفق تماما مع ذلك‪ ،‬أود فقط أن أبحث عن آلية هذا التثبيط الحركي‬
‫عليها‪114.‬‬ ‫من خالل "التوتر" في نية التدمير الذاتي هنا التي تم التأكيد‬

‫لقد ترك لي الدكتور فيرينزي للنشر تحليال إلصابة عرضية ظاهريا عن طريق إطالق‬
‫النار‪ ،‬وهو ما فسره بأنه محاولة فاقدة الوعي لالنتحار‪ .‬ال يسعني إال أن أتفق معه‪- :‬‬

‫"ج‪ .‬وهو نجار عمره ‪ 22‬سنة زارني في ‪ 18‬كانون الثاني ‪ .1908‬وأعرب عن رغبته‬
‫فى معرفة ما إذا كان يمكن أو يجب إزالة الرصاصة التى إخترقت صدغه االيسر يوم ‪ 20‬مارس‬
‫عام ‪ 1907‬عن طريق العملية‪ .‬وبعيدا عن نوبات الصداع العرضية غير الحادة‪ ،‬فقد شعر بتحسن‬
‫كبير‪ ،‬كما أن الفحص الموضوعي لم يظهر شيئا سوى الجرح المميز للرصاصة في الصدغ‬
‫األيسر‪ ،‬فنصحته بعدم إجراء عملية‪ .‬وعندما سألته عن مالبسات القضية أكد انه اصاب نفسه عن‬
‫طريق الخطأ‪ .‬كان يلعب مع مسدس أخيه‪ .‬اعتقد أنه لم يكن محمال‪ ،‬ضغط عليه بيده اليسرى‪ :‬في‬
‫مواجهة الصدغ األيسر (وهو ليس أعسر)‪ ،‬وضع إصبعه على الزناد‪ ،‬وانفجرت الرصاصة‪.‬‬
‫وكانت هناك ثالث رصاصات فى المسدس‪" .‬سألته كيف جاء ليحمل المسدس‪ ،‬فأجاب أنه في وقت‬
‫التجنيد في الجيش‪ ،‬أخذه إلى النزل مساء ألنه كان يخشى الشجارات‪ .‬وفي فحص الجيش‪ ،‬اعتبر‬
‫غير صالح للخدمة بسبب ألدوالي‪ ،‬مما تسبب في إصابته بكثير من الهبوط‪ .‬ذهب إلى البيت ولعب‬
‫بالمسدس‪ .‬ولم يكن لديه نية في إيذاء نفسه‪ ،‬ولكن الحادث وقع‪ .‬وعند سؤاله أكثر عما إذا كان‬
‫راضيا عن مصيره‪ ،‬أجاب بصيحه‪ ،‬وربط الموضوع بعالقة حب مع فتاة أحببته‪ ،‬ولكنها تركته مع‬
‫ذلك‪ .‬لقد هاجرت إلى أمريكا‪ .‬أراد أن يتبعها من مجرد الهلع‪ ،‬لكن والديه منعاه‪ .‬وغادرت السيدة‬
‫في ‪ 20‬كانون الثاني (يناير) ‪ ،1907‬قبل شهرين فقط من وقوع الحادث‪.‬‬

‫وأضاف "على الرغم من كل هذه العناصر المشبوهة‪ ،‬أصر المريض على أن إطالق النار‬
‫كان "حادثا"‪ .‬لكنني كنت مقتنعا بشدة بأن عدم معرفة ما إذا كان المسدس قد تم تحميله قبل أن يبدأ‬
‫اللعب مع ذلك‪ ،‬باالضافة إلى االصابة التي سببها الذات‪ ،‬كانت محددة ذهنيا‪ .‬كان ال يزال تحت‬
‫سيطرة آثار محبطة لعالقة الحب غير السعيدة‪ ،‬وعلى ما يبدو أراد "نسيان كل شيء" في الجيش‪.‬‬
‫وعندما انتزع هذا األمل أيضا منه‪ ،‬لجأ إلى اللعب بالسالح أي محاولة فاقدة الوعي لالنتحار‪.‬‬
‫وحقيقة أنه لم يمسك بالمسدس في اليمين‪ ،‬بل في اليسار تتحدث بشكل قاطع لصالح حقيقة أنه كان‬
‫"يلعب" فقط ‪ -‬أي أنه لم يرغب في االنتحار بوعي‪" .‬وذكر تحليل آخر لجرح يبدو عرضيا ناجم‬
‫نفسه"‪115‬‬ ‫عن نفسه‪ ،‬ذكره لي شاهد ما قائال‪ :‬من يحفر حفرة لآلخرين يقع فيها‬

‫"السيدة س‪ ،.‬التي تنتمي إلى أسرة جيدة من الطبقة المتوسطة‪ ،‬متزوجة ولديها ثالثة أطفال‪.‬‬
‫عصابية بعض الشيء‪ ،‬ولكنها لم تكن في حاجة قط إلى أي عالج مجهد‪ ،‬ألنها قادرة على تكييف‬
‫نفسها بالقدر الكافي مع الحياة‪ .‬في أحد األيام أصيبت بتشوه غير ملحوظ‪ ،‬وإن كان مؤقتا‪ ،‬في‬
‫وجهها بالطريقة التالية‪ :‬تعثرت في شارع كان في طريقه لإلصالح‪ ،‬وضربت وجهها على جدار‬
‫المنزل‪ .‬كان الوجه كله منتفخ‪ ،‬والجفون زرقاء وبيضاء‪ ،‬والنها كانت تخشى أن يحدث شيء ما‬
‫لعينيها أرسلت للطبيب‪ .‬وبعد أن هدأت سألتها‪ :‬ولكن لماذا وقعت بهذه الطريقة؟ أجابت أنها قبل هذا‬
‫الحادث مباشرة أرادت أن يكون زوجها‪ ،‬الذي كان يعاني منذ أشهر من االم في المفاصل‪ ،‬ان يكون‬
‫حريصا جدا عند السير في الشارع‪ ،‬وغالبا ما كانت لديها الحالة التي تحدث معها األشياء التي‬
‫حذرت اآلخرين منها‪.‬‬

‫وأضاف‪ ”:‬لم أكن راضيا عن هذا كسبب للحادث‪ ،‬فسألتها إن كانت لديها شيئا آخر تخبرني‬
‫به‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬قبل الحادث مباشرة الحظت صورة جميلة في محل في الجهة األخرى أو الشارع‪،‬‬
‫والتي فجأة أرادت أن اشتريها كزينة لغرفة اطفالها‪ .‬فدخلت إلى المحل دون أن تنظر إلى الشارع‪،‬‬
‫وتعثرت بكومة من الحجارة‪ ،‬وسقطت بوجهها على الحائط دون أن تبذل أدنى جهد لحماية نفسها‬
‫بيدها‪ .‬لقد نسيت النية لشراء الصورة على الفور‪ ،‬ومشت إلى المنزل بسرعة‪.‬‬

‫"ولكن لماذا لم تكوني أكثر حذرا؟ " سألت‪.‬‬

‫"أوه! أجابت‪" :‬ربما كان عقاب على تلك المشكلة التي ذكرتها لك سابقا!" "‬

‫فسالتها‪ :‬هل ما زالت فكرتها تزعجك؟‬

‫"نعم‪ ،‬الحقا ندمت عليها كثيرا؛ كنت أعتبر نفسي شربرة‪ ،‬مجرمة‪ ،‬وغير أخالقية‪ ،‬لكني في‬
‫ذلك الوقت كنت اشبه بالمجنونة القلقة‪.‬‬

‫وكان يتعين أن تعمله عند طبيب‬ ‫متعلم‪116‬‬ ‫"وأشارت إلى اإلجهاض الذي بدأه طبيب غير‬
‫أمراض النساء إلى مرحلة االكتمال‪ .‬وقد بدأ هذا اإلجهاض بموافقة زوجها‪ ،‬كما يود كالهما‪ ،‬نظرا‬
‫لظروفهما المالية‪ ،‬لكي ينجو من التمتع بمباركة إضافية من األطفال‪.‬‬

‫"قالت‪ :‬كنت كثيرا ما أعير نفسي بكلمات‪" ،‬لقد قتلت ولدك حقا‪ "،‬وخشيت أن مثل هذه‬
‫الجريمة ال يمكن أن تبقى دون عقاب‪ .‬واآلن بعد أن أكدت لي أنه ال يوجد خطأ خطير في عيني‪،‬‬
‫فإنني على يقين تام بأنني قد عوقبت بما فيه الكفاية‪".‬‬

‫"لذلك كان هذا الحادث قصاصا عن خطيتها‪ ،‬لكنه من جهة أخرى قد يكون هربا من عقاب‬
‫أبشع خشيت لعدة أشهر‪ .‬في اللحظة التي ركضت فيها إلى المتجر لشراء صورة ذاكرة هذا التاريخ‬
‫كله‪ ،‬مع مخاوفها (التي كانت نشطة جدا في الالوعي في الوقت الذي حذرت فيه زوجها)‪ ،‬أصبحت‬
‫مهزومة فكريا وربما وجدت تعبيرات مثل هذه‪ :‬ولكن لماذا تريدي زينة للحضانة؟ أنت من قتل‬
‫طفلك! أنت قاتلة! بالتأكيد إن العقاب العظيم يقترب!‬

‫"هذه الفكرة لم تصبح واعية‪ ،‬بل إستغلت الوضع بدال منها‪ -‬ربما أقول من اللحظة النفسية ‪-‬‬
‫أن تستخدم بطريقة مألوفة كومة الحجارة لفرض هذه العقوبة على نفسها‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬لم تحاول‬
‫حتى وضع ذراعيها وهي تسقط ولم تكن خائفة كثيرا‪ .‬أما العامل الثاني‪ ،‬وربما األقل أهمية‪ ،‬في‬
‫تحديد الحادثة التي وقعت فيها‪ ،‬فكان من الواضح أن عقابها الذاتي هو رغبة المرأة الالواعية في‬
‫التخلص من زوجها‪ ،‬الذي كان شريكا في الجريمة في هذه القضية‪ .‬وقد خانها ذلك تحذيرها الزائد‬
‫عن الحاجة إلى الحذر في الشارع بسبب الحجارة‪ .‬ألنه بسبب ضعف ساقيه‪ ،‬كان حريصا جدا في‬
‫المشي‪.‬‬

‫إذا كان هذا الغضب ضد سالمة المرء نفسه وحياته الخاصة يمكن أن تكون مخفية وراء‬
‫االرتباك غير المقصود الواضح والحركة غير الصحيحة للجسم‪ ،‬فإنه ليس خطوة كبيرة إلى األمام‬
‫الستيعاب إمكانية نقل المفهوم نفسه إلى أخطاء تهدد حياة وصحة اآلخرين بشكل خطير‪ .‬ما يمكنني‬
‫تقديمه كدليل على صحة هذا التصور كان مأخوذ من تجربتي مع علم األعصاب‪ ،‬وبالتالي ال يلبي‬
‫تماما متطلبات هذا الوضع‪ .‬وسأبلغ عن حالة لم تكن فيها عمال تم تنفيذه خطأ‪ ،‬ولكن ما يمكن‬
‫تسميته على نحو أكثر دقة بأنه عمل رمزي أو فرصة أعطتني فكرة مكنتني الحقا من حل صراع‬
‫مع مريض‪.‬‬

‫لقد تعهدت ذات مرة بتحسين عالقات الزواج لرجل ذكي جدا‪ ،‬الذي يمكن بالتأكيد تتبع‬
‫خالفاته مع زوجته الصغيرة ألسباب حقيقية‪ ،‬ولكن كما اعترف هو نفسه‪ ،‬ال يمكن شرحها تماما‬
‫من خاللهما‪ .‬لقد كان دائما يشغل نفسه بفكرة االنفصال‪ ،‬التي رفضها مرارا وتكرارا ألنه أحب‬
‫طفليه الصغيرين بشدة‪ .‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬فإنه يعود دائما إلى ذلك القرار وال يسعى إلى إيجاد‬
‫وسيلة لجعل الحالة محتملة على نفسه‪ .‬إن عدم تسوية هذا الصراع أثبت لي أن هناك دوافع واعية‬
‫وقمعية فرضت األفكار الواعية المتضاربة‪ ،‬وفي هذه الحاالت أتعهد دائما بإنهاء الصراع عن‬
‫طريق التحليل النفسي‪ .‬ذات يوم‪ ،‬ذكر لي الرجل حدث بسيط كان قد اخافه بشدة‪ .‬كان يلعب مع‬
‫الطفل األكبر سنا‪ ،‬والذي يعتبره إلى حد بعيد المفضل لديه‪ .‬رماه عاليا في الهواء وكرر هذا الرمي‬
‫حتى دفعه أخيرا إلى أعلى درجة بحيث كاد رأسه يضرب الثريا الضخمة‪ .‬تقريبا‪ ،‬ولكن ليس‬
‫تماما‪ ،‬أو قل "تقريبا ضربها!" لم يحدث شيء للطفل إال أنه أصبح مشوشا‪ .‬وكان األب مشوشا‬
‫ايضا والطفل بين ذراعيه‪ ،‬بينما اندمجت األم في هجوم هستيري‪ .‬حركة اإلهمال هذه‪ ،‬مع رد الفعل‬
‫العنيف من األبوين‪ ،‬اقترح على ان انظر إلى هذا الحادث على أنه عمل رمزي يعبر عن نية‬
‫شريرة تجاه الطفل الحبيب‪.‬‬
‫استطعت أن أزيل التناقض الحقيقي في شعور هذا األب تجاه طفله‪ ،‬وذلك بإحالة الدافع إلى‬
‫إصابته إلى الوقت الذي كان فيه الطفل هو الشخص الوحيد معه‪ ،‬وهو صغير جدا لدرجة أن األب‬
‫لم يكن لديه فرصة حتى اآلن العتباره مهما بالقدر الكافي‪ .‬ثم كان من السهل ان نفترض ان هذا‬
‫الرجل‪ ،‬الذي كان مرتاحا جدا لزوجته في ذلك الوقت‪ ،‬ربما فكر‪" :‬إذا كان هذا الكائن الصغير الذي‬
‫ال أحس باهميته كان ينبغي أن يموت‪ ،‬فسأكون حرا وأستطيع االنفصال عن زوجتي‪ ".‬ولذلك فإن‬
‫الرغبة في موت هذا الشخص المحبوب كثيرا ما استمرت دون وعي‪ .‬من هنا كان من السهل إيجاد‬
‫الطريق إلى إصالح الالواعي لهذه األمنية‪.‬‬

‫كان هناك في الواقع محدد قوي في ذاكرة طفولة المريض‪ :‬وأشارت إلى وفاة األخ الصغير‬
‫الذي تركته األم مع والده المهمل فمات‪ ،‬مما أدى إلى مشاجرات خطيرة مع تهديدات بالفصل بين‬
‫الوالدين‪ .‬وقد أكد مجرى حياة مريضي المستمر والنجاح العالجي على تحليلي‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل التاسع

‫األعراض واألفعال المصادفة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫اإلجراءات الموصوفة حتى اآلن‪ ،‬والتي نعترف فيها بتنفيذ النية الالواعية‪ ،‬ظهرت‬
‫كاضطرابات من أعمال أخرى غير مقصودة‪ ،‬واختبأت تحت ذريعة االرتباك‪ .‬فأفعال المصادفة‪،‬‬
‫التي سنناقشها اآلن‪ ،‬تختلف عن األفعال التي ترتكب خطأ من حيث أنها ال تستهين بتأييد نية واعية‬
‫وال تحتاج حقا إلى ذريعة‪ .‬فهي تظهر بشكل مستقل ومقبول ألن المرء ال ينسب إليها أي هدف أو‬
‫غرض‪ .‬نقوم بتنفيذهم "دون التفكير في أي شيء منهم"‪" ،‬بالصدفة"‪" ،‬فقط إلبقاء األيدي مشغولة"‪،‬‬
‫ونحن على ثقة بأن هذه المعلومات ستكون كافية تماما في حال التساؤل عن أهميتها‪ .‬ولكي نتمتع‬
‫بميزة هذا الموقف االستثنائي‪ ،‬فإن هذه األفعال التي لم تعد تدعي االرتباك كحجة البد أن تفي‬
‫بشروط معينة‪:‬‬

‫● فال ينبغي لها أن تكون جاذبة للنظر‬

‫● والبد أن تكون تأثيراتها تافهة‪.‬‬

‫وقد جمعت عددا كبيرا من هذه "افعال الصدفة" من نفسي ومن غيري‪ ،‬وبعد إجراء تحقيق‬
‫شامل في األمثلة الفردية‪ ،‬أعتقد أن اسم "األفعال العرضية" مناسب أكثر‪ .‬فهي تعبر عن شيء ال‬
‫يشك فيه الفاعل نفسه فيها‪ ،‬وهي قاعدة ال ينوي نقلها إلى اآلخرين‪ ،‬ولكنها تهدف إلى االحتفاظ بها‬
‫بنفسه‪ .‬وعلى غرار الظواهر األخرى التي تم النظر فيها حتى اآلن‪ ،‬فإنها تلعب دور االعراض‪.‬‬
‫والواقع أن أكثر النتائج ثراءا في مثل هذه المصادفات أو األعراض يتم الحصول عليها في المقام‬
‫األول باستخدام العالج التحليلي النفسي لألعصاب‪ .‬ال أستطيع أن أنكر نفسي متعة عرض مثالين‬
‫من هذا النوع‪ ،‬وكيف أن تحديد هذه الحوادث البسيطة بدقة تتغذى على األفكار الالواعية‪ .‬إن خط‬
‫الترسيم بين األفعال التي تظهر أعراضها واألفعال التي ارتكبت خطأ يتسم بالغموض إلى الحد‬
‫الذي كان بإمكاني التخلص من هذه األمثلة في الفصل السابق‪.‬‬

‫(أ‌) خالل التحليل‪ ،‬تذكرت شابة هذه الفكرة التي فجأة ظهرت لها‪ .‬في الماضي كانت تقلم‬
‫اظافرها "وقد دخلت في الجلد بينما كانت تعمل على قطع االظفر"‪ .‬وهذا ال يثير قدرا كبيرا من‬
‫االهتمام لدرجة أننا نتساءل عن سبب تذكره أو ذكره على اإلطالق‪ ،‬وبالتالي نتوصل إلى إستنتاج‬
‫أننا نتعامل مع تصرف يدل على أعراض‪ .‬لقد كان اإلصبع الذي إرتدت فيه خاتم الزفاف هو الذي‬
‫أصيب خالل هذا االرتباك الطفيف‪ .‬كما حدث هذا في يوم زفافها‪ ،‬مما يعطي معنى واضح جدا‬
‫وسهل التخمين إلصابة الجلد الدقيق‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬ربطت أيضا حلما اشار إلى إرتباك زوجها‬
‫وتخديرها كامرأة‪ .‬ولكن لماذا جرحت إصبع الحلقة من يدها اليسرى عندما ترتدى الحلقة على‬
‫اليمين؟ زوجها حقوقي‪" ،‬دكتوراة في القوانين" (حرفيا طبيب الحقوق‪ ،)117‬وحبها االول كفتاة‬
‫يعود لطبيب كان يدعى بشكل الفت للنظر دوكتور دير لينكه (حرفيا‪ ،‬طبيب اليسار في األلمانية)‪.‬‬
‫لذا فهي تلبسه في اليسار‪.‬‬

‫(ب‌) وتروي إحدى الشابات‪" :‬باألمس‪ ،‬ومن غير قصد‪ ،‬مزقت ورقة بمئة دوالر وأعطيت‬
‫نصفها المرأة كانت تزورني‪ .‬هل هذا أيضا تصرف يدل على أعراض؟ وبعد إجراء تحقيق دقيق‪،‬‬
‫انتزعت مسألة ورقة المائة دوالر ما يلي‪ :‬خصصت جزءا من وقتها وثروتها لألعمال الخيرية‪.‬‬
‫وكانت ترعى مع امرأة أخرى تربية يتيم‪ .‬مئة دوالر كانت المساهمة التي أرسلتها تلك المرأة‪ ،‬التي‬
‫أرسلتها في ظرف وأودعته مؤقتا على مكتبها‪ .‬كانت الزائرة امرأة بارزة ارتبطت معها بعمل‬
‫خيري آخر‪ .‬هذا وقالت إن المرأة ترغب في أن تالحظ أسماء عدد من األشخاص الذين يمكنها أن‬
‫تطلب إليهم المساعدة الخيرية‪ .‬لم تكن هناك ورقة‪ ،‬فامسكت مريضتي بامظرف من مكتبها‪ ،‬ومن‬
‫دون ان تفكر في محتوياته مزقته الى قطعتين حفظت إحداهما‪ ،‬ليكون لها قائمة اسماء مكررة‪،‬‬
‫وأعطت االخرى لزائرتها‪ .‬الحظ الضرر الناجم عن هذا الحدوث الذي ال هدف له‪ .‬ومن المعروف‬
‫ان سعر مئة دوالر ال يخسر في قيمته عندما يمزق‪ ،‬شرط ان تجمع كل القطع‪ .‬إن عدم رمي المرأة‬
‫للورقة من قبل أهمية األسماء التي عليها‪ ،‬ولم يكن هناك شك في أنها ستعيد المحتوى القيم بمجرد‬
‫أن تالحظه‪.‬‬
‫ولكن إلى أي فكرة ال واعية يجب ان تعطي التعبير عن هذا الفعل الذي صار ممكنا من‬
‫خالل النسيان؟ كان للزائرة في هذه الحالة عالقة محددة جدا بمريضتي وبي‪ .‬كانت هي التي‬
‫أوصتني في وقت من األوقات كطبيب للفتاة ذاتها‪ ،‬وإذا لم ‪١‬أكن مخطئا‪ ،‬تعتبر المريضة نفسها‬
‫مدينة لهذه النصيحة‪ .‬هل يجب ان تمثل هذه المئة دوالر رسما لوساطتها؟ ال يزال ذلك غامضا‪.‬‬

‫لكن تفاصيل أخرى أضيفت إلى هذه البداية‪ .‬فقبل عدة أيام من قيام امرأة وسيطة بالسؤال‬
‫عما إذا كانت السيدة الشابة الكريمة ترغب في التعرف على رجل معين‪ .‬وفي ذلك الصباح‪ ،‬قبل‬
‫ساعات من زيارة المرأة‪ ،‬وصل خطاب التودد من العريس‪ ،‬معطيا مناسبة لفرح كبير‪ .‬لذلك‪ ،‬عندما‬
‫فتحت السيدة الخطاب بالسؤال عن صحة مريضتي‪ ،‬كان يمكن ان تفكر االخيرة‪" :‬لقد وجدت‬
‫بالتأكيد الطبيب المناسب‪ ،‬ولكن إذا كان بوسعك مساعدتي في الحصول على الزوج المناسب‬
‫(والطفل)‪ ،‬فال بد أن أكون أكثر امتنانا"‪.‬‬

‫وصار كال الوساطتين منغمسين في هذا الفكر المكبوت‪ ،‬وسلمت للطبيب (انا) الرسوم التي‬
‫كان خيالها على إستعداد العطاء الوسيط االخر ايضا‪ .‬لقد أصبح هذا القرار مقنعا تماما عندما‬
‫أضفت أنني أخبرتها بمثل هذه الفرصة أو األعراض في الليلة السابقة فقط‪ .‬ثم إستغلت الفرصة‬
‫التالية إلنتاج عمل مماثل‪.‬‬

‫يمكننا القيام بتجميع هذه الفرص المتكررة للغاية واألعمال التي تظهر بأعراض وفقا‬
‫لحدوثها كالمعتاد‪ ،‬المنتظم في ظروف معينة وغير المنتظم في ظروف أخرى‪.‬‬

‫● المجموعة األولى (مثل اللعب بسلسلة الرقبة‪ ،‬تمشيط لحية الشخص باصابعه‪ ،‬وهلم‬
‫جرا)‪ ،‬والتي يمكن أن تكون تقريبا سمة من سمات الشخص المعني‪ ،‬ترتبط بالحركات العديدة‪،‬‬
‫وتستحق بالتأكيد فهمها لكي يتم التعامل معها‪.‬‬

‫● في المجموعة الثانية أضع اللعب بالعصا‪ ،‬الخربشة بالقلم‪ ،‬رج العمالت في الجيب‪،‬‬
‫عجن العجين وغيرها من المواد المرنة‪ ،‬طرق لبس مالبس الشخص‪ ،‬والكثير من األعمال األخرى‬
‫المشابهه‪.‬‬

‫وهذه األفعال المرحة أثناء العالج النفسي تخفي بانتظام الحس والمعنى اللذين ال يمكن‬
‫التعبير عنهما بطريقة أخرى‪ .‬عموما الشخص المعني ال يعرف شيئا عنه؛ فهو ال يعلم ما إذا كان‬
‫يفعل نفس الشيء أو ما إذا كان قد قام ببعض التعديالت في حركاته المعتادة‪ ،‬كما أنه ال يرى أو‬
‫يسمع آثار هذه األفعال‪ .‬فهو مثال ال يسمع الضوضاء التي تنتج عن جلجلة العمالت المعدنية‪،‬‬
‫ويدهش ويتزايد عندما يوجه انتباهه إليها‪ .‬ومما ال يقل أهمية بالنسبة للطبيب‪ ،‬ويستحق مالحظته‪،‬‬
‫هو كل ما يفعله المرء بلباسه غالبا دون أن يالحظ ذلك‪ .‬كل تغيير في اللباس العرفي‪ ،‬كل إهمال‬
‫بسيط‪ ،‬مثل زر غير مثبت‪ ،‬كل أثر من آثار التعرض يعني التعبير عن شيء ال يرغب مرتادو‬
‫اللباس في قوله مباشرة‪ ،‬عادة ما يكون فاقد الوعي منه تماما‪ .‬وتفسير هذه األفعال ذات الفرص‬
‫الضئيلة‪ ،‬فضال عن الدليل على تفسيرها‪ ،‬يمكن أن يبرهن في كل مرة بقدر كاف من اليقين من‬
‫الظروف المحيطة أثناء الفعل‪ .‬مثل المواضيع قيد المناقشة واألفكار التي تظهر على السطح عندما‬
‫يكون االهتمام موجه للحدث الظاهري‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬سأمتنع عن دعم تأكيداتي بتقديم أمثلة‬
‫بتحليالتها‪ .‬لكنني أذكر هذه األمور ألنني أعتقد أنها تحمل نفس المعنى في األشخاص الطبيعيين‬
‫كحال مرضاي‪.‬‬

‫بيد أنني ال أستطيع أن أمتنع عن أن أعرض بمثال واحد على األقل كيف يمكن أن يكون‬
‫العمل الرمزي الذي تم إنجازه عادة مرتبطا بالجزء األكثر حميمية وأهمية من حياة الفرد‬
‫العادي‪118.‬‬

‫"وكما علمنا األستاذ فرويد‪ ،‬فإن الرمزية في حياة الطفولة العادية تلعب دورا أكبر من‬
‫المتوقع من تجارب التحليل النفسي السابقة‪ .‬وبالنظر إلى ذلك‪ ،‬قد يكون للتحليل الموجز التالي‬
‫أهمية عامة‪ ،‬ال سيما بسبب جوانبه الطبية‪".‬‬

‫"كان هنالك طبيب كان يقوم بإعادة ترتيب أثاث منزله الجديد فوجد سماعة طبيب خشبية‪،‬‬
‫وبعد أن توقف ليقرر أين ينبغي عليه وضعها‪ ،‬اضطر إلى وضعها على جانب مكتبه في وضع‬
‫يجعلها واقفة تماما بين كرسيه وذاك المخصص لمرضاه‪ .‬الفعل في حد ذاته كان غريبا جدا النه‬
‫في المقام االول لم يستخدم السماعة ألنه دائما يستخدم السماعة الثنائية؛ وفي المرتبة الثانية كانت‬
‫دائما كل أجهزته الطبية وأدواته في األدراج باستثناء هذا فقط‪ .‬لكنه لم يفكر في األمر إال في يوم‬
‫ما‪ ،‬حيث حضر مريض لم يسبق له قط أن رأى سماعة خشبية‪ ،‬فسأله ما هذا؟ وعندما أخبره‪ ،‬سأله‬
‫لماذا أبقاه هناك‪ .‬فاجاب ان ذلك المكان جيد كأي مكان آخر‪ .‬ولكنه بدأ يفكر في هذا األمر‪ ،‬وتساءل‬
‫عما إذا كان هناك دافع الواعي في عمله‪ .‬وألنه مهتم بطريقة التحليل النفسي‪ ،‬طلب مني التحقيق‬
‫في المسألة‪.‬‬

‫"أول ذكرى مرت به كانت حقيقة أنه كان يعرف طالبا متدربا في الطب كان يحمل في يده‬
‫دائما سماعة خشبية في زياراته في جناح المستشفى‪ ،‬على الرغم من أنه لم يستخدمه قط‪ .‬لقد‬
‫أعجب كثيرا بهذا التدريب الداخلي‪ ،‬وكان مرتبطا به كثيرا‪ .‬وفي وقت الحق‪ ،‬عندما أصبح هو‬
‫نفسه متدربا‪ ،‬كان قد انشغل بنفس العادة‪ ،‬وكان يشعر بعدم االرتياح الشديد إذا غادر الغرفة عن‬
‫طريق الخطأ دون أن يكون لديه آلة للتأرجح في يده‪ .‬فقد ظهر االستياء من هذه العادة‪ ،‬ليس فقط‬
‫بسبب أن السماعة الوحيدة التي استخدمها كانت ثنائية ويحملها في جيبه‪ ،‬ولكن استمر في فعل ذلك‬
‫عندما كان متدربا في الطقوس الدينية ولم يكن بحاجة إلى أي سماعة على اإلطالق‪.‬‬

‫"ومن هذا المنطلق‪ ،‬كان من الواضح أن فكرة األداة المعنية قد استثمرت بطريقة أو بأخرى‬
‫بقدر أكبر من األهمية النفسية أكثر مما تنتمى إليه عادة ‪ -‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن االداة بالنسبة له أكثر‬
‫اهمية مما هي بالنسبة ألشخاص آخرين‪ .‬والبد أن الفكرة ارتبطت على نحو غير واع بفكرة‬
‫أخرى‪ ،‬ترمز إليها‪ ،‬والتي استمدت منها ملؤها اإلضافي للمعنى‪ .‬وسوف أحبط بقية التحليل بقولي‬
‫ما كانت عليه هذه الفكرة الثانوية أو على وجه التحديد الفكرة الشبه جنسية هذه؛ والطريقة التي تم‬
‫بها تشكيل هذه الرابطة الغريبة ستكون مرتبطة في الحاضر‪ .‬كان االنزعاج الذي تعرض له في‬
‫المستشفى بشأن فقدانه األداة‪ ،‬والراحة التي قدمها له ايجادها‪ ،‬مرتبطا بما يعرف باسم "عقدة‬
‫اإلخصاء" أو على وجه التحديد‪ ،‬الخوف من الطفولة‪ ،‬الذي كثيرا ما يستمر في هيئة مستترة إلى‬
‫الحياة بالغة‪ ،‬خشية أن ينتزع منه جزء خاص من جسمه‪ ،‬تماما كما كانت األمور في كثير من‬
‫األحيان‪ .‬كان الخوف راجعا إلى تهديدات األب بأنه سوف ينقطع عن التواجد معه إذا لم يكن ولدا‬
‫صالحا‪ ،‬وخاصة في إتجاه معين‪ .‬وهذا معقد للغاية‪ ،‬وهو مسؤول عن قدر كبير من العصبية العامة‬
‫واالفتقار إلى الثقة في السنوات الالحقة‪.‬‬

‫"ثم جاءت عدة ذكريات طفولية تتعلق بطبيب عائلته‪ .‬كان قد تعلق بقوة بهذا الطبيب عندما‬
‫كان طفال‪ ،‬وأثناء التحليل تم إسترجاع ذكريات مدفونة منذ فترة طويلة من وهم مزدوج كان يمتلكه‬
‫بالنسبة له نفسه‬ ‫الطفلة‪119‬‬ ‫في عامه الرابع فيما يتصل بوالدة أخت أصغر سنا وهي أنها كانت‬
‫ولوالدته‪ ،‬فيما ال ذكر لألب‪ )2( ،‬ويذكر الطبيب على انه هو نفسه الطبيب والطفلة؛ وفي هذا لعب‬
‫دورا ذكوريا ومؤنثا‪ ]2[.‬في ذلك الوقت‪ ،‬عندما كان الحدث يثير فضوله‪ ،‬لم يكن بوسعه إال أن‬
‫يالحظ؛ النصيب البارز للطبيب في الدعوى‪ ،‬والموقف الفرعي الذي يشغله االب‪ :‬وسوف يشار في‬
‫الوقت الحاضر إلى أهمية ذلك بالنسبة لحياته الالحقة‪.‬‬

‫وأضاف تشكل رابط السماعة من خالل العديد من االتصاالت‪ .‬في المقام األول‪ ،‬كان‬
‫المظهر المادي لهذه األداة األنبوب المستقيم الجامد المجوف‪ ،‬الذي يحتوي على قمة ضخمة صغيرة‬
‫على طرف واحد وقاعدة عريضة على الطرف اآلخر وحقيقة كونها جزءا أساسيا من األدوات‬
‫الطبية‪ ،‬أو األداة التي عمل بها الطبيب على تحقيق إنجازات سحرية مثيرة لالهتمام‪ ،‬من األمور‬
‫التي جذبت انتباهه الصبياني‪ .‬وكان قد فحص صدره مرارا من قبل الطبيب في السادسة من عمره‪،‬‬
‫وتذكر بوضوح اإلحساس الهائل الذي يشعر به رأس األخير بالقرب منه الضغط على جهاز التنفس‬
‫الخشبي في صدره‪ ،‬وعلى حركة الجهاز التنفسي المتناغم‪ .‬فقد كان قد صدمه عادة الطبيب في‬
‫حمل سماعة الطبيب داخل قبعته؛ فقد وجد أنه من المثير لالهتمام أن الطبيب ينبغي أن يحمل أدلته‬
‫الرئيسية التي أخفيت في مالبسه‪ ،‬وهي أداة مفيدة دائما عندما ذهب لرؤية المرضى‪ ،‬وأنه كان عليه‬
‫أن ينزع قبعته فقط (أي جزء من مالبسه) وأن "يسحبه"‪ .120‬وفي الثامنة من عمره‪ ،‬تأثر عندما‬
‫قال له ولد كبير في السن ان عادة الطبيب هي الذهاب إلى الفراش مع مرضاه‪ .‬من المؤكد أن‬
‫الطبيب‪ ،‬الذي كان شابا وسيما‪ ،‬كان يتمتع بشعبية كبيرة بين نساء الحي‪ ،‬بما في ذلك أم الشخص‬
‫نفسه‪ .‬لذلك كان الطبيب و"آلته" موضع اهتمام كبير طوال فترة طفولته‪.‬‬

‫ومن المحتمل‪ ،‬كما هو الحال في حاالت أخرى كثيرة‪ ،‬أن تكون الهوية الالواعية لطبيب‬
‫األسرة دافعا رئيسيا في تحديد إختيار الشخص لمهنته‪ .‬وكان هنا مشروطا مرتين‪:‬‬

‫● بتفوق الطبيب على األب‪ ،‬وكان االبن غيورا جدا‬

‫● وبمعرفة الطبيب بالمواضيع المحرمة وفرصه للتساهل معه غير المشروع‪.121‬‬

‫واعترف هذا الشخص بأنه كان قد تعرض في عدة مناسبات إلغراءات جنسية فيما يتعلق‬
‫بمرضاه؛ فقد وقع مرتين في حب أحدهما‪ ،‬وأخيرا تزوج أحدهما‪.‬‬
‫"الذاكرة التالية كانت حلم‪ ،‬بوضوح ذات طبيعة مازوخية مثلية؛ وفيها هاجم رجل‪ ،‬الذي‬
‫ثبت انه شخصية بديلة لطبيب العائلة‪ ،‬المريض بسيف‪ .‬إن فكرة السيف‪ ،‬كما هي الحال في األحالم‬
‫في كثير من األحيان‪ ،‬كانت تمثل نفس الفكرة التي ذكرت أعاله الرتباطها بهيئة السماعة الخشبية‪.‬‬
‫‪ ،122‬حيث ينام سيغورد بسيفه العاري‬ ‫ذكر فكرة السيف الشخص بمقطع في ساغا نيبيلونج‬
‫(غرام) بينه وبين برونيهيلدا‪ ،‬وهو حادث لطالما كان له تأثير كبير على مخيلته‪.‬‬

‫وأضاف أن معنى فعل االعراض أصبح واضحا أخيرا‪ .‬ووضع الشخص سماعته الخشبية‬
‫بينه وبين مرضاه‪ ،‬تماما كما وضع سيغورد سيفه (رمز مكافئ) بينه وبين الفتاة التي لم يكن‬
‫ليلمسها‪ .‬وكان هذا العمل بمثابة حل وسط؛ فقد كان بمثابة اإلشباع في مخيلته للرغبة المكبوتة في‬
‫الدخول في عالقات أقرب مع المرضى الجذابين (التداخل الجنسي)‪ ،‬وعند (تداخل السيف)‪ .‬إنه‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان تذكيره بأن هذه الرغبة لم تكن لتتحول إلى حقيقة واقعة‪ ،‬بل مجرد فتنة‬
‫وإغراء‪.‬‬

‫اللورد ليتون ترك انطباعا كبيرا‬ ‫"يمكنني ان اضيف ان المقطع التالي من ريشيليو‬
‫‪123‬‬

‫—‪124‬‬ ‫على الولد‪:‬‬

‫"تحت حكم الرجال العظيم‬


‫القلم أقوى من السيف"‬

‫وقد أصبح كاتب مقتدر ويستخدم قلم نافورة كبير بشكل غير عادي‪ .‬وعندما سألته عن‬
‫حاجته إلى هذا القلم‪ ،‬أجاب بطريقة مميزة‪" :‬لدي الكثير ألعبر عنه"‪.‬‬

‫"يذكرنا هذا التحليل مرة أخرى بوجهات النظر العميقة التي تقدم لنا في الحياة النفسية من‬
‫خالل االعمال "غير المؤذية" و "المجنونة"‪ ،‬وكيف ان الميل إلى الرمزية في وقت مبكر من الحياة‬
‫ينمو بمرور الزمن‪".‬‬

‫كما أستطيع أن أربط بين تجربتي العالجية الذهنية التي قدمت فيها اليد التي تلعب بكتلة من‬
‫عجين الخبز‪ ،‬دليل على شيء ما‪ .‬كان مريضي ولدا لم يبلغ الثالثة عشرة من العمر‪ ،‬وكان قد‬
‫أصيب بحالة هستيرية شديدة لمدة عامين‪ .‬وأخيرا أخذته للعالج بالتحليل النفسي‪ ،‬بعد أن أثبتت فترة‬
‫طويلة من اإلقامة في مؤسسة عالجية مائية عدم جدواها‪ .‬وكان رأيي أنه ال بد أنه كان لديه تجارب‬
‫جنسية‪ ،‬وأنه‪ ،‬مقارنة بعمره‪ ،‬كان مضطربا بسبب مسائل جنسية؛ ولكنني كنت حذرا في مساعدته‬
‫في الحصول على تفسيرات بقدر ما كنت أرغب في إختبار افتراضي‪ .‬لذلك كنت فضوليا للطريقة‬
‫التي يمكن بها لالفتراضات ان تظهر نفسها فيه‪.‬‬

‫وذات يوم صدمني أنه كان يلف بين أصابع يده اليمنى قطعا من العجين؛ كان يدفعها إلى‬
‫جيبه وهناك يواصل اللعب بها‪ ،‬ثم يشكلها مرة أخرى‪ ،‬وهكذا‪ .‬لم أسأل عما في يده؛ لكن عندما فتح‬
‫يده فجأة الرى عجين خبز شكله ككتلة‪ .‬وفي الجلسة التالية جلب مرة أخرى كتلة من العجين صنع‬
‫منها مجسما خالل حديثنا‪ ،‬على الرغم من أن عينيه مغلقتان‪ ،‬بسرعة مذهلة أثارت اهتمامي‪ .‬ال شك‬
‫أنه كان مجسما مثل مجسمات ما قبل التاريخ‪ ،‬مع رأس‪ ،‬ذراعين‪ ،‬ساقين‪ ،‬وزائدة بين الساقين‬
‫شكلها كقضيب طويل‪.‬‬

‫ولم ينتظر لفترة طويلة قبل ان يعيد تشكيلها الى كتلة مرة أخرى‪ .‬وفي وقت الحق شكله‬
‫بالشكل االول وابقاه‪ ،‬ولكنه صمم زائدة مماثلة في منتصف ظهره وعلى أجزاء أخرى ربما من‬
‫أجل حجب معنى األول‪ .‬كنت أتمنى أن أريه أنني فهمته‪ ،‬ولكنني في الوقت نفسه أردت حرمانه‬
‫من التهرب الذي لم يفكر فيه أثناء تشكيل هذه األشكال بنشاط‪ .‬خالل ذلك‪ ،‬سألته عما إذا كان يتذكر‬
‫في حديقته‪ .‬لم يرد الفتى أن يتذكر ما‬ ‫بانتومية‪125‬‬ ‫قصة الملك الروماني الذي أعطى ابنه إجابة‬
‫يجب أن يكون قد تعلمه مؤخرا أكثر مني‪ .‬وسأل إذا كانت هذه هي قصة العبد الذي كتبت االجابة‬
‫على رأسه االقرع‪ .‬فقلت له‪" :‬ال‪ ،‬التي تنتمي إلى التاريخ اليوناني"‪ ،‬وذكرت ما يلي‪" :‬لقد حث‬
‫الملك تاركينيوس ابنه سكستوس على احتالل مدينة التينية وسلبها‪ .‬أرسل االبن‪ ،‬الذي حصل الحقا‬
‫على موطئ قدم في المدينة‪ ،‬رسوال إلى الملك يسأل عن الخطوات التي ينبغي أن يتخذها الحقا‪ .‬لم‬
‫يعط الملك أي إجابة‪ ،‬لكنه ذهب إلى حديقته‪ ،‬وكان السؤال يتكرر هناك من قبل الرسل‪ ،‬لكنه واصل‬
‫صمته وجلس عند رؤوس أكبر ازهار الخشخاش وأكثرها جماال في الحديقة وقطعها‪ .‬وكل ما كان‬
‫على الرسول ان يفعله هو إبالغ سكستس‪ ،‬الذي فهم والده‪ ،‬وجعل المواطنين األكثر تميزا في‬
‫المدينة يتم اغتيالهم‪.‬‬

‫بينما كنت أتحدث توقف الطفل عن الجلوس على ركبتيه‪ ،‬وبينما كنت أربط ما فعله الملك‬
‫في حديقته‪ ،‬الحظت أنه عند كلمة "قطعها" قطع رأس التمثال بحركة سريعة مثل البرق‪ .‬لذلك‬
‫فهمني وأظهر انه كان أيضا يعرف بأنني فهمته‪ .‬اآلن أستطيع أن أسأله مباشرة‪ ،‬وأعطيه‬
‫المعلومات التي كان يرغب بها‪ ،‬وفي وقت قصير انتهى مرضه العصابي‪.‬‬

‫األفعال العارضة التي نراقبها بوفرة ال تنضب في االصحاء وأيضا في األشخاص‬


‫العصابيين يستحقون اهتمامنا ألكثر من سبب واحد‪ .‬فهم في نظر الطبيب كثيرا ما يعملون‬
‫كمؤشرات قيمة لتوجيهه في الظروف الجديدة أو غير المألوفة‪ .‬فبالنسبة للمراقب الحريص كثيرا ما‬
‫يظهرون الكثير‪ ،‬بل وحتى أكثر مما يهتم بمعرفته‪ .‬من یعرف هذه التفاصيل أحيانا يشعر أنه يشبه‬
‫الملك سليمان‪ ،‬الذي حسب األسطورة الشرقية‪ ،‬فهم لغة الحيوانات‪.‬‬

‫ذات يوم كنت أفحص شابا غريبا في منزل أمه‪ .‬وفيما هو قادم إلى‪ ،‬انجذبت إلى بقعة كبيرة‬
‫على سرواله‪ ،‬وبسبب الحواف الصلبة يبدو انها نتاج سائل ابيض‪ .‬بعد لحظة من الحرج‪ ،‬أعقب‬
‫الشاب انه أحس بحشرجة في بلعومه‪ ،‬وبالتالي شرب بيضة خام‪ ،‬وأن بعض البيض الزلق من‬
‫البيضة ربما سقط على مالبسه‪ .‬وللتأكيد على تصريحاته‪ ،‬أظهر قشرة البيض التي ال تزال في‬
‫طبق صغير في الغرفة‪ .‬وعلى هذا فقد تم تفسير البقعة المشبوهة بهذه الطريقة غير الضارة؛ لكن‬
‫عندما تركتنا أمه وشأنها‪ ،‬شكرته على أنه سهل كثيرا التشخيص بالنسبة لي‪ ،‬ودون مزيد من االدلة‬
‫أخذت كموضوع لمناقشتنا معاناته من آثار االستمناء‪.‬‬

‫مرة أخرى استدعيت للكشف المرأة غنية على قدر ما كانت بائسة وحمقاء‪ ،‬كانت عادة ما‬
‫تعطي الطبيب مهمة شاقة عبر كومة من الشكاوى قبل ان يتمكن من الوصول إلى سبب بسيط‬
‫لحالتها‪ .‬بينما دخلت كانت جالسة على طاولة صغيرة‪ ،‬تقوم بترتيب الدوالرات الفضية في أكوام‬
‫صغيرة وسقطت منها بعضها على األرض وقامت برفعها من األرض‪ .‬ساعدتها على التقاطها‪،‬‬
‫ولكن قاطعت حالة بؤسها بتمتها‪" :‬هل أنفق صهرك الصالح الكثير من أموالك مرة أخرى؟ " لقد‬
‫نفت بشدة هذا األمر عندما سألتها عن الموضوع‪ ،‬لكنها لم تذكر إال بعد لحظات قليلة القصة‬
‫البغيضة عن التأزيم الذي سببه إسراف صهرها‪ .‬وهي لم ترسل لي منذ ذلك الحين‪.‬‬

‫ال أستطيع أن اقول إن الشخص بإمكانه ان يصنع دائما األصدقاء إذا كان يخبرهم عن‬
‫معنى أعراضهم‪ .‬ومن يراقب رفاقه اثناء وجوده على الطاولة سيمكنه ان يتحقق فيهم من أحلى‬
‫واسوأ ما يظهر من اعراض‪.‬‬
‫ويروي الدكتور هانس ساكس‪ 126‬ما يلي‪- :‬‬

‫"صادف أنني كنت حاضرا عندما حضر زوجان مسنان العشاء معي‪ .‬وتعاني السيدة من‬
‫مشكلة في المعدة وأجبرت على اتباع نظام غذائي صارم‪ .‬وضع اللحم المشوي امام الزوج وطلب‬
‫من امرأته التي لم يسمح لها بالمشاركة في هذا الطعام ان تعطيه الخردل‪ .‬فتحت الزوجة الخزانة‬
‫وأخرجت زجاجة صغيرة من قطرات دواء المعدة‪ ،‬ووضعتها على الطاولة أمام زوجها‪ .‬وبين‬
‫زجاج الخردل ذي الشكل االسطواني وزجاجة الدواء الصغيرة لم يكن هناك بطبيعة الحال أي‬
‫تشابه من النوع الذي يمكن من خالله تفسير االشتباه؛ ومع ذلك لم تالحظ الزوجة الخطأ إال بعد أن‬
‫لفت زوجها انتباهها إليه ضاحكا‪ .‬إن الشعور بهذا العرض ال يحتاج إلى أي تفسير‪.‬‬

‫سأذكر مثاال ممتازا لهذا النوع من الحاالت الذي تم تحليله ببراعة‪ ،‬فإنني أدين للدكتور‬
‫برن‪ .‬داتنر‪ 127‬من فيينا‪:‬‬

‫"تناولت العشاء في مطعم مع زميلي إتش‪ ،‬دكتور فلسفة‪ .‬وتحدث عن الظلم الذي تعرض له‬
‫بعض الطالب معيدي االختبار في جامعته‪ ،‬وأضاف أنه حتى قبل أن ينهي دراسته‪ ،‬عين أمينا‬
‫للسفير‪ ،‬أو باألحرى وزيرا فوق العادة في تشيلي‪ .‬وأضاف "لكن تم نقل الوزير بعد ذلك‪ ،‬ولم أبذل‬
‫أي جهد للقاء مع من تم تعيينه حديثا"‪ .‬بينما كان ينطق الجملة األخيرة كان يرفع قطعة من الفطيرة‬
‫إلى فمه‪ ،‬لكنه تركها تسقط كما لو كانت تسقط من الحرج‪ .‬لقد أدركت على الفور الحس الخفي لهذا‬
‫العرض وعلقت على ذلك لجليس لنا لم يكن على دراية بالتحليل النفسي‪ ،‬لقد سمح لفطيرة لذيذة جدا‬
‫ان تسقط من فمه‪ .‬لكنه لم يدرك أن كالمي يمكن أن يشير بنفس القدر إلى ما بينه من أعراض‪،‬‬
‫وكرر نفس الكلمات التي قلتها بوضوح غريب ومثير للدهشة‪ ،‬كما لو أنني في الواقع أخذت‬
‫الكلمات من فمه‪ :‬لقد كانت حقا خيارا جيدا سمحت له باإلفالت مني‪ .‬ثم تابع هذه المالحظة مع‬
‫وصف تفصيلي لسوء تصرفه‪ ،‬والذي كلفه هذا المنصب المهم‪.‬‬

‫"يصبح اإلحساس بهذا البيان الرمزي أكثر وضوحا إذا تذكرنا أن زميلي كان راغبا في‬
‫إخباري‪ ،‬وانا غريب تماما بالنسبة له‪ ،‬عن وضعه المادي الهش‪ ،‬وأن فكرته المكبوتة اتخذت قناع‬
‫األعراض الذي يعبر بشكل رمزي عما كان المقصود إخفاؤه‪ ،‬وبالتالي فقد شعر المتحدث باالرتياح‬
‫من عدم وعيه‪".‬‬
‫وقد يتبين من األمثلة التالية أن أخذ األشياء أو عدم أخذها دون نية واضحة هو أمر حسي‪.‬‬

‫(أ‌) يروي الدكتور ب‪ .‬داتنر‪" :‬قام أحد األصدقاء بأول زيارة بعد الزواج لسيدة تحظى‬
‫بتقدير كبير عنده من أيام شبابه‪ .‬وأخبرني بهذه الزيارة‪ ،‬وأعرب عن دهشته لعدم تمكنه في اتخاذ‬
‫قراره بزيارتها إال بزيارتها لوقت قصير‪ ،‬ثم أبلغني عن خطأ غريب حدث له هناك‪.‬‬

‫وقال كان زوج هذا الصديقة‪ ،‬الذي شارك في المحادثة‪ ،‬يبحث عن صندوق من اعواد‬
‫الثقاب كان واثقا أنه على الطاولة عندما جاء إلى هناك‪ .‬وكانت صديقتي أيضا تنظر في جيوبه‬
‫للتأكد مما إذا كان لم يضعه في جيبه‪ ،‬ولكن دون جدوى‪ .‬بعد ذلك بوقت ما وجده في جيبه‪،‬‬
‫وأدهشته حقيقة أنه كان هناك عود واحد في الصندوق‪.‬‬

‫"بعد أيام قليلة‪ ،‬رأى حلم فيه صندوق الثقاب ذاك كرمزية وإشارة إلى صديقة شبابه الذي‬
‫أكد تفسيري الحقا‪ .‬فقد كان زوجها يعلن عن حقه واولويته وتفرد حيازته بها (ال يحتوي إال على‬
‫عود واحد)‪.‬‬

‫ويروي الدكتور هانز ساكس ما يلي‪" :‬طباختنا تحب كثيرا نوع معين من الفطيرة‪ .‬وال شك‬
‫في ذلك‪ ،‬فهو النوع الوحيد من المعجنات الذي تحضره دائما بصورة جيدة‪ .‬وفي إحدى المرات‬
‫أحضرت هذه الفطيرة إلى الطاولة وأخرجتها من طبق الفطيرة‪ ،‬وشرعت في إزالة الصحون‬
‫المستخدمة في الوجبة السابقة‪ ،‬ولكنها وضعت الفطيرة على قمة هذه الكومة من الصحون الفارغة‪،‬‬
‫واخذتها معها الى المطبخ‪ .‬في البداية اعتقدنا أن لديها شيئا لتحسينه على الفطيرة‪ ،‬ولكن عندما‬
‫فشلت في أن تظهر ضربت زوجتي الجرس وسألت‪ ،‬بيتي‪ ،‬ماذا حدث للفطيرة؟ أجابت عليها الفتاة‬
‫دون أن يكون السؤال مفهوما‪ ،‬كيف ذلك؟ كان علينا أن نلفت انتباهها إلى حقيقة أنها نقلت الفطيرة‬
‫إلى المطبخ‪ .‬كانت قد وضعتها على أكوام األطباق‪ ،‬وأخذتها‪ ،‬ووضعتها بعيدا "دون أن تالحظ‬
‫ذلك"‪.‬‬

‫"في اليوم التالي‪ ،‬عندما كنا على وشك إستهالك بقية الفطيرة‪ ،‬الحظت زوجتي أن الفطيرة‬
‫التي بقيت من اليوم السابق لم تاكل الفتاة منها حصتها ‪ -‬أي أن الفتاة لم تأكل طبق الطعام المفضل‬
‫لديها‪ .‬وتساءلت زوجتي لماذا لم تأكل الفطيرة‪ ،‬فأجابت‪ ،‬محرجة بعض الشيء‪ ،‬أنها ال تحب اكلها‪.‬‬
‫"وموقف الطفولية ملحوظ بوضوح في المناسبتين‪ ،‬أولهما النهم الطفولي في رفض مشاركة‬
‫أي شخص شيء يحبه‪ ،‬ثم رد الفعل الحاقد الذي هو طفولي ايضا‪ :‬إذا ضيقت علي‪ ،‬أبقيها لنفسك‪،‬‬
‫ال أريد شيئا منها‪".‬‬

‫وغالبا ما تكون للصدفة أو األعراض التي تحدث في شؤون الحياة الزوجية أهمية بالغة‪،‬‬
‫ويمكن أن تدفع أولئك الذين ال يهتمون بعلم النفس الالواعي إلى االعتقاد في الطواطم‪ .128‬إنها‬
‫ليست بداية مبشرة إذا فقدت شابة خاتم زواجها في جولة زفافها‪ ،‬حتى لو كانت لفترة قصيرة‪.‬‬

‫أعرف أن امرأة‪ ،‬كانت في إدارة شؤون أعمالها كثيرا ما وقعت اسم عائلتها االصلي بسهو‬
‫قبل ان تعود الستخدامه الحقا بعد ان تطلقت‪ .‬عندما كنت ضيفا على متزوجين حديثا وسمعت الفتاة‬
‫وهي تروي بضحك تجربتها األخيرة‪ ،‬كيف أنها في اليوم التالي لعودتها من جولة العرس‪ ،‬طلبت‬
‫من أختها العزباء الذهاب معها كما كانت في الماضي‪ ،‬بينما كان زوجها يحضر اعماله‪ .‬وفجأة‬
‫الحظت رجال في الجهة المقابلة من الشارع؛ فأجلت أختها قائلة‪" :‬اوه‪ ،‬هذا بالتأكيد سيد ل‪ ".‬نسيت‬
‫أن هذا الرجل كان زوجها ألسابيع‪ .‬لقد شعرت بالفزع إزاء هذه الحكاية‪ ،‬ولكنني لم أجرؤ على‬
‫استخالص أي استنتاج‪ .‬عادت القصة الصغيرة إلى بعد عدة سنوات فقط‪ ،‬بعد أن انتهى هذا الزواج‬
‫رسميا‪ .‬وقد أخذت المالحظة التالية‪ ،‬التي كان يمكن أن تجد مكانا بين أمثلة النسيان‪ ،‬من عمل‬
‫ميدر‪129‬‬ ‫جدير بالذكر نشره باللغة الفرنسية بواسطة أ‪.‬‬

‫"أخبرتني سيدة مؤخرا أنها نسيت محاولة إرتداء فستان زفافها وتذكرته في الليلة التي‬
‫سبقت العرس‪ ،‬في الساعة الثامنة مساء‪ ،‬كانت المصممة يائسة لرؤية موكلها لكنها لم تحضر في‬
‫الوقت المتفق عليه‪ .‬هذه التفاصيل كافية إلظهار أن الخطيبة ال تشعر بالسعادة الكبيرة الرتدائها‬
‫فستان الزفاف‪ ،‬فسعت إلى نسيان هذا التمثيل المؤلم‪ .‬إنها اآلن‪ ..‬مطلقة‪".‬‬

‫هنالك صديقة تعلمت أن تالحظ العالمات مني‪ ،‬فالحظت بأن الممثلة العظيمة إليانورا‬
‫تقدم عرضا في أحد عروضها يظهر بشكل رائع العمق الذي تظهره في تمثيلها‪ .‬إنها‬ ‫دوس‪130‬‬

‫دراما تتناول الزنا؛ كانت للتو تناقش مع زوجها وهي اآلن تقف صامتة قبل أن يظهر الشخص‬
‫الذي اغراها‪ .‬خالل هذه الفترة القصيرة‪ ،‬لعبت بخاتم زفافها‪ ،‬تقوم بسحبه‪ ،‬وتضعه على الطاولة‪ ،‬ثم‬
‫تلبسه من جديد‪ .‬وهذا يعني انها اآلن مستعدة للشخص األخر‪.‬‬
‫أعرف عن رجل مسن تزوج فتاة صغيرة‪ ،‬وبدال من أن يبدأ في جولة زفافه قرر قضاء‬
‫الليلة في فندق‪ .‬بالكاد وصال إلى الفندق‪ ،‬عندما الحظ ضاحكا أنه ال يملك محفظته‪ ،‬حيث كان لديه‬
‫كل المال لجولة الزفاف؛ ال بد أنه نسيه أو فقده‪ .‬كان ال يزال قادرا على الوصول إلى خادمه عبر‬
‫الهاتف؛ فوجد األخير المحفظة المفقودة في معطف ملقى مع المالبس التي لم ينوي اخذها في‬
‫سفره‪ ،‬فجلب الخادم المحفظة إلى الفندق إلى العريس المنتظر‪ ،‬الذي كان قد دخل في زواجه من‬
‫دون اقتناع‪.‬‬

‫ومن العزاء أن نعتقد أن "فقدان األشياء" من قبل الناس هو مجرد فعل غير مشتبه به‪ ،‬فعل‬
‫اعتيادي‪ ،‬وبالتالي فهو مرحب به على األقل في النية السرية للفاقد‪.‬‬

‫غالبا ما يكون فقط تعبيرا عن التقدير القليل للشيء المفقود‪ ،‬أو كرهه له سرا‪ ،‬أو ربما عدم‬
‫تقديره للشخص الذي اهداه اياه‪ ،‬أو ان الرغبة في فقدان هذا الشيء نقلت إليه من أشياء أخرى أكثر‬
‫أهمية من خالل ارتباط رمزي معين‪ .‬إن فقدان االشياء القيمة يخدم كتعبير عن مشاعر متنوعة؛ بل‬
‫قد تمثل بشكل رمزي فكرة مكبوتة ‪ -‬بمعنى أنها قد تعيد إلى الذاكرة األشياء التي ال يرغب المرء‬
‫في سماعها ‪ -‬وقد تمثل تلك الفكرة مجرد تضحية للقوى الغامضة لتبديل المصير‪ ،‬االرتباط الديني‬
‫معنا‪131.‬‬ ‫الذي لم ينقرض بعد تماما حتى‬

‫وستوضح األمثلة التالية هذه البيانات المتعلقة بفقدان األشياء‪-:‬‬

‫وستوضح األمثلة التالية هذه البيانات المتعلقة بفقدان الممتلكات‪-:‬‬

‫يقول الدكتور ب‪ .‬داتنر‪" :‬أخبرني زميل أنه فقد قلمه الرصاص الميكانيكي الذي كان يمتلكه‬
‫ألكثر من عامين‪ ،‬والذي كان ثمينا للغاية بسبب جودته الفائقة‪ .‬أثار التحليل الحقائق التالية‪ :‬قبل يوم‬
‫من استالمه رسالة غير مقبولة جدا من صهره‪ ،‬كان النص في الجملة الختامية‪' :‬في الوقت الحاضر‬
‫ال أملك الرغبة وال الوقت لمساعدتكم في كسلكم وتقاعسكم‪ '.‬لقد كان التأثير المرتبط بهذه الرسالة‬
‫قويا جدا بحيث أنه في اليوم التالي قام على وجه السرعة بالتضحية بالقلم الرصاص الذي كان هدية‬
‫من صهره هذا من أجل أال يكون مثقال بمحاباته‪.‬‬

‫يذكر بريل المثال التالي‪" :‬استثنى أحد األطباء االقتباس التالي في كتابي "نحن ال نفقد ما‬
‫نريده حقا"‪ .‬زوجته‪ ،‬التي تهتم كثيرا بمواضيع نفسية‪ ،‬قرأت معه الفصل عن "علم األمراض‬
‫النفسية في الحياة اليومية"؛ فقد كان كل منهما معجبا إلى حد كبير بحداثة األفكار‪ ،‬وما إلى ذلك‪،‬‬
‫وكانا على استعداد تام لقبول أغلب المعلومات المذكورة‪ .‬ولكنه لم يستطع أن يتفق مع االقتباس‬
‫المذكور أعاله ألنه كما قال لزوجته "بالتأكيد لم أكن أرغب في فقدان سكيني"‪ .‬وأشار إلى سكين‬
‫ثمين أعطته إياه زوجته‪ ،‬والذي اعتز به كثيرا‪ ،‬ففقدانه سبب له الكثير من األلم‪.‬‬

‫"لم يستغرق األمر طويال من قبل زوجته حتى تكتشف الحل لهذه الخسارة بطريقة تقنعهم‬
‫بدقة‪ .‬عندما قدمت له هذه السكين كان غير متقبل لذلك بصورة كبيرة‪ .‬ومع انه اعتبر نفسه متحررا‬
‫جدا‪ ،‬اال انه استقبل بعض الخرافات حول اعطاء أو قبول سكين كهدية‪ ،‬ألنه قيل ان السكين يقطع‬
‫الصداقة‪ .‬حتى انه ذكر ذلك لزوجته التي ضحكت على خرافاته‪ .‬كان لديه السكين لسنوات قبل أن‬
‫تختفي‪" .‬التحليل يبين أن اختفاء السكين كان مرتبطا مباشرة بفترة كانت هناك مشاجرات عنيفة بينه‬
‫وبين زوجته‪ ،‬التي هددت باالنفصال‪ .‬لقد عاشوا معا بسعادة إلى أن جاءت ابنته (التي كانت من‬
‫زواجه الثاني) للعيش معهم‪ .‬كانت ابنته السبب في العديد من سوء الفهم‪ ،‬وكان في ذروة هذه‬
‫المشاجرات فقده للسكين‪.‬‬

‫"يظهر النشاط الالواعي بشكل لطيف جدا في هذا العرض‪ .‬وعلى الرغم مما يبدو أنه‬
‫متحرر من الخرافات‪ ،‬فإنه ال يزال يعتقد بدون وعي أن السكين المتبرع بها قد يقطع الصداقة بين‬
‫األشخاص المعنيين‪ .‬وكان فقدانه مجرد دفاع غير واعي ضد فقدان زوجته‪ ،‬وبالتضحية بالسكين‬
‫جعل الحظر الخرافي عاجزا عن فعل ذلك‪.‬‬

‫وفي نقاش مطول وبمساعدة تحليل األحالم‪ 132‬أوضح أوتو رانك ان الميل للفداء فيه دوافع‬
‫عميقة‪ .‬وال بد من القول إن مثل هذه األفعال التي تظهر في افعال األعراض غالبا ما تتيح لنا‬
‫الوصول إلى فهم الحياة النفسية الحميمة للشخص‪.‬‬

‫من بين العديد من األفعال الفردية التي تسنح لي الفرصة لكتابتها‪ ،‬سأكتب مثاال واحدا‬
‫يظهر معنى أعمق حتى بدون تحليل‪ .‬يوضح هذا المثال بوضوح الظروف التي قد تكون فيها هذه‬
‫األعراض ناتجة بشكل عرضي‪ ،‬وتظهر أيضا أنه يمكن أن يدرج معها مالحظة ذات أهمية عملية‪.‬‬

‫خالل جولة صيفية‪ ،‬حدث أن انتظرت عدة أيام في مكان معين لوصول رفاقي المسافرين‪.‬‬
‫في هذه االثناء تعرفت على شاب‪ ،‬بدا أيضا وحيدا وكان مستعدا لالنضمام إلى‪ .‬بينما كنا نعيش في‬
‫نفس الفندق كان من الطبيعي جدا أن نشتري الوجبات ونتشاركها‪.‬‬

‫في ظهر اليوم الثالث أخبرني فجأة أنه يتوقع وصول زوجته على متن قطار سريع في تلك‬
‫الليلة‪ .‬لقد أثار اهتمامي النفسي اآلن‪ ،‬كما كان قد صدمني في ذلك الصباح أن رفيقي رفض‬
‫اقتراحي للقيام بالمشي لمكان بعيد‪ ،‬وفي مسيرنا القصير اعترض على طريق معين على أنه شديد‬
‫االنحدار والخطر‪ .‬خالل مشينا بعد الظهر ظن فجأة أنني يجب أن أكون جائعا وأصر على أال‬
‫أتأخر عن وجبتي المسائية من اجله‪ ،‬وأنه لن يتعشى قبل وصول زوجته‪ .‬فهمت التلميح وجلست‬
‫على الطاولة بينما كان يذهب إلى المحطة‪.‬‬

‫في صباح اليوم التالي التقينا في قاعة استقبال الفندق‪ .‬قدم لي لزوجته‪ ،‬وأضاف‪" ،‬بالطبع‪،‬‬
‫ستفطر معنا؟ " كان على أن أحضر أوال مسألة صغيرة في الشارع‪ ،‬لكن أكدت له أنني سأعود‬
‫قريبا‪ .‬الحقا‪ ،‬عندما دخلت غرفة الفطور الحظت أن الزوجين كانا جالسين على طاولة صغيرة‬
‫بالقرب من النافذة‪ ،‬ويجلس كالهما على نفس الجانب‪ .‬وعلى الجانب المقابل‪ ،‬كان هناك كرسي‬
‫واحد فقط غطي بمعطف الرجل الكبير والثقيل‪ .‬فهمت جيدا معنى هذا ال “غير مقصود"‪ .‬هذا‬
‫يعني‪" :‬ال مجال لكم هنا‪ ،‬أنتم غير ضروريين اآلن"‪.‬‬

‫لم يلحظ الرجل أنني بقيت واقفا أمام الطاولة‪ ،‬لكوني غير قادر على شغل المقعد‪ ،‬لكن‬
‫زوجته الحظت ذلك‪ ،‬وسرعان ما دقت زوجها وهمست‪" :‬لماذا غطيت مكان السيد بمعطفك‪".‬‬

‫هذه وغيرها من التجارب المشابهة جعلتني أفكر أن األفعال التي يتم تنفيذها عن غير قصد‬
‫ستصبح حتما مصدر سوء فهم في العالقات اإلنسانية‪ .‬وال يأخذ مرتكب الفعل‪ ،‬الذي ال يعلم بأي‬
‫نية مرتبطة به‪ ،‬في االعتبار انه مخطأ وال يحمل نفسه المسؤولية عنه‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن الطرف الثاني‪ ،‬بعد أن يستخدم التحليل ويستخلص النتائج بشأن‬
‫الغرض والمعنى‪ ،‬يدرك المزيد من األعمال الغريبة والعمليات النفسية التي ال يجرؤ الطرف‬
‫األول االعتراف بها‪.‬‬

‫فيشعر بالسخط حين ينظر إلى هذه االستنتاجات التي يستخلص منها من األفعال التي تظهر‬
‫على أعراضه؛ فهو يعلن أنها ال أساس لها ألنه ال يرى أي نية واعية في تنفيذها‪ ،‬ويشتكي من أن‬
‫اآلخر أساء فهمها‪ .‬وتبين الدراسة الدقيقة أن هذا الفهم الخاطئ يستند إلى حقيقة مفادها أن الشخص‬
‫على درجة كبيرة من الدقة في المراقبة ويفهم الكثير الذي يجعل االخرين يرفضون افتراضاته‪.‬‬
‫فكلما زاد "عصبية"‪ ،‬كلما اعطى كل منهما اآلخر سببا للخالف‪ ،‬الذي يقوم على حقيقة أن أحدهما‬
‫ينكر في داخله ما هو متأكد من تقبل اآلخر له‪.‬‬

‫وهذا في الواقع هو العقاب على عدم الصدق الداخلي الذي يمنح الناس التعبير تحت ستار‬
‫"النسيان" من األفعال الخاطئة والعواطف العرضية‪ ،‬وهو الشعور الذي من األفضل لهم أن يعترفوا‬
‫به بأنفسهم ولآلخرين عندما ال يستطيعون السيطرة على كتمه‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يمكن التأكيد عموما‬
‫على أن كل شخص يمارس باستمرار التحليل النفسي على محاوريه‪ ،‬وبالتالي يتعلم أن يعرفهم‬
‫أفضل مما يعرفه كل فرد بنفسه‪ .‬والطريق الذي يتبع التحذير الذاتي يقودنا من خالل دراسة االفعال‬
‫العارضة التي يبدو للمرء انه ال يعرف شيئا عنها‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل العاشر

‫األخطاء‬

‫‪ ‬‬

‫وتتميز أخطاء الذاكرة عن النسيان والذكريات الكاذبة من خالل سمة واحدة فقط‪ ،‬وهي أن‬
‫تذكر الخطأ غير معترف به على هذا النحو‪ ،‬بل تجد المصداقية في تذكر الخطأ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يبدو أن‬
‫إستخدام تعبير "الخطأ" يعتمد على شرط آخر‪ .‬فنحن نتحدث عن "تضليل" بدال من "التذكر‬
‫الكاذب" حيث يتم التأكيد على طبيعة الواقع الموضوعي في المواد النفسية التي سيتم تذكرها ‪ -‬أي‬
‫عندما يتذكر شيء آخر غير حقيقي من حقائق حياتي النفسية الخاصة بي‪ ،‬أو باألحرى شيء يتم‬
‫تأكيده أو تفنيده من خالل ذاكرة اآلخرين‪ .‬عكس الخطأ في الذاكرة اذ انه بهذا المعنى يتشكل‬
‫بالجهل‪.‬‬

‫كنت مسؤوال عن سلسلة من األخطاء في التاريخ وفوق‬ ‫في كتابي تفسير األحالم ‪،‬‬
‫‪133‬‬

‫ذلك كلها في حقائق مواضيع متعلقة بمادة الكتاب والتي ذهلت الكتشافها بعد ظهور الكتاب‪ .‬كلما‬
‫راجعتها اكتشفت أنها لم تكن نابعة من جهلي‪ ،‬ولكن يمكن تتبعها إلى أخطاء في الذاكرة يمكن‬
‫تفسيرها من خالل التحليل‪.‬‬

‫(أ‌) في الصفحة ‪ 361‬أشرت إلى مسقط رأس شيلر بانه مدينة ماربورغ‪ ،‬وهو اسم مدينة‬
‫في ستيريا‪-‬النمسا‪ .‬الخطأ موجود في تحليل حلم خالل رحلة ليلية أيقظني منها قائد الشرطة وهو‬
‫ينادي باسم محطة ماربورغ‪ .‬في مضمون التحقيق في الحلم يجري البحث عن كتاب شيلر‬
‫‪.‬‬
‫شيلر لم يولد فى بلدة ماربورج الجامعية بل فى مدينة مارباخ فى سوابيان‪ -‬المانيا‪ .‬أنا أصر على‬
‫أنني كنت أعرف هذا دائما‪.‬‬
‫‪ .‬كان هذا الخطأ مزعجا‬ ‫(ب‌) في الصفحة ‪ 165‬يدعى والد هنيبال ب هاسدروبل‬
‫بالنسبة لي بشكل خاص‪ ،‬ولكنه كان مستندت إلى حد كبير لتصوري بإمكانية حدوث هذه األخطاء‪.‬‬
‫لكنه‬‫عدد قليل جدا من القراء للكتاب قد يكونون أكثر اطالعا من المؤلف بتاريخ الباركيدس‬
‫كتب هذا الخطأ وتجاوزه في ثالث براهين ذكرها‪ .‬وكان اسم والد هانيبال هو هاملكار باركاس؛‬
‫وكان هاسدروبل اسم شقيق هانيبال وكذلك اسم صهره وسلفه في القيادة‪.‬‬

‫(ت‌) في الصفحتين ‪ 217‬و‪ 492‬أؤكد ان زيوس يقلل من شان كرونوس ابيه ويقيمه من‬
‫العرش‪ .‬هذا الرعب الذي قدمته كخطأ بين االجيال؛ فوفقا لألساطير اليونانية كان كرونوس هو‬
‫‪134‬‬‫من ارتكب ذلك في أباه أورانوس‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫كيف يمكن تفسير أن ذاكرتي قدمت لي مواد كاذبة في هذه النقاط‪ ،‬في حين أنها عادة ما‬
‫تضع في حوزتي أكثر المواد بعدا عن المألوف‪ ،‬كما يستطيع قراء كتبي تأكيد ذلك؟ واألكثر من‬
‫ذلك‪ ،‬في ثالث مراجعات تم تنفيذها بعناية مررت بها فوق هذه األخطاء كما لو أنني أصبت‬
‫بالعمى‪.‬‬

‫قال جوته عن ليشتنبرغ‪" :‬حيث يقول الشخص نكتة‪ ،‬هناك مشكلة خفية"‪ .‬وعلى نحو‬
‫مماثل‪ ،‬نستطيع أن نؤكد على هذه الفقرات التي أستشهد بها كتابي‪ :‬يرجع كل خطأ إلى القمع‪ .‬لكي‬
‫أكون أكثر دقة‪ :‬الخطأ یخفي الكذب‪ ،‬فالتشويه الذي يظهر في النهاية بسبب المواد المكبوتة‪ .‬في‬
‫تحليل األحالم‪ ،‬اضطرتني طبيعة الموضوع الذي ترتبط به أفكار الحلم‪ ،‬من جهة‪ ،‬إلى قطع التحليل‬
‫في بعض األماكن قبل أن يصل إلى نهايته‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬إلزالة تفاصيل غير متحفظة من‬
‫خالل تشويه طفيف للخطوط العريضة‪ .‬لم يكن بوسعي أن أتصرف بشكل مختلف‪ ،‬ولم يكن لدي‬
‫خيار آخر اال إن كنت سأعرض أمثلة ورسومات‪ .‬إن موقفي المقيد كان بالضرورة ناتجا عن‬
‫غرابة األحالم‪ ،‬التي تعبر عن األفكار المكبوتة‪ ،‬أو المواد غير القادرة على أن تصبح واعية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬يقال إن ما زال هناك ما يكفي من المواد إلثارة غضب النفوس األكثر‬
‫حساسية‪ .‬إن التشويه أو إخفاء األفكار المستمرة المعروفة لدي ال يمكن أن يتم دون ترك بعض‬
‫األثر‪ .‬إن ما كنت أرغب في قمعه كثيرا ما ينقلب ضد إرادتي‪ ،‬ويبرز نفسه في هذه المسألة‬
‫باعتباره خطأ غير ملحوظ‪ .‬والواقع أن كل من األمثلة الثالثة المقدمة يستند إلى نفس الموضوع‪:‬‬
‫األخطاء هي نتيجة أفكار مكبوتة تشغل نفسها بوالدي المتوفي كما تبين لي بعد التحليل‪.‬‬

‫(أ‌) من يقرأ الحلم الذي تم تحليله في الصفحة ‪ 361‬سيجد بعض األجزاء التي تم الكشف‬
‫عنها؛ وفي بعض االجزاء سيكون قادرا على استلهام تلميحات باني كسرت سلسلة االفكار التي‬
‫كانت ستتضمن انتقادات غير محببة البي‪ .‬في إستمرار هذا الخط من األفكار والذكريات‪ ،‬هناك‬
‫‪ ،‬دورا؛ وهو‬ ‫قصة مزعجة‪ ،‬حيث تلعب الكتب وصديق والدي رجل األعمال‪ ،‬المسمى ماربورغ‬
‫االسم نفسه الذي اثارني في محطة السكك الحديدية الجنوبية‪ .‬كنت أود أن أخفي هذا السيد‬
‫في التحليل الذي أجريته بنفسي ومن قرائي‪ :‬انتقم من نفسه عندما اقتحم المكان الذي لم‬ ‫ماربورغ‬
‫يكن ينتمي إليه‪ ،‬غير اسم مسقط رأس شيلر من مارباخ إلى ماربورغ‬
‫‪.‬‬

‫(ب‌) ان الخطأ هدروبل بدال من هاملكار‪ ،‬اسم االخ بدال من اسم االب‪ ،‬ناشئ من ترابط‬
‫تناول أوهامي عن هانيبال في سنوات دراستي واستيائي من تصرف ابي تجاه "اعداء شعبنا"‪.135‬‬
‫كان بإمكاني أن أستمر وأروي كيف تغير موقفي تجاه والدي من خالل زيارة إلى إنجلترا‪ ،‬حيث‬
‫تعرفت على أخي غير الشقيق‪ ،‬من خالل زواج سابق لوالدي‪ .‬كان أكبر أبناء أخي بعمري‬
‫بالضبط‪ .‬وهكذا‪ ،‬لم يكن فارق العمر عائقا امام خيال يمكن ذكره‪ :‬كم هو جميل لو ولدت ابن أخي‬
‫بدل ابن ابي! فقمعت هذا الخيال ثم زورت نص كتابي عند النقطة التي كسرت فيها التحليل‪،‬‬
‫بإجباري على وضع اسم أخي السم األب‪.‬‬

‫(ت‌) ان تأثير ذاكرتي عن هذا االخ نفسه هو المسؤول عن تقدمي بخطأي المرعب بين‬
‫االجيال االسطورية لآللهة اليونانية‪ .‬أحد نصائح أخي ظلت طويال في ذاكرتي‪ .‬قال‪" :‬ال تنسى شيئا‬
‫يتعلق بسلوكك في الحياة"‪" :‬أنت لست من الجيل الثاني بل تنتمي إلى الجيل الثالث من أبيك‪".‬‬
‫تزوج أبينا مرة اخرى في مرحلة متقدمة جدا في السن ولذلك كان عجوزا ألوالده في الزواج‬
‫الثاني‪ .‬قمت بالخطأ في المكان الذي ناقشت فيه التقوى بين الوالدين واالوالد‪.‬‬

‫وفي مرات عديدة‪ ،‬لفت أصدقائي والمرضى انتباهي إلى حقيقة أنني حين أتحدث عن‬
‫أحالمهم أو ألمحت إليها في تحليالت األحالم‪ ،‬كنت أتطرق بشكل غير دقيق للظروف التي نشترك‬
‫فيها‪ .‬وهي أيضا أخطاء تاريخية‪ .‬وعند إعادة النظر في هذه الحاالت الفردية‪ ،‬وجدت أن‬
‫استرجاعي للحقائق لم يكن موثوقا به إال عندما كنت عمدا أشوه أو أخفي شيئا في التحليل‪ .‬وهنا‬
‫‪.‬‬‫أيضا يقع خطأ غير ملحوظ كبديل لإلخفاء المتعمد أو القمع‬
‫ومن بين هذه األخطاء‪ ،‬التي تنشأ عن القمع‪ ،‬يتعين علينا أن نميز بشكل حاد تلك التي تقوم‬
‫على الجهل الفعلي‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬كان جهال عندما ذهبت في رحلتي إلى واتشاو كنت أعتقد‬
‫أنني تجاوزت مثوى الزعيم الثوري فيشوف‪ .136‬واالسم فقط ما يجمع بين كال المكانين‪ .‬تقع‬
‫في كارنثين ولكنني لم أكن أعلم أكثر من ذلك‪.‬‬ ‫إمرسدورف‬
‫اذكر خطأ آخر محرج ولكنه مفيد‪ ،‬وهو مثال للجهل المؤقت إن شئت‪ .‬ذات يوم ذكرني أحد‬
‫المرضى باعطائه الكتابين عن البندقية اللذين وعدته بهما‪ ،‬إذ أراد إستخدامهما في التخطيط لجولته‬
‫في عيد الفصح‪ .‬فذهبت إلى المكتبة إلحضارهم‪ ،‬مع ان حقيقة االمر هي انني نسيت البحث عنهم‪،‬‬
‫ألنني لم اوافق تماما على رحلة مريضي‪ ،‬النه انقطاع غير ضروري للعالج‪ ،‬وخسارة مادية‪.‬‬
‫فقمت بإجراء مسح سريع للمكتبة للكتب‪.‬‬

‫أحدهما كان "البندقية كمركز فني"‪ ،‬وإلى جانب هذا تخيلت أن لدي عمال تاريخيا شبيه‪ .‬ال‬
‫؛ أخذته وأحضرتهم إليه‪ ،‬ثم‪ ،‬بأحراج‪ ،‬اعترفت بخطئي‪ .‬بالطبع كنت أعلم‬ ‫شك أنه الميديتشي‬
‫حقا أن الميديتشي ال عالقة له بمدينة البندقية‪ ،‬ولكن لفترة قصيرة لم يبدو لي أنها غير‬
‫صحيحة على اإلطالق‪ .‬اآلن أجبرت على ممارسة العدالة؛ فكما كنت كثيرا ما أفسر تصرفات‬
‫مريضي التي تظهر على أعراضي‪ ،‬لم يكن بوسعي إال أن أنقذ هيبتي من خالل الصراحة‬
‫واالعتراف له بالدوافع السرية لخطأي وعالقته برحلته‪.‬‬

‫وقد نتسبب في دهشة عامة حين نعلم كم هو صعب ارضاء الدافع لقول الحقيقة مما يفترض‬
‫عادة‪ .‬ربما نتيجة لعملي مع التحليل النفسي بالكاد أستطيع الكذب أكثر من ذلك‪ .‬كما في كثير من‬
‫األحيان وأنا أحاول التشويه استسلم لخطأ ما غير صحيح‪ ،‬وهو أمر ينم عن عدم صدقي‪ ،‬كما كان‬
‫واضحا في هذا وفي األمثلة السابقة‪.‬‬

‫من بين كل األفعال الخاطئة تبدو آليات الخطأ أكثر سطحية‪ .‬أي أن حدوث الخطأ يدل دائما‬
‫على أن النشاط العقلي المعني كان عليه أن يكافح بعض التأثير المزعج‪ ،‬رغم أنه ال يلزم تحديد‬
‫طبيعة الخطأ‪ ،‬بل إن نوعية الفكرة المزعجة ظلت غامضة‪ .‬وليس من المستبعد أن نضيف أن‬
‫الحالة ذاتها قد تكون في كثير من الحاالت البسيطة من حاالت التأخر في الكالم والكتابة‪ .‬وفي كل‬
‫مرة نلتزم بالتحدث أو الكتابة قد نستنتج أنه من خالل العمليات العقلية قد حدث اضطراب يتجاوز‬
‫هدفنا‪ .‬بيد أنه يمكن التسليم بأن الثغرات في الكالم والكتابة غالبا ما تتبع قوانين التشابه والمالءمة‪،‬‬
‫أو الميل إلى التسارع‪ ،‬دون السماح للعنصر المزعج بأن يترك أثرا من شخصيته في الخطأ الناجم‬
‫عن الثغرات في الكالم أو الكتابة‪ .‬إن إستجابة المادة اللغوية هي التي تجعل من الممكن في البداية‬
‫تحديد الخطأ‪ ،‬ولكنها أيضا تحد من األمر نفسه‪.‬‬

‫ولكيال أقتصر على األخطاء الشخصية فقط‪ ،‬سأكتب بعض األمثلة التي يمكن أن تكون‬
‫أيضا قد تراوحت بين "االخطاء في الكالم" أو تحت "األفعال المرتكبة بالخطأ"‪ ،‬وألن هذه األشكال‬
‫من األفعال الخاطئة لها نفس القيمة التي يمكن مناقشتها هنا أيضا‪.‬‬

‫(أ‌) لقد منعت مريضا من التحدث عبر الهاتف إلى حبيبته‪ ،‬التي كان هو نفسه على إستعداد‬
‫لقطع كل العالقات معها‪ ،‬حيث أن كل محادثة تجدد الكفاح ضدها‪ .‬وكان من المقرر أن يكتب لها‬
‫قراره النهائي‪ ،‬على الرغم من وجود بعض الصعوبات في طريقة تسليم الرسالة إليها‪ .‬زارني في‬
‫الساعة الواحدة ليخبرني أنه وجد طريقة لتجنب هذه الصعوبات‪ ،‬ومن بين أشياء أخرى سألني عما‬
‫إذا كان قد يشير إلى بصفتي المهنية‪.‬‬

‫في الساعة الثانية عندما كان منهمك في كتابة خطاب الرفض‪ ،‬قاطع نفسه فجأة‪ ،‬وقال المه‪،‬‬
‫"حسنا‪ ،‬نسيت أن أسأل األستاذ ما إذا كنت قد أستخدم اسمه في الرسالة‪ ".‬أسرع إلى الهاتف‪ ،‬ثم‬
‫وصل إلى االتصال‪ ،‬وطرح السؤال‪" ،‬هل لي أن أتحدث إلى األستاذ بعد العشاء؟ " لكنه استغرب‬
‫الرد "أدولف‪ ،‬هل جننت؟ " كان الصوت هو الصوت الذي كان من المفروض انه قد استمع إليه‬
‫آلخر مرة بأمري‪ .‬لقد "ارتكب خطأ"‪ ،‬وبدال من رقم الطبيب اتصل بحبيته‪.‬‬

‫(ب‌) وخالل عطلة صيفية‪ ،‬كانت مدرسة‪ ،‬شابة فقيرة لكنها ممتازة‪ ،‬تجتهد مع ابنة مقيم‬
‫صيفي‪ ،‬إلى أن وقعت الفتاة بحب عاطفي معه‪ ،‬بل كانت مصرة وفارضة رأيها على عائلتها‬
‫للزواج منه رغم اختالف المواقف واالعراق‪ .‬ولكن في أحد االيام كتبت المدرسة ألخيها رسالة‬
‫قالت فيها‪" :‬أيها الجميل‪ ،‬الحبيبة ليست على أفضل حال‪ ،‬لكنها حتى اآلن ليست بحالة سيئة‪ .‬ولكنها‬
‫ال تعرف بعد إذا ما كانت تستطيع الزواج من يهودي"‪ .‬وصلت هذه الرسالة في يد خطيبها الذي‬
‫وضع حدا للخطبة‪ ،‬بينما كان أخوها في الوقت نفسه يتساءل عن سبب مخاطبته بصيغة الحب هذه‪.‬‬
‫أكد لي المخبر أن هذا كان خطأ حقا وليس خدعة ماكرة‪.‬‬

‫وأنا على دراية بقضية أخرى‪ ،‬حيث ان امرأة كانت غير راضية عن طبيبها القديم‪ ،‬ولم تكن‬
‫ترغب في تسريحه علنا فعملت لهذا الغرض من خالل تبادل الرسائل‪ .137‬وهنا‪ ،‬على األقل‪ ،‬أستطيع‬
‫أن أؤكد بكل ثقة أن هذا الدافع الكوميدي المألوف كان خطأ وليس مجرد خبث واعي‪.‬‬

‫عن امرأة‪ ،‬تستفسر عن صديقتها المشتركة‪ ،‬اتصلت بها خطأ ببيت‬ ‫بريل‪138‬‬ ‫(ت‌) يذكر‬
‫عائلتها‪ .‬وبعد أن وجه انتباهها إلى هذا الخطأ‪ ،‬كان عليها أن تعترف بأنها ال تحب زوج صديقتها‬
‫وأنها لم تكن قط راضية عن زواجها‪.‬‬

‫ويروي ميدر‪ 139‬مثاال جيدا على كيف يمكن االكتفاء برغبة مكبوتة على مضض من خالل‬
‫"خطأ"‪ .‬أراد أحد الزمالء أن يستمتع بيوم إجازته دون إزعاج على اإلطالق‪ ،‬ولكنه شعر أيضا أنه‬
‫يجب عليه أن يذهب إلى لوسيرن للكشف عن مريض ال يتوقع بان ينال أي متعة‪ .‬ولكن بعد تفكير‬
‫طويل‪ ،‬استنتج ان عليه يذهب‪ .‬ولقضاء وقت في القطار‪ ،‬قرأ الصحف اليومية‪ .‬سافر من زيوريخ‬
‫إلى أرث غولداو‪ ،‬حيث غير القطارات من أجل لوسيرن‪ ،‬كان طوال الوقت منهمكا في القراءة‪.‬‬
‫وفي وقت الوصول أبلغه محصل التذاكر في القطار أنه كان في القطار الخطأ‪ ،‬أي أنه دخل القطار‬
‫الذي كان عائدا من غولداو إلى زيوريخ‪ ،‬في حين ان تذكرته كانت للوسيرن‪.‬‬

‫خدعة مشابهة جدا لعبتها في اآلونة األخيرة‪ .‬كنت قد وعدت أخي األكبر بأن اقوم بزيارة‬
‫طويلة على شاطئ البحر في إنجلترا؛ ولما كان الوقت قصيرا شعرت بأنني مضطر للسفر في‬
‫أقصر الطرق وبدون انقطاع‪ .‬طلبت من اخي اإلقامة ليوم في هولندا‪ ،‬لكنه كان يعتقد أنني أستطيع‬
‫التوقف هناك في رحلة العودة‪ .‬وعليه‪ ،‬انتقلت من ميونيخ مرورا بكولونيا إلى روتردام هوالند ‪-‬‬
‫خطاف هولندا ‪ -‬حيث كنت سآخذ الباخرة منتصف الليل إلى هارويتش‪ .‬في كولونيا كان على تغيير‬
‫القطار؛ تركت قطاري للذهاب إلى قطار روتردام السريع‪ ،‬ولكن لم يتم العثور عليه‪ .‬سألت العديد‬
‫من موظفي السكك الحديدية‪،‬الذين تم إرسالهم من منصة إلى أخرى‪ ،‬وقعت في حالة بالغة من‬
‫اليأس‪ ،‬وكان من السهل أن أحسب أنني خالل هذا البحث العقيم على األرجح لم الحق بالقطار‪.‬‬
‫وبعد تأكيد ذلك‪ ،‬فكرت فيما إذا كان ينبغي أن أقضي الليلة في كولونيا أم ال‪ .‬وكان هذا هو المفضل‬
‫بسبب شعوري بالتقوى‪ ،‬وذلك تقليد قديم من التقاليد األسرية‪ ،‬فقد طرد أسالفي من هذه المدينة أثناء‬
‫اضطهاد اليهود‪ .‬ولكن في النهاية توصلت إلى قرار آخر؛ أخذت قطارا الحقا إلى روتردام‪ ،‬حيث‬
‫وصلت في وقت متأخر من الليل‪ ،‬وبالتالي أجبرت على قضاء يوم في هولندا‪ .‬وهذا ما جلب لي‬
‫تحقيق أمنية قديمة ‪ -‬مشهد لوحات رامبرانت الجميلة في الهاي وفي المتحف الملكي في أمستردام‪.‬‬
‫ليس قبل الظهر التالي‪ ،‬أثناء انغماسي في التفكير أثناء رحلة القطار الى إنجلترا‪ ،‬تذكرت بان على‬
‫بعد بضع خطوات فقط من المكان الذي نزلت فيه إلى محطة السكك الحديدية في كولونيا‪ ،‬في‬
‫الواقع‪ ،‬على نفس المنصة‪ ،‬رأيت في االمس الفتة كبيرة‪" ،‬روتردام‪ -‬خطاف هولندا‪ ".‬وقف هناك‬
‫القطار الذي كان يجب أن أتابع فيه رحلتي‪.‬‬

‫إذا لم يكن المرء يرغب في االفتراض‪ ،‬خالفا ألوامر أخي‪ ،‬أنني كنت حقا عازما على‬
‫رؤية لوحات رامبرانت في طريقي إليه‪ ،‬فإن حقيقة أنه على الرغم من اللوحات التعريفية الواضحة‬
‫اال انني ابتعدت عنها وبحثت عن قطار آخر كأنني عميت‪ .‬الشيء المحير االخر‪ ،‬والذي تصرفت‬
‫به جيدا‪ ،‬ظهور نية التقوى لكي اقضي الليلة في كولونيا كان مجرد تواطؤ إلخفاء قراري إلى أن‬
‫يتم إنجازه بالكامل‪.‬‬

‫قد ال يكون المرء راغبا في النظر إلى فئة األخطاء التي شرحتها هنا على أنها كثيرة جدا‬
‫أو ذات أهمية خاصة‪ .‬ولكنني أترك لكم النظر فيما إذا لم يكن هناك أي أساس لتمديد سقف وجهات‬
‫النظر تلك أيضا إلى األخطاء األكثر أهمية في الحكم‪ ،‬كما تظهر في الناس في الحياة والعلوم‪.‬‬
‫ولكن يبدو أن العقول األكثر انتقادا واألكثر توازنا؛ من الممكن أن تحرس الصورة المتصورة‬
‫للواقع الخارجي ضد التشوه الذي كان يخضع له أثناء مرورها من خالل الفردية النفسية لدى‬
‫الشخص الذي يالحظه‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الحادي عشر



‫األخطاء المزدوجة‬

‫‪ ‬‬

‫هناك مثاالن من األمثلة األخيرة‪ ،‬وهما خطأي الذي نقل المديتشي إلى البندقية‪ ،‬وخطأ ذلك‬
‫الشاب الذي كان يعرف كيف يتحايل على أمر ما في محادثة هاتفية مع حبيبته‪ ،‬لم تتم مناقشته‬
‫بشكل كامل‪ ،‬ألنه بعد دراسة متأنية قد يتبين أنهما يمثالن إتحاد النسيان مع الخطأ‪ .‬أستطيع أن‬
‫أظهر نفس االتحاد بشكل أكثر وضوحا في بعض األمثلة األخرى‪.‬‬

‫(أ‌) كان لي صديق ما في التجربة التالية‪" :‬قبل سنوات وافقت على ترشيحي في إحدى‬
‫مؤسسات المجتمع األدبي‪ ،‬حيث من المفترض أن استغل هذه المنظمة بعض الوقت في مساعدتي‬
‫في إنتاج درامي‪ .‬وعلى الرغم من عدم اهتمامي كثيرا‪ ،‬فقد حضرت االجتماعات بانتظام كل يوم‬
‫جمعة‪ .‬وبعد بضعة أشهر‪ ،‬كنت مطمئنا أن أحد مسرحياتي سيقدم على المسرح‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‬
‫كان يحدث بانتظام نسياني إلجتماع الجمعية‪ .‬عندما قرأت اعالنات لبرنامج عملهم في صحيفة ما‬
‫شعرت بالخجل من نسياني‪ .‬عيرت نفسي‪ ،‬وشعرت أنه من الوقاحة بالتأكيد أن أبقى بعيدا اآلن‬
‫عندما لم أعد بحاجة إليهم‪ ،‬وقررت أنني لن أنسى يوم الجمعة المقبل بالتأكيد‪ .‬وقد ذكرت نفسي‬
‫باستمرار بهذا القرار إلى أن أتت الساعة ووقفت أمام باب غرفة االجتماعات‪ .‬لدهشتي أنه كان‬
‫مقفال؛ االجتماع‪ :‬انتهى بالفعل‪ .‬لقد أخطأت يومي؛ لقد كان السبت!‬

‫(ب‌) والمثال التالي هو مزيج من األفعال التي تظهر أعراضا مع حالة من سوء الوضع؛‬
‫وصلني عن بعد عن طريق بعض المصادر الموثوق بها‪.‬‬
‫سافرت امرأة إلى روما مع صهرها‪ ،‬وهو فنان معروف‪ .‬وقد حظي الزائر بشرف كبير من‬
‫سكان روما االلمان‪ ،‬وحصل من بين أشياء أخرى على ميدالية ذهبية اثرية‪ .‬كانت المرأة تشعر‬
‫بالحزن ألن صهرها لم يقدر قيمة هذه الهدية الجميلة بما فيه الكفاية‪ .‬وبعد عودتها إلى المنزل‬
‫اكتشفت أثناء كشف أمتعتها أنها ‪ -‬دون أن تعرف كيف ‪ -‬قد أحضرت الميدالية معها إلى المنزل‪.‬‬
‫وسرعان ما أخبرت صهرها بذلك برسالة‪ ،‬وأخبرته أنها ستعيدها إلى روما في اليوم التالي‪ .‬ولكن‬
‫في اليوم التالي‪ ،‬كانت الميدالية مفقودة كليا وال يمكن العثور عليها وال يمكن إرجاعها ثم فكرت‬
‫المرأة بان فقدانها يعني أنها ترغب في االحتفاظ بالميدالية لنفسها‪.‬‬

‫(ت‌) وفيما يلي بعض الحاالت التي يكرر فيها الفعل المزيف نفسه باستمرار‪ ،‬وفي الوقت‬
‫نفسه يغير أيضا طريقة عمله‪- :‬‬

‫رسالة لعدة أيام على مكتبه‪ ،‬متناسيا كل مرة‬ ‫جونز‪140‬‬ ‫وبسبب دوافع غير معروفة‪ ،‬ترك‬
‫أن ينشرها‪ .‬وفي نهاية المطاف قام بنشر هذه الرسالة‪ ،‬ولكنها عادت إليه من مكتب البريد ألنه نسي‬
‫أن يعنون هذه الرسالة‪ .‬بعد أن عنونت وارسلها مرة ثانية عادت إليه‪ ،‬هذه المرة ألنها بدون طابع‪.‬‬
‫لذا أجبر على االعتراف بمعارضة الالواعي إلرسال الرسالة‪.‬‬

‫حالة من النسيان على نحو مثير لإلعجاب‬ ‫(فيينا)‪141‬‬ ‫(ث‌) وصف الدكتور كارل ويس‬
‫للجهود العقيمة إلنجاز شيء في مواجهة معارضة الالوعي‪" .‬وما مدى إصرار النشاط الالواعي‬
‫على تحقيق هدفه إذا كان له سبب يمنع تنفيذ حل‪ ،‬وما مدى صعوبة الوقاية من هذا الميل‪ ،‬سيتضح‬
‫من الحادثة التالية‪ :‬طلب مني أحد معارفي أن أعره كتابا وأحضره إليه في اليوم التالي‪ .‬ووعدت‬
‫بذلك‪ ،‬ولكن شعرت بإحساس واضح باالستياء لم أتمكن من شرحه في ذلك الوقت‪ .‬الحقا اتضح‬
‫لي‪ :‬كان هذا الصديق يدين لي لسنوات مبلغا من المال لم يكن ينوي على ما يبدو أن يعيده‪ .‬لم أعد‬
‫أفكر في هذا األمر‪ ،‬ولكنني تذكرت ذلك في الظهيرة التالية مع نفس الشعور باإلحباط‪ ،‬وقلت‬
‫لنفسي‪ :‬سيرى الالوعي أنك تنسى الكتاب‪ ،‬لكنك ال ترغب في أن تظهر بانك غير ملزم بجلب‬
‫الكتاب‪ ،‬ولذلك ستبذل كل ما في وسعك كي ال تنسى ذلك‪ .‬عدت إلى المنزل‪ ،‬ولففت الكتاب في‬
‫الورق‪ ،‬ووضعته بالقرب مني على المكتب بينما كنت أكتب بعض الرسائل‪" .‬بعد فترة قصيرة‬
‫ذهبت بعيدا‪ ،‬ولكن بعد خطوات قليلة‪ ،‬علمت أنني تركت على المكتب الرسائل التي كنت أرغب في‬
‫نشرها‪( .‬بالمناسبة‪ ،‬كتبت إحدى الرسائل إلى شخص حثني على القيام بشيء غير مقبول‪ ).‬عدت‬
‫وأخذت الرسائل ثم غادرت مرة أخرى‪ .‬وبينما كنت في السيارة في الشارع‪ ،‬تبين لي أنني كنت قد‬
‫تعهدت بشراء شيء لزوجتي‪ ،‬وكنت مسرورا من فكرة أنه سيكون مجرد حزمة صغيرة‪ .‬وفجأة‬
‫تذكرت ارتباط "رزمة صغيرة" بالكتاب ‪ -‬وعندها فقط الحظت أنني ال أملك الكتاب معي‪ .‬لم أنسه‬
‫فقط عندما غادرت منزلي ألول مرة‪ ،‬بل أغفلته مرة أخرى عندما حصلت على الرسائل التي كانت‬
‫قريبة منه‪.‬‬

‫(ج‌) تظهر آلية مماثلة في المالحظة التالية التي تم تحليلها تحليال كامال من قبل أوتو رانك‪:‬‬
‫‪ -‬تحدث رجل دقيق ومرتب بدقة عالية عن الحادثة التالية التي اعتبرها الفتة للنظر‪ :‬في أحد األيام‬
‫في الشارع كان يرغب في معرفة الوقت‪ ،‬فاكتشف أنه ترك ساعته في المنزل‪ ،‬وهو إغفال لم‬
‫يحدث من قبل على حد علمه‪ .‬وبما أنه كان على عالقة في مكان آخر ولم يكن لديه الوقت الكافي‬
‫للعودة إلى ساعته‪ ،‬فقد استغل زيارة إحدى صديقاته الستعارة ساعتها في المساء‪ .‬كان هذا أكثر‬
‫طريقة مالئمة للخروج من المأزق‪ ،‬حيث كان لديه موعد سابق لزيارة هذه السيدة في اليوم التالي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬وعد بأن يعيد ساعتها في ذلك الوقت‪" .‬ولكن في اليوم التالي عندما كان على وشك‬
‫اللقاء بها‪ ،‬فوجئ أنه ترك الساعة في المنزل؛ وساعته الخاصة معه‪ .‬ثم قرر بحزم أن يعيد‬
‫ممتلكات السيدة بعد ظهر ذلك اليوم نفسه‪ ،‬بل وقد نفذ قراره‪ .‬ولكنه عندما أراد ان يرى الوقت عند‬
‫مغادرته دهش النه نسي مرة أخرى ان يأخذ ساعته الخاصة‪.‬‬

‫"إن تكرار هذا الفعل الخاطئ يبدو مرضيا جدا بالنسبة لهذا الرجل المحب للنظام لدرجة أنه‬
‫كان متلهف لمعرفة الفكرة الذهنية التي تحيط به‪ ،‬وعندما كان يتساءل عما إذا كان قد جرب أي‬
‫شيء في اليوم الحرج للنسيان األول‪ ،‬وفي أي جانب حدث‪ ،‬تم العثور على الدافع على الفور‪ .‬ذكر‬
‫انه كان قد اجتمع مع امه بعد الغداء‪ ،‬قبل ان يغادر البيت بقليل‪ .‬وأخبرته أن أحد األقارب غير‬
‫المسؤولين‪ ،‬والذي تسبب بالفعل في إثارة قدر كبير من القلق وفقدان المال‪ ،‬رهن ساعة قريبه‪،‬‬
‫وألهمية وجودها في المنزل‪ ،‬كان األقارب قد طلب المال لفك ذلك‪ .‬هذا القرض "القسري" تقريبا‬
‫أثر على رجلنا بشكل مؤلم جدا‪ ،‬وأعاده إلى ذاكرته كل األحداث الغير مقبولة التي ارتكبها هذا‬
‫القريب لسنوات عديدة‪.‬‬

‫"ولذلك فإن ما فعله من أعراض يثبت على نحو محدد‪ .‬أوال‪ ،‬إنه يعبر عن تيار من األفكار‬
‫التي قد تكون كالتالي‪' :‬لن أسمح بإبتزاز أموالي بهذه الطريقة‪ ،‬وإذا أحتاج األمر إلى ساعة سأبقى‬
‫في المنزل'‪ .‬ولكن النه كان في حاجتها لكي يذهب الى موعده في المساء‪ ،‬فإن هذه النية ال يمكن أن‬
‫تتحقق إال على مسار غير واع في شكل فعل أعراض‪ .‬وثانيا‪ ،‬يعبر النسيان عن شعور أشبه بما‬
‫يلي‪ :‬هذه التضحية االبدية بالمال من أجل قليل الخير هذا ستخربني تماما‪ ،‬حتى أضطر إلى التخلي‬
‫عن كل شيء‪.‬مع ان الغضب‪ ،‬بحسب تقرير هذا الرجل‪ ،‬كان للحظات فقط‪.‬يظهر نفس الفعل‬
‫االعتيادي غير الواعي بشكل قاطع أنه استمر في التصرف بشكل مكرر ومستمر‪ ،‬وقد يكون‬
‫اذ لن يدهشنا لو أن ساعة‬ ‫رأسي‪142‬‬ ‫معادال للتعبير الواعي‪ .‬ال يمكنني إخراج هذه القصة من‬
‫السيدة ستلقى الحقا نفس المصير بعد أن تتعرض آلثار هذا الموقف الالواعي‪.‬‬

‫"ومع ذلك‪ ،‬قد تكون هناك دوافع أخرى خاصة تحبذ عملية النقل للسيدة البريئة‪ .‬ولعل الدافع‬
‫األقرب إلى هذا هو أنه كان ليرغب في اإلبقاء عليه كبديل لساعته التي ضحى بها‪ ،‬ومن ثم نسي‬
‫إعادته في اليوم التالي‪ .‬وربما كان يحب ان يحصل على هذه الساعة كتذكار من السيدة‪ .‬وعالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬فإن نسيان ساعة السيدة أعطاه ذريعة للقاء السيدة مرة ثانية؛ فقد اضطر إلى زيارتها‬
‫صباحا في إشارة إلى أمر آخر‪ ،‬وبنسيان الساعة بدا وكأنه يشير إلى ان هذه الزيارة التي جرى‬
‫تعيينها منذ زمن كانت جيدة جدا بحيث ال يمكن إستخدامه لمجرد اعادة الساعة‪".‬‬

‫"إن نسيان ساعته مرتين وبالتالي جعل استبدال ساعة السيدة ممكنا يشير إلى أن رجلنا‬
‫سعى دون وعي إلى تجنب حمل الساعتين معا في وقت واحد‪ .‬ومن الواضح أنه فكر في تجنب‬
‫الظهور بشكل مستمر لدى المرأة الذي قد يكون على النقيض من رغبة األقارب؛ ولكنه من ناحية‬
‫أخرى استغل هذا كنصح ذاتي ضد نيته الواضحة في الزواج من هذه السيدة‪ ،‬مذكرا نفسه بأنه‬
‫مرتبط بعائلته (والدته) بالتزامات ال تنفصم‪ .‬وأخيرا‪ ،‬قد يكون هناك سبب آخر لنسيان ساعة‬
‫السيدة‪ ،‬إذ أنه في المساء قابل أصدقائه وألنه كان أعزب لذا خجل من رؤيته مع ساعة نسائية‪،‬‬
‫فكان ينظر إليها بتلصص‪ ،‬وللتهرب من تكرار هذه الحالة المؤلمة‪ ،‬لم يستطع أن يكمل السهرة‪.‬‬
‫وألنه كان مضطرا إلعادتها‪ ،‬نتج عن ذلك عرض لم يكن شعوريا‪ ،‬أثبت أنه حل وسط بين‬
‫المشاعر العاطفية المتضاربة‪ ،‬وانتصار الوعيه‪.‬‬

‫وفي نفس النقاش أيضا انتبه رانك للعالقة المثيرة لالهتمام بين "التصرفات واألحالم‬
‫الحاملة لالخطاء" والتي ال يمكن أن تتبع هنا دون تحليل شامل للحلم الذي ترتبط به تلك األفعال‬
‫الخاطئة‪ .‬حلمت ذات مرة مطوال بأنني فقدت دفتر مالحظاتي الجيبي‪ .‬في الصباح بينما كنت أرتدي‬
‫مالبس لم اجده؛ اذ انني لم اخرجه من جيب بنطالي عند تغييري لمالبسي ليال قبل ان يحدث الحلم‬
‫ولم اضعه في مكانه المعتاد‪ ،‬لم يكن هذا النسيان غير معروف لدي؛ ربما كان التعبير عن فكرة‬
‫غير واعية كانت جاهزة للظهور في محتوى الحلم‪ .‬وال أقصد هنا التأكيد على أن مثل هذه الحاالت‬
‫من األفعال المغلوطة مجتمعة قادرة على تعليم أي شيء جديد لم نشهده من قبل في الحاالت‬
‫الفردية‪ .‬ولكن هذا التغيير في هيئة الفعل الخاطئ‪ ،‬والذي على الرغم من ذلك يحقق نفس النتيجة‪،‬‬
‫يعطي انطباعا بالستيكيا عن إرادة تعمل نحو نهاية محددة‪ ،‬وعلى نحو أكثر نشاطا يتناقض مع‬
‫فكرة أن الفعل الخاطئ يمثل شيئا غير عادي وال يحتاج إلى تفسير‪ .‬واألمر الالفت للنظر هو حقيقة‬
‫أن النية الواعية تفشل تماما في التحقق من نجاح العمل الخاطئ‪ .‬وعلى الرغم من كل شيء‪ ،‬لم يقم‬
‫صديقي بزيارته الجتماع المجتمع األدبي‪ ،‬ووجدت المرأة أنه من المستحيل التخلي عن الميدالية‪.‬‬
‫هذا الشيء الالواعي الذي نجح ضد هذه القرارات وجد منفذا آخر بعد إغالق الطريق األول له‪.‬‬
‫فهي تتطلب شيئا غير الدقة المضادة الواعية للتغلب على الدافع المجهول؛ فهو يتطلب عمال روحيا‬
‫يجعل المجهول معروفا بالوعي‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الثاني عشر



‫وجهات نظر الحتمية ــ الصدفة ــ والمعتقدات الخرافية‬

‫‪ ‬‬

‫كنتيجة عامة للمناقشات المنفصلة السابقة يجب أن نطرح المبدأ التالي‪:‬‬

‫في الواقع أن بعض أوجه القصور تعيب قدراتنا النفسية وسوف تكون الشخصية النموذجية‬
‫المشتركة أكثر فهما في القريب العاجل فهناك بعض العروض التي من الواضح أنها غير مقصودة‬
‫تثبت أنها تتمتع بقدر كبير من التحفيز عندما تخضع للتحقيق التحليلي النفسي‪ ،‬وهي تتحدد من‬
‫خالل الوعي بدوافع مجهولة‪ .‬ومن أجل االنتماء إلى هذه الفئة من الظواهر‪ ،‬يوضح ذلك ان العمل‬
‫النفسي الخاطئ يجب ان يرضي الشروط التالية‪— :‬‬

‫(أ‌) يجب أال يتجاوز حدا معينا يعرف بقوة من خالل تقديراتنا‪ ،‬ويصنفه تعبير "ضمن‬
‫الحدود العادية‪".‬‬

‫(ب‌) يجب أن يبين طبيعة االضطرابات اللحظية والمؤقتة‪.‬‬

‫نفس الفعل كان سابقا يتم بشكل أكثر صحة أو يجب أن نعتمد دائما على أنفسنا لنقوم به‬
‫بشكل صحيح؛ إذا صححنا اآلخرون فعلينا أن ندرك على الفور حقيقة التصحيح وعدم صحة‬
‫تصرفاتنا النفسية‪.‬‬

‫(ت‌) إذا أدركنا على اإلطالق خطأ ما‪ ،‬يجب أال ندرك في أنفسنا أي دافع له‪ ،‬بل يجب أن‬
‫نحاول تفسيره من خالل "عدم االهتمام" أو نسبته إلى "حادث‪".‬‬
‫وهكذا تبقى في هذه المجموعة حاالت النسيان واألخطاء‪ ،‬على الرغم من المعرفة الجيدة‪،‬‬
‫الثغرات في الكالم والقراءة والكتابة‪ ،‬واألفعال الخاطئة التي ارتكبت‪ ،‬وما يسمى بأفعال الصدفة‪.‬‬
‫وتربط تفسيرات هذه العمليات النفسية المحددة بسلسلة من المالحظات التي قد تثير قدرا أكبر من‬
‫االهتمام‪.‬‬

‫بالتخلي عن جزء من قدرتنا النفسية التي ال يمكن تفسيرها من خالل األفكار القاطعة‬
‫نتجاهل واقع الحتمية في حياتنا العقلية‪ .‬وهنا‪ ،‬وكما هي الحال في مجاالت أخرى‪ ،‬تمتد الحتمية إلى‬
‫مسافة أبعد مما نتصور‪ .‬في سنة ‪ 1900‬قرأت مقاال نشر في الديزايت كتبه المؤرخ األدبي ر‪ .‬م‪.‬‬
‫مير‪ ،‬الذي يؤكد فيه‪ ،‬ويوضح بأمثلة‪ ،‬أنه من المستحيل تكوين هراء متعمدا بصورة اعتباطية‪،‬‬
‫ولبعض الوقت كنت أدرك أنه من المستحيل التفكير في عدد‪ ،‬أو حتى اسم‪ ،‬بإرادة حرة‪ .‬وإذا تحقق‬
‫المرء في هذا التكوين الطوعي الظاهري‪ ،‬دعونا نقول‪ ،‬من عدد من األرقام الكثيرة التي تنطق في‬
‫مرح غير مقيد‪ ،‬فإنه يثبت دوما أنه مصمم بدقة إلى الحد الذي يجعل التحديد يبدو مستحيال‪.‬‬
‫سأناقش اآلن بإيجاز مثاال على االسم األول "المختار بشكل اعتباطي"‪ ،‬ثم أقوم بتحليل مثال مماثل‪:‬‬
‫رقم "غير قابل للتصديق"‪.‬‬

‫خالل تحضيري لتاريخ أحد مرضاي للنشر‪ ،‬فكرت في االسم األول الذي يجب أن أعطيه‬
‫لها في المقالة‪ .‬وبدا األمر وكأننا أمام خيار واسع؛ بالطبع‪ ،‬هناك أسماء معينة استبعدتني في الحال‪،‬‬
‫في المقام األول االسم الحقيقي‪ ،‬ثم أسماء أفراد عائلتي التي كنت أعترض عليها‪ ،‬وأيضا بعض‬
‫األسماء األنثوية التي لها نطق غريب‪ .‬ولكن باستثناء هذه‪ ،‬ما كان ينبغي لنا أن نحيص بشأن مثل‬
‫هذا االسم‪ .‬كان يعتقد‪ ،‬وأنا شخصيا‪ ،‬أن الكثير من األسماء األنثوية ستوضع تحت تصرفي‪ .‬فبدال‬
‫من هذا انتفض واحد فقط‪ ،‬ال يوجد غيره؛ كان االسم دورا‪.‬‬

‫سألت عن السبب‪" :‬من أيضا يسمى دورا؟ كنت أتمنى أن أرفض الفكرة التالية باعتبارها‬
‫تدريجية؛ حدث أن ممرضة أطفال اختي كان اسمها دورا‪ .‬ولكنني أملك الكثير من التحكم الذاتي‪،‬‬
‫أو ممارسة التحليل‪ ،‬إن شئتم‪ ،‬بحيث تمسكت بشدة بالفكرة وتقدمت‪ .‬ثم حدث بسيط في الليلة السابقة‬
‫سرعان ما انفجر في ذهني مما جلب تركيزي إلى سبب االختيار‪ .‬على طاولة غرفة الطعام‬
‫الخاصة بأختي الحظت رسالة تحمل عنوان "اآلنسة روزا دبليو‪ ".‬استغربت من كان هذا االسم‪،‬‬
‫وأبلغوني أن االسم الصحيح للدورا المزعومة هو روزا‪ ،‬وأنه عند قبولها المنصب كان عليها‬
‫التخلي عن اسمها‪ ،‬ألن روزا ستشير أيضا إلى شقيقتي‪ .‬فقلت بغضب‪ :‬الفقراء! ال يمكنهم حتى‬
‫االحتفاظ بأسمائهم! وأذكر اآلن أنني عند االستماع إلى هذا األمر أصبحت صامتا للحظة وبدأت‬
‫أفكر في كل أنواع األمور الخطيرة التي اندمجت في الغموض‪ ،‬ولكن ما أستطيع أن أجلبه اآلن‬
‫بسهولة؛ في وعيي‪ .‬وهكذا‪ ،‬عندما طلبت اسما لشخص لم يستطع االحتفاظ باسمه‪ ،‬لم يخطر لي‬
‫شيء سوى "دورا"‪ .‬التفرد هنا يستند‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬إلى روابط داخلية أكثر حزما‪ ،‬ألنه في‬
‫تاريخ مريضتي كانت الغريبة في البيت‪ ،‬مديرة منزل‪ ،‬الذي مارس تأثيرا حاسما على مسار‬
‫العالج‪ .‬وقد وجد هذا الحادث الطفيف استمراره غير المتوقع بعد سنوات عديدة‪ .‬أثناء مناقشة في‬
‫محاضرة في تاريخ نشر الفتاة المسماة دورا منذ فترة طويلة‪ ،‬اتضح لي أن واحدة من تلميذاتي‬
‫كانت تحمل نفس االسم "دورا" الذي كنت مضطرا إلى التحدث عنه كثيرا في مختلف روابط‬
‫القضية‪.‬‬

‫التفت إلى الطالبة الشابة التي أعرفها شخصيا‪ ،‬مع االعتذار الني لم أكن أعتقد حقا أنها‬
‫تحمل نفس االسم‪ ،‬وأنني كنت على استعداد الستبداله باسم آخر في محاضرتي‪ .‬لقد واجهت اآلن‬
‫مهمة اختيار اسم آخر بسرعة‪ ،‬وعكست أنه يجب على أال أختار اآلن االسم األول للطالبة األخرى‪،‬‬
‫وهكذا أضرب مثاال سيئا للصف‪ ،‬الذي كان بالفعل صفا خبيرا بالتحليل النفسي‪ .‬لذا سررت كثيرا‬
‫عندما كان اسم "أنا" بديال عن دورا‪ ،‬فكانت إيرنا في الخطاب‪ .‬بعد المحاضرة سألت نفسي من أين‬
‫كان من الممكن أن يكون اسم "إرنا" قد نشأ‪ ،‬واضطررت إلى الضحك عندما الحظت أن االحتمال‬
‫المروع في اختيار االسم البديل قد أصبح ممكنا‪ ،‬جزئيا على األقل‪ .‬وكان اسم عائلة السيدة األخرى‬
‫لوسيرنا‪ ،‬التي كان إيرنا جزءا منها‪.‬‬

‫وفي رسالة إلى صديق‪ ،‬أبلغته أنني أنهيت قراءة ألنسخة قبل النهائية لكتاب تفسير األحالم‪،‬‬
‫وأنه لم أنوي إدخال أي تغييرات أخرى عليها‪" ،‬حتى وإن كانت تحتوي على ‪ 2467‬خطأ"‪.‬‬
‫حاولت على الفور أن أشرح لنفسي الرقم‪ ،‬وأضفت هذا التحليل الصغير كبريد للرسالة‪ .‬سيكون من‬
‫األفضل أن أقتبس ذلك اآلن كما كتبته عندما وقعت نفسي في هذه الصفقة‪ - :‬سوف أضيف على‬
‫عجل مساهمة أخرى في علم األمراض النفسية في الحياة اليومية‪ .‬ستجدون في الرسالة رقم‬
‫‪ 2467‬كتقدير اعتباطي لعدد األخطاء التي يمكن العثور عليها في كتاب األحالم‪ .‬قصدت أن أكتب‪:‬‬
‫بغض النظر عن حجم العدد‪ ،‬وهذا قدم نفسه‪ .‬ولكن ال يوجد شيء تعسفي أو غير محدد في الحياة‬
‫النفسية‪ .‬ولذلك‪ ،‬ستظنون بحق أن الالوعي أسرع لتحديد الرقم الذي يحرره الوعي‪ .‬وقبل ذلك‬
‫بوقت قصير قرأت في الورقة أن الجنرال إ‪ .‬م‪ .‬قد تقاعد من منصب المفتش العام للذخيرة‪ .‬عليك‬
‫أن تعرف أنني مهتم بهذا الرجل‪ .‬وبينما كنت أخدم كطالب طب عسكري‪ ،‬جاء عقيد مرة إلى‬
‫المستشفى وقال للطبيب‪ :‬يجب أن تجعلوني بخير خالل ثمانية أيام‪ ،‬الن لدي بعض العمل الذي‬
‫ينتظره اإلمبراطور‪.‬‬

‫"في ذلك الوقت قررت أن أتبع مهنة هذا الرجل‪ ،‬وفكرت أنه في نهاية المطاف (‪)1899‬‬
‫هو المفتش العام للقوات المسلحة وقد تقاعد بالفعل‪ .‬كنت أرغب في معرفة الوقت الذي غطى فيه‬
‫هذه الوظيفة‪ ،‬وافترضت أنني رأيته في المستشفى عام ‪ .1882‬وهذا قد يستغرق ‪ 17‬عاما‪ .‬لقد‬
‫ذكرت ذلك لزوجتي‪ ،‬فقالت‪" :‬إذا أنت أيضا يجب أن تتقاعد" فاحتججت‪" :‬حاشا هلل!" بعد هذه‬
‫المحادثة جلست على الطاولة ألكتب إليك‪ .‬لقد استمر قطار الفكر السابق‪ ،‬ولسبب وجيه‪ .‬كان‬
‫االكتشاف غير صحيح؛ كان لدي ذكر واضح للظروف التي في ذهني‪ .‬كنت قد إحتفلت بقدومي‬
‫لعيد ميالدي الرابع والعشرين في السجن العسكري (بسبب غيابي بدون إذن)‪ .‬لذلك ال بد أنني‬
‫رأيته في عام ‪ ،1880‬الذي جعله قبل ‪ 19‬عامًا‪ .‬ثم لديك الرقم ‪ 24‬في ‪ !2467‬اآلن خذ الرقم‬
‫الذي يمثل عمري‪ ،43 ،‬وقم بإضافة ‪ 24‬سنة إليه وتحصل على ‪ !67‬هذا هو السؤال عما إذا كنت‬
‫أريد التقاعد كنت قد أعربت عن رغبتي في العمل أكثر بـ ‪ 24‬عاما‪ .‬من الواضح أنني منزعج من‬
‫أنه في الفترة التي تابعت فيها العقيد م‪ .‬لم أنجز الكثير بنفسي‪ ،‬ومع ذلك هناك نوع من االنتصار‬
‫في حقيقة أنه قد تقاعد بالفعل‪ ،‬بينما ال يزال لدي كل شيء أمامي‪ .‬لذلك قد نقول بحق أنه حتى إلقاء‬
‫العدد ‪ 2467‬من دون قصد يرجع تصميمه من الالوعي‪.‬‬

‫منذ حالة المثال األول لتفسير اختيار اعتباطي ظاهريا لعدد قمت باختياره‪ ،‬قمت بتكرار‬
‫اختبار مماثل بنفس النتيجة؛ ولكن أغلب الحاالت تشتمل على محتوى حميمي إلى الحد الذي يجعلها‬
‫ال تكون واضحة األسباب على االطالق‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬لن أتردد في إضافة تحليل مثير جدا‬
‫لالهتمام ل “رقم الحظ " الذي تلقاه الدكتور ألفريد أدلر (فيينا) من رجل "سليم تماما"‪.143‬‬

‫كتب لي‪" :‬كرست نفسي الليلة الماضية لعلم األمراض السيكوباتية في الحياة اليومية‪ ،‬وكنت‬
‫ألقرأها كلها لو لم يعيقها مصادفة رائعة‪ .‬عندما قرأت أن كل عدد يبدو أننا نجعله بشكل اعتباطي‬
‫في وعينا له معنى محدد‪ ،‬قررت أن أختبره‪ .‬الرقم ‪ 1734‬خطر على بالي‪ .‬ثم جاءت االرتباطات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪102=1734٪17‬‬

‫‪34=102٪6‬‬

‫ثم فصلت الرقم إلى ‪ 17‬و‪ .34‬عمري ‪34‬سنة‪.‬‬

‫أعتقد أني قلت لك مرة أنني أعتبر ‪ 34‬عاما آخر سنة للشباب‪ ،‬ولهذا شعرت بالبؤس في‬
‫عيد ميالدي األخير‪ .‬كانت نهاية السنة السابعة عشر لي بداية فترة جميلة جدا ومثيرة لالهتمام من‬
‫تطوري‪ .‬قسمت حياتي إلى فترة ‪ 17‬سنة‪ .‬هل تعني هذه االنقسامات شيئا؟ يشير الرقم ‪ 102‬إلى‬
‫أن المجلد ‪ 102‬من مكتبة ريكالم العالمية هو مسرحية كوتزبوي (الكراهية اإلنسانية والتوبة)‪.144‬‬

‫"حالتي النفسية الحالية هي 'كراهية إنسانية وتوبة'‪ .‬رقم ‪ 6‬يحمل ارتباطا (أعرف عددا‬
‫كبيرا من األرقام عن ظهر قلب تحمل معاني) بمسرحية "الخطيئة" لمولنر‪ .145‬أنا منزعج‬
‫باستمرار من فكرة أنه من خالل خطئي الخاص لم أصبح ما يمكنني أن أكون عليه على الرغم من‬
‫قدراتي‪ .‬ثم سألت نفسي‪" :‬ما يعني رقم ‪17‬؟ " لكن لم أستطع تذكر ذلك‪ .‬ولكن كما كنت أعلم ذلك‬
‫من قبل‪ ،‬افترضت أنني كنت أتمنى أن أنسى هذا العدد كانه انعكاس للباطل‪ .‬تمنيت أن أستمر في‬
‫قراءتي‪ ،‬لكني لم أقرأ إال بطريقة آلية دون أن أفهم كلمة‪ ،‬إذ كنت منزعجا من الرقم ‪ .17‬أطفأت‬
‫الضوء وتابعت بحثي‪ .‬أخيرا جاءني أن الرقم ‪ 17‬يجب أن يكون مسرحية لشكسبير‪ .‬لكن أي‬
‫واحدة! فكرت في هيرو وليندر‪ .‬على ما يبدو محاولة غبية إللهائي‪ .‬وأخيرا بحثت واستشرت‬
‫فهرس مكتبة ريكالم العالمية عن رقم ‪ 17‬كان ماكبيث! تفاجأت باكتشاف أنني لم أعرف شيئا عن‬
‫المسرحية‪ ،‬على الرغم من أنها ال تهمني أقل من أي مسرحية لشكسبير أخرى‪ .‬فكرت فقط في‬
‫القتل‪ ،‬ليدي ماكبث‪ ،‬الساحرات‪" ،‬الطيبة قبح"‪ ،‬وأنني وجدت نسخة شيلر عن ماكبث لطيفة جدا‪.‬‬
‫وال شك أنني كنت أتمنى أيضا أن أنسى المسرحية‪ .‬ثم حدث لي أن ‪ 17‬و‪ 34‬يمكن تقسيمها إلى‬
‫‪ 17‬ونتج عنها ‪ 1‬و‪ .2‬الرقمان ‪ 1‬و‪ 2‬في فهرس المكتبة‪ .‬هو فاوست لجوته‪ .146‬سابقا وجدت‬
‫الكثير من فوست‪ 147‬في داخلي‪.‬‬

‫وعلينا أن نأسف ألن تقدير الطبيب لم يسمح لنا بأن نرى تفاصيل اكثر عن القضية‪ .‬الحظ‬
‫أدلر أن الرجل لم ينجح في تبرير تحليله‪ .‬ال تستحق ارتباطاته اإلبالغ عنها ‪ -‬فإستمرارهم سينتج‬
‫شيئا من شأنه أن يعطينا مفتاح فهم الرقم ‪ ١،٧٣٤‬والمجموعة الكاملة من األفكار دون معنى‬
‫حقيقي‪.‬‬

‫ألقتبس المزيد‪" :‬بالتأكيد هذا الصباح كان لدي تجربة تتحدث كثيرا عن صحة مفهوم‬
‫فرويد‪ .‬سألتني زوجتي‪ ،‬التي إستيقظت أثناء إستيقاظي ليال‪ ،‬عما أريد في قائمة مكتبة ريكالم‪ .‬لقد‬
‫وجدت كل ذلك هراء ولكني اعتقد انه مثير جدا لالهتمام‪ .‬ماكبيث التي سببت لي الكثير من‬
‫المشاكل‪ ،‬لكن بالنسبة لها مر الموضوع ببساطة وعادت لالستلقاء‪ .‬قالت إنه لم يخطر ببالها شيء‬
‫عندما فكرت في عدد‪ .‬أجبت‪" :‬لنجرب ذلك"‪ .‬وسمت الرقم ‪ .117‬وعلى الفور؛ أجبت‪ 17 :‬تشير‬
‫إلى ما قلته لكي للتو؛ عالوة على ذلك‪ ،‬أخبرتكم البارحة أنه إذا كانت الزوجة في عمر ‪ 82‬والزوج‬
‫في عمر ‪ 35‬فيجب أن يكون سوء فهم كبير بينهما‪ .‬خالل األيام القليلة الماضية كنت أمازح‬
‫زوجتي من خالل قولي على أنها كان عمرها كمن تكون في سن ال ‪ 82‬سنة‪= 35 + 82 .‬‬
‫‪.117‬‬

‫الرجل الذي ال يعرف كيف يحدد رقمه الخاص في الحال وجد الحل عندما قامت زوجته‬
‫بتسمية رقم يبدو انه تم إختياره بشكل اعتباطي‪ .‬والواقع أن المرأة فهمت جيدا جدا من أي عقدة نشأ‬
‫عدد زوجها‪ ،‬لذا اختارت رقمها من نفس العقدة‪ ،‬التي يشتركان فيها بالتأكيد‪ ،‬كما تعاملت في حالة‬
‫فرق األعمار بين الزوجين النسبية‪ .‬اآلن‪ ،‬نجد أنه من السهل تفسير الرقم الذي ظهر للرجل‪ .‬وكما‬
‫يشير د‪ .‬أدلر‪ ،‬فقد عبر عن رغبة مكبوتة من الزوج‪ ،‬متقدمة بالكامل اصال‪ ،‬تقول‪" :‬بالنسبة لرجل‬
‫يبلغ من العمر ‪ 34‬عاما مثلي‪ ،‬فإن امرأة فقط تبلغ من العمر ‪ 17‬عاما ستكون مناسبة‪".‬‬

‫لئال يفكر المرء باستخفاف بمثل هذه "األالعيب"‪ ،‬سأضيف أنني قد أبلغني الدكتور أدلر‬
‫زوجته‪148.‬‬ ‫مؤخرا أنه بعد عام من نشر هذا التحليل‪ ،‬انفصل الرجل عن‬

‫يقدم أدلر تفسيرا مماثال ألصل األرقام الوسواسية‪ .‬كما أن إختيار ما يسمى "باألرقام‬
‫المفضلة" ال يخلو من عالقة بحياة الشخص المعني‪ ،‬وال يفتقر إلى اهتمام نفسي معين‪ .‬فالرجل‬
‫الذي أبدى تحيزا معينا لألرقام ‪ 17‬و‪ 19‬يمكن أن يحدد‪ ،‬بعد تفكير قصير‪ ،‬أنه في سن ‪ 17‬سنة‪،‬‬
‫حقق الحرية األكاديمية التي طال انتظارها جدا بقبوله في الجامعة‪ ،‬أنه في ‪ 19‬سنة قام بأول رحلة‬
‫طويلة‪ ،‬وبعد ذلك بفترة قصيرة قام بأول اكتشاف علمي له‪ .‬لكن تثبيت هذا التفضيل للرقن أعقب‬
‫ذلك الحقا‪ ،‬بعد مغامرتان عاطفيتان مؤلمتان‪ ،‬عندها ربط نفس العدد مع األهمية بـ "حياته‬
‫العاطفية"‪.‬‬

‫والواقع أنه حتى األرقام التي نستخدمها في ارتباطات معينة كثيرا جدا وباعتباط واضح‬
‫يمكن تتبعها من خالل التحليل إلى معنى غير متوقع‪ .‬وهكذا‪ ،‬في يوم ما أصاب أحد مرضاي أنه‬
‫كان مولعا جدا بالقول‪" ،‬لقد أخبرتكم هذا من ‪ 17‬إلى ‪ 36‬مرة‪ ".149‬وسأل نفسه عما إذا كان هناك‬
‫أي دافع لذلك‪ .‬سرعان ما تبين له أنه ولد في اليوم السابع والعشرين من الشهر‪ ،‬وأن أخاه األصغر‬
‫ولد في اليوم السادس والعشرين من الشهر الذي يسبقه‪ ،‬وكان لديه سبب للشكوى بأن القدر قد سلبه‬
‫الكثير من فوائد الحياة فقط ليضفيها على أخيه األصغر‪ .‬وهكذا مثل تحيز القدر هذا باقتطاع ‪10‬‬
‫ايام من تاريخ والدته وإضافته إلى تاريخ ميالد أخيه‪ .‬اذ يقول أنا االكبر ومع ذلك أنا "منقوص"‬
‫جدًا‪.‬‬

‫سأبقى لفترة أطول قليال عند تحليل أرقام االحتماالت‪ ،‬ألنني ال أعرف أي مالحظة فردية‬
‫أخرى من شأنها أن تظهر بسهولة وجود عمليات تفكير عالية التنظيم ال يعرف عنها الوعي‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬ال يوجد مثال أفضل للتحليل الذي يجعل اقتراح الموقف المزيف‪ ،‬وهو اتهام‬
‫متكرر‪ ،‬غير وارد على اإلطالق‪ .‬لذلك سأبلغ عن تحليل عدد اعتباطي من أحد مرضاي‬
‫(بموافقته)‪ ،‬الذي سأضيف إليه أنه أصغر األطفال في عائلته‪ ،‬وأنه فقد والده الحبيب في سنوات‬
‫صغره‪.‬‬

‫بينما هو في مزاج سعيد بشكل خاص ظل الرقم ‪ 426718‬يتبادر إلى ذهنه‪ ،‬ويضع لنفسه‬
‫السؤال‪" ،‬حسنا‪ ،‬ما الذي يجلبه ذلك إلى عقلك؟ " في البداية تذكر نكتة سمعها‪ :‬وإذا تمت معالجة‬
‫انسداد األنف من قبل طبيب‪ ،‬فإنها تدوم ‪ 42‬يوما‪ ،‬إذا لم تتم معالجتها ستدوم ‪ 6‬أسابيع‪ .‬هذا يتوافق‬
‫مع الرقم األول (‪ .)7 × 6 = 42‬خالل التعطيل الذي أعقب هذا الحل األول لفت انتباهه إلى أن‬
‫عدد الخانات الست التي اختارها لديه يحوي جميع األرقام األولى عدا ‪ 3‬و‪ .5‬وفي الحال وجد‬
‫استمرارا لهذا الحل‪- :‬‬

‫كنا جميعا سبعة أطفال‪ ،‬وكنت األصغر‪ .‬الرقم ‪ 3‬في ترتيب األطفال يتوافق مع أختي أ‪،.‬‬
‫و‪ 5‬مع أخي ل‪.‬؛ كالهما كانا عدائي ضدي‪ .‬كطفل كنت أصلي إلى الرب كل ليلة ان يخرج من‬
‫حياتي هاتين الروحين المعذبتين‪ .‬يبدو لي أنني أوفبت نفسي بهذه األمنية‪ '3' :‬و '‪ ،'5‬تم حذف األخ‬
‫الشرير واألخ المكروه‪" .‬إذا كان الرقم ينطبق على أخوانكم وأخواتكم‪ ،‬ما هي األهمية التي تكون‬
‫عند ‪ 18‬في النهاية؟ كنا في مجموعنا ‪ 7‬فقط‪.‬‬

‫"كثيرا ما اعتقدت أنه لو كان والدي قد عاش مدة أطول لما كنت أصغر طفل‪ .‬لو كان هناك‬
‫شخص آخر ليأتي‪ ،‬كان يجب أن نكون ‪ ،8‬وكان ليكون هناك طفل أصغر‪ ،‬كان يمكن أن أؤدي فيه‬
‫دور األكبر سنا‪ .‬وبهذا تم شرح العدد‪ ،‬ولكننا ما زلنا نرغب في إيجاد صلة بين الجزء األول من‬
‫التفسير والجزء الذي يتبعه‪ .‬وقد جاء ذلك بسهولة من الشرط المطلوب لألرقام األخيرة ‪ -‬إذا كان‬
‫األب قد عاش لفترة أطول‪ 7 × 6 = 42 .‬تشير إلى السخرية الموجهة ضد االطباء الذين لم‬
‫يتمكنوا من مساعدة األب‪ ،‬وبهذه الطريقة تعرب عن الرغبة في إستمرار وجود االب‪ .‬الرقم كله‬
‫يتوافق حقا مع تحقق أمنيتين له في إشارة إلى دائرة أسرته ‪ -‬أي أن األخ والشقيقة الشريران يجب‬
‫أن يموتا وأن طفال صغيرا آخر يجب أن يتبعه‪ .‬أو‪ ،‬عبر عنها بإيجاز‪ :‬لو كان هذان فقط قد توفيا‬
‫والدي!‪150‬‬ ‫عوضا عن‬

‫ترك رجل من معارفه الرقم ‪ 986‬يخطر‬ ‫جونز‪151.‬‬ ‫تحليل آخر لألرقام التي أخذتها من‬
‫على ذهنه‪ ،‬وتحدى أن يربطه بأي شيء له أهمية خاصة في عقله‪" .‬قبل ست سنوات‪ ،‬وفي أحر‬
‫يوم كان يتذكر‪ ،‬كان قد رأى نكتة في صحيفة مسائية ذكرت ان مقياس الحرارة كان ‪ 9806‬درجة‬
‫فهرنهايت‪ ،‬ومن الواضح انها كانت مبالغة في ‪ 9806‬درجة فهرنهايت‪ .‬كنا في ذلك الوقت جالسين‬
‫امام نار حارة جدا‪ ،‬كان قد انسحب من قربها لتوه‪ ،‬وقال‪ ،‬ربما بشكل صحيح‪ ،‬ان الحرارة اثارت‬
‫ذاكرته الساكنة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كنت فضوليًا أن أعرف لماذا استمرت هذه الذاكرة بهذه الحيوية بحيث‬
‫يمكن ان تخرج بسهولة‪ ،‬ألنه مع معظم الناس كان من المؤكد ان تنسى‪ ،‬ما لم تصبح مرتبطة‬
‫بتجارب ذهنية أخرى أكثر أهمية‪.‬‬

‫"أخبرني أنه عندما قرأ النكتة ضحك بغضب‪ ،‬وأنه في العديد من المناسبات الالحقة تذكر‬
‫النكتة بخصوصية كبيرة‪ .‬وكما كانت النكتة من طبيعة هشة للغاية‪ ،‬فقد عزز هذا من توقعاتي بأن‬
‫وراءها كان المزيد‪ .‬فكرته التالية كانت االنعكاس العام اذ انه لطالما أعجب بمفهوم الحرارة بشدة‪،‬‬
‫أن الحرارة كانت أهم شيء في الكون‪ ،‬مصدر الحياة‪ ،‬وهلم جرا‪ .‬كان هذا الموقف الرائع من شاب‬
‫ساخر يحتاج بالتأكيد إلى بعض التفسير‪ ،‬لذا طلبت منه أن يواصل سرد االرتباطات‪ .‬الفكرة التالية‬
‫كانت عن مدخنة المصنع التي كان يستطيع رؤيتها من نافذة غرفة نومه‪ .‬وغالبا ما وقف في أمسية‬
‫يراقب الشعلة والدخان الخارج منها‪ ،‬ويفكر في هذا الهدر المؤسف للطاقة‪ .‬الحرارة‪ ،‬الشعلة‪،‬‬
‫مصدر الحياة‪ ،‬مضيعة الطاقة الحيوية التي تصدر من أنبوب مستقيم ومجوف ‪ -‬لم يكن من الصعب‬
‫االفتراض من مثل هذه االرتباطات أن أفكار الحرارة والنار كانت غير واعية ومرتبطة في ذهنه‬
‫بفكرة الحب‪ ،‬كما هو متكرر في التفكير الرمزي‪ ،‬وأن هناك حاضرا قويا لعقدة االستمناء‪ ،‬وهو‬
‫االستنتاج الذي أكده الحقًا‪.‬‬

‫أما الذين يرغبون في الحصول على انطباع جيد عن الطريقة التي يتم بها تطوير مواد‬
‫جونج‪ 152‬وجونز‪153.‬‬ ‫األرقام في التفكير الالواعي‪ ،‬فإنني أشير إلى ورقتين من‬

‫في التحليل الشخصي لهذا النوع من األمور كان هناك شيئان مميزان بشكل خاص‪ .‬فأوال‪،‬‬
‫اليقين الالواعي المطلق الذي ناقشت به النقطة الموضوعية غير المعروفة‪ ،‬والذي اندمج إلى قطار‬
‫فكري رياضياتي‪ ،‬والذي امتد فجأة إلى الرقم الذي يبحث عنه المرء‪ ،‬والسرعة التي أديت بها كل‬
‫العمل الالحق‪ .‬ثانيا‪ ،‬حقيقة أن األرقام كانت دائما تحت تصرف ذهني الالواعي‪ ،‬في حين أنني في‬
‫الواقع رياضياتي فقير أجد أنه من الصعب جدا أن أتذكر بشكل واع السنوات‪ ،‬أرقام المنازل‪ ،‬وما‬
‫إلى ذلك‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬في هذه العمليات العقلية الالواعية مع األرقام‪ ،‬وجدت ميال إلى‬
‫الخرافة‪ ،‬التي ظل منشأها غير معروف بالنسبة لي لفترة طويلة‪.‬‬

‫ولن يدهشنا أن نجد أن األحداث العقلية‪ ،‬من مختلف أنواع الكلمات‪ ،‬ال تقتصر على األرقام‬
‫فحسب‪ ،‬بل إنها تثبت بصورة منتظمة أن التحقيقات التحليلية البد وأن تكون دقيقة‪.‬‬

‫ويروي برايل‪" :‬أثناء عملي على النسخة اإلنجليزية من هذا الكتاب كنت مهووسا في صباح‬
‫أحد األيام بالكلمة الغريبة "كارديالك"‪ .‬وبإصرار على عملي‪ ،‬رفضت في البداية االهتمام به‪ ،‬ولكن‬
‫كما هي الحال عادة‪ ،‬لم يكن بوسعي ببساطة أن أفعل أي شيء آخر‪" .‬كارديالك" كان دائما في‬
‫ذهني‪ .‬بعد أن أدركت أن رفض االعتراف كان مجرد مقاومة‪ ،‬قررت تحليله‪ .‬حدثت لي الروابط‬
‫التالية‪ :‬كارديالك‪ ،‬القلب‪ ،‬كارفور‪ ،‬كاديالك‪.‬‬

‫"استذكرت القلب الكاردلوجيا ‪ -‬ألم القلب ‪ -‬وهو صديق طبيب أخبرني مؤخرا بسرية أنه‬
‫يخشى أن تكون له سكتة قلبية ألنه عانى من بعض اآلالم في منطقة قلبه‪ .‬ومن منطلق معرفتي به‬
‫بشكل جيد فقد رفضت نظريته في ذات الوقت‪ ،‬وقلت له إن ازماته القلبية كانت ذات طبيعة‬
‫عصبية‪ ،‬وأن األمراض الجسدية األخرى التي يعاني منها كانت أيضا مجرد تعبير عن عصابيته‪.‬‬
‫"ربما أضيف أنه قبل أن يخبرني عن مشاكله القلبية تحدث عن مسألة تجارية ذات أهمية حيوية‬
‫بالنسبة له التي أصبحت فجأة بال جدوى‪ .‬وكونه رجل ذو طموحات ال حدود لها‪ ،‬فقد كان مكتئبا‬
‫جدا بسبب انتكاسات كثيرة مماثلة تعرض لها مؤخرا‪ .‬ولكن صراعاته العصبية أصبحت واضحة‬
‫قبل بضعة أشهر من هذه الكارثة‪ .‬وبعد موت والده مباشرة ترك تجارة كبيرة كانت في متناول‬
‫يديه‪ .‬وبما أن العمل ال يمكن أن يستمر إال في ظل إدارة صديقي‪ ،‬فإنه لم يتمكن من اتخاذ قرار‬
‫بشأن ما إذا كان سيدخل الحياة التجارية أم أنه سيتابع مسيرته المهنية المختارة‪ .‬وكان طموحه‬
‫العظيم أن يصبح طبيبا ناجحا‪ ،‬ورغم أنه مارس الطب بنجاح لسنوات عديدة‪ ،‬فإنه لم يكن راضيا‬
‫بالكامل عن التقلبات المالية لدخله المهني‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬وعدت شركة والده بعودة مضمونة‪،‬‬
‫وإن كانت محدودة‪ .‬وباختصار‪ ،‬كان "في مفترق طرق ولم يكن يعرف في أي طريق عليه ان‬
‫يذهب"‪.‬‬

‫ثم ذكرت كلمة كارفور‪ ،154‬وهي بالفرنسية "العبور"‪ ،‬وقد تبين لي أنني أثناء عملي في‬
‫مستشفى في باريس‪ ،‬عشت بالقرب من "كارفور سانت الزارري"‪ .‬واآلن أستطيع أن أفهم ما‬
‫عالقة كل هذه االرتباطات بي‪.‬‬

‫"عندما قررت مغادرة المستشفى الحكومي اتخذت القرار أوال‪ ،‬ألنني أردت الزواج‪ ،‬وثانيا‪،‬‬
‫ألنني رغبت في الدخول في ممارسة خاصة‪ .‬وقد أثار هذا مشكلة جديدة‪ .‬وعلى الرغم من أن‬
‫خدمة المستشفى الحكومي كانت ناجحة تماما‪ ،‬فبحكم الترقيات وما إلى ذلك‪ ،‬شعرت كأنني ككثير‬
‫من الناس في نفس الحالة‪ ،‬أال وهو أن تدريبي لم يكن مناسبا للممارسة الخاصة‪ .‬وكان التخصص‬
‫في العمل العقلي مهمة جريئة بالنسبة لشخص ال يملك المال وال العالقات االجتماعية‪ .‬كما شعرت‬
‫أن أفضل ما يمكنني فعله للمرضى لو جاءوا في طريقي هو أن ألزمهم بأحد المستشفيات‪ ،‬حيث‬
‫أنني ال أثق كثيرا في العالج المنزلي بشكل عام‪ .‬وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي أحرز في‬
‫السنوات األخيرة في مجال العمل العقلي‪ ،‬فإنني "المتخصص" اكاد اكون عاجزا حين اواجه‬
‫الحاالت المتوسطة من الجنون‪ .‬ويمكن أن يعزى ذلك جزئيا إلى أن هذه الحاالت تجلب إلي بعد أن‬
‫تكون قد تطورت تماما من اإلصابة بالمرض النفسي عندما يكون العالج في المستشفى غير‬
‫مجدي‪ .‬ومن بين أعظم جيش من االضطرابات العقلية الدافئة‪ ،‬فإن ما يسمى بحاالت حدود الجنون‪،‬‬
‫والتي تشكل القسم األعظم من العيادات والعمل الخاص والتي تنتمي بحق إلى المتخصصين في‬
‫األمراض العقلية‪ ،‬لم أكن أعرف إال أقل القليل‪ ،‬وذلك ألن هؤالء المرضى نادرا‪ ،‬أو لم يأتوا أبدا‪،‬‬
‫إلى مستشفى الوالية‪ ،‬وما أعرفه فيما يتصل بمعالجة الربو العصبي‪ 155‬والربو الذهني لم يكن كافيا‬
‫لجعلي أكثر تفاؤال بالنجاح في الممارسة الخاصة‪.‬‬

‫"في هذه الحالة‪ ،‬جئت إلى باريس‪ ،‬حيث كنت أتمنى أن أتعلم ما يكفي عن علم النفس‬
‫ليمكنني من مواصلة تخصصي في الممارسة الخاصة‪ ،‬وان أشعر أنني أستطيع أن أفعل شيئا‬
‫لمرضاي‪ .‬ولكن ما رأيته في باريس لم يساعد في تغيير فكري‪ .‬وهناك أيضا‪ ،‬كان أغلب العمل‬
‫موجها إلى األنسجة الميتة(تشريح العقل)‪ .‬وعلى هذا فإن الجوانب العقلية تلقى قدرا ضئيال من‬
‫االهتمام‪ .‬لذلك كنت أفكر جديا في التخلي عن عملي العقلي لبعض التخصصات األخرى‪ .‬وكما‬
‫يتضح‪ ،‬واجهت حالة شبيهة بحالة صديقي الطبيب‪ .‬فأنا أيضا كنت في معبر ولم أكن أعرف أي‬
‫طريق للذهاب فيه‪ .‬وسرعان ما انتهى تشويقي‪ .‬في أحد األيام‪ ،‬تلقيت رسالة من صديقي البروفسور‬
‫بيترسون‪ ،‬الذي كان على فكرة مسؤوال عن دخولي إلى المستشفى الحكومي‪ .‬في هذه الرسالة‬
‫نصحني بعدم التخلي عن عملي‪ ،‬واقترح عيادة الطب النفسي في زيوريخ‪ ،‬حيث اعتقد انه يمكنني‬
‫العثور على ما أريد‪.‬‬

‫"ولكن ماذا يعني كاديالك؟ كاديالك هو اسم فندق وسيارة‪ .‬قبل أيام قليلة في بلد كنت أنا‬
‫وصديقتي الطبيبة نحاول أن نستأجر سيارة‪ ،‬ولكن لم يكن هناك أي شيء‪ .‬ولقد عبر كل منا عن‬
‫رغبته في امتالك سيارة ومرة أخرى كان طموحا لم يتحقق‪ .‬كما ذكرت أن شارع كارفور‬
‫الزارري كان دائما ما يثيرني باعتباره واحدا من أكثر الشوارع أزدحاما في باريس‪ .‬كانت دائما‬
‫مزدحمة بالسيارات‪ .‬وتذكر كاديالك أيضا أنه قبل أيام قليلة فقط في طريقي إلى عيادتي الحظت‬
‫عالمة كبيرة فوق مبنى أعلن أنه في يوم معين 'كان هذا المبنى يشغله كاديالك'‪ ،‬إلخ‪ .‬في البداية‬
‫جعلني هذا أفكر في فندق كاديالك‪ ،‬ولكن في النظرة الثانية الحظت أنه يشير إلى سيارة كاديالك‪.‬‬
‫كانت هناك عقبة مفاجئة هنا لبضع لحظات‪ .‬عادت كلمة كاديالك إلى الظهور وباقتران سليم‬
‫ظهرت لي قائمة الكلمات‪.‬‬
‫لقد أعادت هذه الكلمة إلى األذهان حادثة مروعة للغاية من أصل حديث‪ ،‬والذي كان الدافع‬
‫وراء ذلك هو الطموح المزعج مرة أخرى‪" .‬عندما يرغب المرء في اإلبالغ عن أي تحليل ذاتي‪،‬‬
‫يجب ان يكون مستعدا ليعطي الكثير من االمور الحميمة عن حياته‪ .‬إن أي شخص يقرأ بعناية‬
‫أعمال البروفيسور فرويد من غير الممكن أن يفشل في التعرف على نحو وثيق معه ومع أسرته‪.‬‬
‫كثيرا ما يسألني أشخاص يدعون أنهم قرأوا ودرسوا أعمال فرويد مثل‪ :‬كم عمر فرويد؟ هل فرويد‬
‫متزوج؟ كم طفل لديه؟ الخ‪ .‬كلما سمعت هذه األسئلة أو أسئلة مماثلة‪ ،‬أعرف أن السائل قد كذب‬
‫عندما قدم هذه التأكيدات‪ ،‬أو أنه‪ ،‬على أن يكون قارئ مهمل وسطحي جدا‪ .‬كل هذه االسئلة والكثير‬
‫منها يجيب عليها في أعمال فرويد‪ .‬التحليالت التلقائية هي السير الذاتية بامتياز؛ ولكن في حين أن‬
‫كاتب سيرة ذاتية قد يخفي بشكل واع وبال وعي العديد من الحقائق عن حياته‪ ،‬فإن المحلل الذاتي ال‬
‫يكتفي بإخبار الحقيقة بوعي‪ ،‬بل إن القوة الذاتية تضيء شخصيته الحميمة بالكامل‪ .‬ولهذه األسباب‬
‫نجد أنه من غير السار اإلبالغ عن تحليالته التلقائية‪ .‬ولكن‪ ،‬إذ غالبا ما نبلغ عن إنتاج مرضانا‬
‫الالواعي‪ ،‬من العدل ان نضحي بأنفسنا على مذبح الدعاية عندما يتطلب االمر‪ .‬هذا اعتذاري‬
‫إلرغام القارئ على قراءة بعض شؤوني الشخصية‪ ،‬وإجباره على االستمرار لفترة أطول في نفس‬
‫الضغط‪.‬‬

‫"قبل أن أستطرد في المالحظات األخيرة‪ ،‬ذكرت أن كلمة كاديالك جلبت كتالوج الروابط‬
‫للتفكير‪ .‬لقد أعاد هذا االرتباط التذكير بفترة مهمة آخرى في حياتي كان البروفيسور بيترسون‬
‫متصال بها‪ .‬في شهر مايو‪/‬أيار الماضي أبلغني أمين الكلية بأنني عينت رئيسا لعيادة قسم الطب‬
‫النفسي‪ .‬وال يسعني إال أن أقول إنني سعيد جدا بهذا التكريم ‪ -‬في المقام األول‪ ،‬ألنه كان تحقيق‬
‫طموح لم أجرؤ على تحقيقه إال في ظل آمالي الخاصة؛ وثانيا‪ ،‬كان بمثابة تعويض عن االنتقادات‬
‫العديدة غير المستحقة من أولئك الذين يعترضون بشكل أعمى وغير معقول على بعض عملي‪.‬‬
‫وبعد ذلك بوقت قصير‪ ،‬اتصلت بكاتبة القسم وتحدثت إليها عن تصحيح يجرى باسمي عند طباعته‬
‫في الدليل‪ .‬لسبب غير معروف (ربما التحيز العنصري)‪ ،‬ال بد ان هذه السيدة ألمسيحية‪ ،‬قد بدأت‬
‫بكراهيتي‪ .‬منذ حوالي ثالث سنوات طلبت منها مرارا أن تقوم بهذا التصحيح‪ ،‬لكنها لم تلتفت إلي‪.‬‬
‫ال شك أنها كانت تعد دوما بتلبية هذا الوعد‪ ،‬ولكن الخطأ ظل بال تصحيح‪" .‬عندما رأيتها في مايو‪/‬‬
‫أيار الماضي ذكرتها مرة أخرى بهذا التصحيح‪ ،‬كما اثرت انتباهها إلى حقيقة أنني كنت عند تعييني‬
‫رئيسا للعيادة‪ ،‬كنت حريصا بشكل خاص على طباعة اسمي بشكل صحيح في الكتالوج‪ .‬اعتذرت‬
‫عن "اشتباهها" وأكدت لي أن كل شيء يجب أن يكون كما طلبت‪ .‬تخيلوا دهشتي وغضبي عندما‬
‫قمت باستالم الكتالوج الجديد وجدت أنه بينما كان التصحيح قد تم باسمي اال أني لم أكن مدرجا‬
‫كرئيس للعيادة‪ .‬عندما سألتها عن هذا كانت محتارة؛ وقالت إنها لم تكن لديها أدنى فكرة أنني عينت‬
‫رئيسا للعيادة‪ .‬كان عليها أن تستشير محاضر الكلية‪ ،‬التي كتبتها بنفسها‪ ،‬قبل أن تقتنع بها‪ .‬وتجدر‬
‫وقوعها‪156.‬‬ ‫اإلشارة إلى أن من واجبها‪ ،‬ككاتبة في القسم‪ ،‬معرفة كل هذه األمور بمجرد‬

‫"وبالتالي‪ ،‬فان كارديالك‪ ،‬وهي مجموع الكلمات كاردياك‪ ،157‬كاديالك‪ ،‬وكتالوجات‪،‬‬


‫يحتوي على بعض من أهم جهود تجربتي الطبية‪ .‬عندما كنت في نهاية هذا التحليل تقريبا تذكرت‬
‫فجأة حلما يحتوي على هذه الكارديالك الجديدة التي تحققت فيها أمنيتي‪ .‬ظهر اسمي في مكانه‬
‫الصحيح في الكتالوج‪ .‬الشخص الذي أراني ذلك في الحلم كان البروفيسور بيترسون‪ .‬عندما كنت‬
‫في أول "عبور" بعد تخرجي من كلية الطب‪ ،‬حثني البروفسور بيترسون على دخول خدمة‬
‫المستشفى‪ .‬بعد حوالي خمس سنوات عندما كنت في حالة عدم إتخاذ القرار الذي وصفته‪ ،‬كان‬
‫البروفيسور بيترسون هو الذي نصحني بالذهاب إلى عيادة الطب النفسي في زيوريخ حيث من‬
‫خالل بليولر ويونغ تعرفت ألول مرة على البروفيسور فرويد وأعماله‪ ،158‬وكان أيضا من خالل‬
‫التوصية الرقيقة التي قدمها الدكتور بيترسون أنني وصلت إلى منصبي الحالي‪.‬‬

‫أنا مدين للدكتور هيتشمان بحل قضية أخرى حيث تكررت تالوة شعر في الذهن في مكان‬
‫معين دون أن يظهر أي أثر ألصله او أي عالقة‪.‬‬

‫كتب د‪ .‬ي‪" :.‬قبل ست سنوات سافرت من بيرريتز إلى سان سيباستيان‪ .‬يعبر القطار عبر‬
‫نهر بيداساو ‪ -‬وهو نهر يشكل هنا الحدود بين فرنسا وإسبانيا‪ .‬على الجسر نرى منظر رائع‪ ،‬على‬
‫جانب الوادي العريض لجبال بايرينيس وعلى الجانب االخر البحر‪ .‬كان يوما صيفيا رائعا؛ كل‬
‫شيء امتأل بالشمس والضوء‪ .‬كنت في عطلة وسعدت برحلتي إلى إسبانيا‪ .‬فجأة جاءتني الكلمات‬
‫التالية‪" :‬ولكن الروح حرة بالفعل‪ ،‬تطفو على بحر من الضوء‪" ".‬في ذلك الوقت كنت أحاول أن‬
‫أتذكر من أين أتت هذه االبيات‪ ،‬ولكن لم أستطع أن أتذكر؛ وبالحكم من خالل اإليقاع‪ ،‬يجب أن‬
‫تكون الكلمات جزءا من قصيدة‪ ،‬التي‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬افلتت تماما من ذاكرتي‪ .‬وفي وقت الحق عندما‬
‫عادت االبيات إلى ذهني مرارا وتكرارا‪ ،‬سألت الكثير من الناس عنها دون الحصول على أي‬
‫معلومات" ‪.‬في العام الماضي عبرت نفس الجسر في رحلة العودة من إسبانيا‪ .‬كانت ليلة مظلمة‬
‫جدا وأمطرت‪ .‬نظرت من خالل النافذة للتأكد مما إذا كنا قد وصلنا بالفعل إلى المحطة الحدودية‬
‫والحظت أننا على جسر بيداساو‪ .‬فورا عادت االبيات المذكورة أعاله إلى ذاكرتي‪ ،‬ومرة أخرى لم‬
‫أتمكن من تذكر أصلها‪" .‬بعد عدة أشهر من منزلي‪ ،‬وجدت قصائد أهالند‪ .‬فتحت الصوت فوقع‬
‫نظري على اآلبيات‪ :‬لكن الروح حرة‪ ،‬تطفو على بحر من الضوء‪ ،‬التي كانت الخطوط الختامية‬
‫لقصيدة بعنوان "الحاج‪ ."159‬قرأت القصيدة وتذكرت بهدوء أنني عرفتها منذ سنوات عديدة‪ .‬مشهد‬
‫الحركة في إسبانيا‪ ،‬وهذا يبدو لي أنه العالقة الوحيدة بين االبيات المقتبسة والمكان في رحلة السكك‬
‫الحديدية التي وصفتها لي‪ .‬كنت راض عن اكتشافي فقط في النصف‪ ،‬واستمررت في تصفح‬
‫الكتاب ميكانيكيا‪ .‬عند فتح الصفحة التالية وجدت قصيدة بعنوان "جسر بيدا ساو‪".‬‬

‫"يمكنني ان اضيف ان محتويات هذه القصيدة بدت لي أكثر غرابة من محتويات القصيدة‬
‫االولى‪ ،‬وان المقطع االول منها يقول‪" :‬على جسر بيداساو يقف قديسا جعله الزمن رصاصيا‪،‬‬
‫يبارك إلى اليمين الجبل االسباني‪ ،‬وإلى اليسار يبارك األرض الفرنسية"‪.‬‬

‫ربما يساهم هذا الفهم لتحديد األسماء واألرقام والكلمات التي يبدو أنها مختارة بشكل تعسفي‬
‫في حل مشكلة أخرى‪ .‬وكما هو معروف‪ ،‬فإن العديد من األشخاص يجادلون ضد افتراض الحتمية‬
‫النفسية المطلقة باإلشارة إلى الشعور الشديد باالقتناع بأن هناك إرادة حرة‪ .‬إن هذا الشعور‬
‫باالقتناع موجود‪ ،‬ولكنه ال يتعارض مع اإليمان بالحتمية‪ .‬ومثل كل المشاعر الطبيعية‪ ،‬فالبد وأن‬
‫يكون مبرره بشيء ما‪ .‬ولكن بقدر ما أستطيع أن أرى أنها ال تظهر في ميزان القرارات المهمة؛‬
‫وفي هذه المناسبات‪ ،‬يشعر المرء بقدر أكبر من الشعور بإجباره النفسي‪ ،‬ويسره ان يعود اليه‪.‬‬
‫(قارن لوثر "ها أنا واقف‪ ،‬ال أستطيع أن أفعل أي شيء آخر") ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن القرارات‬
‫التافهة والالمبالية هي أن المرء يشعر بأنه كان بإمكانه أن يتصرف بطريقة مختلفة بنفس السهولة‪،‬‬
‫وأنه تصرف بإرادته الحرة‪ ،‬وبدون أي دوافع‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإننا ال نحتاج من تحليالتنا إلى الطعن في‬
‫حق الشعور باالقتناع بأن هناك إرادة حرة‪ .‬وإذا ميزنا الوعي عن الدافع الالواعي‪ ،‬فإننا نبلغ بذلك‬
‫شعورنا باالقتناع بأن الدافع الواعي ال يمتد على كل قراراتنا الحركية "على األقل"‪ .‬وبالتالي فإن‬
‫ما يترك حرا من جانب واحد يتلقى دافعه من الجانب اآلخر‪ ،‬من الجانب الالواعي‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫الحتمية والتحديد في المجال النفسي تسير بشكل سلس‪160.‬ورغم أن الفكر الواعي البد وأن يكون‬
‫جاهال تماما بدوافع األفعال الخاطئة الموصوفة أعاله‪ ،‬فمن المرغوب فيه رغم ذلك أن نكتشف‬
‫برهانا عقليا على وجوده؛ والواقع أن األسباب التي تم التوصل إليها من خالل معرفة أعمق حول‬
‫الالوعي تجعل من المحتمل اكتشاف مثل هذه البراهين في مكان ما‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يمكن إثبات‬
‫الظواهر في مجالين يبدو أنهما يتالءمان مع الالوعي وبالتالي مع معرفة معينة بهذه الدوافع‪.‬‬

‫(أ‌) من الملفت للنظر والمعترف به عموما في سلوك جنون العظمة‪ ،‬أنها تولي أهمية كبرى‬
‫للتفاصيل التافهة في سلوك اآلخرين‪ .‬تفاصيل غالبا ما يتغاضى عنها اآلخرون ويعتبرونها أساسا‬
‫الستنتاجات بعيدة المدى‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬استنتج آخر مصاب بجنون العظمة الذي شاهدته لي‬
‫أن هناك اتفاقا عاما بين الناس في محيطه‪ ،‬ألنهم قاموا‪ ،‬عند مغادرته محطة السكك الحديدية‪،‬‬
‫بحركة معينة بيد واحدة‪ .‬والحظ آخر كيف سار الناس في الشارع‪ ،‬وكيف يلوحون بعصي المشي‬
‫ذلك‪161.‬‬ ‫بطريقة تستفزه‪ ،‬وما إلى‬

‫وبالتالي فإن فئة العارض التي ال تتطلب أي دافع‪ ،‬والتي تسمح للشخص العادي بتمريرها‬
‫كجزء من أنشطته النفسية وأفعاله الخاطئة‪ ،‬مرفوضة بسبب جنون العظمة عند العصابيين‪ .‬كل ما‬
‫يراقبه في اآلخرين مليء بالمعاني‪ ،‬كل شيء قابل للتفسير‪ .‬ولكن كيف ينظر إليها بهذه الطريقة؟‬
‫ربما هنا كما في العديد من الحاالت األخرى‪ ،‬يقوم بتسليط الضوء على الحياة العقلية لآلخرين ما‬
‫يوجد في نشاطه الالواعي‪ .‬فالعديد من األشياء تنبئ بالوعي في جنون العظمة الذي ال يمكن في‬
‫األشخاص الطبيعيين والعصابيين إال أن يظهر من خالل التحليل النفسي وكما هو موجود في‬
‫الالوعي‪162.‬‬

‫(ب‌) تعطي ظاهرة الخرافات مؤشرا آخر على الدافع الالواعي في المصادفة واألفعال‬
‫العارضة‪ .‬وسوف أوضح قولي من خالل مناقشة تجربة بسيطة أعطتني نقطة البداية لهذه‬
‫االنعكاسات‪ .‬بعد عودتي من اإلجازة‪ ،‬تحولت أفكاري فورا إلى المرضى الذين كنت سأشغل نفسي‬
‫معهم في بداية عملي في السنة‪ .‬كانت زيارتي األولى المرأة عجوز جدا‪ ،‬كنت أزورها مرتين‬
‫يوميا وعمل نفس الخدمات لسنوات عديدة‪ .‬وبسبب هذه األفكار غير الواعية الرتيبة‪ ،‬غالبا ما‬
‫وجدت تعبيرات في الطريق إلى المريضة وأثناء فترة عملي معها‪ .‬كانت فوق التسعين من عمرها؛‬
‫لذلك كان يسأل المرء نفسه في بداية كل سنة كم من الوقت كان مقدر ان تعيش فيه‪.‬‬
‫في ذلك اليوم الذي أتحدث فيه كنت أسرع وأستقل عربة إلى منزلها‪ .‬كان كل سائق عربة‬
‫بالقرب من منزلي يعرف عنوان المرأة العجوز‪ ،‬حيث ان كلهم قادوني إلى هناك مسبقا‪ .‬حدث هذا‬
‫اليوم أن السائق لم يتوقف أمام منزلها‪ ،‬ولكن قبال أحد البيوت التي تحمل نفس الرقم في شارع‬
‫قريب ومشابه حقا‪ .‬الحظت الخطأ وذكرتهه للشاب الذي اعتذر عنه‪.‬‬

‫هل هنالك أي مغزى عندما يأخذني إلى بيت ال توجد فيه العجوز؟ بالتأكيد ال؛ لكن لو كنت‬
‫اهتم بالفأل سآقول ان في هذه الحادثة تلميحة عن ان السنة هي االخيرة للعجوز‪ .‬والواقع أن العديد‬
‫من العالمات التي درستها لم تكن مبنية على رمزية أفضل‪ .‬بالطبع‪ ،‬أفسر الحادثة بأنها حادثة دون‬
‫معنى‪ .‬كانت القضية مختلفة تماما لو أتيت سيرا على األقدام و"سرحت في التفكير" أو "من خالل‬
‫التشتيت"‪ ،‬كنت قد ذهبت إلى المنزل في الشارع الموازي بدال من المنزل الصحيح‪ .‬لم أكن ألشرح‬
‫ذلك على أنه حادث‪ ،‬بل على أنه عمل ال واعي‪ ،‬يتطلب االستحضار الذهني‪ .‬وتفسيري لهذا‬
‫"االنهماك في المشي" ربما هو أنني كنت أتوقع أن الوقت سيأتي قريبا عندما ال أقابل المرأة‬
‫العجوز بعد ذلك‪ .‬لذلك اختلف عن الشخص الخرافي بالطريقة التالية‪:‬‬

‫ال أعتقد أن وقوع حدث ال تشارك فيه حياتي العقلية يمكن أن يعلمني أي شيء مخفي فيما‬
‫يتعلق بتشكيل الواقع في المستقبل؛ لكنني أعتقد أن مظهرا غير مقصود لنشاطي العقلي يحتوي‬
‫بالتأكيد على شيء مخفي ينتمي فقط إلى حياتي العقلية أي أنني أؤمن بالفرصة الخارجية‬
‫(الحقيقية)‪ ،‬ولكن ليس في الحوادث الداخلية (النفسية)‪ .‬مع الشخص المؤمن بالخرافة تنقلب القضية‪:‬‬
‫فهو ال يعرف شيئا عن الدافع وراء فرصته وأفعاله العارضة؛ هو يؤمن بوجود حالة طوارئ‬
‫نفسية؛ ولذلك فهو يميل إلى إعطاء معنى للصدفة الخارجية‪ ،‬التي تظهر في الواقع الفعلي‪ ،‬وإلى أن‬
‫يرى في الحادث وسيلة للتعبير عن شيء مخفي خارجه‪ .‬هناك اختالفان بيني وبين الشخص‬
‫المؤمن بالخرافات‪ :‬فهو‪:‬‬

‫‪ .‬يروج للحافز إلى الخارج‪ ،‬بينما أبحث عنه بنفسي‪.‬‬

‫‪ .‬يشرح الحادثة بحادثة بينما أتبعها إلى فكرة‪.‬‬


‫ما يعتبره مخفيا يناظر الالوعي معي‪ ،‬واإللزام ال يدع الصدفة تمر كصدفة‪ ،‬بل أن يفسر‬
‫ذلك كأمر مشترك بيننا جميعا‪ .‬لذلك أعترف بأن هذا الجهل الواعي والمعرفة الالواعية لدوافع‬
‫الخطأ النفسي هي أحد الجذور النفسية للخرافات‪ .‬ألن الشخص الخرافي ال يعرف شيئا عن دوافع‬
‫أفعاله العرضية‪ ،‬وألن حقيقة هذا الدافع تسعى إلى إيجاد مكان في تقديره‪ ،‬فإنه يضطر للتخلص‬
‫منها بتهجيرها إلى العالم الخارجي‪ .‬وفي حالة وجود مثل هذا االتصال فإنه ال يمكن أن يقتصر‬
‫على هذه الحالة الوحيدة‪ .‬في الواقع‪ ،‬أعتقد أن جزءا كبيرا من المفهوم األسطوري للعالم الذي يصل‬
‫إلى أبعد الحدود بين األديان الحديثة ليس سوى علم النفس المسقط في العالم الخارجي‪ .‬إن التصور‬
‫أخذ كنموذج‬ ‫‪163‬‬ ‫الخافت (اإلدراك النفسي الواعي‪ ،‬كما كان) للعوامل النفسية والعالقات الالواعية‬
‫في بناء واقع متعالي‪ ،‬الذي من المقرر أن يتغير مرة أخرى من خالل العلم إلى علم النفس‬
‫الالواعي‪.‬‬

‫ومن الصعب أن نعبر عنها بعبارات أخرى؛ والبد أن يأتي قياس جنون العظمة هنا‬
‫لمساعدتنا‪ .‬ونحن نغامر بشرح أساطير الجنة وسقوط اإلنسان‪ ،‬أو هللا‪ ،‬أو الخير والشر‪ ،‬أو الخلود‪،‬‬
‫وما إلى ذلك بمعنى تحويل الميتافيزيقية إلى فن علم النفس‪ .‬والواقع أن الفجوة بين نزوح المصابين‬
‫بجنون العظمة وبين نزوح الخرافات أضيق مما قد يبدو للوهلة األولى‪ .‬عندما بدأ البشر في‬
‫التفكير‪ ،‬كانوا مجبرين بوضوح على تفسير العالم الخارجي بالمعنى البشري من قبل عدد كبير من‬
‫الشخصيات في صورتهم الخاصة؛ وبالتالي فإن الحوادث التي أوضحوها خلسة هي أفعال وتعابير‬
‫عن األشخاص‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تصرفوا تماما كما يتصرف من لديه جنون الشك‪ ،‬الذين‬
‫يستخلصون إستنتاجات من عالمات ال تذكر يعطيها اآلخرون‪ ،‬وشأنهم شأن جميع األشخاص‬
‫الطبيعيين الذين يتخذون عن حق األفعال غير المقصودة من جانب أخوتهم البشر أساسا لتقدير‬
‫شخصياتهم‪ .‬في فلسفتنا الحديثة فقط‪ ،‬التي لم تنتهي بعد الى ملخص‪ ،‬تبدو وجهات نظر الحياة‬
‫الدينية خرافية وال تنتمي الى عصرنا‪ :‬فمن وجهة نظر حياة أزمنة وأمم ما قبل العصر الحديث‪،‬‬
‫كان ذلك مبررا ومتسقا‪.‬‬

‫وكان الروماني الذي يتخلى عن مهمة هامة ألنه رأى قطيعا من الطيور سيئة السمعة على‬
‫حق نسبيا؛ وكان عمله متسقا مع مبادئه‪ .‬ولكن لم يكن ليفعل ذلك إي ينسحب من مهمة ما ألنه تعثر‬
‫على عتبته‪ ،‬فقد كان متفوقا للغاية في ذلك حتى علينا غير المؤمنين‪ .‬كان طبيبا نفسيا أفضل مما‬
‫نسعى لنصبح عليه‪ .‬فعثرته يمكن ان تثبت له وجود شك‪ ،‬تيار داخلي مضاد يمكن ان تضعف قوته‬
‫قوة نيته لحظة تنفيذه‪.‬‬
‫كيف يجيب شيلر‪ ،‬الذي تردد كثيرا في إطالق السهم على التفاحة من رأس ابنه‪ ،‬على‬
‫سؤال مبعوث المحكمة لماذا زود نفسه بسهم ثان! "بالسهم الثاني كنت ألخترق قلبك لو ضربت‬
‫ابني العزيز؛ حقا‪ ،‬لن أخفق في الوصول إليك‪.‬‬

‫وأيا كان الشخص الذي أتيحت له الفرصة لدراسة المشاعر النفسية الخفية لألشخاص عن‬
‫طريق التحليل النفسي‪ ،‬فإنه يمكنه أيضا أن يخبر شيئا جديدا فيما يتعلق بجودة الدوافع الالواعية‪،‬‬
‫التي تعبر عن نفسها في الخرافات‪ .‬فاألشخاص المتوترون الذين يعانون من التفكير القهري‬
‫والوضعيات القهرية‪ ،‬الذين هم في كثير من األحيان أذكياء جدا‪ ،‬يظهرون بوضوح أن الخرافات‬
‫تنشأ من الذرائع العدائية والقاسية المكبوتة‪ .‬إن الجزء األكبر من الخرافات يدل على الخوف من‬
‫الشر الوشيك‪ ،‬ومن كان يتمنى الشر في كثير من األحيان لآلخرين‪ ،‬ولكن بسبب نشأة جيدة قمعت‬
‫نفس الشيء في الالوعي‪ ،‬سوف يكون من المالئم بشكل خاص أن يتوقع عقابا على مثل هذا الشر‬
‫الالواعي في هيئة محنة تهدده‪ :‬من خارج‪.‬‬

‫إذا اعترفنا بأنه ال يوجد لدينا أي شيء قد أستنفد سيكولوجية الخرافة في هذه المالحظات‪،‬‬
‫يجب علينا‪ ،‬من ناحية أخرى‪ ،‬أن نتطرق على األقل إلى السؤال عما إذا كان يجب إنكار الجذور‬
‫الحقيقية للخرافات‪ ،‬سواء كان هناك حقا ال وجود لبشارات الهية‪ ،‬أحالم نبوية‪ ،‬تجارب تخاطر‪،‬‬
‫مظاهر القوى الخارقة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬وأنا اآلن بعيد عن الرغبة في التنديد دون أي شيء آخر بكل‬
‫هذه الظواهر‪ ،‬التي نمتلك بشأنها الكثير من المالحظات الدقيقة منا ومن الرجال ذوي األهمية‬
‫الفكرية العالية في هذا المجال‪ ،‬والتي ينبغي بالتأكيد أن تشكل أساسا لمزيد من التحقيق‪ .‬بل إننا‬
‫نرسم خريطة لألمل في أن تفسر بعض هذه المالحظات بمعرفتنا الحالية للعمليات النفسية الالواعية‬
‫دون الحاجة إلى تغييرات جذرية في وضعنا الحالي‪ .‬وإذا كان ال يزال هناك ظواهر أخرى‪ ،‬مثل‬
‫الظواهر التي يتمسك بها الروحانيون‪ ،‬ينبغي عندئذ النظر في تعديل "قوانينا" كما تطالب بها‬
‫التجربة الجديدة‪ ،‬دون الخلط بينها وبين عالقة األشياء في هذا العالم‪.‬‬

‫وفي مجال هذه التحليالت‪ ،‬ال يسعني إال أن أجيب على األسئلة المطروحة هنا بشكل‬
‫شخصي أي وفقا لتجربتي الشخصية‪ .‬يؤسفني أن أعترف بأنني أنتمي إلى تلك الفئة من األفراد‬
‫غير الجديرين الذين تتوقف أرواحهم من قبلهم عن أنشطتهم ويختفي ما هو فوق الطبيعي‪ ،‬حتى‬
‫أنني لم أكن قط في وضع يسمح لي بتجربة أي شيء شخصيا من شأنه أن يحفز اإليمان بالمعجزة‪.‬‬
‫ومثلي كمثل أي شخص آخر‪ ،‬كان لدي بشائر ومعاناة؛ ولكن كال منهما تهرب من اآلخر‪ ،‬لكن لم‬
‫يتبع البشرى شيء‪ ،‬وقد صدمتني المعاناة دون سابق انذار‪ .‬عندما كنت شابا أعيش وحيدا في مدينة‬
‫غريبة‪ ،‬كثيرا ما سمعت اسمي فجأة بصوت شخص عزيز ال لبس فيه‪ ،‬ثم انتبهت إلى لحظة‬
‫الهلوسة بالضبط من أجل السؤال بعناية عما حدث في ذلك الوقت‪ .‬لم يكن هناك شيء‪ .‬من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬عملت في وقت الحق بين مرضاي بهدوء وبدون خجل‪ ،‬بينما كان طفلي ينزف حد الموت‬
‫تقريبا‪ .‬ولم أتمكن قط من رؤية أي شيء غير بشري مما أبلغني به مرضاي‪.‬‬

‫ان االيمان باالحالم النبوية يرمز إلى كثيرين من أتباعها‪ ،‬ألنه يمكن ان يدعمه حقيقة ان‬
‫بعض االشياء تحدث حقا في المستقبل كما انبأت بها مسبقا رغبة الحلم‪ .‬ولكن في هذا ال يسعنا إال‬
‫أن نتساءل‪ ،‬حيث أن العديد من االنحرافات البعيدة المدى قد تظهر بشكل منتظم بين الحلم وبين‬
‫واقعه الذي تفضل عقيدة الحالم أن تهمله‪.‬‬

‫مثال جميل اخر‪ ،‬مثال يمكن ان يدعى بحق نبويا‪ ،‬جلب إلى ذات مرة للتحليل الشامل‬
‫مريضة ذكية جدا ومحبة للحقيقة‪ .‬ورصدت أنها كانت تحلم ذات مرة بأنها قابلت صديقا سابقا‬
‫وطبيب أسرتها أمام متجر معين في شارع معين‪ ،‬وفي الصباح التالي عندما ذهبت إلى المدينة‬
‫قابلته بالفعل في المكان المسمى في الحلم‪ .‬قد أرى أن أهمية هذه المصادفة الرائعة لم تثبت أنها‬
‫ترجع إلى أي حدث الحق ‪ -‬أي أنها ال يمكن تبريرها من خالل أحداث مستقبلية‪ .‬لقد أثبت الفحص‬
‫الدقيق بكل تأكيد عدم وجود أي دليل على أن المرأة إستعادت الحلم في الصباح الذي يلي ليلة الحلم‬
‫أي قبل المشي وقبل االجتماع‪ .‬لم يكن بإمكانها أن تبدي أي اعتراض عندما قدمت هذه الحالة‬
‫بطريقة سلبت هذه الحادثة من كل شيء عجائبي‪ ،‬ولم تترك سوى مشكلة نفسية مثيرة لالهتمام‪.‬‬
‫وذات صباح مرت في هذا الشارع‪ ،‬والتقت بطبيب عائلتها القديم قبل ذلك المحل‪ ،‬وعندما رأته‬
‫تلقى االقتناع بأنها حلمت بهذا االجتماع في هذا المكان خالل الليلة السابقة‪.‬‬

‫ثم أظهر التحليل باحتمال كبير كيف توصلت إلى هذه اإلستدالل‪ ،‬الذي ال يمكننا‪ ،‬وفقا‬
‫للقاعدة العامة‪ ،‬إنكار المصداقية‪ .‬اجتماع في مكان محدد بعد توقع سابق يصف حقيقة كلمة موعد‬
‫عاطفي‪ .‬أيقظ طبيب العائلة ذكرياتها القديمة‪ ،‬عندما كانت االجتماعات تكون عادة مع شخص‬
‫ثالث‪ ،‬وهو أيضا صديق الطبيب‪ ،‬ذو اهمية ملحوظة لها‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬إستمرت في عالقتها‬
‫بهذا الشخص‪ ،‬وقبل يوم من الحلم المذكور‪ ،‬انتظرته دون جدوى‪ .‬إذا إستطعت أن أبلغ بتفصيل‬
‫أكبر عن الظروف التي تحيط بنا هنا‪ ،‬أستطيع بسهولة أن أظهر أن وهم الحلم النبوي الذي تعيشه‬
‫هو في الحقيقة شيء يعادل ما يلي‪ :‬آه‪ ،‬أيها الطبيب‪ ،‬أنت تذكرني اآلن باألوقات التي مرت دون أن‬
‫أضطر أبدا إلى االنتظار عبثا‪ ،‬عندما كنا ننظم إجتماعا ستكون حاظرا على عكس صديقك‪.‬‬

‫وقد الحظت في نفسي مثاال بسيطا وسهال‪ ،‬وهو على االرجح نموذج جيد لتكرار مثل هذه‬
‫الحوادث المألوفة "صدف أستثنائية" حيث نلتقي بشخص كنا نفكر فيه‪ .‬خالل جولة داخل المدينة‬
‫بعد أيام قليلة من نيلي للقب "بروفيسور" والذي يحمل معه الكثير من الهيبة حتى في المدن الملكية‪،‬‬
‫اندمجت أفكاري فجأة في خيال طفولي انتقامي ضد زوجين متزوجين‪ .‬فقبل بضعة أشهر كانوا قد‬
‫دعوني لفحص ابنتهم الصغيرة التي عانت من مظهر قهري مثير لالهتمام عقب رؤيتها لحلم‪.‬‬
‫أخذت اهتماما كبيرا بالقضية‪ ،‬التي اعتقدت أنني أستطيع أن أعالجها‪ ،‬لكن اآلباء كانوا غير راضين‬
‫عن عالجي‪ ،‬وقالوا إنهم يفكرون في الطلب من معالج أجنبي يعالج مرضاه من خالل التنويم‬
‫المغناطيسي‪ .‬لكنني فكرت انه بعد فشل هذه المحاولة‪ ،‬سيتوسل لي اآلباء استئناف عالجي‪ ،‬وأنهم‬
‫اآلن لديهم ثقة كاملة بي‪ ،‬إلخ‪ .‬ولكني سأجيب‪" :‬اآلن بعد أن أصبحت بروفيسور‪ ،‬فإن لديكم الثقة‬
‫بي‪ .‬العنوان لم يغير من قدرتي؛ إذا لم تستطع أن تستخدمني عندما كنت طبيبا معالجا يمكنك أن‬
‫تتواصل بدوني اآلن ألنني بروفيسور"‪ .‬في هذه اللحظة قاطعني خيالي بصوت عال "مساء الخير‬
‫يا بروفيسور!" وبينما كنت أنظر إلى األعلى هناك مرت صورة نفس الزوجين اللذين اخذت منهما‬
‫للتو هذه االنتقام الخيالي‪.‬‬

‫التأمل التالي دمر مظهر العجائبية‪ .‬كنت افكر انني أسير باتجاه هذين الزوجين في شارع‬
‫مستقيم‪ ،‬مهجور تقريبا؛ عندما نظرت بسرعة إلى مسافة ربما عشرين خطوة مني‪ ،‬كنت أدركت‬
‫حظورهم الفخم؛ ولكن هذا التصور‪ ،‬في أعقاب هلوستي السلبية‪ ،‬وضع جانبا بفعل دوافع عاطفية‬
‫محددة ثم أكد على نفسه في وهم الظهور التلقائي‪.‬‬

‫وهناك تجربة مماثلة مرتبطة ببرايل‪ ،‬والتي تلقي أيضا بعض الضوء على طبيعة التخاطر‪.‬‬
‫"بينما كنت منهمك في المحادثة خالل عشاء مساء األحد المعتاد في أحد المطاعم الكبيرة في‬
‫نيويورك‪ ،‬توقفت فجأة وذكرت لزوجتي‪" ،‬أتساءل كيف حال الدكتور ر‪ .‬في بيتسبرج‪ ".‬نظرت إلى‬
‫بتعجب وقالت‪ :‬ماذا!‪ ،‬هذا بالضبط ما كنت أفكر فيه خالل الثواني القليلة الماضية! إما أنك نقلت‬
‫هذه الفكرة إلى أو أنني قمت بنقلها إليك‪ .‬كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة الغريبة؟ كان على أن‬
‫أعترف بأنني ال أستطيع تقديم حل‪ .‬لم تظهر محادثتنا خالل العشاء أي عالقة بالدكتور ر‪ ،.‬كما لم‬
‫نكن قد سمعنا عنه أو تحدثنا عنه لبعض الوقت‪ .‬لكوني متشكك‪ ،‬رفضت االعتراف بأن هناك أي‬
‫شيء غامض حول ذلك‪ ،‬على الرغم من أنني شعرت بعدم اليقين‪ .‬وألكون صريحا‪ ،‬كنت متحيرا‬
‫بعض الشيء‪.‬‬

‫"لكننا لم نبق طويال في هذه الحالة الذهنية‪ ،‬فعندما نظرنا نحو غرفة المالبس فوجئنا برؤية‬
‫الدكتور ر‪ .‬ورغم أن الفحص الدقيق أظهر خطأنا‪ ،‬فوجئنا بتشابه هذا الغريب مع الدكتور ر‪ .‬من‬
‫موقع جلوسنا‪ ،‬أجبرنا على استنتاج أن هذا الغريب قد تجاوز مائدتنا‪ .‬بسبب انغماسنا في حديثنا‪ ،‬لم‬
‫نالحظه عن وعي‪ ،‬لكن الصورة البصرية أشعلت رابطة الطبيب‪ .‬ر‪ .‬وان توارد افكارنا كان امرا‬
‫طبيعيا جدا‪ .‬الكلمة األخيرة من صديقنا كانت أنه قد بدأ ممارسة خاصة في بيتسبيرغ‪ ،‬وألنه مدرك‬
‫للتقلبات التي تحيط بالمبتدئ‪ ،‬كان من الطبيعي جدا أن نتساءل ان كان قد ابتسم له الحظ‪.‬‬

‫"ما وعد بأن يكون مظهرا خارقا للطبيعة كان يفسر بسهولة على أساس طبيعي؛ ولكن لو‬
‫لم نلحظ الغريب قبل أن يغادر المطعم‪ ،‬لكان من المستحيل استبعاد الغموض‪ .‬وأنا أغامر بأن أقول‬
‫إن هذه اآلليات البسيطة في قاع أكثر مظاهر التخاطر تعقيدا؛ على األقل كانت تلك هي تجربتي في‬
‫جميع الحاالت التي يمكن التحقيق فيها‪.‬‬

‫كما ذكر اوتو رانك‪164‬حال آخر لقضية مشابهة أخرى‪" :‬منذ فترة‪ ،‬كنت قد مررت بتنوع‬
‫ملحوظ في تلك المصادفات الغريبة‪ ،‬حيث يلتقي المرء بشخص كان يشغل أفكاره للتو‪ .‬قبل‬
‫الكريسماس بوقت قصير ذهبت إلى البنك األسترالي المجري من أجل الحصول على عشر قطع‬
‫جديدة من عمالت التاج الفضية المخصصة كهدايا لعيد الميالد‪ .‬لقد تحولت إلى شارع ضيق في‬
‫طريقي إلى البنك‪ ،‬بعد أن امتألت في أوهام طموحة تناولت التباين بين قدراتي الهزيلة وبين المبالغ‬
‫الهائلة في البنك‪ .‬أمام الباب رأيت سيارة والعديد من الناس يدخلون ويخرجون‪ .‬قلت لنفسي‪:‬‬
‫سيكون لدى المسؤولين الكثير من الوقت من أجل عمالتي الجديدة؛ بطبيعة الحال سأكون سريعا في‬
‫هذا الشأن؛ سوف أضع األوراق النقدية التي سيتم تبادلها‪ ،‬وأقول‪" ،‬من فضلك أعطني العمالت‬
‫الذهبية"‪ .‬لقد أدركت خطأي في الحال ‪ -‬كان على أن أطلب الفضة ‪ -‬واستيقظت من أوهامي‪.‬‬
‫"كنت اآلن أمام المدخل بخطوات قليلة‪ ،‬والحظت وجود شاب يقترب مني يبدو مألوفا‪ ،‬لكني‬
‫لم أستطع تحديد هويته بالتأكيد بسبب قصر نظري‪ .‬وعندما اقترب منه تعرفت عليه كزميل في‬
‫الصف ألخي الذي كان اسمه غولد ومن أخيه‪ ،‬وهو صحافي معروف جيدا‪ ،‬كانت لدي توقعات كبيرة‬
‫في بداية حياتي األدبية‪ .‬ولكن هذه التوقعات لم تتحقق‪ ،‬ومع هذه التوقعات إختفى النجاح المادي‬
‫المأمول الذي كانت أوهامي تحتله؛ هم معي في الطريق إلى البنك‪ .‬ولذلك‪ ،‬انتابني شعور بأن السيد‬
‫غولد هو الذي أظهر نفسه في تفكيري بينما كنت أحلم بالنجاح المادي‪ ،‬مما جعلني أطلب من أمين‬
‫الصندوق الحصول على الذهب بدال من الفضة‪ .‬ولكن من ناحية أخرى‪ ،‬قد تفسر الحقيقة المفارقة‬
‫المتمثلة في قدرة الالوعي على إدراك شيء ما قبل أن تدرك العين ذلك الشيء جزئيا باالستعداد‬
‫للتعقيد الذي يذكره بيولر‪ .‬فعقلي كان منسجما للتفكير في المادة‪ ،‬وعلى عكس معرفتي‪ ،‬وجهت‬
‫خطواتي من البداية إلى المباني التي يتم تبادل الذهب فيها مع األوراق النقدية‪.‬‬

‫إضافة الى ذلك‪ ،‬قد نضيف أيضا ذلك الشعور الغريب الذي نلحظه في لحظات معينة و‬
‫مواقف معينة عندما يبدو أننا قد كان لدينا بالفعل نفس التجربة بالضبط‪ ،‬أو قد وجدنا أنفسنا سابقا‬
‫في نفس الموقف‪ .‬ورغم هذا فإننا لم ننجح قط في جهودنا الرامية إلى التذكر بوضوح؛ تلك‬
‫التجارب والحاالت السابقة‪ .‬أعرف أنني أتبع فقط العامية الفضفاضة عندما أقوم بتحديد ما يحفزنا‬
‫في لحظات مثل "الشعور"‪ .‬ال شك أننا نتعامل مع حكم تقديري‪ ،‬بل إننا نتعامل مع حكم إدراكي؛‬
‫ولكن هذه الحاالت لها طابع خاص بها‪ ،‬وإلى جانب ذلك‪ ،‬يجب أال نتجاهل حقيقة أننا ال نتذكر أبدا‬
‫ما نسعى إليه‪ .‬وال أدري ما إذا كانت ظاهرة ديجا فو هذه قد عرضت بجدية في أي وقت مضى‬
‫كدليل على وجود نفسي سابق للفرد؛ ولكن من المؤكد أن علماء النفس قد اهتموا بها‪ ،‬وحاولوا حل‬
‫األحجية بطرق عديدة‪ .‬ال يبدو لي أن أي من التفسيرات التجريبية المقترحة صحيحة‪ ،‬ألن ال شيء‬
‫يأخذ في االعتبار سوى المظاهر المرافقة لهذه الظاهرة والظروف المؤيدة لها‪ .‬إن هذه العمليات‬
‫النفسية التي‪ ،‬حسب مالحظتي‪ ،‬هي وحدها المسؤولة عن تفسير "ديجا فو" ‪ -‬أي الخيال الالواعي ‪-‬‬
‫يتم إهمالها عموما من قبل علماء النفس حتى اليوم‪ .‬أعتقد أنه من الخطأ أن نحدد الشعور بالخبرة‬
‫من قبل كوهم‪ .‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬في مثل هذه اللحظات‪ ،‬يبدو األمر وكأن شيئا ما قد شهدناه‬
‫بالفعل‪ ،‬ولكننا ال نستطيع أن نسترجع الذكرى بوعي ألنه لم يكن واعيا قط‪ .‬باختصار‪ ،‬يتوافق‬
‫الشعور الذي يشعر به "ديجا فو" مع ذاكرة وهم فاقد الوعي‪ .‬وهناك أوهام الوعي (أو أحالم‬
‫اليقضة) تماما كما توجد إبداعات واعية مماثلة‪ ،‬والتي يعرفها الجميع من خالل الخبرة الشخصية‪.‬‬
‫وأدرك أن الموضوع جدير بأكثر دراسة دقيقة‪ ،‬ولكنني هنا سأعطي تحليل حالة واحدة فقط‬
‫من حالة "ديجا فو" التي اتسم فيها الشعور بكثافة وإصرار محددين‪ .‬أكدت امرأة عمرها سبعة‬
‫وثالثين عاما أنها تذكرت بوضوح أنها في سن الثانية عشرة والنصف قامت بأول زيارة لها لبعض‬
‫أصدقاء المدرسة في البالد‪ ،‬وأثناء دخولها إلى الحديقة شعورها على الفور بأنها كانت هناك من‬
‫قبل‪ .‬وقد تكرر هذا الشعور أثناء مرورها في غرف المعيشة‪ ،‬بحيث أنها تعتقد أنها كانت تعرف‬
‫مسبقا مدى ضخامة الغرفة المجاورة‪ ،‬وما هي اآلشياء التي يجدر للمرء أن ينظر إليها‪ ،‬إلخ‪ .‬ولكن‬
‫االعتقاد بأن هذا الشعور بالتقدير قد يكون له مصدره في زيارة سابقة إلى البيت والحديقة‪ ،‬ربما‬
‫كانت زيارة في طفولتها االولى‪ ،‬مستثنى تماما من تصريحات والديها‪ .‬ولم تطلب المرأة التي‬
‫ربطت ذلك تفسيرا نفسيا‪ ،‬ولكنها رأت في ظهور هذا الشعور إشارة نبوية إلى األهمية التي تولى‬
‫هؤالء األصدقاء الحقا في حياتها العاطفية‪ .‬ولكن عند األخذ في االعتبار الظرف الذي قدمت فيه‬
‫هذه الظاهرة نفسها لها‪ ،‬وجدنا الطريق إلى تصور آخر‪.‬‬

‫وعندما قررت في هذه الزيارة‪ ،‬علمت أن هؤالء الفتيات ليس لهن إال أخا‪ ،‬كان مريضا‬
‫جدا‪ .‬وخالل الزيارة‪ ،‬رأته بالفعل‪ .‬لقد وجدته يبدو سيئا جدا‪ ،‬وفكرت لنفسها أنه سيموت قريبا‪.‬‬
‫(الخناق) قبل بضعة أشهر‪،‬‬ ‫الدفتريا‪165‬‬ ‫ولكن حدث أن أخاها الوحيد تعرض لهجوم خطير من‬
‫وأثناء مرضه كانت تعيش ألسابيع مع أقرباء بعيدين عن منزلها الوالدي‪ .‬وتعتقد أن أخاها كان‬
‫مشاركا في هذه الزيارة إلى البلد‪ ،‬وتتصور حتى أن هذه هي رحلته الطويلة األولى منذ مرضه؛‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت ذاكرتها غير مميزة بشكل ملحوظ فيما يتعلق بهذه النقاط‪ ،‬في حين أن كل‬
‫التفاصيل األخرى‪ ،‬وخاصة اللباس الذي كانت ترتديه في ذلك اليوم‪ ،‬ظلت واضحة أمام عينيها‪.‬‬

‫لن يكون من الصعب االستنتاج من هذه االقتراحات ان توقع وفاة أخيها كان له دور كبير‬
‫في عقل الفتاة في ذلك الوقت‪ ،‬وانه اما لم يكن مدرك ابدا أو كان مكبوتا بقوة أكثر بعد قضية‬
‫المرض‪ .‬وفي ظروف أخرى كانت لتضطر إلى إرتداء ثوب آخر وهو ثياب الحداد‪ .‬وألنها وجدت‬
‫موقفا مماثال في بيت أصدقائها؛ كان أخوهم الوحيد في خطر الموت المبكر‪ ،‬حدث بالفعل بعد فترة‬
‫قصيرة‪ .‬ربما كانت تتذكر بوعي أنها عاشت حالة مماثلة في األشهر القليلة الماضية‪ ،‬ولكنها بدال‬
‫من أن تتذكر ما كان يحبط من خالل القمع نقلت الشعور بالذاكرة إلى المنطقة‪ ،‬إلى الحديقة‬
‫والمنزل‪ ،‬ودمجها ببناء خاطئ للذكريات الذي اعتبرت معه انها سبق لها أن رأت كل شيء تماما‬
‫كما كان‪.‬‬

‫ومن واقع القمع قد نستنتج أن التوقع السابق لوفاة أخيها لم يكن بعيدا عن إضفاء طابع‬
‫التمني‪ .‬كانت ستصبح حينها الطفلة الوحيدة‪ .‬وفي مرضها العصبي الالحق عانت أشد معاناة من‬
‫الخوف من فقدان والديها‪ ،‬حيث كشف التحليل من ورائه‪ ،‬كالعادة‪ ،‬الرغبة الالواعية في المحتوى‬
‫نفسه‪.‬‬

‫إن تجربتي الشخصية في ديجا فو أستطيع أن اتتبع بطريقة مماثلة التركيبة العاطفية لهذه‬
‫اللحظة‪ .‬وسأعبر بقولي‪" :‬ستكون تلك مناسبة أخرى إليقاظ بعض األوهام (الالواعية وغير‬
‫الوضع"‪166.‬‬ ‫المعروفة) التي شكلت في وقت معين رغبة في تحسين‬

‫مؤخرا‪ ،‬عندما سنحت لي الفرصة ألقرأ على زميل له دور فلسفي في علم النفس بعض‬
‫أمثلة نسيان االسم‪ ،‬بتحليالتهم‪ ،‬سارع إلى الرد‪" :‬كل هذا جيد جدا‪ ،‬لكن تناسي اسم يحدث معي‬
‫بطريقة مختلفة"‪ .‬ومن الواضح أن المرء ال يستطيع أن يرفض هذه المسألة باعتبارها ببساطة‬
‫كذلك؛ وال أعتقد أن زميلي قد فكر في أي وقت مضى في تحليل لنسيان اسم ما‪ ،‬كما أنه ال يستطيع‬
‫أن يقول كيف اختلفت العملية فيه‪ .‬ولكن مالحظته‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬تمس مشكلة يميل الكثيرون إلى‬
‫وضعها في المقدمة‪ .‬هل ينطبق الحل المعطى لألفعال العارضة والمصادفة بشكل عام أو فقط في‬
‫حاالت معينة‪ ،‬وإذا لم يكن ذلك إال في الحاالت األخيرة‪ ،‬فما هي الشروط التي يمكن أن تستخدم في‬
‫ظلها أيضا في تفسير الظواهر األخرى؟‬

‫في اإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬تجربتي تتركني محتارا‪ .‬وال يسعني إال أن أحث على إعتبار‬
‫االتصاالت الواضحة نادرة‪ ،‬فكلما أجريت االختبار بنفسي ومع مرضاي‪ ،‬كان من المؤكد أنه كان‬
‫مثبتا تماما كما هي الحال في األمثلة المذكورة‪ ،‬أو على األقل كانت هناك أسباب وجيهة لنفترض‬
‫ذلك‪ .‬ولكن ال ينبغي للمرء أن يندهش عندما ال ينجح المرء في كل مرة في العثور على المعنى‬
‫المستتر للفعل العارض‪ ،‬حيث أن مقدار المقاومة الداخلية التي تتراوح بين نفسها والحل يجب أن‬
‫يعتبر عامال حاسما‪ .‬كما أنه ليس من الممكن دائما تفسير كل حلم فردي لذاته من المرضى‪.‬‬
‫وإلثبات صحة النظرية عموما‪ ،‬يكفي أن يخترق المرء مسافة معينة في الروابط الخفية‪ .‬والحلم‬
‫الذي يثبت صدقه عندما يحاول ايجاد الحل في اليوم التالي يمكن غالبا ان يسرق سرا ليستخدم بعد‬
‫أسبوع أو شهر‪ ،‬عندما تخفت العوامل النفسية التي تحارب بعضها البعض نتيجة لتغيير حقيقي‬
‫حدث في الوقت نفسه‪ .‬وينطبق نفس القول على حل التصرفات الخاطئة واألعراض‪ .‬ومن الخطأ‬
‫إذن أن نؤكد على كل الحاالت التي تقاوم التحليل أنها ناجمة عن آلية نفسية أخرى غير تلك التي‬
‫يكشف عنها هنا؛ ويتطلب هذا االفتراض أكثر من مجرد البراهين السلبية؛ فضال عن ذلك فإن‬
‫االستعداد لالعتقاد في تفسير االختالف بين األفعال الخاطئة واألعراض‪ ،‬والتي قد تكون موجودة‬
‫على مستوى العالم في كل األشخاص الطبيعيين‪ ،‬ال يثبت أي شيء؛ ومن الواضح أنه تعبير عن‬
‫نفس القوى النفسية التي أنتجت السر‪ ،‬الذي يسعى بالتالي إلى حماية نفسه ومكافحة اجهاره‪ .‬ومن‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬يجب أال نغفل حقيقة أن األفكار والمشاعر المكبوتة ليست مستقلة في التعبير عن‬
‫األفعال التي تظهر في األعراض واألخطاء‪ .‬والبد من توفير اإلمكانية الفنية لمثل هذا التعديل‬
‫لالستغرابات بصورة مستقلة عنها‪ ،‬ومن ثم يتم إستغالل هذه اإلمكانية بكل سرور بنية المواد‬
‫المكبوتة في التعبير الواعي‪ .‬وفي حالة األفعال اللغوية الخاطئة‪ ،‬قام الفالسفة وعلماء اللغة بمحاولة‬
‫التحقق من العالقات الهيكلية والوظيفية التي تدخل في خدمة هذه النية من خالل المالحظات‬
‫الدقيقة‪ .‬وإذا ما فصلنا الدافع الالواعي في تحديد األفعال المعيبة واألعراض عن عالقاته الفيزيائية‬
‫الفسيولوجية والنفسية الفعالة‪ ،‬فإن السؤال يظل مفتوحا حول ما إذا كانت هناك عوامل أخرى في‬
‫حدود طبيعية قد تؤدي‪ ،‬مثل الدافع الالواعي‪ ،‬وفي مكانها‪ ،‬إلى تصرفات خاطئة وأعراضية عن‬
‫طريق العالقات‪ .‬ليست مهمتي أن أجيب على هذا السؤال‪.‬‬

‫منذ مناقشة األخطاء الخطابية كنا راضين عن إظهار أن األفعال الخاطئة لها دافع خفي‪،‬‬
‫ومن خالل التحليل النفسي تتبعنا طريقنا إلى معرفة دوافعها‪ .‬الطابع العام وخصوصيات العوامل‬
‫النفسية التي ظهرت في هذه األعمال الخاطئة التي تركناها حتى اآلن دون اعتبار؛ وعلى أية حال‪،‬‬
‫لم نحاول تعريفها بدقة أكبر أو دراسة شرعيتها‪ .‬كما أننا لن نحاول اآلن توضيحا شامال‬
‫للموضوع‪ ،‬حيث أن الخطوات األولى علمتنا بالفعل أنه من الممكن إدخال هذا الهيكل من جانب‬
‫آخر‪ .‬وهنا يمكننا أن نضع أمام أنفسنا بعض األسئلة التي سأستشهد بها في ترتيبهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ما هو محتوى ومنشأ األفكار والمشاعر التي تظهر نفسها من خالل أفعال خاطئة‬
‫ومعقدة؟‬
‫(‪ )2‬ما هي الشروط التي تجبر الفكر أو الشعور على االستفادة من هذه الحوادث كوسيلة‬
‫للتعبير ووضعها في موضع يسمح لها بالعمل بموجب المادة‪.‬‬

‫(‪ )3‬يمكن إظهار الروابط الثابتة والمحددة بين طريقة الفعل الخاطئ والصفات التي يتم‬
‫التعبير عنها من خالله‪.‬‬

‫سأبدأ بجمع بعض المواد لإلجابة عن السؤال األخير‪ .‬في مناقشة أمثلة أخطاء الكالم وجدنا‬
‫أنه من الضروري تجاوز محتويات الخطاب المقصود‪ ،‬وكان علينا البحث عن سبب اضطراب‬
‫الخطاب خارج النية‪ .‬وكان هذا األخير واضحا تماما في سلسلة من الحاالت‪ ،‬كما عرف بوعي‬
‫المتحدث‪ .‬في المثال الذي بدا بسيطا وشفافا‪ ،‬كان المفهوم يبدو مماثال ولكنه مختلفا لنفس الفكرة‪،‬‬
‫والذي كان يزعج تعبيرها دون أن يتمكن أحد من أن يجزم لماذا استسلم االول ثم ظهر اآلخر إلى‬
‫السطح‪.‬‬

‫وفي مجموعة ثانية من الحاالت‪ ،‬استسلم أحد التصورات لدافع غير قوي بما فيه الكفاية‬
‫ليتسبب في الغمر الكامل‪ .‬وكان المفهوم الذي حجب يعرض بوضوح على الوعي‪ .‬وال يمكننا إال‬
‫أن نؤكد دون تحفظ أن الفكرة المزعجة تختلف عن الفكرة المقصودة‪ ،‬ومن الواضح أنها قد تميز‬
‫بإختالف جوهري‪ .‬والفكرة المزعجة إما أن تكون مرتبطة باالنزعاج من خالل إرتباط فكري‬
‫(تشويش من خالل التناقض الداخلي)‪ ،‬أو أنها غريبة إلى حد كبير عنها‪ ،‬أو أن مجرد كلمة‬
‫مضطربة مرتبطة بالفكر المزعج من خالل إرتباط خارجي مفاجئ‪ ،‬وهو في كثير من األحيان‬
‫غير واعي‪ .‬في األمثلة التي أعطيتها من تحليالتي النفسية‪ ،‬وجدت أن الخطاب كله إما تحت تأثير‬
‫األفكار التي أصبحت نشطة في نفس الوقت‪ ،‬أو تحت األفكار الالواعية تماما التي تخون أنفسهم إما‬
‫من خالل االضطرابات نفسها‪ ،‬أو التي تعطي تأثيرا غير مباشر بجعل بإمكان األجزاء الفردية من‬
‫الخطاب غير المقصود أن تشتت بعضها البعض‪ .‬األفكار الالواعية المحتفظ بها والتي تنطلق منها‬
‫االضطرابات في الكالم من أصل أكثر تنوعا‪ .‬وال تكشف الدراسة االستقصائية العامة عن أي إتجاه‬
‫محدد‪ .‬فالفحوص المقارنة ألمثلة أخطاء القراءة والكتابة تقودني إلى نفس االستنتاجات‪ .‬ويبدو أن‬
‫الحاالت المعزولة‪ ،‬كما هي الحال في أخطاء الكالم‪ ،‬مدينة بأصلها لعمل تكثفي غير محفوف (على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬آبيل)‪ .‬ولكن ينبغي أن يسرنا أن نعرف ما إذا كان يجب عدم استيفاء شروط خاصة‬
‫لكي يتم هذا التكثف‪ ،‬الذي يعتبر قانونيا في عمل األحالم والعيب في أفكارنا المستيقظة‪ .‬وال يمكن‬
‫الحصول على أي معلومات تتعلق بذلك من األمثلة ذاتها‪ .‬ولكنني أرفض من هذا أن استنتج أنه ال‬
‫توجد مثل هذه الظروف‪ ،‬مثل إسترخاء االهتمام الواعي؛ فقد تعلمت في أماكن أخرى أن األفعال‬
‫التلقائية تتسم بشكل خاص بالصواب واالعتمادية‪ .‬وأود أن أشدد على أن العالقات الطبيعية‪ ،‬أو تلك‬
‫التي تقترب من الحالة الطبيعية‪ ،‬هي‪ ،‬كما يحدث في كثير من األحيان في علم األحياء‪ ،‬أشياء أقل‬
‫مالءمة للتحقيق من تلك التي هي مرضية‪ .‬وما يظل غامضا في تفسير هذه االضطرابات األكثر‬
‫بساطة سوف يتضح من خالل تفسير االضطرابات األكثر خطورة‪ ،‬وفقا لتوقعي‪ .‬كما أن األخطاء‬
‫في القراءة والكتابة ال تفتقر إلى األمثلة التي يمكن فيها التعرف على الدافع البعيد واألكثر تعقيدا‪ .‬ال‬
‫شك أن االضطرابات التي تخلفها وظائف الخطاب تحدث بسهولة أكبر وتخفض الطلب على القوى‬
‫المزعجة مقارنة باألفعال النفسية األخرى‪.‬‬

‫فالفحوص المقارنة ألمثلة أخطاء القراءة والكتابة تقودني إلى نفس االستنتاجات‪ .‬ويبدو أن‬
‫الحاالت المعزولة‪ ،‬كما هي الحال في أخطاء الكالم‪ ،‬مدينة بأصلها لعمل تكثفي غير محفوف (على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬القرداحة)‪ .‬ولكن ينبغي أن يسرنا أن نعرف ما إذا كان يجب عدم استيفاء شروط‬
‫خاصة لكي يتم هذا التكثف‪ ،‬الذي يعتبر منطقيا في عمل األحالم وعيبا خالل الوعي‪ .‬وال يمكن‬
‫الحصول على أي معلومات تتعلق بذلك من األمثلة ذاتها‪ .‬ولكنني أرفض من هذا أن استنتج أنه ال‬
‫توجد مثل هذه الظروف‪ ،‬مثل استرخاء االهتمام الواعي؛ فقد تعلمت في أماكن أخرى أن األفعال‬
‫التلقائية تتسم بشكل خاص بالصواب واالعتمادية‪ .‬وأود أن أشدد على أن العالقات الطبيعية‪ ،‬أو تلك‬
‫التي تقترب من الحالة الطبيعية‪ ،‬هي‪ ،‬كما يحدث في كثير من األحيان في علم األحياء‪ ،‬أشياء أقل‬
‫مالءمة للتحقيق فيها من تلك التي هي مرضية‪ .‬وما يظل غامضا في تفسير هذه االضطرابات‬
‫األكثر بساطة سوف يتضح من خالل تفسير االضطرابات األكثر خطورة‪ ،‬وفقا لتوقعي‪ .‬كما أن‬
‫األخطاء في القراءة والكتابة ال تفتقر إلى األمثلة التي يمكن فيها التعرف على الدافع البعيد واألكثر‬
‫تعقيدا‪ .‬ال شك أن االضطرابات التي تخلفها وظائف الخطاب تحدث بسهولة أكبر وتخفض الطلب‬
‫على القوى المزعجة مقارنة باألفعال النفسية األخرى‪.‬‬

‫ولكن المرء على أرض مختلفة عندما يتعلق األمر بدراسة النسيان بالمعنى الحرفي مثل‬
‫نسيان التجارب السابقة‪( .‬لتمييز هذا النسيان عن اآلخرين‪ ،‬نسميهم بنسيان األسماء المألوفة‬
‫والكلمات األجنبية‪ ،‬كما في الفصلين األول والثاني‪ ،‬ب "الهفوات"؛ ونسيان القرارات على أنها‬
‫كما يذكرنا بحقيقة‬ ‫معروفة‪167.‬‬ ‫"إغفاالت"‪ ).‬فالظروف الرئيسية للعملية العادية في النسيان غير‬
‫أنه ال ينسى كل شيء كما نعتقد‪ .‬شرحنا هنا ال يتناول إال الحاالت التي يثير فيها النسيان دهشتنا‪،‬‬
‫بقدر ما ينتهك قاعدة أن غير المهم ينسى‪ ،‬بينما المسألة الهامة تحرسها الذاكرة‪ .‬وتحليل هذه األمثلة‬
‫على النسيان هو دائما عدم رغبة في تذكر شيء قد يثير مشاعر مؤلمة‪ .‬وقد نأتي إلى التخمين بأن‬
‫هذا الدافع يسعى إلى التعبير في الحياة النفسية‪ ،‬ولكنه يحجم عن اإلظهار بقوى أخرى وبقوى‬
‫مخالفة لذلك‪ .‬والواقع أن مدى وأهمية هذا الكره في تذكر االنطباعات المؤلمة تبدو جديرة‬
‫بالتحريات النفسية األكثر تفصيال‪ .‬والسؤال اآلن هو ما هي الشروط الخاصة التي تجعل من‬
‫الممكن حل مسألة النسيان في الحاالت الفردية من خالل االرتباطات اإلضافية‪.‬‬

‫هناك عامل مختلف يظهر إلى المقدمة في نسيان القرارات؛ فالصراع المفترض الذي يؤدي‬
‫إلى قمع الذاكرة المؤلمة يصبح ملموسا‪ ،‬وفي تحليل األمثلة التي يعترف المرء عادة بإرادة مضادة‬
‫تعارضها لكنها ال تضع حدا للقرار‪ .‬وكما حدث في الفعل الخطأ الذي تمت مناقشته سابقا‪ ،‬فإننا هنا‬
‫ندرك أيضا نوعين من العملية النفسية‪ :‬فإما أن يتحول الرد مباشرة ضد القرار (في النوايا التي قد‬
‫تترتب عليها بعض العواقب) أو أنه أجنبي وغريب إلى حد كبير عن القرار ذاته ويرسخ عالقته به‬
‫من خالل رابطة خارجية (في قرارات تكاد تكون غير مبال بها)‪ .‬ويحكم نفس النزاع ظاهرة‬
‫األفعال المرتكبة خطأ‪ .‬وكثيرا ما يكون الدافع الذي يظهر في االضطرابات التي يشهدها الفعل‬
‫دافعا عكسيا‪ .‬إال أنه في أغلب األحوال يشكل دافعا غريبا ال يستفيد إال من الفرصة للتعبير عن‬
‫نفسه من خالل اضطراب في تنفيذ اإلجراء‪ .‬الحاالت التي يكون فيها االضطراب نتيجة للتناقض‬
‫الداخلي هي األكثر أهمية‪ ،‬كما أنها تعالج األنشطة األكثر أهمية‪.‬‬

‫الصراع الداخلي في الصدفة أو في األعراض ثم يندمج في الخلفية‪ .‬وهذه التعبيرات‬


‫الحركية التي هي أقل ما يفكر فيه‪ ،‬أو التي يغفل عنها الوعي تماما‪ ،‬تستخدم للتعبير عن العديد من‬
‫المشاعر الالواعية أو المقيدة‪ .‬فهي في معظمها تمثل أمنيات ورموز رمزية‪ .‬السؤال األول (فيما‬
‫يتعلق بأصل األفكار والعواطف التي تجد تعبيرا عنها في تصرفات خاطئة) يمكننا اإلجابة عليه‬
‫بالقول إنه في سلسلة من الحاالت يمكن تتبع أصل األفكار المزعجة بسهولة إلى مشاعر مكبوتة في‬
‫الحياة النفسية‪ .‬وحتى في األشخاص األصحاء الذين يشعرون باألنانية والغيرة والعداوة‪ ،‬الذين‬
‫يتحملون ضغط التعليم األخالقي‪ ،‬كثيرا ما يستغلون مسار األفعال الخاطئة للتعبير بطريقة ما عن‬
‫قوتهم الحالية التي ال يمكن إنكارها والتي ال تعترف بها الحاالت النفسية العالية‪ .‬والواقع أن السماح‬
‫لهذه األفعال المغلوطة بالصدفة باالستمرار يتوافق إلى حد كبير مع التسامح المريح مع عدم‬
‫األخالق‪ .‬وتلعب التيارات الجنسية المتعددة دورا مهما في هذه المشاعر المكبوتة‪ .‬إن عدم ظهورهم‬
‫في األفكار التي كشفت عنها تحليالت األمثلة التي قمت بها نادرا ما يكون مجرد مسألة مصادفة‪.‬‬
‫وكما أجريت تحليالت ألمثلة عديدة من حياتي النفسية‪ ،‬كان االختيار جزئيا من األول‪ ،‬وكان يهدف‬
‫إلى إستبعاد المسائل الجنسية‪ .‬وفي أوقات أخرى‪ ،‬بدا أن األفكار المزعجة نابعة من أكثر‬
‫االعتراضات واالعتبارات غير الضارة‪ .‬لقد توصلنا اآلن إلى اإلجابة على السؤال الثاني أي‬
‫الظروف الذهنية المسؤولة عن حقيقة مفادها أن الفكر البد أن يسعى إلى التعبير ليس في هيئته‬
‫الكاملة‪ ،‬بل في هيئة طفيلية‪ .‬ومن بين األمثلة األكثر بروزا على األفعال الخاطئة‪ ،‬من الواضح‬
‫تماما أن هذا العامل المحدد ينبغي السعي إليه فيما يتصل بالقدرة الواعية‪ ،‬أو في الطابع الواضح‬
‫بشكل أو آخر للمواد "المكبوتة"‪ .‬ولكن دراسة هذه السلسلة من األمثلة تظهر أن هذا الطابع يتألف‬
‫من العديد من العناصر غير المتمايزة‪ .‬إن الميل إلى التغاضي عن شيء ما ألنه أمر متعب‪ ،‬أو ألن‬
‫الفكرة المعنية ال تنتمي حقا إلى المسألة المقصودة فيبدو أن هذه المشاعر تلعب نفس دور الدوافع‬
‫لقمع فكرة ما (والتي تعتمد فيما بعد على التعبير عن اضطراب فكر آخر)‪ ،‬باعتبارها اإلدانة‬
‫األخالقية للشعور المتمرد‪ ،‬أو باعتبارها أصل تيارات فكرية غير واعية على اإلطالق‪ .‬ومن غير‬
‫الممكن بهذه الطريقة اكتساب نظرة عامة إلى الطبيعة العامة لحالة األفعال الخاطئة والصدف‪ .‬بيد‬
‫أن هذا التحقيق يعطينا حقيقة واحدة هامة؛ فكلما كان الدافع وراء الفعل الخاطئ أكثر ضررا‪،‬‬
‫وبالتالي أقل عجزا عن الوعي‪ ،‬كلما أصبح التفكير الذي يعطيه التعبير هو الحل األسهل لهذه‬
‫الظاهرة بعد أن حولنا انتباهنا إليها‪ .‬إن أبسط حاالت األخطاء الخطابية يتم مالحظتها على الفور‬
‫وتصحيحها على الفور‪ .‬حيث يتعامل المرء مع التحفيز من خالل المشاعر المكبوتة بالفعل‪ ،‬فإن‬
‫الحل يتطلب تحليال متعمقا قد يضرب في بعض األحيان الصعوبات أو يثبت أنه غير ناجح‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫فإن من المبرر إتخاذ نتيجة هذا التحقيق األخير كمؤشر على أن التفسير المرضي لالستقرارات‬
‫النفسية التي تقوم بها األفعال المغلوطة أو المصادفة ينبغي اكتسابه بطريقة أخرى ومن مصدر‬
‫آخر‪ .‬ولذلك يمكن للقارئ المتسامح أن يرى في هذه المناقشات إظهار أسطح الصدع التي تطور‬
‫فيها هذا الموضوع بشكل مصطنع من صلة أوسع‪.‬‬
‫مجرد بضع كلمات لالشارة إلى إتجاه هذا االرتباط األوسع‪ .‬إن آلية التصرفات الخاطئة‬
‫والفرصة‪ ،‬كما تعلمنا من خالل التحليل‪ ،‬تظهر في أهم النقاط إتفاقا مع آلية تشكيل األحالم التي‬
‫ناقشتها في فصل "عمل األحالم" من كتابي عن تفسير األحالم‪ .‬وهنا‪ ،‬كما هو الحال هناك‪ ،‬نجد‬
‫تكاثف وتكوين تسوية ل "الملوثات الخارجية"؛ باإلضافة إلى أن الوضع متشابه إلى حد كبير‪،‬‬
‫حيث أن األفكار الالواعية تجد التعبير كتعديالت ألفكار أخرى بطرق غير عادية ومن خالل‬
‫الروابط الخارجية‪ .‬إن التضارب والسخافات واألخطاء في محتوى الحلم والتي ال يعترف بالحلم‬
‫بموجبها كإنجاز روحي ينشأ بنفس الطريقة بطبيعة الحال من خالل االستخدام األكثر حرية للمواد‬
‫الموجودة كخطأ شائع في حياتنا اليومية؛ هنا‪ ،‬كما هو الحال‪ ،‬يتم تفسير مظهر الوظيفة غير‬
‫الصحيحة من خالل التداخل الغريب لعمليتين صحيحتين أو أكثر‪.‬‬

‫ومن الممكن إستخالص إستنتاج مهم من هذا التوليفة‪ :‬إن األسلوب الغريب في العملية‪،‬‬
‫والذي نستطيع أن نتعرف على أكثر وظائفه إثارة للدهشة في محتوى الحلم‪ ،‬ال ينبغي لنا أن نحكم‬
‫عليه فقط بالحالة النائمة للوعي عندما نمتلك أدلة وفيرة على نشاطه أثناء فترة االستيقاظ في هيئة‬
‫تصرفات خاطئة‪ .‬كما أن نفس الصلة تمنعنا من افتراض أن هذه العمليات النفسية التي تبهرنا بأنها‬
‫الوظيفة‪168.‬‬ ‫غير طبيعية وغريبة تتحدد باإلنحالل العميق للنشاط النفسي أو بحالة من سوء‬

‫إن الفهم الصحيح لهذا العمل النفسي الغريب الذي يسمح لألفعال الخاطئة بأن تنشأ مثل‬
‫صور األحالم لن يكون ممكنا إال بعد أن نكتشف أن األعراض النفسية العصبية‪ ،‬وخاصة‬
‫التكوينات النفسية للهيستيريا والعصابة المعقدة‪ ،‬تكرر في آلياتها كل السمات األساسية لهذا النمط‬
‫من العمليات‪ .‬ولذلك فإن مواصلة تحقيقنا يجب أن تبدأ في هذه المرحلة‪.‬‬

‫وال تزال هناك مصلحة خاصة أخرى لنا في النظر إلى األفعال المغلوطة والصدف‬
‫واألعراض في ضوء هذا القياس األخير‪ .‬وإذا قارناها بوظيفة الجهاز العصبي المركزي وأعراض‬
‫األعراض العصبية‪ ،‬فإن الجملتين المتضادتين في كثير من األحيان تكتسبان قدرا عظيما من الحس‬
‫والدعم أو على وجه التحديد‪ ،‬أن خط الحدود بين الحاالت المتوترة‪ ،‬والطبيعية‪ ،‬وغير الطبيعية غير‬
‫واضح‪ ،‬وأننا جميعا نشعر بالتوتر بعض الشيء‪ .‬وبصرف النظر عن كل الخبرات الطبية‪ ،‬فقد يجد‬
‫المرء أنواعا مختلفة من مثل هذه العصبية التي بالكاد توحي بالعصبية‪ ،‬وهي التشوهات العصبية‪.‬‬
‫وقد تظهر في بعض الحاالت أعراض قليلة‪ ،‬أو قد تظهر نفسها نادرا أو باعتدال؛ ويجوز نقل‬
‫التمدد إلى العدد أو الكثافة أو إلى التوسع الزمني للتجلي المؤثر‪ .‬وقد يحدث أيضا أن هذا النوع‬
‫فقط‪ ،‬الذي يشكل االنتقال األكثر تكرارا بين الصحيح والمريض‪ ،‬لذا قد ال يتم اكتشافه أبدا‪ .‬ويتميز‬
‫نوع االنتقال‪ ،‬الذي تأتي مظاهره الرديئة في شكل تصرفات خاطئة وأعراضية‪ ،‬بحقيقة أن‬
‫األعراض تتحول إلى أقل األنشطة النفسية أهمية‪ ،‬في حين أن كل ما يمكن أن يدعي أنه أعلى قيمة‬
‫نفسية ال يزال خاليا من االضطرابات‪ .‬وعندما يتم التخلص من األعراض بطريقة عكسية ‪ -‬أي‬
‫عندما تظهر في أهم األنشطة الفردية واالجتماعية بطريقة تعكر وظائف التغذية والعالقات الجنسية‬
‫والحياة المهنية واالجتماعية ‪ -‬فإن هذا التصرف يوجد في الحاالت الشديدة للعصابيين‪ ،‬وربما يكون‬
‫أكثر سمات هذه األخيرة في حاالت الوسواس القهري‪ .‬ولكن الطابع المشترك ألكثر الحاالت حدة‪،‬‬
‫فضال عن أقسى الحاالت‪ ،‬التي تسهم فيها األفعال المغلوطة والصدفة‪ ،‬يكمن في القدرة على إحالة‬
‫هذه الظاهرة إلى مواد غير مرحب بها وقمعها‪ ،‬وإن كانت قد دفعت بعيدا عن الوعي‪ ،‬فإنها مع ذلك‬
‫ستجد الطريقة التي تقوم بالتعبير بها عن نفسها‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪Notes‬‬

‫[←‪]1‬‬
‫ديدو وأينيس هي أوبرا مكونة من مقدمة وثالثة فصول كتبها الملحن اإلنجليزي الباروكي هنري بورسيل مع نص‬
‫ليبريتو من تأليف ناحوم تيت مأخوذة عن احدى كتابات فيرجل‪.‬‬

‫[←‪]2‬‬
‫أي ان الكلمة التي نسيت هي بشخصك ترجمة هذا المقطع تعني "فلتقم (بشخصك) من عظامنا لتكون منتقًم ا"‬

‫[←‪]3‬‬
‫هذه هي الطريقة المعتادة إلحضار األفكار المخفية إلى الوعي‪ .‬راجع تفسير األحالم ‪ ،‬ص ‪-83‬الفصل‪ ،4‬ترجمة‬
‫أ‪.‬أ‪.‬بريل ‪ ،‬شركة ماكميالن ‪ ،‬نيويورك ‪ ،‬وألين ‪ ،‬لندن‪.‬‬

‫[←‪]4‬‬
‫كان سيمون الترينتي ‪ ،‬المعروف أيًضا باسم سيمون ‪ ،‬صبًيا من مدينة ترينت ‪ ،‬في االمارة األسقفية لترينت ‪ ،‬حيث‬
‫تم إلقاء اللوم على اختفائه ووفاته على قادة المجتمع اليهودي في المدينة ‪ ،‬بناًء على اعترافات اليهود التي تم‬
‫الحصول عليها من خالل التعذيب الذي فرضته عليهم المحكمة‪.‬‬

‫[←‪]5‬‬
‫كاتب الماني (‪)1914-1845‬‬

‫[←‪]6‬‬
‫بعد مراجعة هذا المثال تبين لي بانه لم يكن هنالك فارق كبير بين المقدمات والنتائج في تحليلي لمثالي سنيوريلي‬
‫ومثال ضمير شخص في الالتينية التي نساها الشاب‪.‬‬
‫هنا أيًضا‪ ،‬يبدو أن النسيان كان مصحوًبا بإيجاد كلمات بديلة‪.‬‬

‫عندما سألت رفيقي فيما بعد عما إذا كان في محاولته لتذكر الكلمة المنسية لم يفكر في بعض االستبدال‪ ،‬أخبرني‬
‫أنه كان يميل في البداية إلى وضع حرف‬
‫)‪(ab‬‬
‫في المقطع‪:‬‬
‫)‪(nostris ab ossibus‬‬
‫(‪ (aliquis‬ربما الجزء المفكك من‬

‫وبعد ذلك برزت كلمة‬


‫)‪(exoriare‬‬
‫بوضوح‪.‬‬

‫وبسبب كونه مشككا‪ ،‬أضاف أن ذلك يرجع على ما يبدو إلى حقيقة أنها كانت الكلمة األولى في المقطع‪ .‬لكن عندما‬
‫طلبت منه أن يركز انتباهه على الكلمات المشابهة أعطاني كلمة طرد األرواح الشريرة‬
‫‪(exorcism).‬‬
‫هذا يجعلني أعتقد أن قوة الكلمة‬
‫)‪(exoriare‬‬

‫في التحليل له بالفعل قيمة في مثل هذا االستبدال‪ .‬ربما جاء ذلك من خالل افتراض طرد األرواح الشريرة من‬
‫أسماء القديسين‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فهذه تحسينات على التحليل ال تحتاج إلى وضع أي اضافة‪ .‬يبدو اآلن من الممكن‬
‫تماًم ا القول بأن ظهور أي نوع من الكلمات البديلة (والتي قد تكون عميقة ومضللة) هو حالة ثابتة للنسيان‬
‫المتعمد الذي يحركه قمع األفكار‪ .‬قد يؤدي هذا االستبدال أيًضا إلى تقوية التفكير بعنصر مشابه للعنصر الذي‬
‫تم محاولة قمعه‪ ،‬حتى في حالة فشل األسماء البديلة غير الصحيحة في الظهور‪ .‬وهكذا‪ ،‬في مثال سنيوريلي‪،‬‬
‫طالما ظل اسم الرسام بعيًدا عني‪ ،‬على الرغم من كوني لدي أكثر من ذاكرة بصرية واضحة لتقوس لوحاته‬
‫الجدارية وصورته الشخصية في الزاوية؛ على األقل كانت أكثر كثافة من أي آثر أخر للذاكرة البصرية‪ .‬في‬
‫حالة أخرى‪ ،‬ذكرت أيًضا في مقالتي عام ‪ ،١٨٩٨‬بأنني كنت قد نسيت اسم الشارع والعنوان المرتبطين‬
‫بزيارة غير محببة قمت بها في مدينة غريبة‪ ،‬ولكن ‪-‬وكما لو كان األمر يسخر مني ‪ -‬بدا رقم المنزل واضًح ا‬
‫بشكل غريب‪ ،‬في حين أن األرقام عادة ما تسبب لي صعوبة في التذكر‪.‬‬

‫[←‪]7‬‬
‫لست مقتنًعا تماًم ا بعدم وجود اتصال داخلي بين سرياني االفكار في حالة سنيوريلي‪ .‬من خالل متابعة الفكر‬
‫المكبوت فيما يتعلق بموضوع الموت والحياة الجنسية‪ ،‬يواجه المرء فكرة تظهر عالقة واضحة مع اللوحات‬
‫الجدارية ألورفيتو‪.‬‬

‫[←‪]8‬‬
‫يقصد الحوارية مع الشاب‬

‫[←‪]9‬‬
‫أبراهام أردن بريل (‪ )1948-1874‬طبيب نفسي نمساوي المولد‬

‫[←‪]10‬‬
‫جون كيتس‪ ،‬شاعر رومانسي إنجليزي(‪.)1821-1795‬‬

‫[←‪]11‬‬
‫كارل جوستاف يونج طبيب نفسي ومحلل نفسي سويسري أسس علم النفس التحليلي (‪.)1961-1875‬‬

‫[←‪]12‬‬
‫‪A Pine-tree Stands Alone‬‬
‫[←‪]13‬‬
‫تعني مبدأ او قاعدة‬

‫[←‪]14‬‬
‫فرانز ريكلين‪ ،‬كارل يونج‪ ،‬يوجين بليولر‬

‫[←‪]15‬‬
‫ترجمتها اعصاب‬

‫[←‪]16‬‬
‫اللصوص هي الدراما األولى للكاتب المسرحي األلماني فريدريش شيلر‪.‬‬

‫[←‪]17‬‬
‫علم النفس في الخرف المبكر ص‪.45 .‬‬

‫[←‪]18‬‬
‫‪Half‬و‪young‬‬

‫[←‪]19‬‬
‫‪Pierre Gassendi‬‬

‫[←‪]20‬‬
‫‪magna cum laude‬‬

‫[←‪]21‬‬
‫كان ساندور فيرينزي محلال نفسيا مجريا ‪ ،‬ومنظرا رئيسيا لمدرسة التحليل النفسي‪ ،‬وزميال مقربا لسيغموند فرويد‬

‫[←‪]22‬‬
‫‪Tuileries battle-‬معركة تويليرس‬

‫[←‪]23‬‬
‫من باب علم الفراسة‬

‫[←‪]24‬‬
‫‪ caput mortuum‬تعني راس الموتى في الالتينية‬

‫[←‪]25‬‬
‫‪kapzoi‬‬
]26←[
Capua and Veronaas

]27←[
‫يوليوس جاكوب فون هايناو‬

]28←[
‫تعني طالب‬Élève

]29←[
löwen

]30←[
Zentralb. t. Psychoanalyse, I. 9, 1911

]31←[
"Analyse eines Falles von Namenvergessen," Zentralb. f. Psychoanalyse,
Jahrg. II, Heft 2, 1911.

]32←[
Monatschrift f. Psychiatrie u. Neurologie. 1899

]33←[
‫ تقدم‬.‫ وتشير إلى أن ذلك يرجع إلى عدم توفر الذاكرة‬،‫اإلزاحة تسعى إلى تفسير النسيان في الذاكرة قصيرة المدى‬
.‫نظرية النزوح تفسيرا بسيطا جدا للنسيان‬

]34←[
"Enquête sur les premiers souvenirs de l'enfance." L'Annêe psychologique, iii.,
1897.

]35←[
"Studyof Early Memories,"' Psychological Review, 1901.

]36←[
Visuels

]37←[
Auditifs
‫[←‪]38‬‬
‫‪Moteurs‬‬

‫[←‪]39‬‬
‫جان مارتن شاركو هو من درس وحدد هذه االليات‪.‬‬

‫[←‪]40‬‬
‫"‪"boxed in.‬‬

‫[←‪]41‬‬
‫‪Paraphasias‬‬

‫[←‪]42‬‬
‫‪Meringer and C. Mayer‬‬

‫[←‪]43‬‬
‫‪the shoes made her sorft, or, the shoes made her feet sore‬‬

‫[←‪]44‬‬
‫‪Montenegro‬‬

‫[←‪]45‬‬
‫‪Neue Freie Presse, August 23, 1900: "Wie man sich versprechen kann‬‬

‫[←‪]46‬‬
‫‪Wundt‬‬

‫[←‪]47‬‬
‫‪Völker psychologie, vol. I., pt. I., p. 371, ect., 1900‬‬

‫[←‪]48‬‬
‫وتبين أنها كانت تحت تأثير األفكار الواعية المتعلقة بالحمل ومنع الحمل‪ .‬فبكلمات " أغلق كسكين جيب"‪ ،‬التي‬
‫تنطق بها بوعي كشكوى‪ ،‬قصدت أن تصف وضع الطفل في الرحم‪ .‬ذكرت لها كلمة "ايرنست" في مالحظتي‬
‫باسم (س‪ .‬إرنست) اذ ان شركة فيينا المعروفة لألعمال التجارية في كارتنر ستراسي‪ ،‬التي كانت تعلن عن‬
‫بيع مواد لمنع الحمل‪.‬‬

‫[←‪]49‬‬
‫"‪ "the man in the box‬بدال من"‪ "the manx in the boc.‬قالت‬
]50←[
‫" بدال من‬mountain lane."‫" قالت‬Near the mountain loin"

]51←[
"I don't know, Ionly (lonley) see him now in flagranti."

]52←[
‫السفلس او الزهري‬

]53←[
cultivate ‫ وذكرت أيضا كلمة‬captivate‫ لكنها ارادت قول‬cuptivate‫قالت‬

]54←[
straitlaced

]55←[
straicet-brazed

]56←[
Wilhelm Stekel

]57←[
‫يستخدم اليقاف االسهال‬

]58←[
‫إشارة للتواصل الجنسي‬

]59←[
Zentralb. f. Psychoanalyse, ii., Jahrg. I. Cf. also Brill's Psychanalysis: Its
Theories and Practical Application, p. 202. Saunders, Philadelphia and
London.

]60←[
‫المترجم‬

]61←[
, ‫أوتو رانك كاتب و محلل نفسي نمساوي‬

]62←[
Alfred Ernest Jones, Papers on Psycho-analysis

]63←[
“Ce qu’on conçoit bien Sénonce clairement, Et les mots pour le dire Arrivent
aisément.” Boileau, Art Poétique.

]64←[
Experimental Investigations of "Music Phantoms, by Ruth.

]65←[
‫الموسيقى التي يسمعها الوعي في الدماغ‬

]66←[
Grünem Heinrich

]67←[
The Interpretation of Dreams, p. 208.

]68←[
Storks ‫بدال من‬Stocks

]69←[
Bleuler, Affektivität Suggestibilität,Paranoia, p. 121, Halle. Marhold, 1906.

]70←[
blood corpuscles

]71←[
:‫ثمة حالة مماثلة تحدث في مسرحية يوليوس‬
.‫اسمي سينا‬:‫"سينا‬

.‫ مزقه إلى قطع! هو متآمر‬:‫بورغر‬


.‫أنا سينا الشاعر! ليس سينا المتآمر‬:‫سينا‬

."‫ بغض النظر؛ اسمه سينا؛ اقلع االسم من قلبه واتركه يذهب‬:‫بورغر‬

]72←[
‫احد أنواع الغزالن‬
‫[←‪]73‬‬
‫‪Wicked bible of 1631.‬‬

‫[←‪]74‬‬
‫‪Nerr‬بدل ‪herr‬‬

‫[←‪]75‬‬
‫‪Ethyl‬بدال من ‪Ethel‬‬

‫[←‪]76‬‬
‫‪Zentralbl. f. Psychoanalyse,i. 12.‬‬

‫[←‪]77‬‬
‫‪Effective‬‬

‫[←‪]78‬‬
‫‪Ueber die Sbrache‬‬

‫[←‪]79‬‬
‫‪Brill, loc. cit., p. 197.‬‬

‫[←‪]80‬‬
‫‪Cui bono‬‬

‫[←‪]81‬‬
‫إذا تساءلنا عما إذا كان قد اصيب بعدوى الذعة قبل عشر أو خمس عشرة سنة‪ ،‬فمن غير الممكن ان ننسى ان‬
‫المريض بطريقة نفسية نظر إلى هذا المرض بطريقة مختلفة تماما عما هو عليه‪ ،‬لنقل‪ ،‬هجوم حاد من‬
‫الروماتيزم‪ .‬وفي العذر الذي يقدمه اآلباء عن بناتهم العصبيات‪ ،‬ال يمكن بأي درجة من اليقين التمييز بين‬
‫الجزء المنسي عن ذلك الخفي‪ ،‬ألن أي شيء يحول دون زواج الفتاة في المستقبل يتم وضعه جانبا بشكل‬
‫منهجي من قبل الوالدين‪ ،‬أي أنه يصبح قمعا‪ .‬أخبرني رجل فقد مؤخرا زوجته الحبيبة بسبب التهاب الرئتين‬
‫الحالة التالية من تضليل الطبيب‪ ،‬والتي ال يمكن تفسيرها إال بنظرية مثل هذا النسيان‪" .‬بما أن التهاب مرضي‬
‫زوجتي لم يختف بعد أسابيع عديدة‪ ،‬تم استدعاء الدكتور للتشاور‪ .‬وبينما كان يأخذ التاريخ‪ ،‬طرح بعض‬
‫األسئلة المعتادة عما إذا كانت هناك أي حاالت مشاكل الرئة في عائلة زوجتي‪ .‬نفت زوجتي أي حالة من هذا‬
‫القبيل‪ ،‬وحتى أنا شخصيا لم أستطع أن أتذكر أي حالة‪ .‬بينما كان الدكتور يغادر الحديث بالصدفة إلى‬
‫الرحالت‪ ،‬فقالت زوجتي‪ :‬نعم‪ ،‬حتى الى الندجيرسدورف‪ ،‬حيث دفن أخي المسكين‪ ،‬الرحلة طويلة‪ .‬توفي هذا‬
‫االخ قبل نحو خمس عشرة سنة بعد ان عانى لسنوات من السل‪ .‬كانت زوجتي مولعة به جدا‪ ،‬وكثيرا ما‬
‫تحدثت عنه‪ .‬والواقع أنني أتذكر أنها عندما تم تشخيص مرضها على أنه مرض يبعث على القلق الشديد علقت‬
‫بحزن‪ :‬توفي أخي أيضا بسبب مشاكل في الرئة‪ .‬لكن الذاكرة كانت مكبوتة جدا لدرجة انه حتى بعد الحديث‬
‫المذكور آنفا عن الرحالت لم ترى الحاجة لتصحيح معلوماتها المتعلقة باألمراض في عائلتها‪ .‬لقد شعرت‬
‫شخصيا بالضيق من هذا النسيان في اللحظة التي بدأت فيها الحديث عن الندجيرسدورف‪ .‬وهناك تجربة‬
‫مماثلة تماما ترتبط بإرنست جونز في عمله‪ .‬قال لها طبيب عانت زوجته من مرض في البطن الغامض‪ :‬إنه‬
‫لمن المريح أن تفكر أنه لم يكن هناك مرض السل بين أفراد أسرتك‪ .‬التفتت اليه بهتاف شديد وقالت‪" :‬هل‬
‫نسيت ان امي ماتت بمرض السل‪ ،‬وان أختي تعافت منها فقط بعد ان استسلم االطباء؟ "‬

‫[←‪]82‬‬
‫خالل األيام التي كنت فيها أكتب هذه الصفحات‪ ،‬حدثت لي حالة تكاد ال تصدق من النسيان‪ .‬في األول من يناير‪/‬‬
‫كانون الثاني‪ ،‬فحصت مالحظاتي حتى أتمكن من إرسال فواتيري‪ .‬في شهر يونيو‪ ،‬عرفت اسم م‪ .‬ل‪ ،‬ولم‬
‫أستطع تذكر الشخص الذي ينتمي إليه‪ .‬تفاجأت عندما الحظت من كتبي أنني عالجت الحالة في المصحة‪ ،‬وأنه‬
‫منذ أسابيع كنت قد اتصلت بالمريض يوميا‪ .‬ونادرا ما ينسى الطبيب المريض الذي يعالجه في ظل هذه‬
‫الظروف في غضون اقل من ستة أشهر‪ .‬سألت نفسي إن كان يمكن أن يكون الرجل قضية غير مهمة؟‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإن المالحظة حول الرسوم التي تم الحصول عليها جلبت إلى ذاكرتي كل المعرفة التي تحاول‬
‫خداعي‪ .‬كانت فتاة في الرابعة عشرة من العمر‪ ،‬كانت الحالة األكثر إبهارا في السنوات األخيرة‪ ،‬حالة علمتني‬
‫درسا من غير المرجح أن أنساه أبدا‪ ،‬قضية أعطتني اثناءها الكثير من الساعات المؤلمة‪ .‬أصيبت الطفلة‬
‫بهستيريا ال لبس فيها‪ ،‬تحسنت بسرعة ودقة تحت رعايتي‪ .‬بعد هذا التحسن‪ ،‬أخذ اآلباء الطفلة مني‪ .‬وال تزال‬
‫تشتكي من آالم البطن التي أدت دورا في أعراض الهيستيريا‪ .‬وبعد شهرين توفيت بسبب قرحة في الغدد‬
‫البطنية‪ .‬كانت الهيستريا التي تفوقت عليها كثيرا‪ ،‬تعتبر تشكيل الورم عامال استفزازيا‪ ،‬وأنا مفتون بمظاهر‬
‫الهيستريا الصاخبة والغير مؤذية‪ ،‬ربما تغاضيت عن أول عالمة تدل على المرض الخفي والعديم الشفاء‪.‬‬

‫[←‪]83‬‬
‫فقد جمع أ‪ .‬بيك مؤخرا عددا من المؤلفين الذين يدركون قيمة تأثير العوامل الفعالة على الذاكرة‪ ،‬والذين يدركون‬
‫بوضوح إلى حد ما أن الكفاح الدفاعي ضد األلم من الممكن أن يؤدي إلى النسيان‪ .‬ولكن ال أحد منا كان قادرا‬
‫على تمثيل هذه الظاهرة وتصميمها الذهني على نحو شامل‪ ،‬وفي نفس الوقت على نحو فعال‪ ،‬كما فعل نيتشه‬
‫في أحد أقواله‪" :‬لقد فعلت ذلك‪ "،‬تقول ذاكرتي‪ .‬ويقول فخري‪ :‬لم أكن ألستطيع أن أفعل ذلك‪ ،‬البقى محبطا‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬تنتج ذاكرتي‪.‬‬

‫[←‪]84‬‬
‫‪Cf. Hans Gross, Kriminal Psychologie, 1898.‬‬

‫[←‪]85‬‬
‫في سيرة داروين الذاتية يجد المرء المقطع التالي الذي ينسب الفضل إلى صراحته العلمية ولغته النفسية‪" :‬كنت‬
‫خالل سنوات عديدة أتبع قاعدة ذهبية‪ ،‬وهي أنه كلما صادفت حقيقة منشورة‪ ،‬مالحظة أو فكر جديد‪ ،‬مما‬
‫يتعارض مع نتائجي العامة‪ ،‬وضعت كمذكرة في نفس الوقت؛ فقد وجدت من خالل التجربة أن مثل هذه‬
‫الحقائق واألفكار أكثر قدرة على الفرار من الذاكرة من تلك المفضلة‪".‬‬

‫[←‪]86‬‬
‫‪Joyeux‬‬

‫[←‪]87‬‬
‫‪Joyeuse‬‬

‫[←‪]88‬‬
‫‪Der Künstler, Versuch einer Sexualpsychologie‬‬

‫[←‪]89‬‬
‫‪Ansätze zu einer Sexualpsychologie‬‬

‫[←‪]90‬‬
‫’‪‘Ansätze‬بدال من’‪’Versuch‬‬

‫[←‪]91‬‬
‫‪Cf. Bernheim, Neue Studien über Hypnotismus, Suggetion und Psychotherapie,‬‬
‫‪1892.‬‬

‫[←‪]92‬‬
‫الشباب المتعلمين الذين يمكنهم النجاح في االمتحانات ودفع تكاليف الخدمة يخدمون سنة واحدة بدال من الخدمة‬
‫اإللزامية لمدة سنتين‪.‬‬

‫[←‪]93‬‬
‫في مسرحية برناردشو‪ ،‬يصور عدم اكتراث قيصر وكليوباترا بكليوباترا وهجومها السافر بسبب مغادرة مصر‬
‫وكأنه لم ينسى شيء‪ .‬وأخيرا تمكن من تذكر ما نسي أال وهو كليوباترا نفسها وهذا بكل تأكيد يتفق تماما مع‬
‫الحقيقة التاريخية‪ .‬كم فكر قيصر في االميرة المصرية!‬

‫[←‪]94‬‬
‫فالمرأة‪ ،‬بفهمها الدقيق للعمليات العقلية الالواعية‪ ،‬هي‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬أكثر قابلية لإلساءة عندما ال نعرفها في‬
‫الشارع‪ ،‬وبالتالي عدم تحيتها‪ ،‬وعدم قبولها أكثر التفسيرات وضوحا‪ ،‬انهماك الشخص في التفكير وبأنه لم‬
‫يراها‪ .‬ويستنتجون أنهم كانوا سيالحظون بالتأكيد لو لم يتجاهلوا‪.‬‬

‫[←‪]95‬‬
‫يخبرنا الدكتور فيرينزي أنه شخص مشتت بنفسه‪ ،‬وقد اعتبره أصدقاؤه غريبا بسبب تواتر غرابة فشله‪ .‬ولكن‬
‫عالمات هذا النوع من عدم االهتمام اختفت تقريبا منذ بدأ يمارس التحليل النفسي مع المرضى‪ ،‬واضطر إلى‬
‫تحويل انتباهه إلى تحليل غروره‪ .‬وهو يعتقد أن المرء ينبذ هذه اإلخفاقات عندما يتعلم المرء أن يمدد بما هو‬
‫أكبر من مسؤوليات نفسه‪ .‬ولذلك فهو يؤكد عن حق أن التشتت هو حالة تعتمد على الذكريات الالواعية‪،‬‬
‫ويمكن عالجه بالتحليل النفسي‪ .‬ذات يوم كان يعير نفسه الرتكابه خطأ فنيا في التحليل النفسي لمريض‪ ،‬وفي‬
‫هذا اليوم ظهرت كل ملهياته السابقة‪ .‬وقد تعثر أثناء سيره في الشارع‪ ،‬ونسى دفتر جيبه في المنزل‪ ،‬ولم يكن‬
‫لديه األجرة الكافية للتنقل‪ ،‬ولم يكوي مالبسه بشكل صحيح‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫‪      ‬ويعلق إي‪ .‬جونز على ذلك‪ :‬واضاف غالبا ما تكون المقاومة ذات امر عام‪ .‬وهكذا ينسى رجل مشغول ان‬
‫يرسل اليه رسالة من زوجته‪ ،‬تماما كما قد "ينسى" ان يقوم بأوامر التسوق‪.‬‬

‫[←‪]96‬‬
‫‪Neurasthenic‬‬

‫[←‪]97‬‬
‫من أجل وحدة الموضوع أود أن أحيد هنا عن التبرير المقبول‪ ،‬وأضيف أن للذاكرة البشرية تحيز معين فيما يتعلق‬
‫بمسائل المال‪ .‬وكثيرا ما تكون استذكارات زائفة بأنها دفعت بالفعل شيئا كبيرا للغاية‪ ،‬كما أعرف من التجربة‬
‫الشخصية‪ .‬عندما يتم منح السلطة للنوايا الخبيثة خارج المصالح الجادة للحياة‪ ،‬عندما يتم االنغماس فيها في‬
‫روح المرح‪ ،‬كما في اللعب بالبطاقات‪ ،‬عندها نجد أن أكثر الشرفاء يظهر ميال للخطيئة واألخطاء في الذاكرة‬
‫والحسابات‪ ،‬ودون أن يدركوا كيف‪ ،‬يجدون أنفسهم متورطين في عمليات االحتيال الصغيرة‪ .‬إن مثل هذه‬
‫الحريات تعتمد في جزء بسيط منها أيضا على الشخصية المنعشة ذهنيا في اللعب‪ .‬فالقول إننا في اللعب يمكن‬
‫ان نتعلم شخصية الشخص يمكن ان نعترف إذا كان بإمكاننا اضافة "الشخصية المكبوتة"‪ .‬وإذا ارتكب النادل‬
‫في أي وقت من األوقات أخطاء غير مقصودة‪ ،‬فمن الواضح أن ذلك يرجع إلى نفس اآللية‪ .‬ومن بين التجار‬
‫نستطيع أن نالحظ في كثير من األحيان تأخيرا معينا في دفع مبالغ من المال‪ ،‬في دفع الفواتير وما إلى ذلك‪،‬‬
‫وهو ما ال يحقق الربح للمالك وال يمكن فهمه نفسيا إال على أنه تعبير عن إرادة مضادة ضد التخلي عن المال‪.‬‬

‫[←‪]98‬‬
‫‪Grenzfragen des Nerven - und‬‬

‫[←‪]99‬‬
‫وفي منشور ثان لميرنجر‪ ،‬اتضح لي الحقا كم كنت ظالما جدا لهذا الكاتب عندما نسبت إليه فهما كثيرا‪.‬‬

‫[←‪]100‬‬
‫‪Ataxia‬‬

‫[←‪]101‬‬
‫‪Cortical Ataxia‬‬

‫[←‪]102‬‬
‫‪Contrib. à la psychopathologie de la vie quotidienne," Arch.de Psychol., vi.,‬‬
‫‪1906‬‬

‫[←‪]103‬‬
‫‪Jones, loc. cit., p. 79.‬‬

‫[←‪]104‬‬
‫فينوس ميديتشي‪:‬تمثال الفروديت‬
‫[←‪]105‬‬
‫‪Busch‬‬

‫[←‪]106‬‬
‫آه! زهرة ميديشي ضاعت!‬

‫[←‪]107‬‬
‫”‪“When a maiden falls, she falls on her back‬‬

‫[←‪]108‬‬
‫حلم أوديب كما كنت أريد أن أسميه‪ ،‬ألنه يحتوي مفتاح فهم أسطورة الملك أوديب‪ .‬وفي نص سوفوكليس‪ ،‬توضع‬
‫عالقة هذا الحلم في فم جوكاستا‪.‬‬

‫[←‪]109‬‬
‫‪ Digitalis‬بدال من ال ‪Hyoscine‬‬

‫[←‪]110‬‬
‫‪New York Medical Journal, September, 1912. Reprinted in large form as‬‬
‫‪Chapter X of Psychoanalysis, etc., Saunders. Philadelphia.‬‬

‫[←‪]111‬‬
‫فضال عن ذلك فإن اإلصابة التي يحدثها الذات والتي ال تميل بالكامل إلى اإلبادة الذاتية لم يكن لها أي خيار آخر‬
‫في حالتنا الحضارية الحالية أكثر من االختباء خلف العارض‪ ،‬أو االنغماس في محاكاة لألمراض العفوية‪ .‬في‬
‫السابق‪ ،‬كانت عالمة حداد عرفية‪ ،‬عبرت في أحيان أخرى عن نفسها في أفكار التقوى والتخلي عن العالم‪.‬‬

‫[←‪]112‬‬
‫‪Cancan‬‬

‫[←‪]113‬‬
‫وتتطابق القضية بعد ذلك مع هجوم جنسي على امرأة‪ ،‬حيث ال يمكن درء هجوم الرجل من خالل القوة العضلية‬
‫الكاملة للمرأة‪ ،‬ألن جزءا من المشاعر الالواعية التي يوجهها الشخص المهاجم يقابله بقبول جاهز‪ .‬من المؤكد‬
‫أن مثل هذا الموقف يشل قوة المرأة؛ وال نحتاج إال إلى إضافة أسباب هذا الشلل‪ .‬وبقدر ما كان الحكم الباهر‬
‫الذي صدر عن سانشو بانزا‪ ،‬والذي أعلن عنه بوصفه حاكما للجزيرة‪ ،‬ظالما من الناحية النفسية (دون‬
‫كيشوت‪ ،‬المجلد الثاني‪ .‬الفصل الخامس‪ .‬امرأة نقلت امام القاضي رجل كان من المفترض ان يسرق شرفها‬
‫بقوة العنف‪ .‬وقد عوضها سانشو بحقيبة كاملة أخذها من المتهم‪ ،‬ولكن بعد خروج المرأة سمح للمتهم‬
‫بمالحقتها وانتزاعها من حقيبتها‪ .‬كالهما عاد للمصارعة‪ ،‬المرأة افتخرت لسانشو بأن الشرير لم يستطع اخذ‬
‫الحقيبة‪ .‬فتكلم سانشو‪ :‬ولو كنت قد أظهرت نفسك جشعا وبأسا للدفاع عن جسدك (بل وحتى نصفه) كما فعلت‬
‫للدفاع عن حقيبتك‪ ،‬لما أجبرتك قوة هرقل‪).‬‬
‫[←‪]114‬‬
‫ومن الواضح أن حالة ميدان المعركة هي تلبية شرط النية االنتحارية الواعية التي تجنبت مع ذلك الطريقة‬
‫المباشرة‪ .‬راجع في فالينشتاين كلمات القبطان السويدي بشأن وفاة ماكس بيكوليني‪" :‬يقولون إنه يرغب في‬
‫الموت‪".‬‬

‫[←‪]115‬‬
‫‪"Selbstbestrafung wegen Abortus von Dr. J. E. G. van Emden," Haag (Holland),‬‬
‫‪Zentralb. f. Psychoanalyse, ii, 12.‬‬

‫[←‪]116‬‬
‫‪Quack‬‬

‫[←‪]117‬‬
‫‪ Doctor of Rights‬وتعني طبيب اليمين أو الحقوق‪.‬‬

‫[←‪]118‬‬
‫‪"Beitrag zur Symbolik im Alltag von Ernest Jones," Zentralb. f. Psychoanalyse,‬‬
‫‪i. 3, 1911‬‬

‫[←‪]119‬‬
‫وقد أظهرت األبحاث التحليلية النفسانية‪ ،‬مع انتشار فقدان الذاكرة لدى األطفال‪ ،‬أن هذا التطور السابق ألوانه‬
‫الواضح أقل من كونه حدثا غير طبيعي مقارنة بما كان مفترضا من قبل‪.‬‬

‫[←‪]120‬‬
‫إشارة جنسية‬

‫[←‪]121‬‬
‫مصطلح "األسئلة الطبية" هو محيط مشترك ل "المسائل الجنسية‪".‬‬

‫[←‪]122‬‬
‫‪Nibelung Saga‬‬

‫[←‪]123‬‬
‫‪Richelieu‬‬

‫[←‪]124‬‬
‫قارن أولدهام‪" :‬أنا أرتدي قلمي كما يفعل اآلخرون مع سيوفهم‪".‬‬

‫[←‪]125‬‬
‫‪Pentomic‬ويقصد بها ايحائية بدون كالم‬

‫[←‪]126‬‬
‫‪Hans Sachs‬‬

‫[←‪]127‬‬
‫‪Bernh. Dattner‬‬

‫[←‪]128‬‬
‫الرموز المقدسة‬

‫[←‪]129‬‬
‫‪Maeder, "Contribution a la psychologie de la vie quotidienne," Arch. des‬‬
‫‪psychologie, T. vi. 1906.‬‬

‫[←‪]130‬‬
‫‪Eleanora Duse‬‬

‫[←‪]131‬‬
‫هذه مجموعة صغيرة أخرى من مختلف األعراض في األشخاص الطبيعيين والعصابيين‪.‬‬

‫‪.      1‬زميل مسن ال يحب أن يخسر بأوراق اللعب كان عليه أن يدفع في مساء ما مبلغا ضخما من المال نتيجة‬
‫لخسارته؛ قام بذلك دون شكوى‪ ،‬ولكن بمزاج غريب‪ .‬بعد مغادرته‪ ،‬تبين انه ترك في هذا المكان تقريبا كل ما‬
‫كان معه‪ ،‬النظارات‪ ،‬السيجار‪ ،‬ومنديله! وسيترجم ذلك بسهولة إلى الكلمات التالية‪" :‬لقد نهبوني اللصوص‬
‫بشكل لطيف"‪.‬‬
‫‪.      2‬ويروي رجل يعاني من عجز جنسي عرضي‪ ،‬له أصله في تصوراته للعالقة الحميمة مع والدته خالل‬
‫طفولته‪ ،‬أنه عادة يرسم ويكتب في كراساته ومذكراته الحرف س‪ ،‬وهو الحرف األول السم امه‪ .‬وال يمكنه أن‬
‫يحمل فكرة أن الرسائل القادمة من بيته تأتي على اتصال بمراسالت أخرى غير "مقدسة" بالنسبة له‪ ،‬وبالتالي‬
‫يجد أنه من الضروري إبقاء الرسائل منفصلة‪.‬‬
‫‪.       3‬وفجأة تفتح امرأة صغيرة باب غرفة االستشارات فيما ال يزال سلفها حاضرا‪ .‬اعتذرت على أساس انها‬
‫"لم تفكر"؛ وسرعان ما كشفت عن فضولها الذي جعلها في وقت سابق تدخل إلى غرفة نوم والديها‪.‬‬
‫‪.      4‬الفتيات الفخورات بشعرهن الجميل يعرفن جيدا كيف يستخدمن دبابيس الشعر‪ ،‬مع ذلك فان شعرهن في‬
‫خضم الحديث يكون اغلب األحيان محلوال‪.‬‬

‫‪.      5‬أثناء العالج (في الوضع الذي يحسون معه بالتقصير) يشتت بعض الرجال اهتمامهم عن جيوبهم وتسقط‬
‫منهم بعض االموال‪ ،‬وبالتالي يدفعون ضمنا ثمن ساعة العالج؛ ويتناسب المبلغ المبعثر مع تقديرهم للعمل‪.‬‬
‫‪.       6‬إن كل من ينسى االشياء في مكتب الطبيب‪ ،‬مثل نظارات العين‪ ،‬والقفازات‪ ،‬والحقائب‪ ،‬يشير عموما إلى‬
‫أنه ال يستطيع أن يغادر ويتوق إلى العودة قريبا‪ .‬يقول إرنست جونز‪" :‬يمكن للمرء أن يقيس تقريبا مدى نجاح‬
‫الطبيب في ممارسة العالج النفسي‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬من خالل حجم المفقودات لديه خالل شهر‪.‬فأبسط‬
‫العادات واألفعال التي يتم القيام بها بأقل قدر من االهتمام‪ ،‬مثل ضبط الساعة قبل أن يخلد للنوم‪ ،‬وإطفاء‬
‫األضواء قبل مغادرة الغرفة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬تتعرض أحيانا الضطرابات تظهر بوضوح تأثير عقد الالوعي‪،‬‬
‫وتحديدا االضطرابات التي يعتقد أنها أقوى "العادات‪".‬‬
‫‪.      7‬في مجلة "كونوبيوم"‪ ،‬يتناول ميدر طبيبا في المستشفى كان يرغب‪ ،‬بسبب مسألة مهمة‪ ،‬في الوصول إلى‬
‫المدينة في ذلك المساء‪ ،‬رغم أنه كان في الخدمة ولم يكن له حق مغادرة المستشفى لكنه غادر‪ .‬وفي عودته‬
‫الحظ دهشته لوجود ضوء في غرفته‪ .‬عند مغادرته الغرفة نسي أن يطفئها‪ ،‬شيء لم يحدث من قبل‪ .‬ولكنه‬
‫سرعان ما أدرك الدافع وراء هذا النسيان‪ .‬البد أن رئيس المستشفى الذي كان يعيش في منزل األطباء قد‬
‫استنتج من النور في الغرفة أنه في المستشفى‪.‬‬
‫‪.       8‬رجل مثقل بالمخاوف وخاضع لالكتئاب أحيانا أكد لي أنه ينسى أن يضبط منبه ساعته في تلك األمسيات‬
‫عندما تبدو الحياة صعبة وغير ودية‪ .‬وفي هذا االمتناع عن ضبط ساعته عبر بشكل رمزي عن أن األمر‬
‫يتعلق بعدم االكتراث ان كان يعيش ليرى اليوم التالي‪.‬‬
‫‪.      9‬وكتب رجل آخر لم يكن معروفا شخصيا لي‪" :‬بعد ان صدمت بمصيبة رهيبة‪ ،‬بدت الحياة قاسية جدا وغير‬
‫متعاطفة‪ ،‬حتى انني تخيلت انه ليس لدي قوة كافية للعيش ألرى اليوم التالي‪ .‬ثم الحظت أنني نسيت أن أظبط‬
‫ساعتي كل يوم تقريبا‪ ،‬وهو أمر لم أغفله عنه من قبل قط‪ .‬كنت عادة أقوم بذلك بانتظام قبل أن أتوقف بطريقة‬
‫ميكانيكية وغير واعية تقريبا‪ .‬نادرا ما فكرت في ذلك‪ ،‬لكن عندما كان لدي شيء مهم لليوم التالي والذي كان‬
‫يثير اهتمامي تذكرت ظبط ساعتي‪" .‬هل ينبغي إعتبار ذلك عرضا؟ ال أستطيع شرحه حقا‪.‬‬

‫‪.      10‬أيا كان الشخص الذي سيواجه المشكلة‪ ،‬مثل يونج‪ ،‬أو مولدر العطي اهتماما لألنغام التي يهمهم المرء‬
‫بها بداخله دون قصد ودون وعي ألنه سوف يكتشف بطريقة ما عالقة نص اللحن بقضية تشغل الشخص في‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬

‫[←‪]132‬‬
‫‪Das Verlieren als Symptom-handlung," Zentralb. f. Psychoanalyse, i. 10-11.‬‬

‫[←‪]133‬‬
‫‪Translated by A. A. Brill. The Macmillan Company, New York; George Allen‬‬
‫‪Company, London.‬‬

‫[←‪]134‬‬
‫هذا ليس خطأ كامال‪ .‬وفقا للصيغة المعدلة لألسطورة‪ ،‬تم تقليل الشأن من قبل زيوس على والده كرونوس‪.‬‬

‫[←‪]135‬‬
‫كان فرويد يهوديا‬

‫[←‪]136‬‬
‫‪Adolf Fischof‬‬

‫[←‪]137‬‬
‫أي انها أرسلت رسالة لشخص اخر تقول له انها غير راضية عن الطبيب‬

‫[←‪]138‬‬
‫‪Loc. cit., p. 191.‬‬

‫[←‪]139‬‬
‫‪Nouvelles contributions, etc., Arch. de Psych., vi. 1908.‬‬

‫[←‪]140‬‬
‫‪Loc. cit., p. 42.‬‬

‫[←‪]141‬‬
‫‪Zentralb.f. Psychoanalyse, ii. 9.‬‬

‫[←‪]142‬‬
‫وقد ظهر هذا الفعل المستمر في الالوعي مرة في شكل حلم يتبع الفعل الخاطئ‪ ،‬ومرة أخرى في تكرار ذلك أو في‬
‫إغفال التصحيح‪.‬‬

‫[←‪]143‬‬
‫‪Alfred Adler, "Drei Psychoanalysen von Zahlen einfällen und obsedierenden‬‬
‫·‪Zahlen," Psych. Neur. Wochenschr., No. 28, 1905‬‬

‫[←‪]144‬‬
‫‪Kotzebue's play Menschenhass und Reu‬‬

‫[←‪]145‬‬
‫‪The Guilt, 1813, by Adolf Müllner‬‬

‫[←‪]146‬‬
‫‪Goethe's Faust, 1829‬‬

‫[←‪]147‬‬
‫فوست أراد المعرفة فاتفق مع الشيطان على بيع روحه‪.‬‬

‫[←‪]148‬‬
‫وكتفسير لماكبث‪ ،‬رقم ‪ ،17‬أعلمني الدكتور أدلر أن الرجل في عامه السابع عشر انضم هذا إلى مجتمع فوضوي‬
‫اناركي كان هدفه قتل األعداء ومحو وجودهم‪ .‬ربما هذا هو السبب في نسيانه مضمون مسرحية ماكبث‪ .‬نفس‬
‫الشخص اخترع في ذلك الوقت شفرة سرية حيث األرقام تحل محل الحروف‪.‬‬
‫[←‪]149‬‬
‫كانه يقول انه ‪ 7‬من ‪ 27‬و ‪ 6‬من ‪ 26‬لكن ‪ 10‬اخذت من ‪ 27‬واضيفت لـ ‪ 26‬أخيه لتصبح ‪ 17‬و ‪ 36‬لتعظيم‬
‫الفرق‪.‬‬

‫[←‪]150‬‬
‫‪For the sake of simplicity, I have omitted some of the not less suitable thoughts‬‬
‫‪of the patients.‬‬

‫[←‪]151‬‬
‫‪Loc. cit., p. 36.‬‬

‫[←‪]152‬‬
‫‪"Ein Beitrag zur Kenntnis des Zahlentraumes," Zentralb. f. Psychoanalyse, i. 12.‬‬

‫[←‪]153‬‬
‫‪"Unconscious Manipulation of Numbers" (ibid., ii. 5, 1912).‬‬

‫[←‪]154‬‬
‫‪Carrefour‬‬

‫[←‪]155‬‬
‫أزمات التنفس الحاد العصبية‬

‫[←‪]156‬‬
‫هذا مثال ممتاز آخر يظهر كيف أن النية الواعية كانت عاجزة عن مواجهة المقاومة الالواعية‬

‫[←‪]157‬‬
‫قلبي‬

‫[←‪]158‬‬
‫الكالم ال يزال على لسان بريل(المترجم)‬

‫[←‪]159‬‬
‫‪The pilgrim, Uhland.‬‬

‫[←‪]160‬‬
‫والواقع أن هذه المفاهيم من الحتمية الصارمة في التصرفات تبدو تعسفية وأثمرت بالفعل في علم النفس وربما‬
‫أيضا في إدارة العدالة‪ .‬وقد استوعب بليولر ويونج بهذه الطريقة رد الفعل فيما يسمى بتجارب االرتباط‪ ،‬حيث‬
‫يجيب الشخص المختبر على كلمة معينة تحدث له (رد فعال تحفيزي)‪ ،‬في حين أن الوقت يمضي بين كلمة‬
‫التحفيز واإلجابة يقاس (وقت رد الفعل)‪ .‬وقد اظهر يونج في كتابه "التشخيص"‪ ،١٩٠٦ ،‬أي عامل جيد‬
‫للظواهر النفسية التي تظهرها هذه التجربة‪ .‬وقد طور من هذه التجارب ثالثة طالب في علم الجريمة‪ ،‬هم‬
‫غروس‪ ،‬من براغ‪ ،‬وفيرثيميار وكيين‪ ،‬تقنية لتشخيص الحقائق (تشخيصات الجرائم) في الحاالت الجنائية‪،‬‬
‫التي يخضع فحصها اآلن من قبل علماء النفس والمختصين‪.‬‬

‫[←‪]161‬‬
‫وانطالقا من وجهة نظر أخرى‪ ،‬اعتبر هذا التفسير التافه والعارض من قبل المريض "خداعا مرجعيا"‪.‬‬

‫[←‪]162‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬كثيرا ما تتوافق أوهام الهيستيريا المتعلقة باالعتداء الجنسي والقاسي التي يعي التحليل صحتها‪،‬‬
‫بكل التفاصيل مع الشكاوى من جنون االضطهاد‪ .‬إنه ألمر مذهل ولكن ليس غير متوقع تماما أننا نلتقي أيضا‬
‫بالمحتوى نفسه باعتباره حقيقة واقعة في مفاهيم المنحرفين فكريا من أجل إرضاء رغباتهم‪.‬‬

‫[←‪]163‬‬
‫التي بطبيعة الحال ال تحمل أي شيء من طبيعة اإلدراك‪.‬‬

‫[←‪]164‬‬
‫‪Zenltralb. f. Psychoanalyse, ii. 5.‬‬

‫[←‪]165‬‬
‫‪Diphtheria‬‬

‫[←‪]166‬‬
‫وحتى اآلن‪ ،‬كان هذا التفسير لديجا فو موضع تقدير من جانب مراقب واحد فقط‪ .‬كتب لي الدكتور فيرينزي‪ ،‬الذي‬
‫يدين له الطبعة الثالثة من هذا الكتاب بالكثير من المساهمات‪ ،‬فيما يتعلق بهذا‪" :‬لقد اقتنعت‪ ،‬من خالل نفسي‬
‫وغيرها‪ ،‬بأن الشعور غير القابل للتفسير باإللمام يمكن أن يشير إلى أوهام غير واعية يذكرنا بها دون وعي‬
‫في حالة فعلية‪ .‬مع أحد مرضاي كانت العملية مختلفة على ما يبدو لكنها في الواقع كانت مشابهة جدا‪ .‬وقد‬
‫عاد إليه هذا الشعور في كثير من األحيان‪ ،‬ولكنه أظهر نفسه بانتظام وكأنه ناشئ في جزء منسي (مكبوت)‬
‫من حلم في ليلة سابقة‪ .‬وهكذا يبدو ان ديجا فو يمكن ان ينبع ليس من االحالم النهارية فحسب بل أيضا من‬
‫االحالم الليلية‪.‬‬

‫[←‪]167‬‬
‫وربما أستطيع أن أقدم الخطوط العريضة التالية فيما يتعلق بآلية النسيان الفعلي‪ .‬تستسلم مادة الذاكرة بشكل عام‬
‫لتأثيرين‪ ،‬التكثيف والتشوه‪ .‬التشوه هو عمل النزعات المهيمنة على الحياة النفسية‪ ،‬ويوجه نفسه قبل كل شيء‬
‫ضد بقايا الذاكرة العاطفية التي تحافظ على موقف مقاوم أكثر تجاه التكثف‪ .‬اآلثار التي أصبحت غير مبال بها‬
‫تندمج في عملية تكثف دون معارضة؛ وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن مالحظة أن نزعات التشوه تطعم أيضا‬
‫المواد الالمبالية‪ ،‬ألنها لم تكن راضية عندما رغبت في إظهار نفسها‪ .‬ومع استمرار عمليات التكثف والتشوه‬
‫هذه لفترات طويلة حيث تعمل كل التجارب الجديدة على تحويل محتوى الذاكرة‪ ،‬فإننا نعتقد أن الوقت قد حان‬
‫لجعل الذاكرة غير مؤكدة وغير واضحة‪ .‬من المحتمل جدا أنه عند النسيان ال يمكن أن يكون هناك أي شك‬
‫في وظيفة مباشرة من الزمن‪ .‬من الذاكرة المكبوتة يتأكد أنها ال تعاني أي تغيير حتى في أطول الفترات‪ .‬إن‬
‫الالوعي‪ ،‬في كل األحداث‪ ،‬ال يعرف حدا زمنيا‪ .‬إن أكثر األمور أهمية‪ ،‬فضال عن أكثر أشكال التمييز‬
‫الروحي غرابة‪ ،‬تكمن في حقيقة مفادها أن كل االنطباعات من ناحية تحتفظ بنفس الشكل الذي يتلقاه المرء‪،‬‬
‫وأيضا في األشكال التي افترضوها خالل تطورهم اإلضافي‪ .‬وال يمكن توضيح هذه الحالة بأي مقارنة مع أي‬
‫مجال آخر‪ .‬وبناء على هذه النظرية‪ ،‬يمكن إستعادة كل حالة سابقة من محتوى الذاكرة‪ ،‬رغم أن كل العالقات‬
‫األصلية قد استبدلت لفترة طويلة بأخرى جديدة‪.‬‬

‫[←‪]168‬‬
‫‪Cf. here The Interpretation of Dreams, p. 483· Macmillan: New York; and Allen:‬‬
‫‪London.‬‬

You might also like