You are on page 1of 3

‫الدرس الرابع‪ :‬التهيئة الحضرية والريفية‪ :‬أزمة المدينة والريف وأشكال التدخل‬

‫تمهيد إشكالي‪ :‬تواجه المدن واألرياف المغربية عدة مشاكل بفعل عوامل متعددة تعمل الدولة على تجاوزها بمجموعة‬
‫من التدابير‪ ،‬فما هي مظاهر أزمة الريف والمدينة المغربية؟ وما عواملها؟ وما التدابير التي اتخذتها الدولة لتجاوزها؟‬
‫المقطع األول‪ :‬تواجه المدينة المغربية أزمة تعددت مظاهرها وعواملها وأشكال التدخل لتجاوزها‪:‬‬
‫‪1‬ـ تتنوع مظاهر أزمة المدينة المغربية‪ :‬تتخذ أزمة المدينة بالمغرب عدة مظاهر من أهمها؛‬
‫ـ اقتصاديا‪ :‬تتجلى في ضعف االستثمارات واإلنتاج وسوء توزيع األنشطة االقتصادية وانتشار قطاع غير مهيكل وتقليدي‬
‫وغير عصري إضافة إلى التهرب الضريبي ومشاكل في الوعاء العقاري المخصص لألنشطة االقتصادية‪...‬‬
‫ـ اجتماعيا‪ :‬تتمثل في الفوارق االجتماعية واالكتظاظ والضغط على المرفق العمومي وانتشار الجريمة والفقر والبطالة‬
‫ودور الصفيح واألمراض ‪...‬‬
‫ـ بيئيا‪ :‬حيث تعاني مدن المغرب من التلوث وتزايد النفايات ومشاكل الصرف الصحي وقلة المساحات الخضراء‬
‫واستنزاف وتبذير الموارد ‪...‬‬
‫ـ تجهيزيا‪ :‬إذ تواجه المدينة أزمة النقل والسكن وضعف البنيات التحتية وقلتها وهشاشتها وتآكلها وقلة المرافق والفضاءات‬
‫العمومية‪...‬‬
‫ـ عمرانيا‪ :‬كغياب الجمالية وهشاشة المدن العتيقة والمآثر وتآكلها والتوسع العشوائي وسوء التوزيع مع غياب االنسجام‬
‫والتناسق العمراني ‪...‬‬
‫‪2‬ـ تتدخل عدة عوامل في أزمة المدينة المغربية‪:‬‬
‫ـ اقتصاديا‪ :‬ساهم غياب ا لمراقبة والشفافية والتحفيزات المالية والضريبية وتعقد المساطر وضعف البنيات التحتية‬
‫والرساميل وقلة األطر والبحث العلمي في استفحال األزمة االقتصادية للمدينة بالمغرب‪...‬‬
‫ـ اجتماعيا‪ :‬حيث تفسر معاناة المدينة على المستوى االجتماعي بضعف المؤسسات والهجرة القروية والتزايد الديمغرافي‬
‫وضعف القدرة الشرائية وفشل إصالحات التعليم إضافة إلى ضعف التغطية الصحية ‪...‬‬
‫ـ بيئيا‪ :‬يرجع تدهور البيئة بالمجال الحضري إلى االستنزاف والتبذير واعتماد أساليب غير عقالنية وضعف المراقبة‬
‫والبنيات التحتية وضعف انخراط اإلعالم والفاعلين الجمعويين والتربية البيئية‪...‬‬
‫ـ تجهيزيا‪ :‬تستفحل أزمة المدينة على مستوى التجهيزات والبنيات التحتية بفعل غياب المراقبة والصيانة وعدم احترام‬
‫دفاتر التحمالت وعدم مواكبة التزايد الديمغرافي وكذا عدم تفعيل القوانين ومخططات التهيئة ‪...‬‬
‫ـ عمرانيا‪ :‬تزداد األزمة العمرانية بالمدي نة المغربية بسبب المضاربات العقارية وغياب المراقبة وتفعيل القانون وعدم‬
‫احترام دفاتر التحمالت ووثائق التعمير ثم الهجرة القروية والفقر ‪...‬‬
‫‪3‬ـ قام المغرب بعدة تدابير لحل أزمة المدينة بالمغرب‪:‬‬
‫ـ التدخل عبر التهيئة الحضرية‪ :‬عمل المغرب على تجويد استغالل المجال من خالل التهيئة الحضرية بإصدار قانون‬
‫التعمير‪ ،‬فقانون التهيئة والتعمير‪ ،‬ثم مدونة التعمير‪ .‬وإحداث مؤسسات منها المعهد الوطني للتهيئة وإعداد التراب الوطني‪،‬‬
‫والوكاالت الحضرية‪ ،‬فالمفتشيات الجهوية إلعداد التراب الوطني والبيئة‪ ،‬وأخيرا الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير‬
‫الالئق (مجموعة العمران)‪ .‬إلى جانب وثائق التهيئة الحضرية كالتصميم المديري وتصميم التنطيق ثم تصميم التهيئة‪...‬‬
‫ـ اقتصاديا‪ :‬يعمل المغرب على تشجيع االستثمارات وتوفير القروض والرساميل ومباشرة اإلصالح الضريبي والمالي‬
‫وتفعيل مدونة الشغل وبرامج مقاولتي والوكالة الوطنية للتشغيل وتأهيل الكفاءات وتشجيع مقاوالت الشباب وحاملي‬
‫الشهادات وهيكلة األنشطة االقتصادية وتوزيعها بشكل جيد ‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ اجتماعيا‪ :‬بتوفير المؤسسات وتكوين األطر وتفعيل برامج محاربة الفقر والهدر المدرسي ودور الصفيح وتوفير السكن‬
‫الالئق‪ ،‬وكذلك تنظيم األسرة وتعميم التغطية الصحية وتحديث وتوسيع المستشفيات‪ ،‬ثم توفير فرص الشغل‪...‬‬
‫ـ بيئيا‪ :‬يقوم المغرب بحمالت التوعية والتحسيس وتفعيل القوانين واحترام دفاتر التحمالت واعتماد التدبير المفوض في‬
‫قطاع الماء والكهرباء والنظافة إضافة إلى توفير الفضاءات الخضراء وصيانتها‪ ،‬واعتماد وسائل مواصالت أليفة بالبيئة‬
‫(الطرامواي وأسطول حديث من وسائل النقل الحضري)‪...‬‬
‫ـ تجهيزيا‪ :‬حيث انخرط المغرب في تحديث أسطول النقل وشبكة المواصالت وتفعيل القانون ودفاتر التحمالت وتعزيز‬
‫المواكبة والصيانة والحكامة الجيدة والشفافية إلى جانب احترام المعايير الدولية والوطنية ثم تفعيل مخططات التهيئة ‪...‬‬
‫ـ عمرانيا‪ :‬عمل على عقلنة توزيع األنشطة والسكان وحسن استغالل المجال‪ ،‬واحترام مخططات التصميم والتهيئة ودفاتر‬
‫التحمالت‪ ،‬ثم تعزيز ومراقبة برامج السكن االقتصادي واالجتماعي ومحاربة السكن العشوائي‪ ،‬وترميم المآثر العمرانية‬
‫واالهتمام بها‪...‬‬

‫المقطع الثاني‪ :‬تتعدد مظاهر أزمة الريف المغربي وعواملها وأشكال التدخل لحلها‪:‬‬
‫‪1‬ـ تتجلى أزمة الريف المغربي في عدة مظاهر‪:‬‬
‫ـ اقتصاديا‪ :‬تتمثل مظاهره في الكساد التجاري والبوار االجتماعي وضعف االستثمارات واإلنتاج والدخل الفالحي وعدم‬
‫تنويع األنشطة ثم انتشار القطاع غير المهيكل وسيادة فالحة تقليدية ومعيشية إلى جانب قلة األطر والرساميل ‪...‬‬
‫ـ اجتماعيا‪ :‬تبرز مظاهره في تفشي الفقر والبطالة واألمية والهدر المدرسي وضعف الخدمات الصحية وبعُد المرافق‬
‫العمومية وندرة الفضاءات الثقافية والترفيهية‪...‬‬
‫ـ بيئيا‪ :‬تبدو مظاهر األزمة البيئية في تدهور الغطاء النباتي والموارد المائية والتربة وتفاقم مظاهر الجفاف والتصحر‬
‫والتعرية‪...‬‬
‫ـ تجهيزيا‪ :‬حيث تعاني القرية المغربية من االفتقار للبنيات التحتية والعزلة وقلة الطرق وهشاشتها وضعف الربط بالماء‬
‫والكهرباء‪...‬‬
‫ـ عمرانيا‪ :‬يتجلى في هشاشة السكن وتباعده وعدم احترامه للشروط الصحية والقانونية وتعقد البنية العقارية والتوسع‬
‫والبناء العشوائي‪...‬‬
‫‪2‬ـ تفسر أزمة الريف بالمغرب بعدة عوامل‪:‬‬
‫ـ اقتصاديا‪ :‬بسبب ضعف التكوين وهجرة الشباب واالستغالل غير المعقلن للموارد ومشاكل التمويل وتهميش القرية‬
‫لصالح المدينة‪...‬‬
‫ـ اجتماعيا‪ :‬ترجع األزمة إلى قلة المرافق والمؤسسات العمومية واالقصاء في المشاريع التنموية وعدم خلق فرص الشغل‬
‫واألنشطة المدرة للدخل‪...‬‬
‫ـ بيئيا‪ :‬يفسر تدهور البيئة في الريف المغربي باالستنزاف المفرط وضعف التوعية والتحسيس واالستخدام غير الرشيد‬
‫لالسمدة والمبيدات واعتماد مزروعات غير متكيفة مع المجال والجفاف وقلة التساقطات‪...‬‬
‫ـ تجهيزيا‪ :‬يعزى ضعف التجهيز بالعالم القروي إلى اإلقصاء والعزلة وعدم تنفيذ البرامج والمخططات التنموية المبرمجة‬
‫وعدم احترام دفاتر التحمالت ومخططات التهيئة‪...‬‬
‫ـ عمرانيا‪ :‬ساهمت في األزمة العمرانية بالقرية عوامل منها؛ النزاعات وتفكك الملكيات وغياب المراقبة وانعدام مشاريع‬
‫السكن لفائدة العالم القروي‪...‬‬
‫‪3‬ـ اتخذ المغرب عدة تدابير لتجاوز أزمة القرية المغربية‪ :‬عمل المغرب على تجاوز أزمة الريف في عدة مجاالت؛‬

‫‪2‬‬
‫ـ التدخل عبر التهيئة الريفية‪ :‬قام المغرب بتنظيم استغالل المجال بإخراج تصاميم التهيئة الريفية واعتماد برامج كبرى‬
‫لتهيئة األرياف كمشروع التنمية االقتصادية القروية للريف الغربي‪ ،‬مشروع حوض سبو‪ ،‬مشروع إنعاش وتنمية أقاليم‬
‫الشمال واستراتيجية ‪ 2020‬للتنمية القروية‪ ،‬والبرنامج الوطني للربط بالماء والكهرباء والطرق‪ ،‬وإحداث وكاالت‬
‫األحواض المائية‪...‬‬
‫ـ اقتصاديا‪ :‬قام بتنويع األنشطة االقتصادية وجلب وتشجيع االستثمارات في العالم القروي وخلق التعاونيات والمشاريع‬
‫المدرة للدخل وتوفير الدعم المالي والتقني للفالحين وإنشاء قرى الصيادين ودعم الصناعة التقليدية وتربية الماشية‬
‫والدواجن وتوطين المناطق الصناعية وتحسين المراعي وإحياء صندوق تنمية العالم القروي‪...‬‬
‫ـ اجتماعيا‪ :‬عمل على محاربة الهدر المدرسي وتعميم برنامج تيسير محاربة األمية واعتماد التعليم الغير النظامي توفير‬
‫المؤسسات التعليمية وإنشاء دور الطالبة والتوعية الصحية وتعميم التغطية الصحية اإلجبارية وإحياء السجل االجتماعي‬
‫(لتقديم الدعم المباشر لفائدة المعوزين واألشخاص في وضعية صعبة وهشة كاألرامل والمطلقات‪ )...‬وإنشاء مستوصفات‬
‫ومستشفيات إقليمية والقيام بحمالت طبية وتوفير فرص الشغل ومحاربة البطالة والهجرة القروية ‪...‬‬
‫ـ بيئيا‪ :‬اعتمد المغرب البرنامج الوطني لمحاربة التصحر وآثار الجفاف وحماية التربة والموارد المائية من خالل حمالت‬
‫التوعية والتحسيس وتأطير الفالحين الستخدام وسائل أليفة بالبيئة واعتماد مخطط المغرب األخضر واألزرق‪...‬‬
‫ـ تجهيزيا‪ :‬اجتهد في فك العزلة عن العالم القروي واعتماد البرنامج الوطني للماء الشروب وكهربة العالم القروي وتوفير‬
‫البنيات التحتية وتحديث الطرق ووسائل النقل ومد قنوات السقي وإنشاء السدود وتفعيل وثائق التعمير والتهيئة الريفية ‪...‬‬
‫ـ عمرانيا‪ :‬بالقيام بتحسين ظروف السكن وخلق أنوية وتجمعات سكنية وحل مشاكل العقار وتتبع التعمير باألرياف وتفعيل‬
‫مخططات التهيئة‪...‬‬
‫خاتمة‪ :‬رغم المجهودات المبذولة فالنتائج المتحققة حتى اآلن تبقى ضعيفة في ظل استمرار أزمات الريف والمدينة‪ ،‬وهو‬
‫ما يستوجب على المغرب اتخاذ تدابير أكثر فعالية‪ ،‬للحد من النزيف الحاصل على مستوى المجالين الحضري والريفي‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like