Professional Documents
Culture Documents
tn
۞ تعني الخصوصيّة التفرّ د و التميّز وهي جملة الصّفات و الخصائص الماديّة و المعنويّة التي تخصّ مجموعة
بشريّة لتكون عنوان اختالفها و تميّزها عن بقيّة الخصوصيّات.
۞ تعني الكونيّة ما هو مشترك إنسانيّ وهو مطلب فلسفي و إنساني ،يحيل على مجموع القيم و المبادئ كالعدالة
و حقوق اإلنسان و الحرّ ية .لذلك ُع َّد الكوني الفضاء أو األفق المشترك الذي يحمل الصّفات أو الخصائص
المشتركة التي ُتوحّ د البشر رغم تنوّ ع و اختالف خصوصيّاتهم.
1ـ في داللة الخصوص ّية :الخصوص ّية بما هي هو ّية:
الهويّــة :ال يعنينا هذا البحث في ال ّداللة األنطولوجيّة للهويّة أو العودة للتحديد المنطقي األرسطي لمبدأ الهويّة،
فهاجس تفكيرنا ال ينخرط في البحث عن اإلنيّة ،بل بالبحث عن الهويّة بما هي الميزة الثابتة في المجموعة و
التي تحيل على االنتماء الثقافي أو الحضاري و بالتالي فالذي يعنينا هو الهويّة التي تتضمّن ك ّل ما هو مشترك
بين أفراد المجتمع مثل القواعد و القيم.
تتح ّدد الهويّة الثقافيّة من خالل االنتماء إلى تراث ثقافي و االلتزامات و الوعي بهذا االنتماء و االنخراط .وهو ما
كان شارل تايلور قد بيّنه من خالل القول أنّ الهويّة تتح ّدد من خالل جملة االلتزامات كااللتزام الروحي األخالقي
أو االنتماء إلى أمّة أو إلى تراث ،وهو ما يُحوّ ل السؤال "من أنا ؟" إلى السؤال "من نحن ؟ " لننخرط في
مساءلة أنتروبولوجيّة ترتكز على البحث عمّا هو مشترك داخل مجتمع واحد .فالسؤال "من أنا ؟" بما هو ليس
السؤال عن هويّة مدنيّة أو شخصيّة بل هو السؤال عن األنا في المجموعة و عن قدرتها على ترجمة انتمائها و
التزاماتها ،و الذي ال يكون إالّ إذا ما وعت الذات بالموقع الذي تحتلّه و الذي يُم ّكنِها من القدرة على إصدار
األحكام و تب ّني موقف وفق مُح ّددات الهويّة التي ينتمي إليها .يقول تايلور" :أن أعرف من أكون يعني أن أعرف
الموقع الذي أحت ّل " هذا الموقع هو ما ُي َم ّكن اإلنسان من تحديد عالقاته و تقييم سلوكاته و تقرير المصالح و
المباح ..الحالل و الحرام .و أن تفقد الذات القدرة على التموقع فإنّ ذلك يعني عدم إمكانها الحكم و بالتالي
فقدانها ليقينها األخالقي و الروحي و الحضاري .وهو ما عبّر عنه تايلور بأزمة الهويّة وهي " تجربة مؤلمة و
مرعبة" فأزمة الهويّة هي حالة من الضياع وعدم معرفة الذات لذاتها و غياب موقف واضح من األحداث و
المواقف بل و من العالم .
1
bac-done.tn
تشريع للعنف وتهديد للكوني اإلنساني مثل التعصّب الديني أو التعصّب العرقي (اعتبار هتلر الجنس اآلري أرقى
من األجناس األخرى أو اعتبار اليهود أ ّنهم شعب هللا المحتار) ويمكن التمييز بين التعصّب الديني والتعصّب
العرقي والتعصّب الثقافي ،ولكن يبقى التعصّب منبع ك ّل أشكال العنف والنزاعات العنصرية والميل لرفض اآلخر
ورفض الحوار واالنغالق والتقوقع ورفض االختالف والتشريع للهيمنة على اآلخرين.
2
bac-done.tn
موت طبيعي يتجسّد في السعي لتحقيق التماثل يبن الثقافات و اندثار الخصوصيّات :عالوة عن موت ثان وهو
موت عنيف يتجسّد في موت الثقافة الغربية التي تعتقد في فائض هويّة ُتعمّمها على الغير فتقضي على حضورها
و تميّزها.
فالكونيّة كما بيّن ذلك كلود ليفي شتراوس ال تنتقض الخصوصيات أو التنوّ ع في حين أنّ العولمة ُتدمّر و تقضي
على الخصوصيّات كما بيّن ذلك بودريار .لع ّل الفرق بين الكونية و العولمة يكمن في كون األولى هي ما يجمع
الكثرة أو هي تعميم للقيم في حين ُتعمّم العولمة قيم ُتدمّر قيم الكوني بل هي تقوم بترويج قيم بديلة هي في
الحقيقة تزييف للقيم الحقيقية و إلتيقا الوجود و لع ّل ما نلمسه راهنا في العراق أو أفغانستان ما يُبيّن كيف تحوّ لت
الحريّة إلى استعمار و هيمنة و استبداد و تحوّ لت حقوق اإلنسان إلى انتهاك لإلنسان ذاته أو في تحوّ ل
الديمقراطية إلى وصفات غربية تكرّ س حاالت االغتراب و االستبداد.
عالوة على ما كان هنجتون قد كشف عنه في مماهاته و مماثلته بين الحضارة العالمية و الحضارة األروبية ..و
ما كان قد أرجعه لما يُسمّيه لعب الرجل األبيض الذي تجلّى في التزامه بنشر قيم الحداثة على الشعوب األخرى
وهو شعار مُموِّ ه يماثل الزيف الذي تقوم عليه العولمة ،فما يُق ّدمه الرجل األبيض هو ترويج لهويّة تحمل فائضا
أو هي تعتقد في احتوائها للكوني اإلنساني لذلك اعتبر البعض المتعصّبين للحضارة العالمية مجرّ د مهاجرين
بأفكارهم للغرب بل هم "عبيد الرجل األبيض" لكن هذه العبودية تجسّدت في تعصّب ألفكار اآلخر و
لخصوصيته وهو ما يكشف عن أزمة هوية.
3