You are on page 1of 43

‫بحث بعنــوان‬

‫فيوس كورونا‬
‫المدن يف مجابهة ر‬
‫ي‬ ‫دور المجتمع‬

‫اسم الطالب‪ :‬اندرو عادل بطرس ميخائيل‬

‫كليه فنون جميله قسم عمارة‬

‫اسم المادة‪ :‬التربية العسكرية‬

‫رقم الدورة)‪)21‬‬

‫تاريخ الدورة‪ 2021/11/4 :‬حتى ‪2021/11/17‬‬


‫المقدمة‪:‬‬

‫ال شك أن الكثير من منظمات المجتمع المدنى فى مناطق عديدة من العالم واجهت تحديات‬
‫وأزمات على المستويات المحلية ربما تكون أكثر وطأة وخطورة مما نشهده اآلن‪ ،‬مثل‬
‫الحروب والكوارث الطبيعية والبيئية وحتى األوبئة محدودة االنتشار‪ .‬وفي المنطقة‬
‫العربية‪ ،‬كانت الحروب والصراعات من أكبر التحديات التي تواجه منظمات المجتمع‬
‫المدني في العديد من البلدان‪ ،‬بل إن من هذه المنظمات ما تشكل في ظل أوضاع كارثية‪،‬‬
‫أو أنه تأقلم معها بأن جدد من طريقة عمله أو تغيير نطاقاته‪ .‬ومع ذلك يمكن القول إن‬
‫العالم‪ ،‬ومنظمات المجتمع المدنى بالضرورة‪ ،‬لم يواجه تحديا مثل التحدي الراهن‬
‫المصاحب الجتياح فيروس كورونا‪ .‬لذلك نحاول هنا الوقوف عند تمظهرات التحركات‬
‫التي قامت بها منظمات المجتمع المدني عموما في مواجهة هذا التحدي‪ ،‬ذلك أن المنظمات‬
‫النسائية و‪/‬أو تلك التي تعمل في مجال المرأة وحقوقها وأوضاعها والنهوض بمكانتها هي‬
‫جزء ال يتجزأ منها‪.‬‬

‫ومنذ ظهور فيروس كورونا في مصر‪ ،‬تعددت المطالب بضرورة تفعيل دور منظمات‬
‫المجتمع المدني‪ ،‬وحشدها لتتالءم مع اللحظة الفارقة التي تمر بها البالد جراء جائحة كورونا‪.‬‬

‫وانعكس دور المجتمع في عدد من المبادرات من جانب بعض المؤسسات‪ ،‬والجهود الفردية‬
‫من خالل تقديم التبرعات العينية والمادية‪ ،‬والتي تستهدف التخفيف من األعباء المعيشية جراء‬
‫تضرر شرائح واسعة من المجتمع من توقف العمل في بعض المجاالت‪ ،‬وفي مقدمتهم العمالة‬
‫اليومية‪.‬‬

‫منظمات المجتمع المدني‪ ،‬ومبادرة األفراد من المهم لماليين األشخاص أن تظل عاملة في‬
‫الوقت الحالي والمستقبلي لتدعم أكثر الفئات ضعفًا وبيئتهم‪ ،‬ألن استمرارها يعني إعادة التركيز‬
‫على اآلثار المحتملة والمتوقعة ألزمة كورونا من أزمات إنسانية وصحية ونفسية واقتصادية‪.‬‬
‫نتوقع الكثير من العواقب المباشرة أو غير المباشرة لكورونا التي ستؤثر بشكل كبير على سبل‬
‫العيش‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬قد تكون األمور غير المباشرة في المستقبل أكثر خطورة على‬
‫المدى المتوسط إلى الطويل – مثل ندرة الموارد االقتصادية‪.‬‬

‫فيجب على المجتمع المدني واألفراد استمرار وتفعيل الكثير من المبادرات لمساندة الدولة‬
‫والمجتمع في مواجهة أزمة كورونا‪ ،‬ومن هذه المبادرات التي يجب أن تجد الكثير من االهتمام‬
‫والرعاية‪ :‬الدعوة إلى الترشيد واالستخدام المرن للموارد‪ ،‬معالجة النتائج االجتماعية للتداعيات‬
‫االقتصادية‪ ،‬حملة من أجل حماية الفقير‪.‬‬

‫وإن التضامن والتعاطف يجعلنا نتكاتف في التغلب على هذه األزمة‪ ،‬ألن القيم اإلنسانية تلزمنا‬
‫بذلك‪ ،‬كما أن واجبنا نحو أفراد مجتمعنا وبلدنا الحبيبة مصر يلزمنا إلى أن نتطلع إلى األمام‬
‫وأن نكون قدر المسؤولية‪ ،‬بغض النظر عن الضغوط التي نمر بها جراء أزمة كورونا‪.‬‬

‫كما يجب التعرف على الفيروس وظهوره واعراضه وكيفية الوقاية منه لكى نتغلب‬
‫عليه‪:‬‬

‫أيضا باسم المرض التنفسي‬


‫ويعرف ً‬
‫تصار كوفيد‪ُ 19-‬‬
‫مرض فيروس كورونا ‪ (2019‬اخ ًا‬
‫مرض تنفسي إنتاني حيواني المنشأ‪،‬‬
‫الحاد المرتبط بفيروس كورونا المستجد ‪ ،2019‬هو ٌ‬
‫ُيسببه فيروس كورونا ‪ 2‬المرتبط بالمتالزمة التنفسية الحادة الشديدة( سارس كوف ‪ 2‬هذا‬
‫جدا من فيروس سارس ‪.‬اكتُشف الفيروس المستجد ألول مرة في‬
‫يب ً‬
‫الفيروس قر ٌ‬
‫مسببا جائحة‬
‫ً‬ ‫مدينة ووهان الصينية عام ‪ ،2019‬وانتشر حول العالم منذ ذلك الوقت‬
‫فيروس كورونا ‪ 2020-2019‬العالمية‪.‬‬
‫تتضمن األعراض الشائعة للمرض الحمى والسعال وضيق النفس‪ ،‬أما اآلالم العضلية‬
‫اضا شائعة‪.‬‬
‫وإنتاج القشع وألم الحلق فليست أعر ً‬

‫حميدا قليل األعراض‪ ،‬يتطور عدد منها إلى‬


‫ً‬ ‫مسار‬
‫ًا‬ ‫في حين تسلك معظم اإلصابات‬
‫أشكال أكثر خطورة مثل ذات الرئة الشديدة واالختالل العضوي المتعدد‪ .‬تُقدر نسبة عدد‬
‫تبعا للعمر ووجود‬
‫الوفيات إلى عدد اإلصابات المشخصة بنحو ‪ %3.4‬لكنها تختلف ً‬
‫أمراض أخرى ‪.‬‬

‫اعتبا ار من يوم ‪ 31‬أكتوبر ‪ ،2020‬تم اإلبالغ عن أكثر من ‪45,837,788‬‬


‫مليون إصابة بفيروس كورونا في كافة دول العالم مما أدى إلى أكثر من ‪1,192,369‬‬
‫حالة وفاة في حين أن غالبية الحاالت المصابة تعاني من أعراض خفيفة‪ ،‬لكن‬
‫المصابين بمتالزمة الضائقة التنفسية )‪ (ARDS‬قد يعانون من فشل في عدد من‬
‫األعضاء‪ ،‬صدمة إنتانية‪ ،‬وجلطات دموية‪ .‬تتراوح المدة الزمنية الفاصلة بين التعرض‬
‫يوما‪ ،‬بمعدل وسطي هو خمسة أيام‪.‬‬‫للفيروس وبداية األعراض من يومين إلى ‪ً 14‬‬
‫لوحظ ضرر طويل األمد لألعضاء (على وجه الخصوص الرئتين والقلب)‪ ،‬وهناك قلق‬
‫بشأن عدد كبير من المرضى الذين تعافوا من المرحلة الحادة من المرض ولكنهم ما زالوا‬
‫يعانون من مجموعة من األعراض ‪ -‬بما في ذلك اإلرهاق الشديد وفقدان الذاكرة‬
‫والمشكالت اإلدراكية األخرى‪ ،‬وحمى خفيفة وضعف العضالت وضيق التنفس‪ ،‬وأعراض‬
‫أخرى ‪ -‬لعدة أشهر بعد الشفاء ‪.‬‬

‫غالبا عبر قطرات‬


‫ينتشر الفيروس في العادة بين األشخاص أثناء االتصال الوثيق بينهم‪ً ،‬‬
‫صغيرة من الرذاذ تنتج عن طريق السعال والعطس والتحدث‪ .‬تسقط هذه القطرات عادةً‬
‫على األرض أو على األسطح بدال من السفر عبر الهواء لمسافات طويلة‪ .‬في الحاالت‬
‫األقل شيوعا‪ ،‬قد يصاب بعض األشخاص بالمرض عن طريق لمس األسطح الملوث‬
‫ثم لمس وجههم‪ .‬يكون الفيروس أكثر قابلية للعدوى خالل األيام الثالثة األولى بعد‬
‫ظهور األعراض‪ ،‬على الرغم من أن للعدوى ممكن ان تحدث قبل ظهور هذه األعراض‬
‫ومن أشخاص ال تظهر عليهم أعراض المرض‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يوصى باستخدام غطاء الوجه ألولئك الذين يشكون في أن لديهم‬
‫الفيروس والذين يقدمون الرعاية لهم‪ .‬تتعارض توصيات تغطية الوجه التي يستخدمها‬
‫الناس‪ ،‬مع توصية بعض السلطات لهم‪ ،‬بعضهم ضدهم‪ ،‬والبعض اآلخر ينصحهم‬
‫باستخ دامها‪ .‬هناك أدلة محدودة على أو ضد استخدام األقنعة (الطبية أو غيرها) من‬
‫قبل األفراد المعافين في مجتمعنا‪.‬‬

‫في ‪ 1‬مايو ‪ ،2020‬منحت الواليات المتحدة ترخيص استخدام الطوارئ لمصممين‬


‫األدوية المضادة للفيروسات لألشخاص الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب اصابتهم‬
‫الشديدة ب‪COVID-19.‬‬

‫الناتجة‬ ‫التنفسية‬ ‫بالقطيرات‬ ‫آخر‬ ‫إلى‬ ‫شخص‬ ‫من‬ ‫عادة‬ ‫العدوى‬ ‫تنتقل‬
‫عن السعال أو العطاس‪.‬‬

‫تتراوح المدة الزمنية الفاصلة بين التعرض للفيروس وبداية األعراض من يومين إلى ‪14‬‬
‫يوما‪ ،‬بمعدل وسطي هو خمسة أيام‪.‬‬
‫ً‬

‫للنسخ‬ ‫التسلسلي‬ ‫البلمرة‬ ‫إجراء تفاعل‬ ‫هي‬ ‫المعيارية‬ ‫التشخيص‬ ‫طريقة‬


‫العكسي على مسحة مأخوذة من البلعوم األنفي أو من الحلق‪ .‬يمكن تشخيص اإلصابة‬
‫المقطعي‬ ‫الخطر مع التصوير‬ ‫وعوامل‬ ‫األعراض‬ ‫جمع‬ ‫خالل‬ ‫أيضا من‬
‫ً‬
‫المحوسب للصدر الذي يبدي عالمات ذات الرئة ‪.‬‬
‫تتضمن اإلجراءات الهادفة إلى منع العدوى غسل اليدين بشكل متكرر واإلبعاد‬
‫االجتماعي( المحافظة على مسافة كافية بين األفراد) وتجنب لمس الوجه‪ُ ]51[.‬ينصح‬
‫بارتداء األقنعة الطبية لمن ُيشتبه بحملهم للفيروس ولألشخاص الذين يعتنون بهم بينما‬
‫ال ُينصح عامة الشعب بارتدائها ‪.‬ال يوجد حتى اآلن لقاح أو عالج فيروسي فعال ضد‬
‫كوفيد‪ ،19-‬وتتركز جهود التدبير على عالج األعراض ودعم الوظائف الحيوية والعزل‬
‫والتدابير التجريبية ‪.‬‬

‫أعلنت منظمة الصحة العالمية اعتبار تفشي فيروس كورونا ‪ 2020-2019‬جائحة‬


‫عالمية وحالة طوارئ الصحة العامة محل االهتمام الدولي ‪ُ .‬وجدت أدلة على االنتشار‬
‫المحلي للمرض في األقاليم الست التابعة لمنظمة الصحة العالمية‪.‬‬

‫دور المجتمع المدني في مجابهة فيروس كورونا‬

‫حددت منظمة الصحة العالمية أربع مراحل النتشار فيروس كورونا المستجد؛ حيث‬

‫يكون مصدر اإلصابة في المرحلة األولى قادم من خارج البالد‪ ، imported case‬كما‬

‫كان الوضع في أول حالتي إصابة في مصر‪ .‬بينما تتمثل المرحلة الثانية في االنتشار‬

‫المحلي للفيروس‪ ، Local transmission‬وتعود اإلصابة فيها إلى اتصال الحالة‬

‫الجديدة المصابة بشخص مصاب بالفيروس أو قادمة من بلد منتشرة فيه العدوى‪ ،‬وتم‬

‫تحديد مصدر العدوى عن طريق إجراءات الرصد والتقصي‪ .‬أما المرحلة الثالثة‪ ،‬فهي‬

‫مرحلة االنتشار المجتمعي للفيروس‪ ، community transmission‬والتي تكون الحالة‬

‫المصابة بالفيروس غير متصلة بأي شخص مصاب مسجل في قواعد بيانات الترصد‬
‫والتقصي أو بأي شخص سافر إلى أي من البلدان المتأثرة بالفيروس‪ ،‬وتعجز إجراءات‬

‫الرصد والتقصي عن الوصول لسبب اإلصابة‪.‬‬

‫وتعد المرحلة الرابعة واألخيرة هي األسوأ؛ ألنها تمثل مرحلة االنتشار الوبائي‪ ،‬حيث‬

‫يصبح انتقال الفيروس على نطاق شديد االتساع‪ .‬ووفًقا للبيانات الرسمية فإن الحاالت‬

‫التي تم اكتشافها في مصر حتى اآلن‪ ،‬فإنها من المخالطين للحاالت اإليجابية التي تم‬

‫اكتشافها واإلعالن عنها‪ ،‬وهو ما يعني أن مصر مازالت في المرحلة الثانية‪ .‬ومع ذلك‬

‫هناك بعض المؤشرات التي قد تشير إلى إننا على أعتاب مرحلة االنتشار المجتمعي‪،‬‬

‫مثل؛ تكرار اإلصابات بين األطقم الطبية‪ ،‬وكثرة عدد البؤر في الفترة األخيرة؛ لذلك من‬

‫الضروري طرح فكرة المشاركة المجتمعية‪ ،‬ونحن على أعتاب المرحلة الثالثة‪.‬‬

‫ومن ثم تهدف هذه المقالة إلى مناقشة مفهوم الشراكة بين كل من؛ الحكومة والمجتمع‬

‫المدني والقطاع الخاص؛ لمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد‪ ،‬باعتبارها المحاور‬

‫الثالث للحوكمة‪ ،‬مع التعرف على أي أسس يجب أن تبنى هذه الشراكة‪ .‬مع اإلشارة‬

‫إلى أهمية المشاركة المجتمعية في التخفيف من اآلثار االقتصادية لبعض الشرائح‬

‫تتضرر من جائحة كورونا‪ ،‬ثم تخص المقالة بالذكر الدور المجتمعي‬


‫ًا‬ ‫االجتماعية األكثر‬

‫في تدعيم المجهود الطبي في القرى والمدن‪ ،‬وتفعيل آليات عملية عن طريق المشاركة‬

‫خصوصا؛ من أطباء وتمريض‪،‬‬


‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬وللفرق الصحية‬
‫ً‬ ‫المجتمعية للدعم النفسي للناس‬
‫وباقي أعضاء الطواقم الطبية‪ .‬باإلضافة إلى مناقشة دور القطاع الخاص في هذه‬

‫تحديدا على منظومة التحاليل الطبية‪ ،‬وأي دور يمكن أن‬


‫ً‬ ‫األزمة‪ ،‬وسيتم إلقاء الضوء‬

‫أيضا ستتعرض‬
‫يلعبه القطاع الخاص في مجاالت الكشف المبكر‪ ،‬والفحص المختبري‪ .‬و ً‬

‫المقالة لظاهرة التنمر والوصم المرتبطة بالمرض‪ ،‬وكيف يمكن أن تكون المشاركة‬

‫المجتمعية وسيلة فعالة للتغلب عليها ‪.‬‬

‫أول‪ -‬أسس الشراكة مع المجتمع المدني ‪:‬‬


‫ً‬

‫جديدا‪ ،‬إال إن‬


‫ً‬ ‫على الرغم إن الحديث عن الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني ليس‬

‫أهميته باتت تزداد بشكل كبير خاصة في ظل انتشار جائحة فيروس كوفيد‪،19 -‬‬

‫والحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود من أجل التغلب على هذه األزمة التي باتت تهدد‬

‫الجميع‪ ،‬مع األخذ في االعتبار أن تلك الشراكة تقتضي وجود مجتمع مدني قوي‪ ،‬له‬

‫صالحيات حقيقية‪ ،‬وشريك فعلي‪ ،‬بحيث تكون العالقة بينهما "ندية"؛ أي أن يكون‬

‫للمجتمع المدني آليات تمكنه من الحفاظ على استقالليته‪ ،‬ونديته في تعامله مع‬

‫الحكومة‪ .‬ويمكن التنويه ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬إلى أهمية تلك الشراكة‪ ،‬في موقفين‪،‬‬
‫يتمثل األول؛ في محاولة خروج الناس في قرية الهياتم بالمحلة‪ ،‬والتي من المفترض أنها‬

‫تحت الحجر الصحي لمنع انتشار الفيروس منها‪ ،‬والثاني؛ يتمثل في موقف العائدين من‬

‫الكويت‪ ،‬وبريطانيا ورفض بعضهم للحجر الصحي ‪.‬‬

‫والحقيقة‪ ،‬أنه منذ أيام وباء الكوليرا‪ ،‬وهناك عدم استجابة من جانب الناس لإلجراءات‬

‫الضرورية للصحة العامة الوقائية وكانوا يهربون من أماكن العزل‪ ،‬وال يعلنون عن‬

‫المرض‪ ،‬وكأنه وصمة‪ ،‬وكان يعود ذلك في إحدى جوانبه لتحفظ المواطنين في التعامل‬

‫مع السلطات‪ .‬ومن هنا تأتي أهمية دور المجتمع المدني ‪" -‬الشريك الحقيقي" – الذي‬

‫بإمكانه أن يوفر على الحكومة الكثير من اإلجراءات التي تستهلك طاقتها‪ ،‬بحيث تتفرغ‬

‫يكا‬
‫بدال من توابعها؛ ومن ثم يصبح المجتمع المدني شر ً‬
‫لدورها الفعلي في مواجهه األزمة ً‬

‫هاما يوفر على الحكومة الكثير من اإلجراءات اإلدارية في مثل هذه الحاالت ‪.‬‬
‫ً‬

‫اكا لتلك األهمية‪ ،‬فقد كثر الحديث في الفترة األخيرة من جانب العديد من المسئولين‬
‫وإدر ً‬

‫عن ضرورة "حشد جهود المجتمع المدني" في مواجهة فيروس كوفيد‪ ،19-‬إال إن تحقيق‬

‫ذلك يقتضي االلتفات إلى توصيات المجتمع المدني‪ ،‬والتعامل معها بجدية‪ ،‬خاصة فيما‬

‫يتعلق بتوفير الحماية الالزمة للمجموعات األكثر عرضة لخطر اإلصابة بالفيروس؛‬

‫كالمساجين‪ ،‬من خالل تخفيض أعداد المحتجزين في السجون‪ ،‬فض ً‬


‫ال عن حماية‬

‫عاما‪ ،‬والنساء الحوامل‪ ،‬وحماية النساء؛ حيث‬


‫األشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ‪ً 60‬‬
‫طرحت دعوات البقاء في المنزل لمدد طويلة بعض اإلشكاليات الخاصة بالنساء على‬

‫رأسها أرجحية ارتفاع معدالت العنف المنزلي‪ .‬كذلك األشخاص الذين يعانون من حاالت‬

‫صحية مزمنة‪ ،‬مثل؛ مرض السكري‪ ،‬وأمراض القلب‪ ،‬وأمراض الرئة‪ ،‬ومرضى األورام‪،‬‬

‫باعتبارهم األكثر عرضة للوفاة إذا أصيبوا بالفيروس‪ .‬ومن الجدير بالذكر إن "حشد‬

‫جهود المجتمع المدني" بشكل حقيقي في مواجهة كوفيد‪ 19-‬سوف يصب لصالح‬

‫الجهود المبذولة من جانب الدولة لمواجهة الوباء؛ للتقليل من احتمالية الدخول في‬

‫المرحلة الثالثة‪ ،‬والمعروفة بمرحلة االنتشار المجتمعي للفيروس‪ .‬وتأتي في مقدمة المهام‬

‫التي يمكن أن يتضطلع بها المجتمع المدني لمواجهة جائحة كورونا‪ ،‬تقديم الخدمات‬

‫اإلنسانية والطبية واالجتماعية‪ ،‬وتوعية المواطنين بمخاطر الفيروس‪ ،‬ووسائل مواجهته‪،‬‬

‫وطرق الوقاية منه‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬مبادرات المجتمع المدني ‪:‬‬


‫ً‬

‫منذ ظهور حاالت اإلصابة بالفيروس في مصر تعددت الدعوات المطالبة بضرورة‬

‫تفعيل دور منظمات المجتمع المدني‪ ،‬وحشدها لتتالءم مع اللحظة الفارقة التي تمر بها‬

‫البالد جراء جائحة كورونا‪ ،‬وقد انعكست في عدد من المبادرات من جانب بعض‬

‫مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬والجهود الفردية من خالل تقديم التبرعات العينية والمادية‪،‬‬

‫والتي تستهدف التخفيف من األ عباء المعيشية جراء تضرر شرائح واسعة من المجتمع‬
‫من توقف العمل في بعض المجاالت‪ ،‬وفي مقدمتهم العمالة اليومية‪ ،‬ويمكن االستدالل‬

‫على إحدى النماذج من خالل دور بنك الطعام المصري‪ ،‬والحملة التي أطلقها تحت‬

‫ابتداء من ‪ 22‬مارس‪ ،‬والتي يتم من خاللها‬


‫ً‬ ‫مسمى "دعم العمالة اليومية مسؤولية"؛ وذلك‬

‫توزيع ‪ 500‬ألف كرتونة طعام كدعم غذائي‪ .‬ونخص بالذكر الجهود المبذولة من جانب‬

‫المجتمع المدني لدعم القطاع الصحي الحكومي‪ ،‬باعتباره يتحمل على عاتقه الجزء‬

‫فضال‬
‫ً‬ ‫األكبر من مسئولية مواجهة جائحة كورونا‪ ،‬والتي تمثلت في عدد من المبادرات‬

‫عن تقديم العديد من الشركات ومؤسسات المجتمع المدني تبرعات مالية لو ازرة الصحة‬

‫والسكان‪ .‬ويمكن توضيح نماذج لتلك المبادرات على النحو التالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬مبادرات الدعم الوقائي؛ من خالل توفير المستلزمات الطبية التي تحتاجها‬

‫المستشفيات‪ ،‬من أدوات الوقاية الشخصية من العدوى‪ ،‬ومن بين النماذج‪ ،‬دور مؤسسة‬

‫"مصر الخير"‪ ،‬من خالل إسهامها في تقديم المستلزمات الطبية والمالبس الوقائية‬

‫الخاصة باألطباء والممرضين‪ ،‬بمستشفيات العزل والحجر الصحي والحميات‪ ،‬على‬

‫مستوى الجمهورية ‪.‬‬

‫‪ -2‬المبادرة المصرية إلنتاج ‪ ٥000‬جهاز تنفس صناعي‪:‬‬

‫حيث تهدف هذه المبادرة إلى رفع سعة‪ ،‬وكفاءة غرف الرعاية المركزة؛ وذلك بإعادة‬

‫تصنيع ‪ 5000‬جهاز ‪ PB 560‬باستخدام التصميمات التي أتاحتها إحدى الشركات‬


‫العالمية؛ وذلك بعد إنتاج نموذج تجريبي‪ ،‬وإجازته من و ازرة الصحة‪ .‬وتستند فكرة المبادرة‬

‫على جمع مجموعة من المهندسين المتخصصين‪ ،‬واألطباء‪ ،‬ومتخصصي إدارة‬

‫المشروعات‪ ،‬ثُم مخاطبة الهيئة العربية للتصنيع والشركة القابضة للصناعات المعدنية‬

‫إلنتاج الجهاز على خطوط إنتاجهم‪ ،‬وخلق قنوات للتبرع لصالح الحملة من خالل‬

‫أخير تصميم وتنظيم دورات طبية لتدريب‬


‫جمعيات خيرية معتمدة وتحظى بالثقة العامة‪ ،‬و ًا‬

‫الكوادر في جميع محافظات مصر على استخدام الجهاز‪ .‬وتقوم المبادرة على تحقيق‬

‫تعاون ثالثي بين قطاع الصناعة‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬والدولة لتحقيق الهدف‬

‫المرجو في أقصر مدة ممكنة‪ ،‬وبجودة عالية‪ .‬وقد بدأت بالفعل مجموعة عمل في دراسة‬

‫تصميمات الجهاز‪ ،‬وتبين لهم بشكل مبدئي إمكانية تنفيذه في مصر‪.‬‬

‫‪ -3‬مبادرات تحفيز العمل التطوعي وحماية الفرق الطبية ‪:‬‬

‫يعاني القطاع الصحي الحكومي أزمة كبيرة في عدد األطباء والتمريض؛ ولهذا اضطرت‬

‫و ازرة الصحة إلى تغيير شكل المواجهة التقليدية للوباء؛ وذلك بغلق العيادات الخارجية‬

‫تعديال‬
‫ً‬ ‫بجميع المستشفيات وتحويل طاقة العمل بأكملها إلى الوحدات الصحية‪ ،‬وهذا ُيعد‬

‫لمسار التعامل مع األزمة‪ ،‬بهدف االستفادة القصوى من الفريق الطبي الحالي‪ً .‬‬
‫فبدال من‬

‫أن تكون المستشفيات هي خط المواجهة األول للمرض‪ ،‬مما يسمح بتحويلها لبؤر عدوى‬

‫الستقبالها عدد كبير من المرضى من مناطق مختلفة‪ ،‬تكون الوحدة الصحية أو مكتب‬
‫الصحة الموجود في كل حي أو قرية الخط األول للتعامل مع المرض‪ ،‬على أن يتم رفع‬

‫كفاءة تلك الوحدات‪ ،‬ومدها بالفريق الطبي المدرب وبأجهزة األشعة والتحاليل التي تمكنها‬

‫من تأكيد أو نفي احتمالية إصابة أي شخص بـ "كورونا"‪ ،‬بحيث تقوم الوحدة بعد ذلك‬

‫بتحويل الشخص المرجح إصابته بالفيروس إلى مستشفى الحميات أو الصدر القريب‬

‫منه‪ ،‬ليجري فيه تحليل ‪ "pcr" .‬وفي حال تأكد اإلصابة‪ ،‬يتم نقله إلى أقرب مستشفى‬

‫عزل له‪ .‬وبالتالي يتحقق هدف تخفيف العبء على الفريق الطبي بحيث لن يصل إلى‬

‫مستشفيات الحميات سوى المرضى الذين يعانون من التهاب رئوي فقط‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون‬

‫دور األخيرة قاصر على التحقق مما إذا كان االلتهاب الرئوي بكتيرًيا‪ ،‬ووقتها يحصل‬

‫المريض على عالجه داخلها أو أنه ناتج عن اإلصابة بفيروس كورونا‪ ،‬ويحتاج إلى‬

‫النقل إلى مستشفيات العزل لتلقي العالج‪.‬‬

‫ونتيجة للنقص في عدد األطباء والتمريض‪ ،‬واحتياج القطاع الصحي بأكمله إلى التدريب‬

‫جيدا يراعي هذا‬


‫ار ً‬‫على مواجهة األزمة‪ ،‬فإن قرار و ازرة الصحة بفتح باب التطوع ُيعد قرًا‬

‫النقص‪ ،‬وقد يساهم في التخفيف من العبء على المنظومة الصحية؛ ألنه يسمح‬

‫للتخصصات العلمية القريبة من مجال الطب مثل خريجي كليات العلوم والطب البيطري‬

‫واألسنان القيام بأدوار تكميلية بمستشفيات العزل واإلحالة أو بفرق التقصي والمتابعة‬

‫الميدانية‪ .‬وكذلك يسمح القرار بوجود متطوعين للعمل المجتمعي لتوعية الناس بأن خط‬
‫فضال عن إمكانية قيامهم بتوصيل الخدمات إلى‬
‫ً‬ ‫الدفاع األول لإلنسان هو بيته‪،‬‬

‫خصوصا كبار السن وأصحاب األمراض المزمنة‪ ،‬باعتبارهم األكثر عرضة‬


‫ً‬ ‫المنازل‪ ،‬و‬

‫لإلصابة‪.‬‬

‫وفي ذات السياق‪ ،‬قامت و ازرة الصحة بتخصيص خطين ساخنين لألمانة العامة للصحة‬

‫النفسية؛ لتقديم الدعم النفسي للمواطنين المتواجدين بالمنازل خالل هذه الفترة‪ ،‬باإلضافة‬

‫إلى تدريب ‪ 150‬متخصص في الصحة النفسية عبر وسائل اإلنترنت للتواصل عن بعد‬

‫من أجل تقديم الدعم النفسي للمصابين بفيروس كورونا المستجد‪ ،‬وأهالي المصابين‬

‫والفريق العالجي في مستشفيات العزل وباقي فئات‪ .‬وفي هذا السياق تأتي أهمية تفعيل‬

‫خصوصا من أطباء‬
‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬وللفرق الصحية‬
‫ً‬ ‫آليات عملية للدعم النفسي للناس‬

‫ومعنويا‪ ،‬والعمل على حمايتهم بجميع الوسائل الممكنة‪،‬‬


‫ً‬ ‫ماديا‬
‫أيضا دعمهم ً‬
‫وتمريض‪ ،‬و ً‬

‫وتوفير االحتياجات الالزمة ألسرهم‪ .‬وعلى الرغم من الخطوات الجيدة من جانب‬

‫الحكومة‪ ،‬إال إنه مازال ينقصها توافر قنوات الستيعاب المزيد من المبادرات المجتمعية‪،‬‬

‫التي تأتي من خارج الحكومة واالستفادة منها عن طريق آليات واضحة ومحددة؛ وذلك‬

‫‪.‬‬ ‫بعيدا عن البيروقراطية التقليدية‬


‫ً‬

‫نموذجا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ثال ًثا‪ -‬دور القطاع الخاص ‪ ..‬قطاع التحاليل الطبية‬
‫ظهرت مطالب عديدة بضرورة تعاون القطاع الخاص مع الحكومة‪ ،‬خاصة "القطاع‬

‫الطبي الخاص"؛ وذلك بما يمتلكه من إمكانيات وموارد وخبرات وأدوات؛ للقيام بدور‬

‫وطني في هذه األزمة‪ .‬وفيما يخص قطاع التحاليل‪ ،‬فإنه يحظى بأهمية كبيرة خاصة مع‬

‫بعض التوصيات بضرورة التوسع في التحاليل الخاصة باكتشاف فيروس كورونا‬

‫المستجد‪ ،‬وتنقسم تلك التحاليل إلى نوعين ‪ :‬األول؛ معروف باسم "بالكاشف السريع"‪،‬‬

‫والمقصود به فحص األجسام المضادة‪ ،‬وميزته أنه أسرع وأرخص‪ ،‬إال إن دقته تعد أقل‪.‬‬

‫أما النوع الثاني؛ فهو األهم‪ ،‬واألدق‪ ،‬وهو تحليل ‪ "PCR".‬وقد أعلنت و ازرة الصحة‬

‫أنه تم إجراء ‪ 200‬ألف اختبار بالكاشف السريع ‪ ، Rapit test‬وأكثر من ‪ 90‬ألف‬

‫تحليل ‪ pcr‬لحاالت مشتبه بإصابتها بفيروس كورونا‪.‬‬

‫وفي هذا السياق أشارت بعثة الدعم التقني التابعة لمنظمة الصحة العالمية المعنية‬

‫بمرض كوفيد‪ 19-‬والتي اختتمت مهمتها في مصر بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪ 2020‬إلى أن‬

‫مصر تستطيع إجراء ما يصل إلى ‪ 200.000‬اختبار؛ وذلك بفضل الدعم المقدم من‬

‫المنظمة وشركاء آخرين والحًقا في ‪ 2‬أبريل ‪ 2020‬أجاب مكتب ممثل منظمة الصحة‬

‫العالمية في مصر‪ ،‬أن مصر لديها ‪ 400.000‬كيتس إلجراء التحليل الخاص بفيروس‬

‫كورونا المستجد ‪(test kits).‬‬


‫وقد أعلنت و ازرة الصحة عن زيادة المعامل التي يتم إجراء التحاليل بها إلى ‪ 21‬معمل‪،‬‬

‫مع وعد بزيادة العدد إلى ‪ 27‬معمل‪ ،‬بعد أن كانت تسحب العينات من أماكن مختلفة‪،‬‬

‫ويتم تحليلها في المعامل المركزية في القاهرة فقط‪ ،‬ويعد ذلك خطوة جيدة في اتجاه‬

‫المركزية المواجهة ‪.‬‬

‫ووفًقا لتعريف حالة كورونا المستجد الذي وضعته اللجنة العلمية لو ازرة الصحة‪ ،‬فإن‬

‫التحليل يجري فقط لمن ظهرت عليهم أعراض المرض ممن خالطوا حالة إيجابية أو‬

‫سافروا إلحدى الدول عالية اإلصابة‪ .‬ويرى بعض الخبراء ضرورة التوسع في التحاليل‪،‬‬

‫بحيث يكون هناك مركز اختبار واحد في كل منطقة؛ ألن من شأن القيام باالختبارات‬

‫الخاصة بالكشف عن كورونا المستجد على نطاق واسع‪ ،‬أن يساهم في المساعدة على‬

‫اكتشاف مرحلة (االنتشار المجتمعي) في وقت مبكر‪ ،‬والعمل على احتواء بؤر التفشي‬

‫بشكل أسرع‪ .‬خاصة وأنه بمجرد الدخول في مرحلة االنتشار المجتمعي‪ ،‬فإن القدرة على‬

‫الحد من هذا االنتشار ستكون محدودة إلى حد ما؛ لذلك فإن هدف هذه االستراتيجية‬

‫يتمثل في تسطيح منحنى العدوى ألطول وقت ممكن؛ أي إبطاء العدوى قبل أن ترتفع‬

‫معدالت العدوى بشكل كبير‪ ،‬وبالتالي توزيع الموارد الصحية ً‬


‫بدال من إنهاكها ‪.‬‬

‫ويمكن التنويه إلى أنه في حالة عدم قدرة المعامل المركزية والفرعية بو ازرة الصحة على‬

‫تحمل عبء زيادة العينات‪ ،‬فإنه من الممكن االستفادة بالعدد الضخم من المعامل‬
‫الخاصة الموجودة في مصر من أجل التوسع في التحاليل‪ ،‬والمساهمة في الكشف‬

‫المبكر‪ ،‬عن طريق الشراكة مع المعامل الخاصة؛ وذلك شريطة أن تكون مطابقة‬

‫مجانيا كما هو الحال في المعامل‬


‫ً‬ ‫لمواصفات الجودة واالعتماد‪ ،‬وأن يكون التحليل‬

‫الحكومية ‪.‬‬

‫ابعا‪ -‬التنمر والوصم الجتماعي‪:‬‬


‫رً‬

‫يعد "الوصم نتيجة المرض في الوعي الشعبي الجمعي مسألة تاريخية ليست بسيطة"‪،‬‬

‫وتعني االرتباط السلبي بين الشخص أو مجموعة من األشخاص الذين يشتركون في‬

‫خصائص معينة‪ ،‬ويعني هذا أنه قد يتم التمييز ضد األشخاص المصابين بكوفيد – ‪19‬‬

‫أو األشخاص الذين لهم صلة اتصال بالمرض‪ .‬على سبيل المثال؛ صلة القرابة أو‬

‫سلبا على المصابين بالمرض‪،‬‬


‫السكن في نفس المنطقة السكنية‪ .‬ويؤثر هذا التمييز ً‬

‫وكذلك على أسرهم‪ ،‬وأصدقائهم‪ .‬وقد أثار تفشي كوفيد‪ 19-‬الحالي وصمة اجتماعية‬

‫وتمييزية سواء كان وصم األفراد أو الدول أو ضد أي شخص ُيعتقد أنه على اتصال‬

‫بالفيروس ‪.‬‬

‫‪ -1‬أسباب الظاهرة ‪:‬تعود أسباب الوصمة المجتمعية المتزايدة المرتبطة بكوفيد‪ 19-‬إلى‬

‫كونه مرض جديد‪ ،‬وال يزال هناك الكثير من المجهول عنه‪ .‬ومن عواقب الوصمة‬

‫المجتمعية أنها ممكن أن تدفع الناس إلخفاء المرض لتجنب التمييز ضدهم‪ ،‬ومن ثم‬
‫اللجوء إلى الرعاية الصحية في حالة متأخرة‪ ،‬وليس فور اإلصابة أو الشعور بأعراض‬

‫المرض‪ ،‬وبالتالي يتسبب في انتشار الفيروس على نطاق واسع‪ .‬وقد تبين خطورة هذه‬

‫الظاهرة‪ ،‬في تحدي بعض القرى للحجر الصحي‪ ،‬ومحاولة البعض الهروب من الحجر‬

‫الصحي‪ .‬وقد ظهر التنمر عند دفن الموتى من ضحايا فيروس "كورونا" في مقابر‬

‫عائالتهم بالمحافظات‪ ،‬وإثارة أزمات بين أهالي القرى التي ينتمون لها‪ ،‬خاصة في ظل‬

‫رفض الكثير من األهالي دفنهم في المقابر؛ خشية انتشار العدوى ‪.‬‬

‫وظاهرة الخوف من الحجر الصحي لها أسبابها المعقدة‪ ،‬والتاريخية في مصر‪ ،‬وال يصح‬

‫أن يتم التعامل معها بتوجيه اللوم للناس باعتباره (نقص وعي)‪ .‬فقد كان يتم التعامل مع‬

‫مرضى الكولي ار في القرن الماضي بالشدة والصرامة‪ ،‬لدرجة كانت تدفع األهالي إلخفاء‬

‫اإلصابات والوفيات‪ .‬فعندما كان يصل إلى السلطات الصحية خبر حدوث إصابة كان‬

‫يتم إرسال مجموعة من موظفي الصحة والبوليس إلى منزل المريض‪ ،‬ويقومون بأخذه‬

‫إلى عربة الصحة‪ ،‬ثم إلى المستشفى‪ ،‬وبعد ذلك يأتي الدور على منزل المصاب؛ حيث‬

‫يذهب إليه موظفو الصحة فيأخذون ما فيه من األثاث بهدف التطهير‪ ،‬ولكن في أغلب‬

‫األحيان كان يتم حرقه‪ ،‬مما أدى إلى خوف وهلع أقارب المريض والجيران ‪.‬‬

‫‪ -2‬مقترحات لمواجهة الوصمة المجتمعية ‪:‬يجب احتواء هذه المشكلة‪ ،‬وإيجاد حلول‬

‫سريعة لها قبل أن تتزايد؛ حيث وضعت منظمة الصحة العالمية عدة اقتراحات لمواجهة‬
‫الوصمة المجتمعية المرتبطة بالمرض‪ ،‬ومن المفيد تبنيها في سياق المشاركة المجتمعية؛‬

‫وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬نشر الحقائق؛ حيث تزيد الوصمة المجتمعية نتيجة لعدم توافر الحقائق والمعلومات‬

‫الكافية حول كوفيد – ‪ ،19‬وطرق العدوى‪ ،‬والوقاية منه‪ .‬ومن ثم فإن إعطاء األولوية‬

‫لنشر المعلومات الصحيحة المتعلقة بالمرض‪ ،‬سوف يساهم في الحد من تلك الظاهرة‪.‬‬

‫ب‪ -‬االهتمام بنشر أصوات وقصص عن األشخاص الذين عانوا من الفيروس‪ ،‬وقد‬

‫تعافوا؛ أو من دعموا أحد أقاربهم وأصدقاءهم من خالل التعافي‪ ،‬للتأكيد أن معظم الناس‬

‫يتعافون من كوفيد‪. 19-‬‬

‫أيضا قد‬
‫ج‪ -‬إبراز الدور الهام لمقدمي الرعاية الصحية في األزمة الحالية؛ ألنهم ً‬

‫يتعرضون للوصم‪ .‬وهنا يظهر أهمية دور المتطوعون في المجتمع؛ ألنهم يلعبون ًا‬
‫دور‬

‫أيضا في الحد من الوصمة في المجتمعات‪.‬‬


‫ً‬

‫د‪ -‬التركيز على دور الصحافة‪ ،‬واإلعالم المسئول في التعامل مع األزمة‪.‬‬

‫وختاما لما سبق‪ ،‬يمكن التنويه إلى البيان الصحفي الذي أصدرته بعثة الدعم التقني‬
‫ً‬

‫المعنية بمرض كوفيد‪ 19-‬في مصر إلى أن "اتباع نهج يشمل الحكومة بأكملها‬

‫والمجتمع بأسره" و "التنسيق والشراكات مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية‪،‬‬


‫ووسائل اإلعالم على نطاق أوسع سيضمن قدرة العامة على اتخاذ ق اررات مستنيرة‪ ،‬دون‬

‫صم المرتبط بالمرض"؛ حيث سيسمح ذلك‬ ‫االنسياق وراء الشكوك ودون الخوف من َ‬
‫الو ْ‬

‫بمكافحة انتشار الوباء بفاعلية قبل أن يتطور انتقال المرض من مستوى األفراد إلى‬

‫مهما وضرورًيا‪ ،‬من‬ ‫مستوى المجتمع‪ .‬لذلك فإن تضافر الجهود المجتمعية"‪ ،‬يعد ًا‬
‫أمر ً‬

‫خالل تضافر جميع المبادرات في إطار واحد حتى يساهم في خلق حركة وبيئة إيجابية‬

‫تظهر االهتمام والتعاطف مع المرضى‪ ،‬ومع من يتعرضون للوصم‪ .‬وذلك من خالل‬

‫التعاون المشترك مع المؤسسات المختلفة للدولة من أجل تكثيف جهود التوعية‪ ،‬ووضع‬

‫خريطة طريق بسيطة وواضحة يتحرك من خاللها كل من يشك في حالته الصحية‪ ،‬مع‬

‫األخذ في االعتبار تزايد معدالت حاالت الوهم المرضي‪ .‬وفي النهاية هناك ضرورة‬

‫ملحة لتعبئة جميع اإلمكانيات والقدرات األهلية‪ ،‬والخاصة للعمل على نحو مشترك مع‬

‫الجهود المبذولة من جانب الحكومة ‪.‬‬

‫وقد التزمت الحكومة المصرية بمسئولياتها تجاه المواطن وسخرت كل إمكانيتها لمواجهة‬

‫انتشار الفيروس ‪ ،‬وتعاملت بشفافية مع الشعب المصرى العظيم ‪،‬وقد التزمت شريحة‬

‫كبيرة من الشعب المصري وساعدت فى تنفيذ األجراءات الوقائية واألحت ارزية لمواجهة‬

‫هذا الفيروس اللعين ووقفوا معا في لحظة مهمة من عمر الوطن في مواجهة هذا الوباء‬

‫الذي يتطلب من الجميع استمرار التكاتف والتضامن لعبور هذه المحنة بسالم والمحافظة‬
‫على ما حققناه من نجاح في مختلف المجاالت واالستمرار في تنفيذ خطط التنمية‬

‫والحفاظ على االستقرار االقتصادى ‪ .‬وبالرغم من هذا وما تقوم به الدولة ‪ ،‬هناك‬

‫المتربصين من أعداء الوطن اللذين يحاولون التشكيك فيما تقوم به من جهد وإنجاز وهدم‬

‫الثقة فى الحكومة والقيادت‪ .‬لكن رئيسنا العظيم الذى يحرص ويعمل دائمًا على بناء‬

‫األنسان المصرى والحفظ على صحته وقد ظهر ذلك فىما قام به من جهد للنهوض‬

‫بالمنظومة الصحية على كافة المجاالت وتنمية وبناء وإستعادة مكانة الدولة المصرية‬

‫دائما يراهن ويعزز ثقته على هذا الشعب الذي يبرهن دائما في الظروف الصعبة على‬

‫صالبته وأصالة معدنه وقدرته على مجابهة هذه الحمالت والتصدي لها ففي الشدائد‬

‫تظهر معادن الرجال‪.‬‬

‫وفى الفترة الماضية شهدت مصر شائعات كثيرة‪ ،‬وقد شهدت أيضًا خالل أزمة كورونا‬

‫ومصر على عدم‬


‫الحالية فئة من الشعب الذي ما زال يقلل من مدي خطورة الوضع ُ‬

‫االلتزام بتعليمات األمن والسالمة من منطلق ثقافة خاطئة وقيام الجماعات اإلرهابية‬

‫بنشر العديد من الشائعات اليومية المغرضة والتى قد يكون لها تأثير مدمر على حياة‬

‫المواطنين ومقدرات الدولة المصرية ‪ ،‬والتي تواجهها أجهزة الدولة على مدى الساعة‬

‫بالطرق المعلنة المختلفة ‪،‬لكن المواجهة مع هذه العناصر وهذا الفصيل الشرير لن‬
‫تنتهي ويجب علينا جميعًا شعبًا وجميع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى مع‬

‫هذه الشائعات بحذر يجنب المواطن والدولة اآلثار السلبية المدمرة‬

‫أن منظمات المجتمع المدني لها دور هام في التدخل الميداني في األزمات وحشد‬

‫الطاقات وضخها وذلك من خالل تدعيم مؤسسات الدولة ودعم والمساعدة على تنفيذ‬

‫التعليمات الصادرة من الحكومة‪ ،‬وااللتزام بالتدابير االحت ارزية ودعمها للحد من انتشار‬

‫الفيروس والتوعوي بكيفية مواجهة انتشار الفيروس من خالل تكثيف حمالت توعية‬

‫كيفية الحماية واإلجراءات التي يجب اتباعها للوقاية من اإلصابة خاصة في القري‬

‫والريف واألماكن البعيدة عن الحضر واألماكن ذات الكثافة السكانية المرتفعة في المدن‬

‫لما تملكه هذه المنظمات من قدرة في التعامل على األرض والوصول السريع لألماكن‬

‫النائية وهو دور مكمل لدور الحكومة في التوعية والتي تستخدم وسائل اإلعالم بشكل‬

‫مكثف لنشر الوعي والتثقيف ‪ .‬هذا باألضافة الى أن دور منظمات المجتمع المدني‬

‫وأفراده لهم دور كبير في التصدي للشائعات ودعم الجهود الحكومية في مواجهة أزمة‬

‫هذا الوباء العالمى ‪ ،‬بأن يكون متمسكًا بالمواطنة الصالحة‪ ،‬وأن يحرص أفراد المجتمع‬

‫كافة على أداء مسؤولياتهم الوطنية واالجتماعية بصدق‪ ،‬وكفاءة كل في موقعه‪.‬هذا‬

‫باألضافة أيضًا الى ‪ :‬المساهمة الفاعلة في تعزيز الوعي المجتمعي وتوعية الشعب‬

‫لكيفية التصدي للشائعات وعدم تداولها على مواقع التواصل االجتماعي وأخذ األخبار‬
‫من مصادرها الرسمية‪ .‬كذلك خالل استخدام وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬التي تشجع‬

‫الناس على البقاء في المنازل وعدم الخروج أو االختالط‪.‬‬

‫منذ إعالن منظمة الصحة العالمية عن هجمة فيروس "كورونا" بأنها "جائحة عالمية" في‬

‫‪ ، 2020 /3/12‬فإن هذه األزمة الصحية العالمية سوف تحدد معالم المستقبل للمجتمع‬

‫اختبار لعزمنا‪ ،‬ولثقنا في العلم‪ ،‬ولحس التضامن اإلنساني‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫اإلنساني و ًا‬

‫األزمات يسلط الضوء على أفضل ما لدى اإلنسانية وأسوأ ما لديهم في نفس الوقت‪.‬‬

‫ولنبدأ ببعض المالحظات حول إعالن منظمة الصحة العالمية ‪ ،‬حيث حثت المنظمة‬

‫جميع البلدان على اتباع نهج شامل يتواءم وظروفها المحلية‪ ،‬على أن يكون االحتواء‬

‫ركيزته األساسية‪ ،‬وقد حددت دليل عمل للدول والمنظمات من خالل اعتماد إستراتيجية‬

‫من أربعة محاور‪ :‬األول التأهب واالستعداد (لتهيئة الناس بأهمية اإلجراءات الوقائية‬

‫وتوفير كافة وسائل الرعاية الصحية لهذا الغرض)‪ ،‬والثاني الكشف والحماية والعالج‬

‫(بإجراءات ُمحكمة للعثور على كل حالة مصابة بالفيروس وعزلها وفحصها ومعالجتها‬

‫الحد من االنتقال وكبحه (بتقصي‬


‫كي يمكن لنا كسر سالسل االنتقال)‪ ،‬والثالث هو ّ‬

‫وفحص أكبر عدد من المصابين بالفيروس وعزله ‪l‬وفرض الحجر الصحي على أقرب‬

‫مخالطيهم إلبطاء سرعة انتشار المرض)‪ ،‬الرابع هو االبتكار والتعلم ( بمنح الجميع‬

‫فرصة االبتكار واالستفادة من خبرات الغير‪).‬‬


‫وبصدق نقول إن تعامل مؤسسات الدولة المصرية مع أزمة فيروس كورونا‪ ،‬بداية من‬

‫و ازرة الصحة وأجهزة الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة يدعمها اإلعالم الوطني‪ ،‬تميز‬

‫بما يمكن وصفه بأنه إدارة رشيدة و"أداء استباقي" رائع‪ ،‬كان مثار إشادة منظمة الصحة‬

‫العالمية ‪ .‬في المقابل نجد أن هناك حالة خوف كبيرة غير مبررة‪ ،‬ومن ثم تعد أزمة‬

‫حقيقيا لقدرات وقوة المجتمعات على مواجهتها‪ ،‬ونجاحنا يتوقف على قدر‬
‫ً‬ ‫اختبار‬
‫ًا‬ ‫كورونا‬

‫الوعي في التعامل مع األزمات طويلة المدى‪ ،‬وبالنظر إلى هذه الجائحة فإنه ال يعرف‬

‫لها نهاية محددة‪ ،‬في ظل سرعة تداعياتها‪ ،‬أمامنا مسئولية جماعية ال فردية لتحقيق‬

‫األمن والسالم واالجتماعي‪ ،‬وهنا يبزغ دور منظمات المجتمع المدني ‪( ،‬والمأمول فيه‬

‫كثير) إلى جانب جهود الدولة المضنية‪.‬‬

‫يطلق مسمى المجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية على مجموعة من المنظمات‬

‫أو الجمعيات األهلية التي في غالبيتها ال تهدف إلى الربح وتضم في عضويتها‬

‫المتطوعين للعمل الجماعي وخدمة المجتمع في الحياة العامة‪ ،‬وهي تقوم بتقديم الخدمات‬

‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬باإلضافة إلى تنفيذ بعض المشروعات التنموية لخدمة‬

‫المجتمعات المحلية وفقا لمجال عملها‪.‬‬

‫ويمكن للمجتمع المدني القيام ببعض األنشطة والمهام في مجال إدارة جائحة كورونا من‬

‫خالل‪ :‬تقديم الخدمات اإلنسانية والطبية واالجتماعية‪ ،‬وكذا تقديم التجهيزات الخاصة‬
‫بالتطهير وإمكانات اإلسعافات األولية‪ ،‬مع توفير المتطوعين المدربين للمساعدة في‬

‫أعمال الرعاية في مناطق الحجر الصحي‪ ،‬والمشاركة في جمع التبرعات المادية‬

‫والعينية‪ ،‬واإلشراف على إقامة الدورات التدريبية للمتطوعين عبر البوابات اإللكترونية‪،‬‬

‫التي حددتها ‪ WHO‬منظمة الصحة العالمية ‪ ،‬كما تشارك منظمات المجتمع المدني في‬

‫توعية المواطنين بمخاطر الفيروس‪ ،‬ووسائل مواجهته‪ ،‬وطرق الوقاية منه‪ ،‬وحمايتهم من‬

‫خطره‪.‬‬

‫وغير خاف أن هذه الجائحة تتداخل فيها المراحل بشكل غير مألوف‪ ،‬فهناك محافظات‬

‫ومناطق في المرحلة الوقائية‪ ،‬وأخرى ترتفع فيها معدالت اإلصابة تدر ً‬


‫يجيا‪ ،‬وهناك‬

‫محافظات آمنة‪ ،‬ومن هنا يمكن تركيز منظمات المجتمع المدني والجمعيات األهلية‬

‫على بعض المهام الرئيسة إلى جانب جهود الدولة‪ ،‬ويمكن إضافة مهام أخرى وفق‬

‫حاجة كل محافظة‪ ،‬ونوجز مراحل إدارة األزمة في اآلتي‪:‬‬

‫مرحلة ما قبل األزمة‪( :‬وهي المرحلة الوقائية للمناطق غير المصابة حتى اآلن)‪،‬‬

‫ويمكنها القيام باآلتي‪ :‬بعرض برامج توعية للجماهير حول األزمة وكيفية االستعداد لها‪،‬‬

‫ونشر الوعي بمخاطر الفيروس‪ ،‬وبأهمية العمل التطوعي بالمجتمع‪ ،‬والتنسيق بين‬

‫منظمات المجتمع المدني بين المحافظات المصابة‪ ،‬والتعاون مع الجهات التنفيذية في‬

‫نطاق عملها في المحافظات‪ ،‬وتوفير التمويل الذاتي لتنفيذ مبادرتها في المرحلة الوقائية‪،‬‬
‫وتوزيع المعونات على مدار الساعة‪ ،‬ووضع خطة متكاملة إلقامة معسكرات مؤقتة‬

‫(حجر صحي) للمشتبه فيهم‪ ،‬وفق مطالب مديريات الصحة في المحافظات‪.‬‬

‫المرحلة الثانية مواجهة الجائحة" تفشي محدود للفيروس" وأهم إجراءاتها‪ :‬انتقال أطقم‬

‫متطوعي الجمعيات األهلية لمناطق اإلصابة وإرسال الفرق التطوعية وتقديم المعونة‬

‫المباشرة في مناطق الحجر الصحي‪ ،‬والتواصل مع أطقم ووحدات التطهير في المناطق‬

‫المصابة‪ ،‬والمعاونة في تحديد أولويات اإلجراءات العاجلة لمواجهة الجائحة‪ ،‬وتقدير‬

‫االحتياجات بالتعاون مع الجهات التنفيذية في كل محافظة‪ ،‬وفق توجيهاتها ً‬


‫دعما لخطة‬

‫وماديا بتقديم معونات عينية‪ ،‬تزامنا مع‬


‫ً‬ ‫نفسيا‬
‫الدولة‪ ،‬وكذا التخفيف على األسر المضارة ً‬

‫الخدمات األخرى‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة ما بعد تراجع الجائحة من خالل‪ :‬المساهمة في إعادة تأهيل المناطق‬

‫التي تم تطهيرها (أسر ‪ /‬قرى ‪ /‬أحياء) وفق األولويات أولها تقديم خدمات الرعاية‬

‫العاجلة للمتعافين من خالل‪ :‬زيارة المتعافين وتقديم الرعاية العاجلة لهم وألسرهم‪ ،‬ودعم‬

‫احتياجات المستشفيات وزيارة المصابين وتقديم الرعاية العاجلة لهم وألسرهم‪ ،‬من خالل‬

‫تنفيذ مشروع متكامل لرعاية المتضررين‪ ،‬ولتكون مشاركة المجتمع المدني في مرحلة ما‬

‫بعد األزمة في إطار منظومة و ازرة التضامن االجتماعي‪.‬‬


‫اقعيا الدولة لم تستشعر مبادرات إيجابية تقدم لها مد العون في هذه األزمة‪ ،‬ولم نسمع‬
‫و ً‬

‫إال عن مبادرات محدودة‪ ،‬تم إعالنها من خالل مجلس الوزراء‪ ،‬بتوفير مستلزمات طبية‪،‬‬

‫لدعم خطة الحكومة في مجابهة فيروس كورونا‪ ،‬وبالتالي فإن الدولة بحاجة لدعم أبنائها‬

‫أيضا للتخفيف من تداعيات األزمة على‬


‫المخلصين‪ ،‬في سباق من أجل مجابهة كورنا‪ ،‬و ً‬

‫مختلف األصعدة‪ .‬كما يمكن للنقابات المهنية‪ ،‬وإتحادات المستثمرين والمستوردين‬

‫والمصدرين التبرع المادي في توفير احتياجات المستشفيات ومناطق العزل‪ ،‬كما يمكن‬

‫اضيا) أن يكونوا االحتياطي اإلستراتيجي‬


‫التحادات مالك المستشفيات الخاصة (افتر ً‬

‫لجهود و ازرة الصحة والقوات المسلحة للدعم العالجي واللوجستي الطبي‪.‬‬

‫وجدير بالذكر مصر على أبواب استحقاقين النتخابات مجلسي الشعب والشورى‪ ،‬وربما‬

‫المحليات‪ ،‬وقد أعد المرشحون المحتملون أنفسهم منذ قبل أزمة كورونا‪ ،‬ومن المبادرات‬

‫المقترحة نأمل أن يكونوا أول من يسارع في تقديم العون للدولة (من أموال رصدوها‬

‫لحمالتهم االنتخابية)‪ ،‬وكل األحزاب مدعوة اليوم " لدعم مصر"‪ ،‬للدخول في سباق‬

‫المؤازة بجوار باقي منظمات المجتمع المدني ‪ ،‬وأتصور أنه أول اختبار حقيقي ألول‬

‫برلمان مصري بعد ثورة ‪ 30‬يونيو المجيدة‪.‬‬

‫وقد شاهدنا مبادرات إيجابية من بعض أصحاب الفنادق في العواصم العربية‪ ،‬للتبرع‬

‫بإقامة للمعافين من الحجر الصحي‪ ،‬وفق تعليمات و ازرة الصحة‪ ،‬كما تبرع العديد من‬
‫رجل األعمال على مستوى العالم لبالدهم وبالد أخرى لمساعدة الدولة في مواجهة‬

‫آخر التأكيد على دور منظمات المجتمع المدني في الخطة‬


‫أخير وليس ًا‬
‫األزمة‪ ،‬و ًا‬

‫اإلستراتيجية للتأهب واالستجابة بمحاورها الثمانية‪ ،‬وأن تكون هذه المنظمات ضمن‬

‫تشكيل لجنة الوحدة الوطنية إلدارة الطوارئ‪.‬‬

‫ويمكن اقتراح بعض التوصيات لتفعيل دور منظمات المجتمع االمدني في مواجهة‬

‫مستقبال من خالل‪:‬‬
‫ً‬ ‫األزمات‬

‫‪ -‬إنشاء اتحاد نوعي للتنسيق بين الجمعيات األهلية العاملة في مجال إدارة الطوارئ‪.‬‬

‫‪ -‬حصر وتصنيف إمكانياتها‪ ،‬لتسهيل المناورة باإلمكانيات في الحاالت الطارئة‬

‫‪ -‬ضم ممثلين لمؤسسات المجتمع المدني في عضوية اللجنة القومية إلدارة األزمات‪.‬‬

‫‪ -‬وضع دليل عمل لتنسيق جهود مؤسسات المجتمع المدني في إدارة الطوارئ (قبل‬

‫وأثناء وبعد‪.)...‬‬

‫‪ -‬ضرورة إشراك ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني في برامج التدريب والدورات التي‬

‫ينظمها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار‪.‬‬


‫‪ -‬إضافة جزء خاص بالجمعيات األهلية على الموقع اإللكتروني الخاص بقطاع إدارة‬

‫األزمات في و ازرة التضامن االجتماعي‪ ،‬وذلك لتوثيق التجارب والخبرات لتسجيل‬

‫الدروس المستفادة‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير بروتوكوالت التعاون ‪ -‬حالة وجودها ‪ -‬في مجال التخطيط لمواجهة األزمات‬

‫وإدارة الطوارئ بين االتحاد العام لمؤسسات المجتمع المدني ومركز المعلومات ودعم‬

‫القرار في الحكومة‪.‬‬

‫الدور التوعوي التحسيسي‪:‬‬

‫في كل األزمات يكون المواطن مندفع بإرادة تقديم يد المساعدة و التحرك الفوري في‬

‫محاولة منه ألن يحقق ذاته و مواطنته ‪ .‬هذا ما ُيعرض المواطنين رغم حسن نواياهم‬

‫إلى الخطر وإلى المساهمة في تعكر األوضاع وليس تحسنها ‪ .‬في هذا السياق تستحيل‬

‫منظمات المجتمع المدني المؤطرة و الحاضنة لهذه الطاقات و األفكار وذلك بالعمل‬

‫على توجيهها بطريقة تتماشى مع متطلبات حل األزمة وبالتنسيق مع ُسلط اإلشراف‬

‫ضمن إطار قانوني واضح‪.‬‬


‫المجتمع المدني على حشد هذه الطاقات وضخها في أعمال تطوعية‬
‫تعمل منظمات ُ‬

‫يمكن أن تتجلى في عدة أوجه على الصعيد الوطني من فاعلين محليين مؤطرين من‬

‫الجمعيات في كل منطقة يعملون بالتنسيق مع ُسلط اإلشراف‪:‬‬

‫‪ ‬توعية المواطنين حول خطورة هذا الوباء و طرق الوقاية منه‬

‫‪ ‬التحسيس بضرورة اإللتزام بمسافة األمان في المرافق العمومية والخاصة وتجنب‬

‫اإلكتظاظ ‪ :‬هذا عبر توزيع المتطوعين أمام هذه المرافق للعمل على تطبيق‬

‫المتبعة‪.‬‬
‫التوصيات ُ‬

‫‪ ‬توزيع المتطوعين للإلعانات تحت رقابة ُسلط اإلشراف‪.‬‬

‫‪ ‬تمكن الفاعلين المحليين لكل منطقة من خصوصيات الوباء و الدراية بالمستجدات‬

‫وذلك للتصدي لإلشاعات على الصعيد المحلي وهو ما يساهم في تقليل حالة الهلع‬

‫الالمبرر لدى المواطنين ‪ :‬تحسيس المواطن بأن الدولة تتابعه عن كثب وتُحكم‬

‫سيطرتها على الوضع وهو ما ُيعزز اإلستقرار اإلجتماعي كركيزة من ركائز إدارة‬

‫األزمات‪.‬‬

‫‪ ‬تقديم الفاعلين المحليين لتقارير يومية إلى ُسلط اإلشراف حول األنشطة اليومية و‬

‫الوضع المحلي ‪ :‬تؤخذ هذه التقارير بعين اإلعتبار وذلك ضمن إستراتيجية تنطلق من‬
‫المحلي الى المركزي ‪ .‬تُساهم هذه األخيرة في إستجابة أسرع للمشاكل الموجودة‬

‫والوعي بها وإستباق مشاكل أخرى ممكنة‪.‬‬

‫‪ ‬إدارة المعلومات بشكل دقيق و جعل منظومة التواصل أثناء األزمات منظومة تُخاطب‬

‫المواطن بشكل ُمباشر عبر المتطوعين المحليين وإنطالقا من السياق المحلي فكل‬

‫أزمة هي أزمة معلومات وتواصل‪.‬‬

‫الدور الردعي الميداني‬

‫المجتمع المدني لها دور هام في التدخل الميداني في األزمات وذلك من خالل‬
‫منظمات ُ‬

‫تدعيم مؤسسات الدولة بالرصيد البشري الكافي والمؤهل للتدخل في ميادين ُمختلفة‪:‬‬

‫‪ ‬تعزيز سيارات اإلسعاف و الحماية المدنية بمتطوعي الهالل األحمر التونسي والذي‬

‫ُيعتب ر الجيش الثاني للحماية المدنية كما أن متطوعي الهالل األحمر لهم من التدريب‬

‫ما يكفي للتصرف في األزمات واإلغاثة واإلسعاف و تسخيرهم للحوادث و اإلصابات و‬

‫غيرها ما يسمح للحماية االمدنية و » ‪ »Samu‬بتكريس وتركيز طاقة أكبر لإلستجابة‬

‫لحاالت اإلصابة بالكورونا‬

‫‪ ‬توفير الرصيد البشري الكافي من المتطوعين في مراكز اإلستجابة الهاتفية » األرقام‬

‫الخضراء » الخاصة بالكورونا‬


‫الدور الرقابي‬

‫تعمل منظمات المجتمع المدني في السياق المحلي والوطني على ُمتابعة اليومي‬

‫اإلجتماعي في تفاصيله من خالل متطوعين وفاعلين محليين لكل منطقة ُيسجلون‬

‫اإلخالالت والتجاوزات ويعملون على التبليغ عنها عبر وسائل عديدة ‪ :‬منظمة الدفاع‬

‫عن المستهلك‪ ،‬صفحات على الفايسبوك تُنشأ في االغرض كخطوة أولى من الممكن أن‬

‫تُجمع كل المعلومات في منصة رقمية في وقت الحق ‪ :‬تُقدم من خالل هذه الوسائل‬

‫ُمخرجات المعاينة اليومية بالتنسيق مع ُسلط اإلشراف‪ .‬إن الوعي الفوري بالتجاوزات‬

‫واإلخالالت يجعل من الحلول أسرع وأسهل و أنجع‪.‬‬

‫كل منطقة تستحيل منظومة رقابية وآلية تواصل و توعية و مصدر موثوق للمعلومة‬

‫وذلك عبر الحضور القوي لمنظمات المجتمع االمدني والتي تستحيل الواصلة بين‬

‫المواطن والدولة‪.‬‬

‫في الشدائد تظهر معادن الرجال‪ ،‬وتتأكد أصالتهم‪ ،‬وظهر ذلك جليًا في أزمة «كورونا»؛‬

‫حيث تتوالى الجهود المشهودة والمتميزة التي تبذلها أجهزة الدولة على مختلف الصعد‬

‫الحتواء انتشار الفيروس الذي تفشى في األغلب األعظم من دول العالم‪ ،‬وأتى على‬

‫أرواح العديد من أفراد شعوبها‪ ،‬في حين جاءت الخطط واإلجراءات االحت ارزية غير‬

‫المسبوقة التي اتخذتها إمارات الوعي والحكمة ضمن محاوالتها المتواصلة إلحكام‬
‫السيطرة والتصدي لهذا العدو الخفي غير المرئي‪ ،‬عالوة على وضعها العديد من الخطط‬

‫والسيناريوهات المدروسة جيدًا للملمة الموقف‪ ،‬والحفاظ على صحة وسالمة واستقرار‬

‫مواطني ومقيمي هذه األرض الطيبة‪ ،‬وتجنيبهم اإلصابة به‪.‬‬

‫وعلى التوازي يأتي دور المجتمع المدني في وجوب مساندة الجهود الحكومية وتعزيزها‪،‬‬

‫والوقوف الى جانب الجهات المعنية يدًا بيد‪ ،‬فالمصلحة واحدة‪ ،‬والتكاتف والتضامن‪،‬‬

‫والتالحم ضروري في الظرف الحالي‪ ،‬وفي ذلك هناك أدوار مطلوبة من أبناء المجتمع‬

‫المدني‪ ،‬حولها دارت اآلراء اآلتية‪.‬‬

‫الوعي المجتمعي‬

‫بداية وبحسب جاسم المازمي عضو المجلس االستشاري إلمارة الشارقة رئيس مجلس‬

‫أولياء أمور الطلبة في الشارقة‪ :‬تقوم دولة اإلمارات العربية المتحدة بو ازراتها ومؤسساتها‬

‫بجهود جبارة لتوسيع وزيادة نطاق الفحوص في الدولة بهدف الكشف المبكر‪ ،‬وحصر‬

‫وعزلهم‪.‬‬ ‫والمخالطين‬ ‫المستجد‪،‬‬ ‫كورونا‬ ‫بفيروس‬ ‫المصابة‬ ‫الحاالت‬

‫ومن هنا وجب على مكونات المجتمع المدني بالتحرك والتضامن بأفضل الطرق‬

‫الممكنة‪ ،‬فالمجتمعات ال تبحث عن جمعيات ومؤسسات تتواجد فقط عند الرخاء‬

‫االجتماعي‪ ،‬لكن البد أن يكون لها دور فاعل في التدخل السريع عند األزمات‬

‫والمصائب لتوعية المواطنين بضرورة االلتزام بقواعد الصحة‪ ،‬وطرق الوقاية من وباء‬
‫«كورونا» ‪ ،‬وكذلك دور ميداني من خالل المشاركة التطوعية متى استدعت الحاجة إلى‬

‫التدخل الميداني السريع‪ ،‬وبموافقة من الجهات المعنية في الدولة لمعالجة األوضاع في‬

‫حال تفاقمها ال قدر هللا‪.‬‬

‫فضالً عن الدور الرقابي في المتابعة اليومية لتطورات الفيروس خالل األزمة‪ ،‬وكيفية‬

‫الحد منه‪ ،‬عالوة على تقديم المساعدات العينية كمواد التنظيف‪ ،‬والمواد الصحية‪،‬‬

‫والكمامات الطبية وغيرها‪ ،‬للمحتا جين‪ ،‬أو للجهات الحكومية كالعيادات‪ ،‬والمستشفيات‪،‬‬

‫حال حدوث أي نقص‪ ،‬إضافة إلى المساهمة في تحسين ظروف عيش األسر المتعففة‬

‫من المواطنين‪ ،‬والمقيمين في الدولة بتقديم المعونات لهم‪ ،‬وتوزيع المواد الغذائية عليهم‪.‬‬

‫وهنا نصيحة مهمة لكل من يحب تراب دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬فكلنا يعلم بأن‬

‫هناك دو ًار كبي ًار يقع على عاتق المواطن والمقيم؛ حيث ال يمكن أن ينهار النظام‬

‫الصحي إال إذا بدر إهمال من أي طرف منهما‪ ،‬لذا فالرهان الحقيقي اليوم يقع على‬

‫عاتق الجميع بوعيهم‪ ،‬والتزامهم بتداعيات األزمة‪ ،‬وضرورة احترام اإلجراءات االحت ارزية‪،‬‬

‫ال ومن ثم حماية بقية مكونات المجتمع‪.‬‬


‫و الوقائية‪ ،‬لحماية أنفسهم أو ً‬

‫السيما أن أساس الخروج من هذه األزمة يكون بوعي أفراد المجتمع بمشكالت الوضع‬

‫الراهن‪ ،‬ومن ثم التفاعل اإليجابي باإلجراءات التي تتخذها الدولة‪ ،‬وااللتزام بها‪ ،‬وتطبيقها‬
‫حرفيًا إلى أن يرفع هللا عنا هذه الغمة‪ ،‬فيما ال شك في أن حب الجميع للدولة يكون‬

‫بأفعالهم واتباعهم توجيهات القيادة الرشيدة‪.‬‬

‫التصدي للشائعات‬

‫وذهب محمد راشد رشود رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في دبا الحصن‬

‫التابع لمجلس الشارقة للتعليم‪ ،‬إلى أن المجتمع المدني وأفراده لهم دور كبير في دعم‬

‫الجهود الحكومية في مواجهة أزمة «كورونا»‪ ،‬بأن يكون متمسكًا بالمواطنة الصالحة‪،‬‬

‫وأن يحرص أفراد المجتمع كافة على أداء مسؤولياتهم الوطنية واالجتماعية بصدق‪،‬‬

‫وكفاءة كل في موقعه‪.‬‬

‫كما يجب تنفيذ التعليمات الصادرة من الحكومة‪ ،‬وااللتزام بالتدابير االحت ارزية ودعمها‬

‫ال‪ :‬والحقيقة نلمس االلتزام التام‬


‫للحد من انتشار الفيروس‪ ،‬وأخذها على محمل الجد‪ ،‬قائ ً‬

‫من المجتمع‪ ،‬ودعم القطاعات واألفراد لجهود الحكومة‪ ،‬والمساهمات وغيرها في صندوق‬

‫ال عن الحرص على تنفيذ ما وجهت إليه الحكومة في صدد حملة التعقيم‬
‫الوطن‪ ،‬فض ً‬

‫الوطني‪ ،‬والتزام الجميع بتعليماتها في البقاء في المنازل من خالل شعار‪( :‬خلك في‬

‫البيت) ملتزمون يا وطن‪.‬‬


‫لذلك نأمل أيضًا التصدي للشائعات وعدم تداولها على مواقع التواصل االجتماعي وأخذ‬

‫األخبار من مصادرها الرسمية‪.‬‬

‫ونحن كأفراد مجتمع نثمن الجهود الحثيثة التي تقوم بها الحكومة من إجراءات وقائية‬

‫للوقاية لمنع انتشار الفيروس‪ ،‬كما نثمن الدور التي تقوم به الصفوف األمامية من أطباء‬

‫وممرضين‪ ،‬وأجهزة شرطية وأمنية‪ ،‬وإعالمية‪ ،‬وبلديات‪ ،‬على جهودهم الكبيرة التي‬

‫يقومون فيها في هذه األزمة من أجل سالمتنا‪ ،‬ونسأل هللا أن تكون في ميزان حسناتهم‪.‬‬

‫مساهمات مختلفة‬

‫يرى المستشار القانوني حسن جمعه بشكل عام أنه مهما بلغت بعض الحكومات من‬

‫إمكانيات وقدرات على مواجهة األزمات والكوارث‪ ،‬فإن ذلك ال يغني عن دور المجتمع‬

‫المدني ومساهماته المختلفة في التكاتف مع الحكومات في التصدي للصعوبات‬

‫والتحديات‪.‬‬

‫وفي ذلك يقول‪ :‬هناك صور شتى وعديدة ألعمال المجتمع المدني‪ ،‬وأقل ذلك أال تكون‬

‫وسيلة إعاقة وتخريب لجهود الجهات الفاعلة المسؤولة عن رفع الضرر عن المجتمع‪،‬‬

‫وأن يكون ملتزمًا بالتعليمات التي تصدرها الجهات المسؤولة‪ ،‬وأخذ المعلومات واألخبار‬

‫من مصادرها الرسمية الموثوقة بها‪ .‬والمؤسف أن هناك من لديه مفهوم خاطئ عن‬

‫المساهمة المدنية كمن ينصب نفسه مراسالً في نقل األحداث عبر وسائل التواصل‬
‫االجتماعي بصورة ال تخدم المجتمع في وقت األزمات‪ ،‬دون تقدير للفزع والهلع الذي‬

‫يسببه لآلخرين؛ السيما أن ما ينقله من أحداث لم تكتمل معالمها‪ ،‬والبعض ال يتردد في‬

‫إكمال تلك األ حداث من نسيج خياله مما يشغل المجتمع من تقدير األمور بالصورة‬

‫الصحيحة لمجابهة األخطار‪.‬‬

‫ال في نقل‬
‫وهناك من لديه مفهوم خاطئ عن المساهمة المدنية كمن ينصب نفسه مراس ً‬

‫األحداث عبر وسائل التواصل االجتماعي بصورة ال تخدم المجتمع في وقت األزمات‬

‫دون تقدير للفزع‪ ،‬والهلع الذي يسببه لآلخرين‪.‬‬

‫إن أدوار المجتمع المدني ال يمكن حصرها وكل من موقعه يسهم فيما يستطيع لتجاوز‬

‫المجتمع األزمة أو الكارثة‪ ،‬فعلى سبيل المثال رجال األعمال يجب أن يبادروا‬

‫بمساهمات مختلفة وفق نوع األزمة وكل مرحلة من مراحلها؛ ال سيما أن تعافي المجتمع‬

‫وبأقل الخسائر يكون لصالحهم‪ ،‬وهذا أيضاً ينطبق على المهنيين‪ ،‬والمختصين كل‬

‫حسب حاجة المجتمع من خدماته في حالة األزمات‪.‬‬

‫وأيضًا وبشكل عام ال يخلو مجتمع ما من العقالء واإليجابيين الذين يبادرون بطرح‬

‫األفكار والمبادرات التي تسهم في تخفيف وطأة أي كارثة أو أزمة‪ ،‬وذلك بتنظيم‬

‫الصفوف والتنسيق مع حكوماتهم؛ بحيث يقوم كل بدوره لتجاوز المحن‪ ،‬وأن يكون عملهم‬

‫رافدًا من الروافد التي تعتمد عليها الجهات التي تمد يد العون والمساعدة للمنكوبين‪ ،‬أو‬
‫المحتاجين للمساعدات‪ ،‬وذلك بأشكال مختلفة يفرضها واقع األزمة‪ ،‬وعلى كل شخص‬

‫ال يستصغر دوره الذي يمكن أن يفيد به‪.‬‬


‫أّ‬

‫كما أنه على الجهات المعنية بإدارة األزمات في بعض الدول أالّ تغفل دور المجتمع‬

‫المدني في حالة األزمات والكوارث‪ ،‬وأن تهيئ له البنية التحتية في أداء واجباتها‬

‫المدنية‪ ،‬وأن تكون مصدر إلهام للمجتمع المدني في أن يكمل دور الفرق المسؤولة عن‬

‫انتشال المجتمع من الكبوة التي يعيشها‪.‬‬

‫تضافر الجهود‬

‫أما أمل الهدابي‪ ،‬فقالت‪ :‬أكدت أزمة وباء كورونا المستجد (كوفيد ‪ )19‬بصورة ال تدع‬

‫ال للشك‪ ،‬أهمية تضافر الجهود الرسمية والشعبية في مواجهة األزمات الخطرة‪،‬‬
‫مجا ً‬

‫السيما في أزمة مثل هذا الوباء‪ ،‬التي يعتمد نجاح مواجهتها باألساس على الوعي‬

‫المجتمعي بخطورتها وضرورة التزام المواطنين بالتعليمات والقواعد الصادرة عن السلطات‬

‫المختصة‪ ،‬السيما فيما يتعلق بمنع االختالط والبقاء بالمنازل واتباع كافة اإلجراءات‬

‫الوقائية الممكنة لحماية المجتمع‪.‬‬

‫وال شك أن دور المجتمع المدني مهم للغاية في هذا السياق‪ ،‬وهذا الدور يمكن أن يأخذ‬

‫أشكاالً أو أساليب عدة‪ ،‬منها‪ :‬المساهمة الفاعلة في تعزيز الوعي المجتمعي وزيادته من‬
‫خالل الجهود اإلعالمية والدعائية‪ ،‬ومن خالل استخدام وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الحديثة‪ ،‬التي تشجع الناس على البقاء في المنازل وعدم الخروج أو االختالط‪.‬‬

‫المسؤولية المجتمعية‬

‫وشدد محمد الدرمكي عضو سابق في «استشاري» الشارقة على أنه من األهمية بمكان‬

‫خالل الظرف الراهن‪ ،‬التالحم المجتمعي‪ ،‬وتعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية لكل فرد‬

‫من أفراد المجتمع‪ ،‬على أنهم شركاء في مواجهة فيروس (كوفيد‪ ،)19-‬كما قالها‬

‫صاحب السمو الشي خ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء‬

‫الجميع‪».‬‬ ‫عن‬ ‫مسؤول‬ ‫«الجميع‬ ‫إن‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫رعاه‬ ‫دبي‪،‬‬ ‫حاكم‬

‫كما البد من االلتزام التام باإلجراءات االحت ارزية‪ ،‬والوقائية‪ ،‬وخاصة التباعد الجسدي‪،‬‬

‫وارتداء الكمامات‪ ،‬والقفازات‪ ،‬أثناء الخروج من المنزل للعمل‪ ،‬أو لشراء االحتياجات‪،‬‬

‫فهذا واجب إنساني‪ ،‬وهو السبيل الوحيد لمواجهة انتشار الفيروس في ظل عدم الوصول‬

‫إلى اللقاح والعالج‪.‬‬

‫وأنصح كل فرد أن يطبق قاعدة «أنا أحميك وأنت تحميني» ويعامل اآلخر بأنه حامل‬

‫للفيروس ويحتمل أن يعديه‪ ،‬أو أن الشخص اآلخر هو من يحمل الفيروس ويحتمل أن‬

‫يصاب بالعدوى منه‪.‬‬


‫اللتزام بالتعليمات‬

‫ووجه رجل األعمال عبدهللا سالم بالعبد الكتبي‪ ،‬بأن المساهمة األساسية المطلوبة حاليًا‬
‫ّ‬

‫من المجتمع المدني تتركز في االستماع إلى اإلرشادات التي تصدر من الجهات‬

‫المسؤولة‪ ،‬وتطبيقها حرفياً خاصة‪ ،‬واألمر خطر ‪-‬وفقاً لقوله‪ -‬ويتطلب تكاتف الجميع‬

‫من أفراد‪ ،‬ومؤسسات حكومية‪ ،‬وخاصة‪ ،‬ومواطنين ومقيمين على أرض الدولة‪ ،‬والتعاون‬

‫بكل جد وإخالص وعدم التهاون‪ ،‬كون الظرف الحالي يعد بمنزلة حالة حرب مع عدو ال‬

‫يمكن أن يرى بالعين المجردة‪ ،‬لذلك ينبغي الحرص على اتباع التعليمات الخاصة‬

‫بالوقاية عن طريق التباعد االجتماعي‪ ،‬وعدم الخروج‪ ،‬وارتداء األقنعة الواقية‪ ،‬والحرص‬

‫على النظافة‪ ،‬والحفاظ على األسرة داخل البيت خالل هذه الفترة الحرجة‪ ،‬ومتابعة‬

‫المستجدات الخاصة بهذا الوباء لتثقيف األسر‪ ،‬وااللتزام بعدم نشر الشائعات‪ ،‬وعدم‬

‫الخوف‪ ،‬وأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية‪ ،‬ويدًا بيد مع السلطات المسؤولة بالدولة‬

‫سنعبر هذه الجائحة‪ ،‬بإذن هللا‪.‬‬


‫الخاتمة‬

‫ال شك أن صياغة أزمة الفيروس على أنها حرب ضد عدو غير مرئي قد فرض على‬

‫األذهان‪ ،‬على األقل في البداية‪ ،‬تصو ًار بحتمية تفرد الدولة في إدارة األزمة‪ .‬وقد تكون‬

‫هذه األزمة العالمية التي تعتبر األولى لهذا الجيل قد أكدت جدوى الدولة كشكل عام‬

‫للتنظيم االجتماعي والسياسي‪ .‬ولعلها كانت فرصة للدعوة بتوسيع دورها خاصة ليشمل‬

‫توفير الخدمات الصحية واالجتماعية وعودة دولة الرفاهة ومن غير المفاجئ أن تكاثرت‬

‫اآلراء والتحليالت التي تفكر في دور الدولة في األزمة؛ ما بين األصوات القلقة على‬

‫مصير السوق الحر والحريات الفردية من تزايد دور الدولة وصالحياتها وتلك التي‬

‫تعلن انتصار الدولة وتلك األصوات التي ترى في األزمة فرصة لتصور حياة اقتصادية‬

‫أكثر عدالة وأصلح للبيئة أو فرصة الستيعاب التحول المناخي‪ .‬أو أيضاً تلك األصوات‬

‫التي ترى في األزمة فرصة إلعادة الثقة في مؤسسات الدول كما رأينا على صفحات‬

‫التواصل االجتماعي لعدد من المشاهير واإلعالن عن تبرعهم للدولة المصرية‪ ،‬أو تلك‬

‫التي ترى في األزمة فرصة حقيقية لفتح ملفات مثل الشفافية وإتاحة المعلومات وتدهور‬

‫بعض القطاعات ذات األولوية لحقوق اإلنسان وعلى رأسها القطاع الصحي والبحث‬

‫العلمي في مصر‪.‬‬
‫في الدول التي تجمع بين السلطوية وضعف اإلمكانيات لتنظيم المجتمع وتوزيع الموارد‪،‬‬

‫عام على العمل‬


‫تشكل األزمات محكا أساسيا لعالقة الدولة والمجتمع ففي ظل تضييق ّ‬

‫السياسي والحقوقي والمجتمع المدني في مصر تظهر أشكال مختلفة من الفعل‬

‫المجتمعي ومعها مساحات جديدة من التقاطع بين الدولة والمجتمع‪.‬‬

‫تظل في معظمها مفتوحة باألساس لمن يعمل في إطار مكمل بل‬


‫إال أن هذه المساحات ّ‬

‫تابع للدولة التي تحتفظ باليد العليا في صنع القرار وتحديد األولويات والتوجهات‪.‬‬

‫وسيكشف الوقت والمتابعة ما إذا كانت هذه المساحات ستوفر قنوات للتعبير عن‬

‫احتياجات وأولويات المواطنين وإدخالها في خطط الدولة التنموية‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬
:‫المراجع العربية‬

.2020 ‫حزيران‬/‫ يونيو‬8 - ‫ جريدة وطني‬- ‫ يسري مصطفى‬.‫ د‬

‫أكاديمي وباحث وخبير إستراتيجي‬ - ‫ عبدالغفار عفيفي الدويك‬/ ‫ الدكتور‬

:‫المراجع األجنبية‬

 Silberschmidt G, Matheson D, Kickbusch I. Creating a


committee C of the World Health Assembly. Lancet 2008; 371:
1483-6 doi: 10.1016/S0140-6736(08)60634-0 pmid: 18456086.
 The future of financing for WHO: reforms for a healthy future.
Report by the Director-General. Provisional agenda item 11.
In: Sixty-fourth World Health Assembly, Geneva, 16–24 May
2011. Geneva: World Health Organization; 2011
(A64/INF.DOC./5).
 Primary health care. Report of the international conference on
primary health care. Alma-Ata, USSR, 6–12 September
1978. Geneva: World Health Organization; 1978. Available
from: http://whqlibdoc.who.int/publications/9241800011.pdf
[accessed 17 May 2011].
 Harrington M. From HIV to tuberculosis and back again: a tale
of activism in 2 pandemics. Clin Infect Dis 2010; 50: S260-6
doi: 10.1086/651500 pmid: 20397957.
:‫المقالت‬

2020 ‫ مايو‬- 69 ‫ العدد‬، ‫ المقال في دورية الملف المصري‬


‫ المقال تم نشره فى عدد خاص عن وباء كورونا فى مجلة مركز المرأة العربية للتدريب‬
.‫ كوتر‬-‫والبحوث‬

You might also like