Professional Documents
Culture Documents
اجلزء األول
1442ه 2021 -م
دكتور
ربيع إبراهيم حممد حسن الشيخ
أستاذ احلديث الشريف وعلومه املساعد بكلية أصول الدين وعلوم القرآن،
جبامعة السلطان عبد احلليم معظم شاه اإلسالمية العاملية ،ماليزاي
"تبسيط علوم الحديث – "الجزء األول
Cetakan Pertama Mei, 2021
Hak cipta terpelihara. Sebarang bahagian dalam buku ini tidak boleh diterbitkan semula,
disimpan dalam cara yang boleh digunakan semula, ataupun dipindahkan dengan sebarang
bentuk ayat dengan sebarang cara, baik dengan cara elektronik, penggambaran semula dan
sebagainya tanpa mendapat izin daripada pemilik hak cipta terlebih dahulu.
Diterbitkan oleh:
KUIN SDN. BHD.
Universiti Islam Antarabangsa Sultan Abdul Halim Mu’adzam Shah (UniSHAMS)
09300 Kuala Ketil
Kedah Darul Aman, Malaysia
Cetakan oleh:
Asa Mesra Printer
No 9, Lot 33, Bandar Darul Aman
06000 Jitra, Kedah
ISBN: 978-967-0405-66-7
املقدمة
احلمد هلل الذي أرسل رسوله ابهلدى ودين احلق ليظهره على الدين كله ،ولو كره املشركون.
والصالة والسالم على خري خلق هللا أمجعني ،حممد بن عبد هللا ،النيب األمي العريب اهلادي األمني ،الذي أرسله ربه
صما، سبحانه وتعاىل على حني فرتة من الرسل ،والناس يف ضاللة عمياء ،وجهالة ظلماء ،ففتح هللا به أعينا عميا ،وآذاان ّ
وقلواب غلفا ،فكانت حياته خريا وبركة على الدنيا كلها ،وبعثته رمحة للعاملني ...أما بعد :فقد حث هللا تعاىل عباده على
تعلم العلم ،ومدح العلماء ،وقرن شهادهتم له تعاىل بشهادته لنفسه وشهادة مالئكته له على توحيده سبحانه ،فقال
احلَ ِك ُيم"[آل عمران]18: اَّللُ أَنههُ ََل إِلَهَ إِهَل ُه َو َواْل َم َالئِ َكةُ َوأُولُو اْلعِْل ِم قَائِ ًما ِابْل ِق ْس ِط ََل إِلَهَ إِهَل ُه َو اْل َع ِز ُيز ْ
تعاىلَ ":ش ِه َد ه
اَّللَ ِم ْن ِعبَ ِادهِ اْل ُعلَ َماءُ"[فاطر.]28: وحصر خشيته فيهم فقال جل وعال " :إِهَّنَا َيَْ َشى ه
ين ََل يَ ْعلَ ُمو َن إِهَّنَا يَتَ َذ هك ُر هِ هِ
ين يَ ْعلَ ُمو َن َوالذ َ ونفى املساواة بني الذين يعلمون والذين َل يعلمون فقال" :قُ ْل َه ْل يَ ْستَ ِوي الذ َ
اب"[الزمر]9 : أُولُو ْاألَْلب ِ
َ
وأخرج أبو داود بسند حسن ،عن أيب الدرداء رضي هللا عنه ،قال :مسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقولَ " :م ْن
ب الْعِْل ِمَ ،وإِ هن ضا لِطَالِ ِ ِ
ض ُع أَ ْجن َحتَ َها ِر ً
ِ اَّلل بِِه طَ ِري ًقا ِمن طُرِق ْ ِ
اْلَنهةَ ،وإِ هن اْل َم َالئ َكةَ لَتَ َ
سلَك طَ ِري ًقا يطْلُ ِ ِ ِ
ْ ُ ك هُ ب فيه ع ْل ًما َسلَ َ َ ُ َ َ
ِ احلِيتا ُن ِيف جو ِ ِ اْلع ِاِل لَيست ْغ ِفر لَه من ِيف ال هسمو ِ
ض ِل الْ َق َم ِر ض َل الْ َعاِل َعلَى الْ َعابِ ِدَ ،ك َف ْ ف اْل َماءَ ،وإِ هن فَ ْ َْ ضَ ،و ْ َ اتَ ،وَم ْن ِيف ْاألَْر ِ ََ َ َ َ َْ ُ ُ َ ْ
ِ ِ ِ ِ لَْي لَةَ اْلبَ ْد ِر َعلَى َسائِِر اْل َكواكِ ِ
َخ َذهُ بَ ،وإِ هن اْل ُعلَ َماءَ َوَرثَةُ ْاألَنْبِيَاءَ ،وإِ هن ْاألَنْبِيَاءَ َِلْ يُ َوِّرثُوا دينَ ًاراَ ،وََل د ْرََهًا َوهرثُوا اْلع ْل َم ،فَ َم ْن أ َ َ
ِ ٍّ ( )1
َخ َذ ِِبَ ٍّّظ َوافر"
أَ
ين هِ اضح أَ هن الْعلَماء اله ِذين َهلم الْ َف ْ ه ِ ِ قال اإلمام أبو حامت ابن حبان ِ":يف ه َذا ْ ِ ِ
ض ُل الذي ذَ َك ْرَانُ ،ه ُم الذ َ ُ َ َ َ ُُ احلَديث بَيَا ٌن َو ٌ َ
ِ ِ ِ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َمُ ،دو َن َغ ِْريه م ْن َسائ ِر اْل ُعلُوم ،أَََل تَ َراهُ يَ ُق ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
ول" :اْل ُعلَ َماءُ َوَرثَةُ ْاألَنْبِيَاء"َ ،و ْاألَنْبِيَاءُ َِلْ صلهى ه هيب َ يُ َعلّ ُمو َن ع ْل َم الن ِّ
ِ ِ ( )2
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ُسنهتُهُ ،فَ َم ْن تَ َعهرى َع ْن َم ْع ِرفَتِ َها َِلْ يَ ُك ْن ِم ْن َوَرثَِة ْاألَنْبيَاء
صلهى ه ِ ِ
يُ َوِّرثُوا إِهَل اْلع ْل َمَ ،وع ْل ُم نَبِيِّنَا َ
فعلم احلديث من أنفع العلوم وأشرفها وأعظمها قدراً ،فبه يعرف املراد من كالم هللا عز وجل ،وبه تعرف سنة النيب صلى
هللا عليه وسلم ،ومشائله.
وحسب طالب علم احلديث والباحث فيه أن يقف على ذلك كله ويعلمه للناس.
فمن حتمل احلديث واشتغل بتعلمه وتعليمه والعمل به ،كان له احلظ األوفر من هذا املدح للعلماء ،وكفى بذلك شرفاً
للحديث ومحلته.
بل إن صرف العمر يف تعلم احلديث ونشره أفضل من اَلشتغال بنوافل القرابت ،وما ذاك إَل ملا فيه من بيان القرآن،
وإحياء سنة النيب صلى هللا عليه وسلم ،والتأسي به.
وحسب طالب احلديث أنه أكثر طالب العلم -بل أكثر الناس -صالة على النيب صلى هللا عليه وسلم ،اليت ورد فيها
ما ورد من الفضل اْلزيل.
) (1أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب العلم -ابب احلث على طلب العلم – رقم(.)3641
)" (2صحيح ابن حبان برتتيب ابن بلبان"( ،)289/1الناشر :مؤسسة الرسالة ،بريوت.
2
اَّللُ ْامَرأً َِمس َع ِمنها َح ِديثًا ،فَ َح ِفظَهُ َح هَ يُبَ لِّغَهُ، وحسب طالب احلديث دخوله يف دعوة النيب صلى هللا عليه وسلم ":نَضَهر ه
ِ ِ ٍّ ( )1 ب ح ِام ِل فِ ْق ٍّه إِ َىل من هو أَفْ َقه ِمْنه ،ور ه ِ ِ ِ ٍّ
س ب َفقيه" ب َحامل ف ْقه لَْي َ َ ْ ُ َ ُ ُ َُ فَ ُر ه َ
ِ ِ ( )2
احلَديث" ضَرةٌ ِهلََذا ْ َح ٌد إِهَل َوِيف َو ْج ِه ِه نُ ْ قال سفيان بن ُعيينة" :لَيس ِمن أَه ِل ْ ِ ِ
احلَديث أ َ ْ َ ْ ْ َ
كما أن اَلشتغال بعلم احلديث تبليغ عن رسول هلل صلى هللا عليه وسلم ،وامتثال ألمره ،حني قال" :بَلِّغُوا َع ِّّن َولَ ْو آيَةً،
ب َعلَ هي ُمتَ َع ِّم ًدا ،فَ ْليَ تَ بَ هوأْ َم ْق َع َدهُ ِم َن النهار"
ِ ( )3 ِ ِ ِ ِ
يل َوَلَ َحَر َجَ ،وَم ْن َك َذ َ
َو َح ّدثُوا َع ْن بَّن إ ْسَرائ َ
وحب دراسة احلديث وتعلمه وتعليمه من أعظم عالمات حمبة النيب صلى هللا عليه وسلم ،واملرء مع من أحب يوم القيامة،
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم فَ َق َ ِ ِ
ول
الََ :ي َر ُس َ الَ :جاءَ َر ُج ٌل إِ َىل َر ُسول هللا َ وقد أخرج مسلم يف صحيحه عن أنس رضي هللا عنه ،قَ َ
س :فَ َما ال أَنَ ٌت" ،قَ َ َحبَ ْب َ
هك َم َع َم ْن أ ْ ال" :فَِإن َ ب هللاِ َوَر ُسولِهِ ،قَ َ الُ :ح ه اع ِةق" ،قَ َ ال" :وما أَع َدد ِ
ت لل هس َ اعةُق قَ َ َ َ ْ ْ َ هللا َم ََ ال هس َ
ِ
ب هللاَ س :فَأ ََان أ ُِح ُّال أَنَ ٌ ت" ،قَ َ َحبَ ْب َ
هك َم َع َم ْن أ ْ
ِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َم" :فَِإن َ هيب َ اْل ْس َالِم فَ َر ًحا أ َ ِ ِ ِ
َش هد م ْن قَ ْول الن ِّ
فَ ِر ْحنَا ،بَ ْع َد ِْ
ِِ ( )4
ْر َو ُع َمَر ،فَأ َْر ُجو أَ ْن أَ ُكو َن َم َع ُه ْمَ ،وإِ ْن َِلْ أ َْع َم ْل ِِب َْع َماهل ْم"
َوَر ُسولَهَُ ،وأ ََاب بَك ٍّ
وأهل احلديث هم أوىل الناس هبذا الوصف.
"( )5
ولذلك قال الشافعيُ " :
أهل احلديث يف كل ممان كالصحابة يف مماهم
ٍّ
أحدا من أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" حديث فكأين رأيت ً صاحب وكان يقول" :إذا ر ُ
أيت
( )6
َ
فعلم بذلك شرف أهل احلديث ،وعلو مكانتهم يف الدين ،وأن اَلشتغال ابحلديث من أعظم الطاعات وأجل القرابت،
فينبغي على املسلم أن يعتّن ِبديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حفظاً وفهماً ،وتعلماً وتعليماً.
النيب وإن ِ ........ل يصحبوا ن ْفسه أنفاسه ِ
صحبوا. َ أهل ِّهم ُأهل احلديث ُ
فهذا مدخل مبسط خمتصر لعلوم احلديث ،راعيت فيه سهولة العبارة ،واختصار املسائل للتتناسب مع طالب العلم،
ومسيته " :تبسيط علوم احلديث" ،وهذا هو اْلزء األول من الكتاب ،وهو اْلزء املقرر يف مادة "علوم احلديث" لطالب
جدامعة السلطان عبد احلليم معظم شاه اْلسالمية العاملية ،لكليات :أصول الدين ،والشريعة ،واللغة العربية.
ويشتمل هذا اجلزء على :مقدمة ،ومتهيد ،وعشرة فصول.
املقدمة :وهي التقدمي للكتاب.
التمهيد :ويشتمل على:
) (1أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب العلم -ابب فضل نشر العلم – رقم(.)3660
من حديث ميد بن اثبت ،وهو حديث صحيح متواتر.
)" (2املستخرج على املستدرك للحاكم" للحافظ العراقي( ،ص،)13:مكتبة السنة ،القاهرة.
) (3أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب أحاديث األنبياء– ابب ما ذكر عن بّن إسرائيل– رقم (.)3461
من حديث عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما .ومعىن":حدثوا عن بين إسرائيل" :أي عما وقع هلم من األمور الغربية" .حرج" :إمث أو ضيق.
"كذب علي" :نسب إيل شيئا ِل أقله مما حيدث عن بّن إسرائيل أو غريهم" .فليتبوأ" :من التبوؤ وهو اختاذ املباءة وهي املنزل.
) (4أخرجه مسلم يف صحيحه :كتاب الرب والصلة– ابب املرء مع من أحب– رقم(.)2639
)" (5املستخرج على املستدرك للحاكم" للحافظ العراقي( ،ص.)13:
)" (6املستخرج على املستدرك للحاكم" للحافظ العراقي( ،ص.)14:
3
أوال :بعض التعريفات واملصطلحات األساسية يف علم مصطلح احلديث.
اثنيا :نشأة علم مصطلح احلديث.
الفصل األول :احلديث الصحيح.
الفصل الثاين :احلديث احلسن.
الفصل الثالث:احلديث الضعيف.
الفصل الرابع :أقسام احليث الضعيف بسبب فقد شرط اَلتصال.
الفصل اخلامس :أقسام احلديث الضعيف بسبب الطعن يف الراوي.
الفصل السادس :أقسام احلديث الضعيف بسبب اختالل شرط الضبط.
الفصل السابع :الشاذ ،واملعل.
الفصل الثامن :أقسام احلديث ابلنسبة إىل من أسند إليه.
الفصل التاسع :أقسام احلديث من حيث طرق وصوله إلينا.
الفصل العاشر :حجية خرب اآلحاد يف األحكام والعقائد.
أسأل هللا تعاىل أن يرزقنا حسن الفهم ،وحسن العمل ،وصدق النية
وهللا املستعان وعليه التكالن ،دكتور /ربيع الشيخ
4
الـ ـ ـ ـ ـ ـتم ـ ـهـ ـ ـيـ ـ ـ ـد
أوال :بعض التعريفات واملصطلحات األساسية يف علم مصطلح احلديث
( )1علم املصطلح :هو العلم ِبصول وقواعد يعرف هبا حال السند واملنت ،من حيث القبول والرد.
أو هو هذه القواعد نفسها.
( )2موضوع علم مصطلح احلديث :السند واملنت من حيث القبول والرد.
( )3مثرة علم مصطلح احلديث :متييز الصحيح من السقيم من األحاديث.
( )4حد علم احلديث :هو علم يعرف به أقوال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأفعاله وأحواله(.)1
( )5احلديث لغةً :ضد القدمي ،وهو اخلرب قليله وكثريه؛ ألنه حيدث شيئا فشيئا ،وجيمع على أحاديث ،على خالف
القياس(.)2
وحدث الشيء حدواث من ابب قعد جتدد وجوده ،فهو حادث وحديث ،ومنه يقال :حدث به عيب إذا جتدد وكان
معدوما قبل ذلك ،ويتعدى ابأللف فيقال أحدثته ،ومنه حمداثت األمور وهي اليت ابتدعها أهل األهواء(.)3
ِ ِ هيب ،صلهى ه ِ ِ
اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم ،قَ ْوًَل لَهُ أ َْو ف ْع ًال أ َْو تَ ْق ِر ًيرا أ َْو ص َفةًَ ،ح هَ ا ْحلََرَك ُ
ات يف إِ َىل النِ ِّ َ احلديث اصطالحاَ :ما أُض َ
ِ( )4
ات ِيف الْيَ َقظَِة َوالْ َمنَ ِام ،فَ ُه َو أ ََع ُّم ِم َن ُّ
السنهة َوال هس َكنَ ُ
أو :ما أضيف إىل النيب صلى هللا عليه وسلم من قول ،أو فعل ،أو تقرير ،أو صفة ِخ ْل ِقيٍّّة أو ُخلُ ِقيٍّّة.
( )6اخلرب:
اخلرب لغة :ما ينقل ويتحدث به ،وهو عند علماء البالغة :ما حيتمل الصدق والكذب لذاته ،ومجعه أخبار
( .)5
)" (1الكواكب الدراري يف شرح صحيح البخاري" للكرماين ،)12/1( ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت،لبنان.
)" (2خمتار الصحاح" للرامي( ،ص ،)68:املكتبة العصرية ،الدار النموذجية ،بريوت ،صيدا.
)" (3املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري" للحموي ،)124/1( ،املكتبة العلمية ،بريوت.
)" (4فتح املغيث بشرح الفية احلديث للعراقي"( ،)22/1للسخاوي ،احملقق :علي حسني علي ،مكتبة السنة ،مصر.
)" (5خمتار الصحاح" (ص ،)87:املكتبة العصرية ،الدار النموذجية ،بريوت ،صيدا" ،املصباح املنري" ،)162/1( ،املكتبة العلمية ،بريوت.
)" (6نزهة النظر يف توضيح خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر"َلبن حجر( ،ص ،)195:مطبعة سفري ابلرَيض.
5
( )7األثر لغة :بقية الشيء.
األثر اصطالحا :فيه قوَلن؛ َها:
(أ) أن احلديث واألثر هلما نفس املعىن.
ت أ َْو َم ْوقُوفَةً" قال السخاوي" :لُغةً :الْب ِقيهةُ ،واص ِط َالحاْ :األ ِ
وعةً َكانَ ْ
يث َم ْرفُ َ
َحاد ُ
( )1
َ َ َ َ ْ ً
(ب) أن األثر ما أضيف إىل الصحابة والتابعني من أقوال أو أفعال.
قال النووي" :وعند فقهاء خراسان تسمية املوقوف ابألثر ،واملرفوع ابخلرب ،وعند احملدثني كله يسمى أثراً"
( )2
(.)8
اصطالحاَ :ما يَْن تَ ِهي إِلَْي ِه َغايَة ال هسنَد من الْ َك َالم
ً املنت
احل ِد ِ
يث الهِيت تَتَ َق هوُم ِهبَا الْ َم َعاين
ِ (.)9
أو :هو أَلْ َفا ُظ َْ
وهو مأخوذ أما من املماتنة وهي املباعدة يف الغاية ألن املنت غاية السند أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته
واستخرجتها وكأن املسند استخرج املنت بسنده أو من املنت وهو ما صلب وارتفع من األرض ألن املسند يقويه ابلسند
(.)10
ويرفعه إىل قائله أو من متتني القوس ابلعصب وهو شدها به وإصالحها
وإَّنا نقول ":من لقي" ،وَل نقول ":من رأى" ،ليدخل يف الصحابة ابن أم مكتوم ،وعتبان بن مالك ،رضي هللا عنهما،
فإهما كاان ضريرين.
ِ
اْلسالم "ولو ختلَّلت ِر َّدةٌ" :أي :بني لُِقيِّ ِه له مؤمناً به ،وبني موته على ا ِْلسالم ،فِإن اسم الصحبة ابق له ،سواء رجع إِىل
يف حياتِِه صلى هللا عليه وسلم ،أم بعده ،سواء لقيه اثنيا أَم َل.
األصح" :إشارة إىل اخلالف يف املسألة ،لكن هذا هو الراجح. ِ يف
(.)4
( )22التَّابِ ِع ُّي :هو من لقي الصحايب ،مؤمنا ابلنيب صلى هللا عليه وسلم ،ومات على ذلك
(.)5
ض َرم :هو من أدرك اْلاهلية وحياة النيب صلى هللا عليه وسلم ،وأسلم ،وَل صحبة له ْم َخ ْ ( )23ال ُ
ض ِرَم ،أي قطع عن نظرائه الذين أدركوا الصحبة وغريها ،واشتقاقه من أن أهل اْلاهلية الذين أسلموا وِل يهاجروا كأنه ُخ ْ
كانوا َيضرمون آذان اْلبل :أي يقطعوها لتكون عالم ًة ْلسالمهم؛ حَ َل يغار عليهم وَل يُقاتَلوا ،فسموا خمضرمني.
ِ ِ اَّلل ِذ ْكر من أَدرَك ْ ِ ِ احل هج ِ ِ قال احلاكم" :قَرأْ ِ ِ ِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َمَ ،ولَكنههُ هيب َ اْلَاهليهةَ َوَِلْ يَ ْل َق النِ ه اج َرمحَهُ هُ َ َ ْ َ ت ِبَ ّط ُم ْسل ِم بْ ِن َْ َ ُ
يسَ ،وِمْن ُه ْم ُس َويْ ُد بْ ُن َغ ْفلَةَ الْ ِكْن ِد ُّ ِ ِ ٍّ ِ ه ِ
صلى هللاُ َعلَْيه َو َسل َم مْن ُه ْم :أَبُو َع ْمرو الشْهي بَاينُّ َس ْع ُد بْ ُن إ ََي َ
هيب َ ه ِ
ص َحابَةَ بَ ْع َد الن ِّ
ب ال ه صح َ
ِ
َ
صَرِة يَ ُقولُو َن :ابْ ُن ُسْي ُر بْ ُن َع ْم ٍّروَ ،وأ َْه ُل الْبَ ْ
ال أ َ يُ َك هىن أ ََاب أ َُميهةََ ،وِمْن ُه ْمُ :شَريْ ُح بْ ُن َهانِ ٍّئ ا ْحلَا ِرثِ ُّيَ ،وِمْن ُه ْم يُ َسْي ُر بْ ُن َع ْم ٍّروَ ،ويُ َق ُ
)" (1اليواقيت والدرر يف شرح خنبة ابن حجر"( ،)231/1للمناوي ،مكتبة الرشد ،الرَيض.
)" (2منهج النقد يف علوم احلديث"( )34/1نور الدين عرت ،دار الفكر دمشق ،سورية ،الطبعة الثالثة.
)" (3خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر"َلبن حجر العسقالين( .)724/4دار احلديث ،القاهرة.
)" (4شرح خنبة الفكر" ،املال اهلروي القاري( ،ص ،)595:دار األرقم ،لبنان ،بريوت.
)" (5مقدمة ابن الصالح" (ص.)407:
9
هخعِ ُّي َويُ َك هىن أ ََاب َع ْم ٍّروَ ،وِمْن ُه ُم ي وي َك هىن أَاب عب ِد هِ ِ ٍّ ِ ِ ِ
َس َوُد بْ ُن يَِز َيد الن َ اَّللَ ،ومْن ُه ُم ْاأل ْ َ َْ َجاب ٍّرَ ،ومْن ُه ْم َع ْم ُرو بْ ُن َمْي ُمون ْاأل َْود ُّ َ ُ
اخلَْي َوِاينُّ أَبُو ُع َم َارةَ، ور بْ ُن ُس َويْ ٍّدَ ،وِمْن ُه ْم َعْب ُد َخ ِْري بْ ِن يَِز َيد ْ ِ ِ ِ
يب م ْن َساك ِّن الْ ُكوفَةَ ،ومْن ُه ُم الْ َم ْع ُر ُ
ْاألَسود بن ِه َال ٍّل الْمحا ِرِ ُّ ِ
َُ ْ َُ ْ ُ
ِ
ك بْ ُن ُع َم ٍّْريَ ،ومْن ُه ْم أَبُو ِ ِ ِ ِ
َخو ِربْع ِي بْ ِن حَر ٍّ ِ
ود بْ ُن حَر ٍّ ِ ِ ٍّ
َوِمْن ُه ْم ُشبَ ْي ُل بْ ُن َع ْوف ْاأل ْ
اشَ ،ومْن ُه ْم َمال ُ ّ اش أ ُ َمحَس ُّيَ ،ومْن ُه ْم َم ْس ُع ُ
س َويُ َك هىن امسُهُ ِع ْمَرا ُن بْ ُن َمتِ ٍّيمَ ،وِمْن ُه ْم غُنَ ْي ُم بْ ُن قَ ْي ٍّي َو ْ امسُهُ َعْب ُد الهر ْمحَ ِن بْ ُن َم ٍّّل َ ,وِمْن ُه ْم أَبُو َر َج ٍّاء اْل ُعطَا ِرِد ُّ ي َو ْ هه ِد ُُّعثْ َما َن الن ْ
يَ ،وِمْن ُه ْم امسُهُ َربِ َيعةُ بْ ُن ُمَر َارةََ ،وِمْن ُه ْم َخالِ ُد بْ ُن ُع َم ٍّْري الْ َع َد ِو ُّ
احلََال ِل الْ َعتَ ِك ُّي َو ْ
صائِ ُغَ ،وِمْن ُه ْم أَبُو ْ أ ََاب الْ َعْن َِربَ ،وِمْن ُه ْم أَبُو َرافِ ٍّع ال ه
(.)1
ضَرِم ُّي" يَ ،وِمْن ُه ْم ُجبَ ْي ُر بْ ُن نُ َف ٍّْري ْ
احلَ ْ َُثَ َامةُ بْ ُن َح ْزٍّن اْل ُق َش ِْري ُّ
قلت :ومنهم كذلك النجاشي ،ملك احلبشة ،أصحمة بن أِبر النجاشي ،وامسه ابلعربية" عطية" والنجاشي لقب.
)" (1معرفة علوم احلديث" للحاكم النيسابوري( ،ص ،)44:دار الكتب العلمية ،بريوت.
10
اثنيـ ـ ـا :ن ـ ـشـ ـ ـأة علم مصطلح احل ـ ـديـ ـث وتـ ـط ـ ـوره
إن علم مصطلح احلديث له أَهية كبرية؛ إذ به يعرف صحيح احلديث من ضعيفه ،ومقبوله من مردوده؛ كما مييز به بني
املرفوع واملوقوف ،وبني املرسل واملوصول ،وبني الشاذ واحملفوظ ،وبني املنكر واملعروف.
وإَّنا يستمد هذا العلم أَهيته من أَهية احلديث النبوي الشريف ،الذي هو املصدر الثاين للتشريع ،بعد القرآن الكرمي،
فعليه يقوم استنباط األحكام من السنة الطاهرة ،وبواسطته يتم حسن اَلقتداء ابلرسول صلى هللا عليه وسلم.
وقد نشأ هذا العلم الشريف مبكراً بعد ظهور الرواية ،وقد وردت عن التابعني ومن بعدهم عبارات من هذا الفن ،كما ورد
ت الْ ِفْت نَةُ ،قَالُواَ :مسُّوا لَنَا ِر َجالَ ُك ْم ،فَيُ ْنظَُر إِ َىل أ َْه ِل
اْلسنَ ِاد ،فَ لَ هما وقَع ِ
ََ من قول حممد بن سريينَِ " :لْ يَ ُكونُوا يَ ْسأَلُو َن َع ِن ِْ ْ
(.)1
ح ِديثُ ُه ْم" ِ ِ ُّ ِ
السنهة فَيُ ْؤ َخ ُذ َحديثُ ُه ْمَ ،ويُْنظَُر إ َىل أ َْه ِل الْبِ َد ِع فَ َال يُ ْؤ َخ ُذ َ
(.)2
ين ،فَانْظُُروا َع هم ْن ََتْ ُخ ُذو َن ِدينَ ُك ْم" ِ ِ ِ
وقال أيضا":إ هن َه َذا الْع ْل َم د ٌ
اد ِمن ال ِّدي ِن ،ولَ ْوََل ِْ ِ
ال َم ْن َشاءَ َما َشاءَ" اد لََق َاْل ْسنَ ُ وقال عبد هللا بن املباركْ ":اْل ْسنَ ُ َ
(.)3
َ
ومن كالم ابن سريين يتبني لنا أن احلاجة ِل تكن ملحة إىل الكالم يف الرجال واألسانيد قبل وقوع الفتنة يف أواخر عهد
عثمان ،إذ ِل يكن أحد يكذب على النيب صلى هللا عليه وسلم.
بداية التدوين يف علم مصطلح احلديث:
( )1أول من بدأ ابلتدوين يف هذا العلم الشريف ،اْلمام حممد بن إدريس الشافعي (ت 204 :ه ) يف كتاب "الرسالة"،
إذ تكلم عن شروط احلديث الصحيح ،وشروط الراوي العدل ،وِبث الكالم عن احلديث املرسل وشروطه ،وتكلم عن
اَلنقطاع يف احلديث ،وتكلم عن مجع السنة ،وأنكر على من رد احلديث وتكلم عن حجية خرب الواحد وشروط احلفظ،
وتكلم عن الرواية ابملعىن ،وعن التدلي س ومن عرف به ،وتكلم عن مَيدة التوثيق يف الرواية بطلب إسناد آخر ،وتكلم عن
أصول الرواية.
( )2مث تاله يف التأليف يف هذا الفن احلميدي عبد هللا بن الزبري (ت 219 :ه ) وهو صاحب املسند وشيخ البخاري ،إذ
يظهر من سوق اخلطيب يف كفايته إبسناد واحد إىل احلميدي عدة مسائل يف املصطلح أن له رسالة يف علم مصطلح
احلديث.
( )3مث تبع هذين العاملني اْلليلني يف الكتابة يف قضاَي املصطلح؛ اْلمام مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري املتوى
فضمن كتابه" اْلامع " مقدمة نفيسة تكلم فيها عن بعض القضاَي املهمة يف علم مصطلح احلديث؛ إذ سنة ( 261ه ) ّ
تكلم عن تقسيم األخبار ،وعن تقسيم طبقات الرواة من حيث احلفظ واْلتقان ،وتكلم عن احلديث املنكر ،وعن تفرد
الرواة ،وعن حكم األحاديث الضعيفة والرواَيت املنكرة ،وتكلم عن وجوب الرواية عن الثقات ،وترك الكذابني والتحذير
من الكذب على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،ونصب األدلة على ذلك ،وساق ما يدل على التغليظ يف النهي عن
الرواية عن الكذابني والضعفاء ،والتساهل يف الرواية عن كل ما يسمع فتكلم عن أَهية اْلسناد ،وعن وجوب جرح الرواة
)" (1الثقات"( )3/6أبو حامت ابن حبان البُسيت ،دائرة املعارف العثمانية ِبيدر آابد الدكن اهلند.
12
ي (املتوى360 :ه ) ،فألف كتابه بن َعْب ِد الهر ْمحَ ِن ب ِن َخاله ٍّد ال َفا ِرِس ُّي الهر َام ُه ْرُم ِز ُّ ٍّ
( )8مث جاء من بعدهم أَبُو ُحمَ همد احلَ َس ُن ُ
اصل بني الهرا ِوي والو ِ ِِ
اعي" ،وهو يبحث يف أبوابه األوىل يف مقدمات عن علم مصطلح احلديث ،مث أوصاف ََ "املُ َح ّدث ال َف ِ َ
طالب احلديث ،وبعض شروطه ،وما يتعلق به ،مث تكلم عن العايل والنامل من األسانيد ،وما يتعلق به من الرحلة وعدمها،
مث تكلم عمن مجع بني الرواية ،وتكلم إبجادة وتفصيل عن طرق التحمل ،وصيغ األداء ،مث تكلم عن اللحن ،والرواية
ابملعىن ،واملعارضة ،واملذاكرة ،واملنافسة ،وغريها ،واعتمد على نقل األخبار عن السلف املاضني ابألسانيد ،حَ امتدحه
اد اب! قِيل :إِ هن ِ ِ
أئمة هذا الشأن يف صنيعه يف هذا الكتاب ،فقد قال فيه الذهيب" :وما أَحسنَهُ ِمن كِتَ ٍّ
السلَف هي َكا َن َلَ ي َك ُ
ّ َْ ْ ََ
ِِ (.)1
ض ُعمره" ارق ك همهُ ،يَ ْع ِّن ِيف بَ ْع ِ
ي َف ُ
( )9مث جاء أبو عبد هللا حممد بن عبد هللا احلاكم النيسابوري املتوى سنة ( 405ه ) ،فألف كتابه"معرفة علوم احلديث"
وقد استوعب فيه أغلب أنواع علوم احلديث ،وتقسيمه ذلك ،وتفصيله ألنواعه.
( )10مث جاء احلافظ أبو نعيم أمحد بن علي األصفهاين املتوى سنة ( 430ه ) ،فزاد على ما كتب احلاكم وتعقبه يف
بعض األمور ،بكتاب أمساه" :املستخرج على كتاب احلاكم".
( )11مث جاء احلافظ أبو يعلى اخلليلي املتوى سنة ( 446ه ) ،فألف كتاهب "اْلرشاد يف معرفة علماء احلديث" ،وقد ذكر
يف مقدمة هذا الكتاب شيئاً من دقائق علم مصطلح احلديث ،فتكلم عن احلديث الصحيح ،وشرح شيئاً عن العلة،
وتكلم عن الشذوذ ،وعن األفراد ،وعن املنكر ،والشاذ ،وحتدث عن العلو والنزول ،وحتدث عن طبقات احلفاظ وأئمة هذا
الشأن ،ونقاد األثر ،وطبقات فقهاء الصحابة وغريهم.
( )12مث جاء اخلطيب البغدادي أبو بكر أمحد بن علي املتوى سنة ( 463ه ) ،فصنف يف قوانني الرواية كتابه املسم
"الكفاية يف علم الرواية" كما كتب يف أدب الرواية كتاابً مساه "اْلامع آلداب الشيخ والسامع" ،وكان للخطيب البغدادي
دور واسع يف مصطلح احلديث ،وألف كتباً مستقلةً قي أغلب فنون علم مصطلح احلديث ،وبذلك أمجع املنصفون على
أن كل من جاء بعده كان عالة على كتبه.
( )13مث جاء من بعدهم احلافظ أبو الفضل حممد بن طاهر املقدسي املتوى سنة ( 507ه ) فألف كتاابً يف العلو
والنزول ،مث ألف القاضي عياض املتوى سنة ( 544ه ) كتاب "اْلملاع" ،وأبو حفص امليانشي املتوى سنة ( 581ه )
جزءاَ لطيفاً مساه "ما َل يسع احمل ّدث جهله".
( )14مث جاء احلافظ تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصالح الشهرموري املولود سنة (577ه ) واملتويف سنة ( 643ه )
نزيل دمشق ،فجمع ما تفرق يف مؤلفات من سبقه ،وضم إليه ما جيب ضمه من الفوائد ،وذلك يف كتابه"معرفة أنواع علم
احلديث" ،وهو من أجل كتب مصطلح احلديث وأحسنها ،وقد رمق هللا تعاىل كتابه القبول بني الناس.
ص ٍّر ،ومستد ِرٍّكوخمتَ ِ صى كم ٍّ
انظم له ُْ وقد اعتىن من جاء بعد ابن الصالح أشد العناي ة بكتابه حَ قال ابن حجر":فال ُْحي َ
ِ ٍّ (.)2
ض له ومنتَصر" ص ٍّر ،ومعا ِر ٍّ ِ
عليه وم ْقتَ ِ
ُ
14
ال ـ ـ ـ ـ ـفصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل األول
احل ـ ـ ـ ـديـ ـ ـ ـ ـ ـث الصـ ـ ـ ـحي ـ ـ ـح
تعريفه لغة واصطالحا:
الصحيح لغة :ضد السقيم ،وهو حقيقة يف األجسام ،جمام يف احلديث ،وسائر املعاين.
جاء يف املصباح املنري " :الصحة يف البدن حالة طبيعية جتري أفعاله معها على اجملرى الطبيعي وقد استعريت الصحة
للمعاين فقيل صحت الصالة إذا أسقطت القضاء وصح العقد إذا ترتب عليه أثره وصح القول إذا طابق الواقع وصح
الشيء يصح من ابب ضرب فهو صحيح واْلمع صحاح مثل كرمي وكرام والصحاح ابلفتح لغة يف الصحيح والصحيح
(.)1
احلق وهو خالف الباطل وصححته ابلتثقيل فصح"
ادهُ بِنَ ْق ِل الْ َع ْد ِل الضهابِ ِط َع ِن الْ َع ْد ِل الضهابِ ِط إِ َىل ُمْن تَ َهاهَُ ،وََل ِ ِ الصحيح اصطالحا" :هو ْ ِ
يث الْ ُم ْسنَ ُد الهذي يَتهص ُل إِ ْسنَ ُ
احلَد ُ َُ
(.)2
يَ ُكو ُن َشاذًّاَ ،وََل ُم َعله ًال"
وإمنا قلنا :إىل منتهاه ليشمل احلديث املرفوع إىل النيب صلى هللا عليه وسلم واملروي عن الصحايب وهو املوقوف ،واملروي
عن التابعني وهو املقطوع.
ومن خالل هذا التعريف يتبني لنا أن شروط احلديث الصحيح مخسة:
( )1اتصال السند.
( )2عدالة الرواة.
( )3متام الضبط.
( )4عدم الشذوذ.
( )5عدم العلة.
شرح هذه الشروط :
(أوال) معىن اتصال السند :أن يكون كل راو حتمل عمن فوقه مباشرةِ ،بيث َل يكون هناك راو حمذوف ،وَيرج هبذا
الشرط:
ْم َعلَّ َق :وهو ما حذف من أول إسناده راو أو أكثر. ( )1ال ُ
ِ ال معاذُ بن جب ٍّلِ ":
س بِنَا نُ ْؤم ْن َس َ
اعةً" اجل ْ ومثاله :قال البخاريَ :وقَ َ ُ َ ْ ُ َ َ
(.)3
ْ
فالبخاري قطعا ِل يدرك معاذ بن جبل ،فاْلسناد من بعد البخاري إىل الراوي عن معاذ حمذوف.
ْم ْنـ َق ِط َع :وهو ما سقط من سنده راو يف موضع أو مواضع. ( )2ال ُ
بن خملد ،حدهثنا ُه َشيم ،أخربان يونُس بن ُعبيد ،عن احلسن أن ُع َمَر ابن اخلطاب ومثاله :قال أبو داود :حدهثنا شجاعُ ُ
)" (1املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري" ( ،)333/1أمحد بن حممد بن علي الفيومي مث احلموي ،أبو العباس املكتبة العلمية ،بريوت.
)" (2معرفة أنواع علوم احلديث"( )12/1عثمان بن عبد الرمحن ،أبوعمروابن الصالح.
س. صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم:بُِ َّن ا ِْل ْسالَ ُم َعلَى َْ
َخ ٍّ ِ ِ
هيب َ
) (3علقه البخاري يف صحيحه:كتاب اْلميان – ابب قَ ْول الن ِّ
15
العشر ِ ِ ٍّ
ت هبم إَل يف النصف الباقي ،فإذا كانت ُين ليلة ،وَل يَقنُ ُ
الناس على أيب بن كعب فكان يُصلّي هلم عشر َ مجع َ
ف ،فصلهى يف بيته ،فكانوا يقولون :أبَ َق أ ُّ ِ
ُيب األواخ ُر ختله َ
(.)1
فهذا منقطع ،ألن احلسن البصري ِل يدرك عمر بن اخلطاب ،ولد لسنتني بقيتا من خالفة عمر.
ض ُل :وهو ما سقط من سنده راوَين فأكثر مع التوايل. ْم ْع َ
( )3ال ُ
ِ ِ ال رس ُ ِ مثاله :ما رواه القعنيب ،عن َمالِك؛ أَنههُ بَلَغَهُ أَ هن أ ََاب ُهَريْ َرَة قَ َ
ول هللا صلى هللا عليه وسلم":ل ْل َم ْملُوك طَ َع ُامهُ ال :قَ َ َ ُ
ِ وف ،وَلَ ي َكله ِ ِ ِ
ف م َن الْ َع َم ِل إَِله َما يُط ُ
يق" َوك ْس َوتُهُ ِابلْ َم ْع ُر َ ُ ُ
(.)2
وسفيان :هو ابن عيينة .وبكري :هو ابن عبد هللا بن األشج.
ْم ْر َس ُل :وهو ما رواه التابعي عن النيب صلى هللا عليه وسلم من غري ذكر الصحايب. ( )4ال ُ
ثَ ،عن ُع َقْي ٍّلَ ،ع ِن ابْ ِن ِشه ٍّ ِ
ابَ ،ع ْن َ ني بْ ُن الْ ُمثَ هىنَ ،حدهثَنَا اللهْي ُ ْ وح هدثَِّن ُحمَ هم ُد بْ ُن َراف ٍّعَ ،حدهثَنَا ُح َج ْ ُ
مثاله :قال مسلمَ :
ِ ِ ِ ب"،أَ هن رس َ ِ يد بْ ِن الْمسيِّ ِ سعِ ِ
هخ ِل صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َم نَ َهى َع ْن بَْي ِع الْ ُمَزابَنَة َوالْ ُم َحاقَلَة"َ ،والْ ُمَزابَنَةُ :أَ ْن يُبَ َ
اع ََثَُر الن ْ ول هللا َ َُ َُ َ
ِ ِ ِ
استكَْراءُ ْاأل َْر ِ
ض ابلْ َق ْم ِح" ِابلت ْهم ِرَ ،والْ ُم َحاقَلَةُ :أَ ْن يُبَ َ
اع الهزْرعُ ابلْ َق ْم ِحَ ،و ْ
(.)5
فسعيد بن املسيب اتبعي ،وقد رفع هذا احلديث دون ذكر الصحايب الذي مسعه منه ،فيكون حديثه هذا مرسال.
آخر ،وِل يَسمعه منه ،لكنه مسع منه غريه من األحاديث ،بصيغة حتتمل السماع وعدمه، ( )5املُدلَّس :ما رواه راو عن َ
مثل "عن" "،أن".
س :هو من حيدث عمن مسع منه ما ِل يسمع منه ،بصيغة توهم أنه مسعه منه ،كأن يقول :عن فالن ،أو قال فالن. ْم َدلِ ِ
وال ُ
) (1أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب الصالة -ابب القنوت يف الوتر – رقم(.)1429
) (2موطأ مالك :كتاب اَلستئذان– ابب األمر ابلرفق ابململوك– رقم (.)809
(" )3معرفة علوم احلديث" (.)37/1
) (4مسند أمحد – )322/12( :رقم (.)7364
) (5صحيح مسلم :كتاب البيوع – ابب حترمي بيع الرطب ابلتمر– رقم (.)1539
16
اع ِّيَ ،ع ْن قُ هرةَ ابْ ِن َعْب ِد
يد بن مسلٍِّم ،عن األَوم ِ ال:حدهثَنا ِ صا ِر ُّ ومثاله :قال الرتمذيَ :حدهثَنَا إِ ْس َح ُ
الول ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ ْ َ ي قَ َ َ َ َ وسى األَنْ َ اق بْ ُن ُم َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم" :قَ َ
صلهى ه ول هِ
اَّللُ
ال ه اَّلل َ ال َر ُس ُال :قَ َيَ ،ع ْن أَِيب َسلَ َمةََ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرةَ ،رضي هللا عنه ،قَ َ الزْه ِر ِّ
الهر ْمحَ ِنَ ،ع ْن ُّ
(.)1
يل أ َْع َجلُ ُه ْم فِطًْرا"
ب ِعبَ ِادي إِ َهَح ه ِ
َعهز َو َج هل :إ هن أ َ
فالوليد بن مسلم ثقة يدلس ،وقد عنعن يف هذا اْلسناد ،وِل يصرح ابلسماع ،لكنه صرح ابلسماع يف رواية أمحد يف
مسنده ( ،)182/12فانتفت عنه شبهة التدليس.
ْم ْر َس ُل اخلَِف ُّي :وهو ما رواه راو عمن عاصره ،ولكن ِل يسمع منه. ( )6ال ُ
صالِ ِح بْ ِن ُحمَ هم ِد بْ ِن َمائِ َد َةَ ،ع ْن ُع َمَر،ع ْن َ
ٍّ
ال :أَنْبَأ ََان َعْب ُد الْ َع ِزي ِز بْ ُن ُحمَ همد َ
اح قَ َصبه ِمثاله :قال ابن ماجهَ :حدهثَنَا ُحمَ هم ُد بْ ُن ال ه
س" احلََر ِ
س ْ صلهى هللاُ َعلَْي ِه و َسلهم" :رِحم ه ِ ول هِ بْ ِن َعْب ِد الْ َع ِزي ِزَ ،ع ْن ُع ْقبَةَ بْ ِن َع ِام ٍّر ْ ِ
اَّللُ َحار َ اَّلل َ ال َر ُس ُ ال :قَ َّن قَ َاْلَُه ِّ
(.)2
َ َ َ َ
وعمر بن عبد العزيز ِل يلق عقبة بن عامر ،كما قال املزي يف األطراف.
كيف يعرف اتصال السند؟
( )1يكون اإلسناد متصال إذا صرح كل رجال اإلسناد مبا يدل على السماع ،مثل( :مسعت) أو (مسعنا) أو (حدثّن)
أو (حدثنا) أو (قرأت عليه) أو (حدثّن قراءة عليه) أو (حدثنا قراءة عليه) أو (أخربين) أو (أخربان) أو (أنبأين) أو (أنبأان)
أو (قال يل) أو (قال لنا) ،أو حنو ذلك من العبارات الدالة على أن الراوي قد لقي من فوقه ،وأنه مسع منه ذلك احلديث.
( )2إذا عنعن الراوي الذي ال يدلس ،وال يرسل ،فتحمل عنعنته على االتصال عند اْلمام مسلم ومن وافقه ،وإن ِل
يثبت اللقاء (ما ِل ينص على عدم مساعه حلديث معني منه).
بينما يشرتط البخاري ومن وافقه ثبوت اللقاء بينهما.
( )3عنعنة الراوي املدلس الذي مل يصرح ابلسماع حتمل على االنقطاع:
لقوة احتمال تدليسه يف اْلسناد إبسقاط شيخه الذي مسع منه هذا احلديث.
وكذا األمر إذا اختلف العلماء يف مساع الراوي ممن فوقه عموماً ،وِل يتبني الراجح يف ذلك ،فإن احلكم على اْلسناد
ابتصاله حينئذ متوقف على ما يزول به احتمال اَلنقطاع من القرائن.
ويعرف عدم اتصال السند أبمرين:
أحدمها :العلم ِبن املروي عنه مات قبل أن يبلغ الراوي سن.
اثنيهما :أن ينص الراوي أو أحد أئمة احلديث على أنه ِل يتصل مبن روى عنه ،أو ِل يسمع ،أو ير منه ما َحدهث به عنه.
(اثنيا)"العدالة":
العدالة لغة :العدالة مصدر َع ُدل ابلضم ،يقال عدل عدالة وعدولة ،فهو عدل ،أي رضا ومقنع يف الشهادة ،ويقال رجل
عدل ،ورجالن عدل ،ورجال عدل ،ونسوة عدل ،وكل ذلك على معىن رجال ذو عدل ونسوة ذوات عدل ،فهو َل يثّن
وَل جيمع وَل يؤنث ،فإن رأيته جمموعا أو مثىن أو مؤنثا فعلى أنه قد أجري جمرى الوصف الذي ليس مبصدر.
) (1أخرجه الرتمذي :أبواب الصوم – ابب ما جاء يف تعجيل اْلفطار – رقم (.)700
احلر ِس والته ْكِب ِري ِيف سِب ِيل هِ
اَّلل – رقم (.)2769 َ ض ِل ََْ َ) (2أخرجه ابن ماجه :كتاب اْلهاد– ابب فَ ْ
17
وأما العدل الذي ضد اْلور فهو مصدر قولك :عدل يف األمر فهو عادل ،وتعديل الشيء تقوميه ،يقال عدله تعديالً
(.)1
فاعتدل ،أي :قومته فاستقام ،وكل مثقف معتدل ،وتعديل الشاهد نسبته إىل العدالة
وقال الزبيدي" :العدل :ضد اْلور ،وهو ما قام يف النفوس أنه مستقيم ،وقيل :هو األمر املتوسط بني اْلفراط والتفريط"
()2
فيظهر من خالل ما تقدم أن التعديل هو نسبة الرجل إىل العدالة ،اليت هي الرضا والقناعة ابلشخص على أنه صاحل
للشهادة ،وتزكيته.
واصطالحا :تعددت تعريفات العلماء ملفهوم العدالة ،ومن ذلك:
( )1تعريف ابن حزم الظاهري:
()3
قال ابن حزم" :العدالة إَّنا هي التزام العدل والعدل هو القيام ابلفرائض واجتناب احملارم والضبط ملا روى وأخرب به فقط"
تعريف الغزايل للعدالة:
س ُْحت َم ُل َعلَى السريةِ وال ِّدي ِن وي رِجع ح ِ
اصلُ َها َإىل َهْي ئَ ٍّة َر ِاس َخةٍّ ِيف النه ْف ِ قال أبو حامد الغزايل" :واْلع َدالَةُ ِعبارةٌ عن ِ ِ ِ
َ َْ ُ َ است َق َامة ّ َ َ ََ َْ ْ ََ
اىل َخ ْوفًا َوا ِم ًعا َع ْناَّللَ تَ َع َ
اف ه ِ ِ ِ ِ ِ
وس بِص ْدقه ،فَ َال ث َقةَ بَِق ْول َم ْن ََل ََيَ ُ ِ
صل ث َقةُ النُّ ُف ِ ِ ِ ِ
ُم َال َمَمة الته ْق َوى َوالْ ُم ُروءَة َمج ًيعا َح هَ َْحت ُ ُ
ِ ِ ()4
اْل َكذب"
تعريف ابن الصالح:
ضابِطًا لِ َما ِِ ِ اهري أَئِ هم ِة ْ ِ ِ ِ ِ
احلَديث َوالْف ْقه َعلَى :أَنههُ يُ ْشتَ َر ُط ف َيم ْن ُْحيتَ ُّج بِ ِرَوايَته أَ ْن يَ ُكو َن َع ْدًَلَ ،
ِ
َمجَ َع َمجَ ُ قال ابن الصالح" :أ ْ
اب الْ ِف ْس ِق َو َخ َوا ِرِم الْ ُم ُروءَةُِ ،متَ يَ ِّقظًا َغْي َر ُمغَف ٍّ
هلَ ،حافِظًا إِ ْن َسب ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يَ ْرِويهَ ،وتَ ْفصيلُهُ أَ ْن يَ ُكو َن ُم ْسل ًماَ ،ابلغًاَ ،عاق ًالَ ،سال ًما م ْن أ ْ َ
ِ
هث ِم ْن كِتَابِِه. ِ
ضابِطًا ل ِكتَابِِه إِ ْن َحد َ حد َ ِ ِ ِ ِ
هث م ْن ح ْفظهَ ، َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ث ِابلْ َم ْع َىن ا ْش ُِرت َط فيه َم َع ذَل ََوإِ ْن َكا َن ُحيَ ّد ُ
ِ ()5
يل الْ َم َعاينَ"
ك أَ ْن يَ ُكو َن َعال ًما مبَا ُحي ُ
فنستطيع أن نقول إن العدالة عند ابن الصالح هي أن يكون الراوي مسلماً ،ابلغاً عاقالً ساملاً من أسباب الفسق وخوارم
املروءة.
تعريف ابن حجرؤ العسقالين:
الممة التهقوى واملروءةِ"
قال احلافظ ابن حجر" :املراد ابلع ْد ِل :من له ملَ َكةٌ َْحت ِملُه على م ِ
()6
ُ ُ ُ ُ َ َْ َُ
ُ
ونالحظ أن مجيع التعريفات السابقة متقاربة يف ألفاظها ومعناها ،وهو أن العدالة هي اَلستقامة يف الدين بفعل الواجبات
وترك احملرمات.
هل الضبط واحلفظ يدخالن يف العدالة؟
التعريفات السابقة َل تدخل احلفظ والضبط يف تعريف العدالة ،إَل تعريف اْلمام ابن حزم الظاهري فقط.
)" (1الكفاية يف علم الرواية" للخطيب البغدادي( ،ص ،)77:املكتبة العلمية ،املدينة املنورة.
)" (2الكفاية يف علم الرواية" للخطيب البغدادي( ،ص ،)54:املكتبة العلمية ،املدينة املنورة.
)" (3الكفاية يف علم الرواية" للخطيب البغدادي( ،ص ،)76:املكتبة العلمية ،املدينة املنورة.
)" (4توجيه النظر" (.)97/1
19
واملراد ابلعدالة يف احلديث الصحيح :العدالة التامة الكاملة ،أما الناقصة القاصرة فال يكتفى فيها يف احلكم ابلصحة.
املراد من العدل عند احملدثني:
عدل الرواية؛ وهو املسلم البالغ ،العاقل ،الساِل من أسباب الفسق وخوارم املروءة ،أو املسلمة املتصفة بذلك ,فيدخل فيه
الذكر واألنثى ،واحلر والعبد ،واملبصر والكفيف ,واحملدود يف قذف إذا اتب (عند اْلمهور).
وليس املقصود من العدل أن يكون بريئاً من كل ذنب ،وإَّنا املراد أن يكون الغالب عليه التدين ،والتحرى ى فعل
الطاعات ،وإَل لتعطلت الرواية واألحكام ،ومصاحل العباد.
لكن العدل من
كل مذنب عدَلً ِل جند جمروحاً ،و ّ قال الشافعي" :لو كان العدل من َل ذنب له ِل جند عدَلً ،ولو كان ّ
(.)1
اجتنب الكبائر ،وكانت حماسنه أكثر من مساويه"
س من ش ِريف َوََل َعاِل َوََل ِذي ُس ْلطَان إِهَل َوفِيه عيب َل بد َولَكِن من النهاس من ََل تذكر
وقال سعيد بن املسيب" :لَْي َ
(.)2
عيوبه من َكا َن فَضله أَكثر من نَقصه وهب نَقصه لفضله"
توجه آخر يف تعريف العدالة:
الراوي العدل عند ابن عبد الرب :توسع ابن عبد الرب يف مفهوم العدالة.
ِ وف الْعِنَايَِة بِِه فَ ُه َو َع ْد ٌل َْحم ُم ٌ
قال ابن عبد الربُ " :ك ُّل َح ِام ِل عِ ْل ٍّم َم ْع ُر ُ
ول ِيف أ َْم ِرهِ أَبَ ًدا َعلَى الْ َع َدالَة َح هَ تَتَ بَ ه َ
ني َج ْر َحتُهُ ِيف
ِ اَّلل َعلَْي ِه وسلهم َْحي ِمل َه َذا الْعِلْم ِمن ُك ِل َخلَ ٍّ ِ ِ ِ ِِ ِِ
ني
يف الْغَال َ ف ُع ُدولُهُ يَْن ُفو َن َعْنهُ َْحت ِر َ َ ْ ّ ََ َ ُ صلهى هُ َحاله أ َْو ِيف َكثْ َرةِ َغلَطه ل َق ْوله َ
ِ ِ (.)3
ال الْ ُمْب ِطلِ َ ِ
َوانْتِ َح َ
ني"اْلَاهل َيل ْني َو ََتْو َ
وتعقبه ابن الصالح بقولهَ :وفِ َيما قَالَهُ اتِّ َساعٌ َغْي ُر َم ْرض ٍّّي
ِ (.)4
الِ " :مثْلِي يُ ْسأ َُل َع ْن أَِيب ني َع ِن الْ ِكتَابَةِ َع ْن أَِيب ُعبَ ْي ٍّد َوال هس َم ِاعِ ,مْنهُ ,فَ َق َ ت َْحيىي بْن َمعِ ٍّ
وقال محْ َدان بْن َس ْهلَ " :سأَلْ ُ َ َ َ
(.)3
هاس"ُعبَ ْي ٍّدق أَبُو ُعبَ ْي ٍّد يُ ْسأ َُل َع ِن الن ِ
وان َم ْش ُهوِري الْ َع َدالَِة َو ِ ان إِ َىل الت ْهزكِيَ ِة َم ََ َِلْ يَ ُك َ
هاه ُد والْم ْخِرب إِهَّنَا َحيتَاج ِ ِ وقال أبو بَكْر ُحمَ َّمد بْن الطَّيِ ِ
ضاَ ،وَكا َن الر َ
ّ بَ " :والش َ ُ ُ ْ َ
( .)4
أ َْم ُرَُهَا ُم ْشكِ ًال ُم ْلتَبِ ًسا َوُجمَ هوًما فِ ِيه اْل َع َدالَةُ َو َغْي ُرَها"
وس ِم ْن تَ ْع ِد ِيل ك أَ هن الْعِْل َم بِظُ ُهوِر َس ِْرتَِهَا َوا ْشتِ َها ِر َع َدالَتِ ِه َما أَقْ َوى ِيف النُّ ُف ِ ِ ِ
يل َعلَى ذَل َ قال اخلطيب البغداديَ " :والدهل ُ
وع إِ َىل النُّ ُف ِ
وس ص ِف ِه بِغَ ِْري ِص َفتِ ِهَ ,وِاب ُّلر ُج ِ ِ
اض َداعيَةٌ َهلَُما إِ َىل َو ْ
ِ ِِ
ب َواْل ُم َح َاابةُ ِيف تَ ْعديلهَ ,وأَ ْغَر ٌ
ِ
وم َعلَْي ِه َما اْل َكذ ُ ني َجيُ ُ اح ٍّد واثْنَ ْ ِ
َو َ
ِ
)" (1فتح املغيث بشرح الفية احلديث للعراقي"( ،)21-20/2مكتبة السنة ،مصر.
)" (2املصباح املنري"(.)473/2
23
وأقر به مث أخل جبميع أحكامه ،أو ببعضها .وإذا قيل للكافر األصل فاسق ،فألنه أخل ِبكم ما ألزمه العقل ،واقتضته
الفطرة .ومنه قوله تعاىل ):أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا َل يستوون (فقابل به اْلميان ،فالفاسق أعم من الكافر،
(.)1
والظاِل أعم من الفاسق"
وليس من ضرورة الفسق الكذب ،ولكن يستدل به على قلة مباَلته ،إذ َل وامع له من جهة الدين جيعله يتحرى الدقة
والصدق يف الرواية ،فرد روايته أوىل ،ومن األدلة على ذلك:
الدليل األول :قوله تعاىلَ" :ي أَيُّها اله ِذين آمنُوا إِ ْن جاء ُكم فَ ِ
اس ٌق بِنَ بٍَّإ فَتَ بَ يه نُوا"[احلجرات.]6: ََ ْ َ َ َ َ
اَّلل تعاىل قد هاان عن قبول خرب الفاسق والعمل به ،إَل بعد التثبت والتأكد من صحته ،فلو كان خرب وجه الداللة :أن ه
الفاسق مقبوَلً ملا أمران ابلتثبت منه.
الدليل الثاين :أن الشخص إذا ثبت أنه فاسق ،فإنه َل يتقي هللا وَل َيافه وَل َيشى عقابه ،وَل يرجو ثوابه ،فهو بذلك
َل يستبعد عنه الكذب ،فال يوثق ِبربه .وَل بد من الكشف عن سبب التفسيق ليظهر إن كان يصلح سببا لذلك أو َل.
[ ] 2رواية املستور( جمهول احلال):
اجلهالة نوعان:
(أ) جمهول العني :وهو من روى عنه راو واحد ،وِل يوثق.
(ب) جمهول احلال :وهو من روى عنه راوَين ،وِل يوثق وِل جيرح.
ِ
العدالة الباطنة ،وهو عدل يف الظاهر. فاملستور :هو ُ
جمهول
واْلمهور على عدم قبول روايته لعدم حتقق عدالته ،وبعض العلماء يقبلون روايته مطلقا.
والتحقيق أ ّن رواية املستور وحنوه مما فيه اَلحتمال ،فال يطلق القول بردها وَل بقبوهلا ،بل هي موقوفة إىل استبانة حاله كما
جزم به إمام احلرمني اْلويّن.
وليس املقصود ابلعدالة الباطنة التنقيب عما ابلقلب!!
فذلك َل يعلمه إَل هللا ،لكن املراد ابلعدالة الباطنة معرفته عن قرب ،مبعرفة سلوكه ،وأخالقه ،ومدى صدقه أو كذبه،
ومدى حتريه احلالل واحلرام من عدمه ،ومدى سالمة عقيدته ،وصحة عبادته ،واستقامة معامالته.
مالحظةَ :يرج الصحابة رضوان هللا عليهم من شرط رواية اثنني عنه لزوال جهالة عينه ،فضال عن سقوط شرط التنصيص
على التوثيق ،ألن مجيع الصحابة عدول ثقات.
ومن الصحابة من ِل يرو عنه غري واحد ،مثل املسيب بن حزن ،رضي هللا عنهِ ،ل يرو عنه غري ابنه سعيد بن املسيب.
ومرداس اَلسلمي ِل يرو عنه إَل قيس بن أيب حامم ،وعمرو بن تغلب ِل يرو عنه إَل احلسن البصري.
وعبد هللا بن ثعلبة بن صعري ِل يرو عنه إَل الزهري ،وأبو سعيد بن املعلى ِل يرو عنه إَل حفص بن عاصم.
[ ] 3رواية الكافر:
اتفق العلماء على عدم قبول رواية الكافر حال كفره ،لكن إذا حتمل وهو كافر ،مث أدى بعد إسالمه قبلت روايته ،ومثاله
)" (1معارج القبول بشرح سلم الوصول إىل علم األصول"( ،)1228/3حافظ بن أمحد بن علي احلكمي ،دار ابن القيم ،الدمام.
)" (2الكفاية يف علم الرواية" (ص.) 116:
)" (3مقدمة ابن الصالح" (ص.)116:
)" (4الكفاية يف علم الرواية" (ص.) 117:
) "(5الكفاية يف علم الرواية"(ص.) 117:
26
"( )1
وقال عبد هللا بن املبارك" :من عقوبة الكذاب أن يرد عليه صدقه
هم ِم ْن ي أَ هن من َك َذ ِ ٍّ ِ ٍّ
ب إِ ْس َقا ُط َما تَ َقد َ ب يف َخ َرب َواحد َو َج َ ام أَبُو الْ ُمظَهف ِر ال هس ْم َع ِاينُّ الْ َم ْرَوِم ُّ َ ْ َ وقال ابن الصالح" :وذَ َكر ِْ
اْل َم ُ َ َ
ِ ِ ِ (.)2
َحديثه"
رأي اإلمام النووي:
ب َغ ِْريَانَ ،وََل نُ َق ِّوي الْ َف ْر َق بَْي نَهُ َوبَ ْ َ
ني اع َدةِ َم ْذ َهبِنَا وَم ْذ َه ِ رهد النووي كل هذا الكالم ،وقال" :وكل ذلك ُخمَالِف لَِق ِ
ٌ
َ
ِ (.)3
هه َادة"الش َ
اع ِد الشهر ِعيه ِة والْمختَار الْ َقطْع بِ ِ
ص هح ِة تَ ْوبَتِ ِه ِيف وقال يف شرح مسلم" :وه َذا اله ِذي ذَ َكره هؤََل ِء ْاألَئِ همةُ ضعِيف ُخمَالِف لِْل َقو ِ
ُ ْ َ ُْ ُ ٌ َ َ ٌ َُ َ ُ ََ
صيَ ِة َوالن َ
اْل ْق َالع ع ِن الْمع ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
العزم على هد ُم على فعلها و ُ ت تَ ْوبَتُهُ بِ ُش ُروط َها الْ َم ْع ُروفَة َوه َي ِْ ُ َ َ ْ ص هح َْه َذا َوقَبُول ِرَو َاَيته بَ ْع َد َها إِ َذا َ
صحابةِ ِ ِ ِ ِ اع ِد الش ْهرِع َوقَ ْد أ ْ اْلا ِري علَى قَو ِ ِ
َسلَ َم َوأَ ْكثَ ُر ال ه َ َ َمجَ ُعوا َعلَى ص هحة ِرَوايَة َم ْن َكا َن َكافًرا فَأ ْ أن َل يعود إلَْي َها فَ َه َذا ُه َو َْ َ َ
()4 هه َادةِ َو ِ
الرَوايَِة ِيف َه َذا" ني الش َ
ِِ َمجَعوا َعلَى قَب ِ
ول َش َه َادته َوََل فَ ْر َق بَ ْ َ ُ
َكانُوا ِهب ِذهِ ِ ِ
الص َفة َوأ ْ ُ َ ّ
ّ
اْل َش َارُة ِيف قَ ْولِِه َه َذا ُكلُّهُ لَِق ْوِل أ ْ
َمحَ َد ت ِْ ول :إِ ْن َكانَ ِ ورجح السيوطي الرأي األول ،وعلق على كالم النووي بقولهَ " :وأ ََان أَقُ ُ
ت لَِق ْوِل ال ه ِ اْلمام أ ْ ِ
َمحَ ُد تَ ْغليظًا َوَم ْجًراَ ،وإِ ْن َكانَ ْ
ِ ٍّ ِ ِ ٍّ
اَّلل َما ُه َو مبُ َخالف َوََل بَعيدَ ،وا ْحلَ ُّق َما قَالَهُ ِْ َ ُ
اين فَ َال و هِ ِ وال ه ِ
صْي َر ِّ
يف يف َوال هس ْم َع ِّ َ صْي َر ِّ َ
يث َو َغ ِْريهِ"(.)5 احل ِد ِ ِِ
بَ ،عامٌّ ِيف الْ َكذب ِيف َْ
ِ
بنَاءً َعلَى أَ هن قَ ْولَهُ :يَكْذ ُ
ِ
قلت :واألحوط للسنة املشرفة األخذ بقول املانعني لقبول روايته ،احتياطا للسنة ،ومجرا للكاذب على النيب صلى هللا
قياس مع الفارق ،إذ إن مفسدة الشهادة مفسدة قاصرةِ ،بالف مفسدة الكذب وقياس الرواية على الشهادة ٌ عليه وسلمُ ،
يف الرواية فإها عامة عظيمة.
(اثلثا) متام الضبط:
الضبط لغة :احلزم.
واصطالحا :نقل املروي كما تلقاه الراوي (لفظاً أو معىن).
والضابط :من يكون حافظا متيقظا ،غري مغفل ،وَل ساه ،وَل شاك ،يف حاليت التحمل واألداء.
أقسام الضبط ،وهو قسمان:
( )1ضبط صدر :وهو أن حيفظ ما مسعه من شيخه ِبيث يتمكن من استحضاره مَ شاء من حني مساعه إىل حني
أدائه وروايته.
( )2ضبط كتاب :وهو حمافظته على كتابه ،وصيانته عن أن يتطرق إليه تغيري ما ،من حني مساعه فيه وتصحيحه إىل أن
يؤدي منه ويروي ،وَل يعريه إَل ملن يثق فيه ويتأكد من أنه َل يغري فيه.
العلة اصطالحاً :هي األمر القادح يف احلديث سواء كانت هذه العلة جلية ظاهرة؛ كاْلرسال الظاهر ،وهو أن يروي
عمن عرف عند الناس عدم اجتماعه به ،وِل يسمع منه شيئا ،أم خفية غامضة كاْلرسال اخلفي وهو أنه يروي عمن
عاصره بلفظ "عن" وِل يسمع منه شيئا.
واملراد ابلعلة هنا يف هذا الشرط العلة اخلفية.
(.)3
قال ابن الصالح" :وهي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه"
وليس معىن هذا أن الظاهرة َل تقدح يف صحة احلديث ولكنها خترج بشرط اَلتصال ،أو العدالة ،أو الضبط ،أو عدم
الشذوذ.
قدح يف املنت؛ ما أخرجه أبو يعلى اخلليلي ،قال :حدهثَنَا الْ َق ِ
اس ُم بْ ُن َع ْل َق َمةَ، وقعت العِلهةُ يف إسناده من غري ٍّ ومن أمثلة ما ِ
َ
ارَ ،ع ِن يَ ،ع ْن َع ْم ِرو بْ ِن ِدينَ ٍّ امتَ ،حدهثَنَا الْ ُمْن ِذ ُر بْ ُن َشا َذا َنَ ،حدهثَنَا يَ ْعلَى بْ ُن ُعبَ ْي ٍّدَ ،حدهثَنَا ُس ْفيَا ُن الث ْهوِر ُّ َحدهثَنَا ابْن أَِيب َح ٍِّ
ُ
ِ ِ (.)4 ِ ِ ِ
ني ََل بَْي َع بَْي نَ ُه َما َح هَ يَتَ َفهرقَا إِهَل بَْي َع ْ
اخليَار" صلهى هللا َعلَْيه و َسلهم" :الْبَ يِّ َعان ِاب ْخليَا ِر وُك ُّل بَيِّ َع ْ ِ
َ َ َ هيب َ ُ ِ ِ
ابْن ُع َمَرَ ،عن الن ِّ
ِ
ارَ ،ع ِن ابْ ِن ُع َمَرَ ،ه َك َذا َرَواهُ اَّللِ بْ ِن ِدينَ ٍّ
اب فِيهَِ :عْب ُد ه ص َو ُ َوَه َذا َخطَأٌ َوقَ َع َعلَى يَ ْعلَى بْ ِن ُعبَ ْي ٍّدَ ،وُه َو ثَِقةٌُ ،مته َف ٌق َعلَْيهَِ ،وال ه
ك َو َغْي ُرهَُ ،ع ْن يث َانفِ ٌع َع ِن ابْ ِن ُع َمَرَ ،وَرَواهُ َمالِ ٌ ار ،وقَ ْد روى ْ ِ
احلَد َ اب ُس ْفيَا َن َعْنهُ َع ْن َعْب ِد هِ ِ ٍّ
اَّلل بْ ِن دينَ َ َ َ
َصح ِ ِ ِ
ْاألَئ همةُ م ْن أ ْ َ
ِ ِ ِ ِِ ال َمالِ ٌ يح ْ ِ ار ،وهو ُخمَهرج ِيف ال ه ِ ِ ِ
ك :الْ َع َم ُل عْندي َعلَى َغ ِْريه؛ ألَ هن أ َْه َل بَلَد َان َرأَيْتُ ُه ْم يَ ُقولُو َن :فَ هرقَهُ نيَ ،وقَ َ صح َ َانف ٍّع َوابْ ِن دينَ ٍّ َ ُ َ ٌ
ك ،فَِإنههُ يَ ْرِوي َوََل يَ ْع َم ُل بِِه. اب ِيف َه َذا َمالِ ٌ ِ ٍّ ِ
ال ابْ ُن أَِيب ذئْبَ :جي ُ
ب أَ ْن يُ ْستَ تَ َ الْ َك َال ُم ،فَ َق َ
صحيح.
ٌ كل ح ٍّالنت على ِّ متصل بنقل العدل عن العدل ،وهو معلهل غري صحيح ،واملَْ ُ ٌ فهذا إسناد
ارَ ،ع ِن ابْ ِن ُع َمَر" ،هكذا رواه األئ همة ِم ْن أصحاب والعِلهةُ يف قوله" :عن عمرو بن دينار" ،إَّنا هو" :عن عبد هللا بْ ِن ِدينَ ٍّ
وع َد َل عن عبد هللا بن دينار إىل عمرو بن دينار ،وكالَها ثقة". ِ
سفيان عنهَ ،فوه َم يعلى بن عبيدَ ،
فاحلديث الذي اجتمعت فيه هذه الشروط اليت وضحناها لك هو احلديث الصحيح.
دقة نظر احملدثني يف احلكم ابلصحة:
وإَّنا حكم احملدثون على احلديث الذي توفرت فيه هذه الشروط ابلصحة؛ ألن السند إذا كان متصال أمنا من أن يكون
هناك حمذوف يكون منه الكذب أو الغلط ،وإذا كان رواة احلديث عدوَل ضابطني يغلب على الظن صدقهم ،ويرتجح
عدم خطئهم ونسياهم ،ويكون احتمال الكذب أو الغلط احتماَل بعيدا ألنه يبعد جدا من رجل ذي مروءة ،مستقيم
) (1أخرجه البخاري :كتاب اْلميان – ابب قيام ليلة القدر من اْلميان – رقم (.)35
وأبو اليمان :هو احلكم بن انفع .شعيب :هو شعيب بن أيب محزة .أبو الزاند :هوعبد هللا بن ذكوان ،واألعرج :هو عبد الرمحن بن هرمز.
30
فوائد مهمة تتعلق ابلصحيح
الفائدة األوىل:
إذا قيل عن حديث ":أصح شيء يف الباب كذا" أو" أحسن شيء يف الباب كذا" فال يلزم من ذلك صحة احلديث،
وَل حسنه ،لكن املقصود الصحة النسبية ،وقد يكون أصح شيء يف الباب حسنا ،والباقي ضعيف ،أو يكون أصح شيء
ضعيفا ،والباقي ضعيف جدا وموضوع .فاملعىن أن هذا أفضل شيء يف الباب.
الفائدة الثانية:
قول بعض العلماء " :رجاله رجال الصحيح" أو" :رجاله ثقات"َ ،ل يعّن صحة احلديث ،ولكن معىن هاتني العبارتني
استيفاء شرطي العدالة والضبط ،لكن ِل يتعرض للكالم عن اتصال السند ،أو عدم الشذوذ ،أو عدم العلة.
وعادة احلافظ ابن حجر اهليثمي يف "جممع الزوائد ومنبع الفوائد" ،أن يقول بعد أحاديث معينة" :رجاله رجال الصحيح"
أو" :رجاله ثقات" ،وأحياان يقول" :رجاله ثقات غري أنه منقطع".
الفائدة الثالثة:
َل تالمم بني صحة السند وصحة املنت ،فقد يصح السند وَل يصح املنت؛ لوجود شذوذ أو علة ،كما أن ضعف السند َل
يقتضي دائما ضعف املنت ،فقد أييت املنت من طريق آخر صحيح أو حسن.
الفائدة الرابعة:
معىن قول بعض العلماء" :حديث صحيح على شرط الشيخني".
املقصود بشرط الشيخني -أو أحدَها – أن يكون مروَي من طريق رجال الكتابني – أو أحدَها – مع مراعاة الكيفية اليت
التزمها الشيخان – أو أحدَها – يف الرواية عنهم ،أو أن يكون رجال إسناد هذا احلديث يف درجة رجال الشيخني ،أو
قريبة منها.
وقد حيدث التساهل يف دعوى أنه على شرط الشيخني؛ كأن يروي الشيخان – أو أحدَها – عن راو مقروان بغريه ،فإذا
جاء إسناد له غري مقرون بغريه فال يكون على شرطهما ،أو أن يروي له مسلم مثال يف الشواهد واملتابعات ،وليس يف
األصول ،فإذا روي له حديث يف األصول فال يكون على شرطه ،أو أن يروي له الشيخان – أو أحدَها -عن شيخ
معني ،فإذا روي له عن غري هذا الشيخ فال يكون على شرطهما.
الفائدة اخلامسة :املقصود ابحلديث اجليد.
ِ ِ
هاد حديثًا ما ب الص هحة ،أو احلُ ْس ِن ،يرونه -يف الوقت نفسه -صاحلًا لالتصال ِبلقاب أخرى توحي ً
مجيعا حني يصف النُ ق ُ
صالِ ٌحَ ،وُم ْستَ ْح َس ٌن.
وفَ ،و َ يَ ،وَاثبِ ٌ
تَ ،وَْحم ُفو ٌظَ ،وَم ْع ُر ٌ بقبوله وإمكان اَلحتجاج به ،مثلَ :جيِّ ٌدَ ،وُجمَ هوٌدَ ،وقَ ِو ٌّ
يرى بعض العلماء أنه َل مغايرة بني احلديث اْليد واحلديث الصحيح ،ومنه قول اْلمام أمحد "أجود األسانيد الزهري عن
ساِل عن أبيه"( .)1بدَل من" :أصح األسانيد".
ويرى ابن الصالح أيضا أن اْليد يتساوى مع الصحيح.
الدمشقي ،احملقق :عبد الفتاح أبو غدة ،مكتبة املطبوعات اْلسالمية ،حلب.
ّ )" (1توجيه النظر إىل أصول األثر"( )421/1السمعوين اْلزائري ،مث
31
إَل أن احملققني من العلماء َل يعدلون عن التعبري ابلصحيح إىل اْليد إَل لنكتة ،كأن يرتقي احلديث عن احلسن لذاته،
ويرتدد يف بلوغه الصحيح ،فالوصف به أنزل رتبة من الوصف ابلصحيح.
الفائدة السادسة :املقصود ابحلديث الصاحل.
هو شامل للصحيح واحلسن لصالحيتهما لالحتجاج ،ويستعمل أيضا يف الضعيف الذي يصلح لالعتبار يعّن :املتابعات
والشواهد.
الفائدة السابعة :احلديث اجملود ،والثابت.
وأما اجملود ،والثابت فيشمالن أيضا الصحيح واحلسن.
الفائدة الثامنة :معرفة أصح األسانيد.
ختتلف أحكام النقاد على الرجال ،فقد يكون الراوي عند أحدهم صدوقا ،وعند اآلخر ثقة ،وبعضهم يقول عنه :ثقة،
وبعضهم يقول عنه :ثقة ثبت ،وهكذا حتتلف أحكامهم يف مراتب التعديل للراوي الواحد ،وبناءا على ذلك اختفلت
آراؤهم يف حتديد أصح اَلسانيد.
الرأي األولَ :ل ميكن أن حيكم ْلسناد بعينه أنه أصح األسانيد مطلقا ،لكن ميكن أن حيكم ْلسناد ِبنه أصح األسانيد
بقيد معني؛ كأن نقول :أصح أسانيد املكيني كذا ،وأصح أسانيد الكوفيني كذا ،وأصح أسانيد البصريني كذا ،وهكذا.
علي بن أيب
أو أصح األسانيد ابلنسبة لصحايب معني ،كأن أقول أصح األسانيد إىل أيب هريرة كذا ،وأصح األسانيد إىل ّ
طالب كذا ،وهكذا.
الرأي الثاين :ميكن حتديد أصح األسانيد مطلقا ،لكن من الطبيعي أن َيتلف القائلون بذلك يف حتديد أصحها مطلقا،
بسبب اَلعتبارات اليت ذكرانها.
* قيل أصح األسانيد :الزهري ،عن ساِل بن عبد هللا بن عمر .وهذا الرأي منسوب لإلمام أمحد بن حنبل.
* وقيل أصح األسانيد :سليمان بن مهران األعمش ،عن إبراهيم النخعي ،عن علقمة بن قيس النخعي ،عن عبد هللا
بن مسعود رضي هللا عنه .وهذا الرأي منسوب لإلمام حيىي بن معني.
* وقيل أصح األسانيد :مالك بن أنس ،عن انفع موىل ابن عمر ،عن ابن عمر رضي هللا عنهما.
وهذا الرأي منسوب لإلمام البخاري ،وتسمى هذه السلسلة":سلسة الذهب".
أصح األسانيد املقيدة:
* قيل أصح األسانيد عن عائشة :عبيد هللا بن عمر ،عن القاسم بن حممد بن أيب بكر ،عن عائشة رضي هللا عنها.
ابلدر.
ويسمى هذا اْلسناد بسلسة الذهب املشبك ُ
* وقيل أصح آسانيد آل البيت :جعفر بن حممد بن علي بن احلسني ،عن أبيه ،عن جده ،عن علي رضي هللا عنه.
* وقيل أصح أسانيد املكيني :سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر.
* وقيل أصح أسانيد اليمانيني :معمر عن َهام عن أيب هريرة رضي هللا عنه.
32
مصادر احلديث الصحيح
[ ] 1موطأ مالك
التعريف بكتاب املوطأ:
هو أول ما صنف يف الصحيح غري اجملرد ،فهو ممزوج ِبقوال ،وفتاوى الصحابة ،والتابعني.
وقد انتقى اْلمام مالك أحاديث املوطأ من مائة ألف حديث كان يرويها ،واستغرق تصنيفه وتنقيحه أربعني عاماً.
سبب أتليفه وتسميته :مجع اْلمام مالك كتابه هذا إبشارة من اخلليفة املنصور ،حني حج وطلب إليه أن يُ َد ِّو ُن كتاابً
ص ابن عباس ،وأن يُ َو ِطّئَهُ للناس ،فألف كتابه هذا ،ومسهاه "امل َوطهأ".
هب فيه شدائد ابن عمر َوُر َخ َ
جامعاً يف العلم ،يتجن ُ
ُ
وقيل مساه املوطأ ألنه وطأ به احلديث ،أي يسره للناس ،أو ملواطأة علماء املدينة له فيه ،وموافقتهم عليه.
قال اإلمام مالك" :عرضت كتايب هذا على سبعني فقيها من فقهاء املدينة ،فكلهم واطأين عليه فسميته املوطأ"
()1
ومراده ابلضعف الضعف اليسري كما يعلم مما قد مر ،وليس فيه حديث ساقط ،وَل موضوع ،كما َل َيفى على املاهر.
منهج اإلمام مالك يف املوطأ:
( ) 1رتبه على األبواب الفقهية ،ومن عادته أنه يذكر عقب عنوان الباب احلديث املرفوع إىل النيب صلى هللا عليه وسلم،
أحياان يذكر ما عليه
مث ما ورد فيه من اآلاثر عن الصحابة والتابعني ،وخاصة من أهل املدينة؛ ألنه ِل يرحل عنها ،و ً
العمل ،أو اجملمع عليه يف املدينة ،أو ما كان عليه التابعون الذين التقاهم ،أو ما اختاره من جمموع آرائهم ،أو ما قاسه
لغوَي أو بعض اْلمل.
أحياان بتفسري كلمة ًّ
على حكم منصوص عليه ،وقد يتبع احلديث ً
( )4اعتىن اْلمام مالك ابحلديث رواية ودراية ،وانتقى أحاديثه والرجال الذين َخهر َج هلم.
امسَهُ ثَِقةٌ، ِ ِ ِ
ض َعهُ مالك يف موطئه وأظهر ْ ص َح نَ ْف َسهُ َعل َم أَ هن ُك هل َم ْن َو َ قال يعقوب بن سفيانَ " :وَم ْن َكا َن م ْن أ َْه ِل الْع ْل ِم َونَ َ
(.)5
وم بِِه ْ
احلُ هجةُ" تَ ُق ُ
َش ِّد ِه ُم انْتِ َق ًادا لِ ِّلر َج ِال َوأَقَلِّ ِه ْم تَ َكلُّ ًفا َوأَتْ َقنِ ِه ْم ِ ِ َش ِّد الن ِ
هاس تَ ْرًكا ل ُش ُذوذ الْعِْل ِم َوأ َ
ِ
وم أَ هن َمال ًكا َكا َن ِم ْن أ َ قال ابن عبد الربَ " :م ْعلُ ٌ
ص َار إِ َم ًاما" ِِ ِ
ك َ ح ْفظًا فَل َذل َ
(.)6
)" (1كشف املغطا يف فضل املوطا"(ص ، )36:أبو القاسم علي بن احلسن بن هبة هللا املعروف اببن عساكر ،دار الفكر ،بريوت.
)" (2كشف املغطا يف فضل املوطا"(ص. )38:
)" (3كشف املغطا يف فضل املوطا"(ص. )38:
) (4موطأ مالك :كتاب اَلستئذان– ابب األمر ابلرفق ابململوك– رقم (.)809
)"(5املعرفة والتاريخ"( ،)350/1يعقوب بن سفيان الفسوي ،احملقق :أكرم ضياء العمري ،مؤسسة الرسالة ،بريوت.
)" (6التمهيد "(.)65/1
34
[ ] 2صحيح البخاري
وهو أول ما صنف يف الصحيح اجملرد ،أي اجملرد عن أقوال وفتاوى الصحابة والتابعني.
التعريف بصحيح البخاري:
اسم املصنف :أبو عبد هللا ،حممد بن إمساعيل بن إبراهيم ابن املغرية بن بَ ْرِد ْمبَه.
اسم الكتاب" :اْلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وسننه وأَيمه".
سبب أتليف البخاري لصحيحه:
اَّللِ صلى هللا عليه وسلم ". ال ":لَو مجعتم كتااب ُْخمتَصرا لصحيح ُسنهة َر ُسول ه قال البخاريُ :كنها ِعْند إِ ْس َحاق بن َر َاه َويْه فَ َق َ
(.)1
ص ِحيح
قليب فَأخذت ِيف مجع ا ْْلَ ِامع ال ه قال البخاري :فَ َوقع َذلِك ِيف ِ
وقال حممد بن سليمان بن فارسَِ :مسعت البُ َخا ِر ّي يَ ُقول َرأَيْت النِهيب صلى هللا عليه وسلم وكأنّن َواقِف بَني يَ َديْ ِه َوبِيَ ِدي
ال يل أَنْت تذب َعنهُ الْ َك ِذب فَ ُه َو اله ِذي َمحلَِّن على إِ ْخَراج ْ
اْلَ ِامع مروحة أذب هبَا َعنهُ فَ َسأَلت بعض املعربين ،فَ َق َ
(.)2
ص ِحيح
ال ه
كيف َجع البخاري صحيحه ؟
اتبع البخاري منهجا علميا دقيقا ،فقد مكث يف تصنيف صحيحه ست عشرة سنة ،وانتقاه من ُمَهاء ستمائة ألف
حديث ،قال ":لقد خرجت كتايب الصحيح هذا من مهاء ستمائة ألف حديث ،وما وضعت فيه حديثًا إَل واغتسلت
"(.)3
وصليت ركعتني هلل سبحانه وتعاىل
منزلة صحيح البخاري:
اتفق اْلمهور على أنه أصح كتب السنة على اْلطالق ،وأطبق العلماء سلفا وخلفا على قبوله.
عدد أحاديث صحيح البخاري:
قال ابن الصالح" :ومجلة ما يف كتاب البخاري سبعة آَلف حديث"
(.)4
وعدها عدًّا دقي ًقا اْلمام ابن حجر العسقالين ،فكانت""2602حديثًا ،بغري املكرر.
ومجلة ما فيه من التعاليق ألف وثالَثائة وواحد وأربعون( )1341حديثا ،وأكثرها خمرج يف الكتاب يف أصول متونه،
واملتون املعلقة غري املوصولة يف كتابه تسع وَخسون ومائة ،وصلها ابن حجر يف كتاب" تغليق التعليق".
(")1مسألة اَلحتجاج ابلشافعي" (ص ،)39، 38:اخلطيب البغدادي ،احملقق :خليل إبراهيم مال خاطر ،الناشر :املكتبة األثرية ،ابكستان.
37
[ ] 3صحيح مسلـ ـ ـم
التعريف بصحيح مسلم:
اسم املصنف :مسلم بن احلجاج بن مسلم القشريي أبو احلسني النيسابوري( ،املتوى261 :ه ).
اسم الكتاب :املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن العدل إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
"صنفت هذا املسند الصحيح من ثالَثائة ألف حديث مسموعة"
(.)1
ُ قال مسلم رمحه هللا تعاىل:
صحيح
ٌ علي أَ هن لهُ ِعلهةً تََرْكتهُ ،وما قال :هو
أشار ه ت كتايب هذا على أيب ُمْرعة الر ِّ
امي ف ُك ُّل ما َ ضُضا" :ولقد َعَر ْ وقال أي ً
ِ
ليس له علهةٌ أ ْ
َخَر ْجتُه"
(.)2
َ
"(.)3
ضا" :ما وضعت شيئًا يف هذا املسند إَل ِبجة ،وما أسقطت منه إَل ِبجة وقال أي ً
"(.)4
ضا" :ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا إَّنا وضعت ها هنا ما أمجعوا عليه وقال أي ً
قال سراج الدين البلقيين" :أراد مسلم بقوله" :ما أمجعوا عليه" أربعة :أمحد بن حنبل ،وحيىي بن معني ،وعثمان بن أيب
"(.)5
شيبة ،وسعيد بن منصور اخلراساين
عدد أحاديثه:
قال الزركلي يف األعالم " :مجع فيه اثّن عشر ألف حديث ،كتبها يف َخسة عشر سنة ،وهو أحد الصحيحني املعول
"(.)6
عليهما عند أهل السنة ،يف احلديث ،وقد شرحه كثريون
وهذا طبعا ابملكرر ،وبغري املكرر بلغ عددها برتقيم الشيخ حممد فؤاد عبد الباقي ،ثالثة آَلف وثالاث وثالثني )3033( ،حديثا.
منزلة ومكانة صحيح مسلم:
اب ُم ْسلٍِّم"(.)7
اب أَص ُّح ِمن كِتَ ِ ِِ قال أبو علي احلافظ النيسابوري أستاذ احلاكم" :ما َْحت ِ
ت أَد ِمي ال هس َماء كتَ ٌ َ ْ
َ َ
مجيعا.
لكن اْلمهور على أن صحيح البخاري ُمقدهم على صحيح اْلمام مسلم رمحهما هللا ً
وقال اإلمام النووي" :ومن حقق نظره يف صحيح مسلم -رمحه هللا -واطلع على ما أودعه يف أسانيده ،وترتيبه ،وحسن
سياقته ،وبديع طريقته ،من نفائس التحقيق ،وجواهر التدقيق ،وأنواع الورع واَلحتياط والتحري يف الرواية ،وتلخيص
الطرق واختصارها ،وضبط متفرقاهتا وانتشارها ،وكثرة اطالعه ،واتساع روايته ،وغري ذلك مما فيه من احملاسن واألعجوابت،
واللطائف الظاهرات واخلفيات -علم أنه إمام َل يلحقه من بعد عصره ،وقل من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره،
(.)8
وذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء ،وهللا ذو الفضل العظيم"
قلت :ورواية مسلم عن البخاري يف غري صحيحه رمبا تكون يف كتب اْلمام مسلم اليت فقدت.
40
[ ] 4صحيح ابن خزمية
التعريف ابلكتاب:
اسم املصنف :أبو بكر حممد بن إسحاق بن خزمية بن املغرية بن صاحل بن بكر السلمي النيسابوري (املتوى311 :ه ).
اسم الكتاب :خمتصر املختصر من املسند الصحيح عن النيب صلى هللا عليه وسلم.
وقال ابن حجر :امسه" املسند الصحيح املتصل بنقل العدل عن العدل من غري ٍّ
قطع يف السند ،وَل جرٍّح يف النقلة".
شرطه يف كتابه:
اشرتط ابن خزمية -رمحه هللا -يف هذا الكتاب أَل َُيِّرج إَل احلديث الصحيح ،وقد نص على ذلك يف عنوان كتابه حيث
قال ":خمتصر املختصر من املسند الصحيح عن النيب صلى هللا عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصوَلً إليه صلى هللا
قطع يف أثناء اْلسناد ،وَل جرٍّح يف انقلي األخبار اليت نذكرها مبشيئة هللا تعاىل".
عليه وسلم من غري ٍّ
منهجه ابن خزمية يف صحيحه:
(أ) رتبه على الكتب واألبواب فبدأه بكتاب الوضوء مث كتاب الصالة .وهكذا.
مث يورد حتت كل كتاب جمموعة من األبواب ،يقول :ابب كذا ...واترة يقول :أبواب كذا.
(ب) يورد األحاديث مسندة منه إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وإذا كان للحديث أكثر من طريق يذكرها.
(ج) يعقب على احلديث -غالباً -ابلكالم على سنده ومتنه ،ويعتّن بضبط األلفاظ وخمالفة كل ر ٍّاو لآلخر يف لفظه،
وغالباً ما يبدأ كالمه بقوله :قال أبو بكر:كذا".
(د) كثرياً ما يذكر الراجح عنده يف املسألة يف تراجم األبواب على طريقة فقهاء احملدثني كالبخاري وأىب داود وغريَها،
ويعتّن بدقة اَلستنباط مثلهما.
(.)1
ث َر ُس ْوِل هللاِ ِابملِن َق ِ
اش" ال" :يستَخرِج النُّكت ِمن ح ِدي ِ
َ ْ َ ْ
ِ
بن ُسَريْ ٍّج َ -وذُكَر لَهُ ابْ ُن ُخَزْميَةَ -فَ َق َ َ ْ ُ العبه ِ
اس ُ ال ا ِْل َم ُ
ام أَبُو َ قَ َ
(ه) العناية ابلتوفيق بني األحاديث اليت ظاهرها التعارض ،وليس هذا ابلعجيب من هذا اْلمام الذي كان ينكر وجود
تعارض حقيقي بني حديثني أو أكثر ويقول":ليس مث حديثان متعارضان من كل وجه؛ ومن وجد شيئاً من ذلك فليأيت
(.)2
ألؤلف له بينهما"
(و) ابن خزمية َل يقدم املنت على اْلسناد إَل إذا كان يف احلديث مقال.
السنَّة:
مكانة صحيح ابن خزمية من كتب ُّ
يح ِأل َْد ََن
هص ِح ِ
ف ِيف الت ْ
ِِ ِ ِ ِ
يح ابْ ِن حبها َن ،لشدهة َحتَِّريهَ ،ح هَ إَنههُ يَتَ َوقه ُ ص ِح ِ ِ
يح ابْ ِن ُخَزْميَةَ أ َْعلَى َم ْرتَبَةً م ْن َ
صح ُ
قال السيوطيِ " :
َ
ِ اْل ْسنَ ِاد ،فَيَ ُق ُ
َك َالٍّم ِيف ِْ
ك" اخلَبَ ُر،أ َْو إِ ْن ثَبَ َ
ت َك َذا َوَْحن َو َذل َ ص هح ْ ول:إِ ْن َ
(.)3
قلت :ولعله َتثر يف هذا ابْلمام اْلليل الشافعي فإنه كثريا ما يعلق قوله ابحلديث على صحته أو ثبوته كما نقل ذلك
ثقات الشافعية عنه.
( )3
وقال أيضاَ :كا َن ِم ْن أَئِ هم ِة األَثَر
وفاته :تويف سنة ست أو سبع وثالَثائة .
التعريف بكتاب" املنتقى".
معىن "املنتقى" :أي املختار من السنن املسندة إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف األحكام ،وهو كاملستخرج على
صحيح ابن خزمية ،يف جملد لطيف ،وأحاديثه تبلغ حنو الثماَّنائة.
مؤلفه :هو اْلمام احلافظ قاسم بن أصبغ بن حممد بن يوسف البياين ،حمدث األندلس أبو حممد األموي موَلهم القرطيب
املالكي ،صاحب التصانيف املفيدة املتوى بقرطبة سنة أربعني وثالَثائة.
شيوخه وتالميذه :وقد ارحتل ولقي الشيوخ من أشهرهم بقي بن خملد األندلسي صاحب املسند ،وإمساعيل القاضي ،وابن
أيب خيثمة ،وقد محل عنه التاريخ وروى عنه الكثريون ومن بينهم حفيده قاسم بن حممد ،وعبد هللا بن حممد احلافظ
الباجي وعبد الوارث بن سليمان وغريهم.
الثناء عليه:
كان إماما جليال انتهى إليه علو اْلسناد ،واحلفظ واْلاللة يف بالد األندلس فال عجب أنه حظي بثناء العلماء عليه ،ويف
آخر عمره كثر نسيانه واختلط ،فلما أحس بذلك انقطع عن الرواية صوان لعلمه ،وحتوطا للحديث.
التعريف بكتاب املنتقى لقاسم بن أصبغ:
كتاب املنتقى من اآلاثر ،على حنو كتاب املنتقى َلبن اْلارود ،وكان قد فاته السماع منه ،ووجده قد مات فألفه على
أبواب كتابه ِبحاديث خرجها عن شيوخه.
قال أبو حممد بن حزم :وهو خري انتقاء منه ،وجعله يف املرتبة األوىل من كتب احلديث.
[ ] 9صحيح ابن السكن
مؤلفه :اْلمام احلافظ أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي ،نزيل مصر ،ولد سنة أربع وتسعني ومائتني وتويف
سنة ثالث وَخسني وثالَثائة.
وأجل مؤلفاته كتاب"الصحيح املنتقى" ,ويسمى أيضا "ابلسنن الصحاح املأثورة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم".
وهو كتاب حمذوف األسانيد جعله أبوااب يف مجيع ما حيتاج إليه من األحكام ضمنه ما صح عنده من السنن املأثورة وقد
جعله ابن حزم يف املرتبة األوىل من كتب احلديث.
[ ] 10األحاديث املختارة للضياء املقدسي
"األحاديث اْلياد املختارة مما ليس يف الصحيحني أو أحدَها" ،وهو كتاب يشتمل على كثري من األحاديث الصحيحة.
مؤلفه :هو اْلمام احلافظ العاِل احلجة حمدث الشام ،وشيخ السنة ضياء الدين أبو عبد هللا حممد ابن عبد الواحد السعدي
املقدسي مث الدمشقي الصاحلي احلنبلي ولد سنة تسع وستني وَخسمائة وتويف سنة ثالث وأربعني وستمائة.
مؤلفاته كثرية منها "املختارة" ،التزم فيها الصحة فصحح أحاديث ِل يسبق إىل تصحيحها ،وِل يتم الكتاب.
49
ال ـ ـفص ـ ـ ـ ـ ـ ـل الثـ ـ ـ ـ ـان ـ ـي
ال ـ ـحديـ ـ ـ ـث احل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـن
تعريفه:
وحسن
هيءُ ُح ْسنًا .واحلَ َس ُن :ما َح ُسن من كل شيء .واستحسنه ع ّده حسناًّ ، لغةً" :احلُ ُ
سن" ،هو اْلمال .و َح ُس َن الش ْ
احلُ ْس ُن ِض ُّد الْ ُقْب ِح .واحلسن :عكسه القبيح(.)1
حس َن :عكسه قبُ َح ،و ْالشيء حتسيناً :ميّنه .و ُ
اصطالحا :تعددت تعريفات احلديث احلسن ،ومن ذلك:
تعريف احلديث احلسن عند الرتمذي:
قال الرتمذي" :وما ذكران يف هذا الكتاب "حديث حسن" ،فإَّنا أردان به حسن إسناده عندان ،كل حديث يروى َل يكون
"(.)2
يف إسناده من يتهم ابلكذب ،وَل يكون احلديث شاذا ،ويروى من غري وجه حنو ذلك فهو عندان حديث حسن
شرح التعريف:
" أن ال يكون يف إسناده من يتهم ابلكذب":
يشمل حديث املستور واجملهول وحنوَها ِبالف الصحيح ,فال بد أن يكون رواته ثقات أي عدوَل ضابطني.
"ويروى من غري وجه حنو ذاك" :أن يكون ًّ
مروَي من وجهني أو أكثر ،وَل يشرتط فيه أن يكون وروده من طريق آخر بلفظه
بل يكفي وروده ولو مبعناه.
قول الرتمذي يف بعض األحاديث" :ال نعرفه إال من هذا الوجه" :يعّن بلفظه فال ينايف أن يكون معروفا مبعناه من وجه آخر.
نقد تعريف الرتمذي :وقد انتقد هذا التعريف ِبنه غري جامع ،فقد عرف احلسن لغريه ،وِل يعرف احلسن لذاته والتعريف َل
جامعا مانعا.
بد أن يكون ً
قلت :وتعريف الرتمذي -على هذا -يدخل فيه :رواية املستور ،والضعيف بسبب سوء احلفظ ،و
املوصوف ابلغلط واخلطأ،
ُ
وحديث املختلط بعد اختالطه ،واملدلس إذا َعْن َع َن ،واملنقطع عموما ،فكل ذلك عند الرتمذي من قبيل احلسن ابلشروط
الثالثة املاضية يف تعريفه.
فنستطيع أن نقول :إن هذا اصطالح خاص ابلرتمذي يف كتاب "السنن" ،وليس اصطالحا عاما.
ولو كان هذا اصطالحا عاما ملا احتاج إىل هذا البيان ،وهلذا ترك تعريف احلديث الصحيح.
َ
والشذوذ الوارد يف التعريف ليس هو الشذوذ اَلصطالحي الذي استقر عند املتأخرين ،وهو ما رواه الثقة خمالفاً للثقات؛ ألنه
يف صدد ذكر حديث الضعفاء غري املرتوكني ،دون الثقات؛ لذا يتعني محل كلمة الشذوذ هنا يف نص اْلمام الرتمذي على ما
شرحه هو يف آخر كالمه ،حيث قال" :وأن يروى من غري وجه حنو ذلك".
ويكون عطف هذه اْلملة على ما قبلها عطف تفسري هلا "وَل يكون احلديث شاذاً".
وبذلك يكون لتحسني اْلمام الرتمذي مغزى آخر غري الذي يهدف إليه الكثريون من املعاصرين من حتسني احلديث ،وهو
)" (1خمتار الصحاح" للرامي( ،ص" ،)73:مقاييس اللغة" َلبن فارس" ،)57/2(،لسان العرب" َلبن منظور)114 /13( ،
)" (2العلل الصغري للرتمذي" ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
50
(.)1
موال الشذوذ عن املنت ابلطريقة اليت بينتها آنفاً ،ولذا فما حيسنه يف سننه َل يلزم أن يكون صاحلاً لالحتجاج به دوماً
تعريف اخلطايب للحديث احلسن:
(.)2
"ما عرف خمرجه ،واشتهر رجاله ،وعليه مدار أكثر احلديث ،وهو الذي يقبله أكثر العلماء ،ويستعمله عامة الفقهاء"
املوضع اله ِذي خرج ِمْنهُ احلَ ِديثَ ،وُه َو َكونه شامياً ،عراقياً ،مكياً ،كوفياًَ ،كأَن يكون احلَ ِديث من ِرَوايَة ر ٍّاوَ ،وقد واملَ ْخرجِ :
ا ْشتهر بِ ِرَوايَة َح ِديث أهل بَلَده كقتادة َوَْحنوه ِيف الْبَص ِريني ،فَإِن َح ِديث الْبَص ِريني إِذا َجاءَ َعن قَتَ َادة َوَْحنوه َكا َن خمرجه َم ْع ُروفا
مراد ِ ك كِنَاية َعن ِاَلتِّ َ ِ ِ ِِ ِ ِ
املرسل ،واملنقطع واملعضل ،لعدم ظُ ُهور َحاهلَا ََل يُ ْعلم خمرج احلَديثَ ،والْ َ صال ،إ ْذ َ ِب َالفه َعن َغريهمَ ،وذَل َ َ
(.)3
ُّهَرة ِابلْ َع َدالَةِ ،والضبط"
ابلشهرة :الش ْ
"عليه مدار أكثر احلديث" :أي أن غالب األحاديث َل تبلغ رتبة الصحيح ،وإَّنا قال :ويقبله أكثر العلماء؛ ألن بعضهم َل
(.)4
يقبله ،روي عن ابن أيب حامت قال :سألت أيب عن حديث ,فقال :إسناده حسن ،فقلت :حيتج بهق قالَ :ل
أما الصحيح فيقبله عامة العلماء.
"ويستعمله عامة الفقهاء" :أي حيتجون به ويعملون به.
وكالم أيب حامت حممول على احلسن لغريه ،وليس احلسن عموما.
قال السخاوي" :ووجد للشافعي إطالقه (أي إطالق احلسن) يف املتفق على صحته ،وَلبن املديّن يف احلسن لذاته،
(.)5
وللبخاري يف احلسن لغريه ،وحنوه -فيما يظهر -قول أيب حامت الرامي :فالن جمهول ،واحلديث الذي رواه حسن
نقد التعريف :يؤخذ على تعريف اخلطايب أنه غري جامع لقسمي احلسن ،بل خاص ابحلسن لذاته.
ص ِحيح ِيف حد ْ
احلسن. ص ِحيح أَيْضا قد عرف خمرجه واشتهر ِر َجاله ،فَ ْيدخل ال ه
وكذلك يؤخذ عليه أنه غري مانع ،إذ إن ال ه
فكأنه يريد هبذا الكالم ما عرف خمرجه ،واشتهر رجاله مما ِل يبلغ درجة الصحيح.
قلت :تعريف الرتمذي يُنهزُل على احلسن لغريه ،وتعريف اخلطايب يُنهزُل على احلسن لذاته.
احلسن عند البغوي يف"مشكاة املصابيح":
يقسم البغوي أحاديث املصابيح إىل حسان وصحاح ،مريداً ابلصحاح ما يف الصحيحني ،وابحلسان ما يف السنن ،وهذا
اصطالح خاص به ،وليس احلسن عند أهل احلديث عبارة عن ذلك ،فإن كتب السنن تشتمل على الصحيح واحلسن ،والضعيف.
تعريف ابن حجر:
ٍّ اتم الضبط ،متصل السند غري ٍّ ٍّ
خف
معلل ،وَل شاذ ،هو الصحيح لذاته … فإن ّ قال ابن حجر" :وخرب اآلحاد بنقل عدل ّ
(.)6
الضبط ،فاحلسن لذاته"
) (1أخرجه الرتمذي يف سننه :أبواب السفر -ابب ما جاء يف التطوع يف السفر -رقم (.)552
)" (2هتذيب التهذيب"( - )302، 301/9رقم(.)503
)" (3تقريب التهذيب"(ص -)493:رقم(.)6081
) (4أخرجه الرتمذي يف سننه :أبواب النكاح -ابب ما جاء يف مهور النساء -رقم (.)1113
) "(5تقريب التهذيب"(ص -)285:رقم(.)3065
55
مظان احلديث احلسن
ِل يفرد العلماء مصنفات خاصة ابحلديث احلسن اجملرد ،كما أفردوا الصحيح اجملرد يف مصنفات مستقلة ،لكن هناك كتبا
يكثر فيها وجود احلديث احلسن ،ومن أشهر تلك الكتب:
( )1سنن الرتمذي ،وهو أصل ِيف معرفَة ا ْحلسنَ ،وُه َو اله ِذي شهرهَ ،وقد يُوجد ِيف َك َالم بعض طب َقة مشاَيه كأمحد بن َحْن بَل
ِ (.)1
ي
َوالْبُ َخار ّ
( )2سنن أيب داود.
( )3مسند اْلمام أمحد ،وسنن النسائي ،وسنن ابن ماجه ،وسنن الدارقطّن.
( ) 4كذلك الكتب اليت يدرج مصنفوها الصحيح مع احلسن ،دون تفريق بينهما ،مثل صحيح ابن خزمية ،وصحيح ابن
حبان ،ومستدرك احلاكم على الصحيحني.
(" )1املنهل الروي يف خمتصر علوم احلديث النبوي"(َ )38/1لبن مجاعة الكناين ،دار الفكر ،دمشق.
56
ال ـ ـف ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل الث ـ ـ ـ ـالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـث
ال ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـديـ ـ ـث الـ ـ ـض ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـيف
[ ] 1تعريفه لغة واصطالحاً:
ف ،بفتح الضاد وضمها ،ضد القوة ،وقد ضعف فهو ضعيف الضعيف لغة :الض ْهع ُ
(.)1
ويطلق الضعف على األجسام حقيقة ،وعلى املعنوَيت جماماً ،فيقال رجل ضعيف الرأي ،ورجل ضعيف العقل ،ورجل
(.)2
ضعيف العزمية
الضعيف اصطالحا:
قال ابن الصالح" :كل حديث ِل جيتمع فيه صفات احلديث الصحيح ،وَل صفات احلديث احلسن ،املذكورات فيما
(.)3
تقدم ،فهو حديث ضعيف"
واتبعه على هذا التعريف النووي فقال" :الضعيف :وهو ما ِل جيمع صفة الصحيح أو احلسن".
وعلق السيوطي فقال" :مجعها تبعاً َلبن الصالح ،وإن قيل :إن اَلقتصار على الثاين أوىل ،ألن ما ِل جيمع صفة احلسن
(.)4
فهو عن صفات الصحيح أبعد ،ولذلك ِل يذكره ابن دقيق العيد"
التعريف املختار:
(.)5
والتعريف الذي خنتاره ما عرفه به الدكتور نور الدين عرت حيث قال" :هو ما فقد شرطاً من شروط احلديث املقبول"
قال البيقوين يف منظومته :وكل ما عن رتبة احلُ ْس ِن قَ ُ
ص ْر .....فهو الضعيف وهو أقسام ُكثُ ْر.
[ ] 2تفاوت درجات الضعيف :تتفاوت درجات احلديث الضعيف ِبسب توفر أسباب الضعف ،فمنه الض عيف ومن ه
الضعيف جدا ومنه الواهي ،ومنه املنكر ،وشر أنواعه املوضوع.
قال النووي :بعد أن عرف احلديث الضعيف" :ويتفاوت ضعفه كصحة الصحيح".
قــال الســيوطي" :ويتف اوت ض عفه" ِبس ب ش دة ض عف روات ه ،وخفت ه ،وقول ه" :كص حة الص حيح" ،إش ارة إىل أن من ه
أوهى ،كما أن يف الصحيح أصح
(.)6
(" )1الفروسية"(ص ،)265، 264:ابن قيم اْلومية ،دار األندلس ،السعودية ،حائل.
(" )2إعالم املوقعني عن رب العاملني" َلبن قيم اْلومية ( ،)38 /1دار احلديث.
(" )3إعالم املوقعني عن رب العاملني" َلبن قيم اْلومية ( ،)61 /1دار الكتب العلمية ،بريوت.
60
[ ]2املذهب الثاين( :من مذاهب العلماء يف االحتجاج ابحلديث الضعيف):
وهو مذهب مجاهري العلماء من احملدثني والفقهاء وغريهم.
ومذهبهم أنه يستحب العمل ابحلديث الضعيف يف فضائل األعمال.
قال النووي يف مقدمة كتـاب األذكـار" :ق ال العلم اء م ن احمل دثني والفقه اء وغ ريهم :جي وم ويس تحب العم ل يف الفض ائل
والرتغيب والرتهي ب ابحل ديث الض عيف م ا ِل يك ن موض وعاً ،وأم ا األحك ام ك احلالل واحل رام ،والبي ع ،والنك اح ،والط الق،
وغ ري ذل ك ،ف ال يعم ل فيه ا إَل ابحل ديث الص حيح أو احلس ن ،إَل أن يك ون يف احتي اط يف ش يء م ن ذل ك كم ا إذا ورد
حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو األنكحة ،فإن املستحب أن يتنزه عنه ولكن َل جيب.
وإَّنا ذكرت هذا الفصل ألنه جييء يف هذا الكتاب أحاديث أنص على صحتها أو حسنها أو ضعفها ،أو أسكت عنها
"(.)1
لذهول عن ذلك أو غريه ،فأردت أن تتقرر هذه القاعدة عند مطالع هذا الكتاب
ِ ( )2 يث الضهعيف يف فَ ِ وقد اته َفق العلَماء على جوا ِم العم ِل ابحل ِد ِ
وقال ابن امللقنِ " :
ضائ ِل َ
األعمال" َ َ ََ َ َ َُُ
وقال ابن حجر اهليتمي " :وقد اتفق العلماء على جوام العمل ابحلديث الضعيف يف فضائل األعمال ،ألنه إن كان
صحيحا يف نفس األمر فقد أُعطي حقه من العمل به ،وإَل ِل يرتتب على العمل به مفسدة حتليل وَل حترمي ،وَل ضياع
حق للغري"(.)3
قلت :دعوى اَلتفاق على جوام العمل ابحلديث الضعيف يف فضائل األعمال فيها ّ
جتوم كبري ،فقد خالف يف ذلك ابن
العريب املالكي ،وابن حزم الظاهري ،وغريَها.
وقد اشرتط العلماء القائلون هبذا الرأي شروطاً(:)4
( )1أن َل يكون احلديث ضعيفا ضعفاً شديداً.
( )2أن يكون له أصل أو قاعدة يندرج حتتها ،فيخرج ما َيرتع وليس له أصل.
( )3أن َل يعتقد عند العمل به ثبوته ،لئال ينسب إىل النيب صلى هللا عليه وسلم ما ِل يقله.
[ ]3املذهب الثالث:
ويرى أصحابه أنه َل يعمل ابحلديث الضعيف مطلقاً َل يف فضائل األعمال وَل يف غريها.
وهذا مذهب البخاري ومسلم ،ويظهر هذا من صنيعها يف صحيحيهما ،وابن معني ،وأيب مرعة ،وأيب حامت وابنه ،وأيب
(.)5
بكر بن العريب ،وابن حزم الظاهري
اخلَ ِامس َش ْيء نقل َك َما ذكرَان إِ هما بِنَ ْقل أهل الْمشرق َوالْم ْغرب أَو َكافهة َعن َكافهة أَو ثَِقة َعن ثَِقة َح هَ
قال ابن حزمَ " :و ْ
يبلغ إِ َىل النِهيب صلى هللا علَي ِه وسلم إِهَل أَن ِيف الطه ِريق رجال جمروحاً بكذب أَو غَفلَة أَو َْجمهول ا ْحلال فَه َذا أَيضا ي قُول بِهِ
َ َ ْ َ ُ َْ َ
(" )1األذكار املنتخبة من كالم سيد األبرار" للنووي ( ،)14، 13/1املكتبة التوفيقية.
(" )2املعني على تفهم األربعني" َلبن امللقن( ،ص ،)65:مكتبة أهل األثر للنشر والتوميع ،حويل ،الكويت.
(" )3الفتح املبني بشرح األربعني"(ص ،)109:أمحد بن حممد بن علي بن حجر اهليتمي ،دار املنهاج ،جدة ،اململكة العربية السعودية.
(" )4قواعد التحديث" للقامسي" ( ،)116 /1دار العقيدة" ،سري أعالم النبالء" للذهيب ( ،)521/8مؤسسة الرسالة ،بريوت.
(" )5قواعد التحديث" للقامسي ( ،)113 /1دار العقيدة.
61
هص َارى فِ َيما أضافوه ِ ِ ص ِديقه وََل ْاأل ْ ِ
َخذ ب َش ْيء مْنهُ َوَهذه صفة نقل الْيَ ُهود َوالن َ َ
ِ
عندان ال َق ْول بِه َوََل تَ ْ
بعض الْ ُمسلمني َوََل حيل َ
إِ َىل أَنْبِي ِ
ههم كفار بَِال ّ
شك َوََل مرية" ائهم ألَنههُ يقطع ِِبَن ُ
(.)1
َ ْ
قلت :القول ِبن مذهب البخاري ومسلم رفض احلديث الضعيف مطلقا حمل نظر عندي؛ إذ إن البخاري أخرج يف
كتاب األدب املفرد كثريا من األحاديث الضعيفة اليت َل َيفى ضعفها ،مما يدل على أن ظاهر مذهبه العمل ابلضعيف
يف فضائل األعمال ،وكذلك فعل مسلم يف مقدمة صحيحه.
الفصل يف اخلالف:
قال اللكنوي" :فمنهم من منع العمل ابلضعيف مطلقا ،وهو مذهب ضعيف ،ومنهم من ّ
جومه مطلقا ،وهو توسع
(.)2
سخيف ،ومنهم من فصل وقيد ،وهو املسلك املسدد"
مسائل تتعلق ابحلديث الضعيف
[ ]1ضعف اإلسناد ال يقتضي ضعف املنت:
َل يلزم من ضعف السند ضعف املنت ،كما أنه َل يلزم من ضعف املنت ضعف السند ،فقد يكون السند ضعيفاً وأييت
املنت من طريق آخر صحيح أو حسن ،وكذلك قد يكون السند صحيحاً أو حسناً ،ولكن املنت َل يصح لوجود شذوذ أو
(.)3
علة
لذلك جيب التحرم من سرعة احلكم على احلديث بناءا على احلكم على اْلسناد.
فإذا درست إسنادا فوجدته ضعيفا ،فيكون حكمك عليه فقط ،وليس على احلديث ،فتقول":هذا إسناد ضعيف" ،أو
تقول" :هذا احلديث ضعيف هبذا اْلسناد".
لكن ملن بلغ درجة من احلفظ واْلحاطة بطرق احلديث وشواهده أن حيكم على احلديث سندا ومتنا ،فيقول" :هذا
حديث صحيح" ،أو :هذا حديث ضعيف ،أو حديث حسن.
وملن ِل يبلغ هذه الدرجة أن ينقل حكم إمام معتمد على احلديث ،وله كذلك أن يقلده.
[ ]2رواية احلديث الضعيف بغري سنده تقتضي تصديره بصيغة التمريض ،وليس بصيغة اجلزم.
روي ،قيلُ ،حكي ،نُقل ،وهكذا.فال يصدر بصيغة :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كذا ،بل يصدر بصيغة التمريضُ :
[ ]3ال يُشتغل مبا يرد يف احلديث الضعيف من استشكاالت:
فإذا استشكل احلديث الضعيف ،لتعارضه لدليل صحيح ،كالقرآن أو السنة الصحيحة ،أو اْلمجاع ،أو صريح العقل ،أو
الوقائع الثابتة اترَييا ،فال جيب اَلنتهاض للجمع وإمالة اَلستشكال ،بل َل ينظر إليه ،ألن وجود ذلك َل يزيد احلديث
الضعيف إَل ضعفا.
(.)4
اب عن احلديث حَ يكون صحيحا ،والباطل يكفي يف رده كونه ابطال" قال القابسيَ" :ل يُ ُ
تكلف اْلو ُ
( )1موطأ مالك :كتاب وقوت الصالة– ابب النهي عن دخول املسجد بريح الثوم -رقم ()30
( )2أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب الصالة – ابب كيف اْللوس يف التشهد– رقم (.)962
(" )3الكفاية يف علم الرواية" للخطيب البغدادي( ،ص ،)21:املكتبة العلمية ،املدينة املنورة.
( )4أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب الطهارة– ابب الوضوء من القبلة– رقم (.)178
( )5أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب الصالة– ابب مقدار الركوع والسجود – رقم (.)886
65
(.)1
َش َار إِ َىل َو ْج ِه ِه َوَكفْهي ِه
صلُ ْح أَ ْن يَُرى ِمْن َها إِهَل َه َذا َوَه َذا» َوأ َ
يض َِلْ تَ ْ
ِ
الْ َمح َ
ك َِلْ يُ ْد ِرْك َعائِ َشةَ َر ِض َي ه
اَّللُ َعْن َها» ال أَبو َداوَد« :ه َذا مرسل ،خالِ ُد بن ُدري ٍّ
قَ َ ُ ُ َ ُ ْ َ ٌ َ ْ ُ َْ
أسباب اإلرسال :
( )1قد يريد اَلختصار يف اْلسناد ،أو يتفنن يف سياق األسانيد مرة يسند ،ومرة يرسل.
( )2أو لكون من يروي عنه أصغر منه فيأنف يف الرواية عنه.
( )3أو يرسل ألسباب سياسية ،أو تتعلق ابخلالف بني الفرق اْلسالمية ،كأن يكون يف جمتمع نواصب ،واخلرب من حديث
آل البيت ،أو العكس.
( )4أن يكون احلديث اثبتا عند الراوى الذى أخرجه لكن قد يكون ى سنده رجل غري موثق ،ككونه جمهول احلال فيحذفه
من السند ,كراهية أن يُرهد احلديث.
( ) 5وأما من كان يرسل عن كل أحد فرمبا كان الباعث له على اْلرسال ضعف من حدثه ،لكن هذا يقضي القدح يف فاعله
ملا ترتتب عليه من اخليانة.
أما من كان ال يرسل إال عن ثقة ،فما احلامل له على اإلرسال؟ إن لذلك أسباابً منها:
(أ ) أن يكون مسع احلديث عن مجاعة ثقات وصح عنده ،فريسله اعتمادا على صحته عن شيوخه ،كما صح عن إبراهيم
(.)2
النخعي أنه قال" :ما حدثتكم عن ابن مسعود رضي هللا عنه ،فقد مسعته من غري واحد وما حدثتكم فسميت فهو من مسيت"
تنسم فيها مالك عبري العلم النبوي الشريف بيئة حافلة
وهذا الباعث يصدق على مرسالت اْلمام مالك ,ألن بيئة املدينة اليت ّ
ِبَ َملَة احلديث يف طبقة الصحابة فمن بعدهم فال يستبعد أن يكون مالك أو أحد شيوخه مسع اخلرب من مجاعة ثقات ,وصح
عنده ,فرتك ذكرهم يف السند.
(ب) أن يكون نسي من حدثه به وعرف املنت ،فذكره مرسال ،ألن أصل طريقته أنه َل حيمل إَل عن ثقة.
(ج) أن َل يقصد التحديث بل يذكر احلديث على وجه املذاكرة ،أو على جهة الفتوى ،فيذكر املنت ألنه املقصود يف تلك
احلالة دون السند ،وَل سيما إن كان السامع عارفا مبن طوى ذكره لشهرته أو غري ذلك من األسباب.
وهذا ا لباعث قد يصدق على معىن اْلرسال عند األصوليني ,حينما حيذف اْلسناد كله أو بعضه ,وَل يكون كذلك على
معىن اْلرسال عند احمل ّدثني ,حيث يسقط راو واحد من السند.
وقد نلمس هذا الباعث أيضا ى مواضع من موطّأ مالك ,حيث يعمد إىل رواية أحاديث ِبسانيد متصلة مث يوردها ى مقام
تقرير حكم فقهى ,حمذوفة اْلسناد.
مالحظات :
( )1من رأى النيب صلى هللا عليه وسلم وِل يسمع منه شيئاً ،فله شرف الصحبة َل حكمها يف الرواية ،فحديثه من قبيل
املرسل ،وَل يعد متصالً ،لكنه مبنزلة رواَيت كبار التابعني .مثل :جع َدة بن هب ي رةَ الْمخز ِ
وم ّي ،أمه أم هانئ بنت أيب طالب،َ ْ ْ َُْ َ َ ْ ُ
ولد يف حياة النيب صلى هللا عليه وسلم ،وله رؤية ،ثبت له هبا شرف الصحبة؛ ولذا حكم بصحبته بعض أهل العلم ،وراعى
( )1أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب اللباس– ابب فِ َيما تُْب ِدي الْ َمْرأَةُ ِم ْن ِم َينتِ َها– رقم (.)4104
( " )2النكت على كتاب ابن الصالح" (َ )555/2لبن حجر العسقالين.
66
آخرون عدم مساعه من النيب صلى هللا عليه وسلم ،فحكموا بتابعيته ،وهذا ينبئك عن سبب اختالفهم.
فالتحقيق أنه صحايب ،لكن حلديثه حكم رواَيت التابعني؛ ألنه ِل يسمع من النيب صلى هللا عليه وسلم شيئاً.
"(.)1
قال حيىي بن معني" :جعدة بن ُهبَ ْي َرة ِل يسمع من النِهيب صلى هللا َعلَْي ِه َوسلم َشْيئا
( )2رواية من له رؤية لبعض الصحابة وِل يسمع من أحد منهم ،فهذا يثبت له شرف التابعية َل أحكامها ،وعليه ،فروايته
عن النيب صلى هللا عليه وسلم معضلة ،وروايته عن الصحابة منقطعة.
وذلك كرواَيت إبراهيم النخغي أو األعمش عن النيب صلى هللا عليه وسلم.
ِ هيب صلهى ه ِ هخعِ ُّي أَح ًدا ِمن أ ْ ِ ِ ِ
اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم إِهَل َعائ َشةَ َوَِلْ َص َحاب النِ ِّ َ َ ْ ولَِ :لْ يَ ْل َق إِبْ َراه ُيم الن َ
ت أَِيب يَ ُق ُ قال ابن أيب حامتَ " :مس ْع ُ
(.)2
صغِريٌ َوأ َْد َرَك أَنَ ًسا َوَِلْ يَ ْس َم ْع ِمْنهُ" ِ
يَ ْس َم ْع مْن َها َشْي ئًا فَِإنههُ َد َخ َل َعلَْي َها َوُه َو َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم.
صلهى ه ٍّ
اَّلل َ
َص َحاب َر ُسول هش من واحد من أ ْ َعم ُوقال أبو عبيد اآلجري :مسعت أاب داود يقولَِ " :لْ يَ ْس َم ِع األ َ
(.)3
ابن أَيب أَوى ،وَل َِمسع منه ال :وَل كلمة إَّنا رأى أنساً ،وِل يرو عن َ قُ ْلت :أَنسق .قَ َ
حكم احلديث املرسل:
الصحيح الراجح ضعف احلديث املرسل؛ ألننا َل نعلم هل الذي سقط صحايب أو اتبعي ،فإذا كان اتبعيا فقد يكون ثقة،
وقد يكون ضعيفا ،وسقوط طبقة من طبقات اْلسناد تدل على ضعف اْلسناد؛ ألن اتصال السند من شروط احلديث
الصحيح واحلسن ،واملرسل فقد شرط اَلتصال فيكون يف ذاته ضعيفا ،إَل إذا اعتضد بغريه.
مذاهب الفقهاء يف العمل ابحلديث املرسل:
(أوال) مذهب َجُْ ُهور الْ ُف َق َهاء :ذهب مجهور الفقهاء إىل وجوب العمل ابحلديث املرسل؛ منهم أبو حنيفة ،ومالك،
وأصحاهبما ،وقد حكي عن اْلمام أمحد اَلحتجاج به يف رواية.
املرسل عند احلنفية :اتفق احلنفية على قبول مراسيل أهل القرن الثاين والثالث؛ لثبوت عدالتهم بشهادة النيب صلى هللا عليه
وسلم ،فقد أخرج الشيخان يف صحيحيهما عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم:
ف، ال" :مثُه ي تخله ِ ِ ِ
ين يَلُونَ ُه ْم" ،فَ َال أ َْد ِري ِيف الثهالِثَِة أ َْو ِيف الهرابِ َع ِة قَ َ هِ هِ " َخْي ر الن ِ ِ
ف م ْن بَ ْعده ْم َخ ْل ٌ
ََ َ ُ ين يَلُونَ ُه ْم ،مثُه الذ َ هاس قَ ْرين ،مثُه الذ َ ُ
ِ ِ ِ ِ
َحده ْم َميينَهَُ ،وَميينُهُ َش َه َادتَهُ"تَ ْسبِ ُق َش َه َادةُ أ َ
(.)4
فلم يفرق احلنفية بني إرسال الصحابة والتابعني وأتباعهم؛ ألن عدالتهم مجيعا ثبتت بشهادة النيب صلى هللا عليه وسلم ،وقد
خص مالك ومجهور أصحابه قبول املرسل ابلتابعني فيما أرسلوه على اختالف طبقاهتم ،وهو قول أمحد يف رواية ،وكل من
(.)5
يقبل املرسل من احملدثني
(" )1اتريخ ابن معني (رواية الدوري)( ، )46/3الناشر :مركز البحث العلمي وإحياء الرتاث اْلسالمي ،مكة املكرمة.
(" )2املراسيل"(َ )18/9لبن أيب حامت ،مؤسسة الرسالة ،بريوت.
(")3سؤاَلت أيب عبيد اآلجري أاب داود السجستاين يف اْلرح والتعديل" (.)103-102/1
( )4أخرجه البخاري :كتاب فضائل الصحابة – ابب فضل أصحاب النيب صلى هللا عليه وسلم – رقم(.)3651
ومسلم :كتاب فضائل الصحابة – ابب فضل الصحابة – رقم ()2533
( )5جامع التحصيل ( ،)24/1والتمهيد (.)2/1
67
وقد أطلق القول بقبول مراسيل القرن الثاين والثالث الربذوي والنسفي ووافقهما شارحا كتابيهما( ،)1فلم يذكروا مجيعا سوى أها
مقبولة عندهم ،وِل يزيدوا عليه شيئا.
وممن صرح بذلك ابن احلنبلي فقال :واملختار يف التفصيل قبول مرسل الصحابة إمجاعا ،ومرسل أهل القرن الثاين والثالث
(.)2
عندان( أي احلنفية) مطلقا
وتبعه على ذلك التهانوي فقال :وهبذا علم أن كون الراوي يرسل عن الثقات وغريهم جرح يف مرسل من هو دون القرون
(.)3
الثالثة ،وأما أهل القرون الثالثة فمرسلهم مقبول عندان مطلقا
وذهب أبو بكر اْلصاص إىل أن مراسيل القرن الثاين والثالث مقبولة بشرط أن يكون املرسل غري معروف ابْلرسال عن غري
الثقات.
يقول اجلصاص " :والصحيح عندي وما يدل عليه مذهب أصحابنا أن مرسل التابعني وأتباعهم مقبول ما ِل يكن الراوي ممن
(.)4
يرسل احلديث عن غري الثقات ،فإن من استجام ذلك ِل تقبل روايته َل ملسند وَل ملرسل"
(اثنيا) مذهب الشافعي ومن وافقه:
وأما اْلمام الشافعي رضي هللا عنه فقد احتج ابملرسل بشروط ،وما يؤخذ من خالل كالمه يف كتاب "الرسالة" ،أن مراسيل
كبار التابعني حجة إن جاءت من وجه آخر ولو مرسلة ،أو اعتضدت بقول صحايب ،أو كان يفيت به أكثر العلماء ،أو كان
املرسل لو مسي َل يسمى إَل ثقة ,فحينئذ يكون مرسله حجة ،وَل ينتهض إىل رتبة املتصل ،وأما مراسيل غري كبار التابعني فال
أعلم أحدا قبلها.
شاهد أصحاب رسول هللا من التابعني ،فحدهث حديثاً منقطعاً عن النيب اعتُرب عليه ِبمور :منها: فقد قال رمحه هللا" :فمن َ
أن ينظر إىل ما أَرسل من احلديث ،فإن َش ِرَكه فيه احلفاظ املأمونون ،فأسندوه اىل رسول هللا مبثل معىن ما روى كانت هذه
دَللةً على صحة َمن قبل عنه وحفظه .وإن انفرد إبرسال حديث ِل يَشركه فيه من يُسنده قُبِل ما ينفرد به من ذلك.
مرسل غريه ممن قُبل العلم عنه من غري رجاله الذين قُبل عنهمق ويعترب عليه ِبن ينظر :هل يوافقه ِ
فإن ُوجد ذلك كانت دَللةً يَقوى له مرسلُه ،وهي أضعف من األوىل.
وجد ذلك نُظر إىل بعض ما يُروى عن بعض أصحاب رسول هللا قوَلً له ،فإن ُوجد يُوافق ما روى عن رسول هللا وإن ِل يُ َ
مرسلَه إَل عن أصل يصح إن شاء هللا.كانت يف هذه دَللةٌ على أنه ِل أيخذ َ
وكذلك إن ُوجد عو ُّام من أهل العلم يُفتون مبثل معىن ما روى عن النيب.
ِ
سم جمهوَلً وَل مرغوابً عن الرواية عنه ،فيُستدل بذلك قال الشافعي" :مث يُعترب عليهِ :بن يكون إذا مسى من روى عنه ِل ي ّ
على صحته فيما روى عنه .ويكون إذا َش ِرك أحداً من احلفاظ يف حديث ِل َيالفه ،فإن خالفه ُوجد حديثه َ
أنقص :كانت يف
هذه دَلئل على صحة خمرج حديثه.
وقد قيل :إن اْلمام الشافعي َل حيتج ابملرسل إَل مراسيل سعيد بن املسيب؛ ألنه تتبعها فوجدها مسندة من وجوه أخر.
وقد حقق اْلمام النووي أن اْلطالق يف النفي واْلثبات غري صحيح ,وأن الصحيح أنه حيتج مبراسيل سعيد بن املسيب وغريه
إذا استكمل ت الشروط اليت ذكرانها ،وليس َلبن املسيب ميزة يف هذا إَل أنه أصح التابعني إرساَل ,على أن يف مراسيله ما ِل
يوجد مسندا ِبال من وجه صحيح.
ومما ينبغي أن يعلم أن بعض التابعني قد يرسل احلديث لكونه مسعه عن كثري من الصحابة ,أو لغري ذلك من األغراض,
ال :إِهَّنَا أطلقته (أرسلته) إِذا مسعته من سبعني ص ِر ّ
ي أَنه قَ َ فإرسال مثل هذا َل يطعن يف روايته املرسلةَ .ك َما ذكر َعن ا ْحلسن الْبَ ْ
ِ (.)2
اىل َعنهُ ابخلصوص أَيْضا خلوف الْفْت نَة لي َر ِضي هللا تَ َع َ
اسم َع ّ
ص َحابَةَ ،وَكا َن قد حيذف ْ
من ال ه
وخنلص من ذلك إىل أن شروط اإلمام الشافعي للعمل ابملرسل ما يلي:
روي هذا املرسل من وجه آخر مسندا. ( )1إذا ُ
( )2إذا روي من وجه آخر مرسال عن غري شيوخ املرسل األول.
( )3إذا اعتضد بقول بعض الصحابة.
( )4إذا أفَ مبعناه أهل العلم.
ويضاف إىل أي شرط من هذه الشروط أنه يشرتط يف املرِسل أنه َل يرسل إَل عن ثقة.
ُ
مرسل الصحايب :هو ما يرويه صغار الصحابة وأحداثهم كابن عباس ،من قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،أو فعله،
أو تقريره ،وِل يسمعوه منه أو يشاهدوه.
ِِ ِ
ني ،رضي هللا عنها، مثاله :حديث عائشة ،رضي هللا عنها ،يف بدء الوحي ,أخرج البخاري يف صحيحهَ ،ع ْن َعائ َشةَ أُِّم املُْؤمن َ
ِ الرْؤَي ال ه ِ ول هِ
تصاحلَةُ ِيف الن ْهوم ،فَ َكا َن َلَ يََرى ُرْؤََي إِهَل َجاءَ ْ الو ْح ِي ُّ َ
ِ
اَّلل صلى هللا عليه وسلم م َن َ ئ بِِه َر ُس ُ ت :أ هَو ُل َما بُ ِد َ
هها قَالَ ْ
أَن َ
"(.)3
ب إِلَْي ِه اخلَالَءُ.. ِ ِمثْ َل فَلَ ِق ُّ
الصْب ِح ،مثُه ُحبّ َ
"الصاحلة" :الصادقة وهي اليت جيري يف اليقظة ما يوافقها".فلق الصبح" :ضياؤه ونوره" .اخلالء" :اَلنفراد.
)" (1اجملموع شرح املهذب"( ،)62/1دار الفكر.
(" )2معرفة علوم احلديث"( )25/1للحاكم النيسابوري ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
70
أصح املراسيل:
ب بْ ُن َح ْزٍّن ِم ْن ب والدهلِيل َعلَْي ِه أَ هن سعِ ًيدا ِم ْن أ َْوََل ِد ال ه ِ ِ ِِ قال احلاكم :وأَص ُّحها مر ِاس ِ ِ
ص َحابَة ،فَإ هن أ ََابهُ الْ ُم َسيه ُ َ يل َسعيد بْ ِن الْ ُم َسيّ َ ُ َ َ َ ََ ُ
اع ِة
س ِيف َمجَ َ ِ ضو ِانَ .وقَ ْد أ َْد َرَك َسعِي ٌد ُع َمرَ ،وعُثْ َما َنَ ،و َعلِيًّاَ ،وطَلْ َحةََ ,و ُّ ِ ِ ِ اب ال هش َجرةِ َوبَْي َع ِة ِ
َصح ِ
الزبَْي َر إ َىل آخر الْ َع َشَرةَ ،ولَْي َ َ الر ْ َ
ّ َ أَْ
س بْ ُن أَِيب َحا ِمٍّم ،مثُه َم َع َه َذا فَِإنههُ فَ ِقيهُ أ َْه ِل ْحلِ َجا ِم َوُم ْفتِي ِه ْمَ ،وأ هَو ُل فُ َق َه ِاء مسع ِمْن هم َغي ر سعِ ٍّ
يد َوقَ ْي ِ ِ
ني َم ْن أ َْد َرَك ُه ْم َو َ َ ُ ْ ْ ُ َ
ِ
التهابِع َ
اس ُحم هم َد بن ي ع ُقوب ي ُق ُ ِ س إِ ْمجاعهم إِ ْمجاع َكافه ِة الن ِ ِ ِ ِ هِ
اس
ت الْ َعبه َ ولَ :مس ْع ُ ت أ ََاب الْ َعبه ِ َ ْ َ َ ْ َ َ هاسَ .مس ْع ُ ك بْ ُن أَنَ ٍّ َ َ ُ ْ َ َ ين يَ ُع ُّد َمال ُ
ال هسْب َعة الذ َ
ضا ،فَ َق ْد ََتَهم َل ْاألَئِ همةُ يد بْ ِن الْمسيِّ ِ ول" :أَص ُّح الْمر ِاس ِيل مرا ِسيل سعِ ِ ت َْحيىي بْن َمعِ ٍّ ي ي ُق ُ ِ
ب"َ ،وأَيْ ً َُ ََ ُ َ َ ََ ني يَ ُق ُ ولَ :مس ْع ُ َ َ الدُّوِر ه َ
ِِ (.)1
يل َغ ْريه"وج ْد ِيف َمَر ِاس ِ
ط َِلْ تُ َ يحةٍَّ ،وَه ِذهِ الشَهرائِ ُصح َ
الْمت َق ِّدمو َن مر ِاسيلَه فَوج ُدوها ِِبَسانِ َيد ِ
َ َُ ُ َ َ ُ َ َ َ َ
أشهر املصنفات يف املراسيل:
( )1املراسيل ،أليب داود.
( )2املراسيلَ ،لبن أيب حامت.
( )3جامع التحصيل ألحكام املراسيل ،للعالئي.
(" )1معرفة علوم احلديث"( )25/1للحاكم النيسابوري ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
71
ث ـ ـانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيا :الـ ـ ـ ـ ـحديـ ـ ـ ـ ـ ـث امل ـ ـع ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـق
تعريفه لغة واصطالحا:
املعلق لغة :هو اسم مفعول من "علّق" الشيء ابلشيء ،أي أانطه وربطه به ،وجعله معلقا.
ومسي هذا السند معلقا بسبب اتصاله من اْلهة العليا فقط ،وانقطاعه من اْلهة الدنيا ،فصار كالشيء املعلق ابلسقف وحنوه.
واملعلق اصطالحا :ما حذف من مبدأ إسناده ر ٍّاو فأكثر على التوايل.
أسباب التعليق:
( )1االختصار يف إيراد األحاديث :وذلك كأن يروي البخاري يف الباب ما يغّن عن اْلطالة بتخريج خرب اتم إسناداً ومتناً
مَيدة على ما خرج ،وأحياانً يكون احلديث عنده إبسناد واحد على شرطه ،وحيتاجه يف اببني ،فيسنده يف أحدَها ويعلقه يف
اآلخر اتقاء لتكرار احلديث بنفس اْلسناد يف مكانني؛ ولذا يندر أن يؤخذ على البخاري أنه كرر حديثاً بنفس اْلسناد
واملنت ،إَّنا ترى يف التكرار فائدة جديدة وَل بد.
( )2تقوية االستدالل على موضوع الباب مبا ال يدخل يف شرط الكتاب :فالبخاري مثالً اشرتط أن يكون كتابه يف
احلديث املسند إىل النيب صلى هللا عليه وسلم ،فريى فائدة يف ذكر بعض اآلاثر عن الصحابة أو من دوهم يف التفسري
واألحكام وغري ذلك ،فلو أسندها خرج بذلك عن شرطه ،فيعلقها وإن كانت صحيحة ،والتزم أن َل َيرج أحاديث مجاعة
تكلم فيهم مبا ينزل هبم عن شرطه يف القوة ،ورأى هلم بعض األخبار مما يصح اَلستشهاد به ،فيعلق عنهم.
ص َوِر املعلق:
من ُ
( ) 1أن حيذف مجيع اْلسناد ،مث يقال مثال" :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :كذا".
( )2ومنها :أن حيذف كل اْلسناد إَل الصحايب ،أو إَل الصحايب والتابعي
املعلقات يف صحيح البخاري :عدد املعلقات يف صحيح البخاري ألف وثالَثائة وأربعون ،كلها موصولة إَل مائة وستني ،أو
مائة وتسعة وَخسني ،وهذه أيضا وصلها احلافظ ابن حجر العسقالين يف كتاب"تغليق التعليق".
املعلقات يف صحيح مسلم:
قال احلافظ العراقي :ليس يف كتاب مسلم بعد املقدمة حديث معلق ِل يوصله إَل حديث أىب اْلهم املذكور وفيه بقية أربعة
(.)1
عشر موضعا رواه متصال مث عقبه بقول ورواه فالن
ث بْ ُن َس ْع ٍّدَ ،ع ْن َج ْع َف ِر بْ ِن َربِ َيعةََ ،ع ْن َعْب ِد الهر ْمحَ ِن بْ ِن ُه ْرُمَز، قلت :حديث أيب جهم املشار إليه ،هو :قَ َ ِ
ال ُم ْسل ٌمَ :وَرَوى اللهْي ُ
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم.هيب َ ِ ٍّ ِ
ت أ ََان َو َعْب ُد الهر ْمحَن بْ ُن يَ َسارَ ،م ْوَىل َمْي ُمونَةَ َمْو ِج الن ِّ اس ،أَنههُ َِمس َعهُ يَ ُق ُ
ول :أَقْ بَ ْل ُ َع ْن ُع َم ٍّْريَ ،م ْوَىل ابْ ِن َعبه ٍّ
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم ِم ْن َْحن ِو اْله ِم" :أَقْ بل رس ُ ِ الص هم ِة ْاألَنْ َ ِ ِ اْله ِم ب ِن ْ ِ
ول هللا َ ََ َُ ال أَبُو َْ ْ ي ،فَ َق َصار ِّ احلَا ِرث بْ ِن ّ َح هَ َد َخ ْلنَا َعلَى أَِيب َْ ْ ْ
اْلِ َدا ِر فَ َم َس َح َو ْج َههُ َويَ َديْ ِه،
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم َعلَْي ِهَ ،ح هَ أَقْ بَ َل َعلَى ْ بِْئ ِر َمج ٍّل ،فَلَ ِقيه رجل فَسلهم علَيهِ ،فَلَم ي رهد رس ُ ِ
ول هللا َ َ ُ َ ُ ٌ َ َ َ ْ ْ َُ َ ُ َ
(.)2
مثُه َرهد َعلَْي ِه ال هس َالمُ"
صالَِة – رقم(.)337
ت ال ه ( )1صحيح البخاري :كتاب التيمم – ابب التهي ُّم ِم ِيف احل ِ ِ ِ ِ
اف فَ ْو َ
،و َخ َ
اء َ
ضر،إ َذا َِلْ َجيد املَ َ
ََ َ
( )2صحيح مسلم :كتاب املساقاة – ابب استحباب الوضع من – رقم (.)1558
( )3صحيح مسلم :كتاب املساقاة – ابب استحباب الوضع من – رقم (.)1558
( )4صحيح البخاري :كتاب الصالة -ما يذكر يف الفخذ.
73
فهذا حديث معلق؛ ألن البخاري حذف مجيع إسناده إَل الصحايب ،وهو أبو موسى األشعري.
ص َدقَةِ يص -أ َْو لَبِ ٍّ
يسِ -يف ال ه ض ثِي ٍّ
اب َِ ِ
َخ ٍّ (ب) قال البخاري :وقال طاووس :قال معاذ بن جبل ألهل اليمن" :ائْ تُ ِوين ب َع ْر ٍّ َ
ِ ِ"(.)1
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم ِابلْ َمدينَة
هيب َالذ َرةِ أ َْه َو ُن َعلَْي ُك ْم َو َخْي ٌر ِأل ْ ِ ِ
َم َكا َن الشهعِ ِري َو ُّ
َص َحاب الن ِّ
إسناده إىل طاووس صحيح ،لكن طاووسا ِل يسمع من معاذ ،فاْلسناد منقطع ،غري صحيح.
و"ح ِك َي"؛ فليس فيه حكم بصحته عن املضاف إليه. ( )2وما ذكر بصيغة التمريض:ك "قيل" ،و"ذكر"ُ ،
بل فيه الصحيح واحلسن والضعيف ،لكن ليس فيه حديث واهٍّ؛ لوجوده يف الكتاب املسمى ابلصحيح.
وطريق معرفة الصحيح من غريه هو البحث عن إسناد هذا احلديث ،واحلكم عليه مبا يليق به.
ومن أمثلته:
الصْب ِحَ ،ح هَ إِذَاصلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم امل ْؤِمنُو َن ِيف ُّ
َ هيب
ُّ ب" ،قَ َرأَ النِ اَّللِ بْ ِن ال هسائِ ِ
(أ) قال البخاري يف الصالةَ " :ويُ ْذ َك ُر َع ْن َعْب ِد ه
ُ ِ ِ ِ
(.)2
َخ َذتْهُ َس ْعلَةٌ فَ َرَك َع"
يسى -أ َ وسىَ ،وَه ُارو َن -أ َْو ذ ْك ُر ع َ َجاءَ ذ ْك ُر ُم َ
وهو حديث صحيح أخرجه مسلم.
"(.)3
(ب) قال البخاري يف الوصاَي" :ويذكر أن النيب صلى هللا عليه وسلم قضى ابلدين قبل الوصية
وقد رواه الرتمذي موصوَل من طريق احلارث األعور عن علي ،واحلارث ضعيف.
ِ ِ َخبَ َرَان ُس ْفيَا ُنَ ،ع ْن أَِيب إِ ْس َح َ
اقَ ،ع ْن احلَا ِرثَ ،ع ْن َعل ٍّّي أَنههُ ال :أ ْ يد بْ ُن َه ُارو َن قَ َ الَ :حدهثَنَا يَِز ُ قال الرتمذيَ :حدهثَنَا بُْن َد ٌار قَ َ
اَّللِ صلهى ه ِ وصو َن ِهبَا أ َْو َديْ ٍّن"[النساءَ " ]12 :وإِ هن َر ُس َ ِ ِ ِ ٍّ ِِ
ضى اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم قَ َ ول ه َ ال :إِنه ُك ْم تَ ْقَرءُو َن َهذه اآليَةَ":م ْن بَ ْعد َوصيهة تُ ُ قَ َ
(.)4
الو ِصيهةِ"... ِ
ابلدهيْ ِن قَ ْب َل َ
مثال ما ُحذف بعض إسناده:
قول البخاري :وقال عفان :حدثنا صخر بن جويرية ،عن انفع ،عن ابن عمر ،أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال" :أراين
أتسوك بسواك ،فجاءين رجالن ،أحدَها أكرب من اآلخر ،فناولت السواك األصغر منهما ،فقيل يل :كرب ،فدفعته إىل األكرب
منهما" .علقه البخاري فيما بينه وبينه عفان ،وهو ابن مسلم الصفار ِل يدركه البخاري ،إَّنا يروي عنه ابلواسطة.
(" )1معرفة علوم احلديث" ( )28/1للحاكم النيسابوري ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
( )2راجع" :خمتار الصحاح" (ص" ،)211 :املصباح املنري" ()415/2
(" )3موطأ مالك" كتاب حسن اخللق– ابب ما جاء يف حسن اخللق– رقم (.)682
76
وفَ ،وَلَ وك طَعامه وكِسوتُه ِابلْمعر ِ ول هللاِ صلى هللا عليه وسلم" :لِْلمملُ ِ ال َر ُس ُال :قَ َ( )2عن مالك؛ أَنههُ بَلَغَهُ أَ هن أ ََاب ُهَريْ َرةَ قَ َ
َ ُ ُ َ ْ َ ُ َ ُْ َْ
ِ ي َكله ِ
يق"ف م َن الْ َع َم ِل إَِله َما يُط ُ
(.)1
ُ ُ
هِ ِ ِ ٍّ
ب ُحمَ هم ُد َخبَ رَان أَبُو الطهيِّ ِ
ص َل َعنْهُ َخار َِج الْ ُم َوطأ ،أ ْ َ ضلَهَُ ،ع ْن َمالك َه َك َذا ِيف الْ ُم َوطهأ إِهَل أَنههُ قَ ْد َو َ ض ٌل أ َْع َقال احلاكمَ :ه َذا ُم ْع َ
اَّللِ ،ثنا إِب ر ِاهيم بن طَهما َنَ ،عن مالِ ِ ص بْ ُن َعْب ِد ه ِ ي ،حدهثَنَا َْحممش بْن ِع ٍّ ابن عب ِد هِ ِ
س، ك بْ ِن أَنَ ٍّ َْ َْ ُ ْ ُ ْ َ صام الْ ُم َع ّد ُل ،ثنا َح ْف ُ َ ُ ُ َ اَّلل الشهع ِري ُّ َ ْ ُ َْ
ِ ِ ِ ِ َع ْن ُحمَ همد بْ ِن َع ْج َال َنَ ،ع ْن أَبِ ِيهَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرةَ رضي هللا عنه قَ َِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َم" :ل ْل َم ْملُوك طَ َع ُامهُ اَّلل َ
ول ه ال َر ُس ُال :قَ َ
ِ ٍّ (.)2
ُّع َما ُن بْ ُن َعْب ِد ال هس َالِمَ ،و َغْي ُرهَُ ،ع ْن َمالكيق" َوَه َك َذا َرَواهُ الن ْ
ِ وف ،وََل ي َكله ِ
ف م َن الْ َع َم ِل إِهَل َما يُط ُ
ِ
َوك ْس َوتُهُ ِابلْ َم ْع ُر َ ُ ُ
ِ
وأخرجه مسلم ،من طريق آخر:
احلا ِر ِ َخبَ رَان ابْن وْه ٍّ قال مسلم :وح هدثَِّن أَبو الطه ِ
َش ِّج،ث ،أَ هن بُ َكْي َر ابْ َن ْاأل َ َخبَ َرَان َع ْم ُرو بْ ُن َْ
ب ،أ ْ َمحَ ُد بْ ُن َع ْم ِرو بْ ِن َس ْرٍّح ،أ ْ َ ُ َ اه ِر أ ْ ُ َ
ال" :لِْلمملُ ِ صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم أَنههُ قَ َ ِ ِ ِ ِ
وك َْ َح هدثَهُ َع ِن الْ َع ْج َالنَ ،م ْوَىل فَاط َمةََ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرةَ رضي هللا عنهَ ،ع ْن َر ُسول هللا َ
ِ طَعامه وكِسوتُه ،وََل ي َكله ِ
ف م َن الْ َع َم ِل إِهَل َما يُط ُ
يق"
()3
َ ُُ َ َْ ُ َ ُ ُ
حكم احلديث املعضل:
احلديث املعضل أشد ضعفا من املنقطع؛ للجهالة ِبال أكثر من ر ٍّاو.
(" )1موطأ مالك" :كتاب اَلستئذان– ابب ما األمر ابلرفق ابململوك– رقم (.)809
(" )2معرفة علوم احلديث" (.)37/1
سَ ،وََل يُ َكلِّ ْف ُه َما يَ ْغلِبُهُ – رقم (.)1662 وك ِممها أيْ ُكل ،وإِلْب ِ
( )3أخرجه مسلم :كتاب األميان– اب ِإبطْع ِام الْمملُ ِ
اسهُ ممها يَْلَب ُ
َ ُ ََ ُ َ َْ
77
خـ ـ ـ ـامـ ـ ـ ـسا :احلـ ـدي ـ ـ ـ ـث املـ ـ ـ ـ ـُدلَّـ ـ ـ ـس
تعريف التدليس لغة واصطالحا:
املُدلَّس لغة" :بضم امليم وفتح الالم املشددة" يف اللغة :مأخوذة من الدلس "بفتح الالم" ،وهو :اختالط الظالم ابلنور
وأطلقه احملدثون على األنواع اآلتية َلشرتاكها يف اخلفاء وعدم الوضوح.
س الظهالَِم، المَ .وِمْنه قَ ْوهلم :أ َ
َاتان َدلَ َ
اختِال ُط الظه ِ سْ : ابلض ّم .وال هدلَ ُ
كالدلْ َسةّ ،
يك :الظُّْلمةُِ ُّ ،
َ
قال الزبيدي" :ال هدلَس ،ابلتهح ِر ِ
ْ ُ
ِ
س بَ َق َاَي الن ْهبت والبَ ْق ِل" ِ ِ ِ ِ ِ َ ِ
صْيف .وال هدلَ ُ ت يُور ُق آخَر ال ه س :الن ْهب ُوخَر َج يف ال هدلَس والغَلَس .وال هدلَ ُ
( )1
س وواضح أن ابن الصالح واخلطيب يتوافقان على تعريف تدليس اْلسناد ،فال يشرتطان ثبوت اللقاء بني املدلِّس َ ه
ومن دل َ
عن ،بل يكتفيان ابملعاصرة.
ابن حجر يف النخبة وشرحها ففرق بني ما إذا روى عمن لقيه ما ِل يسمعه منه ،وما إذا عاصره وِل ظ ُ وخالفهما احلاف ُ
مرسال خفيًّا.
تدليسا والثاين ً يلقه ،فجعل األول ً
ه ِ بني امل َدلهس وامل ْر َسل ِّ
هدليس ََيتص مبن روى صل حتر ُيره مبا ذُكر هنا :وهو أَن الت َ دقيقَ ،ح َ اخلفي ٌ ُ ُ قال ابن حجر" :وال َف ْر ُق َ
( .)5
ف أَنهه ِلقيَهُ ،فَ ُهو امل ْر َسل اخلَِف ُّي" عاصَرهُ ،وِل يُ ْعَر ْ
َ ف لقاؤه إَيه .فأَ هما إِن عمن ُع ِر َ
ّ
ُ
واستدل ملا ذهب إليه إبطباق أهل العلم ابحلديث على أن رواية املخضرمني،كأيب عثمان النهدي ،وقيس بن أيب حامم،
عن النيب صلى هللا عليه وسلم من قبيل اْلرسال َل من قبيل التدليس ،ولو كان جمرد املعاصرة يكتفى به يف التدليس,
قطعا ,ولكن ِل يعرف :ألقوهق أم َلق لكان هؤَلء مدلسني؛ ألهم عاصروا النيب صلى هللا عليه وسلم ً
أيضا اْلمام الشافعي وأبو بكر البزار. وممن قال ابشرتاط اللقاء يف التدليس ً
مب يعرف عدم ثبوت اللقاء؟
يعرف عدم املالقاة إبخبار املدلس عن نفسه بذلك ،أو جزم إمام مطلع بذلك ،وَل يكفي أن يقع يف بعض الطرق مَيدة
ر ٍّاو أو أكثر بينهماَ ،لحتمال أن يكون من املزيد يف متصل األسانيد.
(")1املدخل إىل كتاب اْلكليل" للحاكم النيسابوري( ،ص ،)46 - 45 :دار الدعوة ،اْلسكندرية .
(")2معرفة علوم احلديث" (ص.)105 :
(")3الكفاية" ،للخطيب البغدادي( ،ص. )22 :
(" )4مقدمة ابن الصالح" (.)73/1
( " )5نزهة النظر يف توضيح خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر" َلبن حجر العسقالين( ،ص ،)104 :مطبعة سفري ابلرَيض.
79
حكم اإلسناد الذي يقع فيه التدليس:
اْلسناد الذي يقع فيه التدليس إسناد مرسل أو منقطع ،لكنه صورة خاصة من اْلرسال أو اَلنقطاع ،فارقت معىن
اْلرسال واَلنقطاع املعروفني فيما يقع فيها من إيهام السماع ،إذ يسهل متييز اَلنقطاع واْلرسال املعروفني؛ ألنه ليس
فيهما إيهام ابلسماع.
ذم هذا النوع :وقد كره هذا القسم من التدليس مجاعة من العلماء ،وذموه ،وكان شعبة بن احلجاج أشد الناس إنكارا
ِ ِ (.)1 ِ
َخو الْ َكذب يس أ ُ له ،روى عنه اْلمام الشافعي أنه قال :الت ْهدل ُ
ِ "(.)2 ب إِ َه ِ ِ الزَان ،وَألَ ْن أَس ُق َ ِ يث أ َ ِ احل ِد ِ ِ
س
يل م ْن أَ ْن أ َُدلّ َ َح ُّ
ط م َن ال هس َماء أ َ َش ُّد م َن ِّ َ ْ يس ِيف َْ وقال أيضا" :الت ْهدل ُ
ِ ب إِ َه ِ
س" يل م ْن أ َْن أ َُدلّ َ وقال أيضاَ" :ألَ ْن أ َْمِينَ أ َ
َح ُّ
()3
واعترب ابن الصالح هذا القول من شعبة مبالغة يف الزجر عنه والتنفري منه.
ِ ِ "(.)4
ول َعلَى الْ ُمبَالَغَ ِة ِيف الهز ْج ِر َعْنهُ َوالته ْنفريقال ابن الصالحَ " :وَه َذا ِم ْن ُش ْعبَةَ إِ ْف َرا ٌط َْحم ُم ٌ
قال البلقيين يف "حماسن االصطالح" :وهذا الذي قاله شعبة ظاهر؛ فإن آفة التدليس هلا ضرر كبري يف الدين ،وهي أضر
"(.)5
أحاديث حمتَج هبا تدل على أن أكل درهم من راب أشد من الزَن ُ من أكل الراب ،وقد جاءت
ضي َذ هم وقد ذكر اخلطيب البغدادي ثالثة أوجه لذم هذا التدليس ،فقال" :والت ْهدلِيس ي ْشتَ ِمل علَى ثََالثَِة أَحو ٍّال تَ ْقتَ ِ
َْ ُ َ ُ َ َ
ِ ِ
ب ل ِْإل ْخبَا ِر ِابل هس َم ِاع مم ْهن َِلْ يَ ْس َم ْع ِ ِ س وت وِهينِهِ :فَأَحدها :ما ذَ َكرانه ِمن إِيه ِام ِه السم ِ ِ
ك ُم َقا ِر ُ هن َِلْ يَ ْس َم ْع مْنهَُ ،وذَل َ اع مم ْ هَ َ َ ُ َ َ َْ ُ ْ َ الْ ُم َدلّ ِ َ َ ْ
ِ ه ِ ِ ف إِ َىل ِاَل ْحتِم ِال وذَلِ َ ِِ ِ ِ ِ ِمْنه .والثَّانِيَةُُ :ع ُدولُه َع ِن الْ َك ْش ِ
س إِهَّنَا َِلْ يُبَ ِّ ْ
ني ك ِب َالف ُموجب الْ َوَرِع َو ْاأل ََمانَةَ .والثَّالثَةُ :أَن الْ ُم َدلّ َ َ َ ُ ُ َ
ضاك َع َد َل َع ْن ِذ ْك ِرهَِ ,وفِ ِيه أَيْ ً ِِ ِ ِِ ِ
ني َم ْن َرَوى َعْنهُ لع ْل ِمه ِِبَنههُ لَ ْو ذَ َكَرهُ َِلْ يَ ُك ْن َم ْر ِضيًّا َم ْقبُ ًوَل عْن َد أ َْه ِل النه ْق ِل ،فَل َذل َ َم ْن بَْي نَهُ َوبَ ْ َ
ك ِخ َالف ِ اْلسنَ ِاد ،و ْاألَنَ َف ِة ِمن ِ ِ ِ ِ
الرَوايَة َع هم ْن َح هدثَهَُ ،وذَل َ َ ّ
ِ
س َعْنهُ طَلَبًا لتَ ْوهي ِم ُعلُ ِّو ْ ْ َ
ه
ني َم ْن َدل َ أَنههُ إِهَّنَا ََل يَ ْذ ُك ُر َم ْن بَْي نَهُ َوبَ ْ َ
اْلخبا ِر ِِب ِ ِ ب الْعِلْ ِم ،وتَرِك ْ ِ ِ اض ِع ِيف طَلَ ِ ِ ِِ ِ وج ِ مِ
َخذ الْع ْل ِم َع هم ْن أ َ
َخ َذهُ" احلَميهة ِيف ِْ ْ َ ْ هو ُ ضى ال ّد ََينَة م َن الت َ ب الْ َع َدالَة َوُم ْقتَ َ
(.)6
َْ ُ
حكم رواية من يدلس تدليس اإلسناد:
اختلف العلماء يف قبول رواية من عرف هبذا النوع من التدليس ،فجعله فريق من أهل احلديث والفقهاء جمروحا بذلك،
ني السماع أو ِل يُ ِّبني .ونقل السيوطي يف التدريب أن ابن عبد الرب نقل عن أئمة احلديث وقالواَ :ل تقبل روايته ِبال ،بَ ه َ
(.)7
أنه يقبل تدليس ابن عيينة؛ ألنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما"
حكمه:
ي َعْنهَُ ،وتَ ْو ِعريٌ لِطَ ِر ِيق ضيِ ِ
يع ل ْل َم ْرِو ِّ
قال ابن الصالح :وأما القسم الثاين( يقصد تدليس الشيوخ) ،فَأَمره أَخ ُّ ِ ِ
فَ ،وفيه تَ ْ ٌ ْ ُُ َ
وف َعلَى َحالِِه َوأ َْهلِيهتِهِ. ب الْ ُوقُ َ ِ ِِ
َم ْعرفَته َعلَى َم ْن يَطْلُ ُ
ك َك ْو ُن َشْي ِخ ِه اله ِذي َغيه َر مسَْتَهُ َغْي َر ثَِقةٍّ ،أ َْو ِ ِ ب الْغَر ِ ِ
ض ا ْحلَام ِل َعلَْيه ،فَ َق ْد َْحي ِملُهُ َعلَى َذل َ َ
ك ِِبَس ِ ِ ِ
ال يف َكَر َاهة َذل َ َ
ف ا ْحلَ ُ ِ ِ
َوَيَْتَل ُ
الرَوايَِة َعْنهُ فَ َال
َصغَر ِسنًّا ِم َن الهرا ِوي َعْنهُ ،أ َْو َك ْونُهُ َكثِري ِ ِ ِ ِ
َ ّ اعةٌ ُدونَهُ ،أ َْو َك ْونُهُ أ ْ َ َخَر الْ َوفَاة قَ ْد َش َارَكهُ ِيف ال هس َم ِاع مْنهُ َمجَ َ َك ْونُهُ ُمتَأ ّ
اح َدةٍّ.
اح ٍّد علَى صورةٍّ و ِ
ص َو َ ُ َ َ
اْل ْكثار ِمن ِذ ْك ِر َشخ ٍّ ِ
ْ ب ِْ َ َ ْ ُِحي ُّ
ِ ِ ِ (.)4 ِ ِِ نيِ ،مْن ُهم ا ْخلَ ِطيب أَبُو بَك ٍّ الرواةِ الْم ِ ِ وتَس همح بِ َذلِك َمج ِ
صانيفه ْر ،فَ َق ْد َكا َن َهل ًجا به ِيف تَ َ ُ ُ صنّف َاعةٌ م َن ُّ َ ُ َ َ َ َ َ ََ
وقد نقل الذهيب عن أيب احلسن بن القطان يف بقية أنه يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك ،وهذا إن صح عنه مفسد
لعدالته .وعلق الذهيب على هذا ِبنه صح عنه أنه يفعله ،وكذلك صح عن الوليد بن مسلم ،وعن مجاعة كبار فِعلَهُ ،وهذا
وقال النسائي" :إذا قال حدثنا وأخربان فهو ثقة ،وإذا قال عن فالن فال يؤخذ عنه ألنه َل يدري عمن أخذه"
وقال أبو مسهر الغساين" :بقية ليست أحاديثه نقية فكن منها على تقية"(.)2
وقال عنه احلافظ يف التقريب " :صدوق كثري التدليس عن الضعفاء"(.)3
( )2الوليد بن مسلم القرشي ،أبو العباس الدمشقي:
قال أَبو مسهرَ " :كا َن الْولِيد بن مسلم حيدث ِِبَح ِاديث ْاألَوم ِ
اع ّي َعن الْ َك هذابني مثه يدلسها َعْن ُهم"(.)4َْ َ ُ َ ُ ْ
وقال اهليثم بن خارجة :قلت للوليد :قد أفسدت حديث األوماعي ،قال كيفق قلت :تروي عن األوماعي عن انفع،
وعن األوماعي عن الزهري وحيىي بن سعيد ،وغريك يدخل بني األوماعي وبني انفع عبد هللا بن عامر ،وبينه وبني الزهري
إبراهيم بن مرة وقره وغريَها ،فما حيملك على هذاق قال :أنبل األوماعي عن هؤَلء ،قلت :فإذا روى األوماعي عن هؤَلء
اعي ،قال فلم وهؤَلء وهم ضعفاء أحاديث مناكري فأسقطتهم أنت وصريهتا من رواية األوماعي عن الثقات ِ
ف األوم ُّض ّع َ
ُ
يلتفت إىل قويل .وقال الدارقطين :كان الوليد يرسل ،يروي عن األوماعي أحاديث عند األوماعي عن شيوخ ضعفاء عن
شيوخ قد أدركهم األوماعي ،فيسقط أمساء الضعفاء وجيعلها عن األوماعي عن انفع وعن عطاء(.)5
وقال احلافظ يف التقريب" :ثقة لكنه كثري التدليس والتسوية"
()6
الطبقة الثالثة :قوم اشتهروا ابلتدليس ،ولكنهم ثقات ،فهم مشهورون ابلتدليس ،أي :أن األصل فيهم التدليس ،ولكنهم
ثقات ،فهؤَلء قبلهم البعض مطلقا ،وقبل البعض ما صرحوا فيه ابلسماع ،وأما إذا روى بصيغة حتتمل السماع رد حديثه
يبني السماع ؛ كاحلسن البصري ،وقتادة بن دعامة السدوسي ،وأيب إسحاق السبيعي ،وأيب الزبري املكي ،وأيب سفيان
حَ ّ
طلحة بن انفع ،وعبد امللك بن عمري.
الطبقة الرابعة :من اتفقوا على أنه َل حيتج بشيء من حديثهم إَلّ مبا صرحوا فيه ابلسماع؛ لغلبه تدليسهم وكثرته عن
الضعفاء واجملاهيل ...وذلك كمحمد بن إسحاق بن يسار ،وبقية بن الوليد ،وحجاج بن أرطاة ،وجابر اْلعفي ،والوليد
بن مسلم ،وسويد بن سعيد ،وأضراهبم .فهؤَلء الذين حيكم على ما رووه بلفظ (عن) ِبكم املرسل.
الطبقة اخلامسة :من قد ضعف ِبمر آخر غري التدليسَ ،فرُّد حديثهم ابلتدليس َل وجه له؛ إذ لو صرح ابلتحديث ِل
(.)2
يب ،وأيب سعيد البقال ،وحنوَها ,فليعلم هذا فإنه انفع يف معرفة هؤَلء يكن حمتجا به ..كأيب جنَ ٍّ
اب الْ َك ْلِ ُّ ُ
اخلالصة :خنلص من ذلك إىل أن املدلسني من الطبقة األوىل ،والثانية يقبل حديثهم ،سواء صرحوا ابلسماع أو ِل
صرحوا فيه ابلسماع ،أو توبعوا عليه ،قُبِ َل ،وما ِل
يصرحوا ،وأما أصحاب الطبقة الثالثة ،والرابعة فيُنظر يف حديثهم ،فما ّ
يصرحوا فيه ابلسماع ،وِل يتابعوا عليهُ ،رهد .وأما أصحاب الطبقة اخلامسة فأحاديثهم مردودة ابلتدليس ،وبغريه من العلل.
طرق معرفة التدليس :يعرف التدليس بعدة طرق؛ منها:
[ ]1إخبار املدلس نفسه:
يس فَ َف ِط َن ِ ِ َصح ِ ومثاله ما أخرجه احلاكم النيسابوري ،أَ هن َمج ِ
ْ
اجتَ َم ُعوا يَ ْوًما َعلَى أَ ْن ََل َأي ُخ ُذوا مْنهُ الت ْهدل َ اب ُه َشْي ٍّم ْ اعةً م ْن أ ْ َ ََ
ت لَ ُك ُم الْيَ ْوَمال َهلُْمَ :ه ْل َدله ْس ُ
غ قَ َنيَ ،وُمغِ َريةَُ ،ع ْن إِبْ َر ِاه َيم ،فَلَ هما فَ َر َصْ ٌ
ِ ٍّ
ول ِيف ُك ِّل َحديث يَ ْذ ُك ُرهَُ :حدهثَنَا ُح َ ك ،فَ َكا َن يَ ُق ُ ِِ
ل َذل َ
ني َوُمغِ َريةُ َغْي ُر َم ْس ُم ٍّ ِ ِ ِ
الَِ :لْ أ َْمسَ ْع م ْن ُمغ َريَة َح ْرفًا ممها ذَ َك ْرتُهُ ،إِهَّنَا قُ ْل ُ
ِ ()3
وع يل" صْ ٌ تَ :ح هدثَِّن ُح َ فَ َقالُواََ :ل ،فَ َق َ
[ ]2أن يكون املدلس معروفا بعدم السماع من شيخه يف إسناد احلديث:
س ،عن مالِ ِ ِ وسىَ ،حدهثَنَا ُحمَ هم ُد بْ ُن بَك ٍّ
ك َخبَ َرَان ابْ ُن ُجَريْ ٍّجَ ،ع ْن ع ْمَرا َن بْ ِن أَِيب أَنَ ٍّ ْ َ
ْر ،أ ْ مثاله :قال الرتمذيَ :حدهثَنَا َْحي َىي بْ ُن ُم َ
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم يَ ُق ُ
ولِ« :يف ِْ ِ ول هِ ِ ب ِن أَو ِس ب ِن ْ ِ
ص َدقَتُ َهاَ ،وِيف اْلبُ ِّر َ
ص َدقَتُهُ». اْلب ِل َ اَّلل َ ت َر ُس َاحلَ َد َاثنَ ،ع ْن أَِيب َذ ٍّّرَ ،مس ْع ُ ْ ْ ْ
ت َع ْن ِع ْمَرا َن بْ ِن أَِيب أَنَ ٍّ س ،ي ُق ُ ِ ِ ِ سأَلْت ُحم هم ًدا عن ه َذا ْ ِ ِ
س ولُ :ح ّدثْ ُ احلَديث فَ َق َال :ابْ ُن ُجَريْ ٍّج َِلْ يَ ْس َم ْع م ْن ع ْمَرا َن بْ ِن أَِيب أَنَ ٍّ َ
()4
َ ُ َ َْ َ
[ ]3أن يروى احلديث من طريق آخر صحيحا بواسطة بني الراوي املدلس وشيخه:
الَ :حدهثَنَا َسعِي ٌد ُه َو ابْ ُن أَِيب الَ :حدهثَنَا َعْب ُد هللاِ بْ ُن بَك ٍّ
ْر ،قَ َ يل بْ ِن إِبْ َر ِاه َيم ،قَ َ ِ ِ
مثاله :قال النسائي :أ ْ
َخبَ َرَان ُحمَ هم ُد بْ ُن إ ْمسَاع َ
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم ِيف ابْنَ ِة محََْزَةهيب َ اس ،أَ هن َعلِيًّا ،قَ َ ِ ِ بَ ،ع ِن ابْ ِن َعبه ٍّ عروبةَ ،عن علِ ِي ب ِن مي ٍّد ،عن سعِ ِ
يد بْ ِن الْمسيِّ ِ
ال للن ِّ َُ َ ُ َ َ ْ َ ّ ْ َْ َ ْ َ
اع ِة– رقم(.)5416 ضَ ( )1أخرجه النسائي يف السنن الكربى :كتاب النكاح– ابب َما َْحي ُرُم ِابلهر َ
اع ِة– رقم(.)5417 ضَ ( )2أخرجه النسائي يف السنن الكربى :كتاب النكاح– ابب َما َْحي ُرُم ِابلهر َ
يم ْن يَ ْقَرأُ ال ُق ْرآ َن عِْن َد املنَ ِام– رقم(.)3404 ( )3أخرجه الرتمذي يف سننه :أبواب الدعوات– ابب ما جاء فِ
َ َ َ ََ
ِ ف النهاقِلِ ِ
( )4أخرجه النسائي يف السنن الكربى :كتاب عشرة النساء– ابب الْعزُل وِذ ْكر اختِ َال ِ
ني للْ َخ َِرب ِيف ذَل َ
ك– رقم(.)9044 َ َْ َ ُ ْ
ني– رقم(.)908 هه ِي َع ِن الته لْ ِق ِ
( )5أخرجه أبو داود :كتاب الصالة– ابب الن ْ
87
لي؛ فَلم يسمع أَبُو إِ ْس َحاق من ا ْحلَا ِرث إِهَل ِ وقال أبو داود يف رسالته ألهل مكةَ " :وأما أَبُو ْ
أس َحاق َعن ا ْحلَارث َعن َع ّ
أَرب عة أَح ِاديث لَيس فِيها مسند و ِ
احد"(.)1 ْ َ َ ُْ َ َْ َ َ
(.)2
( )2قال شعبة :يسمع أبو إسحاق من احلارث األعور إَل أربعة أحاديث
( )3قال أمحد وغريهِ :ل يسمع احلكم (ابن عتيبة) حديث مقسم إَل َخسة أحاديث ،وعدها حيىي القطان :حديث الوتر
والقنوت ،وعزمة الطالق ،وجزاء الصيد ،والرجل أييت امرأته وهي حائض"(.)3
اَّلل علَي ِه وسلهم عب َد هِ ( )4أخرج الرتمذي حديث احلَ َك ِمَ ،ع ْن ِم ْق َس ٍّمَ ،ع ْن ابْ ِن َعبه ٍّ
احةَاَّلل بْ َن َرَو َ صلهى هُ َ ْ َ َ َ َْ هيب َث النِ ُّ ال :بَ َع َ اس ،قَ َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم مثُه أ ْ ول هِ ف فَأُصلِّي مع رس ِ ِ ِ ٍّ
َحلَُق ُه ْم، صلهى هاَّلل َ ال :أ ََختَله ُ َ َ َ َ ُ َص َحابُهُ ،فَ َق َ ك يَ ْوَم اْلُ ُم َعة ،فَغَ َدا أ ْ ِيف َس ِريهة ،فَ َوافَ َق َذل َ
ُصلِّ َي
ت أَ ْن أ َ ال :أ ََرْد ُ كق» ،فَ َق َ َص َحابِ َ
ك أَ ْن تَ ْغ ُد َو َم َع أ ْ ال لَهَُ « :ما َمنَ َع َ اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم َرآهُ ،فَ َق َ
صلهى ه هيب َ ِ
صلى َم َع الن ِّ
فَ لَ هما َ ه
ض َل َغ ْد َوهتِِ ْم»(.)4ت فَ ْ ض َما أ َْد َرْك َ ت َما ِيف األ َْر ِ ال« :لَ ْو أَنْ َف ْق َ َحلََق ُه ْم ،فَ َق َ
ك مثُه أ َْم َع َ
ال َحيىي بن سعِ ٍّ ِِ يث ََل نَع ِرفُه إِهَل ِمن ه َذا الوج ِه» ،قَ َ ِ ِ
ال ُش ْعبَةَُِ « :لْ يد :قَ َ يّن :قَ َ ْ َ ْ ُ َ ال َعل ُّي بْ ُن املَد ِّ ْ َ َْ م قال الرتمذيَ « :ه َذا َحد ٌ ْ ُ
ِ يسم ِع احل َكم ِمن ِم ْقس ٍّم إِهَل َخَْسةَ أَح ِاديث» ،وعدهها شعبةُ ،ولَيس ه َذا احل ِد ِ
يث َِلْ يث ف َيما َع هد ُش ْعبَةُ َوَكأَ هن َه َذا احلَد َ َ َ َ َ َ َ ُ َْ َ ْ َ َ َ ُ ََْ َ ُ ْ َ
يَ ْس َم ْعهُ احلَ َك ُم ِم ْن ِم ْق َس ٍّم.
[ ]6ابلرجوع إىل كتب الرجال والتواريخ:
مبطالعة تراجم الرواة وخصوصا املوصوفني ابلتدليس أو اْلرسال ميكن الوقوف على مساعات هؤَلء من شيوخهم،
والتنصيص على من مسعوا منه ومن ِل يسمعوا منه ،بل والتنصيص على عدد األحاديث أحياان ،وذكرها أحياان أخرى.
[ ]7ابلتخريج وَجع طرق احلديث:
فبجمع طرق احلديث ميكن معرفة علله ،ومنها التدليس ،حيث قد يتبني ابلتخريج الواسطة بني املدلس وشيخه الذي
دلسه عنه ،مع مراعاة التنبه والتفطن ،إذ رمبا يكون هذا احلديث من املزيد من متصل األسانيدِ ،بن يكون مسعه الراوي
مرتني ،مرة عن شيخه مباشرة ،ومرة بواسطة.
(" )1رسالة أيب داود إىل أهل مكة وغريهم يف وصف سننه"( ،ص ،)11 :دار العربية ،بريوت.
(" )2اْلرح والتعديل" َلبن أيب حامت.)132/1( ،
(" )3هتذيب التهذيب"(.)434/2
( )4أخرجه الرتمذي :أبواب اْلمعة– ابب ما جاء يف السفر يوم اْلمعة– رقم(.)527
88
س ـ ـ ـ ـادس ـ ـ ـ ـ ـا :احلديث املرس ـ ـ ـل اخلـ ـ ـ ـ ـفي
تعريفـ ـ ـ ـه:
املرسل لغة :اسم مفعول من الفعل أرسل مبعىن أطلق ،واْلرسال ،مبعىن اْلطالق( ،)1كأن املرِسل أطلق اْلسناد وِل يقيده. َ
هصل إسنَاده بِ ِ ِ
صاحبِهَ ،وأ َْر َس ْل ُ
ت الْ َك َال َم ْإر َس ًاَل: ِ ت الطهائَِر ِم ْن يَ ِدي إ َذا أَطْلَ ْقتُهَُ ،و َح ِد ٌ
يث ُم ْر َس ٌلَِ :لْ يَت ْ ْ ُ ُ َ قال الفيوميَ " :وأ َْر َس ْل ُ
أَطْلَ ْقته ِمن َغ ِري تَ ْقيِ ٍّ
يد"(.)2 ُُ ْ ْ
واخلفي :هو غري الواضح الظاهر ،وهو ضد اْللي؛ ألن هذا النوع من اْلرسال غري ظاهر ،فال يعرف إَل ابلبحث(.)3
اهر ل َكونه ََل ْيدرك إِهَل بكشف َوِبث ،واتساع علم قال السخاوي" :فَأَما الْمرسل اخلفى :فَسمى بذلك احِرتاما عن الظه ِ
ْ ًَ َ ُْ
احلَافِظ اْلهبذ"(.)4 من ْ
املرسل اخلفي اصطالحا :أن يروي الراوي عمن عاصره ،ما ِل يسمع منه ،بلفظ حيتمل السماع وغريه ،ك "قال".
ص َد َر ِم ْن ِ
ٍّ
معاصر َِلْ يَ ْل َق َم ْن حدهث عنهُ ،بل بينَه وبينه واسطةٌ"(.)5 املرس ُل اخلَف ُّي ،إِذا َ
قال احلافظ ابن حجرَ " :
فاحلسن البصري مثال ،عاصر أاب هريرة رضي هللا عنه ،لكن ِل يلتقه ،فعندما ذهب أبو هريرة إىل البصرة كان احلسن
البصري يف املدينة ،فلما رجع احلسن إىل البصرة كان أبو هريرة قد خرج منها ،فلم يلتقيا.
فما رواه احلسن البصري عن أيب هريرة بدون واسطة فهو من ابب املرسل اخلفي.
واملرسل اخلفي َل يدركه إَل نقاد احلديث وجهابذته ،فإن اْلسناد قد يكون ظاهره اَلتصال ،وهو منقطع ْلرساله إرساَل خفيا.
س بْ ُن ُعبَ ْي ٍّدَ ،ع ْن يَ ،حدهثَنَا ُه َشْي ٌم ،أَ ْخبَ َرَان يُونُ ُ اَّللِ ا ْهلََرِو ُّ
مثاله :ما رواه الرتمذي يف العلل الكبريَ :حدهثَنَا إِبْ َر ِاه ُيم بْ ُن َعْب ِد ه
اَّللِ صلهى هللا علَي ِه وسلهم" :مطْل الْغ ِِّن ظُْلم ،وإِ َذا أ ُِح ْلت علَى ملِ ٍّ
يء فَاتْ بَ ْعهَُ ،وََل تَبِ ْع َانفِ ٍّعَ ،ع ِن ابْ ِن ُع َمَر ،قَ َ
َ َ َ ول ه َ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ّ ٌ َ ال َر ُس ُ ال :قَ َ
ٍّ"(.)6 بَْي َعتَ ْ ِ
ني ِيف بَْي َعة
فهذا اْلسناد ظاهره اَلتصال ،يونس بن عبيد أدرك انفعا وعاصره ،إَل أنه ِل يسمع منه.
س بْ َن ُعبَ ْي ٍّد َِمس َع ِم َن َانفِ ٍّع. الَ :ما أ ََرى يُونُ َ يث فَ َق َاحل ِد ِ
ت ُحمَ هم ًدا َع ْن َه َذا َْ قال الرتمذيَ :سأَلْ ُ
س بْ ُن ُعبَ ْي ٍّدَ ,ع ِن ابْ ِن َانفِ ٍّعَ ,ع ْن أَبِ ِيه َح ِديثًا. َوَرَوى يُونُ ُ
وهو رأي حيىي بن معني ،وأمحد بن حنبل ،وأيب حامت الرامي أيضا .فهو من املرسل اخلفي.
عرف اإلرسال اخلفي؟مب يُ َ
عرف اْلرسال اخلفي بعدة أمور ،منها: يُ َ
يلق من حدهث عنه ،أو ِل يسمع منه مطلقا.
( )1نص بعض األئمة على أن هذا الراوي ِل َ
(" )1خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر"(( ،)732/4مطبوع ملحقا بكتاب سبل السالم).
91
( )2سوء احلفظ :وهو أن يكون غلطه ليس أقل من إصابته.
وإذا توبع سيء احلفظ مبعترب ،وكذا املستور ،واملرسل ،واملدلس ،صار حديثهم حسنا َل لغريه ،أي مبجموع طرقه.
( )3الغفلة:
واملُغََّف ُل :هو غري اليقظ ،والذي َل مييز بني ما جتوم روايته ،وما َل جتوم روايته ،وَل مييز بني ما هو من حديثه وما ليس
من حديثه ،وهؤَلء املغفلون يغلب على حديثهم الغلط ،واخلطأ.
( )4كثرة األوهام:
والوهم :هو اخلطأ الذي يعرتي احملدث ،فيجانب وجه الصواب يف الرواية ظناً منه أنه صواب ،أو هو خلل يف ضبط
الراوي لألخبار.
( )5خمالفة الثقات :وقد سبق الكالم عن ذلك.
وسنذكر أنواع احلديث املردود بكل بسبب من هذه األسباب على التوايل ،مبتدئني ابلسبب األشد طعنا وهو الكذب.
أوال :الـ ـ ـحـ ـديـ ـ ـ ـ ـ ـث امل ـ ـ ـ ـ ـ ـوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوع
[ ] 1تعريف املوضوع لغة واصطالحا:
الرْف عةِ
خالف ِّ َ
ُ ض َعةُ ،ابل َفْت ِح وال َك ْس ِر:
املوضوع لغة :هو اسم مفعول ،من "وضع الشيء" ،أي "حطه وجعله وضيعا"؛ وال ه
ِيف ال َق ْد ِر ،وإَّنا مسي بذلك َلحنطاط رتبته(.)1
احل ِديث ْاف ت راه وَك هذبه فَ ْ ِ
ضوعٌ"(.)2
يث َم ْو ُ
احلَد ُ وقال الفيوميَ " :وَو َ
ض َع الهر ُج ُل َْ َ َ َ ُ َ َ ُ
املوضوع اصطالحا :التعريف اَلصطالحي َل َيرج عما قاله الفيومي.
فهو الكذب ،املختلق ،املصنوع ،املنسوب إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
قال ابن الصالحَ " :وُه َو اْل ُم ْختَ لَ ُق اْل َم ْ
صنُوعُ"(.)3
[ ] 2رتبة احلديث املوضوع:
هو شر األنواع ،وأقبحها ،وهو نوع مستقل ،وليس نوعا من أنواع األحاديث الضعيفة.
[ ] 3حكم رواية احلديث املوضوع:
َل جتوم روايته مطلقا إَل مع بيان حاله؛ َل يف الرتغيب ،وَل يف الرتهيب ،وَل يف األحكام.
ِ ِ ()4 أي معىن َكا َن إَله م ْقروانً ببي ِ قال ابن الصالح" :وَلَ َِحت ُّل ِرواي ته ٍّ ِ
ضع ه "
ان َو َُْ َ ألحد َعل َم َحالَهُ يف ِّ ً
َ َُ ُ َ
وقال القامسي" :اتفقوا على أنه حترم روايته مع العلم بوضعه ،سواء كان يف األحكام ،أو القصص والرتغيب ،وحنوها ،إَل
مبينا وضعه"(.)5
ِ ِ ِ وب ِ ِ
الرَوايَة َع ِن الثَّقاتَ ،وتَ ْرك الْ َك هذابِ َ
ني .)8/1( - ّ
( )1مقدمة صحيح مسلم :ابب وج ِ
َ ُ ُُ
(" )2تذكرة املوضوعات" لل َفت ِهّن( ،ص" ،)206 :فتح املغيث" للسخاوي.)326/1( ،
(")3منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة القدرية"(َ)60/1لبن تيمية -ط :جامعة اْلمام حممد بن سعود اْلسالمية.
(")4منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة القدرية"(.)60/1
( ")5لسان امليزان" (.)204/1
(")6منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة القدرية"(.)61/1
93
يع ْوا" ِ
لَهُ َوأَط ُ امسَ ُعوا
فَ ْ
(.)1
(" )1األسرار املرفوعة يف األخبار املوضوعة املعروف ابملوضوعات الكربى" املال اهلروي القاري ،احملقق :حممد الصباغ ،مؤسسة الرسالة ،بريوت.
(" )2الآلىلء املصنوعة يف األحاديث املوضوعة"( )325/1جالل الدين السيوطي ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
(" )3تنزيه الشريعة املرفوعة عن األخبار الشنيعة املوضوعة"(َ )397/1لبن عراق الكناين.
(" )4الفوائد اجملموعة يف األحاديث املوضوعة"( )348/1للشوكاين.
(" )5املوضوعات َلبن اْلومي" ()26/2
(" )6املغّن يف الضعفاء" للذهيب ( – )605/2رقم(.)5738
94
قال الذهيب :موضوع.
ِ
ني فوضعوا أحاديث مثل :ما رواه ابن عدي ،قالَ :حدهثَنَا ا ْحلَ َسن بْن ُعثْ َمان صبُو َن ملعاوية َواأل َُم ِويِّ َ وكذلك قابلهم املُتَ َع ّ
اعيل ابْن َعيهاش َعن َْحي َىي بْن ُعبَ ْيد هللا َعن أَبِ ِيه التس ِرتي ح هدثَنَا ُحم همد بن سهل بن عس َكر حدهثَنَا ي ِزيد بن عبد ربه عن إِ ْمس ِ
َ َ ْ َْ ْ َْ َ َ ْ َ
وعا":األ َُمنَاء ثََالثَة أ ََان َوِج ِْربيل َوُم َعا ِويَة".
ْ َعن أيب ُهَريْ َرةَ َم ْرفُ
(.)1
يسرق َح ِديث النهاس يضع احلَديث َو ْ
ِ
احلَ َسن بْن ُعثْ َمان َك هذاب ُ ال ابْن عديَ :ه َذا كذب ْ قَ َ
ال ِم َن الْغَ ِد ِمثْ َل
اْلَن ِهة فَ َد َخ َل ُم َعا ِويَةُ مثُه قَ َ
اب َر ُج ٌل ِم ْن أ َْه ِل ْ ول هللا ي ْد ُخل َعلَْي ُكم ِمن َه َذا الْب ِ
َ ْ ْ ال َر ُس ُ َ ُ وما رواه ابْ ِن ُع َمَر :قَ َ
ت ال أَنْ َ :ه َذا ُه َو ،مثُه قَ َ
ال َ اَّللِ َه َذا ُه َو قَ َول ه ال َر ُج ٌل ََي َر ُس َ ك،فَ َد َخ َل ُم َعا ِويَةُ فَ َق َ ِِ ِ
ال م َن الْغَد مثْ َل َذل َ
ذَلِك فَ َدخل معا ِويةُ مثُه قَ َ ِ
َ َ َ َُ َ
ني ال هسبهابَِة َوالْ ُو ْسطَى اْلَن ِهة َك َهاتَ ْ ِ ِ
ك ولْتُ َزامحِّْن َعلَى اب ِ ِ ِ
ب ْ م ِّّن ََي ُم َعا ِويَةُ َوأ ََان مْن َ َ
(.)2
َ
اس ِ ِ
"العبه ُ هيب قولهَ : وكذلك فعل املؤيدون للعباسيني فوضعوا إماء حديث وصاية َعل ٍّّي املكذوب وصاية العباس ونسبوا إىل الن ِّ
ِِ (.)3
َو ِصيِّي َوَوارثي"
س اس إِذَا َكا َن َسنَةُ َخَْ ٍّ "َي َعبه ُ اسَ : ال لِلْ َعبه ِهيب قَ َولعل ما يبني مدى الكذب لدى هذه الفئة احلديث املكذوب التايل أَ هن النِ ه
ور َوِمْن ُه ُم الْ َم ْه ِد ُّ
ي" وثَالثِني وِمائٍَّة فَ ِهي لَك ولِولِ َدك ِمْن هم ال هسف ِ
صُ هاح َومْن ُه ُم الْ َمْن ُ
(.)4
ُ ُُ َ َ ََ َ ََ
يث؟ ْذبو َن ِيف احل ِد ِهل َكا َن اخلَوار ِ
َ ِج يَك ُ َ ُ َْ
أقل الفرق اْلسالمية كذابً هي فرقة اخلوارج الذين خرجوا على َعلِ ٍّّي بعد قبوله التحكيم ،ويرجع قلة كذهبم إىل أهم يرون
ُك ْفَر مرتكب الكبرية على ما هو املشهور عنهم ،أو مرتكيب الذنوب مطلقاً ،فما كانوا يستحلون الكذب وَل الفسق ،وقد
كانوا من التقوى على جانب عظيم.
ه ِ ِ (.)5 ِِ مجي ِع أ ِ
صيَ ِة الظاهَرة" ب وِمن ذي املع ِ
َْ
ِ
َصنَاف َها تَبَ هرأُ م َن ال َكاذ َ ْ ْ
يقول املربد" :واخلَوارِج ِيف َِ
َ َ ُ
ص هح َح ِديثًا ِم َن اخلََوارِِج" ِ
س ِيف أ َْه ِل األ َْه َواء أَ َ يقول أبو داود" :لَْي َ
(.)6
ِ ِ (.)8
احلَديث" ب ِيف َش ْي ٍّء أَ ْكثَ َر ِم َن ْ ِ
صال َح يَكْذ ُ
وروى اخلطيب يف الكفاية ،عن أيب عاصم النبيل قال":ما رأَيت ال ه ِ
َ َْ ُ
وهذا الصنف من الوضاعني أشد خطرا ،وأعظم ضررا ،حيث يقع حديثهم من العامة موقع القبول والتسليمَ ،ل يظنون هبم
"(.)3
ويف رواية أخرى عنه ،قال" :وضعت الهزَان ِدقَة على النِهيب أ َْربَ َعة عشر ألف َح ِديث
ِِ
وقال ابن عدي يف عبد الكرمي بن أيب العوجاء" :ملا أُخذ ابْ ُن أيب العوجاء َوأُيت به ُحمَ همد بن ُسلَْي َمان بن َع ّ
لي فَأمر
"(.)4
احلََالل َوأحل فِ َيها ْ
احلََرام الَ :وهللا لقد وضعت فِي ُكم أ َْربَ َعة َآَلف َح ِديث أحرم فِ َيها ْ بِ َ
ض ْرب ُعنُقه قَ َ
موقف العباسيني من الزاندقة:
ملا ملس بعض خلفاء بّن العباس ما وراء حركة الزاندقة من خطر على كيان اْلسالم ،تعقبوهم قتالً وتشتيتاً ،وأشهر من
اصاً للزندقة ،تتبع فيه أوكارهم ورؤساءهم من شعراء أعمل يف رقاهبم سيف التأديب اخلليفة املهدي الذي أنشأ ديواانً َخ ًّ
ني :عبد الكرمي بن أيب العوجاء ،قتله حممد بن سليمان بن علي أمري ِ
الوضهاع َ
وأدابء وعلماء ومن أشهر هؤَلء الزاندقة َ
(.)5
البصرة ،وبيان بن مسعان املهدي قتله خالد بن عبد هللا القسري ،وحممد بن سعيد املصلوب قتله أبو جعفر املنصور
ولقد بني جهابذة احلديث أمر هذه األحاديث ،وهلل احلمد واملنة.
( )5التزلف إىل احلكام:
أي تقرب بعض ضعفاء اْلميان إىل بعض احلكام بوضع أحاديث متدحهم ،أو تذم خصومهم السياسيني ،أو تناسب ما
هم عليه من اَلحنراف ،مثل قصة غياث بن إبراهيم النخعي الكويف مع أمري املؤمنني املهدي ،حني دخل عليه وهو يلعب
(.)6
ف أ َْو َحافِ ٍّر ،أ َْو َجنَ ٍّ
اح" ص ٍّل ،أ َْو ُخ ٍّّ
ابحلمام ،فساق بسنده على الت ِّو إىل النيب صلى هللا عليه وسلم أنه قالَ" :لَ َسبَ َق إَِله ِيف نَ ْ
واحلديث بغري هذه الزَيدة أخرجه الرتمذي والنسائي بسند صحيح ،عن أيب هريرة رضي هللا عنه ،عن النيب صلى هللا عليه
ِ ٍّ "(.)7
ص ٍّل ،أ َْو ُخ ٍّّ
ف ،أ َْو َحافر وسلم قالََ":ل َسبَ َق إِهَل ِيف نَ ْ
(")1سنن الدارقطين" :كتاب الطهارة – ابب مت روي يف املضمضة واَلستنشاق– رقم (.)409
( )2راجع ":املوضوعات َلبن اْلومي"(" ،)96/1مقدمة ابن الصالح"(ص "،)205 :الكامل يف ضعفاء الرجال" َلبن عدي.)83/1( ،
(")3املدخل إىل كتاب اْلكليل" للحاكم النيسابوري( ،ص ،)54:دار الدعوة ،اَلسكندرية.
(")4تدريب الراوي"(.)335/1
99
(.)1
فقال :هذا هشام بن عمار آخر
وقال اخلطيب البغدادي :وان حممد بن يوسف ،أان حممد بن عبد هللا أبو عبد هللا ،قال :مسعت أاب علي احلافظ ،يقول:
"ملا حدث عبد هللا بن إسحاق الْ ِك ْرَم ِاينُّ عن حممد بن أيب يعقوب ،أتيته فسألته عن مولده ،فذكر أنه ولد سنة إحدى
وَخسني ومائتني ،فقلت له :مات حممد بن أيب يعقوب قبل أن تولد بتسع سنني ،فأعلمه ،قال أبو عبد هللا :وملا قدم
علينا أبو جعفر حممد بن حامت الْ ِك ِّس ُّي ،وحدث عن عبد بن ُمحَْي ٍّد ،سألته عن مولده فذكر أنه ولد سنة ستني ومائتني،
(.)2
ث َع ْشَرةَ سنة" فقلت ألصحابنا :مسع هذا الشيخ من عبد بن محيد بعد موته بثال َ
وقال اإلمام مسلم :وحدثّن عبد هللا بن عبد الرمحن الدارمي ،قال :مسعت أاب نعيم ،وذكر الْ ُم َعلهى بْ َن ُع ْرفَا َن ،فقال :قال:
ِ (.)3
حدثنا أبو وائل ،قال :خرج علينا ابن مسعود بصفني فقال أبو نعيم":أَتَُراهُ بُعِ َ
ث بَ ْع َد الْ َم ْوتق"
يف َسنَةَ اثنتني أو ثالثة وثالثني قبل انقضاء خالفة عثمان بثالث سنوات. ِ
وذلك ألن ابن مسعود تُ ُو َّ
الرَواة وإقامتهم ورحالهتم وشيوخهم ووفاهتم. وَل شك أن الفيصل يف مثل هذه احلاَلت علم التاريخ ،اتريخ مواليد ُّ
هاد احلديث. ولذلك كان علم الطبقات علماً قائماً بذاته َل يستغّن عنه نُق ُ
قال ابن الصالح يف مقدمتهُ :رِّوينَا عن سفيان الثوري أنه قال ":ملا استعمل الرواة الكذب استعملنا هلم التاريخ" ،أو كما
اح ُسبُوا سنه وسن من كتب عنه. قال .وُرِّوينَا عن حفص بن غياث أنه قال":إذا اهتمتم الشيخ ،فحاسبوه ابلسنني" ،يعّن ْ
وهذا كنحو ما ُرِّوينَا عن إمساعيل بن عياش قال":كنت ابلعراق ،فأاتين أهل احلديث ،فقالوا :هاهنا رجل حيدث عن
خالد بن معدان ،فأتيته ،فقلت :أي سنة كتبت عن خالد بن معدانق
فقال :سنة ثالث عشرة -يعّن ومائة ،-فقلت :أنت تزعم أنك مسعت من خالد بن َم ْع َدا َن بعد موته بسبع سننيق
(.)4
قال إمساعيل :مات خالد سنة ست ومائة "
مرجئ حديثا يف اْلرجاء ،مثل ما ( )3أو قرينة يف الراوي :مثل أن يروي رافضي حديثا يف فضائل آل البيت ،أو يروي ٌ
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم ول هِ اَّلل مع رس ِ أخرجه احلاكم بسنده َع ْن َحبهةَ بْ ِن ُج َويْ ٍّن ،عن علي رضي هللا عنه ،قَ َ
اَّلل َ ت هَ َ َ َ ُالَ " :عبَ ْد ُ
َح ٌد ِم ْن َه ِذهِ ْاألُهمة
ِ "(.)5
ني قَ ْب َل أَ ْن يَ ْعبُ َدهُ أ َ
ِِ
َسْب َع سن َ
وقال الذهيب :وهذا ابطل.
هشيُّع واهيا ِيف احلديث"
(.)6
وقال ابن حبان يف حبة بن جوين" :كان غاليا ِيف الت َ
( )4أو قرينة يف املروي :مثل كون احلديث ركيك اللفظ ،أو خمالفا للحس ،أو خمالفا لصريح القرآنِ ،بيث َل يقبل
ب ِعْن َد ُك ْم ِيف
ال :وَكا َن ِعْن َد َان ِمثْل وْه ٍّ ِ ِ التأويل ،مثل ما رواه عبد الرماقَ ،ع ِن ابْ ِن الت ْهي ِم ِّي ،قَ َ
َُ الَ :حدهثَنَا َخال ٌد الهربَع ُّي ،قَ َ َ
(")1لسان امليزان"(َ )7/5لبن حجر العسقالين ،مؤسسة األعلمي للمطبوعات بريوت ،لبنان.
(")2اْلامع ألخالق الراوي وآداب السامع" ( )132/1للخطيب البغدادي ،مكتبة املعارف ،الرَيض.
ِ ِ ِ وب ِ ِ
ني )26/1( - الرَوايَة َع ِن الثَّقاتَ ،وتَ ْرك الْ َك هذابِ َ
ّ
(" )3مقدمة صحيح مسلم" :ابب وج ِ
َ ُ ُُ
(" )4معرفة أنواع علوم احلديث"(َ )380/1لبن الصالح ،دار الفر ،سورَي.
( )5أخرجه احلاكم يف املستدرك :كتاب معرفة الصحابة– ابب ذكر إسالم أمري املؤمنني علي رضي هللا عنه– رقم (.)4585
(")6اجملروحني من احملدثني والضعفاء واملرتوكني"(َ )267/1لبن حبان -احملقق :حممود إبراهيم مايد ،دار الوعي ،حلب ،الطبعة األوىل.
100
اَّللُ َع ْن َه ِذهِ ْاألُهمةِ ،فَ َج َعلَ َها إِ َىلهف ه ٍّ
اْلَنهةَ إِ َىل َسْب َعة ،فَ َخف َ الزَان ََل يَ ْد ُخ ُل ْ ب" :أَ هن َولَ َد ِّ ض الْ ُكتُ ِب إِنههُ قَ َرأَ ِيف بَ ْع ِ ض الْ ُكتُ ِ بَ ْع ِ
ٍّ (.)1 ِ
ُخَرى". آابء" فإنه خمالف لقوله تعاىلَ " :وَلَ تَ ِزُر َوا ِمَرةٌ ِوْمَر أ ْ َخَْ َسة َ
بل هذا احلديث املوضوع مأخوذ من التوراة ،فإنه من أحكامها.
السن َِّة املُتَـ َواتَِرةِ:
ومثل ذلك أن يكون خمالفاً لصريح ُ
ث بْ ُن بََر ٍّام َخبَ َرَان أَ ْش َع ُ
ال :أ ْ ي ،قَ َ الزََي ِد ُّ
الَ :حدهثَنَا أَبُو َع ْو ٍّن ُحمَ هم ُد بْ ُن َع ْو ٍّن ِّ وب ،قَ َ مثْ َل :ما أخرجه العقيلي عن ُحمَ همد بْن أَيُّ َ
ِ
ال" :إِذَا ُح ِّدثْتُ ْم َع ِّّن َح ِديثًا صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم قَ َ هيب َاَّلل بْ ِن َشق ٍّيقَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرةَ رضي هللا عنه ،أَ هن النِ ه
ِ عن قَتادةَ عن عب ِد هِ
َ ْ َ َ َ ْ َْ
ِ ِ (.)2
ث به" ِ
ُح ّد ْ ي وافِق ا ْحل هق فَخ ُذوا بِِه ،ح هدثْ ِِ
ت به أ َْو َِلْ أ ََ ُ َُ ُ َ ُ
ث ه َذا َغي ر ح ِد ٍّ هيب صلهى هللا علَي ِه وسلهم إِسن ِ ِ وقال العقيلي :ولَي ِ
يث ُمْن َك ٍّر. اد يَص ُّحَ ،ول ْألَ ْش َع َ َ ْ ُ َ س هلََذا الله ْف ِظ َع ِن النِ ِّ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ ٌ َْ َ
ب َعلَ هي ُمتَ َع ِّم ًدا فَ ْليَ تَ بَ هوأْ َم ْق َع َدهُ ِم ْن النهار"
ِ (.)3
فإنه خمالف للحديث املتواترَ " :م ْن َك َذ َ
السنَّةِ:
أو يكون خمالفاً للقواعد العامة املأخوذة من القرآن َو ُ
وب
ار أَبُو يَ ْع ُق َ اق بْن يَس ٍّ مثل :ما أخرجه ابن بكري البغدادي ،قال :حدهثَنَا ح ِام ُد بْن َمحه ِاد بْ ِن الْمبارِك الْ َعس َك ِر ُّ ِ
ي ،ثَنَا إ ْس َح ُ ُ َ ْ َُ َ ُ َ َ
انَ ،عن مكْح ٍّ هص ِييب ،حدهثَنَا ح هجاج بن الْ ِمْن ه ِال ،ح هدثَنَا َمحهاد بن سلَمةَ ،عن ب رِد ب ِن ِسنَ ٍّ ِ
وعا: ولَ ،ع ْن أَِيب أ َُم َامةََ ،م ْرفُ ً ْ َ ُ ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُْ ْ َ َ ُ ُْ َ الن ُّ َ
ِ (.)4 ِ ِ
ودهُ ِيف ْ
اْلَنهة" ود فَ َس هماهُ ُحمَ هم ًدا تَبَ ُّرًكا بِه َكا َن ُه َو َوَم ْولُ ُ " َم ْن ُول َد لَهُ َم ْولُ ٌ
ومثل :ما أخرجه قاضي املارستان بسنده ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنه ،قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم:
"يوقف عبدان بني يدي هللا عز وجل ،فيأمر هبما إىل اْلنة فيقوَلن ربنا مبا استأهلنا اْلنةق! وِل نعمل عمال جتامينا به
امسُهُ أمحد وَل ُحمَ هم ٌد" هار َم ْن ْ ِ
ت َعلَى نَ ْفسي أَن َل ْيدخل الن َ اْلنة!! فيقول هللا عز وجل هلما عبدي ادخال فإين آلَْي ُ
(.)5
السنهةُ من أن النجاة ابألعمال الصاحلة َل ابألمساء واأللقاب. فإن هذا خمالف للمعلوم املقطوع به من أحكام القرآن َو ُ
وضةَ ِيف الْيَ ْوِم َواللهْي لَ ِة اخلمس ال ه ِ
صلَ َوات الْ َم ْف ُر َ ضا َن َْ ْ َ
ٍّ ِ
صلهى ِيف آخ ِر ُمجَُعة م ْن َرَم َ
ِ
"م ْن َ أو أن يكون خمالفاً لإلَجاع :مثلَ :
صالةِ َسنَ ٍّة". ِِ ِ
ت َعْنهُ َما أَ َخ هل به م ْن َ ضْ قَ َ
وعةَ ض َ يث الْ َم ْو ُ َحاد َ
ب الهِيت َمجع مصنِّ ُفوها فِيها األ ِ ال فِ ِيه وَِلْ أ َِج ْدهُ ِيف َشي ٍّء ِمن الْ ُكتُ ِ ِ قال الشوكاينَ :ه َذا َم ْو ُ
ََ ُ َ َ َ َ ْ َ ضوعٌ َل إ ْش َك َ َ
ِ ِ ِ ِ ِِِ ِ ولَ ِكنهه ا ْشت هر ِعْن َد َمج ٍّ ِ
ض َعهُ ك َوَل أ َْد ِري َم ْن َو َ ص َار َكثريٌ مْن ُه ْم يَ ْف َعلُو َن َذل َ ص ِرَان َه َذا َو َ صْن َعاءَ ِيف َع ْ اعة م َن الْ ُمتَ َف ّق َهة مبَدينَة َ ََ َ ُ َ ََ
ه ِ (.)6
ني
اَّللُ الْ َكذاب َ َهلُْم .فَ َقبه َح ه
فإن هذا خمالف ملا أمجع عليه من أن الفائتة َل يقوم مقامها شيء من العبادات.
(")1املصنف"( )455/7أبو بكر عبد الرماق بن َهام ،احملقق :حبيب الرمحن األعظمي -الناشر :اجمللس العلمي -اهلند -الطبعة الثانية.
(")2الضعفاء الكبري"( )32/1العقيلي ،احملقق :عبد املعطي أمني قلعجي ،دار املكتبة العلمية – بريوت -الطبعة:األوىل1404 ،ه 1984 -م
اىل َعلَْي ِه َو َسله َم – رقم(.)3
صلهى هللاُ تَ َع َ ِ ِ ِِ ( ")3مقدمة صحيح مسلم" :ابب ابب ِيف الت ِ ِ
هحذي ِر م َن الْ َكذب َعلَى َر ُسول هللا َ
ْ َ ُ
(")4فضائل التسمية ِبمحد وحممد"( )39/1أبو عبد هللا احلسني بن أمحد بن عبد هللا بن بكري البغدادي الصرييف ،الصحابة للرتاث ،طنطا.
(" )5أحاديث الشيوخ الثقات (املشيخة الكربى)( )1041/3حممد بن عبد الباقي بن حممد األنصاري الكعيب ،دار عاِل الفوائد للنشر والتوميع.
(")6الفوائد اجملموعة يف األحاديث املوضوعة"( )54/1للشوكاين -الناشر :دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.
101
أو أن يكون خمالفاً للقواعد العامة يف احلكم واألخالق:
(.)1
ط"ب" .قال السخاويَ " :كالمٌ َساقِ ٌ مثل" :جور التُّرِك وَلَ َع ْد َل العر ِ
ََ َ ُْ ْ َ
ٍّ (.)2
أو كان خمالفاً لقواعد الطب املتفق عليها :مثل" :البَ ِاذ ْجنَا ُن ِش َفاءٌ ِم ْن ُك ِّل َداء"
( )5أو من حال الراوي وبواعثه النفسية:
ِ ِ
ال حدثنَا يسى قَ َ قال:حدثّن أَبُو بكر أمحد بْ ُن الْ ُم َؤهم ِل بْ ِن ا ْحلَ َس ِن بْ ِن ع َ مثل ما أخرجه احلاكم يف"املدخل إىل اْلكليل"،
ال
ويف ،قَ َ هيب الْ ُك ِ ُّ
اق الضُِّّ ال حدثنَا ُعبَ ْي ُد بْ ُن إِ ْس َح َ اْلُنَ ْي ِد ،قَ َ
اَّللِ بْ ِن ْ ال حدثنَا إِبْ َر ِاه ُيم بْ ُن َعْب ِد ه هعَرِاينُّ ،قَ َ ٍّ
ض ُل بْ ُن ُحمَ همد الش ْ الْ َف ْ
كق الَ :مالَ َ يف فَجاء ابْنُهُ ِمن الْ ُكت ِ
هاب فَ َق َ ت ِعْن َد س ْع ِد بْ ِن طَ ِر ٍّ ال ُكْن ُ هم ِيم ُّي قَ َحدثنَا سيف بن عمر الت ِ
َ ََ َ َْ ُ ْ ُ ُ َ َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم:
صلهى ه ول هِ حدثّن ِع ْك ِرَمةُ َع ِن ابْ ِن َعبه ٍّ ضَربَِّن الْ ُم َعلِّ ُم فَ َق َ
اَّلل َ ال َر ُس ُ ال :قَ َ اس ،قَ َ هه ُم الْيَ ْوَمِ ، ُخ ِزيَن ُ
ال َأل ْ ال َ قَ َ
معلِّ ُمو ِصْب يَانِ ُك ْم ِشَر ُارُك ْم أَقَلُّ ُه ْم َر ْمحَةً لِْليَتِي ِم َوأَ ْغلَظُ ُه ْم َعلَى الْ ِم ْسكني
ِ ِ (.)3
َ
يسةُ تَ ُش ُّد الظَ ْهَر" ،فإن واضعه حممد بن احلجاج النخعي ،كان يبيع اهلريسة. ِ
ومثل حديث "اهلَر َ
ت وح طَافَ ْ ( )6فساد املعىنِ :بن يكون احلديث خمالفاً لبدهيات العقول من غري أن ميكن َتويله مثل" :إِ هن َس ِفينَةَ نُ ٍّ
ت ِعْن َد امل َق ِام َرْك َعتَ ْني"
ِ (.)4
صله َْ ت َسْب ًعا َو ِابلب ي ِ
َْ
ِ ِ ِ َ
ضوعٌ ،فَ َال تَتَ َكله ِ ٍّ
ف اعلَ ْم أَنههُ َم ْو ُ
ول ،فَ ْ
ُص َ ض ْاأل ُول ،أ َْو يُنَاق ُ ف اْل ُع ُق َ واخلالصة ما قاله ابن اجلوزيَ " :وُك ُّل َحديث َرأَيْتَهُ َُيَال ُ
َيََ :ل تَ ْعتَِ ْرب ُرَواتَهَُ ،وََل تَْنظُْر ِيف َج ْرِح ِه ْم. ْاعتبَ َارهُ" .أ ْ
(.)5 ِ
صلَّى هللاُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم : ( )7خمالفته حلقائق التاريخ املعروفة يف عصر النَِّيب َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم َجالِ ًسا ِيف الْ َوْمِن َو َعلَْي ِه ِمْئ َزٌر
صلهى ه ول هِ
اَّلل َ ت َر ُس َ احلَ هم َام ،فَ َرأَيْ ُ
ت ْ ومن أمثلة ذلك حديث أنسَ " :د َخلْ ُ
احلَ هم ِام بِغَِْري ِمْئ َزر".
ول ْ ت َد ُخ َ س إِهَّنَا َحهرْم ُ ال ََي أَنَ ُ ت أَ ْن أُ َكلِّ َمهُ فَ َق َ فَ َه َم ْم ُ
ِ
ُّخول ََل يكون اعة َْجم ُهولُو َنَ ،وَما أمسج من َوضعه ،فَِإن الد ُ ضوع بالشك َوِيف ِرَوايَته مجَ َ "ه َذا َحديث َم ْو ُ قال ابن اجلوزيَ :
ط َوَل َكا َن ِعْندهم محام" اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلهم َمحاما قَ ُّصلهى ه ِيف الْوْمن ،وِل ْيدخل رسول هِ
اَّلل َ
(.)6
َ َُ َ َ
ات موجودة يف احلجام يف عصره صلى هللا عليه وسلم. فلم تكن احلَ هم َام ُ
( )8اشتمال احلديث على إفراط يف الثواب العظيم على الفعل الصغري ،واملبالغة ابلوعيد الشديد على األمر احلقري:
صله َى الض َ
ُّحى َك َذا َوَك َذا َرْك َعةً وقد أكثر القصاص من مثل هذا النوع ترقيقاً لقلوب الناس وإاثرة لتعجبهم ،مثلَ " :م ْن َ
ِ (.)7
ني نَبيًّا"ِ ِ
اب َسْبع َ
أ ُْعط َي ثَ َو َ
(" )1دَلئل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة" ( ،)45/1أبو بكر البيهقي ،دار الكتب العلمية .
(" )2اْلرح والتعديل َلبن أيب حامت" (.)40/1
(" )3الكفاية يف علم الرواية" للخطيب البغدادي (.)134/1
(" )4الكفاية يف علم الرواية" للخطيب البغدادي (.)44/1
(" )5املغّن يف الضعفاء" للذهيب (.)3/1
104
[ ] 8أشهر املصنفات يف احلديث املوضوع
( )1املوضوعات ،أليب سعيد حممد بن علي األصبهاين النقاش (ت 414 :هـ):
وهو ِمن أقدم ما أُفرد ابلتصنيف يف األحاديث املوضوعة ،وينقل منه الذهيب يف "ميزان اَلعتدال" ،واحلافظ ابن حجر يف
"لسان امليزان".
( )2تذكرة املوضوعات ،للحافظ حممد بن طاهر املقدسي ( ت 507 :هـ) :
وقد رتهب أحاديثه على حروف املعجم ،وهو كتاب خمتصر ابلنسبة إىل غريه.
( )3األابطيل واملناكري والصحاح واملشاهري" ،أليب عبد هللا احلسني بن إبراهيم اجلورقاين (ت 543 :هـ).
( )4كتاب املوضوعات البن اجلوزي (ت 597 :هـ):
كل َمن ألّف بعده فيها ،لكنه متساهل يف احلكم
وهو أشهر الكتب املصنّفة يف املوضوعات على اْلطالق ،وهو عمدة ّ
على احلديث ابلوضع ،لذا انتقده العلماء وتعقبوه.
صح شيء يف هذا الباب ،للموصلي (ت 622 :هـ): ( )5املغُ ِْين عن احلفظ والكتاب ،بقوهلم :مل يَ َّ
وهو ضياء الدين ،أبو حفص ،عمر بن بدر املوصلي ،وقد خلهص به كتاب اْلمام ابن اْلومي.
( )6موضوعات الصاغاين ،أليب الفضائل احلسن بن حممد العدوي الصاغاين (ت 650 :هـ).
( )7تلخيص املوضوعات ،للحافظ أيب عبد هللا حممد بن أمحد بن عثمان الذهيب (ت 748 :هـ).
( )8املنار املنيف يف الصحيح والضعيف ،البن قيم اْلومية (ت 751 :ه ):
وقد خلص فيه كتاب املوضوعات َلبن اْلومي تلخيصاً حسناً ،وق هعد قواعد وضوابط ملعرفة احلديث املوضوع دون النظر
يف سنده ،وهذا يفيد ذوي اَلختصاص يف احلديث ،ويعني على تكوين امللكة احلديثية اليت تساعد على التمييز بني أنواع
احلديث صحيحه ،وضعيفه ،وموضوعه.
( )9الآللئ املصنوعة يف األحاديث املوضوعة ،جلالل الدين السيوطي (ت 911 :ه):
وهو اختصار لكتاب ابن اْلومي ،وتعقيب عليه ،ومَيدات ِل يذكرها ابن اْلومي ،وألف كتابه الثاين الكبري " :ذيل
املوضوعات " ،وهو كتاب مفيد انفع.
( )10تنزيه الشريعة املرفوعة عن األحاديث الشنيعة املوضوعة ،البن عراق الكناين (ت963 :ه):
وهو كتاب حافل مهذب مفيد ،وقد رتبه مصنفه ترتيبا جيداً ،وقدم له مبقدمة واسعة جامعة اشتملت على فوائد نفيسة،
كما اشتملت على أمساء الوضاعني مرتبة على حروف املعجم ،فكانت كاملعجم هلم.
( )11املصنوع يف معرفة احلديث املوضوع ،لعلى القاري اهلروي (ت 1014 :هـ):
فألهف كت ابني يف املوضوعات ،كتاب كبري وامسه متييز املرفوع عن املوضوع ،وهو املوضوعات الكربى .وآخر صغري وامسه
املصنوع يف معرفة احلديث املوضوع.
( )12الفوائد اجملموعة يف األحاديث املوضوعة ،حملمد بن علي الشوكاين اليماين( ،ت 1255 :هـ) :
وقد ضمنه فوائد كثرية حسنة.
105
وإىل جانب هذه املصنفات صنف العلماء كتباً خاصةً يف تراجم الضعفاء واجملروحني ،وترمجوا فيها للوضاعني والكذابني،
ت عنهم ،ونبههوا عليها. ِ
وكشفوا حاهلم ،وذكروا يف ترامجهم َّناذج من األحاديث املوضوعة اليت نُقلَ ْ
ومن أمثلة هذه الكتب :كتاب الضعفاء للبخاري ،والضعفاء للنسائي ،والضعفاء الكبري ُ
للعقيلي ،والضعفاء واملرتوكني
َلبن حبان ،والضعفاء لألمدي ،والكامل يف الضعفاء َلبن عدي ،والضعفاء َلبن اْلومي.
املصنفات يف أمساء الوضاعني:
( )1الكشف احلثيث عمن رمي بوضح احلديث ،لسبط بن العجمي( ت841 :ه) .
( )2تذكرة الطالبني يف بيان املوض وع وأصناف الوضاعني ،وشرحه اْلليس األمني ،حملمد بن الشيخ علي آدم األثيويب
الولوي.
اثنـيـ ـ ـ ـ ـا :احلديث الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـروك
إذا كان سبب الطعن يف الراوي هو التهمة ابلكذب ،مسي حديثه ابملرتوك.
[ ] 1تعريفه:
املرتوك لغة :اسم مفعول من الرتك ،يقال :تركه يرتكه تركا وتركاان ،واملرتوك هو املرحتل عنه واملفارق رغبة عنه ،وتركت املنزل
تركا رحلت عنه ،وتركت الرجل فارقته ،مث استعري لإلسقاط يف املعاين فقيل ترك حقه إذا أسقطه وترك ركعة من الصالة ِل
(.)1
أيت هبا فإنه إسقاط ملا ثبت شرعا
املرتوك اصطالحا :هو ا حلديث الذي يرويه من يتهم ابلكذب وَل يعرف ذلك احلديث إَل من جهته ويكون خمالفا
للقواعد املعلومة ،وكذا من عرف ابلكذب يف كالمه وإن ِل يظهر منه وقوع ذلك يف احلديث النبوي ،إذ إنه َل يؤمن عليه
(.)2
من الكذب على النيب صلى هللا عليه وسلم
[ ] 2أسباب اهتام الراوي ابلكذب:
أسباب اهتام الراوي ابلكذب أحد أمرين؛ َها:
( )1أَل يروى ذلك احلديث إَل من جهته ،ويكون خمالفا للقواعد املعلومة.
( )2أن يعرف الراوي ابلكذب يف كالمه العادي ،لكن ِل يظهر منه الكذب يف احلديث النبوي.
[ ] 3عالمات احلديث املرتوك:
( )1أن يكون فيه راو متهم ،يعّنِ :ل يقطع ِبنه كذاب ،لكنه اهتم ولوحظ عليه أنه يكذب يف حديث الناس ،وِل ير عليه
الكذب يف حديث النيب صلى هللا عليه وسلم؛ فلذلك جتنبه العلماء.
( )2أن أييت ِبديث َيالف فيه القواعد الشرعية الكلية كالنصوص القطعية يف القرآن أو النصوص القطعية يف السنة.
( )3أن يكون الراوي الذي يروي هذا احلديث هو راو كثر خطؤه ،أو كثرت أوهامه ،وغفلته ،فكلما حدث ِبديث
خالف فيه أحاديث الثقات ،لذلك يرتك العلماء حديثه ،فهو مرتوك.
(")1املصباح املنري"(.)74/1
( )2راجع" :شرح خنبة الفكر"(.)28/7
106
[ ] 4من أمثلة املرتوك:
ضي هللا َعنهُ. ( )1أحاديث َعمرو بن مشر َعن جابر َعن ا ْحلا ِرث ْاألَ ْعور عموماَ ،عن َعلي ر ِ
َ َ َ َ ْ
َّارقُط ِْين َوغَريمهَا ِيف َع ْمرو :إِنهه َمْت ُروك احلَ ِديث. َّسائي َوالد َ
ال الن ِ
قَ َ َ
الَ :حدهثَنَا إِبْ َر ِاه ُيم بْ ُن
اهلِ ُّي ،قَ َ
يب الْب ِ
الَ :حدهثَنَا َد ُاوُد بْ ُن َشبِ ٍّ َ ُّوس بْ ُن ُحمَ هم ٍّد ،قَ َ ( )2قال ابن ماجهَ :حدهثَنَا َعْب ُد الْ ُقد ِ
اَّللِ
ول ه ات إِب ر ِاهيم ابن رس ِ احلَ َك ُم بْ ُن ُعتَ ْي بَةََ ،ع ْن ِم ْق َس ٍّمَ ،ع ِن ابْ ِن َعبه ٍّ
ال :لَ هما َم َ ْ َ ُ ْ ُ َ ُ اس ،رضي هللا عنهما ،قَ َ الَ :حدهثَنَا ْ ُعثْ َما َن ،قَ َ
اش لَ َكا َن ِص ِّدي ًقا نَبِيًّا، ال" :إِ هن لَه مر ِضعا ِيف ْ ِ
اْلَنهةَ ،ولَ ْو َع َ ُ ُْ ً صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َمَ ،وقَ َ ول هِ
اَّلل َ صلهى َر ُس ُ ِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َم َ َ
(.)1
اس ُِرت هق قِْب ِط ٌّي"
طَ ،وَما َْخ َوالُهُ الْ ِقْب ُ
تأْ اش لَ َعتَ َق ْ
َولَ ْو َع َ
يف إسناده :إبراهيم بن عثمان بن خواسيت أبو شيبة العبسي موَلهم الكويف قاضي واسط:
قال أمحد بن حنبل ،وحيىي بن معني ،وأبو داود" :ضعيف".
وقال الرتمذي" :منكر احلديث" ,وقال النسائي والدوَليب" :مرتوك احلديث".
(.)2
وقال أبو حامت" :ضعيف احلديث سكتوا عنه وتركوا حديثه" .وقال اْلومجاين :ساقط
(.)3
وقال احلافظ ابن حجر :مرتوك احلديث
وحدهثَنَا أَبُو ُعبَ ْي َد َة بْ ُن ال حدهثَنَا عب ُد الهرم ِ ( )3قال ابن ماجهَ :حدهثَنَا أ ْ
ال أَنْبَأ ََان ابْ ُن ُجَريْ ٍّج ،ح َ هاق ،قَ َ َْ ف ،قَ َ َ وس ََمحَ ُد بْ ُن يُ ُ
ٍّ ِ ِ ِ اج بْ ُن ُحمَ هم ٍّد ،قَ َ
وسى بْ ِن َخبَ َرِين إبْ َراه ُيم بْ ُن ُحمَ همد بْ ِن أَِيب َعطَاءَ ،ع ْن ُم َ ال ابْ ُن ُجَريْ ٍّج أ ْ
ال :قَ َ ال َحدهثَنَا َح هج ُ أَِيب ال هس َف ِر ،قَ َ
ِ ِ ِ ِ يضا َم َ ِ ِ ول هِ
يات َشه ًيداَ ،وُوق َي فْت نَةَ الْ َق ْربَ ،و ُغد َ ات َم ِر ًصلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َمَ " :م ْن َم َ اَّلل َ ال َر ُس ُ
ال :قَ َ َوْرَدا َنَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة ،قَ َ
ِ (.)4
يح َعلَْي ِه بِ ِرْمقِ ِه ِم َن ْ
اْلَنهة" ِ
َور َ
يف إسناده :إبراهيم بن حممد بن أيب حيىي وامسه مسعان األسلمي موَلهم أبو إسحاق املدين.
قال أمحدَ :ل يكتب حديثه ،ترك الناس حديثه،كان يروي أحاديث منكرة َل أصل هلا ،وكان أيخذ أحاديث الناس
يضعها يف كتبه .وقال بشر بن املفضل :سألت فقهاء أهل املدينة عنه فكلهم يقولون :كذاب.
وقال علي بن املديّن عن حيىي بن سعيد :كذاب.
(.)5
وقال املعطي عن حيىي بن سعيد :كنا نتهمه ابلكذب .وقال النسائي :مرتوك احلديث
يدَ ،ع ْن َج ِّدهِ، اَّللِ بن سعِ ٍّ
الَ :حدهثَنَا َعْب ُد ه ْ ُ َ يسى قَ َ ِ
ص ْف َوا ُن بْ ُن ع َ الَ :حدهثَنَا َ ( )4قال ابن ماجهَ :حدهثَنَا ُع ْقبَةُ بْ ُن ُمكَْرٍّم قَ َ
(.)6
تَ ،وا هد ِهنُوا بِِه ،فَِإنههُ ُمبَ َارٌك" ِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َمُ " :كلُوا الهزيْ َ
ول هِ
اَّلل َ ال َر ُس ُ
ول :قَ َ ت أ ََاب ُهَريْ َرَة ،يَ ُق ُ قَ َ ِ
ال َمس ْع ُ
يف إسناده :عبد هللا بن سعيد بن أيب سعيد كيسان املقربي أبو عباد الليثي.
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم َوِذ ْك ِر َوفَاتِِه – رقم (.)1511 ول هِ
اَّلل َ
ص َال ِة َعلَى اب ِن رس ِ
ْ َُ اء ِيف ال ه
( )1أخرجه ابن ماجه :كتاب اْلنائز -ابب َما َج َ
(")2هتذيب التهذيب" ( -)144/1رقم(.)257
(")3تقريب التهذيب" ( -)92/1رقم(.)215
( )4أخرجه ابن ماجه :كتاب اْلنائز -ابب ما ج ِ
يضا – رقم ()1615 ات َم ِر ً
اء ف َيم ْن َم َ
َ ُ َ ََ
(")5هتذيب التهذيب" ( -)158/1رقم(.)284
ت – رقم ()3320 ()6أخرجه ابن ماجه :كتاب األطعمة -ابب الهزي ِ
َ ُ ْ
107
قال أمحد بن حنبل :منكر احلديث ،مرتوك احلديث .وقال الدارقطّن :مرتوك ذاهب احلديث.
(.)1
وقال أبو قدامة عن حيىي بن سعيد :جلست إليه جملسا فعرفت فيه يعّن الكذب .وقال البخاري :تركوه
(.)2
وقال احلافظ ابن حجر :مرتوك
[ ]5رتبة احلديث املرتوك :ضعيف جدا ،يلي املوضوع مباشرة من حيث درجة الرد.
ث ـ ـ ـ ـالـ ـ ـث ـ ـ ـا :الـ ــحديث املنكر
إذا كان سبب الطعن يف الراوي فحش الغلط ،أو كثرة الغفلة ،أو الفسق ،فحديثه يسمى ابملنكر.
[ ] 1تعريفه:
املنكر لغة :هو اسم مفعول من "اْلنكار" ضد املعروف.
والنكرة ضد املعرفة ،وقد نكره -ابلكسر -نكرا ،ونكورا -بضم النون فيهما .-وأنكره ،واستنكره ،كله مبعىن ،وأنكرته
إنكارا خالف عرفته (..)3
املنكر اصطالحا :تطلق النكارة عند املتقدمني على التفرد حَ ولو كان من ثقة.
يث اله ِذي يَْن َف ِرُد بِِه الهر ُج ُلَ ،وََل يُ ْعَر ُ
ف احلافِ ِظ :أَنهه ْ ِ
احلَد ُ ُ
ِِ
َمحَ َد بْ ِن َه ُارو َن الْبَ ْردجي ِّي َْ قال ابن الصالح" :بَلَغَنَا َع ْن أَِيب بَك ٍّ
ْر أ ْ
ِ ِ ِ ٍّ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ
ص ْل. آخَر ،فَأَطْلَ َق الْبَ ْرد ِجي ُّي َذل َ
ك َوَِلْ يُ َف ّ َمْت نُهُ م ْن َغ ِْري ِرَوايَته ََل م َن الْ َو ْجه الهذي َرَواهُ مْنهُ َوََل م ْن َو ْجه َ
ِ ِ (.)4 احل ْك ِم علَى الته َفُّرِد ِابلهرِد أَ ِو النه َكارِة أَ ِو ُّ ِ
احلَديث" ود ِيف َك َالِم َكثِ ٍّري ِم ْن أ َْه ِل ْ
الش ُذوذ َم ْو ُج ٌ َ ّ َوإِطْ َال ُق ُْ َ
قال احلافظ ابن حجر " :وهذا ينبغي التيقظ له ،فقد أطلق اْلمام أمحد والنسائي وغري واحد من النقاد لفظ املنكر على
جمرد التفرد ،لكن حيث َل يكون املتفرد يف ومن من حيكم حلديثه ابلصحة بغري عاضد يعضده"
(.)5
( .)6 ص ُد ِ
وق من َكراً" الضعيف به .وقد يُ َع ُّد ُم ْفَرُد ال ه وقال الذهيب" :وهو ما انفرد الراوي
ُ
( .)7
س ثَِقة َوََل ضابطا" ِِ
وقال ابن َجاعة" :قيلُ :ه َو َما تفرد به من لَْي َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ضابِطًاَ ،وإِ ْن َِلْ َُيَال ْ
ف، ودَ ،وَك َذا إِ ْن َِلْ يَ ُك ْن َع ْدًَل َ وقال ابن كثريَ " :وُه َو َكالشهاذّ إِ ْن َخالَ َ
ف َرا ِويه الثَّقات فَ ُمْن َكٌر َم ْرُد ٌ
( .)8
ود"
فَ ُمْن َكٌر َم ْرُد ٌ
وقال احلافظ ابن حجر " :وأما ما انفرد املستور أو املوصوف بسوء احلفظ أو املضعف يف بعض مشاَيه دون بعض
بشيء َل متابع له وَل شاهد فهذا أحد قسمي املنكر ،وهو الذي يوجد يف إطالق كثري من أهل احلديث.
إسحاق َعن
َ ت امل ْقرئ -عن أَيب يب الهزهَي ِ يب -وهو أَخو َمحَزةَ ب ِن َحبِ ٍّ ب ب ِن َحبِ ٍّ حامتِ ،من طر ِيق ُحبَ يِّ ِ ( )3ما رواهُ ابن أَيب ٍّ
ُ
صال َة ،وآتى الهزكا َة، َقام ال ه اس رضي هللا عنهما عن النيب صلهى هللاُ عليه وسلم َ ٍّ
العْي َزار ب ِن ُحَريْث ،عن اب ِن عبه ٍّ
"من أ َ قالَ : َ
الضيف َد َخ َل اْلنهةَ"
َ وصام ،وقَ َرى وح هجَ ، َ
(.)6
إسحاق موقوفاً وهو املعروف َ قات رواهُ عن أيب قال أَبو حامت :هو منكر؛ ألَ هن غريه ِمن الثِّ ِ َ
َ ٌ
الحظ أن :النكارة قد تقع يف اْلسناد ،وقد تقع يف املنت ،إذ التفرد أو املخالفة واردان فيهما.
صلى هللا عليه وسلم. درج املنت :ما أدخل يف متنه ما ليس منه بال فصل ،مما يؤدي إىل اْليهام ِبنه من كالم النيب
( اثنيا) ُم َ
ومن أمثلته:
ات ِ ِ هِ (أ) حديث عائشة يف بدء الوحي" :وَكا َن َيَْلُو بِغَا ِر ِحر ٍّاء فَي تحنه ُ ِ ِ
الع َدد قَ ْب َل أَ ْن يَْن ِزعَ
ايل َذ َو َ هعبُّ ُد -الليَ َ
ث فيهَ -وُه َو الت َ َ ََ َ َ
إِ َىل أ َْهلِ ِه".
ِ ِ اخلََِرب َوُه َو ِم ْن تَ ْف ِس ِري ُّ
ي َك َما َجَزَم بِه الطّ ِ ُّ
ييب" الزْه ِر ِّ هعبُّ ُد َه َذا ُم ْد َر ٌج ِيف ْ
قال ابن حجر" :قَ ْولُهُ َوُه َو الت َ
( .)4
فأدرج فيه بعضهم سياق األمساء ،كما أخرجه الرتمذي ،من طريق الوليد بن مسلم ،قال :حدثنا شعيب بن أيب محزة ،عن
اَّللُ اله ِذي ََل إِلَ َه إِهَل
أيب الزاند ،عن األعرج ،عن أيب هريرة ،مرفوعاً ،ماد بعد قوله صلى هللا عليه وسلم" :دخل اْلنة"ُ " :ه َو ه
اب
الوهه ُ ص ِّوُر الغَف ُ
هار ال َق هه ُار َ ئ املُ َ الع ِز ُيز اْلَبه ُار املتَ َكِّربُ اخلَالِ ُق البَا ِر ُ
َ ُّوس ال هس َال ُم امل ْؤِم ُن امل َهْي ِم ُنُ ك ال ُقد ِ ِ
ُه َو الهر ْمحَ ُن الهرح ُيم املل ُ
صري احل َكم الع ْد ُل الله ِطيف اخلبِري احللِ ِ ُ ِ ِ ِ ُ ُِ ِ ِ َ
الع ِظ ُيم يم
ُ َُ َ ُ َ ه ُ َ ُ َ ُ َ
ِ الب يع م س ال لُّ ذ امل زُّ ع امل ع افر ال
َ ُ ه ُ ض اف اخل ط
ُ اس العل ُيم َ ُ َ
الب ض ِبا ق ال هاح َهاق ال َفت ُ الهرم ُ
يد الب ِ ظ امل ِقيت احل ِسيب اْللِيل ال َك ِرمي الهرقِيب امل ِجيب الو ِاسع احل ِكيم الود ِ ُ ُ ِ الغ ُفور ال هش ُكور ِ
ثاع ُ ود املَج ُ َ ُ ُ ُ َ ُ َ ُ َُ ُ العل ُّي ال َكبِريُ احلَفي ُ ُ ُ َ ُ َ ُ ُ ُ َ َ ُ
اح ُداج ُد الو ِ يد املحيِي امل ِميت احلي ال َقيُّوم الوا ِج ُد امل ِ ئ املعِ ُ صي املْب ِد ُ يد املح ِ يل احلَ ِم ُ الوِ ُّ ني ي املتِ يل ال َق ِو ُّ يد احل ُّق الوكِ ال هش ِه ُ
َ َ َ ُ ُّ َ ُ ُ ْ ُِ ِ ُ ِ ُ ُ ْ َ ُ ِ َ ُ َ َ
ك وف مالِ ءر ال و ف الع م ِ
ق ت نامل اب و الت
ه ر الب ِ
ايل ع ت امل ِ
ايل الو ن اط الب راه ه
ظ ال ر اآلخ لُ َو
ه أل ا ر خِ ؤ امل ص َم ُد ال َق ِاد ُر امل ْقتَ ِد ُر امل َق ّد ُم
ال ه
ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ ه ُ ْ َ ُ َ ُ ُّ ه ُ ُ َ ُ ُ ُ ّ َ
ِ ُ ِ ِ ِ ُ ِ ِ ِ ُ ِ ُ ِ
ُ ِ ِ
ور
صبُ ُ
يد ال ه الوا ِر ُ
ث ال هرش ُ يع البَاقي َ
ُّور اهلَادي البَد ُ ّن املغْ ِّن املان ُع الض ُّ
هار النهاف ُع الن ُ امللْك ذُو اْلََالل َوا ِْل ْكَرام ،امل ْقس ُ
ط اْلامع الغَِ
"( .)4
َ ُ ُّ ُ َ ُ ُ
ِل تفصل فيه هذه الزَيدة عن احلديث ،مما ظنه بعض الناس يف مجلة احلديث.
( )1أخرجه البخاري :كتاب العتق– ابب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده – رقم (.)2548
( )2أخرجه البخاري :كتاب العتق– ابب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده – رقم (.)2548
وم ِمن ِاَل ْشِرت ِ
اط َوالث ُّْن َيا ِيف ا ِْل ْق َرا ِر – .....،رقم (.)2736َ ( )3أخرجه البخاري :كتاب الشروط– ابب َما َجيُ ُ َ
( )4أخرجه الرتمذي :أبواب الدعوات– ابب – رقم(.)3507
112
وهو عند البخاري وغريه ،عن أيب اليمان عن شعيب ،دون ذكرها ،وكذلك رواه سفيان بن عيينة عن أيب الزاند ،دوها،
ومن غري وجه عن أيب هريرة بدوها أيضاً.
والدليل على أها مدرجة ما أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي إبسناد آخر للوليد بن مسلم.
قال عثمان :حدثنا هشام بن عمار ،قال:حدثنا الوليد بن مسلم ،قال :حدثنا خليد بن دعلج ،عن قتادة ،عن حممد بن
سريين ،عن أيب هريرة ،عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال :هلل تسعة وتسعني امساً ،من أحصاها كلها دخل اْلنة".
زاد بعده :قال هشام (يعّن ابن عمار) :وحدثنا الوليد بن مسلم ،حدثنا سعيد بن عبد العزيز ،مثل ذلك ،وقال :كلها يف
"( .)1
القرآن ،هو هللا الذي َل إله إَل هو ،فساق األمساء
فدل هذا على أن الوليد كان حيدث ابحلديث املرفوع إبسنادين ،وكان يدرج فيه األمساء مما أخذه عن سعيد بن عبد العزيز قوله.
لكن جيب أن تعلم أن كشف مثل هذه العلة ليس مما يتهيأ بيسر ،بل هو صورة من الصور اخلفية لعلل احلديث.
( )2التنصيص عليه من بعض األئمة املطلعني.
( )3إقرار الراوي نفسه أنه أدرج هذا الكالم.
ات َوُه َو َل يُ ْش ِرُك ِاب هَّللِ شيئا دخل اْلنة ،ومن
مثل :حديث ابن مسعود عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :قال من َم َ
ات يُ ْش ِرُك ِاب هَّللِ َشْي ئًا َد َخ َل النار".
َم َ
اش إبسناده ووهم فيه ،فقد رواه األسود بن عامر وغريه َع ْن ي َع ْن أَِيب بَ ْك ِر بْ ِن َعيه ٍّاْلَبها ِر الْ ُعطَا ِرِد ُّ
َمحَ ُد بْ ُن َعْب ِد ْ
هكذا رواه أ ْ
اَّللُ عليه وسلم :من جعل هلل عز وجل ندا دخل النار ،وأخرى أقوهلا وِل صلهى ه ول هِ أَِيب بَ ْك ِر بْ ِن َعيه ٍّ
اَّلل َ ال َر ُس ُ اش بلفظ" :قَ َ
( .)2
ات َل َْجي َع ُل ِهَّللِ نِدًّا أدخله اْلنة"
أمسعها منه صلى هللا عليه وسلم -من َم َ
ومما يؤكد أهنا مدرجة ما جاء يف رواية أمحد يف مسنده.
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم ال رس ُ ِ ت َعْب َد هللاِ ،قَ َ قال أمحد :حدهثَنَا ابن َُّنَ ٍّري ،حدهثَنَا ْاأل َْعمش ،عن َش ِق ٍّيق ،قَ َ ِ
ول هللا َ ال :قَ َ َ ُ الَ :مس ْع ُ َ ُ َْ ُْ ْ َ َ
ِ ِ صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم يَ ُق ُ َكلِمةً ،وقُ ْلت أُخرىَِ ،مسعت رس َ ِ
هار".ات َوُه َو يُ ْش ِرُك ابهلل َشْي ئًاَ ،د َخ َل الن َ
ولَ " :م ْن َم َ ول هللا َ ْ ُ َُ َ َ ُ َْ
"( .)3
ات َوُه َو ََل يُ ْش ِرُك ِابهللِ َشْي ئًاَ ،د َخ َل ْ
اْلَنهةَ ت أ ََانَ " :م ْن َم َ
َوقُلْ ُ
( .)4
قال احلافظ ابن حجر ":فهذا كالذي قبله يف اْلزم بكونه مدرجا"
( )4استحالة كونه صلى هللا عليه وسلم يقول ذلك:
اَّللِ َو ْ
احلَ ُّج اد ِيف َسبِ ِيل ه ِ صالِ ِح أ ِ ِ
َجَرانَ ،والهذي نفسي بيده لوَل ا ْْل َه ُ
ْ
مثل :حديث أيب هريرة رضي هللا عنه":لِْلعب ِد اْلمملُ ِ
وك ال ه َْ َ ْ
"( .)5
وبر أمي ألحببت أموت وأان مملوك
117
ض ـ ـ ـطَ ِر ُ
ب [ اثلثا ] :احلـ ـ ـديـ ـ ـ ـث الْم ـ ـ ـُ ْ
[ ] 1تعريفه:
لغة :هو اسم فاعل ،من "اَلضطراب" وهو اختالل األمر وفساد نظامه ،وأصله من اضطراب املوج ،إذا كثرت حركته،
وضرب بعضه بعضا.
ضطَ ِرًابف لَهَُ ،وإِهَّنَا نُ َس ِّم ِيه ُم ْ آخر ُخمَالِ ٍّ ٍّ ٍّ ِ اصطالحا :هو اله ِذي َختْتلِف ِ ِ ِ
الرَوايَةُ فيه فَيَ ْرِويه بَ ْع ُ
ض ُه ْم َعلَى َو ْجه َ َ ض ُه ْم َعلَى َو ْجه َوبَ ْع ُ َ ُ ّ َُ
الرواي تَ ِ ِ ِ
ان. إذَا تَ َس َاوت َِّ َ
ِ ِ
ك ي َعْنهُ ،أ َْو َغْي َر ذَل َ ص ْحبَةً ل ْل َم ْرِو ِّ ث ََل تُ َقا ِوُم َها ْاألُ ْخَرى ِِبَ ْن يَ ُكو َن َرا ِو َيها أ ْ
َح َف َظ ،أ َْو أَ ْكثَ َر ُ اَهَا ِِبَْي ُ
ت إِ ْح َد ُ أَهما إِذَا تَ َر هج َح ْ
ف الْم ْ ِ ِ ِ ِ ٍّ احلك ِ ِ ِ ِ ِمن وجوهِ التهرِج ِ
ْمهُ .مثُه قَ ْد يَ َق ُع ضطَ ِرب َوََل لَهُ ُحك ُ ص ُ ُ ْم للهراج َحةَ ،وََل يُطْلَ ُق َعلَْيه حينَئذ َو ْ يحات الْ ُم ْعتَ َم َدة ،فَ ُْ ُ ْ ُُ ْ َ
ٍّ( .)1 ٍّ ِ ٍّ اْلسنَ ِاد ،وقَ ْد ي َقع ذَلِ ِ احل ِد ِ اب ِيف َم ْ ِ ِاَل ْ ِ
اعةني ُرَواة لَهُ َمجَ َ ك م ْن َر ٍّاو َواحدَ :وقَ ْد يَ َق ُع بَ ْ َ يثَ ،وقَ ْد يَ َق ُع ِيف ِْ ْ َ َ ُ َ نت َْ ضطَر ُ
[ ]2شروط حتقق االضطراب:
يتبني من النظر يف تعريف املضطرب وشرحه أنه َل يسمى احلديث مضطراب إَل إذا حتقق فيه شرطان ،وَها:
( )1اختالف رواَيت احلديثِ ،بيث َل ميكن اْلمع بينها.
( )2تساوي الرواَيت يف القوةِ ،بيث َل ميكن ترجيح رواية على أخرى.
أما إذا ترجحت إحدى الرواَيت على األخرى ،أو أمكن اْلمع بينها بشكل مقبول ،فإن صفة اَلضطراب تزول عن
احلديث ،ونعمل ابلرواية الراجحة يف حالة الرتجيح ،أو نعمل جبميع الرواَيت يف حالة إمكان اْلمع بينها.
[ ] 3أقسامه:
ينقسم املضطرب ِبسب موقع اَلضطراب فيه إىل قسمني؛ مضطرب السند ،ومضطرب املنت ،ووقوع اَلضطراب يف
السند أكثر.
(أوال) :االضطراب يف السند :ويتنوع على مخسة أنواع هي:
( )1تعارض الوصل واالرسال:
فان احلديث اذا روي مرسال مرة ،وروي مرة أخرى موصوَل فهذا يعد من األمور اليت تعل هبا األحاديث ،ومنهم من َل
يعد ذلك علة وتفصيل األقوال فيها على النحو اآليت:
(أ) ترجيح الرواية املوصولة على املرسلة؛ ألنه من قبيل مَيدة الثقة.
(ب) ترجيح الرواية املرسلة.
(ج) اَلعتبار ألكثر الرواة عددا.
(د) الرتجيح لألحفظ.
(ذ) التساوي بني الروايتني والتوقف.
( )2تعارض الوقف والرفع:
( )1راجع " :أثر علل احلديث يف اختالف الفقهاء"( ،)214، 213/1ماهر َيسني فحل اهلييت ،الناشر :دار عمار للنشر ،عمان.
( )2راجع " :أثر علل احلديث يف اختالف الفقهاء"(.)236/1
( )3راجع ":النكت على كتاب ابن الصالح"(" ،)778/2توضيح األفكار" ( "،)28/2أثر علل احلديث يف اختالف الفقهاء"(.)243/1
( )4راجع ":النكت على كتاب ابن الصالح"(" ،)778/2توضيح األفكار" ( "،)28/2أثر علل احلديث يف اختالف الفقهاء"(.)280/1
119
ال أَبُو بَك ٍّ
ْر، ال :قَ َ اقَ ،ع ْن ِع ْك ِرَمةََ ،ع ِن ابْ ِن َعبه ٍّ
اس ،قَ َ وسى ،ثَنَا َشْي بَا ُنَ ،ع ْن أَِيب إِ ْس َح َ الْ َفرِج األ َْمر ُق ،ثَنا عب ي ُد هِ
اَّلل بْ ُن ُم َ َ َ َُ ْ َ
ِ ِ َر ِض َي ه
َخ َواتُ َها" ال":نَ َع ْمَ ،شيه بَ ْت ِّن ُه ٌ
ود َوأ َ اَّلل ،قَ َ
ول ه ت ََي َر ُس َ اَّللُ َعْنهُ :شْب َ
( .)1
ِ ِ ِِ ِ
ري َعنهُ اختلف فيه على إ ْمسَاعيل ،فَ َرَواهُ بشر بن الْمفضلَ -و َغريه َ -ه َك َذاَ ،وَرَواهُ ُس ْفيَان الث ْهو ّ قال املناوي" :احلَديث فقد ْ
ُخَرى َعن أيب َع ْمرو بن ُحَريْث َعن أَبِيه َعن أيب ُهَريْ َرةَ ،وَرَواهُ غري الْ َم ْذ ُكورين على َهْي ئَة أ ْ
( .)5
ثَ ،وُرهمبَا قَ َ ال :عن أَِيب ُحم هم ِد ب ِن عم ِرو ب ِن حري ٍّ ضطَ ِرب ِيف ه َذا ْ ِ ِ
ال: َ ْ َ ْ ْ ُ َْ احلَديث ،فَ ُرهمبَا قَ َ َ ْ وقال الدارقطينَ :وَكا َن ابْ ُن ُعيَ ْي نَةَ يَ ْ ُ َ
اجَ ،ع ِن ابْ ِن ُجَريْ ٍّجَ ،ع ْن عن أَِيب عم ِرو ب ِن ُحم هم ٍّد ،مثُه ثَبت علَى أَِيب ُحم هم ِد ب ِن عم ٍّرو ،و ِ
ف َع ِن ابْ ِن ُجَريْ ٍّج؛ فَ َرَواهُ َح هج ٌ اختُل َ
َ ْ َْ َ ْ ََ َ َْ ْ َ َْ
ال عب ُد الهرم ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
هاقَ ،ع ِن ابْ ِن ُجَريْ ٍّج، يلَ ،ع ْن أَِيب ُحمَ همد بْ ِن َع ْم ٍّروَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرَةَ .وَِلْ يَ ُق ْل َع ْن أَبِيه َوََل َع ْن َج ّدهَ ،وَرفَ َعهَُ ،وقَ َ َْ إ ْمسَاع َ
ِ ِ ال أَبو ع ِ اعيل ،عن حري ِ ِ
يل بْ ِن أ َُميهةََ ،ع ْن يَ :ع ْن إ ْمسَاع َ اص ٍّمَ :ع ِن ابْ ِن ُجَريْ ٍّجَ ،والث ْهوِر ُّ ارَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرةََ .وقَ َ ُ َ ث بْ ِن َع هم ٍّ َع ْن إِ ْمسَ َ َ ْ ُ َْ
ِ ِ ِ ِ ٍّ
ال َذ هو ُاد بْ ُن ُعلَبَةََ :ع ْن يل بْ ِن أ َُميهةََ ،وقَ َال َم ْع َمٌرَ :ع ْن إ ْمسَاع َ ك قَ َ أَِيب َع ْم ِرو بْ ِن ُح َريْثَ ،ع ْن أَبِيهَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرَةَ ،م ْرفُ ً
وعاَ .وَك َذل َ
ِ ِ
وعا. يل بْ ِن أ َُميهةََ ،ع ِن ابْ ِن َع ْم ِرو بن حريث بن سليم ،عن جده حريثَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة َم ْرفُ ً إ ْمسَاع َ
يلَ ،ع ْن أَِيب ِ ِ
ي ،فَ َقالُواَ :ع ْن إ ْمسَاع َ َس َوِد َوأَبُو إِ ْس َح َ
اق الْ َفَزا ِر ُّ ِ ٍّ ِ
هلَ ،و َعْب ُد الْ َوا ِرث بْ ُن َسعيدَ ،و ُمحَْي ُد بْ ُن ْاأل ْ َوَرَواهُ بِ ْش ُر بْ ُن الْ ُم َفض ِ
( .)6
ال ِم ْن بَْينِ ِه ْمَ :ع ْن أَبِ ِيهَ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة ثَ ،ع ْن َج ِّدهَِ ،ع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة ،إِهَل أَ هن ُمحَْي ًدا قَ َ عم ِرو ب ِن ُحم هم ِد ب ِن حري ٍّ
َ ْ ْ َ ْ ُ َْ
(اثنيا) االضطراب يف املنت:
ال :حدهثَنَا األَسوُد بن َع ِام ٍّرَ ،عن َش ِر ٍّ
يكَ ،ع ْن أَِيب محََْزَةَ ،ع ْن َمح َد ب ِن مد ِ
ْ َْ ُْ ُّويْه قَ َ َ مثاله :قال الرتمذيَ :حدهثَنَا ُحمَ هم ُد بْ ُن أ ْ َ ْ َ َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم َع ِن الهزَكاةِق
صلهى ه ِ
ت ،أ َْو ُسئ َل النِ ُّ
هيب َ تَ :سأَْل ُ
س ،قَالَ ْ اطمةَ بِْن ِ
ت قَ ْي ٍّ ِ
يبَ ،ع ْن فَ َالش ْ ِ
هع ِّ
( )1أخرجه الرتمذي :أبواب الزكاة -ابب ما جاء أن يف املال حقا سوى الزكاة – رقم (.)659
( )2أخرجه ابن ماجه يف سننه :كتاب الزكاة -ابب ما أدي مكاته فليس بكنز – رقم (.)1789
(")3النكت على مقدمة ابن الصالح" ( )239/2للزركشي"،تدريب الراوي"("،)313/1توجيه النظر"( )582/2طاهر بن صاحل الدمشقي.
(")4قواعد التحديث من فنون مصطلح احلديث"( ،)132/1مجال الدين القامسي ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.
121
[ رابعا ] :احلـ ـ ـدي ـ ـ ـث الْمـ ـ ـ ـُص ـ ـ ـ ـَح ـ ــَف واحملرف
[ ] 1تعريفه:
لغة :اسم مفعول ،من "التصحيف" ،وهو اخلطأ يف الصحيفة ،ومنه"الصحفي" ،وهو من َيطئ يف قراءة الصحيفة فيغري
بعض ألفاظها ،بسبب خطئه يف قراءهتا.
اصطالحا :تغيري الكلمة يف احلديث إىل غري ما رواها الثقات ،لفظا أو معىن.
أو :هو احلديث يقع فيه تغيري يف نقط الكلمة يف إسناد أو منت ،مع بقاء صورة اخلط.
ياق :فإ ْن كا َن ِ
الس ِ ِ ِ ِ ٍّ كانت املخالفةُ بت ْغي ِري ٍّ
وعرفه احلافظ ابن حجر بقوله" :إِ ْن ِ
حرف ،أَو حروفَ ،م َع بقاء صورة اخلَ ّط يف ّ ْ َ
ُ
( )1
ف" ر
َه ُح فامل ْلِ ك ش
ه ال إىل ِ
سبةِ
فَ ،وإِ ْن كا َن ّ
ابلن ص هح ذلك ابلنِّ ِ
سبة إِىل النَ ْق ِط فَامل
ُ ُ َ ُ
[ ] 2أمهيته ودقته:
هو فن جليل دقيق ،وتكمن أَهيته يف كشف األخطاء اليت وقع فيها بعض الرواة ،وإَّنا ينهض ِبعباء هذه املهمة احلذاق
من احلفاظ ،كالدارقطّن.
وأَهية معرفة هذا النوع من علوم احلديث َل ختفى؛ ملا يقع ابلتصحيف من اْلحالة ،فرمبا صريت الراوي اجملروح ثقة أو
العكس ،وما يقع يف ألفاظ املتون من إفساد املعىن واخلروج به عن جادته.
والق در املتميز حتريفه أو تصحيفه من احلديث ضعيف ،وهو خطأ َل يعترب به وسببه :وهم الراوي وخطؤه ،فهو نتيجة
لعدم إتقانه ملا أخطأ فيه من ذلك.
هوع مهمةٌ"
قال احلافظ ابن حجر" :ومعرفةُ هذا الن ِ
( .)2
يل ،إَّنا ينهض ِبعبائه احلُ هذاق من احلُهفاظ ،وال هداََرقُطِّْن منهم وله فيه تصنيف مفيد ،ويكون ِ
وقال الطييب" :هذا فَ ٌّن َجل ٌ
( )3
حمسوسا إما ابلبصر أو ابلسمع"
ً
[ ] 3تقسيماته :قسم العلماء املص هحف إىل ثالثة تقسيمات ،كل تقسيم ابعتبار ،وإليك هذه التقسيمات:
( أوال) ابعتبار موقعه :ينقسم املص هحف ابعتبار موقعه إىل قسمني؛ وَها:
( )1تصحيف يف اإلسناد:
يج ،ومراجم ومزاحم ،ومحزة ومجرة .واترًة يكون يف الشيخ ،مثل:
يح وسر ٍّمثل أن يصحف يف اَلسم كحيان وحبان ،وشر ٍّ
ابسم ٍّ
آخر. رجل فيشتبه عليه ويصحف امسه ٍّ أن يروي عن ٍّ
ومن أمثلته :حديث شعبة ،عن "العوام بن مراجم" .صحفه ابن معني ،فقال :عن "العوام بن مزاحم".
ص ٍّْريَ ،حدهثَنَا ُش ْعبَةَُ ،ع ِن ٍّ
اج بْ ُن نُ َ قال عبد هللا بن اإلمام أمحدَ :ح هدثَِّن َعبه ُ
اس بْ ُن ُحمَ همد َوأَبُو َْحي َىي الْبَ هز ُام ،قَ َاَلَ :حدهثَنَا َح هج ُ
ال:ول هللاِ َصلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم قَ َ
يَ ،ع ْن ُعثْ َما َن ،أَ هن َر ُس َ س ب ِن ثَعلَبةَ ،عن أَِيب عثْما َن الن ِ
ههد ِّ ْ
ِ ِ ِ
الْ َع هوام بْ ِن ُمَراج ٍّم ،م ْن بَِّن قَ ْي ِ ْ ْ َ َ ْ ُ َ
( )1صحيح مسلم :كتاب النكاح – ابب نكاح املتعة – رقم (.)1406
( )2صحيح مسلم :كتاب النكاح – ابب نكاح املتعة – رقم (.)1406
( )3صحيح مسلم :كتاب النكاح – ابب نكاح املتعة – رقم (.)1406
127
الفصل السابع
الشاذ ،واملعل
أوال :احلديث الشاذ
[ ] 1تعريف الشاذ لغة واصطالحا:
والشاذُّ لغةً :املنفرد ،وهو اسم فاعل مأخوذ من ش ّذ ،يش ّذ شذاً أو شذوذاً :ندر عن اْلمهور.
ُ
قال ابن حزم" :كل من خالف أحدا فقد شذ عنه ،وكل قول خالف احلق فهو شاذ عن احلق ،فوجب أن كل خطأ فهو
"( .)1
شذوذ عن احلق وكل شذوذ عن احلق فهو خطأ
الشاذ اصطالحا:
تعريف الشافعي :عرف الشافعي بقوله" :ليس الشاذ من احلديث أن يروي الثقة حديثا ِل يروه غريه ،إَّنا الشاذ من
"( .)2
احلديث أن يروي الثقات حديثا فيشذ عنهم واحد فيخالفهم
تعريف احلاكم النيسابوري :عرفه احلاكم بقوله" :فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات ،وليس للحديث أصل
( .)3
متابع لذلك الثقة"
تعريف أيب يعلى اخلليلي :عرفه أبو يعلى اخلليلي بقوله" :الشاذ :ما ليس له إَل إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو
"( .)4
غري ثقة ،فما كان عن غري ثقة فمرتوكَ ،ل يقبل ،وما كان عن ثقة يتوقف فيه وَل حيتج به
واخلليلي يف تعريفه متأثر بشيخه احلاكم.
وكالم اخلليلي يف تفرد الشيوخ ،والشيوخ يف اصطالح أهل هذا العلم عبارة عمن دون األئمة واحلفاظ ،وقد يكون فيهم
الثقة وغريه ،فأما ما انفرد به األئمة واحلفاظ فقد مساه اخلليلي فرداً.
وقد رجح ابن الصالح تعريف الشافعي للحديث الشاذ معرتضا على تعريفي احلاكم واخلليلي.
قال ابن الصالح" :أما ما حكم الشافعي عليه ابلشذوذ فال إشكال يف أنه شاذ غري مقبول.
وأما ما حكيناه عن غريه فيشكل مبا ينفرد به العدل احلافظ الضابط ،كحديث" :إَّنا األعمال ابلنيات"فإنه حديث فرد
تفرد به عمر رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،مث تفرد به عن عمر علقمة بن وقاص ،مث عن علقمة
"( .)5
حممد بن إبراهيم ،مث عنه حيىي بن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل احلديث
تعريف ابن حجر:
عرفه ابن حجر بقوله" :الشاذ :ما رواه املقبول خمالفا ملن هو أوىل منه
"( .)6
واتبع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغريه ،وخالفهم محاد بن ميد ،فرواه عن عمرو بن دينار ،عن عوسجة ،وِل يذكر
ابن عباس.
ولذا قال أبو حامت" :احملفوظ :حديث ابن عيينة" فحماد بن ميد من أهل العدالة والضبط ،ومع ذلك فقد رجح أبو حامت
( )2
رواية من هم أكثر عددا منه
(ب) مثال الشذوذ يف املنت:
صالِ ٍّح،
شَ ،ع ْن أَِيب َ الَ :حدهثَنَا األ َْع َم ُ اح ِد بْ ُن ِمََي ٍّد ،قَ َ ال :حدهثَنَا عب ُد الو ِ
َْ َ ي ،قَ َ َ الع َق ِد ُّ ٍّ ِ
قال الرتمذيَ :حدهثَنَا ب ْش ُر بْ ُن ُم َعاذ َ
ضطَ ِج ْع َعلَى َميينه
ِ ِ ِ"(.)3
َح ُد ُك ْم َرْك َع َِيت ال َف ْج ِر فَ ْليَ ْ
صلهى أ َ
اَّللِ صلهى ه ِ
اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم" :إِ َذا َ ول ه َ ال َر ُس ُ ال :قَ ََع ْن أَِيب ُهَريْ َرَة ،قَ َ
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َمََ ،ل ِم ْن
صلهى ه هيب َ ِ ِِ ِ اح ِد اْل َع َد َد اْل َكثِري ِيف َه َذا ،فَِإ هن الن ِه قال البيهقي :خالَف عب ُد اْلو ِ
هاس إَّنَا َرَوْوهُ م ْن ف ْعل الن ِّ َ َ َ َ َْ َ
ِ
ش هبََذا الله ْفظ َصح ِ
اب ْاأل َْع َم ِ ِ ِ قَ ولِهِ ،وانْ َفرد عب ُد اْلو ِ
اح ِد ِم ْن بَ ْ ِ
ني ث َقات أ ْ َ
ِِ(.)4
ْ َ َ َ َْ َ
[ ] 3حكم احلديث الشاذ :احلديث الشاذ ضعيف مردود.
( )1أخرجه الرتمذي :أبواب الفرائض– ابب يف مرياث املوىل األسفل– رقم (.)2106
وقال الرتمذي :هذا حديث حسن والعمل عند أهل العلم يف هذا الباب :إذا مات الرجل وِل يرتك عصبة أن مرياثه جيعل يف بيت مال املسلمني.
وأخرجه ابن ماجه :كتاب الفرائض– ابب من َل وارث له – رقم(.)2741
(")2نزهة النظر"(ص.)85 :
اء ِيف ِاَل ْ
ض ِط َج ِاع بَ ْع َد َرْك َع َِيت ال َف ْج ِر – رقم (.)420 ) (3أخرجه الرتمذي :أبواب الصالة -ابب َما َج َ
الو ْج ِه. وقال الرتمذي :حسن ص ِحيح َغ ِر ِ
يب م ْن َه َذا َ
َ ٌَ َ ٌ ٌ
) "(4تدريب الراوي" ()271/1
129
املعل
اثنيا :احلديث ُّ
[ ]1تعريف العلة لغة واصطالحا:
معان ،أقرهبا وألصقها مبوضوعنا أها مبعىن املرض ،وصاحبها ُمعتَ ّل. العلة لغة :العلة يف اللغة هلا عدة ٍّ
()1
قال ابن األعرايبَ :ع هل الرج ُل يَعِ ُّل من املرض
واعتل إذا مرض ،وعُ هل اْلنسان ابلبناء للمفعول مرض ،ومنهم من يبنيه للفاعل من ابب ضرب ،فيكون املتعدي من ابب
قتل فهو عليل ،والعلة املرض الشاغل ،واْلمع عِلَلٌ ،مثل ِس ْد َرةٍّ َو ِس َد ٍّر ،وأعله هللا فهو معلول قيل من النوادر اليت جاءت
على غري قياس وليس كذلك فإ نه من تداخل اللغتني واألصل أعله هللا فعل فهو معلول أو من عله فيكون على القياس
()2
وجاء معل على القياس لكنه قليل اَلستعمال
ِ ِه
ول، أعلههُ هللاُ تعاىل ،فهو ُم َعلٌّ َ
وعليلٌ ،وَل تَ ُق ْل َم ْعل ٌ ضَ .ع هل يَع ُّل ،و ْاعتَ هل ،و َ وقال الفريوز آابدي :والعلةُ ،ابلكسرَ :
املر ُ
(.)3
واملتكلمون يقولوها
وقال ابن الصالح" :ويسميه أهل احلديث (املعلول) ،وذلك منهم ومن الفقهاء يف قوهلم يف ابب القياس" :العلة واملعلول
"(.)4
"مرذول عند أهل العربية واللغة
وذهب بعض أهل اللغة إىل جوام استعمال (معلول) يف اللغة.
قال الزركشي :والصواب أنه جيوم أن يُقال :علّه فهو معلول ،من العلة واَلعتالل ،إَل أنه قليل
(.)5
والذي يظهر لنا هو جوام استعمال (معلول) يف وصف احلديث الذي طرأت عليه العلة ،وذلك ألمور:
األول :أنه قد أجام هذا اَلستعمال بعض كبار أئمة اللغة كقطرب واْلوهري واملطرمي وابن القوطية وغريهم.
ولذا قال السخاوي" :إَل أن مما يساعد صنيع احملدثني ومن أشري إليهم استعمال الزجاج اللغوي له ،وقول صاحب
"(.)6
عل الشيء فهو معلول يعّن من العلة ،ونص مجاعة كابن القوطية يف األفعال على أنه ثالثي ... الصحاحّ :
ضَ ،وِمْن ُه ْم َم ْن يَْبنِ ِيه لِْل َفاعِ ِل ِِ ِ
اْلنْ َسا ُن ِابلْبِنَاء ل ْل َم ْف ُعول َم ِر َ
الثاين :أن له خمرجاً لغوَيً ،قال الفيومي يف املصباح املنري" :عُ هل ِْ
اْلَ ْم ُع عِلَلٌِ ،مثْ ُل ِس ْد َرةٍّ َو ِس َد ٍّر، هاغلَُ ،و ْ ب قَتل فَهو علِيل ،والْعِلهةُ الْمرض الش ِ ِ ِ ِ ِمن اب ِ
ََ ُ ب ،فَيَ ُكو ُن الْ ُمتَ َع ّدي م ْن َاب َ َ ُ َ َ ٌ َ ضَر َب َ ْ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َص ُل أ ََعلههُ ه
اَّللُ ني َو ْاأل ْ ك فَِإنههُ م ْن تَ َد ُ
اخ ِل اللُّغَتَ ْ ِ س َك َذل َ ِ ٍّ
ت َعلَى َغ ْري قيَاسَ ،ولَْي َهواد ِر الهِيت َجاءَ ْ
يل م ْن الن َ
ول ق َ َوأَ َعلههُ ه
اَّللُ فَ ُه َو َم ْعلُ ٌ
يل ِاَل ْستِ ْع َمال
ِ (.)7 ِ ِ ِ ِ ِ ِ فَ ُع هل فَ ُهو َم ْعلُ ٌ ِ ه
ول أ َْو م ْن َعلهُ فَيَ ُكو ُن َعلَى اْلقيَاس َو َجاءَ ُم َعلٌّ َعلَى اْلقيَاس لَكنههُ قَل ُ َ
(أعل) مبعىن(عل) مبعىن التكرار استعملوه امساً مفعوَلً ل ّ الثالث :أن احملدثني استعملوا (معلول) والذي هو اسم مفعول ل ّ
131
[ ]3دقة علم العلل ،ودقة مباحثه:
تكمن أَهية علم علل احلديث يف دقة مباحثه ،وخفائها على أكثر أهل العلم ،حَ إها لتخفى عن كثري من احلفاظ،
وذلك ألها يكثر وقوعها يف أحاديث الثقات الذين عليهم العمدة يف الرواَيت ،لذلك صار علم العلل من أغمص أنواع
علوم احلديث ،وأدقها مسلكا ،وَل يقوم به إَل من منحه هللا فهما دقيقا ،واطالعا عميقا ،وادراكا ملراتب الرواة ،ومعرفة
اثقبة ابختالف املروَيت ،ويقظة وفطنة ،ومهارة وجمالسة ،ومذاكرة ،وخربة قوية ،وذكاء متوقدا ،وممارسة ودربة طويلة،
لذلك ِل يتكلم يف هذا العلم إَل خاصة العلماء وجهابذهتم وحذاقهم.
ورغم أن احملدثني يهتمون ابْلسناد اهتماما ابلغا ،ويرون أنه من الدين ،فيبحثون اتصاله ،وثقة رجاله؛ إَل أهم تنبهوا ألمر
آخر ،وهو أن الثقة قد يهم ،واحلافظ قد ينسى ،والضابط قد يشذ.
فكما أهم يقبلون بعض أحاديث الضعفاء اليت تدل القرائن على صحتها ،فإهم كذلك يردون بعض أحاديث الثقات اليت
تدل القرائن على ضعفها وإعالهلا.
قال أبو عبد هللا بن منده" :إَّنا خص هللا مبعرفة هذه األخبار نفرا يسريا من كثري ممن يدعي علم احلديث ،فأما شأن
الناس ممن يدعي كثرة كتابة احلديث أو متفقه يف علم الشافعي وأيب حنيفة ،أو متبع لكالم احلارث احملاسيب واْلنيد وذي
"( )1
النون وأهل اخلواطر ،فليس هلم أن يتكلموا يف شيء من علم احلديث إَل من أخذه عن أهله وأهل املعرفة ،فحينئذ يتكلم مبعرفة
"( )2
قال نعيم بن محاد :قلت َلبن مهدي :كيف تعرف صحيح احلديث وسقيمهق قال :كما يعرف الطبيب اجملنون
ص هحتِ َهاَ -علَى َم ْع ِرفَِة يث -علَى تَ ْق ِدي ِر ِ وقال ابن رجب خالل كالمه عن حديث معلول" :وإِهَّنَا ُْحتمل ِمثْل ه ِذهِ ْاألَح ِاد ِ
َ َ َُ َُ َ
اَّلل علَي ِه وسلهم ،ولِ َك َالِم َغ ِريهِ ،و ِحل ِال رواةِ ِ ِ ِ يث ْ ِ ِ ِ ه ِ احل ِد ِ ِِ
ْ َ َ َُ صلهى هُ َ ْ َ َ َ َ هيب َ ت ممَُ َار َستُ ُه ْم ل َك َالم الن ِّ
ين َكثَُر ْ
اْلَ َهاب َذة النُّ قهاد ،الذ َ أَئ همة أ َْه ِل َْ
صو َن يث َيَْتَ ُّاحل ِد ِ
اص ِيف َْ ضْب ِط ِه ْم ،فَِإ هن َه ُؤََل ِء َهلُْم نَ ْق ٌد َخ ٌّ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
َخبَا ِرَ ،وَم ْع ِرفَت ِه ْم بِص ْدق ِه ْم َوَكذهب ْم َوح ْفظ ِه ْم َو َ
ِ ْاأل ِ ِ
َحاديثَ ،ونَ َقلَة ْاأل ْ َ
ي ا ْحلَ ِاذ ُق ِيف َم ْع ِرفَ ِة ْ
اْلَْوَه ِر اْلَْوَه ِر ُّ
وهبَاَ ،و ْ صها ومش ِ ِ ِ ِِ ِ صي رِ ُّ ِ
يف ا ْحلَاذ ُق ِمبَْع ِرفَة النُّ ُقود َجيِّد َها َوَرديئ َهاَ ،و َخالَ ِ َ َ َ ُ ص ال ه ْ َ ِمبَْع ِرفَتِ ِهَ ،ك َما َيَْتَ ُّ
ضك أَنههُ يُ ْعَر ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
ب َم ْع ِرفَتهَ ،وََل يُق ُيم َعلَْيه َدل ًيال لغَ ِْريهَ ،وآيَةُ ذَل َ اْلَو ِاه ِر ،وُكلٌّ ِم ْن َه ُؤََل ِء ََل ميُْ ِكن أَ ْن يُ َعِّرب َع ْن َسبَ ِ ِِ ِ
َ ُ ابنْت َقاد ْ َ َ
ٍّ"( )3
اب فِ ِيه ِم ْن َغ ِْري ُم َواطَأَةاْلو ِ ِ ِ احد علَى مج ٍّ ِ احل ِد ُ ِ
اعة مم ْهن يَ ْعلَ ُم َه َذا الْع ْل َم ،فَيَ تهف ُقو َن َعلَى ََْ
يث الْ َو ُ َ ََ َ َْ
"( .)4
صْي َرفِيًّا يف احلديث ،كنت أمسع من الرجال فأعرض عليه ما مسعته قال األعمش" :كان إبراهيم النخعي َ
وقال عمرو بن قيس" :ينبغي لص احب احلديث أن يكون مثل الصرييف الذي ينقد الدراهم ،فإن الدراهم فيها الزائف
والبهرج وكذا احلديث""(..)5
وقال األوزاعي" :كنا نسمع احلديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف على الصيارفة ،فما عرفوا أخذان،
"( )6
وما أنكروا تركنا
132
[ ]4إىل أي إسناد يتطرق التعليل؟
خنلص من ذلك إىل أن التعليل إَّنا يتطرق إىل اْلسناد الذي ظاهره الصحة؛ ألن املردود بسبب ظاهر يسهل معرفته.
[ِ ]5مبَ تدرك العلة؟
إدراك العلة مبفهومها اخلاص ليس أمرا سهال هينا ،بل َل بد من معرفة الطرق ،والشواهد واملتابعات ،وهذا يتطلب ملكة
خاصة ،من سعة احلفظ ،ودقة الفهم ،والقدرة على النقد والتحليل.
الناقد
تنضم إىل ذلك يهتدي اْلهب ُذ ،أيُ : ائن ُّ ِ ِِ ِ قال احلافظ العراقيُ " :
وتدرك العلةُ بتفرد الراوي ،ومبخالفة غريه له ،مع قر َ
اهم بغ ِري َ
ذلك، ٍّ
حديث ،أو وه ِم و ٍّ حديث يفٍّ فوع ،أو ِ
دخول وقف يف املر ِ اطالع ِه على ِ
إرسال يف املوصول ،أو ٍّ ِ بذلك إىل
ِ
احلديث .وإ ْن ِل ِ
بصحة أح َج َم عن احلك ِم ِ غلب على ظنِّ ِه ذلك ،فأمضاهُ،
وحكم به ،أو ترهد َد يف ذلك فوقف و ْ
َ ِبيث َ
ُ
ِ ( .)1 ِ ِ يغلب على ِ
التعليل بذلك مع كون احلديث ِّ
املعل ظاهرهُ السالمةُ من العلّة" ظنه صحةُ ِ ْ
وإمنا ميكن ذلك من خالل عدة خطوات ،وهذه اخلطوات هي:
أوالًَ :جع طرق احلديث:
وذلك بتتبع الرواَيت واألسانيد ،ومعرفة الزَيدات يف املتون واألسانيد ،واملخالفات ،فيعرف بذلك املوقوف واملرفوع،
واملرسل واملوصول ،واملدلس ،واملرسل اخلفي ،والشاذ ،واملنكر ،واملدرج ،واملقلوب ،واملص هحف ،واحملهرف ،واملضطرب،
واملنقطع واملتصل.
وقد كان احملدثون يهتمون بذلك ويؤكدون عليه:
ضها بِبَ ْعض تيَ َميهز صحيحها من سقيمها ويتبني ُرَواة ِض َعاف قال اإلمام مسلم" :فبجمع َه ِذه ِ
الرَو َاَيت ومقابلة بَ ْع َ
ّ
"( )2
األخبار من أضدادهم من ا ْحلفاظ
قال أمحد بن حنبل" :احلديث إذا ِل جتمع طرقه ِل تفهمه واحلديث يفسر بعضه بعضا
"( )3
قال حيىي بن معني " :لو ِل نكتب احلديث من ثالثني وجها ما عقلناه
"( )4
"( )6
وقال عبد هللا بن املبارك" :إذا أردت أن يصح لك احلديث فاضرب بعضه ببعض
وقال اخلطيب البغدادي " :والسبيل إىل معرفة علة احلديث أن جيمع بني طرقه وينظر يف اختالف رواته ويعترب مبكاهم من
"( )7
احلفظ ومنزلتهم يف اْلتقان والضبط
133
اثنياً :املوازنة بني الطرق :ويف هذه اخلطوة يتم املقارنة بني طرق احلديث بعد مجعها ،فإن اتفقت الطرق وِل يوجد بينها
اختالف علمنا حينئذ سالمة احلديث من العلة.
قال ابن حجر " :مث بني السبيل إىل معرفة سالمة احلديث من العلة وهو :أن جتتمع طرقه ،فإن اتفقت رواته واستووا
"( )1
ظهرت سالمته ،وإن اختلفوا أمكن ظهور العلة ،فمدار التعليل يف احلقيقة على بيان اَلختالف
مث إذا وجد اخلالف فُيبدأ أوَل ابْلمع ،فإن ِل ميكن اْلمع فالرتجيح ،فإن ِل ميكن اْلمع وَل الرتجيح فيحكم ابَلضطراب.
قال ابن الصالح" :ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي ،ومبخالفة غريه له ،مع قرائن تنضم إىل ذلك تنبه العارف هبذا
الشأن على إرسال يف املوصول ،أو وقف يف املرفوع ،أو دخول حديث يف حديث ،أو وهم واهم بغري ذلكِ ،بيث يغلب
"( .)2
على ظنه ذلك ،فيحكم به ،أو يرتدد فيتوقف فيه .وكل ذلك مانع من احلكم بصحة ما وجد ذلك فيه
وهناك أحاديث ليس فيها اختالف يف طرقها ،وإَّنا تدرك علتها ِبمور أخرى:
وقال ابن رجب احلنبلي" :حذاق النقاد من احلفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ،ومعرفتهم ابلرجال وأحاديث كل واحد
منهم ،هلم فهم خاص يفهمون به أن هذا احلديث يشبه حديث فالن وَل يشبه حديث فالن فيعللون األحاديث بذلك.
"(.)3
وهذا مما َل يعرب عنه بعبارة حتصره وإَّنا يرجع فيه أهله إىل جمرد الفهم ،واملعرفة ،اليت خصوا هبا عن سائر أهل العلم
ومن األمثلة على ذلك:
( )1قال البخاري :حدثنا حممد بن كثري ،أخربان إسرائيل ،أخربان عثمان بن املغرية ،عن جماهد ،عن ابن عمر رضي هللا
عنهما ،قال :قال النيب صلى هللا عليه وسلم" :رأيت عيسى وموسى وإبراهيم ،فأما عيسى فأمحر َج ْع ٌد عريض الصدر،
ِ "(.)4
الز ّط
وأما موسى ،فآدم جسيم سبط كأنه من رجال ُّ
قال القسطالين " :تعقبه احلافظ أبو ذر كما هو هبامش اليونينية ونقله عنه غري واحد من األئمة ِبن الصواب ابن عباس
بدل ابن عمر ،فالغلط من الفربري أو البخاري حدث به كذا ،وجزم به الغساين والتيمي وغريَها وهو احملفوظ ،واحتج
"( )5
لذلك ِبنه يف مجيع الطرق عن حممد بن كثري وغريه عن جماهد عن ابن عباس رضي هللا عنهما
وقال ابن حجر" :الصواب ان جماهدا اَّنا روى هذا عن بن عباس
"( )6
وقال ابن امللقن " :قال أبو مسعود احلافظ :أخطأ البخاري يف قوله( :جماهد عن ابن عمر) ،وإَّنا رواه حممد بن كثري
وإسحاق بن منصور السلويل وابن أيب مائدة وحيىي بن آدم وغريهم عن إسرائيل عن عثمان ،عن جماهد ،عن ابن عباس
"( )7
رضي هللا عنهما ،وقد نبه أبو ذر يف نسخته على ذلك
134
واحلديث يف نسخة أيب ذر اهلروي من رواية ابن عباس وليس من رواية ابن عمر.
وذكر ابن عمر وهم من أحد رواته.
( )2قال البخاري :حدثنا عبد هللا بن يوسف :أخربان مالك ،عن محيد ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنه ،أن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم هى عن بيع الثمار حَ تزهي ،فقيل له :وما تزهيق قال :حَ حتمر.
»(.)1
فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :أرأيت إذا منع هللا الثمرة ،مب أيخذ أحدكم مال أخيه
قال الدارقطين" :وقد خالف مالكاً مجاعة منهم إمساعيل بن جعفر وابن املبارك وهشيم ومروان ويزيد بن هارون وغريهم
"()2
قالوا فيه قال أنس :أرأيت إن منع هللا الثمرة
قال ابن حجر" :سبق الدارقطّن إىل دعوى اْلدراج يف هذا احلديث أبو حامت وأبو مرعة الرامَين وابن خزمية وغري واحد
" ( )3
من أئمة احلديث كما أوضحته يف كتايب تقريب املنهج برتتيب املدرج
وقال ابن أيب حامت يف العلل" :هذا خطأ؛ إَّنا هو كالم أنس
"()4
( )3قال احلاكم :وحدثنا علي بن محشاذ ،ثنا علي بن عبد العزيز ،ثنا احلضرمي حممد بن شجاع ،أنبأ املبارك بن سعيد،
عن عمر بن سعيد ،عن عكرمة ،عن ابن عباس ،رضي هللا عنهما قال« :كان أحب الطعام إىل رسول هللا صلى هللا عليه
»()5
وسلم الثريد
وقال احلاكم" :هذا حديث صحيح اْلسناد وِل َيرجاه فإن عمر بن سعيد هذا أخو سفيان واملبارك ابنا سعيد.
فهذا إسناد ظاهره الصحة ،وقد صححه احلاكم ووافقه الذهيب.
وجبمع طرقه تبني أن يف إسناده رجال جمهوَل رواه عن عكرمة ،وقد سقط من رواية احلاكم.
وقد أخرجه أبو داود يف سننه ،فقال :حدثنا حممد بن حسان السميت ،حدثنا املبارك بن سعيد ،عن عمر بن سعيد ،عن
رجل ،من أهل البصرة عن عكرمة ،عن ابن عباس ،قال" :كان أحب الطعام إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الثريد
"(.)6
من اخلبز ،والثريد من احليس
قال أبو داود :وهو ضعيف.
قال احلافظ ابن حجر " :إذا وقعت العلة يف اْلسناد قد تقدح وقد َل تقدح وإذا قدحت فقد ختصه وقد تستلزم القدح
"()7
يف املنت ،وكذا القول يف اْلسناد فاألقسام على هذا ستة
ومن خالل كالم احلافظ ابن حجر ميكن تقسيم العلة بعدة اعتبارات:
)(1أخرجه البخاري :كتاب البيوع– ابب إذا ابع الثمار قبل أن يبدو صالحها ،مث أصابته عاهة فهو من البائع– رقم(.)2198
)"(2اْللزامات والتتبع للدارقطّن"( ،)360/1دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.
)"(3فتح الباري" (.)360/1
)"(4العلل َلبن أيب حامت"( ،)610/3مطابع احلميضي.
)(5أخرجه احلاكم يف املستدرك :كتاب األطعمة –)129/4( -رقم(.)7117
)(6أخرجه أبو داود :كتاب -ابب يف أكل الثريد– رقم(.)3783
) "(7النكت على كتاب ابن الصالح"(َ )115/1لبن حجر العسقالين.
135
تقسيمات العلة:
[ ]6تقسيم العلة حبسب أتثريها :فالعلة ِبسب َتثريها على قسمني:
( )1علة قادحة :وهي العلة اليت يُ ّ
ضعف احلديث من أجلها.
( )2علة غري قادحة :وهي العلة اليت َل يُضعف هبا احلديث.
[ ]7تقسيم العلة حبسب حملها :فالعلة ِبسب حملها على قسمني أيضاً:
( )1علة يف اإلسناد :وهي العلة اليت تقع يف إسناد احلديث.
( )2علة يف املنت :وهي العلة اليت تقع يف منت احلديث.
املنت بَِقطْ ِع ُم ْسنَ ِد
قال احلافظ العراقي يف ألفيته :وْهي َِجتيء َغالِباً يف ال هسنَ ِد ...تَ ْق َدح يف ْ ِ
ُ َ َ ُ
[ ]8تقسيم العلة حبسب أتثريها وحملها معاً:
من خالل التقسيمني السابقني ميكن لنا ظهور هذا التقسيم الثالث ،فاألقسام على هذا ستة:
( )1إذا كانت العلة يف اإلسناد وال تقدح مطلقا :مثل ما يوجد مثالً من حديث مدلس ابلعنعنة ،فإن ذلك علة
توجب التوقف عن قبوله ،فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح فيها ابلسماع تبني أن العلة غري قادحة.
وكذا إذا اختلف يف اْلسناد على بعض رواته ،فإن ظاهر ذلك يوجب التوقف عنه ،فإن أمكن اْلمع بينها على طريق
أهل احلديث ابلقرائن اليت حتف اْلسناد تبني أن تلك العلة غري قادحة.
( )2إذا كانت العلة يف اإلسناد وتقدح فيه دون املنت :مثل من بدهل راوَي ثقةً بر ٍّاو ثقةٍّ.
فإن استبدل ثقة بضعيف ،وتبني الوهم فيه استلزم القدح يف املنت أيضاً إن ِل يكن له طريق أخرى صحيحة.
( ) 3إذا كانت العلة يف املنت دون اإلسناد وال تقدح فيهما :مثل ما وقع من اختالف ألفاظ كثرية من أحاديث
الصحيحني إذا أمكن رد اْلمع إىل معىن واحد ،فإن القدح ينتفي عنها.
( )4إذا كانت العلة يف املنت واستلزمت القدح يف اإلسناد :مثل ما يرويه راو ابملعىن الذي ظنه ،واملراد بلفظ احلديث
غري ذلك ،فإن ذلك يستلزم القدح يف الراوي فيعلل اْلسناد.
( )5إذا كانت العلة يف املنت دون اإلسناد :مثل ما أخرجه مسلم يف صحيحه عن أنس بن مالك ،أنه رضي هللا عنه،
قال " :صليت خلف النيب صلى هللا عليه وسلم وأيب بكر ،وعمر ،وعثمان ،فكانوا يستفتحون ب احلمد هلل رب العاملني،
"()1
َل يذكرون"بسم هللا الرمحن الرحيم"[الفاحتة ]1 :يف أول قراءة وَل يف آخرها
فهذا احلديث سنده صحيح ومتنه ضعيف لوجود العلة فيه وهو أن األكثرين إَّنا قالوا فيه فكانوا "يستفتحون القراءة
ابحلمد هلل رب العاملني من غري تعرض لنفي البسملة وهكذا اتفق الشيخان على إخراجه فمن رواه كاللفظ املتقدم وفهم
من قوله" كانوا يستفتحون ابحلمد أهم كانوا َل يبسملون فصرح به وأخطأ ألنه قد ثبت عن أنس أنه سئل عن اَلفتتاح
ابلبسملة فذكر أنه َل حيفظ فيه شيئا عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
واْلواب أن يف قول ابن الصالح مع سائر األوصاف ما يدفع هذا اَلعرتاض ألن من مجلتها انتفاء العلة وهي ها هنا
) (1أخرجه مسلم :كتاب الصالة– ابب حجة من قال َل جيهر ابلبسملة– رقم (.)399
136
موجودة فليس صحة اْلسناد وحده مقتضيا للصحة حَ يرد هذا نعم ينبغي التأمل والنظر بني قوهلم هذا حديث
صحيح وهذا إسناد صحيح وبينهما فرق فإن الثاين يريدون به اتصال اْلسناد وعدم انقطاعه َل جودة الرجال فرمبا كان
"()1
منت احلديث ضعيفا وإسناده
[ ]9حكم احلديث املعل :احلديث املعل بعلة قادحة ،ضعيف مردود ،سواء كانت العلة يف السند ،أو يف املنت.
[ ]10أشهر املصنفات يف علم علل احلديث:
( )1كتاب العلل ،لعلي بن املديّن.
(" )2علل احلديث"َ ،لبن أيب حامت الرامي.
(" )3العلل ومعرفة الرجال" ،ألمحد بن حنبل.
(" )4العلل الكبري" ،و"العلل الصغري" ،للرتمذي.
(" )5العلل الواردة يف األحاديث النبوية" للدارقطّن.
) "(1النكت على مقدمة ابن الصالح"( )118/1للزركشي ،الناشر :أضواء السلف – الرَيض.
137
الفصل الثامن
أقسام احلديث ابلنسبة إىل من أسند إليه
أوال :احلديث القدسي
[ ]1تعريفه:
احلديث القدسي لغة :كلمة القدسي ،نسبة إىل التقديس ،وهي نسبة تدل على التشريف والتعظيم ،ألن مادة هذه
يس هو تَْن ِزيهُ هللا تعاىل .والتقديس هو التطهري .ومنه األرض املقدسة، ِ
الكلمة تدل على التنزيه والتطهري يف اللغة .فالته ْقد ُ
وبيت املقدس.
ويقا ُل :ال َقدُّوس فَ ُّعول ِم َن ال ُق ْدسَ ،وُه َو الطه َه َارةُ .وتقدس :أي تطهر ،وقد قال هللا تعاىل حكاية عن مالئكتهَ " :وَْحن ُن
ك" [البقرة ،] :أي نعظمك ونكربك ِ ِ ِ ِ
س لَ َ
نُ َسبّ ُح ِبَ ْمد َك َونُ َق ّد ُ
(.)1
139
اثنيا :الفرق بينهما من حيث الداللة على األحكام الشرعية:
تكاد ختلو األحاديث القدسية من األحكام التكليفية ،ومن اْلجابة عن مسائل معينة ،أو معاْلة وقائع معينة ،وإَّنا
عز وجل وكمال قدرته وعظمته وسعة املالحظ أها تؤدي نوعا من التوجيه الرابين العظيم ،مما يتعلق بصحة العقيدة ابهلل ّ
رمحته ،وبسالمة السلوك وصحة العمل الذي ينسجم مع تلك العقيدة.
بينما األمر خمتلف يف األحاديث ال نبوية ،فهي تشتمل فيما تشتمل عليه على أحاديث األحكام ،سواء ابلسنة القولية أو
الفع لية أو التقريرية ،إضافة إىل معاْلتها للوقائع واألحداث ،ومشوهلا ْلميع اْلوانب.
اثلثا :الفرق بينهما من حيث درجة الثبوت:
األحاديث القدسية واألحاديث النبوية سواء يف طرق ثبوهتا ،فقد تثبت ابلتواتر ،أو ابآلحاد ،وختضع يف احلكم عليها لعلم
اْلرح والتعديل يف دراسة أسانيدها ،فيكون منها مجيعا الصحيح ،واحلسن ،والضعيف ،بل واملوضوع.
[ ]4من أمثلة احلديث القدسي:
( )1ما أخرجه مسلم يف صحيحه ،عن أيب هريرة رضي هللا عنه ،قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :قال هللا تبارك
الش ْرِكَ ،م ْن َع ِم َل َع َم ًال أَ ْشَرَك فِ ِيه َمعِي َغ ِْريي ،تََرْكتُهُ َو ِش ْرَكهُ" ِ
وتعاىل" :أ ََان أَ ْغ َىن الشَُّرَكاء َع ِن ِّ
(.)1
( )2ما أخرجه الشيخان ،عن أيب هريرة رضي هللا عنه ،قال :قال النيب صلى هللا عليه وسلم :يقول هللا تعاىل" :أ ََان ِعْن َد
ظَ ِّن َعْب ِدي ِيبَ ،وأ ََان َم َعهُ إِذَا ذَ َكَرِين ،فَِإ ْن ذَ َكَرِين ِيف نَ ْف ِس ِه ذَ َك ْرتُهُ ِيف نَ ْف ِسيَ ،وإِ ْن ذَ َكَرِين ِيف َم ٍَّإل ذَ َك ْرتُهُ ِيف َم ٍَّإل َخ ٍّْري ِمْن ُه ْم،
ت إِلَْي ِه َاب ًعاَ ،وإِ ْن أ ََاتِين ميَْ ِشي أَتَْي تُهُ َه ْرَولَةً" يل بِ ِش ٍّرب تَ َقهربت إِلَي ِه ِذراعا ،وإِ ْن تَ َقهرب إِ َه ِ وإِ ْن تَ َقهر َ ِ
اعا تَ َقهربْ ُ
يل ذ َر ً ب إ َه ْ ْ ُ ْ َ ً َ
(.)2
َ َ
( )3ما أخرجه الرتمذي يف سننه بسند صحيح ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنه ،قال :مسعت رسول هللا صلى هللا عليه
ِ
يك َوََل أ َُابِيلََ ،ي ابْ َن ك َعلَى َما َكا َن ف َ ت لَ َ هك َما َد َع ْوتَِّن َوَر َج ْوتَِّن َغ َف ْر ُ آد َم إِن َ وسلم يقول" :قال هللا تبارك وتعاىلََ " :ي ابْ َن َ
اب األ َْر ِ هك لَو أَتَْي تَِّن بِ ُقر ِ ك ،وََل أُابِيلَ ،ي ابْن َ ِ ِ
ض َخطَ َاَي مثُه َ آد َم إن َ ْ ت لَ َ َ َ َ َ استَ ْغ َف ْرتَِّن َغ َف ْر ُ
ك َعنَا َن ال هس َماء مثُه ْ ت ذُنُوبُ َآد َم لَ ْو بَلَغَ ْ
َ
ِ "(.)3 ِ
ك بِ ُقَر ِاهبَا َم ْغفَرةً
لَقيتَِّن ََل تُ ْش ِرُك ِيب َشْي ئًا َألَتَْي تُ َ
( )4ما أخرجه مسلم يف صحيحه ،عن أيب ذر رضي هللا عنه ،عن النيب صلى هللا عليه وسلم ،فيما روى عن هللا تبارك
ال إِهَل ِ ِ ِ ِ ِ
ض ٌّت الظُّْل َم َعلَى نَ ْفسيَ ،و َج َع ْلتُهُ بَْي نَ ُك ْم ُحمَهرًما ،فَ َال تَظَالَ ُمواََ ،ي عبَادي ُكلُّ ُك ْم َ وتعاىل أنه قالََ " :ي عبَادي إِِّين َحهرْم ُ
ار ،إِهَل استَطْعِم ِوين أُطْعِ ْم ُك ْمََ ،ي ِعبَ ِادي ُكلُّ ُك ْم َع ٍّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
استَ ْه ُدوين أ َْهد ُك ْمََ ،ي عبَادي ُكلُّ ُك ْم َجائ ٌع ،إهَل َم ْن أَطْ َع ْمتُهُ ،فَ ْ ُ َم ْن َه َديْتُهُ ،فَ ْ
استَ غْ ِف ُر ِوين أَ ْغ ِف ْر ِ
وب َمج ًيعا ،فَ ْ هها ِرَ ،وأ ََان أَ ْغ ِفر ُّ
الذنُ َ ُ
ِ ِ ِ
ْس ِوين أَ ْك ُس ُك ْمََ ،ي عبَادي إِنه ُك ْم ُختْطئُو َن ِابللهْي ِل َوالن َ استَك ُ َم ْن َك َس ْوتُهُ ،فَ ْ
آخَرُك ْم َوإِنْ َس ُك ْم لَ ُكمَ ،ي ِعب ِادي إِنه ُكم لَن تَب لُغُوا ض ِري فَتضُّر ِوين ولَن تَب لُغُوا نَ ْفعِي ،فَت ْن َفع ِوينَ ،ي ِعب ِادي لَو أَ هن أ هَولَ ُكم و ِ
ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ ُ َ ْ ْ ْ ْ ْ ْ َ َ
آخَرُك ْم َوإِنْ َس ُك ْم اح ٍّد ِمْن ُكم ،ما ماد ذَلِك ِيف م ْل ِكي َشي ئاَ ،ي ِعب ِادي لَو أَ هن أ هَولَ ُكم و ِ ب رج ٍّل و ِ ِ ِ
َْ ْ ًْ َ َ ْ َ ََ َ ُ َوجنه ُك ْم َكانُوا َعلَى أَتْ َقى قَ ْل َ ُ َ
) (1أخرجه مسلم :كتاب الزهد والرقائق– ابب من أشرك يف عمله غري هللا– رقم(.)2985
) (2أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب التوحيد– ابب قول هللا تعاىل{ :وحيذركم هللا نفسه} [آل عمران – ]28 :رقم(.)7405
ومسلم يف صحيحه :كتاب الذكر والدعاء والتوبة– ابب احلث على ذكر هللا تعاىل– رقم(.)2675
) (3أخرجه الرتمذي :أبواب الدعوات– ابب – رقم(.)3540
140
آخَرُك ْم َوإِنْ َس ُك ْم اح ٍّد ،ما نَ َقص ذَلِك ِمن م ْل ِكي َشي ئاَ ،ي ِعب ِادي لَو أَ هن أ هَولَ ُكم و ِ ب رج ٍّل و ِ ِ ِ
ْ َ ْ ًْ َ َ َ َ ْ ُ َ َوجنه ُك ْم َكانُوا َعلَى أَفْ َج ِر قَ ْل َ ُ َ
ط إِذَا ص الْ ِم ْخيَ ُ ان مسأَلَتَهُ ،ما نَ َقص ذَلِ َ ِ ِ ِ ِ ِ ٍّ وِجنه ُكم قَاموا ِيف ِ ٍّ ِ ٍّ
صعيد َواحد فَ َسأَلُ ِوين فَأ َْعطَْي ُ
ك ممها عْندي إهَل َك َما يَْن ُق ُ َ َ ت ُك هل إنْ َس َ ْ َ َ ْ ُ
ِ ِ
ص َيها لَ ُك ْم ،مثُه أ َُوفّي ُك ْم إِ هَي َها ،فَ َم ْن َو َج َد َخْي ًرا ،فَ ْليَ ْح َمد هللاَ َوَم ْن َو َج َد َغْي َر ِ ِ
أ ُْد ِخل الْبحرَ ،ي عبادي إِهَّنَا هي أ َْعمالُ ُكم أُح ِ
ِ
َ َ ْ ْ َ َ َْ َ َ
وم هن إِهَل نَ ْف َسهُ" ِ
ك ،فَ َال يَلُ َ
ذَل َ
(.)1
( )5ما أخرجه الشيخان ،عن ابن عباس رضي هللا عنهما ،عن النيب صلى هللا عليه وسلم ،فيما يروي عن ربه عز وجل
ك ،فَ َم ْن َه هم ِِبَ َسنَ ٍّة فَلَ ْم يَ ْع َم ْل َها َكتَ بَ َها ا هَّللُ لَهُ ِعْن َدهُ َح َسنَةً َك ِاملَةً، ات مثُه ب ه ِات وال هسيِئ ِ ِ قال :قال" :إِ هن ه
ني َذل َ
ََ ب احلَ َسنَ َ َّ اَّللَ َكتَ َ
اف َكثِ َريةٍَّ ،وَم ْن َه هم بِ َسيِّئَ ٍّة فَلَ ْم
َضع ٍّ ِ ِ ِ ٍّ ٍّ
اَّللُ لَهُ عْن َدهُ َع ْشَر َح َسنَات إِ َىل َسْب ِع مائَة ض ْعف إِ َىل أ ْ َ
فَِإ ْن هو ه هم ِهبا فَع ِملَها َكت ب ها ه ِ
ُ َ َ َ َ َ ََ َ
اَّلل لَه ِعْن َده حسنَةً َك ِاملَةً ،فَِإ ْن هو ه هم ِهبا فَ ع ِملَها َكت ب ها ا هَّلل لَه سيِئةً و ِ
اح َد ًة يَ ْع َم ْل َها َكتَ بَ َها هُ ُ ُ َ َ
"(.)2
ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َّ َ
صيَ ُغ روايته :لراوي احلديث القدسي صيغتان يروي احلديث ِبيهما شاء ،وَها: [ِ ]5
( )1قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل.
( )2أو قال هللا تعاىل ،فيما رواه عنه رسوله صلى هللا عليه وسلم.
[ ]6أشهر املصنفات يف األحاديث القدسية:
(" )1اْلحتافات السنية ابألحاديث القدسية" ،لعبد الرءوف املناوي ،مجع فيه 272حديثا.
(" )2األحاديث القدسية مجعا ودراسة" ،للدكتور عمر علي عبد هللا حممد ،مكتبة جامع العلوم واحلكم ،املدينة املنورة،
الطبعة األوىل ،واشتمل كتابه على ثالث وَثانني وأربعمائة حديث ،الصحيح واحلسن منها اثنان وثالَثائة حديث.
(" ) 3األحاديث القدسية األربعينية" للمال علي القاري ،ويشتمل على أربعني حديثا.
( )4املقاصد السنية يف األحاديث اْلهلية" ،لعلي بن بلبان املقدسي ،ويشتمل على مائة حديث.
( )5اْلامع يف األحاديث القدسية" ،عبد السالم بن حممد بن عمر علوش.
(" )6اْلواهر السنية يف األحاديث القدسية" ،حممد بن احلسن العاملي.
) (1أخرجه مسلم :كتاب الرب والصلة– ابب حترمي الظلم– رقم(.)2577
) (2أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب الرقاق – ابب من هم ِبسنة أو بسيئة– رقم(.)6491
ومسلم يف صحيحه :كتاب اْلميان– ابب إذا هم العبد ِبسنة كتبت ،وإذا هم بسيئة ِل تكتب– رقم(.)131
141
اثنيا :احلديث املرفوع
[ ]1تعريف احلديث املرفوع لغة واصطالحا:
املرفوع لغةً :اسم مفعول من الفعل رفع يرفع رفاعة ،فهو رفيع إذا شرف ،والرفعة :نقيض الذلة ،وهي أيضا خالف
(.)1
الضعة
كأنه مسي بذلك؛ لنسبته إىل صاحب املقام الرفيع ،وهو النيب صلى هللا عليه وسلم.
اصطالحا:
ً املرفوع
تعريف اخلطيب البغدادي:
قال اخلطيب" :واملرفوع :ما أخرب فيه الصحايب عن قول الرسول صلى هللا عليه وسلم أو فعله
"(.)2
فخصصه ابلصحايب ،فيخرج عنه مرسل التابعي عن النيب صلى هللا عليه وسلم.
فإما أن يقصد اخلطيب ابملرفوع املتصل يف مقابلة غري املرفوع وهو املرسل ،أو أن حيمل كالمه على الغالب ،وهو أن أكثر
األحاديث املرفوعة يرفعها الصحايب.
وإَل فإن التقييد ابلصحايب َل يصح ،ألن املرفوع ،واملوقوف ،واملقطوع ،من صفات املنت ،وليست من صفات السند.
تعريف ابن الصالح:
قال ابن الصالح" :هو ما أضيف إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خاصة ،وَل يقع مطلقه على غري ذلك ،حنو
"(.)3
املوقوف على الصحابة وغريهم
والتعريف املختار :ما أضيف إىل النيب صلى هللا عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ،أو صفة خلقية أو خلقية.
شرح التعريف:
أي هو ما نسب أو ما أسند إىل النيب صلى هللا عليه وسلم ،وسواء كان هذا املضاف قوَل للنيب صلى هللا عليه وسلم ،أو
منقطعا ،فيدخل فيه
ً متصال كان اْلسناد ،أو
فعال ،أو تقريرا ،أو صفة ،وسواء كان املضيف هو الصحايب ،أو من دونهً ،
املرفوع املوصول ،واملرسل ،واملتصل ،واملنقطع ،هذا هو املشهور يف حقيقته.
قال ابن الصالح " :ويدخل يف املرفوع املتصل ،واملنقطع ،واملرسل ،وحنوها ،فهو واملسند عند قوم سواء ،واَلنقطاع
""(.)4
واَلتصال يدخالن عليهما مجيعا
[ ]2أقسام احلديث املرفوع :يتبني من التعريف أن أقسام احلديث املرفوع أربعة أقسام ،وهي:
( )1املرفوع القويل :وهو أن يقول الصحايب أو من دونه :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كذا ،أو مسعته يقول كذا.
مثاله :ما أخرجه البخاري ،بسنده عن أيب هريرة رضي هللا عنه ،قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :إذا أحسن
( )2املرفوع الفعلي :وهو أن يقول الصحايب أو من دونه :فعل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كذا ،أو رأيته يفعل كذا.
مثاله :ما أخرجه البخاري بسنده ،عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال" :احتجم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو
"( )2
حمرم
( )3املرفوع التقريري :وهو أن يقول الصحايب أو من دونه" :فُعِ َل كذا ِبضرة النيب صلى هللا عليه وسلم".
وذلك ألن النيب صلى هللا عليه وسلم َل يسكت على منكر ،أو خطأ ،وَل يؤخر البيان عن وقته.
مثاله :ما أخرجه أبو داود يف سننه بسند صحيح ،عن عمرو بن العاص رضي هللا عنه ،قال :احتلمت يف ليلة ابردة يف
غزوة ذات السالسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ،مث صليت ِبصحايب الصبح فذكروا ذلك للنيب صلى هللا
عليه وسلم فقالَ" :ي عمرو صليت ِبصحابك وأنت جنبق".
فأخربته ابلذي منعّن من اَلغتسال وقلت إين مسعت هللا يقول":وَل تقتلوا أنفسكم إن هللا كان بكم رحيما"[النساء]29 :
"( )3
فضحك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وِل يقل شيئا
لق أو ُخ ِ
لق رسول هللا صلى هللا ( )4املرفوع الوصفي :وهو أن يقول الصحايب أو من دونه كالما من عنده يف وصف َخ ِ
عليه وسلم.
من أمثلته:
س( )1ما أخرجه البخاري بسنده ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنه ،قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لَْي َ
س ِاب ْْلَ ْع ِد ال َقطَ ِطَ ،وَلَ ِابل هسْب ِط ،بَ َعثَهُ ه
اَّللُ َعلَى َرأْ ِس ض األ َْمه ِق ،ولَْي ِ ِ
س ابْآل َدمَ ،ولَْي ََ َ َ
ص ِريَ ،وَلَ ِابألَبْيَ ِ ِابلطه ِو ِيل البائِ ِن ،وَلَ ِابل َق ِ
َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
س ِيف َرأْسه َوحلْيَته ع ْش ُرو َن َش ْعَرًة بَْي َ
ضاءَ نيَ ،وِابلْ َمدينَة َع ْشَر سن َ
ني ،فَتَ َوفهاهُ ه
اَّللُ َولَْي َ ني َسنَةً ،فَأَقَ َام مبَ هكةَ َع ْشَر سن َ أ َْربَع َ
"( )4
( )2ما أخرجه البخاري ومسلم يف صحيحيهما ،عن أيب سعيد اخلدري رضي هللا عنه ،قال" :كان النيب صلى هللا عليه
الع ْذ َر ِاء ِيف ِخ ْد ِرَها ،فَِإ َذا َرأَى َشْي ئًا يَكَْرُههُ َعَرْف نَاهُ ِيف َو ْجهه
ِ ِ"( )5 ِ
َش هد َحيَاءً م َن َ وسلم أ َ
( )3ما أخرجه أمحد يف مسنده بسند صحيح ،عن سعد بن هشام ،قال :سألت عائشة رضي هللا عنها ،فقلت :أخربيّن
( )6
عن خلق رسول هللا صلى هللا عليه وسلمق فقالت " :كان خلقه القرآن"
) (1أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب اْلميان– ابب حسن إسالم املرء– رقم(.)42
) (2أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب جزاء الصيد– ابب احلجامة للمحرم– رقم(.)1835
) (3أخرجه أبو داود يف سننه :كتاب الطهارة– ابب إذا خاف اْلنب الربد أيتيمم– رقم(.)334
) (4أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب املناقب– ابب صفة النيب صلى هللا عليه وسلم – رقم(.)3548
أمهق :خالص البياض .آدم :شديد السمرة .جعد :متكسر الشعر .قطط :شديد اْلعودة .سبط :مسرتسل الشعر ضد اْلعد.
) (5أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب األدب– ابب من ِل يواجه الناس ابلعتاب– رقم(.)6102
ومسلم يف صحيحه :كتاب الفضائل– ابب كثرة حيائه صلى هللا عليه وسلم– رقم(.)2320
العذراء :البكر ألن عذرهتا ابقية وهي جلدة البكارة .خدرها :اخلدر سرت جيعل للبكر يف جنب البيت.
عرفناه يف وجهه :أي َل يتكلم به حليائه بل يتغري وجهه فنفهم حنن كراهته.
) (6أخرجه أمحد يف مسنده – )183/42( :رقم(.)25302
143
اثلثا :احلديث املوقوف
[ ]1تعريف املوقوف لغة واصطالحا:
ِ
هار وقفا
ت الد َ
ت َوَوقَ ْفتُ َها أ ََانَ ،وَوقَ ْف ُ
ف َوْق ًفا َوُوقُوفًا َس َكنَ ْ املوقوف لغة :اسم مفعول ،من "الوقف" .ويقال َوقَ َف ْ
ت الدهابهةُ تَق ُ
( .)1
ف أيضا تسمية ابملصدر حبستها يف سبيل هللا ،وشيء موقوف َوَوْق ٌ
كأن الراوي وقف ابحلديث عند الصحايب ،وِل يتجاومه.
املوقوف اصطالحا:
تعريف اخلطيب البغدادي:
قال اخلطيب" :واملوقوف ما أسنده الراوي إىل الصحايب وِل يتجاومه
"( )2
التعريف املختار :هو كل حديث أضيف إىل صاحب من أصحاب رسول هللا ،من قول أو فعل أو تقرير أو صفة َخلقية
أو صفة ُخلقية.
شرح التعريف:
أي هو ما نسب أو أسند إىل صحايب ،أو مجع من الصحابة؛ سواء كان هذا املنسوب إليهم قوَل ،أو فعال ،أو تقريرا ،أو
صفة خلقية أو ُخلقية ،سواء كان السند إليهم متصال ،أو منقطعا.
ومسي موقوفا ألنه وقف به عند الصحايب ،وِل يرتفع إىل النيب صلى هللا عليه وسلم.
[ ]2أمثلة احلديث املوقوف:
( )1مثال املوقوف القويل :ما أخرجه الدارمي بسند صحيح ،عن األحنف ،قال :قال عمر":تَ َفق ُ
ههوا قَ ْب َل أَ ْن تُ َس هوُدوا
"( )3
( )2مثال املوقوف الفعلي :ما أخرجه البيهقي بسند صحيح ،عن سعيد بن جبري ،قال ":كان ابن عباس يف سفر معه
"( )4
أانس من أصحاب النيب صلى هللا عليه وسلم فيهم عمار فصلى هبم وهو متيمم
[ ]3اصطالح فقهاء خراسان:
يسمي فقهاء خراسان املرفوع خربا ،واملوقوف أثرا ،ويشهد هلم كالم الشافعي رمحه هللا ،فإنه غالبا يطلق األثر على كالم
الصحابة واحلديث على قول النيب صلى هللا عليه وسلم.
[ ]4املوقوف لفظا ومرفوع حكما:
هناك صور من املوقوف يف ألفاظها وشكلها ،لكن املدقق يف حقيقتها يرى أها مبعىن احلديث املرفوع ،لذا أطلق عليها
العلماء اسم "املرفوع حكما" أي أها من املوقوف لفظا ،املرفوع حكما.
)" (1الكفاية"(ص.)21:
)" (2الكفاية"(ص.)21:
) (3أخرجه الدارمي يف سننه :كتاب املقدمة– ابب يف ذهاب العلم – رقم(.)256
وذكره البخاري معلقا ،كتاب العلم -ابب اَلغتباط يف العلم واحلكمة.
) (4أخرجه البيهقي يف السنن الكربى :كتاب الطهارة – ابب اْلنب أو احملدث جيد ماء لغسله وهو َياف العطش فيتيمم– رقم(.)1110
144
ومن هذه الصور:
( )1أن يقول الصحايب -الذي ِل يعرف عنه األخذ عن أهل الكتاب -قوَل َل جمال للعقل وَلجتهاد فيه ،وليس له تعلق
ببيان لغة ،أو شرح غريب.
ومن أمثلته:
(أ) ما أخرجه احلاكم يف املستدرك ،وصححه ووافقه الذهيب ،عن سعيد بن جبري ،عن ابن عباس رضي هللا عنهما ،قال:
هيب صلهى هللا علَيهِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِِ ِ
يل َعلَْيه ال هس َال ُم يُْن ِزلُهُ َعلَى النِ ِّ َ ُ َ ْ "فُص َل الْ ُق ْرآ ُن م َن ال ّذ ْكر ،فَ ُوض َع يف بَْيت الْعهزة يف ال هس َماء الدُّنْيَا ،فَ َج َع َل ج ْرب ُ
"( )1
َو َسله َمَ ،ويَُرتِّلُهُ تَ ْرتِ ًيال"
فهذا أمر غييبَ ،ل جمال فيه لالجتهاد ابلرأي ،وَل يعرف عن ابن عباس التلقي عن مسلمة أهل الكتاب ،فيكون له حكم
املرفوع إىل النيب صلى هللا عليه وسلم.
(ب) ما أخرجه النسائي بسند حسن ،عن أنس بن سريين ،قال :مسعت أنس بن مالك ،يقول" :إِ هن نُوحا صلهى هللا علَيهِ
ً َ ُ َْ
"( )2 وح ثُلُثَها ،ولِلشهيطَ ِ
ان ثُلُثَْي َها ِ
اصطَلَ َحا َعلَى أَ هن لنُ ٍّ َ َ ْ الَ :ه َذا ِيل ،فَ ْ الَ :ه َذا ِيلَ ،وقَ َ ود الْ َك ْرِم ،فَ َق َ
وسلهم َانمعه الشهيطَا ُن ِيف ع ِ
ُ َ َ َ ََُ ْ
وهذا أيضا كسابقه.
( )2أو َيرب الصحايب أهم كانوا يقولون أو يفعلون كذا ،أو َل يرون ِبسا بكذا.
(أ) فإن أضافه إىل ممن النيب صلى هللا عليه وسلم ،فالصحيح أنه مرفوع.
ول هللاِ صلهى هللا علَيهِ ومثاله :ما أخرجه مسلم يف صحيحه ،عن جابر رضي هللا عنه ،قالُ " :كنها نَ ْع ِزُل َعلَى َع ْه ِد رس ِ
ُ َْ َ َُ
صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم ،فَ لَ ْم يَْن َهنَا وسلهم ،فَب لَغ ذَلِك نَِ ِ
يب هللا َ
"( )3
ََ َ َ َ َ ه
(ب) وإن ِل يضفه إىل ممن النيب صلى هللا عليه وسلم فهو موقوف عند اْلمهور:
"( )4
صعِ ْد َان َكبه ْرَانَ ،وإِ َذا نََزلْنَا َسبه ْحنَا
ومثاله :ما أخرجه البخاري ،عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما ،قالُ " :كنها إِ َذا َ
( )4أو يقول الصحايب" :أمران بكذا ،أو هينا عن كذا ،أو من السنة كذا".
ومن أمثلته:
(أ) ما أخرجه الشيخان ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنه ،قال" :أ ُِمَر بِالَ ٌل أَ ْن يَ ْش َف َع األَ َذا َنَ ،وأَ ْن يُوتَِر ا ِْلقَ َامةَ ،إِهَل ا ِْلقَ َامةَ
"( )5
"( )6
(ب) ما أخرجه الشيخان ،عن أم عطية رضي هللا عنها ،قالتُ " :هِينَا َع ِن اتِّبَ ِاع اْلَنَائِِزَ ،وَِلْ يُ ْعَزْم َعلَْي نَا"
) (1أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب النكاح– ابب إذا تزوج الثيب على البكر– رقم(.)5214
) (2أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب األميان والنذور– ابب إذا حنث انسيا يف األميان– رقم(.)6664
) (3أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب األذان– ابب وضع اليمىن على اليسرى يف الصالة – رقم(.)740
) (4أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب الشهادات– ابب بلوغ الصبيان وشهادهتم– رقم(.)2665
) (5أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب اللباس – ابب قص الشارب– رقم(.)5889
) (6أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب تفسري القرآن – ابب"نساؤكم حرث لكم ["....البقرة ]223 :اآلية – رقم(.)4528
وأخرجه مسلم :كتاب النكاح – ابب جوام مجاعه امرأته يف قبلها ،من قدامها ،ومن ورائها من غري تعرض للدبر – رقم(.)1435
( )7يُنظر :أمساء الصحابة وما لكل واحد منهم من العددَ ،لبن حزم األندلسى ،وتلقيح فهوم أهل األثرَ ،لبن اْلومى ( )363/1وما بعدها.
146
فالتفاوت يف القدرات وامللكات ،والفروق الفردية بني البشر أمر طبيعي ،فالبعض قد يتفوق يف جانب دون جانب ،وقد
َص َدقُهم حياء ُعثْما ُن ،وأَقْ رُؤُهم لِ ِكتَ ِ
اب ْر ،وأَشدُّهم ِيف أَم ِر هِ
قال صلى هللا عليه وسلم" :أ َْر َح ُم أُهم ِيت ِِبُهم ِيت أَبُو بَك ٍّ َ َ ُ ْ ْ
اَّلل ُع َم ُرَ ،وأ ْ ُ ْ َ َ ً َ َ َ ْ
ت ،وأَعلَمهم ِابحل َال ِل واحلرِام معاذُ بن جب ٍّل أَََل وإِ هن لِ ُك ِل أُهم ٍّة أ َِمينا وإِ هن أ َِمني ه ِذهِ
ِ ٍّ ُيب بْن َك ْع ٍّ هِ
َ َ ً َ ّ َ ض ُه ْم َميْ ُد بْ ُن َاثب َ ْ ُ ُ ْ َ َ ََ ُ َ ْ ُ َ َ بَ ،وأَفْ َر ُ اَّلل أ َُّ ُ
()1
األُهم ِة أَبُو ُعبَ ْي َدةَ بْ ُن اْلَهر ِاح"
وعلى ذلك فهناك الفقهاء اجملتهدون من الصحابة ،الذين اشتهروا ابلعلم والفتوى ،وأكثر الصحابة دون ذلك.
حجية قول الصحايب :هناك نقاط حمل اتفاق بني العلماء يف قول الصحايب ،وهي:
( )1قول الصحايب ليس حجة على قول صحايب مثله.
( )2قول الصحايب -إذا صح – حجة فيما له حكم املرفوع.
( )3قول الصحايب الذي مت اَلتفاق عليه بني الصحابة حجة؛ ألنه صار إمجاعا فيكون له حجة اْلمجاع.
( )4قول الصحايب الذي ِل يعلم له خمالف من الصحابة يعد إمجاعا سكوتيا ،حيتج به عند القائلني ِبجيته.
( )5قول الصحايب فيما يتعلق بسبب نزول القرآن ،وكذلك سبب ورود احلديث حجة؛ ألهم شهدوا الوحي بقسميه –
القرآن والسنة -فهم أعلم ابلوقائع واألحداث.
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية" :وأما أقوال الصحابة؛ فإن انتشرت وِل تُنكر يف مماهم فهي حجة عند مجاهري العلماء،
وإن تنامعوا ُرهد ما تنامعوا فيه إىل هللا والرسول .وِل يكن قول بعضهم حجة مع خمالفة بعضهم له ابتفاق العلماء ،وإن قال
بعضهم قوَل وِل يقل بعضهم ِبالفه وِل ينتشر؛ فهذا فيه نزاع ومجهور العلماء حيتجون به كأيب حنيفة ،ومالك؛ وأمحد يف
املشهور عنه؛ والشافعي يف أحد قوليه ويف كتبه اْلديدة اَلحتجاج مبثل ذلك يف غري موضع ولكن من الناس من يقول:
"( .)2
هذا هو القول القدمي
حمل النزاع:
من خالل كالم شيخ اْلسالم السابق يتبني لنا أن حمل النزاع بني العلماء يف املسائل اَلجتهادية اليت ليس فيها نص
شرعي من القرآن أو السنة ،هل يكون حجة ملن بعدهم أم َلق
الرأي األول :أن قول الصحايب حجة؛ مبعىن أنه دليل من أدلة استنباط احلكم الشرعي ،كالقياس وغريه.
()3
وهذا مذهب اْلمام مالك ،ومذهب الشافعي ،يف القدمي ،ورواية عن اْلمام أمحد ،وبه قال بعض احلنفية
ويشهد هلم:
ِ ِ
صلهى هللاُ
ب َم َع َر ُسول هللا َ صلهْي نَا الْ َم ْغ ِر َ
الَ : ( )1ما أخرجه مسلم يف صحيحه عن أيب موسى األشعري رضي هللا عنه ،قَ َ
اهنَاق". الَ " :ما ِملْتُ ْم َه ُ صلِّ َي َم َعهُ الْعِ َشاءَ قَ َ
ال فَ َجلَ ْسنَا ،فَ َخَر َج َعلَْي نَا ،فَ َق َ ِ
َعلَْيه َو َسله َم ،مثُه قُ ْلنَا :لَ ْو َجلَ ْسنَا َح هَ نُ َ
َصْب تُ ْم". ك الْعِ َشاءَ ،قَ َ ول هللاِ صلهي نا معك الْم ْغ ِرب ،مثُه قُ ْلناَْ :جنلِس ح هَ نُ ِ
َح َسْن تُ ْم أ َْو أ َال" :أ ْ صلّ َي َم َع َ
ُ َ َ َ َ َْ َ َ َ َ َ قُ ْلنَاََ :ي َر ُس َ
) (1أخرجه مسلم :كتاب الفضائل– ابب بيان أن بقاء النيب صلى هللا عليه وسلم أمان ألصحابه ،وبقاء أصحابه أمان لألمة – رقم(.)2531
أمنة للسماء :األمنة واألمن واألمان مبعىن واحد ،واملعىن :أن النجوم ما دامت ابقية فالسماء ابقية ،فإذا انكدرت النجوم وتناثرت يف القيامة وهنت
السماء فانفطرت وانشقت وذهبت .وأان أمنة ألصحايب :أي من الفنت واحلروب وارتداد من ارتد من األعراب واختالف القلوب وحنو ذلك مما أنذر
به صرحيا وقد وقع كل ذلك .فإذا ذهب أصحايب أتى أميت ما يوعدون :معناه من ظهور البدع واحلوادث يف الدين والفنت فيه وطلوع قرن الشيطان
وظهور الروم وغريهم عليهم وانتهاك املدينة ومكة وغري ذلك وهذه كلها من معجزاته صلى هللا عليه وسلم.
) (2أخرجه البيهقي يف السنن الكربى :كتاب احلج– ابب من كره لبس املصبوغ بغري طيب يف اْلحرام خمافة أن يراه اْلاهل –...رقم(.)9117
)" (3إمجال اْلصابة يف أقوال الصحابة"(ص ،)66:صالح الدين أبو سعيد الدمشقي العالئي ،الناشر :مجعية إحياء الرتاث اْلسالمي ،الكويت.
)" (4إمجال اْلصابة يف أقوال الصحابة"(ص.)67:
) (5راجع" :روضة الناظر "( "،)467/1البحر احمليط يف أصول الفقه"("،)64/8شرح الورقات يف أصول الفقه"(ص ،)188 :جالل الدين احمللي.
148
رابعا :احلديث املقطوع
[ ]1تعريف املقطوع لغة واصطالحا:
املقطوع لغة :اسم مفعول ،من "قطع" ضد "وصل" .ويقال يف مجعه :املقاطيع واملقاطع.
املقطوع اصطالحا :قال ابن الصالح" :هو ما جاء عن التابعني موقوفا عليهم من أقواهلم أو أفعاهلم"
( .)1
) (1أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب اْلميان -ابب املسلم من سلم املسلمون من لسانه ويده– رقم(.)10
) (2أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب اْلميان -ابب أي اْلسالم أفضل– رقم(.)11
) (3أخرجه مسلم :كتاب اْلميان -ابب بيان تفاضل اْلسالم ،وأي أموره أفضل -رقم(.)41
) (4أخرجه الرتمذي :أبواب اْلميان– ابب ما جاء يف أن املسلم من سلم املسلمون من لسانه ويده– رقم(.)2627
)" (5األمهار املتناثرة يف األحاديث املتواترة"للسيوطي(،ص.)7:
152
قليلة جدا ابلنسبة إليها.
أشهر املصنفات فيه :لقد اعتىن العلماء جبمع األحاديث املتواترة وجعلها يف مصنف مستقل؛ ليسهل على الطالب
الرجوع إليها ،فمن تلك املصنفات:
( )1األمهار املتناثرة يف األخبار املتواترة :السيوطي ،وهو مرتب على األبواب.
( )2قطف األمهار :للسيوطي أيضا ،وهو تلخيص للكتاب السابق.
( )3نظم املتناثر من احلديث املتواتر :حملمد بن جعفر الكتاين.
اثنيا :خرب اآلحاد
تعريفه:
اآلحاد لغة :مجع أحد ،مبعىن :الواحد ،وخرب الواحد هو :ما يرويه شخص واحد.
اآلحاد اصطالحا :هو ما ِل جيمع شروط املتواتر.
حكم اآلحاد :يفيد العلم النظري؛ أي العلم املتوقف على النظر واَلستدَلل.
هذا وخلرب اآلحاد تقسيمان ،كل تقسيم ابعتبار.
أقسام خرب اآلحاد
أوال :تقسيم خرب اآلحاد ابلنسبة إىل عدد طرقه.
ينقسم اآلحاد إىل ثالثة أقسام:
املشهور ،والعزيز ،والغريب.
أوال :املشهور
تعريفه:
املشهور لغة :هو اسم مفعول من "شهرت األمر" إذا أعلنته وأظهرته ،ومسي بذلك لظهوره.
املشهور اصطالحا :ما رواه ثالثة فأكثر -يف كل طبقة -ما يبلغ حد التواتر.
العلَ َم ِاءَ ،ح هَ إِذَا َِلْ يُْب ِق َعالِ ًما
ض ُ ض العِْل َم بَِقْب ِ ِ ِ ِ ِ
اعا يَْن تَ ِز ُعهُ م َن العبَادَ ،ولَك ْن يَ ْقبِ ُ
اَّلل َلَ ي ْقبِ ِ ِ
ض الع ْل َم انْتَز ً مثاله :حديث" :إِ هن هَ َ ُ
ِ ِ
وسا ُج هه ًاَل ،فَ ُسئلُوا فَأ َْف تَ ْوا بِغَ ِْري ع ْل ٍّم ،فَ َ ه
ُّ ( .)1
ضلُّوا َوأ َ
َضلوا" هاس ُرءُ ً
اختَ َذ الن ُ
فهذا احلديث رواه ثالثة من الصحابة ،هم:
(أ) عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما :وحديثه أخرجه الشيخان يف صحيحيهما.
(ب) عائشة أم املؤمنني رضي هللا عنها ،وحديثها أخرجه أبو عوانة يف مستخرجه على صحيح مسلم.
) (1أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب العلم -ابب كيف يقبض العلم– رقم(.)100عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما.
وأخرجه مسلم :كتاب العلم -ابب رفع العلم وقبضه وظهور اْلهل والفنت يف آخر الزمان -رقم( .)2673عن عبد هللا بن عمرو.
وأخرجه الطرباين يف املعجم األوسط -)277/6(:رقم(.)6403عن أيب هريرة رضي هللا عنه.
وأخرجه أبو عوانة يف صحيحه:كتاب العلم – ابب إابحة تسمية املفيت ً
جاهال إذا أفَ بغري علم –...،رقم( .)11749عن عائشة رضي هللا عنها.
153
(ج) أبو هريرة رضي هللا عنه :وحديثه أخرجه الطرباين يف املعجم األوسط.
مث انتشر وكثرت طرقه واستفاضت بعد طبقة الصحابة رضوان هللا عليهم مجيعا.
املستفيض:
املستفيض لغة :اسم فاعل ،من"استفاض" مشتق من فاض املاء ومسي بذلك َلنتشاره.
املستفيض اصطالحا :اختلف يف تعريفه على ثالثة أقوال ،وهي:
(أ) هو مرادف للمشهور.
(ب) هو أخص منه؛ ألنه يشرتط يف املستفيض أن يستوي طرفا إسناده ،وَل يشرتط ذلك يف املشهور.
(ج) هو أعم منه ،أي هو عكس القول الثاين.
املشهور غري االصطالحي:
ويقصد به ما اشتهر على األلسنة من غري شروط تعترب؛ فيشمل:
(ج) وما َل يوجد له إسناد أصال. (ب) وما له أكثر من إسناد. (أ) ما له إسناد واحد.
أنواع املشهور غري االصطالحي :له أنواع كثرية ،أشهرها:
( )1مشهور بني أهل احلديث خاصة.
ومثاله :حديث ":أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان.
س ب ِن مالِ ٍّ ِ ِ
صلهى هللاُهيب َ ت النِ ُّ ال" :قَنَ َ ك رضي هللا عنه ،قَ َ (أ) أخرجه الشيخان ،عن سليمان الت ْهيم ِّيَ ،ع ْن أَِيب ْجملَ ٍّزَ ،ع ْن أَنَ ِ ْ َ
( .)1
َعلَْي ِه َو َسله َم َش ْهًرا يَ ْدعُو َعلَى ِر ْع ٍّل َوذَ ْك َوا َن"
ول:الصْب ِح يَ ْد ُعو َعلَى ِر ْع ٍّلَ ،وذَ ْك َوا َنَ ،ويَ ُق ُ ص َالةِ ُّ وع ِيف َ صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم َش ْهًرا بَ ْع َد ُّ
الرُك ِ ولفظ مسلم" :قَنت رس ُ ِ
ول هللا َ َ َ َُ
عصيهةُ ع ِ
صت هللاَ َوَر ُسولَهُ
"( .)2
َُ ََ
ووجه غرابته عند احملدثني أن سليمان التيمي يروي عن أنس بال واسطة ،ورواه هنا بواسطة ،وهو أبو جملز ،وامسه َلحق
بن محيد.
ص َالةٍّ: ِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َم ِيف َ
ال رس ُ ِ ِ ِ ٍّ ِ ِ
ول هللا َ ال :قَ َ َ ُ ي ،قَ َ (ب) وأخرجه مسلم يف صحيحهَ ،ع ْن ُخ َفاف بْ ِن إميَاء الْغ َفار ِّ
( .)3 ِ ِ
َسلَ ُم َسالَ َم َها هللاُ"
ص ُوا هللاَ َوَر ُسولَهُ ،غ َف ُار َغ َفَر هللاُ َهلَاَ ،وأ ْ صيهةَ َع َ الله هم الْ َع ْن بَِّن حلْيَا َنَ ،وِر ْع ًالَ ،وذَ ْك َوا َنَ ،و ُع َ" ُ
اَّللِ صلهى هللا علَيهِ يد بْ ِن َميْ ٍّد ،قَ َ (ج ) وأخرجه ابن أيب شيبة يف مصنفه عن سعيد بن ميد ،بلفظ :عن سعِ ِ
ول ه َ ُ َ ْ ت َر ُس ُ ال :قَنَ َ َْ َ
ِ "( .)4 ال" :اللهه هم الْعن ِر ْع ًال ،وذَ ْكوا َن ،وعض ًال ،وعصيهةَ عص ِ
اَّللَ َوَر ُسولَهَُ ،والْ َع ْن أ ََاب ْاأل َْع َوِر ُّ
السلَم هي ت ه َ َ ََ َ َُ َ َ َ ُ َْ َو َسله َم ،فَ َق َ
(د) وأخرجه أمحد يف مسنده ،عن ابن عباس رضي هللا عنهما ،بلفظ" :قنت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شهرا متتابعا يف
الظهر ،والعصر ،واملغرب ،والعشاء ،والصبح ،يف دبر كل صالة ،إذا قال :مسع هللا ملن محده ،من الركعة األخرية ،يدعو
) (1أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب الوتر -ابب القنوت قبل الركوع وبعده– رقم(.)1003
) (2أخرجه مسلم :كتاب املساجد ومواضع الصالة -ابب استحباب القنوت يف مجيع الصالة -رقم(.)677
) (3أخرجه مسلم يف صحيحه :كتاب املساجد ومواضع الصالة– ابب استحباب القنوت يف مجيع الصالة– رقم(.)679
) (4أخرجه ابن أيب شيبة يف مصنفه -)108/2( :رقم(.)7047
154
عليهم ،على حي من بّن سليم ،على رعل وذكوان وعصية ،ويؤمن من خلفه ،أرسل إليهم يدعوهم إىل اْلسالم ،فقتلوهم
"( .)1
وقال أيضا " :قد اشتهر يف كالم األصوليني وأصحاب املعاين وأهل العربية من حديث عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه،
وذكر الشيخ هباء الدين السبكي أنه ِل يظفر به يف شيء من الكتب ،وكذا قال مجع جم من أهل اللغة ،مث رأيت ِبط
إسنادا ،وقال :أراد أن
شيخنا رمحه هللا أنه ظفر به يف "مشكل احلديث"أليب حممد بن قتيبة ،لكن ِل يذكر له ابن قتيبة ً
صهيبًا إَّنا يطيع هللا حبًا َل ملخافة عقابه .انتهى.
وقد وقفت على معىن ذلك من قول عمر رضي هللا عنه إَل أنه يف حق ساِل موىل أيب حذيفة فروى أبو نعيم يف "احللية"
من طريق عبد هللا بن األرقم :حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس واملسور بن خمرمة ،فقال عمر :مسعت رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم يقول" :إن ساملا شديد احلب هلل عز وجل ،لو كان َل َياف هللا ما عصاه" وسنده ضعيف ،وعنده
ً
أيضا" :لو استخلفت ساملا موىل أيب حذيفة فسالّن ريب ما محلك على ذلك لقلت :رب مسعت نبيك من طريق عمر ً
ً
صلى هللا عليه وسلم يقول :إنه حيب هللا حقا من قلبه" .انتهى.
"( .)3
وهذا يؤيد َتويل ابن قتيبة املاضي
حكم احلديث املشهور:
املشهور اَلصطالحي وغري اَلصطالحي َل يوصف بكونه صحيحا أو غري صحيح ابتداء ،لكن بعد البحث يتبني أن منه
الصحيح ،ومنه احلسن ،ومنه الضعيف ،ومنه املوضوع أيضا لكن إن صح املشهور اَلصطالحي ،فتكون له ميزة ترجحه
على العزيز والغريب.
أشهر املصنفات فيه:
املراد ابملصنفات يف األحاديث املشهورة هي األحاديث املشهورة على األلسنة ،وليست املشهورة اصطالحا؛ ألنه ِل يؤلف
أحد من العلماء كتبا يف مجع األحاديث املشهورة اصطالحا .ومن هذه املصنفات:
( )1املقاصد احلسنة ،فيما اشتهر على األلسنة ،للسخاوي.
( )2كشف اخلفاء ،ومزيل اْللباس ،فيما اشتهر من احلديث على ألسنة الناس ،للعجلوين.
( )3متييز الطيب من اخلبيث ،فيما يدور على ألسنة الناس من احلديثَ ،لبن الديبع الشيباين.
) (1أخرجه ابن ماجه :كتاب الطالق– ابب طالق املكره والناسي– رقم(.)2043
)" (2املقاصد احلسنة يف بيان كثري من األحاديث املشتهرة على األلسنة" ،للسخاوي( ،ص ،)167:دار الكتاب العريب ،بريوت.
)" (3األجوبة املرضية فيما سئل السخاوي عنه من األحاديث النبوية"( ،)100/1للسخاوي ،الناشر :دار الراية للنشر والتوميع.
156
اثنيا :العزيز
تعريفه:
العزيز لغة :هو صفة مشبهة ،من " َعهز يَعُِّز" بكسر العني ،أي قل وندر ،والشيء :قل ،فال يكاد يوجد ،فهو عزيز.
( .)1
أو من " َعهز يَ َعُّز" ِابلْ َفْت ِح ،إِذا قوي واشتد ،فهو (عزيز) أي قوي بعد ذلة
العزيز اصطالحا :هو أن َل يرويه أقل من اثنني عن اثنني.
ِ
وقال البيقوينَ :ع ِز ُيز َم ْرِوي اثْنَ ْني ْأو ثَالَثَ ْه َ ......م ْش ُه ُ
ور َم ْرِوي ْفو َق َما ثَ ْ
الثه.
شرح التعريف:
ليس املقصود أن يرويه اثنان عن اثنني عن اثنني إىل منتهى السند ،فإنه َل يوجد حديث مبثل هذه الصفة.
لكن املعىن أنه َل يوجد يف أي طبقة من طبقات السند أقل من اثنني؛ أما إن وجد يف بعض طبقات السند ثالثة فأكثر
فال يضر ،بشرط أن تبقى ولو طبقة واحدة فيها اثنان؛ ألن العربة ألقل طبقة من طبقات السند.
سبب تسميته بذلك:
ومسي بذلك إما لقلة وجوده وندرته ،وإما لكونه َعهز ،أي قوي مبجيئه من طريق أخرى ،فكأَّنا تعزم به أي قوي.
ني".
َمجَع َ ب إِلَْي ِه ِم ْن َوالِ ِدهِ َوَولَ ِدهِ َوالن ِ
هاس أ ْ ِ َح ه
َح ُد ُك ْمَ ،ح هَ أَ ُكو َن أ َ
ِ
مثاله :حديثَ" :لَ يُ ْؤم ُن أ َ
( .)2
فقد أخرجه الشيخان عن أنس ابن مالك رضي هللا عنه ،هبذا اللفظ"
ِ ِ ِ ِِ ِ
وأخرجه البخاري يف صحيحه ،عن أيب هريرة رضي هللا عنه ،بلفظ" :فَ َوالهذي نَ ْفسي بيَدهَ ،لَ يُ ْؤم ُن أ َ
َح ُد ُك ْم َح هَ أَ ُكو َن
ِ ِ ( .)3
ب إِلَْي ِه ِم ْن َوالِ ِدهِ َوَولَده"
َح ه
أَ
ورواه عن أنس قتادة بن دعامة السدوسي ،وعبد العزيز بن صهيب.
مث رواه عن قتادة شعبة بن احلجاج ،وسعيد بن أيب عروبة.
ورواه عن عبد العزيز بن صهيب إمساعيل بن علية ،وعبد الوارث بن سعيد.
ورواه عن أيب هريرة األعرج عبد الرمحن بن هرمز ،مث رواه عن األعرج أبو الزاند عبد هللا بن ذكوان.
هل العزيز من شرط البخاري؟
مبعىن :هل يشرتط البخاري يف صحيحه جميء احلديث من طريقني على األقلق
صرح القاضي أبو بكر بن العريب يف شرح البخاري ِبن ذلك شرط البخاري ،وأجاب عما أورد عليه من ذلك جبواب فيه
نظر؛ ألنه قال :فإن قيل :حديث" :األعمال ابلنيات" فرد؛ ِل يروه عن عمر إَل علقمةق قال :قلنا :قد خطب به عمر
( .)4
على املنرب ِبضرة الصحابة؛ فلوَل أهم يعرفونه ألنكروه- .كذا قال
) (1أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب بدء الوحي– ابب كيف كان بدء الوحي إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ – رقم (.)1
) (2أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب اْلميان– ابب أمور اْلميان– رقم (.)9
)" (3نزهة النظر يف توضيح خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر"(صَ )66:لبن حجر العسقالين ،مطبعة سفري ابلرَيض.
) (4أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب جزاء الصيد– ابب دخول احلرم ،ومكة بغري إحرام– رقم(.)1846
) (5سنن الرتمذي :أبواب اْلهاد– ابب ما جاء يف املغفر– رقم(.)1963
) (6أخرجه البخاري يف صحيحه :كتاب التوحيد – ابب قراءة الفاجر واملنافق ،وأصواهتم وتالوهتم َل جتاوم حناجرهم– رقم(.)7563
159
ومثله يعرب عنه الرتمذي بقوله"صحيح غريب َل نعرفه إَل من هذا الوجه" ،أو "حسن غريب َل نعرفه إَل من هذا الوجه"،
أو "غريب َل نعرفه إَل من هذا الوجه".
(ب) غريب إسنادا ،ال متنا:
كحديث روى متنه مجاعة من الصحابة ،وانفرد ر ٍّاو بروايته عن صحايب آخر.
اح ٍّد،
ال" :الْم ْؤِمن أيْ ُكل ِيف ِمعى و ِ ِ
صلهى هللاُ َعلَْيه َو َسله َم قَ َ ُ ُ َ ُ ً َ ِ ِ
هيب َ
وسى األشعري رضي هللا عنهَ ،عن الن ِّ ومثاله :حديث أَِيب ُم َ
ٍّ "( .)1
َوالْ َكافُِر َأيْ ُك ُل ِيف َسْب َع ِة أ َْم َعاء
فهذا املنت معروف عن النيب صلى هللا عليه وسلم ،وقد خرجاه يف الصحيحني من حديث أيب هريرة ،ومن حديث ابن
عمر رضي هللا عنهم ،عن النيب صلى هللا عليه وسلم ،وأما حديث أيب موسى هذا فخرجه مسلم عن أيب كريب ،وقد
استغربه غري واحد من هذا الوجه ،وذكروا أن أاب كريب تفرد به ،منهم البخاري وأبو مرعة.
ومثله يعرب عنه الرتمذي بقوله":غريب من هذا الوجه".
من مظان الغريب :يوجد الغريب بكثرة يف بعض املصنفات؛ مثل مسند البزار ،واملعجم األوسط للطرباين.
أشهر املصنفات فيه:
( )1غرائب مالك ،للدارقطّن.
( )2األفراد ،للدارقطّن أيضا.
( )3السنن اليت تفرد بكل سنة منها أهل بلدة ،أليب داود السجستاين.
) (1أخرجه مسلم يف صحيحه :كتاب األشربة – ابب املؤمن أيكل يف معى واحد ،والكافر أيكل يف سبعة أمعاء– رقم(.)2062
160
الفصل العاشر
حجية خرب اآلحاد يف األحكام والعقائد
ذهب اْلمهور من الصحابة والتابعني ،وأصحاب احلديث والفقه واألصول ،إىل حجية خرب الواحد يف األحكام والعقائد،
مَ صح ،وِل يقل أحد من السلف ِبالف ذلك ،وقد ثبت الوجوب بعمل خرب اآلحاد الصحيح ،ابلكتاب والسنة
واْلمجاع:
أوال :األدلة من القرآن على وجوب العمل خبرب اآلحاد.
حي َذ ُرو َن"
َْ ههوا ِيف ال ِّدي ِن َولِيُ ْن ِذ ُروا قَ ْوَم ُه ْم إِذَا َر َج ُعوا إِلَْي ِه ْم لَ َعله ُه ْم ِ ِ ِ ٍّ ِ ِ
( )1قوله تعاىل" :فَلَ ْوََل نَ َفَر م ْن ُك ِّل ف ْرقَة مْن ُه ْم طَائ َفةٌ ليَ تَ َفق ُ
[التوبة]122 :
وجه الداللة من اآلية :أن هللا تعاىل أوجب على كل فرقة قبول نذارة النافر منها ِبمره النافر ابلتفقه وابلنذارة ومن أمره هللا
تعاىل ابلتفقه يف الدين وإنذار قومه فقد انطوى يف هذا األمر إجياب قبول نذارته على من أمره إبنذارهم والطائفة يف لغة
"( .)1
العرب اليت هبا خوطبنا يقع على الواحد فصاعدا وطائفة من الشيء مبعىن بعضه هذا ما َل خالف بني أهل اللغة فيه
ِِ ِ ِِ
قال البخاري" :ويسمى الرجل طائفة لقوله تعاىلَ ":وإِ ْن طَائ َفَتان م َن الْ ُم ْؤمن َ
ني اقْ تَ تَ لُوا" [احلجرات" ،]9 :فلو اقتتل رجالن
"( .)2
دخل يف معىن اآلية
اس ٌق بِنَ بٍَّأ فَتَبَ يه نُوا" [احلجرات.]6 :( )2قوله تعاىلَ" :ي أَيُّها اله ِذين آمنُوا إِن جاء ُكم فَ ِ
َ ْ َ َ َ َ
وجه الداللة :ملا أمر هللا تعاىل ابلوقف والتثبت من خرب الفاسق ،دل ذلك على قبول خرب العدل الثقة.
قال الشنقيطي" :وقد دلت هذه اآلية من سورة احلجرات على أمرين:
األول منهما :أن الفاسق إن جاء بنبأ ممكن معرفة حقيقته ،وهل ما قاله فيه الفاسق حق أو كذب فإنه جيب فيه التثبت.
والثاين :هو ما استدل عليه هبا أهل األصول من قبول خرب العدل ألن قوله تعاىل" :إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا" بدل
بدليل خطابه ،أعّن مفهوم خمالفته أن اْلائي بنبأ إن كان غري فاسق بل عدَل َل يلزم التبني يف نبئه على قراءة :فتبينوا.
"( .)3
وَل التثبت على قراءة :فتثبتوا ،وهو كذلك
اثنيا :األدلة من السنة على وجوب العمل خبرب اآلحاد.
واألدلة من السنة ،والوقائع العملية كثرية جدا ،نذكر منها:
اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم
صلهى ه ت النِ ه
هيب َ
ِ
( )1ما أخرجه الرتمذي بسند صحيح ،عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قالَ " :مس ْع ُ
ب ُمبَلِّ ٍّغ أ َْو َعى ِم ْن َسام ٍّع
ِ "( .)4
اَّللُ ْامَرأً َِمس َع ِمنها َشْي ئًا فَبَ لهغَهُ َك َما َِمس َع ،فَ ُر ه
ول" :نَضَهر ه
يَ ُق ُ
( .)5
ب َح ِام ِل فِ ْق ٍّه إِ َىل َم ْن ُه َو أَفْ َقهُ ِمْنهُ"اها َو َح ِفظَ َها َوبَلهغَ َها ،فَ ُر ه ِ
اَّللُ ْامَرأً َمس َع َم َقالَِيت فَ َو َع َ
وأخرجه أيضا عنه بلفظ" :نَضَهر ه
) (1أخرجه ابن ماجه يف سننه :كتاب املقدمة– ابب من بلغ علما – رقم(.)236
) (2أخرجه ابن ماجه يف سننه :كتاب املقدمة– ابب من بلغ علما – رقم(.)230
) (3أخرجه ابن ماجه يف سننه :كتاب املقدمة– ابب من بلغ علما – رقم(.)231
)" (4األمهار املتناثرة يف األحاديث املتواترة"للسيوطي( ،ص.)6، 5:
)" (5أصول السرخسي"(.)325/1
) (6أخرجه مسلم يف صحيحه :كتاب األشربة– ابب حترمي اخلمر – ......رقم(.)1980
) (7أخرجه البخاري :كتاب تفسري القرآن – ابب "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية [ "..البقرة – ]145 :رقم(.)4490
وأخرجه مسلم يف صحيحه :كتاب املساجد ومواضع الصالة– ابب حتويل القبلة من القدس إىل الكعبة– رقم(.)526
162
حتويل القبلة ،فيكونون مستقبلني بكتاب هللا وسنة نبيه مساعا من رسول هللا وَل ِبرب عامة ،وانتقلوا ِبرب واحد ،إذا كان
عندهم من أهل الصدق :عن فرض كان عليهم ،فرتكوه إىل ما أخربهم عن النيب أنه أحدث عليهم من حتويل القبلة.
وِل يكونوا ليفعلوه -إن شاء هللا ِ -برب إَل عن علم ِبن احلجة تثبت مبثله ،إذا كان من أهل الصدق.
وَل ليحدثوا أيضا مثل هذا العظيم يف دينهم إَل عن علم ِبن هلم إحداثه .وَل يدعون أن َيربوا رسول هللا مبا صنعوا منه.
ولو كان ما قبلوا من خرب الواحد عن رسول هللا يف حتويل القبلة ،وهو فرض :مما جيوم هلم ،لقال هلم -إن شاء هللا -رسول
هللا :قد كنتم على قبلة ،وِل يكن لكم تركها إَل بعد علم تقوم عليكم به حجة من مساعكم مّن ،أو خرب عامة أو أكثر من
"( )1
خرب واحد عّن
( )4مجلة من األحاديث اليت فيها بعث النيب صلى هللا عليه وسلم آحادا من الصحابة دعاة ووَلة وقضاة وأمراء ورسال؛
فبعث أاب بكر والياً على احلج ل يقيم للناس مناسكهم "وأخربهم عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مبا هلم وما عليهم"،
وخربه خرب واحد ،وبعث علي بن أيب طالب لينبذ إىل قوم عهدهم ،ولو ِل تكن احلجة قائمة ِبرب كل واحد منهما ملا بعثه
النيب صلى هللا عليه وسلم .وبعث معاذ بن جبل إىل اليمن ،ووىل ميد بن حارثة بعث مؤتة ،وبعث ابن أنيس سرية وحده،
وبعث اثّن عشر رسوَل إىل اثّن عشر ملكا يدعو كل واحد منهم من بعث إليه إىل اْلسالم .
اثلثا :اإلَجاع.
وقد حكى اْلمجاع على قبول خرب الواحد الغزايل يف املستصفى
"( )2
قال الشافعي " :ولو جام ألحد من الناس أن يقول يف علم اخلاصة :أمحع املسلمون قدميا وحديثاً على تثبيت خرب
لكن أقولِ :ل أحفظ عن فقهاء
الواحد ،واَلنتهاء إليهِ ،بنه ِل يُعلم من فقهاء املسلمني أحد إَل وقد ثبهته جام يل .و ْ
"(.)3
وصفت من أن ذلك موجوداً على كلهم
ُ املسلمني أهم اختلفوا يف تثبيت خرب الواحد مبا
والشافعي ِل يفرق بني العقائد واألحكام يف حجية خرب الواحد ،وهذا دليل على أنه َل فرق بينهما عنده.
قال ابن عبد الرب " :وأمجع أهل العلم من أهل الفقه واألثر يف مجيع األمصار فيما علمت على قبول خرب الواحد العدل
وإجياب العمل به إذا ثبت وِل ينسخه غريه من أثر أو إمجاع ،على هذا مجيع الفقهاء يف كل عصر من لدن الصحابة إىل
"(.)4
يومنا هذا ،إَل اخلوارج وطوائف من أهل البدع شرذمة َل تعد خالفا
وقال أيضا" :وكلهم يدين ِبرب الواحد العدل يف اَلعتقادات ،ويعادى ويواىل علها ،وجيعلها شرعا ودينا يف معتقده على
"(.)5
ذلك مجاعة أهل السنة
وهذا تصريح من ابن عبد الرب يف حجية خرب الواحد يف األحكام والعقائد سواء بسواء.
164
املصادر واملراجع
أوال :القرآن الكرمي.
اثنيا :املصادر األخرى:
اإلحتافات السنية ابألحاديث القدسية" للمناوي ،دار ابن كثري دمشق ،بريوت.
أثر علل احلديث يف اختالف الفقهاء" ،ماهر َيسني فحل اهلييت ،الناشر :دار عمار للنشر ،عمان.
إَجال اإلصابة يف أقوال الصحابة" ،صالح الدين أبو سعيد الدمشقي العالئي ،مجعية إحياء الرتاث اْلسالمي ،الكويت.
األجوبة الفاضلة لألسئلة العشرة الكاملة" ،عبد احلي اللكنوي اهلندي ،مكتب املطبوعات اْلسالمية ،حلب.
األجوبة املرضية فيما سئل السخاوي عنه من األحاديث النبوية" ،للسخاوي ،دار الراية للنشر والتوميع.
أحاديث الشيوخ الثقات" ،حممد بن عبد الباقي بن حممد األنصاري الكعيب ،دار عاِل الفوائد للنشر والتوميع.
األحاديث املختارة" ،ضياء الدين أبو عبد هللا حممد بن عبد الواحد املقدسي ،دراسة وحتقيق :عبد امللك بن عبد هللا بن
دهيش ،دار خضر للطباعة والنشر والتوميع ،بريوت ،لبنان ،الطبعة الثالثة.
اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان" ،حممد بن حبان بن أمحد بن حبان ،أبو حامت ،البُسيت ،ترتيب :األمري عالء
الدين علي بن بلبان الفارسي ،حتقيق :شعيب األرنؤوط ،مؤسسة الرسالة ،بريوت ،الطبعة األوىل1408 ،ه .
اإلحكام يف أصول األحكام" ،علي بن أمحد ابن حزم الظاهري ،دار اآلفاق اْلديدة ،بريوت ،حتقيق الشيخ أمحد شاكر.
األذكار" ،أبو مكرَي حميي الدين حيىي بن شرف النووي ،املكتبة التوفيقية.
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري " ،أمحد بن حممد بن أىب بكر بن عبد امللك القسطالين القتييب املصري ،أبو
العباس ،شهاب الدين ،املطبعة الكربى األمريية ،مصر ،الطبعة السابعة1323 ،ه .
إرشاد الفحول إيل حتقيق احلق من علم األصول" ،حممد بن علي لشوكاين ،دار الكتاب العريب.
اإلرشاد يف معرفة علماء احلديث" ،أبو يعلى اخلليلي القزويّن ،الناشر :مكتبة الرشد ،الرَيض.
األزهار املتناثرة يف األحاديث املتواترة" ،جالل الدين السيوطي ،مطبعة دار التأليف
األسرار املرفوعة يف األخبار املوضوعة املعروف ابملوضوعات الكربى" ،املال اهلروي القاري ،احملقق :حممد الصباغ،
مؤسسة الرسالة ،بريوت.
أمساء الصحابة وما لكل واحد منهم من العدد" ،ابن حزم األندلسى ،حتقيق مسعد عبد احلميد السعدين ،مكتبة القرآن
للطبع والنشر والتوميع.
أصول السرخسي" ،حممد بن أمحد بن أيب سهل مشس األئمة السرخسي ،الناشر :دار املعرفة ،بريوت.
أضواء البيان يف إيضاح القرآن ابلقرآن" ،حممد األمني الشنقيطي ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوميع بريوت.
إعالم املوقعني عن رب العاملني" حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد مشس الدين ابن قيم اْلومية ،حتقيق :حممد عبد
165
األعالم" ،للزركلي الدمشقي ،دار العلم للماليني.
اإللزامات والتتبع" ،للدارقطّن ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.
الباعث احلثيث شرح اختصار علوم احلديث" ،الشيخ أمحد شاكر ،دار ابن اْلومي للنشر والتوميع.
البحر احمليط يف أصول الفقه" ،حممد بن عبد هللا بن هبادر الزركشي ،دار الكتيب ،الطبعة األوىل1414 ،ه .
الرماق احلسيّن ،الهزبيدي ،دار اهلداية.
حممد بن عبد ّ اتج العروس من جواهر القاموس"ّ ،
حممد بن ّ
اتريخ ابن معني (رواية عثمان الدارمي)" ،حيىي بن معني بن عون بن مَيد بن بسطام ،احملقق :أمحد حممد نور سيف ،دار
املأمون للرتاث ،دمشق.
التاريخ الكبري" ،حممد بن إمساعيل بن إبراهيم ،البخاري ،دائرة املعارف العثمانية ،حيدر آابد ،الدكن.
اتريخ علماء األندلس" ،عبد هللا بن حممد بن يوسف بن نصر األمدي ،أبو الوليد ،ابن الفرضي ،مكتبة اخلاجني ،القاهرة.
أتويل خمتلف احلديث" ،أبو حممد عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري ،املكتب اَلسالمي ،مؤسسة اْلشراق.
تدريب الراوي يف شرح تقريب النواوي" ،عبد الرمحن بن أيب بكر ،جالل الدين السيوطي ،دار طيبة.
التدليس واملدلسون" ،محاد بن حممد األنصاري اخلزرجي السعدي ،جملة اْلامعة اْلسالمية ابملدينة املنورة.
تذكرة احلفاظ" ،مشس الدين أبو عبد هللا حممد بن أمحد بن عثمان بن قَ ْاميام الذهيب ،دار الكتب العلمية بريوت ،الطبعة
األوىل1419 ،ه 1998 -م.
تذكرة املوضوعات" ،حممد طاهر بن علي الصديقي اهلندي ال َفت ِهّن ،الناشر :إدارة الطباعة املنريية ،الطبعة األوىل.
تغليق التعليق" ،أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسقالين ،احملقق :سعيد عبد الرمحن موسى
القزقي ،الناشر :املكتب اْلسالمي ،دار عمار ،بريوت.
تقريب التهذيب" ،أمحد ابن حجر العسقالين ،حتقيق :حممد عوامة ،دار الرشيد ،سورَي.
التقريب والتيسري ملعرفة سنن البشري النذير يف أصول احلديث" ،حيىي بن شرف النووي ،دار الكتاب العريب ،بريوت.
التقييد واإليضاح شرح مقدمة ابن الصالح" ،عبد الرحيم بن احلسني بن عبد الرمحن بن أيب بكر بن إبراهيم العراقي،
احملقق :عبد الرمحن حممد عثمان ،الناشر :املكتبة السلفية ابملدينة املنورة.
تلقيح فهوم أهل األثر يف عيون التاريخ والسري" ،مجال الدين أيب الفرج عبد الرمحن ابن اْلومي ،الناشر :شركة دار
األرقم بن أيب األرقم ،بريوت.
التمهيد ملا يف املوطأ من املعاين واألسانيد" ،أبو عمر يوسف بن عبد هللا ،ابن عبد الرب ،ومارة عموم األوقاف والشؤون
اْلسالمية ،املغرب.
التمييز" ،مسلم بن احلجاج ،احملقق :د .حممد مصطفى األعظمي ،الناشر :مكتبة الكوثر ،املربع ،السعودية.
تنزيه الشريعة املرفوعة عن األخبار الشنيعة املوضوعة" َلبن عراق ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
تنوير احلوالك شرح موطأ مالك" ،جالل الدين السيوطي ،الناشر :املكتبة التجارية الكربى ،مصر.
166
هتذيب التهذيب" ،أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسقالين ،مطبعة دائرة املعارف النظامية ،اهلند.
توجيه النظر إىل أصول األثر" ،طاهر بن صاحل السمعوين اْلزائري ،مكتبة املطبوعات اْلسالمية ،حلب.
توضيح األفكار ملعاين تنقيح األنظار" ،حممد بن إمساعيل بن صالح الصنعاين ،احملقق :أبو عبد الرمحن صالح بن حممد
بن عويضة ،دار الكتب العلمية ,بريوت ،لبنان ،الطبعة األوىل 1417ه 1997/م.
التوضيح لشرح اجلامع الصحيح" َلبن امللقن ،دار النوادر ،دمشق ،سورَي.
تيسري التحرير" ،أمري ابدشاه احلنفي ،مصطفى البايب ا ْحللَِيب ،مصر.
الثقات" ،حممد بن حبان بن أمحد ،أبو حامت ،البُسيت ،دائرة املعارف العثمانية ِبيدر آابد الدكن اهلند.
جامع األصول يف أحاديث الرسول" ،أبو السعادات املبارك بن حممد بن حممد بن حممد ابن عبد الكرمي الشيباين اْلزري
ابن األثري ،حتقيق :عبد القادر األرنؤوط ،الناشر :مكتبة احللواين ،مطبعة املالح ،مكتبة دار البيان.
جامع التحصيل يف أحكام املراسيل" ،صالح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد هللا الدمشقي العالئي،
احملقق :محدي عبد اجمليد السلفي ،الناشر :عاِل الكتب ،بريوت.
جامع العلوم واحلكم" ،عبد الرمحن بن أمحد بن رجب ،احلنبلي ،احملقق :شعيب األرانؤوط ،مؤسسة الرسالة ،بريوت.
اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وسننه وأايمه" ،حممد بن إمساعيل
البخاري ،دار طوق النجاة.
اجلامع ألحكام القرآن" ،أبو عبد هللا حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري القرطيب ،حتقيق :أمحد الربدوين
وإبراهيم أطفيش ،دار الكتب املصرية ،القاهرة ،الطبعة الثانية1384 ،ه 1964 -م.
اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع" ،أمحد بن علي بن اثبت بن أمحد بن مهدي اخلطيب البغدادي ،مكتبة
املعارف ،الرَيض.
اجلرح والتعديل" ،عبد الرمحن بن حممد بن إدريس ،ابن أيب حامت الرامي ،طبعة جملس دائرة املعارف العثمانيةِ ،بيدر آابد
الدكن ،اهلند.
حلية األولياء وطبقات األصفياء" ،أبو نعيم أمحد بن عبد هللا بن أمحد بن إسحاق بن موسى بن مهران األصبهاين،
الناشر :السعادة -جبوار حمافظة مصر1394 ،ه 1974 -م.
اخلالصة يف معرفة احلديث" ،احلسني بن حممد الطييب ،املكتبة اْلسالمية للنشر والتوميع ،الرواد لإلعالم والنشر.
دالئل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة" ،أمحد بن احلسني بن علي بن موسى اخلُ ْسَرْوِجردي اخلراساين ،أبو بكر
البيهقي ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
الس ِج ْستاين ،احملقق:
ِ
رسالة أيب داود إىل أهل مكة وغريهم يف وصف سننه" ،أبو داود سليمان بن األشعث األمدي ّ
حممد الصباغ ،دار العربية ،بريوت.
الرسالة" ،حممد بن إدريس بن العباس ،الشافعي ،احملقق :أمحد شاكر ،مكتبه احلليب ،مصر.
167
ب َعن سن َِّة أيب ال َق ِ ِ
اسم" ،حممد بن إبراهيم بن علي بن املرتضى ،القامسي ،ابن الومير ،دار عاِل اسم يف الذ ِ ْ ُوض البَ ْ
الر ُ
َّ
الفوائد للنشر والتوميع.
روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل" ،أبو حممد موفق الدين عبد هللا بن
أمحد بن حممد بن قدامة املقدسي ،مؤسسة الرَّين للطباعة والنشر والتوميع ،الطبعة الثانية 1423ه .
السالم إبراهيم ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،الطبعة األوىل1411 ،ه 1991 -م.
السنة ومكانتها يف التشريع اإلسالمي" ،مصطفى السباعي ،الناشر :املكتب اْلسالمي :دمشق ،سورَي.
سنن ابن ماجه" ،أبو عبد هللا حممد بن يزيد القزويّن ،وماجة اسم أبيه يزيد ،دار إحياء الكتب العربية ،فيصل عيسى
البايب احلليب.
الس ِج ْستاين ،املكتبة العصرية ،صيدا ،بريوت.
ِ
سنن أيب داود" ،سليمان بن األشعث بن إسحاق ،األمدي ّ
سنن الرتمذي" ،حممد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك ،مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب ،مصر.
سنن الدارقطين" ،أبو احلسن علي بن عمر بن أمحد بن مهدي البغدادي الدارقطّن ،حتقيق :شعيب اَلرنؤوط ،وآخرون،
مؤسسة الرسالة ،بريوت ،لبنان ،الطبعة األوىل1424 ،ه 2004 -م.
سنن الدارمي" ،أبو حممد عبد هللا بن عبد الرمحن بن الفضل بن َهبرام بن عبد الصمد الدارمي ،التميمي السمرقندي،
حتقيق :حسني سليم أسد الداراين ،دار املغّن للنشر والتوميع ،اململكة العربية السعودية.
السنن الكربى" ،أمحد بن احلسني بن علي بن موسى اخلُ ْسَرْوِجردي البيهقي ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
السنن الكربى" ،أمحد بن شعيب النسائي ،دار الكتب العلمية.
سنن النسائي" ،أمحد بن شعيب بن علي اخلراساين ،النسائي ،مكتب املطبوعات اْلسالمية ،حلب.
سؤاالت أيب عبيد اآلجري أاب داود السجستاين يف اجلرح والتعديل" ،الناشر :عمادة البحث العلمي ابْلامعة
اْلسالمية ،املدينة املنورة.
سري أعالم النبالء" ،حممد بن أمحد بن عثمان بن قَ ْاميام الذهيب ،مؤسسة الرسالة.
شرح املوقظة للذهيب" ،حممود بن حممد بن مصطفى املنياوي ،الناشر :املكتبة الشاملة ،مصر ،الطبعة األوىل.
شرح التبصرة والتذكرة" ،مين الدين عبد الرحيم بن احلسني بن عبد الرمحن العراقي ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
شرح الورقات يف أصول الفقه" ،جالل الدين احمللي الشافعي ،الناشر :جامعة القدس ،فلسطني.
شرح علل الرتمذي"َ ،لبن رجب احلنبلي ،احملقق :الدكتور َهام عبد الرحيم سعيد ،مكتبة املنار ،الزرقاء ،األردن.
شرح خنبة الفكر يف مصطلحات أهل األثر" ،أبو احلسن نور الدين املال اهلروي القاري ،دار األرقم ،لبنان.
الضعفاء الكبري" ،أبو جعفر حممد بن عمرو بن موسى بن محاد العقيلي ،دار املكتبة العلمية ،بريوت ،الطبعة األوىل.
الطبقات الكربى" ،حممد بن سعد بن منيع اهلامشي ابلوَلء ،البصري ،البغدادي ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
علل الرتمذي الكبري" ،عاِل الكتب ،مكتبة النهضة العربية ،بريوت ،الطبعة األوىل.
168
العلل الصغري للرتمذي" ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت ،حتقيق :أمحد حممد شاكر وآخرون.
العلل الواردة يف األحاديث النبوية" ،علي بن عمر بن أمحد بن مهدي البغدادي ،الدارقطّن ،دار طيبة الرَيض.
العلل البن أيب حامت" ،عبد الرمحن بن أيب حامت الرامي ،مطابع احلميضي.
العلل ومعرفة الرجال" ،أمحد بن حممد بن حنبل الشيباين ،احملقق :وصي هللا بن حممد عباس ،دار اخلاين ،الرَيض.
عرض ودراسة" ،صبحي إبراهيم الصاحل ،دار العلم للماليني ،بريوت.
علوم احلديث ومصطلحه ٌ -
الغاية يف شرح اهلداية يف علم الرواية" ،حممد بن عبد الرمحن ،السخاوي ،احملقق :أبو عائش عبد املنعم إبراهيم ،مكتبة
أوَلد الشيخ للرتاث.
غريب احلديث" ،أبو سليمان محد بن حممد بن إبراهيم بن اخلطاب البسيت املعروف ابخلطايب ،احملقق :عبد الكرمي إبراهيم
الغرابوي ،الناشر :دار الفكر – دمشق ،عام النشر 1402 :ه 1982 -م.
غريب احلديث" ،أبو ُعبيد القاسم بن سالّم بن عبد هللا اهلروي البغدادي ،احملقق :حممد عبد املعيد خان ،الناشر:
مطبعة دائرة املعارف العثمانية ،حيدر آابد ،الدكن ،الطبعة األوىل 1384 ،ه 1964 -م.
فتح الباري شرح صحيح البخاري" ،أمحد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقالين ،دار املعرفة ،بريوت.
الفتح املبني بشرح األربعني" ،أمحد بن حممد بن علي بن حجر اهليتمي ،دار املنهاج ،جدة.
فتح املغيث بشرح الفية احلديث للعراقي" ،حممد بن عبد الرمحن بن حممد السخاوي ،مكتبة السنة ،مصر.
الفروسية" ،ابن قيم اْلومية ،احملقق :مشهور بن حسن بن حممود بن سلمان ،دار األندلس ،السعودية ،حائل.
الفصل يف امللل واألهواء والنحل" ،أبو حممد علي بن أمحد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطيب الظاهري ،مكتبة
اخلاجني ،القاهرة.
الفصل للوصل املدرج يف النقل" ،أمحد بن علي بن اثبت بن أمحد بن مهدي ،اخلطيب البغدادي ،احملقق :حممد بن
مطر الزهراين ،الناشر :دار اهلجرة.
الفصول يف األصول" ،أمحد بن علي أبو بكر الرامي اْلصاص احلنفي ،ومارة األوقاف الكويتية ،الطبعة الثانية.
فضائل التسمية أبمحد وحممد" ،احلسني بن أمحد بن عبد هللا بن بكري البغدادي الصرييف ،الصحابة للرتاث ،طنطا.
الفوائد اجملموعة يف األحاديث املوضوعة" ،الشوكاين ،احملقق :املعلمي اليماين ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.
القاموس احمليط" ،حممد بن يعقوب الفريومآابدى ،مؤسسة الرسالة ،بريوت ،لبنان.
القبس يف شرح موطأ مالك بن أنس" ،أبو بكر بن العريب املعافري اَلشبيلي املالكي ،حتقيق :الدكتور حممد عبد هللا ولد
كرمي ،دار الغرب اْلسالمي -الطبعة :األوىل1992 ،م.
قفو األثر يف صفوة علوم األثر" ،ابن احلنبلي ،احملقق :عبد الفتاح أبو غدة ،مكتبة املطبوعات اْلسالمية ،حلب.
قواعد التحديث من فنون مصطلح احلديث" ،حممد مجال الدين القامسي ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
169
الكامل يف اللغة واألدب" ،حممد بن يزيد املربد ،دار الفكر العريب ،القاهرة.
الكامل يف ضعفاء الرجال" ،أبو أمحد بن عدي اْلرجاين ،الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.
كشف األسرار شرح أصول البزدوي" ،عبد العزيز بن أمحد ،عالء الدين البخاري احلنفي ،دار الكتاب اْلسالمي.
كشف اخلفاء ومزيل اإللباس" ،إمساعيل العجلوين ،املكتبة العصرية ،حتقيق :عبد احلميد بن أمحد بن يوسف بن
هنداوي.
كشف املغطا يف فضل املوطا" ،علي بن احلسن بن هبة هللا املعروف اببن عساكر ،دار الفكر ،بريوت.
الكفاية يف علم الرواية" ،أمحد بن علي بن اثبت بن أمحد ،اخلطيب البغدادي ،املكتبة العلمية ،املدينة املنورة.
الكواكب الدراري يف شرح صحيح البخاري" للكرماين ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت ،لبنان.
170
املستدرك على الصحيحني" ،أبو عبد هللا احلاكم حممد بن عبد هللا بن حممد بن محدويه ،النيسابوري ،دار الكتب
العلمية ،بريوت.
املستصفى من علم األصول" أليب حامد الغزايل ،حممد عبد السالم عبد الشايف ،دار الكتب العلمية.
مسند اإلمام أمحد بن حنبل" ،أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين ،مؤسسة الرسالة.
مسند البزار" ،أبو بكر أمحد بن عمرو بن عبد اخلالق بن خالد بن عبيد هللا العتكي املعروف ابلبزار ،احملقق :حمفوظ
الرمحن مين هللا ،وآخرون ،الناشر :مكتبة العلوم واحلكم ،املدينة املنورة.
املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن العدل إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" ،مسلم بن احلجاج أبو احلسن
القشريي النيسابوري ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري" ،أمحد بن حممد بن علي الفيومي مث احلموي ،املكتبة العلمية ،بريوت.
املصنف يف األحاديث واآلاثر" ،أبو بكر بن أيب شيبة ،عبد هللا بن حممد بن إبراهيم بن عثمان بن خواسيت العبسي،
احملقق :كمال يوسف احلوت ،الناشر :مكتبة الرشد ،الرَيض.
املصنف" ،أبو بكر عبد الرماق بن َهام ،احملقق :حبيب الرمحن األعظمي .اجمللس العلمي ،اهلند ،الطبعة الثانية.
معارج القبول بشرح سلم الوصول إىل علم األصول" ،حافظ بن أمحد بن علي احلكمي ،دار ابن القيم ،الدمام.
معامل السنن" ،أبو سليمان محد بن حممد بن إبراهيم بن اخلطاب البسيت املعروف ابخلطايب ،املطبعة العلمية ،حلب،
الطبعة األوىل 1351ه 1932 -م.
املعجم األوسط" ،سليمان بن أمحد بن أيوب بن مطري اللخمي الشامي ،أبو القاسم الطرباين ،احملقق :طارق بن عوض
هللا بن حممد ,عبد احملسن بن إبراهيم احلسيّن ،دار احلرمني ،القاهرة.
معرفة أنواع علوم احلديث" ،عثمان بن عبد الرمحن ،أبو عمرو ،تقي الدين املعروف اببن الصالح ،حتقيق :نور الدين
عرت ،دار الفكر ،سورَي ،دار الفكر املعاصر ،بريوت.
معرفة علوم احلديث" ،أبو عبد هللا احلاكم حممد بن عبد هللا ،النيسابوري ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
املعرفة والتاريخ" ،يعقوب بن سفيان الفسوي ،احملقق :أكرم ضياء العمري ،مؤسسة الرسالة ،بريوت.
املعني على تفهم األربعني" َلبن امللقن ،الناشر :مكتبة أهل األثر للنشر والتوميع ،حويل ،الكويت.
املغين يف الضعفاء" ،حممد بن أمحد بن عثمان بن قَ ْاميام الذهيب ،احملقق :الدكتور نور الدين عرت.
املقاصد احلسنة يف بيان كثري من األحاديث املشتهرة على األلسنة" ،للسخاوي ،دار الكتاب العريب ،بريوت.
مقاييس اللغة" ،أمحد بن فارس بن مكرَيء القزويّن الرامي ،أبو احلسني ،دار الفكر.
املنار املنيف يف الصحيح والضعيف" ،حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد مشس الدين ابن قيم اْلومية ،احملقق :عبد
الفتاح أبو غدة ،الناشر :مكتبة املطبوعات اْلسالمية ،حلب.
171
منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة القدرية"َ ،لبن تيمية ،جامعة اْلمام حممد بن سعود اْلسالمية.
منهاج احملدثني يف القرن األول اهلجري وحَّت عصران احلاضر" ،على عبد الباسط ،اهليئة املصرية العامة للكتاب.
املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج" ،حميي الدين حيىي بن شرف النووي ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
منهج النقد يف علوم احلديث" ،نور الدين عرت ،دار الفكر دمشق ،سورية ،الطبعة الثالثة.
املنهل الروي يف خمتصر علوم احلديث النبوي" بدر الدين ابن مجاعة ،دار الفكر ،دمشق.
املوازنة بني املتقدمني واملتأخرين يف تصحيح األحاديث وتعليلها" ،محزة املليباري طبعة اثنية1422:ه .
املوضوعات" ،مجال الدين عبد الرمحن بن علي بن حممد اْلومي ،حتقيق :عبد الرمحن حممد عثمان ،الناشر :املكتبة
السلفية ابملدينة املنورة.
املوطأ" ،مالك بن أنس أبو عبدهللا األصبحي ،دار إحياء الرتاث العريب ،مصر.
املوقظة" ،حممد بن أمحد بن عثمان بن قَ ْاميام الذهيب ،مكتبة املطبوعات اْلسالمية ِبلب.
خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر" َلبن حجر العسقالين .دار احلديث ،القاهرة.
نزهة النظر يف توضيح خنبة الفكر يف مصطلح أهل األثر"َ ،لبن حجر العسقالين ،مطبعة املصباح ،دمشق ،مطبعة
سفري ابلرَيض.
هللا عز وجل ِمن التـَّو ِح ِ
يد فِيما افْـتـرى علَى ِ
العنِ ِ ْ َ َ َ َ َ ِ ِ ِ ِ
يد" ،املكتبة َ ْ ض ا ِإل َم ِام أَِيب َسعيِد ُعثْ َما َن بْ ِن َسعيِد َعلَى املَِريْس ِي ا ْجلَ ْهم ِي َ
نَـ ْق ُ
اْلسالمية للنشر والتوميع ،القاهرة ،مصر.
النكت على كتاب ابن الصالح" ،أمحد بن حجر العسقالين ،عمادة البحث العلمي ابْلامعة اْلسالمية ،املدينة املنورة.
النكت على مقدمة ابن الصالح" ،حممد بن عبد هللا بن هبادر الزركشي الشافعي ،أضواء السلف ،الرَيض.
اليواقيت والدرر يف شرح خنبة ابن حجر" ،عبد الرؤوف املناوي ،الناشر :مكتبة الرشد ،الرَيض.
172
فهرس املوضوعات
2 املقدمة.................................................................................... :
التمهيد:
3 أوَل :التعريفات واملصطلحات األساسية يف علم مصطلح احلدث ............................... ...
11 اثنيا :ن ش أة علم مص ط ل ح احل دي ث وت ط وره. .................................................
15 الفصل األول :احلديث الصحيح ..............................................................
15 تعريف احلديث الصحيح لغة واصطالحا ........................................................
15 شروط احلديث الصحيح ......................................................................
15 أوَل :اتصال السند ............................................................................
15 تعريف اَلتصال ................................................................................
15 ما َيرج بشرط اتصال السند .....................................................................
17 كيف يعرف اتصال السندق ......................................................................
17 ما يعرف به عدم اتصال السند ...................................................................
17 اثنيا :العدالة ....................................................................................
17 تعريف العدالة لغة واصطالحا .....................................................................
18 هل الضبط واحلفظ يدخالن يف العدالةق ............................................................
19 الفرق بني العدالة الدينية وعدالة الرواية عند ابن حزم .................................................
19 شروط الراوي العدل ..............................................................................
20 املراد من العدل عند احملدثني .......................................................................
20 الراوي العدل عند ابن عبد الرب .....................................................................
21 دقة نظر احملدثني يف العدالة ........................................................................
21 مب تعرف العدالةق .................................................................................
23 ما َيرج بشرط العدالة .............................................................................
27 اثلثا :متام الضبط .................................................................................
27 تعريف الضبط لغة واصطالحا ......................................................................
27 أقسام الضبط .....................................................................................
28 مب يعرف ضبط الراويق ............................................................................
28 رابعا :عدم الشذوذ ...............................................................................
28 تعريف الشذوذ لغة واصطالحا .....................................................................
28 ملاذا اشرتط العلماء يف احلديث الصحيح عدم الشذوذق ...............................................
173
28 كيف يعرف الشذوذ يف احلديثق ...............................................................
29 خامسا :عدم العلة ............................................................................
30 أقسام احلديث الصحيح .......................................................................
30 حكم احلديث الصحيح .......................................................................
31 فوائد مهمة تتعلق ابحلديث الصحيح ...........................................................
33 مصادر احلديث الصحيح .....................................................................
33 ( )1موطأ مالك ... .................... ....................................................
33 التعريف بكتاب املوطأ .......................................................................
33 منهج اْلمام مالك يف املوطأ ..................................................................
35 ( )2صحيح البخاري ....................... ................................................
35 التعريف بكتاب اْلامع الصحيح ..............................................................
36 منهج اْلمام البخاري يف صحيحه .............................................................
36 ملاذا ِل يرو البخاري يف صحيحه عن اْلمامني أيب حنيفة والشافعيق ...............................
38 ( )3صحيح مسلم ....................... ..................................................
38 التعريف بصحيح مسلم ......................................................................
39 منهج اْلمام مسلم يف صحيحه ...............................................................
39 ملاذا ِل َيرج مسلم لشيخه البخاري يف صحيحهق ...............................................
40 مقارنة بني الصحيحني ......................................................................
41 ( )4صحيح ابن خزمية ........................ .............................................
41 التعريف بصحيح ابن خزمية .................................................................
41 منهج ابن خزمية يف صحيح ..................................................................
41 منزلة صحيح ابن خزمية .....................................................................
42 ( )5صحيح ابن حبان .....................................................................
42 التعريف بكتاب صحيح ابن حبان ...........................................................
43 منهج ابن حبان يف صحيحه ..................................................................
44 ( )6املستدرك على الصحيحني ......................... .....................................
44 التعريف بكتاب املستدرك ....................................................................
44 منهج احلاكم يف مستدركه ....................................................................
46 هل التزم احلاكم شرط الشيخني أو أحدَها يف كتابهق ............................................
47 تلخيص الذهيب للمستدرك ...................................................................
174
47 ( )7املنتقى من السنن املسندة ...............................................................
47 ترمجة اْلمام ابن اْلارود .....................................................................
47 التعريف بكتاب املنتقى َلبن اْلارود .........................................................
48 ( )8املنتقى لقاسم بن أصبغ األندلسي .......................................................
48 ( )9صحيح ابن السكن ....................... ............................................
48 ( )10األحاديث املختارة للضياء املقدسي ....................... ............................
49 مراتب احلديث الصحيح ........................ ...........................................
50 الفصل الثاين :احلديث احلسن .............................................................
50 تعريف احلديث احلسن لغة واصطالحا .......................................................
50 تعريف احلديث احلسن عند اْلمام الرتمذي ..................................................
51 تعريف احلديث احلسن عند اْلمام اخلطايب ...................................................
51 احلسن عند البغوي يف "مشكاة املصابيح" .....................................................
51 تعريف ابن حجر للحديث احلسن ............................................................
52 حكم احلديث احلسن .......................................................................
52 من أمثلة احلديث احلسن ....................................................................
53 مراتب احلديث احلسن .................... .................................................
53 احلديث الصحيح لغريه ......................................................................
54 احلديث احلسن لغريه ..................... ..................................................
55 حكم احلديث احلسن لغريه .................................................................
56 مظان احلديث احلسن . .....................................................................
57 الفصل الثالث :احلديث الضعيف ............ .............................................
57 تعريف احلديث الضعيف لغة واصطالحا .....................................................
57 تفاوت درجات الضعيف ....................................................................
58 حكم رواية احلديث الضعيف ......................... ......................................
58 املقصود بفضائل األعمال .....................................................................
59 حكم العمل ابحلديث الضعيف ................................................................
62 مسائل تتعلق ابحلديث الضعيف ...............................................................
62 املصنفات يف األحاديث الضعيفة ............................ .................................
63 الفصل الرابع :أقسام احليث الضعيف بسبب فقد شرط االتصال ........... ..................
63 أوال :احلديث املرسل........................ ...............................................
175
63 تعريف املرسل لغة واصطالحا .................................................................
64 صورة احلديث املرسل ..... ...................................................................
64 أمثلة على املرسل .............................................................................
65 أمثلة على املرسل على اصطالح بعض احملدثني واألصوليني ........................................
66 أسباب اْلرسال ..............................................................................
67 حكم احلديث املرسل .........................................................................
67 مذاهب الفقهاء يف العمل ابحلديث املرسل ......................................................
69 مرسل الصحايب ..............................................................................
70 حكم مرسل الصحايب ........................................................................
70 أكثر من روى املراسيل .......................................................................
71 أصح املراسيل ...............................................................................
71 أشهر املصنفات يف املراسيل ...................................................................
72 اثنيا :احلديث املعلق..........................................................................
72 تعريف احلديث املعلق لغة واصطالحا ..........................................................
72 أسباب التعليق ..............................................................................
72 من صور التعليق ............................................................................
72 املعلقات يف صحيح البخاري .................................................................
72 املعلقات يف صحيح مسلم ...................................................................
73 حكم احلديث املعلق .........................................................................
73 حكم املعلقات يف الصحيحني ................................................................
75 اثلثا :احلديث املنقطع .......................... ............................................
75 تعريف احلديث املنقطع لغة واصطالحا .........................................................
75 الفرق بني املنقطع واملقطوع ....................................................................
75 ص ورة املنقطع ................................................................................
75 أمثلة على املنقطع ............................................................................
76 حكم احلديث املنقطع ........................................................................
76 رابعا :احلديث املعضل .......................................................................
76 تعريف احلديث املعضل لغة واصطالحا ........................................................
76 صورة املعضل ...............................................................................
76 أمثلة على املعضل ...........................................................................
176
77 حكم احلديث املعضل .......................................................................
78 خامسا :احلديث املدلس ......................... ..........................................
78 تعريف التدليس لغة واصطالحا ..............................................................
78 الفرق بني التدليس والكذب .................................................................
78 أقسام التدليس .............................................................................
85 أكثر احملدثني تدليسا ........................................................................
85 أسباب التدليس .............................................................................
85 طبقات املدلسني ............................................................................
86 طرق معرفة التدليس .........................................................................
89 سادسا :احلديث املرسل اخلفي ..............................................................
89 تعريف املرسل اخلفي لغة واصطالحا .........................................................
89 مب يعرف اْلرسال اخلفيق ...................................................................
90 حكم احلديث املرسل اخلفي .................................................................
90 الفرق بني التدليس واْلرسال اخلفي ..........................................................
91 الفصل اخلامس :أقسام احلديث املردود بسبب الطعن يف الراوي ................................
91 املراد ابلطعن يف الراوي .....................................................................
91 أسباب الطعن يف الراوي ...................................................................
92 أوال :احلديث املوضوع......................... ............................................
92 تعريف املوضوع لغة واصطالحا ..............................................................
92 رتبة احلديث املوضوع .......................................................................
92 حكم رواية احلديث املوضوع .................................................................
93 طرق الوضاعني يف صياغة احلديث ............................................................
93 دواعي الوضع وأصناف الوضاعني .............................................................
99 كيف يعرف احلديث املوضوع ................................................................
104 حماربة الوضع ووسائلها ............................. .........................................
105 أشهر املصنفات يف احلديث املوضوع .............................. ...........................
106 اثنيا :احلديث املرتوك.........................................................................
106 تعريفه لغة واصطالحا ........................................................................
106 أسباب اهتام الراوي ابلكذب ..................................................................
106 عالمات احلديث املرتوك ......................................................................
177
107 من أمثلة احلديث املرتوك ......................................................................
108 رتبة احلديث املرتوك ...........................................................................
108 اثلثا :احلديث املنكر ............................... ..........................................
108 تعريفه املنكر لغة واصطالحا ..................................................................
109 أمثلة احلديث املنكر .........................................................................
110 مظان احلديث املنكر .......................................................................
110 الفرق بني املنكر والشاذ ....................................................................
110 رتبة احلديث املنكر ...........................................................................
111 الفصل السادس :أقسام احلديث الضعيف بسبب اختـ ـ ــالل شرط الضـ ـب ـ ــط ....................
ِ
111 أوال :احل دي ُ
ث الْم ُْد َر ُج .. ............................. .................................
111 تعريف املدرج لغة واصطالحا ................................................................
111 أقسام املدرج ..............................................................................
112 دواعي اْلدراج ............................................................................
112 كيف يدرك اْلدراجق .....................................................................
114 حكم اْلدراج ...........................................................................
114 أشهر املصنفات يف احلديث املدرج ........................................................
115 اثنيا :احلديث املقلوب ..................................................................
115 تعريف املقلوب لغة واصطالحا ...........................................................
115 أقسام احلديث املقلوب .................................................................
117 األسباب احلاملة على القلب ............................................................
117 حكم القلب ..........................................................................
117 حكم احلديث املقلوب .................................................................
117 أشهر املصنفات يف احلديث املقلوب ....................................................
118 اثلثا :احلديث املضطرب ...............................................................
118 تعريف املضطرب لغة واصطالحا .............................................................
118 شروط حتقق اَلضطراب ...................................................................
118 أقسام املضطرب ..........................................................................
121 صور اَلضطراب ........................................................................
121 حكم احلديث املضطرب .................................................................
121 أشهر املصنفات يف احلديث املضطرب ....................................................
178
122 رابعا :احلديث املصحف واحملرف.........................................................
122 تعريف املصحف واحملرف لغة واصطالحا .................................................
122 أَهيته ودقته ..........................................................................
122 تقسيمات التصحيف والتحريف ........................................................
124 الفرق بني التصحيف والتحريف ........................................................
124 السبب يف وقوع التصحيف واْلكثار منه .................................................
125 طرق معرفة التصحيف والتحريف يف الرواية .................................................
125 هل يقدح التصحيف يف الراويق ...........................................................
125 السبب يف وقوع الراوي يف التصحيف الكثري ................................................
125 حكم التصحيف .......................................................................
125 أشهر املصنفات يف التصحيف والتحريف ..................................................
126 املزيد يف متصل األسانيد ..................................................................
126 تعريفه لغة واصطالحا ....................................................................
126 أقسامه ..................................................................................
127 شروط رد الزَيدة .........................................................................
127 اَلعرتاضات الواردة على ادعاء وجود الزَيدة ...............................................
127 املصنفات يف املزيد يف متصل األسانيد .....................................................
128 الفصل السابع :الشاذ ،واملعل ...........................................................
128 أوال :احلديث الشاذ ......................................................................
128 تعريف الشاذ لغة واصطالحا .............................................................
129 أين يقع الشذوذق .......................................................................
129 حكم احلديث الشاذ ...................................................................
130 اثنيا :احلديث املعل ....................................................................
130 تعريف العلة لغة واصطالحا .............................................................
131 العلة مبفهومها العام .......................................................................
132 دقة علم العلل ودقة مباحثه ...............................................................
133 إىل أي إسناد يتطرق التعليلق ............................................................
133 مب تدرك العلةق .........................................................................
136 تقسيمات العلة ........................................................................
137 حكم احلديث املعل ....................................................................
179
137 أشهر املصنفات يف علل احلديث .........................................................
138 الفصل الثامن :أقسام احلديث ابلنسبة إىل من أسند إليه ..................................
138 أوال :احلديث القدسي ...................................................................
138 تعريف احلديث القدسي لغة واصطالحا ....................................................
138 الفرق بني احلديث القدسي والقرآن الكرمي ...................................................
139 الفرق بني احلديث القدسي واحلديث النبوي ................................................
140 من أمثلة احلديث القدسي ................................................................
141 صيغ رواية احلديث القدسي ...............................................................
141 أشهر املصنفات يف األحاديث القدسية .....................................................
142 اثنيا :احلديث املرفوع ............................ .......................................
142 تعريف املرفوع لغة واصطالحا ..............................................................
142 أقسام احلديث املرفوع ...................................................................
144 اثلثا :احلديث املوقوف ...................................................................
144 تعريف املوقوف لغة واصطالحا ...........................................................
144 أمثلة احلديث املوقوف ....................................................................
144 اصطالح فقهاء خراسان ..................................................................
144 املوقوف لفظا ومرفوع حكما ..............................................................
146 تفاوت الصحابة يف الرواية والفقه ..........................................................
147 حجية قول الصحايب .....................................................................
149 رابعا :احلديث املقطوع . .............. ...................................................
149 تعريف املقطوع لغة واصطالحا .............................................................
149 الفرق بني املقطوع واملنقطع .................................................................
149 أمثلة احلديث املقطوع .....................................................................
149 اَلحتجاج ابحلديث املقطوع ...............................................................
149 مظان احلديث املقطوع .....................................................................
150 الفصل التاسع :أقسام احلديث من حيث طرقه وصوله إلينا.................................
150 أوَل :اخلرب املتواتر .......................................................................
150 تعريف املتواتر لغة واصطالحا .............................................................
150 شروط اخلرب املتواتر .......................................................................
151 حكم املتواتر ............................................................................
180
151 أقسام املتواتر ............................................................................
152 الفرق بني املتواتر اللفظي واملعنوي ..........................................................
152 وجود املتواتر .............................................................................
153 أشهر املصنفات يف احلديث املتواتر .........................................................
153 اثنيا :خرب اآلحاد .........................................................................
153 تعريف اآلحاد لغة واصطالحا ..............................................................
153 حكم اآلحاد .............................................................................
153 أقسام خرب اآلحاد . .......................................................................
153 أوَل :املشهور ..............................................................................
153 تعريف املشهور لغة واصطالحا ...............................................................
154 املستفيض .................................................................................
156 املشهور غري اَلصطالحي ...................................................................
156 حكم احلديث املشهور ......................................................................
156 أشهر املصنفات يف األحاديث املشتهرة ........................................................
157 اثنيا :العزيز ................................................................................
157 تعريف العزيز لغة واصطالحا .................................................................
157 سبب تسمية العزيز بذلك ....................................................................
157 هل العزيز شرط البخاري يف صحيحهق .........................................................
158 اثلثا :الغريب ................................................................................
158 تعريف الغريب لغة واصطالحا ..................................................................
158 الغريب والفرد ...................................................................................
158 أقسام الغريب ..................................................................................
160 مظان احلديث الغريب ............................................................................
160 أشهر املصنفات يف احلديث الغريب .................................................................
161 الفصل العاشر :حجية خرب اآلحاد يف األحكام والعقائد..............................................
173 فهرس املوضوعات...............................................................................
181