You are on page 1of 27

٦

‫‪alanqri‬‬ ‫‪drangari‬‬
‫الطﺊاﺲﻐﺋ واﻗﺠﺎﺛراﺾات واﻗﺻﺎراﺖات؛‬‫لﻖﺲﻘم باﻓخطاء ِّ‬
‫ﻏرجى المراﺠﻂﺋ ﺲﻂى الﺊرﻏﺛ الﺎالﻎ‪1:‬‬
‫‪tafreeghalangri@gmail.com‬‬
٦
‫‪4‬‬

‫﷽‬

‫رب العالمين‪ ،‬وص ّلى ال ّله وس ّلم وبارك على عبده ورسوله نبينا ّ‬
‫محمد وعلى آله وصحبه‬ ‫الحمد ل ّله ّ‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫َّأما َب ْعدُ ‪:‬‬

‫فلم يزل أهل الباطل يثيرون الشبهات حول هذا الدين‪ ،‬ومن يحملونه من أهل العلم قديما وحديثا‪،‬‬
‫ومن أكثر من وجهت له السهام المنوعة‪ :‬الشيخ اإلمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة اهلل تعالى‬
‫عليه‪ ،‬وقع ذلك يف وقته وبعد وقته‪ ،‬وزادت الهجمة على هذا الشيخ يف السنوات األخيرة‪ ،‬والملفت يف‬
‫الهجمة األخيرة‪ :‬هو اشرتاك أناس ينتسبون إلى هذه األمة جنبا إلى جنب مع أعداء لألمة ال يشك يف‬
‫عدائهم لهذا الدين‪ ،‬فأضروا –واهلل‪ -‬أنفسهم؛ إذ اصطفوا يف هذا السبيل مع من ال يعادون محمد بن عبد‬
‫الوهاب فقط؛ بل مع من يعادون محمد بن عبد اهلل سيد ولد آدم ‪.‬‬

‫وموضوع الشبهات المثارة حول الشيخ ‪ ‬طويل؛ نظرا لكثرة من يهاجمونه منذ أن جهرا‬
‫بدعوته التي قاوم فيها الشركيات المنتشرة يف وقته‪ ،‬والتي ال تزال موجودة إلى اليوم يف عدد من البلدان‪،‬‬
‫لكن دعوة الشيخ قد أثرت تأثيرا عظيما‪ ،‬فخفت شدة هذه المظاهر الشركية بفضل اهلل ثم بفضل دعوته‪،‬‬
‫وذلك يتضح لمن قارن حال هذه الشركيات يف زمن الشيخ وبعد زمنه‪.‬‬

‫‪ ‬سنجعل الكالم يف هذه الشبهات يف قسمني اثنني‪-‬بإذن اهلل‪ ،-‬هما على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬القسم األول‪ :‬بين يدي هذا الموضوع‪ :‬سنجعل بين يدي هذا الموضوع فقرتين‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أن مناقشة الشبهات المثارة حول أحد من أهل العلم يراد هبا بيان الحقيقة التي يتقرب‬
‫إلى اهلل بأيضاحها‪ ،‬فهي مسألة يراد هبا وجه اهلل ال شخص هذا العالم أو ذاك‪ ،‬فإن العالم ال يمثل نفسه‬
‫‪٦‬‬
‫‪5‬‬

‫حتى يكون األمر متعلقا بشخصه‪ ،‬بل العالم يحمل إرث النبوة الذي قال النبي ‪« :‬إ َّن األَ ْنب َيا َء‬
‫َل ْم ُي َور ُثوا دينَارا َو َل د ْر َهما‪َ ،‬و َّر ُثوا الع ْل َم‪َ ،‬ف َم ْن َأ َخ َذ ُه َأ َخ َذ ب َحظ َوافر»‪ ،‬رواه أبو داود وغيره‪ ،‬فهذا مما‬
‫يجب أن يستحضره كل من ذب عن علماء األمة؛ ليكون بذلك يف جهاده يذب عن الحق الذي بعث اهلل به‬
‫نبيه ‪ ‬ابتداء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬هناك عبارة يرددها مثيرو الشبهات عند رؤيتهم من يدافع عن علماء األمة‪ ،‬وهي‬
‫قولهم‪ :‬هؤالء الذين تدافعون عنهم غير معصومين‪ ،‬فيقال‪ :‬إن أبعد الناس عن تزكية النفس هم العلماء‬
‫الذين على السنة‪ ،‬فكيف يدعون العصمة‪ ،‬أو يرضون أن تدعى لهم؟ ولكن هؤالء العلماء األخيار قد‬
‫قاموا بأمانة العلم التي أوجب اهلل عليهم‪ ،‬فاجتهدوا يف بيان التوحيد‪ ،‬والتحذير من الشرك‪ ،‬فنفع اهلل –‬
‫تعالى‪ -‬هبم أعظم النفع‪ ،‬فكان من حقهم على األمة أن يعرف لهم قدرهم‪ ،‬ويذب عنهم ما يفرتيه أهل‬
‫الشبهات‪ ،‬فأما أنتم أهل هذه الشبهات فال نفع نفعتم به األمة‪ ،‬وال كففتم شركم عنها‪ ،‬ومع كل ذلك‬
‫فعندكم من تعظيم أنفسكم‪ ،‬وجزمكم بآرائكم‪ ،‬بل ومبالغتكم يف التعصب لها؛ ما ينبغي أن يوجه لكم‬
‫أنتم هذا السؤال‪ :‬هل أنتم المعصومون؟!‬

‫‪ ‬القسم الثاين يف ذكر الشبهات المتعلقة بالشيخ محمد بن عبد الوهاب تحديدا‪:‬‬

‫َن ْقس ُم الكالم يف هذا القسم إلى الفقرات اآلتية‪:‬‬

‫‪ ‬الفقرة األوىل‪ :‬يف أنواع الشبهات املوجَّهة للشيخ‪:‬‬


‫يمكن قسمة هذه الشبهات إلى ثالثة أقسام على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬أول‪ :‬ما كان كذبا محضا افرتوه على الشيخ‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬ما كان حقا‪ ،‬لكنه عين اعتقاد أهل السنة‪ ،‬قرره ابن عبد الوهاب‪ ،‬كما قرره من قبله من علماء‬
‫األمة‪ ،‬فنقده هؤالء‪ ،‬فنقدهم ‪-‬يف الحقيقة‪ -‬ليس البن عبد الوهاب؛ بل هو لمنهج أهل السنة والجماعة‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬يأيت الحقا بحول اهلل ‪.‬‬

‫وسنعطي أمثلة على كل قسم‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫فأما القسم األول‪ :‬وهو الكذب المحض‪ ،‬فكان القصد منه التنفير من كتب الشيخ‪ ،‬وايحاش‬
‫‪َّ ‬‬
‫الناس من مجرد االطالع على كتبه‪ ،‬وبعض ما كذب على الشيخ يدل على ما عند من افرتوه من انعدام‬
‫تقوى اهلل ‪.‬‬

‫فمن األكاذيب التي أشاعوها ون َّفرت الناس تنفيرا شديدا منه‪ :‬ما ذكره الشيخ النعماين الهندي‪ :‬من أن‬
‫خصوم الشيخ نشروا عنه أنه قدم المدينة‪ ،‬وسكن بيتا قرب المسجد النبوي ليتخذ نفقا من البيت إلى قرب‬
‫النبي ‪‬؛ ليتمكن من العبث بجسد نبي اهلل ‪ ،‬غير أن ملك المدينة رأى يف المنام‬
‫النبي ‪ ،‬وذكر له‪ :‬أن رجال اسمه‪ :‬عبد الوهاب ‪-‬هكذا يقولون‪ -‬قدم من نجد لهذا الغرض‪،‬‬
‫فقبض عليه الملك‪ ،‬وضرب عنقه‪ ،‬بكل تفاهة قالوا هذا عن الشيخ‪.‬‬

‫قال النعماين‪ :‬كان الناس يتناقلون هذه األكذوبة يف بلدي على أهنا حقيقة تاريخية معلومة‪ ،‬ولم أكن‬
‫أشك يف هذا‪ ،‬ومع أن النعماين هذا ديوبندي العقيدة؛ إال أنه كان يؤكد أن األكاذيب على الشيخ محمد‬
‫كانت شديدة‪ ،‬واشرتكت فيها عدة أطراف‪.‬‬

‫ومن األكاذيب قولهم‪ :‬إن ابن عبد الوهاب ينتقص النبي ‪ ‬بأنواع من االنتقاص‪ ،‬وهذا‬
‫كسابقه‪ :‬يف أن المراد به مجرد التشنيع على الشيخ‪ ،‬وتحذير األمة من قراءة كتبه‪ ،‬والواقف على ما كان‬
‫يتحدث به الشيخ عن النبي ‪ ‬يعلم عظم قدر النبي ‪ ‬عنده‪ ،‬كما هو عند غيره من‬
‫علماء األمة‪ ،‬فهذا الذي نسبه هؤالء الخصوم مجرد فرية افرتوها‪ ،‬ال يقولها ‪-‬يف الحقيقة‪ -‬إال من ال يتقي‬
‫اهلل‪ ،‬الشيخ يتحدث عن النبي ‪ ‬بأحسن الكالم؛ فيقول ‪-‬على سبيل المثال‪:-‬‬

‫«هو أول شافع وأول مشفع‪ ،‬ل يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته‪ ،‬حبيب اهلل وصفيه من خلقه‪ ،‬سيد‬
‫الشفعاء‪ ،‬صاحب المقام المحمود‪ ،‬آدم فمن دونه تحت لوائه‪ ،‬إمام المتقين السادة‪ ،‬أفضل من صدع‬
‫بالحق‪ ،‬صاحب األصل الماجد‪ ،‬أرسله اهلل رحمة للعالمين‪ ،‬ومحجة للسالكين‪ ،‬وحجة على الناس‬
‫نسمة على اهلل‪ ،‬وأفضل مولود»‪ ،‬إلى غير ذلك من‬
‫أجمعين‪ ،‬سيد ولد عدنان‪ ،‬سيد الخلق أجمعين‪ ،‬أكرم َ‬
‫األوصاف التي يصعب تتبعها‪.‬‬

‫وكان الشيخ محمد يخطب هبذا يف خطب الجمعة‪ ،‬كما هو يف الكتاب المعد لجمع خطبه‪ ،‬ويعلم‬
‫‪٦‬‬
‫‪7‬‬

‫الناس ذلك‪ ،‬ويلقنهم إياه تلقينا‪ ،‬وهذه األوصاف للنبي ‪ ‬منتشرة يف كتبه لمن أراد الوقوف‬
‫عليها‪.‬‬

‫ومن أعجب وأغرب وألطف ما عند هؤلء الكذبة‪ :‬موقفهم هم ممن سب النبي ‪ ،‬أو‬
‫استهزأ به؛ فإنهم يصرحون ‪-‬ألنهم من غالة المرجئة‪ -‬بأن السب واالستهزاء من حيث هما ال يعدان‬
‫كفرا حتى يضامهما اعتقاد القلب‪ ،‬كما هو مذهبهم القبيح يف كل أقوال وأفعال الكفر والشرك‪ ،‬أما الشيخ‬
‫محمد ‪-‬الذي اتهموه هبذا‪ -‬فإنه يقرر بجالء ما قرره أهل السنة‪ :‬من أن من استهزأ بالنبي ‪،‬‬
‫أو سبه؛ فإنه يكفر كفرا ظاهرا باطنا يخرج به من الملة‪ ،‬وصرح الشيخ هبذا يف عدد من المواضع من كتبه‪،‬‬
‫فيا هلل العجب من الذي حفظ للنبي ‪ ‬جنابه‪ ،‬أهو الشيخ محمد‪ ،‬أم هؤالء المرجئة الجفاة؟‬

‫لكن من عجيب أقدار اهلل –تعالى‪ ،-‬ولطيف ما قضى‪ :‬أن هذه األكاذيب كانت من أكثر األسباب‬
‫لرجوع علماء ذموا الشيخ يف أول األمر‪ ،‬ثم تراجعوا عن ذمهم؛ ألنهم حين عرفوا ما يف كالم هؤالء من‬
‫االفرتاء‪ ،‬ورجعوا لكتب الشيخ؛ تبينت لهم حقيقة دعوته‪ ،‬كما سيأيت بيانه يف القسم الثالث ‪-‬بإذن اهلل‬
‫تعالى‪ -‬من هذه الشبهات‪.‬‬

‫‪ ‬أما القسم الثاين من هذه الشبهات‪ :‬فهي الشبهات التي انتقد فيها ابن عبد الوهاب؛ ألنه قرر عين‬
‫ما قرره أهل السنة‪ ،‬وهو أنواع بحسب اعتقاد المبتدع الذي خالف أهل السنة‪ ،‬فالذين نفوا الصفات‬
‫نقدوه ألنه أثبتها‪ ،‬كما أثبتها أهل السنة‪ ،‬والذين يغلون يف القبور‪ ،‬ويشركون بأهلها نقدوه؛ لما هنى الناس‬
‫عن الغلو يف القبور‪ ،‬وأوجب إفراد اهلل بالعبادة‪ ،‬وهذا اعتقاد أهل السنة‪.‬‬

‫والذين يقررون مقالة المرجئة يف اإليمان نقدوه لما قرر‪ :‬أن اإليمان قول واعتقاد وعمل‪ ،‬كما أجمع‬
‫على ذلك أهل السنة‪ ،‬إلى غير ذلك من مسائل االعتقاد المعروفة‪ ،‬فهذا النوع من الشبهات لن نتعرض‬
‫له؛ ألن خصوم ابن عبد الوهاب لم يردوا عليه يف الحقيقة؛ بل ردوا على أهل السنة الذين اتفقوا على هذه‬
‫المسائل منذ عهد الصحابة‪ ،‬ومن سلك على سبيلهم رضي اهلل تعالى عنهم وأرضاهم‪.‬‬

‫‪ ‬القسم الثالث من الشبهات المثارة حول الشيخ‪ :‬تلك الشبهات التي كان يراد هبا تصوير الشيخ‬
‫بصورة من شذ عن جمهور علماء األمة‪ ،‬وأتى بضالل ما سبقه إليه غيره‪ ،‬وأن علماء عصره اتفقوا على‬
‫‪8‬‬

‫وصفه بأنه خارجي‪ ،‬ال يعد من أهل السنة أصال‪ ،‬وبعضهم وإن لم يصفه بذلك كله؛ إال أنه انتقد على‬
‫الشيخ أقواال زعم أنه لم يسبقه إليها أحد‪ ،‬وسنورد لذلك ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬تعالى‪ -‬أمثلة توضحه‪ ،‬وهذا‬
‫القسم –بالذات‪ -‬راجت شبهاته –لألسف‪ -‬على بعض طالب العلم ممن لم يحقق العلم العقدي‬
‫ويحرره‪ ،‬ولذا سنتعرض لهذا القسم ‪-‬بإذن اهلل‪ -‬بشيء من التفصيل‪:‬‬

‫‪ ‬فمن أكثر شبهات خصوم الشيخ قولهم‪ :‬بأن ابن عبد الوهاب خالفه علماء األمة‪ ،‬وردوا عليه‬
‫وضللوه‪ ،‬وادعى بعضهم أن العلماء أجمعوا على ذلك‪ ،‬والجواب على هذه الشبهة أن نقول ومن اهلل‬
‫تعالى نستمد المعونة‪:‬أما االتفاق على تضليله فقد وقع من أهل الخرافات والتضليل والضالالت‪ ،‬وال‬
‫سيما من مروجي الشرك‪ ،‬وكتبهم طافحة بذلك‪ ،‬ال يرتددون فيه‪ ،‬ويرون أن من هنى عن سؤال الموتى‬
‫الحاجات فهو كافر‪ ،‬ويعممون هذا‪ ،‬فينسبون أئمة كبارا قبل ابن عبد الوهاب إلى الكفر‪ ،‬كما كفروا شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وابن القيم‪ ،‬وغيرهما من أئمة اإلسالم‪ ،‬فاالتفاق على تضليل ابن عبد الوهاب وقع‬
‫من هؤالء الغالة‪.‬‬

‫أما علماء األمة الذين كانوا على السنة فاتفقوا ‪-‬بحمد اهلل‪ -‬على الثناء على هذا الشيخ‪ ،‬وتسميته‬
‫بالمجدد لمن در س من معالم دين اإلسالم‪ ،‬وأنا هنا لن أنقل كالم العلماء المشهور‪ ،‬بل سأنقل عن‬
‫علماء ذموا الشيخ محمد بن عبد الوهاب يف البداية لما سمعوا الدعاية المغرضة‪ ،‬ودخلوا يف جملة من‬
‫حذر من الشيخ؛ لشناعة ما سمعوا عنه‪ ،‬لكن هؤالء العلماء الصادقين لما وقفوا على كتب الشيخ‪ ،‬وما‬
‫قرره فيها من االعتقاد الحق؛ ندموا على موقفهم المتعجل من الشيخ‪ ،‬ثم كتبوا نظما ونثرا يف الثناء على‬
‫الشيخ‪ ،‬وعلي ما قرره‪ ،‬وذكروا أن السبب يف موقفهم األول‪ :‬هو أنهم بنوه على ما سمعوه من خصوم‬
‫الشيخ الذين افرتوا عليه‪ ،‬فلما وقف هؤالء العلماء على كتبه؛ غيروا موقفهم تغييرا تاما‪ ،‬وذموا من تسببوا‬
‫يف تشويه حقيقة ما يدعو إليه هذا اإلمام‪.‬‬

‫‪ ‬وأعجب من ذلك‪ :‬أن يف هؤالء الذين رجعوا عن ذم الشيخ من كانوا من فرق ضالة متلبسين‬
‫ببدعها‪ ،‬لكنهم لما وقفوا على كتب الشيخ تأثروا بما وضحه فيها من معنى التوحيد‪ ،‬والتحذير من‬
‫الشرك‪ ،‬فرتكوا بدعهم حين وقفوا على تقرير الشيخ لتلك المسائل‪ ،‬وانتقلوا من فرقهم الضالة إلى‬
‫مذهب أهل السنة الصايف من تلك البدع‪ ،‬وسنذكر ‪-‬بإذن اهلل تعالى‪ -‬من باب المثال فقط‪ ،‬ال من باب‬
‫‪٦‬‬
‫‪9‬‬

‫الحصر‪ ،‬بعض هؤالء العلماء‪:‬‬

‫‪ ‬فمن ذلك‪ :‬عالم جنوب الجزيرة؛ الشيخ‪ :‬أحمد بن عبد القادر الحفظي‪ ،‬المعاصر للشيخ محمد‪،‬‬
‫فهذا الرجل من أعظم العلماء يف وقته‪ ،‬قصده الطالب من جميع األقطار‪ ،‬وكان مع ذلك رأس الصوفية يف‬
‫زمنه‪ ،‬يلبس ما يسميه الصوفية‪ :‬الخرقة‪ ،‬وله –أيضا‪ -‬ميل إلى التشيع‪ ،‬فلما وقف على كتب الشيخ محمد‬
‫بن عبد الوهاب؛ ترك جميع ما كان عليه من التشيع والتصوف‪ ،‬وصار يدعو الناس يف بلده وخارج بلده‬
‫إلى إخالص العبادة هلل‪ ،‬وترك الشركيات‪ ،‬وأعلن ندمه على ما كان فيه يف سالف عمره من التصوف‬
‫والتشيع‪ ،‬واستخدم يف ذلك شعره الرائع القوي؛ فمن ذلك قوله واصفا حاله حين سمع دعوة ابن عبد‬
‫الوهاب‪:‬‬
‫ماااااان األُ ُفااااااق األعلااااااى تج َّلااااااى لرائ َياااااا ْه‬ ‫وإ َّناااااااااا سااااااااامعنا داعا‬
‫ااااااااي اهلل معلناااااااااا‬
‫َ‬
‫وح ْو َق ْلنَااااااااا بعاااااااا م وت َْوج َياااااااا ْه‬
‫جوابااااااااا َ‬ ‫َ‬
‫مثااااااااال َمقالاااااااااه‬ ‫فقلناااااااااا بحماااااااااد اهلل‬

‫بماااااا أنااااات تُبدياااااه َوماااااا أنااااات تُخْ ف َيااااا ْه‬ ‫َو ُقلنااااااا لااااااه أهااااااال وسااااااهال ومرحبااااااا‬

‫نُقاااااااار ب َماااااااااا َكاااااااااان منَّاااااااااا َو َن ْقل َيااااااااا ْه‬ ‫َوماااااااا قلتَااااااا ُه َحاااااااق وصاااااااد وأ َّننَاااااااا‬

‫ااااام ماااااان جهاااااال نَاف َياااااا ْه‬ ‫وغفرا َنا َ‬


‫اااااك اللها َّ‬ ‫اااام مااااان شااااار عاااااا َلم‬
‫نعاااااوذ باااااك اللها َّ‬
‫اااااعدي َ‬
‫ك يااااااا عبااااااد الع ياااااا ول َّب َياااااا ْه‬ ‫ْ‬ ‫وسا‬
‫َ‬ ‫اااااايخ المسااااااالمين محمااااااادا‬
‫ول َّبياااااااك شا َ‬

‫وبعث َتاااااااه مااااااان بعاااااااد اااااااول تَناسااااااا َي ْه‬ ‫لقااااااد أدهاااااار الااااااداعي رسااااااال َة أحمااااااد‬

‫ااااااااب تنب َياااااااا ْه‬


‫َ‬ ‫أره‬
‫ب ْأرغَااااااااب َت ْعلاااااااايم َو َ‬ ‫وأيق َظنَاااااااا مااااااان ر ْقااااااادَ ة اااااااال لي ُل َهاااااااا‬

‫وح َّقا َ‬
‫ااااااااق إساااااااااالما وجااااااااادَّ َد َبال َيااااااااا ْه‬ ‫ور َّد إلااااااااى خياااااااار القاااااااارون ساااااااالو َكنَا‬
‫َ‬

‫ثم إن الشيخ ‪ ‬اجتهد كثيرا يف دعوة علماء بلده وعلماء اليمن إلى االلتحاق بدعوة الشيخ‬
‫محمد‪ ،‬وقبول ما يدعو إليه من التوحيد‪ ،‬فقال مخاطبا علماء تلك الجهات‪:‬‬
‫ااااااااول بتساااااااااناد وماااااااااتن ل َواع َيااااااااا ْه‬
‫َ‬ ‫وقا‬ ‫تساااااام َعا ماااااان َع َوال َياااااا ْه‬
‫َ‬ ‫َأ َل َأ ْبلغَااااااا مااااااا‬

‫فكيااااااااات الكتاااااااااب ُت َعاف َياااااااا ْه‬


‫ُ‬ ‫علاااااااايال‬ ‫اااار ن َْجااااد َأ ْو َصااااح َحا‬
‫َصاااا َفا َس ْل َساااان َْن أخبا َ‬
‫‪10‬‬

‫لمطاااااااااوي تبليااااااااا إلااااااااايهم ُأ َود َيااااااااا ْه‬ ‫ااااارا‬


‫فانش َ‬ ‫َ‬
‫أهااااال المااااادارس ُ‬ ‫وإ ْن ُج ْ ت َُماااااا‬

‫َ‬
‫هااااال أراضااااا َي ْه‬‫يناااااادي إلاااااى التوحياااااد أ‬ ‫ااااااول لهااااااام إ َّناااااااا سااااااامعنا منادياااااااا‬
‫وقا َ‬

‫الر َواسااااا َي ْه‬


‫مااااان اهلل ر َّكااااات مااااان ضاااااالل َّ‬ ‫بحجاااااة‬
‫وينهاااااى عااااان الشااااار الكبيااااار َّ‬

‫ااااااااها بااااااااتذن اهلل للساااااااا ْقم شاااااااااف َي ْه‬


‫َ‬ ‫َع َسا‬ ‫جميااااااع المساااااالمين نصاااااايحة‬
‫َ‬ ‫إلاااااايكم‬

‫إلاااااى الااااايمن الميماااااون ن ُْصاااااحا ألَ ْهل َيااااا ْه‬ ‫ااااان ُر َجاااااال ب َّلااااا اهلل قصااااادَ َها‬
‫ااااار ْت م ْ‬
‫َس َ‬

‫وذكر يف شعره –أيضا‪ -‬شدة انتشار الشرك يف وقته‪ ،‬وأن دعوة ابن عبد الوهاب التي كانت هنيا عن‬
‫الشرك وأمرا بالتوحيد‪ ،‬هذا وضعها‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫و َدان َيااااااااا‬ ‫ويااااااااأمر بالتوحيااااااااد قااااااااا‬ ‫ااار ُه‬ ‫وينهااااى عاااان الشاااار الااااذي َ ا َّ‬
‫ااام بحا ُ‬
‫دعااااااااكم فأشااااااااركتم مااااااااع اهلل ثان َيااااااااا‬ ‫ت عااان الحاااق ماااا الاااذي‬ ‫َف َياااا فر َقاااة َص َّ‬
‫ااام ْ‬

‫‪ ‬ومن ذلك‪ :‬الشيخ عبد الرحمن الجربيت‪ ،‬وهو متولي مشيخة المذهب الحنفي يف مصر‪ ،‬وكان‬
‫معاصرا البن عبد الوهاب‪ ،‬وقد ظل يدافع عن دعوة الشيخ حتى كان ذلك سببا يف قتله ‪ ،‬ليلة‬
‫العشرين من رمضان‪ ،‬عام ألف ومئتين وسبع وثالثين‪ ،‬على يد حاكم مصر‪ :‬محمد علي‪.‬‬

‫وقد نقل الشيخ الجربيت يف تاريخه اعتقاد ابن عبد الوهاب‪ ،‬الذي أرسله إلى أهل المغرب‪ ،‬وفيه‬
‫إنكاره للشرك المنتشر بسؤال الموتى الحاجات التي ال يقدر عليها إال اهلل‪ ،‬والتقرب لهم بالذبح والنذر‪،‬‬
‫وغير ذلك من العبادات‪ ،‬وأن من جعل بينه وبين اهلل وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم‪ ،‬فلما نقل‬
‫الجربيت الكتاب كامال قال‪ :‬أقول‪ :‬إن كان كذلك فهذا ما ندين اهلل به نحن أيضا‪ ،‬وهو خالصة لباب‬
‫التوحيد‪ ،‬وما علينا من المارقين والمتعصبين‪.‬‬

‫وقد ظل الجربيت ‪-‬كما قلنا‪ -‬ينافح عن دعوة الشيخ حتى بعد موته ‪ ،‬ويرد على ما يلقيه‬
‫خصومه من الشبهات‪ ،‬إلى أن قتل بسبب ذلك‪ ،‬عسى اهلل أن يجعله يف الشهداء‪.‬‬

‫وكان الشيخ الجربيت جريئا يف موقفه هذا‪ ،‬فقد كان معاصره يف مصر‪ :‬الشيخ األزهري‪ :‬أبو الهدى‬
‫الصعيدي جريئا –أيضا‪ ،-‬فإنه ناظر عددا من علماء الدعوة من أصحاب الشيخ محمد بطلب من الحاكم‬
‫‪٦‬‬
‫‪11‬‬

‫محمد علي‪ ،‬فلما وقف على حقيقة هذه الدعوة قال بصريح العبارة‪ :‬إن كانت الوهابية كما سمعنا‬
‫وطالعنا؛ فنحن –أيضا‪ -‬وهابية‪.‬‬

‫‪ ‬وممن كان معاديا لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ :‬أحد أشهر علماء الحديث يف وقته‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫الشيخ الشريف المحدث‪ :‬حسن بن خالد الحازمي‪ ،‬وكان الحازمي يعادي دعوة الشيخ يف أول األمر‪،‬‬
‫ويرى ‪-‬بحسب ما بلغه‪ -‬أن ابن عبد الوهاب وأصحابه من الخوارج‪ ،‬غير أنه بعد أن اطلع على كتب ابن‬
‫عبد الوهاب تراجع عن موقفه‪ ،‬ورحل للدرعية‪ ،‬والتقى علمائها وأثنى عليهم‪ ،‬أجاز حفيد ابن عبد‬
‫الوهاب‪ :‬الشيخ سليمان بن عبد اهلل بمروياته‪ ،‬وسماه باإلمام سليمان‪.‬‬

‫وقد اشتد حماس الشيخ الحازمي لنشر ما يدعو إليه ابن عبد الوهاب من التوحيد‪ ،‬والتحذير من‬
‫الشرك‪ ،‬وصنف يف ذلك كتابه‪« :‬قوت القلوب يف توحيد عالم الغيوب»‪ ،‬وكتابا يف وجوب هدم المشاهد‬
‫المبنية على القبور‪.‬‬

‫والواقف على كالم الشيخ الحازمي ‪ ‬ال يخفى عليه تأثره الشديد الواضح بتقريرات الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوهاب يف كتبه‪.‬‬

‫ومن ذلك ما كان من العالم األحسائي‪ :‬حسين بن أبي بكر بن غنام‪ ،‬الذي سمع بدعوة الشيخ محمد‪،‬‬
‫فارتحل إليه وتلقى عنه‪ ،‬وصار يف خواص أصحابه‪ ،‬وكان قبل ذلك على نفس اعتقاد كثيرين من أهل‬
‫البدع والضالل‪ ،‬وقد وصف الشيخ حسين ‪ ‬حال الناس يف الجزيرة وخارجها‪ ،‬وذكر ما يوضح‬
‫االنتشار الشديد للممارسات الشركية‪ ،‬ولذا صار ‪ ‬من أشد المدافعين عن دعوة الشيخ شعرا‬
‫ونثرا‪ ،‬وبعض الناس يظن هذا العالم كالعالم الجربيت مجرد مؤرخين؛ وهما من الفقهاء‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك‪ :‬ما كان من العالم الحنبلي األحسائي ذائع الصيت‪ :‬أحمد بن حسن العفالقي‪ ،‬الذي‬
‫تلقى تعليمه عن ألد خصوم ابن عبد الوهاب‪ ،‬وهو‪ :‬محمد بن فيروز‪ ،‬الذي كان يصحح الممارسات‬
‫التي يصنعها الغالة عند القبور‪ ،‬وقد تأثر ابن عفالق بتقريرات شيخه هذا‪ ،‬إال أنه حين قدم المدينة‪،‬‬
‫ووقف على اعتقاد السلف الصالح؛ غير موقفه تماما من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬فصار‬
‫يدرس كتب ابن عبد الوهاب يف المدينة‪ ،‬ولما هاجم جيش إبراهيم باشا المدينة‪ ،‬اتجه العفالقي إلى‬
‫‪12‬‬

‫الدرعية مع أصحاب الشيخ‪ ،‬ولما تمكن إبراهيم من تدمير الدرعية وعذب علمائها؛ اشتد على العفالقي‬
‫‪ ‬يف التعذيب‪ ،‬ورحله لمصر‪ ،‬فالتقاه علماء مصر‪ ،‬فثبت ثباتا عظيما لرسوخه يف العلم‪ ،‬فلما رؤى‬
‫كذلك جعل ‪ ‬مفتي المذهب الحنبلي يف مصر‪.‬‬

‫‪ ‬ومن العلماء الذين غ َّيروا موقفهم من دعوة الشيخ بعد وقوفهم على حقيقتها‪ :‬الشيخ‪ :‬علي‬
‫باصابرين‪ ،‬فإنه يف درسه بجامع الشافعي نال نيال فاحشا من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وكان‬
‫حاضرا يف الحلقة شيخان من تالميذ الشيخ علي‪ :‬وهما‪ :‬الشيخ مساعد‪ ،‬والبسام‪ ،‬فلما انتهى الشيخ من‬
‫درسه سأاله‪ :‬يا شيخ؛ هل وقفت على كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب حين نلت منه وقلت ما قلت؟‬
‫فقال‪ :‬ال‪ ،‬لكن هذا مما عرفته من مشايخي‪ ،‬فقال‪ :‬ما رأيك أن تقرأ كتب الشيخ محمد؟ فقال‪ :‬ال مانع‪،‬‬
‫فأعطياه من كتبه؛ فلما جاء بعد أسبوع‪ ،‬قال لطالبه‪ :‬لقد نلت من الشيخ محمد بن عبد الوهاب إحسانا‬
‫للظن بمشايخي‪ ،‬وقد أطلعني اثنان من الطالب على كتبه‪ ،‬وأنا أقول اآلن‪ :‬إن ما دعا إليه هو الحق‪ ،‬ثم‬
‫صنف الشيخ علي رسالة يف التوحيد بعد ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك –أيضا‪ -‬موقف الشيخ القاضي محمد بن إبراهيم السناين‪ :‬فقد قال‪ :‬كنت يف أول األمر‬
‫مع أناس من جماعتنا نسمي كتاب‪ :‬كشف الشبهات بجمع الشبهات‪ ،‬ولم أطالعه‪ ،‬ولم أره‪ ،‬فلما سافرت‬
‫لبعض اآلفاق‪ ،‬ورأيت كثرة من أعرض عن الحق‪ ،‬عن لي أن أطالع كشف الشبهات‪ ،‬فوجدته كاسمه‬
‫مشتمال على أجل المطالب‪ ،‬فكان جديرا أن يكتب بماء الذهب‪ ،‬فقلت عند ذلك‪:‬‬
‫الااااارد والااااادَّ ْفع‬
‫َّ‬ ‫اااااب‬
‫وقاااااالوا مقاااااال واج َ‬ ‫ااالج ْمع‬ ‫الكشا َ‬
‫ااف با َ‬ ‫اام ْوا ْ‬ ‫لقاااد ضا َّ‬
‫اال قاااوم َسا َّ‬
‫ااان نااااد‬
‫انهاااادَّ َمااااا شاااايد ما ْ‬
‫َوتضااااليلهم َمااااا َ‬ ‫ااااااع الشاااااا َب ْه َمااااااا َل َّف ُقااااااو ُه ب َبغْاااااايه ْم‬
‫َف َج ْم ُ‬

‫بأو َضاااااااااح ت ْب َياااااااااان َو َقا ْ‬


‫ااااااااول ُم َسااااااااادَّ د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫كشاااف ماااا كاااان مشاااكال‬ ‫َّ‬
‫حااال فياااه‬ ‫فقاااد‬

‫إلى آخر قصيدته‪.‬‬

‫‪ ‬ومن هؤلء العلماء –أيضا‪ -‬الشيخ‪ :‬حامد بن محمد بن حسن‪ ،‬من علماء القرن الثالث عشر‪،‬‬
‫حج عام ألف ومائتين وستة عشر‪ ،‬والتقى علماء من أصحاب الشيخ محمد‪ ،‬فتأثر بما قرروه يف معنى‬
‫التوحيد‪ ،‬وأنشأ منظومة زادت على ألف بيت‪ ،‬جعلها يف عدة أوزان‪ ،‬يذكر فيها ما كان عليه سابقا من‬
‫‪٦‬‬
‫‪13‬‬

‫الوقوع يف الشرك‪ ،‬ثم ما كان من رجوعه بعد أن وقف على تقريرات الشيخ محمد يف التحذير من الشرك‪،‬‬
‫فمن ذلك قوله‪:‬‬
‫بكياتاااااااه َف ْضاااااااال َلنَاااااااا كَيا َ‬
‫ااااااف ُي ْج َحااااااادُ‬ ‫الهاااادَ‬
‫اااان باااا َّين ُ‬
‫رب الخلااااق َم ْ‬
‫فنحماااادُ َّ‬

‫َفماااااااااال َي َل َأ ْد ُعاااااااااو إ َلهاااااااااي ُأ َمجااااااااادُ‬ ‫والشاااا َقا‬ ‫وعنَّااااا أ ْذ َها َ‬


‫اااب الشاااارا والكفاااار َّ‬

‫‪ ‬ودعا لبن عبد الوهاب على دللته إياه إلى الحق‪:‬‬


‫َعر ْفنَاااااا َوإنَّاااااا َق ُ‬
‫بااااال يف الشااااا ْر َن ْع َمااااادُ‬ ‫َوإ ْغفاااا ْر لشاااايخ الاااادين َشاااا ْيخ بااااه ُ‬
‫الهااااد‬

‫ثم إن الشيخ شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وقال فيه‪ :‬أن اهلل لما من عليه‬
‫بالهدى بعد الضالل‪ ،‬أراد أن يسلك مع السالكين يف مسلك التوحيد‪ ،‬ويحدث بما أنعم اهلل عليه بعد‬
‫ليالي الشرك والكفر‪ ،‬فشرح هذا الكتاب‪ ،‬وسمى الشيخ‪ :‬بشيخ اإلسالم‪ ،‬قامع البدع‪ ،‬محي السنة‬
‫المحمدية‪.‬‬

‫‪ ‬ومن مشاهير العلماء الذين تأثروا بدعوة ابن عبد الوهاب‪ :‬الشيخ القاضي‪ :‬محمد بن أحمد‬
‫الحفظي‪ ،‬كان ذا مكانة علمية كبيرة‪ ،‬حتى أقر بمكانته خصوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وقد اغتموا‬
‫كثيرا حين ترك ما كان موغال فيه من التصوف والبدع‪ ،‬فقد وقف هذا الشيخ على كتب ابن عبد الوهاب‪،‬‬
‫ونصر دعوته‪ ،‬وأبدى ندمه على ما كان عليه يف سالف حياته من البدع‪ ،‬ومما قال يصف حال الناس يف‬
‫وقته من جهة شدة انتشار الشرك فيهم‪ ،‬حتى بلغته دعوة الشيخ‪:‬‬
‫الج َّهاااااااال‬ ‫أهااااااال ع ْلااااااام َأ ْو ما َ‬
‫اااااان ُ‬ ‫اااااان ْ‬
‫ما ْ‬ ‫حصااااى َعااااد ُه ْم‬
‫َاااار ُجموعااااا لاااايُّ ُي َ‬
‫وت َ‬
‫وف َعاااااااااااله ْم ويف العتقاااااااااااد الغَااااااااااالي‬ ‫متظاااااااااااهرين بشااااااااااركهم يف قااااااااااولهم‬

‫‪ ‬ثم قال واصفا الحال بعد دعوة الشيخ محمد‪:‬‬


‫ااااااااااوالي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َن َباااااااااااأ عظااااااااااايم أما‬
‫اااااااااار ُه ُم َتا‬ ‫حتَّااااااى أتَانَااااااا ماااااان مشااااااار أرضاااااانَا‬

‫تَوحيااااااااااااد والتفريااااااااااااد باألعمااااااااااااال‬ ‫للااات‬


‫ْ‬ ‫الصاااوت ياااد ُعو النااااس‬
‫داع باااأعلى َّ‬
‫‪14‬‬

‫ندم ُه على ما أسلف يف عمره من الشر والبدع‪:‬‬


‫‪ ‬ث َّم إ َّن الشيخ الحفظي قال واصفا َ‬
‫ااااان َناااااادَ م َعلااااااى األَ ْو َصااااااال‬
‫َوي َعااااااْ ما ْ‬ ‫إن تاااااذك ََّر َماااااا َم َضاااااى‬
‫والمااااار ُء يخجااااال ْ‬

‫‪ ‬وقال يف منظومة له يصف الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وأثره يف الناس‪:‬‬


‫نجاااااااد عالماااااااا مجتهااااااادَ ا‬ ‫مااااااان أر‬ ‫وبعاااااااااااااااث اهلل لناااااااااااااااا مجاااااااااااااااد َدا‬

‫األح َمااااااااااادي‬
‫اااااااااااري ْ‬
‫َّ‬ ‫الحنبلاااااااااااي األ َث‬
‫َّ‬ ‫المحمااااااادي‬
‫َّ‬ ‫محمااااااادَ‬
‫َّ‬ ‫َشااااااا ْي َخ ُ‬
‫الهاااااااد‬

‫َباااااا ْي َن الااااااور وقااااااد َ َغااااااى وا ْع َت َكا َ‬


‫ااااارا‬ ‫اااااريح َقااااادْ َس َ‬
‫ااااار‬ ‫ُ‬ ‫ااااار ُ َّ‬
‫الص‬ ‫َفقاااااا َم والش ْ‬
‫يصاااااااااارهُ بااااااااااين أ ْد ُهاااااااااار القبيلاااااااااا ْة‬ ‫دعااااااااااااااا إلااااااااااااااى اهلل وبالت َّْهليلاااااااااااااا ْة‬

‫َ‬ ‫ْأن ل إلاااااااااااه َغ ْيا‬


‫اااااااااار َفااااااااااارد ُيع َبااااااااااادُ‬ ‫اااااااااهدُ‬
‫َ‬ ‫َّااااااااااس َمعااااااااااني َأ ْش‬
‫َ‬ ‫يعلااااااااام الن‬

‫‪ ‬ونشط الشيخ الحفظي يف دعوة علماء اليمن وجنوب الج يرة لإلقبال على دعوة الشيخ محمد‪،‬‬
‫وشرح لهم مقاصد دعوته‪ ،‬ونفى ما ُيشي ُعه عنها خصومه‪ ،‬وقال يف شعر رائق ماتع‪:‬‬
‫المتحااااااول‬
‫َ‬ ‫ااااااب حال َهااااااا‬ ‫وار ُق ْ‬
‫ااااااب َعواق َ‬ ‫ااااااار َشا ْ‬
‫اااااااأنَها‬ ‫األيااااااااام وا ْن ُظا ْ‬
‫َو ْاست َْشااااااااهد َّ‬
‫اااااااام أ ْدر َماااااااااا َح ْي ُلو َلااااااااا ُة المت ََحيااااااااال‬
‫ْ‬ ‫لا‬ ‫والحااااااااق أو َلااااااااى أن ُيجا‬
‫ااااااااب وإنَّمااااااااا‬
‫َ‬

‫إلى آخرها‪.‬‬

‫وصنف الحفظي كتابا نافعا سماه‪« :‬درجات الصاعدين إلى مقامات الموحدين»‪ ،‬ذكر فيه شدة انتشار‬
‫الشرك‪ ،‬حتى كادت تنطمس آثار الشريعة‪ ،‬قال‪« :‬إلى أن ب غ قمر التجديد‪ ،‬و لعت شمُّ التوحيد‬
‫بدعوة شيخ السالم محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬فج َّلى اهلل به ال َق َتام َة»‪.‬‬

‫وختم الشيخ الحفظي كتابه بقوله عن كتابه هذا‪« :‬وهذه النسخة المجموعة‪ ،‬والفوائد المسموعة‪،‬‬
‫قطرة من َم ْطرة من سحائب الدعوة؛ يعني‪ :‬دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب»‬

‫‪ ‬ومن العلماء الذين تأثروا بدعوة ابن عبد الوهاب‪ :‬شيخ مكة الشهير‪ :‬أبو بكر خوقير‪ ،‬كان أحد‬
‫تالميذ الشيخ أحمد بن دحالن خصم الدعوة اللدود‪ ،‬لكن الشيخ أبا بكر تراجع عن األباطيل والبدع التي‬
‫تلقاها عن شيخه هذا وعن أمثاله من خصوم دعوة الشيخ‪ ،‬وصنف الشيخ أبو بكر كتابه الشهير‪« :‬فصل‬
‫‪٦‬‬
‫‪15‬‬

‫المقال وإرشاد الضال»‪ ،‬رد فيه على دعاة الشرك والغلو‪ ،‬ونصر ما قرره الشيخ محمد بن عبد الوهاب من‬
‫التوحيد‪ ،‬ولذا تعرض ‪ ‬لالمتحان الشديد بسبب موقفه هذا‪ ،‬لكنه ثبت على ما وقع له من ذلك‬
‫االمتحان‪.‬‬

‫وممن غ َّير موقفه من دعوة الشيخ بعد وقوفه على كتبه‪ :‬الشيخ رشيد رضا الشامي‪ ،‬ثم المصري‪ ،‬قال‬
‫يف سبب تغيير موقفه‪« :‬كنا نسمع يف صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسائل َدحالن وأمثاله‪ ،‬فنصدقها‬
‫أن الدولة العثمانية هي حامية الدين‪ ،‬وألجله حار َب ْتهم‪ ،‬و َخ َضدت‬
‫َّ‬ ‫بالتبع لمشايخنا وآبائنا‪ ،‬ونصد‬
‫شوكتهم‪ ،‬وأنا لم أعلم بحقيقة هذه الطائفة إل بعد الهجرة إلى مصر‪ ،‬وال الع على «تاريخ الجبرتي»‪،‬‬
‫و«تاريخ الستقصاء يف تاريخ المغرب األقصى»‪ ،‬إلى قوله‪« :‬ثم ا لعت على أكثر كتب الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوهاب ورسائله وفتاويه‪ ،‬وكتب أولده وأحفاده ورسائلهم‪ ،‬ورسائل غيرهم من علماء نجد يف عهد‬
‫‪ ،‬ول عن فيهم؛ إل وأجابوا عنه‪ ،‬فما كان كذبا‬ ‫النهضة التجديدية‪ ،‬فرأيت أنه لم يصل إليهم اعترا‬
‫قالوا‪ :‬سبحانك هذا بهتان عظيم‪ ،‬وما كان صحيحا‪ ،‬أو له أصل ب َّينوا حقيقته وردوا عليه‪ ،‬وقد ُ بعت أكثر‬
‫كتبهم‪ ،‬وعرف األلوف من الناس أصل تلك المفتريات»‬

‫وقد أثر الشيخ رشيد رضا يف كثير من العلماء حيث عرفهم بحقيقة دعوة الشيخ محمد‪ ،‬ورد على‬
‫خصومها‪ ،‬حتى قال األستاذ‪ :‬شكيب أرسالن ‪-‬رحم اهلل الجميع‪ :-‬بأن الشيخ رشيد رضا سبب انقالبا يف‬
‫الرأي العام‪ ،‬ولذا قال له شيخ األزهر ‪-‬يف مأل من علماء األزهر‪ :-‬جزاك اهلل خيرا بما أزلت عن الناس‬
‫من الغمة يف أمر الوهابية‪ ،‬انتهى؛ يعني‪ :‬أنه وضح حقيقة دعوة ابن عبد الوهاب‪ ،‬وأنه على المنهج الحق‪،‬‬
‫وشيخ األزهر هذا هو أبو الفضل الجيزاوي ‪.‬‬

‫وكان الشيخ رشيد قد قال بأنه كان يف مجلس هذا الشيخ‪ ،‬فأورد اإلشاعات التي تدور حول ابن عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬وما يبثه خصومه عنه‪ ،‬فأهدى الشيخ رشيد رضا لشيخ األزهر‪ ،‬ولطائفة من أشهر علماء األزهر‬
‫كتاب‪« :‬الهدية السنية»‪ ،‬الذي فيه توضيح ما يدعو إليه ابن عبد الوهاب‪ ،‬قال الشيخ رشيد‪ :‬فراجع الكتاب‬
‫شيخ األزهر والعلماء‪ ،‬فاعرتفوا بأن الذي يف الكتاب هو عين مذهب أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫وممن كان يثني على ابن عبد الوهاب من علماء مصر‪ :‬الشيخ محمد عبده‪ ،‬مفتي الديار المصرية يف‬
‫زمنه‪ ،‬نقل عنه تلميذه‪ :‬حافظ وهبة‪ ،‬بأنه كان يثني على الشيخ محمد بن عبد الوهاب يف دروسه بالجامع‬
‫األزهر‪ ،‬ويلقبه بالمصلح العظيم‪ ،‬ويلقي تبعة وقف دعوته اإلصالحية على األتراك‪ ،‬وحاكم مصر محمد‬
‫علي‪ ،‬قال‪ :‬لجهلهم ومسايرهتم لمن ساروا على سنة من سبقهم من مؤيدي البدع والخرافات‪ ،‬ومجافاة‬
‫حقائق اإلسالم‪ ،‬وهذه الكلمات من علماء مصر كانت بعد اتضاح حقيقة دعوة الشيخ لهم‪ ،‬وال سيما‬
‫وقد التقوا علماءها الذين رحلوا إلى مصر‪ ،‬فتأثر عدد منهم بما عاينوه من الحقيقة التي أخفتها حمالت‬
‫شديدة على دعوة الشيخ‪.‬‬

‫‪ ‬ومن الذين غ َّيروا موقفهم تغييرا جذريا بسبب دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ :‬الشيخ علي‬
‫بن عبد اهلل بن صوفان من علماء اليمن‪ ،‬وكان زيديا‪ ،‬فلما وقف على حقيقة دعوة الشيخ ترك مذهبه‬
‫الزيدي‪ ،‬وانتقل لمذهب أهل السنة‪ ،‬وقال مبديا ندمه على ما مضى يف عمره يف هذا السبيل‪ ،‬معلنا اتباعه‬
‫لدعوة الشيخ‪:‬‬
‫اااااااااالما‬
‫َ‬ ‫علاااااااااى ن َْجاااااااااد ُأحيااااااااايك ُْم َس‬ ‫سااااااااااال ُم يماااااااااا ُ اآلفااااااااااا َ مسااااااااااكا‬

‫اااااااان ُأ َل َماااااااااا‬
‫ْ‬ ‫وهااااااااذا يف األصااااااااول َف َل‬ ‫ديااااااااان يااااااااادي جهاااااااااارا‬
‫َ‬ ‫ااااااااات‬
‫ُ‬ ‫َخ َل ْع‬

‫ين َو َّهااااااااااابي أ َق َامااااااااااا‬


‫أقااااااااااام الااااااااااد َ‬ ‫ديااااااان شاااااااايخ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫سأسااااااالك يف العقيااااااادة‬

‫ااااااااع الباااااااادْ عي َأ ْسااااااااهرني َ‬


‫المن ََامااااااااا‬ ‫َ‬ ‫َم‬ ‫وكنَّااااااااااا قباااااااااال هااااااااااذا يف ضااااااااااالل‬

‫حرامااااااااا‬
‫َ‬ ‫ااااااالفت يف دهااااااااري‬
‫ُ‬ ‫ومااااااااا أسا‬ ‫إلاااااااى الغ َّفاااااااار يغفااااااار لاااااااي ذناااااااوبي‬

‫ااااااااالما‬
‫َ‬ ‫الس‬
‫أهااااااااديت َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيااااااااث‬ ‫لمااااااااا َذا‬ ‫المال َماااااااااا‬ ‫َّ‬ ‫َأل َياااااااااا ُلا‬
‫ااااااااومي َفاااااااااد ُعوا َ‬

‫كرامااااااااااا‬
‫فقااااااااااد واليااااااااااتُهم قومااااااااااا َ‬ ‫إلااااااااى نهااااااااُ هااااااااداة الناااااااااس ُ اااااااارا‬

‫‪ ‬ومن العلماء الذين غيروا نظرتهم للدعوة أيضا‪ :‬الشيخ الجليل‪ :‬محمد بن عبد الهادي العجيلي‪،‬‬
‫صاحب كتاب‪ :‬الظل الممدود‪ ،‬قال فيه‪ :‬لم تزل الدعوة –يعني‪ :‬دعوة الشيخ‪ -‬هترول يف آفاق األرض‬
‫وتجري‪ ،‬وتبكر يف جميع األقطار وتسري‪ ،‬فلما انتهى ذلك النداء إلينا‪ ،‬لم يسعنا إال االنتظام يف سلك من‬
‫دعا وأطاع‪ ،‬واالعرتاف بأن ذلك هو الحق ال محالة‪ ،‬وأن الذي نحن عليه عين الخطأ والضاللة‪.‬‬
‫‪٦‬‬
‫‪17‬‬

‫‪ ‬ومنهم الشيخ القاضي‪ :‬أحمد بن عبد الخالق الحفظي‪ ،‬وهو غير أحمد بن عبد القادر‪ ،‬فالشيخ‬
‫هذا ابن عبد الخالق كان مفتي عسير يف زمن الدولة العثمانية‪ ،‬بل تولى اإلفتاء يف أدرنة برتكيا‪ ،‬وكان من‬
‫أكابر الصوفية‪ ،‬يعطي إجازات لطالبه يف كتب التصوف‪ ،‬إال أنه حين وقف على كتب ابن عبد الوهاب؛‬
‫ترك ما كان عليه من البدع‪ ،‬وقرأ كتاب التوحيد البن عبد الوهاب أربع مرات على شيخه‪ :‬مسفر الحنبلي‪،‬‬
‫ولما نفاه األتراك إلى بلده سمحوا له من بين جميع من نفوا بالتنقل داخل البلد؛ لعلمهم بمكانته الرفيعة‪،‬‬
‫ولذا أقام دروسه هناك يف تركيا‪ ،‬وتلقى عنه عدد من مشاهير األتراك؛ منهم‪ :‬وزير العدل‪ ،‬ولما رجع‬
‫الشيخ من منفاه‪ ،‬بادر بزيارة علماء الدعوة يف نجد‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫والمحااان‬
‫َ‬ ‫َأ ْن ُعااادت َأ ْرضاااي ُب َع ْيااادَ األَ ْسااار‬ ‫اهلل أكبااااااااار هاااااااااذا أعظااااااااام المااااااااانَن‬

‫الفضاااااال والماااااانَن‬ ‫ُ‬


‫وأهاااااال ْ‬ ‫ُول ُة أمااااااري‬ ‫ااااام‬
‫و ُْر ُت نجااااادا دعاااااا َة الااااادين فياااااه ُه ُ‬

‫‪ ‬ومن أشهر من تأثر بدعوة الشيخ‪ :‬الشيخ العالمة الكبير‪ :‬محمد بن علي الشوكاين‪ ،‬العالم اليمني‬
‫المعروف‪ ،‬كان هذا الشيخ أحد مشاهير الزيدية يف بلده‪ ،‬وقد تأثر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪،‬‬
‫فرتك الزيدية وصار يدعو لالجتهاد‪ ،‬مما أغضب كثيرين من أهل مذهبه‪ ،‬وقد أثنى الشوكاين علي الشيخ‬
‫محمد‪ ،‬وقال عنه‪ :‬بأنه من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة‪ ،‬وقال عنه –أيضا‪ :-‬الشيخ‬
‫العالمة محمد بن عبد الوهاب الداعي إلى التوحيد‪ ،‬المنكر على المعتقدين يف األموات‪ ،‬ووصف كتب‬
‫الشيخ محمد التي وصلته يف اليمن؛ ألهنا كلها يف اإلرشاد إلى إخالص التوحيد والتنفير من الشرك‪ ،‬وهي‬
‫رسائل جيدة‪ ،‬مشحونة بأدلة الكتاب والسنة‪.‬‬

‫ولما وقف الشوكاين على رد أصحاب الشيخ محمد على جماعة من فقهاء صعدة باليمن يف مسائل‬
‫من أصول الدين‪ ،‬وصف الشوكاين رد أصحاب ابن عبد الوهاب‪ :‬بأهنا أجوبة محررة مقررة محققة‪ ،‬تدل‬
‫على أنه من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة‪ ،‬ووصف ردهم على أولئك‪ :‬بأهنم قد هدموا‬
‫على فقهاء صعدة جميع ما بنوه‪ ،‬وأبطلوا كل ما دونوه‪ ،‬انتهى كالمه مختصرا‪.‬‬

‫هذا الكالم يوضح التغير الكبير الذي حصل للشوكاين بعد دعوة الشيخ‪ ،‬ألن فقهاء صعدة هؤالء‬
‫كانوا من مذهبه الذي كان عليه سابقا‪ ،‬ثم نبذه وصار يدعو لتقديم دليل الكتاب والسنة؛ تأثرا بدعوة‬
‫الشيخ محمد‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫وقد أرجع الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي شيخ الشافعية يف الخليج سبب تغيير كثير من العلماء‬
‫موقفهم من دعوة ابن عبد الوهاب؛ إلى كون الدعاية ضده يف الماضي نالت رواجا‪ ،‬لكن وطأهتا خفت‬
‫الحقا‪ ،‬وعرف كثيرون يف سائر األقطار حقيقة دعوته وصحتها؛ بفضل انتشار العلم والوعي‪.‬‬

‫ولهذا قال الشيخ مسعود الندوي‪ :‬من الممكن جدا ألي شخص أن يحمل آراء كاذبة عن الشيخ‬
‫محمد بصدق نية وإخالص‪ ،‬ولكن اليوم إذ انتشرت كتبه وكتب تالميذه‪ ،‬وراجت فال يقبل ذلك‪.‬‬

‫فالشيخان ابن حجر والندوي يعيدان سبب تغير النظرة لدعوة الشيخ إلى الفرتة التي أعقبت وفاته‪،‬‬
‫لكن الحقيقة أن السبب األقوى هو تأييد المعاصرين البن عبد الوهاب لدعوته يف وقته‪ ،‬وإفتاؤهم من‬
‫يسألهم عن ابن عبد الوهاب‪ :‬بأن ابن عبد الوهاب على الحق‪ ،‬وذلك وقت اشتداد الحملة عليه يف حياته‪،‬‬
‫فكتاب التوحيد البن عبد الوهاب –مثال‪ -‬أقره عدد من مشاهير شيوخه؛ كشيخه الشامي‪ :‬علي‬
‫الداغستاين‪ ،‬وكذا الشيخ عبد الكريم الداغستاين‪ ،‬والشيخ محمد الربهاين‪ ،‬والشيخ عثمان الديار بكري‪،‬‬
‫وكتاب التوحيد فيه خالصة دعوة ابن عبد الوهاب مقرونة باألدلة عليها ‪.‬‬

‫وكان العلماء الذين يقرون ما عليه ا بن عبد الوهاب يف حياته يعتذرون بأن السبب المانع لهم من‬
‫الجهر بما جهر به ابن عبد الوهاب هو العجز‪ ،‬كما ذكر ذلك الشيخ الجراعي‪ ،‬والشيخ السويدي‬
‫وغيرهما‪ ،‬ولكن كلمات معاصري ابن عبد الوهاب وكتاباهتم كان لها تأثير كبير يف تغيير النظرة عن‬
‫الشيخ فيما بعد‪ ،‬وقد نبه ابن عبد الوهاب بنفسه على وجود هؤالء العلماء المعاصرين لدعوته ممن أقروا‬
‫دعوته بقوله عند كالمه على خصومه الذين ناصبوه العدا‪ ،‬وذلك يف رسالته للشيخ‪ :‬فاضل آل مزيد‪ :‬أن‬
‫هذا األمر الذي أنكروا علي وأبغضوين‪ ،‬وعادوين من أجله إذا سألوا عنه كل عالم يف الشام واليمن أو‬
‫غيرهم‪ ،‬يقول‪ :‬هذا هو الحق‪ ،‬وهو دين اهلل ورسوله‪ ،‬ولكن ما أقدر أظهره يف مكاين؛ ألجل أن الدولة ما‬
‫يرضوين؛ يعني‪ :‬الدولة العثمانية‪ ،‬وابن عبد الوهاب أظهره ألن الحاكم يف بلده ما أنكره‪ ،‬بل لما عرف‬
‫الحق اتبعه‪ ،‬هذا كالم العلماء‪ ،‬وأظنه وصلك كالمهم‪ ،‬انتهى كالم الشيخ‪.‬‬

‫ونبه إلى ما نبه إليه الشيخ غير واحد بعده؛ فالشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن؛ حفيد الشيخ‪ ،‬حين‬
‫ذكر ما يدعو إليه الشيخ قال‪ :‬قد أطبق على الثناء عليه بمقامه هذا جميع أهل نجد والحجاز‪ ،‬وهتامة‪،‬‬
‫‪٦‬‬
‫‪19‬‬

‫وعمان‪ ،‬وكثير من علماء الحرمين‪ ،‬ومصر‪ ،‬والعراق‪ ،‬والشام‪ ،‬حتى من أهل المغرب وبالد الروم‪،‬‬
‫ويقصدون يف تلك الفرتة ببالد الروم‪ :‬بالد األتراك‪ ،‬كلهم أو غالبهم بين من يثني على صاحب هذه‬
‫الدعوة ويدعو له‪ ،‬ومن ليس كذلك فال يظهر منه إنكار‪.‬‬

‫وقال أيضا‪ :‬كثير منهم عاداه يف أول هذه الدعوة ثم رجع واعرتف؛ أي‪ :‬بعد أن وقف على كتبه‪.‬‬

‫وذكر أيضا‪ :‬أن كتب الشيخ يف التوحيد‪ ،‬وردوده على مخالفيه قد تلقاها العلماء بالقبول والتسليم‬
‫لصحتها‪ ،‬فصارت تباع بأغلى األثمان يف مصر والشام‪ ،‬وغيرها‪ ،‬قال‪ :‬وهذا مما ال يجهله من عرفه‪.‬‬

‫وما ذكره الشيخ عبد اللطيف من ميل بعض علماء الدولة العثمانية لدعوة ابن عبد الوهاب له دالئل‬
‫عدة‪:‬‬

‫‪ ‬من أهمها‪ :‬أن مجلس شورى الدولة العثمانية ‪-‬وهو أكرب مجلس يف الدولة العثمانية‪ -‬اجتمع عام‬
‫ألف ومئتين وثمانية لتدارس ما رفعه والة مكة وبغداد والشام للسلطان العثماين من تحذيرات من دعوة‬
‫ابن عبد الوهاب‪ ،‬وكان يف المجلس عدد ممن تولوا القضاء يف الحجاز‪ ،‬فذهب بعضهم إلى أن ما يقرره‬
‫ابن عبد الوهاب ليس خطأ‪ ،‬وأن ه ال يمكنهم أن يقولوا شيئا يف رجل يدعو إلى األمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر‪.‬‬

‫وقل مثل ذلك يف موقف العالم الرتكي‪ ،‬الذي تولى منصب شيخ اإلسالم يف الدولة العثمانية‪ ،‬فإنه‬
‫حين كاتب والة مكة السلطان العثماين محذرين من ابن عبد الوهاب‪ ،‬قدم هذا الشيخ محضرا يقول فيه‪:‬‬
‫إن شيخ نجد محمد بن عبد الوهاب رجل على المذهب الحنبلي‪ ،‬ومعلوم أن الدولة العثمانية كانت تقر‬
‫المذهب الحنبلي ضمن المذاهب األربعة داخلها‪ ،‬وكان خصوم ابن عبد الوهاب يصفونه دائما‪ :‬بأنه‬
‫خارجي له مذهب خامس خالف به المذاهب األربعة‪ ،‬فقول هذا الذي تولى المنصب الديني األعلى يف‬
‫الدولة العثمانية‪ :‬بأن ابن عبد الوهاب على المذهب الحنبلي؛ فيه مصادمة كربى لما نشره خصومه عنه‬
‫على نطاق واسع‪ ،‬والدليل على ذلك‪ :‬أن هذا المحضر الذي قدمه للسلطان كان من ضمن األسباب التي‬
‫جعلت السلطان ينظر إلى شكاوى أولئك الوالة على أهنا مبنية على الهوى‪ ،‬مما جعله ال ينهض لتلبية ما‬
‫طلبه أولئك من القضاء على دعوة الشيخ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫‪ ‬ومن دلئل ميل علماء الدولة العثمانية أيضا‪ :‬ما ذكره المؤره الع َّ اوي‪ :‬من أن الدولة العثمانية‬
‫كانت تتخوف من تأثير دعوة ابن عبد الوهاب على بالد العرب خارج منطقة نجد‪ ،‬ثم قال العزاوي بعد‬
‫أن ذكر أن ما كانت تخافه الدولة العثمانية قد تحقق فعال‪ ،‬واألعظم من هذا أن من رجال الرتك من نشر‬
‫بعض الكتب يف بيان أحقية دعوة ابن عبد الوهاب‪ ،‬وأن إهماله‪ ،‬أو حربه كان منهم غفلة‪ ،‬وصاروا يدعون‬
‫إليه‪ ،‬وعاشروا العرب يف نجد‪ ،‬وعرفوا ما عندهم‪ ،‬ونشروا ذلك باللغة العربية والفارسية واألردية‪.‬‬

‫ولما تكلم المؤره الع َّ اوي عن حملة على الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وصف القائمين عليها‬
‫‪َّ ‬‬
‫بأنهم اختل ُقوا ما شاؤُ وا‪ ،‬ونبذوا دعوته بما أرادوا قال‪ :‬وهذا لم يمنع الكثير من العلماء أن يناصروه‪،‬‬
‫ويؤيدوه يف الخفاء‪ ،‬وأن يتأثروا به يف بغداد‪ ،‬وسائر األنحاء العراقية‪ ،‬ويف األقطار الشامية والمصرية‬
‫واليمنية وبالد المغرب‪.‬‬

‫‪ ‬وقبل الع َّاوي‪ ،‬ذكر العالمة الشيخ الشريف محمد بن ناصر الحا مي‪ :‬أن دعوة ابن عبد الوهاب‬
‫قد أقر بصحتها علماء صنعاء‪ ،‬وزبيد‪ ،‬والحرمين‪ ،‬ومصر والشام والمغرب والعراق‪ ،‬ودارت مصنفاته‬
‫بينهم‪ ،‬ونفقت عندهم‪ ،‬ومدحه منهم العلماء‪ ،‬وأثنوا عليه نثرا ونظما‪ ،‬وهم المعول يف العلم والفهم‪.‬‬

‫‪ ‬وذكر الشيخ الحا مي أيضا‪ :‬أن دعوة ابن عبد الوهاب قد استجاب لها كثير من الناس من غير‬
‫قتال‪ ،‬ومثل على ذلك‪ :‬بقبول عدد من البلدان النائية عن نجد لهذه الدعوة قناعة من أهلها هبا‪ ،‬ومن‬
‫ضمن هذه البلدان‪ :‬بلدان يف جنوب الجزيرة‪ ،‬واليمن‪ ،‬وهي موطن الشيخ الحازمي‪.‬‬

‫وبالجملة؛ فإن تأييد كثير من علماء البلدان لدعوة ابن عبد الوهاب مما يطول تتبعه‪ ،‬لكن مما يلفت‬
‫النظر إقناع العلماء لبعض الوالة بصحة دعوة الشيخ؛ فمن ذلك‪ :‬أن والي العراق من جهة العثمانيين‪:‬‬
‫سليمان باشا الصغير قد قبل دعوة ابن عبد الوهاب بتأثير الشيخ السويدي ‪ ،‬لكن هذا الوالي اتبع‬
‫هذه الدعوة دون مجاهرة؛ لخوفه من الدولة العثمانية‪ ،‬كما ذكر ذلك العزاوي أيضا‪ ،‬الذي ذكر‪ :‬أن سبب‬
‫انتشار دعوة ابن عبد الوهاب يف العراق؛ وجود مذهب السلف الصالح يف العراق قبل دعوة ابن عبد‬
‫الوهاب‪.‬‬

‫‪ ‬ويوضح لك ما حصل من قبول العلماء لدعوة ابن عبد الوهاب‪ :‬أن نفس العلماء الذين كانوا‬
‫‪٦‬‬
‫‪21‬‬

‫يشتكون من غربة الدين يف زمنهم لم ا رأوا آثار دعوة الشيخ حمدوا اهلل على منته بإقبال الناس على‬
‫الدعوة‪ ،‬فالشيخ محمد الحفظي الذي تقدمت منظومته قريبا يف شكواه من غربة الدين الواقعين يف‬
‫الشرك‪ ،‬قال بعد أن رأى آثار دعوة الشيخ‬
‫والشااااااااااااااكر هلل علااااااااااااااى آلئااااااااااااااه‬ ‫الحمااااااااااااااد هلل علااااااااااااااى نعمائااااااااااااااه‬

‫وماااااااااااا باااااااااااه سااااااااااابحانه ح َبانَاااااااااااا‬ ‫وإن ماااااااااان أكباااااااااار مااااااااااا أعطانااااااااااا‬


‫َّ‬

‫وتر ُكنَاااااااااااااا للشااااااااااااار والتَّندياااااااااااااد‬ ‫قبو ُلنَااااااااااااااا لاااااااااااااادعوة التوحيااااااااااااااد‬

‫وباااااااااااااادَّ ل الحاااااااااااااارام بااااااااااااااالحالل‬ ‫أخرجناااااااااا مااااااااان دلماااااااااة الضاااااااااالل‬

‫علااااااااااى أصااااااااااول ديننااااااااااا الثالثااااااااااة‬ ‫والح َثا َثااااااااااااااة‬


‫ااااااااااااان بااااااااااااااالتعليم َ‬
‫َّ‬ ‫وما‬

‫كتاب الشيخ‬
‫مثاااااااال الااااااااذي يف األربااااااااع القواعااااااااد‬ ‫وغيرهاااااااااااااا مااااااااااااان درر الفوائاااااااااااااد‬

‫أيضا من كتب الشيخ‬


‫ااااااااااوم‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫كاااااااااال َي‬ ‫تساااااااااامعه ُياااااااااادرس‬ ‫ااااااااااي مااااااااااان العلاااااااااااوم‬
‫َّ‬ ‫وكااااااااااال عينا‬

‫يف ال َق ْفاااااااااااار َ‬
‫وم َشااااااااااااامخ الجبااااااااااااال‬ ‫اااااااااااااااااامع األذان باااااااااااااااااااالهالل‬
‫ُ‬ ‫ويسا‬
‫ُ‬
‫رصاااااااا‬
‫والصااااااافوف رصاااااااا َّ‬
‫ُ‬ ‫بالنااااااااس‬ ‫غصاااااااااا‬ ‫وكااااااااال مساااااااااجد يغااااااااا‬

‫وتركاااااااااااااوا العوائاااااااااااااد الشااااااااااااانيعة‬ ‫مااااااا انقااااااادت الخلااااااق إلااااااى الشااااااريعة‬

‫اااااااااادت مشاااااااااااتملة‬
‫ْ‬ ‫وبالجاللياااااااااااب غا‬ ‫ااااااااار النسااااااااااء فيهاااااااااا ُمسااااااااا َب َلة‬
‫ُ‬ ‫وخم‬
‫ُ‬
‫يف لاااااااااااب الحاااااااااااق ويف الساااااااااااؤال‬ ‫ااااااار علااااااااى منااااااااوال‬
‫ااااااادو والحضا ُ‬
‫ُ‬ ‫والبا‬

‫اااااااااات الجاااااااااااهلين َضااااااااااامرة‬


‫ُ‬ ‫وجلسا‬ ‫اااااااااااات الااااااااااااذاكرين عااااااااااااامرة‬
‫ُ‬ ‫وحلقا‬

‫‪ ‬وذكر الشيخ ال ُع َو ْيلي اليمني‪ :‬أن أكثر بلده طائعين لكتب ابن عبد الوهاب وما أمر به‪ ،‬وقال‬
‫الشيخان الشريفان يحيى بن درع‪ ،‬ومحمد بن يحيى‪ ،‬يف رسالتهما آلل الحفظي‪ :‬ال واهلل ال نعلم أن طائفة‬
‫تدعو إلى التوحيد إال هذه الطائفة‪ ،‬وهذا من فضل اهلل علينا‪ ،‬فكل ما تقدم جواب على الشبهة األولى‪،‬‬
‫‪22‬‬

‫لهؤالء الذين زعموا أن ابن عبد الوهاب قد خالف العلماء‪ ،‬وأنهم ردوا عليه‪ ،‬وحكموا بأنه ضال‪ ،‬فجوابه‬
‫كما سمعت‪ :‬أن الذين قالوا هذا هم شيوخ الضالل‪ ،‬من مروجي الشرك والبدع‪ ،‬فأما العلماء على السنة‬
‫فقد حكموا بأن دعوة ابن عبد الوهاب دعوة حق نشرت التوحيد وطمست الشرك‪.‬‬

‫وأكثر العلماء الذين ذكرت كالمهم مما يجهل مواقفهم بعض طالب العلم‪ ،‬فلذا ركزت على إبراز‬
‫كالمهم تحديدا‪ ،‬أما العلماء الذين أثنوا على دعوة الشيخ منذ بدايتها‪ ،‬فهم أكثر بكثير‪ ،‬وهم –أيضا‪ -‬قد‬
‫اشتهر كالمهم يف الثناء على دعوة الشيخ‪ ،‬فال يخفى غالبا على طالب العلم‪ ،‬وبذلك ينتهي الرد على‬
‫الشبهة األولى يف هذا القسم‪.‬‬

‫‪ ‬من الشبهات التي أثاروها عن الشيخ‪ :‬أنه قال كالما لم يسبقه أحد إليه‪ ،‬ومثلوا له بقوله‪ :‬بأن شرك‬
‫المشركين يف زماننا أغلظ من شرك أهل الجاهلية‪ ،‬وقد أجلب كثيرون على الشيخ هبذه الكلمة‪ ،‬ورأوا أنه‬
‫بالغ؛ كيف يكون من شهد الشهادتين كأهل الجاهلية؟ فضال عن أن يكون أغلظ شركا منهم؟‬

‫واستعمل كثير من هؤالء وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ووسائل اإلعالم ليقدحوا هبذه الكلمة يف‬
‫الشيخ؛ ليظهروا أن الشيخ انفرد هبذه الكلمة‪ ،‬ونحن نجيبهم باآلتي‪:‬‬

‫هذا التقرير مما ذكره العلماء قبل الشيخ بقرون متطاولة‪ ،‬فنذكر عبارات من قالوا ذلك قبل الشيخ‪،‬‬
‫وعبارات من قالوا ذلك من معاصريه‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬ما كان من علماء األمة السابقين‪:‬‬

‫‪ ‬فقد قال أبو عبيد القاسم بن سالم‪ :‬من قال القرآن مخلوق؛ فهو شر ممن قال‪ :‬إن اهلل ثالث ثالثة‪،‬‬
‫والذين قالوا‪ :‬إن القرآن مخلوق يعني‪ :‬هبم الجهمية والمعتزلة‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬ال إله إال اهلل‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ابن خ يمة‪ :‬المعطلة الجهمية شر من اليهود والنصارى والمجوس‪.‬‬

‫‪ ‬وقال الطبراين‪ :‬من قال‪ :‬إن القرآن مخلوق فهو شر من اليهود والنصارى وعبدة األوثان‪.‬‬

‫‪ ‬وقال شيخ السالم ابن تيمية‪ :‬كان السلف وسادات األئمة يرون كفر الجهمية أعظم من كفر‬
‫اليهود‪ ،‬كما قال عبد اهلل بن المبارك‪ ،‬والبخاري وغيرهما‪.‬‬

‫‪ ‬وقال شيخ السالم –أيضا‪ :-‬قال غير واحد من األئمة‪ :‬إهنم أكفر من اليهود والنصارى‪ ،‬فهذا‬
‫‪٦‬‬
‫‪23‬‬

‫بعض كالم المتقدمين يف هؤالء‪ ،‬مع أهنم يقولون‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬فأما معاصرو ابن عبد الوهاب الذين‬
‫قالوا يف المشركين الذين عاصروهم‪ ،‬فننقل عنهم بعضه‪:‬‬

‫‪ ‬من ذلك‪ :‬قول عدد من أهل العلم معاصري الشيخ يف الغالة الذين يصرفون العبادة للقبور‪:‬‬

‫‪ ‬يقول الشوكاين يف هؤلء الغالة يف القبور‪ :‬لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله باألصنام إال‬
‫فعلوه‪ ،‬ثم قال‪ :‬قد بلغ شركهم فوق شرك من قال‪ :‬إنه تعالى ثاين اثنين‪ ،‬أو ثالث ثالثة‪ ،‬ثم ذكر أن الغالة‬
‫رجعوا للجاهلية األولى؛ بل إلى ما هو أشد‪ ،‬كما ذكر أن المشركين األوائل يخلصون عند الشدة‪ ،‬أما‬
‫هؤالء فيشركون حتى يف الشدائد‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قول الصنعاين‪ :‬بأن الغالة المتأخرين قد اعتقدوا ما اعتقده المشركون األوائل يف‬
‫األوثان‪ ،‬ثم ذكر أن المتأخرين ساووهم‪ ،‬ثم قال‪ :‬بل زادوا‪ ،‬كما ذكر‪ :‬أن ما وقع من هؤالء الغالة من‬
‫المنكرات مما لم يبلغه المشركون األوائل‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قول الشريف النعمي ‪ ،‬حين نقل نماذج من غلو المتأخرين‪ ،‬الذين وصل‬
‫ببعضهم األمر إلى أن يطلبوا من الموتى أن يعيذوهم من النار والعياذ باهلل‪ ،‬فقال النعمي‪ :‬إن المشركين‬
‫األوائل ال يؤهلون كل ما عبدوه من دون اهلل لشيء من هذا‪ ،‬وال لما هو أقل منه‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك –أيضا‪ -‬قول الشيخ ُصنع اهلل الحلبي المكي الحنفي عن ممارسات الغالة يف القبور‪،‬‬
‫مقارنا بينهم وبين أهل الجاهلية‪ :‬كما تفعله جاهلية العرب والصوفية الجهال‪ ،‬ووصف ظنهم بأن األولياء‬
‫يجلبون النفع ويدفعون الضر من باب الكرامة‪ ،‬بظن أهل األوثان‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قول الشيخ علي السويدي عالم العرا ‪ :‬بأن الجاهلية األولى لو رجعت لعجزت عن‬
‫أقل القليل مما يفعله الغالة‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قول ولي اهلل الدهلوي‪ :‬بأن مثل ما يصنعه هؤالء بالقبور‪ ،‬مثل من كان يعبد‬
‫المصنوعات‪ ،‬أو يدعو الالت والعزى‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قول الشيخ إسماعيل الدهلوي‪ :‬بأن عباد األوثان يف الهند ما سلكوا طريقا إال وسلكه‬
‫األدعياء من المسلمين‪ ،‬وذكر أن من عامل أحدا بما عامل به الكفار آلهتهم‪ ،‬وإن كان يقر بأنه مخلوق‬
‫‪24‬‬

‫وعبد؛ فهو وأبو جهل يف الشرك سواء‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك‪ :‬أن شهاب الدين األلوسي العراقي يف تفسيره‪ ،‬لما ذكر أن المشركين األوائل ل يدعون‬
‫إل اهلل يف حال الشدة‪ :‬ذكر أن الغالة إذا اعرتاهم الخطب الجسيم دعوا األولياء‪ ،‬ثم قال مقارنا بين‬
‫الفريقين‪ :‬فباهلل عليك قل لي أي الفريقين من هذه الحيثية أهدى سبيال؟‬

‫‪ ‬وذكر أيضا‪ :‬أن الغالة يهشون لذكر أموات يستغيثون هبم‪ ،‬وينقبضون من ذكر اهلل وحده‪ ،‬كما ذكر‬

‫اهلل عن المشركين األوائل‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ)‬


‫[الزمر‪ ، ]45:‬ونقل قول بعضهم‪ :‬الولي أسرع إجابة من اهلل‪ ،‬نعوذ باهلل‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قول الشريف حسن بن خالد الحا مي‪ ،‬لما ذكر ما يقع من الغالة يف منه‪ :‬حتى أربوا؛‬
‫يعني‪ :‬حتى زادوا يف هذا الزمان على عباد األصنام يف زمان رسول اهلل ‪.‬‬

‫‪ ‬وقال نحوا منه‪ :‬الشيخ الشريف محمد بن ناصر الحازمي‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ابن مشرف شعرا‪:‬‬


‫سااااا َو اهلل يف حاااااال الرخااااااء ويف ال ُع ْسااااار‬ ‫فااااا ا ُدوا علاااااى شااااار األوائااااال إ ْذ َد َعاااااوا‬

‫‪ ‬وقال الشيخ صديق حسن خان عالم الهند‪ :‬بأن كفر المشركين يف هذه األمة الواقع يف عرهبم‬
‫وعجمهم؛ أعظم من كفر الذين قاتلهم النبي ‪ ‬يف الجاهلية‪.‬‬

‫‪ ‬وكالم العلماء الذين قالوا هذا كثير؛ منهم‪ :‬شيخ األزهر‪ :‬عبد الرحمن قراعة‪ ،‬كذلك شيخ‬
‫األزهر بعده‪ :‬عبد المجيد سليم‪ ،‬قالوا‪ :‬نفس العبارات‪ ،‬وقد سربت أقواال زادت على ثالثين من أهل‬
‫العلم كلهم قالوا كلمة الشيخ هذه‪ ،‬فعبارات من قبل الشيخ‪ ،‬وعبارات من عاصروه‪ ،‬وعبارات من بعده‪،‬‬
‫تؤكد على نفس كالمه ‪ ،‬فإن كان هؤالء المهاجمون لمحمد بن عبد الوهاب صادقين؛ فليعمموا‬
‫اهتامهم لجميع من قال ذلك‪ ،‬سواء من العلماء المتقدمين‪ ،‬أو المعاصرين للشيخ‪ ،‬فأما أن يخص‬
‫المغرضون الشيخ هبذا دون غيره؛ فذلك تحكم أهل الباطل والعناد‪.‬‬
‫‪٦‬‬
‫‪25‬‬

‫‪ ‬ومن أكثر العبارات التي أجلبوا بها على الشيخ قوله‪ :‬بأن من قال من علماء العارض بأنه قد عرف‬
‫معنى كلمة التوحيد فقد كذب‪ ،‬ولقد صاح هبذه الكلمة كثيرون‪ ،‬واستخدموا وسائل اإلعالم‪ ،‬وظنوا أن‬
‫الشيخ لم يسبقه إلى هذه الكلمة أحد‪ ،‬والواقع أن كالم العلماء يف هذا كثير جدا قبل دعوة الشيخ‪ ،‬لمن‬
‫فهم األمر وأبعد عن التعصب‪ ،‬فالشيخ محمد يتكلم عن تفسير الناس يف العارض لكلمة التوحيد بتفسير‬
‫المتكلمين الباطل‪ ،‬حيث زعموا‪ :‬أن معنى ال إله إال اهلل‪ :‬اإلقرار بربوبية اهلل‪ ،‬ودللوا على تقريرهم بدليل‬
‫المعتزلة الذي سموه‪ :‬دليل الحدوث‪ ،‬يذكرون فيه الجوهر والعرض‪ ،‬وغير ذلك من عبارات المتكلمين‪،‬‬
‫فقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ :‬أنتم لم تعرفوا معنى كلمة التوحيد‪ ،‬وقد رد علماء السنة على‬
‫المتكلمين قولهم هذا‪ ،‬وأهنم لم يفهموا حقيقة دعوة المرسلين التي بعثوا هبا‪ ،‬وال معنى كلمة التوحيد‪،‬‬
‫ردوا على المتكلمين هبذا قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقرون‪ ،‬وقالوا للمتكلمين من المعتزلة‬
‫وأضراهبم‪ :‬أنتم لم تعرفوا حقيقة التوحيد‪ ،‬فالشيخ قال هذا الكالم يف المتكلمين يف منطقته يف نجد‪ ،‬حين‬
‫كانوا يفسرون كلمة التوحيد بنفس تفسير المتكلمين‪ ،‬ولهذا قال هذه الكلمة التي قالها الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوهاب شيخ اإلسالم بنصها يف درء التعارض‪ ،‬فشيخ اإلسالم ‪ ‬بعد بيانه أن التفسير الصحيح‬
‫لكلمة التوحيد هو إفراد اهلل بالعبادة‪ ،‬قال عمن فسرها من المتكلمين بأهنا تعني إثبات الربوبية‪ :‬لم يعرفوا‬
‫حقيقة التوحيد الذي بعث اهلل رسوله‪ ،‬فإين مشركي العرب كانوا مقرين بأن اهلل وحده خالق كل شيء‪،‬‬
‫وكانوا مع هذا مشركين‪ ،‬نص كالم ابن عبد الوهاب تماما‪ ،‬فابن عبد الوهاب ‪ ‬لم يقل كلمة‬
‫مشكلة يحتاج إلى أن يجاب عنها‪ ،‬أو أن يهاجم هبا‪ ،‬كما هاجمه من هاجمه من المتأخرين‪ ،‬بل قال كلمة‬
‫قالها العلماء قبله‪.‬‬

‫وقد قال اإلمام الكبير ابن سريج الشافعي ‪ ،‬مبينا فرق ما بين توحيد أهل الحق‪ ،‬وما بين‬
‫توحيد المتكلمين‪ :‬توحيد أهل العلم‪ ،‬وجماعة المسلمين‪ :‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأن محمدا رسول اهلل‪،‬‬
‫وتوحيد أهل الباطل الخوض يف األعراض واألجسام‪ ،‬وإنما بعث النبي ‪ ‬بإنكار ذلك‪،‬‬
‫فجعل توحيدهم مقابال لتوحيد المسلمين‪ ،‬وسماه‪ :‬توحيد أهل الباطل؛ ألنه ال يقرر إال توحيد الربوبية‪،‬‬
‫فما الفرق بين كالم ابن سريج‪ ،‬وبين كالم الشيخ محمد‪ ،‬وبين كالم شيخ اإلسالم؟‬
‫‪26‬‬

‫وكما وصف ابن سريج توحيد المتكلمين هبذا‪ ،‬فقد قال الحافظ البغدادي‪ ،‬وقال ابن القيم يف‬
‫توحيدهم‪ :‬بأنه إلحاد ال توحيد‪ ،‬ومرادهم باإللحاد هنا‪ ،‬ومراد المتقدمين هبذه الكلمة‪ ،‬مرادهم هبا‪ :‬الميل‬
‫عن الحق‪ ،‬وقال السمعاين ‪-‬لما ذكر ما يسميه هؤالء بالتوحيد‪ :-‬تعسا لتوحيد أوردهم هذه المتألف‪،‬‬
‫وتسائل كيف يدعو مسلم إلى هذا الطريق المظلم؟‬

‫‪ ‬وقال الدارمي عن توحيدهم‪ :‬بأنه تخليط وخرافات‪ ،‬إن لم يوحد اهلل إال من قام هبا؛ فما يف أمة‬
‫محمد موحد‪.‬‬

‫وقد كان اإلمامان أبا حنيفة ومالكا رحمهما اهلل يلعنان رأس المعتزلة عمرو بن عبيد؛ ألنه أول من‬
‫فتح على هذه األمة الضالالت يف حقيقة التوحيد‪ ،‬لمن صرف معه من وقعوا يف بدعة الكالم عن حقيقة‬
‫التوحيد‪ ،‬الذي بعث اهلل به رسوله ‪ ،‬حتى قال اإلمام الشافعي يف رأس آخر للمعتزلة؛ هو‬
‫ابن علية‪ :‬أنا مخالف له يف كل شيء‪ ،‬ومخالف له يف ال إله إال اهلل‪ ،‬وذلك لما عنده من الضالل العقدي‪،‬‬
‫فجهل المتكلمين بحقيقة التوحيد هو الذي استدعى قوة العلماء يف إنكار هذا المعنى المبتدع‪ ،‬فجاء ابن‬
‫عبد الوهاب بعد العلماء بقرون فسلك على مسلك أهل العلم قبله يف إنكار ما أنكروه على من ابتدعوا‬
‫يف معنى التوحيد ما ال أصل له‪ ،‬فضج خصومه‪ ،‬ورموه بأشر العبارات‪ ،‬مع أن علماء األمة ‪-‬كما نقلنا‬
‫كالمهم‪ -‬قد سبقوا ابن عبد الوهاب إلى ذلك‪.‬‬

‫واعلم أن الكلمات التي توافق كالم الشيخ ‪ ‬كثيرة جدا‪ ،‬ولكني أقتصر ببعضها عن بعض‪،‬‬
‫وإال فما ذكرته بعض من كالم علماء األمة رحمهم اهلل‪ ،‬به تعلم أن هؤالء الذين حملوا على الشيخ يف‬
‫هذه الكلمات إنما حملوا على عموم العلماء الذين قالوا هذا من حيث ال يشعرون‪.‬‬

‫وبكل حال فالشيخ محمد عالم من علماء المسلمين‪ ،‬الذين أحيا اهلل هبم السنة‪ ،‬وانتشرت بدعوته‬
‫حقيقة التوحيد‪ ،‬والشبهات التي يريدها المغرضون عنه يمكن الجواب عليها ‪-‬بحمد اهلل‪ -‬كما رأيت‪،‬‬
‫لكن هؤالء يستخدمون اإلعالم‪ ،‬ووسائل التواصل؛ ليصلوا إلى العوام الذين ال قدرة لهم على الجواب‬
‫على أباطيلهم‪ ،‬لذا قلدهم يف هذا السبيل –لألسف‪ -‬عدد من أبنائنا اليوم‪ ،‬ورددوا نفس شبهاهتم التي إذا‬
‫تأملها المنصف وجدها تعم علماء األمة قبل ابن عبد الوهاب‪ ،‬لكن لجبنهم –أعني‪ :‬أصحاب هذه‬
‫‪٦‬‬
‫‪27‬‬

‫الشبهات‪ ،-‬وقلة تقواهم‪ ،‬صوروا الشيخ محمدا بأنه انفرد عن األمة بما قرره‪ ،‬وخالف ما سموه‪ :‬السواد‬
‫األعظم‪ ،‬وكذبوا واهلل؛ فقد كان الشيخ ‪ ‬على جادة علماء السنة‪ ،‬وإنما خالف شيوخ الضالل من‬
‫دعاة الغلو يف الموتى‪ ،‬وغالة المرجئة وأضراهبم‪ ،‬نسأل اهلل –تعالى‪ -‬أن يجزي شيخ اإلسالم محمد بن‬
‫عبد الوهاب عن أمة محمد ‪ ‬خير الجزاء‪ ،‬وأن يورثه الفردوس بال حساب وال عذاب‪،‬‬
‫والكالم يف الحقيقة يف الشبهات التي حول الشيخ يطول جدا‪ ،‬لكن أردنا أن نركز على شيء منها مما‬
‫حاول خصوم الشيخ أن يصوروا الشيخ ‪-‬كما قلنا‪ :-‬بأنه مجرد مبتدع خالف أمة محمد ‪،‬‬
‫وقال‪ :‬كذا وكذا مما ال أصل له‪ ،‬فوجدت أن العلماء قبله بالعشرات يقررون ما قرر ‪-‬رحمة اهلل تعالى‬
‫عليه‪.-‬‬

‫واهلل أعلم؛ وصلى اهلل على محم ٍد‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫ألقيت هذه المحاضرة في ليلة الثالثين‬


‫من شهر جمادى األولى سنة أربعة وأربعين وأربع مئة وألف‬
‫في جامع سعيد بن زيد‪ ،‬الرياض‬
‫حرسها اهلل دا ًرا لإلسالم والسنة‪.‬‬

‫‪h‬‬

You might also like