You are on page 1of 48

‫ﻣﻠﺨــــﺺ ﺗﻘــــﺮﻳـــــﺮ‬

‫اﻟـــﺪراﺳــــﺔ ﺣــــﻮل‬
‫ﺗﺘﺒﻊ ﺗــﻨﻔﻴــﺬ اﻟﻘــﺎﻧــﻮن رﻗﻢ ‪ 103.13‬اﻟــﻤﺘﻌﻠــﻖ‬
‫ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ اﻟﻨﺴﺎء وﻣﺮﺳﻮﻣﻪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ‬

‫ﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ‬ ‫ﻣﺎرس ‪2023‬‬

‫‪social.gov.ma‬‬
‫صاحب الجاللة الملك محمد السادس نرصه هللا‬

‫‪3‬‬
‫فهرس‬

‫تقديم ‪7..........................................................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬القانون رقم ‪ 13-103‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء عىل‬


‫ضوء الممارسة‪9........................................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬القانون رقم ‪ 13-103‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬المضامني‬


‫وجهود التزنيل‪11........................................................................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سياق القانون رقم ‪ 103.13‬ومضامينه ‪11...........................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬سياق القانون رقم ‪11...........................................................................................................103.13‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مضامني القانون رقم ‪ 103.13‬وأهميته‪12...............................................................................‬‬
‫المطلب الثاين‪ :‬جهود المتدخلني يف سياق تتبع وتنفيذ القانون رقم ‪13..............................103.13‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جهود المتدخلني الرسميني‪14........................................................................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬جهود الفاعلني غري الرسميني يف سياق تتبع تنفيذ القانون رقم ‪19.........................103.13‬‬
‫المبحث الثاين‪ :‬القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء من منظور‬
‫المتدخلني والباحثني ‪21...........................................................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عىل مستوى التعاريف ‪21...........................................................................................................‬‬
‫المطلب الثاين‪ :‬عىل مستوى األحكام الزجرية ‪22..............................................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬عىل مستوى األحكام المسطرية ‪23....................................................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬عىل مستوى آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف ‪24......................................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬عىل مستوى التدابري والمبادرات للوقاية من العنف‪25.........................................‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬مظاهر التفعيل القضايئ للقانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة‬
‫العنف ضد النساء‪27................................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬خصوصية اإلثبات يف جرائم العنف ضد النساء‪29........................................‬‬


‫المطلب األول‪ :‬شهادة الضحية‪29.......................................................................................................................‬‬
‫المطلب الثاين‪ :‬االعرتاف‪29.......................................................................................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شهادة الشهود‪30.....................................................................................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الشهادة الطبية‪30......................................................................................................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬الخربة القضائية‪30................................................................................................................‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬القرائن‪31....................................................................................................................................‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬الدليل االلكرتوين ‪32...................................................................................................................‬‬
‫المبحث الثاين‪ :‬تقييم توجهات القضاء بخصوص جرائم العنف ضد النساء ‪33................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرتكزات يف تعامل القضاء مع جرائم العنف ضد النساء ‪33.....................................‬‬
‫المطلب الثاين‪ :‬بعض مظاهر حماية القضاء للمرأة المعنفة‪34...........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جريمة العنف‪34...................................................................................................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬جريمة التهديد‪35................................................................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬جريمة عدم تقديم مساعدة لشخص يف خطر‪35..............................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬جريمة هتك العرض‪35.......................................................................................................................‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬جناية االغتصاب ‪36.......................................................................................................................‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬االغتصاب الزوجي‪37...................................................................................................................‬‬
‫الفرع السابع‪ :‬جريمة الطرد من بيت الزوجية أو االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت‬
‫الزوجية ‪38........................................................................................................................................................................‬‬
‫الفرع الثامن‪ :‬جريمة اإلكراه عىل الزواج ‪38...........................................................................................................‬‬
‫الفرع التاسع‪ :‬جريمة تبديد او تفويت أموال الزوجني بسوء نية‪39..........................................................‬‬
‫الفرع العارش‪ :‬جريمة التحرش الجنيس ‪39.............................................................................................................‬‬
‫الفرع الحادي عرش‪ :‬التشهري والمس بالحياة الخاصة ‪40...............................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التدابري الحمائية ‪41.......................................................................................................................‬‬

‫خالصات عامة وتوصيات‪43....................................................................................................‬‬

‫‪6‬‬
‫تقديم‬

‫ال يمكــن لســامة األرسة أو المجتمــع أن تســتقيم دون االهتمــام بالمــرأة‪ ،‬وتوفــر‬
‫الحمايــة الالزمــة لهــا مــن لك المخاطــر المحدقــة‪ ،‬وبخاصــة عــى مســتوى العنــف الــذي‬
‫يمكــن أن يطالهــا‪ ،‬وهــو مــا تناولتــه الكثــر مــن القوانــن واالتفاقيــات الدوليــة‪.‬‬

‫ّ‬
‫يمثــل شــكال مــن أشــكال التميــز وانتهــاكا لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وهــو عامــل مــن‬ ‫فالعنــف‬
‫عوامــل تفــكك األرسة والتأثــر الســليب عــى اســتقرارها ومكانتهــا كقنــاة للرتبيــة والتنشــئة‪،‬‬
‫كمــا ال تخفــى كلفتــه الســلبية العاليــة عــى الجهــود المبذولــة لتحقيــق التنميــة‪ .‬وهــو‬
‫مــا تنبهــت لــه الكثــر مــن البلــدان والهيئــات والمنظمــات الدوليــة وفعاليــات المجتمــع‬
‫المــدين عــر العالــم‪ ،‬ممــا دفــع المجتمــع الــدويل إىل القيــام بمجموعــة مــن المبــادرات‬
‫الدوليــة للحــد مــن هــذه الظاهــرة والــي اتخــذت شــكل اتفاقيــات وإعالنــات‪ ،‬ســعت الكثــر‬
‫مــن الــدول إىل المصادقــة عليهــا وتضمينهــا يف دســاتريها وترشيعاتهــا المختلفــة‪،‬‬
‫وسياســاتها وبرامجهــا الحكوميــة‪.‬‬

‫ففــي المغــرب‪ ،‬ظــل مطلــب إرســاء قانــون خــاص بالعنــف ضــد النســاء أمــرا ملحــا‪ ،‬رفعتــه‬
‫الكثــر مــن الهيئــات الحقوقيــة‪ ،‬مــع تنامــي مظاهــر العنــف المرتكبــة ضــد المــرأة‪ ،‬وتشــتت‬
‫القوانــن المتعلقــة بــه بــن عــدد مــن القوانــن كالقانــون الجنــايئ وقانــون األرسة‬
‫وقانــون الشــغل‪ ،‬وغريهــن وذلــك مــن منطلــق أن مصادقــة المغــرب عــى عــدد مــن‬
‫المواثيــق واالتفاقيــات الدوليــة المتعلقــة بحقــوق اإلنســان بشــكل عــام والمــرأة عــى‬
‫وجــه الخصــوص‪ ،‬هــو تعبــر عــن االلــزام ببلــورة مضامينهــا عــى أرض الواقــع والســعي‬
‫لرتجمتهــا ميدانيــا يف شــكل ترشيعــات وبرامــج وسياســات عموميــة‪.‬‬

‫ويف هــذا الســياق‪ ،‬صــدر القانــون رقــم ‪ 13-103‬المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء‬
‫بتاريــخ ‪ 22‬فربايــر ‪ 2018‬بعــد نقاشــات عموميــة واســعة ومكثفــة ســاهمت يف إغنائــه‪،‬‬
‫وبعــد مــي أكــر مــن أربــع ســنوات عــى ذلــك‪ ،‬نحــاول يف هــذه الدراســة‪:‬‬

‫● ●تتبع تنفيذ مقتضيات القانون رقم ‪ 103.13‬ومرسومه التطبيقي؛‬


‫● ●رصد ممارسات الفاعالت والفاعلني ذات الصلة؛‬
‫● ●الوقــوف عنــد أهميتــه ومــدى مواكبتــه لتطــورات المجتمــع ولمختلــف التهديــدات‬
‫والمخاطــر الــي تواجــه المــرأة؛‬
‫● ●طرح مجموعة من الخالصات والتوصيات‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ولتحقيــق هــذه األهــداف‪ ،‬تــم إجــراء مقابــات مــع عينــة مــن المعنيــن والمعنيــات‬
‫بالموضــوع (نســاء ورجــال‪ ،‬باحثــون أكاديميــون‪ ،‬محامــون‪ ،‬فعاليــات المجتمــع المــدين‬
‫ومراكــز االســتماع التابعــة لهــا)‪ ،‬مــع الرتكــز عــى جهــي الربــاط‪ ،‬ســا‪ ،‬القنيطــرة‪ ،‬ومراكــش‬
‫آســفي‪ ،‬للوقــوف عنــد مجموعــة مــن المقرتحــات الــي تســاهم يف إغنــاء الموضــوع‬
‫وتعميقــه مــن زوايــا مختلفــة‪ ،‬إضافــة إىل مقابــات مــع الفاعلــن المؤسســاتيني‪ ،‬ال‬
‫ســيما المنصــوص عليهــم يف القانــون ‪ 103.13‬ومرســومه التطبيقــي‪.‬‬

‫كمــا تــم الوقــوف عــى عــدد مــن الكتــب والدراســات واألبحــاث والرســائل واألطروحــات‬
‫الجامعيــة الــي ســاهمت يف إغنــاء النقــاش حــول هــذا القانون منذ صدوره‪ ،‬واســتحضار‬
‫المعايــر الدوليــة يف هــذا الشــأن‪ ،‬مــن اتفاقيــات ودالئــل وممارســات دوليــة فضــى‪،‬‬
‫وكــذا االســتئناس باالســراتيجيات والربامــج القطاعيــة الــي اعتمــدت بعــد إصــدار هــذا‬
‫القانــون‪ ،‬كمــا تــم التوقــف أيضــا عنــد التوصيــات والخالصــات الــي رصدهــا التقريــر الــذي‬
‫أعدتــه اللجنــة الخاصــة بالنمــوذج التنمــوي‪.‬‬

‫يف نفــس الســياق تــم االســتئناس بنمــاذج مــن العمــل القضــايئ‪ ،‬عــر تحليــل مجموعــة‬
‫مــن األحــكام الصــادرة عــن مختلــف المحاكــم المغربيــة حــول الموضــوع‪ ،‬ورصــد‬
‫توجهاتهــا‪ ،‬واإلشــكاالت والصعوبــات الــي ترافــق تطبيقاتهــا‪ ،‬قبــل طــرح مجموعــة مــن‬
‫الخالصــات المســتفادة يف هــذا الشــأن‪.‬‬

‫واعتبــارا ألهميــة المعطيــات اإلحصائيــة حــول واقــع العنــف ضــد النســاء‪ ،‬ســواء تلــك‬
‫ّ‬
‫المتضمنــة يف تقاريــر صــادرة عــن مؤسســات رســمية‪ ،‬أو عــن بعــض الهيئــات المدنيــة‬
‫والحقوقيــة‪ ،‬فقــد تــم أخذهــا بعــن االعتبــار لقيــاس مــدى تطــور أو تراجــع أو اســتقرار‬
‫العنــف الممــارس ضــد النســاء‪ ،‬منــذ دخــول القانــون المذكــور حــز التنفيــذ وإىل حــدود‬
‫إعــداد هــذه الدراســة‪ ،‬قبــل طــرح مجموعــة مــن الخالصــات والنتائــج يف هــذا الشــأن‪.‬‬

‫وإيمانــا بأهميــة البحــث العلمــي ودوره يف تطويــر المجتمعــات وعقلنــة القــرارات‬


‫والسياســات‪ ،‬فقــد كان هنــاك حــرص كذلــك عــى طــرح مجموعــة مــن التوصيــات‬
‫الكفيلــة بإعطــاء معــى وقيمــة مضافــة لهــذا العمــل‪ ،‬عــى أمــل أن يســهم يف تجويــد‬
‫الترشيعــات والسياســات العموميــة ذات الصلــة بالموضــوع‪ ،‬وتعزيــز الجهــود الوطنيــة‬
‫للحــد مــن العنــف ضــد النســاء‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫القانون رقم ‪ 103 .13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد‬
‫النساء عىل ضوء الممارسة‬

‫بعــد مــي أكــر مــن أربــع ســنوات عــى إصــدار القانــون رقــم ‪ ،103.13‬فقــد تــم‬
‫العمــل يف هــذا الفصــل مــن الدراســة عــى رصــد وتتبــع تفعيــل مقتضياتــه‬
‫وكــذا مرســومه التطبيقــي الــذي صــادق عليــه المجلــس الحكومــي المنعقــد‬
‫بتاريــخ ‪ 28‬مــارس ‪ 2019‬ونــر يف الجريــدة الرســمية عــدد ‪ 6774‬الصــادرة بتاريــخ‬
‫‪ 02‬مــاي ‪ ،2019‬عــى ضــوء آراء وانطباعــات عــدد مــن المتدخلــن المعنيــن‬
‫بتطبيــق هــذا القانــون‪ ،‬إىل جانــب االجتهــاد الفقهــي الــذي تجســده مواقــف‬
‫وآراء عــدد مــن الفاعلــن‪ ،‬كمــا هــو الشــأن بالنســبة للمحامــن والباحثــن‪ .‬كمــا‬
‫أن هــذه الدراســة تعــد فرصــة للوقــوف عــى نقــط قــوة هــذا القانــون ومــدى‬
‫مســاهمته يف الحــد مــن ظاهــرة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬عــاوة عــى رصــد‬
‫مختلــف اإلشــكاالت والنقائــص المتصلــة بتطبيقــه عــى أحســن وجــه‪.‬‬
‫المبحــث األول‪ :‬القانــون رقــم ‪ 103 .13‬المتعلــق بمحاربــة العنــف‬
‫ضــد النســاء‪ ،‬المضامــن وجهــود التزنيــل‬

‫شــكل صــدور القانــون رقــم ‪ 103.13‬مكســبا مهمــا عىل المســتويات الترشيعيــة والحقوقية‪،‬‬
‫بالنظــر إىل مضامينــه المتقدمــة‪ ،‬واآلليــات الــي اعتمدهــا يف إطــار من الشــمولية لمحاربة‬
‫العنــف الــذي يســتهدف النســاء‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬ســيتم الوقــوف عنــد أهــم المقتضيــات‬
‫الــي تضمنهــا‪ ،‬مــع رصــد الجهــود الــي بذلــت يف ســياق تتبــع تنفيــذه‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬سياق القانون رقم ‪ 103.13‬ومضامينه‬

‫ال يمكــن عــزل صــدور القانــون رقــم ‪ 103.13‬عــن الديناميــة الــي طبعــت الحقلــن‬
‫الترشيعــي والحقــويق بالمغــرب‪ ،‬عــى امتــداد العقديــن األخرييــن‪ ،‬ويف هــذا الســياق‪،‬‬
‫ســيتطرق هــذا المطلــب لســياق صــدور هــذا القانــون‪ ،‬ومضامينــه وأهميتــه‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سياق القانون رقم ‪103.13‬‬

‫وعيــا بكلفتهــا الخطــرة عــى عــدة مســتويات اقتصاديــة واجتماعيــة ونفســية‪ ،‬حظيــت‬
‫قضايــا العنــف ضــد المــرأة باهتمــام كبــر مــن قبــل المــرع المغــريب‪ ،‬وذلــك نابــع مــن‬
‫العنايــة الــي مــا فــئ يوليهــا صاحــب الجاللــة الملــك محمــد الســادس نــره هللا‪ ،‬مــن‬
‫أجــل االرتقــاء بمكانــة المغــرب يف بالدنــا‪ ،‬فدســتور المملكــة لســنة ‪ 2011‬أرىس مجموعــة‬
‫مــن الحقــوق والحريــات‪ ،‬وأحــدث مؤسســات تعــى بهــذا الشــأن كهيئــة المناصفــة‬
‫ومكافحــة لك أشــكال التميــز (الفصــل ‪ 19‬مــن الدســتور)‪ ،‬أو مختلــف الترشيعــات الــي‬
‫توجــت بصــدور القانــون رقــم ‪ 103.13‬المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬ومرســومه‬
‫التطبيقــي رقــم ‪.2.18.856‬‬

‫يمثــل إصــدار هــذا القانــون إنجــازا يعكــس الوعــي بخطــورة الظاهــرة وبتداعياتهــا الســلبية‬
‫عــى المجتمــع برمتــه‪ ،‬بالنظــر إىل مكانــة المــرأة ومــا حققتــه مــن منجــزات ومكتســبات‬
‫عــى المســتويني العلمــي والعمــي‪ ،‬كمــا يشــكل إقــرارا بمســؤولية الدولــة ومختلــف‬
‫مؤسســاتها يف محاربــة الظاهــرة بقــدر مــن الرصامــة والتكامــل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ولقــد جــاء القانــون يف جــزء كبــر منــه متناغمــا ومنســجما مــع توجهــات المغــرب فيمــا‬
‫يتعلــق بتعزيــز منظومــة حقــوق اإلنســان بشــكل عــام‪ ،‬وكــذا المعايري الدوليــة ذات الصلة‪،‬‬
‫حيــث وردت الكثــر مــن التوصيــات الــي حملهــا دليــل الترشيعــات المتعلقــة بالعنــف‬
‫ضــد المــرأة الصــادر عــن األمــم المتحــدة‪ ،‬وبخاصــة عــى مســتوى وضــع إطــار محــدد‬
‫لمفهــوم العنــف وأشــكاله ســواء كان جســديا أو نفســيا أو اقتصاديــا أو جنســيا أو غــر‬
‫ذلــك‪ ،‬يمثــل أرضيــة لعــدد مــن الفاعلــن لتحديــده وتميــزه‪ ،‬وكــذا تجريــم مجموعــة مــن‬
‫الســلوكات واألفعــال الــي تــم إدراجهــا ضمــن خانــة العنــف والــي يمكــن أن تكــون المــرأة‬
‫ضحيــة لهــا ســواء يف البيــت أو يف العمــل أو يف الفضــاء العــام‪ ،‬إضافــة إىل تجريــم‬
‫التحــرش الجنــي وتشــديد العقوبــات الــواردة بشــأنه‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬مضامني القانون رقم ‪ 103.13‬وأهميته‬

‫عــى مســتوى التعاريــف‪ ،‬حــرص القانــون عــى تقديــم مجموعــة مــن التعريفــات‬
‫المتعلقــة بالعنــف ضــد النســاء مــن أجــل تطبيــق أحكامــه عــى وجــه ســليم‪ ،‬حيــث‬
‫أعطــى تعريفــا شــامال وموســعا للعنــف يســتحرض مظاهــره النفســية واالقتصاديــة‬
‫واالجتماعيــة‪ ،‬ممــا ســيمكن مــن تشــديد الخنــاق عــى المعتديــن‪ ،‬ويحــول دون حــدوث‬
‫تضــارب عنــد التأويــات‪.‬‬

‫وعالقــة باألحــكام الزجريــة‪ ،‬جــرم القانــون التحــرش بــكل أشــكاله‪ ،‬كمــا جــرم عــددا مــن‬
‫األفعــال والترصفــات الــي لــم تكــن كذلــك يف الســابق‪ ،‬كمــا أتــاح تجريــم مجموعــة مــن‬
‫الســلوكات الــي تمثــل عنفــا ضــد المــرأة‪ ،‬والتنصيــص عــى جرائــم جديــدة‪ ،‬كمــا هــو األمــر‬
‫بالنســبة لإلكــراه عــى الــزواج‪ ،‬كمــا تــم تجريم التحــرش الجنيس يف األماكــن العمومية ويف‬
‫الفضــاء الرقمــي‪ ،‬فيمــا تــم تشــديد عــدد مــن العقوبــات‪ ،‬المتعلقــة بأنــواع مختلفــة مــن‬
‫العنــف األرسي‪ ،‬وكذلــك فيمــا يتعلــق بســلوكات مرتكبــة ضــد فئــات خاصــة مــن النســاء‪،‬‬
‫كالمــرأة يف وضعيــة إعاقــة‪ ،‬أو المــرأة الحامــل أو الزوجــة أو المطلقــة‪.‬‬

‫وعــى مســتوى األحــكام المســطرية‪ ،‬حــرص القانــون عــى وضــع مجموعــة‬


‫مــن التدابــر الــي تضمــن الحمايــة للمــرأة كالحيلولــة دون اتصــال أو اقــراب المتهــم‬
‫بارتــكاب العنــف أو الجــاين مــن الضحيــة‪ ،‬والتأكيــد عــى إرجــاع المحضــون مــع حاضنتــه‬
‫إىل الســكن المحــدد لــه مــن طــرف المحكمــة‪ ،‬وكــذا إيــداع الضحايــا بمؤسســات اإليــواء‬
‫أو مؤسســات الرعايــة االجتماعيــة‪ ،‬وإخضــاع المحكــوم عليــه لعــاج نفــي‪ ،‬ثــم إشــعار‬
‫المعتــدي باالمتنــاع عــن التــرف يف األمــوال المشــركة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أمــا فيمــا يتعلــق بآليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬فقــد عمــل القانــون‬
‫رقــم ‪ 103.13‬عــى مأسســة آليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف وحــدد المرســوم‬
‫التطبيقــي رقــم ‪ 2.18.856‬المقتضيــات التنظيميــة الــي تخــص هــذه اآلليــات الــي‬
‫يســاهم فيهــا عــدد مــن الفاعلــن عــى المســتويني الوطــي والجهــوي والمحــي‪ ،‬ويمكن‬
‫إجمــال هــذه اآلليــات يف اللجنــة الوطنيــة للتكفــل بالنســاء ضحايا العنف‪ ،‬واللجــن الجهوية‬
‫للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬واللجــن المحليــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬وخاليــا‬
‫التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪.‬‬

‫أمــا عــى مســتوى التدابــر والمبــادرات للوقايــة مــن العنــف‪ ،‬فقــد أكــد‬
‫القانــون عــى إرســاء تدابــر وقائيــة للحــد مــن العنــف ضــد النســاء إىل جانــب الســبل‬
‫العالجيــة‪ ،‬مــع التأكيــد عــى البعــد التوعــوي والرتبــوي يف هذا الشــأن‪ ،‬والســعي إىل بلورة‬
‫وتنفيــذ اســراتيجيات برامــج للتحســيس بخطــورة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬وإىل اعتمــاد تدابري‬
‫وقائيــة تدعــم إذكاء الوعــي بهــذا الموضــوع‪ ،‬وترســيخ ثقافــة حقــوق اإلنســان بشــكل‬
‫عــام‪ ،‬واحــرام حقــوق المــرأة عــى وجــه الخصــوص‪ ،‬وإرســاء مبــادرات تدعــم تصحيــح‬
‫صــورة المــرأة داخــل المجتمــع وتجــاوز الصــور النمطيــة المتعلقــة بهــا‪.‬‬

‫ورغــم أهميــة المســتجدات والضمانــات الــي قدمهــا القانــون رقــم ‪ 103.13‬ومرســومه‬


‫التطبيقــي عــى مســتوى حمايــة المــرأة مــن العنــف‪ ،‬إال أن واقــع الممارســة بــرزت معــه‬
‫الكثــر مــن اإلشــكاالت‪ ،‬الــي ســنقف عــى جــزء منهــا‪ ،‬يف الشــق المتعلــق بالمقابــات‬
‫مــع عــدد مــن ممثــي الهيئــات والمؤسســات الرســمية‪ ،‬وكــذا الفاعلــن غــر الرســميني‬
‫(المبحــث المــوايل)‪ ،‬فيمــا ســيتم تنــاول إشــكاالت أخــرى عنــد تحليــل األحــكام والقــرارات‬
‫القضائيــة (الفصــل الثــاين)‪.‬‬

‫المطلب الثاين‪ :‬جهود المتدخلني يف سياق تتبع وتنفيذ‬


‫القانون رقم ‪103.13‬‬

‫يف الوقــت الــذي جــاء فيــه القانــون بصيغتــه النهائيــة‪ ،‬كنتــاج لمشــاورات واســعة‪ ،‬وثمــرة‬
‫نقاشــات عموميــة واســعة‪ ،‬بــدا أن هــذا الترشيــع نفســه‪ ،‬اســتحرض المقاربــة التشــاركية‬
‫الــي تمثــل أحــد المبــادئ األساســية الــي يؤكــد عليهــا الدســتور‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جهود المتدخلني الرسميني‬

‫تعتــر الدولــة هــي الفاعــل األســايس فيمــا يتعلــق ببلــورة االســراتيجيات والسياســات‬
‫العموميــة وســن القوانــن ذات الصلــة بحقــوق اإلنســان بشــكل عــام‪ ،‬والمــرأة عــى‬
‫وجــه الخصــوص يف ارتبــاط ذلــك بمحاربــة العنــف الموجــه ضــد النســاء‪ ،‬ومــن تــم كان‬
‫لزامــا يف هــذه الدراســة الوقــوف عنــد الجهــود والمكتســبات الــي تــم تحقيقهــا يف‬
‫هــذا الخصــوص‪ ،‬بــن مختلــف القطاعــات الحكوميــة‪ ،‬مــع رصــد التحديــات واالختــاالت‬
‫القائمــة يف هــذا الشــأن‪ ،‬والوقــوف عنــد أهــم المقرتحــات والتوصيــات الكفيلــة بتطويــر‬
‫القانــون ومواكبــة مختلــف التطــورات واإلشــكاالت‪.‬‬

‫فعــى مســتوى رئاســة النيابــة العامــة يحظــى موضــوع مكافحــة العنــف‬


‫ضــد النســاء بعنايــة خاصــة حيــث تعتــره مــن أولويــات تنفيــذ السياســة الجنائيــة‪ ،‬وقــد‬
‫خصصــت التقاريــر الســنوية الصــادرة عنهــا حــول تنفيــذ السياســة الجنائيــة‪ ،‬جــزءا كبــرا‬
‫منهــا لرصــد وتحليــل الظاهــرة‪ ،‬كمــا وجهــت‪ ،‬دوريــات للنيابــات العامــة بمختلــف المحاكــم‬
‫ألجــل توخــي الحــزم والرصامــة يف التعامــل مــع قضايــا العنــف ضــد النســاء واألطفــال‪،‬‬
‫اىل جانــب تنظيــم مجموعــة مــن الــدورات التكوينيــة يف إطــار اســتمرار تنفيــذ برنامــج‬
‫التعــاون الهــادف إىل تكويــن ‪ 650‬قــاض يف مجــال حمايــة النســاء مــن ظاهــرة العنــف‬
‫عــى ضــوء مســتجدات الترشيــع المغــريب وممارســات المحكمــة األوروبيــة لحقــوق‬
‫اإلنســان والــذي انطلقــت فعالياتــه بمدينــي مراكــش وأكاديــر خــال شــهر دجنــر ‪.20191‬‬

‫ولــم تحــل ظــروف جائحــة كوفيــد ‪ 19‬دون اســتمرار عمــل النيابــة العامــة عــى مســتوى‬
‫تلقــي الشــكايات وتتبــع القضايــا ذات الصلــة‪ ،‬عــن طريــق األرقــام الهاتفيــة المخصصــة‬
‫للشــكايات بالنيابــات العامــة لــدى مختلــف محاكــم المملكــة‪ ،‬كمــا فتحــت إمكانيــة التبليــغ‬
‫عــن طريــق الشــكاية اإللكرتونيــة عــر الربيــد اإللكــروين‪ ،plaintes@pmp.ma :‬وكذلــك‬
‫المنصــة اإللكرتونيــة الخاصــة بتلقــي شــكايات العنــف ضــد النســاء‪ ،2‬وكــذا المنصــة‬
‫‪3‬‬
‫الهاتفيــة «كلنــا معــك» لالســتماع والدعــم لفائــدة النســاء والفتيــات يف وضعيــة هشــة‬
‫الــي أحدثهــا االتحــاد الوطــي لنســاء المغــرب بتاريــخ ‪ 29‬ينايــر ‪.2020‬‬
‫‪ .1‬جــاء ذلــك يف كلمــة الســيد رئيــس النيابــة العامــة‪ ،‬خــال تــرأس يــوم درايس نظــم بالربــاط‪ ،‬حــول تعزيــز دور‬
‫قضــاة النيابــة العامــة يف مجــال مكافحــة العنــف ضــد النســاء والعنــف المــزيل‪ ،‬يــوم الثالثــاء ‪ 09‬مــارس‬
‫‪ ،2021‬انظــر نــص الكلمــة عــى الموقــع اإللكــروين لرئاســة النيابــة العامــة‪ ،‬بتاريــخ ‪ 17‬مــارس ‪ ،2021‬عــى الرابــط‪:‬‬
‫‪https://cutt.us/3q2UF‬‬
‫‪ .2‬وذلك عرب الرابط‪/https://vcfemme.pmp.ma :‬‬
‫‪ .3‬لمزيــد مــن التفاصيــل يف هــذا الخصــوص‪ ،‬يراجــع الموقــع اإللكــروين لالتحــاد الوطــي لنســاء المغــرب‪،‬‬
‫‪https://www.unfm.ma/afficherArticle/id202002110137‬‬ ‫‪--‬‬ ‫عــى الرابــط‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫وقــد بلــغ عــدد شــكايات العنــف ضــد النســاء الــي ســجلت النيابــات العامــة بمختلــف‬
‫محاكــم المملكــة خــال ســنة ‪ 2020‬مــا مجموعــه ‪ 64251‬شــكاية‪ ،‬موزعــة بــن ‪53552‬‬
‫شــكاية عاديــة‪ ،‬و‪ 10699‬إلكرتونيــة‪.4‬‬

‫وفيمــا يتعلــق بالمجلــس األعــى للســلطة القضائيــة‪ ،‬أورد التقريــر الســنوي‬


‫األول ألنشــطة المجلــس‪ 5‬والــذي يغطــي أشــغال الســنة األوىل مــن عملــه مــا بــن ‪06‬‬
‫أبريــل ‪( 2017‬تاريــخ التنصيــب) و‪ 06‬أبريــل ‪ ،2018‬أن المجلــس قــام بدراســة عــدد مــن‬
‫مشــاريع القوانــن الــي أحيلــت عليــه يف ســنة ‪ 2017‬وأبــدى رأيــه فيهــا‪ ،‬وهــي تهــم األرسة‬
‫بشــكل عــام‪ ،‬وتمكــن المــرأة يف جــزء هــام منهــا‪ ،‬مــن بينهــا‪ :‬مــروع القانــون المنظــم‬
‫لصنــدوق التكافــل العائــي‪ ،‬ومــروع القانــون المتعلــق بكفالــة األطفــال المهملــن‪،‬‬
‫والقانــون رقــم ‪ 47.15‬المتعلــق بالنظــام العــام المطبــق عــى مراكــز حمايــة الطفولــة‬
‫وإعــادة اإلدمــاج‪ ،‬كمــا اســتفاد ‪ 950‬قاضيــاً وإطــاراً مــن المرحلــة األوىل للتكوينــات‬
‫المتخصصــة يف مجــال حقــوق اإلنســان‪.6‬‬

‫ومــن جانــب آخــر‪ ،‬تســتأثر وزارة التضامــن واإلدمــاج االجتماعــي واألرسة‬


‫بمكانــة هامــة‪ ،‬فيمــا يتعلــق بتعزيــز حقــوق المــرأة وحمايتهــا‪ ،‬حيــث تلعــب دورا وظيفيــا‬
‫وازنــا عــى مســتوى الترشيــع والسياســات العموميــة ذات الصلــة بــاألرسة بشــكل عــام‪،‬‬
‫والمــرأة عــى وجــه الخصــوص‪ ،‬وهــي الجهــة الرســمية الــي تســهر عــى إعــداد السياســات‬
‫الوطنيــة لمحاربــة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬وتنســيق مختلــف التدخــات واالســراتيجيات الــي‬
‫يقــوم بهــا عــدد مــن األطــراف والجهــات‪ ،‬واإلرشاف عــى عــدد مــن الدراســات واألبحــاث‬
‫ذات الصلــة بالموضــوع‪ ،‬عــاوة عــى العمــل عــى تعزيــز اآلليــات والربامــج والحمــات‬
‫الكفيلــة بالحــد مــن العنــف ضــد النســاء‪ ،‬وترســيخ الوعــي المرتبــط بهــذا الشــأن وتقديــم‬
‫ّ‬
‫المعنفــات‪..‬‬ ‫الدعــم لمراكــز االســتماع للنســاء‬

‫كمــا نظمــت الــوزارة برشاكــة مــع صنــدوق األمــم المتحــدة للســكان برنامــج التكويــن‬
‫لفائــدة المــوارد البرشيــة العاملــة يف سلســلة التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف امتــد‬
‫عــى ثــاث ســنوات ويتضمــن ‪ 39‬وحــدة موزعــة عــى أربــع مجموعــات ذات الصلــة‬
‫بالمواكبــة والخدمــات األساســية‪ ،‬الحكامــة والتســيري‪ ،‬التفعيــل والدعــم‪ ،‬التقييــم‬

‫‪ .4‬انظر تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة ‪( ،2020‬نسخة إلكرتونية) ص‪.261‬‬


‫‪ .5‬انظر التقرير الصادر بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 6724‬بتاريخ ‪ 08‬نونرب ‪ ،2018‬ص ‪ 9012‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ .6‬انظــر كلمــة كلمــة الرئيــس األول لمحكمــة النقــض الرئيــس المنتــدب للمجلــس األعــى للســلطة القضائيــة‬
‫كاملــة‪ ،‬عــى الموقــع اإللكــروين المجلــس األعــى للســلطة القضائيــة‪ ،‬منشــورة بتاريــخ‪ 09‬فربايــر ‪ ،2019‬عــى‬
‫الرابــط‪https://www.cspj.ma/actualites/Details/1116 :‬‬

‫‪15‬‬
‫والتنميــة الذاتيــة‪ .‬وقــد اســتفاد مــن الســلك األول مــن التكويــن مـــا يقـــارب ‪450‬‬
‫مســـتفيدة ومســـتفيد يمثلون المؤسسات متعـــددة الوظائـــف والجمعيـــات ومراكـــز‬
‫االســتماع الرشيكــة وغريهــا‪ ،‬واســـتمر هـــذا التكويـــن مـــن ‪ 14‬إىل ‪ 18‬دجنــر ‪ .2020‬بينمــا‬
‫شــملت الــدورة التكوينيــة الثانيــة‪ ،‬مــا يناهــز ‪ 1369‬مســتفيد(ة) وتمحــورت حــول تعزيــز‬
‫التمكــن مــن اإلطــار المعيــاري والقانــوين لحقــوق المــرأة عــى المســتوى الوطــي‬
‫وتعزيــز المهــارات المتعلقــة بمهــن التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬كمــا ركــزت هــذه‬
‫الــدورة عــى مواكبــة المــوارد البرشيــة العاملــة يف سلســلة رعايــة النســاء ضحايــا‬
‫العنــف مــن أجــل القيــام بمهامهــن بمهنيــة واحرتافيــة‪.‬‬

‫وقــد واكبــت وزارة العــدل صــدور القانــون رقــم ‪ ،103.13‬وســعت إىل تطبيــق‬
‫مقتضياتــه بشــكل ســليم‪ ،‬ســواء عــى مســتوى الســعي إىل تعزيــز مكانــة المــرأة يف‬
‫المجتمــع وتمكينهــا مــن حقوقهــا‪ ،‬أو مــن خــال وضــع مخطــط إصــاح؛ يهــدف إرســاء‬
‫خطــة عمــل للتكفــل بالنســاء‪ ،‬عــر إحــداث خاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف بمختلــف‬
‫المحاكــم المغربيــة‪ ،‬وقــد أكــد الســيد وزيــر العــدل خــال تدخلــه يف اللقــاء التقييمــي‬
‫الــذي نظمتــه رئاســة النيابــة العامــة‪ ،‬حــول تتبع تنفيــذ الربوتوكــول الرتايب للتكفل بالنســاء‬
‫ضحايــا العنــف المنبثــق عــن إعــان مراكــش ‪ ،2020‬بتاريــخ فاتــح يونيــو ‪ 2022‬بالربــاط‪ ،‬عــى‬
‫الــزام الدولــة المغربيــة بتنفيــذ الزتاماتهــا الوطنيــة والدوليــة يف مجــال حمايــة حقــوق‬
‫النســاء‪ ،‬بصفــة عامــة‪ ،‬والنســاء ضحايــا العنــف عــى وجــه الخصــوص‪.‬‬

‫وظلــت الــوزارة راعيــة لمختلــف الجهــود والترشيعــات الــي ســعت إىل تعزيــز مكانــة المــرأة‬
‫داخــل المجتمــع‪ ،‬كمــا ظلــت منفتحــة عــى عــدد مــن االقرتاحــات والمشــاريع الصــادرة‬
‫عــن هيئــات المجتمــع المــدين ذات الصلــة‪.‬‬

‫وانخرطــت وزارة الصحــة والحمايــة االجتماعيــة بشــكل مبكــر يف المجهــودات‬


‫الراميــة إىل الحــد مــن ظاهــرة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬باعتبارهــا القطاع الــذي يعىن بضمان‬
‫الحــق يف الصحــة والســامة الجســدية والنفســية للمواطنني‪ ،‬مركــزة يف ذلك عىل البعد‬
‫الوقــايئ‪ ،‬إىل جانــب عــدد مــن المتدخلــن يف هــذا الســياق‪ ،‬وقــد كان هنــاك ســبق يف‬
‫انخــراط الــوزارة ضمــن حمــات للتحســيس بخطــورة العنــف وتوعيــة المجتمــع بمخاطــره‪.‬‬

‫ونفــس األمــر ينطبــق عــى مصالــح الــدرك الملــي الــي عملــت بشــكل كبــر عــى‬
‫تطبيــق مقتضيــات القانــون رقــم ‪ ،103.13‬عــى المســتوى المركــزي وعــى مســتويات‬
‫مصالحهــا عــى امتــداد الــراب الوطــي‪ ،‬يف إطار مقاربــات وقائية وتشــاركية وبيداغوجية‪،‬‬
‫عــن طريــق تمكــن المــرأة لمقومــات تدعــم الحــد مــن الظاهــرة‪ ،‬وهــو مــا وقفنــا عليــه‬

‫‪16‬‬
‫مــن خــال المقابلــة الــي أجريناهــا مــع إطــار عــال بالقيــادة العليــا للــدرك الملــي‪.‬‬

‫كمــا حرصــت المديريــة العامــة لألمــن الوطــي عــى االنخــراط العمــي يف‬
‫السياســات العموميــة المعتمــدة يف هذا المجــال منذ فرتات مبكرة‪ ،‬حيث أحدثت آليات‬
‫مؤسســاتية لتتبــع تنفيــذ االســراتيجية الوطنيــة لمحاربة العنف ضد النســاء‪ ،‬كما وقعت‬
‫اتفاقيــة رشاكــة مــع كتابــة الدولــة المكلفــة بــاألرسة ســابقا‪ ،‬بشــأن الرقــم الوطــي األخــر‬
‫للتبليــغ عــن شــكايات العنــف الممــارس ضــد الفتيــات والنســاء‪ ،‬عــاوة عــى تعزيــز النظــام‬
‫المعلومايت المحدث سابقا‪ ،‬ألجل تجميع اإلحصائيات والمعطيات المتعلقة بالظاهرة‪.‬‬

‫وتحظــى المــرأة بأولويــة وزارة الشــباب والثقافــة والتواصــل قبــل صــدور‬


‫القانــون رقــم ‪ ،103.13‬وقــد تعاطــت الــوزارة بشــكل إيجــايب مــع هــذا األخــر ومــع‬
‫مرســومه التطبيقــي‪ ،‬مركزيــا ومحليــا‪ ،‬فالقطــاع يضــم قســما يعــى بشــؤون‬
‫المــرأة‪ ،‬وهنــاك ‪ 60‬خليــة الممركــزة عــى المســتوى الوطــي‪ ،‬تعــى بمواجهــة‬
‫العنــف ضــد المــرأة‪ ،‬و‪ 108‬نقطــة اســتماع بالمراكــز النســوية ودور الشــباب‬
‫والتأهيــل المهــي‪ ،‬ومــا زالــت المتابعــة قائمــة يف إطــار عــدد مــن الــراكات‪.‬‬

‫وفــور دخــول القانــون حــز التنفيــذ‪ ،‬تمــت بلــورة تصــور لتزنيلــه تبعــا لتدخــل القطــاع‪ ،‬مــع‬
‫العضويــة يف اللجنــة الوطنيــة‪ ،‬وخلــق خليــة مركزيــة لمتابعــة الموضــوع‪ ،‬يف انســجام تــام‬
‫مــع مقتضيــات القانــون رقــم ‪ 103.13‬ومرســومه التطبيقــي‪ ،‬وعىل المســتوى الالممركز‪،‬‬
‫فالــوزارة تعــد مــن بــن أهــم القطاعــات الملزمــة بتزنيــل القانــون عــى مســتوى الجهــات‬
‫والمديريــات اإلقليميــة‪.‬‬

‫أمــا اللجنــة الوطنيــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬الــي تــم تنصيبهــا‬
‫بتاريــخ ‪ 05‬شــتنرب ‪ ،2019‬فتتــوىل ممارســة عــدة مهــام مــن بينهــا‪:‬‬

‫● ●ضمــان التواصــل والتنســيق وطنيــا بــن تدخــات القطاعــات الحكوميــة واإلدارات‬


‫المركزيــة المعنيــة بموضــوع العنــف ضــد النســاء؛‬
‫● ●إبــداء الــرأي يف مخططــات عمــل اللجــن الجهويــة والمحليــة‪ ،‬المشــار إليهــا يف المــواد‬
‫‪ 13‬و‪ ،15‬وتتبــع تنفيذهــا؛‬
‫● ●تلقي تقارير اللجن الجهوية والمحلية وفحصها؛‬
‫● ●رصد واقرتاح إمكانات تطوير عمل اللجن المحلية والجهوية؛‬
‫● ●المســاهمة يف وضــع آليــات لتحســن تدبــر عمــل الخاليــا المشــار إليهــا يف المــادة ‪10‬‬
‫أعــاه‪ ،‬واللجــن الجهويــة والمحليــة ومواكبــة عملهــا مركزيــا؛‬

‫‪17‬‬
‫● ●تقويــة وتفعيــل آليــات الرشاكــة والتعــاون بــن اللجــن الجهويــة واللجــن المحليــة‬
‫وجمعيــات المجتمــع المــدين وبــايق المتدخلــن‪.‬‬
‫● ●إصدار تقرير سنوي عن حصيلة العمل‪.‬‬

‫فيمــا بــدأت مأسســة اللجــن الجهويــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪،‬‬


‫بعــد صــدور القانــون رقــم ‪ ،103.13‬وقــد راكمــت هــذه الهيئــات جهــودا مهمــة منــذ‬
‫إحداثهــا تراوحــت بــن تنظيــم لقــاءات تحسيســية وتواصليــة‪ ،‬وعقــد رشاكات مــع‬
‫عــدد مــن الهيئــات والمؤسســات‪ ،‬وتلقــي الشــكايات مــن الضحايــا‪ ،‬ومتابعتهــا‪ ،‬كمــا‬
‫أحدثــت اللجــن المحليــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف يف إطــار التفاعــل اإليجــايب‬
‫مــع هــذا القانــون‪ ،‬ورغــم االختــاف الــذي يطبــع أداءهــا بحســب المناطــق بحكــم‬
‫خصوصيتهــا الجغرافيــة والسوســيوثقافية‪ ،‬فقــد ســاهمت مــن جانبهــا يف توفــر‬
‫رشوط تطبيــق هــذا القانــون عــى أرض الواقــع عــر عــدد مــن التدابــر التوعويــة‪،‬‬
‫وتلقــي الشــكايات ومتابعتهــا‪ ،‬وإعــداد تقاريــر مهمــة ذات الصلــة بالموضــوع‪.‬‬

‫وانســجاما مــع مضامــن المرســوم رقــم ‪ 2.18.856‬المتعلــق بتطبيــق القانــون ‪،103.13‬‬


‫رشعــت المصالــح المعنيــة بمأسســة وتفعيــل مجموعة من اللجــان والخاليا يف إطار من‬
‫التنســيق والتكامــل‪ ،‬وتشــمل‪ :‬الخاليــا المؤسســاتية المركزيــة والالمركزيــة للتكفــل بالنســاء‬
‫ضحايــا العنــف عــى مســتوى المحاكــم‪ ،‬وكــذا القطاعــات المكلفــة بالعــدل والصحــة‬
‫والشــباب والمــرأة‪ ،‬والمديريــة العامــة لألمــن الوطــي‪ ،‬والقيــادة العليــا للــدرك الملــي‪.‬‬

‫وال تخفــى أهميــة المؤسســات المتعــددة الوظائــف للنســاء‪ ،‬ففــي إطــار‬


‫تعزيــز البنيــات الخاصــة بالتكفــل بالنســاء يف وضعيــة صعبــة بمــا يف ذلــك النســاء ضحايــا‬
‫العنــف‪ ،‬عملــت وزارة التضامــن واإلدمــاج االجتماعــي واألرسة برشاكــة مــع مؤسســة‬
‫التعــاون الوطــي عــى إحــداث وتهيئــة وتجهــز ‪ 83‬مؤسســة رعايــة اجتماعيــة‬
‫متعــددة الوظائــف للنســاء عــى المســتويني الجهــوي والمحــي‪ .‬واســتحضارا‬
‫ألهميــة معــرة الخدمــات داخــل هــذه المؤسســات‪ ،‬وتفعيــا لمقتضيــات القانــون‬
‫رقــم ‪ 65.15‬المتعلــق بمؤسســات الرعايــة االجتماعيــة‪ ،‬عملــت الــوزارة عــى‬
‫إعــداد وإصــدار النصــوص التطبيقيــة المتعلقــة بهــذا القانــون الســيما دفــر التحمــات‬
‫الخــاص بهــذه المؤسســات الــذي يحــدد رشوط وكيفيــات تقديــم الخدمــات وكــذا‬
‫المعايــر والمبــادئ والمؤهــات المطلــوب توفرهــا يف المســتخدمني‪.‬‬

‫كمــا أرشفــت الــوزارة يف دجنــر ‪ 2022‬عــى توقيع ‪ 83‬اتفاقية رشاكة مــع الجمعيات‬
‫العاملــة يف مجــال العنــف‪ ،‬لتســيري المؤسســات الخاصــة بإيــواء النســاء والفتيــات ضحايــا‬

‫‪18‬‬
‫العنــف‪ ،‬وذلــك يف إطــار تفعيــل الزتاماتهــا يف «إعــان مراكــش ‪ »2020‬للقضــاء‬
‫عــى العنــف ضــد النســاء والفتيــات‪ ،‬الســيما االلــزام األول والمتمثــل يف «توفــر ‪83‬‬
‫مركــزا الســتقبال وإيــواء النســاء ضحايــا العنــف»‪ ،‬وهــو مــا مكــن اليــوم‬
‫مــن إحــداث وتأهيــل مركــز واحــد عــى االقــل بــكل إقليــم وعمالــة‪ ،‬يوفــر خدمــة اإليــواء‬
‫للنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬وتتمثــل المهمــة األساســية للمؤسســات المتعــددة‬
‫الوظائــف للنســاء يف اســتقبال النســاء يف وضعيــة صعبــة‪ ،‬وتقديــم ســلة مــن الخدمات‬
‫االجتماعيــة لفائــدة هــذه الفئــة مــن النســاء‪ ،‬وخاصــة المســاهمة يف التكفــل بالنســاء‬
‫والفتيــات ضحايــا العنــف‪ ،‬والعمل عىل إدماجهن اقتصاديــا واجتماعيا ومحاربة االقصاء‬
‫االجتماعــي وكافــة أشــكال التميــز القائــم عــى النــوع االجتماعــي‪ .‬و تعتــر هــذه المراكــز‬
‫حلقــة مهمــة جــدا وأساســية يف سلســلة التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬تشــتغل يف‬
‫تنســيق تــام مــع المحيــط المؤسســايت لتحقيــق الحمايــة الفوريــة للفئــة المســتهدفة‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬جهود الفاعلني غري الرسميني يف سياق تتبع‬


‫تنفيذ القانون رقم ‪103.13‬‬

‫إىل جانــب المقابــات الــي أجريناهــا مــع عــدد مــن المتدخلــن الرســميني يف إطــار تفعيــل‬
‫القانــون رقــم ‪ ،103.13‬وكــذا االطــاع عــى عــدد مــن التقاريــر الصــادرة يف هــذا الخصــوص‪،‬‬
‫ورغبة يف إغناء النقاش‪ ،‬ورســم صورة متكاملة وموضوعية‪ ،‬تتيح الوقوف عىل عدد من‬
‫اإلشــكاالت‪ ،‬وطــرح مجموعــة مــن التوصيــات‪ ،‬قمنــا بإجــراء مقابــات مــع عــدد مــن النســاء‬
‫والرجــال‪ ،‬ومــع شــبكات مــن المجتمــع المــدين‪ ،‬ومــع عــدد مــن األســاتذة الباحثــن‪ ،‬كمــا تــم‬
‫اســتحضار مجموعة من الكتب والدراســات اليت طرحها عدد من الباحثني يف هذا الســياق‪.‬‬

‫تــم القيــام بمقابــات مــع عينــة محــدودة مــن الرجــال والنســاء‪ ،‬وذلــك رغبــة يف الوقــوف‬
‫عنــد جانــب مهــم مــن تطبيقــات القانــون‪ ،‬ويتعلــق األمــر بالجانــب التواصــي والتوعــوي‪،‬‬
‫ومــا إذا كان هنــاك علــم بوجــود القانــون‪ ،‬ومــدى انعكاســه عــى تعزيــز ثقتهــم يف اللجــوء‬
‫إىل القضــاء‪ ،‬ويف الحــد مــن الممارســات العنيفــة الــي تســتهدف النســاء‪.‬‬

‫ومــن خــال تقييــم مجمــل هــذه المقابــات تبــن أن جهــل بعــض النســاء بالقانــون‬
‫يفـ ّ‬
‫ـوت عليهــن الكثــر مــن الحقــوق الــي تضمــن لهــن كرامتهــن‪ ،‬كمــا ال تخفــى أهميــة‬
‫الوقــوف عــى اإلشــكاالت االجتماعيــة المتصلــة بالجهــل بوجــود هــذا القانــون واألميــة‬
‫والفقــر يف تعميــق معانــاة النســاء بهــذا الخصــوص‪ ،‬بمــا يوفــر الرتبــة الخصبــة الســتمرار‬
‫وتنامــي الظاهــرة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫كمــا أن هنــاك الكثــر مــن الرجــال مــا زالــوا يجهلــون مقتضيــات القانــون‪ ،‬فيمــا يظهــر أن‬
‫هنــاك مــن يط ّبــع منهــم مــع الظاهــرة العتبــارات الثقافــة التقليديــة الموروثــة‪ ،‬ممــا‬
‫يجعلهــم مســتعدين الرتــكاب ســلوكيات مجرمــة بحكــم القانــون‪ ،‬ويعــرض النســاء لمزيــد‬
‫مــن الممارســات العنيفــة بــكل أشــكالها‪.‬‬

‫ومــن جهــة أخــرى‪ ،‬تــم عقــد لقــاءات مــع ع ّينــة لمراكــز االســتماع التابعــة للجمعيــات‬
‫الــي تنتــر يف عــدد مــن المناطق الحرضية والقروية عىل امتــداد الرتاب الوطين‪ ،‬وعادة‬
‫مــا تقــدم خدماتهــا باالســتعانة بمســاعدات مهمتهــن االســتماع للضحايــا‪ ،‬إضافــة إىل‬
‫مستشــارين يف المجــال القانــوين ومتخصصــن يف الطــب النفــي‪ ،‬وتشــتغل هــذه‬
‫المراكــز يف إطــار رشاكات تعقدهــا مع عدد من الفاعلني‪ ،‬وتنظم مجموعة من اللقاءات‬
‫التحسيســية والتكوينيــة وتصــدر تقاريــر وإحصائيــات يف هــذ الخصــوص‪ ،‬بغية كســب هذا‬
‫الرهــان المجتمعــي‪ ،‬وهــو مــا وقفنــا عليــه مــن خــال مقابــات أجريــت هــذا الخصــوص‪.‬‬

‫ويســتأثر المحامــون بــدور أســايس يف تطبيــق هــذا القانــون‪ ،‬وبحكــم احتكاكهــم مــع‬
‫المتقاضــن والمتقاضيــات‪ ،‬واالطــاع عــى الحــاالت المتعلقــة بالعنــف‪ ،‬وبالمســاطر‬
‫القانونيــة ذات الصلــة‪ .‬إن اســتحضار وجهــات نظرهــم هــؤالء الفاعلــن‪ ،‬ينطــوي عــى‬
‫قــدر كبــر مــن األهميــة‪ ،‬عــى مســتوى إغنــاء هــذه الدراســة بمختلــف اآلراء والمواقــف‬
‫المتعلقــة بالقانــون عــى ضــوء التطبيــق‪.‬‬

‫كمــا يلعــب المجتمــع المــدين المهتــم بقضايــا النســاء أدوارا مهمة لتعزيــز حقوقهن‬
‫والدفــاع عــن كرامتهــن‪ ،‬وحمايتهــن مــن مختلــف أشــكال العنــف الــي قد يتعرضــن لها يف‬
‫العمل أو يف المزنل أو يف غريهما من األماكن‪ .‬وترتكز هذه الدراسة عىل مقابلة شملت‬
‫العديــد مــن فعاليــات المجتمــع المــدين المهتمــة بمناهضــة العنــف بــكل أشــكاله ضــد‬
‫المــرأة‪ ،‬وقــد أبــدت العديــد مــن الجمعيــات تجاوبــا مــع األســئلة الموجهــة إليهــا‪ ،‬بل هناك‬
‫مــن زودتنــا بتقاريــر ومنشــورات هامــة أرشفــت عليها‪ ،‬فيمــا قمنا أيضا باالطــاع عىل تقارير‬
‫ومعطيــات منشــورة لعــدد مــن هــذه الجمعيــات تتعلــق بموضــوع العنف ضد النســاء‪،‬‬
‫ووقفنــا فيهــا عــى مختلف اآلراء والتوصيات اليت ســعينا الســتحضارها يف هذا الدراســة‪.‬‬

‫ويمثــل البحــث العلمــي أحــد الروافــد الهامــة الــي تســهم يف عقلنــة السياســات‬
‫العموميــة‪ ،‬وإغنــاء النقاشــات بصــدد عــدد مــن القضايــا الــي تهــم المجتمــع‪ ،‬ويف هــذا‬
‫الصــدد ال تخفــى أهميــة األبحــاث والدراســات والمؤلفــات ومخرجــات النــدوات واللقاءات‬
‫الــي يــرف عليهــا الباحثــون يف مختلــف الجامعــات المغربيــة‪ ،‬حــول موضــوع العنــف‬
‫ضــد النســاء‪ ،‬بشــكل عــام‪ ،‬والجوانــب القانونيــة المتصلــة بــه بشــكل خاص‪ .‬لذلــك‪ ،‬كان من‬

‫‪20‬‬
‫الــازم الوقــوف عنــد آراء هــذه الفئــة اليت تغين بآرائها ونقاشــاتها وتوصياتهــا االجتهادات‬
‫الفقهيــة يف ارتباطهــا بالموضــوع‪ ،‬ســواء مــن خــال االســتئناس بعــدد مــن الكتابــات‬
‫والمؤلفات الواردة بهذا الخصوص‪ ،‬أو من خالل إجراء مقابالت مع عدد من األســاتذة‬
‫الباحثــن مــن مختلــف الجامعــات المغربيــة‪ ،‬تــم الوقــوف خاللهــا عــى عــدد مــن النقــط‬
‫المتعلقــة بالموضــوع‪ ،‬والــي ســنحرص عــى طرحهــا مجتمعــة ضمــن هــذا المطلــب‪.‬‬

‫المبحــث الثــاين‪ :‬القانــون رقــم ‪ 103.13‬المتعلــق بمحاربــة العنــف‬


‫ضــد النســاء مــن منظــور المتدخلــن والباحثــن‬

‫ّ‬
‫محــك التطبيــق هــو الكفيــل بإبــراز أهميــة النــص القانــوين وحــدود تعاطيــه‬ ‫ّ‬
‫يظــل‬
‫بشــمولية مــع الظاهــرة‪ ،‬ويف هــذا الســياق ســينصب هــذا الجــزء مــن الدراســة عــى‬
‫تنــاول آراء عــدد مــن المؤسســات والفاعلــن المعنيــن‪ ،‬واســتحضار دليــل الترشيعــات‬
‫المتعلقــة بالعنــف ضــد المــرأة‪ ،‬الصــادر عن األمــم المتحدة‪ .‬وألجل الوقــوف عىل حدود‬
‫التناغــم واالنســجام بــن القانــون رقــم ‪ 103.13‬ومضامــن الدليــل‪ ،‬واســتقاء معطيــات‬
‫وتصــورات أكــر وضوحــا وموضوعيــة‪ ،‬تقــف عنــد الصعوبــات المطروحــة يف هــذا اإلطار‪،‬‬
‫إضافــة إىل االقرتاحــات والتوصيــات الــي مــن شــأنها تعزيــز هــذه الحمايــة وتطويرهــا‪.‬‬

‫ويف هــذا الســياق‪ ،‬ســتأخذ المالحظــات الــي اســتقيناها مــن عــدد مــن الفاعلــن جوانــب‬
‫مختلفــة‪ ،‬تبعــا للتبويــب الــذي اعتمــده القانــون رقــم ‪ 103.13‬نفســه (التعاريــف‪ ،‬األحــكام‬
‫الزجريــة‪ ،‬األحــكام المســطرية‪ ،‬آليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬التدابــر والمبــادرات‬
‫للوقايــة مــن العنــف)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عىل مستوى التعاريف‬

‫تضمــن القانــون رقــم ‪ 103.13‬الكثــر مــن التوصيــات الــي حملهــا دليــل الترشيعــات‬
‫المتعلقــة بالعنــف ضــد المــرأة الصــادر عــن األمــم المتحــدة‪ ،‬وبخاصــة عــى مســتوى‬
‫وضــع إطــار محــدد لمفهــوم العنــف وأشــكاله ســواء كان جســديا أو نفســيا أو اقتصاديــا‬
‫أو جنســيا‪ ،..‬وهــو مــا يمثــل أرضيــة لعــدد مــن الفاعلــن لتحديــده وتميــزه‪ ،‬وكــذا تجريــم‬
‫مجموعــة مــن الســلوكات واألفعــال الــي تــم إدراجهــا ضمــن خانــة العنــف‪ ،‬والــي يمكــن‬
‫أن تكــون المــرأة ضحيــة لهــا‪ ،‬ســواء يف البيــت أو يف العمــل أو يف الفضــاء العــام‪ ،‬إضافة‬
‫إىل تجريــم التحــرش الجنــي وتشــديد العقوبــات الــواردة بشــأنه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وبذلــك فقــد وضــع القانون إطارا أساســيا لالشــتغال عىل التنســيق والتكامل بني مختلف‬
‫المصالــح‪ ،‬وســمح بتجــاوز الفــراغ القانــوين‪ ،‬وخصوصا فيمــا يتعلق بتحديد أنــواع العنف‪،‬‬
‫ممــا ســهل العمــل وحســم مــع عــدد مــن المشــالك الــي كانــت تطــرح بهــذا الخصــوص‪.‬‬

‫فيمــا اعتــر البعــض أن تعريــف العنــف ال يتطابــق يف بعــض جوانبــه مــع التعريــف الــوارد‬
‫باتفاقيــة القضــاء عــى العنــف ضــد النســاء‪ ،‬إضافــة إىل كونــه غــر قابــل للتطبيــق‬
‫وغــر مفــي للحمايــة المطلوبــة مــن الناحيــة المســطرية يف بعــض مقتضياتــه‪،‬‬
‫كتلــك المتعلقــة بالعنــف ببيــت الزوجيــة أو ببيــوت إقامــة الطرفــن‪ ..‬فيمــا ن ّبــه آخــرون‬
‫إىل القصــور الحاصــل عــى مســتوى عــدم تحديــد دقيــق لعــدد مــن المصطلحــات‬
‫والمفاهيــم المتكــررة يف القانــون‪ ،‬كمــا هــو األمــر بالنســبة للمــرأة‪ ،‬والقــارص‪ ،‬والطفــل‪،‬‬
‫والضعــف والتميــز‪ ،‬والنــوع االجتماعــي‪..‬‬

‫المطلب الثاين‪ :‬عىل مستوى األحكام الزجرية‬

‫ّ‬
‫أكــد عــدد مــن المســتجوبني يف معــرض الحديــث عــن القانــون رقــم ‪ 103.13‬عــى‬
‫أهميتــه‪ ،‬وبأنــه وبالنظــر للعقوبــات الزجريــة الــي حملهــا يمكنــه أن يخفــف مــن معانــاة‬
‫النســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬ويــردع الذيــن يفكــرون يف ارتكابــه‪.‬‬

‫فقــد عمــل هــذا القانــون عــى تجريــم مجموعــة مــن األفعــال الــي لــم تكــن كذلــك‪،‬‬
‫بالرغــم مــن الخطــورة الــي تكتنفهــا واألرضار المختلفــة الــي تتســبب فيهــا بالنســبة‬
‫للضحايــا‪ ،‬ويمكــن اإلشــارة هنــا إىل المســتجدات المتعلقــة بالحمايــة الجنائيــة لــأرسة مــن‬
‫مختلــف مظاهــر العنــف‪ ،‬كمــا هــو األمــر بالنســبة لتجريــم اإلكــراه عــى الــزواج الــذي غالبا ما‬
‫يســتهدف القــارصات‪ ،‬وكــذا طــرد الزوجــة مــن بيــت الزوجيــة وامتنــاع الــزوج عــن إرجاعهــا‪،‬‬
‫ثــم تجريــم التحايــل عــى عــدد مــن مقتضيــات مدونــة األرسة المتعلقة بالنفقة والســكن‬
‫والمســتحقات المرتتبــة عــن إنهــاء العالقــة الزوجيــة‪ ،‬واقتســام األمــوال‪ ،‬وتبديــد أمــوال‬
‫األرسة بغايــة حرمــان الزوجــة مــن حقوقهــا‪ ،‬وبذلــك فقــد حـ ّ‬
‫ـدد أنــواع العنــف وأشــكاله‬
‫بصــورة شــبه متكاملــة‪ ،‬حيــث تــم تعريــف العنــف ضــد المــرأة‪ ،‬والعنــف النفــي والعنــف‬
‫االقتصــادي‪ ،‬كمــا عــرف التحــرش الجنــي‪.‬‬

‫ويمثــل القانــون يف مضمونــه‪ ،‬نقــط قــوة‪ ،‬فيمــا يتعلــق بتحقيــق الــردع العــام‪ ،‬وتحصني‬
‫بعــض الوضعيــات ومــلء فراغــات قائمــة‪ ،‬يف نصــوص ســابقة كمدونــة األرسة‪ .‬واعتــر‬
‫عــدد مــن المســتجوبني أن القانــون أفــرد للمتحرشــن أو المعنفــن للمــرأة بالشــارع العام‬
‫ويف فضاءات العمل‪ ،‬عقوبات تعترب يف الوقت الحايل رضورية لكون العديد من النساء‬

‫‪22‬‬
‫كانت لهن شكاوى عديدة بهذا الخصوص‪ .‬كما ساهم يف توفري قدر من الثقة واألمان‬
‫للمــرأة عــى مســتوى التجــول والتبضــع يف الفضــاءات العامــة دون أن يلحقهــا أذى‪.‬‬

‫ومــع ذلــك‪ ،‬يــرى عــدد مــن المســتجوبني أن المــرع اختــار الطريقــة التقليديــة يف‬
‫محاربــة جريمــة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬بــدل ترســيخ السياســة الجنائيــة الدوليــة الحديثــة‪،‬‬
‫عــى مســتوى التنصيــص عــى نهــج العقوبــات البديلــة‪ ،‬كمــا هــي متعــارف عليهــا عالميــا‪،‬‬
‫والــي مــن شــأنها التخفيــف مــن حالــة االكتظــاظ داخــل الســجون ونهــج المقاربــة المبنيــة‬
‫عــى اإلصــاح بــدل االنتقــام‪ ،‬أو االنفتــاح عــى النمــاذج الدوليــة الرائــدة يف هــذا المجــال‬
‫كالعــرض عــى الطــب النفــي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عىل مستوى األحكام المسطرية‬

‫وضــع القانــون تدابــر حمائيــة جديــدة للنســاء المعنفــات‪ ،‬وعـ ّـزز عمليــة التكفــل بالضحايــا‪،‬‬
‫ونـ ّ‬
‫ـص عــى أوامــر الحمايــة الفوريــة‪ ،‬كاإليــداع بالمراكــز متعــددة الوظائــف‪ ،‬ومؤسســات‬
‫الرعايــة االجتماعيــة الخاصــة بالنســاء‪ ،‬كمــا وضــع اإلطــار القانــوين لخاليــا التكفــل بالنســاء‬
‫واألطفــال ضحايــا العنــف‪ ،‬غــر أن المقاربــة الحمائيــة الــي أكــد عليهــا القانــون يف هــذا‬
‫الشــأن‪ ،‬تعرتيهــا بعــض الصعوبــات‪ ،‬وبخاصــة فيمــا يتعلــق بالجانــب المرتبــط باإلثبــات‪،‬‬
‫بفعــل إنــكار المتهــم أو تضحيــة المــرأة بمصالحهــا وقبــول التعايــش مــع خطــر عنــف‬
‫المتهــم‪ ،‬بســبب قلــة اليــد‪ ،‬وعــدم وجــود خيــارات تدعــم مواقفهــا‪ ،‬كمــا هو األمر بالنســبة‬
‫لضعــف حالــة والديهــا‪ .‬فيمــا ن ّبــه البعــض إىل ضعــف بنيــات االســتقبال المتعلقــة‬
‫بالتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬وضعــف التمويــل المرصــود بهــذا الخصــوص ‪.‬‬

‫كمــا اعتــر بعــض المســتجوبني أنــه وعــاوة عــى تجريــم التحــرش الجنــي يف الفضــاء‬
‫العــام والعنــف اإللكــروين‪ ،‬فقــد أرىس القانــون تدابــر الحمايــة‪ ،‬والــي يمكــن التماســها‬
‫يف لك مراحــل الدعــوى‪ ،‬ثــم مأسســة التنســيق مــع هيئــات المجتمــع المــدين‪ .‬غــر أن‬
‫مــن ضمــن نقــط الضعــف الــي تــم الوقــوف عليهــا‪ ،‬هنــاك مــا يتعلــق بوســائل اإلثبــات‬
‫الــي تظــل عاجــزة عــن تحديــد طبيعــة العنــف الممــارس عــى المــرأة‪ ،‬إضافــة إىل غيــاب‬
‫التخصــص يف تتبــع ومعالجــة قضايــا العنــف القائــم عــى النــوع االجتماعــي‪.‬‬

‫أكــد عــدد مــن المســتجوبني أن ولــوج النســاء للقضــاء واالســتفادة مــن خدماتــه‪،‬‬
‫يقتــي وجــود الثقــة يف مؤسســاته مــن قبــل النســاء‪ ،‬كمــا ينبغــي توافــر إرادة للتبليــغ‪،‬‬
‫خصوصــا وأن هنــاك آليــات متعــددة متاحــة للتبليــغ‪ ،‬فيمــا عــر البعــض أيضــا عــن وجــود‬
‫مشــالك تتعلــق بعــدم التعامــل بالجديــة المطلوبــة مــع بعــض الشــكايات المقدمــة‬

‫‪23‬‬
‫بصــدد العنــف‪ ،‬أو برفــض بعــض أفــراد األرسة للجــوء إىل القضــاء‪ ،‬أو وجــود مشــكالت‬
‫فيمــا يتعلــق بإثبــات بعــض حــاالت العنــف الممــارس داخــل بيــت الزوجيــة‪ ،‬أو فيمــا يتعلــق‬
‫بعــودة الضحيــة إىل بيــت الزوجيــة بســبب تحايــل الــزوج‪ ،‬إمــا بتغيــر مــكان اإلقامــة نحــو‬
‫مســكن غــر مالئــم‪ ،‬أو بادعــاء الحاجــة والعــر‪ ،‬ودفــع الزوجــة لإلقامــة مــع عائلتــه‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬عىل مستوى آليات التكفل بالنساء‬


‫ضحايا العنف‬

‫ويف ســياق مواكبــة تفعيــل القانــون رقــم ‪ ،103.13‬ســعى المرســوم التطبيقــي لهــذا‬
‫القانــون إىل وضــع مجموعــة مــن الضوابــط المتعلقــة بآليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا‬
‫العنــف‪ ،‬عــى عــدة مســتويات نوجزهــا يف تحديد تشــكيلة اللجنــة الوطنية للتكفل بالنســاء‬
‫ضحايــا العنــف‪ ،‬وتشــكيلة الخاليــا المركزيــة والالممركزة للتكفل بالنســاء ضحايا العنف عىل‬
‫مســتوى المحاكــم ومختلــف القطاعــات الحكوميــة‪ ،‬كالعــدل والصحــة والشــباب والمرأة‬
‫والمديريــة العامــة لألمــن الوطــي‪ ،‬والقيادة العليا للدرك المليك‪ ،‬واســتكمال تأليف اللجن‬
‫الجهويــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬واللجــن المحليــة للتكفل بالنســاء ضحايــا العنف‪.‬‬

‫ومــع صــدور هــذا المرســوم أيضــا تمــت مأسســة مجموعــة مــن اللجــان والخاليــا يف‬
‫إطــار منظومــة متكاملــة تشــمل الخاليــا المؤسســاتية المركزيــة والالممركــزة للتكفــل‬
‫بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬واللجنــة الوطنيــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬وكــذا اللجــن‬
‫الجهويــة والمحليــة المعنيــة بهــذه المهمــة أيضــا‪ ،‬وتمثــل المؤسســات المتعــددة‬
‫الوظائــف للنســاء حلقــة أساســية ضمــن هــذه المنظومــة‪ ،‬يتعــن التنســيق الــكيل معهــا‬
‫يف جوانــب التكفــل والرعايــة كاإليــواء أو تقويــة القــدرات أو التمكــن االقتصــادي‪.‬‬

‫إن مــن عنــارص قــوة هــذا القانــون‪ ،‬كونــه اعتمــد يف جــزء كبــر منــه عــى المقاربــة‬
‫التشــاركية الــي تســمح بالتعامــل مــع العنــف الموجــه ضــد النســاء يف إطــار شــمويل‬
‫وبمســاهمة عــدد مــن القطاعــات والفاعلــن وبشــكل يطبعــه التعــاون والتنســيق‪.‬‬

‫إن تطبيــق القانــون عــى أحســن وجــه‪ ،‬بالصــورة الــي تضمــن تطويــر خدمــات التكفــل‬
‫بالنســاء ضحايــا العنــف‪ ،‬هــو رهــان بيــد المؤسســات والقطاعــات المعنيــة بموجــب هــذا‬
‫الترشيــع ومرســومه التطبيقــي‪ ،‬وهــو مــا يفــرض توفــر اإلمكانيــات المالية الالزمــة‪ ،‬تطوير‬
‫منهجيــة العمــل‪ ،‬وإرســاء آليــات للتقييــم وفتــح نقاشــات عموميــة‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى تــم‬
‫التأكيــد عــى أهميــة انخــراط القطــاع الخــاص والجماعــات الرتابيــة يف نبــذ العنــف‪ ،‬مــع‬
‫إحــداث خاليــا يف أوســاط العمــل‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬عىل مستوى التدابري والمبادرات‬
‫للوقاية من العنف‬

‫فيمــا الحــظ بعــض المســتجوبني أن القانــون يركــز بشــكل كبــر عــى البعــد الردعــي‪ ،‬الــذي‬
‫عــادة مــا يــأيت بعــد وقــوع الجريمــة‪ ،‬أكــر ممــا يعــى بالجانــب الوقــايئ‪ .‬واعتــر آخــرون أن‬
‫المقاربــة القانونيــة غــر كافيــة رغــم أهميتهــا‪ ،‬لذلــك ينطــوي البعــد الوقــايئ القائــم عــى‬
‫التنشــئة وترســيخ الحــوار وتجفيــف منابــع العنــف‪ ،‬عــى قــدر كبــر مــن األهميــة‪ ،‬وهــو مــا‬
‫ينبغــي أن تنخــرط فيــه لزامــا مجموعــة مــن الفعاليــات كالمؤسســات التعليميــة واإلعــام‬
‫وهيئــات المجتمــع المــدين‪ .‬وقــد تــم التأكيــد عــى أن اآلليــات واللجــان الــي أقرهــا القانون‬
‫يف هــذا الســياق‪ ،‬تتطلــب دعمــا تقنيــا ولوجيســتيا‪ ،‬مــع األخــذ بعــن االعتبــار خصوصيــة‬
‫المناطــق والفضــاء الجهــوي عــى المســتويات الثقافيــة واالجتماعيــة واالقتصاديــة‪،‬‬
‫واالشــتغال عــى التمكــن االقتصــادي للمــرأة والحد مــن الهشاشــة‪ ،‬وإذكاء الوعي داخل‬
‫المجتمع حول خطورة ظاهرة العنف‪ ،‬كما أن التوعية ينبغي أن تســتهدف الرجال أيضا‪.‬‬

‫وطرحــت أيضــا أهميــة التفاعــل اإليجــايب مــع مقرتحــات الجمعيــات النســائية‪ ،‬ومراكــز‬
‫االســتماع لضحايــا العنــف‪ ،‬إضافــة إىل تعزيــز الســبل الرتبويــة‪ ،‬مــن خالل‪ ‬الربامــج‬
‫المدرســية‪ ،‬والتوعيــة مــن داخــل األرس‪ .‬إضافــة إىل رضورة الوقــوف بشــكل جــدي‬
‫عــى الصعوبــات المطروحــة‪ ،‬ومــدى تحقيــق هــذا القانــون للغايــات المرجــوة‬
‫منــه‪ ،‬يف إطــار نقاشــات يشــارك فيهــا عــدد مــن الفاعلــن (قضــاة‪ ،‬ومحامــون‪،‬‬
‫وأســاتذة جامعيــون‪ ،‬وجمعيــات‪ .)..‬كمــا أن تعزيــز التمكــن االقتصــادي واالجتماعــي‬
‫للنســاء ومحاربــة الفــوارق االجتماعيــة بــن النســاء أنفســهن‪ ،‬وفتــح هامــش‬
‫الخدمــات المــد ّرة للدخــل يمثــل أرضيــة خصبــة لتطبيــق القانــون عــى وجــه جيــد‪.‬‬

‫وعمومــا‪ ،‬وانطالقــا مــن تتبــع تنفيــذ مقتضيــات القانــون ‪ 103.13‬عــى ضــوء المعايــر‬
‫الدوليــة وبعــض النظــم المقارنــة‪ ،‬وأخــذا بعــن االعتبــار للمقابــات الــي أجريــت مــع عــدد‬
‫مــن المتدخلــن والفاعلــن المعنيــن بتطبيقــه‪ ،‬يمكــن طــرح مجموعــة مــن الخالصــات‬
‫الــي تؤكــد عــى أهميتــه‪ ،‬والــي يمكــن أن نوجزهــا فيمــا يــي‪:‬‬

‫● ●يعكــس صــدور هــذا القانــون الرغبــة يف مواجهــة العنــف الموجــه ضــد النســاء بــكل‬
‫رصامــة‪ ،‬والحــد مــن اإلفــات مــن العقــاب؛‬
‫● ●اعتمــاده عــى المقاربــة التشــاركية الــي تســمح بالتعامــل مــع العنــف الموجــه ضــد‬
‫النســاء يف إطــار شــمويل وبمســاهمة عــدد مــن القطاعــات والفاعلــن وبشــكل‬
‫يطبعــه التعــاون والتنســيق؛‬

‫‪25‬‬
‫● ●إرســاء تعريــف شــامل وموســع للعنــف يســتحرض مظاهــره النفســية واالقتصاديــة‬
‫واالجتماعيــة؛‬
‫● ●تجريمــه لعــدد مــن أشــكال العنــف‪ ،‬ســواء يف البيــت أو يف العمــل أو يف الفضــاء‬
‫العــام‪ ،‬إضافــة إىل تجريــم التحــرش الجنــي وتشــديد العقوبــات الــواردة بشــأنه؛‬
‫● ●مواكبة اإلشكاالت اليت تطرحها التطورات التكنولوجية؛‬
‫● ●وضعــه لعقوبــات مشــددة‪ ،‬فيمــا يتعلــق باألفعــال والســلوكات العنيفــة ضــد نســاء‬
‫يف وضعيــات خاصــة؛‬
‫● ●تبــي مقاربــة شــمولية تقــوم عــى أربــع مرتكــزات مســتمدة مــن المعايــر الدوليــة‬
‫ّ‬
‫والتكفليــة؛‬ ‫هــي‪ :‬الوقائيــة والحمائيــة والزجريــة‬
‫● ●اعتماد مجموعة من التدابري واإلجراءات الحمائية يف هذا الشأن؛‬
‫● ●مأسســة مجموعــة مــن اللجــان والخاليــا يف إطــار منظومــة متكاملــة للتكفــل بالنســاء‬
‫ضحايــا العنف؛‬
‫● ●التأكيد عىل البعد الوقايئ كمدخل أسايس للحد من العنف ضد النساء‪..‬‬

‫وعــى الرغــم مــن ذلــك‪ ،‬فهناك مجموعة من المالحظــات واالنتقادات اليت اســتقيناها من‬
‫آراء مختلف الفاعلني والباحثني وفعاليات المجتمع المدين‪ ،‬واليت يمكن إجمالها فيما ييل‪:‬‬

‫● ●وجود صعوبات تعرتي إثبات الجرائم المختلفة المرتكبة ضد النساء؛‬


‫● ●وجــود غمــوض عــى مســتوى تحديــد دقيــق لبعــض المصطلحــات الــواردة يف‬
‫قانــون محاربــة العنــف أو القانــون الجنــايئ مثــل الفــرق بــن االغتصــاب وهتــك العــرض‪،‬‬
‫ومفهــوم االمعــان الــوارد يف تجريــم التحــرش الجنــي‪ ،‬ومفهــوم بيــت الزوجيــة‬
‫ومفهــوم االكــراه عــى الــزواج؛‬
‫● ●لــم يتضمــن القانــون مقتضيــات تلــزم الســلطات بتخصيــص مزيانيــة لتنفيــذ‬
‫مقتضيا تــه ؛‬
‫● ●عــدم تنصيــص القانــون عــى االلزتامــات الــي يفــرض أن يتحملها موظفو الســلطات‬
‫العموميــة يف حــال االمتنــاع عــن تنفيــذ القانــون أو عــدم التقيــد بأحكامه؛‬
‫● ●تركــز غالبيــة أفــراد العينــة عــى الجانــب الزجــري الــوارد يف قانــون ‪ 103.13‬أكــر مــن‬
‫تركزيهــم عــى جانــب الوقايــة أو الجانــب المتعلــق بتدابــر الحمايــة؛‬
‫● ●وجــود صعوبــات فيمــا يتعلــق بتطبيــق تدابــر الحمايــة بالنســبة للضحيــة‪ ،‬كمــا هــو‬
‫الشــأن بالنســبة لمنــع االتصــال بالضحيــة أو االقــراب منهــا حيــث يســتعيص تنفيــذ‬
‫هــذا التدبــر يف ظــل عــدم وجــود اطــار قانــوين ينظــم اســتعمال الســوار االلكــروين‬
‫الــذي يعتــر وســيلة ناجعــة لتطبيــق هــذا التدبــر‪ ،‬أو إخضــاع الجــاين لعــاج نفــي‬
‫يف ظــل ضعــف عــدد مراكــز العــاج النفــي الموجــودة عــى الصعيــد الوطــي‬
‫واالشــكاليات المتعلقــة بتحمــل نفقــات هــذا العــاج‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬‬
‫مظاهر التفعيل القضايئ للقانون رقم ‪103.13‬‬
‫المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‬

‫بالنظــر لإلطــار المرجعــي المعتمــد يف هــذه الدراســة‪ ،‬وأخــذا بعــن االعتبــار‬


‫للســياق الــذي تــأيت فيــه‪ ،‬وبغيــة الوصــول لألهــداف المتوخــاة منهــا‪ ،‬اعتمــدت‬
‫هــذه الدراســة عــى المنهــج القانــوين التحليــي الــذي يســتهدف تتبــع أحــكام‬
‫وقــرارات القضــاء واســتخالص مبادئهــا الهادفــة لحمايــة النســاء ضحايــا‬
‫العنــف‪ .‬ويعتــر الدفــاع عــن الحقــوق وحمايتهــا مــن لك االنتهــاكات والتجــاوزات‬
‫الــي تمــس بهــا‪ ،‬مــن أهــم األدوار الــي أصبحــت تضطلــع بهــا المحاكــم‪ ،‬ويمكــن‬
‫ّ‬
‫المعنفــة يف هــذه‬ ‫الوقــوف عــى أبــرز االجتهــادات المجســدة لحقــوق المــرأة‬
‫الدراســة‪ .‬وهكــذا ســنقف يف المبحــث األول عــى خصوصيــة اإلثبــات يف‬
‫جرائــم العنــف ضــد النســاء عــى أن نخصــص المبحــث الثــاين لتقييــم اتجاهــات‬
‫القضــاء المغــريب عــى مســتوى تطبيــق القانــون المذكــور‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬خصوصية اإلثبات يف جرائم العنف ضد النساء‬

‫وبمراجعــة االجتهــاد القضــايئ لمحاكــم الموضــوع ومحكمــة النقــض يالحــظ االعتمــاد‬


‫عــى شــهادات الضحيــة بصفــة أساســية يف اإلثبــات مــى كانــت مطابقــة لظــروف‬
‫ووقائــع النازلــة‪ ،‬إىل جانــب بــايق وســائل اإلثبــات التقليديــة المتمثلة يف االعرتاف وشــهادة‬
‫الشــهود والخــرة والقرائــن دون أن نغفــل اتجــاه القضــاء نحــو ترســيخ إجــراءات قضائيــة‬
‫متيــرة لصالــح الضحيــة يف هــذا البــاب تمســكا بالمرجعيــات الدوليــة ذات الصلــة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شهادة الضحية‬

‫يخضــع اإلثبــات أمــام القضــاء الجنــايئ لمبــدأ حريــة اإلثبــات الــذي يقــوم عــى االقتنــاع‬
‫الوجــداين للمحكمــة‪ ،‬واالســتماع للضحايــا واألخــذ بترصيحاتهــم أو بشــهادتهم أمــام‬
‫القضــاء بعكــس خصوصيــة اإلثبــات يف جرائــم العنــف ضــد النســاء‪ ،‬وهــي خصوصيــة‬
‫كرســتها االســراتيجيات‪ ‬النموذجية والتدابري‪ ‬العمليــة للقضــاء عــى العنــف ضــد المــرأة‬
‫يف مجــال منــع الجريمــة والعدالــة الجنائيــة المعتمــدة مــن قبــل الجمعيــة العامــة‬
‫لألمــم المتحــدة بموجــب قرارهــا ‪ 52/86‬المــؤرخ يف ‪ 2‬‏‪ 1‬ديســمرب‪‎1997 ‬‏‪.‬‬

‫مــن ضوابــط االعتمــاد عــى شــهادة الضحيــة عــدم تنصيبهــا كمطالبــة بالحــق المــدين‬
‫ألنهــا تكــون بهــذا االنتصــاب قــد أصبحــت طرفــا يف الدعــوى وخصمــا ال تقبــل شــهادتها‬
‫يف اإلثبــات‪ ،‬وهكــذا اســتقر اجتهــاد محكمــة النقــض عــى أنــه «ليــس مــن حــق المحكمــة‬
‫أن تعتمــد شــهادة الضحيــة بعــد أدائهــا اليمــن القانونيــة يف حني أنه تم قبــول تنصيبها‬
‫كمطالبــة بالحــق المــدين وال بــد مــن تعزيــز ترصيحــات الضحية بقرائن قويــة ومنضبطة»‪،‬‬
‫وال تعتــر ترصيحــات الضحيــة حجــة ودليــا عــى ثبــوت األفعــال موضــوع المتابعــة‬
‫يف حــق المتهــم‪ ،‬ألنهــا انتصبــت المطالبــة بالحــق المــدين وأصبحــت طرفــا يف الــزاع‪.‬‬

‫المطلب الثاين‪ :‬االعرتاف‬

‫ينــص الفصــل ‪ 293‬مــن قانــون المســطرة الجنائيــة عــى أنــه‪« :‬يخضــع االعــراف كغــره‬
‫مــن وســائل اإلثبــات للســلطة التقديريــة للقضــاة‪ .‬ال يعتد بــكل اعرتاف ثبــت انزتاعه بالعنف‬
‫أو اإلكــراه‪ .‬وعــاوة عــى ذلــك‪ ،‬يتعــرض مرتكــب العنــف أو اإلكــراه للعقوبــات المنصــوص‬
‫عليهــا يف القانــون الجنــايئ»‪ .‬ومــن المهــم اإلشــارة إىل أن اجتهــادات القضــاء المغــريب‬

‫‪29‬‬
‫تعتمــد بشــكل واســع عــى اعــراف المتهــم يف جرائــم العنــف ضــد النســاء مــى كانــت‬
‫مطابقــة لظــروف ووقائــع النازلــة ولــم يــرد مــا يشــكك أو يقــدح فيــه‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬شهادة الشهود‬

‫تعتــر الشــهادة المعــول عليهــا والمنتجــة يف الدعــوى بمثابــة اإلخبــار الــذي يرويــه‬
‫الشــاهد بصفــة قانونيــة أمــام المحكمــة عمــا عاينــه بيقــن أو أدركــه مبــارشة بحواســه‬
‫مــن حصــول واقعــة محــل إثبــات ونســبتها للفاعــل مرتكبهــا‪.‬‬

‫وتخضــع ترصيحــات األطــراف والشــهود وأقوالهــم يف ســائر مراحــل البحــث والمحاكمــة‪،‬‬


‫ومــا يعرضونــه مــن أدلــة اإلثبــات يف مجموعهــا مــن حيــث تقييمهــا وتقديرهــا لمحكمــة‬
‫الموضــوع بمــا لهــا من ســلطة‪ ،‬وتؤكد عدة اجتهادات قضائيــة لمحاكم الموضوع عىل‬
‫األخــذ بشــهادة القارصيــن والجــران واألقــارب بالنظر لخصوصية اإلثبــات يف هذه المادة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الشهادة الطبية‬

‫تعتــر الشــهادة الطبيــة وســيلة إلثبــات التعــرض العتــداء يصنــف ضمــن جرائــم العنــف‪،‬‬
‫وقــد اختلــف العمــل القضــايئ حــول حجيتهــا بشــكل مجــرد ممــا تطلــب اعتمــاد مبــدأ‬
‫تســاند األدلــة لدعــم حجيتهــا القانونيــة‪ .‬ودرج القضــاء عــى عــدم إعطــاء الشــهادة‬
‫الطبيــة أي قيمــة يف اإلثبــات إذا لــم تتعــزز بوســيلة أخــرى لإلثبــات ألن الشــهادة الطبيــة‬
‫إن كانــت تثبــت وجــود رضر فــا تثبــت العالقــة الســببية بينهــا وبــن المتهــم‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬الخربة القضائية‬

‫تعــر الخــرة كعمــل تقــي مــن عمــل أهــل الخــرة يحكــم بهــا القضــاء لتوضيــح جوانــب‬
‫رضوريــة للفصــل يف القضيــة‪ ،‬وقــد انقســم العمــل القضــايئ يف موضــوع حجيتهمــا‬
‫باختــاف ظــروف لك نازلــة عــى حــدة‪ ،‬وتحتــاج المحكمــة يف بتهــا لألمــور التقنيــة والفنيــة‬
‫لخــرة يتوالهــا ذوو االختصــاص وتخــرج عــن واليــة المحكمــة‪.‬‬

‫ولقــد تعاظمــت الحاجــة للخــرة التقنيــة والفنيــة كدليــل علمــي محايــد ومســتقل يف‬
‫مختلــف القضايــا الجنائيــة‪ ،‬لكــن يف قضايــا العنــف ضــد النســاء تبــدو الحاجــة ماســة إليهــا‪،‬‬
‫ســواء عــى مســتوى إثبــات الجرائــم أو األرضار‪ ،‬وهكــذا اعتــر القضــاء أن تقريــر الخــرة‬

‫‪30‬‬
‫المنجــزة مــن طــرف مصلحــة الــدرك الملــي واإلدارة العامــة لألمن الوطــي هو رأي تقين‬
‫مضمــن يف خــرة قضائيــة تخضــع للســلطة القضائيــة المخولــة لقضــاة الموضــوع‬
‫يف تقييــم الحجــج وترجيــح بعضهــا عــى البعــض اآلخــر‪ ،‬حينمــا اعتمــدت المحكمــة يف‬
‫اإلدانــة عــى اعــراف الطاعــن وعــى الخــرة تكــون قــد اســتعملت ســلطتها التقديريــة الــي‬
‫تعتــر مســألة واقــع ال تخضــع لرقابــة محكمــة النقــض‪.‬‬

‫ونتائــج الخــرة وإن كانــت ال تلــزم قــايض الموضــوع الزجــري بالتقيــد بفحواهــا فإنهــا‬
‫تســاعده يف االســتئناس بهــا للتحقــق بثبــوت االعتقــاد الصميــم الــذي يحكــم بــه بعــد‬
‫ثبــوت األفعــال‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬القرائن‬

‫تعــرف القرائــن بأنهــا دالئــل معلومــة وثابتــة يســتخلص منهــا القانــون أو القــايض وجــود‬
‫وقائــع مجهولــة ولالعتمــاد يف اإلدانــة عــى القرائــن ينبغــي أن تكــون هــذه األخــرة‬
‫مقبولــة ومنســجمة وســائغة وقويــة ومؤديــة للنتيجــة‪ .‬وإذا كانــت النتائــج المســتخلصة‬
‫مــن الوقائــع تخضــع يف تقديرهــا لقضــاة الموضــوع‪ ،‬فــإن قــايض النقــض لــه الرقابــة‬
‫يف هــذا المجــال يف حــدود مــا يتعلــق بســامة االســتنتاج وكونــه منطقيــا ومتناســقا‬
‫ومبنيــا عــى الجــزم واليقــن‪ ،‬وأال تحتمــل عــدة احتمــاالت وال تقبــل عــدة تأويــات‪ .‬ومــن‬
‫أجــل ذلــك يعتــر القــرار المعتمــد عليهــا وحدهــا لــم يعلــل مــا قــى بــه مــا فيــه الكفايــة‪،‬‬
‫ممــا جــاء معــه القــرار المطعــون فيــه ناقــص التعليــل نقصــا يــوازي انعــدام التعليــل‪،‬‬
‫وبالتــايل منعــدم األســاس القانــوين‪ ،‬مــا يعرضــه للنقــض واإلبطــال‪.‬‬

‫ويمكــن اســتخالص أهــم القرائــن الــي يعتمدهــا القضــاء يف التدليــل عــى قيــام عنــارص‬
‫جرائــم العنــف ضــد النســاء فيمــا يــي‪:‬‬

‫● ●عدم وجود أي عداوة بني الطرفني؛‬


‫● ●عدم وجود أي مصلحة للطرف المشتيك لتقديم الشكاية؛‬
‫● ●ثبوت تواجد الضحية والمتهم يف عني المكان أي مرسح الحادث؛‬
‫● ●معاينة آثار الرضب أو الجرح من طرف الرشطة القضائية أو القضاء؛‬
‫● ●تبادل السب والقدف؛‬
‫● ●وجود شجار أو مقدمات خصام؛‬
‫● ●تناول الخمر أو مواد مخدرة؛‬
‫● ●سبق تعنيف المشتكية ووجود محرض أو حكم أو تنازل أو إقرار سابق؛‬

‫‪31‬‬
‫● ●فــرار المتهــم عقــب حــدوث الجريمــة مــدة معينــة عــن مزنلــه وعــن عملــه إىل أن وقــع‬
‫إلقــاء القبــض عليه‪.‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬الدليل االلكرتوين‬

‫لــم يقيــد المــرع اإلثبــات أمــام القــايض الزجــري بــأي وســيلة طبقــا لمبــدأ اإلثبــات الحــر‪،‬‬
‫ويبقــى الدليــل االلكــروين بصفتــه وســيلة إثبــات الكرتونيــة غــر ماديــة تميــزا لهــا عــن‬
‫اإلثبــات المــادي العــادي الــوريق‪ ،‬دليــا معتــرا يف اإلثبــات ولــه حجيتــه يكتســيها مــن‬
‫وثوقيتــه الذاتيــة وصدقيتــه إذا كان يعكــس فعــا الحقيقــة وال تشــوبه أي شــائبة‪،‬‬
‫وتعتمــد المحاكــم الخــرة أو المعاينــة إذا لــم يطعــن فيــه بمقبــول ألنــه إذا كان األصــل‬
‫أن المحكمــة لهــا كامــل الســلطة يف تقديــر القــوة الثبوتيــة لعنــارص الدعــوى المطروحــة‬
‫أمامهــا‪ ،‬إال أن ذلــك مــروط بــأن تكــون المســألة ليســت مــن المســائل الفنيــة البحتــة‪.‬‬

‫ويمكــن اســتخالص مجموعــة مــن المبــادئ الــي أقرهــا االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة‬
‫النقــض ومحاكــم الموضــوع يف المرحلــة الالحقــة لصــدور القانــون ‪ ،103.13‬كمــا يــي‪:‬‬

‫● ●االعتماد عىل مبدأ تساند األدلة وتعاضدها يف اإلثبات؛‬


‫● ●االعتماد عىل شهادة الضحية بشكل متواتر يف اإلثبات؛‬
‫● ●اســتقرار االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة النقــض عــى عــدم األخــذ بعنــر االســتفزاز‬
‫ضــد الضحيــة يف جرائــم العنــف ضــد النســاء‪ ،‬يف مقابــل قبــول هــذه الوســيلة إذا‬
‫كانــت لصالــح المــرأة الضحيــة إقــرارا لمصلحتهــا الفضــى؛‬
‫● ●قبول شهادة القارصين والجريان واألقارب يف اإلثبات؛‬
‫● ●قبــول الشــهادة الطبيــة يف اإلثبــات واعتمــاد القرائــن المتناســقة والخاليــة مــن‬
‫االلتبــاس؛‬
‫● ●قبــول الخــرة الجينيــة يف إثبــات قضايــا االغتصــاب وهتــك العــرض بالنســبة لالجتهــاد‬
‫القضــايئ لمحاكــم الموضــوع دون محكمــة النقــض الــي قرصتهــا عــى قضايــا‬
‫الفســاد والخيانــة الزوجيــة دون غريهــا؛‬
‫● ●قبول الدليل اإللكرتوين لعلميته وحياديته وموثوقيته يف اإلثبات؛‬

‫وهكــذا تســجل الخالصــات تطــورا يف نظــر القضــاة لوســائل اإلثبــات‪ ،‬وتقييمهــا كقواعــد‬
‫إجرائيــة وتأســيس القضــاء حكمــه عليهــا يف إثبــات جرائــم العنــف ضــد النســاء يف إطــار‬
‫مبــدأي حريــة اإلثبــات والســلطة التقديريــة‪ ،‬مــع اســتحضار القواعــد الدوليــة والدســتورية‬
‫والقانونيــة المؤطــرة للحمايــة الموضوعيــة والــي ســتكون موضــوع المبحــث الثــاين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحــث الثــاين‪ :‬تقييــم لتوجهــات القضــاء بخصــوص جرائــم‬
‫العنــف ضــد النســاء‬

‫ينــص الدســتور المغــريب يف الفصــل ‪ 19‬عــى أنــه «يتمتــع الرجــل والمــرأة‪ ،‬عــى قــدم‬
‫المســاواة‪ ،‬بالحقــوق والحريــات المدنيــة والسياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة‬
‫والثقافيــة والبيئيــة‪ ،‬الــواردة يف هــذا البــاب مــن الدســتور‪ ،‬ويف مقتضياتــه األخــرى‪ ،‬وكــذا‬
‫يف االتفاقيــات والمواثيــق الدوليــة‪ ،‬كمــا صــادق عليهــا المغــرب‪ ،‬ولك ذلــك يف نطــاق‬
‫أحــكام الدســتور وثوابــت المملكــة وقوانينهــا»‪ .‬كمــا يضمــن يف فصلــه ‪ 22‬عــدم المــس‬
‫بالســامة الجســدية أو المعنويــة ألي شــخص‪ ،‬يف أي ظــرف‪ ،‬ومــن قبــل أي جهــة كانــت‪،‬‬
‫خاصــة أو عامــة‪ ،‬حمايــة للكرامــة اإلنســانية‪.‬‬

‫وإذا كانــت الســلطة القضائيــة هــي المخولــة دســتوريا مــن خــال المحاكــم بحمايــة‬
‫الحقــوق ومــن بينهــا حقــوق النســاء وصــون األمــن القضــايئ وتحقيــق العدالــة‪ ،‬فإننــا‬
‫ســنتوقف يف هــذا المبحــث عــى مرتكــزات أساســية يف تعامــل القضــاء مــع جرائــم‬
‫العنــف ضــد النســاء يف «مطلــب أول» عــى أن نخصــص «المطلــب الثــاين» لبعــض‬
‫ّ‬
‫المعنفــة‪.‬‬ ‫مظاهــر حمايــة القضــاء للمــرأة‬

‫المطلب األول‪ :‬مرتكزات يف تعامل القضاء مع جرائم العنف‬


‫ضد النساء‬

‫ســعى القضــاء المغــريب‪ ،‬مــن خــال مجموعــة مــن االجتهــادات القضائيــة الــي يمكــن‬
‫االطــاع عليهــا مــن خــال هــذه الدراســة‪ ،‬إىل صياغــة مقاربــة حمائيــة مــن خــال اعتبــار‬
‫األنــى القــارص ضحيــة وليســت جانيــة يف العديــد مــن الجرائــم لحمايــة مركزهــا تبعــا‬
‫لمصلحتهــا الفضــى؛ مقيمــا تميــزا دقيقــا ومهمــا بــن التقــايض بشــأن حقوقهــا‬
‫المدنيــة‪ ،‬وبــن التأثــر الجنــايئ للســن عــى وضعيتهــا حــى ال تتعــرض للمســؤولية الجنائيــة‬
‫ألن رضاهــا مفتقــد لكونهــا قــارص‪ .‬كمــا أن هنــاك اتجاهــا مهمــا لتشــديد العقــاب ســواء‬
‫كسياســة جنائيــة ترشيعيــة أو كمنهــج قضــايئ راســخ‪ ،‬دون أن نغفــل اإلشــارة لبعــض‬
‫حــاالت منــع ظــروف التخفيــف العقابيــة أو لعــدم اعتمــاد القضــاء عــى تنــازل الضحيــة‬
‫يف إطــار بعــض الجرائــم كمرتكــز لتخفيــض العقوبــة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المطلــب الثــاين‪ :‬بعض مظاهر حماية القضــاء للمرأة المعنفة‬

‫عمــل القانــون رقــم ‪ 103.13‬المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء عــى تجريــم أفعــال‬
‫جديــدة لــم تكــن مجرمــة؛ مــن قبيــل اإلكــراه عــى الــزواج‪ ،‬والمــس بحرمــة الحيــاة الخاصــة‪،‬‬
‫والتحــرش الجنــي يف الفضــاء العــام‪ ،‬والطرد من بيت الزوجية‪ ،‬واالمتناع عن إرجاع الزوج‬
‫المطــرود إىل بيــت الزوجيــة‪ ،‬وتبديــد ممتلــكات األرسة بســوء نيــة‪ .‬فضــا عــن تشــديده‬
‫العقوبــات عــى جرائــم أخــرى كانــت مجرمــة مــن قبــل منهــا اإلمســاك عمــدا عــن تقديــم‬
‫مســاعدة لشــخص يف خطــر أو المســاعدة عــى األعمــال التحضرييــة لالنتحــار أو غريهــا‬
‫مــن أعمــال العنــف أو الســب أو القــذف مــى ارتكــب هــذا الفعــل يف حــق امــرأة بســبب‬
‫جنســها‪ .‬وهو ما يعين توســيع نطاق تجريم العنف القائم عىل أســاس النوع االجتماعي‪.‬‬

‫وهكــذا ســنقف عــى أهــم االجتهــادات القضائيــة لمحكمــة النقض ومحاكــم الموضوع‬
‫لنعــرف مــدى مســاهمتها يف حمايــة المــرأة المعنفــة مــن مختلــف صــور العنــف ســواء‬
‫الــواردة يف القانــون الجنــايئ أو يف القانــون ‪ 103.13‬مــادام أن هــذا القانــون هــو تكملــة‬
‫للمنظومــة الجنائيــة وســنعمل عــى رصــد اإلشــكاليات القانونيــة والقضائيــة الــي‬
‫أســفرت عنهــا التطبيقــات القضائيــة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬جريمة العنف النفيس‬

‫بخصــوص العنــف النفــي‪ ،‬اعتــرت المحكمــة االبتدائيــة بفــاس يف حكــم حديــث‬


‫ومبــديئ لهــا أن ‹›قيــام المتهمــن بمنــع المشــتكية مــن التوجــه إىل مزنلهــا‪ ،‬رغبــة منهما‬
‫يف قضــاء مــا تبقــى مــن الليــل معهــا‪ ،‬دون موافقتهــا››‪ ،‬يشــكل يف حــد ذاتــه ‹›عنفــا‬
‫نفســيا يف حقهــا وذلــك بســبب جنســها بمفهــوم الفصــل األول مــن قانــون ‪103.13‬‬
‫المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء››‪.‬‬

‫وبناء عىل ذلك قضت المحكمة بمؤاخذة المتهمني من أجل المنسوب إليهما والحكم‬
‫عــى األول بالحبــس النافــذ لمــدة خمســة أشــهر وغرامــة نافــذة قدرهــا ‪ 1000‬درهــم‪،‬‬
‫والحكم عىل الثاين بالحبس النافذ لمدة ثالثة أشهر‪ ،‬وغرامة نافذة قدرها ‪ 1000‬درهم‪.7‬‬

‫‪ .7‬حكــم صــادر يف الملــف الجنحــي عــدد ‪ ،3639-2020‬منشــور بموقــع المفكــرة القانونيــة عــى الرابــط‬
‫‪https://legal-agenda.com‬‬ ‫التــايل‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬جريمة التهديد‬

‫عاقــب المــرع الجنــايئ المغــريب لك مــن هــدد بارتــكاب جنايــة ضــد األشــخاص أو األموال‬
‫وذلــك بكتابــة موقــع عليهــا أو بــدون توقيــع أو صورة أو رمز أو عالمــة (الفصل ‪ )425‬وأن‬
‫يكــون مصحوبــا باألمــر بإيــداع مبلــغ مــن المــال يف مــكان معــن أو بالقيــام بــأي رشط آخــر‪،‬‬
‫ويستوي يف ذلك أن يكون التهديد وقع شفاهيا وكان مصحوبا بأمر أو معلقا عىل رشط‪.‬‬

‫ويشــرط لتوافــر صحــة التهديــد بارتــكاب جنايــة أربعــة رشوط وهــي‪ ،‬أن يحصــل التهديــد‬
‫يف حــدود مــا نــص عليــه النــص وأن يكــون مصحوبــا بأمــر والكتابــة ثــم القصــد الجنــايئ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬جريمة عدم تقديم مساعدة لشخص يف خطر‬

‫لتحقــق عنــارص قيــام جريمــة عــدم إغاثــة شــخص يف خطــر يجــب أن يكــون الخطــر الــذي‬
‫يتعــن عــى المتابــع أن يعمــل عــى درئــه وارد يف علمــه‪.‬‬

‫وحســب مقتضيــات الفصــل ‪ 431‬مــن القانــون الجنــايئ‪ ،‬يجــب التحقــق مــن وجــود‬
‫شــخص يف خطــر‪ ،‬وأن يمســك مــن كان بإمكانــه مســاعدته إمــا بتدخــل شــخيص وإمــا‬
‫بطلــب اإلغاثــة عــن تقديــم المســاعدة‪ ،‬وأال تكــون هــذه المســاعدة محفوفــة بالخطــر‪،‬‬
‫وأن يكــون اإلمســاك عنهــا متعمــدا‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬جريمة هتك العرض‬

‫تقــوم جريمــة هتــك العــرض قانونــا مــى ارتكــب الفاعــل أي فعــل مخــل بالحيــاء يقــع عــى‬
‫جســم إنســان ويخــدش عاطفــة الحيــاء عنــده حــى وإن لــم يــرك أثــرا يف جســم المجــي‬
‫عليــه‪ ،‬وال يشــرط يف جريمــة هتــك العــرض أن تتــم المبــارشة الجنســية‪ ،‬بــل تتحقــق بمجرد‬
‫اللمــس والحركــة بمــا يمــس كرامــة الضحيــة‪.‬‬

‫ويف هــذا الصــدد جــاء يف قــرار لمحكمــة النقــض «لم يحدد القانون وســيلة إثبات جريمة‬
‫هتك العرض بالعنف ومن حق المحكمة أن تكون قناعتها من جميع الحجج المعروضة‬
‫عليهــا بمــا فيهــا شــهادة الضحيــة واعرتافــات المتهمــن أمــام الضابطــة القضائيــة»‪.8‬‬

‫‪ .8‬قــرار لمحكمــة النقــض صــادر بتاريــخ ‪ 19‬أبريــل ‪ 1990‬تحــت عــدد ‪ 367‬منشــور بمجلــة القضــاء‬
‫والقانــون عــدد ‪ 143‬ص ‪.153‬‬

‫‪35‬‬
‫وصفــوة القــول إن عــدم دقــة الترشيــع الجنــايئ المغــريب يف تميــزه بــن هتــك العــرض‬
‫بالنســبة للقــارص بــن العنــف كجنايــة وعــدم اقرتانهــا بالعنــف كجنحــة‪ ،‬رغــم أن رىض‬
‫القــارص ال يعتــد بــه‪ ،‬أرخــى بظاللــه عــى االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة النقــض ومعــه‬
‫محاكــم الموضــوع الــذي انقســم حــول الموضــوع‪ ،‬ولــم يســتقر عــى رأي موحــد‪ .‬ممــا‬
‫يتطلــب أوال تعديــا ترشيعيــا يلغــي هــذا التميــز ويقــر بحمايــة مطلقــة للقــارص‪ ،‬وثانيــا‬
‫تحقيــق األمــن القضــايئ باســتقرار محكمــة النقــض عــى اتجاههــا باعتبــار هتــك عــرض‬
‫قــارص جنايــة يف جميــع األحــوال لضمــان توحيــد االجتهــاد القضــايئ وثباتــه‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬جناية االغتصاب‬

‫اعتــرت محكمــة النقــض «أن المحكمــة أبــرزت بشــكل واضــح عنــارص جنايــة االغتصــاب‬
‫كمــا هــو منصــوص عليهــا يف المــادة ‪ 486‬مــن القانــون الجنــايئ عندمــا اعتمــدت‬
‫عــى اعــراف المتهــم التمهيــدي‪ ،‬الــذي أكــد مــن خاللــه أنــه أمــر الضحيــة بممارســة‬
‫الجنــس معــه‪ ،‬وعــى شــهادة الضحيــة الــي أفــادت أمــام المحكمــة أن المتهــم مــارس‬
‫عليهــا الجنــس دون رضاهــا‪ .‬هــذا فضــا عــى إبــراز القــرار المطعــون فيــه لظــرف التعــدد‬
‫المســتفاد مــن كــون الضحيــة تعرضــت لالغتصــاب مــن طــرف المتهمــن األول والثــاين‬
‫الــذي علــق مســاعدته للضحيــة يف الهــروب عــى رشط أن ترضــخ لرغبتــه يف ممارســة‬
‫الجنــس معــه‪ ،‬وهــو مــا اضطرهــا إىل قبــول العــرض ممــا يثبــت معــه بوضــوح انتفــاء‬
‫الرضــی‪ ،‬ممــا یکــون قضــاؤه مرتكــزا عــى أســاس‪.9‬‬

‫وهكذا أكدت محكمة النقض يف أكرث من قرار عىل‪:‬‬

‫● ●أن ترصيحــات الضحيــة ال تنهــض لوحدهــا دليــا كافيــا لمؤاخــذة المتهــم بجريمــة‬
‫االغتصــاب الناتــج عنــه افتضــاض‪.10‬‬
‫● ●أن ممارســة الجنــس عــى الضحيــة يف حالــة إغمــاء بعــد اســتدراجها باســتعمال‬
‫التهديــد‪ ،‬هــي مواقعــة بــدون رضــا الضحيــة ممــا يشــكل جنايــة االغتصــاب‪.‬‬

‫‪ .9‬قــرار صــادر عــن محكمــة النقــض بتاریــخ ‪ 25/12/13‬تحــت عــدد ‪ 1361‬يف الملــف الجنحــي عــدد‬
‫‪ 13/3/6/17436‬منشــور بمجلــة قضــاء محكمــة النقــض عــدد ‪ 78‬ص ‪ 351‬ومــا يليهــا‪.‬‬
‫‪ .10‬قــرار غرفــة الجنايــات االســتئنافية بمحكمــة االســتئناف بوجــدة تحــت عــدد ‪ 164‬بتاريــخ ‪ 26‬مــارس ‪2013‬‬
‫قضيــة عــدد ‪ 301/12‬منشــور بالمجلــة المغربيــة للقانــون الجنــايئ والعلــوم الجنائيــة العــدد األول الســنة‬
‫‪ 2014‬ص ‪ 278‬ومــا بعدهــا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫● ●أن االعــراف الجــزيئ يف جميــع مراحــل التحقيــق بممارســة الجنــس عــى الضحيــة‬
‫وإخبــار صديقــه بواقعــة اإلغمــاء والــي أكدتهــا هيئة الحكــم‪ ،‬وحجز الرشطــة لقميص‬
‫الضحيــة ملطــخ بأثــار الــدم‪ ،‬كلهــا وقائــع اســتقلت بتقديرهــا محكمــة الموضــوع‬
‫وعللــت قرارهــا تعليــا كافيــا‪.11‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬االغتصاب الزوجي‬

‫يعاقــب المــرع المغــريب عــى االغتصــاب بشــكل عــام كمــا تــم التعــرض لذلــك آنفــا‪ ،‬ولــم‬
‫يســن أي مقتــى يخــص االغتصــاب الزوجــي‪ ،‬غــر أن النــص ال يوجــد فيــه مــا يمنــع‬
‫تطبيقــه عــى المزتوجــن‪ ،‬ويف ســابقة متفــردة ووحيــدة يف العمــل القضــايئ المغــريب‪،‬‬
‫قضــت غرفــة الجنايــات االبتدائيــة بمحكمــة االســتئناف بطنجــة بمؤاخــذة زوج بجنحــة‬
‫االيــذاء العمــدي‪ ،‬ملــف جنــايئ ابتــدايئ عــدد ‪ 924‬بتاريــخ ‪ ،2-10-2018‬والمؤيــد حســب‬
‫قــرار غرفــة الجنايــات االســتئنافية عــدد ‪ 232‬يف الملــف عــدد ‪ 2612-2019-203‬بتاريــخ‬
‫‪ 9-4-2019‬بعــد إعــادة التكييــف إىل جنايــة االغتصــاب الناتــج عنــه افتضــاض‪.‬‬

‫انطلقــت غرفــة الجنايــات االســتئنافية بطنجــة مــن تعريــف االغتصــاب الزوجــي‪ ،‬بكونــه‬
‫يعــي‪« :‬إقــدام الــزوج عــى معــارشة زوجتــه بــدون رضاهــا‪ ،‬وباســتخدام اإلكــراه»‪ ،‬وأشــار‬
‫القــرار أنــه «ال يقصــد باإلكــراه‪ ،‬اإلكــراه المــادي فقــط‪ ،‬والمتمثــل يف اســتخدام القــوة‬
‫الجســدية مــن أجــل إجبــار الزوجــة عــى المعــارشة الجنســية‪ ،‬بــل أيضــا اإلكــراه المعنــوي‬
‫المتمثــل يف االبــزاز والتهديــد»‪ ،‬وكــذا ممارســة الجنــس بطــرق وأســاليب مــن شــأنها‬
‫أن تهــن المــرأة وتحــط مــن كرامتهــا»‪ .‬وأشــار القــرار بشــكل الفــت إىل مجموعــة مــن‬
‫االلزتامــات الــي يفرضهــا عقــد الــزواج‪ ،‬وأهمهــا كــون «الــزوج مدعــو لحمايــة رشيكــة‬
‫حياتــه»‪ ،‬وأن «الرابطــة الزوجيــة يجــب أن توفــر الحمايــة للزوجــة‪ ،‬وال ينبغــي أن تســتعمل‬
‫كذريعــة لمواقعتهــا بطريقــة هــي غــر راضيــة عنهــا»‪.‬‬

‫مــن جهــة ثانيــة كان الفتــا أن المحكمــة اســتندت عــى اجتهــاد القضــاء الفرنــي‪ ،‬مــن‬
‫خــال إشــارتها لقــرار محكمــة النقــض الفرنســية بتاريــخ ‪ 05/09/1990‬الــذي جــاء فيــه أن‬
‫«القانــون الجنــايئ الفرنــي يهــدف إىل حمايــة الحريــة الجنســية لــكل فــرد‪ ،‬وبالتــايل فإنــه ال‬
‫يســتثىن مــن االغتصــاب المعــارشة باإلكــراه الــي تقــع بــن شــخصني تجمعهمــا عالقــة‬
‫زوجيــة»‪ .‬وقــد عللــت المحكمــة قرارهــا باالســتعانة باجتهــاد القضــاء المقــارن‪ ،‬بكــون‬
‫القانــون الفرنــي يبقــى المصــدر التاريخــي للترشيــع الجنــايئ المغــريب‪.‬‬
‫‪ .11‬قــرار عــدد ‪ 1523‬المــؤرخ يف ‪ 29‬شــتنرب ‪ 2008‬ملــف جنحــي عــدد ‪ – 10-6-15625-08‬منشــور بمرجــع‬
‫قضــاء محكمــة النقــض المــادة الجنائيــة لمؤلفــه ذ عمــر أزوكار ص ‪ 48‬ومــا بعدهــا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وعليــه‪ ،‬خلصــت المحكمــة إىل أن اعــراف المتهــم طــوال مراحــل القضيــة بمواقعتــه‬
‫لزوجتــه بــدون رضاهــا‪ ،‬وترصيحــات الضحيــة‪ ،‬ومعاينــات الرشطــة القضائيــة لمالبــس‬
‫الضحيــة وهــي ملطخــة بالدمــاء‪ ،‬هــي معطيــات تجعــل جنايــة االغتصــاب الناتــج عنــه‬
‫افتضــاض طبقــا للفصلــن ‪ 486‬و‪ 488‬مــن القانــون الجنــايئ قائمــة‪.12‬‬

‫الفرع السابع‪ :‬جريمة الطرد من بيت الزوجية أو االمتناع عن‬


‫إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية‬

‫اعتــرت المحكمــة االبتدائيــة بقصبــة تادلــة أن «الظنــن بقيامــه عمــدا وعــن بينــة واختيار‬
‫بطــرد المشــتكية الــي تعتــر زوجتــه مــن بيــت الزوجيــة وامتناعــه عــن إرجاعهــا إليــه رغــم‬
‫أن قيــام العالقــة الزوجيــة بينهمــا يقتــي أن يعيــش الطرفــان يف نفــس البيــت وتحــت‬
‫ســقف واحــد وفــق مــا تقتضيــه المســاكنة الرشعيــة يكــون قــد أىت العنــارص التكوينيــة‬
‫لجنحــي الطــرد مــن بيــت الزوجيــة واالمتنــاع عــن إرجاعهــا إليــه كمــا هــي محــددة يف‬
‫الفصــل ‪ 480-1‬مــن القانــون الجنــايئ‪.13‬‬

‫الفرع الثامن‪ :‬جريمة اإلكراه عىل الزواج‬

‫لقــد جــرم المــرع ألول مــرة اإلكــراه عــى الــزواج مــا دام أن عقــد الــزواج عقــد رضــايئ‬
‫يقــوم عــى اإلرادة واإلجبــار يتنــاىف مــع اإلرادة الحــرة‪ ،‬ويرجع ســبب التجريــم الرتفاع ظاهرة‬
‫اإلكــراه عــى الــزواج الســيما بالنســبة للقارصيــن والبنــات منهــم عــى وجــه الخصــوص‪.‬‬
‫والمطلــوب لمعالجــة الظاهــرة هــو تجريــم زواج القــارص وليــس فقــط إكراهــه عــى الــزواج‬
‫ألن اإلكــراه يخــص الغــر وال يتعلــق بطــريف عقــد الــزواج أنفســهما‪.‬‬

‫والمالحــظ غيــاب أي عمــل قضــايئ بهــذا الخصــوص‪ ،‬طالمــا أنــه يصعــب إثبــات اإلكــراه‪،‬‬
‫فضــا عــن أن صــدور إذن قضــايئ بــزواج القــارص مانــع مــن التجريــم ألنهــا رخصــة قانونيــة‬
‫وقضائيــة تــرر الــزواج‪ .‬والمعــول عــى تدخــل ترشيعــي إلنهــاء مســألة زواج القــارص ومــن‬
‫ثــم القضــاء ولــو بشــكل نســي عــى اإلكــراه عــى الــزواج بالنســبة لهــذه الفئــة‪.‬‬

‫‪ .12‬محكمــة اســتئناف بطنجــة تجــرم رصاحــة االغتصــاب الزوجــي‪ ،‬المفكــرة القانونيــة‪ ،‬مقــال منشــور بتاريــخ‬
‫‪.19/12/2019‬‬
‫أنظر لمزيد من التفاصيل‪:‬‬
‫أنــس ســعدون‪ :‬تجريــم االغتصــاب الزوجــي يف المغــرب بــن ســكوت المــرع وتوجهــات المحاكــم‪ ،‬مقالــة‬
‫منشــورة بموقــع المفكــرة القانونيــة بتاريــخ ‪.04/02/2023‬‬
‫‪ .13‬حكم صادر بتاريخ ‪ 8-8-2019‬يف الملف عدد ‪( 188-2019‬غري منشور)‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الفرع التاسع‪ :‬جريمة تبديد أو تفويت أموال الزوجني‬
‫بسوء نية‬

‫يطــرح إشــكال التبديــد أو التفويــت إشــكاال قانونيــا دقيقــا يتعلــق بحــدود حــق المالــك‬
‫يف التــرف يف ملكــه بجميــع أنــواع الترصفــات ســواء أكانــت عوضيــة بمقابــل‪ ،‬كالبيــع‬
‫والرهــن‪ ،‬أو غــر عوضيــة كالهبــة أو الصدقــة وغريهمــا‪ ،‬طالمــا أن األمــوال موضــوع‬
‫التــرف أو التبديــد غــر محجــوزة وفقــا للفصلــن ‪ 526‬و‪ 540‬مــن القانــون الجنــايئ‪.‬‬

‫وقــد عمــل المــرع عــى تجريــم التبديــد والتفويــت الــذي يشــمل الزوجــن معــا وال‬
‫يخــص الــزوج فقــط رغــم أن الزوجــة ال تلــزم بالنفقــة اتجــاه أبنائهــا إال عنــد عــر الــزوج‪ ،‬كمــا‬
‫أنهــا قــد تتحمــل بالتعويــض عــن إنهــاء العالقــة الزوجيــة أو بســبب اقتســام الممتلــكات‪،‬‬
‫ممــا يــرر شــمول التجريــم بأفعــال الزوجــة الــي قــد تكــون ضحيــة كمــا قــد تكــون فاعلــة‪.‬‬
‫وتشــمل الحمايــة الموضوعيــة الحقــوق المرتتبــة لــكال الزوجــن أو األبنــاء نتيجــة التحايــل‬
‫عــى مقتضيــات مدونــة األرسة المتعلقــة بالنفقــة أو الســكن وبالمســتحقات المرتتبــة‬
‫عــن إنهــاء العالقــة الزوجيــة أو باقتســام الممتلــكات‪.‬‬

‫الفرع العارش‪ :‬جريمة التحرش الجنيس‬

‫أكــدت غرفــة الجنايــات االبتدائيــة بمحكمــة االســتئناف بالبيضــاء ‹›أن واقعــة التحــرش‬
‫الجنــي بالضحايــا تســندها وتدعمهــا ترصيحــات بــايق المطالبــات بالحــق المــدين وبــايق‬
‫مرصحــات المحــر اللــوايت أكــدن تعرضهــن بدورهــن ألشــكال مختلفــة مــن التحــرش‬
‫الجنــي مــن المتهــم بداخــل مكتبــه ولجوئــه لنفــس األســاليب يف اســتدراج الضحايــا‬
‫واإليقــاع بهــن ألغــراض ذات طبيعــة جنســية ومــن بينهــا اســتعمال عبــارات وترصفــات‬
‫وإيحــاءات تهــدف إىل اســتمالة الضحايــا قصــد خضوعهــن إىل ممارســاته الجنســية‪،‬‬
‫وهــو األمــر الــذي تأكــدت مــن صحتــه المحكمــة مــن خــال معاينتهــا لمجموعــة مــن‬
‫الفيديوهــات الجنســية أثنــاء عرضهــا بجلســة المحكمــة››‪ .‬وحيــث لما ذكر أعــاه فإن جنحة‬
‫التحــرش الجنــي تكــون قائمــة يف حــق المتهــم ويتعــن الترصيــح بإدانتــه مــن أجلهــا‪.14‬‬

‫‪ .14‬قرار صادر بتاريخ ‪ 10-11-2018‬يف الملف الجنايئ االبتدايئ ‪( 357-2640-2018‬غري منشور)‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفرع الحادي عرش‪ :‬التشهري والمس بالحياة الخاصة‬

‫تماشــيا مــع القواعــد الدســتورية المتصلــة بحمايــة كرامــة األشــخاص واعتبارهــم‬


‫الشــخيص بمفهــوم الســامة المعنويــة‪ ،‬وعــدم المــس بحياتهــم الخاصــة وفقــا‬
‫للفصلــن ‪ 22‬و‪ 24‬مــن الدســتور عاقــب الفصــل ‪ 1-447‬مــن القانــون الجنــايئ بالحبــس‬
‫مــن ســتة أشــهر إىل ثــاث ســنوات وغرامــة مــن ‪ 2.000‬إىل ‪ 20.000‬درهــم‪ ،‬لك مــن قــام‬
‫عمــدا‪ ،‬وبــأي وســيلة بمــا يف ذلــك األنظمــة المعلوماتيــة‪ ،‬بالتقــاط أو تســجيل أو بــث أو‬
‫توزيــع أقــوال أو معلومــات صــادرة بشــكل خــاص أو رسي‪ ،‬دون موافقــة أصحابهــا‪.‬‬

‫يعاقــب بنفــس العقوبــة‪ ،‬مــن قــام عمــدا وبــأي وســيلة‪ ،‬بتثبيــت أو تســجيل أو بــث‬
‫أو توزيــع صــورة شــخص أثنــاء تواجــده يف مــكان خــاص‪ ،‬دون موافقتــه‪ .‬كمــا ينــص‬
‫الفصــل ‪ 2-447‬مــن نفــس القانــون عــى أنــه «يعاقــب بالحبــس مــن ســنة واحــدة إىل‬
‫ثــاث ســنوات وغرامــة مــن ‪ 2.000‬إىل ‪ 20.000‬درهــم‪ ،‬لك مــن قــام بــأي وســيلة بمــا‬
‫يف ذلــك األنظمــة المعلوماتيــة‪ ،‬ببــث أو توزيــع تركيبــة مكونــة مــن أقــوال شــخص أو‬
‫صورتــه‪ ،‬دون موافقتــه‪ ،‬أو قــام ببــث أو توزيــع ادعــاءات أو وقائــع كاذبــة‪ ،‬بقصــد المــس‬
‫بالحيــاة الخاصــة لألشــخاص أو التشــهري بهــم‪».‬‬

‫واعتــرت المحكمــة االبتدائيــة بالخميســات يف تطبيقهــا لهــذا المقتــى عــى أنــه «وإن‬
‫كانــت األركان األساســية الــي ينبغــي أن تكــون متوفــرة يف األفعــال المرتكبــة والمتكونــة‬
‫أساســا مــن الركنــن المــادي کفعــل التصويــر والتســجيل والتوزيــع ورکــن معنــوي متمثلــة‬
‫يف عنــري العلــم واإلرادة‪ ،‬فــإن األمــر يتوقــف أيضــا عــى رضورة توفــر رشط آخــر أو ركــن‬
‫إضــايف جديــد ثالــث يضــاف للركنــن الســابقني لتحقــق الجريمــة وهــو عــدم موافقــة‬
‫صاحــب الصــورة أو المعلومــات الــي تــم التقاطهــا وتوزيعهــا‪ ،‬وهــو مــا تــم تضمينــه مــن‬
‫قبــل المــرع يف النصيــن عندمــا نــص رصاحــة عــى رشط «دون موافقــة أصحابهــا»‪.15‬‬

‫‪ .15‬حكــم المحكمــة االبتدائيــة بالخميســات عــدد ‪ 328‬صــادر بتاريــخ ‪ 31/12/2018‬ملــف جنحــي تلبــي اعتقــال‬
‫رقــم ‪ 297/2018:‬غــر منشــور‪ .‬يف نفــس االتجــاه قضــت المحكمــة االبتدائيــة الزجريــة بالــدار البيضــاء يف‬
‫حكمهــا عــدد ‪ 7440‬وتاريــخ ‪ 22/7/2019‬بإدانــة متهــم مــن أجــل الســب غــر العلــي والتهديــد والتحــرش‬
‫الجنــي والقيــام ببــت وتوزيــع تركيبــة مــن أقــوال شــخص وصورتــه عــر األنظمــة المعلوماتيــة قصــد‬
‫المــس بحياتــه الخاصــة والتشــهري بــه طبقــا للفصــول ‪ 429‬و‪ 447-2‬و ‪ 1-1-503‬وفــق التعديــل الــذي أدخلــه‬
‫عليهــا القانــون رقــم ‪ 13-103‬المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬ومعاقبتــه بأربعــة أشــهر حبســا نافــذا‬
‫وغرامــة نافــذة قدرهــا ‪ 7000‬درهــم مــع الصائــر واإلجبــار يف األدىن‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التدابري الحمائية‬

‫تمســكا بالمرجعيــات الدوليــة المؤطــرة لمكافحــة العنــف ضــد النســاء‪ ،‬وال ســيما مــا‬
‫نصــت عليــه االســراتجيات‪ ‬النموذجية والتدابري‪ ‬العمليــة للقضــاء عــى العنــف ضــد‬
‫المــرأة يف مجــال منــع الجريمــة والعدالــة الجنائيــة المعتمــدة مــن قبــل الجمعيــة‬
‫العامــة لألمــم المتحــدة بموجب قرارها ‪ 52/86‬المؤرخ يف ‪ 2‬‏‪ 1‬ديســمرب‪‎1997 ‬‏‪ ،‬وخصوصا‬
‫فيمــا تعلــق بــأن تكــون المحاكــم رهنــا بأحــكام الدســتور الوطــي ألي دولــة ســلطة‬
‫إصــدار أوامــر للحمايــة وأوامــر زجريــة يف قضايــا العنــف ضــد المــرأة‪ ،‬بمــا يف ذلــك إخــاء‬
‫الجــاين مــن المســكن‪ ،‬ومنــع االتصــال بالضحيــة وغريهــا مــن األطــراف المتــررة‪ ،‬داخــل‬
‫المســكن وخارجــه‪ ،‬وفــرض جــزاءات عــى اإلخــال بهــذه األوامــر؛ وإمكانيــة اتخــاذ تدابــر‬
‫عنــد االقتضــاء لضمــان ســامة الضحايــا وأرسهــن وحمايتهــن مــن التخويــف واالنتقــام؛‬
‫وأن تتــاح للمحاكــم مجموعــة كاملــة مــن الترصفــات المتعلقــة بإصــدار اﻷحــكام مــن‬
‫أجــل حمايــة الضحيــة وســائر المترضريــن والمجتمــع مــن التعــرض للمزيــد مــن العنــف؛‬
‫وضمــان وجــود تدابــر مالئمــة للقضــاء عــى مــا يرتكــب ضــد النســاء المحتجــزات‪ ،‬ﻷي‬
‫ســبب كان‪ ،‬مــن عنــف؛ ووضــع وتقييــم برامــج لمعاملــة المجرمــن تخــص مختلــف أنــواع‬
‫المجرمــن ومختلــف معالــم شــخصيات المجرمــن؛ وحمايــة ســامة الضحايــا والشــهود‬
‫قبــل اإلجــراءات الجنائيــة ويف أثنائهــا وبعدهــا‪ .‬وكذا ضمان أن تتلقى النســاء المتعرضات‬
‫للعنــف‪ ،‬مــن خــال اإلجــراءات الرســمية وغــر الرســمية‪ ،‬اﻹنصــاف العاجــل والعــادل ممــا‬
‫لحــق بهــن مــن أذى‪ ،‬بمــا يف ذلــك الحــق يف طلــب إصــاح الــرر أو طلــب التعويــض مــن‬
‫المجرمــن أو مــن الدولــة؛ وتوفــر آليــات وإجــراءات قضائيــة متيــرة تراعــي احتياجــات‬
‫النســاء المتعرضــات للعنــف تكفــل معالجــة الدعــاوى معالجــة منصفــة؛ أقــر القانــون‬
‫‪ 103.13‬طائفــة مــن التدابــر لفائــدة النســاء ضحايــا العنــف وكــذا يف حــق المعنفــن‪،‬‬
‫وهــي تدابــر تشــكل ثــورة يف المنظومــة الجنائيــة بشــقيها الموضوعــي واالجــرايئ الــي‬
‫أصبحــت تتجــاوز التجريــم والعقــاب إىل الوقايــة والحمايــة للمــرأة المعنفــة مــع تدابــر‬
‫لعــاج وإعــادة تأهيــل الشــخص المــدان‪.‬‬

‫وأوىل المــرع المغــريب أهميــة بالغــة ألهميــة التدابــر الحمائيــة المتصلــة بمســطرة‬
‫المحاكمــة بالنظــر للطابــع االجــرايئ لهــا واتصالهــا إمــا بمســألة تشــجيع الولــوج للعدالــة‬
‫كالمســاعدة القضائيــة وضمــان مســاعدة جمعيــات مختصــة بمناهضــة العنــف ضــد‬
‫النســاء أو فــرض رسيــة الجلســات‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وتــرز هنــا أهميــة بعــض التدابــر المســتحدثة ترشيعيــا الرتباطهــا الوثيــق بحمايــة الضحية‬
‫مثــل منــع المتهــم مــن االتصــال بالضحيــة‪ ،‬والعــاج النفــي لمرتكــب الجريمــة‪ ،‬وأخــرا‬
‫التعويــض المــدين كجــزاء مــدين عــى الجريمــة‪.‬‬

‫ويف إطــار تعزيــز مقتضيــات الربوتوكــول الــرايب للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف المنبثــق‬
‫عــن إعــان مراكــش ‪ 2020‬للقضــاء عــى العنــف ضــد النســاء الموقــع تحــت الرئاســة‬
‫الفعليــة لصاحبــة الســمو الملــي لــا مريــم‪ ،‬وتنفيــذا لاللزتامــات المنوطــة بالنيابــة العامة‬
‫بموجــب الربوتوكــول المذكــور وتفعيــا للقانــون رقــم ‪ 103.13‬المتعلــق بمحاربــة العنــف‬
‫ضــد النســاء‪ ،‬اتخــذت رئاســة النيابــة العامــة ومعهــا مجمــوع النيابــات العامــة بالمغــرب‬
‫مجموعــة مــن اإلجــراءات تشــكل يف الحقيقــة بالنظــر لقيمتهــا ونوعيتهــا والمجهــودات‬
‫الجبــارة المبذولــة خاللهــا ممارســات فضــى مرتبطــة إمــا بالبحــث وإعــداد اإلثبــات أو‬
‫متصلــة بالمحاكمــة والتنفيــذ‪ ،‬وتــروم جميعهــا تحقيــق المصلحــة الفضــى للمــرأة‬
‫وحمايتهــا مــن لك االعتــداءات الــي تمســها وتعــوق ممارســتها لحقوقهــا أو مصالحهــا‬
‫المحميــة قانونــا‪.‬‬

‫وهكــذا يتبــن من‪ ‬هــذا المبحــث أهميــة االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة النقــض ومحاكــم‬
‫الموضوع‪ ،‬وكــذا عمــل النيابــات العامــة تحــت إرشاف رئاســة النيابــة العامــة يف ضمــان‬
‫التطبيــق الســليم للقانــون وتفســره عــى نحــو يكفــل حمايــة إجرائيــة وموضوعية للنســاء‬
‫ضحايــا العنــف‪ ،‬وصــون حقوقهــن يف األمــن والصحــة والســامة الجســدية والكرامــة‬
‫والمســاواة وعــدم التميــز‪ .‬وقــد كشــف التطبيــق أيضــا عــن بعــض الثغــرات القانونيــة‬
‫الــي تســتدعي إصالحــا ترشيعيا‪ ،‬وفقــا لمــا ســرد بتوصيــات الدراســة كمقرتحــات ختاميــة‪،‬‬
‫لكونهــا تتجــاوز مهــام القــايض إىل مهــام المــرع تبعــا الســتقالل الســلطة القضائيــة‬
‫عــن الســلطة الترشيعيــة كمرتكــز دســتوري رســخه الفصــل ‪ 107‬مــن الدســتور‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫خالصات عامة وتوصيات‬

‫ال يمكــن إنــكار الجهــود المبذولــة يف ســبيل ضمــان تطبيــق القانــون رقــم ‪ 103.13‬عــى‬
‫أحســن وجــه‪ ،‬وبصــورة تحقــق األهــداف الــي توخاهــا المــرع‪ ،‬فيمــا يتعلــق بمواجهــة‬
‫لك مظاهــر العنــف الــي تتهــدد النســاء‪ ،‬ضمــن مقاربــة تشــاركية تجمــع بــن الجوانــب‬
‫الوقائيــة والعالجيــة‪.‬‬

‫ورغــم الجهــود المبذولــة‪ ،‬والمكتســبات الــي تحققــت بعــد صــدور هــذا القانــون‪ ،‬تشــر‬
‫الكثــر مــن التقاريــر واآلراء إىل أن الطريــق مــا زال طويــا‪ ،‬ويتطلــب بــذل مزيــد مــن العمــل‪.‬‬

‫أمــا فيمــا يتعلــق بالشــق القضــايئ‪ ،‬ومــن خــال التحليــل والتعليــق عــى العديــد مــن‬
‫األحــكام والقــرارات القضائيــة الصــادرة عــن محاكــم المملكــة بمختلــف أنواعهــا ودرجاتهــا‪،‬‬
‫يتضــح بشــكل جــي بــأن العمــل القضــايئ بالمغــرب عــرف تطــورا نوعيــا عــى مســتوى‬
‫صياغــة األحــكام والقــرارات وعــى مســتوى جودتهــا‪ ،‬ويرجــع هــذا التطــور بشــكل كبــر‬
‫لإلصالحــات الدســتورية والقانونيــة الــي عرفتهــا المملكــة المغربيــة‪ ،‬والــي أســفرت عــن‬
‫وضــع دســتور جديــد نــص عىل اســتقاللية الســلطة القضائية وعىل ضمانــات المحاكمة‬
‫العادلــة وحقــوق وحريــات المتقاضــن‪ ،‬والترصيــح بــأن دور القــايض هــو تطبيــق القانــون‬
‫وحمايــة الحقــوق والحريــات‪ ،‬فضــا عــن تزايــد االهتمــام بــدور التكويــن المســتمر للقضــاة‬
‫يف مجــال حقــوق االنســان عمومــا والحقــوق االنســانية للنســاء عــى وجــه الخصــوص‪.‬‬

‫ومــن خــال هــذا التطــور اإليجــايب الــذي ســاهمت فيــه العديــد مــن العوامــل وتدخلــت‬
‫فيــه العديــد مــن األطــراف‪ ،‬تتأكــد الخالصــات التاليــة‪:‬‬

‫● ●أن القضــاء أعطــى روحــا ونفســا إيجابيــا لمقتضيــات القانــون مــن خــال عــدد مــن‬
‫االجتهــادات؛‬
‫● ●أن صياغــة النصــوص القانونيــة تحســنت بشــكل كبــر‪ ،‬األمــر الــذي كان لــه انعــكاس‬
‫إيجــايب عــى صياغــة األحــكام والقــرارات القضائيــة؛‬
‫● ●تثمــن دور المجلــس األعــى للســلطة القضائيــة يف بــدء عمليــة نــر قــرارات محكمــة‬
‫النقــض بشــكل منتظــم يف موقعــه االلكــروين‪ ،‬وتوفــر المعلومــة القضائيــة‬
‫وتعميمهــا عــى العمــوم لتحقيــق األمــن القضــايئ والولوجيــة للقضــاء وكســب‬
‫رهــان الثقــة يف األحــكام ومؤسســة القضــاء؛‬
‫● ●دعم التكوين والتكوين المستمر للقضاة وجميع الموظفني المكلفني بإنفاذ القانون؛‬

‫‪43‬‬
‫● ●تحســن الولــوج للقضــاء بتطويــر نظــام المســاعدة القانونيــة والقضائيــة للفئــات‬
‫األكــر هشاشــة؛‬
‫● ●تطويــر دور القضــاء يف تحقيــق األمــن القضــايئ للمواطــن رهــن بتوفــر األمــن‬
‫القانــوين والقضــايئ للقــايض مــن خــال حمايــة اســتقالله المؤسســايت والفــردي؛‬
‫● ●الدفع يف اتجاه تطوير القرارات القضائية ذات الصلة بالحقوق والحريات األساسية؛‬
‫● ●توســيع دائــرة خاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف عــى امتــداد المحاكــم االبتدائيــة‬
‫واالســتئنافية والمصالــح المركزيــة والالمركزيــة‪ ،‬للقطاعــات المكلفة بالعدل والشــباب‬
‫والمــرأة وعــى كافــة أجهــزة األمــن الوطــي والــدرك الملــي‪ ،‬وتمكينهــا مــن آليــات‬
‫االشــتغال‪ ،‬وتعزيــز ســبل التواصــل بينهــا وبــن مصالــح الرشطــة القضائيــة المعنيــة‬
‫بمتابعــة الجرائــم ومرتكبيهــا؛‬
‫● ●التعامــل بالرصامــة الالزمــة مــع مختلــف الشــكايات المقدمــة للرشطــة القضائيــة‬
‫والنيابــات العامــة‪ ،‬بمــا فيهــا الشــكايات المتعلقــة بالتعــرض للتهديد‪ ..‬وتمكــن الجهات‬
‫القضائيــة الــي خــول لهــا القانــون اتخــاذ تدابــر حمائيــة لفائــدة النســاء ضحايــا العنــف‬
‫مــن اإلمكانيــات الماديــة واللوجســتيكية والبرشيــة لتيســر مهمتهــا بهــذا الخصــوص‪.‬‬

‫اســتنادا إىل لك مــا ســبق‪ ،‬فقــد خلصــت الدراســة اىل مجموعــة مــن التوصيــات‬
‫الكفيلــة بتجويــد مضامــن القانــون رقــم ‪ 103.13‬وكيفيــات تطبيقــه ونوردهــا كمــا يــي‪:‬‬

‫‪ .I‬عىل مستوى التعاريف ‪:‬‬

‫‪1.1‬أهميــة توحيــد فهــم مقتضيــات القانــون عــر تنظيــم تكوينــات لفائــدة عــدد مــن‬
‫الفاعلــن المعنيــن بتطبيقــه‪.‬‬

‫‪ .II‬عىل مستوى األحكام الزجرية والمسطرية‬

‫‪1.1‬اعتمــاد إجــراء عقــل الممتلــكات بشــكل فــوري وتخويلــه للنيابــة العامــة او قضــاء‬
‫التحقيــق والمحاكــم بحســب الحــاالت إلبطــال أي إجــراء تحايــي مــن الــزوج للتــرف‬
‫يف ممتلكاتــه‪.‬‬
‫‪2.2‬التنصيص عىل آجال محددة إلنجاز األبحاث يف شكايات العنف ضد النساء؛‬
‫‪3.3‬الــزام الرشطــة القضائيــة باالنتقــال الفــوري يف قضايــا العنــف ضــد النســاء للقيــام‬
‫باألبحــاث الالزمــة بمجــرد اإلخبــار بوقــوع اعتــداء؛‬
‫‪4.4‬إحداث رشطة قضائية متخصصة ومتفرغة يف جرائم العنف ضد النساء؛‬

‫‪44‬‬
‫‪5.5‬إحــداث أقســام جنحيــة بالمحاكــم االبتدائيــة وأقســام جنائيــة بمحاكــم االســتئناف‬
‫متخصصــة يف قضايــا العنــف ضــد النســاء عــى غــرار التجربــة االســبانية؛‬
‫‪6.6‬إحداث محاكم متخصصة للنظر يف مثل هذه الجرائم؛‬
‫‪7.7‬تخصيص هيئة جنائية يف محكمة النقض مختصة بالنظر يف هذه القضايا؛‬
‫‪8.8‬منح النساء ضحايا العنف‪ ،‬الحق يف المساعدة القضائية تلقائيا ؛‬
‫‪9.9‬تمكني الضحايا من حقهن يف االستعانة بمحام يف مرحلة البحث التمهيدي‪.‬‬
‫‪1010‬إلــزام النيابــة العامــة والمحكمــة بإشــعار الضحيــة بــكل حقوقهــا يف المســاطر‬
‫القضائيــة؛‬
‫‪1111‬التنصيــص عــى إلزاميــة االســتماع للضحايــا أمــام المحاكــم يف قاعــات خاصــة أو عــن‬
‫بعــد لتجنــب المواجهــة بينهــن وبــن المتهــم‪.‬‬
‫‪1212‬التنصيــص عــى االســتعانة بالتســجيل الســمعي البــري لتوثيــق ترصيحــات الضحيــة‬
‫مــرة واحــدة وتجنيبهــا صدمــة إعــادة تكــرار الترصيحــات عــى امتــداد إجــراءات البحــث‬
‫والتحقيــق االعــدادي والمحاكمــة‪.‬‬
‫‪1313‬اعتمــاد الســوار اإللكــروين كتدبــر مــن تدابــر الحمايــة إلعمــال المنــع مــن االتصــال أو‬
‫االقــراب مــن الضحيــة؛‬
‫‪1414‬تمكــن الجمعيــات مــن االنتصــاب كمطالــب بالحــق المــدين يف قضايــا العنــف ضــد‬
‫النســاء دون اشــراط التوفــر عــى صفــة المنفعــة العامــة أو مــي أربــع ســنوات‬
‫مــن تاريــخ التأســيس‪.‬‬

‫‪ .III‬عىل مستوى آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف‬

‫‪1.1‬وضــع معايــر محــددة لضمــان حضــور الجمعيــات الــي تشــتغل يف مجــال مناهضة‬
‫العنــف ضــد النســاء أشــغال اللجــن الجهويــة والمحليــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا‬
‫العنــف؛‬
‫‪2.2‬توفــر الــروط الماديــة واللوجســتية والبرشيــة الالزمــة الشــتغال اللجــن الجهويــة‬
‫والمحليــة وخاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف؛‬
‫‪3.3‬احــداث خاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف عــى مســتوى قطاعــات حكوميــة أخــرى‬
‫(التشــغيل والتعليــم العــايل‪.)...‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ .IV‬توصيات عامة‬

‫‪1.1‬التأكيــد عــى رضورة تعزيــز اإلمكانيــات الماليــة والتقنيــة والبرشيــة الالزمــة الكفيلــة‬
‫بتطبيــق القانــون عــى أحســن وجــه؛‬
‫‪2.2‬التأكيــد عــى رضورة إيــاء المقاربــة الوقائيــة أهميــة قصــوى ضمــن التدابــر‬
‫المتخــذة لمحاربــة العنــف الــذي يســتهدف النســاء؛‬
‫‪3.3‬أهميــة التعريــف بالقانــون بوســائل مختلفــة يف أوســاط النســاء و يف المــدارس وعــر‬
‫وســائل اإلعالم‪،‬‬
‫‪4.4‬وضــع دليــل عمــي لتطبيــق القانــون‪ ،‬والتحســيس بأهميتــه‪ ،‬والحــث عىل اســتخدامه‬
‫مــن قبــل الســلطات المعنيــة‪ ،‬وكــذا المجتمــع المــدين ومختلــف الفاعلــن المعنيني؛‬
‫‪5.5‬إنجاز دراسات وأبحاث وإحصائيات لرصد العنف الذي يستهدف النساء؛‬
‫‪6.6‬التأكيــد عــى أهميــة التمكــن االقتصــادي للمــرأة كســبيل لمحاربــة العنــف الــذي‬
‫يســتهدفها؛‬
‫‪7.7‬دعــم فــرق البحــث األمنيــة بــكل المــوارد البرشيــة والماليــة لضمــان بحــث ناجــع‬
‫وفعــال؛‬
‫‪8.8‬هيكلــة جهويــة تدعــم العمــل المركــزي لــوزارة التضامــن واإلدمــاج االجتماعــي‬
‫واألرسة يف مجــال محاربــة العنــف ضــد النســاء؛‬
‫‪9.9‬اتخــاد جميــع التدابــر واإلجــراءات لرفــع التميــز عــن النســاء يف جميــع القوانــن‬
‫والمجــاالت؛‬
‫‪1010‬وضع برامج إلعادة تأهيل وادماج الضحايا؛‬
‫‪1111‬إحــداث مراكــز تعــى بالتأهيــل النفــي للجنــاة يف قضايا العنف ضد النســاء بمناســبة‬
‫ســر المســطرة أو بعــد صــدور الحكــم أو انقضــاء العقوبــة‪ ،‬كشــكل مــن أشــكال تعزيــز‬
‫المقاربــة الشــمولية للظاهرة ومنــع تفاقمها؛‬
‫‪1212‬األخــذ بعــن االعتبــار لخصوصيــات ومعانــاة بعــض الفئــات الخاصــة كالنســاء‬
‫والفتيــات يف وضعيــة إعاقــة‪ ،‬والعامــات يف البيــوت‪ ،‬والمســنات‪ ،‬ضمــن الربامــج‬
‫والخطــط والسياســات المعتمــدة‪.‬؛‬
‫‪1313‬رضورة تأهيــل األماكــن العموميــة بالمرافــق الصحيــة والحدائــق‪ ،‬واإلنــارة‪ ،‬ونــر‬
‫كامــرات المراقبــة‬

‫‪46‬‬
‫‪1414‬إحــداث وتشــجيع العيــادات القانونيــة داخــل الفضــاء الجامعــي‪ ،‬لمــا يمكــن أن تلعبــه‬
‫مــن أدوار تأطرييــة مهمــة بالنســبة للنســاء‪ ،‬عــى مســتوى التحســيس والتوعيــة‬
‫ومنحهــن الثقــة يف أنفســهن‪ ،‬وتنويرهــن بالحقــوق؛‬
‫‪1515‬توظيــف التكنولوجيــا الحديثــة عــى مســتوى التبليــغ والمراقبــة والتحســيس‬
‫والتوجيــه‪ ،‬والولــوج إىل مختلــف الخدمــات ذات الصلــة بالموضــوع؛‬
‫‪1616‬تثمــن دور الهيئــات و المنظمــات ســواء منهــا الوطنيــة أو الدوليــة‪ ،‬يف مجــال‬
‫التعــاون والتنســيق لمواجهــة الظاهــرة؛‬
‫‪1717‬تشــجيع التعــاون الثنــايئ ومتعــدد األطــراف لتطويــر العمــل القضــايئ بالمغــرب‬
‫لحمايــة حقــوق النســاء والحقــوق والحريــات بصفــة عامــة؛‬
‫‪1818‬نهــج مقاربــة تشــاركية بــن مختلــف المتدخلــن يف إطــار مــن التكامــل والتنســيق‪،‬‬
‫لمواجهــة ظاهــرة العنــف ضــد النســاء‪.‬‬

‫‪47‬‬

You might also like