Professional Documents
Culture Documents
ملخص الدراسة 28 مارس 202 3
ملخص الدراسة 28 مارس 202 3
اﻟـــﺪراﺳــــﺔ ﺣــــﻮل
ﺗﺘﺒﻊ ﺗــﻨﻔﻴــﺬ اﻟﻘــﺎﻧــﻮن رﻗﻢ 103.13اﻟــﻤﺘﻌﻠــﻖ
ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ اﻟﻨﺴﺎء وﻣﺮﺳﻮﻣﻪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ
social.gov.ma
صاحب الجاللة الملك محمد السادس نرصه هللا
3
فهرس
تقديم 7..........................................................................................................................................
5
الفصل الثاين :مظاهر التفعيل القضايئ للقانون رقم 103.13المتعلق بمحاربة
العنف ضد النساء27................................................................................................................
6
تقديم
ال يمكــن لســامة األرسة أو المجتمــع أن تســتقيم دون االهتمــام بالمــرأة ،وتوفــر
الحمايــة الالزمــة لهــا مــن لك المخاطــر المحدقــة ،وبخاصــة عــى مســتوى العنــف الــذي
يمكــن أن يطالهــا ،وهــو مــا تناولتــه الكثــر مــن القوانــن واالتفاقيــات الدوليــة.
ّ
يمثــل شــكال مــن أشــكال التميــز وانتهــاكا لحقــوق اإلنســان ،وهــو عامــل مــن فالعنــف
عوامــل تفــكك األرسة والتأثــر الســليب عــى اســتقرارها ومكانتهــا كقنــاة للرتبيــة والتنشــئة،
كمــا ال تخفــى كلفتــه الســلبية العاليــة عــى الجهــود المبذولــة لتحقيــق التنميــة .وهــو
مــا تنبهــت لــه الكثــر مــن البلــدان والهيئــات والمنظمــات الدوليــة وفعاليــات المجتمــع
المــدين عــر العالــم ،ممــا دفــع المجتمــع الــدويل إىل القيــام بمجموعــة مــن المبــادرات
الدوليــة للحــد مــن هــذه الظاهــرة والــي اتخــذت شــكل اتفاقيــات وإعالنــات ،ســعت الكثــر
مــن الــدول إىل المصادقــة عليهــا وتضمينهــا يف دســاتريها وترشيعاتهــا المختلفــة،
وسياســاتها وبرامجهــا الحكوميــة.
ففــي المغــرب ،ظــل مطلــب إرســاء قانــون خــاص بالعنــف ضــد النســاء أمــرا ملحــا ،رفعتــه
الكثــر مــن الهيئــات الحقوقيــة ،مــع تنامــي مظاهــر العنــف المرتكبــة ضــد المــرأة ،وتشــتت
القوانــن المتعلقــة بــه بــن عــدد مــن القوانــن كالقانــون الجنــايئ وقانــون األرسة
وقانــون الشــغل ،وغريهــن وذلــك مــن منطلــق أن مصادقــة المغــرب عــى عــدد مــن
المواثيــق واالتفاقيــات الدوليــة المتعلقــة بحقــوق اإلنســان بشــكل عــام والمــرأة عــى
وجــه الخصــوص ،هــو تعبــر عــن االلــزام ببلــورة مضامينهــا عــى أرض الواقــع والســعي
لرتجمتهــا ميدانيــا يف شــكل ترشيعــات وبرامــج وسياســات عموميــة.
ويف هــذا الســياق ،صــدر القانــون رقــم 13-103المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء
بتاريــخ 22فربايــر 2018بعــد نقاشــات عموميــة واســعة ومكثفــة ســاهمت يف إغنائــه،
وبعــد مــي أكــر مــن أربــع ســنوات عــى ذلــك ،نحــاول يف هــذه الدراســة:
7
ولتحقيــق هــذه األهــداف ،تــم إجــراء مقابــات مــع عينــة مــن المعنيــن والمعنيــات
بالموضــوع (نســاء ورجــال ،باحثــون أكاديميــون ،محامــون ،فعاليــات المجتمــع المــدين
ومراكــز االســتماع التابعــة لهــا) ،مــع الرتكــز عــى جهــي الربــاط ،ســا ،القنيطــرة ،ومراكــش
آســفي ،للوقــوف عنــد مجموعــة مــن المقرتحــات الــي تســاهم يف إغنــاء الموضــوع
وتعميقــه مــن زوايــا مختلفــة ،إضافــة إىل مقابــات مــع الفاعلــن المؤسســاتيني ،ال
ســيما المنصــوص عليهــم يف القانــون 103.13ومرســومه التطبيقــي.
كمــا تــم الوقــوف عــى عــدد مــن الكتــب والدراســات واألبحــاث والرســائل واألطروحــات
الجامعيــة الــي ســاهمت يف إغنــاء النقــاش حــول هــذا القانون منذ صدوره ،واســتحضار
المعايــر الدوليــة يف هــذا الشــأن ،مــن اتفاقيــات ودالئــل وممارســات دوليــة فضــى،
وكــذا االســتئناس باالســراتيجيات والربامــج القطاعيــة الــي اعتمــدت بعــد إصــدار هــذا
القانــون ،كمــا تــم التوقــف أيضــا عنــد التوصيــات والخالصــات الــي رصدهــا التقريــر الــذي
أعدتــه اللجنــة الخاصــة بالنمــوذج التنمــوي.
يف نفــس الســياق تــم االســتئناس بنمــاذج مــن العمــل القضــايئ ،عــر تحليــل مجموعــة
مــن األحــكام الصــادرة عــن مختلــف المحاكــم المغربيــة حــول الموضــوع ،ورصــد
توجهاتهــا ،واإلشــكاالت والصعوبــات الــي ترافــق تطبيقاتهــا ،قبــل طــرح مجموعــة مــن
الخالصــات المســتفادة يف هــذا الشــأن.
واعتبــارا ألهميــة المعطيــات اإلحصائيــة حــول واقــع العنــف ضــد النســاء ،ســواء تلــك
ّ
المتضمنــة يف تقاريــر صــادرة عــن مؤسســات رســمية ،أو عــن بعــض الهيئــات المدنيــة
والحقوقيــة ،فقــد تــم أخذهــا بعــن االعتبــار لقيــاس مــدى تطــور أو تراجــع أو اســتقرار
العنــف الممــارس ضــد النســاء ،منــذ دخــول القانــون المذكــور حــز التنفيــذ وإىل حــدود
إعــداد هــذه الدراســة ،قبــل طــرح مجموعــة مــن الخالصــات والنتائــج يف هــذا الشــأن.
8
الفصل األول:
القانون رقم 103 .13المتعلق بمحاربة العنف ضد
النساء عىل ضوء الممارسة
بعــد مــي أكــر مــن أربــع ســنوات عــى إصــدار القانــون رقــم ،103.13فقــد تــم
العمــل يف هــذا الفصــل مــن الدراســة عــى رصــد وتتبــع تفعيــل مقتضياتــه
وكــذا مرســومه التطبيقــي الــذي صــادق عليــه المجلــس الحكومــي المنعقــد
بتاريــخ 28مــارس 2019ونــر يف الجريــدة الرســمية عــدد 6774الصــادرة بتاريــخ
02مــاي ،2019عــى ضــوء آراء وانطباعــات عــدد مــن المتدخلــن المعنيــن
بتطبيــق هــذا القانــون ،إىل جانــب االجتهــاد الفقهــي الــذي تجســده مواقــف
وآراء عــدد مــن الفاعلــن ،كمــا هــو الشــأن بالنســبة للمحامــن والباحثــن .كمــا
أن هــذه الدراســة تعــد فرصــة للوقــوف عــى نقــط قــوة هــذا القانــون ومــدى
مســاهمته يف الحــد مــن ظاهــرة العنــف ضــد النســاء ،عــاوة عــى رصــد
مختلــف اإلشــكاالت والنقائــص المتصلــة بتطبيقــه عــى أحســن وجــه.
المبحــث األول :القانــون رقــم 103 .13المتعلــق بمحاربــة العنــف
ضــد النســاء ،المضامــن وجهــود التزنيــل
شــكل صــدور القانــون رقــم 103.13مكســبا مهمــا عىل المســتويات الترشيعيــة والحقوقية،
بالنظــر إىل مضامينــه المتقدمــة ،واآلليــات الــي اعتمدهــا يف إطــار من الشــمولية لمحاربة
العنــف الــذي يســتهدف النســاء ،ويف هــذا اإلطــار ،ســيتم الوقــوف عنــد أهــم المقتضيــات
الــي تضمنهــا ،مــع رصــد الجهــود الــي بذلــت يف ســياق تتبــع تنفيــذه.
ال يمكــن عــزل صــدور القانــون رقــم 103.13عــن الديناميــة الــي طبعــت الحقلــن
الترشيعــي والحقــويق بالمغــرب ،عــى امتــداد العقديــن األخرييــن ،ويف هــذا الســياق،
ســيتطرق هــذا المطلــب لســياق صــدور هــذا القانــون ،ومضامينــه وأهميتــه.
وعيــا بكلفتهــا الخطــرة عــى عــدة مســتويات اقتصاديــة واجتماعيــة ونفســية ،حظيــت
قضايــا العنــف ضــد المــرأة باهتمــام كبــر مــن قبــل المــرع المغــريب ،وذلــك نابــع مــن
العنايــة الــي مــا فــئ يوليهــا صاحــب الجاللــة الملــك محمــد الســادس نــره هللا ،مــن
أجــل االرتقــاء بمكانــة المغــرب يف بالدنــا ،فدســتور المملكــة لســنة 2011أرىس مجموعــة
مــن الحقــوق والحريــات ،وأحــدث مؤسســات تعــى بهــذا الشــأن كهيئــة المناصفــة
ومكافحــة لك أشــكال التميــز (الفصــل 19مــن الدســتور) ،أو مختلــف الترشيعــات الــي
توجــت بصــدور القانــون رقــم 103.13المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء ،ومرســومه
التطبيقــي رقــم .2.18.856
يمثــل إصــدار هــذا القانــون إنجــازا يعكــس الوعــي بخطــورة الظاهــرة وبتداعياتهــا الســلبية
عــى المجتمــع برمتــه ،بالنظــر إىل مكانــة المــرأة ومــا حققتــه مــن منجــزات ومكتســبات
عــى المســتويني العلمــي والعمــي ،كمــا يشــكل إقــرارا بمســؤولية الدولــة ومختلــف
مؤسســاتها يف محاربــة الظاهــرة بقــدر مــن الرصامــة والتكامــل.
11
ولقــد جــاء القانــون يف جــزء كبــر منــه متناغمــا ومنســجما مــع توجهــات المغــرب فيمــا
يتعلــق بتعزيــز منظومــة حقــوق اإلنســان بشــكل عــام ،وكــذا المعايري الدوليــة ذات الصلة،
حيــث وردت الكثــر مــن التوصيــات الــي حملهــا دليــل الترشيعــات المتعلقــة بالعنــف
ضــد المــرأة الصــادر عــن األمــم المتحــدة ،وبخاصــة عــى مســتوى وضــع إطــار محــدد
لمفهــوم العنــف وأشــكاله ســواء كان جســديا أو نفســيا أو اقتصاديــا أو جنســيا أو غــر
ذلــك ،يمثــل أرضيــة لعــدد مــن الفاعلــن لتحديــده وتميــزه ،وكــذا تجريــم مجموعــة مــن
الســلوكات واألفعــال الــي تــم إدراجهــا ضمــن خانــة العنــف والــي يمكــن أن تكــون المــرأة
ضحيــة لهــا ســواء يف البيــت أو يف العمــل أو يف الفضــاء العــام ،إضافــة إىل تجريــم
التحــرش الجنــي وتشــديد العقوبــات الــواردة بشــأنه.
عــى مســتوى التعاريــف ،حــرص القانــون عــى تقديــم مجموعــة مــن التعريفــات
المتعلقــة بالعنــف ضــد النســاء مــن أجــل تطبيــق أحكامــه عــى وجــه ســليم ،حيــث
أعطــى تعريفــا شــامال وموســعا للعنــف يســتحرض مظاهــره النفســية واالقتصاديــة
واالجتماعيــة ،ممــا ســيمكن مــن تشــديد الخنــاق عــى المعتديــن ،ويحــول دون حــدوث
تضــارب عنــد التأويــات.
وعالقــة باألحــكام الزجريــة ،جــرم القانــون التحــرش بــكل أشــكاله ،كمــا جــرم عــددا مــن
األفعــال والترصفــات الــي لــم تكــن كذلــك يف الســابق ،كمــا أتــاح تجريــم مجموعــة مــن
الســلوكات الــي تمثــل عنفــا ضــد المــرأة ،والتنصيــص عــى جرائــم جديــدة ،كمــا هــو األمــر
بالنســبة لإلكــراه عــى الــزواج ،كمــا تــم تجريم التحــرش الجنيس يف األماكــن العمومية ويف
الفضــاء الرقمــي ،فيمــا تــم تشــديد عــدد مــن العقوبــات ،المتعلقــة بأنــواع مختلفــة مــن
العنــف األرسي ،وكذلــك فيمــا يتعلــق بســلوكات مرتكبــة ضــد فئــات خاصــة مــن النســاء،
كالمــرأة يف وضعيــة إعاقــة ،أو المــرأة الحامــل أو الزوجــة أو المطلقــة.
12
أمــا فيمــا يتعلــق بآليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،فقــد عمــل القانــون
رقــم 103.13عــى مأسســة آليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف وحــدد المرســوم
التطبيقــي رقــم 2.18.856المقتضيــات التنظيميــة الــي تخــص هــذه اآلليــات الــي
يســاهم فيهــا عــدد مــن الفاعلــن عــى المســتويني الوطــي والجهــوي والمحــي ،ويمكن
إجمــال هــذه اآلليــات يف اللجنــة الوطنيــة للتكفــل بالنســاء ضحايا العنف ،واللجــن الجهوية
للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،واللجــن المحليــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،وخاليــا
التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف.
أمــا عــى مســتوى التدابــر والمبــادرات للوقايــة مــن العنــف ،فقــد أكــد
القانــون عــى إرســاء تدابــر وقائيــة للحــد مــن العنــف ضــد النســاء إىل جانــب الســبل
العالجيــة ،مــع التأكيــد عــى البعــد التوعــوي والرتبــوي يف هذا الشــأن ،والســعي إىل بلورة
وتنفيــذ اســراتيجيات برامــج للتحســيس بخطــورة العنــف ضــد النســاء ،وإىل اعتمــاد تدابري
وقائيــة تدعــم إذكاء الوعــي بهــذا الموضــوع ،وترســيخ ثقافــة حقــوق اإلنســان بشــكل
عــام ،واحــرام حقــوق المــرأة عــى وجــه الخصــوص ،وإرســاء مبــادرات تدعــم تصحيــح
صــورة المــرأة داخــل المجتمــع وتجــاوز الصــور النمطيــة المتعلقــة بهــا.
يف الوقــت الــذي جــاء فيــه القانــون بصيغتــه النهائيــة ،كنتــاج لمشــاورات واســعة ،وثمــرة
نقاشــات عموميــة واســعة ،بــدا أن هــذا الترشيــع نفســه ،اســتحرض المقاربــة التشــاركية
الــي تمثــل أحــد المبــادئ األساســية الــي يؤكــد عليهــا الدســتور.
13
الفرع األول :جهود المتدخلني الرسميني
تعتــر الدولــة هــي الفاعــل األســايس فيمــا يتعلــق ببلــورة االســراتيجيات والسياســات
العموميــة وســن القوانــن ذات الصلــة بحقــوق اإلنســان بشــكل عــام ،والمــرأة عــى
وجــه الخصــوص يف ارتبــاط ذلــك بمحاربــة العنــف الموجــه ضــد النســاء ،ومــن تــم كان
لزامــا يف هــذه الدراســة الوقــوف عنــد الجهــود والمكتســبات الــي تــم تحقيقهــا يف
هــذا الخصــوص ،بــن مختلــف القطاعــات الحكوميــة ،مــع رصــد التحديــات واالختــاالت
القائمــة يف هــذا الشــأن ،والوقــوف عنــد أهــم المقرتحــات والتوصيــات الكفيلــة بتطويــر
القانــون ومواكبــة مختلــف التطــورات واإلشــكاالت.
ولــم تحــل ظــروف جائحــة كوفيــد 19دون اســتمرار عمــل النيابــة العامــة عــى مســتوى
تلقــي الشــكايات وتتبــع القضايــا ذات الصلــة ،عــن طريــق األرقــام الهاتفيــة المخصصــة
للشــكايات بالنيابــات العامــة لــدى مختلــف محاكــم المملكــة ،كمــا فتحــت إمكانيــة التبليــغ
عــن طريــق الشــكاية اإللكرتونيــة عــر الربيــد اإللكــروين ،plaintes@pmp.ma :وكذلــك
المنصــة اإللكرتونيــة الخاصــة بتلقــي شــكايات العنــف ضــد النســاء ،2وكــذا المنصــة
3
الهاتفيــة «كلنــا معــك» لالســتماع والدعــم لفائــدة النســاء والفتيــات يف وضعيــة هشــة
الــي أحدثهــا االتحــاد الوطــي لنســاء المغــرب بتاريــخ 29ينايــر .2020
.1جــاء ذلــك يف كلمــة الســيد رئيــس النيابــة العامــة ،خــال تــرأس يــوم درايس نظــم بالربــاط ،حــول تعزيــز دور
قضــاة النيابــة العامــة يف مجــال مكافحــة العنــف ضــد النســاء والعنــف المــزيل ،يــوم الثالثــاء 09مــارس
،2021انظــر نــص الكلمــة عــى الموقــع اإللكــروين لرئاســة النيابــة العامــة ،بتاريــخ 17مــارس ،2021عــى الرابــط:
https://cutt.us/3q2UF
.2وذلك عرب الرابط/https://vcfemme.pmp.ma :
.3لمزيــد مــن التفاصيــل يف هــذا الخصــوص ،يراجــع الموقــع اإللكــروين لالتحــاد الوطــي لنســاء المغــرب،
https://www.unfm.ma/afficherArticle/id202002110137 -- عــى الرابــط:
14
وقــد بلــغ عــدد شــكايات العنــف ضــد النســاء الــي ســجلت النيابــات العامــة بمختلــف
محاكــم المملكــة خــال ســنة 2020مــا مجموعــه 64251شــكاية ،موزعــة بــن 53552
شــكاية عاديــة ،و 10699إلكرتونيــة.4
كمــا نظمــت الــوزارة برشاكــة مــع صنــدوق األمــم المتحــدة للســكان برنامــج التكويــن
لفائــدة المــوارد البرشيــة العاملــة يف سلســلة التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف امتــد
عــى ثــاث ســنوات ويتضمــن 39وحــدة موزعــة عــى أربــع مجموعــات ذات الصلــة
بالمواكبــة والخدمــات األساســية ،الحكامــة والتســيري ،التفعيــل والدعــم ،التقييــم
15
والتنميــة الذاتيــة .وقــد اســتفاد مــن الســلك األول مــن التكويــن مـــا يقـــارب 450
مســـتفيدة ومســـتفيد يمثلون المؤسسات متعـــددة الوظائـــف والجمعيـــات ومراكـــز
االســتماع الرشيكــة وغريهــا ،واســـتمر هـــذا التكويـــن مـــن 14إىل 18دجنــر .2020بينمــا
شــملت الــدورة التكوينيــة الثانيــة ،مــا يناهــز 1369مســتفيد(ة) وتمحــورت حــول تعزيــز
التمكــن مــن اإلطــار المعيــاري والقانــوين لحقــوق المــرأة عــى المســتوى الوطــي
وتعزيــز المهــارات المتعلقــة بمهــن التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،كمــا ركــزت هــذه
الــدورة عــى مواكبــة المــوارد البرشيــة العاملــة يف سلســلة رعايــة النســاء ضحايــا
العنــف مــن أجــل القيــام بمهامهــن بمهنيــة واحرتافيــة.
وقــد واكبــت وزارة العــدل صــدور القانــون رقــم ،103.13وســعت إىل تطبيــق
مقتضياتــه بشــكل ســليم ،ســواء عــى مســتوى الســعي إىل تعزيــز مكانــة المــرأة يف
المجتمــع وتمكينهــا مــن حقوقهــا ،أو مــن خــال وضــع مخطــط إصــاح؛ يهــدف إرســاء
خطــة عمــل للتكفــل بالنســاء ،عــر إحــداث خاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف بمختلــف
المحاكــم المغربيــة ،وقــد أكــد الســيد وزيــر العــدل خــال تدخلــه يف اللقــاء التقييمــي
الــذي نظمتــه رئاســة النيابــة العامــة ،حــول تتبع تنفيــذ الربوتوكــول الرتايب للتكفل بالنســاء
ضحايــا العنــف المنبثــق عــن إعــان مراكــش ،2020بتاريــخ فاتــح يونيــو 2022بالربــاط ،عــى
الــزام الدولــة المغربيــة بتنفيــذ الزتاماتهــا الوطنيــة والدوليــة يف مجــال حمايــة حقــوق
النســاء ،بصفــة عامــة ،والنســاء ضحايــا العنــف عــى وجــه الخصــوص.
وظلــت الــوزارة راعيــة لمختلــف الجهــود والترشيعــات الــي ســعت إىل تعزيــز مكانــة المــرأة
داخــل المجتمــع ،كمــا ظلــت منفتحــة عــى عــدد مــن االقرتاحــات والمشــاريع الصــادرة
عــن هيئــات المجتمــع المــدين ذات الصلــة.
ونفــس األمــر ينطبــق عــى مصالــح الــدرك الملــي الــي عملــت بشــكل كبــر عــى
تطبيــق مقتضيــات القانــون رقــم ،103.13عــى المســتوى المركــزي وعــى مســتويات
مصالحهــا عــى امتــداد الــراب الوطــي ،يف إطار مقاربــات وقائية وتشــاركية وبيداغوجية،
عــن طريــق تمكــن المــرأة لمقومــات تدعــم الحــد مــن الظاهــرة ،وهــو مــا وقفنــا عليــه
16
مــن خــال المقابلــة الــي أجريناهــا مــع إطــار عــال بالقيــادة العليــا للــدرك الملــي.
كمــا حرصــت المديريــة العامــة لألمــن الوطــي عــى االنخــراط العمــي يف
السياســات العموميــة المعتمــدة يف هذا المجــال منذ فرتات مبكرة ،حيث أحدثت آليات
مؤسســاتية لتتبــع تنفيــذ االســراتيجية الوطنيــة لمحاربة العنف ضد النســاء ،كما وقعت
اتفاقيــة رشاكــة مــع كتابــة الدولــة المكلفــة بــاألرسة ســابقا ،بشــأن الرقــم الوطــي األخــر
للتبليــغ عــن شــكايات العنــف الممــارس ضــد الفتيــات والنســاء ،عــاوة عــى تعزيــز النظــام
المعلومايت المحدث سابقا ،ألجل تجميع اإلحصائيات والمعطيات المتعلقة بالظاهرة.
وفــور دخــول القانــون حــز التنفيــذ ،تمــت بلــورة تصــور لتزنيلــه تبعــا لتدخــل القطــاع ،مــع
العضويــة يف اللجنــة الوطنيــة ،وخلــق خليــة مركزيــة لمتابعــة الموضــوع ،يف انســجام تــام
مــع مقتضيــات القانــون رقــم 103.13ومرســومه التطبيقــي ،وعىل المســتوى الالممركز،
فالــوزارة تعــد مــن بــن أهــم القطاعــات الملزمــة بتزنيــل القانــون عــى مســتوى الجهــات
والمديريــات اإلقليميــة.
أمــا اللجنــة الوطنيــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،الــي تــم تنصيبهــا
بتاريــخ 05شــتنرب ،2019فتتــوىل ممارســة عــدة مهــام مــن بينهــا:
17
● ●تقويــة وتفعيــل آليــات الرشاكــة والتعــاون بــن اللجــن الجهويــة واللجــن المحليــة
وجمعيــات المجتمــع المــدين وبــايق المتدخلــن.
● ●إصدار تقرير سنوي عن حصيلة العمل.
كمــا أرشفــت الــوزارة يف دجنــر 2022عــى توقيع 83اتفاقية رشاكة مــع الجمعيات
العاملــة يف مجــال العنــف ،لتســيري المؤسســات الخاصــة بإيــواء النســاء والفتيــات ضحايــا
18
العنــف ،وذلــك يف إطــار تفعيــل الزتاماتهــا يف «إعــان مراكــش »2020للقضــاء
عــى العنــف ضــد النســاء والفتيــات ،الســيما االلــزام األول والمتمثــل يف «توفــر 83
مركــزا الســتقبال وإيــواء النســاء ضحايــا العنــف» ،وهــو مــا مكــن اليــوم
مــن إحــداث وتأهيــل مركــز واحــد عــى االقــل بــكل إقليــم وعمالــة ،يوفــر خدمــة اإليــواء
للنســاء ضحايــا العنــف ،وتتمثــل المهمــة األساســية للمؤسســات المتعــددة
الوظائــف للنســاء يف اســتقبال النســاء يف وضعيــة صعبــة ،وتقديــم ســلة مــن الخدمات
االجتماعيــة لفائــدة هــذه الفئــة مــن النســاء ،وخاصــة المســاهمة يف التكفــل بالنســاء
والفتيــات ضحايــا العنــف ،والعمل عىل إدماجهن اقتصاديــا واجتماعيا ومحاربة االقصاء
االجتماعــي وكافــة أشــكال التميــز القائــم عــى النــوع االجتماعــي .و تعتــر هــذه المراكــز
حلقــة مهمــة جــدا وأساســية يف سلســلة التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،تشــتغل يف
تنســيق تــام مــع المحيــط المؤسســايت لتحقيــق الحمايــة الفوريــة للفئــة المســتهدفة.
إىل جانــب المقابــات الــي أجريناهــا مــع عــدد مــن المتدخلــن الرســميني يف إطــار تفعيــل
القانــون رقــم ،103.13وكــذا االطــاع عــى عــدد مــن التقاريــر الصــادرة يف هــذا الخصــوص،
ورغبة يف إغناء النقاش ،ورســم صورة متكاملة وموضوعية ،تتيح الوقوف عىل عدد من
اإلشــكاالت ،وطــرح مجموعــة مــن التوصيــات ،قمنــا بإجــراء مقابــات مــع عــدد مــن النســاء
والرجــال ،ومــع شــبكات مــن المجتمــع المــدين ،ومــع عــدد مــن األســاتذة الباحثــن ،كمــا تــم
اســتحضار مجموعة من الكتب والدراســات اليت طرحها عدد من الباحثني يف هذا الســياق.
تــم القيــام بمقابــات مــع عينــة محــدودة مــن الرجــال والنســاء ،وذلــك رغبــة يف الوقــوف
عنــد جانــب مهــم مــن تطبيقــات القانــون ،ويتعلــق األمــر بالجانــب التواصــي والتوعــوي،
ومــا إذا كان هنــاك علــم بوجــود القانــون ،ومــدى انعكاســه عــى تعزيــز ثقتهــم يف اللجــوء
إىل القضــاء ،ويف الحــد مــن الممارســات العنيفــة الــي تســتهدف النســاء.
ومــن خــال تقييــم مجمــل هــذه المقابــات تبــن أن جهــل بعــض النســاء بالقانــون
يفـ ّ
ـوت عليهــن الكثــر مــن الحقــوق الــي تضمــن لهــن كرامتهــن ،كمــا ال تخفــى أهميــة
الوقــوف عــى اإلشــكاالت االجتماعيــة المتصلــة بالجهــل بوجــود هــذا القانــون واألميــة
والفقــر يف تعميــق معانــاة النســاء بهــذا الخصــوص ،بمــا يوفــر الرتبــة الخصبــة الســتمرار
وتنامــي الظاهــرة.
19
كمــا أن هنــاك الكثــر مــن الرجــال مــا زالــوا يجهلــون مقتضيــات القانــون ،فيمــا يظهــر أن
هنــاك مــن يط ّبــع منهــم مــع الظاهــرة العتبــارات الثقافــة التقليديــة الموروثــة ،ممــا
يجعلهــم مســتعدين الرتــكاب ســلوكيات مجرمــة بحكــم القانــون ،ويعــرض النســاء لمزيــد
مــن الممارســات العنيفــة بــكل أشــكالها.
ومــن جهــة أخــرى ،تــم عقــد لقــاءات مــع ع ّينــة لمراكــز االســتماع التابعــة للجمعيــات
الــي تنتــر يف عــدد مــن المناطق الحرضية والقروية عىل امتــداد الرتاب الوطين ،وعادة
مــا تقــدم خدماتهــا باالســتعانة بمســاعدات مهمتهــن االســتماع للضحايــا ،إضافــة إىل
مستشــارين يف المجــال القانــوين ومتخصصــن يف الطــب النفــي ،وتشــتغل هــذه
المراكــز يف إطــار رشاكات تعقدهــا مع عدد من الفاعلني ،وتنظم مجموعة من اللقاءات
التحسيســية والتكوينيــة وتصــدر تقاريــر وإحصائيــات يف هــذ الخصــوص ،بغية كســب هذا
الرهــان المجتمعــي ،وهــو مــا وقفنــا عليــه مــن خــال مقابــات أجريــت هــذا الخصــوص.
ويســتأثر المحامــون بــدور أســايس يف تطبيــق هــذا القانــون ،وبحكــم احتكاكهــم مــع
المتقاضــن والمتقاضيــات ،واالطــاع عــى الحــاالت المتعلقــة بالعنــف ،وبالمســاطر
القانونيــة ذات الصلــة .إن اســتحضار وجهــات نظرهــم هــؤالء الفاعلــن ،ينطــوي عــى
قــدر كبــر مــن األهميــة ،عــى مســتوى إغنــاء هــذه الدراســة بمختلــف اآلراء والمواقــف
المتعلقــة بالقانــون عــى ضــوء التطبيــق.
كمــا يلعــب المجتمــع المــدين المهتــم بقضايــا النســاء أدوارا مهمة لتعزيــز حقوقهن
والدفــاع عــن كرامتهــن ،وحمايتهــن مــن مختلــف أشــكال العنــف الــي قد يتعرضــن لها يف
العمل أو يف المزنل أو يف غريهما من األماكن .وترتكز هذه الدراسة عىل مقابلة شملت
العديــد مــن فعاليــات المجتمــع المــدين المهتمــة بمناهضــة العنــف بــكل أشــكاله ضــد
المــرأة ،وقــد أبــدت العديــد مــن الجمعيــات تجاوبــا مــع األســئلة الموجهــة إليهــا ،بل هناك
مــن زودتنــا بتقاريــر ومنشــورات هامــة أرشفــت عليها ،فيمــا قمنا أيضا باالطــاع عىل تقارير
ومعطيــات منشــورة لعــدد مــن هــذه الجمعيــات تتعلــق بموضــوع العنف ضد النســاء،
ووقفنــا فيهــا عــى مختلف اآلراء والتوصيات اليت ســعينا الســتحضارها يف هذا الدراســة.
ويمثــل البحــث العلمــي أحــد الروافــد الهامــة الــي تســهم يف عقلنــة السياســات
العموميــة ،وإغنــاء النقاشــات بصــدد عــدد مــن القضايــا الــي تهــم المجتمــع ،ويف هــذا
الصــدد ال تخفــى أهميــة األبحــاث والدراســات والمؤلفــات ومخرجــات النــدوات واللقاءات
الــي يــرف عليهــا الباحثــون يف مختلــف الجامعــات المغربيــة ،حــول موضــوع العنــف
ضــد النســاء ،بشــكل عــام ،والجوانــب القانونيــة المتصلــة بــه بشــكل خاص .لذلــك ،كان من
20
الــازم الوقــوف عنــد آراء هــذه الفئــة اليت تغين بآرائها ونقاشــاتها وتوصياتهــا االجتهادات
الفقهيــة يف ارتباطهــا بالموضــوع ،ســواء مــن خــال االســتئناس بعــدد مــن الكتابــات
والمؤلفات الواردة بهذا الخصوص ،أو من خالل إجراء مقابالت مع عدد من األســاتذة
الباحثــن مــن مختلــف الجامعــات المغربيــة ،تــم الوقــوف خاللهــا عــى عــدد مــن النقــط
المتعلقــة بالموضــوع ،والــي ســنحرص عــى طرحهــا مجتمعــة ضمــن هــذا المطلــب.
ّ
محــك التطبيــق هــو الكفيــل بإبــراز أهميــة النــص القانــوين وحــدود تعاطيــه ّ
يظــل
بشــمولية مــع الظاهــرة ،ويف هــذا الســياق ســينصب هــذا الجــزء مــن الدراســة عــى
تنــاول آراء عــدد مــن المؤسســات والفاعلــن المعنيــن ،واســتحضار دليــل الترشيعــات
المتعلقــة بالعنــف ضــد المــرأة ،الصــادر عن األمــم المتحدة .وألجل الوقــوف عىل حدود
التناغــم واالنســجام بــن القانــون رقــم 103.13ومضامــن الدليــل ،واســتقاء معطيــات
وتصــورات أكــر وضوحــا وموضوعيــة ،تقــف عنــد الصعوبــات المطروحــة يف هــذا اإلطار،
إضافــة إىل االقرتاحــات والتوصيــات الــي مــن شــأنها تعزيــز هــذه الحمايــة وتطويرهــا.
ويف هــذا الســياق ،ســتأخذ المالحظــات الــي اســتقيناها مــن عــدد مــن الفاعلــن جوانــب
مختلفــة ،تبعــا للتبويــب الــذي اعتمــده القانــون رقــم 103.13نفســه (التعاريــف ،األحــكام
الزجريــة ،األحــكام المســطرية ،آليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،التدابــر والمبــادرات
للوقايــة مــن العنــف).
تضمــن القانــون رقــم 103.13الكثــر مــن التوصيــات الــي حملهــا دليــل الترشيعــات
المتعلقــة بالعنــف ضــد المــرأة الصــادر عــن األمــم المتحــدة ،وبخاصــة عــى مســتوى
وضــع إطــار محــدد لمفهــوم العنــف وأشــكاله ســواء كان جســديا أو نفســيا أو اقتصاديــا
أو جنســيا ،..وهــو مــا يمثــل أرضيــة لعــدد مــن الفاعلــن لتحديــده وتميــزه ،وكــذا تجريــم
مجموعــة مــن الســلوكات واألفعــال الــي تــم إدراجهــا ضمــن خانــة العنــف ،والــي يمكــن
أن تكــون المــرأة ضحيــة لهــا ،ســواء يف البيــت أو يف العمــل أو يف الفضــاء العــام ،إضافة
إىل تجريــم التحــرش الجنــي وتشــديد العقوبــات الــواردة بشــأنه.
21
وبذلــك فقــد وضــع القانون إطارا أساســيا لالشــتغال عىل التنســيق والتكامل بني مختلف
المصالــح ،وســمح بتجــاوز الفــراغ القانــوين ،وخصوصا فيمــا يتعلق بتحديد أنــواع العنف،
ممــا ســهل العمــل وحســم مــع عــدد مــن المشــالك الــي كانــت تطــرح بهــذا الخصــوص.
فيمــا اعتــر البعــض أن تعريــف العنــف ال يتطابــق يف بعــض جوانبــه مــع التعريــف الــوارد
باتفاقيــة القضــاء عــى العنــف ضــد النســاء ،إضافــة إىل كونــه غــر قابــل للتطبيــق
وغــر مفــي للحمايــة المطلوبــة مــن الناحيــة المســطرية يف بعــض مقتضياتــه،
كتلــك المتعلقــة بالعنــف ببيــت الزوجيــة أو ببيــوت إقامــة الطرفــن ..فيمــا ن ّبــه آخــرون
إىل القصــور الحاصــل عــى مســتوى عــدم تحديــد دقيــق لعــدد مــن المصطلحــات
والمفاهيــم المتكــررة يف القانــون ،كمــا هــو األمــر بالنســبة للمــرأة ،والقــارص ،والطفــل،
والضعــف والتميــز ،والنــوع االجتماعــي..
ّ
أكــد عــدد مــن المســتجوبني يف معــرض الحديــث عــن القانــون رقــم 103.13عــى
أهميتــه ،وبأنــه وبالنظــر للعقوبــات الزجريــة الــي حملهــا يمكنــه أن يخفــف مــن معانــاة
النســاء ضحايــا العنــف ،ويــردع الذيــن يفكــرون يف ارتكابــه.
فقــد عمــل هــذا القانــون عــى تجريــم مجموعــة مــن األفعــال الــي لــم تكــن كذلــك،
بالرغــم مــن الخطــورة الــي تكتنفهــا واألرضار المختلفــة الــي تتســبب فيهــا بالنســبة
للضحايــا ،ويمكــن اإلشــارة هنــا إىل المســتجدات المتعلقــة بالحمايــة الجنائيــة لــأرسة مــن
مختلــف مظاهــر العنــف ،كمــا هــو األمــر بالنســبة لتجريــم اإلكــراه عــى الــزواج الــذي غالبا ما
يســتهدف القــارصات ،وكــذا طــرد الزوجــة مــن بيــت الزوجيــة وامتنــاع الــزوج عــن إرجاعهــا،
ثــم تجريــم التحايــل عــى عــدد مــن مقتضيــات مدونــة األرسة المتعلقة بالنفقة والســكن
والمســتحقات المرتتبــة عــن إنهــاء العالقــة الزوجيــة ،واقتســام األمــوال ،وتبديــد أمــوال
األرسة بغايــة حرمــان الزوجــة مــن حقوقهــا ،وبذلــك فقــد حـ ّ
ـدد أنــواع العنــف وأشــكاله
بصــورة شــبه متكاملــة ،حيــث تــم تعريــف العنــف ضــد المــرأة ،والعنــف النفــي والعنــف
االقتصــادي ،كمــا عــرف التحــرش الجنــي.
ويمثــل القانــون يف مضمونــه ،نقــط قــوة ،فيمــا يتعلــق بتحقيــق الــردع العــام ،وتحصني
بعــض الوضعيــات ومــلء فراغــات قائمــة ،يف نصــوص ســابقة كمدونــة األرسة .واعتــر
عــدد مــن المســتجوبني أن القانــون أفــرد للمتحرشــن أو المعنفــن للمــرأة بالشــارع العام
ويف فضاءات العمل ،عقوبات تعترب يف الوقت الحايل رضورية لكون العديد من النساء
22
كانت لهن شكاوى عديدة بهذا الخصوص .كما ساهم يف توفري قدر من الثقة واألمان
للمــرأة عــى مســتوى التجــول والتبضــع يف الفضــاءات العامــة دون أن يلحقهــا أذى.
ومــع ذلــك ،يــرى عــدد مــن المســتجوبني أن المــرع اختــار الطريقــة التقليديــة يف
محاربــة جريمــة العنــف ضــد النســاء ،بــدل ترســيخ السياســة الجنائيــة الدوليــة الحديثــة،
عــى مســتوى التنصيــص عــى نهــج العقوبــات البديلــة ،كمــا هــي متعــارف عليهــا عالميــا،
والــي مــن شــأنها التخفيــف مــن حالــة االكتظــاظ داخــل الســجون ونهــج المقاربــة المبنيــة
عــى اإلصــاح بــدل االنتقــام ،أو االنفتــاح عــى النمــاذج الدوليــة الرائــدة يف هــذا المجــال
كالعــرض عــى الطــب النفــي.
وضــع القانــون تدابــر حمائيــة جديــدة للنســاء المعنفــات ،وعـ ّـزز عمليــة التكفــل بالضحايــا،
ونـ ّ
ـص عــى أوامــر الحمايــة الفوريــة ،كاإليــداع بالمراكــز متعــددة الوظائــف ،ومؤسســات
الرعايــة االجتماعيــة الخاصــة بالنســاء ،كمــا وضــع اإلطــار القانــوين لخاليــا التكفــل بالنســاء
واألطفــال ضحايــا العنــف ،غــر أن المقاربــة الحمائيــة الــي أكــد عليهــا القانــون يف هــذا
الشــأن ،تعرتيهــا بعــض الصعوبــات ،وبخاصــة فيمــا يتعلــق بالجانــب المرتبــط باإلثبــات،
بفعــل إنــكار المتهــم أو تضحيــة المــرأة بمصالحهــا وقبــول التعايــش مــع خطــر عنــف
المتهــم ،بســبب قلــة اليــد ،وعــدم وجــود خيــارات تدعــم مواقفهــا ،كمــا هو األمر بالنســبة
لضعــف حالــة والديهــا .فيمــا ن ّبــه البعــض إىل ضعــف بنيــات االســتقبال المتعلقــة
بالتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،وضعــف التمويــل المرصــود بهــذا الخصــوص .
كمــا اعتــر بعــض المســتجوبني أنــه وعــاوة عــى تجريــم التحــرش الجنــي يف الفضــاء
العــام والعنــف اإللكــروين ،فقــد أرىس القانــون تدابــر الحمايــة ،والــي يمكــن التماســها
يف لك مراحــل الدعــوى ،ثــم مأسســة التنســيق مــع هيئــات المجتمــع المــدين .غــر أن
مــن ضمــن نقــط الضعــف الــي تــم الوقــوف عليهــا ،هنــاك مــا يتعلــق بوســائل اإلثبــات
الــي تظــل عاجــزة عــن تحديــد طبيعــة العنــف الممــارس عــى المــرأة ،إضافــة إىل غيــاب
التخصــص يف تتبــع ومعالجــة قضايــا العنــف القائــم عــى النــوع االجتماعــي.
أكــد عــدد مــن المســتجوبني أن ولــوج النســاء للقضــاء واالســتفادة مــن خدماتــه،
يقتــي وجــود الثقــة يف مؤسســاته مــن قبــل النســاء ،كمــا ينبغــي توافــر إرادة للتبليــغ،
خصوصــا وأن هنــاك آليــات متعــددة متاحــة للتبليــغ ،فيمــا عــر البعــض أيضــا عــن وجــود
مشــالك تتعلــق بعــدم التعامــل بالجديــة المطلوبــة مــع بعــض الشــكايات المقدمــة
23
بصــدد العنــف ،أو برفــض بعــض أفــراد األرسة للجــوء إىل القضــاء ،أو وجــود مشــكالت
فيمــا يتعلــق بإثبــات بعــض حــاالت العنــف الممــارس داخــل بيــت الزوجيــة ،أو فيمــا يتعلــق
بعــودة الضحيــة إىل بيــت الزوجيــة بســبب تحايــل الــزوج ،إمــا بتغيــر مــكان اإلقامــة نحــو
مســكن غــر مالئــم ،أو بادعــاء الحاجــة والعــر ،ودفــع الزوجــة لإلقامــة مــع عائلتــه.
ويف ســياق مواكبــة تفعيــل القانــون رقــم ،103.13ســعى المرســوم التطبيقــي لهــذا
القانــون إىل وضــع مجموعــة مــن الضوابــط المتعلقــة بآليــات التكفــل بالنســاء ضحايــا
العنــف ،عــى عــدة مســتويات نوجزهــا يف تحديد تشــكيلة اللجنــة الوطنية للتكفل بالنســاء
ضحايــا العنــف ،وتشــكيلة الخاليــا المركزيــة والالممركزة للتكفل بالنســاء ضحايا العنف عىل
مســتوى المحاكــم ومختلــف القطاعــات الحكوميــة ،كالعــدل والصحــة والشــباب والمرأة
والمديريــة العامــة لألمــن الوطــي ،والقيادة العليا للدرك المليك ،واســتكمال تأليف اللجن
الجهويــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،واللجــن المحليــة للتكفل بالنســاء ضحايــا العنف.
ومــع صــدور هــذا المرســوم أيضــا تمــت مأسســة مجموعــة مــن اللجــان والخاليــا يف
إطــار منظومــة متكاملــة تشــمل الخاليــا المؤسســاتية المركزيــة والالممركــزة للتكفــل
بالنســاء ضحايــا العنــف ،واللجنــة الوطنيــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف ،وكــذا اللجــن
الجهويــة والمحليــة المعنيــة بهــذه المهمــة أيضــا ،وتمثــل المؤسســات المتعــددة
الوظائــف للنســاء حلقــة أساســية ضمــن هــذه المنظومــة ،يتعــن التنســيق الــكيل معهــا
يف جوانــب التكفــل والرعايــة كاإليــواء أو تقويــة القــدرات أو التمكــن االقتصــادي.
إن مــن عنــارص قــوة هــذا القانــون ،كونــه اعتمــد يف جــزء كبــر منــه عــى المقاربــة
التشــاركية الــي تســمح بالتعامــل مــع العنــف الموجــه ضــد النســاء يف إطــار شــمويل
وبمســاهمة عــدد مــن القطاعــات والفاعلــن وبشــكل يطبعــه التعــاون والتنســيق.
إن تطبيــق القانــون عــى أحســن وجــه ،بالصــورة الــي تضمــن تطويــر خدمــات التكفــل
بالنســاء ضحايــا العنــف ،هــو رهــان بيــد المؤسســات والقطاعــات المعنيــة بموجــب هــذا
الترشيــع ومرســومه التطبيقــي ،وهــو مــا يفــرض توفــر اإلمكانيــات المالية الالزمــة ،تطوير
منهجيــة العمــل ،وإرســاء آليــات للتقييــم وفتــح نقاشــات عموميــة ،ومــن جهــة أخــرى تــم
التأكيــد عــى أهميــة انخــراط القطــاع الخــاص والجماعــات الرتابيــة يف نبــذ العنــف ،مــع
إحــداث خاليــا يف أوســاط العمــل.
24
المطلب الخامس :عىل مستوى التدابري والمبادرات
للوقاية من العنف
فيمــا الحــظ بعــض المســتجوبني أن القانــون يركــز بشــكل كبــر عــى البعــد الردعــي ،الــذي
عــادة مــا يــأيت بعــد وقــوع الجريمــة ،أكــر ممــا يعــى بالجانــب الوقــايئ .واعتــر آخــرون أن
المقاربــة القانونيــة غــر كافيــة رغــم أهميتهــا ،لذلــك ينطــوي البعــد الوقــايئ القائــم عــى
التنشــئة وترســيخ الحــوار وتجفيــف منابــع العنــف ،عــى قــدر كبــر مــن األهميــة ،وهــو مــا
ينبغــي أن تنخــرط فيــه لزامــا مجموعــة مــن الفعاليــات كالمؤسســات التعليميــة واإلعــام
وهيئــات المجتمــع المــدين .وقــد تــم التأكيــد عــى أن اآلليــات واللجــان الــي أقرهــا القانون
يف هــذا الســياق ،تتطلــب دعمــا تقنيــا ولوجيســتيا ،مــع األخــذ بعــن االعتبــار خصوصيــة
المناطــق والفضــاء الجهــوي عــى المســتويات الثقافيــة واالجتماعيــة واالقتصاديــة،
واالشــتغال عــى التمكــن االقتصــادي للمــرأة والحد مــن الهشاشــة ،وإذكاء الوعي داخل
المجتمع حول خطورة ظاهرة العنف ،كما أن التوعية ينبغي أن تســتهدف الرجال أيضا.
وطرحــت أيضــا أهميــة التفاعــل اإليجــايب مــع مقرتحــات الجمعيــات النســائية ،ومراكــز
االســتماع لضحايــا العنــف ،إضافــة إىل تعزيــز الســبل الرتبويــة ،مــن خالل الربامــج
المدرســية ،والتوعيــة مــن داخــل األرس .إضافــة إىل رضورة الوقــوف بشــكل جــدي
عــى الصعوبــات المطروحــة ،ومــدى تحقيــق هــذا القانــون للغايــات المرجــوة
منــه ،يف إطــار نقاشــات يشــارك فيهــا عــدد مــن الفاعلــن (قضــاة ،ومحامــون،
وأســاتذة جامعيــون ،وجمعيــات .)..كمــا أن تعزيــز التمكــن االقتصــادي واالجتماعــي
للنســاء ومحاربــة الفــوارق االجتماعيــة بــن النســاء أنفســهن ،وفتــح هامــش
الخدمــات المــد ّرة للدخــل يمثــل أرضيــة خصبــة لتطبيــق القانــون عــى وجــه جيــد.
وعمومــا ،وانطالقــا مــن تتبــع تنفيــذ مقتضيــات القانــون 103.13عــى ضــوء المعايــر
الدوليــة وبعــض النظــم المقارنــة ،وأخــذا بعــن االعتبــار للمقابــات الــي أجريــت مــع عــدد
مــن المتدخلــن والفاعلــن المعنيــن بتطبيقــه ،يمكــن طــرح مجموعــة مــن الخالصــات
الــي تؤكــد عــى أهميتــه ،والــي يمكــن أن نوجزهــا فيمــا يــي:
● ●يعكــس صــدور هــذا القانــون الرغبــة يف مواجهــة العنــف الموجــه ضــد النســاء بــكل
رصامــة ،والحــد مــن اإلفــات مــن العقــاب؛
● ●اعتمــاده عــى المقاربــة التشــاركية الــي تســمح بالتعامــل مــع العنــف الموجــه ضــد
النســاء يف إطــار شــمويل وبمســاهمة عــدد مــن القطاعــات والفاعلــن وبشــكل
يطبعــه التعــاون والتنســيق؛
25
● ●إرســاء تعريــف شــامل وموســع للعنــف يســتحرض مظاهــره النفســية واالقتصاديــة
واالجتماعيــة؛
● ●تجريمــه لعــدد مــن أشــكال العنــف ،ســواء يف البيــت أو يف العمــل أو يف الفضــاء
العــام ،إضافــة إىل تجريــم التحــرش الجنــي وتشــديد العقوبــات الــواردة بشــأنه؛
● ●مواكبة اإلشكاالت اليت تطرحها التطورات التكنولوجية؛
● ●وضعــه لعقوبــات مشــددة ،فيمــا يتعلــق باألفعــال والســلوكات العنيفــة ضــد نســاء
يف وضعيــات خاصــة؛
● ●تبــي مقاربــة شــمولية تقــوم عــى أربــع مرتكــزات مســتمدة مــن المعايــر الدوليــة
ّ
والتكفليــة؛ هــي :الوقائيــة والحمائيــة والزجريــة
● ●اعتماد مجموعة من التدابري واإلجراءات الحمائية يف هذا الشأن؛
● ●مأسســة مجموعــة مــن اللجــان والخاليــا يف إطــار منظومــة متكاملــة للتكفــل بالنســاء
ضحايــا العنف؛
● ●التأكيد عىل البعد الوقايئ كمدخل أسايس للحد من العنف ضد النساء..
وعــى الرغــم مــن ذلــك ،فهناك مجموعة من المالحظــات واالنتقادات اليت اســتقيناها من
آراء مختلف الفاعلني والباحثني وفعاليات المجتمع المدين ،واليت يمكن إجمالها فيما ييل:
26
الفصل الثاين:
مظاهر التفعيل القضايئ للقانون رقم 103.13
المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء
يخضــع اإلثبــات أمــام القضــاء الجنــايئ لمبــدأ حريــة اإلثبــات الــذي يقــوم عــى االقتنــاع
الوجــداين للمحكمــة ،واالســتماع للضحايــا واألخــذ بترصيحاتهــم أو بشــهادتهم أمــام
القضــاء بعكــس خصوصيــة اإلثبــات يف جرائــم العنــف ضــد النســاء ،وهــي خصوصيــة
كرســتها االســراتيجيات النموذجية والتدابري العمليــة للقضــاء عــى العنــف ضــد المــرأة
يف مجــال منــع الجريمــة والعدالــة الجنائيــة المعتمــدة مــن قبــل الجمعيــة العامــة
لألمــم المتحــدة بموجــب قرارهــا 52/86المــؤرخ يف 2 1ديســمرب1997 .
مــن ضوابــط االعتمــاد عــى شــهادة الضحيــة عــدم تنصيبهــا كمطالبــة بالحــق المــدين
ألنهــا تكــون بهــذا االنتصــاب قــد أصبحــت طرفــا يف الدعــوى وخصمــا ال تقبــل شــهادتها
يف اإلثبــات ،وهكــذا اســتقر اجتهــاد محكمــة النقــض عــى أنــه «ليــس مــن حــق المحكمــة
أن تعتمــد شــهادة الضحيــة بعــد أدائهــا اليمــن القانونيــة يف حني أنه تم قبــول تنصيبها
كمطالبــة بالحــق المــدين وال بــد مــن تعزيــز ترصيحــات الضحية بقرائن قويــة ومنضبطة»،
وال تعتــر ترصيحــات الضحيــة حجــة ودليــا عــى ثبــوت األفعــال موضــوع المتابعــة
يف حــق المتهــم ،ألنهــا انتصبــت المطالبــة بالحــق المــدين وأصبحــت طرفــا يف الــزاع.
ينــص الفصــل 293مــن قانــون المســطرة الجنائيــة عــى أنــه« :يخضــع االعــراف كغــره
مــن وســائل اإلثبــات للســلطة التقديريــة للقضــاة .ال يعتد بــكل اعرتاف ثبــت انزتاعه بالعنف
أو اإلكــراه .وعــاوة عــى ذلــك ،يتعــرض مرتكــب العنــف أو اإلكــراه للعقوبــات المنصــوص
عليهــا يف القانــون الجنــايئ» .ومــن المهــم اإلشــارة إىل أن اجتهــادات القضــاء المغــريب
29
تعتمــد بشــكل واســع عــى اعــراف المتهــم يف جرائــم العنــف ضــد النســاء مــى كانــت
مطابقــة لظــروف ووقائــع النازلــة ولــم يــرد مــا يشــكك أو يقــدح فيــه.
تعتــر الشــهادة المعــول عليهــا والمنتجــة يف الدعــوى بمثابــة اإلخبــار الــذي يرويــه
الشــاهد بصفــة قانونيــة أمــام المحكمــة عمــا عاينــه بيقــن أو أدركــه مبــارشة بحواســه
مــن حصــول واقعــة محــل إثبــات ونســبتها للفاعــل مرتكبهــا.
تعتــر الشــهادة الطبيــة وســيلة إلثبــات التعــرض العتــداء يصنــف ضمــن جرائــم العنــف،
وقــد اختلــف العمــل القضــايئ حــول حجيتهــا بشــكل مجــرد ممــا تطلــب اعتمــاد مبــدأ
تســاند األدلــة لدعــم حجيتهــا القانونيــة .ودرج القضــاء عــى عــدم إعطــاء الشــهادة
الطبيــة أي قيمــة يف اإلثبــات إذا لــم تتعــزز بوســيلة أخــرى لإلثبــات ألن الشــهادة الطبيــة
إن كانــت تثبــت وجــود رضر فــا تثبــت العالقــة الســببية بينهــا وبــن المتهــم.
تعــر الخــرة كعمــل تقــي مــن عمــل أهــل الخــرة يحكــم بهــا القضــاء لتوضيــح جوانــب
رضوريــة للفصــل يف القضيــة ،وقــد انقســم العمــل القضــايئ يف موضــوع حجيتهمــا
باختــاف ظــروف لك نازلــة عــى حــدة ،وتحتــاج المحكمــة يف بتهــا لألمــور التقنيــة والفنيــة
لخــرة يتوالهــا ذوو االختصــاص وتخــرج عــن واليــة المحكمــة.
ولقــد تعاظمــت الحاجــة للخــرة التقنيــة والفنيــة كدليــل علمــي محايــد ومســتقل يف
مختلــف القضايــا الجنائيــة ،لكــن يف قضايــا العنــف ضــد النســاء تبــدو الحاجــة ماســة إليهــا،
ســواء عــى مســتوى إثبــات الجرائــم أو األرضار ،وهكــذا اعتــر القضــاء أن تقريــر الخــرة
30
المنجــزة مــن طــرف مصلحــة الــدرك الملــي واإلدارة العامــة لألمن الوطــي هو رأي تقين
مضمــن يف خــرة قضائيــة تخضــع للســلطة القضائيــة المخولــة لقضــاة الموضــوع
يف تقييــم الحجــج وترجيــح بعضهــا عــى البعــض اآلخــر ،حينمــا اعتمــدت المحكمــة يف
اإلدانــة عــى اعــراف الطاعــن وعــى الخــرة تكــون قــد اســتعملت ســلطتها التقديريــة الــي
تعتــر مســألة واقــع ال تخضــع لرقابــة محكمــة النقــض.
ونتائــج الخــرة وإن كانــت ال تلــزم قــايض الموضــوع الزجــري بالتقيــد بفحواهــا فإنهــا
تســاعده يف االســتئناس بهــا للتحقــق بثبــوت االعتقــاد الصميــم الــذي يحكــم بــه بعــد
ثبــوت األفعــال.
تعــرف القرائــن بأنهــا دالئــل معلومــة وثابتــة يســتخلص منهــا القانــون أو القــايض وجــود
وقائــع مجهولــة ولالعتمــاد يف اإلدانــة عــى القرائــن ينبغــي أن تكــون هــذه األخــرة
مقبولــة ومنســجمة وســائغة وقويــة ومؤديــة للنتيجــة .وإذا كانــت النتائــج المســتخلصة
مــن الوقائــع تخضــع يف تقديرهــا لقضــاة الموضــوع ،فــإن قــايض النقــض لــه الرقابــة
يف هــذا المجــال يف حــدود مــا يتعلــق بســامة االســتنتاج وكونــه منطقيــا ومتناســقا
ومبنيــا عــى الجــزم واليقــن ،وأال تحتمــل عــدة احتمــاالت وال تقبــل عــدة تأويــات .ومــن
أجــل ذلــك يعتــر القــرار المعتمــد عليهــا وحدهــا لــم يعلــل مــا قــى بــه مــا فيــه الكفايــة،
ممــا جــاء معــه القــرار المطعــون فيــه ناقــص التعليــل نقصــا يــوازي انعــدام التعليــل،
وبالتــايل منعــدم األســاس القانــوين ،مــا يعرضــه للنقــض واإلبطــال.
ويمكــن اســتخالص أهــم القرائــن الــي يعتمدهــا القضــاء يف التدليــل عــى قيــام عنــارص
جرائــم العنــف ضــد النســاء فيمــا يــي:
31
● ●فــرار المتهــم عقــب حــدوث الجريمــة مــدة معينــة عــن مزنلــه وعــن عملــه إىل أن وقــع
إلقــاء القبــض عليه.
لــم يقيــد المــرع اإلثبــات أمــام القــايض الزجــري بــأي وســيلة طبقــا لمبــدأ اإلثبــات الحــر،
ويبقــى الدليــل االلكــروين بصفتــه وســيلة إثبــات الكرتونيــة غــر ماديــة تميــزا لهــا عــن
اإلثبــات المــادي العــادي الــوريق ،دليــا معتــرا يف اإلثبــات ولــه حجيتــه يكتســيها مــن
وثوقيتــه الذاتيــة وصدقيتــه إذا كان يعكــس فعــا الحقيقــة وال تشــوبه أي شــائبة،
وتعتمــد المحاكــم الخــرة أو المعاينــة إذا لــم يطعــن فيــه بمقبــول ألنــه إذا كان األصــل
أن المحكمــة لهــا كامــل الســلطة يف تقديــر القــوة الثبوتيــة لعنــارص الدعــوى المطروحــة
أمامهــا ،إال أن ذلــك مــروط بــأن تكــون المســألة ليســت مــن المســائل الفنيــة البحتــة.
ويمكــن اســتخالص مجموعــة مــن المبــادئ الــي أقرهــا االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة
النقــض ومحاكــم الموضــوع يف المرحلــة الالحقــة لصــدور القانــون ،103.13كمــا يــي:
وهكــذا تســجل الخالصــات تطــورا يف نظــر القضــاة لوســائل اإلثبــات ،وتقييمهــا كقواعــد
إجرائيــة وتأســيس القضــاء حكمــه عليهــا يف إثبــات جرائــم العنــف ضــد النســاء يف إطــار
مبــدأي حريــة اإلثبــات والســلطة التقديريــة ،مــع اســتحضار القواعــد الدوليــة والدســتورية
والقانونيــة المؤطــرة للحمايــة الموضوعيــة والــي ســتكون موضــوع المبحــث الثــاين.
32
المبحــث الثــاين :تقييــم لتوجهــات القضــاء بخصــوص جرائــم
العنــف ضــد النســاء
ينــص الدســتور المغــريب يف الفصــل 19عــى أنــه «يتمتــع الرجــل والمــرأة ،عــى قــدم
المســاواة ،بالحقــوق والحريــات المدنيــة والسياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة
والثقافيــة والبيئيــة ،الــواردة يف هــذا البــاب مــن الدســتور ،ويف مقتضياتــه األخــرى ،وكــذا
يف االتفاقيــات والمواثيــق الدوليــة ،كمــا صــادق عليهــا المغــرب ،ولك ذلــك يف نطــاق
أحــكام الدســتور وثوابــت المملكــة وقوانينهــا» .كمــا يضمــن يف فصلــه 22عــدم المــس
بالســامة الجســدية أو المعنويــة ألي شــخص ،يف أي ظــرف ،ومــن قبــل أي جهــة كانــت،
خاصــة أو عامــة ،حمايــة للكرامــة اإلنســانية.
وإذا كانــت الســلطة القضائيــة هــي المخولــة دســتوريا مــن خــال المحاكــم بحمايــة
الحقــوق ومــن بينهــا حقــوق النســاء وصــون األمــن القضــايئ وتحقيــق العدالــة ،فإننــا
ســنتوقف يف هــذا المبحــث عــى مرتكــزات أساســية يف تعامــل القضــاء مــع جرائــم
العنــف ضــد النســاء يف «مطلــب أول» عــى أن نخصــص «المطلــب الثــاين» لبعــض
ّ
المعنفــة. مظاهــر حمايــة القضــاء للمــرأة
ســعى القضــاء المغــريب ،مــن خــال مجموعــة مــن االجتهــادات القضائيــة الــي يمكــن
االطــاع عليهــا مــن خــال هــذه الدراســة ،إىل صياغــة مقاربــة حمائيــة مــن خــال اعتبــار
األنــى القــارص ضحيــة وليســت جانيــة يف العديــد مــن الجرائــم لحمايــة مركزهــا تبعــا
لمصلحتهــا الفضــى؛ مقيمــا تميــزا دقيقــا ومهمــا بــن التقــايض بشــأن حقوقهــا
المدنيــة ،وبــن التأثــر الجنــايئ للســن عــى وضعيتهــا حــى ال تتعــرض للمســؤولية الجنائيــة
ألن رضاهــا مفتقــد لكونهــا قــارص .كمــا أن هنــاك اتجاهــا مهمــا لتشــديد العقــاب ســواء
كسياســة جنائيــة ترشيعيــة أو كمنهــج قضــايئ راســخ ،دون أن نغفــل اإلشــارة لبعــض
حــاالت منــع ظــروف التخفيــف العقابيــة أو لعــدم اعتمــاد القضــاء عــى تنــازل الضحيــة
يف إطــار بعــض الجرائــم كمرتكــز لتخفيــض العقوبــة.
33
المطلــب الثــاين :بعض مظاهر حماية القضــاء للمرأة المعنفة
عمــل القانــون رقــم 103.13المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء عــى تجريــم أفعــال
جديــدة لــم تكــن مجرمــة؛ مــن قبيــل اإلكــراه عــى الــزواج ،والمــس بحرمــة الحيــاة الخاصــة،
والتحــرش الجنــي يف الفضــاء العــام ،والطرد من بيت الزوجية ،واالمتناع عن إرجاع الزوج
المطــرود إىل بيــت الزوجيــة ،وتبديــد ممتلــكات األرسة بســوء نيــة .فضــا عــن تشــديده
العقوبــات عــى جرائــم أخــرى كانــت مجرمــة مــن قبــل منهــا اإلمســاك عمــدا عــن تقديــم
مســاعدة لشــخص يف خطــر أو المســاعدة عــى األعمــال التحضرييــة لالنتحــار أو غريهــا
مــن أعمــال العنــف أو الســب أو القــذف مــى ارتكــب هــذا الفعــل يف حــق امــرأة بســبب
جنســها .وهو ما يعين توســيع نطاق تجريم العنف القائم عىل أســاس النوع االجتماعي.
وهكــذا ســنقف عــى أهــم االجتهــادات القضائيــة لمحكمــة النقض ومحاكــم الموضوع
لنعــرف مــدى مســاهمتها يف حمايــة المــرأة المعنفــة مــن مختلــف صــور العنــف ســواء
الــواردة يف القانــون الجنــايئ أو يف القانــون 103.13مــادام أن هــذا القانــون هــو تكملــة
للمنظومــة الجنائيــة وســنعمل عــى رصــد اإلشــكاليات القانونيــة والقضائيــة الــي
أســفرت عنهــا التطبيقــات القضائيــة.
وبناء عىل ذلك قضت المحكمة بمؤاخذة المتهمني من أجل المنسوب إليهما والحكم
عــى األول بالحبــس النافــذ لمــدة خمســة أشــهر وغرامــة نافــذة قدرهــا 1000درهــم،
والحكم عىل الثاين بالحبس النافذ لمدة ثالثة أشهر ،وغرامة نافذة قدرها 1000درهم.7
.7حكــم صــادر يف الملــف الجنحــي عــدد ،3639-2020منشــور بموقــع المفكــرة القانونيــة عــى الرابــط
https://legal-agenda.com التــايل:
34
الفرع الثاين :جريمة التهديد
عاقــب المــرع الجنــايئ المغــريب لك مــن هــدد بارتــكاب جنايــة ضــد األشــخاص أو األموال
وذلــك بكتابــة موقــع عليهــا أو بــدون توقيــع أو صورة أو رمز أو عالمــة (الفصل )425وأن
يكــون مصحوبــا باألمــر بإيــداع مبلــغ مــن المــال يف مــكان معــن أو بالقيــام بــأي رشط آخــر،
ويستوي يف ذلك أن يكون التهديد وقع شفاهيا وكان مصحوبا بأمر أو معلقا عىل رشط.
ويشــرط لتوافــر صحــة التهديــد بارتــكاب جنايــة أربعــة رشوط وهــي ،أن يحصــل التهديــد
يف حــدود مــا نــص عليــه النــص وأن يكــون مصحوبــا بأمــر والكتابــة ثــم القصــد الجنــايئ.
لتحقــق عنــارص قيــام جريمــة عــدم إغاثــة شــخص يف خطــر يجــب أن يكــون الخطــر الــذي
يتعــن عــى المتابــع أن يعمــل عــى درئــه وارد يف علمــه.
وحســب مقتضيــات الفصــل 431مــن القانــون الجنــايئ ،يجــب التحقــق مــن وجــود
شــخص يف خطــر ،وأن يمســك مــن كان بإمكانــه مســاعدته إمــا بتدخــل شــخيص وإمــا
بطلــب اإلغاثــة عــن تقديــم المســاعدة ،وأال تكــون هــذه المســاعدة محفوفــة بالخطــر،
وأن يكــون اإلمســاك عنهــا متعمــدا.
تقــوم جريمــة هتــك العــرض قانونــا مــى ارتكــب الفاعــل أي فعــل مخــل بالحيــاء يقــع عــى
جســم إنســان ويخــدش عاطفــة الحيــاء عنــده حــى وإن لــم يــرك أثــرا يف جســم المجــي
عليــه ،وال يشــرط يف جريمــة هتــك العــرض أن تتــم المبــارشة الجنســية ،بــل تتحقــق بمجرد
اللمــس والحركــة بمــا يمــس كرامــة الضحيــة.
ويف هــذا الصــدد جــاء يف قــرار لمحكمــة النقــض «لم يحدد القانون وســيلة إثبات جريمة
هتك العرض بالعنف ومن حق المحكمة أن تكون قناعتها من جميع الحجج المعروضة
عليهــا بمــا فيهــا شــهادة الضحيــة واعرتافــات المتهمــن أمــام الضابطــة القضائيــة».8
.8قــرار لمحكمــة النقــض صــادر بتاريــخ 19أبريــل 1990تحــت عــدد 367منشــور بمجلــة القضــاء
والقانــون عــدد 143ص .153
35
وصفــوة القــول إن عــدم دقــة الترشيــع الجنــايئ المغــريب يف تميــزه بــن هتــك العــرض
بالنســبة للقــارص بــن العنــف كجنايــة وعــدم اقرتانهــا بالعنــف كجنحــة ،رغــم أن رىض
القــارص ال يعتــد بــه ،أرخــى بظاللــه عــى االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة النقــض ومعــه
محاكــم الموضــوع الــذي انقســم حــول الموضــوع ،ولــم يســتقر عــى رأي موحــد .ممــا
يتطلــب أوال تعديــا ترشيعيــا يلغــي هــذا التميــز ويقــر بحمايــة مطلقــة للقــارص ،وثانيــا
تحقيــق األمــن القضــايئ باســتقرار محكمــة النقــض عــى اتجاههــا باعتبــار هتــك عــرض
قــارص جنايــة يف جميــع األحــوال لضمــان توحيــد االجتهــاد القضــايئ وثباتــه.
اعتــرت محكمــة النقــض «أن المحكمــة أبــرزت بشــكل واضــح عنــارص جنايــة االغتصــاب
كمــا هــو منصــوص عليهــا يف المــادة 486مــن القانــون الجنــايئ عندمــا اعتمــدت
عــى اعــراف المتهــم التمهيــدي ،الــذي أكــد مــن خاللــه أنــه أمــر الضحيــة بممارســة
الجنــس معــه ،وعــى شــهادة الضحيــة الــي أفــادت أمــام المحكمــة أن المتهــم مــارس
عليهــا الجنــس دون رضاهــا .هــذا فضــا عــى إبــراز القــرار المطعــون فيــه لظــرف التعــدد
المســتفاد مــن كــون الضحيــة تعرضــت لالغتصــاب مــن طــرف المتهمــن األول والثــاين
الــذي علــق مســاعدته للضحيــة يف الهــروب عــى رشط أن ترضــخ لرغبتــه يف ممارســة
الجنــس معــه ،وهــو مــا اضطرهــا إىل قبــول العــرض ممــا يثبــت معــه بوضــوح انتفــاء
الرضــی ،ممــا یکــون قضــاؤه مرتكــزا عــى أســاس.9
● ●أن ترصيحــات الضحيــة ال تنهــض لوحدهــا دليــا كافيــا لمؤاخــذة المتهــم بجريمــة
االغتصــاب الناتــج عنــه افتضــاض.10
● ●أن ممارســة الجنــس عــى الضحيــة يف حالــة إغمــاء بعــد اســتدراجها باســتعمال
التهديــد ،هــي مواقعــة بــدون رضــا الضحيــة ممــا يشــكل جنايــة االغتصــاب.
.9قــرار صــادر عــن محكمــة النقــض بتاریــخ 25/12/13تحــت عــدد 1361يف الملــف الجنحــي عــدد
13/3/6/17436منشــور بمجلــة قضــاء محكمــة النقــض عــدد 78ص 351ومــا يليهــا.
.10قــرار غرفــة الجنايــات االســتئنافية بمحكمــة االســتئناف بوجــدة تحــت عــدد 164بتاريــخ 26مــارس 2013
قضيــة عــدد 301/12منشــور بالمجلــة المغربيــة للقانــون الجنــايئ والعلــوم الجنائيــة العــدد األول الســنة
2014ص 278ومــا بعدهــا.
36
● ●أن االعــراف الجــزيئ يف جميــع مراحــل التحقيــق بممارســة الجنــس عــى الضحيــة
وإخبــار صديقــه بواقعــة اإلغمــاء والــي أكدتهــا هيئة الحكــم ،وحجز الرشطــة لقميص
الضحيــة ملطــخ بأثــار الــدم ،كلهــا وقائــع اســتقلت بتقديرهــا محكمــة الموضــوع
وعللــت قرارهــا تعليــا كافيــا.11
يعاقــب المــرع المغــريب عــى االغتصــاب بشــكل عــام كمــا تــم التعــرض لذلــك آنفــا ،ولــم
يســن أي مقتــى يخــص االغتصــاب الزوجــي ،غــر أن النــص ال يوجــد فيــه مــا يمنــع
تطبيقــه عــى المزتوجــن ،ويف ســابقة متفــردة ووحيــدة يف العمــل القضــايئ المغــريب،
قضــت غرفــة الجنايــات االبتدائيــة بمحكمــة االســتئناف بطنجــة بمؤاخــذة زوج بجنحــة
االيــذاء العمــدي ،ملــف جنــايئ ابتــدايئ عــدد 924بتاريــخ ،2-10-2018والمؤيــد حســب
قــرار غرفــة الجنايــات االســتئنافية عــدد 232يف الملــف عــدد 2612-2019-203بتاريــخ
9-4-2019بعــد إعــادة التكييــف إىل جنايــة االغتصــاب الناتــج عنــه افتضــاض.
انطلقــت غرفــة الجنايــات االســتئنافية بطنجــة مــن تعريــف االغتصــاب الزوجــي ،بكونــه
يعــي« :إقــدام الــزوج عــى معــارشة زوجتــه بــدون رضاهــا ،وباســتخدام اإلكــراه» ،وأشــار
القــرار أنــه «ال يقصــد باإلكــراه ،اإلكــراه المــادي فقــط ،والمتمثــل يف اســتخدام القــوة
الجســدية مــن أجــل إجبــار الزوجــة عــى المعــارشة الجنســية ،بــل أيضــا اإلكــراه المعنــوي
المتمثــل يف االبــزاز والتهديــد» ،وكــذا ممارســة الجنــس بطــرق وأســاليب مــن شــأنها
أن تهــن المــرأة وتحــط مــن كرامتهــا» .وأشــار القــرار بشــكل الفــت إىل مجموعــة مــن
االلزتامــات الــي يفرضهــا عقــد الــزواج ،وأهمهــا كــون «الــزوج مدعــو لحمايــة رشيكــة
حياتــه» ،وأن «الرابطــة الزوجيــة يجــب أن توفــر الحمايــة للزوجــة ،وال ينبغــي أن تســتعمل
كذريعــة لمواقعتهــا بطريقــة هــي غــر راضيــة عنهــا».
مــن جهــة ثانيــة كان الفتــا أن المحكمــة اســتندت عــى اجتهــاد القضــاء الفرنــي ،مــن
خــال إشــارتها لقــرار محكمــة النقــض الفرنســية بتاريــخ 05/09/1990الــذي جــاء فيــه أن
«القانــون الجنــايئ الفرنــي يهــدف إىل حمايــة الحريــة الجنســية لــكل فــرد ،وبالتــايل فإنــه ال
يســتثىن مــن االغتصــاب المعــارشة باإلكــراه الــي تقــع بــن شــخصني تجمعهمــا عالقــة
زوجيــة» .وقــد عللــت المحكمــة قرارهــا باالســتعانة باجتهــاد القضــاء المقــارن ،بكــون
القانــون الفرنــي يبقــى المصــدر التاريخــي للترشيــع الجنــايئ المغــريب.
.11قــرار عــدد 1523المــؤرخ يف 29شــتنرب 2008ملــف جنحــي عــدد – 10-6-15625-08منشــور بمرجــع
قضــاء محكمــة النقــض المــادة الجنائيــة لمؤلفــه ذ عمــر أزوكار ص 48ومــا بعدهــا.
37
وعليــه ،خلصــت المحكمــة إىل أن اعــراف المتهــم طــوال مراحــل القضيــة بمواقعتــه
لزوجتــه بــدون رضاهــا ،وترصيحــات الضحيــة ،ومعاينــات الرشطــة القضائيــة لمالبــس
الضحيــة وهــي ملطخــة بالدمــاء ،هــي معطيــات تجعــل جنايــة االغتصــاب الناتــج عنــه
افتضــاض طبقــا للفصلــن 486و 488مــن القانــون الجنــايئ قائمــة.12
اعتــرت المحكمــة االبتدائيــة بقصبــة تادلــة أن «الظنــن بقيامــه عمــدا وعــن بينــة واختيار
بطــرد المشــتكية الــي تعتــر زوجتــه مــن بيــت الزوجيــة وامتناعــه عــن إرجاعهــا إليــه رغــم
أن قيــام العالقــة الزوجيــة بينهمــا يقتــي أن يعيــش الطرفــان يف نفــس البيــت وتحــت
ســقف واحــد وفــق مــا تقتضيــه المســاكنة الرشعيــة يكــون قــد أىت العنــارص التكوينيــة
لجنحــي الطــرد مــن بيــت الزوجيــة واالمتنــاع عــن إرجاعهــا إليــه كمــا هــي محــددة يف
الفصــل 480-1مــن القانــون الجنــايئ.13
لقــد جــرم المــرع ألول مــرة اإلكــراه عــى الــزواج مــا دام أن عقــد الــزواج عقــد رضــايئ
يقــوم عــى اإلرادة واإلجبــار يتنــاىف مــع اإلرادة الحــرة ،ويرجع ســبب التجريــم الرتفاع ظاهرة
اإلكــراه عــى الــزواج الســيما بالنســبة للقارصيــن والبنــات منهــم عــى وجــه الخصــوص.
والمطلــوب لمعالجــة الظاهــرة هــو تجريــم زواج القــارص وليــس فقــط إكراهــه عــى الــزواج
ألن اإلكــراه يخــص الغــر وال يتعلــق بطــريف عقــد الــزواج أنفســهما.
والمالحــظ غيــاب أي عمــل قضــايئ بهــذا الخصــوص ،طالمــا أنــه يصعــب إثبــات اإلكــراه،
فضــا عــن أن صــدور إذن قضــايئ بــزواج القــارص مانــع مــن التجريــم ألنهــا رخصــة قانونيــة
وقضائيــة تــرر الــزواج .والمعــول عــى تدخــل ترشيعــي إلنهــاء مســألة زواج القــارص ومــن
ثــم القضــاء ولــو بشــكل نســي عــى اإلكــراه عــى الــزواج بالنســبة لهــذه الفئــة.
.12محكمــة اســتئناف بطنجــة تجــرم رصاحــة االغتصــاب الزوجــي ،المفكــرة القانونيــة ،مقــال منشــور بتاريــخ
.19/12/2019
أنظر لمزيد من التفاصيل:
أنــس ســعدون :تجريــم االغتصــاب الزوجــي يف المغــرب بــن ســكوت المــرع وتوجهــات المحاكــم ،مقالــة
منشــورة بموقــع المفكــرة القانونيــة بتاريــخ .04/02/2023
.13حكم صادر بتاريخ 8-8-2019يف الملف عدد ( 188-2019غري منشور).
38
الفرع التاسع :جريمة تبديد أو تفويت أموال الزوجني
بسوء نية
يطــرح إشــكال التبديــد أو التفويــت إشــكاال قانونيــا دقيقــا يتعلــق بحــدود حــق المالــك
يف التــرف يف ملكــه بجميــع أنــواع الترصفــات ســواء أكانــت عوضيــة بمقابــل ،كالبيــع
والرهــن ،أو غــر عوضيــة كالهبــة أو الصدقــة وغريهمــا ،طالمــا أن األمــوال موضــوع
التــرف أو التبديــد غــر محجــوزة وفقــا للفصلــن 526و 540مــن القانــون الجنــايئ.
وقــد عمــل المــرع عــى تجريــم التبديــد والتفويــت الــذي يشــمل الزوجــن معــا وال
يخــص الــزوج فقــط رغــم أن الزوجــة ال تلــزم بالنفقــة اتجــاه أبنائهــا إال عنــد عــر الــزوج ،كمــا
أنهــا قــد تتحمــل بالتعويــض عــن إنهــاء العالقــة الزوجيــة أو بســبب اقتســام الممتلــكات،
ممــا يــرر شــمول التجريــم بأفعــال الزوجــة الــي قــد تكــون ضحيــة كمــا قــد تكــون فاعلــة.
وتشــمل الحمايــة الموضوعيــة الحقــوق المرتتبــة لــكال الزوجــن أو األبنــاء نتيجــة التحايــل
عــى مقتضيــات مدونــة األرسة المتعلقــة بالنفقــة أو الســكن وبالمســتحقات المرتتبــة
عــن إنهــاء العالقــة الزوجيــة أو باقتســام الممتلــكات.
أكــدت غرفــة الجنايــات االبتدائيــة بمحكمــة االســتئناف بالبيضــاء ‹›أن واقعــة التحــرش
الجنــي بالضحايــا تســندها وتدعمهــا ترصيحــات بــايق المطالبــات بالحــق المــدين وبــايق
مرصحــات المحــر اللــوايت أكــدن تعرضهــن بدورهــن ألشــكال مختلفــة مــن التحــرش
الجنــي مــن المتهــم بداخــل مكتبــه ولجوئــه لنفــس األســاليب يف اســتدراج الضحايــا
واإليقــاع بهــن ألغــراض ذات طبيعــة جنســية ومــن بينهــا اســتعمال عبــارات وترصفــات
وإيحــاءات تهــدف إىل اســتمالة الضحايــا قصــد خضوعهــن إىل ممارســاته الجنســية،
وهــو األمــر الــذي تأكــدت مــن صحتــه المحكمــة مــن خــال معاينتهــا لمجموعــة مــن
الفيديوهــات الجنســية أثنــاء عرضهــا بجلســة المحكمــة›› .وحيــث لما ذكر أعــاه فإن جنحة
التحــرش الجنــي تكــون قائمــة يف حــق المتهــم ويتعــن الترصيــح بإدانتــه مــن أجلهــا.14
39
الفرع الحادي عرش :التشهري والمس بالحياة الخاصة
يعاقــب بنفــس العقوبــة ،مــن قــام عمــدا وبــأي وســيلة ،بتثبيــت أو تســجيل أو بــث
أو توزيــع صــورة شــخص أثنــاء تواجــده يف مــكان خــاص ،دون موافقتــه .كمــا ينــص
الفصــل 2-447مــن نفــس القانــون عــى أنــه «يعاقــب بالحبــس مــن ســنة واحــدة إىل
ثــاث ســنوات وغرامــة مــن 2.000إىل 20.000درهــم ،لك مــن قــام بــأي وســيلة بمــا
يف ذلــك األنظمــة المعلوماتيــة ،ببــث أو توزيــع تركيبــة مكونــة مــن أقــوال شــخص أو
صورتــه ،دون موافقتــه ،أو قــام ببــث أو توزيــع ادعــاءات أو وقائــع كاذبــة ،بقصــد المــس
بالحيــاة الخاصــة لألشــخاص أو التشــهري بهــم».
واعتــرت المحكمــة االبتدائيــة بالخميســات يف تطبيقهــا لهــذا المقتــى عــى أنــه «وإن
كانــت األركان األساســية الــي ينبغــي أن تكــون متوفــرة يف األفعــال المرتكبــة والمتكونــة
أساســا مــن الركنــن المــادي کفعــل التصويــر والتســجيل والتوزيــع ورکــن معنــوي متمثلــة
يف عنــري العلــم واإلرادة ،فــإن األمــر يتوقــف أيضــا عــى رضورة توفــر رشط آخــر أو ركــن
إضــايف جديــد ثالــث يضــاف للركنــن الســابقني لتحقــق الجريمــة وهــو عــدم موافقــة
صاحــب الصــورة أو المعلومــات الــي تــم التقاطهــا وتوزيعهــا ،وهــو مــا تــم تضمينــه مــن
قبــل المــرع يف النصيــن عندمــا نــص رصاحــة عــى رشط «دون موافقــة أصحابهــا».15
.15حكــم المحكمــة االبتدائيــة بالخميســات عــدد 328صــادر بتاريــخ 31/12/2018ملــف جنحــي تلبــي اعتقــال
رقــم 297/2018:غــر منشــور .يف نفــس االتجــاه قضــت المحكمــة االبتدائيــة الزجريــة بالــدار البيضــاء يف
حكمهــا عــدد 7440وتاريــخ 22/7/2019بإدانــة متهــم مــن أجــل الســب غــر العلــي والتهديــد والتحــرش
الجنــي والقيــام ببــت وتوزيــع تركيبــة مــن أقــوال شــخص وصورتــه عــر األنظمــة المعلوماتيــة قصــد
المــس بحياتــه الخاصــة والتشــهري بــه طبقــا للفصــول 429و 447-2و 1-1-503وفــق التعديــل الــذي أدخلــه
عليهــا القانــون رقــم 13-103المتعلــق بمحاربــة العنــف ضــد النســاء ،ومعاقبتــه بأربعــة أشــهر حبســا نافــذا
وغرامــة نافــذة قدرهــا 7000درهــم مــع الصائــر واإلجبــار يف األدىن.
40
المطلب الثالث :التدابري الحمائية
تمســكا بالمرجعيــات الدوليــة المؤطــرة لمكافحــة العنــف ضــد النســاء ،وال ســيما مــا
نصــت عليــه االســراتجيات النموذجية والتدابري العمليــة للقضــاء عــى العنــف ضــد
المــرأة يف مجــال منــع الجريمــة والعدالــة الجنائيــة المعتمــدة مــن قبــل الجمعيــة
العامــة لألمــم المتحــدة بموجب قرارها 52/86المؤرخ يف 2 1ديســمرب1997 ،وخصوصا
فيمــا تعلــق بــأن تكــون المحاكــم رهنــا بأحــكام الدســتور الوطــي ألي دولــة ســلطة
إصــدار أوامــر للحمايــة وأوامــر زجريــة يف قضايــا العنــف ضــد المــرأة ،بمــا يف ذلــك إخــاء
الجــاين مــن المســكن ،ومنــع االتصــال بالضحيــة وغريهــا مــن األطــراف المتــررة ،داخــل
المســكن وخارجــه ،وفــرض جــزاءات عــى اإلخــال بهــذه األوامــر؛ وإمكانيــة اتخــاذ تدابــر
عنــد االقتضــاء لضمــان ســامة الضحايــا وأرسهــن وحمايتهــن مــن التخويــف واالنتقــام؛
وأن تتــاح للمحاكــم مجموعــة كاملــة مــن الترصفــات المتعلقــة بإصــدار اﻷحــكام مــن
أجــل حمايــة الضحيــة وســائر المترضريــن والمجتمــع مــن التعــرض للمزيــد مــن العنــف؛
وضمــان وجــود تدابــر مالئمــة للقضــاء عــى مــا يرتكــب ضــد النســاء المحتجــزات ،ﻷي
ســبب كان ،مــن عنــف؛ ووضــع وتقييــم برامــج لمعاملــة المجرمــن تخــص مختلــف أنــواع
المجرمــن ومختلــف معالــم شــخصيات المجرمــن؛ وحمايــة ســامة الضحايــا والشــهود
قبــل اإلجــراءات الجنائيــة ويف أثنائهــا وبعدهــا .وكذا ضمان أن تتلقى النســاء المتعرضات
للعنــف ،مــن خــال اإلجــراءات الرســمية وغــر الرســمية ،اﻹنصــاف العاجــل والعــادل ممــا
لحــق بهــن مــن أذى ،بمــا يف ذلــك الحــق يف طلــب إصــاح الــرر أو طلــب التعويــض مــن
المجرمــن أو مــن الدولــة؛ وتوفــر آليــات وإجــراءات قضائيــة متيــرة تراعــي احتياجــات
النســاء المتعرضــات للعنــف تكفــل معالجــة الدعــاوى معالجــة منصفــة؛ أقــر القانــون
103.13طائفــة مــن التدابــر لفائــدة النســاء ضحايــا العنــف وكــذا يف حــق المعنفــن،
وهــي تدابــر تشــكل ثــورة يف المنظومــة الجنائيــة بشــقيها الموضوعــي واالجــرايئ الــي
أصبحــت تتجــاوز التجريــم والعقــاب إىل الوقايــة والحمايــة للمــرأة المعنفــة مــع تدابــر
لعــاج وإعــادة تأهيــل الشــخص المــدان.
وأوىل المــرع المغــريب أهميــة بالغــة ألهميــة التدابــر الحمائيــة المتصلــة بمســطرة
المحاكمــة بالنظــر للطابــع االجــرايئ لهــا واتصالهــا إمــا بمســألة تشــجيع الولــوج للعدالــة
كالمســاعدة القضائيــة وضمــان مســاعدة جمعيــات مختصــة بمناهضــة العنــف ضــد
النســاء أو فــرض رسيــة الجلســات.
41
وتــرز هنــا أهميــة بعــض التدابــر المســتحدثة ترشيعيــا الرتباطهــا الوثيــق بحمايــة الضحية
مثــل منــع المتهــم مــن االتصــال بالضحيــة ،والعــاج النفــي لمرتكــب الجريمــة ،وأخــرا
التعويــض المــدين كجــزاء مــدين عــى الجريمــة.
ويف إطــار تعزيــز مقتضيــات الربوتوكــول الــرايب للتكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف المنبثــق
عــن إعــان مراكــش 2020للقضــاء عــى العنــف ضــد النســاء الموقــع تحــت الرئاســة
الفعليــة لصاحبــة الســمو الملــي لــا مريــم ،وتنفيــذا لاللزتامــات المنوطــة بالنيابــة العامة
بموجــب الربوتوكــول المذكــور وتفعيــا للقانــون رقــم 103.13المتعلــق بمحاربــة العنــف
ضــد النســاء ،اتخــذت رئاســة النيابــة العامــة ومعهــا مجمــوع النيابــات العامــة بالمغــرب
مجموعــة مــن اإلجــراءات تشــكل يف الحقيقــة بالنظــر لقيمتهــا ونوعيتهــا والمجهــودات
الجبــارة المبذولــة خاللهــا ممارســات فضــى مرتبطــة إمــا بالبحــث وإعــداد اإلثبــات أو
متصلــة بالمحاكمــة والتنفيــذ ،وتــروم جميعهــا تحقيــق المصلحــة الفضــى للمــرأة
وحمايتهــا مــن لك االعتــداءات الــي تمســها وتعــوق ممارســتها لحقوقهــا أو مصالحهــا
المحميــة قانونــا.
وهكــذا يتبــن من هــذا المبحــث أهميــة االجتهــاد القضــايئ لمحكمــة النقــض ومحاكــم
الموضوع ،وكــذا عمــل النيابــات العامــة تحــت إرشاف رئاســة النيابــة العامــة يف ضمــان
التطبيــق الســليم للقانــون وتفســره عــى نحــو يكفــل حمايــة إجرائيــة وموضوعية للنســاء
ضحايــا العنــف ،وصــون حقوقهــن يف األمــن والصحــة والســامة الجســدية والكرامــة
والمســاواة وعــدم التميــز .وقــد كشــف التطبيــق أيضــا عــن بعــض الثغــرات القانونيــة
الــي تســتدعي إصالحــا ترشيعيا ،وفقــا لمــا ســرد بتوصيــات الدراســة كمقرتحــات ختاميــة،
لكونهــا تتجــاوز مهــام القــايض إىل مهــام المــرع تبعــا الســتقالل الســلطة القضائيــة
عــن الســلطة الترشيعيــة كمرتكــز دســتوري رســخه الفصــل 107مــن الدســتور.
42
خالصات عامة وتوصيات
ال يمكــن إنــكار الجهــود المبذولــة يف ســبيل ضمــان تطبيــق القانــون رقــم 103.13عــى
أحســن وجــه ،وبصــورة تحقــق األهــداف الــي توخاهــا المــرع ،فيمــا يتعلــق بمواجهــة
لك مظاهــر العنــف الــي تتهــدد النســاء ،ضمــن مقاربــة تشــاركية تجمــع بــن الجوانــب
الوقائيــة والعالجيــة.
ورغــم الجهــود المبذولــة ،والمكتســبات الــي تحققــت بعــد صــدور هــذا القانــون ،تشــر
الكثــر مــن التقاريــر واآلراء إىل أن الطريــق مــا زال طويــا ،ويتطلــب بــذل مزيــد مــن العمــل.
أمــا فيمــا يتعلــق بالشــق القضــايئ ،ومــن خــال التحليــل والتعليــق عــى العديــد مــن
األحــكام والقــرارات القضائيــة الصــادرة عــن محاكــم المملكــة بمختلــف أنواعهــا ودرجاتهــا،
يتضــح بشــكل جــي بــأن العمــل القضــايئ بالمغــرب عــرف تطــورا نوعيــا عــى مســتوى
صياغــة األحــكام والقــرارات وعــى مســتوى جودتهــا ،ويرجــع هــذا التطــور بشــكل كبــر
لإلصالحــات الدســتورية والقانونيــة الــي عرفتهــا المملكــة المغربيــة ،والــي أســفرت عــن
وضــع دســتور جديــد نــص عىل اســتقاللية الســلطة القضائية وعىل ضمانــات المحاكمة
العادلــة وحقــوق وحريــات المتقاضــن ،والترصيــح بــأن دور القــايض هــو تطبيــق القانــون
وحمايــة الحقــوق والحريــات ،فضــا عــن تزايــد االهتمــام بــدور التكويــن المســتمر للقضــاة
يف مجــال حقــوق االنســان عمومــا والحقــوق االنســانية للنســاء عــى وجــه الخصــوص.
ومــن خــال هــذا التطــور اإليجــايب الــذي ســاهمت فيــه العديــد مــن العوامــل وتدخلــت
فيــه العديــد مــن األطــراف ،تتأكــد الخالصــات التاليــة:
● ●أن القضــاء أعطــى روحــا ونفســا إيجابيــا لمقتضيــات القانــون مــن خــال عــدد مــن
االجتهــادات؛
● ●أن صياغــة النصــوص القانونيــة تحســنت بشــكل كبــر ،األمــر الــذي كان لــه انعــكاس
إيجــايب عــى صياغــة األحــكام والقــرارات القضائيــة؛
● ●تثمــن دور المجلــس األعــى للســلطة القضائيــة يف بــدء عمليــة نــر قــرارات محكمــة
النقــض بشــكل منتظــم يف موقعــه االلكــروين ،وتوفــر المعلومــة القضائيــة
وتعميمهــا عــى العمــوم لتحقيــق األمــن القضــايئ والولوجيــة للقضــاء وكســب
رهــان الثقــة يف األحــكام ومؤسســة القضــاء؛
● ●دعم التكوين والتكوين المستمر للقضاة وجميع الموظفني المكلفني بإنفاذ القانون؛
43
● ●تحســن الولــوج للقضــاء بتطويــر نظــام المســاعدة القانونيــة والقضائيــة للفئــات
األكــر هشاشــة؛
● ●تطويــر دور القضــاء يف تحقيــق األمــن القضــايئ للمواطــن رهــن بتوفــر األمــن
القانــوين والقضــايئ للقــايض مــن خــال حمايــة اســتقالله المؤسســايت والفــردي؛
● ●الدفع يف اتجاه تطوير القرارات القضائية ذات الصلة بالحقوق والحريات األساسية؛
● ●توســيع دائــرة خاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف عــى امتــداد المحاكــم االبتدائيــة
واالســتئنافية والمصالــح المركزيــة والالمركزيــة ،للقطاعــات المكلفة بالعدل والشــباب
والمــرأة وعــى كافــة أجهــزة األمــن الوطــي والــدرك الملــي ،وتمكينهــا مــن آليــات
االشــتغال ،وتعزيــز ســبل التواصــل بينهــا وبــن مصالــح الرشطــة القضائيــة المعنيــة
بمتابعــة الجرائــم ومرتكبيهــا؛
● ●التعامــل بالرصامــة الالزمــة مــع مختلــف الشــكايات المقدمــة للرشطــة القضائيــة
والنيابــات العامــة ،بمــا فيهــا الشــكايات المتعلقــة بالتعــرض للتهديد ..وتمكــن الجهات
القضائيــة الــي خــول لهــا القانــون اتخــاذ تدابــر حمائيــة لفائــدة النســاء ضحايــا العنــف
مــن اإلمكانيــات الماديــة واللوجســتيكية والبرشيــة لتيســر مهمتهــا بهــذا الخصــوص.
اســتنادا إىل لك مــا ســبق ،فقــد خلصــت الدراســة اىل مجموعــة مــن التوصيــات
الكفيلــة بتجويــد مضامــن القانــون رقــم 103.13وكيفيــات تطبيقــه ونوردهــا كمــا يــي:
1.1أهميــة توحيــد فهــم مقتضيــات القانــون عــر تنظيــم تكوينــات لفائــدة عــدد مــن
الفاعلــن المعنيــن بتطبيقــه.
1.1اعتمــاد إجــراء عقــل الممتلــكات بشــكل فــوري وتخويلــه للنيابــة العامــة او قضــاء
التحقيــق والمحاكــم بحســب الحــاالت إلبطــال أي إجــراء تحايــي مــن الــزوج للتــرف
يف ممتلكاتــه.
2.2التنصيص عىل آجال محددة إلنجاز األبحاث يف شكايات العنف ضد النساء؛
3.3الــزام الرشطــة القضائيــة باالنتقــال الفــوري يف قضايــا العنــف ضــد النســاء للقيــام
باألبحــاث الالزمــة بمجــرد اإلخبــار بوقــوع اعتــداء؛
4.4إحداث رشطة قضائية متخصصة ومتفرغة يف جرائم العنف ضد النساء؛
44
5.5إحــداث أقســام جنحيــة بالمحاكــم االبتدائيــة وأقســام جنائيــة بمحاكــم االســتئناف
متخصصــة يف قضايــا العنــف ضــد النســاء عــى غــرار التجربــة االســبانية؛
6.6إحداث محاكم متخصصة للنظر يف مثل هذه الجرائم؛
7.7تخصيص هيئة جنائية يف محكمة النقض مختصة بالنظر يف هذه القضايا؛
8.8منح النساء ضحايا العنف ،الحق يف المساعدة القضائية تلقائيا ؛
9.9تمكني الضحايا من حقهن يف االستعانة بمحام يف مرحلة البحث التمهيدي.
1010إلــزام النيابــة العامــة والمحكمــة بإشــعار الضحيــة بــكل حقوقهــا يف المســاطر
القضائيــة؛
1111التنصيــص عــى إلزاميــة االســتماع للضحايــا أمــام المحاكــم يف قاعــات خاصــة أو عــن
بعــد لتجنــب المواجهــة بينهــن وبــن المتهــم.
1212التنصيــص عــى االســتعانة بالتســجيل الســمعي البــري لتوثيــق ترصيحــات الضحيــة
مــرة واحــدة وتجنيبهــا صدمــة إعــادة تكــرار الترصيحــات عــى امتــداد إجــراءات البحــث
والتحقيــق االعــدادي والمحاكمــة.
1313اعتمــاد الســوار اإللكــروين كتدبــر مــن تدابــر الحمايــة إلعمــال المنــع مــن االتصــال أو
االقــراب مــن الضحيــة؛
1414تمكــن الجمعيــات مــن االنتصــاب كمطالــب بالحــق المــدين يف قضايــا العنــف ضــد
النســاء دون اشــراط التوفــر عــى صفــة المنفعــة العامــة أو مــي أربــع ســنوات
مــن تاريــخ التأســيس.
1.1وضــع معايــر محــددة لضمــان حضــور الجمعيــات الــي تشــتغل يف مجــال مناهضة
العنــف ضــد النســاء أشــغال اللجــن الجهويــة والمحليــة للتكفــل بالنســاء ضحايــا
العنــف؛
2.2توفــر الــروط الماديــة واللوجســتية والبرشيــة الالزمــة الشــتغال اللجــن الجهويــة
والمحليــة وخاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف؛
3.3احــداث خاليــا التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف عــى مســتوى قطاعــات حكوميــة أخــرى
(التشــغيل والتعليــم العــايل.)...
45
.IVتوصيات عامة
1.1التأكيــد عــى رضورة تعزيــز اإلمكانيــات الماليــة والتقنيــة والبرشيــة الالزمــة الكفيلــة
بتطبيــق القانــون عــى أحســن وجــه؛
2.2التأكيــد عــى رضورة إيــاء المقاربــة الوقائيــة أهميــة قصــوى ضمــن التدابــر
المتخــذة لمحاربــة العنــف الــذي يســتهدف النســاء؛
3.3أهميــة التعريــف بالقانــون بوســائل مختلفــة يف أوســاط النســاء و يف المــدارس وعــر
وســائل اإلعالم،
4.4وضــع دليــل عمــي لتطبيــق القانــون ،والتحســيس بأهميتــه ،والحــث عىل اســتخدامه
مــن قبــل الســلطات المعنيــة ،وكــذا المجتمــع المــدين ومختلــف الفاعلــن المعنيني؛
5.5إنجاز دراسات وأبحاث وإحصائيات لرصد العنف الذي يستهدف النساء؛
6.6التأكيــد عــى أهميــة التمكــن االقتصــادي للمــرأة كســبيل لمحاربــة العنــف الــذي
يســتهدفها؛
7.7دعــم فــرق البحــث األمنيــة بــكل المــوارد البرشيــة والماليــة لضمــان بحــث ناجــع
وفعــال؛
8.8هيكلــة جهويــة تدعــم العمــل المركــزي لــوزارة التضامــن واإلدمــاج االجتماعــي
واألرسة يف مجــال محاربــة العنــف ضــد النســاء؛
9.9اتخــاد جميــع التدابــر واإلجــراءات لرفــع التميــز عــن النســاء يف جميــع القوانــن
والمجــاالت؛
1010وضع برامج إلعادة تأهيل وادماج الضحايا؛
1111إحــداث مراكــز تعــى بالتأهيــل النفــي للجنــاة يف قضايا العنف ضد النســاء بمناســبة
ســر المســطرة أو بعــد صــدور الحكــم أو انقضــاء العقوبــة ،كشــكل مــن أشــكال تعزيــز
المقاربــة الشــمولية للظاهرة ومنــع تفاقمها؛
1212األخــذ بعــن االعتبــار لخصوصيــات ومعانــاة بعــض الفئــات الخاصــة كالنســاء
والفتيــات يف وضعيــة إعاقــة ،والعامــات يف البيــوت ،والمســنات ،ضمــن الربامــج
والخطــط والسياســات المعتمــدة.؛
1313رضورة تأهيــل األماكــن العموميــة بالمرافــق الصحيــة والحدائــق ،واإلنــارة ،ونــر
كامــرات المراقبــة
46
1414إحــداث وتشــجيع العيــادات القانونيــة داخــل الفضــاء الجامعــي ،لمــا يمكــن أن تلعبــه
مــن أدوار تأطرييــة مهمــة بالنســبة للنســاء ،عــى مســتوى التحســيس والتوعيــة
ومنحهــن الثقــة يف أنفســهن ،وتنويرهــن بالحقــوق؛
1515توظيــف التكنولوجيــا الحديثــة عــى مســتوى التبليــغ والمراقبــة والتحســيس
والتوجيــه ،والولــوج إىل مختلــف الخدمــات ذات الصلــة بالموضــوع؛
1616تثمــن دور الهيئــات و المنظمــات ســواء منهــا الوطنيــة أو الدوليــة ،يف مجــال
التعــاون والتنســيق لمواجهــة الظاهــرة؛
1717تشــجيع التعــاون الثنــايئ ومتعــدد األطــراف لتطويــر العمــل القضــايئ بالمغــرب
لحمايــة حقــوق النســاء والحقــوق والحريــات بصفــة عامــة؛
1818نهــج مقاربــة تشــاركية بــن مختلــف المتدخلــن يف إطــار مــن التكامــل والتنســيق،
لمواجهــة ظاهــرة العنــف ضــد النســاء.
47